هل يجوز أن يطلب من الشركة سكناً إذا كانت ستبنيه بقرض ربوي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز طلب توفير مسكن من الشركة التي أعمل بها إذا علم أن الشركة ستقوم ببناء العمارات السكنية لموظفيها من خلال قرض من مصرف ربوي، ثم تقوم بتثمينها وبيعها لموظفيها على أقساط تخصم من مرتباتهم، وغالبا سيكون ثمن السكن باهظا بحيث يغطي كلفة البناء ومقدار القرض ومكسب إضافي للشركة؟ وقد رأينا بعض إخواننا الملتزمين - نحسبهم كذلك - تقدموا بالطلب معتبرين أن هذا بمنزلة البيع والشراء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هناك مسألتان متعلقتان بموضوع الربا يجب التفريق بينهما:
المسألة الأولى:
التسبب في وقوع الربا: كأن يطلب أحدهم من آخر أن يستقرض له قرضاً ربويّاً، أو يقوم بعضهم بكفالة من يتقدم للحصول على القرض الربوي من البنك ونحو ذلك مما يكون عوناً وسبباً للوقوع في هذه الكبيرة.
وهذه الصورة لا شك في حرمتها؛ لأن المتسبب في وقوع الحرام له نصيب من الإثم، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (ولاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
وقد جاء التشديد في خصوص المعاونة والتسبب في الربا من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) رواه مسلم (1598) .
قال النووي رحمه الله:
فيه تحريم الإعانة على الباطل.
" شرح مسلم " (11 / 26) .
ولما لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، لعن معها مَنْ أعان على شربها، فقال صلى الله عليه وسلم: (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ) رواه أبو داود (3674) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
معتصرها: من يطلب عصرها لنفسه أو لغيره.
انظر: "تحفة الأحوذي" (4 / 430) .
وكذلك الحكم في كل من يطلب الربا لنفسه أو لغيره ويتسبب في وقوعه.
وقد سبق في موقعنا العديد من الإجابات التي فيها صور من تحريم الإعانة على أكل الربا، انظر منها جواب السؤال رقم (33709) .
المسألة الثانية:
أن الربا من الكسب المحرم بوصفه وليس بذاته، وما حرم لكسبه فإن إثمه على كاسبه فقط، وليس على من تعامل مع كاسبه بالبيع والشراء أو الإهداء أو الضيافة إثم، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود في المدينة بالبيع والشراء وكان يؤاكلهم، وهم الذين وصفهم الله تعالى بأكل الربا وأخذهم أموال الناس بالباطل.
وقد سبق تقرير ذلك بالتفصيل في موقعنا في العديد من الإجابات، انظر منها:
(39661) و (85419) .
وبناء على ذلك، فلا حرج من شراء المسكن من الشركة، وإن كانت قد بنته بقرض ربوي، لأن إثم ذلك يقع على من اتفق مع البنك على القرض الربوي أو أعان على ذلك أو رضي به، أما الموظف الذي سيشتري المسكن من الشركة فلا إثم عليه، فهذا شبيه بتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود، وهم أكلة الربا، كما سبق.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5259)
يعمل في بنك ولا يلتزم بسعر صرف العملات المعطى له من الإدارة!
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مصرف وأتاجر بالعملة الأجنبية، ولكن استشكل عليَّ مشكلة وهي أني أقوم ببيع العملة الأجنبية بسعر الصرف السابق ولا أعمل بالسعر الجديد المرسل إليَّ من الإدارة العامة للمصرف , حيث يتم إخطار سعر العملة الجديد عن طريق الهاتف ولا يوجد رسالة رسمية تبين سعر التداول بالعملة.
سؤالي:
ما حكم عملي هذا؟ حيث إني أريد إخراج زكاة مالي وأشك في أمر هذه الأموال التي أكسبها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في هذا في الموقع فتاوى متعددة في حكم العمل في البنوك الربوية، وأنه حرام، ولا يجوز العمل بها، فانظر أجوبة الأسئلة: (21113) و (21166) و (26771) ، فسؤالك عن حكم العمل في البنك أولى من سؤالك عن حكم التصرف في سعر العملات.
ومع كونك آثماً في عملك في البنك فإنك آثم من وجه آخر، وهو الغش في العمل، وصرفك العملات بالسعر السابق مع أنك تعلم أنه قد تغير، ولا يجوز لك أن تستغل عدم معرفة من يتعامل معك بالسعر الجديد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) رواه مسلم (101) .
والمؤمن يعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) رواه البخاري (13) ومسلم (45) .
ولا شك أنك ترى أن من عاملك بذلك أنه قد غشك وخدعك.
فعليك بالبحث عن عمل حلال، ولتكن صادقاً في تعاملاتك.
نسأل الله تعالى أن يكفينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5260)
لا يجوز للبائع الزيادة على من يتأخّر في تسديد الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[أبيع سيارات بأقساط بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، أي أنني لا آخذ فوائد لكني، ولحماية نفسي، آخذ غرامة إذا تأخر المشتري عن السداد في الموعد. فهل يجوز ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الزيادة التي تأخذها إنما هي في مقابل التأخر في تسديد الدّين الذي هو لك على المشتري وهذا عين الربا ولذلك لمّا ذكر الله تحريم الربا الذي كان يفعله أهل الجاهلية عندما يتأخّر المدين عن السّداد فيزيد عليه الدائن مقابل الإمهال فإنّه تعالى أمر بإمهال المدين دون زيادة فقال تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) سورة البقرة 280، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5261)
التخلص من الربا بإعطائه للفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نعطي ربا البنوك إلى الشخص المحتاج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هناك من كان يتعامل بالربا، ثم تاب، وأراد التخلص من الأموال التي حصل عليها من الربا، فيجوز إعطاؤها للفقير للتخلص منها، وكذلك إذا وضع له البنك مبلغا من الربا في حسابه، ولكن لا تعتبر هذه صدقة لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وأما الاستمرار في التعامل بالربا، فلا يجوز وهو كبيرة من الكبائر، وآخذه محادّ لله ورسوله، حتى وإن كان يرابي ليعطي الفقراء.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5262)
المعاونة في شراء سيارات مستعملة بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسلم أملك محل لبيع السيارات المستعملة في الولايات المتحدة وأرجو إرشادي ما إذا كان ما أفعله حلال أم حرام؟ إنني أبيع السيارات للذين لا يستطيعون أن يدفعوا ثمنها كاملاً حالاً ولذا فإني أبيعهم السيارات بثمن أقل وبقسط أسبوعي أقل وبلا فائدة. ولكن العيب في هذا أن بعض هؤلاء يدفع قليلاً ثم ينقطع أو أن يقع حادث للسيارة وينقطع عن الدفع والعيب الآخر هو أنني أنتظر طويلا حتى أحصل على مستحقاتي ومعظم الناس هنا في الولايات المتحدة يتعاملون مع مؤسسات مالية لتساعدهم بالقروض لشراء سيارات منهم وإليك الطريقة:
1) العميل يشتري السيارة التي يحبها.
2) أساعده في ملئ الاستمارة نيابة عن المؤسسة المالية.
3) أرسل الاستمارة إلى المؤسسة المالية كوكيل عن المشتري ووكيل عن المؤسسة.
4) عندما توافق الشركة على الطلب ترسل لي 75-90% من مستحقاتي وتأخذ أقساطا من العميل نظير استمرار القرض. والسؤال هل هذا حلال أم حرام أن أساعد الناس في التعامل مع المؤسسة المالية وهل علي إثم أمام الله أنني أساعدهم في الحصول على قروض بفائدة لشراء السيارة رغم أنني لا أحصل من الشركة أو العميل على أي شيء سوى 75-90% من ثمن السيارة.
كل ما أريده أن أعرف حكم الشرع حتى أنال رضا الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الطريقة حرام شرعا لأنها ربا محض، قال تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) البقرة < 275 >، وذلك لعدة أسباب:
أولا: المؤسسة المالية كما هو واضح في السؤال مؤسسة ربوية تتعامل بالربا.
ثانيا: الطريقة التي ذكرت - بأن تدفع المؤسسة المالية القيمة للبائع ومن ثم تسترد المبلغ بزيادة على أقساط من المشتري - لا تعدو أن تكون قرضا بفائدة، فكأن المؤسسة المالية تقرض العميل مبلغا من المال (مثلا 10.000 دولار) وتشترط عليه زيادة (مثلا 10%) فيرد العميل المال إلى المؤسسة بزيادة على أقساط (فمبلغ 10.000 يصبح 11.000) وهذا ربا فضل واضح لا يجوز وهو عين الربا، وهو ربا الجاهلية الذي نهانا الله ورسوله عنه.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين َ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة < 278 - 279 >.
وقال عز وجل: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) البقرة < 281 >.
وقال صلى الله عليه وسلم: " ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون " أخرجه أبو داود < 2896 > وابن ماجه < 3064 >.
قال القرطبي في تفسيره: " أجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف (القرض) ربا، ولو كان قبضة من علف، كما قال ابن مسعود: أو حبة واحدة ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " وقد اتفق العلماء على أن المقرض متى اشترط زيادة على قرضه كان ذلك حراما ".
ثالثا: وأيضا فإن المؤسسة المالية تشترط على عملائها زيادة أخرى في حال تأخر العميل عن موعد السداد، وهذا أيضا من الربا.
وقد جاء في قرارات مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورته الثانية ما يلي:
" كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد: هاتان الصورتان ربا محرم شرعا. "
رابعا: بعد معرفة حكم القرض بفائدة، ومعرفة تشديد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في النهي عنه، بقي أن نعرف أن المعاونة على الربا - ولو لم يستفد المعاون - وتيسيره للناس بأي صورة من الصور حرام شرعا. قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ) المائدة < 2 >، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والحال والمحلل له ومانع الصدقة والواشمة والمستوشمة " أخرجه مسلم < 50 > والترمذي < 1038 > وغيرهما.
وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته التاسعة ما يلي:
يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله تعالى عنه من التعامل بالربا أخذا أو عطاء، والمعاونة عليه بأي صورة من الصور، حتى لا يحل بهم عذاب الله ولا يأذنوا بحرب من الله ورسوله.
وهذا القرار اتخذ بالإجماع.
وبناء عليه فلا يجوز لك المشاركة في ابتداء ولا في إكمال المعاملة الربوية بين المشتري والمؤسسة المالية وعيك بالبحث عن طرق أخرى مباحة تضمن فيها حقّك ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لم يحتسب، ومن ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه. وفقنا الله وإياك لكل خير، والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5263)
حكم الشهادة على قرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلب عمي أن أشهد معه في بنك من البنوك على قرض , وهذا القرض فيه فائدة (ربا) , علماً بأن والدي وعمي في هذا المال مشتركان , ولكن منعت نفسي من الشهادة فتكونت مشاكل , فأديت الشهادة وأنا لست راضياً عن نفسي ولا عن الشهادة , وندمت وحزنت لما بدر مني , وأنا في حيرة من أمري وفي دوَّامة , أرجو الإفادة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تحرم الشهادة على عقد الربا، ويجب عليك التوبة والاستغفار مما وقع منك من الشهادة على القرض الربوي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 13/298.(5/5264)
تحويل المال من عملة إلى عملة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المال المحول من عملة لعملة أخرى، مثلاً أقبض راتبي بالريال السعودي، وأحوله للريال السوداني، علماً بأن الريال السعودي يساوي ثلاثة ريالات سودانية، هل هذا رباً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز تحويل الورق النقدي لدولة إلى ورق نقدي لدولة أخرى، ولو تفاوت العوضان في القدر؛ لاختلاف الجنس، كما في المثال المذكور في السؤال، لكن بشرط التقابض في المجلس، وقبض الشيك أو ورقة الحوالة حكمه حكم القبض في المجلس.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة.(5/5265)
إعطاء الربا لمن يسدد به دين ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن يدفع أحدنا الربا الذي يأخذه من البنك ليسدد الفائدة التي وجبت على أحد الأخوة نتيجة اقتراضه مالاً من نفس البنك؟ وبذلك نستفيد من جميع تعاملاتنا البنكية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله إذا ثبت لك بأن صاحبك قد تاب من الربا وقد ثبت بأن عليه دين مطالب به ولا يستطيع السداد فتخلص من الربا الذي أُعطيته بإعطائك إياه وإلا فلا تعطه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5266)
اشتروا بنصيبه أسهما في بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي مساهمات في شركة، وأفلست هذه الشركة قبل 25 عاما، وكان هناك أوصياء على الشركة، اشتروا بالمبلغ المتبقي أسهما في بنك ربوي قبل 25 عاما، بمبلغ 1000 ريال للسهم الواحد، والآن ثمن السهم الواحد ثلاثين ألف، وأنا بحاجة لهذا المبلغ، فهل يجوز لي أن آخذ المبلغ الحالي للسهم؟ علما بأن شراءهم لأسهم هذا البنك تم بدون علمنا طيلة هذه المدة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تسلم المبلغ كله، أصله وفائدته، ثم أمسك أصله؛ لأنه ملك لك، وتصدق بالفائدة في وجوه الخير؛ لأنها ربا، والله يغنيك من فضله ويعوضك خيرا منها، ويعينك على قضاء حاجتك، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتاوى اللجنة الدائمة 13/506.(5/5267)
هل يلجأ للرهن الربوي إذا كان أرخص من الإيجار
[السُّؤَالُ]
ـ[حتى يتمكن المرء من شراء بيت هنا في بريطانيا، فإن عليه أن يحصل على رهن، أي أن يقترض من بنك بفوائد. أنا الآن أسكن بالإيجار، لكني إن أنا أخذت بخيار الرهن، فإن ذلك سيكون في مصلحتي (ماديا) حيث أني سأدفع مبلغا شهريا يقل عما أدفعه الآن، وسيصبح البيت ملكي، فهل تحل هذه المعاملة؟ وإذا كان الجواب بلا، فما هي أفضل طريقة لعمل ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التعامل بالربا حرام بالكتاب والسنة والإجماع، فلا يجوز الإقدام عليه مهما كانت الحاجة الداعية إليه، فكون الإنسان بحاجة إلى مسكن أو سيارة أو زواج أو غير ذلك من الحاجات لا يبرر له أن يرتكب ما حرم الله عليه، وعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه ويراقبه، ويؤثر الآخرة على الدنيا، فإن وجد من يقرضه فبها ونعمت، وإن لم يجد فبإمكانه أن يستدين من مسلم دينا لا ربا فيه، فإن لم يجد فليصبر على الأجرة، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(5/5268)
هل يجب التخلّص من الربا المكتسب قبل العلم بالتحريم
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتاد شخص ما على الحصول على فائدة على مبالغ أودعها في أحد البنوك. وقد علم لاحقا أن هذا الأمر حرام فتوقف عن الحصول على الفائدة. وبعد ذلك شعر بأن عليه أن يتبرع بهذا المال لإكمال شروط توبته، غير أنه واجه مشكلتين:
1. أولاهما أنه لا يستطيع حساب المبلغ الصحيح للفائدة التي حصل عليها من البنك في السابق.
2. والثانية أن مبلغ الادخار المتوفر لهذا الشخص في الوقت الحالي يقل عن مبلغ الفائدة التي حصل عليها من البنك في السنوات السابقة.
على ضوء ما سبق، يرجى الإجابة عما يلي:
1. هل من شروط التوبة لهذا الشخص أن يتبرع بالمبلغ الصحيح المعادل لجميع مبالغ الفائدة التي حصل عليها من البنك؟
2. إذا كانت الإجابة على السؤال السابق هي نعم فهل يجب عليه أن يتبرع على الفور بأية مبالغ قد تصبح متوفرة لديه (بعد توفير الاحتياجات الأساسية لنفسه وأفراد عائلته) ؟ مثلا هل يستطيع هذاالشخص أن يشتري أشياء لا تعتبر من الضروريات (غير المأوى والمطعم والملبس والدواء والانتقال) ولكنها لا تخلو من أهمية (مثل جهاز كمبيوتر) ؟
3. إذا كانت الإجابة على الجزء الثاني من السؤال السابق هي نعم، فهل يستطيع هذا الشخص أن يحج قبل التبرع بما يعادل مبلغ الفائدة البنكية بأية مبالغ قد تتوفر لديه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) سورة البقرة
قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: " فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله " أي من بلغه نهي الله عن الربا فانتهى حال وصول الشرع إليه فله ما سلف من المعاملة لقوله "عفا الله عما سلف " وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قدميّ هاتين.. (فهو لمّا ألغى ما للمرابين عند النّاس من الزيادة على رأس المال) لم يأمرهم برد الزيادات المأخوذة في حال الجاهلية، (وقوله) : عفا (الله) عما سلف (هو كقوله) .. تعالى " فله ما سلف وأمره إلى الله " قال سعيد بن جبير والسدي: فله ما سلف: (أي) ما كان أكل من الربا قبل التحريم. تفسير ابن كثير والزيادات بين القوسين للإيضاح
وبناء عليه فلست ملزما بردّ مال الرّبا الذي أخذته قبل علمك بالتحريم وأمّا ما أخذت من الربا بعد علمك بالتحريم فيجب عليك أن تردّه إن كان بقي عندك فإن اختلط بأموالك ولم تدر كم هو على التحديد فقدّره تقديرا بما يغلب على ظنّك ثمّ أخرجْه (للمزيد راجع السؤالين 824، 1606) ونسأل الله أن يتوب علينا جميعا وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5269)
وضع الأموال في البنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أُبقي أموالي في البنك للتعاملات فقط إذا رفضت أخذ أي فائدة على النقود المودعة. ولكن بالطبع سيأخذ البنك فائدة هذا المبلغ الربوي لأنفسهم]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إيداع الأموال في البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز ولا يلجأ إليه المسلم إلا مضطراً وهذا لا يكون إلا بشروط ثلاثة:
1- الحاجة إلى ذلك، وذلك بألا يوجد مكان تؤمن فيه الأموال إلا هذه البنوك. فإذا وجد مكان آخر يمكن حفظ الأموال فيه غير هذا البنك الربوي لم يجز وضع الأموال في البنك الذي يتعامل بالربا.
2- ألا تكون معاملة البنوك ربوية مائة بالمائة، فإن كانت معاملة البنوك ربوية مائة بالمائة فإنه لا يجوز الإيداع فيها مطلقا، لأنك إذا أودع الأموال فيها في هذه الحال تكون فإنك تتيقن أنك أعنت البنك على الربا، وإعانته على الربا لا تجوز.
3- ألا يأخذ المودع ربحا، فإن أخذ ربحا صار ذلك ربا، والربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
وأما قول السائل إنه إذا لم يأخذ الفائدة أخذها البنك.
فهذه ليست فائدة وإنما ربا محرم وهي أصلاً للبنك، ولا يحق للمودع أن يأخذ منها شيئا، لأن الله تعالى أمر بترك الربا، حيث قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ) البقرة/278. وتوعد من أخذ الربا بقوله: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) البقرة/278-279.
وينبغي التنبه إلى أن إيداع هذه الأموال في البنك ليس إيداعا بالمعنى الشرعي، لأن الإيداع شرعاً أن تعطيه مالك، ويبقى مالك على ما هو عليه أمانة عنده لا يتصرف فيه، أما ما يتصرف فيه البنك فهو شرعاً قرض وليس بإيداع، وقد نص الفقهاء على ذلك، أنه إذا أَذِن المودِع للمودَع بالتصرف في المال فإنه يكون بذلك قرضاً. (ولذلك تكون إدخال الزيادة عليه رباً)
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
يراجع فتاوى منار الإسلام 2/433-440 للشيخ ابن عثيمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5270)
ما الحكم إذا بيعت الشركة ولها ديون عند الناس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الموقف من الديون التي للشركة عند بيعها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تدخل الديون في عقد بيعها، وتبقى لأصحابها الأولين.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن جبرين(5/5271)
حكم وضع الأموال في البنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع الأموال في البنوك الربوية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما وضع المال في البنوك بالفائدة الشهرية أو السنوية فذلك من الربا المحرم بإجماع العلماء، أما وضعه بدون فائدة فالأحوط تركه إلا عند الضرورة إذا كان البنك يعامل بالربا لأن وضع المال عنده ولو بدون فائدة فيه إعانة له على أعماله الربوية فيخشى على صاحبه أن يكون من جملة المعينين على الإثم والعدوان وإن لم يرد ذلك، فالواجب الحذر مما حرم الله والتماس الطرق السليمة لحفظ الأموال وتصريفها، وفق الله المسلمين لما فيه سعادتهم وعزهم ونجاتهم، ويسر لهم العمل السريع لإيجاد بنوك إسلامية سليمة من أعمال الربا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
[الْمَصْدَرُ]
" فتاوى ابن باز " (4 / 30، 311)(5/5272)
حكم تحصيل الدين من مال ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[مدين حول دائنه على بنك ربوي فهل يجوز للدائن أن يستوفي حقه من البنك وهو يعلم أن العقد بين البنك والمدين هو عقد ربوي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يبعد أن يجوز هذا لأن الدائن ليس طرفا في العملية الربوية وعليه أن يقوم بنصح الطرفين؟
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن جبرين(5/5273)
لا يجوز فرض غرامة تأخير تحصيل الدَّينْ
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فرضت على الزبون غرامة لأن البنك رفض صرف شيكه، فهل يعد ذلك من الربا؟ مثلا: إذا كتب الزبون شيكا لجهةٍ ما بمبلغ معين، وعندما ذهب صاحب العمل ليصرف الشيك، وجد أنه بدون رصيد، وبعد ذلك أخذ من الزبون غرامة لأن شيكه لم يُصرف، فهل يعد ذلك المبلغ الإضافي من الربا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، لا يحلّ لك أن تأخذ إلا المال الذي في ذمّة غريمك، فأما أن يتم فرض زيادة في الدَّين بسبب التأخر أو لأنه أتعبك في التحصيل فهذه الزيادة لا تجوز بل تأخذ منه الدين الذي كتب في الشيك فقط. وأما إذا أعطاك مقابل تعبك كأجرة ذهابك للبنك فهذه لا بأس بها، وأما الاشتراط في حال التأخر مبلغا زائدا فهذا لا يجوز.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن جبرين(5/5274)
فوائد البنوك تسمى ربا في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الإسلام يمنع الاستثمار المالي في المؤسسات التي تعطي نسبة عائد ثابتة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دين الإسلام هو الدين الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وقد اشتمل على أكمل الشرائع، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) فشريعة القرآن شريعة كاملة شاملة خالدة، ففيها جميع الأحكام التي بها سعادة العباد في معاشهم ومعادهم، ومن ذلك الأحكام المالية، وهي الأحكام التي تنظم وتعدّد طرق كسب المال وصرفه، فلا يجوز اكتساب المال بكل طريقة ولا يجوز صرف المال في كل ما يشتهي الإنسان، فلا بدّ أن يخضع الإنسان في كل ذلك إلى شرع الله ومن ذلك أن الله تعالى حرّم الربا، قال تعالى: (وأحلّ الله البيع وحرّم الربا) ، وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا) . ومن صور الربا الظاهر أخذ الفوائد على القروض أو إعطائها، فلا يجوز القرض بفائدة، وما يسمى بالفائدة في لغة البنوك هو الربا في لغة الشرع. واما القرض الحسن فهو القرض الذي يقصد به الإرفاق والإحسان إلى الغير وذلك بألا يكون المقصود أخذ الفائدة والزيادة، فما يسمى بالقروض في لغة البنوك هي في الحقيقة عقود ربا، والله تعالى حكيم في شرعه لأنه تعالى شرع الشرائع بما فيها من المصالح العاجلة والآجلة وهو الحكيم العليم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الرحمن البراك.(5/5275)
الشراء من البقالة بالآجل لا يعدُّ من ربا النسيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بالقرب من منزلنا بقالة، فنقوم بطلب ما نريده منها ونؤخر تسليم الثمن إلى أجل محدود، فهل يعتبر هذا من ربا النسيئة؟ مع العلم أن البائع راضٍ بأي طريقة تم الدفع بها عاجلاً أو مؤخراً فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شراء الأشياء من البقالة من تأخير قبض الثمن من النقود ليس من الربا في شيء.
وذلك لأن الأصناف التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ويجري فيها الربا ستة أصناف، الذهب والفضة، ويلحق بهما الآن النقود.
والتمر والبر (القمح) والشعير والملح.
وهذه الأصناف قسمها العلماء إلى قسمين - حسب اتفاقها في علة جريان الربا فيها -:
فالقسم الأول: الذهب والفضة وما ألحق بهما.
القسم الثاني: البر والشعير والتمر والملح.
فإذا أراد الإنسان أن يشتري شيئاً من القسم الثاني بشيء من القسم الأول، كما لو كان يشتري تمراً بنقود، فلا يجري بينهما الربا، فيجوز الشراء مع تأخير الثمن باتفاق العلماء.
وقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من يهودي شعيراً وأخَّر دفع ثمنه، ورهن عنده درعه.
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. رواه البخاري (1999) ومسلم (1603) .
ورواه البخاري (2069) عن أنس رضي الله عنه بلفظ: (رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ) .
وبوب عليه البخاري بقوله: " باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة ".
قال ابن حجر:
قال ابن بطال: الشراء بالنسيئة جائز بالإجماع.
" فتح الباري " (4 / 302) .
فيجوز لك شراء ما تشاء من بضائع من البقالة مع تأخير دفع النقود ولا يدخل ذلك في ربا النسيئة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5276)
أخذ القروض بفوائد من أجل الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقبل على الزواج وقد أتم الله نعمتة علي بأني أتممت عقد القران منذ فترة قليلة والآن لدي بعض الديون القليلة وبعض الأقساط المتأخرة، هل يجوز أن أحصل على قرض من البنك الذي أتعامل معه حتى أسدد هذه الديون والأقساط المتأخرة على أن أسدد هذا القرض على أقساط وبفوائد؟ أنا مدرك تماما أن هذا القرض ربوي ولكن أنا مقبل على التزامات أكثر في الفترة القادمة فلدي تشطيب شقتي وطبعا لن أقدر على سداد جميع الديون والأقساط مع تشطيب الشقة فهذا عبء رهيب لا تساعدني إمكانياتي المادية عليه فهل هذا القرض حرام أم حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله أن ييسر لك أمر الزواج وأن يعينك عليه، وأما أخذ القروض بالفوائد الربوية فهو من المحرمات العظيمة والكبائر الجسيمة التي لا يجوز الإقدام عليها في مثل هذه الحال، والله تعالى يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) ونوصيك بالاستعانة بالله والالتجاء إليه في تيسير أمورك مع حسن التخطيط والاقتصاد والصبر حتى يكتب الله لك الفرج القريب، وللاستزادة حول حكم القروض الربوية والتفصيل في أحكامها ننصحك بمراجعة الأسئلة التالية في الموقع (45910) ، (22905) ، (21914)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5277)
حكم أخذ القرض الربوي للحاجة الماسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ قرض ربوي من البنك للحاجة الماسة مثل مواصلة الدراسة الجامعية أو شراء سيارة لصاحب عائلة، أو منزل للعائلة، مع العلم بأن المقترض لم يجد من يقرضه بدون فائدة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: يحرم الربا حيث وجد وبأي صورة كانت على صاحب رأس المال ومن اقترض منه بفائدة، سواءً كان المقترض فقيراً أو غنياً، وعلى كل منهما وزر، بل كل منهما ملعون، ومن أعانهما على ذلك من كاتب وشاهد ملعون أيضاً لعموم الآيات والأحاديث الثابتة الدالة على تحريمه.
قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) البقرة، وروى عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والورق بالورق والشعير بالشعير والتمر بالتمر مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى) رواه مسلم في صحيحه.
وثبت عن جابر رضي الله عنهما أنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال هم سواء) رواه مسلم.
... ومن عجز عن العمل مع فقره حلت له المسألة والزكاة والضمان الاجتماعي.
ثانياً: ليس للمسلم سواء كان غنياً أو فقيراً أن يقترض من البنك أو غيره بفائدة 5% أو 15 % أو أكثر أو أقل لأن ذلك من الربا وهو من كبائر الذنوب، وقد أغناه الله عن ذلك بما شرعه من طرق الكسب الحلال من العمل عند أرباب الأعمال أجيراً أو الانتظام في عمل حكومي مباح أو الاتجار في مال غيره مضاربة بجزء مشاع معلوم من الربح.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 13/269.(5/5278)
مماطلة البنك بالتسديد لإسقاط الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترض بالربا وبعد سبع سنين إذا لم يسدد شيئا يسقطون المطالبة (أي أن نظام البنك يعتبر هذا الدين في عداد الديون الميؤوس منها) ، فإذا بدأ بالتسديد الآن فإنهم سيطالبونه بالربا فإذا انتظر سبع سنين فإنهم لن يطالبونه بالربا وسيطالبونه بالمال الأصلي، فهل يجوز له أن يفعل ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرض السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بأنه إذا كان لو ماطلهم سبع سنين سيأخذون رأس مالهم فقط، فلا بأس.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5279)
يريد إدخال شخص بدلا منه في حساب بنكي ربوي استثماري لينجو هو
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ مسلم بريطاني بدأ في حساب استثماري ربوي في البنك، البنك يشترط عليه أن يضع عنده وديعه مدة أربع سنوات ولا يسحب منها شيئا ثم يعطيه فوائد ربوية كل سنة، فلما علم الحكم وأراد أن يسحب المال من البنك فالبنك يفرض عليه غرامة مقابل سحب المال قبل المدة، فإذا أتى بشخص آخر بدلا عنه ودفع المال بدلا منه ودخل هو في العملية الربوية فإن البنك لا يغرِّم هذا الشخص شيئا.
والسؤال هل يجوز له حتى يسحب ماله بغير غرامات أن يُدخل شخصا كافرا بدلا منه وينسحب أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
هذا لا يجوز لأنه يعين على الإثم والعدوان. انتهى والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5280)
بيع الذهب المصنع بالذهب السبيكة مع دفع أجرة التصنيع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع ذهب سبيكة بذهب مصنع مع دفع أجرة التصنيع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيع الذهب المصنع بالذهب السبائك مع دفع أجرة التصنيع، كأن يبيع 1 كيلو ذهبا مصنعا، ويأخذ مقابلها – في الحال- أكثر من كيلو ذهبا سبيكة، لفارق التصنيع، أو يأخذ 1 كيلو مع نقود مقابل الصناعة، وهذا محرم، وهو من ربا الفضل، فإن الذهب إذا بيع بالذهب وجب أن يكون مثلا بمثل، سواء كان الذهب مصنعا أو سبيكة، ولهذا قال الفقهاء:: تبرهما (وهو السبيكة الخام) ومصنوعهما (وهو ما صنع حليا ونحوها) أو مضروبهما (وهو ما جعل نقودا) سواء، فلا عبرة بالصناعة.
وإن لم تتم المعاملة يدا بيد، فهذا ربا النسيئة، فتكون المعاملة مشتملة على نوعي الربا: النسيئة والفضل.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/29) : " والجيد والرديء، والتبر والمضروب، والصحيح والمكسور، سواء في جواز البيع مع التماثل، وتحريمه مع التفاضل، وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة والشافعي. وحُكي عن مالك جواز بيع المضروب بقيمته من جنسه، وأنكر أصحابه ذلك، ونفوه عنه " انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" " (22/74) : " ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ عَيْنَ الذَّهَبِ وَتِبْرَهُ، وَالصَّحِيحَ وَالْمَكْسُورَ مِنْهُ سَوَاءٌ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ مَعَ التَّمَاثُلِ فِي الْمِقْدَارِ وَتَحْرِيمِهِ مَعَ التَّفَاضُلِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَاعَ مِثْقَالُ ذَهَبٍ عَيْنٍ بِمِثْقَالٍ وَشَيْءٍ مِنْ تِبْرٍ غَيْرِ مَضْرُوبٍ، وَكَذَلِكَ حُرِّمَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْمَضْرُوبِ مِنْ الْفِضَّةِ وَغَيْرِ الْمَضْرُوبِ مِنْهَا، وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ تِبْرُهَا وَعَيْنُهَا) " انتهى.
وهذا الحديث رواه أبو داود (3349) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والتبر من الدراهم والدنانير ما كان غير مصوغ ولا مضروب، فإذا ضرب فهو عَيْن، وهو أجود من التبر.
انظر المجموع (10/97) ، "كشف الأسرار" (3/320) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: صائغ يأخذ أجرة الصناعة على الذهب، ويتم ذلك إما في صورة بيع ذهب ويتقاضى ثمنه مع الأجرة، أو تبادل ذهب بذهب ويأخذ أجرة الصناعة بما فيها مكسبه.
فأجابوا:
" أخذ الأجرة على صناعة الذهب مع قيمة المبيع لا شيء فيه إذا بيع بغير جنسه، كالورق النقدي، أما إذا بيع بجنسه كذهب بذهب مع أخذه أجرة فلا يجوز؛ لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلا مِثْلا بِمِثْلٍ وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ) " انتهى.
والورِق: الفضة. ولا تُشِفُّوا: لا تفاضلوا.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/487) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بعض أصحاب محلات الذهب يذهبون إلى تاجر الذهب، ويعطونه كيلو من الذهب الصافي، ويأخذون منه كيلو من الذهب به فصوص من أحجار كريمة ألماس أو الزراكون أو غيرها، ويدفعون له أيضا أجرة التصنيع.
فأجاب: " هذا العمل محرم لأنه مشتمل على الربا، والربا فيه كما ذكر السائل من وجهين: الوجه الأول: زيادة الذهب، حيث جعل ما يقابل الفصوص وغيرها ذهبا ...
وأما الوجه الثاني: فهي زيادة أجرة التصنيع؛ لأن الصحيح أن زيادة أجرة التصنيع لا تجوز؛ لأن الصناعة وإن كانت من فعل الآدمي لكنها زيادة وصف في الربوي، تشبه زيادة الوصف الذي من خلق الله عز وجل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشترى صاع التمر بصاعين من التمر الرديء، والواجب على المسلم الحذر من الربا والبعد عنه لأنه من أعظم الذنوب " انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص 393) ، جمع أشرف عبد المقصود.
وصورة التعامل المشروع: أن يأخذ كيلو من الذهب بكيلو من الذهب، يدا بيد مثلا بمثل، مهما كانت الصناعة، بل ولو كان أحدهما سبيكة خالية من كل صناعة.
أو يبيع السبيكة بالنقود، ثم يشتري ما أراد من الذهب المصنع.
أو يشتري الذهب الخام، ويعطيه لمن يصنعه بأجرته من النقود.
وعن هذا الحل الأخير يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أما إذا كان التاجر صائغا فله أن يقول: خذ هذا الذهب اصنعه لي على ما يريد من الصناعة، وأعطيك أجرته إذا انتهت الصناعة، وهذا لا بأس به " انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص 401) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5281)
حكم التأخر في دفع الفواتير مع ترتب فوائد ربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في دفع الفواتير الشهرية المستحق دفعها في تاريخ معين بعد هذا التاريخ مع العلم أنه يحسب على هذا المبلغ فوائد ربوية (وفى حالة دفع جزء من المبلغ تحسب الفوائد على الجزء المتبقي منه) إذا لم يتم دفعها قبل هذا التاريخ؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على من ترتب عليه فواتير مستحقة أن لا يتأخر في تسديدها إذا كان يترتب على التأخير غرامة؛ لأن الغرامة هنا ربا، وهو ربا الجاهلية، ويسمى " ربا النسيئة " وكان يقول صاحب المال للدائن: " إما أن تقضي وإما أن تُربي ".
والمتأخر في التسديد وهو قادر على الدفع مساهم في هذا الربا، والإثم على كلا الطرفين.
وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله. رواه مسلم (1597) .
وآكل الربا هو آخذه.
ومؤكله هو معطيه.
أما إن كان قد تأخر في السداد وهو لا يعلم بالأمر، أو تأخر لظرف قاهر: فإن الإثم على الشركة التي فرضت هذه الغرامة الربوية.
والواجب على هذه الشركات والمؤسسات أن تلغي هذه الغرامة الربوية، ويمكنها إنذارهم أو قطع الخدمات عنهم بدلاً من تلك الغرامات الربوية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5282)
حكم شراء مسجد بقرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن جماعة مغاربة مسلمون, مقيمون بألمانيا، ولدينا مكان استأجرناه للصلاة فيه لجميع الأوقات والجمعات والأعياد, ولكثرة المصلين فيه - والحمد لله - منعتنا الحكومة الألمانية من الصلاة فيه, لأنه ضيق وفي مكان غير مناسب, وأردنا الآن شراء مكان كبير خارج البلد, ووافقت لنا السلطة الألمانية على شرائه, ثمن المكان 3 مليون مارك ونصف, ويوجد لدينا مليون مارك ونصف فقط. هل يجوز لنا أن نقترض من البنك المبلغ الباقي لشراء هذا المكان بالربا, وهل يعتبر هذا من الضرورات؟ وإن تم شراؤه بالربا هل تجوز الصلاة فيه إلى أن يوجد أماكن أخرى في هذه البلدة للصلاة؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لكم الاقتراض بالربا, لأن الله حرم الربا وشدد الوعيد على المرابين, ولعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه. ولا يباح الربا بأي حال من الأحوال, ولا تشتروا هذا المكان الذي أشرتم إليه إلا إذا كان عندكم إمكانية مالية بدون اللجوء إلى الربا, وصلوا على حسب استطاعتكم, مجتمعين أو متفرقين إلى جماعات في أمكنة متعددة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 13/290.(5/5283)
حكم أخذ الربا على الودائع في بنوك الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[: في موطني الأصلي بعض الشركات تضع ودائع ويعطون فائدة شهرية ولا تتغير الأصول فما حكم الدخل الذي بهذا الشكل وهل يجوز لأرملة أن تستخدم هذا الدخل للإنفاق على نفسها وأسرتها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ورد سؤال مشابه للسؤال لللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء هذا نصه:
أوردت مجلة الأمة فتوى في أمور مالية تجري في بلاد الغربة ودار الحرب، نصها، فقد ذهب الإمام أبو حنيفة إلى جواز أخذ الربا من الحربيين في دار الحرب، وتصحيح كل عقد أو معاملة تعود على المسلم بنفع ما دامت قائمة على التراضي، وليس فيها غش ولا خيانة، فإن صحت فإنها تفيد بعض المسلمين في فرنسا لأن التبرعات التي تأتينا تظل في البنك أشهراً قبل أن يحين وقت إنفاقها، ولا يستفيد من فوائدها المتراكمة سوى البنك الذي نتعامل معه، فإن صحت هذه الفتوى استطعنا الاستفادة من فوائد أموالنا في دار الحرب وقدمناها على الأقل للفقراء والمساكين لا لغيرهم، والله من وراء القصد.
فأجابت اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله:
أولاً: عقود المعارضات المالية وتبادل المنافع بيننا وبين الكفار صحيحة ما دامت مستوفية لشروط العقود في شريعة الإسلام.
ثانياً: التعامل بالربا حرام سواء كان بين المسلمين أم بين المسلمين والكفار مطلقاً، حربيين وغير حربيين. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/19.(5/5284)
هل يجوز التعامل بالربا في مجتمع ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يتعامل بالربا في المجتمع الذي تأسس على الربا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز له التعامل بالربا, ولو كان المجتمع مؤسساً على الربا, لعموم النصوص في تحريم الربا, وعليه أن يغير المنكر حسب طاقته , فإن لم يستطع انتقل عن ذلك المجتمع, بعيداً عن المنكر, وخشية أن يصيبه ما أصابهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 13/194.(5/5285)
تعبئة نماذج " بكشف الراتب " تطلبها البنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عدد من المحاسبين في القطاع العام، ويوجد لدينا بعض النماذج لشركات التقسيط وبعض الموظفين يرغبون بالشراء بالتقسيط من عدد من البنوك الربوية، والبنوك تشترط توضيح الراتب الأساسي للمشتري، فهل نحن ندخل ضمن الحديث لعن الله كاتب الربا علما أننا نرفض كتابته ولكن رئيس القسم وبعض المدراء يضعوننا في إحراجات، ما هو الموقف الإسلامي الصحيح تجاهنا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
(إذا عبأتم لهم الأوراق فأنتم) معينون على (الحرام) ، (وقد قال الله تعالى: [ولا تعاونوا على الإثم والعدوان] ) .
سؤال: وإذا تم تهديدهم بالفصل من عملهم؟
جواب: نقول لهم امتنعوا (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5286)
استعمال ما شُري بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى لي والديّ سيارة، وما زالوا يُسدِّدون ثمنها بفائدة إلى الآن. هل يجوز استخدام هذه السيارة أم لا؟ مع العلم أن والديّ ما زالا يدفعان المال.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دام الشراء بالربا قد حصل ولا يُمكن الرجوع فيه، فيُمكنك استعمال السيارة مع النصيحة والبيان لوالديك بتحريم الشراء بالربا لئلا يعودا إلى ذلك مرة أخرى. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5287)
زيادة في المبلغ عند تأخير السداد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بسداد فواتير الهاتف أو رسوم الجامعة. إذا أخرت دفع فاتورة الهاتف، يضاف إلى قيمتها نسبة محددة من مبلغ الفاتورة، وإذا أخرتها لشهرٍ آخر، ستضاف نفس النسبة مرة أخرى (مقارنةً بمبلغ الفاتورة الكلي) . هل هذه المبالغ الإضافية ربا؟ وإن لم تكن كذلك، هل من الحرام دفع هذه المبالغ الإضافية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم إن هذه الزيادة ربا ولا شكّ، وكلما أمهلوك في مدة التسديد زادوا عليك المبلغ فالواجب عليك الامتناع عن هذه المعاملة فإن أُرغمت عليها فادفع المبلغ الأصلي دون زيادة فإن أُجبرت على دفع الزيادة فادفعها مع التوبة إلى الله وعدم العودة إلى مثل هذه المعاملة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5288)
الانتفاع بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هذا من أجل كثير من المسلمين المحتاجين الذين يُطردون من المدارس لعدم قدرتهم على دفع رسوم الدراسة. كثير منهم عنده حساب بنكيّ بفائدة، ولكنهم لا يستخدمونها لأنها حرام.
ماذا ينبغي أن يفعل أحدنا بهذه الفائدة، هل يتركها للبنك أم يمكن استخدامها في هذه الحالة لدفع الرسوم للمعاهد غير الإسلامية؟ أرجو إعطاء أدلة مقنعة.
هذا السؤال مهم وعاجل حيث أن الفصل الأكاديمي بدأ والرسوم غير متوفرة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وآله وصحبه وبعد
الأخ المكرم الشيخ / علي داراني القاضي في نيروبي - كينيا حفظه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد وصل سؤالكم المرسل بالبريد الألكتروني عن جواز صرف الأموال الربوية في نفقات الطلاب المحتاجين في المعاهد في بلدكم وجوابا على سؤالكم ألخّص لكم بعض ما ذكره أهل العلم في هذه المسألة:
من كان عنده مال محرّم وجب أن يتخلّص منه بحيث لا ينتفع به المتخلّص لا في جلب مصلحة له كأكل أو شرب أو سكن أو نفقة أهل أو أجرة تدريس ولا في دفع مضرة أو ظلم عن نفسه كرسوم التأمين الإجباري أو سائر أنواع الضرائب والمكوس وتكون النية عند إخراجه تخلصا لا صدقة لأنّ الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
وأما المجال الذي تُصْرف فيه الأموال الربوية فيكون في سائر وجوه الخير مثل إعطائها للفقراء والمساكين ونفقات علاج المحتاجين وكذلك المجاهدين والغرماء من أصحاب الديون المعسرين وأنشطة المراكز الإسلامية وإصلاح المرافق العامة كدورات مياه المساجد والطرقات وما شابه ذلك.
وصرفها في نفقات ورسوم تعليم الطلاب المحتاجين يدخل فيما سبق ولو كانت المعاهد تابعة للكفار ما دام حقل الدراسة مباحا، ويكون المال المحرّم حراما على كاسبه وأما بالنسبة لمن أعطي له فيجوز أن يستفيد منه ويُعتبر كالمال الضائع الذي لا صاحب له.
وفقنا الله وإياكم لعمل الخير ونصرة الدّين وإعانة المسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى إسلامية 2/404-411(5/5289)
دفع الزكاة عن طريق بطاقة الائتمان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع الزكاة عن طريق بطاقات الائتمان؟ لدي رصيد يغطي المبلغ وأسدده دون أن يُحسب علي أي فوائد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز الاشتراك في نظام بطاقات الائتمان إلا لمن اضطر إلى ذلك، لأنه عقد ربوي، والربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع.
راجع الأسئلة (13735) و (13725) و (3402) .
ثانياً:
بالنسبة لدفع الزكاة عن طريق هذه البطاقة، فإذا كان عندك رصيد يغطي ما ستدفعه بحيث لا يحتسب عليك أي فوائد – كما ذكرت في سؤالك – فلا بأس بدفع الزكاة بهذه الطريقة.
أما إذا لم يكن عندك رصيد يغطي ما ستدفعه فإن هذا يعتبر اقتراض من البنك بفائدة وهو رباً محرم، ولا يجوز دفع الزكاة ولا غيرها بهذه الطريقة، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5290)
حكم الإيداع في البنوك، وماذا يفعل بالفوائد
[السُّؤَالُ]
ـ[نقوم بإيداع أموالنا في البنوك ... فكيف نتعامل مع الفوائد التي تقدمها لنا البنوك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
وضع المال في البنك مقابل فوائد رباً، وهو من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ () فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278-279
وإذا اضطر للمسلم إلى وضع المال في البنك، لأنه لم يجد وسيلة يحفظ بها ماله إلا بوضعه في البنك، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى بشرطين:
1- أن لا يأخذ مقابل ذلك فائدة.
2- أن لا يكون تعامل البنك ربوياً مائة بالمائة، بل يكون له بعض الأنشطة المباحة التي يستثمر فيها الأموال.
راجع السؤال رقم (22392) ، (49677)
ولا يحل الاستفادة من الفوائد الربوية التي تدفعها البنوك لأصحاب الأموال، ويجب عليهم التخلص منها في وجوه الخير المختلفة.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
الأرباح التي يدفعها البنك للمودعين على المبالغ التي أودعوها فيه تعتبر ربا، ولا يحل له أن ينتفع بهذه الأرباح، وعليه أن يتوب إلى الله من الإيداع في البنوك الربويَّة، وأن يسحب المبلغ الذي أودعه وربحه، فيحتفظ بأصل المبلغ وينفق ما زاد عليه في وجوه البر من فقراء ومساكين وإصلاح مرافق ونحو ذلك.
" فتاوى إسلاميَّة " (2 / 404) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
أما ما أعطاك البنك من الربح: فلا ترده على البنك ولا تأكله، بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء، وإصلاح دورات المياه، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم، …
" فتاوى إسلامية " (2 / 407) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5291)
تحليل الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تحليل الربا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع القطعي، فمن استحله كان كافرا.
لأن القاعدة: أن من أنكر شيئاً أجمع العلماء عليه إجماعاً ظاهراً أنه كافر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
إن الإيمان بوجوب الواجبات الظاهرة المتواترة، وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة هو من أعظم أصول الإيمان، وقواعد الدين، والجاحد لها كافر بالاتفاق اهـ مجموع الفتاوى (12/497) .
وقال ابن قدامة رحمه الله:
ومن اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه كلحم الخنزير والزنى وأشباه ذلك مما لا خلاف فيه كَفَر اهـ المغني (12/276) .
وقال النووي رحمه الله:
فَأَمَّا الْيَوْم وَقَدْ شَاعَ دِينُ الْإِسْلَام وَاسْتَفَاضَ فِي الْمُسْلِمِينَ عِلْمُ وُجُوب الزَّكَاة حَتَّى عَرَفَهَا الْخَاصّ وَالْعَامّ , وَاشْتَرَكَ فِيهِ الْعَالِم وَالْجَاهِل , فَلَا يُعْذَر أَحَد بِتَأْوِيلِ يَتَأَوَّلهُ فِي إِنْكَارهَا. وَكَذَلِكَ الْأَمْر فِي كُلّ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِمَّا أَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَيْهِ مِنْ أُمُور الدِّين إِذَا كَانَ عِلْمه مُنْتَشِرًا كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْس وَصَوْم شَهْر رَمَضَان وَالاغْتِسَال مِنْ الْجَنَابَة وَتَحْرِيم الزِّنَا وَالْخَمْر وَنِكَاح ذَوَات الْمَحَارِم وَنَحْوهَا مِنْ الْأَحْكَام إِلَّا أَنْ يَكُون رَجُلًا حَدِيث عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَلَا يَعْرِف حُدُوده فَإِنَّهُ إِذَا أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْهَا جَهْلًا بِهِ لَمْ يَكْفُر. . . فَأَمَّا مَا كَانَ الْإِجْمَاع فِيهِ مَعْلُومًا مِنْ طَرِيق عِلْم الْخَاصَّة كَتَحْرِيمِ نِكَاح الْمَرْأَة عَلَى عَمَّتهَا وَخَالَتهَا , وَأَنَّ الْقَاتِل عَمْدًا لَا يَرِث وَأَنَّ لِلْجَدَّةِ السُّدُس , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَام فَإِنَّ مَنْ أَنْكَرَهَا لا يَكْفُر , بَلْ يُعْذَر فِيهَا لِعَدَمِ اِسْتِفَاضَة عِلْمهَا فِي الْعَامَّة اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (حكم الربا: أنه محرم بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين. ومرتبته: أنه من كبائر الذنوب؛ لأن الله تعالى قال: (ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) ، وقال تعالى: (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) ؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم " لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه " فهو من أعظم الكبائر.
وهو مجمع على تحريمه، ولهذا من أنكر تحريمه ممن عاش في بيئة مسلمة فإنه مرتد؛ لأن هذا من المحرمات الظاهرة المجمع عليها.
ولكن إذا قلنا هذا، هل معناه أن العلماء أجمعوا على كل صورة؟ الجواب: لا، فقد وقع خلاف في بعض الصور، وهذا مثل ما قلنا في أن الزكاة واجبة بالإجماع، ومع ذلك ليس الإجماع على كل صورة، فاختلفوا في الإبل والبقر العوامل (التي تستخدم في الحرث والسقي) ، واختلفوا في الحلي وما أشبه ذلك، لكن في الجملة العلماء مجمعون على أن الربا حرام بل من كبائر الذنوب) انتهى من الشرح الممتع على زاد المستقنع 8/387
وعلى هذا فيقال:
من أنكر تحريم الربا فهو كافر لأن تحريمه من الأمور التي دلت النصوص عليها، وأجمع العلماء على تحريمه إجماعا ظاهراً وانتشر ذلك بين المسلمين.
لكن إذا أنكر تحريم صورة من صور الربا والتي وقع الخلاف فيها بين العلماء أو لم يكن الإجماع على تحريمها ظاهراً فهذا لا يكفر بل ينظر في حاله فقد يكون مجتهداً مأجوراً على اجتهاده، وقد يكون معذوراً، وقد يكون فاسقاً إذا كان استحلاله لها اتباعاً للهوى.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5292)
ماذا يفعل في الأموال الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة أعطت موظفيها مبلغاً من المال قبل عدة سنوات ووضعوا هذا المال في حساب لا يمكن استخدامه لمدة 5 سنوات، وتدخل فيه الفوائد، ويعطون المال لصاحبه بعد 5 سنوات أو عند الإستقالة من العمل. أعلم أن هذا محرم ولكن ليس لدينا خيار.
سأترك الشركة بعد عدة أشهر وأريد أن أعرف ماذا أفعل بهذا المال، هل يمكن أن آخذ المال الأصلي وأتصدق بالفوائد؟ أرجو المساعدة لأنني لا أريد أن أقترف ذنباً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الذي ستأخذه بعد خمس سنوات يتكون من رأس المال – وهو المال المدفوع من الشركة – وأرباحه الربوية – وهو ما سميتَه " فائدة " -، وبما أن المال الربوي لا يحل لك: فليس لك أن تأخذ ما زاد عن رأس المال، وعليك أن تترك هذه الفوائد الربوية للبنك، لقوله تعالى: (فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ... ) البقرة / 279. راجع سؤال رقم (22392)
فإن أبى البنك إلا أن تأخذ هذه الفوائد المحرمة، فإنك تأخذها ويجب عليك أن تتخلص منها في أوجه الخير المختلفة، ولا يجوز لك الانتفاع بها. راجع سؤال رقم (292) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5293)
هل يُسدد القرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد اقترضت من الحكومة قرض طالب لأتمكن من دفع تكاليف الدراسة. ولم أكن وقتها متدينا , لكني أصبحت الآن أعلم بأن عملي ذاك كان خطأ. كنت أفكر في إتمام دراستي وبعدها أسدد هذا المبلغ. لكن بعض الأخوة قابلوني مؤخرا وقالوا بأن العلماء أفتوا بأن جميع الذين هم في البلاد الغربية (كندا) وعندهم قروض من الحكومة , فإن عليهم ألا يسددوا تلك القروض , لأن تلك الحكومات تمول الهجوم ضد إخواننا في الشيشان. فهل هذا صحيح؟ كما أرجو أن تبين لي كيف أتصرف في قرضي ذاك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الحمد لله الذي وفقك للهداية إلى الحق والتدين فإن هذه من أعظم النعم التي ينعم الله بها على المسلم.
ثانياً:
إذا كان القرض يحتوي على الربا أي الزيادة عند السداد عن القرض: فإن هذا القرض محرم لا يجوز الاستمرار به، والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} البقرة / 278، وإذا كان بالإمكان إلغاء هذا العقد فيجب عليك ذلك.
ثالثاً:
عليك التوبة والاستغفار والندم على هذه الفعلة، وأن تعزم على أن لا ترجع إلى مثل هذه الفعلة. وأبشر فإن الله يقبل توبة العبد إذا تاب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) رواه ابن ماجه (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (3427)
رابعاً:
إذا ثبت القرض في ذمتك فيجب عليك السداد، وإن استطعت أن تتخلص من دفع الزيادة الربوية دون ضرر أو مفسدة فيجب عليك ذلك، لأنه لا يجوز لك أن تعطي الربا (لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء) مسلم (1598) .
(آكل الربا) هو آخذه.
(ومؤكله) هو معطيه.
وإذا لم تستطع التخلص من دفع هذه الزيادة فادفعها مضطراً إلى ذلك كارهاً بقلبك إعطاء الربا، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وتكفيك التوبة والندم إن شاء الله تعالى.
خامساً:
قول من قال إن تلك الحكومات تمول الهجوم ضد الشيشان، هذا أمر يحتاج إلى إثبات، وإن ثبت: فلا يعني ذلك أن كل معاملاتها تدخل في الحرمة، بل ما كان فيه إعانة على باطل أو على محاربة مسلم كما ذكر السائل أو على محذور من المحاذير الشرعية فهذا لا يجوز الإعانة فيه أو الدخول فيه.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5294)
العمل في البنوك الموجودة بالدول الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز العمل في البنوك الموجودة في الدول الإسلامية والتي تتعامل بالربا؟
زوجي يعمل في أحد البنوك التي تتعامل بالربا، وهو يعمل كمشغل برامج تتعلق بإدارة تكنولوجيا المعلومات، وعمله الأساسي هو ضمان عمل جميع أنظمة الكمبيوتر بشكل صحيح، وتشغيل البرامج الجديدة، وتقديم المساعدة لموظفي البنك.
وأنا أعلم أن الفوائد محرمة، وأنها من المعاصي الكبيرة، ولكنني سمعت أراءً كثيرة عن العمل في البنوك، منها أني سمعت بعضهم يقول: (إذا كان عملك لا يرتبط مباشرة بالفوائد، وكان للبنك مصادر للدخل أخرى (غير الفوائد) ، فعندها يجوز العمل في البنك) .
وهذا هو مصدر الدخل الوحيد الذي نعيش عليه حتى الآن. فأرجو أن تخبرني ما إذا كان دخلنا من هذه الوظيفة حراماً أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله أن يجزيك خيرا على حرصك وتحريك لمعرفة الحق، وأن يوفق زوجك للعمل المباح الذي لا إثم فيه.
اعلمي أنه لا يجوز العمل في البنوك الربوية مطلقا، لما في ذلك من أكل الربا، أو كتابته، أو الشهادة عليه، أو إعانة من يقوم بذلك.
وقد أفتى كبار أهل العلم بتحريم العمل في البنوك الربوية، ولو كان العمل فيما لا يتصل بالربا كالحراسة، والنظافة، والخدمة. ونحن ننقل إليك بعض فتاويهم مع التنبيه على أن عمل زوجك له اتصال قوي بالربا وتسجيله وتوثيقه، لأنه حسب قولك: عمله الأساسي هو ضمان عمل جميع أنظمة الكمبيوتر بشكل صحيح وتشغيل البرامج الجديدة ومساعدة موظفي البنك.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 15/41:
(لا يجوز لمسلم أن يعمل في بنك تعامله بالربا، ولو كان العمل الذي يتولاه ذلك المسلم غير ربوي؛ لتوفيره لموظفيه الذين يعملون في الربويات ما يحتاجونه ويستعينون به على أعمالهم الربوية، وقد قال تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَان) المائدة / 2) .
وسئلت اللجنة الدائمة (15/38) : ما حكم العمل في البنوك الحالية؟
فأجابت:
(أكثر المعاملات المصرفية الحالية يشتمل على الربا، وهو حرام بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأن من أعان آكل الربا وموكله بكتابة له، أو شهادة عليه وما أشبه ذلك؛ كان شريكا لآكله وموكله في اللعنة والطرد من رحمة الله، ففي صحيح مسلم وغيره من حديث جابر رضي الله عنه: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه " وقال: "هم سواء".
والذين يعملون في البنوك المصرفية أعوان لأرباب البنوك في إدارة أعمالها: كتابة أو تقييدا أو شهادة، أو نقلا للأوراق أو تسليما للنقود، أو تسلما لها إلى غير ذلك مما فيه "إعانة للمرابين، وبهذا يعرف أن عمل الإنسان بالمصارف الحالية حرام، فعلى المسلم أن يتجنب ذلك، وأن يبتغي الكسب من الطرق التي أحلها الله، وهي كثيرة، وليتق الله ربه، ولا يعرض نفسه للعنة الله ورسوله.
وسئلت اللجنة الدائمة (15/55) :
(أ- هل العمل في البنوك خصوصا في الدول الإسلامية حلال أم حرام؟
ب- هل هناك أقسام معينة في البنك حلال كما يتردد الآن وكيف ذلك إذا كان صحيحا؟)
فأجابت:
(أولا: العمل في البنوك التي تتعامل بالربا حرام، سواء كانت في دولة إسلامية أو دولة كافرة؛ لما فيه من التعاون معها على الإثم والعدوان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه بقوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
ثانيا: ليس في أقسام البنك الربوي شيء مستثنى فيما يظهر لنا من الشرع المطهر؛ لأن التعاون على الإثم والعدوان حاصل من جميع موظفي البنك) .
وسئلت اللجنة الدائمة (15/18) :
(ما حكم العمل كمهندس صيانة في إحدى شركات الأجهزة الإلكترونية والتي تتعامل مع بعض البنوك الربوية، تقوم الشركة ببيع الأجهزة (حاسب آلي، ماكينات تصوير، تليفونات) للبنك، وتكلفنا كمهندسي صيانة بالذهاب للبنك لصيانة هذه الأجهزة بصفة دورية، فهل هذا العمل حرام على أساس أن البنك يقوم بإعداد حساباته وتنظيم أعماله بهذه الأجهزة، وبذلك فنحن نعينه على المعصية؟)
فأجابت:
(لا يجوز لك العمل في الشركات على الوصف الذي ذكرت لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (15/48) :
(البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز للمسلم أن يشتغل فيها، لما فيه من إعانة لها على التعامل بالمعاملات الربوية، بأي وجه من وجوه التعاون من كتابة وشهادة وحراسة وغير ذلك من وجوه التعاون، فإن التعاون معها في ذلك تعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عنه بقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة /2.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يجوز العمل في مؤسسة ربوية كسائق أو حارس؟
فأجاب:
(لا يجوز العمل بالمؤسسات الربوية ولو كان الإنسان سائقا أو حارسا، وذلك لأن دخوله في وظيفة عند مؤسسات ربوية يستلزم الرضى بها، لأن من ينكر الشي لا يمكن أن يعمل لمصلحته، فإذا عمل لمصلحته فإنه يكون راضيا به، والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه. أما من كان يباشر القيد والكتابة والإرسال والإيداع وما أشبه ذلك فهو لا شك أنه مباشر للحرام. وقد ثبت من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء)
انتهى من كتاب " فتاوى إسلامية " (2/401) .
إلى غير ذلك من الفتاوى المشهورة المعلومة التي تحرم العمل في البنوك الربوية، مهما كان نوع العمل، وعليه فالواجب على زوجك أن يتوب إلى الله تعالى مما سبق، وأن يترك هذا العمل مستعينا بالله متوكلا عليه موقنا أن الرزق من عنده سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق / 2، 3.
نسأل الله أن يغنينا بحلاله عن حرامه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5295)
استخدام بطاقة الفيزا للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن استخدام بطاقة (فيزا كارد) وما شابهها من الأشياء التي لها حساب يعتبر ربا. لكن هل البطاقة التي تدفع رصيدها شهرياً وليس لها فائدة يعتبر ربا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تكرر هذا السؤال من قبل برقم (3402) ، وفيه:
: " بطاقة الفيزا تشتمل على شرط ربوي إذا تأخرت عن التسديد جعلوا عليّ غرامة لكن المكان الذي أقيم فيه في أمريكا لا يمكن لي أن أستأجر سيارة ولا محلا وكثير من الخدمات العامة لا تمكن إلا ببطاقة الفيزا وإذا لم أتعامل بها أقع في حرج كبير لا أطيقه، فهل التزامي بالتسديد في وقت معين حتى لا يصبح عليّ ربا يبيح لي التعامل بهذه البطاقة في وضع الحرج الذي أعيش فيه؟ فأجاب – حفظه الله – بما يلي: إذا كان الحرج متيقنا واحتمال التأخير عن التسديد ضعيف، فأرجو أن لا يكون فيها بأس. انتهى كلام الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
فيلاحظ الشرطان في الإجابة، وهما:
وجود الحرج، وأنه لا مناص من استخدامها.
والثاني: أن يلتزم بالتسديد ولا يتأخر.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5296)
هل يأخذ المال الذي جاءه من شركة يانصيب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عرفت مؤخراً بأن المال الذي حصلت عليه لمساعدتي في الدراسة هو من شركة اليانصيب، هل يجوز أن أقبل هذا المال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا المال هو مساعدة مجرَّدة ولا يترتب عليه شرط في العمل عندهم – مثلاً – أو الدعاية لهم والتزكية لأعمالهم: فإنه ليس هناك مانع من قبول هذا المال وأخذه، فالمال الحرام لكسبه يجوز الاستفادة منه وتملكه إذا انتقل بصورة شرعيَّة.
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله:
... وقال آخرون: ما كان محرما لكسبه؛ فإنما إثمه على الكاسب لا على مَن أخذه بطريق مباح مِن الكاسب، بخلاف ما كان محرَّماً لعينه كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى مِن يهودي طعاماً لأهله – رواه البخاري (1954) ومسلم (3007) -، وأكل مِن الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي – رواه أحمد (3/ 210) -.
ومِن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت، وربَّما يقوِّي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تُصدِّق به على بريرة " هو لها صدقة ولنا منها هدية " – رواه البخاري (1398) ومسلم (2764) -.
" القول المفيد شرح كتاب التوحيد " (3 / 138، 139) .
وللمزيد: يرجى مراجعة جواب السؤال رقم (4820) .
وننبِّه على أنه لا يجوز للمسلم البقاء في بلاد الكفر، ولا الدراسة في مكان مختلط لما في ذلك من الوقوع في محاذير شرعيَّة متعددة.
وللمزيد: يرجى مراجعة أجوبة السؤالين: (2956) و (10338) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5297)
تحريم حسم الديون
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض التجار يكون له ديون مؤجلة على العملاء فيذهب إلى أحد البنوك ويبيع له الكمبيالة بمبلغ أقل من المبلغ الموجود بها ويقوم البنك بتحصيلها لنفسه في موعدها. فما حكم هذا العمل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة معروفة في البنوك باسم (حسم الديون) . وهي من المعاملات المحرمة وهي صورة من صور الربا.
لأنه يبيع –مثلاً- كمبيالة فيها دين بألف ريال موعد سدادها بعد شهر، يبيعها للبنك بتسعمائة ريال حاضرة.
وهذا ربا، وقد اجتمع في هذه المعاملة المحرمة ربا النسيئة والفضل معاً، لأنه باع نقدا حاضرا بنقد مؤجل من جنسه مع الزيادة.
وبيع النقد بالنقد إذا كانا من جنسين فالواجب التقابض في مجلس العقد، فإن كان النقدان من جنس واحد فالواجب التساوي والتقابض. وهذا ما لا يوجد في هذه المعاملة. فيجتمع فيها ربا الفضل لعدم التساوي، وربا النسيئة لعدم التقابض.
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن ذلك فقالت:
(بيع الكمبيالة للبنك بفائدة يدفعها البائع للبنك مقابل تسديده المبلغ ويتولى البنك استيفاء ما في الكمبيالة من مشتري البضاعة حرام لأنه ربا) اهـ فتاوى البيوع (ص 352) .
ومن قرارات المجمع الفقهي:
إن حسم (خصم) الأوراق التجارية غير جائز شرعاً، لأنه يؤول إلى ربا اهـ
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5298)
العمل في شركة تبيع الذهب بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة كبيرة لصياغة وتجارة الذهب وطبيعة عملي كمندوب مبيعات، لكن هذه الشركة تقوم ببيع الذهب بالدَّيْن، ولكن تثبيت سعر الذهب عند الدفع (سعر السوق عند الدفع) أي أن الزبون الذي يأخذ 1كيلو من الذهب يكون مدينا بكيلو بالإضافة للأجور، وعندما يدفع إما أن يدفع كيلو ذهب سبائك بالإضافة للأجور أو نقدا سعر الكيلو وقت الدفع + الأجور، كما أننا نبيع الذهب المصاغ وهو يحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب، علما أنه ظاهر للعيان ويعرف الزبون بهذا الأمر , فما حكم البيع وما حكم عملي في هذه الشركة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن يبارك لك في مالك، وأن يجزيك خيرا على سؤالك وتحريك للرزق الحلال.
ثانيا:
اشتمل سؤالك على أربع مسائل:
المسألة الأولى:
بيع الذهب مؤجلا أو بالدين، وصورتها كما ذكرت، أن يأخذ الزبون الذهب، ثم يدفع بعد ذلك ذهبا مثله، أو نقودا، أو ذهبا ونقودا، وكل ذلك لا يجوز؛ لأن من شرط بيع الذهب بالذهب أو بالنقود أن يكون يدا بيد، ولا يجوز تأخير شيء من البدلين عن مجلس العقد، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
فبيع الذهب بالذهب: لا بد فيه من شرطين: التساوي في المقدار، والتقابض في مجلس العقد.
وبيع الذهب بالفضة أو بما يقوم مقامها كالنقود، لا بد فيه من شرط وهو التقابض في مجلس العقد، وأما تأخير السداد عن المجلس فربا نسيئة محرم، وقد يكون ربا فضل أيضا إذا كان سيدفع ذهبا أكثر، أو ذهبا مساويا مع نقود زائدة.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة: إذا باع إنسان مصاغا من الذهب لآخر، وليس مع المشتري بعض القيمة أو كل القيمة، ولا بعد أيام أو شهر أو شهرين فهل هذا جائز أو لا؟
فأجابوا: " إذا كان الثمن الذي اشترى به مصاغ الذهب ذهبا أو فضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو مستنداتها لم يجز، بل هو حرام؛ لما فيه من ربا النسأ. وإن كان الشراء بعروض كقماش أو طعام أو نحوهما جاز تأخير الثمن " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/466) .
وانظر السؤال رقم (22869) ، ورقم (65919) لمزيد الفائدة.
المسألة الثانية:
وأما بيع الذهب بذهب مع دفع أجرة للتصنيع فهذا حرام، والواجب في بيع الذهب بالذهب التقابض في مجلس العقد، والتماثل في الوزن، بقطع النظر عن صناعة كل صنف.
وانظر جواب السؤال (74994) .
المسألة الثالثة:
بيع الذهب المحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب: وهذا فيه تفصيل:
فإن كان يباع بفضة أو بنقود ورقية، فلا حرج في ذلك، ما دام أنه ظاهر للعيان والمشتري يعلم ذلك، كما ذكرت.
وإن كان يباع بذهب، فلابد من فصل الفصوص حتى يعلم قدر الذهب الذي فيه، ويتحقق من مساواة الذهب للذهب.
وانظر جواب السؤال رقم (36762)
المسألة الرابعة:
حكم العمل في هذه الشركة: وهو مبني على ما سبق، فحيث كانت الشركة تتعامل بالربا ولا تتقيد بأحكام الشرع، فلا يجوز العمل فيها، لما في ذلك من ارتكاب الحرام أو الإعانة عليه.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم العمل عند أصحاب محلات الذهب الذين يتعاملون بمعاملات غير مشروعة سواء كانت ربوية أو حيلا محرمة أو غشا أو غير ذلك من المعاملات التي لا تشرع؟
فأجاب: " العمل عند هؤلاء الذين يتعاملون بالربا أو الغش أو نحو ذلك من الأشياء المحرمة، محرم لقول الله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2، ولقوله: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/140.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ) والعامل عندهم لم يغير لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه، فيكون عاصيا للرسول صلى الله عليه وسلم ". انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص 392) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5299)
ماذا يفعل بالجائزة التي ربحها من البنك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من ربح جائزة من بنك وكان حسابه " توفير " وبدون فائدة والجائزة هي سيارة , هل حلال أم حرام؟ وماذا يفعل من ربح وكيف يتصرف بهذه السيارة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان البنك ربويا، فإنه لا يجوز الإيداع فيه إلا عند الضرورة، كأن يخاف على ماله، ولا يوجد بنك إسلامي، أو محل لحفظ النقود في بلده، فيجوز الإيداع حينئذ بلا فوائد.
جاء في قرار مجمع الفقه برابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة سنة 1406 هـ ما يلي: " يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام " انتهى. نقلا عن "حكم ودائع البنوك" للدكتور علي السالوس ص (136) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/346) : " لا يجوز إيداع النقود ونحوها في البنوك الربوية ونحوها من المصارف والمؤسسات الربوية، سواء كان إيداعها بفوائد أو بدون فوائد؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ، إلا إذا خيف عليها من الضياع، بسرقة أو غصب أو نحوهما، ولم يجد طريقا لحفظها إلا إيداعها في بنوك ربوية مثلا، فيرخص له في إيداعها في البنوك ونحوها من المصارف الربوية بدون فوائد , محافظةً عليها؛ لما في ذلك من ارتكاب أخف المحظورين " انتهى.
ثانيا:
تلجأ بعض البنوك والمؤسسات الربوية إلى الحيلة، ليروج أمرها على الناس، فلا تعلن عن فوائد ربوية، وإنما تضع جوائز، يتم السحب عليها أو تُوزع بالقرعة في نهاية السنة أو كل ستة أشهر، ويكثر تداول هذه الطريقة فيما يسمى بشهادات الادخار أو الاستثمار، وهذه الحيلة لا تجعل الحرام حلالا، فإن البنك لا يوزع الجوائز من ماله، وإنما هي فوائد الربا، يوزعها بهذه الطريقة، بدلا من توزيعها على جميع العملاء، وهي طريقة تجمع بين الربا والميسر.
قال الدكتور علي السالوس في كتابه: "معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام" ص (38) : " وإذا كان البنك الربوي قد صنف الشهادات أصنافا ثلاثة، فجعل الأولى غير الثانية بقصد جذب أكبر عدد ممكن، فإنه في المجموعة الأخيرة خطا خطوة أبعد، فجاء إلى مجموع الربا، ثم قسمه إلى مبالغ مختلفة لتشمل عددا أقل بكثير جدا من عدد المقرضين، ثم لجأ إلى توزيع هذه المبالغ المسماة بالجوائز عن طريق القرعة! وبهذا ربما نجد صاحب قرض ضئيل يأخذ آلاف الجنيهات، على حين نجد صاحب الآلاف قد لا يأخذ شيئا. فالأول أخذ نصيبه من الربا ونصيبَ مجموعةٍ كبيرة غيره، والثاني ذهب نصيبه لغيره، وفي كل مرة يتم التوزيع يترقبه المترقبون، يخرج هذا فرحا بما أصاب، ويحزن ذلك لما فاته، وهكذا في انتظار مرة تالية، أليس هذا هو القمار؟ فالبنك الربوي لجأ إلى المقامرة بالربا! فمن لم يُغره نصيبه من الربا في المجموعتين، فليقامر بنصيبه في المجموعة الثالثة ... ألا يمكن إذن أن تكون المجموعة (ج) أسوأ من أختيها؟ " انتهى.
وسئل علماء اللجنة الدائمة: بعض البنوك التجارية تقوم بوضع جوائز مثل: سيارات أو بيوت جاهزة لمن يفتح في البنك حساب توفير لحفظ أمواله، وتعمل قرعة بين زبائن البنك، ثم يفوز بالجائزة أحد الزبائن. فما حكم هذه الجائزة سواء كانت عينية أو مادية؟
فأجابوا: " إذا كان الأمر كما ذكر، فإن هذه الجوائز غير جائزة؛ لأنها فوائد ربوية مقابل إيداع الأموال في البنوك الربوية، وتغيير الأسماء لا يغير الحقائق " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/196) .
ثالثا:
إذا تقرر أن هذه الجوائز التي يوزعها البنك الربوي هي عين الفائدة الربوية، فإن من أخذ شيئاً منها وجب عليه أن يتخلص منه بإنفاقه في وجوه البر، مع ضرورة سحب الأموال من البنك الربوي إلا في حالة الضرورة التي سبق بيانها.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/354) : " الفوائد الربوية من الأموال المحرمة، قال تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) ، وعلى من وقع تحت يده شيء منها التخلص منها بإنفاقها فيما ينفع المسلمين، ومن ذلك: إنشاء الطرق , وبناء المدارس , وإعطاؤها الفقراء ... " انتهى.
رابعاً:
الأموال التي تودع في البنوك , ويسمونها "ودائع" أو "حساب جاري" أو غير ذلك من الأسماء , هي في حقيقتها قرض من صاحب المال للبنك , وإذا كان الأمر كذلك , فلا يجوز لصاحب القرض أن يأخذ من المقترض أي منفعة مقابل القرض , فقد أجمع العلماء على أن كل قرض جَرَّ نفعاً فهو محرم.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/436) :
" وكل قرض شرط فيه أن يزيده , فهو حرام , بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك , أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب , وابن عباس , وابن مسعود , أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5300)
النظام المالي الإسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[عرفت أن طريقة تداول الأموال في الإسلام لا يدخل فيها تعامل الربا، ولكن بعدما درست طريقة التعامل المالي في الإسلام، لاحظت بأن الربا مازال موجوداً. ولهذا فهل تستطيع توضيح ما إذا كان الربا مستخدماً في النظام المالي الإسلامي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الربا محرم في الإسلام تحريما مغلظا، وقد ذم الله فاعله، وآذنه بالحرب، وأخبر عن سوء عاقبته يوم القيامة فقال:
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ. يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) البقرة / 275،276، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة / 278،279.
وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم (1598) من حديث جابر رضي الله عنه.
وقال صلى الله عليه وسلم " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية " رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3375
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على عظم شأن هذه الجريمة وقبحها.
فالنظام المالي الإسلامي لا يقر معاملة تشتمل على الربا، بل إن الشريعة جاءت بمنع بعض المعاملات سدا لذريعة الوقوع في الربا.
ثانياً:
البنوك الموجودة الآن هي بنوك ربوية إلا ما ندر وكون البنك موجوداً في بلاد المسلمين لا يعني أنه بنك إسلامي، والغالب على هذه البنوك أنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالبنوك اليهودية والصليبية في الخارج، وهذا واقع مؤسف أن تجد بلاد المسلمين التي تشتمل على أكثر من مليار مسلم لا يوجد فيها بنك إسلامي يسلم من الربا، إلا بعض المؤسسات المعدودة.
فالواجب على أهل الحل والعقد من المسلمين أن يولوا هذا الموضوع حقه وأن يقوموا بإنشاء نظام مصرفي إسلامي مستقل، فعلماؤهم موجودون والأيدي العاملة متوافرة، ورؤوس الأموال كبيرة ولله الحمد.
ثالثاً:
النظام المالي الإسلامي الصحيح نظام خال من الربا، لأنه نظام مستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقولك في السؤال لاحظت أن في التعامل المالي في الإسلامي فهذا يحتاج منك إلى زيادة بيان لهذه التعاملات الربوية التي لاحظتها، ولعلك ظننت في بعض المعاملات أنها ربوية وهي ليست كذلك.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفق ولاة الأمور لما فيه الخير والصلاح والحمد لله رب العالمين
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5301)
أخذ الفائدة الربوية، وتعويض الخسارة بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ بسيط في حساب توفير في البنك ويعطونني عليه نسبة ربوية، أنا الآن أحاول إغلاقه، ساهمت في الماضي في بعض الأسهم البنكية ولم أكن أدري بأن هذا لا يجوز، وقد انخفضت قيمة هذه الأسهم، فهل يجوز أن أعوض قيمة الخسارة في الأسهم من الربح الذي حصلت عليه في حساب التوفير؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على من تاب من الربا أن لا يأخذ إلا رأس ماله فقط، لقول الله تعالى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة /279. وما زاد على ذلك فلا يحل له أخذه، فإن أخذه وجب عليه التخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير والبر.
وفي السؤال هنا أمران غير متداخليْن يجب الفصل بينهما، وهما: الفائدة الربوية المأخوذة، وتعويض الخسارة في قيمة الأسهم من هذه الفوائد.
أما المسألة الأولى: وهي وضع الأموال في البنك الربوي وأخذ المال الزائد عن رأس المال، فقد قال علماء اللجنة الدائمة:
"الأرباح التي يدفعها البنك للمودعين على المبالغ التي أودعوها فيه تعتبر ربا، ولا يحل له أن ينتفع بهذه الأرباح، وعليه أن يتوب إلى الله من الإيداع في البنوك الربويَّة، وأن يسحب المبلغ الذي أودعه وربحه، فيحتفظ بأصل المبلغ وينفق ما زاد عليه في وجوه البر من فقراء ومساكين وإصلاح مرافق ونحو ذلك" اهـ.
"فتاوى إسلاميَّة" (2 / 404) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"أما ما أعطاك البنك من الربح: فلا ترده على البنك ولا تأكله، بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء، وإصلاح دورات المياه، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم" اهـ.
"فتاوى إسلامية" (2 / 407) .
وأما المسألة الثانية: وهي تعويض الخسارة من قيمة الأسهم من المال الربوي: فلا يجوز هذا الفعل؛ وذلك لما سبق من أن هذا المال الربوي لا يحل لك أخذه ولا الانتفاع به.
وعلى صاحب الأسهم تحمل خسارة قيمة الأسهم من ماله، وليس له تعويض خسارته من مالٍ كسبه من حرام.
وكونه دخل في هذه المعاملة وهو جاهل بتحريمها، هذا يرفع عنه الإثم، ويعذر بعدم علمه، ولكن لا يكون ذلك سبباً لإباحة الانتفاع بالمال الربوي في تعويض تلك الخسارة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
Islam
السؤال
&A(5/5302)
هل يجوز له أن يرث عقارا اشتري بقرض ربوي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يرث عقارا تم شراؤه بقرض ربوي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من اقترض قرضاً ربوياً، ثم اشترى به عقاراً، فإنه إذا مات، صار العقار من جملة تركته التي تورث عنه، وقد أثم بتعامله الربوي.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
(ما حَرُمَ لكسبه فهو حرام على الكاسب مثل الربا، فإذا مات الإنسان الذي كان يتعامل بالربا فماله حلال لورثته. أما ما حُرِّم لعينه كالخمر فذلك حرام على الناقل ومن ينتقل إليه. وكذلك ما كان محرماً قد بقي فيه التحريم مثل المغصوب والمسروق. فلو أن إنساناً سرق مالاً ثم مات فإنه لا يحل للوارث، ثم إن كان يعلم صاحبه أعطاه إياه وإلا تصدق به عنه)
انتهى من: لقاءات الباب المفتوح 1/304
وأفتت اللجنة الدائمة فيمن بنى منزلا بقرض ربوي أنه تلزمه التوبة والاستغفار، ولا يلزمه هدم المنزل، بل ينتفع به بالسكنى وغيرها.
(فتاوى اللجنة الدائمة 13/411) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5303)
دفع ثمن أرض ولم تتم المعاملة فهل يستوفي ما دفعه أم قيمتها حاليّاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى خالي قطعة أرض من شخص اسمه حسين، حدث هذا منذ تسع سنوات، ثم تبين فيما بعد أن حسين قد باع قطعة أرض ملك لأبناء أخيه، لا نعرف إن كان حقا فعل ذلك عن طريق الخطأ أم متعمداً، المهم: أن خالي يريد أن يسترد ماله لأن حسين لم يعد بوسعه التعويض العيني، حسين يقول له إنه مستعد أن يرد له ماله، لكن المبلغ نفسه الذي دفعه رغم القيمة العينية تتعدى بكثير المبلغ بسبب التضخم المالي فما كان قيمته ثلاثة آلاف يساوي الآن تقريبا عشرة آلاف دينار، والأرض في حد ذاتها تضاعفت قيمتها. فما حكم الإسلام في هذا الأمر هل يرد له المبلغ نفسه، أم يرد له قيمة الأرض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لأحدٍ من الناس أن يبيع ما لا يملك، فإن فعل فبيعه باطل، وما حصل من بائع الأرض من بيعه ما يملكه أبناء أخيه هو من هذا الباب، والواجب عليه التوبة والاستغفار.
ولخالك – المشتري – في ذمة هذا البائع المبلغ الذي دفعه، بغض النظر عن تغير العملة واختلاف قوتها الشرائية، وبغض النظر عن ارتفاع قيمة الأرض؛ لأن المبلغ الذي دفعه خالك صارَ ديْناً في ذمة ذلك البائع، والواجب رد المبلغ نفسه.
وفي القرار رقم: 42 (4 / 5) بشأن تغير قيمة العملة، قال "مجلس مجمع الفقه الإسلامي":
"العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما: هي بالمثل وليس بالقيمة؛ لأن الديون تُقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أيا كان مصدرها، بمستوى الأسعار" انتهى.
مجلة " المجمع " (عدد 5، ج3 ص 1609) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"يجب على المقترض أن يدفع الجنيهات التي اقترضها وقت طلب صاحبها، ولا أثر لاختلاف القيمة الشرائية، زادت أو نقصت" انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (14 / 146) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5304)
حكم بطاقات " كاش يو "
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهر في الآونة الأخيرة بطاقات للشراء عن طريق الإنترنت مدفوعة مسبقا وتسمى " كاش يو " , وطريقتها كالتالي: 1. تشتري أولا بطاقة تأسيس ب 55 ريال لفتح حساب. 2. بعدها تستطيع شراء بطاقات مختلفة الأسعار وذلك لتعبئة حسابك، فمثلا هناك بطاقات بـ 10 دولار تشتريها بـ 42 ريال، وهناك بطاقات بـ 30 و 50 دولار إلى 300 دولار. 3. مدة صلاحية البطاقة سنة، وبعدها لا تستطيع استخدام البطاقة حتى لو بقي بها مبلغ من المال إلا إذا دفعت رسم التجديد ومقداره 10 دولار. ولمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى موقع الشركة على الإنترنت www.cashu.com أفتونا في هذا الأمر، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الذي يظهر لنا في هذه البطاقات هو جواز شرائها والشراء بها، بشرط أن لا يُشترى بها ما يشترط فيه التقابض كشراء العملات المختلفة وشراء الذهب والفضة؛ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شراء الذهب والفضة إلا يداً بيدٍ، والأوراق المالية لها حكم الذهب والفضة في التقابض.
فعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواء، يداً بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ ". رواه مسلم (1587) .
وفي قرار للمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي:
"أ. لا يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما نسيئة مطلقا، فلا يجوز مثلا بيع ريال سعودي بعملة أخرى متفاضلا نسيئة بدون تقابض.
ب. لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلا سواء أكان ذلك نسيئة أم يداً بيدٍ، فلا يجوز مثلا بيع عشرة ريالات سعودية ورقا بأحد عشر ريالا سعوديا ورقا نسيئة أو يدا بيد.
ج. يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقا إذا كان ذلك يدا بيد، فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقا كان أو فضة أو أقل من ذلك أو أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة ريالات سعودية أو أقل من ذلك أو أكثر إذا كان ذلك يدا بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة ريالات سعودية ورق أو أقل من ذلك أو أكثر يدا بيد، لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة" انتهى.
" مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي " (فتوى رقم 59) .
ثانياً:
انتهاء مدة البطاقة دون استعمالها لا يجعلها غير مباحة؛ لأن التفريط وقع من صاحبها فهو بمنزلة استئجار سيارة أو شقة وعدم استعمالهما في المدة المستأجرة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5305)
التوفير في مكتب البريد وكيفية إخراج الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ من المال في مكتب البريد لم يبلغ النصاب وذهبت إلى بنك إسلامي ووضعت مبلغاً من المال، فكيف أحسب الزكاة - مع العلم عند جمع المبلغيْن يبلغ المبلغ النصاب -؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز وضع المال في مكاتب البريد، ولا في البنوك الربوية التي تأكل الربا وتوكله للمودعين، ولا يخلو المودع فيهما من هذا، فهو إما أن يكون آكلاً أو موكلاً للربا أو جامعاً بينهما.
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله) . رواه البخاري (5032) .
ثانياً:
من ملَك نقوداً تبلغ النصاب – ولو كانت متفرقة، بعضها في مكان وبعضها في مكان آخر- وجب عليه إخراج زكاتها إذا مَرَّ عليها الحول، ويبدأ حساب الحول من يوم بلوغ المال النصاب، فإذا تمت سنة هجرية أخرج الزكاة، وقيمتها ربع العشر (2.5 بالمئة) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5306)
الفرق بين الأسهم والسندات
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن الأسهم تجب فيها الزكاة، فهل السندات أيضاً عليها زكاة؟ وكيف تحسب زكاتها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أما زكاة الأسهم فقد سبق في السؤال (69912) تفصيل القول في زكاتها، وأن من الأسهم ما تجب فيه الزكاة، ومنها ما لا تجب فيه الزكاة.
وأما السندات فهي غير الأسهم.
فالسند هو تعهد مكتوب بمبلغ من الدَّين (قرض) لحامله في تاريخ معين نظير فائدة مقدرة.
أما السهم فهو نصيب الشريك في رأس مال شركة مساهمة.
ومن هذين التعريفين يتبين الفرق بين الأسهم والسندات.
الفرق بين السهم والسند:
1- السهم يمثل حصة في الشركة بمعنى أن صاحبه شريك , أما السند فهو يمثل دَيْناً على الشركة , بمعنى أن صاحبه مقرض أو دائن.
وبناءاً على هذا , لا يحصل صاحب السهم على الأرباح إلا حين تحقق الشركة أرباحاً فقط , أما صاحب السند فيتلقى فائدة ثابتة سنوياً سواء ربحت الشركة أم لا.
وبناءاً على هذا أيضاً: إذا خسرت الشركة فإن صاحب السهم يتحمل جزءاً من هذه الخسارة حسب الأسهم التي شارك بها , لأنه شريك ومالك لجزء من الشركة , فلابد من تحمله جزءاً من الخسارة , أما صاحب السند فلا يتحمل شيئاً من خسارة الشركة لأنه ليس شريكاً فيها , وإنما هو مقرض فقط، مقابل فائدة متفق عليه سواء ربحت الشركة أم خسرت.
حكم التعامل بالسندات:
التعامل بالسندات محرم شرعاًَ , لأنها قرض مقابل فائدة متفق عليها، وهذا هو الربا الذي حرمه الله تعالى وتوعد عليه بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279.
وقد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم أكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. رواه مسلم (2995) .
وجاء في المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت عام 1403 هـ /1983 م: " أن ما يسمى بالفائدة في اصطلاح الاقتصاديين الغربيين ومن تابعهم هو عين الربا المحرم شرعاً " انتهى.
"مجلة المجمع الفقهي" (4/1/732) .
وانظر جواب السؤال (2143) .
زكاة السندات:
بالرغم من تحريم التعامل بالسندات فإن الزكاة واجبة فيها لأنها تمثل دَيْناً لصاحبها , والدَّيْن الذي يُرجى تحصيله تجب فيه الزكاة عند جمهور العلماء , فيحسب زكاته كل عام، ولكن لا يلزمه إخراجها إلا إذا قبض قيمة السند , أما الفائدة التي يأخذها مقابل السند فهي مال خبيث محرم، يجب عليه التخلص منه في أوجه البر المتنوعة.
والقدر الواجب إخراجه من الزكاة هو 2.5 بالمائة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5307)
هل يجوز أخذ قرض من الصندوق الاجتماعي الحكومي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم الحكومة عندنا قرضا لشباب الخريجين عوضاً عن توظيفهم في الحكومة، فهل هذا القرض حلال أم حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على أن القرض إذا اشترط فيه أن يرده بزيادة فهو ربا محرم.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وكل قرضٍ شرَط فيه أن يزيده: فهو حرام , بغير خلاف، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلِّف إذا شرَط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك: أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.
"المغني" (4/211) .
وقال ابن عبد البر: " وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلف فهي ربا , ولو كانت قبضة من علف , وذلك حرام إن كان بشرط " انتهى.
"الكافي " (2/359) .
وعليه: فإذا كان القرض ربويّاً وذلك بأن يشترط إرجاع المبلغ المقترض بزيادة: فإنه لا يجوز لكم أخذ هذا المبلغ؛ لأن العقد ربوي، ولا يخفى عليكم أن الربا من كبائر الذنوب، ويغنيكم الله عن هذا القرض وأشباهه.
أما إن كانت هذه القروض قروضاً حسنة، وليست ربويَّة، فيُرجع المقترض مثل ما أخذ من غير زيادة، فلا حرج من أخذ هذا القرض والانتفاع به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5308)
حكم الذهاب للحج والعمرة والدفع بواسطة قروض الائتمان
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت في الآونة الأخيرة إعلانات من شركات السياحة التي تقوم بتنظيم رحلات الحج والعمرة والتي تعلن فيها عن قيامها بتقسيط تكاليف الرحلات من باب التيسير على راغبي الحج والعمرة، ولاجتذاب أكبر قدر منهم خاصة في ظل حالة الكساد التي تمر بها العديد من الدول، وقلة السيولة المالية في أيدي مواطنيها، وقد أعلنت أيضا بعض الشركات عن قبول الدفع عن طريق كروت الائتمان.
السؤال هو: ما حكم الشرع فيمن يحج ويعتمر بهذه الطريقة؟ وهل يصح الحج أو العمرة في هذه الحالة - خاصة أن بعض الفقهاء قد أفتى بجواز تمويل الحج عن طريق القروض التي تسدد على أقساط مناسبة كنوع من التيسير في ظل الارتفاع الشديد في تكاليف الرحلات -؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وهو فرض ثابت بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع المسلمون على ذلك.
قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران/97.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْس: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) رواه البخاري (8) ومسلم (16) .
ولا يجب الحج إلا على المستطيع، ومن الاستطاعة: القدرة المالية، والقدرة البدنية للسفر وأداء المناسك.
ولا يكلف الإنسان بالاستدانة للحج؛ ولا يستحب له أن يفعل ذلك، فإن خالف واستدان فالحج صحيح إن شاء الله تعالى.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: بعض الناس يأخذ سلفيات من الشركة التي يعمل بها، يتم خصمها من راتبه بالتقسيط ليذهب إلى الحج، فما رأيكم في هذا الأمر؟
فأجاب:
" الذي أراه أنه لا يفعل؛ لأن الإنسان لا يجب عليه الحج إذا كان عليه دَيْن، فكيف إذا استدان ليحج؟! فلا أرى أن يستدين للحج؛ لأن الحج في هذه الحال ليس واجباً عليه، ولذا ينبغي له أن يقبل رخصة الله وسعة رحمته، ولا يكلف نفسه دَيْناً لا يدري هل يقضيه أو لا؟ ربما يموت ولا يقضيه ويبقى في ذمته " انتهى. "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/93) .
أما إن كانت استدانته بقرض ربوي ليحج، فإن هذا من أكبر الكبائر.
وتحريم الربا أشهر من أن يُستدل له. قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279.
وقال تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ. رواه مسلم (1597) .
فكيف يرضى مسلم أن يفعل كبيرة توعد الله تعالى بالحرب عليها من أجل أن يحج، وهو غير واجب عليه إذا لم يكن مستطيعاً.
وقد سبق في جواب السؤال (20107) ، (11179) بيان تحريم القروض الائتمانية وأنها نوع من الربا.
أما من حيث صحة الحج فإنه يصح ولو كان المال الذي يحج به حراماً، ولكنه ليس حجاً مبرورا.
حتى قال بعض الأئمة:
إذَا حَجَجْت بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتٌ فَمَا حَجَجْت وَلَكِنْ حَجَّتْ الْعِيرُ
لا يَقْبَلُ اللَّهُ إلا كُلَّ طَيِّبَةٍ مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ مَبْرُورُ.
و (العير) الدابة التي يركبها الحاج. (أي: الحمار) .
انظر السؤال (34517) .
قال النووي رحمه الله:
إذا حج بمال حرام أو راكباً دابة مغصوبة أثم وصح حجه وأجزأه عندنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك والعبدري، وبه قال أكثر الفقهاء.
" المجموع " (7 / 40) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
ما حكم من حج من مال حرام – يعني: فوائد بيع المخدرات - ثم يرسلون تذاكر الحج لآبائهم ويحجون، مع علم بعضهم أن تلك الأموال جمع من تجارة المخدرات، هل هذا الحج مقبول أم لا؟ .
فأجابوا:
كون الحج من مال حرام لا يمنع من صحة الحج، مع الإثم بالنسبة لكسب الحرام، وأنه ينقص أجر الحج، ولا يبطله.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (11 / 43) .
وفي الباب حديث مشهور لكنه ضعيف:
عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن حج بمال حرام فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله عز وجل: لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك) .
قال ابن الجوزي:
وهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. " العلل المتناهية " (2 / 566) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5309)
عليه دين ويريد أن يحج
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قرض من البنك وأريد أن اذهب للعمرة وأعلم أنني يجب أن أسدد ديوني كلها قبل أن اذهب للحج أو العمرة. فهل يمكن أن تخبرني بالطريقة الصحيحة والحدود في ذلك إسلاميا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إن كان هذا القرض ربوياً فهو محرم وكبيرة من كبائر الذنوب وموبقة من الموبقات السبعة وقد حرمته الأمم كلها حتى الإغريق عبدة الأوثان قال أحدهم واسمه صولون: المال كالدجاجة العقيمة فالدرهم لا يلد درهماً.
وجاء في عقيدة النصارى أن آكل الربا لا يكفن إذا مات حتى اليهود فإنهم يحرمون الربا.
وأما الإسلام فقد حرمه بما لا يدع مجالاً لأحد أن يشك في التحريم.
قال الله تعالى {وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} البقرة / 275.
وقال {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} البقرة / 278.
وأبي جحيفة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصور. رواه البخاري (2123) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله. رواه مسلم (1597) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ". رواه البخاري (2615) ومسلم (89) .
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه (أي فمه) فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا فقال الذي رأيته في النهر آكل الربا. رواه البخاري (1979) .
فالواجب عليك التوبة إلى الله من هذا العمل أما إن كان هذا القرض قرضاً حسناً لا يدخله الربا فلا بأس به.
ثانياً:
أما الحج: فالذي لا يستطيع أن ينفق على نفسه لضيق ذات اليد لا يجب عليه الحج، ولكن أي الأمرين أولى الحج أم سداد الديون؟
الراجح: أن الدَّين أولى لأن المدين لا يلزمه الحج إذ من شروط الحج الاستطاعة.
فإن تعارض حجك مع قضاء الدين فقدِّم قضاء الدين، ولكن إن لم يتعارض كتأخر وقت السداد، أو صبر صاحب الدين على دينه فالصحيح أنه لا بأس بالحج أو العمرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
يجوز أن يحج المدين المُعسر إذا حجّجه غيره ولم يكن في ذلك إضاعة لحق الدين إما لكونه عاجزاً عن الكسب وإما لكون الغريم غائباً لا يمكن توفيته من الكسب. " مجموع الفتاوى " (26 /16) .
وذلك كله بشرط الاستطاعة التامة مع سداد ديون من يطالبك وقد حل الأجل للقضاء إن كنت مديناً لأكثر من دائن مع تيسر الراحلة والزاد وما يلزمك لإصلاح شأنك في السفر غير مضيع لعيالك أو من تجب عليك نفقتهم.
بحيث تترك لهم ما يسد حاجتهم وإن لم تفعل فقد أثمت وضيعت من ألزمك الله رعايته.
عن خيثمة قال: كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذا جاءه قهرمان له فدخل فقال أعطيت الرقيق قوتهم قال لا قال فانطلق فأعطهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته ". صحيح مسلم (996) .
وقد جاء عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ". رواه أبو داود (1692) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5310)
التوبة من الاقتراض بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قمت بأخذ قرض من بنك وذلك لظروف مادية شديدة لأني أردت أن أجهز شقة الزوجية مع العلم بأن هذه الشقة لا يوجد بها أدنى أنواع التظاهر فهي شقة بسيطة جدا. وأنا مدرس وتم تحويل راتبي إلي هناك علي أن يخصم منه مبلغ كل شهر وذلك خلال 5 سنوات حتى ينتهي القرض ومر عامان ونصف وعزمت على أن أذهب إلي البنك وأغلق هذا القرض لأني أشعر أن كل ما يحدث أي شئ أشعر أنه بسب هذا القرض. ولكن اكتشفت أن المبلغ المراد سداده ما زال فوق قدراتي بالإضافة إلي أني كنت أنوي العمرة هذا العام أنا وزوجتي وابني وابنتي فهل يجوز أن أسافر لأداء العمرة متمنيا من الله شفاء ابني المريض وأعود لأنهي ذلك القرض في شهر 11 القادم إن شاء الله أم ماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز الاقتراض بالربا، من البنك أو غيره، ولو كان ذلك لتجهيز منزل الزوجية؛ لما ورد في الربا من التحريم المؤكد، والوعيد الشديد، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278- 279.
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ , وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .
قال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا " انتهى من "المغني" (6/436) .
والواجب على من اقترض بالربا أن يتوب إلى الله تعالى، ويندم على ما فات، ويعزم عزما أكيدا على عدم العود إلى هذا الذنب العظيم، والجرم الخطير، الذي ورد فيه من الوعيد ما لم يرد في غيره، نسأل الله العافية.
ثم إنه لا يلزمك شرعا إلا سداد رأس المال، أما الزيادة المحرمة فلا تلزمك، ولا يجوز للمقرض أخذها منك؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) . لكن إن خشيت الضرر والمساءلة بعدم دفع الفائدة، فادفعها، مع توبتك إلى الله تعالى وكراهتك لهذا المنكر العظيم.
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ما نصه: اقترضت من أحد الأصدقاء مبلغ مائة جنيه على أن أوفيه بعد سنة مائة وخمسين، وحينما حان وقت الوفاء حاولت إعطاءه مائة فقط ولكنه أصر على أخذ زيادةٍ قدرها خمسون جنيهًا مقابل التأجيل، فما الحكم في هذه الزيادة؟ وإن كان هذا من قبيل الربا فهل علي أنا إثم وكيف أتخلص من ذلك علمًا أن تلك النقود التي اقترضتها منه قد اختلطت مع مالي فماذا عليَّ أن أفعل؟
فأجاب: " الله سبحانه وتعالى حرم الربا وشدد الوعيد فيه، قال سبحانه وتعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) البقرة/275 , إلى أن قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) البقرة/ 278، 279.
والربا له صور وأنواع ومن أنواعه هذا الذي ذكرته في السؤال وهو القرض بالفائدة؛ لأن القرض الشرعي هو القرض الحسن الذي تقرض به أخاك لينتفع بالقرض ثم يرد عليك بدله من غير زيادة مشترطة ولا نقص , هذا هو القرض الحسن، أما القرض الذي يجر نفعًا أو القرض الذي يقصد من وراءه الزيادة الربوية فهذا حرام بإجماع المسلمين، حرام بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين وعلى فاعله الوعيد الشديد، فالواجب هو رد مثل المبلغ الذي اقترضه أما الزيادة التي اشترطها عليك وأخذها منك فهي حرام وربًا، والنبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه، فلعن صلى الله عليه وسلم من أكل الربا ومن أعانه على أكله من هؤلاء، فهذا الذي فعلتموه حرام وكبيرة من كبائر الذنوب وعليكم التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وعليه هو أن يرد عليك هذه الزيادة التي أخذها منك لأنها لا تحل له، وأنت فعلت محرمًا بإعطائه الزيادة، وكان الواجب عليك أن تمتنع من إعطائه الزيادة. . . . فهذا الذي أقدمتما عليه هو صريح الربا، فعليكما جميعًا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى وعدم الرجوع إلى هذا التعامل، وعلى الآخر أن يرد الزيادة التي أخذها، والله أعلم " انتهى من "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (5/210) .
واعلم أنه كلما عجلت بالتخلص من هذا القرض كان ذلك أفضل وأحسن وأبرأ؛ لتتخلص من الربا وآثاره.
ولذلك فالأولى لك أن تبادر بسداده، وأن توفر الأموال التي ستنفقها لأداء العمرة للتخلص من هذا الدين.
نسأل الله أن يشفي ولدك، ويفرج كربك، ويغنيك بالحلال عن الحرام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5311)
يكتب تعريفاً لمن يحصل به على قرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[موظف يعمل في الدولة في قسم مالي ومن طبيعة عمله إتمام إجراءات الموظفين بشأن المرتبات وغيره من الأعمال الأخرى ومن بينها منح الموظفين إفادة بتفصيل المرتب عندما يطلب الموظف ذلك ولكن منهم من يستخدم هذه الإفادة لأخذ قرض من المصرف، فهل على الموظف الذي منح هذه الشهادة إثم علما بأن هذا من طبيعة عمله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في كتابة إفادة بالراتب لمن يطلب ذلك من الموظفين، إلا أن تكون موجهة للبنك الربوي بغرض الاقتراض منه، فلا يجوز كتابتها حينئذ؛ لما في ذلك من مساعدته على معصية الله، بل على كبيرة من كبائر الذنوب.
وقد سئلت اللجنة الدائمة (15/58) عن موظف بقسم النسخ بإحدى الجامعات يكتب تعريفاً لمنسوبي الجامعة لأخذ قرض ربوي من أحد البنوك فهل يجوز ذلك؟
فأجابت:
" لا يجوز هذا النسخ ولا التعريف لصاحبه إذا كان المعرف والناسخ يعلم أن المكتوب له يستعين به على المعاملة الربوية؛ لعموم الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم في صحيحه، ولعموم قول الله عز وجل: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5312)
يستأجر بيتا ثم يسترد ما دفع عند نهاية المدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم في شيناي بالهند، وأرغب في الحصول على مسكن عن طريق التأجير وذلك بدفع مبلغ إجمالي مقطوع لمدة 3 سنوات دون دفع أي مبلغ عن الإيجار خلال تلك المدة. وعند انتهاء مدة الإيجار فإن العين ستسلم للمالك وسيُعاد إليّ نفس المبلغ الإجمالي المقطوع. وبالإمكان أيضا تمديد الاتفاقية بموافقة الطرفين. ويجب أن تُدفع تكاليف صيانة الشقة شهريا. التعامل بهذه الطريقة مستخدم على نطاق واسع عندنا هنا. ويرى بعض العلماء أنه غير جائز وأنه يجب أن يُدفع مبلغ من المال كثمن للإيجار. وإذا أردنا الوفاء بهذا الشرط فبإمكاني دفع مبلغ اسمي صغير كإيجار. أرجو أن تذكر لي الحكم في هذه المسألة وفقا للكتاب والسنة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز التعامل بهذه الطريقة، وهي صورة من صور القرض الربوي المحرم.
وبيان ذلك: أن حقيقة القرض هي: " دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله ".
والمال المدفوع للمالك سوف يرد بدله بعد انتهاء المدة المتفق عليها، فيكون هذا المال قرضا، وقد استفاد المقرِض من هذا القرض، واستفادته هي الانتفاع بالبيت حتى يُرد إليه ماله.
فتكون حقيقة هذه المعاملة أنها قرض جر نفعا، وقد اتفق العلماء على تحريم كل قرض جر نفعا للمقرِض، وأنه نوع من الربا.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/436) :
" وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/64) :
" ومثال ما جَرَّ نفعا من الشروط في القرض: جاء رجل إلى شخص وقال: أريد أن تقرضني مائة ألف فقال: لكن أسكن بيتك لمدة شهر، فالقرض هنا جر نفعا للمقرض فهو حرام ولا يجوز. . .
لأن الأصل في القرض هو الإرفاق والإحسان إلى المقترض، فإذا دخله الشرط صار من باب المعاوضة، وإذا كان من باب المعاوضة صار مشتملا على ربا الفضل وربا النسيئة، فلما استقرض مني –مثلا- مائة ألف واشترطتُ عليه أن أسكن داره شهرا صار كأني بعت عليه مائة ألف بزيادة سكنى البيت شهرا، وهذا ربا نسئية لأن فيه تأخيرا في تسليم العوض، وربا فضل لأن فيه زيادة.
ولهذا قال العلماء: كل قرض جر منفعة فهو ربا " اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية (3/266) :
شُرُوطُ صِحَّةِ الاسْتِدَانَةِ: الشَّرْطُ الأَوَّلُ: عَدَمُ انْتِفَاعِ الدَّائِنِ:
إنَّ انْتِفَاعَ الدَّائِنِ مِنْ عَمَلِيَّةِ الاسْتِدَانَةِ إمَّا أَنْ يَتِمَّ بِشَرْطٍ فِي الْعَقْدِ , أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ , فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِلا خِلَافٍ. . . اهـ.
ثانياً:
ينبغي أن يعلم أن العبرة في العقود بمعانيها وحقائقها، فحقيقة هذه المعاملة – كما سبق – أنها قرض جر نفعا، وهذا نوع من الربا، وتسمية الناس لها إجارة لا يغير من حقيقتها شيئا، ولا يغير حكمها، كما أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ناسا من أمته يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها.
فالحذر الحذر من التحايل على الحرام، فإن دفع مبلغ صغير كأجرة لم يُحل هذا الحرام، لأنه يبقى المبلغ الكبير المدفوع قرضا جر نفعا.
فصاحب المال لم يدفع الجزء الأكبر من المال (القرض) والذي سيسترده إلا من أجل الانتفاع بالبيت، وصاحب البيت لم يدفع البيت للآخر للانتفاع به إلا مقابل القرض.
والله تعالى لا تخفى عليه خافية، وقد عاقب من استحل الحرام بالحيل بالعذاب العاجل، كما في قصة أصحاب السبت.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5313)
هل يجوز تأخير دفع ثمن الذهب وقيمة صياغته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقديم مبلغ إلى حرفي لصنع حلي على أن يتم له الباقي عند الانتهاء علما أن المبلغ المقدم أولاً لا يستعمل في شراء الذهب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يفهم من السؤال أنك ستشتري الذهب من هذا الحرفي، ويقوم هو بتصنيعه، فإن كان الأمر كذلك، فلا يجوز، بل الواجب دفع ثمن الذهب (النقود) واستلامه في مجلس واحد، وأما أجرة التصنيع فيجوز تأخيرها.
وأما إذا كان المقصود من السؤال أنك ستعطي هذا الحرفي الذهب من عندك ليقوم بتصنيعه، فلا حرج في تأخير الأجرة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الذهب بالذهب , والفضة بالفضة , والبُر بالبُر , والشعير بالشعير , والتمر بالتمر , والملح بالملح , مثلاً بمثل , سواءً بسواء , يداً بيدٍ) .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من زاد أو استزاد فقد أربى) ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه أُتي بتمر جيدٍ فسأل عنه فقالوا: كنا نأخذ الصاع بصاعين , والصاعين بثلاثة , فأمر النبي صلي الله عليه وسلم برد البيع، وقال: هذا عين الربا) ، ثم أرشدهم أن يبيعوا التمر الرديء , ثم يشتروا بالدراهم تمراً جيِّداً.
ومن هذه الأحاديث نأخذ أن ما ذكره السائل من تبديل ذهب بذهب مع إضافة أجرة التصنيع إلى أحدهما أنه أمر محرم لا يجوز , وهو داخل في الربا الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، والطريق السليم في هذا أن يباع الذهب الكسر بثمن من غير مواطأة ولا اتفاق , وبعد أن يقبض صاحبه الثمن فإنه يشتري الشيء الجديد , والأفضل أن يبحث عن الشيء الجديد في مكان آخر , فإذا لم يجده رجع إلى من باعه عليه واشترى بالدراهم وإذا زادها فلا حرج , المهم ألا تقع المبادلة بين ذهب وذهب مع دفع الفرق ولو كان ذلك من أجل الصناعة.
هذا إذا كان التاجر تاجر بيع , أما إذا كان التاجر صائغاً فله أن يقول: خذ هذا الذهب اصنعه لي على ما يريد من الصناعة وأعطيك أجرته إذا انتهت الصناعة، وهذا لا بأس به " انتهى.
"مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب" (السؤال الأول) .
وسئل الشيخ – أيضاً -:
هل يلزم تسديد أجرة التصنيع عند استلام الذهب أو نعتبره حساباً جارياً؟
فأجاب:
" لا يلزم أن يسدد لأن هذه الأجرة على عمل , فإن سلمها حال القبض: فذاك، وإلا متى سلمها صح " انتهى.
"مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب" (السؤال العاشر) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5314)
استعمال الأموال الربوية في إصلاح الطرق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أستعمل فوائد ربوية كي نعَبِّد طريقاً في الحي الذي أسكن فيه لأن الدولة لا تصلح طرقات الأحياء الشعبية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وضع المال في البنك مقابل فوائد ربوية هو من كبائر الذنوب، ولا يجوز تعمد وضعها لصرف الأموال الربوية في مشاريع خيرية، فضلا عن أن ينتفع هو بها.
فإنْ وضَع مسلم أمواله في مؤسسة ربوية، ثم أنعم الله عليه وتاب من الربا فإنه يجب عليه أن يتخلص من الفوائد الربوية بأن يتصدق بها في وجوه الخير والبر، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278،279.
ولا يجوز له أن ينتفع بها، لا في دفع ضرائب ولا في غيرها مما يرجع نفعه إليه.
وعلى هذا فلو كان هذا الطريق خاصاً به، لكونه يوصل إلى بيته، فلا يجوز إصلاحه من هذه الأموال لأن نفع ذلك يعود إليه، أما إذا كان الطريق عاماً ينتفع هو وغيره به، فلا حرج من إصلاحه بهذا المال.
والله أعلم.
وانظر أجوبة الأسئلة (292) و (2370) و (20876) و (23346) و (22392) و (49677) و (30798) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5315)
هل يجوز أن يضمن شخصاً في قرض من البنك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في ضمان أخ في قرض من البنك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا القرض ربوياً (كما هو واقع أكثر البنوك) بمعنى أن البنك يأخذ عليه فائدة فإنه لا يجوز لك أن تضمن المقترض، لأن في ذلك إعانة للمتقرض والبنك على الربا الذي حرمه الله ورسوله وأجمع المسلمون على تحريمه.
سئل علماء اللجنة عن حكم كفالة المقترض من بنك ربوي فأجابوا:
إذا كان الواقع كما ذُكر من أخذ البنك فائدة على القرض: لم يجز للمدير ولا للمحاسب ولا لأمين الصندوق التعاون معهم في ذلك؛ لقوله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2؛ ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء ".
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 410) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5316)
أين يضع ماله في هذا الزمان الذي انتشر فيه الربا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أين أضع مالي في عصر خربت فيه الذمم، والبنوك مشكوك في أمرها بالربا، وليس عندنا بنك إسلامي، والبيت غير آمن، وأريد أن أضع مالي في مكان حلال وبدون أن أرتكب وزراً وأن استثمره وأخرج زكاته وإلا سوف يصرف، ويقل بالتالي مقدار الزكاة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وضع الأموال في البنوك الربوية فيه إعانة للبنك على التعامل بالربا، وهذا إذا كان وضعها بدون فائدة.
أما إذا كان بفائدة فهذا هو الربا الذي حرمه الله ورسوله، ولعن رسول الله صلى اله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله. و "آكل الربا" آخذه، و "مؤكله" معطيه.
ومن كان عنده مال وأراد حفظه أو استثماره فإنه يبحث عن طريق مباح لذلك فيعطي المال رجلاً أميناً يتاجر له فيه ويكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه.
فإن لم يجد وسيلة لحفظ المال إلا إيداعه في البنك فلا بأس بذلك للضرووة أو الحاجة على أن يكون ذلك من غير فائدة.
ويختار أقل البنوك شراًُ وأقربها إلى المعاملات الشرعية.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
أما وضع المال في البنوك بالفائدة الشهرية أو السنوية فذلك من الربا المحرم بإجماع العلماء، أما وضعه بدون فائدة: فالأحوط تركه إلا عند الضرورة إذا كان البنك يعامل بالربا لأن وضع المال عنده ولو بدون فائدة فيه إعانة له على أعماله الربوية فيخشى على صاحبه أن يكون من جملة المعينين على الإثم والعدوان وإن لم يرد ذلك، فالواجب الحذر مما حرم الله والتماس الطرق السليمة لحفظ الأموال وتصريفها، وفق الله المسلمين لما فيه سعادتهم وعزهم ونجاتهم، ويسر لهم العمل السريع لإيجاد بنوك إسلامية سليمة من أعمال الربا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
" فتاوى ابن باز " (4 / 30، 311) .
راجع إجابة السؤال (22392) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5317)
الدخول في شركة من يتعامل بالرشوة والربا
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص تاجر تقدم إليه رجل بملغ مالي لكي يتاجر به، ولكن صاحب المبلغ يتعامل بالرشوة والربا، فهل على هذا التاجر إثم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الذي يكتسب المال من وجوه محرمة كالربا والرشوة والسرقة والغش.. ونحو ذلك، إذا كان ماله مختلطاً فيه الحلال والحرام صحّت معاملته بيعاً وشراءً ومشاركةً مع الكراهة، وإن عُلم أن المال الذي يريد الاتجار فيه من عين الحرام، لم تجز مشاركته ولا العمل معه فيه.
قال ابن قدامة في المغني (4/180) :
" وإذا اشترى ممن في ماله حرام وحلال , كالسلطان الظالم , والمرابي ; فإن علم أن المبيع من حلال ماله , فهو حلال , وإن علم أنه حرام , فهو حرام ... فإن لم يعلم من أيهما هو , كرهناه؛ لاحتمال التحريم فيه , ولم يبطل البيع ; لإمكان الحلال , قَلَّ الحرام أو كَثُر. وهذا هو الشبهة , وبقدر قلة الحرام وكثرته , تكون كثرة الشبهة وقلتها " انتهى.
وجاء في حاشية قليوبي وعميرة (2/418) :
" وتصح الشركة وإن كرهت كشركة ذمي وآكل الربا ومن أكثر ماله حرام " انتهى.
وفي حاشية الدسوقي (3/277) :
" اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام: المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم، خلافا لأصبغ القائل بحرمة ذلك.
وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال: فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله، وهو المعتمد، خلافا لأصبغ المحرم لذلك.
وأما من كان كل ماله حراماً وهو المراد بمستغرق الذمة، فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى.
ثانياً:
الواجب عليك قبل مشاركة من هذه حاله نصحه وترغيبه في التوبة والتخلص من المظالم، والحرص على طيب الكسب، فإن الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب، وترهيبه من الاستمرار في أكل الحرام فإن كل جسد نبت من حرام فالنار أولى به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5318)
إحالة الدائن على مدين له بزيادة مبلغ
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لي عند شخص مبلغ عشرة آلاف ريال, ولكن هذا الرجل مماطل, لا يسدد ما عليه , ويوجد لشخص آخر عندي مبلغ عشرة آلاف ريال, فجاء يطالبني حقه, فقلت له: قابل فلان, أي الشخص الأول بالعشرة الآلاف التي لك عندي بالعشرة الآلاف التي لي عنده وزيادة ألفي ريال 2000 ريال, مقابل مماطلته بك، أي يقابل اثنا عشر ألف بعشرة آلاف. فما حكم ذلك؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز إحالتك الدائن لك بعشرة آلاف بالعشرة التي لك على غريمك المماطل مع زيادتك ألفي ريال مقابل المماطلة, لأن الزيادة ربأ, والربا محرم في الشريعة الإسلامية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 13/304.(5/5319)
حكم التعامل المسمى بـ "التيسير الأهلي" أو "التورق المصرفي"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم هذا التعامل المسمى بالتيسير الأهلي من البنك الأهلي؟ فيما يلي الإجراءات التي يجب مراعاتها عند التعامل بهذا المنتج: 1. يقوم البنك بشراء كمية محددة من سلعة معينة تدخل بذلك في ملكيته دخولاً شرعياً. 2. يقوم البنك بعرض هذه السلع على عملائه. 3. وبما أن هذه السلع تباع عن طريق الوصف لا عن طريق الرؤية غالباً فإن على البنك أن يحدد هذه السلع صنفاً ونوعاً وأن يصفها وصفاً نافياً للجهالة وأن يحدد رقم تخزينها بموجب شهادة التخزين بحيث يكون المبيع معلوماً وموصوفاً وصفاً تنتفي معه الجهالة في البيع. 4. يتقدم العميل بإبداء رغبته في شراء كمية محددة من هذه السلع بثمن مؤجل وبعد موافقة البنك على تلبية هذا الطلب يقوم البنك ببيع تلك الكمية على العميل بما يتفقان عليه من ثمن وأجل. 5. للعميل الحق في أن يتسلم سلعته في مكان تسليمها إذا رغب في ذلك أو أن يوكل البنك في بيعها نيابة عنه. 6. في حال توكيل العميل للبنك ببيع سلعته فإن البنك يقوم ببيعها وكالة على من يرغب شراءها ولا يجوز للبنك أن يبيعها لنفسه حيث إن ذلك من قبيل بيع العينة. بعد أن يقوم البنك ببيع السلعة يودع المبلغ في حساب العميل وبعد ذلك يكون هناك أقساط شهرية من العميل للبنك حسب العقد 4 أو 5 سنوات. ما الواجب فعله فيمن وقع في هذا التعامل المسمى بتيسير الأهلي إذا كان غير جائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
التفصيل الذي ذكره السائل يحتوي على ثلاث مسائل وهي: المرابحة، والتورق، والتورق المصرفي الحديث.
وقد ذكرنا حكم " المرابحة " و " التورق " في جواب السؤال رقم (36410) .
أما " المرابحة ": ففي الجواب المحال عليه قلنا:
وشراء السلع (سيارات أو غيرها) عن طريق البنوك لا يجوز إلا عند توفر شرطين:
الأول: أن يمتلك البنك هذه السلعة قبل أن يبيعها فيشتري البنك السيارة مثلاً من المعرض لنفسه.
الثاني: أن يقبض البنك السيارة بنقلها من المعرض قبل بيعها على العميل.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة.
وأما " التورق ": ففي الجواب المحال عليه – أيضاً - ذكرنا فتوى علماء اللجنة الدائمة في تعريفه وإباحته، وفيه:
"مسألة التورق هي أن تشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم تبيعها بثمن حال على غير من اشتريتها منه بالثمن المؤجل؛ من أجل أن تنتفع بثمنها، وهذا العمل لا بأس به عند جمهور العلماء" انتهى.
ثانياً:
أما " التورق المصرفي " فهو معاملة حديثة احتالت فيه البنوك على التورق الشرعي المباح للتوصل إلى الإقراض بالربا، وقد أصدر " المجمعُ الفقهي الإسلامي " في دورته الخامسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة التي بدأت يوم السبت 11 رجب 1419 هـ الموافق 31 /10 / 1998 م قراراً بجوازِ بيعِ التورقِ، وفيه:
"وبعد التداول والمناقشة، والرجوع إلى الأدلة، والقواعد الشرعية، وكلام العلماء في هذه المسألة قرر المجلس ما يأتي:
أولاً: أن بيع التورُّق: هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه، بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع، للحصول على النقد (الورِق) .
ثانياً: أن بيع التورق هذا جائز شرعاً، وبه قال جمهور العلماء، لأن الأصل في البيوع الإباحة، لقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) البقرة/275، ولم يظهر في هذا البيع رباً لا قصداً ولا صورة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين، أو زواج أو غيرهما.
ثالثاً: جواز هذا البيع مشروط، بأن لا يبيع المشتري السلعة بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الأول، لا مباشرة ولا بالواسطة، فإن فعل فقد وقعا في بيع العينة، المحرم شرعاً، لاشتماله على حيلة الربا فصار عقداً محرماً.
رابعاً: إن المجلس: - وهو يقرر ذلك - يوصي المسلمين بالعمل بما شرعه الله سبحانه لعباده من القرض الحسن من طيب أموالهم، طيبة به نفوسهم، ابتغاء مرضاة الله، لا يتبعه منّ ولا أذى وهو من أجلِّ أنواع الإنفاق في سبيل الله تعالى، لما فيه من التعاون والتعاطف، والتراحم بين المسلمين، وتفريج كرباتهم، وسد حاجاتهم، وإنقاذهم من الإثقال بالديون، والوقوع في المعاملات المحرمة، وأن النصوص الشرعية في ثواب الإقراض الحسن، والحث عليه كثيرة لا تخفى، كما يتعين على المستقرض التحلي بالوفاء، وحسن القضاء وعدم المماطلة" انتهى.
ثم صدر قرارٌ جديدٌ من " المجمعِ الفقهي الإسلامي " نفسه في المدة من 19 - 23 / 10 / 1424 هـ الذي يوافقه 13 - 17 / 12 / 2003 م وفيه تحذيرٌ وتنبيهٌ للمصارفِ من استغلالِ هذه المعاملةِ على غيرِ وجهها الشرعي، ونَصَّ القرارُ على أن التورق المنظم الذي تجريه بعض البنوك محرم، وقد ذكرنا القرار بكامله في جواب السؤال (98124) .
أما " شهادة التخزين " للسلعة التي ذكرها السائل فهي ليست بضاعة مشتراة حقيقة وداخلة في ملك البنك أو غيره من المؤسسات المالية التي تقوم بهذه المعاملة.
قال الدكتور محمد بن عبد الله الشباني:
"أما ما يُطلق عليه " شهادة التخزين " والتي يشار إليها في بعض عقود صيغ التورق بأنها تمثل حصة محجوزة قيمة وكمية خاصة بسلعة لصالح البنك عن طريق السمسار لغرض التصرف فيها مستقبلاً: فهي لا تمثل شهادة من وكيل البنك تثبت فيها وجود سلع تم استلامها من المنتجين وتم تخزينها في مستودعات خاصة بالبنك أو مخازن مؤجرة لصالح البنك تحدد أن هذه السلع خاصة بالبنك، وما هذه الشهادة إلا شهادة يصدرها المنتجون لهذه السلع لبيوت السمسرة الذين يمارسون عمليات إنشاء وتداول العقود في سوق المعادن العالمي (البورصة) ، حيث يحدد فيها مواصفات هذه السلع وكمياتها وتاريخ تسليمها، ويتم على ضوء هذه الشهادة تداول العقود بيعاً وشراء، ومن ثم فلا يوجد مجال للتعامل مع السلعة نفسها داخل سوق العقود".
وقال أيضاً:
"فنصوص عقود البيع التي تجريها هذه البنوك تشير إلى أن هذه السلع لا توجد لدى البنك، وأن ما يطلق عليه " شهادة التخزين " لا تمثل حيازة للسلعة ولا شهادة تملُّك، فمن المعروف والمتعارف عليه في سوق البضائع العالمي (البورصة) أن التعامل فيه يتم من خلال بيت السمسرة، والذي يدير عمليات تداول عقود بيع سلع تم شراؤها بسعر متفق عليه مسبقاً مع المنتج، على أن يتم التسليم في تاريخ لاحق يناسب توقيت الحاجة إلى السلعة، وعند حلول الأجل يقوم بيت السمسرة بشراء السلعة محل التعاقد من السوق الحاضر وتسليمها للمشتري، وهذا ما يؤكد أنه لا يوجد مجال للتعامل على السلعة نفسها، ولكون هذا التداول إنما يتم على أوراق، وليس حيازة وتملكاً للسلع، فإن بعض تلك البنوك أشارت في عقودها إلى أن ما يتم يكون على أوراق وليس حيازة وتملكاً للسلع.
أما بعض البنوك فقد أشارت إلى أن حيازتها وتملكها للسلع إنما هو بموجب " شهادة التخزين "، حيث يشار في العقد إلى أن السلعة توجد في بلاد أخرى غير البلد الذي يتم فيه تحرير العقد، ولتجنب الإلزام ومن أجل ترسيخ التحايل: لم يشر إلى الوكالة وضرورة تفويض البنك بالبيع نيابة عنه، وإنما أشير إلى ذلك في نص الوكالة، حيث أوضحت الوكالة أن السلع المشتراة من البنك هي سلع يتم تداولها في سوق السلع (البورصة) ، بخلاف بنوك أخرى جعلت نماذج التفويض والوكالة جزءاً من العقد، وهذا الأسلوب هو نوع من التهرب والتضليل ومحاولة إضفاء نوع من صحة البيع، وأنه لا يوجد فيه شروط فاسدة تفسد البيع، ولكن هذا الأسلوب من التحايل لا يغيِّر من حقيقة الأمر" انتهى من مقال موسع في " مجلة البيان ".
وقال الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين:
"إذا كانت المصارف الإسلامية لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافها، وكان ذلك بسبب أن الاتجاه العام الغالب لديها في استخدام الموارد لا يمكنها من ذلك ... فإن النتيجة المنطقية لذلك أنها لن تحقق في المستقبل ما عجزت عنه في الماضي.
والواقع يثبت أن المصارف الإسلامية بهذا الاتجاه ظلت تقترب من البنوك الربوية شيئاً فشيئاً، وأن أوضح شاهد لذلك ما انتهت إليه المصرفية الإسلامية من اعتماد عمليتي " تيسير الأهلي "، و " التورق المبارك ".
والظاهر أنه من الناحية العلمية فإنه من المستحيل القول إن الآثار السلبية للربا الاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية التي تتحقق في التمويل بالفائدة لا تتحقق في التمويل بـ " تيسير الأهلي " أو " التورق المبارك " بل إنه من الناحية الفقهية يستحيل على الفقيه دون أن يخادع نفسه أن يدَّعي وجود فارق بين هاتين العمليتين والاحتيال المحرم على الربا.
بهذا الاقتراب من البنوك الربوية: فإن المصارف الإسلامية ستفقد هويتها الحقيقية، ولا يبقى لها إلا الاسم" انتهى من مقال – له - بعنوان " المصارف الإسلامية ما لها وما عليها ".
والخلاصة:
أننا لا نرى التعامل مع البنوك فيما يدعونه شراء وهو في حقيقته ليس كذلك، وقد يسمون فعلهم هذا " مرابحة " أو " تورقاً " وهذا لا يغيِّر من الحكم شيئاً، وهذه المعاملات هي احتيال للتوصل إلى إقراض الناس بفوائد ربوية.
وقد ورد عن السلف النهي عن شراء سلعة بالأجل ثم توكيل البائع في بيعها:
أ. عن داود بن أبي عاصم أنه باع من أخته بيعاً إلى أجل، ثم أمَرَتْه أن يبيعه، فباعه، قال: فسألتُ سعيد بن المسيب فقال: أبصِر ألا يكون هو أنت؟ قلت: أنا هو، قال: ذلك الربا، فلا تأخذ منها إلا رأسمالك.
" مصنف ابن أبي شيبة " (7 / 275، 276) .
ب. وقال ابن القاسم: سألتُ مالكاً عن الرجل يبيع السلعة بمائة دينار إلى أجل، فإذا وجَبَ البيع بينهما قال المبتاع للبائع: بعها لي من رجل بنقد فإني لا أبصر البيع، فقال مالك: لا خير فيه، ونهى عنه.
" المدونة " (4/125) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5320)
هل يعمل في الزراعة بقرض ربوي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجو الإجابة عن السؤال فأنا في حيرة من أمري:
إذا وضعت لنا الدولة برنامجاً فلاحيّاً بالمساعدة بقرض ربوي، وفي حالة المراقبة بعد انتهاء الموسم الفلاحي يمكن أن يقع إحدى الخيارات التالية:
1. إما أن لا أعاقب ولكنني أبقى بدون دخل، علماً أني أعيل عائلتي ولدي تعاونية فلاحية لكني لا أملك رأس المال لفلاحتها.
2. وإما أن يكون الضرر هو أن أخسر مصاريف تكوين الملف الإجباري بين 80 و 800 ريال سعودي لكن لا أخذ القرض.
3. وإما أن يكون العقاب هو تجريدي من ملكية الأرض تحت مبدأ الأرض لمن يخدمه
أجيبوني مأجورين على أساس أني أعرف العقاب القانوني مسبقاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الربا من كبائر الذنوب، وقد جاء تحريمه في الكتاب والسنَّة وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) البقرة/275، وقال: (.. وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) البقرة/279.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء " رواه مسلم (1598) .
وأنت غير ملزم بالدخول في برنامج الدولة، وبالتالي فلستَ ملزماً بالحصول على قرض ربوي حتى تقوم بالزراعة.
وفي حال ضيق أمر الزراعة عليك وتحتم الحصول على قرض ربوي: فيمكنك البحث عن مصدر آخر للرزق، والله تعالى يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) الطلاق/2.
والضرر الذي يقع في الدنيا، لا يعادل ضرر الآخرة، وخسارة المال في الدنيا أهون من خسارة الدين.
وقد أمر الله تعالى المؤمنين بما أمر به المرسلين من تحري الحلال وأكل الطيبات فقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) المؤمنون/51.
قال القرطبي:
سوَّى الله تعالى بين النبيين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل الحلال وتجنب الحرام، ثم شمل الكل في الوعيد الذي تضمنه قوله تعالى: (إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) صلى الله على رسله وأنبيائه، وإذا كان هذا معهم فما ظن كل الناس بأنفسهم؟ .
" تفسير القرطبي " (12 / 128) .
وقد حثنا الشرع الحنيف على طلب الحلال وترك الحرام، وأعلمنا ربنا تعالى أنه هو الرزاق ذو القوة المتين يزرق من يشاء بغير حساب.
عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغه آخر رزق هو له، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب: أخذ الحلال، وترك الحرام ".
رواه ابن حبان (8 / 32) والحاكم (2 / 4) . وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2607) .
والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5321)
تعامل بطاقة الفيزا المحرمة وعليه مبالغ فهل يسددها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مطالبه مالية من البنك (5800) ريالا بسبب بطاقة فيزا قبل 5 سنوات ولم أسدد ما علي لأني علمت أنها حرام ولا أعلم بالضبط مقدار ما سحبته وهم يطالبوني بسداد المبلغ كاملا برغم أني لم أسحب أكثر من (3500) ريالا، فهل أسدد أم لا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دمت أنك تعلم بأنك لم تسحب أكثر من 3500 ريالاً فسدد لهم هذا المبلغ واقتصر عليه إن استطعت.
فإن لم تستطع (كأن صرت مهدداً بالسجن ونحوه) ففاوضهم في تقليل الزائد ما استطعت مع التوبة العظيمة من هذا العقد المحرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5322)
هل يأخذ قرضاً ربويّاً ليشتري به بيتاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن فلسطينو 48 نأخذ قروض سكنية من وزارة الإسكان لمدة 25 عاماً، ومنها – أيضاً – جزء هبة , ويكون السداد بأقساط شهرية مع الفائدة (الربا) ، وإذا تأخر المستقرض عن السداد لمدة عام يحق للوزارة أخذ البيت وبيعه لآخر , وأيضا هناك شرط في عقد القرض ينص على أنه في حالة موت أحد الزوجين الموقعين على القرض فيعفى الآخر من السداد ولا يحق للوزارة مطالبته بالسداد، ويكون البيت خالصا له دون ديون القروض السكنية؟ فما حكم الإسلام في مثل هذه القروض - علما أنه إذا بنى أحدٌ بيتاً دون أن يأخذ هذا القرض سيقع تحت طائلة المساءلة من أين لك هذا -؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
مما لا شك أن الربا في حياة اليهود سمة بارزة، وحيلهم في أكل الحرام عموماً والربا خاصة معروف، قد ذكره الله تعالى عنهم وبيَّن أنه قد نهاهم عنه وحرَّمه عليهم، قال تعالى: (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً. وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) النساء/160، 161.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
إن الله قد نهاهم – أي: اليهود – عن الربا، فتناولوه، وأخذوه، واحتالوا عليه بأنواع الحيل، وصنوف من الشبَه، وأكلوا أموال الناس بالباطل.
" تفسير ابن كثير " (1 / 584) .
وأخذ الربا منكم وإرهاقكم به والاستيلاء على المنزل عند العجز عن السداد أمر معروف في دينهم المحرَّف ومعاملاتهم الخسيسة، فقد قصر اليهود النص المحرِّم للربا على التعامل بينهم فقط، أما معاملة اليهودي لغير اليهودي بالربا: فقد فجعلوه جائزاً لا بأس به، وقد جعلوه طريقاً للاستيلاء على أملاك غيرهم.
يقول أحد ربانييهم - واسمه راب -:
عندما يحتاج النصراني إلى درهم فعلى اليهودي أن يستولي عليه من كل جهة، ويضيف الربا الفاحش إلى الربا الفاحش، حتى يرهقه، ويعجز عن إيفائه ما لم يتخلَّ عن أملاكه أو حتى يضاهي المال مع فائدة أملاك النصراني، وعندئذ يقوم اليهودي على مدينه – أي: غريمه – وبمعاونة الحاكم يستولي على أملاكه.
" الربا وأثره على المجتمع الإنساني " للدكتور عمر بن سليمان الأشقر (ص 31) .
ثانياً
الربا في الإسلام محرَّم، ولا فرق في الحكم بين أن يكون بين المسلمين أنفسهم أو بينهم وبين غيرهم، والقروض التي يشترط أصحابها سدادها بزيادة هي من القروض الربوية، وتحريمها لا شك فيه، والمتعامل بها أخذاً وإعطاء معرِّضٌ نفسه للوعيد في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275.
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (رأيتُ الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فَرُدَّ حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيته في النهر آكل الربا) رواه البخاري (1979) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هنَّ؟ قال: الشرك، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) رواه البخاري (2615) ومسلم (89) .
ولا فرق في الحكم بين آكل الربا – وهو البنك هنا -، وموكله – وهو الآخذ منه هذا القرض – والشاهد والكاتب؛ إذ كلهم في الإثم سواء.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكلَ الربا وموكلَه وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء) .
رواه مسلم (1598) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
المعاملة مع البنك هل هي ربا أم جائزة؟ لأن فيه كثيراً من المواطنين يقترضون منها؟
فأجابوا:
يحرم على المسلم أن يقترض من أحد ذهباً أو فضة أو ورقاً نقديّاً على أن يرد أكثر منه، سواء كان المقرض بنكاً أم غيره؛ لأنه ربا، وهو من أكبر الكبائر، ومن تعامل هذا التعامل من البنوك فهو بنك ربوي.
" فتاوى إسلامية " (2 / 412) .
وعليه: فلا يجوز لكم الاقتراض من تلك البنوك لما في معاملتها معكم من الربا المحرم الصريح، ويمكنكم البناء بأموالكم الحلال وإثبات ذلك بطرق كثيرة، فليس كل من يبني بيتاً من غير طريق البنك يكون سارقاً أو مختلساً لهذه الأموال، فالحصول على المال من الكسب الطيب طرقه واسعة ويمكن إثبات ذلك وتوثيقه لن يرتاب في أمركم، وهو أمر ليس فوق الطاقة والقدرة.
وقد سبق بيان تحريم الربا، وتحريمه بالنسبة لبناء البيوت وشرائها، فانظر أجوبة الأسئلة رقم (21914) و (22905) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5323)
هل يساهم في شركة تضع أموالها في البنوك ويخرج جزء من الأرباح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أباح العلماء المشاركة في الأسهم التي أصلها حلال وموضوعة في بنوك ربوية بشرط إخراج 15 % من أصل الأرباح في الصالح العام. والسؤال: هل يجوز إعطاؤها للأقارب للانتفاع بها مثلا الأم أو الإخوة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
أولاً:
المساهمة في الشركات والمؤسسات التجارية تجوز بشرط أن يكون بيعها وشراؤها لمواد مباحة، وأن لا تتعامل معاملات محرمة , ومن أعظم المحرمات: أكل الربا، فإذا اختل أحد هذين الشرطين بأن تاجرت الشركة بمواد محرمة أو أنتجت المصانع شيئاً محرماً , أو تعاملت بالربا: كانت المساهمة حراماً، ووجب ترك ذلك إلى ما يباح، وإخراج نسبة مئوية من الأرباح لا يجيز تلك المساهمة، ولا يحل ذلك الربح.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم المساهمة في الشركات.
فأجاب:
" وضع الأسهم في الشركات فيه نظر؛ لأننا سمعنا أنهم يضعون فلوسهم لدى بنوك أجنبية، أو شبه أجنبية ويأخذون عليها أرباحاً، وهذا من الربا، فإن صح ذلك: فإن وضع الأسهم فيها حرام، ومن كبائر الذنوب؛ لأن الربا من أعظم الكبائر، أما إن كانت خالية من هذا فإن وضع الأسهم فيها حلال إذا لم يكن هناك محذور شرعي آخر " انتهى.
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " (18 / السؤال رقم 119) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل يجوز المساهمة بالشركات والمؤسسات المطروحة أسهمها للاكتتاب العام في الوقت الذي نحن يساورنا الشك من أن هذه الشركات أو المؤسسات تتعامل بالربا في معاملاتها، ولم نتأكد من ذلك، مع العلم أننا لا نستطيع التأكد من ذلك، ولكن كما نسمع عنها من حديث الناس.
فأجابوا:
" الشركات والمؤسسات التي لا تتعامل بالربا وشيء من المحرمات: يجوز المساهمة فيها، وأما التي تتعامل بالربا وشيء من المحرمات: فيحرم المساهمة فيها.
وإذا شك في أمر شركة ما: فالأحوط له ألا يساهم عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (14 / 310، 311) .
وسبق في جواب السؤال رقم (21127) ذكر فتوى اللجنة الدائمة في حكم المساهمة في شركات خاصة بالأعمال الخيرية والزراعية والبنوك وشركات التأمين والبترول.
وفي جواب السؤال رقم (8590) تجد حكم المتاجرة بالأسهم المباحة والتحذير من المحرمة.
ثانياً:
الأموال التي يأخذها المساهم مساهمة محرمة يجب عليه – بعد سحب مساهمته وإيقافها – التخلص من الأموال الزائدة عن رأس ماله، وله أن يصرفها في وجوه الخير المختلفة، دون أن يرجع نفع ذلك لنفسه، فلا يُسقِط بها واجباً، ولا يدفع عن نفسه مضرة أو ظلماً , فلا يجوز له أن ينفق منها على نفسه , ولا على أهله الذين يجب عليه أن ينفق عليهم.
وانظر تفصيل هذا في جواب السؤال رقم: (292) و (81952) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5324)
هل إخراج قدر أكثر من الزكاة يحلل له الفوائد الربوية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تظهر الخلافات حول فوائد البنوك هل هي حرام أم حلال؟ فهل إذا أخرجت زكاة أكبر من قيمة الزكاة المخصصة للفرد في رمضان وأكبر من قيمة الفوائد تكون هذه الفوائد حلالا لي أن أصرفها وتكون طاهرة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فوائد البنوك الربوية حرام باتفاق من يعتد به من أهل العلم، وقد صدر في تحريمها قرارات عدة من الهيئات العلمية المعتبرة في العالم الإسلامي، ومن ذلك قرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سنة 1965م والذي ضم ممثلين ومندوبين عن خمسة وثلاثين دولة إسلامية، وجاء فيه: (الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي، لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين) انتهى.
كما صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1985م، وجاء فيه: (أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد، هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً) انتهى.
وصدر كذلك قرار عن مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي سنة 1986م، ومما جاء فيه: (كل مال جاء عن طريق الفوائد الربوية هو مال حرام شرعا، لا يجوز أن ينتفع به المسلم، مودِع المال لنفسه أو لأحد ممن يعوله في أي شأن من شؤونه. ويجب أن يصرف في المصالح العامة للمسلمين، من مدارس ومستشفيات وغيرها. وليس هذا من باب الصدقة وإنما هو من باب التطهر من الحرام.
ولا يجوز بحال ترك هذه الفوائد للبنوك الربوية، للتقوّي بها، ويزداد الإثم في ذلك بالنسبة للبنوك في الخارج، فإنها في العادة تصرفها إلى المؤسسات التنصيرية واليهودية، وبهذا تغدو أموال المسلمين أسلحة لحرب المسلمين وإضلال أبنائهم عن عقيدتهم. علما بأنه لا يجوز أن يستمر في التعامل مع هذه البنوك الربوية بفائدة أو بغير فائدة) انتهى.
وانظر السؤال رقم: (12823) (20695) (292) (22392)
وبهذا يعلم أنه لا قيمة لما يثيره البعض من خلاف حول تحريم هذه الفوائد.
والفائدة الربوية مال خبيث، لا تخرج منه الزكاة ولا الصدقة، سواء صدقة الفطر من رمضان أو غيرها، والواجب هو التخلص من هذه الفائدة بصرفها في مصالح المسلمين، مع قطع التعامل مع البنك الربوي ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5325)
حكم بيع التورق
[السُّؤَالُ]
ـ[في الآونة الأخيرة قام أحد البنوك بعمل طريقة بيع سلعة بالأقساط، ثم يستطيع المشتري بيعها نقدا على طرف ثالث، فهل هذه الطريقة جائزة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة تعرف عند العلماء باسم: (التورق) مأخوذ من الورِق وهو الفضة، لأن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل الدراهم.
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المعاملة.
و" جمهور العلماء على إباحتها، لعموم قوله تعالى: (وأحل الله البيع) ، ولأنه لم يظهر فيها قصد الربا ولا صورته " انتهى باختصار.
"الموسوعة الفقهية" (14/148) .
ولأن المشتري يشتري السلعة إما للانتفاع بعينها، وإما للانتفاع بثمنها.
وهو ما اختاره علماء اللجنة الدائمة، والشيخ ابن باز رحمهم الله تعالى.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/161) :
" أما مسألة التورق فمحل خلاف، والصحيح جوازها " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز:
" وأما مسألة التورق فليست من الربا، والصحيح حلها، لعموم الأدلة، ولما فيها من التفريج والتيسير وقضاء الحاجة الحاضرة، أما من باعها على من اشراها منه، فهذا لا يجوز بل هو من أعمال الربا، وتسمى مسألة العينة، وهي محرمة لأنها تحايل على الربا " انتهى بتصرف يسير.
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/245) .
وقد ذهب إلى تحريم هذه المعاملة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
انظر: "الفتاوى الكبرى" (5/392) .
وقد توسط الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فقال بجوازها بشروط معينة.
قال رحمه الله في رسالة المداينة: " القسم الخامس – أي من أقسام المداينة -: أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه، فهذه هي مسألة التورق.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها، فمنهم من قال: إنها جائزة؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها وكلاهما غرض صحيح.
ومن العلماء من قال: إنها لا تجوز؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلا، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئا. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) .
والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو رواية عن الإمام أحمد.
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن القيم في "تهذيب السنن" (5/801) .
ولكن نظرا لحاجة الناس اليوم وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط:
1- أن يكون محتاجا إلى الدراهم، فإن لم يكن محتاجا فلا يجوز، كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره.
2- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به إليها.
3- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول: بعتك إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك، فإن اشتمل على ذلك فهو إما مكروه أو محرم، نقل عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا: كأنه دراهم بدراهم، لا يصح. هذا كلام الإمام أحمد. وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول للمستدين: بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة.
4- أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم. فإذا تمت هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس.
وليكن معلوما أنه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل مما اشتراها به بأي حال من الأحوال؛ لأن هذه هي مسألة العينة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5326)
لا يجوز شراء أسهم البنوك ولا المتاجرة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء أسهم البنوك والمتاجرة فيها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أسهم البنوك هي نقود في الحقيقة، وعلى هذا (لا يجوز بيع أسهم البنوك ولا شراؤها لكونها بيع نقود بنقود بغير اشتراط التساوي والتقابض، ولأنها مؤسسات ربوية لا يجوز التعاون معها لا ببيع ولا شراء لقوله سبحانه وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ) رواه الإمام مسلم
وليس لك إلا رأس مالك.
ووصيتي لك ولغيرك من المسلمين هي الحذر من جميع المعاملات الربوية والتحذير منها والتوبة إلى سبحانه وتعالى مما سلف من ذلك، لأن المعاملات الربوية محاربة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومن أسباب غضب الله وعقابه كما قال عز وجل: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275 وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278-279) ولما تقدم من الحديث الشريف. اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (فقه وفتاوى البيوع /أشرف عبد المقصود ص 360) .(5/5327)
تاب من التعامل مع البنوك الربوية ولا يدري أصل المال
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق كان يتعامل مع البنوك الربوية ويأخذ قروضا وما إلي ذلك من المعاملات الربوية نسأل الله السلامة وقد من الله عليه بالهداية وأوقف جميع تعاملاته مع البنوك وهو الآن لا يدري ما هو أصل ماله ولا يستطيع الفصل بينه وبين القروض والفوائد ويريد أن يطهر نفسه وماله عن السنوات السابقة فما العمل في ذلك أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
على صديقك أن يراجع البنك ليعلم قدر الفوائد التي أضيفت إلى رأس ماله، ثم يتخلص من هذه الفوائد بإنفاقها في أوجه الخير والبر. راجع السؤال رقم 292 و 2370
فإن لم يعلم قدرها بالتحديد، فليخرج ما يغلب على ظنه أنه بقدر الفوائد التي أخذها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وأما ما أخذه من قروض ربوية، قام بسدادها، فهي ملك له. وتكفيه التوبة والندم على ما فعل والعزم على عدم العود إلى مثل هذه المعاملات المحرمة.
ونحمد الله أن وفقه وهداه وصرفه عن هذا التعامل المحرم، ونسأله سبحانه أن يبارك له في ماله وأن يرزقه من فضله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5328)
الاقتراض من البنك الربوي لشراء منزل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن آخذ قرضاً من البنك لشراء منزل وتتم هذه المعاملة كالتالي:
1- أشترك في بنك الإسكان وأدفع مبلغ 182 دينارا شهريا لمدة أربع سنوات أي 8736 دينارا، هذا المبلغ يصبح 10000 دينارا (ادخار + فوائد (.
2- من حقي اقتراض مبلغ من البنك وقدره 20000 دينار، مدة التسديد: 13 سنة بفائض 6.75% سنويا.
3- إضافة إلى ذلك هناك قرض تكميلي بمبلغ 20000 دينار بفائض 8.25%. .
عند اقتناء المنزل أكون مستأجراً له من البنك إلى نهاية مدة السداد ثم يكون ملكاً لي. ومدة السداد تتراوح ما بين 13 إلى 15 سنة، فما حكم ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التعامل بالربا من كبائر الذنوب، وقد توعد الله تعالى عليه وعيداً شديداً، فقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279، وقال: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275
وثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن آكل الربا ومؤكله. رواه البخاري (5962) ، وآكل الربا آخذه، ومؤكله معطيه. وفي هذه المعاملة المسؤول عنها كل من الشخص والبنك آكل للربا ومؤكله. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية" رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3375، وقال: (الربا اثنان وسبعون بابا أدناها مثل إتيان الرجل أمه) رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 3537
وقد أجمع العلماء على تحريم كل قرض جر نفعا، قال ابن قدامة رحمه الله: (وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة) المغني 6/436
ثانياً:
وأما كونك تكون مستأجراً للبيت حتى يتم السداد ثم يصبح ملكاً لك، فهذا أيضاً محرم، وقد سبق في إجابة السؤال رقم (14304) بيان تحريم الإجارة المنتهية بالتمليك.
وبالجملة فهذه المعاملة محرمة وهي ظلمات بعضها فوق بعض، ولا يجوز لمسلم أن يتساهل في التعامل بالربا بعد ثبوت الوعيد الشديد عليه، وتحريمه تحريماً قطيعاً، بل الواجب هو تحري الحلال فإن كل جسم نبت من حرام فالنار أولى به، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن حكم الإسلام في أخذ قرض من البنك بالربا لبناء بيت متواضع؟
فأجابت:
يحرم أخذ قرض من البنوك وغيرها بربا سواء كان أخذ القرض للبناء أو للاستهلاك في طعام أو كسوة أو مصاريف علاج، أم كان أخذه للتجارة به وكسب بمائه، أم غير ذلك، لعموم آيات النهي عن الربا، وعموم الأحاديث الدالة على تحريمه، كما إنه لا يجوز إيداع مال في البنوك ونحوها بالربا.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
فتاوى اللجنة الدائمة (13/385)
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5329)
وضع المال في البنك، وهل بناء المستشفيات من مصارف الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من لديه مبلغ من المال موضوع في دفتر توفير أو في أحد البنوك ويتم إخراج زكاة المال منه كل عام، هل يصبح هذا المبلغ مشكوكاً فيه بسبب الفائدة؟ وبالنسبة لإخراج الزكاة هل يجوز التبرع بمبلغ المال هذا في بناء مستشفى أو دار أيتام (عن طريق وضع هذا المبلغ تحت رقم حساب معين خاص بالجهة) أم يجب التبرع بالمبلغ يداً بيد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
وضع المال في البنوك الربوية وأخذ الربا عليها والمسماة الفائدة من كبائر الذنوب، وإخراج الزكاة من هذا المال لا يعفي صاحبه من الإثم.
وانظر جواب السؤال رقم (22339) ففيه بيان تحريم الربا.
وجواب السؤال (181) ففيه بيان حرمة وضع المال في البنوك الربوية.
ثانياً:
وأما بالنسبة لمصارف الزكاة فإنه لا يجوز وضعها في بناء مستشفى ولا في بناء دار أيتام لا يداً بيدٍ، ولا بواسطة، فمصارف الزكاة محصورة لا يجوز الزيادة عليها، ومصارف الزكاة قد بيَّنها الله تعالى في قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل} التوبة / 60.
وقد وضَّحنا هؤلاء في جوابنا على السؤال رقم (6977) .
وقد ذكرنا في عدة أجوبة عدم جواز دفع الزكاة في بناء المساجد والمدارس وكذلك في طباعة المصحف، فانظرها في (13734) و (21797) .
لكن لو كان المقصود بوضعها في دار للأيتام أن هذه الأموال ينفق منها على الأيتام الفقراء فإن هذا جائز إذا كان الأيتام فقراء.
والأفضل أن تتولى توزيع زكاة مالك بنفسك حتى تتأكد من أنك وضعتها في موضعها الذي أمرك الله به، وعليك بذل الوسع في تحديد المستحقين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5330)
بطاقة ((فيزا)) سامبا
[السُّؤَالُ]
ـ[يتداول بين الناس في الوقت الحاضر بطاقة (فيزا سامبا) صادرة من بعض البنوك، وقيمة هذه البطاقة إذا كانت ذهبية (548) ريالاً وإذا كانت فضية (245) ريالاً تسدد هذه القيمة سنوياً للبنك لمن يحمل بطاقة فيزا للاستفادة منها كاشتراك سنوي.
وطريقة استعمال هذه البطاقة أنه يحق لمن يحمل هذه البطاقة أن يسحب من فروع البنك المبلغ الذي يريده (سلفة) ويسدد بنفس القيمة خلال مدة لا تتجاوز أربعة وخمسين يومًا، وإذا لم يسدد المبلغ المسحوب (السلفة) خلال الفترة المحدودة. يأخذ البنك عن كل مائة ريال من (السلفة) المبلغ المحسوب. فوائد قيمتها ريالاً وخمس وتسعين هللة (1.95) كما أن البنك يأخذ عن كل عملية سحب نقدي لحامل البطاقة (3.5) ريال عن كل (100) ريال تسحب منهم أو يأخذون (45) ريالاً كحد أدنى عن كل عملية سحب نقدي.
ويحق لمن يحمل هذه البطاقة شراء البضائع من المحلات التجارية التي يتعامل معها البنك دون أن يدفع مالاً نقديًا وتكون سلفة عليه للبنك. وإذا تأخر عن سداد قيمة الذي اشتراه أربعة وخمسين يومًا يأخذون على حامل البطاقة عن كل مائة ريال من قيمة البضاعة المشتراة من المحلات التجارية التي يتعامل معها البنك فوائد قيمتها ريالاً وخمس وتسعين هللة (1.95) .
فما حكم استعمال هذه البطاقة والاشتراك السنوي مع هذا البنك للاستفادة من هذه البطاقة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عُرِض هذا السؤال على اللجنة الدائمة فأجابت:
إذا كانت حال بطاقة (سامبا فيزا) كما ذكر فهو إصدار جديد من أعمال المرابين وأكل لأموال الناس بالباطل وتأثيمهم وتلويث مكاسبهم وتعاملهم، وهو لا يخرج عن حكم ربا الجاهلية المحرم في الشرع المطهر (إما أن تقضي وإما أن تربي) لهذا فلا يجوز إصدار هذه البطاقة ولا التعامل بها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
وسئل عنها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال:
الجواب:
العقد على هذه الصفة لا يجوز لأن فيه ربا وهو قيمة الفيزا، وفيه أيضًا التزام بالربا إذا تأخر التسديد اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5331)
بيع خواتم الذهب للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع الخواتم من الذهب المخصصة بلبس الرجال إذا تيقن التاجر أن المشتري سيلبسها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيع الخواتم من الذهب للرجال إذا علم البائع أن المشتري سوف يلبسها أو غلب على ظنه أنه يلبسها , فإن بيعها عليه حرام , لأن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة , فإذا باعه على من يعلم أو يغلب على ظنه أنه يلبسه فقد أعان على الإثم , وقد نهى الله عز وجل عن التعاون على الإثم والعدوان , قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2. ولا يحل للصائغ أن يصنع الخواتم الذهب ليلبسها الرجال.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين. "مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب".(5/5332)
يشتري سيارة من البنك بثمن مقسط، ثم يبيعها ليستفيد من ثمنها في زواجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وأرغب في إكمال نصف ديني وأتزوج وقمت بخطبة إحدى الفتيات والزواج له مصاريف وتكاليف باهظة جدا من مهر وملحقاته، وأنا لا أملك كل ذلك فدلني أحد الأخوة بأن هناك نظام يسمى بالمرابحة لدى البنوك فذهبت وأخبرني المختص بأن علي أن أذهب إلى أحد المعارض (ولم يحدد) لآخذ سيارة ويقوم البنك بشرائها والتنازل لي بها مقابل أن يأخذ نسبة أرباح تقدر بـ 40741 ريال على المبلغ الأصلي وهو 95000 ريال على مدة 6.5سنوات ولا يوجد لدي حلول أخرى حيث إن أبي مديون جداً، وقد حاولت الاقتراض من أي شخص بدون أرباح فلم أجد سوى أحد البنوك والذي يأخذ نسبة ربح بدون أي بيع ونحوه (مال بمال) وهذا يعد ربا صريحا. وأنا أريد الزواج وأخشى على نفسي من الفتنة، أفتونا مأجورين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة التي تريد أن تقدم عليها تتضمن معاملتين:
الأولى: شراء السيارة عن طريق البنك، ولا يجوز ذلك إلا عند توفر شرطين:
الأول: أن تكون السيارة مملوكة للبنك، فيشتري البنك السيارة لنفسه من المعرض، قبل أن يبيعها عليك.
الثاني: أن يقبض البنك السيارة بنقلها من المعرض قبل بيعها عليك.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة، انظر السؤال رقم (36408)
والمعاملة الثانية:
هي بيع هذه السيارة التي ما اشتُريت إلا لهذا الغرض وهو الحصول على المال، وهذا ما يسمى بالتورق أي الشراء والبيع لأجل الحصول على الورِق: أي الفضة.
وهذا جائز عند جمهور العلماء، بشرط أن تبيع السيارة على غير من اشتريتها منه.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/161) :
نرجو إفادتنا عن مسألة التورق وما حكمها؟
فأجابت اللجنة:
مسألة التورق هي أن تشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم تبيعها بثمن حال على غير من اشتريتها منه بالثمن المؤجل؛ من أجل أن تنتفع بثمنها، وهذا العمل لا بأس به عند جمهور العلماء) انتهى.
انظر السؤال رقم (45042)
فإذا انضبطت المعاملتان بما سبق فلا حرج عليك، إن شاء الله.
ونسأل الله أن يوفقك ويعينك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5333)
شركة تقترض قروضاً ربوية للموظفين
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم شركة خدمة لموظفيها وهي قرض عقاري من البنك، ستدفع الشركة كل أموال الربا المترتبة على القرض وعلى الموظف أن يدفع بعض الضرائب من القرض للحكومة، لا توجد ضرائب على الأصول. هل هذا القرض حلال أم لا بالنسبة للموظفين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يحل للموظفين أخذ هذا القرض، وهم – في الحقيقة – أحد أطراف العقد، وقد ثبت في السنة الصحيحة لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.
عن جابر قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكلَ الربا ومؤكلَه وكاتبَه وشاهدَيه، وقال: هم سواء. رواه مسلم (1598) .
والظاهر أن الشركة لا تأخذ القرض الربوي إلا بتقديم الموظف طلباً برغبته في هذا القرض، فيكون متعاوناً مع الشركة في حصول هذا العقد الربوي متسبباً فيه، والله تعالى يقول: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة / 2
فالواجب على هؤلاء الموظفين أن يستغنوا عن هذا القرض، وأن يحتسبوا تركهم له لله تعالى، ولعل الله أن يعوضهم خيراً مما تركوا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5334)
كيف تسمح الدول الإسلامية بإنشاء البنوك الربوية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت كثيراً من الفتاوى التي تحرم العمل في البنوك التي تتعامل بالربا، وعندي إشكال وهو: إذا كانت هذه البنوك محرمة والعمل بها حراماً، فكيف يسمح بإنشائها في الدول الإسلامية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحرام ما حرمه الله ورسوله، والحلال ما أحله الله ورسوله.
والربا محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وكل مؤسسة أو بنك يقوم على الربا، فهو مؤذَن بالحرب من الله ورسوله، سواء كان ذلك في دولة إسلامية أو في دولة كافرة، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) البقرة / 278-279.
وإقرار الحكومات للبنوك الربوية لا يعتبر دليلاً على إباحة ذلك، وقد أخبرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سيأتي على الناس زمان يستحلون فيه ما حرم الله عليهم كالزنا والخمر والمعازف، ولا يعني ذلك أن هذه المحرمات تصير حلالاً بذلك.
وقد كثر تحذير أهل العلم من هذه البنوك، وكثرت فتاواهم في تحريم العمل فيها دون التفات لكونها مرخصا لها من قبل الدولة، وكثيراً ما نصحوا حكومات الدول الإسلامية بمنع هذه البنوك الربوية.
جاء في فتاوى الجنة الدائمة (15/51) :
(الربا حرام بالكتاب والسنة والإجماع. . . والعمل بالبنوك التي تتعامل بالربا حرام. . . وتقرير الحكومة له أو ترخيصها بفتح البنوك وإنشائها أو السكوت عن ذلك لا يبيح للمسلم التعامل بالربا، ولا يبيح له العمل فيها؛ لأنها ليس لها سلطة التشريع، إنما التشريع إلى الله وحده في كتابه العزيز، أو وحيه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم) اهـ.
وجاء فيها أيضاً (15/55) :
(العمل في البنوك التي تتعامل بالربا حرام سواء كانت في دولة إسلامية أو دولة كافرة، لما فيه من التعاون معها على الإثم والعدوان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه بقولهم: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة /2.) اهـ.
وقال الشيخ ابن باز بعد أن ذكر بعض الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم الربا:
(فهذه بعض الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تبين تحريم الربا وخطره على الفرد والأمة، وأن من تعامل به وتعاطاه فقد أصبح محارباً لله ورسوله. فنصيحتي لكل مسلم أن يكتفي بما أباح الله ورسوله وأن يكف عما حرمه الله ورسوله. ففيما أباح الله كفاية وغنى عما حرم الله وألا يغتر بكثرة بنوك الربا وانتشار معاملاتها في كل مكان، فإن كثيراً من الناس أصبح لا يهتم بأحكام الإسلام، وإنما يهتم بما در عليه المال من أي طريق كان وما ذلك إلا لضعف الإيمان وقلة الخوف من الله عز وجل وغلبة حب الدنيا على القلوب نسأل الله السلامة) اهـ. مجلة البحوث الإسلامية (6/310) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5335)
وضع المال في البنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة عندي ميراث كبير وأقوم بالصرف على بيتي من مأكل ومصاريف كليات وزواج لأبنائي مع العلم بأن زوجي ضابط شرطة، ولكن مرتبه لا يكفينا حتى نعيش عيشة مرتاحة من كل المشاكل المادية، وأنا أضع ميراثي كله في البنك ونعيش من الفائدة، فهل يعتبر ما أقوم بصرفه من الزكاة أم يجب على أن أستخرجها؟ وكم تكون قيمتها على الفائدة أم أصل المبلغ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1. وضع المبالغ في البنوك وأخذ الربا – وهو ما يسمَّى " فائدة " – حرام وهو من كبائر الذنوب.
قال علماء اللجنة الدائمة:
أولاً:
الأرباح التي يدفعها البنك للمودعين على المبالغ التي أودعوها فيه تعتبر ربا، ولا يحل له أن ينتفع بهذه الأرباح، وعليه أن يتوب إلى الله من الإيداع في البنوك الربويَّة، وأن يسحب المبلغ الذي أودعه وربحه، فيحتفظ بأصل المبلغ وينفق ما زاد عليه في وجوه البر من فقراء ومساكين وإصلاح مرافق ونحو ذلك.
ثانياً:
يبحث عن محل لا يتعامل بالربا ولو دكاناً ويوضع المبلغ فيه على طريق التجارة مضاربة، على أن يكون ذلك جزءاً مشاعاً معلوماً من الربح كالثلث مثلاً، أو بوضع المبلغ فيه أمانة بدون فائدة.
" فتاوى إسلاميَّة " (2 / 404) .
ومعنى المضاربة أن يشترك شخصان أحدهما بالمال والثاني بالعمل، ويكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
لا ريب أن العمل في البنوك التي تتعامل بالربا غير جائز؛ لأن ذلك إعانة لهم على الإثم والعدوان، وقد قال الله سبحانه: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن أكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: " هم سواء " أخرجه مسلم في صحيحه.
أما وضع المال في البنوك بالفائدة الشهرية أو السنوية فذلك من الربا المحرم بإجماع العلماء، أما وضعه بدون فائدة: فالأحوط تركه إلا عند الضرورة إذا كان البنك يعامل بالربا لأن وضع المال عنده ولو بدون فائدة فيه إعانة له على أعماله الربوية فيخشى على صاحبه أن يكون من جملة المعينين على الإثم والعدوان وإن لم يرد ذلك، فالواجب الحذر مما حرم الله والتماس الطرق السليمة لحفظ الأموال وتصريفها، وفق الله المسلمين لما فيه سعادتهم وعزهم ونجاتهم، ويسر لهم العمل السريع لإيجاد بنوك إسلامية سليمة من أعمال الربا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
" فتاوى ابن باز " (4 / 30، 311) .
2. وما تنفقه الأم على أبنائها لا يحسب من الزكاة؛ لأنه في حال عجز الوالد عن الإنفاق على أولاده ينتقل وجوب الإنفاق إلى الأم إذا كان عندها سعة. المغني 11/373
وإذا وجب على الأم أن تنفق على أولادها صاروا أغنياء بنفقتها عليهم فلا يجوز أن يعطوا من الزكاة.
3. ويجب الإسراع في إخراج المال من البنوك الربويَّة، وما يترتب على المال من فوائد ربويَّة لا يحل لكم الانتفاع بها بل يجب التخلص منها في أي وجوه الخير، وما سبق أخذه من الفوائد الربويَّة فهو عفو إذا كان أخذه جهلاً بحكم الشرع فيه.
قال الشيخ عبد الله بن جبرين:
عليك التوبة مما أكلته من الربا الذي أعطاك إياه البنك باسم الفائدة، وليس عليك أن تغرمه وتُخرجه، بل هو مما يعفو الله عنه لقوله تعالى: {فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله} ، فإن أخذتَ الربا بعد ذلك: فتصدَّق به على من يستحق الصدقة من قريب أو بعيد لتسلم من إثم أكل الربا.
" فتاوى إسلاميَّة " (2 / 406، 407) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5336)
نظام الادخار في أرامكوا والموقف من اختلاف الفتوى فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من موظفي أرامكو السعودية، يهمنا كما يهم أي فرد مسلم شرعية الأموال التي يحصل عليها، وإننا في الآونة الأخيرة وقعنا في حيرة عظيمة لا يعلم بها إلا الله عز وجل، لعل عندكم شيئاً من علم عن نظام الادخار في أرامكو السعودية، (فالشركة تحفزني بأن أدخر عندهم بإعطائي مكافئة عند التقاعد أو عند ترك العمل في الشركة.
المساهمة هي نسبة مئوية من مساهمتي حسب بقائي في الخدمة، مثلاً
إذا كانت مساهمتي الكلية 100000 ريال وخدمتي في الشركة 10 سنوات فتكون مكافئتي من الشركة هي 100000 ريال.
وإذا كانت مدة خدمتي 7 سنوات فتكون مكافئتي 70% فقط من 100000 ريال وهي 70000 ريال.
وإننا كما نعلم مسبقا أن هذا النظام محرم شرعا بحكم فتوى اللجنة الدائمة الصادر في ذلك، ولكننا في الآونة الأخيرة جاءتنا فتوى من الشيخ عبد الله بن منيع حفظه الله بجواز هذا النظام الادخاري، فوقعنا بذلك في حيرة، فلا نعلم هل نتبع اللجنة أم نتبع الشيخ المنيع بحكم تخصصه في المجالات الاقتصادية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نظام الادخار المعمول به في شركة أرامكوا نظام محرم، وهو ربا صريح؛ لكونه قرضاً جر نفعاً، فإن من دفع 100,000 ليأخذها بعد مدة عشر سنوات، أو سبع، أو غير ذلك، مضافا إليها مكافأة قدرها 100,000 أو 70,000، أو ريالا واحدا، فقد وقع في الربا الصريح، المحرم بإجماع العلماء.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: (وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، أَنَّ أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرضٍ جرَّ منفعة.) المغني 6/436
ولا عبرة بتسمية الشركة لهذه المعاملة ادخارا أو استثمارا أو مضاربة، فإن كل استثمار ضُمن فيه رأس المال لصاحبه، فهو عقد قرض، وإن سماه الناس غير ذلك، فالعبرة بحقائق الأشياء لا بمسمياتها.
أما الاستثمار، أو التوفير، أو الادخار المشروع فيقوم على أسس أهمها:
1- أن يكون المال منك، والعمل من الطرف الآخر، ولا مانع أن يدخل بحصة من المال مع العمل.
2- أن يكون مجال الاستثمار مباحا، معلوما لك، فإن غالب هذه الشركات تستثمر المال بوضعه في بنوك الربا، أو إقامة مشاريع غير مباحة.
3- أن تتفقا على نسبة محددة من الربح، لا من رأس المال، فيكون لك 50 % أو 10 % من الربح مثلا.
4- أن لا يضمن المضارب لك رأس المال، بل متى وقعت الخسارة - بلا تفريط منها - فالخسارة في مالك، ويخسر هو عمله.
وحيث كان رأس المال مضمونا فالمعاملة قرض يلزم سداده دون زيادة، فإن اشتُرطت فيه الزيادة فهو ربا.
نسأل الله أن يصرف عنا الربا وشره وخطره، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه.
والحاصل أن نظام الادخار في شركة أرامكو محرم؛ لضمان رأس المال فيه، ولكون الربح نسبة محددة من رأس المال، فهو حينئذ قرض بفائدة، ولجهالة الجهة التي تستثمر فيها الأموال.
وقد أشارت اللجنة الدائمة إلى بطلان الدعوى بأن ما يعطاه الموظف مكافأة من الشركة؛ لأنها لا تعطي هذا إلا لمن يدخر، ولو كانت مكافأة محضة لشملت جميع الموظفين.
- وكما ذكر السائل فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله ومعه الشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد الله بن غديان والشيخ عبد الله بن قعود – وهم من كبار العلماء – عن نظام الإدخار في شركة أرامكوا فأجابوا بما نصه: " الاشتراك في نظام الادخار بشركة أرامكوا حرام؛ لما فيه من ربا الفضل وربا النسأ، وذلك لما فيه من تحديد نسبة ربوية تتراوح ما بين خمسة بالمائة ومائة بالمائة من المال المدخر للموظف السعودي، وكذا ما يُعطاه الموظف المُدَخِر من المكافأة دون من لم يدخر من موظفيها، كما هو منصوص في نظام ادخارها. "
فتاوى اللجنة الدائمة 13/510-515
وكذا أفتى الشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيره من أهل العلم بتحريم نظام الإدخار في شركة أرامكوا.
ثانياً:
إذا اختلف العلماء في الحكم الشرعي في مسألة شرعية فعلى المستفتي أن يجتهد في معرفة الحق بالنظر في أدلة كلا الفريقين فيعمل بما ترجح له. هذا فيما لو كان المستفتي طالب عالم له القدرة على الترجيح.
أما إن لم يتمكن من الترجيح نظراً لعدم تخصصه في العلم الشرعي فالواجب عليه أن يأخذ بقول الأعلم والأوثق عنده، وليس له أن يتخير من الأقوال ما يشاء.
وفي مسألتنا هذه تبين أن كبار العلماء أفتوا بالتحريم، وهم أعلم وأوثق ممن خالفهم – وليس هذا قدحاً في الطرف الثاني -، لذا فالواجب عليك الابتعاد عن هذا النظام لما تقدم.
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن موقف المسلم من اختلاف العلماء فأجاب: " إذا كان المسلم عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة، والترجيح بينها، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه ذلك، لأن الله تعالى أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة، فقال: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) النساء/59. فيرد المسائل المختلف فيها للكتاب والسنة، فما ظهر له رجحانه بالدليل أخذ به، لأن الواجب هو اتباع الدليل، وأقوال العلماء يستعان بها على فهم الأدلة.
وأما إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء، فهذا عليه أن يسأل أهل العلم الذين يوثق بعلمهم ودينهم ويعمل بما يفتونه به، قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) الأنبياء/43. وقد نص العلماء على أن مذهب العامي مذهب مفتيه.
فإذا اختلفت أقوالهم فإنه يتبع منهم الأوثق والأعلم، وهذا كما أن الإنسان إذا أصيب بمرض فإنه يبحث عن أوثق الأطباء وأعلمهم ويذهب إليه لأنه يكون أقرب إلى الصواب من غيره، فأمور الدين أولى بالاحتياط من أمور الدنيا.
ولا يجوز للمسلم أن يأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواه ولو خالف الدليل، ولا أن يستفتي من يرى أنهم يتساهلون في الفتوى.
بل عليه أن يحتاط لدينه فيسأل من أهل العلم من هو أكثر علماً، وأشد خشية لله تعالى " انتهى من كتاب اختلاف العلماء أسبابه وموقفنا منه ص23، أنظر السؤال (22652) .
وعلى المسلم أن يحذر من استفتاء من عُرف بالتساهل ومخالفة من هو أعلم منه من العلماء الثقات، وليحذر المسلم من اتباع الهوى والأخذ بالفتاوى التي توافق ما تريده نفسه وتهواه فإن المسلم مطالب بمخالفة هوى النفس، قال تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5337)
هل تجوز الصلاة في المسجد المبني بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[تم بناء مركز إسلامي في منطقتي. وقد اشترى المسلمون الممتلكات عن طريق أخذ قرض كبير بفوائد ربوية. وقد بني المسجد باستخدام هذه الفوائد.
هل هو حرام على الطالب المسلم أن يصلي أو يمارس الأنشطة في هذا المسجد؟ أو يجب عليه الذهاب إلى المساجد الأخرى في المنطقة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجوز الصلاة في هذا المسجد ويجب على من اقترض بالربا التوبة إلى الله. والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5338)
حكم شراء عقار عن طريق برنامج "تمويل منازل"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تملك منزل عن طريق "برنامج منازل" بعقد تأجير مع الوعد بالبيع، وفي حالة تأخر سداد أيٍّ من الأقساط: سوف يفرض البنك رسماً بحد أدنى قدره 16 % في السنَة، وتُعتبر غرامات تأخير تصرف للأغراض الخيرية، ولا تدخل في أرباح البنك. "برنامج منازل": في سعينا الدائم إلى مساعدة عملائنا على امتلاك المنازل بتمويل متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وإيماناً منَّا في تحقيق كل ما يلبِّي رغبات عملائنا الكرام: تمَّ طرح " تمويل منازل " المصمم على أساس استئجار العقار مع خيار التملك، حيث يقوم العميل بتسديد جزء من الإيجار مقدَّماً على أن يتم تسديد الدفعات المتبقية من الإيجار إلى البنك بأقساط شهرية ميسرة. سوف يمكنكم هذا التمويل من تحقيق التالي: • امتلاك منزل جاهز (فيلا، دبلكس، أو عمارة سكنية) . • امتلاك منزل قيد الإنشاء - على وشك الانتهاء -. • امتلاك أرض لبناء منزل المستقبل. • الحصول على تمويل مقابل العقار الذي تملكه حاليّاً. • الحصول على تمويل منزلك، وتمويل إضافي للأثاث. المزايا والفوائد: • حد التمويل المتوفر لغاية 5,000,000 ريال سعودي. • مدة التمويل المتوفر لغاية 25 سنة. • التمويل متاح لموظفي الحكومة، والشركات الخاصة، والبنوك، وأصحاب المؤسسات الفردية. • يمكن الحصول على التمويل بشكل مشترك بين الزوج والزوجة، أو الأقارب من الدرجة الأولى. • تغطية مجانية بالتعاون مع " ساب تكافل " على محتويات المنزل لمدة عام واحد عند حصولك على تمويل " منازل ".]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذا العقد اشتمل على شرط ربوي، وهو "الغرامة" أو "الرسم" الذي يفرضه البنك على العميل في حال تأخره عن دفع قسط من الأقساط، وتسميتها "رسماً" لا يؤثر في حكم تحريمها، ودفعها للجهات الخيرية لا يجعلها حلالاً، فلا يحل للدائن أن يزيد شيئاً على الدين مقابل تأخر المدين عن سداده، ولو لم يأخذ الدائن تلك الزيادة لنفسه، ولو أراد جعلها في وجوه الخير المختلفة.
وقد سبق بيان تحريم هذه الغرامة ولو كانت ستنفق في أوجه الخير في جواب السؤال رقم: (101384) و (126950) .
ثانياً:
بخصوص "عقد الإيجار المنتهي بالتمليك" المذكور في السؤال: لم نقف على تفصيله، لكن هذا النوع من العقود له صور محرمة وأخرى جائزة، سبق ذكرها في جواب السؤال رقم: (97625) .
كما أن قولهم: "الحصول على تمويل مقابل العقار الذي تملكه حالياً، والحصول على تمويل منزلك، وتمويل إضافي للأثاث" يحتاج إلى الوقوف على حقيقة هذا التمويل، حتى يمكن الحكم عليه هل هو جائز أم لا؟
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5339)
حكم العمل بالبريد في بلاد الكفر في توزيع مجلات سيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في الدانمارك في أوروبا وأعمل في خدمة البريد هنا كساع للبريد مدة عام حتى الآن. وقد بدأت أشك في أن هذا الأمر حلال أم حرام لأننا نسلم مجلات ذات أفعال سيئة كما أننا نعطي معاملات تجارية لتلك المحلات التي تعمل في الحرام. وإنني حزين جدا لأنني لم أكن أعرف هذا من قبل فأنا والحمد لله أسعي دائما للطريق الصحيح. فهل يكون مالي حلال أم حرام؟ فإذا كان هذا حراما فماذا علي أن أفعل بما اكتسبته منهم من مال وماذا علي أن أفعل بما سوف أكسبه طوال الثلاثة أشهر القادمة التي سوف أضطر فيها للعمل معهم لإكمال مدة العقد. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز العمل في بيع أو شراء تلك المجلات السيئة، ولا التعاون على ذلك، أو الدعوة إليه، سواء كان ذلك بأجر، أو بغير أجر؛ لما تحويه تلك المجلات من المحرمات، كالصور الهابطة، والمقالات المخالفة لدين الله، والتي قد تكون مقالات إلحادية، ومشاركات كفرية، وخاصة في بلاد الكفر التي لا يدين أهلها دين الله، ولا يراعون لله حرمة، ولا يرجون لله وقارا.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
" الصحف التي بهذه المثابة: من نشر الصور الخليعة، أو سب الدعاة، أو التثبيط عن الدعوة، أو نشر المقالات الإلحادية، أو ما شابه ذلك: الصحف التي هذا شأنها يجب أن تقاطع، وأن لا تشترى، ويجب على الدولة إذا كانت إسلامية أن تمنعها؛ لأن هذه تضر المجتمع وتضر المسلمين، فالواجب على المسلم ألا يشتريها، وأن لا يروجها، وأن يدعو إلى تركها، ويرغب في عدم اقتنائها وعدم شرائها، وعلى المسؤولين الذي يستطيعون منعها أن يمنعوها، أو يوجهوها إلى الخير، حتى تدع الشر وتستقيم على الخير " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (8 / 176) .
ثانيا:
الواجب عليك التوبة من العمل في ذلك العمل، تلك الفترة التي قضيتها فيه، ولا يجوز لك بعد العلم بالتحريم أن تستمر في عملك هذا، ولا يجوز لك إكمال مدة العقد الباطل الذي عقدته معهم على هذا العمل المحرم، وأما حكم ما سبق منك من العمل من قبل أن تعلم بالتحريم، فنرجو أن يكون في محل العفو من الله تعالى. قال تعالى: (فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بيان فوائد هذه الآية:
" ومنها: أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم فهو حلال له بشرط أن يتوب وينتهي ".
"تفسير القرآن" (5/298) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن شخص يعمل في بنك ربوي، وقد تزوج منه راتبه من ذلك البنك، ويتعيش منه؟
فقال رحمه الله:
" لا يجوز العمل في مثل هذا البنك، لأن العمل فيه من التعاون على الإثم والعدوان وقد قال الله سبحانه وتعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) .
وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: (هم سواء) . رواه مسلم.
أما الرواتب التي قبضتها فهي حل لك إن كنت جاهلاً بالحكم الشرعي، لقول الله سبحانه:
(وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) .
أما إن كنت عالماً بأن هذا العمل لا يجوز لك: فعليك أن تصرف مقابل ما قبضت من الرواتب في المشاريع الخيرية، ومواساة الفقراء، مع التوبة إلى الله سبحانه، ومن تاب إلى الله توبة نصوحاً قبل الله توبته وغفر سيئاته، كما قال الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) الآية.
وقال تعالى (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) " انتهى.
"فتاوى إسلامية" (2/874) .
ثالثا:
العقد الذي بينك وبينهم فيما بقي من هذه المدة: اجتهد في أن تتخلص منه بأي وسيلة تقدر عليها؛ فإن كان مسموحا لك بأن تستقيل: فقدم لهم استقالتك، وإن لم يكن ذلك مسموحا، فحاول أن تحصل على أي نوع من الإجازات، أو التعلل بظرف طارئ، أو نحو ذلك، ولو ترتب على ذلك خسارة مادية، أو غرامة مالية، فتحملها نظير تخلصك من هذا العمل المحرم.
واعلم أنه من اتقى الله يسر الله له أمره، وجعل له من كل ضيق وهم فرجا ومخرجا.
والله أعلم.
راجع إجابة السؤال رقم: (89737) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5340)
هل يبيع قطعة من الزجاج الفاخر على رجل سيبيعها على أنها من الماس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[صاحبي يعمل في تركيب الماس في إحدى الشركات, ووجد قطعة من الزجاج من النوع الفاخر جدا لدرجة أن مظهرها الخارجي يشبه الماس بدرجة كبيرة.. فعرض عليه أحد أصحاب محلات المجوهرات أن يشتريها منه, ولكن صاحبي هذا متأكد بنسبة كبيرة أن هذا الرجل سيأخذها منه ويبيعها لأي شخص علي أنها قطعة ماس.. وصاحبي يريد أن يعرف هل يجوز أن يبيعها له أم يحرم عليه بيعها له؟ وهل يجوز أن يبيعها لأي شخص آخر علي أنها قطعة زجاج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لم تبين لنا كيف وجد صاحبك هذه القطعة ولا أين وجدها؟
فإذا كانت هذه القطعة لها قيمة كبيرة بحيث يبحث عنها صاحبها، وكان صاحبك وجدها في الشركة أم في طريق ونحو ذلك فهي لقطة، يجب عليه أن يسأل عن صاحبها مدة سنة، فإن لم يعثر عليه فله الانتفاع بها بعد سنة، بشرط: متى جاء صاحبها يوماً من الدهر ردها إليه ـ إن كانت موجودة ـ أو قيمتها إن كان باعها.
ولمعرفة أحكام اللقطة يراجع جواب السؤال رقم: (5049) .
ثانياً:
لا حرج على صاحبك من بيع هذه القطعة على أنها قطعة زجاج، ولكن لا يجوز له بيعها لمن يغلب على ظنه أنه سيبيعها على أنها ماس، ويخدع المشتري ويغشه؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله تعالى عنه بقوله: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"كل ما يستعمل على وجه محرم، أو يغلب على الظن ذلك، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/109) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5341)
حكم عمل الحلوى ونحوها على هيئة ذوات الأرواح، وحكم بيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عمل الحلوى والكيك التي تكون على صورة ذوات الأرواح وحكم بيعها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز تشكيل الحلوى أو الكيك ونحوها على هيئة صور ذوات الأرواح؛ لعموم الأحاديث الدالة على تحريم التصوير، كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّم َ) رواه مسلم (2110) .
وعن عَبْد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ) رواه البخاري (5950) ومسلم (2109) .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
" مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا لذوات الأرواح سواء كان نحتا أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق أم كان نسيجا، وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز، وسواء كان للشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصغر أو كبر أو جُمِّل أو شُوِّه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي، فمناط التحريم كون ما صور من ذوات الأرواح، ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/696) .
وقد نص العلماء على تحريم صنع الصور ولو كانت من الحلوى أو ما يشبهها.
قال الدردير في "الشرح الكبير" (2/337-338) "
" يحرم تصوير حيوان عاقل أو غيره إذا كان كامل الأعضاء إذا كان يدوم إجماعا، وكذا إن لم يدم على الراجح كتصويره من نحو قشر بطيخ " انتهى.
قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ في حاشيته: " لَا يَصِحُّ بَيْعُ الصُّوَرِ وَالصُّلْبَانِ وَلَوْ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَلْوَى " انتهى بتصرف.
"حاشية قليوبي" (2/198) .
وعلى هذا، يحرم صنع التماثيل من الحلوى، ويحرم بيعها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5342)
حكم بيع المنزل المرهون للصندوق العقاري
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي رحمة الله وقبل وفاته كان لديه منزل كان قد باعه وكان على هذا المنزل قرض صندوق التنمية العقاري (مرهون للبنك العقاري) وكان قد اتفق مع المشتري على أن يتولى الأخير سداد المبلغ المتبقي من القرض وقد تم ذلك كما هو معلوم بدون علم صندوق التنمية العقاري وبعد وفاة الوالد بفترة علمنا أن المشتري سدد تقريباً قسطين فقط وقام ببيعها بنفس الكيفية وان المشتري الجديد لم يقم بتسديد أي قسط حتى تاريخه وتراكمت الأقساط والمطلوب الآن لصندوق التنمية 200.000 ريال فهل على ذمة والدي شي الآن؟ مع العلم أن والدي وقت البيع أنقص من قيمة المنزل في وقت البيع ما يوازي المبلغ المتبقي للبنك العقاري.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الرهن لا يلزم إلا بالقبض، فإذا لم يقبض المرتهن (وهو البنك) الرهن (وهو المنزل) لم يكن الرهن لازماً، وجاز للراهن (وهو والدك) التصرف فيه بالبيع وغيره.
قال ابن قدامة رحمه الله: " (ولا يصح الرهن إلا أن يكون مقبوضا من جائز الأمر) يعني لا يلزم الرهن إلا بالقبض، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي " انتهى من "المغني" (4/216) .
وقال البهوتي في "كشاف القناع" (3/332) : "ولو أذن الراهن للمرتهن في قبض الرهن ثم تصرَّف الراهن قبل القبض نفذ تصرفه لعدم اللزوم بعد القبض" انتهى بتصرف.
هذه هي القاعدة العامة في الرهن عند جمهور الفقهاء، لكن ما يجري عليه العمل مع الصندوق العقاري فيه زيادة اتفاق على أن الراهن لا يتصرف في المنزل ببيع أو غيره، فيلزم الوفاء بالشرط.
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه لا يجوز بيع البيت المرهون للبنك العقاري لأمرين: وجود الشرط المشار إليه، وأن الرهن يلزم بدون قبضٍ عنده رحمه الله.
فقد سئل رحمه الله: نحن مجموعة من المواطنين أتيحت لنا فرصة الاقتراض من البنك العقاري ونريد أن نبيع أملاكنا التي قد رهنها البنك العقاري بشرط أن يلتزم المشتري بتسديد ما في ذممنا للبنك فهل يجوز لنا التصرف في البيع وإذا لم يجز فما هو المخرج أو الحل من ذلك؟
فأجاب: "يجوز لكم أن تتصرفوا فيها بالبيع بشرط أن يأذن لكم المسؤولون في صندوق التنمية، فإذا أذنوا لكم فلا حرج، أو بطريقة أخرى وهي أن توفوا الصندوق حتى يتحرر العقار من الرهن، فإذا تحرر العقار من الرهن فلا بأس ببيعه حينئذٍ لأنه لا حق لأحد فيه، أما إذا لم يأذن الصندوق بالتصرف فيه بالبيع ولم تفكوا رهنه بإيفاء فإنه لا يحل لكم أن تبيعوه. أولاً: لأنه مرهون والمرهون مشغول بحق الراهن ولا يجوز بيعه؛ لأن ذلك يكون سبباً لمشاكل كثيرة ربما يضيع حق الصندوق بمثل هذا التصرف.
وثانياً: لأن الله سبحانه وتعالى أمر بالوفاء بالعقود فقال تعالى: (يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود) وأمر بالوفاء بالعهد فقال: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) وأنت قد عقدت مع الصندوق عقداً مقتضاه أن لا تتصرف في هذا الرهن بدون إذنه، ثم إنه زيادة على ذلك قد اشُترط في وثيقة العقد مع الصندوق في إحدى المواد أن المستفيد لا يتصرف فيه ببيع ولا غيره، وهذا الشرط قد قبله الراهن صاحب العقار ووقع عليه والتزم به فيجب عليه أن يوفي بما التزم به، فالوفاء للصندوق بما التزمت به شرطاً وبما يلزمك شرعاً أمر واجب عليك؛ لأنك سوف تسأل عنه. وأما من تساهل في ذلك وباعه بحجة أن جمهور العلماء يرون أن الرهن لا يلزم إلا بالقبض وأن هذا العقار ليس مقبوضاً من قبل الصندوق لأنه بيد صاحبه فهذا التساهل فيه نظر من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا الراهن قد التزم شرطاً على نفسه وهو أنه لا يتصرف فيه ببيع ولا غيره، فهو قد التزم بذلك ولو فرضنا أن هذا ليس مقتضى الرهن المطلق إذا لم يُقبض، فإن هذا التزام شرط لا ينافي الكتاب ولا السنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) ومفهومه كل شرط لا يخالف كتاب الله فهو حق وثابت وفي الحديث الذي في السنن المشهور (المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) .
الوجه الثاني: أن القول الصحيح في هذه المسألة أن الرهن يلزم ولو بدون القبض إذ لا دليل على وجوب قبضه إلا قوله تعالى: (وَإِنْ كُنُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ) وفي الحقيقة إن هذه الآية يرشد الله فيها الإنسان إلى التوثق من حقه في مثل هذه الحال إذا كان على سفر ولم يجد كاتباً ولا طريقة إلى التوثق بحقه في مثل هذه الحال إلا برهن مقبوض لأنه لو ارتهن شيئاً ولم يقبضه لكان يمكن أن ينكر الراهن ذلك الرهن كما أنه يمكن أن ينكر أصل الدين، ومن أجل أنه يمكن أن ينكر أصل الدين أرشد الله تعالى إلى الرهن المقبوض فإذن لا طريق للتوثق بحقه في مثل هذه الحال إلا إذا كان الرهن مقبوضاً، ثم إن آخر الآية يدل على أنه إذا لم يُقبض وجب على من اؤتمن عليه أن يؤدي أمانته فيه لأنه قال: (فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) فإذا كان كذلك فإن المرتهن قد أمن الراهن بإبقائه عنده، فإذا كان قد ائتمنه فإن واجب الراهن أن يؤدي أمانته وأن يتقي الله ربه، ثم إن عمل الناس عندنا على هذا، فإن صاحب البستان يستدين لتقويم بستانه، وبستانه بيده، وصاحب السيارة يرهن سيارته وهي في يده يكدها وينتفع بها، وكذلك صاحب البيت يرهنه لغيره وهو ساكنه، والناس يعدون هذا رهناً لازماً ويرون أنه لا يمكن للراهن أن يتصرف فيه بالبيع، فالقول الصواب في هذه المسألة أن الرهن يلزم وإن لم يقبض متى كان معيناً، وهذا العقار الذي استدين من صندوق التنمية له هو رهن معين قائم فالرهن فيه لازم وإن كان تحت يد الراهن، إذن فلا يجوز لمن استسلف من صندوق التنمية أن يبيع عقاره الذي استسلف له إلا في إحدى الحالين السابقين: أن يستأذن من المسؤولين في البنك ويأذنوا له، أو أن يوفي البنك ويحرر العقار من الرهن والله الموفق " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
ثانيا:
حيث إن البيع قد تم، وجرى على ذلك مدة، وانتقل من يد المشتري إلى مشتر آخر، فالأظهر والله أعلم أن يقال بصحة البيع، أخذا بمذهب الجمهور، ولتعذر فسخه.
وعليه؛ فما دام والدك رحمه الله قد باع المنزل وأنقص من ثمنه قدر الدين الذي للبنك، فلم يتعمد الهرب من الدين، فلا يلحقه شيء إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5343)
حكم شراء المنتجات وعليها النجمة السداسية، وهل منها منتجات "مونت بلانك"؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد انتشر بين الناس ماركة عالمية " مون بلان " – للتصحيح فالماركة اسمها " مونت بلانك "، تحمل شكلاً مشابهاً لـ " نجمة إسرائيل "، فهل يجوز ارتداء حليهم، أو اقتناء أقلامهم، أو كباكتهم؟ وهل لهذه النجمة ارتباط ديني؟ أرجو توضيح ذلك؛ فقد عم يها البلاء. وهذا موقع الشركة www.montblanc.com.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هناك اختلاف في حقيقة تاريخ اتخاذ النجمة شعاراً لليهود، والذي يعنينا الآن: أن هذه النجمة صارت شعاراً لهم، وجزءاً من علم دولتهم.
جاء في " الموسوعة العربية العالمية ":
" نجمة داود "، " Star of David ":
وتسمَّى أيضاً " ترس داود "، وهي الرمز العالمي لليهودية، تظهر نجمة داود في علَم " دولة إسرائيل "! والمعابد اليهودية، وفي الأشياء التي تستخدم عند ممارسة الطقوس الدينية، وفي شعارات مختلف المنظمات.
تتكون النجمة من مثلثين، يتشابكان لتكوين نجمة سداسية، وشكل هذه النجمة معروف منذ القدم، ولكن لا يعرف الباحثون متى اشتهر بوصفه رمزاً لليهودية، ويعتقد أنه ظهر قبل عام 960 ق. م، أما المصطلح اليهودي " ماغن ديفيد " الذي يعني " ترس داود ": فيعود إلى أواخر القرن الثالث الميلادي" انتهى.
تنبيه:
من الخطأ أن نقول: " نجمة داود "، والصواب: أن يقال: " النجمة السداسية "؛ لأنه لا يُعرف لداود عليه السلام نجمة، ثم هم يريدون نسبة أنفسهم لنبي من الأنبياء، مع أن الواقع أن الكفرة منهم ملعونون على لسانه عليه السلام، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) المائدة/ 78.
ومن أراد الزيادة في معرفة تاريخ ظهور هذه النجمة السداسية: فلينظر كتاب " موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية " تأليف الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله.
ثانياً:
لكون النجمة السداسية الآن صارت شعاراً لتلك العصابة الإجرامية، وجزءاً من رايتها: فإن المنع من نقشها، ورسمها على الثياب، والساعات، والجدُر، وغيرها: هو المتعيِّن، وهو الذي أفتى به العلماء.
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: عن حكم بيع أو شراء أو عرض: " نجمة إسرائيل "! أو " الصليب "، أو ما يمت لليهود والنصارى بشيء من شعائرهم؟ .
فأجابوا:
"لا يجوز عمل هذه المصوغات بما يحمل شعارات الكفر ورموزه، كالصليب، ونجمة إسرائيل، وغيرهما، ولا يجوز بيعها، ولا شراؤها" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 68 – 70) .
ثالثاً:
أما بخصوص العلامة التجارية الوارد ذِكرها في السؤال: فالذي علمناه أنه لا يُقصد بذلك الشعار " النجمة السداسية "، وليست الشركة المنتجة شركة يهودية.
فاسم الماركة " مونت بلانك "montblanc هو اسم " جبل " ثلجي في فرنسا، يقع على الحدود الفرنسية الإيطالية، ويعد أعلى الجبال الواقعة في " أوروبا الغربية "، والشركة المنتجة لهذه المصنوعات هي شركة ألمانية، تأسست سنة 1906 م، وكان لها اسم غير هذا، وفي عام 1909 تم تغيير الاسم، وفي عام 1913 تم ابتكار هذا الشعار، وقد قصدوا بالشعار قمة ذلك الجبل، وأن مصنوعاتهم تشبه تلك القمة، في بياضها، وعالميتها، وعلو مكانتها، وهذا كله بحسب موقعهم الذي أحالنا عليه السائل.
وننبه هنا على أن بعض منتجات الشركة الوارد ذكرها في السؤال قد تكون محرَّمة باعتبار آخر، إما لذاتها كساعات ذهبية للرجال، أو لاستعمالها، كزينة محرّم على المرأة إظهارها، أو عطور نسائية تخرج بها من بيتها، ويجد ريحها الرجال الأجانب عنها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5344)
لا يجوز بيع المنقول إلا بعد قبضه وحيازته
[السُّؤَالُ]
ـ[إحدى الشركات تقوم بشراء الأثاث ومواد البناء لمن يريد، يذهب الزبون إلى الشركة ويحدد الأثاث الذي يريده أو مواد البناء. يدفع الزبون دفعة أولى مثل تقسيط السيارات، وبقية المبلغ المؤجل يتم تسديده على أقساط شهرية مع نسبة زيادة تصل إلى 10% للشركة، فتعطي الشركة للزبون أمر استلام ليذهب إلى محل الأثاث فيستلم أثاثه بنفسه، وتسديد المبلغ المؤجل يكون للشركة التي قامت بالتقسيط فما الحكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ليس للشركة أن تبيع الأثاث ولا غيره من المنقولات إلا بعد أن يتم البيع وتقبض المبيع إلى حوزتها وتنقله من ملك البائع إلى مكان آخر- ثم يتم البيع بعد ذلك.
أما دفع العربون للشركة قبل ذلك فلا يجوز، وليس لها أن تبيع شيئا إلا بعد أن تحوزه وتنقله من مكان البائع إلى مكان آخر، والله ولي التوفيق" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/9) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5345)
بيع السلعة قبل امتلاكها وحيازتها لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[تاجر يقوم بعرض عينات لبعض المنتجات مثل الثلاجات والغسالات وغيرها، وإذا أراد أحد عملائه أن يشتري منها شيئا يتفق معه على السعر ومن ثم يتصل بالتاجر المورد ويشتري الكمية المطلوبة وينقلها بسيارته إلى مكان العميل ويقبض الثمن بعد ذلك، فما حكم هذا البيع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله "لا يجوز هذا البيع لكونه بيعا للسلعة قبل أن يملكها ويحوزها، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك) ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام: (لا تبع ما ليس عنك) . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، والله ولي التوفيق" انتهى. "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (17/111) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5346)
بيع الأرض الممنوحة من الدولة قبل استلام الصك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء الأراضي التي تمنحها الدولة للمواطنين وذلك قبل أن يستلم صاحبها الصك من كاتب العدل، مع العلم أن الأرض مملوكة باسمه بمعاملة في البلدية ومحولة لكاتب عدل، وقد عاين المالك الأرض على الطبيعة ولم يتبق عليه إلا استلام الصك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيع الأراضي الممنوحة من الدولة حتى يتم استلامها ويستقر ملكها لمن منحت له؛ وذلك لما ورد من النهي عن بيع الإنسان ما لا يملك، والنهي عن بيوع الغرر.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تبع ما ليس عندك) رواه الترمذي (1322) ، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1292) .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن بيع الغرر) رواه مسلم (1513) .
والغرر هو: " ما شُكَّ في حصول أحد عِوَضَيْه، أو المقصود منه غالباً - بحيث لا يُدرى هل يحصل أم لا - " انتهى.
"شرح حدود ابن عرفة" (1/350) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما رأيكم في الذين يأخذون منح الأراضي يأخذون رقمها ويبيعونها قبل استلامها؟
فأجاب: "هذا لا يجوز، هذا غرر، ما يجوز حتى يحوزها؛ يعرفها ويتم ملكه عليها " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (19/46) .
وينظر جواب السؤال رقم (40354) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5347)
استيراد ماكينات الصرف الآلي وبيعها على البنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أملك مالاً وأريد أن أستثمره في عمل شركة تقوم باستيراد ماكينات الصرف الآلي الخاصة بصرف النقود وبيعها إلى البنوك والتي يغلب فيها أنها تجارية، فلا يوجد في بلدي غير بنكين من المفترض أنهما إسلاميان، فهل لي في ذلك أم أفكر في وجه استثمار آخر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله البنوك التجارية تقوم على منكر عظيم وهو التعامل بالربا قرضا واقتراضا، ومعلوم ما جاء في الربا من الوعيد الذي لم يأت في غيره من الذنوب: قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278-279. وروى مسلم (1598) عن جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) . وقال صلى الله عليه وسلم: (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية) رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3375) . ولهذا يحرم إقامة البنوك الربوية، أو العمل فيها، أو الإعانة على وجودها بأي وجه من الوجوه؛ لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وللأدلة الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولا شك أن مكينات الصراف الآلي وسيلة مهمة للدعاية للبنك، والترويج له، وتكثير عملائه، وقد تتم عن طريقها بعض المعاملات الربوية، ولهذا لا يجوز بيعها على البنك الربوي، أو تصنيعها لأجله. فتجنب هذا النوع من الاستثمار المحرم، وابحث عن طرق الكسب المباحة، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5348)
أخذ مكاتب الاستقدام مبلغاً من صاحب التأشيرة مقابل بيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مكتب استقدام، أي قائم على إنهاء إجراءات استقدام العمالة للمملكة، وقد يأتي عميل فيقول ابحثوا لي عن شخص يأتي على هذه التأشيرة بمهنة كذا، وأنا أريد مقابلا ماليا قدره كذا، فنقوم بإضافة مبلغ آخر على الذي طلب قد يتراوح بين خمسمائة إلى ألفي ريال، كمقابل للوساطة وطلبا للربح، علما بأن الحكومة تصدر التأشيرات لاستقدام العمالة، وليس لبيعها عليهم، فما رأي الشريعة في المبلغ الذي نضيفه على الثمن الذي يطلبه صاحب التأشيرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أفتى أهل العلم بتحريم بيع الفيز؛ لما فيه من المخالفة لأنظمة الدولة، ولأنه من باب أخذ الأجرة على الكفالة، وهذا لا يجوز؛ لأن الكفالة عقد تبرع وإحسان.
وقد نقلنا فتوى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، وأخرى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تحريم ذلك، في جواب السؤال رقم (101220) .
وعليه؛ فلا يجوز إعانة صاحب التأشيرة على بيعها، لأن ذلك من التعاون على الحرام، وقد قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
والواجب نصح صاحب التأشيرة حتى يترك هذا العمل المحرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5349)
حكم الاتجار في الهدايا والدمى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الاتجار في الهدايا والدباديب حرام أم حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز الاتجار في السلع التي يستعملها الناس في الهدايا كاللعب والورود والبطاقات وغيرها، ما لم تشتمل على محرم كالموسيقى والتماثيل وصور ذوات الأرواح، أو تكون عونا على محرم، كهدايا عيد الحب والكريسمس والهلوين وما شابه ذلك؛ لأنه لا يجوز بيع ما هو محرم، ولا الإعانة على الحرام؛ لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وينظر جواب السؤال رقم (99388) ، ورقم (49676) .
ثانيا:
الدمى و"الدباديب" ما كان منها للأطفال، فلا حرج في الاتجار فيه؛ لوجود الرخصة في لعب البنات، ولأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار.
وما كان منها يشتريه الكبار لتزيين مجالسهم وسياراتهم فلا يجوز بيعها لهم.
ففي الصحيحين عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: (كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ... الحديث) رواه البخاري (6130) ومسلم (2440) . و (البنات) أي: العرائس.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: " وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز اِتِّخَاذ صُوَر الْبَنَات وَاللُّعَب مِنْ أَجْل لَعِب الْبَنَات بِهِنَّ , وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُوم النَّهْي عَنْ اِتِّخَاذ الصُّوَر , وَبِهِ جَزَمَ عِيَاض وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُور , وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْع اللُّعَب لِلْبَنَاتِ لِتَدْرِيبِهِنَّ مِنْ صِغَرهنَّ عَلَى أَمْر بُيُوتهنَّ وَأَوْلادهنَّ وَقَدْ تَرْجَمَ اِبْن حِبَّان: الإِبَاحَةُ لِصِغَارِ النِّسَاء اللَّعِب باللُّعَب.... وفي رِوَايَة جرير عن هشام: " كُنْت أَلْعَب بِالْبَنَاتِ وَهُنَّ اللُّعَب " أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة وَغَيْره , وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَائِشَة قَالَتْ: " قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَة تَبُوك أَوْ خَيْبَر " فَذَكَرَ الْحَدِيث فِي هَتْكه السِّتْر الَّذِي نَصَبَتْهُ عَلَى بَابهَا قَالَتْ: " فَكَشَفَ نَاحِيَة السِّتْر عَلَى بَنَات لِعَائِشَة لُعَب فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَة , قَالَتْ: بَنَاتِي. قَالَتْ: وَرَأَى فِيهَا فَرَسًا مَرْبُوطًا لَهُ جَنَاحَانِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قُلْت فَرَس. قَالَ فَرَس لَهُ جَنَاحَانِ؟ قُلْت: أَلَمْ تَسْمَع أَنَّهُ كَانَ لِسُلَيْمَان خَيْل لَهَا أَجْنِحَة؟ فَضَحِكَ " انتهى مختصرا.
والرواية التي ذكرها ابن حجر عند أبي داود برقم (22813) ، وصححها الألباني في غاية المرام (129) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم شراء عرائس البنات والصور الموجودة في الكتب، كصور الحيوانات والطيور وغيرها، حيث إن الأطفال يجدون في النظر إليها متعة ويتعلمون من خلال النظر إليها، فما أدري ما حكم ذلك؟
فأجاب: "ما يسمى بعرائس الأطفال وهي الصور المجسمة على صورة امرأة أو بنت أو ولد ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: جائز ولا إشكال فيه، وهو ما صار يصنع الآن حديثاً بحيث تكون الصور كظل ليس لها عين ولا أنف ولا فم وهذه لا إشكال في جوازها، وكان لـ عائشة رضي الله عنها بنات من هذا النوع تلعب بهن.
القسم الثاني: ما يصنع من البلاستيك ويكون على شكل الصورة الآدمية تماماً حتى في العيون والشفتين والأهداب والحواجب، حتى إن بعضها ربما تمشي وتصوت، فهذا في جوازه نظر، ولكن لا أشدد فيه؛ لأن حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت تلعب بالبنات، فقد يقال: إنه يدل على الفسحة والتوسع للبنت، لاسيما وأنها يحصل لها بذلك -كما قلت- شيء من المتعة، لكن مع هذا نقول: ما دام قد وجد ما يغني عن ذلك، فلا ينبغي العدول إلى شيء مشتبه مع وجود شيء لا شبهة فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) .
أما صور الحيوانات الأخرى كالحصان والأسد وما أشبهها فلا وجه لاقتنائها إطلاقاً ويستغنى عن هذا بصور الآلات المصنوعة كالسيارة والجراف وما أشبه ذلك، فإن الصبي يلهو بها كما يلهو بصور الحيوان الأخرى، وإذا لم يكن فيها بد بأن أهدي للإنسان شيء من هذه الحيوانات فإنه يقطع رأسها ويبقيها بلا رأس ولا حرج في هذا " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (26/6) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5350)
شروط التورق في الأسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى بنك أبو ظبي الإسلامي لأجد قرضاً إسلامياً فقالوا نحن لا نعطي أموالاً كاش، ولكن نعطي أسهماً، فمثلا نشتري لك أسهماً بمبلغ 50000 درهم ونبيعها لك على أقساط شهرية لمدة سنة، ويكون ثمن البيع 52600 علي 12 شهر، ونعطيك ورق ملكية لهذه الأسهم، ونعطيك جدولاً بأسماء شركات تبيع لك هذه الأسهم، فما حكم ذلك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة قائمة على أمرين: الأول: التورق، وهو أن يشتري الإنسان السلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها - لغير من اشتراها منه - نقدا بثمن أقل غالبا، وسميت المعاملة بذلك نسبة إلى الوَرِق وهي الفضة، لأن المشتري لا غرض له في السلعة، وإنما يريد النقود، والتورق جائز عند جمهور العلماء.
والثاني: بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو أن يشتري البنك سلعة معينة يريدها العميل، ثم يبيعها عليه بثمن مقسط أزيد مما اشتراها به، وهذا جائز أيضا، إذا توفرت الشروط التالية:
1- ألا يشتري العميل السلعة من البنك، حتى يملكها البنك ملكا حقيقيا، فإن كانت السلعة أسهما، فلا بد أن تكون أسهما يملكها البنك، أو يشتريها وتدخل في محفظته.
2- أن لا يبيع العميل السلعة حتى يملكها ملكاً حقيقياً ويقبضها من البنك القبض المعتبر شرعاً، فإن كانت أسهما فلابد أن تدخل في محفظته قبل أن يبيعها.
3- ألا يبيع العميل السلعة على البنك، ولا على الجهة التي باعتها على البنك أولاً، وألا يكون هناك تواطؤ أو عرف بذلك؛ لأن هذا من العِينة المحرمة.
4- ألا يتضمن العقد بين البنك والعميل اشتراط غرامة في حال التأخر عن سداد الأقساط؛ لأن ذلك من الربا المحرم.
5- إذا كانت السلعة أسهما، فيشترط أن تكون أسهما لشركات لا تتعامل بالحرام، فلا يجوز التعامل بأسهم الشركات التي نشاطها محرم، أو التي لها معاملات محرمة.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (95138) و (112445) و (89978) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5351)
حكم نشر برنامج يستقبل مئات القنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشرف في أحد المنتديات، وهو يحتوي على موضوعات متنوعة دينية وثقافية ولغوية وبرمجية وغيرها، وقد قام أحد الأعضاء بتنزيل برنامج في المنتدى مهمته استقبال القنوات الفضائية عن طريق الشبكة، وهو برنامج يستقبل أكثر من 1500 قناة متنوعة من مختلف أنحاء العالم، وقد قام بعض الأعضاء بالاعتراض علينا والمطالبة بحذف البرنامج بحجة أنه يسهل الوصول للفساد وأن معظم الأعضاء قد يستعملونه فيما لا يجوز، في حين دافع عنه آخرون بأن الشخص يمكن أن يستخدمه في الحلال، ومن استخدمه في غير ذلك، فذنبه عليه، ولسنا مسؤولين عنه، فنرجو منكم إجابة شافية في هذا الموضوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الغالب هو استعمال هذا البرنامج في مشاهدة المحرّمات عبر القنوات، فإنه لا يجوز نشره ولا الدلالة عليه؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم والمعصية. قال الله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
والقاعدة في هذا أن كل ما يستعمل في الخير والشر، والمباح والمعصية، يجوز بيعه وهبته لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يستعمله في المباح، ويحرم بيعه أو هبته لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يستعمله في الحرام.
وإن كان الغالب هو استعماله في الحرام، لم يجز بيعه ولا هبته لمن جهل حاله، بل لا يعطى إلا للصنف الأول الذي يغلب على الظن استعماله له في المباح.
وهذا ما سبق أن بيناه في حكم بيع أجهزة التلفاز والفيديو والبلايستيشن، وبيع الملابس النسائية التي تتخذ للتبرج، وينظر جواب السؤال رقم (39744) ورقم (75007) وفيهما نقول عن أهل العلم في هذه المسألة.
ومن ذلك ما جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/109) : " كل ما يستعمل على وجه محرم، أو يغلب على الظن ذلك، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين " انتهى.
والواقع المشاهد أن هذه القنوات يغلب استخدامها في الحرام، رؤية وسماعا، ولهذا لا يجوز إعطاء أجهزتها أو برامجها إلا لمن يغلب على الظن أنه يستعملها في المباح.
وقد أحسن من نصحكم بإزالة هذا البرنامج، والواجب عليكم إزالته، والإثم في هذا الباب يلحق المشاهد، كما يلحق من دلّه أو أعانه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5352)
هل يبيع الأرض لمن علم أنه سيرهنها في قرض ربوي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم بيع قطعة أرض لشخص أراد أن يرهنها للحصول على قرض ربوي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا عُلم أن هذا الشخص يشتري الأرض ليجعلها رهنا في قرض ربوي، لم يجز بيعها له؛ حتى لا يستعين بها على المعصية، لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وقد نص الفقهاء على تحريم بيع ما يستعان به على المعصية، كبيع العنب لمن يعصرها خمرا، وبيع السلاح في الفتنة، وأشباه ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وجملة ذلك ; أن بيع العصير لمن يعتقد أنه يتخذه خمرا محرم ".
ثم قال: " وهكذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام , كبيع السلاح لأهل الحرب , أو لقطاع الطريق , أو في الفتنة , وبيع الأمة للغناء , أو إجارتها كذلك , أو إجارة داره لبيع الخمر فيها , أو لتتخذ كنيسة, وأشباه ذلك. فهذا حرام , والعقد باطل. قال ابن عقيل: وقد نص أحمد رحمه الله على مسائل , نبه بها على ذلك , فقال في القصاب والخباز: إذا علم أن من يشتري منه , يدعو عليه من يشرب المسكر , لا يبيعه" انتهى باختصار من "المغني" (4/154) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ولا يصح بيع ما قصده به الحرام كعصير يتخذه خمرا إذا علم ذلك كمذهب أحمد وغيره , أو ظن، وهو أحد القولين، يؤيده أن الأصحاب قالوا: لو ظن الآجر (المؤجِّر) أن المستأجر يستأجر الدار لمعصية كبيع الخمر ونحوها لم يجز له أن يؤجره تلك الدار , ولم تصح الإجارة , والبيع والإجارة سواء " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/388) .
وقال رحمه الله في "شرح العمدة" (4/386) : " وكل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5353)
بيع ما تتبرج به النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاتجار في زينة النساء، وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع كما يرى من حالها أمامه، وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها أو لم يعلم شيئاً فيجوز له الاتجار فيها.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/67.(5/5354)
بيع الملصقات والبراويز المشتملة على الآيات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في أولئك الذين يأخذون أجزاء/آيات من القرآن ويضعونها في إطارات (براويز) /ملصقات/كتب ويبيعونها من أجل الربح؟ وحيث يذهب الربح الذي يحصلون عليه في دعم البرامج/التنظيمات/المدارس/الجمعيات الإسلامية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أشكرك على حرصك على تعلم العلم والسؤال عن قضايا الدعوة إلى الله،فإن الدعوة بغير علم شرعي قد تفسد أكثر مما تصلح.
وأما ما يتعلق ببيع هذه البراويز والملصقات فيتضح حكم بيعها بعد أن تعرفي ما حكم تعليق مثل هذه الأمور
إن تعليق اللوحات والخِرَق التي فيها آيات من القرآن في البيوت أو المدارس أو النوادي أو المحلات التجارية فيه عدد من المنكرات والمحاذير الشرعية ومنها:
1- أنّ تعليقها في الغالب هو للزينة وتجميل الجدران بنقوش الآيات والأذكار المزخرفة الملونة وفي هذا انحراف بالقرآن عما أنزل من أجله من الهداية والموعظة الحسنة والتعهد بتلاوته ونحو ذلك. والقرآن لم ينزل لتزيين الحيطان وإنما نزل هدى للإنس والجان.
2- أنّ عدداً من الناس يعلّقونها للتبرّك بها وهذا من البدع فإنّ التبرّك المشروع هو بتلاوة القرآن لا بتعليقه ووضعه على الأرفف وتحويله إلى لوحات ومجسّمات.
3- أن في ذلك مخالفة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم فإنهم لم يكونوا يفعلون ذلك والخير في اتباعهم لا في الابتداع، بل التاريخ يشهد في بلاد الأندلس وتركيا وغيرها أنّ الزخرفة وعمل هذه اللوحات والزّينات ونقش الآيات في جدران البيوت والمساجد لم يكن إلا في عصور ضعف المسلمين وهوانهم.
4- أن في التعليق ذريعة للشرك فإنّ بعض الناس يعتقد أنّ هذه اللوحات أو المعلّقات هي حروز تحمي البيت وأهله من الشرور والآفات وهذا اعتقاد شركيٌّ محرّم فالذي يحمي فعلا هو الله جل وعلا ومن أسباب حمايته تلاوة القرآن والأذكار الشرعية بخشوع ويقين.
5- ما في الكتابة عليها من اتخاذ القرآن وسيلة لترويج التجارة فيها والزيادة في كسبها وينبغي أن يُصان القرآن عن أن يكون مجالا لذلك، ومعلوم أنّ بعض هذه اللوحات في شرائها إسراف أو تبذير.
6- أنّ كثيرا من هذه اللوحات مطلية بالذّهب فتشتدّ حرمة استعمالها وتعليقها.
7- أنّ في بعض هذه اللوحات عبث واضح كالكتابات الملتوية المعقّدة التي لا يُنتفع بها لأنّها لا تكاد تُقرأ، وبعضها مكتوب على هيئة طائر أو رَجُل ساجد ونحو ذلك من صور ذوات الأرواح المحرّمة.
8- أنّ في ذلك تعريض آيات القرآن وسوره للامتهان والأذى، فمثلا عند الانتقال من بيت إلى آخر توضع مع الأثاث المتراكم على اختلاف أنواعه كما وتوضع فوقها أشياء أخرى وكذلك يحدث عند تنزيلها لطلاء الجدران أو تنظيف البيت. فضلا أنها قد تكون معلقة في أماكن يعصى فيها الله فلا تراعى حرمة القرآن وكرامته.
9- أنّ بعض المسلمين المقصّرين يعلّقونها إشعارا لأنفسهم بأنهم يقومون بأمور من الدّين ليخفّفوا من لوم ضمائرهم لهم مع أنّها لا تُغني عنهم شيئا.
وبالجملة فإنه ينبغي إغلاق باب الشر والسير على ما كان عليه أئمة الهدى في القرون الأولى التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بأنّ أهلها أفضل المسلمين في عقائدهم وسائر أحكام دينهم.
ثمّ إذا قال قائل بأننا لن نهينها ولن نجعلها زينة ولن نغالي فيها وإنما نريد بها تذكير الناس في المجالس، فالجواب على ذلك أننا إذا نظرنا في الواقع فهل سنجد أنّ ذلك هو الذي يحدث فعلا؟ وهل يذكر الجالسون الله أو يقرؤون الآيات المعلقة إذا رفعوا رؤوسهم إليها؟
إن الواقع لا يشهد بذلك بل يشهد بخلافه فكم من المجالس ذات الآيات المعلّقة يخالف الجالسون فيها ما هو معلّق فوق رؤوسهم ويكذبون ويغتابون ويسخرون ويفعلون المنكر ويقولونه، ولو فرضنا أنّ هناك من يستفيد منها فعلا فإنهم قلة قليلة لا تأثير لها في حكم هذه المسألة.
فينبغي على المسلمين أن يُقبلوا على كتاب الله يتلونه ويعملون بما فيه، نسأل الله أن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا
وهذا الكلام الذي ذكرته لك هو مجمل ما أفتى به كبار العلماء في هذا العصر مثل سماحة الشيخ ابن باز واللجنة الدائمة للفتوى في المملكة، وسماحة الشيخ ابن عثيمين كما في فتاوى اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز، فتوى رقم (2078) ورقم (17659) .
وبناء على ما تقدم فلا تبيعوا هذه البراويز لأنكم بهذا البيع قد تقعون في بعض المحاذير التي ذكرها العلماء،وقد تكونون سببا لوقوع غيركم في شيء منها.
نسأل الله لنا ولكم الهدى والسداد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5355)
حكم بيع المخدرات لغير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع المخدرات لغير المسلمين إذا كان هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على الحياة؟ مثلا، كما يحدث للفقراء في أفغانستان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تعد المخدرات من أخطر ما يتناوله أصحاب الشهوات المحرمة، لما ينجم عنها من الأمراض المختلفة، فضلا عن الانحلال، وفساد الخلق، وانتشار الفاحشة والجرائم في المجتمع.
ثم إنها بانتشارها في المجتمعات غير المسلمة تنتقل عن طريق أهل السوء والفساد إلى بلاد المسلمين، بأنواعها المختلفة، وأمراضها المستعصية، سواء كانت أمراضا للقلوب أو الأبدان. فوجب منع هذا الشر، ومحاربته بكل طريق.
ودعوى الضرورة في مثل هذا مما لا ينبغي الالتفات إليه، بل المسلم إن اضطر جاز له أكل الميتة ولا يجوز له بيع المخدرات، فإنه لا توجد ضرورة حقيقية تبيح للمسلم أن يبيع المخدرات، وقول السائل: "إذا كان هذا هو السبيل الوحيد للحفاظ على الحياة فيه" مبالغة واضحة.
فالذي يغرس أرضه بالنباتات المخدرة ليبيعها ويتاجر فيها يمكنه أن يغرسها بنباتات مباحة، يأكل منها، ويبيع ما تبقى من المحصول.
وفي الترخص في مثل ذلك فتح باب عظيم من أبواب الشر، ودعوة لنشر هذا الفساد.
وقد روى أبو داود (3488) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (َإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5107) .
وروى مسلم (1579) عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا [يعني: الخمر] حَرَّمَ بَيْعَهَا) .
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: (إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ) متفق عليه.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
" ما حرَّم الله الانتفاعَ به، فإنَّه يحرم بيعُه وأكلُ ثمنه، كما جاء مصرحاً به في الراوية المتقدمة: (إنَّ الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) ، وهذه كلمةٌ عامَّةٌ جامعة، تَطَّرِدُ في كُلِّ ما كان المقصودُ من الانتفاع به حراماً ". انتهى.
"جامع العلوم والحكم" (415) .
وقال ابن حزم رحمه الله:
"َلا يَحِلُّ بَيْعُ الْخَمْرِ، لا لِمُؤْمِنٍ، وَلا لِكَافِرٍ ". انتهى.
"المحلى" (7/356) .
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (5/763) :
" فإن قيل: فهل تُجوِّزون للمسلم بيعَ الخمر والخنزير مِن الذمي لاعتقاد الذمي حلهما؟ قيل: لا يجوز ذلك، وثمنُه حرام " انتهى.
وقال ابن جزي:
" لا يحل لمسلم بيع الخمر إلى مسلم ولا كافر " انتهى.
"القوانين الفقهية" (ص 117) .
وقال النووي:
" بَيْعَ الْخَمْرِ بَاطِلٌ سَوَاءٌ بَاعَهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ تَبَايَعَهَا ذِمِّيَّانِ , أَوْ وَكَّلَ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا فِي شِرَائِهَا لَهُ , فَكُلُّهُ بَاطِلٌ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا " انتهى.
"المجموع" (9/271) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/49) :
" لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها، كالخمور والخنزير، ولو مع الكفرة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) ، ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها". انتهى.
فهذه أقوال علماء الإسلام في تحريم بيع الخمر، ولو كان يبيعها لغير مسلم، استدلالاً بالأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5356)
بيع كاميرات التصوير لمن يستخدمها في التصوير المحرَّم
[السُّؤَالُ]
ـ[يبيع زوجي كاميرات "الديجيتال"، (وهذا هو عمله الذي يتكسب منه) . وبعض زبائنه هم ممن يلتقطون الصور العارية. فهل يجوز له أن يبيع الكاميرات لمثل هؤلاء المصورين وهو يعلم الغرض الذي سيستخدمونها من أجله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيع كل ما يستعمل على وجه محرَّم، أو يغلب على الظنّ ذلك ومنها كاميرات التصوير لمن يستخدمها في المحرمات، يراجع جواب سؤال رقم 10668 في حكم التصوير، ولا شك أن بيعها لمن يلتقطون الصور العارية أشد حرمة لقول الله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة/2، ولا شك أن التقاطهم الصور بها من أسباب انتشار الفاحشة والفساد في المجتمعات، ومن يبيع لهم تلك الكاميرات لا شك أنهَّ يعينهم على نشر الفاحشة. والمعاونة على الحرام حرام.
وبيع كاميرات الديجيتال (التي لا تصدر صور ثابتة) على من يصوِّر الأمور الطيبة (ذات النفع العظيم) كالمحاضرات الإسلامية والخطب أو المباحات كالأشجار والأنهار ومناظر الطبيعة فلا بأس به والواجب على كل تاجر مسلم تقوى الله عز وجل والنصح لإخوانه المسلمين، فلا يبيع إلا ما فيه خير ونفع لهم، ويترك ما فيه ضرر وشرٌّ عليهم، وفي الحلال ما يغنيه عن الحرام. قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب) الطلاق/ 2-3. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5357)
الماركة المسجلة المشهورة باسم (NIKE)
[السُّؤَالُ]
ـ[علامة أو كلمة (NIKE) المطبوعة على القمصان والطاقيات، هل ينبغي على المسلمين أن يتجنبوا شراء ولبس هذه الأنواع من المواد؛ لأنني سمعت بعض الناس يقول أنها شرك، وتعني أننا نطيع أي إله آخر غير الله - نعوذ بالله -، فأرجوا تزويدي بإجابة مختصرة، وبتاريخ: (NIKE) إذا كانت حقيقية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الماركة المشهورة (NIKE) التي لعلها أشهر الماركات الرياضية العالمية تحمل اسم آلهة النصر عند اليونان، أسس هذه الشركة واختار اسمها كل من: (فيل نايت) ، و (بيل باورمان) ، يريدان بهذا الاسم التيمن بنصر من ينافس من الرياضيين الذين يلبسون هذه الماركة، ويرفعون شعار هذا الإله.
وهذا أمر مشهور تنص عليه الموسوعات العالمية، انظر موسوعة ويكيبيديا على الانترنت
وفي شرح هذه المادة من قاموس "المورد" الشهير: " نايكي: إله النصر عند الإغريق، وتمثل عادة على صورة فتاة مجنحة، تحمل بإحدى يديها إكليلا، وبالأخرى سعفة من نخيل" انتهى.
"المورد - قاموس إنجليزي عربي-" (ص/613) .
وهي نفس المعلومة التي نجدها في كتاب: المعتقدات الدينية عند الشعوب، أشرف على تحريره: جفري بارندر، نشر بالعربية في سلسلة عالم المعرفة، رقم (173) ، ص (409) .
وبهذا يتبين أنه لا يجوز للمسلم أن يرضى برفع هذا الرمز، ولا أن يتشبه بمن يرفعونه، فهو يعتقد توحيد الله سبحانه، ويؤمن بأن النصر والعون والقوة منه وحده عز وجل، ورَفعُ هذا الشعار يناقض معتقدَه وإيمانه، فإن كان ولا بد من شراء منتجات الشركة فلا أقل من إتلاف شعارهم، ومحو اسمهم عن أن يكون على الصدر أو القدم أو الطاقية، وبهذا يسلم دين المرء، وتسلم عقيدته.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أما بالنسبة للصور، كالصور التي في الملابس للكبار أو الصغار فهي سواء، لا يجوز للإنسان أن يلبس ما فيه صورة، ولا أن يلبس أولاده من بنين وبنات ما فيه صورة.
وأما الكتابات الموجودة، مكتوب: (أنا نصرانية) على فانيلة، ومكتوب (أنا يهودية) ، ومكتوب أيضاً (مسيحية) ، ومكتوب (سائل الجنسية) (ماء الرجل الدافق) ، ومكتوب برمز (آنسة) وهي ترمز لفعل الفاحشة، ومكتوب أيضاً (إله الحب عند الإغريق) ، ومكتوب أيضاً (شراب خمر) ومن الكتابات أيضاً (اسم رجل وامرأة) ، ومن الكتابات (عيد المسيح) ، ومكتوب – أيضاً - (أنا مسيحي) .
المهم يا إخواني! نحن شعب مسلم، والواجب علينا أن نقاطع هذه الألبسة، كما أن الواجب علينا أن نكتب إلى وزارة التجارة، نخوفها بالله عز وجل، ونقول: يجب أن تحرصي غاية الحرص على ما يرد إلى أسواقنا من مثل هذه الأمور.
سبحان الله! صبي أو صبية من المسلمين يُكتب على لباسها أنها نصرانية أو يهودية، أنحن لا نفهم؟ أنحن غنم؟ سبحان الله! الواجب أن نكون أمة واحدة، وأن المسئولين إذا كانوا في غفلة عن هذا ولم يعلموا به: أن يكتب إليهم ويبين ويرسل نماذج من هذه الألبسة، هذا بالنسبة للمسئولين، ويجب علينا أن ننصحهم وأن نبين لهم الأمر وإذا فعلنا ذلك برئت ذمتنا، هم المسئولون أمام الله: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) الشعراء /88-89
ويا ويلهم إن قصروا في الأمانة وفي رعاية الرعية، فستكون الأمة خصمهم يوم القيامة.
وأما بالنسبة لنا نحن فالواجب علينا مقاطعة هذا الشيء، وألا نبذل دراهمنا بما يسيء إلينا؛ لأن هذا أدنى ما فيه أن الصبي يستسيغ كلمة (إنه نصراني) أو (إنه يهودي) وأنتم تعلمون أن اليهود والنصارى أعداء لنا من قديم الزمان.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) المائدة/51-52
أي: نخشى أن تصيبنا دائرة، فإذا واليناهم كانوا معنا؛ قال الله تعالى: (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) المائدة/52.
الواجب علينا أن نقاطع هذا مقاطعة تامة، وإذا رأيناه عند صاحب دكان نصحناه، وقلنا له: اتق الله ونبين له؛ لأن بعض أهل الدكاكين أيضاً لا يفهمون اللغة الإنجليزية، ولا يدرون ما الذي كتب، لكن نبلغهم، هذا إذا كان الأمر الذي أمامنا الآن واقعاً، أما إذا كان غير واقع، فحسبنا الله على من كتبه وغر الناس به.
حتى أسماء المغنين وأسماء المهرة من أصحاب الكرة وغيرهم ممن ليسوا مسلمين: كل هذا لا يجوز؛ لأنه سيقع في قلب المسلم تعظيم هؤلاء وهم كفار.
أما الصور فقد ذكرنا أنها حرام سواء على الفنايل أو على القمص أو على السراويل " انتهى باختصار.
"لقاء الباب المفتوح" (4/ رقم السؤال: 14) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5358)
حكم بيع وشراء ملابس الرياضة التي عليها صور وأسماء اللاعبين وشعارات أنديتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحد تجار التجزئة للملابس الرياضية، وحيث أنه في هذه الأيام انتشر وبشكل واضح وملموس في محلات الرياضة، وبين الشباب لبس الفنايل التي تحمل أسماء لاعبين لمنتخبات وأندية أوروبية، وبعض تلك الأندية تحمل في شعاراتها الصليب! حيث أصبحت تلك الملابس هي الأكثر بيعاً وتداولا في محلات الرياضة , وعند سؤال من يرتدي تلك الفنايل يقولون: نحن لا نتشبه بدينهم، ولا بأشخاصهم، وإنما نعجب بلعبهم ومهاراتهم فقط، ونحن أصحاب المحلات في حرج من هذا الأمر إذا امتنعنا عن بيعها: تضررنا، وسوف ينتهي الأمر إلى إغلاق محلاتنا لوجودها وبكل سهوله في المحلات الأخرى، ولكن يهمنا المطعم الحلال. آمل بيان ما يأتي: 1. ما حكم شراء فنايل الأندية الأوربية، وبيعها، وارتدائها؟ وهل يجوز الصلاة بها وقد كتب عليها اسم ذلك اللاعب؟ . 2. ما حكم بيع فنايل الأندية الأوربية التي لا تحمل أسماء، بل أرقاماً فقط؟ . 3. ما حكم بيع فنايل الأندية الأوربية التي لا تحمل أسماء، ولا أرقاماً؟ . 4. ما حكم بيع فنايل الأندية الأوربية التي طمس من شعارها الصليب؟ . 5. وهل هذا يعتبر مما عمت به البلوى، وكل محاسب على حسب نيته؟ وهل هو حرام أم مكروه؟ . 6. إذا كان هذا البيع لا يجوز فماذا يجب على تجار الجملة، والتجزئة تجاه هذه الملابس؟ . آمل إرسال فتوى شاملة، ومفصلة في هذا الموضوع؛ لنشرها بين الناس، وفي محلات الرياضة، وتجار الجملة بإذن الله. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يخفى على عاقل الحال التي وصل إليها الناس في زماننا هذا – ومعهم المسلمون – من الإدمان لكرة القدم، والتعلق بلاعبيها، والتعظيم لنواديها، فانتشار صور اللاعبين في كل مكان، والتسمي بأسمائهم، ولبس ملابس عليها أرقامهم، وتقليدهم في حركاتهم، ولعبهم، وتصرفاتهم، كل ذلك – وغيره كثير – من علامات ذلك الإدمان، والتعلق، والتعظيم، لتلك اللعبة، ولاعبيها.
وقد أشبع القول في حكم هذه اللعبة الشيخ ذياب الغامدي حفظه الله في كتابه " حقيقة كرة القدم " وذكر واحداً وأربعين محظوراً من محظورات تلك اللعبة، بتفصيل وافٍ، وتتبع كافٍ، فلينظره من أراد الوقوف على حقيقة تلك اللعبة، ومفاسدها.
ثانياً:
ما جاء في السؤال هو جزء من الحقيقة التي ذكرناها أولاً، وهي تدل دلالة واضحة على تعلق المسلمين – تبعاً للهمج الرعاع من غيرهم – بتلك اللعبة، وتدل على تعظيمهم لأولئك اللاعبين، ونواديهم، ويغضون النظر عن كونهم فسقة يظهرون عوراتهم للناس، وعما ينشر عن حياتهم من أحوال الفسق والمجون، بل لا يبالون بكونهم كفاراً! .
ثالثاً:
لا يجوز لمسلم أن يلبس قمصاناً فيها نوع تعظيم لأولئك الكفار، أو نواديهم، فلا يضع عليها اسم اللاعب، ولا ناديه، ولا رقمه، كما لا ينبغي أن يضع على قميصه صورة أولئك اللاعبين، أو أحدهم.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
ما حكم لبس الملابس الرياضية التي تحمل شعارات خاصة بالكفار، مثل " الفنايل " الرياضية التي عليها شعارات إيطاليا، أو ألمانيا، أو أمريكا، أو التي مكتوب عليها أسماء بعض اللاعبين الكفار؟ .
فأجابوا: الملابس التي تحمل شعارات الكفار فيها تفصيل كما يلي:
1. إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى ديانات الكفار كالصليب، ونحوه: ففي هذه الحالة لا يجوز استيراد هذه الملابس، ولا بيعها، ولا لبسها.
2. إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى تعظيم أحدٍ من الكفار، بوضع صورته، أو كتابة اسمه، ونحو ذلك: فهي أيضاً حرام، كما سبق.
3. إذا كانت هذه الشعارات لا ترمز إلى عبادة، ولا تعظيم شخص، وإنما هي علامات تجارية مباحة، وهي ما يسمى بـ " الماركات ": فلا بأس بها.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (24 / 24، 25) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
طُرحت في الآونة الأخيرة بعض البضائع عليها صور اللاعبين، فما حكم ذلك؟ وإذا كانت هذه الصور عبارة عن ملصق، وقام المشتري بإزالته وجد تحتها جائزة، فما الحكم؟ .
فأجاب:
أرى أن هذه البضاعة التي عليها صور اللاعبين: تُهجر، وتقاطع؛ لأننا نسأل: ما فائدة الإسلام والمسلمين من بروز هذا اللاعب وظهوره على غيره؟ أعتقد أن كل إنسان سيكون جوابه بالنفي: لا فائدة من ذلك، فكيف نعلن عن أسماء هؤلاء، وننشر صورهم، وما أشبه ذلك؟! وكان الذي ينبغي أن يعدل عن هذا إلى مناصحة اللاعبين بالتزام الآداب الإسلامية: من ستر العورة، والمحافظة على الصلاة في الجماعة، وعدم التنافر فيما بينهم، وعدم التشاتم، وألا يستولي عليهم تعظيم الكافر إذا نجح في هذه اللعبة على غيره، هذا الذي ينفع.
فأرى أن تهجر هذه البضاعة، وتقاطع، ثم إن الغالب أن هذه الشركة لم تضع الجوائز إلا لأنها تعرف أنها ستربح أضعافاً مضاعفة بالنسبة لما وضعت.
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل البصيرة في دين الله عز وجل، وأن يحمي بلادنا، وشبابنا، وديننا من كل مكروه وسوء، إنه على كل شيء قدير.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (12 / جواب السؤال رقم 258) ، و " لقاء الباب المفتوح " (57 / السؤال رقم 33) .
وانظر جواب السؤال رقم: (115038) في بيان حكم بيع وشراء المنتجات وعليها رسوم الصلبان.
رابعاً:
مع تحريم لبس تلك القمصان التي تحمل أسماء أولئك اللاعبين، أو أسماء نواديهم، أو صورهم: فإن الصلاة لا تبطل إذا كان المصلي لابساً لها أثناء صلاته، فهي صحيحة مع الإثم.
وانظر فتاوى أهل العلم في هذا في جواب السؤال رقم: (83154) .
خامساً:
بيع وشراء هذه الملابس مما عمَّت به البلوى، لكن لا يستفاد من ذلك الترخيص ببيعها وشرائها، بل بالتشدد في منع ذلك؛ لما للقول بإباحة ذلك من مفاسد على دين وخلُق الناس، وهو مما جاءت الشريعة للمحافظة عليه، لا التفريط فيه، وقد أُمرنا ببغض الكفر وأهله، ولا يلتقي الإيمان بالله مع مودة الكفار في قلب مسلم، فكيف إذا كان الأمر أعظم من الود، كالحب، والتعظيم؟! قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المجادلة/ 22.
ومع هذا التعظيم المحرَّم في قلوب المسلمين لأولئك الكفار، وأنديتهم: فقد نهبت شركاتهم أموال المسلمين بصنع تلك الملابس وعليها صور اللاعبين، أو أسماءهم، أو شعارات أنديتهم، ولا فرق في الحكم بين تجار الجملة، والمجزَّأ، وكل ذلك مما لا يجوز التهاون فيه.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
ما تقولون فيما يفعله بعض الشباب من أبناء المسلمين اليوم في الألبسة التي يرتدونها للرياضة، وهي تحمل شعارات لدول كافرة، أو لبعض اللاعبين من الكفار، أو فيها شعارات تعصب لبعض الفرق الرياضية الكافرة إعجاباً بهم؟ هل هذا من موالاة الكفار، أفتونا وفقكم الله؟ .
فأجاب:
قد يكون هذا ليس من موالاة الكفار ظاهراً، لكن من فعله: فإن في قلبه من تعظيم الكفار ما ينافي الإيمان، أو كمال الإيمان، والواجب علينا نحن المسلمين أن نقاطع مثل هذه الألبسة وألا نشتريها؛ وفيما أحل الله لنا من الألبسة شيء كثير؛ لأننا إذا أخذنا بهذه الألبسة: صار فيها عزٌّ للكفار، حيث أصبحنا نفتخر أن تكون صورهم، أو أسماؤهم، ملبوساً لنا، هم يفتخرون بهذا، ويرون أن هذا من إعزازهم وإكرامهم.
ثانياً: هم يسلبون أموالنا بهذه الألبسة، مصانعهم حامية، وجيوبنا منفتحة لبذل الدراهم لهم، وهذا خطأ.
الآن لو أنك ذهبت إلى بعض البيوت: لوجدت المرأة عندها أكثر من عشرين ثوباً كلما ظهرت موضة اشترتها، وكذلك بالنسبة للاعبين، والذي أشير به على إخواننا هؤلاء أن يقاطعوا هذه الألبسة نهائيّاً، وأن يكتفوا بالألبسة التي تفصَّل هنا على الطراز الإسلامي الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. " اللقاء الشهري " (2 / السؤال رقم 11) .
والخلاصة:
لا يجوز بيع وشراء قمصان الرياضة التي يوجد عليها صور اللاعبين، وأسماءهم، ولا أسماء الأندية، وشعارها، ولا فرق في ذلك الحكم بين أن يبيعها المسلم جملة، أو مجزَّأة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5359)
والده يطلب منه شراء الدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أشتري سجائر لشخص ما؟ إذا كان هذا غير جائز فهل هذا ينطبق على الوالد أيضا إذا طلب مني؟ جزاك الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز أن تشتري لوالدك شيئاً استعماله محرم، سواء كان دخاناً أم أفيوناً أم حشيشة أم خمراً.. أو غير ذلك، ولو أمر بذلك، لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ، وقوله: (إنما الطاعة في المعروف) وعليك أن تنصحه، وتعتذر له بأسلوب حسن عن شرائه.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/64.(5/5360)
الاشتراك في شركة لبيع منتجات نسائية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاشتراك بهذه الشركة وهي بهذه الشروط؟ التعريف بالشركة: أولا: هي شركة عالمية لها (40) عاما من النجاح، ولها (55) فرعا بالعالم، و (5) فروع محلية بالمملكة، تعتمد الشركة في تصنيع منتجاتها على العناصر الطبيعية، من نباتات وأعشاب، وهى منتجات طبية وطبيعية (100%) . امتيازات الشركة: 1- أرباح فورية من (30%) إلى (50%) 2- مكافأة شهرية تبدأ من (30) ريالا وتتعدى (15000) ريالا حسب نقاط مبيعاتك. 3- هدايا شهرية للعضوات الجدد. 4- الرسوم للتسجيل رمزية (75) ريالا سنويا، ويمكنك الانسحاب في أي وقت. 5- إمكانية العمل من أي دولة عربية، مع إضافة (75) ريالا شحن للعضوة التي بخارج السعودية. 6- توصيل الاشتراك والطلبيات عن طريق الشحن السريع (فيدكس) خلال يومين فقط، الإدارة نسائية، هناك العديد من الامتيازات سوف تجدينها بعد اشتراكك، والتجربة خير برهان، تضم الشركة أكثر من (600) منتج للسيدات والفتيات والأطفال، وقسم خاص للعطور النسائية والرجالية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت هذه الشركة تتعامل بطريقة النظام الهرمي في احتساب عمولات للمشتركين بحسب الأعضاء المسجلين عن طريقهم، فقد سبق في موقعنا بيان حكم هذا النوع من المعاملات في أكثر من جواب، خلاصتها التحريم بسبب الغرر الذي يلحق بالمشتركين إذا لم يوفقوا في إحضار الزبائن، وبسبب الضرر الذي يلحق بالطبقة الدنيا من هذه الشبكة.
وانظري جواب السؤال رقم (40263) و (46595) .
أما إن لم تكن تتعامل بهذه الطريقة فلا نرى فيما ذُكر في السؤال محذورا شرعيا يقضي بالحكم بالتحريم، ما دامت المنتجات التي تباع مباحة لا محذور فيها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5361)
يقرضهم دولارات على أن يشتروا منها دولارات عند السداد
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: يوجد شخص صاحب محل (صيرفة) ، ويتعامل مع عدد من المحلات التي تبيع المواد الغذائية، أو الأثاث، يتعامل معهم بالشكل التالي: يقوم بإعطائهم مبلغ مثلاً 10000 آلاف دولار، ويقوم صاحب المحل بشراء بضاعته، وبعد تصريف البضاعة بالعملة المحلية وهي الدينار العراقي يقوم صاحب المحل بشراء دولارات من نفس صاحب مكتب الصيرفة الذي أعطاه 10000 آلاف دولار بالسعر السائد، وبعدها يقوم صاحب المحل بتسديد المبلغ بالدولار الذي عليه، فهل يجوز؟ أرجو الإجابة لأنه يوجد كثير من الناس لا يعرفون ما يعملون.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة محرمة، لأن حقيقتها أن الصيرفي أقرض التاجر 10000 دولار، بشرط أن يقوم التاجر عند السداد بشراء الدولارات من الصيرفي.
والمقصود من القرض هو الإحسان إلى المقترض ومساعدته، فلا يجوز للمقرض أن يجعل القرض وسيلة إلى انتفاعه هو، ولهذا حرم الشرع على المقرض أن ينتفع من المقترض بشيء مقابل القرض، فمن القواعد التي اتفق عليها العلماء: أن كل قرض جَرَّ منفعة إلى المقرض فهو حرام وربا.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (3 / 265، 266) :
"إنّ انتفاع الدّائن من عمليّة الاستدانة إمّا أن يتمّ بشرطٍ في العقد، أو بغير شرطٍ، فإن كان بشرطٍ فهو حرامٌ بلا خلافٍ، قال ابن المنذر: أجمعوا على أنّ المسلف - أي الدّائن - إذا شرط على المستلف زيادةً أو هديّةً، فأسلف على ذلك، أنّ أخذ الزّيادة على ذلك رباً، وقد روى عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (كلّ قرضٍ جرّ منفعةً فهو رباً) وهو وإن كان ضعيف السّند إلاّ أنّه صحيحٌ معنًى، وروي عن أبيّ بن كعبٍ، وعبد الله بن عبّاسٍ، وعبد الله بن مسعودٍ، أنّهم نهوا عن كلّ قرضٍ جرّ منفعةً للمقرض.
أمّا إن كانت المنفعة الّتي حصل عليها الدّائن من المدين غير مشروطةٍ، فيجوز ذلك عند جمهور الفقهاء: الحنفيّة، والشّافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة" انتهى.
ولهذا أيضاً نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين السلف والبيع، لأن المسلف (المقرض) يتخذ القرض وسيلة لترويج بضاعته، أو رفع السعر على المشتري، فيدخل فيما سبق، وهو القرض الذي جر منفعة على المقرض.
فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ) رواه الترمذي (1234) وأبو داود (3504) والنسائي (4611) ، وصححه الترمذي وابن عبد البر والألباني.
" التمهيد " (24 / 384) .
وقال ابن قدامة رحمه الله:
"وإن شرط في القرض أن يؤجره داره، أو يبيعه شيئاً، أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى: لم يجز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع وسلف) " انتهى.
" المغني " (4 / 355) .
وقال ابن هبيرة في " الإفصاح " (1 / 361، 362) :
"واختلفوا فيما إذا اقترض رجل من آخر قرضاً، فهل يجوز له أن ينتفع من جانبه بمنفعة لم تجر بها عادة، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لا يجوز , وهو حرام، وقال الشافعي: إذا لم يشترط: جاز، واتفقوا على تحريم ذلك مع اشتراطه , وأنه لا يحل ولا يسوغ بوجه ما" انتهى.
فهذه المعاملة جمعت بين السلف والبيع، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، لما يفضي إليه ذلك من انتفاع المقرض بالقرض، وذلك ربا.
فعلى الصيارفة والتجار أن يكفوا عن هذه المعاملة المحرمة، فإما أن يكون القرض حسناً، يبتغي به المقرض وجه الله، لا الاستفادة في الدنيا، وإن أراد المقرض الربح الدنيوي -وهو جائز- فليكن ذلك بطرق مباحة، كما لو دخل شريكاً بهذا المال مع التاجر، ويكون له نسبة من الربح.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5362)
بيع الذهب في الموكيت والسجاد مع جهالة قدره
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مصنع مجوهرات ذهب وفي كل عام أقوم ببيع الموكيت والسجاد الموجود بالمصنع، لأن فيه كمية من الذهب لشخص بسعر نتفق عليه دون معرفة كمية الذهب، وأحيانا يربح الشاري وأحيانا يخسر، فهل هذا البيع يعتبر بيع غبن؟ وهل يجوز شرعا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز بيع الذهب أو غيره إلا بعد العلم بكميته وأوصافه التي يختلف بها السعر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ) رواه مسلم (1513) .
وبيع الغرر هو كل بيع فيه جهالة.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وَأَمَّا النَّهْي عَنْ بَيْع الْغَرَر فَهُوَ أَصْل عَظِيم مِنْ أُصُول كِتَاب الْبُيُوع , وَيَدْخُل فِيهِ مَسَائِل كَثِيرَة غَيْر مُنْحَصِرَة كَبَيْعِ الْمَعْدُوم وَالْمَجْهُول، وَمَا لَا يَقْدِر عَلَى تَسْلِيمه، وَمَا لَمْ يَتِمّ مِلْك الْبَائِع عَلَيْهِ، وَبَيْع السَّمَك فِي الْمَاء الْكَثِير، وَاللَّبَن فِي الضَّرْع، وَبَيْع الْحَمْل فِي الْبَطْن، وَنَظَائِر ذَلِكَ , وَكُلّ هَذَا بَيْعه بَاطِل لِأَنَّهُ غَرَر مِنْ غَيْر حَاجَة. وَقَدْ يُحْتَمِل بَعْض الْغَرَر بَيْعًا إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ حَاجَة كَالْجَهْلِ بِأَسَاسِ الدَّار، لِأَنَّ الْأَسَاس تَابِع لِلظَّاهِرِ مِنْ الدَّار , وَلِأَنَّ الْحَاجَة تَدْعُو إِلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِن رُؤْيَته. وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَاز أَشْيَاء فِيهَا غَرَر حَقِير , مِنْهَا أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى صِحَّة بَيْع الْجُبَّة الْمَحْشُوَّة وَإِنْ لَمْ يُرَ حَشْوهَا , وَلَوْ بِيعَ حَشْوهَا بِانْفِرَادِهِ لَمْ يَجُزْ. وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز إِجَارَة الدَّار وَالدَّابَّة وَالثَّوْب وَنَحْو ذَلِكَ شَهْرًا مَعَ أَنَّ الشَّهْر قَدْ يَكُون ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ يَكُون تِسْعَة وَعِشْرِينَ. وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز الشُّرْب مِنْ السِّقَاء بِالْعِوَضِ مَعَ جَهَالَة قَدْر الْمَشْرُوب وَاخْتِلَاف عَادَة الشَّارِبِينَ.
قَالَ الْعُلَمَاء: مَدَار الْبُطْلَان بِسَبَبِ الْغَرَر وَالصِّحَّة مَعَ وُجُوده عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ دَعَتْ حَاجَة إِلَى اِرْتِكَاب الْغَرَر وَلَا يُمْكِن الِاحْتِرَاز عَنْهُ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ وَكَانَ الْغَرَر حَقِيرًا جَازَ الْبَيْع وَإِلَّا فَلَا " انتهى باختصار.
فالغرر اليسير الذي لا يمكن الاحتراز عنه يعفى عنه، بخلاف الكثير.
والغرر في الصورة المسؤول عنها كثير، فلا يصح معه البيع.
وعليك في هذه الحالة أن تجتهد في تحديد كمية الذهب، بقدر المستطاع، ثم يتم البيع على ذلك، فإن حصلت جهالة مع ذلك وكانت يسيرة بحيث لا يكون المشتري قد دخل على سبيل المخاطرة، إما أن يربح وإما أن يخسر، فنرجو ألا يكون عليك حرج حينئذ.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5363)
حكم بيع اشتراكات لمواقع تنزيل الملفات على الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع اشتراكات لمواقع تنزيل الملفات مثل (رابيدشيرrapidshare) حيث يقوم الأشخاص برفع ملفاتهم على هذا الموقع، ولكي تستطيع التحميل من هذا الموقع لابد لك من شراء اشتراك في هذا الموقع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مواقع تنزيل الملفات على الإنترنت، تستعمل في الخير والشر، والنافع والضار، وما كان كذلك فإنه تجري فيه قاعدة التعامل في بيع أو تأجير ما يستعمل في الحلال والحرام:
فيجوز بيع الاشتراكات لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في المباح.
ويحرم بيعها لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في الحرام، كوضع الصور المحرمة، والأفلام الماجنة ونحو ذلك.
وإذا جهل الحال ووقع البائع في شك، ولا يدري: هل المشتري يستعملها في الحلال أم الحرام؟ وليس هناك قرائن ترجح أحد الاحتمالين، فالأصل صحة البيع وجوازه، لقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) البقرة/275.
فإن استعملها المشتري في شيء محرم فإثم ذلك عليه.
وانظر جواب السؤال رقم (75007) .
وينبغي لأصحاب هذه المواقع أن يكون لهم رقابة على ما يوضع فيها، وأن يشترطوا عدم وضع الملفات الممنوعة شرعا.
ونصيحتنا ألا يعمل الإنسان في هذا المجال، وهو بيع الاشتراكات، لأنه إن لم يقع في الحرام جزما، ببيعها لمن يستعملها في الفساد والإفساد، فإنه سيكون على شك من سلامة أمره وبراءة ذمته، وقد قال النبي صلى الله عليه: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ) رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: (فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ) رواه البخاري (52) ومسلم (1599) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5364)
حكم العمل في تصميم المواقع
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في تصميم المواقع، علماً بأن المواقع التي أصممها لا تحتوي على صور نساء، ولا صور مخلة بالآداب الشرعية ونحوها، ولا أدخل لتصاميمي الموسيقى أو الأغاني، فقط أقوم بتصميم شكل الموقع، هل علي شيء في ذلك؟ والمال الذي أكسبه حلال أم حرام؟ وهل علي إثم إذا قام بعد ذلك العميل الذي قمت بتصميم الموقع له بوضع أشياء محرمة في موقعه من أغاني وصور ونحوها؟ وهل هناك حرج في إدخالي على التصميم صور الأطفال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه من المسائل التي عم بها البلاء اليوم، نتيجة انتشار المعاصي، فتنوعت أساليب المحرمات وأدواتها، فلم يكد يسلم باب إلا وللشيطان فيه مدخل، حتى اختلط على المسلمين أمرهم، ولحقتهم المشقة في تحري الحلال واجتناب الحرام، والله سبحانه وتعالى حسيب المتقين، وكافي عباده المؤمنين، يرى منهم حبهم لطاعته وكرههم لمعصيته، وسيكافئهم بإذنه مغفرة وعفوا ورضوانا وإحسانا.
وفي قواعد البيع والإجارة الجائزة في الشريعة الإسلامية: كونها مما لا يُعصى الله تعالى بها، فلا تكون عوناً على معصية، ولا تؤدي إلى وقوعٍ في محرم؛ فالشريعة إذا حرمت شيئا، حرمت كل ما يؤدي إليه ويعين عليه، وأمرت بسد كل طريق يوصل إليه.
قال الله عز وجل: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/ 2.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
"فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه" انتهى.
"تفسير السعدي" (ص 218) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (3 / 140) :
"لا يصح عند جمهور الفقهاء بيع العنب لمن يتخذه خمرا , ولا بيع بندق لقمار , ولا دار لتعمل كنيسة , ولا بيع الخشبة لمن يتخذها صليبا , ولا بيع النحاس لمن يتخذه ناقوسا. وكذلك كل شيء علم أن المشتري قصد به أمراً لا يجوز" انتهى.
فإذا تيقن البائع أو المصمم أو المنتج أن ما صممه سيُستعمل في الحرام: فلا يجوز أن يبيعه أو ينتجه، وكذا الحكم إذا غلب على ظنه وإن لم يتيقن.
أما إن شك في الأمر، أو لم يعلم شيئا عن مآل استعمال ما سيبيعه وينتجه: فلا حرج عليه من بيعه وتصميمه، والإثم على من يستعمله في الحرام.
قال ابن حزم رحمه الله:
"ولا يحل بيع شيء ممن يوقن أنه يعصي الله به أو فيه , وهو مفسوخ أبدا: كبيع كل شيء يعصر ممن يوقن أنه يعمله خمراً، وكبيع المملوك ممن يوقن أنه يسيء ملكته، أو كبيع السلاح أو الخيل ممن يوقن أنه يعدو بها على المسلمين، أو كبيع الحرير ممن يوقن أنه يلبسه , وهكذا في كل شيء ; لقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) .
والبيوع التي ذكرنا: تعاون ظاهر على الإثم والعدوان بلا تطويل , وفسخها تعاون على البر والتقوى.
فإن لم يوقن بشيء من ذلك: فالبيع صحيح ; لأنه لم يعن على إثم , فإن عصى المشتري الله تعالى بعد ذلك فعليه (يعني: الإثم على المشتري فقط لا على البائع) " انتهى.
"المحلى" (7 / 522) .
وكذلك الحكم بالنسبة لك أخي السائل:
من جاءك وقد علمت أنه يريد تصميم موقع ليستعمله في الحرام: كالبنوك الربوية أو الصور الإباحية أو بيع المحرمات من خمر وخنزير ودخان أو مواقع الأفلام والموسيقى: فلا يجوز لك تصميم الموقع له، ولا يحل لك إعانته على المنكر الذي يريد، بل الواجب عليك نصحه وإرشاده وتذكيره بتقوى الله عز وجل.
أما إن لم تعلم شيئاً عن سبب طلب تصميم الموقع، أو كان الغالب استعمال الموقع في المباحات والأشياء النافعة: فلا حرج عليك من تصميمه وبيعه، ولو خلط صاحبه في استعماله بعض الحرام: فالأحكام الشرعية تبنى على الغالب وليس على القليل النادر.
وانظر إجابات الأسئلة: (22756) و (95029) و (98062) .
وأما حكم إدخال صور الأطفال على المواقع التي تصممها فلا يجوز ذلك، وقد سبق أن بينا تحريم التصوير، سواء كان مرسوما باليد أو ملتقطاً بالآلة (الكاميرا الفوتوغرافية) ، ولا يستثنى من هذا التحريم إلا ما تتعلق به حاجة أو ضرورة، كصور جواز السفر ونحو ذلك مما يحتاج إليه. وانظر جواب السؤال (20325) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5365)
يتفق مع الزبون على قيمة العقد وربحه ثم يشتريه نقداً ويقسطه عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ فترة وأنا أبيع بالتقسيط. وطريقتي هي: يأتيني المشتري، أو يهاتفني عبر الجوال بسؤاله لي عن التقسيط، وأخبره بأننا نقوم بالتقسيط، ويسأل عما نقسطه، ويجيب أنه يرغب في سلعة، نقوم بتصفية مبلغ من المال كقوله: " أرغب في خمسة آلاف ريال ". أقول له: بأنني سأبيعك سلعة كذا بالتقسيط، وتصبح عليك بقيمة كذا، وقسط قدره كذا، فإن وافق: ذهبت واشتريت السلعة، وبعد امتلاكها عن نفسي: فهو بالخيار، إما أن يقبل أو يرفض، وإن وافق: أتيته بالعقد، وطلبت عليه كفلاء، وبعد توقيع العقد: أقوم بتسليمه الفاتورة الخاصة بالشراء - فاتورة ما اشتريناه من سلعة - التي تمكنه من استلام ما بعناه إياه، أو إعادة بيعه إن رغب بذلك على صاحب المؤسسة، أو من رغب، وليس البيع علينا. هل هذه الطريقة فيها شيء من الحرام؟ وإذا كان فيها شيء من الحرام: فما هي الطريقة الصحيحة التي ليس فيها شيء؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة محرمة، وسبب تحريمها:
1- أنك تبيع السلعة وأنت لم تنقلها من عند من باعها لك، وقد (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تباع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) رواه أبو داود (3499) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
2- أنك تربح فيما لم يدخل في ضمانك، وهذا لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن ربح ما لم يُضمن) رواه الترمذي (1234) وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1386) .
3- أن كثيراً من المشترين في هذه الصورة يبيعون السلعة للطرف الأول (وهو من باعها لك) فتكون المعاملة بهذه الطريقة صورة من صور بيع العينة، وهو محرم، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولأنه حيلة على الربا.
والذين يجيزون هذه المعاملة يشترطون لها شرطين:
1- أن تقبض السلعة، وتكون في ضمانك، وتنقلها من مكانها.
2- أن لا تبيعها قبل تملكها.
وإذا كان الشرط الثاني متوفراً في معاملتكم: فإن الشرط الأول مفقود، واختلال أحد الشرطين يجعل المعاملة من المحرمات.
وقد بينَّا هذا في جواب السؤال رقم: (36408) فلينظر.
وفي جواب السؤال رقم (10958) تجد فتوى لعلماء اللجنة الدائمة في تحريم هذه المعاملة.
ونسأل الله أن يوفقكم لمرضاته، وأن ييسر لكم العمل الطيب، والكسب المبارك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5366)
حكم خياطة ما يعين على المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل خيَّاطة، وقد عملت أغطية لكراسي تستعمل في أعراس أغلبها ليست إسلامية، وفيها ما فيها من المنكرات والمحرمات , هل أنا آثمة في فعلي هذا؟ وهل المبلغ الذي تقاضيته في المقابل حرام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خياطة الثياب والستائر والأغطية للاستعانة بها على المحرمات: لا تجوز، كخياطة الستائر لقاعات الرقص والغناء، أو خياطة ثياب الحرير للرجال، أو خياطة الألبسة الضيقة والمتكشفة لمن يعلم – أو يغلب على ظنه - أنها ستلبسه أمام الرجال الأجانب عنها، ونحو ذلك من صور الإعانة على فعل المحرم.
والقاعدة التي تجمعها هي: "تحريم بيع أو تصنيع أو الاستئجار على أي عمل يعين على معصية الله ".
دليل ذلك قول الله عز وجل: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/ 2.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
" (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) أي: ليُعن بعضكم بعضا على البر، وهو اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأعمال الظاهرة والباطنة، من حقوق الله، وحقوق الآدميين.
والتقوى في هذا الموضع: اسم جامع لترك كل ما يكرهه الله ورسوله، من الأعمال الظاهرة والباطنة.
وكلُّ خصلة من خصال الخير المأمور بفعلها، أو خصلة من خصال الشر المأمور بتركها: فإن العبد مأمور بفعلها بنفسه، وبمعاونة غيره من إخوانه المؤمنين عليها، بكل قول يبعث عليها وينشط لها، وبكل فعل كذلك.
(وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ) وهو التجرؤ على المعاصي التي يأثم صاحبها.
(وَالْعُدْوَانِ) وهو التعدي على الخَلْق في دمائهم، وأموالهم، وأعراضهم، فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه، ثم إعانة غيره على تركه.
(وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) على من عصاه وتجرأ على محارمه، فاحذروا المحارم لئلا يحل بكم عقابه العاجل والآجل" انتهى.
"تفسير السعدي" (ص 218) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"إذا أعان الرجلَ على معصية الله: كان آثماً؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها.
وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة.
ومن أخذ عِوضًا (الأجرة) عن عين محرمة، أو نفع استوفاه، مثل أجرة حَمَّال الخمر، وأجرة صانع الصليب، وأجرة البَغِيّ، ونحو ذلك: فليتصدق بها، وليتب من ذلك العمل المحرم، وتكون صدقته بالعوض (الأجرة) كفارة لما فعله؛ فإن هذا العوض لا يجوز الانتفاع به؛ لأنه عوض خبيث، ولا يعاد إلى صاحبه؛ لأنه قد استوفى العوض، ويتصدق به، كما نص على ذلك مَن نَصَّ من العلماء، كما نَصَّ عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر، ونص عليه أصحاب مالك وغيرهم" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (22 / 141 – 142)
ونقل في "شرح العمدة" (4 / 385 – 387) عن الإمام أحمد تحريم خياطة الثياب للجنود الظلمة، وأنه إذا فعل ذلك فقد أعانهم على الظلم.
ثم قال شيخ الإسلام:
"وكل لباس يغلب على الظن أن يُستعان بلبسه على معصية: فلا يجوز بيعه، وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم، وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية" انتهى باختصار.
وعلى هذا؛ فما قمتِ به من خياطة أغطية لكراسي الأفراح التي ترتكب فيها المعاصي والآثام عملٌ محرم، وكسبكِ منه محرَّم أيضاً، والواجب عليكِ التوبة إلى الله تعالى منه، والتصدق بالأجرة التي أخذتيها مقابل هذا العمل المحرم.
ونسأل الله تعالى أن يخلف عليك خيراً، وأن يتقبل توبتك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5367)
تحريم بيع النمر واقتنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للشخص أن يشتري نمراً ويقوم بتربيته؟ وهل يعتبر النمر من القطط؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز شراء شيء من السباع إلا أن يكون مما يمكن تعليمه الصيد، وأما ما لا يمكن تعليمه الصيد، فلا يجوز بيعه ولا شراؤه؛ لعدم نفعه.
وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن النمر لا يصلح للصيد، وأنه لا يجوز بيعه.
قال النووي في "المجموع" (9/286) : " القسم الثاني من الحيوان: ما لا ينتفع به فلا يصح بيعه، وذلك كالخنافس والعقارب والحيات والديدان والفأرة والنمل وسائر الحشرات ونحوها. قال أصحابنا: ولا نظر إلى منافعها المعدودة من خواصها لأنها منافع تافهة. قال أصحابنا: وفي معناه: السباع التي لا تصلح للاصطياد ولا القتال عليها , ولا تؤكل كالأسد والذئب والنمر والدب وأشباهها، فلا يصح بيعها؛ لأنه لا منفعة فيها.
قال أصحابنا: ولا ينظر إلى اقتناء الملوك لها للهيبة والسياسة " انتهى.
وقال ابن الهام رحمه الله: " ونقل في النوادر أن الأسد إذا كان يقبل التعليم ويصطاد به يجوز بيعه , وإن كان لا يقبل التعليم والاصطياد به لا يجوز , قال: والفهد والبازي يقبلان التعليم، فيجوز بيعهما على كل حال انتهى.
فعلى هذا، ينبغي أن لا يجوز بيع النمر بحال لأنه لا يقبل تعليما " انتهى.
"فتح القدير" (7/118) .
وقال في "كشاف القناع" (3/160) : " ولا يصح بيع سباع بهائم ولا جوارح طير لا تصلح لصيد , كنمر وذئب ودب وسبع وحدأة ونسر وعقعق ونحوها ; لأنه لا نفع فيها كالحشرات " انتهى.
ثانيا:
أما اقتناء النمر لغير الصيد، فالظاهر منعه لأمرين:
الأول: ما في تربيته من الإسراف والتبذير، دون فائدة، والمال والطعام الذي يجلب له كل يوم، لو أعطي للفقراء والمحتاجين لكان خيرا عظيما.
الثاني: ما في تربيته من المخاطرة؛ إذ لا يؤمن انفلاته وإلحاقه الضرر بأهل البيت وغيرهم؛ لما فيه من الشر والخبث.
وقد صرح بعض الفقهاء بتحريم اقتنائه:
قال زكريا الأنصاري في "شرح منهج الطلاب" (3/25) : " ولا يصح بيع سباع لا تنفع كأسد وذئب ونمر وما في اقتناء الملوك لها من الهيبة والسياسة ليس من المنافع المعتبرة.
قال الجمل في حاشيته عليه: " قوله (وما في اقتناء الملوك إلخ) أي واقتناؤهم لها حرام " انتهى.
وأكثر من يربي هذه الحيوانات لغير الصيد إنما يربيها للفخر والمراءاة، دون مبالاة بما ينفقه عليها، مما يكفي لإطعام الكثير من أهل الحاجة والفاقة.
والنمر من فصيلة القطط، وهذه الفصيلة تشمل أنواعا من الحيوانات المفترسة كالنمر والوشق والعناق، وينظر: "الموسوعة العربية العالمية".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5368)
تمول لهم شركتهم شراء السيارات ويشترط البائع التأمين على الحياة!
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة، وهذه الشركة أجرَت اتفاقاً مع بائع السيارات ليبيع السيارات لعمالها بالتقسيط، فإذا أراد أي عامل شراء سيارة يذهب إلى بائع السيارات، ويختار السيارة التي تعجبه، فيعطيه البائع ورقة مكتوباً عليها ثمن السيارة بدون تقسيط، وثمن السيارة بالتقسيط لمدة ستين شهراً، وقيمة كل قسط، وهذه الأقساط تخصم مباشرة من الراتب الشهري للعامل حسب اتفاق الشركة والبائع، لكن البائع يشترط على المشتري أن يؤمِّن على السيارة من كل الأخطار، ويؤمِّن على حياته مدة ستين شهراً؛ وذلك ليضمن البائع استرداد ثمن السيارة في حالة ما إذا وقع حادث للسيارة، أو في حالة وفاة المشتري، هل هذه المعاملة حلال شرعاً - مع العلم أن التأمين على السيارة في بلدي إجباري، وأنني أملك سيارة قديمة وأريد استبدالها بسيارة جديدة ?]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الذي يظهر أن ما تقوم به هذه الشركة هو دفع ثمن السيارة للبائع نقداً، ثم تقوم بتحصيل هذا الثمن مقسطاً من المشتري، وعليه زيادة عما دفعته للبائع.
فاتفاقها مع بائعي السيارات واضح في أنهم يمكنون عاملهم من اختيار السيارة، ويكون عليها دفع ثمنها لهم، وواضح أن هذه المعاملة هي قرض تقدمه الشركة لموظفيها، لكنها لا تمكنهم من المال نقداً، بل تبادر بدفعه لبائعي السيارات، وهي تستوفي من موظفيها أكثر مما دفعت.
وهذه المعاملة محرَّمة، وهي صورة من صور الربا، وقد سبق في جواب السؤال (10958) فتوى لعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء في تحريمها.
ثانياً:
سبب آخر يجعل هذه المعاملة محرَّمة، هو اشتراط البائع على الموظف المشتري أن يؤمِّن على حياته! وذلك من أجل استيفاء أموالهم من قيمة التأمين بعد الوفاة! وعقود التأمين التجاري كلها محرَّمة، ولا يجوز منها أي نوع، ومن يؤمن على سيارته فإن هذا من باب الإكراه، والاضطرار، ولا يحل له الاستفادة مما تدفعه له شركة التأمين في حال وقوع حادث، بل يأخذ منهم ما دفعه لهم من أقساط فقط.
وانظر جواب السؤال رقم (10805) ففيه بيان حكم التأمين على الحياة، وفيه فتوى الشيخ ابن باز
وانظر جواب السؤال رقم: (30740) ففيه حكم الاقتراض ممن يشترط التأمين على الحياة.
وعلى هذا؛ فلا يجوز للموظف أن يشتري السيارة بهذه الطريقة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5369)
حكم العمل في تصنيع طعام الحيوانات المشتمل على لحم الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز العمل بمصنع يعد طعاما للحيوانات وهذا الطعام يحتوي على الخنزير؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز إطعام الحيوانات التي لا تؤكَل كالكلاب والقطط، الميتات، ومنها لحم الخنزير، فإنه ميتة على كل حال، سواء ذبح أو مات بدون ذبح.
قال النووي في "المجموع" (4/336) : " ويجوز إطعام الميتة للكلاب والطيور، وإطعام الطعام المتنجس للدواب " انتهى مختصرا.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " يباح إطفاء الحريق بالخمر , وإطعام الميتة للبزاة والصقور , وإلباس الدابة للثوب النجس , وكذلك الاستصباح بالدهن النجس في أشهر قولي العلماء , وهو أشهر الروايتين عن أحمد. وهذا لأن استعمال الخبائث فيها يجري مجرى الإتلاف ليس فيه ضرر " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (1/433) .
ثانيا:
لا يجوز بيع لحم الخنزير، منفردا أو مخلوطا بغيره؛ لما رواه البخاري (2236) ومسلم (1581) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: (إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ) .
قال النووي رحمه الله: " يجوز إطعام الميتة للجوارح ولا يجوز بيعها " انتهى من "المجموع" (9/285) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن معلبات طعام للقطط التي تحتوي على لحم خنزير هل يجوز شراؤها وإطعامها للقطط؟
فأجاب: " إذا كان ذلك بشراءٍ للمعلبات فلا يجوز، لأنه لا يجوز دفع ثمن لحم الخنزير وشراؤه. وإن كان وجده مرمياً فأطعمه قطته فلا بأس بذلك، والله أعلم ".
انظر جواب السؤال رقم (5231) .
وبناء على ذلك؛ فلا يجوز العمل في صناعة الطعام المشتمل على لحم الخنزير أو غيره من الميتات؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم والحرام، لأنها تصنع بغرض بيعها، وهو محرم كما سبق. قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5370)
حكم السحب على السيارات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السحب على السيارات والأدوات المنزلية كالغسالة والثلاجة والتلفزيون وغير ذلك من قبل الأسواق والمحلات التجارية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لأنهم ينفعون أنفهسم ويضرون غيرهم، فجعل جائزة سيارة أو ثلاجة أو غيرها وقالوا من اشترى منا كذا وكذا فإنه سيشترك في هذه المسابقة ونسحب اسمه مع جملة الأسماء وإذا فاز فقد يحصل على سيارة قيمتها مائة ألف أو نحوه وبالتالي يتهافت الناس إليهم وربما جاء عشرة آلاف زبون أو عشرين ألفاً ولا يحصل على المسابقة إلا واحد منهم والبقية يخفقون فإنهم يضرون غيرهم من أصحاب المحلات، فالكل يتهافت إليهم تاركين بقية المحلات مما يلحق الضرر بالآخرين.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5371)
المتاجرة بالسجائر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام فيمن يتجر في الدخان (السجاير) التي تباع بواسطة الرخصة من طرف شركة الدخان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شرب الدخان حرام، وزرعه حرام، والاتجار به حرام لما فيه من الضرر العظيم وقد روي في الحديث: (لا ضرر ولا ضرار) ولأنه من الخبائث، وقد قال تعالى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) الأعراف /157 وقال سبحانه: (يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات) المائدة/4
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/31.(5/5372)
يبيعه هاتف جوالا بالأقساط ويسدّد عنه ثمن الشريحة
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد بعض المؤسسات تقوم ببيع جهاز الهاتف النقال بالطريقة الآتية: يتعاقد الطرفان على أن تقوم المؤسسة ببيع الشّخص هاتفاً جوالا وتقوم باستخراج الشريحة من شركة الاتصالات بمبلغ إجمالي مقداره خمسة آلاف ريال، منها ثلاثة آلاف ريال يدفعها البائع إلى شركة الاتّصالات ويأخذ شريحة باسم المشتري وألفا ريال قيمة الهاتف ثم يقسّط عليه المبلغ كاملا على أقساط الشهرية. فهل يجوز للشركة عمل إجراءات البيع بالتقسيط قبل جلب الشريحة للمشتري علماً بأنها لا تمتلك الشريحة.]ـ
[الْجَوَابُ]
عرض هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله أنّ الظاهر أنّ هذا لا يجوز، لأنّ المشتري يقول للبائع أقرضني ثمن الشّريحة ثمّ أسدّد لك بزيادة وهذه الزيادة ربا. لكن يجوز أن يبيعه الهاتف فقط بالأقساط لأنه يملكه.
سؤال: لو قال اجعلوا الزيادة على الجوال؟
جواب: لا ينفع، لأنّ الزيادة على الجميع، فهذا عقد محرم، ولكن يشتري الشريحة من ماله (أي المشتري) .
سؤال: هل هذا يدخل في مسألة عقدين في عقد، وهل يمكن أن تكون العلاقة بين المشتري والبائع (في شأن الشّريحة) وكالة بأجرة؟
جواب: لا، لأن كل عقد لوحده فالعقد الأول مع شركة الاتصالات والآخر مع الشركة، فهذا ممنوع، فكأنهم أقرضوه وأعطوا شركة الاتصالات ثم زادوا عليه. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5373)
حكم بيع الفيز وأخذ نسبة من العمال
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب مني رجل من الجنسية الهندية قبل فترة أن أقوم بعمل طلب تأشيرة دخول للبلاد لأخيه واتفقنا على مبلغ من المال عند دخول أخيه البلاد وله حرية العمل حيث شاء ولم نتفق على أن آخذ أجرة شهرية وإنما هي مرة واحدة عند قدومه فقط حيث إنه لم يكن مُكرها وإنما بإرادته وبعد أن من الله علي بالالتزام ولله الحمد أصابني شك في المال، هل هو حرام أم حلال؟ وإن كان حراما هل علي إرجاع المال أم التوبة تكفي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيع الفيز أو تأشيرات الدخول، لما في ذلك من الكذب والاحتيال على الأنظمة، فالمال المكتسب بهذه الطريقة مال حرام، والتوبة منه تكون بالتخلص منه في أوجه البر المختلفة – هذا إذا كان المال باقيا- أما إذا كان المال قد تم إنفاقه فتكفي التوبة، ولا يلزم التصدق بمقداره.
وانظر جواب السؤال (78289) ففيه زيادة فائدة.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: يقوم بعض الأشخاص باستخراج (فيزة) تكلفه تقريباً ثلاثة آلاف ريال، ثم يقوم ببيعها بثمانية أو عشرة آلاف على شخص آخر ليحضر أخاه، فما الحكم في ذلك؟
فأجاب: " (الفيزة) الرخصة يعني يأخذ رخصة من الوزارة لاستقدام عامل، ثم يبيع هذه الرخصة على أحد يستقدم عاملاً، فهذا حرامٌ ولا يجوز؛ لأننا نقول: إن كنت محتاجاً إلى هذا العامل فالفيزة بيدك، وإن لم تكن محتاجاً فرد الفيزة إلى من أخذتها منه، ولا يحل لك أن تبيعها. . . ثم هذا كذب؛ إذا أخذ فيزة على أنه يستقدم عاملاً ثم باعها صار كاذباً" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (170/15) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أنا شاب أبلغ من العمر 33 سنة، وحالتي المادية ضعيفة، وقد أتى إلي أحد الأيام أحد الإخوة المقيمين بالمملكة، وهو باكستاني الجنسية (مسلم) وطلب مني أن أستخرج له عددا من الفيز لاستقدام بعض أقاربه من الباكستان مقابل أن يدفع لي سبعة آلاف ريال لكل فيزة، وفعلت ذلك نظرا لحالتي المادية، وحاجتي لهذا المال، وقبضت منه قيمة أربع فيز، واستقدمت الأشخاص الذين قد اشترى الفيز من أجلهم، ولهم الآن بالمملكة أربع سنوات يعملون لحسابهم الخاص. سؤالي: هل هذا المال الذي قبضته منهم حلال أم حرام؟ علما بأن الأشخاص المعنيين قد حصلوا على أضعاف ما قد دفعوه إلي من المال، وهم راضون عن وضعهم وما دفعوه بسبيل إقامتهم بالمملكة للعمل. أفيدوني جزاكم الله خيرا.
فأجابوا: "هذا المال حرام؛ لأنه عوض عن الكفالة، وهي من عقود الإحسان، وأيضا كذب؛ لأنه مخالف للأنظمة التي وضعتها الدولة للمصلحة العامة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/189) .
وسئلوا أيضاً (13/79) : استقدمت عمالة أجنبية قبل 8 سنوات تقريبا، وقد بعت الفيز على شخص هنا، سواء من الباكستان أو مصر، على أن يستقدم العمالة ويعملوا على طريقتهم، أي ليس عندي في المؤسسة، وكان هذا شرطا بيني وبينهم، وعلى اتفاق أن يدفع نسبة كل آخر شهر، وليست إجباريا، ولكن الله هداني إلى الصواب، وتبت إلى الله، وهذا أنا يا سماحة الشيخ أرجو من الله ثم منكم أن تدلوني على الطريق الصحيح، حيث إن بعض العمال سافر إلى بلاده، ولا أعرف له عنوانا، والبعض الآخر موجود، ولكن لا آخذ منه شيئا ...
فأجابوا: "بيع الفيز لا يجوز؛ لأن في بيعها كذبا ومخالفة واحتيالا على أنظمة الدولة، وأكلا للمال بالباطل، قال الله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ) وعلى ذلك فإن ثمن الفيز التي بعتها والنسب التي تأخذها من العمال كسب محرم، يجب عليك التخلص منه، وإبراء ذمتك منه، فما حصلت عليه من ثمن الفيز تنفقه في وجوه البر والخير، من فقراء وإنشاء وبناء مرافق تنفع المسلمين.
وأما الأموال التي أخذتها من العمال أنفسهم نسبة في كل شهر، فإنه يجب عليك ردها إليهم إن كانوا موجودين، أو تيسر إيصالها إليهم في بلدهم على عناوينهم. وإن تعذر معرفتهم أو إيصالها إليهم فإنك تتصدق بها عنهم؛ لأن هذه النسبة اقتطعت منهم بغير حق، وبدون عوض، وعليك الاستمرار في التوبة من هذا العمل، وعدم العودة إليه مستقبلا، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5374)
بيع الخمور على الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها كالخمور والخنزير ولو مع الكفرة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/47.(5/5375)
هل يبيع برامج تشغيل الحاسب مع خوفه من استعمالها في الحرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أبيع برامج لتشغيل الحاسوب لكن أخاف أن يستعملوها في معصية وأن أنال إثما وراء ذلك أم أنني لست مسئولا عما يفعله بعدي المشتري؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البرامج والأجهزة التي تستعمل في الخير والشر، يجوز بيعها والاتجار فيها، إلا إذا عُلم أن المشتري سيستعملها في الحرام، فلا يجوز بيعها له، وكذلك إذا غلب على الظن أنه سيستعملها في الحرام، فلا يجوز بيعها له.
أما إذا كنت مترددا، هل سيستعملها في الحرام أم لا؟ فلا حرج عليك في بيعها له، فإن استعملها في الحرام كان إثم ذلك عليه وحده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ولا يصح بيع ما قصده به الحرام كعصير يتخذه خمرا إذا علم ذلك كمذهب أحمد وغيره , أو ظن، وهو أحد القولين، يؤيده أن الأصحاب قالوا: لو ظن المؤجر أن المستأجر يستأجر الدار لمعصية كبيع الخمر ونحوها لم يجز له أن يؤجره تلك الدار , ولم تصح الإجارة , والبيع والإجارة سواء " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/388) .
وينظر جواب السؤال رقم (39744) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5376)
حكم بيع العطر لغير المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحرم بيع العطور لغير المسلمات؟ سؤالي بسبب الحديث إذا تعطرت المرأة وخرجت من بيتها ليجد الرجال ريحها فهي زانية أرجو ذكر الدليل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل حل البيع سواء كان للمسلمين أو لغيرهم، والطيب يستخدم لعدة أغراض، وإنما يحرم بيع الطيب لمن عُلم أنه يستخدمه في أمر محرم، وهكذا جميع ما أباح الله، فمثلاً العنب يجوز بيعه للمسلمين وغيرهم، وقد يستخدمه البعض في صنع الخمر، فالقاعدة أنه من علم أنه يَستخدم ما جاز بيعه في الحرام فلا يجوز البيع له وإلا فيجوز.
فلو كنت تتاجر بالعنب وجاءك كافر يريد شراء عنب وأنت لا تدري هل سيستخدمه للأكل أو لصناعة خمر فالأصل جواز بيعه لكن لو جاءك مندوب لمصنع الخمر يريد شراء عنب للمصنع وعلمت ذلك فلا يجوز أن تبيعه. والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5377)
صنع الشعارات وبيعها للبنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك شركة تتاجر في الهدايا والأدوات المكتبية مثل الأقلام والتي نعيد تصنيعها بحيث نضع شعار الشركات على هذه الأقلام. والشركة تستخدم هذه الأقلام إما لموظفيها وإما تعطيها لأشخاص من خارج الشركة. بعض من عملائنا عبارة عن بنوك غير إسلامية ومحطات تلفاز يطلبون منا تصنيع أقلام لهم عليها شعار شركتهم وعلامتهم التجارية، فهل المال الذي نكسبه من ورائهم حلال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيع الأقلام للبنوك الربوية لتستخدمها في كتابة العقود المحرمة أو ما يعين على ذلك، أو لتستخدمها في الدعاية لها، حرام، لأن الله تعالى حرم الإعانة على المعصية عموما، وحرم الإعانة على الربا خصوصا، فقال سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وفي صحيح مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ. وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .
وقد صرح الفقهاء بتحريم بيع ما يستعين به مشتريه على معصية الله.
جاء في حاشية الدسوقي المالكي على "الشرح الكبير" (3/20) : " يمنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز- وذكر من ذلك- بيع أرض لتتخذ كنيسة أو خمّارة، والخشبة لمن يتخذها صليباً، والعنب لمن يعصره خمراً" انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني" (4/154) :
"بيع العصير ممن يتخذه خمرا باطل. إذا ثبت هذا فإنما يحرم البيع ويبطل إذا علم البائع قصد المشتري ذلك، إما بقوله وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك، فأما إن كان الأمر محتملا مثل أن يشتريها من لا يعلم، أو من يعمل الخل والخمر معا ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر فالبيع جائز" انتهى.
ثم قال رحمه الله:
" وهكذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام , كبيع السلاح لأهل الحرب , أو لقطاع الطريق , أو في الفتنة , وبيع الأمة للغناء , أو إجارتها كذلك , أو إجارة داره لبيع الخمر فيها , أو لتتخذ كنيسة , أو بيت نار , وأشباه ذلك. فهذا حرام , والعقد باطل " انتهى.
وبهذا يعلم أنه لا يجوز بيع السلع المباحة لمن يستعملها في المعصية.
والترويج للمعصية ودعوة الناس إليها معصية، لا يجوز للمسلم أن يعين عليها.
وعلى هذا؛ فما دامت هذه البنوك ربوية فلا يجوز أن تبيع لها أقلاماً تستخدمها في الدعاية لها، أو يكتب بها موظفوها عقوداً محرمة.
وإذا كانت تلك المحطات من المحطات التي تنشر المحرمات كظهور المرأة متبرجة أو نشر المسلسلات الهابطة والأفكار الهدامة ونحو ذلك فإنه لا يجوز أن يباع لهم ما يتخذونه وسيلة لترويج منكراتهم والدعوة إليها، ومن ذلك: وضع الشعار على الهدايا التي يوزعونها للناس بقصد دعوتهم إلى هذه المنكرات.
وإذا تركت أخي السائل البيع لهؤلاء طلبا لمرضاة الله وتحريا للحلال من الرزق فتيقن أن الله عز وجل سيخلف عليك بخير مما كنت ستكسبه من البيع لهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه) رواه أحمد وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2/734) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5378)
هل يبيع الخمر ليسدد القرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ يملك أكثر من 5 محطات وقود ويبيع فيها الخمر وتذاكر اليانصيب وأشياء أخرى محرمة.
عرف والحمد لله أن الكسب من بيع هذه الأشياء محرم ويريد الآن أن يقلع عنها ولكنه يجب أن يدفع القروض التي اقترضها لشراء هذه المحطات ويشمل هذا القرض مبالغ ربوية.
السؤال هو: هل يستطيع أن يستمر في بيع هذه الأشياء (هذه الأشياء هي السبب الرئيسي في نجاح هذا المشروع) لغرض تسديد القرض؟
أرجو ملاحظة أن الأخ قد بدأ فعلاً في عمل آخر حلال ولكن دخله من هذا العمل لا يكفي لتسديد ذلك القرض.
أرجو أن توضح لنا جزاك الله خيراً على جهودك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
يبادر بقضاء القرض حتى يسقط عنه الربا.
السؤال: لكنه لا يستطيع، وليس معه سيولة؟ هل يترك المحطة تعمل حتى يسدد؟
الجواب: تعمل على الخمر والقمار؟ لا يجوز ذلك.
السؤال: إذن نقول له، اكسر قوارير الخمر، واقفل مكان القمار، وابقى على محطة البنزين فقط حتى تسدد؟
جواب: نعم.
السؤال: فإن قال: لا يمكن ذلك، لأن دخل البنزين لا يكفي؟ والبنك يطالب بالمال، فإن لم يدفع سيسجن؟ هل يبقى على وضعه حتى يسدد؟
الجواب: لا أبداً. الخمر والقمار لا يجوز أبداً.
انتهى، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح العثيمين(5/5379)
حكم بيع الفيزة للعامل برضاه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم إعطائي الحكم الشرعي في حكم بيع الفيزا لأحد العمال ليستفيد منها مع العلم أني أريد أن أفتح محلا لهذا العامل، وسيتم البيع برضا الطرفين وليس هناك أي ضغط عليه. والشيء الثاني إذا كان بيع الفيزا حراما هل حرام أن أجعله يدفع رسوم الفيزا البالغة 2000 ريال ورسوم المكتب والمعقب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا العامل على كفالتك، وسوف يعمل عندك، فلا يجوز لك بيع الفيزا له، ولا يجوز أيضاً إلزامه بدفع تكاليفها، لما في ذلك من المخالفة لأنظمة الدولة التي تجعل تلك التكاليف على صاحب العمل، وليست على العامل.
وقد أفتى علماؤنا بتحريم بيع الفِيَز مطلقاً، لما فيه من الكذب والتحايل على أنظمة الدولة.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: يقوم بعض الأشخاص باستخراج (فيزة) تكلفه تقريباً ثلاثة آلاف ريال، ثم يقوم ببيعها بثمانية أو عشرة آلاف على شخص آخر ليحضر أخاه، فما الحكم في ذلك؟
فأجاب: " (الفيزة) الرخصة، يعني: يأخذ رخصة من الوزارة لاستقدام عامل، ثم يبيع هذه الرخصة على أحد يستقدم عاملاً، فهذا حرامٌ ولا يجوز؛ لأننا نقول: إن كنت محتاجاً إلى هذا العامل فالفيزة بيدك، وإن لم تكن محتاجاً فرد الفيزة إلى من أخذتها منه، ولا يحل لك أن تبيعها، ولو قمنا بهذا لكان كل الناس يشترون (فيزاً) ، ويتربحون فيها، ثم هذا كذب؛ إذا أخذ فيزة على أنه يستقدم عاملاً ثم باعها صار كاذباً. لكن قل لي: لو أنه استغنى عن العامل؛ كرجل أخذ (فيزة) على أنه يريد أن يستقدم عاملاً حقيقة لكن استغنى عنه، فهل يبيعها؟ الجواب: لا، وإنما يردها؛ لأنها منحت له على أن يستقدم هو بنفسه عاملاً ثم استغنى عنه فليردها؛ لأنه ربما يكون هناك أناسٌ منتظرون (للفيز) " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (170/15) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أنا شاب أبلغ من العمر 33 سنة، وحالتي المادية ضعيفة، وقد أتى إلي أحد الأيام أحد الأخوة المقيمين بالمملكة، وهو باكستاني الجنسية (مسلم) وطلب مني أن أستخرج له عددا من الفيز لاستقدام بعض أقاربه من الباكستان مقابل أن يدفع لي سبعة آلاف ريال لكل فيزة، وفعلت ذلك نظرا لحالتي المادية، وحاجتي لهذا المال، وقبضت منه قيمة أربع فيز، واستقدمت الأشخاص الذين قد اشترى الفيز من أجلهم، ولهم الآن بالمملكة أربع سنوات يعملون لحسابهم الخاص. سؤالي: هل هذا المال الذي قبضته منهم حلال أم حرام؟ علما بأن الأشخاص المعنيين قد حصلوا على أضعاف ما قد دفعوه إلي من المال، وهم راضون عن وضعهم وما دفعوه بسبيل إقامتهم بالمملكة للعمل.
فأجابوا:
هذا المال حرام؛ لأنه عوض عن الكفالة، وهي من عقود الإحسان، وأيضا كذب؛ لأنه مخالف للأنظمة التي وضعتها الدولة للمصلحة العامة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/189)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5380)
حكم بيع الكماليات السياحية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التجارة في الكماليات السياحية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز التجارة في الكماليات السياحية، ما لم تشتمل على محرم، لأن الأصل حل البيع، كما قال تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) البقرة/275، فإذا لم يكن المبيع محرما، أو مما يستعان به على المحرم، فلا حرج في بيعه والاتجار فيه.
ومن المحرمات: بيع الخمر، والتماثيل، والملابس التي عليها صور، وبيع ما فيه تعظيم للكفار كصورهم وأعلامهم وشعاراتهم، أو ما فيه إعانة لهم أو للفساق على منكرهم وباطلهم، كملابس التبرج، وبطاقات التهنئة بالأعياد المحرمة، أو بيع ما ثبت ضرره كالدخان.
وللفائدة راجع هذه الأجوبة (75007) و (67745) و (12274)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5381)
حكم الشراء من منتجات شركة DXN والاشتراك في نظامهم التسويقي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا استخدم منتج DXN من شركة ماليزيا، وشاهدت نتائجه الصحية على بعض الناس، ولكن أسأل عن حكمه من الناحية الشرعية، حيث إنه عند اشتراكك في الشركة تصبح عضواً فيها، ولك فيها أسهم، وتقوم أنت بالتالي ببناء شبكة، وبعد الوصول عند مستوى معيَّن يكون لك مبلغ من المال شهريّاً، ويزداد هذا المبلغ بزيادة نشاطك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز الشراء من هذه الشركة وأمثالها ممن يبيع بضائع لها قيمة حقيقية تعادل المنتج، دون أن يكون فيها زيادة لأجل الاشتراك في التسويق، ولكن لا يجوز الاشتراك في نظامهم التسويقي، والمسمى " التسويق الشبكي "، ويسمى – أيضاً - " التسويق الهرمي "؛ لأن هذا النظام قائم على الغرر وأكل أموال الناس بالباطل، وقد منعت دول إسلامية وغير إسلامية هذا النظام التسويقي، وحذَّرت الناس من المساهمة فيه.
وقد اطلعنا على موقعهم، ورأينا ما يبيعونه، ورأينا نظامهم التسويقي، وهو عينه الذي ذكرناه.
وقد بيَّنا في أجوبة متعددة حكم المشاركة في هذا النظام التسويقي، فانظر:
أجوبة الأسئلة: (42579) و (40263) و (45898) و (40263) و (46595) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5382)
تحريم شراء المتصدق لصدقته
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديثاً نصه (لا تَعُدْ في صدقتك، وأن أعطاكه بدرهم) ، هل يجوز للشخص إذا تصدق على فقير أن يشتري منه الصدقة بعد ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث رواه البخاري برقم 1490 ومسلم برقم 1620 عن ابن عمر رضي الله عنه قال: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشتره، ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في هبته كالعائد في قيئته) ، وفي لفظ: (فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئته) .
والنهي عن شراء الصدقة لأنها خرجت لله، فلا ينبغي أن تتعلق بها شيء من النفس، وشراؤها دليل على تعلقه بها، ولئلا يحابيه البائع فيعود عليه شيء من صدقته.
[الْمَصْدَرُ]
تيسر العلام شرح عمدة الأحكام ص 762(5/5383)
تحريم بيع الكلية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مريض بالكلى وقرر له زراعة كلى وقد طلب شخص مقابل كليته مبلغ 50 ألف ريال، فهل هذا جائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" تجوز زراعة الكلية لمن اضطر إليها إذا تيسرت بطريقة مباحة، ولا يجوز للإنسان أن يبيع كليته أو عضوًا من أعضائه لأنه قد جاء الوعيد في حق من باع حرًا فأكل ثمنه، وبيع العضو يدخل في ذلك لأن الإنسان لا يملك جسمه وأعضاءه. ولئلا يكون ذلك وسيلة إلى المتاجرة بالأعضاء - هذا الذي يظهر لي. ولئلا يؤدي ذلك إلى الاعتداء على الضعفة من الناس وسرقة كلاهم طمعًا في المال ".
" المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان " (3 / 62)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5384)
شراء سيارة من توكيل يتعامل مع البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشتري سيارة بالتقسيط من عند وكيل معتمد للسيارات وهو شركة رينو، هذه الأخيرة أصدرت الشهر الماضي عملية لبيع سياراتها بالتقسيط وشرطها هو أن يدفع الزبون قسطا أوليا نقدا يتراوح بين 20% إلى 30%، والباقي لمدة 5 سنوات بالتقسيط، هذا طبعا بعد دراسة لملف كامل يحتوي على كشف للراتب + شهادة ميلاد المعني ... إلخ. وبعد دراسة ملف الزبون من طرف شركة رينو تعطيه لدراسة ثانية من طرف بنكها وهو وكيلها المالي واسمه رينو للقروض؛ حيث بعد دراسة أخرى لملف الزبون وبعد الموافقة، البنك يمول وكيله المعتمد للسيارات بقيمة السيارة، ثم يقوم الوكيل المعتمد للسيارات رينو بإجراءات تسليم السيارة للزبون بسعر غير السعر الذي تبيع به سياراتها نقدا أي تزيد هامش البيع بنسبة فائدة معينة 9.4% وهي فائدة غير مركبة مثال: سيارة من نوع "س" مثلا تباع نقدا: 1.000.000 نفس السيارة" س" تباع بالتقسيط ب: 1.094.000 كما أحيطكم علما أن دفع الأقساط يتم كل شهر وتدفع في الحساب البريد الجاري للوكيل المعتمد للسيارات رينو وليس في حساب بنكه المالي، مع العلم أيضا أن الزبون لا يتعامل إطلاقا مع البنك، إذ يتعامل فقط مع بائع السيارات وهو الوكيل المعتد للسيارات رينو. ما حكم الشريعة في هذه المعاملة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز البيع بالتقسيط، ولو كان بسعر أعلى من البيع نقداً، وانظر جواب السؤال رقم 13973.
ويشترط لحل البيع بالأقساط عدم اشتراط غرامة في حال التأخر عن سداد الأقساط، لأن اشتراط هذه الغرامة ربا محرم، ولا يجوز لأحد أن يشارك في عقد كهذا، ولو كان متيقنا من قدرته على السداد؛ لأنه إقرار للعقد الربوي، والتزام به، وذلك محرم، وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار بتحريم غرامة التأخير التي يفرضها المصرف عند تأخير العميل في السداد.
جاء في قرار المجمع الفقهي رقم: 133 (7/14) في دورته الرابعة عشرة بالدوحة: "إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق، أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرم" انتهى.
وللبائع أن يطلب كفيلا، أو يأخذ رهنا لضمان حقه، ويجوز أن يجعل السلعة المباعة هي نفس الرهن، فلا يتمكن المشتري من بيعها قبل سداد ما عليه.
ثانيا:
إذا كانت المعاملة تجري على النحو الذي ذكرت، تدفع مقدّما، وتقسّط الباقي، وتتعامل مع الوكيل المعتمد لا مع بنكه، فلا حرج فيها، لكن إذا علمت أن هذا الوكيل يعطي الأوراق والشيكات المؤجلة للبنك، ويأخذ أقل من قيمتها، فهذه عملية ربوية محرمة، فيما بينه وبين البنك ولست طرفاً فيها، والأفضل لك هو عدم التعامل مع هذا الوكيل الذي يتعامل بالربا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5385)
التعامل مع شركات التسويق الهرمي
[السُّؤَالُ]
ـ[إن جدول النظام القسرى هو نظام يقوم بموجبه الشخص بالمساهمة بقيمة 10 دولار بإحدى الشركات على أن يتم تقسيم هذا المبلغ كحصص بين الشركة و4 أشخاص آخرين (قد تم إختيارهم فى هذا النظام) فيضاف لحساب كل منهم دولارين. ويدفع الشخص هذا المبلغ مرة واحدة على أمل أن يأتى مساهمون جدد في هذا النظام فيقوموا بالمثل فكلما تمت عملية من هذه المعاملات يحصل كل فرد على دولارين حيث يجب على المساهمين الجدد أن يقوموا بدفع المبلغ مباشرة إلى الأربع مساهمين السابقين لهم وتحصل الشركة على دولارين نظير رسوم خدمات لكل مساهم. فهل يحل الإنضمام لهذا البرنامج؟ وجزاك الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز الدخول في هذه المعاملة، وهي ما تعرف بالنظام الهرمي أو الشبكي، لقيامها على المقامرة، وعدم معرفة طريقة استثمار المال فيها. أما المقامرة فلأن الشخص يدفع 10 دولارات على أمل أن يأتي مساهمون جدد فيربح أكثر، وهذا هو القمار بعينه، فقد يربح وقد لا يربح.
وقد حرم الله الميسر وقرن تحريمه بالخمر والأنصاب والأزلام، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90، والميسر: كل معاملة دائرة بين الغنم والغرم، لا يدرى فيها المعامل هل يكون غانما أو يكون غارما.
وأما الجهل بطريقة الاستثمار، فلأنه لا يُعرف أين تضع الشركة أموالها، وكيف تستثمره، ولا يجوز لأحد أن يستثمر ماله حتى يتأكد من إباحة الطريقة المتبعة في الاستثمار. وكثير من هذه الشركات لا يستثمر المال أصلا، وإنما يخادع الناس ويأكل مالهم بالباطل، ولهذا أطلق على هذا النوع من الشركات في بعض البلدان: شركات بيع الهواء، أو أهرام الوهم، لأنه لا يستفيد منها إلا فئة قليلة، ثم لا تلبث أن تنفض الشركة وتنتهي المعاملة.
وقد أفتى جمع من أهل العلم بحرمة التعامل مع الشركات التي تتبع النظام الهرمي، ولو كانت تبيع سلعة من السلع أو منتجا من المنتجات.
وينظر السؤال رقم (42579)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5386)
حكم كتابة الأبحاث والرسائل وبيعها للطلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع الأبحاث المقتبسة من الانترنت إلى الطلاب الذين يحتاجونها لتقديمها إلى مدرسيهم الذين لا يجيدون التعامل مع الانترنت أو لا يتوفر لديهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
إذا كان الطالب سينال بهذا البحث شهادة أو يزداد به درجات أو يتجاوز بذلك اختباراً فذلك العمل حرام، وهو غش وخيانة، سواء اقتبست هذه الأبحاث من الإنترنت أم من غيره؛ لأن البحث إنما يراد من الطالب لتمرينه واختبار قدراته ونحو ذلك من الأهداف، فالواجب عليه أن يفعل ذلك بنفسه، فإن أخذ مجهود غيره، وقدمه باسمه كان غاشا كاذبا.
وهؤلاء الذين يكتبون الأبحاث لغيرهم آثمون معتدون مفسدون، سواء كتبوها بمقابل أم بغير مقابل؛ لإعانتهم على الغش والكذب، ولإسهامهم في إعطاء الشهادات والدرجات لمن لا يستحق، وهذا فساد عام، وغش للأمة، ينتج عنه تصدير من لا يستحق التصدير، وتولية من لا يستحق الولاية.
والمال المأخوذ من وراء بيع هذه الأبحاث سحت محرم، لا يحل الانتفاع به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) رواه الطبراني وأبو نعيم، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4519)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما قول فضيلتكم فيما يفعله البعض من استئجار من يكتب لهم البحوث، أو يعد لهم الرسائل، أو يحقق بعض الكتب فيحصلون به على شهادات علمية؟
فأجاب: " إن مما يؤسف له ـ كما ذكر السائل ـ أن بعض الطلاب يستأجرون من يعد لهم بحوثاً أو رسائل يحصلون بها على شهادات علمية، أو من يحقق بعض الكتب، فيقول لشخص: حضِّر لي تراجم هؤلاء وراجع البحث الفلاني، ثم يقدمه رسالة ينال بها درجة يستوجب بها أن يكون في عداد المعلمين أو ما أشبه ذلك، فهذا في الحقيقة مخالف لمقصود الجامعة ومخالف للواقع، وأرى أنه نوع من الخيانة؛ لأنه لابد أن يكون المقصود من ذلك الشهادة فقط فإنه لو سئل بعد أيام عن الموضوع الذي حصل على الشهادة فيه لم يُجِبْ.
لهذا أحذر إخواني الذين يحققون الكتب أو الذين يحضّرون رسائل على هذا النحو من العاقبة الوخيمة، وأقول إنه لا بأس من الاستعانة بالغير ولكن ليس على وجه أن تكون الرسالة كلها من صنع غيره، وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، إنه سميع مجيب "
انتهى من " كتاب العلم".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5387)
حكم التصوير بكاميرا الديجيتال وكاميرا الفيديو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التصوير بالكاميرا الديجيتال؟ وما حكم التصوير بالكاميرا الفيديو؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التصوير بالكاميرا الديجيتال على نوعين:
الأول: أن تكون الصورة فوتوغرافية، فهذا لا يجوز إلا إذا كان القصد من استعمال الصورة مباحا، كالصور التي يحتاج إليها، لإثبات الشخصية، أو جواز السفر، أو رخصة قيادة السيارة، أو تصوير المجرمين للتعرف عليهم، ونحو ذلك من الأغراض الصحيحة.
ولا يجوز التصوير لمجرد الذكرى والاحتفاظ بالصورة كما يفعل كثير من الناس.
وانظر جواب السؤال رقم (10326) .
الثاني: أن تكون الصورة الملتقطة بالكاميرا الديجيتال صورة متحركة كالتصوير بالفيديو، فهذا لا بأس به، ولا يدخل في التحريم.
لكن لا يجوز تصوير ما يعين على المعصية، أو يغري بها، كالنساء المتبرجات، أو أماكن الفسق والفجور، أو أماكن البدعة والشرك من باب التعظيم لهما، والدلالة عليهما.
وانظر جواب السؤال رقم (10326) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5388)
قول البائع: أعطيت في السلعة كذا وهو كاذب
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص اشترى شيئاً بـ 100 دينار وعند بيعه قال: إنه قد أُعطي لي في حقه 105 دينار فهل يعتبر وقع في المحرم؟ لأنه لم يعطه أحد هذا السعر؟ صحيح أنه قام بالكذب أو الغش، ولكن هل يعتبر قام بأكل مال حرام من وراء هذه التجارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على البائع أن يصدق في بيعه، ولا يكذب، حتى يبارك الله له في بيعه، فإن كذب محق الله البركة من بيعه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْبَيِّعَانِ [البائع والمشتري] بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) رواه البخاري (2079) ومسلم (1532) .
وقول البائع: إنه أُعطي في السلعة كذا، وهو لم يُعْطَ هذا المبلغ كذبٌ بلا شك، وأكل لمال المشتري بالباطل، لأن المشتري إذا صَدَّق البائع أنه أُعطي في السلعة 105 فسوف يزيده بلا شك، فيكون البائع قد خدعه، وكذب عليه، ليزيد السعر، فيكون أكل ماله بالباطل.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التناجش فقال: (وَلَا تَنَاجَشُوا) رواه البخاري (2160) ومسلم (1515) .
والنَّجْش هو أن يأتي شخص لا يريد شراء سلعة فيزيد في ثمنها حتى يغر المشتري ويجعله يزيد في الثمن.
قال ابن قدامة في "المغني" (6/305) :
"ولو قال البائع: أعطيت بهذه السلعة كذا وكذا، فصدقه المشتري، واشتراها بذلك، ثم بان كاذباً.. فهو في معنى النجش" انتهى.
فيكون حراماًَ، لأنه كذب وخديعة، ويجب على هذا البائع أن يخبر المشتري بالواقع، ويثبت للمشتري حينئذٍ الحق في فسخ العقد، أو يتفقان على رد جزء من الثمن الذي دفعه المشتري.
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (8/302) :
"ومن المناجشة: أن يقول البائع للمشتري: أعطيت في السلعة كذا، وهو يكذب، والمشتري سوف يقول: إذا كانت سِميت بمائتين فأشتريها بمائتين وعشرة، وفعلاً، اشتراها بمائتين وعشرة، وتبين أن قيمتها مائة وخمسون، فإن له الخيار، لأنه غُبِن (خُدِع) على وجه يشبه النجش" انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5389)
التعامل مع شركة تبيع وتشتري العملات
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسال عن شركة استثمارية على الإنترنت هل التعامل معها حلال أم حرام ... هذه الشركة شركة استثمار طويل الأجل، فهي أساسا شركة وساطة في مجال تجارة العملات العالمية وتقدم خدمة إدارة الحسابات (إدارة أموال المستثمرين وتشغيلها في الـFOREX) وهو عبارة عن صندوق استثمار (مثل صناديق الاستثمار الموجودة ببعض الدول لتشغيل أموال المستثمرين في البورصة) حيث يتم تجميع أموال المستثمرين في هذا الصندوق ثم يقوم فريق الشركة (المختصين) بتشغيلها والمضاربة في بورصة العملات العالمية FOREX، طبعاً هناك فريق من المختصين يديرون أموال العملاء (نظام إدارة الحسابات) وتدفع فائدة أسبوعية للمستثمرين بها ما بين 8 و 12 % أي فائدة متغيرة والشركة لا تتعامل في الخمور أو القمار أو الأمور المحرمة ولها حد أدنى لكي يشارك الشخص بها ... فأرجو أن تخبرونا التعامل معها حلال أم حرام نظرا لانتشارها الشديد وكثرة من يتعاملون معها]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ينبغي على المسلم الحذر البالغ في التعامل مع الشركات الأجنبية، وخاصة عندما يكون التعامل معها عن بُعد، فهو لا يدري عن حال المتعامَل معهم، ولا عن حقيقة أنشطتهم التجارية، فيمكن أن يتعرض للنصب والاحتيال، كما يمكن أن يتعامل مع أناسٍ لا يراعون أحكام الشريعة في تعاملاتهم، وقد يُخفون حقيقة تعاملاتهم من أجل جذب أموال المسلمين لاستثمارها فيما يرون لا فيما تبيحه الشريعة الإسلامية.
ثانياً:
تجارة العملات من التجارة المباحة، لكن يشترط لإباحة التجارة بها: التقابض في مجلس العقد.
فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواء، يداً بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ) رواه مسلم (1587) .
والعملات الورقية لها حكم الذهب والفضة من حيث الزكاة، ومن حيث اشتراط التقابض عند بيعها، والحديث نصٌّ بيِّن في اشتراط التقابض عند بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، وعليه: فلا يجوز بيع عملة بعملة إلا بشرط التقابض في مجلس العقد.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
فالعملة لا تباع بمثلها إلا يداً بيد مثْلا بمثل، وإذا كانت عملة بعملة أخرى كريال بالدولار، أو جنيه إسترليني بغيره: جاز البيع يداً بيدٍ، بدون تأجيل، ولو تفاضلا، فالطرق الشرعية موجودة وكافية - بحمد الله - وليس الناس بحاجة إلى الربا، لولا أن الشيطان يدعوهم إلى ذلك، ويزين لهم الفائدة السريعة بالربا.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (7 / 294، 295) .
وقال الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله:
لا بأس في التجارة بالعملة، وهو بيع نقدٍ بنقد، ولكن بشرط التقابض قبل التفرق، سواء سلَّم العيْن واستلم ما يقوم مقامها من الشيكات المصدَّقة الموثقة، وسواء كان المتصارفان مالكيْن أو وكيليْن، فإن كان العرف ليس على هذه الصفة: فلا يجوز، وفاعله عاصٍ بفعله، وناقص الإيمان.
" فتاوى إسلامية " (2 / 364) .
ووجود القبض يداً بيدٍ في الهاتف والإنترنت مع الغياب والبعد من المستحيلات، ولذا فإن العلماء المعاصرين قالوا بجواز بيع العملات بالهاتف والإنترنت في حال وجود ما يقوم مقام القبض، وهو التحويل المباشر من حساب البائع إلى حساب المشتري، أو تسلُّم وكيل للمشتري شيكات بنكية مصدَّقة باسم الطرف الآخر، وهو ما قال به مجلس الفقه الإسلامي، وهذا نص ما قال:
إن مجلس الفقه الإِسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 إلى 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990 م.
بعد إطِّلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع: " القبض: صوره وبخاصة المستجدة منها وأحكامها ".
واستماعه للمناقشات التي دارت حوله.
قرر:
أولاً:
قبض الأموال كما يكون حسيّاً في حالة الأخذ باليد، أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتباراً وحكماً بالتخلية مع التمكين من التصرف ولو لم يوجد القبض حسّاً، وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها واختلاف الأعراف فيما يكون قبضاً لها.
ثانياً:
إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعاً وعرفاً:
1. القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:
(أ) إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
(ب) إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
(ج) إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغاً من حساب له إلى حساب آخر بعملة أخرى، في المصرف نفسه أو غيره، لصالح المستفيد أو لعميل آخر، وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.
ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلاَّ بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي.
2. تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب بالعملة المكتوب بها عند استيفائه وحجزه المصرف" انتهى.
" مجلة المجمع " (العدد السادس، 1 / 453) ، " قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي " (ص 113، 114) .
وقد نبّه العلماء المختصون في المعاملات المالية المعاصرة أن بيع العملات عن طريق الإنترنت لا يحصل فيه التقابض، فيكون محرما شرعا.
ثم إن هناك سبباً آخر لتحريم المعاملة المسئول عنها: وهي أن الشركة تعطي المستثمرين بها أرباحاً أسبوعية ما بين 8 و 12 %، وهذا يجعل عقد المضاربة فاسدا، لأن الواجب في عقد المضاربة أن يتم توزيع الربح بالنسبة بين الشركاء فيأخذ كل شريك نسبة معينة من الربح مثل نصف الربح أو ربعه وما أشبه ذلك، أما أن يأخذ شيئاً ثابتاً أو تكون النسبة من رأس المال فهذا لا يجوز.
والخلاصة:
أن بيع العملات بهذه الطريقة لا يجوز لسببين:
1- أن بيع العملات عن طريق الإنترنت لا يحصل فيه التقابض.
2- أن عقد المضاربة يشترط فيه أن توزع الأرباح بين الشركاء بالنسبة ولا يجوز أن تكون تلك النسبة من رأس المال.
وننبه هنا إلى أنه لا يجوز لكم الاقتراض من هؤلاء الوسطاء أو الوكلاء أو الأجراء بما يسمَّى " نظام المارجن "، وهو ما يتطلب منك وضع جزء من قيمة القرض لديهم ليتم الاتجار في البورصة – وخاصة العملات – ويقوم هؤلاء الوسطاء بتسهيل التعامل بأضعاف ما دفعته لهم، ويتم حسم الخسارة من مبلغك المودع لديهم.
واعلم أن التعامل بنظام " المارجن " حرام شرعاً، ولا يجوز لأحدٍ أن يتعامل به، وقد حذَّر كثيرون منه - حتى من غير المسلمين -؛ لما له من أثر سيء في التعاملات المالية في البورصات، وانهيار بورصة نيويورك في " الاثنين الشهير " كان من أهم أسبابها هو التعامل بنظام " المارجن "، " بسبب تخزين أوامر بالبيع على أجهزة الكومبيوتر الخاصة بالسماسرة في حالة انخفاض الأسعار إلى الهوامش المتفق عليها، وحين هبطت أسعار الأسهم بالفعل صدرت أوامر البيع آليّاً فارتفع العرض بصورة غير مسبوقة دون وجود طلب للشراء، وهو ما أدى إلى الانهيار "، وفي الكويت - وغيرها - دعوات متعددة من اقتصاديين لإلغاء العمل به.
والذي يهمنا نحن هو حكم الله تعالى في هذا النظام وغيره، وهو حرام من جهات متعددة، منها: أنه قرض ربوي بصورة تعامل مباح، وأن شراء العملات لا يتم فيه القبض الشرعي، وأن فيه مخاطرة مما يدخله في معاملات القمار.
فنصيحتنا لكم ترك التعامل مع مثل هؤلاء الغرباء البُعداء، والذي لا يدري المسلم ما يُفعل بماله عندهم، والحذر البالغ من الوقوع في المحرّمات.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5390)
حكم بيع أشرطة وكتب إسلامية في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز البيع داخل المسجد لغرض خيري يكون ريعه لصالح الهيئة الخيرية أي لصالح الأيتام والفقراء من المسلمين، مثلاً بيع الكتيبات والأشرطة ومردودها كله الأعمال الخيرية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز البيع والشراء داخل المساجد سواء الكتب أو غيرها ولو كان نفعها يعود على اليتامى ونحوهم لكن لا بأس بجعلها في صندوق خاص وكتابة قيمتها فوقها وجعل حصالة هناك من أراد نسخة أدخل ثمنها في الحصالة وأخذ نسخة دون أن يكون مساومة ومماكسة وإيجاب وقبول.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الفتاوى الجبرينية في الأعمال الدعوية لفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ص32.(5/5391)
حكم بيع الصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم في دولة أوروبية , هل يجوز لي أن أعمل بتوزيع الجرائد على المنازل، علما أنه قد تكون في هذه الجرائد صور للنساء أو ما شابه ذلك من أخبار أخرى مخالفة لشريعتنا، مع أنني لا أقرأها ولا أنظر ما بداخلها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصحف والمجلات ونحوها من المنشورات تنقسم إلى أقسام ثلاثة:
الأول: صحف ومجلات تنشر الخير والفضيلة، وتنضبط بضوابط الشرع فيما تنشر وتُعلِن، ولا تحتوي على شيء من المنكرات الظاهرة، فهذه يجوز بيعها وشراؤها وتوزيعها باتفاق أهل العلم.
الثاني: صحف ومجلات تنشر الشر والرذيلة، ولا تراعي خُلُقًا ولا شريعةً ولا ذوقا، فتمتلئ صفحاتها بصور النساء المتبرجات، وتفيض مقالاتها بالدعوة إلى المعصية أو الفكر المسموم، وتغلب عليها رائحة الفسق والفجور، مثل صحف المجون والخلاعة الفاضحة، والمجلات التي تتخصص بالحديث عما يسمونهم بالفنانين والفنانات، وكذا ما يسمونه بـ " عالم المرأة "، و " عالم الأزياء "، وكذا الصحف التي يشرف عليها أصحاب الأفكار المسمومة التي تطعن في الدين، وتستهزئ بالشريعة، فمثل هذه الصحف والمجلات لا يجوز بيعها ولا شراؤها ولا توزيعها، بل يجب الإنكار على كل من يعمل فيها ويساعد على نشرها.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:
الصحف التي بهذه المثابة: من نشر الصور الخليعة، أو سب الدعاة، أو التثبيط عن الدعوة، أو نشر المقالات الإلحادية، أو ما شابه ذلك: الصحف التي هذا شأنها يجب أن تقاطع، وأن لا تشترى، ويجب على الدولة إذا كانت إسلامية أن تمنعها؛ لأن هذه تضر المجتمع وتضر المسلمين، فالواجب على المسلم ألا يشتريها، وأن لا يروجها، وأن يدعو إلى تركها، ويرغب في عدم اقتنائها وعدم شرائها، وعلى المسؤولين الذي يستطيعون منعها أن يمنعوها، أو يوجهوها إلى الخير، حتى تدع الشر وتستقيم على الخير.
" مجموع الفتاوى " (8 / 176) .
وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
يوجد مجلات - نسأل الله العافية - تنشر العهر والفساد، إما بكلماتها النابية، وإما بصورها الخليعة، ولا يحل لإنسان استرعاه الله تعالى على أهله أن يبقي هذه الصحف في بيته أبداً، يجب عليه أن يحاربها محاربة الأسد للشاة، بل يجب أن يحاربها محاربة الماء للنار، وأن يمزقها وأولاده يشاهدون؛ حتى يعلموا أنها حرام وباطلة، أما أن يأتي بها إليهم أو يراهم يشترونها ويقرهم فهذا والله ما رعاهم حق رعايتهم، ولا أحسن الرعاية لهم.
ثم إن من العجب أن هذه المجلات التي ترد أو الصحف وفيها ما يدمر الأخلاق والعقائد يشتريها الناس بأموالهم، وهل هناك ضياع للمال أكثر من هذا؟!!
لو أن الإنسان مشى في السوق وجعل ينثر الدراهم لكان ذلك خيراً من أن يشتري هذه المجلات ويعطيها أولاده؛ لأنه بهذه المجلات فعل محرماً، وأعان على باطل، وأفسد أخلاق أهله، لكن لو كان ينثر الدراهم في السوق ربما يأخذها مسكين وينتفع بها.
فعلينا - أيها الإخوة - أن ينصح بعضنا بعضاً عن هذه المجلات الخليعة.
" اللقاء الشهري " (لقاء رقم 39، سؤال رقم 6) .
وجاء في " فتاوى الشيخ عبد الكريم الخضير " (30) :
العمل في مثل هذه الصحف والمجلات التي يغلب عليها الحرام لا يجوز، والدخل الناشئ عن هذا العمل حرام أيضا؛ لأن الله سبحانه إذا حرم شيئا حرم ثمنه. ويحرم أيضا ترويجها وقراءتها وشراؤها وبيعها، وكل ما يتعلق بها، بل تجب مقاطعتها. انتهى.
القسم الثالث: الصحف والمجلات التي يغلب عليها المباح، كالأخبار المحلية والدولية، وبعض المقالات الفكرية والسياسية، وبعض الصفحات العلمية وأمور مباحة أخرى، ولكن لا تخلو من بعض صور النساء المتبرجات، أو شيء من مقالات التحرر أو الفكر السقيم، إلا أن الغالب هو المباح، فلا بأس من بيعها وشرائها وتوزيعها ترجيحا لجانب الإباحة، على أن يحرص من يقرؤها على التخلص مما فيها من صور محرمة، إما بتمزيقها أو عدم النظر إليها، وعلى أن يحرص الجميع على مناصحة أهلها والقائمين عليها لتنقية صفحاتها من كل شيء محرم.
سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
عن حكم بيع الصحف المحلية التي تصدر من هنا – أي: من السعودية -؟ .
فأجاب:
أنا لا أرى فيها بأساً إلا إذا كان فيها أفكار سيئة، أو صور خليعة.
السائل نفسه: فيها أخبار الرياضة والفن والغناء والدعاية لها؟ .
الشيخ: هذه اتركها لا تشترِها.
السائل: المجلة لا بد أن يكون لها ملحق يومي عن هذا الموضوع.
الشيخ: والله! أنا لا أدري، أنا أرى أن عدم اطلاع الإنسان على ما يكون في العالم يعتبر نقصاً، فالأولى أن يقال: إذا كنت تحب أن تطلع على أخبار العالم اشتر هذا؛ لأن أكثرها غير الذي أنت تقول، وهذا مزقه.
السائل: السؤال - يا شيخ - عن بيعها - صاحب محل يسأل -: هل يبيع مثلاً " الجزيرة " و " الرياض " و " عكاظ " وغير ذلك؟ .
الشيخ: إذا جاز شراؤها جاز بيعها؛ لأن البيع عقد بين اثنين.
" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم 99، سؤال رقم 9) .
ويقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه اله -:
المجلات الإسلامية التي فيها الصور: من تمام الإيمان ألا يجعل الإنسان مجلته كلها صوراً، هناك مجلات معروفة: مجلات صور، مجلات أزياء، هذه لا يجوز بيعها، ولا شراؤها، ولا اقتناؤها، وهناك مجلات المقصود فيها ما فيها من أخبار والكلمات لكن يوجد – مثلاًَ - صورة المتكلم، أو صورة الكاتب، أو صورة مشهد، هذه ليست حراماً، ولكن هل يجوز أن تقتنيها أو لا بد أن تطمس على وجه كل أحد، الظاهر أنه لا يجب أن تطمس على وجه كل أحد؛ لأنه غير مقصود , والإنسان الذي يشتري – مثلاً - صحيفة من الصحائف فهذا لا يريد الصورة إطلاقاً، ففرق بين مجلات أو صحف أُعِدَّت للتصوير، وبين مجلات أعدت لغير التصوير، لكن فيها صور، الأولى: حرام بيعها، وشراؤها، واقتناؤها. والثانية: لا يحرم ذلك.
" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم 132، سؤال رقم 16) .
ويقول الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله -:
فأما المجلات: فإذا كانت خليعة تدعو إلى التهتك والفجور: فحرام بيعها، وربحها، وتعاطي التجارة فيها.
فإن كانت الصور التي بها عادية، وهي خالية عن الدعارة والفساد: فلا بأس ببيعها، ويكون البيع والثمن لما فيها من العلوم والفوائد والكلام المباح، وتكون الصور غير مقصودة لكم.
" فتاوى إسلامية " (2 / 372) .
والذي يظهر لنا ـ بعد سؤال بعض المقيمين في الدول الأوروبية ـ أن الصحف في تلك البلاد هي من القسم الثاني، لما تحتويه من الطعن في الإسلام، وتشويه صورة المسلمين، والدعاية لبيوت الدعارة والملاهي، والخمر وصالات القمار.
فالنصيحة لك أن تترك هذا العمل، وتبحث عن عمل مباح ولو كان أقل أجراً.
نسأل الله تعالى أن يكفينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5392)
لا يجوز بيع السجائر ولو كنت عاملا في المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أعمل في سوبر ماركت وأنا مجرد بائع لا صاحب المتجر فهل بيعي لعلب السجائر يوقعني في الإثم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
السجائر محرمة لا يجوز شربها، ولا بيعها، ولا الإعانة عليها بوجه من الوجوه.
أما تحريم شربها فلما يترتب عليه من المضار المحققة، إضافة إلى أسباب أخرى من التبذير والإسراف، وراجع السؤال رقم (10922) .
وأما تحريم بيعها، فلأن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه، فإذا حرم شرب الدخان، حرم بيعه، ولأن بيعها إعانة للشارب على هذه المعصية.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه) رواه أحمد وأبو داود (3026) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5107) .
وأما تحريم الإعانة على ذلك، فلقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2، ولما جاء من الأدلة في وجوب إنكار المنكر، وذم الساكت والمقر له، فكيف بالمعين عليه!
فلا يجوز لك أن تبيع السجائر، سواء كنت صاحب محل، أو كنت عاملا، وينبغي أن تنصح صاحب المحل وأن تبين له أنك لن تبيع هذه السجائر فرارا من الإثم. وراجع السؤال رقم (10204)
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5393)
شركات التسويق الهرمي (جولد كويست)
[السُّؤَالُ]
ـ[عن مشروع، يتكون المشروع من فرعين لشراء بضاعة من شركة تسمى (جولد كويست) بمبلغ معين عبر الانترنت، وتصل لي عن طريق شركة نقل عالمية إلى بغداد، وذلك بعد مشاهدة نماذج من البضائع الواصلة إلى المشتركين السابقين. - تعطيني الشركة حق الدعاية والترويج لبضاعتها مقابل عمولة، وذالك في حالة شراء الآخرين لبضاعة الشركة عن طريقي مباشرة، أو عن طريق الوكلاء المرتبطين بي، ملاحظة: إن المواصفات الخاصة بالبضاعة هي نفسها حال وصولها، وقد أثبت ذلك واقعا وفي حالة وجود عطل أو خلل في البضاعة تعاد إليهم لاستبدالها حسب العقد المبرم معهم. - العمل: عند شراء البضاعة أكون حرّاً في أن أعمل أو لا أعمل، وفي حالة العمل تعطيني الشركة عمولة على عدد الذين يتبضعون من الشركة والذين يصبحون في نفس الوقت وكلاء لترويج البضاعة، ويكون استلام الأرباح لمرة واحدة على الشخص الواحد. - الالتزامات: أكون ملتزما بعدم الترويج للبضاعة المحرمة شرعا، وألزم من يشترك عن طريقي بذلك عبر عقد مبرم بيننا، يتعهد به بعدم ترويج البضاعة المحرمة، أو كل ما يخالف الشرع. - الشخص الذي يشتري بضاعة عن طريقي غير ملزم بالعمل، فهو حر في أن يعمل أو لا يعمل، فهنالك من يختار أن يعمل، وهنالك من يختار شراء البضاعة فقط، وهنالك من يريد أن يتوقف عن العمل، فالكل أحرار في ذلك بدون تقييد. راجين إجابتكم وشاكرين فضلكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مسألة التسويق الهرمي من مسائل البيوع الحادثة التي اقتضت من الفقهاء المعاصرين بحثا دقيقا وتأملا طويلا.
وهي في ظاهرها تبدو كأنها سمسرة لترويج بضاعة مباحة الانتفاع، يأخذ فيها السمسار أجرة معلومة مقابل عمله، وأجرة السمسرة جائزة عند أهل العلم، كما سبق في جواب السؤال رقم (45726) و (66146) .
ولكن الشريعة الحكيمة تأبى الانخداع بالظواهر، وتلتفت دائما إلى الحقائق وما تؤول إليه المعاملات في الواقع العملي.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله:
النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعاً، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة؛ وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل، [فقد يكون الفعل] مشروعاً لمصلحة فيه تُستجلب أو لمفسدة تُدرأ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه، وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحة تندفع به، ولكن له مآل على خلاف ذلك.
" الموافقات " (4 / 194) .
والقوانين العالمية تُصَنِّفُ شركات التسويق الهرمي ضمن شركات الغش والاحتيال، حتى إن وزارة التجارة الأمريكية قامت برفع شكوى ضد شركة (skybiz) للتسويق الهرمي تتهمها فيها بالغش والاحتيال على الجمهور، مما أدى إلى تجميد أموالها وأصولها.
كما أصدرت هيئة الأوراق المالية الباكستانية تحذيرا للجمهور من التعامل مع شركة (بزناس) العاملة هناك، لقيام معاملاتها على الخداع والتغرير بالناس.
وقد تأمل الفقهاء المعاصرون في معاملات التسويق الهرمي لبعض الشركات، ومنها الشركة التي ورد السؤال عنها، فوجدوا صدق ما قررته بعض القوانين من قيام أمور هذه الشركات على التغرير بالناس وأكل أموالهم بالباطل، وأنها تؤدي في مآل الأمر ونهايته إلى خسارة الطبقة العريضة من المتعاملين الذين هم في نهاية السلسلة وأسفل الهرم لحساب فئة من المتنفذين في المشروع، مقابل سلع غير مقصودة في العملية ابتداء، وإنما أدخلت للتحايل على القوانين التي منعت تلك الشركات من ممارسة هذا الغش والخداع.
وقد سبق في موقعنا التفصيل المطول لحكم مثل هذه الشركات، يمكنك مراجعته في أجوبة الأسئلة ذات الأرقام الآتية: (40263) و (41620) و (45898) و (46595) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5394)
شركات التسويق الهرمي
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت في الآونة الأخيرة شركات عالمية تتعامل بمبدأ التسويق الشبكي كوسيلة لتسويق منتجاتها عبر منافذ المستهلكين إلى زبائنها، وتقوم بتسخير المستهلكين أنفسهم بالترويج لبضائعها بصفتهم قاموا بتجربتها عن طريق شرائهم لتلك المنتجات كشرط لقيامهم بعملية الترويج والتسويق، وفي مقابل ذلك تقوم هذه الشركات بدفع نسبة من الأموال المكتسبة من تصريف هذه البضائع إلى الفريق الذي يقوم بعملية الترويج والتسويق تلك، فقد وجد علماء الاقتصاد أن 80 % من كلفة المنتج الذي يقوم المستهلك بشرائه عبر المنافذ التقليدية يذهب إلى سلسلة المسوقين، وأن المصنّع يختص بما يعادل من 20 % فقط من هذه القيمة، وعليه فقد قاموا بابتكار طريقة التسويق الشبكي لضمان إيصال المنتج إلى أكبر عدد من المستهلكين بأقل كلفة، وأن الأرباح التي تنجم عن هذه العملية - والتي كما قلنا إنها 80 % - تذهب إلى المسوقين الشبكيين بطريقة اكتساب 3 يمين و 3 شمال أي: أن توزيع هؤلاء يكونون تحت المروج الأساس الذي سيطلق عليه بعد ذلك بالجذر، بعد أن يقوم الجذر باكتساب المستهلكين الستة المشار إليهم بطريقة التوازن 3 يمين و3 شمال تقوم الشركة بصرف مبلغ محدد سلفا لهذه العملية، وكلما زاد عدد المكتسبين سواءً من قبل الجذر مباشرة أم من قبل التابعين اللاحقين والذين ارتبطوا بالجذر لاحقا، ومن هذه الشركات أخص بالذكر شركة " كولد كويست " التي تعتبر إحدى شركات مجموعة " كويست " التي تتعامل بتسويق السبائك الذهبية والمدعومة من قبل البنوك العالمية، وأنها تعطي عمولة للمسوقين الذين يستطيعون من اكتساب 6 زبائن بالطريقة المشار إليها وتدفع لهم 250 دولاراً، علما بأن الفريق يقوم بعرض جميع المواصفات الفنية للمسكوكات الذهبية التي تخلد مناسبات وطنية وقومية، وتقوم بعرض مجموعة من الصور التفصيلية عبر شبكة المعلوماتية في إيصال العرض إلى الزبائن بحيث لا يتم الإقدام على أية عملية شراء ما لم يقتنع الزبون بالقطع التي يعاينها سواء عبر الشبكة أم من عرض بعض القطع الواصلة إلى بقية الفريق. على العموم أعتقد أنني قد استطعت أن أوصل فكرة العمل إليكم، سؤالي: هل يجوز لنا نحن كمسلمين التعامل مع هذه الشركات والانخراط في سلسلة المسوقين الشبكيين من أجل ممارسة عمل خلال شبكة المعلوماتية والتي تعتبر فيما بعد الطريقة الأمثل وربما الوحيدة للتعامل مع التجارة في المستقبل القريب كون العالم يتسارع في خطاه نحو هذا النوع من التجارة؟. في حال أن الصورة لم تكن قد وضحت لديكم فيمكن الرجوع إلى الموقع الذي تديره الشركة: www.quest.net]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مسألة التسويق الهرمي تبدو في ظاهرها كأنها سمسرة لترويج بضاعة، يأخذ فيها السمسار أجرة معلومة مقابل عمله، وأجرة السمسرة جائزة عند أهل العلم، كما سبق في جواب السؤال رقم (45726) و (66146) .
ولكن.. بالتأمل في واقع هذا النظام وجد أنه ينبني على كثير من الخداع والغش والاحتيال والتغرير بالناس، وكثيراً ما تكون السلعة المبيعة غير مقصودة، لا للشركة نفسها، ولا المشتري، وإنما المقصود هو المال الموعود به، مما يجعل المعاملة تتحول من بيع أو سمسرة إلى قمار ومخاطرة.
والقوانين العالمية تُصَنِّفُ شركات التسويق الهرمي ضمن شركات الغش والاحتيال، حتى إن وزارة التجارة الأمريكية قامت برفع شكوى ضد شركة (skybiz) للتسويق الهرمي تتهمها فيها بالغش والاحتيال على الجمهور، مما أدى إلى تجميد أموالها وأصولها.
كما أصدرت هيئة الأوراق المالية الباكستانية تحذيرا للجمهور من التعامل مع شركة (بزناس) العاملة هناك، لقيام معاملاتها على الخداع والتغرير بالناس.
وقد سبق في موقعنا التفصيل المطول لحكم مثل هذه الشركات، يمكنك مراجعته في أجوبة الأسئلة ذات الأرقام الآتية: (40263) و (41620) و (45898) و (46595) .
وقد سبق في موقعنا السؤال عن هذه الشركة بعينها، فانظر السؤال رقم (87500) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5395)
حكم بيع الجوال الذي به آلة تصوير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع الهاتف الجوال الذي به آلة تصوير أو آلة كاميرا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
آلة التصوير المصاحبة للجوال قد تستعمل في المباح، وقد تستعمل في الحرام، وما كان كذلك فالقاعدة فيه أنه:
1- لا حرج في بيعه على من عُلم أو غلب على الظن أنه يستخدمه في المباح.
2- لا يجوز بيعه لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يستعمله في الحرام.
3- إذا جهل الحال، فالعبرة بالغالب، فإذا كان الغالب في البلد استعماله في الحلال جاز بيعه، وإلا فلا.
وهذا ينطبق على بيع الجوال نفسه، وعلى بيع التلفاز، وأجهزة الفيديو، وأدوات الزينة، وملابس النساء، وغير ذلك مما يستعمل في الخير والشر.
وراجع السؤال رقم (39744) ، ورقم (82551)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5396)
يعمل في تسويق برنامج لتداول الأسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في شركة تسوق برنامجا للتداول بالأسهم عبر الإنترنت، تمكِّن المستخدم من رؤية أسعار الأسهم والارتفاع والانخفاض للأسعار كافة، واتخاذ القرار على أساسها، ويقوم البرنامج بعرض جميع أسهم الشركات والبنوك سواء كانت ربوية أو غير ربوية، وعليه: أود معرفة إذا كان عملي في الشركة حلالاً أم حراماً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
القاعدة في مثل هذه المنتجات التي يمكن أن تُستعمل في الحلال كما يمكن أن تستعمل في الحرام: أنه يُرجع فيها إلى العلم واليقين من حال المشتري أو المستخدم لها.
فإن كان اليقين هو استعمالها في الحرام: فلا يجوز إنتاجها، أو بيعها حينئذ.
وإذا كان اليقين استعمالها في المباح: فلا خلاف في جواز إنتاجها وبيعها.
أما إذا اختلط الأمر، فلم ندرِ هل يستخدمها الناس في الحلال أم في الحرام، فيعمل هنا بغلبة الظن، فإذا غلب على ظن المنتج أو البائع أن المشتري سيستعملها في الحرام كان بيعها له حراماً، وإن غلب على الظن أنه سيستعملها في الحلال كان بيعها له حلالاً.
وللأسف فإننا لو تأملنا أسواق الأسهم في العالم العربي والإسلامي – فضلاً عن العالم الغربي – سنجد أن أكثر الأسهم المبيعة والمشتراة في تلك الأسواق هي أسهم لشركات محرَّمة كالبنوك وشركات التأمين والشركات المنتجة للمحرمات، وما كان منها يبيع ويشتري البضائع المباحة فإنها تأخذ القروض الربوية، وتستثمر أموالها في البنوك الربوية، وهي ما يسميها بعض المعاصرين " الشركات المختلطة "، وشركة أسهمها محرمة على القول الراجح.
ولذا فإنه لا يجوز لأحدٍ أن يعين هذه الأسواق على عملها؛ لما فيها من المحرمات القطعية، أو الحرام المختلط بالحلال، وما فيها من حلال فهو قليل جدّاً بالنسبة لذلك الحرام، وعليه: فلا نرى لك العمل في تسويق هذا البرنامج؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/ 2.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وكل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية: فلا يجوز بيعه، وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم " انتهى. " شرح العمدة " (4 / 386) .
وفي جواب السؤال رقم (11517) ذكرنا جواب الشيخ العثيمين رحمه الله حول حكم عمل برنامج كمبيوتر لشركة تستعمله في الحلال والحرام، فأجاب الشيخ:
" إذا كان الغالب على عمل الشركة الحرام: فلا يجوز له أن يفعل، وإذا كان الغالب عليها المباح: فيجوز أن يفعل، وإذا تساوى: لا يفعل؛ تغليباً لجانب الحظر " انتهى.
ولمزيد الفائدة راجع السؤال رقم (75007)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5397)
بيع برامج محاسبة لمن يبيع كتبا مخالفة لعقيدة أهل السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن شركة نعمل في مجال عمل وبيع البرامج (محاسبة ومستودعات..) أمامنا عرض لبيع برنامج المخزون والمبيعات لمكتبة وقرطاسية لأحد أهل البدع الذين يسبون أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزوجاته، وهو سيبيع الكتب الخاصة بمذهبهم وما فيها من مخالفات شرعية فهل يجوز ذلك؟ وهل علينا أي إثم؟ وهل إذا بعنا له فهل نحن نساعده على نشر عقيدته الفاسدة؟ رغم أنها تباع فقط في أوساط أتباعهم، ونحن مجرد مساعدين على ترتيب وتقارير المبيعات مع العلم أننا سوف نقوم بإخراج صدقة كبيرة من مبلغ المبيعات لهذا السبب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لكم بيع هذه البرامج لمن علمتم أنه يستعين بها على المعصية، كبيعها للبنوك الربوية، أو لمن يستعملها في بيع الكتب المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وقرر الفقهاء أنه لا يجوز بيع أو تأجير ما عُلم أنه يستعمل في المعصية:
قال ابن قدامة رحمه الله: " وجملة ذلك ; أن بيع العصير لمن يعتقد أنه يتخذه خمرا محرم " ثم قال:" وهكذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام , كبيع السلاح لأهل الحرب , أو لقطاع الطريق , أو في الفتنة , وبيع الأمة للغناء , أو إجارتها كذلك , أو إجارة داره لبيع الخمر فيها , أو لتتخذ كنيسة , وأشباه ذلك. فهذا حرام , والعقد باطل " انتهى من "المغني" (4/154) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ولا يصح بيع ما قصده به الحرام كعصير يتخذه خمرا إذا علم ذلك، كمذهب أحمد وغيره , أو ظن، وهو أحد القولين، يؤيده أن الأصحاب قالوا: لو ظن المؤجر أن المستأجر يستأجر الدار لمعصية كبيع الخمر ونحوها لم يجز له أن يؤجره تلك الدار , ولم تصح الإجارة , والبيع والإجارة سواء " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/388) .
قال أيضا - رحمه الله - في "شرح العمدة" (4/386) : " وكل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم " انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (9/213) : " ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام , وكل تصرف يفضي إلى معصية فهو محرم , فيمتنع بيع كل شيء عُلم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز "
انتهى من "الموسوعة الفقهية الكويتية".
وليعلم السائل الكريم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، كما صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن ما عند الله تعالى لا ينال إلا بطاعته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2085)
وقال الله عز وجل: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2-3.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5398)
تحريم الزيادة في سعر السلعة وهو لا يريد شراءها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يحضر الحراج على سلعة أو بضاعة ويزيد في السعر , وهو لا يريد شراءها , ما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" من يزيد في السلعة المعروضة للبيع وهو لا يريد شراءها , ففعله هذا محرم؛ لما فيه من الخداع والتغرير بالمشتري , لاعتقاد المشتري أنه لم يزد فيها هذا القدر إلا لأنها تساويه , وهي بخلاف ذلك , وهذا النجش الذي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه نهي تحريم , كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النجش) , وكما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تلقوا الركبان , ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا , ولا يبع حاضر لباد) متفق عليهما.
وإذا ثبت النجش وكان في البيع غَبْن لم تجر العادة بمثله (أي: خداع في الثمن) , فللمشتري الخيار بين الفسخ وإمضاء البيع؛ لأن ذلك داخل في خيار الغبن " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/119) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5399)
حكم الجوائز التي يجعلها أصحاب المحلات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا أنواع من البيوع منتشرة الآن، يقوم التاجر بعرض بضاعته ويوزع كوبونات على المشترين بحسب قيمة شراء كل واحد، وهذه الكوبونات تدخل في سحب الجوائز، ثم تعمل بعد ذلك قرعة، ويفوز بعض الناس بجوائز يوزعها عليهم هذا التاجر، فما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
هذا نوع من البيوع نخاطب به البائع والمشتري، نقول للبائع: هل أنت ترفع سعر السلعة من أجل هذه الجائزة أو لا؟ إن كنت ترفع السعر فإنه لا يجوز، لأنه إذا رفع السعر، واشترى الناس منه، صاروا إما غارمين وإما غانمين، يعني إما رابحين، وإما خاسرين.
فإذا كانت هذه السلعة في السوق مثلاً تساوي عشرة فجعلها باثني عشر من أجل الجائزة، فهذا لا يجوز، لأن المشتري باثني عشر إما أن يخسر الزائد على العشرة، وإما أن يربح أضعافاً مضاعفة بالجائزة، فيكون هذا من باب الميسر والقمار المحرم، هذه واحدة.
فإذا قال البائع: أنا أبيع بسعر الناس، لا أزيد ولا أنقص، فله أن يضع تلك الجوائز تشجيعاً للناس على الشراء منه.
ثم نتجه إلى المشتري فنقول له: هل اشتريت هذه السلعة لحاجتك إليها، وأنك كنت ستشتريها سواء كان هناك جائزة أم لا؟ أم أنك اشتريتها من أجل الجائزة فقط؟ فإن قال الأول، قلنا: لا بأس أن تشتري من هذا أو من هذا، لأن السعر ما دام كسعر السوق، وأنت ستشتري هذه السلعة لحاجتك، فحينئذ تكون إما غانماً وإما سالماً، ففي هذه الحال لا بأس أن تشتري من صاحب الجوائز.
وأما إذا قال: أنا أشتري ولا أريد السلعة وإنما أشتري لأجل أن أحصل على الجائزة، قلنا: هذا من إضاعة المال، لأنك لا أتدري أتصيب الجائزة أو لا تصيبها.
وقد بلغني أن بعض الناس يشتري علب اللبن وهو لا يريدها، يشتريها ويريقها، لعله يحصل على الجائزة، فهذا يكون من إضاعة المال، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال.
بقي شيء ثالث: إذا قال قائل: هذه المعاملة تضر بالبائعين الآخرين، لأن هذا البائع إذا جعل جوائز للمشترين وكان سعره كسعر السوق، اتجه جميع الناس إليه وكسدت السلع عند التجار الآخرين، فيكون هذا ضرر على الآخرين، فنقول هذا يرجع إلى الدولة، فيجب على الدولة أن تتدخل إذا رأت أن هذا الأمر يوجب اضطراب السوق، فإنها تمنعه إذا رأت المصلحة في منعه، أو إذا رأت أنه من التلاعب في الأسواق - والتلاعب في الأسواق يجب على ولي الأمر أن يمنعه -.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. "لقاءات الباب المفتوح" (3/72) .(5/5400)
هل عمل مندوب المبيعات من البيع على بيع غيره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مندوب مبيعات لإحدى الشركات، وأقوم بتسويق وعرض بضاعة قد تكون متوفرة في معظم المحلات التي أزورها، وبعض هذه المحلات قد تعاقد مسبقاً مع مورِّدين لبضاعة مشابهة، فهل تقديمي عرض أسعار منافساً لسعر المورِّد المتعاقَد معه يعتبر بيعاً على بيع أخي؟ مع الإشارة إلى أن هذا هو حقيقة عمل مندوب المبيعات في كل شركات الدنيا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى البخاري (5142) ومسلم (1412) عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ) .
وروى مسلم (1408) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَلاَ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ) .
وقد بيَّن أهل العلم الحالة التي يتوجه إليها هذا النهي فقالوا: إن البائع والمشتري لا يخلو أمرهما من الأحوال التالية:
أولاً:
أن يبدآ في المساومة ومحاولة إقناع كل منهما الآخر، ولم يكن أحدهما إلى الآخر، وفي هذه المرحلة أيضا تبدأ " المزايدات " إذا كان البائع قد عرض سلعته للمزاد، وفيها أيضا تكون " المناقصات " إذا عرض المشتري رغبته في الشراء للمناقصة العلنية.
ففي هذه المرحلة لا حرج من البيع على بيع الآخرين أو الشراء على شرائهم أو السوم على سومهم.
ثانياً:
إذا ركن كلٌّ من البائع والمشتري للطرف الآخر، ورضي ونوى إتمام البيعة، فلا يجوز لأحد أن يدخل بينهما لا بيعاً ولا شراءً ولا سوماً.
ثالثاً:
أن يتم العقد ويلزم البيع، لكن يبقى خيار المجلس أو خيار الشرط (إذا اشترط أحد المتبايعين أو كلاهما أن يكون له حق فسخ العقد خلال مدة معينة) ، فلا يجوز – أيضاً - حينئذ لأحد أن يدخل بينهما فيحاول أن يبيع بأقل أو يشتري بأكثر.
رابعاً:
إذا تم العقد بين المتبايعين وانتهى زمن خيار المجلس وافترقا عن مجلسهما، ولم يكن هناك خيار شرط، فذهب بعض العلماء إلى أنه لا حرج على من دخل على المتبايعين وعرض عليهما شيئا أفضل مما سبق له أخذه، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، بدليل رواية النسائي (4504) لحديث ابن عمر وفيها: (لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ) وصححها الألباني في " صحيح النسائي ".
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
" ولا أنهى رجلين قبل أن يتبايعا ولا بعدما يتفرقان عن مقامهما الذي تبايعا فيه عن أن يبيع أي المتبايعين شاء؛ لأن ذلك ليس ببيع على بيع غيره فينهى عنه " انتهى.
" الأم " (3 / 92) .
واختار بعض العلماء تحريم البيع على بيع أخيه في هذه الصورة، أي حتى بعد لزوم البيع، وعدم إمكان الفسخ، لأن المشتري قد يحتال على فسخ العقد، أو تحصل بينه وبين البائع الأول منازعات بسبب أنه يرى أنه كان يمكنه الحصول على تلك السلعة بسعر أقل،
قال ابن رجب الحنبلي: " وهو قول طائفة من أصحابنا. وهو أظهر".
ومال إليه المرداوي في "الإنصاف" (11/178)
ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، قال في "الشرح الممتع " (8/204)
" وهذا القول هو الراجح، أي: أن البيع على بيع أخيه حرام، سواء كان ذلك في زمن الخيارين أو بعد ذلك، ولكن إذا كان بعد مدة طويلة فإن ذلك لا بأس به، يعني لو حصل هذا قبل أسبوع أو شهر أو ما شبه ذلك، وجاء وقال: أنا أعطيك مثل هذه السلعة بتسعة وهو قد اشتراها بعشرة فهنا لا بأس به، لأن محاولة الرد في مثل هذه الصورة بعيد " انتهى.
والواجب على مندوب المبيعات التنبه للأحكام والأحوال السابقة، حتى لا يقع في الحرج والإثم.
فإن علم أن صاحب المحل قد ركن إلى شركة أخرى، وعزم على الشراء منها: فلا يجوز له أن يعرض عليه حينئذ.
فإن لم يعلم شيئاً – كما هو حال غالب مندوبي المبيعات –: فليس عليه حرج ولا إثم في عرضه السلعة التي يبيعها بالسعر الذي يشاء.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5401)
حكم شراء برامج الحاسوب المنسوخة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في الجزائر البرامج التي تستعمل في جهاز الكمبيوتر نشتريها من الباعة، ونعلم أن هذه النسخ التي نشتريها ليست أصلية، ونعلم أن بيعها أو شراءها غير جائز؛ لأنها محفوظة الحقوق، وللعلم لا تصلنا النسخ الأصلية حتى نشتريها، وغير متوفرة، فهل عدم توفرها يجيز لنا شراء النسخ غير الأصلية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذه المسألة هي جزء من مسألة كبيرة تسمى بـ " الملكية الفكرية "، وهي من المسائل التي طال الحديث حولها شرعيّاً، بل وحتى دوليّاً؛ نظراً للأهمية التي تترتب عليها، فهي تشمل الملكية الصناعية التي تحفظ حقوق براءات الاختراع والاكتشافات والأسماء الصناعية، كما تشمل الملكية الأدبية والفنية التي تشمل حقوق التأليف والتصنيف.
والحقيقة أن مثل هذه المسائل النوازل تحتاج إلى دراسة شاملة لجميع الجوانب المتعلقة بها، سواء كانت تشريعية أو تأصيلية أو اقتصادية أو غير ذلك، فالأمر تتجاذبه أطراف مختلفة مؤثرة في الحكم، فكان لا بد من الوقوف على هذه المؤثرات.
ونحن ننقل هنا فتاوى بعض الهيئات الشرعية المتخصصة في بحث هذه الأمور النوازل:
1. قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
" الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أمَّا بعد:
فإنَّ مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة، المنعقدة بمبنى " رابطة العالم الإسلامي " في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12 رجب 1406هـ إلى يوم السبت 19 رجب 1406هـ، قد نظر في موضوع حقوق التأليف لمؤلفي الكتب والبحوث والرسائل العلمية: هل هي حقوق ثابتة مملوكة لأصحابها، وهل يجوز شرعاً الاعتياض عنها، والتعاقد مع الناشرين عليها، وهل يجوز لأحدٍ غير المؤلف أن ينشر كتبه وبحوثه ويبيعها دون إذنه، على أنَّها مباحة لكلِّ أحدٍ، أو لا يجوز؟
وعرض على المجلس التقارير والدراسات التي هيأها في هذا الشأن بعض أعضاء المجلس، وناقش المجلس أيضاً رأي بعض الباحثين المعاصرين، من أنَّ المؤلِّف ليس له حقٌّ مالي مشروع فيما يؤلِّفه أو ينشره من كتب علمية، بحجَّة أنَّ العلم لا يجوز شرعاً حجره عن الناس، بل يجب على العلماء بذله، ومن كتم علماً ألْجَمَهُ الله تعالى يوم القيامة بلجام من نارٍ، فلكلِّ من وصل إلى يده بطريق مشروع نسخة من كتابٍ لأحد المؤلفين، أن ينسخه كتابةً، وأن ينشره ويتاجر بتمويل نشره، وبيع نسخه كما يشاء، وليس للمؤلف حقُّ منعه.
ونظر المجلس في الرأي المقابل، وما نشر فيه عن حقوق الابتكار، وما يسمى الملكية الأدبية والملكية الصناعية، من أنَّ كل مؤلِّف لكتاب أو بحث أو عمل فنيٍّ أو مخترعٍ لآلة نافعة له الحق وحده في استثمار مؤلَّفه أو اختراعه، نشراً وإنتاجاً وبيعاً، وأن يتنازل عنه لمن شاء بعوض أو غيره، وبالشروط التي يوافق عليها، وليس لأحدٍ أن ينشر الكتاب المؤلَّف أو البحث المكتوب بدون إذن صاحبه، ولا أن يُقَلِّد الاختراع ويتاجر به دون رضى مخترعه.
وانتهى المجلس بعد المناقشة المستفيضة إلى القرار التالي:
أولاً: إنَّ الكتب والبحوث قبل ابتكار طرق النشر بالمطابع التي تخرج منه الآلاف المؤلَّفة من النسخ، حين لم يكن في الماضي وسيلة لنشر الكتاب إلاَّ الاستنساخ باليد، وقد يقضي الناسخ سنوات في استنساخ كتابٍ كبير ليخرج منه نسخة واحدة، كان الناسخ إذ ذاك يخدم العالم المؤلِّف حينما ينسخ بقلمه نسخة أو عدَّة نسخ لولاها لبقي الكتاب على نسخة المؤلِّف الأصلية معرَّضاً للضياع الأبدي إذا تلفت النسخة الأصلية، فلم يكن نسخ الكتاب عدواناً على المؤلِّف، واستثماراً من الناسخ لجهود غيره وعلمه، بل بالعكس، كان خدمة له، وشهرة لعلمه، وجهوده.
ثانياً: أمَّا بعد ظهور المطابع فقد أصبح الأمر معكوساً تماماً، فقد يقضي المؤلِّف معظم عمره في تأليف كتاب نافعٍ، وينشره ليبيعه، فيأخذ شخصٌ آخر نسخة منه فينشرها بالوسائل الحديثة طبعاً وتصويراً، ويبيعه مزاحماً مؤلِّفَهُ ومنافساً له، أو يوزِّعه مجاناً ليكسب بتوزيعه شهرة، فيضيع تعب المؤلِّف وجهوده، ومثل ذلك يقال في المخترع.
وهذا مما يثبط همم ذوي العلم والذكاء في التأليف والاختراع، حيث يرون أنَّ جهودهم سينهبها سواهم متى ظهرت ونزلت الميدان، ويتاجر بها منافساً لهم من لم يبذل شيئاً مما بذلوه هم في التأليف أو الابتكار.
فقد تغيَّر الوضع بتغيُّر الزمن وظهور المستجدات فيه، مما له التأثير الأساسي بين ما كان وما صار، مما يوجب نظراً جديداً يحفظ لكل ذي جهد جهده وحقَّه.
فيجب أن يعتبر للمؤلِّف والمُخْتَرِعِ حقٌّ فيما ألَّف أو ابتكر، وهذا الحقُّ هو ملك له شرعاً، لا يجوز لأحدٍ أن يسطو عليه دون إذنه، وذلك بشرط أن يكون الكتاب أو البحث ليس فيه دعوة إلى منكر شرعاً، أو بدعة أو أيِّ ضلالة تنافي شريعة الإسلام، وإلاَّ فإنَّه حينئذٍ يجب إتلافه، ولا يجوز نشره.
وكذلك ليس للناشر الذي يتَّفق معه المؤلِّف ولا لغيره تعديل شيءٍ في مضمون الكتاب، أو تغيير شيءٍ دون موافقة المؤلِّف، وهذا الحقُّ يورَث عن صاحبه، ويتقيَّد بما تقيِّده به المعاهدات الدولية والنظم والأعراف التي لا تخالف الشريعة، والتي تنظِّم هذا الحق وتحدِّده بعد وفاة صاحبه تنظيماً وجمعاً بين حقِّه الخاصِّ والحقِّ العامِّ؛ لأنَّ كل مؤلِّف أو مخترعٍ يستعين بأفكار ونتاج من سبقوه، ولو في المعلومات العامة، والوسائل القائمة قبله.
أمَّا المؤلِّف أو المخترع الذي يكون مستأجراً من إحدى دور النشر ليؤلِّف لها كتاباً، أو من إحدى المؤسسات ليخترع لها شيئاً لغاية ما: فإنَّ ما ينتجه يكون من حقِّ الجهة المستأجرة له، ويتبع في حقِّه الشروط المتَّفق عليها بينهما، مما تقبله قواعد التعاقد.
والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه " انتهى.
نقلا عن " فقه النوازل " للدكتور محمد بن حسين الجيزاني (3 / 127 – 129) .
2. قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
جاء في " قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي " (94) ما يلي:
إنَّ مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت، من 1 إلى 6 جمادى الأولى 1409هـ (الموافق 10 إلى 15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م، بعد اطلاعه على البحوث المقدَّمة من الأعضاء والخبراء في موضوع (الحقوق المعنوية) ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرَّر ما يلي:
أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصَّةٌ لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموُّل الناس لها، وهذه الحقوق يعتدُّ بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها.
ثانياً: يجوز التصرُّف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية، ونقل أيٍّ منها بعوض ماليٍّ إذا انتفى الغرر والتدليس والغش، باعتبار أنَّ ذلك أصبح حقَّاً ماليّاً.
ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حقُّ التصرُّف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها، والله أعلم " انتهى.
3. قرار اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية.
سئل علماء " اللجنة الدائمة " (13 / 188) ما يلي:
أعمل في مجال الحاسب الآلي، ومنذ أن بدأت العمل في هذا المجال أقوم بنسخ البرامج للعمل عليها، ويتم ذلك دون أن أشتري النسخ الأصلية لهذه البرامج، علمًا بأنه توجد على هذه البرامج عبارات تحذيرية من النسخ، مؤداها: أن حقوق النسخ محفوظة، تشبه عبارة (حقوق الطبع محفوظة) الموجودة على بعض الكتب، وقد يكون صاحب البرنامج مسلمًا أو كافرًا، وسؤالي هو: هل يجوز النسخ بهذه الطريقة أم لا؟ .
فأجابوا:
" لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها، إلا بإذنهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) ؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه) ؛ وقوله صلى الله عليه وسلم: (من سبق إلى مباح فهو أحق به) ، سواء كان صاحب هذه البرامج مسلماً أو كافراً غير حربي؛ لأن حق الكافر غير الحربي محترم كحق المسلم، وبالله التوفيق " انتهى.
وبناء على ما سبق فلا يجوز لأحد أن ينسخ شيئاً مما حُفظت حقوق نسخه لأصحابه، كما لا يجوز شراء شيء مما نُسخ من هذه البرامج من غير إذن أصحابها، ومع سهولة وسائل الاتصال اليوم لم يعد هناك ما يصعب تحصيله وشراؤه، فالبرامج الأصلية موجودة ولا بد في الوكالات الرسمية لأصحاب تلك الشركات، كما أنها موجودة في مواقع الشركات نفسها على الإنترنت، ويمكن بكل سهولة شراؤها وتحصيلها من تلك الأماكن.
ثانياً:
يرى بعض علمائنا المحققين حرمة هذا الأمر إذا كان بقصد التجارة، وأما من اقتنى نسخة لنفسه: فالأمر جائز، وهو قول وسط بين المانعين بالكلية، والمبيحين بالكلية.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (21927) إجابة مختصرة لهذه المسألة عن الشيخ سعد الحميِّد، فيها التفصيل التالي:
" نسخ كتاب أو قرص بغرض المتاجرة ومضارّة صاحبه الأصلي: لا يجوز، أما إذا نسخ الإنسان نسخة واحدة لنفسه: فنرجو ألا يكون بذلك بأس، وتركه أولى وأحسن " انتهى.
وهذه فتوى للشيخ ابن عثيمين موافقه لها:
السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز نسخ برامج الحاسب الآلي مع أن الشركات تمنع ذلك والنظام؟ وهل يعتبر ذلك احتكاراً وهي تباع بأسعار غالية، وإذا نسخت تباع بأسعار رخيصة؟ .
فأجاب:
القرآن؟ .
السائل: برامج الحاسب الآلي عموماً.
الشيخ: القرآن؟ .
السائل: القرآن، وغير القرآن، والحديث، وبرامج أخرى كثيرة.
الشيخ: يعني: ما سجل فيه؟ .
السائل: ما سجل في الأقراص.
الشيخ: أما إذا كانت الدولة مانعة: فهذا لا يجوز؛ لأن الله أمر بطاعة ولاة الأمور، إلا في معصية الله، والامتناع من تسجيلها ليس من معصية الله، وأما من جهة الشركات: فالذي أرى أن الإنسان إذا نسخها لنفسه فقط: فلا بأس، وأما إذا نسخها للتجارة: فهذا لا يجوز؛ لأن فيه ضرراً على الآخرين، يشبه البيع على بيع المسلم؛ لأنهم إذا صاروا يبيعونه بمائة ونسختَه أنت وبعته بخمسين: هذا بيع على بيع أخيك.
السائل: وهل يجوز أن أشتريها بخمسين من أصحاب المحلات وهو منسوخ.
الشيخ: لا يجوز، إلا إذا قدم لك أنه مأذون له، وأما إذا لم يقدم: فهذا تشجيع على الإثم والعدوان.
السائل: إذا لم يؤذن له هو - جزاك الله خيراً -؟ .
الشيخ: وإذا كنت أيضاً لا تدري، أحياناً الإنسان لا يدري يقف على هذا المعرض ويشتري وهو لا يدري، هذا لا بأس به، الذي لا يدري ليس عليه شيء.
" لقاءات الباب المفتوح " (178 / السؤال رقم 6) .
ولمزيد من الفائدة راجع جواب السؤال رقم (52903) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5402)
هل يعمل في بقالة تبيع اليانصيب أم في محل يبيع الخمر والخنزير!؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعيش في أمريكا، منذ شهرين وأنا أبحث عن عملٍ حلالٍ شرعاً، ولكن العرب الذين يعيشون في نفس المدينة إما يبيعون الخنزير أو الخمر، وفي نفس الوقت لا يمكنني الانتقال إلى مدينة أخرى لأن زوجتي طالبة في الجامعة، هل العمل في المطاعم التي تبيع الخنزير في هذه الحالة حرام؟ وقد وجدت عملاً في مدينة أخرى تبعد 20 ميلاً يتمثل في بقالة تبيع أيضاً أوراق اليانصيب، وأضطر إلى الرجوع إلى المنزل بعد منتصف الليل تاركاً زوجتي وابنتي وحدهما، وبحلول فصل الشتاء هذه الأيام تنزل درجة الحرارة إلى تحت الصفر، ويتكون الجليد والضباب مما يجعل الطريق خطرة، فهل العمل في محلات البقالة التي تبيع أوراق اليانصيب حرام؟ وأيهما أفضل في هذه الحالة: هل أعمل في المطاعم التي تبيع الخنزير المتواجدة في نفس المدينة التي أعيش فيها أم في محل البقالة الذي يبيع اليانصيب في المدينة الأخرى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا أظنك – أخي السائل – تريد منّا أن نفاضل لك بين إثمين كبيرين عظيمين، إثم القمار والميسر في (اليانصيب) الذي نهى عنه الله سبحانه وتعالى في آيات تتلى إلى يوم القيامة حيث يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) المائدة/90-91، وبين إثم بيع لحم الخنزير أو الخمر التي حرمهما الله سبحانه وتعالى أيضا.
أهذا هو ما يرضى به المسلم أن يؤول به الحال إلى التخيير بين كبائر الذنوب؟! وهل هذه هي الحياة التي يسعى في تحصيلها والتنعم بها؟! .
لا أظنك – أخي السائل – وأنت المسلم الكريم العزيز بإسلامه، القوي بإيمانه، ترضى أن تبيع المنكر العظيم الذي أفسد الأرض وملأها ظلما ومنكرا وفسادا، فالخمر أم الخبائث، والميسر أكل لأموال الناس بالباطل، والخنزير حرمه الله تحريما قطعيا، بل إن تحريم هذه الأمور من أبرز معالم شريعة الإسلام، فلا ينبغي لمسلم أن يتنازل حتى يبيع ما يغضب الرب سبحانه وتعالى.
نعم، لا يجوز في أي حال من الأحوال أن يبيع المسلم المنكرات على الناس، ولو على غير المسلمين؛ لأنه بذلك يكون مشاركا في نشر الإثم، ومعاونا في معصية الله تعالى ومخالفة أمره.
وفي موقعنا الكثير من الفتاوى التي تبين هذه المسألة، وتقرر تحريم مشاركة المسلم في بيع المحرمات، ولو على غير المسلمين، فانظر أجوبة الأسئلة: (1830) و (40651) .
ويمكنك الاتفاق – إن كنت لا بدَّ مقيماً في تلك البلاد – مع صاحب البقالة على عدم بيعك لليانصيب، وتكتفي ببيع ما فيها من مواد مباحة.
وما هذه الحال التي وصلت إليها – أخي الفاضل – من التفكير في هذه الأعمال المحرمة، وكذلك حال كثير من المسلمين في تلك البلاد إلا نتيجة طبيعية للإقامة بين الكفار، وفي دول الكفر، بعيدا عن بلاد المسلمين؛ فإن المجتمع الكافر لا تضبطه حدود، ولا يراعي لله أمراً ولا نهياً، أما مجتمعات المسلمين فهي محافِظة إلى قدرٍ كبير – بحمد الله – على حدود الله سبحانه وتعالى، ولذلك ننصحك بمراجعة الفتاوى المنشورة في موقعنا حول حكم الإقامة في بلاد الكفار، فانظر أجوبة الأسئلة: (13363) و (27211) .
وتذكر - أخي السائل - أن تقوى الله سبحانه هي خير خلف على المرء في دنياه وآخرته، فهي في الدنيا مصدر رزق للعبد كما قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) الأعراف/96،
وقال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2-3، وهي في الآخرة كفارة للذنوب، ووقاية من عذاب الله تعالى، يقول عز وجل: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) الطلاق/5.
والدنيا أيامها معدودة، والأجل آت قريب، ولا يدري المرء أفي يومه تقبضه الملائكة أم في غده، فكيف سيكون حال من قبضت روحه وهو مشتغل في بيع المحرمات، ولم يسمع نصحا ولم يلتفت إلى تذكير؟!
ولا نظنك أخي السائل إلا ممن يخاف عذاب الله وعقوبته، ولا ترضى أن يكون هذا حالك، والصبر مفتاح الفرج، فاجتهد في البحث عن عمل حلال طيب، وراجع نفسك في أمر إقامتك في تلك البلاد، ونسأل الله سبحانه لك الهداية والتوفيق للحق والخير.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5403)
الشراء من البقالة بالآجل لا يعدُّ من ربا النسيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بالقرب من منزلنا بقالة، فنقوم بطلب ما نريده منها ونؤخر تسليم الثمن إلى أجل محدود، فهل يعتبر هذا من ربا النسيئة؟ مع العلم أن البائع راضٍ بأي طريقة تم الدفع بها عاجلاً أو مؤخراً فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شراء الأشياء من البقالة من تأخير قبض الثمن من النقود ليس من الربا في شيء.
وذلك لأن الأصناف التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ويجري فيها الربا ستة أصناف، الذهب والفضة، ويلحق بهما الآن النقود.
والتمر والبر (القمح) والشعير والملح.
وهذه الأصناف قسمها العلماء إلى قسمين - حسب اتفاقها في علة جريان الربا فيها -:
فالقسم الأول: الذهب والفضة وما ألحق بهما.
القسم الثاني: البر والشعير والتمر والملح.
فإذا أراد الإنسان أن يشتري شيئاً من القسم الثاني بشيء من القسم الأول، كما لو كان يشتري تمراً بنقود، فلا يجري بينهما الربا، فيجوز الشراء مع تأخير الثمن باتفاق العلماء.
وقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من يهودي شعيراً وأخَّر دفع ثمنه، ورهن عنده درعه.
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ. رواه البخاري (1999) ومسلم (1603) .
ورواه البخاري (2069) عن أنس رضي الله عنه بلفظ: (رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعًا لَهُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ يَهُودِيٍّ وَأَخَذَ مِنْهُ شَعِيرًا لِأَهْلِهِ) .
وبوب عليه البخاري بقوله: " باب شراء النبي صلى الله عليه وسلم بالنسيئة ".
قال ابن حجر:
قال ابن بطال: الشراء بالنسيئة جائز بالإجماع.
" فتح الباري " (4 / 302) .
فيجوز لك شراء ما تشاء من بضائع من البقالة مع تأخير دفع النقود ولا يدخل ذلك في ربا النسيئة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5404)
حكم بيع الملابس التي لا يُدرى هل تستخدم في الحلال أو الحرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي محلات لبيع الملابس الرجالية والنسائية في عدة مراكز تجارية، وقد قرأت الحالات التي يحل فيها بيع الملابس النسائية، وهذه الملابس لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله , ولكن كيف للتجار أو الموظف أن يعرف أنها سوف تستخدمه فيما حرم الله؟ حيث يكون البائع في وضع الذي لا يعلم فيما سوف يستخدم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الملابس النسائية التي يبيعها التجار في محلاتهم لا تخلو من ثلاث حالات:
الأولى:
أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً , ولن تستعمل استعمالاً محرماً , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه.
الثانية:
أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً محرماً , أي: ستلبسها المرأة وتتزين بها أمام الرجال الأجانب عنها , فبيع هذه الثياب حرام , لقول الله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
ويمكن للبائع أن يعلم ذلك حسب نوعية الثياب وحال المرأة التي تشتريها.
فهناك بعض الألبسة عُلِمَ من العادة أن المرأة مهما كانت متبرجة لن تلبسها إلا لزوجها , ولا يمكن أن تخرج بها أمام أحد من الرجال الأجانب عنها , وهناك الألبسة التي يغلب على ظن البائع - وقد يتيقن – أن المشترية لها ستستعملها استعمالاً محرماً.
فالواجب على البائع أن يعمل بما علمه أو غلب على ظنه من حال المشترية.
وقد تكون الثياب يمكن استعمالها استعمالاً مباحاً أو استعمالاً محرماً , ولكن التزام النساء بالحجاب، أو إلزام الدولة لهن بذلك يمنع من استعمالهن لها استعمالاً محرماً , فلا حرج في بيعها.
الثالثة:
أن يشك البائع ويتردد هل هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً أم محرماً , لكون الثياب صالحة للاستعمالين , وليس هناك قرائن ترجح أحد الاحتمالين , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه , لأن الأصل إباحة البيع وعدم تحريمه , لقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) البقرة/275 , والواجب على من اشتراها أن يستعملها فيما أحل الله , ولا يجوز أن يستعملها استعمالاً محرماً.
وهذه فتاوى لبعض العلماء تؤيد ما سبق:
سئل علماء اللجنة الدائمة:
ما حكم الاتجار في زينة النساء , وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع كما يرى من حالها أمامه , وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار؟
فأجابوا:
" لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان , أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها أو لم يعلم شيئاً فيجوز له الاتجار فيها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/67) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً:
ما حكم بيع أدوات التجميل الخاصة بالنساء؟ علماً بأن غالبية من يستعملها من المتبرجات الفاجرات العاصيات لله ورسوله , واللاتي يستخدمن هذه الأشياء في التزين لغير أزواجهن والعياذ بالله؟
فأجابوا:
" إذا كان الأمر كما ذكر فلا يجوز له البيع عليهن إذا كان يعلم حالهن؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان , وقد نهى الله تعالى عنه بقوله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة /2 " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/105) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً:
ما حكم بيع البناطيل الضيقة النسائية بأنواعها , وما يسمى منها بالجنز , والاسترتش , إضافة إلى الأطقم التي تتكون من بناطيل وبلايز , إضافة إلى بيع الجزم النسائية ذات الكعب العالية , إضافة إلى بيع صبغات الشعر بأنواعها وألوانها المختلفة , وخصوصاً ما يخص النساء , إضافة إلى بيع الملابس النسائية الشفافة , أو ما يسمى بالشيفون , إضافة إلى الفساتين النسائية ذات نصف كم , والقصير منها , والتنانير النسائية القصيرة؟
فأجابوا:
" كل ما يستعمل على وجه محرم , أو يغلب على الظن ذلك؛ فإنه يحرم تصنيعه واستيراده , وبيعه وترويجه بين المسلمين , ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله إلى الصواب: من لبس الملابس الشفافة , والضيقة , والقصيرة , ويجمع ذلك كله: إظهار المفاتن والزينة , وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصية؛ فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم , ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر , وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين بها على الخمر والفاحشة , وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية ".
فالواجب على كل تاجر مسلم تقوى الله عز وجل , والنصح لإخوانه المسلمين , فلا يصنع ولا يبيع إلا ما فيه خير ونفع لهم , ويترك ما فيه شر وضرر عليهم , وفي الحلال غنية عن الحرام , (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * يرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق/3,2 , وهذا النصح هو مقتضى الإيمان , قال الله تعاى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) التوبة/71 , وقال عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة) , قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) خرجه مسلم في صحيحه , وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة , والنصح لكل مسلم. متفق على صحته. ومراد شيخ الإسلام رحمه الله بقوله فيما تقدم: " ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر. . إلخ " كراهة تحريم , كما يعلم ذلك من فتاواه في مواضع أخرى " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/109) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5405)
ما حكم بيع نصيبه من شركة كل مالها ديون عند الناس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع حقي في شركة تبيع السلع على الناس بالتقسيط وكل مالها ديون عند الناس؟
وإذا كان يوجد في الشركة سيارات لم تبع بعد، فكيف يبيع نصيبه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما السؤال الأول: فهذا بيع دراهم غائبة بدراهم حاضرة أقل منها وهذا لا يجوز.
وأما السؤال الثاني: فيبيع نصيبه من السيارات ويبقى له نصيبه من النقود المؤجلة.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن جبرين(5/5406)
شراء العملات الذهبية المشتملة على صور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلمين شراء وترويج بيع العملات الذهبية التي بها صور بمقابل سعر مالي/نقدي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان السؤال عن شراء وترويج العملات الذهبية المشتملة على أشكال وصور لذوات الأرواح، فهذا فيه تفصيل:
1- إن كانت هذه العملات تتخذ للزينة، لبسا، أو تعليقا، فلا يجوز بيعها ولا الترويج لها.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 13/74:
(ما كان عليه صور شيء من ذوات الأرواح، سواء كان عملة ذهبية أو فضية أو ورقية، أو كان قماشا أو آلة، فإذا كان تداوله بين الناس لتعليقه في الحيطان ونحوها مما لا يعتبر امتهانا له، فالتعامل فيه محرم لشموله بأدلة تحريم التصوير، واستعمال صور ذوات الأرواح) .
2- وإن كانت هذه العملات نقودا متداولة، فلا حرج في حملها والتعامل بها، وهي كالدنانير الذهبية التي كان يستعملها المسلمون في القرن الأول قبل أن يكون لهم دينار خاص في عهد عبد الملك بن مروان رحمه الله. وإنما جاز ذلك لمكان الحاجة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (وأما استصحاب الرجل ما ابتلي به المسلمون اليوم من الدراهم التي عليها صور الملوك والرؤساء فهذا أمر قديم، وقد تكلم عليه أهل العلم، ولقد كان الناس هنا يحملون الجنيه الفرنجي وفيه صورة فرس وفارس، ويحملون الريال الفرنسي وفيه صورة رأس ورقبة طير. والذي نرى في هذا أنه لا إثم على من استصحبه لدعاء الحاجة إلى حمله؛ إذ الإنسان لا بد له من حمل شيء من الدراهم في جيبه، ومنع الناس من ذلك فيه حرج وتعسير، وقد قال الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقال: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا ". رواه البخاري. وقال لمعاذ بن جبل وأبي موسى عند بعثهما إلى اليمن: " يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا ". وقال للناس حين زجروا الأعرابي الذي بال في المسجد: " دعوه فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين " رواهما البخاري أيضا.
فإذا حمل الرجل الدراهم التي فيها صورة، أو التابعية، أو الرخصة وهو محتاج إليها أو يخشى الحاجة فلا حرج في ذلك ولا إثم إن شاء الله تعالى، إذا كان الله تعالى يعلم أنه كاره لهذا التصوير وإقراره وأنه لولا الحاجة إليه ما حمله)
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ 2/280.
وسئلت اللجنة الدائمة السؤال التالي:
هناك أمور تقلقني كثيراً ومنها مسألة الصور التي على النقود فقد ابتلينا بها ودخلت المساجد في جيوبنا فهل دخولها إلى المساجد مما يسبب هرب الملائكة عنها فيحرم إدخالها؟ وهل تعتبر من الأشياء الممتهنة؟ ولا تمنع الصور الممتهنة دخول الملائكة إلى البيوت.
فأجابت اللجنة:
صور النقود لستَ متسبباً فيها وأنت مضطرٌ إلى تملكها وحفظها في بيتك أو حملها معك للانتفاع بها بيعاً وشراءً وهبة وصدقة وتسديد دين ونحو ذلك من المصالح المشروعة فلا حرج عليك، وليست ممتهنة بل مصونة تبعاً لصيانة ما هي فيه من النقد وإنما ارتفع الحرج عنك من أجل الضرورة.
انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة 1/485.
أما إن كان المقصود شراء العملات الذهبية بالنقود فلا حرج في ذلك إذا كان يدا بيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد " رواه مسلم (1587) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
والنقود الحالية جنس قائم بنفسه، له ما للذهب والفضة من الأحكام، فإذا اشتريت بها ذهبا أو فضة وجب التقابض في الحال لقوله صلى الله عليه وسلم: " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ".
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5407)
حكم بيع مجلات فيها دعاية محرمة وصور شبه عارية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجاء، هل تستطيع أن تخبرني هل يجوز لي أن أشتري متجر/تجارة معينة، إما محطة بنزين/بترول أو دكان/بقالة بحيث أكون مجبورا لبيع السجائر، مجلات الكفار التي يكون فيها صور فتيات شبه عاريات، دعايات كحول، أسهم محرمة، إضافة إلى أشياء أخرى محرمة. وماذا عن مجرد العمل في مثل هذا المتجر، هل دخلي/مرتبي حلال أم حرام. إذا كان حراما، ما الذي بإمكاني فعله ليكون دخلي حلالا. إذا توقفت عن بيع السجائر والمجلات التي ذكرت، هل سيصبح دخلي حلالا؟ وإذا كنت أبيع بنزين/بترول علي أن أضيف ضرائبا لأن هذا قانون البلد التي أسكن فيها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيع المحرم كالسجائر والمجلات الخليعة والداعية إلى الرذيلة، ولو كانت صادرة عن مسلمين، لأن الله سبحانه إذا حرم شيئا حرم ثمنه، ولا يجوز العمل في مثل هذه المجلات لأنه من التعاون على الإثم والعدوان والدخل في هذه الحالة حرام، وعلى الإنسان أن يتقي الله سبحانه في مطعمه ومشربه وجميع نفقاته، وبيع البنزين مباح لا شيء فيه، والضرائب إذا كانت إجبارية فالمكره معفو عنه.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(5/5408)
بيع الوفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو بيع الوفاء وما حكمه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيع الوفاء وحقيقته: بيع المال بشرط أن البائع متى رد الثمن يرد المشتري إليه المبيع.
وقرر ما يلي:
أولاً: إن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعاً) فهو تحايل على الربا وبعدم صحته قال جمهور العلماء.
ثانياً: إن هذا العقد غير جائز شرعاً.
[الْمَصْدَرُ]
مجمع الفقه الإسلامي ص 146(5/5409)
حكم بيع ريالات الفضة بريالات الورق متفاضلا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع ريالات الفضة بريالات الورق متفاضلاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
في هذه المسألة إشكال وقد جزم بعض علماء العصر بجواز ذلك؛ لأن الورق غير الفضة، وقال آخرون بتحريم ذلك، لأن الورق عملة دارجة بين الناس وقد أقيمت مقام الفضة فألحقت بها في الحكم، أما أنا فإلى حين التاريخ لم يطمئن قلبي إلى واحد من القولين وأرى أن الأحوط ترك ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) وقوله عليه الصلاة والسلام: (من اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه) وقال عليه الصلاة والسلام: (البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس)
وعليه فالأحوط في مثل هذا أن يبيع الفضة بجنس آخر كالذهب أو غيره ثم يشتري بذلك الورق، وإن كان الذي بيده الورق يريد الفضة باع الورق بذهب أو غيره ثم اشترى بذلك الفضة المطلوبة.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 400(5/5410)
بيع تذاكر البيرة واليانصيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع تذاكر البيرة واليانصيب؟ ماذا يقول الإسلام عن هذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البيرة خمر، واليانصيب ميسر وقمار، وكلاهما حرمه الله تعالى لقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة / 90 – 91
وقد سبق بيان حكم اليانصيب في سؤال رقم 6476.
وعلى هذا فلا يجوز بيع تذاكر البيرة واليانصيب؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة / 2.
فالواجب ترك هذا العمل فورا، وليعلم المؤمن أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فإذا توكل الإنسان على ربه يسر له أسباب الرزق؛ كما قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق /2- 3.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5411)
هيئة خيرية تريد إصدار بطاقات تخفيض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تنفيذ الفكرة الاستثمارية التالية:
وهي أن تقوم هيئة خيرية بإصدار بطاقات معينة يمكن لحاملها الحصول على خصومات خاصة 15%، 20%، أو أكثر من المحلات التجارية المختلفة بموجب اتفاقيات تبرمها الهيئة الخيرية مع أصحاب هذه المحلات، على أن تتقاضى الهيئة رسوم معينة من المستفيدين من هذه البطاقة وذلك مقابل ما ستتكلفه الهيئة من توظيف موظفين ومندوبين لإجراء الاتصالات وعقد الإتفاقات مع التجار والمحلات التجارية بالإضافة إلى شراء الآلات التي ستصدر البطاقات وقيمة البطاقات نفسها، أجور مكاتب وموظفين لاستقبال المستفيدين من هذه البطاقة، أجور الإعلانات عن هذه البطاقة وغيرها من التكاليف ... إلخ.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن إصدار هذه البطاقة لا يجوز حسب ما وصفتم وذلك أن ما يدفعه المستفيد من تلك الرسوم قد يضر بالكثير الذين تقل حاجتهم إلى شراء تلك الحاجات من المحلات التجارية فقد تبدو له حاجة صغيرة ويشق عليه الذهاب إلى تلك المحلات المخصصة فيمضي عليه العام وهو لم يستفد من هذه البطاقة ولا يرد إليه ما دفعه من الرسوم السنوية ويكون ذلك شبيهاً بعمل شركات التأمين التجاري وأيضاً فإن فيه ضرراً على بقية المحلات التجارية التي لم تتفق معكم حيث يعرض الناس أو أكثرهم عن التعامل معهم ويجتمعون على الشراء من المحلات التي اتفقتم معها بإحالة أهل البطاقات إليها والضرر محرم بالمسلم فلهذا نمنع من مثل هذه البطاقات التي تعملها بعض الشركات وتحيل على المحلات الخاصة التي تحسم من الثمن جزء عن الحامل لهذه البطاقة وقد اتضح أن هذا الحسم غير صحيح فإنهم يرفعون الأسعار ثم يوهمون صاحب البطاقة أنهم حسموا له ثمن غيره وإنما الذي حسموه هو الزيادة التي رفعوا بها بالسعر عن سائر المحلات والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب الفتاوى الجبرينية لفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ص 23.(5/5412)
بيع أشياء قد تستعمل استعمالاً محرماً
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي لديها محل لبيع وتركيب راديو ومسجلات وتلفزيونات وأجهزة إنذار في السيارات وتظليل ورسوم على النوافذ وسماعات كبيرة ومكبرات ومقويات للصوت، هل هذا النوع من العمل حلال؟ نحن نعيش في أمريكا وغالبية الزبائن من المراهقين ليجعلوا سياراتهم تبدو جميلة ويرفعوا صوت الموسيقى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا علموا أن هذه التجارة ستعين هؤلاء المشترين على الميوعة والتخنث واستعمالها في سماع الغناء والموسيقى فلا يجوز بيعها عليهم. وأما إذا كانت يمكن أن تستعمل في المباحات ولم يعلموا أن المشتري سيستعملها في الحرام فلا مانع من بيعها والمتاجرة بها. فإذا رأى من عليه علامات الاعتدال وسمت الاحترام باع عليه، وإذا جاءه الزبون وعليه علامات الميوعة والفساد والفسوق صرفه.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ ابن جبرين(5/5413)
تصميم موقع يبيع المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصمم صفحات على الإنترنت، ومؤخراً صممت صفحة لزبون يبيع الأقراص الصلبة CD's، ويملك هذا الزبون محل لبيع أشرطة الأغاني في أمريكا، أعطيته تعليمات تشغيل موقعه وطريقة الدعاية له. هل يجوز تصميم مثل هذا الموقع ومساعدة صاحبه لتجهيزه ونشره على الإنترنت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
القاعدة الشرعية أن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، والغناء والموسيقى محرم، ولا يجوز لما روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحرى والحرير والخمر والمعازف) .
والأدلة على تحريم الغناء تقدم بسطها في غير هذا الموضع انظر سؤال رقم (5011) و (5000) .
فإذا تبين لك يا أخي أن هذه الأشياء محرمة فلا يجوز الإعانة على المحرمات لقول الله سبحانه وتعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ؛ وعليك بتحري الحلال الطيب، واجتناب العمل المحرم أو المساعدة على ما حرم الله، لقول النبي عليه الصلاة والسلام (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) المؤمنون / 51، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) البقرة / 172.
الشيخ د /خالد بن علي المشيقح
فننصحك بترك العمل مع أصحاب هذه المواقع، لأن المال الذي يأتيك من إنشاء المواقع المحرمة يعتبر مالاً محرماً، وهو من السحت، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به) رواه الترمذي 558، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (501) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5414)
الاتجّار في الكحول ولوازم أعياد النصارى والواقي الذكري والمعاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[أقمت مشروعا للبيع بالتجزئة.
وأنا في أوقات العطل الدينية أبيع سلعا من قبيل: أغراض الزينة الخاصة بالكريسماس، ويوم الأم، وعيد الفصح، و"الهالووين" … الخ، فهل يحرم ذلك؟
كنت أملك محلا تجاريا (سوبر ماركت) ثم بعته، ولم أرغب في الرجوع إلى ذلك العمل مرة أخرى لأني كنت أبيع البيرة ولحم الخنزير..
كما أني أرجو منك يا أخي ألا تمانع أن أسرد بعض الأغراض التي أبيعها، وأرجو أن تخبرني عن حكم بيعها، وهي: الواقي (الذكري) ، وبعض الأشكال (الصور) المصنوعة من السيراميك، والسجائر، واليانصيب، وبعض أنواع العلاج التي تحتوي على الكحول، أو حبوب "الجل"، والحلوى التي قد تحوي أمورا محرمة وقد لا يكون فيها شيء من ذلك، ومعجون الأسنان. بعض هذه السلع يحرم علينا – نحن المسلمين – استعماله، لكن هل يجوز لي بيع تلك السلع للكفار حيث إنهم زبائني الوحيدون؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فقد أحسنت في ترك بيع ما حرم الله من البيرة ولحم الخنزير، ونسأل الله أن يبارك لك في الرزق الحلال وأن يخلف عليك خيرا.
وما سألت عنه تفصيله كالآتي:
1- لا يجوز للمسلم أن يشارك في أعياد الكفار كالكريسماس والفصح، ولا أن يبيع ما يستعان به على ذلك، لقول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) .
وكذا الأعياد المبتدعة كعيد الأم، لا يجوز أن يباع فيها ما يكون عونا على إقامتها والاحتفال بها.
2- الأصل جواز استعمال الواقي الذكري وبيعه، إلا إذا علم البائع أو غلب على ظنه أنه يستعمل لغرض محرم، فلا يجوز حينئذ بيعه.
والقاعدة في ذلك – كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -: (كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان به على معصية، فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم) شرح العمدة 4/386. وهذا ليس خاصا باللباس، بل هو عام في كل ما يباع ويشترى.
3- يحرم بيع الدخان واليانصيب، وكل سلعة عُلم اشتمالها على أمر محرم.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 13/55 (لا تحل التجارة في الدخان والجراك، وسائر المحرمات، لأنه من الخبائث، ولما فيه من الضرر البدني والروحي والمالي) .
وأما اليانصيب فهو الميسر بعينه. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (هذه الصورة التي ذكرها السائل أن يشتري تذكرة ثم قد يحالفه الحظ كما يقول فيربح ربحا كبيرا، هذه داخلة في الميسر الذي قال الله تعالى فيه (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون. وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين) المائدة/90-92. فهذا الميسر – وهو كل معاملة لا دائرة بين الغرم والغنم – لا يدرى فيها المعامل هل يكون غانما أو يكون غارما، كله محرم بل هو من كبائر الذنوب ولا يخفى على الإنسان قبحه إذا رأى أن الله تعالى قرنه بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام) فتاوى إسلامية 4/441.
واعلم أن كل ما حرم تناوله واستعماله فإنه يحرم بيعه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه " رواه أحمد وأبو داود (3026) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5107
4- لا يجوز تصوير ذوات الأرواح من إنسان أو طير أو حيوان، وكون ذلك على هيئة مجسمة أشد تحريما.
وعليه فلايجوز بيع شيء من هذه الصور المصنوعة من السيراميك أو غيره إذا كانت على هذه الصفة، أما إذا كانت الصور لغير ذوات الأرواح كالجبال ونحوها من المناظر الطبيعية فلا بأس بصناعتها وبيعها.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 13/73 (بيع صور ذوات الأرواح وشراؤها محرم لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " متفق عليه، ولما قد يسببه ذلك من غلو في أهلها، كما قد وقع ذلك في قوم نوح ... ولغير ذلك من النصوص الكثيرة التي وردت في تحريم التصوير واستعمال صور ذوات الأرواح) .
5- وأما العلاجات التي تحتوي على الكحول فإذا كانت نسبة الكحول فيها كبيرة بحيث يسكر الإنسان إذا شرب من هذا الدواء كمية كبيرة فهذا الدواء خمر يحرم استعماله وبيعه، أما إذا كانت نسبة الكحول قليلة بحيث لا يسكر الإنسان مهما شرب من هذا الدواء فيباح استعماله وبيعه.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة حول بيع العطورات المشتملة على الكحول: (إذا كانت نسبة الكحول بالعطور بلغت درجة الإسكار بشرب الكثير من تلك العطور، فالشرب من تلك العطور محرم، والاتجار فيه محرم، وكذا سائر أنواع الانتفاع؛ لأنه خمر، سواء كثر أم قل. وإن لم يبلغ المخلوط من العطور بالكحول درجة الإسكار بشرب الكثير منه جاز استعماله والاتجار فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما أسكر كثيره فقليله حرام) فتاوى اللجنة الدائمة 13/54
6- ما حرم على المسلم استعماله لم يجز بيعه على مسلم أو كافر؛ لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة في قول جمهور العلماء، فيحرم عليهم ما يحرم على المسلمين. فلا يجوز أن يباع لهم شيء من الخمر أو الخنزير، ولا غيرهما مما ثبتت حرمته في ديننا، ولو فرض إباحته في شريعتهم؛ لأن شريعة الإسلام ناسخة ومهيمنة على تقدمها من الشرائع.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 13/49
س: هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم؟
ج: لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها، كالخمور والخنزير ولو مع الكفرة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه " (رواه أحمد رقم 2564، صحيح الجامع 5107) ، ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها (رواه الترمذي برقم 1295 وصحيح الترمذي 1041) . انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5415)
نسخ الأشرطة والأقراص دون إذن
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام شخص بنسخ كتاب أو قرص "سي دي" بدون الحصول على إذن من الكاتب أو الشركة، حتى وإن كان الكاتب أو الشركة غير مسلمَين، فهل يجوز ذلك أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسخ كتاب أو قرص بغرض المتاجرة ومضارّة صاحبه الأصلي لا يجوز. أما إذا نسخ الإنسان نسخة واحدة لنفسه فنرجو ألا يكون بذلك بأس، وتركه أولى وأحسن.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميد.(5/5416)
العمل في شركة تبيع الذهب بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة كبيرة لصياغة وتجارة الذهب وطبيعة عملي كمندوب مبيعات، لكن هذه الشركة تقوم ببيع الذهب بالدَّيْن، ولكن تثبيت سعر الذهب عند الدفع (سعر السوق عند الدفع) أي أن الزبون الذي يأخذ 1كيلو من الذهب يكون مدينا بكيلو بالإضافة للأجور، وعندما يدفع إما أن يدفع كيلو ذهب سبائك بالإضافة للأجور أو نقدا سعر الكيلو وقت الدفع + الأجور، كما أننا نبيع الذهب المصاغ وهو يحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب، علما أنه ظاهر للعيان ويعرف الزبون بهذا الأمر , فما حكم البيع وما حكم عملي في هذه الشركة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن يبارك لك في مالك، وأن يجزيك خيرا على سؤالك وتحريك للرزق الحلال.
ثانيا:
اشتمل سؤالك على أربع مسائل:
المسألة الأولى:
بيع الذهب مؤجلا أو بالدين، وصورتها كما ذكرت، أن يأخذ الزبون الذهب، ثم يدفع بعد ذلك ذهبا مثله، أو نقودا، أو ذهبا ونقودا، وكل ذلك لا يجوز؛ لأن من شرط بيع الذهب بالذهب أو بالنقود أن يكون يدا بيد، ولا يجوز تأخير شيء من البدلين عن مجلس العقد، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
فبيع الذهب بالذهب: لا بد فيه من شرطين: التساوي في المقدار، والتقابض في مجلس العقد.
وبيع الذهب بالفضة أو بما يقوم مقامها كالنقود، لا بد فيه من شرط وهو التقابض في مجلس العقد، وأما تأخير السداد عن المجلس فربا نسيئة محرم، وقد يكون ربا فضل أيضا إذا كان سيدفع ذهبا أكثر، أو ذهبا مساويا مع نقود زائدة.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة: إذا باع إنسان مصاغا من الذهب لآخر، وليس مع المشتري بعض القيمة أو كل القيمة، ولا بعد أيام أو شهر أو شهرين فهل هذا جائز أو لا؟
فأجابوا: " إذا كان الثمن الذي اشترى به مصاغ الذهب ذهبا أو فضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو مستنداتها لم يجز، بل هو حرام؛ لما فيه من ربا النسأ. وإن كان الشراء بعروض كقماش أو طعام أو نحوهما جاز تأخير الثمن " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/466) .
وانظر السؤال رقم (22869) ، ورقم (65919) لمزيد الفائدة.
المسألة الثانية:
وأما بيع الذهب بذهب مع دفع أجرة للتصنيع فهذا حرام، والواجب في بيع الذهب بالذهب التقابض في مجلس العقد، والتماثل في الوزن، بقطع النظر عن صناعة كل صنف.
وانظر جواب السؤال (74994) .
المسألة الثالثة:
بيع الذهب المحتوي على أحجار الزركون بسعر الذهب: وهذا فيه تفصيل:
فإن كان يباع بفضة أو بنقود ورقية، فلا حرج في ذلك، ما دام أنه ظاهر للعيان والمشتري يعلم ذلك، كما ذكرت.
وإن كان يباع بذهب، فلابد من فصل الفصوص حتى يعلم قدر الذهب الذي فيه، ويتحقق من مساواة الذهب للذهب.
وانظر جواب السؤال رقم (36762)
المسألة الرابعة:
حكم العمل في هذه الشركة: وهو مبني على ما سبق، فحيث كانت الشركة تتعامل بالربا ولا تتقيد بأحكام الشرع، فلا يجوز العمل فيها، لما في ذلك من ارتكاب الحرام أو الإعانة عليه.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم العمل عند أصحاب محلات الذهب الذين يتعاملون بمعاملات غير مشروعة سواء كانت ربوية أو حيلا محرمة أو غشا أو غير ذلك من المعاملات التي لا تشرع؟
فأجاب: " العمل عند هؤلاء الذين يتعاملون بالربا أو الغش أو نحو ذلك من الأشياء المحرمة، محرم لقول الله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2، ولقوله: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/140.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ) والعامل عندهم لم يغير لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه، فيكون عاصيا للرسول صلى الله عليه وسلم ". انتهى من "فقه وفتاوى البيوع" (ص 392) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5417)
هل يجوز له بيع الكتب السياسية والروايات المسرحية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندي العديد من الكتب غير الدينية، وهي تشتمل على كتب سياسية , اقتصادية , تاريخية , والعديد من الروايات والمسرحيات العربية والعالمية،هل يجوز بيع هذه الكتب والاستفادة من ثمنها في شراء كتب دينية أو في أعمال الخير والصدقة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في البيوع الحل والجواز لقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) البقرة/275، قال الجصاص: وهو عام في إباحة سائر البيوع.
" أحكام القرآن " (2 / 189) .
هذا من حيث الأصل، أما إن كان المبيع – أي: السلعة - محرمة أو أنها تستخدم غالبا في الحرام: فلا يجوز تداولها بيعاً وشراء، وبناء عليه: فإن هذه الكتب المذكورة في سؤالك لا تخلو من حالين:
إما أن تكون كتباً نافعة مفيدة لقارئها ولو في غير علوم الدين كالتاريخ والسياسة والفيزياء والحاسوب ونحوها ولا تحتوي - بحسب علمك - على محرمات من كذب، وإشاعة فاحشة، وتلبيس على الناس: فهذه على الأصل المذكور، وهو إباحة البيع وجوازه شرعاً، وإذا جاز البيع: حلَّ لك استخدام المال الناتج عنه بحسب مصلحتك الدينية والدنيوية.
وأما إذا كانت هذه الكتب محرَّمة في نفسها أو ضارة لقارئها بحيث تشتمل على كذب، وتزوير للواقع وللثوابت الدينية والشرعية، وإفساد للأخلاق والدين والعقيدة، وتغيير لمعاني الحياء عند المرأة ومعاني الرجولة عند الرجال - كما هو الحال في الكثير من الروايات والمسرحيات العربية منها والأجنبية -: فهذا النوع من الكتب يحرم بيعه، بل يجب إتلافه ولا يحل الاستفادة من ثمنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرَّم على قومٍ شيئاً حرَّم ثمنه) رواه أحمد (2956) وصححه الألباني في " غاية المرام " (318) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5418)
حكم بطاقات " كاش يو "
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهر في الآونة الأخيرة بطاقات للشراء عن طريق الإنترنت مدفوعة مسبقا وتسمى " كاش يو " , وطريقتها كالتالي: 1. تشتري أولا بطاقة تأسيس ب 55 ريال لفتح حساب. 2. بعدها تستطيع شراء بطاقات مختلفة الأسعار وذلك لتعبئة حسابك، فمثلا هناك بطاقات بـ 10 دولار تشتريها بـ 42 ريال، وهناك بطاقات بـ 30 و 50 دولار إلى 300 دولار. 3. مدة صلاحية البطاقة سنة، وبعدها لا تستطيع استخدام البطاقة حتى لو بقي بها مبلغ من المال إلا إذا دفعت رسم التجديد ومقداره 10 دولار. ولمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى موقع الشركة على الإنترنت www.cashu.com أفتونا في هذا الأمر، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الذي يظهر لنا في هذه البطاقات هو جواز شرائها والشراء بها، بشرط أن لا يُشترى بها ما يشترط فيه التقابض كشراء العملات المختلفة وشراء الذهب والفضة؛ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شراء الذهب والفضة إلا يداً بيدٍ، والأوراق المالية لها حكم الذهب والفضة في التقابض.
فعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواء، يداً بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ ". رواه مسلم (1587) .
وفي قرار للمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي:
"أ. لا يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما نسيئة مطلقا، فلا يجوز مثلا بيع ريال سعودي بعملة أخرى متفاضلا نسيئة بدون تقابض.
ب. لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلا سواء أكان ذلك نسيئة أم يداً بيدٍ، فلا يجوز مثلا بيع عشرة ريالات سعودية ورقا بأحد عشر ريالا سعوديا ورقا نسيئة أو يدا بيد.
ج. يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقا إذا كان ذلك يدا بيد، فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقا كان أو فضة أو أقل من ذلك أو أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة ريالات سعودية أو أقل من ذلك أو أكثر إذا كان ذلك يدا بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة ريالات سعودية ورق أو أقل من ذلك أو أكثر يدا بيد، لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة" انتهى.
" مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي " (فتوى رقم 59) .
ثانياً:
انتهاء مدة البطاقة دون استعمالها لا يجعلها غير مباحة؛ لأن التفريط وقع من صاحبها فهو بمنزلة استئجار سيارة أو شقة وعدم استعمالهما في المدة المستأجرة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5419)
حكم بيع القطط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع وشراء القطط؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب أكثر العلماء إلى جواز بيع القط، وذهب بعض أهل العلم إلى تحريمه وهم الظاهرية ورواية عن الإمام أحمد رحمه الله، وحكاه ابن المنذر عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والقول بتحريم بيعه هو الراجح، لثبوت النهي عن بيعه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس له ما يعارضه.
روى مسلم (1569) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ قَالَ: زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ.
وروى أبو داود (3479) والترمذي (1279) عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
و (السِّنَّوْرِ) هو الهر (القط) .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تضعيف هذه الأحاديث، ولكن قولهم مردود.
قال النووي في المجموع (9/269) : " وأما ما ذكره الخطابي وابن المنذر أن الحديث ضعيف فغلط منهما، لأن الحديث في صحيح مسلم بإسناد صحيح " انتهى.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (6/227) رداً على الجمهور الذين حملوا النهي في الحديث على كراهة التنزيه، وأن بيعه ليس من مكارم الأخلاق والمروءات، فقال: " ولا يخفى أن هذا إخراج للنهي عن معناه الحقيقي بلا مقتضٍِ " انتهى.
وقال البيهقي في السنن (6/18) رداً على الجمهور أيضاً: " وقد حمله بعض أهل العلم على الهر إذا توحش فلم يقدر على تسليمه، ومنهم من زعم أن ذلك كان في ابتداء الإسلام حين كان محكوماً بنجاسته، ثم حين صار محكوماً بطهارة سؤره حل ثمنه، وليس على واحد من هذين القولين دلالة بينة " انتهى.
وجزم ابن القيم بتحريم بيعه في "زاد المعاد" (5/773) وقال: " وكذلك أفتى أبو هريرة رضي الله عنه وهو مذهب طاووس ومجاهد وجابر بن زيد وجميع أهل الظاهر، وإحدى الروايتين عن أحمد، وهو الصواب لصحة الحديث بذلك، وعدم ما يعارضه فوجب القول به " انتهى.
وقال ابن المنذر: " إن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيعه فبيعه باطل، وإلا فجائز" انتهى من "المجموع" (9/269) .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه كما سبق في صحيح مسلم.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/37) :
" لا يجوز بيع القطط والقردة والكلاب وغيرها من كل ذي ناب من السباع لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وزجر عنه ولما في ذلك من إضاعة المال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وحواب(5/5420)
تحريم بيع الكلب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع الكلاب وشرائها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في جواب السؤال (69777) بيان تحريم اقتناء الكلاب، وأن من اقتنى كلبا نقص من أجره كل يوم قيراطان، إلا كلب الصيد وحراسة الماشية وحراسة الزرع، فإنه يجوز اقتناؤها.
ثانياً:
وأما بيع الكلاب، فبيعها حرام، ولو كان الكلب مما يجوز اقتناؤه.
وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في النهي عن بيع الكلاب، وهي بعمومها تشمل جميع الكلاب، ما يجوز اقتناؤه، وما لا يجوز. فمن هذه الأحاديث:
1- روى البخاري (1944) عن أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ.
2- وروى البخاري (2083) ومسلم (2930) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.
3- وروى أبو داود (3021) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَإِنْ جَاءَ يَطْلُبُ ثَمَنَ الْكَلْبِ فَامْلأْ كَفَّهُ تُرَابًا) قال الحافظ: إسناده صحيح. وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
4- وروى أبو داود (3023) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَحِلُّ ثَمَنُ الْكَلْبِ، وَلا حُلْوَانُ الْكَاهِنِ، وَلا مَهْرُ الْبَغِيِّ) قال الحافظ: إسناده حسن. وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال النووي في "شرح مسلم":
" وَأَمَّا النَّهْي عَنْ ثَمَن الْكَلْب وَكَوْنه مِنْ شَرّ الْكَسْب وَكَوْنه خَبِيثًا فَيَدُلّ عَلَى تَحْرِيم بَيْعه , وَأَنَّهُ لا يَصِحّ بَيْعه , وَلا يَحِلّ ثَمَنه , وَلا قِيمَة عَلَى مُتْلِفه سَوَاء كَانَ مُعَلَّمًا أَمْ لا , وَسَوَاء كَانَ مِمَّا يَجُوز اِقْتِنَاؤُهُ أَمْ لا , وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْهُمْ أَبُو هُرَيْرَة وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَرَبِيعَة وَالأَوْزَاعِيّ وَالْحَكَم وَحَمَّاد وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذِر وَغَيْرهمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: يَصِحّ بَيْع الْكِلاب الَّتِي فِيهَا مَنْفَعَة , وَتَجِب الْقِيمَة عَلَى مُتْلِفهَا. وَحَكَى اِبْن الْمُنْذِر عَنْ جَابِر وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ جَوَاز بَيْع كَلْب الصَّيْد دُون غَيْره. . . ودَلِيل الْجُمْهُور هَذِهِ الأَحَادِيث " انتهى.
وقال الحافظ:
" ظَاهِر النَّهْي تَحْرِيم بَيْعه , وَهُوَ عَامّ فِي كُلّ كَلْب مُعَلَّمًا كَانَ أَوْ غَيْره مِمَّا يَجُوز اِقْتِنَاؤُهُ أَوْ لا يَجُوز , وَمِنْ لازِم ذَلِكَ أَنْ لا قِيمَة عَلَى مُتْلِفه , وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُور " انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني":
" لا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ بَيْعَ الْكَلْبِ بَاطِلٌ , أَيَّ كَلْبٍ كَانَ " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/36) :
" لا يجوز بيع الكلاب، ولا يحل ثمنها، سواء كانت كلاب حراسة أو صيد أو غير ذلك، لما روى أبو مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن) متفق على صحته " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز:
"بيع الكلب باطل" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/39) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (8/90) :
" لا يجوز بيع الكلب، حتى لو باعه للصيد، فإنه لا يجوز " انتهى بتصرف.
ثانياً:
استدل من أجاز بيع كلب الصيد بما رواه النسائي (4589) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ إِلا كَلْبِ صَيْدٍ) .
وهذا الاستثناء في الحديث: (إِلا كَلْبِ صَيْدٍ) ضعيف.
َالَ النسائي بعد روايته للحديث: هَذَا مُنْكَرٌ.
وقال السندي في "حاشية النسائي": ضعيف باتفاق المحدثين.
وقال النووي في "شرح مسلم":
" وَأَمَّا الأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي النَّهْي عَنْ ثَمَن الْكَلْب إِلا كَلْب صَيْد , وَأَنَّ عُثْمَان غَرَّمَ إِنْسَانًا ثَمَن كَلْب قَتَلَهُ عِشْرِينَ بَعِيرًا , وَعَنْ اِبْن عَمْرو بْن الْعَاصِ التَّغْرِيم فِي إِتْلافه فَكُلّهَا ضَعِيفَة بِاتِّفَاقِ أَئِمَّة الْحَدِيث " انتهى.
ثالثاً:
إذا احتاج إلى الكلب للصيد أو الحراسة ولم يجد أحداً يعطيه إياه إلا بالبيع، جاز له أن يشتريه، ويكون الإثم على البائع، لأنه باع ما لا يجوز له بيعه.
قال ابن حزم في "المحلى" (7/493) :
" وَلا يَحِلُّ بَيْعُ كَلْبٍ أَصْلا , لا كَلْبَ صَيْدٍ وَلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ , وَلا غَيْرَهُمَا , فَإِنْ اضْطُرَّ إلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعْطِيه إيَّاهُ فَلَهُ ابْتِيَاعُهُ , وَهُوَ حَلالٌ لِلْمُشْتَرِي حَرَامٌ عَلَى الْبَائِعِ، يَنْتَزِعُ مِنْهُ الثَّمَنَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ , كَالرِّشْوَةِ فِي دَفْعِ الظُّلْمِ , وَفِدَاءِ الأَسِيرِ , وَمُصَانَعَةِ الظَّالِمِ وَلا فَرْقَ " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5421)
يستورد بضاعة ويبيعها قبل وصولها
[السُّؤَالُ]
ـ[أستورد بضاعة للتجارة فيها، ثم أبيعها قبل أن تصل وأستلمها، فما حكم ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيع السلع قبل أن تصل لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. فلا بد أولاً من حيازتها، ثم بعد ذلك يبيعها، أما أن يبيعها وهي في بلد آخر، ولا يدري هل تصل سليمة أو غير سليمة، فإن هذا لا يجوز.
فإن قال قائل: المشتري ملتزم بما تكون عليه السلع سواء نقصت أو لم تنقص، قلنا: ولو رضي بذلك، لأنه قد يرضى بهذا عند العقد طمعاً في الربح، ثم إذا حصل ندم وتأسف، وربما يحصل بينه وبين البائع نزاع، والشرع – ولله الحمد – قد سدَّ كل باب يؤدي إلى الندم وإلى النزاع والخصومة. وكذلك أيضاً لو تلفت قد يحصل نزاع بين الطرفين. فالمهم أنه لا يجوز بيع السلع حتى تصل إلى مقرها عند البائع، ثم يتصرف فيها.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. لقاءات الباب المفتوح (3/183) .(5/5422)
حكم بيع أدوات التجميل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع العطور، أو الاكسسوارات، أو أدوات التجميل، أو الملابس للنساء اللواتي قد يستخدمنها عند الخروج من البيت ويرى الرجال هذه الأشياء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حكم بيع هذه الأمور فيه تفصيل:
أ- إذا بعت هذه الأشياء على من تعلم أنه يستعملها في التبرج المحرم فلا يجوز.
ب- إذا بعتها على من تعلم أنه يستعملها في التزين المباح فيجوز.
ج- أما إذا لم تعلم عن حال المشتري شيئاً فيجوز بيعها له.
سئلت اللجنة الدائمة:
ما حكم الاتجار في زينة النساء، وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجةً به للأجانب في الشوارع، كما يرى من حالها أمامه، وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار؟
فأجابت:
" لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، إما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها، أو لم يعلم شيئًا فيجوز له الاتجار فيها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/67) .
انظر سؤال رقم (3149) (34587) (34674) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5423)
يشتري الذهب بالهاتف ثم يُرسل له
[السُّؤَالُ]
ـ[يشتري صاحب المحل الذهب من تجار الجملة بواسطة التليفون، فيتفقون على السعر وتكون البضاعة معروضة لدى المشتري ثم يحول له الثمن عن طريق البنك، ويقوم التاجر بإرسال الذهب إليه، فهل يجوز ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيع الذهب بالأوراق النقدية يشترط فيه التقابض، أي يقبض المشتري الذهب، ويقبض البائع الثمن في مجلس العقد، ولا يحل لهما التفرق قبل التقابض. راجع السؤال (22869) ، وعلى هذا فلا يجوز شراء الذهب بهذه الطريقة.
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن مثل ذلك فأجابت:
" هذا العقد لا يجوز لتأخير قبض العوضين عنه، الثَّمَن والمُثْمَن، وهما معاً من الذهب أو أحدهما من الذهب والآخر من الفضة، أو ما يقوم مقامهما من الورق النقدي، وذلك يسمى بربا النَّساء، وهو محرم، وإنما يُستأنف البيع عند حضور الثمن بما يتفقان عليه من الثمن وقت العقد يداً بيد " اهـ
فتاوى اللجنة الدائمة (13/475) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5424)
حكم بيع واقتناء الحيوانات المحنطة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع وشراء واقتناء الحيوانات المحنطة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نهى الله تعالى ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن إضاعة المال، روى البخاري (5975) ومسلم (593) عن الْمُغِيرَة بن شعبة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ نَهَى عَنْ ثَلاثٍ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ.
وسوف يُسأل كل إنسان يوم القيامة عن ماله: من أين اكتسبه، وفيم أنفقه؟ رواه الترمذي (2417) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
ثانياً:
على المسلم الذي رزقه الله تعالى فضل مال أن يشكر ربه على هذه النعمة، ويقدم هذا المال لآخرته، وذلك بإنفاقه في وجوه البر المتنوعة.
ومن أعظم ذلك: مساعدة إخوانه المسلمين، وسد حاجتهم وضرورتهم. وذلك هو مقتضى الإخوة الإيمانية، قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات/10. وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ) رواه البخاري ومسلم.
ولا يخفى ما يعني به كثير من المسلمين من المجاعات والأمراض في أماكن كثيرة من العالم.
ثالثاً:
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عن حكم اقتناء الحيوانات والطيور المحنطة وما حكم بيع ما ذكر وهل هناك فرق بين ما يحرم اقتناؤه حيا وما يجوز اقتناؤه حيا في حالة التحنيط؟
فأجاب:
" اقتناء الطيور والحيوانات المحنطة سواء ما يحرم اقتناؤه حيا أو ما جاز اقتناؤه حيا - فيه إضاعة للمال وإسراف وتبذير في نفقات التحنيط، وقد نهى الله عن الإسراف والتبذير، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، ولأن ذلك وسيلة إلى تصوير الطيور وغيرها من ذوات الأرواح، وتعليقها ونصبها في البيوت والمكاتب وغيرها وذلك محرم فلا يجوز بيعها ولا اقتناؤها" اهـ.
"مجموع فتاوى ابن باز" (5/377) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5425)
حكم بيع النظارات والساعات والأواني المطلية بالذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع الساعات والنظارات الرجالية إذا كانت مطلية بالذهب الحقيقي، وكذلك الأواني المنزلية والأدوات الصحية المطلية بالذهب للرجال أو النساء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذَكرت فلا يجوز بيع الأواني والأدوات الصحية إذا كانت مطلية بالذهب أو الفضة على الرجال والنساء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم: (الذي يأكل في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) متفق على صحته واللفظ لمسلم، وبقية الاستعمالات ملحقة بالأكل والشرب، لعموم العلة والمعنى وسداً للذريعة.
وهكذا الساعات المطلية والنظارات المطلية بالذهب أو الفضة لا يجوز يبعهما على الرجال
وفقنا الله وإياك وأعان الجميع على كل خير.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة (22/156) .(5/5426)
لا يجوز استبدال ذهب قديم بذهب جديد مع إعطاء فرق القيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أستبدل ذهباً قديماً بذهب جديد، وأعطي الفرق بين القيمتين للصائغ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" لا يجوز أن تبدل ذهباً رديئاً بذهب طيّب وتعطي الفرق. هذا محرم ولا يجوز، ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما في قصة بلال رضي الله عنه: جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمر جيد، فقال له من أين هذا؟ قال بلال: كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أوّه، لا تفعل. عين الربا، عين الربا) رواه البخاري (3212) .
فبيّن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن زيادة ما يجب فيه التساوي من أجل اختلاف الوصف أنها هي عين الربا، وأنه لا يجوز للمرء أن يفعله، ولكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كعادته أرشده إلى الطريق المباح، فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يبيع الرديء بدراهم ثم يشتري بالدراهم تمراً جيداً.
وعلى هذا فنقول: إذا كان لدى المرأة ذهب رديء، أو ذهب ترك الناس لبسه، فإنها تبيعه بالسوق ثم تأخذ الدراهم وتشتري بها ذهباً طيّباً تختاره، هذه هي الطريقة التي أرشد إليها نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين، "مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة ص (26-27) .(5/5427)
لا يجوز بيع الذهب بنقود إلا إذا استلم الثمن كاملا في المجلس نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل لبيع المجوهرات، ويأتيني بعض أقاربي أو أصدقائي لشراء الذهب، ويطلب مني أن يأخذ الذهب ويأتي بالثمن بعد يوم أو يومين، وأخشى إن قلت له إن هذا حرام أن يؤدي ذلك إلى قطيعة الرحم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيع الذهب بالنقود إلا بشرط استلام الذهب والنقود في المجلس نفسه، وهو ما يسميه الفقهاء " التقابض " فيقبض المشتري الذهب، ويقبض البائع الثمن، ولا يجوز بيع الذهب مع عدم التقابض. انظر سؤال رقم (2239)
فالواجب عليك أن تبين هذا لمن اشترى منك، والواجب على المسلم السمع والطاعة لما أمر الله به أو رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنك لا تفعل هذا لقدحك في أمانته مثلا، بل تفعله اتباعا للشرع، وليكن ذلك منك برفق ولين.
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله:
ما حكم إخراج الذهب قبل استلام ثمنه، وإذا كان لقريب يخشى من قطيعة رحمه مع علمي التام أنه سيسدد قيمتها ولو بعد حين؟
فأجاب:
(يجب أن تعلم القاعدة العامة بأن بيع الذهب بدراهم لا يجوز أبدا إلا باستلام الثمن كاملا ولا فرق بين القريب والبعيد لأن دين الله لا يُحابى فيه أحد. وإذا غضب عليك القريب بطاعة الله عز وجل فليغضب فإنه هو الظالم الآثم الذي يريد منك أن تقع في معصية الله عز وجل، وأنت في الحقيقة قد بررت (فعلت البر) حين منعته أن يتعامل معك المعاملة المحرمة فإذا غضب أو قاطعك لهذا السبب فهو الآثم وليس عليك من إثمه شيء) (فقه وفتاوى البيوع / جمع وترتيب أشرف عبد المقصود ص389) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5428)
لا يجوز استبدال الذهب القديم بذهب جديد مع دفع فرق الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استبدال الذهب القديم الذي عندي بذهب جديد وأدفع للصائغ فرق الثمن؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز أن تبدل ذهبا رديئاً بذهب طيب وتعطي الفرق. هذا محرم لا يجوز ويدل لذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما في قصة بلال رضي الله عنه (جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر جيد فقال له من أين هذا؟ قال بلال: كان عندنا تمر رديء فبعت منه صاعين بصاع ليطعم النبي صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوه لا تفعل عين الربا عين الربا) فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أن زيادة ما يجب فيه التساوي من أجل اختلاف الوصف أنها عين الربا وأنه لا يجوز للمرء أن يفعله، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كعادته أرشده إلى الطريق المباح فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يبيع الرديء بدراهم ثم يشتري بالدراهم تمرا جيدا وعلى هذا فنقول إذا كان لدى المرأة ذهب رديء أو ذهب ترك الناس لبسه فإنها تبيعه بالسوق ثم تأخذ الدراهم وتشتري بها ذهبا طيبا تختار هذه الطريقة التي أرشد إليها نبينا صلى الله عليه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ
(فقه وفتاوى البيوع / جمع وترتيب أشرف عبد المقصود ص386) .(5/5429)
أوصى والدهم بوقف ولم ينفذوه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك للورثة أملاكاً إلا داراً واحدة حيث أوصى بجعلها وقفاً لله، وصرف إيجارها للفقراء والمحتاجين (كصدقة جارية) . لكن الورثة لم يعملوا بالوصية وباعوا حصصهم للأخ الأصغر، أما أنا الأخ الكبير فلم أبع حصتي خوفاً من الله تعالى، ولكن أخي الصغير يلح كثيراً عليَّ ويريد أن أبيعه حصتي أيضاً، فهل يجوز لي لأتخلص من هذه المشكلة أن أبيع حصتي وأن أدفع مبلغها إلى جهة خيرية أو لبناء مسجد (كصدقة جارية) لوالدي المرحوم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الوصية مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة/180.
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ) رواه ابن ماجه (2709) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
والوقف من أنواع الصدقة الجارية التي ينتفع بها الإنسان بعد موته، كما أخبر بذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم (1631) .
ولا تجوز الوصية بأكثر من ثلث المال، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما أراد أن يوصي بماله كله: (الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) رواه البخاري (2742) ومسلم (1628) .
فإذا كانت هذه الدار ثلث التركة أو أقل فهي كلها وقف، وإن كانت أكثر من الثلث، فالوقف منها ما يعادل ثلث التركة.
ثانياً:
الوقف لا يجوز بيعه، ولا تملكه والاستيلاء عليه. ولا يجوز للورثة إدخاله في التركة، وتقسيمه مع الميراث.
ففي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما أراد أن يوقف أرضاً بخيبر قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلا يُوهَبُ، وَلا يُورَثُ. . . الحديث) رواه البخاري (2764) ومسلم (1633) .
فعلى هذا، لا يجوز لك أن توافق أخيك على بيعها له - بل هذه الدار ليست ملكاً لك حتى تبيعها - وأنت الآن عقبة أمامهم فلا تتنازل، واستمر على الرفض، لعل الله أن يهديهم.
وبيع إخوتك لها من قبل لا يصح.
وعليك بنصحهم بتقوى الله تعالى، ويعيدوا ثمنها إلى أخيك الأصغر ويجعلوها وقفاً كما أوصى بذلك والدكم.
وخوِّفهم من عذاب الله تعالى، وعاقبة أكل المال الحرام، فإن كل جسد نبت من حرام فالنار أولى به.
نسأل الله تعالى أن يهديكم ويوفقكم لما فيه خيركم في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5430)
يسأل عن بيع اللعب المجسمة، وهل يؤثر في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في محل لُعب ونبيع الدمى والألعاب التي على شكل البشر، فما حكم ذلك؟ وهل يجوز لي أن أبدأ صيامي فيما بعد بسبب عملي هذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قد سبق بيان تحريم صنع الصور والتماثيل سؤال رقم 7222، وسبق أيضا بيان تحريم بيعها وشرائها سؤال رقم 49676.
لكن إذا كانت هذه الصور والدمى لعبا للأطفال فقد دلت السنة على جوازها؛ ففي الصحيحين من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: (كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم،َ وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي ... الحديث) البخاري 6130، مسلم 2440
قال ابن حجر: وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى جَوَاز اِتِّخَاذ صُوَر الْبَنَات وَاللَّعِب مِنْ أَجْل لَعِب الْبَنَات بِهِنَّ , وَخُصَّ ذَلِكَ مِنْ عُمُوم النَّهْي عَنْ اِتِّخَاذ الصُّوَر , وَبِهِ جَزَمَ عِيَاض وَنَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُور , وَأَنَّهُمْ أَجَازُوا بَيْع اللَّعِب لِلْبَنَاتِ لِتَدْرِيبِهِنَّ مِنْ صِغَرهنَّ عَلَى أَمْر بُيُوتهنَّ وَأَوْلادهنَّ وَقَدْ تَرْجَمَ اِبْن حِبَّان الإِبَاحَةُ لِصِغَارِ النِّسَاء اللَّعِب بِاللَّعَبِ..وفي رِوَايَة جرير عن هشام: " كُنْت أَلْعَب بِالْبَنَاتِ وَهُنَّ اللُّعِب " أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَة وَغَيْره , وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَائِشَة قَالَتْ: " قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَة تَبُوك أَوْ خَيْبَر " فَذَكَرَ الْحَدِيث فِي هَتْكه السِّتْر الَّذِي نَصَبَتْهُ عَلَى بَابهَا قَالَتْ: " فَكَشَفَ نَاحِيَة السِّتْر عَلَى بَنَات لِعَائِشَة لُعَب فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَة , قَالَتْ: بَنَاتِي. قَالَتْ: وَرَأَى فِيهَا فَرَسًا مَرْبُوطًا لَهُ جَنَاحَانِ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قُلْت فَرَس. قَالَ فَرَس لَهُ جَنَاحَانِ؟ قُلْت: أَلَمْ تَسْمَع أَنَّهُ كَانَ لِسُلَيْمَان خَيْل لَهَا أَجْنِحَة؟ فَضَحِكَ " انتهى مختصرا. [والرواية التي ذكرها ابن حجر عند أبي داود برقم 22813، وصححها الألباني في غاية المرام 129]
قال الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله:
(أما الذي لا يوجد فيه تخطيط كامل، وإنما يوجد فيه شيء من الأعضاء والرأس، ولكن لم تتبين فيه الخلقة، فهذا لاشك في جوازه، وأنه من جنس البنات اللاتي كانت عائشة، رضي الله عنها، تلعب بهن.
وأما إذا كان كامل الخلقة، وكأنما تشاهد إنسانا، ولاسيما إن كان له حركة أو صوت، فإن في نفسي من جواز هذه شيئا، لأنه يضاهي خلق الله تماما، والظاهر أن اللعب التي كانت عائشة تلعب بهن ليست على هذا الوصف، فاجتنابها أولى؛ ولكني لا أقطع بالتحريم؛ نظرا لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور، فإن الصغير مجبول على اللعب والتسلي، وليس مكلفا بشيء من العبادات حتى نقول: إن وقته يضيع عليه لهوا وعبثا، وإذا أراد الإنسان الاحتياط في مثل هذا فليقلع الرأس، أو يحميه على النار حتى يلين، ثم يضغطه حتى تزول معالمه.) مجموع فتاوى الشيخ 2/277-278
وأما قول السائل: وهل يجوز لي أن أبدأ صيامي، فيما بعد، بسبب عملي هذا؟ فلم يتبين لنا مراده به تماما؛ فإن كان يعني أن هذا العمل يبطل الصيام، ويكون المشروع في حقه قضاء الصيام في وقت آخر لا يشتغل فيه بهذا العمل المحرم، فقد سبق بيان أن جميع المعاصي تؤثر في الصيام، فينقص بذلك أجره، وقد يحرم ثواب صومه بالكلية، إذا كثر عمله بالمعاصي، لكن صيامه لا يبطل، ولا يؤمر بقضائه، وإنما عليه أن يكف نفسه عن هذه المعاصي في كل وقت، وخاصة في رمضان. انظر السؤال رقم (37877) و (37989) .
وإن كان يريد السؤال عن أمر آخر، فنرجو إيضاحه حتى نتمكن من الإجابة عليه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5431)
يسأل عن بيع الصور والمجسمات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بيع الصور والمجسمات للحيوانات حرام ?.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق الكلام عن تحريم صناعة هذه التماثيل، والتشديد في شأنها، والأمر بطمسها وإزالتها. انظر إجابة السؤال رقم (7222) ، ويستوي في هذا الحكم صورة كل ما له روح من إنسان أو حيوان.
وينبني على ذلك الكلام في حكم بيع هذه الصور والمجسمات؛ فلا شك أنه إذا حرم صناعتها، واقتناؤها، حرم بيعها، وشراؤها. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما، عن جابرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ. فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ؛ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَال:َ لا هُوَ حَرَامٌ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُود،َ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَه. البخاري 2236، مسلم 1581.
[يستصبح بها الناس: أي: يشعلون بها مصابيحهم. جملوه أي: أذابوه واستخرجوا دهنه] .
قال القاضي عياض، رحمه الله: (تضمن هذا الحديث أن ما حرم أكله والانتفاع به، لا يجوز بيعه، ولا يحل أكل ثمنه.)
وقال الحافظ ابن حجر، رحمه الله: (وفيه أن الشيء إذا حرم عينه، حرم ثمنه.)
وهذا الذي ذكره القاضي وابن حجر ثبت في رواية ابن عباس، رضي الله عنهما، لهذا الحديث، ففي آخره: (إن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه) مسند أحمد رقم 2223.
وقد سئل سماحة الشيخ ابن باز، رحمه الله: هل يجوز للمسلم أن يبيع التماثيل، ويجعلها بضاعة له، ويعيش من ذلك؟
فأجاب:
(لا يجوز للمسلم أن يبيع أو يتجر فيها، لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من تحريم تصوير ذوات الأرواح، وإقامة التماثيل لها مطلقا، والإبقاء عليها. ولاشك أن في الاتجار فيها ترويجا لها، وإعانة على تصويرها وإقامتها بالبيوت والأندية ونحوها.
وإذا كان ذلك محرما، فالكسب من إنشائها وبيعها حرام، لا يجوز للمسلم أن يعيش منه بأكل أو كسوة أو نحو ذلك، وعليه إن وقع في ذلك أن يتخلص منه، ويتوب إلى الله تعالى، عسى الله أن يتوب عليه، قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82 وقد صدرت منا فتوى في تحريم تصوير ذوات الأرواح مطلقا، صورا مجسمة أو غير مجسمة، بنحت أو نسخ، أو صبغ أو بآلة التصوير الحديثة " كوداك ") الجواب المفيد في حكم التصوير، لسماحة الشيخ ابن باز 49-50.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5432)
بيع وشراء أسهم الشركات عن طريق البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[يشتري أسهم شركات تعمل في أمور مباحة بماله الخاص عن طريق البنك، ويستعمل أجهزة البنك ويأخذ البنك مبلغاً معيناً مقابل كل سهم يشتريه هذا الرجل أو يبيعه، وذلك مقابل استعمال البنك كوسيط ومقابل استعمال أجهزة البنك؟ فما الحكم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضت السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
يجوز أجرة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5433)
والده يريد أن يساعده في عمله التجاري الذي يحتوي بعض المخالفات الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال الصوتيات والفيديو من خلال الكمبيوتر والفضائيات (وكلها أعمال شرعية ودعوية بفضل الله) ، ولي خبرة جيدة والحمد لله، وأبي يريدني أن أعمل معه في تجارتنا، ولكن عندي بعض المشاكل؛ أولها: أني لا أجيد العمل التجاري.
وثاني المشاكل: أن التجارة بها بعض الأشياء المخالفة، مثل دفاتر عليها صور لذوات أرواح، ودفاتر موسيقى، وبطاقات عليها صور ذوات أرواح، وورق لعب وماكينة حلاقة (أعيش في بلاد الغالبية فيها ليسوا ملتحين) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن بر الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، فقد وصى الله تعالى بهما في كل حال، حتى في حال كفرهما بالله تعالى، قد سبق بيان ذلك في الأسئلة رقم: (22782) (5326) (5053) .
وبخصوص ما ذكرت فاجتهد أن تقنع والدك بعملك الذي تحسنه، وتستطيع أن تنفع فيه، فكل ميسر لما خُلِق له، ومن إصلاح الأعمال، وأداء الأمانة فيها أن يوضع الإنسان في العمل والمكان الذي يناسبه، ومن إضاعة الأعمال والأموال والتفريط في أمانتها أن يُسند العمل إلى غير أهله، ثم اجتهد أن توجد له البديل القوي الأمين، الذي يعينه على تجارته بدلاً منك، ولو أن تتحمل شيئاً من أجرته، فافعل استرضاءً لأبيك، ولو اقتضى الأمر أن تجعل جزءاً من وقت راحتك لصحبة أبيك فيعمله وإيناسه بوجودك فافعل " (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة/195، (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) البقرة/83
فإذا اجتهدت في ذلك، ولم يكن فيه ما يقنع أباك، فالرأي لك إن شاء الله أن تأخذ إجازة من عملك الذي أنت فيه إن أمكن وتشارك والدك في عمله في هذه الفترة، ولعل الأمور تسير إلى ما تحب في أثنائها، فإن لم تتيسر لك تلك الإجازة فلا يجب عليك أن تترك عملك أو تخرج من مالك أو تطلق زوجتك إرضاءً لأبويك إذا كان في ذلك ضرر عليك، وعدم طاعتهما في ذلك ليس من العقوق، إن شاء الله، راجع السؤال رقم (9594) و (47040)
قال رجل للإمام أحمد: لي جارية وأمي تسألني أن أبيعها
قال تتخوف أن تتبعها نفسك؟ [يعني تخاف أن تبقى نفسك متعلقة بالجارية إذا بعتها] ؟ قال: نعم. قال: لا تبعها. قال: إنها تقول: لا أرضى عنك أو تبيعها.
قال: إن خفت على نفسك فليس لها ذلك [الآداب الشرعية لابن مفلح (1/448)
لكن عليك أيضاً أن تجتهد في استصلاح نفس أبيك وتطييب قلبه، واجتهد أيضاً في تطهير تجارتكم من بيع ما يحرُم بيعه أو ما يغلب على ظنك استعماله في محرم، وإن كنت في تجارتكم وقتاما ً، فلا تبع ذلك وإن أمرك أبوك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
وما ذكرت من الدفاتر التي عليها صور، فهذا مما عمت به البلوى، فإذا كانت هذه الصور مأخوذة فوتوغرافياً، وليست رسماً باليد، فلا حرج في بيع الدفاتر التي عليها مثل تلك الصور – إن شاء الله – لأن المقصود ليس الصورة ذاتها، بل الدفتر، إلا أن تكون الصورة صورة امرأة أو منظراً خليعاً، كما يوجد كثيراً في مثل ذلك، فلا يجوز بيعها لما فيها من إشاعة الفتنة والفساد، ولأن كثيراً من الناس يقصدون اقتناء هذه الصور.
أما بيع دفتر الموسيقى فحرام، لأنه إعانة على المنكر، وكذلك بيع آلات الحلاقة لمن تعلم من ظاهر حاله أنه يستعملها في حلق اللحية، أما إذا كان سيستعملها في أمر مباح فبيعها جائز.
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
يوجد عند أبي محل لبيع الأدوات الكهربائية مثل التلفزيون والفيديو وبعض آلاف العزف وكذلك الساعات الذهبية ويطلب مني الجلوس فيه والبيع، ولكني أرفض هل يُعتبر هذا من العقوق؟ وما هو الواجب؟
فأجاب:
هذا ليس من العقوق، إذا امتنعت عن فعل المحرم الذي يفعله والدك، لكن الواجب عليك أن تنصحه وتقول له هذا حرام وكسبه حرام، فإن اهتدى فهذا هو المطلوب، وإن لم يهتد فالإثم عليه وأنت لك أجر بنصحه لأن الله تعالى يقول لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ليس عليك هداهم..) وإذا قال لك اجلس في الدكان للبيع فلا تبع الأشياء التي تستعمل في محرم، بع الأشياء التي غالباً ما يفعل الناس به الشيء المباح، كالراديو والمسجلات أو الفيديو والتليفزيون فلا تبعه، لأن أكثر الذي يشترون هذه الأشياء يستعملونها في محرم
الباب المفتوح (1/192) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5434)
حكم التعامل المسمى بـ "التيسير الأهلي" أو "التورق المصرفي"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم هذا التعامل المسمى بالتيسير الأهلي من البنك الأهلي؟ فيما يلي الإجراءات التي يجب مراعاتها عند التعامل بهذا المنتج: 1. يقوم البنك بشراء كمية محددة من سلعة معينة تدخل بذلك في ملكيته دخولاً شرعياً. 2. يقوم البنك بعرض هذه السلع على عملائه. 3. وبما أن هذه السلع تباع عن طريق الوصف لا عن طريق الرؤية غالباً فإن على البنك أن يحدد هذه السلع صنفاً ونوعاً وأن يصفها وصفاً نافياً للجهالة وأن يحدد رقم تخزينها بموجب شهادة التخزين بحيث يكون المبيع معلوماً وموصوفاً وصفاً تنتفي معه الجهالة في البيع. 4. يتقدم العميل بإبداء رغبته في شراء كمية محددة من هذه السلع بثمن مؤجل وبعد موافقة البنك على تلبية هذا الطلب يقوم البنك ببيع تلك الكمية على العميل بما يتفقان عليه من ثمن وأجل. 5. للعميل الحق في أن يتسلم سلعته في مكان تسليمها إذا رغب في ذلك أو أن يوكل البنك في بيعها نيابة عنه. 6. في حال توكيل العميل للبنك ببيع سلعته فإن البنك يقوم ببيعها وكالة على من يرغب شراءها ولا يجوز للبنك أن يبيعها لنفسه حيث إن ذلك من قبيل بيع العينة. بعد أن يقوم البنك ببيع السلعة يودع المبلغ في حساب العميل وبعد ذلك يكون هناك أقساط شهرية من العميل للبنك حسب العقد 4 أو 5 سنوات. ما الواجب فعله فيمن وقع في هذا التعامل المسمى بتيسير الأهلي إذا كان غير جائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
التفصيل الذي ذكره السائل يحتوي على ثلاث مسائل وهي: المرابحة، والتورق، والتورق المصرفي الحديث.
وقد ذكرنا حكم " المرابحة " و " التورق " في جواب السؤال رقم (36410) .
أما " المرابحة ": ففي الجواب المحال عليه قلنا:
وشراء السلع (سيارات أو غيرها) عن طريق البنوك لا يجوز إلا عند توفر شرطين:
الأول: أن يمتلك البنك هذه السلعة قبل أن يبيعها فيشتري البنك السيارة مثلاً من المعرض لنفسه.
الثاني: أن يقبض البنك السيارة بنقلها من المعرض قبل بيعها على العميل.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة.
وأما " التورق ": ففي الجواب المحال عليه – أيضاً - ذكرنا فتوى علماء اللجنة الدائمة في تعريفه وإباحته، وفيه:
"مسألة التورق هي أن تشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم تبيعها بثمن حال على غير من اشتريتها منه بالثمن المؤجل؛ من أجل أن تنتفع بثمنها، وهذا العمل لا بأس به عند جمهور العلماء" انتهى.
ثانياً:
أما " التورق المصرفي " فهو معاملة حديثة احتالت فيه البنوك على التورق الشرعي المباح للتوصل إلى الإقراض بالربا، وقد أصدر " المجمعُ الفقهي الإسلامي " في دورته الخامسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة التي بدأت يوم السبت 11 رجب 1419 هـ الموافق 31 /10 / 1998 م قراراً بجوازِ بيعِ التورقِ، وفيه:
"وبعد التداول والمناقشة، والرجوع إلى الأدلة، والقواعد الشرعية، وكلام العلماء في هذه المسألة قرر المجلس ما يأتي:
أولاً: أن بيع التورُّق: هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه، بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع، للحصول على النقد (الورِق) .
ثانياً: أن بيع التورق هذا جائز شرعاً، وبه قال جمهور العلماء، لأن الأصل في البيوع الإباحة، لقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) البقرة/275، ولم يظهر في هذا البيع رباً لا قصداً ولا صورة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين، أو زواج أو غيرهما.
ثالثاً: جواز هذا البيع مشروط، بأن لا يبيع المشتري السلعة بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الأول، لا مباشرة ولا بالواسطة، فإن فعل فقد وقعا في بيع العينة، المحرم شرعاً، لاشتماله على حيلة الربا فصار عقداً محرماً.
رابعاً: إن المجلس: - وهو يقرر ذلك - يوصي المسلمين بالعمل بما شرعه الله سبحانه لعباده من القرض الحسن من طيب أموالهم، طيبة به نفوسهم، ابتغاء مرضاة الله، لا يتبعه منّ ولا أذى وهو من أجلِّ أنواع الإنفاق في سبيل الله تعالى، لما فيه من التعاون والتعاطف، والتراحم بين المسلمين، وتفريج كرباتهم، وسد حاجاتهم، وإنقاذهم من الإثقال بالديون، والوقوع في المعاملات المحرمة، وأن النصوص الشرعية في ثواب الإقراض الحسن، والحث عليه كثيرة لا تخفى، كما يتعين على المستقرض التحلي بالوفاء، وحسن القضاء وعدم المماطلة" انتهى.
ثم صدر قرارٌ جديدٌ من " المجمعِ الفقهي الإسلامي " نفسه في المدة من 19 - 23 / 10 / 1424 هـ الذي يوافقه 13 - 17 / 12 / 2003 م وفيه تحذيرٌ وتنبيهٌ للمصارفِ من استغلالِ هذه المعاملةِ على غيرِ وجهها الشرعي، ونَصَّ القرارُ على أن التورق المنظم الذي تجريه بعض البنوك محرم، وقد ذكرنا القرار بكامله في جواب السؤال (98124) .
أما " شهادة التخزين " للسلعة التي ذكرها السائل فهي ليست بضاعة مشتراة حقيقة وداخلة في ملك البنك أو غيره من المؤسسات المالية التي تقوم بهذه المعاملة.
قال الدكتور محمد بن عبد الله الشباني:
"أما ما يُطلق عليه " شهادة التخزين " والتي يشار إليها في بعض عقود صيغ التورق بأنها تمثل حصة محجوزة قيمة وكمية خاصة بسلعة لصالح البنك عن طريق السمسار لغرض التصرف فيها مستقبلاً: فهي لا تمثل شهادة من وكيل البنك تثبت فيها وجود سلع تم استلامها من المنتجين وتم تخزينها في مستودعات خاصة بالبنك أو مخازن مؤجرة لصالح البنك تحدد أن هذه السلع خاصة بالبنك، وما هذه الشهادة إلا شهادة يصدرها المنتجون لهذه السلع لبيوت السمسرة الذين يمارسون عمليات إنشاء وتداول العقود في سوق المعادن العالمي (البورصة) ، حيث يحدد فيها مواصفات هذه السلع وكمياتها وتاريخ تسليمها، ويتم على ضوء هذه الشهادة تداول العقود بيعاً وشراء، ومن ثم فلا يوجد مجال للتعامل مع السلعة نفسها داخل سوق العقود".
وقال أيضاً:
"فنصوص عقود البيع التي تجريها هذه البنوك تشير إلى أن هذه السلع لا توجد لدى البنك، وأن ما يطلق عليه " شهادة التخزين " لا تمثل حيازة للسلعة ولا شهادة تملُّك، فمن المعروف والمتعارف عليه في سوق البضائع العالمي (البورصة) أن التعامل فيه يتم من خلال بيت السمسرة، والذي يدير عمليات تداول عقود بيع سلع تم شراؤها بسعر متفق عليه مسبقاً مع المنتج، على أن يتم التسليم في تاريخ لاحق يناسب توقيت الحاجة إلى السلعة، وعند حلول الأجل يقوم بيت السمسرة بشراء السلعة محل التعاقد من السوق الحاضر وتسليمها للمشتري، وهذا ما يؤكد أنه لا يوجد مجال للتعامل على السلعة نفسها، ولكون هذا التداول إنما يتم على أوراق، وليس حيازة وتملكاً للسلع، فإن بعض تلك البنوك أشارت في عقودها إلى أن ما يتم يكون على أوراق وليس حيازة وتملكاً للسلع.
أما بعض البنوك فقد أشارت إلى أن حيازتها وتملكها للسلع إنما هو بموجب " شهادة التخزين "، حيث يشار في العقد إلى أن السلعة توجد في بلاد أخرى غير البلد الذي يتم فيه تحرير العقد، ولتجنب الإلزام ومن أجل ترسيخ التحايل: لم يشر إلى الوكالة وضرورة تفويض البنك بالبيع نيابة عنه، وإنما أشير إلى ذلك في نص الوكالة، حيث أوضحت الوكالة أن السلع المشتراة من البنك هي سلع يتم تداولها في سوق السلع (البورصة) ، بخلاف بنوك أخرى جعلت نماذج التفويض والوكالة جزءاً من العقد، وهذا الأسلوب هو نوع من التهرب والتضليل ومحاولة إضفاء نوع من صحة البيع، وأنه لا يوجد فيه شروط فاسدة تفسد البيع، ولكن هذا الأسلوب من التحايل لا يغيِّر من حقيقة الأمر" انتهى من مقال موسع في " مجلة البيان ".
وقال الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين:
"إذا كانت المصارف الإسلامية لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافها، وكان ذلك بسبب أن الاتجاه العام الغالب لديها في استخدام الموارد لا يمكنها من ذلك ... فإن النتيجة المنطقية لذلك أنها لن تحقق في المستقبل ما عجزت عنه في الماضي.
والواقع يثبت أن المصارف الإسلامية بهذا الاتجاه ظلت تقترب من البنوك الربوية شيئاً فشيئاً، وأن أوضح شاهد لذلك ما انتهت إليه المصرفية الإسلامية من اعتماد عمليتي " تيسير الأهلي "، و " التورق المبارك ".
والظاهر أنه من الناحية العلمية فإنه من المستحيل القول إن الآثار السلبية للربا الاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية التي تتحقق في التمويل بالفائدة لا تتحقق في التمويل بـ " تيسير الأهلي " أو " التورق المبارك " بل إنه من الناحية الفقهية يستحيل على الفقيه دون أن يخادع نفسه أن يدَّعي وجود فارق بين هاتين العمليتين والاحتيال المحرم على الربا.
بهذا الاقتراب من البنوك الربوية: فإن المصارف الإسلامية ستفقد هويتها الحقيقية، ولا يبقى لها إلا الاسم" انتهى من مقال – له - بعنوان " المصارف الإسلامية ما لها وما عليها ".
والخلاصة:
أننا لا نرى التعامل مع البنوك فيما يدعونه شراء وهو في حقيقته ليس كذلك، وقد يسمون فعلهم هذا " مرابحة " أو " تورقاً " وهذا لا يغيِّر من الحكم شيئاً، وهذه المعاملات هي احتيال للتوصل إلى إقراض الناس بفوائد ربوية.
وقد ورد عن السلف النهي عن شراء سلعة بالأجل ثم توكيل البائع في بيعها:
أ. عن داود بن أبي عاصم أنه باع من أخته بيعاً إلى أجل، ثم أمَرَتْه أن يبيعه، فباعه، قال: فسألتُ سعيد بن المسيب فقال: أبصِر ألا يكون هو أنت؟ قلت: أنا هو، قال: ذلك الربا، فلا تأخذ منها إلا رأسمالك.
" مصنف ابن أبي شيبة " (7 / 275، 276) .
ب. وقال ابن القاسم: سألتُ مالكاً عن الرجل يبيع السلعة بمائة دينار إلى أجل، فإذا وجَبَ البيع بينهما قال المبتاع للبائع: بعها لي من رجل بنقد فإني لا أبصر البيع، فقال مالك: لا خير فيه، ونهى عنه.
" المدونة " (4/125) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5435)
حكم بيع التصريف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع التصريف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صورة بيع التصريف: أن يشتري البضاعة ويتفق مع من باعها له أنه إن لم يتمكن من بيعها فإنه سيعيدها للبائع، وما باعه منها يكون قد اشتراه.
وهذه الصورة من صور البيع قد صرح العلماء بمنعها، لأن فيها جهالة وغررا، فكل من البائع والمشتري لا يدري قدر الكمية التي سيشتريها، وهل سيعيد كل البضاعة أو بعضها أو لا يعيد منها شيئاً؟
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بَيْعِ الْغَرَرِ. رواه مسلم (1513) . وبيع الغرر هو كل بيع مجهول العاقبة.
قال ابن قدامة في "المغني" (6/325) :
" إذا اشترط إن نَفَقَ المبيع وإلا رده فهو شرط فاسد. وهل يفسد به البيع؟ على روايتين ; قال القاضي: المنصوص عن أحمد أن البيع صحيح. وهو قول الحسن , والشعبي والنخعي والحكم وابن أبي ليلى , وأبي ثور. والثانية: البيع فاسد. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأنه شرط فاسد , فأفسد البيع " انتهى بتصرف واختصار.
ومعنى (نفق المبيع) أي إن باعه، وهو صورة البيع على التصريف.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن بيع التصريف فقال:
" صورته أن يقول: بعت عليك هذه البضاعة فما تصرف منها فهو على بيعه، ولما لم يتصرف فردّه إليَّ، وهذه المعاملة حرام، وذلك لأنها تؤدي إلى الجهل ولا بد، إذ إن كل واحد من البائع والمشتري لا يدري ماذا سيتصرف من هذه البضاعة، فتعود المسألة إلى الجهالة، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه (نهى عن بيع الغرر) وهذا لا شك من الغرر.
ولكن إذا كان لا بد أن يتصرف الطرفان هذا التصرف فليعط صاحب السلعة بضاعته إلى الطرف الآخر ليبيعها بالوكالة وليجعل له أجراً على وكالته فيحصل بذلك المقصود للطرفين، فيكون هذا الثاني وكيلاً عن الأول بأجرة ولا بأس بذلك " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (3/183) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5436)
حكم بيع التورق
[السُّؤَالُ]
ـ[في الآونة الأخيرة قام أحد البنوك بعمل طريقة بيع سلعة بالأقساط، ثم يستطيع المشتري بيعها نقدا على طرف ثالث، فهل هذه الطريقة جائزة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة تعرف عند العلماء باسم: (التورق) مأخوذ من الورِق وهو الفضة، لأن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل الدراهم.
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المعاملة.
و" جمهور العلماء على إباحتها، لعموم قوله تعالى: (وأحل الله البيع) ، ولأنه لم يظهر فيها قصد الربا ولا صورته " انتهى باختصار.
"الموسوعة الفقهية" (14/148) .
ولأن المشتري يشتري السلعة إما للانتفاع بعينها، وإما للانتفاع بثمنها.
وهو ما اختاره علماء اللجنة الدائمة، والشيخ ابن باز رحمهم الله تعالى.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/161) :
" أما مسألة التورق فمحل خلاف، والصحيح جوازها " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز:
" وأما مسألة التورق فليست من الربا، والصحيح حلها، لعموم الأدلة، ولما فيها من التفريج والتيسير وقضاء الحاجة الحاضرة، أما من باعها على من اشراها منه، فهذا لا يجوز بل هو من أعمال الربا، وتسمى مسألة العينة، وهي محرمة لأنها تحايل على الربا " انتهى بتصرف يسير.
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/245) .
وقد ذهب إلى تحريم هذه المعاملة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
انظر: "الفتاوى الكبرى" (5/392) .
وقد توسط الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فقال بجوازها بشروط معينة.
قال رحمه الله في رسالة المداينة: " القسم الخامس – أي من أقسام المداينة -: أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه، فهذه هي مسألة التورق.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها، فمنهم من قال: إنها جائزة؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها وكلاهما غرض صحيح.
ومن العلماء من قال: إنها لا تجوز؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلا، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئا. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) .
والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو رواية عن الإمام أحمد.
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن القيم في "تهذيب السنن" (5/801) .
ولكن نظرا لحاجة الناس اليوم وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط:
1- أن يكون محتاجا إلى الدراهم، فإن لم يكن محتاجا فلا يجوز، كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره.
2- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به إليها.
3- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول: بعتك إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك، فإن اشتمل على ذلك فهو إما مكروه أو محرم، نقل عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا: كأنه دراهم بدراهم، لا يصح. هذا كلام الإمام أحمد. وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول للمستدين: بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة.
4- أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم. فإذا تمت هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس.
وليكن معلوما أنه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل مما اشتراها به بأي حال من الأحوال؛ لأن هذه هي مسألة العينة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5437)
البيع قبل التملك وبالتقسيط
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر بين الناس الشراء من البنوك بالتقسيط مقابل الزيادة في سعر المبيع علماً بأن البنك لا يملك السيارة أو العمارة وليست عنده وإنما يختارها المشتري بالتقسيط بعد أن يُوقع العقد بينهما ويلتزم بالشروط المطلوبة في التسديد ويتسلمها بعد ذلك.
والسؤال: هل يجوز هذا البيع لأننا نسمع منكم ومن العلماء ونقرأ في الحديث أنه لا يجوز للإنسان أن يبيع شيئاً إلا إذا ملكه وحازه إلى رحله، والبنك في الواقع لم يملك هذه السيارة والعمارة ولم يشترها لنفسه وإنما اشتراها لهذا المشتري الذي طلبها بعينها بعد ما طلبها على أنها له ويحتجون بأن المشتري ليس ملزماًَ بشرائها لو عدل عنه لكنهم يعلمون أنه عازم عليها ولولا ذلك لم يشتروها؟.
والسؤال الثاني: يشترط البنك على المشتري أنه لو عدل عن الشراء فإنه ملزم بدفع ما يلحق البنك من نقص نتيجة عدوله عن الشراء فهل هذا الشرط صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أجابت على هذا السؤال اللجنة الدائمة للإفتاء وهذا نص الجواب:
بعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه لا يجوز التعامل بالمعاملة المذكورة لأن حقيقتها قرض بزيادة مشروطة عند الوفاء، والصور المذكورة ما هي إلا حيلة للتوصل إلى الربا المحرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فالواجب ترك التعامل بها طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء لمجلة الدعوة العدد 1756 ص 43.(5/5438)
مختصر عن حكم شركة بزناس
[السُّؤَالُ]
ـ[عُرض عليَّ الاشتراك في معاملة بزناس وفي نفسي شيء منها بسبب ما فيها من غموض وأود أن أعرف هل تجوز لي المشاركة في هذا المعاملة أم لا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المشاركة في الشركة المذكورة وما شابهها من الشركات التي نشأت على منوالها لا يجوز لما في ذلك من المقامرة والميسر والتغرير بالمشتركين، ودفع أشخاص إلى شراء ما لا يحتاجون، وأكل للمال بالباطل ولما فيها من الجهالة والغرر ومجانبة العدل.
ولو سألنا بتجرد ما هو قصد أكثر الداخلين في المعاملة مع بزناس؟ هل هو الاستفادة من البرامج الموجودة في القسم الأول من المعاملة؟ أم الدخول في مسألة التسويق للكسب السريع والكبير والمغري في القسم الثاني؟!
الجواب بلا ريب أن قصد الأكثرين هو الدخول في بند التسويق وبالتالي يكون مبلغ المائة الدولار الذي يدفع للتوصل إلى الحصول على حوافز التسويق هو ميسر ومقامرة، فهو يدفع مائة دولار ثم لا يدري كم يحصل له في مقابل هذه المائة، هل هو قليل أم كثير، وهل هو عاجل أم متأخر.
ثم إن عرض العقد بهذه الطريقة فيه إغراء لأعداد من المغفلين بالدخول فيه على أمل أن تكون شجرته متعادلة الطريفين وطويلة.
وقد شكا إليّ أحدهم أنه تورّط بدفع مبلغ (40000) أربعين ألف ريال ليبرم عدداً كبيراً من العقود باسمه بأرقام دخول مختلفة ثم لم يجد عائداً يوفي به المال الذي اقترضه ودفعه لشركة بزناس.
وهذا التهافت الذي نجده من أعداد كبيرة من الشباب على الدخول في هذه الشركة بأمل الإثراء السريع يجعلنا نتوقف في صحة ما يحدث.. ثم لو كسب هؤلاء مكاسب كبيرة فإن ذلك على حساب غيرهم من المغفلين الذين سيؤتى بهم كزبائن في شجرة من قبلهم، ولن يجدوا في النهاية من يأتون به لتطويل شجرتهم، فكيف يرضى المؤمن أن يُثري على حساب أموال إخوانه المسلمين.
ولحل هذه القضية عمدت الشركة إلى حيلة تعيد بها أعداداً من هؤلاء المساكين إلى ماكينة العملية مرّة أخرى لتزداد مكاسبها وتتضاعف على حساب استنزاف أموال هؤلاء الناس وذلك بإعادة الاشتراك بمبلغ جديد بعد مرور سنة على العقد الأول وهكذا.
ويغلّفون هذه الخديعة بحلاوة وضع برامج جديدة وإصدارات جديدة للبرامج السابقة مع أن هذا التجديد غير مضبوط بعدد معيّن للبرامج أو التجديدات.
وللتفصيل أنظر الإجابة العلمية المفصَّلة لهذه المعاملة في السؤال رقم 40263.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5439)
حكم بيع مستحضرات التجميل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى محل مستحضرات تجميل ولوازم الكوافيرات فهل هذة المهنة حلال ام حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حكم العمل في هذه المهنة فيه تفصيل:
أ- إذا بعت هذه الأشياء على من تعلم أنه يستعملها في التبرج المحرم فلا يجوز.
ب- إذا بعتها على من تعلم أنه يستعملها في التزين المباح فيجوز.
ج- أما إذا لم تعلم عن حال المشتري شيئاً فعلى البراءة الأصلية أي الجواز.
قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها أو لم يعلم شيئا فيجوز له الاتجار فيها. فتوى اللجنة الدائمة (13/67)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5440)
هل يجوز بيع المحرمات كلحم الخنزير لغير المسلمين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في توكيل ملاحي وأقوم بخدمة السفن العابرة، ومعظم هذه السفن أجنبية والعاملون بها غير مسلمين، ويقوم صاحب الشركة ببيع لحم الخنزير لهذه السفن في بعض الأحيان، ثم يقوم بتوزيع أرباح هذا البيع علينا نحن الموظفين ونحن نقبلها على اعتبار أن بيع لحم الخنزير لغير المسلمين غير محرم، ولم يرد نص في القرآن ولا السنة لتحريم بيعه على غير المسلمين، وكذلك لأنه لا يصح أن نأخذ الخمر كقياس لأن لحم الخنزير متواجد من أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، ولو أراد تحريمه ولعنه لفعل كما فعل بالخمر، ولكن هناك من بدأ يشككنا في مدى حلال هذه النقود فهل هي حلال أم حرام؟
وهل لأننا لا نشارك في البيع فإنه لا ضرر علينا من أخذ هذه الأرباح حيث إن صاحب العمل يعطيها لنا كصدقة، فهل يحق لنا قبول الصدقة ونحن نعرف أصلها؟؟ وهل ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام أي حديث واضح وصريح ومؤكد يحرم فيه بيع لحم الخنزير لغير المسلمين، حيث إن لحم الخنزير لم يحرم على أهل الكتاب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز لأحد أن يفتي في دين الله تعالى بغير علم، ويجب أن يعلم خطورة فعله هذا، والله تعالى حرم ذلك بقوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33
فلا يحل لأحد أن يقول: هذا حلال، وهذا حرام، وليس عنده دليل صحيح على ذلك، قال الله تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) النحل/116
ثانياً:
بيع لحم الخنزير حرام سواء بيع لمسلم أو لكافر، والأدلة على ذلك:
قول الله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) الأنعام/145، وقد عَلَّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدةً عظيمةً، فقال: (إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) رواه أبو داود (3488) وصححه الشيخ الألباني في " غاية المرام " (318)
2- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) . فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: (لا، هو حرام) . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: (قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه. رواه البخاري (1212) ومسلم (1581) .
جملوه: أذابوه.
قال النووي:
وأما الميتة والخمر والخنزير: فأجمع المسلمون على تحريم بيع كل واحد منها.
قال القاضي: تضمن هذا الحديث أن ما لا يحل أكله والانتفاع به لا يجوز بيعه , ولا يحل أكل ثمنه , كما في الشحوم المذكورة في الحديث.
" شرح مسلم " (11 / 8) .
قال ابن رجب الحنبلي – بعد أن ساق أحاديث في تحريم بيع الخمر -:
فالحاصل من هذه الأحاديث كلها: أن ما حرم الله الانتفاع به فإنه يحرم بيعه وأكل ثمنه كما جاء مصرحا به في: (إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) ، وهذه كلمة عامة جامعة تطرد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراما، وهو قسمان:
أحدهما: ما كان الانتفاع به حاصلا مع بقاء عينه، كالأصنام، فإن منفعتها المقصودة منها الشرك بالله وهو أعظم المعاصي على الإطلاق، ويلتحق بذلك كتب الشرك والسحر والبدع والضلال، وكذلك الصور المحرمة وآلات الملاهي المحرمة، وكذلك شراء الجواري للغناء ...
والقسم الثاني: ما ينتفع به مع إتلاف عينه، فإذا كان المقصود الأعظم منه محرّماً: فإنه يحرم بيعه، كما يحرم بيع الخنزير والخمر والميتة مع أن في بعضها - كأكل الميتة للمضطر ودفع الغصة بالخمر وإطفاء الحريق به والخرز بشعر الخنزير عند قوم والانتفاع بشعره وجلده عند من يَرَى ذلك - ولكن لما كانت هذه غير مقصودة لم يعبأ بها وحرم البيع، ولكن المقصود الأعظم من الخنزير والميتة: أكلها، ومن الخمر شربها، ولم يلتفت إلى ما عدا ذلك، وقد أشار صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا المعنى لما قيل له: أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلي بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا هو حرام ...
" جامع العلوم والحكَم " (1 / 415، 416) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم؟
فأجابت: " لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها، كالخمور والخنزير ولو مع الكفرة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها " اهـ.
فتاوى اللجنة الدائمة (13/49)
ثالثاً:
وأما قول السائل: (إن بيع لحم الخنزير لغير المسلمين غير محرم، ولم يرد نص في القرآن ولا في السنة لتحريم بيعه على غير المسلمين) ، فغير صحيح، فقد سبق أدلة القرآن والسنة وإجماع العلماء على تحريم بيع الخنزير، والأدلة بعمومها تدل على تحريم بيعه على المسلمين والكفار، لأن الأدلة دلت على تحريم بيعه تحريماً عاماً، ولم تفرق بين المسلمين وغيرهم.
بل لو قيل: إن المقصود من تحريم بيعه هو بيعه على الكفار أصالةً لم يكن ذلك بعيداً، لأن الأصل في المسلم أنه لن يشتري الخنزير، وماذا يفعل به، وهو يعلم أن الله حرَّمه؟!
وكذلك قوله: (إن لحم الخنزير متواجد من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو أراد تحريمه ولعنه لفعل كما فعل بالخمر) غير صحيح.
لأنه لا يُشترط من تحريم الشيء أن يلعن الرسول صلى الله عليه وسلم مَنْ فَعَلَه، بل يكفي أنه ينهى عنه، أو يخبر أنه حرام. كما حرم بيع الخنزير
رابعاً:
وأما أخذكم هذه الأموال فالأجدر بكم بعد علمكم بأنه مال حرام التنزه والبعد عنه.
لاسيما وأخذكم هذا المال سيكون كالإقرار منكم لصاحب الشركة على هذا العمل، والواجب عليكم نصحه، والإنكار عليه ووعظه لترك هذا العمل المحرم، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وأما ما أخذتم من هذه الأموال قبل علمكم بالتحريم، فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى، قال الله تعالى في آيات تحريم الربا: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) البقرة/275
راجع السؤال رقم (2429) و (8196)
نسأل الله تعالى أن يرزقكم حلالاً مباركاً فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5441)
بيع المنحة قبل قبضها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء رقم منحة أرض تعطيها الدولة؟ علماً بأن الأرض لم تُستلم بعد ولا يعلم متى يتم استلامها - فقط أعطي الشخص رقما من البلدية فيه تاريخ التقديم ورقم الطلب أو المنحة، وقام ببيع هذا الرقم لشخص آخر وقبض المال على أن يقوم عند موعد استلام المنحة بمراجعة البلدية وإنهاء الإجراءات الرسمية لاستلامها، أو يقوم بإعطاء المشتري وكالة شرعية بإنهاء إجراءات الاستلام ونقلها باسمه بعد ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة لا تجوز، لأن هذا من باب الغرر، وبيع ما ليس عنده، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تبع ما ليس عندك) رواه الترمذي (1322) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1292) .
ولأن هذه الأرض تختلف قيمتها باختلاف الأماكن، ففي المعاملة غرر.
ثم إن هذا الرقم مجرد وعد، ولم تصبح بعد ملكاً لصاحب الورقة أو الرقم، فكيف يجوز له بيعها، وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع ما لا يملك. ثم هو لا يدري عن موقعها، فقد تكون في حي أثمان أراضيه مرتفعة، وقد تكون في طرف البلد، أو خارج البلد في مكان غير مرغوب فيه، ثم هو لا يدري هل هي في بطن المخطط أو طرفه، وهل تقع على شارع رئيس أو فرعي وهل هو شارع واحد أو اثنان أو ثلاثة. وكل هذا يؤثر في قيمة الأرض ورغبة الناس فيها.
وبناء عليه فلا يجوز بيع ورقة الوعد هذه التي لا يدري كيف ستكون، وإنما ينتظر صاحب الورقة حتى يحصل على الأرض ويطبق ما في المنحة على الواقع ويستخرج بالأرض صكاًّ يثبت ملكيتها ويحدد موقعها ومساحتها، ثم بعد ذلك يبيعها إن شاء.
والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5442)
لا يجوز شراء أسهم البنوك ولا المتاجرة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء أسهم البنوك والمتاجرة فيها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أسهم البنوك هي نقود في الحقيقة، وعلى هذا (لا يجوز بيع أسهم البنوك ولا شراؤها لكونها بيع نقود بنقود بغير اشتراط التساوي والتقابض، ولأنها مؤسسات ربوية لا يجوز التعاون معها لا ببيع ولا شراء لقوله سبحانه وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ) رواه الإمام مسلم
وليس لك إلا رأس مالك.
ووصيتي لك ولغيرك من المسلمين هي الحذر من جميع المعاملات الربوية والتحذير منها والتوبة إلى سبحانه وتعالى مما سلف من ذلك، لأن المعاملات الربوية محاربة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومن أسباب غضب الله وعقابه كما قال عز وجل: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275 وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278-279) ولما تقدم من الحديث الشريف. اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (فقه وفتاوى البيوع /أشرف عبد المقصود ص 360) .(5/5443)
حكم (بزناس) ومثيلاتها من عمليات الخداع
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت قبل عدة أشهر شركة تسمى (بزناس) تقوم على نوع من التسويق وتتلخص فكرتها في أن يشتري الشخص منتجات الشركة ـ وهي عبارة عن برامج وموقع وبريد إلكتروني ـ بمبلغ 99 دولارا ويُعطى بعد الشراء الفرصة في أن يُسوِّق منتجاتها لآخرين مقابل عمولات محددة.
ثم يقوم هذا الشخص بإقناع شخصين آخرين بالانضمام للبرنامج، بمعنى أن يشتري كل منهما منتجات الشركة، ويكون لهما الحق أيضا في جذب مسوقين آخرين مقابل عمولات كذلك.
ثم يقوم كل واحد من هذين بإقناع شخصين آخرين بالانضمام، وهكذا. فستتكون من هذه الآلية شجرة من الأتباع الذين انضموا للبرنامج على شكل هرم.
أما طريقة احتساب العمولات فتشترط الشركة ألا يقل مجموع الأفراد الذين يتم استقطابهم من خلال المشتري (المشترك) ومن يليه في شجرة المشتري عن 9 أشخاص من أجل الحصول على العمولة (على ألا يقل عدد الأعضاء تحت كل واحد من الاثنين الأولين عن اثنين، وتبلغ العمولة 55 دولاراً. ويتم صرف العمولة في مقابل كل 9 أشخاص (ويسمى كل تسعة أشخاص في التسلسل الهرمي "درجة") .
ونظراً إلى أن الهرم يتضاعف كل مرة يضاف فيها مستوى جديد أو طبقة جديدة للشجرة، فإن العمولة تتزايد كل مرة بشكل كبير.
إذا افترضنا أن الشجرة تنمو كل شهر، بمعنى أنه في كل شهر ينضم شخصان لكل شخص في الهرم (كما هو افتراض الشركة في موقعها) ، فهذا يعني أن العمولة التي يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف دولار في الشهر الثاني عشر، ويستمر التضاعف في كل شهر
وهذا مصدر الإغراء في هذا النوع من البرامج، فمقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 100 دولار، يحصل المشترك على مئات بل آلاف أضعاف المبلغ.
ولذلك تسوّق هذه الشركات برامجها من خلال وعود بالثراء الفاحش في مدة يسيرة من خلال النمو المضاعف للهرم.
السؤال: ما حكم هذه المعاملة خاصة أنها انتشرت بصورة واضحة وتعددت الأقوال فيها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الكلام على مثل هذه المعاملات التي يسرع انتشارها ويكثر غموضها والتباسها على العامة، ويشتد إغراؤها لا بد فيه من أمرين:
الأول: بيان الحكم الشرعي المبني على النصوص والقواعد الشرعية، وعلى تصور المسألة من حيث حقيقتها ونتائجها وتاريخها.
الثاني: علاج النفس وتوطينها على الأخذ بالحكم الشرعي وعدم التعلق بالشُّبه.
ونظراً لحاجة المسألة إلى إطالة النفس فيها فسنقدِّم بجواب مختصر للسؤال يتلوه ذكر للقواعد الشرعية في هذا المقام وتفصيل للجواب.
الجواب المجمل على السؤال:
بالنظر إلى صورة هذه المعاملة (بزناس) وحقيقتها، وما ذكره مندوبو هذه الشركة من معلومات وشروط عنها، وكذلك ما ذكره المتكلمون عنها من أدلة وشروط للمنع منها أو إباحتها.
وبعرض كل هذا على نصوص القرآن والسنة وقواعد الشريعة في أبواب المعاملات وأٌقوال العلماء يتبين أن هذه المعاملة محرّمة، لعدة وجوه أهمها:
1. أن هذه المعاملة مبنية على الميسر وأكل أموال الناس بالباطل وتحوي تغريراً وخداعاً للناس وإطماعاً لهم في المال واستغلالاً لغريزة حب الإكثار منه عندهم. وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة / 90، وقال: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) البقرة / 188، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) مسلم (2137) وهذا التشبيه في الحديث يجعل هذا التحريم مغلظا جدا.
2. يتبيّن بعد النظر الفاحص أن إدخال السلعة ـ وهي البرامج والموقع والبريد ـ في هذه المعاملة لا يغيِّر من حكمها، لوضوح كون هذه السلعة ليست مقصودة من قِبَل معظم المتهافتين على الشراء. وإذا ثبت هذا بالقرائن المذكورة في تفصيل الجواب فإن دخول السلعة بهذا الشكل لا يزيدها إلا حرمة لاشتمالها على التحايل المؤدِّي إلى معاملة محرمة من معاملات الميسر.
3. المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة من أوجه متعددة منها: اشتراط دفع مال للدخول فيها بخلاف السمسرة فإنه لا يشترط فيها ذلك، وكذلك فإنه ليس المقصود فيها بيع سلعة لمن يحتاجها وإنما بناء نظام حوافز شبكي. ولو سُلِّم جدلا بأنها سمسرة فإنها محرمة لاشتمالها على التغرير بالمشتري وتمنيته بالباطل وعدم نصحه وعليه فلا يصحُّ قول من أباحها على أنها سمسرة، ولعل ذلك لأن المسألة لم تعرض لهم على حقيقتها، أو لم يتصوَّروها تصوُّرا صحيحا.
وهذا الحكم منسحب في مجمله على كثير من المعاملات الموجودة الآن والتي تشابهها مما يطرح في السوق الآن.
ومن أراد الاستزادة فليراجع تفاصيل النقاط في الجواب المفصَّل وما يسبقه من قواعد عامة.
الجواب المفصَّل:
قبل تفصيل الإجابة على هذا السؤال وتحقيقاً لأمر توطين النفس على قبول الحكم الشرعي لا بدَّ من التقديم ببعض القواعد الشرعية ونحوها التي تعين المسلم ـ المذعن لحكم الله ـ على التعامل باطمئنان وثقة وانشراح مع هذه المعاملة ومع أمثالها من المعاملات التي تفتقت عنها وستتفتق عنها عقول بعض أصحاب المشروعات التجارية، لاسيما مع توفر خمسة عوامل رئيسية لانتشار مثل هذه المعاملات. هي:
1- ذيوع وسائل الاتصال والدعاية والإعلان.
2- سهولة التواصل المالي عبر البطاقات ونحوها.
3- تزايد الحاجة للمال عند عامة الناس، بسبب الإغراق في الكماليات.
4- وجود أصل غريزة الطمع وحب المال في النفس البشرية.
5- ضعف التدين وقلة تحرِّي الحلال عند كثير من المسلمين.
وفيما يلي عدة قواعد تعين على التعامل مع هذه المعاملة وما ظهر وما سيظهر من مثيلاتها ينبغي الانتباه لها والاهتمام بها:
1- فتنة المال من أعظم الفتن التي تؤثر على الإنسان في دينه وفي بركة ما عنده من مال وولد فينبغي الحذر والتحرِّي في حلِّ مصادره أشد التحري.
2- اتقاء الأمور المشتبهات، قاعدة مقررة في الشريعة حتى لو لم يُسلِّم الإنسان بتحريم الأمر المشتبِه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلَّم: (الحلال بيِّن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام) البخاري (52) مسلم (1599) .
3- (ما جاءك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه، وما لا فلا تُتْبعه نفسَك) رواه البخاري (138) مرفوعا، أي لا تجعل نفسك تتعلق بالمال الذي ليس في يدك دفعاً لما يحصل في النفس من حزن وحسرة إذا لم تحصُل عليه. والنهي عن التعلُّق في هذا الحديث ورد في الكلام عن العطية وهي هدية مباحة في أصلها فكيف بالتعلُّق بالأموال المشتبهة؟ بل كيف بالتعلُّق بالأموال المحرمة؟ ، فلا بدَّ أن يكون أكثر أثرا سلبيا في النفس وأشد في المنع.
4- (من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه) رواه أحمد وصححه الألباني، وهذا يعمُّ مَنْ تَرَك الحرام ومن ترك المشتبه فيه.
5- البَرَكة في المال وإن قلَّ أعظم وأولى بالبحث من كثرته من طريق محرم أو مشكوك فيه.
6- على المسلم أن يكون صادقا مع نفسه تمام الصدق في معرفة مقصده من مثل هذه المعاملات هل هو الرغبة في الوصول للمال والسلعة حيلة لإضعاف لوم النفس والناس، أم أن السلعة مقصودة أساسا؟ وأن يعلم أن ما يخفيه من مقاصده معلوم عند الله الذي يعلم السر وأخفى، وأنه سبحانه سائله ومحاسبه عن ذلك.
7- الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وإخفاء بعض المعلومات عن المفتي لا يبيح الأخذ بفتواه، ولا يعذر الآخذ بها ما دام يعلم أن المفتي لم تعرض عليه الصورة كاملة، ولم يطَّلع على حقيقة المسألة.
8- (البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك) رواه أحمد (17320) وقال الألباني في صحيح الترغيب 1734 حسن لغيره.
9- آكِل المال الحرام إذا كان معترفا بوقوعه في الحرمة أخف جرما ممن يأكله مستعملا الخديعة والتدليس والحيل؛ لأن الثاني قد أضاف إلى أكله للحرام ذنبا آخر وهو مخادعة الله. قال ابن القيم: (فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة في المفسدة التي حرمت لأجلها مع تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله ونسبة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه وأنه يحرم الشيء لمفسدة ويبيحه لأعظم منها ولهذا قال أيوب السختياني يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون) إغاثة اللهفان 1/354.
10- ما ثبت عند الإنسان تحريمه فعليه أن يقطع تعلُّق نفسه به وأسفه إذا فاته ورآه عند الآخرين وليحمد الله على أن سلَّمه، وليسألْه سبحانه أن يبغِّض إليه الحرام مهما كثُر ويرزقه دوام اجتنابه، وأن يعينه على مجاهدة نفسه لقطع هذا التعلُّق.
11- أحكام الشرع مبناها على تمام العلم والحكمة. وهي تراعي المصلحة العامة الكلِّية وإن كان فيها ما يُظن أنه إضرار ببعض المصالح الخاصة، فعلى المسلم أن لا ينظر إلى ما يحصِّله هو من نفع مادي خاص ويُغفل ما ترمي إليه الشريعة من المصلحة الكلية العامة.
أما تفاصيل الجواب فيمكن حصرها في ثلاث نقاط:
أولا: هذه المعاملة بناءً على تكييفها الاقتصادي فيها مشابهة كبيرة بمعاملة (التسلسل الهرمي) أو (التسويق الهرمي) وإن كانت لا تماثلها من جميع الوجوه، وأصل معاملات التسويق الهرمي يقوم على بناء نظام حوافز شبكي هرمي، ولم ينظر الذين وضعوها في الغرب إلا إلى كسب المال بِغضِّ النظر عن حلِّ المصدر وحرمته. وبعرض هذا النظام على نصوص الشريعة وقواعدها يتبين تحريمه من عدة وجوه منها:
1. بناؤه على أكل أموال الناس بالباطل نظراً لأنه لا بدَّ لهذا التسلسل الهرمي من أن يكون له مستوى نهائي، وهو آخر من وصل إليهم التسلسل الهرمي، وهؤلاء خاسرون قطعاً لمصلحة الطبقات الأعلى. ولا يمكن نموُّ الهرم إلا في وجود من يخسر لمصلحة المستويات العليا التي تجني عمولات خيالية، وآخر طبقتين في كل فرع تكون الأولى منهما كاذبة تُمنِّي التي تليها بالربح، والطبقة الأخيرة مستغفلة مخدوعة ستشتري ولن تجد من تبيعه، وقد تقدم ذكر الآيات والأحاديث المشدِّدة في حرمة أكل أموال الناس بالباطل.
2. بناؤه على الميسر وهو أن يدفع شخص مالاً مقابل أن يحصل على مال أكثر منه أو يخسر ماله. وهذا هو واقع من يدخل في مثل هذه المعاملات، وهذا من أهم وأوضح أسباب التحريم.
3. نظراً لاحتواء معاملات التسلسل الهرمي على تغرير وخداع ومفاسد كثيرة فقد منعته وحرَّمته الأنظمة الغربية الكافرة ـ إذا كان في صورته الخالية من إدخال سلعة فيها ـ مع كونهم يبيحون الربا والقمار والميسر أصلاً، وحذَّر عقلاؤهم منه (انظر الموقع التالي والمواقع العديدة المرتبطة به http://skepdic.com/pyramid.html) .
وبناء على ما سبق فإن معاملة بزناس التي ورد السؤال عنها تدخلها عدة أوجه من أوجه التحريم هنا بسبب مشابهتها للتسلسل الهرمي في أصل الأسباب التي يحرم من أجلها وهي الميسر وأكل المال بالباطل.
ثانيا: إدخال السلعة في هذه المعاملة لا ينقلها إلى الإباحة ولا يزيل أسباب التحريم بل هو أقرب إلى كونه سبباً في تشديد حرمتها. نظرا لكونه تحيُّلا للوصول إلى تمرير هذه المعاملة والإيهام بكون السلعة مقصودة " وتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة على المفسدة التي حُرِّمَت لأجلها مع تضمنه لمخادعة الله ورسوله " إغاثة اللهفان 1/354
ويظهر عدم تأثير السلعة في إباحة المعاملة من خلال الآتي:
1. أهم دافع للشراء عند المشتركين هو التسويق لا السلعة بدليل أن أمثال هذه البرامج والخدمات كانت موجودة قبل هذه الشركة بسنوات ولا تزال، وبأسعار أقلَّ! فما الذي جعل التكالب عليها بهذه الكثرة، ومن هذه الشركة بالذات سوى قصد الدخل المتولد من الاشتراك فيها؟؟.
2. الاحتجاج بأن المواد نافعة جدا وسهلة ولها تميُّز عن غيرها وتستحق أن يدفع فيها مائة دولار، على التسليم به في بعض الخدمات إلا أن هذا الكلام مخدوش بأن هذه البرامج غير محفوظة الحقوق في الموقع عن الاستفادة الشخصية عبر من سبق له الشراء دون أن يدفع المستفيد الجديد شيئاً، بل الاشتراك الواحد يمكن أن يستعمله العشرات ويستفيدوا من كل ما في الموقع من خدمات. وهي غير محفوظة الحقوق إلا عن استغلالها من قبل شركات أخرى. فما الدافع لبذل المال فيها إلا الدخول في هذا التسويق الهرمي (الميسر) ؟.
3. وجود شرط ملجئ للدخول في هذا التسويق الهرمي وهو شرط شراء المنتج بسعر أكثر من قيمة مُماثله؛ من أجل الحصول على العمولة الأكبر واستعمال موقع الشركة في الدعاية والتسويق. فبتأثير الإغراء يدفع الإنسان هذه الزيادة الباهظة على أمل تعويضها وأكثر منها عبر التسويق الذي هو قصده الأول، وهذا هو عين الميسر المنهي عنه شرعاً.
4. ذكر العمولات المغرية نظير التسويق هو دافع الناس للشراء والاشتراك، بدليل عدم شرائهم ـ غالبا ـ إلا بذكرها. وبدليل إمكانية موافقة البعض على الشراء دون الإطلاع على فحوى المواد أو عدم الحاجة إليها من حيث الأصل. وواقع الكثيرين من حيث عدم الاستفادة من أكثر البرامج يزيد تأكيد هذا، بل البعض لم يستعمل شيئا من البرامج أصلا.
5. المبلغ المطلوب للاشتراك (99 دولارا) يوازي في بعض البلاد راتب شهر أو يزيد، ويمتنع في عادة الناس دفع مثل هذا المبلغ نظير هذه البرامج إلا مع وجود قصد الربح المؤمَّل تحصيلُه، ومع ذلك يكثر شراؤها بل قد يقترض الإنسان من أجلها.
6. من اشترى من أجل المنتج (السلعة) عندما يعلم بأن الشركة تصرِّح بأن ثلاثة أرباع ما دفعه سيُنفق على التسويق بدلا من شركات الإعلان فإن ذلك سيحفِّزه نفسيا للاشتراك في التسويق لتعويض ما دفعه من زيادة كبيرة على القيمة فيدخل في عملية التسويق، ثم ينساق وراءها ولا يتوقف عند تعويض خسارته، بل يواصل العملية.
7. بعض المتهافتين يشتري سلعة هذه الشركة أكثر من مرة ـ ووصلت عند بعضهم كما حدّث بنفسه إلى مائة مرة!! ـ مع العلم أن الشراء مرة واحدة كفيل باستفادة هذا المشترك من كل البرامج في أي جهاز شاء وفي أي وقت، وهذه الصورة لا يشك أحد في كونها ميسرا، وفيها دليل واضح على أن قصد هذه المعاملة إنما هو هذا التعامل الميسري.
8. تلزم الشركة المشتركين لاستمرارهم في التسويق واستمرار العمولات المتضاعفة لهم بتجديد الاشتراك سنويا بنفس المبلغ، زعما بأنها ستضيف خدمات جديدة، وهذا التجديد ـ على التسليم بحصوله ـ عبارة عن شراء لمجهول بثمن معلوم؛ إذ هذا المستحدث قد يكون قليلا أو يحوي برامج ليس للمشترك عناية بها، وهذا الشراء محرّم لما فيه من الغرر وجهالة أحد طرفي البيع جهالة مؤثِّرة.
9. رجوع الإنسان إلى نفسه لمعرفة نيَّته وقصده من هذه المعاملة يسهِّل عليه إدراك أن المقصد هو الدخول في التسويق الهرمي خاصة مع وجود أكثر ما يحتاجه من البرامج والخدمات مجانا أو بسعر أقل بكثير في مواقع أخرى، مع إمكانية تركه لشراء ما لا يحتاجه من البرامج إما لسهولته عليه أو عدم اهتمامه به.
ثالثا: المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة لاختلافها عنها في نقاط جوهرية تُغيِّر الحكم وتمنع إلحاقها بها، ومن ذكر من المفتين أنها سمسرة فإنما أجاب على أسئلة لم يذكر فيها من التفاصيل التي تصوِّر له المسألة تصويراً صحيحاً مما يجعل فتواه غير منطبقة على الواقع، ومن شروط صحة الحكم بناؤه على تصوُّرٍ صحيحٍ للمسألة، وعليه فلا يجوز للإنسان أن يُقلِّد من يعلم أن حكمه مبنيٌّ على تصوير ناقص للمسألة.
ومن الفروق بين هذه المعاملة وبين السمسرة المباحة:
1. أن السمسرة هي دلالة على سلعة أو منفعة مقصودةٍ لذاتها ستصل في النهاية إلى المستفيد حقيقةً لينتفع بها، أما عملية التسويق الموجودة في هذه الشركة فهي بيع فرص تسويق على أشخاص ليبيعوها لغيرهم لتصل في النهاية إلى شخص أو أشخاص لا يجدون ما يؤمِّلونه من العقد.
2. أن السمسرة لا يشترط أن يدفع فيها السمسار شيئاً من المال إذ ليس من مصلحة صاحب السلعة أن يعرقل السمسار بوضع شرط الدفع له أو الشراء منه، أما هذا التسويق لمن كان قاصدا له فمن شرط الدخول فيه أو الحصول على مِيزاته دفعُ مبلغ ـ ضمن ثمن البرامج ـ ليكون مسوِّقاً، وتجديد الدفع سنويا للاستمرار في التسويق.
3. السمسار يحرص على البحث عن أكثر الناس حاجة للسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحرص على البحث عن الأقدر على تسويق المعاملة، بِغَضِّ النظر عن حاجته.
4. السمسار لا علاقة له بما يفعله المشترون بالسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحتاج إلى أن يستمر في تسويق السلعة حتى يكمل العدد ليحصل على العمولة.
5. في السمسرة يأخذ السمسار على قدر ما يسوِّقه من السلع، أما في هذه المعاملة فقد يشترك اثنان في عدد من تُسوَّق لهم السلعة مباشرة أو بالتسبب ويكون بينهما من التفاوت في العمولات فرق كبير جدا بسبب ما يشترطونه من كيفية لاستحقاق العمولة، وهذا يؤكد أن بناء شبكة التسويق الهرمي هو المقصود أصالةً لا ما يدَّعون من السلع.
وهذه الفروق الخمسة بين المعاملتين تدل على اختلاف حقيقتهما بما يمنع من إباحة معاملة بزناس قياسا على السمسرة، لاسيما أن في معاملة بزناس أسباب واضحة للتحريم كما سبق.
6. لو فرضنا أنها سمسرة ـ وهذا غير صحيح ـ فإن الحرمة تدخلها من جهة أن هذا المسوِّق لا يمكن أن يُبيِّن لمن يعرض عليه أن هذه السلعة يوجد مثلها في غير هذه الشركة بربع المبلغ أو نصفه، أو أنه قد لا يحتاج لبعضها، فضلا عن أن يخبره بإمكان الاستفادة الشخصية الكاملة منها من الموقع عبر رقم المسوِّق الخاص دون التأثير عليه ودون دفع شيء، ولا بد أن يركِّز معه على ذكر العمولة الكبيرة التي سيحصل عليها إذا اشترى وسوَّق.
7. من جعلها سمسرة وأباحها اشترط أن لا يكون في تسويقها مخادعة أو أن لا يمدحها بما ليس فيها، وهذا غير متحقق عادة عند كثير من هؤلاء المسوِّقين لما سبق بيانه.
وبهذا التفصيل في الجواب يتبيَّن حرمة هذه المعاملة وحرمة مثيلاتها، ونصيحتنا في هذا المقام لأصحاب هذه الشركة ومندوبيها أن يتقوا الله في البحث عن مصادر الرزق البعيدة عن الحرمة أو الشبهة، وأن يتقوا الله في أموال إخوانهم المسلمين قبل أن لا يكون درهم ولا دينار وإنما هي الحسنات والسيئات، وليس هناك إلا جنة أو نار.
وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5444)
حكم بيع التلفاز والفيديو والبلايستيشن
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محل أجهزة كهربائية، فهل يجوز أن أبيع أجهزة التلفاز والفيديو وأجهزة (البلايستيشن) والاسطوانات الخاصة به، مع العلم أنني لا أعرف لأي غرض ستستخدم هذه الأجهزة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الأجهزة من التلفاز والفيديو وغيرها - مما يستعمل في الخير والشر، والطاعة والمعصية، لكن يغلب اليوم استعمالها في الشر، من رؤية النساء العاريات، وسماع اللهو واللغو والباطل من الموسيقى وغيرها-. والواجب في مثل هذا أن يعمل الإنسان بما يغلب على ظنه.
فلا يجوز بيعها إلا لمن عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في المباح.
أما من عُلم أو غلب على الظن أنه يستعملها في الحرام، فلا يجوز بيعها عليه؛ لقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة /2.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: " كل ما يستعمل على وجه محرم، أو يغلب على الظن ذلك، فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين" اهـ
"فتاوى اللجنة الدائمة " (13/109) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء، ما نصه: أنا أعمل مهندس إلكترونيات، ومن عملي إصلاح الراديو والتليفون والفيديو ومثل هذه الأجهزة، فأرجو إفتائي عن الاستمرار في هذه الأعمال، مع العلم أن ترك هذا العمل يفقدني كثيرا من الخبرة ومن مهنتي التي تعلمتها طوال حياتي، وقد يقع علي ضرر خلال تركها.
فأجابت: " دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة أنه يجب على المسلم أن يحرص على طيب كسبه، فينبغي لك أن تبحث عن عمل يكون الكسب فيه طيبا. وأما الكسب من العمل الذي ذكرته فهذا ليس بطيب؛ لأن هذه الآلات تستعمل غالبا في أمور محرمة" اهـ.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/420) .
وأما (البلايستيشن) وأقراصه، فله الحكم السابق نفسه، فيجوز بيعه على من غلب على الظن أن يستعمله استعمالاً مباحاً، ويحرم بيعه على من غلب على الظن أنه يستعمله استعمالاً محرماً.
وكثير من الناس الآن يستعمله استعمالاً محرماً، فبدلاً من أن يكون الترفيه شيئاً عارضاً يفعله الإنسان إذا احتاج إليه، صار الترفيه هو الأصل عند كثير من الناس، فينفق فيه كثيراً من عمره وماله وجهده ما بين اللعب بنحو هذه الألعاب، والذهاب إلى النوادي وحمامات السباحة، والسفر والجلوس مع الأصحاب، والذهاب إلى المنتزهات ... إلخ.
وكثير ممن يستعمل البلايستيشن أو نحوه من الألعاب يضيع بسببه الصلوات، وينشغل به عن كثير من مصالح دينه ودنياه، مما يجعلنا نجزم بتحريمه على أمثال هؤلاء.
وأما من يقدر الأمور حق قدرها، ويلعب بهذه الألعاب قليلاً من الوقت للترويح عن النفس، ولا يضيع بسببها شيئاً من الواجبات ولا مصالح دينية أو دنيوية، ومع خلو هذه الألعاب من المنكرات كالموسيقى وصور النساء العاريات ونحو ذلك فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.
والأجدر بالمسلم أن يحرص على كسب المال الحلال الذي لا شبهة فيه، وليتذكر قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) . رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5445)
حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع جوز الطيب في الطعام؟ وهل يحل بيعه في محل العطارة أم لا؟ أم أنه محرم أكله وبيعه كالخمور؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شجرة " جوزة الطيب " معروفة منذ قديم الزمان، وقد كانت تستخدم ثمارها كنوع من " البهارات " التي تعطي للأكل رائحة زكية، واستخدمها قدماء المصريين دواء لآلام المعدة وطرد الريح.
وارتفاع شجرتها حوالي عشرة أمتار، وهي دائمة الخضرة، ولها ثمار شبيهة بالكومثرى، وعند نضجها يتحول ثمرها إلى غلاف صلب، وهذه الثمرة هي ما يعرف بجوزة الطيب، ويتم زراعتها في المناطق الاستوائية، وفي الهند، وإندونيسيا وسيلان.
وتأثيرها مماثل لتأثير الحشيش، وفي حالة تناول جرعات زائدة يصاب المرء بطنين في الأذن وإمساك شديد وإعاقة في التبول وقلق وتوتر وهبوط في الجهاز العصبي المركزي والذي قد يؤدي إلى الوفاة.
أما عن حكمها فقد اختلفت آراء العلماء فيها إلى قولين:
فجمهور العلماء على حرمة استعمال القليل منها والكثير، وذهب آخرون إلى جواز استعمال اليسير منها إذا كانت مغمورة مع غيرها من المواد.
قال ابن حجر الهيتمي - المتوفى سنة 974 هجرية - عن جوزة الطيب -:
"عندما حدث نزاع فيها بين أهل الحرمين ومصر واختلفت الآراء في حلها وحرمتها طرح هذا السؤال: هل قال أحد من الأئمة أو مقلِّديهم بتحريم أكل جوزة الطيب؟ .
ومحصل الجواب،- كما صرح به شيخ الإسلام ابن دقيق العيد - أنها مسكرة، وبالغ ابن العماد فجعل الحشيشة مقيسة عليها، وقد وافق المالكية والشافعية والحنابلة على أنها مسكرة فتدخل تحت النص العام: (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام) ، والحنفية على أنها إما مسكرة وإما مخدرة، وكل ذلك إفساد للعقل، فهي حرام على كل حال" انتهى.
انظر: " الزواجر عن اقتراف الكبائر " (1 / 212) ، و" المخدرات " لمحمد عبد المقصود (ص 90) .
وفي مؤتمر " الندوة الفقهية الطبية الثامنة " - " رؤية إسلامية لبعض المشاكل الصحية " " المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء " - والمعقود بدولة الكويت، في الفترة من 22 -24 من شهر ذي الحجة 1415هـ الذي يوافقه 22 - 24 من شهر مايو 1995، قالوا:
"المواد المخدرة محرمة، لا يحل تناولها إلا لغرض المعالجة الطبية المتعينة، وبالمقادير التي يحددها الأطباء وهي طاهرة العين.
ولا حرج في استعمال " جوزة الطيب " في إصلاح نكهة الطعام بمقادير قليلة لا تؤدي إلى التفتير أو التخدير.
وقال الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي:
لا مانع من استعمال القليل من جوزة الطيب لإصلاح الطعام والكعك ونحوه، ويحرم الكثير؛ لأنها مخدِّرة.
والأحوط: هو القول بمنعها ولو كانت مخلوطة مع غيرها وبنسبة قليلة، و" ما أسكر كثيره فقليله حرام ".
وللعلم: فإن ثمرة جوزة الطيب - بذرتها ومسحوقها الخاص - ممنوع استيرادها إلى بلاد الحرمين الشريفين، ويقتصر السماح باستيراد مسحوقها المخلوط بغيره من التوابل في حدود النسبة المسموح بها والتي لا تزيد عن 20 %.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5446)
بيع الذهب المستعمل على أنه جديد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في أن بعض أصحاب محلات الذهب يشتري ذهباً مستعملا نظيفا، ثم يعرضه للبيع بسعر الجديد.
فهل يجوز مثل هذا؟ أو يلزمه تنبيه المشتري بأنه مستعمل؟ أو لا يلزم حيث إن بعض المشترين لا يسأل هل هو جديد أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب عليه النصيحة , وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه , ومن المعلوم لو أن شخصا باع عليك شيئا مستعملا استعمالاً خفيفا لم يؤثر فيه وباعه عليك على أنه جديد لعددت ذلك غشا منه وخديعة , فإذا كنت لا ترضى أن يفعل بك الناس هذا، فكيف تسوغ لنفسك أن تفعله بغيرك؟!
وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يفعل مثل هذا الفعل، حتى يبين للمشتري ويقول له: إن هذا قد استعمل استعمالا خفيفا أو ما أشبه ذلك.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين. "مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب".(5/5447)
تحريم بيع الدم
[السُّؤَالُ]
ـ[بنك الدم يمنح هدايا للمتبرعين بالدم , هي عبارة سجادة صلاة , وميدالية أو غترة – شماغ - أو غيرهما , وأحياناً ثلاثمائة ريال. أرجو إيضاح رأي الشرع المطهر في هذه الهدايا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا يعتبر بيعاً للدم، وبيع الدم حرام بإجماع العلماء.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/71) :
" لا يجوز بيع الدم؛ لما في "صحيح البخاري" , من حديث أبي جحيفة أنه اشترى حَجّاماً , فأمر بمحاجمه فكسرت , فسئل عن ذلك فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى عن ثمن الدم) .
قال الحافظ في "الفتح": " المراد تحريم بيع الدم كما حرم بيع الميتة والخنزير , وهو حرام إجماعاً , أعني بيع الدم وأخذ ثمنه " انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (9/148) :
" ويحرم ولا ينعقد بيع الدم المسفوح , لقوله تعالى: (أو دما مسفوحا) . . . وصرح ابن المنذر والشوكاني بإجماع أهل العلم على تحريم بيعه " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5448)
حكم بيع الصيدلي لموانع الحمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في الصيدلة في السنة قبل الأخيرة وأواجه مشكلة منع الحمل في الإسلام يقول لقد قرأت إجابات عن هذا الموضوع وكصيدلي أواجه مشكلة أنني سوف أعطي للناس أقراص منع الحمل ولست أدري مدى إباحية هذا الإجراء لكن هل في القرآن أن الله ينفخ في الروح بعد مدة معينة وإذا كان كذلك فما حكم هذا القرص على أساس أنه قد يقتل إنساناً وبعض المسلمين يحكم على استخدام هذه الأقراص على أساس أنها تسبب أمراضاً جانبية للمرأة لكن كل دواء له هذه الأضرار الجانبية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ننصح أنه لا يبيعها إذا علم أن الذين يستعملونها إما امرأة تريد ألا تحبل إذا زنت مثلاً وإما أنه رجل يريد ألا يُولد له وإما أنه قد انعقد حمل امرأته ويريد إسقاطه فكل هذه من المحرمات فإذا كان مضطراً إلى تعلم الصيدلة فيتعلمها وعندما يريد البيع يخبر الذين يشترونها بأن هذا لا يجوز، لا يجوز إسقاط الحمل ولا يجوز منع الحمل إلا لضرورة ينصحهم ومن لم يقبل فالإثم عليهم، وإن وجد مجالاً لعدم البيع فهو الأولى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5449)
لا يدرون عن حل مكسب الذين يرسلون الأطعمة إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بعض الأخوة في رمضان بإرسال بعض الأطعمة للمسجد ويفطر الأخوة في المسجد عليها، ماذا لو أفطر المسلمون على طعام أرسله من دخله من الحرام؟ كموظف البنك.... نحن لا ندري من أرسل أو ماذا أرسل، أرجو التوضيح.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجب بل ليس من الحكمة والمصلحة أن تسألوا عن مصدر دخل من أرسل الطعام من إخوانكم لما في ذلك من التعنت والتكلف، والأصل في أموال المسلمين وطعامهم وشرابهم الحل حتى يتبين لكم غير ذلك.
وإذا عرف المسلم أن هذا طعام صاحب كسب حرام بعينه فليتورع عنه.
وقد سبقت أجوبة متعددة على مثل هذا السؤال، فانظر (5559) و (4820) و (37711) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5450)
لا يجوز بيع ما يستعمل في المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أحد الشيوخ أنه يجوز بيع وخياطة الفساتين النسائية التي لا تستر المرأة أي: الفساتين القصيرة، ويستدل بأن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهدى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوب حرير أحمر، فلما لبسه عمر ورآه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: (إني أعطيته لك لتهديه، وليس لتلبسه) فأهداها عمر لأحد أصحابه في الجاهلية، أو في ما معنى الحديث، فهل هذا الكلام صحيح؟ وإذا كان صحيحاً فهل يمكن القياس على ذلك بجواز بيع السجائر والتبع، والبناطيل النسائية والمايوهات الرجالية والنسائية الخليعة؟ والمولى عز وجل يقول في كتابه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) فأرجو الإفادة، وحاشى أن يكون هناك تعارض بين القرآن والسنة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما في عدة مواضع من عدة طرق، منها رواية البخاري له تحت باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء، من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: أرسل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عمر رضي الله عنه بحلّة من حرير أو سيراء، فرآها عليه فقال: (إني لم أرسل بها إليك لتلبسها، وإنما يلبسها من لا خلاق له، إنما بعثت إليك لتستمتع بها) ـ يعني تبيعها. وهذا الحديث يدل على جواز الاتجار في الملابس التي يجوز استعمالها على وجه دون وجه، وجواز هبتها والتبرع بها، وعلى من اشتراها أو أعطيت له تبرعاً أن يستعملها على الوجه المباح دون الممنوع، ومثل ذلك: الحليّ من الذهب، والسلاح والسكاكين والعنب، ونحو ذلك مما يمكن أن يستعمل في مباح أو محرم، فيجوز الاتجار فيه والتبرع به وهبته، وعلى من اشتراه أو وهب له مثلاً أن يستعمله على الوجه المباح: من بيع وهبة ونحو ذلك، دون أن ينتفع به على الوجه الممنوع.
أما إذا كان الشيء محرّماً استعماله من كلّ وجه وعلى كل حال، فلا يجوز الاتجار فيه ولا هبته، كالخنزير والأسد والذئب، وليس في الأحاديث دلالة على جواز بيع ما ذكر، فلا يصح قياس بيع السجائر والتبغ والمايوهات الرجالية والنسائية الخليعة على الاتجار فيما يجوز استعماله على وجه دون وجه، وحال دون حال لأنها محرم استعمالها على كل حال.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة (16/179-181) .(5/5451)
بيع ما لا يجوز لبسه
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بعض الناس يقول: يجوز بيع وخياطة الفساتين النسائية التي لا تستر المرأة - أي الفساتين القصيرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ثوب حرير أحمر، فلما لبسه عمر ورآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " إني أعطيته لك لتهديه، وليس لتلبسه " فأهداه عمر لأحد أصحابه في الجاهلية. فهل كلامه صحيح؟
وإذا كان صحيحاً فهل يمكن القياس على ذلك بجواز بيع السجائر والتبغ والبناطيل النسائية والمايوهات الرجالية والنسائية الخليع؟ مع أن الله يقول: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} فأرجوا الإفادة والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث رواه البخاري (2104) ومسلم (2068) وغيرهما في عدة مواضع من عدة طرق، منها رواية البخاري له تحت باب التجارة فيما يُكره لبسه للرجال والنساء، من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، قال: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عن بحلة حرير أو سيراء، فرآها عليه فقال: " إني لم أرسل بها إليك لتلبسها، إنما يلبسها من لا خلاق له، إنما بعثت إليك لتستمتع بها يعني تبيعها ".
وهذا الحديث يدل على جواز الاتجار في الملابس التي يجوز استعمالها على وجه دون وجه، وجواز هبتها والتبرع بها، وعلى من اشتراها أو أُعطيت له تبرعاً أن يستعمله على الوجه المباح دون الممنوع، ومثل ذلك: الحلي من الذهب والسلاح والسكاكين والعنب ونحو ذلك مما يمكن أن يُستعمل في مباح أو محرم، فيجوز الاتجار فيه والتبرع به وهبته.
وعلى من اشتراه أو وُهب له مثلاً أن يستعمله على الوجه المباح من بيعٍ وهبة ونحو ذلك، دون أن ينتفع به على الوجه الممنوع.
أما إذا كان الشيء محرماً استعماله من كل وجه وعلى كل حال فلا يجوز الاتجار فيه ولا هبته، كالخنزير والأسد والذئب، وليس في الحديث دلالة على جواز بيع ما ذُكر، فلا يصح قياس بيع السجاير والتبغ والمايوهات الرجالية والنسائية الخليعة على الاتجار فيما يجوز استعماله على وجه دون وجه، وحال دون حال؛ لأنها محرم استعمالها على كل حال.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 16/179.(5/5452)
شراء الذهب عبر موقع في الانترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[شركة تبيع الذهب عن طريق الإنترنت، هل يجوز أن أشتري منها أو أن أجلب لها الزبائن وأخذ أجرة على ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من المعلوم أن من شروط بيع وشراء الذهب بالنقود في الإسلام أن يحصل التقابض عند العقد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يد بيد ... ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) رواه مسلم (1578) .
وأنا أظن أن شراء الذهب عبر الإنترنت لا يحصل يداً بيد لأنك ترسل لهم القيمة ثم يرسلون لك الذهب بعد مدة، فإذا كان الأمر كذلك فالبيع بهذه الطريقة محرم، ويحرم عليك أن تجلب الزبائن لهذه الشركة، لقول الله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)
لكن لو حصل الاستلام والتسليم فوراً في مجلس العقد يجوز لك القيام بالدلالة وجلب زبائن لهذه الشركة وأخذ أجرة على هذه الدلالة.
ونسأل الله أن يجعل رزقنا حلالاً وصلى الله على نبينا محمد وأله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5453)
بيع الأشرطة المرئية واقتناء التلفزيون والفيديو
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بيع الأشرطة المرئية والمسموعة حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأشرطة المرئية والمسموعة، إذا خلت من الحرام، أبيح سماعها، ورؤيتها، وبيعها، وشراؤها. والمقصود بالحرام: أن تكون مشتملة على خنا أو فجور أو موسيقى أو صور نساء سافرات، وكذا لو اشتملت على كفر أو بدعة إلا لمن كانت نيته الرد على ما فيها، وكان أهلا لذلك.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل يجوز بيع أشرطة الغناء كأشرطة أم كلثوم وفريد الأطرش وما شابههما؟
فأجابت:
(بيع هذه الأشرطة حرام؛ لأن ما فيها من الغناء حرام، وسماعه حرام، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه") انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة 13/48.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن التجارة في أشرطة الفيديو التي أقل ما فيها أن تظهر فيها النساء سافرات، وتُمثل فيها قصص الغرام والهيام، وهل مال التاجر حرام، وماذا يجب عليه وكيف يتخلص من هذه الأشرطة؟
فأجاب:
(هذه الأشرطة يحرم بيعها واقتناؤها وسماع ما فيها والنظر إليها لكونها تدعو إلى الفتنة والفساد. والواجب إتلافها والإنكار على من تعاطاها، حسما لمادة الفساد، وصيانة للمسلمين من أسباب الفتنة)
فتاوى إسلامية 2/369
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن المتاجرة في أشرطة الغناء المشتملة على المعازف والمزامير والكلام الساقط والغزل الفاحش والدعوة إلى المجون والفساد ونشر الرذيلة بين الجنسين، وعن تأجير المحلات لبائعي هذه النوعية من الأشرطة؟
فأجاب:
(إذا كانت هذه الأشرطة تشتمل على ما ذكرتموه من المعازف والمزامير بشتى أنواعها، والدعوة إلى المجون والفساد والفسق ونشر الرذيلة بين الجنسين والكلام الساقط والغزل الفاحش فإنه لا يستريب عاقل فضلا عن مؤمن بالله واليوم الآخر يخشى عقاب الله ويرجو ثوابه بأن شراء هذه الأشرطة وسماعها حرام منكر؛ لأنها مدمرة للأخلاق والمجتمع، معرضة للأمة أن تحل بها العقوبات العامة والخاصة.
والواجب على من عنده شيء من هذه الأشرطة أن يتوب إلى الله تعالى وأن يمحو ما فيها من ذلك لينسخ فيها شيئا مفيدا.
أما المال العائد من بيعها والمتاجرة فيها فهو مال حرام لا يحل لصاحبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ".
وأما تأجير المحلات لبائعي هذه النوعية من الأشرطة فهو حرام أيضا، والأجرة المأخوذة على ذلك حرام؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) .
وأما إثم المشترين فعليهم، ولا يبعد أن ينال البائع ومؤجر المحل شيء من إثمهم من غير أن ينقص من إثم المشترين شيئا. والله أعلم)
فتاوى إسلامية 2/370.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/46) :
(يجوز أن تبقي جهاز التلفزيون وجهاز الفيديو في بيتك إذا استطعت أن تضبط نفسك، فتقصرها على سماع المحاضرات الدينية والعلمية النافعة، وقراءة القرآن والنشرات التجارية، والأخبار السياسية، ونحو ذلك من الأمور المباحة.
وإن لم تستطع ذلك فلا تبعه؛ لأن الغالب على من يشتري ذلك منك أن يستعمله في اللهو وسائر ما يستعمل فيه من المحرمات، بل أتلف ما لديك من ذلك تخلصا من الشر ولك الأجر، لكن إن وجدت من يغلب على ظنك استعماله لهما في المباح فلا بأس ببيعهما عليه) .
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5454)
هل يجوز للداخلين في المزاد طلب عدم الزيادة من أحد الحاضرين
[السُّؤَالُ]
ـ[مجموعة من الناس حضروا أحد المزادات وكانوا متفقين قبل الحضور إلى المزاد أن لا يزيدوا في السعر على بعضهم وبدأ المزاد، وقام زميل لهم ودخل المزاد وبدأ في رفع السعر، فكلموه وقالوا له أنت شريك لنا والزم الصمت ثم بعد انتهاء المزاد قاموا ببيع ما اشتروه ثم قسموا المبلغ فيما بينهم، فما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرض السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
إذا لم يكن في السوق سواهم فإن ذلك لا يجوز، أما إذا كان في السوق غيرهم فلا بأس أن يتفقوا على شرط أن لا يمنعوا أحداً من دخول المزاد. أما أن يمنعوا أحداً من دخول المزاد ويقولون له أنت شريك في الربح فلا يجوز.
سؤال: وإذا أعطوه هل يجب أن يتخلص من المبلغ؟
جواب: إذا أعطوه فهم آثمون.
سؤال: ماذا يفعل بالمبلغ؟
جواب: عليه أن يردّه أو أن يتصدق به. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح العثيمين(5/5455)
بيع ما يسهّل فكّ الشفرات الإباحية
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى شخص " ريسيفر ديجيتال " - بغض النظر عن مسألة جواز شراء الجهاز - وكان معه بطاقة فك شيفرة للأقنية الخلاعية فهل يجوز له بيعها علما أن البائع اشترط عليه شراءها مع الجهاز.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كل ما استخدم على وجه محرّم فإنه لا يجوز بيعه وهذا الجهاز لا يجوز له بيعه ولا شراؤه، ولا إهداؤه، وذلك لأن فيه إعانة على مشاهدة الحرام والوقوع في الرذيلة والعياذ بالله، وهو معاونة على المنكر الذي جاء الشرع بتحريمه قال تعالى: (ولا تعانوا على الإثم والعدوان) المائدة/3 والواجب عليه إتلاف مثل هذه الآلات المحرمة التي هي من أكبر الأسباب في شيوع الفساد والرذيلة في المجتمع، ومن سعى في نشر هذه الأجهزة فإن عليه أن يحذر من وعيد الله قال عز وجل: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة) النور/19.
وليعلم الأخ السائل وكل مسلم أنه من أعان على نشر الفاحشة بتيسير طرقها ووسائلها أن عليه إثم كل من انحرف وتأثر بسببها، فهي سيئة جارية تجري عليه حتى بعد وفاته، وهذا أمر عظيم ينبغي التنبه له، فالدال على الخير كفاعله، والدال على الشر كفاعله.
عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف فرأى سوء حالهم قد أصابتهم حاجة فحث الناس على الصدقة فأبطئوا عنه حتى رئي ذلك في وجهه قال: ثم إن رجلا من الأنصار جاء بصرَّة من ورِق ثم جاء آخر ثم تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أجورهم شيء ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء.
رواه مسلم (1017) .
قال النووي:
قوله صلى الله عليه وسلم: (من سن سنة حسنة ومن سن سنة سيئة) الحديث وفي الحديث الآخر (من دعا إلى الهدى ومن دعا إلى الضلالة) : هذان الحديثان صريحان في الحث على استحباب سن الأمور الحسنة، وتحريم سن الأمور السيئة، وأن من سن سنة حسنة كان له مثل أجر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة، وأن من دعا إلى هدى كان له مثل أجور متابعيه، أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه، سواء كان ذلك الهدى والضلالة هو الذي ابتدأه، أم كان مسبوقا إليه، وسواء كان ذلك تعليم علم، أو عبادة، أو أدب، أو غير ذلك.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فعمل بها بعده) معناه إن سنها سواء كان العمل في حياته أو بعد موته. والله أعلم.
" شرح مسلم " (16 / 226، 227) .
فيجب عليه المبادرة بالتوبة إلى الله، وإتلاف مثل هذه الآلات، ويجب على المسلم أن يستعمل ما وهبه الله من الخبرة والذكاء في نشر الخير ومنع الشر، وليس في فكّ الشفرات وغيرها لنشر الشر، ولا تجوز المتاجرة في أي وسيلة توصل إلى الشر. والله المستعان.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5456)
بيع علب ألعاب لا يدري ما بداخلها
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدي بقالة بها بضاعة منها كرتون بداخله اثنا عشر علبة - كراتين، يطلق عليها اسم جرب حظك بداخل كل علبة حلوى وألعاب أطفال عبارة عن سيارة وطائرة ومروحة وقطار، كلها ألعاب أطفال، وهي منوعة، كل علبة يختلف ما بداخلها عن الأخرى من الألعاب المذكورة، فما حكم بيعها على الزبائن؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا النوع من البضائع، ذات الكرتون المغلف، الذي يباع ولا يعلم ما في داخله من أنواع السلع من ألعاب الأطفال وغيرها، هو بيع مجهول يفتقد شرط العلم بالمبيع برؤية أو صفة، لذا فلا يجوز التعامل بهذا النوع من البضائع الفاقد للعلم بالمبيع برؤية أو صفة، لأنه من بيوع الغرر المنهي عنها لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر رواه مسلم 3/1153
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة 13/85.(5/5457)
مكآفات المتبرع بالدم
[السُّؤَالُ]
ـ[بنك الدم يمنح هدايا للمتبرعين بالدم، وهي عبارة عن سجادة صلاة أو ميدالية أو بعض النقود، أرجو إيضاح رأي الشرع المطهر في هذه الهدايا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيع الدم، لما في (صحيح البخاري) من حديث أبي جحيفة قال: رأيت أبي اشترى حجاماً، فأمر بمحاجمه فكسرت، فسألته عن ذلك فقال، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نهى عن ثمن الدم....) البخاري 3/12،43، واحمد 4/308،309 قال الحافظ في الفتح: المراد تحريم الدم كما حرم بيع الميتة والخنزير، وهو حرام إجماعاً، أعني: بيع الدم وأخذ ثمنه. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/71.(5/5458)
حكم بيع الفيز والتأشيرات
[السُّؤَالُ]
ـ[استقدمت عمالة أجنبية قبل 8 سنوات تقريباً، وقد بعت الفيز على شخص هنا، على أن يستقدم العمالة ويعملوا على طريقتهم، أي ليس عندي في المؤسسة، وكان هذا شرطاً بيني وبينهم، وعلى اتفاق أن يدفع نسبة آخر كل شهر، وليست إجبارياً، وبعض العمال سافر إلى بلاده، ولا أعرف له عنواناً، والبعض الآخر موجود، ولكن لا آخذ منه شيئاً. فما حكم المال الذي أخذته من بيع الفيز ومن العمال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيع الفيز لا يجوز لأن في بيعها كذباً ومحالفة واحتيالاً على أنظمة الدولة، وأكلاً للمال بالباطل، وقد قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام) البقرة/188 وعلى ذلك فإن ثمن الفيز التي بعتها والنسب التي تأخذها من العمال كسب محرم، ويجب التخلص منه، وإبراء ذمتك منه، فما حصلت عليه من ثمن الفيز تنفقه في وجوه البر والخير من فقراء وإنشاء وبناء مرافق تنفع المسلمين.
وأما الأموال التي أخذتها من العمال أنفسهم نسبة في كل شهر فإنه يجب عليك ردها إليهم إن كانوا موجودين، أو تيسر إيصالها إليهم في بلدهم على عناوينهم، فإن تعذر معرفتهم أو إيصالها إليهم فأن تتصدق بها عنهم لأن هذه النسبة اقتطعت منهم بغير حق، وبدون عوض، وعليك الاستمرار في التوبة من هذا العمل، وعدم العودة إليه مستقبلاً، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، قال الله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق /2،3
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/80.(5/5459)
بقالة بأطعمة ذات مشتقات خنزيرية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بيع الأطعمة التي تحتوي على مواد محتواها خنزير أو كحولات؟ حيث إنه يكثر في أمريكا وجود مسلمين يملكون محلات بقالة تبيع البيرة ولحم الخنزير والدخان أو يعملون بها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيع ما حرم أكله أو حرم استعماله، ومن ذلك ما ذكر في السؤال.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/47.(5/5460)
تأجير أشرطة فيديو
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب افتتاح محل فيديو بيع وتأجير الأشرطة، مع التقيد بالتعاليم، وعدم المخالفة للأشياء الشرعية، فهل هذا حرام أو الرزق الذي يأتي منه، علماً بأنني لا أريد أن أعمل في شيء يغضب الله تعالى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الفيديو والراديو والتلفزيون ونحوها من أجهزة الإعلام لا يقال لها في نفسها حلال ولا حرام لأنها آلات، وإنما الذي يحكم عليه استعمالها فما استعمل منه في محرم محض أو الغالب فهو محرم وإلا فهو حلال وعلى هذا إذا كنت لا تستعمل الفيديو إلا في الخير كما ذكرت فهو خير وإلا فهو شر، والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/47.(5/5461)
بيع القردة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في دخول مجال التجارة بالحيوانات الأليفة كالقطط والطيور، ومن ضمن هذه الحيوانات قرود الشمبانزي التي يتم تدريبها واستئناسها لأغراض التسلية كعامل جذب لزوار المحل، أو تباع للتسلية في المنازل، مع العلم بأنها غالية الثمن، ولقد أفادني بعض الأخوة جزاهم الله خيراً بأن التجارة في القرود محرمة نظراً لكونها علامة عذاب وسخط، ولما فيه من تغير لفطرتها وسوء استخدامها، إضافة إلى كونها مضيعة للمال، فما الحكم في ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيع القطط والقردة والكلاب وغيرها من كل ذي ناب من السباع لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وزجر عنه ولما في ذلك من إضاعة المال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة 13/37.(5/5462)
البيع على التصريف وبيع البضاعة قبل أن تصل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في رأيكم في بيع التصريف وبيع البضاعة المشتراة من الخارج قبل أن تصل إلى المحل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذان سؤالان في سؤال واحد
السؤال الأول: ما حكم بيع التصريف؟ وصورته أن يقول: بعت عليك هذه البضاعة، فما تصرّف منها فهو على بيعه، وما لم يتصرّف فرده إليّ، وهذه المعاملة حرام، وذلك لأنها تؤدي إلى الجهل ولا بدّ، إذ إن كل واحد من البائع والمشتري لا يدري ماذا سينصرف من هذه البضاعة، فتعود المسألة إلى الجهالة، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر وهذا لا شك أنه من الغرر.
ولكن إذا كان لابد أن يتصرف الطرفان فليعط صاحب السلعة بضاعته إلى الطرف الآخر ليبيعها بالوكالة، وليجعل له أجراً على وكالته فيحصل بذلك المقصود للطرفين فيكون الثاني وكيلاً عن الأول بأجرة ولا بأس بذلك.
أما بيع السلعة قبل أن تصل فهذا أيضاً لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلعة حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فلابد أولاً من حيازتها، ثم بعد ذلك يبيعها، أما أن يبيعها وهي في بلد آخر ولا يدري هل تصل سليمة أو غير سليمة فإن هذا لا يجوز.
فإن قال قائل: المشتري ملتزم بما تكون عليه السلع سواء نقصت أو لم تنقص، قلنا: ولو رضي بذلك، لأنه قد يرضى بهذا عند العقد طمعاً في الربح، ثم إذا حصل نقص ندم وتأسف، وربما يحصل بينه وبين البائع نزاع، والشرع - ولله الحمد - قد سدّ كل باب يؤدي إلى الندم وإلى النزاع والخصومة.
وكذلك أيضاً لو تلفت قد يحصل نزاع بين الطرفين، فالمهم أن هذا لا يجوز بيع السلع حتى تصل إلى مقرها عند البائع، ثم يتصرف فيها.
[الْمَصْدَرُ]
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين 54/94(5/5463)
فتح محل لبيع الزواحف والسباع
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أتقدم لسماحتكم بسؤال عن حكم الشرع في الاتجار أو اقتناء الحيوانات التي تستخدم لإشباع الهواية أو لأغراض الزينة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1.طيور الزينة مثل: الببغاوات والطيور الملونة.
2.الزواحف مثل: الثعابين والسحالي.
3. المفترسات مثل: الذئاب والأسود والثعالب.. الخ.
حيث إنها تستخدم إما لأشكالها الجميلة أو لفرائها، مع العلم بأنها غالية الثمن، وتحفظ تحت الأسر، والتجارة فيها لها مردود عالي جداً؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: بيع طيور الزينة مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل لأجل صوتها جائز لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح، ولم يأت نص من الشارع على تحريم بيعها أو اقتنائها، بل جاء ما يفيد جواز حبسها إذا قام بإطعامها وسقيها وعمل ما يلزمها، ومن ذلك ما رواه البخاري من حديث أنس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ يقال له أبو عُمير قال: أحسبه فطيماً وكان إذا جاء قال: (يا أبا عُمير ما فعل النُغير؟) نغر كان يلعب به) ..الحديث، والنغر نوع من الطيور، قال الحافظ ابن حجر في شرحه (فتح الباري) في أثناء تعداده لما يستنبط من الفوائد من هذا الحديث قال: وفيه.. جواز لعب الصغير بالطير، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات، وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه، وقص جناح الطير إذ لا يخلو طير أبي عمير من واحد منهما، وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم، وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل في خشاش الأرض) أخرجه البخاري في الصحيح 4/ 100،152وأحمد 2/261. وإذا جاز هذا في الهرة جاز في العصافير ونحوها.
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة حبسها للتربية، وبعضهم منع ذلك، قالوا: لأن سماع أصواتها والتمتع برؤيتها ليس للمرء به حاجة، بل هو من البطر والأشر ورقيق العيش، وهو أيضاً سفه لأنه يطرب بصوت حيوان صوته حنين إلى الطيران، وتأسف على التخلي في الفضاء، كما في كتاب (الفروع وتصحيحه) للمرداوي 4/9، والإنصاف (4/275)
ثانياً: من شروط صحة البيع كون العين المعقود عليها مباحة النفع من غير حاجة، والثعابين لا نفع فيها، بل فيها مضرة فلا يجوز بيعها ولا شراؤها، وهكذا السحالي، وهي السحابل، لا نفع فيها، فلا يجوز بيعها ولا شراؤها.
ثالثاً: لا يجوز بيع المفترسات من الذئاب والأسود والثعالب وغيرها من كل ذي ناب من السباع لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولما في ذلك من إضاعة المال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة 13/38.(5/5464)
هل يأخذ ما دفعه في اشتراك الانترنت كاملاً أو تقيّم الأجهزة ويأخذ نصيبه منها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ حوالي أربع سنوات قمنا بإنشاء شبكه إنترنت صغيرة مكونة من أربعة أجهزة نتقاسم معاً اشتراك الإنترنت ودفع كل منا 200 جنيه لتأسيس هذه الشبكة بعد ذلك اشترك معنا جار آخر في هذه الشبكة بدلاً من عضو انسحب من الشبكة لظروف عمله ودفع هذا الشخص الأخير – طواعية - 200 جنيه أعدناها إلى العضو المنسحب واليوم حدثت مشاكل بسبب قيام أخو العضو الذي اشترك مؤخراً بقطع الإنترنت عن باقي الأعضاء بالشبكة – مرات عديدة - وقرر باقي الأعضاء طرد هذا العضو من الشبكة ورداً لحقه في الأجهزة المستخدمة – سويتش وراوتر - سألنا أهل الاختصاص فقالوا أن تُقَيَّم الأجهزة بسعرها الحالي ويخصم منها 25% نظراً لأنها أجهزة مستعملة ويقسم الباقي علينا ويعطى نصيبه بينما وجهة نظر العضو انه دفع 200 جنيه عند دخوله الشبكة ويريد 200 جنيه مثلها ليخرج ورفض حكم المختصين ونحن نسألكم عن حكم الشرع في هذه المسألة أفتونا مأجورين لنرد الحقوق إلى أصحابها]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا اتفق الشركاء في هذه الأجهزة على فسخ الشركة، فكل واحد من الشركاء يمتلك من الأجهزة ربعها.
فإما أن يبتاع الأجهزة ويقسم ثمنها على الجميع، وإما أن تُقَوم ويأخذ هذا العضو المنسحب نصيبه منها، وهذا – قطعاً - سيكون أقل من قيمتها وهي جديدة. هذا من حيث الأصل.
غير أن الذي ننصحكم به هو أن يدفع له ما دفعه من المال كاملاً 200 جنيه، وذلك لسببين:
1- حرصاً على إصلاح ذات البين، ودرء الخلاف والنزاع، ما أمكن ذلك، قال الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) الأنفال/1، ولن يضيع على محسن إحسانه.
2- أن له شبهة فيما يطلب، وذلك لأنه لما دخل في الشركة معكم بدلاً من العضو المنسحب دفع 200 جنيه كاملة، ولم تقوموا بتقويم الأجهزة على ذلك الشخص المنسحب، فهذا الشريك دفع 200 جنيه مع أن الأجهزة كانت تساوي أقل من ذلك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5465)
تنازل عن حصته في الشركة ولم يوثَّق ذلك كتابة فهل له التراجع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتركت مع صهري في محل تجاري , وبعد مرور تقريباً سنة قال لي شفويا - بدون أية وثيقة -: إنه متنازل لي عن حقه , وكرر لي ذلك عدة مرات، على أن أرد له ما دفع، على شكل أقساط سنوية، بعد ذلك قمت بشراء قطعة أرضية باسمي الشخصي، دون أن أخبره , على أساس أننا لم نعد شركاء , وبعد مرور سنَة أعطيته قسطاً من المال، كما اتفقنا عليه , في هذه اللحظة فاجئني , وتراجع عن تنازله. سؤالي: هل صهري مشترك معي في الأرض التي اشتريتها من مال الشركة بعد تنازله الشفوي، أم ماذا أصنع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ما حصل من شريكك من تنازله عن حصته في الشركة بينك وبينه: لا حرج فيه، ويجب تمضيته، إلا أننا ننبه على أمر يتعلق بمطالبته برأس ماله فقط، فنقول:
الأمر لا يخلو من حالين:
الأولى: أن يكون رأس مال الشركة موجوداً، مع أرباح، أو بدونها، فهنا: يصح منه المطالبة برأس ماله، ويكون قد تنازل عن أرباحه إن وُجدت. فمطالبته برأس ماله صحيحة، وتنازله عن الأرباح صحيح أيضاً، وهذا هو ما يفهم من سؤالك، لأنه تنازل عن حقه مقابل رد رأس المال، وهذا يعني أن له حقوقاً أخرى أكثر من رأس المال وهي الأرباح.
والثاني: أن لا يكون رأس مال الشركة موجوداً، بل يوجد فيه نقص، بسبب حصول خسارة في الشركة، فهنا: ليس من حقه المطالبة برأس ماله، لأنه شريك معك في الربح والخسارة، إلا أن ترضى بإعطائه إياه عن طيب نفس منك، ويكون هذا بيعاً لحصته في الشركة، فيجب تمضيته إن وافقتَ على ذلك.
فعن عوف المزني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ صُلْحًا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1420) .
وقد تصالحت أنت وشريكيك على بيع نصيبه في الشركة بمقدار رأس ماله.
ثانياً:
ما دام أن شريكك قد تنازل عن حصته في الشركة بينك وبينه , وكرَّر ذلك عن طيب نفس ورضا، بدون إحراج، أو إكراه: وقد قبلت ذلك، فقد انتهت الشركة بينكما , ولا يلزمك إلا أن تدفع له نصيبه من الشركة كما اتفقتم، والاتفاق الشفوي يلزمه شرعاً.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (35/238) :
"قد يُلزم الإنسان نفسه بأمرٍ، فيلزمه ذلك شرعاً، إن لم يخالف الشّرع , بمعنى: أنّ الشّرع جعل التزامه سبباً للزوم , ومن ذلك:
أ. العقد , فإذا عقدا بينهما عقداً: لزمهما حكمه , كعقد البيع مثلاً، يلزم به انتقال ملكيّة المبيع إلى المشتري , وملكيّة الثّمن إلى البائع" انتهى.
وقد سبق أن ما تم الاتفاق بينكما عليه هو في حقيقته بيع لنصيبه في الشركة.
وأما كتابة العقود فهو من باب التوثقة والتأكيد.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (14/135) :
"في التوثيق منفعة من أوجه:
أحدها: صيانة الأموال، وقد أمرنا بصيانتها، ونهينا عن إضاعتها.
والثاني: قطع المنازعة؛ فإن الوثيقة تصير حكَماً بين المتعامليْن، ويرجعان إليها عند المنازعة، فتكون سبباً لتسكين الفتنة، ولا يجحد أحدهما حق صاحبه؛ مخافة أن تخرج الوثيقة، وتشهد الشهود عليه بذلك، فينفضح أمره بين الناس.
والثالث: التحرز عن العقود الفاسدة؛ لأن المتعاملين ربما لا يهتديان إلى الأسباب المفسدة للعقد ليتحرزا عنها، فيحملهما الكاتب على ذلك، إذا رجعا إليه ليكتب.
والرابع: رفع الارتياب، فقد يشتبه على المتعاملين إذا تطاول الزمان مقدار البدل، ومقدار الأجل، فإذا رجعا إلى الوثيقة: لا يبقى لواحد منهما ريبة.
وهذه فوائد التوثيق بالتسجيل" انتهى.
وبما سبق يتضح:
1. أن تنازل صهرك عن حقه في الشركة دون إحراج أو إكراه: يلزمه العمل بمقتضاه.
2. ما تم هو بيع لنصيبه في الشركة والثمن هو رأس المال الذي كان قد دفعه.
3. جمهور العلماء على استحباب كتابة العقود المتعلقة بالبيع، والدَّين، والنكاح، وليس أحد من أهل العلم من يقول إن الكتابة شرط لصحة العقد.
4. الالتزام بالكتابة والإشهاد على المعاملات له منافع عظيمة، وخاصة فيما يتعلق بالديون، وأموال الشركات.
وعلى هذا فصهرك – بحسب قولك – ليس له الحق في مشاركتك في أي شيء اشتريته أو بعته بعد تنازله أول مرة، لكن لو أقلته من تنازله السابق , وأشركته في الأرض التي اشتريتها: فهذا خير، وبركة , وليس بواجب عليك، ولعل الله أن يبارك لك في مالك , ويعوضك خيراً , وخصوصا أن بينكما مصاهرة؛ فهو أدعى لتقوية أواصر المحبة، والمودة، والصلة بينكما.
وفقنا الله وإياكم لعمل الخير.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5466)
أدخل أموال الجمعية الخيرية في مضاربة فخسر المال
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل عدة سنوات في طفرة الأسهم اتفقت مع مدير مندوبية تحفيظ القرآن الكريم بإحدى المناطق على أن آخذ مبلغ خمسين ألف ريال للمضاربة بها في الأسهم ولي نسبة عشرون في المائة من الأرباح، ولم نتفق على أي شي يخص موضوع الخسارة والآن لم يبق منها سوى عشرون ألف ريال بسبب تدهور السوق. سؤالي: هل أتحمل أنا الخسارة وأعيدها للجمعية؟ هل مدير المندوبية يتحمل شيئاً معي في هذه الخسارة؟ فنحن في حيرة شديدة ونرغب إبراء ذمتنا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا ضارب الإنسان بمال غيره، فالربح بينهما بحسب ما يتفقان عليه، والخسارة على صاحب المال، والعامل (المضارب) إنما يخسر عمله وجهده، ولا يجوز أن يشترط عليه تحمل شيء من الخسارة، ما لم يفرّط، فإن فرط أو خالف ما اشترط عليه وأدى ذلك لخسارته فهو ضامن.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/22) : " والوضيعة [الخسارة] في المضاربة على المال خاصة , ليس على العامل منها شيء ; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال , وهو مختص بملك ربه , لا شيء للعامل فيه , فيكون نقصه من ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء " انتهى.
وقال أيضا: "متى شُرِط على المضارِب ضمان المال , أو سهماً من الوضيعة , فالشرط باطل. لا نعلم فيه خلافاً، والعقد صحيح. نص عليه أحمد. وهو قول أبي حنيفة , ومالك.
وروي عن أحمد أن العقد يفسد به. وحكي ذلك عن الشافعي ; لأنه شرط فاسد , فأفسد المضاربة , كما لو شرط لأحدهما فضل دراهم. والمذهب الأول " انتهى من "المغني" (5/40) .
ثانياً:
إذا اجتهد مدير المندوبية ورأى المصلحة في استثمار بعض مال الجمعية - من غير الزكاة – وكان السوق مستقراً بحيث تنتفي المخاطرة والمغامرة بالمال، فلا شيء عليه في حال الخسارة؛ لأنه إنما أراد المصلحة العامة ولم يسلك ما يعد تفريطا في حفظ ما ائتمن عليه.
فإن حدث منه تعجّل أو تفريط، أو كان ممنوعا من استثمار المال، فإنه ضامن.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
يوجد لدى هذه الجمعية التعاونية مبلغ مجمد في البنوك لا يستفاد منه، وذلك بعد استكمال بعض الخدمات المطلوب من الجمعية تنفيذها مع بقاء المبلغ كاحتياط لمواجهة بعض المصروفات الطارئة، ورغبة منا في الحصول على عائد حلال فقد فكرنا في تفويض إحدى المؤسسات المالية أو التجارية للمتاجرة فيه في قسم التجارة الذي يقوم ببيع وشراء مواد البناء كالحديد والإسمنت وإعطائنا الربح غير المحدد مع بيان عن المواد التي تم شراؤها وبيعها خلال فترة معينة ويتقاضى المفوض سعياً على عمليات البيع والشراء. نأمل من سماحتكم الإفادة عن جواز مثل هذا العمل الذي يهدف إلى تحريك الأموال التي تعتبر أمانة في أعناقنا لصالح المسلمين جزاكم الله خيراً.
فأجابوا:
"إذا كان المال المذكور في السؤال من الزكاة: فالواجب صرفه في مصارفه الشرعية من حين يصل إلى الجمعية، وأما إن كان من غير الزكاة: فلا مانع من التجارة فيه لمصلحة الجمعية؛ لما في ذلك من زيادة النفع لأهداف الجمعية وللمساهمين فيها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/403) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5467)
هل يضر الشركة معاصي الشريك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي شريك يعمل الكبائر ولم أعلم بذلك إلا بعد المشاركة وحدث أكثر من خلاف على أن تنتهي هذه الشركة ولكنها استمرت، فما الحكم في خلط المال؟ وما الحكم في إخراج الزكاة؟ وما المضمون العام لنوع الشركة، حيث إنني أحتاج إلى هذا النوع من التجارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"كون الشريك يتعاطى الكبائر أو يتعاطى بعض المعاصي لا يمنع صحة الشركة، ولكن إذا كان يتعاطى أموراً أخرى تضر الشركة من كونه يتعامل بالربا أو يتعامل بالرشوة في الشركة أو يعامل معاملات تجعل أموال الشركة فيها مال يحرم فهذا محل النظر، فينبغي لك أيها الشريك أن تنفصل منه وتنهي الشركة حتى لا تأكل الحرام وحتى لا تقر الحرام.
أما إن كانت المعاصي ليس لها تعلق بالشركة كأن تتهمه بالمعاصي الخارجية كالزنا أو شرب الخمر أو ما أشبه ذلك مما ليس له تعلق بالشركة فهذا لا يضرك ولا يضر الشركة، ما دامت أعمالها سارية على الوجه الشرعي، فلا يضر ذلك، وأنت بالخيار بعد هذا في إنهاء الشركة أو عدمها، ولكن إنهاؤها مع هذا الصنف أولى حتى لا يضرك قربه منك، فإنهاء الشركة مع هذا الصنف أولى وأحوط، ولكن لو استمرت لبعض الوقت لا يضر الشركة؛ لأن معاصيه على نفسه، إنما يضر الشركة إذا كانت المعاصي تتعلق بالربا أو بالخيانة في المال أو إدخال ما حرم الله في الشركة من بيع المحرمات وشراء المحرمات وأنواع الرشوة والخيانة وأنواع الربا وما أشبه ذلك هذا هو الذي يضر الشركة" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1459) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/5468)
يقترض صاحبه مالا من البنك ليدخل معه شريكا في تجارته
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك شركة لاستيراد وتصدير الذهب، وأمر بأزمة مالية حادة، ونظراُ لحاجتي مبلغاً من المال وذلك بسبب التضخم التجاري في السوق المحلي فقد التجأت إلى معارفي وأصدقائي ولكن لم أتحصل على أي مبلغ لظروفهم الاقتصادية الحالية، وقد التجأت إلى مصرف تجاري - علما بأنه لا يوجد مصارف إسلامية في بلادنا - ليقوموا بتمويلي، وعندما علمت أنه يوجد فائدة 5% قيل لي إنها حرام، عندها أشار علي أحد العاملين بالمصرف بأنه يمكن أن يقترض هذا المبلغ ويتحمل العوائد المصرفية - العاملين في المصرف يسمح لهم بأخذ القروض دون فائدة - نظير مشاركتي في الأرباح، أرجو منكم إفادتي في هذا الموضوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
التمويل الذي أشرت إليه تمويل محرم؛ لأنه قرض ربوي، يسدد بفائدة قدرها (5%) ، وقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعا فهو ربا.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا، وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى من "المغني" (6/436) .
وقد أحسنت في عدم الإقدام على هذا التمويل، وسؤالك عما أشكل عليك، ونسأل الله أن يبارك في مالك ويخلف عليك خيرا.
ثانيا:
يجوز للعامل في المصرف أن يقترض قرضا حسنا – بلا فوائد – ثم يدخل معك شريكا بهذا المال، على ما تتفقان عليه من الربح، وأما الخسارة – عافاك الله منها – فإنها تكون على قدر مال كل منكما.
فلو اشترك زيد وعمرو مثلا، ودفع زيد 100 ألف، ودفع عمرو 200 ألف، فلهما أن يتفقا على ما أرادا من الربح، كأن يجعل لزيد 25% أو 30 % أو غير ذلك، والباقي لعمرو، وأما الخسارة فإنها تكون على قدر المال، فيتحمل زيد منها نصف ما يتحمله عمرو.
هذا إذا شارك كل منكما بالمال، وأما إذا كان المال منه، والعمل منك، ولم تشارك بشيء من المال، فهذه مضاربة، والربح فيها على ما تتفقان عليه، والخسارة على صاحب المال فقط.
وهذه هي القاعدة في الشركة عموما: أن الخسارة تكون على صاحب المال، بقدر ماله، وأما العامل في المضاربة الذي لا مال له، فإنه في حال الخسارة يخسر عمله وجهده، ولا يضمن شيئا من المال، إلا إذا حصلت الخسارة بسبب تقصير منه أو تعدٍ فإنه يتحملها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/22) : " (والوضيعة على قدر المال) يعني الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله , فإن كان مالهما متساويا في القدر , فالخسران بينهما نصفين , وإن كان أثلاثا , فالوضيعة أثلاثا. لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم. وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي وغيرهما ...
والوضيعة في المضاربة على المال خاصة , ليس على العامل منها شيء ; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال , وهو مختص بملك ربه , لا شيء للعامل فيه , فيكون نقصه من ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء " انتهى.
وانظر شروط المضاربة الصحيحة في جواب السؤال رقم (114537) .
ثالثا:
لا يجوز العمل في البنوك الربوية، وعلى من ابتلي بذلك أن يبادر بالتوبة وترك العمل، وينظر جواب السؤال رقم (26771) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5469)
هل يجوز جعل الزوجات شريكات في العمل التجاري
[السُّؤَالُ]
ـ[بدأ أخي وزوجي مشاركة في عمل تجاري وجعلوا الزوجات شريكات في هذه الشركة لكن تقول أخت زوجي أنه رغم أن الشركة فيها أسماء الزوجات إلا أن الزوجات ليس لهن حق فيها لأنه لا توجد في الإسلام شركة بين الرجل وزوجته. هل هذا صحيح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما قالته أخت زوجك لا أصل له في الشرع، فلا مانع أن تكون الزوجة شريكة لزوجها في التجارة، وكذا الأخت أو الأم أو الابنة.
والأصل في المعاملات الحلّ، والأصل في المشاركين العموم، ومن منع فعليه الدليل. وسواء أدخلها في الشركة بمبلغ تدفعه معه أو وهب لها جزءا من أسهم الشركة فلا بأس بذلك. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5470)
سيشتري هو وزوجته بيتا فهل يكتبه باسمه أو باسمها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي النية لشراء بناية عبارة عن ستة شقق لتأجيرها، فهل أسجلها باسمي أم باسم زوجتي. علما بأنني سوف أدفع نصف المبلغ وزوجتي سوف تدفع النصف الآخر، ولا مانع لدي أن تسجل البناية باسمها وهي لا تمانع بتسجيل البناية باسمي، ولكن من الناحية الشرعية ما الأفضل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
للزوج أن يهب من ماله لزوجته ما يشاء، وللزوجة أن تهب من مالها لزوجها ما تشاء، كما قال سبحانه: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء/4، فإذا طابت نفسك بهبة نصيبك لزوجتك، فسجل البناية باسمها، وتكون ملكاً خاصا لها.
وإن طابت نفسها بهبة نصيبها لك، فسجل البناية باسمك.
وإن رغب كل منكما في الاحتفاظ بنصيبه، فسجلاها شركة بينكما.
والمقصود أن التسجيل ينبغي أن يكون موافقاً لحقيقة الحال، هذا هو الأولى والأفضل، حفظاً للحقوق، ومنعاً للنزاع.
وإن اقتضى الأمر تسجيل البناية باسم شخص واحد، فللآخر أن يحتفظ بما يثبت حقه، بكتابة ورقة رسمية بذلك والإشهاد عليها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5471)
حكم الكفالة المالية وهل تتأثر إذا انتقل الدين إلى دائن آخر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أعطى كفالة مالية لشركة استقرضت من بنك تقليدي، ومع مرور الوقت اندمج البنك مع بنك آخر وانتقلت كل حقوق ومسؤليات البنك الأول إلى البنك الثاني، فهل يحق للبنك الجديد أن يطالب الكفيل بالمبلغ المكفول؟ بعبارة أخرى: هل تتأثر الكفالة مع تغير الدائن أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الكفالة المعطاة للشركة إن كانت كفالة قرض ربوي – وهذا هو الظاهر من كلامك، لأنك ذكرت أن البنك تقليدي، أي ربوي - فهي كفالة محرمة، وهي من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْم وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
والواجب عليك أن تتوب إلى الله من فعلك، وأن تعزم أن لا تعود لمثله، ويجب عليك أن تنصح الشخص الذي كفلته أن يتخلص من قرضه ومعاملته المحرمة، كما يجب عليك أن تسحب كفالتك إن أمكنك ذلك.
أما إن كانت الكفالة شرعيَّة، وكانت المعاملة غير محرمة: فكفالتك له جائزة، بل هي من فعل الخير، ولك فيها أجر، وهي من الإحسان إلى الناس.
ثانياً:
المعروف في نظام الشركات – وهو غير مخالف للشرع – أنه في حال بيعها أو اندماجها مع أخرى أنه تنتقل بموجوداتها وذممها إلى الشركة الأخرى، وكل ما للشركة الأولى على الآخرين يصبح للشركة الثانية، وما على الأولى ينتقل ليصبح على الثانية.
وعلى هذا فللبنك الجديد أن يطالبك بالمال المكفول.
وفي القرض الربوي ليس له شرعاً أن يطالبك إلا برأس المال فقط، دون الفوائد الربوية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ) رواه مسلم (1218) .
قال النووي في شرح مسلم: "قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّبَا: (أَنَّهُ مَوْضُوع كُلّه) مَعْنَاهُ الزَّائِد عَلَى رَأْس الْمَال كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوس أَمْوَالكُمْ) وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته إِيضَاح , وَإِلَّا فَالْمَقْصُود مَفْهُوم مِنْ نَفْس لَفْظ الْحَدِيث , لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الزِّيَادَة , فَإِذَا وُضِعَ الرِّبَا فَمَعْنَاهُ وَضْع الزِّيَادَة , وَالْمُرَاد بِالْوَضْعِ الرَّدّ وَالْإِبْطَال" انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5472)
اتفق مع شريكه أن يعطيه ربحا ثابتا كل شهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل تاجرا وأخذت مبلغاً من المال من صديق لي على أساس أنه شريك لي، وأعطيه ربحا ثابتا كل شهر. فهل هذا ربا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الشركة تعرف عند العلماء بشركة (المضاربة) وهي " أَنْ يَدْفَعَ شَخْصٌ إلَى آخَرَ مَالَهُ لِيَتَّجِرَ فِيهِ , وَيَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ , وَيُسَمَّى الْقَائِمُ بِالتِّجَارَةِ مُضَارِبًا ".
انظر: "الموسوعة الفقهية" (8/116) .
ويشترط لجوازها أن يكون توزيع الأرباح بنسبة معلومة من الربح، كالنصف والثلث ونحو ذلك.
ولا يجوز أن تكون تلك النسبةُ نسبةً معلومةً من رأس المال، كما لو أخذ منه مالاً ليتجر به واتفقا على أن يعطيه كل شهر –مثلاً- عشرة بالمئة من رأس المال على أنه أرباح.
ولا يجوز كذلك أن يكون الربح قدراً معلوماً، من الدراهم –كألف درهم كل سنة أو كل شهر- بل الواجب أن يكون نسبة من الربح، حسب ما يتفقان عليها.
فإن اشترط لصاحب المال قدرا معلوما من الدراهم، أو نسبة من رأس المال، كان عقد الشركة محرماً فاسداً.
وكل هذا مما اتفق العلماء عليه، ولم يقع بينهم فيه اختلاف، والحمد لله.
" قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ثُلُثَ الرِّبْحِ , أَوْ نِصْفَهُ , أَوْ مَا يُجْمِعَانِ عَلَيْهِ , بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعْلُومًا جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ " انتهى من "المغني" (7/138) .
قال ابن قدامة في "المغني" (7/146) :
" مَتَى جَعَلَ نَصِيبَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً , أَوْ جَعَلَ مَعَ نَصِيبِهِ دَرَاهِمَ , مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ جُزْءًا وَعَشْرَةَ دَرَاهِمَ , بَطَلَتْ الشَّرِكَةُ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مِنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ الْقِرَاضِ (يعني المضاربة) إذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا لِنَفْسِهِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً. وَمِمَّنْ حَفِظْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مَالِكٌ وَالأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ , وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. . .
وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحّ ذَلِكَ لِمَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا , أَنَّهُ إذَا شَرَطَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً , احْتَمَلَ أَنْ لا يَرْبَحَ غَيْرَهَا , فَيَحْصُلَ عَلَى جَمِيعِ الرِّبْحِ , وَاحْتَمَلَ أَنْ لا يَرْبَحَهَا , فَيَأْخُذَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ جُزْءًا. وَقَدْ يَرْبَحُ كَثِيرًا , فَيَسْتَضِرُّ مَنْ شُرِطَتْ لَهُ الدَّرَاهِمُ. وَالثَّانِي , أَنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً بِالأَجْزَاءِ , لَمَّا تَعَذَّرَ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً بِالْقَدْرِ , فَإِذَا جُهِلَتْ الأَجْزَاءُ , فَسَدَتْ " انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" لَوْ شَرَطَ فِي الْمُضَارَبَةِ لِرَبِّ الْمَالِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً فَإِنَّ هَذَا لا يَجُوزُ بِالاتِّفَاقِ ; لأَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعَدْلِ، وَهَذِهِ الْمُعَامَلاتُ مِنْ جِنْسِ الْمُشَارَكَاتِ ; وَالْمُشَارَكَةُ إنَّمَا تَكُونُ إذَا كَانَ لِكُلِّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ جُزْءٌ شَائِعٌ كَالثُّلُثِ وَالنِّصْفِ، فَإِذَا جُعِلَ لأَحَدِهِمَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَدْلا ; بَلْ كَانَ ظُلْمًا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/83) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن رجلين أعطى أحدهما الآخر مبلغا من المال ليتاجر له به، واتفقا على أن يعطيه نسبة 3 بالمئة من رأس المال ربحاً كل شهر.
فأجابت:
" دفعك المال للتاجر للعمل به في التجارة، وإعطاؤه لك نسبة محددة وهي 3 بالمئة من المبلغ لا يجوز، لأنه من الربح المضمون " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/318) .
وسئلت أيضاً عن شركة تأخذ الأموال من الناس لتتاجر بها، وتعطيهم نسبة 30 بالمئة من رأس المال سنوياً، وتدعي أنها تربح 100 بالمئة.
فأجابت:
" إذا كانت الشركة المذكورة تدفع للمشترك مبلغاً محددا مضموناً من الربح، فهذا التعامل لا يجوز، لأنه ربا، والتعامل المباح أن يكون نصيب كل من الشريكين جزءاً مشاعاً كالربع والعشر، يزيد وينقص حسب الحاصل " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/321) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5473)
الدخول في شركة من يتعامل بالرشوة والربا
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص تاجر تقدم إليه رجل بملغ مالي لكي يتاجر به، ولكن صاحب المبلغ يتعامل بالرشوة والربا، فهل على هذا التاجر إثم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الذي يكتسب المال من وجوه محرمة كالربا والرشوة والسرقة والغش.. ونحو ذلك، إذا كان ماله مختلطاً فيه الحلال والحرام صحّت معاملته بيعاً وشراءً ومشاركةً مع الكراهة، وإن عُلم أن المال الذي يريد الاتجار فيه من عين الحرام، لم تجز مشاركته ولا العمل معه فيه.
قال ابن قدامة في المغني (4/180) :
" وإذا اشترى ممن في ماله حرام وحلال , كالسلطان الظالم , والمرابي ; فإن علم أن المبيع من حلال ماله , فهو حلال , وإن علم أنه حرام , فهو حرام ... فإن لم يعلم من أيهما هو , كرهناه؛ لاحتمال التحريم فيه , ولم يبطل البيع ; لإمكان الحلال , قَلَّ الحرام أو كَثُر. وهذا هو الشبهة , وبقدر قلة الحرام وكثرته , تكون كثرة الشبهة وقلتها " انتهى.
وجاء في حاشية قليوبي وعميرة (2/418) :
" وتصح الشركة وإن كرهت كشركة ذمي وآكل الربا ومن أكثر ماله حرام " انتهى.
وفي حاشية الدسوقي (3/277) :
" اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام: المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم، خلافا لأصبغ القائل بحرمة ذلك.
وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال: فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله، وهو المعتمد، خلافا لأصبغ المحرم لذلك.
وأما من كان كل ماله حراماً وهو المراد بمستغرق الذمة، فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى.
ثانياً:
الواجب عليك قبل مشاركة من هذه حاله نصحه وترغيبه في التوبة والتخلص من المظالم، والحرص على طيب الكسب، فإن الجنة طيبة لا يدخلها إلا طيب، وترهيبه من الاستمرار في أكل الحرام فإن كل جسد نبت من حرام فالنار أولى به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5474)
هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت "؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاشتراك بشركة " تسويق نت "؟ . أرجو الرد لما في ذلك من رد الشبه للجميع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الشركة تشبه في عملها شركة " بزناس "، وقد بيَّن أهل العلم حرمة الاشتراك في هذه الشركة، وشركة " تسويق نت " لا تختلف عن بزناس إلا في كونها تبيع بضاعة لها قيمتها، لكن ليس المقصود ذات البضاعة بل التسويق، وتقوم هذه الشركات على ما يُسمَّى " التسويق الهرمي ".
قال الشيخ سامي بن إبراهيم السويلم:
الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي يسيرة، وتتلخص في أن يشتري الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به (أن يشتروا هم أيضاً منتجات الشركة) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك، ثم كل واحد من هؤلاء الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً، ويحصل الأول على عمولة إضافية، وهكذا.
ويمكن تعليل القول بحرمة الاشتراك في هذا النوع من البرامج بالأسباب التالية:
1. أنه أكل للمال بالباطل.
2. ابتناؤه على الغرر المحرم شرعاً.
أكل المال بالباطل
تبين بوضوح مما سبق أن هذا النوع من البرامج لا يمكن أن ينمو إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح، سواء توقف النمو أم لم يتوقف، فالخسارة وصف لازم للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للمستويات العليا، والخاسرون هم الأغلبية الساحقة، والرابحون هم القلة، أي: أن القلة كسبوا مال الأكثرية بدون حق، وهذا أكل المال بالباطل الذي نزل القرآن بتحريمه، ويسمَّى هذا النمط عند الاقتصاديين: تعامل صفري (zero-sum game) ، حيث ما يربحه البعض هو ما يخسره البقية.
الغرر
أصل الغرر المحرم: هو بذل المال مقابل عوض يغلب على الظن عدم وجوده أو تحققه على النحو المرغوب، ولذلك قال الفقهاء: الغرر هو التردد بين أمرين، أغلبهما أخوفهما، والذي ينضم إلى هذا البرنامج يدفع مبلغاً من المال مقابل أرباح الغالب عدم تحققها.
الخلاصة:
إن البرامج القائمة على التسلسل الهرمي - ومنها البرنامج المذكور في السؤال - مبنية على أكل المال بالباطل والتغرير بالآخرين؛ لأن هذا التسلسل لا يمكن أن يستمر بلا نهاية، فإذا توقف كانت النتيجة ربح الأقلية على حساب خسارة الأكثرية، كما أن منطق التسويق الهرمي يعتمد على عوائد فاحشة للطبقات العليا على حساب الطبقات الدنيا من الهرم، فالطبقات الأخيرة خاسرة دائماً حتى لو فرض عدم توقف البرنامج، ولا يفيد في مشروعية هذا العمل وجود المنتج، بل هذا يجعله داخلاً ضمن الحيل المحرمة، والعلم عند الله تعالى.
انتهى
وقال الشيخ – حفظه الله – عن شركة " تسويق نت " تحديداً -:
هذا النظام المذكور في السؤال هو نظام " التسويق الهرمي "، مهما تعددت صوره واختلفت تطبيقاته، وخلاصته أن المشترك يقنع الآخرين بالشراء من أجل الاشتراك في التسويق، وطالما كانت العمولات أكبر من قيمة المنتج: فإن الهدف من الشراء هو العمولات بالدرجة الأولى، وأما المنتج فهو تبع، وبناء على ذلك فهو ممنوع شرعاً لما فيه من الغرر الفاحش وأكل المال بالباطل؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في إقناع مسوِّقين آخرين أم لا، فإن نجح كان رابحاً على حسابهم ومن اشتراكهم، وإلا خسر المقدار المخصص للتسويق الذي دفعه ضمن الثمن، ثم الذين اشتركوا عن طريقه ينطبق عليهم ما ينطبق عليه، فكل طبقة في الشجرة أو الهرم التسويقي خاسرة، إلا إذا وجدت تحتها طبقة أو أكثر تتحمل هي الخسارة، وهكذا.
انتهى
وانظر سؤال رقم (40263) (41620)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5475)
شركة للتسويق الهرمي تبيع أشرطة دعوية
[السُّؤَالُ]
ـ[شركة نشاطها كـ " بزناس " , ولكنها تبيع مقابل الأموال أشرطة دعوية تهدي للخير , فكيف يكون الرد عليهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال: (40263) حرمة الاشتراك في نظام التسويق الهرمي مثل شركة " بزناس "، وحتى لو كانت هذه الشركات تبيع بضاعة حقيقية لها قيمة؛ لأنه ليس المقصود ذات البضاعة، بل التسويق، و " التسويق الهرمي "، قائم على الغرر وأكل أموال الناس بالباطل.
قال الشيخ سامي بن إبراهيم السويلم:
الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي يسيرة، وتتلخص في أن يشتري الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به (أن يشتروا هم أيضاً منتجات الشركة) ، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك، ثم كل واحد من هؤلاء الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً، ويحصل الأول على عمولة إضافية، وهكذا.
وقال أيضاً عن شركة " تسويق نت " وهي شركة تبيع منتجات حقيقية -:
هذا النظام المذكور في السؤال هو نظام " التسويق الهرمي "، مهما تعددت صوره واختلفت تطبيقاته، وخلاصته أن المشترك يقنع الآخرين بالشراء من أجل الاشتراك في التسويق، وطالما كانت العمولات أكبر من قيمة المنتج: فإن الهدف من الشراء هو العمولات بالدرجة الأولى، وأما المنتج فهو تبع، وبناء على ذلك فهو ممنوع شرعاً لما فيه من الغرر الفاحش وأكل المال بالباطل؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في إقناع مسوِّقين آخرين أم لا، فإن نجح كان رابحاً على حسابهم ومن اشتراكهم، وإلا خسر المقدار المخصص للتسويق الذي دفعه ضمن الثمن، ثم الذين اشتركوا عن طريقه ينطبق عليهم ما ينطبق عليه، فكل طبقة في الشجرة أو الهرم التسويقي خاسرة، إلا إذا وجدت تحتها طبقة أو أكثر تتحمل هي الخسارة، وهكذا. اهـ.
انتهى
وللمزيد فلينظر جواب السؤال رقم: (46595)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5476)
ينبغي استثمار المال وعدم تعطيله ولكن.. بعد كثير من الاحتياط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحل البديل من وجهة نظر الدين الإسلامي لمن عنده مبلغ من المال يريد يستثمره وليس له أي وسيلة لعمل مشروع تجاري يكسب منه؟ على سبيل المثال: أطفال يتامى أو شخص ليس له أي خبرات في عمل أي مشروع تجاري.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
جاءت الشريعة بحفظ الأموال، وصيانتها من الضياع.
فعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ) رواه البخاري (2408) ومسلم (593) .
قال الحافظ رحمه الله:
"قَوْله: (وَإِضَاعَة الْمَال) تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَكْثَر حَمَلُوهُ عَلَى الْإِسْرَاف فِي الْإِنْفَاق , وَقَيَّدَهُ بَعْضهمْ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْحَرَام , وَالْأَقْوَى: أَنَّهُ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْر وَجْهه الْمَأْذُون فِيهِ شَرْعًا سَوَاء كَانَتْ دِينِيَّة أَوْ دُنْيَوِيَّة، فَمَنَعَ مِنْهُ ; لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ الْمَال قِيَامًا لِمَصَالِح الْعِبَاد , وَفِي تَبْذِيرهَا تَفْوِيت تِلْكَ الْمَصَالِح , إِمَّا فِي حَقّ مُضَيِّعهَا وَإِمَّا فِي حَقّ غَيْره , وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ: كَثْرَة إِنْفَاقه فِي وُجُوه الْبِرّ لِتَحْصِيلِ ثَوَاب الْآخِرَة مَا لَمْ يُفَوِّت حَقًّا أُخْرَوِيًّا أَهَمّ مِنْهُ " انتهى.
وكنز المال وعدم الاستفادة منه، وإن كان لا يعد تضييعاً للمال إلا أنه تعطيل له، وتضييع للمصالح المترتبة على إعمال هذا المال بالنسبة لصاحبه، وبالنسبة لغيره، فإعمال الأموال يؤدي إلى مصالح عامة، وتعطيلها يفوت هذه المصالح، مع ما قد يحصل بسبب تآكل المال بالصدقة والنفقة.
ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (من ولي يتيما له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة) رواه الدارقطني (2/ 109) والبيهقي (11301) وصححه ابن العربي في "عارضة الأحوذي (2/99) .
وروى البيهقي (11303) عن الْحَكَم بْن أَبِى الْعَاصِ قَالَ: قَالَ لِى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ: هَلْ قِبَلَكُمْ مُتَّجَرٌ فَإِنْ عِنْدِى مَالُ يَتِيمٍ قَدْ كَادَتِ الزَّكَاةُ أَنْ تَأْتِىَ عَلَيْهِ؟ قَالَ قُلْتُ لَهُ: نَعَمْ قَالَ: فَدَفَعَ إِلَىَّ عَشْرَةَ آلاَفٍ فَغِبْتُ عَنْهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ لِى: مَا فَعَلَ الْمَالُ قَالَ قُلْتُ: هُوَ ذَا قَدْ بَلَغَ مِائَةَ أَلْفٍ ".
وروى البيهقي أيضا (11304) عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: " كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تُزَكِّى أَمْوَالَنَا وَإِنَّهَا لَيُتْجَرُ بِهَا فِى الْبَحْرَيْنِ ".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" لا يجوز أن يولى على مال اليتيم إلا من كان قويا خبيرا بما ولي عليه أمينا عليه، والواجب إذا لم يكن الولي بهذه الصفة أن يستبدل به ... ويستحب التجارة بمال اليتيم لقول عمر وغيره: (اتجروا بأموال اليتامى كيلا تأكلها الصدقة) " انتهى.
"الفتاوى الكبرى" (5/ 397) .
فعلى هذا، ينبغي لمن عنده مال أو كان ولياً على مال يتيم أن يتجر بهذا المال، ويعمل على تنميته، ولا يتركه تأكله الصدقة والنفقة، ويكون معرضاً للضياع أو السرقة.
فإن كان يحسن العمل بنفسه، عمل بنفسه، وإن كان لا يحسن ذلك فإنه يبحث عن رجل ثقة أمين خبير بالتجارة ويشاركه بهذا المال، فينتفع الاثنان معاً.
ومن ذلك أيضاً: أن يضعه في أحد البنوك الإسلامية التي تعرف بسلامة معاملاتها من الناحية الشرعية، وعدم تعاملها بمعاملات محرمة كالربا وغيره.
وهناك مكاتب متخصصة في تحديد المشروعات مع تقديم دراسة لجدوى المشروع، ومتابعة للمشروع عدة أشهر، مقابل أجر يتفق معه عليها، فيمكن الاستعانة بمثل هذه المكاتب.
ولكثرة المحتالين الآن الذين لا يتورعون عن أكل أموال الناس بالباطل ينبغي أن يبذل صاحب المال مزيداً من الاهتمام والتأكد من الشخص الذي يعطيه المال.
ويستحسن أن تقوم الحكومات بهذا الدور [وهو تنمية الأموال لأصحابها] ، فإنها أقدر على القيام بذلك من الأفراد، وبدلاً من أن تأخذ أموال الناس قرضاً ربوياً نظير فائدة ثابتة معلومة كل شهر، تكون هناك مشاريع حقيقية نافعة، ويكون العقد عقد مضاربة منضبطاً بأحكام الشرع.
وما لم تقم الحكومات بذلك، وقلت الأمانة عند الناس صار من معه مال ولا يحسن التجارة ولا العمل مطمعاً لكل نهاب محتال، فضاعت الأموال، وضاعت معها مصالح الخلق.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5477)
يريد فتح مطعم يختلط فيه الرجال بالنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتح مطعم في إحدى البلدان الإسلامية حيث يختلط الرجال والنساء، ويغلب على الناس الطابع الغربي في نمط العيش. فهل أنا آثم إذا أتى لتناول الطعام بعض هذه الأجناس المختلطة في مطعمي؟ مع الأخذ في الاعتبار أن هذا هو العمل الذي أحسنه على أتم وجه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دام هذا البلد يختلط فيه الرجال بالنساء، ويغلب على الناس الطابع الغربي في العيش، فهذا يعني أن هذا المطعم سيكون فيه جملة من المنكرات:
1- إظهار النساء لزينتهن ومفاتنهن بلا رادع من دين أو خلق.
2- الاختلاط المستهتر بين الرجال والنساء الذي يؤدي إلى كثرة الفواحش.
3- العلاقات المحرمة والمشبوهة التي تكون بين رواد المطعم كحضور الرجل مع عشيقته أو صديقته إلى هذا المطعم.
وهذه الأمور ـ كما هو معلوم ـ من المحرمات ومن أخطر الأشياء على المجتمعات.
قال ابن القيم رحمه الله:
"ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر , وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة , كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا , وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة.
فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك" انتهى مختصرا.
"الطرق الحكمية" (ص 407-408) .
والله تعالى كما حَرَّم معصيته، حَرَّم إعانة العاصي على معصيته، وأوجب نهيه عن هذه المعصية.
قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) .
وروى مسلم (49) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) .
قال النووي رحمه الله:
"قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَلْيُغَيِّرْهُ) هُوَ أَمْر إِيجَابٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّة. وَقَدْ تَطَابَقَ عَلَى وُجُوب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَإِجْمَاعُ الْأُمَّة، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ النَّصِيحَة الَّتِي هِيَ الدِّين" انتهى.
فلا يجوز للمسلم أن يعين عاصياً على معصيته، وفتح هذا المطعم بالطريقة التي ذكرتها فيه إعانة لهؤلاء على انحرافهم، وسكوت على منكرهم وباطلهم.
فنظراً لأنك لن تستطيع منع هذه المنكرات بل ستكون معيناً لأهلها عليها، فالنصيحة لك أن تعدل عن هذا العمل إلى غيره، واعلم أن (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) .
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ويرزقك رزقاً حلالاً طيباً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5478)
حكم الاستثمار في مجموعة البركة المصرفية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والسلام عليكم. هناك مجموعة بنكية تسمى مجموعة البركة البنكية (http://www.abg.bh/English/home2.html) . فهل يجوز الاستثمار في برامجها واستخدام منتجاتها المالية؟ وهذه المجموعة تبدو كبنك إسلامي صرف، فما حكم الاشتراك في هذه المجموعة والتعامل معها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مجموعة البركة المصرفية تلتزم في برامجها وأهدافها موافقة الشريعة الإسلامية، وإحياء ونشر المصرفية الإسلامية، ولها هيئة شرعية تشرف على أعمالها.
ولهذا؛ فالأصل جواز الاستثمار في برامجها ومنتجاتها، ما لم يتبين وجود خطأ في أحد البرامج، فيجتنب الاستثمار أو التعامل بهذا البرنامج.
وإنما قلنا هذا لأنه وجد من بعض البنوك والمصارف الإسلامية بعض المخالفات، كالتورق المصرفي المنظم في المعادن، واشتراط غرامة التأخير في التعامل ببطاقة الفيزا، أو في بيوع المرابحة، واشتراط نسبة عند السحب ببطاقة الفيزا، وهذه معاملات صدرت فيها قرارات من مجمع الفقه الإسلامي بالتحريم، لكن التزمت المصارف المشار إليها برأي الهيئة الشرعية فيها، ولهذا لا يمكننا الحكم بصحة جميع المعاملات التي تقوم بها المصارف الإسلامية، لكن الأصل هو جواز التعامل، وينبغي الاحتياط والسؤال عن المعاملات التي يدور حولها الخلاف كالمعاملات السابقة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5479)
الاستثمار في شركة الصكوك الوطنية الإماراتية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في طرح سؤال بخصوص الاستثمار في برنامج الإمارات العربية المتحدة للصكوك الوطنية (http://www.nationalbonds.ae/eng/home.aspx) حيث أن لديهم صكوك ولديهم سحوبات فما حكم الاشتراك في كل منهما؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بالاطلاع على موقع شركة الصكوك الوطنية وقراءة فتوى الهيئة الشرعية بها، يتبين جواز التعامل بهذه الصكوك إذا جرت المعاملة وفق ما قالته الهيئة الشرعية، لكن يظهر من خلال الموقع عدم توافق الفتوى مع السلوك العملي للشركة، ولهذا أفتى الدكتور سامي إبراهيم السويلم حفظه الله بتحريم التعامل بهذه الصكوك.
فقد سئل: نريد معرفة حكم الصكوك الوطنية التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية، هل هي مجازة أم لا؟
الصكوك الوطنية: شركة مساهمة خاصة، يقع مقرّها في دبي، وتضم قائمة المساهمين فيها شركات وطنية هي: دبي القابضة، وشركة إعمار العقارية، إضافة إلى بنك دبي، ويبلغ رأسمال الشركة (150 مليون درهم) ، موزعاً بالتساوي على الشركاء الثلاثة. ويتم شراء الصكوك الوطنية بفئات قيمتها (10 دراهم) ، والحد الأدنى للشراء هو (100 درهم) ، أي (10) صكوك، يخصص لكل صك رقم مسلسل ويتم إدخاله في سحب شهري على جوائز تتراوح قيمتها بين (100 درهم) و (مليون درهم) وهو مبلغ الجائزة الشهرية الكبرى. وتوجد هيئة شرعية لمراقبة سير عمل الشركة وموافقته للشريعة الإسلامية وقد أصدرت فتوى بجواز عملها!.
فأجاب:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا البرنامج الذي تقدمه شركة الصكوك الوطنية بدبي لا يعدو أن يكون صورة من صور اليانصيب المتفق على تحريمه شرعاً. فالمشتري لما أسموه "الصكوك" يدفع (100 درهم) ، وهو الحد الأدنى للاشتراك، وله حق استرداد هذا المبلغ بعد شهر، وكل شهر يدخل في السحب على جوائز تتراوح بين (100) وبين مليون درهم، كما هو مبين في موقع الشركة (nationalbonds.ae) . وهذه معاوضة نقد بنقد مع التفاضل، والتأخير والجهالة، فيدخلها الربا والميسر معاً.
وأما الفتوى الصادرة عن الهيئة الشرعية للشركة في هذا الخصوص فهي تختلف في الحقيقة عن عمل الشركة المعلن في موقعها. وبيان ذلك من وجوه:
1. الفتوى تنص على أن العقد بين حامل الصكوك وبين الشركة عقد مضاربة، بينما لا يذكر الموقع شيئاً عن عقد المضاربة، ولا عن طبيعة المشاريع التي يستثمر فيها، ولا عن معدل الأرباح المحققة. فليس في الموقع ما يحدد ويبين الطبيعة الاستثمارية للشركة، بل هو يعلن بكل وضوح عن جوائز السحب التي قد تصل إلى مليون درهم، ويحث الجمهور على الاشتراك طمعاً في الجوائز وليس في الأرباح الاستثمارية. فأين هي المضاربة إذن؟
2. الفتوى تنص على أن الجوائز يتم توزيعها من نصيب الشركة في أرباح المضاربة من خلال القرعة. لكن تحديد مقدار الجوائز ما بين (100) إلى مليون درهم، ينافي كونها من أرباح الاستثمار التي لا يمكن تحديدها مسبقاً.
وهذا يعني أن الشركة تلتزم بجوائز بمبالغ محددة في حال وقوع السحب عليها بغض النظر عن أداء الاستثمار، فتكون المعاملة معاوضة نقد بنقد مجرداً ولا علاقة لها بالمضاربة.
أضف إلى ذلك أن الشركة تعلن أن أول سحب سيتم شهر مايو، بينما لا تعلن الأرباح إلا في نهاية العام. فكيف تكون الجوائز من الأرباح مع أن الأرباح لم تحدد ولم تعلم بعد؟
3. الفتوى تنص على أنه لا يجوز اشتراط السحب على الجوائز في عقد المضاربة، بينما يجعل موقع الشركة هذه الجوائز هي أهم مزايا الاشتراك، ويحدد تواريخ السحب على الصفحة الأولى وجميع صفحات الموقع، ويشجع الزائر على الاشتراك لأنه قد يصبح من أصحاب الملايين. وهذا يجعل السحب على الجوائز هو الهدف من الاشتراك، ولا يخفى أن هذا من أعظم الاشتراط لأنه الأساس الذي من أجله يشتري الناس هذه الصكوك.
4. الفتوى تنص على أن العقد عقد مضاربة، بينما ينص الموقع على حق المشترك في استرداد قيمة الصكوك بعد مضي شهر على الأقل من الاشتراك، وهذا يجعل ثمن الصك بمثابة القرض الذي تلتزم الشركة برد مثله. فإذا انضم لذلك الحصول على الجوائز كان قرضاً جر نفعاً، وهو ربا، بإجماع العلماء.
والحاصل: أن مضمون الفتوى شيء وواقع الشركة شيء آخر. وكان الواجب توجيه هذه الأموال للاستثمار المشروع القائم على العمل والإنتاج وتحقيق القيمة المضافة، بدلاً من توظيفه في الحظ والجوائز التي تقتل العمل، ولا تولد أي قيمة للاقتصاد.
والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل " انتهى من موقع الإسلام اليوم
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5480)
حكم تمويل الأسهم عن طريق بنك الجزيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تمويل الأسهم عن طريق بنك الجزيرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشترط في التمويل عن طريق الأسهم:
1- أن تكون الأسهم مملوكة للبنك.
2- أن تكون الأسهم مباحة نقية، وليست محرمة أو مختلطة.
3- أن لا يبيعها العميل إلا بعد انتقالها إلى ملكه.
ولعلك توضح طريقة التمويل في البنك المذكور، حتى يتم بيان حكمها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5481)
الاستثمار في التأمين وفي التسويق عبر الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ما حكم خدمات التامين؟ هل من الجائز استثمار الأموال في سندات التأمين التي تكون موحدة فيما بينها على سبيل المثال (الأسواق المشتركة والعوائد التي ترتبط بشكل مباشر بتمويل السوق العادية) مع الاهتمام بالمدخرات من أجل متطلبات المستقبل؟ وما هو الحكم في المشاركة في التسويق عبر الإنترنت (وهو ما يسمي التسويق على المستوى العالمي أو التسويق المباشر) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
التأمين التجاري محرم بجميع صوره، ولهذا لا تجوز المشاركة فيه، ولا استثمار الأموال فيما يتعلق به من أسهم أو سندات وغيرها، وينظر جواب السؤال رقم (22933) .
ثانياً:
التسويق العالمي له صور متعددة، وكذلك التسويق عبر الإنترنت، ولا يمكن الحكم على شيء من ذلك إلا بعد الوقوف على صفته، وهناك ضوابط عامة نذكرها للفائدة:
1- لا يجوز شراء الذهب أو الفضة أو العملات بالأجل، بل يجب التقابض الفوري.
2- لا يجوز الاتجار في السلع المحرمة، كالخمر والخنزير.
3- لا يجوز شراء أسهم الشركات ذات النشاط المحرم، أو التي تتعامل بالربا وإن كان نشاطها مباحاً.
4- لا يجوز التعامل بالمارجن أو بالهامش، وينظر جواب السؤال رقم (106094) ورقم (93334) .
5- لا يجوز التعامل بالتسويق الشبكي أو الهرمي القائم على المقامرة، وينظر جواب السؤال رقم (97880) ورقم (96708) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5482)
حكم الادخار في بنك الرياض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاستقطاع من الراتب وتحويله إلى برنامج الادخار (بنك الرياض) ، علما بأني سألت عن البرنامج، وأفادوني بأنه: مجاز شرعيا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الادخار الذي يجري العمل به في البنوك الربوية يقوم على أساس ضمان رأس المال للعميل، مع زيادة نسبة معلومة من رأس المال، وهذا في حقيقته قرض ربوي محرم، يختلف عن الاستثمار المشروع.
وقد سبق بيان شروط الاستثمار المشروع في جواب السؤال رقم (114537)
وبالرجوع إلى موقع البنك المذكور لم يتبين لنا طبيعة الادخار المعمول به، إذ لم يذكر شيء عن نوع المشاريع التي يستثمر فيها المال، ولا عن الربح الذي يحصل عليه العميل هل هو نسبة معلومة من رأس المال أم من الأرباح.
لكن نضع بين يديك فتوى للدكتورمحمد بن سعود العصيمي حفظه الله، تبين حال البنك المذكور، فقد سئل ما نصه: " ما حكم الاكتتاب في بنك الرياض، وهل فروعه الإسلامية كافية للدخول في الاكتتاب فيه؟ جزاكم الله خيرا
فأجاب: " بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فقد سئلت عن حكم الاكتتاب في بنك الرياض عبر الجوال وعبر الموقع، والحقيقة أنني استغربت كثيرا للسؤال؛ فقد ظننت أن نشاط البنك الربوي أظهر من أن يحتاج إلى توضيح وأن تحريم الاكتتاب لا يحتاج إلى بيان، ولكن مع هذه الأسئلة رأيت أن أتصفح تقرير مجلس الإدارة للسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2007م وأنقل منه مباشرة ليس فقط ما يدل دلالة واضحة على تحريم الاكتتاب، بل على ما يدل على حجم المشكلة الربوية في هذا البلد.
وألفت نظر القارئ أن التقرير يستخدم كلمة العمولة الخاصة تعبيرا عن الربا، وهو تمييع لأمر محرم في غاية التحريم، وتلبيس وكذب على القارئ والمستثمر يجب أن يفصح عنه، وتلك التسمية لن تخفي الحقيقة المرة، ولن تنطلي على أحد.
اشتملت الموجودات في المركز المالي للبنك لعام 2007 والإيضاحات التابعة لها على:
1- نقدية وأرصدة لدى مؤسسة النقد تبلغ 16 مليار ريال، منها 11 مليارا باتفاقيات إعادة الشراء من مؤسسة النقد، ولا شك في حرمة تلك الاتفاقات وحرمة السندات المستخدمة فيها.
2-أرصدة لدى البنوك التجارية والمؤسسات المالية الأخرى مبلغ 4 مليارات ريال، منها 3 مليارات بالربا.
3-صافي الاستثمارات 27 مليار ريال، غالبها بل كلها سندات ربوية داخلية وخارجية، حكومية ومن شركات وبنوك تجارية ومؤسسات مالية. ولا تخفى حرمتها.
4-صافي القروض والسلف فتبلغ 67 مليارا، منها 5 مليارات جاري مدين، و14 مليارا قروض شخصية، و46 مليار قروض تجارية. وللأمانة، فقد نص التقرير أن القروض والسلف أعلاه تتضمن منتجات متوافقة مع مبدأ تجنب الفوائد والتي تظهر بالتكلفة المطفأة قدرها 27 مليار. ويعني ذلك أن 40 مليارا بالربا.
أما جانب المطلوبات على البنك في المركز المالي للبنك لعام 2007 والإيضاحات التابعة لها فقد اشتملت على:
1-أرصدة للبنوك التجارية والمؤسسات المالية تبلغ 17 مليارا، منها 16 مليارا بالربا.
2-ودائع العملاء 84 مليارا، منها ما لا يقل عن 34 مليارا ودائع آجلة بالربا.
3-مطلوبات أخرى تصل 4 مليارات ريال، منها ما لا يقل عن مليار بالربا.
4-سندات دين ربوية مصدرة تبلغ مليارا واحدا.
أما قائمة الدخل فقد نصت على أن البنك قد حصل على أرباح من الفوائد الربوية في عام
2007 تزيد عن 6 مليارات ريال، و5 مليارات ريال في سنة 2006، أما الربا المدفوع
عن عمليات البنك المختلفة فهو 3 مليارات تقريبا في عام 2007 وملياران ونصف في
عام 2006. هذا بالإضافة إلى نص التقرير على استخدام البنك للأدوات المالية المشتقة
والمقيضات والعقود الآجلة والمستقبلية واتفاقات الأسعار الآجلة والخيارات واتفاقيات
البيع وإعادة الشراء. ولا يكاد يجوز شيء منها من الناحية الشرعية.
وللأمانة، فقد نص التقرير في موضعين منه على الفروع الإسلامية والمنتجات المصرفية
المتوافقة مع أحكام الشريعة، فذكر أن البنك "يقدم لعملائه بالإضافة إلى الخدمات
المصرفية التقليدية بعض منتجات مصرفية متوافقة مع مبدأ تجنب العمولات الخاصة،
والتي يتم اعتمادها بواسطة هيئة الرقابة الشرعية".
وفي ختام هذه الفتوى لي وقفات:
- إن الحديث هنا ليس عن مسألة يسيرة ومخالفة صغيرة، بل حديث عن مؤسسة مالية
كبرى تمارس الربا ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، وتؤذن البلد كله بحرب من الله ورسوله.
وأن هذا الاكتتاب بكل هذه التغطية الإعلامية مجاهرة بمعصية عظيمة وكبيرة من كبائر
الذنوب يخشى مع السكوت عنها على كل البلد من غضب الله ومقته، فالله يغار حين تنتهك
محارمه. وهذه آياته الظاهرة في عقاب العصاة في كل مكان لا تخفى على أحد، وتنقل
نقلا مباشرا على التلفاز، وهذا مكره سبحانه وتعالى في المرابين أوضح من الواضح، فقد
انهارت المؤسسات المالية الربوية في مشكلة الرهن العقاري بين ليلة وضحاها. والله
سبحانه وتعالى له جنود السماوات والأرض، ولا يعجزه شيء، تعالى ربنا وتقدس، وأمره
بين الكاف والنون، يخفض ويرفع، ويبسط ويقدر، ولا تحابي سننه الكونية أحدا، بل تشمل عقوبته المسلم والكافر.
- إن الواجب على ملاك البنك وإدارته والعاملين فيه أن يتوبوا إلى الله تعالى، ويتوقفوا
عن ممارسة الربا الصراح عاجلا، وأن يتحولوا التحول الكامل للمصرفية
الإسلامية، وأن يصححوا مسار البنك نحو الالتزام بالشريعة الإسلامية، وأن لا يماطلوا
في ذلك ولا يتأخروا؛ فإن من أعظم أسباب بلاء الناس في معيشتهم ورزقهم سواء بانقطاع
المطر، أو غلاء الأسعار أو كثرة المصايب في البطالة والجرائم أو غيرها هو المجاهرة
بهذه المنكرات التي يحرم السكوت عنها ... " انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=23566
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5483)
حكم شراء أسهم شركة ينساب بسعر التأسيس
[السُّؤَالُ]
ـ[تعلمون أن شركه سابك سوف تقوم بتوزيع أسهم شركه ينساب على الموظفين بسعر التأسيس حوالي عشره ريال ويخير الموظف في تركها أو أخذها فماذا تنصحوننا بارك الله فيكم]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أسهم ينساب أسهم مختلطة، لكون الشركة أودعت جزءا من رأس مالها في حسابات ربوية، والتعامل في الأسهم المختلطة فيه قولان لأهل العلم، والراجح هو تحريم التعامل فيها، وهو قول أكثر أهل العلم، وممن ذهب إلى ذلك: مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، ونص قراره هو: " الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة ".
وكذلك المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في مكة، ونص قراره هو: " لا يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا، وكان المشتري عالماً بذلك ".
وممن قال بالتحريم أيضاً: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وعليه؛ فلا يجوز الدخول في هذه الأسهم سواء بسعر التأسيس أو بغيره.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (112445) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5484)
حكم التعامل بالفوركس الإسلامي!
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن التعامل بنظام الفوركس العادي به ربا ومخالفات أخرى وهو محرم كما أشار إلى ذلك المجمع الفقهي، وسؤالي حول التعامل مع الفوركس الإسلامي هو أيضا به بعض المخالفات ولكن ليس فيه الربا الصريح، وأنا لا أقوم فيه إلا بعملية واحدة أربح بها، وهي شراء الذهب في الرخيص وبيعه في الغالي، وأكسب فرق السعر، لا أتعامل بغيرها وأحقق منها مكاسب طائلة، ولكني علمت أن الفوركس لا يجعلني أتاجر بنقودي التي أودعتها فيه، بل هي مجرد تأمين على الخسارة إن حدثت، ليأخذوا حقهم منها، والمتاجرة تكون عن طريق الرافعة المالية التي تضاعف المبلغ الذي أودعته ربما إلى مائة ضعف، يعني أنا أودعت ألف دولار، وأستطيع إجراء صفقة بمائة ألف دولار، وهم لا يأخذون فائدة على ذلك، ولكن يستفيدون من فرق السعر بين الطلب والبيع، أي لا يقرضوني لسواد عيوني، ولكن لأجل أني لما أقترض فسأقوم بالعملية من خلالهم وسيكسبون، وإن كانوا لا يأخذون الربا. فما حكم الأموال التي أربحها، وإذا كان هناك إثم فعلى من؟ وهل لو أخرجت مبلغا معينا من ذلك المال تكون حلالا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المتاجرة بالهامش، أو بنظام الفوركس صدر فيها قرار من مجمع الفقه الإسلامي بالتحريم والمنع، وينظر نص القرار في جواب السؤال رقم 106094، وما جاء في القرار من أسباب التحريم، لم يسلم ما سمي بالفوركس الإسلامي! من أكثره.
فأسباب التحريم التي ذكرها المجمع:
1- " أولاً: ما اشتملت عليه من الربا الصريح، المتمثل في الزيادة على مبلغ القرض، المسماة (رسوم التبييت) ، فهي من الربا المحرم ".
فإلغاء بعض المؤسسات التي تتعامل بالمارجن هذه الرسوم، لا يعني حل معاملتها، لبقاء المحاذير التالية:
2- الجمع بين سلف ومعاوضة، وقد ذكرت أنهم لا يقرضونك مجانا، وإنما لتشتري وتبيع من خلالهم، فيستفيدون الفرق.
جاء في قرار المجمع: " ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة (السمسرة) ، وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع، المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يحل سلف وبيع ... ) الحديث رواه أبو داود (3/384) والترمذي (3/526) وقال: حديث حسن صحيح. وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم.
3- عدم حصول القبض فيما يشترط فيه القبض، كبيع العملات، والذهب والفضة، وهذا من ربا النسيئة.
قال المجمع: " بيع وشراء العملات يتم غالباً دون قبض شرعي يجيز التصرف ".
4- الإضرار بالاقتصاد، وفي قرار المجمع: " رابعاً: لما تشتمل عليه هذه المعاملة من أضرار اقتصادية على الأطراف المتعاملة، وخصوصاً العميل (المستثمر) ، وعلى اقتصاد المجتمع بصفة عامة. لأنها تقوم على التوسع في الديون، وعلى المجازفة، وما تشتمل عليه غالباً من خداع وتضليل وشائعات، واحتكار ونجش وتقلبات قوية وسريعة للأسعار، بهدف الثراء السريع والحصول على مدخرات الآخرين بطرق غير مشروعة، مما يجعلها من قبيل أكل المال بالباطل، إضافة إلى تحويل الأموال في المجتمع من الأنشطة الاقتصادية الحقيقية المثمرة إلى هذه المجازفات غير المثمرة اقتصاديا، وقد تؤدي إلى هزات اقتصادية عنيفة تلحق بالمجتمع خسائر وأضرار فادحة." انتهى.
فما يسمى بالفوركس الإسلامي! سلم من محذور واحد وهو رسوم التبييت، لكنه لم يسلم من الجمع بين السلف والمعاوضة، ومن محذور تأخير القبض، ومن الإضرار بالاقتصاد.
فنصيحتنا لك أن تتقي الله تعالى، وتدع هذه الوسيلة المحرمة من وسائل الكسب، وأن تعلم بأن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وأن الحرام ممحوق البركة، سيء العاقبة، نسأل الله لنا ولك العافية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5485)
يشارك في مركز تجاري على أنه كلما اشتروا (درزن) بماله فله 10 ريالات
[السُّؤَالُ]
ـ[رغبت في الاشتراك مع أخي وشركائه في مركز تجاري كبير يستورد الملابس الجاهزة فقالوا لي: هات المبلغ الذي لديك ومقداره 200000 ألف ريال وسنشتري به بضاعة، فإن كان مصدرها من خارج المملكة فلك في كل درزن مما دخل عشرة ريالات، وإن كان مصدر البضاعة من داخل الأسواق السعودية فلك ريالان عن كل درزن، وليس لي أي دخل بعد وصول البضاعة للمحل سواء بيعت أم لم تبع، والأرباح كاملة يتم التعرف عليها بعد حساب جميع الدرازن الداخلة للمحل عن طريق الفواتير المثبتة لذلك، فهل هذه المعاملة صحيحة أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة لا تصح؛ لأمرين:
الأول: أنه لا يجوز أن يجعل للشريك مقدار معين من المال؛ بل يكون له نسبة من الربح مثل: 5% أو 10 % ونحو ذلك.
وأما تحديد الربح بمقدار معين من المال فمفسد لعقد الشركة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة , أو جعل مع نصيبه دراهم , مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم , بطلت الشركة.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض (المضاربة) إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة، وممن حفظنا ذلك عنه مالك والأوزاعي والشافعي , وأبو ثور وأصحاب الرأي " انتهى من "المغني" (5/23) .
الثاني: أنه لا يجوز ضمان رأس المال في الشركة، بل إن وقعت خسارة بغير تفريط من العامل، فهي على صاحب المال، والظاهر من سؤالك أن أخاك يضمن لك عودة رأس مالك مع الربح المذكور.
وينظر جواب السؤال رقم 100103.
والصورة الصحيحة لهذه المعاملة، أن تتفقا على نسبة من الربح، كأن يكون لك 5% أو أقل أو أكثر من الأرباح التي لا يعلم قدرها وحصولها إلا الله، فقد تزيد الأرباح عن المتوقع، وقد تقل، بحسب السوق، وقد تخسر التجارة، فتكون الخسارة على أصحاب الأموال بقدر أموالهم في الشركة.
وأما أن يشارك الإنسان بمال، يضمن عودته له، ويأخذ عليه ربحا محدد المقدار – وليس نسبة – فهذا محرم ولا يصح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5486)
حكم اشتراط ضمان رأس المال في المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تثبيت رأس المال في التجارة بحيث يكون الأرباح غير ثابتة؟ مثال على ذلك: أن يقول شخص: أعطني مائة ألف أشغلها لك وتأخذ أرباحها كل شهر - غير ثابت -، بس عندما تحتاج فلوسك تأخذها مائة ألف كاملة دون زيادة أو نقصان. فما الحكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا العقد يسمى "عقد المضاربة" وهو نوع من أنواع الشركات، والواجب في هذا العقد أن يكون لكل شريك نسبة من الأرباح حسب ما ينفقه الشركاء عليها، وأما الخسائر فالواجب أن تكون على رأس المال، ولا يجوز أن يتحمل منها العامل شيئاً، ولا يجوز أن يشترط في العقد خلاف هذا، بأن يشترط أن صاحب المال متى طلب ماله أخذه كاملاً بدون نقص أو زيادة، بل الواجب في حالة طلبه رأس ماله أن تصفى الشركة، فإن كان هناك ربح أخذ نسبته منه، وإن كان هناك خسارة، كانت على رأس المال.
قال ابن قدامة في "المغني" (5/22) :
"وَالْوَضِيعَةَ (الخسارة) فِي الْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمَالِ خَاصَّةً , لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ مِنْهَا شَيْءٌ ; لِأَنَّ الْوَضِيعَةَ عِبَارَةٌ عَنْ نُقْصَانِ رَأْسِ الْمَالِ , وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمِلْكِ رَبِّهِ , لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ , فَيَكُونُ نَقْصِهِ مِنْ مَالِهِ دُونَ غَيْرِهِ ; وَإِنَّمَا يَشْتَرِكَانِ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ النَّمَاءِ" انتهى.
وقد نصَّ العلماء رحمهم الله على أنه لو اشترط على العامل ضمان رأس المال ـ كما في السؤال ـ أن هذا الشرط فاسد لا يجوز العمل به.
فقد جاء في "الموسوعة الفقهية" (38/63-64) :
"وقد نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَال عَلَى الْعَامِل ضَمَانَ رَأْسِ الْمَال إِِذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِلاَ تَفْرِيطٍ مِنْهُ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا.
وَهَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَامِل أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ، فَإِِِنْ تَلِفَ الْمَال فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ، فَاشْتِرَاطُ ضَمَانِ الْمُضَارِبِ يَتَنَافَى مَعَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ" انتهى.
وقال ابن قدامة:
"متى شرط على المضارب (وهو العامل) ضمان المال , أو سهماً من الوضيعة , فالشرط باطل. لا نعلم فيه خلافاً، والعقد صحيح. نص عليه أحمد. وهو قول أبي حنيفة , ومالك.
وروي عن أحمد أن العقد يفسد به. وحكي ذلك عن الشافعي ; لأنه شرط فاسد , فأفسد المضاربة , والمذهب: الأول [يعني: أن العقد صحيح، والشرط فاسد] " انتهى. "المغني" (5/40) .
وعلى هذا: فالشرط الوارد في السؤال، وهو أن رب المال متى احتاج ماله أخذه كاملا بلا زيادة ولا نقصان شرط باطل، لا يجوز اشتراطه، ولا العمل به.
وانظر جواب السؤال (100103) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5487)
حكم الاتجار في البورصة في النفط والبضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمل بالبورصة العالمية وتجارة النفط فقط دون العملات والذهب ودون العمل بنظام الهامش أيضا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز الاتجار في البضائع عبر البورصة، إذا تحققت شروط البيع الصحيح، ومنها أن يبيع الإنسان ما يملك، والواقع أن البورصة يجري فيها كثيرا بيعُ الإنسان ما لا يملكه وما ليس عنده، وهذا منهي عنه شرعا.
فقد روى أبو داود (3503) والترمذي (1232) والنسائي (4613) عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي أَبِيعُهُ مِنْهُ ثُمَّ أَبْتَاعُهُ لَهُ مِنْ السُّوقِ. قَالَ: (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي.
وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي سنة 1404هـ يبين المحاذير التي تنطوي عليها معاملات البورصة، وهذا نصه:
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في موضوع سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) وما يعقد فيها من عقود - بيعاً وشراءً - على العملات الورقية، وأسهم الشركات، وسندات القروض التجارية والحكومية، والبضائع، وما كان من هذه العقود على معجل، وما كان منها على مؤجل.
كما اطلع المجمع على الجوانب الإيجابية المفيدة لهذه السوق في نظر الاقتصاديين والمتعاملين فيها، وعلى الجوانب السلبية الضارة فيها.
أ- فأما الجوانب الإيجابية المفيدة في البورصة:
أولاً: أنها تقيم سوقاً دائمةً تُسَهِّل تلاقي البائعين والمشترين، وتُعْقَدُ فيها العُقُود العاجلة والآجلة على الأسهم والسَّنَدَات والبضائع.
ثانياً: أنها تسهل عملية تمويل المؤسسات الصناعية والتجارية والحكومية عن طريق طرح الأسهم وسندات القروض للبيع.
ثالثاً: أنها تُسَهِّل بيع الأسهم وسندات القروض للغير والانتفاع بقيمتها؛ لأن الشركات المصدِّرة لا تصفي قيمتها لأصحابها.
رابعاً: أنها تسهِّل معرفة ميزان أسعار الأسهم وسندات القروض والبضائع، وتَمَوُّجَاتِها في ميدان التعامل عن طريق حركة العرض والطَّلَب.
ب- وأما الجوانب السلبية الضارة في هذه السوق فهي:
أولاً: أن العقود الآجلة التي تجري في هذه السوق ليست في معظمها بيعاً حقيقاً، ولا شراء حقيقاً؛ لأنه لا يُجْرَى فيها التَّقَابُض بين طرفي العَقد فيما يُشْتَرَط له التَّقَابُض في العِوَضَين أو في أحدهما شرعاً.
ثانياً: أن البائع فيها غالباً يبيع ما لا يملك من عملات وأسهم أو سندات قروض أو بضائع، على أمل شرائه من السوق وتسليمه في الموعد، دون أن يقبض الثمن عند العقد كما هو الشرط في السَّلَم.
ثالثاً: أن المشتري فيها غالباً يبيع ما اشتراه لآخر قبل قبضه، والآخر يبيعه أيضاً لآخر قبل قبضه. وهكذا يتكرر البيع والشراء على الشيء ذاته قبل قبضه إلى أن تنتهي الصفقة إلى المشتري الأخير، الذي قد يريد أن يتسلم المبيع من البائع الأول، الذي يكون قد باع ما لا يملك، أو أن يحاسبه على فرق السعر في موعد التنفيذ، وهو يوم التصفية، في حين يقتصر دور المشترين والبائعين ـ غير الأول والأخير ـ على قبض فرق السعر في حالة الربح، أو دفعه في حالة الخسارة، في الموعد المذكور، كما يجري بين المقامرين تماماً.
رابعاً: ما يقوم به المتمولون من احتكار الأسهم والسندات والبضائع في السوق للتحكم في البائعين الذين باعوا ما لا يملكون؛ على أمل الشراء قبل موعد تنفيذ العقد بسعر أقل، والتسليم في حينه، وإيقاعهم في الحرج.
خامساً: أن خطورة السوق المالية هذه تأتي من اتخاذها وسيلة للتأثير في الأسواق بصفة عامة، لأن الأسعار فيها لا تعتمد كلياً على العرض والطلب الفعليين من قِبَل المحتاجين إلى البيع أو إلى الشراء، وإنما تتأثر بأشياء كثيرة، بعضها مُفْتَعَل من المهيمنين على السوق، أو من المُحتَكِرين للسلع أو الأوراق المالية فيها، كإشاعة كاذبة أو نحوها. وهنا تكمن الخطورة المحظورة شرعاً؛ لأن ذلك يؤدي إلى تقلبات غير طبيعية في الأسعار، مما يؤثر على الحياة الاقتصادية تأثيراً سيئاً.
ولذلك قد أثارت سوق البورصة جدلاً كبيراً بين الاقتصاديين، والسبب في ذلك أنها سببت - في فترات معينة من تاريخ العالم الاقتصادي - ضياع ثروات ضخمة في وقت قصير، بينما سببت غنى للآخرين دون جهد.
ولذلك كله، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، بعد اطلاعه على حقيقة سوق الأوراق المالية والبضائع (البورصة) وما يجري فيها من عقود عاجلة وآجلة على الأسهم وسندات القروض والبضائع والعملات الورقية ومناقشتها في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية يقرر ما يلي:
أولاً: أن غاية السوق المالية (البورصة) هي إيجاد سوق مستمرة ودائمة يتلاقى فيها العرض والطلب والمتعاملون بيعاً وشراء، وهذا أمر جيد ومفيد، ويمنع استغلال المحترفين للغافلين.
ولكن هذه المصلحة الواضحة يواكبها في الأسواق المذكورة (البورصة) أنواع من الصفقات المحظورة شرعاً والمقامرة والاستغلال وأكل أموال الناس بالباطل.
ولذلك لا يمكن إعطاء حكم شرعي عام بشأنها؛ بل يجب بيان حكم المعاملات التي تجري فيها، كل واحدة منها على حدة.
ثانياً: أن العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في ملك البائع التي يجري فيها القبض ـ فيما يشترط له القبض في مجلس العقد شرعاً ـ هي عقود جائزة، ما لم تكن عقوداً على مُحَرَّم شرعاً، أما إذا لم يكن المبيع في ملك البائع، فيجب أن تتوافر فيه شروط بيع السَّلَم. ثالثاً: أن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات حيث تكون تلك الأسهم في ملك البائع جائزة شرعاً، ما لم تكن تلك الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها مُحَرَّم شرعاً كشركات البنوك الربويَّة وشركات الخمور، فحينئذ يحرم التعاقد في أسهمها بيعاً وشراءً.
رابعاً: أن العقود العاجلة والآجلة على سندات القروض بفائدة، بمختلف أنواعها غير جائزة شرعاً، لأنها معاملات تجري بالربا المُحَرَّم.
خامسا: أن العقود الآجلة بأنواعها، التي تجري على المكشوف، أي على الأسهم والسلع التي ليست في ملك البائع، بالكيفية التي تجري في السوق المالية (البورصة) غير جائزة شرعاً؛ لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تبع ما ليس عندك) ، وكذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تُبَاع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) .
سادساً: ليست العقود الآجلة في السوق المالية (البورصة) من قبيل بيع السَّلَم الجائز في الشريعة الإسلامية، وذلك للفرق بينهما من وجهين:
أ- في السوق المالية (البورصة) لا يدفع الثمن في العقود الآجلة في مجلس العقد.
ب- في السوق المالية (البورصة) تُباع السلعة المتعاقَد عليها وهي في ذمة البائع الأول - وقبل أن يحوزها المشتري الأول - عدة بيوعات، وليس الغرض من ذلك إلا قبض أو دفع فروق الأسعار بين البائعين والمشترين غير الفعليين، مخاطرة منهم على الكسب والربح، كالمقامرة سواء بسواء، بينما لا يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه.
وبناء على ما تقدم، يرى المجمع الفقهي الإسلامي أنه يجب على المسؤولين في البلاد الإسلامية ألا يتركوا أسواق البورصة في بلادهم حرة تتعامل كيف تشاء في عقود وصفقات، سواء أكانت جائزة أم محرمة، وألا يتركوا للمتلاعبين بالأسعار فيها أن يفعلوا ما يشاءون، بل يوجبوا فيها مراعاة الطرق المشروعة في الصفقات التي تعقد فيها، ويمنعوا العقود غير الجائزة شرعاً، ليحولوا دون التلاعب الذي يجر إلى الكوارث المالية، ويخرب الاقتصاد العام ويلحق النكبات بالكثيرين، لأن الخير كل الخير في التزام طريق الشريعة الإسلامية في كل شيء، قال الله تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام/153.
والله سبحانه هو ولي التوفيق، والهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم " انتهى.
وأما العمل بنظام الهامش فلا يجوز، وينظر: سؤال رقم (106094) .
وبناء على ذلك فلابد للمتعامل بالبورصة أن يكون على بصيرة بما يجري فيها وألا يقدم على معاملة حتى يتيقن من حلها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5488)
التورق في السلع عن طريق بنك الجزيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أقترض من بنك الجزيرة، هل صحيح أن بنك الجزيرة تحول إلى بنك إسلامي أم أن قروضه (بيع أرز) من نوع التورق المنظم الذي ترى حرمته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق أن بينا تحريم التعامل بالتورق المصرفي المنظم، وينظر بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم 82612 ورقم 98124
والذي يظهر من نشرة الموقع أن التورق فيه من هذا النوع، فقد جاء فيه: " التورق التمويلي: قام بنك الجزيرة بتطوير برنامج أطلق عليه اسم برنامج (دينار) يعد البديل الشرعي للتمويل النقدي، حيث يقوم البنك ببيع سلعة مرابحةً بشروط دفع مؤجلة على العميل المحتاج للنقد، وبعد ذلك يقوم العميل بتعميد البنك ببيعها بثمن حالٍّ في السوق الدولية أو المحلية، ومن ثَمَّ تحصيل ثمنها وإيداعه في حساب العميل، وكل ذلك يتم في وقت قياسي وبتكاليف زهيدة " انتهى.
وقد سئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله عن حكم تمويل المعادن من بنك الجزيرة؟
فأجاب: لا أرى جواز التورق في المعادن إلا أن يقبضها العميل، ثم يبيع على غير التاجر الذي اشترى البنك منه. وحيث إن كل ذلك لا يحصل فلا يجوز " انتهى.
وأفاد الشيخ أن البنك ساع في أسلمة عملياته كلها.
وينظر جواب السؤال رقم 81199.
والحاصل: أنه لا حرج أن تشتري من البنك سلعة يملكها، ثم تبيعها بنفسك لتحصل على النقد، وليس لك أن توكل البنك في بيعها.
وينبغي التنبه إلى أن التورق لا يسمى اقتراضا، بل هو شراء وبيع للحصول على الورِق أي النقد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5489)
حكم شراء أسهم شركة "دو" للاتصالات
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أتعامل في البورصة بالمرة ولكنى أحببت أن استثمر بعض الأموال في أسهم إحدى شركات الاتصالات الحديثة، وهي تحديداً شركة "دو" للاتصالات المتكاملة في دولة الإمارات (المشغل الثاني) بعد اتصالات، فهل هناك حرج في شراء أسهمها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جواز المساهمة في شركةٍ ما يتوقف على معرفة أنشطتها وسلامتها من العمل أو الاستثمار المحرم، وذلك لأن المساهم يعد شريكا في أعمال الشركة وأنشطتها بقدر حصته من الأسهم.
وليس لنا معرفة تامة بنظام الشركة ومعاملاتها، لكن إليك بعض الضوابط العامة:
1- لا يجوز شراء الأسهم في شركة تتعامل بالربا قرضا أو اقتراضا؛ لعظم حرمة الربا وإثم المشاركين فيه، وقد جاء في بعض المواقع الإخبارية " أن شركة (دو) وقعت اتفاق قرض بقيمة ثلاثة مليارات درهم (817 مليون دولار) من خلال بنك المشرق وبنك وست ال. بي وهما مديرا الاكتتاب في القرض والمنظمان الرئيسيان له ".
فإذا كان هذا قرضا بفائدة، فهو ربا، ولا يجوز شراء أسهمها حينئذ.
2- لا يجوز شراء الأسهم في شركة تودع جزءاً من أموال المساهمين في البنوك الربوية لغير ضرورة الحفظ؛ لما سبق من تحريم الربا قرضا أو إقراضا.
3- لا يجوز شراء الأسهم في شركة لها نشاط محرم، كنشر المواقع الإباحية على الإنترنت - دون رقابة تقلل منها قدر المستطاع -، أو تمكين المشترك من استعمال القنوات المحرمة، أو المشاركة في المسابقات القائمة على الميسر.
فإذا سلمت الشركة من ذلك، فلا حرج في شراء أسهمها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5490)
طلب منه الاستمرار في المضاربة بنظام المارجن فخسر المال كله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أتاجر في بورصة تسمى بورصة العملات العالمية (الفوريكس) وقد أباحها بعض العلماء الأجلاء وبدأت المتاجرة فيها بمبلغ صغير خاص بي فخسرت وربحت وربحت وخسرت ولكني توصلت إلى طريق ناجحة للمتاجرة في هذه البورصة ولكن لم أتاجر بها لعدم توفر رأس المال وتعرفت على أحد الإخوة من منتدى، وكان في دولة أخرى غير دولتي واتفقت معه أن يدخل هو برأس المال، وأنا أقوم بالمتاجرة وله 80% من الربح ولي 20% من الربح، واتفقنا أن الحد الأقصى للخسارة لا يزيد عن 40% من رأس المال، ولو وصلت الخسارة 40% أقفل كل الصفقات وأنهي العمل وأعيد له ما تبقى من رأس ماله 60% وننهي الاتفاق، وخلال شهر استطعت من خلال المتاجرة تنمية رأس المال 50% ربح، ولكن جاء على السوق وقت كانت الحركة عنيف جدا مما أدى إلى خسارة ال50% ربح وخسارة أكثر من نصف رأس المال وما تبقى كان فقط نصف رأس المال، وقال لي هل ممكن يعود راس المال كاملا من خلال المتاجرة والتعويض؟ قلت له إنني سوف أحاول ذلك وإن شاء الله ممكن، وخيرته من أن نتاجر إلى الوصول إلى 60% فقط من رأس المال كما اتفقنا بالأول أو نصل إلى رأس المال؟ وتاجرت وربحت ووصلت إلى 60% من رأس المال الأصلي وهو مثل اتفاقنا الأول بان الحد الأقصى للخسارة 40% فقط ولكن هو قال لي أن أكمل العمل حتى نصل رأس المال كاملا وأنا وافقت ووقتها لم يشترط علي أي نسبة خسارة لو وصلتها الخسارة نوقف العمل ولم يقل لي أنني مطالب بتعويضه - من مالي الخاص - في حال حصلت خسارة ولكن هذه المرة حركة السوق العنيفة أدت إلى خسارة كل رأس المال تقريبا، وكان هناك بعض المسؤولية علي لأني كنت أخاطر بنسبة مرتفعة بعض الشيء ولكن بهدف التعويض، وبنية طيبة، الآن الرجل يطالبني أن أعوضه من مالي الخاص عن رأس ماله كاملا ثم خفضها إلى نصف رأس ماله ويدعو الله أن يعذبني وينتقم مني، لو لم أعوضه بنصف رأس المال، وأنا لا أملك المبلغ إطلاقا -لو توفر لي المبلغ في المستقبل - هل أكون أنا مطالب بتعويضه من مالي الخاص؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز المتاجرة بالهامش أو المارجن، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (106094) ورقم (72210) ، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي بتحريم التعامل بهذا النظام، وتجد نصه في الجواب الأول المحال عليه.
ثانيا:
إذا تم الاتفاق بينك وبين صاحب المال على أن له 80% من الربح، ولك 20%، وأنك تتوقف عن المضاربة إذا وصلت الخسارة إلى 40%، وأنه طلب منك الاستمرار في المضاربة لاسترداد رأس، فحصلت الخسارة كما ذكرت، فالأصل أنه لا ضمان عليك؛ لأن عامل المضاربة إنما يخسر عمله فقط، والخسارة تكون على رب المال، إلا إن حصل منك تفريط أو تهاون، فيلزمك التعويض بحسب ما يراه أهل الخبرة.
وعليه؛ فينبغي أن يعرض أمرك على بعض المضاربين الموثوق بدينهم، فإن رأوا أنك فرطت وتجاوزت في طريقة المضاربة، فإنك تتحمل ما يقابل ذلك من الخسارة، ويقدره هؤلاء، وإن تصالحتم على شيء معين يرضي الطرفين فلا بأس.
وعليك أن تخبر صاحبك بحرمة التعامل بنظام المارجن، حتى لا يعود إليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5491)
حكم الاكتتاب في شركة معادن
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ما حكم الاكتتاب في شركة "معادن"؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شركة التعدين العربية السعودية "معادن" تعمل في تنمية الموارد المعدنية في المملكة العربية السعودية، وهذا النشاط مباح من حيث الأصل.
غير أن الشركة تتعامل بالقروض الربوية، وبهذا تصنف هذه الشركة ضمن الشركات "المختلطة" التي يكون أصل نشاطها مباحاً، وتتعامل بعض المعاملات المحرمة، وأكثر العلماء المعاصرين على تحريم المساهمة في هذا النوع من الشركات، وأن المساهم سيكون شريكاً في الإثم الحاصل بتلك المعاملات المحرمة.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (112445) .
وعلى هذا؛ فلا يجوز المساهمة في هذه الشركة، حتى تنتهي عن المعاملات المحرمة، التي من أعظمها الربا، وقد سئل فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن سعود العصيمي عن المساهمة في هذه الشركة فأجاب:
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، فقد اطلعت على تقرير مفصل مقدم من الزملاء في مركز الأوائل عن وضع شركة معادن، وقد اشتمل التقرير على بيان كون الشركة قد اقترضت قروضا بعضها قروض ربوية وحصلت على تسهيلات ربوية، ... وحيث إن الأمر كذلك، فلا يجوز في نظري الاكتتاب بها. وإني بهذه المناسبة أدعو القائمين على هذه الشركة العملاقة التي يراد لها أن تكون علامة فارقة في الاقتصاد السعودي أن يسلكوا في تمويلها الطريقة الشرعية الإسلامية المتاحة من كثير من البنوك، وأن يسارعوا إلى تعيين مستشار شرعي لهم يعينهم على طريق الخير في التمويل والاستثمار، فالله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه لجميع المؤمنين: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ، ولا عذر لشركةٍ الآن في السعودية على وجه الخصوص، فالمستشارون الشرعيون كثيرون، والتمويل الإسلامي ميسر وبأسعار منافسة، والبنوك والشركات الاستثمارية تتسابق وتتنافس على جلب الشركات إلى نطاق خدماتها، والله سبحانه وتعالى قد أنذر وأعذر قبل ذلك.
وإني على يقين أن السوق السعودية لن يستمر فيها إلا الشركات التي تسلك سبيل التمويل الإسلامي في المدى المتوسط، وما ذلك على الله بعزيز.
وفق الله الجميع لكل خير، ورزقنا حسن الاتباع، ووفقنا لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد " انتهى من موقع الشيخ العصيمي.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=24829
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5492)
حكم التعامل مع " بنك فيصل المصري "
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أود منكم الرأي الشرعي في مشروعية التعامل مع بنك "فيصل الإسلامي" في مصر، حيث إني أردت أن أودع مبلغاً من المال فيه، وذهبت للاستفسار عن نظام البنك فقالوا لي ما يلي: أولاً: البنك يشرف عليه هيئة رقابة شرعية. ثانياً: من النظام المعمول به في مصر أن يكون لأي بنك في مصر وديعة في البنك المركزي المصري بنسبه 15 % من نسبة رأس ماله لضمان إذا حصل إفلاس للبنك أن يستطيع أن يساعده، وهذه الأموال تستثمر في مشاريع بعضها شرعي والآخر غير شرعي، ويكون لكل بنك نسبة عائد من استثمار هذه الأموال , ولكن " بنك فيصل " يتنازل عن هذه الأرباح لصالح البنك المركزي. ثالثاً: نسبة العائد لا تحدد مسبقاً على أي نوع من أنواع الاستثمار سواء كان الحساب استثماريّاً أو ودائع أو شهادات الاستثمار. رابعاً: يقوم البنك بإخراج أموال الزكاة عن العائد الذي يضاف لكل حساب استثماري أو ودائع أو شهادات الاستثمار. خامساً: بالنسبة للحساب الجاري لا تستثمر الأموال المودعة فيه، ويقوم البنك بأخذ مبلغ كل عام قدره (20 جنيها) . سادساً: بالنسبة لشهادات الاستثمار يقوم البنك كل سنة بإجراء قرعة يستطيع الفائز في هذه القرعة السفر على نفقه البنك لأداء فريضة الحج. وأود أن أسال عن هذه النقطة: هل يجوز للبنك إذا خسر - وهذا نادر الحدوث حيث إنه يخضع تحت رقابة خبراء اقتصاد - أن يتم الخصم من رأس مال الأشخاص المودعين بنفس نسبة الخسارة؟ وإذا خسر البنك ولم يتم الخصم من رأس المال بالنسبة للمودعين هل يأثمون أم لا؟ وفى حالة عدم علم العملاء بالخسارة فهل يأثمون؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يُحكم على تعاملات البنوك والمؤسسات وفقاً لأسمائها، بل لا بدَّ أن يتوافق واقعها مع اسمها الذي تنتسب إليه وهو " الإسلام "، كما أن وجود هيئة رقابة أو إفتاء شرعية في البنك أو المؤسسة لا يَحكم على أفعالها بأنها صواب إلا أن يكونوا من الثقات في علمهم ودينهم، وتكون قراراتها ملزمة لإدارة البنك.
ولسنا في صدد تقويم هذا البنك أو ذاك إنما هو قاعدة عامة تنطبق على الجميع، وما ذكرتَه – أخي الفاضل – في سؤالك لا مطعن فيه، وهو علامة خير إن شاء الله، لكن يهمنا معرفة حقيقة التعامل، والنظر في الصور والمعاملات الأخرى كبيع المرابحة أو التورق المصرفي وهما أكثر التعاملات تداولاً في البنوك التي تنتسب إلى الإسلام، وعند كثير منها مخالفات شرعية واضحة، وقد نبهت بعض قرارات " مجمع الفقه الإسلامي " على سوء تصرف بعض البنوك التي تنتسب إلى الإسلام، وحذروا من التعامل بمثل هذه المخالفات للشرع.
وفي قرارهم في مؤتمرهم المعقود في 19 - 23 / 10 / 1424 هـ الذي يوافقه 13 - 17 / 12 / 2003 م قالوا:
" كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول " انتهى.
وقال الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين:
" إذا كانت المصارف الإسلامية لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافها، وكان ذلك بسبب أن الاتجاه العام الغالب لديها في استخدام الموارد لا يمكنها من ذلك على نحو ما وضح فيما سبق: فإن النتيجة المنطقية لذلك أنها لن تحقق في المستقبل ما عجزت عنه في الماضي.
والواقع يثبت أن المصارف الإسلامية بهذا الاتجاه ظلت تقترب من البنوك الربوية شيئاً فشيئاً، وأن أوضح شاهد لذلك ما انتهت إليه المصرفية الإسلامية من اعتماد عمليتي " تيسير الأهلي "، و " التورق المبارك ".
والظاهر أنه من الناحية العملية فإنه من المستحيل القول إن الآثار السلبية للربا الاقتصادية والاجتماعية والسيكولوجية التي تتحقق في التمويل بالفائدة لا تتحقق في التمويل بـ " تيسير الأهلي " أو " التورق المبارك " بل إنه من الناحية الفقهية يستحيل على الفقيه دون أن يخادع نفسه أن يدَّعي وجود فارق بين هاتين العمليتين والاحتيال المحرم على الربا.
بهذا الاقتراب من البنوك الربوية: فإن المصارف الإسلامية ستفقد هويتها الحقيقية، ولا يبقى لها إلا الاسم " انتهى من مقال – له - بعنوان " المصارف الإسلامية ما لها وما عليها ".
وعلى كل حال: فوجود الرقابة الشرعية والمجالس الشرعية في هذه البنوك علامة خير.
وما ذكرتَه من أن البنك لا يحدد مبلغاً معيناً لودائع واستثمارات زبائنه، وأنه يخرج الزكاة عن أموال المودعين، وأنه يشارك في الربح والخسارة في حال المشاركة – وننبه إلى أن البنك إن كان مشاركاً فهو يخسر من ماله، وإن كان مضارباً فهو يخسر جهوده، وخسارة المال تكون على أصحابه – كل ذلك ليس فيه مخالفة شرعية، وما يكون من تعامل مع البنوك المركزية هو أمر تُجبر عليه البنوك الإسلامية جميعها.
غير أن هذا لا يكفي للحكم على معاملات البنك كلها بأنها شرعية، بل لا بد من الوقوف على حقيقية معاملاته كلها.
ولكن.. باعتبار أن ما ذكرته عن البنك يعطي مؤشراً عن اختلاف البنك عن البنوك الربوية، وأنه لا يتعامل بالربا، فإننا نرى لك جواز التعامل معه حتى يتبين لك أن معاملاته غير منضبطة بالضوابط الشرعية، فتوقف تعاملك معه حينئذ.
وفي جواب السؤال رقم (47651) ذكرنا مواصفات البنك الإسلامي فلينظر.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5493)
حكم شهادات الادخار ذات العائد المتغير من بنك فيصل الإسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء شهادات الادخار ذات العائد المتغير من بنك فيصل الإسلامي المصري، الرجاء الاطلاع على موقع البنك لمعرفة التفاصيل: http://www.faisalbank.com.eg/FIB/Edkhar_2.jsp]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا علم لنا بطرق الاستثمار المعمول بها في بنك فيصل الإسلامي، وسبق أن بينّا ضوابط الاستثمار الشرعي في الجواب رقم (113852) ، فلتراجع.
وليس في الموقع بيان لمسألة رأس المال هل هو مضمون على البنك أم لا؟ وليس فيه بيان نسبة الربح التي يلزم بيانها، وقد بينّا في الجواب المحال عليه أنه لابد من بيان نسبة الربح 5% أو 10% مثلاً من الأرباح لا من رأس المال، وأنه لا يصح الاستثمار أو المضاربة إذا لم تبين هذه النسبة عند العقد، خلافاً لما يشيع عند العامة من أن الاستثمار المشروع لا يحدد فيه شيء.
والحاصل: أنه إذا توفرت شروط الاستثمار الصحيح في هذا العقد ـ وهو ما لم يظهر لنا من الموقع ـ فلا حرج من الدخول فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5494)
حكم الاكتتاب في شركة حلواني إخوان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في شركة حلواني إخوان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شركة حلواني إخوان تقوم بتصنيع بعض الأغذية، وهو عمل مباح في الأصل، غير أن لها بعض المعاملات الربوية، مما يجعل هذه الشركة تصنف ضمن الشركات المختلطة، وهي التي يكون أصل نشاطها مباحاً، غير أنها تقوم ببعض المعاملات المحرمة، وأكثر العلماء المعاصرين يفتون بتحريم المساهمة في الشركات المختلطة، وأن المساهم سيكون شريكاً في الإثم الحاصل بتلك المعاملات المحرمة.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (112445) .
وقد سئل الشيخ محمد بن سعود العصيمي عن حكم الاكتتاب بشركة حلواني إخوان، فأجاب:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه،
فقد اطلعت على تقرير مفصل مقدم من الزملاء في مركز الأوائل عن وضع شركة حلواني، وقد اشتمل التقرير على بيان كون الشركة قد اقترضت قروضا ربوية وحصلت على تسهيلات ربوية، وعندها مصروفات ربوية تدفعها على تلك القروض والتسهيلات، وهناك قرض من بنك مصري في مصر بسعر فائدة ربوي، وحيث إن الأمر كذلك، فلا يجوز في نظري الاكتتاب بها.
وإني بهذه المناسبة أستغرب عدم سعي الشركة للحصول على تمويلات إسلامية لجميع تعاملاتها، ولا عذر لها ولا للقائمين عليها أمام الله سبحانه وتعالى، فاحتياجاتهم التمويلية ذات مبالغ زهيدة، وطريقة التمويل بالطريقة الإسلامية الخالصة متاحة من عدد لا يستهان به من البنوك.
وأدعو القائمين عليها والمساهمين بها إلى سلوك جادة المؤمنين، واتباع نهج سيد المرسلين، صلى الله عليه وسلم، فإن الدنيا قصيرة جدا، والدنيا دار فتنة وبلاء وامتحان، والعاقل والسعيد من وعظ بغيره، فهذه آيات الله تترى في المرابين والعصاة.
وفق الله الجميع لكل خير، ورزقنا حسن الاتباع، ووفقنا لما يحبه ويرضا، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد" انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=24654
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5495)
حكم الاكتتاب في شركة أسواق العثيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في شركة أسواق العثيم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شركة أسواق العثيم تعمل في تجارة المواد الغذائية، وهو عمل مباح، وقد أفتى الشيخ محمد بن سعود العصيمي بجواز الاكتتاب فيها، بناء على انضباط أعمال الشركة بالضوابط الشرعية، فقال:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،
فقد اطلعت على تقرير مفصل وشامل مقدم من مركز الأوائل للاستشارات الاقتصادية عن شركة عبد الله صالح العثيم، وشملت الدراسة نشرة الإصدار والنظام الأساسي للشركة، وعقد التأسيس، وعقود التمويل واتفاقيات التسهيلات البنكية، وعقود التوريد، وعقد بطاقة اكتساب، وعقود التأمين، والقوائم المالية للشركة المنتهية في نهاية عام 2006م.
ثم اطلعت على تقرير محدث عن وضع الشركة كذلك قبل نزولها للاكتتاب، وحيث إن التقريرين دلا على أن أعمال الشركة مطابقة للضوابط الشرعية بفضل الله، وعليه فالاكتتاب فيها جائز.
وإني أوصي نفسي والقائمين على هذه الشركة والشركات الأخرى بتقوى الله والانصياع لأوامره، والابتعاد عن نواهيه، فإن البركة والنماء والخير في الدنيا والآخرة في ذلك.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على رسول الهدي وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=24686
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5496)
استثمر أموال الناس بطريقة محرمة وهو عاجز الآن عن ردها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت آخذ من الناس مبالغ من المال للاستثمار وأعطيهم عليها ربحاً ثابتاً بعد مدة معينة وعلمت بعد فترة أن ذلك حرام ولو أعطيتهم الآن حقوقهم يجوع أولادي وأسجن لعدم كفاية ما عندي بالنسبة لما لهم عندي فما الحل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذه المعاملة التي كنت تعامل بها الناس هي نوع من المشاركة يسميها الفقهاء: "المضاربة" وهي أن يكون المال من شخص، والطرف الآخر يعمل بهذا المال في التجارة أو غيرها، ويقسم الربح بينهما.
وصورتها الصحيحة: أن يتم تقسيم الربح حسب ما يتفقان عليه، سواء كان نصيب كل واحد منهما مساوياً للآخر أو يزيد أحدهما، حسب ما يتراضيان عليه، وأن تكون الخسارة كلها في حالة حصولها على رأس المال، أما الطرف الآخر الذي يشارك بعمله فإنه لا يخسر مالاً، وإنما يكون خسر عمله فقط.
والواجب عند تقسيم الربح أن يأخذ كل واحد من الشريكين جزءاً من الربح.
أما أن يُعطى صاحب رأس المال نسبة ثابتة من رأس المال كالعُشْر، أو يُعطى مبلغاً ثابتاً كل مدة مثل 1000 ريال مثلاًً، فإن هذا محرم، وقد نقل ابن المنذر رحمه الله إجماع العلماء على تحريم المضاربة إذا اشترط أحد الشريكين قدراً معلوما من الدراهم، وإنما يكون نصيب كل واحد منهما نسبة من الربح.
المغني (5/23) .
ثانياً:
يجب رد الأموال إلى أصحابها، ولا تجوز المماطلة في ذلك، ما دمت تملك ما تسدد به، من نقود، أو أشياء يمكن بيعها، والفقهاء يقولون: إن المفلس تباع أملاكه لسداد دينه، ولا يترك له إلا الأشياء الضرورية، من مسكن وأثاث وثياب.... ونحو ذلك.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ) رواه البخاري (2400) ومسلم (1564) . وفي حديث آخر: (يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ) رواه أبو داود (3628) والنسائي (4689) وابن ماجه (2427) ، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1434) .
والمطل هو تأخير سداد الحق من غير عذر.
ومعنى "يحل عرضه": أي أن يقول: فلان مطلني وظلمني وأكل حقي.
و"عقوبته": أي: يجوز للحاكم أن يعاقبه على فعله المحرم.
فاتق الله تعالى، وخف عقابه، واحذر من عاقبة أكل الحرام وتأخير حقوق الناس، ولا تخف من المستقبل، فإن الرزق بيد الله سبحانه، وقد وعد أهل طاعته بالمزيد، فقال سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97، وقال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2، 3.
وهب نفسك أحد هؤلاء الناس، وغيرك قد أخذ مالك ويماطلك مع قدرته على السداد، خوفاً على أولاده أو مستقبله، فهل ترضى ذلك، وهل تلتمس له عذراً، وهل يسلم من سخطك ودعائك؟
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم موصيا أحد أصحابه: (وانظر ما تحب من الناس أن يأتوه إليك فافعل بهم، وما كرهت أن يأتوه إليك فذرهم منه) رواه أحمد وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3508) .
وراجع جواب السؤال رقم (84030) .
فالواجب عليك أن تسدد ما تستطيع تسديده من أموال الناس، وما بقي فإنك تستسمحهم، ويكون ذلك دَيناً عليك تسدده متى استطعت ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5497)
يقترض صاحبه مالا من البنك ليدخل معه شريكا في تجارته
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك شركة لاستيراد وتصدير الذهب، وأمر بأزمة مالية حادة، ونظراُ لحاجتي مبلغاً من المال وذلك بسبب التضخم التجاري في السوق المحلي فقد التجأت إلى معارفي وأصدقائي ولكن لم أتحصل على أي مبلغ لظروفهم الاقتصادية الحالية، وقد التجأت إلى مصرف تجاري - علما بأنه لا يوجد مصارف إسلامية في بلادنا - ليقوموا بتمويلي، وعندما علمت أنه يوجد فائدة 5% قيل لي إنها حرام، عندها أشار علي أحد العاملين بالمصرف بأنه يمكن أن يقترض هذا المبلغ ويتحمل العوائد المصرفية - العاملين في المصرف يسمح لهم بأخذ القروض دون فائدة - نظير مشاركتي في الأرباح، أرجو منكم إفادتي في هذا الموضوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
التمويل الذي أشرت إليه تمويل محرم؛ لأنه قرض ربوي، يسدد بفائدة قدرها (5%) ، وقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعا فهو ربا.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا، وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى من "المغني" (6/436) .
وقد أحسنت في عدم الإقدام على هذا التمويل، وسؤالك عما أشكل عليك، ونسأل الله أن يبارك في مالك ويخلف عليك خيرا.
ثانيا:
يجوز للعامل في المصرف أن يقترض قرضا حسنا – بلا فوائد – ثم يدخل معك شريكا بهذا المال، على ما تتفقان عليه من الربح، وأما الخسارة – عافاك الله منها – فإنها تكون على قدر مال كل منكما.
فلو اشترك زيد وعمرو مثلا، ودفع زيد 100 ألف، ودفع عمرو 200 ألف، فلهما أن يتفقا على ما أرادا من الربح، كأن يجعل لزيد 25% أو 30 % أو غير ذلك، والباقي لعمرو، وأما الخسارة فإنها تكون على قدر المال، فيتحمل زيد منها نصف ما يتحمله عمرو.
هذا إذا شارك كل منكما بالمال، وأما إذا كان المال منه، والعمل منك، ولم تشارك بشيء من المال، فهذه مضاربة، والربح فيها على ما تتفقان عليه، والخسارة على صاحب المال فقط.
وهذه هي القاعدة في الشركة عموما: أن الخسارة تكون على صاحب المال، بقدر ماله، وأما العامل في المضاربة الذي لا مال له، فإنه في حال الخسارة يخسر عمله وجهده، ولا يضمن شيئا من المال، إلا إذا حصلت الخسارة بسبب تقصير منه أو تعدٍ فإنه يتحملها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/22) : " (والوضيعة على قدر المال) يعني الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله , فإن كان مالهما متساويا في القدر , فالخسران بينهما نصفين , وإن كان أثلاثا , فالوضيعة أثلاثا. لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم. وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي وغيرهما ...
والوضيعة في المضاربة على المال خاصة , ليس على العامل منها شيء ; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال , وهو مختص بملك ربه , لا شيء للعامل فيه , فيكون نقصه من ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء " انتهى.
وانظر شروط المضاربة الصحيحة في جواب السؤال رقم (114537) .
ثالثا:
لا يجوز العمل في البنوك الربوية، وعلى من ابتلي بذلك أن يبادر بالتوبة وترك العمل، وينظر جواب السؤال رقم (26771) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5498)
حكم فتح مقهى تشاهد فيه مباريات كرة القدم ويشرب فيه الدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم فتح كوفي شوب فيه قاعة لمتابعة مباريات كرة القدم المحلية والعالمية فقط، ويسمح بالتدخين فيها وذلك لرغبة الأكثرية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يحرم شرب الدخان؛ لما فيه من الخبث والضرر وإضاعة المال، وينظر جواب السؤال رقم (10922) ورقم (9083) .
ولا يجوز الإذن بالتدخين في المقهى أو غيره، وفاعل ذلك شريك في الإثم.
ثانيا:
مشاهدة مباريات كرة القدم لا تخلو من محاذير، لا سيما المباريات العالمية التي تظهر فيها النساء، وتعزف فيها الموسيقى، مع قيام هذه المباريات على القمار، وهو دفع الجوائز فيما لا يجوز.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم مشاهدة المباراة الرياضية، المتمثلة في مباراة كأس العالم وغيره؟
فأجابت: " مباريات كرة القدم التي على مال أو نحوه من جوائز حرام؛ لكون ذلك قمارا؛ لأنه لا يجوز أخذ السَّبَق وهو العوض إلا فيما أذن فيه الشرع، وهو المسابقة على الخيل والإبل والرماية، وعلى هذا فحضور المباريات حرام، ومشاهدتها كذلك، لمن علم أنها على عوض؛ لأن في حضوره لها إقرارا لها.
أما إذا كانت المباراة على غير عوض ولم تشغل عما أوجب الله من الصلاة وغيرها، ولم تشتمل على محظور: ككشف العورات، أو اختلاط النساء بالرجال، أو وجود آلات لهو - فلا حرج فيها ولا في مشاهدتها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ... الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/238) .
وعليه؛ فصاحب المقهى إن أمكنه منع جميع المنكرات في مقهاه، كالدخان، والموسيقى، ومشاهدة المباريات المحرمة، جاز له فتح هذا المقهى، وإذا لم يمكنه ذلك لم يجز؛ لحرمة السكوت على المنكر والإعانة عليه، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم (49) .
وينظر جواب السؤال رقم (47396) ، ورقم (96662) ، ورقم (82873) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5499)
ضوابط لإخلاء الفنادق من المنكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف ما إذا كان يجوز في الإسلام امتلاك فندق؟ مع العلم بعجز المرء عن ضمان بيئة خالية من ارتكاب المعاصي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على المسلم المستقيم على طاعة الله تعالى أن يمتلك فندقاً، بل ينبغي له أن يفعل ذلك إن أمكنه إخلاء فندقه من المنكرات؛ إنقاذاً لإخوانه من فنادق السوء، التي صارت أماكن اللهو والمنكرات جزءً من كثير منها.
وعلى من استطاع إقامة فندق في بلده أن يلتزم بما يُبقيه خارجاً عن الإثم، ومميزاً عن غيره من فنادق السوء، وذلك بالتزامه بالضوابط الشرعية، ومن ذلك:
1. خلو الفندق من العمالة النسائية، والاختلاط المنكر الواقع في كثير من الفنادق، ومما يؤسف له استغلال المرأة أسوأ استغلال في مثل تلك الأماكن، فتوضع النساء الجميلات في واجهة الفنادق من الداخل – قسم الاستعلامات -، وتوضع الأقل جمالاً لتنظيف الغرف! ، ومن رام الالتزام بالشرع: فليتخلص من هذه المفسدة، ولا يوظف امرأة؛ خشية عليها، وعلى غيرها.
2. عدم تشغيل الموسيقى في أرجاء الفندق.
3. عدم تمكين الزبائن من رؤية القنوات الفاسدة المفسدة، وقد جعل الله تعالى لهؤلاء مخرجاً بالقنوات الإسلامية والمحافظة، والتي تحتوي على عرض كل النواحي التي يحتاجها المشاهد، من أخبار، وأفلام وثائقية، وبرامج أطفال، وبرامج دينية، ويُعرض كل ذلك مع خلوه من المعازف، والنساء.
4. التأكد من شخصية المرأة المصاحبة للنزيل؛ خشيةً من أهل الفساد أن يستغلوا غرف الفندق في ارتكاب ما حرَّم الله، ولا بأس من تشغيل بعض زوجات العاملين – أو أخواتهم – في النواحي التي يُحتاج فيها للنساء، كالكشف عن شخصية النساء المنتقبات، أو لعموم التعامل مع النساء النزيلات، وهذا يُعطي ارتياحاً للنزلاء كثيراً، ويبنون به جسوراً من الثقة والمودة بينهم وبين هذا الفندق المحافظ، على أن يُلتزم بأن تكون المرأة العاملة مع زوجها، أو أخيها، ودون أن تكون بارزة للعيان، بل تكون في مكتب خاص يُحافظ به على سترها، وعفافها.
5. خلو الغرف، والمطعم، والصالة، من الأطعمة والأشربة المحرَّمة، وقد جعل الله تعالى في الحلال غنية عن الحرام، وخلو الفندق من هذه المحرَّمات يجلب له البركة، ويجلب له الزبائن العقلاء المحافظين، ولا خير في عكسهم.
6. ولا نرى أن يفتح صاحب الفندق على نفسه أبواباً من الشر بفتحه نادياً صحيّاً، أو حمام سباحة، إلا أن يضبط ذلك بأمرين:
أ. عدم مشاركة النزيلات فيهما.
ب. الالتزام باللباس الساتر في كلا الأمرين.
7. يفضَّل أن يجعل صاحب الفندق مكتبة إسلامية صغيرة في كل غرفة تحتوي على القرآن الكريم، وعلى كتب ميسرة في فنون الشريعة، وأن يجعل مكتبة أكبر منها في صالة الفندق، أو في غرفة كبيرة مستقلة، ويزودها بأجهزة حديثة، كالحواسيب، والأشرطة الصوتية، والمرئية، والمجلات، والصحف المحافظة الخالية من الشوائب.
8. وننبه – أخيراً – إلى النظافة، والأسعار، فلا ينبغي للقائمين على مثل هذه الفنادق أن تكون فنادقهم متسخة غير نظيفة، بل ينبغي أن تكون مثالاً في النظافة، وحسن الترتيب، كما ينبغي أن لا يُغالى في أسعار الغرف، وتكون مثل هذه الفنادق أنموذجاً في حسن التعامل، والرفق بالناس.
ونبشِّر الناس جميعاً أنه قد انتشرت ظاهرة الفنادق الإسلامية المحافظة في كثير من الدول الإسلامية، وهذا أمر تقر له أعين المحافظين، وتنشرح له صدور المستقيمين.
والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5500)
تقتطع الشركة جزءاً من راتبه لتوفر له مبلغاً كبيراً عند تقاعده
[السُّؤَالُ]
ـ[تقطع الشركة كل شهر جزءا من راتبي، وتستثمره في قطاعات مختلفة من ضمنها أسهم وسندات في البنوك وهو الغالب، ثم تعطي مبلغاً كبيراً من المال عند الخروج إلى المعاش، ما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة محرمة، وسبب تحريمها أمران:
الأول: أنها صورة من صور التأمين التجاري، وقد سبق بيان حرمة الاشتراك في التأمين والتعامل به، في جواب السؤال رقم (8889) و (83035) .
ومن المحاذير التي يشتمل عليها التأمين التجاري وجعل العلماء يجزمون بحرمته، أنه مشتمل على الربا، وهو ظاهر جداً في هذه المعاملة، حيث يدفع الموظف ألفاً ـ مثلاً ـ ثم يأخذ إذا بلغ سن التقاعد ألفين.
الثاني:
أنه يتم فيه استثمار الأموال بطريقة محرمة، وهو استثمارها في أسهم البنوك وفي السندات.
والواجب على من أراد أن يستثمر مالاً أن يستثمره في مشروعات مباحة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) رواه الطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519) .
وكل إنسان سوف يُسأل يوم القيامة عن (ماله: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه) رواه الترمذي (2417) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وعلى هذا؛ فلا يجوز الاشتراك في هذه المعاملة، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
نسأل الله تعالى أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
وينبغي أن يتنبه إلى أن هذا النظام إذا كان إجبارياً تفرضه الدولة، فلا إثم على الموظف في ذلك، لأنه أُدخل في هذه المعاملة بغير اختياره، والإثم في ذلك يقع على من ألزم الموظف بهذه المعاملة المحرمة، وعلى من شارك أو ساعد أو رضي باستثمار المال بطريق محرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5501)
حكم أخذ سلفة من الشركة لشراء سيارة مع دفع 4.5% رسوما إدارية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف أعمل لدى إحدى الشركات، أرغب بامتلاك سيارة وهي من ضروريات عملي، وقد أقرت الشركة نظاماً خاصاً لتسليف الموظف قيمة السيارة التي يرغب شراءها، على أن يتم نقل ملكية السيارة للشركة حين يتم سداد كامل القيمة، ومن ثم تنقل ملكية السيارة إلى الموظف، ويضاف إلى القيمة الأصلية نسبة مقدرة بـ 4.5% تدفع مرة واحدة، وتعتبر كرسوم إدارية – بحسب رؤية الشركة – بحيث تعطي الشركة للمعقب (وهو موظف رسمي لدى الشركة) الذي سيقوم بنقل ملكية السيارة إلى الشركة بدل أتعابه، وبعد ذلك يتم تحميل الموظف كافة التكاليف الإضافية كالتأمين والرسوم المتعلقة بالمرور، وكل ذلك والسيارة باسم الشركة، وفي حال ترك الموظف الشركة يتم بيع السيارة، وتأخذ الشركة المستحق لها، وتعيد المتبقي للموظف - في حال بقاء شيء من المبلغ -، كما أن الموظف يتحمل كافة مصاريف السيارة خلال فترة استهلاكه لها، كما سيتحمل الموظف بطبيعة الحال مصاريف نقل ملكية السيارة لحسابه بعد انقضاء السداد. وكل ذلك لا يكون بناءً على عقد واضح بين الموظف والشركة، وإنما بنود عامة أقرتها الشركة. والسؤال: ما رأي فضيلتكم بما ورد، هل هو أحد القروض الجائزة؟ ، وإن لم يكن كذلك فما هي الصيغة الجائزة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة تتم عن طريق إحدى صورتين:
الأولى: أن يكون العقد الذي بين الشركة والموظف عقد قرض، وحينئذ فليس لها أن تأخذ منه نسبة (4.5%) ؛ لأن ذلك من القرض الذي يجر نفعا للشركة، وهو ربا. وليست هذه رسوم إدارية كما تزعم الشركة، فإن شراء السيارة ونقل ملكيتها إلى الشركة لو استؤجر له إنسان لم يكلف ذلك إلا شيئا قليلا، فلا وجه لجعل ذلك نسبة من ثمن السيارة.
وهذه المعاملة لا تختلف كثيرا عن معاملات البنوك الربوية، إلا من جهة قلة الفائدة الربوية عن نظيرتها في البنوك.
الصورة الثانية: أن تشتري الشركة السيارة التي يريدها الموظف – نقدا أو تقسيطا-، فإذا ملكتها وحازتها باعتها على الموظف بثمن مقسط، ولها أن تحتفظ بأوراق السيارة حتى يسدد الموظف ما عليه، وتكون السيارة مرهونة للشركة، فلا يستطيع الموظف بيعها.
وفي حال ترك الموظف للشركة، وعدم تسديده لما بقي عليه من الدين، تتولى الشركة بيع السيارة (الرهن) لتستوفي منه ما بقي من حقها، ويكون الباقي لمالكها وهو الموظف.
وهذا هو البديل المشروع في هذه المعاملة.
وللشركة أن تقرض الموظف قرضا حسنا، بلا فوائد، فتعطيه قدرا من المال يشتري به السيارة، ويسدد قرضه على دفعات تحسم من راتبه شهريا، وهذا معمول به في كثير من المؤسسات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5502)
شروط التورق في الأسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى بنك أبو ظبي الإسلامي لأجد قرضاً إسلامياً فقالوا نحن لا نعطي أموالاً كاش، ولكن نعطي أسهماً، فمثلا نشتري لك أسهماً بمبلغ 50000 درهم ونبيعها لك على أقساط شهرية لمدة سنة، ويكون ثمن البيع 52600 علي 12 شهر، ونعطيك ورق ملكية لهذه الأسهم، ونعطيك جدولاً بأسماء شركات تبيع لك هذه الأسهم، فما حكم ذلك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة قائمة على أمرين: الأول: التورق، وهو أن يشتري الإنسان السلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها - لغير من اشتراها منه - نقدا بثمن أقل غالبا، وسميت المعاملة بذلك نسبة إلى الوَرِق وهي الفضة، لأن المشتري لا غرض له في السلعة، وإنما يريد النقود، والتورق جائز عند جمهور العلماء.
والثاني: بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو أن يشتري البنك سلعة معينة يريدها العميل، ثم يبيعها عليه بثمن مقسط أزيد مما اشتراها به، وهذا جائز أيضا، إذا توفرت الشروط التالية:
1- ألا يشتري العميل السلعة من البنك، حتى يملكها البنك ملكا حقيقيا، فإن كانت السلعة أسهما، فلا بد أن تكون أسهما يملكها البنك، أو يشتريها وتدخل في محفظته.
2- أن لا يبيع العميل السلعة حتى يملكها ملكاً حقيقياً ويقبضها من البنك القبض المعتبر شرعاً، فإن كانت أسهما فلابد أن تدخل في محفظته قبل أن يبيعها.
3- ألا يبيع العميل السلعة على البنك، ولا على الجهة التي باعتها على البنك أولاً، وألا يكون هناك تواطؤ أو عرف بذلك؛ لأن هذا من العِينة المحرمة.
4- ألا يتضمن العقد بين البنك والعميل اشتراط غرامة في حال التأخر عن سداد الأقساط؛ لأن ذلك من الربا المحرم.
5- إذا كانت السلعة أسهما، فيشترط أن تكون أسهما لشركات لا تتعامل بالحرام، فلا يجوز التعامل بأسهم الشركات التي نشاطها محرم، أو التي لها معاملات محرمة.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (95138) و (112445) و (89978) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5503)
حكم الاكتتاب في شركة الصناعات الأساسية الكيميائية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الاكتتاب في شركة الصناعات الأساسية الكيميائية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان حفظه الله عن الاكتتاب في هذه الشركة، فأجاب:
" الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد سئلت كثيراً عن حكم الاكتتاب في شركة "الصناعات الكيميائية الأساسية"، وهي شركة يبلغ رأس مالها حاليا 220.000.000 ريال سعودي مقسمة إلى 22.000.00 سهم بقيمة اسمية قدرها عشرة ريالات سعودية للسهم، وبعلاوة إصدار قدرها عشرون ريالا سعوديا تمثل بمجملها30% من رأس المال المصدر للشركة، وستكون فترة الاكتتاب في الفترة من 19/5/1429إلى 28/5/1429. الموافق 24/5/2008 م إلى 2/6/2008 م.
وبدراسة القوائم المالية للشركة لوحظت عليها الملحوظات الشرعية الآتية:
- لدى الشركة نقد لدى البنوك لم يفصح عنه بمبلغ 37،470،237ريالاً.
- لدى الشركة قروض بمبلغ 45،500،000ريال سعودي وتمثل 8.82% من إجمالي موجودات الشركة البالغة 515،982،264 ريالاً.
- لدى الشركة مصاريف تمويل بمبلغ 5،072،476 ريال تمثل نسبة 1.33% إلى إجمالي المصروفات البالغة 380،699،836 ريالاً.
- لدى الشركة إيرادات أخرى بمبلغ 1،372،094ريال لم يفصح عنها.
- الشركة لديها مجموعة من اتفاقيات التسويق تخضع لأحكام القوانين الوضعية.
وبناء عليه فتكون الشركة من الشركات المختلطة بالربا، فلا يجوز الاكتتاب فيها، ومن تورط في الاكتتاب فيها ظناً منه أنها مباحة فعليه المبادرة ببيع أسهمه فيها أول نزولها للتداول، وقيمتها كاملة له، وليس عليه تطهير فيها، لأن الزيادة في رأس ماله نتجت عن ارتفاع القيمة السوقية للسهم، وليست عن أرباح موزعة من الشركة.
وأما من اكتتب فيها بعد علمه بتحريمها فعليه أن يبادر ببيعها أول نزولها للتداول، ويأخذ رأس ماله فقط، ويصرف الباقي في أوجه البر والخير بنية التخلص منه، وتبرئة ذمته من الحرام.
وكم يعز علينا معشر المسلمين أن يوجد من إخواننا القائمين على شركاتنا من يتعاملون بالربا إقراضاً واقتراضاً، ويستمرؤون هذا المنكر العظيم ويجاهرون به، ويعلنونه في وسائل الإعلام وكأنهم لم يفعلوا حراماً، ولم يقارفوا منكراً عظيماً، وهم يقرؤون قول ربنا عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279. وبخاصة أن البدائل الشرعية متوفرة وميسَّرة، فلا حاجة تدعو إلى التعامل بالربا ولا ضرورة! فلماذا الإصرار على الحرام، ومخالفة الشريعة والنظام، والاستمرار في محادة الله ورسوله والمؤمنين!
فأسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، ويردهم إليه رداً جميلاً، ويعيذهم من شرور أنفسهم، وسيئات أعمالهم، ويغنيهم بحلاله عن حرامه. والحمد لله رب العالمين " انتهى نقلا عن موقع الشيخ:
http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=160&aid=2572
وينظر جواب السؤال رقم (83969) ورقم (112445) ورقم (105291) .
والله أعلم.
الاستثمار
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5504)
التورق في المعادن عن طريق بنك الجزيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد تمويلاً من بنك الجزيرة، وهو أننا نرهن عقارنا، ويقومون العقار، ويعطوننا تمويلاً يصل إلى 50% أو 70% من قيمة العقار، لكن طريقة التمويل تتم ببيع المعادن، ونحن متخوفين من هذا التمويل، والبنك هو الوحيد الذي وفر لنا هذه الطريقة، الرجاء منكم أن توضحوا لنا هو حلال أو لا؟ ، لأنهم أخبرونا أن طريقتهم شرعية، وهي أنهم يشترون كمية للحديد لعدة أشخاص، يشترونه لهم وبعد ذلك يعطوهم ورقة التوكيل لبيعه، طلبنا طريقة التورق بالأسهم لكن قالوا لنا إن هذا لا يمكن لتمويل العقار، وأن تورق المعادن تشرف عليه هيئة شرعية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان البنك يبيع عليك الحديد، وتتولى أنت بيعه في السوق لتحصل على المال، فهذا تورق مشروع، وأما إن كنت لا تبيعه بنفسك، وإنما توكل البنك في بيعه، فهذا يسمى: التورق المصرفي المنظم، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي بتحريمه، كما صدرت بحوث علمية عن جماعة من المختصين تبين أوجه تحريم هذه المعاملة، وينظر بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم (82612) ورقم (98124) .
وقد سئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله عن حكم تمويل المعادن من بنك الجزيرة؟
فأجاب: "لا أرى جواز التورق في المعادن إلا أن يقبضها العميل، ثم يبيع على غير التاجر الذي اشترى البنك منه. وحيث إن كل ذلك لا يحصل فلا يجوز " انتهى.
والبديل المشروع هو شراء سلع حقيقية من البنك، كسيارات أو غيرها، يملكها البنك ويحوزها إليه، ثم يبيعها عليك، وتتولى أنت بيعها في السوق بعد ذلك لتحصل على النقود.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5505)
المضاربة والاستثمار في أسهم الراجحي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المضاربة والاستثمار في أسهم بنك الراجحي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
تجوز المضاربة والاستثمار في أسهم بنك الراجحي ما دام أنها أسهم نقية غير مختلطة.
وقد أورد الدكتور محمد العصيمي حفظه الله أسهم الراجحي ضمن قائمة الأسهم المباحة.
ينظر: http://www.halal2.com/main.asp?id=69
وهذا إذا كان الاستثمار في أسهم الراجحي نفسه، وأما صناديق الراجحي التي تتعامل في الأسهم المحلية أو الخليجية، فلا تتقيد بالأسهم النقية، بل تتعامل في الأسهم المختلطة، والذي عليه أكثر أهل العلم تحريم التعامل بالأسهم المختلطة. وينظر جواب السؤال رقم (83969) ورقم (112445) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5506)
يشترط بنك التسليف دفع 2.5% من الإيراد لتمويل مشاريع أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بنك التسليف والادخار السعودي بتمويل مشروعات التعليم المبكر ورعاية الطفولة، وقد سمعت عن التسهيلات التي يقدمها البنك فيقرض الفتيات لافتتاح حضانة ورياض أطفال ولوجود المؤهلات لذا أردت الاستفادة من البنك لكني وجدت شرطا في لائحة البنك أنه يأخذ نسبه 2.5% من إيرادات المشروع لدعم مشاريع أخرى تفيد البلاد. هل هذا القرض ربوي أو فيه شبهة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اشتراط البنك دفع 2.5% من إيرادات المشروع لتمويل مشاريع أخرى، لا يجوز، وهو من أكل المال بالباطل، فإنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
والواجب على البنك أن يقرض قرضا حسنا، لا يقصد منه إلا الإعانة والتشجيع على إقامة المشاريع النافعة، وهذا ما يعود بالخير على المجتمع كله.
وأما اشتراط دفع زيادة على مبلغ القرض فهو شرط ربوي محرم، ومعلوم أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، وهذا مجمع عليه بين العلماء.
قال ابن قدامة رحمه الله: "وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/436) .
وعليه؛ فلا يجوز لك المشاركة في هذا المشروع مع وجود هذا الشرط.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5507)
حكم الاكتتاب في شركات التأمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاكتتاب في شركات التأمين التالية: المتحدة للتأمين التعاوني، السعودية لإعادة التأمين، بوبا العربية]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الشركات الثلاثة التي بدأ الاكتتاب فيها مؤخرا (بتاريخ 8 مارس 2008م) لم نقف على نشرتها، لكن نضع بين يديك حقيقة شركات التأمين في المملكة، وأنها قائمة على التأمين التجاري، بموجب اللائحة التي أصدرتها مؤسسة النقد العربي السعودي، والتي ألزمت الشركات أن تعمل بطريقة التأمين التجاري.
وفي هذا يقول الدكتور محمد العصيمي حفظه الله: " سبق أن بينتُ في هذا الموقع حكم التأمين التجاري وأن جماهير العلماء المعاصرين على تحريمه، ومنهم هيئة كبار العلماء في السعودية وغيرها من المجامع الفقهية. وحيث إن شركات التأمين لن تتمكن من ممارسة التأمين التعاوني الحقيقي بسبب اللائحة التي أصدرتها مؤسسة النقد العربي السعودي، والتي ألزمت الشركات أن تعمل بطريقة التأمين التجاري، وعليه، فلا يجوز الاكتتاب في شركات التأمين التي بدأ الاكتتاب بها هذا الأسبوع، ولا التي قبلها، ولا يجوز تداول أسهمها بعد التداول لا مضاربة ولا استثمارا. ولا يغيّر من الحكم كون الشركة سمت نفسها بالتعاونية أو الإسلامية؛ إذ الحكم ليس على الصورة بل على الحقيقة. ومن اكتتب في شيء منها جاهلا فعليه أن يخرج ما زاد عن رأسماله تطهيرا. وأما من تعمد ذلك فعليه التوبة والاستغفار والندم على فعله، وتطهير ما زاد عن رأس المال " انتهى من موقع الشيخ بتاريخ 20/5/2007 م:
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=14314
وقال أيضا: " أما بعد: فإن شركات التأمين بالمملكة تخضع لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/32) وتاريخ 2/6/1424هـ، وقد نص في مادته الأولى على أن يكون التأمين في المملكة تأمينا تعاونيا، وألا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، إلا أن اللائحة التي أصدرتها مؤسسة النقد لتنفيذ هذا النظام تخالف هذه المادة من وجوه مما جعل التأمين المبين فيها تجارياً وليس تعاونياً. وجميع شركات التأمين المرخص لها بالعمل في المملكة – بما فيها الشركة المذكورة- ملزمة بالعمل وفق هذه اللائحة، مما يعني أن التأمين الذي تمارسه هو في حقيقته تأمين تجاري، وقد صدر قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة بتحريم التأمين التجاري. وإني أناشد المسئولين بضرورة المبادرة إلى تعديل اللائحة التنفيذية لتتفق مع النظام الذي أصدره ولي الأمر؛ إذ من المسلّم به أن اللوائح تفسر الأنظمة ولا تخالفها، ولائحة التأمين هذه لا يشك أدنى متخصص في مخالفتها للمرسوم الملكي فضلاً عن مخالفتها للشريعة التي أسست عليها هذه الدولة المباركة " انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=12548
وقال الدكتور يوسف الشبيلي حفظه الله: " فإن شركات التأمين بالمملكة تخضع لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/32) وتاريخ 2/6/1424هـ، وقد نص في مادته الأولى على أن يكون التأمين في المملكة تأمينا تعاونيا، وألا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. إلا أن اللائحة التي أصدرتها مؤسسة النقد العربي السعودي لتنفيذ هذا النظام تخالف هذه المادة من وجوه مما جعل التأمين المبين فيها تجارياً وليس تعاونياً. " انتهى من موقع الشيخ:
http://69.20.50.243/shubily/qa/ans.php?qno=120
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5508)
اكتتب في عدة شركات ويسأل عن الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا اكتتبت في عدة شركات (إصدار أولي) بحيث إن أسهمي لم أبعها حتى الآن، وأول اكتتاب كان بشركة (ينساب) ، وآخر اكتتاب كان بشركة (دار الأركان) فهل تجب الزكاة في هذه الشركات التي اكتتبت فيها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
أولا: يجوز الاكتتاب في شركة " دار الأركان "؛ لأن نشاط الشركة في الاستثمار والتطوير العقاري، وهو نشاط مباح، وأعمال الشركة في الجملة موافقة للضوابط الشرعية. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (111869) . وأما شركة ينساب فهي من الشركات المختلطة التي نشاطها مباح من حيث الأصل، إلا أن لها بعض المعاملات المحرمة، كالتعامل بالربا، وأسهم الشركات المختلطة فيها قولان لأهل العلم، والراجح هو تحريم التعامل فيها. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (112445) . ومن أباح الاكتتاب فيها أوجب التخلص من قدر الربح المحرم، وهو هللتان في كل سهم (بالنسبة لشركة ينساب) ، حسب تقدير الدكتور يوسف الشبيلي حفظه الله، وينظر: http://69.20.50.243/shubily/qa/ans.php?qno=125 ثانيا: الزكاة واجبة في الأسهم عند حولان الحول، وحول عروض التجارة هو حول المال الذي اشتريت به، إذا كان نصابا. وزكاة الأسهم فيها تفصيل بحسب نية مالكها: " فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة؛ فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع. وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، فيخرج ربع العشر 2.5 % من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح" انتهى مختصرا من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (1/879) . ولزيادة الفائدة والتفصيل راجع جواب السؤال رقم (69912) . ولا زكاة في الربح المحرم الذي سبق بيانه؛ لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5509)
بيع الأسهم بعد تملكها مباشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ي عن المتاجرة بالأسهم، إذا اشتريت سهماً في 11نوفمبر2007، وانتهت التسوية يوم 13 نوفمبر2007 (أي بعد يومين) في الصباح الباكر. إذا بعت أسهمي (أقصد في اليوم الذي انتهت فيه التسوية) . ما قولكم، هل هذا جائز؟ حتى إنه في ذلك اليوم حصلت على الملكية الكاملة للأسهم، وفي ذلك اليوم 13نوفمبر2007 ازدادت قيمة أسهمي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا اشتريت أسهما ودخلت في ملكك، جاز لك بيعها، ولو كان ذلك في نفس اليوم، سواء زادت قيمتها أو نقصت، ما دامت الأسهم في شركة قائمة لها نشاطها وموجوداتها.
وإنما حصل الخلاف في بيع الأسهم بعد الاكتتاب مباشرة وقبل أن تزاول الشركة نشاطها وتتحول أموالها إلى موجودات أخرى غير المال، فمن أهل العلم من ذهب إلى تحريم البيع بالزيادة حينئذ؛ لأنه من باب بيع النقود بالنقود مع الزيادة، ومنهم من ذهب إلى الجواز باعتبار أن الشركة تمتلك موجودات أخرى غير النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً، ومن ذلك قيمة الترخيص.
وأما بعد تحول أموال الشركة - كلها أو أكثرها - إلى موجودات، غير النقود، فيجوز بيعها بنفس السعر، أو بالزيادة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5510)
حكم الاتجار في العملات في السوق السوداء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في تجارة العملات الأجنبية بالسوق السوداء دون التقيد بسعر الصرف الرسمي والثروة الناجمة عن هذه التجارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز الاتجار بالعملات بشرط أن يحصل التقابض في مجلس العقد، فيجوز بيع اليورو بالدولار بشرط أن يقع الاستلام والتسليم في مجلس العقد، وأما إذا اتفقت العملة كأن يبيع دولاراً بدولارين فهذا لا يجوز لأنه من ربا الفضل، فإذا اتحدت العملة فلابد من التساوي والتقابض في مجلس العقد، وإذا اختلفت العملة اشترط التقابض فقط؛ لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (1587) .
والعملات النقدية الموجودة اليوم لها ما للذهب والفضة من الأحكام.
ولا فرق بين بيع العملات فيما يسمى بالسوق السوداء أو في السوق النظامية.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما الحكم الشرعي في تبادل العملات (في السوق السوداء) مثلا 3000 دج بـ 3000 فرنك فرنسي، مع العلم أن التبادل عن الطريق الشرعي هو مثلا 300 دج بـ 340 فرنك فرنسي.
فأجابوا: "إذا كان التبادل بين عملتين من جنس واحد، وجب التساوي بينهما، والتقابض بالمجلس، وحرم التفاضل بينهما، وحرم تأخير القبض فيهما، أو في إحداهما شرعا، وإذا كانتا من جنسين جاز التفاضل بينهما شرعا، سواء كان ذلك في السوق السوداء أم في غيرها، وحرم تأخير بعضهما أو إحداهما" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/444) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: ما هو حكم الدين في تجارة العملة، وهو ما يسمى بالسوق السوداء؟
فأجاب: "الاتجار ببيع العملات بعضها مع بعض يسمى بالمصارفة، سواء كان في البنوك أو في السوق الحرة.
وإذا اتحد جنس العملات؛ كالذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والريال السعودي مثلاً بالريال السعودي، والمصري بالمصري؛ وجب شيئان: التساوي في المقدار، والتقابض في مجلس العقد. فإن اختلَّ الشرطان أو أحدهما؛ كان ربا.
وإن اختلف جنس العملات؛ كأن باع ذهبًا بفضة، أو ريالاً سعوديًا بجنيه مصري مثلاً؛ وجب شيء واحد، وهو التقابض في مجلس العقد، وجاز التفاضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأجناس؛ فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد. . .) الحديث [رواه مسلم في صحيحه (3/1211) ] .
فالاتجار بالعملات، يحتاج إلى بصيرة بالحكم الشرعي، وتحفظ شديد من الوقوع في الربا " انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5511)
شروط الاستثمار في الفروع الإسلامية بالبنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندنا في مصر البنك الأهلي المصري، وهو بنك ربوي ولكن تم اتفاق هذا البنك مع بنك التمويل السعودي في الشهر الماضي على فتح فرع معاملات إسلامية بعدم تحديد نسبة للربح، ومع توقع حدوث خسارة عن طريق بنك التمويل السعودي بضمان الدولة، فوضع أبي فيه ماله، فهل هذا يجوز أم محرم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز التعامل مع الفروع الإسلامية المنشأة في البنوك الربوية، إذا خلت من التعامل المحرم، واستقلت أموالها عن أموال البنك الربوي.
وينبغي التأكد من أن معاملات هذه الفروع تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وليست مجرد خدعة يخدع بها الناس بتسميتها "إسلامية".
ثانيا:
من صور الاستثمار: المضاربة، وهي أن يكون المال من العميل، والعمل من البنك، ويشترط لإباحة هذا الاستثمار:
1- أن يستثمر البنك الأموال في أعمال مباحة، كإقامة المشاريع النافعة وبناء المساكن ونحو ذلك، أما استثمار المال في بناء بنوك الربا أو دور السينما أو في إقراض المحتاجين بالربا، فلا يجوز.
وعليه؛ فلابد من معرفة طبيعة الاستثمار الذي يقوم به البنك.
2- عدم ضمان رأس المال، فلا يلتزم البنك برد رأس المال، في حال حصول خسارة، فإذا كان رأس المال مضمونا وليس هناك احتمال لخسارته، فهذا عقد قرض في الحقيقة، وما جاء منه من فوائد يعتبر رباً.
3- أن يكون الربح محددا متفقا عليه من البداية، لكنه يحدد بنسبة من الربح لا من رأس المال، فيكون لأحدهما مثلا الثلث أو النصف أو 20% من الأرباح، ويكون الباقي للطرف الآخر، فلا يصح العقد إن كان الربح مجهولا غير محدد، وقد نص الفقهاء على أن المضاربة تفسد في حال جهالة نسبة الربح.
قال في مطالب أولي النهى (3/517) : " وإن قال: خذه مضاربة ولك جزء من الربح أو شركة في الربح أو شيء من الربح ونصيب من الربح وحظ منه لم يصح ; لأنه مجهول والمضاربة لا تصح إلا على قدر معلوم " انتهى.
وبهذا تعلم أن ما يشيع عند كثير من الناس من أن المضاربة الشرعية هي التي لا يحدد فيها نسبة الربح، كلام لا أصل له، بل لابد من تحديد نسبة الربح، كالنصف أو الثلث أو الربع، والمحذور في البنوك الربوية كونها تحدد هذه النسبة من رأس المال، لا من الربح.
فإذا توفرت هذه الشروط جاز الاستثمار في البنك المذكور.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5512)
ما هو "سهم النور الوقفي"؟ وهل تنصحوننا بالمساهمة فيه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الوالدة تريد أن تشترك في سهم النور ... http://www.sahmalnour.org/site/ ما رأيك؟ هل تظن أن الاستثمار سيكون عن طريق فوائد ربوية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
"سهم النور" هو مشروع خيري وقفي، يُعنى بنشر كتاب الله تعالى في العالَم، بقراءاته، وترجماته، ونسبة "النور" في اسم المشروع عائدة على كتاب الله تعالى، حيث وصفه الله بالنور في مواضع، منها قوله تعالى: (وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) الشورى/ من الآية 52، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً) النساء/ 174.
وقيمة السهم (120) دولاراً، يٍُستثمر 75 % منه في مشاريع استثمارية، ويغطى بالباقي مصاريف التشغيل والدعاية والإعلان.
ويقوم على هذه المشروع نخبة من العلماء، والدعاة، والقادة، وأصل الفكرة رائع، وهو مشرع عالمي كبير.
ثانياً:
أما بخصوص قنوات استثمار أموال الوقف: فقد قال القائمون على المشروع: إنها قنوات استثمار شرعية، وقد نصوا على ذلك، ومن ذلك قولهم – كما في الموقع -:
"أحيل ملف الاستثمار إلى إحدى الشركات المالية، المتخصصة، والموثوقة؛ لضمان المحافظة على الأصل، وتحقيق معدلات ربحية عالية، تحقق شرط الواقف، بتوفير المصحف، وتوزيعه، مع وجود فائض احتياطي لمواجهة أي تقلبات في الأسعار، أو التضخم المالي، ونحو ذلك" انتهى.
وقالوا – أيضاً -:
"لا يتوفر لدى المشروع لجان رقابة شرعيَّة، لكنه وعوضاً عن ذلك عمِل على تأسيس نظام رقابي شامل، يوفر للمشروع درجة أعلى من الرقابة الشرعية المستدامة، ويتمثل هذا النظام فيما يلي:
1. وجود عدد كبير من العلماء، والفقهاء، وأصحاب الرأي في المسائل الفقهية (وبخاصة الاقتصادية منها) في المجلس التأسيسي للمشروع.
2. وجود أعضاء متخصصين في الاقتصاد الإسلامي في مجلس النظار.
3. توفر لجان رقابة شرعية لدى الجهات التي تقوم على استثمار أموال المشروع.
4. وضع العديد من السياسات، والضوابط الشرعية المتعلقة بمسائل الاستثمار.
5. تعامل المشروع مع الجمعيات الخيرية، والهيئات، والمؤسسات التي يتوفر لدى الكثير منها لجان رقابة شرعيَّة" انتهى.
وهذا كله كلام حسن، وبقى أن يرى ذلك منهم عمليّاً، ولم يحن وقت ذلك بعدُ.
فمن رأى أن القائمين على المشروع أهل لأن يوثق بهم: فليساهم فيه.
ومن أراد أن يقوم بذلك بنفسه، فالأمر إليه، ومشاريع الخير كثيرة لا تُحصى، ويستطيع من أراد نشر الخبر بكل سهولة في أي بلد إسلامي، أو غير إسلامي أن يشتري بنفسه مصاحف، ويقوم بتوزيعها بنفسه، أو يوكِّل جهات موثوقة، وجمعيات دعوية لتقوم بالمهمة عنه، ويكون له صدقة جارية، وعلم يُنتفع به، وزاداً له إلى الآخرة، وكل من يقرأ منه حرفاً يكون له فيه نصيب من الأجر.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ) رواه ابن ماجه (242) وحسَّنه المنذري في "الترغيب والترهيب" (1/55) ، والألباني في " صحيح ابن ماجه ".
وانظر جوابي السؤال: (43101) و (69948) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5513)
أنواع الودائع المصرفية وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عمل وديعة في بنك إسلامي مثل بنك فيصل الإسلامي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الوديعة هي ما يترك عند الغير لحفظه، دون أن يتصرف فيه، وهذا ينطبق على ما يسمى بصندوق الأمانات الذي يوجد في الفنادق وغيرها، وربما وجد في بعض البنوك.
وأما يسمى بالوديعة البنكية، فهو خارج عن هذا المفهوم؛ لأن البنك لا يحتفظ بعين المال بل يتصرف فيه.
هذا من حيث الاسم، وأما من حيث الحكم، فالوديعة البنكية نوعان:
الأول: وديعة غير استثمارية، وتسمى وديعة تحت الطلب، أو يطلق عليها الحساب الجاري، وصفتها أن يضع العميل ماله في البنك، على أن يسحبه متى شاء، دون أن يجني ربحا من وراء ذلك، ولا حرج في هذه العملية لأنها في حقيقتها قرض من العميل للبنك. لكن إذا كان البنك ربوياً لم يجز الإيداع فيه؛ لأنه يستفيد من هذا المال ويتقوى به على أنشطته المحرمة.
إلا إذا كان العميل محتاجاً لحفظ ماله في البنك، ولا يجد بنكاً إسلامياً يحفظ فيه ماله، فلا حرج عليه من حفظه في بنك ربوي.
وانظر جواب السؤال رقم (22392) .
والنوع الثاني: الوديعة الاستثمارية، وصفتها أن يضع العميل ماله في البنك، في مقابل أرباح يحصل عليها في مدد معينة يتم الاتفاق عليها.
وهذه الوديعة لها صور، منها الجائز ومنها المحرم.
فمن الصور الجائزة أن يكون العقد بين العميل والبنك عقد مضاربة، فيقوم البنك باستثمار المال في مشاريع مباحة، مقابل نسبة معلومة من الربح، ويشترط لهذا شروط:
1- أن يستثمر البنك المال في أعمال مباحة، كإقامة المشاريع النافعة وبناء المساكن وغير ذلك. ولا يجوز استثمار المال في بناء بنوك الربا أو دور السينما أو في إقراض المحتاجين بالربا.
وعليه؛ فلابد من معرفة طبيعة الاستثمار الذي يقوم به البنك.
2- عدم ضمان رأس المال، فلا يلتزم البنك برد رأس المال في حال خسارة البنك، ما لم يحصل من البنك تقصير ويكون هو السبب في الخسارة.
لأنه إذا كان رأس المال مضموناً، فهذا عقد قرض في الحقيقة وما جاء منه من فوائد يعتبر رباً.
3- أن يكون الربح محددا متفقا عليه من البداية، لكنه يحدد كنسبة شائعة من الربح وليس من رأس المال، فيكون لأحدهما مثلا الثلث أو النصف أو 20% من الأرباح، ويكون الباقي للطرف الآخر. ولا يصح العقد إن كان الربح مجهولاً غير محدد، وقد نص الفقهاء على أن المضاربة تفسد في حال جهالة نسبة الربح.
ومن الصور المحرمة:
1- أن يكون رأس المال مضموناً، فيودع العميل 100 مثلا، ليحصل على فائدة قدرها 10، مع ضمان المائة، وهذا قرض ربوي، وهو المعمول به في أكثر البنوك.
وقد يسمى وديعة، أو شهادة استثمار، أو دفتر توفير، وقد توزع الفوائد دوريا، أو بالقرعة، كما في شهادات الاستثمار من الفئة (ج) ، وكل ذلك محرم، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (98152) ورقم (97896) .
2- أن يستثمر البنك المال في مشاريع محرمة كبناء دور السينما والقرى السياحية، التي تشيع فيها المنكرات، وتكثر فيها الآثام، فيحرم الاستثمار في هذا البنك حينئذ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعداون.
فهذا حاصل ما يقال في الودائع التي تتعامل بها البنوك.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما يلي:
" أولاً: الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) سواء أكانت لدى البنوك الإسلامية أو البنوك الربوية هي قروض بالمنظور الفقهي، حيث إن المصرف المتسلم لهذه الودائع يده يد ضمان لها، هو ملزم شرعا بالرد عند الطلب.
ولا يؤثر على حكم القرض كون البنك (المقترض) ، مليئاً.
ثانياً: إن الودائع المصرفية تنقسم إلى نوعين بحسب واقع التعامل المصرفي:
أ - الودائع التي تدفع لها فوائد، كما هو الحال في البنوك الربوية، هي قروض ربوية محرمة، سواء أكانت من نوع الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) ، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير.
ب - الودائع التي تسلم للبنوك الملتزمة فعليا بأحكام الشريعة الإسلامية بعقد استثمار على حصة من الربح هي رأس مال مضاربة، وتنطبق عليها أحكام المضاربة (القراض) في الفقه الإسلامي التي منها عدم جواز ضمان المضارب (البنك) لرأس مال المضاربة " انتهى من "مجلة مجمع الفقه" عدد 9 جزء 1 صفحة (931) .
وبنك فيصل إن كان يلتزم بهذه الضوابط، من استثمار المال في مشاريع مباحة، وعدم ضمان رأس المال للعميل، والاتفاق معه على نسبة معلومة من الربح، فلا حرج في الإيداع فيه وديعة استثمارية، كما لا حرج في فتح الحساب الجاري فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5514)
أخذ تورقا من ساب ولم يكن يعلم بالتحريم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن حكم تمويل التورق المالي من البنك البريطاني (ساب) ؟ منذ فترة خمسة أشهر كنت أبحث عن تمويل لشراء أرض لي، ولكن قبل أن آخذ التمويل أخذت أسأل عنه فوجدت بأن التمويل موقع من قبل العلماء (عبد الله بن سليمان المنيع، عبد الله بن محمد المطلق، محمد القري بن عيد) وكذلك خلال بحثي ورد سؤال للشيخ عبد الله المصلح في برنامج "مشكلات من الحياة" حول التورق المالي فأجاب بأنه حلال ولكن علي التأكد من نقطتين أساسيتين، الأولى: التأكد من البنك في حالة تأخر التسديد بأنه لا يأخذ رسوم إضافية (فائدة متراكبة) ، النقطة الثانية: التأكد من أن البنك يملك السلعة بحيث إذا أراد الشخص أن يأخذها ويتصرف بها تكون موجودة. فقمت بالتأكد من هاتين النقطتين في البنك فأفاد بالنسبة للنقطة الأولى بأنه لا يأخذ أية فوائد على التأخير، وبالنسبة للنقطة الثانية أفاد بأن مركز البيع له موجود في لندن - بريطانيا وإذا أردت رؤية البضاعة فإنه سيقوم بشحنها لي ولكن علي تكلفة الشحن. وبعد هذا كله والاستخارة والدعاء أخذت التمويل وقد تصرفت به للدخول في استثمارات وشراء أرض. ولكن بعد أن أخذت التمويل وجدت مقالاً في جريدة الشرق الأوسط مفاده بأن مجموعة من العلماء من بينهم الشيخ عبد الله المنيع أقروا بعدم مشروعية التورق المالي، وتجد المقال في جريدة الشرق الأوسط: الثلاثاء 13 رمضان 1428 هـ 25 سبتمبر 2007 العدد 10528 على الرابط http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=58&issue=10528&article=438485&search=التورق&state=true وحاولت جاهدا بعدها الوصول للشيخ المنيع ولكن لم أستطع وقد اهتديت لموقعكم الكريم. فسؤالي هل يعتبر التمويل الذي أخذته حلالاً أم حراماً؟ وإذا كان حراماً فما المطلوب مني فعله؟ مع العلم أني تصرفت بالمبلغ.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التورق منه ما هو جائز، ومنه ما هو محرَّم، أما الجائز فهو شراء السلعة من تاجر بالأقساط وبيعها نقداً لغيره، وقد بيَّنا جواز هذا النوع من التورق بشروطه في جوابي السؤالين: (45042) و (36410) .
وأما المحرَّم فله صورتان:
الأولى: أن تشتري سلعة بأقساط، وتبيعها على من اشتريتها منه نفسه، وهو ما يسمَّى " بيع العِينة " وهو محرم، لأنه حيلة اتخذت للتوصل بها إلى القرض بزيادة ربوية، فصارت بذلك محرمة عند جماهير العلماء.
والثانية: " تورق البنوك " أو " التورق المنظم "، وصورته: أن تشتري من البنك بضاعة بالأقساط، ثم توكِّل البنك في بيعها نقداً، وهذه المعاملة محرمة، وتسمى: التورق المصرفي المنظم، وقد صدر قرارٌ من " المجمعِ الفقهي الإسلامي" بتحريمه، وينظر نص قرار المجمع في جواب السؤال رقم (98124) .
وحيث إنك أقدمت على هذه المعاملة دون علم جازم بالتحريم، واعتمادا على فتوى من يجيزها، فنرجو ألا يلحقك إثم، على ألا تعود لمثلها مستقبلا. وأما المال الذي أخذته فيجوز لك الانتفاع به، ولا يلزمك فيه شيء.
وقد سئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله: أخذت تورقا من ساب فما الحكم؟
فأجاب: "ليس عليك شيء إن شاء الله، فقد أخذته بناء على فتوى من عالم معتبر. وحتى لو تراجع عن فتواه السابقة لأمور علمها، فلا يفسد العقد السابق" انتهى من موقعه: "الربح الحلال".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5515)
التورق في الأسهم عن طريق الراجحي
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار عن تمويل الراجحي عن طريق شراء أسهم وبيعها، علما بأن المبلغ الذي يتم تسديده أكبر من مبلغ التمويل الأصلي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
صورة التمويل المسؤول عنها تسمى "التورق " أي شراء السلع وبيعها بغرض الحصول على الورِق وهي الفضة، ومثلها النقود الآن.
وكيفية التورق: أن تشتري سلعة بثمن مقسط، كمائة مثلا، ثم تبيعها – على غير البائع لك نقداً – بثمن أقل، كثمانين مثلا، فتستفيد بذلك الحصول على المال.
وقد يجتمع التورق مع المرابحة، فلا يكون المصرف مالكا للسلعة أولا، فيقوم بشرائها بمائة مثلا، ثم يبيعها عليك بالأقساط بمائة وعشرين، ثم تتولى أنت بيعها في السوق نقداً بثمن أقل، بمائة وعشرة أو بمائة مثلا.
وقد تبين بهذا أنك أنت الذي تتولى بيع سلعتك بنفسك، وأنك تبيعها على غير المصرف.
وهل يجوز توكيل المصرف في بيعها؟
هذا ما يسمى بالتورق المصرفي المنظم، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي بمنعه، وينظر نصه في جواب السؤال رقم (82612) .
كما ينظر الفرق بين التورق والعِينة المحرمة في جواب السؤال رقم (45042)
ثانيا:
يشترط للتورق في الأسهم أن تكون الأسهم نقية، ولا يجوز الاتجار في الأسهم المختلطة، وعليك أن تشترط على المصرف ذلك.
كما يشترط أن يكون المصرف مالكا للأسهم، أو يشتريها ويحولها من محفظة تداول إلى محفظته الخاصة قبل البيع عليك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5516)
الاشتراك في تمويل الخير بصيغة التورق في البنك السعودي الأمريكي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قرض البنك السعودي الأمريكي المسمى تمويل الخير بصيغة التورق وتمويل الخير بصيغة المرابحة المجاز من هيئة الرقابة الشرعية هل هو حلال أم حرام؟ وكيف لي أن أتأكد من حلاله وحرامه؟ وهل تنصحنا بأخذه إذا كان محللا من قبل هيئة شرعية؟ وهل يوجد بديل إسلامي حلال مئة بالمائة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
تمويل الخير بصيغة التورق المعمول به في البنك السعودي الأمريكي، قائم على ما يسمى بالتورق المنظم، الذي يبيع فيه البنك السلعة على العميل، ويتوكل عنه في بيعها على عميل آخر، وقد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي بتحريم هذا النوع من التورق، وينظر بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم 82612 ورقم 98124
والصورة الجائزة من التورق، هي شراء السلعة من البنك أو من غيره بثمن مقسط، ثم يقوم المشتري ببيعها بنفسه على جهة أخرى.
وهذا يتأتى في السلع التي يقبل عليها الناس كالسيارات مثلا، بخلاف المعادن التي لا يمكن في الغالب بيعها، فتشتري السيارة من البنك بـ 100 مثلا (مقسطة) ثم تبيعها في السوق بـ 80 نقدا، فتحصل بذلك على النقد.
ثانيا:
أما تمويل الخير بصيغة المرابحة، فلم نقف على صورة العقد الذي يجريه البنك، لكن نضع بين يديك أهم الضوابط اللازمة لمشروعية المرابحة وهي:
1- أن يملك البنك السلعة ملكا حقيقيا، ويقبضها، قبل بيعها على العميل.
2- أن يخلو العقد من اشتراط غرامة على التأخر في سداد الأقساط؛ لأن ذلك من الربا.
وينظر جواب السؤال رقم 36408 ورقم 89978.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5517)
حكم المساهمة والمضاربة في الأسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المساهمة أو المضاربة في الأسهم؟ ويقول: مع العلم أن بعض أهل العلم حرم أسهم جميع الشركات. نرجو الإفادة والتوضيح]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يمكن تقسيم الشركات من حيث أصل نشاطها والأعمال التي تقوم بها إلى ثلاثة أنواع:
الأول: شركات أصل عملها مباح، كشركات النقل أو الشحن أو مصانع الملابس والأدوات المكتبية والأثاث والأجهزة الطبية والشركات العقارية..... إلخ، ولا تتعامل معاملات محرمة كالغش والربا إقراضاً أو اقتراضاً، بل تنضبط بالأحكام الشرعية في جميع معاملاتها.
فهذا النوع من الشركات يسمّى بـ "الشركات المباحة" أو "النقية" تجوز المساهمة والمضاربة فيها.
النوع الثاني: شركات أصل عملها محرم، كالشركات السياحية والفنادق التي تدعو إلى الرذيلة وتساعد عليها، ومصانع الخمر، والبنوك الربوية، وشركات التأمين التجاري، وشركات طباعة وتوزيع المجلات الخليعة ... إلخ، وهذا النوع من الشركات لا تجوز المساهمة ولا المضاربة فيها، ولا تجوز الدعاية ولا الترويج لها.
وهذان النوعان من الشركات، لا إشكال في حكمهما، والأمر فيهما واضح.
النوع الثالث: شركات أصل عملها مباح، ولكنها تتعامل ببعض المعاملات المحرمة، كشركات النقل - مثلاً – التي لها أرصدة في البنوك بفوائد ربوية، أو تقوم بتمويل مشروعاتها عن طريق أخذ قروض ربوية من البنوك أو من الناس تحت مسمى "السندات".
فهذا النوع من الشركات يسمى بـ "الشركات المختلطة" وقد اختلف العلماء المعاصرون في حكمه، والراجح هو تحريم المساهمة أو المضاربة أو الترويج لها.
لأن المساهم شريك في الشركة بمقدار سهمه، فكل ما تتعامل به الشركة من ربا أو غيره من المعاملات المحرمة هو شريك فيه.
وأما تحريم الترويج لها، فلما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، والمساعدة على انتشار الحرام، وإيقاع الناس فيه، وقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
وقد اختار هذا القول جمهور العلماء المعاصرين، منهم علماء اللجنة الدائمة للإفتاء في بلاد الحرمين الشريفين، وصدر بذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/299) :
"الأصل إباحة المساهمة في أي شركة إذا كانت لا تتعامل بمحرم من ربا وغيره، أما إذا كانت تتعامل بمحرم كالربا فإنها لا تجوز المساهمة فيها.
وعليه؛ فإن كان شيء من المساهمات المذكورة في شركة تتعامل بالربا أو غيره من المحرمات فيجب سحبها منها، والتخلص من الربح بدفعه للفقراء والمساكين" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الرزاق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ بكر أبو زيد.
وجاء فيها أيضاً (14/299، 300) :
"أولاً: كل شركة ثبت أنها تتعامل بالربا، أخذاً أو إعطاءً، تحرم المساهمة فيها، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
ثانياً: من سبق أن ساهم في شركة تعمل بالربا فعليه أن يبيع سهامه بها، وينفق الفائدة الربوية في أوجه البر والمشاريع الخيرية" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الرزاق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ عبد الله بن قعود.
وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورة مؤتمره السابع بجدة من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992 م، قرار بشأن الأسهم، جاء فيه:
"أ- بما أن الأصل في المعاملات الحل فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز.
ب - لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها.
ج - الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة" انتهى من مجلة المجمع (عدد 6، ج2 ص 1273 والعدد السابع ج 1 ص 73 والعدد التاسع ج2 ص5) .
كما صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلام في دورته الرابعة عشرة سنة 1415 هـ الموافق 1995 قرار بهذا الخصوص، ونصه:
"1- بما أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة فإن تأسيس شركة مساهمة أغراضها وأنشطتها مباحة أمر جائز شرعا.
2- لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها.
3- لا يجوز للمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها.
4- إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها.
والتحريم في ذلك واضح لعموم الأدلة من الكتاب ولسنة في تحريم الربا؛ ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءا شائعا من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة، أو تقترضه بفائدة فللمساهم نصيب منه، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه وبتوكيل منه، والتوكيل بعمل محرم لا يجوز.
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين" انتهى.
وسئل الدكتور محمد بن سعود العصيمي حفظه الله: عن حكم المضاربة في الأسهم المختلطة؟
فأجاب: " لا يجوز عند جماهير العلماء إلا الأسهم النقية، سواء المضاربة والاستثمار " انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=1201
وأما القول بتحريم أسهم جميع الشركات، فقول غير صحيح، لوجود بعض الشركات من النوع الأول، وهي التي تنضبط بالأحكام الشرعية في تعاملاتها، ولكن ... لعل من قال بذلك حمله على هذا القول أن الشركات من النوع الأول قليلة جداً، وأكثر الشركات هي من النوعين الثاني والثالث.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5518)
حكم الاكتتاب في شركة بترورابغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في شركة بترورابغ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نشاط هذه الشركة في تكرير النفط والصناعات البتروكيماوية، وهو نشاط مباح، غير أن هذه الشركة قد اقترضت قروضاً ربوية، وتضع أموالاً في البنوك الربوية.
وعلى هذا، تصنف هذه الشركة ضمن "الشركات المختلطة" التي يكون أصل عملها مباحاً، ولكنها تتعامل معاملات محرمة، كالربا وغيره، وأكثر العلماء المعاصرين على تحريم المساهمة في هذا النوع من الشركات، وبهذا أفتى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، وصدر بذلك قرار من "مجمع الفقه الإسلامي" التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، و"مجمع الفقه الإسلامي " التابع لرابطة العالم الإسلامي.
وانظر جواب السؤال رقم (112445) .
وقد سئل الشيخ الدكتور محمد بن سعود العصيمي عن المساهمة في هذه الشركة "بترورابغ"؟
فأجاب:
"اطلعت على القوائم المالية للشركة قبل صدور نشرة الإصدار وبعدها، ولا شك في أهمية نشاط الشركة للبلد ولاقتصاده، ولكنها للأسف قد اقترضت قروضا ضخمة بالفائدة الربوية، ووضعت جزءا كبيرا من مواردها في بنوك ربوية وحسابات ربوية، وعليه فلا أرى جواز الاكتتاب بها.
وإني أدعو الله سبحانه وتعالى أن ييسر للقائمين عليها طريقة شرعية لتحويل تلك التعاملات المحرمة إلى معاملات شرعية، خاصة وقد ظهر جلياً من خلال الاتصال ببعض مسئولي الشركة حرص عدد منهم على ذلك.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=19854
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5519)
أراد الخروج من صندوق التوفير واشترط عليه ترك شيء من المال
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عندي مبلغ وضعته في صندوق توفير البريد ظل فترة ثم علمت أن ما ينتج من أرباح لهذا المال ما هو إلا ربا فذهبت لأسحب المبلغ وأنهي الدفتر فأخبرتني موظفة البريد أني لا أستطيع أن ألغيه نهائيا وأني لابد أن أترك مبلغ 10.00 جنيه على الأقل فيه مع العلم أن مبلغ الفائدة المحققة 20.00 جنيها فقمت بسحب المبلغ وأخرجت 10.00 جنيه منه ووضعتها بأحد المساجد واعتبرت أن المبلغ المتبقي في الصندوق (10.00جنيه) مكمل لمبلغ الفائدة فهل ما فعلت صحيح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
صندوق التوفير الذي يعطي نسبة محددة على المال الموضوع لا يجوز الاشتراك فيه لأن هذا هو الربا الذي حرمه الله ورسوله، ولا يختلف هذا عن البنوك الربوية إلا في الاسم فقط، وقد أحسنت بخروجك منه.
ومعلوم أن من تاب من الربا فليس له إلا رأس ماله فقط؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) البقرة/279.
فيجب على من أخذ الفائدة الربوية أن يتخلص منها، بإنفاقها في وجوه البر، وقد فعلت ذلك بنصف الفائدة حيث دفعته لأحد المساجد، وأما النصف الباقي الذي أعطيته للصندوق، فالذي يظهر أن هذا جائز أيضا، لأن هذا المال في الحقيقة ملك للصندوق لأنه أخذته بالربا، والربا لا يكون سبباً صحيحاً لتملك الفائدة، فليس لك أن تأخذ إلا رأس مالك فقط.
ثانيا:
إذا كان الأمر كما ذكرت، من اشتراط الصندوق بقاء شيء من المال لديه، فلا حرج عليك في ترك مبلغ من المال في الصندوق، لأنك مكره على ذلك، ولست مختاراً، ولكن يجب عليك أن تعلم أنه لا حق لك في هذا الصندوق، لأن المبلغ الذي تركته فيه هو من أموال الربا وليس ملكا لك.
فلا يجوز لك مطالبة الصندوق بأي مبلغ بعد اليوم، بل تعتبر نفسك قد أنهيت معاملتك معه إلى الأبد.
نسأل الله أن يخلف عليك خيرا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5520)
جواز الاكتتاب في شركة دار الأركان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في شركة دار الأركان للتطوير العقاري؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شركة دار الأركان للتطوير العقاري تقوم بشراء الأراضي وتطويرها والبناء عليها، ثم تبيع هذه العقارات.
وقد صدر قرار من الهيئة الشرعية لمركز الأوائل للاستشارات الاقتصادية بجواز الاكتتاب فيها، وهذا نص القرار:
"الموضوع: حكم الاكتتاب في أسهم شركة دار الأركان
قرار الهيئة الشرعية رقم (16)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الهيئة الشرعية لمركز الأوائل للاستشارات الاقتصادية في اجتماعها السابع، المنعقد يوم الاثنين 09/11/1428هـ الموافق 19/11/2007م، في مقر المركز بمدينة الرياض قد اطلعت على مذكرة العرض المقدمة من أمين الهيئة الشرعية المبنية على "تقرير مراجعة" الذي قامت بإعداده لجنة المراجعة والتدقيق الشرعي في المركز بخصوص النظر في مدى تطابق عمليات شركة دار الأركان للتطوير العقاري وأنشطتها للضوابط الشرعية تمهيدا لطرحها للاكتتاب العام، وشمل التقرير المشار إليه أعلاه المستندات التالية:
1- نشرة الإصدار.
2- النظام الأساسي للشركة.
3- عقد تأسيس الشركة.
4- عقود التمويل واتفاقيات التسهيلات البنكية مع بعض البنوك التجارية السعودية.
5- نشرة إصدار الصكوك 1، و2.
6- نماذج من عقود بيع الوحدات السكنية، واتفاقية تطوير منطقة إسكانية.
7- نماذج عقود مقاولات.
8- القوائم المالية للشركة عن الفترة المنتهية في 31 يونيو 2007م.
وبعد التأمل والنظر في مذكرة العرض والتقرير المشار إليهما أعلاه وبعد المداولة والمناقشة رأت الهيئة جواز الاكتتاب في أسهم شركة دار الأركان المطروحة للاكتتاب العام؛ لأن نشاط الشركة في الاستثمار والتطوير العقاري، وهو نشاط مباح، وأعمال الشركة في الجملة موافقة للضوابط الشرعية، أما إصدارات الصكوك المشار إليها في رقم خمسة أعلاه فتتحفظ الهيئة على هيكلتها وبعض بنودها إلا أن هذا التحفظ لا يمنع من جواز الاكتتاب في أسهم شركة دار الأركان المطروحة للاكتتاب العام لأن هذه الصكوك مجازة من الهيئة الشرعية لبنك ينيوكورن الاستثماري في دولة البحرين.
ونوصي الشركة بمواصلة الالتزام في جميع أعمالها بالضوابط الشرعية، وتحسين هيكلتها للصكوك في الإصدارات القادمة لتكون أكثر توافقا مع الضوابط الشرعية.
وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم" انتهى.
الهيئة الشرعية:
عبد الله بن سليمان بن منيع (رئيساً) أ. د. عبد الله بن محمد المطلق (نائباً)
أ. د. عبد الله بن موسى العمار (عضواً) د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان (عضواً)
د. يوسف بن عبد الله الشبيلي (عضواً) د. محمد بن سعود العصيمي (عضواً وأميناً)
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=18892
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5521)
حكم الاكتتاب في شركة الشرق الأوسط للكابلات المتخصصة (مسك)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في شركة الشرق الأوسط للكابلات المتخصصة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نشاط شركة الشرق الأوسط للكابلات المتخصصة مباح في الأصل وهو إنتاج الكابلات الصناعية، وكابلات التحكم، وكابلات أنظمة الحريق، والكابلات المقاومة للحريق، وكابلات نقل المعلومات، وكابلات التقنية العالية والتي تستخدم في مشاريع البترول والغاز والبتروكيماويات ومحطات الكهرباء والتحلية وغيرها من المشاريع الصناعية.
غير أن القوائم المالية لهذه الشركة تبين أنها تتعامل بالقروض الربوية، مما يجعلها تندرج تحت ما يسمى بـ "الشركات المختلطة" وهي الشركات التي أصل نشاطها مباح غير أنها تتعامل ببعض المعاملات المحرمة.
وقد ذهب أكثر العلماء المعاصرين إلى تحريم المساهمة في هذه الشركات.
وبهذا أفتى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء في بلاد الحرمين الشريفين، وصدر بذلك قرار المجمع الفقهي.
وقد سئل الشيخ الدكتور محمد بن سعود العصيمي عن المساهمة في هذه الشركة "مسك"، فقال:
"فقد اطلعت على نشرة الاكتتاب، وعلى القوائم المالية للشركة المنشورة في نشرة الاكتتاب، وقد تبين جليا أن الشركة تتعامل بالقروض الربوية مع وجود قليل من التمويلات بالمرابحات الإسلامية. وحيث إن الشركة قد اقترضت قروضا ربوية وعندها سحب على المكشوف بطريقة ربوية، فلا أرى جواز الاكتتاب بها. وإن مما سرني ما سمعت من توجه في الشركة إلى التمويل الإسلامي، وأدعو الله أن يعينهم على هذه التوجه، وأنصحهم بالبعد عن التمول من البنوك الربوية حتى بالطريقة المسماة بالمرابحة، فالشواهد كثيرة على أن التطبيق في البنوك الربوية مخالف للفتاوى المنشورة. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، ورزقنا الحلال وجنبنا الحرام بمنه وكرمه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=18504
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5522)
هل يجوز استثمار أموال الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يتجمع لدى الجمعيات الخيرية أموال الزكاة، وتكون كثيرة جداً، لاسيما في شهر رمضان، فهل يجوز للجمعية أن تقوم باستثمار هذه الأموال، وتكون أرباحها للفقراء والمساكين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب صرف الزكاة إلى أهلها المذكورين في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
فالزكاة حق لهؤلاء الأصناف في مال الأغنياء، فما دام أحد من هذه الأصناف موجوداً، فالواجب أن يدفع حقه إليه، واستثمار أموال الزكاة يؤدي إلى تأخير دفع الزكاة إلى أهلها، أو منع دفعها بالكلية، إذا حصلت خسارة للمشروع وذهب رأس المال.
ولهذا أفتى العلماء المعاصرون بأنه لا يجوز استثمار أموال الزكاة.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم استثمار بعض الجمعيات الخيرية لأموال الزكاة.
فأجاب: " وأما استثمارها في شراء العقارات وشبهها فلا أرى ذلك جائزاً؛ لأن الواجب دفع حاجة الفقير المستحق الآن , وأما الفقراء في المستقبل فأمرهم إلى الله " انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (1/67) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: عن جمعية خيرية تريد استثمار أموالها.
فأجابوا: " إذا كان المال المذكور في السؤال من الزكاة: فالواجب صرفه في مصارفه الشرعية من حين يصل إلى الجمعية، وأما إن كان من غير الزكاة: فلا مانع من التجارة فيه لمصلحة الجمعية؛ لما في ذلك من زيادة النفع لأهداف الجمعية وللمساهمين فيها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/403، 404) .
وسئلوا – أيضاً -:
هل يمكن للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية استثمار أموال الزكاة التي قد تودع في المصارف حتى يتم إنفاقها، والتي لن يؤثر استثمارها على ترتيب وتنفيذ إنفاقها في مصارف الزكاة المحددة شرعا، على أن يكون استثمارها في مجالات سائلة، حيث يمكن الحصول عليها عند الحاجة إليها وفي مجالات استثمار مدروسة وموثوقة، ولا نقول مضمونة حتى لا تشوبها حرمة أو شبهة، على أن الهيئة ليست شخصاً بذاته أو أشخاصاً يمثلون أنفسهم، وإنما هي شخصية اعتبارية قائمة بذاتها، والأشخاص فيها يبذلون جهدهم ويجتهدون رأيهم لما فيه خير الإسلام والمسلمين؟
فأجابوا:
" لا يجوز لوكيل الجمعية استثمار أموال الزكاة، وإن الواجب صرفها في مصارفها الشرعية المنصوص عليها بعد التثبت في صرفها في المستحقين لها؛ لأن المقصود منها سد حاجة الفقراء وقضاء دين الغرماء؛ ولأن الاستثمار قد يفوت هذه المصالح أو يؤخرها كثيراً عن المستحقين " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/454، 455) .
والذين أجازوا استثمار أموال الزكاة اشترطوا: أن يكون ذلك بعد سد حاجة أهل الزكاة الماسة.
فقد جاء في قرارات المجمع الفقهي:
" يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها، على أن تكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسارة " انتهى.
"مجلة المجمع الفقهي".
وهذا الشرط يصعب جداً – بل يتعذر – القول بوجوده، فإن أعداد الفقراء والمساكين والمجاهدين في سبيل الله وأبناء السبيل والمدينين والمؤلفة قلوبهم تقدر بالملايين، فيجب دفع الزكاة إلى هؤلاء ولا يجوز تأخيرها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5523)
حكم الاكتتاب في شركة كيمانول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في شركة كيمانول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شركة كيمانول تعمل في إنتاج وتسويق الفورمالدهيد ومشتقاته ومحسنات الخرسانة، وهو عمل مباح في الأصل، غير أن لها بعض المعاملات الربوية، مما يجعل هذه الشركة تصنف ضمن الشركات المختلطة، وهي التي يكون أصل نشاطها مباحاً، غير أنها تقوم ببعض المعاملات المحرمة، وأكثر العلماء المعاصرين يفتون بتحريم المساهمة في هذا النوع من الشركات، وأن المساهم سيكون شريكاً في الإثم الحاصل بتلك المعاملات المحرمة.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (112445) .
وقد سئل فضيلة الشيخ الدكتور محمد العصيمي: ما حكم الاكتتاب في شركة كيمانول؟
فأجاب:
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن نشاط هذه الشركة في الصناعات الكيميائية، وهو نشاط مباح. ومن خلال قراءة نشرة الإصدار للشركة تبين أن لديها تسهيلات بنكية مشتملة على قروض محرمة. وقد وقعت الشركة اتفاقية مرابحة أساسية في مطلع عام 2008م.
وحيث إن القوائم المالية للشركة تحتوي على قروض وتسهيلات بنكية فلا أرى جواز الاكتتاب بها.
وإني أوصي هذه الشركة وغيرها من الشركات بتقوى الله عز وجل، والخوف من أليم سخطه، فإن الدنيا فانية، وإن كل مسؤول في الشركة عن القروض والتسهيلات الربوية سيقف أمام ربه وسائله عن كل ذلك، وسيكون عليه إثم من ساهم في الشركة. وقد من الله علينا بكثرة طرق التمويلات الإسلامية المتاحة من البنوك التجارية في السعودية، فلا عذر لأحد" انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=25389
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5524)
حكم الاستثمار في مقاهي الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاستثمار والتجارة في مقاهي الإنترنت؟ مع أنني لا أدري هل المستخدم سيدخل على مواقع مفيدة أو مواقع ضارة محرمة؟ وهناك برامج المحادثات التي تتم والتعارف فيها، وكثيراً ما تكون بين الجنسين، وقد يتم تبادل الصور الإباحية والأفلام والأغاني من خلالها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إذا كانت هذه الأجهزة يتم لمستخدمها التوصل إلى أمور منكرة باطلة، تضر بالعقيدة الإسلامية، أو يتم من خلالها الاطلاع على الصور الفاتنة، والأفلام الماجنة، والأخبار الساقطة، أو حصول المحادثات المريبة، أو الألعاب المحرمة، ولا يمكن لصاحب المحل أن يمنع هذه المنكرات، ولا أن يضبط تلك الأجهزة – فإنه والحال ما ذكر يحرم الاتجار بها؛ لأن ذلك من الإعانة على الإثم والمحرمات، والله جل وعلا قال في كتابه العزيز: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/284) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5525)
حكم الأسهم في شركه تأمين سيارات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأسهم في شركه تامين سيارات وهل الأرباح التي أخدها حلال أم حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جميع صور التأمين التجاري المتعامل به الآن حرام لاشتماله على الربا والغرر.
راجع الأسئلة رقم (8889) ، (10805) .
وسئل الشيخ ابن جبرين عن حكم التأمين على السيارات.
فأجاب:
التأمين في نظري نوع من الغرر حيث إن الشركة قد تأخذ من بعض المُؤَمّنين أموالاً كل سنة ولا تعمل معهم شيئاً، ولا يحتاجون إليها في إصلاح ولا غيره، وقد تأخذ من البعض الآخر مالاً قليلاً وتخسر عليه الشيء الكثير. وهناك قسم من أهل السيارات قليل إيمانهم وخوفهم من الله تعالى فمتى أمّن أحدهم على سياراته فإنه لا يبالي بما حصل فيتعرض للأخطار ويتهور في سيره فيسبب حوادث ويقتل أنفساً مؤمنة، ويتلف أموالاً محترمة ولا يهمه ذلك حيث عرف أن الشركة سوف تتحمل عنه ما ينتج من آثار ذلك، فأنا أقول: إن هذا التأمين لا يجوز بحال لهذه الأسباب وغيرها سواء على السيارات أو الأنفس أو الأموال أو غيرها اهـ "فتاوى إسلامية" (3/5) .
وإذا كان هذا هو حكم التأمين فالمساهمة في شركاته حرام.
ولذلك قال علماء اللجنة الدائمة:
لا يجوز للإنسان أن يساهم في شركات التأمين التجاري؛ لأنَّ عقود التأمين المشتملة على الغرر والجهالة والربا محرَّمة في الشريعة الإسلامية اهـ.
"فتاوى إسلامية" (2 / 43) .
وعلى هذا فالأرباح المأخوذة من أسهم شركات التأمين حرام. وعلى المسلم الذي ابتلي وأخذ شيئاً من هذه الأرباح أن يتخلص منها، وينفقها في وجوه الخير.
والواجب على المسلم أن يتحرى الكسب الطيب الحلال، فإن كل جسم نبت من حرام فالنار أولى به.
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5526)
شراء كروت الجوال وتوكيل من يبيعها مقابل نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بعض الأشخاص بشراء كمية من كروت الهاتف الجوال بسعر أرخص من الوكيل المعتمد عن طريق أن يجمع بعض الناس أموالا ثم يبيتونها عند فرد أو شركة أو بنك لمدة أسبوع، ثم تأتي الكروت من خارج البلاد، وحسب الاتفاق: إما أن آخذ كروتي وأبيعها بنفسي والربح كله لي، أو يبيع الشخص جامع المال هو الكروت نيابة عن صاحب المال نظير نسبة من الربح للتبييت والإدارة، فيحصل صاحب المال على ماله مضافا إليه جزء من الربح، ثم في اليوم التالي يأخذ المال في دورة جديدة وهكذا. أو صورة أخرى: وهى مدة شهر مقسم على ثلاثة أقسام، كل قسم عشرة أيام، القسم الأول والثاني يشترى جامع المال الكروت ويبيعها هو ويعطى صاحب المال ربحا فقط، وفى نهاية الشهر - المدة الثالثة - يعطى الجامع صاحب المال ماله الأصلي مضافا إليه الربح، إما على صورة كروت أو مال، حسب الاتفاق المسبق، فأي هذه المعاملات حلال؟ وإذا لم تكن حلالا فما يجب عمله لتصبح حلالا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا جمعتم المال، واشتريتم الكروت، ثم تولى كل فرد بيع نصيبه بنفسه، فلا حرج في ذلك.
ثانيا:
إذا تم الاتفاق مع شخص ما، على أن يبيت المال لديه، ويأخذ الكروت ويبيعها، مقابل نسبة معلومة من الربح، كالنصف أو الربع أو 10% مثلا، فهذا جائز أيضا.
وهو من التوكيل بأجرة، وفيه شبه بالمضاربة.
قال في "كشاف القناع" (3/615) في مسائل ملحقة بالمضاربة: " وبيع متاعِه بجزءٍ مشاع من ربحه " انتهى.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم 45726.
ثالثا:
إذا تم الاتفاق مع شخص على بيع هذه الكروت مقابل نسبة من الربح، على أن يتم تقسيم الربح الحاصل كل عشرة أيام أو عشرين يوما، فلا حرج في ذلك.
وذلك لما ذكرنا من شبه هذه المسألة بالمضاربة، وفي المضاربة يجوز أن يقسم الربح قبل نهاية المدة إذا رضي الطرفان بذلك.
قال في "زاد المستقنع": " ولا يقسم – أي الربح- مع بقاء العقد إلا باتفاقهما " انتهى.
وينظر: "الشرح الممتع" (9/425) .
فيجوز أن يتفق صاحب المال والعامل على أن يُقسم الربح نهاية كل شهر أو كل عشرة أيام مثلا، فيأخذ صاحب المال نصيبه من الربح، ويأخذ العامل كذلك نصيبه.
ثم في نهاية المدة، يقسم الربح الحاصل كذلك.
ولصاحب المال أن يأخذ ربحه نقودا، وهذا هو الأصل، وله أن يأخذه في صورة كروت، إذا كان الاتفاق على ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5527)
نشر الإعلانات في المواقع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب أحد المواقع وأستقبل إعلانات وأكون كالناشر، أي أنشر الإعلانات في موقعي، وأيضا قد لاحظت أنه قد تظهر في مواقع توجد صور نساء، ومواقع أخرى إسلامية، ومواقع أخرى نظيفة من المحرمات، لكن أريد معرفة هل بإمكاني أن أكون ناشرا للإعلانات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج عليك في إنشاء موقع لنشر الإعلانات، على أن تكون هذه الإعلانات مقيدة بالضوابط الشرعية، بألا تحتوي على صور النساء، ولا على أصوات المعازف، ولا تدعو لشراء شيء من المحرمات من خمور أو لحم خنزير أو غيرها من المحرمات، ولا تروج للمعاملات البنكية الربوية، ولا إلى المواقع السياحية الفاسدة، ولا إلى الأمور المشبوهة.
وتذكر أخي الكريم أنك مؤتمن بعملك هذا على أخلاق المسلمين وأموالهم وأعراضهم، فإذا راقبت الله تعالى في إعلانك فقد حفظت الأمانة وأديتها، وإذا قصرت وأعنت على نشر الحرام وإفساد المجتمعات فقد ضَيَّعت وفَرَّطت وخنت الأمانة.
يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال/27.
وانظر جواب السؤال رقم: (93376) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5528)
حكم المتاجرة في العملات بنظام الفوركس مع دفع رسوم على التبييت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التعامل في العملات فيما يسمى الفوركس والذي يتم التداول فيه عن طريق الإنترنت؟ وما رأيكم في التبييت وكذلك تأخر التسليم (المقاصة) من يوم إلى يومين بعد إنهاء العقد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز الاتجار في العملات إذا تحقق القبض، وسلمت المعاملة من الشروط الربوية، كاشتراط رسوم التبييت، وهي الفائدة المشروطة على المستثمر إذا لم يتصرف في الصفقة في اليوم نفسه.
أما القبض فسبق الكلام عليه في جواب السؤال رقم (72210) .
وأما رسوم التبييت والمتاجرة بالهامش، فقد صدر فيها قرار من مجمع الفقه الإسلامي، وهذا نصه:
" الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الثامنة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من 10-14/3/1427هـ الذي يوافقه 8-12 إبريل 2006م، قد نظر في موضوع: (المتاجرة بالهامش، والتي تعني (دفع المشتري [العميل] جزءاً يسيراً من قيمة ما يرغب شراءه يسمّى [هامشاً] ، ويقوم الوسيط [مصرفاً أو غيره] ، بدفع الباقي على سبيل القرض، على أن تبقى العقود المشتراة لدى الوسيط، رهناً بمبلغ القرض.
وبعد الاستماع إلى البحوث التي قدمت، والمناقشات المستفيضة حول الموضوع، رأى المجلس أن هذه المعاملة تشتمل على الآتي:
1- المتاجرة (البيع والشراء بهدف الربح) ، وهذه المتاجرة تتم غالباً في العملات الرئيسية، أو الأوراق المالية (الأسهم والسندات) ، أو بعض أنواع السلع، وقد تشمل عقود الخيارات، وعقود المستقبليات، والتجارة في مؤشرات الأسواق الرئيسة.
2- القرض، وهو المبلغ الذي يقدمه الوسيط للعميل مباشرة إن كان الوسيط مصرفاً، أو بواسطة طرف آخر إن كان الوسيط ليس مصرفاً.
3- الربا، ويقع في هذه المعاملة من طريق (رسوم التبييت) ، وهي الفائدة المشروطة على المستثمر إذا لم يتصرف في الصفقة في اليوم نفسه، والتي قد تكون نسبة مئوية من القرض، أو مبلغاً مقطوعاً.
4- السمسرة، وهي المبلغ الذي يحصل عليه الوسيط نتيجة متاجرة المستثمر (العميل) عن طريقه، وهي نسبة متفق عليها من قيمة البيع أو الشراء.
5- الرهن، وهو الالتزام الذي وقعه العميل بإبقاء عقود المتاجرة لدى الوسيط رهناً بمبلغ القرض، وإعطائه الحق في بيع هذه العقود واستيفاء القرض إذا وصلت خسارة العميل إلى نسبة محددة من مبلغ الهامش، ما لم يقم العميل بزيادة الرهن بما يقابل انخفاض سعر السلعة.
ويرى المجلس أن هذه المعاملة لا تجوز شرعاً للأسباب الآتية:
أولاً: ما اشتملت عليه من الربا الصريح، المتمثل في الزيادة على مبلغ القرض، المسماة (رسوم التبييت) ، فهي من الربا المحرم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279.
ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة (السمسرة) ، وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع، المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يحل سلف وبيع ... ) الحديث رواه أبو داود (3/384) والترمذي (3/526) وقال: حديث حسن صحيح. وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم.
ثالثاً: أن المتاجرة التي تتم في هذه المعاملة في الأسواق العالمية غالباً ما تشتمل على كثير من العقود المحرمة شرعاً، ومن ذلك:
1- المتاجرة في السندات، وهي من الربا المحرم، وقد نص على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (60) في دورته السادسة.
2- المتاجرة في أسهم الشركات دون تمييز، وقد نص القرار الرابع للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة سنة 1415هـ على حرمة المتاجرة في أسهم الشركات التي غرضها الأساسي محرم، أو بعض معاملاتها ربا.
3- بيع وشراء العملات يتم غالباً دون قبض شرعي يجيز التصرف.
4- التجارة في عقود الخيار وعقود المستقبليات، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (63) في دورته السادسة، أن عقود الخيارات غير جائزة شرعاً، لأن المعقود عليه ليس مالاً ولا منفعة ولا حقاً مالياً يجوز الاعتياض عنه.. ومثلها عقود المستقبليات والعقد على المؤشر.
5- أن الوسيط في بعض الحالات يبيع ما لا يملك، وبيع ما لا يملك ممنوع شرعاً.
رابعاً: لما تشتمل عليه هذه المعاملة من أضرار اقتصادية على الأطراف المتعاملة، وخصوصاً العميل (المستثمر) ، وعلى اقتصاد المجتمع بصفة عامة. لأنها تقوم على التوسع في الديون، وعلى المجازفة، وما تشتمل عليه غالباً من خداع وتضليل وشائعات، واحتكار ونجش وتقلبات قوية وسريعة للأسعار، بهدف الثراء السريع والحصول على مدخرات الآخري بطرق غير مشروعة، مما يجعلها من قبيل أكل المال بالباطل، إضافة إلى تحويل الأموال في المجتمع من الأنشطة الاقتصادية الحقيقية المثمرة إلى هذه المجازفات غير المثمرة اقتصاديا، وقد تؤدي إلى هزات اقتصادية عنيفة تلحق بالمجتمع خسائر وأضرار فادحة.
ويوصي المجمع المؤسسات المالية باتباع طرق التمويل المشروعة التي لا تتضمن الربا أو شبهته، ولا تحدث آثاراً اقتصادية ضارة بعملائها أو بالاقتصاد العام كالمشاركات الشرعية ونحوها، والله ولي التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين " انتهى من "مجلة المجمع الفقه الإسلامي" العدد 22 ص 229
ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5529)
حكم الاكتتاب في أسهم سبكيم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف في شركة سبكيم ومن ضمن المزايا الموجودة لدينا بالشركة برنامج الموظفين الاستثماري (الأسهم) فكرة البرنامج أنه بناءً على شروط معينة يحق للموظف الدخول في هذا البرنامج والاشتراك في شراء عدد معين من الأسهم بسعر تنافسي خاص للموظفين ولكن لا يتملكون الأسهم إلا بعد ثلاثة سنين من بداية البرنامج. وفي حالة نزول قيمة الأسهم عن المشترى به بعد ثلاث سنوات، تعوض الشركة موظفها بنفس القيمة التي اشترك بها في هذا البرنامج. هل هذا جائز أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
جواز التعامل بالأسهم يتوقف على طبيعة هذه الأسهم، فإن كانت مباحة جاز التعامل بها، وإن كانت محرمة كأسهم البنوك الربوية لم يجز التعامل بها، وكذلك أسهم الشركات التي تتعامل بالربا ولو كان نشاطها في الأصل مباحا، وتسمى: "الأسهم المختلطة"، والراجح هو تحريم التعامل فيها. وينظر جواب السؤال رقم (45319) .
بناءً على ذلك: لا يجوز التعامل في أسهم (سبكيم) لأنها من الأسهم المختلطة.
فقد سئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله: عن حكم الاكتتاب في سبكيم.
فأجاب: "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد اطلعت على نشرة الاكتتاب المفصلة للشركة السعودية العالمية البتروكيماويات (سبكيم)
المنشورة في موقع هيئة السوق المالية، وتبين لي أن أغراض الشركة الحالية أغراض مباحة وهي إنتاج البتروكيماويات وتصب في خانة دعم الاقتصاد الوطني، ونشد على يد القائمين عليها في أهمية تلك الأنشطة الاقتصادية النافعة. وهي شركة قابضة لمجموعة من الشركات هي: الشركة العالمية للميثانول وشركة الخليج للصناعات الكيميائية المتقدمة المحدودة، ومجمع الاسيتيل وهو عبارة عن عدة شركات.
وبدراسة القوائم المالية للفترة المنتهية في 31ديسمبر2005م تبين أنها تحتوي على بنود محرمة هي الاستثمار في سندات التنمية الحكومية بقيمة 259.5 مليون ريال، بالإضافة إلى قروض ربوية (باستثناء قرض صندوق التنمية الصناعي) تبلغ 1118 مليون ريال، وقد حصلت الشركة على ربا من السندات الحكومية قدره 36,9 مليون ريال.
وحيث إن ذلك الواقع هو واقع الشركة فلا يجوز الاكتتاب فيها.
وفي الختام، أذكر القائمين على الشركة وفيهم من أهل الخير والصلاح بتقوى الله سبحانه وتعالى باجتناب الربا تمويلا واستثمارا، وأن يؤمنوا على ممتلكات الشركة تأمينا تعاونيا بدل التأمين التجاري، كما أتمنى على القائمين على الشركة أن يتم تمويل مجمع الاسيتيل من صندوق الاستثمارات العامة بالطريقة الإسلامية وليس قرضا تجاريا كما ذكر في النشرة. ولا يفوتني أن أشكرهم على تغيير قروض الشركة العالمية للميثانول إلى تمويل إسلامي وأشكرهم كذلك على ودائع المرابحة التي تقارب المليار ريال وينتظر المساهمون المزيد من ذلك التحول في القريب العاجل، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى من موقع الشيخ على الإنترنت.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5530)
اشترى أسهم شركة ثم علم أنها تتعامل بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت أسهماً في شركة على أنها لا تتعامل بالحرام، ثم عرفت بعد ذلك أن لها أموالاً في البنوك الربوية. فماذا أفعل في هذه الأسهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يلزمك بيعها والتخلص منها، ولا حرج عليك في ذلك، لأنك لم تكن تعلم أنها محرمة.
وقد سئل الشيخ الدكتور محمد بن سعود العصيمي عن ذلك فأجاب:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
فمن تعامل في شركة جائزة ثم تحولت إلى شركة غير جائزة، أو اشتراها ولم يعلم أنها محرمة ثم علم بذلك، أو اشتراها بناء على فتوى المجيزين للشركات المختلطة ثم تبين له أنها لا تجوز فحكمه كالآتي:
يجب عليه بيع ما يملك من أسهم تلك الشركة ولا يجب عليه تطهير شيء، وإن كان بيعه يسبب خسارة فله الانتظار إلى أن يحصل رأس ماله" انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=15
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5531)
توضيح فتوى اللجنة الدائمة في تحريم بيع الأسهم إذا كانت تمثل نقوداً
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح المقصود من هذه الفتوى حيث إني فهمت أنها تحرم بيع الأسهم المملوكة في أغلب الشركات حتى النقية وهذا خلاف المشهور: السؤال اشتريت عدة أسهم من شركة الراجحي المصرفية للاستثمار، وأريد بيعها الآن، والسؤال: ما حكم شراء الأسهم من هذه الشركة؟ وما حكم بيعها؟ وهل يجوز أن أتعامل مع الشركة المذكورة بشراء أسهم أو بيعها؟ الجواب: إذا كانت الأسهم أسهما تجارية (عبارة عن نقود يباع بها ويشترى طلبا للربح) ، فلا يجوز بيعها؛ لأنه يكون بيع نقود بنقود غائبة، وغير متساوية، وذلك هو الربا بنوعيه: التفاضل والنسيئة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. (14/352) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المقصود من هذه الفتوى أن الأسهم إذا كانت تمثل نقودا فقط، فإنه لا يجوز بيعها بأزيد أو أنقص، بل لابد من التساوي والتقابض. والأسهم تكون نقودا فقط في مرحلة تأسيس الشركة قبل أن تتحول النقود إلى موجودات أو يتحول كثير منها إلى موجودات.
وأما الأسهم التي تمثل موجودات، كمصانع أو معدات، أو معادن، أو زروع، أو عقارات أو غير ذلك، فإنه يجوز بيعها وشراؤها، إذا كانت نقية، وهذا ما تجده في نفس الفتاوى، راجع الفتوى السابقة واللاحقة للفتوى التي نُقلت.
هذا؛ وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز بيع الأسهم بعد الإذن في تداولها باعتبار أن الشركة تمتلك موجودات أخرى غير النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعاً، ومن ذلك قيمة الترخيص، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة موجودات الشركة نفسها أو مطلوباتها، وإنما ترجع إلى عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام والحقوق المعنوية وغير ذلك.
وانظر جواب السؤال رقم (82146) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5532)
أخذ مالا ليضارب فيه فهل يصح أن يكتب على نفسه شيكا بالمبلغ؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أعطى لآخر مبلغا من المال ليضارب له به في الأسهم نظير نسبة محددة. فكتب الآخذ للمعطي شيكا بقيمة المبلغ وترك التاريخ مفتوحا، ليكون المعطي مطمئنا على ماله فما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أعطى الإنسان ماله لغيره ليضارب له في تجارة مباحة، من أسهم أو غيرها، فإنه لا يجوز أن يشترط عليه ضمان المال، بل المضارب أمين، فلا يضمن إلا إذا تعدى أو قَصَّر أو خالف شرط صاحب المال.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/22) : " الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله , فإن كان مالهما متساويا في القدر , فالخسران بينهما نصفين , وإن كان أثلاثا , فالوضيعة أثلاثا. لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم. وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي وغيرهما ...
والوضيعة (الخسارة) في المضاربة على المال خاصة , ليس على العامل منها شيء ; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال , وهو مختص بملك ربه , لا شيء للعامل فيه , فيكون نقصه من ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء " انتهى.
وقال أيضا: " متى شرط على المضارب ضمان المال , أو سهماً من الوضيعة , فالشرط باطل. لا نعلم فيه خلافا. نص عليه أحمد. وهو قول أبي حنيفة , ومالك" انتهى من "المغني" (5/40) .
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة 1408هـ، الموافق 1988م بشأن سندات المقارضة:
"لا يجوز أن تشتمل نشرة الإصدار أو صكوك المقارضة على نص بضمان عامل المضاربة رأس المال أو ضمان ربح مقطوع أو منسوب إلى رأس المال، فإن وقع النص على ذلك صراحة أو ضِمنا بطل شرط الضمان واستحق المضارب ربح مضاربة المثل " انتهى من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (4/3/2159) .
وعلى هذا، فالذي ينبغي أن يكتب بينكما عقد مضاربة، يذكر فيه رأس المال، وكيفية توزيع الأرباح، ومجال التجارة، ومدة العقد ... ونحو ذلك مما يقطع النزاع، ويحفظ لكل واحد من المتعاقدين حقه، ويشهد على ذلك شاهدان.
ولكن.. إذا نظرنا إلى الواقع، فنظراً لفساد ذمم كثير من الناس، وقلة أمانتهم، وتكرار قضايا الاحتيال، وأكل الأموال بالباطل، فإن أصحاب الأموال يلجأون إلى كتابة "شيك" أو "وصل أمانة" ليضمن حقه، حتى لا يتلاعب به شريكه ويأكل عليه أمواله، فإذا ذهب إلى المحكمة ومعه عقد الشركة فإن القضية قد تبقى في المحكمة سنوات حتى يأخذ حقه، أما قضايا "الشيك " أو "وصل الأمانة" فهي أسرع، وأَضمن لحقه، وهذا التصرف لا بأس به، لكن لا يجوز لصاحب المال أن يطالب بماله إلا في الأحوال التي حصل يثبت فيها تقصير العامل أو تسببه في تضييع المال.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5533)
حكم الاكتتاب في الشركة المتحدة الدولية للمواصلات (بدجت السعودية)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في الشركة المتحدة الدولية للمواصلات (بدجت السعودية) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نشاط هذه الشركة نشاط مباح وهو تأجير السيارات، وبيع السيارات المستعملة، غير أن لها تعاملات ربوية، وتتعامل بالتأمين التجاري ـ وهو محرم ـ مما يجعل هذه الشركة من الشركات المختلطة، وأكثر العلماء المعاصرين على تحريم المساهمة في الشركات المختلطة، وهو ما اختاره علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، وصدر به قرار المجمع الفقهي.
وعلى هذا، فلا يجوز الاكتتاب في هذه الشركة.
وقد سئل الشيخ الدكتور محمد العصيمي عن الاكتتاب في هذه الشركة (بدجت السعودية) فأجاب:
"فقد اطلعت على نشرة الاكتتاب الصادرة من الشركة المتحدة الدولية للمواصلات، المطروحة للاكتتاب العام، وحيث إن نشاط الشركة نشاط مباح وهو تأجير السيارات تأجيرا قصيرا وطويل الأجل، وبيع السيارات المستخدمة، وبعض الخدمات ذات العلاقة، إلا أن النشرة قد نصت على أن للشركة مطلوبات على البنوك تبلغ مائة وثمانية عشر مليونا منها قرض لأجل بأكثر من خمسة وثلاثين مليونا وذلك بضمان عوائد التأمين على السيارات المملوكة للشركة، وهو في العرف البنكي قرض ربوي، والباقي قرض تمويل تأجيري لم يفصح عن طبيعته. وكذلك لدى الشركة نقد لدى البنوك بقيمة تزيد على عشرين مليون ريال لم يفصح عن طبيعته، ومن البعيد أن يكون حسابا جاريا بدون فائدة ربوية، كذلك فمن ضمن مصادر الدخل الأخرى (ص28) مبلغ يزيد على أربعة عشر مليونا سمته الشركة دخل التعويض والاسترداد يفرض على العميل المستأجر للسيارات وما هو إلا تأمين تجاري بحت، ثم هناك تسهيلات قصيرة ومتوسطة الأجل بلغت رسومها أكثر من ثمانية ملايين ريال. ومع كل هذا فقد نصت نشرة الاكتتاب على أن "جميع عمليات تمويل السيارات تتم وفق أحكام الشريعة الإسلامية، كما تسعى الشركة مستقبليا للحفاظ على هذه التوجه" ص 28، ثم خففت النشرة من قوة العبارة السابقة في مكان آخر وقالت: "وتهدف الشركة إلى جعل جميع التسهيلات الائتمانية التي تحصل عليها والمتعلقة بالسيارات متوافقة مع الشريعة الإسلامية" ص 32. وحيث إن ما نص عليه من الالتزام بالضوابط الشرعية في تمويل السيارات طيب ومشروع وتشكر عليه الشركة، إلا أنه غير كافٍ في جعلها من الشركات المباحة، حيث يجب أن تلتزم بالضوابط الشرعية في القروض كلها، وفي الاستثمارات كلها، وهو أمر لم تنص عليه النشرة، بل الحقائق التي ذكرت أعلاه تدل على خلافه، وعليه فلا أرى جواز الاكتتاب بها.
وإني أوصي القائمين على هذه الشركة بتقوى الله عز وجل، والحرص على رضاه والتقرب إليه في كل الأمور خاصة في أمور التمويل والاستثمار. وقد وجد من التمويلات الإسلامية ما يفي بكل احتياجاتها التمويلية، خاصة أنها تقوم بنشاط يسهل على البنوك التجارية الإسلامية تغطيته بعقود شرعية، بل وأن تضع لمديوينته صكوكا إسلامية متداولة قائمة على التأجير التشغيلي الحقيقي وليس الصوري. وأرجو أن يكون ذلك بديلا لما ذكرته الشركة في ملخص النظام الأساسي من إصدار السندات والأسهم الممتازة. كما أوصيهم بالتأمين التعاوني الحقيقي والالتزام به، لا كما أشارت نشرة الاكتتاب في ص 43. وإن مما يعين الشركة على مثل ذلك التوجه الشرعي تعيين مستشار شرعي لها، خاصة أنها نصت في النشرة على سعيها للحفاظ على التوجه الإسلامي في التمويل.
وإن الشركات المساهمة مشكورة تحتاط في أمور كثيرة من المخاطر (مثل المخاطر الائتمانية والسوقية والتسويقية ومخاطر تقلبات العملة وأسعار الفائدة وغيرها) ، وهذه أمور يحمدون عليها وتدل على الحرص على تسيير أمور الشركات على الوجه اللائق من الناحية الفنية والاقتصادية. إلا أني أذكرهم ونفسي المقصرة أن حق الله أولى، وأننا يجب أن نوقر الله سبحانه وتعالى وأن نحسب حساب المخاطرة في عصيانة أشد من حسباننا للمخاطرات السابقة. فالله سبحانه يمهل ولا يهمل، وهو عز وجل يغار على محارمه أن تنتهك، ولا طاقة لأحد بعقابه في الدنيا ولا في الآخرة. وإن المثلات أمامنا في كل مكان وعلى كل مستوى. فالحذر الحذر، فإن الله بالمرصاد. (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا) .
وفق الله الجميع لكل خير، وعصمنا وإياهم من الزلل، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى من موقع الشيخ على الإنترنت.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5534)
حكم الاكتتاب في شركة جبل عمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في شركة جبل عمر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شركة جبل عمر نشاطها: تطوير بعض الأراضي المحيطة بالمسجد الحرام، بمكة، وهو نشاط مباح، لا حرج فيه، ولا يوجد في قوائم الشركة المالية المنشورة في نشرة الاكتتاب قروض أو استثمارات محرمة، فلا حرج من الاكتتاب فيها.
وقد سئل الشيخ الدكتور محمد بن سعود العصيمي عن حكم الاكتتاب في هذه الشركة، فأجاب:
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد كثر السؤال عن حكم الاكتتاب في (شركة جبل عمر للتطوير) ، وحيث إن نشاط الشركة نشاط مباح، وهو تطوير بعض الأراضي المحيطة بالحرم المكي الشريف، ولم يظهر في القوائم المالية المنشورة في نشرة الاكتتاب المطولة قروض ولا استثمارات محرمة، فأرى جواز الاكتتاب بها.
وإني أسأل الله للقائمين على هذه الشركة المباركة التوفيق والسداد، وأن يستمروا على نهجهم القويم في التمويل والاستثمار الإسلامي، ويكونوا عند مستوى تطلعات المستثمرين خاصة أن اللجنة التأسيسية تتكون من رجالات عرفوا بحرصهم على التعاملات المالية الإسلامية. وإني أذكر كل مساهم أن الربا حرام في كل وقت وفي كل مكان، وهو أشد حرمة في مكة وعند بيت الله الحرام. وأذكرهم أن المشركين قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لم يروا أن يجعلوا في تمويل بناء الكعبة إلا مالاً طيباً، فلم يدخلوا مهر بغي ولا بيعاً ربوياً ولا مظلمة أحد من الناس. والمسلمون أولى بذلك التقدير والاحترام لدين لله سبحانه وتعالى وللمشاعر المقدسة، (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) .
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى.
وبمثل ذلك أفتى الشيخ الدكتور يوسف بن عبد الله الشبيلي، عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5535)
المشاركة في مسابقة ثقافية بمبلغ مالي مقابل جائزة مرتقبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بعمل مسابقة ثقافية نصف شهرية بالكيفية التالية: 1- يدفع كل متسابق قيمة اشتراك 100 ريال، ويحق له الاشتراك في المسابقة مدى الحياة، وله سحب هذا المئة في أي وقت. 2- أقوم بتشغيل الأموال التي جمعتها من الاشتراكات في مشاريع ناجحة ومضمونة وأوزع منها الأرباح على الفائزين، ولا أعطي الأرباح من الاشتراكات. 3- أعطي جائزة خمسة آلاف ريال لكل واحد من الفائزين، وهم ثلاثة من كل ألف]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المسابقة لا يجوز إنشاؤها ولا الاشتراك فيها، وذلك لقيامها على الربا، لأن المال المدفوع لك يعتبر قرضا، لا وديعة؛ إذ الوديعة تحفظ كما هي، ولا يتصرف في عينها، وأما القرض فهو أخذ المال ورد بدله، وإذا ترتب على القرض منفعة مشروطة للمقرض كان ذلك ربا، والمنفعة هنا هي الحصول على الجائزة، ولولا ذلك ما دفع الناس أموالهم.
واعلم أن معاملتك هذه هي عين ما يسمى في بعض البلدان بشهادات الاستثمار فئة (ج) مع فارق واحد وهو هذه المسابقة الثقافية، لكنه فارق غير مؤثر، لأن المدار على دفع المال بهدف الحصول على الجائزة المرجوة.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: عندنا في مصر ما يسمى بشهادات الاستثمار التي تباع في البنوك, وتسمى الفئة (ج) وهي بدون فوائد , أي: لو اشتريت شهادة, ثم أردت أن أردها ولو بعد عشر سنوات أو أكثر أو أقل, فهي ترد بنفس السعر الذي اشتريت فيه. وبعد ذلك يقوم الكمبيوتر بسحب رقم من أرقم الشهادات المباعة في الجمهورية, ويكون هذا هو الفائز الأول, ويوجد فائز ثان, وثالث إلى أكثر من (400) فائز, ويحصل الفائز الأول على عشرين ألف جنيه قيمة الفائزية. فأريد أن أعرف أنه لو اشتريت من هذه الشهادات ثم كنت من أحد الفائزين, فهل يجوز لي أن آخذ هذا المبلغ أم لا؟ وهل أكون مرتكباً إثماً؟.
فأجابوا:
" ما ذكرته في سؤلك مما يتعلق بشهادة الاستثمار, نوع من أنواع القمار (اليانصيب) وهو محرم, بل من كبائر الذنوب, بالكتاب والسنة والإجماع " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/305) .
وقال الدكتور علي السالوس في كتابه: " معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام" ص 38: " وإذا كان البنك الربوي قد صنف الشهادات أصنافا ثلاثة، فجعل الأولى غير الثانية بقصد جذب أكبر عدد ممكن، فإنه في المجموعة الأخيرة خطا خطوة أبعد، فجاء إلى مجموع الربا، ثم قسمه إلى مبالغ مختلفة لتشمل عددا أقل بكثير جدا من عدد المقرضين، ثم لجأ إلى توزيع هذه المبالغ المسماة بالجوائز عن طريق القرعة! وبهذا ربما نجد صاحب قرض ضئيل يأخذ آلاف الجنيهات، على حين نجد صاحب الآلاف قد لا يأخذ شيئا. فالأول أخذ نصيبه من الربا ونصيب مجموعة كبيرة غيره، والثاني ذهب نصيبه لغيره، وفي كل مرة يتم التوزيع يترقبه المترقبون، يخرج هذا فرحا بما أصاب، ويحزن ذلك لما فاته، وهكذا في انتظار مرة تالية، أليس هذا هو القمار؟ فالبنك الربوي لجأ إلى المقامرة بالربا! فمن لم يُغره نصيبه من الربا في المجموعتين، فليقامر بنصيبه في المجموعة الثالثة ... ألا يمكن إذن أن تكون المجموعة (ج) أسوأ من أختيها؟ " انتهى.
وإذا كنت تريد الرزق الحلال المبارك فيه، وهذا ما نؤمّله ونرجوه، فإنه يمكن أن تتفق مع هذا العدد من الناس على استثمار أموالهم، ولهم هذه النسبة الكبيرة من الأرباح، ولك الباقي، على أن لا يُضمن رأس مالهم، بل إن حصلت الخسارة بلا تفريط منك، خسروا أموالهم وخسرت عملك، وإن حصل الربح، قُسم بينكم بحسب الاتفاق.
هذا ويشترط أن يكون استثمارك للمال في مشاريع مباحة، كما لا يخفى.
ونسأل لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5536)
يستثمر أموال غيره ويتحمل نصف الخسارة
[السُّؤَالُ]
ـ[مستثمر في أموال الغير - هل يجوز له في حال الربح أن يعطي 80% من الربح ويحتفظ بالباقي كأتعاب وفي حال الخسارة توزع 50% لكلا الطرفين؟ في حال عدم الجواز, ما هي الصيغة الشرعية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
المستثمر لأموال الآخرين، إما أن يشارك بعمله فقط، ويكون المال كله من غيره، وإما أن يشارك بماله وعمله، فالأول يسمى عامل مضاربة، وربحه يكون بحسب ما اتفق عليه مع أصحاب المال، فيجوز أن يكون 20% أو أكثر أو أقل، ويجب أن تحدد هذه النسبة في عقد المضاربة.
وأما الخسارة، فلا يتحمل منها شيئا، وتكون الخسارة كلها على صاحب رأس المال، ويخسر العامل عمله وجهده، إلا إذا حصلت الخسارة بسبب تقصير أو اعتداء من العامل، فإنه يتحملها حينئذ.
وإذا اشتُرط في المضاربة أن الخسارة أو جزءا منها – ك 50% - يتحملها العامل، فالشرط باطل، والعقد مختلف فيه، هل يصح أو يفسد.
ثانيا:
وأما إن كنت مشاركا بمالك وعملك، فإن الربح يكون حسب الاتفاق، كما سبق.
وأما الخسارة فتكون بنسبة رأس المال، فإذا كان لك عشر المال مثلا، فإنك تحمل عشر الخسارة، وإذا كان لك نصف المال، فإنك تتحمل نصف الخسارة وهكذا.
ومن كلام أهل العلم في كون العامل في المضاربة لا يتحمل الخسارة في المال، وأن الشركاء في المال يخسرون على قدر أنصبتهم:
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/22) : " الخسران في الشركة على كل واحد منهما (يعني: الشريكين) بقدر ماله , فإن كان مالهما متساويا في القدر , فالخسران بينهما نصفين , وإن كان أثلاثا , فالوضيعة (الخسارة) أثلاثا. لا نعلم في هذا خلافا بين أهل العلم. وبه يقول أبو حنيفة , والشافعي وغيرهما ...
والوضيعة في المضاربة على المال خاصة , ليس على العامل منها شيء ; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال , وهو مختص بملك ربه , لا شيء للعامل فيه , فيكون نقصه من ماله دون غيره ; وإنما يشتركان فيما يحصل من النماء " انتهى.
وقال أيضا: " متى شرط على المضارب (العامل) ضمان المال , أو سهماً من الوضيعة (يعني: جزءً من الخسارة) , فالشرط باطل. لا نعلم فيه خلافا والعقد صحيح. نص عليه أحمد. وهو قول أبي حنيفة , ومالك.
وروي عن أحمد أن العقد يفسد به. وحكي ذلك عن الشافعي ; لأنه شرط فاسد , فأفسد المضاربة , والمذهب الأول " انتهى من "المغني" (5/40) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5537)
حكم الاكتتاب في شركة كيان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاكتتاب في أسهم شركة كيان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شركة كيان نشاطها في الصناعات البتروكيميائية وهو نشاط مباح، ويبلغ رأسمالها (15 مليار ريال) ، وليس عليها قروض في الوقت الراهن إلا أنها وقعت اتفاقية مع مجموعة من البنوك للحصول على تمويل بما يقارب (4.8 مليار دولار) لتغطية تكاليف بناء المشروع. ووفقاً لما جاء في نشرة الإصدار فإن بعض هذا التمويل سيكون بقروض بالفائدة من بنوك ربوية، والجزء الأكبر منه سيكون بمرابحات إسلامية.
والموقع يتبنى القول بتحريم المساهمة في الشركات التي تتعامل بالحرام قرضا أو إقراضا، ولو كان نشاطها العام مباحا. وانظر جواب السؤال رقم (45929)
وممن أفتى بتحريم الاكتتاب في هذه الشركة الدكتور محمد العصيمي حفظه الله حيث قال:
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن نشاط هذه الشركة في الصناعات البتروكيميائية وهو نشاط مباح وحيوي بالنسبة للاقتصاد السعودي. وقد تصفحت نشرة الاكتتاب وتبين لي أن الشركة ليس لديها في الوقت الراهن قروض ولا استثمارات محرمة، بل نصت على أن النقدية في البنوك البالغة 15 مليار في مرابحات إسلامية تدر عائدا بنسبة 4.5%. ومع تحفظي المعروف على طريقة كثير من البنوك التجارية التي تقدم منتجات إسلامية عبر نوافذ إسلامية في مرابحاتها وعدم الضبط الشرعي لها، بل وصورية كثير من عملياتها، خاصة إذا كانت المبالغ ضخمة جدا لا تستوعبها السلع المتاحة للمرابحة، ومع ذلك فإني أحيي مثل هذه الخطوة المباركة وأعتقد أنها خطوة على الطريق الصحيح. إلا أن نشرة الاكتتاب أفصحت عن عزم الشركة على الاقتراض من البنوك التجارية قروضا ربوية وإسلامية بل ونصت على أن شركة سابك حصلت على خطابات تعهد والتزام بخصوص التسهيلات الائتمانية. ومع أن النشرة نصت مشكورة على أنه "من المتوقع أن تقوم مصارف إسلامية وبنوك محلية وإقليمية وعالمية بالإضافة إلى جهات حكومية وشبه حكومية بالمساهمة في تمويل المشروع، مع التركيز على زيادة حصة المصارف الإسلامية في التمويل". والأخبار المدرجة في موقع تداول تؤكد ذلك التوجه في الاقتراض، وأن التمويل لن يكون إسلاميا خالصا.
وحيث إن نشرة الاكتتاب تمثل في وجهة نظري الإيجاب المقدم من الشركة نحو المشاركين لقبول الاكتتاب، وحيث احتوت على ما ذكر آنفا، فإني أرى أنه لا يصح لمسلم أن يدخل شريكا في مثل ذلك العقد، ولا أن يرضى به، ولا أن يوكل في مثل ذلك التصرف.
وعليه؛ فالشركة لا يجوز الاكتتاب بها.
وإني بهذه المناسبة أدعو القائمين على هذه الشركة وغيرها من الشركات إلى تجنب الاقتراض المحرم والاستثمار المحرم، فالبدائل الإسلامية – ولله الحمد- متاحة وكافية، وأذكرهم بتقوى الله عز وجل وبالأمانة التي تحملوها في أعناقهم وسيسألون عنها يوم القيامة. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين " انتهى من موقع الشيخ:
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=13561
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5538)
تعجيل الزكاة وكيف يخرج زكاته إن كان ماله في بنك إسلامي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مبلغ في بنك إسلامي، فهل يجوز إخراج الزكاة خلال العام مقدماً، كأن يكون كلما أتاني أرباح؛ لأني أخشي أنه عندما يأتي وقت الزكاة لا يكون معي مال الزكاة؟ وأيضاً هل الزكاة على رأس المال فقط أم على الأرباح أيضاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز للمسلم أن يستثمر أمواله في البنوك الربوية، ولا التي تسمى إسلامية وليس حالها كذلك، بل يجب أن يكون واقعها يتطابق مع اسمها، فإذا كان البنك إسلاميّاً لا يتعامل بالربا أخذاً ولا إعطاءً، ويستثمر أمواله ويوزع الأرباح على المستثمرين وفق الأحكام الشرعية الإسلامية، فلا حرج من استثمار المال فيه.
وانظر جواب السؤال رقم: (47651) .
ثانياً:
أما مسألة تعجيل الزكاة: فالصحيح جواز ذلك، وهو قول جمهور العلماء، والأفضل ألا يعجل زكاته، إلا إذا وجد سبب لذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وأما تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب: فيجوز عند جمهور العلماء، كأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (25 / 85، 86) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنَة، أو سنتين، إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 422) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ما حكم تعجيل الزكاة لسنوات عديدة للمنكوبين، والذين تحل بهم مصائب؟ .
فأجاب:
"تعجيل الزكاة قبل حلولها لأكثر من سنة: الصحيح: أنه جائز لمدة سنتين فقط، ولا يجوز أكثر من ذلك، ومع هذا لا ينبغي أن يعجل الزكاة قبل حلول وقتها، اللهم إلا أن تطرأ حاجة كمسغبة شديدة (مجاعة) ، أو جهاد، أو ما أشبه ذلك، فحينئذ نقول: يُعجل؛ لأنه قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل، وإلا فالأفضل ألا يزكي إلا إذا حلت الزكاة؛ لأن الإنسان قد يعتري ماله ما يعتره من تلف، أو غيره، وعلى كل حال ينبغي التنبه إلى أنه لو زاد عما هو عليه حين التعجيل: فإن هذه الزيادة يجب دفع زكاتها.
" فتاوى الشيخ العثيمين " (18/328) .
ثالثاً:
تجب الزكاة على المال كله – رأس المال وأرباحه - إذا حال الحول على رأس المال، وكان قد بلغ النصاب، والحول هو: مرور سنة هجرية.
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
لدي مال قدره خمسة عشر ألف ريال (15000 ريال) سلمته لرجل يتاجر فيه، على أن له نصف الربح، فهل على هذا المال زكاة؟ وأيهما يزكى رأس المال أم الربح أم كلاهما؟ وإذا كان على رأس المال زكاة ورأس المال قد اشترينا به بضائع عينية كسجاد وأثاث وأشباههما، فما الحكم والحالة هذه؟ .
فأجابوا:
"تجب الزكاة في المال المذكور المعد للتجارة إذا حال عليه الحول، ويزكَّى رأس المال مع الربح عند تمام الحول، وإن كان المال اشتري به عروض للتجارة: فيقدر ثمنها عند تمام الحول بما تساوي حينئذ، وتخرج الزكاة بواقع اثنين ونصف في المائة 2.5 % من مجموع المال مع الأرباح" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 356، 357) .
وقالوا – أيضاً -:
"تجب الزكاة على رأس المال والأرباح إذا حال الحول على الأصل، وحول الأرباح: حول أصلها" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 356، 357) .
وننبه الأخ السائل أنه إن كان البنك الإسلامي يخرج زكاة مال عملائه: فهذا يجزئه عن إخراجها إن كان البنك موثوقاً في تصريفها في وجهتها الشرعية، وعليه أن يزكي ما في يده وما يملكه مما ليس في البنك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5539)
التورق المصرفي واختلاف الفتوى فيه بين المجامع الفقهية وعلماء البنوك
[السُّؤَالُ]
ـ[القرض بالتورق وجدت أنه مجاز من كبار العلماء في البنوك، ولكن قرأت في موقعكم أن شروط التورق التي يطرحها البنك من البداية جعلته حراماً، وأنا في حيرة، ما فهمته من إجابات بعض الأسئلة على موقعكم أنه لا يجوز أن أوكِّل البنك في بيع السلعة التي قمت بشرائها، أو أنه لا يجوز أن أبيع السلعة للبنك نفسه، وهذا النظام هو المتبع لدى البنوك، والمجاز من كبار العلماء، فكيف أفهم الصحيح؟ لأنني قرأت الإجازة في البنك، وبناء عليه أخذت قرضاً، مضطراً لسداد ديون عليَّ، ولظروف قاسية اضطررت للاستدانة، وأنا راتبي لا يكفيني وأولادي، ومساعدة أبي وإخوتي، وكنت لا أملك شقة في مصر، اضطررت للاستدانة لسداد الدين والتوسيع على أولادي، حاولت ألا أقع في الشبهات؛ لأني سمعت أكثر من رأي في هذا الموضوع، ولما وجدته مجازاً من كبار العلماء هنا أقدمت عليه، إذا كان ما فعلتُه حراماً: كيف السبيل؟ وقد سددت الديون وعليَّ الآن أقساط القرض بالفائدة، جزاكم الله خيراً، وادعوا لي بالخلاص من هذا الهم الذي يؤرقني ليل نهار، إنني أشعر بالذنب، مع العلم أنني استخرت الله قبل الإقدام على هذا، وعرض عليَّ البنك بعد فترة منحي بطاقة ائتمان دون مصاريف سنوية، وعلمت أنني لو سددت المبلغ المستحق قبل الموعد لا يأخذ مني فائدة، بصِّروني، جزاكم الله خيراً، وكيف أكفِّر عما فعلت، وكيف التوبة، وأنا لا أستطيع سداد كل القرض مرة واحدة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
التورق منه ما هو جائز، ومنه ما هو محرَّم، أما الجائز فهو شراء السلعة من تاجر بالأقساط وبيعها نقداً لغيره، وقد بيَّنا جواز هذا النوع من التورق بشروطه في جوابي السؤالين: (45042) و (36410) .
وأما المحرَّم فله صورتان:
الأولى: أن تشتري سلعة بأقساط، وتبيعها على من اشتريتها منه نفسه، وهو ما يسمَّى " بيع العِينة " وسميت بالعينة لأن عين السلعة التي باعها رجعت إليه بعينها، وهو محرم، لأنه حيلة اتخذت للتوصل بها إلى القرض بزيادة ربوية، فصارت بذلك محرمة عند جماهير العلماء.
والثانية: " تورق البنوك " أو " التورق المنظم "، وصورته: أن تشتري من البنك بضاعة بالأقساط - وفي الغالب تكون مرابحة، ثم توكِّل البنك في بيعها نقداً، وهذه المعاملة – أيضاً - محرمة.
وقد صدر قرارٌ من " المجمعِ الفقهي الإسلامي " المنعقد في المدة من 19 - 23 / 10 / 1424 هـ الذي يوافقه 13 - 17 / 12 / 2003 م فيه تحريم هذه المعاملة، وفيه تحذيرٌ وتنبيهٌ للمصارفِ من استغلالِ هذه المعاملةِ على غيرِ وجهها الشرعي، وفيه:
" بعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة حول الموضوع، والمناقشات التي دارت حوله، تبيَّن للمجلس أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر هو:
قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة (ليست من الذهب أو الفضة) من أسواق السلع العالمية أو غيرها، على المستورق بثمن آجل، على أن يلتزم المصرف - إما بشرط في العقد أو بحكم العرف والعادة - بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر بثمن حاضر، وتسليم ثمنها للمستورق.
وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي:
أولاً: عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد للأمور الآتية:
1. أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر أو ترتيب من يشتريها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعاً، سواء أكان الالتزام مشروطاً صراحة، أم بحكم العرف والعادة المتبعة.
2. أن هذه المعاملة تؤدي في كثير من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.
3. أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة من البنك للمستورق، وعملية البيع والشراء تكون صورية في معظم أحوالها.
وهذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء، وقد سبق لـ " المجمع " في دورته الخامسة عشرة أن قال بجوازه بمعاملات حقيقية وشروط محددة بينها قراره؛ وذلك لما بينهما من فروق عديدة فصلت القول فيها البحوث المقدمة.
التورق الحقيقي يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل، تدخل في ملك المشتري، ويقبضها قبضاً حقيقيّاً، وتقع في ضمانه، ثم يقوم ببيعها هو بثمن حالٍّ لحاجته إليه، قد يتمكن من الحصول عليه، وقد لا يتمكن، والفرق بين الثمنين الآجل والحال لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على المعاملة لغرض تبرير الحصول على زيادة لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظم أحوالها، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبينة التي تجريها بعض المصارف.
ثانياً: يوصي " مجلس المجمع " جميع المصارف بتجنب المعاملات المحرمة، امتثالاً لأمر الله تعالى.
كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا: فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول " انتهى بتصرف يسير.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان – وفقه الله -:
مسببات القول بعدم جواز التورق المصرفي المنظم:
1. الربا.
2. (وهو في معنى ما قبله) أن المستورق لا يقصد السلعة، وإنما يقصد النقد، والبيع الحاصل بيع صوري، فتؤول المسألة إلى نقود حالَّة بنقود مؤجلة أكثر منها.
ومما يدل على صورية البيع:
أن البنك لا يقبض السلع الدولية قبضاً حقيقيّاً، ولا يقبض الإيصالات الأصلية للمخازن التي تودع فيها هذه السلع، وهي التي تتداول في البورصة، وتنتقل من يد إلى يد تنتهي إلى مستهلك يستطيع أن يتسلم بها ما اشتراه.
والشأن في المستورق أشد؛ فهو لا يقبض السلعة قبضاً حقيقيّاً ولا حكميّاً، ومن ثم فهو يبيع ما لم يقبض، بل ما لم يُعيَّن؛ لأن ما يبيعه البنك على العميل جزء مما تملكه البنك مما هو محدد برقم الصنف، وهذا الرقم لا يكون للأجزاء الصغيرة، ولكنه رقم للوحدة الكبيرة التي يجزؤها البنك على المتورقين.
3. أن التوكيل للبنك في التورق المنظم ينافي مقتضى عقد الوكالة؛ لأن ما يعمله البنك باعتباره وكيلاً ينافي مصلحة المستورق، فهو يبيع السلعة بثمن أقل من الثمن الذي اشترى به المستورق (والعقد إذا كان له مقصود يراد في جميع صوره، وشُرط فيه ما ينافي ذلك المقصود: فقد جمع بين المتناقضين؛ بين إثبات المقصود ونفيه، فلا يحصل شيء، ومثل هذا الشرط باطل بالاتفاق) ، وانضمام الوكالة إلى التورق شرط وإن لم يصرح به؛ فإنه لولا هذه الوكالة لما قبل المستورق بالشراء من البنك ابتداء.
4. ضمان المشتري النهائي: فيتفق البنك مع طرف مستقل يلتزم بشراء السلع التي يتوسط فيها، وهذا الالتزام ضمان للسعر المباع ألا يتجاوز حدوداً معينة؛ حماية من تقلب الأسعار، ويقابل هذا الضمان التزام البنك بالبيع عليه، بمعنى أنه لا يحق للبنك أن يبيع السلع في السوق حتى ولو ارتفع سعرها المتفق عليه مع المشتري الثاني، وبذلك يكون هذا الضمان من الطرفين: من البنك بالبيع على المشتري الثاني، ومن المشتري بالشراء بالثمن المحدد.
5. مخالفة التورق المنظم للتورق الذي أجازه جمهور الفقهاء، وهذه المخالفة من وجوه منها:
أ. أن البنك يتولى بيع السلعة التي اشتريت منه لمن يشاء، في حين أن المستورق هو الذي يتولى البيع في التورق الفردي، وليس للبائع الأول علاقة ببيع السلعة ولا بالمشتري النهائي.
ب. وجود اتفاق سابق بين البنك والمشتري النهائي يتضمن شراء ما يعرضه البنك من سلع بالثمن الذي اشتراها به المصرف كما تقدم، أما في التورق الفردي فالمستورق هو الذي يبيع سلعته بمثل الثمن الذي اشتراها به أو أقل أو أكثر.
6. أن التورق المنظم يدخل في بيع العينة المحرم؛ لأن البنك هو مصدر السيولة للمستورق في الحالتين، فالنقد يحصل عن طريقه وبواسطته، ولولا علم المشتري بأن البنك سيوفر له النقد الحاضر لاحقاً لما أقبل على هذا العمل ابتداء.
7. أن التورق المصرفي المنظم لا يدخل في بيع العينة الذي أجازه الشافعي؛ لأنه يشترط ألا يكون هناك ارتباط بين البيعتين، وألا تظهر نية الحصول على النقد، وكلا الشرطين غير متحقق هنا.
8. قضاؤه على أهداف البنوك الإسلامية من وجوه:
أ. محاكاتها للبنوك الربوية في تقديم التمويل، ومنح الائتمان.
ب. الاكتفاء به عن صيغ الاستثمار الأخرى، وقد تجاوزت نسبة التورق 60% من أعمال التمويل في البنك.
ج. الالتباس بين البنك الإسلامي والربوي.
د. إهدار الجهود المبذولة لتوجيه البنوك الإسلامية إلى تمويل في صورة استثمار عن طريق المشاركة والمضاربة والسَّلَم ونحوها.
9. تهجير أموال المسلمين؛ لأن تجارة التورق المنظم تكون في السوق الدولية، فتُهجر بها أموال المسلمين ليستفيد منها غيرهم.
" موقع المسلم " باختصار.
ثانياً:
وأما قول السائل بأنه قد أباح هذا البيع كبار العلماء: فليس صحيحاً، فالذين أباحوه هم اللجان الشرعية في البنوك الإسلامية، أو الفروع الإسلامية في البنوك الربوية! مع التنبيه أنه ليس كلهم أجاز هذه المعاملة.
وقد ردَّ كثيرون على القول بالإباحة من تلك اللجان الشرعية، وفي قرار " مجلس المجمع الفقهي " التنصيص على هذه المصارف بعنوان القرار ونصه وخاتمته، وللشيخ خالد المشيقح بحث موسع في تحريم هذه المعاملة، فلينظر في " مجلة البحوث الإسلامية " (73 / 234 - 237) ، ويوجد ردود من الدكتور على السالوس، والدكتور سامي سويلم، والدكتور عبد الله بن حسن السعيدي – وكلاهما قدَّم بحثاً في المسألة لمجلس المجمع الفقهي -، والشيخ عبد الرحمن العثمان، والدكتور محمد بن عبد الله الشباني، انظرها في موقع " المسلم ".
وانظر جواب السؤال رقم: (60185) .
وأما ما يتعلق بك أنت أخي السائل، فما دمت قد وثقت في تلك اللجان، وأخذت برأيهم، وأنت لا تدري أن قولهم ضعيف، فنرجو أن لا يكون عليك حرج، مع العزم على عدم العود إلى ذلك مستقبلاً.
ونسأل الله تعالى أن يوفقك إلى كل خير ويعينك على سداد ما عليك من ديون.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5540)
إذا علم أن الشركة ستقترض بالربا فمتى يلزمه بيع الأسهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا علم أن الشركة ستقترض بالربا فمتى يلزمه بيع الأسهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على من يريد المشاركة والاكتتاب في أي شركة أن يتأكد من حل نشاطها، ومصادرها ومواردها، إذ لا يجوز الاكتتاب في شركة ذات نشاط محرم، كالربا والقمار والدعارة ونحوها، ولا يجوز أيضا الاكتتاب في شركة ذات نشاط مباح، لكنها تقترض أو تقرض بالربا، لأن السهم حصة شائعة في مال الشركة، والمساهم شريك في كل معاملة تجري فيها، والإدارة تتصرف بمقتضى كونها شريكا، ووكيلا عن بقية المساهمين.
والمقصود أن أي عمل محرم كالاقتراض بالربا، يلحق المساهمَ إثمه بمقتضى كونه أحد الشركاء، ولهذا وجب عليه إنكار ذلك، والخروج من الشركة في حال إصرارها على التعامل المحرم.
وفي الحالة المسئول عنها، يجوز للمساهم أن يبقى في الشركة، إلى أن يتحقق من أن الشركة ستقترض بالربا، فيبيع أسهمه حينئذ، سواء كان ذلك قبل الاكتتاب الرسمي أو بعده.
وينبغي أن يعلن كل مسلمٍ يخاف من الربا ومن شؤم عاقبته، موقفَه من الشركة، وعزمَه على تركها في حال اقتراضها بالربا، وأن يشاع ذلك وينشر إبراءً للذمة، ونصحاً للقائمين على الشركة، وأملا في عدولهم عن قرار الاقتراض المحرم، ومعلوم أن بعض المصارف الإسلامية يمكنها توفير سيولة مناسبة لهذه الشركات، عن طريق عقود شرعية مباحة، فتستغني بذلك عن الحرام.
وإنما قلنا إنه يبيع حال تحققه من أن الشركة ستقترض بالربا، لأن بقاءه بعد ذلك فيه نوع إعانة وتقوية لهم على ما يريدون، وخروجه وخروج غيره من أهل الخير، فيه تذكير ونصح للشركة كما سبق.
وأما بقاؤه حتى يقع الاقتراض بالفعل، فهذا مشاركة في العقد الربوي المحرم، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: (هم سواء) رواه مسلم (1598) من حديث جابر رضي الله عنه.
وقد وجهنا هذا السؤال للدكتور محمد العصيمي حفظه الله، ونصه: " اشترى أسهما قبل الاكتتاب، ثم علم أن الشركة ستقترض بالربا، هل يلزمه البيع الآن، أم عند اقتراض الشركة بالفعل، أم قبيل ذلك إذا عرف الموعد؟
فأجاب: " الأورع قبل القرض، والواجب عند القرض الفعلي إلا أن يكون خسران، فينتظر رأسماله، والله أعلم " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5541)
تحريم الاكتتاب في شركة المملكة القابضة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في شركة المملكة القابضة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله شركة المملكة القابضة تقوم بالاستثمار في الأسهم، وليس لها أنشطة أخرى تذكر، ولها استثمارات في بنوك ربوية، وشركات إعلامية، واستثمارات فندقية، ولا شك في تحريم الاستثمار في البنوك الربوية، وأما الاستثمارات الإعلامية والفندقية، فكثير منها محرم لا ينضبط بالضوابط الشرعية، وبناء على هذا؛ فنشاط هذه الشركة محرم فتحرم المساهمة فيها. وقد سئل عنها الشيخ الدكتور محمد بن سعود العصيمي، فأجاب: "قد اطلعت على ملف في موقع الشركة في الشبكة يلخص الاستثمارات التي قامت بها الشركة منذ إنشائها، ثم اطلعت على نشرة الإصدار المفصلة، ووجدت فروقا ليست جوهرية في مجمل النشاط. وشركة المملكة القابضة هي عبارة عن محفظة استثمارية لأسهم شركات مدرجة في السوق المحلية وبعض الأسواق العالمية، وقد نصت نشرة الإصدار على أن الشركة "لا تزاول أية عمليات أو أنشطة تذكر، وتتألف محفظة الشركة بشكل أساسي من استثمارات ضئيلة ضمن أسهم في شركات عامة مدرجة". واستثمارات الشركة من الناحية الإجمالية ثلاثة أنواع، وهي: استثمارات مالية في بنوك ربوية محلية وعالمية مثل مجموعة سامبا، وسيتي كورب المالكة لمصرف سيتي بانك، واستثمارات إعلامية، في نيوز كوربوريشن وشركة تايم ورنر والشركة السعودية للأبحاث والتسويق، ومجموعة استثمارات فندقية وعقارية، مثل فنادق فيرمونت وفنادق فورسيزن، وفندق جورج الخامس ومنتجعات موفنبيك ومنتجع ديزني لاند في باريس. وحيث إن المجموعة الأولى عبارة عن بنوك ربوية، وحيث إن المجموعة الثانية أنشطة إعلامية تحتوي على جميع أنواع المحرمات الإعلامية من كتابات وأفلام وحلقات نقاش ومسلسلات مخالفة لأصول الشرع ومسلماته، ثم أفلام هابطة تنشر العري والمجون وأغان خالعة وموسيقى محرمة، وحيث إن المجموعة الثالثة تحتوي على أنشطة فندقية لا يراعى فيها شيء من الضوابط الشرعية سواء في الأكل المقدم أم في الترفيه الموجود فيها، وكل تلك معلوم من الدين بالضرورة تحريمها، وتحريم الاشتراك بها، وعليه، فلا أرى جواز الاكتتاب بها، بل إن معرفة أنشطة الشركة كافٍ لأي مسلم للحكم على تلك الشركة بالتحريم. وفي الختام أسأل الله جل وعلا أن يهدي القائمين على هيئة السوق المالية وعلى هذه الشركة وعلى كل الشركات السعودية لما يحبه ويرضاه، وأن يعصمنا وإياهم من غضب الله سبحانه وتعالى وشديد انتقامه، فإن الله سبحانه يمهل ولا يهمل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه) . ويوشك الرب جل وعلا أن ينتقم ممن ينتهك محارمه. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
(5/5542)
ترغب في عمل مشروع خاص لتشجيع النساء على العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة أوروبية وتجبر الحكومة النساء هذه الأيام أن يعملن خارج بيوتهن إذا كن يحصلن على أموال من الحكومة وأرغب فى أن أفتتح مشروعا خاصا بي لكي أحفز النساء المسلمات وأساعدهن على أن يفتتحن مشاريع خاصة بهن بدلا من العمل بالشركات الاعتيادية فبعد ذلك على الأقل سيكون بوسعهن أن يباشرن أعمالهن من منازلهن وأن يعتنين بالأطفال بدلا من الخروج والاختلاط وما إلى ذلك حتى إنهن يمكنهن أن يقمن بتوظيف مسلمات أخريات مع الوقت. فهل هناك ما يحرم في ذلك؟ أريد مساعدتهن بإعطائهن البديل كما أننى أنوى الخير كل الخير للأمة..]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المشروع يقوم على عمل مباح، ولم يصحبه شيء من المحاذير كالاقتراض بالربا، أو الاختلاط، فلا حرج في ذلك، وإذا كان يرجى منه تحفيز المسلمات على إنشاء مشاريع خاصة بهن، بحيث لا يحتجن إلى الخروج والاختلاط، فهذا عمل نافع، يرجى لك ثوابه وأجره عند الله تعالى.
وراجعي السؤال رقم (22397) ففيه ذكر ضوابط عمل المرأة.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (13/16) : ما حكم المرأة أن تكون تاجرة سواء كانت مسافرة أو مقيمة؟
الجواب: الأصل إباحة الاكتساب والاتجار للرجال والنساء معا في السفر والحضر؛ لعموم قوله سبحانه: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) وقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الكسب أطيب؟ قال: (عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور) ولما هو ثابت أن النساء في صدر الإسلام كن يبعن ويشترين باحتشام وتحفظ من إبداء زينتهن، لكن إذا كان اتجار المرأة يعرضها لكشف زينتها التي نهاها الله عن كشفها، كالوجه، أو لسفرها بدون محرم، أو لاختلاطها بالرجال الأجانب منها على وجه تخشى فيه فتنة، فلا يجوز لها تعاطي ذلك، بل الواجب منعها؛ لتعاطيها محرما في سبيل تحصيل مباح " انتهى.
نسأل الله لك التوفيق والتسديد وأن يأجرك على نيتك وعملك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5543)
بعد هبوط الأسهم هل يبقى في السوق ليسترد ماله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت أسهم شركة مكة في وقت ارتفاع الأسهم ثم نزل السوق وخسرت ما يقارب الثمانمائة ألف ريال بسبب هذا الانخفاض في قيمه السهم ثم قررت أن أبيع أسهم شركة مكة وأدخل مضاربا في السوق حيث أبيع وأشتري في أسهم شركة مكة لأستفيد من ارتفاعات السوق وانخفاضاته وللأسف ازددت خسارة فقررت أن أبقى في السوق لحين ارتفاع سهم شركة مكة إن شاء الله ثم أبيع وآخذ رأس مالي فقط وأخرج من السوق والسوق تمارس فيه مخالفات شرعية فهل بقائي في السوق يلحقني فيه إثم رغم أن الهيئة تحاول جاهدة لضبط السوق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج عليك في البقاء في السوق حتى ترتفع الأسهم، وتحصل على مالك، مع عدم الدخول في أي مخالفة شرعية تعلمها. هذا من حيث الحكم الشرعي.
ولكن.. لا بد لك من استشارة أهل العلم والخبرة بسوق الأسهم هل يتوقعون ارتفاعه أم استمرار هبوطه.
ونسأل الله تعالى أن يخلف عليك خيرا، وأن يجعل في هذا المصاب تكفيرا لسيئاتك ورفعا لدرجاتك، وأن يبارك في مالك، ويجعله عونا لك على طاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5544)
هل للمكتب الدعوي أن يأخذ الفائض من عملية الشراء والتوزيع على الفقراء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عاملون في مكتب دعوة جاليات بدا لنا إقامة مشروع دعوي استثماري أحببنا أن نرفع لكم صورة المشروع لأخذ توجيهاتكم والحكم الشرعي فيه سائلين الله أن يعظم لكم المثوبة والأجر. وصورة المشروع كالتالي: أن يقوم المكتب بالتعاقد مع إحدى المؤسسات أو المصانع الوطنية لتوفير عصيرات مبردة لتوزيعها مجانا سقيا للحجاج وتكون تكلفة عبوة العصير الواحدة على المكتب مثلاً 70 هللة بينما يتم طرحها للراغبين في المساهمة بريال واحد ويصبح فائض المبلغ لدعم أعمال المكتب، ويكتب في الإعلان ريع المشروع لدعم أعمال المكتب الدعوية. ما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة؟ وتوجيهاتكم لطرح المشروع بطريقة سليمة دون وجود محاذير شرعية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج عليكم في المعاملة الواردة في السؤال، وما دمتم تكتبون في الإعلان: " ريع المشروع لدعم أعمال المكتب الدعوية، وذلك لأن المتبرع قد دخل على بصيرة، ويعلم أنكم تربحون من هذه المعاملة، وأن هذه الربح سيدعم الأعمال الدعوية للمكتب.
ولا يلزمكم أن تبينوا للمتبرع كم قدر الربح الذي ستربحونه تحديداً، لأن المساهم قد دخل في المعاملة بنيّة التبرع، وليس بنية المعاوضة، ومعلوم أن التبرعات يتسامح فيها في العادة، لأنها ليست مبنية على المنازعة والخصومة.
ونسأل الله تعالى أن يبارك في جهودكم وان ينفع بكم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5545)
يستدين من صديقه ويرد إليه المال مع نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالتجارة، هل يجوز لي الاستدانة من صديق نصراني لي مبلغاً من المال على أن أرجعه له بعد فترة مع ربح وبالاتفاق معه، أحدد أنا الفترة وأحدد ربحه حسب ما أراه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز للمسلم أن يتخذ النصراني صديقا وخليلا، لأن الله عز وجل قطع المودة بينهما، فقال: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) المجادلة/22 وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً) النساء/144 وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة/51.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون) التوبة/23.
وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران/118.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا) رواه أبو داود (4832) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على تحريم موالاة الكفار ومودتهم واتخاذهم بطانة وأصدقاء، وانظر جواب السؤال رقم (2179) .
ثانيا:
يجوز التعامل مع الكفار بالبيع والشراء والقرض والرهن ونحو ذلك، ولا حرج عليك في أن تستدين منه مالا، لكن لا يجوز أن يكون ذلك بفائدة، لأن هذا من الربا المحرم، فمن استدان من غيره مائة على أن يردها مائة وعشرة مثلا، فقد وقع في الربا الذي هو من أعظم الكبائر، لأن كل قرض جرّ نفعا فهو ربا.
والصورة الجائزة هنا: أن تأخذ منه المال، وترده إليه دون زيادة، وهذا هو القرض الحسن المشروع.
ويجوز أن يدخل معك شريكا، فيعطيك المال لتدخله في تجارتك، على أن يكون له نسبة معلومة من الربح الذي يقدره الله لك – وليس من رأس ماله – كخمسة أو عشرة في المائة من أرباحك، ويجب الاتفاق على هذه النسبة قبل بدء الشركة، ولا يجوز أن تكون مجهولة. ولكما أن تتفقا على أي نسبة كانت، قليلة أو كثيرة.
فتتفقان على أنك ستستثمر له ماله لمدة سنة مثلا، ويكون له ربع الربح أو 10% من الربح، فما حصلت عليه من الربح، قليلا كان أو كثيرا، أعطيته منه نسبته. وإذا لم تربح شيئا، فلا يستحق شيئا. وهذا ما يسمى في الشريعة الإسلامية بالمضاربة.
وفي حال الخسارة فإن الخسارة توزع على الشركاء بحسب نسبة رأس مال كل شريك، ولا يجوز الاتفاق على توزيع الخسائر بغير ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5546)
حكم الاكتتاب بالشركة السعودية للطباعة والتغليف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في الشركة السعودية للطباعة والتغليف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الشركة نشاطها: طباعة الصحف والمجلات والطباعة التجارية والتغليف، وهي مملوكة لـ "المجوعة السعودية للأبحاث والتسويق" وقد نصت نشرة الاكتتاب على أن الشركة ستقوم بجميع أعمال الطباعة لمطبوعات المجموعة، ومن هذه المطبوعات مجلات معروفة بالخلاعة والمنكرات.
وأيضاً: قامت الشركة باقتراض ربوي من أحد البنوك، ولكنه في صورة إجارة منتهية بالتمليك.
وعلى هذا؛ فلا يجوز الاكتتاب في هذه الشركة، لأن لها أنشطة محرمة، ولتعاملها بالربا.
وقد سئل عن الاكتتاب فيها الشيخ الدكتور محمد بن سعود العصيمي، فأجاب:
" الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فقد اطلعت على نشرة اكتتاب الشركة السعودية للطباعة والتغليف (المعروفة سابقا بشركة المدينة المنورة للطباعة والنشر) . وهي مملوكة من عدة شركات هي: المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق بنسبة 60% والشركة الفكرية للدعاية والإعلان القابضة بنسبة 15%، والشركة السعودية للأبحاث والنشر بنسبة 10%، وشركة المصنفات العلمية القابضة المحدودة بنسبة 10%، والشركة السعودية للنشر المتخصص بنسبة 5%، وبذلك فإن المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق تمتلك نسبة 100% من أسهم الشركة، وتعد تابعة لها. ونشاط الشركة طباعة الصحف والمجلات والكتب والطباعة التجارية وطباعة أوراق الكرتون والتغليف. وقد نصت النشرة على أن الشركة "تقوم بجميع أعمال الطباعة لمطبوعات المجموعة التي تزيد على أربع عشرة مطبوعة رائدة وذلك حسب الاتفاقية طويلة المدى التي تربط بين الطرفين والتي تخول الشركة أن تكون المطابع الحصرية للمجموعة بناء على اتفاقيات خدمات طباعة موقعة بين المجموعة والشركة مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد". كذلك تمتلك الشركة 40% من "الشركة المتحدة للطباعة والنشر" الإماراتية. وحيث إن من ضمن هذه المجلات التي تطبعها الشركة في السعودية وفي الإمارات جرائد ومجلات مليئة بالمحاذير الشرعية وأخص منها مجلة "سيدتي" و"أزياء سيدتي" و"الجميلة" و"زهرة الخليج" وغيرها، وحيث إن العلماء مجمعون على أن الشرط الأول في جواز الاكتتاب والمضاربة والاستثمار في شركة مساهمة أن يكون نشاطها حلالا، فعليه؛ لا أرى جواز الاكتتاب في هذه الشركة. والجدير بالذكر أن الشركة قد قامت بعملية تمويل مع أحد البنوك المحلية بحيث باعت أرضا تملكها على البنك، ثم استأجرتها منها تأجيرا رأسماليا مع وعد بالتمليك. وحيث ذكر في النشرة أن ذلك مقرٌ من الهيئة الشرعية للبنك، فأود الإيضاح أن هذه الصورة لا يمكن أن يقال بجوازها، حيث إن التمويل التأجيري لمدة سنتين ونصف، يجعل العملية تأجيرا صوريا لتمويل ربوي. فقد اشترى البنك الأرض وما عليها من مبنى من الشركة بمبلغ 130 مليون ريال سعودي ثم استأجرتها الشركة منه إيجارا رأسماليا مع وعد بالتمليك لمدة 30 شهرا بمبلغ 137.320.242 ريال سعودي. وواضح أنه تمويل ربوي في صورة عقد إجارة، فلا يعقل أن يستأجر أصل ب40% من قيمته سنويا!! كذلك ينص نظام الشركة على أنه يجوز لها إصدار أسهم ممتازة وسندات بالقروض التي تعقدها، من دون إشارة إلى ضبط ذلك بالضوابط الشرعية، وتقوم الشركة بعقود تأمين تجاري على العاملين وأصول الشركة، وعلى النقل البحري. وإني أوصي القائمين على هذه الشركة بتقوى الله عز وجل، والنصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، والكف عن نشر وطباعة المجلات والجرائد المحرمة، والاكتفاء بالعمليات الطباعية المباحة، وفي الحلال المباح غنية عن الحرام. وأذكرهم بقول الله تبارك وتعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) رواه مسلم. وفق الله الجميع لكل خير، وعصمنا وإياهم من الزلل، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين" انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5547)
حكم التورق في الأسهم عن طريق الراجحي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التورق بالأسهم المعمول به في مصرف الراجحي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التورق المعمول به في المصارف الآن على نوعين:
الأول: تورق حقيقي، هو أن يشتري الإنسان السلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها - لغير من اشترى منه - نقدا بثمن أقل، وسميت المعاملة بذلك نسبة إلى الوَرِق وهي الفضة، لأن المشتري لا غرض له في السلعة، وإنما يريد النقود.
وهذه المعاملة جائزة عند جمهور العلماء.
والثاني: وهو ما يسمى بالتورق المصرفي المنظم: وصورته أن يشتري البنك السلعة، ثم يبيعها على العميل بالأقساط، دون أن يقبض البنك السلعة قبل بيعها، ويقوم العميل بتوكيل البنك في بيعها بثمن أقل، والعميل لم يقبض السلعة أيضا، ولم يرها، وهو غير مهتم بها غالبا، وإنما غرضه النقود، وهذه الصورة محرمة، وقد شاع وجودها في هذه الأيام، وتعاملت بها بعض البنوك على أنها صورة مشروعة من التورق، وقد أفتى عدد من أهل العلم بتحريمها، كما صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار بتحريمها. وانظر نص القرار في جواب السؤال (82612) .
ثانيا:
أفاد الدكتور يوسف الشبيلي حفظه الله أن برنامج وطني للتورق في الأسهم لدى الراجحي، يدخل في نوع التورق الحقيقي الجائز. ينظر:
http://69.20.50.243/shubily/qa/ans.php?qno=46#_ftn2
لكن سبق أن بينا أن الاشتراك في برنامج وطني يُشترط فيه الاقتصار على شراء الأسهم النقية. وانظر جواب السؤال رقم (73296) .
وبناء على ذلك، فإذا أردت التورق عن طريق هذا البرنامج، فاقتصر على شراء الأسهم النقية، عن طريق الراجحي، بالأقساط، ثم تتولى بيعها بعد ذلك، لتحصل على النقود.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5548)
حكم إنشاء صحيفة إعلانات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم صنع جريدة خاصة بالإعلانات التجارية، مثل: طلب عمل، بيع شقق، بيع سيارات، التعريف ببعض المؤسسات ... إلخ، وإعلانات تجارية لبعض المؤسسات؟ وإذا كان الأمر جائزاً فما هي الضوابط الشرعية التي يجب الالتزام بها مثلا في اختيار المؤسسات والإعلانات ونوعها؟ والضوابط في أخذ مال من الشركات، أو من الراغبين في وضع إعلان في الجريدة؟ مع العلم أني سأكون أنا المشرف عليها مع بعض أصحابي، بحيث يمكننا اختيار الإعلانات التي توضع في الجريدة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تنتشر المخالفات الشرعية في كثير من الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية، وقد بينَّا بعض هذه المخالفات، وحكم العمل في تلك الصحف، وحكم بيعها في جوابي السؤالين (89737) و (82704) ، فلينظرا.
وأما بخصوص الصحف الخاصة بنشر الإعلانات: فإن الأصل في إنشائها وتوزيعها الحل والإباحة، لكنَّ هذه الإباحة لها ضوابط وشروط، ويجمعها: تجنب الإعلانات المخالفة للشرع، ومن ذلك:
1. تجنب إعلانات السياحة والفساد.
والإعلان عن أماكن السياحة التي يوجد فيها محرمات مثل الخمور والاختلاط وكشف العورات على الشواطئ والملاعب: كل ذلك يدخل في التعاون على الإثم والعدوان، ويدخل في حب إشاعة الفاحشة.
قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النور/19.
2. تجنب إعلانات مؤسسات الربا والميسر والكسب المحرَّم، مثل الدعاية والإعلان للبنوك الربوية، وشركات التأمين، ومصانع ومحلات تبيع المنكرات.
3. تحنب إعلانات الأعياد البدعية والمشابهة للكفار، كالإعلان عن الاحتفال بالمولد النبوي، أو ليلة النصف من شعبان، أو الإعلان عن أعياد ميلاد الأشخاص.
4. تجنب وضع صور النساء، وصور ذوات الأرواح المرسومة باليد.
5. تجنب الإعلانات عن مؤتمرات تعقد فيها ندوات تخالف الشرع أو تحاربه.
6. تجنب إعلانات المدح والثناء للميت، وخاصة إن كان غير مسلم.
وهذه بعض الفتاوى في الإعلان عن بعض تلك المحاذير:
1. سئل علماء اللجنة الدائمة:
من الناس من يعمل في توزيع الإعلانات على البيوت، أي: يضع الإعلان أمام الباب، هذه الإعلانات كل محل له ورقة منفصلة، فهناك إعلانات عن محل لبيع الأحذية، ومحل لبيع الموبيليا، ولكن هناك إعلانات عن محلات المواد الغذائية، وهذا إعلان يعرض معظم ما لديه، فيعرض بجانب السكر والأرز يعرض الخمور، أو يعرض لحوم البقر والخرفان، ولحوم الخنزير، فما الحكم في توزيع هذه الإعلانات؟ بعض الناس يوزعون الإعلانات التي تحتوي على مواد غذائية، أما الإعلانات التي يكون داخل فيها الخمر والخنزير فيلقونها في الزبالة بدون أن يدري صاحب الإعلان، ولكن يحاسبونه عليه اعتبارا أنه وزعها، فما حكم المال؟ بعض علماء أوربا قالوا: إن الخمر والخنزير حلال في شريعة هؤلاء، فهل معنى ذلك أننا نعمل في محلات الخمر والخنزير، فما رد فضيلتكم على هذا الكلام؟
فأجابوا:
"يحرم على المسلمين بيع الخمر والخنزير، ولا يحل لهم التعاون مع غيرهم في ترويج المحرم: بتسويقه، أو الدعاية له، أو الإعلان عنه، أو إلصاق الإعلانات عنه على المنازل؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله جل شأنه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ، والمبالغ التي يأخذها الأجير مقابل إلصاق الإعلان عن المحرم لا تجوز، ولو رمى الإعلان عن المحرم ولم يلصقه لا يحل له المال؛ لأنه من أكل المال بالباطل" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (14 / 429، 430) .
2. وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً -:
رجل يعمل صحفيّاً في جريدة بمصر ويكتب أخباراً، ويعمل إعلانات يدفعون الأجر فيها تأييداً لمن يحاد الله ورسوله، وبالنسبة للإعلانات يقوم بدور الوسيط بين الجريدة وبين العامة، يذهب للناس (مثلا التجار) يحثهم على عمل إعلانات، فيقومون بدفع الثمن لهذه الإعلانات بمحض اختيارهم، كي تنشر أسماء متاجرهم في الجريدة، وهذا نوع من أنواع الدعاية، ثم يؤيدون فيها الطاغوت، ومن جرَّاء هذا له نسبة معينة من أجر الإعلان، فيأخذ مالاً، فهل هذا المال حلال أم حرام؟ وإذا كان هذا المال حراماً فهل يجوز لي أن آكل منه كابن لهذا الرجل، وكذلك باقي إخوتي؟ علماً بأن له دخلاً آخر من عمل حكومي وظيفي، وهل المال الذي يأخذه من وظيفة الحكومة جائز؟ .
فأجابوا:
"أولاً: العمل من أجل خدمة من يحاد الله ورسوله لا يجوز؛ لأنه تعاون معهم على الإثم والعدوان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عباده عنه بقوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) .
ثانياً:
ما كسب من المال بسبب التعاون معهم في شرهم حرام.
ثالثاً: إذا كان مال أبيك الذي كسبه من أجل العمل مع من يحاد الله ورسوله متميزا عما كسبه من وظيفته الأخرى أو غيرها من الطرق المباحة: فلا يجوز لك أن تأكل أنت ولا إخوانك منه، وإن كان غير متميز جاز لك على القول الصحيح من أقوال العلماء أن تأكل منه، وتركه احتياطا أولى، سيما إن كان الحرام هو الأكثر" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 102، 103) .
3. وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
إعلانات التعازي في الصحف والشكر على التعزية والإعلان عن وفاة شخص، ما رأي الشريعة في ذلك؟ .
فأجاب:
"الإعلان في الصحف عن وفاة شخص إذا كان لغرض صحيح وهو أن يعلم الناس بوفاته فيحضروا للصلاة عليه وتشييعه والدعاء له، وليعلم من كان له على الميت دين أو حق حتى يطالب به أو يسامحه: فالإعلان لأجل هذه الأغراض لا بأس به، ولكن لا يبالغ في كيفية نشر الإعلان من احتجاز صفحة كاملة من الصحيفة؛ لأن ذلك يستنفذ مالاً كثيراً لا داعي إليه، ولا تجوز كتابة هذه الآية التي اعتاد كثير من الناس كتابتها في الإعلان عن الوفاة وهي قوله تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي) الفجر/ 27 - 30؛ لأن هذا فيه تزكية للميت، وحكم بأنه من أهل الجنة، وهذا لا يجوز؛ لأنه تقوُّل على الله سبحانه، وشبه ادعاء لعلم الغيب؛ إذ لا يُحكم لأحد معين بالجنة إلا بدليل من الكتاب والسنة، وإنما يرجى للمؤمن الخير، ولا يجزم له بذلك" انتهى.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (2 / 159) .
والخلاصة:
أنه ينبغي عليكم تجنب الإعلان والدعاية للمحرمات والمخالفات الشرعية، وما عداه فيجوز لكم الدعاية له والإعلان عنه.
أما أخذ الأموال من الشركات أو الأشخاص الذين يريدون الإعلان عندكم فلا حرج فيه، ما دام الإعلان ليس فيه محرم، وتم العقد بينكم بالتراضي.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5549)
حكم شراء أسهم شركة أجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشريعة في شراء أسهم لشركة أجنبية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1. تعريف السهم:
السهم هو: جزء محدد من إجمالي رأس مال الشركة.
يعرف السهم بأنه: نصيب المساهم في شركة من شركات الأموال أو الجزء الذي ينقسم على قيمته مجموع رأس مال الشركة المثبت في صك له قيمة اسمية، حيث تمثل الأسهم في مجموعها رأس مال الشركة، وتكون متساوية القيمة.
وبناء عليه يمثل السهم وثيقة مستقلة تعطى للمساهم وتتضمن المعلومات الخاصة بالشركة، مثل اسم الشركة ومقدار رأس مالها وجنسيتها ومركزها الرئيسي ورقم السهم وقيمته واسم صاحبه إن كان سهما اسميا أو يكتب فيه أنه لحامله.
2. حكمه:
لا حرج ابتداءً من بيع وشراء الأسهم، لكن عليه أن يتجنب أموراً، وهي:
1. بيع وشراء الأسهم في الشركات التي يحرم المشاركة فيها لبيعها ما لا يحل، أو إعانتها على الفساد والباطل.
2. بيع وشراء أسهم البنوك الربوية.
3. وضع أموال الأسهم في البنوك الربويَّة، وبالتالي تكون الأرباح مختلطة بأموال الربا.
أ. سئلت اللجنة الدائمة عن المساهمة في شركات خاصة بالأعمال الخيرية والزراعية والبنوك وشركات التأمين والبترول، فأجابت:
يجوز للإنسان أن يساهم في هذه الشركات إذا كانت لا تتعامل بالربا، فإن كان تعاملها بالربا: فلا يجوز، وذلك لثبوت تحريم التعامل بالربا في الكتاب والسنة والإجماع.
وكذلك لا يجوز للإنسان أن يساهم في شركات التأمين التجاري؛ لأنَّ عقود التأمين المشتملة على الغرر والجهالة والربا: محرَّمة في الشريعة الإسلامية.
" فتاوى إسلامية " (2 / 43) .
ب. وهذا نص السؤال والجواب لهيئة الفتوى في بيت التمويل الكويتي حول النقطة الثالثة
السؤال:
هل يجوز بيع وشراء أسهم الشركات الأجنبية مثل جنرال موتورز فليبس شركات مرسيدس مع العلم أن هذه الشركات صناعية ولكنها لا تتورع بالنسبة للإقراض والاقتراض بفائدة؟
الجواب:
إن مبدأ المشاركة في أسهم شركات صناعية تجارية أو زراعية مبدأ مُسَلَّم به شرعاً لأنه خاضع للربح والخسارة وهو من قبيل المضاربة المشتركة التي أيدها الشارع على شرط أن تكون هذه الشركات بعيدة عن المعاملة الربوية أخذا وعطاء ويُفهم من استفتاء سيادتكم أنه ملحوظ عند الإسهام أن هذه الشركات تتعامل بالربا أخذا وعطاء وعلى هذا فإن المساهمة فيها تعتبر مساهمة في عمل ربوي وهو ما نهى عنه الشارع والله سبحانه وتعالى أعلم.
" كتاب الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية "الأجزاء بيت التمويل الكويتي فتوى رقم (532) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5550)
توفي وترك أسهما مباحة ومختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفى ولديه أسهم في الشركات وهي شركة سابك وشركة الأسمنت الجنوبية وشركة النقل الجماعي، وهناك أرباح من الشركات آخذها بصفتي أنا الوكيل الشرعي، ولا أدري هل الشركات المذكورة أعلاه حرام؟ وماذا يجب علي؟ هل أبيع أسهم الشركات كلها أم أتركها كما هي وآخذ أرباحها؟ وكيف تقسم بين إخواني وأخواتي في حالة بيعها، وكذلك والدتي لازالت على قيد الحياة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ما تركه الوالد من أسهم وغيرها، يدخل في التركة التي يجب تقسيمها القسمة الشرعية التي بينها الله في كتابه، فللزوجة الثمن، والأولاد للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.
وأما أرباح الأسهم المباحة، فتقسم على الورثة حسب قسمة الميراث، ولا يجوز لك الاستئثار بها بحجة أنك الوكيل الشرعي، كما قد يفهم من سؤالك.
وإذا رأى الورثة أن يحتفظوا بالأسهم المباحة، أو أن يتركوها دون تقسيم، ويوكلوا أحدهم في متابعتها، على أن توزع أرباحها بينهم على حسب إرثهم، فلهم ذلك.
ثانيا:
الشركات التي أصل نشاطها مباح، ولكنها تتعامل بالحرام كالربا، قرضاً أو اقترضاً، لا يجوز المساهمة فيها، وعلى من ابتلي بالدخول فيها أن يخرج منها، ويتخلص من القدر المحرم، فإن لم يفعل حتى مات، فعلى الورثة أن يفعلوا ذلك قبل تقسيم التركة.
وقد أوردنا قائمة بأسماء الأسهم المباحة (النقية) في الجواب رقم (73296) ، ومنه يتبين أن شركة النقل الجماعي أسهمها مباحة. وأما سابك وأسمنت الجنوبية فليستا من الأسهم النقية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5551)
أهداها أبوها أسهما في بنك ربوي فماذا تعمل بها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أهداني أبي 50 سهما من أسهم بنك الرياض، وأنا أعرف أن بنك الرياض من البنوك الربوية، وأبي كان من المساهمين، وساهم باسمي منذ أن كنت طفلة والآن كبرت، وأعطاني إياها، ما العمل في هذه الأسهم؟ هل حلال أن أبيعها وأن أضارب بها بأسهم شركات نقية وأستفيد من المبلغ الذي يتكون من المضاربة أو أتصدق؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز شراء أسهم البنوك الربوية، وعلى من ابتلي بشيء من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يأخذ رأس ماله، ثم يتخلص من الباقي بإنفاقه في مصالح المسلمين وأوجه الخير.
ولما كانت هذه الأسهم محرمة، فإن الأصل أنه لا يجوز لك بيعها على أحد، بل سبيل الخروج منها هو ردها على البنك، فإن تعذر ذلك، جاز لك بيعها، وأخذ رأس المال الذي وضع فيها، والتخلص من الباقي كما سبق.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: كان لي مساهمات في شركة، وأفلست هذه الشركة قبل 25 عاما، وكان هناك أوصياء على الشركة، اشتروا بالمبلغ المتبقي أسهما في بنك الرياض قبل 25 عاما، بمبلغ 1000 ريال للسهم الواحد، والآن ثمن السهم الواحد ثلاثين ألف، وأنا بحاجة لهذا المبلغ، فهل يجوز لي أن آخذ المبلغ الحالي للسهم؟ علما بأن شراءهم لأسهم هذا بنك الرياض تم بدون علمنا طيلة هذه المدة.
فأجابوا: "تسلم المبلغ كله، أصله وفائدته، ثم أمسك أصله؛ لأنه ملك لك، وتصدق بالفائدة في وجوه الخير؛ لأنها ربا، والله يغنيك من فضله ويعوضك خيرا منها، ويعينك على قضاء حاجتك، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم" انتهى.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. عبد الرزاق عفيفي.. عبد الله بن غديان.. عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/506) .
وسئلوا أيضا (13/508) : ما حكم المساهمة في الشركات والبنوك؟ وهل يجوز للشخص المكتتب في شركة أو بنك أن يبيع الأسهم الخاصة بعد الاكتتاب على مكاتب بيع وشراء الأسهم، ومن المحتمل بيعها بزيادة عن قيمة ما اكتتب به الشخص؟ وما حكم الفائدة التي يأخذها المكتتب كل سنة عن قيمة أسهمه المكتتب فيها؟
فأجابوا: "المساهمة في البنوك أو الشركات التي تتعامل بالربا لا تجوز، وإذا أراد المكتتب أن يتخلص من مساهمته الربوية فيبيع أسهمه بما تساوي في السوق، ويأخذ رأس ماله الأصلي فقط، والباقي ينفقه في وجوه البر، ولا يحل له أن يأخذ شيئاً من فوائد أسهمه أو أرباحها الربوية، أما إن كانت المساهمة في شركة لا تتعامل بالربا فأرباحها حلال " انتهى.
ولا تتأسفي على فوات هذا المال، فإنه مال حرام لا خير لك فيه، ويرجى أن يعوضك الله خيرا منه، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5552)
حكم المضاربة (قصيرة الأجل) في الأسهم المختلطة والمحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم المضاربة القصيرة الأجل في الشركات المختلطة والمحرمة في سوق الأسهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا تجوز المساهمة في شركات تتاجر في الحرام، أو تتعامل به، من ربا وغيره، سواء قل الحرام أو كثر؛ لأن السهم حصة شائعة في مال الشركة، فتعاملها بالحرام يعني أن كل مساهم فيها شريك في هذا الحرام.
ثانيا:
الأسهم المحرمة والمختلطة، لا يجوز الاتجار فيها، بيعا أو شراء أو مضاربة، سواء كانت قصيرة الأجل أو طويلة الأجل؛ لأنه لا يجوز بيع الحرام، قليلا كان أو كثيرا، والعقد المتضمن ذلك عقد فاسد لا يجوز الإقدام عليه.
قال الدكتور محمد بن سعود العصيمي حفظه الله: " وبعض الناس يفرق بين المضاربة وبين الاستثمار طويل الأجل، ويقول: إن المضارب لا عليه إن اشترى أسهم شركة تقترض أو تقرض بالربا. والذي أرد به على هؤلاء أن أسألهم: ما المسوغ الشرعي لك في ربح السهم في حال ارتفاعه؟ فلن يكون له إجابة إلا أن يقول: إنني شريك في تلك الشركة.
وكذلك أقول له: ماذا لو خسرت الشركة بعد أن اشتريت بدقائق، هل تستطيع أن تنفي صلتك بالشركة، حتى لا تتحمل أي خسارة؟ طبعا لن يستطيع ذلك، وسيكون عليه من الخسارة ما على بقية حملة الأسهم الاعتيادية لتلك الشركة المساهمة، بل لو حدث للشركة اندماج مع شركة أخرى، أو لو بيعت على شركة أخرى، أو لو أفلست، أو سحبت من التداول أو سحب ترخيصها بالعمل، لكان لكل ذلك أثر على المضارب وعلى المستثمر على وجه السواء. ومن ثَمّ، فلا فرق هنا بين المضارب وبين المستثمر ... " انتهى.
وسئل حفظه الله عن حكم المضاربة في الأسهم المختلطة؟
فأجاب: " لا يجوز عند جماهير العلماء إلا الأسهم النقية، سواء المضاربة والاستثمار " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5553)
لديها أموال أيتام أمانة وقد تأكله الزكاة فهل تأثم إذا لم تستثمره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جاءتني أرملة ووضعت عندي مبلغا من المال أمانة لها لوقت الحاجة وهذا المال يخص أيتامها وانأ أخاف أن تأكله الصدقة كما قال رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه، مع العلم أنها لم تطلب مني تشغيله لها، ولو فعلت فليس عندي أي موضع لأضعه فيه، فهل علي من إثم في هذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا إثم عليك في عدم استثمار هذا المال، لأنكِ إنما أخذيته على سبيل الأمانة لتحفظيه، فالواجب عليك هو حفظه وأداؤه إلى أهله عند طلبهم، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/ 58. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ) رواه الترمذي (1264) وأبو داود (3534) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وينبغي أن تنصحي وتبيني لهذه الأخت أن هذا المال تجب فيه الزكاة، وأن الزكاة قد تأكله ما لم يستثمر.
وننبه إلى أن حديث: (ألا من ولى يتيما له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة) رواه الترمذي (641) وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي، لكن معناه صحيح واضح؛ لأن مال اليتيم كغيره من الأموال، إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، فإذا لم يستثمر، وأخذت منه الزكاة كل عام، أدى ذلك إلى نقصه.
وقد ثبت هذا من كلام عمر رضي الله عنه: (اتجروا بأموال اليتامى لا تأكلها الزكاة) رواه الدارقطني والبيهقي وقال: إسناده صحيح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5554)
الاستثمار في صناديق بنك البلاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاستثمار في صناديق بنك البلاد الاستثمارية: المرابح والسيف وأصايل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
سبق بيان حكم الاكتتاب في بنك البلاد، في جواب السؤال رقم (46588)
ثانيا:
بالتعرف على نظام الصناديق المذكورة من خلال الموقع الرسمي لبنك البلاد تبين ما يلي:
1- أن الصندوق المرابح يقوم على استثمار الأموال المودَعة في عمليات المرابحة التجارية التي تشتمل على شراء مختلف أنواع السلع الرائجة - ما عدا الذهب والفضة - ثم بيعها بسعر أعلى من سعر شرائها لتحقيق الربح، وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
2- أن صندوق أصايل يقوم على استثمار الأموال في أسهم الشركات السعودية النقية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
3- أن صندوق السيف يقوم على استثمار الأموال في الأسهم الكويتية المنتقاة وفقاً للضوابط الشرعية المعتمَدة من قِبَل مؤشر " جلوبل " الإسلامي.
وصرح الدكتور يوسف الشبيلي أحد أعضاء هيئة الرقابة بالبنك، بأن صندوق أصايل والسيف المتعلقين بالأسهم، لا تستثمر فيهما الأموال بشركاتٍ تقترض أو تودع بالربا، وأن صندوق المرابح خاص بالمتاجرة بالسلع الدولية المباحة بطريقة البيع الآجل. انتهى، نقلا عن موقع الدكتور الشبيلي.
وإذا كان الأمر على ما ذُكر، فلا حرج في الاستثمار في هذه الصناديق.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5555)
لديه مقهى إنترنت ويسأل عن كسبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم والحمد لله، لدي محل تجاري للإنترنت، ولا أدري هل كل ما أكسب منه فيه شبهة أم ماذا؟ مع العلم بأني أريد أن أتزوج منه وأحج، إن شاء الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
محل الإنترنت إذا أمكن ضبطه ومنع المنكر منه، فلا حرج في فتحه، والمكسب الناتج منه حلال. وأما إذا لم يمكن ضبطه، ولا التحكم فيه، بل صار رواده يستعملونه فيما حرم الله، من مطالعة الفساد، واقتراف الرذائل، كما هو الغالب على حال هذه المحلات وروادها، فلا يجوز فتحه، والكسب الناتج عنه محرم، وحينئذ يتعين عليك تحويل المحل إلى مشروع آخر، تسلم فيه من الإثم، وتجني منه الربح الحلال، الذي يكون عونا لك على الطاعة، من الحج والزواج وغيره.
وانظر جواب السؤال رقم (34672) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء سؤالا مفصلا عن مقاهي الإنترنت، يحسن إيراده هنا بنصه:
" س: مما يدور عنه الحديث الآن عن مقاهي الإنترنت التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وبأعداد كبيرة، ما حكم الاستثمار والتجارة في هذه المقاهي؟ مع وجود بعض المضار والمحرمات الموضحة بالصور التالية:
الصورة الأولى: الانترنت يؤجر المستخدم جهاز الكمبيوتر بالساعة، مع أننا لا نعلم عن ما سوف يستعمل المستخدم الإنترنت، هناك عدة برامج ومواقع كثيرة يستطيع أن يتصفحها المستخدم، منها ما هو النافع والضار، ومن المواقع ما تستطيع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية التحكم فيه وإلغاء الموقع، ولكن يوجد بعض المستخدمين من يستطيع الدخول للمواقع الممنوعة والمغلقة.
ملاحظة: لا نستطيع التحكم على البرنامج إلا بإلغاء الخدمة.
الصورة الثانية: هناك ما يسمى ببرنامج الميكروسوف شات، وهو للمحادثة والمراسلة، يتم من خلاله تحدث المستخدمين مع العبارات والألفاظ البذيئة والفاحشة، ويمكن من خلاله إرسال واستقبال بعض الصور والأفلام الخليعة، ومن الممكن أن يتحكم في إرسال الصور والأفلام واستقبالها فقط، ولكن يوجد من يستطيع أن يكسر التحكم بطرق ملتوية.
الجواب:
إذا كان هذه الأجهزة يتم لمستخدمها التوصل إلى أمور منكرة باطلة، تضر بالعقيدة الإسلامية أو يتم من خلالها الاطلاع على الصور الفاتنة والأفلام الماجنة، والأخبار الساقطة، أو حصول المحادثات المريبة، أو الألعاب المحرمة، ولا يمكن لصاحب المحل أن يمنع هذه المنكرات، ولا أن يضبط تلك الأجهزة، فإنه ـ والحال ما ذكر ـ يحرم الاتجار بها، لأن ذلك من الإعانة على الإثم والمحرمات، والله جل وعلا قال في كتابه العزيز: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2
وبالله التوفيق " انتهى من " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/284) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5556)
شراء أسهم الشركة المصرية للاتصالات
[السُّؤَالُ]
ـ[ي حول شرعية شراء أسهم الشركة المصرية للاتصالات فأنا أقيم خارج مصر وعلمت أن الشركة جديدة في البورصة ومستقبل أسهمها مبشر، ولا أعلم إن كانت هذه الشركة من التصنيف الذي يدخل ضمن الشركات المختلطة، أي أن هناك جزءً من إيرادها من مصدر محرم مثل عوائد البنوك مثلا أم لا؟ فكيف لي أن أعرف مثل هذه المعلومة؟ وإن كانت كذلك فما الجزء الواجب علي التخلص منه لكي أبتعد عن الدخل المحرم؟ وهل هناك مانع من بيع وشراء الأسهم عموما؟ لأني سمعت رأيا يقول إن التجارة في الأسهم بيعا وشراء حرام أساسا وغير مباح وإنما المباح هو الاستثمار بها فقط أي شراؤها والاحتفاظ بها فقط.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز الاتجار في أسهم الشركات التي نشاطها مباح، ولا تتعامل معاملات محرمة، ولا وجه لتحريم الاتجار فيها. فالسهم حصة شائعة في مال الشركة، ولمالك هذه الحصة أن يحتفظ بها، أو يبيعها بعد تملكها، لأنه تصرف مشروع في ملكه.
وقد ذكرنا فتوى مفصلة في ذلك لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في جواب السؤال رقم (82146) .
ثانيا:
لا يجوز شراء أسهم الشركات التي تقترض بالربا، أو تودع جزءا من أموال المساهمين في البنوك الربوية لغير ضرورة الحفظ، وهذا ما يسمى بالأسهم المختلطة، وراجع جواب السؤال رقم 45319.
ثالثا:
الشركة المذكورة لا علم لنا بحالها، ولعلك بسؤال الشركة نفسها تتوصل إلى حقيقتها، أو بالاطلاع على نشرة ميزانيتها، وهذا أدق، لكنه يكون في نهاية العام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5557)
التورق المصرفي المنظم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الشرع في القروض التي يقدمها البنك السعودي البريطاني تحت مسمى التورق؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
التورق هو أن يشتري الإنسان السلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها – لغير من اشتراها منه - بثمن حالٍّ أقل، وسميت المعاملة بذلك نسبة إلى الورِق وهي الفضة، لأن المشتري لا غرض له في السلعة وإنما يريد النقود.
وهذه المعاملة جائزة عند جمهور العلماء.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (14/147) : " والتورق في الاصطلاح أن يشتري سلعة نسيئة , ثم يبيعها نقدا - لغير البائع - بأقل مما اشتراها به ; ليحصل بذلك على النقد. ولم ترد التسمية بهذا المصطلح إلا عند فقهاء الحنابلة , أما غيرهم فقد تكلموا عنها في مسائل (بيع العينة) ... حكم التورق: جمهور العلماء على إباحته سواء من سماه تورقا وهم الحنابلة، أو من لم يسمه بهذا الاسم وهم من عدا الحنابلة. لعموم قوله تعالى: (وأحل الله البيع) ولقوله صلى الله عليه وسلم - لعامله على خيبر: (بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا) [و"الجمع" و "الجنيب" نوعان من أنواع التمر] . ولأنه لم يظهر فيه قصد الربا ولا صورته. وكرهه عمر بن عبد العزيز ومحمد بن الحسن الشيباني. وقال ابن الهمام: هو خلاف الأولى , واختار تحريمه ابن تيمية وابن القيم لأنه بيع المضطر والمذهب عند الحنابلة إباحته " انتهى.
وأما إذا باع السلعة لمن اشتراها منه، فهذا هو بيع العينة كما سبق، وهو محرم. وراجع جواب السؤال رقم (45042) .
ثانيا:
التورق الذي يتم عن طريق البنوك له ثلاث صور:
الأولى: أن يشتري البنك السلعة شراء حقيقيا، ثم يبيعها على العميل بالأقساط. وإذا ملكها العميل وقبضها باعها – لغير البنك - بثمن حال أقل، وهذه المعاملة جائزة.
الصورة الثانية: ألا يشتري البنك السلعة، وإنما يدفع ثمنها عن العميل، مقابل أخذ ثمن أعلى مقسط، ثم يتولى العميل بيع السلعة أو يوكل البنك في بيعها. وهذه المعاملة محرمة؛ لأنها حيلة على ارتكاب الربا، لأن حقيقة المعاملة أن البنك أقرض العميل ثمن السلعة، وأخذه مع زيادة. وراجع جواب السؤال رقم (36408) .
الصورة الثالثة: وتسمى التورق المصرفي المنظم: أن يشتري البنك السلعة، ثم يبيعها على العميل بالأقساط، دون أن يقبض البنك السلعة قبل بيعها، ويقوم العميل بتوكيل البنك في بيعها بثمن أقل، والعميل لم يقبض السلعة أيضا، ولم يرها، وهو غير مهتم بها غالبا، وإنما غرضه النقود، وهذه الصورة محرمة كالتي قبلها، وقد شاع وجودها في هذه الأيام، وتعاملت بها بعض البنوك على أنها صورة مشروعة من التورق، وقد أفتى عدد من أهل العلم بتحريمها، كما صدر عن مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قرار بالتحريم، وقد ذكرنا نص القرار في جواب السؤال رقم (98124) .
وانظر للتعرف على حقيقة هذا التورق والأسباب الداعية إلى تحريمه:
http://69.20.50.243/shubily/qa/ans.php?qno=46#_ftn2
http://www.almoslim.net/articles/show_article_main.cfm?id=974
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5558)
حكم شراء أسهم نقية عن طريق البنوك الربويَّة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء الأسهم في شركات غير محرمة، ولكنها تشترط لشراء أسهمها أن يتم عن طريق البنوك فقط؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز شراء أسهم الشركات المباحة عن طريق البنوك، وما تستوفيه البنوك الربوية من أموال من المشتري أو من الشركة إنما هو مقابل خدمة الوساطة، وهي أجرة مباحة لهم لأنها مقابل عمل مباح.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
"معاملة البنوك على وجه مباح: لا بأس بها، فمثلاً: لي أن أشتري منهم، أو أصرف منهم، أو أحوِّل عن طريقهم، فلا بأس بهذا؛ لكن المحظور هو الربا، فإذا لم يكن رباً: فلا بأس، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه اشترى من اليهود، وقبِل الهدية منهم، وهم يأكلون السحت، ويأخذون الربا، وقد مات عليه الصلاة والسلام ودرعُه مرهونة عند يهودي".
" لقاءات الباب المفتوح " (70 / السؤال رقم 7) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5559)
بيع المرابحة للآمر بالشراء
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندنا مؤسسة مهمتها تنمية أموال الأيتام مسؤول عنها قاضي القضاة والمحاكم الشرعية وهي تعنى بأموال الأيتام وتنميتها عن طريق تشغيلها بالمشاريع والإقراض، طريقة هذه المؤسسة تقوم على التالي:- أن يقوم الشخص الراغب بشراء أي سلعة (شقة، سيارة، أثاث، أرض) باختيار هذه السلعة، ثم يذهب إلى هذه المؤسسة التي تنتدب أحد موظفيها لمعاينة هذه السلعة، ثمّ تقوم المؤسسة بشراء هذه السلعة، ثم تقوم ببيعها للشخص الذي يرغب بشرائها بطريقة التقسيط والمرابحة (نسبة ربح معينة 5%) . هل هناك أي شك بالربا في هذه الطريقة في البيع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
رعاية الأيتام، واستثمار أموالهم وتنميتها بما يعود بالنفع عليهم، عمل صالح نافع، نسأل الله أن يجزي القائمين عليه خير الجزاء، وهو داخل في كفالة اليتيم التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: " (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) رواه البخاري (5304) ومسلم (2983) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " (كَافِل الْيَتِيم) الْقَائِم بِأُمُورِهِ مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ , وَهَذِهِ الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه , أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة " انتهى.
وقد ورد في الاتجار في مال اليتيم ما جاء عن عمر رضي الله: (ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة) أخرجه الدارقطني والبيهقي وقال: " هذا إسناد صحيح، وله شواهد عن عمر رضى الله عنه ". ويروى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وضعف الألباني رحمه الله الحديث مرفوعا وموقوفا.
انظر: "إرواء الغليل" (3/258) .
ثانيا:
الصورة المسئول عنها يسميها العلماء: بيع المرابحة للآمر بالشراء، وحاصلها: أن الإنسان قد يرغب في سلعة ما، فيذهب إلى شخص أو مؤسسة أو مصرف، فيحدد له السلعة المطلوبة، ومواصفاتها، ويعده أن يشتريها منه بعد شراء المؤسسة أو المصرف لها، بربح يتفقان عليه، وهذه المعاملة لا تجوز إلا عند توفر شرطين:
الأول: أن تمتلك المؤسسة هذه السلعة قبل أن تبيعها، فتشتري الشقة أو السيارة لنفسها شراء حقيقيا، قبل أن تبيعها على الراغب والطالب لها.
الثاني: أن تقبض المؤسسة السلعة قبل بيعها على العميل. وقبضُ كل شيء بحسبه، فقبض السيارة مثلا يكون بنقلها من محلها، وقبض الدار بتخليتها واستلام مفاتيحها، وهكذا.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة، وبيان ذلك:
أن المصرف أو المؤسسة إذا لم تشتر السلعة لنفسها شراء حقيقيا، وإنما اكتفت، بدفع شيك بالمبلغ عن العميل، كان هذا قرضا ربويا؛ إذ حقيقته أنها أقرضت العميل ثمن السلعة (مائة ألف مثلا) على أن تسترده مائة وسبعة آلاف.
وإذا اشترت السلعة لكن باعتها قبل قبضها، كان ذلك مخالفاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: (إذا اشتريت مبيعاً فلا تبعه حتى تقبضه) رواه أحمد (15399) والنسائي (4613) وصححه الألباني في صحيح الجامع (342) .
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه) رواه البخاري (2132) ، ومسلم (1525) ، وزاد: قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله. أي: لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك.
وقبض كل شيء بحسبه كما سبق، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وما ينقل: مثل الثياب والحيوان والسيارات وما أشبه ذلك يحصل قبضها بنقلها؛ لأن هذا هو العرف " انتهى من "الشرح الممتع" (8/381) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/153) : " إذا طلب إنسان من آخر أن يشتري سيارة معينة أو موصوفة بوصف يضبطها، ووعده أن يشتريها منه، فاشتراها من، طُلبت منه، وقبضها، جاز لمن طلبها أن يشتريها منه بعد ذلك نقدا أو أقساطا مؤجلة، بربح معلوم، وليس هذا من بيع الإنسان ما ليس عنده؛ لأن من طُلبت منه السلعة إنما باعها على طالبها بعد أن اشتراها وقبضها، وليس له أن يبيعها على صديقه مثلا قبل أن يشتريها أو بعد شرائه إياها وقبل قبضها؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم " انتهى.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار يفيد جواز بيع المرابحة بهذه الصورة.
ومما جاء فيه: "بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعاً، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه " انتهى من مجلة المجمع (5/2/753، 965) .
وعلى هذا، فإذا كانت المؤسسة المسئول عنها، تشتري السلعة شراءً حقيقياً، ليس صورياً على الأوراق فقط، وتنقلها من مكانها ثم تبيعها، فالبيع صحيح، وهذه المعاملة جائزة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5560)
الاستدانة من أجل الدخول في المساهمات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم فيمن يستدين من أجل الدخول في المساهمات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا ينبغي للإنسان أن يتوسع في الاستدانة، بل ينبغي أن لا يستدين إلا لحاجة أو ضرورة.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الدين، روى البخاري (833) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. [والمغرم هو الدين] فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ! فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ) .
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو بقضاء الدين:
فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ) رواه البخاري (4888) .
ومن خطورة الدين: أن الشهيد الذي مات في سبيل الله في المعركة، لا يغفر له الدين.
روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْن) .
وروى النسائي (4605) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ! فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ) حسنه الألباني في صحيح النسائي (4367) .
فلهذه الأدلة - وغيرها – ينبغي للإنسان ألا يتوسع في الديون، فيقترض لحاجة، ولغير حاجة، أو يقترض مبالغ كبيرة من أجل الدخول بها في تجارة، ولا يدري قد لا يوفق في هذه التجارة، فماذا سيكون تصرفه؟ وكيف يمكنه أن يسدد مبالغ كبيرة من راتبه الذي لا يكاد يكفيه؟!
ولهذا، فعلى العاقل أن يقنع بما رزقه الله من الرزق الحلال، ولا ينظر إلى من هو فوقه في أمور الدنيا والمال، وإنما ينظر إلى من هو تحته، وأقل منه مالاً، فإن كان راتبه لا يكفيه، فليبحث عن عمل آخر، يرزقه الله تعالى منه ما يكفيه، أما أن يخاطر ويقترض ما يعجز عن تسديده، فهذا مما لا ينبغي.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ما حكم المساهمة مع الشركات؟ وما حكم الاقتراض لشراء الأسهم؟
فأجاب: "وضع الأسهم في الشركات فيه نظر، لأننا سمعنا أنهم يضعون فلوسهم لدى بنوك أجنبية، أو شبه أجنبية ويأخذون عليها أرباحاً، وهذا من الربا، فإن صح ذلك فإن وضع الأسهم فيها حرام، ومن كبائر الذنوب؛ لأن الربا من أعظم الكبائر، أما إن كانت خالية من هذا فإن وضع الأسهم فيها حلال إذا لم يكن هناك محذور شرعي آخر.
وأما استدانة الشخص ليضع ما استدانه في هذه الأسهم فإنه من السفه، سواء استدان ذلك بطريق شرعي كالقرض، أو بطريق ربوي صريح، أو بطريق ربوي بحيلة يخادع بها ربه والمؤمنين، وذلك لأنه لا يدري هل يستطيع الوفاء في المستقبل أم لا، فكيف يشغل ذمته بهذا الدين، وإذا كان الله تعالى يقول: (وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) ولم يرشد هؤلاء المعدمين إلى الاستقراض مع أن الحاجة إلى النكاح أشد من الحاجة إلى كثرة المال، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد من لم يستطع الباءة إلى ذلك، ولم يرشد من لم يجد خاتماً من حديد يجعله مهراً إلى ذلك، فإذا كان هذا، دل على أن الشارع لا يحب أن يشغل المرء ذمته بالديون، فليحذر العاقل الحريص على دينه وسمعته من التورط في الديون " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/195) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5561)
إشكالات وجوابها في بيع أسهم الشركات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع أسهم الشركات؟ أسأل هذا السؤال لأنني سمعت أن هناك من يحرمها لأن الشركات يكون في خزينتها نقود، فيكون هذا بيعاً للنقود بالنقود، وهو غير جائز في الشرع إلا بشروط معينة. ويقول أيضاً: إن الشركات يكون لها ديون وعليها ديون , وبيع الدين لا يجوز إلا بشروط معينة أيضاً. وأيضاً: نصيب هذا السهم في الشركة غير معروف تحديداً , فيكون فيه نوع من الجهالة فلا يصح البيع. فما رأيكم في هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تقدم في جواب السؤال (8590) أنه لا حرج في بيع الأسهم وشرائها والمتاجرة فيها إذا لم يكن نشاط الشركة محرماً.
وأما كون الشركة عندها نقود أو ديون فإن دخول النقود والديون في بيع الأسهم ليس مقصوداً، وإنما جاء تبعاً , وقد ذكر العلماء قاعدة: (أنه يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً) بمعنى أنه يغتفر في الشيء التابع ما لا يغتفر في الشيء المستقل , فهذه النقود والديون إذا بيعت على سبيل الاستقلال لم يصح البيع إلا بشروط معينة، أما إذا دخلت في البيع تبعاً وليست هي المقصودة فلا بأس بذلك.
وأما كون ما يقابل السهم من ممتلكات الشركة مجهولاً , فالجواب عن هذا أن يقال: بل هو معلوم على سبيل الإجمال , وهذا العلم الإجمالي يكفي لصحة البيع , وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الجهل اليسير لا يمنع صحة البيع.
ويدل لصحة بيع السهم ولو كان في الشركة نقود، ولو كان نصيب السهم ليس معلوماً بدقة: " ما ورد أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما توفى كان ذا مال كثير , فراضى ورثته إحدى زوجاته وهي تماضر الأشجعية على أن تأخذ مقابل سهمها في الميراث مبلغ ثمانين ألف دينار , وكانت التركة تشمل نقوداً وعقاراً ورقيقاً وحيواناً , وكان هذا بعد أن استشار الخليفة عثمان الصحابة , فكان إجماعاً , ولم تكن الدقة في معرفة التركة وتعدد أنواعها وكونها غير مصفاة مانعاً من ذلك , وهذا هو عين بيع الأسهم من الشركات سواء سميناه بيعاً أو صلحاً أو معاوضة " انتهى. قاله فضيلة الشيخ عبد الله البسام. "مجلة المجمع الفقهي" (4/1/712) .
وجاء في فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
" ورد إلينا استفتاء عن هذه الشركات المساهمة " كشركة الكهرباء، والأسمنت، والغاز " ونحوها مما يشترك فيه المساهمون ثم يرغب بعضهم بيع شيء من سهامهم بمثل قيمتها أو أقل أو أكثر حسب نجاح تلك الشركة وضده، وذكر المستفتي أن الشركة عبارة عن رؤوس أموال بعضها نقد وبعضها ديون لها وعليها , وبعضها قيم ممتلكات وأدوات مما لا يمكن ضبطه بالرؤية ولا بالوصف، واستشكل السائل القول بجواز بيع تلك السهام، لأن المنصوص عليه اشتراط معرفة المتبايعَيْن للمبيع، كما أنه لا يجوز بيع الدًّين في الذمم، وذكر أن هذا مما عمت به البلوى.
هذا حاصل السؤال منه، ومن غيره ـ عن حكم هذه المسألة.
والجواب: الحمد لله. لا يخفى أن الشريعة الإسلامية كفيلة ببيان كل ما يحتاج الناس إليه في معاشهم ومعادهم، قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ) النحل/89.
والكلام على هذا مبني على معرفة حكم عقد هذه الشركة ومساهمة الناس فيها , ولا ريب في جواز ذلك، ولا نعلم أصلاً من أصول الشرع يمنعه وينافيه، ولا أحداً من العلماء نازع فيه.
إذا عرف هذا فإنه إذا كان للإنسان أسهم في أية شركة وأراد بيع أسهمه منها فلا مانع من بيعها , بشرط معرفة الثمن، وأن يكون أصل ما فيه الاشتراك معلوماً، وأن تكون أسهمه منها معلومة أيضاً. فإن قيل: إن فيها جهالة، لعدم معرفة أعيان ممتلكات الشركة وصفاتها؟
فيقال: إن العلم في كل شيء بحسبه، فلابد أن يطلع المشتري على ما يمكن الاطلاع عليه بلا حرج ولا مشقة، ولابد أن يكون هناك معرفة عن حالة الشركة ونجاحها وأرباحها، وهذا مما لا يتعذر علمه في الغالب، لأن الشركة تصدر في كل سنة نشرات توضح فيها بيان أرباحها وخسارتها، كما تبين ممتلكاتها من عقارات ومكائن وأرصدة كما هو معلوم من الواقع، فالمعرفة الكلية ممكنة ولا بد، وتتبع الجزئيات في مثل هذا فيه حرج ومشقة، ومن القواعد المقررة: " أن المشقة تجلب التيسير " وقد صرح الفقهاء رحمهم الله باغتفار الجهالة في مسائل معروفة في أبواب متفرقة مثل جهالة أساس الحيطان، وغير ذلك.
فإن قيل: إن في هذه الشركات نقوداً، وبيع النقد بنقد لا يصح إلا بشرطه. فيقال: إن النقود هنا تابعة غير مقصودة، وإذا كانت بهذه المثابة فليس لها حكم مستقل، فانتفى محذور الربا، كما سيأتي في حديث ابن عمر.
فإن قيل: إن للشركة ديوناً في ذمم الغير، أو أن على تلك السهام المبيعة قسطاً من الديون التي قد تكون على أصل الشركة، وبيع الدَّيْن في الذمم لا يجوز إلا لمن هو عليه بشرطه.
فيقال: وهذا أيضاً من الأشياء التابعة التي لا تستقل بحكم بل هي تابعة لغيرها، والقاعدة: " أنه يثبت تبعاً مالا يثبت استقلالاً " ويدل على ذلك حديث ابن عمر مرفوعاً: (مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) رواه مسلم (1543) وغيره، فعموم الحديث يتاول مال العبد الموجود والذي له في ذمم الناس، ويدل عليه أيضاً حديث ابن عمر الآخر: (من باع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع) متفق عليه. ووجه الدلالة أن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها لا يجوز، لكن لما كانت تابعة لأصلها اغتفر فيها ما لم يغتفر لو كانت مستقلة بالعقد.
ومما يوضح ما ذكر: أن هذه الشركة ليس المقصود منها موجوداتها الحالية، وليست زيادتها أو نقصها بحسب ممتلكاتها وأقيامها الحاضرة، وإنما المقصود منها أمر وراء ذلك وهو نجاحها ومستقبلها وقوة الأمر في إنتاجها والحصول على أرباحها المستمرة غالباً , وبما ذكر يتضح وجه القول بجواز بيعها على هذه الصفة. والله سبحانه أعلم ". انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" المجلد السابع.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5562)
يسأل عن بنك الجزيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بنك الجزيرة في المملكة العربية السعودية ربوي أم إسلامي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الدكتور محمد بن سعود العصيمي حفظه الله: ما حكم الوظيفة في بنك الجزيرة؟ وهل إذا لقيت وظيفة أخرى أترك الوظيفة في بنك الجزيرة؟
فأجاب: "الأصل جواز التوظف في بنك الجزيرة، لأنه فيما يظهر ساعٍ في أسلمة عملياته كاملة. ولكن، ومن باب النصح، أرى أن تشترط لنفسك أن تعمل وفق قرارات الهيئة الشرعية , وإن ألزمت بعد العمل بما لا يوافق القرارات، فلا تترك العمل مباشرة، بل بلغ الهيئة الشرعية أولا، وخذ التوجيه منهم. ونحن وغيرنا على أحر من الجمر في انتظار انتهاء أسلمة البنك كاملا، ووفق الله القائمين عليه إلى كل خير , والله أعلم " انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=335
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5563)
السحب على الشهادات الإستثمارية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في مصر ما يسمى بشهادات الاستثمار التي تباع في البنوك, وتسمى الفئة (ج) وهي بدون فوائد, أي أن: لو اشتريت شهادة, ثم أردت أن أردها ولو بعد عشر سنوات أو أكثر أو أقل, فهي ترد بنفس السعر الذي اشتريت فيه. وبعد ذلك يقوم الكمبيوتر بسحب رقم من أرقم الشهادات المباعة في الجمهورية, ويكون هذا هو الفائز الأول, ويوجد فائز ثاني, وثالث إلى أكثر من (400) فائز, ويحصل الفائز الأول على عشرين ألف جنيه قيمة الفائزية. فأريد أن أعرف أنه لو اشتريت من هذه الشهادات ثم كنت من أحد الفائزين, فهل يجوز لي أن آخذ هذا المبلغ أم لا؟ وهل أكون مرتكباً إثماً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما ذكرته في سؤلك مما يتعلق بشهادة الاستثمار, نوع من أنواع القمار (اليانصيب) وهو محرم, بل من كبائر الذنوب, بالكتاب والسنة والإجماع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 13/305.(5/5564)
مبلغ كبير لصاحب شهادة استثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[يصدر البنك XXX شهادات استثمار (المجموعة ج) وهي عبارة عن شهادات تشترى من البنك, ويجري السحب عليها (الشهادة المشتراة) شهرياً, والشهادة التي تفوز تربح مبلغاً كبيراً من المال. مع احتفاظ صاحب الشهادة إلى البنك واخذ قيمتها في أي وقت شاء. فما حكم الشرع في هذا المبلغ الطائل من المال الذي يفوز به صاحب الشهادة الرابحة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكر, فهذه المعاملة من الميسر (القمار) , وهو من كبائر الذنوب, لقوله تعالى: (يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) سورة المائدة 91,90. فعلى من يتعامل به أن يتوب إلى الله, ويستغفره, ويجتنب التعامل به, وعليه أن يتخلص مما كسبه منه, عسى الله أن يتوب عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 13/301.(5/5565)
الاستثمار في الأندية الكروية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء أسهم أندية الكرة في أوروبا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، فأجاب حفظه الله:
في الكرة مفاسد (كثيرة) من كشف عورات وشتائم (وغير ذلك) ، فالمشاركة فيها محرمة، ليبحثوا عن غيرها، ويرزقهم الله. انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5566)
الاشتراك في برنامج وطني لتقسيط الأسهم السعودية للراجحي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم "برنامج وطني لتقسيط الأسهم السعودية" في بنك الراجحي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بعد الاطلاع على " برنامج وطني لتمويل أو تقسيط الأسهم" من خلال موقع شركة الراجحي المصرفية، تبين أنه يقوم على المرابحة في الأسهم، بحيث تشتري الشركة (البنك) الأسهم التي يريدها العميل، ثم تبيعها عليه بالأقساط، والعميل له الحرية في اختيار الأسهم التي يرغب في شرائها.
ومما جاء في النشرة التعريفية: " ... والذي يعطي العميل الفرصة لامتلاك أسهم الشركات التي يرغبها وبالكمية المطلوبة ومن ثم يقوم بسدادها بأقساط مريحة ".
ومعلوم أن الأسهم منها ما هو نقي، ومنها ما هو مختلط، والشركة تتعامل بالنوعين، والذي نعتمده في هذا الموقع هو تحريم التعامل في الأسهم المختلطة.
وعليه فلا حرج من الدخول في برنامج وطني لتقسيط الأسهم، بشرط شراء أسهم شركات نقية، لا مختلطة.
قال الدكتور محمد بن سعود العصيمي فيما يخص سؤالك:
" وأما شراء أسهم نقية من الراجحي بالأجل على أن تسددها بعد ذلك بربح فلا بأس به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5567)
شراء أسهم شركات كمبيوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء أسهم شركات الكمبيوتر وما شابهها، مع ذكر السبب؟ وإذا كان جائزا، فهل تجوز المساهمة في الشركات التي تستثمر المال في بيع وشراء أسهم شركات أخرى لا تتعامل إلا في الأجهزة التكنولوجية فقط، مع ذكر السبب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للإنسان أن يساهم في هذه الشركات إذا كانت لا تتعامل بالربا (ولا تبيع أمراً محرماً ولا تتعامل بطريقة غير شرعية) فإن كان تعاملها بالربا فلا يجوز، وذلك لثبوت تحريم التعامل بالربا في الكتاب والسنة والإجماع
ويراجع كتاب فتاوى إسلامية 2/392، ويراجع سؤال رقم 8590
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5568)
الاستثمار في شبكات خدمات الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد فتح الله أمامي الطريق إلى جنته مؤخرا وأصبحت مسلما. وما أود أن أعرفه هو رأي الإسلام في الإنترنت. فأنا لدي الرغبة في الاستثمار في شركة مايكروسوفت التي توفر خدمة الإنترنت. وكما نعرف فإن الأمر بيد مستخدم الإنترنت في أن يقرر ما يريد أن يشاهده: صور النساء العاريات أم المعلومات المفيدة، ولكني أعرف أن 60% من مستخدمي الإنترنت في الولايات المتحدة يستخدمون الشبكة لمشاهدة المواقع السيئة.]ـ
[الْجَوَابُ]
ما دامت المسألة قد اشتبهت عليك وما دمت تقول إنّ هذا النّوع من الاستثمار فيه فتح المجال للمستخدم للدخول إلى الصفحات النافعة والضارّة وأنّ أكثر من نصف المشتركين يستعملون الصّفحات الضارّة فاعمل إذن بقول النبي صلى الله عليه: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ) . رواه الترمذي 2442 وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. واترك هذا المجال وابحث عن نوع آخر من الاستثمار يكون حلالا والله يوفقنا وإياك للكسب الطيّب.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5569)
حكم الاتجار في العملات
[السُّؤَالُ]
ـ[أبحث عن معلومات عن الاستثمار في العملات (FOREX Market) . كما هو الحال هذه الأيام، فقد أصبح أمرا شائعا كثيرا أن يستثمر الناس في اليورو من أجل الربح. وهناك سمسار يتصل بي دائما كي أستثمر في الدولارات الأمريكية واليورو. فهل تجوز التجارة في العملات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاتجار بالعملات يجوز بشرط أن يحصل التقابض في مجلس العقد، فيجوز بيع اليورو بالدولار بشرط أن يقع الاستلام والتسليم في مجلس العقد، وأما إذا اتفقت العملة كأن يبيع دولاراً بدولارين فهذا لا يجوز لأنه من ربا الفضل، فلابد من التساوي والتقابض في مجلس العقد إذا اتحدت العملة، ودليل ذلك ما رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (1587) .
وجاء في "مجموع فتاوى ابن باز" (19/171– 174) :
" المعاملة بالبيع والشراء بالعُمَل جائزة، لكن بشرط التقابض يداً بيد إذا كانت العمل مختلفة، فإذا باع عملة ليبية بعملة أمريكية أو مصرية أو غيرهما يداً بيد فلا بأس، كأن يشتري دولارات بعملة ليبية يداً بيد، فيقبض منه ويُقبضه في المجلس، أو اشترى عملة مصرية أو إنجليزية أو غيرها بعملة ليبية أو غيرها يداً بيد فلا بأس، أما إذا كانت إلى أجل فلا يجوز، وهكذا إذا لم يحصل التقابض في المجلس فلا يجوز، لأنه والحال ما ذكر يعتبر نوعاً من المعاملات الربوية، فلا بد من التقابض في المجلس يداً بيد إذا كانت العُمَل مختلفة، أما إذا كانت من نوع واحد فلا بد من شرطين: التماثل والتقابض في المجلس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ. . . ثم ذكر الحديث) .
والعُمَل حكمها حكم ما ذكر، إن كانت مختلفة جاز التفاضل مع التقابض في المجلس، وإذا كانت نوعاً واحداً مثل دولارات بدولارات، أو دنانير بدنانير فلا بد من التقابض في المجلس والتماثل، والله ولي التوفيق " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5570)
التوفير في مكتب البريد وكيفية إخراج الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ من المال في مكتب البريد لم يبلغ النصاب وذهبت إلى بنك إسلامي ووضعت مبلغاً من المال، فكيف أحسب الزكاة - مع العلم عند جمع المبلغيْن يبلغ المبلغ النصاب -؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز وضع المال في مكاتب البريد، ولا في البنوك الربوية التي تأكل الربا وتوكله للمودعين، ولا يخلو المودع فيهما من هذا، فهو إما أن يكون آكلاً أو موكلاً للربا أو جامعاً بينهما.
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله) . رواه البخاري (5032) .
ثانياً:
من ملَك نقوداً تبلغ النصاب – ولو كانت متفرقة، بعضها في مكان وبعضها في مكان آخر- وجب عليه إخراج زكاتها إذا مَرَّ عليها الحول، ويبدأ حساب الحول من يوم بلوغ المال النصاب، فإذا تمت سنة هجرية أخرج الزكاة، وقيمتها ربع العشر (2.5 بالمئة) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5571)
المساهمة في " اتحاد الاتصالات " وكلمة عن تضارب الفتاوى فيها وفي غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[نرغب في فتوى صريحة عن حكم المساهمة في شركة اتحاد الاتصالات، والملاحظ هذه الأيام هو تضارب الفتاوى. حيث ما كان محرماً في السابق أصبح في هذه الأيام فتاوى تبيحه، وهذا قد جلب خسائر وأضراراً للكثير من الناس، ومثال على ذلك المساهمة في " التعاونية للتأمين "، والعمل في البنوك الربوية وما إلى ذلك، وقد سمعنا ببعض الفتاوى عن شركة اتحاد الاتصالات ولكنها مبهمة فيقال مثلا (ننصح بالامتناع عنها) ، وهذا لا يبيِّن تحليلها أم تحريمها، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أما فيما يتعلق بما أفتينا به هنا فنحن بفضل الله تعالى لم نغيِّر فتوانا في شيء مما ذكرتَه، ولو غيَّرنا شيئاً من أقوالنا لتبيُّن الدليل بخلاف ما ذكرنا ورجحنا لما عابنا ذلك؛ لأننا نتبع الحق فيما يظهر لنا، لكن هذه المسائل واضحة بيِّنة فلم نغيِّر فتوانا في شيء مما جاء في السؤال.
وقد بيَّنا حرمة العمل في البنوك الربوية في أجوبة كثيرة ومنها: جواب السؤال رقم (26771) – بتوسع – و (866) و (11349) .
وبيَّنا حكم " التعاونية للتأمين " في جواب السؤال رقم (36955) وفيه توسع في ذكر الأدلة وتحريم هذا العقد.
ثانياً:
أما ما تراه من اختلاف القول في المسألة الواحدة من أهل العلم والفتيا: فقد بيَّنا الموقف من اختلاف العلماء في جواب السؤال رقم (22652) وفيه – وهو ملخص كلام للشيخ ابن عثيمين -:
"إذا كان المسلم عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة والترجيح بينها ومعرفة الأصح والأرجح: وجب عليه ذلك، وأما إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء: فهذا عليه أن يسأل أهل العلم الذين يوثق بعلمهم ودينهم ويعمل بما يفتونه به، فإذا اختلفت أقوالهم: فإنه يتبع منهم الأوثق والأعلم، ولا يجوز للمسلم أن يأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواه ولو خالف الدليل، ولا أن يستفتي من يرى أنهم يتساهلون في الفتوى، بل عليه أن يحتاط لدينه فيسأل من أهل العلم من هو أكثر علماً، وأشد خشية لله تعالى" انتهى.
ثالثاً:
أما المساهمة في شركات الاتصالات فقد سبق بيانه في جواب السؤال رقم (34512) وقلنا هناك:
" ينبغي على المسلم الابتعاد عن الشبهات والتورع عن الدخول في المكاسب المختلطة ومن أصر على المساهمة واشترى أسهما منها فعليه أن يتخلص من أرباح الجزء المحرم من هذه المكاسب وذلك عن طريق التحري والسؤال والاجتهاد وغلبة الظن " انتهى.
والذي دعانا لهذا هو أن نشاط هذه الشركات مباح في الأصل، ولكن شابه شيء من المحرمات كبعض المسابقات التي هي نوع من الميسر، وغير ذلك.
فكان منا النصح بالابتعاد عن الشبهات، وهذا لمن لم يظهر له التحريم أو الجواز.
فالخلاصة: أننا نقول بالابتعاد عن هذه المساهمات؛ لأنها ليست حلالاً صرفاً، ونرى أن من أخذ بالقول الآخر فعليه أن يطهِّر ماله من الأرباح المحرمة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5572)
ما حكم شراء وبيع أسهم البنوك الإسلامية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم شراء وبيع أسهم البنوك الإسلامية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت هذه البنوك سمت نفسها بهذا الاسم (إسلامية) لخداع الناس، وهي تتعامل بالربا أو غيره من المعاملات المحرمة فليست بنوكاً إسلامية، ولا يجوز المساهمة فيها، ولا المتاجرة في أسهمها بالبيع والشراء، لأن ذلك من المعاونة لها على فعل المحرم، وقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
وأما إذا كانت هذه البنوك إسلاميةً حقيقةً، فتتقيد في معاملاتها بنصوص الوحيين: الكتاب والسنة، ولا تتعامل معاملات محرمة، فلا حرج في المساهمة فيها، والمتاجرة في أسهمها، بل ينبغي ذلك، لما فيه من تشجيعها ومساعدتها على ما تقابله من تحديات نتيجة لانتشار الربا والمعاملات المحرمة.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (47651) مواصفات البنك الإسلامي.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/506) :
" البنوك إذا أسست على ربا، وتتعامل بالربا، فلا تجوز المساهمة فيها، لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عنه بقوله: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) " انتهى.
وجاء فيها أيضاً (13/507) :
" تجوز المساهمة في البنوك التي لا تتعامل بالربا، والربح الذي يحصل عليه المساهم من البنك، وهو ناتج عن معاملة ليست بمحرمة لا شيء فيه، فهو حلال " انتهى.
وجاء فيها أيضاً (13/508) :
" المساهمة في البنوك أو الشركات التي تتعامل بالربا لا تجوز، وإذا أراد المكتتب أن يتخلص من مساهمته الربوية فيبيع أسهمه بما تساوي في السوق ويأخذ رأس ماله الأصلي فقط، والباقي ينفقه في وجوه البر، ولا يحل له أن يأخذ شيئاً من فوائد أسهمه أو أرباحها الربوية، أما إن كانت المساهمة في شركة لا تتعامل بالربا فأرباحها حلال " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5573)
حكم الاكتتاب في بنك البلاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاكتتاب في بنك البلاد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بنك البلاد لديه هيئة شرعية جيدة من أهل الفقه والتحري والتثبت، وقد أعلن مراراً أنه يريد أن يكون بنكاً إسلامياً، وأنظمته يجري كتابتها وصياغتها، فإذا كانت موافقة للشريعة وكانت أعماله التي سيجريها عند فتحه موافقة للشريعة فلا حرج في المشاركة فيه، وهذا لا يتم التأكد منه إلا بسؤال الثقات من أفراد هذه اللجنة الشرعية وبالممارسة التي ستحصل من البنك بعد افتتاحه.
فمن عرف جواز الأنظمة والممارسات جازت له المساهمة.
وقد أصدرت الهيئة الشرعية للبنك القرار التالي:
قرار الهيئة الشرعية لبنك البلاد: القرار ذو الرقم (100) بتاريخ 1/1/1426هـ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد درس فريق العمل الشرعي في بنك البلاد في اجتماعه (المائة) المنعقد يوم الخميس 01/01/1426هـ، ما ورد إليه من أسئلة عديدة حول حكم الاكتتاب في بنك البلاد، وقرر ما يأتي:
أولاً: يجوز الاكتتاب في بنك البلاد؛ لأن البنك يخضع لسياسة شرعية تلزمه بعرض جميع أعماله على الهيئة الشرعية والالتزام بقراراتها، ومراقبة تطبيقها من خلال إدارة الرقابة الشرعية، وتنص السياسة الشرعية للبنك على ما يأتي: "بتوفيق من الله التزم بنك البلاد على نفسه منذ بداية تأسيسه تطبيق الشرع المطهر في جميع معاملاته. كما يحمل على عاتقه مراعاة مقاصد الشريعة وغايات الاقتصاد الإسلامي. ولتحقيق هذا الهدف السامي التزم في نظامه بوجود هيئة شرعية مستقلة عن جميع إدارات البنك، يعرض عليها البنك جميع أعماله؛ للتأكد من مدى موافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية. وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى الآتي:
1. قرارات الهيئة الشرعية ملزمة لكل إدارات البنك.
2. لا يقدم أي منتج للعملاء إلا بعد عرضه على الهيئة الشرعية، وموافقتها عليه.
3. تقوم الهيئة بمراقبة أعمال البنك؛ للتأكد من موافقة الأعمال لقراراتها. وتتولى ذلك إدارة الرقابة الشرعية.
4. تعمل الهيئة الشرعية على تطوير المنتجات بما يتفق مع القواعد الشرعية، ويحقق أهداف الاقتصاد الإسلامي وغاياته.
5. على الهيئة الشرعية تحمل مسؤولية نشر الوعي المصرفي الإسلامي في البنك، وفي مختلف جهات المجتمع." أ. هـ.
وقد بدأ فريق العمل الشرعي في تنفيذ هذه السياسة منذ تشكيله في شهر ربيع الآخر لعام 1425هـ فدرس النظام الأساسي للبنك، وعقد التأسيس، ونشرة الاكتتاب المفصلة، ونشرة الاكتتاب المختصرة، ونموذج الاكتتاب، واتفاقية البنوك المشاركة في الاكتتاب، واتفاقية البنك مع مدير الاكتتاب؛ فلم يجد فيها ما يمنع من جواز الاكتتاب فيه والتعامل معه.
هذا وقد فرغ فريق العمل الشرعي من دراسة عدد من عقود البنك وإجازتها، وأنهى عدداً من الضوابط الشرعية لمعاملاته.
ثانياً: يجوز بيع أسهم البنك وشراؤها وتداولها بعد الإذن بتداول الأسهم في السوق؛ لأنه يملك موجودات ذات قيمة معتبرة شرعاً، ومنها: التراخيص الممنوحة للعمل كبنك، ووجود مبنى رئيس للإدارة العامة للبنك، وعدد من الفروع العاملة للبنك بتجهيزاتها يعمل فيها أكثر من ستمائة موظف، فضلاً عن وجود العديد من الأنظمة والأجهزة، إضافة للعلاقات التعاقدية مع مؤسسة النقد العربي السعودي، ومع أكثر من مئة بنك مراسل على مستوى العالم، ولأن التغيرات في قيمة السهم بعد بدء التداول لا ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة الموجودات العينية للشركة أو مطلوباتها، بل يؤثر فيها عوامل أخرى كالعرض والطلب على الأسهم والمؤشر العام، والحقوق المعنوية وغير ذلك.
ثالثاً: لا يجوز للمكتتب أن يستعمل اسم شخصٍ آخر في الاكتتاب، سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب الاسم أم بغير عوض، لما في ذلك من تجاوز الحد المستحق له نظاما، وتعديه على حق غيره ممن التزم بالنظام، إذ إن مقتضى العدالة أن تتكافأ فرص المساهمين في الحصول على الأسهم، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يحدد لكل واحد من المكتتبين سقف أعلى لا يتجاوزه، فالمنع من استخدام الشخص اسم غيره من السياسة الشرعية التي تتفق مع مقاصد الشريعة من جعل المال دولة بين الناس كلهم فقيرهم وغنيهم، لا أن يكون محصوراً بأيدي فئة قليلة. وفضلا عن ذلك، فإن هذا التصرف نوع من التدليس، وهو مظنة الخلاف والخصومة بين الأطراف.
رابعاً: يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الاكتتاب بقرضٍ حسنٍ يرده للمقرض بمثله بدون زيادة، فإن كان القرض مشروطاً بزيادة يدفعها المقترض للمقرض فهو محرم، سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلغ مقطوع، وسواء سمي ذلك تمويلاً أم تسهيلات بنكية أم غير ذلك، لأنه من الربا. وعوضاً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي لا يجد ما يكفي من المال الدخول مع صاحب المال في عقد مشاركة، وما يتحقق من ربح بعد بدء التداول يتقاسمانه بينهما بحسب اتفاقهما. ويشترط أن تكون الحصة المشروطة لكل منهما من الربح شائعة كأن يقول: خذ هذا المال وما كان من ربح فيه فلك 20% منه، ولي 80%، أما لو حددت حصة الواحد منهما بمبلغ مقطوع فلا يجوز كما لو قال: خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال من الربح ولي ما زاد على ذلك؛ لأن هذا يؤدي إلى قطع المشاركة في الربح، فقد لا تربح تلك الأسهم إلا المبلغ المذكور أو أقل، أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن.
ولا يخفى أن دخول صاحب المال في عقد مشاركة مع من سيسجل السهم باسمه أقرب إلى تحقيق العدل بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربح، لا سيما أن هذه المشاركة لا يظهر ما يمنع منها نظاماً، فقد نص نظام الشركات على جواز أن يكون السهم مملوكاً بالاشتراك لشخصين فأكثر، على أن يكون مسجلاً باسم شخص واحد في مقابل الشركة.
وفي الختام، نسأل الله أن يوفق القائمين على بنك البلاد للاستمرار بالالتزام بأحكام الشريعة، كما نحث القائمين على الشركات المساهمة على البعد عن المعاملات المحرمة في التمويل والاستثمار وغيرهما، ونحث المتعاملين في سوق المال على دعم الشركات المساهمة التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية.
وفق الله الجميع لهداه، وجعل العمل في رضاه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أعضاء فريق العمل الشرعي في بنك البلاد
الشيخ أ. د. عبد الله بن موسى العمار
الشيخ د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان
الشيخ د. يوسف بن عبد الله الشبيلي
الشيخ د. محمد بن سعود العصيمي
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5574)
هل يساهم في شركة تضع أموالها في البنوك ويخرج جزء من الأرباح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أباح العلماء المشاركة في الأسهم التي أصلها حلال وموضوعة في بنوك ربوية بشرط إخراج 15 % من أصل الأرباح في الصالح العام. والسؤال: هل يجوز إعطاؤها للأقارب للانتفاع بها مثلا الأم أو الإخوة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
أولاً:
المساهمة في الشركات والمؤسسات التجارية تجوز بشرط أن يكون بيعها وشراؤها لمواد مباحة، وأن لا تتعامل معاملات محرمة , ومن أعظم المحرمات: أكل الربا، فإذا اختل أحد هذين الشرطين بأن تاجرت الشركة بمواد محرمة أو أنتجت المصانع شيئاً محرماً , أو تعاملت بالربا: كانت المساهمة حراماً، ووجب ترك ذلك إلى ما يباح، وإخراج نسبة مئوية من الأرباح لا يجيز تلك المساهمة، ولا يحل ذلك الربح.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم المساهمة في الشركات.
فأجاب:
" وضع الأسهم في الشركات فيه نظر؛ لأننا سمعنا أنهم يضعون فلوسهم لدى بنوك أجنبية، أو شبه أجنبية ويأخذون عليها أرباحاً، وهذا من الربا، فإن صح ذلك: فإن وضع الأسهم فيها حرام، ومن كبائر الذنوب؛ لأن الربا من أعظم الكبائر، أما إن كانت خالية من هذا فإن وضع الأسهم فيها حلال إذا لم يكن هناك محذور شرعي آخر " انتهى.
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " (18 / السؤال رقم 119) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل يجوز المساهمة بالشركات والمؤسسات المطروحة أسهمها للاكتتاب العام في الوقت الذي نحن يساورنا الشك من أن هذه الشركات أو المؤسسات تتعامل بالربا في معاملاتها، ولم نتأكد من ذلك، مع العلم أننا لا نستطيع التأكد من ذلك، ولكن كما نسمع عنها من حديث الناس.
فأجابوا:
" الشركات والمؤسسات التي لا تتعامل بالربا وشيء من المحرمات: يجوز المساهمة فيها، وأما التي تتعامل بالربا وشيء من المحرمات: فيحرم المساهمة فيها.
وإذا شك في أمر شركة ما: فالأحوط له ألا يساهم عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (14 / 310، 311) .
وسبق في جواب السؤال رقم (21127) ذكر فتوى اللجنة الدائمة في حكم المساهمة في شركات خاصة بالأعمال الخيرية والزراعية والبنوك وشركات التأمين والبترول.
وفي جواب السؤال رقم (8590) تجد حكم المتاجرة بالأسهم المباحة والتحذير من المحرمة.
ثانياً:
الأموال التي يأخذها المساهم مساهمة محرمة يجب عليه – بعد سحب مساهمته وإيقافها – التخلص من الأموال الزائدة عن رأس ماله، وله أن يصرفها في وجوه الخير المختلفة، دون أن يرجع نفع ذلك لنفسه، فلا يُسقِط بها واجباً، ولا يدفع عن نفسه مضرة أو ظلماً , فلا يجوز له أن ينفق منها على نفسه , ولا على أهله الذين يجب عليه أن ينفق عليهم.
وانظر تفصيل هذا في جواب السؤال رقم: (292) و (81952) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5575)
حكم الاتجار بأسهم شركتي: (سابك وإسمنت)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاتجار بالأسهم الخاصة بالشركات الصناعية وخصوصا تلك المتداولة في السعودية مثل سابك وإسمنت, علما أنني لا أعلم كيف تدير مثل هذه الشركات أموالها؟ يرجى التفصيل إن أمكن.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل إباحة المساهمة في أي شركة لا تتعامل بمحرم من ربا وغيره، فإن تعاملت في محرم لم يجز المساهمة فيها؛ لأن السهم حصة شائعة في مال الشركة، فيحل ويحرم بحسب النشاط المتداول فيها.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (14/301) : هل تصح المساهمة في الشركات التجارية كشركة سابك، وشركة الراجحي للاستثمار ... ؟
فأجابت: "تجوز المساهمة في الشركات التي تتاجر في الحلال، بتنمية أموالها وأموال مساهميها عن طريق الاستثمارات الشرعية، والواجب على المسلم في هذا أن يسأل ويحتاط عن نشاط أي من الشركات، فإن وجدها على ما ذكر ساهم فيها، وإلا تركها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. عبد العزيز آل الشيخ.. عبد الله بن غديان.. صالح الفوزان.. بكر أبو زيد.
وينبغي التنبه إلى أن كثيرا من الشركات تضع جزءا من مال المساهمين في البنوك الربوية، وذلك لضمان عدم الخسارة، وتحصيل الفائدة الربوية، ودمجها مع أرباح الاستثمارات.
ولا يجوز المساهمة في هذا النوع من الشركات، لأنه أكل صريح للربا، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء. رواه مسلم (1598) .
ولا يكفي لإباحة هذه الأسهم أن يتخلص المساهم من نسبة الربا.
وينبغي أن يَعلم كل مساهم "أنه بمجرد شرائه أسهم شركة ما فإنه يكون شريكا فيها، ليس شريكا في المال فحسب، بل شريك في العمل أيضا، وكونه لا يباشر العمل ليس معناه عدم مشاركته فيه، فإن مباشرة جميع الشركاء أعمال الشركة أمر غير متصور، لكنه حاصل من خلال تفويضهم من يقوم بالعمل عنهم، ويعمل لحسابهم ... والمساهم في الشركات المشبوهة التي تزاول الربا ضمن أعمالها يكون بإسهامه هذا قد أكل الربا فاستحق بذلك اللعن، فإن لم يأكله، كأن تصدق به، فهو موكله، على أن المساهم في الشركة المساهمة المشبوهة ليس أقل شأنا من كاتبه وشاهديه اللذين لعنا في الحديث، وتصدقه بالربا لا يعني عدم إسهامه فيه" انتهى من "الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة" (1/751) ، رسالة دكتوراه أعدها الباحث: عبد الله بن محمد السعيدي.
وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992 م، قرار بشأن الأسهم، جاء فيه:
"أ- بما أن الأصل في المعاملات الحل فإن تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز.
ب - لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا أو إنتاج المحرمات أو المتاجرة بها.
ج - الأصل حرمة الإسهام في شركات تتعامل أحياناً بالمحرمات، كالربا ونحوه، بالرغم من أن أنشطتها الأساسية مشروعة" انتهى من مجلة المجمع (عدد 6، ج2 ص 1273 والعدد السابع ج 1 ص 73 والعدد التاسع ج2 ص5) .
كما صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلام في دورته الرابعة عشرة سنة 1415 هـ الموافق 1995 قرار بهذا الخصوص، جاء فيه:
"3- لا يجوز للمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في بعض معاملاتها ربا أو تصنيع المحرمات أو المتاجرة فيها.
4- إذا اشترى شخص وهو لا يعلم أن الشركة تتعامل بالربا، ثم علم فالواجب عليه الخروج منها.
والتحريم في ذلك واضح لعموم الأدلة من الكتاب والسنة في تحريم الربا؛ ولأن شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا مع علم المشتري بذلك يعني اشتراك المشتري نفسه في التعامل بالربا، لأن السهم يمثل جزءا شائعا من رأس مال الشركة، والمساهم يملك حصة شائعة في موجودات الشركة، فكل مال تقرضه الشركة بفائدة، أو تقترضه بفائدة فللمساهم نصيب منه، لأن الذين يباشرون الإقراض والاقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل نيابة عنه وبتوكيل منه، والتوكيل بعمل محرم لا يجوز.
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين" انتهى.
وممن وقع على هذا القرار: الشيخ عبد العزيز بن باز - رئيس المجمع- رحمه الله، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام، والشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ محمد بن عبد الله السبيل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5576)
هل الكسب من محل الإنترنت حلال أم حرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[استفسار عن مكسب الإنترنت حلال أم حرام مع العلم أن هذا المحل هو الدخل الوحيد لعائلة مسلمة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الإنترنت يستخدم في الحلال والحرام، والخير والشر، فإذا أمكن ضبط المحل ومنع استعمال الإنترنت على الوجه المحرم، فالكسب الناتج حينئذ حلال.
وإذا أهمل صاحب المحل في الإنكار على زبائنه ومنعِهم من الحرام، كان آثما، لعدم إنكاره المنكر، ولمعاونته لهم على الإثم والمعصية، وكان الكسب الناتج حينئذ خبيثا محرما.
وانظر السؤال (34672)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5577)
قرض بفائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[الدولة وضعت تمويلا خاصا للاستثمار بالنسبة للشباب العاطل عن العمل المتخرج من الجامعات. وهذا التمويل مقسم إلى جزأين:
الجزء الأول تمويل الاستثمار بـ 30 % من طرف صندوق تشغيل الشباب وإعادته خلال 5 سنوات بدون فوائد.
الجزء الثاني تمويل الاستثمار بـ 70% من طرف بنك الدولة وإعادته خلال مدة 5 سنوات بفائدة قدرها 4 %. ما هو الحكم الشرعي في هذا التمويل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا إشكال في الاستثمار عن طريق النوع الأول من التمويل، لأنه من القرض الحسن.
أما النوع الثاني: فهو قرض ربوي محرم، مهما كان حجم الفائدة الربوية.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: (وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة. ولأنه عقد إرفاق وقربة (يعني: القرض) ، فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه) المغني 6/436
فإن أمكنك الاشتراك في النوع الأول، فلا حرج عليك؛ لما ذكرنا من إباحته.
وإن كان ذلك مشروطا باشتراكك في النوع الثاني، حرمت المشاركة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5578)
كيف يتخلص من أسهم البنوك الربوية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اشترى أسهما من بنك يتعامل بالربا، ويريد الآن أن يتخلص منها، فماذا يفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز شراء أسهم البنوك الربوية، أو الشركات القائمة على الربا؛ لما في ذلك من أكل الربا , وقد لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ. رواه مسلم (1597) .
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره السابع بجدة في 1412هـ ما يلي:
" لا خلاف في حرمة الإسهام في شركات غرضها الأساسي محرم، كالتعامل بالربا، أو إنتاج المحرمات، أو المتاجرة بها " انتهى.
" مجلة المجمع الفقهي" العدد السابع، المجلد الأول، (ص711) .
ثانيا:
من ابتلي بشراء هذه الأسهم، فالواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، بالندم على ما فات، والعزم على عدم العود، وبالخروج من البنك أو الشركة، وبيع هذه الأسهم، وليس له إلا رأس ماله فقط، وما زاد على رأس المال فإنه ينفقه في وجوه البر.
سئل علماء اللجنة الدائمة: كانت لي مساهمات في شركة، وأفلست هذه الشركة قبل 25 عاما، وكان هناك أوصياء على الشركة، اشتروا بالمبلغ المتبقي أسهما في بنك الرياض قبل 25 عاما، بمبلغ ألف ريال للسهم الواحد، والآن ثمن السهم الواحد 30 ألف ريال، وأنا بحاجة لهذا المبلغ، فهل يجوز لي أن آخذ المبلغ الحالي للسهم؟ علما بأن شراءهم لأسهم بنك الرياض تم بدون علمنا طيلة هذه المدة.
فأجابوا: " تسلّم المبلغ كله، أصله وفائدته، ثم أمسك أصله؛ لأنه ملك لك، وتصدق بالفائدة في وجوه الخير؛ لأنها ربا، والله يغنيك من فضله، ويعوضك خيرا منها، ويعينك على قضاء حاجتك، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/506) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/508) أيضاً: " المساهمة في البنوك أو الشركات التي تتعامل بالربا لا تجوز، وإذا أراد المكتتب أن يتخلص من مساهمته الربوية فيبيع أسهمه بما تساوي في السوق، ويأخذ رأس ماله الأصلي فقط، والباقي ينفقه في وجوه البر، ولا يحل له أن يأخذ شيئا من فوائد أسهمه أو أرباحها الربوية، أما إن كانت المساهمة في شركة لا تتعامل بالربا فأرباحها حلال " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5579)
عشر نصائح للذين فقدوا أموالهم في شركات الاستثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي النصيحة التي تقدم لمن فقدوا أموالهم في شركات الاستثمار؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1- ينبغي على المسلم أن يسعى في استثمار أمواله في مجال مباح، ليس بمحرم، وأن يجتنب الشبهات.
2- أن يختار القوي الأمين القادر على إدارة المال وتنميته واستثماره الخبير بوجوه تقليبه.
3- أن يكون عقد المضاربة والاستثمار صحيحاً شرعاًَ، خالياً من الشروط الباطلة والمحرمة، فلا يجوز الدخول في عقد فيه ضمان رأس المال أو مبلغاً محدداً من الأرباح ويجب أن تكون نسبة الشريكين معلومة ... الخ.
4- على المضارب المستثمر أن يتقي الله تعالى في إدارته لأموال الناس، فلا يأخذ ما لا قدرة له على إدارته، ولا يقبل من أحد مالاً يعلم أنه سيُقصر في استثماره، وعليه أن يلتزم بشروط المضاربة، فإذا شرط لرب المال أن يستثمر المال في بلد معين، فلا يجوز أن يخرج عنه، وإذا شرط أن يستثمر له في مجال معين فلا يجوز أن يتعداه، ولا يجوز أن يحتال على الناس فيوهمهم أنه يربح وهو لا يربح، ومن الكبائر أن يعطي أرباح المساهمين القدامى من رؤوس أموال الجدد وليس عنده تجارة حقيقة ينمي فيها المال، ولا يجوز أن يغري الناس بنسب أرباح عالية وهو يعلم يقيناًَ أنه لا توجد لديه تجارة تنتج مثل هذه النسبة من الأرباح.
5- وعليه أن يخاف الله في أموال الناس فيوفر لها من الطاقم الإداري والمالي وأصحاب الخبرات، القادرين على تنمية هذه الأموال التي يستلمها الناس.
في حالة حدوث الخسارة:
- يجب على المضارب أن يكون صادقاً أميناً بإبلاغ الناس بحقيقة ما حصل.
- وإذا حصل منه تعد أو تفريط فعليه ضمان ما فرط فيه. ويتحمل هو الخسارة الناتجة من تضييعه وتفريطه.
- على رب المال إذا خسر أن يرضى بقضاء الله وقدره وأن يسعى إلى تخفيف المصيبة ومعالجة آثارها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من رأس المال بكل الطرق المباحة والمشروعة.
- إن الرضى بالقضاء والقدر يجنب من خسر ماله الانهيار النفسي والإحباط المعنوي، فلا يصاب بالجنون أو بسكتة قلبية، أو ينتحر كما يقع لبعض غير الصابرين، وعليه أن يتذكر الحقائق التالية:
المصائب التي تصيب الإنسان في نفسه، أو ماله أو في أسرته، أو في مجتمعه ليست شراً محضاً، يوجب الجزع بل هي خير للمؤمن إن أحسن تلقيها والتعامل معها، فهي:
أ – خير له كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رواه مسلم (2999) .
ب – لعل الله أراد به خيرا: روى البخاري (5645) عن أَبي هُرَيْرَةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ) .
قال الحافظ: قَالَ أَبُو عُبَيْد الْهَرَوِيُّ: مَعْنَاهُ يَبْتَلِيه بِالْمَصَائِبِ لِيُثِيبَهُ عَلَيْهَا.
ج- ولعل الله يحبه: (إِذَا أَحَبَّ اللَّه قَوْمًا اِبْتَلاهُمْ , فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْر، وَمَنْ جَزَع فَلَهُ الْجَزَع) . وَرُوَاته ثِقَات.
وعن سَخْبَرَة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (مَنْ أُعْطِيَ فَشَكَرَ , وَابْتُلِيَ فَصَبَرَ , وَظَلَمَ فَاسْتَغْفَرَ , وَظُلِمَ فَغَفَرَ , أُولَئِكَ لَهُمْ الأَمْن وَهُمْ مُهْتَدُونَ) . أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَن اهـ كلام الحافظ.
د- لقد أبان الله في كتابه طريقة تريح القلوب، وتهدئ ثائرة النفس، وذلك بالصبر والاسترجاع، وقرن ذلك بالجزاء الأوفى من الله، والثواب الذي يرفع الله به درجة الصابر المحتسب، وهو وعد من الله سينجزه سبحانه، كما قال سبحانه: (وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) البقرة/155-157.
قال القرطبي:
وقد جعل الله عز وجل، كلمات الاسترجاع، وهي قول المصاب: إنا لله وإنا إليه راجعون ملجأ وملاذاً لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين من الشيطان، لئلا يتسلط على المصاب فيوسوس له بالأفكار الرديئة، فيهيّج ما سكن، ويظهر ما كمن لأنه إذا لجأ لهذه الكلمات، الجامعات لمعاني الخير والبركة، فإن قوله: إنا لله إقرار بالعبودية، والملك واعتراف العبد لله، بما أصابه منه، فالملك يتصرف في ملكه كيف يشاء، وقوله: إنا إليه راجعون إقرار بأن الله يهلكنا، ثم يبعثنا، فله الحكم في الأولى، وله المرجع في الأخرى , وفيه كذلك رجاء من عند الله بالثواب.
ومن بركة هذا الاسترجاع العاجلة، بالإضافة إلى ما ذكر، ما ورد عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله به: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله خيراً منها.
هـ - أنها كفارة للسيئات لما روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا. رواه البخاري ومسلم.
د – أنّ المطلوب التماسك والصبر عند أول سماع الأنباء السيئة وورود خبر انهيار شركات الاستثمار مثلا وهذا يحمي من الجلطة والسكتة والانهيارات النفسية والعصبية، بالإضافة إلى أنّ الصبر الذي يثاب عليه المرء هو ما كان عند بداية الصدمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى. رواه البخاري (1238) ومسلم (926) .
قال النووي: مَعْنَاهُ الصَّبْر الْكَامِل الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الأَجْر الْجَزِيل لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّة فِيهِ اهـ.
و إن العبد إذا أحسن التعامل مع المصيبة صارت في حقه نعمة، إذ يكفر الله بها من خطاياه، ويرفع بها درجته.
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
ز - على المسلم أن يوقن يأن ذهاب ماله ليس دليلا على إهانة الله له فقد أخبرنا الله أن الغنى والفقر مطيتا الابتلاء والامتحان. فقال سبحانه: (فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) الفجر / 16.
ح - على المسلم أن يقتدي عند المصيبة بمن سبق من أهل البلاء من عباد الله الصالحين، قال تعالى في تفريجه عن أيوب عليه السلام (رحمة من عندنا) أي رفعنا عنه شدته وكشفنا ما به من ضر رحمة منا به ورأفة واحسانا (وذكرى للعابدين) أي تذكرة لمن ابتلى في جسده أو ماله أو ولده فله أسوة بنبي الله أيوب حيث ابتلاه الله بما هو أعظم من ذلك فصبر واحتسب حتى فرج الله عنه
وقد جاء للوليد بن عبد الملك شيخ من عبس كفيف البصر، ولما جلس عنده في عشية أحد أيام، سأله الوليد عن حاله؟ فقال: يا أمير المؤمنين، لقد بت في ليلة من الليالي، وما في عبس رجل أكثر مني مالاً، وخيلاً وإبلاً، وولداً ولا أعزهم نفراً، وأكثرهم جاهاً.
فطرقنا سيل ذهب بالأهل والولد والمال، ولم يبق من ظعننا إلا غلام ولد حديثاً، وبكر شرود وهو ولد الناقة الصغير , فاتجهت للصبي وحملته، ثم لحقت بالبكر الذي ند، ولما عجزت عن اللحاق به، وضعت الصبي في الأرض، وسرت وراء البكر، فسمعت صراخ الصبي، ولما رجعت إليه وجدت الذئب قد أكله، فلحقت بالبعير، ولما أمسكت به، رمحني برجله على وجهي، فذهب بصري، وألقاني على قفاي , ولما أفقت إذا بي في المساء من أصحاب الثروة والمال والحلال، والولد والجاه والمكانة بين القبائل، قد أصبحت في الغداة، صفر اليدين لا بصر في عينيّ، ولا ولد ولا أهل ولا مال، فحمدت الله على ذلك، فقال الوليد: اذهبوا به إلى عروة بن الزبير، ليعلم أن في الدنيا من هو أكثر منه بلاء، وأشد تحملا وصبراً.
فإذا ابتليت بمحنة فاصبر لها صبر الكريم فإن ذلك أحكم
وإذا ابتليت بكربة فالبس لها ثوب السكوت فإن ذلك أسلم
لا تشكونّ إلى العباد فإنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
وكم من بلاء يكون نعمة على صاحبه، فرب عبد تكون الخيرة له في الفقر والمرض، ولو صح بدنه وكثر ماله لبطر وبغى (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) الشورى / 27 0
كن عن همومك معرضا وكل الأمور إلى القضا
وأبشر بخير عاجل تنسى به ما قد مضى
فلرب أمر مسخط لك في عواقبه رضى
ولربما ضاق المضيق ولربما اتسع الفضا
الله يفعل ما يشاء فلا تكن معترضا
الله عودك الجميل فقس على ما قد مضى
ط- إن انهيار شركات الاستثمار لا يعني أنه لا يرجع إليه شيء من ماله بل ربما يعود إليه نصفه أو أكثر أو أقل، وحتى لو خسر المال كله فليست تلك نهاية العالم، ولا فقدان كل الأمل بل يمكن أن يرزقه الله مالاًَ آخر في المستقبل ويعوضه إذا صبر.
6- تجب التوبة إلى الله على كل من كذب بالمعلومات أو أوهم غيره بشيء غير حقيقي أو استعمل التلبيس والتدليس، أو كان يأخذ مالاً من الناس لاستثماره بأمر معين ثم يخدعهم بوضعه في شركات الاستثمار المنهارة ويقسم الربح بينه وبينهم.
وكذلك من غامر بأموال الناس أو بمدخرات أخته أو أمه أو زوجته ولم يبين لها حقيقة ما سيفعله بمالها وكذلك من اقترض بالربا ليدخل في شركات الاستثمار هذه، ولعل في انكشاف الحقائق دروساً عظيمة وعبراًَ بليغة تجب الاستفادة منها.
7- ينبغي على الناصحين والذين سبق وأن حذروا الناس من أمثال هذه المغامرات، أن يعلموا أنه لا مجال للشماتة في مثل هذه الأحوال وأن عليهم السعي بكل وسيلة لتخفيف المصاب، والتسلية عن الأحزان وتقديم أنواع المساندة للمتضررين.
8- إن الدين الإسلامي وأهله الصادقين المتمسكين به لا يتحملون بأي حال من الأحوال نتائج أي عمل من أعمال الكذب أو الغش أو التدليس أو الخيانة أو سوء التصرف أو المغامرة بالأموال على غير هدى والخبط العشوائي فيها وتبديدها ي مجالات خاسرة أو تعريضها للنصب والاحتيال وإنما يتحمل كل مذنب ومفرط جريرة ما فعله هو وحده ولا يجوز أن يحمَّل الآخرون نتيجة طيشه ومسؤولية سوء تصرفه أو كذبه واحتياله قال الله تعالى: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وقال تعالى: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) وقال (اعدلوا هو أقرب للتقوى) وقال تعالى: (كونوا قوامين بالقسط) .
9- يجب سلوك السبل الشرعية عند حصول الخسائر فيقسم المال الباقي بعد الخسارة على أصحاب رأس المال فيكونون أسوة فيعطى كل منهم نسبة من المال الباقي بحسب نسبته من رأس المال الأصلي.
ولا يجوز أن يقوم سوق السماسرة المحرم بشراء الديون والأموال التي لم يتم تحصيلها بمبالغ أقل لأن ذلك يجمع بين ربا الفضل وربا النسيئة، والربا من أكبر الكبائر.
10- ينبغي على المسلمين أن يتسع صدور بعضهم لبعض، فلا مجال للسباب أو المشاتمة أو طلاق الزوجة أو العقوق وقطع الرحم أو الاعتداء على الآخرين.
وينبغي على المقتدرين من المسلمين المساعدة بما أمكن في تعويض أصحاب رأس المال من المساكين والضعفاء والأيتام والأرامل، والعجائز، وأصحاب الدخول المحدودة والذين باعوا بيوتهم، وسياراتهم وقاموا بتصفية تجاراتهم لوضعها في الاستثمار الخاسر، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأموال الخيرية التي وضع بعضها ظلماً وعدواناً في هذه المضاربات بلا إذن من المتبرعين بها وليس وراءها أصوات تلح وتطالب بحقها.
وعلى المحامين المسلمين السعي في إعانة الضعفاء على تحصيل حقوقهم واحتساب الأجر في استنقاذ الأموال الخيرية، وتبرئة الأبرياء وتقديم المشورة والنصح في الدين.
نسأل الله أن يخلف للمصابين وأن يعوضهم خيرا من عنده ويرزقهم الصبر على ما أصابهم وهو خير الرازقين.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5580)
أسهم شركات الاتصالات والخدمات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء أسهم شركات الاتصالات علماً أن هذه الشركات تزود قطاعات تعمل في المحرمات كبنوك الربا وغيرها، ويتم عن طريقها خدمات محرمة أخرى مثل مسابقات الميسر التلفزيونية وخطوط 700 لطلبات الموسيقى والأغاني وغير ذلك بالإضافة إلى الخدمات الجائزة الكثيرة والمباحة كما هو معلوم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي على المسلم الابتعاد عن الشبهات والتورع عن الدخول في المكاسب المختلطة ومن أصر على المساهمة واشترى أسهما منها فعليه أن يتخلص من أرباح الجزء المحرم من هذه المكاسب وذلك عن طريق التحري والسؤال والاجتهاد وغلبة الظن.
نسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه وأن يغنينا بفضله عمن سواه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5581)
المتاجرة بالأسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[يستثمر العديد من المسلمين في الأسهم (سوق الأسهم) . ويقولون أنه طالما وجدت مخاطرة احتمال المكسب والخسارة , وطالما أن هذا النوع من الاستثمار يتصل بالأعمال التجارية ولا يشمل التداول الجانبي للأسهم؟ أو الضلوع في استثمارات بفوائد, فلم لا. نرجو توضيح حدود الاستثمار في سوق الأسهم, وهل هو محرم, ولماذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بأس ببيع الأسهم وشرائها إذا كانت أسهماً لشركات مباحة، فإذا كانت الشركة زراعية مثلا تنتج المحاصيل الزراعية المباحة فيجوز له شراء أسهمها وبيعها، كذلك إذا كانت الشركة تعمل في العقار أو الصناعة وما أشبه ذلك.
ويجوز له أن يشتري أسهم الآخرين ويدفع لهم الثمن فوراً حتى لا يكون بيع دين بدين.
ويستثنى من ذلك إذا كانت الشركة تتعامل بالمحرمات كبيع الخمور والدخان وأشرطة الغناء فلا يجوز المساهمة بها، أو شراء أسهمها. وإذا كانت تتعامل بالربا علانية فلا يجوز له التعامل معها، لكن إذا اضطرت الشركات الصناعية والزراعية والتجارية إلى إيداع أموالها لدى البنوك لحفظها من الضياع والسرقة فيجوز للضرورة وعلى القائمين على الشركات التخلص من الربا الذي تدفعه إليها البنوك على الودائع. وكذلك على الشركات أن تمتنع عن تشغيل مصانعها وخطوط إنتاجها بالقروض الربوية بل يكون ذلك من سيولتها وأموال المساهمين. والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5582)
نظام الادخار في أرامكوا والموقف من اختلاف الفتوى فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من موظفي أرامكو السعودية، يهمنا كما يهم أي فرد مسلم شرعية الأموال التي يحصل عليها، وإننا في الآونة الأخيرة وقعنا في حيرة عظيمة لا يعلم بها إلا الله عز وجل، لعل عندكم شيئاً من علم عن نظام الادخار في أرامكو السعودية، (فالشركة تحفزني بأن أدخر عندهم بإعطائي مكافئة عند التقاعد أو عند ترك العمل في الشركة.
المساهمة هي نسبة مئوية من مساهمتي حسب بقائي في الخدمة، مثلاً
إذا كانت مساهمتي الكلية 100000 ريال وخدمتي في الشركة 10 سنوات فتكون مكافئتي من الشركة هي 100000 ريال.
وإذا كانت مدة خدمتي 7 سنوات فتكون مكافئتي 70% فقط من 100000 ريال وهي 70000 ريال.
وإننا كما نعلم مسبقا أن هذا النظام محرم شرعا بحكم فتوى اللجنة الدائمة الصادر في ذلك، ولكننا في الآونة الأخيرة جاءتنا فتوى من الشيخ عبد الله بن منيع حفظه الله بجواز هذا النظام الادخاري، فوقعنا بذلك في حيرة، فلا نعلم هل نتبع اللجنة أم نتبع الشيخ المنيع بحكم تخصصه في المجالات الاقتصادية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نظام الادخار المعمول به في شركة أرامكوا نظام محرم، وهو ربا صريح؛ لكونه قرضاً جر نفعاً، فإن من دفع 100,000 ليأخذها بعد مدة عشر سنوات، أو سبع، أو غير ذلك، مضافا إليها مكافأة قدرها 100,000 أو 70,000، أو ريالا واحدا، فقد وقع في الربا الصريح، المحرم بإجماع العلماء.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: (وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، أَنَّ أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرضٍ جرَّ منفعة.) المغني 6/436
ولا عبرة بتسمية الشركة لهذه المعاملة ادخارا أو استثمارا أو مضاربة، فإن كل استثمار ضُمن فيه رأس المال لصاحبه، فهو عقد قرض، وإن سماه الناس غير ذلك، فالعبرة بحقائق الأشياء لا بمسمياتها.
أما الاستثمار، أو التوفير، أو الادخار المشروع فيقوم على أسس أهمها:
1- أن يكون المال منك، والعمل من الطرف الآخر، ولا مانع أن يدخل بحصة من المال مع العمل.
2- أن يكون مجال الاستثمار مباحا، معلوما لك، فإن غالب هذه الشركات تستثمر المال بوضعه في بنوك الربا، أو إقامة مشاريع غير مباحة.
3- أن تتفقا على نسبة محددة من الربح، لا من رأس المال، فيكون لك 50 % أو 10 % من الربح مثلا.
4- أن لا يضمن المضارب لك رأس المال، بل متى وقعت الخسارة - بلا تفريط منها - فالخسارة في مالك، ويخسر هو عمله.
وحيث كان رأس المال مضمونا فالمعاملة قرض يلزم سداده دون زيادة، فإن اشتُرطت فيه الزيادة فهو ربا.
نسأل الله أن يصرف عنا الربا وشره وخطره، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه.
والحاصل أن نظام الادخار في شركة أرامكو محرم؛ لضمان رأس المال فيه، ولكون الربح نسبة محددة من رأس المال، فهو حينئذ قرض بفائدة، ولجهالة الجهة التي تستثمر فيها الأموال.
وقد أشارت اللجنة الدائمة إلى بطلان الدعوى بأن ما يعطاه الموظف مكافأة من الشركة؛ لأنها لا تعطي هذا إلا لمن يدخر، ولو كانت مكافأة محضة لشملت جميع الموظفين.
- وكما ذكر السائل فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله ومعه الشيخ عبد الرزاق عفيفي والشيخ عبد الله بن غديان والشيخ عبد الله بن قعود – وهم من كبار العلماء – عن نظام الإدخار في شركة أرامكوا فأجابوا بما نصه: " الاشتراك في نظام الادخار بشركة أرامكوا حرام؛ لما فيه من ربا الفضل وربا النسأ، وذلك لما فيه من تحديد نسبة ربوية تتراوح ما بين خمسة بالمائة ومائة بالمائة من المال المدخر للموظف السعودي، وكذا ما يُعطاه الموظف المُدَخِر من المكافأة دون من لم يدخر من موظفيها، كما هو منصوص في نظام ادخارها. "
فتاوى اللجنة الدائمة 13/510-515
وكذا أفتى الشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيره من أهل العلم بتحريم نظام الإدخار في شركة أرامكوا.
ثانياً:
إذا اختلف العلماء في الحكم الشرعي في مسألة شرعية فعلى المستفتي أن يجتهد في معرفة الحق بالنظر في أدلة كلا الفريقين فيعمل بما ترجح له. هذا فيما لو كان المستفتي طالب عالم له القدرة على الترجيح.
أما إن لم يتمكن من الترجيح نظراً لعدم تخصصه في العلم الشرعي فالواجب عليه أن يأخذ بقول الأعلم والأوثق عنده، وليس له أن يتخير من الأقوال ما يشاء.
وفي مسألتنا هذه تبين أن كبار العلماء أفتوا بالتحريم، وهم أعلم وأوثق ممن خالفهم – وليس هذا قدحاً في الطرف الثاني -، لذا فالواجب عليك الابتعاد عن هذا النظام لما تقدم.
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن موقف المسلم من اختلاف العلماء فأجاب: " إذا كان المسلم عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة، والترجيح بينها، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه ذلك، لأن الله تعالى أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة، فقال: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) النساء/59. فيرد المسائل المختلف فيها للكتاب والسنة، فما ظهر له رجحانه بالدليل أخذ به، لأن الواجب هو اتباع الدليل، وأقوال العلماء يستعان بها على فهم الأدلة.
وأما إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء، فهذا عليه أن يسأل أهل العلم الذين يوثق بعلمهم ودينهم ويعمل بما يفتونه به، قال الله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) الأنبياء/43. وقد نص العلماء على أن مذهب العامي مذهب مفتيه.
فإذا اختلفت أقوالهم فإنه يتبع منهم الأوثق والأعلم، وهذا كما أن الإنسان إذا أصيب بمرض فإنه يبحث عن أوثق الأطباء وأعلمهم ويذهب إليه لأنه يكون أقرب إلى الصواب من غيره، فأمور الدين أولى بالاحتياط من أمور الدنيا.
ولا يجوز للمسلم أن يأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواه ولو خالف الدليل، ولا أن يستفتي من يرى أنهم يتساهلون في الفتوى.
بل عليه أن يحتاط لدينه فيسأل من أهل العلم من هو أكثر علماً، وأشد خشية لله تعالى " انتهى من كتاب اختلاف العلماء أسبابه وموقفنا منه ص23، أنظر السؤال (22652) .
وعلى المسلم أن يحذر من استفتاء من عُرف بالتساهل ومخالفة من هو أعلم منه من العلماء الثقات، وليحذر المسلم من اتباع الهوى والأخذ بالفتاوى التي توافق ما تريده نفسه وتهواه فإن المسلم مطالب بمخالفة هوى النفس، قال تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5583)
الاشتراك في نظام الإدخار في شركة البترول
[السُّؤَالُ]
ـ[1. ما حكم الإدخار في شركة أرامكو خصيصا سواءًَُ مستثمر أو لا؟
2. ماهي التقية عند السنة والشيعة؟
3. هل يجوز تسمية الشيخ إبن باز بالإمام؟ ومن هم الأئمة عند السنة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1- الادخار في شركة أرامكو سواء استثمر أم لا الذي يظهر منعه لأنه أخذ لمالٍ أقل وبذل مال أكثر من المال المأخوذ وهذا عين الربا لأنه مع استثماره غير خاضع للزيادة أو النقص بل ربحه مضمون فالظاهر منعه.
2- التقية عند أهل السنة المداراة دون المداهنة عند الحاجة إلى المداراة والنطق بما لا يعتقده الشخص إذا خاف المسلم على نفسه وقلبه مطمئن بالإيمان.
أما عند الشيعة فهي إظهار الموافقة للمخالف ولو كان محقا مع إبطان مخالفته والاستمرار على ما عندهم من ضلالات وهي عين النفاق الذي هو إظهار الإسلام وإبطان الكفر.
3 – الشيخ ابن باز إمام من أئمة الهدى، وممن برز في علوم الشريعة ونصرها واهتم بها واستحق الإمامة في الدين.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(5/5584)
لديه بطاقة ائتمان ويشتري السلع لغيره من الإنترنت بربح
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي بطاقة ائتمان إسلامية أقوم أحيانا ببيع الأشياء التي تكون على الإنترنت (مثل تذاكر الطيران والكتب وما إلى ذلك) لأناس ليس عندهم بطاقات ائتمان، فمثلا الشيء الذي سعره 100 دولار أعطيه للمشتري بـ 120 دولار وهو يوافق على هذا السعر، فهل ما أكسبه من مال من هذا الشغل يعتبر حلالاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في استعمال بطاقة الائتمان في الشراء عن طريق الإنترنت وغيره إذا خلت من المحاذير الشرعية، وينظر في ذلك جوال السؤال رقم (118034) .
وأما توفير هذه السلع لأناس ليس لديهم بطاقة ائتمان فله صورتان:
الأولى: أن تشتري السلعة التي يرغبون فيها ويشيرون بها عليك، ثم إذا ملكتها ووصلت إليك بعتها عليهم بالربح الذي ذكرت، فهذا جائز؛ لأنه من البيع الذي أحله الله.
ولا يجوز بيعها عليهم قبل تملكك وحيازتك لها؛ لما روى النسائي (4613) وأبو داود (3503) والترمذي (1232) عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيَسْأَلُنِي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي أَبِيعُهُ مِنْهُ، ثُمَّ أَبْتَاعُهُ لَهُ مِنْ السُّوقِ قَالَ: (لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ) والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي.
وروى أحمد (15399) والنسائي (4613) أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يُحَرَّمُ عَلَيَّ، قَالَ: (فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) وصححه الألباني في صحيح الجامع (342) .
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه (نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ) رواه البخاري (2133) ومسلم (1525) وزاد: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ.
والصورة الثانية: أن يكون دورك هو التمويل فقط، أي دفع 100 عن المشتري، لتسترد 120 من غير أن تشتري السلعة لنفسك وتقبضها أولا، وهذا إقراض بالربا، فلا يجوز، وهو كبيرة من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279.
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5585)
التوكيل في الشراء عن طريق بطاقة " الكرديت كارد".
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في أفريقيا وأريد شراء بعض الأغراض عبر الإنترنت من الولايات المتحدة، ويتطلب الشراء الدفع عن طريق "الكردت كارد" وليس لدي ذلك، ولكن لدي صديق هناك سيشتري لي هذه الأغراض مستخدماً الكرت الذي لديه، وأقوم أنا بإرسال المبلغ إليه، فهل هذا جائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز استعمال البطاقات التي يُلزَم أصحابها بدفع غرامة مالية حال تأخرهم في السداد، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (97530) (11179) .
فإن كانت بطاقة صديقك خالية من هذا الشرط، فلا حرج عليك في توكيله بشراء ما تريد وإرسال المبلغ المستحق له فيما بعد ذلك.
وأما إذا كانت تشتمل على هذا الشرط، فلا يجوز لك توكيله بالشراء عن طريق هذه البطاقة؛ لأن ما لا يجوز للإنسان فعله لا يجوز له أن يوكل غيره فيه.
جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (25 /66) : " لاَ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ لِغَيْرِهِ فِي كُل مَا لاَ يَصِحُّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِنَفْسِهِ ... لأَِنَّ الْوَكِيل يَقُومُ مَقَامَ الأَْصِيل ".
وقال الشيخ ابن عثيمين: " هذه قاعدة: فكل من له التصرف في شيء فله أن يوكل وله أن يتوكل، ومن ليس له التصرف فيه، فليس له أن يوكل، وليس له أن يتوكل ". الشرح الممتع (9/90) .
والواجب عليك أن تبحث عن طريقة أخرى تشتري بها ما تحتاجه من الأغراض، خاصة بعد وجود عدد من البطاقات التي يمكن شحنها بمبالغ محددة واستخدامها بحدود هذا المبلغ من غير احتساب فوائد ربوية.
فإن كانت هذه البطاقة خالية من هذا الشرط الربوي، فلا حرج عليك أن توكل صاحبك أن يشتري لك، ثم ترسل له المبلغ بعد ذلك، وهذا لا يعتبر صرف نقود بنقود حتى يشترط فيه التقابض، ولكنه في حقيقته اقتراض منك من صاحبك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5586)
قريبه يسدد أقساط الفيزا الربوية عن طريق الإيداع في حسابه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب وعنده فيزا إسلامية على حد قول البنك , وعند نهاية كل شهر يقوم قريبي بإيداع قيمة القسط المستحق على الفيزا في حسابي لكي أودعه في حساب الفيزا التي تخصه ,لأنه لا يملك أي حساب في البنك الذي قد أعطاه الفيزا , بينما أنا أملك حسابا فيه , السؤال هو: 1- هل عليّ أي إثم بمساعدته على تسديد الفيزا؟ لأنه في نظري لا أعتقد بأن الفيزا التي معه إسلامية , لأن البنك يأخذ عليه عمولة تمويل عند نهاية كل شهر وهنالك عمولة تأخير في حالة التأخر في السداد. 2- (تابع للسؤال الأول) , عندي في حسابي مبلغ من المال , فعندما أودع قريبي مبلغ قسط الفيزا في حسابي , اختلط مبلغ قسط الفيزا بمالي الذي في الحساب , فهل أصبح مالي حراماً؟ وماذا يجب أن أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في التعامل ببطاقة الفيزا إذا سلمت من المحاذير التالية:
1- اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر عن السداد.
2- أخذ رسوم إصدار على البطاقة غير المغطاة، زيادة على التكلفة الفعلية.
3- أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاة، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط،، وما زاد على ذلك فهو ربا.
4- شراء الذهب والفضة والعملات النقدية، بالبطاقة غير المغطاة.
وينظر جواب السؤال رقم (118034) ورقم (97530) .
وإذا كان البنك يأخذ عمولة في حال التأخر في السداد، فهذه بطاقة ربوية لا يجوز التعامل بها، ولا إعانة من يتعامل بها؛ لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وعليه؛ فالواجب نصح قريبك بإلغاء هذه البطاقة، والامتناع عن مساعدته في سداد قسط الفيزا بالطريقة التي ذكرت.
ولا يضر اختلاط ماله بمالك، فإن ماله الذي أودعه في حسابك مالٌ مملوك له، والتحريم إنما هو في نفس الاقتراض الربوي أو التعامل بالفيزا الربوية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5587)
قبول التبرعات ممن يدفع ببطاقة الفيزا مع أخذ شركة الفيزا نسبة 2.5% من المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في الغرب لمدة محدودة إن شاء الله، وهناك الكثير من الإخوة هنا يقومون بعمل مشاريع خيرية في بلاد المسلمين ويقومون بجمع التبرعات من الإخوان هنا ولكن بعضهم يجمع التبرعات عن طريق شبكة الإنترنت ويسمح بالدفع باستخدام بطاقة الفيزا، ومن المعلوم أن شركة الفيزا تقوم بخصم قيمة 2.5% من المال كرسوم تحصيل ومعظم بطاقات الفيزا هنا هي من النوع غير المغطى. فما الحكم الشرعي جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في جمع التبرعات عن طريق الإنترنت والسماح لمريد التبرع بالدفع عن طريق الفيزا، على أن تتحمل الجهة الجامعة للتبرعات عمولة شركة الفيزا، ولا يتحملها الدافع.
وذلك أن أخذ شركة الفيزا هذه العمولة (2.5%) من الجهة الجامعة للتبرعات، يعتبر أجرة على تحصيل المال لها.
ولا يجوز أخذ النسبة من العميل (دافع التبرع) ثم إعطاؤها لشركة الفيزا، في حال كون الفيزا غير مغطاة؛ لأن ذلك مآله إلى الربا، لكونه قرضا جر نفعا، فالسحب من الفيزا غير المغطاة: قرض يأخذه العميل من الشركة، فلا يجوز أن يدفع زيادة عليه.
وقد قد صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي بذلك في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28 سبتمبر 2000) ، ونصه:
" ب- جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد.
ثالثاً: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراضٌ من مصدرها، ولا حرج فيه شرعاً إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة.
وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعاً، كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم 13 (10/2) و 13 (1/3) . " انتهى محل الغرض منه، وينظر نصه كاملا في "مجلة مجمع الفقه" المجلد الثالث ص 673، وفي جواب السؤال رقم 97530
ثانيا:
إذا كان المتبرع يتعامل ببطاقة فيزا ربوية، فلا حرج في قبول تبرعه؛ لأنه مال مملوك له يجوز له التصرف فيه، وعليه إثما الربا.
وينظر للفائدة: سؤال رقم (102744) ورقم (118034) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5588)
حكم التعامل ببطاقة الائتمان مسبوقة الدفع
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رأيكم في حكم استخدام الفيزا التي يصدرها موقع (الروقي ماستر كارد) لأنني أود شراء بعض الأشياء من الإنترنت لكن الموقع لا يقبل إلا فيزا أو ماستر كارد صادرة من بنك أمريكي ولم أجد إلا موقع الروقي ماستر كارد، حيث ذكر بعض المعلومات منها: -سرعة الإصدار وذلك خلال 30 ثانية فقط من اكتمال الإجراءات والإيداع -سهولة إجراءات تسجيل البطاقة - حدود شحن وإعادة شحن 2500 دولار - جميع العمليات تتم من الموقع مباشرة الشحن وإعادة الشحن فوري - الشحن من الروقي أو شركاء التوزيع أو مراكز الشحن المعتمدين -طلب البطاقة والتسجيل والاطلاع على الرصيد من موقعنا -أول موقع عربي للبطاقات معتمد ومرخص رسمياً من البنك المصدر -البطاقة صادرة من فرست بنك اوف ديلاوار ويو إس بنك الأمريكي -عملة البطاقة دولار أمريكي -البطاقة افتراضية وليست بلاستيكية بمعنى أنها خاصة للإنترنت -البطاقة قابلة لإعادة الشحن، وهذا الرابط للمزيد من المعلومات: http://roqicard.com/app/Default.aspx أرجو أن تخبروني ما حكم استخدام هذه البطاقات فقد قال لي هو إنها حلال وشبهها ببطاقات "سوا" أنها تشحن وتستخدم. أتمنى أن تفيدوني عاجلا للضرورة، فلا أريد أن أقع بالربا لا من قريب ولا بعيد وجزاكم الله خير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا حرج في التعامل ببطاقة الائتمان التي يشحنها العميل بالمبلغ الذي يريد، ولا حرج في أخذ الجهة المصدرة لها عمولة أو رسوم تجديد في مقابل تقديم هذه الخدمة.
ولا حرج في شراء السلع بهذه البطاقة عن طريق الإنترنت، إلا ما يشترط فيه القبض كالذهب والفضة، لعدم حصول القبض الفوري حينئذ.
وينظر جواب السؤال رقم (89787) .
ثانياً:
بالنظر في الموقع المذكور تبين أن سعر صرف الدولار فيه يزيد على سعر السوق، ولا حرج في ذلك، فللمتصارفين أن يتصارفا بالسعر الذي يتفقان عليه، لكن يشترط حصول القبض الفوري حقيقة أو حكما. وإذا كان مشتري البطاقة يدفع الريالات، ويستلم من فوره بطاقة مشحونة بما يقابلها من الدولارات، فقد حصل القبض المطلوب.
ثالثاً:
ينبغي الحذر عند شراء هذه البطاقات من التعامل مع جهات غير موثوقة، ولا علم لنا بالموقع المسئول عنه ولا بالقائمين عليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5589)
يؤجر الفندق لمن يسدد ببطاقة الفيزا ويتأخر في مراجعة البنك الربوي لتحصيل ماله منه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي لديه فندق صغير وبفضل الله لا يوجد فيه المواد الكحولية أو ما شابه ذلك من المحرمات، غير أنه يقبل من الزبائن نظام الدفع بالبطاقة، وهو أن يقوم النزيل بدفع رسوم الغرفة عن طريق البطاقة التي لديه، ومن ثم يقوم والدي بالذهاب إلى البنك لأخذ هذا المبلغ كل شهر، وخلال هذه المدة (شهر) لابد وأن البنك يستخدمها في استثماراته الخاصة، والتي لا شك أنها تعتمد على الربا، وقد ناصحته بأن يذهب كل يوم لاستخلاص المبلغ من البنك، ولكنه لم يستمع لنصيحتي، فما رأي الشرع في ذلك؟ كما أني أعمل لديه في الفندق وأتقاضى أجراً على ذلك، فهل هذا حرام؟ أرجو التوضيح في كل ما سبق؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجوز لصاحب الفندق وللبائع أن يتقاضى أجرته أو ثمن سلعته من العميل عن طريق البطاقة البنكية، أو بطاقة الفيزا، سواء كانت البطاقة مشروعة أو ممنوعة، أما المشروعة الخالية من المحاذير فأمرها واضح، وأما الممنوعة فلأن إثم الحرام فيها راجع على البنك والعميل، ولا علاقة للمؤجر والبائع بذلك؛ إذ لهما أن يؤجرا أو يبيعا لمن اقترض ماله بالربا، وإثم الربا على فاعله.
ثانياً:
لا يظهر لنا وجهٌ لإلزام والدك بتحصيل المال من البنك يوميا؛ أنه لا يخفى أن مراجعة البنك يومياً فيها شيء من المشقة، ولا يمكن الجزم بأن البنك يستفيد من مال والدك في التعاملات الربوية، لأن البنوك قد يكون لها بعض المعاملات المباحة، فإذا ما تعامل البنك بهذا المال في الربا فإثم ذلك يقع عليه لا على والدك، الذي يقصد حفظ المال، ولا يقصد – بالطبع – مساعدة البنك على الربا.
ثالثاً:
لا حرج في عملك في الفندق وتقاضيك الأجر على ذلك، سواء سلم تعامل والدك من الإعانة على الربا أو لم يسلم؛ لأن أجرتك إنما هي في مقابل العمل المباح الذي تقوم به.
ونسأل الله تعالى أن يوفقك ووالدك إلى كل خير وهدى وبر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5590)
حكم استخراج فيزا ربوية للتمكن من سحب الراتب مباشرة دون تأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عمل فيزا في بنك ربوي لتحصيل المرتب الشهري فقط؟ فبدون الفيزا يتأخر المرتب بضع أيام مع العلم سيتم سحب المرتب من البنك شهريا بمجرد نزوله بالبنك لئلا يستفيد البنك به في أي معاملة ربوية....ولكن تظل بعض الجنيهات ليظل الحساب مفتوحا. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز فتح حساب في البنك الربوي إلا لضرورة حفظ المال عند عدم وجود البنك الإسلامي، ويقتصر حينئذ على الحساب الجاري، تقليلا للشر ما أمكن.
وإذا كانت جهة العمل تضع الراتب في بنك ربوي، وجب السعي في تحويل الراتب إلى بنك إسلامي إن وجد، فإن أبت جهة العمل ذلك فعلى الموظف أن يسحب الراتب فور نزوله في البنك، ثم يحتفظ به أو يضعه في بنك إسلامي، ولا حرج حينئذ في إبقاء بعض المال ليظل الحساب مفتوحا.
ثانيا:
يجوز التعامل بالفيزا إذا سلمت من المحاذير التالية:
1- اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر عن السداد.
2- أخذ رسوم إصدار على البطاقة غير المغطاة، زيادة على التكلفة الفعلية.
3- أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاة، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط،، وما زاد على ذلك فهو ربا.
4- شراء الذهب والفضة والعملات النقدية، بالبطاقة غير المغطاة.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار بهذا الشأن، وراجع جواب السؤال رقم 97530
فإذا وجد شيء من هذه المحاذير لم يجز التعامل بالفيزا ولو كان المراد هو استعمالها في نطاق محدود كالذي ذكرت؛ لأن التوقيع على الربا والتزامه محرم لا يجوز.
وتأخر الراتب بضعة أيام لا يعد ضرورة تبيح التعامل بالفيزا الربوية.
وعليه؛ فلا نرى جواز استصدار الفيزا الربوية لهذا الغرض.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5591)
يشحن بطاقة الائتمان بمبلغ معين ويشتري بها عن طريق الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الشراء عن طريق الإنترنت، علما أنه يوجد عندي بطاقة ائتمان للشراء من الإنترنت من أحد البنوك في الأردن، أشحنها بأي مبلغه أريده، والبنك يأخذ دينارا واحدا فقط عند كل عملية شحن، وبدون أي دفعات أخرى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز شراء السلع عن طريق الإنترنت، إلا أن ما يشترط فيه القبض كالذهب والفضة، إن كان يتأخر وصوله إلى المشتري لم يجز شراؤه عن طريق الإنترنت، وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي قرارا بمنع شراء الذهب ببطاقة الائتمان لعدم حصول القبض الفوري.
وينظر: سؤال رقم (89787) .
ثانيا:
لا حرج في التعامل ببطاقة الائتمان التي يشحنها العميل بالمبلغ الذي يريد، ولا حرج في أخذ البنك العمولة المذكورة في مقابل تقديم هذه الخدمة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5592)
حكم بطاقة قسّط الائتمانية من الراجحي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام بطاقة "قسط" الائتمانية التي يصدرها مصرف الراجحي]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في التعامل ببطاقة الفيزا إذا سلمت من المحاذير التالية:
1- اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر عن السداد.
2- أخذ رسوم إصدار على البطاقة غير المغطاة، زيادة على التكلفة الفعلية.
3- أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاة، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط،، وما زاد على ذلك فهو ربا.
4- شراء الذهب والفضة والعملات النقدية، بالبطاقة غير المغطاة.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار بهذا الشأن، وراجع جواب السؤال رقم (97530) .
وقد جاء في موقع البنك على الإنترنت: " رسوم إصدار واستخدام البطاقة هي نفس رسوم أي بطاقة ائتمانية من المصرف " انتهى.
فإن كانت هذه الرسوم هي التكلفة الفعلية التي يتحملها البنك للجهة المصدرة، فلا حرج.
لكن أفاد الدكتور محمد العصيمي حفظه الله أن هذه الرسوم زائدة على التكلفة الفعلية، فتكون ربا.
وكذلك أفاد بأن ما يأخذه البنك على السحب النقدي أكثر من التكلفة الفعلية، فتكون بطاقة فيزا الراجحي مشتملة على محذورين يمنعان التعامل بها.
وإذا كانت بطاقة (قسّط) يؤخذ فيها من الرسوم ما يؤخذ في بقية البطاقات الائتمانية لدى البنك، فهي ممنوعة كذلك.
فقد سئل الشيخ حفظه الله: ما حكم بطاقة فيزا وماستر كارد الائتمانية الصادرة من مصرف الراجحي وهل هناك ملحوظات شرعية عليها؟
فأجاب: "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد كنت أفتي بجواز البطاقة لحاجة الناس لها، ولقلة البدائل الشرعية، ومع ذلك فالبطاقة لا تخلو من ملحوظات شرعية، وهي:
- أن تكلفة الرسم السنوي للعضوية ليس على قدر التكلفة الفعلية، والزيادة ربا على القرض المقدم. وقل مثل ذلك على رسم الصورة الشخصية، ورسم ضياع البطاقة، ورسم التجديد السنوي.
- أن تكلفة السحب النقدي فيها أيضا ليست على حسب التكلفة الفعلية. والتكلفة الفعلية في بنك كبير مثل مصرف الراجحي لا يمكن أن تصل إلى خمسة عشر ريالا، فضلا أن تكون 36 ريالا، والزيادة ربا محض.
- أن المصارفة على دين العميل الثابت في ذمته بالعملات الأخرى يتم مع الدولار والريال بأسعار ليست بسعر اليوم. والواجب شرعا أن تكون بسعر يومه، ولا يصح للبنك أن يستربح على العميل في ذلك.
وحيث إنه يوجد في السوق السعودية بطاقة أكثر انضباطا من الناحية الشرعية وهي بطاقة بنك البلاد وتخلو من الملحوظات السابق ذكرها، فلا أرى جواز التعامل ببطاقة مصرف الراجحي ما لم تعدل تلك الملحوظات.
وإني أدعو القائمين على المصرف للسرعة في تغييرها والانصياع إلى قرارات الهيئة الشرعية في ذلك. والله أعلم " انتهى من "موقع الشيخ على الإنترنت:
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=16813
وعليه؛ فلا يجوز التعامل بهذه البطاقة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5593)
حكم التعامل ببطاقة الفيزا لبنك دبي الإسلامي مع دفع (75 درهما) أجرة البطاقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال الفيزا كادر الخاص ببنك دبي الإسلامي، مع العلم أن شروط الاشتراك كالآتي: 1- يسحب مبلغ 60 درهم كل سحب كاش، والحد الأقصى للسحب هو 3000 درهم، البنك يقول إن هذه ال 60 هي ما تأخذه شركة فيزا العالمية من البنك نظير السحب الكاش. 2- 75 درهم أجرة البطاقة ونظير الخدمات الآتية: أ) استخدام الفيزا والشراء من أي مكان في العالم. ب) سحب كاش 80% من سقف الائتمان. ج) خصومات على مطاعم وفنادق، والحصول علي كوبونات وجبات مجانية. د) خدمة مساعدة الطريق. هـ) تأمينات على الحقائب خلال السفر، وتأمينات على المشتريات خارج الدولة في حال الفقدان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز التعامل ببطاقة الائتمان بشروط وضوابط سبق بيانها في جواب السؤال رقم (118034) ، ورقم (101947) .
وما ذكرته هنا من أخذ البنك مبلغ 60 درهما على كل سحب كاش، إن كان هو الأجرة الفعلية لهذه الخدمة، ولا يستفيد البنك منها شيئا، فلا حرج في ذلك.
وكذلك ما يأخذه البنك من رسم الإصدار أو التجديد، إن كان هو الأجرة الفعلية على البنك، ولا يربح منها شيئا، فلا حرج في ذلك.
وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراره رقم: 108 (2/12) : بشأن بطاقة الائتمان غير المغطاة، وحكم العمولة التي يأخذها البنك، جاء فيه:
" جواز أخذ مُصدرها من العميل رسوما مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة على ذلك ...
السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مُصدرها، ولا حرج فيه شرعا إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة، وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعا " انتهى.
وينظر: نص القرار كاملا، في جواب السؤال رقم (97530) .
وإذا أفادت الهيئة الشرعية في البنك بأن هذه الرسوم هي الأجرة الفعلية للخدمة، فالعهدة عليها، مع التنبيه على أمرين:
الأول: أن خدمة الخصومات لا يجوز أن يؤخذ في مقابلها أجرة، وينظر جواب السؤال رقم (13743) .
والثاني: أن خدمة التأمين على الحقائب والمساعدة في الطريق، لا يجوز أن يؤخذ في مقابلها شيء ما لم يكن التأمين تعاونيا.
فإذا كان البنك يأخذ رسم الإصدار (75 درهما) كتكلفة فعلية لإصدار الفيزا، ويتبرع بباقي الخدمات، أو يأخذ زيادة على التكلفة يضعها في تأمين تعاوني بشروطه المعتبرة شرعا، فلا حرج في ذلك، وليس له أن يأخذ شيئا مقابل ما يقدمه من خصومات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5594)
التعامل ببطاقة فيزا البنك السعودي البريطاني في المشتريات فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بطاقة فيزا البنك السعودي البريطاني، وأنا أستخدمها في المشتريات من غير سحب نقدي، ولا يوجد على هذه البطاقة أي رسوم سنوية , فما حكم استخدامي لها بهذه الطريقة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في التعامل ببطاقة الفيزا إذا سلمت من المحاذير التالية:
1- اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر عن السداد.
2- أخذ رسوم إصدار على البطاقة غير المغطاة، زيادة على التكلفة الفعلية.
3- أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاة، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط،، وما زاد على ذلك فهو ربا.
4- شراء الذهب والفضة والعملات النقدية، بالبطاقة غير المغطاة.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار بهذا الشأن، وراجع جواب السؤال رقم (97530) .
وننبه على أمرين:
الأول: أنه لا يجوز استصدار بطاقة الفيزا إذا كان فيها شرط غرامة التأخير ولو كان العميل عازما على السداد في الوقت؛ لما في ذلك من الموافقة على الربا وإقراره، وينظر جواب السؤال رقم (13725) .
الثاني: أن كثيرا من المحلات تضيف عمولة أو نسبة تصل إلى 3.5 % على العميل في حال شرائه ببطاقة الفيزا، وهذا لا يجوز حسب قرار مجمع الفقه الإسلامي، وينظر جواب السؤال رقم (103187) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5595)
تعامل ببطاقة فيزا البنك الأهلي فألزم بمبلغ إضافي على السداد الجزئي
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت بطاقة ماستر كارد من البنك الأهلي لأشتري بها عبر الإنترنت، ورغبت بأن يكون السداد نقدياً لكامل المبلغ حتى لا يكون هناك نسبة تحسب علي، وتفاجأت عند صدور الكشف الخاص بالحساب الشهري بأنهم قاموا باحتساب مبلغ إضافي لرسوم الإصدار رغم أن المندوب أفادني بأنها مجانية، ومبلغ إضافي باعتبار أن السداد جزئي، مع العلم بأني طلبت في النموذج بأن يكون السداد كامل المبلغ، ولكن خطأ الموظف الذي أدخل بياناتي، احتسبوا علي نسبة وقاموا بتقسيط المبلغ، وعند مواجهتهم بذلك أجابوا بأن سياسة البنك لا تتحمل خطأ الموظف، ولا تعيد المبلغ المضاف بسبب تقسيط المبلغ، ورفضوا كل محاولاتي للتحاور معهم بحجة (سياسة البنك) ، وأنا الآن أوقفت التعامل ببطاقتهم وبانتظار إجابتكم علي، أفيدوني ماذا أفعل معهم؟ وهل علي إثم في احتساب مبلغ علي بسبب خطأ الموظف، رغم أني أوقفت التعامل معهم لحين الحصول على إجابتكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشترط لجواز التعامل ببطاقة الفيزا أن تخلو من المحاذير الشرعية، ومنها: اشتراط أو فرض غرامة أو زيادة في حال تقسيط السداد، أو التأخر فيه، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (104244) و (116442) .
كما يشترط أن تكون رسوم الإصدار لا تزيد عن التكلفة الفعلية التي يتكلفها البنك، وينظر جواب السؤال رقم (97530) .
وقد أحسنت في إيقاف التعامل بهذه البطاقة، لأنه لا يجوز لك العمل بها والحال ما ذكرت.
وقد بينا في أجوبة سابقة أنه لا يجوز التعامل ببطاقة الفيزا التي يفرض فيها غرامة على التأخير ولو عزم الإنسان على السداد في الوقت دون تأخير؛ لأن دخوله في هذا العقد يعني إقرار الربا والموافقة عليه، مع أنه قد يتأخر في السداد لسفر أو انشغال فيُلزم بالربا فعلا.
وأما المبلغ الذي فرضوه عليك نتيجة خطأ الموظف، فإثم ذلك عليهم، وليس عليك إثم إن شاء الله، لأنك لم ترض به ولكنك دفعته مكرهاً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5596)
حكم التعامل ببطاقة أميالي التابعة للبنك الأهلي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنني الاشتراك في بطاقة الأهلي " أميالي الإسلامية " على حسب قولهم؟ حتى إذا كنت سأسدد كل ما علي من متطلبات قبل الفترة المحددة حتى لا يتم احتساب أي زيادة على، حيث إن 1 ريال = اميل.. علما بأنني بدلا من شراء أي شيء نقدا سأستخدم البطاقة وفي نفس اليوم أرجع مبلغ الشراء من حسابي إلى حسابهم، وبذلك أستفيد من الأميال التي سأحصل عليها بمجرد الشراء بالبطاقة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز التعامل ببطاقة الائتمان التي يُشترط فيها غرامة في حال التأخر في السداد؛ لأن ذلك من الرضا بالربا والتزامه، ولأنه قد يحدث للإنسان من الأسباب ما يوقعه في هذا التأخر، فيكون موكلاً للربا، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه. وقال: هم سواء. رواه مسلم (1598) .
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23 - 28 سبتمبر 2000) بشأن بطاقات الائتمان:
" لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة ولا التعامل بها، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة السماح المجاني " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: تقوم البنوك بمنح عملائها بطاقة تسمى (الفيزا) ، حيث تمكنه من سحب مبالغ نقدية من البنك ولو لم يكن في حسابه تلك اللحظة أي مبلغ، على أن يقوم بردها للبنك بعد فترة زمنية محددة، وإذا لم يتم التسديد قبل انقضاء تلك الفترة فإن البنك يطلب زيادة أكثر مما سحب العميل، مع العلم أن العميل يقوم بدفع مبلغ سنوي للبنك مقابل استخدامه لتلك البطاقة، أرجو بيان حكم استخدام هذه البطاقة؟.
فأجاب: " هذه المعاملة محرمة؛ وذلك لأن الداخل فيها التزم بإعطاء الربا إذا لم يسدد في الوقت المحدد، وهذا التزام باطل، ولو كان الإنسان يعتقد أو يغلب على ظنه أنه مُوفٍ قبل تمام الأجل المحدد، لأن الأمور قد تختلف، فلا يستطيع الوفاء، وهذا أمر مستقبل، والإنسان لا يدري ما يحدث له في المستقبل، فالمعاملة على هذا الوجه محرمة. والله أعلم " انتهى من مجلة الدعوة العدد 1754 ص 37.
ولمعرفة شروط التعامل ببطاقة الائتمان: ينظر جواب السؤال رقم (101947) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5597)
بطاقة فيزا وماستر كارد الصادرة من مصرف الراجحي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التعامل ببطاقة فيزا وماستر كارد الائتمانية التي يصدرها مصرف الراجحي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج من التعامل بالبطاقة الائتمانية غير المغطاة، إذا خلت من المحاذير الشرعية، كاشتراط فائدة أو غرامة تأخير في حال التأخير عن السداد، أو أخذ نسبة على عملية السحب، أو زيادة رسوم الإصدار أو السحب عن التكلفة الفعلية.
وقد سئل الشيخ الدكتور محمد بن العصيمي عن هذه بطاقة فيزا وماستر كارد الصادرة من مصرف الراجحي، فقال:
"كنت أفتي بجواز البطاقة لحاجة الناس لها، ولقلة البدائل الشرعية، ومع ذلك فالبطاقة لا تخلو من ملحوظات شرعية، وهي:
- أن تكلفة الرسم السنوي للعضوية ليس على قدر التكلفة الفعلية، والزيادة ربا على القرض المقدم. وقل مثل ذلك على رسم الصورة الشخصية، ورسم ضياع البطاقة، ورسم التجديد السنوي.
- أن تكلفة السحب النقدي فيها أيضا ليست على حسب التكلفة الفعلية، والتكلفة الفعلية في بنك كبير مثل مصرف الراجحي لا يمكن أن تصل إلى خمسة عشر ريالا، فضلا أن تكون 36 ريالا، والزيادة ربا محض.
- أن المصارفة على دين العميل الثابت في ذمته بالعملات الأخرى يتم مع الدولار والريال بأسعار ليست بسعر اليوم. والواجب شرعا أن تكون بسعر يومه، ولا يصح للبنك أن يستربح على العميل في ذلك.
وحيث إنه يوجد في السوق السعودية بطاقة أكثر انضباطا من الناحية الشرعية وهي بطاقة بنك البلاد وتخلو من الملحوظات السابق ذكرها، فلا أرى جواز التعامل ببطاقة مصرف الراجحي ما لم تعدل تلك الملحوظات.
وإني أدعو القائمين على المصرف للسرعة في تغييرها والانصياع إلى قرارات الهيئة الشرعية في ذلك. والله أعلم" انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=16813
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5598)
حكم أخذ البنك خمسين ريالا على سحب كل ألف ببطاقة الفيزا
[السُّؤَالُ]
ـ[فيه إمكانية في بنك البلاد لأخذ قرض، ثم يقسَّط بعد ذلك؛ المفروض أن الشخص يأخذ القرض على شكل رصيد يسحب منه مشتريات (ببطاقة فيزا) ، لكن الآن هناك إمكانية لأخذ المبلغ كاش ببطاقة أيضا، لكن من الصراف الآلي، على أكثر من مرة، ويتم خصم رسوم إدارية على كل سحبة بمعدل 50 ريال لكل ألف ريال، فلو احتجت قرضا بـ 30 ألف تسحبه كاش 28500، فيخصم 1500 ريال. من قيمة المبلغ كرسوم إدارية (على حد تعبير البنك) ؛ فهل طريقة الكاش هذه حلال أو ربا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز التعامل ببطاقة الفيزا، إذا خلت من المحاذير الشرعية، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (97846) .
وللبنك أن يأخذ مبلغا مقطوعا، يمثل التكاليف الفعلية التي تكلفها في عملية القرض، وهذا ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي، ونصه:
" ثانياً: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شروط زيادة ربوية على أصل الدين.
ويتفرع على ذلك:
أ) جواز أخذ مصدرها من العميل رسوماً مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة على ذلك.
ب) جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد.
ثالثاً: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراضٌ من مصدرها، ولا حرج فيه شرعاً إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة.
وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة؛ لأنها من الربا المحرم شرعاً، كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم 13 (10/2) و 13 (1/3) " انتهى.
وانظر نص القرار كاملا في جواب السؤال رقم (97530) .
ولا يظهر لنا أن تكاليف البنك في عملية سحب ألف ريال، تختلف عن تكاليفه في عملية سحب ثلاثين ألفا.
والحاصل أن البنك إن كان يأخذ هذا المبلغ – وهو الخمسون ريالا- على كل ألف، بحيث يزيد المبلغ بزيادة المسحوب، ولو كان في عملية واحدة، فهذا ربا محرم.
وما ذكرته عن بنك البلاد ليس صحيحا، وقد وجهنا سؤالك إلى الدكتور محمد العصيمي حفظه الله – وهو عضو في الرقابة الشرعية على البنك - فأجاب بقوله: " ليس صحيحا، بل البنك يأخذ 20 ريالا للسحبة مهما بلغ المبلغ ".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5599)
بطاقة الائتمان " أمريكان إكسبريس ": تعريفها، وأنواعها، وأحكامها
[السُّؤَالُ]
ـ[آمل منكم التكرم بإفادتنا في هذه المسألة: أنا مشترك منذ فترة في بطاقة الائتمان المعروفة " أميركان إكسبريس "، وكنت أسدد مستحقات هذه البطاقة بصفة منتظمة، وبالتالي لم يكن لدي أي مشكلات مالية معها، إلى أن حدث وكنت مسافراً لمدة سنة خارج المملكة، واستخرجت بطاقة ائتمان جديدة، فأرسلتُ إلى " الأميركان إكسبريس " طالباً إلغاء مبلغ مستحق - حوالي 250 ريالاً - أو إلغاء بطاقتي، ولم أحصل على إجابة منهم، وانشغلت عن متابعة طلبي بحكم مشاغل تواجدي في الخارج، وثقتي بأنهم إما سيلغون البطاقة فلا يتبقى لي سوى المبلغ المذكور لأسدده لهم لاحقاً دون زيادة، أو أنهم سيلغون المبلغ فلا تكون لهم عندي أي مستحقات، إلى أن فوجئت بكشف حساب يصلني منهم قبل شهرين - تقريباً - يطالبني بسداد مستحقات مالية متأخرة عن ذلك المبلغ، والمشكلة أنهم فرضوا عليَّ دفع فوائد على المبلغ المتأخر لبضعة أشهر وصلت إلى حوالي 500 ريال! وأنا هنا في حيرة وتساؤل: هل يصح شرعاً دفع المبلغ الزائد الذي يطالبون به كفائدة مقابل تأخيري في سداد المبلغ الأصلي؟ هل يعتبر ذلك رباً؟ وإذا كان جوابكم بنعم ولا يجوز دفع تلك الفائدة لهم: فكيف يكون الإجراء الذي أتخذه؟ علماً بأنهم يتوعدونني في حالة عدم السداد بوضع اسمي في " قائمة الممتنعين عن الدفع " والتي يتم تداولها بين البنوك ومؤسسة النقد السعودي، مما قد يضرني مستقبلاً في تعاملاتي المالية مع هذه الجهات. أرجو إفادتي، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
بطاقة الائتمان هي بطاقة معدنية أو بلاستيكية ممغنطة، عليها اسم حاملها، وتاريخ إصدارها، وتاريخ نهاية صلاحيتها، ورقم سري لا يعرفه إلا حاملها
وهي مستند يعطيه مُصدِرُه، لشخص طبيعي أو اعتباري - بناء على عقد بينهما - يمكنه من شراء السلع، أو الخدمات ممن يعتمد المستند، دون دفع الثمن حالاً، لتضمنه التزام المُصْدِر بالدفع.
"بطاقة الائتمان" للشيخ بكر أبو زيد (ص 3، 4) .
ثانياً:
منظمة: " أمريكان إكسبريس " تمنح تراخيص إصدار ثلاثة أنواع من البطاقات هي:
1. بطاقة أمريكان إكسبريس الخضراء.
2. بطاقة أمريكان إكسبريس الذهبية.
3. بطاقة أمريكان إكسبريس الماسية.
وبطاقات هذا النوع الائتمانية يمكن جعلها في قسمين:
القسم الأول: بطاقات الائتمان العادية، ويقال: بطاقة الاعتماد الشهري، أو الخصم الشهري.
وحقيقتها: بطاقة محلية، ودولية، تصدر برسوم اشتراك، ورسوم تجديد، تُمَكِّن حاملَها من استخدامها في المحلات التجارية للشراء، أو تلقي الخدمات في مكاتب الطيران، أو الفنادق، أو المطاعم … ونحوها.
كما يمكن استخدامها على نحو بطاقة الصراف الآلي للسحب بواسطة الصراف الآلي، أو أنظمة التحويل الإلكتروني، ولا يلزم للحصول عليها وجود حساب لحاملها لدى البنك المُصْدِر لها، بل البنك يقرضه مبلغاً له حد أعلى ويسمى في اصطلاحهم: "الخط الائتماني".
ويطالب البنك - المُصْدِرُ لها - حاملَها بتسديد مسحوباته خلال مدة لا تزيد عن شهر غالباً، وفي حال المماطلة يقوم بالبنك بمطالبته، ويلغي البنك البطاقة، ويرتب عليه فوائد التأخير.
فهذه البطاقة تعتمد العناصر الآتية:
1. لا يلزم لإصدارها وجود حساب للعميل في "بطاقة أمريكان إكسبريس" و"الداينرز كلوب"، وقد تشترط بعض جهات الإصدار ذلك.
2. يقوم البنك بإقراض العميل - حامل البطاقة - مبلغاً له حد أعلى يسمى: "الخط الائتماني".
3. يلزم حاملها بالتسديد خلال شهر غالباً.
4. يلزم حاملها بدفوعات أربعة: رسم الاشتراك، ورسم التجديد، وفوائد الإقراض، والتأخير.
في حال عدم التسديد يطالب قضائيّاً، وتلغى عضوية حاملها أو تسحب منه البطاقة.
القسم الثاني: بطاقات الائتمان القرضية، ويقال: بطاقة الائتمان، أو بطاقة التسديد بالأقساط.
وهذه أقوى البطاقات انتشاراً، وهي آخرها إصداراً، وأكثرها رواجاً، خاصة في الدول الصناعية، والمتحضرة، وينصرف إليها مصطلح: " بطاقة الائتمان " عند الإطلاق.
وحقيقتها مثل: " بطاقة الخصم الشهري " كما تقدم.
لكن تفترق عنها بأن هذه البطاقة يكون التسديد فيها غير محدد بشهر مثلاً، لكنه ديْن متجدد على شكل دفعات، بحيث تعطي العميل - حامل البطاقة - قدرة على استخدامها، ما دام منتظماً بتسديد الفوائد المستحقة عليها شهريّاً، وهي أكثر" البطاقات " فرضاً للفوائد على حاملها، لهذا فهي تغل ربحاً مجزياً لمُصْدِرها.
وهذه البطاقة تعتمد العناصر الآتية:
1. لا يلزم لإصدارها وجود حساب للعميل.
2. يقوم البنك - المُصْدِرُ لها - بإقراض العميل - حامل البطاقة - مبلغاً له حد أعلى يسمى:
" الخط الائتماني ".
3. التسديد يكون بالتقسيط على شكل دفعات، وليس محدداً بشهر.
4. يلزم حاملها بدفوعات أربعة: رسم الاشتراك " العضوية "، ورسوم التجديد، وفوائد الإقراض، وفوائد التأخير.
" بطاقة الائتمان " (ص 8 – 11) .
وبعد معرفة طبيعة هذه البطاقة، فالمشاركة فيها حرام؛ لوجود القرض الذي يجر منفعة ربوية؛ ولوجود شرط الغرامة في حال التأخر في السداد إذا انتهت مدة الإمهال.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
هناك بطاقة لتسهيل الأعمال المالية في الدول الغربية، بحيث تجعل الفرد يستغنى عن حمل نقود معه، فبهذه البطاقة يستطيع شراء أي شيء يريد، ثم في آخر كل شهر تأتيه فاتورة بالمبالغ التي صرفها، فيسددها كاملة بدون أي فائدة ربوية، وفي هذه العملية حماية للفرد من سرقة أمواله، ولكن هناك شرط لأخذ هذا الكرت، وهو في حالة التأخر عن تسديد قيمة الفاتورة مدة تزيد عن 25 يوماً: فلهم الحق في أخذ نسبة فائدة ربوية عن كل يوم تأخير، فهل يجوز أخذ هذا الكرت، علماً أنه من الممكن جدّاً تلافي الوقوع في الربا، بتسديد الفاتورة خلال الخمسة والعشرين يوماً، والمعطاة كمهلة للتسديد؟ .
فأجابوا:
"إذا كان الواقع كما ذكر: فلا يجوز التعامل المذكور؛ لما فيه من التعاقد على الربا، والدخول عليه، باشتراط فوائد تدفع زيادة على المبلغ الذي سدده عنه معطي البطاقة في حالة التأخير" انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 524) .
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
هناك بطاقات ائتمانية تصدرها بعض البنوك، وشركات الصرافة، هذه البطاقة يستفاد منها عند السفر للخارج يسدد بها حساب البنوك، أو بعض المشتريات من الأسواق، فعندما تأتي الفواتير تخصم من حسابه في البنك، أو الشركة، وأحياناً يكون رصيده لا يغطي فيبقى عليه مبالغ للبنك، فالبنك يتحصل عليها فوائد ربوية بنسب معينة، أحياناً تكون عن غير قصد من هذا الشخص فما حكمها؟ وماذا يعمل من حدث له ذلك في السابق؟ .
فأجاب:
"هذه المعاملة حرام؛ لأنها معاملة على التزام الربا، وهو إن كان يدفع قبل أن يحل عليه الربا، لكنه قد دخل على التزام الربا، فهي حرام، ومن وقعت منه وكان هو المستفيد: فالزائد الربوي هذا يتصدق به بنية التخلص منه، وإذا كان هو المظلوم والذي أخذ منه ظالم: فتوبته تكفي؛ لأنه مظلوم وليس بظالم" انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (17 / السؤال رقم 19) .
وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله:
"إن " بطاقة الائتمان " بأنواعها: فيزا، أمريكان إكسبريس، ماستركارد، أو غيرها، جميعاً في حقيقتها عقد ربوي، مبني على الاستتار بالبطاقة التي اتفقت أطرافها الثلاثة أو الأربعة على: التعاون على الإثم والعدوان، وأكل الربا، والله سبحانه يقول: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الأنفال/71.
وهنا خانوه من قبل بالقرض بالفائدة علناً دون تغليفها " ببطاقة ائتمان "، ثم غلفوه بما يسمي: "بطاقة الائتمان"، وكلاهما تحايل على انتهاك محارم الله، وقد صب الله غضبه، ولعنته على من استحل محارمه بالحيل من اليهود، فقال سبحانه: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ) المائدة/13" انتهى.
" بطاقة الائتمان " للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (ص 24) .
رابعاً:
بعد أن علمتَ حكم الاشتراك في البطاقة المسئول عنها: فإنه يلزمك التوبة الصادقة، وبخصوص الغرامات: فإنه لا يجوز لك دفعها لهم؛ لأنها ربا، فإن استطعت التخلص من دفعها: فافعل ذلك، ولا حرج عليك، وإن كان يلحقك ضرر جراء عدم دفعها: فادفعها، واحتسبها عند الله، ونسأل الله أن يعوضك خيراً منها.
وانظر الفتوى في ذلك في جواب السؤال رقم: (824) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5600)
حكم بطاقة الفيزا لبنك فيصل الإسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في فيزا بنك فيصل الإسلامي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في التعامل ببطاقة الفيزا إذا سلمت من المحاذير التالية:
1- اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر في السداد.
2- أخذ رسوم إصدار على البطاقة غير المغطاة، زيادة على التكلفة الفعلية.
3- أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاة، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط،، وما زاد على ذلك فهو ربا.
4- شراء الذهب والفضة والعملات النقدية بها.
5- إضافة البائع النسبة التي يطلبها منه البنك على المشتري بدون أن يعلم المشتري ذلك.
وينظر جواب السؤال رقم (13725) و (103187) .
وليس لدينا اطلاع على بطاقة الفيزا التابعة لبنك فيصل الإسلامي.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5601)
حكم شحن بطاقة الماستر كارد ثم شراء السلع بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أستعمل بطاقة ائتمان غير مغطاة (ماستر كارد) ولكن على النحو التالي: أولا: لا يوجد أي بنك إسلامي هنا (أقيم في ألمانيا) ، ثانيا: هذه الشركة المصدرة للبطاقة لا توفر خدمة فتح حساب جاري لتغطية الكارد ولا حتى تغطيته بأي حساب بنكي آخر، ولكن يمكن شحن الكارد وذلك بتحويل مبلغ مالي إلى حساب الشركة البنكي، فأنا لا أستعمل الكارد إلا عند عمليات الشراء لتجنب الزيادات الربوية وقبل أي عملية شراء أشحن الكارد بقيمة المشتريات (ولا توجد أي مصاريف أخرى) بحيث لا يكون هناك مجال بأن أتأخر في التسديد ممّا يؤدي إلى بدء العداد الربوي، فهل يجوز هذا النوع من الاستعمال؟ وهل يجوز لي أن أدلّ أصدقائي على هذا الكارد وإن كانوا يستعملون بطاقات ائتمان مغطاة، ولكن لدى بنوك ربوية وذلك لأنّ هذه الشركة لا تأخذ رسوما سنوية على الكارد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز التعامل ببطاقة الفيزا إذا سلمت من المحاذير الشرعية، وينظر في ذلك جواب السؤال رقم (97846) و (97530) .
وإذا كنت تدفع المال أولا، وهو ما يسمى بشحن الكارد، ثم تشتري السلع بالبطاقة، فلا حرج في ذلك.
وينبغي التنبيه على أمرين:
الأول: أنه لا يجوز الدخول في عقد الفيزا إذا تضمن اشتراط غرامة على التأخير؛ لأنه شرط ربوي محرم، فلا يجوز إقراره ولو كان الإنسان عازما على السداد في الوقت.
إلا إذا اضطر للتعامل بها، فلا حرج في ذلك بشرط أن يعلم من نفسه القدرة على تسديد المبلغ في فتره السماح قبل حساب الفوائد الربوية.
وانظر جواب السؤال رقم (3402) .
الثاني: أنه يجوز للبنك أن يأخذ عمولة من البائع، وقد اختلف العلماء هل يجوز تحميل هذه العمولة على المشتري أم لا؟ ، وينظر في هذا جواب السؤال (103187) .
ولا حرج في دلالة الأصدقاء على هذه البطاقة ما دامت سالمة من المحذورات الشرعية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5602)
حكم بطاقة الفيزا لبنك الرياض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بطاقة فيزا الشراء من بنك الرياض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في التعامل ببطاقة الفيزا إذا سلمت من المحاذير التالية:
1- اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر عن السداد.
2- أخذ رسوم إصدار على البطاقة غير المغطاة، زيادة على التكلفة الفعلية.
3- أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاة، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط،، وما زاد على ذلك فهو ربا.
4- شراء الذهب والفضة والعملات النقدية، بالبطاقة غير المغطاة.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار بهذا الشأن، وراجع جواب السؤال رقم (97530) .
ثانيا:
ليس لنا اطلاع على بطاقة الفيزا التابعة لبنك الرياض، لكن سئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله: ما حكم بطاقة بنك الرياض الائتمانية؟
فأجاب: " بطاقة ربوية لا تجوز بحال " انتهى من موقع الشيخ على الإنترنت.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=492
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5603)
ليس للبائع أن يزيد في ثمن السلعة إذا تعامل المشتري ببطاقة الائتمان
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت سلعة من محل عبر بطاقة سامبا الخير الائتمانية وعندما قررت الشراء أبلغت صاحب المحل بالبطاقة فقال لي: سوف أزيد عليك المبلغ بما يعادل 3.5% وعندما سألته لماذا؟ قال لأن البنك يأخذ مني مبلغ 3.5% من قيمة السلعة المباعة، فهل هذا البيع فيه شيء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في التعامل بالبطاقة الائتمانية إذا توفرت عدة شروط:
1- عدم اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر في السداد.
2- عدم أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاة، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط،، وما زاد على ذلك فهو ربا.
3- أن لا يتم بيع وشراء الذهب والفضة والعملات النقدية، بالبطاقة غير المغطاة.
وينظر جواب السؤال رقم (13725) .
ثانيا: يجوز للبنك أن يأخذ عمولة من التاجر، في مقابل هذه الخدمة التي يقدمها، وهي تسهيل الشراء، وتحصيل المال من العميل (المشتري) ولا يجوز للتاجر أن يضيف هذه العمولة على ثمن السلعة، وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28 سبتمبر 2000) قرارا بشأن بطاقات الائتمان، وجاء فيه فيما يخص هذه العمولة: " جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد " انتهى من "مجلة مجمع الفقه" المجلد الثالث ص 673.
ووجه المنع: أن المشتري إن كان يتعامل ببطاقة غير مغطاة، فهو مقترض من البنك، وفي حال دفعه عمولة للتاجر لتصل إلى البنك، يكون قد اقترض قرضا ربويا ن لأنه سيسدد القرض للبنك أكثر مما أخذه منه، بنسبة 3.5%.
وإن كانت البطاقة مغطاة، فالبنك ضامن وكفيل للمشتري، ولا يجوز أخذ أجرة أو عمولة على هذا الضمان.
والحاصل: أنه لا يجوز للبائع أن يجعل هذه العمولة عليك، وإذا أصر على ذلك، فإما أن تحضر نقودا أو تشتري من غيره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5604)
بيع السلع لمن يسدد ببطاقة الفيزا مع دفع عمولة للبنك تزاد في ثمن السلعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسبا بإحدى الشركات التي لها معارض بيع تستخدم أجهزة الفيزا والماستر كارد لجميع البنوك بعملية البيع، والبنك يأخذ عمولة منا على قيمة كل عملية من 2% إلى 3% نقوم بتسجيلها كمصروفات بنكية ونحصلها من العميل مع المبيعات. السؤال: هل استخدام هذه الأجهزة مباح شرعا؟ وإن كان غير مباح فهل يعد مستخدمها يسهل الربا؟ وهل ما نقوم بتسجيله كمصروفات بنكية هو تسجيل للربا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في إصدار البطاقات الائتمانية، واستعمالها، إذا سلمت من المحاذير الشرعية كاحتساب فائدة على التأخر في السداد، أو أخذ نسبة على السحب، لاندراج ذلك في الربا المحرم.
وقد أصدرت بعض البنوك الإسلامية بطاقات خالية من هذه المحاذير.
ثانيا:
لا حرج على البائع في تقاضي ثمن المبيع من المشتري عن طريق هذه البطاقات، سواء كانت البطاقة مشروعة أو ممنوعة، أما المشروعة الخالية من المحاذير فأمرها واضح، وأما الممنوعة فلأن إثم الحرام فيها راجع على البنك والعميل، ولا علاقة للبائع بذلك؛ إذ له أن يبيع لمن اقترض بالربا، وإثم الربا على فاعله.
ثالثا:
يجوز للبائع أن يدفع عمولة للبنك، بشرط ألا يزيدها على المشتري، بل يبيع له السلعة كما يبيعها لمن يشتري بالنقد.
وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن بطاقة الائتمان على: " جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد " انتهى، وانظر نص القرار كاملا في جواب السؤال رقم (97530) .
وخلاصة الجواب: أنه يجوز لكم تحصيل ثمن المبيعات عن طريق بطاقات الائتمان، بأنواعها، كما يجوز دفع عمولة للبنك لتسهيل هذه العملية، بشرط ألا تزاد العمولة على المشتري.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5605)
السحب ببطاقة الائتمان مقابل دفع 700 درهم أجرة كل ثلاثة أشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بنك عرض علي كريدت كارد بقيمة عشرون ألف درهم أقوم بسحبها من الصراف على أربع دفعات أي كل دفعة أقصى شيء خمسة آلاف ويقوم بأخذ أجور عن كل سحب تسعون درهم وهذه الأجور ثابتة سواء سحبت خمسة آلاف أو خمسمائة فإن البنك يستقطع مني تسعين درهماً بالإضافة إلى أن البنك يستقطع مني كل ثلاثة شهور سبعمائة درهم وهو يسميها أجور! وأخبروني أنني إذا التزمت بالتسديد بالأوقات المحددة فإن البنك سيقوم بإعطائي بعض المبالغ كهدايا عن التزامي معهم ولم يذكر قيمة المبالغ وقالوا إن البنك في حينها يحددها ونحن لا نذكرها حتى لا يكون في التعامل شبهة من الربا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز التعامل بهذه البطاقة؛ لقيامها على الربا، وهو القرض الذي يجر نفعا للمقرض وذلك أنك تقترض 20 ألف درهم، لتردها مع زيادة وهي 700 درهم كل ثلاثة أشهر، مما أسموه أجورا، ولا وجه له، فكل درهم تأخذه الشركة صاحبة البطاقة زيادة على التكلفة الفعلية، فهو ربا، ولاشك أن التكلفة الفعلية لا تصل بحال إلى هذا المبلغ الكبير كل ثلاثة أشهر.
والمقصود أن هذا تحايل على الربا، وتسمية للأمور بغير أسمائها الحقيقية، والواجب الحذر من ذلك، وعدم الدخول في هذه المعاملة.
قال الدكتور محمد العصيمي حفظه الله في إحدى البطاقات المشابهة: " إذا كانت كما ذكر السائل فهي محرمة. وأعرف عنها أيضا أن البنك يأخذ رسما شهريا على العميل تحت مسمى الرسوم. ولا شك أن الرسوم على البطاقات التي تقدم الإقراض لا بد أن تكون حسب التكلفة الفعلية على المُصْدِر وهو البنك، ولا يجوز له الاسترباح من تلك الرسوم، لأن القرض المقدم بالبطاقة سيكون قرضا ربويا متى ما أخذ البنك رسما إداريا أكثر من التكلفة الفعلية " انتهى من موقع الشيخ:
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=8215
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5606)
حكم بطاقة المبارك الائتمانية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بطاقة المبارك الائتمانية من البنك العربي الوطني؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في التعامل بالبطاقة الائتمانية إذا سلمت من المحاذير التالية:
1- اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر في السداد.
2- أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاة، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط،، وما زاد على ذلك فهو ربا.
3- شراء الذهب والفضة والعملات النقدية، بالبطاقة غير المغطاة.
وينظر قرار مجمع الفقه الإسلامي المتعلق بهذه المسألة في جواب السؤال رقم (97530) .
وليس لنا اطلاع على نظام هذه البطاقة، لكن سئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله عنها فأجاب: " ذكرت أنها لا تجوز، لأن الزيادة في الرسوم الشهرية عن التكلفة الفعلية ليس له مبرر إلا القرض المقدم عبر البطاقة، وهو الربا بعينه، ولكنه مقدم، ثم إنها تفرض على المتأخر رسما ربويا، يسمى رسم التأخر عن السداد، وهو الربا المحرم بالقرآن، وإن زعم أنه يصرف على الخيرات. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمس الحاجة للصرف على الفقراء والمساكين من أهل الصُّفَّة، ومع ذلك فقد جعل كل ربا الجاهلية موضوعا، وأوصي نفسي وإخواني بالحذر من مداخل الشيطان، وخاصة في الربا، وقد كان أهم مدخل للربا عند النصارى وضع الربا على المتأخرات من القروض الشخصية. والله المستعان " انتهى من موقع الشيخ العصيمي.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=393
وقال أيضا:
" إذا كانت كما ذكر السائل فهي محرمة. وأعرف عنها أيضا: أن البنك يأخذ رسما شهريا على العميل تحت مسمى الرسوم. ولا شك أن الرسوم على البطاقات التي تقدم الإقراض لا بد أن تكون حسب التكلفة الفعلية على المصدر وهو البنك، ولا يجوز له الاسترباح من تلك الرسوم، لأن القرض المقدم بالبطاقة سيكون قرضا ربويا متى ما أخذ البنك رسما إداريا أكثر من التكلفة الفعلية. وإني أوجه دعوة لأصحاب الفضيلة المشايخ المفتين بجوازها بالتراجع عن تلك الفتوى، فإن الربا المحرم إنما أجيز في بدايات تجويزه في الغرب الكافر بمثل تلك الرسوم. والله أعلم " انتهى.
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=8215
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5607)
التعامل ببطاقة الفيزا للبنك البريطاني عند السفر للخارج
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت بطاقة الفيزا من البنك البريطاني ولم أكن أعلم بأنها ربوية وأنا لم أطلبها إلا لحاجتي لها عند السفر للخارج وأنا لن أستعملها إلا عند السفر للخارج فقط فهل علي شيء؟ أثابكم الله وأنا على استعداد على أن ألغيها إذا كان لا يجوز لي استخدامها حتى في السفر للخارج.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في التعامل ببطاقة الفيزا إذا سلمت من المحاذير الشرعية التالية:
1- اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر في السداد.
2- أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاة، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط، وما زاد على ذلك فهو ربا.
3- شراء الذهب والفضة والعملات النقدية، بالبطاقة غير المغطاة.
وليعلم أن أكثر بطاقات الفيزا تشترط غرامة في حال التأخر في السداد، وهذا شرط ربوي محرم، لا يجوز إقراره ولا الدخول في عقد يتضمنه، ولو كان الإنسان واثقا من نفسه أنه لن يتأخر في السداد، لحرمة إقرار الربا والتزامه.
وبناء على ذلك فإذا سلمت بطاقة الفيزا المسئول عنها من المحاذير المذكورة، فلا حرج في استعمالها، وإذا تضمنت واحدا من هذه المحاذير لم يجز التعامل بها.
وانظر السؤال رقم (97530) للفائدة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5608)
التعامل ببطاقة الفيزا الربوية مع العزم على عدم التأخر في السداد
[السُّؤَالُ]
ـ[ي هو هل يجوز ما يسمى ببطاقة فيزا الإسلامية التي تصدرها بنوكنا المحلية، حيث أني سمعت أن أحد المفتين أفتى بجواز أخذ هذه الفيزا طالما لا يتم استعمالها في السحب النقدي وينحصر استعمالها في شراء البضائع، وعند اتصالي بأحد هذه البنوك للاستفسار أخبروني أنه لا رسوم على شراء البضائع إلا إذا تم إرجاع مالهم على دفعات شهرية وليس في نفس الشهر والسبب كما يقولون أن هذه مرابحة، وأنا لا أدري كيف تكون مرابحة وهم لم يمتلكوا هذه السلعة وأما السحب النقدي فهم يقولون أنهم يأخذون على كل مبلغ نقدي يتم سحبه زيادة نقدية، وسؤالي هو كالأتي: أنا عندي نية تامة في حالة جواز امتلاك هذه البطاقة أن لا أسحب بها نقودا وأن أدفع كامل المبلغ لهم في نفس الشهر في حالة شرائي سلعة فهل يجوز لي أخذ هذه البطاقة وهل آثم إذا وقعت على عقد الإصدار لكونه يحتوي على شروط ربوية باطلة كشرط دفع الزيادة في حالة السحب النقدي؟ أفتوني مأجورين]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في التعامل ببطاقة الفيزا إذا سلمت من المحاذير الشرعية التالية:
1- اشتراط فائدة أو غرامة في حال التأخر في السداد.
2- أخذ نسبة على عملية السحب في حال كون الفيزا غير مغطاه، ويجوز أخذ الأجرة الفعلية فقط،، وما زاد على ذلك فهو ربا.
3- شراء الذهب والفضة والعملات النقدية، بالبطاقة غير المغطاة.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار بهذا الشأن، وفيه بيان هذه المحذورات، راجع السؤال رقم (97530)
ثانيا:
لا يجوز التوقيع على العقد الربوي ولا الدخول فيه، ولو كان الإنسان عازما على السداد في الوقت دون تأخير؛ لأن العقد المحرم لا يجوز إقراره، ولأنه قد يتأخر الإنسان في السداد لظرف ما، من نسيان أو مرض أو غيره، فيقع في الربا.
قال في الإنصاف (4/473) : " فائدة: يحرم تعاطيهما عقداً فاسدا. فلو فعلا: لم يملك به، ولا ينفذ تصرفه، على الصحيح من المذهب " انتهى.
وعليه، فلا ينبغي لك الإقدام على الدخول في نظام البطاقة من غير ضرورة؛ أولا لأنك سوف تضطر إلى التوقيع على شروط باطلة، وثانيا لأن البطاقة، وإن كان في نيتك ألا تستخدمهما في سحب الأموال، وما يترتب على ذلك من دفع الزيادة الربوية؛ فنفس البطاقة صالحة لذلك، والإنسان يحتاط لفنسه، ولا يعرضها لمواطن الفتن، وفتنة المال من أشدها.
وانظر إجابات الأسئلة (13735) و (13725) و (3402) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5609)
قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الفيزا كارد وأخذ الرسوم عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم بطاقات الائتمان (الفيزا كارد) الصادرة من بنوك إسلامية مع العلم أنه لا يتم احتساب أي فائدة حتى ولو لم يدفع في الوقت المحدد, فقط يتم تحصيل رسوم سنوية ثابتة المبلغ لقاء هذه الخدمة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز التعامل ببطاقات الائتمان الخالية من المحذور الشرعي، كاحتساب فائدة على التأخر في السداد، أو أخذ نسبة على السحب، لاندراج ذلك في الربا المحرم، وأما أخذ البنك رسوما مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة، فلا حرج فيه.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار برقم: 108 (2/12) بشأن بطاقة الائتمان غير المغطاة، وحكم العمولة التي يأخذها البنك.
وهذا نص القرار:
" إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28 سبتمبر 2000) .
بناء على قرار المجلس رقم 5/6/1/7 في موضوع الأسواق المالية بخصوص بطاقة الائتمان، حيث قرر البت في التكييف الشرعي لهذه البطاقة وحكمها إلى دورة قادمة.
وإشارة إلى قرار المجلس في دورته العاشرة رقم 102/4/10، موضوع (بطاقات الائتمان غير المغطاة) .
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله من الفقهاء والاقتصاديين، ورجوعه إلى تعريف بطاقة الائتمان في قراره رقم 63/1/7 الذي يستفاد منه تعريف بطاقة الائتمان غير المغطاة بأنه: " مستند يعطيه مصدره (البنك المصدر) لشخص طبيعي أو اعتباري (حامل البطاقة) بناء على عقد بينهما يمكنه من شراء السلع، أو الخدمات، ممن يعتمد المستند (التاجر) دون دفع الثمن حالاً لتضمنه التزام المصدر بالدفع، ويكون الدفع من حساب المصدر، ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية، وبعضها يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع بعد فترة محددة من تاريخ المطالبة، وبعضها لا يفرض فوائد.
قرر ما يلي:
أولاً: لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة ولا التعامل بها، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازماً على السداد ضمن فترة السماح المجاني.
ثانياً: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شروط زيادة ربوية على أصل الدين.
ويتفرع على ذلك:
أ) جواز أخذ مصدرها من العميل رسوماً مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة على ذلك.
ب) جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد.
ثالثاً: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراضٌ من مصدرها، ولا حرج فيه شرعاً إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة.
وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة (يعني إذا زادت الرسوم عن الخدمات) لأنها من الربا المحرم شرعاً، كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم 13 (10/2) و 13 (1/3) .
رابعاً: لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذا العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة. " انتهى نص قرار المجمع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5610)
استعمال بطاقة الائتمان مع العزم على عدم التأخر في السداد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أقيم في مدينة القدس في فلسطين وكما هو معلوم عند فضيلتكم أنه لا وجود لبنوك إسلامية في فلسطين المحتلة وأنها ربوية. فما حكم استعمال البطاقة الائتمانية في تلك البنوك الآنف ذكرها مع العلم أنني إذا لم أسدد ما علي من دين في تاريخ محدد وجب دفع الربا للبنك إلا أنني لن أتأخر أبدا وذلك تجنبا من الربا. أنا أعلم أن البطاقة عقد ربوي وأن ما بني على باطل فهو باطل إلا أنني لا أعطي ولا آخذ الربا , لكني أنوي استعمالها لأنني لا أملك أن أدفع ثمن بعض الأغراض المكلفة جدا دفعة واحدة وإنما بالتقسيط الطويل ولا أعرف إن كانت بنظر الشريعة ضروريات إلا أنني بحاجة شبه ماسة لاقتنائها في أقرب وقت ممكن ولا أريد أن أتبع الهوى فأحيد عن الحق وأجانبه. وأنوه إلى أنني أدفع مبلغاً محددا كل شهر مصاريف خدمة مقابل خدمة هذه البطاقة الائتمانية بغض النظر إن استخدمتها مرة واحدة في الشهر أم عدة مرات فهو ثابت لا يتأثر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز التعامل ببطاقة الائتمان المتضمنة لشرط ربوي ولو كان الإنسان عازما على السداد في الوقت، لأن الربا لا يجوز إقراره ولا الدخول في عقده، ولأنه قد يقع الإنسان في الربا فعلا، بتأخره في السداد لعذر من نسيان أو سفر ونحوه.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " تقوم البنوك بمنح عملائها بطاقة تسمى (الفيزا) ، حيث تمكنه من سحب مبالغ نقدية من البنك ولو لم يكن في حسابه تلك اللحظة أي مبلغ، على أن يقوم بردها للبنك بعد فترة زمنية محددة، وإذا لم يتم التسديد قبل انقضاء تلك الفترة فإن البنك يطلب زيادة أكثر مما سحب العميل، مع العلم أن العميل يقوم بدفع مبلغ سنوي للبنك مقابل استخدامه لتلك البطاقة، أرجو بيان حكم استخدام هذه البطاقة.
فأجاب: " هذه المعاملة محرمة، وذلك لأن الداخل فيها التزم بإعطاء الربا إذا لم يسدد في الوقت المحدد، وهذا التزام باطل، ولو كان الإنسان يعتقد أو يغلب على ظنه أنه موف قبل تمام الأجل المحدد لأن الأمور قد تختلف فلا يستطيع الوفاء وهذا أمر مستقبل والإنسان لا يدري ما يحدث له في المستقبل، فالمعاملة على هذا الوجه محرمة. والله أعلم " انتهى من مجلة الدعوة العدد 1754 ص 37.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5611)
العمل بوظيفة مندوب تسويق بطاقات الفيزا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمل كمندوب تسويق بطاقات الفيزا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في استعمال بطاقة الفيزا إذا خلت من المحاذير الشرعية، وهذه المحاذير كما يلي:
1- أن يُشترط فيها غرامة أو زيادة عند التأخر في السداد.
2- أن يؤخذ في مقابل استخراجها أو السحب بها مبلغ زائد عن التكاليف الفعلية.
وقد أصدر المجمع الفقهي قراره رقم: 108 (2/12) بشأن بطاقة الائتمان غير المغطاة، وحكم العمولة التي يأخذها البنك. وهذا نص القرار:
"إشارة إلى قرار المجلس في دورته العاشرة رقم 102/4/10، موضوع (بطاقات الائتمان غير المغطاة) . وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله من الفقهاء والاقتصاديين، ورجوعه إلى تعريف بطاقة الائتمان في قراره رقم 63/1/7 الذي يستفاد منه تعريف بطاقة الائتمان غير المغطاة بأنه: "مستند يعطيه مصدره (البنك المُصدر) لشخص طبيعي أو اعتباري (حامل البطاقة) بناء على عقد بينهما يمكنه من شراء السلع، أو الخدمات، ممن يعتمد المستند (التاجر) دون دفع الثمن حالا لتضمنه التزام المصدر بالدفع، ويكون الدفع من حساب المُصدر، ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية، وبعضها يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع بعد فترة محددة من تاريخ المطالبة، وبعضها لا يفرض فوائد.
قرر ما يلي:
أولا: لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة ولا التعامل بها، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة السماح المجاني.
ثانيا: يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شروط زيادة ربوية على أصل الدين.
ويتفرع على ذلك:
أ) جواز أخذ مُصدرها من العميل رسوما مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة على ذلك.
ب) جواز أخذ البنك المُصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد.
ثالثا: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراض من مُصدرها، ولا حرج فيه شرعا إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة. وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعا، كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم 13 (10/2) و 13 (1/3) .
رابعا: لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذا العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة". انتهى نص قرار المجمع.
وانظر جواب السؤال رقم (13725) ففيه تحريم التعامل بـ (فيزا سامبا) ولو سدد في الوقت المحدد.
ثانيا:
إذا كانت بطاقة الفيزا من النوع الجائز الخالي من المحاذير، فلا حرج عليك في العمل في تسويقها. وأما إن كانت من النوع المحرم، فلا يجوز لك العمل بهذه الوظيفة؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم كاتب الربا وشاهديه، كما روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ. وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5612)
استخدام بطاقة الائتمان في السحب المالي
[السُّؤَالُ]
ـ[تقوم البنوك بمنح عملائها بطاقة تسمى (الفيزا) ، حيث تمكنه من سحب مبالغ نقدية من البنك ولو لم يكن في حسابه تلك اللحظة أي مبلغ، على ان يقوم بردها للبنك بعد فترة زمنية محددة، وإذا لم يتم التسديد قبل انقضاء تلك الفترة فإن البنك يطلب زيادة أكثر مما سحب العميل، مع العلم أن العميل يقوم بدفع مبلغ سنوي للبنك مقابل استخدامه لتلك البطاقة، أرجو بيان حكم استخدام هذه البطاقة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة محرمة، وذلك لأن الداخل فيها التزم بإعطاء الربا إذا لم يسدد في الوقت المحدد، وهذا التزام باطل، ولو كان الإنسان يعتقد او يغلب على ظنه أنه موف قبل تمام الأجل المحدد لأن الأمور قد تختلف فلا يستطيع الوفاء وهذا أمر مستقبل والإنسان لا يدري ما يحدث له في المستقبل، فالمعاملة على هذا الوجه محرمة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين مجلة الدعوة العدد 1754 ص 37.(5/5613)
الشراء بواسطة البطاقات
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من فضيلتكم إفادتنا عن استخدام بطاقة الشبكة السعودية في شراء بعض الاحتياجات من المحلات التجارية والتي تكون بالطريقة التالية: عندما يتحدد مبلغ الشراء مثلا (150 ريالا) يقدم البطاقة للبائع ويمررها بالجهاز الموجود لديه، وتخصم القيمة الشرائية في الحال وذلك بتحويل المبلغ المشترى به من حساب المشتري إلى حساب البائع في نفس الوقت، أي: قبل مغادرة المشتري المتجر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكر فإنه لا مانع من استخدام البطاقة المذكورة؛ إذا كان المشتري لديه رصيد يغطي المبلغ المطلوب.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء. فتاوى اللجنة الدائمة 13 / 527.(5/5614)
التعامل بـ (فيزا سامبا) حرام ولو سدد في الوقت المحدد
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن التعامل ببطاقة (فيزا سامبا) حرام، لكن إذا كنت متأكداً أنني سوف أسدد المبلغ للبنك في المدة المحددة وبالتالي لن يأخذ منى أي فوائد فهل يكون حكمها التحريم أيضاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما سمعته أيها السائل عن تحريم التعامل ببطاقة (فيزا سامبا) صحيح، وقد سبق بيان ذلك في السؤال رقم (13735) .
والتعامل بها حرام حتى ولو تأكد العميل أنه يسدد المبلغ للبنك في الوقت المحدد.
وقد سبق في إجابة السؤال المشار إليه أنها حرام لأن البنك يقرض العميل مقابل فائدة وهذه الفائدة هي قيمة الاشتراك السنوي في الفيزا، مع فائدة أخرى قد تحصل للبنك عند تأخر العميل عن السداد.
فقيمة الفيزا عبارة عن ربا يدفعه العميل للبنك، وهذا الربا يدفعه العميل سواء سدد المبلغ في وقته أم لا.
وأيضاً: العميل قد دخل المعاملة مع البنك وهو ملتزم بالربا إذا تأخر عن السداد، وهذا أيضاً محرم، لأنه لا يجوز للمسلم أن يلتزم بفعل ما حرمه الله تعالى.
وقد يظن العميل أنه يتمكن من السداد في الموعد المحدد ثم يحصل له مانع يمنعه من السداد فيدفع الربا للبنك.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حكم هذه المعاملة:
العقد على هذه الصفة لا يجوز لأن فيه ربا وهو قيمة الفيزا، وفيه أيضًا التزام بالربا إذا تأخر التسديد اهـ.
وفي فتوى أخرى له:
هذه المعاملة محرمة، وذلك لأن الداخل فيها التزم بإعطاء الربا إذا لم يسدد في الوقت المحدد، وهذا التزام باطل، ولو كان الإنسان يعتقد أو يغلب على ظنه أنه موف قبل تمام الأجل المحدد لأن الأمور قد تختلف فلا يستطيع الوفاء وهذا أمر مستقبل والإنسان لا يدري ما يحدث له في المستقبل، فالمعاملة على هذا الوجه محرمة. والله أعلم اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5615)
بطاقة ((فيزا)) سامبا
[السُّؤَالُ]
ـ[يتداول بين الناس في الوقت الحاضر بطاقة (فيزا سامبا) صادرة من بعض البنوك، وقيمة هذه البطاقة إذا كانت ذهبية (548) ريالاً وإذا كانت فضية (245) ريالاً تسدد هذه القيمة سنوياً للبنك لمن يحمل بطاقة فيزا للاستفادة منها كاشتراك سنوي.
وطريقة استعمال هذه البطاقة أنه يحق لمن يحمل هذه البطاقة أن يسحب من فروع البنك المبلغ الذي يريده (سلفة) ويسدد بنفس القيمة خلال مدة لا تتجاوز أربعة وخمسين يومًا، وإذا لم يسدد المبلغ المسحوب (السلفة) خلال الفترة المحدودة. يأخذ البنك عن كل مائة ريال من (السلفة) المبلغ المحسوب. فوائد قيمتها ريالاً وخمس وتسعين هللة (1.95) كما أن البنك يأخذ عن كل عملية سحب نقدي لحامل البطاقة (3.5) ريال عن كل (100) ريال تسحب منهم أو يأخذون (45) ريالاً كحد أدنى عن كل عملية سحب نقدي.
ويحق لمن يحمل هذه البطاقة شراء البضائع من المحلات التجارية التي يتعامل معها البنك دون أن يدفع مالاً نقديًا وتكون سلفة عليه للبنك. وإذا تأخر عن سداد قيمة الذي اشتراه أربعة وخمسين يومًا يأخذون على حامل البطاقة عن كل مائة ريال من قيمة البضاعة المشتراة من المحلات التجارية التي يتعامل معها البنك فوائد قيمتها ريالاً وخمس وتسعين هللة (1.95) .
فما حكم استعمال هذه البطاقة والاشتراك السنوي مع هذا البنك للاستفادة من هذه البطاقة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عُرِض هذا السؤال على اللجنة الدائمة فأجابت:
إذا كانت حال بطاقة (سامبا فيزا) كما ذكر فهو إصدار جديد من أعمال المرابين وأكل لأموال الناس بالباطل وتأثيمهم وتلويث مكاسبهم وتعاملهم، وهو لا يخرج عن حكم ربا الجاهلية المحرم في الشرع المطهر (إما أن تقضي وإما أن تربي) لهذا فلا يجوز إصدار هذه البطاقة ولا التعامل بها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
وسئل عنها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله فقال:
الجواب:
العقد على هذه الصفة لا يجوز لأن فيه ربا وهو قيمة الفيزا، وفيه أيضًا التزام بالربا إذا تأخر التسديد اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5616)
استخدام بطاقة الائتمان للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[سأتزوج في الشهر المقبل وليس لدي مال ولا أجد من يقرضني فهل يجوز أن أستعمل بطاقة الائتمان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الربا من الأمور المحرمة في الشريعة الإسلامية تحريماً قطعياً.
1- قال الله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} البقرة / 275.
2. وقال {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين} البقرة / 278.
3- عن عون بن أبي جحيفة قال: رأيت أبي اشترى حجاما فأمر بمحاجمه فكسرت فسألته عن ذلك قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب وكسب الأمة ولعن الواشمة والمستوشمة وآكل الربا وموكله ولعن المصور.
رواه البخاري (2123) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله.
رواه مسلم (1597) .
4- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قالوا يا رسول الله وما هن قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
رواه البخاري (2615) ومسلم (89) .
5- عن سمرة بن جندب رضي اللهم عنهم قال: قال النبي صلى اللهم عليه وسلم: رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان فقلت ما هذا فقال الذي رأيته في النهر آكل الربا. رواه البخاري (1979) .
6. وقد انعقد الإجماع على تحريم الربا وبطاقة الائتمان مشتملة على الربا. انظر (11179) و (5540) .
لذا لا نجد للسائل الفاضل من وصية أنفع من وصية النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الصوم حتى يهذب نفسه ويعودها الطاعة، ويضيق على الشيطان مداخله:
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وِجاء".
رواه البخاري (4778) ومسلم (1400) .
الباءة أي: تكاليف الزواج. ومعنى وجاء أي: وقاية من الوقوع في الإثم.
ونرجو مراجعة الأسئلة: 590 و 665 و 3402.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5617)
تسديد الرسوم الدراسية بالبطاقة الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[: أنا قلق جدا بشأن دراستي، ما شاء الله فأنا أحقق نتائج جيدة جداً والمشكلة هي أنني لا أملك المال الكافي لإتمام دراستي. أنا لست أمريكي ولهذا فلا أحصل على الكثير من المعونات، سمحوا لي بالدراسة لمدة فصلين بشرط أن أسدد أقساط الدراسة بعد العمل خلال هذا الصيف.
مكتب الشؤون المالية في الجامعة أعطاني مهلة لدفع مصاريف الدراسة 8000$ وإذا لم أستطع أن أسددها فإن تعليمي سيتوقف هنا. أحاول جهدي أن أحصل على عمل خلال الصيف ولكنني لم أحصل عليه بعد وسؤالي هو: إذا لم أستطع أن أحصل على هذا المبلغ خلال 3 أشهر فهل أستطيع استعمال بطاقة الائتمان لدفع مصاريف الدراسة؟ أعلم بأني لن أستطيع سداد المبلغ للبنك في الوقت المحدد وسأضطر لدفع الربا، كما أنني خطبت فتاة وقد وافق أهلها على زواجنا وإذا توقف تعليمي هنا فلن يسمح لي أهلها بالزواج.
أشعر بالحزن من كل هذه الأمور فأرجو أن تخبرني ماذا أفعل في مثل هذه الحالة.]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يجوز للمسلم أن يعطي الربا مهما كانت الظروف فإن آكل الربا وموكله على خطر عظيم كما في الحديث الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء)
فهل يسرك أن تدخل تحت صفة من يستحق دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عليهم بالطرد من رحمة الله تعالى. إن الخسارة فادحة جداً ولا مقارنة.
ونقطة أخرى وهي أن تعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن اتقى الله تعالى يوشك الله تعالى أن يغنيه من فضله ويفرج له كربه وييسر له أمره، والله تعالى يختار لعبده أفضل مما يختار العبد لنفسه، فاتق الله وتوكل عليه ولا تُعَرض نفسك لسخطه، قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) وفقك الله لما يحب ويرضى ويسر أمرك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5618)
التعامل ببطاقات الائتمان الربوية في حالة الضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[من شروط استئجار السيارات أن يكون عندنا بطاقات ائتمان. ليس من الواجب أن ندفع أي شيء من خلال البطاقة وإنما يجب إبراز البطاقة للضمان فقط. عند إرجاع السيارة ندفع نقدا ولا نستعمل البطاقة مطلقا.
فهل يجوز لي أن استخرج بطاقة ائتمان لهذا الغرض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل أن المعاملات الربويّة محرمة ولا يجوز الدّخول فيها ومن ذلك الشّروط الرّبوية الموجودة في عقود البطاقات الائتمانية، وفي بعض البلدان يكثر الاعتماد على هذه البطاقات حتى لا يكاد الشّخص ينفكّ عن استعمالها وقد عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
بطاقة الفيزا تشتمل على شرط ربوي إذا تأخرت عن التسديد جعلوا عليّ غرامة لكن المكان الذي أقيم فيه في أمريكا لا يمكن لي أن أستأجر سيارة ولا محلا وكثير من الخدمات العامة لا تمكن إلا ببطاقة الفيزا وإذا لم أتعامل بها أقع في حرج كبير لا أطيقه، فهل التزامي بالتسديد في وقت معين حتى لا يصبح عليّ ربا يبيح لي التعامل بهذه البطاقة في وضع الحرج الذي أعيش فيه؟
فأجاب - حفظه الله - بما يلي:
إذا كان الحرج متيقنا واحتمال التأخير عن التسديد ضعيف، فأرجو أن لا يكون فيها بأس.
سؤال:
هل الشرط الربوي الفاسد يُبطل العقد أم لا؟
الجواب:
وإن كان في العقد شرط باطل فإنه لا يُبطل العقد لأمور:
(1) الضرورة، (2) ولأنه لا يتحقق لأن الرجل غالب على ظنه أنه سيوفي، فمن أجل أنه غالب على ظنه أنه سيوفي والشرط غير متحقق ومن أجل الضرورة - وهذه هي النقطة الأخيرة والمهمة - فأرجو أن لا يكون في هذا بأس؛ لأن عندنا أمرا متحققا وهو الضرورة وعندنا أمر مشكوك فيه وهو التأخر، فمراعاة المتيقن أولى. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5619)
رضخت لزوجها في استصدار بطاقة " فيزا "
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، كنت أملك بطاقة ائتمان، حصلت عليها عندما أردت استئجار سيارة. كنت حريصة جداً ألاّ أتجاوز ما أستطيع دفعه باستخدام البطاقة لئلَّا أضطر لدفع فائدة. ولكن ذات مرة، لم أستطع دفع الفاتورة كاملة ووقعت في الفائدة واستطعت سداد المبلغ بعد عدة أشهر بمساعدة زوجي والذي كان يستخدم البطاقة من وقتٍ لآخر.
أخبرت زوجي بعد دفع الفاتورة أني سأتخلص من هذه البطاقة لكي لا نقع في الربا مرة أخرى، ولكن زوجي طلب مني أن أتقدم للحصول على بطاقةٍ باسمه ما دمت سأتخلص من بطاقتي. كانت لديه فيما سبق بطاقتان ولم يكن يستطع السداد. صار شديد الغضب ومؤذياً، وحتى أحافظ على السلام، حصلت على بطاقة له، وقال بأنه سيكون مسئولاً عنها إن لم يستطع السداد. لم أستخدم هذه البطاقة نهائياً، وخلال الستة أشهر الماضية لم يستطع زوجي دفع المبلغ كاملاً، مما أدى إلى تراكم الفائدة.
سؤالي هو: من المسئول أمام الله عن هذه البطاقة؟ أنا، لأني حصلت عليها من أجله، أم هو لأنه طلبها؟ إذا كنت أن المسئولة، ماذا يجب عليّ أن أفعل لسداد هذه المبالغ وقد منعني زوجي من العمل وهو لا يستطيع أن يسدّ حتى القليل منها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب عليك التوبة إلى الله عزّ وجل من معاونة زوجك على الإثم والعدوان في استصدار هذه البطاقة الربوية، وقد قال الله تعالى: (وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ، وكان الواجب عليك الامتناع عن استصدارها وعدم الاستجابة لطلبه ولو أصرّ عليك امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ) َ رواه الإمام أحمد في مسند علي رضي الله عنه. وهو في صحيح الجامع 7520. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5620)
حكم شراء عقار عن طريق برنامج "تمويل منازل"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تملك منزل عن طريق "برنامج منازل" بعقد تأجير مع الوعد بالبيع، وفي حالة تأخر سداد أيٍّ من الأقساط: سوف يفرض البنك رسماً بحد أدنى قدره 16 % في السنَة، وتُعتبر غرامات تأخير تصرف للأغراض الخيرية، ولا تدخل في أرباح البنك. "برنامج منازل": في سعينا الدائم إلى مساعدة عملائنا على امتلاك المنازل بتمويل متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وإيماناً منَّا في تحقيق كل ما يلبِّي رغبات عملائنا الكرام: تمَّ طرح " تمويل منازل " المصمم على أساس استئجار العقار مع خيار التملك، حيث يقوم العميل بتسديد جزء من الإيجار مقدَّماً على أن يتم تسديد الدفعات المتبقية من الإيجار إلى البنك بأقساط شهرية ميسرة. سوف يمكنكم هذا التمويل من تحقيق التالي: • امتلاك منزل جاهز (فيلا، دبلكس، أو عمارة سكنية) . • امتلاك منزل قيد الإنشاء - على وشك الانتهاء -. • امتلاك أرض لبناء منزل المستقبل. • الحصول على تمويل مقابل العقار الذي تملكه حاليّاً. • الحصول على تمويل منزلك، وتمويل إضافي للأثاث. المزايا والفوائد: • حد التمويل المتوفر لغاية 5,000,000 ريال سعودي. • مدة التمويل المتوفر لغاية 25 سنة. • التمويل متاح لموظفي الحكومة، والشركات الخاصة، والبنوك، وأصحاب المؤسسات الفردية. • يمكن الحصول على التمويل بشكل مشترك بين الزوج والزوجة، أو الأقارب من الدرجة الأولى. • تغطية مجانية بالتعاون مع " ساب تكافل " على محتويات المنزل لمدة عام واحد عند حصولك على تمويل " منازل ".]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذا العقد اشتمل على شرط ربوي، وهو "الغرامة" أو "الرسم" الذي يفرضه البنك على العميل في حال تأخره عن دفع قسط من الأقساط، وتسميتها "رسماً" لا يؤثر في حكم تحريمها، ودفعها للجهات الخيرية لا يجعلها حلالاً، فلا يحل للدائن أن يزيد شيئاً على الدين مقابل تأخر المدين عن سداده، ولو لم يأخذ الدائن تلك الزيادة لنفسه، ولو أراد جعلها في وجوه الخير المختلفة.
وقد سبق بيان تحريم هذه الغرامة ولو كانت ستنفق في أوجه الخير في جواب السؤال رقم: (101384) و (126950) .
ثانياً:
بخصوص "عقد الإيجار المنتهي بالتمليك" المذكور في السؤال: لم نقف على تفصيله، لكن هذا النوع من العقود له صور محرمة وأخرى جائزة، سبق ذكرها في جواب السؤال رقم: (97625) .
كما أن قولهم: "الحصول على تمويل مقابل العقار الذي تملكه حالياً، والحصول على تمويل منزلك، وتمويل إضافي للأثاث" يحتاج إلى الوقوف على حقيقة هذا التمويل، حتى يمكن الحكم عليه هل هو جائز أم لا؟
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5621)
التفصيل في حكم " عقود الصيانة " ومتى يكون لها حكم " التأمين التجاري "
[السُّؤَالُ]
ـ[بعدما سمعت أن بعض المشايخ أجازوا " التأمين التجاري " بحكم أنه يشبه حماية القوافل في الماضي: خطر في بالي هذا التساؤل: ما الفرق بين التأمين التجاري، وعقود الصيانة العامة؟ وأعني بعقود الصيانة: هي أنني صاحب منشأة حكومية - كوزارة التجارة مثلاً - أكتب عقداً مع شركةٍ ما للصيانة، أدفع لها سنويّاً مبلغاً وقدره مليون ريال – مثلاً -، ومقابل هذا المبلغ: أتكفل بصيانة الكهرباء، والسباكة، من ناحية أجور اليد فقط - وقد يكون حساب القطع عليهم، أو على شركة الصيانة -، طبعاً وقلْ مثل ذلك في صيانة أجهزة الحاسب الآلي للشركات الكبرى، أو البنوك، وقل مثله في عقود صيانة البرامج المحاسبية – مثلاً - ... إلخ. أرجو أن تكون الصورة وضحت. إذا كان هذا العقد جائزاً: فما الفرق بينه وبين عقد التأمين التجاري؟ شركة التأمين تأخذ مني مبلغًا مقابل أن تصلح لي سيارتي، وشركة الصيانة تأخذ من الوزارة مبلغًا مقابل إصلاح ما فسد في السباكة، والكهرباء. شركة التأمين لديها التزامات مالية - تكاليف قانونية، استئجار معارض، موظفون، معدات، وأجهزة ... إلخ -، وشركة الصيانة لديها التزامات مالية - تكاليف قانونية، موظفون، معدات، وأجهزة ... إلخ -. فما الفرق بينهما؟ هذا ما دار في نفسي من تساؤل. 1. هل هناك فرق دقيق بينهما لم أنتبه إليه يجيز عمل شركة الصيانة، ويحرم عمل شركة التأمين؟ . 2. إذا كان عمل شركة الصيانة حراماً: فمعناه أن كل مال تساهم به في هذه الشركة هو مال حرام، هل هذا صحيح؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"عقود الصيانة" من العقود المستحدثة، ولها عدة صور، ولهذا لا يصح أن تعطى حكماً واحداً، بل منها ما هو جائز، ومنها ما هو محرم.
ويمكننا جمع أشهر صور تلك العقود مع بيان أحكامها فيما يلي:
1. أن تتكفل الشركة البائعة للجهاز بالصيانة الدورية، أو بالصيانة في حال حدوث خلل فيه، وقد تكون الصيانة مجرد إصلاح، وقد تكون مع وضع قطع بديلة لما يتلف منها.
وحكم هذه الصور: الجواز، ويجوز للشركة البائعة أن ترفع سعر بيع الجهاز مقابل تلك الخدمة.
2. أن تتكفل "شركة صيانة" – وليست الشركة البائعة - بالفحص الدوري على الجهاز – أسبوعيّاً، أو شهريّاً – مقابل مبلغ معيَّن، ويُعرف في العقد عدد الأجهزة المراد فحصها وصيانتها، وتعرف نوعية الصيانة، ويكون العقد لمدة محدودة.
وحكم هذا العقد: الجواز، وهو في حقيقته عقد إجارة، ويشترط لجوازه – بالإضافة لما سبق – أن لا يشتمل عقد الفحص والصيانة على توفير قطع غيار لما يتلف من قطع الجهاز، بل تكون هذه القطع على صاحب الجهاز.
إلا إذا كانت المواد المستعملة في الصيانة يسيرة لا يُحسب لها حساب في العادة، أو كانت معروفة أنها من لوازم الصيانة: لم يكن ذلك بمانع من القول بجواز هذا العقد.
3. أن يشتمل عقد الصيانة مع الفحص الدوري على استبدال القطع التالفة بأخرى جديدة.
وحكم هذا العقد: التحريم؛ لأنه يشتمل على الغرر الفاحش، وهو عقد مقامرة، فقد يكون ثمن القطع الجديدة أضعاف قيمة عقد الصيانة، وقد لا تحتاج الأجهزة لتبديل قطع شيء منها، وصاحب الجهاز في هذه الحال إما أن يكون " غانماً "، أو " غارماً "، وهذا هو ضابط عقود المقامرة، فيغنم صاحب الجهاز في حال حصوله على قطع غيار بأكثر مما دفعه لشركة الصيانة، وقد يغرم بأن لا تحتاج أجهزته لقطع غيار، فيضيع عليه ما دفعه لهم.
وهذه الصورة من عقود الصيانة تشبه عقود التأمين التجاري المحرَّم.
4. أن يكون عقد الصيانة ليس دوريّاً، ولكن على حسب حصول الخلل في الأجهزة المعقود عليها، فإذا حصل خلل فيها: تمَّ استدعاء شركة الصيانة، وإن لم يحصل خلل: لا يأتي أحد لرؤيتها.
وحكم هذا العقد: التحريم، وهو عقد مقامرة، لأن صاحب الجهاز يكون غانماً إذا كثر تعطل الجهاز، ويكون غارماً إذا قل تعطله.
وهذه الصورة – أيضاً - من عقود الصيانة تشبه عقود التأمين التجاري المحرَّم.
وهذه بعض الفتاوى المتعلقة بعقود الصيانة:
1. قرار " مجلس مجمع الفقه الإسلامي ":
ففي قرار رقم: 103 (6/11) بشأن "عقد الصيانة" قال "المجمع":
الحمد لله رب العالمين، والسلام على سيدنا محمد، خاتم النبيين، وعلى آله، وصحبه، وسلم.
أما بعد:
فإن "مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي "المنبثق عن "منظمة المؤتمر الإسلامي" في دورة انعقاد مؤتمره الحادي عشر بالمنامة في دولة البحرين، من 25 - 30 رجب 1419 هـ (14 - 19 نوفمبر 1998) : بعد اطِّلاعه على الأبحاث المقدمة إلى "المجمع" بخصوص موضوع "عقد الصيانة"، واستماعه إلى المناقشات التي دارت حوله:
قرر ما يلي:
أولاً: عقد الصيانة هو عقد مستحدث مستقل تنطبق عليه الأحكام العامة للعقود، ويختلف تكييفه، وحكمه، باختلاف صوره، وهو في حقيقته عقد معاوضة، يترتب عليه التزام طرف بفحص وإصلاح ما تحتاجه آلة، أو أي شيء آخر، من إصلاحات دورية، أو طارئة، لمدة معلومة، في مقابل عِوض معلوم، وقد يلتزم فيه الصائن بالعمل وحده، أو بالعمل والمواد.
ثانياً: عقد الصيانة له صور كثيرة، منها ما تبين حكمه، وهي:
1. عقد صيانة غير مقترن بعقد آخر، يلتزم فيه الصائن بتقديم العمل فقط، أو مع تقديم مواد يسيرة لا يعتبر العاقدان لها حساباً في العادة.
هذا العقد يكيَّف على أنه عقد إجارة على عمل، وهو عقد جائز شرعاً، بشرط أن يكون العمل معلوماً، والأجر معلوماً.
2. عقد صيانة غير مقترن بعقد آخر، يلتزم فيه الصائن تقديم العمل، ويلتزم المالك بتقديم المواد.
تكييف هذه الصورة، وحكمها: كالصورة الأولى.
3. الصيانة المشروطة في عقد البيع على البائع لمدة معلومة.
هذا عقد اجتمع فيه بيع وشرط، وهو جائز، سواء أكانت الصيانة من غير تقديم المواد، أم مع تقديمها.
4. الصيانة المشروطة في عقد الإجارة على المؤجر، أو المستأجر.
هذا عقد اجتمع فيه إجارة وشرط، وحكم هذه الصورة: أن الصيانة إذا كانت من النوع الذي يتوقف عليه استيفاء المنفعة: فإنها تلزم مالك العين المؤجرة من غير شرط، ولا يجوز اشتراطها على المستأجر، أما الصيانة التي لا يتوقف عليها استيفاء المنفعة: فيجوز اشتراطها على أيٍّ من المؤجر، أو المستأجر، إذا عُيِّنت تعيُّناً نافياً للجهالة.
وهناك صور أخرى يرى " المجمع " إرجاءها لمزيد من البحث، والدراسة.
ثالثاً: يشترط في جميع الصور: أن تعيَّن الصيانة تعييناً نافياً للجهالة المؤدية إلى النزاع، وكذلك تبيين المواد إذا كانت على الصائن، كما يشترط تحديد الأجرة في جميع الحالات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم.
"مجلة المجمع" (العدد الحادي عشر ج 2، ص 279) .
2. سئل الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله:
صاحب شركة صيانة سيارات يسأل عن عقد الضمان وصورته: أن يتعاقد صاحب شركة الصيانة مع صاحب معرض سيارات مستعملة، أو ما يسمَّى بصالات السيارات المستعملة، وخاصة المستوردة من الخارج، فيقوم صاحب الشركة بفحص السيارة، ويعطي شهادة ضمان على السيارة السليمة مدة محددة على حسب صلاحية السيارة، على أن يدفع صاحب المعرض - أو الصالة - مبلغاً مقطوعاً مرة واحدة، ويتكفل صاحب الشركة بضمان السيارة تلك المدة المحددة بحيث لو حصل للسيارة عطل: فإن مشتري السيارة من المعرض يرجع على صاحب الشركة الضامنة، فتقوم بإصلاح السيارة بدون دفع مال، بشرط أن لا يقوم المشتري عند حصول عطل بإصلاح السيارة في مكان آخر.
ويستثنى من الأعطال ما هو خارج عن الإرادة مثل حوادث السيارات.
فأجاب:
نرى أن مثل هذا لا يجوز؛ فإنه داخل في عمل " التأمين " الذي رَجَّح العلماء عدم جوازه؛ وذلك لأن صاحب المعرض - أو صاحب صالات السيارات - يدفع مبلغاً محدداً لشركة الصيانة، سواءً حصل أعطال، أو لم يحصل، فتارة لا يحصل تعطيل لهذه السيارات: فيأخذ صاحب شركة الصيانة ذلك المال من صاحب المعرض في غير مقابل، ولا يرد عليه شيئاً؛ حيث لا يحصل ما يحتاج إلى الإصلاح.
وأحيانًا قد يحصل تعطيل كثير في السيارات، ينفق عليها صاحب شركة الصيانة أموالًا طائلة أكثر مما دفعه له صاحب صالات السيارات المستعملة، فيتضرر صاحب الشركة، ثم إن هذا التعاقد، وهذا الضمان قد يسبِّب أن أكثر المشترين يتهورون، ويخاطرون في مسيرهم، فتكثر الحوادث، ويحصل أنواع التعطيل، وإذا نصحوا باستعمال الرفق يحتجون بأن السيارة مضمونة لمدةٍ محددة كسنَة، أو أكثر.
فعلى هذا نقول: إن على صاحب المعرض - أو ما يسمى بصالات السيارات المستعملة - سواءً مستوردة من الخارج، أو غير مستوردة: أن يفحص سياراته بنفسه، أو يستأجر عُمَّالًا يفحصونها، ويصلحون ما فيها من الأخطاء، ثم يبيعونها، ولا بأس أن يضمنوا للمشتري إصلاحها لمدة محددة، ولأشياء خاصة، باستثناء الحوادث المرورية، وما أشبهها.
" الفتوى رقم 816 " من موقع الشيخ رحمه الله.
http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=816&parent=4193
وهذا الجواب ينطبق على الصورة الرابعة من صور عقود الصيانة.
والصورة التي ذكرها الشيخ في آخر جوابه أنها جائزة وهي عقد الصيانة من البائع نفسه، هي الصورة الأولى التي ذكرنا أنها جائزة.
3. وقال الشيخ سامي السويلم حفظه الله:
إذا كانت الشركة البائعة للأجهزة هي التي تقوم بالصيانة: فلا مانع من ذلك، ولا مانع من أن يختلف المبلغ المدفوع للصيانة تبعاً لاختلاف الخدمة ذاتها، أما أن تقوم شركات بالصيانة غير الشركات التي باعت السلعة: فلا يجوز؛ لأنه يكون صورة من صور التأمين التجاري المحرم، وبذلك يتبين حكم عقد الصيانة، فالضمان الذي تقدمه شركة الصيانة تابع للعمل الذي تقوم به، وهو عمل الصيانة الدورية، وهذه الصيانة الدورية من شأنها أن تقلل من احتمالات وقوع الخلل، ومن ثم تقلل من الحاجة للضمان ابتداء، أما إذا كان عقد الصيانة مجرد ضمان بلا عمل يدرأ الخطر: فهو تأمين تجاري بحت.
http://almoslim.net/node/54932
وبهذا يتبين أن من عقود الصيانة ما هو مباح جائز، ومنها ما يكون صورة من صور التأمين التجاري فيكون محرماً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5622)
شراء الشقق بالتقسيط قبل البناء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء شقة بالتقسيط من الشركة صاحبة العقار مباشرة ودون وسيط في حالة أن العقار تحت الإنشاء وموعد التسليم بعد سنتين أو ثلاثة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز شراء المنزل والشقة قبل بنائها إذا وصفت وصفا بينا يزيل الجهالة، سواء دفع الثمن كاملا أو مقسطا، وهذه صورة من صور عقد الاستصناع.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم 50 (1/6) بشأن التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها: " هناك طرق مشروعة يستغنى بها عن الطريقة المحرمة، لتوفير المسكن بالتملك منها:
د- أن تملّك المساكن عن طريق عقد الاستصناع - على أساس اعتباره لازماً - وبذلك يتم شراء المسكن قبل بنائه، بحسب الوصف الدقيق المزيل للجهالة المؤدية للنزاع، دون وجوب تعجيل جميع الثمن، بل يجوز تأجيله بأقساط يتفق عليها، مع مراعاة الشروط والأحوال المقررة لعقد الاستصناع لدى الفقهاء الذين ميَّزوه عن عقد السلم " انتهى.
وجاء في قرار آخر للمجمع بيان شروط الاستصناع، وهذا نصه:
" إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9 - 14 أيار (مايو) 1992 م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع عقد الاستصناع، وبعد استماعه للمناقشات التي دارت حوله، ومراعاة لمقاصد الشريعة في مصالح العباد والقواعد الفقهية في العقود والتصرفات، ونظراً لأن عقد الاستصناع له دور كبير في تنشيط الصناعة، وفي فتح مجالات واسعة للتمويل والنهوض بالاقتصاد الإسلامي، قرر ما يلي:
أولاً: إن عقد الاستصناع - وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة - ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط.
ثانياً: يشترط في عقد الاستصناع ما يلي:
أ- بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
ب- أن يحدد فيه الأجل.
ثالثاً: يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.
رابعاً: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة.
والله أعلم " انتهى، نقلا عن مجلة المجمع (ع 7، ج2 ص 223) .
والحاصل: أنه يجوز لك شراء شقة بالتقسيط ضمن عقار تحت الإنشاء، بشرط أن توصف وصفا يزيل الجهالة، وأن يحدد أجل التسليم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5623)
طرق الحصول على العناوين البريدية للآخرين لتسويق السلع بمراسلتهم عليها، وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في مجال التسويق الإلكتروني، ومن مهام عملي: عرض خدمات الشركة على عملاء جدد، أي: الترويج، والإعلان عن خدماتنا، ومنتجاتنا، عن طريق البريد الإلكتروني، فهناك برامج معدة لتجلب الإيميلات المسجلة على أي موقع أحدده. فهل استخدام مثل هذه البرامج لهذا الغرض به أي شبهة؟ . وهل هناك فرق بين المواقع، والمنتديات، والأدلة في ذلك؛ حيث إن الأدلة تعرض مواقع لشركات، والشركات تعرض إيميلاتها للجميع، فهل ممكن أستخدم هذه البرامج في جمعها لتيسير الأمر عليَّ؟ . علماً أن منها برامج مرخصة، وأستطيع أن أشتريها إذا تطلب الأمر. وجزاكم الله خيراً، وآسف على الإطالة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
العمل في التسويق التجاري، العادي، والإلكتروني: جائز من حيث الأصل، إلا أن هذا التسويق يكون حراماً إذا كان لشركة أو مواقع تحتوي على سلع وبضائع محرمة، كمواقع بيع الأشرطة الغنائية، أو كتب البدعة والفسوق، أو بيع الأدوات الموسيقية، أو اللحوم المحرَّمة، أو المجلات الفاسدة، وما يشبه ذلك من المحرمات في شرعنا.
وقد ذكرنا جملة منها، مع بيان الحكم الشرعي في تسويقها في جوابي السؤالين: (107677) و (93376) ، فلينظرا.
ثانياً:
أما بخصوص الحصول على البريد الإلكتروني للآخرين؛ لتسويق البضائع والسلع بمراسلتهم عليه: ففيه تفصيل:
1. إذا كان الموقع – أو المنتدى - الذي يُعطي البريد الإلكتروني للمنتسب له يخبره في الأصل وقبل الموافقة على الانتساب له أنه من حقه بيع القوائم البريدية لشركات ومواقع التسويق: فلا حرج عليهم من ذلك، ولا حرج عليكم من التعامل مع تلك المواقع والمنتديات، والحصول على القوائم البريدية التي يملكونها.
2. وإذا كان الموقع – أو المنتدى – لم يخبر المنتسبين له بحقه في بيع قوائمه البريدية: فلا يحل له الاستيلاء عليها لبيعها؛ لأنه مؤتمن عليها، ولا يحل لكم التعامل مع تلك المواقع والمنتديات.
3. لا يجوز استعمال برامج الاختراق – الهكر – للوصول إلى قوائم بريد موقع، أو منتدى؛ لأن هذا من التعدي على خصوصيات الآخرين، وبعضهم يزيد على هذا التعدي فيخترق البريد.
4. من أظهر بريده في موقع، أو منتدى: فيجوز مراسلته لتسويق السلع المباحة له، ويجوز استعمال برامج معينة تجمع تلك العناوين البريدية؛ لمراسلتهم.
5. وإذا تمت مراسلة أصحاب تلك العناوين البريدية فينبغي أن يوجد في الرسالة إمكانية لكي يبدي المراسَل رغبته بإلغاء الاشتراك في تلك القائمة، وعدم مراسلته مجدداً، لأن إظهاره لبريده لا يعني رغبته بأن يستقبل عليه رسائل تسويقية، فإذا ما أبدى رغبته بعدم ذلك: فيجب احترام تلك الرغبة، ولا يجوز مراسلته مرة أخرى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5624)
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في البيع والشراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في معرفة السنَّة في التجارة , كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتاجر، ويصف السلَع، ويتبادلها، ويعيدها ... الخ]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يمكن تلخيص هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التجارة، والبيع، والشراء فيما يلي:
1. عمل النبي صلى الله عليه وسلم بالتجارة قبل البعثة مع عمه أبي طالب؛ وعمل لخديجة كذلك، وسافر لذلك إلى بلاد الشام , وكان أيضا يتاجر في الأسواق؛ فمجنة، وعكاظ: كانت أسواقاً في الجاهلية، وكان التجار يقصدونها للبيع، والشراء.
2. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يباشر البيع بنفسه، كما سيأتي في حديث جمل عمر، وجمل جابر رضي الله عنهما، أو يُوكل ذلك إلى أحدٍ من أصحابه، كما في عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ قَالَ: أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِينَاراً يَشْتَرِي بِهِ أُضْحِيَةً - أَوْ شَاةً - فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ.
رواه الترمذي (1258) وأبو داود (3384) وابن ماجه (2402) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
3. كان صلى الله عليه وسلم يأمر التجار بالبرِّ، والصدق، والصدقة.
أ0 عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) .
رواه البخاري (1973) ومسلم (1532) .
ب. عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُصَلَّى، فَرَأَى النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ فَقَالَ: (يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ) ، فَاسْتَجَابُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ فَقَالَ: (إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّاراً، إِلاَّ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ) .
رواه الترمذي (1210) وابن ماجه (2146) ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " (1785) .
ج. وعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي غَرَزَةَ قال: كان صلى الله عليه وسلم يقول: (يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إِنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلِفُ، فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ) .
رواه الترمذي (1208) وأبو داود (3326) والنسائي (3797) وابن ماجه (2145) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
4. وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بالسماحة، واليسر، في البيع والشراء.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى) .
البخاري (1970)
قال ابن حجر – رحمه الله -:
وفيه الحض على السماحة في المعاملة , واستعمال معالي الأخلاق , وترك المشاحة , والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة، وأخذ العفو منهم.
" فتح الباري " (4 / 307) .
ومن صور سماحته صلى الله عليه وسلم:
أ. عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَكُنْتُ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ لِعُمَرَ، فَكَانَ يَغْلِبُنِي فَيَتَقَدَّمُ أَمَامَ الْقَوْمِ، فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزْجُرُهُ عُمَرُ وَيَرُدُّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: (بِِعْنِِيهِِ) قَالَ: هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (بِعْنِيهِ) فَبَاعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ تَصْنَعُ بِهِ مَا شِئْتَ) .
رواه البخاري (2610) .
ب. وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ قَالَ: فَلَحِقَنِى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَا لِي وَضَرَبَهُ فَسَارَ سَيْرا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ قَالَ: (بِعْنِيهِ بِوُقِيَّةٍ) قُلْتُ: لاَ، ثُمَّ قَالَ: (بِعْنِيهِ) ، فَبِعْتُهُ بِوُقِيَّةٍ وَاسْتَثْنَيْتُ عَلَيْهِ حُمْلاَنَهُ إِلَى أَهْلِي فَلَمَّا بَلَغْتُ أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ فَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ ثُمَّ رَجَعْتُ فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِى فَقَالَ: (أَتُرَانِي مَاكَسْتُكَ لآخُذَ جَمَلَكَ خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ فَهُوَ لَكَ) .
رواه البخاري (1991) ومسلم (715) - واللفظ له -.
5. وكان صلى الله عليه وسلم يحسن أداء الحقوق لأهلها، ويحث عليه.
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ: (أَعْطُوهُ) ، فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلاَّ سِنًّا فَوْقَهَا، فَقَالَ (أَعْطُوهُ) ، فَقَالَ: أَوْفَيْتَنِي أَوْفَى اللَّهُ بِكَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً) .
رواه البخاري (2182) ومسلم (1601) .
8. وكان صلى الله عليه وسلم يحث على إقالة النادم.
عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَقَالَ مُسْلِماً أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
رواه أبو داود (3460) وابن ماجه (2199) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
والإقالة: هي المسامحة، والتراجع عن البيع، أو الشراء، وتدل على كرمٍ في النفس.
" وصُورَة إِقَالَة الْبَيْع: إِذَا اِشْتَرَى أَحَد شَيْئًا مِنْ رَجُل ثُمَّ نَدِمَ عَلَى اِشْتِرَائِهِ، إِمَّا لِظُهُورِ الْغَبْن فِيهِ أَوْ لِزَوَالِ حَاجَته إِلَيْهِ، أَوْ لِانْعِدَامِ الثَّمَن: فَرَدَّ الْمَبِيع عَلَى الْبَائِع، وَقَبِلَ الْبَائِع رَدَّهُ: أَزَالَ اللَّه مَشَقَّته وَعَثْرَته يَوْم الْقِيَامَة، لِأَنَّهُ إِحْسَان مِنْهُ عَلَى الْمُشْتَرِي , لِأَنَّ الْبَيْع كَانَ قَدْ بَتَّ فَلَا يَسْتَطِيع الْمُشْتَرِي فَسْخه " انتهى. من "عون المعبود".
6. وكان صلى الله عليه وسلم يساوم في الشراء، ولا يبخس الناس بضاعتهم، كما مر معنا في حديث جمل جابر.
وعن سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: جَلَبْتُ أَنَا وَمَخْرَمَةُ الْعَبْدِيُّ بَزًّا مِنْ " هَجَرَ " فَأَتَيْنَا بِهِ مَكَّةَ، فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي، فَسَاوَمَنَا بِسَرَاوِيلَ، فَبِعْنَاهُ.
رواه الترمذي (1305) وقال: حسن صحيح، وأبو داود (3336) والنسائي (4592) وابن ماجه (2220) .
7. وكان صلى الله عليه وسلم يأمر برجحان الوزن.
عن سُوَيْد بْنِ قَيْسٍ قَالَ: (رأى) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً يَزِنُ بِالأَجْرِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (زِنْ وَأَرْجِحْ) .
وهو تتمة الحديث السابق.
8. وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإنظار المعسر، والحط عنه.
عن أبي اليسر رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ) .
رواه مسلم (3006) .
9. وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن التعامل بالربا، وبيع الغرر، وبيع العِينة، والتجارة بالمحرمات , وعن الغش والخداع.
والأدلة على ذلك كثيرة، ومشتهرة.
وليس عندنا تفاصيل بيعه وشرائه في كل معاملاته التجارية صلى الله عليه وسلم؛ فقد كانت تجارته في الجاهلية، ولم يكن نبيّاً حتى تُنقل تصرفاته من أصحابه، وما نُقِلَ عن سنَّته صلى الله عليه وسلم كافٍ إن شاء الله.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5625)
يرسلون الذهب إلى شركة فتقوِّم ثمنه ثم ترسل لهم حسابه بعد ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكمة الصفقة التجارية التالية: تقوم الشركة بإرسال صُرة إلى الزبائن الراغبين ببيع مجوهراتهم الذهبية إلى هذه الشركة ومن ثم يقوم الزبائن بوضع هذه المجوهرات الذهبية داخل تلك الصرة ثم يرسلونها إلى تلك الشركة حيث تقوم هذه الشركة بحساب سعر تلك المجوهرات الذهبية ومن ثم تقوم بإرسال المال المستحق إلى الزبائن. أرجو الأخذ بعين الاعتبار أنه من الصعب أو المستحيل أن تقوم الشركة بالذهاب إلى بيت كل زبون خصوصا الذين يعيشون في أماكن بعيدة , فما حكم الشريعة الإسلامية في مثل هذه الصفقة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روي البخاري (2134) ومسلم (1586) عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا، إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ) .
ومعنى: هاء وهاء: خذ وهات.
وروى مسلم (1587) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ. فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) .
وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز تأخير أحد الربويين إذا بيع بالآخر، وأنه يجب على المتعاقدين أن يتقابضا في المجلس.
فتأخير القبض في أحد الربويين المتحدين في علة ربا الفضل لا يجوز، وهو ربا النسيئة، فإذا كان عندنا ربويان اتحدا في علة ربا الفضل ولو اختلف جنسهما فإنه لابد عند مبادلة أحدهما بالآخر أن يكون ذلك يداًَ بيد.
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
" إذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ: فَلَا بَأْسَ بِالْفَضْلِ فِي بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا خَيْرَ فِيهِ نَسِيئَةً "
"الأم" (3/24)
وقال ابن قدامة في "المغني" (4/30) :
" كُلُّ جِنْسَيْنِ يَجْرِي فِيهِمَا الرِّبَا بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ , كَالْمَكِيلِ بِالْمَكِيلِ , وَالْمَوْزُونِ بِالْمَوْزُونِ , وَالْمَطْعُومِ بِالْمَطْعُومِ , عِنْدَ مَنْ يُعَلِّلُ بِهِ , فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْأُخَرِ نَسَاءً , بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ; وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ عليه السلام: (فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَدًا بِيَدٍ) " انتهى.
وراجع: "المبسوط 14/10) – "تبيين الحقائق" (4/135) – "الموسوعة الفقهية" (26/350)
سئل علماء اللجنة:
أحيانا يشتري صاحب المحل ذهبا بالجملة بواسطة التلفون من مكة أو من خارج المملكة، وهو في الرياض، من صائغ معروف لديه، والبضاعة معروفة لدى المشتري، كأن تكون غوايش أو غير ذلك، ويتفقون على السعر، ويحول له الثمن بالبنك، فهل يجوز ذلك أو ماذا يفعل؟
فأجابت اللجنة: " هذا العقد لا يجوز أيضا؛ لتأخر قبض العوضين عنه، الثمن والمثمن، وهما معا من الذهب أو أحدهما من الذهب والآخر من الفضة، أو ما يقوم مقامهما من الورق النقدي، وذلك يسمى بربا النسأ، وهو محرم، وإنما يستأنف البيع عند حضور الثمن بما يتفقان عليه من الثمن وقت العقد يدا بيد " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/475)
وقال علماء اللجنة أيضا:
" لا يجوز بيع الذهب بالذهب، ولا الفضة بالفضة إلا مثلا بمثل، يدا بيد، سواء كان العوضان من المصاغ أم من النقود أم كان أحدهما مصاغا والآخر من النقود، وسواء كان العوضان من ورق البنكنوت أم كان أحدهما من ورق بنكنوت والآخر مصاغا أم من النقود.
وإذا كان أحد العوضين ذهبا مصوغا، أو نقدا، وكان الآخر فضة مصوغة أو نقدا، أو من العُمل الأخرى - جاز التفاوت بينهما في القدر، لكن مع التقابض قبل التفرق من مجلس العقد، وما خالف ذلك في هذه المسألة فهو ربا، يدخل فاعله في عموم قوله تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ... الآية. البقرة/275 " انتهى
"فتاوى اللجنة" (13/484)
وفتاوى العلماء في ذلك أكثر من أن تحصى.
والخلاصة: أن هذه المعاملة المسئول عنها لا تجوز؛ لأنها من المعاملات الربوية المنهي عنها، وليس المطلوب أن تنتقل الشركة إلى كل زبون في مكانه؛ لكن بالإمكان أن ترسل له ثمن الذهب، مع المندوب الذي يستلم الذهب من بائعه، أو توكل من تشاء في ذلك، أو ينتقل هو إلى مقر الشركة، ليبيع بنفسه عندها، ويستلم الثمن.
وعلى أية حال، فلا يظهر لنا صعوبة في إيجاد المخرج الشرعي، من هذه المعاملة الممنوعة؛ ومن يتق الله مخرجا!!
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5626)
شراء أجهزة من المؤسسة الاستهلاكية بنظام المرابحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أطرح عليكم مسألة تخوفا من الحرام؛ أنا موظف أعمل في قوة دفاع البحرين، ويوجد لدينا مؤسسة استهلاكية تابعة لقوة الدفاع، (تقوم ببيع أجهزة إلكترونية، عن طريق شركة مستأجِرة داخل المؤسسة، بتقسيط على موظفي قوة الدفاع فقط) . الطريقة هي: إذا أردت أن أشتري جهازا، أذهب إلى المؤسسة الاستهلاكية، ثم أختار جهازا من الأجهزة التابعة إلى الشركة المستأجرة، فتقوم المؤسسة الاستهلاكية بشراء الجهاز الذي أنا اخترته من الشركة نفسها، وتبيعه علي بتقسيط، وتقوم الشركة المستأجرة بتوصيله لي إلى المنزل. المؤسسة الاستهلاكية لا تملك الأجهزة الالكترونية، هي مجرد وسيط بين الموظف والشركة المستأجرة، وسعر الأجهزة ثابت، سواء اشتريته أقساط، أو دفعت فورا. هل هذه المعاملة محرمة، أرجو أن تفيدوني. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المعاملة المسئول عنها يسميها العلماء: بيع المرابحة للآمر بالشراء، وحاصلها: أن الإنسان قد يرغب في سلعة ما، فيذهب إلى شخص أو مؤسسة أو مصرف، فيحدد له السلعة المطلوبة، ويعده أن يشتريها منه بعد شراء المؤسسة أو المصرف لها، بربح يتفقان عليه، وهذه المعاملة تجوز عند توفر شرطين:
الأول: أن تمتلك المؤسسة هذه السلعة قبل أن تبيعها، فتشتري الجهاز لنفسها شراء حقيقيا، قبل أن تبيعه على الموظف.
الثاني: أن تقبض المؤسسة الجهاز قبل بيعه على الموظف.
فإذا لم تشتر المؤسسة الجهاز لنفسها شراء حقيقيا، وإنما اكتفت، بدفع شيك بالمبلغ عن الموظف، كان هذا قرضا منها للموظف، فإن كانت لا تسترده بزيادة – كما يفهم من سؤالك – فهو قرض حسن، وإن كانت تسترده مع زيادة فهو قرض ربوي محرم.
وإذا اشترت المؤسسة الجهاز لكن باعته قبل قبضه، كان ذلك مخالفاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: (إذا اشتريت مبيعاً فلا تبعه حتى تقبضه) رواه أحمد (15399) والنسائي (4613) وصححه الألباني في صحيح الجامع (342) .
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه) رواه البخاري (2132) ، ومسلم (1525) ، وزاد: قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله. أي: لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك.
وقبض كل شيء بحسبه كما سبق، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وما ينقل: مثل الثياب والحيوان والسيارات وما أشبه ذلك يحصل قبضها بنقلها؛ لأن هذا هو العرف " انتهى من "الشرح الممتع" (8/381) .
فلابد من أخذ المؤسسة للجهاز ونقله إليها، قبل أن تبيعه عليك.
والحاصل أن المؤسسة إن كانت تشتري الأجهزة ثم تبيعها على الموظفين، فلا بد من قبضها للأجهزة قبل بيعها.
وإن كانت لا تشتريها وإنما تدفع ثمنها عن الموظف فهذا قرض وهو دائر بين أن يكون قرضاً حسناً جائزاً أو قرضاً ربوياً محرماً، كما سبق، فإن كان حسناً فلا حرج في هذه المعاملة، وقد أحسنت المؤسسة بذلك.
وينظر للفائدة: سؤال رقم (36408) و (104815)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5627)
يلزمهم البنك بتسلم مبلغ الحوالة بالعملة المحلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال " الحوالات المالية "، حيث يتم إرسال المبلغ لمكتبنا بالدولار - عن طريق البنوك المحلية - ونعطيه للناس بالدولار، ويدفع المرسِل نسبة قليلة أجرة الإرسال، ولكن تغير الأمر بعد حصار " قطاع غزة "، حيث لم يكن بالإمكان إعطاء الناس حوالاتهم بالدولار كما يتم إرساله، وإنما بالعملة المحلية، وبسعر صرف البنك، وهو أقل من سعر صرف السوق بنسبة 3 % يعني: كل مائة دولار، يخسر فيهن المستلم 3 دولار، وهذا لأن البنك يسلِّم لنا قيمة الحوالة التي نسلمها للناس بهذه القيمة، وأنا بصراحة: أرى أن هذه المعاملة فيها غبن للمستلم؛ حيث إن من حقه استلام حوالته بالدولار - كما تم إرسالها - فهل لك أن تفيدني؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق الكلام على الحوالة في جواب السؤال رقم (87656) و (110938) .
وإذا تمت الحوالة فالواجب أن يسلم المبلغ بالعملة التي تم تحويلها، ولا يجوز إجبار المستلم على صرفه بالعملة المحلية، لأن هذا إجبار للإنسان أن يبيع ملكه، وبالسعر الذي لا يريده، وقد قال الله تعالى: (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما البيع عن تراض) رواه ابن حبان، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1283) .
وإذا كنتم مكرهين على صرفها بالعملة المحلية وبالسعر الذي يحدده البنك، فلا إثم عليكم في ذلك، وإنما الإثم على من ظلم الناس وأكل حقوقهم بغير حق.
ولكن عليكم أن تبينوا للعميل ذلك، حتى لا يكون هناك خداع أو غش.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، ويعيد إليهم حقوقهم المغتصبة، ويكبت أعداءهم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5628)
عقد مرابحة أصدره بنك المغرب المركزي
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتوني في صحة هذا العقد البنكي شرعاً (مرابحة) هل هو جائز؟ وهذه شروط هذا العقد كما أصدرها البنك: المرابحة: المادة 9: - يقصد بالمرابحة كل عقد تقتني بموجبه إحدى مؤسسات الائتمان على سبيل التمليك وبناء على طلب أحد العملاء، منقولاً، أو عقاراً من أجل إعادة بيعه له بتكلفة الشراء مع زيادة ربح معلوم يتم الاتفاق عليه مسبقا. - يتم الأداء من طرف العميل الآمر بالشراء دفعة واحدة، أو بدفعات متعددة، في مدة يتم الاتفاق عليها مسبقا. - يتم إدراج الربح بمنتجات مؤسسة الائتمان على مدى مدة العقد. المادة 10: لا يجوز أن يكون موضوع عقد المرابحة اقتناء ممتلكات غير موجودة عند تاريخ توقيع العقد. المادة 11: - ينبغي أن يحدد عقد المرابحة بشكل دقيق واجبات وحقوق كل طرف من الطرفين، وكذا الشروط العامة التي تنظم علاقتهما. - ويجب أن يتضمن بنودا تحدد على الخصوص: 1. المنقول، أو العقار موضوع عقد المرابحة. 2. ثمن الشراء. 3. المصاريف، والرسوم المؤداة من طرف مؤسسة الائتمان من أجل شراء الملك موضوع المرابحة، وتلك التي يتعين على العميل أداؤها. 4. ربح مؤسسة الائتمان. 5. - مدة العقد. 6. كيفيات الأداء. 7. الضمانات التي قدمها العميل. 8. قيمة التسبيق الذي دفعه العميل عند الاقتضاء. المادة 12: أطراف عقود المرابحة هم: العميل الآمر بالشراء، ومؤسسة الائتمان، والبائع. المادة 13: لا يجوز لمؤسسة الائتمان في أي حال من الأحوال مراجعة هامش ربحها المتعاقد عليه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المواد والبنود من إصدار " بنك المغرب المركزي "، وقد أوضحت مذكرة لـ " بنك المغرب المركزي ": أن إعداد هذا العقد قد تمَّ بناء على القواعد التي وضعتها " هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية " (AAOIFI) ، والتي يوجد مقرها بالبحرين، وتشمل هذه الهيئة في عضويتها 155 عضواً، من أكثر من 40 بلداً، وتناط بها مهمة إعداد وإصدار معايير المحاسبة، والمراجعة، والأخلاقيات، ومعايير التدقيق، والمعايير الشرعية للصناعة المصرفية والمالية الإسلامية.
وهذا العقد "المرابحة" يرى بعض الباحثين جوازه، ويرى آخرون أن شروط الجواز غير متوفرة في هذا العقد.
فشراء السلع عن طريق البنوك أو غيرها لا يجوز إلا عند توفر شرطين:
الأول: أن يمتلك البنك هذه السلعة قبل أن يبيعها، فيشتري البنك السيارة مثلاً من المعرض لنفسه.
الثاني: أن يقبض السيارة بنقلها من المعرض قبل بيعها على العميل.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين - أو أحدهما -: كانت معاملة محرمة.
ومن العلماء من يقول بعدم جواز بيع المرابحة أصلاً؛ حتى لو توفر هذان الشرطان، لأن شراء البنوك قد وقع أصلا للمشتري، وليس للبنك، وحقيقة المعاملة عندهم هي: قرض بفائدة، وليس معاملة بيع وشراء، ومن هؤلاء القائلين بهذا: الشيخان: العثيمين والألباني.
وفي سؤال موجه لعلماء اللجنة الدائمة ذُكر فيه ما تفعله بعض البنوك الإسلامية بما تسميه " مرابحة " وهو مطابق لما تفعله البنوك الربوية بما تسميه " فائدة "، وقد ذكر علماء اللجنة الدائمة تحريم هذا الفعل، وهذا نص السؤال والجواب.
السؤال:
فالتاجر الذي يأتي البنك، ولا يملك نقوداً حاضرة - بمعنى (سيولة) - يقول له البنك: نحن لا نقرضك مالاً على أساس أنها بنك إسلامي، ولكن نسألك عن البضاعة ونوعها، ونحن نشتريها ثم نبيعها لك، بشرط أن تتكفل أنت بجميع مصاريف، الشحن، والتأمين، وجميع الالتزامات الأخرى التي تترتب على نقل هذه البضاعة، ونأخذ منك عشرة في المائة.
هذه هي صورة معاملة البنك الإسلامي مع التاجر الذي لجأ إليه يريد المال الحاضر (السيولة) ، أرجو الجواب على هذا، وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
الحمد لله
"أولاً: المصارف والبنوك التي لا تتعامل بالربا: يجوز التعامل معها، وإذا كانت تتعامل بالربا: فلا يجوز التعامل معها، وليست بنوكاً إسلامية.
ثانياً: الصورة التي ذكرت من التعامل بين التاجر والمصرف تحت اسم " بيع المرابحة ": لا تجوز؛ لأن شراء البنك للبضاعة من التاجر شراء صوري، لا حقيقي، وليس له حاجة في البضاعة، وإنما قصده النسبة 10 %، وقد نبهنا عليها غير مرة لمن سأل عن ذلك " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 310، 311) .
وفي جواب السؤال رقم (10958) تجد فتوى أخرى لعلماء اللجنة الدائمة في تحريم هذه المعاملة.
وانظر جواب السؤال رقم: (36408) لتقف على ما يشترط لجواز بيع المرابحة الذي تجريه البنوك.
فليحذر المسلم من الخديعة وإدخاله في معاملات صورية، أو مشبوهة، وقد صدرت فتاوى وتحذيرات كثيرة من مجامع إسلامية، ومن لجان فتوى موثوقة تحذِّر البنوك الإسلامية وغيرها من المعاملات المخالفة للشرع، وتنبههم إلى ضرورة ظهور الفروق الواضحة البيِّنة بين معاملاتهم ومعاملات البنوك الربوية، ومن أمثلة ذلك " التورق المصرفي الذي تجريه كثير من البنوك الإسلامية "، وقد صدر قرارٌ من " المجمعِ الفقهي الإسلامي " في المدة من 19 - 23 / 10 / 1424 هـ الذي يوافقه 13 - 17 / 12 / 2003 م فيه تحريم هذه المعاملة، وفيه تحذيرٌ وتنبيهٌ للمصارفِ من استغلالِ هذه المعاملةِ على غيرِ وجهها الشرعي، وفيه:
"ثانياً: يوصي " مجلس المجمع " جميع المصارف بتجنب المعاملات المحرمة، امتثالاً لأمر الله تعالى.
كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا: فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول" انتهى.
وللأسف قد أباح هذه المعاملة: بعض اللجان الشرعية في بعض البنوك الإسلامية! وقد ردَّ كثيرون على القول بالإباحة من تلك اللجان الشرعية، وفي قرار " مجلس المجمع الفقهي " التنصيص على هذه المصارف بعنوان القرار ونصه وخاتمته، وللشيخ خالد المشيقح بحث في تحريم هذه المعاملة، فلينظر في " مجلة البحوث الإسلامية " (73 / 234 - 237) ، ويوجد ردود من الدكتور على السالوس، والدكتور سامي سويلم، والدكتور عبد الله بن حسن السعيدي - وكلاهما قدَّم بحثاً في المسألة لمجلس المجمع الفقهي -، والشيخ عبد الرحمن العثمان، والدكتور محمد بن عبد الله الشباني، انظرها في موقع "المسلم".
ويُسمع هنا مناقشة قرار المجمع الفقهي، والرد على المبيحين:
http://liveislam.com/iqa/av/jummaah001/twrog/tawarog.rm
وانظر جواب السؤال رقم: (60185) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5629)
الاستصناع الموازي، صورته وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من المغرب وسأفتح إن شاء الله تعالى شركة استيراد وتصدير. ومنذ أشهر بدأت بالفعل بالعمل على صفقة. حيث تتولى شركتنا دراسة المشروع وتكاليفه، وأيضا نتكلف بالشركة المصدرة للبضاعة، حيث إنني قضيت وقتاً طويلاً جداً في البحث عنها مع كل المصاريف. السؤال: شركتنا ستقوم باستيراد البضاعة وعمل عقد طويل الأمد (بين 6 أشهر إلى 12 شهر) حيث إننا سنلتزم أمام المصنع المُصَدِّر أننا سنقوم باستيراد هذه الكمية شهريا لمدة معينة وبثمن معين. والزبون الذي بالمغرب الذي يريد هذه البضاعة يعلم الثمن الأصلي للبضاعة وتكلفة الجمارك والنقل وكل شيء. هل يجوز لنا أخذ المال منه وإحضار السلعة المتفق عليها له من المصنع مقابل أجر أو نسبة معلومة من الثمن (مثلا 5 بالمئة أو دولار على كل قطعة) أو أن هذا يعتبر بيع ما ليس لدينا؟ حيث إننا كما قلت نشتري بماله الذي أعطاه لنا مسبقاً؟ وهل يجوز لنا أخذ مبلغ العقد الكلي أو النصف لضمان عدم تراجعه وتوريطنا بالبضاعة التي ستأتي له خصوصا. وإذا ما تمت الصفقة وأخذنا مال العقد كله (الثمن الكلي للسلعة طوال الأشهر المتفق عليها) هل يحق لنا استغلال ذلك المال بتجارة أخرى بما يعرف في التجارة دوران المال وعدم توقفه أم علينا أخذ إذنه واقتسام الأرباح معه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت البضاعة التي تتعاقدون على بيعها بعد أشهر مواد خام (في صورتها الأولية) ولم تجر عليها أية عمليات صناعية فهذا العقد يسمى "بيع السَّلَم" وهو جائز، ومن شروط جوازه: تسليم الثمن كاملاً في مجلس العقد، فلا يجوز تأجيل بعض الثمن، وإذا استلمتم الثمن فهو ملككم تتصرفون فيه كما تشاؤون.
وأما إذا كانت البضاعة مصنعة – وهو الغالب – أي: جرت عليها عمليات تصنيع، كالثياب والسيارات، والأجهزة والأثاث، والمفروشات.. إلخ فهذا العقد يسمى "عقد الاستصناع" وهو جائز أيضاً، ومعنى عقد الاستصناع أن يتفق المشتري مع البائع أن يبيع له شيئاً مصنوعاً، بالمواصفات التي يتفقان عليها.
ولا يشترط في عقد الاستصناع أن يقدم الثمن كله أو بعضه، فيجوز تقديم الثمن أو تأجيله أو تقسيطه، حسب الاتفاق.
وإذا استلمتم الثمن فهو ملككم تتصرفون فيه وتتاجرون به كما تشاؤون، ولا يلزمكم استئذان المشتري منكم.
وحقيقة الدور الذي تقومون به، يسميه المعاصرون "الاستصناع الموازي" ومعناه: أن يعقد الشخص عقدين للاستصناع، يكون في أحدهما بائعاً (صانعاً) ويكون في الآخر مشترياً (مسْتَصْنِعاً) ثم يأخذ السلعة من البائع له ويسلمها إلى المشتري، وهو عقد جائز.
ولا حرج أن تتفق مع المشتري على زيادة 5% على الثمن الأصلي، أو دولار لكل قطعة، إذا كان عدد القطع معلوماً، والثمن الأصلي معلوماً، حتى لا يقع نزاع بعد ذلك في تحديد الثمن.
وقد ذكرنا قرار المجمع الفقهي الخاص بعقد الاستصناع في جواب السؤال رقم (2146) .
وهذه هي الكيفية الممكنة لتصحيح معاملاتكم، أما عقد الوكالة فلا يصح أن تتعاقدوا على أن تكونوا وكلاء للتاجر في بلدكم لتشتروا له بضاعة مقابل أجر معلوم، كخمسة في المائة مثلاً أو دولار مقابل كل سلعة، وذلك لأن الوكيل مؤتمن غير ضامن، فلا يضمن ما يتلف من غير تعد منه أو تفريط، فإذا تلفت هذه البضائع قبل قبض التاجر لها من غير تفريط ولا تعد منكم فإن عقد الوكالة يقتضي أن لا تضمنوا هذه البضائع، وواقعكم على خلاف هذا.
أضف إلى ذلك: أنكم إذا كنتم وكلاء فإن المال الذي تأخذونه منه كثمن للبضائع يعتبر أمانة في أيديكم قبل أن تسلموه للمصنع، وليس ملكاً لكم، فليس لكم أن تتصرفوا فيه، وواقعكم يخالف هذا أيضا.
وبهذا يتبين أن ما تتعاملون به لا يستقيم أن يكون عقد الوكالة إلا إذا التزمتم بآثار عقد الوكالة، وهو ما لا يتأتى مع الواقع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5630)
يتفق مع الزبون على قيمة العقد وربحه ثم يشتريه نقداً ويقسطه عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ فترة وأنا أبيع بالتقسيط. وطريقتي هي: يأتيني المشتري، أو يهاتفني عبر الجوال بسؤاله لي عن التقسيط، وأخبره بأننا نقوم بالتقسيط، ويسأل عما نقسطه، ويجيب أنه يرغب في سلعة، نقوم بتصفية مبلغ من المال كقوله: " أرغب في خمسة آلاف ريال ". أقول له: بأنني سأبيعك سلعة كذا بالتقسيط، وتصبح عليك بقيمة كذا، وقسط قدره كذا، فإن وافق: ذهبت واشتريت السلعة، وبعد امتلاكها عن نفسي: فهو بالخيار، إما أن يقبل أو يرفض، وإن وافق: أتيته بالعقد، وطلبت عليه كفلاء، وبعد توقيع العقد: أقوم بتسليمه الفاتورة الخاصة بالشراء - فاتورة ما اشتريناه من سلعة - التي تمكنه من استلام ما بعناه إياه، أو إعادة بيعه إن رغب بذلك على صاحب المؤسسة، أو من رغب، وليس البيع علينا. هل هذه الطريقة فيها شيء من الحرام؟ وإذا كان فيها شيء من الحرام: فما هي الطريقة الصحيحة التي ليس فيها شيء؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة محرمة، وسبب تحريمها:
1- أنك تبيع السلعة وأنت لم تنقلها من عند من باعها لك، وقد (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تباع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) رواه أبو داود (3499) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
2- أنك تربح فيما لم يدخل في ضمانك، وهذا لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن ربح ما لم يُضمن) رواه الترمذي (1234) وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1386) .
3- أن كثيراً من المشترين في هذه الصورة يبيعون السلعة للطرف الأول (وهو من باعها لك) فتكون المعاملة بهذه الطريقة صورة من صور بيع العينة، وهو محرم، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولأنه حيلة على الربا.
والذين يجيزون هذه المعاملة يشترطون لها شرطين:
1- أن تقبض السلعة، وتكون في ضمانك، وتنقلها من مكانها.
2- أن لا تبيعها قبل تملكها.
وإذا كان الشرط الثاني متوفراً في معاملتكم: فإن الشرط الأول مفقود، واختلال أحد الشرطين يجعل المعاملة من المحرمات.
وقد بينَّا هذا في جواب السؤال رقم: (36408) فلينظر.
وفي جواب السؤال رقم (10958) تجد فتوى لعلماء اللجنة الدائمة في تحريم هذه المعاملة.
ونسأل الله أن يوفقكم لمرضاته، وأن ييسر لكم العمل الطيب، والكسب المبارك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5631)
مطالبة المستأجر بمال مقابل إنهاء عقد الإجارة قبل وقته
[السُّؤَالُ]
ـ[استأجرت محلاً لمدة عشر سنوات، وبعد مرور ثلاث سنوات. جاءني صاحب المحل وطلب مني إلغاء عقد الإجارة وأترك المحل له. فهل يجوز لي أن أطالبه بمبلغ من المال تعويضاً لي عن ترك المحل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تم عقد الإجارة فهو عقد ملزم للطرفين، لا يجوز لأحدهما فسخه أو إلغاؤه إلا برضا الطرف الآخر. وعلى هذا، فلست ملزماً بفسخ العقد، وترك المحل لصاحبه، بل لك الحق في إلزامه بالعقد الذي بينكما.
ولك أن تطالب بمبلغ من المال قلَّ أو كثر مقابل تنازلك عما تبقى لك من المدة، ولا حرج في ذلك.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"إذا كان هذا المستأجر له مدة معينة، وجاءه صاحب الدكان يطلب منه الخروج قبل انتهاء هذه المدة: فلا حرج عليه أن يطلب عوضاً عن إسقاط حقه فيما بقي من المدة.
مثال ذلك: أن يكون قد استأجر هذا الدكان عشر سنين، ثم يأتيه صاحب الدكان بعد مضي خمس سنين، ويطلب منه أن يُفرِّغ الدكان له، فلا حرج على المستأجر حينئذٍ أن يقول: أنا لا أخرج وأدع بقية مدتي إلا بكذا وكذا؛ لأن هذا معاوضة على حق له ثابت بمقتضى العقد الذي أمر الله بالوفاء به في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) .
أما إذا كانت المدة قد انقضت، وكان بقاء المستأجر في هذا الدكان بمقتضى قانون من الدولة: فإنه لا يجوز له أن يمتنع من الخروج إلا بعوض، بمعنى: أنه لا يجوز له أن يطلب عوضاً عن الخروج من هذا الدكان الذي قد تمت مدته، بل يجب عليه أن يسلم الدكان إلى صاحبه بعد فراغ المدة، ولا يأخذ منه عوضاً على ذلك؛ لأن بقاءه في دكان بدون إذن مالكه مع انتهاء مدة الإجارة: ظلم له، والظلم محرم، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5632)
الشرط الجزائي وغرامة التأخير في عقد التوريد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في أحد الدوائر الحكومية في قسم المشتريات فعندما نريد أن نشتري مواداً وتجاوزت مدة التوريد عن 15 يوم والسعر عن 100,000 فنأخذ من المورد 10% من المناقصة ضماناً لنا ترد بعد توريد المواد فهل يوجد مخالفة شرعية في هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في أخذ مبلغ مالي من المورّد لضمان تسليم السلعة في الوقت المحدد، وهو من الشرط الجزائي الذي جوزه أهل العلم.
على أنه إذا لم يَفِ المورد بما طلب منه، وكان المبلغ كثيرا عرفا، فإنه يرجع إلى المحكمة الشرعية التي تستعين بأهل الخبرة في تقدير الضرر الذي لحق بالجهة الطالبة أو المستوردة.
قال الدكتور يوسف الشبيلي في عقد التوريد: " وغرامات التأخير التي يضعها المستورد على المورد في حال تأخيره إذا كانت خصماً من قيمة العقد فهي جائزة؛ لأنها ليست زيادة في دين ثابت في الذمة بل هي خصم منه، وهي نوع من الشروط الجزائية، وقد أفتى مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة بجوازها وبأن: " الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطه في العقود شرط صحيح معتبر يجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذر في الإخلال بالالتزام الموجب له يعتبر شرعاً، فيكون العذر مسقطاً لوجوبه حتى يزول.
وإذا كان الشرط الجزائي كثيراً عرفاً بحيث يراد به التهديد المالي، ويكون بعيداً عن مقتضى القواعد الشرعية، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة، ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر " أبحاث هيئة كبار العلماء 1/214 " انتهى من موقع الشيخ على الإنترنت.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5633)
مطالبة المالك بمال مقابل تغيير عقد الإجارة لشخص آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مستأجر لمحل في شركة، وقررت " تقبيل " المحل لشخص، ورفضت الشركة عملية " التقبيل " إلا بشرط أن ندفع لها 60.000 ريالاً بشيك مصدق، وهو عبارة عن 50% من قيمة الإيجار السنوي، وذلك تحت مُسمى " نسبة الشركة " لقاء التنازل، حيث إنه لا يتم كتابة أي عقد جديد للمستأجر الجديد إلا بعد أن تأخذ الشركة مبلغ 50 % من قيمة الإيجار السنوي، علماً بأن هذه الفقرة غير موجودة في العقود تماماً، بل يأخذون هذه الزيادات من ثغرة في العقد وهي: " التنازل، أو الإحالة ": وتنص على: " من المفهوم، والمتفق عليه صراحة: أنه لا يحق للمستأجر التنازل عن هذا العقد لأي طرف ثالث، سواء كان ذلك كليّاً، أو جزئيّاً...... دون إذن خطي مسبق من المؤجِّر ". إذا كان من حق الشركة أن تكتب هذا الشرط في العقد: فهل يترتب على هذا الشرط أي التزامات مالية؟ . وإذا أجَّرت الشركة المحل واستلمت أجرته السنوية كاملة: فما وجه الحق في أن تأخذ الشركة نصف الإيجار على كل عملية تقبيل؟ . علماً أن نسبة التقبيل الآن زادت من 50 % إلى 100 %، ثم إلى 200 % من قيمة الإيجار، يعني: إذا كان الإيجار للمحل 120.000 ريالاً فلا بد من دفع 240.000 ريالاً للشركة، فقط لقاء نقل العقد من المستأجر القديم إلى المستأجر الجديد. فما وجه الحق في أن تأخذ الشركة ضعف قيمة الإيجار على كل عملية تقبيل؟ علماً بأن هذه الزيادة - نسبة التقبيل - غير موجودة في العقود تماماً. فما رأيكم في هذا الموضوع؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
معنى التقبيل: أن يتنازل المستأجر عن المكان الذي استأجره لمستأجر آخر، يأخذ المحل بما فيه من بضائع ورفوف وغير ذلك، ويدفع ثمن هذه الأشياء للمستأجر الأصلي، ويدفع أجرة المحل للمالك.
وهذه المعاملة جائزة بشرط أن لا يكون المالك قد اشترط على المستأجر أن لا يتنازل لأحد، ولا يؤجر المحل لأحد. لأن الواجب الوفاء بهذا الشرط، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) . رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"مَن استأجر عيناً: فله أن يؤجرها لغيره بمثل ما استأجرها به، أو بأكثر منها، أو بأقل، وبنفس مدة الإجارة المتفق عليها، ممن يقوم مقامه في الانتفاع، أو دونه، لا بأكثر منه ضرراً؛ لأنه يملك الانتفاع بالعين المؤجرة، فجاز له أن يستوفيها بنفسه، أو بغيره، إلا أن يشترط المؤجر المالك أن لا يؤجرها لغيره، أو أن لا يؤجرها لأصحاب مهن وحرف حددها، فهما على ما اشترطا" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح بن فوزان، الشيخ الفوزان بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 88) .
وعلى هذا؛ فالمالك ليس ملزماً بتغيير العقد باسم المستأجر الجديد، بل له الحق في إلزام المستأجر الأول بإتمام العقد ودفع الأجرة إلى أن تنتهي المدة المتفق عليها.
وإذا طالب المالك بمبلغ من المال مقابل التنازل عن حقه في العقد الأول، وتغيير العقد باسم المستأجر الجديد، فله الحق في ذلك، قلَّ المبلغ الذي يطلبه أو كثر.
وانظر جواب السؤال رقم (105404)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5634)
شراء سيارة من الشركة المصنعة عن طريق البنك التابع لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في ألمانيا.. وكل شركة من شركات صناعة السيارات الألمانية لها بنك خاص بها.. فمثلا شركة مرسيدس لديها بنك مرسيدس وشركة بي ام دبليو لديها بنك بي ام دبليو ... وعن طريق البنك الملحق بالشركة يتم البيع بالتقسيط. فما حكم شراء السيارات بالتقسيط من هذه الشركات؟ علما بأنه لا يوجد طرف ثالث في البيع ... ]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان الشراء من البنك، فيشترط أن يملك البنك السيارة، أو يشتريها لنفسه أولا، ثم يبيعها عليك بالتقسيط.
وأما إن كان لا يملك السيارة، ولا يشتريها لنفسه أولا، وإنما يقتصر دوره على أن يدفع للشركة ثمن السيارة نيابة عنك، ثم يسترد منك الثمن مقسطا بزيادة، فهذا لا يجوز؛ لأن حقيقته أنه أقرضك ثمن السيارة، ودفعه نيابة عنك، على أن يسترد القرض بزيادة، فهو قرض جر نفعا، فيكون ربا.
وكون البنك ملحقا بالشركة، لا يعني أنه يملك السيارات التي تملكها الشركة، ولذلك اشترطنا أن يملك البنك السيارة أولا قبل بيعها عليك.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (20091) ورقم (36410) .
ثانيا:
إذا كان الشراء من الشركة، من غير وساطة البنك، فلا حرج في ذلك، ولو كان السعر بالتقسيط أعلى من السعر نقداً، لأن الشركة تبيع ما تملكه وتحوزه.
وأما إدخال البنك في هذه المعاملة، فإن كان لمجرد تحويل الأقساط عليه، لتصل إلى الشركة فلا حرج، وإن كان ليدفع المبلغ للشركة كاملا ثم يتقاضاه منك مقسطا، فهذا هو الربا، كما سبق، وهذه الصورة شائعة في تعامل شركات السيارات، فينبغي الانتباه والحذر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5635)
مسائل في " خلو الرجل "، وكلمة لأصحاب العقارات للتخفيف على الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[ي متعلق بالسكن , إذ نظراً لارتفاع كلفته يلجأ العديد من الناس في " المغرب " لوسائل يخفضون بها أجرة الكراء , وهي كما يلي: " شراء مفتاح "، وهي دفع مبلغ مالي كبير لصاحب المنزل مقابل السكن بأجرة مخفضة، ويصبح المقرض بموجب العقد مالكاً لحق التصرف في المنزل، بحيث يمكنه إن أراد تغيير سكناه أن يسكِّن أي شخص يرد له المبلغ الذي دفعه لصاحب المنزل، أرجو إفادتي , هل هذه الطرق مشروعة لخفض كلفة الإيجار أم لا؟ وفي حالة النفي هل توجد وسيلة حلال تؤدي نفس الغرض؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1. الذي يظهر لنا أن ما يسميه السائل " شراء مفتاح " هو ما يسمى في بعض الدول " الخلو " أو " نقل قدم " أو " الفروغية "، وهو المال الذي يُدفع للمالك – أو للمستأجر بعقد شرعي – مقابل التمكين من العقار.
2. لا يُغيِّر دفع هذا المبلغ من طبيعة العقد، فهو لا يزال عقد إجارة.
3. لا ينبغي تسمية المال المدفوع قرضاً؛ لأنه لا يرده المالك إلى المستأجر، ولو كان قرضاً لكانت المعاملة محرَّمة؛ لأنه يصبح من القروض التي تجر منافع، وهي عقود ربوية بلا شك، وينطبق على ذلك القاعدة المتفق عليها " كل قرضٍ جرَّ نفعاً فهو رباً ".
4. يجوز للمستأجر أن يؤجر العقار بأقل أو أكثر من الأجرة التي تعاقد عليها مع المالك، وله أن يأخذ مقابل ذلك ما يسمى ب: "شراء المفتاح" أو "خلو الرجل" ما لم ينص العقد مع المالك على عدم ذلك.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"إذا استأجر إنسانٌ بيتاً، أو شقةً، أو معرضاً – مثلاً – مدة، وبقي له منها زمن: جاز له أن يؤجرها لمثله بقية تلك المدة بقليل، أو كثير، دون غبن.
أما إن كانت مدة إجارته قد انتهت: فليس له أن يؤجر ذلك البيت، أو الشقة، أو المعرض –مثلاً - أحداً إلا برضا المالك، وإلا كان ما أخذه من الأجرة محرَّماً، سواء كان قليلاً، أم كثيراً؛ لأن منافع البيت بعد انتهاء مدة الإجارة حق لمالك العين، فتصرف غيره فيها بغير رضاه: اعتداء على حقه، فكان ممنوعاً، وكان الكسب من ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، لكن إذا كان المستأجر للمحل له مال في المحل، من فرش، أو ديكورات، أو مكيفات، أو إنارة، ونحو ذلك: فلا مانع أن يتفق المالك أو المستأجر الجديد مع مالكها على ثمن معلوم لتلك الأموال، ولا يسمَّى هذا " نقل قدم "، وإنما هو بيع لتلك الأشياء التي يملكها المستأجر، وإن لم يرغب المالك أو المستأجر الجديد شراءها: فعلى صاحبها أن ينقلها لانتهاء مدة إجارته" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 92) .
وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: ما رأي الدين في المبالغ التي تدفع كخلو لإيجار الأماكن والمحلات، سواء من المؤجر للمستأجر أو من المستأجر للمؤجر؟ .
فأجاب:
"إذا استأجر الإنسان محلاً مدة معلومة: فله أن يسْكُنه تلك المدة، وأن يؤجِّره لغيره ممن هو مثله في الاستعمال، أو أقل منه؛ أي: أن له أن يستغل منفعة المحل بنفسه، وبوكيله.
أما إذا تمت مدته: فإنه يجب عليه إخلاء المحل لصاحبه الذي أجَّره إياه، ولا حق له في البقاء، إلا بإذن صاحبه، وليس له الحق في أن يمتنع عن إخلاء المحل إلا بأن يدفع له ما يسمى بـ " نقل القدم " أو " الخلو "؛ إلا إذا كان له مدة باقية فيه" انتهى.
" المنتقى من فتاوى الفوزان " (3 / 221 السؤال رقم 336) .
وانظر جواب السؤال رقم: (1839) ففيه قرار " مجمع الفقه الإسلامي " حول هذه المسألة بتفصيلات علمية.
والمرجو ممن وسَّع الله تعالى عليهم في المال والعقار أن يراعوا حال الناس، وضعفهم، وصعوبة الحياة، وقلة أو ندرة الحصول على أعمال تدر دخلاً يكفي الرجل وأسرته، وليعلموا أن ما يفعلونه من تخفيف الأجرة على المستأجرين يدخل في الإنفاق، والصدقات، والرحمة للخلق، وكل ذلك من أعظم الطاعات والأعمال الصالحة، وقد وعد الله تعالى أهلها بالخير والثواب في الدنيا والآخرة.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) . رواه البخاري (4407) ومسلم (993) .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قال: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) . رواه الترمذي (1924) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) . رواه مسلم (2699) .
نسأل الله تعالى أن يكتب لمن أنفق، وتصدَّق، ورحم: الأجرَ، والثوابَ، وأن يفرِّج عنهم وييسر لهم أمورهم في الدنيا والآخرة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5636)
المساهمة في بنك لا يتعامل بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[إن البنك الإسلامي لديه أسهما للبيع، قيمة السهم الواحد مبلغ مائة وعشرة دولارات أمريكية، والذي فهمناه أن البنك المذكور لا يتعامل بالربا، وأن قيمة الأسهم توضع في الأعمال التجارية، الخالية من معاملة الربا، وتقسم الأرباح على المستفيدين، وخشية من الوقوع في المحذورات؛ نأمل إفتاءنا عن إجازة ذلك من عدمه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجوز المساهمة في البنوك التي لا تتعامل بالربا، والربح الذي يحصل عليه المساهم من البنك وهو ناتج عن معاملة ليست بمحرمة لا شيء فيه، فهو حلال.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتاوى اللجنة الدائمة 13/507.(5/5637)
دفع قيمة الكشف الطبي مقدما
[السُّؤَالُ]
ـ[صاحب مستشفى يقول للزبائن: ادفعوا خمسمائة ريال مقابل عشرين كشفا طبيا سنويا سواء كانت لمرض يصيبه أو فحص عام يجريه على مدار السنة، بحيث إذا استنفذ العدد كان ذلك مقابل المبلغ وإذا لم يستنفذ العدد عدد الكشوفات أو المراجعات إما لتركه المجيء للفحص العام أو لعدم مرضه لا يسترجع شيئا من النقود؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
- اتفقوا على عدد معين؟
- نعم،
- هذا لا بأس به.
سؤال:
لو لم يأت هذا العشرين كلها سواء لأنه لم يمرض أو كسل فلم يأت ليفحص فالخمسمائة تذهب.
جواب:
معناه أنه فرّط في حقه.
سؤال:
نعم، يعني أسقط حقه مثلا فلا بأس بذلك؟
جواب:
لا بأس بذلك لأنه معلوم. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5638)
شراء السلع عن طريق البنك حتى لا تستولي عليها الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ليزينك: أحد العقود في بنوك بلدنا , وأصل ماهية هذا العقد أنه يجمع بين دين (قرض) وإجارة في عقد واحد. وموقف البنك من هذا العقد وساطة بين المشتري والبائع , بأن يعقد دينا للمشتري ويستأجر سلعة من البائع وأحيانا هو يكون بائعا بشكل أنه يقدم دينا للبائع ويشتري العقار (أو السلعة: جهاز، آلة..الخ) ثم يؤجره للبائع نفسه أو يبيعه له. ويضع البنوك شروطا لحماية حقوقهم وللاستفادة من الربح أكثر ومن أمثلة ذلك: 1. صيانة وتعمير القطع التالفة والمصاريف لها تكون في ذمة المشتري بعد تسليم البضاعة مع منع البيع والتطوير والتغيير في حقه 2. ولا تنتقل السلعة إلى تصرفه تاما إلا بعد دفع كل دفعات ليزنك للبنك 3. دفعات ليزنك تحسب بإضافة فائض ربوي (%) على أصل قيمة السلعة وتقسم على زمن محدد (يقدرونه من سنة إلى 5 سنوات) 4. إذا لم يتم دفع دفعات ليزنك في وقته يضاف إليه 5% زيادة عل كل مدة تزاد عليه، وإذا لم يتم دفعه حتى بعد هذه المدة تسحب منه السلعة وتسلم لصاحبه وقصدنا من هذا السؤال: أن في بلدنا الآن ليس فقط حرب مع الإسلام فحسب، بل مع أصحاب الأموال أيضا, فبمجرد بروز أموالهم في الساحة إما يتهمون كممولين لإسلاميين أو سحب منهم أملاكهم وتصادر بدون أي اعتراض أو امتناع أو يعرضون أنفسهم للخطر والهلاك والتصفية الجسدية. ونحن قادرون على شراء هذه الأجهزة مباشرة بدون تدخل أو مشاركة البنك، ولكن ذلك معرض للخطر ونحن نريد حماية حقوقنا حتى لا تسحب منا أملاكنا ونحتمي بنظامهم هم، حتى إذا أرادوا سحب الأملاك نقول لهم: ادفعوا الديون للبنك وخذوا الأجهزة أو أن هذا الملك باسم البنك الفلاني، فلا يستطيعون التعرض لها. وهل يمكن تغير بعض الأحكام الشرعية في ظل هذه الظروف كما ثبت عن عمر بن الحطاب إسقاطه لحد السرقة في عام الرمادة. جزاكم الله خيرا وأجزل مثوبتكم في الدنيا والآخرة]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
شراء السلع عن طريق البنك له صورتان:
الأولى: أن يكون البنك مجرد مموّل، يقرض العميل ثمن السلعة أو يدفعها نيابة عنه، مقابل أن يسترد المبلغ وزيادة، كأن يكون ثمن السلعة ألفا، فيستردها ألفا ومائتين، وهذه صورة محرمة؛ لأن حقيقتها قرض بفائدة، فهو ربا.
الثانية: أن يشتري البنك السلعة شراء حقيقيا، ثم يبيعها على العميل بثمن مؤجل أكثر، وهذا لا حرج فيه، وهو ما يسمى ببيع المرابحة للآمر بالشراء، ولا يجوز للبنك أن يعقد البيع مع العميل حتى يشتري السلعة، لما ثبت من النهي عن بيع الإنسان ما لا يملك.
وله أن يأخذ وعدا من العميل بشراء السلعة حال تملكه لها، وهذا الوعد غير ملزم.
ثانيا:
للبنك - في حال بيع السلعة على العميل – أن يحتفظ بالمستندات، حتى يسدد العميل جميع الأقساط، وقد نص الفقهاء على جواز رهن المبيع على ثمنه، وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: " لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة ".
ثالثا:
بناء على ملك العميل للسلعة، فإن صيانتها، وضمان تلفها عليه، لكنه يمنع من بيعها إذا كانت مرهونة للبنك، إلا بإذنه.
رابعا:
لا يجوز للبنك أن يشترط فائدة أو غرامة على التأخير في سداد الأقساط؛ لأن ذلك من الربا المحرم.
والأصل أنه لا يجوز التعاقد مع البنك في حال وجود هذا الشرط الربوي؛ لما في ذلك من التزام الربا والرضا به، لكن جوز الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الدخول في عقد (بطاقة الفيزا) مع وجود هذا الشرط الربوي، إذا اضطر الإنسان لذلك.
وعليه فيمكن الأخذ بهذا، في حال عدم القدرة على إلغاء الشرط الربوي، والخوف من استيلاء الدولة على أموال المسلمين وممتلكاتهم.
خامسا:
لا يجوز النص على الفائدة، كأن يقول البنك إن ثمن السلعة ألف، والفائدة خمسمائة، وإنما تندرج الفائدة ضمن ثمن السلعة، كما سبق.
جاء في نص قرار مجمع الفقه الإسلامي: " ثانياً: لا يجوز شرعاً، في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحال، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطها بالفائدة السائدة ".
سادسا:
عقد الإجارة المنتهي بالتمليك، على الصورة الواردة في السؤال، لا يجوز، وينظر السؤال رقم (14304)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5639)
وجوب تحديد مدة الإيجار، وحكم تأجير إعلانات لمواقع مقابل كل ضغطة
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم الموقع بتأجير مكان في الصفحة للإعلانات للمواقع الأخرى، هل يشترط تحديد المدة، كأن أقول سأضع الإعلان عندي لمدة سنة؟ أم يجوز عدم التحديد؟ وأيضاً هل يجوز أن يكون الأجر متغيراً كأن يكون حسب عدد الزوار الذين يضغطون على الإعلان مثلا على كل ضغطة 1 ريال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا حرج من تأجير مكان في الموقع للإعلان عن المواقع بشرط ألا يكون محتوى تلك المواقع محرماً، كمواقع التعارف بين الرجال والنساء، أو مواقع أغان وأفلام ومسرحيات محرَّمة، أو روابط صوتية ومرئية فاسدة، أو مواقع لأهل البدعة، وما يشبه ذلك: فلا يجوز الدعاية لهؤلاء، لأن في ذلك مشاركة لهم في الحرام الذي يدعون إليه.
قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/ 2.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم (2674) .
واحتساب ترك المحرَّم والمشتبه والمختلط مما يدل على قوة الإيمان واليقين، ومما يبشر صاحبه بالرزق الحلال والبركة والأجور العظيمة.
ثانياً:
أما مدة التأجير فمن شروط صحة عقد الإجارة: كون المدة معلومة، والأجرة معلومة.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة إجارة العقار , قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم , على أن استئجار المنازل والدواب جائز.
ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة.
" المغني " (5 / 260) .
وقال – رحمه الله -:
الإجارة إذا وقعت على مدة: يجب أن تكون معلومة كشهر، وسنَة، ولا خلاف في هذا نعلمه.
" المغني " (5 / 251) .
ويجوز في عقد الإجارة، أن يتفق على أن كل يوم بكذا، أو كل شهر بكذا، من غير أن يحدد نهاية المدة، قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني": " من استأجر فرساً مدة غزوة كل يوم بدرهم فالمنصوص عن الإمام أحمد صحته، لأن عليا رضي الله عنه أجر نفسه كل يوم ولو بثمره، وكذلك الأنصاري ولم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم انتهى.
وعلى هذا، فإما أن تحدد في العقد مع الموقع المدة كاملة لشهر أو سنة مثلاً، وإما أن تحدد الأجرة لكل يوم – مثلا – وإن لم تحدد نهاية المدة.
ثالثاً:
وأما بالنسبة للتأجير بحسب عدد الضغطات على الإعلان: فالذي يظهر أنه لا بأس به.
على أن يُتفق على سعر الضغطة الواحدة، وعلى أن لا تتسبب في زيادة عدد الداخلين باستعمال برنامج، أو باستئجار من يفعل ذلك.
وهذا يشبه ما نقل عن الصحابة من عملهم في السقي كل دلو بتمرة.
فعن كعب بن عجرة قال: سقيت يهودي كل دلو بتمرة، فجمعتُ تمراً فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم ... .
قال الهيثمي رحمه الله:
رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده: جيِّد.
" مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " (11 / 230) .
وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (3271) .
وجهالة عدد الزوار عند عقد الإجارة لا يؤثر في صحة العقد؛ لأن مآل الجهالة إلى علم.
وعليه: فلو أجرتَ تلك المواقع المباحة شهريّاً أو سنويّاً بسعر ثابت: فجائز، ولو كان عقد الإجارة على حسب عدد زوار موقعهم المعلَن عنه في موقعك: فجائز، بشرط تحديد سعر الضغطة الواحدة، وبشرط آخر مهم: وهو أن لا تتسبب في كثرة عدد الزيارات لموقعهم عن طريق برنامج، أو عن طريق استئجار موقع آخر أو أشخاص ليقوموا بالدخول على الموقع المعلَن عنه؛ ليرتفع رصيدك في ذلك الموقع، فإن فعلتَ ذلك: أثمت، وكان ما استوفيتَه من مال مقابله من ذلك الموقع مالاً محرَّماً عليك، ووجب عليك إرجاعه لهم.
وقد رفعتْ شركات كثيرة على مواقع عالمية مشهورة يتهمونهم بتزوير نتائج زوَّار الإعلانات لديهم، وقد جاء في صحيفة " الجزيرة " العدد 113، الأحد 22 ربيع الأول 1426 هـ:
يُذكر أن تزوير إعلانات " الدفع مقابل كل ضغطة " يعدُّ مشكلة كبيرة تواجه صناعة البحث عبر الإنترنت، حيث يقوم بعض الناس - منهم منافسون، أو عاملون متضررون من شركاتهم - بالضغط أكثر من مرة بصورة متواصلة على الإعلانات؛ للعمل على زيادة قيمة فاتورة المعلن! وهو ما قد يكلِّف المعلنين كثيراً من الأموال، كما أنه من الصعب تعقب الفاعل، أو إيقافه.
وتشير إحصاءات مؤسسة " سيمبو " غير الربحية أن ما بين 36 و 58 % من المعلِنين يشعرون بالقلق الشديد إزاء عملية تزوير الإعلانات، ولكنهم لا يستطيعون دوماً تعقب الفاعل. انتهى
ولمزيد الفائدة راجع جواب السؤال (98817)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5640)
استيراد البضائع عن طريق البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[مهنة شخصٍ تتطلب استيراد مواد تشغيل معملة من الخارج وبدلاً من أن يقوم هو بالدّفعِ لما يشتري من البائع يدفع عنه المصرف فور تسلّمه البضاعة، وهو لا يقوم للتسديد للمصرف إلاً بعد مدّة من الزّمن يتمّ الاتّفاق عليها، ومقابل تأجيل الدّفع يلتزم بدفع زيادة على ما دفع المصرف للبائعِ، وتكون هذه الزّيادة قابلة للنقاش والتّفاوض فيمكن أنْ تكون خمسة بالمائة، ويمكن أن تكون غير ذلك؟ تأجيلُ الدّفع تكون هناك زيادة على ثمن البضاعة إن دفع الثّمن فوراً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة لها صورتان:
الأولى: أن يشتري المصرف البضاعة لنفسه، ثم يبيعها على العميل بعد تملكها، وهذا ما تفعله بعض المصارف الإسلامية، ويسمى بيع المرابحة عن طريق فتح الاعتماد المستندي لصالح العميل، وهذا جائز، لأن البنك إذا اشترى السلعة لنفسه وملكها، جاز أن يبيعها بثمن أعلى، حالاً أو مقسطا، فيشتريها بمائة مثلا، ويبيعها بمائة وعشرة على أقساط.
ولكن يشترط هنا أن يفتح المصرف الاعتماد المستندي باسمه ولصالحه، حتى يتحقق شراؤه الصحيح للسلعة، ولا يكون الأمر مجرد حيلة.
الصورة الثانية: أن يكون دور المصرف هو التمويل فقط، فلا يشتري السلعة لنفسه، وإنما يشتريها للعميل، في مقابل أخذ ربح أو فائدة، وهذا عقد ربوي محرم، لأن حقيقته أنه قرض بفائدة، فالمصرف يقرض العميل مائة، ليستردها مائة وعشرة.
وينظر تفصيل ذلك في: "الخدمات الاستثمارية في المصارف" للدكتور يوسف الشبيلي (2/470) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5641)
الحيلة الثلاثية على الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أشتري سيارة بالتقسيط، ثم أبيعها لأستفيد من ثمنها، لحاجتي الماسة للنقود، ولكن طريقة الشركة التي سوف أشتري السيارة منها كما يلي: تشتري السيارة ببطاقة جمركية، أي بدون الذهاب إلى المرور لاستخراج لوحات، مجرد عقد بيع بين الشركة والمعرض، والسيارة في مكانها، ثم آخذ أنا البطاقة الجمركية ولي حرية التصرف في البيع. السؤال: هل هذه الطريقة شرعية؟ وهل يجوز لي أن أبيعها على نفس المعرض، مع العلم أن السيارة في مكانها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
شراء السلعة ثم بيعها على غير البائع الأول، لأجل الحصول على النقود، يسمى " التورق " مأخوذ من " الورِق " وهو الفضة، وهو جائز عند جمهور الفقهاء.
انظر جواب السؤال رقم (45024) .
وطلب الإنسان من غيره أن يشتري سلعة، ثم يبيعها له بثمن مقسط، يسمى بيع المرابحة للآمر بالشراء، وهو جائز بشرطين:
الأول: أن تقوم الشركة بشراء السلعة لنفسها، قبل أن تبيعها على العميل.
الثاني: أن تقبض الشركة السلعة، قبل بيعها على العميل.
وإذا خلت المعاملة من هذين الأمرين، أو من أحدهما، كانت معاملة محرمة.
فقد ورد النهي عن بيع الإنسان ما لا يملك، وعن بيع ما ليبس عنده، وعن بيع السلع قبل قبضها:
فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (لا تبع ما ليس عندك) رواه أبو داود (3503) والنسائي (4613) والترمذي (1232) وابن ماجه (2187) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (15399) والنسائي (4613) أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يُحَرَّمُ عَلَيَّ قَالَ: (فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 342
وأخرج أبو داود (3499) والدارقطني (3/13) عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم " والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه) رواه البخاري (2132) ومسلم (1525) ، وزاد: قال ابن عباس: " وأحسب كل شيء مثله " أي لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك.
وانظر حول بيع المرابحة إجابة السؤال رقم (36408) .
وبناء على ذلك: فليس للشركة أن تبيع السيارة حتى تقبضها؛ وقبض كل شيء بحسبه، فقبض السيارة: أن تنقل من محلها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وما ينقل: مثل الثياب والحيوان والسيارات وما أشبه ذلك يحصل بنقلها؛ لأن هذا هو العرف " انتهى من "الشرح الممتع" (8/381) .
ومنه تعلم أنه لا يصح أن تبقى السيارة في مكانها، بل على الشركة أن تنقلها من المعرض، قبل أن تبيعها عليك.
وهذا هو القول الراجح في المسألة، أنه لا يجوز بيع السلع قبل قبضها، لا فرق في ذلك بين الطعام وغيره، وهو مذهب الشافعي، وقول أبي يوسف ومحمد من الحنفية، ورواية عن أحمد.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (9/123) : " وقد ذهب الفقهاء مذاهب في بيع المبيع قبل قبضه: فمذهب الشافعية , وهو قول أبي يوسف الأول , وقول محمد , وهو أيضا رواية عن الإمام أحمد: أنه لا يصح بيع المبيع قبل قبضه , سواء أكان منقولا أم عقارا , وإن أذن البائع , وقبض الثمن. وذلك لحديث {حكيم بن حزام رضي الله عنه , قال: قلت: يا رسول الله: إني أشتري بيوعا , فما يحل لي منها , وما يحرم علي؟ قال: إذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه} وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا يحل سلف وبيع , ولا شرطان في بيع , ولا ربح ما لم يضمن , ولا بيع ما ليس عندك} . ومعنى {ربح ما لم يضمن} ربح ما بيع قبل القبض. مثل: أن يشتري متاعا , ويبيعه إلى آخر قبل قبضه من البائع , فهذا البيع باطل , وربحه لا يجوز , لأن المبيع في ضمان البائع الأول , وليس في ضمان المشتري منه , لعدم القبض. ولحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه , {أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع , حتى يحوزها التجار إلى رحالهم} . والمراد بحوز التجار: وجود القبض , كما في الحديث قبله. ولضعف الملك قبل القبض , لانفساخ العقد بتلفه. وهذا هو المعنى الذي علل به الشافعية النهي عن البيع قبل القبض. وعلل الحنابلة , عدم الجواز على هذه الرواية التي اختارها ابن عقيل من أئمتهم , بأنه لم يتم الملك عليه , فلم يجز بيعه , كما لو كان غير متعين , وكما لو كان مكيلا أو موزونا. ومذهب الحنفية أنه لا يصح بيع المنقول قبل قبضه , ولو كان من بائعه , وذلك للحديث المذكور برواياته , فإنه منهي عن بيع المبيع قبل قبضه. ولأن في البيع قبل القبض غرر انفساخ العقد الأول , على تقدير هلاك المبيع في يد البائع , وإذا هلك المبيع قبل القبض ينفسخ العقد , فيتبين أنه باع ما لا يملك , والغرر حرام غير جائز , لأن النبي صلى الله عليه وسلم {نهى عن بيع الحصاة , وعن بيع الغرر} . ولا يفرق الحنفية في ذلك بين الطعام وبين غيره من المنقولات , وذلك: لقول ابن عباس كما تقدم آنفا: ولا أحسب كل شيء إلا مثله , أي مثل الطعام. وعضد قول ابن عباس ما روي عن ابن عمر , قال: " ابتعت زيتا في السوق , فلما استوجبته , لقيني رجل , فأعطاني فيه ربحا حسنا , فأردت أن أضرب على يده (أي أن أقبل إيجابه , وأتفق على العقد) فأخذ رجل من خلفي بذراعي , فالتفت , فإذا زيد بن ثابت رضي الله عنه فقال: لا تبعه حيث ابتعته , حتى تحوزه إلى رحلك , {فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع , حتى يحوزها التجار إلى رحالهم} ... وأجاز الشيخان من الحنفية - أبو حنيفة وأبو يوسف - بيع العقار قبل قبضه استحسانا , وذلك استدلالا بعمومات حل البيع من غير تخصيص , ولا يجوز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد. ولأنه لا يتوهم انفساخ العقد في العقار بالهلاك , بخلاف المنقول. ولأن العقار مقدور التسليم , ولا يرد عليه الهلاك إلا نادرا بغلبة الماء والرمل , والنادر لا يعتد به ... وخالف الإمام محمد , فلم يجز بيع العقار أيضا قبل قبضه , وهو قول أبي يوسف الأول , وقول الشافعي كما قدمنا , وذلك لإطلاق الحديث , وقياسا على المنقول " انتهى.
والسيارة لا شك أنها من المنقول، فلا يجوز بيعها قبل قبضها، في مذهب الحنفية أيضا.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/153) : " إذا طلب إنسان من آخر أن يشتري سيارة معينة أو موصوفة بوصف يضبطها، ووعده أن يشتريها منه، فاشتراها مَن طُلبت منه، وقبضها، جاز لمن طلبها أن يشتريها منه بعد ذلك نقدا أو أقساطا مؤجلة بربح معلوم، وليس هذا من بيع الإنسان ما ليس عنده؛ لأن من طُلبت منه السلعة إنما باعها على طالبها بعد أن اشتراها وقبضها، وليس له أن يبيعها على صديقه مثلا قبل أن يشتريها أو بعد شرائه إياها وقبل قبضها؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم " انتهى.
ثانيا:
إذا قامت الشركة بشراء السيارة ونقلها من المعرض، فلا حرج في أن تبيعها عليك دون الذهاب إلى المرور واستخراج اللوحات لها؛ لأن هذه الإجراءات توثيق للحق، وليست شرطا لصحة البيع وانتقال الملك.
ثالثا:
لا يجوز لك في هذه الصورة أن تبيع السيارة على المعرض، لأنه من التحايل على الربا.
وهذه الحيلة تسمى الحيلة الثلاثية أو المثلثة، وقد نبه عليها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره. قال: " أو يواطئا ثالثا على أن يبيع أحدَهما عرَضا، ثم يبيعه المبتاع لمعامِله المرابي، ثم يبيعه المرابي لصاحبه، وهي الحيلة المثلثة " انتهى من مجموع الفتاوى (29/28) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وكذلك انتشرت حيلة سابقة، يأتي الفقير إلى شخص فيقول: أنا أحتاج ألف ريال، فيذهب التاجر إلى صاحب دكان عنده أكياس أرز أو أي شيء، فيشتري التاجر الأكياس من صاحب الدكان مثلا بألف ريال، ثم يبيعها على المحتاج بألف ومائتين، ونحن نعلم أنه لا يجوز أن يباع قبل قبضه، فكيفية القبض عندهم أن يمسح على الأكياس بيده، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فهل هذا قبض؟! هذا يسمى عدّا لا يسمى قبضا، لكن كانوا يفعلون هذا. بعد ذلك يأتي الفقير إلى صاحب الدكان الذي عنده هذه الأكياس، ويبيعها عليه بأقل مما اشتراها منه التاجر، لأن الفقير يريد الدراهم ولا يريد أكياس طعام، فمثلا يبيعها على صاحب الدكان بألف إلا مائة ريال، فيؤكل المسكين الفقير من الجانبين، من جانب التاجر الأول ومن صاحب الدكان، فصاحب الدكان أخذ منه مائة ريال، والتاجر أخذ مائتين زائدا على الألف، وهذه سماها شيخ الإسلام رحمه الله المسألة الثلاثية، لأنها مكونة من ثلاثة أشخاص، ومسائل الربا لا تحل بالحيل.
واعلم أنه كلما احتال الإنسان على محرم لم يزدد إلا خبثا، فالمحرم خبيث، فإذا احتلت عليه صار أخبث؛ لأنك جمعت بين حقيقة المحرم وبين خداع الرب عز وجل، والله سبحانه لا تخفى عليه خافية، وإنما الأعمال بالنيات " انتهى من "الشرح الممتع" (8/211) .
والحيلة فيما ذكرت واضحة، لا سيما والسيارة باقية في محلها، وعلى صفتها الأولى، لم توضع لها لوحات، ولم تسجل باسم أحد.
والحاصل: أنه لابد من شراء الشركة للسيارة شراء حقيقيا، ونقلها من المعرض قبل بيعها عليك، وأنه لا يجوز أن تبيع السيارة على نفس المعرض.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5642)
يتفق مع زملائه على أن يشتري سلعة ويبعها عليهم بزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشتري سلعة حلالا بـ 200 ريال وأبيعها على زملاء بـ 300 ريال بعد الاتفاق معهم على المبلغ هل هذا البيع جائز؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة تجوز بشروط:
الأول: أن تشتري السلعة، وتقبضها، ثم تبيعها عليهم، لقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه: (إذا اشتريت مبيعا فلا تبعه حتى تقبضه) رواه أحمد (15399) والنسائي (613) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (342) .
وعند أحمد: عن حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يُحَرَّمُ عَلَيَّ؟ قَالَ: (فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَه) .ُ
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه (نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
فلا يجوز أن تعقد معهم البيع قبل أن تملك السلعة وتقبضها. لكن يجوز أن تعدهم بإحضارها، وأن يعدوك بشرائها، وأن تتفق معهم على قدر الثمن، وهذا الوعد غير ملزم لواحد منكما.
الثاني: ألا تكون وكيلا لهم في الشراء، فلا يصح أن يوكلوك في شراء سلعة، فتشتريها بـ 200 ثم تبيعها عليهم بأزيد، لأن الوكيل لا يجوز أن يربح من موكله إلا بعلمه.
وإنما تتعامل معهم على أنك بائع، تشتري السلعة التي يرغبون فيها، وتربح عليهم.
الثالث: أن تبيع لهم بسعر السوق، وأما الزيادة الكبيرة، في حال جهلهم بالسعر الحقيقي، فهي غبنٌ لا يجوز فعله. فإن علموا السعر الحقيقي ورضوا بذلك فلا حرج، وإن لم يعلموا السعر الحقيقي فلا يجوز أن تزيد في الثمن زيادة فاحشة.
وراجع السؤال رقم (13341) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5643)
هل يعمل في شركة تبيع أحباراً أصلية وأخرى مقلدة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت للعمل في شركة لمهمات المكاتب للعمل بها أمين مخزن، والشركة تقوم بالعمل في أحبار الطابعات التي منها الحبر الأصلي، ومنها المقلد، وتعتمد الشركة في بيعها على الحبر غير الأصلي، وهي في بيعها تُعلم المشتري بأن هناك أصليّ وهناك تقليد وتسميه " درجة ثانية "، والمشتري على علم بأن هناك الأصلي والتقليد، علماً بأن الشركات التي تنتج الأحبار الأصلية تحارب الأحبار المقلدة، فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل يجوز أن أعمل في هذه الشركة أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا مانع من أن تبيع الشركات والمصانع مواد من درجة ثانية أو ثالثة، وفي كل ما يُصنع الآن ويُنتج – تقريباً – درجاتٍ في الصناعة بحسب ما يكون فيه من مواد، والناس يتفاوتون في قدرتهم على الشراء، فمن الطبيعي أن لا تكون المواد كلها أصلية؛ لارتفاع أثمانها، وعدم قدرة كثيرين على شرائها.
وقد اتفق العلماء على أن " الأصل في المعاملات الإباحة "، ومعنى الأصل: أي القاعدة المستمرة المطردة، ومما يدل على هذه القاعدة:
1. قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) البقرة/29.
2. وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) لقمان/20.
3. عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قال صلى الله عليه وسلم: (مَا أَحَلَّ اللَّهُ في كِتَابِهِ فَهُوَ حَلاَلٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا) ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) – مريم/64 -.
رواه الحاكم (2 / 375) وحسَّنه الألباني في " غاية المرام " (ص 14) .
لكن ينبغي التفريق بين كون المادة درجة ثانية أو ثالثة وبين كونها " مقلَّدة " تحمل اسم المادة الأصلية وتختلف جودتها عنها؛ لأن في هذا غشّاً للمشترين، وهذا الفعل فيه غرر وكذب يجب أن ينزَّه عنه المسلم.
وعليه: فإن كانت تلك الأحبار درجة ثانية: فيجوز بيعها بشرط تبيين حقيقة جودتها للمشتري، وبشرط عدم حملها لعلامة حبرٍ آخر، وإن كانت تلك الأحبار " تقليداً " للحبر الأصلي: في شكلها وعبوتها واسمها: فهو غشٌّ وغرر لا يجوز لكم شراؤه ولا بيعه للناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (من غشنا فليس منا) رواه مسلم (101) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5644)
بيع المرابحة للآمر بالشراء
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندنا مؤسسة مهمتها تنمية أموال الأيتام مسؤول عنها قاضي القضاة والمحاكم الشرعية وهي تعنى بأموال الأيتام وتنميتها عن طريق تشغيلها بالمشاريع والإقراض، طريقة هذه المؤسسة تقوم على التالي:- أن يقوم الشخص الراغب بشراء أي سلعة (شقة، سيارة، أثاث، أرض) باختيار هذه السلعة، ثم يذهب إلى هذه المؤسسة التي تنتدب أحد موظفيها لمعاينة هذه السلعة، ثمّ تقوم المؤسسة بشراء هذه السلعة، ثم تقوم ببيعها للشخص الذي يرغب بشرائها بطريقة التقسيط والمرابحة (نسبة ربح معينة 5%) . هل هناك أي شك بالربا في هذه الطريقة في البيع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
رعاية الأيتام، واستثمار أموالهم وتنميتها بما يعود بالنفع عليهم، عمل صالح نافع، نسأل الله أن يجزي القائمين عليه خير الجزاء، وهو داخل في كفالة اليتيم التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: " (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) رواه البخاري (5304) ومسلم (2983) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " (كَافِل الْيَتِيم) الْقَائِم بِأُمُورِهِ مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ , وَهَذِهِ الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه , أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة " انتهى.
وقد ورد في الاتجار في مال اليتيم ما جاء عن عمر رضي الله: (ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة) أخرجه الدارقطني والبيهقي وقال: " هذا إسناد صحيح، وله شواهد عن عمر رضى الله عنه ". ويروى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وضعف الألباني رحمه الله الحديث مرفوعا وموقوفا.
انظر: "إرواء الغليل" (3/258) .
ثانيا:
الصورة المسئول عنها يسميها العلماء: بيع المرابحة للآمر بالشراء، وحاصلها: أن الإنسان قد يرغب في سلعة ما، فيذهب إلى شخص أو مؤسسة أو مصرف، فيحدد له السلعة المطلوبة، ومواصفاتها، ويعده أن يشتريها منه بعد شراء المؤسسة أو المصرف لها، بربح يتفقان عليه، وهذه المعاملة لا تجوز إلا عند توفر شرطين:
الأول: أن تمتلك المؤسسة هذه السلعة قبل أن تبيعها، فتشتري الشقة أو السيارة لنفسها شراء حقيقيا، قبل أن تبيعها على الراغب والطالب لها.
الثاني: أن تقبض المؤسسة السلعة قبل بيعها على العميل. وقبضُ كل شيء بحسبه، فقبض السيارة مثلا يكون بنقلها من محلها، وقبض الدار بتخليتها واستلام مفاتيحها، وهكذا.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة، وبيان ذلك:
أن المصرف أو المؤسسة إذا لم تشتر السلعة لنفسها شراء حقيقيا، وإنما اكتفت، بدفع شيك بالمبلغ عن العميل، كان هذا قرضا ربويا؛ إذ حقيقته أنها أقرضت العميل ثمن السلعة (مائة ألف مثلا) على أن تسترده مائة وسبعة آلاف.
وإذا اشترت السلعة لكن باعتها قبل قبضها، كان ذلك مخالفاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: (إذا اشتريت مبيعاً فلا تبعه حتى تقبضه) رواه أحمد (15399) والنسائي (4613) وصححه الألباني في صحيح الجامع (342) .
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه) رواه البخاري (2132) ، ومسلم (1525) ، وزاد: قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله. أي: لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك.
وقبض كل شيء بحسبه كما سبق، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وما ينقل: مثل الثياب والحيوان والسيارات وما أشبه ذلك يحصل قبضها بنقلها؛ لأن هذا هو العرف " انتهى من "الشرح الممتع" (8/381) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/153) : " إذا طلب إنسان من آخر أن يشتري سيارة معينة أو موصوفة بوصف يضبطها، ووعده أن يشتريها منه، فاشتراها من، طُلبت منه، وقبضها، جاز لمن طلبها أن يشتريها منه بعد ذلك نقدا أو أقساطا مؤجلة، بربح معلوم، وليس هذا من بيع الإنسان ما ليس عنده؛ لأن من طُلبت منه السلعة إنما باعها على طالبها بعد أن اشتراها وقبضها، وليس له أن يبيعها على صديقه مثلا قبل أن يشتريها أو بعد شرائه إياها وقبل قبضها؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم " انتهى.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار يفيد جواز بيع المرابحة بهذه الصورة.
ومما جاء فيه: "بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعاً، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه " انتهى من مجلة المجمع (5/2/753، 965) .
وعلى هذا، فإذا كانت المؤسسة المسئول عنها، تشتري السلعة شراءً حقيقياً، ليس صورياً على الأوراق فقط، وتنقلها من مكانها ثم تبيعها، فالبيع صحيح، وهذه المعاملة جائزة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5645)
هل يشتري بضائع مباحة من مؤسسة تبيع خموراً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلادنا مؤسسات حكومية تبيع مخلفات الأصناف من مواد غذائية ومنزلية وأقمشة وألبسة ومواد تنظيف إضافة لذلك الخمور - والعياذ بالله - ولكن قسم مبيع الخمور خارج المبنى الرئيسي وبمنعزل عن كافة الأصناف، علماً أن أسعار تلك المؤسسات أدنى بكثير من أسعار السوق.
سؤالي:
هل يجوز التعامل مع هذه المؤسسات أو ما شابه ذلك - وخاصة ذوي الدخل المحدود -؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد حرم الله تعالى شرب الخمر، وحرم تصنيعها وبيعها وشراءها، ولو كان البيع لغير المسلمين.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: (إنَّ الله وَرَسولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ والمَيْتَة والخِنْزِير وَالأَصْنَام) .
رواه البخاري (1212) ومسلم (1581) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم؟
فأجابوا:
" لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها، كالخمور والخنزير ولو مع الكفرة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) ؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم (لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها) " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 49) .
وأما ما ورد في السؤال من شراء بضائع أخرى ممن يبيع الخمر , فلا حرج فيه، وقد قال الله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) البقرة/275.
ولم يزل المسلمون يشترون المباح ممن يبيعه من الكفار والفساق مع كونهم يبيعون الحرام في أماكن أخرى، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشتري من اليهود، وهم أكلة الربا، وأكلة أموال الناس بالباطل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5646)
حكم بيع الملابس التي لا يُدرى هل تستخدم في الحلال أو الحرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي محلات لبيع الملابس الرجالية والنسائية في عدة مراكز تجارية، وقد قرأت الحالات التي يحل فيها بيع الملابس النسائية، وهذه الملابس لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله , ولكن كيف للتجار أو الموظف أن يعرف أنها سوف تستخدمه فيما حرم الله؟ حيث يكون البائع في وضع الذي لا يعلم فيما سوف يستخدم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الملابس النسائية التي يبيعها التجار في محلاتهم لا تخلو من ثلاث حالات:
الأولى:
أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً , ولن تستعمل استعمالاً محرماً , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه.
الثانية:
أن يعلم البائع أو يغلب على ظنه أن هذه الثياب ستستعمل استعمالاً محرماً , أي: ستلبسها المرأة وتتزين بها أمام الرجال الأجانب عنها , فبيع هذه الثياب حرام , لقول الله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
ويمكن للبائع أن يعلم ذلك حسب نوعية الثياب وحال المرأة التي تشتريها.
فهناك بعض الألبسة عُلِمَ من العادة أن المرأة مهما كانت متبرجة لن تلبسها إلا لزوجها , ولا يمكن أن تخرج بها أمام أحد من الرجال الأجانب عنها , وهناك الألبسة التي يغلب على ظن البائع - وقد يتيقن – أن المشترية لها ستستعملها استعمالاً محرماً.
فالواجب على البائع أن يعمل بما علمه أو غلب على ظنه من حال المشترية.
وقد تكون الثياب يمكن استعمالها استعمالاً مباحاً أو استعمالاً محرماً , ولكن التزام النساء بالحجاب، أو إلزام الدولة لهن بذلك يمنع من استعمالهن لها استعمالاً محرماً , فلا حرج في بيعها.
الثالثة:
أن يشك البائع ويتردد هل هذه الثياب ستستعمل استعمالاً مباحاً أم محرماً , لكون الثياب صالحة للاستعمالين , وليس هناك قرائن ترجح أحد الاحتمالين , فبيع هذه الثياب لا حرج فيه , لأن الأصل إباحة البيع وعدم تحريمه , لقول الله تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) البقرة/275 , والواجب على من اشتراها أن يستعملها فيما أحل الله , ولا يجوز أن يستعملها استعمالاً محرماً.
وهذه فتاوى لبعض العلماء تؤيد ما سبق:
سئل علماء اللجنة الدائمة:
ما حكم الاتجار في زينة النساء , وبيعها لمن يعلم البائع أنها سترتديه متبرجة به للأجانب في الشوارع كما يرى من حالها أمامه , وكما عمت به البلوى في بعض الأمصار؟
فأجابوا:
" لا يجوز بيعها إذا علم التاجر أن من يشتريها سيستعملها فيما حرم الله؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان , أما إذا علم أن المشترية ستتزين به لزوجها أو لم يعلم شيئاً فيجوز له الاتجار فيها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/67) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً:
ما حكم بيع أدوات التجميل الخاصة بالنساء؟ علماً بأن غالبية من يستعملها من المتبرجات الفاجرات العاصيات لله ورسوله , واللاتي يستخدمن هذه الأشياء في التزين لغير أزواجهن والعياذ بالله؟
فأجابوا:
" إذا كان الأمر كما ذكر فلا يجوز له البيع عليهن إذا كان يعلم حالهن؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان , وقد نهى الله تعالى عنه بقوله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة /2 " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/105) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً:
ما حكم بيع البناطيل الضيقة النسائية بأنواعها , وما يسمى منها بالجنز , والاسترتش , إضافة إلى الأطقم التي تتكون من بناطيل وبلايز , إضافة إلى بيع الجزم النسائية ذات الكعب العالية , إضافة إلى بيع صبغات الشعر بأنواعها وألوانها المختلفة , وخصوصاً ما يخص النساء , إضافة إلى بيع الملابس النسائية الشفافة , أو ما يسمى بالشيفون , إضافة إلى الفساتين النسائية ذات نصف كم , والقصير منها , والتنانير النسائية القصيرة؟
فأجابوا:
" كل ما يستعمل على وجه محرم , أو يغلب على الظن ذلك؛ فإنه يحرم تصنيعه واستيراده , وبيعه وترويجه بين المسلمين , ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم هداهن الله إلى الصواب: من لبس الملابس الشفافة , والضيقة , والقصيرة , ويجمع ذلك كله: إظهار المفاتن والزينة , وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصية؛ فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم , ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر , وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين بها على الخمر والفاحشة , وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية ".
فالواجب على كل تاجر مسلم تقوى الله عز وجل , والنصح لإخوانه المسلمين , فلا يصنع ولا يبيع إلا ما فيه خير ونفع لهم , ويترك ما فيه شر وضرر عليهم , وفي الحلال غنية عن الحرام , (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * يرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق/3,2 , وهذا النصح هو مقتضى الإيمان , قال الله تعاى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) التوبة/71 , وقال عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة) , قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) خرجه مسلم في صحيحه , وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة , والنصح لكل مسلم. متفق على صحته. ومراد شيخ الإسلام رحمه الله بقوله فيما تقدم: " ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر. . إلخ " كراهة تحريم , كما يعلم ذلك من فتاواه في مواضع أخرى " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (13/109) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5647)
هل يجوز أن يشترك في شركة هواتف ويستقبل المكالمات فقط دون أن يتصل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت خط هاتف نقال (مسبق الدفع) ، وأعطاني البائع رقم الهاتف دون أن أضطر للاتصال بالمجيب الآلي للخدمة، وبالتالي لم يبدأ العداد بالحساب بالنسبة للخط، وأعطيت رقم الهاتف لأصدقائي ليتصلوا بي، وأنا لا أتصل بأحد، وبذلك لست مضطراً لتعبئة رصيدي، ثم قال لي بعض الإخوة: إن هذا يعتبر غشّاً للشركة، إذ إنها تبيع الخط على أساس أنك تدفع كل شهر مبلغاً معيناً سواء استعملت ما في رصيدك بعد التعبئة أو تركته إلى أجل آخر، وأقول أنا: إن الشركة لم تشترط أي شيء، وهي تستطيع في نفس الوقت أن تجعل ما أفعله أمراً غير ممكن، كما هو الحال في شركات أخرى، وقد دفعت مقابل الخط نفسه مالاً، وفي مقابل أني لا أعبأ فأنا أيضا لا أتصل. فما رأيكم في هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كانت الشركة تشغِّل خط الهاتف مقابل رسوم محددة - للتأسيس - تستوفيها، وتقدِّم خدمة استقبال المكالمات دون مقابل، ولا تستوفي رسوماً أخرى إلا ثمن المكالمات الصادرة: فلا حرج عليك فيما فعلته، ولا يلزمك الاتصال بالآخرين ليكون عملك جائزاً؛ لأن الشركة رضيت بهذا، وهي قد أخذت حقها برسوم التأسيس، وقد أخذت ثمن المكالمات الصادرة إلى جهازك من الطرف المتصل.
وأما إن كانت الشركة توجب على صاحب الجهاز رسوماً شهرية مقابل تشغيل خطه للصادر والوارد – بغض النظر عن استعماله لهذين الأمرين – فإن لها الحق في استيفاء هذه الرسوم ولو لم يتصل صاحب الهاتف، بل ولو لم يستقبل؛ لأن هذه الرسوم هي مقابل منفعة موجودة، وهو الذي لم يستفد منها، أشبه ما يكون بسيارة أو شقة مستأجرتيْن ولم ينتفع المستأجر بهما حتى انتهت مدة العقد.
وتطبيق الجواب على الواقع إنما يكون عندك في بلدك بحسب تعليمات ونظام الشركة المشغلة للهواتف.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5648)
حكم بطاقات " كاش يو "
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهر في الآونة الأخيرة بطاقات للشراء عن طريق الإنترنت مدفوعة مسبقا وتسمى " كاش يو " , وطريقتها كالتالي: 1. تشتري أولا بطاقة تأسيس ب 55 ريال لفتح حساب. 2. بعدها تستطيع شراء بطاقات مختلفة الأسعار وذلك لتعبئة حسابك، فمثلا هناك بطاقات بـ 10 دولار تشتريها بـ 42 ريال، وهناك بطاقات بـ 30 و 50 دولار إلى 300 دولار. 3. مدة صلاحية البطاقة سنة، وبعدها لا تستطيع استخدام البطاقة حتى لو بقي بها مبلغ من المال إلا إذا دفعت رسم التجديد ومقداره 10 دولار. ولمزيد من المعلومات يمكن الرجوع إلى موقع الشركة على الإنترنت www.cashu.com أفتونا في هذا الأمر، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الذي يظهر لنا في هذه البطاقات هو جواز شرائها والشراء بها، بشرط أن لا يُشترى بها ما يشترط فيه التقابض كشراء العملات المختلفة وشراء الذهب والفضة؛ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شراء الذهب والفضة إلا يداً بيدٍ، والأوراق المالية لها حكم الذهب والفضة في التقابض.
فعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواء، يداً بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ ". رواه مسلم (1587) .
وفي قرار للمجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي:
"أ. لا يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما نسيئة مطلقا، فلا يجوز مثلا بيع ريال سعودي بعملة أخرى متفاضلا نسيئة بدون تقابض.
ب. لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلا سواء أكان ذلك نسيئة أم يداً بيدٍ، فلا يجوز مثلا بيع عشرة ريالات سعودية ورقا بأحد عشر ريالا سعوديا ورقا نسيئة أو يدا بيد.
ج. يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقا إذا كان ذلك يدا بيد، فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقا كان أو فضة أو أقل من ذلك أو أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة ريالات سعودية أو أقل من ذلك أو أكثر إذا كان ذلك يدا بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة ريالات سعودية ورق أو أقل من ذلك أو أكثر يدا بيد، لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة" انتهى.
" مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي " (فتوى رقم 59) .
ثانياً:
انتهاء مدة البطاقة دون استعمالها لا يجعلها غير مباحة؛ لأن التفريط وقع من صاحبها فهو بمنزلة استئجار سيارة أو شقة وعدم استعمالهما في المدة المستأجرة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5649)
هل يجوز تأخير دفع ثمن الذهب وقيمة صياغته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقديم مبلغ إلى حرفي لصنع حلي على أن يتم له الباقي عند الانتهاء علما أن المبلغ المقدم أولاً لا يستعمل في شراء الذهب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يفهم من السؤال أنك ستشتري الذهب من هذا الحرفي، ويقوم هو بتصنيعه، فإن كان الأمر كذلك، فلا يجوز، بل الواجب دفع ثمن الذهب (النقود) واستلامه في مجلس واحد، وأما أجرة التصنيع فيجوز تأخيرها.
وأما إذا كان المقصود من السؤال أنك ستعطي هذا الحرفي الذهب من عندك ليقوم بتصنيعه، فلا حرج في تأخير الأجرة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الذهب بالذهب , والفضة بالفضة , والبُر بالبُر , والشعير بالشعير , والتمر بالتمر , والملح بالملح , مثلاً بمثل , سواءً بسواء , يداً بيدٍ) .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من زاد أو استزاد فقد أربى) ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم (أنه أُتي بتمر جيدٍ فسأل عنه فقالوا: كنا نأخذ الصاع بصاعين , والصاعين بثلاثة , فأمر النبي صلي الله عليه وسلم برد البيع، وقال: هذا عين الربا) ، ثم أرشدهم أن يبيعوا التمر الرديء , ثم يشتروا بالدراهم تمراً جيِّداً.
ومن هذه الأحاديث نأخذ أن ما ذكره السائل من تبديل ذهب بذهب مع إضافة أجرة التصنيع إلى أحدهما أنه أمر محرم لا يجوز , وهو داخل في الربا الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، والطريق السليم في هذا أن يباع الذهب الكسر بثمن من غير مواطأة ولا اتفاق , وبعد أن يقبض صاحبه الثمن فإنه يشتري الشيء الجديد , والأفضل أن يبحث عن الشيء الجديد في مكان آخر , فإذا لم يجده رجع إلى من باعه عليه واشترى بالدراهم وإذا زادها فلا حرج , المهم ألا تقع المبادلة بين ذهب وذهب مع دفع الفرق ولو كان ذلك من أجل الصناعة.
هذا إذا كان التاجر تاجر بيع , أما إذا كان التاجر صائغاً فله أن يقول: خذ هذا الذهب اصنعه لي على ما يريد من الصناعة وأعطيك أجرته إذا انتهت الصناعة، وهذا لا بأس به " انتهى.
"مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب" (السؤال الأول) .
وسئل الشيخ – أيضاً -:
هل يلزم تسديد أجرة التصنيع عند استلام الذهب أو نعتبره حساباً جارياً؟
فأجاب:
" لا يلزم أن يسدد لأن هذه الأجرة على عمل , فإن سلمها حال القبض: فذاك، وإلا متى سلمها صح " انتهى.
"مجموعة أسئلة في بيع وشراء الذهب" (السؤال العاشر) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5650)
حكم بيع التورق
[السُّؤَالُ]
ـ[في الآونة الأخيرة قام أحد البنوك بعمل طريقة بيع سلعة بالأقساط، ثم يستطيع المشتري بيعها نقدا على طرف ثالث، فهل هذه الطريقة جائزة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة تعرف عند العلماء باسم: (التورق) مأخوذ من الورِق وهو الفضة، لأن الذي اشترى السلعة إنما اشتراها من أجل الدراهم.
وقد اختلف العلماء في حكم هذه المعاملة.
و" جمهور العلماء على إباحتها، لعموم قوله تعالى: (وأحل الله البيع) ، ولأنه لم يظهر فيها قصد الربا ولا صورته " انتهى باختصار.
"الموسوعة الفقهية" (14/148) .
ولأن المشتري يشتري السلعة إما للانتفاع بعينها، وإما للانتفاع بثمنها.
وهو ما اختاره علماء اللجنة الدائمة، والشيخ ابن باز رحمهم الله تعالى.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/161) :
" أما مسألة التورق فمحل خلاف، والصحيح جوازها " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز:
" وأما مسألة التورق فليست من الربا، والصحيح حلها، لعموم الأدلة، ولما فيها من التفريج والتيسير وقضاء الحاجة الحاضرة، أما من باعها على من اشراها منه، فهذا لا يجوز بل هو من أعمال الربا، وتسمى مسألة العينة، وهي محرمة لأنها تحايل على الربا " انتهى بتصرف يسير.
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/245) .
وقد ذهب إلى تحريم هذه المعاملة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
انظر: "الفتاوى الكبرى" (5/392) .
وقد توسط الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فقال بجوازها بشروط معينة.
قال رحمه الله في رسالة المداينة: " القسم الخامس – أي من أقسام المداينة -: أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه، فهذه هي مسألة التورق.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها، فمنهم من قال: إنها جائزة؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إما عين السلعة وإما عوضها وكلاهما غرض صحيح.
ومن العلماء من قال: إنها لا تجوز؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلا، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفع بها حصول المفسدة لا يغني شيئا. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) .
والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو رواية عن الإمام أحمد.
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن القيم في "تهذيب السنن" (5/801) .
ولكن نظرا لحاجة الناس اليوم وقلة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط:
1- أن يكون محتاجا إلى الدراهم، فإن لم يكن محتاجا فلا يجوز، كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره.
2- أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنه لا حاجة به إليها.
3- أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول: بعتك إياها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك، فإن اشتمل على ذلك فهو إما مكروه أو محرم، نقل عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا: كأنه دراهم بدراهم، لا يصح. هذا كلام الإمام أحمد. وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول للمستدين: بعتك إياها بكذا وكذا إلى سنة.
4- أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم. فإذا تمت هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجه كيلا يحصل تضييق على الناس.
وليكن معلوما أنه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل مما اشتراها به بأي حال من الأحوال؛ لأن هذه هي مسألة العينة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5651)
حكم بيع أرقام هواتف وسيارات مميزة بأسعار باهظة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في: شراء وبيع الأرقام (أرقام الهواتف والسيارات) ، وإذا اشترى أحدهم رقم لوحة سيارة ثم باعه فهل هذا المال حلال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي لكل مسلم أن يعلم: أن الله تعالى نهى عن الإسراف والتبذير، وهما مجاوزة الحد في إنفاق الأموال.
قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31.
وقال تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/26، 27.
وليعلم كل مسلم أنه لن تزول قدمه إلى جنة ولا إلى نار حتى يسأله الله تعالى عن أشياء، ومنها: عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه.
عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) . رواه الترمذي (2417) وقال: حسن صحيح، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (126) .
وليُعلم بعد هذا: أن شراء أرقام هواتف الجوالات والسيارات المميزة بآلاف الدنانير والريالات نوع من الإسراف أو التبذير أومن الإنفاق في الحرام، وأن الله تعالى سائل كل واحد من هؤلاء عن ماله هذا الذي أنفقه في مثل هذه المجالات.
وبخاصة أننا نرى المسلمين في أكثر بقاع الأرض في بأس وضنك في حياتهم ومعيشتهم، وأن بعضهم لا يجد لقمة يسد بها جوعه، وآخرين لا يجدون لباساً يواري سوآتهم، وآخرين لا يجدون سكناً يؤويهم، بل قد هدِّمت بيوت بعضهم فوق رؤوسهم.
وفي هذا الوقت العصيب نجد من المسلمين من اشترى لوحة سيارة تحمل الرقم (1) بما يعادل (2.18 مليون دولاراً) ! وذلك في مزاد علني.
وفي المزاد نفسه بيعت اللوحة التي تحمل رقم 2 بما يعادل (1.11) مليون دولاراً!
وقال منظمو المزاد: إن حصيلة المزاد في اليوم الأول بلغت نحو (3.9) ملايين دولاراً!
وهكذا الأمر بالنسبة لأرقام الجوالات والتي بيع رقم منها بما يعادل (360 ألف دولاراً) !
وقد انتشرت هذه الحمى في بلدان متعددة كان الأولى أن ينتشر فيه مساعدة المسلمين وحفظ الأموال من السفه والإسراف والتبذير.
والملاحظ أن الذي يدفع هؤلاء إلى مثل هذا الشراء أمور منكرة كالكبر والتعالي والتفاخر على غيرهم، " ومن أبرز التعليقات التي قيلت حول هذا الموضع ما نشرته إحدى الصحف عن عريس تقدم يطلب يد إحدى الفتيات للزواج ويقول العريس لوالد الفتاة: " ما تحتاج تسأل عني شوف رقم سيارتي تعرفني ".
" ومن الملاحظ أن سعر الرقم المتميز يبلغ ضعف ثمن سيارة " رولزرويس " التي يتراوح سعرها في الإمارات بين مليون ومليون ونصف المليون درهم، كما أنه ربما يبلغ خمسة أضعاف ثمن سيارة فخمة مثل " المرسيدس "، أو عشرة أضعاف سعر سيارة شهيرة مثل " اللكزس " التي يفضلها الأثرياء ".
واعلم بعد هذا كم يمكن أن يُشترى من طعام وشراب ولباس بل وسيارات وهواتف لمن يحتاجها؟ وكم شاب يمكن أن تعفه بالزواج؟ وكم من سجين يمكن أن تطلِق سراحه بدينٍ سجن به؟ وكم من تائه عن الصراط ومنحرف يمكن أن ترجعه إلى الصراط المستقيم فيما لو اشتري بها كتب أو وزعت بها أشرطة دينية؟
الرقم المتميز لا يعني تميز صاحبه أو يعتبر تميزاً له بالسذاجة والاهتمام بتوافه الأمور، والرقم المتميز ليس هو تقنية – كما في السيارات نفسها – يبحث عنها الإنسان لما فيها من راحة أو سرعة أو أمان، والرقم المتميز ليس هو تمتع بالنظر إليه – كبعض الطيور – بل هو تعالٍ وتفاخر وتبذير للأموال.
ولو كان الرقم المميز في رقم هاتف لشركة تجارية – مثلاً – أو دائرة مهمة يحتاجها الناس أو ما شابه ذلك لكان لشرائه وجه على أن لا يبلغ سعره ما ذكرناه.
وشراء الرقم المتميز يشبه إلى حد بعيد ما جاء النهي عنه من لبس ثوب الشهرة.
" من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوبا مثله – وفي لفظ: " ثوب مذلة " - " زاد بعض الرواة:
" ثم تلهب فيه النار ". رواه أبو داود (4029) وابن ماجه (3607) .
قال ابن القيم:
هذا لأنه قصد به الاختيال والفخر، فعاقبه الله بنقيض ذلك، فأذله، كما عاقب من أطال ثيابه خيلاء بأن خسف به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة. " زاد المعاد " (1 / 145، 146) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وتكره الشهرة من الثياب، وهو المترفع الخارج عن العادة، والمتخفض الخارج عن العادة؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين: المترفع والمتخفض، وفى الحديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة "، وخيار الأمور أوساطها. " مجموع الفتاوى " (22 / 138) .
والخلاصة: أنه لا يجوز بيع وشراء هذه الأرقام المميزة، ولو جاز لبعض الناس ما جاز لهم أن يبذلوا فيها هذه الأموال الطائلة.
والواجب على من وهبه الله المال أن يشكر هذه النعمة ويحاف عليه، وأن لا ينفقه فيما يبغض الله تعالى أو فيما لا طائل وراءه، وليعلم أنه مسئول عن هذا المال يوم القيامة: من أين اكتسبه وفيم أنفقه.
والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5652)
البيع بالتقسيط للآمر بالشراء
[السُّؤَالُ]
ـ[عرض على المساهمة في مشروع بيع أجهزة منزلية بتقسيط وذلك بالصورة التالية:
نحن لا نملك محلا فيأتي الزبون ويقول أريد أجهزة معينة (مثل أربع مكيفات) فنشتري هذه الأجهزة وندفع ثمنها لمحل نتعامل معه في الشراء منه دائما ثم نبيعها للزبون الذي يريد شراءها بعد الاتفاق على ثمنها بتقسيط. (مثلا: سعرها نقدا 1200ريالا فتباع عليه أقساط بـ 2000 ريالا) .
بعض المشترين يأخذها ليستخدمها، وبعضهم يأخذها ليبعها على نفس المحل الذي نشتري منه وذلك لأن أفضل سعر يجده المشترى في هذا المحل. والآن نحن نقوم بهذه الطريقة حتى يصبح لدينا رأس مال يكفي لعمل محل لبيع الأجهزة مباشرة بالنقد والتقسيط.
هل طريقة البيع هذه صحيحة؟ نرجو توضح ذلك لنا ولكثير من المسلمين الذين يمارسون هذه الطريقة في البيع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت من أنك تشتري السلعة التي يرغب فيها الزبون شراء حقيقيا، وتقبضها إليك، ثم تبيعها عليه بثمن مقسط، فلا حرج في ذلك، ولو كان ثمنها بالتقسيط أعلى من ثمنها في البيع الحال.
ولا يضر كون المشتري منك، يبيع السلعة على المحل الأول، لأنه لا علاقة بينه وبين هذا المحل.
سئلت اللجنة الدائمة:
(اتفقنا أنا ورجل أن أشتري له سيارة فقلت له هي من المعرض ب (50000) خمسين ألف ريال وإذا أحضرتها لك تدفع لي (60000) ستين ألف ريال فهل هذا حلال؟)
فأجابت:
(لا بأس ببيع سيارة أو غيرها من السلع، إذا كان بيعك لها بعد شرائك لها وحيازتها في ملكك، فيجوز أن تبيعها بثمن حال أو بثمن مؤجل أكثر من الحال، سواء كان الثمن المؤجل مقسطا أو غير مقسط؛ وذلك لقوله تعالى: (وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ) البقرة/275، وقوله تعالى: (يَا أَيُّها الذينَ آمَنوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًى فَاكتُبوه) البقرة/282، وهذا يدخل فيه ثمن المبيع بالمؤجل) .
أما بيع السلعة على من طلبها قبل شرائها وحيازتها فلا يجوز، لما ثبت على النبي _ صلى الله عليه وسلم _ من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ) رواه أبو داود (3499) ، قال الشيخ الألباني: حسن لغيره.
وقال عليه الصلاة والسلام: (من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه) رواه مسلم (1596) .
وقال _ صلى الله عليه وسلم _ (لا تبع ما ليس عندك) رواه أحمد وأبو داود (3503) وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (7206) .
وقال ابن عمر رضي الله عنهما (كنا نشتري الطعام جزافا، فيبعث إلينا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا) رواه البخاري ومسلم (1527)
وأما بيع العينة المحرم: هو أن يشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيعها على من باعها له بثمن أقل منه، وهذا غير حاصل هنا.
وانظر السؤال رقم (36408) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5653)
ما يشترط لجواز بيع المرابحة الذي تجريه البنوك
[السُّؤَالُ]
ـ[عن مدى صحة العملية التالية وحكمها وما الحكم المترتب على من سبق وأن تعامل بها وماذا عليه أن يفعل؟
تفاصيل وخطوات عملية المرابحة (كما تُدعى لدى البنك) :
1- يحضر المشتري عرض أسعار باسم البنك من صاحب السلعة الرئيسي (معرض أو وكالة سيارات مثلا) متضمنا وصف السيارة ولونها ومواصفاتها وسعرها (مائة ألف ريال مثلا) .
2- يقوم المشتري بإحضار خطاب تعريف بالراتب ونموذج تحويل الراتب للبنك للمدة المتفق عليها مع البنك (ثلاث سنوات مثلا) لسداد القيمة الإجمالية والمتضمنة أصل السعر مضافا إليه فائدة البنك (7% مثلا) .
3- يتم إبرام العقد متضمنا مصاريف إصدار العقد بمبلغ معين (1000ريال مثلا) والتوقيع عليه من قبل المشتري والبنك والشهود.
4- يقوم البنك بإصدار شيك مصرفي باسم المعرض أو الوكالة بقيمة السيارة المضمنة بعرض الأسعار المشار إليه في البند (1) أعلاه.
5- يقوم المشتري باستلام الشيك وتسليمه لصاحب المعرض أو الوكالة ومن ثم تنهى إجراءات تسجيل السيارة باسم المشتري واستلامها. انتهى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة حرام ولا تجوز، وحقيقة هذه المعاملة أنها قرض بفائدة وهذا هو عين الربا، إذ إن البنك قد أعطى المشتري شيكاً بـ (مئة ألف) وأخذه منها على أقساط مضافاً عليه الفائدة وما يسمونه مصاريف العقد.
وتسمية هذا بيعاً لا يبيحه لأن حقيقة المعاملة أنها قرض ربوي وليست بيعاً، لأن البنك لم يشتر السيارة من المعرض، ولا باعها على المشتري وإنما أعطاه شيكاً بالمبلغ.
وشراء السلع (سيارات أو غيرها) عن طريق البنوك لا يجوز إلا عند توفر شرطين:
الأول: أن يمتلك البنك هذه السلعة قبل أن يبيعها فيشتري البنك السيارة مثلاً من المعرض لنفسه.
الثاني: أن يقبض السيارة بنقلها من المعرض قبل بيعها على العميل.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة، وبيان ذلك:
أن البنك إذا لم يشتر السيارة لنفسه شراء حقيقيا، وإنما اكتفى بدفع شيك بالمبلغ عن العميل، كان هذا قرضا ربويا؛ إذ حقيقته أن البنك أقرض العميل ثمن السيارة (مائة ألف مثلا) على أن يسترد قرضه مائة وسبعة آلاف.
وإذا اشترى البنك السيارة ثم باعها قبل أن يقبضها، كان ذلك مخالفا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام " إذا اشتريت مبيعا فلا تبعه حتى تقبضه " رواه أحمد (15399) والنسائي (4613) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: 342
وأخرج الدارقطني وأبو داود (3499) عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم " والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه " [البخاري 2132، ومسلم 1525، وزاد: قال ابن عباس: وأحسب كل شيء مثله] أي لا فرق بين الطعام وغيره في ذلك، وعليه فليس للبنك أن يبيع السيارة حتى يقبضها. وقبض كل شيء بحسبه، فقبض السيارة: أن تنقل من محلها، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (وما ينقل: مثل الثياب والحيوان والسيارات وما أشبه ذلك يحصل قبضها بنقلها؛ لأن هذا هو العرف) انتهى من الشرح الممتع 8/381
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/153) : (إذا طلب إنسان من آخر أن يشتري سيارة معينة أو موصوفة بوصف يضبطها، ووعده أن يشتريها منه، فاشتراها مَن طلبت منه، وقبضها، جاز لمن طلبها أن يشتريها منه بعد ذلك نقدا أو أقساطا مؤجلة بربح معلوم، وليس هذا من بيع الإنسان ما ليس عنده؛ لأن من طُلبت منه السلعة إنما باعها على طالبها بعد أن اشتراها وقبضها، وليس له أن يبيعها على صديقه مثلا قبل أن يشتريها أو بعد شرائه إياها وقبل قبضها؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم) انتهى.
وأما حكم من تعامل بهذه المعاملة في الماضي، فإن كان وقتها لا يعلم بتحريمها، وأقدم عليها وهو يظن أنها حلال فلا شيء عليه، لقول الله تعالى بعد ما ذكر تحريم الربا (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف) البقرة / 275، راجع السؤال رقم (2492) .
وأما من أقدم عليها وهو يعلم أنها حرام، فقد اجترأ على كبيرة الربا، وعرّض نفسه لحرب من الله ورسوله، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ () فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) البقرة، فعليه التوبة من هذه المعصية الكبيرة، والعزم على عدم فعلها مرة أخرى.
وأما انتفاعه بالسيارة التي اشتراها بهذه الطريقة فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى بعد التوبة والندم. راجع السؤال رقم (22905)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5654)
يشتري سيارة من البنك بثمن مقسط، ثم يبيعها ليستفيد من ثمنها في زواجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وأرغب في إكمال نصف ديني وأتزوج وقمت بخطبة إحدى الفتيات والزواج له مصاريف وتكاليف باهظة جدا من مهر وملحقاته، وأنا لا أملك كل ذلك فدلني أحد الأخوة بأن هناك نظام يسمى بالمرابحة لدى البنوك فذهبت وأخبرني المختص بأن علي أن أذهب إلى أحد المعارض (ولم يحدد) لآخذ سيارة ويقوم البنك بشرائها والتنازل لي بها مقابل أن يأخذ نسبة أرباح تقدر بـ 40741 ريال على المبلغ الأصلي وهو 95000 ريال على مدة 6.5سنوات ولا يوجد لدي حلول أخرى حيث إن أبي مديون جداً، وقد حاولت الاقتراض من أي شخص بدون أرباح فلم أجد سوى أحد البنوك والذي يأخذ نسبة ربح بدون أي بيع ونحوه (مال بمال) وهذا يعد ربا صريحا. وأنا أريد الزواج وأخشى على نفسي من الفتنة، أفتونا مأجورين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة التي تريد أن تقدم عليها تتضمن معاملتين:
الأولى: شراء السيارة عن طريق البنك، ولا يجوز ذلك إلا عند توفر شرطين:
الأول: أن تكون السيارة مملوكة للبنك، فيشتري البنك السيارة لنفسه من المعرض، قبل أن يبيعها عليك.
الثاني: أن يقبض البنك السيارة بنقلها من المعرض قبل بيعها عليك.
وإذا خلت المعاملة من هذين الشرطين أو أحدهما كانت معاملة محرمة، انظر السؤال رقم (36408)
والمعاملة الثانية:
هي بيع هذه السيارة التي ما اشتُريت إلا لهذا الغرض وهو الحصول على المال، وهذا ما يسمى بالتورق أي الشراء والبيع لأجل الحصول على الورِق: أي الفضة.
وهذا جائز عند جمهور العلماء، بشرط أن تبيع السيارة على غير من اشتريتها منه.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/161) :
نرجو إفادتنا عن مسألة التورق وما حكمها؟
فأجابت اللجنة:
مسألة التورق هي أن تشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم تبيعها بثمن حال على غير من اشتريتها منه بالثمن المؤجل؛ من أجل أن تنتفع بثمنها، وهذا العمل لا بأس به عند جمهور العلماء) انتهى.
انظر السؤال رقم (45042)
فإذا انضبطت المعاملتان بما سبق فلا حرج عليك، إن شاء الله.
ونسأل الله أن يوفقك ويعينك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5655)
عقد الاستصناع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو عقد الاستصناع؟ وما حكمه؟ وما شروطه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: إن عقد الاستصناع - وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة - ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط.
ثانياً: يشترط في عقد الاستصناع ما يلي:
أ - بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
ب - أن يحدد فيه الأجل.
ثالثاً: يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.
رابعاً: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
مجمع الفقه الإسلامي ص 144(5/5656)
بدل الخلو
[السُّؤَالُ]
ـ[في كثير من البلدان والأسواق والشوارع التي بها مواقع مهمة يعمد بعض المستأجرين إلى التنازل لمستأجر آخر مقابل مبلغ مالي، فما حكم ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراراً برقم (6) د 4 /08/88 بشأن بدل الخلو جاء فيه ما يلي:
أولاً: تنقسم صور الاتفاق على بدل الخلو إلى أربع صور هي:
1- أن يكون الاتفاق بين مالك العقار وبين المستأجر عند بدء العقد.
2- أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين المالك وذلك في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.
3- أن يكون الاتفاق بين المستأجر وبين مستأجر جديد، في أثناء مدة عقد الإجارة أو بعد انتهائها.
4- أن يكون الاتفاق بين المستأجر الجديد وبين كل من المالك والمستأجر الأول قبل انتهاء المدة أو بعد انتهائها.
ثانياً: إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغاً مقطوعاً زائداً عن الأجرة الدورية - وهو ما يسمى في بعض البلاد خلواً - فلا مانع شرعاً من دفع هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءاً من أجرة المدة المتفق عليها، وفي حالة الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام الأجرة.
أما إذا انقضت مدة الإجارة ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمناً عن طريق التجديد التلقائي حسب الصيغة المفيدة له، فلا يحل بدل الخلو، لأن المالك أحق بملكه بعد انقضاء حق المستأجر.
ثالثاً: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد في أثناء مدة الإجارة على التنازل عن بقية مدة العقد، لقاء مبلغ زائد عن الأجرة الدورية، فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً، مع مراعاة مقتضى عقد الإجارة المبرم بين المالك والمستأجر الأول لأنّ كثيرا من عقود الإجارة تنصّ على أنه لا يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر، ولا أخذ بدل الخلو فيه إلا بموافقة المالك فلا بدّ من التقيّد بذلك.
رابعاً: إذا تم الاتفاق بين المستأجر الأول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فلا يحل بدل الخلو، لانقضاء حق المستأجر الأول في منفعة العين. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
مجمع الفقه الإسلامي(5/5657)
حكم إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عقود البيوع والإجارة ونحوها التي تُجرى بواسطة المخترعات الحديثة كالهاتف والفاكس والتلكس والانترنت وغيرها وإذا كان مجلس العقد المعتاد في المكتب والدكان فكيف يكون في حالة استخدام الآلات الحديثة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينعقد العقد شرعا إذا حصل الإيجاب والقبول بالشروط الشّرعية مع انتفاء الموانع ومثال الإيجاب والقبول في عقد البيع أن يقول البائع بعتك ويقول المشتري قبلت، ونظراً إلى التطور الكبير الذي حصل في وسائل الاتصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسرعة إنجاز المعاملات المالية والتصرفات، وباستحضار ما تعرض له الفقهاء بشأن إبرام العقود بالخطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وما تقرر من أن التعاقد بين الحاضرين يشترط له اتحاد المجلس - عدا الوصية والإيصاء والوكالة - وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسب العرف
قرر ما يلي:
أولاً: إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، ولا يرى أحدهما الآخر معاينة، ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول) ، وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الحاسوب) ، ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله.
ثانياً: إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقداً بين حاضرين، وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة.
ثالثاً: إذا أصدر العارض، بهذه الوسائل، إيجاباُ محدد المدة يكون ملزماً بالبقاء على إيجابه خلال تلك المدة، وليس له الرجوع عنه.
رابعاً: إن القواعد السابقة لا تشتمل النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لاشتراط التقابض، ولا السَّلَم لاشتراط تعجيل رأس المال.
خامساً: ما يتعلق باحتمال التزييف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
مجمع الفقه الإسلامي ص111(5/5658)
هل يشتري سيارة من الجمارك بسعر مخفض بدلاً من معاق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أخ معاق من حقه شراء سيارة من الجمارك بسعر منخفض عن السوق نظراً لظروفه الصحية، وهو لا يريد شراءها، ويعرض علي شراءها لحسابي الخاص للانتفاع بها. فهل يجوز لي ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاًَ:
الضرائب ـ ومنها الجمارك ـ التي تفرضها الدولة على المواطنين أو المقيمين بها من المسلمين، طريقة محرمة لتمويل خزينة الدولة بالأموال، ومن أكل أموال الناس بالباطل، والطريقة التي تفرض بها هذه الضرائب لا تراعي الشروط التي ذكرها العلماء لجواز مثل هذه الطريقة لتمويل بيت المال، فليست هناك ضرورة ملحة لذلك، وهذه الضرائب تفرض في الغالب على الفقراء، أما الأغنياء فلهم طرقهم المعروفة للتهرب من هذه الضرائب، ثم هذه الأموال التي تجمع من الفقراء، في كثير من الدول ـ وللأسف ـ ينفق منها على الممثلين والمغنيين واللاعبين والمسارح والمهرجانات والحفلات ونشر الرذيلة، ومحاربة الفضيلة ... وغير ذلك من أوجه الإنفاق المحرمة.
فاجتمع في هذا: تحريم طريقة جمع الأموال، وتحريم طريقة إنفاقها.
وكل إنسان سيسأل يوم القيامة عن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟
والواجب على الحكومات أن تهتم بالطرق الشرعية الصحيحة لزيادة مواردها المالية، كالمشاريع الناجحة الزراعية والصناعية، والتكنولوجية ... إلخ.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (39461) بيان تحريم الجمارك، وأنها من كبائر الذنوب، وأنها أكبر من الزنا.
وذكرنا في جواب السؤال (42563) فتوى علماء اللجنة الدائمة في تحريمها.
ثانياً:
إذا ثبت تحريم الجمارك على المسلمين فلا حرج على المسلم أن يفعل ما يسقط به عن نفسه هذه الجمارك أو يخففها.
ومن هذا: ما جاء السؤال عنه من شراء السيارة باسم معاق، تعطيه الدولة السيارة معفاة من الجمارك.
وانظر جواب السؤال رقم (93088) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5659)
هل تؤخذ الجمارك من غير المسلمين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ الجمارك من غير المسلمين إذا قاموا بتصدير بضاعتهم إلى بلاد المسلمين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، لا حرج في أخذ الجمارك من غير المسلمين على البضاعة التي يأتون بها لبيعها للمسلمين.
فقد روى البيهقي (18543) عن أنس رصي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أن يؤخذ من أهل الذمة نصف العشر، وممن لا ذمة له: العشر.
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (30 / 102، 103) :
"يؤخذ العشر من تجارة غير المسلمين عند دخولهم بها إلى دار الإسلام، وذلك في الجملة، ... .
استدل الفقهاء لمشروعية العشر على غير المسلم بالسنَّة، والإجماع، والمعقول، أما السنَّة: فقوله: (إنما العشور على اليهود والنصارى، وليس على المسلمين عشور) . [الحديث ضعيف، ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (3046) ]
فالحديث يدل على أنه لا يؤخذ من المسلم مال سوى الزكاة، ويؤخذ من اليهود والنصارى عشر التجارات كما تؤخذ منهم الجزية.
وأما الإجماع: فقد بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه العُشَّار ليأخذوا العُشْر بمحضر من الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يخالفه في ذلك أحد، فكان إجماعا سكوتيّاً.
وأما المعقول: فالتاجر الذي ينتقل بتجارته من بلد إلى آخر يحتاج إلى الأمان، والحماية من اللصوص وقطاع الطرق، والدولة الإسلامية تتكفل بتأمين ذلك عبر طرقها وممراتها التجارية، فالعُشر الذي يؤخذ من التاجر هو في مقابل تلك الحماية، والانتفاع بالمرافق العامة للدولة الإسلامية" انتهى.
وأما أخذ الجمارك من المسلمين فقد سبق في جواب السؤال رقم (39461) و (42563) و (93088) أنه محرم، ومن كبائر الذنوب.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5660)
حكم شراء البضائع المصادَرة من الجمارك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي شراء سيارة محجوزة من " الديوانة " إن كانت دخلت بطريق غير قانونية، أو فرّط فيها صاحبها لعدم قدرته على تسديد مستحقاتها لـ " الديوانة "، أو من تلقاء نفسه لكي لا توظف عليه، مع العلم عند البيع بالمزاد العلني، أو قبله، لا يمكنك أن تعرف وضعية كل سيارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" الديوانة " هي ما يسمَّى " الجمرك " في دول المشرق، والأصل أن العمل في " الجمارك "، وتحصيل الرسوم على ما يجلبه المسلمون من بضائع أو أمتعة: أنه حرام؛ أجوبة الأسئلة: (39461) و (42563) و (93088) .
وأما أخذ الجمارك من غير المسلمين فهو جائز، كما سبق بيان ذلك في السؤال رقم (111886) .
والبضائع التي تتم مصادرتها في الجمارك لا تخلو من حالين:
الأولى:
أن تكون هذه المصادرة بحق، كما لو كانت لغير مسلم ولم يدفع الجمارك المفروضة عليه.
أو كانت غير مطابقة للمواصفات المسموح بها، وأراد صاحبها تهريبها إلى داخل البلاد.
أو لم يمكن التعرف على صاحبها.... ونحو ذلك من الأسباب الصحيحة التي يمكن بسببها مصادرة هذه البضائع.
وفي هذه الحالة لا بأس بشرائها إذا عرضت في المزاد، لأنها خرجت من ملك أصحابها على وجه مباح.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"ما يؤخذ غرامة على المخالفين في بعض البضائع، إذا دخلوا بها وصودرت منهم: فهل يجوز أن تُشتَرى من الجهات المسؤولة أو لا؟ الجواب: نعم، يجوز أن تُشترى؛ لأنها الآن خرجت عن ملك أصحابها بمقتضى العقوبة، والعقوبة المالية جائزة في الشريعة، ولها وقائع وقعت في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فيجوز أن يشتريها الإنسان، وتدخل ملكه، ولا حرج عليه في ذلك، كالمغصوب إذ جُهِلَ مالكه وبِيعَ وتُصُرِّف فيه على وجه جائز: فلا حرج أن يشتريه.
فإن قال قائل: أنا أعلم رب هذه العين التي صودرت أنه فلان، فكيف يجوز لي أن أشتريها؟! نقول: نعم؛ لأنها أُخذت بحق، أما لو جاءتك وهي مسروقة تعرف أنها سرقت: فهنا لا يجوز أن تشتريها، لكن إذا صودرت عقوبة: فقد أخذت بحق؛ لأن لولي الأمر أن يعاقب من خالف ما يجب عليه بما يرى أنه أردع وأنفع، ولولا هذا لكانت الأمور فوضى وصار كل إنسان يعمل على ما يريد، وهذا لا يمكن، ولذلك نرى أن الأنظمة التي ليس فيها مخالفة للشريعة، وإنما هي اجتهادية: أنه يجب اتباعها؛ امتثالاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء/ 59" انتهى.
" الشرح الممتع " (10 / 195، 196) .
الحالة الثانية:
أن تكون المصادرة بغير حق، كما لو كانت البضائع لمسلم وصودرت لعجزه عن دفع الجمارك.
وفي هذه الحالة لا يجوز شراؤها، لأنها لا تزال ملكاً لصاحبها، وتم أخذها منه غصباً.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"إذا تيقن الإنسان من كون السلعة المعروضة للبيع أنها مسروقة أو مغصوبة، أو أن من يعرضها لا يملكها ملكاً شرعياً، وليس وكيلاً في بيعها، فإنه يحرم عليه أن يشتريها؛ لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي، ولما في ذلك من ظلم للناس وإقرار المنكر، ومشاركة صاحبها في الإثم، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 " انتهى.
فتاوى اللجنة الدائمة" (13/82) .
وإذا لم يمكن معرفة هل هذه البضائع مصادرة بحق أم بغير حق؟ وكان ذلك في دولة أكثر أهلها مسلمون، فينبغي التورع عن شرائها، لأن الغالب أنها لأحد المسلمين وعجز عن دفع جماركها، ولا يغتر الإنسان برخص ثمنها، فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5661)
تقديم بيان غير صحيح بالراتب لينجو من ضريبة موضوعة باختياره
[السُّؤَالُ]
ـ[مدرس في الجامعة اشترطوا عليه ليعطوه إجازة بدون راتب أن يودع 25% من دخله في عمله عند غيرهم في بنك ربوي ويأخذون جزءاً منه ضريبة، فهل يجوز له أن يقدّم بياناً غير صحيح بمرتبّه ليتفادى مبلغاً أعلى يوضع في البنك، ويخصم منه ضريبة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرض السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
الظاهر أنه لا يجوز، لأنه متعاقد معهم، وإذا كان متعاقدا فإنه لا يجوز أن يتحيّل على أنظمتهم.
سؤال: ولو كان فيه ظلماً وضريبة.
جواب: ولكن هو الذي رضي بهذا من الأصل. أهـ والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5662)
التحايل على الدولة بشراء مزرعة وتسجيل قيمتها بأقل من ثمنها وزكاة ثمارها
[السُّؤَالُ]
ـ[في العام الماضي اشترى والدي مزرعة من أحد الأشخاص لكنه أمرني أن أذهب أنا مع البائع إلى الحكومة لتسجيل عقد البيع على أساس أن أكون المشتري، ولتكون المزرعة باسمي؛ وذلك لأنه يود الحصول على مزرعة أخرى كان قدَّم عليها لدى الدولة باسمه؛ حيث أنهم كانوا سيلغون طلبه لتلك المزرعة لو أن المزرعة التي لدينا الآن كانت باسمه، فهو يريد الآن أن يمتلك مزرعتين! عندما ذهبنا أنا والبائع إلى الحكومة قلت إنني دفعت له مبلغاً معيَّناً وهو المبلغ الذي قال لي أبي أن أقول إنني دفعته، ولكن في الواقع ذلك لم يكن هو المبلغ الذي استلمه صاحب المزرعة السابق، بل استلم مبلغاً أكبر، فالدولة تطلب من مشتري المزرعة أن يدفع قيمة مالية إضافية إجبارية للحكومة على حسب المبلغ الذي دفعه المشتري للبائع، وكلما كانت قيمة المزرعة أكبر كان تلك القيمة المالية أعلى (لا أذكر لم هي تلك القيمة المالية، لكني أظنها تأميناً) ، لذلك فإن والدي أراد إخفاء السعر الحقيقي الذي بيعت به المزرعة حتى يدفع مبلغاً أقل. فهل يجوز ما فعله أبي؟ وهل يجوز ما فعلته أنا عندما كذبت بشأن سعر المزرعة؟ . وهذه المزرعة ممنوعة من التسويق من قبل الدولة، فهل تجب عليها الزكاة حتى وإن لم تكن منتجاتها ستباع وتشترى؟ إذا كان الجواب بنعم تجب الزكاة: فمن المسئول عن دفع الزكاة هل هو أنا أم والدي؛ لأن المزرعة مكتوبة باسمي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
حكم تسجيلك للمزرعة التي دفع والدك ثمنها باسمك يختلف باختلاف السبب الدافع لهذا الأمر، فإن فعلتما ذلك من أجل دفع ضر عنكم، مثل أن يوجد قانون جائر يمنع مِن تملك أكثر من مزرعة: فيجوز لكم فعل ذلك، ولا حرج في تسجيل المزرعة المشتراة باسمك أو باسم غيرك، وأما إن كان هذا الفعل منكما من أجل الحصول على منفعة ليست من حقكم، مثل أن تَشترط الدولة للحصول على مزرعة عن طريقها هبةً أو بسعرٍ مخفَّض: عدم وجود مزرعة عند المتقدم بالطلب: فهذا الفعل منكما حرام، وهو من أكل أموال الناس بالباطل.
وإذا أردتم إصلاح الوضع - إن كان الأمر على الصورة الثانية -: فيمكنك أن تشتري المزرعة أنت شراءً حقيقيّاً من والدك، وتكون لك، أو أنكم تبيعونها، ويرجع الأمر كما كان، وهو أن والدك لا يملك مزرعة.
ثانياً:
وأما حكم الكذب في الإخبار عن حقيقة ثمن المزرعة من أجل توفير الرسوم الضريبية: فإن هذا الأمر جائز؛ لأن أخذ أموال الناس عن طريق الجمارك أو الضرائب من المحرمات، ولا حرج على المسلم إذا سعى في إنقاذ ماله من ذلك، لكن كلما أمكن التعريض والكلام المحتمل فهو أولى من الكذب.
قال ابن حزم رحمه الله:
"واتفقوا أن المراصد الموضوعة للمغارم [أي الضرائب] على الطرق، وعند أبواب المدن، وما يؤخذ في الأسواق من المكوس على السلع المجلوبة من المارة، والتجار: ظلم عظيم، وحرام، وفسق " انتهى.
" مراتب الإجماع " (ص 121) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عند ذِكر ما يأخذه الإمام:
"ونوع يحرم أخذه بالإجماع ... كالمكوس التي لا يسوغ وضعها اتفاقا" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (28 / 278) .
وليست هذه من حقوق السلطان، بل من سمَّاها حقّاً فإنه يقع في إثم عظيم.
قال النووي رحمه الله:
"مما يتأكد النهيُ عنه والتحذيرُ منه: ما يقولُه العوامّ وأشباهُهم في هذه المكوس التي تُؤخذُ ممن يبيع أو يشتري ونحوهما فإنهم يقولون: هذا حقّ السلطان، أو عليك حقّ السلطان، ونحو ذلك من العبارات المشتملة على تسميته حقّاً أو لازماً ونحو ذلك، وهذا من أشدّ المنكرات، وأشنع المستحدثات حتى قال بعضُ العلماء: من سمَّى هذا حقّاً فهو كافرٌ خارجٌ عن ملّة الإِسلام! والصحيحُ: أنه لا يكفرُ، إلا إذا اعتقده حقّاً مع علمه بأنه ظلم، فالصوابُ أن يُقال فيه المَكسُ، أو ضريبةُ السلطان، أو نحو ذلك من العبارات" انتهى.
" الأذكار " (ص 369) .
وانظر أجوبة الأسئلة (39461) و (25758) و (42563) .
وأما إن كان المستوفى من معاملات البيع والشراء هو رسوم عادية تتعلق بخدمات تؤدى للبائع أو المشتري أو لكليهما: فلا يجوز التهرب منها بحال، بل يصبح هذا حقّاً للآخذ لا يجوز التحايل عليه، والتهرب من دفع ما له من حق.
ثالثاً:
وفيما يتعلق بسؤالك عن زكاة ما يخرج من المزرعة: فاعلم أن الزكاة واجبة على صاحب المزرعة الحقيقي، وهو هنا والدك.
ولا يشترط لوجوب الزكاة في الزروع والثمار أن تكون للبيع بل تجب فيها الزكاة ولو كانت من أجل أن يأكل منها صاحبها وأولاده وأهله.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
عندي في منزلي خمس نخلات، وكلها مثمرة، هل في ثمارها زكاة؟ وما مقدارها؟ .
فأجاب:
"هذه مسألة في الحقيقة السؤال عنها جيد، كثير من الناس عندهم بيوت فيها نخل، والنخل تكون ثمارها بالغة للنصاب، ومع ذلك لا يزكونه؛ لأنهم يظنون أن الزكاة تجب في الحوائط الكبيرة، أما النخلات التي في البيت: فيظن كثير من الناس أنه ليس فيها زكاة، ولكن الأمر ليس كذلك، بل نقول: إذا كان في بيتك نخل وعندك بستان آخر، وكانت النخل الموجودة في البيت لا تبلغ النصاب: فإنها تضم إلى النخل الذي في البستان.
أما إذا لم يكن عندك بستان: فإننا ننظر في النخل الذي في البيت، إن كان يبلغ النصاب: وجبت الزكاة، وإن كان لا يبلغ النصاب: فلا زكاة فيه.
والنصاب ثلاثمائة صاع، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ... .
الخلاصة: أن النخل الذي في البيت إن كان مالك البيت عنده بستان فيه نخل: فإن ثمرة النخل الذي في البيت تضم إلى ثمرة النخل الذي في البستان، فإذا بلغ مجموعها نصاباً: وجب إخراج الزكاة.
وإن لم يكن له بستان: فإننا نعتبر النخل الذي في البيت بنفسه، ونقول: إذا بلغت ثمرتها نصاباً: وجب فيها الزكاة، وإلا فلا.
والزكاة نصف العشر فيما يسقى بمؤونة، والعشر كاملاً فيما يسقى بلا مؤونة" انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (18 / السؤال رقم 39) .
ووقع خلاف بين العلماء في الزرع الذي يُزكى، وما رجحناه في موقعنا هو أن الزكاة تجب في الثمر الذي يكال ويدخر، وانظر ذلك في جواب السؤال رقم (3593) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5663)
حاصل على إعفاء جمركي فهل يحق لغيره شراء سلعة باسمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ومجموعة من الإخوة نعمل بالسلك الدبلوماسي بإحدى الدول التي تعطينا إعفاء جمركيا ويأتي بعض أبناء تلك الدولة لشراء سلعة لهم باسمنا للحصول على الإعفاء مقابل مبلغ مالي يدفع لنا فهل هذا جائز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا السؤال مشتمل على أمرين:
الأول: ما يسمى بالجمارك، وهي الضرائب التي تؤخذ على الأمتعة والبضائع، وأخذُ ذلك من المسلمين محرم تحريما شديدا، وهو المَكس الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ صَاحِبَ الْمَكْسِ فِي النَّارِ) رواه أحمد (16553) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3405) وانظر السؤال رقم (25758)
ويشرع للإنسان أن يتخلص من هذه الرسوم المحرمة بكل وسيلة ممكنة لا يترتب عليها ضرر أو مفسدة أعظم، ولو كان ذلك بالحيلة أو بدفع مبلغ للتخلص من الظلم الواقع عليه.
وإذا قال قائل: إن هذا من باب تنازل الإنسان عن حقه مقابل مال، وهذا جائز، (وهو ما يعرف عند الفقهاء بالإسقاط أو الفراغ، وقد أجاز المالكية الاعتياض عن حق الشفعة، وأجاز الحنفية النزول عن الوظائف وإسقاط حق الحضانة مقابل مال. ينظر الموسوعة الفقهية الكويتية 4/243، 32/83)
فالجواب: ليس هذا من هذا، فإن الذين يسمحون بالإعفاء الجمركي لا يسمحون به إلا لأعضاء السلك أنفسهم، ولا يسمحون لهم أن يستغلوا هذه الميزة في التكسب من وراء ذلك في بضائع لغيرهم، ثم إن تمرير بضائع الغير مشتمل على نوع من الحيلة والخداع، وهذا إذا جاز فإنما يجوز للحاجة، ولا أن يربح من ورائه.
وفيما يلي بعض النصائح:
1- إن الواجب على هؤلاء العاملين في هذا السلك خدمة إخوانهم مجاناً، لأنها من باب رفع الظلم عنهم، وهذا واجب علي قدر الاستطاعة.
2- إذا كانوا لا يريدون تقديم هذه الخدمة مجاناً، فلا يجوز لهم أخذ زيادة على أجرة المثل فيما يتكلفونه من شحن البضائع واستلامها وإنهاء الإجراءات أو السفر بها ونحو ذلك.
مع تنبيههم إلى أن الواجب عليهم الرفق بإخوانهم المسلمين، وإحسان النيّة في ذلك، ولا يكون همهم مجرد جمع الأموال.
والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5664)
فتوى اللجنة الدائمة في الجمارك
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب (الزواجر عن اقتراف الكبائر) لابن حجر الهيتمي في حكم المكوس، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها، وأن أصحابها أشد الناس عذابا يوم القيامة، وكثير من الدول يعتمد اقتصادها على تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات والصادرات وهذه الرسوم بالتالي يقوم التجار بإضافتها إلى ثمن البضاعة المباعة بالتجزئة للجمهور، وبهذه الأموال المحصلة تقوم الدولة بمشروعاتها المختلفة لبناء مرافق الدولة. فأرجو توضيح حكم هذه الرسوم وحكم الجمارك والعمل بها وهل يعتبر نفس حكم المكوس أم لا يعتبر نفس الحكم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تحصيل الرسوم الجمركية من الواردات والصادرات من المكوس، والمكوس حرام، والعمل بها حرام، ولو كانت ممن يصرفها ولاة الأمور في المشروعات المختلفة كبناء مرافق الدولة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أخذ المكوس وتشديده فيه، فقد ثبت في حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه في رجم الغامدية التي ولدت من الزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له) الحديث رواه أحمد ومسلم وأبو داوود وروى أحمد وأبو داوود والحاكم عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يدخل الجنة صاحب مكس) وصححه الحاكم.
وقد قال الذهبي في كتابه الكبائر: والمكاس داخل في عموم قوله تعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) الشورى/42.
والمكاس من أكبر أعوان الظلمة بل هو من الظلمة أنفسهم فإنه يأخذ ما لا يستحق، واستدل على ذلك بحديث بريدة وحديث عقبة المتقدمين ثم قال: والمكاس فيه شبه من قاطع الطريق وهو من اللصوص، وجابي المكس وكاتبه وشاهده وآخذه من جندي وشيخ وصاحب راية شركاء في الوزر آكلون للسحت والحرام. انتهى.
ولأن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل وقد قال تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) البقرة/188.
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته بمنى يوم العيد في حجة الوداع: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) .
فعلى المسلم أن يتقي الله ويدع طرق الكسب الحرام ويسلك طرق الكسب الحلال وهي كثيرة ولله الحمد ومن يستغن يغنه الله، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2-3 وقال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) الطلاق/ 4
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 489.(5/5665)
يأمر الطلاب بدفع مبلغ لإصلاح الفصل ويعطيهم درجات مشاركة
[السُّؤَالُ]
ـ[يطلب المدرس منا مبلغا معينا (30) ريال ندفعه قبل الاختبار لتصليح الفصل ويترتب على ذلك زيادة في درجات المشاركة أو الاختبار إذا لم يكن هنالك نقص في المشاركة ويدعي أن ذلك حلال بحجة أن الزيادة لا تكون على ورقة الاختبار وإنما تكون في المجموع النهائي للدرجات وأن الفرصة متاحة للجميع وأن الدفع كان قبل الاختبار وأن الذي لا يستطيع دفع المبلغ فإنه يخففه عنه فإذا لم يستطع فإنه يعفيه من الدفع ويكون له ما لباقي الطلاب الذين دفعوا من الزيادة في الدرجات فهل عمله هذا صحيح؟ والرجاء أن يكون الجواب بالتفصيل مع ذكر الأدلة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس للمدرس أن يأخذ من الطلاب شيئا، ولو كان بقصد تصليح الفصل، فإن ذلك ليس من مسئولية الطلاب، وإنما هو من مسئولية المدرسة وهذا المال يشبه من بعض الوجوه المكوس المحرمة، وانظر في تحريم المكوس السؤال رقم 39461
ودرجات المشاركة إنما تعطى للطالب على اجتهاده ونشاطه أثناء الدراسة، لا على دفعه المال للمدرّس أو المدْرسة، وكذلك درجة الاختبار، تنبني على ما كتبه الطالب في ورقة الإجابة، ولا علاقة لها بإصلاح الفصل أو تزيينه.
فإعطاء المدرس درجات للطلاب مقابل دفعهم المال، مخالف لنظام التعليم، مع ما فيه من ظلم الناس في أموالهم، وتعريض الطلاب الفقراء للحرج في إخبارهم المدرس بعدم استطاعتهم دفع المبلغ كله أو بعضه.
فعلى المدرس أن يتقي الله تعالى، وأن يعطي لكل طالب ما يستحقه من الدرجات حسب النظام التعليمي القائم، وأن لا يسأل الطلاب شيئا من المال مهما قل.
وللمدرس أن يحث الطلاب على الإنفاق والتبرع لإصلاح الفصل أو لغير ذلك من الأنشطة الخيرية، فإن ذلك يدخل في باب التعاون على البر والتقوى، وفيه تعويد للطلاب على بذل الأموال وإنفاقها في وجوه الخير والبر، على أن لا يكون لذلك علاقة بالدرجات التي يحصل عليها الطالب.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5666)
عملها صياغة النشرات الدعوية وتقتبسها من غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيعة عملي صياغة نشرات دينية وتوعوية لمركز إسلامي، ولكني غير مبدعة في الكتابة، فأضطر لأن أستفيد من الأشعار والكتابات الأدبية لشعراء وكتاب عدة وأقتبس التشبيهات والتراكيب البلاغية والعبارات الغريبة والألفاظ الجميلة وطرق العرض الإبداعية والجديدة وأحاول تغييرها قليلاً بإضافة وحذف بعض الكلمات لتتناسب مع موضوع النشرة التي أكتبها بحيث تكون المقالة بفقراتها عبارة عن تركيب مع تغيير ولا أضيف جملاً من عندي ألا نادراً، وتظهر المقالة مؤثرة جدا وتخدم الفكرة الأساسية، فهل تعتبر هذه سرقة ولا يجوز لي عمل ذلك، ظللت على هذه الحال أكثر من سنتين ولكني انتبهت الآن ولا أستطيع مصارحة أرباب العمل وزميلاتي بالحقيقة، فهل يعتبر الراتب الذي آخذه مالاً حراماً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في الاستفادة والاقتباس مما كتبه الآخرون من العبارات الجميلة، والألفاظ المنمقة، وطرق العرض الإبداعية على النحو الذي ذكرت، بحيث يخرج المقال مؤثراً متناسقاً، فلم يزل الكتاب يأخذ بعضهم من بعض. والبحث عن المادة، والتأليف بين الجمل والفقرات واختيار المناسب منها عمل يحتاج إلى جهد ووقت، ولعلك من خلال هذه الممارسة تصلين إلى مرحلة تستغنين فيها عن كثرة الاقتباس.
والممنوع في هذا المقام هو سرقة مقالات الآخرين أو نشراتهم أو سرقة أجزاء متكاملة منها، وأما اقتباس الجمل والكلمات من عدة مقالات، فلا يظهر أن ذلك يدخل في السرقة.
ومن المحظور كذلك: تشبع الإنسان بما لم يعط، وإيهام الزملاء بأن هذه الكتابة المؤثرة من إبداعه وإنتاجه، بل ينبغي أن يكون الإنسان صادقا مع نفسه وغيره، فيشير إلى أن جهده هو الجمع والتنسيق واختيار الكلمات والجمل المناسبة والاستفادة من أعمال الآخرين.
فعن أسماء رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ) رواه البخاري (5219) ومسلم (2129) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5667)
تلخص المناهج وتبيعها على الطالبات وتمنعهن من التصوير
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا مدرسة (من خارج الكلية) تلخص مناهجنا وتقوم ببيع ملخصاتها على الطالبات بسعر قد أستطيعه أنا ولله الحمد.. إلا أني أعرف من لا تستطيع دفعه. تمنع بل وتكتب على أوراقها (لا أحلل من تصور الأوراق دون إذني) .. أي أنها تريد من كل طالبة أن تشتري منها.. سؤالي: هل يحق لها هذا الشرط؟ وهل يجوز أن تشترك مجموعة من الطالبات لدفع ثمن ملزمة واحدة؟ وهل يجب أخذ إذنها بذلك؟ أم أنها ببيعها للطالبة تمتلك الطالبة حرية التصرف بأوراقها فتقتسم مع زميلاتها المبلغ؟ أليس المشتري يملك أحقية التصرف فيما اشترى؟ فلو أني اقتسمت مبلغ كتاب مع شخص آخر جاز ذلك دون أدنى شك..]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المسألة راجعة لما يعرف بحق التأليف والاختراع، وهو حق معتبر شرعا لا يجوز الاعتداء عليه؛ لما يترتب على حفظ هذا الحق من المصالح العامة، كقيام التأليف واستمراره، ومنع التكسب بأعمال الآخرين وجهودهم، ولوجوب الوفاء بالعقود والشروط، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
فإذا كان المؤلف أو الناشر ينص على منع التصوير للبيع أو للاستعمال الخاص، لزم الوفاء بذلك؛ مع مراعاة أن التصوير للاستعمال الخاص هنا يعود بالضرر المحقق على المؤلفة، لاستغناء كثير من الطالبات بهذا التصوير عن شراء الكتاب.
وقد سبق الكلام على حق التأليف والاختراع ونقل كلام أهل العلم فيه، وينظر جواب السؤال رقم (26307) ورقم (454) .
وأما اشتراك مجموعة من الطالبات في شراء نسخة واحدة يتبادلنها فيما بينهن من غير تصوير، فلا مانع منه؛ لعدم وجود ما يقتضي المنع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5668)
حكم تحميل الكتب غير المجانية من المواقع عن طريق برامج الاختراق وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم تحميل الكتب غير المجانية من المواقع عن طريق برامج الاختراق وغيرها السؤال: أرجو منك توضيح حكم تحميل بعض الكتب الإلكترونية (غير المجانية) من برامج المشاركة - أو ما يسمَّى بـ Peer-to-Peer " -؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الكتب التي تعرضها المواقع الإلكترونية منها ما يتمكن الزائر من تحميل تلك الكتب – أو بعضها – لجهازه، ومنها ما يكون للتصفح – كاملاً أو لأجزاء منه – ولا يستطيع تنزيل الكتاب.
والكتب التي يُسمح بتنزيلها: لا إشكال في حكمها، ولا سؤال عنها أصلاً، وأما التي يمنع أصحاب الموقع من تنزيلها: فإن الأصل هو المنع من تنزيلها؛ وذلك لأن لأصحابها حقوقاً تضيع عليهم بذلك التنزيل غير مدفوع الثمن.
والطريقة التي وردت في السؤال - (Peer-to-Peer) وتعني: الاتصال الندِّي المباشر- هي ما يسلكه " المخترقون " للمواقع التي تعرض مواد محفوظة الحقوق لأهلها، فيتمكنون من خلالها من الاستيلاء على تلك المواد، ولا يخفى أن كثيراً من تلك المواد محرَّم أصلاً، ولو بالمجان، كالأغاني، والأفلام، وإنما كلامنا هنا عن المباح منها، كالكتب العلمية المفيدة. وقد صدرت الفتاوى المتنوعة من علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، ومن المجامع الفقهية، باحترام تلك الحقوق المحفوظة لأصحابها، والمنع من الاستيلاء عليها من غير رضا أصحابها، وقد سبق أن ذكرنا هذه المسألة، ونقلنا تلك الفتاوى وغيرها، فانظر أجوبة الأسئلة: (81614) و (95173) و (38847) و (116782) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5669)
هل لمصحف التجويد حقوق طبع لمن يريد جعله في برنامج للجوال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد نسخة من المصحف باسم " مصحف التجويد الملون "، والدار التي نشرته تمنع نسخه، وتوزيعه، ويقولون: إن لديهم حقوق نشر، ويستطيعون منع، ومعاقبة كل من يخالفها، فهل يجوز شرعاً أن نستخدم نسختهم في برنامجنا، باعتبار أنه قرآن كريم، ولا يوجد حقوق نشر له، أم يجب إتباع حقوق النشر المذكورة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإن " مصحف التجويد " الوارد ذِكره في السؤال قد بذل فيه أصحابه جهداً بيِّناً، وهو كغيره من أعمال البشر لا يخلو من ملاحظات، وأخطاء، وقد نبَّه بعض أهل الاختصاص على تلك الأخطاء.
والكلام - أخي السائل – ليس عن كلام الله تعالى نفسه المسطور في المصحف، بل هو عن ابتكار الطريقة في إخراجه، ولا شك أن هذا قد كلَّف أصحابه وقتاً، وجهداً، ومالاً، وطريقتهم المبتكرة هذه: هي مما حفظه لهم الشرع، فجعل لهم حق بيعها، وإجارتها، ومنع أحدٍ من استعمالها إلا بإذنٍ منهم، وهو من الحقوق المعنوية الذي صدرت الفتاوى من أهل الاختصاص في زماننا هذا بحفظها لأصحابها.
فانظر أجوبة الأسئلة: (81614) و (21899) و (454) .
وما ذكرناه هنا من المنع من الاستيلاء على حقوق الآخرين دون إذنٍ منهم: هو باعتبار الأصل، ولكن قد تعرض بعض الحالات التي يجوز فيها لكم استعمال مطبوعة ذلك المصحف دون إذن من أصحابه، وذلك في حال: أن لا يكون من أوجه النفع عند أصحاب المصحف ما تسألون عنه، فمصحف التجويد الملون الوارد في السؤال هو ما كان مطبوعاً على ورق، يُجمع بين دفتين للقراءة منه، فإذا لم يكن عند دار النشر برنامج لذلك المصحف، يحمَّل على الجوالات: فالظاهر أنه يجوز لكم صنع برنامج يتمكن أصحاب الجوالات من الاستفادة منه، وهذا لا يؤثر على أصحاب المصحف؛ لاختلاف أوجه الاستعمال، وبخاصة إن كان البرنامج مجانيّاً.
وانظر جواب السؤال رقم: (95173) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5670)
حكم نسخ أفلام الكرتون وإزالة الموسيقى منها وبيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مريض نفسياً وأعاني من مرض الخوف أو ما يسمى الرهاب، وأعيش في غرفة صغيرة مع زوجتي وابنتي، وليس لي دخل أبداً، وحاولت كثيراً أن أعمل أعمالاً في المنزل ولم أجد عملاً، أو ربما لا أجيده، وبعد جهد وحيث خبرتي في مجال الحاسب اشتريت كمية من أفلام الكرتون الإسلامية، ومنها التي تحتوي على موسيقى، علماً أن إزالة الموسيقى أمر صعب جداً من الناحية البرمجية، ولكنها أفلام كرتون قديمة، وليست من الجديدة التي تحتوي على انحرافات عقائدية أو صليب، إنما هي قصص عن الزمان القديم وحكايات، وبعد عملي بهذا العمل أصبح يدر علي ربحاً جيداً، ولكن ضميري لم يرتح فما رأي فضيلتكم؟ وهل يجوز أن أبيعها أو لا يجوز؟ أفتوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجوز بيع أفلام الكرتون التي لا تشتمل على محاذير شرعية، كالانحراف العقدي، أو الدعوة للرذيلة، أو المشتملة على الموسيقى.
وما كان مشتملا على موسيقى، إن أمكن إزالة الموسيقى منه جاز بيعه، وإلا لم يجز.
ثانياً:
نسخ هذه الأفلام وبيعها فيه تفصيل من جهة كونها مملوكة لشركات تمنع نسخها أو تأذن في ذلك:
فإذا كانت هذه الأفلام قد نص أصحابها ومعدّوها على أن الحقوق محفوظة لهم، وأنه لا يجوز نسخها نسخاً عاماً أو خاصاً، فالأصل هو الوفاء لهم بهذا الشرط،؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "الإرواء" (1303) .
وانظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/188) .
وإذا كانوا أذنوا في نسخها، أو وضعها أصحابها في الإنترنت لتحميلها، فلا حرج في نسخها وبيعها، إلا أن يأذنوا في النسخ فقط دون البيع.
وإذا كانت هذه الأفلام لشركات تحارب الإسلام والمسلمين فلا حرج في نسخها وبيعها، لأنهم لا حرمة لهم ولا لأموالهم.
وإذا كنت ستعمل على أفلام قديمة وتبذل جهداً في إزالة الموسيقى منها، فالذي يظهر أنه يجوز لك نسخها وبيعها للجهد المبذول في ذلك، ولكونها مع – وجود الموسيقى – مما يحرم بيعه.
وينظر تفصيل الكلام في نسخ الأفلام والبرامج في السؤال رقم (95173) ورقم (81614) ورقم (52903) .
ونسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5671)
هل يجوز لطالب العلم أن يأخذ أجرة على مؤلفاته وأشرطته ودروسه في الفضائيات؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ الداعية أجراً مقابل مصنفاته، وأشرطته، وإلقائه الدروس عبر القنوات الفضائية؟ وهل الحكم يختلف باختلاف النية بحيث تكون الأولى من أجل الكسب فقط، والثانية نفع الأمة لكن يحصل الكسب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
تأليف الكتب، وإنتاج الأشرطة يعتبران من الحقوق الخاصة بأصحابها، وهي حقوق مصونة في الشرع، فلا يجوز الاعتداء عليها بالنسخ، أو الطباعة، أو الإنتاج، من غير إذن أصحابها، ولا حرج على أصحابها في طلب مبالغ مقابلها.
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم: (21899) قرار " مجلس الفقه الإسلامي ": أن حقوق التأليف، والاختراع، أو الابتكار: مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها.
ثانياً:
أما أخذ الداعية، أو العالِم مالاً مقابل تعليمه الناس الأحكام الشرعية، أو كيفية قراءة القرآن، في المساجد، أو المدارس، أو الفضائيات: فإن كان ما يُعطاه من بيت مال المسلمين [أموال الدولة] : فلا خلاف في جوازه، وإن كان يُعطاه من غيره: فللعلماء فيه أقوال ثلاثة:
1. الجواز، وهو قول جمهور العلماء، من المالكية، والشافعية، وبه قال متأخرو الحنفية، وهو الذي يرجحه الشيخان ابن باز، والعثيمين، رحمهما الله، وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء.
2. المنع، وهو قول المتقدمين من الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد.
3. الجواز للحاجة [كما لو كان العالم فقيراً محتاجاً إلى المال] ، وهو رواية عن الإمام أحمد، وقد مال إلى القول به: شيخ الإسلام ابن تيمية.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (13 / 14 – 16) :
"لا خلاف بين الفقهاء في جواز أخذ الرِّزق من بيت المال على تعليم القرآن، وتدريس علم نافع، من حديث، وفقه، ونحوهما؛ لأن هذا الرزق ليس أجرة من كل وجه، بل هو كالأجرة.
وإنما اختلفوا في الاستئجار لتعليم القرآن، والحديث، والفقه، ونحوهما من العلوم الشرعية: فيرى متقدمو الحنفية - وهو المذهب عند الحنابلة - عدم صحة الاستئجار لتعليم القرآن، والعلم الشرعي، كالفقه، والحديث؛ لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: علمتُ ناسا من أهل الصفَّة القرآن، والكتابة، فأهدى إليَّ رجل منهم قوساً، قال: قلت: قوس، وليس بمال، قال: قلت: أتقلدها في سبيل الله، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وقصصت عليه القصة، فقلت: يا رسول الله، رجل أهدى إليَّ قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن، وليست بمال، وأرمي عنها في سبيل الله، قال: (إن كنتَ تحبُّ أن تُطوَّق طوقاً من نارٍ فَاقْبَلْها) ؛ وحديث أبي بن كعب رضي الله عنه، أنه عَلَّم رجلا سورة من القرآن، فأهدى له خميصة، أو ثوبا، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنَّكَ لَوْ لَبِسْتَها لأَلْبَسَك الله مَكَانَها ثَوْباً مِن نارٍ) ؛ ولأنه استئجار لعمل مفروض، فلا يجوز، كالاستئجار للصوم والصلاة ... ؛ ولأن الاستئجار على تعليم القرآن والعلم سبب لتنفير الناس على تعليم القرآن والعلم؛ لأن ثقل الأجر يمنعهم من ذلك، وإلى هذا أشار الله جل شأنه في قوله عز وجل: (أََمْ تَسْأَلهُم أَجْراً فَهُم من مغْرَمٍ مُثْقَلُون) فيؤدي إلى الرغبة عن هذه الطاعة، وهذا لا يجوز.
وذهب متأخرو الحنفية - وهو المختار للفتوى عندهم - والمالكية في قول، وهو القول الآخر عند الحنابلة - يؤخذ مما نقله أبو طالب عن أحمد - إلى جواز الاستئجار على تعليم القرآن والفقه، لخبر: (إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتم عَلَيْهِ أَجْراَ كِتَاب الله) ؛ ولما روي عن عبد الجبار بن عمر أنه قال: (كل من سألت من أهل المدينة لا يرى بتعليم الغلمان بالأجر بأساً) ؛ ولأن الحفاظ، والمعلمين - نظراً لعدم وجود عطيات لهم في بيت المال - ربما اشتغلوا بمعاشهم، فلا يتفرغون للتعليم حسبة، إذ حاجتهم تمنعهم من ذلك، فلو لم يفتح لهم باب التعليم بالأجر: لذهب العلم، وقلَّ حفاظ القرآن.
والمذهب عند المالكية: جواز الاستئجار على تعليم القرآن، أما الإجارة على تعليم الفقه وغيره من العلوم، كالنحو والأصول والفرائض فإنها مكروهة عندهم.
وفرَّق المالكية بين جواز الإجارة على تعليم القرآن، وكراهتها على تعليم غيره: بأن القرآن كله حق لا شك فيه، بخلاف ما عداه مما هو ثابت بالاجتهاد، فإن فيه الحق والباطل، وأيضا فإن تعليم الفقه بأجرة ليس عليه العمل، بخلاف القرآن، كما أن أخذ الأجرة على تعليمه يؤدي إلى تقليل طالبه.
وذهب الشافعية - على الأصح - إلى جواز الاستئجار لتعليم القرآن، بشرط تعيين السورة والآيات التي يعلمها، فإن أخل بأحدهما لم يصح، وقيل: لا يشترط تعيين واحد منهما، أما الاستئجار لتدريس العلم: فقالوا: بعدم جوازه إلا أن يكون الاستئجار لتعليم مسألة، أو مسائل مضبوطة، فيجوز" انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
ولهذا لما تنازع العلماء في أخذ الأجرة على تعليم القرآن، ونحوه: كان فيه ثلاثة أقوال في مذهب الإمام أحمد، وغيره، أعدلها: أنه يباح للمحتاج.
قال أحمد: أجرة التعليم خير من جوائز السلطان، وجوائز السلطان خير من صلة الإخوان.
" مجموع فتاوى ابن تيمية " (30 / 192، 193) .
وأدلة الجواز قوية، لا يمكن دفعها، كحديث الصحيحين: (إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتم عَلَيْهِ أَجْراَ كِتَاب الله) ، وكذا حديث تزويج النبي صلى الله عليه وسلم صحابيّاً على تعليم امرأته القرآن.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"يجوز لك أن تأخذ أجراً على تعليم القرآن؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم زوَّج رجلا امرأة بتعليمه إياها ما معه من القرآن، وكان ذلك صداقها، وأخذ الصحابي أجرة على شفاء مريض كافر بسبب رقيته إياه بفاتحة الكتاب، وقال في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله) أخرجه البخاري ومسلم، وإنما المحظور: أخذ الأجرة على نفس تلاوة القرآن، وسؤال الناس بقراءته" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 96) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"لا حرج في أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وتعليم العلم؛ لأن الناس في حاجة إلى التعليم؛ ولأن المعلم قد يشق عليه ذلك، ويعطله التعليم عن الكسب , فإذا أخذ أجرة على تعليم القرآن، وتحفيظه، وتعليم العلم: فالصحيح أنه لا حرج في ذلك ... ثم استدل بحديث أخذ الأجرة على الرقية ... ثم قال: وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله) رواه البخاري في الصحيح أيضاً , فهذا يدل على أنه لا بأس بأخذ الأجرة على التعليم، كما جاز أخذها على الرقية.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (5 / 364، 365) .
ثالثاً:
أما ما استدل به المانعون: فحديث عبادة بن الصامت وحديث أبي بن كعب رضي الله عنهما قد ضعفهما بعض أهل العلم:
قال ابن عبد البر رحمه الله:
وأما حديث القوس فمعروف عند أهل العلم؛ لأنه روي عن عبادة من وجهين، وروي عن أبي بن كعب من حديث موسى بن علي عن أبيه عن أبي بن كعب، وهو منقطع.
وليس في هذا الباب حديث يجب به حجة من جهة النقل، والله أعلم.
" التمهيد " (21 / 114) .
وقال ابن بطَّال رحمه الله:
"واحتجوا بأحاديث ضعاف، منها: حديث عبادة بن الصامت ...
وأما قول الطحاوى: إن تعليم الناس القرآن بعضهم بعضاً فرض: فغلط؛ لأن تعلم القرآن ليس بفرض، فكيف تعليمه؟! وإنما الفرض المتعين منه على كل أحد: ما تقوم به الصلاة، وغير ذلك: فضيلة، ونافلة، وكذلك تعليم الناس بعضهم بعضاً الصلاة ليس بفرض متعين عليهم، وإنما هو على الكفاية، ولا فرق بين الأجرة على الرقَى، وعلى تعليم القرآن؛ لأن ذلك كله منفعة.
وقوله عليه السلام: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله) هو عام يدخل فيه إباحة التعليم وغيره، فسقط قولهم" انتهى باختصار.
" شرح صحيح البخاري " (6 / 405، 406) .
رابعاً:
أما ضابط النية في تحصيل الأجر الأخروي مع الدنيوي: فهو ما قاله بعض الأئمة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من التفريق بين من يقوم بالعمل الصالح ليأخذ الأجر، وبين من يأخذ ليقوم به، فالأول فعله حسن، والثاني: ليس له في الآخرة أجر، وإنما أخذ أجره في الدنيا، والأول يقصد الدين، والمال وسيلة له، والثاني يقصد المال، والدين وسيلة له، وشتان ما بينهما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وجماع هذا: أن المستحب: أن يأخذ ليحج، لا أن يحج ليأخذ، وهذا في جميع الأرزاق المأخوذة على عمل صالح، فمن ارتزق ليتعلم، أو ليعلِّم، أو ليجاهد: فحسن، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون أجورهم مثل أم موسى ترضع ابنها، وتأخذ أجرها) ، شبههم بمن يفعل الفعل لرغبة فيه كرغبة أم موسى في الإرضاع، بخلاف الظئر (المرضعة) المستأجر على الرضاع إذا كانت أجنبية.
وأما من اشتغل بصورة العمل الصالح لأن يرتزق: فهذا من أعمال الدنيا، ففرق بين من يكون الدين مقصوده والدنيا وسيلة، ومن تكون الدنيا مقصوده، والدين وسيلة، والأشبه: أن هذا ليس له في الآخرة من خلاق، كما دلت عليه نصوص، ليس هذا موضعها.
" مجموع الفتاوى " (26 / 19، 20) .
فالوصية لأهل العلم وطلاَّبه أن يقصدوا في خروجهم على الفضائيات: تعليم الناس، ورفع الجهل عنهم، ونشر الاعتقاد الصحيح، ومن أغناه الله من فضله فليستعفف عن المال، ومن احتاج فليأخذ ما يتيسر له دون اشتراط مبالغ باهظة، وليجعل المال وسيلة له، لا غاية، حتى لا يُحرم الأجر الأخروي.
والوصية للمؤلفين، والخطباء، والمدرسين، أن يراعوا أحوال الناس، وأن لا يبالغوا في حقوق الطبع، والتأليف، والتوزيع، وليكن على بالهم الأجور الأخروية، والثواب الجزيل من الله لمن نشر علماً، أو رفع جهلاً، والفوز برضا الله وثوابه لا يعدله شيء.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5672)
تحميل الكتب والبرامج المجانية من الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[تتوفر كتب كاملة على الإنترنت , سواء دينية أو علمية , هل يجوز لي حفظها وقراءتها أو طباعة الدروس التي أحتاجها منها؟ وأيضا أريد أن أسأل عن برامج الكمبيوتر والجوال المتوفرة على الإنترنت مجانا , هل جميعها لا يجوز تحميلها؟ وكيف أعرف البرامج المصرح بتحميلها؟ أم أنه لا يوجد ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في الاستفادة من الكتب المجانية الموجودة على الإنترنت، بقراءتها أو حفظها أو طباعة ما تحتاجين منها؛ لأنها لم توضع على الشبكة إلا لذلك، وينظر جواب السؤال رقم (38847) .
وكذلك لا حرج في تحميل برامج الكمبيوتر والجوال المجانية الموجودة على الإنترنت.
والأصل جواز تحميل تلك الكتب والبرامج، وتكون المسؤولية واقعة على الموقع الذي نشرها إذا كان صاحبها لا يأذن بذلك، ولا يلزم المتصفح أن يتأكد من كل كتاب أو برنامج أن صاحبه موافق على تحميله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5673)
تصفح الكتب وتحميلها من الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في الإنترنت مواقع ومنتديات تحميل كتب مجانية، ما حكم تصفحها وطباعة الصفحات التي أريدها، سواء للدراسة أو للبحث أو للاطلاع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في تصفح الكتب والمواقع الموجودة على الإنترنت، وتحميل الكتب المسموح بتحميلها، أو تحميل أجزاء منها، للدراسة أو البحث والاطلاع، وينبغي الإحالة على المصدر في حال الاقتباس منها في الأبحاث والدراسات، وينظر: جواب السؤال رقم (38847) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5674)
نسخ البرامج والكراك والسيريال
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي موقع يوجد فيه برامج والحمد لله قمت بإزالة الكراك والسريال منها ولكن يوجد لدي منتدى وفيه أعضاء يشاركون ويقومون بإنزال الكراك والسريال للبرامج , وتتّبعهم لإزالة الكراك والسريال يتعبني جدا حتى إنني لا أستطيع ذلك , فما حكم ترك المجال لهم، وهل آثم في فعل ذلك؟ وهل لو وضعت عنوان في أعلى المنتدى أنه ممنوع وضع الكراك والسريال ومن وضعه فليتحمل وزر ذلك فهل يكفيني ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحكم في وضع الكراك والسيريال مبني على حكم نسخ البرامج نفسها، فما جاز نسخه منها جاز وضع الكراك له، وما منع نسخه منع وضع الكراك أو السيريال له.
وقد بينا حكم نسخ البرامج في أسئلة سابقة، وهذا حاصل ما ذكرناه:
أولا:
إذا كانت برامج الحاسب قد نص أصحابها ومعدّوها على أن الحقوق محفوظة لهم، وأنه لا يجوز نسخها نسخا عاما أو خاصا، فالأصل هو الوفاء لهم بهذا الشرط،؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من سبق إلى مباح فهو أحق به) ، وهذا ما استدل به الشيخ ابن باز رحمه الله في فتواه مع اللجنة الدائمة. انظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/188) .
ويتأكد هذا بأن حق التأليف والاختراع والإنتاج، وغيرها من الحقوق المادية والمعنوية، مكفولة لأصحابها، لا يجوز الاعتداء عليها، ولا المساس بها، من غير إذن أصحابها، ومن ذلك: الأشرطة، والاسطوانات، والكتب.
ومما لا شك فيه أن أصحاب الأشرطة والاسطوانات، قد بذلوا في إعدادها وقتا وجهدا ومالا، وليس في الشريعة ما يمنعهم من أخذ الربح الناتج عن هذه الأعمال، فكان المعتدي على حقهم، ظالما لهم.
ثم إنه لو أبيح الاعتداء على هذه الحقوق، لزهدت هذه الشركات في الإنتاج والاختراع والابتكار، لأنها لن تجني عائدا، بل قد لا تجد ما تدفعه لموظفيها، ولا شك أن توقف هذه الأعمال قد يمنع خيراً كثيراً عن الناس، فناسب أن يفتي أهل العلم بتحريم الاعتداء على هذه الحقوق.
ثانيا:
إذا لم يكن هناك نص على منع النسخ الخاص، فيجوز نسخها بغرض الاستفادة الشخصية، دون التربح.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في هذه المسألة:
" يُتبع فيها ما جرى به العُرف، اللهم إلا شخص يريد أن ينسخها لنفسه ولم ينصّ الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به بأس، أما إذ نصّ الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاصّ والعامّ فلا يجوز مطلقا " انتهى.
ثالثا:
ما ذكرناه في الحالتين هو الحكم باعتبار الأصل، ولكن قد تعرض بعض الحالات التي يجوز فيها النسخ والتصوير بدون إذن أصحابها، وذلك في حالات:
1- إذا لم تكن موجودة بالأسواق، فيجوز نسخها، للحاجة، وتكون للتوزيع الخيري، فلا يبيع ولا يربح منها شيئا.
2- إذا اشتدت الحاجة إليها وأصحابها يطلبون أكثر من ثمنها، وقد استخرجوا تكلفة برامجهم مع ربح مناسب معقول، يعرف ذلك كله أهل الخبرة، فعند ذلك إذا تعلقت بها مصلحة للمسلمين جاز نسخها، دفعاً للضرر، بشرط عدم بيعها للاستفادة الشخصية.
3- إذا كانت ملكا لغير معصوم فلا حرج من نسخها، والمعصوم هو المسلم والذمي والمستأمن، بخلاف الحربي.
وبناء على ذلك، فما كان نسخه ممنوعا، فإنه يلزمك منع رواد المنتدى من وضع روابط لتحميله أو لتحميل الكراك الخاص به، ولا يكفي وضع إعلان بالمنع، لأنه منكر تقدر على إزالته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5675)
حكم طباعة كتب السلف والمعاصرين وبيعها وهل يشترط الإذن
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم طبع وبيع الكتب الدينية والربح منها مثل كتب السلف وأيضا بالنسبة لكتب الشيوخ المعاصرين والذين يؤلفوها للانتفاع بها وليس للربح فهل الربح من هذه الكتب يكون ليس من حقي لقد قرأت الإجابات على أسئلة حقوق الملكية الفكرية ولكن أرجو التوضيح.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
حق التأليف من الحقوق المعنوية المصونة شرعا، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (26307) .
ثانيا:
طباعة الكتب الدينية وبيعها لا حرج فيه؛ لأن الأصل الحل، ولما فيه من نشر العلم، وتجويد طباعة مصنفاته، وتوسيع نشرها بين الناس، حيث يتعذر نشرها وتداولها، وتحمل تكلفتها إلا بذلك.
وبناء على ذلك: فلا حرج في طباعة أي كتاب من كتب السلف أو المعاصرين، إلا إذا كان أصحابها يمنعون من ذلك، فلابد من إذنهم، مع مراعاة الأمانة والدقة في نشر هذه الكتب.
ويدخل في ذلك ما ألفه العالم بغير غرض الربح، فإنه تجوز طباعته والتربح منه، ما لم يمنع من ذلك، فيشترط إذنه أو إذن ورثته.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/187) : " س: هل يجوز أن أسجل شريط من الأشرطة وأبيعها، ولكن دون طلب الإذن من صاحبها، أو إن لم يكن صاحبها على قيد الحياة من الدار الخاصة بها، أي بتسجيلها؟ وهل يجوز أن أصور كتابا من الكتب، وأجمع منها عددا كبيرا وأبيعها؟ وهل يجوز كذلك أن أصور كتابا من الكتب ولكن لا أبيعه، وإنما احتفظ به لنفسي، وهذه الكتب التي تحمل علامة (حقوق الطبع محفوظة) هل أطلب الإذن أم لا؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
ج: لا مانع من تسجيل الأشرطة النافعة وبيعها، وتصوير الكتب وبيعها؛ لما في ذلك من الإعانة على نشر العلم إلا إذا كان أصحابها يمنعون من ذلك، فلا بد من إذنهم " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5676)
حكم نسخ البرامج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نسخ برامج الحاسب الآلي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كانت برامج الحاسب قد نص أصحابها ومعدّوها على أن الحقوق محفوظة لهم، وأنه لا يجوز نسخها نسخا عاما أو خاصا، فالأصل هو الوفاء لهم بهذا الشرط،؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "الإرواء" (1303) .
وانظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/188) .
ويتأكد هذا بأن حق التأليف والاختراع والإنتاج، وغيرها من الحقوق المادية والمعنوية، مكفولة لأصحابها، لا يجوز الاعتداء عليها، ولا المساس بها، من غير إذن أصحابها، ومن ذلك: الأشرطة، والاسطوانات، والكتب.
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي قرار بخصوص الحقوق المعنوية، جاء فيه:
" أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموّل الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها ...
ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها " انتهى باختصار.
ومما لا شك فيه أن أصحاب الأشرطة والاسطوانات، قد بذلوا في إعدادها وقتا وجهدا ومالا، وليس في الشريعة ما يمنعهم من أخذ الربح الناتج عن هذه الأعمال، فكان المعتدي على حقهم، ظالما لهم، وآكلاً أموالهم بالباطل.
ثم إنه لو أبيح الاعتداء على هذه الحقوق، لزهدت هذه الشركات في الإنتاج والاختراع والابتكار، لأنها لن تجني عائدا، بل قد لا تجد ما تدفعه لموظفيها، ولا شك أن توقف هذه الأعمال قد يمنع خيراً كثيراً عن الناس، فناسب أن يفتي أهل العلم بتحريم الاعتداء على هذه الحقوق.
ثانيا:
إذا لم يكن هناك نص على منع النسخ الخاص، فيجوز نسخها بغرض الاستفادة الشخصية، دون التربح.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في هذه المسألة:
" يُتبع فيها ما جرى به العُرف، اللهم إلا شخص يريد أن ينسخها لنفسه ولم ينصّ الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به بأس، أما إذا نصّ الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاصّ والعامّ فلا يجوز مطلقا " انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (454) .
ثالثا:
ما ذكرناه في الحالتين هو الحكم العام باعتبار الأصل، ولكن قد تعرض بعض الحالات التي يجوز فيها النسخ والتصوير بدون إذن أصحابها، وذلك في حالين:
1- إذا لم تكن موجودة بالأسواق، للحاجة، ويكون نسخها للاستعمال الشخصي أو للتوزيع الخيري، فلا يبيع ولا يربح منها شيئا.
2- إذا اشتدت الحاجة إليها وأصحابها يطلبون أكثر من ثمنها، وقد استخرجوا تكلفة برامجهم مع ربح مناسب معقول، يعرف ذلك كله أهل الخبرة، فعند ذلك يجوز نسخها للاستفادة الشخصية، لا بقصد بيعها.
ومنه يستفاد حكم:
1- نسخ الأناشيد من النسخ الأصلية وجمعها في شريط واحد:
هذا لا حرج فيه، لأن أصحاب الأشرطة لا ينصّون على منع النسخ الخاص، وإنما ينصون على حفظ حقوقهم، وهذا منصب على منع النسخ لغرض الاتجار، أو ما يلحِق بهم الضرر كالنسخ العام لأجل التوزيع، وأما النسخ الخاص، فلا يدخل في هذا.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل يجوز أن أسجل شريطا من الأشرطة وأبيعه، دون طلب الإذن من صاحبه بذلك، أو إن لم يكن صاحبه على قيد الحياة من الدار الخاصة به؟ وهل يجوز أن أصور كتابا من الكتب وأجمع منه عددا كبيرا وأبيعه؟ وهل يجوز كذلك أن أصور كتابا من الكتب ولكن لا أبيعه، وإنما أحتفظ به لنفسي، وهذه الكتب التي تحمل علامة (حقوق الطبع محفوظة) هل أطلب الإذن أم لا؟
فأجابت: " لا مانع من تسجيل الأشرطة النافعة وبيعها، وتصوير الكتب وبيعها؛ لما في ذلك من الإعانة على نشر العلم إلا إذا كان أصحابها يمنعون من ذلك، فلا بد من إذنهم ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/187) .
2- تحميل البرامج من المواقع وإنزالها بالمنتديات:
إذا كانت مواقع البرامج تسمح بتنزيلها والاستفادة منها مجانا، فلا حرج عليك في تنزيلها، ووضعها في المنتديات، أو الاحتفاظ بها لنفسك.
وأما إن كانت لا تسمح بالتنزيل، أو تسمح بتنزيل نسخة تجريبية، فلا يجوز الاعتداء على حقهم، بكسر الحماية، أو البحث عما يسمى بالكراك أو الرقم السري، ونحو ذلك؛ إذ لا فرق بين وضع البرامج في مواقع، أو على أسطوانات، فما ذكره أهل العلم في احترام الحقوق، والوفاء بالشروط، ينطبق على الأمرين، ويُستثنى منه ما استثني في الأول.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5677)
استخدام أقراص منسوخة من أنظمة التشغيل في صيانة الأجهزة وتهيئتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب بفتح محل لصيانة الحاسب الآلي ومن المعلوم أنه توجد أقراص منسوخة من أنظمة التشغيل لتركيبها على الحاسبات بعد تهيئتها فهل يجوز استخدام هذه الأقراص لتركيبها في أجهزة الزبائن بعد التهيئة ? وهل ما أحصله من مال من الزبون لقاء ما سبق يعتبر حلالا أم حراماً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز نسخ الأقراص التي لم يأذن أصحابها في نسخها، وذلك مراعاةً لحق الاختراع وهو حق معتبر لا يجوز الاعتداء عليه، والتزاما بالشرط الذي تعاقد عليه المتعاقدان.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز: " لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه) وقوله صلى الله عليه وسلم: (من سبق إلى مباح فهو أحقّ به) ، سواء كان صاحب هذه البرامج مسلما أو كافرا غير حربي لأنّ حقّ الكافر غير الحربيّ محترم كحقّ المسلم. والله أعلم ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة"
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في هذه المسألة ما يلي:
" يُتبع فيها ما جرى به العُرف، اللهم إلا شخص يريد أن ينسخها لنفسه ولم ينصّ الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به بأس، أما إذ نصّ الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاصّ والعامّ فلا يجوز مطلقا " انتهى.
وبناء على ذلك: فلا يجوز نسخ الأقراص الخاصة بأنظمة التشغيل وغيرها، ما لم يأذن أصحابها بذلك.
لكن إذا كانت هذه الأقراص لشركة من دولة محاربة للمسلمين فلا حرج في نسخها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5678)
نسخ الأشرطة والأسطوانات بهدف التوزيع الخيري
[السُّؤَالُ]
ـ[نقوم بنسخ أشرطة دينية ونوزعها أو نبيعها بأسعار زهيدة لسد مبالغ التوزيع، ولكن الأشرطة محفوظة، والهدف هو نشر العلم والدعوة.
وبالمثل الاسطوانات الليزرية فبعضها يجب أن تقسم أنه أصلي، والحصول على النسخ الأصلية قد يكون صعباً ومكلفاً وغرض هذا العلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حقوق التأليف والاختراع والإنتاج، وغيرها من الحقوق المالية والمعنوية، مكفولة لأصحابها، لا يجوز الاعتداء عليها، ولا المساس بها، من غير إذن أصحابها. ومن ذلك الأشرطة، والاسطوانات، والكتب.
وينظر في ذلك ما كتبه الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد حفظه الله عن حقوق التأليف والطبع، في كتابه "فقه النوازل" (2/101- 187) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل يجوز أن أسجل شريطا من الأشرطة وأبيعه، دون طلب الإذن من صاحبه بذلك، أو إن لم يكن صاحبه على قيد الحياة من الدار الخاصة به؟ وهل يجوز أن أصور كتابا من الكتب وأجمع منه عددا كبيرا وأبيعه؟ وهل يجوز كذلك أن أصور كتابا من الكتب ولكن لا أبيعه، وإنما أحتفظ به لنفسي، وهذه الكتب التي تحمل علامة (حقوق الطبع محفوظة) هل أطلب الإذن أم لا؟
فأجابت: " لا مانع من تسجيل الأشرطة النافعة وبيعها، وتصوير الكتب وبيعها؛ لما في ذلك من الإعانة على نشر العلم إلا إذا كان أصحابها يمنعون من ذلك، فلا بد من إذنهم ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/187) .
وسئلت اللجنة أيضا: أعمل في مجال الحاسب الآلي، ومنذ أن بدأت العمل في هذا المجال أقوم بنسخ البرامج للعمل عليها، ويتم ذلك دون أن أشتري النسخ الأصلية لهذه البرامج، علما بأنه توجد على هذه البرامج عبارات تحذيرية من النسخ، مؤداها أن حقوق النسخ محفوظة، تشبه عبارة (حقوق الطبع محفوظة) الموجودة على بعض الكتب، وقد يكون صاحب البرنامج مسلما أو كافرا. وسؤالي هو: هل يجوز النسخ بهذه الطريقة أم لا؟
فأجابت: " لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من سبق إلى مباح فهو أحق به) سواء كان صاحب هذه البرامج مسلما أو كافرا غير حربي؛ لأن حق الكافر غير الحربي محترم كحق المسلم ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/188) .
كما صدر قرار عن مجمع الفقه الإسلامي بخصوص الحقوق المعنوية، ومما جاء فيه:
" أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموّل الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها.
. . .
ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها " انتهى باختصار.
ومما لا شك فيه أن أصحاب الأشرطة والاسطوانات، قد بذلوا في إعدادها وقتا وجهدا ومالا، وليس في الشريعة ما يمنعهم من أخذ الربح الناتج عن هذه الأعمال، فكان المعتدي على حقهم، ظالما لهم، وآكلاً أموالهم بالباطل.
ثم إنه لو أبيح الاعتداء على هذه الحقوق، لزهدت هذه الشركات في الإنتاج والاختراع والابتكار، لأنها لن تجني عائدا، بل قد لا تجد ما تدفعه لموظفيها، ولا شك أن توقف هذه الأعمال قد يمنع خيراً كثيراً عن الناس، فناسب أن يفتي أهل العلم بتحريم الاعتداء على هذه الحقوق.
هذا هو الحكم باعتبار الأصل، ولكن قد تعرض بعض الحالات يجوز فيها النسخ والتصوير بدون إذن أصحابها، وذلك في حالين:
1- إذا لم تكن موجودة بالأسواق، للحاجة، وتكون للتوزيع الخيري، فلا يبيع ولا يربح منها شيئا.
2- إذا اشتدت الحاجة إليها وأصحابها يطلبون أكثر من ثمنها، وقد استخرجوا تكلفة برامجهم مع ربح مناسب معقول، يعرف ذلك كله أهل الخبرة، فعند ذلك إذا تعلقت بها مصلحة للمسلمين جاز نسخها، دفعاً للضرر بشرط عدم بيعها للاستفادة الشخصية.
والله الموفق.
ويمكنكم الاتصال ببعض الشركات المنتجة، وإعلامهم بالهدف الخيري الذي تهدفون إليه، ليأذنوا لكم في النسخ، أو يعطوا لكم سعرا مناسباً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5679)
حقوق التأليف وحكم تصوير أجزاء من المراجع العلمية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصوير أجزاء من المراجع العلمية بغرض الدراسة حرام علماً بأن الثمن الباهظ لهذه المراجع هو الدافع وراء التصوير؟ . وإذا هناك مكسب من التصوير فهل هو حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يظهر أن حقوق التأليف معتبرة لأصحابها وورثتهم من بعدهم، وأن تصويرها ونسخها باليد بقصد الاستعمال الشخصي لا بقصد البيع: ليس فيه حرج ما لم ينص صاحبها على منع النسخ الخاص، وأما إذا صوِّر بقصد البيع والتجارة فهذا يمنع منه.
قال الشيخ بكر بن عبد لله أبو زيد:
إن هذه الفقرات التي تعطي التأليف الحماية من العبث، والصيانة عن الدخيل عليه، وتجعل للمؤلف حرمته والاحتفاظ بقيمته وجهده، هي مما علم من الإسلام بالضرورة، وتدل عليه بجلاء نصوص الشريعة وقواعدها وأصولها، مما تجده مسطراً في " آداب المؤلفين "، و " كتب الاصطلاح ".
" فقه النوازل " (2 / 65) .
وقد قرر مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في موضوع الحقوق المعنوية ما يلي:
أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة ماليَّة معتبرة لتموّل الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها.
ثانياً: يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ونقل أي منها بِعِوَض مالي، إذا انتفى الغرر والتدليس والغش، باعتبار أن ذلك أصبح حقاً ماليّاً.
ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها.
" مجلة المجمع " (ع 5، ج 3، ص 2267) .
قال علماء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية:
لا مانع من تسجيل الأشرطة النافعة وبيعها، وتصوير الكتب وبيعها، لما في ذلك من الإعانة على نشر العلم إلا إذا كان أصحابها يمنعون من ذلك فلا بد من إذنهم.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 187) .
وراجع سؤال رقم (454)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5680)
تنزيل المحاضرات من الإنترنت وتوزيعها للدعوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقوم بتنزيل بعض المحاضرات من الإنترنت ثم يقوم بتسجيلها وتوزيعها على الشباب لأجل نشر دعوة الله تبارك وتعالى وحتى تعم الفائدة، فهل يعد هذا العمل اعتداء على حرمات الغير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل أن أصحاب المواقع إنما وضعوا هذه المواد المسجلة للاستماع إليها والانتفاع بما فيها، ومنهم من يتيح خدمة تنزيلها وحفظها، وهذا إذن منهم في نسخها.
وعليه فلا حرج في تنزيل هذه المحاضرات، وتسجيلها وتوزيعها على الشباب وغيرهم، بل هذا عمل صالح نافع، لما فيه من الدعوة إلى الله تعالى، والإعانة على الخير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا " رواه مسلم (2674) من حديث أبي هريرة.
ولا يجوز التحايل على تنزيل المحاضرات من المواقع التي لا تسمح بذلك، لما فيه من الاعتداء على حق الغير في التأليف والجمع والاختراع ونحو ذلك، وهي حقوق معنوية مكفولة لأصحابها، كما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأول 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م:
(أولاً: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العُرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموّل الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً، فلا يجوز الاعتداء عليها
....
ثالثاً: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها) .
انظر سؤال رقم (454) و (21927) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5681)
حقوق الملكية الفكرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي نظرة الفقهاء المسلمين إلى حقوق الملكية الفكرية كالاسم التجاري، والعلامة التجارية، وحقوق التأليف والاختراع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار هي حقوق خاصة لأصحابها أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتموّل الناس لها، وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً فلا يجوز الاعتداء عليها.
ثانياً:
يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ونقل أي منها بعوض مالي إذا انتفى الغرر والتدليس والغش باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً.
ثالثاً:
حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعاُ، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
قرار مجلس الفقه الإسلامي الخامس عام 1409.(5/5682)
حكم نسخ برامج الحاسب الآلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نسخ برامج الكمبيوتر التي لم أشترها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عن هذا السؤال أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز: بأنه لا يجوز نسخ البرامج التي يمنع أصحابها نسخها إلا بإذنهم لقوله صلى الله عليه وسلم: " المسلمون على شروطهم " ولقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يحلّ مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه " وقوله صلى الله عليه وسلم: " من سبق إلى مباح فهو أحقّ به "، سواء كان صاحب هذه البرامج مسلما أو كافرا غير حربي لأنّ حقّ الكافر غير الحربيّ محترم كحقّ المسلم. والله أعلم. فتاوى اللجنة رقم 18453
وقد وردنا من الشيخ محمد بن صالح العثيمين في هذه المسألة ما يلي:
يُتبع فيها ما جرى به العُرف، اللهم إلا شخص يريد أن ينسخها لنفسه ولم ينصّ الذي كتبها أولاً على منع النسخ الخاص والعام فأرجو أن لا يكون به بأس، أما إذ نصّ الشخص الذي كتبها أولاً على المنع الخاصّ والعامّ فلا يجوز مطلقا.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة رقم 18453
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5683)
حكم صرف العملة بعملة أخرى مع تحويلها إلى بلد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في بلاد الغرب، ويوجد عمل وهو كما يلي: أنا أريد أن أبعث نقوداً إلى بلدي، فأعطي النقود بعملة البلد الذي أعيش فيه إلى الذي يعمل بالتحويل، وهو يعطي دولار إلى الاهل في بلدي، وإنه يرى كم هو سعر الدولار مقابل هذه العملة التي أعطيها له، ويأخذ على كل مئة دولار عمولة تحويل خمسة دولار، ويقول لي: بعد يومين يذهب الذي بعثت له النقود لاستلامها، فهل هذا العمل نوع من الربا، أم يجوز العمل به؟ وإذا كان يجوز العمل به، فما هو المحرم في هذاالمجال من التعامل؟ أرجو أن توضحوا لنا وجزاكم الله خير]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
المعاملة المذكورة تشتمل على عقدين هما: عقد الصرف، وعقد الحوالة.
وللعلماء المعاصرين قولان فيها هما:
القول الأوّل: لا يجوز هذا النّوع من التعامل.
وعلّلوا لذلك بأنّه يشتمل على العقدين، وقد " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ". أخرجه الترمذيّ برقم (1231) ، وقال: (حديث حسن صحيح) ، والنسائيّ برقم (4646) ، وأحمد في المسند (2/432) . وحسّنه الألباني في الإرواء برقم (1306) .
ولأنّ الصّرف يشترط فيه التقابض؛ لقول رَسُولِ اللَّهِ - صلّى الله عليه وسلّم -: " الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ". أخرجه مسلم برقم (1587) . وهو غير حاصل في هذا التّعامل.
ورد في الموسوعة الفقهية الكويتية (32 / 283) ما يأتي: (اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الصَّرْفِ التَّقَابُضُ فِي الْبَدَلَيْنِ قَبْل التَّفَرُّقِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ إذَا افْتَرَقَا قَبْل أَنْ يَتَقَابَضَا أَنَّ الصَّرْفَ فَاسِدٌ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَى عُبَادَةَ بْنُ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ) انتهى.
وعلى هذا فالمخرج الشّرعيّ في هذا التّعامل هو أن تعقد مع المحوِّل عقد الصّرف، وتقبض منه قيمة العملة المحوّل إليها، ثمّ تعقد معه عقد الحوالة إلى بلدك.
وإن تعذّر وجود العملة المحوّل إليها، فخذ منه الشّيك، أو ورقة الحوالة؛ لأنّه بمثابة القبض، كما قرّر ذلك أهل العلم.
ورد في فتاوى اللجنة الدائمة (13 / 448) : السؤال الأول من الفتوى رقم (4721)
س1: ما حكم المال المحول من عملة لعملة أخرى، مثلا أقبض راتبي بالريال السعودي، وأحوله للريال السوداني، علما بأن الريال السعودي يساوي ثلاثة ريالات سودانية، هل هذا ربا؟
ج1: يجوز تحويل الورق النقدي لدولة إلى ورق نقدي لدولة أخرى، ولو تفاوت العوضان في القدر؛ لاختلاف الجنس، كما في المثال المذكور في السؤال، لكن بشرط التقابض في المجلس، وقبض الشيك، أو ورقة الحوالة حكمه حكم القبض في المجلس.
وينظر: فتاوى اللجنة (13/452) ، مجلّة البحوث الإسلاميّة (26/156-157) ، والقبض تعريفه وأقسامه وصوره وأحكامه للثبيتيّ (ص63-64) .
والقول الثّاني أنّ هذا التّعامل جائز.
وعلّلوا لذلك بأنّ المحوّل وكيل بأجرة، فهو وكيل عن صاحب المال في إيصال المبلغ إلى البلد المحوّل إليه، والمبلغ الذي يأخذه على الحوالة، هو عوض عن توكّله في نقل المبلغ، ولا حرج في ذلك.
وهذا اختيار الدكتور يوسف الشبيلي في فقه المعاملات المصرفيّة (ص32) .
والحاصل: أن تحويل المال في دولة، واستلامه في دولة أخرى، بعملة مختلفة عن العملة التي تسلمها الصراف الأول: جائز، إذا استلم المودِع شيكا، أو سندا بقبض المبلغ، وتم تحديد سعر الصرف الذي تحول به العملة إلى البلد الآخر.
وأما على القول الآخر، فلا إشكال في المعاملة، لأنها تعتبر وكالة بأجر، وليست صرفا.
وينظر الجواب على سؤال رقم (87656) ، ورقم (111927) ، ورقم (110938) .
ثانيا:
المبلغ الذي يأخذه المحوّل حلال له، لا حرج عليه في ذلك؛ لأنّه أجرة التّحويل على القول الأول، أو أجرة الوكالة على القول الآخر.
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن حكم هذا المبلغ، فأجابوا بما يلي:
السؤال الثالث من الفتوى رقم (12416)
س3: هل يجوز أخذ عمولة على صرف وتحويل العملات؟
ج3: يجوز. فتاوى اللّجنة الدّائمة (13 / 454) . والله أعلم.
وينظر فتاوى اللجنة الدائمة (13/460) ،
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5684)
إذا اشترى سلعة ودفع الثمن وبقي له شيء لدى البائع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للبائع أن يؤجل إرجاع الباقي للمشتري في حالة عدم وجود صرف للعملة؟ مثال: أن يعطي المشتري ورقة مائة ريال للبائع وذلك لشراء بضاعة بقيمة عشرين ريالاً، فلا يكون لدى البائع صرف، عند ذلك يتفق مع البائع أن يقوم بتأجيل إرجاع البائع للثمانين ريالاً إلى الغد أو حتى إلى فترة قصيرة يتم فيها الافتراق بينهما، وما الحكم إذا لم يكن هناك افتراق كأن يذهب البائع ليبحث عن الصرف، أو يذهب إلى صندوق النقود بداخل المحل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما يتركه المشتري لدى البائع في حال عدم وجود صرف لديه، يعتبر أمانة، ولا حرج في ذلك، سواء اتفقا على أخذه بعد زمن يسير أو كثير.
قال في "كشاف القناع" (3/269) : " ولو اشترى فضة بدينار ونصف دينار ودفع المشتري إلى البائع دينارين ليأخذ قدر حقه منه، فأخذ البائع قدر حقه من الدينارين، ولو بعد التفرق صح الصرف لحصول التقابض قبل التفرق، والذي تأخر إنما هو تمييز حقه من حق الآخر، والزائد من الدينارين أمانة في يد البائع " انتهى بتصرف.
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أفيدكم بأني صاحب بقالة، وقد واجهتني مشكلة في البيع، وهي أني أحيانًا إذا جاءني المشتري واشترى بعض الأشياء وأعطاني مبلغًا فيبقى له باقي، فإذا لم يكن لدي صرف أي بقي له عندي مبلغ يقول: غدًا آتيك وآخذ الباقي، مثال ذلك: (إذا اشترى بمبلغ 50 ريالًا يعطيني 100، فلا أجد عندي 50 ريالًا، فيقول: أبقها عندك إلى وقت آخر) ، فهذه - يا سماحة الشيخ - أخبرني بعض الناس أنها صورة من صور الربا، وأنا لا أستطيع إقناع المشترين، فأرجو من سماحتكم تزويدي بفتوى خطية عاجلة لكي أكون على بصيرة.
فأجابوا: " ليس في إبقاء المشتري بعض نقوده عند البائع شيء من الربا؛ لأن هذا من باب البيع وائتمان البائع على بقية الثمن، وليس من باب الصرف.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/180) .
ومنه يعلم حكم المسألة الثانية وهي: ذهاب البائع لإحضار الباقي من داخل المحل، أو من محل مجاور، وأنه لا حرج في ذلك؛ لأن هذا ليس من باب الصرف، الذي يشترط فيه التقابض، وإنما هو تمييز للحق، ورد للمال لصاحبه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5685)
حكم تظهير الشيك والعمل في الصرافة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن التعامل بالشيكات ومهنة الصرافة ما الحكم في ذلك؟ ملاحظة: نفرض أن معي شيكا وملزم أن آتي بنقود للموظفين الذين يعملون عندي ولا أستطيع جلب النقود إلا من وراء صرافة الشيك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز التعامل بالشيك، ويقوم مقام قبض النقود في عملية الصرف، كأن يعطيك ألف ريال، وتعطيه شيكا بما يقابلها من الدولار، بشرط أن يكون الشيك مصدقا.
ويجوز التعامل بالشيك المؤجل، كأن تشتري سلعة بثمن مؤجل، وتعطي البائع شيكا بذلك.
ولا يجوز بيع الشيك المؤجل بأقل مما فيه من النقود، وصورة ذلك: أن يكون لديك شيك مؤجل، فتحتاج إلى المال، فتدفع الشيك للبنك أو لغيره، ليعطيك نقودا أقل مما في الشيك، ويأخذ الشيك ليستوفيه في وقته، فهذا محرم لأنه من بيع النقود بالنقود مع التفاضل والتأجيل، ففيه ربا الفضل والنسيئة.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل بيع الشيكات أو الكمبيالات حلال ولو كان بالخسارة، أي أقل من الثمن المكتوب؟
فأجابوا: "بيع الشيكات على الكيفية المذكورة لا يجوز؛ لما فيه من ربا النسأ وربا الفضل " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/333) .
وذهب بعض العلماء إلى أن هذه المعاملة ليست من باب بيع نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وإنما هي من باب القرض الذي اشترط المقرض فيه أن يسترده بزيادة، وهذه العملية تسمى أيضا بخصم الأوراق التجارية.
وعلى كلا القولين هذه المعاملة محرمة وصورة من صور الربا.
قال الدكتور علي السالوس حفظه الله: " هذه صورة أخرى من صور الإقراض التي تقوم بها البنوك الربوية، فالأوراق التجارية صكوك تتضمن التزاما بدفع مبلغ من النقود يستحق الوفاء عادة بعد وقت قصير، وتقبل التداول بطريق التظهير أو المناولة، ويقبلها العرف التجاري أداة لتسوية الديون ... ويقصد بالخصم أو القطع: دفع البنك لقيمة الورقة قبل ميعاد استحقاقها بعد خصم مبلغ معين يمثل فائدة القيمة المذكورة عن المدة بين تاريخ الخصم وميعاد الاستحقاق، مضافا إليها عمولة البنك ومصاريف التحصيل " إلى أن قال: " أما الفائدة التي يأخذها البنك فهي نظير الإقراض، ولذلك تختلف تبعا لقيمة الورقة التجارية وموعد الاستحقاق، فإن افترضنا أن الورقة التجارية قيمتها ألف جنيه، وموعد السداد بعد شهر، واحتاج صاحبها إلى قيمتها في الحال، فإن البنك يعطيه مثلا تسعمائة وخمسين محتسبا فائدة قدرها خمسون جنيها، فكأنه أقرضه تسعمائة وخمسين، ويسترد البنك دَيْنه بعد شهر بزيادة خمسين، وهي بلا شك زيادة ربوية محرمة " انتهى من "الاقتصاد الإسلامي" (1/199) .
ثانيا:
يجوز العمل في مهنة الصرافة، إذا ضبطت بالضوابط الشرعية، ومنها اشتراط القبض عند تبديل العملات المختلفة، كالجنيه بالدولار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ.... مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (1587) .
وهذه العملات تقوم مقام الذهب والفضة، ولها ما لها من الأحكام.
وينظر جواب السؤال رقم (72214) و (110938) و (115001) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5686)
دفع تأمين لتجميد سعر الصرف
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي شركة استيراد وتصدير، وأحتاج أن أحول أموالاً إلى المُصَدِّر بعملة أجنبية، ولكن تواجهني مشكلة اختلاف قيمة العملة واضطرابها مما يعرضني للخسارة، وهناك إمكانية لتجميد سعر الصرف عندما نريد تحويل عملة أجنبية ما إلى العملة الوطنية. حيث تكون حساباتنا بالعملة الوطنية وبسبب خوفنا من نزول صرف سعر تلك العملة مقابل العملة الوطنية نقوم بدفع مقابل تجميد سعر الصرف في مستوى نريده لكي لا نتعرض للخسارة غير المحسوبة. فهل هذه العملية جائزة مع العلم أنه إذا لم نقم بها فإننا قد نتعرض لخسارة كبيرة وخاصة أننا نتعامل بعملات سريعة التغير كالدولار واليورو وغيرها ... ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حقيقة هذا التجميد هي بيع عملة بعملة أخرى مع عدم التقابض في مجلس البيع، والمشتري بالخيار: له أن يمضي الصفقة بالسعر المتفق عليه، وله أن يترك ذلك، لكن بشرط أن يدفع للبنك ما تم الاتفاق عليه مقابل تجميد سعر الصرف، وهذا العقد حرام، لأنه بيع عملة بأخرى من غير تقابض في المجلس.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز شراء العملات الأجنبية، بما يسمى: (عقد حق الخيار) حيث تتم عملية الشراء على النحو التالي: يقوم المشتري بالاتفاق مع مصرف ما، على حق الخيار الذي منحه المصرف للمشتري (المستفيد) يدفع المستفيد رسما أو علاوة للبائع (المصرف) يسدد وقت الدخول في عقد حق الخيار لشراء العملة، وخلال المدة المتفق عليها يمكن للمشتري أن يدفع السعر المتفق عليه، ويشتري العملة، بغض النظر عن السعر السائد في السوق وقت الشراء الفعلي، كما أن المشتري ليس ملزما بأن يشتري العملة، ويقتصر التزامه في حالة عدم رغبته في إتمام عملية الشراء على دفع العلاوة التي سددها في بداية العقد مقابل إتاحة حق الخيار له؟
مثال: عقد حق الخيار في شراء 100.000 مارك بسعر 2.20 ريال للمارك، مدة حق الخيار 3 أشهر، رسم حق الخيار دفع للمصرف 5 هللات للمارك الواحد.
فأجابت: "لا يجوز بيع وشراء العملات بعضها ببعض إلا إذا تم التقابض في مجلس العقد، وإذا كانت من جنس [واحد] فلا بد من التماثل مع التقابض، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز) فدل قوله عليه الصلاة والسلام: (ولا تبيعوا منها غائبا بناجز) على اشتراط التقابض في مجلس العقد، وعدم صحة بيع الخيار" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13 / 456) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5687)
حكم ما يفعله تجار الذهب من أخذ الذهب من تجار الجملة وتسديد القيمة على دفعات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحد العاملين في التجارة بيعا وشراء في الذهب المصاغ، والذي نقوم بشرائه من التجار المستوردين بالجملة، نسدد القيمة لهم على دفعات، فهل هذه الطريقة التي أتعامل بها ويتعامل بها جميع العاملين في هذه المهنة حلال أو حرام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكر من البيع والشراء في الذهب المصوغ؛ فالتعامل فيه على هذه الطريقة حرام، إذا كان الثمن الذي يسدد به ما اشترى من الذهب المصاغ على دفعات من النقدين الذهب أو الفضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية؛ لما في ذلك من ربا النسأ، وقد يجتمع في هذا التعامل ربا الفضل وربا النسأ إذا اتحد ما اشترى وما دفع ثمنا له، بأن كان كل منهما ذهبا مثلا، وكان متفاوتا في الوزن، وكان التسديد على دفعات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/467) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5688)
عنده شركة استيراد وتصدير ومضطر للتعامل مع البنوك الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي شركة استيراد وتصدير ونحن بالمغرب لا يوجد لدينا بنوك أو شركات إسلامية. وجميع التعاملات التجارة الدولية تتم عبر البنوك مما يضطرنا لفتح حساب بالبنك باسم الشركة أو اسم المسؤول. هل في هذا حرج أو لا؟ وإذا كان هذا غير جائز فما العمل؟ وكيف نقوم بتسيير شؤوننا؟ كذلك أنا لدي حساب في بنك تقليدي بالمغرب. هل يجوز وضع المال هناك دون أخذ الفوائد أو أخذها والتصدق بها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز فتح حسابات في البنوك الربوية، وإن لم يأخذ صاحب الحساب فوائد ربوية، لما في ذلك من الإعانة لهذه البنوك على الإثم والمنكر، والله تعالى يقول: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
لكن إذا احتاج المسلم لوضع أمواله عندهم، كأن لم يجد مأمنا في غيرها، أو كان رجل أعمال ولا يمكنه إتمام أعماله إلا عن طريق الشيكات، أو عن طريق التحويل البنكي، ونحو ذلك، فلا حرج في فتح حساب في البنك، على أن يكون الحساب بغير فوائد، وبهذا أفتى العلماء المعاصرون، فقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة (13/346) : " لا يجوز إيداع النقود ونحوها في البنوك الربوية ونحوها من المصارف والمؤسسات الربوية، سواء كان إيداعها بفوائد أو بدون فوائد؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى) : ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ، إلا إذا خيف عليها من الضياع، بسرقة أو غصب أو نحوهما، ولم يجد طريقا لحفظها إلا إيداعها في بنوك ربوية مثلا، فيرخص له في إيداعها في البنوك ونحوها من المصارف الربوية بدون فوائد , محافظةً عليها؛ لما في ذلك من ارتكاب أخف المحظورين" انتهى.
وجاء في قرارات "مجمع الفقه الإسلامي": "يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام" انتهى.
فإذا لم تتمكنوا من التعاملات مع الخارج إلا عن طريق البنوك الربوية ولم تجدوا بديلاً عنها فإنه لا حرج عليكم في التعامل معها في الحسابات الجارية، وإذا أعطوكم فوائد مع كونكم لم تتعاقدوا عليها فعليكم أن تنفقوها في مصالح المسلمين العامة كالمساجد والطرق ونحو ذلك مما يشترك فيه المسلمون، أو تعطوها للفقراء من المسلمين. فهذا هو مصرف المال الحرام، جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/354) : " الفوائد الربوية من الأموال المحرمة، قال تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) ، وعلى من وقع تحت يده شيء منها التخلص منها بإنفاقها فيما ينفع المسلمين، ومن ذلك: إنشاء الطرق وبناء المدارس , وإعطاؤها الفقراء" انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5689)
إقراض البنك المال للطلاب وحديثي التخرج بفائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ظاهرة جديدة طرحتها البنوك وهى إعطاء مبلغ مالي للطلاب وحديثي التخرج بضمان الجامعة أو العمل بحيث ينقسم المبلغ إلى 60% نقدي و40% مشتريات والفائدة على السحب النقدي تبدأ من أول يوم سحب والفائدة على المشتريات تبدأ من بعد 45 يوم من تاريخ السحب فأريد أن أعرف هل هذا ربا؟ وإن كان ربا وقد تم التعامل فما الكفارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ما ذكرته صورة من صور القرض الربوي الذي تمارسه البنوك الربوية، إصرارا على الباطل، ومجاهرة بالإثم، ونشرا للفساد في الأرض، فإن الله تعالى توعد أهل الربا بالحرب، وجعل عاقبته المحق، ولهذا كثرت الجرائم، والحوادث، والأمراض، والابتلاءات، وظن بعض الغافلين أن البنوك تحسن إلى الشباب والعاطلين، وما شعروا أن الربا من أسباب بلائهم وفقرهم وتدهور مجتمعاتهم.
وقد أجمع أهل العلم قديما وحديثا – إلا من شذ – أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، فالقروض ذات الفوائد ربا محرم من غير شك.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/436) .
ولا فرق بين أن يكون القرض مالا، أو عينا، أو شيئا اشتري بالمال، فإن اشتراط الفائدة في ذلك كله محرم.
وجاء في قرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر سنة 1385 هـ الموافق 1965م، والذي ضم ممثلين ومندوبين عن خمسة وثلاثين دولة إسلامية: " الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي؛ لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين ... الحسابات ذات الأجل، وفتح الاعتماد بفائدة، وسائر أنواع الإقراض بفائدة كلها من المعاملات الربوية وهي محرمة " انتهى.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي سنة 1985م: " أن كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد، هاتان الصورتان ربا محرم شرعاً " انتهى.
ثانيا:
من ابتلي بهذا القرض فالواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى توبا نصوحا، بالندم على ما قدم، والعزم على عدم العود إليه أبدا. وإن استطاع أن يعجل سداد القرض كان خيرا، حتى يتخلص من الربا وآثاره، نسأل الله العافية.
ولا يلزم المقترض أن يرد غير ما أخذ.
ولكنه ـ للأسف ـ لا يستطيع فعل ذلك، فهو مضطر إلى دفع الفائدة الربوية، فإن تاب من الربا، فليدفعها مضطراً، وليعزم على عدم العودة إلى ذلك مرة أخرى، والله تعالى يتوب على من تاب.
نسأل الله تعالى أن يحفظنا وإياك من الربا وخطره وشره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5690)
تب إلى الله ولا يلزمك التعجيل بسداد القرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت وعشت في شقة صغيرة لمدة 4 سنوات وعندما رزقت بالولد أردنا أن نستبدل شقتنا بشقة أكبر فبعت هذه الشقة ووضعت ثمنها كمقدمة50% للشقة الجديدة في مدينة جديدة وأردت أن أقسط بقية الثمن مع المدينة ولكني فوجئت أن نظام المدينة في التقسيط مجحف ولن يراعوا أني دفعت نصف ثمن الشقة وسيأخذون الفوائد على المبلغ كله فاضطررت إلى أن آخذ قرضاً من البنك بفوائد ربوية ومن يومها وأنا محتار هل ما فعلته يمكن أن يكون في بند المضطر أم لا؟ وهل إذا كان حراما فهل أبيع سيارتي القديمة لأسدد جزءا من هذا القرض على سبيل التكفير الجزئي لما اقترفته وأحاول أن اشترى سيارة بالقسط بعد مدة طالما أن القسط حلال كما قرأت، أستحلفكم بالله أعينوني فأنا أعيش في بلد دار إفتاؤه تحلل أغلب المسائل الفقهية بسهولة ويسر وعندما ذهبت إليهم أحلوا لي القرض، وأنا أعلم أنه حرام.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاقتراض من البنوك أو غيرها بنظام الفائدة هو صورة من ربا الجاهلية الذي هدمه الإسلام، وحرمه تحريما شديدا، ورتب عليه من الوعيد ما لم يرتبه على غيره من الذنوب. وشراء المنزل لا يعد ضرورة تبيح الربا؛ إذ الضرورة ما يترتب على فقدها الهلاك أو ما يقاربه، والحاجة إلى السكن يمكن دفعها بالاستئجار، أو البقاء في السكن الصغير، إلى أن يوسع الله.
وقد كان خيراً لك أن تتحمل الظلم بزيادة ثمن الشقة، بدلاً من أن تلجأ إلى التعامل بالربا. ولهذا فالواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى من هذا الذنب العظيم، والعزم على عدم العود إليه أبدا.
وراجع السؤال رقم (39829)
واعلم أنك كلما تعجلت في سداد هذا القرض فهو أفضل، حتى تتخلص من آثار الربا وشؤم عاقبته، لكن لا يلزمك ذلك، وعليه فلا يلزمك بيع سيارتك لتسدد جزءاً من الدين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5691)
حكم الصرافة والمتاجرة بالعملة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في الصرافة للأوراق النقدية؟ هل الربح الناتج عن بيع عملة نقدية بعملة نقدية أخرى حسب سعر السوق جائز؟
أيضا ما الحكم إذا قمت على سبيل المثال بتحويل ألف ريال إلى اليورو، ثم مباشرة قمت بتحويلها إلى الدولار، ثم مباشرة قمت بتحويلها إلى ريال، وأصبح معي ألف وعشرة ريالات اعتمادا على السعر العالمي لصرف العملات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاتجار في العملات على الصفة التي ذكرتها جائز؛ بشرط أن يحصل التقابض في مجلس العقد، فيجوز بيع الريال باليورو بشرط أن يتم الاستلام والتسليم في مجلس العقد، ويصح أيضاً تحويل اليورو إلى الدولار بعد ذلك بالشرط السابق، وبالتالي فالربح الذي ينتج من هذا البيع هو ربح جائز، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (1587) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/458) :
" يشترط لصرف العملات بعضها ببعض التقابض في مجلس العقد، ولا يجوز استلام بعضها وتأجيل البعض الآخر، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد) " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5692)