متى يفطر ركاب الطائرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كان مسافراً من كراتشي إلى بلده في السعودية عصر أحد أيام رمضان، وبعد فترة طيران الطائرة أعلن مضيفها أنه حان وقت الإفطار بالنسبة للتوقيت في كراتشي، ولا تزال الشمس في السماء مرئية لجميع ركاب الطائرة ويسأل عن حكم صوم من أفطر والحال ما ذكر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أجمع أهل العلم قاطبة على أن الصوم من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر من ههنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) وعلى أن لكل صائم حكم المكان الذي هو فيه، سواء كان على سطح الأرض أم على طائرة في الجو.
وعليه؛ فمن أفطر وهو في الطائرة بتوقيت بلد ما، وهو يعلم أن الشمس لم تغرب فصيامه فاسد؛ لأنه أفطر قبل غروب الشمس بالنسبة له، وعليه قضاء ذلك اليوم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن منيع.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/397، 398) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2835)
كان مرضها لا يرجى شفاؤه ثم شفاها الله منه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة منعها الأطباء من الصوم لمرض في قلبها لم يكن يرجى شفاؤه فكانت تفطر في رمضان وتخرج الفدية عن كل يوم تفطره مباشرة، ثم شاء الله بتقدم الطب أن يُجرى لها عملية جراحية في صمام القلب ونجحت العملية والحمد لله ولكن بقيت فترة من الزمن تحت المراقبة وتحت العلاج المستمر، والآن بعد أن تحسنت صحتها ومكنها الله من صيام رمضان الماضي، وهي تسأل ماذا تعمل في الأيام التي أفطرتها؟ وهل عليها أن تقضي ما فاتها من صيام ويقدر بـ 180 يوماً أي ما يعادل ستة أعوام متوالية، أم أن إخراجها الفدية في حينها يجزئها عن الصوم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يجزئها ما أخرجته من الفدية فيما مضى عن كل يوم أفطرته، ولا يجب عليها قضاء تلك الشهور؛ لأنها معذورة، وقد فعلت ما وجب عليها في حينه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/195، 196) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2836)
أمره الأطباء ألا يصوم أبداً، ثم شفي بعد خمس سنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أصابه مرض مزمن ونصحه الأطباء بعدم الصوم دائماً، ولكنه راجع أطباء في غير بلده وشفي بإذن الله بعد خمس سنوات وقد مر عليه خمس رمضانات وهو لم يصمها، فماذا يفعل بعد أن شفاه الله هل يقضيها أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الأطباء الذين نصحوه من المسلمين الموثوقين العارفين بجنس هذا المرض، وذكروا له أنه لا يرجى برؤه، فليس عليه قضاء ويكفيه الإطعام، وعليه أن يستقبل الصيام مستقبلاً" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/354، 355) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2837)
اعتمر في نهار رمضان وشعر بالتعب والمشقة فأفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ كان عمره 18 وأخت كان عمرها 17 سنة ذهبا يوما في نهار رمضان بعد الفجر وأخذا عمرة، ولكن بلغ منهم التعب والمشقة في السعي حتى ظنوا أنهم سيهلكون، فشربوا ماء وهم في السعي، فماذا عليهم أن يفعلوا لأنه مضي عليهم 3 سنوات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان أخواك قد أديا العمرة، وهما مسافران، فلا حرج عليهما في الفطر، لأن المسافر يجوز له الفطر في نهار رمضان، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
وإذا كانا غير مسافرين وأفطرا لما ذكرت من حصول التعب والمشقة وخشية الهلاك، فلا حرج عليهما في ذلك، فإن الله تعالى قد رخص للمريض في الفطر، ومن بلغ هذا المبلغ من المشقة فهو في حكم المريض.
ففي الحالين: (السفر وعدمه) لا حرج عليهما، ولا إثم، ولكن عليهما قضاء يوم مكان ذلك اليوم.
وأما العمرة فإذا كانت مستوفية لأركانها وواجباتها فهي صحيحة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2838)
سيسافر ويبقى في الخارج ثلاثة أشهر فهل يلزمه صوم رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سوف أسافر بحول الله وقوته إلى إيطاليا في مدينة ميلان وذلك لظروف العمل وإنهاء المشروع الجديد للشركة، والمدة طويلة تصل إلى 3 أشهر، وسوف يحل علينا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك هناك. سؤالي: هل يجب الصوم؟ كذلك إذا أفطرت ماذا يجب علي أن أقضى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من سافر إلى موضع، وعزم على الجلوس فيه أكثر من أربعة أيام، فإنه يكون في حكم المقيم، في قول جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، فيلزمه ما يلزم المقيم من الصوم وإتمام الصلاة.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/99) : " السفر الذي يشرع فيه الترخيص برخص السفر هو ما اعتبر سفراً عرفاً، ومقداره على سبيل التقريب مسافة ثمانين كيلو متراً، فمن سافر لقطع هذه المسافة فأكثر فله أن يترخص برخص السفر من المسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليهن، والجمع والقصر، والفطر في رمضان. وهذا المسافر إذا نوى الإقامة ببلد أكثر من أربعة أيام فإنه لا يترخص برخص السفر، وإذا نوى الإقامة أربعة أيام فما دونها فإنه يترخص برخص السفر. والمسافر الذي يقيم ببلد ولكنه لا يدري متى تنقضي حاجته ولم يحدد زمناً معيناً للإقامة فإنه يترخص برخص السفر ولو طالت المدة، ولا فرق بين السفر في البر والبحر " انتهى.
وعليه؛ فالواجب عليك أن تصوم رمضان، وأن تتم الصلاة خلال هذه المدة، إلا إذا انتقلت من مدينة إلى مدينة، وكان بينهما مسافة قصر وهي 80 كم، فيجوز لك الفطر أثناء السفر، كما يجوز لك الجمع والقصر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2839)
حكم من لم تقض ما عليها من صوم منذ عامين ولا تزال عاجزة عن القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرتْ أختى أثناء حملها منذ عامين بعض الأيام فى شهر رمضان، وهي لاتزال عاجزة عن قضائهم، فماذا يجب عليها أن تفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحامل – ومثلها المرضع – إذا خافت على نفسها، أو على جنينها: لها أن تفطر في رمضان، وعليها القضاء فحسب؛ لأنها بمنزلة المريض المعذور بمرضه. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (50005) (49848) .
ثم إن تمكنت من القضاء قبل دخول رمضان التالي وجب عليها ذلك، ولا يجوز لها التأخير حتى يدخل رمضان التالي، فإن استمر عذرها بسبب حمل جديد أو إرضاع أو مرض أو سفر حتى دخل رمضان التالي، فلا حرج عليها، ويلزمها القضاء متى تمكنت من ذلك.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
امرأة أفطرت في رمضان للنفاس، ولم تستطع القضاء من أجل الرضاع حتى دخل رمضان الثاني، فماذا يجب عليها؟ .
فأجاب:
" الواجب على هذه المرأة أن تصوم بدل الأيام التي أفطرتها، ولو بعد رمضان الثاني؛ لأنها إنما تركت القضاء بين الأول والثاني للعذر، لكن إن كان لا يشق عليها أن تقضي في زمن الشتاء ولو يوماً بعد يوم: فإنه يلزمها ذلك، وإن كانت ترضع، فلتحرص ما استطاعت على أن تقضي رمضان الذي مضى قبل أن يأتي رمضان الثاني، فإن لم يحصل لها: فلا حرج عليها أن تؤخره إلى رمضان الثاني " انتهى.
(19 / جواب السؤال رقم 360) .
وسئل رحمه الله أيضاً:
امرأة أفطرت شهر رمضان بسبب الولادة، ولم تقض ذلك الشهر، ومرَّ على ذلك زمن طويل وهي لا تستطيع الصوم، فما الحكم؟
فأجاب:
" الواجب على هذه المرأة أن تتوب إلى الله مما صنعت؛ لأنه لا يحل للإنسان أن يؤخر قضاء رمضان إلى رمضان آخر إلا لعذرٍ شرعي، فعليها أن تتوب، ثم إن كانت تستطيع الصوم ولو يوماً بعد يوم: فلتصم، وإن كانت لا تستطيع: فيُنظر، إن كان لعذر مستمر: أطعمت على كل يومٍ مسكيناً، وإن كان لعذر طارىء يرجى زواله: انتظرت حتى يزول ذلك العذر، ثم قضت ما عليها " انتهى.
(19 / جواب السؤال رقم 361) .
والسائلة لم تبين سبب عجز أختها عن القضاء، فإن كان العجر مؤقتاً ويرجى زواله (حمل أو إرضاع أو مرض) فعليها القضاء إذا تمكنت من ذلك.
وإن كان العجز دائماً بسبب مرض مزمن لا يرجى حصول الشفاء منه، فلا قضاء عليها، وعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2840)
أجبرها أهلها على الإفطار لمرضها فهل يأثمون؟ وهل تصوم إذا أرادت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خالتي أصيبت بحادثة عندما كانت طفلة صغيرة، وقد فقدت إحدى عينيها، وقد قرر الأطباء أن لا تبكي هذه الطفلة، ولا تجوع؛ لأنه قد يؤثر على عينها، فقام والدها بمنعها من الصيام عندما أصبح الصيام واجباً عليها حسب تقرير الطبيب، وهي امرأة محافظة على دينها جدّاً، فبعد زواجها رأت أن الصيام لا يؤثر عليها فكانت تصوم. السؤال: هي الآن تصوم في أغلب أيامها؛ لكي لا يكون على أبيها عذاب، فهي كانت تحب أباها جدّاً - رحمه الله -، وهي تسأل فضيلتكم: هل على والديها شيء من الحرام؟ وهل يجب عليها أن تصوم كل شهور الصيام التي فاتتها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المرض من الأعذار المبيحة للفطر، قال تعالى: (وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
ويدور حكم الصيام للمريض بين الكراهة والتحريم، فيُكره إذا شق عليه الصيام مع مرضه، ويحرم إذا كان الصوم يضره.
وينظر تفصيل ذلك: في جوابي السؤالين: (50555) و (38532) .
ولا يفطر المريض إلا بشهادة طبيب ثقة من ذوي الاختصاص بالمرض نفسه، وبعض العلماء يشترط أن يكون مسلماً.
ومن أفطر بناء على كلام الطبيب , فلا حرج عليه، فإن كان مرضاً مزمناً – مستمراً -: فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، ومن كان مرضه مؤقتاً: فيفطر، ويقضي بعد شفائه.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"إذا قرَّر الأطباء المختصون أن مرضك هذا من الأمراض التي لا يُرجى برؤها: فالواجب عليك إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان، ولا صوم عليك، ومقدار ذلك نصف صاع من قوت البلد، من تمر، أو أرز، أو غيرهما، وإذا غديتَه أو عشيتَه: كفى ذلك، أما إن قرروا أنه يرجى برؤه: فلا يجب عليك إطعام، وإنما يجب عليك قضاء الصيام إذا شفاك الله من المرض، لقول الله سبحانه: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) .
وأسأل الله أن يمنَّ عليك بالشفاء من كل سوء، وأن يجعل ما أصابك طهوراً وتكفيراً من الذنوب، وأن يمنحك الصبر الجميل، والاحتساب، إنه خير مسئول " انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (15 / 221) .
والذي يظهر لنا من السؤال أن والد المريضة لا يأثم , لأنه إنما ألزمها بالفطر بناءً على كلام الأطباء.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
مرضتُ بمرض الكلى، وأُجريت لي عمليتان، ونصحني الأطباء أن أشرب الماء ليلاً ونهاراً، وبما لا يقل عن لترين ونصف يوميّاً، كما أخبروني أن الصيام والكف عن شرب الماء ثلاث ساعات متتالية يعرضني للخطر، هل أعمل بكلامهم، أو أتوكل على الله، وأصوم مع أنهم يؤكدون بأن عندي استعداداً لتخلق الحصى، أو ماذا أفعل؟ وإذا لم أصم فما الكفارة التي عليَّ دفعها؟ .
فأجابوا:
" إذا كان الأمر كما ذكرت، وكان هؤلاء الأطباء حذَّاقا بالطب: فالمشروع لك أن تفطر؛ محافظة على صحتك؛ ودفعاً للضرر عن نفسك، ثم إن عوفيت وقويت على القضاء دون حرج: وجب القضاء، وإن استمر بك ما أصابك من المرض، أو الاستعداد لتخلق الحصى عند عدم تتابع شرب الماء، وقرر الأطباء أن ذلك لا يُرجى برؤه: وجب عليك أن تُطعم عن كل يوم أفطرته مسكيناً " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن منيع.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 179، 180) .
وإذا شعرت الأخت المريضة بقدرتها على الصيام دون أن يكون لذلك تأثير على عينها: فإنه لا حرج عليها بالصوم، لكن ينبغي أن يكون ذلك باستشارة أطباء ثقات؛ خشية أن تغتر بظاهر حالها، ويكون لذلك الصوم تأثير على صحة عينها.
وأما قضاؤها الأيام التي أفطرتها فيما سبق , فالذي يظهر أنه لا يلزمها ذلك , ويكفيها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً , لأنها إنما أفطرت بناءً على قول الطبيب.
وقد سئل الشيخ بن باز رحمه الله عن شخص أصابه مرض مزمن ونصحه الأطباء بعدم الصوم دائماً ولكنه راجع أطباء في غير بلده وشفي بإذن الله , وقد مر عليه خمس رمضانات وهو لم يصمها , فماذا يفعل بعد أن شفاه الله , هل يقضيها أم لا؟
فأجاب:
" إذا كان الأطباء الذين نصحوه بعدم الصوم دائما أطباء من المسلمين، الموثوقين، العارفين بجنس هذا المرض، وذكروا له أنه لا يرجى برؤه: فليس عليه قضاء، ويكفيه الإطعام، وعليه أن يستقبل الصيام مستقبلاً ".
" فتاوى الشيخ ابن باز " (15 / 355) .
والخلاصة:
ليس على والديها حرج فيما فعلاه من جعل ابنتهم تفطر؛ بناءً على كلام الأطباء، وعليها فدية إطعام مسكين مقابل كل يوم أفطرته بعد بلوغها، وإذا حكم الأطباء الثقات المختصون أنها قادرة الآن على الصوم من غير مشقة ولا مضرة وجب عليها صوم رمضان , ولا عذر لها في الفطر , وإن أرادت التطوع بالصيام فلا حرج عليها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2841)
هل الأفضل للمريض أن يفطر في رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هي الأفضل للمريض أن يفطر، أو الأفضل أن يتحمل المشقة ويصوم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المريض يشق عليه الصوم فالأفضل له أن يفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها.
ولا يستحب له أن يصوم مع المشقة.
والدليل على ذلك:
1- روى أحمد (5832) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ) ، وصححه الألباني في إرواء الغليل (564)
2- روى البخاري (6786) ومسلم (2327) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا خُيِّرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرهمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا , فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاس مِنْهُ.
قال النووي رحمه الله:
فِيهِ: اِسْتِحْبَاب الأَخْذ بِالأَيْسَرِ وَالأَرْفَق مَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا اهـ.
بل يكره للمريض أن يصوم مع مشقة الصيام عليه، وقد يكون صومه حراماً إذا خشي أن يحصل له ضرر بسبب الصوم.
قال القرطبي رحمه الله (2/276) :
للمريض حالتان:
إحداهما: ألا يطيق الصوم بحال، فعليه الفطر واجبا.
الثانية: أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة، فهذا يستحب له الفطر ولا يصوم إلا جاهل اهـ.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/404) :
فإن تحمل المريض وصام مع هذا، فقد فعل مكروهاً، لما يتضمنه من الإضرار بنفسه، وتركه تخفيف الله تعالى، وقبول رخصته اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/352) :
وبهذا نعرف خطأ بعض المجتهدين والمرضى الذين يشقّ عليهم الصوم وربّما يضرّهم، ولكنهم يأبون أن يفطروا، فنقول: إن هؤلاء قد أخطأوا حيث لم يقبلوا كرم الله عز وجل، ولم يقبلوا رخصته، وأضرّوا بأنفسهم، والله عز وجل يقول: (ولا تقتلوا أنفسكم) النساء / 29. اهـ.
راجع السؤال رقم (1319) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2842)
حكم صيام الحامل التي تتضرر بالصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الحامل أن تصوم رمضان وعاشوراء؟
نصحت زوجتي بأن لا تصوم خلال رمضان وهي لم تفعل لأنها كانت حاملاً، كانت ضعيفة ولديها فقر دم أثناء الحمل.
أجهضت في نهاية رمضان وهي في الأسبوع الثاني عشر (الشهر الثالث) ، فما هو الحكم بالنسبة للأيام التي أفطرت فيها من رمضان؟ هل يجب أن تقضيهما قبل رمضان القادم؟
هل يمكن أن تصوم كالمعتاد إذا كانت حامل؟
تصر دائماً على الصيام أثناء الحمل، أي إثبات طبي أن الصيام لن يؤذي الجنين أثناء الحمل سيساعد في هذا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وبعد: فهذا السؤال يتضمن ثلاثة أمور:
الأول: حكم إفطار الحامل في رمضان. الثاني: ما يترتب على الإجهاض في رمضان. الثالث: حكم القضاء بعد رمضان.
ـ فأما بالنسبة للحامل: فيَجُوزُ لها أَنْ تُفْطِرَ إنْ خَافَتْ ضَرَرًا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى نَفْسِهَا أو على نفسها وَوَلَدِهَا , وَيَجِبُ ذَلِكَ إذَا خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى , وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ بِلا فِدْيَةٍ , وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. لقوله تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم " وقوله: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ". وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ في هذه الحال ; لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ.
وإن خافت على جنينها فقط؛ فذهب بعض العلماء إلى: أنه يجوز لها الفطر، ويلزمها القضاء والفدية (وهي إطعام مسكين عن كل يوم) . لِمَا ورد َ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قَالَ: كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا قَالَ أَبُو دَاوُد يَعْنِي عَلَى أَوْلادِهِمَا أَفْطَرَتَا (أخرجه أبو داود 1947) وصححه الألباني في الإرواء (4 / 18، 25) .
(انظر الموسوعة الفقهية 16 / 272)
وبهذا يتضح أن المرأة إذا كان صيامها سيضرها أو يضر جنينها هذا الضرر البالغ فيجب عليها الفطر، على أن يكون الطبيب الذي يقرر الضرر طبيبا موثوقا في قوله.
ـ هذا فيما يتعلق بالفطر في رمضان. وأما عاشوراء فصيامه ليس بواجب بالإجماع بل هو مستحب. ولا يجوز للمرأة أن تصوم النافلة وزوجها حاضر إلا بإذنه وإذا منعها من الصوم لزمها طاعته وخصوصاً إذا كان في ذلك مصلحة للجنين.
ـ وأما بالنسبة للإجهاض: " فإذا كان الواقع كما ذكرت من إسقاطها الحمل في الشهر الثالث من حملها، فلا يعتبر الدم الذي يخرج منها دم نفاس , بل هو دم استحاضة، لأن ما نزل منها إنما هو علقة لا يتبين فيها خلق آدمي، وعلى ذلك فإنها تصلي وتصوم ولو كانت ترى الدم، لكن تتوضأ لكل صلاة، وعليها أن تقضي ما أفطرته من أيام، وما تركته من صلوات. " (انظر فتاوى اللجنة الدائمة 10 / 218)
ـ وأما قضاء ما فاتها من أيام: " فيلزم كل من عليه أيام من رمضان أن يقضيها قبل رمضان القادم، وله أن يؤخر القضاء إلى شعبان، فإن جاء رمضان الثاني ولم يقضها من غير عذر أثم بذلك، وعليه القضاء مستقبلاً مع إطعام مسكين عن كل يوم، كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومقدار الطعام نصف صاع عن كل يوم من قوت البلد، يدفع لبعض المساكين ولو واحداً. أما إن كان معذوراً في التأخير لمرض أو سفر فعليه القضاء فقط، ولا إطعام عليه، لعموم قوله سبحانه: (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدّة من أيام أخر) والله الموفق ". (فتاوى الشيخ ابن باز 15 /340) .
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2843)
لا تستطيع الصوم إلا باستعمال العقاقير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لا تستطيع الصوم إلا بالعقاقير وإلا تصاب بصداع نصفى شديد يؤدى أحيانا للغثيان , وخوفا من الوقوع في هذا ومنذ الصغر لا ترد الأيام التي تفطر فيها، علماً أن الحالة هي هي، لأنها مصابة بالحساسية. هل يمكنها أن تفدي الأيام التي أفطرتها بالصدقة على المساكين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الصوم يشق عليها فيجوز لها الفطر، ولا يلزمها استعمال العقاقير لتتمكن من الصوم؛ لأن المكلف لا يلزمه تحصيل شرط الوجوب.
فإن أخبرتها طبيبة ثقة أن مرضها يرجى شفاؤه، فالواجب عليها قضاء الأيام التي أفطرتها، ولا يجزئها الإطعام وهي تقدر على القضاء.
وأما إن أخبرتها الطبيبة بأن حالتها هذه لا يرجى تغيرها، وأن الصوم يؤدي إلى إصابتها بالصداع النصفي الشديد دائما، فإنها تفطر وتخرج الفدية عن الأيام التي لم تصمها.
وعليها أن تجتهد في تقدير الأيام التي أفطرتها منذ بلوغها، وتخرج الفدية عنها.
والأصل في جواز الفطر للمرض قوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185. وهذه الآية في المريض الذي يستطيع القضاء فيما بعد.
وأما إن كان المرض لا يرجى شفاؤه - في تقدير الأطباء - فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا، نصف صاع من الأرز ونحوه [أي: كيلو ونصف تقريباً] ، وهو في ذلك ملحق بالشيخ الكبير الذي لا يقدر على الصوم، وفيه قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/184.
روى البخاري (4505) عَنْ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) .
وقال النووي رحمه الله: " قال الشافعي والأصحاب: الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم أي يلحقه به مشقة شديدة , والمريض الذي لا يرجى برؤه لا صوم عليهما بلا خلاف , وسيأتي نقل ابن المنذر الإجماع فيه , ويلزمهما الفدية في أصح القولين " انتهى من "المجموع" (6/261) .
ونسأل الله تعالى لها الشفاء والعافية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2844)
مريضة ولا تعقل ولا تعي ما حولها، فهل عليها إطعام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت مريضة من ثلاث سنوات وهذه السنة والتي فاتت لم تصم، مرضها طبيا ضمور بالمخ ولا يرجى برؤه لا تتكلم ولا تعقل ولا تعي ما حولها لا تعرف سوا أسماءنا واسمها واسم بنتها..لا تتحكم بنفسها أقرب للمجنونة.. هي بسريرها دائما لا تصلي لأنها لا تعي أي شيء.. في حالتها ما هو حكم الشرع بالنسبة لعدم صيامها؟ وإذا كان إطعام مسكين كم يعني بالريال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشترط لوجوب الصيام: العقل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنْ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ) رواه أبو داود (4399) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
فما دامت أختك قد وصلت إلى هذه الحال من عدم العقل والتمييز فلا يجب عليها الصيام، وليس عليها قضاء ولا إطعام.
والصلاة كالصوم، فلا تجب عليها الصلاة.
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/202) :
" كل من ليس له عقل فإنه ليس بمكلف، وليس عليه واجب من واجبات الدين لا صلاة ولا صيام ولا إطعام، أي: لا يجب عليه شيء إطلاقاً، وعليه فالمهذري أي المخرف لا يجب عليه صوم ولا إطعام لفقد الأهلية وهي العقل " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2845)
ما هو المرض الذي يبيح للصائم أن يفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المرض الذي يبيح للإنسان أن يفطر في رمضان؟ هل يجوز الإفطار بأي مرض ولو كان خفيفاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب أكثر العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن المريض لا يجوز له أن يفطر في رمضان إلا إذا كان مرضه شديداً.
والمراد بالمرض الشديد:
1- أن يزداد المرض بسبب الصوم.
2- أن يتأخر الشفاء بسبب الصوم.
3- أن تصيبه مشقة شديدة، وإن لم تحصل له زيادة في المرض ولا تأخر للشفاء.
4- وألحق به العلماء من يخشى حصول المرض بسبب الصيام.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/403) :
(وَالْمَرَضُ الْمُبِيحُ لِلْفِطْرِ هُوَ الشَّدِيدُ الَّذِي يَزِيدُ بِالصَّوْمِ أَوْ يُخْشَى تَبَاطُؤُ بُرْئِهِ. قِيلَ لأَحْمَدَ: مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ؟ قَالَ: إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ. قِيلَ: مِثْلُ الْحُمَّى؟ قَالَ: وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنْ الْحُمَّى! . . .
وَالصَّحِيحُ الَّذِي يَخْشَى الْمَرَضَ بِالصِّيَامِ , كَالْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ زِيَادَتَهُ فِي إبَاحَةِ الْفِطْرِ ; لأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ خَوْفًا مِمَّا يَتَجَدَّدُ بِصِيَامِهِ , مِنْ زِيَادَةِ الْمَرَضِ وَتَطَاوُلِهِ , فَالْخَوْفُ مِنْ تَجَدُّدِ الْمَرَضِ فِي مَعْنَاهُ) اهـ.
قال النووي في "المجموع" (6/261) :
(الْمَرِيضُ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ لا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ. . . وَهَذَا إذَا لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِالصَّوْمِ وَلا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى حَالَةٍ لا يُمْكِنُهُ فِيهَا الصَّوْمُ , بَلْ قَالَ أَصْحَابُنَا: شَرْطُ إبَاحَةِ الْفِطْرِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِالصَّوْمِ مَشَقَّةٌ يُشَقُّ احْتِمَالُهَا) اهـ
وذهب بعض العلماء إلى أنه يجوز الفطر لكل مريض وإن لم تحصل له مشقة بسب الصوم.
وهو قول شاذ ردَّه جمهور العلماء.
قال النووي:
وَأَمَّا الْمَرَضُ الْيَسِيرُ الَّذِي لا يَلْحَقُ بِهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفِطْرُ بِلا خِلَافٍ عِنْدَنَا اهـ المجموع (6/261) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
المريض الذي لا يتأثّر بالصوم، مثل الزكام اليسير، أو الصداع اليسير، ووجع الضرس، وما أشبه ذلك، فهذا لا يحلّ له أن يُفطر، وإن كان بعض العلماء يقول: يحلّ له للآية (ومن كان مريضاً) البقرة/185، ولكننا نقول: إن هذا الحكم معلّل بعلّة وهي أن يكون الفطر أرفق به، أما إذا كان لا يتأثّر فإنّه لا يجوز له الفطر، ويجب عليه الصوم اهـ. الشرح الممتع (6/352) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2846)
الإفطار من أجل العروض العسكرية والمسيرات، وبسبب خوف الهلاك
[السُّؤَالُ]
ـ[خرجنا في رمضان في مسيرة عسكرية في فلسطين، أو عرض عسكري، ما يقارب أربع ساعات سيراً على الأقدام، بالنهاية عدنا ونحن على وشك الهلاك، هناك من أفطر لأنه لم يحتمل التعب وبدا الهلاك عليه واضحاً، هل ما فعله من أفطروا من الشباب خطأ؟ وما هو الحل إذا كان خطأ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يرينا في اليهود الغاصبين لأرض المسلمين يوم ذل، وأن يعز دينه، ويَرجع الحق لأهله، كما نسأله تعالى أن يتقبل من مات مدافعاً عن دينه وعرضه وأرضه من المسلمين شهيداً، ونسأله تعالى أن يوفق المجاهدين والعاملين لخدمة الإسلام ونصرة المستضعفين.
ثانياً:
الإفطار في نهار رمضان لأصحاب الأعذار الشرعية لا شك في جوازه، بل قد يكون واجباً في بعض الأحيان، ومن ذلك: الإفطار عند ملاقاة العدو، أو قبله استعداداً للقائه ومحاربته، وقد ثبت في السنَّة الصحيحة ما يدل على وجوب ذلك.
فعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ - يعني: في فتح مكة - وَنَحْنُ صِيَامٌ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَكَانَتْ رُخْصَةً، فَمِنَّا مَنْ صَامَ، وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلا آخَرَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَأَفْطِرُوا، وَكَانَتْ عَزْمَةً، فَأَفْطَرْنَا رواه مسلم (1120) .
وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم (12641) .
فإذا كان ما فعلتموه هو من التدريب المتحتم للقاء العدو اليهودي: فإنه يجوز لمن أراد لقاء العدو أن يستعين بالفطر ويتقوى به للمنازلة والمحاربة، وأما إن كان ما فعلتموه هو من التدريب الذي يمكن تأجيله، أو من العرض الذي لا يكون بعده لقاء للعدو: فلا يظهر أنه يجوز لكم الفطر، وينبغي التفريق بين الحالين، ولا يجوز الخلط بينهما؛ فالحال الأولى التي يجوز فيها الإفطار أو يجب: هي الحال التي يكون فيها يقين أو غلبة ظن لقاء العدو، وأما الحال الثانية والتي لا يجوز فيها الفطر: فهي العروض العسكرية، أو التدريبات التي لا يكون فيها استعداد لمواجهة قريبة مع العدو، أو يمكن تأجيلها إلى ما بعد المغرب حتى يستطيع الجندي الجمع بينها وبين الصيام.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ومثلُ ذلك مَن احتاجَ إلى الْفِطرِ للتَّقَوِّي به على الْجهادِ في سبيل الله في قِتَاله الْعَدُوَّ: فإنه يُفْطر، ويقضي ما أفطَر، سواء كان ذلك في السفر، أو في بلده، إذا حضره العَدُوُّ؛ لأنَّ في ذلك دفاعاً عن المسلمينَ، وإعلاءً لكلمة الله عزَّ وجَلَّ، وفي صحيح مسلمٍ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: سافَرْنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى مكةَ ونحنْ صيامٌ ... – وساق الحديث - ففي هذا الحديث إيماءٌ إلى أن القوةَ على القتال سببٌ مُستقِلٌ غيرُ السفرِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم جعل عِلَّةَ الأمْرِ بالفِطر القُوَّةَ على قتالِ العدُوِّ دونَ السفرِ، ولذلِك لم يأمرهم بالفِطر في المنزَلِ الأوَّل.
" مجالس شهر رمضان " (المجلس الثامن) .
وفي " الموسوعة الفقهية " (28 / 57) :
وألحقوا بإرهاق الجوع والعطش: خوف الضّعف عن لقاء العدوّ المتوقّع، أو المتيقّن، كأن كان محيطاً، فالغازي إذا كان يعلم يقيناً أو بغلبة الظّنّ القتال بسبب وجوده بمقابلة العدوّ، ويخاف الضّعف عن القتال بالصّوم، وليس مسافراً: له الفطر قبل الحرب....
وقال البهوتيّ: ومن قاتل عدوّاً، أو أحاط العدوّ ببلده، والصّوم يضعفه عن القتال: ساغ له الفطر بدون سفر، لدعاء الحاجة إليه. انتهى.
ثالثاً:
وإذا غلب على ظن الذين أفطروا معكم أنهم يستطيعون الصيام، ولذا فقد شاركوا في المسيرة والعرض، ثم شقَّ عليهم الصيام حتى خافوا على أنفسهم الهلاك: جاز لهم الفطر، بل وجب عليهم، على أن يكون الفطر بقدر ما يرفع خشية الهلاك، ويلزمهم الإمساك بعدها إلى المغرب، وعليهم قضاء ذلك اليوم، وعدم العود لذلك الفعل إن لم يكن لهم فيه رخصة.
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا احتاج الصائم إلى الفطر في أثناء اليوم، ولو لم يفطر خاف على نفسه الهلاك: يفطر في وقت الضرورة، وبعد تناوله لما يسد رمقه يمسك إلى الليل، ويقضي هذا اليوم الذي أفطره بعد انتهاء رمضان لعموم قوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ، وقوله تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) .
" مجلة البحوث الإسلامية " (24 / 67) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ما حكم من أفسد صومه الواجب بسبب العطش؟ .
فأجاب:
حُكمه أنه يحرم على من كان في صوم واجب، سواء من رمضان أو قضائه، أو كفارة، أو فدية، يحرم عليه أن يفسد هذا الصوم، لكن إن بلغ به العطش إلى حد يخشى عليه من الضرر، أو من التلف: فإنه يجوز له الفطر، ولا حرج عليه، حتى ولو كان ذلك في رمضان، إذا وصل إلى حد يخشى على نفسه الضرر، أو الهلاك: فإنه يجوز له أن يفطر.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 149) .
وفي " الموسوعة الفقهية " (28 / 56) :
"من أرهقه جوع مفرط، أو عطش شديد، فإنّه يفطر ويقضي.
وقيّده الحنفيّة بأمرين:
الأوّل: أن يخاف على نفسه الهلاك، بغلبة الظّنّ، لا بمجرّد الوهم، أو يخاف نقصان العقل، أو ذهاب بعض الحواسّ، كالحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما الهلاك، أو على أولادهما.
قال المالكيّة: فإن خاف على نفسه حرُم عليه الصّيام؛ وذلك لأنّ حفظ النّفس والمنافع واجب.
الثّاني: أن لا يكون ذلك بإتعاب نفسه" انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2847)
مقدار الفدية لمن عجز عن الصوم لكبر أو مرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطر والدي شهر رمضان كاملا لعدم قدرته على الصيام لكبر سنه ومرضه ثم توفي دون أن يقضي صيام ذلك الشهر فكفرنا عنه عن طريق إخراج المال للفقراء ثم سمعنا بأن الكفارة لا تجزئ إلا بالإطعام فهل نعيد إخراج الكفارة عنه وكم مقدارها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على أنه لا يجزئ إخراج النقود في فدية الصوم، والواجب أن تخرج طعاما.
لقوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/184
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) رواه البخاري (4505) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/198) : " ومتى قرر الأطباء أن هذا المرض الذي تشكو منه، ولا تستطيع معه الصوم لا يرجى شفاؤه، فإن عليك أن تطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره عن الشهور الماضية والمستقبلة، وإذا عشيت مسكينًا أو غديته بعدد الأيام التي عليك كفى ذلك أما النقود فلا يجزئ إخراجها " انتهى.
فيخرج الكبير أو المريض الذي لا يرجى شفاؤه عن كل يوم طعام مسكين، نصف صاع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك من قوت البلد. وهو ما يعادل كيلو ونصفا تقريبا. ينظر: "فتاوى رمضان" ص (545) .
وله أن يخرجها جميعا في آخر الشهر، خمسة وأربعين كيلو جراماً من الأرز مثلا، وإن صنع طعاما ودعا إليه المساكين كان حسنا، لفعل أنس رضي الله عنه.
ثانيا:
إذا كنتم أخرجتم الفدية نقودا اعتمادا على قول من يفتي بذلك من العلماء، فلا يلزمكم إعادتها، وإن كنتم فعلتم ذلك بأنفسكم، فالواجب إعادة إخراجها، وهو الأحوط والأبرأ لوالدكم، رحمه الله وغفر له.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2848)
إذا كان مرضه لا يرجى برؤه ففدى ثم عافاه الله فهل يقضي الصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسبب مرضي بقرح في معدتي أجبرت على الإفطار في رمضان لمدة سنوات لا أحصي عددها وأديت الفدية وبعد أن تعافيت والحمد لله هل يجب علي القضاء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
أباح الله تعالى للمريض أن يفطر في رمضان، ويقضي أياما أخر، كما قال سبحانه: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
هذا إذا كان المرض يرجى برؤه وزواله، وأما إن كان المرض لا يرجى برؤه – في تقدير الأطباء – فإنه يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (37761) .
ثانيا:
إذا أفطر المريض، وكان مرضه مما لا يرجى برؤه، وأطعم عن كل يوم مسكيناً، ثم عافاه الله، فلا يلزمه القضاء؛ لأنه أدى ما عليه، وبرئت ذمته بذلك. وانظر: "الإنصاف" (3/285) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: إذا برىء شخص من مرض سبق أن قرر الأطباء استحالة شفائه منه، وكان ذلك بعد مضي أيام من رمضان فهل يطالب بقضاء الأيام السابقة؟
فأجاب: " إذا أفطر شخص رمضان أو من رمضان لمرض لا يرجى زواله: إما بحسب العادة، وإما بتقرير الأطباء الموثوق بهم، فإن الواجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا، فإذا فعل ذلك وقدر الله له الشفاء فيما بعد، فإنه لا يلزمه أن يصوم عما أطعم عنه، لأن ذمته برئت بما أتى به من الإطعام بدلا عن الصوم.
وإذا كانت ذمته قد برئت فلا واجب يلحقه بعد براءة ذمته، ونظير هذا ما ذكره الفقهاء رحمهم الله في الرجل الذي يعجز عن أداء فريضة الحج عجزا لا يرجى زواله، فيقيم من يحج عنه ثم يبرأ بعد ذلك، فإنه لا تلزمه الفريضة مرة ثانية " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/126) .
هذا ونحمد الله تعالى أن شفاك وعافاك، ونسأله لنا ولك المزيد من فضله وإحسانه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2849)
إذا قدم المسافر مفطراً لم يلزمه الإمساك
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مسافراً وأفطرت بسبب السفر ثم رجعت إلى بلدي وأنا مفطر، فهل يجوز لي الأكل والشرب وأنا في بلدي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا قدم المسافر مفطراً، أو طهرت المرأة من الحيض، أو برئ المريض أثناء النهار، فقد اختلف العلماء هل يلزمهم الإمساك أم لا؟
فذهب جمهور العلماء إلى أنهم لا يلزمهم الإمساك لأنهم أفطروا بعذر.
ولكنهم لا يفطرون جهراً أمام من لا يعرف عذرهم حتى لا يكون ذلك سبباً لإساءة الظن بهم.
انظر: "المجموع" (6/167، 168، 173) .
قال ابن قدامة في "المغني":
"فَأَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا , كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمُسَافِرِ , وَالصَّبِيِّ , وَالْمَجْنُونِ , وَالْكَافِرِ , وَالْمَرِيضِ , إذَا زَالَتْ أَعْذَارُهُمْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ , فَطَهُرَتْ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ , وَأَقَامَ الْمُسَافِرُ , وَبَلَغَ الصَّبِيُّ , وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ , وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ , وَصَحَّ الْمَرِيضُ الْمُفْطِرُ , فَفِيهِمْ رِوَايَتَانِ ; إحْدَاهُمَا , يَلْزَمُهُمْ الْإِمْسَاكُ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. . . وَالثَّانِيَةُ , لا يَلْزَمُهُمْ الإِمْسَاكُ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ , وَالشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ" اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: سمعت أنكم أفتيتم للحائض إذا طهرت في نهار رمضان أنها تأكل وتشرب ولا تمسك بقية يومها، وكذلك المسافر إذا قدم للبلد في النهار فهل هذا صحيح؟ وما وجه ذلك؟
فأجاب:
"نعم، ما سمعته من أني ذكرت أن الحائض إذا طهرت في أثناء اليوم لا يجب عليها الإمساك، وكذلك المسافر إذا قدم، فهذا صحيح عني، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله وهو مذهب مالك والشافعي رحمهما الله.
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (من أكل أول النهار فليأكل آخره) ، وروي عن جابر بن يزيد وهو أبو الشعثاء أحد أئمة التابعين الفقيه أنه قدم من سفر فوجد امرأته طاهراً من الحيض في ذلك اليوم فجامعها، ذكر هذين الأثرين في المغني، ولم يتعقبهما.
ولأنه لا فائدة من الإمساك، لأنه لا يصح صيام ذلك اليوم إلا من الفجر.
ولأن هؤلاء يباح لهم الفطر أول النهار ظاهراً وباطناً مع علمهم بأنه رمضان، والله إنما أوجب الإمساك من أول النهار من الفجر، وهؤلاء في ذلك الوقت ليسوا من أهل الوجوب، فلم يكونوا مطالبين بالإمساك المأمور به.
ولأن الله إنما أوجب على المسافر وكذلك الحائض عدةً من أيام أخر، بدلاً عن التي أفطرها، ولو أوجبنا عليه الإمساك لأوجبنا عليه أكثر مما أوجبه الله؛ لأننا حينئذ أوجبنا إمساك هذا اليوم مع وجوب قضائه، فأوجبنا عليه أمرين مع أن الواجب أحدهما، وهو القضاء عدة من أيام أخر وهذا من أظهر الأدلة على عدم الوجوب. . . ولكن ينبغي أن لا يظهر الأكل والشرب علناً إذا كان في ذلك مفسدة" اهـ.
"فتاوى الصيام" (ص 102) .
وقال النووي في "المجموع" (6/174) :
"إذَا قَدِمَ الْمُسَافِرُ فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ وَهُوَ مُفْطِرٌ , فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ طَهُرَتْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ بَرَأَتْ مِنْ مَرَضٍ وَهِيَ مُفْطِرَةٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَلا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا بِلا خِلَافٍ" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2850)
يعملون في الأعمال الشاقة كصهر المعادن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع الإسلامي في حالة العمال الذين يعملون في أعمال مرهقة بدنياً خاصة في شهور الصيف، أعطي مثالاً لمن يعملون أمام أفران صهر المعادن، هل يجوز لهؤلاء أن يفطروا في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن صيام شهر رمضان فرض على كل مكلف وركن من أركان الإسلام، فعلى كل مكلف أن يحرص على صيامه تحقيقاً لما فرض الله عليه، رجاء ثوابه وخوفاً من عقابه دون أن ينسى نصيبه من الدنيا، ودون أن يؤثر دنياه على أخراه، وإذا تعارض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عمله لدنياه وجب عليه أن ينسق بينهما حتى يتمكن من القيام بهما جميعاً ففي المثال المذكور في السؤال يجعل الليل وقت عمله لدنياه، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب، فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع بين أداء الواجبين. ولا يُؤثر جانب دنياه على جانب آخرته، فالعمل كثير وطرق كسب المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة، ولن يعدم المسلم وجهاً من وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً} الطلاق / 2.
وعلى تقدير أنه لم يجد عملاً دون ما ذُكر مما فيه حرج، فليفر بدينه من تلك الأرض إلى أرض يتيسر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه ويتعاون فيه مع المسلمين على البر والتقوى فأرض الله واسعة، قال الله تعالى: {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة} النساء / 100
وقال تعالى: {قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} الزمر / 10.
فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون وقوعه في الحرج ثم يمسك وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 233 - 234.(5/2851)
معنى حديث: (ليس من البر الصوم في السفر)
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس من البر الصوم في السفر) . فهل معنى ذلك أنه لا يصح للمسافر أن يصوم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: سبق في إجابة السؤال رقم (20165) أن الصوم في السفر له ثلاث حالات:
الأولى: إذا لم يشق عليه الصوم، فالصوم أفضل.
الثانية: إذا شق عليه الصوم، فالفطر أفضل.
الثالثة: إذا تضرر بالصوم أو خاف الهلاك، فالصوم حرام، ويجب عليه أن يفطر.
وسبقت أدلة ذلك من السنة.
ثانياً: هذا الحديث الذي أشار إليه السائل ينطبق على الحال الثالثة، وإذا عرفنا سياق الحديث وسبب وروده اتضح ذلك.
روى البخاري (1946) ومسلم (1115) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: صَائِمٌ. فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ.
قال السندي:
قَوْله (لَيْسَ مِنْ الْبِرّ إِلَخْ) أَيْ مِنْ الطَّاعَة وَالْعِبَادَة اهـ
قال النووي:
مَعْنَاهُ: إِذَا شَقَّ عَلَيْكُمْ وَخِفْتُمْ الضَّرَر , وَسِيَاق الْحَدِيث يَقْتَضِي هَذَا التَّأْوِيل. . . فالْحَدِيث فِيمَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ اهـ
وهذا المعنى هو الذي فهمه البخاري رحمه الله من الحديث، فإنه ترجم له بقوله:
بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ الْحَرُّ لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ اهـ
قال الحافظ:
أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَنَّ سَبَب قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ " مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَشَقَّةِ اهـ
وقال ابن القيم في تهذيب السنن:
وَأَمَّا قَوْله: "لَيْسَ مِنْ الْبِرّ الصِّيَام فِي السَّفَر" , فَهَذَا خَرَجَ عَلَى شَخْص مُعَيَّنٍ , رَآهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ , وَجَهِده الصَّوْم , فَقَالَ هَذَا الْقَوْل , أَيْ: لَيْسَ الْبِرّ أَنْ يُجْهِد الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ حَتَّى يَبْلُغ بِهَا هَذَا الْمَبْلَغ , وَقَدْ فَسَّحَ اللَّه لَهُ فِي الْفِطْر اهـ
ثالثاً: لا يمكن حمل هذا الحديث على عمومه وأنه ليس من البر الصوم في أي سفر من الأسفار لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم في السفر.
ولهذا قال الخطابي رحمه الله:
هَذَا كَلَام خَرَجَ عَلَى سَبَب فَهُوَ مَقْصُور عَلَى مَنْ كَانَ فِي مِثْل حَاله كَأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ مِنْ الْبِرّ أَنْ يَصُوم الْمُسَافِر إِذَا كَانَ الصَّوْم يُؤَدِّيه إِلَى مِثْل هَذِهِ الْحَال , بِدَلِيلِ صِيَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَره عَام الْفَتْح اهـ من عون المعبود
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2852)
مريضة وتشعر بنزول دم في حلقها فماذا تصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مصابة بمرض " تكسر خلايا الدم "، وعند صومها تشعر بطعم دم في حلقها وتتعرض لهذا الأمر ليس بشكل دائم ولكن غالباً، وعندما تقضي صومها يحصل لها نفس الأمر، فما عساها أن تفعل في صومها؟ وهل يفطِّر طعم الدم في الحلق أو إذا دخل منه شيء غلبة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي أن يعلم المريض الذي رُخص له بالإفطار أنه يُكره له الصوم إن كان يشق عليه، ويحرم عليه إن كان يضره، وقد رخص الله تعالى له بالفطر فلا يجوز له أن يشق على نفسه، ولا يحل له التسبب بضرر نفسه.
وبلع الدم من المفطرات، لكن من دخل في حلقه شيء من الدم بغير اختيار ولا قصد فلا شيء عليه ولا يفطر بذلك، فإن تعمد بلعه فإنه يفطر بذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" فإن سال فمه دماً , فازدرده (يعني ابتلعه) أفطر , وإن كان يسيراً ; لأن الفم في حكم الظاهر , والأصل حصول الفطر بكل واصل منه , لكن عفي عن الريق ; لعدم إمكان التحرز منه , فما عداه يبقى على الأصل , وإن ألقاه من فيه , وبقي فمه نجساً أو تنجس فمه بشيء من خارج , فابتلع ريقه: فإن كان معه جزء من المنجس أفطر بذلك الجزء , وإلا فلا " انتهى. " المغني " (3 / 36) .
وقال علماء اللجنة الدائمة:
" وإذا كان في لثته قروح أو دميت بالسواك: فلا يجوز ابتلاع الدم، وعليه إخراجه، فإن دخل حلقه بغير اختياره ولا قصده: فلا شيء عليه، وكذلك القيء إذا رجع إلى جوفه بغير اختياره فصيامه صحيح " انتهى. " فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 254) .
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: هل يفطر الإنسان بخروج الدم عند قلع الضرس؟
فأجاب:
" خروج الدم من قلع الضرس لا يؤثر ولا يضر الصائم شيئاً، ولكن يجب على الصائم أن يتحرز من ابتلاع الدم؛ لأن الدم خارج طارىء غير معتاد، يكون ابتلاعه مفطراً، بخلاف ابتلاع الريق فإنه لا يفطر، فعلى الصائم الذي خلع ضرسه أن يحتاط وأن يحترز من أن يصل الدم إلى معدته؛ لأنه يفطر، لكن لو أن الدم تسرب بغير اختياره، فإنه لا يضره؛ لأنه غير متعمد لهذا الأمر " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 213) .
وقال الشيخ رحمه الله أيضاً:
" إذا كان في الإنسان نزيف من أنفه وبعض الدم ينزل إلى جوفه وبعض الدم يخرج، فإنه لا يفطر بذلك؛ لأن الذي ينزل إلى جوفه ينزل بغير اختياره، والذي يخرج لا يضره " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 328) .
والخلاصة: أنه يستحب لها الفطر إن كان الصوم يشق عليها، ويجب عليها إن كان الصوم يضرها، وفي حال فطرها: عليها القضاء إن كانت تستطيع القضاء، وإن كانت لا تستطيع القضاء، فعليها الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم.
ونسأل الله رب العالمين أن يكتب لها الأجر على صبرها، وأن يشفيها ويعافيها عاجلاً غير آجل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2853)
حكم الصوم لمريض السكر ومتى يجوز له الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 14 شهر أنا أعاني من مرض السكري من الدرجة الثانية وهو معروف بداء السكري الذي لا يحتاج لتناول الأنسولين. أنا لا أتناول أية علاجات، لكني أتبع حمية غذائية وأمارس القليل من التمارين الرياضية لأبقي مستوى السكر في الحدود المناسبة.
في شهر رمضان الماضي قمت بصيام بعض الأيام لكني لم أتمكن من إتمام الصيام لانخفاض معدل السكر عندي. أما الآن فأنا أشعر بأني أفضل حالا (ولله الحمد) لكني أشعر بألم في رأسي فقط عند الصيام.
فهل علي أن أصوم بغض النظر عن مرضي؟
هل يمكنني أن أختبر مستوى السكر في الدم وأنا صائم (لأنه يحتاج لأخذ دم من الأصبع) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المشروع للمريض الإفطار في شهر رمضان إذا كان الصوم يضرّه أو يشقّ عليه، أو كان يحتاج إلى علاج في النهار بأنواع الحبوب والأشربة ونحوها مما يؤكل ويشرب، لقول الله سبحانه (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدّة من أيام أخر) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته "..وفي رواية أخرى (كما يحبّ أن تؤتى عزائمه)
أما أخذ الدم من الوريد للتحليل أو غيره فالصحيح أنه لا يفطّر الصائم، لكن إذا كثُر فالأولى تأجيله الى الليل فإن فعله في النهار فالأحوط القضاء تشبيها له بالحجامة ". أ. هـ
فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله من كتاب فتاوى إسلامية ج/2 ص/139
و" المريض له أحوال:
الأول: ألا يتأثّر بالصوم، مثل الزكام اليسير، أو الصداع اليسير، ووجع الضرس، وما أشبه ذلك، فهذا لا يحلّ له أن يُفطر، وإن كان بعض العلماء يقول: يحلّ له للآية (ومن كان مريضاً) البقرة/185، ولكننا نقول: إن هذا الحكم معلّل بعلّة وهي أن يكون الفطر أرفق به، فحينئذ نقول له: الفطر أفضل، أما إذا كان لا يتأثّر فإنّه لا يجوز له الفطر ويجب عليه الصوم.
والحال الثاني: إذا كان يشقّ عليه الصوم، ولا يضرّه، فهذا يكره له أن يصوم، ويُسنّ له أن يُفطر.
الحال الثالث: إذا كان يشقّ عليه الصوم ويضرّه، كرجل مصاب بمرض الكلى أو مرض السكّر، وما أشبه ذلك ويضرّه الصوم، فالصوم عليه حرام، وبهذا نعرف خطأ بعض المجتهدين والمرضى الذين يشقّ عليهم الصوم وربّما يضرّهم، ولكنهم يأبون أن يفطروا، فنقول: إن هؤلاء قد أخطأوا حيث لم يقبلوا كرم الله عز وجل، ولم يقبلوا رخصته، وأضرّوا بأنفسهم، والله عز وجل يقول: (ولا تقتلوا انفسكم) النساء/29 "
الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين ج/6 ص/352-354.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2854)
أنواع أدوية الربو وحكم تناولها في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[تكثر أنواع الأدوية لمرض الربو فمنها البخاخ المعروف، وهناك أدوية على شكل كبسولة توضع داخل علبة مخصصة للشفط عن طريق الفم حيث تطحن داخل العلبة ويتم شفطها، وهناك جهاز يوضع به دواء سائل مع الجهاز يوضع الأنبوب مع كمامة على الوجه ثم يشغل هذا الجهاز فيخرج هذا السائل مذابا بمحلول مائي على هيئة غاز، هل هذه تعتبر من المفطرات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أدوية مرض " الربو " كثيرة، ومنها ما يفطِّر ومنها ما لا يفطِّر، ومن أشهر هذه الأدوية والعلاجات: البخاخ، والأكسجين، والتبخير، والكبسولات.
أما البخاخ فهو غاز مضغوط يستعمله المريض ويصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لتوسيع الرئتين، وهو ليس أكلاً ولا شرباً ولا شبيهاً بهما، وقد أفتى علماء اللجنة الدائمة بعدم الفطر باستعمال هذا الدواء، وهو ما يفتي به الشيخ ابن عثيمين وعامة علمائنا.
وانظر جواب السؤال رقم (37650) لتقف على فتاواهم.
وأما الأكسجين فهو أيضا ليس أكلاً ولا شرباً، وعليه: فيمكن استعماله أثناء الصيام دون أي حرج.
وأما التبخير: فيكون استعماله عن طريق جهاز يقوم بتحويل الدواء - وعادة ما يكون الدواء محلولاً في ملح الصوديوم – السائل إلى بخار ورذاذ ناعم، ويوضع الدواء في وعاء صغير خاص بالجهاز، وعند تشغيل الجهاز يتم ضخ هواء بسرعة عالية مما يسبب تبخير هذا الدواء، وبالتالي يتم استنشاقه من قبَل المريض إما عن طريق كمَّام يوضع على الفم، أو أنبوب صغير يمكن وضعه داخل الفم.
ووصول قطرات الماء والملح إلى الجوف عن طريق هذا الجهاز أمر شبه حتمي، ولا يستطيع المريض تفادي حدوثه، وعليه: فإذا استعمل هذه الطريقة فليفطر وليقض يوماً آخر مكانه.
وأما الكبسولات: فهي عبارة عن كبسولات يكون فيها الدواء على شكل بودرة جافة، ويتم إدخال هذه الكبسولات إلى جهاز خاص فيه أداة لثقب هذه الكبسولات لتحرير جرعة الدواء ويتم شفطها من الجهاز بواسطة الفم.
واستعمال هذه الكبسولات مفسد للصيام، لأن جزءاً من هذه البودرة يختلط بالريق وينزل إلى المعدة.
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله:
بعض الناس مصاب بالربو ويحتاج إلى استعمال البخاخة أثناء صيامه، فما حكم ذلك؟ .
فأجاب:
" اختناق النفس المعروف بالربو يصيب بعض الناس، نسأل الله لنا ولهم العافية، فيستعمل دوائين، دواء يسمى (كبسولات) يستعملها فهذه تفطر؛ لأنه دواء ذو جرم يدخل إلى المعدة، ولا يستعمله الصائم في رمضان إلا في حالة الضرورة، وإذا استعمله في حال الضرورة فإنه يكون مفطراً يأكل ويشرب بقية يومه، ويقضي يوماً بدله، وإذا قدر أن هذا المرض مستمر دائماً معه فإنه يكون كالشيخ الكبير، عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، ولا يجب عليه الصوم.
والنوع الثاني: من دواء الربو غاز ليس فيه إلا هواء يفتح مسام الشرايين حتى يتنفس بسهولة: فهذا لا يفطر ولا يفسد الصوم، وللصائم أن يستعمله، وصومه صحيح " انتهى.
(19 / السؤال رقم 159) .
وسئل الشيخ رحمه الله:
شخص به مرض الربو ولا يستطيع قراءة القرآن إلا باستعمال الأكسجين، فهل يستعمله في نهار رمضان؟
فأجاب:
" إذا كان استعماله للأكسجين ليس بضروري: فالأحسن أن لا يستعمله، والصائم لا يلزمه أن يقرأ القرآن حتى نقول: إنه يستعمله ليقرأ القرآن، لكن بعض المصابين بهذا المرض يقول: إنني لا أستطيع أن أدع استعماله، وإذا لم أستعمله أخشى على نفسي ويختنق نفسي، فنقول: لا بأس أن تستعمل هذا الأكسجين؛ لأنه حسبما بلغنا لا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى أفواه العروق التي تتفتح ليسهل النفس، وإذا كان كذلك فلا حرج فيه.
لكنَّ هناك نوعاً من الحبوب يعطى لأصحاب الربو، وهي عبارة عن كبسولة فيها دقيق ... ، فهذا لا يجوز استعماله في الصيام الواجب؛ لأنه إذا اختلط بالريق وصل إلى المعدة، وحينئذ يكون مفطراً فإذا كان الإنسان مضطراً إلى استعماله فإنه يفطر ويقضي بعد ذلك، فإن كان مضطراً إليه في جميع الوقت فإنه يفطر ويفدي فيطعم عن كل يوم مسكيناً، والله أعلم " انتهى باختصار.
(19 / السؤال رقم 163) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2855)
مصابة بمرض نفسي، فكيف تصوم وتصلي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي مصابه بمرض نفسي مزمن (وهو الاضطراب الوجداني) وفى رمضان الماضي لم تصم رمضان لأنها قد انتكست وصار وعيها ليس معها صرت أعانى منها أشهرا طويلة فماذا أفعل؟
السؤال الثاني: البنت إذا نامت لا أستطيع إيقاظها لأي صلاة حتى تصحو هي للمشقة التي أعانى منها هل على الأم إثم؟
والبنت عمرها 23 سنة ولها في المرض 4 سنوات تعاني وهي تصيبها انتكاسة مرتين في السنة، دعواتكم لها بالشفاء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن يشفي ابنتك ويعافيها ويصلح حالها.
ثانيا:
إذا كان هذا المرض شديدا بحيث أفقدها وعيها خلال شهر رمضان، فإنه لا يلزمها قضاء ولا كفارة؛ لأنها لم تكن مكلفة بالصوم حينئذ.
وأما إذا كان المرض مجرد اكتئاب فقط، ووعيها معها، فلها حالتان:
الأولى: أن يكون مرضها يرجى شفاؤه حسب تقرير الأطباء، فالواجب عليها قضاء ما فاتها، حين يزول عنها المرض.
والثانية: أن يكون مرضها لا يرجى شفاؤه، فلا يجب عليها الصيام، وإنما تطعم عن كل يوم مسكينا.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله ما نصه: مريض أدرك بعض شهر رمضان ثم أصابه فقدان للوعي ولا يزال هل يقضي عنه أبناؤه؟
فأجاب:
"ليس عليه القضاء إذا أصابه ما يذهب عقله أو ما يسمى بالإغماء، فإنه إذا استرد وعيه لا قضاء عليه، فمثله مثل المجنون والمعتوه لا قضاء عليه، إلا إذا كانت الإغماءة مدة يسيرة كاليوم أو اليومين أو الثلاثة على الأكثر، فلا بأس بالقضاء احتياطا، وأما إذا طالت المدة فهو كالمعتوه لا قضاء عليه، وإذا رد الله عقله يبتدئ العمل " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (15/209) .
ثالثا:
إذا كانت ابنتك لا تستيقظ لأداء الصلاة في وقتها، ولا تستطيعين إيقاظها، فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى، ويجب عليها إذا استيقظت أن تقضي ما فاتها من الصلوات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا) رواه مسلم (684) .
وإن كان أداؤها لكل صلاة في وقتها يشق عليها، فإن لها أن تجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، تقديما أو تأخيرا حسب الأيسر لها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" والقصر سببه السفر خاصة، لا يجوز في غير السفر. وأما الجمع فسببه الحاجة والعذر، فإذا احتاج إليه جمع في السفر القصير والطويل، وكذلك الجمع للمطر ونحوه، وللمرض ونحوه، ولغير ذلك من الأسباب؛ فإن المقصود به رفع الحرج عن الأمة " انتهى من " مجموع الفتاوى " (22 / 293) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2856)
هل يقصر ويأكل قبل مغادرته بيته مسافراً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لو كنت سأسافر في رحلة لمكان يبعد 100 ميل أو أكثر، فكم ركعة سنصلي قبل وبعد السفر؟ أعتقد أنها ركعتان قبل وبعد الرحلة (أليس كذلك؟) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لم يأتِ في السنَّة النبوية تحديد لمسافة السفر، وقد اختلف العلماء في تحديدها اختلافاً كبيراً، والصحيح: أن مرجع ذلك إلى عرف كل بلد، فما تعارف الناس على أنه سفر فهو السفر الذي يكون فيه الفطر والقصر، وهذا القول قد اختاره جماعة من المحققين , منهم ابن قدامة المقدسي وشيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر في هذا أجوبة الأسئلة: (10993) و (38079) .
ثانياً:
المسافر لا يترخص بأحكام السفر إلا إذا خرج من بلده وجاوزها، ويظل يترخص بتلك الرخص ما دام مسافراً حتى يرجع إلى بلده.
فلا يجوز له أن يقصر الصلاة إلا أن يتجاوز بنيان بلده أو عامر قريته، ولا يحل له القصر وهو في بيته أو بلده.
واختلف العلماء في الفطر، فجوَّز بعضهم له الفطر إذا عزم على السفر عزماً مؤكداً وجهز راحلته، ومنع منه الجمهور فلم يجوزوا الفطر إلا حيث جاز له القصر وهو مجاوزة البنيان، وهذا القول هو الأقوى والأحوط.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" هل يشترط أن يفارق قريته إذا عزم على السفر وارتحل، فهل له أن يفطر؟
الجواب: في هذا أيضاً قولان عن السلف.
ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الفطر إذا تأهب للسفر ولم يبق عليه إلا أن يركب، وذكروا ذلك عن أنس رضي الله عنه أنه كان يفعله، وإذا تأملت الآية – أي: قوله تعالى (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر) - وجدتَ أنه لا يصح هذا؛ لأنه إلى الآن لم يكن على سفر، فهو الآن مقيم وحاضر.
وعليه: فلا يجوز له أن يفطر إلا إذا غادر بيوت القرية. . .
أما قبل الخروج: فلا؛ لأنه لم يتحقق السفر.
فالصحيح: أنه لا يفطر حتى يفارق القرية، ولذلك لا يجوز أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد، فكذلك لا يجوز أن يفطر حتى يخرج من البلد " انتهى.
" الشرح الممتع " (6 / 346) .
وعليه: فلا يجوز لمن عزم على السفر أن يقصر في بيته؛ لأن القصر من أحكام السفر ورخصه، وهو في بيته ليس مسافراً، وهذا قول جمهور العلماء، وفي المسألة أقوال شاذة مثل قول من قال بجواز القصر وهو في بيته، وقول من قال إنه لا يقصر إذا سافر في النهار إلا أن يدخل الليل، وقول ثالث وهو أنه يجوز له القصر إذا جاوز حيطان داره.
قال النووي رحمه الله:
" مذهبنا أنه إذا فارق بنيان البلد قصر , ولا يقصر قبل مفارقتها وإن فارق منزله وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وجماهير العلماء , وحكى ابن المنذر عن الحارث بن أبي ربيعة أنه أراد سفرا فصلى بهم ركعتين في منزله , وفيهم الأسود بن يزيد وغير واحد من أصحاب ابن مسعود , قال: وروينا معناه عن عطاء وسليمان بن موسى، قال: وقال مجاهد: لا يقصر المسافر نهارا حتى يدخل الليل , قال ابن المنذر: لا نعلم أحدا وافقه، وحكى القاضي أبو الطيب وغيره عن مجاهد أنه قال: إن خرج بالنهار لم يقصر حتى يدخل الليل , وإن خرج بالليل لم يقصر حتى يدخل النهار , وعن عطاء أنه قال: إذا جاوز حيطان داره فله القصر , فهذان المذهبان فاسدان , فمذهب مجاهد منابذ للأحاديث الصحيحة في قصر النبي صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة حين خرج من المدينة , ومذهب عطاء وموافقيه منابذ لاسم السفر " انتهى.
"المجموع" (4 / 228) .
ويجوز للمسافر الجمع بين الصلاتين قبل السفر إذا كان سيشق عليه أداء الصلاة الثانية وهو في طريق سفره، أما القصر فلا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" وليس للقصر أو الإقامة مدة معينة على القول الصحيح ما دمتم عازمين على الرجوع إلى أوطانكم , أما إن نويتم الإقامة المطلقة: فقد انقطع حكم السفر في حقكم.
وتبدأ أحكام السفر إذا فارق المسافر وطنه وخرج من عامر قريته أو مدينته، ولا يحل لكم أن تجمعوا بين الصلاتين حتى تغادروا البلد إلا أن تخافوا أن لا يتيسر لكم صلاة الثانية أثناء سفركم " انتهى.
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " (15 / 346) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
" وإذا دخل وقت الظهر وأنت لم تبدأ السفر: فإنه يجب عليك أن تصلي صلاة الظهر تمامًا من غير قصر.
وأما صلاة العصر: فإن كان سفرك ينتهي وقت العصر؛ فإنك تصلي العصر تامة في وقتها إذا وصلت، أما إذا كان السفر يستمر من الظهر إلى بعد غروب الشمس بحيث يخرج وقت العصر وأنت في السفر، ولا يمكنك النزول لما ذكرت من أن صاحب السيارة لا يوافق على التوقف: فلا مانع من الجمع في هذه الحالة؛ لأن هذه حالة عذر تبيح الجمع، ولكن مع الإتمام.
إذا صليت العصر مع الظهر جمع تقديم وأنت في بيتك، وتريد السفر بعدها: فإنك تصلي الظهر والعصر تمامًا كل واحدة أربع ركعات، ولا بأس بالجمع؛ لأن الجمع يباح في هذه الحالة، أما القصر: فإنه لم يبدأ وقته؛ لأن القصر إنما يجوز بعد مفارقة البنيان الذي هو موطن إقامتك " انتهى.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (3 / 62) .
وقال حفظه الله:
" أحكام السفر تبدأ بالخروج من البلد، إذا خرج الإنسان من بلد إقامته؛ بأن فارق عامر البلد؛ أي: فارق البنيان؛ فإنها تبدأ أحكام السفر في حقه؛ من قصر الصلاة والفطر في رمضان وغير ذلك من أحكام السفر، أما من كان داخل البنيان: فإنه لا تبدأ في حقه أحكام السفر،
وإذا وجبت عليه الصلاة وهو في داخل البنيان: فإنه يصليها تمامًا وفي وقتها؛ كالحاضرين؛ لأنه لم يبدأ السفر في حقه، حتى ولو انتقل من حارة إلى حارة في طريقه إلى السفر؛ فإن هذا لا يعتبر مسافراً، حتى يخرج من جميع البنيان ومن عامر البلد " انتهى.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (3 / 62، 63) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2857)
حديث من صام فله أجر ومن أفطر فله أجران
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى قول الرسول عليه السلام: (من صام فله أجر ومن أفطر له أجران) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث المعروف في هذا ما رواه مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمِنَّا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلاً في يوم حار، أكثرنا ظلاً صاحب الكساء، ومنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) رواه البخاري (3/224) ومسلم (1119) ، وفي رواية أخرى لمسلم عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فصام بعض وأفطر بعض، فتحزم المفطرون وعملوا، وضعف الصائمون عن بعض العمل، قال: فقال في ذلك: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر)
ومعنى الحديثين واضح والقصد بيان أن الأخذ برخصة الفطر في السفر عند المشقة وشدة الحر خير من الأخذ بالعزيمة وهو الصوم.
أما الحديث الذي ذكرته فلا نعلم له أصلاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10 / 202)(5/2858)
لم تجد مسكيناً لإطعامه عن فدية الصيام فهل تتصدق بالمال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة مريضة بمرض مزمن نصحني طبيبي بعدم الصيام وأنا لم أجد أي مسكين لأطعمه فما هو المبلغ الذي أنفقه بالدرهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يمنَّ عليك بالشفاء، وأن يجعل هذا المرض كفارة لذنوبك، ورفعةً لدرجاتك في الآخرة.
والمريض مرضا مزمنا الذي لا يستطيع الصيام ولا القضاء لا يجب عليه الصيام، ويجب عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، لقول الله: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/184. قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) رواه البخاري (4505) .
والمريض الذي لا يرجى شفاؤه حكمه حكم الشيخ الكبير.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ: يُفْطِرُ , وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ " انتهى.
" المغني " (4 / 396) .
وبلاد المسلمين مملوءة بالفقراء والمساكين الذين لا يجدون ما يكفيهم ويكفي أهلهم.
ولا تخلو دولة منهم، ولو ندر وجودهم في بعض البلدان: فلن يعدم وجود لجان خير وصدقات يتكفلون بإيصال الزكوات والصدقات لمن يستحقها.
وحتى لو لم تجدي مسكيناً تطعمينه فكيف ستتصرفين في المال الذي يعادل الطعام؟ ولمن سيُعطى هذا المال؟ وهذا يعني أن المشكلة ستبقى قائمة، فلا يجوز دفع هذا المال – لو جاز دفعه – إلا لمستحقه من الفقراء والمساكين.
وعلى كل حال: فيجب عليك بذل الجهد في البحث عن الفقراء والمساكين في بلدك، وإن لم تكوني تعرفينهم فيمكنك توكيل من تثقين بدينه ليوصل هذا الطعام لمستحقيه، ولا فرق بين أن يكون هذا الوكيل شخصاً أو جمعية خيرية.
واعلمي أنه لا يجوز لك دفع مالٍ - مهما بلغ – مقابل تلك الفدية التي وجبت عليكِ؛ لأن الله تعالى أوجب عليك (طعام مسكين) ولم يوجب عليك مالاً، قال تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/184. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (39234) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2859)
لا يحل للحامل والمرضع أن تفطر إلا إذا خافت على نفسها أو ولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديثاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله وضع الصوم عن الحامل والمرضع)
فهل معنى ذلك أن الصوم لا يجب عليهما سواء كان هناك مشقة أو لا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الحديث رواه أبو داود (2408) والترمذي (715) والنسائي (2315) وابن ماجه (1667) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلاةِ وَالصِّيَامَ، وَعَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِع) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وهذا الحديث مطلق في كل حامل، ولكن قيده العلماء بحصول المشقة عملا بالعلة التي من أجلها شرع الحكم، وهو إفطار الحامل.
ويشبه هذا إطلاق المرض في آية الصيام: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185. فإنه صادق على كل مرض، مهما كان يسيرا، وقد عمل بهذا الإطلاق بعض السلف كعطاء، واختاره البخاري. ولكن أبى ذلك عامة أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة، فقيدوا الآية بالمرض الذي فيه مشقة عملا بالعلة التي من أجلها شرع له الفطر.
وقد وردت نصوص العلماء بهذا التقييد، بل نُقل اتفاق العلماء عليه كما سيأتي.
أولا: نقول عن السلف. روى أبو داود (2318) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) قَالَ: كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا. قال النووي: إسناده حسن.
فهذا ابن عباس رضي الله عنهما قيد الحبلى والمرضع بخوفها، وإطلاقه سواء خافت على نفسها أو على ولدها.
وروى الشافعي في الأم قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا فَقَالَ: تُفْطِرُ وَتُطْعِمُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ.
وقال الإمام البخاري:
بَاب قَوْلِهِ: "أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ". . . . وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِي الْمُرْضِعِ أَوْ الْحَامِلِ إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا: تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ. انتهى.
فهذا تقييد الحكم الوارد عن السلف: ابن عباس، وابن عمر، والحسن والنخعي.
ثانياًَ: مذاهب الأئمة
فقد اتفقوا على هذا التقييد أيضاً.
أولا: المذهب الحنفي
قال الجصاص في أحكام القرآن (1/244) بعد أن ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمَ وَعَنْ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ) قال:
وَمَعْلُومٌ أَنَّ رُخْصَتَهُمَا – أي الحامل والمرضع - مَوْقُوفَةٌ عَلَى خَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى وَلَدَيْهِمَا.
وقال أيضاً (1/252) :
وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ لا تَخْلُوَانِ مِنْ أَنْ يَضُرَّ بِهِمَا الصَّوْمُ أَوْ بِوَلَدَيْهِمَا , وَأَيُّهُمَا كَانَ فَالإِفْطَارُ خَيْرٌ لَهُمَا وَالصَّوْمُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ كَانَ لا يَضُرُّ بِهِمَا وَلا بِوَلَدَيْهِمَا فَعَلَيْهِمَا الصَّوْمُ، وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُمَا الْفِطْرُ.
وقال في البحر الرائق (2/308) :
(وَلِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ إذَا خَافَتَا عَلَى الْوَلَدِ أَوْ النَّفْسِ)
أَيْ: لهُمَا الْفِطْرُ دَفْعًا لِلْحَرَجِ. . . قَيَّدَ بِالْخَوْفِ بِمَعْنَى غَلَبَةِ الظَّنِّ. . . لأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَخَفْ لا يُرَخَّصُ لَهَا الْفِطْرُ.
ثانيا: المذهب المالكي
قال في شرح مختصر خليل (2/262) :
الْحَامِل إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا , أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ، وَإِنْ خَافَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ , أَوْ مَرَضٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ , وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهَا الْفِطْرُ حَيْثُ خَشِيَتْ حُدُوثَ عِلَّةٍ , وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إنْ خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا هَلَاكًا , أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَجَبَ عَلَيْهَا الْفِطْرُ، وَإِنْ خَشِيَتْ عَلَيْهِ مَرَضًا , أَوْ حُدُوثَ عِلَّةٍ جَازَ لَهَا الْفِطْرُ، وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ لا يَقْبَلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا. . . وَإِلا لَوَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ.
ثالثا: المذهب الشافعي
قال الإمام الشافعي في الأم:
وَالْحَامِلُ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا: أَفْطَرَتْ وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ إذَا أَضَرَّ بِلَبَنِهَا الإِضْرَارَ الْبَيِّنَ , فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مُحْتَمَلا فَلا يُفْطِرُ صَاحِبُهُ , وَالصَّوْمُ قَدْ يُنْتَقَصُ به بَعْضُ اللَّبَنِ وَلَكِنَّهُ نُقْصَانٌ مُحْتَمَلٌ , فَإِذَا تَفَاحَشَ أَفْطَرَتَا.
وقال النووي في المجموع (6/274) :
قَالَ أَصْحَابُنَا: الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إنْ خَافَتَا مِنْ الصَّوْمِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا , وَلا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا كَالْمَرِيضِ , وَهَذَا كُلُّهُ لا خِلافَ فِيهِ , وَإِنْ خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَوَلَدَيْهِمَا فَكَذَلِكَ بِلا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُمَا , وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا لا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَفْطَرَتَا وَقَضَتَا بِلا خِلَافٍ. . . إلخ.
رابعاً: المذهب الحنبلي
قال ابن مفلح في الفروع (3/35) :
وَيُكْرَهُ صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مَعَ خَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى الْوَلَدِ. . . .
وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ عَلَى حَمْلٍ وَوَلَدٍ حَالَ الرَّضَاعِ لَمْ يَحِلَّ الصَّوْمُ وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ. وَإِنْ لَمْ تَخَفْ لَمْ يَحِلَّ الْفِطْرُ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (25/218) :
إنْ كَانَتْ الْحَامِلُ تَخَافُ عَلَى جَنِينِهَا فَإِنَّهَا تُفْطِرُ. . . إلخ.
خامساً: المذهب الظاهري
قال ابن حزم في المحلى (4/411) :
" وَالْحَامِلُ , وَالْمُرْضِعُ , وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ كُلُّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالصَّوْمِ فَصَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ عَلَيْهِمْ , فَإِنْ خَافَتْ الْمُرْضِعُ عَلَى الْمُرْضَعِ قِلَّةَ اللَّبَنِ وَضَيْعَتَهُ لِذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا , أَوْ لَمْ يَقْبَلْ ثَدْيَ غَيْرِهَا , أَوْ خَافَتْ الْحَامِلُ عَلَى الْجَنِينِ , أَوْ عَجَزَ الشَّيْخُ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرِهِ: أَفْطَرُوا. . . إلخ " انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية (28/55) :
" الْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ لَهُمَا أَنْ تُفْطِرَا فِي رَمَضَانَ , بِشَرْطِ أَنْ تَخَافَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى وَلَدِهِمَا الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ , أَوْ الضَّرَرَ أَوْ الْهَلَاكَ , فَالْوَلَدُ مِنْ الْحَامِلِ بِمَنْزِلَةِ عُضْوٍ مِنْهَا , فَالإِشْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَالإِشْفَاقِ مِنْهُ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهَا ".
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (4/273) على حديث وضع الصوم عن الحامل والمرضع:
" الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ الإِفْطَارُ , وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ إذَا خَافَتْ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الرَّضِيعِ , وَالْحَامِلُ عَلَى الْجَنِينِ وَقَالُوا: إنَّهَا تُفْطِرُ حَتْمًا ". انتهى.
وجاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (10/226) :
"أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من النفاس" اهـ.
وانظر السؤال (50005) .
فهذه نصوص العلماء في أن الحامل والمرضع لا يحل لهما الفطر ما لم يشق عليهما الصوم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2860)
مهنته غطاس فكيف يصوم وقد يدخل في حلقه الماء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل غطاساً يوميّاً في البحر، بعض الأحيان يدخل رذاذ من ماء البحر في الفم يصل إلى الحلق، ولكن لا يدخل إلى الجوف، هل هذا يبطل الصيام؟ وهل في حالة عدم مقدرتي على الصيام بسبب الجهد ماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في جواب السؤال رقم (39232) أنه لا بأس أن يغوص الصائم في الماء، وعليه أن يحرص أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع.
ثانياً:
صوم رمضان ركن من أركان الإسلام، فلا يجوز لمسلم أن يتهاون بصيامه أو يضيعه بمجرد حصول مشقة بسبب العمل، بل الواجب عليه أن يحاول الجمع بين الصيام والعمل إن أمكن، فإن لم يمكن ولم يكن مضطراً للعمل، فإنه يقدم الصيام، فيأخذ إجازة من العمل إن أمكن، فإن لم يمكن وكان مضطرا للعمل، فإنه ينوي الصيام من الليل ويصبح صائما، فإن شق عليه مشقة شديدة جاز له أن يفطر للضرورة، وعليه قضاء هذا اليوم، فإن لم يشق عليه وتمكن من إتمام الصيام وجب عليه ذلك.
وانظر جواب السؤال رقم (43772) .
وانظر "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/234) .
ثالثاً:
إذا سبح الصائم في الماء ووصل الماء إلى حلقه بغير اختياره، فإنه لا يفطر، لعدم القصد، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
وانظر: "المغني" (3/358) ، "الإنصاف" (7/434) ، "الشرح الممتع" (6/393) .
رابعاً:
قول السائل: " أن الماء يصل إلى حلقه ولكنه لا يدخل إلى الجوف "
لعل قصده بالجوف: المعدة.
وقد اختلف العلماء في مفسدات الصيام: هل العبرة بوصول الطعام أو الشراب إلى الحلق أم إلى المعدة؟
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/393) : " ذكر المؤلف رحمه الله ست مسائل علق الحكم فيها بوصول الماء إلى حلق الصائم، فجعل مناط الحكم وصول الماء إلى الحلق لا إلى المعدة، وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أن مناط الحكم وصول المفطر إلى المعدة، ولا شك أن هذا هو المقصود إذ لم يرد في الكتاب والسنة أن مناط الحكم هو الوصول إلى الحلق، لكن الفقهاء رحمهم الله قالوا: إن وصوله إلى الحلق مظنة وصوله إلى المعدة، أو إن مناط الحكم وصول المفطر إلى شيء مجوف والحلق مجوف " انتهى.
والخلاصة:
لا حرج في السباحة والغوص في الماء مع الصيام، وإذا وصل شيء من الماء إلى الحلق أو إلى المعدة من غير اختيارك فإنك لا تفطر بذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2861)
نوى الفطر لأنه سيسافر من الغد ثم لم يسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[إنسان عزم على السفر فنوى الفطر من الغد، ثم بعد طلوع الفجر ألغى السفر قبل أن يأتي بأي مفطر، ما حكم ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دلت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على أن للمسافر أن يفطر في رمضان، ثم يقضي عدد الأيام التي أفطرها، قال الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
ومن كان في بلده، ثم عزم على السفر، فلا يسمى مسافرا حتى يفارق عمران بلده. فلا يحل له أن يأخذ برخص السفر كالفطر والقصر بمجرد نية السفر، لأن الله تعالى إنما أباح الفطر للمسافر، ولا يكون مسافرا حتى يفارق بلده.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/347) بعد أن ذكر أن من سافر أثناء اليوم فله الفطر، قال:
" إذا ثبت هذا؛ فإنه لا يباح له الفطر حتى يُخَلِّف البيوتَ وراء ظهره , يعني أنه يجاوزها ويخرج من بين بنيانها. وقال الحسن: يفطر في بيته , إن شاء , يوم يريد أن يخرج. وروي نحوه عن عطاء. قال ابن عبد البر: قول الحسن قول شاذ , وليس الفطرُ لأحدٍ في الحضرِ في نظرٍ ولا أثر. وقد روي عن الحسن خلافه ".
ثم قال ابن قدامة: " لقول الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة/185. وهذا شاهد (أي حاضر لم يسافر) , ولا يوصف بكونه مسافرا حتى يخرج من البلد , ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين , ولذلك لا يقصر الصلاة " انتهى
وسئل الشيخ ابن عثيمين: عن رجل نوى السفر فأفطر في بيته لجهله، ثم انطلق، هل عليه الكفارة؟
فأجاب: " حرام عليه أن يفطر وهو في بيته، ولكن لو أفطر قبل مغادرته بيته فعليه القضاء فقط " انتهى. "فتاوى الصيام" (ص 133) .
وقال في "الشرح الممتع" (6/218) :
" جاءت السنة والآثار عن الصحابة رضي الله عنهم أنه إذا سافر في أثناء اليوم فله الفطر، ولكن هل يشترط أن يفارق قريته؟ أو إذا عزم على السفر وارتحل فله أن يفطر؟
الجواب: في هذا قولان عن السلف.
ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الفطر إذا تأهب للسفر ولم يبق عليه إلا أن يركب، وذكروا ذلك عن أنس رضي الله عنه أنه كان يفعله، وإذا تأملت الآية وجدت أنه لا يصح هذا؛ لأنه إلى الآن لم يكن على سفر فهو الآن مقيم وحاضر، وعليه؛ فلا يجوز له أن يفطر إلا إذا غادر بيوت القرية. . .
فالصحيح أنه لا يفطر حتى يفارق القرية، ولذلك لا يجوز أن يقصر الصلاة حتى يخرج من البلد، فكذلك لا يجوز أن يفطر حتى يخرج من البلد " انتهى باختصار تصرف يسير.
وبناء على ذلك، فمن عزم على السفر ليلا، فلا يجوز له أن يصبح مفطرا، بل يلزمه أن ينوي الصوم، فإن أصبح وسافر، جاز له الفطر بعد مفارقة بلده.
والحاصل: أن من نوى الفطر من الليل بحجة أنه سيسافر غدا، فقد أخطأ. ويلزمه قضاء يوم مكان ذلك اليوم، حتى لو فرض أنه لم يسافر؛ لأنه لم ينو الصيام من الليل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ) رواه أبو داود (2454) والترمذي (730) وصححه الألباني في صحيح أبي داود. ويلزمه في حالة عدم السفر أن يمسك عن المفطرات بقية اليوم، احتراما للشهر، لأنه أفطر من غير عذر شرعي.
انظر: "الشرح الممتع" (6/209) .
فعلى السائل أن يستغفر الله ويتوب إليه مما فعل، ويقضي ذلك اليوم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2862)
هل يصوم عن شخص مريض في ليل رمضان؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان أحد أفراد أسرتي مريضًا فهل يصح الصوم عني وعنه لمدة 24 ساعة (دون أكل سحور) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
المريض الذي لا يستطيع الصوم له حالتان: إما أن يكون مرضه عارضاً طارئاً: فهذا يفطر وعليه القضاء بعد شفائه وقدرته على الصيام، وإما أن يكون مرضه مزمناً: فهذا يُفطر ويُطعم عن كل يومٍ مسكيناً.
وانظر جواب السؤال رقم (37761) .
ثانياً:
الصوم إنما يكون في النهار، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، أما الليل فليس وقتاً للصيام، قال الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187، ففي هذه الآية الكريمة بيان وقت الصوم – وهو النهار – ووقت الفطر – وهو الليل -، فلا يصح – بحال – جعل ليل رمضان مكاناً للصوم.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الوصال في الصوم. رواه البخاري (1962) ومسلم (1102) .
والوصال: أن لا يفطر بالليل، بل يستمر صائماً ليلا ونهارا.
وقال الإمام البخاري رحمه الله: " بَاب الْوِصَالِ وَمَنْ قَالَ لَيْسَ فِي اللَّيْلِ صِيَامٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ ".
ثالثاً:
الأصل في العبادات البدنية أن يُؤدّيها المسلم عن نفسه، ولا تدخلها النيابة، فلا يجوز لأحدٍ أن يصلي عن أحدٍ ولا أن يصوم عنه بإجماع العلماء، وإنما تدخل النيابة في الحج والعمرة لمن يعجز عنه في حياته كما جاء في النصوص الصحيحة الصريحة.
قال ابن عبد البر رحمه الله:
" أما الصلاة فإجماع من العلماء أنه لا يُصلِّي أحدٌ عن أحدٍ فَرْضاً عليه من الصلاة، ولا سُنة، ولا تطوعا لا عن حي ولا عن ميت، وكذلك الصيام عن الحي لا يجزئ صوم أحدٌ في حياته عن أحد، وهذا كله إجماع لا خلاف فيه.
وأما من مات وعليه صيام فهذا موضع اختلف فيه العلماء قديماً وحديثاً " انتهى.
" الاستذكار " (3 / 340) .
والخلاصة:
أن الصوم يكون بالنهار لا بالليل، وصوم الليل لا يصح.
ولا يصح لأحد أن يصوم عن شخص مريض، وهذا المريض إن كان يرجو الشفاء من مرضه فلعيه القضاء بعد حصول الشفاء، وإن كان لا يرجو حصول الشفاء فعليه أن يطعم مكان كل يوم مسكيناً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2863)
هل يجوز له الإفطار بسبب مشقة العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في بلد غربي أي: لا يهتم بالصيام والصائمين، وزوجي يعمل لفترة سنة ليكمل سنته الأخيرة في مجال الصيدلة وهذا العمل هو المقرر الدراسي للسنة الأخيرة، أي: سنة تطبيقية في ميدان العمل، المشكلة التي تواجهنا هي أن العمل يبعد مسافة ساعة بالسيارة، ومكان مكتظ بالمرضى، وبدأ زوجي يشعر بالدوار والصداع أثناء العمل حيث بدأ يعطي الأدوية للمرضى بطريقة خطأ، فهو الآن يفكر بالإفطار لهذا السبب، علما أن مسافة الطريق من المنزل للعمل أقل من 48 ميلا كما ذكرتم في أحد الأجوبة، لكن الطريق يأخذ ساعة ذهابا وساعة أخرى إيابا، كما أن مدة العمل 12 ساعة متواصلة، فهل يجوز له الإفطار على أن يقضي بعد الانتهاء من هذه السنة الأخيرة من دراسته.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصوم ركن من أركان الإسلام ثابت بالكتاب والسنة وإِجماع الأُمة، ولا يجوز للمسلم أن يفطر بغير عذر شرعي من مرض أو سفر، وقد يحصل للإنسان أثناء الصوم مشقة فعليه أن يصبر ويستعين بالله عز وجل، فإذا عطش الإنسان في نهار رمضان فلا بأس أن يصب على رأسه الماء للتبرد وأن يتمضمض، فإذا سبب له العطش ضرراً بالغاً أو خشي الهلاك من العطش جاز له الفطر، وعليه القضاء فيما بعد.
لكن لا يجوز أن يكون العمل هو السبب في المشقة الحاصلة له إذا كان يمكنه أخذ إجازة من العمل في شهر رمضان أو كان يستطيع تخفيف أعباء عمله فيه، أو تغييره إلى ما هو أسهل.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
" من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن صيام شهر رمضان فرض على كل مكلف وركن من أركان الإسلام، فعلى كل مكلف أن يحرص على صيامه تحقيقاً لما فرض الله عليه، رجاء ثوابه وخوفاً من عقابه دون أن ينسى نصيبه من الدنيا، ودون أن يؤثر دنياه على أخراه، وإذا تعارض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عمله لدنياه وجب عليه أن ينسق بينهما حتى يتمكن من القيام بهما جميعاً، ففي المثال المذكور في السؤال يجعل الليل وقت عمله لدنياه، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب، فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع بين أداء الواجبين ولا يؤثر جانب دنياه على جانب آخرته، فالعمل كثير، وطرق كسب المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة، ولن يعدم المسلم وجهاً من وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله، (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً) الطلاق/2، 3.
وعلى تقدير أنه لم يجد عملاً دون ما ذكر مما فيه حرج وخشي أن تأخذه قوانين جائرة وتفرض عليه ما لا يتمكن معه من إقامة شعائر دينه أو بعض فرائضه فليفر بدينه من تلك الأرض إلى أرض يتيسر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه ويتعاون فيه مع المسلمين على البر والتقوى فأرض الله واسعة، قال الله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة) النساء/100، وقال تعالى: (قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) الزمر/ 10.
فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون وقوعه في الحرج ثم يمسك وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (10 / 234 – 236) .
وسئلوا – أيضاً -: عن رجل يعمل في مخبز ويواجه عطشاً شديداً وإرهاقاً في العمل هل يجوز له الفطر؟
فأجابوا:
" لا يجوز لذلك الرجل أن يفطر، بل الواجب عليه الصيام، وكونه يخبز في نهار رمضان ليس عذراً للفطر، وعليه أن يعمل حسب استطاعته " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (10 / 238) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2864)
مريض ومضطر إلى أخذ الدواء نهاراً
[السُّؤَالُ]
ـ[أتناول دواء لمرض عقلي عندي. ومضطر لأخذ هذا الدواء في الصباح والمساء. والجرعة المسائية من هذا الدواء تتعبني وأحيانًا لا أستطيع الاستيقاظ ليلاً لتناول السحور ثم تفوتني جرعة الدواء الصباحية أثناء نهار الصيام. وعند الإفطار يكون الوقت قد تأخر بالنسبة لهذه الجرعة الصباحية. ماذا ينبغي أن أفعل؟ لقد بدأت الصوم منذ أيام قلائل لكني توقفت اليوم بسبب هذا الدواء.
هل يجوز لي إخراج صدقة في نهاية شهر رمضان عوضًا عن الصيام بسبب ظروف مرضي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله رب العرش الكريم أن يشفيك ويكتب لك الأجر والمثوبة.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (12488) بيان المرض الذي يبيح للصائم أن يفطر، وهو ما يصيب الصائم بمشقة شديدة، أو يُخشى أن يزيد، أو يتأخر شفاؤه بسبب الصوم. فإن كانت حالتك كذلك، جاز لك أن تفطر في رمضان.
ثانياً:
إذا أمكنك أن تأخذ الدواء مرة عند الإفطار والأخرى عند السحور، فهذا هو الواجب عليك، ولا يجوز لك أن تفطر حينئذ، لعدم العذر المبيح للفطر.
أما إذا لم يمكن ذلك وكان لابد من أخذ الدواء نهاراً، فيجوز لك أن تفطر.
ثالثاً:
أما إخراج الصدقة بدلاً من الصوم، فعليك أن ترجع إلى قول الطبيب الثقة، فإن كان مرضك يُرجى حصول الشفاء منه فالواجب عليك القضاء ولا يجزئك الإطعام، لقول الله تعالى: (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) فعليك أن تنتظر حتى يشفيك الله تعالى ثم تقضي الأيام التي أفطرتها.
وإن كان مرضك لا يُرجى حصول الشفاء منه، فلا قضاء عليك، وعليك أن تطعم عن كل يوم مسكيناً.
وينبغي التنبه إلى أن الواجب هو الإطعام، أما إخراج نقود بدلاً من الطعام فلا يجزئ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (39234) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2865)
هل تأكل من أفطرت بسبب الحيض في نهار رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة التي عندها الدورة الشهرية من المعلوم أنها لا تصوم، فهل يجوز لها أن تأكل في نهار رمضان؟ وهل هناك ضوابط؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحائض والنفساء إذا طهرتا أثناء النهار ومثلهما المسافر المفطر إذا قدم، والمريض إذا افطر ثم برئ من مرضه، فهؤلاء لا يستفيدون شيئاً من إمساكهم أثناء النهار، فقد أفطروا بعذر، وإلزامهم بالإمساك يحتاج لنصٍّ شرعي.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء النهار هل يجب عليها الإمساك؟
فأجاب:
" إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء النهار لم يجب عليها الإمساك، ولها أن تأكل وتشرب، لأن إمساكها لا يفيدها شيئاً، لوجوب قضاء هذا اليوم عليها، وهذا مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (من أكل أول النهار فليأكل آخره) يعني: من جاز له الفطر أول النهار جاز له الفطر في آخره " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/السؤال رقم 59) .
وأما ضابط ذلك:
فإن بعض العلماء منع مَنْ جاز له الفطر في رمضان كالمريض والمسافر والحائض منعه من إظهار الفطر، حتى لا يُتَّهَم بالتهاون في دينه ممن لا يعلم أنه معذور.
وذهب آخرون إلى أنه إذا كان عذره ظاهرا ً، فلا بأس أن يفطر جهراً، وإن كان عذره خفياً فإنه يفطر سراً، وهذا القول الثاني هو الأصح.
قال المرداوي في " الإنصاف" (7/348) :
" قال القاضي: يُنْكَر على من أكل في رمضان ظاهراً , وإن كان هناك عذر. قال في الفروع: فظاهره المنع مطلقا , وقيل لابن عقيل: يجب منع مسافر ومريض وحائض من الفطر ظاهرا لئلا يُتَّهَم؟ فقال: إن كانت أعذارٌ خفية يمنع من إظهاره , كمريض لا أمارة له , ومسافر لا علامة عليه " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2866)
سيسافر من بلدة إلى أخرى ويعود في نفس اليوم فهل له الفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سوف أسافر من أمستردام إلى باريس وأعود في نفس اليوم، هل يجوز لي أن أفطر في ذلك اليوم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسافر من الذين رخَّص الله لهم الفطر في رمضان، قال الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185.
ولا فرق بين أن يكون السفر شاقاً أو سهلاً.
وقد اختلف العلماء في الحد الذي يصير به الإنسان مسافرا بحيث يجوز له الترخص برخص السفر، ومنها: الفطر للصائم.
فذهب جمهور العلماء إلى اعتبار المسافة، وهي ما يقارب 80 كم.
وذهب آخرون ـ وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ إلى أن المعتبر هو العرف، وليس المسافة.
فكل ما اعتبره الناس في العرف سفرا فهو سفر تثبت له أحكام السفر في الشرع.
ولا ريب أن السفر من أمستردام إلى باريس يعتبره الناس في العرف سفراً، ولو عاد في نفس اليوم.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (4/257) في الرجل يخرج مسافة طويلة في مدة قصيرة، قال: " مدة قصيرة في مسافة طويلة، كمن ذهب مثلا من القصيم إلى جدة في يومه ورجع، فهذا يسمى سفرا، لأن الناس يتأهبون له، ويرون أنهم مسافرون " انتهى.
والمسافة بين القصيم وجدة (900) كم تقريبا.
وعلى هذا، من سافر من أمستردام إلى باريس وعاد في نفس اليوم فهو مسافر على القولين جميعا , أي سواء اعتبرنا المسافة أم العرف.
وهل الأفضل له أن يصوم أو يفطر؟
الجواب:
الأفضل له الصيام إلا إذا وجد مشقة فالأفضل الفطر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الأفضل للمسافر أن يصوم إلا إذا وجد مشقة فإنه يفطر، والدليل على أن الأفضل أن يصوم:
أولاً: أنه فعل الرسول عليه الصلاة والسلام، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرٍّ شديدٍ حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة. رواه مسلم.
ثانياً: ولأنه إذا صام كان أيسر عليه؛ لأن القضاء يكون على الإنسان أصعب - غالباً - من الأداء في وقته؛ لأنه إذا صام في رمضان صار موافقاً للناس في صيامهم، فيكون ذلك أسهل عليه، والله عز وجل حينما فرض على عباده الصيام قال: (يُرِيدُ ?للَّهُ بِكُمُ ?لْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ?لْعُسْرَ) .
ثالثاً: ولأنه إذا صام رمضان في السفر كان أسرع في إبراء ذمته، إذ إن الإنسان لا يدري ماذا يعتريه بعد رمضان، فيكون صومه أسرع في إبراء الذمة.
وهناك فائدة رابعة: وهي أنه إذا صام في رمضان فقد صام في الوقت الفاضل - وهو رمضان -.
ولكن مع المشقة لا يصوم وهو مسافر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم رأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم، قال: (لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ) قال ذلك لمن يصوم في السفر وقد شق عليه، ولهذا لما نزل منزلاً ذات يوم سقط الصوَّام لأنهم متعبون، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ) رواه مسلم.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/السؤال رقم 112) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2867)
يرهقها الصيام جدّاً فهل تفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من شدة العطش في نهار رمضان لدرجة القيء والدوخة والضعف العام بالجسم، وهذا ما يجعلني أشرب الماء فقط، وقلبي يتقطع لعملي هذا، علما أنني أحافظ على صلواتي وأذكاري وقراءتي للقرآن.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شرع الله تعالى الصيام تشريعاً سهلاً ميسراً، ولذلك قال الله تعالى أثناء آيات الصيام: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) .
وقد أباح الله تعالى للمريض أن يفطر في رمضان.
والمرض الذي يبيح للصائم ذلك هو المرض الموجود بالفعل مما يُخشى زيادته أو تأخر شفائه، أو المرض المتوقع حدوثه بسبب الصيام. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (12488) .
وعلى هذا، إذا كان الصيام يؤدي بالسائلة إلى القيء والدوخة بسبب ضعف جسمها فلا حرج عليها من الفطر في رمضان، وعليها القضاء، إن كانت تستطيع ذلك، فإن لم تكن تستطيع القضاء فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
ما حكم من أفسد صومه الواجب بسبب العطش؟
فأجاب:
" حكمه أنه يحرم على من كان في صوم واجب سواء من رمضان أو قضائه، أو كفارة، أو فدية يحرم عليه أن يفسد هذا الصوم، لكن إن بلغ به العطش إلى حد يخشى عليه من الضرر، أو من التلف فإنه يجوز له الفطر ولا حرج عليه، حتى ولو كان ذلك في رمضان إذا وصل إلى حد يخشى على نفسه الضرر، أو الهلاك: فإنه يجوز له أن يفطر " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 149) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2868)
هل يجب على هؤلاء الصوم؟ وهل يلزمهم القضاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك صبي كان يصوم رمضان قبل أن يبلغ، وفي أثناء صومه في نهار رمضان بلغ فهل يجب عليه قضاء ذلك اليوم؟ وكذلك الكافر إذا أسلم؟ وكذلك الحائض إذا طهرت؟ وكذلك المجنون إذا أفاق؟ وكذلك المسافر إذا عاد وكان مفطراً؟ وكذلك المريض إذا تعافى وكان قد أفطر؟ فماذا على هؤلاء من حيث الإمساك في ذلك اليوم والقضاء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هؤلاء المذكورون في السؤال ليس حكمهم واحداً، وسبق أن ذكرنا اختلاف العلماء وشيئا من أقوالهم في جواب السؤال رقم (49008) .
ويمكن تقسيم هؤلاء المذكورين في السؤال إلى مجموعتين:
فالصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، والمجنون إذا أفاق لهم حكم واحد، وهو وجوب الإمساك ولا يجب عليهم القضاء.
وأما الحائض إذا طهرت والمسافر إذا أقام والمريض إذا شفي فحكمهم واحد أيضا، فلا يجب عليهم الإمساك ولا يستفيدون بإمساكهم شيئاً، ويجب عليهم القضاء.
والفرق بين المجموعة الأولى والثانية: أن المجموعة الأولى وجد فيهم شرط التكليف، وهو البلوغ والإسلام والعقل. وإذا ثبت تكليفهم وجب عليهم الإمساك , ولا يلزمهم القضاء لأنهم أمسكوا حين وجب عليهم الإمساك، أما قبل ذلك فلم يكونوا مكلفين بالصيام.
وأما المجموعة الثانية فإنهم مخاطبون بالصيام لذا كان واجباً في حقهم، لكن وُجد عندهم عُذرٌ يبيح لهم الفطر , وهو الحيض والسفر والمرض فخفف الله عنهم وأباح لهم الفطر، فزالت حرمة اليوم في حقهم، فإذا زالت أعذارهم أثناء النهار لم يستفيدوا شيئا من إمساكهم، ولزمهم القضاء بعد رمضان.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
" إذا قدم المسافر إلى بلده وهو مفطر: فإنه لا يجب عليه الإمساك، فله أن يأكل ويشرب بقية يومه؛ لأن إمساكه لا يفيده شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليه، هذا هو القول الصحيح، وهو مذهب مالك والشافعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله لكن لا ينبغي له أن يأكل ويشرب علناً " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 58) .
وقال أيضا:
" إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء النهار لم يجب عليها الإمساك، ولها أن تأكل وتشرب، لأن إمساكها لا يفيدها شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليها، وهذا مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (من أكل أول النهار فليأكل آخره) ، يعني: من جاز له الفطر أول النهار جاز له الفطر في آخره " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 59) .
وسئل الشيخ أيضا:
من أفطر في نهار رمضان لعذر شرعي فهل يجوز له أن يأكل ويشرب بقية اليوم؟
فأجاب بقوله:
" يجوز له أن يأكل ويشرب؛ لأنه أفطر بعذر شرعي، وإذا أفطر بعذر شرعي فقد زالت حرمة اليوم في حقه، وصار له أن يأكل ويشرب، بخلاف الرجل الذي أفطر في نهار رمضان بدون عذر، فإنا نلزمه بالإمساك، وإن كان يلزمه القضاء، فيجب التنبه للفرق بين هاتين المسألتين " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 60) .
وقال أيضا:
" ذكرنا أثناء بحثنا في الصيام أن المرأة إذا كانت حائضاً وطهرت في أثناء النهار: فإن العلماء اختلفوا هل يجب عليها أن تمسك بقية اليوم فلا تأكل ولا تشرب، أو يجوز لها أن تأكل وتشرب بقية اليوم، وقلنا: إن في ذلك روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله: إحداهما: - وهي المشهور من المذهب - أنه يجب عليها الإمساك، فلا تأكل ولا تشرب.
والثانية: أنه لا يجب عليها الإمساك، فيجوز لها أن تأكل وتشرب، وقلنا: إن هذه الثانية هي مذهب مالك والشافعي رحمهما الله، وإن ذلك هو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قال: (من أكل أول النهار فليأكل آخره) ، وقلنا: إن الواجب على طالب العلم في مسائل الخلاف الواجب عليه أن ينظر في الأدلة، وأن يأخذ بما ترجح عنده منها، وأن لا يبالي بخلاف أحد ما دام أن الدليل معه؛ لأننا نحن مأمورون باتباع الرسل؛ لقوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ ?لْمُرْسَلِينَ) .
وأما الاحتجاج بما صح به الحديث حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء في أثناء اليوم، فأمسك الناس بقية يومهم، نقول: لا مستند لهم في هذا الحديث؛ لأن صوم يوم عاشوراء ليس فيه زوال مانع، وإنما فيه تجدد وجوب، وفرق بين زوال المانع وتجدد الوجوب؛ لأن تجدد الوجوب معناه أن الحكم لم يثبت قبل [وجود] سببه، وأما زوال المانع فمعناه أن الحكم ثابت مع المانع لولا هذا المانع، ومادام هذا المانع موجوداً مع وجود أسباب الحكم، فمعناه أن هذا المانع لا يمكن أن يصح معه الفعل لوجوده، ونظير هذه المسألة التي أوردها السائل نظيرها: ما لو أسلم إنسان في أثناء اليوم، فإن هذا الذي أسلم تجدد له الوجوب، ونظيرها أيضاً: ما لو بلغ الصبي في أثناء اليوم وهو مفطر، فإن هذا تجدد له الوجوب فنقول لمن أسلم في أثناء النهار: يجب عليك الإمساك، ولكن لا يجب عليك القضاء، ونقول للصبي إذا بلغ في أثناء النهار: يجب عليك الإمساك، ولا يجب عليك القضاء، بخلاف الحائض إذا طهرت، فإنه بإجماع أهل العلم يجب عليها القضاء، الحائض إذا طهرت أثناء النهار أجمع العلماء على أنها إن أمسكت بقية اليوم لا ينفعها هذا الإمساك ولا يكون صوماً، وأن عليها القضاء، وبهذا عرف الفرق بين تجدد الوجوب وبين زوال المانع، فمسألة الحائض إذا طهرت من باب زوال المانع، ومسألة الصبي إذا بلغ أو ما ذكره السائل من إيجاب صوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، هذا من باب تجدد الوجوب، والله الموفق " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 60) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2869)
الامتحان لا يبيح الفطر في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[سأختبر في رمضان لمدة 6 ساعات ونصف الساعة، متواصلة يتخللها فترة راحة لمدة 45 دقيقة. وكنت قد قدمت الاختبار ذاته العام الماضي، لكني لم أركز بسبب الصيام.
فهل يجوز لي أن أفطر في يوم الاختبار؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز الإفطار لما ذكرت، بل يحرم ذلك؛ لعدم دخوله في الأعذار التي تبيح الإفطار في رمضان. انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (ج10 ص240) .
واعلم بأن صِيَام رَمَضَانَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ , وَلَا يُعْفَى مِنْ أَدَاءِ الصِّيَامِ فِي وَقْتِهِ إلَّا أَصْحَابَ الْأَعْذَارِ الْمُرَخَّصَ لَهُمْ فِي الْفِطْرِ كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ والحَامِل، والمُرْضِع، والهَرِمْ، والمكره.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2870)
الفطر في نهار رمضان لأجل الامتحانات
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أيام الجامعة كنت لا أستطيع المذاكرة وأنا صائمة في رمضان فأفطرت في سنتين أياماً عديدة , فهل علي القضاء أم الكفارة أم هما معا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
صوم رمضان أحد الأركان التي بني عليها الإسلام، روى البخاري (8) ومسلم (16) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَان) .
فمن ترك الصوم فقد ترك ركناً من أركان الإسلام، وفعل كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض السلف إلى كفره وردته، عياذا بالله من ذلك.
قال الذهبي في الكبائر (ص 64) :
" وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض (أي بلا عذر يبيح ذلك) أنه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال " انتهى.
ثانياً:
وأما الفطر لأجل الامتحان فقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن ذلك فأجاب:
" لا يجوز للمكلّف الإفطار في رمضان من أجل الامتحان، لأن ذلك ليس من الأعذار الشرعية، بل يجب عليه الصوم وجعل المذاكرة في الليل إذا شق عليه فعلها في النهار.
وينبغي لولاة أمر الامتحان أن يرفقوا بالطلبة، وأن يجعلوا الامتحان في غير رمضان جمعاً بين مصلحتين، مصلحة الصيام، والتفرغ للإعداد للامتحان، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشقّ عليهم فاشقق عليه) أخرجه مسلم في صحيحه.
فوصيتي للمسؤولين عن الامتحان أن يرفقوا بالطلبة والطالبات، وألا يجعلوه في رمضان بل قبله أو بعده ونسأل الله للجميع التوفيق " انتهى.
"فتاوى الشيخ ابن باز" (4/223) .
وكذلك سئلت اللجنة الدائمة: سأختبر في رمضان لمدة 6 ساعات ونصف الساعة، متواصلة يتخللها فترة راحة لمدة 45 دقيقة. وكنت قد قدمت الاختبار ذاته العام الماضي، لكني لم أركز بسبب الصيام. فهل يجوز لي أن أفطر في يوم الاختبار؟
فأجابت:
" لا يجوز الإفطار لما ذكرت، بل يحرم ذلك؛ لعدم دخوله في الأعذار التي تبيح الإفطار في رمضان " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10 /240) .
ثالثاً:
وأما وجوب القضاء , فالأمر يحتاج إلى تفصيل:
فإن كنت أفطرت وأنت تظنين أن الفطر جائز بسبب الامتحانات فعليك القضاء , لأنك معذورة بهذا الظن الخاطئ , ولم تتعمدي ارتكاب المحرم.
أما إن كنت أفطرت وأنت تعلمين تحريم ذلك , فالواجب عليك التوبة والندم، والعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب العظيم.
وأما القضاء , فإن كان إفطارك في أثناء اليوم بعد أن شرعت في صيامه , فعليك القضاء , وإن كنت لم تصومي من الأصل فلا قضاء عليك , وتكفيك التوبة النصوح إن شاء الله تعالى , وعليك الإكثار من الأعمال الصالحة من صيام التطوع غيره، فإن ذلك يسدد النقص الحاصل في الفريضة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر؟
فأجاب:
" الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقاً، ويجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر: فالراجح: أنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لا يستفيد به شيئاً، إذ إنه لن يقبل منه، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ولأنه مِن تعدي حدود الله عز وجل، وتعدي حدود الله تعالى ظلم، والظالم لا يقبل منه، قال الله تعالى: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ?للَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ?لظَّلِمُونَ) ؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي: فعلها قبل دخول الوقت - لم تقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 45) .
رابعاً:
عليك التوبة إلى الله من تأخير القضاء كل هذه السنوات، فإن الواجب على من عليه قضاء أيام من رمضان أن يقضيها قبل دخول رمضان التالي , فإن أخرها كان مرتكباً محرماً , وهل يجب عليه كفارة (إطعام مسكين عن كل يوم) بسبب هذا التأخير؟ فيه خلاف بين العلماء , والأقرب أنه لا يجب , ولو أخرجتيها احتياطاً كان ذلك حسناً.
وانظري جواب السؤال (26865) .
وخلاصة الجواب:
أن عليك القضاء إن كنت ظننت أن الفطر جائز بسبب الاختبارات، أو كان فطرك في أثناء اليوم، ولا يلزمك مع القضاء كفارة.
نسأل الله أن يتقبل توبتك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2871)
حكم تطعيم الكبد الوبائي في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تطعيم الكبد الوبائي في الكتف الأيمن في نهار رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يضرُّ ذلك، ولا يؤثر في الصيام، حيث أن هذا التطعيم ليس من المغذيات.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2872)
يعمل في القطاع العسكري فهل يجوز له الإفطار في رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في القطاع العسكري وصادف شهر رمضان فهل يجوز أن أفطر علماً أن الظروف لا تساعدني على الصيام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لك الفطر في رمضان وأنت مكلف بالصيام إلا إذا كنت مسافراً أو كنت مريضاً مرضاً لا تقوى معه على الصيام لقوله تعالى: {ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} البقرة / 185 وقوله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} الحج / 78، وقوله: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} البقرة / 286، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 232(5/2873)
الأعذار التي تبيح الفطر في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأعذار المبيحة للفطر في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإن من تيسير الله لعباده أنه لم يفرض الصيام إلا على من يطيقه، وأباح الفطر لمن لم يستطع الصوم لعذر شرعي، والأعذار الشرعية المبيحة للصوم على النحو التالي:
" أَوَّلًا: (الْمَرَضُ) :
الْمَرَضُ هُوَ: كُلُّ مَا خَرَجَ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنْ حَدِّ الصِّحَّةِ مِنْ عِلَّةٍ.
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبَاحَةِ الْفِطْرِ لِلْمَرِيضِ فِي الْجُمْلَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} . وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رضي الله تعالى عنه قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ , يُفْطِرُ وَيَفْتَدِي , حَتَّى أُنْزِلَتْ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا يَعْنِي قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ , هُدًى لِلنَّاسِ , وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ , فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ , وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فَنَسَخَتْهَا. فَالْمَرِيضُ الَّذِي يَخَافُ زِيَادَةَ مَرَضِهِ بِالصَّوْمِ أَوْ إبْطَاءَ الْبُرْءِ أَوْ فَسَادَ عُضْوٍ , لَهُ أَنْ يُفْطِرَ , بَلْ يُسَنُّ فِطْرُهُ , وَيُكْرَهُ إتْمَامُهُ , لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ , فَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ. ثُمَّ إنَّ شِدَّةَ الْمَرَضِ تُجِيزُ الْفِطْرَ لِلْمَرِيضِ. أَمَّا الصَّحِيحُ إذَا خَافَ الشِّدَّةَ أَوْ التَّعَبَ , فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ , إذَا حَصَلَ لَهُ بِالصَّوْمِ مُجَرَّدُ شِدَّةِ تَعَبٍ.
ثَانِيًا: السَّفَرُ:
يُشْتَرَطُ فِي السَّفَرِ الْمُرَخِّصِ فِي الْفِطْرِ مَا يَلِي:
أ - أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ طَوِيلا مِمَّا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلاةُ.
ب - أَنْ لَا يَعْزِمَ الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ خِلَالَ سَفَرِهِ.
ج - أَنْ لَا يَكُونَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ , بَلْ فِي غَرَضٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ , وَذَلِكَ: لِأَنَّ الْفِطْرَ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ , فَلَا يَسْتَحِقُّهَا عَاصٍ بِسَفَرِهِ , بِأَنْ كَانَ مَبْنَى سَفَرِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ , كَمَا لَوْ سَافَرَ لِقَطْعِ طَرِيقٍ مَثَلًا.
(انْقِطَاعُ رُخْصَةِ السَّفَرِ) :
تَسْقُطُ رُخْصَةُ السَّفَرِ بِأَمْرَيْنِ اتِّفَاقًا:
الْأَوَّلِ: إذَا عَادَ الْمُسَافِرُ إلَى بَلَدِهِ , وَدَخَلَ وَطَنَهُ , وَهُوَ مَحَلُّ إقَامَتِهِ.
الثَّانِي: إذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ مُطْلَقًا , أَوْ مُدَّةَ الْإِقَامَةِ فِي مَكَان وَاحِدٍ , وَكَانَ الْمَكَانُ صَالِحًا لِلْإِقَامَةِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُقِيمًا بِذَلِكَ , فَيُتِمُّ الصَّلَاةَ , وَيَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ , لِانْقِطَاعِ حُكْمِ السَّفَرِ.
العذر الثَالِث: الْحَمْلُ وَالرَّضَاعُ:
الْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ لَهُمَا أَنْ تُفْطِرَا فِي رَمَضَانَ , بِشَرْطِ أَنْ تَخَافَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى وَلَدِهِمَا الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ , أَوْ الضَّرَرَ أَوْ الْهَلَاكَ. وَدَلِيلُ تَرْخِيصِ الْفِطْرِ لَهُمَا: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الْمَرَضِ صُورَتَهُ , أَوْ عَيْنَ الْمَرَضِ , فَإِنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ الصَّوْمُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ , فَكَانَ ذِكْرُ الْمَرَضِ كِنَايَةً عَنْ أَمْرٍ يَضُرُّ الصَّوْمُ مَعَهُ , وَهُوَ مَعْنَى الْمَرَضِ , وَقَدْ وُجِدَ هَاهُنَا , فَيَدْخُلَانِ تَحْتَ رُخْصَةِ الْإِفْطَارِ, ومِنْ أَدِلَّةِ تَرْخِيصِ الْفِطْرِ لَهُمَا , حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ رضي الله تعالى عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: {إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ , وَعَنْ الْحَامِلِ أَوْ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوْ الصِّيَامَ} وَفِي لَفْظِ بَعْضِهِمْ: {عَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ} .
رَابِعًا: الشَّيْخُوخَةُ وَالْهَرَمُ:
وَتَشْمَلُ الشَّيْخُوخَةُ وَالْهَرَمُ مَا يَلِي: الشَّيْخَ الْفَانِيَ , وَهُوَ الَّذِي فَنِيَتْ قُوَّتُهُ , أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الفَنَاءِ , وَأَصْبَحَ كُلَّ يَوْمٍ فِي نَقْصٍ إلَى أَنْ يَمُوتَ. والْمَرِيضَ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ , وَتَحَقَّقَ الْيَأْسُ مِنْ صِحَّتِهِ. والْعَجُوزَ , وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْمُسِنَّةُ. والدليل فِي شَرْعِيَّةِ إفْطَارِ مَنْ ذُكِرَ، قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما: الْآيَةُ لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ , وَهِيَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ , وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ , لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا , فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.
خَامِسًا: إرْهَاقُ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ:
مَنْ أَرْهَقَهُ جُوعٌ مُفْرِطٌ , أَوْ عَطَشٌ شَدِيدٌ , فَإِنَّهُ يُفْطِرُ ويأكل بقدر ما تندفع به ضرورته ويمسك بقية اليوم وَيَقْضِي.
وَأَلْحَقُوا بِإِرْهَاقِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ خَوْفَ الضَّعْفِ عَنْ لِقَاءِ الْعَدُوِّ الْمُتَوَقَّعِ أَوْ الْمُتَيَقَّنِ كَأَنْ كَانَ مُحِيطًا: فَالْغَازِي إذَا كَانَ يَعْلَمُ يَقِينًا أَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ الْقِتَالَ بِسَبَبِ وُجُودِهِ بِمُقَابَلَةِ الْعَدُوِّ , وَيَخَافُ الضَّعْفَ عَنْ الْقِتَالِ بِالصَّوْمِ , وَلَيْسَ مُسَافِرًا , لَهُ الْفِطْرُ قَبْلَ الْحَرْبِ.
سَادِسًا: الْإِكْرَاهُ:
الإكراه: هو حَمْلُ الْإِنْسَانِ غَيْرَهُ , عَلَى فِعْلِ أَوْ تَرْكِ مَا لا يَرْضَاهُ بِالْوَعِيدِ. "
[الْمَصْدَرُ]
الموسوعة الفقهية ج28 ص 73.(5/2874)
رجل كثير السفر لطلب الرزق فهل يُفطر في رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب عمل سفري مستمر في البحث عن الرزق، وأُأدي الفروض جمعاً دائماً في سفري، وأُفطر في شهر رمضان فهل يحق لي ذلك أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز لك في سفرك قصر الصلاة الرباعية والجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، والجمع بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، ويجوز لك أيضاً الفطر في شهر رمضان في سفرك ويجب عليك قضاء الأيام التي أفطرتها من رمضان؛ لقوله تعالى: (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) البقرة / 185.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/212)(5/2875)
قضاء صوم رمضان بسبب الولادة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أقضي ما فاتني من صيام حيث أني وضعت للتو خلال شهر رمضان؟ ما هي النية التي يجب على أن أقولها قبل الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
_ إذا أفطر المسلم في رمضان لعذر شرعي وجب عليه قضاؤه بعد زوال العذر، وعليه أن يبادر إلى ذلك ما أمكن، قال تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدّة من أيام أخر) .
_ نية الصوم يجب تبييتها من الليل، ومحل النية القلب وهو أن يريد ذلك الفعل، ويعزم على فعله، وحينئذ تتحقق النية وليس له أن يتلفظ بشيء وإنما ذلك في القلب. وعليه أن يريد بعمله وجه الله ليكون العمل خالصا، قال عليه الصلاة والسلام: " إنما الأعمال بالنيات ".
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ وليد الفريان(5/2876)
أيهما أفضل: الفطر في السفر أم الصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من سافر في رمضان وهو صائم، فهل الأفضل له الفطر أم متابعة الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ , وَجَمَاهِيرُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إلَى أَنَّ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ صَحِيحٌ مُنْعَقِدٌ , وَإِذَا صَامَ وَقَعَ صِيَامُهُ وَأَجْزَأَهُ. أنظر الموسوعة الفقهية ج28 ص73
وأما الأفضلية فعلى التفصيل التالي:
" الحال الأولى: إذا كان الصوم والفطر سواء، بمعنى أن الصوم لا يؤثر عليه، ففي هذه الحالة يكون الصوم أفضل للأدلة التالية:
أ / عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ " رواه البخاري (1945) ومسلم رقم (1122) .
ب/ أنه أسرع في إبراء الذمة؛ لأن القضاء يتأخر، والأداء وهو صيام رمضان يقدم.
ج / أنه أسهل على المكلف غالباً؛ لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم.
د / أنه يدرك الزمن الفاضل، وهو رمضان، فإن رمضان أفضل من غيره؛ لأنه محل الوجوب، فلهذه الأدلة يترجح ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله من أن الصوم أفضل في حق من يكون الصوم والفطر عنده سواء.
الحال الثانية: أن يكون الفطر أرفق به، فهنا نقول: إن الفطر أفضل، وإذا شق عليه بعض الشيء صار الصوم في حقه مكروهاً؛ لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يشعر بالعدول عن رخصة الله عز وجل.
الحال الثالثة: أن يشق عليه مشقة شديدة غير محتملة فهنا يكون الصوم في حقه حراماً.
والدليل على ذلك ما رواه مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ ". وفي رواية " فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ " (1114) .فوصف من صام مع المشقة الشديدة بالعصاة. أنظر الشرح الممتع للشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله.ج6 ص355
" قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ: إنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْفِطْرِ , مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ , وَفِي بَعْضِهَا التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ , وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ , لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ , وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِ بَعْضِهَا , أَوْ ادِّعَاءِ النَّسْخِ , مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ قَاطِعٍ. وَاَلَّذِينَ سَوَّوْا بَيْنَ الصَّوْمِ وَبَيْنَ الْفِطْرِ , اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها {أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ رضي الله تعالى عنه قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ - فَقَالَ: إنْ شِئْت فَصُمْ , وَإِنْ شِئْت فَأَفْطِرْ} متفق عليه. "
[الْمَصْدَرُ]
الموسوعة الفقهية ج28 ص73.(5/2877)
هل الأفضل للحامل الصيام أم الفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل للحامل الصيام أم الفطر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحامل مكلفة بالصيام، كغيرها، إلا أنها إذا خافت على نفسها أو خافت على جنينيها أبيح لها الفطر.
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) : " كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام، يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكينا، والمرضع والحبلى إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا " رواه أبو داود (2317) وصححه الألباني في إرواء الغليل 4/18،25
وينبغي أن يعلم أن الفطر للحامل يكون جائزا، وواجبا، وحراما:
فيجوز لها الفطر إذا كان الصوم يشق عليها، ولا يضرها.
ويجب عليها إذا ترتب على صيامها ضرر عليها أو على جنينها.
ويحرم عليها إذا كان لا يلحقها بالصوم مشقة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
(المرأة الحامل لا تخلو من حالين:
إحداهما: أن تكون قوية نشيطة لا يلحقها في الصوم مشقة ولا تأثير على جنينها، فهذه المرأة يجب عليها أن تصوم، لأنه لا عذر لها في ترك الصيام.
والحالة الثانية: أن تكون المرأة غير متحملة للصيام لثقل الحمل عليها أو لضعفها في جسمها أو لغير ذلك. وفي هذه الحال تفطر لاسيما إذا كان الضرر على جنينها، فإنه يجب عليها الفطر حينئذ) .
فتاوى الشيخ ابن عثيمين 1/487
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
(الحامل والمرضع حكمهما حكم المريض، إذا شق عليهما الصوم شرع لهما الفطر، وعليهما القضاء عند القدرة على ذلك، كالمريض. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفيهما الإطعام عن كل يوم إطعام مسكين، وهو قول ضعيف مرجوح، والصواب أن عليهما القضاء كالمسافر والمريض، لقول الله عز وجل (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) البقرة / 184، وقد دل على ذلك أيضا حديث أنس بن مالك الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم " رواه الخمسة) .
انتهى من " تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام " ص 171
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2878)
هل للحائض أن تصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمرأة إذا حاضت أن تفطر في رمضان وتصوم أياماً مكان الأيام التي أفطرتها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يصح صوم الحائض ولا يجوز لها فعله فإذا حاضت أفطرت وصامت أياماً مكان الأيام التي أفطرتها بعد طهرها.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة.(5/2879)
متى يحرم الفطر على المسافر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يحرم على المسافر الفطر؟ مع ذكر السبب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دل القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة على أن المسافر في نهار رمضان له أن يفطر، قال الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
انظر السؤال (37717) .
وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أن المسافر الذي يباح له الفطر: هو من سافر مسافة قصر، وكان سفره مباحا.
أما من سافر سفرا لا يبلغ مسافة القصر، أو كان سفره سفر معصية، فلا يباح لهما الفطر.
وكذا لو سافر ليفطر: حرم عليه السفر والفطر.
ومسافة القصر عند جمهور العلماء، هي أربعة بُرُد، وتعادل 80 كيلو تقريبا. وذهب بعض العلماء على أنه لا اعتبار بالمسافة، وإنما العبرة بما يسميه الناس سفراً.
انظر السؤال (38079) .
والقول بأن العاصي بسفره لا يباح له الفطر ولا غيره من رخص السفر كقصر الصلاة: هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة.
انظر: "المغني" (2/52) .
وعللوا قولهم: بأن الفطر رخصة، والعاصي بسفره ليس أهلا للرخصة. ومنهم من استدل بقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) البقرة/173.
ووجه الدلالة: أن الله تعالى لم يبح أكل الميتة للمضطر الباغي والعادي؛ لأنهم عصاة. قالوا: والباغي هو الخارج على الإمام، والعادي هو المحارب وقاطع الطريق.
وذهب الحنفية إلى أن له الترخص بالفطر والقصر وغيره، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
انظر: "البحر الرائق" (2/149) ، "مجموع الفتاوى" (24/110) .
وهؤلاء لم يسلموا للجمهور استدلالهم بالآية، وقالوا: بل الباغي هو الذي يطلب الطعام المحرم مع قدرته على الحلال، والمعتدي: هو الذي يتعدى القدر المحتاج إليه.
وأما من سافر لأجل أن يفطر، فهذا متحايل على الشرع، فعوقب بنقيض قصده،
قال في "كشاف القناع" من كتب الحنابلة (2/312) :
" لكن لو سافر ليفطر حرما عليه، أي: السفر والفطر، حيث لا علة لسفره إلا الفطر. أما حرمة الفطر فلعدم العذر المبيح له. وأما حرمة السفر فلأنه وسيلة إلى الفطر المحرم " انتهى بتصرف يسير.
وليس للمسافر أن يفطر إلا بعد مفارقة عمران مدينته أو قريته، فيحرم الفطر عليه قبل ذلك؛ لأنه مقيم حينئذ. انظر السؤال (48975) .
وعلى هذا فيحرم على المسافر الفطر في مواضع: منها:
1- إذا كان سفره لا يبلغ مسافة القصر.
2- إذا لم يكن سفره مباحا عند جمهور العلماء.
3- إذا سافر لأجل أن يفطر.
4- إذا سافر وأراد أن يفطر قبل مفارقة بيوت قريته أو مدينته.
5- وهناك حالة خامسة يحرم فيها الفطر على المسافر عند جمهور العلماء، وهي إذا أقام في البلد الذي سافر إليه أكثر من أربعة أيام، ويرى آخرون من العلماء أن المسافر يترخص برخص السفر ما دام مسافرا مهما طالت المدة. انظر السؤال (21091) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2880)
إذا شعرت الحامل ببعض التعب فهل تفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تستطيع المرأة الحامل الفطر في رمضان إذا شعرت ببعض التعب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي أن يُعْلَمَ أنه ليس كلُّ تعب أو مشقة يعتبر عذراً يبيح الفطر في رمضان، لأن الصوم لا يخلو من مشقة وتعب، إلا أنها مشقة يسيرة معتادة في الغالب.
وعلى هذا؛ فالحامل إذا شعرت ببعض التعب فلا يخلو من حالين:
الأولى: أن يكون التعب يسيراً بحيث لا يشق عليها الصوم مشقة شديدة غير معتادة، ولا تخاف على نفسها ولا على جنينها، فحينئذ يجب عليها الصوم، ولا يجوز لها الفطر.
الثانية:
أن تكون المشقة شديدة أو تخاف على نفسها أو على جنينها الضرر، فالفطر لها أفضل، وقد يكون واجبا.
انظر السؤال (3434) ، (50005) .
ويدل على الرخصة للحامل في الفطر قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ وَالصَّوْمَ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ) رواه النسائي (2274) وحسنه الألباني في صحيح سنن النسائي.
وإذا أفطرت الحامل فإنها يلزمها قضاء الأيام التي أفطرتها.
وهل يلزمها الإطعام في حال فطرها خوفا على جنينها؟ في ذلك خلاف بين الفقهاء.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو يذكر اختلاف العلماء فيما يجب على الحامل إذا أفطرت: " القول الثالث: يلزمها القضاء فقط دون الإطعام، وهذا القول أرجح الأقوال عندي؛ لأن غاية ما يكون أنهما – الحامل والمرضع - كالمريض والمسافر، فيلزمهما القضاء فقط " انتهى من الشرح الممتع (6/362) .
انظر السؤال (49794) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2881)
مريض يتناول ستة أقراص دواء يوميّاً فهل له الفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب بمرض في العمود الفقري، وأتناول من العلاجات 6 حبات دواء، فهل يجوز لي أن أفطر وأقضي لاحقا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يعافيك، ويرزقك الصبر والاحتساب لتنال الأجر كاملاً موفوراً، وقد خفف الله تعالى عن المريض فأباح له الفطر في رمضان على أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد زوال المرض , قال الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/184.
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
" أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة , والأصل فيه قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) " انتهى.
" المغني " (3 / 88) .
والمرض المبيح للفطر هو الذي يضر معه الصوم أو يؤخر شفاءه منه، وتناول الدواء ليس عذراً إلا إذا كان لا يمكنه تناوله إلا في نهار صومه، فإن أمكن المريض تناول الدواء وقت السحور وبعد المغرب وكان الصوم غير مضرٍّ له: لم يجز له الفطر , فإن احتاج إلى تناول الدواء نهاراً فلا حرج عليه أن يفطر ويقضي الأيام التي أفطرها.
قال النووي رحمه الله:
" قال أصحابنا: شرط إباحة الفطر: أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها , وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة: لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا " انتهى.
" المجموع " (6 / 257) .
وقال ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
" والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه.
قيل لأحمد: متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع، قيل: مثل الحمى؟ قال: وأي مرض أشد من الحمى " انتهى.
" المغني " (3 / 88) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
" المشروع للمريض الإفطار في شهر رمضان إذا كان الصوم يضرّه أو يشقّ عليه، أو كان يحتاج إلى علاج في النهار بأنواع الحبوب والأشربة ونحوها مما يؤكل ويشرب، لقول الله سبحانه: (وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته) ، وفي رواية أخرى: (كما يحبّ أن تؤتى عزائمه) انتهى.
" فتاوى إسلامية " (2 / 139) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" إذا شرب المريض الدواء في رمضان بعد طلوع الفجر فإن صيامه هذا غير صحيح؛ لأنه تعمد الإفطار ويلزمه الإمساك بقية اليوم، إلا إذا شق عليه الإمساك من أجل المرض فله أن يفطر من أجل المرض، ويلزمه القضاء؛ لأنه تعمد الفطر.
ولا يحل للمريض أن يتناول دواء وهو صائم في رمضان إلا عند الضرورة، مثل أن نخاف عليه من الموت فنعطيه حبوباً تخفف عنه، فإنه في هذا الحال يكون مفطراً ولا حرج عليه في الفطر مع المرض " انتهى.
" فتاوى ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 76) .
فإن كان مرضك مستمراً مزمناً بحيث لا تستطيع معه القضاء فلا يجب عليك الصيام ولا القضاء , وإنما الواجب عليك أن تطعم مسكينا، وجبة غداء أو عشاء عن كل يومٍ تفطره من رمضان.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
هناك رجل مريض بمرض القلب، ولا يعمل عنده إلا جزء بسيط يحتاج إلى الدواء باستمرار، يعني تقريباً كل ثمان ساعات أو ست ساعات فهل يسقط عنه الصوم؟
فأجاب:
" نعم، يسقط عنه الصوم، ويطعم عن كل يوم مسكيناً، إن شاء أعطى المساكين كل مسكين ربع صاع من الأرز، وإن جعل معه لحماً فهو أحسن، وإن شاء عشَّاهم في آخر ليلة من رمضان، أو غداهم في يوم آخر في الفطر، كل ذلك جائز " انتهى.
" فتاوى ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 87) .
وينظر في أحوال المرض: جواب السؤال رقم (38532) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2882)
كان ممنوعا من الطعام بسبب المرض فهل يجب عليه الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بعملية جراحية، وقد منعت من الشرب لمدة 3 أيام، ثم سمحوا لي بشرب الماء والعصائر فقط 3 أيام، وبالصدفة كان اليوم التالي لها مباشرة هو أول أيام رمضان، وقد طلب مني الطبيب أن أبدأ في الأكل من أول يوم من رمضان، وقد أفطرت اليوم الأول لأنني كنت جائعاً جدا، ولا أستطيع الصيام، وسوف أفطر اليوم الثاني أيضاً من رمضان. فهل هذا جائز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يظهر أنك معذور في إفطارك؛ لأنك لا تزال في عذر المرض، وقد أسقط الله تعالى وجوب الصيام عن المريض فقال تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/184.
فالظاهر جواز فطرك اليوم الأول والثاني من رمضان لعذر المرض، والواجب عليك قضاء هذين اليومين بعد انتهاء شهر رمضان، متفرقَيْن أو متتابعَيْن على حسب السعة والقدرة، والأولى الإسراع في القضاء بعد انتهاء الشهر مباشرة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2883)
من جامع امرأته في نهار رمضان وهو مسافر فلا شيء عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهو على سفر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا كفارة عليه ولا إثم، لأن المسافر يجوز له الفطر، ولكن عليه قضاء هذا اليوم.
سئلت اللجنة الدائمة (10/202) عن حكم من جامع أهله في نهار رمضان وهما مسافران ومفطران.
فأجابت:
"يجوز الفطر في السفر لمسافر في نهار رمضان ويقضيه لقوله تعالى: (َمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185، ويباح له الأكل والشرب والجماع ما دام في السفر" اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/307) :
عن حكم من جامع في نهار رمضان وهو صائم، وهل يجوز للمسافر إذا أفطر أن يجامع أهله؟
فأجاب:
على من جامع في نهار رمضان وهو صائم صوما واجبا الكفارة، أعني كفارة الظهار (هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً) مع وجوب قضاء اليوم، والتوبة إلى الله سبحانه مما وقع منه، أما إن كان مسافرا أو مريضا مرضا يبيح له الفطر فلا كفارة عليه ولا حرج عليه، وعليه قضاء اليوم الذي جامع فيه؛ لأن المريض والمسافر يباح لهما الفطر بالجماع وغيره، كما قال الله سبحانه) ٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/184.
وحكم المرأة في هذا حكم الرجل إن كان صومها واجبا وجبت عليها الكفارة مع القضاء، وإن كانت مسافرة أو مريضة مرضا يشق معه الصوم فلا كفارة عليها اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (344) عن رجل جامع زوجته في نهار رمضان وهو مسافر؟
فأجاب: " لا حرج عليه في ذلك؛ لأن المسافر يجوز له أن يفطر بالأكل والشرب والجماع، فلا حرج عليه في هذا ولا كفارة. ولكن يجب عليه أن يصوم يوماً عن الذي أفطره في رمضان.
كذلك المرأة لا شيء عليها إذا كانت مسافرة مفطرة أم غير مفطرة في ذلك اليوم معه، أما إذا كانت مقيمة فلا يجوز له جماعها إن كانت صائمة فرضاً؛ لأنه يفسد عليها عبادتها ويجب عليها أن تمتنع منه" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2884)
حكم صيام المرضع والحامل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لزوجتي التي ترضع ابني البالغ من العمر عشرة أشهر الإفطار في شهر رمضان؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المرضع ومثلها الحامل لها حالان:
الأولى:
أن لا تتأثر بالصيام، فلا يشق عليها الصيام ولا يُخشى منه على ولدها، فيجب عليها الصيام، ولا يجوز لها أن تفطر.
الثانية:
أن تخاف على نفسها أو ولدها من الصيام ويشق عليها، فلها أن تفطر وعليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها.
وفي هذه الحال الأفضل لها الفطر، ويكره لها الصيام، بل ذكر بعض أهل العلم أنها إذا كانت تخشى على ولدها وجب عليها الإفطار وحرم الصوم.
قال المرداوي في الإنصاف" (7/382) :
"يُكْرَهُ لَهَا الصَّوْمُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. . . وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ عَلَى حَمْلٍ وَوَلَدٍ , حَالَ الرَّضَاعِ لَمْ يَحِلَّ الصَّوْمُ , وَإن لَمْ تَخَفْ لَمْ يَحِلَّ الْفِطْرُ" اهـ. باختصار.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في فتاوى الصيام (ص161) :
إذا أفطرت الحامل أو المرضع بدون عذر وهي قوية ونشيطة ولا تتأثر بالصيام فما حكم ذلك؟
فأجاب:
لا يحل للحامل أو المرضع أن تفطرا في نهار رمضان إلا للعذر، فإذا أفطرتا للعذر وجب عليهما قضاء الصوم، لقول الله تعالى في المريض: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) . وهما بمعنى المريض وإذا كان عذرهما الخوف على الولد فعليهما مع القضاء عند بعض أهل العلم إطعام مسكين لكل يوم من البر (القمح) ، أو الرز، أو التمر، أو غيرها من قوت الا?دميين، وقال بعض العلماء: ليس عليهما سوى القضاء على كل حال؛ لأنه ليس في إيجاب الإطعام دليل من الكتاب والسنة، والأصل براءة الذمة حتى يقوم الدليل على شغلها، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وهو قوي اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى أيضاً في فتاوى الصيام (ص162) :
عن الحامل إذا خافت على نفسها أو خافت على ولدها وأفطرت فما الحكم؟
فأجاب:
جوابنا على هذا أن نقول: الحامل لا تخلو من حالين:
إحداهما: أن تكون نشيطة قوية لا يلحقها مشقة ولا تأثير على جنينها، فهذه المرأة يجب عليها أن تصوم؛ لأنها لا عذر لها في ترك الصيام.
والحال الثانية: أن تكون الحامل غير متحملة للصيام: إما لثقل الحمل عليها، أو لضعفها في جسمها، أو لغير ذلك، وفي هذه الحال تفطر، لاسيما إذا كان الضرر على جنينها، فإنه قد يجب الفطر عليها حينئذ. وإذا أفطرت فإنها كغيرها ممن يفطر لعذر يجب عليها قضاء الصوم متى زال ذلك العذر عنها، فإذا وضعت وجب عليها قضاء الصوم بعد أن تطهر من النفاس، ولكن أحياناً يزول عذر الحمل ويلحقه عذر آخر وهو عذر الإرضاع، وأن المرضع قد تحتاج إلى الأكل والشرب لاسيما في أيام الصيف الطويلة النهار، الشديدة الحر، فإنها قد تحتاج إلى أن تفطر لتتمكن من تغذية ولدها بلبنها، وفي هذه الحال نقول لها أيضاً: أفطري فإذا زال عنك العذر فإنك تقضين ما فاتك من الصوم اهـ.
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/224) :
أما الحامل والمرضع فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك الكعبي عن أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح أنه رخص لهما في الإفطار وجعلهما كالمسافر. فعلم بذلك أنهما تفطران وتقضيان كالمسافر، وذكر أهل العلم أنه ليس لهما الإفطار إلا إذا شق عليهما الصوم كالمريض، أو خافتا على ولديهما والله أعلم اهـ.
وجاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (10/226) :
"أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من النفاس" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2885)
هل الأفضل أن تفطر لترضع ولدها أو تقطع الرضاعة وتصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي طفل يبلغ من العمر 10 شهور، والآن وقد جاء شهر رمضان وأريد أن أصوم الشهر. ولكن قبل أيام قمت بصوم يومي الاثنين والخميس فأرهقني وأتعبني. هل يجوز أن أقطع الطفل من الرضاعة لأجل الصيام أم الأفضل أن أترك الصيام لأجل رضاعة الطفل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في إجابة السؤال رقم (50005) أن المرضع والحامل إذا خافت على نفسها أو ولدها فالأفضل لها الفطر، ويكره لها الصوم، بل قال بعض أهل العلم: إذا خافت على ولدها حرم عليها الصوم ووجب عليه الفطر لأنها ليس لها أن تفعل ما يضر ولدها.
ثانيا:
إذا كان الطفل مستغنياً عن رضاع أمه فإنها تصوم ولا تفطر لعدم الحاجة إلى فطرها حينئذ.
قال المرداوي في الإنصاف " (7/383) :
"إذا كان الطفل مستغنياً عن رضاعها لم يجز لها الفطر" اهـ بتصرف.
ثالثا:
إذا كان المقصود من قولك في السؤال "أقطع الطفل من الرضاعة" أنك تفطمينه فإنه ينظر في ذلك إلى حال الولد، فإن كان يتضرر بذلك فلا يجوز الإقدام على هذا، وإن كان لا يتضرر به فلا بأس من فطامه بعد مشاورة الأب والاتفاق معه على ذلك، لقول الله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا) البقرة/233.
قال القرطبي:
"قوله تعالى: "فإن أرادا فصالا" الضمير في "أرادا" للوالدين. و"فصالا" معناه فطاما عن الرضاع، أي عن الاغتذاء بلبن أمه إلى غيره من الأقوات. "عن تراض منهما" أي قبل الحولين. "فلا جناح عليهما" أي في فصله، وذلك أن الله سبحانه جعل مدة الرضاع حولين إلا أن يتفق الأبوان على أقل من ذلك العدد من غير مضارة بالولد، فذلك جائز بهذا البيان" اهـ بتصرف.
وروى ابن جرير في التفسير (3913) عن سفيان الثوري قال: إذا أراد الأب أن يفطمه قبل الحولين ولم ترض المرأة فليس له ذلك، وإذا قالت المرأة: أنا أفطمه قبل الحولين، وقال الأب: لا، فليس لها أن تفطمه حتى يرضى الأب، حتى يجتمعا، فإن اجتمعا قبل الحولين فطماه، وإذا اختلفا لم يفطماه قبل الحولين، وذلك قوله: (فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور) .
وأما إذا كان المقصود بقطع الطفل عن الرضاعة نقله إلى الرضاعة الصناعية فإن في هذا تفويتاً لمصلحة الرضاعة الطبيعية على الولد وقد ثبت ثبوتاً لا مجال للشك فيه أهمية الرضاعة الطبيعية للأطفال، وفي هذه الحال لا تترك المرأة الرضاعة الطبيعة لأجل الصيام حيث أن الرضاعة الصناعية لا تغني عنها تماماً، ولأن في أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل عذراً كافياً لها للإفطار. راجع السؤال (20759) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2886)
كيف يصوم المصاب بالفشل الكلوي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يصوم المصاب بالفشل الكلوي والذي يمارس الغسيل ثلاث مرات في الأسبوع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئلت اللجنة الدائمة (10/190) :
هل يؤثر الغسيل الكلوي على الصيام إذا كان الإنسان صائما؟
فأجابت:
"جرت الكتابة لكل من: سعادة مدير مستشفى الملك فيصل التخصصي، وسعادة مدير مستشفى القوات المسلحة بالرياض، للإفادة عن صفة واقع غسيل الكلى، وعن خلطه بالمواد الكيماوية، وهل تشتمل على نوع من الغذاء؟ وقد وردت الإجابة منهما بما مضمونه: أن غسيل الكلى عبارة عن إخراج دم المريض إلى آلة (كلية صناعية) تتولى تنقيته ثم إعادته إلى الجسم بعد ذلك، وأنه يتم إضافة بعض المواد الكيماوية والغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم.
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء والوقوف على حقيقة الغسيل الكلوي بواسطة أهل الخبرة أفتت اللجنة بأن الغسيل المذكور للكلى يفسد الصيام.
وبالله التوفيق " اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
بالنسبة لمن يقوم بعمل غسيل كلى أينقض وضوءه خروج الدم منه أثناء الغسيل؟ وكيف يصوم ويصلي أثناء الغسيل إذا وافق وقت الصلاة؟
فأجاب:
" أما نقض الوضوء فإنه لا ينقض الوضوء وذلك لأن القول الراجح من أقوال العلماء أن الخارج من البدن لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من السبيلين، فما خرج من السبيلين فهو ناقض للوضوء، سواء كان بولاً، أم غائطاً، أم ريحاً، كل ما خرج من السبيلين فإنه ناقض للوضوء.
وأما ما خرج من غير السبيلين كالرعاف يخرج من الأنف، والدم يخرج من الجرح وما أشبه ذلك فإنه لا ينقض الوضوء لا قليله ولا كثيره، وعلى هذا فغسيل الكلى لا ينقض الوضوء.
أما بالنسبة للصلاة فإنه يمكن أن يجمع الرجل المصاب بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وينسق مع الطبيب المباشر في الوقت بحيث يكون الغسيل لا يستوعب أكثر من نصف النهار لئلا تفوته صلاة الظهر والعصر في وقتيهما. فيقول له مثلاً: أخر الغسيل عن الزوال بمقدار ما أصلي به الظهر والعصر، أو قدمه حتى أتمكن من صلاة الظهر والعصر قبل خروج وقت العصر. المهم أنه يجوز له الجمع دون تأخير الصلاة عن وقتها، وعلى هذا فلابد من التنسيق مع الطبيب المباشر.
وأما بالنسبة للصيام فأنا في تردد من ذلك، أحياناً أقول: إنه ليس كالحجامة، الحجامة يستخرج منها (أي يستخرج بها الدم) ولا يعود إلى البدن، وهذا مفسد للصوم كما جاء في الحديث، والغسيل يخرج الدم وينظف ويعاد إلى البدن. لكن أخشى أن يكون في هذا الغسيل مواد مغذية تغني عن الأكل والشرب، فإن كان الأمر كذلك فإنها تفطر، وحينئذ إذا كان الإنسان مبتلى بذلك أبد الدهر يكون ممن مرض مرضاً لا يرجى برؤه فيطعم عن كل يوم مسكيناً.
وأما إذا كان في وقت دون آخر فيفطر في وقت الغسيل ويقضيه بعد ذلك.
وأما إن كان هذا الخلط الذي يخلط مع الدم عند الغسيل لا يغذي البدن، ولكن يصفي الدم وينقيه فهذا لا يفطر الصائم. وحينئذ له أن يستعمله ولو كان صائماً ويرجع في هذا الأمر إلى الأطباء" اهـ.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/113) .
وخلاصة الجواب:
أن المصاب بالفشل الكلوي يفطر في الأيام التي يُجري فيها الغسيل، ثم إن تمكن من القضاء فإنه يلزمه القضاء، وإن كان لا يتمكن من القضاء فهو بمنزلة كبير السن الذي لا يستطيع الصيام، فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2887)
الشرب من زمزم مستحب وليس واجبا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنوي إن شاء الله أن أعتمر في شهر رمضان المبارك، ومن المقرر أن أصل لمكة ظهرا براً، كما هو معلوم بأنه يجب أن يرتوي المعتمر بماء زمزم بعد الصلاة خلف مقام إبراهيم في الأيام العادية، لكن في رمضان وأنا أنوي الصوم وعدم الإفطار فكيف أشرب ماء زمزم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الشرب من ماء زمزم ليس واجبا، بل هو مستحب وليس استحبابه خاصا بما بعد صلاة الركعتين خلف المقام، بل الشرب من زمزم مستحب في كل وقت.
قال شيخ الإسلام في " مجموع الفتاوى" (26/144) :
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَيَتَضَلَّعَ مِنْهُ وَيَدْعُوَ عِنْدَ شُرْبِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ الأَدْعِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ اهـ.
وقال الموفق في "المغني".
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْتِيَ زَمْزَمَ , فَيَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا لِمَا أَحَبَّ , وَيَتَضَلَّعَ مِنْهُ. قَالَ جَابِرٌ , فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ثُمَّ أَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ , وَهُمْ يَسْقُونَ , فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا , فَشَرِبَ مِنْهُ اهـ.
ومعنى (يَتَضَلَّعَ) أي يكثر من الشرب حتى يمتلئ جنبه وأضلاعه. حاشية السندي على ابن ماجه.
وقال النووي في "المجموع":
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ , وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْهُ , وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ - أَيْ يَتَمَلَّى - وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَهُ لِمَطْلُوبَاتِهِ مِنْ أُمُورِ الآخِرَةِ وَالدُّنْيَا , فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْرَبَهُ لِلْمَغْفِرَةِ أَوْ الشِّفَاءِ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى , ثُمَّ قَالَ (اللَّهُمَّ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَك صلى الله عليه وسلم قَالَ: {مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ} اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ لِتَغْفِرَ لِي , اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لِي أَوْ اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ مُسْتَشْفِيًا بِهِ مِنْ مَرَضٍ , اللَّهُمَّ فَاشْفِنِي) وَنَحْوَ هَذَا , وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَنَفَّسَ ثَلاثًا كَمَا فِي كُلِّ شُرْبٍ , فَإِذَا فَرَغَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى اهـ.
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (16/138) :
يستحب للحاج والمعتمر وغيرهما أن يشرب من ماء زمزم إذا تيسر له ذلك اهـ.
فعلى هذا إذا اعتمرت وأنت صائم فلا حرج عليك من عدم الشرب من زمزم، وليكن شربك منها بعد الإفطار.
ثانياً:
إذا كنت مسافراً إلى مكة للعمرة فإن المسافر يجوز له الفطر والصيام بإجماع العلماء، واختلفوا في الأفضل، وسبق في إجابة السؤال (20165) أن الأفضل هو الأيسر، فمن لم يشق عليه فالصوم أفضل. ومن شق عليه الصيام مع السفر فالفطر أفضل، لاسيما والمعتمر يحتاج إلى قوة ونشاط حتى يؤدي العمرة على وجه كامل، بدعائها وخشوعها.
ويخطئ بعض المعتمرين حيث يشقون على أنفسهم فيعتمرون وهم صائمون مع مشقة الصيام عليهم مما يؤثر على أدائهم العمرة، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفطراً يوم عرفة.
قال الشوكاني:
صَوْم ْيَوْم عرفة مُسْتَحَبّ لِكُلِّ أَحَد، مَكْرُوه لِمَنْ كَانَ بِعَرَفَاتٍ حَاجًّا. وَالْحِكْمَة فِي ذَلِكَ أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ مُؤَدِّيًا إِلَى الضَّعْف عَنْ الدُّعَاء وَالذِّكْر يَوْم عَرَفَة هُنَالِكَ وَالْقِيَام بِأَعْمَالِ الْحَجّ اهـ.
وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم الجمعة منفرداً.
قال النووي:
يُكْرَه إِفْرَاد يَوْم الْجُمُعَة بِالصَّوْمِ إِلا أَنْ يُوَافِقَ عَادَةً لَهُ , فَإِنْ وَصَلَهُ بِيَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ , أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ شِفَاءِ مَرِيضِهِ أَبَدًا , فَوَافَقَ يَوْم الْجُمُعَة لَمْ يُكْرَهْ..
قَالَ الْعُلَمَاء: وَالْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْهُ: أَنَّ يَوْم الْجُمُعَة يَوْم دُعَاء وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ: مِنْ الْغُسْل وَالتَّبْكِير إِلَى الصَّلَاة وَانْتِظَارهَا وَاسْتِمَاع الْخُطْبَة وَإِكْثَار الذِّكْر بَعْدَهَا ; لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانْتَشَرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَات فِي يَوْمهَا , فَاسْتُحِبَّ الْفِطْر فِيهِ , فَيَكُون أَعْوَنَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْوَظَائِف وَأَدَائِهَا بِنَشَاطٍ وَانْشِرَاحٍ لَهَا , وَالْتِذَاذٍ بِهَا مِنْ غَيْر مَلَلٍ وَلا سَآمَةٍ , وَهُوَ نَظِير الْحَاجّ يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَةَ , فَإِنَّ السُّنَّة لَهُ الْفِطْر كَمَا سَبَقَ تَقْرِيره لِهَذِهِ الْحِكْمَة , فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَزُلْ النَّهْي وَالْكَرَاهَة بِصَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِبَقَاءِ الْمَعْنَى , فَالْجَوَاب: أَنَّهُ يَحْصُل لَهُ بِفَضِيلَةِ الصَّوْم الَّذِي قَبْله أَوْ بَعْده مَا يَجْبُر مَا قَدْ يَحْصُل مِنْ فُتُورٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي وَظَائِفِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ صَوْمِهِ , فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد فِي الْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْ إِفْرَاد صَوْم الْجُمُعَة اهـ. باختصار.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص464) : عن المسافر إذا وصل إلى مكة صائما فهل يفطر ليتقوى على أداء العمرة؟
فأجاب:
نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في العشرين من رمضان من عام الفتح، وكان عليه الصلاة والسلام مفطرا. .
وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفطرا بقية الشهر، لأنه كان مسافرا، فلا ينقطع سفر المعتمر بوصوله إلى مكة، ولا يلزمه الإمساك إذا قدم مفطرا، وقد يكون بعض الناس مستمرا في صيامه حتى في السفر، نظرا إلى أن الصيام في السفر في الوقت الحاضر ليس بشاق على الأمة، فيستمر في صيامه في سفره ثم يقدم مكة ويكون متعبا، فيقول في نفسه هل أستمر على صيامي، وأؤجل العمرة إلى ما بعد الفطر، أم أفطر لأجل أن أؤدي العمرة فور وصولي إلى مكة؟
فنقول له في هذه الحال: الأفضل أن تفطر لأجل أن تؤدي العمرة فور وصولك إلى مكة وأنت نشيط؛ لأن السنة لمن قدم مكة لأداء نسك أن يبادر فورا لأداء هذا النسك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة وهو في نسك بادر إلى المسجد، حتى كان ينيخ راحلته عند المسجد، ويدخله ليؤدي نسكه الذي كان متلبسا به، فكونك أيها المعتمر تفطر لتؤدي العمرة بنشاط في النهار، أفضل من كونك تبقى صائما، ثم إذا أفطرت في الليل قضيت عمرتك، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان صائما في سفره لغزوة الفتح فجاء إليه الناس وقالوا: يا رسول الله إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنهم ينتظرون ماذا تفعل، وكان ذلك بعد العصر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فشربه، والناس ينظرون، فأفطر النبي صلى الله عليه وسلم في أثناء السفر، بل أفطر في آخر اليوم، كل هذا من أجل أن يبين للأمة أن ذلك جائز، وتكلف بعض الناس الصوم في السفر مع المشقة خلاف السنة لا شك، وينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس من البر الصيام في السفر) اهـ.
فإذا كان صومك في السفر سيؤثر على أدائك العمرة فالأفضل لك الإفطار وقضاء ذلك اليوم.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2888)
الحامل والمرضع تفطران وتقضيان ولا يجزئهما الإطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أنه يجوز للحامل والمرضع ترك الصيام مع الإطعام بدون قضاء , ويستدل له بما ورد عن ابن عمر في ذلك , ما صحة هذا؟ أفيدونا بالدليل بارك الله فيكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم الحامل والمرضع إذا أفطرتا على عدة أقوال:
القول الأول: عليهما القضاء فقط، وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله. وقال به من الصحابة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
القول الثاني: إن خافتا على أنفسهما فعليهم القضاء فقط، وإن خافتا على ولديهما فعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم، وهو مذهب الإمامين الشافعي وأحمد. وحكاه الجصاص عن ابن عمر رضي الله عنهما.
القول الثالث: عليهما الإطعام فقط، ولا قضاء عليهما. وقال به من الصحابة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وحكاه ابن قدامة في المغني (3/37) عن ابن عمر أيضاً رضي الله عنهما.
روى أبو داود (2318) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا قَالَ أَبُو دَاوُد يَعْنِي عَلَى أَوْلادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا. قال النووي: إسناده حسن.
وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى: أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لا تُطِيقُهُ فَعَلَيْك الْفِدَاءُ , وَلا قَضَاءَ عَلَيْك , وَصَحَّحَ الدَّارَ قُطْنِيُّ إسْنَادَهُ. قاله الحافظ في "التلخيص".
وقد حكى الجصاص في " أحكام القرآن" اختلاف الصحابة في هذه المسألة فقال:
" اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ; فَقَالَ عَلِيٌّ:: عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ إذَا أَفْطَرَتَا وَلا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ بِلا قَضَاءٍ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرُ: عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ وَالْقَضَاءُ " اهـ.
واستدل من قالوا بأن عليهما القضاء فقط بعدة أدلة:
1- ما رواه النسائي (2274) عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ، وَالصَّوْمَ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ) . صححه الألباني في صحيح النسائي. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم حكم الحامل والمرضع كالمسافر، والمسافر يفطر ويقضي فكذلك الحامل والمرضع. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص.
2- القياس على المريض، فكما أن المريض يفطر ويقضي فكذلك الحامل والمرضع.
انظر: المغني (3/37) ، "المجموع" (6/273) .
وقد اختار هذا القول جماعة من العلماء.
قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/225) :
"الحامل والمرضع حكمهما حكم المريض، إذا شق عليهما الصوم شرع لهما الفطر، وعليهما القضاء عند القدرة على ذلك، كالمريض، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفيهما الإطعام عن كل يوم: إطعام مسكين، وهو قول ضعيف مرجوح، والصواب أن عليهما القضاء كالمسافر والمريض؛ لقول الله عز وجل: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/184" اهـ.
وقال أيضا في مجموع الفتاوى (15/227) :
"الصواب في هذا أن على الحامل والمرضع القضاء وما يروى عن ابن عباس وابن عمر أن على الحامل والمرضع الإطعام هو قول مرجوح مخالف للأدلة الشرعية، والله سبحانه يقول: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
والحامل والمرضع تلحقان بالمريض وليستا في حكم الشيخ الكبير العاجز بل هما في حكم المريض فتقضيان إذا استطاعتا ذلك ولو تأخر القضاء " اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/220) :
" إن خافت الحامل على نفسها أو جنينها من صوم رمضان أفطرت وعليها القضاء فقط، شأنها في ذلك شأن المريض الذي لا يقوى على الصوم أو يخشى منه على نفسه مضرة، قال الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
وكذا المرضع إذا خافت على نفسها إن أرضعت ولدها في رمضان، أو خافت على ولدها إن صامت ولم ترضعه أفطرت وعليها القضاء فقط " اهـ.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" أيضا (10/226) :
" أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من النفاس. . . ولا يجزئها الإطعام عن الصيام، بل لا بد من الصيام ويكفيها عن الإطعام " اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/220) بعد أن ذكر اختلاف العلماء في حكم المسألة، واختار أن عليهما القضاء فقط، قال:
" وهذا القول أرجح الأقوال عندي، لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض والمسافر يلزمهما القضاء فقط " اهـ.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2889)
حكم الكبير الذي لا يستطيع الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي كبيرة في السن وقد اشتد عليها المرض العام الماضي، ولم تستطع الصيام سوى عشرة أيام علماً أنها ضعيفة ولا تحتمل الصيام. وسؤالي: كيف أقضي عنها الأيام التي أفطرتها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت لم تستطع الصوم بسبب المرض، ويرجى لها الشفاء والقدرة على الصيام فيما بعد فالواجب عليها قضاء تلك الأيام التي أفطرتها من رمضان لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة /185.
وأما إذا كانت لا تستطيع الصيام ولا يُرجى أن تتمكن منه في المستقبل بسبب المرض أو الكبر فلا يجب عليها الصيام، وعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً.
والدليل على ذلك ما رواه أبو داود (2318) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) قَالَ: كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. قال النووي: إسناده حسن اهـ.
قال النووي في المجموع (6/262) :
"قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ: الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي يُجْهِدُهُ الصَّوْمُ أَيْ يَلْحَقُهُ بِهِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ , وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ لا صَوْمَ عَلَيْهِمَا بِلا خِلافٍ , ونَقْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ الإِجْمَاعَ فِيهِ , وَيَلْزَمُهُمَا الْفِدْيَةُ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ" اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/203) :
عن امرأة كبيرة السن ولا تطيق الصوم فماذا تفعل؟
فأجاب:
عليها أن تطعم مسكينا عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما، ومقداره بالوزن كيلو ونصف على سبيل التقريب. كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم ابن عباس رضي الله عنه وعنهم فإن كانت فقيرة لا تستطيع الإطعام فلا شيء عليها وهذه الكفارة يجوز دفعها لواحد أو أكثر في أول الشهر أو وسطه أو آخره، وبالله التوفيق اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/161) : عن امرأة طاعنة في السن وعاجزة عن صيام شهر رمضان، وقد مضى عليها ثلاث سنوات وهو على هذه الحال من الكبر والمرض فماذا عليها؟
فأجابت:
إذا كان الواقع كما ذكرت وجب عليها أن تطعم عن كل يوم أفطرته من رمضان في السنوات الثلاث مسكينا، تطعمه نصف صاع من بر أو تمر أو أرز أو ذرة أو نحو ذلك مما تطعمون أهليكم اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2890)
تأتيها الدورة مرتين في الشهر فهل تترك الصلاة والصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعانى من حالة مرضية فالدورة الشهرية تأتى لي مرتين في الشهر الواحد وتستمر في كل مرة من سبع إلى عشرة أيام فكيف أصوم في رمضان؟ وكيف أصلي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا وُجد دم الحيض المعروف بصفته ولونه: فتلزم المرأةَ أحكامه من تحريم الصلاة والصيام والجماع، حتى لو تكرر نزوله أكثر من مرة في الشهر، وحتى لو طالت مدته عن الأيام المعتادة في كل شهر.
سُئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
عن المرأة إذا أتتها العادة الشهرية ثم طهرت واغتسلت، وبعد أن صلت تسعة أيام أتاها دم وجلست ثلاثة أيام لم تصل، ثم طهرت وصلت أحد عشر يوماً، وعادت إليها العادة الشهرية المعتادة، فهل تعيد ما صلته في تلك الأيام الثلاثة أم تعتبرها من الحيض؟ .
فأجاب بقوله:
الحيض متى جاء فهو حيض سواء طالت المدة بينه وبين الحيضة السابقة أم قصرت، فإذا حاضت وطهرت وبعد خمسة أيام أو ستة أو عشرة جاءتها العادة مرة ثانية: فإنها تجلس لا تصلي لأنه حيض وهكذا أبداً، كلما طهرت ثم جاء الحيض وجب عليها أن تجلس، أما إذا استمر عليها الدم دائماً أو كان لا ينقطع إلا يسيراً: فإنها تكون مستحاضة، وحينئذ لا تجلس إلا مدة عادتها فقط.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (11 / السؤال 230) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2891)
لم تقض أيام حيضها وهي الآن لا تستطيع الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت أيام حيض سنوات سابقه وكنت لا أعلم أن علي صيام هذه الأيام فيما بعد قبل رمضان التالي، وأنا صحيا أعاني من ضعف ولا أقوى علي صيامها فهل يجوز أن أطعم؟ إذا كان يجوز لا أعلم كم عدد الأيام كيف يكون الإطعام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الواجب على المرأة إذا أفطرت بسبب الحيض أن تقضي الأيام التي أفطرتها. لقول عائشة رضي الله عنها: (كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ –تعني الحيض- فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ. رواه مسلم (335) .
ثانياً:
تقدم في إجابة السؤال رقم (26865) أنه يجب قضاء رمضان قبل أن يأتي رمضان التالي، ولا يجوز تأخير القضاء إلا من عذر.
ثالثاً:
من وجب عليه القضاء ثم لم يتمكن منه بسبب مرض أو ضعف لا يرجى الشفاء منه فإنه ينتقل إلى الإطعام، فيطعم عن كل يوم مسكيناً.
سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص455) :
فتاة صغيرة حاضت وكانت تصوم أيام الحيض جهلا فماذا يجب عليها؟
فأجاب:
يجب عليها أن تقضي الصيام الذي كانت تصومه في أيام حيضها، لأن الصيام في أيام الحيض لا يقبل ولا يصح ولو كانت جاهلة، لأن القضاء لا حد لوقته.
وهنا مسألة عكس هذه المسألة: امرأة جاءها الحيض وهي صغيرة، فاستحيت أن تخبر أهلها فكانت لا تصوم فهذه يجب عليها قضاء الشهر الذي لم تصمه لأن المرأة إذا حاضت صارت مكلفة، لأن الحيض إحدى علامات البلوغ اهـ.
وسئل أيضاً عن امرأة كانت لا تقضي أيام الحيض في رمضان حتى تراكم عليها حوالي مائتي يوم، وهي الآن مريضة وكبيرة في السن ولا تستطيع الصيام، فماذا عليها؟
فأجاب:
هذه المرأة إذا كانت على ما وصف السائل تتضرر من الصوم لكبرها ومرضها فإنه يطعم عنها عن كل يوم مسكيناً، فتحصي الأيام الماضية وتطعم عن كل يوم مسكيناً اهـ فتاوى الصيام (ص 121) .
ولمعرفة القدر الواجب في الإطعام راجع السؤال رقم (38867) .
وخلاصة الجواب:
إذا كنت تستطيعين الصيام وجب عليك القضاء، وإن لم تكوني تستطيعين الصيام فإنك تطعمين عن كل يوم مسكيناً، وتجتهدين في تحديد عدد الأيام التي أفطرتيها حتى يغلب على ظنك أنك قد أحصيتيها.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2892)
إذا أخطأت المرأة في تحديد موعد الطهر فهل تأثم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت المرأة لا تنزل عليها القصة البيضاء، وإنما تنتظر انقطاع الدم، فبذلك تكون الأيام تختلف من شهر إلى آخر، هل تأثم إذا أخطأت في تحديد موعد طهارتها كأن تظن الطهر وبعد الاغتسال والصلاة وجدت أثره، أو العكس انتظرت وفاتتها صلاة ظنّاً منها أنها لم تطهر، حيث يشق عليها التحديد بدون القصة البيضاء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تختلف العادة عند النساء من امرأة إلى أخرى، وتختلف العادة عند المرأة نفسها أيّاً كانت علامة انتهاء دورتها.
فعلامة الطهر عند غالب النساء خروج القصَّة البيضاء – وهي سائل أبيض، ومنهن من تكون علامتها انقطاع الدم.
وأيّاً كانت العلامة عند المرأة فلا يجوز لها أن تعجل على نفسها حتى تظهر العلامة؛ لأنه لا يحل لها الصلاة والصيام وهي حائض حتى تطهر.
وقد كانت النساء يبعثن إلى عائشة بالدّرجة فيها الكرسف فيه الصفرة فتقول: لا تعجلنَ حتى ترينَ القَصَّة البيضاء.
رواه البخاري معلقاً - كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره - ومالك (130) .
ومعنى الدّرجة: الوعاء التي تضع المرأة طيبها ومتاعها.
الكرسف: القطن.
وإذا أخطأت المرأة في تحديد وقت الطهر بناء على ظنها واجتهادها، فإنها لا تأثم، لقول الله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) الأحزاب/5، ولقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجة (2053) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة.
غير أنها إذا ظنت أنها طهرت وصلت وصامت ثم تبيّن لها أنها لا تزال حائضاً فعلها الامتناع عن الصلاة والصيام حتى تطهر وتقضي الصيام الواجب الذي صامته في تلك الأيام لأنه تبين لها أنه لم يكن صحيحاً لأن صوم الحائض لا يصح.
وإذا تركت الصلاة ظنَّاً منها أنها لم تطهر ثم تبيّن لها أنها كانت طاهراً، فعليها قضاء تلك الصلاة.
سئل الشيخ ابن عثيمين (11/280) عن امرأة رأت الكدرة قبل حيضها المعتاد، فتركت الصلاة، ثم نزل الدم على عادته، فما الحكم؟
فأجاب بقوله:
تقول أم عطية ـ رضي الله عنها ـ: (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً) . وعلى هذا فهذه الكدرة التي سبقت الحيض لا يظهر لي أنها حيض، لاسيما إذا كانت أتت قبل العادة، ولم يكن علامات للحيض من المغص ووجع الظهر ونحو ذلك، فالأولى لها أن تعيد الصلاة التي تركتها في هذه المدة. اهـ.
وسئل أيضاً: (11/275) عن امرأة أصابها الدم لمدة تسعة أيام فتركت الصلاة معتقدة أنها العادة، وبعد أيام قليلة جاءتها العادة الحقيقية فماذا تصنع هل تصلي الأيام التي تركتها أم ماذا؟
فأجاب بقوله:
الأفضل أن تصلي ما تركته في الأيام الأولى، وإن لم تفعل فلا حرج وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة المستحاضة التي قالت إنها تستحاض حيضة شديدة وتدع فيها الصلاة فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم، أن تتحيض ستة أيام أو سبعة وأن تصلي بقية الشهر ولم يأمرها بإعادة ما تركته من الصلاة، وإن أعادت ما تركته من الصلاة فهو حسن لأنه قد يكون منها تفريط في عدم السؤال وإن لم تعد فليس عليها شيء. اهـ
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2893)
من أسقطت بعد شهرين هل يكون دمها نفاساً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت حاملاً وحدث سقوط للحمل بعد أن أتممت الشهرين، وسألت سيدة على علم شرعي هل أصوم رمضان وأصلي، فردت عليَّ: بأن نعم، تصومي، وتصلي؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح بعد، فيعتبر كأنه استحاضة، وفعلا صمت وصليت، ولكن أخبرني طبيب آخر بأنه عليَّ الإعادة بالنسبة للصيام، فما هو الحكم الصحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما سمعته الأخت السائلة من القولين المختلفين يعود إلى الاختلاف في المسألة نفسها، والمسألة فيها خلاف، والصحيح من أقوال أهل العلم أن المرأة إذا أسقطت الجنين متخلقاً: فإنها تترك الصلاة والصيام وتكون نفساء، وإن لم يكن متخلقاً: فدمها دم فساد لا تترك الصلاة والصيام، وأقل زمن يحصل فيه التخليق واحد وثمانون يوماً.
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا كان الجنين قد تخلق , بأن ظهرت فيه أعضاؤه من يد أو رجل أو رأس حرم عليه جماعها مادام الدم نازلا إلى أربعين يوما , ويجوز أن يجامعها في فترات انقطاعه أثناء الأربعين بعد أن تغتسل , أما إذا كان لم تظهر أعضاؤه في خلقه فيجوز له أن يجامعها ولو حين نزوله , لأنه لا يعتبر دم نفاس , إنما هو دم فاسد تصلي معه وتصوم.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (5 / 422، 423) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز:
إذا أسقطت المرأة ما تبين فيه خلق الإنسان من رأس أو يد أو رجل أو غير ذلك فهي نفساء لها أحكام النفاس فلا تصلي ولا تصوم ولا يحل لزوجها جماعها حتى تطهر أو تكمل أربعين يوما , ومتى طهرت لأقل من أربعين وجب عليها الغسل والصلاة والصوم في رمضان حل لزوجها جماعها ...
أما إذا كان الخارج من المرأة لم يتبين فيه خلق الإنسان بأن كان لحمة ولا تخطيط فيه أو كان دما: فإنها بذلك تكون لها حكم المستحاضة لا حكم النفاس ولا حكم الحائض , وعليها أن تصلي وتصوم في رمضان وتحل لزوجها ... لأنها في حكم المستحاضة عند أهل العلم.
" فتاوى إسلامية " (1 / 243) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
قال أهل العلم: إن خرج وقد تبيَّن فيه خلق إنسان: فإن دمها بعد خروجه يُعدُّ نفاساً، تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر، وإن خرج وهو غير مخلَّق: فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة ولا من الصيام ولا من غيرهما.
قال أهل العلم: وأقل زمن يتبين فيه التخطيط واحد وثمانون يوماً ...
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 304، 305) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2894)
هل يفطر بسبب مشقة العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأصحاب الأعمال الشاقة أن يفطروا في رمضان؟ كالذين يعملون في مصانع الحديد والصلب ونحو ذلك من الأعمال الشاقة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أفتى بعض العلماء بجواز الفطر لهؤلاء، ثم أرسلت الفتوى للشيخين عبد الله بن محمد بن حميد، وعبد العزيز بن باز رحمهما الله للتعقيب عليها، فقالا:
" الأصل وجوب صوم رمضان، وتبييت النية له من جميع المكلفين من المسلمين، وأن يصبحوا صائمين إلا من رخص لهم الشارع بأن يصبحوا مفطرين، وهم المرضى والمسافرون ومن في معناهم، وأصحاب الأعمال الشاقة داخلون في عموم المكلفين وليسوا في معنى المرضى والمسافرين، فيجب عليهم تبييت نية صوم رمضان وأن يصبحوا صائمين، ومن اضطر منهم للفطر أثناء النهار فيجوز له أن يفطر بما يدفع اضطراره ثم يمسك بقية يومه ويقضيه في الوقت المناسب، ومن لم تحصل له ضرورة وجب عليه الاستمرار في الصيام، هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، وما دل عليه كلام المحققين من أهل العلم من جميع المذاهب.
وعلى ولاة أمور المسلمين الذين يوجد عندهم أصحاب الأعمال الشاقة أن ينظروا في أمرهم إذا جاء رمضان فلا يكلفوهم من العمل – إن أمكن – ما يضطرهم إلى الفطر في نهار رمضان، بأن يجعل العمل ليلاً أو توزع ساعات العمل في النهار بين العمال توزيعاً عادلاً يوفقون به بين العمل والصيام.
أما الفتوى المشار إليها فهي في قضية فردية أفتوا فيها باجتهادهم مشكورين إلا أنه فاتهم ذكر القيود التي ذكرنا، والتي قررها المحققون من أهل العلم في كل مذهب، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير " انتهى.
الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رحمه الله، رئيس مجلس القضاء الأعلى والرئيس العام للإشراف الديني على المسجد الحرام.
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله الرئيس العالم لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/245) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2895)
أفطر في اليوم الذي ينوي فيه الرجوع لبلده
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت من مدينتي بعد صلاة العشاء وكان يجب علي الرجوع في نفس اليوم حيث إنني وصلت بعد صلاة الفجر تقريبا وأبلغت من أنا عندهم بإيقاظي الظهر لنيتي السفر للعودة إلى أهلي وقمت وصليت الظهر وأحضروا لي غداء تغديت وسافرت فما الحكم في ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الظاهر أنك تسأل عن حكم إفطار هذا اليوم من رمضان، والظاهر من سؤالك أيضاًُ أن المسافة بين مدينتك والمدينة التي سافرت إليها مسافة طويلة لأن سفرك استغرق عدة ساعات، ومثل هذه المسافة تعتبر سفراً والمسافر يجوز له الفطر في رمضان وعليك قضاء هذا اليوم لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة / 185.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2896)
هل له الفطر في نهار رمضان من أجل الفحص
[السُّؤَالُ]
ـ[إني سوف أعمل تصويراً في المستشفى ويستلزم مني ذلك الإفطار وإذا لم أعمل هذا التصوير سوف يكون الموعد بعد عدة شهور فهل يجوز لي أن أفطر من أجل التصوير؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للمريض أن يفطر، وعليه قضاء الأيام التي أفطرها بسبب المرض، لقول الله تعالى: (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) البقرة / 185.
والمرض الذي يبيح الفطر للصائم هو المرض الشديد الذي يصيب الصائم بسببه مشقة أو ضرر، أو يخشى زيادة المرض أو تأخر الشفاء بسبب الصيام، وألحق به العلماء إذا كان يخشى حصول مرض بسبب الصيام.
فإن كان مرضك يندرج تحت أحد هذه الأقسام (وهذا هو الظاهر) جاز لك الفطر، لأن التصوير يساعد على معرفة المرض وبالتالي يمنع زيادته وتأخر شفائه.
أما إذا كان مرضك لا تندرج تحت أحد هذه الأقسام فلا يجوز لك الفطر، وعليك أن تجري التصوير ليلاً إن استطعت، أو تنتظر حتى ينتهي رمضان.
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين:
وله – أي: المريض مرضاً طارئاً - ثلاث حالات:
الحال الأولى: أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره: فيجب عليه الصوم؛ لأنه لا عذر له.
الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم ولا يضره: فيكره له الصوم لِمَا فيه من العدول عن رخصة الله تعالى مع الإشقاق على نفسه.
الحال الثالثة: أن يضره الصوم: فيحرم عليه أن يصوم لِمَا فيه من جلب الضرر على نفسه، وقد قال – تعالى -: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} ، وقال: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: " لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ " أخرجه ابن ماجه، والحاكم، قال النووي: وله طرق يقوي بعضها بعضاً، ويعرف ضرر الصوم على المريض إما بإحساسه بالضرر بنفسه، وإما بخبر طبيب موثوق به.
ومتى أفطر المريض فإنه يقضي عدد الأيام التي أفطرها إذا عوفي، فإن مات قبل معافاته سقط عنه لقضاء المريض لأن فرضه أن يصوم عدة من أيام أُخر ولم يدركها.
" فصول في الصيام والتراويح " (الفصل الثالث) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2897)
العلك للصائم المصاب بمرض الفك
[السُّؤَالُ]
ـ[لي والد مريض بألم في الفك ونصحه الطبيب بتناول اللبان لعمل مرونة في حركة الفك فهل يصح أثناء صيامه أن يتناول اللبان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يخلو " اللبان " من مواد تفرز بالمضغ وتدخل الجوف، لذا لا يجوز استعماله في نهار رمضان للصائم، ويمكن الاستغناء عنه بعمل تمارين خاصة للفك تقوم مقامه، وتكتفي بمضغ " اللبان " من بعد غروب الشمس إلى الفجر.
وإذا وجد نوع من اللبان ليس فيه مواد تتحلل وتفرز بالمضغ فإنه يجوز استعماله لعدم تفطيره الصائم لأنه لا يدخل منه أجزاء إلى المعدة، ولكن ينصح والدك ألا يمضغه أمام الناس الذين لا يعرفون حاله وعذره حتى لا يتهموه في دينه، فإذا لم يوجد هذا النوع من اللباس أو احتاج والدك إلى مضغ اللبان المعتاد المعروف بالنهار، وكان يترتب على عدم ذلك تأخير الشفاء أو زيادة المرض جاز له الفطر في رمضان ويقضي الأيام التي أفطرها، لقول الله تعالى: (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) البقرة / 185
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2898)
مريض بالسكر ويفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مريض بالسكري وأضطر لحقن نفسي بالأنسولين مرتين في اليوم. ولهذا فأنا لا أصوم وأخرج الفدية نقدا بقيمة المبلغ الذي أفطر به. هل يجوز إعطاء الفدية بهذه الطريقة أي نقدا خصوصا وأني أفطر في المطعم ولست متزوجا، وهل يمكن توزيع هذه الفدية على ثلاثة مساكين أو أكثر لأني لا أجد من هو محتاج للفطور؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كنت تستطيع الصيام فالواجب عليك أن تصوم، ولا يجوز لك في هذه الحالة أن تفطر وتكتفي بالإطعام، وحقن الأنسولين لا تفطر الصائم، فيمكنك أن تصوم وتأخذ حقن الأنسولين. وعليك قضاء الأيام التي أفطرتها. راجع سؤال (1319) .
أما إذا كان الصيام يضرك، أو يشق عليك مشقة شديدة، أو تحتاج إلى أخذ الأدوية في النهار فإنه يجوز لك الإفطار حينئذٍ. وإذا كنت لن تتمكن من القضاء في المستقبل فعليك أن تطعم عن كل يوم مسكيناً.
ولا يجوز لك إخراج الفدية نقوداً، بل الواجب أن تخرج طعاما لقول الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/184.
وعليك أن تبحث عن المساكين لتؤدي الواجب الذي عليك، أو تعطي النقود لمن يشتري الطعام ويوصله هو إلى المساكين نيابة عنك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2899)
هل الصداع النصفي يبيح الفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة لا تصوم رمضان لأنها تعاني من مرض الصداع النصفي، فهل هذا جائز؟ وكيف تقضي الأيام التي أفطرت فيها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للمريض أن يفطر في رمضان، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
وهذا في المرض الشديد الذي يحصل معه مشقة في الصيام.
أما المرض اليسير الذي لا يشق معه الصوم فلا يعتبر عذراً للفطر في رمضان.
راجع سؤال (12488) .
فإذا كان الصداع يسبب لها مشقة شديدة في الصيام، فإنه يجوز لها أن تفطر وتقضي الأيام التي أفطرتها بعد رمضان.
وإذا كان هذا الصداع مستمراًّ معها بحيث لا تتمكن من القضاء فإنها تطعم عن كل يوم أفطرته مسكيناً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2900)
حد السفر الذي يبيح الفطر والقصر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحد الأدنى في السفر الذي يجوز معه الإفطار؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى أن المسافة التي تقصر فيها الصلاة ويفطر فيها الصائم ثمانية وأربعون ميلاً.
قال ابن قدامة في المغني:
مَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (يعني الإمام أحمد) أَنَّ الْقَصْرَ لا يَجُوزُ فِي أَقَلِّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا , وَالْفَرْسَخُ: ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ , فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِيلا. وَقَدْ قَدَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ , فَقَالَ: مِنْ عُسْفَانَ إلَى مَكَّةَ، وَمِنْ الطَّائِفِ إلَى مَكَّةَ، وَمِنْ جُدَّةَ إلَى مَكَّةَ.
فَعَلَى هَذَا تَكُونُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ يَوْمَيْنِ قَاصِدَيْنِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ , وَاللَّيْثُ , وَالشَّافِعِيُّ اهـ.
وتقدير ذلك بالكيلو متر نحو ثمانين كيلو متر تقريباً.
قال الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (12/267) في تقدير السفر:
" الذي عليه جمهور أهل العلم أن ذلك يقدر بنحو ثمانين كيلو تقريبا بالنسبة لمن يسير في السيارة، وهكذا الطائرات، وفي السفن والبواخر، هذه المسافة أو ما يقاربها تسمى سفرا، وتعتبر سفرا في العرف فإنه المعروف بين المسلمين، فإذا سافر الإنسان على الإبل، أو على قدميه، أو على السيارات، أو على الطائرات، أو المراكب البحرية، هذه المسافة أو أكثر منها فهو مسافر " اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (8/90) :
عن مسافة القصر، وهل لسائق الأجرة الذي يذهب أكثر من ثلاثمائة كيلو متر أن يصلي الصلاة قصر ا؟
فأجابت:
مقدار المسافة المبيحة للقصر ثمانون كيلو متر تقريبا على رأي جمهور العلماء، ويجوز لسائق سيارة الأجرة أو غيره أن يصليها قصرا؛ إذا كان يريد قطع المسافة التي ذكرناها في أول الجواب أو أكثر منها اهـ.
وذهب بعض العلماء إلى أن السفر لا يحدد بمسافة معينة، بل المرجع في ذلك إلى العرف، فما عده الناس في العرف سفراً فهو السفر الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية كالجمع بين الصلاتين والقصر والفطر للمسافر.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (24/106) : وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ جَعَلَ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ مَشْرُوعًا فِي جِنْسِ السَّفَرِ وَلَمْ يَخُصَّ سَفَرًا مِنْ سَفَرٍ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص381) عن مقدار المسافة التي يقصر فيها المسافر الصلاة وهل يجوز الجمع دون قصر؟
فأجاب:
المسافة التي تقصر فيها الصلاة حددها بعض العلماء بنحو ثلاثة وثمانين كيلو مترا، وحددها بعض العلماء بما جرى به العرف أنه سفر وإن لم يبلغ ثمانين كيلو مترا، وما قال الناس عنه: إنه ليس بسفر، فليس بسفر ولو بلغ مائة كيلو متر.
وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وذلك لأن الله تعالى لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد مسافة معينة.
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاثَةِ فَرَاسِخَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. رواه مسلم (691) .
وقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أقرب إلى الصواب.
ولا حرج عند اختلاف العرف فيه أن يأخذ الإنسان بالقول بالتحديد؛ لأنه قال به بعض الأئمة والعلماء المجتهدين، فلا بأس به إن شاء الله تعالى، أما مادام الأمر منضبطا فالرجوع إلى العرف هو الصواب اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2901)
تفطير الصائم بنية كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تفطير صائم بنية كفارة يمين؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز ولكن بشرط أن يكون الصائم مسكيناً لا غنياً، لأن الله تعالى قال في كفارة اليمين: (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) .
فلابد في كفارة اليمين أن يكون المُطْعَم مسكيناً.
وينبغي التنبه أن كفارة اليمين لا بد فيها من إطعام عشرة مساكين، كما هو نص الآية، فلا يصح أن يطعم مسكينا واحداً عشر مرات.
انظر المغني: (13/513) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2902)
يعاني من ألآم في البطن
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة في المعدة تمنعني من الصيام، دفعت مالاً لإطعام مسلم عن كل يوم من رمضان، فهل هناك أي شيء آخر يمكن أن أفعله؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا المرض الذي يمنعك من الصيام لا يرجى حصول الشفاء منه فالذي فعلته صحيح، لأن المريض مرضاً لا يُرجى برؤه عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، وليس عليه شيءٌ آخر.
أما إذا كان المرض يرجى حصول الشفاء منه، فعليك إذا حصل الشفاء أن تقضي الأيام التي أفطرتها، ولا يجوز لك في هذه الحال الإطعام وأنت تقدر على القضاء.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2903)
إذا طهرت الحائض قبل الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت حائضاً وطهرت قبل أذان الفجر ولكن لتعبي لم أغتسل حتى أذّن الفجر، فهل أتم يومي هذا علماً بأني نويت الصوم لهذا اليوم قبل الأذان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا طهرت الحائض قبل الفجر فإنها تنوي الصيام ويصح صومها، ولو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.
وهكذا الحكم للجنب إذا لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر.
روى البخاري (1962) ومسلم (1109) عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا أَيَصُومُ؟ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ احْتِلامٍ ثُمَّ يَصُومُ.
قال النووي رحمه الله:
أَجْمَعَ أَهْل هَذِهِ الأَمْصَار عَلَى صِحَّة صَوْم الْجُنُب , سَوَاءٌ كَانَ مِنْ اِحْتِلام أَوْ جِمَاعٍ. . .
وَإِذَا اِنْقَطَعَ دَم الْحَائِض وَالنُّفَسَاء فِي اللَّيْل ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْر قَبْل اِغْتِسَالهمَا صَحَّ صَوْمهمَا , وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا إِتْمَامه , سَوَاء تَرَكَتْ الْغُسْل عَمْدًا أَوْ سَهْوًا بِعُذْرٍ أَمْ بِغَيْرِهِ , كَالْجُنُبِ. هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة , إِلا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْض السَّلَف مِمَّا لا نَعْلَم صَحَّ عَنْهُ أَمْ لا اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2904)
مدرس يفطر حتى يتمكن من رفع صوته
[السُّؤَالُ]
ـ[يتطلب عملي كمدرس رفع الصوت، ولا أستطيع الشرب وأنا صائم وهذا يسبب لي متاعب كبيرة، يجب علي أن أشرب الماء (ولا حاجة للطعام لكي أحافظ على صوتي، لهذا فأنا لا أصوم أثناء أوقات الدراسة وأقضي هذه الأيام خلال عطلة الميلاد.
أرجو أن تخبرني هل هذا جائز أم لا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صيام شهر رمضان ركن من أركان الإسلام، ومن أهم واجبات الدين، ولا يجوز لمسلم أن يتهاون فيه أبداً.
وإذا حصل تعارض بين مصالح الدين ومصالح الدنيا قدمت مصالح الدين.
فإما أن تحاول التوفيق بين الصيام والعمل - وهذا يسير إن شاء الله، فلم يزل المسلمون يصومون وهم يعملون في التدريس - وإما أن تأخذ إجازة من العمل – ولو بلا راتب - خلال هذا الشهر لتتمكن من الصيام.
يراجع سؤال رقم 12592.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2905)
مريض ولا يستطيع الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[عليّ الكثير من أيام القضاء من رمضان السابق لم أصمها حتى الآن، وأنا الآن أعاني من مرض في المعدة ولا أستطيع الصيام، لا أدري هل سأتمكن من الصيام في المستقبل أم لا (لأن مرضي قد يكون مزمناً) فماذا أفعل بشأن رمضان الحالي والأيام السابقة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله رب العرش العظيم أن يشفيك.
عليك أن ترجع إلى قول طبيب ثقة، فإن كان المرض الذي تعاني منه يُرجى حصول الشفاء منه، فعليك بعد حصول الشفاء أن تقضي الأيام التي أفطرتها من رمضان الحالي والسابق، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
وإن كان المرض مزمناً لا يُرجى حصول الشفاء منه، فعليك أن تطعم مسكيناً عن كل يوم أفطرته من رمضان الحالي والسابق. لقول الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) البقرة/184.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا. رواه البخاري (4505) .
والمريض الذي لا يرجى شفاؤه حكمه حكم الشيخ الكبير.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/396) :
وَالْمَرِيضُ الَّذِي لا يُرْجَى بُرْؤُهُ , يُفْطِرُ , وَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ; لأَنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّيْخِ اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "مجالس رمضان" ص 32:
العاجز عن الصيام عجزاً مستمراً لا يرجى زواله - كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه كصاحب السرطان ونحوه - فلا يجب عليه الصيام لأنه لا يستطيعه وقد قال الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16. وقال: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) البقرة/286.
لكن يجب عليه أن يطعم بدل الصيام عن كل يوم مسكيناً اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2906)
متى يكون الدم النازل نفاساً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أجريت لها عملية إجهاض، فهل يجوز لها أن تصوم أم يجب أن تنتظر فترة معينة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمرأة النفساء أن تصوم، ولا يصح صيامها، وعليها قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب النفاس.
والنفاس هو الدم النازل من المرأة بسبب الولادة.
وإذا أسقطت المرأة فلا يعتبر الدم النازل منها دم نفاس إلا إذا أسقطت ما تبين فيه خلق الإنسان.
والتخليق لا يبدأ في الحمل قبل ثمانين يوماً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوح) رواه البخاري (3208) .
فدل هذا الحديث على أن الإنسان يمر بعدة مراحل في الحمل:
أربعين يوماً نطفة، ثم أربعين أخرى علقة، ثم أربعين ثالثة مضغة. ثم ينفخ فيه الروح بعد تمام مائة وعشرين يوماً.
والتخليق يكون في مرحلة المضغة، ولا يكون قبل ذلك، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) الحج/5.
فوصف الله تعالى المضغة بأنها مخلقة وغير مخلقة.
ومعنى التخليق أن تظهر في الحمل آثار تخطيط الجسم كالرأس والأطراف ونحو ذلك.
وعلى هذا. . فهذه المرأة التي أجريت لها عملية إجهاض، إن كان ذلك قبل ثمانين يوماً من الحمل فالدم النازل ليس بدم نفاس، بل هو دم استحاضة فلا يمنعها من الصلاة والصوم، وعليها أن تتوضأ لكل صلاة.
وإذا كان الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين –أي بعد مائة وعشرين يوماً من الحمل- فالدم النازل دم نفاس قطعاً.
وإذا كان الإجهاض بعد ثمانين يوماً وقبل تمام مائة وعشرين فإنها تنظر في السقط فإن ظهر فيه تخليق فالدم النازل نفاس، وإن لم يكن فيه تخليق فالدم النازل استحاضة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في رسالة "الدماء الطبيعية للنساء" ص 40:
ولا يثبت النفاس إلا إذا وضعت ما تبين فيه خلق إنسان، فلو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان فليس دمها دم نفاس، بل هو دم عرق، فيكون حكمها حكم الاستحاضة، وأقل مدة يتبين فيها خلق إنسان ثمانون يوماً من ابتداء الحمل، وغالبها تسعون يوماً اهـ
والنفساء تترك الصلاة والصوم حتى تطهر فإذا طهرت من الدم اغتسلت وصلت وصامت.
وإذا استمر بها الدم أكثر من أربعين يوماً، فإذا وافقت الزيادة عادتها فهي حائض، وإن لم توافق عادتها فهي مستحاضة تغتسل وتصلي وتصوم وتفعل ما يفعله الطاهرات.
راجع سؤال (10488) ، (37662) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2907)
السائل الذي ينزل من المرأة باستمرار لا يؤثر على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا خرج سائل شفاف كالماء (ثم أصبح لونه أبيض بعد أن جف) فهل صلاتنا وصيامنا صحيحان؟ وهل يجب الغسل؟ أرجو أن تخبرني، فهذا السائل يخرج مني كثيراً، وأجده في ملابسي الداخلية، وأغتسل مرتين أو ثلاث مرات في اليوم ليكون صيامي وصلاتي صحيحين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا السائل ينزل كثيراً من النساء. وهو طاهر ليس بنجس، ولا يجب الاغتسال منه.
وإنما فقط ينقض الوضوء.
وقد سئل عنه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فأجاب:
الظاهر لي بعد البحث أن السائل الخارج من المرأة إذا كان لا يخرج من المثانة وإنما يخرج من الرحم فهو طاهر. . .
هذا هو حكم السائل من جهة الطهارة، فهو طاهر لا ينجس الثياب ولا البدن.
وأما حكمه من جهة الوضوء فهو ناقض للوضوء، إلا أن يكون مستمراً عليها فإنه لا ينقض الوضوء، لكن على المرأة أن لا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول الوقت وأن تتحفظ.
أما إذا كان متقطعاً وكان من عادته أن ينقطع في أوقات الصلاة فإنها تؤخر الصلاة إلى الوقت الذي ينقطع فيه ما لم تخش خروج الوقت، فإن خشيت خروج الوقت فإنها تتوضأ وتتحفظ وتصلي، ولا فرق بين القليل والكثير، لأنه كله خارج من السبيل فيكون ناقضاً قليله وكثيره اهـ
مجموع فتاوى ابن عثيمين (11/284) .
ومعنى (تتحفظ) أنها تجعل على الفرج خرقة أو قطنة أو نحو ذلك حتى تقلل من خروج هذا السائل، وتمنع انتشاره على الثياب والبدن.
وعلى هذا. . فهذا السائل لا يجب الاغتسال منه، ولا يؤثر على الصيام، وبالنسبة للصلاة يجب الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها إذا كان نزوله مستمراً.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2908)
كيف يصوم طاقم الطائرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من ضمن طاقم طائرة، فكيف أصوم خلال شهر رمضان خلال السفر بين بلدين في الغرب وتستمر الرحلات لفترات طويلة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بما أنك من طاقم الطائرة فإنك مسافر، وقد أجمع العلماء على أن المسافر يجوز له أن يفطر في رمضان سواء شق عليه الصيام أم لم يشق.
والأفضل للمسافر أن يصوم، ما لم يشق عليه الصيام فالفطر أفضل، وعليه قضاء الأيام التي أفطرها. راجع السؤال (20165) .
فإذا أردت أن تصوم فعليك الإمساك إذا تبين لك طلوع الفجر في المكان الذي أنت فيه وقت طلوع الفجر، سواء كان ذلك في الأرض أم في الجو.
وهكذا الحكم في الإفطار فلا تفطر حتى تغرب الشمس في المكان الذي أنت فيه، فإذا كنت في الطائرة ترى الشمس فلا يجوز لك الإفطار حتى تغيب، حتى ولو كانت الشمس قد غابت بالنسبة لأهل البلد الذي أنت في سمائها بالطائرة.
وطول النهار وقصره بسبب السفر بالطائرة غير مؤثر على الصيام.
فمن المعلوم أن سفرك بالنهار إذا كان إلى جهة المشرق فإن النهار سيقصر في حقك، وإذا كان سفرك إلى جهة المغرب فإن النهار سيطول.
فالعبرة بالمكان الذي أنت موجود فيه وقت طلوع الفجر ووقت غروب الشمس.
راجع سؤال رقم (38007) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2909)
هل يجب على الحامل أن تصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي حامل في الشهر السابع فهل يجب أن تصوم؟ وإذا كان الصيام غير واجب بحقها فماذا تفعل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
(الراجح قياس الحامل والمرضع على المريض فيجوز لهما الإفطار وليس عليهما إلا القضاء سواء خافتا على نفسيهما أو ولديهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلاةِ، وَعَنْ الْحَامِلِ والْمُرْضِعِ الصَّوْمَ ". رواه الترمذي (715) وابن ماجه (1667) وصححه الألباني في صحيح الترمذي 575) اهـ. كتيب " سبعون مسألة في الصيام ".
فالحامل إذا خافت على نفسها أو على جنينها من الصيام، فإنها تأخذ حكم المريض، فتفطر وعليها قضاء الأيام التي أفطرتها؛ لقول الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} البقرة/185.
أما إذا كانت لا تخشى على نفسها ولا على جنينها من الصيام فإن الواجب عليها أن تصوم، لقول الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) .
والغالب أن الحامل يشق عليها الصيام، لا سيما في الأشهر الأخيرة، وربما يؤثر صيامها على الحمل. وعليها أن ترجع في ذلك إلى قول طبيب ثقة.
انظر الشرح الممتع (6/359) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2910)
مسلمة جديدة تريد الصوم سراً
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة أسلمت حديثاً ويجب أن يكون أمر إسلامها سراً لبعض الوقت، أبدت رغبة جادة في الصيام، ولكن لأنها تعيش في سكن للطلاب فهي تجد صعوبة في إخفاء صيامها عن بقية الأصدقاء. أرجو أن تقترح حل لها في مثل هذه الظروف.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نهنئ الأخت على دخولها في الإسلام، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبتها على دينه وأن يتوفاها عليه، وأن يهيئ لها من أمرها رشَداً.
وننصح الأخت أن تترك – قدر استطاعتها – الأمكنة التي يُعصى الله فيها، وقد فهمنا من السؤال أنها تدرس في مكانٍ مختلط، وتسكن في سكن مختلط، وفي هذا إثم وخطر عليها وعلى دينها، فيجب على الأخوات المسلمات أن يبيِّنَّ لها بالتي هي أحسن حكم ما هي فيه وخطره عليها، وأن عليها تركه إن تيسر لها ولم يترتب عليه ما هو أشد مما هي فيه.
ثانياً:
لا يجوز لكَ اتخاذ صديقات، ولا هي أن تتخذ من الرجال الأجانب أصدقاء، فالعلاقة بين النساء والرجال تحكمها الشريعة الإسلامية، ولم تجعل الشريعةُ الحرية لكل واحد من الرجل والأنثى أن يصاحب ويزامل ويصادق كلٌّ منهم الآخر؛ وفي هذا فتحٌ لبابٍ من الشر عظيم، وهو من خطوات الشيطان وسبله التي يكيد بها للناس لإيقاعهم في الفحشاء والمنكر من المصافحة والخلوة وما هو أكثر من ذلك وأشد.
ثالثاً:
وأما بالنسبة لصيامها: فعليها أن تصوم ولا يحل لها الإفطار، والأمر بين الطلاب والطالبات أسهل منه إذا كان بين الأهل والأقرباء، فيمكنها أن توهم الناس أنها مفطرة بحملها لزجاجة عصير – مثلاً – وإيهام الناس أنها تشرب منها، كما يمكنها أن تقول إنها مريضة وتقصد المرض النفسي لما عليه حال الناس كما قال إبراهيم الخليل عليه السلام " إني سقيم "، أو ما شابه ذلك من الحيَل المباحة.
فعليها أن تتقي الله تعالى ما استطاعت، ومن يتق الله يجعل له مخرجا.
نسأل الله لها التوفيق.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2911)
صيام من يفقد الوعي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الصيام على شخص مصاب بمرض epilepsy (مرض يصيب الشخص فيجعله يفقد وعيه لفترات قصيرة) ؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجب الصيام على من يصاب بالإغماء في رمضان، ولا يسقط عنه الصيام بذلك.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
رجل يغيب عنه وعيه بضع ساعات فهل عليه صيام؟
فأجاب:
إذا كان وعيه إنما يغيب بعض الساعات فعليه الصوم، كالذي ينام في بعض الوقت، وكونه يغيب عنه وعيه بعض الأحيان في أثناء النهار أو في أثناء الليل لا يمنع وجوب الصوم عليه اهـ
فتاوى الشيخ ابن باز (15/210) .
لكن. . إذا طال به الإغماء حتى استغرق اليوم كله (من طلوع الفجر إلى غروب الشمس) فإنه لا يصح صومه وعليه قضاء هذا اليوم، أما إذا أفاق أثناء النهار فإن صومه صحيح. راجع سؤال رقم (9245) و (12425) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2912)
يسافر عشرة أيام فهل يترخص برخص السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في حقل بترول، أذهب لمكان العمل في الحقل 10 أيام في الشهر، أعمل يومين أو ثلاثة أيام متواصلة وأصوم إذا كنت في المدينة أما إذا كنت في الحقل وأسافر له بالطائرة لمدة ساعة فهل أعتبر مسافراً ولا يجب علي الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان لك منزل تقيم فيه في الحقل: فلا تُعدُّ مسافراً حين وصولك إليه، بل يجب عليك الصيام في مدينتك وفي مكان عملك، وتكون مسافراً في المسافة التي بينهما ذهاباً وإياباً.
وفي هذه الحال يصبح حكمك حكم صاحب الزوجتين وفي كل بلد زوجة – وهو ما يسمى " صاحب الإقامتين " – فمثله يتم الصلاة ويصوم في البلديْن، ويفطر إن شاء، ويقصر المسافة بينهما.
وإن لم يكن لكَ بيتٌ في عملكَ في الحقل، بل هو عمل مجرَّد: فأنتَ مسافر فيه فيحل لك الفطر أثناء العمل، وعليك الصلاة حتى ترجع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2913)
مسافر يعلم أنه سيقدم غداً فهل يجوز له الفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ي عن الصيام، فيجب أن أسافر من ولاية لأخرى في رمضان والمسافة أكثر من 800 ميل، حسب سنة النبي صلى الله عليه وسلم فيجوز الإفطار بداية من يوم السفر حيث سأسافر عند الساعة الرابعة صباحاً وأصل عند الساعة 9:15 صباحاً، ثم أعود لبيتي في اليوم التالي بعد عمل يوم كامل عند الساعة 2:30 ظهراً فهل يجوز لي أن أفطر في ذلك اليوم مع العلم بأنني عائد لبيتي؟ إذا كان الجواب نعم، فهل يجب أن أفطر من صبح ذلك اليوم أم خلال السفر عند الساعة 2:30؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نعم، لك أن تفطر في اليوم الذي تعلم أنك ترجع فيه إلى أهلك.
وقد اختلف العلماء في جواز الفطر للمسافر إذا علم أنه يقدم غداً، فذهب جمهور العلماء (منهم الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله) إلى جواز الفطر له، لأنه مسافر فيدخل في قوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
وذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أنه يلزمه الصوم.
قال ابن مفلح في "الفروع" (3/24) :
"وَإِنْ عَلِمَ مُسَافِرٌ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ. . . وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ وفاقاً للأئمة الثلاثة (أبو حنيفة ومالك والشافعي) لِوُجُودِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ" اهـ.
وانظر: "الإنصاف" للمرداوي (7/362) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/210) :
"وإذا علم المسافر أنه يقدم غداً فإنه يلزمه الإمساك وهو المذهب (يعني مذهب الإمام أحمد) . . . والصحيح أنه لا يلزمه الإمساك" اهـ.
ثانياً:
أما وقت الإفطار فلك الفطر في أي وقت شئت ما دمت مسافرا، حتى ترجع إلى بلدك، فإن رجعت صائماً وجب عليك إتمام الصيام، وحرم عليك الفطر حينئذ لأنك قد انقطع عنك وصف المسافر.
انظر: "المجموع" (6/173) .
وإن رجعت مفطراً فقد اختلف العلماء هل يجب عليك الإمساك أم لا؟
وقد سبق في إجابة السؤال (49008) أنه لا يجب الإمساك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2914)
هل للحامل والمرضع حل غير القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من فاتها صيام أيام كثيرة من شهر رمضان في سنوات متعددة وهل يلزمها قضاء كل هذه الأيام وإن كانت كثيرة، وهل هناك خيار آخر غير الصوم كإطعام المساكين مثلاً، وهل يجوز لها أن تصوم صيام تطوع قبل القضاء مثل صيام 6 شوال، وهل ينتقص الأجر لو لم تصم هذه الأشهر ودخل رمضان جديد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المرأة المسلمة إذا أفطرت أياما من رمضان لعذر ولادة أو رضاع أن تقضيها بعد زوال عذرها كالمريض الذي قال الله في شأنه (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة 184 ولها أن تفرّق الأيام في القضاء فيكون أسهل عليها. (يراجع كتاب سبعون مسألة في الصيام المنشور على هذه الصفحة) .
وتقضيها قبل رمضان القادم فإذا استمر عذرها أخرّت القضاء إلى حين التمكّن، ولا تَعْمد إلى الإطعام إلا إذا عجزت عن الصيام عجزا كليا. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2915)
حكم الإفطار للحر الشديد وعلاج المصابين
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أعمل في الدفاع المدني فإذا كنت في رمضان، فهل يجوز للإنسان أن يُفطر إذا أحس بالعطش الشديد أثناء إسعافه للمصابين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بأس لكن الأفضل ألا تفطروا إلا في الحالات الضرورية، وتقضوا ذلك اليوم أما ما دام الإنسان يستطيع أن يُكمل صيامه فلا يجوز الإفطار، لكن لو كان الحادث بعيداً مثلاً والشمس محرقة في وقت صائف وذهبت لإنقاذ مصاب أو لإخماد حريق وأحسست بالعطش وتضررت بهذا، فلا بأس إن شاء الله من الإفطار فالله جل وعلا يقول: (فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن /16 ويقول تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) البقرة /286، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) رواه مسلم رقم (1337) والنسائي (5/110) ، وهذا ما لم يصل الأمر إلى حد السفر، أما الوصول إلى حد السفر فيجوز الإفطار مطلقاً، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد ص 171(5/2916)
متى تصوم الحائض
[السُّؤَالُ]
ـ[عادتي الشهرية تتراوح ما بين سبعة إلى ثمانية أيام وفي بعض الأحيان في اليوم السابع لا أرى دماً ولا أرى الطهر فما الحكم من حيث الصلاة والصيام والجماع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تعجلي حتى تري القصة البيضاء التي يعرفها النساء وهي علامة الطهر، فتوقف الدم ليس هو الطهر وإنما ذلك برؤية علامة الطهر وانقضاء المدة.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ ابن باز يرحمه الله.(5/2917)
إذا انتقل المسلم إلى بلد آخر أثناء رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل المسلم إذا انتقل من بلد إلى بلد آخر في رمضان مختلفين في بدء صيامهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا وجد الانسان في بلد بدأ أهلها الصيام وجب عليه أن يصوم معهم، لأن حكم من وجد في بلد في هذا الأمر حكم أهله لقوله صلى الله عليه وسلم: (الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون) رواه أبو داود بإسناد جيد وله شواهد عنده وعند غيره.
وعلى فرض أنه انتقل من البلد الذي بدأ الصيام مع أهله إلى بلد آخر فحكمه في الإفطار والاستمرار حكم البلد الذي انتقل إليه فيُفطر معهم وإن أفطروا قبل البلد الذي بدأ الصيام به، لكن إن أفطر لأقل من تسعة وعشرين يوماً لزمه أن يقضي يوماً، لأن الشهر لاينقص عن تسعة وعشرين يوماً..
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 10/124(5/2918)
تركت الصيام خوفاً على رضيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة وضعت في رمضان ولم تقض بعد رمضان لخوفها على رضيعها ثم حملت وأنجبت في رمضان القادم هل يجوز لها أن توزع نقوداً بدل الصوم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على هذه المرأة أن تصوم بدل الأيام التي أفطرتها ولو بعد رمضان الثاني لأنها إنما تركت القضاء بين الأول والثاني للعذر ولا أدري هل يشق عليها أن تقضي زمن الشتاء يوماً بعد يوم وإن كانت ترضع فإن الله يقويها على أن تقضي رمضان الثاني فإن لم يحصل لها فلا حرج عليها أن تؤخره إلى رمضان الثاني.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن عثيمين(5/2919)
هل يفطر بسبب ألم في أسنانه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمريض أن يفطر بسبب آلام الأسنان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا احتاج المصاب بآلام الأسنان إلى الإفطار فإنه يفطر؛ لأنه في هذه الحالة يكون من المرضى الذين رخص الله لهم بالإفطار.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/203) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/203)(5/2920)
هل تأثم من أفطرت من شدة المرض؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة مسلمة ـ والحمد لله ـ تصوم وتصلي، وقد أصابها مرض شديد في يوم من أيام رمضان حتى أوشكت على الموت فأفطرت من شدة المرض، فتسأل: هل عليها في فطرها إثم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ليس عليها إثم، بل هي مأجورة لأن الإنسان إذا أصابه المرض وشق عليه الصوم شرع له أن يفطر وهو مأجور في قبول الرخصة، يقول الله سبحانه: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ) . فإذا أخذ الإنسان الرخصة طاعة لله وعملا ً بما شرع سبحانه وتعالى فهو مأجور ولا إثم عليه، فأنت أيتها الأخت السائلة لا حرج عليك في إفطارك من أجل المرض" انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1229)(5/2921)
توفي وعليه يومان من رمضان بسبب المرض فماذا يلزم أولاده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وعليه صيام يومين من رمضان بسبب المرض، لسنة سابقة لسنة وفاته، وقد توفي في شوال وقد ذكر أنه سوف يطعم عن يومين، فما الحكم وماذا يجب علينا نحوه؟ هل نصوم عنه ونطعم أم نطعم فقط؟ علماً أننا لا ندري هل أطعم عنها أم صام. حيث كان مصابا بالسكر وكان يصوم رمضان مع المشقة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان والدكم يستطيع قضاء الصيام الذي عليه من رمضان السابق فتساهل في القضاء حتى دخل رمضان الذي توفي بعده ـ فالأفضل لكم أن يصوم أحدكم قضاء اليومين الذين عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) متفق عليه. وإن أطعمتم عنه صاعاً من قوت البلد وهو ما يساوي ثلاث كيلوات تقريباً كفى ذلك.
أما إن كان قبل رمضان لا يستطيع قضاء اليومين بسبب المرض فلا قضاء ولا إطعام لكونه لم يفرط.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/261) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/261)(5/2922)
تأثير ارتجاع الطعام الذي يحصل من المعدة على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مرض في المعدة يجعل الطعام يخرج منها عندما يكون سائلاً في الفم، وقد حصل هذا في رمضان فهل علي قضاء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا خرج شيء من المعدة إلى الفم فإنه يجب على الصائم تفله، فإن تعمد بلعه بطل صيامه، وإن بلعه غير متعمد فلا شيء عليه.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. الشيخ عبد الله بن غديان. صالح الفوزان. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية" (9/211) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية" (9/211)(5/2923)
مريضة منذ ثلاث سنوات ولم تصم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مريضة منذ ثلاث سنوات ولم أصم. وهذه السنة التي مضت هي الرابعة. فهل علي الصيام أو الكفارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"المريض قد عفا الله عنه في تأخير الصوم لقول الله عز وجل: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185، فهذا فضل من الله سبحانه وتعالى أن سامح المريض في الإفطار وأن يؤجل القضاء إلى الشفاء. ولهذا قال عز وجل: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) البقرة/185، فإذا شفاك الله تقضي ما تركت من الصيام والحمد لله.
أما إذا قرر الأطباء أن هذا المرض لا يرجى برؤه وأنه يستمر فعليك أن تطعمي عن كل يوم مسكيناً.
والشيخ العجوز والعجوزة الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم، فإنهما يطعمان عن كل يوم مسكيناً. نصف صاع من التمر أو الأرز أو غيرهما من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريباً، يعطى لبعض الفقراء.
أما الإنسان الذي ينتظر الشفاء ويرجو الشفاء فهذا لا إطعام عليه، لكن يصبر حتى يشفيه الله، فإذا شفاه الله قضى ما مضى من الصيام ولو سنوات؛ لأنه معذور شرعاً. ولا كفارة حينئذٍ" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1225) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2924)
حكم إفطار من لابد أن يأخذ حبة دواء كل اثتني عشر ساعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مرض نفسي، وقد عرضت نفسي على طبيب فأعطاني جرعات على شكل حبوب وذلك لمدة خمس سنوات، كل اثتني عشرة ساعة حبة واحدة. فماذا أفعل وخاصة في شهر رمضان رغم أن طول الصيام في اليوم 15 ساعة، ولو تأخرت عن هذا الموعد أقل من ساعة فقد يعاودني المرض (الصرعة) ؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يقول الله جل وعلا: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16، إن كان المرض يحصل بتأخير الجرعة عن موعدها فلا بأس بالإفطار، فإذا كان اليوم طويلاً مثل أن يكون خمس عشرة ساعة من هذه الأيام، فلا بأس أن يأكل الحبة التي عينت له، ويفطر بذلك، ويقضي هذا اليوم، يأكلها ويمسك ويقضي؛ لأن الإفطار من أجلها، ويمسك ويقضي بعد ذلك، أما إذا تمكن أن يؤجل ولا يشق عليه ذلك فإنه يلزمه التأجيل حتى يأكلها بالليل.
أما إذا كان لا يستطيع فلا حرج عليه، ويستطيع أن يقضي هذا اليوم في الأيام القصيرة، وهي الأيام الباردة التي تكون أقل من اثتني عشرة ساعة" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1228) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/2925)
مصابة بشلل دماغي من الولادة فهل تلزمها الصلاة والصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت عمرها 25 عاما, وهي مصابة بشلل دماغي منذ الولادة نتج عنه شلل رباعي للأطراف. بالإضافة أنها لا تستطيع الكلام. ومنذ الصغر وهي مقعدة, ولا تستطيع الأكل ولا الشرب ولا الذهاب لدورة المياه. فوالدتها تقوم بإطعامها وشربها والذهاب بها إلى دورة المياه, ولا تستطيع التحكم بيدها. ومن ناحية العقل فهي تدرك جيدا وتفرح وتحزن وتعرف الأشخاص والوقت وتستمع إلى القرآن. وسؤالي يا شيخ , هل يجب عليها أن تؤدي جميع الفرائض مثل الصلاة والصوم والحج؟ مع أنها لا تستطيع الوضوء , ولا تحفظ شيئا من القرآن ولا تستطيع الحفظ, ولا تقوى على الجلوس والحركة أثناء الصلاة. وحاولت مرارا تعليمها طريقة الصلاة, ولكن لا تعرف عدد الركعات وتنسى وتسهو وتتلفت لليمين والشمال وأحيانا تضحك لا إراديا وماذا بالنسبة للصوم؟ هل تصوم أم تفطر؟ أم تفطر ويتصدق عنها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت، وكانت هذه الأخت لا تدرك معنى الصلاة وكيفيتها، وحقيقة الصوم وما يلزم فيه فهي غير مكلفة، لوجود الخلل في عقلها الذي يُسقط عنها التكليف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) رواه أبو داود (4403) والترمذي (1423) والنسائي (3432) وابن ماجه (2041) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وإذا كانت غير مكلفة فلا يجب الإطعام عنها بدلا عن الصيام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2926)
حكم الإفطار للطيار الذي يقوم بمهمة الدوريات
[السُّؤَالُ]
ـ[يكلف بعض الطيارين بمهمة الدوريات على الحدود التي تشهد اضطرابات أو حروبا، وقد تصل مدة التحليق إلى ست ساعات أو أكثر على فترتين، وأحيانا يكون الطيار تحت الطلب لرجلة إضافية، مما يحتاج إلى جهد كبير من الطيارين للقيام بهذه المهمة للمحافظة على أمن البلاد وأرواح الناس وممتلكاتهم. فهل يجوز لهم الإفطار، ويكون هذا عذرا لهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أولاً:
من كان من الطيارين المكلفين بمهمة الدوريات على الحدود يبعد عن مقر إقامته مسافة القصر، وهي ثمانون كيلو متر تقريباً ـ جاز له الفطر إذا غادر البنيان، وإن دعت الضرورة إلى أن يفطر قبل الإقلاع فلا بأس.
ثانياًُ:
ما كان دون هذه المسافة منهم وكان لابد من قيامه بمهمة الدوريات؛ حفاظاً على مصلحة الأمة، ولا يتمكن من القيام بهذه المهمة إلا وهو مفطر جاز له الفطر تحقيقاً للمصلحة، ودرءاً للمفسدة.
ثالثاً:
من عاد منهم إلى مقر إقامته أثناء النهار ولن يعود إلى القيام بهذه المهمة في بقية يومه وجب عليه الإمساك.
رابعاً:
على كل هؤلاء القضاء.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ صالح بن فوزان الفوزان.. الشيخ عبد العزيز ابن محمد آل الشيخ.
"فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية" (9/141) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية" (9/141)(5/2927)
صيام السائق الذي يسافر دائماً
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أشتغل سائقاً على سيارة شحن بترومين، وحل علينا شهر رمضان المبارك فكنت أسافر أنا وكثير من قائدي سيارات الشحن، وكنت أصوم والسائقون معي يفطرون طوال السفر، وقد قالوا لي: إن الأجر للذي يفطر في السفر، وليس للذي يصوم في السفر أجر. فأرجو إرشادي في ذلك وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا شك أن الإفطار في السفر مشروع ورخصة من الله عز وجل، بل قال الله سبحانه: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/184. وكان النبي عليه الصلاة والسلام في أسفاره يصوم ويفطر، وهكذا أصحابه يصومون ويفطرون، فمن أفطر فلا بأس، ومن صام فلا بأس.
فالإفطار رخصة من الله عز وجل للمسافرين سواء كان المسافر صاحب سيارة أو صاحب جمال أو في السفن أو في الطائرات، لا فرق في ذلك، فالمسافر له أن يفطر في رمضان، وإن صام فلا بأس، وإذا شق عليه الصوم فالأفضل الفطر، كما لو كان حر وشدة فالأفضل الفطر، ويتأكد الفطر أخذا برخصة الله جل وعلا، جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ) .
فإذا اشتد الحر فالسنة الإفطار، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً ظلل عليه فسأل عن ذلك فقالوا: إنه صائم فقال عليه الصلاة والسلام: (لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ) ؛ يعني في حق من اشتد به الأمر، أما من كان في حقه لا يضره ذلك ولا يشق عليه فهو مخير، إن شاء صام، وإن شاء أفطر.
أما بالنسبة لهؤلاء السائقين الذين يقضون حياتهم في السفر فالصواب أنه لا حرج ولو كان السفر مهنة له، فصاحب السيارة الدائم ـ التاكسي أو غيره ـ مثل صاحب الجمل الدائم في الوقت السابق، له الفطر وإن كان دائم السفر، لكن إذا جاء إلى بلده صام وأمسك، أما في حال أسفاره وتنقلاته من بلد إلى بلد له الإفطار ولو كانت هذه مهنته " انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1230) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/2928)
إفطار المعتمر في رمضان إذا قدم من أماكن بعيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اعتمرت العائلة في شهر رمضان هل يجوز لهم أن يفطروا خلال مكثهم في مكة المكرمة، أو أنهم يمسكون عن الأكل بمجرد وصولهم مكة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"المعتمر في رمضان إذا جاء من بلاد بعيدة من نجد أو من غيرها فهو مسافر، يفطر في الطريق سواء جاء من الرياض أو القصيم أو من حائل أو من المدينة، فله أن يفطر في الطريق وفي مكة، أما إذا كان قد عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه إذا وصل مكة فالأحوط له أن يصوم، والأولى أن يصوم؛ لأن جمهور أهل العلم يرون أنه إذا عزم عزماً صادقاً جازماً على الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم الصلاة ولا يفطر.
أما إذا كان عزمه على المكث يومين أو ثلاثة أو أربعة لا يزيد عليها، فله أن يفطر وله أن يصوم، وله أن يقصر الصلاة الرباعية ثنتين وله أن يصلي مع الناس أربعاً. ولابد إذا كان وحده أن يصلي مع الجماعة، أما إذا كان معه ناس فهو مخير إن شاء صلى اثنتين هو ومن معه، وإن شاءوا صلوا أربعاً مع الناس في الجماعة، فإن كانت الإقامة أكثر من أربعة أيام فينبغي لهم الصوم وإتمام الصلاة عند جمهور أهل العلم" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1231) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/2929)
هل يفطر المسافر للتقوى على العمرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المسافر إذا وصل مكة صائماً فهل يفطر ليتقوى على أداء العمرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح في اليوم العشرين من رمضان، وكان صلى الله عليه وسلم مفطراً، وكان يصلي ركعتين في أهل مكة، ويقول لهم: (يا أهل مكة أتموا فإنا قوم سفر) . وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير رحمهما الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفطراً ذلك العام، أي أنه أفطر عشرة أيام في مكة في غزوة الفتح، وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لم يزل مفطراً حتى انسلخ الشهر) أخرجه البخاري (1944) . كما أنه بلا شك كان يصلي ركعتين في هذه المدة؛ لأنه كان مسافراً، فلا ينقطع سفر المعتمر بوصوله إلى مكة، فلا يلزمه الإمساك إذا قدم مفطراً، بل نقول له: الأفضل إذا كان ذلك أقوى على أداء العمرة أن لا تصوم، ما دمت إذا أديت العمرة تعبت، وقد يكون بعض الناس مستمراً على صيامه حتى في السفر، نظراً لأن الصيام في السفر في الوقت الحاضر ليس به مشقة، فيستمر في سفره صائماً، ثم يقدم مكة ويكون متعباً، فيقول في نفسه: هل أستمر على صيام أو أؤجل أداء العمرة إلى ما بعد الفطر؟ أي إلى الليل، أو الأفضل أن أفطر لأجل أن أؤدي العمرة فور وصولي مكة؟ نقول له في هذه الحال: الأفضل أن تفطر، حتى لو كنت صائماً فأفطر، لأجل أن تؤدي العمرة فور وصولك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة وهو في النسك بادر إلى المسجد، حتى كان ينيخ راحلته صلى الله عليه وسلم عند المسجد، ويدخله حتى يؤدي النسك الذي كان متلبساً به صلى الله عليه وسلم، فكونك تفطر لتؤدي العمرة بنشاط في النهار أفضل من كونك تبقى صائماً، ثم إذا أفطرت في الليل قضيت عمرتك، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائماً في سفره لغزوة الفتح، فجاء إليه أناس فقالوا: يا رسول الله إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنهم ينتظرون ماذا تفعل؟ وكان هذا بعد العصر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فشرب، والناس ينظرون، فأفطر صلى الله عليه وسلم في أثناء السفر، بل أفطر في آخر اليوم، كل هذا من أجل أن لا يشق الإنسان على نفسه بالصيام، وتكلف بعض الناس في الصوم في السفر مع المشقة لا شك أنه خلاف السنة، وأنه ينطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس من البر الصيام في السفر) " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" فتاوى الصيام (138، 139) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2930)
أحرم بالعمرة في آخر شعبان وأداها في رمضان فهل له أجر عمرة في رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أحرم بالعمرة قبل أذان المغرب في آخر يوم في شعبان، وبعد المغرب أُعلن دخول رمضان، فهل تحسب له عمرة في رمضان أم لا؟ والمقصود: أنه دخل في نية الإحرام قبل المغرب، وأدى العمرة في الليل - ليلة رمضان -.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
للعمرة في رمضان ثواب جليل، وهو أجر حجة.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: (مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ لَنَا إِلَّا نَاضِحَانِ [بعيران] ، فَحَجَّ أَبُو وَلَدِهَا وَابْنُهَا عَلَى نَاضِحٍ، وَتَرَكَ لَنَا نَاضِحًا نَنْضِحُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً) وفي رواية لمسلم: (حجة معي) رواه البخاري (1782) ومسلم (1256) .
وحتى يحصِّل المسلم ذلك الأجر العظيم: فإن عليه أن يحرم للعمرة، ويؤدي مناسكها في شهر رمضان، لا أن يحرم لها في اليوم الأخير لشعبان، ولو أدى مناسكها في رمضان، ولا أن يحرم لها في رمضان، ويؤدي مناسكها في شوال.
فهما صورتان لا يكون لمؤدي العمرة فيهما أجر حجة:
الصورة الأولى: أن يحرم للعمرة في آخر شهر شعبان، ويؤدي المناسك بعد دخول شهر رمضان.
الصورة الأخرى: أن يحرم للعمرة قبل غروب شمس اليوم الأخير من رمضان، ويؤدي مناسكها في ليلة العيد.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"والمعتمر في رمضان لا بد أن تكون عمرته من ابتداء الإحرام إلى انتهائه في رمضان، وبناء على ذلك نأخذ مثالاً آخر:
لو أن رجلاً وصل إلى الميقات في آخر ساعة من شعبان، وأحرم بالعمرة، ثم غربت الشمس، ودخل رمضان بغروب الشمس، ثم قدم مكة، وطاف، وسعى، وقصَّر، هل يقال: إنه اعتمر في رمضان؟ .
الجواب: لا؛ لأنه ابتدأ العمرة قبل دخول شهر رمضان.
مثال ثالث: رجل أحرم بالعمرة قبل غروب الشمس من آخر يوم من رمضان، وطاف، وسعى للعمرة في ليلة العيد، فهل يقال: إنه اعتمر في رمضان؟ .
الجواب: لا، لأنه لم يعتمر في رمضان؛ لأنه أخرج جزءاً من العمرة عن رمضان، والعمرة في رمضان من ابتداء الإحرام إلى انتهائه" انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (21 / 352، 353) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2931)
حكم التسحر على " حبَّة رمضان " التي تخفف من أثر الجوع أثناء نهار الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك حديث في أوساط الناس عن بعض العقاقير التي تتحكم وتقلل من نسبة الشعور بالجوع، والعطش، في جسم الشخص، ويقوم بعض الناس باستخدام هذه العقاقير في شهر رمضان، فما حكم تناول هذه العقاقير؟ . ولمزيد معلومات عن هذه العقاقير زوروا الموقع التالي: http://fasting.ramadantablet.com/#]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرَّف العلماء الصيام بأنه: " التعبد لله بالإمساك عن المفطرات كالطعام والشراب والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس "، كما قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/ 187، وكما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ. مَرَّتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا) رواه البخاري (1795) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
والمفسد للصوم يسمَّى عند العلماء " المفطرات "، وأصولها ثلاثة: ذكرها الله عزّ وجل في قوله: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/ 187، وقد أجمع العلماء على أن هذه الثلاثة تفسد الصوم.
" الشرح الممتع " (6 / 235) .
والعقاقير الوارد الإشارة إليها في السؤال هي – بحسب الموقع المحال عليه – حبة مكونة من أعشاب ومواد مباحة الاستعمال والتناول، وتسمَّى " حبة رمضان "، وفيها من أنواع الفيتامينات المتعددة (بي 1، بي 2، بي 6، بي 12) ، وغيرها من المواد النافعة للبدن، وهي تزود الجسم بالنشاط أثناء النهار، وتخفف عليه الجوع؛ لما في هذه المواد من قدرة على مساعدة المخ على إعطاء أوامر للجسم ليبحث عن الغذاء في الشحوم، والدهون الزائدة في الجسم، عوضاً عن المعدة الخاوية.
ومما لا شك فيه أن تناول هذه الحبوب والعقاقير في نهار رمضان أنه مفطِّر، ولا يَختلف في ذلك أحد؛ لكونها من الطعام، والذي يصل الجوف مباشرة.
والظاهر من السؤال أنه عن حكم تناولها في الليل قبل الفجر، وأنه لكون تلك العقاقير لها القدرة على جعل البدن في نشاط مستمر، ولها القدرة على منع إحساسه بالجوع: فإنه قد يظن ظانٌّ أنه لا يحل تناولها من الليل؛ لما لها من استمرار مفعول في النهار، وهذا ظن خطأ، بل هي جائزة الاستعمال، ما دام تناولها في وقت إباحة تناول الطعام والشراب.
وأما أثرها المستمر في النهار فهو ليس بمانع من تناولها، ولا فرق بينها وبين طعام السحور، ومن الحكَم الجليلة في تأخير تناول السحور: هو إعطاء البدن قدرة أكبر وأكثر على تحمل الصيام في النهار.
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةٌ) رواه البخاري (1823) ومسلم (1095) .
قال الحافظ ابن حجر:
"قوله في حديث أنس: (تسحروا فإن في السحور بركة) المراد بالبركة: الأجر والثواب.
أو البركة لكونه يقوي على الصوم، وينشِّط له، ويخفف المشقة فيه.
وقيل: البركة ما يتضمن من الاستيقاظ، والدعاء في السَّحَر.
والأولى: أن البركة في السحور تحصل بجهات متعددة: وهي اتِّباع السنَّة، ومخالفة أهل الكتاب، والتقوي به على العبادة، والزيادة في النشاط، ومدافعة سوء الخلق الذي يثيره الجوع، والتسبب بالصدقة على من يسأل إذ ذاك، أو يجتمع معه على الأكل، والتسبب للذِّكر، والدعاء، وقت مظنة الإجابة، وتدارك نية الصوم لمن أغفلها قبل أن ينام" انتهى باختصار
"فتح الباري" (4/140) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في سياق ذِكر بركات السحور:
"من بركته: أنه يغذِّي الجسم طوال النهار، ويحمل على الصبر عن الأكل والشرب، حتى في أيام الصيف الطويلة الحارة، بينما الإنسان في غير الصيام تجده يشرب في اليوم خمس، وست، مرات، ويأكل مرتين، لكن هذا السحور يجعل الله فيه بركة، فيتحمل الجسم" انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (مقدمة اللقاء رقم 223) .
والحاصل: أنه لا حرج من تناول هذه الحبوب.
وانظر جواب السؤال رقم (49686) في إباحة تناول الهرمونات في السحور لرياضي.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2932)
السنَّة تعجيل الفطر في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل هل الإفطار فرض أم لا؟
فعندما يصل المسلم إلى المسجد وقت صلاة المغرب، وفي أثناء وقت الإفطار، فهل عليه/عليها أن يفطر أولا ثم يدرك الجماعة، أم يصلي أولا ثم يفطر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
السنَّة أن يعجّل الإنسان الفطر، وهذا الذي تدل عليه الأحاديث فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ) رواه البخاري (1821) ومسلم (1838)
فالذي ينبغي المبادرة إلى الإفطار على لقيمات يسكن بها جوعه ثم يقوم إلى الصلاة، ثم إن شاء عاد إلى الطعام حتى يقضي حاجته منه.
وهذا كان فعل النبي عليه الصلاة والسلام، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رُطَبَاتٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرَاتٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُمَيْرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ) رواه الترمذي (الصوم / 632) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (560)
قال المباركفوري في شرحه للحديث: وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ الْمُبَالَغَةِ فِي اِسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْفِطْرِ.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2933)
أيهما أَوْلى وأفضل: الاشتغال بإجابة الأذان أم تعجيل الإفطار؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال: إنه يجب الاستماع للأذان. لكن ما هو حكم من يفطر عند سماع أذان المغرب؟ هل يعفى بسبب تناوله طعام الإفطار؟ وما هو حكم نفس الأمر عند التسحر عند أذان الفجر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم إجابة المؤذن ومتابعته في كلمات الأذان والصحيح - هو قول جمهور العلماء -: أن متابعته مستحبة غير واجبة. وهو قول المالكية والشافعية والحنابلة.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (3/127) :
" مذهبنا أن المتابعة سنة ليست بواجبة، وبه قال جمهور العلماء، وحكى الطحاوي خلافا لبعض السلف في إيجابها " انتهى.
وفي "المغني" (1/256) عن الإمام أحمد أنه قال: " وإن لم يقل كقوله فلا بأس " انتهى بتصرف.
ويدل على ذلك " قول النبي عليه الصلاة والسلام لمالك بن الحويرث ومن معه: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم) .
فهذا يدل على أن المتابعة لا تجب، ووجه الدلالة: أن المقام مقام تعليم، وتدعو الحاجة إلى بيان كل ما يحتاج إليه، وهؤلاء وَفْدٌ قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في متابعة الأذان، فلما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التنبيه على ذلك مع دعاء الحاجة إليه، وكون هؤلاء وفدًا لبثوا عنده عشرين يوما ثم غادروا - يدل على أن الإجابة ليست بواجبة، وهذا هو الأقرب والأرجح " انتهى من الشرح الممتع (2/75) .
وروى مالك في "الموطأ" (1/103) عن ابن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه أخبره: (أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يُصَلُّون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون قال ثعلبة: جلسنا نتحدث. فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد.
قال ابن شهاب: " فخروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام ".
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "تمام المنة" (340) :
" في هذا الأثر دليل على عدم وجوب إجابة المؤذن، لجريان العمل في عهد عمر على التحدث في أثناء الأذان، وسكوت عمر عليه، وكثيرا ما سئلت عن الدليل الصارف للأمر بإجابة المؤذن عن الوجوب؟ فأجبت بهذا " انتهى.
بناء على ما سبق، فلا إثم على من ترك إجابة المؤذن ولم يتابعه، سواء كان تركه لانشغاله بطعام أو غيره، غير أنه يفوته بذلك الأجر العظيم عند الله تعالى.
فقد روى مسلم (385) عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. فَقَالَ أَحَدُكُمْ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ. ثُمَّ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ)
وليس هناك تعارض بين تعجيل الفطر والترديد خلف المؤذن، فيستطيع الصائم أن يبادر بالفطر بعد غروب الشمس مباشرة، وفي الوقت نفسه يردد خلف المؤذن، فيكون قد جمع بين الفضيلتين: فضيلة المبادرة بالفطر، وفضيلة الترديد خلف المؤذن.
ولم يزل الناس قديماً وحديثاً يتكلمون على طعامهم، ولا يرون الطعام شاغلاً لهم عن الكلام، مع التنبيه أن تعجيل الفطر يحصل بأي شيء يأكله الصائم ولو كان شيئاً يسيراً، كتمرة أو شربة ماء، وليس معناه أن يأكل حتى يشبع.
وكذلك يقال أيضاً إذا أذن الفجر وهو يأكل السحور، فيمكن الجمع بين الأمرين بلا مشقة ظاهرة.
غير أنه إذا كان المؤذن يؤذن للفجر بعد دخول الوقت، فيجب الكف عن الأكل والشرب عند سماع أذانه.
وانظر جواب السؤال رقم (66202) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2934)
الذكر المشروع عند الإفطار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء من الأحاديث التي قالوا عنها أنها ضعيفة مثل:
1 - عند الفطور " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ".
2 - أشهد أن لا إله إلا الله أستغفر الله أسألك الجنة وأعوذ بك من النار. هل يشرع , يجوز , لا يجوز , مكروه , لا يصح أو حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الدعاء عند الإفطار بما ذكرت، ورد في حديث ضعيف رواه أبو داود (2358) عَنْ مُعَاذِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ.
ويغني عنه ما رواه ابو داود (2357) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ: (ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
ثانيا:
يستحب للصائم أن يدعو أثناء صيامه، وعند فطره؛ لما روى أحمد (8030) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا إِذَا رَأَيْنَاكَ رَقَّتْ قُلُوبُنَا وَكُنَّا مِنْ أَهْلِ الآخِرَةِ وَإِذَا فَارَقْنَاكَ أَعْجَبَتْنَا الدُّنْيَا وَشَمَمْنَا النِّسَاءَ وَالأَوْلادَ قَالَ لَوْ تَكُونُونَ أَوْ قَالَ لَوْ أَنَّكُمْ تَكُونُونَ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى الْحَالِ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلائِكَةُ بِأَكُفِّهِمْ وَلَزَارَتْكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ كَيْ يَغْفِرَ لَهُمْ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا عَنْ الْجَنَّةِ مَا بِنَاؤُهَا قَالَ لَبِنَةُ ذَهَبٍ وَلَبِنَةُ فِضَّةٍ وَمِلاطُهَا الْمِسْكُ الأَذْفَرُ وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ مَنْ يَدْخُلُهَا يَنْعَمُ وَلا يَبْأَسُ وَيَخْلُدُ وَلا يَمُوتُ لا تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلا يَفْنَى شَبَابُهُ ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ) . والحديث صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
ورواه الترمذي (2525) بلفظ: " وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ ... " وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
فلك أن تسأل الله الجنة وأن تتعوذ من النار، وأن تستغفر، وأن تدعو بغير ذلك من الأدعية المشروعة، وأما الدعاء بهذه الصيغة المرتبة: " أشهد أن لا إله إلا الله أستغفر الله أسألك الجنة وأعوذ بك من النار " فلم نقف عليها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2935)
وقت الدعاء عند الإفطار
[السُّؤَالُ]
ـ[للصائم دعوة مستجابة عند فطره فمتى تكون: قبل الإفطار أو في أثناءه أو بعده؟ وهل من دعوات وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو دعاء تشيرون به في مثل هذا الوقت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله فقال:
الدعاء يكون قبل الإفطار عند الغروب؛ لأنه يجتمع فيه انكسار النفس والذل وأنه صائم، وكل هذه أسباب للإجابة وأما بعد الفطر فإن النفس قد استراحت وفرحت وربما حصلت غفلة، لكن ورد دعاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لو صح فإنه يكون بعد الإفطار وهو: " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله " {رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2066) } فهذا لا يكون إلا بعد الفطر، وكذلك ورد عن بعض الصحابة قوله: " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت "
فأنت ادع الله بما تراه مناسباً.
[الْمَصْدَرُ]
اللقاء الشهري رقم 8 للشيخ محمد بن صالح العثيمين يرحمه الله(5/2936)
هل في الشرع دعاء يقال عند السحور؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ظننت أيام المدرسة أن هناك دعاءً مخصصاً فقط للإفطار وليس للسحور؛ لأن في السحور النية محلها القلب لكن زوجي أخبرني أن هناك دعاءً مخصصاً للسحور أيضاً.
رجاء التوضيح، هل هذا صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، هناك أدعية خاصة وردت بها السنة يقوله الصائم عند فطره، فيقول: " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله "، وله أن يدعو بما يشاء، لا لكون ذلك ورد في السنة تنصيصاً، بل لأنه محل نهاية عبادة، ويشرع للمسلم أن يدعو عند ذلك.
سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله:
هل هناك دعاء مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم عند وقت الإفطار؟ وما هو وقته؟ وهل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره؟
فأجاب:
" إن وقت الإفطار موطن إجابة للدعاء؛ لأنه في آخر العبادة؛ ولأن الإنسان أشد ما يكون - غالباً - من ضعف النفس عند إفطاره، وكلما كان الإنسان أضعف نفساً وأرق قلباً كان أقرب إلى الإنابة والإخبات إلى الله عز وجل، والدعاء المأثور: (اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت) ، ومنه أيضاً: قول النبي عليه الصلاة والسلام: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله) ، وهذان الحديثان وإن كان فيهما ضعف لكن بعض أهل العلم حسنهما، وعلى كل حال فإذا دعوت بذلك أو بغيره عند الإفطار فإنه موطن إجابة " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 341) .
وانظر في تخريج حديث " ذهب الظمأ ... " و " اللهم لك صمت " جواب السؤال رقم (26879) ، وفيه بيان ضعف الأول وحسن الثاني، وفيه فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية في موضوع الدعاء.
وأما السحور فليس هناك دعاء خاص يقال عنده، فالمشروع هو أن يسمي الله في أوله، ويحمده إذا فرغ من الطعام، كما يفعل ذلك عند كل طعام.
لكن من أخَّر سحوره إلى الثلث الأخير من الليل فإنه يدرك بذلك وقت النزول الإلهي فيه، وهو وقت استجابة الدعاء.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) . رواه البخاري (1094) ومسلم (758) . فيدعو في هذا الوقت لكونه وقت إجابة لا من أجل السحور.
وأما النية فمحلها القلب ولا يشرع التلفظ بها باللسان، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ومن خطر بقلبه أنه صائم غداً فقد نوى ".
وانظر جواب السؤال (37643) و (22909) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2937)
يستحب ختم القرآن في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تخبرني ما إذا كان من الضروري على المسلم ختم القرآن الكريم خلال شهر رمضان، إذا كان الجواب بنعم، أرجو أن تورد الحديث المؤيد لذلك القول.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يشكر السائل الكريم على حرصه على معرفة حكم المسألة بدليلها، ولا شك أن هذا أمر مطلوب، يجب أن يسعى إليه كل مسلم، حتى يكون متبعاً للكتاب والسنة.
قال الشوكاني رحمه الله "إرشاد الفحول" (450-451) :
" إذا تقرر لك أن العامي يسأل العالم، والمقصر يسأل الكامل، فعليه أن يسأل أهل العلم المعروفين بالدين وكمال الورع، عن العالم بالكتاب والسنة، العارف بما فيهما، المطلع على ما يحتاج إليه في فهمهما من العلوم الآلية، حتى يدلوه عليه ويرشدوه إليه، فيسأله عن حادثته طالباً ما في كتاب الله سبحانه أو ما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحينئذ يأخذ الحق من معدنه، ويستفيد الحكم من موضعه، ويستريح من الرأي الذي لا يأمن المتمسك به أن يقع في الخطأ المخالف للشرع، المباين للحق " انتهى.
وفي كتاب ابن الصلاح "أدب المفتي والمستفتي" (ص171) قال:
" وذكر السمعاني أنه لا يمنع من أن يطالب المفتي بالدليل، لأجل احتياطه لنفسه، وأنه يلزمه أن يذكر له الدليل إن كان مقطوعاً به، ولا يلزمه ذلك إن لم يكن مقطوعاً به؛ لافتقاره إلى اجتهاد يقصر عنه العامي. والله أعلم بالصواب " انتهى.
ثانياً:
نعم، يستحب للمسلم أن يكثر من قراءة القرآن في رمضان ويحرص على ختمه، لكن لا يجب ذلك عليه، بمعنى أنه إن لم يختم القرآن فلا يأثم، لكنه فوت على نفسه أجوراً كثيرة.
والدليل على ذلك: ما رواه البخاري (4614) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: (أن جبريل كان يعْرضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعرضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فيه)
قال ابن الأثير في "الجامع في غريب الحديث" (4/64) :
" أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن " انتهى.
وقد كان من هدي السلف رضوان الله عليهم، الحرص على ختم القرآن في رمضان، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فعن إبراهيم النخعي قال: كان الأسود يختم القرآن في رمضان في كل ليلتين. "السير" (4/51) .
وكان قتادة يختم القرآن في سبع، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة. "السير" (5/276) .
وعن مجاهد أنه كان يختم القرآن في رمضان في كل ليلة. "التبيان" للنووي (ص/74) وقال: إسناده صحيح.
وعن مجاهد قال: كان علي الأزدي يختم القرآن في رمضان كل ليلة. "تهذيب الكمال" (2/983) .
وقال الربيع بن سليمان: كان الشافعي يختم القرآن في رمضان ستين ختمة. "السير" (10/36) .
وقال القاسم ابن الحافظ ابن عساكر: كان أبي مواظباً على صلاة الجماعة وتلاوة القرآن، يختم كل جمعة، ويختم في رمضان كل يوم. "السير" (20/562) .
قال النووي رحمه الله معلقاً على مسألة قدر ختمات القرآن:
" والاختيار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر، لطائف ومعارف، فليقتصر على قدر يحصل له كمال فهم ما يقرؤه، وكذا من كان مشغولا بنشر العلم، أو غيره من مهمات الدين، ومصالح المسلمين العامة، فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له.
وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل والهذرمة " انتهى.
"التبيان" (ص76) .
ومع هذا الاستحباب والتأكيد على قراءة القرآن وختمه في رمضان، يبقى ذلك في دائرة المستحبات، وليس من الضروريات الواجبات التي يأثم المسلم بتركها.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يجب على الصائم ختم القرآن في رمضان؟
فأجاب:
" ختم القرآن في رمضان للصائم ليس بأمر واجب، ولكن ينبغي للإنسان في رمضان أن يكثر من قراءة القرآن، كما كان ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان عليه الصلاة والسلام يدارسه جبريل القرآن كل رمضان " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/516)
وانظر الأسئلة رقم (66063) (26327) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2938)
فضل تفطير صائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الثواب المترتب على تفطير صائم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عن زيد بن خالد الجهني قال: قال صلى الله عليه وسلم: " مَن فطَّر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ".
رواه الترمذي (807) وابن ماجه (1746) وصححه ابن حبان (8 / 216) والألباني في " صحيح الجامع " (6415) .
قال شيخ الإسلام: والمراد بتفطيره أن يشبعه. ا. هـ الاختيارات ص 194.
وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويرونه من أفضل العبادات.
وقد قال بعض السلف: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل.
وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - وداود الطائي ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين.
وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم، منهم الحسن وابن المبارك.
قال أبو السوار العدوي: كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده،إن وجد من يأكل معه أكل وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه.
وعبادة إطعام الطعام، ينشأ عنها عبادات كثيرة منها: التودد والتحبب إلى المُطعَمين فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة: كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا " رواه مسلم (54) ، كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2939)
دعاء الصائم عند فطره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الدعاء الذي ندعو به عندما نفطر ونحن صائمون؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال عمر: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله ".
رواه أبو داود (2357) والدارقطني (25) ، وقال ابن حجر في " التلخيص الحبير " (2 / 202) : " قال الدارقطني: إسناده حسن ".
وأما دعاء: " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت " فقد رواه أبو داود (2358) وهو حديث مرسل، فهو ضعيف، ضعيف أبي داود (510) للألباني.
والدعاء بعد العبادات له أصل كبير في الشرع مثل الدعاء بعد الصلوات وبعد قضاء مناسك الحج، ولا يخرج الصوم عنه إن شاء الله، وقد ذكر الله تعالى آية الدعاء والترغيب به بين آيات الصيام وهي قوله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة / 186، للدلالة على أهمية الدعاء في هذا الشهر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
أخبر سبحانه أنَّه قريبٌ مِن عباده يجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعاه، فهذا إخبارٌ عن ربوبيته لهم وإعطائه سُؤلهم وإجابةِ دعائهم؛ فإنهم إذا دعَوْه فقد آمنوا بربوبيته لهم ... ، ثم أمَرهم بأمرين فقال: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} البقرة / 186.
فالأول: أنْ يطيعوه فيما أمرهم به من العبادة والاستعانة.
والثاني: الإيمان بربوبيته وألوهيته وأنَّه ربهم وإلههم ولهذا قيل: إجابة الدعاء تكون عن صحة الاعتقاد وعن كمال الطاعة لأنَّه عقب آية الدعاء بقوله: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي} . " مجموع الفتاوى " (14 / 33) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2940)
اختلف مع والديه قبل دخول رمضان فبم تنصحونه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من بدأ صيام الشهر الفضيل وهو على خلاف مع والديه على مصاريف البيت التي يحملونه إياها دون مشاركة عادلة من قِبلهم علماً بأنهم يستطيعون المساعدة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أوجب الله تعالى برَّ الوالدين، ونهى عن عقوقهما، وأمر بمصاحبتها بالمعروف، وكل ذلك واضح مبيَّن في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
انظر أجوبة الأسئلة: (5326) و (30893) و (22782) .
ولم يُشرع الصيام من أجل الجوع والعطش، بل قد ذكر الله تعالى الحكمة العظيمة، والفائدة الجليلة من تشريع الصيام، وهو أن يحصِّل العبد به تقوى الله تعالى.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/183.
والتقوى: هي فعل الطاعات وترك المعاصي.
ومن هنا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم كثير من الناس، وأنه لا ينالهم إلا الجوع والعطش.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر ".
رواه ابن ماجه (1690) . وصححه ابن حبان (8 / 257) والألباني في " صحيح الترغيب " (10 / 83) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ربَّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر ".
رواه الطبراني في " الكبير " (12 / 382) . وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (1084) .
وكما ينبغي للمسلم أن يتحيَّن فرصة إدراك والديه أو أحدهما ليدخل الجنة بسبب ذلك: فإنه ينبغي أن يتحيَّن فرصة رمضان ليتوب ويستغفر ويتقي ربه تعالى ليدخل بسبب ذلك الجنة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: آمين، آمين، آمين، قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت: آمين آمين آمين، قال: أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، فقال: يا محمد، ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، قال: ومن ذُكرتَ عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين.
رواه ابن حبان (3 / 188) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " (1679) .
والخلاصة:
أنه يجب عليك أن تحرص على رضا والديك ولو حمَّلاك فوق طاقتك، فإنك إن احتسبتَ ذلك فتح الله لك – إن شاء – أبواباً من الرزق، ولا داعي للتحسس من طلب الأهل مالاً للنفقة، وحيث أنهم لم يطلبوا ذلك المال للحرام والمعصية فهو أمر غير مستنكر.
ويمكنك التكلم معهم - إن كانوا قادرين - بالحسنى، وإفهامهم بحاجتك وعدم قدرتك على أكثر مما تدفع، وكذا يجب عليك أن تساعدهم وتنفق عليهم بما تستطيعه إن كانوا محتاجين.
ودخول شهر رمضان فرصة لإصلاح ما بينك وبينهم، وفرصة للبذل والعطاء، وأكثر الأبواب في البذل والعطاء أجراً هو الإنفاق على الأهل كما في حديث: حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ... ) رواه البخاري (1428) ومسلم (1034) ، فأنفق واحتسب الأجر عند الله، وأبشر بالذي يسرك من ربك تعالى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2941)
حكم دوري كرة القدم الرمضاني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم دوري كرة القدم الرمضاني الذي ينتشر بين كثير من الناس والحواري في رمضان؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي ينبغي للمؤمن أن يغتنم مواسم الخيرات ويكثر من طاعة ربه سبحانه وتعالى،
ومن أعظم هذه المواسم شهر رمضان.
وما أكثر الطاعات التي يفعلها المسلم في رمضان، ويزيد ثوابها ويتضاعف.
فرمضان هو شهر الصيام والقيام وقراءة القرآن والذكر والدعاء والعمرة وتفطير الصائم والصدقة والجود والعطف على المساكين. شهر الاعتكاف والانقطاع عن الخلق والإقبال على الله والاجتهاد في العبادة.
فضائله أكثر من أن تحصى، وأشهر من أن تذكر.
لله تعالى فيه كل ليلة عتقاء من النار، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتسلسل فيه الشياطين، أسباب مغفرة الذنوب فيه كثيرة من الصيام والقيام وقيام ليلة القدر، فالمحروم حقيقة من حرم خير هذا الشهر، والخاسر حقيقة من انقضى هذا الشهر ولم يغفر له، وإذا لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر له!!
وإذا لم يقبل على الله في رمضان فمتى يقبل على الله؟!
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ) . رواه الترمذي (3545) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وإذا لم يغتنم أوقاته ويعمرها بطاعة الله في هذا الشهر فمتى يغتنمها؟!
المسلم فيه يتنقل من طاعة إلى طاعة، ومن عبادة إلى أخرى، من صلاة إلى قراءة قرآن إلى تسبيح وتهليل، إلى تفطير صائم إلى قيام ليل وتهجد إلى توبة واستغفار بالأسحار..الخ
وتقدم في السؤال رقم (26869) ذكر جدول مقدم للمسلم في رمضان.
فمتى يجد المؤمن وقتا في هذا الشهر المبارك ليضيعه، فو الله لو أن الأوقات تباع لأنفق العقلاء في شرائها كل نفيس، فالوقت هو حياة الإنسان وعمره وله نهاية لا محالة، فمن الناس من ينفق عمره في طاعة الله ومنهم من ينفقه في طاعة شيطانه هواه، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: (كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا) رواه مسلم (223)
"ومَعْنَاهُ كُلّ إِنْسَان يَسْعَى بِنَفْسِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعهَا لِلَّهِ تَعَالَى بِطَاعَتِهِ فَيُعْتِقهَا مِنْ الْعَذَاب , وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعهَا لِلشَّيْطَانِ وَالْهَوَى بِاتِّبَاعِهِمَا فَيُوبِقهَا أَيْ يُهْلِكهَا" قاله النووي.
وهذه الألعاب أقل ما يقال فيها بالنسبة لهذا الشهر: أنها من تضييع الوقت، وليس شيء أغلى عند الإنسان من وقته فهو عمره وحياته.
قال الشاعر:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع!
ثم لماذا يختص شهر رمضان بهذه الألعاب لماذا لا تكون في شعبان أو رجب أو شوال؟
ولماذا يختص رمضان بالمسلسلات وغيرها مما تستعد به القنوات، حتى رسخ في أذهان كثير من الناس أن رمضان هو شهر الكرة وشهر المسلسلات، وشهر السهرات.....إلخ.
وغاب هؤلاء عن الحكمة التي أرادها الله تعالى من فرضه لصيام شهر رمضان ألا وهي تقوى الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/183.
فأين هؤلاء من التقوى وهي العمل بطاعة الله، والكف عما حرم الله.
فعلى المؤمن أن يكون عاقلا حازما مع نفسه ولا يتبع نفسه هواها وإلا ندم حين لا ينفع الندم.
فرغم أنف امرئ أضاع رمضان ما بين لعب ولهو وسهرات في غير طاعة الله حتى انقضى رمضان ولم يزدد من الله إلا إثما وبعدا.
فرغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه.
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، ويردهم إلى دينهم ردا جميلا، وأن يبلغنا رمضان ويعيننا على طاعته وحسن عبادته ويتقبل منا إنه قريب مجيب.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2942)
تعجيل الفطر أفضل من تأخيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في تأخير الفطر بعد صلاة المغرب ثواب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تأخير الفطر ليس فيه ثواب، بل الأفضل والأكمل في الثواب هو تعجيل الفطر بعد غروب الشمس مباشرة.
روى البخاري (1957) ومسلم (1098) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ) .
ورواه أبو داود (2353) عن أَبي هُرَيْرَة وفيه: (لأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود (2353) .
قال النووي:
فِيهِ الْحَثّ عَلَى تَعْجِيله بَعْد تَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَمَعْنَاهُ لا يَزَال أَمْر الأُمَّة مُنْتَظِمًا وَهُمْ بِخَيْرٍ مَا دَامُوا مُحَافِظِينَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّة , وَإِذَا أَخَّرُوهُ كَانَ ذَلِكَ عَلامَة عَلَى فَسَادٍ يَقَعُونَ فِيهِ اهـ.
قوله صلى الله عليه وسلم: (لأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ) .
قَالَ الطِّيبِيُّ:
فِي هَذَا التَّعْلِيل دَلِيل عَلَى أَنَّ قِوَام الدِّين الْحَنِيفِيّ عَلَى مُخَالَفَة الأَعْدَاء مِنْ أَهْل الْكِتَاب، وَأَنَّ فِي مُوَافَقَتهمْ تَلَفًا لِلدِّينِ اهـ.
وروى مسلم (1099) أن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سئلت عن رجل مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وهو عبد الله بن مسعود) يُعَجِّلُ الْمَغْرِبَ وَالإِفْطَارَ، فَقَالَتْ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ.
قَالَ الشَّافِعِيّ فِي " الأُمّ ":
"تَعْجِيل الْفِطْر مُسْتَحَبٌّ" اهـ.
وقال ابن حزم في "المحلى" (4/380) :
وَمِنْ السُّنَّةِ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَغِيبُ الشَّمْسِ عَنْ أُفُقِ الصَّائِمِ وَلا مَزِيدَ اهـ.
وقد ذكر العلماء عدةَ حِكَم لاستحباب تعجيل الفطر، فمنها:
1- مخالفة اليهود والنصارى.
2- اتباع السنة وموافقتها.
3- أَنْ لا يُزَادَ فِي النَّهَار مِنْ اللَّيْل.
4- أَنَّهُ أَرْفَقُ بِالصَّائِمِ، وَأَقْوَى لَهُ عَلَى الْعِبَادَة.
5- ولما فيه من المبادرة إلى تناول ما أحله الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى كريم، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه، فيحب من عباده أن يبادروا بما أحل الله لهم من حين أن تغرب الشمس.
"وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْس بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ , وَكَذَا عَدْلٍ وَاحِد فِي الأَرْجَح" قاله الحافظ.
انظر: "فتح الباري" شرح حديث رقم (1957) ، "الشرح الممتع" (6/267) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2943)
إذا فطَّر قريبا غنيا فله ثواب من فطَّر صائماً
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة عما إذا كان يعتبر إفطار شخص قريب لي ومن القادرين يدخل ضمن حديث: (من فَطَّر صائما.. الحديث) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الحديث رواه الترمذي (807) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) . صححه الألباني في صحيح الترمذي.
والحديث عام في كل صائم غنياً كان أم فقيراً، ويشمل القريب وغيره.
انظر: "فيض القدير" للمناوي شرح حديث رقم (8890) .
بل قد يكون تفطير الصائم القريب أعظم أجراً لأنه بذلك يحصل على ثواب تفطير الصائم، وصلة الرحم، ما لم يكن غير القريب فقيرا ولا يجد ما يفطر عليه فيكون تفطيره أعظم أجراً لما فيه من دفع حاجته.
وهذا كما أن الصدقة على الفقير القريب أفضل من الصدقة على الفقير غير القريب.
روى الترمذي (658) وابن ماجه (1844) عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ) . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وقال الحافظ في "فتح الباري":
" لا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ هِبَةُ ذِي الرَّحِم (يعني الهدية للقريب) أَفْضَل مُطْلَقًا، لاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون الْمِسْكِين مُحْتَاجًا وَنَفْعه بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا وَالآخَر بِالْعَكْسِ اهـ بتصرف.
والخلاصة:
أن تفطير الصائم القريب يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ) ،
وقد يكون تفطيره أعظم أجراً من غير القريب، وقد يكون بالعكس، على حسب حاجة كل منهما، وما يترتب على تفطيره من المصالح.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2944)
طبيب يعمل عملية جراحية فهل يؤجل إفطاره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قريبي طبيب ويريد أن يسال هل إن كان يقوم بعملية جراحية يمكنه أن يؤجل إفطاره؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
السنة تعجيل الفطر بمجرد غروب الشمس، وقد وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، منها:
ما رواه البخاري (1975) ومسلم (1098) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ) .
قال النووي:
فِيهِ الْحَثّ عَلَى تَعْجِيله بَعْد تَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ , وَمَعْنَاهُ لا يَزَال أَمْر الأُمَّة مُنْتَظِمًا وَهُمْ بِخَيْرٍ مَا دَامُوا مُحَافِظِينَ عَلَى هَذِهِ السُّنَّة , وَإِذَا أَخَّرُوهُ كَانَ ذَلِكَ عَلامَة عَلَى فَسَادٍ يَقَعُونَ فِيهِ اهـ.
وقال الحافظ:
قَالَ الْمُهَلَّبُ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ لا يُزَادَ فِي النَّهَار مِنْ اللَّيْل , وَلأَنَّهُ أَرْفَقُ بِالصَّائِمِ وَأَقْوَى لَهُ عَلَى الْعِبَادَة , وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إِذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْس بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ , وَكَذَا عَدْلٍ وَاحِد فِي الأَرْجَح. اهـ.
وحكمة أخرى:
"وهي المبادرة إلى تناول ما أحله الله عز وجل، والله سبحانه وتعالى كريم، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه، فيحب من عباده أن يبادروا بما أحل الله لهم من حين أن تغرب الشمس" اهـ الشرح الممتع (6/268) .
فِي هَذَا الْحَدِيث رَدٌّ عَلَى الشِّيعَةِ فِي تَأْخِيرهمْ الْفِطْر إِلَى ظُهُور النُّجُوم اهـ. قاله ابن دقيق العيد
ثانيا:
السنة أن يفطر الصائم على رطب فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء، فإن لم يجد فإنه يفطر على ما تيسر من الطعام أو الشراب.
فإذا لم يجد الصائم شيئاً يفطر عليه، فإنه يفطر بالنية، بمعنى أنه ينوي الإفطار ويكون قد عَجَّلَ الفطر وعمل بالسنة في ذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/269) .
فإن لم يجد ماء ولا شراباً آخر ولا طعاماً ينوي الفطر بقلبه ويكفي اهـ.
وعلى هذا، إن لم يتمكن هذا الطبيب من الإفطار على الرطب أو التمر فإنه يفطر على الماء، فإن لم يمكنه ذلك لانشغاله بإجراء العملية فإنه تكفيه نية الإفطار ويكون قد وافق السنة بذلك.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2945)
بعض سنن الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي سنن الصوم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سنن الصوم كثيرة، منها:
أولاً:
يسن إذا شتمه أحد أو قائله أن يقابل إساءته بالإحسان ويقول: إني صائم، لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها) البخاري برقم 1894، ومسلم 1151
ثانياً:
يسن للصائم السحور لما ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تسحروا فإن في السحور بركة) رواه البخاري برقم 1923، ومسلم برقم 1095
ثالثاًً:
يسن تأخير السحور لما رواه البخاري عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم قال: (تسحرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قام إلى الصلاة قلت: كم كان بين الأذان والسحور قال قدر خمسين آية) رواه البخاري 1921
رابعاً:
يسن تعجيل الفطر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) رواه البخاري برقم 1957، ومسلم برقم 1098، راجع السؤال رقم (49716)
خامساً:
يسن أن يفطر على رطب فإن لم يجد فعلى تمر فإن لم يجد فعلى ماء، لحديث أنس - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء) رواه أبو داود برقم 2356، والترمذي 696، وحسنه في الإرواء 4 / 45
سادساً:
يسن إذا أفطر أن يقول ما ورد، والذي ورد هو التسمية، وهي واجبة على الصحيح لأمره - صلى الله عليه وسلم -، وورد " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم " وهو ضعيف كما قال ابن القيم زاد المعاد 2 / 51، وورد أيضا " ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله " رواه أبو داود 2357، والبيهقي 4 / 239، وحسنه في الإرواء 4 / 39
وقد وردت أحاديث في فضل دعوة الصائم منها:
1- عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر) رواه البيهقي 3 / 345، وصححه الألباني في الصحيحة 1797
2- عن أبي أمامة مرفوعا: (لله عند كل فطر عتقاء) رواه أحمد (21698، وصححه الألباني في صحيح الترغيب 1/ 491
3- عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: (إن الله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلية - يعني في رمضان - وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة) رواه البزار، وصححه الألباني في صحيح الترغيب 1 / 491
وتراجع الأسئلة (37745، 37720، 13999، 14103) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2946)
استحباب العمرة في جميع رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل العمرة مستحبة في العشر الأواخر من رمضان؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
رَغَّبَ النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أداء العمرة في شهر رمضان، روى البخاري (1782) ومسلم (1256) عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال: قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عُمرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةٌ) .
وهذا يشمل جميع رمضان، وليس مختصًّا بالعشر الأواخر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2947)
الأكل بعد المغرب وصلاة راتبة المغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاة المغرب في رمضان كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل التمر ثم يصلى المغرب في جماعة السؤال هو هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلى السنة أولاً أم يفطر أولاً بعد أداء الفريضة هذا السؤال نابع من حرصي الشديد على أداء السنن كاملة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل هدي، فقد كان يبدأ إفطاره حين يكون صائماً بأكل الرطب، فإن لم يتيسر فتمْر، فإن لم يتيسر شرب الماء، ثم يصلِّي بعدها الفرض في المسجد، وراتبته في البيت.
قال أنس بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء.
رواه أبو داود (2356) .
والحديث صححه الدارقطني في " سننه " (2 / 185) ، وحسَّنه الألباني في " إرواء الغليل " (4 / 45) .
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين.
رواه البخاري (895) – واللفظ له – ومسلم (729) .
ولا نعلم سنَّة خاصة قي موضوع السؤال، ولا ندري – أصلاً – إن كان صلى الله عليه وسلم يأكل شيئاً آخر بعد صلاة المغرب، وإذا رجع المسلم إلى بيته فوجد الطعام موضوعاً، وخشي أن تتعلق نفسه به وهو يصلي، فليطعم أولاً ثم يصلي راتبة المغرب، ووقت راتبة المغرب ينتهي مع وقت فرضه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2948)
اعتراض غير صحيح على كون الإمساك قبل الفجر بدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لسؤال رقم 12602 حيث قلت بأن الإمساك عن الأكل والشرب قبل 5 دقائق من الفجر يعتبر من البدعة، وجدت حديثاً في البخاري رواه أنس " أن زيد بن ثابت قال تسحرنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم ثم وقف للصلاة فسألته كم كان من الوقت بين السحور والأذان فقال وقت يكفي لقراءة خمسين آية "
قراءة 50 آية تستغرق من 5 إلى 10 دقائق وربما أكثر، فكيف يكون الإمساك قبل 5 دقائق من الفجر بدعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى البخاري (1921) عَنْ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً.
فهذا الحديث يدل على أن وقت سحور النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل الأذان بهذا الوقت، وليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ الصيام وأمسك عن الطعام والشراب قبل الفجر بهذا الوقت، فهناك فرق بين وقت السحور ووقت الإمساك، وهذا واضح بحمد الله، كما تقول: تَسَحَّرْتُ الساعة الثانية قبل الفجر، فهذا لا يعني أنك بدأت الصيام من هذا الوقت. وإنما هو إخبار عن وقت السحور فقط.
والذي يستفاد من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه استحباب تأخير السحور وليس استحباب الإمساك قبل الفجر بمدة.
وقد أباح الله تعالى لمن نوى الصيام أن يأكل ويشرب حتى يتيقن طلوع الفجر، قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187.
"فَأَبَاحَ الْجِمَاعَ وَالأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي لَيَالِي الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ , ثُمَّ أَمَرَ بِإِتْمَامِ الصِّيَامِ إلَى اللَّيْلِ" اهـ. قاله أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (1/265) .
وروى البخاري (1919) ومسلم (1092) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ بِلالا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ) .
قال النووي في المجموع (6/406) :
"اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ السَّحُورَ سُنَّةٌ , وَأَنَّ تَأْخِيرَهُ أَفْضَلُ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ كُلُّهُ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ , وَلأَنَّ فِيهِمَا (يعني السحور وتأخيره) إعَانَةً عَلَى الصَّوْمِ , وَلأَنَّ فِيهِمَا مُخَالَفَةً لِلْكُفَّارِ. . وَلأَنَّ مَحَلَّ الصَّوْمِ هُوَ النَّهَارُ فَلا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ الْفِطْرِ وَالامْتِنَاعِ مِنْ السَّحُورِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ " اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/284) :
قرأت في بعض التفاسير أن الصائم يمسك قبل أذان الفجر بثلث ساعة، أي بمقدار عشرين دقيقة ويسمي ذلك إمساكاً احتياطياً، فما هو المقدار بين الإمساك وأذان الفجر في رمضان؟ وما حكم من يسمع المؤذن يقول الصلاة خير من النوم ويشرب مادام لم ينته من الأذان فهل يصح؟
فأجابت:
" الأصل في الإمساك للصائم وإفطاره قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187.
فالأكل والشرب مباح إلى طلوع الفجر وهو الخيط الأبيض الذي جعله الله غاية لإباحة الأكل والشرب، فإذا تبين الفجر الثاني حرم الأكل والشرب وغيرها من المفطرات، ومن شرب وهو يسمع أذان الفجر فإن كان الأذان بعد طلوع الفجر الثاني فعليه القضاء وإن كان قبل الطلوع فلا قضاء عليه" اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز عن جعل وقت للإمساك قبل الفجر بحوالي ربع ساعة.
فأجاب:
" لا أعلم لهذا أصلا، بل الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإمساك يكون بطلوع الفجر؛ لقول الله سبحانه: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الفجر فجران: فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة، وفجر تحرم فيه الصلاة (أي صلاة الصبح) ويحل فيه الطعام) رواه ابن خزيمة والحاكم وصححاه كما في بلوغ المرام، وقوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) قال الراوي: وَكَانَ ابن أم مكتوم رَجُلا أَعْمَى لا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. متفق على صحته " اهـ.
مجموع فتاوى ابن باز (15/281) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2949)
استعمال السواك للصائم وبلع الريق بعده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال السواك في نهار رمضان؟ وهل يجوز بلع ريق السواك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
السواك مستحب في جميع الأوقات، في الصيام وغير الصيام، في أول النهار وآخره. ودليل ذلك:
1- روى البخاري (887) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ) .
2- روى النسائي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ) رواه النسائي (5) . وصححه الألباني في صحيح النسائي (5) .
ففي هذه الأحاديث دليل على استحباب السواك في جميع الأوقات، ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم الصائم، بل عموم الأحاديث يشمل الصائم وغير الصائم.
ويجوز بلع الريق بعد السواك، إلا إذا كان تحلل من السواك شيء في الفم فإنه يخرجه ثم يبتلع ريقه. كما أن الصائم يجوز له أن يتوضأ ثم يخرج الماء من فمه ثم يبتلع ريقه ولا يلزمه أن يجفف فمه من ماء المضمضة.
قال النووي في " المجموع" (6/327) :
قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: إذَا تَمَضْمَضَ الصَّائِمُ لَزِمَهُ مَجُّ الْمَاءِ , وَلا يَلْزَمُهُ تَنْشِيفُ فَمِهِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا بِلا خِلافٍ اهـ.
قال البخاري رحمه الله:
بَاب سِوَاكِ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ لِلصَّائِمِ. . . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ) . قال البخاري: وَلَمْ يَخُصَّ الصَّائِمَ مِنْ غَيْرِهِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ) . وَقَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: يَبْتَلِعُ رِيقَهُ.
قال الحافظ في الفتح:
أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ لِلصَّائِمِ الاسْتِيَاكَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ. . . وَقَدْ تَقَدَّمَ قِيَاسُ اِبْنِ سِيرِينَ السِّوَاكَ الرَّطْبَ عَلَى الْمَاء الَّذِي يُتَمَضْمَضُ بِهِ. . .
"وَلَمْ يَخُصَّ صَائِمًا مِنْ غَيْره" أَيْ وَلَمْ يَخُصَّ أَيْضًا رَطْبًا مِنْ يَابِسٍ , وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ جَمِيعِ مَا أَوْرَدَهُ فِي هَذَا الْبَاب لِلتَّرْجَمَةِ , وَالْجَامِعُ لِذَلِكَ كُلِّهِ قَوْله فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة: (لأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلّ وُضُوءٍ) , فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إِبَاحَتَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَعَلَى كُلّ حَالٍ. .
(وَقَالَ عَطَاء وَقَتَادَةُ يَبْتَلِعُ رِيقَهُ) مُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَة أَنَّ أَقْصَى مَا يُخْشَى مِنْ السِّوَاك الرَّطْب أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ فِي الْفَمِ شَيْءٌ وَذَلِكَ الشَّيْءُ كَمَاءِ الْمَضْمَضَةِ فَإِذَا قَذَفَهُ مِنْ فِيهِ لا يَضُرُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَبْتَلِعَ رِيقَهُ. انتهى كلام الحافظ ابن حجر باختصار.
وقال الشيخ ابن عثيمين:
الصواب أن التسوك للصائم سنة في أول النهار وفي آخره اهـ فتاوى أركان الإسلام ص 468.
(والسواك سنّة للصائم في جميع النهار وإن كان رطبا، وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طَعْمِه فبلعه أو أخرجه من فمه وعليه ريق ثم أعاده وبلعه فلا يضره. الفتاوى السعدية 245.
(ويجتنب ما له مادة تتحلل كالسواك الأخضر، وما أضيف إليه طعم خارج عنه كالليمون والنعناع، ويُخرج ما تفتت منه داخل الفم، ولا يجوز تعمد ابتلاعه فإن ابتلعه بغير قصده فلا شيء عليه) اهـ من رسالة " سبعون مسألة في الصيام ".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2950)
التصدق في العشر الأواخر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يُفضل إعطاء الصدقات في العشر الأواخر من رمضان، أم أن قيام ليالي تلك الأيام بالصلاة والذكر هو المميز فقط في تلك الليالي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في إحياء العشر الأواخر من رمضان هو إحياؤها بالصلاة والذكر.
والصدقة في رمضان أفضل من الصدقة في غيره، ولكن لا نعلم من السنة ما يدل على أن إعطاء الصدقة في العشر الأواخر أفضل.
لكن ذكر العلماء أن العمل الصالح يكون أفضل كلما وقع في زمان فاضل، ولا شك أن ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل مما سواها من الليالي لأن بها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
وعلى كل حال، فالمشروع للمسلم أن يكثر من الصدقة في جميع رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان. رواه البخاري (6) ومسلم (2308) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2951)
ما الأفضل قراءة القرآن أم الصلاة في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل في نهار رمضان قراءة القرآن أم صلاة التطوع؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات وكان جبريل يدارسه القرآن ليلاً وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة وكان أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان وكان يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف هذا هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الباب وفي هذا الشهر الكريم.
أما المفاضلة بين قراءة القارئ وصلاة المصلي تطوعاً فتختلف باختلاف أحوال الناس وتقدير ذلك راجع إلى الله عز وجل لأنه بكل شيء محيط.
من كتاب الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح لشيخ عبد العزيز بن باز ص 45
وقد يكون العمل المعيّن في حقّ شخص، أفضل وغيره في حقّ شخص آخر أفضل بحسب تقريب العمل لفاعله من الله عزّ وجلّ، فقد يتأثّر بعض الأشخاص بنوافل ويخشعون فيها فتقرّبهم إلى الله أكثر من أعمال أخرى فتكون في حقّهم أفضل والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2952)
استعمال ما يزيل رائحة الفم في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في الصيدليات معطّر خاص بالفم، وهو عبارة عن بخاخ، فهل يجوز استعماله خلال نهار رمضان لإزالة الرائحة من الفم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يكفي عن استعمال البخاخ للفم في حالة الصيام استعمال السواك الذي حثّ عليه صلى الله عليه وسلم، وإذا استعمل البخاخ ولم يصل شيء إلى حلقه، فلا بأس به، مع أن رائحة فم الصائم الناتجة عن الصيام ينبغي أن لا تُكره، لأنها أثر طاعة محبوبة لله عز وجل، وفي الحديث: (خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) .
[الْمَصْدَرُ]
المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان ج/3 ص/121(5/2953)
معجون الأسنان لا يضرّ الصيام إذا لم يصل إلى الحلق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استعمال معجون الأسنان لتنظيف الفم في نهار رمضان يبطل الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا لم يصل معجون الأسنان إلى الحلق فإنّه لا يُفطّر، والأفضل أن يُستخدم في الليل ويستعمل السواك بالنهار.
وفقنا الله وإياكِ إلى طاعته.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2954)
استعمال معجون الأسنان في الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تنظيف الأسنان بالفرشاة والمعجون في حال الصوم؟ على حسب علمي أن هذا جائز طالما أن المعجون لم يصل إلى الجوف (لم يتم بلعه) . أرجو الإدلاء برأيك في هذا الموضوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله عن استعمال معجون الأسنان فقال: لا حرج في ذلك مع التحفظ عن ابتلاع شيء منه، كما يشرع استعمال السواك للصائم..
" فتاوى الشيخ ابن باز " (4 / 247)
وقال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين:
ويتفرع على هذا: هل يجوز للصائم أن يستعمل الفرشة والمعجون أو لا؟
الجواب: يجوز، لكن الأولى ألا يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق، وبدلاً من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل.
" الشرح الممتع لابن عثيمين (6 / 407، 408) .
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2955)
الأكل في رمضان ناسياً لا يضر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أكل أو شرب في نهار رمضان ناسياً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس عليه بأس وصومه صحيح. لقول الله سبحانه في آخر سورة البقرة: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286 وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه قال: " قد فعلت "، ولما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) متفق عليه.
وهكذا لو جامع ناسياً فصومه صحيح في أصح قولي العلماء للآية الكريمة، ولهذا الحديث الشريف، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة) خرجه الحاكم وصححه، وهذا اللفظ يعم الجماع وغيره من المفطرات إذا فعلها الصائم ناسياً. وهذا من رحمة الله وفضله وإحسانه فله الحمد والشكر على ذلك.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز الجزء 4/ص 193.(5/2956)
استعمال الصائم للسواك ومعجون الأسنان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استخدام المسواك الcolgate أو أي نوع يبطل الصوم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للصائم استعمال المسواك ومعجون الأسنان أثناء الصوم، مع التحرز من بلع شيء منه، بل استعمال السواك سنة للصائم وغيره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأما السواك فجائز بلا نزاع , لكن اختلفوا في كراهيته بعد الزوال على قولين مشهورين , هما روايتان عن أحمد. ولم يقم على كراهيته دليل شرعي يصلح أن يخص عمومات نصوص السواك " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (2/474) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يضع الصائم طيبا؟ وهل يجوز له التسوك بالنهار؟ وهل تضع المرأة حناء أو تدهن شعرها لتمتشط به؟
فأجابوا: "له أن يضع طيبا في ثوبه، أو ما يلبسه على رأسه أو في بدنه، إلا أنه لا يتسعّطه في أنفه.
وله أن يتسوك بالنهار، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة) متفق على صحته، وهذا يشمل صلاة الظهر والعصر في حق الصائم وغيره، ولا نعلم دليلا صحيحا يمنع من ذلك.
وللمرأة أن تضع الحناء أو تدهن شعرها لتمتشط به؛ لأنه لا يؤثر على الصيام، وهكذا الرجل له أن يدهن بدواء أو غيره، وإن كان صائما " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10/328) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما حكم استعمال معجون الأسنان للصائم؟
فأجاب: " تنظيف الأسنان بالمعجون لا يفطر به الصائم كالسواك، وعليه التحرز من ذهاب شيء منه إلى جوفه، فإن غلبه شيء من ذلك بدون قصد فلا قضاء عليه " انتهى من "مجموع "فتاوى الشيخ ابن باز" (15/260) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2957)
لا علاقة بين الصيام وقصّ الأظافر وحلق العانة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الصائم عليه ألا يقص أظافره أو يحلق عانته؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليست هذه الأعمال مما تجب على الصائم خصوصاً، وليست مما ينافي الصيام أيضاً، والصائم إنما يمتنع عن الطعام والشراب والجماع، وهي من مفسدات الصوم، ويمتنع عن المعاصي والمنكرات كالغيبة والنميمة وهي من منقصات الصوم، وأما الأظفار وشعر العانة فقصّها وحلقها من أمور الفطرة وقد وقَّت الشارع في بقائها أربعين يوماً، ولا علاقة لصحّة الصيام بها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2958)
حكم إبرة البنج وتنظيف السن أو حشوه أو خلعه في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا حصل للإنسان ألم في أسنانه، وراجع الطبيب وعمل له تنظيفاً أو حشواً أو خلع أحد أسنانه، فهل يؤثر ذلك على صيامه؟ ولو أن الطبيب أعطاه إبرة لتخدير سنه، فهل لذلك أثر على الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ليس لما ذكر في السؤال أثر في صحة الصيام، بل ذلك معفو عنه، وعليه أن يتحفظ من ابتلاع شيء من الدواء أو الدم، وهكذا الإبرة المذكورة لا أثر لها في صحة الصوم؛ لكونها ليست في معنى الأكل والشرب. والأصل صحة الصوم وسلامته" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/259) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2959)
الاستنشاق والمضمضة للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستنشاق والمضمضة في نهار رمضان لمن كان صائماً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للقيط بن صبرة: (أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) فأمره صلى الله عليه وسلم بإسباغ الوضوء ثم قال: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) فدل ذلك على أن الصائم يتمضمض ويستنشق، لكن لا يبالغ مبالغة يخشى منها وصول الماء إلى حلقه، أما الاستنشاق والمضمضة فلابد منهما في الوضوء والغسل؛ لأنهما فرضان فيهما في حق الصائم وغيره" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/280) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2960)
حكم لصقات (النيكوتين)
[السُّؤَالُ]
ـ[قررت الإقلاع عن عادة التدخين. سؤالي: هل يجوز استعمال ما يسمى بـ " شريط النيكوتين " لمساعدتي للإقلاع عن التدخين؟ هل يؤثر ذلك على الصلاة؟ هل يؤثر على الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
(النيكوتين) مركب عضوي، شبه قلوي، سام، يعد من أخطر المواد المضرة الموجودة في التبغ - الدخان -، وهي المادة التي تسبب الإدمان لدى المدخنين، لذلك حرص العلماء على إيجاد البدائل التي تعين المدخن على التخلص من إدمان (النيكوتين) الضار، وذلك بتصنيع (النيكوتين) المخفف والمحسن، ليؤخذ على شكل أقراص، أو لبان، أو أعواد كالسجائر، أو لصقات تحتوي على كميات متفاوتة من هذه المادة، ليتدرج المدخن في استعمال البدائل كي يتمكن من التوقف عن التدخين لأطول فترة ممكنة، دون التعرض لأعراض الانسحاب التي تنتج عن التوقف المفاجئ عن التدخين، والتي غالبا ما تضطر المدخن للعودة إلى التدخين كي يتخلص من تلك الأعراض.
ثانياً:
لاصقة (النيكوتين) عبارة عن شريط مطاطي لاصق، ينبعث منه النيكوتين على هيئة مادة لزجة (جل) ، يمتصها الجلد، ثم تنتقل عبر الشعيرات الدموية إلى الدم، فتساعد المدخن على التخلص من أعراض الانسحاب، وتوجد ثلاث درجات للاصقة النيكوتين من حيث قوة تأثيرها: 5، 10، 15 ملجم، وتلصق عادة على الجزء العلوي من الذراع، وفترة بقائها على الجلد 16 ساعة فقط فى اليوم، ولا تستخدم عند النوم، وقد تظهر معها بعض الأعراض الجانبية المضرة: كاضطراب ضربات القلب، والغثيان، والضعف العام.
ثالثاً:
أما حكم استعمالها: فهو الجواز إن شاء الله تعالى، إلا إذا أدت لضرر محقق فينهى عنها حينئذ، والأمر فيها راجع إلى تقدير الطبيب المؤتمن.
وإذا استعملها الإنسان وهو صائم فلا يؤثر ذلك على صيامه.
جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " (رقم / 93) :
"الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: ... وعدَّ منها:
ما يدخل الجسم امتصاصا من الجلد: كالدهونات، والمراهم، واللصقات العلاجية الجلدية المحمَّلة بالمواد الدوائية، أو الكيميائية" انتهى باختصار.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
يباع في بعض الصيدليات لصقة طبية، توضع على الجسم، تعطي الجسم حاجته من (النيكوتين) إلى أربعة وعشرين ساعة، كخطوات للإقلاع عن التدخين.
السؤال: إذا وضعت في الليل لمدة أربع وعشرين ساعة، ثم توضع غيرها، فهل يكون الإنسان مفطراً في رمضان عند استخدامه لها؟ .
فأجاب:
"لا يكون مفطراً في رمضان، وله أن يستعملها، بل قد يجب أن يستعملها إذا كان هذا طريقاً إلى الكف عن استعمال الدخان، ولا بأس للإنسان أن يترك المحرم شيئاً فشيئاً؛ لأن الله تعالى لما أراد تحريم الخمر لم يحرمه بتاتاً مرة واحدة، بل جعل ذلك درجات، فأباحه أولاً، ثم بين أن مضرته أكثر، ثم نهى عنه في وقت من الأوقات، ثم نهى عنه مطلقاً، فالمراتب أربع:
1. أحله في قوله تعالى: (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) النحل/ 67، وهذا في سياق الامتنان، فيكون حلالاً.
2. عرَّض بتحريمه في قوله: (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) البقرة/ 219.
3. منعه في وقت من الأوقات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) النساء/ 43، وهذا يقتضي أن نتركه عند الصلاة.
4. وحرَّمه بتاتاً في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) المائدة/ 90.
ولهذا نزل تحريم الخمر وآنية الصحابة مملوءة من الخمر، حتى خرجوا بها إلى الأسواق وأراقوها في الأسواق، وسبحان الله فما الفرق بيننا وبينهم؟ الفرق بيننا وبينهم في الامتثال كالفرق بين زمانهم وزماننا، لم يتلكأوا، لم يقولوا نشرب ما بقي في الأواني، أبداً، تدار بينهم الكئوس فخرجوا وأراقوها في الأسواق، امتنعوا منعاً باتاً، ولم يقولوا: إنا قد اعتدنا على هذا وما أشبه ذلك، لا، تركوه نهائيّاً؛ لأن عندهم من العزيمة ما يسهل عليهم الشدائد ".
" الجلسات الرمضانية " (عام 1415هـ 1 / سؤال رقم 10) .
رابعاً:
لا حرج على من صلَّى واللصقة على جسده، إذ ليس فيها شيء من النجاسة كي تؤثر على صحة الصلاة، كما أنها توضع على العضد، وهو موضع لا يحتاج إلى غسله في الوضوء.
وإنما تجب إزالتها إذا أراد الاغتسال من الجنابة.
ونسأل الله تعالى أن يعينك على ترك هذا المحرم الخبيث.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2961)
إبرة البنج لا تفطر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إبرة البنج مفطرة للصوم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إبرة البنج الموضعي لا تفطر الصائم، لأنها ليست أكلا ولا شربا ولا في معناهما.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: بالنسبة للبنج الذي يوضع في السن في نهار رمضان هل علي قضاء ذلك اليوم إذا أخذت هذا البنج؟
فأجاب: "لا، لأن البنج لا يفطر. البنج موضعي يؤثر على الموضع بالخدورة ولكنه لا يصل إلى المعدة فمن بُنِّجَ وهو صائم نفل أو فرض فصيامه صحيح " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وينظر: "فتاوى الشيخ ابن باز" (15/259) .
لكن إذا كان البنج كاملا وأدى إلى غياب الوعي طوال اليوم، لزم القضاء.
قال ابن قدامة رحمه الله: " متى أغمي عليه جميع النهار , فلم يفق في شيء منه , لم يصح صومه , في قول إمامنا والشافعي ".
ثم قال: " متى أفاق المغمى عليه في جزء من النهار , صح صومه , سواء كان في أوله أو آخره " انتهى من "المغني" (3/12) .
وعلى هذا، إذا اخذ الصائم إبرة البنج أثناء الصيام، فصيامه صحيح، ولا يبطل صومه بذلك، وإذا أخذها قبل الفجر، وظل نائما تحت تأثير البنج حتى غربت الشمس، فلا يصح صومه ذلك اليوم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2962)
سبب له ضرسه بعض الألم فأفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى طبيب الأسنان وأنا صائم لأعالج ضرسي فإذا بالطبيب يقول لي يجب قلعه, سبب لي بعض الألم فقمت بالإفطار, ماذا يترتب علي؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للصائم معالجة أضراسه بالحشو أو القلع، ولو استلزم تخدير الموضع، ولا يؤثر ذلك على صومه إذا احترز من بلع شيء من الدواء أو الدم، وانظر السؤال رقم (13767) .
ولا يجوز له الفطر إلا إذا شق عليه الألم واحتاج إلى شرب دواءٍ له، أو نزف منه دم كثير أضعف البدن.
وعليه فإذا كنت أفطرت لمجرد قلع الضرس فقد أخطأت، والواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تقضي هذا اليوم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2963)
الكلام مع المخطوبة حال الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يحدث خطيبته هاتفياً وهو صائم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
للتحدّث مع المخطوبة ضوابط، تجدها بالتفصيل في سؤال رقم: 13791.
فإذا تحققت هذه الضوابط، وخاصة أمْن تحرّك الشهوة ووجود الحاجة جاز ذلك، أما إذا تخلّف شيء من هذه الضوابط صار ذلك التحدّث والكلام من المحظور شرعاً. " وإذا كان التجاوز في حال الصيام فإنه يؤثر على الصيام بالنقص ويكون أسوأ وأشدّ في الإثم لحصوله في زمن فاضل، لأنه ينبغي على الصائم المحافظة على صيامه مما يخلّ به، وينقصه، ".
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2964)
حكم المداعبة بين الزوجين في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أقول لزوجي (أنا أحبك) وأنا صائمة؟ زوجي يطلب مني أن أقول له بأنني أحبه أثناء الصوم وقلت له بأن هذا لا يجوز ويقول هو بأنه يجوز.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فلا بأس من مداعبة الرجل لامرأته، أو المرأة لزوجها بالكلام في حال الصيام بشرط أن يأمنا على نفسيهما من الإنزال، فإن كانا لا يأمنان على نفسيهما من الإنزال كمن كان شديد الشهوة ويخشى أنه إذا داعب امرأته أن يفسد صومه بإنزال المني: فلا يجوز له فعل ذلك لأنه يعرض صومه للإفساد. وكذلك إذا كان يخشى خروج المذي (الشرح الممتع 6/390)
والدليل على جواز القبلة والمداعبة لمن يأمن على نفسه من الإنزال، ما رواه البخاري (1927) ومسلم (1106) عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرْبِهِ "، وفي صحيح مسلم (1108) عن عمرو بن سلمة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيقبل الصائم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سل هذه " – لأم سلمة – فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصنع ذلك ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وغير القبلة من دواعي الوطء كالضم ونحوه فنقول حكمها حكم القبلة ولا فرق ". أ. هـ من " الشرح الممتع " (6 /434) .
وبناء على هذا فمجرد قولك لزوجك أنك تحبينه أو قوله لك ذلك لا يضر الصيام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2965)
حكم استعمال الكحل والحناء وأدوات التجميل خلال نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال الكحل وبعض أدوات التجميل للنساء خلال نهار رمضان، وهل تفطر هذه الأشياء أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الكحل لا يفطر النساء ولا الرجال في أصح قولي العلماء مطلقاً، ولكن استعماله في الليل أفضل في حق الصائم، وهكذا ما يحصل به تجميل الوجه من الصابون الأدهان وغير ذلك مما يتعلق بظاهر الجلد، ومن ذلك الحناء والمكياج وأشباه ذلك مع أنه لا ينبغي استعمال المكياج إذا كان يضر الوجه.
[الْمَصْدَرُ]
فتوى الشيخ ابن باز من كتاب الفتاوى الجامعة ج/1 ص/349(5/2966)
التهنئة بدخول شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التهنئة بدخول شهر رمضان أو أن ذلك يعتبر بدعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بأس بالتهنئة بدخول الشهر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشّر أصحابه بقدوم شهر رمضان ويحثّهم على الاعتناء به فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاكم رمضان شهر مبارك، فرض الله عز وجلّ عليكم صيامه، تُفتح فيه أبواب السماء، وتُغلّق فيه أبواب الجحيم، وتغلّ فيه مردة الشياطين، فيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم " رواه النسائي 4/129، وهو في صحيح الترغيب 1/490.
رسالة " سبعون مسألة في الصيام ".
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2967)
مداواة السن للصائم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للصائم زيارة طبيب الأسنان؟ فأسناني بحاجة لشيء من العلاج الضروري. وما هو الحكم إذا كنت عند طبيب الأسنان وأنا صائم في نهار رمضان، ونزل شيء إلى حلقي (وابتلعته) دون تعمد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
إذا حصل للإنسان ألم في أسنانه، وراجع الطبيب، وعمل له تنظيفاً أو حشواً أو خلع أحد أسنانه فهل يؤثر ذلك على صيامه؟ ولو أن الطبيب أعطاه إبرة لتخدير سنه، فهل لذلك أثر على الصيام؟
فأجاب:
ليس لما ذكر في السؤال أثر في صحة الصيام، بل ذلك معفو عنه، وعليه أن يتحفظ من ابتلاع شيء من الدواء أو الدم، وهكذا الإبرة المذكورة لا أثر لها في صحة الصوم لكونها ليست في معنى الأكل والشرب.. والأصل صحة الصوم وسلامته " انتهى " أجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام ".
وإن أمكنك الذهاب إلى الطبيب ليلاً فهو أولى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2968)
حشو الأسنان ووضع الدواء عليها لا يؤثر على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل تقويماً على أسناني وأضطر كل ثلاثة أسابيع أن أذهب إلى الطبيب ويقوم بصيانات على أسناني ويضع أشياء ومواد على فمي، فهل هذا يبطل الصوم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يبطل ذلك الصيام، ما لم تتعمد ابتلاع شيء من هذه المواد، وإذا أمكن جعل ذلك ليلاً فهو أولى احتياطاً للصيام.
سئل الشيخ ابن باز (15/258) إذا حصل للإنسان ألم في أسنانه، وراجع الطبيب، وعمل له تنظيفا أو حشوا أو خلع أحد أسنانه، فهل يؤثر ذلك على صيامه ولو أن الطبيب أعطاه إبرة لتخدير سنه، فهل لذلك أثر على الصيام؟
فأجاب:
ليس لما ذكر في السؤال أثر في صحة الصيام، بل ذلك معفو عنه، وعليه أن يتحفظ من ابتلاع شيء من الدواء أو الدم، وهكذا الإبرة المذكورة لا أثر لها في صحة الصوم، لكونها ليست في معنى الأكل والشرب، والأصل صحة الصوم وسلامته اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2969)
الأكل يصعد من معدته حتى الحنجرة فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة مع صيامي، وهو أنني مع بداية كل يوم صوم يحصل لي أن الأكل يصعد من المعدة حتى الحنجرة، وأحيانا كثيرة يتعدى الحنجرة، وهذا الأمر يومي، فماذا عليَّ أن أفعل؟ هل أعيد صيام تلك الأيام؟ مع العلم أن هذا الأمر يحدث يوميّاً في رمضان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خروج بقايا من الطعام أو شيء من السوائل من المعدة إلى الحلق ليس من فعل الإنسان، لكن قد يكون مرضاً، وقد يكون بسبب امتلاء المعدة بالطعام.
وهذا يسمى " القلَس " والواجب على من حصل له ذلك أن يخرجه من فمه إن استطاع، فإن لم يتمكن من إخراجه ورجع لمعدته: فلا حرج عليه، ولا يؤثر ذلك على صيامه.
قال ابن حزم رحمه الله:
"ولا يَنْقُضُ الصَّوْمَ قَلْسٌ خَارِجٌ مِنْ الْحَلْقِ , مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ رَدَّهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي فَمِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى رَمْيِهِ " انتهى.
" المحلى " (4 / 335) .
وانظر تفصيل هذه المسألة في جوابي السؤالين: (40696) و (12659) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2970)
حكم قطرة الأذن في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قطرة الأذن في شهر رمضان وفى النهار هل هي مفطرة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استعمال قطرة الأذن والعين لا بأس به للصائم، ولا يفسد صيامه بذلك، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن ذلك يفسد الصيام إذا وجد طعمه في حلقه، فالأحوط اجتناب ذلك في نهار رمضان، ولو قضي من وجد طعمها في حلقه احتياطا فهو أفضل.
جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي ":
" الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق " انتهى.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"تنظيف الأسنان بالمعجون لا يفطر به الصائم، كالسواك، وعليه التحرز من ذهاب شيء منه إلى جوفه، فإن غلبه شيء من ذلك بدون قصد: فلا قضاء عليه، وهكذا قطرة العين، والأذن، لا يَفطر بهما الصائم في أصح قولي العلماء، فإن وجد طعم القطور في حلقه: فالقضاء أحوط، ولا يجب؛ لأنهما ليسا منفذين للطعام والشراب، أما القطرة في الأنف: فلا تجوز؛ لأن الأنف منفذ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) [رواه الترمذي (788) وأبو داود (142) وصححه الألباني] .
وعلى من فعل ذلك القضاء لهذا الحديث، وما جاء في معناه، إن وجد طعمها في حلقه " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (15 / 260، 261) .
وقال رحمه الله أيضاً:
"الصحيح: أن القطرة لا تفطر، وإن كان فيها خلاف بين أهل العلم، حيث قال بعضهم: إنه إذا وصل طعمها إلى الحلق فإنها تفطر، والصحيح أنها لا تفطر مطلقاً؛ لأن العين ليست منفذاً، لكن لو قضى احتياطاً وخروجاً من الخلاف من استعملها ووجد طعمها في الحلق: فلا بأس، وإلا فالصحيح أنها لا تفطر، سواء كانت في العين أم في الأذن " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (15 / 263) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"وأما قطرة العين - ومثلها أيضاً الاكتحال - وكذلك القطرة في الأذن: فإنها لا تفطر الصائم؛ لأنها ليست منصوصاً عليها؛ ولا بمعنى المنصوص عليه، والعين ليست منفذاً للأكل والشرب، وكذلك الأذن، فهي كغيرها من مسام الجسد.
وقال أهل العلم: لو لطخ الإنسان قدميه [بالحنظل] ووجد طعمه في حلقه: لم يفطره ذلك؛ لأن ذلك ليس منفذاً، وعليه فإذا اكتحل، أو قطر في عينه، أو قطر في أذنه: لا يفطر بذلك، ولو وجد طعمه في حلقه، ومثل هذا لو تدهن بدهن للعلاج، أو لغير العلاج: فإنه لا يضره، وكذلك لو كان عنده ضيق تنفس فاستعمل هذا الغاز الذي يبخ في الفم لأجل تسهيل التنفس عليه: فإنه لا يفطر؛ لأن ذلك لا يصل إلى المعدة، فليس أكلاً، ولا شرباً " انتهى.
"فتاوى الصيام" (ص206) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2971)
ما حكم مزاولة مهنة التدليك الطبي في رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مزاولة مهنة التدليك الطبي في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التدليك الطبي في نهار رمضان لا يسبِّب فطراً للمدلِّك، ولا للمدلَّك له، لكن يجب على مَن يمارس هذه المهنة مراعاة أمور شرعيَّة مهمة، ومنها:
1. عدم جواز تدليك الرجال للنساء، أو النساء للرجال؛ لأن مماسة الأجنبي للأجنبية محرَّم؛ ولأن هذا باب فتنة للطرفين، مع ما في ذلك من مخالفات أخرى يأتي ذِكر بعضها.
2. عدم جواز تدليك مكان العورة، وهو ما بين السرة والركبة بالنسبة للرجال، وما بين أسفل الصدر والركبة بالنسبة للمرأة، إلا أن يكون هذا الموضع يحتاج لعلاج طبي طبيعي بالتدليك، فيجوز للضرورة.
وانظر أجوبة الأسئلة (34976) و (11014) و (34745) .
3. عدم جواز التعري وإظهار العورة من الطرفين الذكر والأنثى للمدلِّكين، بل يُظهر العضو المراد تدليكه فقط.
وانظر جواب السؤال رقم (5693) ففيه بيان الضوابط في مسألة النظر للعورة في العلاج.
4. عدم جواز ذهاب النساء إلى أماكن التدليك إذا توفَّر ذلك في منزلها؛ للنهي عن خلع ثيابها خارج بيتها؛ ولعدم الأمان من حيث النظر والتصوير في تلك الأماكن.
وانظر جواب السؤال رقم (34750) ففيه بيان حكم خلع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها.
وهذا الذي ذكرناه بضوابط شرعية هو التدليك الطبي كما جاءنا في السؤال، وأما التدليك الذي يُقصد به التنشيط والاستمتاع: فهو غير جائز؛ لما فيه من مخالفات شرعية كثيرة؛ ولعدم كونه من الضرورات، وقد فصَّلنا القول فيه في جواب السؤال رقم (66824) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2972)
هل نزول بقايا طعام في جوفه دون إرادته يفطره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أضع مقوماً للأسنان بعد تناول السحور، لم أنتبه إلى علق بعض بقايا الطعام في المقوم بعد غسل أسناني، مما أدى إلى نزول قطعة في الحلق، وإخراجي قطعة أخرى، فهل يجب عليَّ القضاء أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي على المسلم الذي نوى الصوم أن ينظف أسنانه - ليلاً - مما قد يكون علق بها أو بينها من طعام، وعليه أن يحسن المضمضة في وضوئه لتزيل ما علق بالأسنان من طعام.
ومن ابتلع بقايا الطعام التي بين أسنانه باختياره مع استطاعته إخراجها، فإنه يفطر بذلك، أما إذا ابتلعها من غير اختيار منه، كما لو جرت مع ريقه إلى حلقه ولم يستطع ردها، فصيامه صحيح ولا شيء عليه.
قال النووي رحمه الله:
"قال أصحابنا – أي: الشافعية -: إذا بقي في خلل أسنانه طعام: فينبغي أن يخلله في الليل، وينقي فمه، فإن أصبح صائماً وفي خلل أسنانه شيء فابتلعه عمداً: أفطر بلا خلاف عندنا، وبه قال مالك وأبو يوسف وأحمد ... .
ودليلنا في فطره: أنه ابتلع ما يمكنه الاحتراز عنه، ولا تدعو حاجته إليه، فبطل صومه، كما لو أخرجه إلى يده ثم ابتلعه ... .
أما إذا جرى به الريق فبلعه بغير قصد: فاختلف نقل الأصحاب عن الشافعي، فنقل بعضهم أنه يفطر، ونقل بعضهم أنه لا يفطر، والصحيح الذي قاله الأكثرون أنهما على حالين: فحيث قال " لا يفطر ": أراد إذا لم يقدر على تمييزه ومجِّه، وحيث قال " يفطر ": أراد إذا قدر فلم يفعل وابتلعه" انتهى بتصرف.
" المجموع " (6 / 317) .
وانظر جواب السؤال رقم (78438) ففيه كلام نفيس لابن قدامة، وانظر – أيضاً – جواب السؤال رقم (22981) ففيه ضوابط نافعة لمعرفة ما يفطر به الصائم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2973)
هل يتناول فيتامينات بعد السحور؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وَصف لي الطبيب نوعاً من الفيتامينات حيث أتناول حبة كل يوم، فهل يجوز تناولها بعد السحور في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أباح الله تعالى للمسلمين أن يأكلوا ويشربوا إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر حرم الطعام والشراب، ولا فرق بين كون المُتناول طعاماً أو دواء، قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) البقرة/187.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ) ثُمَّ قَالَ – أي: ابن عمر - وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. رواه البخاري (592) ومسلم (1092) .
وعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلالٍ مِنْ سَحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ) . رواه البخاري (6802) ومسلم (1093) .
وعليه: فيجوز لك أخذ الدواء بعد السحور إذا كان ذلك قبل طلوع الفجر، بلا حرج، وبقاء أثر الطعام والدواء على الجسم في نهار رمضان أحد بركات السحور، ولذا شرع تأخيره حتى يتقوى المسلم على صيام نهار رمضان.
ونسأل الله تعالى لكم العافية في الدين والدنيا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2974)
هل لدغة النحلة أو العقرب من المفطرات؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل هل لدغة النحلة أو العقرب من المفطرات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا نعلم أحداً من أهل العلم قال بأن لدغة النحلة أو العقرب من المفطرات، والنحلة والعقرب تضعان السم في بدن الملدوغ، وهو يتحرز من لدغهما، وجميع مفسدات الصيام يشترط فها لكي تفسد الصيام أن يفعلها الصائم مختاراً.
أما لو فعلها مكرها فإنه لا يفطر بها، كمن طار إلى حلقه ذباب فابتلعه، لا يفطر بذلك.
ولا يعرف خلاف بين العلماء المعاصرين أن الحقن الجلدية والعضلية لا تفطر، والأصل: صحة الصوم حتى يقوم دليل على فساده، وهذه الإبر ليست أكلاً، ولا شرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب، فإذا كان حقن الدواء لا يفطر، فلدغة العقرب النحلة لا تفطر من باب أولى.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (38023) : بيان مفسدات الصيام بالتفصيل، فلينظر.
وينظر جواب السؤال رقم (2299) وفيه أثر استعمال الأدوية والأدوات الطبيّة على الصيام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2975)
يرى رأي ابن حزم في المباشرة فهل يجوز لزوجته مداعبته وهو صائم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الزوج يأخذ برأي الظاهرية وابن حزم والألباني في كون نزول المني من دون جماع لا يفطّر فهل يجوز للزوجة مداعبة زوجها في نهار رمضان حتى لو ترتب على ذلك نزول المذي أو المني منه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يختلف حكم نزول المذي عن نزول المني، والراجح من أقوال أهل العلم أن نزول المذي لا يبطل الصوم، لا من الرجل ولا من المرأة، وقد سبق ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة في جواب السؤال رقم: (49752) .
ثانياً:
ينبغي أن يعلم أنه لا يحل لأحد أن يأخذ بقول فلان أو فلان من العلماء لمجرد التشهي، أو لأن هذا القول يوافق هواه، والواجب عند اختلاف العلماء هو ما أمر الله تعالى به في قوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء/59.
فلا يحل لأحد أن يقول: أنا آخذ بقول فلان من العلماء، ويصادم بذلك حديثا ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله: أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد اهـ. مدارج السالكين (2/335) .
فإذا ثبت الحكم بالدليل الصحيح فلا قول لأحد كائنا من كان.
والقول بأن الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال من مفسدات الصيام هو قول جماهير العلماء (منهم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد) واستدلوا بأنه قضاء للشهوة، والصائم ممنوع من ذلك، لقول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي) رواه البخاري (1894) .
وقد سبق بيان ذلك تفصيلا في جواب السؤال (71213) ، (65698) .
ونحن لا ننكر وجود خلافٍ في المسألة، وقد رأى ابن حزم ورجحه الشيخ الألباني رحمهما الله أن إنزال المني بمباشرة الزوجة لا يفطر، فإن كان أحدٌ يرى هذا القول عن علم، ويتبنَّاه تديناً لا اتباعاً لهواه: فإنه لا حرج عليه في ذلك، لأن الإنسان لا يكلف إلا بما بلغه علمه، ولكن بشرط أن يكون إنما يرى ذلك على حسب ما ظهر له من الأدلة وأقوال العلماء، وليس لمجرد الترخص والأخذ بالأسهل.
فلا يجوز لمسلم أن يتتبع زلات العلماء وأخطاءهم، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله، ولهذا قال العلماء: " من تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم، تزندق، أو كاد " انتهى "إغاثة اللهفان" (1/228) .
والزندقة هي النفاق.
وانظر إجابة السؤال رقم (22652) .
فالذي ينصح به السائل أن يكتفي بما اتفق العلماء على جوازه وهو المباشرة باللمس، والتقبيل دون الإنزال، احتياطاً للصيام، وإبراءً للذمة، وخشيةً من الوقوع فيما هو محرم ومفسد للصيام بالإجماع وهو الجماع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2976)
حكم زيارة طبيبة نساء في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زيارة طبيبة نساء في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تُمنع المرأة من زيارة الطبيبة من أجل الفحص والكشف، على أن تتقيد بالضوابط الشرعية في مسألة كشف العورة، وقد سبق ذكر هذه الضوابط في جواب السؤال رقم (5693) .
وأما بالنسبة لفحص الرحم الداخلي باليد أو بالمنظار فهو لا يفطر، وقد سبق في جواب السؤال رقم (38023) تفصيل الأشياء التي تفطِّر الصائم والتي لا تفطِّره، ومما جاء فيه:
" من الأشياء التي لا تفطر:
ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس) ، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
ما يدخل مجرى البول للذكر أو الأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2977)
فقأ حب الشباب وأثره على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في وجهي حب الشباب، وقد فقعت واحدة وأنا صائم في رمضان، وكنت في شك من إفطاري، ولكني قد قضيت ذلك اليوم فيما بعد بالصيام. هل يترتب عليّ فعل شيء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فقأ حَب الشباب الذي يظهر في الوجه لا يفسد الصوم ولا يوجب القضاء.
ومفسدات الصيام أشياء معلومة، دل عليها القرآن الكريم والسنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي:
1- الجماع.
2- الاستمناء.
3- الأكل والشرب.
4- ما كان بمعنى الأكل والشرب – كالحقن المغذية.
5- القيء عمداً.
6- الحجامة، وما كان بمعناها كالتبرع بالدم.
7- الحيض والنفاس للمرأة.
ولمعرفة أدلة ذلك انظر السؤال (38023) .
ولا يجوز القول بأن هذا الشيء مفسد للصوم إلا بدليل صحيح يدل على ذلك.
ولا يوجد دليل على إفساد الصيام بفقأ حب الشباب أو البثور التي تظهر على الجسم.
وعلى هذا فصومك صحيح ولا يلزمك القضاء، وتثاب على اليوم الذي صمته قضاءً ويكون لك نافلة.
مع التنبيه إلى أنه ينبغي مراجعة الأطباء في فقأ حب الشباب، هل هو مضر أم لا؟
فإن كان مضراً فإنه ينبغي تركه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2978)
معانقة الرجل زوجته وهو صائم
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ مدة قصيرة، وأريد أن أستوضح عن أمر شغل بالي. ففي هذا الشهر المبارك، شهر رمضان، وبعد أن أكون قد أمسكت، فأنا أعود إلى السرير، حيث تكون زوجتي هي الأخرى مستلقية عليه في بعض الأوقات. وأنا أعانقها أحيانا، فهل يعني ذلك أن صومي فسد؟ هلا سلطت لي بعض الضوء حول الأمور التي يجوز لي فعلها وتلك التي يحرم علي فعلها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المسلم أن يحفظ صومه مما يُفسده، وأن يحتسب الأجر في ترك الشهوة من الطعام والشراب والنكاح، كما جاء في الحديث في فضل الصائم (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) رواه البخاري (الصوم/1761) ، ولكن لو كان يملك نفسه ويسيطر عليها ولا يَنْزَلِقُ إلى ما يُسبب فساد صومه بخروج المنيِّ أو الجِماع، أو يُنقص صومه بخروج المذي فإنه يجوز له مداعبة زوجته في هذه الحالة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداعب عائشة رضي الله عنه وكان يملك إربه (إي شهوته)
قال الشيخ عبد العزيز بن باز:
تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم، كل ذلك جائز ولا حرج فيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبِّل وهو صائم ويباشر وهو صائم. لكن إن خشي الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة، كره له ذلك، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم. أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم، ولأنه يشق التحرز منه والله ولي التوفيق.
فتاوى الشيخ ابن باز ج/4 ص/202
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2979)
تأخير الغسل من الجنابة في رمضان حتى يطلع الفجر لا يُبطل الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[احتلمت قبل السحور مرة.. ولم يكن باستطاعتي أن أغتسل.. وكنت أحس بالخجل الشديد من الاغتسال.. لأن والداي سيعلمان بالأمر (أني احتلمت) .. ولذلك فقد تناولت سحوري دون أن أغتسل، وللأسف فإني لم أصلي صلاة الفجر ذلك الصباح أيضا.. لكني اغتسلت وصليت الفجر لاحقا.. وأريد أن أعرف ما إذا كان صومي مقبولاً. لأني أظن أني أخطأت عندما تناولت سحوري وأنا جنب (من الاحتلام) .. فهل صومي مقبول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يصح صيام من واقع زوجته ليلاً وأصبح جنباً، وكذا يصح صيام من أصابته جنابة في نومه ليلاً أو نهاراً ولا حرج عليه في تأخير الغسل حتى يطلع الفجر، وإنما يُفسد الصيام الجماع في نهار رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
فتاوى اللجنة الدائمة 10/327
أما تأخيرك الصلاة حتى تطلع الشمس فإنه محرَّم عليك، والواجب تأدية الصلاة في وقتها، وخجلك الشديد من الاغتسال ليس عذراً يبيح لك تأخير الصلاة عن وقتها، والواجب عليك التوبة من ذلك والاستغفار. وفقنا الله وإياك لكل خير.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2980)
حكم بلع ريقه أو ريق غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بلع الإنسان للريق لأني أجد الكثير من الناس في رمضان يكثر من البصق تحرزا من بلع ريقه، خاصة بعد المضمضة في الوضوء، وما الحكم فيما لو كان هذا الريق من غيره كريق زوجته، أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
شرائع الإسلام مبناها على اليسر وعلى دفع المشقات غير المعتادة يقول سبحانه في أثناء آيات الصيام (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) البقرة/185، ويقول تعالى (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة/6، ويقول (وما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج/78، ولهذا فإن ما يشق ولا يمكن التحرز منه عادة فإنه لا يؤثر على الصيام ومن ذلك ابتلاع الإنسان لريقه وهو صائم.
قال ابن قدامة:
(فَصْلٌ: وَمَا لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ , كَابْتِلاعِ الرِّيقِ لا يُفَطِّرُهُ , لأَنَّ اتِّقَاءَ ذَلِكَ يَشُقُّ , فَأَشْبَهَ غُبَارَ الطَّرِيقِ , وَغَرْبَلَةَ الدَّقِيقِ. فَإِنْ جَمَعَهُ ثُمَّ ابْتَلَعَهُ قَصْدًا لَمْ يُفَطِّرْهُ ; لأَنَّهُ يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ مِنْ مَعِدَتِهِ , أَشْبَهَ مَا إذَا لَمْ يَجْمَعْهُ، فَإِنَّ الرِّيقَ لا يُفَطِّرُ إذَا لَمْ يَجْمَعْهُ , وَإِنْ قَصَدَ ابْتِلاعَهُ , فَكَذَلِكَ إذَا جَمَعَهُ) . المغني 3/16
(ومثله َلَوْ أَخْرَجَ اللِّسَانَ وَعَلَيْهِ الرِّيقُ ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَ مَا عَلَيْهِ لَمْ يُفْطِرْ فِي الأَصَحِّ , لأَنَّ اللِّسَانَ كَيْفَمَا تَقَلَّبَ مَعْدُودٌ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ فَلَمْ يُفَارِقْ مَا عَلَيْهِ مَعْدِنُهُ) . حاشية قليوبي 2/73
ثانيا:
الواجب على الصائم بعد المضمضة:
قال النووي في " المجموع" (6/327) :
قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ: إذَا تَمَضْمَضَ الصَّائِمُ لَزِمَهُ مَجُّ الْمَاءِ , وَلا يَلْزَمُهُ تَنْشِيفُ فَمِهِ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا بِلا خِلافٍ اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين (لا يجب التفل ولو بعد شرب الماء عند أذان الفجر، فإنه لم يعهد من الصحابة رضي الله عنهم فيما نعلم أن الإنسان إذا شرب عند طلوع الفجر يتفل حتى يذهب طعم الماء، بل هذا مما يسامح فيه) الممتع 6/428
والذين يرون البصق بعد المضمضة لا يطالبون المتمضمض بأكثر من أن يبصق مرة واحدة بعد مجِّه للماء (إخراجه من فمه) وعلتهم في اشتراط البصق اخْتِلاطِ الْمَاءِ بِالْبُصَاقِ , فَلا يَخْرُجُ بِمُجَرَّدِ الْمَجِّ , وَلا يشْتَرِطُون الْمُبَالَغَةُ فِي الْبَصْقِ ; لأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَهُ مُجَرَّدُ بَلَلٍ وَرُطُوبَةٍ , لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ. راجع الموسوعة الفقهية 28/ 63
لكن إن اختلط بالريق غيره مما يمكن التحرز منه فإنه يلزمه أن يلفظه ثم لا يضره ما بقي من آثار بعد أن يلفظه كالرائحة ونحوها وذلك مثل ما يبقى من الطعام بعد السحور وما يتفتت من السواك ومثل الدم الخارج من اللثة وراجع الأسئلة (37745) (37937) (12597)
وعليه فلا وجه للذين يكثرون البصق في رمضان إلا التحرز مما لا يشرع التحرز منه مما يجلب لهم جفاف الفم والعطش والمشقة في الصوم. كما يسبب لهم شيئا من الحرج، لاسيما إذا كانوا في أماكن لا يتسنى لهم فيها البصق أو لا يحملون معهم شيئا من المناديل ونحوها، وقد يكون مثل هذا حاملا لهم على تقليل الجلوس في المسجد للذكر وتلاوة القرآن، فيخسرون هذه الفضائل في هذا الشهر العظيم.
ثالثا: أما فيما يتعلق ببلع ريق زوجته، فقد قال ابن قدامة رحمه الله:
(أَوْ بَلَعَ رِيقَ غَيْرِهِ , أَفْطَرَ ; لأَنَّهُ ابْتَلَعَهُ مِنْ غَيْرِ فَمِهِ , فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَلَعَ غَيْرَهُ. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ , أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم {كَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ , وَيَمَصُّ لِسَانَهَا.} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد 2386. قُلْنَا: قَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي دَاوُد أَنَّهُ قَالَ: هَذَا إسْنَادٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ) .
وممن ضعف زيادة (ويمص لسانها) أيضا الألباني في ضعيف سنن أبي داود. وذكر ابن قدامة توجيهين للحديث على فرض صحته:
الأول: أن المسألتين غير مرتبطتين ببعضها، قال رحمه الله (وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ يُقَبِّلُ فِي الصَّوْمِ , وَيَمُصُّ لِسَانَهَا فِي غَيْرِهِ) .
الثاني: أن الحديث ليس فيه دليل على ابتلاع الريق، قال رحمه الله (وَيَجُوزُ أَنْ يَمُصَّهُ , ثُمَّ لا يَبْتَلِعُهُ , وَلأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ انْفِصَالُ مَا عَلَى لِسَانِهَا مِنْ الْبَلَلِ إلَى فَمِهِ) المغني 3/17
وعلى هذا فإذا لم يحصل من أحد الزوجين ابتلاع لريق الآخر فإن الصوم لا يفسد.
ولكن يبقى أن مص أحد الزوجين للسان الآخر داخل في عموم دواعي الوطء (تحرم القبلة وغيرها من دواعي الوطء إن خشي من فساد صومه بالإنزال أما إن كان يأمن على نفسه فالصحيح أنه يجوز له من غير كراهة لأن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقبل وهو صائم) البخاري 1927 مسلم 1106) الممتع 6/433 بتصرف.
إلا أنه ينبغي عليه أن يصون صومه عما يعرضه لشيء من النقص لاسيما وأن كل هذه المسائل تباح في كل ليالي رمضان. وراجع السؤالين (20032) و (14315) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2981)
نزول المني من جماع الليل نهاراً هل يفسد الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الجماع ليلا قد ينزل المنى من الفرج نهاراً، فهل هذا يبطل الصيام؟ وهل يجب الاغتسال لأداء الصلاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نزول المني نهاراً بعد جماع الليل لا يبطل الصيام، وقد أبيح لنا الأكل والشرب والجماع من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، قال تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ... ) البقرة/187.
وقد نص العلماء رحمهم الله على أن نزول المني نهارا من جماع الليل لا يفسد الصوم.
قال في "الجوهرة النيرة" (1/138) وهو من كتب الحنفية:
" وَلَوْ خَشِيَ الْمَجَامِعُ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَنَزَعَ فَأَمْنَى بَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ يُفْطِرْ " انتهى.
وقال في "حاشية الدسوقي" (1/523) وهو من كتب المالكية:
" لَوْ جَامَعَ لَيْلا وَنَزَلَ مَنِيُّهُ بَعْدَ الْفَجْرِ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ لا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَمَنْ اكْتَحَلَ لَيْلا ثُمَّ هَبَطَ الْكُحْلُ لِحَلْقِهِ نَهَارًا " انتهى. ونحوه في "شرح مختصر خليل" (2/249) .
وقال النووي في "المجموع" (6/348) وهو شافعي المذهب:
" إذَا جَامَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ نَزَعَ مَعَ طُلُوعِهِ أَوْ عَقِبَ طُلُوعِهِ وَأَنْزَلَ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ ; لأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مُبَاشَرَةٍ مُبَاحَةٍ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ شَيْءٌ , كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ قِصَاصًا فَمَاتَ مِنْهُ " انتهى.
ثانياً:
إذا جامع واغتسل ثم خرج منه مني بعد الاغتسال فإنه لا يجب إعادة الغسل مرة أخرى، لأن السبب واحد فلا يوجب غُسليْن، وإنما يجب الغسل إذا نزل بشهوة جديدة.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (44945) و (12352) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2982)
هل يتذوق القهوة في الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة تنتج قهوة، كثير من الأحيان نقوم بتذوق القهوة لمقارنة الطعم والرائحة أنا أعلم أنه يجوز التذوق خلال الصيام إذا تأكدت عدم مرور الشراب إلى داخل الجسم، عندما أتذوق القهوة أحاول جاهدا عدم بلع أي كمية ولو كانت صغيرة، ولكن تذوق القهوة يترك طعماً ورائحة في الفم. هل تذوق القهوة خلال الصيام يبطل الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا احتاج الصائم إلى تذوق الطعام أثناء الصيام فلا بأس بذلك، ولا يضر الصيام ما لم ينزل شيء من الطعام إلى جوف الصائم، ويستوي في هذا القهوة وغيرها.
فإن ذاقه من غير حاجة إلى ذلك فإنه مكروه، ولا يبطل صومه بذلك.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لا بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ الْقِدْرَ أَوْ الشَّيْءَ. رواه البخاري معلقاً.
وقَالَ الإمام أَحْمَدُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَوْقَ الطَّعَامِ , فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَضُرَّهُ , وَلا بَأْسَ بِهِ اهـ. المغني (4/359) .
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (4/474) :
وَذَوْقُ الطَّعَامِ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ; لَكِنْ لا يُفْطِرُهُ اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص356) هل يبطل الصوم بتذوق الطعام؟
فأجاب: لا يبطل الصوم ذوق الطعام إذا لم يبتلعه، ولكن لا تفعله إلا إذا دعت الحاجة إليه، وفي هذه الحال لو دخل منه شيء إلى بطنك بغير قصد فصومك لا يبطل اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/332)
لا حرج في تذوق الإنسان للطعام في نهار الصيام عند الحاجة، وصيامه صحيح إذا لم يتعمد ابتلاع شيء منه اهـ.
ومجرد بقاء الرائحة أو الطعم لا يؤثر على الصيام، إذا لم يتعمد ابتلاع شيء.
قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ –يعني للصائم- قِيلَ: لَهُ طَعْمٌ. قَالَ: وَالْمَاءُ لَهُ طَعْمٌ، وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (3/261) :
يكره أن يذوق طعاما كالتمر والخبز والمرق، إلا إذا كان لحاجة فلا بأس.
ووجه هذا: أنه ربما نزل شيء من هذا الطعام إلى الجوف من غير أن يشعر به فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم، وأيضا ربما يكون مشتهي الطعام كثيرا ثم يتذوقه لأجل أن يتلذذ به، وربما يمتصه بقوة، ثم ينزل إلى جوفه.
والحاجة مثل: أن يكون طباخا يحتاج لينظر ملحه، أو حلاوته، أو ما أشبه ذلك اهـ.
وعلى هذا؛ لا بأس أن تذوق القهوة وأنت صائم لأنك محتاج إلى ذلك، وعليك الاحتراز حتى لا يدخل شيء إلى حلقك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2983)
لا حرج من وضع زيت الشعر في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع زيت لشعر الرأس في نهار رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج من وضع زيت الشعر في نهار رمضان ولا يؤثر ذلك على الصيام.
سئل الشيخ ابن باز (15/259) : ما حكم استعمال الكحل وبعض أدوات التجميل للنساء خلال نهار رمضان؟ وهل تفطر هذه أم لا؟
فأجاب:
"الكحل لا يفطر النساء ولا الرجال في أصح قولي العلماء مطلقا، ولكن استعماله في الليل أفضل في حق الصائم. وهكذا ما يحصل به تجميل الوجه من الصابون والأدهان وغير ذلك مما يتعلق بظاهر الجلد، ومن ذلك الحناء والمكياج وأشباه ذلك، كل ذلك لا حرج فيه في حق الصائم، مع أنه لا ينبغي استعمال المكياج إذا كان يضر الوجه" اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (228) :
"الدهون بجميع أنواعها سواء في الوجه أو في الظهر أو في أي مكان لا تؤثر على الصائم ولا تفطره" اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/253) : هل يفطر الكحل ودهان المرأة في نهار رمضان أو لا؟
فأجابت:
"من اكتحل في نهار رمضان وهو صائم لا يفسد صومه، وكذا من دهن رأسه في نهار رمضان وهو صائم لا يفسد صومه" اهـ.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2984)
ماذا يجوز للرجل من امرأته في نهار رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن ينام الرجل بجانب زوجته في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز ذلك، بل يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته وهو صائم ما لم يجامع أو ينزل.
روى البخاري (1927) ومسلم (1106) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرَبِهِ (أي حاجته) .
قال السندي:
قَوْله (يُبَاشِر) أَيْ يَمَسّ بَشَرَة الْمَرْأَة بِبَشَرَتِهِ كَوَضْعِ الْخَدّ عَلَى الْخَدّ وَنَحْوه اهـ.
فالمراد أنه يمس البشرة، وليس المراد بالمباشرة الجماع.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ماذا يجوز للصائم من زوجته الصائمة؟
فأجاب: الصائم صوماً واجبا لا يجوز له أن يستعمل مع زوجته ما يكون سبباً لإنزاله، والناس يختلفون في سرعة الإنزال، فمنهم من يكون بطيئاً، وقد يتحكم في نفسه تماماً، كما قالت عائشة رضي الله عنها في رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان أملككم لأربه) .
ومنهم من لا يملك نفسه ويكون سريع الإنزال فهذا يحذر من مداعبة الزوجة ومباشرتها بقبلة أو غيرها في الصوم الواجب فإذا كان الإنسان يعرف من نفسه أنه يملك نفسه فله أن يقبل وأن يضم حتى في الصوم الواجب ولكن إياه والجماع فإن الجماع في رمضان ممن يجب عليه الصوم يترتب عليه أمور خمسة:
الأول: الإثم.
الثاني: فساد الصوم.
الثالث: وجوب الإمساك فكل من أفسد صومه في رمضان بغير عذر شرعي فإنه يجب عليه الإمساك وقضاء ذلك اليوم.
الرابع: وجوب القضاء لأنه أفسد عبادة واجبة فوجب عليه قضاؤها.
الخامس: الكفارة وهي أغلظ الكفارات: عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
أما إذا كان الصوم واجبا في غير نهار رمضان كقضاء رمضان وصوم الكفارة ونحوها فإنه يترتب على جماعه أمران:
الإثم والقضاء.
وأما إذا كان الصوم تطوعاً وجامع فيه فلا شيء عليه اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2985)
استعمال الصائم لكريم مرطب للشفتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال الصائم مرهماً لإزالة الجفاف عن الشفتين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" لا بأس أن يستعمل الإنسان ما يندي الشفتين والأنف من مرهم، أو يبله بالماء، أو بخرقة أو شبه ذلك، ولكن يحترز من أن يصل شيء إلى جوفه من هذا الذي أزال به الخشونة، وإذا وصل شيء من غير قصد فلا شيء عليه، كما لو تمضمض فوصل الماء إلى جوفه بلا قصد فإنه لا يفطر بهذا " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى ابن عثيمين" (19/224) .(5/2986)
حكم السباحة والغوص في الماء للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العوم للصائم أو الغوص في الماء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" لا بأس أن يغوص الصائم في الماء، أو يعوم فيه ـ أي يسبح ـ لأن ذلك ليس من المفطرات، والأصل الحل حتى يقوم دليل على الكراهة، أو على التحريم، وليس هناك دليل على التحريم ولا على الكراهة، وإنما كرهه بعض أهل العلم خوفاً من أن يدخل إلى حلقه شيء وهو لا يشعر به " انتهى.
"فتاوى ابن عثيمين" (19/285) .
وقال أيضاً: " لا بأس للصائم أن يسبح، وله أن يسبح كما يريد، وينغمس في الماء، ولكن يحرص على أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع " انتهى.
"فتاوى ابن عثيمين" (19/284) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/282) :
" تجوز السباحة في نهار رمضان، ولكن ينبغي للسابح أن يتحفظ من دخول الماء إلى جوفه " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2987)
المضمضة بالماء والملح في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تعاني من آلام شديدة في أسنانها وهي حامل في شهرها الأخير، وكما تعلمون أنه لا يمكن خلع الأسنان أثناء الحمل، فهل يمكنها المضمضة بالماء والملح والقرنفل أثناء نهار رمضان ?.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج أن يتمضمض الصائم بالماء، أو بالماء والملح، لاسيما إذا كانت هناك حاجة لذلك كتخفيف الألم ونحوه، بشرط أن يتحرز من وصول شيء إلى جوفه، فإن وصل إلى جوفه شيء عن طريق الخطأ فلا إثم عليه، وصيامه صحيح.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو طار إلى جوف الصائم غبار أو دخل فيه شيء بغير اختياره أو تمضمض أو استنشق فنزل إلى جوفه شيء من الماء بغير اختياره فصيامه صحيح ولا قضاء عليه." مجالس شهر رمضان، المجلس الخامس عشر، والله أعلم.
وسئل رحمه الله تعالى: عن التمضمض من شدة الحر هل يفسد الصوم؟
فأجاب بقوله: " لا يفسد الصوم بذلك؛ لأن الفم في حكم الظاهر، ولهذا يتمضمض الصائم في صيامه ولا يفطر به، ومن ثم كانت المضمضمة واجبة في الوضوء، ولو لم يكن الفم في حكم الظاهر من الجسد ما كان غسله واجبا في الوضوء، ثم إن المضمضمة بالماء إذا يبس الفم من شدة الحر مما ييسر الصوم ويسهله، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصب الماء على رأسه من العطش في شدة الحر وهو صائم، رواه أبو داود (2365) وصححه الألباني.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يبل ثوبه في صومه ويلبسه ليبرد على جسده، وكان لأنس بن مالك رضي الله عنه حوض يملؤه ماء فيسبح فيه وهو صائم، كل هذا مما يدل على أن فعل ما يخفف الصوم على الإنسان جائز ولا بأس به، ولكن ليحذر هذا المتمضمض من تسرب الماء إلى داخل جوفه، فإن ذلك يكون خطرا، ولكن مع هذا لو تسرب الماء إلى جوفه على هذه الحال بدون اختياره فإنه ليس عليه في ذلك بأس " مجموع الفتاوى 19، والأثران عن ابن عمر وأنس رواهما البخاري في صحيحه تعليقاً.
وانظر إجابة السؤال رقم (38907) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2988)
يباح للصائم أن يغتسل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الاستحمام يفطر الصائم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يباح للصائم أن يغتسل (يستحم) ولا أثر لذلك على صومه.
قال ابن قدامة في "المغني" (3/18) :
لا بأس أن يغتسل الصائم. واستدل بما رواه والبخاري (1926) ومسلم (1109) عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ.
وروى أبو داود (2365) عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَهُوَ صَائِمٌ مِنْ الْعَطَشِ أَوْ مِنْ الْحَرِّ. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال عون المعبود:
فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ يَجُوز لِلصَّائِمِ أَنْ يَكْسِر الْحَرّ بِصَبِّ الْمَاء عَلَى بَعْض بَدَنه أَوْ كُلّه , وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الْجُمْهُور وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن الاغْتِسَال الْوَاجِبَة وَالْمَسْنُونَة وَالْمُبَاحَة اهـ.
وقال البخاري رحمه الله:
بَاب اغْتِسَالِ الصَّائِمِ وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ. . . وَقَالَ الْحَسَنُ لا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ.
قال الحافظ:
قَوْلُهُ: (بَابٌ اِغْتِسَالُ الصَّائِمِ) أَيْ بَيَانُ جَوَازِهِ. قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنَيِّرِ: أَطْلَقَ الاغْتِسَالَ لِيَشْمَل الأَغْسَالَ الْمَسْنُونَةَ وَالْوَاجِبَة وَالْمُبَاحَة , وَكَأَنَّهُ يُشِير إِلَى ضَعْف مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ النَّهْي عَنْ دُخُول الصَّائِمِ الْحَمَّامَ أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2989)
أخذ إبرة (الأنسولين) لمرضى السكر لا يُفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي مصاب بمرض السكر ويحتاج إلى أخذ أبرة أنسولين يومياً فهل الإبرة تفطر، وهل عليه الصيام أصلاً؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج عليك في أخذ الإبرة المذكورة نهاراً للعلاج، ولا قضاء عليك وإن تيسر أخذه ليلاً بدون مشقة عليك فهو أولى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 252
وبالنسبة لسؤالك الثاني عن حكم الصيام لمريض السكر فراجع سؤال رقم (1319)
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2990)
العمل أيام السبت والأحد في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نعمل في أيام السبت والأحد في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العمل طيلة أيام الأسبوع جائز في رمضان وفي غير رمضان، وليس يوما السبت والأحد عند المسلمين بأيام يُمنع فيهما العمل.
وعلى المسلم أن لا يكون همه الكسب والعمل على حساب صلاته وصومه، لذا فإن استطاع المسلم أن يخفف من العمل الدنيوي دون ضرر عليه أو على غيره فهذا من الحكمة وهو أمر محمود ليتفرغ المسلم في هذا الشهر للطاعة من صيام وقيام وقراءة قرآن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2991)
علاج الضرس في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ضرس العقل بدأ يخرج الآن وهو مؤلم جداً فهل يجوز أن:
1- أضع مرهماً مسكناً للآلام على اللثة أثناء الصيام؟
2- أقوم بإجراء عملية جراحية لنزعه وأبقى صائمة وأنا تحت المخدر؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز معالجة الأسنان، ووضع مرهم أو نحوه على اللثة في الصيام. لكن بشرط ألا يبتلعه.
وفي كتاب " سبعون مسألة في الصيام " للشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله:
وهناك أشياء ليست من المفطّرات، نذكر منها على سبيل المثال:
1. الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
2. حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
3. المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
انتهى من كتاب سبعين مسألة في الصيام
وكذلك لا بأس بإجراء عملية جراحية في نهار رمضان تحت تأثير المخدر، مادام التخدير لن يستغرق اليوم كله، أي: من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. لأن حكم المخدر حينئذ حكم النوم.
راجع سؤال رقم: (12425) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2992)
الاجتماع على مائدة الإفطار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن الاجتماع على مائدة إفطار كاملة في مسجد ما في شهر رمضان، ولو ليوم واحد، بقصد التواصل والألفة بين جماعة المسجد؟ أم يعتبر ذلك بدعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يعتبر ذلك من البدع. بل هو من الأمور المشروعة لأنها وسيلة لشيء مشروع وهو زيادة المودة والألفة بين المسلمين.
وقد امتن الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بتأليفه بين قلوب المؤمنين، مما يدل على أنها من النعم العظيمة على هذه الأمة.
قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) الأنفال/62-63.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا) رواه البخاري (6064) ومسلم (2563) .
فزيادة المودة والألفة بين المسلمين مما حرص عليه الشرع الحنيف، وشرع الوسائل الموصلة إلى ذلك، كإلقاء السلام والبشاشة في وجه المسلم وحسن الخُلُق والهدية. . . وغير ذلك من الأمور التي رغب فيها الإسلام.
وكل ما كان سببا في حصول المودة بين المسلمين وزيادتها فهو من الأمور المشروعة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2993)
وضع الطيب في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التطيب بالروائح مشروع في رمضان؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز التطيب في رمضان، ولا يفسد بذلك بالصيام.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: (الروائح مطلقاً عطرية وغير عطرية لا تفسد الصوم في رمضان وغيره فرضاً أو نفلاً) اهـ
وقالت اللجنة أيضاً:
(من تطيب بأي نوع من أنواع الطيب في نهار رمضان وهو صائم لم يفسد صومه، لكنه لا يستنشق البخور والطيب المسحوق كمسحوق المسك) اهـ.
فتاوى اللجنة الدائمة (10/271) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
وأما الطيب فجائز للصائم في أول النهار وفي آخره سواء كان الطيب بخوراً أو دهناً أو غير ذلك، إلا أنه لا يجوز أن يستنشق البخور لأن البخور له أجزاء محسوسة مشاهدة إذا استنشقته تصاعدت داخل أنفه ثم إلى معدته، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: (بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) اهـ.
فتاوى أركان الإسلام ص 469.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2994)
زيارة المقابر أثناء الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا الذهاب للمقابر أثناء الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا مانع من الذهاب إلى المقابر لزيارتها أثناء الصيام، فنص النبي صلى الله عليه وسلم " ألا فزوروها " يدل بظاهره من جهة الوقت على العموم.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " مَن أصبح منكم اليوم صائما فقال أبو بكر: أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟
فقال أبو بكر: أنا، قال: هل فيكم من عاد مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا، قال: هل فيكم من تصدق بصدقة؟ فقال أبو بكر: أنا، قال: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة " رواه مسلم.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2995)
الكحل والإدهان لا يُبطل الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يفطر الكحل ودهان المرأة في نهار رمضان أو لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من اكتحل في نهار رمضان وهو صائم فلا يفسد صومه، إلا أن يرى أثره في حلقه فالأحوط له القضاء والأولى ألا يكتحل نهاراً حال صيامه.
ومن دهن رأسه في نهار رمضان وهو صائم فلا يفسد صومه.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 253(5/2996)
تأخير غسل الجنابة لبعد طلوع الفجر في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تأخير غسل الجنابة إلى طلوع الفجر وهل يجوز للنساء تأخير غسل الحيض أو النفساء إلى طلوع الفجر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا رأت المرأة الطهر قبل الفجر فإنه يلزمها الصوم ولا مانع من تأخير الغسل إلى بعد طلوع الفجر، ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس وهكذا الجنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس ويجب على الرجل المبادرة بذلك حتى يدرك صلاة الفجر مع الجماعة.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن باز(5/2997)
الجماع في غير ساعات النهار بشهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يباح الجماع في غير ساعات النهار بأيام شهر رمضان المبارك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جماع الزوجة في رمضان جائز من المغرب إلى الفجر قال الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ ءايَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) سورة البقرة
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2998)
حكم اللصقات الجلدية في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدخن وأدخن بشراهة، تقريبا عشرين سيجارة في اليوم، وأريد التوقف عن التدخين بشكل كامل، وقد أشار علي البعض باستعمال لصقات النيكوتين حيث تفيد جدا في هذا السبيل. وسؤالي هو فيما إذا كان يمكنني استعمال لصقات النيكوتين خلال شهر رمضان أوقات الصيام، إذ أن لصقات النيكوتين توضع على البشرة حيث يتم امتصاص النيكوتين إلى الجسم من خلال مسامات البشرة، وتكفي لصقة واحدة 24 ساعة، ونحتاج إلى استعمال 7 لصقات فقط. وأريد أن أؤكد لك أنني لا أشعر بالحاجة إلى التدخين وأنا صائم، ولكن في اللحظة التي أنتهي فيها من تناول إفطاري أشعر بيدي تمتد بشكل آلي لتتناول سيجارة، أرجوكم أن تنصحوني.]ـ
[الْجَوَابُ]
ليس من المفطرات ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية مثل الملصقات الجلدية المستعملة في علاج مرض التدخين، واتق الله في جسدك ولا تجلب عليه الأضرار بهذا التدخين المحرم شرعاً فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وإن لجسدك عليك حقاً) ونسأل الله أن يعينك على ترك هذا الداء الخبث وأن يحفظنا وإياك من كل سوء وصلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2999)
الإبر الصينية: هل تؤثر في الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الإبر الصينية المستعملة للتخسيس أو لزيادة الوزن تفطر الصائم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الوخز بالإبر طريقة صينية قديمة لتخفيف الألم، وعلاج مجموعة مختلفة من الأمراض، بغرز إبر في أجزاء متنوعة من الجسم.
ويغرز الأخصائيون الذين يسمون "واخزي الإبر" إبراً ثاقبة في موضع واحد، أو أي موضع من مئات المواضع المحددة على طول دوائر الطول، ويسبب غرز الإبر شعورًا حادًا بالقرص، ولكن سرعان ما يزول هذا الشعور، ليعقبه وخز جلدي يسير عرضيًا، أو شعور بالتخدير أو التثاقل، أو التَّألم وذلك عندما تبقى الإبرة في مكانها.
يستعمل وخز الإبر لتخفيف الألم، وعلاج الحالات المختلفة التي تشمل التهاب المفصل، والربو، والشقيقة (الصداع النصفي) ، والقروح، وأمراض العيون، بالإضافة إلى بعض الأمراض العقلية. وقد ظل الصينيون ومنذ أواخر الخمسينيات من القرن العشرين يستخدمون هذا النهج التقليدي في تخفيف الألم أثناء الجراحة الرئيسية، ويظل المريض في وعيه، يشعر بألم يسير، أو لا يشعر بألم على الإطلاق.
ينظر: "الموسوعة العربية العالمية" مادة: (الوخز بالإبر) .
ثانيا:
قال أبو الوليد ابن رشد:
" وأجمعوا على أنه يجب على الصائم الإمساك زمان الصوم عن المطعوم والمشروب والجماع، لقوله تعالى: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) .
واختلفوا من ذلك في مسائل: منها مسكوت عنها، ومنها منطوق بها؛ أما المسكوت عنها: إحداها فيما يرد الجوف مما ليس بمغذ، وفيما يرد الجوف من غير منفذ الطعام والشراب، مثل الحقنة ...
وسبب اختلافهم في هذه: هو قياس المغذي على غير المغذي، وذلك أن المنطوق به هو المغذي؛ فمن رأى أن المقصود بالصوم معنى معقول: لم يلحق المغذي بغير المغذي، ومن رأى أنها عبادة غير معقولة، وأن المقصود منها إنما هو الإمساك فقط عما يرد الجوف: سوى بين المغذي وغير المغذي.. " انتهى. من " بداية المجتهد" (2/698) .
ثالثا:
الحقن التي يقصد بها العلاج، ولا يراد بها الغذاء: لا تفطر الصائم، سواء كانت عن طريق الوريد أو العضل، وأما التي يقصد بها الغذاء فهي مفطرة، كما ذهب إليه جمهور العلماء المعاصرين.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (65632) ، وينظر: مفطرات الصيام المعاصرة، د. أحمد الخليل (65-68) .
رابعا:
الإبر الصينية: ليست من الحقن المغذية، وليست في معنى الطعام أو الشراب، بل لا يتم عن طريقها إدخال شيء من المحاليل أو السوائل للجسم، كما هو الحال في الحقن العلاجية المعتادة، وإنما هي عبارة عن وخز، واستثارة لأماكن معينة في الجسم، دون أن يكون المقصود منها إدخال شيء من السوائل إليه، كما سبق نقله.
وبناء على ذلك: فإنها لا تؤثر في الصيام، ولا حرج في استعمالها للتداوي، متى ثبت نفعها وفائدتها للمريض.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3000)
مات وعليه كفارة جماع في نهار رمضان، فماذا يصنع أولاده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفى رحمه الله تعالى وقد ترك مالاً وتم تقسيمه على الورثة. وبعد وفاته أخبرتني أمي أنه قد واقعها في شهر رمضان قبل ما يقرب من 25 إلى 30 سنة وقد كان ذلك بدون موافقة الوالدة فقد كانت كما تذكر خارجة للتو من المستشفى بعد عملية أجرتها وقد أخبرتني الوالدة أنها قالت له حينها إن ذلك لا يجوز وعليه السؤال في ذلك فأخبرها بتوبته وأن الله غفور رحيم، أمي أخبرتني أن الحياء منعها من السؤال أو إخبارنا وأرادت أمي أن تصوم شهرين وأخبرتها بأنها لا يد لها فيما حدث ولذا لا شيء عليها بالإضافة إلى أن وضعها الصحي لا يسمح لها بذلك. فماذا يجب علينا حيال والدنا المتوفى؟ وماذا يجب على الوالدة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا كانت الوالدة: قد أُكرهت على الجماع في رمضان من قِبل زوجها، فلا كفارة عليها؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) . رواه ابن ماجة (2043) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة".
أما إذا كانت طاوعته فعليها القضاء والكفارة.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء في حكم المجامع في رمضان:
"الواجب عليه عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مد بر (قمح) ، وعليه قضاء اليوم بدلا عن ذلك اليوم، وأما المرأة فإن كانت مطاوعة فحكمها حكم الرجل، وإن كانت مكرهة فليس عليها إلا القضاء " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10 / 302) .
وإذا كانت الكفارة واجبة عليها فقد ذكرت أنها لا تستطيع الصيام، وحينئذ يكفيها أن تطعم ستين مسكيناً
وانظر جواب السؤال رقم (1672) لمعرفة كفارة الجماع في نهار رمضان.
ثانياً:
بالنسبة للوالد فقد كان الواجب عليه أن يصوم شهرين متتابعين، ويقضي ذلك اليوم الذي أفطر فيه بالجماع، وحيث إنه قد مات ولم يفعل، فإما أن يتبرع أحد بالصيام عنه، فيصوم شهرين متتابعين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) رواه مسلم (1147) .
ولا يجوز تقسيم الشهرين على أكثر من واحد، بل يشترط أن يصومها شخص واحد حتى يصدق على أنه صام شهرين متتابعين.
أو تطعموا عنه عن كل يوم مسكيناً.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" إذا وجب على الميت صيام شهرين متتابعين، فإما أن ينتدب له واحد من الورثة ويصومها، وإما أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً " انتهى.
"الشرح الممتع" (6/453) .
وقال أيضا:
"ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من مات وعليه صيام فرض رمضان أو نذر أو كفارة فإن وليه يصوم عنه يعني إذا شاء" انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (199/20) .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله:
"من مَاتَ وَعَلَيهِ قَضَاءُ رَمَضَان، وقد عُوفِيَ وَلَم يَصُمه: فإِنه يَجِبُ أَنْ يُطْعَمَ عَنهُ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينٌ، بعَدَدِ مَا عِلِيهِ.
وعِندَ الشَّيخ تَقِيُ الدِّين [ابن تيمية] : إنْ صِيمَ عَنْهُ أيضًا أَجزَأَ، وَهُوَ قوي المأخَذِ " انتهى.
"إرشاد أولى البصائر والألباب" (ص/79) .
وهذا الإطعام واجب في التركة، فإن تبرع به أحد وأخرجه من ماله فلا حرج في ذلك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3001)
لا حرج على الصائم في استعمال دهن أو مرهم للبواسير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استعمال دهن أو مرهم خاص للبواسير سواء كان داخلياً أو خارجيا في رمضان يفطر ويوجب القضاء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"استعمال المرهم أو الدهان للبواسير لا يؤثر على الصيام.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن باز. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. الشيخ عبد الله بن غديان. الشيخ صالح الفوزان. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية" (9/211) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية" (9/211)(5/3002)
تأثير نزيف الفم على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي نزيف دم في الفم أثناء الصيام، ويظهر هذا النزيف مع الاستيقاظ من النوم، ومع المضمضة بالماء في أوقات الصلوات ومع المضمضة مرتين أو ثلاثة يخف الدم إلى أحمر خفيف، وأحياناً إلى أصفر، فكيف أبلع ريقي؟ مع العلم أن الدم قد يستمر لفترة، وما حكم ابتلاع الصفار إذا لم يكن هناك طعم للدم؟ مع العلم أني استشرت طبيباً وصرف لي دواء ولم يفد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكرت فإنك تجتهد في التخلص من الدم المصاحب للريق، وذلك بالمضمضة، وتحترس من ابتلاع شيء من ذلك، وما بقي من آثار قليلة صفراء في الريق فلا حرج عليك فيه، وصيامك صحيح إن شاء الله.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية" (9/210) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية" (9/210)(5/3003)
تأثير ارتجاع الطعام الذي يحصل من المعدة على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مرض في المعدة يجعل الطعام يخرج منها عندما يكون سائلاً في الفم، وقد حصل هذا في رمضان فهل علي قضاء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا خرج شيء من المعدة إلى الفم فإنه يجب على الصائم تفله، فإن تعمد بلعه بطل صيامه، وإن بلعه غير متعمد فلا شيء عليه.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. الشيخ عبد الله بن غديان. صالح الفوزان. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية" (9/211) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية" (9/211)(5/3004)
الآلام قبل العادة والصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في العشرين من عمري، وقد تأتيني آلام العادة الشهرية في رمضان قبل صلاة الظهر لدرجة أنني لا أستطيع الوقوف للصلاة حتى وأنا جالسة لا أستطيع الصلاة، ولا تأتيني العادة إلا قبل أذان المغرب بخمس دقائق، مع العلم أني أظل صائمة طوال النهار. فهل يجوز لي قضاء هذا اليوم أو أعتبر صائمة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا نزل الحيض وخرج الدم قبل غروب الشمس فاعتبري نفسك مفطرة، وعليك أن تقضي هذا اليوم، أما التألم قبل ذلك فلا يبطل الصوم، التألم بقرب مجيء الدم لا يبطل الصوم، فإذا استمر معك التألم لكن ما خرج شيء حتى غابت الشمس فالصوم صحيح ولا تقضي هذا اليوم.
أما إن خرج الدم قبل غروب الشمس ولو بخمس دقائق فإن هذا اليوم يبطل ويجب قضاؤه عليك، هذا هو الحكم الشرعي فيما نعلم، وأما الآلام فهذه لها دواء ولها علاج ينبغي أن تسألي عنه الطبيبات والأطباء لعلك تجدين عندهم ما يريحك من هذا الألم الذي تحسين به" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1223) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/3005)
متى يلزم الإمساك؟ وحكم من كان الإناء في يده عند سماع الأذان
[السُّؤَالُ]
ـ[متى بالتحديد يجب الانقطاع عن الأكل والشرب في حالة الصيام (هل الفيصل هو أذان الفجر عند قول المؤذن الله أكبر أم ما هو الفيصل؟) مع مراعاة فروق التوقيت، وماذا أفعل إذا كان الكوب على فمي وأنا أشرب وأَذَّن الأذان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب في الصوم الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس. قال الله تعالى: (فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187.
وروى البخاري (1919) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ) .
وعليه: فمن علم طلوع الفجر الصادق بالمشاهدة، أو بإخبار غيره، لزمه الإمساك.
ومن سمع الأذان، لزمه الإمساك فور سماعه، إن كان المؤذن يؤذن على الوقت، ليس متقدما عليه.
واستثنى بعض العلماء ما لو كان الإناء في يد الإنسان عند سماع الأذان فله أن يشرب منه حاجته؛ لما روى أبو داود (2350) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ) قال الألباني في صحيح أبي داود: " إسناده حسن صحيح، وصححه الحاكم والذهبي وعبد الحق الإشبيلي، واحتج به ابن حزم " انتهى.
وحمله الجمهور على أن المؤذن كان يؤذن قبل الوقت، وينظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم (66202) .
وغالب المؤذنين اليوم يعتمدون على الساعات والتقاويم، لا على رؤية الفجر، وهذا لا يعتبر يقينا في أن الفجر قد طلع، فمن أكل حينئذ، فصومه صحيح، لأنه لم يتيقن طلوع الفجر، والأولى والأحوط أن يمسك عن المفطرات عند سماع الأذان.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: ما الحكم الشرعي في صيام من سمع أذان الفجر واستمر في الأكل والشرب؟
فأجاب: " الواجب على المؤمن أن يمسك عن المفطرات من الأكل والشرب وغيرهما إذا تبين له طلوع الفجر، وكان الصوم فريضة كرمضان وكصوم النذر والكفارات؛ لقول الله عز وجل: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا
الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187. فإذا سمع الأذان وعلم أنه يؤذن على الفجر وجب عليه الإمساك. فإن كان المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر، لم يجب عليه الإمساك، وجاز له الأكل والشرب حتى يتبين له الفجر.
فإن كان لا يعلم حال المؤذن هل أذن قبل الفجر أو بعد الفجر، فإن الأولى والأحوط له أن يمسك إذا سمع الأذان، ولا يضره لو شرب أو أكل شيئا حين الأذان لأنه لم يعلم بطلوع الفجر.
ومعلوم أن من كان داخل المدن التي فيها الأنوار الكهربائية لا يستطيع أن يعلم طلوع الفجر بعينه وقت طلوع الفجر، ولكن عليه أن يحتاط بالعمل بالأذان والتقويمات التي تحدد طلوع الفجر بالساعة والدقيقة، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ) وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ) والله
ولي التوفيق " انتهى نقلا عن "فتاوى رمضان" جمع أشرف عبد المقصود (ص 201) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: متى يمتنع الإنسان عن الأكل هل هو كما يقولون: عندما يهلل المؤذن؟ وما الحكم إذا شرب بعد الأذان متعمداً هل هو كمن شرب بعد العصر أم له صيام، فحجة بعض الناس يقول: بأن الفجر ليس كالمصباح يضيء بسرعة والأمر واسع فما الحكم؟
فأجاب: " إذا كان المؤذن يؤذن إذا تبين الفجر، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) . فإذا قال المؤذن: أنا رأيت الفجر وأنا لا أؤذن حتى أرى الفجر؛ فإنه يجب على الإنسان أن يمسك من حين أن يسمع الأذان إلا في الحالة التي رُخص له فيها وهو ما إذا كان إناؤه في يده فله أن يقضي نهمته منه. وإما إذا كان الأذان حسب التوقيت، فالتوقيت ليس في الحقيقة مربوطاً بالأوقات الحسية الظاهرة، ولكنه توقيت بالحساب -المواقيت التي بأيدينا الآن توقيت أم القرى وغيره هو بالحساب- لأنهم لم يشاهدوا الفجر ولا الشمس ولا الزوال ولا دخول العصر ولا غروب الشمس " انتهى من "اللقاء الشهري" (1/214) .
والحاصل: أنه ينبغي للإنسان أن يمسك عن المفطرات فور سماع الأذان، إن علم أن المؤذن يؤذن على الوقت، فإن شك في ذلك، فليقتصر على شرب ما في يده؛ لأنه لا يمكن أن يقال: إنه يستمر في الأكل والشرب حتى يتيقن طلوع الفجر، الحال أنه لا يملك وسيلة للتيقن مع وجود الأنوار والكهرباء وعدم مقدرة كثير من الناس على التمييز بين الفجر الصادق والكاذب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3006)
جامع أهله والمؤذن يؤذن للفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعت زوجتي في فجر رمضان قبل الأذان وأذن وأنا على وضعي مع زوجتي لكن توقفت قبل أن ينتهي المؤذن من الأذان هل علي شيء؟ ظناً مني أن لي أن أجامعها قبل أن ينتهي المؤذن من الأذان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان المؤذن يؤذن مع طلوع الفجر، فالواجب الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإذا قال المؤذن: الله أكبر، لزم الكف عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات.
قال النووي رحمه الله: " إذا طلع الفجر وفي فيه طعام فليلفظه , فإن لفظه صح صومه , فإن ابتلعه أفطر ... ولو طلع الفجر , وهو مجامع فنزع في الحال صح صومه، أما إذا طلع الفجر وهو مجامع، فعلم طلوعه , ثم مكث مستديما للجماع فيبطل صومه, ولا يعلم فيه خلاف للعلماء، وتلزمه الكفارة على المذهب " انتهى من "المجموع" (6/329) .
وقال أيضاً (6/333) : " ذكرنا أن من طلع الفجر وفي فيه طعام فليلفظه ويتم صومه , فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه , وهذا لا خلاف فيه , ودليله حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن بلالا يؤذن بليل , فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) رواه البخاري ومسلم , وفي الصحيح أحاديث بمعناه" انتهى.
وعليه؛ فإذا كان المؤذن في حيك يؤذن إذا طلع الفجر، فيلزمك النزع عن الجماع، فور سماعك للتكبيرة الأولى من أذانه.
وإن كنت تعلم أن المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر أو تشك، هل يؤذن قبل طلوع الصبح أم بعده، فليس عليك شيء، لأن الله تعالى أباح الأكل والشرب والجماع حتى يتبين الصبح، قال تعالى: (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم من أكمل سحوره وشرب ماء وقت الأذان أو بعد الأذان للفجر بربع ساعة؟
فأجابوا: "إن كان المذكور في السؤال يعلم أن ذلك قبل تبين الصبح فلا قضاء عليه، وإن علم أنه بعد تبين الصبح فعليه القضاء.
أما إن كان لا يعلم هل كان أكله وشربه بعد تبين الصبح أو قبله فلا قضاء عليه، لأن الأصل بقاء الليل، ولكن ينبغي للمؤمن أن يحتاط لصيامه وأن يمسك عن المفطرات إذا سمع الأذان، إلا إذا علم أن هذا الأذان كان قبل الصبح" انتهى.
"فتاوى إسلامية" (2/240) .
ثانيا:
إذا كنت جاهلا بهذا الحكم، وتظن أن الإمساك إنما يلزم بآخر الأذان، فلا كفارة عليك، لكن تقضي الصيام احتياطا، مع التوبة والاستغفار من تقصيرك في تعلم ما يجب عليك من أمر دينك.
وانظر جواب السؤال رقم (93866) ورقم (37679) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3007)
هل تنفس الأكسجين الصناعي يفسد الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض المرضى الذين عندهم ضيق في التنفس يحتاجون أثناء الصيام إلى تنفس الأكسجين الصناعي، فهل هذا يؤثر على الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
غاز الأكسجين الذي يعطي لبعض المرضى، لا يفسد الصيام، لأن هذا الأكسجين لا يضاف إليه أي مواد أخرى، فحكمه حكم تنفس الهواء الطبيعي.
ولهذا جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي":
"الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: ... غاز الأكسجين" انتهى.
وانظر: "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (10/2/96، 454) ، "مفطرات الصيام المعاصرة" للدكتور أحمد خليل ص (50) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3008)
منظار المعدة هل يفسد الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل منظار المعدة يفسد الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
منظار المعدة هو جهاز طبي يدخل إلى المعدة عن طريق الفم، ويستفاد منه إما في تصوير المعدة، أو أخذ عينة منها لفحصها، أو لغير ذلك من الأسباب الطبية، ثم يخرج الجهاز بعد إتمام عمله عن طريق الفم.
وقد اختلف العلماء فيما لو وصل شيء إلى المعدة، هل يفسد الصيام على كل حال، سواء كان مغذياً أم غير مغذٍّ؟ أم لا يفسده إلا إذا كان مغذياً؟
فذهب إلى إفساد الصيام بكل ما وصل إلى المعدة المذاهب الفقهية الثلاثة: المالكي والشافعي والحنبلي.
وبناء على هذا، فيكون هذا المنظار مفسداً للصيام.
ووافقهم الحنفية على أن كل ما وصل إلى المعدة فهو مفسد للصيام، غير أنهم اشترطوا أن يكون مستقراً في المعدة.
وبناء على هذا، لا يكون منظار المعدة مفسداً للصيام، لأنه لا يستقر فيها، بل يخرج منها بعد إتمام العملية.
انظر: "تبيين الحقائق" للزيلعي (1/326) ، "المجموع" (6/317) ، "الشرح الكبير" (7/410) ، "شرح منتهى الإرادات" (1/448) ، "بداية المجتهد" (2/153) .
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أنه لا يفطر إلا بوصول المغذي إلى المعدة، فقال رحمه الله: "والأظهر: أنه لا يفطر بابتلاع ما لا يغذي كالحصاة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/528) .
فعلى هذا القول؛ لا يكون هذا المنظار مفسداً للصوم، وهذا القول هو الراجح، لأن النص إنما دل على أن الأكل والشرب مفسداً للصيام، قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187.
وهذا المنظار ليس أكلاً ولا شرباً، ولا هو في معنى الأكل والشرب، لأن الجسم لا ينتفع ولا يتغذى به.
لكن ... إذا كان هذا المنظار توضع عليه بعض المواد الدهنية لتسهيل دخوله إلى المعدة، أو يضخ عبر المنظار بعض المحاليل (كمحلول الملح) لإزالة العوالق عليه لتسهيل عملية التصوير، فإن الصائم يفسد صيامه بوصول هذه المواد إلى المعدة، لأن الجسم سوف يمتصها ويتغذى عليها، فتكون كالأكل والشرب.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/370، 371) ـ وهو يبين أن كل ما وصل إلى المعدة فهو مفسد للصيام، على مذهب الإمام أحمد ـ قال: " فلو أن الإنسان أدخل منظاراً إلى المعدة حتى وصل إليها، فإنه يكون بذلك مفطراً [يعني على المذهب الحنبلي] .
والصحيح أنه لا يفطر إلا أن يكون في هذا المنظار دهن أو نحوه يصل إلى المعدة بواسطة هذا المنظار، فإنه يكون بذلك مفطراً، ولا يجوز استعماله في الصوم الواجب إلا للضرورة " انتهى.
وجاء في قرار "مجمع الفقه الإسلامي":
"الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: ... منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى" انتهى.
"مجلة المجمع" (10/2/453-455) .
وخلاصة الجواب: أن منظار المعدة إذا أدخل إلى المعدة من غير أن يدخل معه أي مواد أخرى فهو غير مفسد للصيام، أما إذا أدخل معه بعض المواد الدهنية أو غيرها فهو مفسد للصيام.
وانظر: "مفسدات الصيام المعاصرة" للدكتور أحمد الخليل" ص (39-46) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3009)
لماذا لا يعتبر بخاخ الربو مفسداً للصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد إجابة بالتفصيل، لماذا لا يعتبر بخاخ الربو الذي يستعمله مرضى الربو مفسداً للصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بخاخ الربو علبة فيها دواء سائل يحتوى على ثلاثة عناصر، وهي: مواد كيميائية (مستحضرات طبية) ، وماء، وأكسجين.
وعند الضغط على البخاخ يخرج الدواء على هيئة رذاذ، فمع أخذ المريض شهيقاً عميقاً عند الضغط على البخاخ، يدخل هذا الرذاذ إلى القصبة الهوائية، ولكن يبقى منه جزء في البلعوم الفمي، وقد تدخل كمية قليلة جداً إلى المريء.
وقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى أن استعمال بخاخ الربو يفسد الصوم، قالوا: لأن محتوى البخاخ يصل إلى المعدة عن طريق الفم، فيكون مفطراً.
وذهب أكثر العلماء المعاصرين إلى أن استعمال هذا البخاخ لا يفسد الصيام، وهذا القول هو الصحيح، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة:
1- أن الأصل صحة الصيام، ولا يمكن العدول عن هذا الأصل إلا بيقين، ووصول شيء من رذاذ هذا البخاخ إلى المعدة أمر مشكوك فيه، فقد يدخل إلى المعدة وقد لا يدخل، لأن الأصل أن هذه المادة تذهب إلى الجهاز التنفسي، ولكن قد يدخل شيء منها إلى المعدة، فمع هذا الاحتمال لا يمكن القول بفساد الصيام، وبهذا أجيب عن دليل القول الأول.
2- على فرض أن جزءاً من هذا الدواء يدخل إلى المعدة فعلاً، فهو معفو عنه، ولا يفسد الصيام، قياساً على المضمضة واستعمال السواك.
أما المضمضة فإن الصائم إذا تمضمض يتبقى في فمه شيء من ماء المضمضة، وينزل جزء من هذا الماء إلى المعدة، ولهذا لو تمضمض بماء به مادة مشعة، لظهرت تلك المادة المشعة في المعدة بعد قليل، مما يؤكد نزول شيء من ماء المضمضة إلى المعدة، ولكن هذا الجزء النازل إلى المعدة جزء يسير قد عفا الشرع عنه، وحكم بصحة الصيام مع المضمضة، والجزء النازل من بخاخ الربو إلى المعدة ـ إن نزل ـ أقل من الجزء النازل مع المضمضة، فيكون غير مفسد للصيام من باب أولى.
وأما السواك، فإنه يحتوى على مواد تتحلل باللعاب وتنزل إلى البلعوم ثم إلى المعدة، ولكن عفا الشرع عنها، ولم يعتبرها مفسدة للصيام، لأنها قليلة وغير مقصودة، فكذلك الجزء الذي قد ينزل إلى المعدة من بخاخ الربو جزء قليل، وغير مقصود إنزاله إلى المعدة، فيكون غير مفسد للصيام قياساً على السواك.
وبهذا يتبين قوة هذا القول الثاني، وقد اختاره من علمائنا المعاصرين: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد بن العثيمين، والشيخ عبد الله بن جبرين، وعلماء اللجنة الدائمة، وقد نقلنا شيئاً من فتاويهم في هذا في جواب السؤال رقم (37650) .
انظر: "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (المجلد العاشر، ففيه عدة بحوث عن مفطرات الصيام المعاصرة) ، "مفطرات الصيام المعاصرة" للدكتور أحمد الخليل ص (33-38) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3010)
حكم مشاهدة الأفلام والتلفاز ولعب الورق في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الصائمين يقضون معظم نهار رمضان في مشاهدة الأفلام والمسلسلات من الفيديو والتلفاز ولعب الورق، فما هو رأي الدين في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الواجب على الصائمين وغيرهم من المسلمين أن يتقوا الله سبحانه فيما يأتون ويذرون في جميع الأوقات، وأن يحذروا ما حرم الله عليهم من مشاهدة الأفلام الخليعة التي يظهر فيها ما حرم الله، من الصور العارية وشبه العارية، ومن المقالات المنكرة، وهكذا ما يظهر في التلفاز مما يخالف شرع الله، من الصور والأغاني وآلات الملاهي والدعوات المضللة.
كما يجب على كل مسلم صائما كان أو غيره أن يحذر اللعب بآلات اللهو، من الورق وغيرها من آلات اللهو, لما في ذلك من مشاهدة المنكر وفعل المنكر، ولما في ذلك أيضا من التسبب في قسوة القلوب ومرضها واستخفافها بشرع الله والتثاقل عما أوجب الله، من الصلاة في الجماعة أو غير ذلك من ترك الواجبات والوقوع في كثير من المحرمات، والله يقول سبحانه: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) لقمان/6، 7، ويقول سبحانه في سورة الفرقان في صفة عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) الفرقان/72.
والزور يشمل جميع أنواع المنكر. ومعنى (لا يشهدون) : لا يحضرون، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري في صحيحه، معلقا مجزوما به. والمراد بالحر: الفرج الحرام. والمراد بالمعازف: الغناء وآلات اللهو؛ ولأن الله سبحانه حرم على المسلمين وسائل الوقوع في المحرمات. ولا شك أن مشاهدة الأفلام المنكرة، وما يعرض في التلفاز من المنكرات من وسائل الوقوع فيها، أو التساهل في عدم إنكارها. والله المستعان" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (15/316) .
وهذه المعاصي تنقص ثواب الصيام، بل قد تذهبه بالكلية.
وانظر جواب السؤال رقم (50063) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3011)
حكم استعمال بخاخ الأنف للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال بخاخ الأنف في الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا بأس بذلك عند الضرورة، فإن أمكن تأجيله إلى الليل فهو أحوط" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (15/264) .
وجاء في قرار "مجمع الفقه الإسلامي":
"الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: ... قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق" انتهى.
"مجلة المجمع" (10/2/454) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3012)
الأقراص التي توضع تحت اللسان ويمتصها الجسم هل تفسد الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك نوع من الحبوب يستعمله بعض مرضى القلب، هذه الحبة توضع تحت اللسان ولا تبلع، ويمتصها الجسم، فهل هذه الحبة تفسد الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
منطقة ما تحت اللسان ـ كما يقول الأطباء ـ هي أسرع مناطق البدن امتصاصاً للعلاج، ولهذا، فإن أسرع علاج لبعض الأزمات القلبية حبة توضع تحت اللسان، فتمتص بطريقة مباشرة وسريعة، ويحملها الدم إلى القلب فتوقف أزماته المفاجئة.
وهذا النوع من الحبوب لا يفسد الصيام لأنه يُمتص في الفم، ولا يدخل شيء منه إلى المعدة.
وعلى من يستعملها أن يحترز حتى لا يبتلع منها شيئاً بعد ذوبانها في الفم وقبل امتصاصها.
وقد جاء في قرار "مجمع الفقه الإسلامي":
"الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات: ... الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق" انتهى.
وانظر: "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (10/2/96، 454) ، "مفطرات الصيام المعاصرة" للدكتور أحمد الخليل ص (38، 39) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3013)
إجراء أشعة لفحص المبايض في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 15 عاما والدورة الشهرية في الثلاث شهور الأخيرة غير منتظمة.. والآن وقبل رمضان بيومين ما زلت حائضا منذ قرابة ست أسابيع متواصلة، ولم يتوقف الدم، هذا الدم مؤكد بأنه دم حيض وليس استحاضة كما تقول الطبيبة، والسبب في ذلك هو مشاكل في هرموناتي الأنثوية، وضعت الطبيبة لي موعدا "للآلرتا ساوند"، أو أشعة الموجات الصوتية، للفحص والتأكد من حالة المبايض لدي، وهذا اليوم هو في منتصف رمضان صباحا والمشكلة أنه يجب علي الإفطار في هذا اليوم لشرب الماء قبل الأشعة. سؤالي هو: هل يجوز الإبقاء على الموعد ويجوز لي الإفطار في هذا اليوم أم أنني يجب أن أؤجل الموعد لبعد رمضان؟ وهل أأثم إن لم أؤجله؟ مع العلم بأن المواعيد هنا صعبة جدا، وقد أنتظر شهرا آخرا لإجراء هذا الفحص.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا ً:
يجوز للمريض أن يفطر في رمضان، ويقضي الأيام التي أفطرها؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185.
والاستحاضة واستمرار نزول الدم نوع من المرض المؤثر على النفس والبدن، ولهذا لا حرج في إجراء الفحص الذي ينبني عليه العلاج، ولو كان ذلك يقتضي الفطر في نهار رمضان، والأولى تأخيره إلى الليل إن أمكن ذلك.
وليعلم أن نفس الفحص بالأشعة لا يفطر، ما لم يتناول المريض شرابا أو دواء عن طريق الفم أو الأنف.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (2299) تفصيل الأشياء التي تفطِّر الصائم والتي لا تفطِّره، فليراجع.
فإن اقتضى الأمر شرب الماء أو الدواء، وأمكن شربه قبل الفجر، فافعلي، وإلا جاز لك الفطر.
ثانياً:
أكثر مدة للحيض عند أكثر العلماء هي خمسة عشر يوما، ولا يمكن أن يزيد على هذا.
وعلى هذا، فما قالته لك الطبيبة هو الصحيح، أن الدم النازل عليك هو دم استحاضة وليس دم حيض، ولمعرفة حكم المستحاضة، ومتى يكون الدم النازل حيضا ينظر جواب السؤال رقم (68818) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3014)
قبلت طفلا صغيرا وتشك أنا ابتلعت شيئا من لعابه
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد أيام رمضان قبلت طفلاً صغيراً في فمه.. سؤالي: أنني لا أذكر إذا دخل شيء من لعاب الطفل في فمي أو لا.. وإذا دخل في فمي أغلب ظني أنني لم أكن أعلم أن هذا الفعل يفطر.. لأنني أعتقد أنني لو كنت أعلم لما فعلت هذا الأمر..هل علي قضاء تلك الأيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صيامك صحيح، ولا يلزمك قضاء شيء منه؛ لعدم تيقنك من ابتلاع شيء من لعاب هذا الطفل، والعبادة لا تبطل بالشك. ولو فرض أنك ابتعلت شيئا منه، فلا شيء عليك، لجهلك بأن ذلك مبطل للصوم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3015)
من لاعب زوجته حتى أنزل فعليه القضاء ولا كفارة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت مريضًا جدًا خلال رمضان وطلب مني الطبيب الإفطار من الصوم وتناول بعض الأدوية، الأمر الذي قمت به. لقد طلب من الطبيب القيام بذلك لمدة 5 أيام وأصرت زوجتي، على أن أتبع تلك التعليمات. وفي أثناء رمضان كنا نداعب بعضنا البعض، ولم يكن يشكل ذلك مشكلة أبدًا كما أنني وزوجتي كنا نعرف حدودنا. وفي اليوم الرابع من مرضي، قررت الصوم دون أن أخبر زوجتي حيث إنها كانت ستعترض بسبب طلب الطبيب إنهاء كافة الأدوية. لقد كنت واثقًا من أن الله قد رد إلي صحتي وأنني أريد الصوم. لذلك صمت. وفي صباح ذلك اليوم داعبنا بعضنا البعض ولم تتوقف زوجتي حتى عندما طلبت منها ذلك. حتى تملكتني الشهوة وحدث قذف. وكما تتخيل فقد صُدمت لذلك. كما صُدمت زوجتي عندما قلت إنني كنت صائمًا. لذا هل يجب علي أن أصوم 60 يومًا متصلة؟ أم أصوم يومًا واحدًا؟ أم أن هذا يقع تحت حديث الإفطار عن سهو؛ حيث يعلم الله أنني لم أكن أنوي ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قد أحسنت في الإفطار عند اشتداد المرض بك كما أحسنت أيضا بالصيام حين رأيت أنك قادر عليه، وكان الأولى أن تستشير الطبيب، وما دمت قد صمت ذلك اليوم ولم تتضرر بالصيام فقد لزمك إتمامه.
ولا مانع من أن يداعب الرجل زوجته حال صيامه إن أمن من إفساد صومه أو صومها، أما إذا لم يأمن ذلك فإنه لا يجوز له الإقدام عليه.
قال العلامة مصطفى الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (2/204) : " وَحَرُمَ نَحْوُ قُبْلَةٍ كَمُعَانَقَةٍ وَلَمْسٍ وَتَكْرَارِ نَظَرٍ لِمَنْ ظَنَّ إنْزَالًا, بِغَيْرِ خِلَافٍ " انتهى.
فإذا كنت لاعبت زوجتك آمنا من إفساد الصوم فإنه لا إثم عليك في هذه الملاعبة وإن فسد الصوم.
أما إن كنت تظن أنه سيحصل منك إنزال فقد أثمت بهذه الملاعبة، وعليك أن تتوب إلى الله تعالى.
وأما الصوم فقد فسد على كلا الاحتمالين، لأنك أنزلت، سواء نويت الفطر أم لم تنو. قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: " إذا باشر زوجته سواء باشرها باليد، أو بالوجه بتقبيل، أو بالفرج [بدون جماع] فإنه إذا أنزل أفطر، وإذا لم ينزل فلا فطر بذلك" انتهى من "الشرح الممتع" (6/388) .
وعليك أن تقضي يوماً مكان هذا اليوم، ولا كفارة عليك. قال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/377) : " إذا أفسد صومه بغير الجماع كالأكل والشرب والاستمناء والمباشرات المفضيات إلى الإنزال فلا كفارة ; لأن النص ورد في الجماع , وهذه الأشياء ليست في معناه " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3016)
أصابه الرعاف وهو صائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم عندما يصاب الصائم بنزيف من الأنف، لأني قد أصبت بذلك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت فصيامك صحيح؛ لأن إصابتك بالرعاف (النزيف) ناشئة بغير اختيارك فلا يترتب على وجودها الحكم عليك بالفطر، والذي يدل على ذلك أدلة يسر الشريعة ومنها قوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) سورة البقرة / 286، وقوله تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج} سورة المائدة / 6.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 264(5/3017)
التطعيم ضد الحمى الشوكية لا يُبطل الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التطعيم ضد الحمى الشوكية يبطل الصيام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التطعيم ضد الحمى الشوكية لا يبطل الصيام.
و (لا حرج في ذلك، وإن تيسر أن يكون التطعيم في الليل فهو أحوط) .
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 251(5/3018)
هل يبطل الصيام ضرب الطلاب وتوبيخهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مدرسا، وأضطر أحيانا لضرب وتوبيخ الطلاب؛ لأن الجميع من المدرسين يفعل ذلك، وقد جاهدت نفسي على عدم فعل ذلك، لكن وقع ذلك اليوم، فهل يبطل الصيام بالضرب والتوبيخ والغضب؟ وهل تنصحني بترك المهنة لما فيها من عدم الاستقرار النفسي، وتؤثر على عبادتي لله بالتأنيب بعد الضرب أو التوبيخ، علما بأنني أريد ذلك لولا والدتي التي قد يؤثر عليها الترك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الضرب والتوبيخ ليس من المفطرات، حتى لو كان على سبيل العدوان، فكيف إذا كان الضرب والتوبيخ للتربية والتعليم والتوجيه! لا شك أن الأمر حينئذ أظهر في عدم التفطير.
وانظر جواب السؤال رقم: (106473) .
ثانيا:
ننصحك بالبقاء في هذا العمل – التعليم -، فهو من أشرف الأعمال وأهمها، ولا بد من العناية بالعلم والتعليم، والتضحية من أجل النهوض بمدارسنا وجامعاتنا نحو أعلى الدرجات وأرقى الغايات، وحاول أن تتجاوز كل مشكلة تصيبك في هذا العمل بالحكمة، والتأني، ومشاورة أهل الخبرة من المعلمين السابقين.
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق في الدنيا، والنجاح في الآخرة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3019)
وضعت قناعا من العسل على وجهها ودخل إلى فمها وهي صائمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع قناع من العسل على الوجه؟ علما أنه لا يتطلب أكثر من ملعقة قهوة وقد وضعت هذا الماسك في رمضان على أساس فتوى قرأتها بأنه يحل وضع أي كريم على الجلد أو أي مستحضر بشرط لا يتم بلعه وتسبب في دخول بعض العسل إلى فمي وتذوقت الحلاوة لكن لم أبلعها فهل هذا مفطر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في استعمال العسل على الوجه لإزالة الكلف وتنعيم البشرة ونحو ذلك، بشرط عدم الإسراف.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: بعض صديقاتي يستعملن البيض والعسل واللبن في علاج النمش والكلف الذي يظهر في الوجه فهل يجوز لهن ذلك؟
فأجاب: "من المعلوم أن هذه الأشياء من الأطعمة التي خلقها الله عز وجل لغذاء البدن، فإذا احتاج الإنسان إلى استعمالها في شيء آخر ليس بنجس كالعلاج، فإن هذا لا بأس به؛ لقوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) فقوله تعالى: (لكم) يشمل عموم الانتفاع إذا لم يكن ما يدل على التحريم.
وأما استعمالها للتجميل فهناك مواد أخرى يحصل التجميل بها سوى هذه، فاستعمالها أولى.
وليعلم أن التجميل لا بأس به، بل إن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، لكن الإسراف فيه حتى يكون أكبر هم الإنسان بحيث لا يهتم إلا به، ويغفل كثيرا من مصالح دينه ودنياه من أجله، فهذا أمر لا ينبغي لأنه داخل في الإسراف، والإسراف لا يحبه الله عز وجل" انتهى. نقلا عن "فتاوى المرأة" جمع محمد المسند (ص 238) .
ثانيا:
إذا دخل العسل إلى فمك وتذوقته دون بلع، فلا يضر صومك. والصائم يجوز له أن يتذوق الطعام للحاجة، ثم يمجه ولا يبلعه، وينظر جواب السؤال رقم (26837)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3020)
هل ترك الحجاب يفسد الصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت لست متحجبة هل ذلك يبطل صيامي في رمضان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
المؤمنة مأمورة بالحجاب، وقد سبق في الموقع الكلام عن الحجاب في أكثر من جواب، وتلك الأجوبة جاءت على صور، منها ما كان بياناً لحكم الحجاب، وأنه واجب، كما في جواب السؤال رقم (21536) ، ومنها ما ذُكرت فيه الأدلة الدالة على وجوب الحجاب، كما في جواب السؤال رقم (13998) ، ورقم (11774) ، ومنها ما كان بياناً لصفة الحجاب الشرعي، كما في جواب السؤال رقم (6991) ، وغيرها من الأجوبة الدالة على أهمية الحجاب في حياة المرأة المؤمنة.
ثانياً:
إذا تركت المرأة الحجاب، فهي عاصية لربها بذلك، لكنّ صومها صحيح؛ لأن المعاصي، ومنها ترك الحجاب لا تفسد الصوم، غير أنها تنقص ثوابه، وقد تضيعه بالكلية.
والذي ندعوك إليه هو الالتزام بالحجاب، مع الصيام، فإنه ليس المقصود من الصيام هو مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، وإنما المقصود هو الصيام عن المحرمات، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث) رواه الحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع (5376) .
واللغو هو الكلام الباطل. وقيل: ما لا فائدة فيه.
والرفث: الكلام البذيء.
فليكن صومك دافعاً لك إلى طاعة الله تعالى، والبعد عما نهى عنه.
نسأل الله تعالى أن يوفقك إلى ما يحب ويرضى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال جواب(5/3021)
خروج المذي لا يفسد الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في صوم امرأة داعبها زوجها في نهار رمضان فتبلل فرجها، وهي لا تدري نوع السائل المبلل أمني هو أم غيره؟ ولا تدري عدد الأيام التي تمت فيها الملاعبة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجوز للزوجين أن يداعب كل واحد منهما الآخر، بشرط أن يأمنا على نفسيهما من إنزال المني؛ لما روى البخاري (1927) ومسلم (1106) عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرْبِهِ) .
وإذا داعب الرجل امرأته أو باشرها بما دون الجماع، فلا يخلو الحال من حالين:
الأولى: أن ينشأ عن تلك المداعبة والمباشرة نزول المني، ففي هذه الحال يفسد الصيام، ويجب القضاء على من نزل منه المني.
قال النووي في "المجموع" (6/349) :" إذَا قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِذَكَرِهِ أَوْ لَمَسَ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا , فَإِنْ أَنْزَلَ الْمَنِيَّ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِلا فَلا , وَنَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلانِ صَوْمِ مَنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " إذا باشر الرجل زوجته سواء باشرها باليد، أو بالوجه بتقبيل، أو بالفرج (بدون جماع) فإنه إذا أنزل أفطر، وإذا لم ينزل فلا فطر بذلك " انتهى. "الشرح الممتع" (6/388) .
الحال الثانية: أن ينشأ عن تلك المداعبة والمباشرة نزول المذي، ففي هذه الحال لا يفسد الصوم.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: " تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم، كل ذلك جائز ولا حرج فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبِّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، لكن إن خشي الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة، كره له ذلك، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم. أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم، ولأنه يشق التحرز منه، والله ولي التوفيق " انتهى.
"فتاوى الشيخ ابن باز" (15/315) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن رجل داعب زوجته، وهو صائم فخرج منه مذي، فما حكم صومه؟
فأجاب: " إذا داعب الرجل زوجته، فخرج منه مذي، فصومه صحيح، ولا شيء عليه على القول الراجح عندنا من أقوال أهل العلم؛ وذلك لعدم الدليل على أنه يفطر، ولا يصح قياسه على المني؛ لأنه دونه، وهذا القول الذي رجحناه هو مذهب الشافعي، وأبي حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال في الفروع: هو أظهر، وقال في الإنصاف: هو الصواب " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/236) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (37715) .
ثالثاً:
إذا اشتبه على الإنسان في مثل هذه الحال: هل الذي خرج منه مني أم مذي؟
فالغالب أنه مذي، لأن المذي هو الذي يخرج عند المداعبة، ولا يحكم بفساد الصوم بمجرد الشك.
وقد سبق في الموقع بيان الفرق بين المذي والمني في جواب السؤال رقم (99507) ، ورقم (2458) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3022)
اغتصبها كافر في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[قام رجل كافر باغتصاب صديقتي وهي صائمة العام الماضي، وهي تريد أن تعرف هل أبطل ذلك الحادث صومها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاغتصاب فيه معنى القهر والإكراه، والمكره على فعل شيء لا يؤاخذ عليه، قال الله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النحل / 106. فهذه الآية الكريمة ترفع الإثم والمؤاخذة عمن أظهر الكفر بلسانه مكرهاً بشرط أن يكون قلبه مطمئناً بالإيمان. وإذا كان في الكفر الذي هو أعظم المحرمات فما دونه من باب أولى، ألا يؤاخذ عليه فاعله إذا فعله مكرهاً.
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) رواه ابن ماجه (2033) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1664) .
فالمرأة المغتصبة التي بذلت جهدها في المقاومة ولكنها لم تستطع الفرار والتخلص لا ذنب عليها، وصيامها صحيح ولا قضاء عليها ولا كفارة.
قال الإمام أحمد رحمه الله:
كلُّ أمر غُلِبَ عليه الصائم ليس عليه قضاءٌ ولا غيره اهـ المغني (4/376) .
وسئل الشيخ ابن باز عمن جامع امرأته وهي غير راضية فأجاب:
. . . أما المرأة فإن كانت مكرهة فلا شيء عليها وصومها صحيح أما إن كانت تساهلت معه فعليها قضاء اليوم مع التوبة ولا كفارة عليها اهـ.
فتاوى الشيخ ابن باز (15/310) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/414) عن حكم الجماع في نهار رمضان:
إذا كانت المرأة معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه فلا قضاء عليها ولا كفارة اهـ.
وبهذه المناسبة ننصح النساء بتقوى الله عز وجل، والبعد عن مخالطة الرجال لاسيما الكفار والفساق منهم، والبعد عن كل ما يطمع فيهن الرجال من التبرج بالزينة والخضوع والتكسر في القول والفعل، وأن تختار الزمان المناسب، ولا تغشى أماكن الريبة والمواضع المخيفة، وأن تلتزم بما أمرها الله تعالى به من الحجاب والتستر فإن في ذلك حفظها وصيانتها وخيرها في الدنيا والآخرة.
والله تعالى المسئول أن يصلح أحوال المسلمين.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3023)
التدخين محرم ومفسد للصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول بعض الناس: إن تعاطي الدخان في نهار رمضان ليس من المفطرات، لأنه ليس أكلاً ولا شرباً. فما رأي فضيلتكم في هذا القول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أرى أنه قول لا أصل له، بل هو شرب، وهم يقولون: إنه يشرب الدخان، ويسمونه شرباً، ثم إنه لا شك يصل إلى المعدة وإلى الجوف، وكل ما وصل إلى المعدة والجوف فإنه مفطر، سواء كان نافعاً أم ضاراً، حتى لو ابتلع للإنسان خرزة سبحة مثلاً، أو شيئاً من الحديد، أو غيره فإنه يفطر، فلا يشترط في المفطر، أو في الأكل والشرب أن يكون مغذياً، أو أن يكون نافعاً، فكل ما وصل إلى الجوف فإنه يعتبر أكلاً وشرباً، وهم يعتقدون بل هم يعرفون أن هذا شرب، وهذا إن كان أحد قد قاله فإنما هو مكابر.
ثم إنه بهذه المناسبة أرى أن شهر رمضان فرصة لمن صدق العزيمة، وأراد أن يتخلص من هذا الدخان الخبيث الضار، أرى أنها فرصة لأنه سوف يكون ممسكاً عنه طول نهار رمضان، وفي الليل بإمكانه أن يتسلى عنه بما أباح الله له من الأكل والشرب والذهاب يميناً وشمالاً إلى المساجد، وإلى الجلساء الصالحين، وأن يبتعد عمن ابتلوا بشربه، فهو إذا امتنع خلال الشهر فإن ذلك عون كبير على أن يدعه في بقية العمر، وهذه فرصة يجب أن لا تفوت المدخنين" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" فتاوى الصيام (203، 204) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3024)
صامت وهي تشك في الطهر من الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة صامت وهي شاكة في الطهر من الحيض، فلما أصبحت فإذا هي طاهرة هل ينعقد صومها وهي لم تتيقن الطهر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"صيامها غير منعقد، ويلزمها قضاء ذلك اليوم، وذلك لأن الأصل بقاء الحيض، ودخولها في الصوم مع عدم تيقن الطهر دخول في العبادة مع الشك في شرط صحتها، وهذا يمنع انعقادها" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" فتاوى الصيام (107، 108) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3025)
هل يفسد صومه بالسب والشتم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان إذا غضب الإنسان من شيء وفي حالة غضبه نهر أو شتم فهل يبطل صيامه أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا يبطل ذلك صومه، ولكنه ينقص أجره، فعلى المسلم أن يضبط نفسه، ويحفظ لسانه من السبب والشتم والغيبة والنميمة، ونحو ذلك، مما حرم الله في الصيام وغيره، وفي الصيام أشد وآكد محافظة على كمال صيامه، وبعداً عما يؤذي الناس، ويكون سبباً في الفتنة والبغضاء والفرقة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ، ولا يسخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم) متفق عليه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/332، 333) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3026)
أصيب بنزيف وهو صائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم عندما يصاب صائم رمضان بالرعاف لمدة 28 يوماً من شهر رمضان، وأطلعكم بأن عمري 59 عاماً ولم أصب بالرعاف طيلة عمري إطلاقاً، وفي شهر رمضان في العام الماضي أصبت بالرعاف من ثلاث إلى ست مرات حين الصباح إلى إفطار المغرب، ويقع لي نزول الدم إلى الحلق ثم أدفعه جامداً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الأمر كما ذكرت فصيامك صحيح؛ لأن إصابتك بالرعاف ناشئة بغير اختيارك فلا يترتب على وجودها الحكم عليك بالفطر، والذي يدل على ذلك أدلة يسر الشريعة، ومنها قوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286، وقوله تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) المائدة/6.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/264، 265) .
وجاء فيها أيضاً:
"إذا نزف من الشخص دم بغير اختياره وهو صائم فإن صيامه صحيح" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/268) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3027)
حكم استعمال بخاخ الأنف في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال بخاخ الأنف، هل يؤثر ذلك على الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا بأس بذلك عند الضرورة، فإن أمكن تأجليه إلى الليل فهو أحوط" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/264) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3028)
إذا أفطر بالأكل في نهار رمضان ليجامع زوجته فعليه كفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أراد أن يجامع زوجته في شهر رمضان بالنهار، فأفطر بالأكل قبل أن يجامع، ثم جامع، فهل عليه كفارة أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على أن من أفطر في نهار رمضان بالجماع أن عليه الكفارة.
واختلفوا فيمن أفطر بغير الجماع كالأكل والشرب، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك رحمهما الله إلى أن عليه الكفارة أيضاً، وذهب الإمامان الشافعي وأحمد رحمهما الله إلى أنه لا كفارة عليه.
ولكن هذا فيمن أفطر بغير الجماع ثم لم يجامع في ذلك اليوم، أما من أفطر بغير الجماع ثم جامع في ذلك اليوم فذهب جمهور العلماء (منهم أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله) إلى أنه تجب عليه الكفارة.
وهذا القول هو الذي لا ينبغي أن يفتى بغيره، ويدل على صحته أمور:
1- أن من أفطر في رمضان بدون عذر سواء أفطر بالأكل أو الشرب أو غير ذلك، وجب عليه الإمساك، فإذا جامع فقد جامع في يوم يلزمه إمساكه، فتجب عليه الكفارة، كما أن المحرم بالحج إذا أفسد إحرامه لزمه المضي فيه، ويمسك عن محظورات الإحرام، فإذا أتى شيئاً منها كان عليه ما عليه في الإحرام الصحيح.
2- أن هذا عاصي بفطره أولاً، ثم عصى مرة أخرى بالجماع، فصار عاصياً مرتين، فكانت الكفارة عليه أوكد.
3- أنه لو لم تجب الكفارة على مثل هذا صار ذريعة إلى ألا يكفر أحد، فإنه لا يشاء أحد أن يجامع في رمضان إلا أمكنه أن يأكل، ثم يجامع، بل ذلك أعون له على مقصوده.
فكيف يكون جماعه قبل الغداء فيه الكفارة، وإذا تغدى هو وامرأته ثم جامعها لا كفارة عليه! فهذا شنيع في الشريعة لا تأتي بمثله، فإنه استقر في العقول والأديان أنه كلما عظم الذنب كانت العقوبة أبلغ.
والله أعلم
"مجموع فتاوى ابن تيمية" (25/260-263) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3029)
كفارة من جامع في نهار رمضان ومقدار الإطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كفارة من جامع في نهار رمضان، وما هو مقدار الإطعام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا جامع الرجل زوجته في نهار رمضان فعلى كل واحد منهما كفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجزا فعليهما صيام شهرين متتابعين على كل واحد منهما إذا كانت مطاوعة، فإن عجزا فعليهما إطعام ستين مسكينا، فيكون عليهما إطعام ستين مسكينا، ثلاثين صاعا على كل واحد منهما من قوت البلد، لكل فقير صاع، نصفه عن الرجل، ونصفه عن المرأة، عند العجز عن العتق والصيام، وعليهما قضاء اليوم الذي حدث فيه الجماع، مع التوبة إلى الله، والإنابة إليه، والندم والإقلاع والاستغفار؛ لأن الجماع في نهار رمضان منكر عظيم، لا يجوز من كل من يلزمه الصوم" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (15/302) .
وعلى هذا: فمقدار الطعام الذي يعطى للفقير هو نصف صاع من الأرز أو غيره، أي: كيلو ونصف تقريباً.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3030)
ابتلاع الصائم بقايا الطعام الذي في فمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا بقي شيء من طعام بين أسنان الصائم، هل يعتبر ذلك من المفطرات إذا ابتلعها الصائم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا أصبح الصائم ووجد في أسنانه شيء من مخلفات الطعام، هذا لا يؤثر على صيامه، لكن عليه أن يلفظ هذه المخلفات ويتخلص منها، ولا تؤثر على صيامه، إلا إذا ابتلعها، فإذا ابتلع شيئاً مما تخلف في أسنانه متعمداً، فإن هذا يُفسد صيامه، أما لو ابتلعه جاهلاً أو ناسياً، هذا لا يؤثر على صيامه، وينبغي للمسلم أن يحرص على نظافة فمه وأسنانه بعد الطعام، سواء في حاله الصيام أو غيره، لأن النظافة مطلوبة للمسلم" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (2/401) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3031)
كفارة من جامع زوجته الحائض في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكفر التائب عن جماعه لزوجته وهى حائض في دورتها في الأيام العادية وكفارة الجماع وهى حائض في شهر رمضان؟ فهذا حدث وعندنا علم بحرمة هذه الأفعال ونيتنا الآن التوبة لله وطلب المغفرة فأرجوكم دلوني على عمل أعمله ليغفر الله لي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
جماع الحائض محرم بإجماع العلماء؛ لقوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) البقرة/222، ولما روى الترمذي (135) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي.
ومن فعل ذلك لزمته التوبة والكفارة، وهي أن يتصدق بدينار أو نصفه، على الفقراء والمساكين؛ لما روى أحمد (2032) وأبو داود (264) والترمذي (135) والنسائي (289) وابن ماجه (640) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فيمن يأتي امرأته وهي حائض: (يتصدّق بدينار أو بنصف دينار) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والدينار: أربع جرامات وربع من الذهب، فانظر قيمة هذا وتصدق به، أو بنصفه، مع العزم على عدم العود لذلك أبدا.
ثانيا:
إن كان مقصودك بالجماع في رمضان: جماع الحائض في ليالي رمضان، فالواجب هو ما سبق ذكره من التوبة والكفارة.
وإن كان المقصود هو الجماع في نهار رمضان، فقد اجتمع هنا ذنبان كبيران، وهما الفطر في نهار رمضان، والمعاشرة أثناء الحيض.
أما الجماع في الحيض فقد عرفت ما فيه.
وأما الفطر في نهار رمضان بالجماع، فيترتب عليه خمسة أمور:
1- الإثم. 2- فساد الصوم. 3- لزوم الإمساك. 4- وجوب القضاء.
5 – وجوب الكفارة مع التوبة.
فيجب عليك قضاء اليوم الذي أفسدت صيامه بالجماع وعليك مع ذلك: الكفارة.
وهي: عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. وانظر جواب السؤال (22938) .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3032)
هل يجب الغسل بعد إدخال أنبوب التصوير لفرج المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخضع لعلاج إخصاب منذ بضعة أشهر. أذهب إلى الدكتور باستمرار للتصوير والمراقبة الدورية. أثناء التصوير تقوم الممرضة بإدخال أنبوب إلى فرجي ليحصلوا على صورة قريبة، في بعض الأوقات يتم إدخال الدواء إلى فرجي أيضا. هل الغسل واجب بعد إدخال أنبوب التصوير للفرج؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئلت اللجنة الدائمة: إذا أدخلت المرأة أو الطبيبة جهازاً أو علاجاً في الفرج، فهل يجب الاغتسال؟
وهل يفسد ذلك الصوم؟
فأجابت " إذا حصل ما ذُكر فلا يجب غسل الجنابة، ولا يُفسد الصوم ".
[الْمَصْدَرُ]
انظر الفتاوى الجامعة ج/1 ص/50(5/3033)
إذا وصل الماء إلى حلقه بسبب الاستنشاق وهو صائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل جريان الماء فى أسفل الحلق عند تنظيف الأنف فى الوضوء يبطل الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الصائم منهي عن المبالغة في الاستنشاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للَقِيطِ بْنِ صَبِرَة رضي الله عنه: (أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) رواه أبو داود (142) والترمذي (788) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
والحديث يدل على تجنب المبالغة في الاستنشاق حال الصوم حتى لا ينزل الماء إلى جوف الصائم من غير اختياره.
ثانياً:
لو تمضمض الصائم أو استنشق فنزل شيء من الماء إلى حلقه من غير قصدٍ منه فإنه لا يفطر؛ لقول الله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) الأحزاب/5. وهذا لم يتعمد قلبه فعل المفسد، فيكون صومه صحيحاً.
وينظر: "الشرح الممتع" (6/240، 246) .
وللفائدة راجع جواب رقم (40698) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3034)
إذا نوى الفطر ثم عدل عن نيته
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسافر وصائم في رمضان نوى الفطر, ثم لم يجد ما يفطر به ثم عدل عن نيته , وأكمل الصوم إلى المغرب , فما صحة صومه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من نوى الفطر وهو صائم، بطل صومه، جازماً غير متردد ثم لم يجد ما يفطر به فعدل عن نيته فقد أفطر ولزمه قضاء هذا اليوم، وهو مذهب المالكية والحنابلة.
خلافا للحنفية والشافعية. ينظر: بدائع الصنائع 2/92، حاشية الدسوقي 1/528، المجموع 6/313، كشاف القناع 2/316.
وعلى القول ببطلان صومه وهو الراجح لما سيأتي، فإن نوى الفطر, جازما غير متردد، ثم لم يجد ما يفطر به فعدل عن نيته , فقد أفطر، ولزمه قضاء هذا اليوم.
أما إن تردد في الفطر، أو علقه على شيء، كإن وجدت طعاما أو شرابا أفطرت، ثم لم يجد، فصومه صحيح.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: رجل مسافر وصائم في رمضان، نوى الفطر ثم لم يجد ما يفطر به، ثم عدل عن نيته وأكمل الصوم إلى المغرب فما صحة صومه؟
فأجاب: " صومه غير صحيح، ويجب عليه القضاء؛ لأنه عندما نوى الفطر أفطر، أما لو قال: إن وجدت ماءً شربت وإلا فأنا على صومي، ولم يجد الماء، فهذا صومه صحيح؛ لأنه لم يقطع النية ولكنه علّق الفطر على وجود الشيء، ولم يوجد الشيء فبقي على نيته الأولى.
فقال السائل: كيف نرد على من يقول: إنه لم يقل أحد من العلماء: إن النية من المفطرات؟ فأجاب: نقول للذي قال هذا: إنه لا يَعْرف عن كتب أهل العلم شيئاً - كتب أهل العلم في الفقه والمختصرات - ففي "زاد المستقنع" يقول: ومن نوى الإفطار أفطر. وأنا يا إخواني أحذركم من غير العلماء الراسخين المعروفين بالتقدم في العلم، وأحذركم منهم إذا قالوا، لا أعلم قائلاً بذلك، أو لم يقل أحد بذلك؛ لأنهم قد يكونون صادقين؛ لأنهم لا يعرفون كتب أهل العلم ولم يطالعوها، ولا يعرفون عنها شيئاً، ثم لو فرضنا أنه لم يوجد في كتب أهل العلم أليس النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات) ؟ بلى، قال ذلك، فإذا كان يقول: (إنما الأعمال بالنيات) وهذا الرجل نوى الإفطار هل يفطر؟ نعم، يفطر " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (29/20) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3035)
إذا أحس الصائم بطعم الدم في حلقه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عندما نحس بمذاق الدم في الحلق ونبصق قليلا منه في الصيام هل يجب علينا قضاؤه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أحس الصائم بطعم الدم في حلقه، فلا يضره ذلك ولو ابتلعه، لكن إن خرج إلى الفم ثم ابتلعه، أفطر.
ومثل هذا يقال في البلغم والنخامة وكل ما يعرض في الحلق.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وأنبه على مسألة النخامة والبلغم، فإن بعض الصائمين يتكلف ويشق على نفسه فتجده إذا أحس بذلك في أقصى حلقه ذهب يحاول إخراجه، وهذا خطأ، وذلك لأن البلغم أو النخامة لا تفطر الصائم إلا إذا وصلت إلى فمه ثم ابتلعها فإنه يفطر عند بعض العلماء، وعند بعض العلماء لا يفطر أيضاً.
وأما ما كان في حلقه ونزل في جوفه فإنه لا يفطر به ولو أحس به، فلا ينبغي أن يتعب الإنسان نفسه في محاولة أن يخرج ما في حلقه من هذا الأذى" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/356) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3036)
من غلبه القيء فلا قضاء عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[صمت ستاً من شوال واليوم الخامس كان يوم الجمعة وعند صلاة الفجر استفرغت ما أكلته دون قصد فأكملت صيامي وصمت يوم السبت أيضا فهل كان صيامي صحيحا أم خطأ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صيامك صحيح، ولا يضرك ما حصل فيه من الاستفراغ، لأن من قاء بغير قصد وتعمد، فصومه صحيح، وأما من استقاء عمدا فقد أفطر، وذلك لما روى الترمذي (720) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ – أي: غلبه- فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ) صححه الألباني في صحيح الترمذي.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/23) : "ومن استقاء فعليه القضاء , ومن ذرعه القيء فلا شيء عليه.
معنى استقاء: تقيأ مستدعيا للقيء. وذرعه: خرج من غير اختيار منه , فمن استقاء فعليه القضاء ; لأن صومه يفسد به. ومن ذرعه فلا شيء عليه ; وهذا قول عامة أهل العلم. قال الخطابي: لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافا " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن القيء في رمضان هل يفطر؟
فأجاب: " إذا قاء الإنسان متعمدا فإنه يفطر، وإن قاء بغير عمد فإنه لا يفطر، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه....وذكر الحديث المتقدم.
فإن غلبك القيء فإنك لا تفطر، فلو أحس الإنسان بأن معدته تموج وأنها سيخرج ما فيها، فهل نقول: يجب عليك أن تمنعه؟ لا. أو تجذبه؟ لا. لكن نقول: قف موقفا حياديا، لا تستقئ ولا تمنع، لأنك إن استقيت أفطرت، وإن منعت تضررت. فدعه إذا خرج بغير فعل منك، فإنه لا يضرك ولا تفطر بذلك " انتهى من "فتاوى الصيام" ص (231) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3037)
مباشرة الزوجة في الصوم من غير جماع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من نام مع زوجته في نهار رمضان من غير ملابس وتمت ملامسة الأعضاء التناسلية من غير إيلاج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا لم يتم الإيلاج، ولم ينزل المني، فصومك صحيح، ولا شيء عليك.
وأما المذي فنزوله لا يبطل الصوم في أصح قولي العلماء، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي رحمهما الله، وراجع السؤال رقم (37715) .
وللصائم أن يداعب زوجته وأن يقبل ويضم ويباشر (أي تمس بشرته بشرتها) إذا أمن ألا ينزل وألا يجامع، وانظر السؤال رقم (49614) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3038)
معنى الآية (ثم أتموا الصيام إلى الليل)
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أتساءل أثناء قراءتي للقرآن في سورة البقرة الآية (187) بأن الله قال: (ثم أتموا الصيام إلى الليل) فالكثير منا يفطر في وقت المغرب. هل ممكن أن تشرح لنا هذه المسألة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس هناك إشكال بين الآية وبين إفطار الصائم بعد غروب الشمس، وذلك لأن الليل يدخل بغروب الشمس، فأول الليل هو غروب الشمس، وآخره طلوع الفجر. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ، وَغَابَتْ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) . ومعنى الحديث: أنه إذا غربت الشمس فقد دخل الليل، وانتهى النهار، وحينئذ يحل للصائم أن يفطر. انظر: شرح مسلم للنووي (7/209) .
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3039)
إذا استيقظ الصائم وفي فمه طعام
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في السابق أدخن السجائر، والآن ولله الحمد تركتها، ولكن لدي مشكلة هي أني إذا رغبت في التدخين آخذ قطعة من السيجارة وأمضغها لكي تذهب هذه الرغبة وهي غير مجدية , المهم كنت في ليلة من ليالي رمضان أمضغ هذه الوصلة ونمت وهي في فمي، فلم أستيقظ إلا بعد صلاة الفجر فقمت وغسلت فمي. هل أنا مفطر أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا طلع الفجر وفي فم الصائم شيء، فلفظه، ولم يبتلع منه شيئا باختياره، صح صومه.
قال النووي رحمه الله في "المنهاج": " ولو طلع الفجر وفي فمه طعام فلفظه: صح صومه ".
وجاء في شرحه "مغني المحتاج" (2/161) : "لأنه لو وضعه في فمه نهارا لم يفطر، فبالأولى إذا جعله فيه ليلا. ولو ابتلع منه شيئا باختياره فإنه يفطر" انتهى بتصرف واختصار.
ثانيا:
حَذَّر الأطباء والباحثون من مضغ التبغ، وقرروا أن هذا لا يعد بديلاً آمناً عن التدخين، بل هو أخطر وأكثر ضرراً على الجسم من التدخين من بعض الوجوه، إذ يجعل الجسم عرضة للإصابة بمرض السرطان أكثر من التدخين.
والذي ينبغي لصاحب العزيمة والإرادة أن يترك الدخان ولا يلتفت إليه، وليستعن بالله تعالى في ذلك، وقد ثبت بالتجربة والمشاهدة أن ترك الدخان ممكن، وأن الإقلاع عنه يسير، والمهم هو صدق التوبة، مع قوة العزيمة.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3040)
جامع أهله يظن أن الفجر لم يطلع
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعت زوجتي ولم أكن أدري بأن الفجر قد أذن ولم أكن أدري بهذا وكان توقعي أنه سوف يؤذن بعد بضع دقائق على الساعة الخامسة ومن بعد ذلك اتضح أنه يؤذن على الخامسة إلا ربع فما هو الحل وهل علي الكفارة أنا وزوجتي علما بأنه كان برغبتنا نحن الاثنين كما أننا كنا للتو واصلين من السفر قبل 24 ساعة ولا ندرى بعد بمواقيت الصلاة وفوجئنا بإعلان رمضان صبيحة ثاني يوم وصولنا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت، فلا شيء عليكما، لأن من أتى شيئا من المفطرات ظانا أن الفجر لم يطلع، ثم تبين أنه قد طلع، فلا قضاء عليه، على الراجح من قولي العلماء، سواء كان المفطر أكلا أو شربا أو جماعا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وأحب أن أبين أن المفطرات التي تفطر الصائم من الجماع والأكل والشرب وغيره لا يفطر بها الإنسان إلا بثلاثة شروط:
1- أن يكون عالما فإن لم يكن عالما لم يفطر، لقوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيمآ أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما) .
ولقوله تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) ، فقال الله تعالى: قد فعلت، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) . والجاهل مخطئ، لو كان عالما ما فعل، فإذا فعل شيئا من المفطرات جاهلا فلا شيء عليه، وصومه تام وصحيح، سواء كان جهله بالحكم، أم بالوقت.
مثال جهله بالحكم: أن يتناول شيئا من المفطرات يظنه أنه لا يفطر، كما لو احتجم يظن أن الحجامة لا تفطر، فنقول: إن صومك صحيح ولا شيء عليك.
ومثال جهله بالوقت: أن يظن أن الفجر لم يطلع، فيأكل، فصومه صحيح.
2- أن يكون ذاكرا، فإن كان ناسيا لم يفطر.
3- أن يكون مختارا، فإن كان غير مختار لم يفطر " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/280)
وسئل الشيخ رحمه الله: إنسان حديث عهد بالزواج، وأتى أهله في آخر الليل ظناً منه أن الليل باق، وإذا بالإقامة تقام فما تقولون؟ هل عليه شيء؟
فأجاب: " لا، ما عليه شيء، لا إثم، ولا كفارة، ولا قضاء؛ لأن الله تعالى قال: (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ) أي: النساء (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) البقرة/187. فالثلاثة كلها سواء: مباشرة النساء والأكل والشرب، ولا دليل على التفريق بينها، كلها من محظورات الصيام، وإذا وقعت على وجه الجهل أو النسيان فلا شيء " انتهى من "اللقاء الشهري".
وبهذا يتبين أنه لا شيء عليكما، لا قضاء ولا كفارة، هذا إن كنتما قد صمتما ذلك اليوم.
أما إن كنتما لم تصوما وأفطرتما ظناً منكما أن الصيام قد فسد بالجماع، فليس عليكما إلا القضاء فقط.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3041)
إذا تناول المفطر جاهلا بالحكم أو الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت إجابتكم على سؤال رقم 80425، ولقد كنت أعاني من نفس مشكلة الأخ السائل، ولكن الفرق بيني وبينه أن الطعام إذا وصل لحلقي كنت أبتلعه ظناً مني أنه لا يفطر، لأن هذا الطعام مصدره المعدة فأرجعته لمصدره (جهلاً مني) ، ولقد قرأت أنه يجب علي القضاء لكن لا أذكر عدد الأيام التي فعلت فيها ذلك لأنها كانت في الماضي، والآن أنا قد تركت هذه العادة، فما الذي أفعله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دمت لا تعلم أن ابتلاع هذا الطعام مفطر، فلا قضاء عليك؛ لأن الجهل بالمفطرات عذر على الصحيح.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والمفطرات التي تكون باختيار المرء لا يفطر بها الإنسان إلا بشروط ثلاثة هي:
الشرط الأول: أن يكون عالما، وضد العالم الجاهل.
فإذا أكل الإنسان وهو جاهل فإنه لا قضاء عليه، والجهل نوعان:
1- جهل بالحكم: مثل أن يتقيأ الإنسان متعمدا لكن لا يدري أن القيء مفسد للصوم، فهذا لا قضاء عليه لأنه جاهل، والدليل على أن الجاهل بالحكم لا يفطر ما ثبت في الصحيحين من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه جعل تحت وسادته عقالين أحدهما أسود، والثاني أبيض، والعقالان هما الحبلان اللذان تعقل بهما الإبل، فجعل ينظر إليهما، فلما تبين له الأبيض من الأسود، أمسك عن الأكل والشرب، فلما غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إن وسادك لعريض، أنْ وسع الخيط الأبيض والأسود، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل) . ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، لأنه كان جاهلا بمعنى الآية الكريمة.
2- جهل بالوقت: مثل أن يأكل الإنسان يظن أن الفجر لم يطلع، فيتبين أنه قد طلع، فهذا لا قضاء عليه، ومثل أن يفطر في آخر النهار يظن أن الشمس قد غربت ثم يتبين أنها لم تغرب، وهذا أيضا لا قضاء عليه، والدليل ما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه قالت: (أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس) . ووجه الدلالة من هذا: لو كان الصوم فاسدا لكان القضاء واجبا، ولو كان القضاء واجبا لأمرهم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أمرهم بذلك لنقل إلينا، لأن ذلك من حفظ الشريعة، فلما لم ينقل علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمرهم به، ولما لم يأمرهم به علم أن الصوم غير فاسد، فلا قضاء في هذه الحال، ولكن يجب على الإنسان متى علم أن يمسك عن الأكل والشرب، حتى لو كانت اللقمة في فمه وجب عليه لفظها " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/116) بتصرف يسير.
ثم ذكر الشرط الثاني والثالث، وهو أن يكون ذاكرا، مختارا.
وبهذا تعلم أنه لا قضاء عليك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3042)
استنشاق الصائم لبخار الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام من يستحم في نهار رمضان بالماء الساخن ثم يتكون بخار ماء في حمامه والذي سيكون لا بد من استنشاقه؟ فقد احتلمت في نهار رمضان واضطررت لرش الماء الساخن على الفرج لخروج باقي المني! كذلك فإني أستحم أحياناً وأنا صائم بالماء الساخن حتى عندما لا أكون جنباً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
استنشاق الصائم للبخار الناتج عن استحمامه بالماء الساخن، لا يفطّر؛ لدخوله الجوف قهرا وغلبة بلا قصد.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة: أفيدكم بأنني أحد العاملين في المؤسسة العامة للتحلية، ويحل علينا شهر رمضان ونحن صائمون وعلى رأس العمل، والذي فيه بخار ماء من المحطة التي نعمل بها، وقد نستنشقه في كثير من الأحوال، فهل يبطل صيامنا؟ وهل يلزمنا قضاء ذلك اليوم الذي قد استنشقنا فيه بخار الماء سواء كان فريضة أم نافلة، وهل علينا عن كل يوم صدقة؟
فأجابوا: إذا كان الأمر كما ذكر؛ فصيامكم صحيح ولا شيء عليكم " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10/275)
ثانيا:
قولك: " واضطررت لرش الماء الساخن على الفرج لخروج باقي المني! ".
جوابه: أن إخراج المني بهذه الطريقة، هو من الاستمناء المحرم، وهو مبطل للصوم، ويلزم منه التوبة مع القضاء.
وفعلك هذا من التعدي على حرمات الله، فإن الاحتلام لا يؤاخذ به الصائم، لأنه لا يد له فيه، وأما تعمده إخراج بقية المني، فهذه جناية على الصوم وإبطال له.
نسأل الله أن يعفو عنا وعنك.
والله أعلم.
تنبيه:
ثم أرسل إلينا السائل ما يلي:
أنا صاحب سؤال رقم ( ... ) وقد أفتيتم لي أنه يجب علي أن أقضي صيام ذلك اليوم لأن ذلك يعتبر استمناء، علماً أني كنت جاهلاً تماماً بأن ذلك يعتبر استمناء، لأني لم أكن أحس بأي لذة أو شهوة عند فعل ذلك.
والآن أريد أن أعرف بالنسبة لمسألة صيام الست من شوال. فعندما وصلتني إجابتكم كنت قد أنهيت صيام الأيام الستة وعندما قضيت ذلك اليوم المذكور، قضيته بتاريخ 23 شوال. وقد جعلني هذا أستنتج أن صيامي للأيام الست لم يكن صحيحاً لأني لم أكن أكملت صيام رمضان ولذا يجب علي إعادة صيام الست من شوال بعد قضاء ذلك اليوم. وغداً هو اليوم الـ 24 من شوال، أي أني يجب أن أعيد صيام الست غداً مباشرةً لكي أضمن صيام ستة أيام. سؤالي الآن بالنسبة للأيام الست التي صمتها سابقاً، هل ستعتبر لي صيام نافلة على الأقل؟ أم أنها غير صحيحة على الإطلاق؟
الحمد لله
إذا كان استعمالك للماء الساخن لإخراج بقية المني الحاصل من الاحتلام، لا يصحبه لذة أو شهوة، فصيامك صحيح، لأن خروج المني من غير لذة لا يفسد الصوم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا نزل المني بغير شهوة فصومه صحيح ولا قضاء عليه" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/238) .
وقال أيضا: " والمني إذا خرج بغير شهوة فإنه لا يوجب الغسل " انتهى من "شرح الكافي".
وبناء على ذلك، فصيامك ذلك اليوم من رمضان صحيح، ولا يجب عليك قضاؤه، وأما قضاؤك له بناء على الفتوى السابقة، فيحسب لك صيام نفل إن شاء الله تعالى، وصيامك للست من شوال حاصل بعد صيام رمضان تامّاً، والحمد لله، ولست بحاجة لإعادة صيامها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3043)
خروج المني بغير شهوة لا يفسد الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ينزل منى المنى بصفة يومية في شهر رمضان مما يمنعني من الصيام مع العلم أن هذا لا يحدث في الأيام العادية، فهل هذا بسبب ضعف الإيمان؟ مع العلم أني لست مصاباً بأي أمراض، وماذا علي أن أفعل خصوصاً أن أيام رمضان المباركة تمر دون أن أصوم؟ ملحوظة: ذهبت لأعتمر منذ شهر فحدث نفس الشيء. أيضا أرجو الإفادة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لم يتضح لنا مرادك بقولك: " ينزل منى المنى بصفة يومية في شهر رمضان "
1- فإن كان المقصود: أنك تحتلم، وينزل المني بذلك، فهذا لا يؤثر على الصوم، لأنه خارج بغير إرادة الإنسان.
2- وإن كان المقصود أن المني يخرج في اليقظة بغير فعل منك، بل يخرج بنفسه، وكنت متأكدا من كونه منيا، فهذا يكون عن مرض غالبا، وجمهور العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة - وهو الصحيح - أنه لا يوجب الغسل، وراجع جواب السؤال رقم (84409) .
ولا يفسد الصوم بخروج هذا المني، لأنه خارج بدون إرادة واستدعاء.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولو استمنى بيده فقد فعل محرما , ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل , فإن أنزل فسد صومه. فأما إن أنزل لغير شهوة , كالذي يخرج منه المني أو المذي لمرض , فلا شيء عليه ; لأنه خارج لغير شهوة , أشبه البول , ولأنه يخرج من غير اختيار منه , ولا تسبب إليه , فأشبه الاحتلام " انتهى من "المغني" (3/21) باختصار.
والحاصل: أن المني لو خرج بغير فعل من الصائم، لا بيده ولا بالمباشرة أو تكرار النظر، فإن صومه لا يفسد. وغالبا ما يكون خروج المني على هذه الصفة لعلة ومرض.
3- وأما من استمنى، أي استدعى خروج المني بيده، أو بتكرار النظر إلى ما يثير شهوته، فهذا يفسد صومه، مع الإثم الكبير، لأنه ارتكب محرمين: الأول الاستمناء، والثاني: تعمد الفطر في نهر رمضان، وهو ذنب عظيم كبير، وقد جاء فيه من الوعيد ما رواه ابن خزيمة (1986) وابن حبان (7491) عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعيّ [الضبع هو العضد] فأتيا بي جبلا وعِرا، فقالا: اصعد فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك. فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار. ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم. صححه الألباني في صحيح موارد الظمآن برقم 1509.
4- وقد يكون الأمر مشتبها عليك، فلم تفرق بين المني، وبين المذي والودي، وكلاهما لا يفسد الصوم.
وإليك الفرق بين هذه الأمور:
فالمذي ماء رقيق لزج يخرج عند الملاعبة أو تذكر الجماع أو إرادته أو نظر، وقد لا يحس به الإنسان.
والودي ماء أبيض ثخين، يخرج قطرات بيضاء بعد البول غالبا. وكلاهما نجس، ينقض الوضوء، إلا أن نجاسة المذي أخف، فيكفي فيه النضح، وهو أن يعم المحل الذي أصابه بالماء دون عصر أو فرك.
ولا يجب الغسل منهما، ولا يفسد الصوم بهما.
وأما المني فماء أبيض، يخرج على وجه الدفق والشدة، ويعقبه فتور، والرطب منه له رائحة كرائحة العجين أو طلع النخل، واليابس منه رائحته كرائحة بياض البيض، وهو طاهر، لكنه يوجب الغسل، إلا إذا خرج يقظة بلا شهوة، كما سبق، فلا يجب الاغتسال منه.
وأما حصول ذلك معك وأنت مسافر للعمرة، فإن كان ذلك احتلاماً وأنت نائم، فيجب عليك الاغتسال، ولا يجوز دخول المسجد الحرام ولا الطواف بالكعبة للجنب، وإن كان ذلك نهاراً بدون شهوة، فلا يجب عليك إلا الوضوء فقط.
ولعلنا بذلك نكون قد أجبنا سؤالك، فإن كان هناك إشكال، فأعد طرحه، ويسعدنا تواصلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3044)
أثر الكذب على الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام الصائم بالحصول على إجازة عن طريق القول في العمل بأنه ذاهب إلى العمرة وهذا غير صحيح ويستتبع ذلك أن يريهم تأشيرة سفر (مختلقة) ، فما حكم صيامه وصلاته؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أخذ الإجازة بناء على قوله إنه ذاهب للعمرة، والواقع أنه لا يريد الذهاب، فهذا من الكذب، وإن ترتب على ذلك حصوله على إجازة ليست له، كان الراتب المأخوذ في هذه مدة سحتاً لا يحل له.
والواجب على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يعود إلى عمله.
وأما أثر ذلك على الصلاة والصوم، فهما صحيحان، لكنه يدل على أن العبد لم يقم بهما كما أمر الله تعالى، إذا لو قام بالصلاة كما أمر الله، لنهته صلاته عن المنكرات، كما قال تعالى: (وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) العنكبوت/45.
ولا شك أن المعاصي من كذب وغش وسب وشتم وغير ذلك تنقص أجر الصائم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري (6057) .
ورواه الطبراني في معجمه الصغير والأوسط بلفظ: (من لم يدع الخنا والكذب فلا حاجة لله أن يدع طعامه وشرابه) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وقد فُسر قول الزور بالكذب أيضا، وهذا دليل على قبح الكذب من الصائم، وأنه يعرض صومه للرد وعدم القبول.
قال في عون المعبود: " (لَمْ يَدَعْ) : أَيْ لَمْ يَتْرُك (قَوْل الزُّور) : وَالْمُرَاد مِنْهُ الْكَذِب (فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَة) : قَالَ اِبْن بَطَّال: لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُؤْمَر بِأَنْ يَدَع صِيَامه وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّحْذِير مِنْ قَوْل الزُّور وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ ... وَقَالَ اِبْن الْمُنِير: بَلْ هُوَ كِنَايَة عَنْ عَدَم الْقَبُول. وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيث أَنْ لا يُثَاب عَلَى صِيَامه..........وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَفْعَال تُنْقِص ثَوَاب الصَّوْم " انتهى.
وانظر جواب السؤال (50063) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3045)
إذا نوى قطع النية أثناء الوضوء أو الصلاة أو الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[قال العلامة السعدي في الفتاوي السعدية ص 228 " قطع نية العبادة نوعان، نوع لا يضره شيء وذلك بعد كمال العبادة...... والثاني: قطع نية العبادة في حال تلبسه بها..... فهذا لا تصح عبادته ... " فهل معني ذلك أني لو أتاني هاجس لأقطع صيام الفرض أكون مفطرا؟ وماذا لو أتاني ذلك الهاجس دون أن أنوي قطع الصيام فهل ذلك وارد؟ وحكمه؟ وكذا في الوضوء ففي وسطه قد يأتيني شك بأن هناك بول مثلا فلا أجد ذلك وأحيانا أكون نويت قطع الوضوء ثم أعود لتكملة الوضوء بعد ألا أجد شيئا، فهل كان علي البدء من جديد لانقطاع النية هنا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا نوى الإنسان قطع العبادة أثناء فعله لها بطلت، ولا يستثنى من ذلك إلا الحج والعمرة، فلا يبطلان بقطع النية ولا بالتصريح بالقطع، بل يظل المحرم على إحرامه حتى يؤدي نسكه أو يتحلل بالإحصار.
قال في "المغني" (1/278) : " وإن تلبس بها –أي بالصلاة- بنية صحيحة , ثم نوى قطعها , والخروج منها , بطلت. وبهذا قال الشافعي " انتهى.
وقال في "زاد المستقنع" في باب الصلاة: " فإن قطعها في أثناء الصلاة أو تردد بطلت ".
وقال في باب الصوم: " ومن نوى الإفطار أفطر ".
لكن رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه أن التردد لا يبطل الصلاة. ينظر: "الشرح الممتع" (1/486) . ومَثَّل للتردد بما لو سمع قارعا يقرع الباب، فتردد أأقطع الصلاة أو أستمر؟
وبهذا يتبين أن من عزم على قطع العبادة بطلت، لكن لو كان ذلك مجرد هاجس فلا تبطل به العبادة.
وبناء على ذلك فمجرد الهاجس بقطع الصيام لا يبطل الصيام حتى تعزم وتنوي الفطر.
وكذلك لو شك أثناء الوضوء في خروج البول منه، فتوقف ونظر ولم ينو القطع، ولم يجد شيئا، فلا يبطل وضوؤه.
وكذلك إذا نوى قطع الوضوء بطل وضوؤه، فلا يجوز له إكماله على ما مضى، بل يتوضأ وضوءاً جديداً.
قال في "الإنصاف" (1/151) : " لو أبطل النية في أثناء طهارته , بطل ما مضى منها على الصحيح من المذهب , اختاره ابن عقيل , والمجد في شرحه , وقدمه في الرعايتين , والحاويين. وقيل: لا يبطل ما مضى منها , جزم به المصنف في المغني " انتهى.
وينبغي الحذر من الوسوسة، فإن الشيطان يأتي الإنسان ويخيل إليه أنه خرج منه شيء، وقد يتمادى الإنسان في ذلك فلا يكاد يفعل عبادة إلا شك فيها، مما يوقعه في حرج وضيق شديد، وللأهمية راجع السؤال رقم (62839) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3046)
حكم قطرة الأنف للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال قطرة الأنف في نهار رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) رواه الترمذي (788) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (935) .
فهذا الحديث يدل على أنه لا يجوز للصائم أن يوصل الماء إلى جوفه عن طريق الأنف.
وعلى هذا، فقطرة الأنف إن كانت قليلة بحيث لا تصل إلى الحلق فلا بأس بها، أما إذا وصلت إلى الحلق ووجد طعمها فيه، فسد صيامه وعليه القضاء.
قال الشيخ ابن باز: " وهكذا قطرة العين، والأذن، لا يَفطر بهما الصائم في أصح قولي العلماء، فإن وجد طعم القطور في حلقه: فالقضاء أحوط، ولا يجب؛ لأنهما ليسا منفذين للطعام والشراب، أما القطرة في الأنف: فلا تجوز؛ لأن الأنف منفذ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) . وعلى من فعل ذلك القضاء لهذا الحديث، وما جاء في معناه، إن وجد طعمها في حلقه " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (15 / 260، 261) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى رمضان" (ص511) جمع أشرف عبد المقصود:
"قطرة الأنف إذا وصلت إلى المعدة أو إلى الحلق فإنها تفطر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث لقيط بن صبرة: (بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما) فلا يجوز للصائم أن يقطر في أنفه ما يصل إلى معدته، أو إلى حلقه وأما ما لا يصل إلى ذلك من قطرة الأنف فإنها لا تفطر.
وأما قطرة العين ومثلها أيضا الاكتحال وكذلك القطرة في الأذن فإنها لا تفطر الصائم " انتهى.
وعلى هذا فلا ينبغي للصائم استعمال هذه القطرة، إلا إن شق عليه تركها، فيستعملها ويحتاط في عدم بلع ما وصل إلى حلقه منها، فإن ابتلع منها شيئا قضى ذلك اليوم.
وإن علم أنه لابد أن يبتلع منها شيئا، فلا يجوز له استعمالها إلا أن يبلغ حد المرض الذي يبيح له الفطر، وهو الذي يضر معه الصوم أو يلحقه به مشقة يشق تحمّلها، وراجع السؤال رقم (50555) و (38532)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3047)
تأتيها الدورة عامة الشهر لضعف الغدد التناسلية
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك امرأة بعائلتي تعاني من أن الدورة تأتي لها عامة الشهر لأنها تعاني من ضعف في الغدد التناسلية وهي الآن تمارس العلاج وصادفنا شهر رمضان.. فهي تتساءل ماذا تفعل هل تصوم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من استمر عليها نزول الدم عامة الشهر فهي مستحاضة، فترد إلى عادتها إن كان لها عادة مستقرة معلومة قبل ذلك، فتجلس قدر عادتها، ثم تغتسل وتصلي وتصوم بقية الشهر حتى ولو كان الدم نازلاً، فإن لم يكن لها عادة منضبطة أو نسيتها، فإنها تعمل بالتمييز إن أمكن، فتميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة، باللون والرائحة والغلظ والخفة، فدم الحيض أسود أو غامق، وله رائحة كريهة، وهو غليظ بخلاف دم الاستحاضة.
فالأيام التي يكون فيها الدم بصفات دم الحيض تعتبر حيضا، وما عدا ذلك تعتبر طاهرا، فتصلي وتصوم.
فإن لم يمكنها التمييز بصفات الدم، فإنها تجلس ستة أيام أو سبعة أيام، لأن ذلك غالب الحيض عند النساء ثم تغتسل وتصلي وتصوم.
ومما جاء في السنة في شأن المستحاضة وأنها ترد إلى عادتها الأولى- إن كانت معلومة لديها-: ما رواه البخاري (319) عن عائشة رضي الله عنها: أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال: (لا، إن ذلك عرق، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي) .
ومما جاء في الاعتماد على التمييز ما رواه النسائي (215) وأبو داود (304) عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف، فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي، فإنما هو عرق) . وصححه الألباني في صحيح النسائي.
ومما جاء في جلوس المستحاضة ستة أيام أو سبعة أيام - إذا لم يكن لها عادة ولا تمييز-: ما رواه الترمذي (128) وأبو داود (287) عن حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره فقلت: يا رسول الله، إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما تأمرني فيها؟ قد منعتني الصيام والصلاة، فقال: إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي فإذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي أربعا وعشرين ليلة أو ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن) قال الترمذي: (وسألت محمدا [البخاري] عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن صحيح وهكذا قال أحمد بن حنبل هو حديث حسن صحيح) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3048)
هل يفطر وضع المرأة أحمر الشفاه أثناء الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع (الروج) الحُمرة في نهار رمضان؟ هل تفطر؟ علما بأن بعضها يكون له طعم بسيط، والبعض الآخر ليس له طعم، وبعض أنواع الروج تكون جافة، وبعضها تكون رطبة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جميع الأدهان التي توضع على الجلد الخارجي، سواء كانت نفاذة أو غير نفاذة، وسواء كانت للعلاج أو للترطيب، أو للزينة والتجمل أو غير ذلك ليست من المفطرات إلا إذا ابتلعها الصائم.
ومجرد وجود الطعم لا يؤثر في الصيام ما دام لم يصحبه ابتلاع شيء إلى المعدة.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله "مجموع الفتاوى" (15/260) :
ما حكم استعمال الكحل وبعض أدوات التجميل للنساء خلال نهار رمضان؟ وهل تفطر هذه أم لا؟
فأجاب:
" الكحل لا يفطر النساء ولا الرجال في أصح قولي العلماء مطلقا، ولكن استعماله في الليل أفضل في حق الصائم.
وهكذا ما يحصل به تجميل الوجه من الصابون والأدهان وغير ذلك مما يتعلق بظاهر الجلد، ومن ذلك الحناء والمكياج وأشباه ذلك، كل ذلك لا حرج فيه في حق الصائم، مع أنه لا ينبغي استعمال المكياج إذا كان يضر الوجه، والله ولي التوفيق " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم استعمال الصائم مرهماً لإزالة الجفاف عن الشفتين.
فأجاب:
" لا بأس أن يستعمل الإنسان ما يندِّي الشفتين والأنف من مرهم، أو يبله بالماء، أو بخرقة أو شبه ذلك، ولكن يحترز من أن يصل شيء إلى جوفه من هذا الذي أزال فيه الخشونة، وإذا وصل شيء من غير قصد فلا شيء عليه، كما لو تمضمض فوصل الماء إلى جوفه بلا قصد فإنه لا يفطر بهذا." انتهى.
في "مجموع الفتاوى" (19/224) .
وقال الشيخ ابن جبرين حفظه الله "فتاوى علماء البلد الحرام" (201) :
" لا بأس بدهن الجسم مع الصيام عند الحاجة، فإن الدهن إنما يبل ظاهر البشرة ولا ينفذ إلى داخل الجسم، ثم لو قدر دخوله المسام لم يعدَّ مفطِّرا " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3049)
حكم المداعبة بين الزوجين في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أقول لزوجي (أنا أحبك) وأنا صائمة؟ زوجي يطلب مني أن أقول له بأنني أحبه أثناء الصوم وقلت له بأن هذا لا يجوز ويقول هو بأنه يجوز.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فلا بأس من مداعبة الرجل لامرأته، أو المرأة لزوجها بالكلام في حال الصيام بشرط أن يأمنا على نفسيهما من الإنزال، فإن كانا لا يأمنان على نفسيهما من الإنزال كمن كان شديد الشهوة ويخشى أنه إذا داعب امرأته أن يفسد صومه بإنزال المني: فلا يجوز له فعل ذلك لأنه يعرض صومه للإفساد. وكذلك إذا كان يخشى خروج المذي (الشرح الممتع 6/390)
والدليل على جواز القبلة والمداعبة لمن يأمن على نفسه من الإنزال، ما رواه البخاري (1927) ومسلم (1106) عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرْبِهِ "، وفي صحيح مسلم (1108) عن عمرو بن سلمة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيقبل الصائم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سل هذه " – لأم سلمة – فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصنع ذلك ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وغير القبلة من دواعي الوطء كالضم ونحوه فنقول حكمها حكم القبلة ولا فرق ". أ. هـ من " الشرح الممتع " (6 /434) .
وبناء على هذا فمجرد قولك لزوجك أنك تحبينه أو قوله لك ذلك لا يضر الصيام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3050)
نزول المني بدون لذة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكو نزول السائل المنوي في أيام رمضان أثناء الصيام بدون أي احتلام أو ممارسة العادة السرية فهل في هذا تأثير على الصوم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكر فإن نزول المني منك بدون لذة في نهار رمضان لا يؤثر على صيامك وليس عليك القضاء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 278(5/3051)
حامل نزل عليها الدم في رمضان فهل تفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حامل وأصبت بنزيف في نهار رمضان وذهبت إلى الطبيبة وقامت بفحصي فحص داخلي وأعطتني إبرة لتثبيت الحمل وأخذت مني عينة دم للتحليل فهل صيامي صحيح؟ أم أنه بطل بفعل أحد هذه الأمور؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الأمور المذكورة من الفحص الداخلي، وإبرة تثبيت الحمل، وعينة تحليل الدم، لا تفطر الصائم؛ لأنها ليست من المفطرات المنصوص عليها، ولا هي في معناها فتلحق بها.
وأما النزيف، فقد اختلف العلماء في الحامل إذا نزل منها الدم هل يعتبر حيضا أم لا؟
وسبق في جواب السؤال (23400) أنه يعتبر حيضاً بشرط أن يكون مستمراً في وقته وشهره، أي: أنه نزل في موعد الحيض من الشهر وبعدد أيامه.
فإن نزل في غير موعد الحيض، أو كان الحيض انقطع شهراً ثم نزل الدم في الشهر الثاني فهذا لا يعتبر حيضا، فلا يؤثر على الصيام، وصيامك صحيح إن شاء الله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3052)
تشك في صحة صلاتها وصيامها
[السُّؤَالُ]
ـ[أخجل أن أطرح سؤالي من شدة قبح ما كنت أفعله ولا أحب حتى ذكره.
في الحقيقة أنني قبل عدة سنوات كنت أفعل أمرين قبيحين: الأول: هو أنني كنت مع إحدى قريباتي نداعب بعضنا واستمرينا على فعل هذا الأمر لمدة وبعد ذلك توقفنا.
والأمر الثاني: أنني كنت أعامل ابن جيراننا الصغير معاملة قاسية كنت أضربه مرات ومرات وأجعله يقبلني أو يلامس شيئا من أعضائي..لا أحب حتى تذكر هذه الأمور لأنني أشعر كم أنا سيئة وأنا نادمة جداً على فعل هذا الأمور.
ولي عدة أسئلة:
1- هل علي صيام تلك الأيام التي قمت فيها بتلك الأمور مع أنني لم أكن أعلم أنها تبطل صيامي وصلاتي؟
2- وهل علي أن أعيد أيضا الصلوات؟
3- أنا لا أتذكر إذا نزل شيء مني أم لا؟
4- أنا في حيرة وشك ولا أتذكر إذا فعلت هذه الأمور في رمضان أم لا؟
5- إذا وجب علي الصيام كيف أستطيع تقدير تلك الأيام لأنني حاولت جاهدة تقديرها ولكنني لا أتذكر متى فعلت تلك الأمور بالضبط.
6- متى تحاسب البنت على صيامها؟ هل بعد بلوغها؟ أقصد هل بعد أن تأتيها الدورة الشهرية أول مرة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نحمد الله تعالى أن وفقك إلى التوبة من هذه الأفعال المحرمة، ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك.
ثانيا:
لا يجب عليك قضاء شيء من الصلوات أو الصيام، وذلك للأسباب التالية:
1- أنك لم تكوني تعلمين أن ذلك يفسد الصيام والصلاة، والإنسان إذا فعل شيئا من المحرمات جاهلا فإنه يكون معذوراً، ولا يستحق العقاب على هذا الذنب، قال الله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/5، والجهل نوع من الخطأ، لأن الجاهل لم يتعمد ارتكاب المعصية والمخالفة.
انظري جواب السؤال (50017) ، (45648)
2- أنك لا تتيقنين نزول شيء منك، والمسلم إذا فعل عبادة من العبادات فالأصل أنه يُحكم بصحتها، ما لم يتيقن أنها كانت غير صحيحة، أما مجرد الشك فلا يبطل العبادة بعد فعلها.
ثالثا:
أما تكليف البنت بالصيام وغيره من الأحكام الشرعية، فيثبت ببلوغ البنت، وبلوغها يحصل إذا وجد أحد أربع علامات وهي:
1. بلوغ خمس عشرة سنة.
2. نبات الشعر الخشن حول القبل.
3. نزول المني.
4. نزول الحيض.
ولا يشترط اجتماع كل هذه العلامات، ولكن يكفي علامة واحدة فقط، لثبوت البلوغ.
وانظري جواب السؤال (21246)
ونسأل الله تعالى أن يوفقك ِ لكل خير، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3053)
كانت تمارس العادة السرية أثناء الصوم جهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسل إليكم برسالة خاصة بصديقتي فهي في حاجة لمن يدلها. وهى طفلة صغيرة تعرضت لاعتداء من أحد أصدقاء أبيها كان يأتي لينتظره وكان يجبرها على معاشرته وهي طفلة عمرها 5 سنوات كان تظن ذلك شيئاً جديداً. ولكن لا بد أنه شخص شاذ، أدى ذلك أنها كانت تفعل ذلك أثناء عمرها كله وهى لا تعرف شيئاً. فهل ذلك ما يسمى العادة السرية، وكان يأتيها هذه الحاجة أثناء الصيام وكانت تفعله فهي وقتها تكون مقيدة تريد أن تفعل ما تعودت علية طول العمر فهل صيام تلك الأيام لا يصح؟ وهل الكفارة أن تصوم فقط؟ حيث إنها لم تكن تعرف شيئاً اسمه العادة السرية. ادعوا لها بالشفاء
السؤال:
1-كيف تكفر عن هذا الذنب في الصيام
2- كيف تشفى من هذا الشيء
3- إنها تقرا القرآن قبل النوم وترى نفسها بحاجة لفعل ذلك مع العلم أن سنها 34 ولم تتزوج.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن يغفر لصديقتك وأن يتجاوز عنها، وأن يعافيها من هذا الداء، وأن يرزقها الزوج الصالح والذرية الصالحة، إنه ولي ذلك والقادر عليه سبحانه.
ثانيا:
ما فعله صديق والدها، جرم عظيم وجناية كبيرة في حق هذه الطفلة، وهو شذوذ قبيح، وظلم بيّن للأب وابنته، نسأل الله العافية، ولا إثم عليها فيما جرى لها؛ لعدم تكليفها آنذاك.
ومثل هذه المآسي يأخذ العاقل منها عبرة، فيجب على الرجل أن ينظر في أصدقائه الذين يأتمنهم على أسراره وأهل بيته، فقد يبدو بعضهم في صورة الصديق الناصح الأمين، وهو في حقيقة الأمر شيطان من شياطين الإنس، وقد نصحنا بذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: (لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنًا وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيٌّ) رواه الترمذي (2395) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
ثالثا:
المقصود بالعادة السرية أو الاستمناء: العبث بالأعضاء وإثارة الشهوة حتى يتم إنزال المنيّ، سواء كان ذلك باليد أو بغيرها، وهي عادة قبيحة وفعل محرَّم، وسبق بيان أدلة تحريمها في السؤال رقم (329) ، وفيه أيضاً إرشاد للعلاج من هذا الداء.
رابعا:
إذا مارس الصائم العادة السرية أثناء صومه، وخرج منه المني، فسد صومه في قول جمهور العلماء، لكن إن كان يجهل أن ذلك مفسد للصيام، فهل يفسد صومه ويجب عليه القضاء؟
فيه خلاف بين الفقهاء، ورجح جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أنه لا يفسد صومه، واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وتجدين ذلك مفصلا في الجواب رقم (50017)
وينبغي لهذه الأخت أن تكثر من الاستغفار وفعل الطاعات، وتجنب المحرمات، ولزوم الاستقامة، لعل الله أن يتجاوز عنها، كما وعد سبحانه بقوله: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82.
خامسا:
الزواج – كغيره من أمور العبد – يجري بقدر الله تعالى، ولا يُدرى أين الخير، في تأخره أم في تعجله؟ وعلى الإنسان أن يرضى ويسّلم ويتخذ الأسباب الجالبة للرزق والفرج، ومنها الدعاء والإنابة والطاعة، وراجعي السؤال رقم (21234)
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3054)
أعلن ردّته فراراً من الكفارة ثم تاب وندم!!
[السُّؤَالُ]
ـ[سأبدأ بطرح سؤالي مباشرة , والذي يؤرقني منذ مدة. عندما كنت في الخامسة عشر من عمري وفي إحدى ساعات نهار شهر رمضان المبارك استمنيت. وبعدها تداركت نفسي وصرت أبحث عن حكم الذنب الذي اقترفته , اعتقدت أن علي كفارة جماع , ولأني لا أستطيع لها جهدا فقلت لنفسي سأصبح كافرا, والعياذ بالله, ثم اسلم من جديد وبهذا سيغفر الله لي وتسقط عني الكفارة. وفعلا وكالمخبول قلت أنا الآن كافر وسأسلم غدا. والآن عمري ثلاثين سنة ولازلت أفكر في تلك الحادثة , وكلما أتذكرها أستغفر الله وأشهد أن لا إله إلا هو وأن محمدا عبده ورسوله. طوال عمري أصوم وصلي وإلى الآن والحمد لله. ولكن هل يجب إقامة الحد علي , وهو القتل, حتى يقبل الله توبتي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لم يزل الشيطان يزيِّن للإنسان الباطل ويستدرجه من حيث لا يشعر حتى يوقعه في أقبح القبائح وأكبر الكبائر (الشرك بالله) وهو يظن أنه بذلك يحسن إلى نفسه، وكيف يفر إنسان من صيام شهرين متتابعين إلى الكفر بالله العظيم الذي حرم الله تعالى الجنة على من لقيه به!!
إن مثل من يفعل ذلك كمثل المستجير من الرمضاء بالنار، فَرَّ من شيء فوقع فيما هو أقبح منه وأشد.
هذا، مع أن هذه الحيلة لا تنفعه في إسقاط ما وجب عليه، لأنه حيلة محرمة، بل هي أعظم المحرمات على الإطلاق، والقاعدة عند العلماء: (أن الحيلة لا تسقط واجباً ولا تبيح محرّماً)
وهل يضمن الإنسان أنه إذا أقدم على هذا الذنب العظيم أن الله سيهمله حتى يتوب ويرجع، أفلا يمكن أن تكون آخر لحظات حياته هي تلك التي أعلن فيها كفره والعياذ بالله. فيكون ممن حبطت أعماله في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.
أفلا يخشى أن يعاقبه الله تعالى على هذه الفعلة الشنيعة فيحول بينه وبين التوبة والرجوع إلى الإسلام (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) الصف/5.
والحاصل " أن الذي أقدمت عليه أمر عظيم تقشعرّ منه جلود الذين آمنوا، والحمد لله الذي وفقك للتوبة، ونرجو أن يكون الله تعالى قد قبِل توبتك وغفر لك ذنبك.
ومن تمام توبتك الإكثار من الأعمال الصالحة من ذكر الله تعالى وقراءة القرآن والاستغفار وتعلُّم العلم وتعليمه والصدقة. والدعوة إلى الله.. إلخ وأبواب الطاعات كثيرة، فاجتهد فيها يغفر الله لك. قال الله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82.
ثانياً:
عقوبة المرتد عن الإسلام هي القتل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) رواه البخاري (3017)
وجمهور العلماء (منهم الحنفية والشافعية والحنابلة) على أن هذه العقوبة تسقط عمن تاب ورجع إلى الإسلام، وهو الموافق لحالتك.
وانظر: " المغني" (9/18) ، و "شرح مسلم للنووي" (12/208)
ثالثاً:
وأما حكم الاستمناء في نهار رمضان فهو مفسد للصيام والواجب عليك هو قضاء هذا اليوم فقط، وليس كفارة الجماع، وقد سبق في جواب السؤال (50632) أن الكفارة في إفساد الصيام لا تجب إلا بالجماع.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3055)
استعمال التحاميل في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال التَّحاميل في نهار رمضان إذا كان الصائم مريضاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" لا بأس أن يستعمل الإنسان التحاميل التي تكون من دبره إذا كان مريضاً، لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب.
والشارع إنما حرّم علينا الأكل والشرب، فما قام مقام الأكل والشرب أعطي حُكم الأكل والشرب، وما ليس كذلك فإنه لا يدخل فيه لفظاً ولا معنى، فلا يثبت له حكم الأكل والشرب ".
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج/1 ص/502.(5/3056)
الأكل يصعد من معدته حتى الحنجرة فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة مع صيامي، وهو أنني مع بداية كل يوم صوم يحصل لي أن الأكل يصعد من المعدة حتى الحنجرة، وأحيانا كثيرة يتعدى الحنجرة، وهذا الأمر يومي، فماذا عليَّ أن أفعل؟ هل أعيد صيام تلك الأيام؟ مع العلم أن هذا الأمر يحدث يوميّاً في رمضان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خروج بقايا من الطعام أو شيء من السوائل من المعدة إلى الحلق ليس من فعل الإنسان، لكن قد يكون مرضاً، وقد يكون بسبب امتلاء المعدة بالطعام.
وهذا يسمى " القلَس " والواجب على من حصل له ذلك أن يخرجه من فمه إن استطاع، فإن لم يتمكن من إخراجه ورجع لمعدته: فلا حرج عليه، ولا يؤثر ذلك على صيامه.
قال ابن حزم رحمه الله:
"ولا يَنْقُضُ الصَّوْمَ قَلْسٌ خَارِجٌ مِنْ الْحَلْقِ , مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ رَدَّهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي فَمِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى رَمْيِهِ " انتهى.
" المحلى " (4 / 335) .
وانظر تفصيل هذه المسألة في جوابي السؤالين: (40696) و (12659) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3057)
الحقنة الشرجيّة هل تفطّر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الحقنة الشرجية التي يحقن بها المريض وهو صائم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحقنة الشرجية التي يحتقن به المرضى ضد الإمساك اختلف فيها أهل العلم، فذهب بعضهم إلى أنها مفطرة بناء على كل ما يصل إلى الجوف فهو مُفطّر، وقال بعضهم: إنها ليست مفطرة، وممن قال بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. يقول: إن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب.
والذي أرى: أن يُنظر إلى رأي الأطباء في ذلك، فإذا قالوا إن هذه كالأكل والشرب وجب إلحاقه به وصار مُفطراً، وإذا قالوا إنه لا يُعطي الجسم ما يعطي الأكل والشرب فإنه لا يكون مفطراً.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين 1 / 516(5/3058)
الرعاف إذا وصل للحلق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدم (الرعاف) الذي ينزل من الأنف إذا دخل الحلق ولو الأجزاء الصغيرة منه تفطَر الصائم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا وصل الدم إلى المعدة بغير اختيار من الصائم فإنه لا يفطر به؛ لقول الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة / 286، وجاء في الحديث أن الله قال: قد فعلت. أي تجاوزت عنكم.
أما إذا أمكنه أن يمنعه، أو يخرجه فلم يفعل وابتلعه عمداً فإنه يفطر، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: " وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ". أخرجه أبو داود (2366) ، والترمذي (788) والنسائي (87) وابن ماجه (407) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي (631)
قال الشيخ ابن عثيمين:
وهذا يدل على أن الصائم لا يبالغ في الاستنشاق ولا نعلم لهذا علة إلا أن المبالغة تكون سبباً لوصول الماء إلى المعدة وهذا مخل بالصوم، وعلى هذا فنقول: كل ما وصل إلى المعدة عن طريق الأنف فإنه مفطر.
الشرح الممتع (6 / 379) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3059)
نزول ماء الحمل في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد امرأة عليها شهر رمضان، وهي حامل في الشهر التاسع، وكان في بداية الشهر ينزل عليها ماء، وليس بدم، وهي تصوم أثناء نزول الماء عليها، وهذا حصل قبل عشر سنوات، سؤالي: هل على المرأة القضاء، علماً بأنها صامت هذه الأيام والماء يتسرّب منها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكرت فصيامها صحيح ولا قضاء عليها.
[الْمَصْدَرُ]
فتوى اللجنة الدائمة من كتاب الفتاوى الجامعة ج/1 ص/355.(5/3060)
حكم المضمضة حال الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[في حال الصوم هل يجوز وضع الماء في الفم عند الوضوء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المؤمن مأمور بإسباغ الوضوء، وبذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) رواه الترمذي (الصوم / 788) , وأبو داود 142 وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (631) .
أسبغ الوضوء: أي أكمله.
فنبَّه عليه الصلاة والسلام على تجنب المبالغة في المضمضة والاستنشاق حال الصوم حتى لا يؤدي ذلك إلى المحظور وهو دخول الماء في الجوف حال الصيام. أما مجرَّد المضمضة حال الصوم فليس فيها شيء إذا لم يدخل الماء في جوف الصائم.
ولذلك صح في الحديث أن عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ هَشَشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ قَالَ: (أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنْ الْمَاءِ وَأَنْتَ صَائِمٌ) قُلْتُ: لا بَأْسَ بِهِ قَالَ فَمَهْ) رواه أبو داود (الصوم / 2037) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (2089)
قال شارح الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم: (أَرَأَيْت لَوْ مَضْمَضْت مِنْ الْمَاء) : فِيهِ إِشَارَة إِلَى فِقْه بَدِيع وَهُوَ أَنَّ الْمَضْمَضَة لا تَنْقُض الصَّوْم وَهِيَ أَوَّل الشُّرْب.... والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3061)
أخبر بأن الحقن مفطّرة فأفطر ثم قضى فماذا عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد شاءت الأقدار الإلهية أن أصاب بمرض السل الرئوي، وبدأت العلاج بأخذ حقن يوميا لمدة سنة وأدوية أخرى مقسمة على 3 فترات يوميا. ولقد صادف العلاج دخول شهر رمضان المبارك، ورغم ذلك بدأت بصيام الشهر الكريم، وبعد مرور 15 يوما على الصيام توجهت كعادتي لأخذ العلاج-حقنة- من المركز الصحي وهنا سألني الممرض إن كنت أصوم، فكان جوابي بالإيجاب، فكان رده أن قال*من اليوم أفطر**وتبعا لذلك أفطرت ما بقي من الصيام. وقمت بعد ذلك بقضاء الأيام التي أفطرتها. وبعد معرفتي بأن الحقن لا تفطر، أصبت بالندم وبالذنب الكبير رغم أن نيتي واضحة في إتمام صيام ذلك الشهر رغم مرضي. وألوم كثيرا ذلك المعالج-الممرض- الذي أوصاني بإفطار ما بقي من الصيام. أرجوكم إفادتي بموقف الشريعة الإسلامية من ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الحقن التي يتناولها المريض على نوعين:
الأول: ما كان منها مغذيا، فهذه تفطر الصائم إذا تعمد استعمالها.
والثاني: ما ليس مغذيا، فلا أثر لها على الصوم، سواء أُخذت عن طريق الوريد أو العضل، في أصح قولي العلماء؛ لأنها ليست أكلا ولا شربا ولا في معنى الأكل والشرب.
وانظر السؤال رقم (49706) (65632) ، ففيهما نقل لشيء من فتاوى أهل العلم في هذه المسألة.
ولعل هذا الممرّض أخذ بقول من يرى أن الحقن تفطر الصائم إذا وصلت إلى الجوف.
وعلى كل حال، فكونك أفطرت بناء على كلامه، ثم قضيت ما فاتك، فقد أديت ما عليك، ولا يلزمك شيء آخر.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة دهنت شعرها ثم أخبرتها أختها بأن ذلك مفطّر، فأفطرت ثم قضت، فأجاب: (الإجابة على هذا السؤال من وجهين: الوجه الأول: هذه المرأة التي أفتتها بلا علم، فإن ادهان المرأة وهي صائمة لا يبطل الصوم ...
أما الوجه الثاني: من جهة هذه المرأة التي أفتيت بغير علم فأفطرت ثم قضت بناء على هذه الفتوى فإنه لا شيء عليها الآن؛ لأنها أدت ما يجب عليها) انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/226) .
ثانيا:
ورد في سؤالك، قولك: (شاءت الأقدار الإلهة) ، وهذا خطأ شائع، فإن الأقدار لا مشيئة لها، والصواب أن يقال: شاء الله، أو قَدَّر الله.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن قول: " شاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا "، " وشاءت الأقدار كذا وكذا "؟
فأجاب: (قول: " شاءت الأقدار "، و " شاءت الظروف " ألفاظ منكرة، لأن الظروف جمع ظرف وهو الزمن، والزمن لا مشيئة له، وكذلك الأقدار جمع قدر، والقدر لا مشيئة له، وإنما الذي يشاء هو الله عز وجل، نعم لو قال الإنسان: " اقتضى قدر الله كذا وكذا ". فلا بأس به. أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار لأن المشيئة هي الإرادة، ولا إرادة للوصف، إنما الإرادة للموصوف) انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (3/113) .
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، ويزيدك فقها وعلما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3062)
هل نزول بقايا طعام في جوفه دون إرادته يفطره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أضع مقوماً للأسنان بعد تناول السحور، لم أنتبه إلى علق بعض بقايا الطعام في المقوم بعد غسل أسناني، مما أدى إلى نزول قطعة في الحلق، وإخراجي قطعة أخرى، فهل يجب عليَّ القضاء أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي على المسلم الذي نوى الصوم أن ينظف أسنانه - ليلاً - مما قد يكون علق بها أو بينها من طعام، وعليه أن يحسن المضمضة في وضوئه لتزيل ما علق بالأسنان من طعام.
ومن ابتلع بقايا الطعام التي بين أسنانه باختياره مع استطاعته إخراجها، فإنه يفطر بذلك، أما إذا ابتلعها من غير اختيار منه، كما لو جرت مع ريقه إلى حلقه ولم يستطع ردها، فصيامه صحيح ولا شيء عليه.
قال النووي رحمه الله:
"قال أصحابنا – أي: الشافعية -: إذا بقي في خلل أسنانه طعام: فينبغي أن يخلله في الليل، وينقي فمه، فإن أصبح صائماً وفي خلل أسنانه شيء فابتلعه عمداً: أفطر بلا خلاف عندنا، وبه قال مالك وأبو يوسف وأحمد ... .
ودليلنا في فطره: أنه ابتلع ما يمكنه الاحتراز عنه، ولا تدعو حاجته إليه، فبطل صومه، كما لو أخرجه إلى يده ثم ابتلعه ... .
أما إذا جرى به الريق فبلعه بغير قصد: فاختلف نقل الأصحاب عن الشافعي، فنقل بعضهم أنه يفطر، ونقل بعضهم أنه لا يفطر، والصحيح الذي قاله الأكثرون أنهما على حالين: فحيث قال " لا يفطر ": أراد إذا لم يقدر على تمييزه ومجِّه، وحيث قال " يفطر ": أراد إذا قدر فلم يفعل وابتلعه" انتهى بتصرف.
" المجموع " (6 / 317) .
وانظر جواب السؤال رقم (78438) ففيه كلام نفيس لابن قدامة، وانظر – أيضاً – جواب السؤال رقم (22981) ففيه ضوابط نافعة لمعرفة ما يفطر به الصائم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3063)
نزول الدم بسبب عملية هل يمنع الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ولدت قبل أكثر من شهرين، ولم ينقطع دم النفاس إلى الآن، فاكتشفت طبيبة السونار وجود قطعة من مشيمة الطفل، فقمت بعملية لإزالتها، وهذا بعد مرور الأسبوع الأول من رمضان، وأنا لم أصم إلا بعد العملية، رغم أن الدم لم ينقطع، فماذا أفعل الآن؟ وهل صومي صحيح؟ وهل يمكن الجماع الآن والدم قليل جدّاً الآن بعد العملية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أقصى مدة للنفاس هي أربعون يوماً، وبعدها تكون المرأة طاهراً، تصلي وتصوم ويأتيها زوجها ولو نزل الدم، وهذا الدم النازل بعد الأربعين يكون نزيفا وليس نفاساً.
وقد سبق بيان ذلك بأدلته في جواب السؤال رقم (10488) .
وعلى هذا، فصومك بعد إجراء العملية صحيح، ولو كان الدم نازلاً.
وعليك قضاء الأسبوع الأول من رمضان الذي لم تصوميه.
وأما الصلوات التي تركتيها بعد الأربعين يوماً، فلا يلزمك قضاؤها إن شاء الله تعالى.
وانظري جواب السؤال رقم (45648) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3064)
تذوق الطعام للحاجة وابتلاعه نسياناً
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلبت مني زوجتي مساعدتها في تحضير الإفطار وأثناء قيامي بمساعدتها تذوقت ملح الطعام ناسياً 0 فهل أفطرت بذلك لأنني قمت بعمل ليس واجب علي شرعاً ولا عرفاً 0 هذا والله يحفظكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على الصائم في تذوق الطعام للحاجة، بأن يجعله على طرف لسانه، ثم يمجه ويخرجه من فيه ولا يبتلع منه شيئا، سواء كان الصائم رجلا أو امرأة.
فإن ابتلع الصائم منه شيئا ناسيا، فلا شيء عليه، وليتم صومه؛ وذلك لعموم الأدلة الدالة على عذر الناسي في الشريعة، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه ". متفق عليه، البخاري 1399 ومسلم 1155.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3065)
حكم صيام من فكّر فأنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الرجل جالساً ثم فكّر، ثم نام ثم أنزل هو صائم في نهار رمضان فهل يفسد صيامه، وهل يقضي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من فكّر فأنزل، أو احتلم فأنزل لم يفسد صومه، وعليه غسل الجنابة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته أم سليم: هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء.
وهكذا الرجل في الحكم. ولقوله عليه الصلاة والسلام: (الماء من الماء) , أما الصوم فصحيح، لأن الاحتلام ليس باختياره. وهكذا التفكير مما عفا الله عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ ما حدّثت به أنفسها ما لم تتكلّم أو تعمل)
.. وهذا كلّه لطف من الله.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن باز ج/1 ص/243.(5/3066)
جامع زوجته من غير إنزال في نهار رمضان جاهلاً تحريم ذلك، ولا يغتسل بعد الجماع
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت قبل تسع سنوات
- خلال السنة الأولى من الزواج كنت أداعب زوجتي أثناء نهار رمضان ويتخلل ذلك جماع لها , جهلاً مني بتحريم ذلك حيث كنت أعتقد انه إذا لم يحصل إنزال فلا يفسد الصوم.
- بعد السنة الأولى لم اكرر ما فعلت مره أخرى , وذلك كي أبعد نفسي عن الشبهات.
- منذ أن تزوجت إلى الآن كنت أكرر ما حصل خلال السنة الأولى من مداعبة لزوجتي ولكن خلال ليل رمضان وباقي أيام السنة سواء ليل أو نهار ويتخلل ذلك الجماع من غير إنزال ولا أغتسل اعتقادا ًمني انه إذا لم يحصل إنزال فلا يوجب الغسل.
ارجوا التكرم بالإجابة مع الأخذ بعين الاعتبار أن ما حصل هو جهل مني مع توضيح ما يلزمني أنا وزوجتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هنا في السؤال مسألتان:
الأولى: جماع الصائم.
الثانية: أحكام من جامع ولم يغتسل.
أولاً:
جماع الصائم لزوجته في نهار رمضان لو حالان:
الحال الأولى: أن يعتقد أن الجماع بدون إنزال غير محرَّم في نهار رمضان. فجامع وهو جاهل للحكم.
الحالة الثانية: أن يعلم أن الجماع حرام ولكنه لا يعرف العقوبة.
أما الحالة الأولى فقد قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" القول الراجح أن من فعل مفطراً من المفطرات أو محظوراً من المحظورات في الإحرام أو مفسداً من المفسدات في الصلاة وهو جاهل فإنه لا شيء عليه، لقول الله تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) فقال الله: قد فعلت.
فهذا الرجل الذي أتى أهله في نهار رمضان إذا كان جاهلاً بالحكم، يظن أن الجماع المحرَّم هو ما كان فيه إنزال فإنه لا شيء عليه.
وأما الحال الثانية فإن كان يدري أن الجماع حرام ولكنه لا يعرف أن فيه الكفارة فإن عليه الكفارة، لأن هناك فرقاً بين الجهل بالحكم وبين الجهل بالعقوبة، فالجهل بالعقوبة لا يُعذر به الإنسان، والجهل بالحكم يعذر به الإنسان.
ولهذا قال العلماء: لو شرب الإنسان مسكراً يظنُّ أنه لا يُسكر أو يظن أنه ليس بحرام فإنه ليس عليه شيء، ولو علم أنه يسكر وأنه حرام ولكن لا يدري أنه يُعاقب عليه، فعليه العقوبة ولا تسقط عنه، وبناء عليه نقول للسائل ما دمت لا تدري أنه يحرم عليك الجماع بدون إنزال فإنه لا شيء عليك ولا على زوجتك إذا كانت مثلك في الجهل.
ثانياً: أثر هذا الفعل على الصيام والصلاة.
أما الصيام فلا أثر للجنابة فيه، إذ أن الجنب يصح صومه، لكن ترك الغسل للصلاة هو المشكلة، فالصلاة لا تصح بدون اغتسال لبقاء الجنابة وأكثر العلماء على أنه يجب على هذا الإنسان أن يقضي جميع الصلوات التي لم يغتسل لها لكن من المعلوم أن هذا الرجل سوف يجامع فيحصل إنزال فيغتسل.
إلا أنه قد يخفى عليه مقدار ما حصل فيه الخلل مما اغتسل له فنقول له تحرّ واقض احتياطاً وإذا كنت لا تعلم عن هذا شيئاً ولم يخطر ببالك أن الجماع المجرد عن الإنزال يوجب الغسل فنرجو أن لا يكون عليك شيء، أي أن لا يكون عليك قضاء لكن عليك التوبة، والاستغفار من التفريط في ترك السؤال.
الشيخ ابن عثيمين، اللقاء الشهري
ويراجع جواب سؤال رقم (9446) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3067)
الضابط في المفطرات التي تفطّر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[فيمن يطحن الحبوب إذا تطاير إلى حلقه شيء من جرّاء ذلك وهو صائم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إنه لا يجرح صومهم، وصومهم صحيح، لأن تطاير هذه الأشياء بغير اختيارهم، وليس لهم قصد في وصولها أجوافهم، وأحب بهذه المناسبة أن أبيّن أن المفطرات التي تُفطر الصائم من الجماع والأكل والشرب وغيرها لا يفطر بها الصائم إلا بثلاثة شروط:
أولاً: أن يكون عالماً فإن لم يكن عالماً لم يُفطر. لقول الله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم) الأحزاب/5، ولقوله: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) البقرة/286 فقال الله: (قد فعلت) . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) ، والجاهل مخطئ، ولو كان عالماً ما فعل. فإذا فعل شيئاً من المفطرات جاهلاً فلا شيء عليه وصومه تام وصحيح سواء كان جهله في الحكم أم بالوقت.
مثال جهله بالحكم: أن يتناول شيئاً من المُفطرات يظنّ أنه لا يفطر، كما لو احتجم يظنّ أن الحجامة لا تُفطّر فنقول صومك صحيح ولا شيء عليك. إلى غير ذلك من الأمور التي تقع للمرء بغير اختياره، فإنه لا حرج عليه ولا يُفطر بذلك لما ذكرنا.
والخلاصة أن جميع المفطرات لا يفطر بها الإنسان إلا بشروط ثلاثة:
أولاً: أن يكون عالماً.
ثانياً: أن يكون ذاكراً.
ثالثاً: أن يكون مختاراً. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج/1 ص/ 508.(5/3068)
إذا بلع بعض أجزاء جِلده فهل يفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا أكلت قطعة من جلدي صغيرة أصغر من ربع الظفر فهل هذا سيفطرني؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للصائم أن يُدخل إلى جوفه شيئا من أكل أو شراب أو دواء، والأكل هو إدخال جامد إلى المعدة عن طريق الفم، ولو كان ضارا أو غير نافع كحصاة أو ظفر أو جلدة أو غير ذلك , وهذا قول الأئمة الأربعة لا يعرف بينهم خلاف.
انظر: "حاشية ابن قاسم على الروض المربع" (3/389) .
قال الشيرازي الشافعي رحمه الله:
" ولا فرق بين أن يأكل ما يؤكل وما لا يؤكل , فإن استف تراباً أو ابتلع حصاةً أو درهماً أو ديناراً: بطل صومه؛ لأن الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف , وهذا ما أمسك ; ولهذا يقال: فلان يأكل الطين ويأكل الحجر " انتهى.
وعلق النووي رحمه الله عليه فقال:
" قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: إذا ابتلع الصائم ما لا يؤكل في العادة كدرهم ودينار أو تراب أو حصاة، أو حشيشاً أو حديداً أو خيطاً أو غير ذلك: أفطر بلا خلاف عندنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف " انتهى.
" المجموع " (6 / 340) .
وعليه، فابتلاع هذه القطعة من الجلد يعتبر مفسدا للصيام، لكن من ابتلعها من غير قصد منه ولا تعمد، فصيامه صحيح ولا شيء عليه.
قال علماء اللجنة الدائمة:
" وإذا كان في لثته قروح أو دميت بالسواك: فلا يجوز ابتلاع الدم، وعليه إخراجه، فإن دخل حلقه بغير اختياره ولا قصده: فلا شيء عليه، وكذلك القيء إذا رجع إلى جوفه بغير اختياره فصيامه صحيح " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 254) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3069)
مريضة وتشعر بنزول دم في حلقها فماذا تصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مصابة بمرض " تكسر خلايا الدم "، وعند صومها تشعر بطعم دم في حلقها وتتعرض لهذا الأمر ليس بشكل دائم ولكن غالباً، وعندما تقضي صومها يحصل لها نفس الأمر، فما عساها أن تفعل في صومها؟ وهل يفطِّر طعم الدم في الحلق أو إذا دخل منه شيء غلبة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي أن يعلم المريض الذي رُخص له بالإفطار أنه يُكره له الصوم إن كان يشق عليه، ويحرم عليه إن كان يضره، وقد رخص الله تعالى له بالفطر فلا يجوز له أن يشق على نفسه، ولا يحل له التسبب بضرر نفسه.
وبلع الدم من المفطرات، لكن من دخل في حلقه شيء من الدم بغير اختيار ولا قصد فلا شيء عليه ولا يفطر بذلك، فإن تعمد بلعه فإنه يفطر بذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" فإن سال فمه دماً , فازدرده (يعني ابتلعه) أفطر , وإن كان يسيراً ; لأن الفم في حكم الظاهر , والأصل حصول الفطر بكل واصل منه , لكن عفي عن الريق ; لعدم إمكان التحرز منه , فما عداه يبقى على الأصل , وإن ألقاه من فيه , وبقي فمه نجساً أو تنجس فمه بشيء من خارج , فابتلع ريقه: فإن كان معه جزء من المنجس أفطر بذلك الجزء , وإلا فلا " انتهى. " المغني " (3 / 36) .
وقال علماء اللجنة الدائمة:
" وإذا كان في لثته قروح أو دميت بالسواك: فلا يجوز ابتلاع الدم، وعليه إخراجه، فإن دخل حلقه بغير اختياره ولا قصده: فلا شيء عليه، وكذلك القيء إذا رجع إلى جوفه بغير اختياره فصيامه صحيح " انتهى. " فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 254) .
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: هل يفطر الإنسان بخروج الدم عند قلع الضرس؟
فأجاب:
" خروج الدم من قلع الضرس لا يؤثر ولا يضر الصائم شيئاً، ولكن يجب على الصائم أن يتحرز من ابتلاع الدم؛ لأن الدم خارج طارىء غير معتاد، يكون ابتلاعه مفطراً، بخلاف ابتلاع الريق فإنه لا يفطر، فعلى الصائم الذي خلع ضرسه أن يحتاط وأن يحترز من أن يصل الدم إلى معدته؛ لأنه يفطر، لكن لو أن الدم تسرب بغير اختياره، فإنه لا يضره؛ لأنه غير متعمد لهذا الأمر " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 213) .
وقال الشيخ رحمه الله أيضاً:
" إذا كان في الإنسان نزيف من أنفه وبعض الدم ينزل إلى جوفه وبعض الدم يخرج، فإنه لا يفطر بذلك؛ لأن الذي ينزل إلى جوفه ينزل بغير اختياره، والذي يخرج لا يضره " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 328) .
والخلاصة: أنه يستحب لها الفطر إن كان الصوم يشق عليها، ويجب عليها إن كان الصوم يضرها، وفي حال فطرها: عليها القضاء إن كانت تستطيع القضاء، وإن كانت لا تستطيع القضاء، فعليها الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم.
ونسأل الله رب العالمين أن يكتب لها الأجر على صبرها، وأن يشفيها ويعافيها عاجلاً غير آجل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3070)
المراسلة بين الجنسين وأثرها على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إذا أنا راسلت صديقتي على النت في رمضان طالما في حدود الاحترام وهي تفتح الكاميرا وأنا أراها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: من المقاصد الضرورية في الشريعة الإسلامية: حفظ النسل والأعراض؛ من أجل ذلك حرّم الله الزنا، وحرم وسائله التي قد تفضي إليه، من خلوة رجل بامرأة أجنبية منه، ونظرة آثمة، وسفر بلا محرم، وخروج المرأة من بيتها معطرة متبرجة كاسية عارية.
ومن ذلك: حديث الرجل الخادع مع المرأة، وخضوعها له بالقول إغراء له وتغريراً به، وإثارة لشهوته، وليقع في حبالها، سواء كان ذلك عند لقاء في طريق، أو في محادثة هاتفية، أو مراسلة كتابية، أو غير ذلك.
وقد حرم الله على نساء رسوله صلى الله عليه وسلم - وهن الطاهرات - أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وأن يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وأمرهن أن يقلن قولاً معروفاً، قال الله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) الأحزاب/32. راجع سؤال رقم (10221) .
والمحادثات والمراسلات بين الرجل والمرأة، عن طريق النت هي باب من أبواب الفتنة والشر، وذلك لما يترتب على هذه المحادثات من تساهل في الحديث يدعو إلى الإعجاب والافتتان غالبا، ولهذا فإن الواجب هو الحزم والابتعاد عن ذلك، ابتغاء مرضاة الله، وحذرا من عقابه.
وكم جَرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء، حتى أوقعتهم في عشق وهيام، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك. راجع سؤال رقم (34841) .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين: ما حكم المراسلة بين الشبان والشابات علما بأن هذه المراسلة خالية من الفسق والعشق والغرام؟
فأجاب:
" لا يجوز لأي إنسان أن يراسل امرأة أجنبية عنه؛ لما في ذلك من فتنة، وقد يظن المراسل أنه ليست هناك فتنة، ولكن لا يزال به الشيطان حتى يغريه بها، ويغريها به. وقد أمر صلى الله عليه وسلم من سمع بالدجال أن يبتعد عنه، وأخبر أن الرجل قد يأتيه وهو مؤمن ولكن لا يزال به الدجال حتى يفتنه.
ففي مراسلة الشبان للشابات فتنة عظيمة وخطر كبير يجب الابتعاد عنها وإن كان السائل يقول: إنه ليس فيها عشق ولا غرام " انتهى.
"فتاوى المرأة" جمع محمد المسند (ص 96) .
ثانياً:
الصائم مأمور بتقوى الله تعالى، وفعل ما أمر، واجتناب ما نهى عنه.
فليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، وإنما المقصود تحقيق تقوى الله تعالى (لعلكم تتقون) ، وتهذيب النفس، والتخلي عن رذائل الأعمال، وسفاسف الأخلاق، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث) رواه الحاكم، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5376) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم (50063) بيان أثر المعاصي على الصوم وأنها قد تذهب ثوابه بالكلية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3071)
ابتلاع بقايا الطعام في فمه أثناء النهار
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يستيقظ الشخص في الصباح وهو صائم وكانت في فمه بقايا من سحوره فما الحكم إذا ابتلعه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لاشك أن الأكل من مفسدات الصيام، قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) البقرة/187.
ومعلوم عند المسلمين أن الصيام هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع، وسائر المفطرات. "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (25/219) .
والأكل هو إيصال جامد إلى المعدة عن طريق الفم.
انظر: "حاشية ابن قاسم على الروض المربع" (3/389) .
ولا يشترط في هذا الأكل أن يكون نافعاً أو كثيراً، بل لو ابتلع شيئا لا ينتفع به (خرزة مثلا) أو ابتلع شيئا قليلا، فإنه يكون قد أفطر وأفسد صيامه.
وابتلاع بقايا الطعام التي تكون بين الأسنان يعتبر أكلا فيكون مفسدا للصيام.
وهذا إذا ابتلعها الصائم مختاراً.
بحيث تمكن من إخراجها ولكنه ابتلعها عمدا، أما إذا سبقت إلى حلقه وابتلعها ولم يتمكن من إخراجها فلا حرج عليه وصيامه صحيح، لأنه يشترط في جميع مفسدات الصيام أن يفعلها الصائم مختاراً، فإن فعلها مكرهاً بغير اختياره فصومه صحيح ولا شيء عليه.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22981) .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/260) :
" ومن أصبح بين أسنانه طعام ; لم يخل من حالين:
أحدهما: أن يكون يسيرا لا يمكنه لفظه , فازدرده (أي ابتلعه) , فإنه لا يفطر به ; لأنه لا يمكن التحرز منه , فأشبه الريق , قال ابن المنذر: أجمع على ذلك أهل العلم.
الثاني: أن يكون كثيرا يمكن لفظه , فإن لفظه فلا شيء عليه , وإن ازدرده عامدا , فسد صومه في قول أكثر أهل العلم، لأنه بلع طعاما يمكنه لفظه باختياره , ذاكرا لصومه , فأفطر به , كما لو ابتدأ الأكل " انتهى بتصرف يسير.
وخلاصة الجواب:
أنه إذا تمكن من إخراجها ولكنه لم يفعل وابتلعها فقد أفسد صيامه، وإذا ابتلعها بغير اختياره فصومه صحيح ولا شيء عليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3072)
هل يجوز الجماع خلال شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الجماع خلال شهر رمضان؟ وهل يجوز الجماع في ليالي رمضان والاستحمام قبل السحور؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الجماع خلال نهار رمضان حرام على الرجل والمرأة الواجب عليهما الصوم فيه، وفي فعله إثم وكفارة، والكفارة هي: عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكتُ، قال: ما لك؟ قال: وقعتُ على امرأتي وأنا صائم [في رمضان] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، فقال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا، قال: فمكث النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فبينا نحن على ذلك أُتي النَّبي صلَّى الله عليه وسلم بعَرَق – أي: قفة كبيرة – فيها تَمْر، قال: أين السائل؟ فقال: أنا، قال: خذها فتصدَّق به، فقال الرجل: أعلَى أفقر منِّي يا رسول الله؟ فو الله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك.
رواه البخاري (1834) و (1835) ومسلم (1111) .
ثانياً:
وأما الجماع في ليالي رمضان فجائز غير ممنوع، وتستمر الإباحة إلى وقت دخول الفجر، فإن طلع الفجر حرُم الجماع.
قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} البقرة / 187.
والآية نص على إباحة الأكل والشرب والجماع في ليالي رمضان إلى الفجر.
ويجب بعد الجماع الاغتسال ثم صلاة الفجر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3073)
الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا استمنى الرجل أو قبل امرأته حتى أنزل المني، ولكنه لم يجامع، فهل يفسد صومه بهذا، وماذا يجب عليه، وهل لذلك كفارة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الاستمناء محرم، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (329) وهو في رمضان أشد تحريما.
ثانياً:
الاستمناء وكذلك مباشرة المرأة وتقبيلها حتى إنزال المني مفسد للصيام، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الفعل المحرم، ويقضي يوماً مكان هذا اليوم الذي أفسده، ولا تجب عليه كفارة، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع في نهار رمضان.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/363) : " وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا , وَلا يَفْسُدُ صَوْمُهُ بِهِ إلا أَنْ يُنْزِلَ , فَإِنْ أَنْزَلَ فَسَدَ صَوْمُهُ " انتهى.
وقال أيضا (4/361) : " إذَا قَبَّلَ (أي زوجته) فَأَمْنَى فَيُفْطِرَ بِغَيْرِ خِلافٍ نَعْلَمُهُ " انتهى.
وقال النووي في "المجموع" (6/349) :" إذَا قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِذَكَرِهِ أَوْ لَمَسَ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا , فَإِنْ أَنْزَلَ الْمَنِيَّ بَطَلَ صَوْمُهُ وَإِلا فَلا , وَنَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الإِجْمَاعَ عَلَى بُطْلانِ صَوْمِ مَنْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ " انتهى باختصار.
وقال في "بداية المجتهد" (1/382) : " كلهم يقولون: ـ يعني الأئمة ـ أن من قبل فأمنى فقد أفطر " انتهى.
وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (3/296) :
" لا أعلم أحدا أرخص في القبلة للصائم إلا وهو يشترط السلامة مما يتولد منها، وأن من يعلم أنه يتولد عليه منها ما يفسد صومه وجب عليه اجتنابها " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (ص 237) : " ولا يحل لإنسان أن يداعب زوجته إذا عرف من نفسه أنه ينزل بهذه المداعبة، لأن بعض الناس يكون سريع الإنزال فبمجرد ما يداعب المرأة، أو يقبلها مثلاً أو ما أشبه ذلك ينزل. فنقول لهذا الرجل: لا يحل لك أن تداعب امرأتك ما دمت تخشى أن تنزل " انتهى.
وقال أيضاً في "الشرح الممتع" (6/234-235) :
" إذا طلب خروج المني بأي وسيلة، سواء بيده، أو بالتدلك على الأرض، أو ما أشبه ذلك حتى أنزل، فإنّ صومه يفسد بذلك، وهذا ما عليه الأئمة الأربعة رحمهم الله مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد.
وأبى الظاهرية ذلك وقالوا: لا فطر بالاستمناء ولو أمنى، لعدم الدليل من القرآن والسنة على أنه يفطر بذلك، ولا يمكن أن نفسد عبادة عباد الله إلا بدليل من الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
ولكن عندي والله أعلم أنه يمكن أن يستدل على أنه مفطر من وجهين:
الوجه الأول النص: فإن في الحديث الصحيح أن الله سبحانه وتعالى قال في الصائم: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) والاستمناء شهوة، وخروج المني شهوة، والدليل على أن المني يطلق عليه اسم شهوة قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟ كذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) والذي يوضع هو المني.
الوجه الثاني: القياس، فنقول: جاءت السنة بفطر الصائم بالاستقاء إذا قاء، وبفطر المحتجم إذا احتجم وخرج منه الدم، وكلا هذين يضعفان البدن.
أما خروج الطعام فواضحٌ أنه يضعف البدن؛ لأن المعدة تبقى خالية فيجوع الإنسان ويعطش سريعاً.
وأما خروج الدم فظاهر أيضاً أنه يضعف البدن، وخروج المني يحصل به ذلك فيفتر البدن بلا شك، ولهذا أمر بالاغتسال ليعود النشاط إلى البدن، فيكون هذا قياساً على الحجامة والقيء.
وعلى هذا نقول: إن المني إذا خرج بشهوة فهو مفطر للدليل والقياس " انتهى باختصار.
وبهذين الدليلين: قضاء الشهوة، وإضعاف البدن، استدل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أن الاستمناء مفسد للصيام. انظر "مجموع الفتاوى" (25/251) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" الاستمناء في نهار الصيام يبطل الصوم إذا كان متعمدا ذلك وخرج منه المني، وعليه أن يقضي إن كان الصوم فريضة، وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الاستمناء لا يجوز لا في حال الصوم ولا في غيره، وهو التي يسميها الناس العادة السرية " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/267) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (10/256) :
" الاستمناء في رمضان وغيره حرام، لا يجوز فعله؛ لقوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) ، وعلى من فعله في نهار رمضان وهو صائم أن يتوب إلى الله، وأن يقضي صيام ذلك اليوم الذي فعله فيه، ولا كفارة؛ لأن الكفارة إنما وردت في الجماع خاصة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3074)
عدوان على طفلة، تتأثر به حياتها ثلاثين عاما!!
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرضت صديقتي وهي طفلة صغيرة لاعتداء من أحد أصدقاء أبيها كان يأتي لينتظره، وكان يجبرها على معاشرته وهي طفلة عمرها 5 سنوات، كانت تظن ذلك شيئاً جديداً لا أستطيع الوصف بالضبط ولكنه لا بد أنه شخص شاذ، خلق عندها إحساس باللذة الجنسية أدى ذلك أنها كانت تفعل ذلك أثناء عمرها كله وهي لا تعرف شيئاً، فهل ذلك ما يسمَّى العادة السرية؟ وكانت تأتيها هذه الحاجة أثناء الصيام، وكانت تفعله، فهي وقتها تكون مقيدة تريد أن تفعل ما تعودت عليه طول العمر، فهل صيام تلك الأيام لا تجوز؟ وهل الكفارة أن تصوم فقط حيث إنها لم تكن تعرف شيئاً اسمه العادة السرية؟ ادع لها بالشفاء. السؤال: 1. كيف تكفر عن هذا الذنب في الصيام؟ . 2. كيف تشفى من هذا الشيء؟ . إنها تقرأ القرآن قبل النوم وترى نفسها بحاجة لفعل ذلك مع العلم أن سنها 34 ولم تتزوج.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا شك أن ما فعله هذا الخائن الغادر بالفتاة أمرٌ منكر، وهو من كبائر الذنوب، وهذا من نتائج تساهل الأسر وتفريطها في الأمور الشرعية، من حيث سماحهم للأجنبي بدخول المنزل في حال غياب رب البيت، ومن حيث تساهلهم في الخلوة المحرمة بين الرجال والنساء، ومن حيث ظهور البنات أو النساء بزينتهن أمام الرجال الأجانب، وهو بالضبط ما حدث مع صديقتكِ وذلك الخسيس الذي مُكِّن من دخول البيت بغياب والد الفتاة، وظهور الفتاة عليه وحدها، وهو ما مكَّنه من فعل تلك الأعمال الخسيسة بها.
وهذا وغيره كثير من نتائج التساهل والتفريط في المنهيات الشرعية، ولم ينه الشرع عن أمرٍ إلا لحكَم بالغة، وبالتأمل فيها تجد أنها لحفظ الأعراض والأموال والأنساب والدين والعقل، وهي الضرورات الخمس التي جاءت الشرائع كلها لحفظها.
ثانياً:
العادة السرية هي استثارة الإنسان نفسه بنظرٍ أو احتكاك حتى ينزل المني، وهي من الأفعال المحرَّمة، وقد أوضحنا ذلك في جوابنا على السؤال (329) فليراجع.
فأبلغي صديقتكِ أنه يجب عليها التوبة من هذا الفعل بالإقلاع عنه، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه.
وعلاج هذه العادة السيئة المحرَّمة يكون بوقوفها على آثارها المدمرة، ويكون بالأخذ بالوصايا والنصائح الشرعية.
فانصحيها بغض البصر عن النظر إلى الرجال، فالنظرة المحرَّمة سهم من سهام الشيطان وأن تبتعد عن المبيت أو العيش وحدها، وأن تكثر من الصيام؛ ففيه تهذيب للنفس وغض للبصر وحفظ للفرج، والإكثار من الذكر والاستغفار والتسبيح، والدعاء بصدق أن يُبعدها الله عن المحرمات وطرقها، ولا بدَّ لها من صحبة صالحة تعينها على طاعة الله تعالى، وتدلها على الخير وتنهاها عن المنكر والشر، كذلك يجب أن تسعى لحفظ فرجها بالزواج، فهو خير ما يعف الرجل والمرأة عن الوقوع في الحرام ومنه العادة السرية؛ وهنا يأتي دور مضاعف للرفقة الصالحة، التي تحاول أن تشغلها بالطاعة عن المعصية، وبالتوبة عن الاستمرار فيما هي فيه، ثم، مع ذلك كله، أن تسعى لإحصان فرجها بالبحث عن الزوج المناسب، وتشجيعها على الاقتران به.
ويمكن الاطلاع على أجوبة المسائل: (20229) ففيه بيان الوسائل التي تعين على غض البصر، وفي جواب السؤال رقم (20161) فيه بيان حل مشكلة الشهوة وتصريفها.
ثالثاً:
ولمعرفة ما يتعلق بممارسة هذه العادة من أحكام في نهار رمضان للعالِم بحكمِها: ينظر جواب الأسئلة: (38074) و (37887) و (2571) .
أما ما يتعلق بها من أحكام لمن فعلها جاهلا حكمَها: فهي مبينة في جواب السؤال (50017) وفيه تفصيل لا تحتاجين معه لغيره.
ونسأل الله تعالى أن يهدي قلبها، ويطهر جوارحها، وأن يجبر كسرها، وأن يعينها على طاعته وحسن عبادته.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3075)
حكم قطرة العين للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[قطرة العين إذا دخل طعم مرارتها إلى الحلق هل تفطر؟ وإذا كانت تفطر وقد وضعتها في النهار ثم نمت ولم أدري أبتلعته أم لا فما الحكم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في قطرة العين هل تفطر الصائم أم لا؟
والذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكذا الشيخ ابن عثيمين أنها لا تفطر.
قال الشيخ ابن عثيمين:
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إلى أن الكحل لا يفطر ولو وصل طعم الكحل إلى الحلق، وقال إن هذا لا يسمى أكلاً وشرباً، ولا بمعنى الأكل والشرب، ولا يحصل به ما يحصل بالأكل والشرب، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح صريح يدل على أن الكحل مفطر، والأصل عدم التفطير، وسلامة العبادة حتى يثبت لدينا ما يفسدها، وما ذهب إليه رحمه الله هو الصحيح ولو وجد الإنسان طعمه في حلقه، ويناءً على ما اختاره شيخ الإسلام لو أنه قطر في عينيه وهو صائم فوجد الطعم في حلقه فإنه لا يفطر بذلك)
الشرح الممتع (6 / 382) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3076)
أجرت عملية في رمضان فنزل عليها الدم أياماً
[السُّؤَالُ]
ـ[أجريت لي عملية جراحية في الجهاز التناسلي، ليست لها علاقة بإجهاض أو ولادة في رمضان، وأدميت لبضعة أيام بعد العملية، وقال لي الطبيب: إنني أستطيع الصوم، فصمت. فما حكم صومي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الدم الخارج من المرأة إما أن يكون دم حيض أو نفاس، فهذا لا يصح معه الصوم بالإجماع. لما روى البخاري (1951) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ – يعني المرأة - لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟) .
وإما ألا يكون دم حيض ونفاس، كالدم الخارج بسبب نزيف من الرحم، أو إجراء عملية جراحية ونحو ذلك، فهذا لا يمنع من الصلاة والصيام، بل تكون المرأة طاهرة تفعل ما يفعله الطاهرات، إلا أنها تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها.
انظر السؤال (39494) .
ولهذا لما سألت المرأةُ المستحاضة النبيَّ صلى الله عليه وسلم وقالت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي) . رواه البخاري (306) ومسلم (333) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة أجرت عملية وبعد العملية وقبل العادة بأربعة أو خمسة أيام رأت دماً أسود غير دم العادة، وبعدها مباشرة جاءتها العادة مدة سبعة أيام فهل هذه الأيام التي قبل العادة تحسب منها؟
فأجاب: " المرجع في هذا إلى الأطباء، لأن الظاهر أن الدم الذي حصل لهذه المرأة كان نتيجة العملية، والدم الذي يكون نتيجة العملية ليس حكمه حكم الحيض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة المستحاضة: (إن ذلك دم عرق) . وفي هذا إشارة إلى أن الدم الذي يخرج إذا كان دم عرق - ومنه دم العملية - فإن ذلك لا يعتبر حيضاً، فلا يحرم به ما يحرم بالحيض، وتجب فيه الصلاة والصيام إذا كان في نهار رمضان " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عيثمين" (11/277) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم من نزف دماً وهو صائم؟
فأجابوا: " إذا نزف من الشخص دم بغير اختياره وهو صائم فإن صيامه صحيح " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10/268) .
وعلى هذا فصومك صحيح إن شاء الله تعالى.
ونسأل الله تعالى الشفاء لجميع مرضى المسلمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3077)
إذا سافر الصائم أثناء النهار فله الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نويت الصيام من الليل وأصبحت صائماً، ثم أردت أن أسافر بالنهار فهل يجوز لي أن أفطر أم يجب علي أن أكمل الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز للصائم أن يفطر إذا سافر أثناء النهار، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
انظر "المغني" (4/345) .
وقد دل على ذلك الكتاب والسنة.
أما الكتاب فقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185. ومن سافر أثناء النهار فهو "على سفر" فله أن يفطر ويترخص برخص السفر.
وأما السنة فقد روى أحمد (26690) أبو داود (2412) عَنْ عُبَيْدٍ بْنَ جَبْرٍ قَالَ: رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفِينَةٍ مِنْ الْفُسْطَاطِ فِي رَمَضَانَ، فَدَفَعَ ثُمَّ قَرَّبَ غَدَاءَهُ (وفي رواية لأحمد: فَلَمَّا دَفَعْنَا مِنْ مَرْسَانَا أَمَرَ بِسُفْرَتِهِ فَقُرِّبَتْ) ثُمَّ قَالَ: اقْتَرِبْ. فَقُلْتُ: أَلَسْنَا نَرَى الْبُيُوتَ! فَقَالَ أَبُو بَصْرَةَ: أَرَغِبْتَ عَنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!
"وَقَوْل الصَّحَابِيّ مِنْ السُّنَّة يَنْصَرِف إِلَى سُنَّة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" اهـ من عون المعبود.
قال ابن القيم في "تهذيب السنن":
"وَفِيهِ حُجَّة لِمَنْ جَوَّزَ لِلْمُسَافِرِ الْفِطْر فِي يَوْمٍ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ. وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الإِمَام أَحْمَد , وَقَوْل عَمْرو بْن شُرَحْبِيل وَالشَّعْبِيّ وَإِسْحَاق. وَحَكَاهُ عَنْ أَنَس , وَهُوَ قَوْل دَاوُدَ وَابْن الْمُنْذِر" اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (25/212) :
"وَإِذَا سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ. كَمَا ثَبَتَ فِي السُّنَنِ أَنَّ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْ كَانَ يُفْطِرُ إذَا خَرَجَ مِنْ يَوْمِهِ وَيَذْكُرُ أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَوَى الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ إنَّهُ دَعَا بِمَاءِ فَأَفْطَرَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ" اهـ.
وانظر: "الشرح الممتع" (6/217) .
ولكن ليس له أن يفطر حتى يشرع في السفر ويفارق بلده، ولا يجوز له أن يفطر وهو في بلده.
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/218) :
"إذا سافر أثناء اليوم فله الفطر، ولكن هل يشترط أن يفارق قريته؟ أو إذا عزم على السفر وارتحل فله أن يفطر؟
الجواب: في هذا قولان عن السلف.
والصحيح أنه لا يفطر حتى يفارق القرية، لأنه لم يكن الآن على سفر ولكنه ناوٍ للسفر , ولذلك لا يجوز أن يقصر حتى يخرج من البلد فكذلك لا يجوز أن يفطر حتى يخرج من البلد" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3078)
هل يبطل صومه بانكشاف عورته ورؤية أحدهم لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا رآني أحد أصدقائي عاريا أو انكشفت عورتي أمامه أثناء الصيام فهل يبطل ذلك صيامي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إظهار العورة أمام من لا يحل له النظر إليها حرام، ولا يحل لأحدٍ فعله لا في رمضان ولا في غيره، فيحرم كشفها ويحرم النظر إليها.
فعن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه عَنْ جَدِّه رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: (احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ) ، فَقَالَ: الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ؟ قَالَ: (إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لا يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ) ، قُلْتُ: وَالرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا؟ قَالَ: (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ) رواه الترمذى (2794) وحسَّنه، وابن ماجه (1920) , وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ) رواه مسلم (338) .
قال النووي رحمه الله:
" فيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل , والمرأة إلى عورة المرأة , وهذا لا خلاف فيه " انتهى.
" شرح مسلم " (4 / 30) .
وأما إن كانت المسألة ظهور العورة عن غير قصد فليس عليك إثم، ويجب على الآخر أن يغض بصره عنها.
وليس الصوم بفاسد على كلا الحالتين – العمد والخطأ -، وقد سبق في جواب السؤال رقم (38023) بيان مفسدات الصيام، فلتنظر هناك.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (37658) بيان أثر المعاصي على الصيام، وأنها تنقص ثوابه، وقد تذهبه بالكلية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3079)
يرى رأي ابن حزم في المباشرة فهل يجوز لزوجته مداعبته وهو صائم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الزوج يأخذ برأي الظاهرية وابن حزم والألباني في كون نزول المني من دون جماع لا يفطّر فهل يجوز للزوجة مداعبة زوجها في نهار رمضان حتى لو ترتب على ذلك نزول المذي أو المني منه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يختلف حكم نزول المذي عن نزول المني، والراجح من أقوال أهل العلم أن نزول المذي لا يبطل الصوم، لا من الرجل ولا من المرأة، وقد سبق ذكر أقوال أهل العلم في هذه المسألة في جواب السؤال رقم: (49752) .
ثانياً:
ينبغي أن يعلم أنه لا يحل لأحد أن يأخذ بقول فلان أو فلان من العلماء لمجرد التشهي، أو لأن هذا القول يوافق هواه، والواجب عند اختلاف العلماء هو ما أمر الله تعالى به في قوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) النساء/59.
فلا يحل لأحد أن يقول: أنا آخذ بقول فلان من العلماء، ويصادم بذلك حديثا ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله: أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحل له أن يدعها لقول أحد اهـ. مدارج السالكين (2/335) .
فإذا ثبت الحكم بالدليل الصحيح فلا قول لأحد كائنا من كان.
والقول بأن الاستمناء ومباشرة المرأة حتى الإنزال من مفسدات الصيام هو قول جماهير العلماء (منهم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد) واستدلوا بأنه قضاء للشهوة، والصائم ممنوع من ذلك، لقول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي) رواه البخاري (1894) .
وقد سبق بيان ذلك تفصيلا في جواب السؤال (71213) ، (65698) .
ونحن لا ننكر وجود خلافٍ في المسألة، وقد رأى ابن حزم ورجحه الشيخ الألباني رحمهما الله أن إنزال المني بمباشرة الزوجة لا يفطر، فإن كان أحدٌ يرى هذا القول عن علم، ويتبنَّاه تديناً لا اتباعاً لهواه: فإنه لا حرج عليه في ذلك، لأن الإنسان لا يكلف إلا بما بلغه علمه، ولكن بشرط أن يكون إنما يرى ذلك على حسب ما ظهر له من الأدلة وأقوال العلماء، وليس لمجرد الترخص والأخذ بالأسهل.
فلا يجوز لمسلم أن يتتبع زلات العلماء وأخطاءهم، فإنه بذلك يجتمع فيه الشر كله، ولهذا قال العلماء: " من تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم، تزندق، أو كاد " انتهى "إغاثة اللهفان" (1/228) .
والزندقة هي النفاق.
وانظر إجابة السؤال رقم (22652) .
فالذي ينصح به السائل أن يكتفي بما اتفق العلماء على جوازه وهو المباشرة باللمس، والتقبيل دون الإنزال، احتياطاً للصيام، وإبراءً للذمة، وخشيةً من الوقوع فيما هو محرم ومفسد للصيام بالإجماع وهو الجماع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3080)
الأفضل للحامل والمرضع أن تفطر إذا وجدت مشقة من الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل للحامل أن تفطر أو الأفضل لها أن تصوم وتتحمل المشقة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من تأمل شريعة الصيام وجد أن الله تعالى شرعها على وجه اليسر، وأن اليسر فيها محبوب إلى الله تعالى، ولذلك قال الله تعالى في آيات الصيام: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185.
وإذا زادت المشقة على الصائم إلى حدٍّ يخاف منه حصول الضرر فإنه يحرم الصيام حينئذٍ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في المسافر الذي صام مع شدة المشقة: (لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ) رواه البخاري (1946) ومسلم (1115) . وقال أيضاً لما صام بعض الصحابة في السفر مع المشقة، قال: (أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ) . رواه مسلم (1114) .
قال النووي:
" وَهَذَا مَحْمُول عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِالصَّوْمِ " انتهى.
وثبت عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: (مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ) رواه البخاري (3560) ومسلم (2327) .
قال النووي رحمه الله:
فِيهِ: اِسْتِحْبَاب الأَخْذ بِالأَيْسَرِ وَالأَرْفَق مَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا اهـ.
وروى أحمد (5832) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ) ، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (564) .
فهذه الأدلة تدل على أن العبادة كلما كانت أيسر على المكلف كانت أقرب إلى مقاصد الشريعة.
ثانياً:
وقد ذكر العلماء أن المريض الذي يشق عليه الصوم الأفضل له الفطر، بل قال القرطبي (2/276) : يستحب له الفطر ولا يصوم إلا جاهل اهـ.
وذكر ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/404) : كراهة الصوم للمريض الذي يشق عليه الصوم.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/352) :
وبهذا نعرف خطأ بعض المجتهدين والمرضى الذين يشقّ عليهم الصوم وربّما يضرّهم، ولكنهم يأبون أن يفطروا، فنقول: إن هؤلاء قد أخطأوا حيث لم يقبلوا كرم الله عز وجل، ولم يقبلوا رخصته، وأضرّوا بأنفسهم، والله عز وجل يقول: (وَلا تَقْتُلُوا) النساء/29. انتهى.
انظر: السؤال رقم (1319) .
وبهذا يتبين أن الحامل ومثلها المرضع إذا كان الصوم يشق عليها فإن الأفضل لها الفطر، بل صرح العلماء بتحريم صيامها، إذا كان الصوم يضر الجنين أو الولد.
قال الجصاص في "أحكام القرآن" (1/252) :
وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ لا تَخْلُوَانِ مِنْ أَنْ يَضُرَّ بِهِمَا الصَّوْمُ أَوْ بِوَلَدَيْهِمَا , وَأَيُّهُمَا كَانَ فَالإِفْطَارُ خَيْرٌ لَهُمَا وَالصَّوْمُ مَحْظُورٌ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ كَانَ لا يَضُرُّ بِهِمَا وَلا بِوَلَدَيْهِمَا فَعَلَيْهِمَا الصَّوْمُ وَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُمَا الْفِطْرُ.
وقال أيضاً (1/307) :
الْمَرِيض وَالْحَامِل وَالْمُرْضِع وَكُلَّ مَنْ خَشِيَ ضَرَرَ الصَّوْمِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى الصَّبِيِّ , فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ ; لأَنَّ فِي احْتِمَالِ ضَرَرِ الصَّوْمِ وَمَشَقَّتِهِ ضَرْبًا مِنْ الْعُسْرِ , وَقَدْ نَفَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ إرَادَةَ الْعُسْرِ بِنَا ; وَهُوَ نَظِيرُ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا.
وقال ابن مفلح في الفروع (3/35) :
وَيُكْرَهُ صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مَعَ خَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى الْوَلَدِ. . . .
وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ عَلَى حَمْلٍ وَوَلَدٍ حَالَ الرَّضَاعِ لَمْ يَحِلَّ الصَّوْمُ وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ. وَإِنْ لَمْ تَخَفْ لَمْ يَحِلَّ الْفِطْرُ.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" الحامل والمرضع حكمهما حكم المريض، إذا شق عليهما الصوم شرع لهما الفطر "
" تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام " ص 171
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3081)
مهنته غطاس فكيف يصوم وقد يدخل في حلقه الماء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل غطاساً يوميّاً في البحر، بعض الأحيان يدخل رذاذ من ماء البحر في الفم يصل إلى الحلق، ولكن لا يدخل إلى الجوف، هل هذا يبطل الصيام؟ وهل في حالة عدم مقدرتي على الصيام بسبب الجهد ماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في جواب السؤال رقم (39232) أنه لا بأس أن يغوص الصائم في الماء، وعليه أن يحرص أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع.
ثانياً:
صوم رمضان ركن من أركان الإسلام، فلا يجوز لمسلم أن يتهاون بصيامه أو يضيعه بمجرد حصول مشقة بسبب العمل، بل الواجب عليه أن يحاول الجمع بين الصيام والعمل إن أمكن، فإن لم يمكن ولم يكن مضطراً للعمل، فإنه يقدم الصيام، فيأخذ إجازة من العمل إن أمكن، فإن لم يمكن وكان مضطرا للعمل، فإنه ينوي الصيام من الليل ويصبح صائما، فإن شق عليه مشقة شديدة جاز له أن يفطر للضرورة، وعليه قضاء هذا اليوم، فإن لم يشق عليه وتمكن من إتمام الصيام وجب عليه ذلك.
وانظر جواب السؤال رقم (43772) .
وانظر "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/234) .
ثالثاً:
إذا سبح الصائم في الماء ووصل الماء إلى حلقه بغير اختياره، فإنه لا يفطر، لعدم القصد، وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله.
وانظر: "المغني" (3/358) ، "الإنصاف" (7/434) ، "الشرح الممتع" (6/393) .
رابعاً:
قول السائل: " أن الماء يصل إلى حلقه ولكنه لا يدخل إلى الجوف "
لعل قصده بالجوف: المعدة.
وقد اختلف العلماء في مفسدات الصيام: هل العبرة بوصول الطعام أو الشراب إلى الحلق أم إلى المعدة؟
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/393) : " ذكر المؤلف رحمه الله ست مسائل علق الحكم فيها بوصول الماء إلى حلق الصائم، فجعل مناط الحكم وصول الماء إلى الحلق لا إلى المعدة، وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية أن مناط الحكم وصول المفطر إلى المعدة، ولا شك أن هذا هو المقصود إذ لم يرد في الكتاب والسنة أن مناط الحكم هو الوصول إلى الحلق، لكن الفقهاء رحمهم الله قالوا: إن وصوله إلى الحلق مظنة وصوله إلى المعدة، أو إن مناط الحكم وصول المفطر إلى شيء مجوف والحلق مجوف " انتهى.
والخلاصة:
لا حرج في السباحة والغوص في الماء مع الصيام، وإذا وصل شيء من الماء إلى الحلق أو إلى المعدة من غير اختيارك فإنك لا تفطر بذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3082)
أذن المؤذن قبل الوقت بسبع دقائق فأفطروا
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرنا عندما أذن مؤذن الحي وبعد مرور 7 دقائق سمعنا مؤذنا آخر؛ وبعد سؤال مؤذن الحي أفادنا أنه أذن بالغلط معتقدا دخول الوقت فماذا يلزم أهل الحي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من أفطر ظانا غروب الشمس، ثم تبين له أنها لم تغرب، فعليه القضاء، في قول جمهور العلماء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/389) :
" هذا قول أكثر أهل العلم من الفقهاء وغيرهم " انتهى.
وسئلت اللجنة الدائمة: عن رجل أفطر بناء على قول ابنتيه بغروب الشمس، ثم لما خرج إلى الصلاة سمع المؤذن يؤذن للمغرب.
فأجابت:
" إذا كان فطرك واقعاً بعد غروب الشمس فليس عليك قضاء، وإن تحققت أو غلب على ظنك أو شككت أن فطرك حاصل قبل غروب الشمس فعليك القضاء أنت ومن أفطر معك؛ لأن الأصل بقاء النهار، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بناقل شرعي وهو الغروب هنا " انتهى.
"فتاوى الجنة الدائمة" (10/288) .
وسئل الشيخ ابن باز: عن بعض الناس أفطروا ثم تبين لهم أن الشمس لم تغرب.
فأجاب:
" على من وقع له ذلك أن يمسك حتى تغيب الشمس، وعليه القضاء عند جمهور أهل العلم، ولا إثم عليه إذا كان إفطاره عن اجتهاد وتحرٍّ لغروب الشمس، كما لو أصبح أثناء النهار في يوم الثلاثين من شعبان، ثم ثبت أنه من رمضان في أثناء النهار فإنه يمسك ويقضي عند جمهور أهل العلم، ولا إثم عليه، لأنه حين أكل أو شرب لم يعلم أنه من رمضان، فالجهل بذلك أسقط عنه الإثم، أما القضاء فعليه القضاء " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/288) .
وذهب بعض أهل العلم إلى صحة الصوم حينئذ، وعدم لزوم القضاء، وهو مروي عن مجاهد والحسن، وقال به إسحاق وأحمد في رواية، والمزني وابن خزيمة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمهم الله جميعا.
انظر: "فتح الباري" (4/200) ، "مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام" (25/231) ، "الشرح الممتع" (6/402- 408) .
واحتجوا بما رواه البخاري (1959) عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ: أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ. قِيلَ لِهِشَامٍ: فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ؟ قَالَ: لا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ هِشَامًا يقول: لا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لا؟
وقول هشام: لا بد من القضاء. قاله من عنده تفقهاً، ولم يقل: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالقضاء، ولهذا قال الحافظ:
" وَأَمَّا حَدِيث أَسْمَاء فَلا يُحْفَظُ فِيهِ إِثْبَات الْقِضَاء وَلا نَفْيُهُ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/402) :
" فأفطروا في النهار بناء على أن الشمس قد غربت فهم جاهلون، لا بالحكم الشرعي، ولكن بالحال، لم يظنوا أن الوقت في النهار، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ولو كان القضاء واجبا لكان من شريعة الله، ولكان محفوظا، فلما لم يحفظ، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فالأصل براءة الذمة، وعدم القضاء " انتهى.
وقال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/231) :
" وهذا يدل على أنه لا يجب القضاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء لشاع ذلك كما نقل فطرهم، فلما لم ينقل ذلك دل على أنه لم يأمرهم به. فإن قيل: فقد قيل: لهشام بن عروة: أمروا بالقضاء؟ قال: أو بد من القضاء؟ قيل: هشام قال ذلك برأيه، لم يرو ذلك في الحديث، ويدل على أنه لم يكن عنده بذلك علم: أن معمراً روى عنه قال: سمعت هشاماً قال: لا أدري أقضوا أم لا؟ ذكر هذا عنه البخاري. وقد نقل هشام عن أبيه عروة أنهم لم يؤمروا بالقضاء، وعروة أعلم من ابنه " انتهى باختصار وتصرف يسير.
وإذا أخذتم بالاحتياط وقضيتم يوماً مكانه فهو أحسن، وقضاء يوم أمر سهل والحمد لله، ولا إثم عليكم فيما حدث.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3083)
حكم استنشاق رائحة الطعام تعمدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يستنشق رائحة الطعام متعمدا وهو صائم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على الصائم في شم الروائح الطيبة، من طعام وطيب وغير ذلك، إلا أنه لا يستنشق البخور، ولا الأبخرة المتصاعدة من الطعام؛ لأن لها جرما (مادة) فقد تنفذ إلى المعدة.
جاء في "حاشية الدسوقي" (1/525) :
" متى وصل دخان البخور أو بخار القِدْر للحلق وجب القضاء. . . إذا وصل باستنشاق، سواء كان المستنشق صانعه أو غيره , وأما لو وصل واحد منهما للحلق بغير اختياره فلا قضاء لا على الصانع ولا على غيره على المعتمد " انتهى باختصار.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
هل يجوز استعمال الطيب كدهن العود والكولونيا والبخور في نهار رمضان؟
فأجاب:
" نعم، يجوز استعماله بشرط ألا يستنشق البخور " انتهى. "فتاوى ابن باز" (15/267) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم استعمال الصائم للروائح العطرية في نهار رمضان؟
فأجاب: " لا بأس أن يستعملها في نهار رمضان وأن يستنشقها إلا البخور لا يستنشقه، لأن له جرما يصل إلى المعدة وهو الدخان " انتهى.
"فتاوى رمضان" (ص 499) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/271) :
" من تطيب بأي نوع من أنواع الطيب في نهار رمضان وهو صائم لم يفسد صومه، لكنه لا يستنشق البخور والطيب المسحوق كسحوق المسك " انتهى.
والحاصل: أن مجرد شم الطعام لا بأس به في الصيام، إلا أنه لا يستنشق الأبخرة المتصاعدة منه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3084)
يسأل عن مواضع الحجامة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الحجامة في رمضان؟ وما هي مواضع الحجامة؟ مع بيان الأمراض التي يعالجها كل موضع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في جواب السؤال (38023) أن الحجامة من مفسدات الصيام، ولذلك لا يجوز للصائم فعلها إلا إذا كان مريضاً محتاجاً إليها، فيحتجم ويفطر، ويقضي يوماً مكانه.
ثانياً:
وأما مواضع الحجامة:
1- فقد روى البخاري (2156) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في رأسه وهو محرم من وجع كان به) . ورواه مسلم (1203) من حديث ابن بحينة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بطريق مكة وهو محرم وسط رأسه) .
2- وروى أبو داود (3860) والترمذي (390) وابن ماجه (3483) عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم ثلاثا في الأخدعين والكاهل) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال في عون المعبود: " قال أهل اللغة: الأخدعان: عرقان في جانبي العنق يُحجم منه. والكاهل: ما بين الكتفين وهو مقدم الظهر ".
وقال ابن القيم رحمه الله: " والحجامة على الأخدعين، تنفع من أمراض الرأس وأجزائه كالوجه والأسنان والأذنين والعينين والأنف والحلق إذا كان حدوث ذلك من كثرة الدم أو فساده أو عنهما جميعا " انتهى من "زاد المعاد" (4/51) .
3- وروى أبو داود (3863) عن جابر رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ عَلَى وِرْكِهِ، مِنْ وَثْءٍ كَانَ بِهِ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود. (الوَثْءٍ) : وجع يصيب العضو من غير كسر.
4- وروى النسائي (2849) عن أنس رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ، مِنْ وَثْءٍ كَانَ بِهِ) والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي.
فهذه خمسة مواضع ثابتة في السنة: الرأس، والأخدعان، والكاهل، والورك، وظهر القدم.
وثمة مواضع أخرى يعرفها المختصون بالحجامة.
قال ابن القيم رحمه الله: " والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم، إذا استعملت في وقتها، وتنقي الرأس والفكين. والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن، وهو عرق عظيم عند الكعب، وتنفع من قروح الفخذين والساقين، وانقطاع الطمث، والحكة العارضة في الأنثيين. والحجامة في أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ، وجربه وبثوره، ومن النقرس والبواسير " انتهى من "زاد المعاد" (4/53) .
وأما تفصيل الكلام على الأمراض التي تعالج بالحجامة، والموضع المناسب لها، فيرجع فيه إلى العارفين بالحجامة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3085)
يعاني من الوسواس ويخشى بطلان صومه بالاستنشاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والعياذ بالله من المصابين بالوسوسة، وأثناء الوضوء وأنا صائم أحاول ألا أبالغ في الاستنشاق، ولكني أشعر بشي في جوفي، فهل يبطل صيامي بذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قد أحسنت في عدم المبالغة في الاستنشاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للَقِيطِ بْنِ صَبِرَة: (أَسْبِغْ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) رواه أبو داود (142) والترمذي (788) والنسائي (87) وابن ماجه (407) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
ثانياً:
إذا تمضمض الصائم أو استنشق فنزل شيء من الماء إلى بطنه من غير قصدٍ منه فإنه لا يفطر، وذلك " لقول الله تعالى: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) الأحزاب/5. وهذا لم يتعمد قلبه فعل المفسد فيكون صومه صحيحاً ". انتهى من "الشرح الممتع" (6/240، 246) بتصرف.
ثالثاً:
خير علاج للوسوسة هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، مع الإكثار من ذكر الله تعالى وطاعته، واجتناب معصيته.
وانظر السؤال (1174) .
نسأل الله أن يعافيك ويصرف عنك كيد الشيطان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3086)
استعمال العدسات اللاصقة بعد وضعها في محلول التنظيف لا يؤثر على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام العدسات اللاصقة أثناء الصيام؟ لأنها وكما تعلمون توضع في محلول خاص لتنظيفها؟ أرجو الإجابة بالتفصيل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز استعمال العدسات اللاصقة أثناء الصيام، ولا يضر كونها توضع أولا في محلول التنظيف؛ إذ غاية الأمر أن يتسرب شيء من المحلول إلى العين، فيكون بمثابة قطرة العين، وهي لا تفسد الصوم، على الصحيح من قولي أهل العلم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لا بأس للصائم أن يكتحل، وأن يقطر في عينه، وأن يقطر في أذنيه، حتى وإن وجد طعمه في حلقه، فإنه لا يفطر بهذا؛ لأنه ليس بأكل ولا شرب، ولا بمعنى الأكل والشرب. والدليل إنما جاء في منع الأكل والشرب، فلا يلحق بهما ما ليس في معناهما. وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الصواب " انتهى.
"فقه العبادات" (ص 191) .
وانظر السؤال (2299) ، (22199) ، (38023) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3087)
حكم السباحة للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للشخص السباحة وهو صائم، إذا كان ذلك من متطلبات المدرسة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حكم السباحة للصائم يتبع التفصيل التالي:
أولاً:
إذا كان يغلب على ظن السابح عدم دخول الماء إلى معدته من الفم أو الأنف، وكان يحسن السباحة بحيث يضمن الحفاظ على صيامه، فلا بأس عليه حينئذٍ من السباحة، ويكون حكمها حكم الاغتسال للصائم، وقد نص العلماء على جوازه، ولو للتبرد فقط.
قال البخاري رحمه الله: بَاب اغْتِسَالِ الصَّائِمِ. وَبَلَّ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثَوْبًا فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِمٌ.
وَدَخَلَ الشَّعْبِيُّ الْحَمَّامَ وَهُوَ صَائِمٌ.. وَقَالَ الْحَسَنُ: لا بَأْسَ بِالْمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِم ... وَقَالَ أَنَسٌ: إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/197) :
" الأبزن: حجر منقور شبه الحوض، وكأن الأبزن كان ملآن ماءً فكان أنس إذا وجد الحر دخل فيه يتبرد بذلك " انتهى.
فكأن الأبزن يشبه ما يسمى الآن بـ "البانيو".
وروى أبو بكر الأثرم بإسناده: أن ابن عباس دخل الحمام وهو صائم، هو وأصحاب له، في شهر رمضان. "المغني" (3/18) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/281) :
" تجوز السباحة في نهار رمضان، ولكن ينبغي للسابح أن يتحفظ من دخول الماء إلى جوفه " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" لا بأس للصائم أن يسبح، وله أن يسبح كما يريد، وينغمس في الماء، ولكن يحرص على أن لا يتسرب الماء إلى جوفه بقدر ما يستطيع، وهذه السباحة تنشط الصائم وتعينه على الصوم، وما كان منشطاً على طاعة الله فإنه لا يمنع منه، فإنه مما يخفف العبادة على العباد، وييسرها عليهم، وقد قال الله تبارك وتعالى في معرض آيات الصوم: (يُرِيدُ ?للَّهُ بِكُمُ ?لْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ?لْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ?لْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ?للَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) . والله أعلم " انتهى.
وقال أيضًا:
" لا بأس أن يغوص الصائم في الماء، أو يعوم فيه ـ أي يسبح ـ؛ لأن ذلك ليس من المفطرات، والأصل الحل حتى يقوم دليل على الكراهة أو على التحريم، وليس هناك دليل على التحريم ولا على الكراهة، وإنما كرهه بعض أهل العلم، خوفاً من أن يدخل إلى حلقه شيء وهو لا يشعر به " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/284، 285) .
ثانياً:
إذا غلب على ظنه دخول الماء إلى جوفه بسبب السباحة، فلا يجوز له هذا الفعل، ويحرم عليه أن يمارس السباحة في نهار رمضان. ودليل ذلك:
ما جاء عَنْ لَقِيْطٍ بنِ صَبِرَة رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ؟ قَالَ: (أَسْبِغْ الْوُضُوءَ , وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ , وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ , إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) .
رواه أبو داود (142) والترمذي (788) وقال حسن صحيح وصححه ابن حجر والألباني.
وقال الإمام أحمد في الصائم ينغمس في الماء إذا لم يخف أن يدخل في مسامعه.
وكره الحسن والشعبي أن ينغمس في الماء خوفًا أن يدخل في مسامعه. "المغني" (3/18) .
وقال الأذرعي (من فقهاء الشافعية) :
" لو عرف من عادته أنه يصل الماء إلى جوفه من ذلك لو انغمس، ولا يمكنه التحرز عن ذلك، حرم عليه الانغماس " انتهى. "حاشية البجيرمي" (2/74) .
والسؤال الآن: إذا بالغ في الاستنشاق – ومثله إذا انغمس في الماء وسبح في نهار رمضان - فدخل الماء إلى جوفه عن غير قصد منه، سواء كان يغلب على ظنه عدم دخول الماء أو لا، هل يحكم بإفطاره؟
اختلف في ذلك أهل العلم:
القول الأول: قول جمهور أهل العلم من الأحناف والمالكية والشافعية، وهو بطلان صومه.
القول الثاني: عدم البطلان، وهو قول لبعض التابعين، ووجه عند الحنابلة، اختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. "الشرح الممتع" (6/407) .
وانظر: "المجموع" (6/338) ، و"المغني" (3/18) .
ويجب التحفظ من كشف العورات أثناء السباحة، فلا يسبح في مكان تنكشف فيه العورات، ولا يتساهل في النظر إلى عورات الآخرين.
وانظر جواب السؤال رقم (23464) ، (38907) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3088)
يريد الزواج في شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان هناك رجل يحب امرأةً، وأراد أن يتزوجها في شهر رمضان المبارك، وهو يريد أن يتحدث إليها، هل هناك أي قيود في الإسلام تمنع من زواجه بتلك الفتاة، وتمنع تحدثه إليها في رمضان؟
الرجل يحب تلك الفتاة كثيراً، ويريد أن يتزوجها، فأرجو أن تنصحني في ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس في الشريعة أي نهي عن الزواج في رمضان لذات رمضان، ولا في غيره من الأشهر، بل الزواج جائز في أي يوم من أيام السنة.
لكن الصائم في رمضان يمتنع عن الطعام والشراب والجماع من الفجر إلى غروب الشمس، فإن كان يملك نفسه , ولا يخشى أن يفعل ما يفسد صيامه , فلا حرج عليه من الزواج في رمضان.
والظاهر أن الذي يريد أن يبدأ حياته الزوجية في رمضان، - غالباً - لا يستطيع الصبر عن زوجته الجديدة طوال النهار، فيُخشى عليه من الوقوع في المحظور، وانتهاك حرمة هذا الشهر الفضيل، فيقع في الإثم الكبير، مع وجوب القضاء والكفارة المغلظة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، وإذا تكرر الجماع في عدة أيام تكررت معه الكفارة بعدد الأيام.
انظر سؤال رقم (1672) (22960) .
فالنصيحة للسائل إذا خشي ألا يملك نفسه أن يؤجل زواجه إلى ما بعد رمضان مباشرة، وليشغل نفسه في رمضان بالعبادة وتلاوة القرآن وقيام الليل، ونحو ذلك من العبادات.
أما حكم التحدث مع من يريد الزواج منها في رمضان، فقد سبق الجواب عليه، انظر الأسئلة (13791) (13918) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3089)
إجازته في رمضان، فما الحل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي عويصة جداً، وهي تتعلق برمضان، فأنا من الهند، وأعمل في إحدى الدول العربية، ومتزوج وأهلي في الهند، والشركة تجبرني على أن آخذ إجازتي السنوية المكونة من 25 يومًا في رمضان. وقد حاولت تغيير ذلك لكن دون جدوى، وحيث إني حديث عهد بزواج، فأنا أشعر بتعاسة شديدة؛ لأن إجازتي تقع في شهر رمضان.
وأتساءل: هل لي من عذر في رمضان؟ وإذا أفطرت يوماً واحداً من الشهر كيف أقضيه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يخفف عنك، وأن يجعل لك من أمرك يسراً.
وهذه التعاسة التي تشعر بها ما هي إلا من وسوسة الشيطان، الذي لا يزال يتربص بالمؤمن ليفسد عليه دنياه وآخرته.
قال الله تعالى: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) المجادلة/10.
قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي (ص/785) :
" (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) : هذا غاية مَكْرِهِ وَمَقْصُودِه " انتهى.
والمؤمن الصادق يستطيع بقوة إيمانه، وتوكله على ربه، وقناعته ورضاه بما قسم الله له، أن يتغلب على كل تعاسة أو هموم تصيبه.
وأنت - أخي السائل – في سعة من أمرك، فقد أعطاك الله فرصة الليل الطويل، تقضي فيه حاجتك مع أهلك، وأما في النهار فتنشغل بتلاوة القرآن وعمل الخير وزيارة الإخوان , وقضاء حوائج المنزل , ومتابعة حلقات العلم ودروس العلم، وبهذا تنظم وقتك، وتكسب الخير كله إن شاء الله تعالى.
كما أن لك رخصة في مباشرة زوجتك دون الجماع، بشرط أن تأمن على نفسك من الوقوع في المحظور.
انظر جواب السؤال رقم (49614) (20032) .
وليس لك رخصةٌ في إتيان أهلك في نهار رمضان، بل يجب الحذر من ذلك، فشهر رمضان حرمته عظيمة، لا يجوز انتهاكها بالفطر دون عذر من سفر أو مرض، ومن أفطر في نهار رمضان بالجماع فقد ارتكب إثماً عظيماً يوجب الكفارة المغلظة، وقد سبق بيانها في جواب السؤال رقم (1672) ، (49750) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3090)
هل يفطر بأخذ حقنة البنج لإجراء عملية في رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خضعت لعمليتين غير جراحيتين خلال شهر رمضان، وأخذت مخدراً عن طريق الحقن خلال هاتين العمليتين. هل يفسد صومي بهذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحقْن بالدواء لا يفطر الصائم، سواء كان في العضل أم في الوريد، ما لم تكن الحقنة مغذية، لأنها تكون حينئذ في معنى الأكل والشرب المحرمين على الصائم.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/252) :
" يجوز التداوي بالحقن في العضل والوريد للصائم في نهار رمضان. ولا يجوز للصائم تعاطي حقن التغذية في نهار رمضان؛ لأنه في حكم تناول الطعام والشراب، فتعاطي تلك الحقن يعتبر حيلة على الإفطار في رمضان، وإن تيسر تعاطي الحقن في العضل والوريد ليلا فهو أولى " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن سريان البنج في الجسم، هل يفطّر؟ وعن خروج الدم عند قلع الضرس؟
فأجاب: " كلاهما لا يفطر، ولكن لا يبلع الدم الخارج من الضرس " انتهى.
"فتاوى رمضان" (ص 525) .
ولا فرق بين استعمال البنج الموضعي، والبنج الذي يؤدي إلى غياب الوعي، فقد نص كثير من الفقهاء على أن المغمى عليه إذا أفاق لحظة من النهار، صح صومه، ما دام قد نواه من الليل.
قال الإمام الشافعي في "الأم" (8/153) :
" وإذا أغمي على رجل فمضى له يوم , أو يومان من شهر رمضان ولم يكن أكل ولا شرب فعليه القضاء، فإن أفاق في بعض النهار فهو في يومه ذلك صائم " انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني" (4/343) :
" متى أغمي عليه جميع النهار , فلم يفق في شيء منه , لم يصح صومه , في قول إمامنا (يعني الإمام أحمد) والشافعي. . .
ومتى أفاق المغمى عليه في جزء من النهار , صح صومه , سواء كان في أوله أو آخره " انتهى باختصار.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3091)
رجل جامع زوجته في نهار رمضان بدون إنزال
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل جامع زوجته بدون إنزال في نهار رمضان فما الحكم؟ وماذا على الزوجة إذا كانت جاهلة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المجامع في نهار رمضان وهو صائم مقيم عليه كفّارة مغلّظة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
والمرأة مثله إذا كانت راضية. وإن كانت مكرهة فليس عليها شيء. وإن كانا مسافرين فلا إثم ولا كفارة ولا إمساك بقيّة اليوم، وإنما عليهما قضاء ذلك اليوم، لأن الصوم ليس بلازم لهما، وكذلك من أفطر لضرورة كإنقاذ معصوم من هلكة سيقع فيها، فإن جامع ذلك اليوم الذي أفطر فيه لضرورة فلا شيء عليه، لأنه لم ينتهك صوماً واجباً.
والمجامع الصائم في بلده ممن يلزمه الصوم يترتب عليه خمسة أشياء:
1- الإثم. 2- فساد الصوم. 3- لزوم الإمساك. 4- وجوب القضاء.
5 – وجوب الكفارة.
ودليل الكفارة ما جاء في حديث أبي هريرة في الرجل الذي جامع أهله في نهار رمضان، وهذا الرجل لم يستطع الصوم ولا الإطعام، تسقط عنه الكفارة، لأن الله لا يكلّف نفساً إلا وسعها، ولا واجب مع العجز، ولا فرق بين أن يُنزل أو لا يُنزل ما دام الجماع قد حصل بخلاف ما لو حدث إنزال بدون جماع فليس فيه كفارة، وإنما فيه الإثم ولزوم الإمساك والقضاء.
[الْمَصْدَرُ]
الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/1 ص/348.(5/3092)
دواء الغرغرة هل يُبطل الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يبطل الصوم باستعمال دواء الغرغرة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يبطل الصوم إذا لم يبتلعه، ولكن لا تفعله إلا إذا دعت الحاجة ولا تفطر به إذا لم يدخل جوفك شيء منه.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج/1 ص/514.(5/3093)
تريد الصيام وهي تكشف الوجه والشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[أصوم بصفة دورية وأريد أن أعرف هل صيامي صحيح إذا لم أرتدي الحجاب الصحيح؟ عندما أذهب للعمل يكون شعري ورقبتي ويدي مكشوفين بينما أغطي ما عدا ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ننصحك بالالتزام بالحجاب التام أمام الرجال الأجانب حتى يُقبل الصيام ويكون مضاعفا، وكذلك الصلاة وبقية الأعمال الصالحة، وإذا صامت المسلمة مع ترك الحجاب يصح صيامها، وتأثم على ترك الحجاب، فالكشف لا يؤثر على صحة الصيام، ولكن المتبرجة مهددة بالعقوبة من الله على مخالفتها أمر الله، فننصحك يا أمة الله بالتزام أمر الله (يدنيين عليهن من جلابيبهن ... ) وبقوله تعالى (ولا يبدين زينتهن ... ) وبقوله تعالى: (وليضربن بخُمرهن على جيوبهن ... ) .
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3094)
هل ينكر على من رآه يأكل ناسياً في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول بعض الناس: إذا رأيت مسلماً يشرب أو يأكل ناسياً في نهار رمضان فلا يلزمك أن تخبره، لأن الله أطعمه وسقاه كما في الحديث، فهل هذا صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من رأى مسلما يشرب في نهار رمضان أو يأكل أو يتعاطى شيئاً من المفطرات الأخرى، وجب إنكاره عليه، لأن إظهار ذلك في نهار الصوم منكر، ولو كان صاحبه معذوراً في نفس الأمر، حتى لا يجترئ الناس على إظهار ما حرّم الله من المفطرات في نهار الصيام بدعوى النسيان، وإذا كان من أظهر ذلك صادقاً في دعوى النسيان فلا قضاء عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتمّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) متفق على صحته. وهكذا المسافر ليس له أن يُظهر تعاطي المفطرات بين المقيمين الذين لا يعرفون حاله، بل عليه أن يستتر بذلك حتى لا يتّهم بتعاطيه ما حرّم الله عليه، وحتى لا يجرؤ غيره على ذلك، وهكذا الكفار يمنعون من إظهار الأكل والشرب ونحوهما بين المسلمين، سدّاً لباب التساهل في هذا الأمر، ولأنهم ممنوعون من إظهار شعائر دينهم الباطل بين المسلمين. والله وليّ التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن باز ج/4، ص/254.(5/3095)
يجوز الطبخ أثناء الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الطبخ أثناء الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز الطبخ أثناء الصيام.
" ولا حرج في تذوّق الإنسان للطعام في نهار الصيام عند الحاجة، وصيامه صحيح إذا لم يتعمّد ابتلاع شيء منه ".
[الْمَصْدَرُ]
انظر فتاوى اللجنة الدائمة م/10 ص/332.(5/3096)
معانقة الرجل زوجته وهو صائم
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ مدة قصيرة، وأريد أن أستوضح عن أمر شغل بالي. ففي هذا الشهر المبارك، شهر رمضان، وبعد أن أكون قد أمسكت، فأنا أعود إلى السرير، حيث تكون زوجتي هي الأخرى مستلقية عليه في بعض الأوقات. وأنا أعانقها أحيانا، فهل يعني ذلك أن صومي فسد؟ هلا سلطت لي بعض الضوء حول الأمور التي يجوز لي فعلها وتلك التي يحرم علي فعلها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المسلم أن يحفظ صومه مما يُفسده، وأن يحتسب الأجر في ترك الشهوة من الطعام والشراب والنكاح، كما جاء في الحديث في فضل الصائم (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) رواه البخاري (الصوم/1761) ، ولكن لو كان يملك نفسه ويسيطر عليها ولا يَنْزَلِقُ إلى ما يُسبب فساد صومه بخروج المنيِّ أو الجِماع، أو يُنقص صومه بخروج المذي فإنه يجوز له مداعبة زوجته في هذه الحالة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداعب عائشة رضي الله عنه وكان يملك إربه (إي شهوته)
قال الشيخ عبد العزيز بن باز:
تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم، كل ذلك جائز ولا حرج فيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبِّل وهو صائم ويباشر وهو صائم. لكن إن خشي الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة، كره له ذلك، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه عند جمهور أهل العلم. أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم، ولأنه يشق التحرز منه والله ولي التوفيق.
فتاوى الشيخ ابن باز ج/4 ص/202
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3097)
هل أخذ عينة من عنق الرَّحم يفطّر المرأة الصائمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للصائمة إجراء "اختبار المسحة"، حيث تقوم ممرضة بأخذ عينة (مسحة) من عنق الرحم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختبار المسحة وأخذ عينة من عنق الرحم بالنسبة للصائمة إن ترتب على ذلك إنزال المني فإنه يفطر الصائمة لأن فيه شهوة، وإن كان مجرّد سحب عينة بدون شهوة فإنه لا يفطر لكن تأخيره إلى وقت الإفطار في الليل أولى.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الكريم الخضير.(5/3098)
وصل رذاذ العطر إلى حلقه من غير قصد منه
[السُّؤَالُ]
ـ[يتعلق سؤالي بالأمور التي تفسد الصوم. في مدرستي طالبة دائما ما تقوم برش العطر بكمية كبيرة، مما يجعلني أشعر بأن رذاذه يصل إلى حلقي. وأنا أتساءل ما إذا كان ذلك يفسد صومي أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا: يراجع للأهمية جواب سؤال رقم (1200) في حكم الاختلاط.
ثانياً: لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها متعطِّرة، ومن تفعل ذلك فإنها تعرض نفسها للوعيد الشديد، فقد جاء في الحديث عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ "، رواه النسائي (الزينة/5036) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح سنن " النسائي (4737) .
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة التي تخرج إلى المسجد بأن لا تمس طيباً، ومن فعلت ذلك فإن عليها أن تغتسل فقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْتَغْتَسِلْ مِنْ الطِّيبِ كَمَا تَغْتَسِلُ مِنْ الْجَنَابَةِ "، رواه النسائي (الزينة/5037) وصححه الألباني في " صحيح سنن النسائي " (4738) .
ثالثاً: أما استنشاق العطر للصائم فلا شيء فيه فقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن ذلك فقال: يجوز أن يستعملها في نهار رمضان وأن يستنشقها إلا البخور لا يستنشقه لأن له جرماً يصل إلى المعدة وهو الدخان.
" فتاوى إسلامية " (2 / 128) .
وإذا وجدت أثر رذاذ رائحة عطر تلك المرأة في الحلْق فإنه لا شيء عليك إن شاء الله، والعبرة في الإفطار وصول الشيء الذي له جِرْم إلى الجوف مع التعمد والرائحة ليس لها جِرْم، وكذلك فأنت لا اختيار لك في ذلك ولا تعمُّد والله عز وجل يقول: (ولكن ما تعمَّدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً) الأحزاب/ 5، وقد قال تعالى: (ربنا ولا تحمِّلنا ما لا طاقة لنا به) البقرة/286.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3099)
الاحتلام في نهار رمضان، ومعنى حديث: (الحلم من الشيطان)
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد أيام رمضان، نمت بعد الفجر فاحتلمت وخرج المني. وسؤالي هو: هل يُقبل صوم ذلك اليوم إذا أكملته، مع أنه لم يكن باستطاعتي أن أتحكم فيما حدث، إن أنا أكملت يومي صائما؟
السؤال الثاني: هذه الأنواع من الأحلام هي من إبليس، لكنه يُغل أثناء رمضان، (فكيف احتلمت) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاحتلام في نهار رمضان لا يبطل الصوم؛ لأنه أمر خارج عن قدرة الإنسان وطاقته، ولا يستطيع أن يمنعه، والله عز وجل يقول: (لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها) . َ: " لَوْ احْتَلَمَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ , لِأَنَّهُ عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ , فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ شَيْءٌ وَهُوَ نَائِمٌ."
انظر: " المغني " لابن قدامة ج/3 ص/22.
سئلت اللجنة الدائمة عن رجل احتلم في نهار رمضان فما هو الحكم؟ فأجابت:
من احتلم وهو صائم أو محرم بالحج والعمرة فليس عليه إثم ولا كفارة، ولا يؤثر على صيامه، وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منيّاً.
فتاوى اللجنة الدائمة ج/10 ص/274
والاحتلام هو: " رُؤْيَا الْمُبَاشَرَةَ فِي الْمَنَامِ "
وهو من الأشياء التي فطر الله الناس عليها من الرجال والنساء، ولذلك جاء عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أَبِي طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ) رواه البخاري (الغسل/373) ومسلم (الحيض / 471) .
والمراد بالاحتلام هو ما يراه النائم من تصوّر الجماع.
الحديث الذي رواه البخاري عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (الرُّؤْيَا مِنْ اللَّهِ وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ الْحُلُمَ يَكْرَهُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْهُ فَلَنْ يَضُرَّهُ) (التعبير/6488) ومسلم (الرؤيا / 4196) فليس المقصود أن الشيطان هو الذي دفع أو تسبب في ذلك.
وكون مردة الجن تُغَلَّ في رمضان لا بعني توقف الشياطين عن الوسوسة والأمر بالشر، ولكن ذلك يكون في رمضان أقل منه في بقية الشهور، وآثار هذا محسوسة ومشاهدة.
قال ابن حجر: وَإِضَافَة الْحُلُم إِلَى الشَّيْطَان بِمَعْنَى أَنَّهَا تُنَاسِب صِفَته مِنْ الْكَذِب وَالتَّهْوِيل وَغَيْر ذَلِكَ , بِخِلَافِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَة فَأُضِيفَتْ إِلَى اللَّه إِضَافَة تَشْرِيف وَإِنْ كَانَ الْكُلّ بِخَلْقِ اللَّه وَتَقْدِيره.. أهـ
" فتح الباري " (12 / 393) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3100)
حكم تطعيم الكبد الوبائي في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تطعيم الكبد الوبائي في الكتف الأيمن في نهار رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يضرُّ ذلك، ولا يؤثر في الصيام، حيث أن هذا التطعيم ليس من المغذيات.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3101)
تأخير الغسل من الجنابة في رمضان حتى يطلع الفجر لا يُبطل الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[احتلمت قبل السحور مرة.. ولم يكن باستطاعتي أن أغتسل.. وكنت أحس بالخجل الشديد من الاغتسال.. لأن والداي سيعلمان بالأمر (أني احتلمت) .. ولذلك فقد تناولت سحوري دون أن أغتسل، وللأسف فإني لم أصلي صلاة الفجر ذلك الصباح أيضا.. لكني اغتسلت وصليت الفجر لاحقا.. وأريد أن أعرف ما إذا كان صومي مقبولاً. لأني أظن أني أخطأت عندما تناولت سحوري وأنا جنب (من الاحتلام) .. فهل صومي مقبول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يصح صيام من واقع زوجته ليلاً وأصبح جنباً، وكذا يصح صيام من أصابته جنابة في نومه ليلاً أو نهاراً ولا حرج عليه في تأخير الغسل حتى يطلع الفجر، وإنما يُفسد الصيام الجماع في نهار رمضان من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
فتاوى اللجنة الدائمة 10/327
أما تأخيرك الصلاة حتى تطلع الشمس فإنه محرَّم عليك، والواجب تأدية الصلاة في وقتها، وخجلك الشديد من الاغتسال ليس عذراً يبيح لك تأخير الصلاة عن وقتها، والواجب عليك التوبة من ذلك والاستغفار. وفقنا الله وإياك لكل خير.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3102)
السحور ليس شرطاً في صحة الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بغض النظر عن رمضان، إذا أردت أن أصوم الاثنين والخميس بدون أن أتسحر لأنني لا أستطيع أن أستيقظ للفجر وأتسحر، فهل يجوز الصيام بدون سحور؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: ".. السحور ليس شرطاً في صحة الصيام، وإنما هو مستحب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تسحروا فإن في السحور بركة) متفق عليه.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن باز ج/4 ص/259(5/3103)
بلع الصائم للريق وللنخاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الريق يفطر في رمضان أم لا؟ حيث أنه يأتيني ريق كثير وخاصة إذا كنت أقرأ القرآن وفي المساجد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ابتلاع الصائم ريقه لا يفسد صومه ولو كثر ذلك وتتابع في المسجد وغيره، ولكن إذا كان بلغماً غليظاً كالنخاعة فلا تبلعه، بل أبصقه في منديل ونحوه إذا كنت في المسجد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 270
فإن قيل:
هل يجوز بلع النخاعة (النخامة) متعمداً؟
فالجواب:
يحرم بلع النخاعة على الصائم وغير الصائم، لأنها مستقذرة وربما تحمل أمراضاً خرجت من البدن.
ولكنها لا تُفطر الصائم إذا ابتلعها؛ لأنها لم تخرج من الفم، ولا يُعد بلعها أكلاً ولا شرباً، فلو ابتلعها بعد أن وصلت إلى فمه فإنه لا يُفطر بها. انتهى من كلام الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله. أنظر الشرح الممتع (6/428) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3104)
الحجامة للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يفطر الحاجم والمحجوم في نهار رمضان؟
وما الحكم هل يفطران ويقضيان ما فاتهما أم ماذا عليهما؟ آمل إفادتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يُفطر الحاجم والمحجوم، وعليهما الإمساك والقضاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم)
رواه أبو داوود (2367) وابن ماجه (1679) وصححه الألباني في صحيح أبي داوود (2074) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 262(5/3105)
الأكل والشرب نسياناً في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أكل أو شرب في نهار رمضان ناسياً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس عليه بأس وصومه صحيح؛ لقول الله سبحانه في آخر سورة البقرة: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة / 286.
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه قال: " قد فعلت "، ولما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه) متفق عليه.
وهكذا لو جامع ناسياً فصومه صحيح في أصح قولي العلماء للآية الكريمة، ولهذا الحديث الشريف، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة) خرجه الحاكم وصححه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع 6070، وهذا اللفظ يعم الجماع وغيره من المفطرات إذا فعلها الصائم ناسياً، وهذا من رحمة الله وفضله وإحسانه فله الحمد والشكر على ذلك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3106)
شرب بعد الأذان ظنا منه عدم طلوع الفجر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت نائما ولم اسمع أذان الفجر، والمنبه كان متأخرا عن التوقيت الصحيح وبعد أن شربت كوبا من الماء أقيمت الصلاة فماذا علي، أفتوني مأجورين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصحيح من أقوال أهل العلم، أن من أكل ظنا منه أن الفجر لم يطلع، ثم تبين له أن قد طلع، فلا شيء عليه، لأنه جاهل بالوقت فهو معذور.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا تناول الصائم شيئا من هذه المفطرات جاهلا، فصيامه صحيح، سواء كان جاهلا بالوقت، أو كان جاهلا بالحكم، مثال الجاهل بالوقت، أن يقوم الرجل في آخر الليل، ويظن أن الفجر لم يطلع، فيأكل ويشرب ويتبين أن الفجر قد طلع، فهذا صومه صحيح لأنه جاهل بالوقت.
ومثال الجاهل بالحكم، أن يحتجم الصائم وهو لا يعلم أن الحجامة مفطرة، فيقال له: صومك صحيح. والدليل على ذلك قوله تعالى: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) هذا من القرآن.
ومن السنة حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما الذي رواه البخاري في صحيحه، قالت: (أفطرنا يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم طلعت الشمس) فصار إفطارهم في النهار، ولكنهم لا يعلمون بل ظنوا أن الشمس قد غربت ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ولو كان القضاء واجبا لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إلينا " مجوع الفتاوى 19
ويراجع السؤال رقم (38543) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3107)
أخذ الحقن للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التداوي بالحقن في نهار رمضان سواء كانت للتغذية أم التداوي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز التداوي بالحقن في العضل والوريد للصائم في نهار رمضان، ولا يجوز للصائم تعاطي حقن التغذية في نهار رمضان؛ لأنه في حكم تناول الطعام والشراب فتعاطي تلك الحقن يعتبر حيلة على الإفطار في رمضان وإن تيسر تعاطي الحقن في العضل والوريد ليلاً فهو أولى.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 252(5/3108)
سماع الموسيقى في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الموسيقى حرام أثناء الصيام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سماع الموسيقى حرام، سواء في رمضان أو غير رمضان، وهي في رمضان أشد تحريماً، وأعظم إثماً، لأنه ليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، بل المقصود تحقيق تقوى الله تعالى، وصوم الجوارح وامتناعها عن معصية الله.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/183.
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث..) رواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم اهـ
راجع سؤال (37989) .
وقد دلت السنة الصريحة الصحيحة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تحريم سماع آلات الموسيقى.
روى البخاري تعليقاً أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ. . .) . والحديث وصله الطبراني والبيهقي.
والمراد بـ (الحر) الزنى.
والمعازف هي آلات الموسيقى.
والحديث يدل على تحريم آلات الموسيقى من وجهين:
الأول: قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يستحلون) فإنه صريح في أن الأشياء المذكورة محرمة،
فيستحلها أولئك القوم.
الثاني: قرن المعازف مع المقطوع حرمته وهو الزنا والخمر، ولو لم تكن محرمة لما قرنها معها.
انظر: السلسلة الصحيحة للألباني حديث رقم (91) .
والواجب على المؤمن أن ينتهز هذا الشهر المبارك، ويقبل فيه على ربه، ويتوب إلى الله تعالى، ويقلع عن المحرمات التي اعتاد فعلها قبل رمضان، لعل الله تعالى أن يتقبل صيامه، ويصلح أحواله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3109)
الإغماء في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الواجب على من دخل عليه رمضان وهو في حال إغماء بسبب حادث سيارة ولم يُفق إلا بعد اثنين وعشرين يوماً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله فقال:
على القول الراجح: أن زوال العقل بالإغماء من مرض أو غير مرض يُسقط وجوب الصلاة فلا يلزمه القضاء بالنسبة للصلاة، وأما الصيام فيجب عليه قضاء الأيام التي لم يصمها في حال إغمائه.
والفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر، فإذا لم يقضِّ ما فاته فسوف يصلي في اليوم التالي وأما الصوم فإنه لا يتكرر ولهذا كانت الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.
[الْمَصْدَرُ]
اللقاء الشهري 17(5/3110)
الدم الذي يخرج من الأسنان لا يُبطل الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الدم الذي يخرج من بين الأسنان خطأ يفطر أم لا؟ وإذا كان من غير الإنسان نفسه أي من شخص آخر ضربه خطأ؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الدم الذي يخرج من بين الأسنان لا يُفطر، سواء خرج بنفسه أو بضربة إنسان له.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 267
ولكن يحرم على الصائم ابتلاع هذا الدم، فإن ابتلعه عامداً فقد أفطر.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3111)
حكم من قبّل فتاة أجنبية منه في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قبّل فتاة أجنبية منه في رمضان، وهل يجب عليه القضاء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الرجل الذي قبّل امرأة أجنبية منه لا شك أنه لم يأت بحكمة الصوم، لأن هذا الرجل فعل الزور، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) ، فإن فعل ذلك مُكرهاً إياها على ذلك فقد اجتمع في حقه فعل الزور والجهل، فصيامه في الحقيقة فاقد الحكمة ناقص الأجر بلا شك. ولكنه عند جمهور أهل العلم لا يَفسد بمعنى أننا لا نلزمه بقضائه.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج/1 ص/516(5/3112)
حكم تناول السحور والمؤذن يؤذن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستمرار في تناول السحور والمؤذن يؤذن للأذان الثاني أم أنه يمتنع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا فيه تفصيل، إن كان المؤذن أذّن على الصبح (يؤذن إذا طلع الفجر حقيقة) وجب الامتناع والإمساك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يمنعنكم أذان بلال من سحوركم، فإنه يؤذّن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم) . والأصل في هذا قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) فإذا علم أن الفجر طلع حتى ولو ما أذن، كما في صحراء أو نحوه إذا رأى الفجر يمتنع ولو ما سمع أذان.
أما إذا كان المؤذن يؤذن مبكراً أو يشك في أذانه هل وافق الصبح أم لا، فله أن يأكل ويشرب حتى يتحقق طلوع الفجر، إما بالساعات المعروفة التي ضبطت على أنها طلوع الفجر أو بأذان ثفة يعرف أنه يؤذن على الفجر، فله أن يأكل في حالة الأذان، أن يأكل أو يشرب أو يأكل ما في يده أو يشرب ما في يده لأن الأذان ليس على الصبح بل محتمل.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ج/15 ص/282(5/3113)
هل حلق اللحية يبطل الصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حلق اللحية في نهار رمضان هل يبطل الصيام؟ عافانا الله وجميع المسلمين من حلقها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يحرم على الرجل حلق لحيته في رمضان وفي غيره؛ للأحاديث الصحيحة الصريحة الآمرة بإعفائها منها:
قوله صلى الله عليه وسلم: (خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ؛ وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ) رواه البخاري (5892) ومسلم (259) .
وقوله: (جُزُّوا الشَّوَارِبَ، وَأَرْخُوا اللِّحَى، خَالِفُوا الْمَجُوسَ) رواه مسلم (260) .
وقال العلامة ابن مفلح رحمه الله:
" وذكر ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض " انتهى من الفروع (1/130)
ثانياً:
ليس حلق اللحية من المفطرات، لكنه ينقص أجر الصائم. وهكذا جميع المعاصي من كذب وغيبة، ونحو ذلك.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل تحدث المرء بكلام حرام في نهار رمضان يفسد صومه؟
فأجاب:
" إذا قرأنا قول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/183 عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم وهي التقوى، والتقوى هي ترك المحرمات، وهي عند الإطلاق تشمل فعل المأمور به وترك المحظور، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ، وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري (6057) .
وعلى هذا؛ يتأكد على الصائم اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال، فلا يغتاب الناس، ولا يكذب، ولا ينمّ بينهم، ولا يبيع بيعا محرما، ويجتنب جميع المحرمات. وإذا اجتنب الإنسان ذلك في شهر كامل فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام، ولكن المؤسف أن كثيرا من الصائمين لا يفرقون بين يوم صومهم وفطرهم، فهم على العادة التي هم عليها من الأقوال المحرمة من كذب وغش وغيره، ولا تشعر أن عليه وقار الصوم، وهذه الأفعال لا تبطل الصيام، ولكن تنقص من أجره، وربما عند المعادلة تضيع أجر الصوم "
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج19 سؤال رقم233.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3114)
ستة مسائل عن الجماع في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[مما لا يخفى على الجميع أن حكم من جامع زوجته نهار رمضان عليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتاليين أو إطعام ستين مسكيناً.
والسؤال:
1 - إذا جامع الرجل زوجته أكثر من مرة وفي أيام متفرقة هل يصوم عن كل يوم شهرين، أم أن الشهرين تكفي عن كل ما جامع فيه من عدد الأيام.
2 - إذا كان لا يعلم أن من جامع زوجته عليه الحكم المذكور أعلاه، وإنما كان يعتقد أن كل يوم يجامع فيه زوجته يقضيه بيوم واحد فقط فما الحكم في ذلك؟
3 - هل على الزوجة مثلما على الزوج؟
4 - هل يجوز أن يدفع فلوساً بدلاً من الإطعام؟
5 - هل يجوز أن يطعم مسكيناً واحداً عنه وعن زوجته؟
6 - فيما لو لم يجد أحداً يطعمه هل يجوز أن يدفعها فلوساً لإحدى الجمعيات الخيرية مثل جمعية البر بالرياض، أو إحدى الجمعيات الأخرى؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من يجب عليه الصوم:
أولاً: إذا جامع زوجته نهاراً في رمضان مرة أو مرات في يوم واحد فعليه كفارة واحدة إذا كان لم يكفر عن الأولى، وإذا جامع في أيام من رمضان نهاراً فعليه كفارات على عدد الأيام التي جامع فيها.
ثانياً: تجب عليه الكفارة بالجماع ولو كان جاهلاً أنه تلزمه الكفارة بالجماع.
ثالثاً: على الزوجة الكفارة بالجماع كذلك إذا كانت مطاوعة لزوجها في ذلك، أما المكرهة فلا شيء عليها.
رابعاً: لا يجوز أن يدفع فلوساً عن الإطعام ولا يجزئه ذلك.
خامساً: يجوز أن يطعم مسكيناً واحداً نصف صاع عن نفسه ونصف صاع عن زوجته، ويعتبر ذلك واحداً من ستين مسكيناً عنهما جميعاً.
سادساً: لا يجوز دفعها إلى مسكين واحد، ولا إلى جمعية البر أو غيرها؛ لأنها قد لا توزعها على ستين مسكيناً، والواجب على المؤمن أن يحرص على براءة ذمته من الكفارات وغيرها من الواجبات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10/320(5/3115)
هل يبطل الصوم بالإغماء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أصيب بإغماء وهو صائم، فهل يبطل صومه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مذهب الإمامين الشافعي وأحمد أن من أصيب بإغماء في رمضان لا يخلو من حالين:
الأولى:
أن يستوعب الإغماء جميع النهار، بمعنى أنه يغمى عليه قبل الفجر ولا يفيق إلا بعد غروب الشمس.
فهذا لا يصح صومه، وعليه قضاء هذا اليوم بعد رمضان.
والدليل على عدم صحة صومه أن الصوم إمساك عن المفطرات مع النية، لقول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151) . فأضاف الترك إلى الصائم، والمغمى عليه لا يضاف إليه الترك.
وأما الدليل على وجوب القضاء عليه فقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
الثانية:
أن يفيق جزءً من النهار – ولو لحظة - فهذا يصح صيامه. سواء أفاق من أول النهار أو آخره أو وسطه.
قال النووي رحمه الله وهو يذكر اختلاف العلماء في هذه المسألة:
وأصح الأقوال: يشترط الإفاقة في جزءٍ منه اهـ.
أي: يشترط لصحة صوم المغمى عليه أن يفيق جزءً من النهار.
والدليل على صحة صومه إذا أفاق جزءً من النهار أنه قد وجد منه الإمساك عن المفطرات في الجملة.
انظر: "حاشية ابن قاسم على الروض المربع" (3/381) .
وخلاصة الجواب:
أن الرجل إذا أغمي عليه جميع النهار –أي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس- لم يصح صومه، وعليه القضاء.
وإذا أفاق في أي جزء من النهار صح صومه. وهذا هو مذهب الشافعي وأحمد واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
انظر: المجموع (6/346) ، والمغني (4/344) ، الشرح الممتع (6/365) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3116)
جامع زوجته وهي تقضي من رمضان فماذا يترتب عليهما؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعت زوجتي قبل رمضان وكانت تقضي بعض الأيام من شهر رمضان السابق، ولم تتمكن من قضاء جميع الأيام.
ملاحظة: استأذنتني بالصيام وأذنت لها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز لمن شرع في صوم واجب كقضاء رمضان أو كفارة يمين أن يفطر إلا من عذر، كمرض أو سفر.
فإن أفطر - بعذر أو من غير عذر- بقي الصوم في ذمته، فعليه أن يصوم يوما واحدا مكان اليوم الذي أفسده.
فإن كان فطره من غير عذر وجب عليه – مع الصيام - التوبة إلى الله من هذا الفعل المحرم.
وليس على زوجتك كفارة، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع في نهار رمضان فقط.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال (49985) فلينظر.
ثانياً:
وقد أسأت بإفساد صيام زوجتك، لأن الزوجة إذا صامت قضاء رمضان بإذن زوجها لم يكن له إفساد صيامها.
فعليكما التوبة إلى الله، والندم على الفعل، والعزم على عدم العود، فإن كنت أجبرتها فلا إثم عليها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3117)
تقيأ ثم ابتلع قيئه بغير عمد فهل بطل صومه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[صائم تقيأ ثم ابتلع شيئاً من قيئه بغير عمد فما حكمه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تقيأ عمداً فسد صومه، وإن غلبه القيء فلا يفسد صومه، وكذلك لا يفسد ببلعه مادام غير متعمد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 254(5/3118)
أخذ عينة دم للتحليل لا تفطر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أخذ عينة دم مقدارها 5 سم يؤثر على الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يؤثر ذلك على الصيام لأنه قليل ولا يضعف الصائم.
سئل الشيخ ابن باز عن حكم من سحب منه دم وهو صائم في رمضان وذلك بغرض التحليل؟
فأجاب:
"مثل هذا التحليل لا يفسد الصوم بل يعفى عنه؛ لأنه مما تدعو الحاجة إليه، وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر" اهـ. مجموع فتاوى ابن باز (15/274) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص 478) :
عن حكم تحليل الدم للصائم وهل يفطر؟
فأجاب:
"لا يفطر الصائم بإخراج الدم من أجل التحليل، فإن الطبيب قد يحتاج إلى الأخذ من دم المريض ليختبره، فهذا لا يفطر؛ لأنه دم يسير لا يؤثر على البدن تأثير الحجامة فلا يكون مفطرا، والأصل بقاء الصيام ولا يمكن أن نفسده إلا بدليل شرعي، وهنا لا دليل على أن الصائم يفطر بمثل هذا الدم اليسير، وأما أخذ الدم الكثير من الصائم من أجل حقنه في رجل محتاج إليه مثلا، فإنه إذا أخذ من الدم الكثير الذي يفعل بالبدن مثل فعل الحجامة فإنه يفطر بذلك، وعلى هذا فإذا كان الصوم واجبا فإنه لا يجوز لأحد أن يتبرع بهذا الدم الكثير لأحد، إلا أن يكون هذا المتبَرَّع له في حالة خطرة لا يمكن أن يصبر إلى ما بعد الغروب وقرر الأطباء أن دم هذا الصائم ينفعه ويزيل ضرورته، فإنه في هذه الحال لا بأس أن يتبرع بدمه، ويفطر ويأكل ويشرب حتى تعود إليه قوته، ويقضي هذا اليوم الذي أفطره" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3119)
حكم من أتى زوجته في دبرها في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان كنت حديث عهد بعرس، وكنت لا أصبر عن زوجتي، وكنت أستمتع بها في نهار رمضان من غير جماع، وأحسست مع فورة حماسي أنني أدخلته بالدبر وأنزلت. فما الحكم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إتيان الزوجة في دبرها كبيرة من كبائر الذنوب، بل قرنه النبي صلى الله عليه وسلم بإتيان الكهّان، وسمّاه كُفراً، فقال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . رواه الترمذي (135) وأبو داود (3904) وابن ماجه (639) . والحديث: صححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " (2433) .
ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من أتى امرأة في دبرها فقال: (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا) . رواه أبو داود (2162) . والحديث: صححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " (2432) .
ففي هذه الأحاديث بيان تحريم إتيان المرأة في دبرها، وهذا الفعل مناقض للفطرة، موجب لسخط الله وغضبه، ثم هو سبب للأمراض.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
عما يجب على من وطئ زوجته في دبرها؟ وهل أباحه أحد من العلماء؟
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين، الوطء في الدبر حرام في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى ذلك عامة أئمة المسلمين، من الصحابة، والتابعين، وغيرهم؛ فإن الله قال في كتابه: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ) ، وقد ثبت في الصحيح: أن اليهود كانوا يقولون: إذا أتى الرجل امرأته في قُبلها من دبرها جاء الولد أحول، فسأل المسلمون عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ) ، والحرث: موضع الزرع، والولد إنما يزرع في الفرج؛ لا في الدبر ... .
" مجموع الفتاوى " (32 / 267) .
وانظر جواب السؤال رقم: (1103) ففيه بيان حكم إتيان المرأة في دبرها والآثار النفسية والبدنية السيئة.
وانظر جواب السؤال رقم: (6792) ففيه بيان الحكم بأدلته.
وقد سبق في جواب السؤال رقم: (49614) بيان أن للزوج أن يستمتع بزوجه وهو صائم، ما لم يجامع أو ينزل، وأن الجماع في الفرج للزوجة محرم في نهار رمضان، فكيف إذا كان جماعاً في الدبر مع الإنزال؟!
ثانياً:
وأما ما يترتب على صيامك الذي فعلتَ فيه فعلتك: فإن فساد الصوم لا شك فيه، ولزم معه الإمساك عن الطعام والشراب، وقد أوجب جمهور أهل العلم القضاء والكفارة على من أولج في دبر امرأته، أنزل أم لم ينزل.
وهذا الحكم تشترك فيه زوجتك معك، فعليها القضاء والكفارة؛ لأنه يظهر أنها كانت مطاوعة لك.
قال ابن قدامة:
ولا فرق بين كون الفرج قُبُلاً أو دبُراً من ذكر أو أنثى، وبه قال الشافعي. . . لأنه أفسد صوم رمضان بجماع فأوجب الكفارة كالوطء.
انتهى من " المغني " (3/27) باختصار.
وفي جواب السؤال رقم: (38023) :
" فمن جامع في نهار رمضان عامداً مختاراً بأن يلتقي الختانان، وتغيب الحشفة في أحد السبيلين: فقد أفسد صومه، أنزل أو لم يُنزل، وعليه التوبة، وإتمام ذلك اليوم، والقضاء والكفارة المغلظة ".
وعلى المسلم أن يحرص على تقوى الله تعالى، واجتناب حرماته، لاسيما في هذا الشهر، الذي شرع الله صيامه من أجل تحقيق التقوى، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/183.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3120)
إذا حاضت قبل الغروب ولو بلحظة بطل صومها ووجب عليها القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لو جاءت الدورة الشهرية أثناء الصيام هل أتم اليوم صائمة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا حاضت المرأة أثناء الصيام فسد صومها، ولو كان نزول الدم قبل المغرب بلحظة، ووجب عليها قضاؤه إن كان صومها واجباً، ويحرم عليها الاستمرار في الصيام وهي حائض.
قال النووي رحمه الله في المجموع (2/386) :
أَجْمَعَتْ الأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ , وَعَلَى أَنَّهُ لا يَصِحُّ صَوْمُهَا. . . وَأَجْمَعَتْ الأُمَّةُ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَيْهَا , نَقَلَ الإِجْمَاعَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ اهـ باختصار.
وقال ابن قدامة في " المغني" (4/397) :
" أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لا يَحِلُّ لَهُمَا الصَّوْمُ , وَأَنَّهُمَا يُفْطِرَانِ رَمَضَانَ , وَيَقْضِيَانِ , وَأَنَّهُمَا إذَا صَامَتَا لَمْ يُجْزِئْهُمَا الصَّوْمُ , وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: (كُنَّا نَحِيضُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ , وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَالأَمْرُ إنَّمَا هُوَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَلَيْسَ إحْدَاكُنَّ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ , فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا) . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ سَوَاءٌ ; لأَنَّ دَمَ النِّفَاسِ هُوَ دَمُ الْحَيْضِ , وَحُكْمُهُ حُكْمُهُ. وَمَتَى وُجِدَ الْحَيْضُ فِي جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ فَسَدَ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ , سَوَاءٌ وُجِدَ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ , وَمَتَى نَوَتْ الْحَائِضُ الصَّوْمَ , وَأَمْسَكَتْ , مَعَ عِلْمِهَا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ , أَثِمَتْ , وَلَمْ يُجْزِئْهَا" اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في رسالة "الدماء الطبيعية للنساء" (ص 28) :
" وإذا حاضت وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبيل الغروب بلحظة، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضاً.
أما إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد الغروب فإن صومها تام ولا يبطل على القول الصحيح" اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/155) عن امرأة صامت وقبل غروب الشمس وقبل الأذان بفترة قصيرة جاءها الحيض هل يبطل صومها؟
فأجابت: إذا كان الحيض أتاها قبل الغروب بطل الصيام وتقضيه، وإن كان بعد الغروب فالصيام صحيح ولا قضاء عليها اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3121)
إذا طهرت النفساء قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زوجة وضعت قبل ما يقرب 15 يوم من شهر شعبان هل يجوز لها الصلاة والصوم والعمرة وتلاوة القرآن والقيام بكافة التكاليف الشرعية متى وقف دم النفاس وتأكدت من ذلك أو عليها الانتظار 40 يوما كما يقول البعض.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة إلى أن النفاس لا حد لأقله، فمتى طهرت المرأة من النفاس وجب عليها الاغتسال وتصلي وتصوم ولو كان ذلك قبل مرور أربعين يوماً على ولادتها، " لأنه لم يرد في الشرع تحديده فيرجع فيه إلى الوجود وقد وجد قليلاً وكثيراً " قاله ابن قدامة في "المغني" (1/428) .
بل نقل بعض العلماء الإجماع على ذلك، قال الترمذي رحمه الله: "و َقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى أَنَّ النُّفَسَاءَ تَدَعُ الصَّلاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي" اهـ.
وانظر "المجموع" للنووي (2/541) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله (15/195) هل يجوز للمرأة النفساء أن تصوم وتصلي وتحج قبل الأربعين يوماً إذا طهرت؟
فأجاب: نعم يجوز لها أن تصوم وتصلي وتحج وتعتمر ويحل لزوجها وطؤها في الأربعين إذا طهرت، فلو طهرت لعشرين يوماً اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها وما يروى عن عثمان بن أبي العاص أنه كره ذلك فهو محمول على كراهة التنزيه وهو اجتهاد منه رضي الله عنه ولا دليل عليه.
والصواب أنه لا حرج في ذلك إذا طهرت قبل الأربعين يوماً فإن طهرها صحيح فإن عاد عليها الدم في الأربعين فالصحيح أنها تعتبره نفاساً في مدة الأربعين ولكن صومها الماضي في حال الطهارة وصلاتها وحجها كله صحيح لا يعاد شيء من ذلك ما دام وقع حال الطهارة اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/458) :
" إذا رأت المرأة النفساء الطهر قبل تمام الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم ولزوجها جماعها" اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/155) عن امرأة ولدت قبل رمضان بسبعة أيام وطهرت وصامت رمضان. فأجابت: إذا كان الأمر كما ذكر وأن صيامها شهر رمضان في زمن الطهر فإن صيامها صحيح ولا يلزمها القضاء اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3122)
خرج منها سائل أصفر أثناء الصوم بعد أن طهرت
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة طهرت في رمضان قبل طلوع الفجر فصامت ذلك اليوم، ثم قامت الظهر لتصلي فرأت صفرة هل صومها صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الطهر حصل قبل طلوع الفجر ثم صامت فصيامها صحيح ولا أثر للصفرة بعد رؤية الطهر؛ لقول أم عطية رضي الله عنها: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا) رواه البخاري (1/84) ، وأبو داود (307) واللفظ له.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/158)(5/3123)
استمنى جاهلاً أنه مفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد منّ الله علي بالتوبة قبل عام.. واليوم سمعت أن الاستمناء من المفطرات، ولم أكن أعرف ذلك سابقاً.. وقد اقترفت هذا الذنب في رمضان قبل الماضي.. ولا أعلم ماذا أفعل؟ علماً بأنني لا أعلم عدد الأيام التي قمت فيها بهذا الذنب.. أرجوكم أفيدوني ماذا علي فعله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الحمد لله الذي مَنَّ عليك بالتوبة، ونسأله سبحانه أن يتقبل توبتك، ويغفر لك ذنبك، ويلهمك رشدك.
ثانياً:
اختلف العلماء فيمن فعل شيئا من مفسدات الصيام جاهلا، هل يفسد صومه بذلك أم لا على قولين:
الأول: أنه يفسد صومه بذلك، وهو مذهب الشافعي وأحمد، إلا أن الشافعي استثنى إذا كان حديث عهد بالإسلام أو كان ناشئا ببادية بعيدا عن أهل العلم فلا يفسد صومه.
قال النووي في "المجموع" (6/352) :
" إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ جَاهِلا بِتَحْرِيمِهِ - فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلامٍ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ كَوْنُ هَذَا مُفْطِرًا - لَمْ يُفْطِرْ ; لأَنَّهُ لا يَأْثَمُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ النَّصُّ , وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ أَفْطَرَ ; لأَنَّهُ مُقَصِّرٌ " اهـ.
وانظر "المغني" (4/368) ، "الكافي" (2/244) .
وقد اختار هذا القول علماء اللجنة الدائمة، فقد سئلت اللجنة عمن استمنى في نهار رمضان وهو جاهل أن هذا حرام، ولا يعلم عدد الأيام التي فعل فيها هذا المحرم. فأجابت:
" يجب قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب العادة السرية لأنها مفسدة للصيام، واجتهد في معرفة الأيام التي أفطرتها " اهـ.
فتاوى اللجنة الدائمة (10/258) .
والقول الثاني: لا يفسد صومه بذلك كما لا يفسد صوم الناسي.
وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/19) :
" الصَّائِمُ إذَا فَعَلَ مَا يُفْطِرُ بِهِ جَاهِلا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ: فَهَلْ عَلَيْهِ الإِعَادَةُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ. . . وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ لا يَجِبُ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَلا يَثْبُتُ الْخِطَابُ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ , لقوله تعالى: (لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) . وَقَوْلِهِ: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا) . وَلِقَوْلِهِ: (لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ مُتَعَدِّدٌ , بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لا يُعَاقِبُ أَحَدًا حَتَّى يُبَلِّغَهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ. وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَآمَنَ بِذَلِكَ , وَلَمْ يَعْلَمْ كَثِيرًا مِمَّا جَاءَ بِهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ عَلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ , فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُعَذِّبْهُ عَلَى تَرْكِ الإِيمَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ , فَإِنَّهُ لا يُعَذِّبُهُ عَلَى بَعْضِ شَرَائِطِهِ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ أَوْلَى وَأَحْرَى , وَهَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ. فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ ظَنُّوا أَنَّ قوله تعالى: (الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) هُوَ الْحَبْلُ الأَبْيَضُ مِنْ الْحَبْلِ الأَسْوَدِ. فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَرْبِطُ فِي رِجْلِهِ حَبْلا. ثُمَّ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَذَا مِنْ هَذَا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُرَادَ بَيَاضُ النَّهَارِ , وَسَوَادُ اللَّيْلِ. وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِعَادَةِ اهـ.
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/66) :
" وَقَدْ عَفَا (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) عَمَّنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ عَمْدًا غَيْرَ نَاسٍ لَمَّا تَأَوَّلَ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ بِالْحَبْلَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ , فَجَعَلَ يَأْكُلُ حَتَّى تَبَيَّنَا لَهُ وَقَدْ طَلَعَ النَّهَارُ , وَعَفَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَضَاءِ , لِتَأْوِيلِهِ اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن شاب استمنى في رمضان جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته، فما الحكم؟
فأجاب:
الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم إلا بثلاثة شروط: العلم، والذكر، والإرادة. راجع السؤال (28023) .
ولكني أقول: إنه يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء، لأنه حرام لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ) المؤمنون/5-7.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) .
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أيسر على المكلف، ولأن الإنسان يجد فيه متعة، بخلاف الصوم ففيه مشقة، فلما عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم، دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز اهـ.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/981) .
والأحوط لك أن تقضي تلك الأيام، واجتهد في تحديد عددها بما يغلب على ظنك.
قال الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (15/304) :
"أما من جامع في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصيام، لكونه بالغا صحيحا مقيما، جهلا منه، فقد اختلف أهل العلم في شأنه، فقال بعضهم: عليه الكفارة؛ لأنه مفرط في عدم السؤال والتفقه في الدين، وقال آخرون من أهل العلم: لا كفارة عليه من أجل الجهل، وبذلك تعلم أن الأحوط لك هو الكفارة، من أجل تفريطك وعدم سؤالك عما يحرم عليك قبل أن تفعل ما فعلت" اهـ.
فأمره بالكفارة احتياطاً، ووجوب الكفارة هنا لأنه أفطر بالجماع، والكفارة لا تجب بشيء من مفسدات الصيام إلا بالجماع في نهار رمضان، كما تقدم في إجابة السؤال (28023) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3124)
حكم من أفطر ناسياً
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم الإفطار ناسياً في صيام التطوع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى البخاري (6669) ومسلم (1155) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ) .
وورد أيضاً التصريح بعدم وجوب الكفارة والقضاء.
روى اِبْن خُزَيْمَةَ (1999) عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْر رَمَضَان نَاسِيًا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَلا كَفَّارَة) حسنه الألباني في صحيح ابن خزيمة.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ أَكَلَ فِي شَهْر رَمَضَان نَاسِيًا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ) .
قال الحافظ:
"وَإِسْنَادُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ صَالِحٌ لِلْمُتَابَعَةِ , فَأَقَلُّ دَرَجَاتِ الْحَدِيثِ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا فَيَصْلُحُ لِلاحْتِجَاجِ بِهِ , وَقَدْ وَقَعَ الِاحْتِجَاج فِي كَثِير مِنْ الْمَسَائِل بِمَا هُوَ دُونه فِي الْقُوَّة , وَيَعْتَضِدُ أَيْضًا بِأَنَّهُ قَدْ أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَة مِنْ غَيْر مُخَالَفَةٍ لَهُمْ مِنْهُمْ - كَمَا قَالَهُ اِبْن الْمُنْذِرِ وَابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُمَا - عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو هُرَيْرَة وَابْن عُمَر , ثُمَّ هُوَ مُوَافِق لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) فَالنِّسْيَان لَيْسَ مِنْ كَسْب الْقَلْب , وَمُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ فِي إِبْطَالِ الصَّلاةِ بِعَمْدِ الأَكْلِ لا بِنِسْيَانِهِ فَكَذَلِكَ الصِّيَام.
وَفِي الْحَدِيثِ لُطْفُ اللَّهِ بِعِبَادِهِ وَالتَّيْسِير عَلَيْهِمْ وَرَفْعُ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ عَنْهُم اهـ باختصار.
فاستدل جمهور العلماء بهذه الأحاديث على أنه من نسي وهو صائم فأفطر فصومه صحيح، بل يتم صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة، وعموم الحديث يشمل الصوم الواجب والتطوع، فلا فرق بينهما.
قال الشافعي في الأم (2/284) :
"وَإِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ أَوْ نَذْرٍ أَوْ صَوْمِ كَفَّارَةٍ أَوْ وَاجِبٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَوْ تَطَوُّعٍ نَاسِيًا , فَصَوْمُهُ تَامٌّ وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ" اهـ.
وقال النووي:
"فِيهِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ الأَكْثَرِينَ: أَنَّ الصَّائِم إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا لَا يُفْطِرُ , وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة وَدَاوُد وَآخَرُونَ اهـ.
قال الحافظ:
وَمِنْ الْمُسْتَظْرَفَاتِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّ إِنْسَانًا جَاءَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَة فَقَالَ: أَصْبَحْت صَائِمًا فَنَسِيت فَطَعِمْت , قَالَ لا بَأْسَ. قَالَ: ثُمَّ دَخَلْت عَلَى إِنْسَانٍ فَنَسِيت وَطَعِمْت وَشَرِبْت , قَالَ: لا بَأْسَ اللَّهُ أَطْعَمَك وَسَقَاك. ثُمَّ قَالَ: دَخَلْت عَلَى آخَرَ فَنَسِيت فَطَعِمْت , فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنْتَ إِنْسَانٌ لَمْ تَتَعَوَّدْ الصِّيَامَ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3125)
إذا رأت كدرة بعد الطهر فإنها تصلي وتصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت الدورة قد انتهت كاملا واغتسلت ليلاً، ونويت الصوم من الليل، ولكن عندما قمت لأصلي الفجر وأنا على طهارة كاملة تفاجأت بنزول خيط أبيض ومعه جزء يسير لونه بني فاتح يكاد لا يلاحظ إلا من قرب، ولكن لم ينزل أثناء الغسل.
فهل هذه الصلاة صحيحة أم لابد من إعادتها؟ وهل يصح الصوم في ذلك اليوم؟ مع العلم أنني لم أغتسل بعد نزول هذا الشيء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الكدرة التي تنزل بعد الطهر ليست بشيء، ولا تعتبر حيضاً، فصومك صحيح، ولا يجب عليك الاغتسال بعد نزولها، لقول أُمِّ عَطِيَّةَ: (كُنَّا لا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا) . رواه أبو داود (307) وصححه الألباني في صحيح أبي داود. ورواه البخاري (326) بلفظ: (كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا) .
لكن هذه الكدرة ناقضة للوضوء، فإذا كنت توضأت لصلاة الفجر بعد نزولها فصلاتك صحيحة ولا شيء عليك، وإن كانت نزلت بعد الوضوء وقبل الصلاة ولم تعيدي الوضوء فعليك إعادة تلك الصلاة لأنك قد صليتها بلا وضوء.
سئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (10/214) :
ألاحظ أنه عند اغتسالي من العادة الشهرية وبعد جلوسي للمدة المعتادة لها وهي خمسة أيام أنها في بعض الأحيان تنزل مني كمية قليلة جدا، وذلك بعد الاغتسال مباشرة، ثم بعد ذلك لا ينزل شيء، وأنا لا أدري هل آخذ بعادتي فقط خمسة أيام وما زاد لا يحسب، وأصلي وأصوم وليس علي شيء في ذلك، أم أنني أعتبر ذلك اليوم من أيام العادة فلا أصلي ولا أصوم فيه؟ علما أن ذلك لا يحدث معي دائما وإنما بعد كل حيضتين أو ثلاث تقريبا؟
فأجاب:
إذا كان الذي ينزل عليك بعد الطهارة صفرة أو كدرة فإنه لا يعتبر شيئا، بل حكمه حكم البول.
أما إن كان دما صريحا فإنه يعتبر من الحيض، وعليك: أن تعيدي الغسل؛ لما ثبت عن أم عطية رضي الله عنها وهي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في فتاوى الصيام (ص105) : امرأة تقول: جاءها الحيض، وتوقف عنها الدم في اليوم السادس من المغرب حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، واغتسلت هذا اليوم وصامت اليوم الذي بعده، ثم جاءتها كدرة بنية وصامت هذا اليوم، هل يعتبر هذا من الحيض مع أن عادتها تجلس سبعة أيام؟
فأجاب:
هذه الكدرة ليست من الحيض، الكدرة التي تصيب المرأة من بعد طهارتها ليست بشيء، قالت أم عطية ـ رضي الله عنها ـ: «كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً» . وفي رواية أخرى: «كنا لا نعدها شيئاً» . ولم تذكر بعد الطهر. والحيض دم ليس بكدرة ولا صفرة، وعلى هذا فيكون صيام هذه المرأة صحيحاً، سواء في اليوم الذي لم تر فيه الكدرة، أو اليوم الذي رأت فيه الكدرة، لأن هذه الكدرة ليست بحيض اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/158) :
عن امرأة طهرت في رمضان قبل طلوع الفجر فصامت ذلك اليوم، ثم قامت الظهر لتصلي فرأت صفرة هل صومها صحيح؟
فأجابت:
إذا كان الطهر حصل قبل طلوع الفجر ثم صامت فصيامها صحيح ولا أثر للصفرة بعد رؤية الطهر؛ لقول أم عطية رضي الله عنها: (كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا) اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3126)
التصوير الطبي من الرجل للنساء وعلاقته بالصيام واللمس
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال التصوير الشعاعي، ومن ضمن أنواعه التصوير النسائي الذي يستلزم إجراء فحص للمريضة، فما حكم صيام من اضطرت لعمل الصورة هل تفطر وتعيد؟ وما حكم وضوئي إذا قمت أنا بفحصها للتصوير مع العلم أني أضع " قفازات " أثناء الفحص؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: لا يؤثر التصوير الشعاعي على الصيام، ولا يعتبر من مفسدات الصيام إلا إن تناول المريض دواء، أو تناول طعاما أو شرابا قبله بأمر الطبيب فيفسد صومه بسبب الأكل والشرب.
ثانياً: لا يؤثر الفحص على وضوء من يقوم به، وقد سبق في إجابة السؤال رقم (20710) (22757) أن الصحيح من أقوال العلماء أن مس المرأة الأجنبية لا ينقض الوضوء.
ولا يجوز للرجل الأجنبي أن يعالج امرأة أجنبية ولا العكس إلا من ضرورة، وينبغي أن تقدَّر هذه الضرورة بقدرها، فلا يجوز الكشف لأدنى سبب ولأقل مرض، ولا يجوز النظر إلى أكثر من موضع الألم المراد الكشف عليه، ولا يجوز أن تكون خلوة بين المعالج والمريض.
وقد سبق في جواب السؤال (2198) حكم علاج الرجال للنساء.
ومس الأجنبي للمرأة والعكس محرَّم، ووضع القفازات أهون عندما تكون هناك ثمة ضرورة في العلاج.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3127)
مبتلى بكثرة الاستمناء في رمضان فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن المبتلى بكثرة الاستمناء يوميّاً، ماذا يفعل في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصحيح من أقوال أهل العلم أن الاستمناء محرم، ولمعرفة بيان ذلك: فليراجع جواب السؤال رقم (329) .
وأما يتعلق به من أحكام في نهار رمضان فلينظر جواب السؤال رقم: (38074) .
والواجب على الشاب أن يتقي الله تعالى ربَّه، وأن يبتعد عن المثيرات لشهوته من سماع أو نظر، وأن يستفيد من شهر رمضان بتهذيب نفسه وتقويمها، فهو شهر القرآن وشهر التقوى، فلا يليق بالمسلم أن لا يستفيد منه في ترك شهوته المحرمة ابتغاء الأجر وخوفاً من ربه تعالى. قال الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151)
قال الشيخ ابن عثيمين:
يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء؛ لأنه حرام لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافظونَ. إِلاَّ عَلى أَزواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَآءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ".
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أيسر على المكلف، ولأن الإنسان يجد فيه متعة، بخلاف الصوم ففيه مشقة، فلما عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم: دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / 189) .
وعليك أن تبذل جهدك لتتزوج لتتخلص من هذه العادة السيئة، واستعن بربك تعالى بدعائه وطاعته ليخلصك من إثم هذه العادة.
ونسأل الله تعالى أن يطهر قلبك وجوارحك، وأن يوفقك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3128)
حكم جماع الزوجة في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز نكاح الزوجة في شهر رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الظاهر أن مراد السائل بالنكاح الجماع.
وجماع الزوجة في رمضان له حالان، إما أن يكون ليلاً، وإما أن يكون نهاراً.
أما الجماع في الليل فمباح، (والليل من أول غروب الشمس إلى طلوع الفجر) .
وقد كان الحكم في أول الإسلام إباحة الجماع في ليالي رمضان ما لم ينم، فإذا نام حرم عليه الجماع، ولو استيقظ قبل طلوع الفجر، ثم خفف الله تعالى هذا الحكم وأباح الجماع في ليالي رمضان مطلقاً، وقد دل على ذلك قول الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187.
قال السعدي (ص 87) :
" كان في أول فرض الصيام، يحرم على المسلمين في الليل بعد النوم الأكل والشرب والجماع، فحصلت المشقة لبعضه م، فخفف الله تعالى عنهم ذلك، وأباح في ليالي الصيام كلها الأكل والشرب والجماع، سواء نام أو لم ينم، لكونهم يختانون أنفسهم بترك بعض ما أمروا به.
{فتاب} الله {عليكم} بأن وسع لكم أمرا كان ـ لولا توسعته ـ موجبا للإثم {وعفا عنكم} ما سلف
{فالآن} بعد هذه الرخصة والسعة من الله {باشروهن} وطأ وقبلة ولمسا وغير ذلك.
{وابتغوا ما كتب الله لكم} أي: انووا في مباشرتكم لزوجاتكم التقرب إلى الله تعالى والمقصود الأعظم من الوطء، وهو حصول الذرية وإعفاف فرجه وفرج زوجته، وحصول مقاصد النكاح " اهـ.
وقال الجصاص في "أحكام القرآن" (1/265) :
فَأَبَاحَ الْجِمَاعَ وَالأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي لَيَالِي الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ"اهـ.
وروى البخاري (4508) عن الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لا يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ.
قال الحافظ:
قَوْله: (لَمَّا نَزَلَ صَوْم رَمَضَان كَانُوا لا يَقْرَبُونَ النِّسَاء) ظَاهِر سِيَاق الحَدِيث أَنَّ الْجِمَاع كَانَ مَمْنُوعًا فِي جَمِيع اللَّيْل وَالنَّهَار , بِخِلَافِ الأَكْل وَالشُّرْب فَكَانَ مَأْذُونًا فِيهِ لَيْلا مَا لَمْ يَحْصُل النَّوْم , لَكِنْ بَقِيَّة الأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي هَذَا الْمَعْنَى تَدُلّ عَلَى عَدَم الْفَرْق, فَيُحْمَل قَوْله " كَانُوا لا يَقْرَبُونَ النِّسَاء " عَلَى الْغَالِب جَمْعًا بَيْن الأَخْبَار اهـ باختصار.
ومعنى: {تَخْتَانُونَ أَنْفُسكُمْ} : أي: تُجَامِعُونَ النِّسَاء وَتَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ فِي الْوَقْت الَّذِي كَانَ حَرَامًا عَلَيْكُمْ. ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ. وعَنْ مُجَاهِد: {تَخْتَانُونَ أَنْفُسكُمْ} قَالَ: تَظْلِمُونَ أَنْفُسكُمْ اهـ من عون المعبود.
وأما الجماع في نهار رمضان ممن يجب عليه الصوم، فقد أجمع العلماء على تحريمه وأنه من مفسدات الصيام.
قال في المغني (4/372) :
" لا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا , فِي أَنَّ مَنْ جَامَعَ فِي الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ , أَوْ دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ , أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ إذَا كَانَ عَامِدًا , وَقَدْ دَلَّتْ الأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ عَلَى ذَلِكَ" اهـ.
بل الجماع أعظم مفسدات الصيام، فإنه تجب فيه الكفارة.
روى البخاري (2600) ومسلم (1111) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هَلَكْتُ فَقَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ قَالَ تَجِدُ رَقَبَةً قَالَ لا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لا قَالَ فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لا قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ قَالَ عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا قَالَ اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ
ولمعرفة ما يترتب على الجماع في نهار رمضان يراجع السؤال رقم (49614) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3129)
نزول المذي لا يفسد الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[بطبيعة عملي في مركز بيع فإني في نهار رمضان استقبل البنات وأكلمهن من غير شهوة ولكني أحس بشيء نزل من الذكر لا أعرف ما هو هل هو مني أو مذي فهل فسد صومي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا السائل متردد بين أن يكون منيا أو مذيا.
و"الفرق بين المني والمذي: أن المني من الرجل ماء غليظ أبيض، ومن المرأة رقيق أصفر، وأما المذي فهو ماء رقيق أبيض لزج يخرج عند الملاعبة، أو تذكر الجماع، أو إرادته، أو نظر، أو غير ذلك، ويشترك الرجل والمرأة فيه" اهـ.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/418) .
والغالب أن هذا الذي نزل منك مذي وليس منياً لأن المني يخرج بدفق ويشعر به الرجل.
والتسبب في إنزال المني من مفسدات الصيام كما لو جامع أو قَبَّل أو باشر، أو كرر النظر إلى النساء فأنزل منيا، فيفسد صومه. راجع السؤال (2571) .
وأما المذي فقد اختلف العلماء في إفساد الصوم به إن تسبب في نزوله.
فمذهب الحنابلة أنه يفطر به إن كان سبب نزوله المباشرة كاللمس باليد أو التقبيل وما أشبه ذلك.
فإن كان سبب نزوله تكرار النظر فإنه لا يفطر به.
وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن نزول المذي لا يفطر به مطلقا سواء نزل بمباشرة أم بغيرها، وأن المفسد للصيام هو نزول المني لا المذي.
انظر المغني (4/363) .
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/236) بعد أن ذكر مذهب الحنابلة في المسألة: " ولا دليل له صحيح، لأن المذي دون المني لا بالنسبة للشهوة ولا بالنسبة لانحلال البدن، فلا يمكن أن يلحق به.
والصواب: أنه إذا باشر فأمذى، أو استمنى فأمذى أنه لا يفسد صومه، وأن صومه صحيح، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والحجة فيه عدم الحجة (أي عدم الحجة على أن نزول المذي مفسد للصيام) ، لأن هذا الصوم عبادة شرع فيها الإنسان على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل اهـ.
ومعنى: (استمنى فأمذى) أنه حاول إنزال المني ولكنه لم يُنزل وإنما أنزل مذياً.
وسئل الشيخ ابن باز (15/267) : إذا قبل الإنسان وهو صائم أو شاهد بعض الأفلام الخليعة وخرج منه مذي، فهل يقضي الصوم؟
فأجاب:
خروج المذي لا يبطل الصوم في أصح قولي العلماء؛ سواء كان ذلك بسبب تقبيل الزوجة، أو مشاهدة بعض الأفلام، أو غير ذلك مما يثير الشهوة. ولكن لا يجوز لمسلم مشاهدة الأفلام الخليعة، ولا استماع ما حرم الله من الأغاني وآلات اللهو، أما خروج المني عن شهوة، فإنه يبطل الصوم سواء حصل عن مباشرة، أو قبلة، أو تكرار النظر، أو غير ذلك من الأسباب التي تثير الشهوة كالاستمناء ونحوه، أما الاحتلام والتفكير فلا يبطل الصوم بهما ولو خرج مني بسببهما اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/273) : في أحد أيام رمضان كنت جالسا بجوار زوجتي ونحن صيام، حوالي نصف ساعة، وكنا نمزح وبعد أن ابتعدت عنها وجدت على سروالي نقطة مبتلة خارجة من الذكر، وقد تكررت مرة ثانية أرجو إفادتي هل علي كفارة؟
فأجابت:
إذا كان الواقع كما ذكرت فليس عليك قضاء ولا كفارة مراعاة للبقاء مع الأصل، إلا أن يثبت أن ذلك البلل مني فعليك الغسل والقضاء دون الكفارة اهـ.
والحاصل أنه لا يلزمك شيء وصيامك صحيح حتى تتيقن أن هذا الذي خرج منك مني. فإن كان منيا فعليك قضاء ذلك اليوم ولا كفارة عليك.
وعليك بتجنب الكلام مع النساء من غير حاجة، وإذا احتجت للكلام معهن فعليك بغض البصر امتثالاً لقول الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) النور/30.
وروى مسلم (2159) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي.
قال النووي:
(الْفُجَاءَة) هِيَ الْبَغْتَة. وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ , وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال , فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ , وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث , فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) اهـ.
وإذا أمكن وجود امرأة تتولى البيع للنساء ومخاطبتهن فإن ذلك أولى وأسلم.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3130)
يريد الزوجان القيام بعملية التلقيح الصناعي في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجنا منذ مدة، ولم يرزقنا الله بأطفال حتى الآن سوف نقوم بعملية التلقيح الصناعي، ولكن الميعاد المناسب لهذه العملية سوف يكون إن شاء الله فى شهر رمضان المبارك، وذلك على حسب ميعاد التبويض وهذا سوف يضطرني أنا وزوجي أن نكون على غير طهارة ونفطر في رمضان، فلا أدري ماذا أفعل، وهل الله سوف يغفر لنا حيث إننا مضطرون لذلك؟ وهل هناك كفارة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: ننبه إلى أن التلقيح الصناعي فيه مفاسد متعددة، وقد ثبتَ عن كثير من الأطباء أنهم يقومون عن عمد بتغيير ماء الرجل بماء آخر؛ وذلك عن خبث نفسي أو لجزمه بعدم صلاحية مائه للإنجاب فيؤديه طمعه في المال لهذا.
وثبت في كثير من المستشفيات وقوع أخطاء في تبديل العينات، ومن هنا شدَّد العلماء في هذا الأمر ولم يجيزوه في حال حفظ العينات وتأخير وضع الماء في رحم المرأة، ومنعه آخرون مطلقاً لما تعتري هذه الطريقة من احتمال الخطأ وهو ما يؤدي إلى اختلاط الأنساب والوقوع في محاذير ومفاسد متعددة.
ثانياً:
ليس هذا الفحص من باب الضرورة حتى يتسبب الرجل في فطره وفطر زوجته، فيمكن تأجيل ذلك إلى الليل أو إلى ما بعد شهر رمضان.
فالذي ينصح به هو الصبر على قدر الله تعالى والأخذ بالأسباب الشرعية للإنجاب، وفي حال إصراركم على التلقيح الصناعي فلا بد من أخذ أشد الاحتياطات من مراقبة العينة وإدخالها مباشرة في رحم المرأة من طبيبة موثوق في دينها، وأن يتجنب نهار رمضان لعدم الاضطرار إلى ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3131)
يحتاج إلى أخذ حقن في الوريد فهل يؤثر ذلك على الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أصدقائي مصاب بداء السرطان ومضطر لأخذ جلسة العلاج في رمضان وهي عبارة عن عدد من الأدوية تتم إذابتها في محاليل ويتم إعطاؤها عن طريق الوريد. فهل يصح الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخذ الحقن في نهار رمضان للصائم له حالان:
الأولى: أن تكون هذه الحقن مغذية بحيث تغني عن الطعام والشراب، فهذه الحقن مفطرة لأنها بمعنى الأكل والشرب.
الثانية: ألا تكون مغذية، فهذه لا تفطر ولا تؤثر على الصيام. ولا فرق في ذلك بين أن تكون هذه الحقن في الوريد أو في العضل.
وإذا أمكن أن تكون هذه الحقن ليلاً فهو أولى، احتياطاً للصيام.
سئل الشيخ ابن باز (15/257) عن حكم من حقن حقنة في الوريد والعضل أثناء النهار بشهر رمضان وهو صائم وأكمل صومه، هل فسد صومه ووجب قضاؤه أم لا؟
فأجاب:
صومه صحيح؛ لأن الحقنة في الوريد ليست من جنس الأكل والشرب، وهكذا الحقنة في العضل من باب أولى، لكن لو قضى من باب الاحتياط كان أحسن. وتأخيرها إلى الليل إذا دعت الحاجة إليها يكون أولى وأحوط؛ خروجا من الخلاف في ذلك اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص220) عن حكم حقن الإبر في العضل أو الوريد أو الورك؟
فأجاب:
حقن الإبر في الوريد والعضل والورك ليس به بأس، ولا يفطر به الصائم، لأن هذا ليس من المفطرات، وليس بمعنى المفطرات، فهو ليس بأكل ولا شرب، ولا بمعنى الأكل والشرب، وقد سبق لنا بيان أن ذلك لا يؤثر، وإنما المؤثر حقن المريض بما يغني عن الأكل والشرب اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/252) عن حكم التداوي بالحقن في نهار رمضان سواء كانت للتغذية أم التداوي؟
فأجابت: يجوز التداوي بالحقن في العضل والوريد للصائم في نهار رمضان، ولا يجور للصائم تعاطي حقن التغذية في نهار رمضان، لأنه في حكم تناول الطعام والشراب فتعاطي تلك الحقن يعتبر حيلة على الإفطار في رمضان، وإن تيسر تعاطي الحقن في العضل والوريد ليلا فهو أولى اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3132)
رياضي فهل يتناول الهرمونات في السحور؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ألعب في لعبة كمال الأجسام وآخذ إبر تحقن في الدم بعد الإفطار في الصيام والإشكال أنها إبر هرمونات تجرى في الدم في وقت الصيام، فهل يؤثر هذا على الصيام.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نرجو أن تكون لاعباً لهذه اللعبة وفق الشروط الشرعية؛ لأن مبنى هذه اللعبة على عرض العورات أمام المشاهدين، فضلاً عن تناول الضار لتناسق الجسم كما يزعمون.
وتناول المقويات أو الهرمونات أو عموم الطعام والشراب في الليل، وبقاء أثره طيلة النهار في الصيام أمرٌ جائز، والممنوع هو فعل ذلك بالنهار من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187
وقد حثّ الشرع على السحور وتأخيره إلى آخر الليل لما فيه من إعانة الصائم على الصيام.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تسحروا فإن في السحور بركة ". رواه البخاري (1823) ومسلم (1095) .
سئل الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -:
ما المراد ببركة السحور المذكورة في الحديث؟ .
فأجاب بقوله:
بركة السحور المراد بها: البركة الشرعية، والبركة البدنية، أما البركة الشرعية فمنها: امتثال أمر الرسول والاقتداء به صلى الله عليه وسلم، وأما البركة البدنية فمنها: تغذية البدن وقوته على الصوم. " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19/السؤال رقم 339) .
وفي جواب السؤال (26111) زيادة بيان فلينظر.
ويبقى أمر يتعلق بالهرمونات المتناولة لهذه اللعبة وهو النظر في ضررها، فإن ثبت فيها الضرر: فلا يحل تناولها.
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه (2340) .
قال النووي: حديث حسن، وله طرق يقوِّي بعضها بعضا. وصححه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (896) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3133)
يريد من زوجته أن تفطر وتقضي من غير عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[شاءت الأقدار أن يكون الأسبوع الأول من رمضان هو أسبوع زواجي وزوجي لا يستطيع أن يسيطر على رغباته وأنا لا أريد أن أفطر، زوجي يقول لي أنه لا ضرر إن أفطرت يوما وأقضيه بعد ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قول شاءت الأقدار غير صحيح، لأن الذي يشاء هو الله الواحد القهار سبحانه وتعالى.
وقد تقدم بيان ذلك في إجابة السؤال رقم (8621) .
ثانياً:
الإفطار في رمضان من غير عذر من أكبر الكبائر، ويكون فاعله فاسقاً، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى من هذه المعصية الكبيرة.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد فيمن أفطر من رمضان من غير عذر.
روى الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عذاب من يفطر في رمضان بغير عذر فقال: فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما. قلت: من هؤلاء؟! قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تَحِلَّة صومهم. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3951) .
فعلى هذا يجب على هذا الزوج أن يتقي الله تعالى ولا يتهاون في أمر الصيام، فإن الأمر خطير.
وعليك أن لا تطيعه في هذا الأمر فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والفطر في رمضان وقضاء الصيام إنما شُرع لمن أفطر بعذر كالمرض والسفر وما أشبه ذلك، أما إفطار المسلم في رمضان من غير عذر فإنه يعرض نفسه لغضب الله تعالى وعذابه، نسأل الله السلامة والعافية.
راجع السؤال رقم (38747) .
ثالثاً:
الجماع من مفسدات الصيام، بل هو أعظمها إثماً، ولهذا وجبت فيه الكفارة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتاوى الصيام (ص337) :
المجامع في نهار رمضان وهو صائم مقيم (أي غير مسافر) عليه كفارة مغلظة , وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، والمرأة مثله إذا كانت راضية، وإن كانت مكرهة فليس عليها شيء، وإن كانا مسافرين فلا إثم، ولا كفارة، ولا إمساك بقية اليوم، وإنما عليهما قضاء ذلك اليوم، لأن الصوم ليس بلازم لهما.
والمجامع الصائم في بلده ممن يلزمه الصوم يترتب عليه خمسة أشياء:
أولا: الإثم.
ثانيا: فساد الصوم.
ثالثا: لزوم الإمساك.
رابعا: وجوب القضاء.
خامسا: وجوب الكفارة، ودليل الكفارة ما جاء في حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا قَالَ لا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ. رواه البخاري (1936) ومسلم (1111)
وهذا الرجل إن لم يستطع الصوم ولا الإطعام تسقط عنه الكفارة؛ لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا واجب مع العجز، ولا فرق بين أن ينزل أو لا ينزل ما دام الجماع قد حصل، بخلاف ما لو حدث إنزال بدون جماع، فليس فيه كفارة، وإنما فيه الإثم ولزوم الإمساك والقضاء اهـ.
وسئل أيضاً: عن رجل يجبر زوجته على الجماع في نهار رمضان؟
فأجاب:
يحرم عليها أن تطيع زوجها أو تمكنه من ذلك في هذه الحال، لأنها في صيام مفروض وعليها أن تدافعه بقدر الإمكان، ويحرم على زوجها أن يجامعها في هذه الحال وإذا كانت لا تستطيع أن تتخلص منه فإنه ليس عليها شيء لا قضاء ولا كفارة لأنها مكرهة اهـ. فتاوى الصيام (ص 339) .
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3134)
مازح فتاة في رمضان فأفطر تأديبا لنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعيش ببلد الاغتراب (أوروبا) لمدة طويلة منذ 16سنة حتى أنهيت دراساتي الجامعية وقد كان عمري 22سنة، في رمضان المعظم عندما التقيت على الصدفة بفتاة بالسكن الجامعي الذي كان مختلطا وكنت صائما إلا أنني هزمني شيطاني فحاولت ممازحتها ومداعبتها أو تقبيلها ولكنني تراجعت وعدت إلى غرفتي نادما على صنيعي ثم قلت أنا مسلم وأصنع هذا وفي رمضان أنا لا أستحق الانتماء بصنيعي هذا إلى الدعاة المخلصين الذين ألتقي معهم كل يوم، أنا لا أستحق هذا الخير وأنا بصنيعي هذا قد أفطرت حتما وكان علي أن أغتسل من مذي ربما، ثم تناولت الماء انتقاما من نفسي وأفطرت ذلك اليوم ... ماذا علي أفيدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما حدث لك هو أثر من آثار الإقامة ببلاد الكفر والدراسة المختلطة بها، ولهذا كثُر تحذير أهل العلم من ذلك، ونحمد الله أن هداك وعصمك من الوقوع فيما هو أعظم من ذلك.
وقد أخطأت خطأ عظيما بتعمدك الفطر في نهار رمضان، وكان عليك أن تستغفر الله مما بدر منك مع الفتاة، وأن تواصل صيامك.
وأعلم أن من أعظم وسائل الشيطان التي تصدّ عن طريق الخير أن يعيقك عن صحبة الأخيار أو عن عمل الخير بحجة كونك لست أهلاً لذلك.
وقد تكون نتيجة هذا البعد عن عمل الخير وأهله أعظم من الذنب الذي دفع لهذا البعد، ولهذا فإن العاقل هو الذي يمنع المعصية من أن تقوده لمعصية أخرى بل يسارع بالتوبة منها، ويزيد من قربه لأهل الخير ويكثر من الأعمال الصالحة الأخرى. (إن الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات)
أما بالنسبة لخروج المذي فإنه لا يبطل الصيام في أصح قولي العلماء، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. (المغني 3/20، الاختيارات الفقهية ص 97) . وراجع سؤال رقم (38074) (49752)
مع أنك لم تجزم بخروج المذي منك.
ولا يلزم في المذي اغتسال، وإنما هو نجس ينقض الوضوء، ويكفيك أن تنضح ما أصابك منه بالماء، وانظر السؤال رقم (34172)
والواجب عليك قضاء ذلك اليوم الذي أفطرته، مع التوبة إلى الله تعالى، ولا يلزمك الكفارة المغلظة، لأنها مختصة بالوطء، على الراجح من قولي العلماء، كما هو مذهب الشافعي وأحمد.
لكن إن كنت أخرت قضاء ذلك اليوم، حتى جاء رمضان آخر، وجب عليك مع القضاء كفارة للتأخير، وهي إطعام مسكين نصف صاع من طعام، وهو كيلو ونصف تقريبا، وانظر السؤال رقم 38867
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3135)
نسيت أن تغتسل من الجنابة حتى غربت الشمس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في امرأة نسيت أن تتطهر من الجنابة في يوم من أيام شهر رمضان؟ مع ملاحظه أن الجماع قد حدث قبل أذان الفجر لكنها نسيت أن تتطهر قبل المغرب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أصبح الصائم جنبا من احتلام أو جماع فلا شيء عليه، طالما أن الجماع قد حصل قبل أذان الفجر، ويدل لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كان يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من غير حلم - أي احتلام - فيغتسل ويصوم) رواه البخاري (1926) ، ومسلم (1109) من حديث عائشة - رضي الله عنها -] .
وعلى هذا فصيامك ذلك اليوم صحيح، لكن كان الواجب عليك المبادرة إلى الاغتسال، لأن عليك صلوات لا بد أن تُصَلِّى في وقتها ولا يجوز تأخيرها.
والصلاة في الإسلام شأنها عظيم، فهي أعظم وآكد من الصيام والزكاة والحجّ وسائر العبادات، فينبغي أن يكون اهتمام المسلم بها على قدر منزلتها.
ولذلك فإن المتكاسل عن أداء الصلاة على خطر عظيم، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى تكفير من ترك صلاة واحدة من غير عذر حتى خرج وقتها.
وورد في الترهيب من ترك الصلاة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَرَكَ صَلاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) رواه البخاري (553)
وانظري لمعرفة شرحه السؤال رقم: (49698)
فعلى السائلة أن تتوب إلى الله من تركها الصلاة وتكاسلها عن أدائها في وقتها، والله تعالى يتوب على من تاب، ويغفر لمن رجع إليه وأناب.
والله تعالى أعلم.
وانظري للمزيد من الفائدة السؤال رقم (21806) ، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3136)
ممارسة العادة السرية في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق سألني أنه وقع بالعادة السرية في شهر رمضان فما حكمه؟ وبعدما انتهى رمضان قضى هذا اليوم فما حكمه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
على صديقك أن يعلم أن الوقوع في هذه العادة محرم شرعا، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد سبق تفصيل الأدلة في السؤال رقم (329) ، كما أن تلك العادة من الأمور المستقبحة فطرة وعقلا، ولا يليق بمسلم أن يدنو بنفسه لفعلها.
وليعلم أن المعاصي لها شؤم على المرء، في عاجل دنياه، وفي أخراه، إن لم يتب، أو يتداركه الله برحمته، وقد سبق بيان ذلك في الأرقام التالية (23425، 8861)
ثم إن أضرار تلك العادة كثيرة، فهي تضعف الجسم، وتقوي الفجوة بين العبد وربه، وهي عامل كبير من عوامل الاكتئاب.
أما حكم المسألة الواردة في السؤال، فإنه إذا أنزل بممارسة العادة السرية فسد صيامه، ولزمه الإثم، وعليه الإمساك بقية اليوم، وعليه قضاء ذلك اليوم.
وقد سبق بيان ذلك في السؤال رقم (38074، 2571) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3137)
ممارسة العادة السرية في رمضان دون إنزال
[السُّؤَالُ]
ـ[عند ما كنت في سن المراهقة كنت استمني في بعض أيام نهار رمضان ولكني لا أدع السائل المنوي يخرج من الذكر بحجزي إياه ولكني ابلغ المتعة والشهوة.
فما حكم صيامي، وكيف يمكنني التكفير عن هذا الذنب العظيم، مع العلم أني لا أعرف عدد الأيام التي فعلت ذلك فيها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اعلم أن الوقوع في هذه العادة محرم شرعا، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد سبق تفصيل الأدلة في السؤال رقم (329) ، كما أن تلك العادة من الأمور المستقبحة فطرة وعقلا، ولا يليق بمسلم أن يدنو بنفسه لفعلها.
ثم اعلم أن المعاصي لها شؤم على المرء، في عاجل دنياه، وفي أخراه، إن لم يتب، أو يتداركه الله برحمته، وقد سبق بيان ذلك في الأرقام التالية (23425، 8861، 45040)
أما حكم المسألة الواردة في السؤال، فإنه إذا مارست العادة السرية ولم يخرج المني لأي سبب من الأسباب لم يفسد الصوم على الصحيح من أقوال أهل العلم، لأن المعتبر هو خروج المني، فإذا خرج فسد الصوم ولزم القضاء، وإن لم يخرج لم يفسد الصوم، لكن يلزمك على كل حال التوبة إلى الله عز وجل، والاستغفار من تضييع الصيام في مثل هذه الأمور.
وقد يخرج المني بعد فترة حتى إذا منعته من الخروج، وحينئذ يفسد صيام ذلك اليوم ويلزمك القضاء، فإن كنت لا تدري عدد الأيام التي أفسدتها، فتحر ذلك، حتى يغلب على ظنك أنك قضيت ما عليك من أيام.
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح زاد المستقنع:" وهل يمكن أن ينتقل - يعني المني - بلا خروج؟
نعم يمكن؛ وذلك بأن تفتر شهوته بعد انتقاله بسبب من الأسباب فلا يخرج المني.
ومثلوا بمثال آخر: بأن يمسك بذكره حتى لا يخرج المني، وهذا وإن مثل به الفقهاء فإنه مضر جدا، والفقهاء رحمهم الله يمثلون بالشيء للتصوير بقطع النظر عن ضرره أو عدم ضرره، على أن الغالب في مثل هذا أن يخرج المني بعد إطلاق ذكره.
وقال بعض العلماء: لا غسل بالانتقال، وهذا اختيار شيخ الإسلام، وهو الصواب، والدليل على ذلك ما يلي:
1- حديث أم سلمة وفيه: " نعم، إذا هي رأت الماء " ولم يقل: أو أحست بانتقاله، ولو وجب الغسل بالانتقال لبينه صلى الله عليه وسلم لدعاء الحاجة لبيانه.
2- حديث أبي سعيد الخدري: " إنما الماء من الماء "، وهنا لا يوجد ماء، والحديث يدل على أنه إذا لم يكن ماء فلا ماء.
3- أن الأصل بقاء الطهارة، وعدم موجب الغسل، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا بدليل. " [الشرح الممتع 1 / 280، وانظر الفروع 1 / 197، المبسوط 1 / 67، المغني 1 / 128، المجموع 2 / 159، الموسوعة الفقهية الكويتية 4 / 99]
راجع الأسئلة رقم (38074، 2571) ، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3138)
كانت لا تقضي الصوم أيام حيضها من سنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تبلغ من العمر خمسين عاما وكانت إذا حاضت في رمضان تفطر أيام حيضها ثم لا تقضي تلك الأيام جهلا منها بوجوب القضاء ثم علمت الآن وجوب القضاء فماذا تفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عليها قضاء تلك الأيام، والأحوط أن تطعم عن كل يوم مسكيناً.
سئل الشيخ ابن باز (15/184)
: " لي أخت مرّ عليها عدة أعوام لم تقض ما أفطرته في العادة الشهرية لسبب جهلها بالحكم سيما أن بعض العاميين قالوا لها ليس عليها قضاء في الإفطار، فماذا عليها؟
عليها أن تستغفر الله وتتوب إليه، وعليها أن تصوم ما أفطرت من أيام وتطعم عن كل يوم مسكيناً كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو نصف صاع مقداره كيلو ونصف، ولا يسقط عنها ذلك بقول بعض الجاهلات لها أنه لا شيء عليها.
قالت عائشة رضي الله عنه: (كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) . متفق عليه.
فإذا جاء رمضان الثاني قبل أن تقضي أثمت، وعليها القضاء والتوبة وإطعام مسكين عن كل يوم إن كانت قادرة، فإن كانت فقيرة لا تستطيع الإطعام أجزأها الصوم مع التوبة وسقط عنها الإطعام، وإن كانت لا تحصي الأيام التي عليها عملت بالظن، وتصوم الأيام التي تظن أنها أفطرتها من رمضان ويكفيها ذلك، ولقول الله عز وجل: (فاتقوا الله ما استطعتم) " اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/151) عن امرأة كبيرة تبلغ من العمر ستين سنة، وكانت جاهلة أحكام الحيض سنين عديدة مدة حيضها، لم تقض صوم رمضان ظناً منها أنه لا يقضى حسبما سمعت من أفواه العامة. فأجابت:
عليها التوبة إلى الله من ذلك لأنها لم تسأل أهل العلم، وعليها مع ذلك القضاء فتقضي ما تركته من الصيام حسب غلبة ظنها في عدد الأيام وتكفّر عن كل يوم تركته بإطعام مسكين نصف صام من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك من قوت البلد إذا استطاعت الإطعام فإن كانت لا تستطيع الإطعام سقط عنها وكفاها قضاء الصوم. اهـ.
ولمعرفة حكم الإطعام يراجع السؤال رقم: (26865) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3139)
ارتجاع السوائل إلى المريء هل هو من المفطرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكو من حموضة في المعدة مما يسبب لي ارتجاع سائل حامض إلى فم المريء فهل يعتبر هذا من مبطلات الصوم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ارتجاع سوائل المعدة يحدث بغير اختيار الإنسان، وقد يحس الشخص بالحموضة أو المرارة في المريء نفسه، ولا يخرج إلى الفم، ففي هذه الحال لا تعتبر من مفسدات الصوم لأنها لم تخرج إلى الفم.
أما إذا خرجت إلى الفم فحكمها حينئذ حكم القلس أو القيء.
والقلس قيل هو القيء. وقيل هو قليل القيء، فهو مَا خَرَجَ مِنْ الْجَوْفِ وَلَمْ يَمْلأْ الْفَمَ. وقيل: هو ما يخرج من فم المعدة عند امتلائها.
انظر المجموع للنووي (4/4) .
وحكمه أنه إذا رده إلى جوفه مع إمكان إخراجه أفطر، وإن ابتلعه لكونه لم يتمكن من إخراجه فلا يؤثر على صيامه. راجع السؤال رقم (12659)
قال في الشرح الصغير: (1/700) عن القلس:
"فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ - بِأَنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَلْقَ - فَلَا شَيْءَ فِيهِ" اهـ.
وقال ابن حزم في المحلى (4/335) :
"ولا يَنْقُضُ الصَّوْمَ قَلْسٌ خَارِجٌ مِنْ الْحَلْقِ , مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ رَدَّهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِي فَمِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى رَمْيِهِ. . .
ثم قال (4/348) :
وَلَا نَعْلَمُ فِي الْقَلْسِ , وَالدَّمِ: الْخَارِجَيْنِ مِنْ الأَسْنَانِ لا يَرْجِعَانِ إلَى - الْحَلْقِ , خِلَافًا فِي أَنَّ الصَّوْمَ لا يَبْطُلُ بِهِمَا , وَحَتَّى لَوْ جَاءَ فِي ذَلِكَ خِلافٌ لَمَا اُلْتُفِتَ إلَيْهِ ; إذْ لَمْ يُوجِبْ بُطْلانَ الصَّوْمِ بِذَلِكَ نَصٌّ" اهـ باختصار.
وقال في المنتقى شرح الموطأ (2/65) :
"وروي عَنْ مَالِكٍ أنه قال: مَنْ قَلَسَ فَوَصَلَ الْقَلْسُ إلَى فِيهِ فَرَدَّهُ لا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَجَعَ مَالِكٌ , وَقَالَ: إنْ خَرَجَ إلَى مَوْضِعٍ لَوْ شَاءَ طَرَحَهُ , ثُمَّ رَدَّهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ إنْ ازْدَرَدَهُ (أي ابتلعه) بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ عَلَى لِسَانِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ , وَإِنْ ازْدَرَدَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ" اهـ.
وقال في الإنصاف:
لَوْ خَرَجَ إلَي فَمِهُ قَيْءٌ , أَوْ قَلَسٌ فَبَلَعَهُ أَفْطَرَ , نَصَّ عَلَيْهِ (يعني: الإمام أحمد) , وَإِنْ قَلَّ ; لإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ اهـ.
وقال في حاشية العدوي (1/448) بعد ما ذكر حكم القيء:
"وَالْقَلْسِ كَالْقَيْءِ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِ الْمَعِدَةِ عَنْ امْتِلائِهَا" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3140)
دخول الماء إلى الجوف خطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتسبب دخول الماء إلى الجوف عند الاستنشاق في الوضوء بطريق الخطأ في بطلان الصوم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جميع المفطرات - عدا الحيض والنفاس - لا يفسد بها الصوم إلا بثلاثة شروط:
أولا: أن يكون الإنسان عالما غير جاهل.
ثانيا: أن ذاكرا غير ناس.
ثالثا: أن يكون مختارا غير مُكْرَه
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:" لو فعل الصائم شيئا من هذه المفطرات بغير إرادة منه واختيار فصومه صحيح، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه بدون إرادة فصومه صحيح " مجموع الفتاوى 19
وقال رحمه الله: " لو طار إلى جوف الصائم غبار أو دخل فيه شيء بغير اختياره أو تمضمض أو استنشق فنزل إلى جوفه شيء من الماء بغير اختياره فصيامه صحيح ولا قضاء عليه." مجالس شهر رمضان، المجلس الخامس عشر
وبناء على ما سبق، فإذا دخل الماء إلى الجوف بغير اختيار الإنسان فلا شيء عليه، لقوله تعالى: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) ، وينبغي أن يُعلم أن الصائم منهي عن المبالغة في الاستنشاق حتى لا ينزل الماء إلى جوفه من غير اختياره، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) والله أعلم
وانظر السؤال رقم (38023) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3141)
هل تجب الكفارة بالجماع في قضاء رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعني زوجي يوما وأنا صائمة صوم قضاء. هل علي شيء؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قضاء رمضان من الصيام الواجب، الذي لا يجوز للإنسان أن يبطله إلا لضرورة، فإذا دخل الإنسان في قضاء، فإنه يلزمه أن يتمه، ولا يجوز له الفطر إلا لعذر شرعي.
وقد ثبت عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت: (يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة؟ فقال لها: أكنت تقضين شيئا، قالت لا، قال: فلا يضرك إن كان تطوعا) رواه أبو داود برقم (2456) ، وصححه الألباني، وهذا يدل على أنه يضرها إن أفطرت في صيام واجب، والضرر هنا هو الإثم.
أما ما حصل بينكما، فإن كفارة الجماع لا تجب إلا بإبطال صيام رمضان نفسه، وعليه فلا يلزمك شيء، إلا إعادة قضاء ذلك اليوم من رمضان، مع التوبة إلى الله عز وجل، والعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك.
قال ابن رشد: " واتفق الجمهور: على أنه ليس في الفطر عمدا في قضاء رمضان كفارة لأنه ليس له حرمة زمان الأداء أعني: رمضان " بداية المجتهد 2/80
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة أفطرت في قضاء رمضان، مجاملة لضيفوها، فأجاب: " هذا القضاء إذا كان قضاء عن واجب كقضاء رمضان، فإنه لا يجوز لأحد أن يفطر إلا لضرورة، وأما فطره لنزول الضيف به فإنه حرام؛ ولا يجوز؛ لأن القاعدة الشرعية: (أن كل من شرع (أي بدأ) في واجب فإنه يجب عليه إتمامه إلا لعذر شرعي) ، وأما إذا كان قضاء نفل فإنه لا يلزمها أن تتمه؛ لأنه ليس بواجب.
فعلى هذا إذا كان الإنسان صائما صيام نفل وحصل له ما يقتضي الفطر فإنه يفطر، وهذا هو الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال (هل عندكم شيء؟) فقالت: أهدي لنا حيس فقال: (فأرينيه فلقد أصبحت صائما) . فأكل منه صلى الله عليه وسلم، وهذا في النفل، وليس في الفرض. " انتهى من مجموع الفتاوى 20.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3142)
زنى في نهار رمضان، فماذا عليه؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عليه أن يفعل، ما حكم صيامه؟ كيف يقضي؟ كل هذا يتعلق بشاب زنى في نهار رمضان كيف يوجه بعد أن تاب بماذا ينصح من كتب وغيرها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإن الجماع في نهار رمضان من أعظم المفسدات، فمن أفسد صومه بالجماع لزمه الإثم، ولزوم الإمساك في ذلك اليوم، وجوب القضاء والكفارة المغلظة، ودليل ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لا.. . الحديث رواه البخاري (1936) ومسلم (1111) .
وقد سبق شرح ذلك في الأسئلة (38023، 22938، 1672)
هذا إذا كان جماعه لزوجه، فكيف بمن ينتهك حرمة الشهر بالزنى والعياذ بالله.
إن من فعل ذلك فقد انتهك حرمتين، حرمة الشهر، وحرمة الفرج الحرام، والله المستعان.
وعلى هذا الشاب التوبة العظيمة إلى الله عز وجل، والإحسان في العمل، والإكثار من فعل الصالحات، ومصاحبة الأخيار، وعليه السعي في إعفاف نفسه بالزواج إن كان يستطيع ذلك، أو الصوم فإنه يعف النفس، ويحفظ الفرج من الوقوع في الحرام.
والذي عليه أن يفعله الآن، هو التوبة من ذلك الفعل الشنيع، وقضاء ذلك اليوم، والكفارة المغلظة على ما جاء في الحديث السابق، نسأل الله أن يغفر لنا وله، وأن يتوب علينا وعليه ... آمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3143)
ظنّ أن صوم القضاء كصوم التطوع يجوز قطعه
[السُّؤَالُ]
ـ[أتيت زوجتي في نهار صيامها وهي تصوم قضاء أيام أفطرتها من رمضان وذلك لأني كنت أظن أن حكم صيام القضاء كحكم صيام التطوع. ثم سمعت غير ذلك. فما الحكم في هذه المسألة وهل يلزمني فيه شيء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قضاء رمضان من الصيام الواجب، الذي لا يجوز للإنسان أن يبطله إلا لعذر شرعي، فإذا دخل الإنسان في صيام قضاء، فإنه يلزمه أن يتمه، وليس كالمتنفل، فالمتنفل أمير نفسه، إن شاء أفطر، وإن شاء لم يفطر.
راجع السؤال رقم: (49985)
وقد ثبت عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت: (يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة؟ فقال لها: أكنت تقضين شيئا، قالت لا، قال: فلا يضرك إن كان تطوعا) رواه أبو داود (2456) ، وصححه الألباني، وهذا يدل على أنه يضرها إن أفطرت في صيام واجب، والضرر هنا هو الإثم.
أما ما حصل بينكما، فإن كفارة الجماع لا تجب إلا بالجماع في نهار رمضان نفسه، وعليه فلا يلزمك شيء، ولا يلزمها إلا إعادة قضاء ذلك اليوم، مع التوبة إلى الله عز وجل، والعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك.
قال ابن رشد:" واتفق الجمهور: على أنه ليس في الفطر عمدا في قضاء رمضان كفارة لأنه ليس له حرمة زمان الأداء أعني: رمضان " بداية المجتهد 2/80
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/352)
(الكفارة إنما تجب على من جامع في شهر رمضان لحرمة الزمان، أما القضاء فلا تجب فيه الكفارة في أصح قولي العلماء) اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3144)
صامت في آخر أيام الدورة لأنها لم تر دماً
[السُّؤَالُ]
ـ[1- صمت في اليوم الخامس للعادة الشهرية وحيث لم أر أي دم خلالها ولكني صمت ولم أغتسل فقالوا لي إن صيام هذا اليوم باطل حيث يقولون في بلادنا إنه يجب على الفتاة الغير متزوجة أن تغتسل قبل المغرب وأن على المتزوجة أن تغتسل قبل الظهر فما الرأي الشرعي في هذا وهل يجب علي قضاء هذا اليوم.
2- إذا صمت في خامس يوم الدورة الشهرية واغتسلت ولكني رأيت دما بعد صلاة العشاء فهل يحسب لي هذا اليوم , أم على القضاء حيث قيل لي أيضا إنه وإن لم تري أو يكون هناك دم فإنه لا يجب عليك الصيام إلا بعد انقضاء اليوم السابع للعادة الشهرية، مع العلم أن أيام الدورة الشهرية تنتهي عندي في اليوم الخامس.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا أصل لهذا الكلام الذي قيل لك، فإذا طهرتِ قبل طلوع فجر اليوم الخامس، وجب عليك صومه، سواء اغتسلت أو لم تغسلي؛ إذ الطهارة ليست شرطا في صحة الصوم، لكن يلزمك الغسل لأداء الصلاة في وقتها، ولا يجوز لك تأخيره إلى قبل المغرب.
فمن طهرت قبل الفجر، صح صومها، ولزمها أن تغتسل لتصلي الصبح في وقته، فإن أخرت الصلاة عن وقتها كانت آثمة إثما عظيما، لقوله تعالى:) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّا إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) مريم / 59، 60.
والواجب عليك أن تتوبي إلى الله من تأخيرك للصلوات عن وقتها وأن تعزمي على عدم العود لذلك أبدا.
2- وإذا طهرت في اليوم الخامس وصمت ذلك اليوم، ثم رأيت الدم بعد صلاة العشاء، فصومك صحيح، بل لو نزل عليك الدم بعد الغروب بلحظة فصومك صحيح. أما إذا كنت قد طهرت في أثناء اليوم الخامس، فلا يصح صيام هذا اليوم وعليك قضاء يوم مكانه.
وما قيل لك من أنك لا تطهرين إلا بعد اليوم السابع، كلام باطل لا أصل له، ولا يجوز لأحد أن يقول على الله ما لا يعلم. والعادة تختلف من امرأة إلى أخرى، فمن النساء من عادتها سبع، ومنهن من عادتها خمس، وكل امرأة تعمل بعادتها. بل من كانت عادتها سبعا، وطهرت في أثنائها طهرا صحيحا، فإنها تصلي وتصوم على الراجح من قولي العلماء.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله سؤالا مشابها لسؤالك، فأجاب:
(إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر ولو بدقيقة واحد ولكن تيقنت الطهر، فإنه إذا كان في رمضان، فإنه يلزمها الصوم، ويكون صومها ذلك اليوم صحيحا، ولا يلزمها قضاؤه؛ لأنها صامت وهي طاهر وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر فلا حرج، كما أن الرجل لو كان جنبا من جماع أو احتلام وتسحر ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر كان صومه صحيحا.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أمر آخر عند النساء: إذا أتاها الحيض وهي قد صامت ذلك اليوم فإن بعض النساء يظن أن الحيض إذا أتاها بعد فطرها قبل أن تصلي العشاء فسد صوم ذلك اليوم. وهذا لا أصل له، بل إن الحيض لو أتاها بعد الغروب بلحظة فإن صومها تام صحيح)
انتهى نقلا عن فتاوى رمضان ص 345
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
Islam
السؤال
&A(5/3145)
احتلم وهو صائم ولم ير أثراً للمني
[السُّؤَالُ]
ـ[احتلمت وأنا صائم، ولكني عندما استيقظت لم أر شيئا قد نزل مني، فلقد حلمت دون أن أنزل، فهل أغتسل وأكمل صيامى أم أكمل بدون اغتسال أم أفطر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من احتلم ثم لما استيقظ لم ير أثر المني في ثوبه فإنه لا يلزمه الاغتسال.
قال ابن قدامة في "المغني":
إذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ , وَلَمْ يَجِدْ مَنِيًّا , فَلا غُسْلَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ...
وَرَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: (نَعَمْ, إذَا رَأَتْ الْمَاءَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا غُسْلَ عَلَيْهَا إلا أَنْ تَرَى الْمَاءَ اهـ.
ثانيا:
لا يبطل الصوم بالاحتلام لأنه يحصل بدون اختيار الصائم.
قال النووي في "المجموع":
إذَا احْتَلَمَ فَلَا يُفْطِرُ بِالإِجْمَاعِ ; لأَنَّهُ مَغْلُوبٌ كَمَنْ طَارَتْ ذُبَابَةٌ فَوَقَعَتْ فِي جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ , فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لا يُفْطِرُ مَنْ قَاءَ وَلا مَنْ احْتَلَمَ وَلا مَنْ احْتَجَمَ) فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ لا يُحْتَجُّ بِهِ اهـ.
وقال في "المغني" (4/363) :
وَلَوْ احْتَلَمَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ , لأَنَّهُ عَنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ , فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ شَيْءٌ وَهُوَ نَائِمٌ اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/276) :
عن شخص نام في نهار رمضان واحتلم وخرج منه المني، هل يقضي هذا اليوم؟
فأجاب:
ليس عليه قضاء؛ لأن الاحتلام ليس باختياره، ولكن عليه الغسل إذا وجد المني اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص284) عمن احتلم في نهار رمضان؟
فأجاب: صيامه صحيح، فإن الاحتلام لا يبطل الصوم؛ لأنه بغير اختياره، وقد رفع القلم عنه في حال نومه اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/274) :
"من احتلم وهو صائم أو محرم بالحج أو العمرة فليس عليه إثم ولا كفارة ولا يؤثر على صيامه وحجه وعمرته وعليه غسل الجنابة إذا كان قد أنزل منياً اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3146)
نزول دم يسير بعد الحيض بمدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نزول الدم من رحم المرأة أثناء الصيام علما بأن فترة العادة الشهرية قد انقضت لأكثر من عشرة أيام، وكانت المرأة تعاني من التهابات داخل الرحم، وأن هذا الدم ليس دم حيض حيث إنه كخيط سلك رقيق وقصير ولمرة واحدة ليوم واحد ثم انقطع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الدم ليس بحيض، فلا يؤثر على الصيام، فلا تتركي من أجله الصلاة، وعليك أن تتوضئي لكل صلاة.
سئل الشيخ ابن عثيمين: إذا نزل من المرأة في نهار رمضان نقط دم يسيرة، واستمر معها هذا الدم طوال شهر رمضان وهي تصوم، فهل صومها صحيح؟
فأجاب: نعم، صومها صحيح، وأما هذه النقط فليست بشيء لأنها من العروق، وقد أُثِر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: إن هذه النقط التي تكون كرعاف الأنف (أي نزيف الأنف) ليست بحيض، هكذا يذكر عنه رضي الله عنه. اهـ
"رسالة 60 سؤالاً عن أحكام الحيض".
وسئلت اللجنة الدائمة: أحيانا تأتيني العادة تسعة أيام وأحيانا عشرة وعندما أطهر وأقوم بعمل المنزل تعاودني مرة أخرى على فترات متقطعة، فهل إذا عاودتني بعد المدة المقررة لها شرعا يجوز لي الصوم والصلاة والعمرة؟
فأجابت:
"مدة الحيض بالنسبة لك هي المدة التي جرت عادتك أن يأتيك فيها الحيض، وهي عشرة أيام أو تسعة، فإذا انقطع الدم بعد تسعة أو عشرة فاغتسلي وصلي وصومي وطوفي بالكعبة في حج أو عمرة أو تطوعا، ويحل لزوجك الاتصال بك، وما عاودك من الدم بعد مدة العادة من أجل مزاولة عمل أو طارئ آخر ـ فليس بدم حيض، بل دم علة وفساد، فلا يمنعك من الصلاة ولا الصوم ولا الطواف ونحوها من القربات، بل اغسليه عنك كسائر النجاسات، ثم توضئي لكل صلاة، وصلي وطوفي بالكعبة واقرئي القرآن" اهـ.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/426) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3147)
أكل بعد طلوع الفجر جاهلاً
[السُّؤَالُ]
ـ[في فجر أول يوم من رمضان أيقظتني زوجتي وقالت هل تريد أن تشرب ماء؟ وعندما أخذت منها الماء سألتها هل أذن؟ فقالت: لا، وبعد شرب الماء بحوالي 15-20 دقيقة أقيمت الصلاة، فإذا أنا شربت الماء بعد الأذان بحوالي 5-10 دقائق فهل عليَّ شيء؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم من أكل أو شرب ظاناً بقاء الليل وعدم طلوع الفجر، وكذلك من أكل أو شرب ظاناً غروب الشمس ثم تبين له خطؤه.
فذهب كثير من العلماء إلى أنه يفسد صومه بذلك، ويلزمه صيام يوماً مكانه.
وذهب آخرون إلى أن صيامه صحيح وأنه يتم صومه ولا قضاء عليه.
وهو قول مجاهد والحسن من التابعين، ورواية عن الإمام أحمد، واختاره المزني من الشافعية، وشيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمهم الله -.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
والذين قالوا لا يفطر في الجميع (يعني: إذا أخطأ أو نسي في أول النهار أو آخره) قالوا حجتنا أقوى، ودلالة الكتاب والسنَّة على قولنا أظهر: فإن الله تعالى قال: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} ، فجمع بين النسيان والخطأ؛ ولأن من فعل محظورات الحج والصلاة مخطئا كمن فعلها ناسيا، وقد ثبت في الصحيح " أنهم أفطروا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم طلعت الشمس " ولم يذكروا في الحديث أنهم أُمروا بالقضاء، ولكن هشام بن عروة قال: " لا بدَّ من القضاء "، وأبوه أعلم منه وكان يقول: " لا قضاء عليهم "، وثبت في الصحيحين " أن طائفة من الصحابة كانوا يأكلون حتى يظهر لأحدهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأحدهم إن وسادك لعريض، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل "، ولم ينقل أنه أمرهم بقضاء، وهؤلاء جهلوا الحكم فكانوا مخطئين، وثبت عن عمر بن الخطاب أنه أفطر ثم تبين النهار فقال: " لا نقضي فإنا لم نتجانف لإثم "، وروي عنه أنه قال: " نقضي "، ولكن إسناد الأول أثبت، وصح عنه أنه قال:" الخطْب يسير " فتأول ذلك مَن تأوله على أنه أراد خفة أمر القضاء، لكن اللفظ لا يدل على ذلك.
وفى الجملة: فهذا القول أقوى أثراً ونظراً، وأشبه بدلالة الكتاب والسنَّة والقياس،
" مجموع الفتاوى " (20 / 572، 573) .
وانظر الشرح الممتع (6 / 411)
وبهذا يظهر قوة أدلة القول بأن صيامه صحيح ولا قضاء عليه.
ومع ذلك لو أخذ المسلم بالأحوط وقضى يوماً مكانه فقد أحسن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3148)
هل التجشؤ يفطر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التجشؤ يفطر الصائم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الجُشاء هو خروج الهواء بصوت من المعدة عن طريق الفم عند حصول الشبع.
ومجرد خروج الجشاء لا يفطر الصائم، لكن إن خرج معه شيء من الطعام وجب عليه أن يلفظه، فإن ابتلعه مختاراً عامداً فسد صومه، فإن ابتلعه بلا قصد منه أو لم يتمكن من إخراجه، فصيامه صحيح.
قال الرملي في نهاية المحتاج (3/171) :
أَكَلَ أَوْ شَرِبَ لَيْلا كَثِيرًا وَعُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ إذَا أَصْبَحَ حَصَلَ لَهُ جُشَاءٌ يَخْرُجُ بِسَبَبِهِ مَا فِي جَوْفِهِ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ كَثْرَةُ مَا ذُكِرَ أَوْ لا , وَهَلْ إذَا خَالَفَ وَخَرَجَ مِنْهُ يُفْطِرُ أَمْ لا؟
فِيهِ نَظَرٌ , وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لا يُمْنَعُ مِنْ كَثْرَةِ ذَلِكَ لَيْلا , وَإِذَا أَصْبَحَ وَحَصَلَ لَهُ الْجُشَاءُ الْمَذْكُورُ يَلْفِظُهُ وَيَغْسِلُ فَمَه وَلا يُفْطِرُ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ مِرَارًا كَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ اهـ.
راجع سؤال رقم (12659)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3149)
إذا غلبه القيء ورجع بعضه القيء إلى المعدة من غير قصد فلا يفسد صومه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا حامل في الشهر الثاني وأتقيأ خلال شهر رمضان. أحياناً يكون التقيوء قبل المغرب بقليل، أحياناً أحس بأنه يرجع منى التقيوء إلى البلعوم. فما حكم ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا خلاف بين العلماء في أن التقيوء عمداً من المفطرات، وأنه إذا غلبه القيء فلا يفسد الصوم بذلك.
ذكره الخطابي وابن المنذر. وانظر "المغني" (4/368) .
ودليل ذلك من السنة ما رواه الترمذي (720) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ – أي: غلبه- فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى (25/266) : أَمَّا الْقَيْءُ: فَإِذَا استقاء أَفْطَرَ، وَإِنْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز عن حكم من ذرعه القيء وهو صائم هل يقضي ذلك اليوم أم لا؟
فأجاب:
لا قضاء عليه، أما إن استدعى القيء فعليه القضاء، واستدل بالحديث السابق اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص231) : عن القيء في رمضان هل يفطر؟
فأجاب:
إذا قاء الإنسان متعمدا فإنه يفطر، وإن قاء بغير عمد فإنه لا يفطر، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه وذكر الحديث المتقدم.
فإن غلبك القيء فإنك لا تفطر، فلو أحس الإنسان بأن معدته تموج وأنها سيخرج ما فيها، فهل نقول: يجب عليك أن تمنعه؟ لا. أو تجذبه؟ لا. لكن نقول: قف موقفا حياديا، لا تستقئ ولا تمنع، لأنك إن استقيت أفطرت، وإن منعت تضررت. فدعه إذا خرج بغير فعل منك، فإنه لا يضرك ولا تفطر بذلك اهـ.
ثانيا:
إذا رجع شيء من القيء إلى المعدة بدون قصد من الإنسان فصومه صحيح، لأنه رجع بدون اختياره.
سئلت اللجنة الدائمة (10/254) : عن صائم تقيأ ثم ابتلع قيئه بغير عمد فما حكمه؟
فأجابت:
إذا تقيأ عمدا فسد صومه، وإن غلبه القيء فلا يفسد صومه، وكذلك لا يفسد ببلعه ما دام غير متعمد اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3150)
احتال على الجماع في نهار رمضان بالفطر قبله
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت لبلدي في إجازة لمدة أسبوع وقبل السفر بيوم اتصلت على زوجتي وطلبت منها أن لا تصوم يوم وصولي لأنني أريد أن أجامعها حال وصولي للبيت لأنني قليل الصبر، أطاعتني ولم تصم وحصل بيننا جماع في النهار، كلانا لم يصم فهل اقترفنا ذنباً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كان ما حصل بينكما في شهر غير رمضان، فلا حرج فيه، لأن صيام النفل لا يلزم إتمامه، حتى وإن شرع المسلم فيه، فإن له أن يخرج منه على الصحيح.
أما إن كان ما حصل في شهر رمضان، فهو إثم عظيم، إذ كيف يتهاون الإنسان في ترك صيام يوم بدون عذر ولا سبب معتبر شرعا، بل يتحيل على محارم الله بهذه الطريقة.
وبناء على هذا، فإن كان ما حصل في شهر رمضان، فعلى تفصيل:
أولا: إن وصلت قبل أذان الفجر، فإنه يلزمك صيام ذلك اليوم، ما دام سفرك قد انقطع برجوعك إلى بلدك، فإن تعمدت الإفطار، وأفطرت زوجتك معك، لأجل أن تجامعها، فإنكما تأثمان، ويلزمكما القضاء، والكفارة المغلظة في حال الجماع، على كل واحد منكما.
ثانيا: إن وصلت في أثناء اليوم، فالصحيح أن المسافر إذا قدم مفطرا، لم يلزمه إمساك ذلك اليوم، لأنه لا يجمع عليه وجوب الإمساك ووجوب القضاء، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وهو مذهب الشافعية [انظر شرح المشيقح على زاد المستقنع 4 / 282 - 285] ، لكن تأثم أنت بأمرها بالإفطار، وتأثم هي أيضا بطاعتها لك، وإن لم تصم لأجل أن تجامعها، فعليها القضاء، وعليها هي وحدها الكفارة المغلظة بسبب ما حصل من جماع، وقد سبق بيانها في الأسئلة رقم (38023، 22938، 1672)
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل أراد أن يواقع زوجته في شهر رمضان بالنهار، فأفطر بالأكل قبل أن يجامع، ثم جامع، فهل عليه كفارة أم لا؟ وما على الذي يفطر من غير عذر؟
فأجاب: الحمد لله. هذه المسألة فيها قولان للعلماء مشهوران: أحدهما: تجب، وهو قول جمهورهم: كمالك وأحمد وأبي حنيفة وغيرهم. والثاني: لا تجب، وهو مذهب الشافعي.... ثم تنازعوا هل يشترط الفطر من الصوم الصحيح (أي لوجوب الكفارة المغلظة) ؟ فالشافعي وغيره يشترط ذلك، فلو أكل ثم جامع، أو أصبح غير ناو للصوم ثم جامع، أو جامع وكفر ثم جامع: لم يكن عليه كفارة (أي عند الشافعي) ; لأنه لم يطأ في صوم صحيح. وأحمد في ظاهر مذهبه وغيره يقول: بل عليه كفارة في هذه الصور، ونحوها، لأنه وجب عليه الإمساك في شهر رمضان، فهو صوم فاسد، فأشبه الإحرام الفاسد. وكما أن المحرم بالحج إذا أفسد إحرامه لزمه المضي فيه بالإمساك عن محظوراته، فإذا أتى منها شيئا كان عليه ما عليه في الإحرام الصحيح، وكذلك من وجب عليه صوم شهر رمضان إذا وجب عليه الإمساك فيه وصومه فاسد، لأكل أو جماع، أو عدم نية، فقد لزمه الإمساك عن محظورات الصيام. فإذا تناول شيئا منها كان عليه ما عليه في الصوم الصحيح. وفي كلا الموضعين عليه القضاء.
وذلك لأن هتك حرمة الشهر حاصلة في الموضعين، بل هي في هذا الموضع أشد، لأنه عاص بفطره أولا، فصار عاصيا مرتين، فكانت الكفارة عليه أوكد، ولأنه لو لم تجب الكفارة على مثل هذا لصار ذريعة إلى أن لا يُكفِّر أحد، فإنه لا يشاء أحد أن يجامع في رمضان إلا أمكنه أن يأكل، ثم يجامع بل ذلك أعون له على مقصوده، فيكون قبل الغداء عليه كفارة، وإذا تغدى هو وامرأته ثم جامعها فلا كفارة عليه، وهذا شنيع في الشريعة لا ترد بمثله.
والله أعلم. [الفتاوى الكبرى 2 / 471،ومجموع الفتاوى25/260 وانظر المجموع 6 / 321] .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3151)
مصافحة النساء في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ملامسة النساء في الكف فقط في رمضان وخروج المني؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حكم ملامسة النساء الأجنبيات حرام في رمضان وفي غير رمضان، وسواء في ذلك كانت الملامسة بالكف فقط أو بما هو أشد من ذلك، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) رواه الطبراني في "الكبير" (486) وصححه الألباني في صحيح الجامع (5045) .
راجع سؤال (2459) ، (21183) .
والمعاصي عموماً – ومنها ملامسة النساء- في رمضان أشد تحريما، وأعظم إثماً، وتنقص ثواب الصيام، حتى قد يخرج الصائم من صيامه ولم يستفد منه إلا الجوع والعطش، لذلك كان الواجب على الصائم الاحتراز من المعاصي أشد الاحتراز.
ولينتهز المؤمن شهر رمضان لإصلاح أحواله، والتوبة من المعاصي، والإقبال على الله، ولا يكون يوم صومه ويوم فطره سواء.
قال جابر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك وصومك سواء. رواه ابن المبارك في الزهد (1308) .
راجع سؤال (37658) .
وإذا صافح الرجل امرأة في نهار رمضان، فأنزل المني، فسد صومه بلا خلاف بين العلماء، وعليه التوبة إلى الله تعالى من هذه المعصية، وعليه الإمساك بقية يومه، وقضاء يوم مكانه.
انظر: "المغني" لابن قدامة (4/361) .
وأما خروج المني في الصيام فإن كان ذلك بدون شهوة كما لو خرج بسبب مرض، فإنه لا يؤثر على الصيام.
سئلت اللجنة الدائمة:
أشكو نزول السائل المنوي في أيام رمضان أثناء الصيام بدون أي احتلام أو ممارسة للعادة السرية فهل في هذا تأثير على الصوم؟
فأجابت:
إذا كان الأمر كما ذُكِرَ فإن نزول المني منك بدون لذة في نهار رمضان لا يؤثر على صيامك، وليس عليك القضاء اهـ
فتاوى اللجنة الدائمة (10/278) .
أما إذا كان نزول المني بشهوة فله حالان:
الأولى: أن يكون ذلك بفعل من الرجل يثير به شهوته، كتقبيل زوجته أو مصافحة امرأة بشهوة ونحو ذلك، فهذا مفسد للصيام وعليه قضاء هذا اليوم.
الثانية: أن يخرج المني بدون فعل من الرجل، كمجرد التفكير في الشهوة، أو الاحتلام، فهذا لا يفطر، وصومه صحيح.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
أما خروج المني عن شهوة فإنه يبطل الصوم سواء حصل عن مباشرة أو قبلة أو تكرار نظر أو غير ذلك من الأسباب التي تثير الشهوة كالاستمناء ونحوه، أما الاحتلام والتفكير فلا يبطل بهما الصوم ولو خرج مني بسببهما اهـ
فتاوى إسلامية (2/135) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3152)
حكم تقيؤ الشيء القليل من الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقيؤ الشيء القليل يفسد الصيام؟ كان شيئاً بين البصق والتقيؤ. أرجو توضيح الحكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التقيؤ هو خروج الطعام ونحوه من الجوف إلى ظاهر البدن، قال في لسان العرب:" هو استِخْراجُ ما في الجَوْفِ عامداً " 1/135
وحكمه من جهة إفساده للصوم من عدمه، أنه إن تعمد القيء فسد صومه، ولزمه قضاء ذلك اليوم، أما إن غلبه القيء، فقاء بغير اختيار منه، فصومه صحيح، ولا شيء عليه، وقد سبق بيان هذا في السؤال رقم (38023)
وإذا احتاج إلى التقيؤ بسبب مرضه وكان التقيؤ يساعد على العلاج، فإنه يجوز له ذلك ويلزمه قضاء هذا اليوم بعد رمضان لقوله تعالى (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) البقرة /185
ولا فرق في القيء بين القليل والكثير على الصحيح، فلو تعمد القيء، وخرج شيء قليل أفطر، قال في الفروع: " وإن استقاء فقاء أي شيء كان أفطر , لخبر أبي هريرة (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمدا فليقض) " الفروع 3/49، والحديث رواه أبو داود (2380) والترمذي (720) وقال العمل عند أهل العلم عليه، وصححه الألباني.
لكن هناك فرق بين البصاق والتقيؤ، فالبصاق والبلغم ونحوهما لا يأتيان من الجوف، فلا حرج في إخراجهما أو تفلهما، أما التقيؤ، فهو خروج ما في الجوف على ما سبق بيانه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3153)
مضغ العلك (اللبان) الذي فيه مواد سكرية للصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن مضغ العلك أو اللبان غير جائز في رمضان، كيف وصلوا لهذه النتيجة؟ وما هي البدائل التي يمكن أن أستعملها إذا كان اللبان محرم في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الظاهر أن السائل يقصد بالعلك ما هو معروف في هذا العصر، وهي مادة لدنة، تحتوي على مواد سكرية في الغالب، ونكهات صناعية، ومضغ هذا العلك يؤدي إلى الإفطار، حيث إن المواد السكرية، والنكهات المضافة للعلك، تتحلل مع اللعاب، وتدخل إلى الجوف، ولا شك أنه بهذا الوصف يفطر الإنسان، لأنه يدخل إلى جوفه غذاء. أما إذا لم تكن فيه مادة تتحلل وتدخل للجوف فإنه لا يفطر.
أما بدائل العلك فإن كان المقصود من استعماله تحسين رائحة الفم فيستعمل المسلم السواك، فإنه من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الممكن أن يتمضمض ليزيل أثر الرائحة من فمه، أو يستعمل معجون الأسنان بشرط ألا يصل إلى جوفه شيء منه، فإن خشي أن يدخل إلى جوفه شيء منه، لم يستعمله.
ثم اعلم ـ أخي الكريم ـ أن هذه الرائحة التي تخرج بسبب خلوّ البطن، والتي قد يتأذى منها الإنسان لا تحصل إزالتها بالسواك ونحوه لأنها خارجة من الجوف بسبب الصيام وهي أطيب عند الله من ريح المسك، فعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عيه وسلم قال: " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" رواه البخاري (5583) ، ومسلم (1151) ، ويراجع السؤال رقم 22913.
وأما إذا كان المقصود من استعمال العلك معالجة الفك عن طريق تحريكه فيمكنك مراجعة السؤال رقم (38552)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3154)
مفسدات الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد ذكر ملخص مبطلات الصوم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فقد شرع الله تعالى الصوم على أتم ما يكون من الحكمة.
فأمر الصائم أن يصوم صوماً معتدلاً، فلا يضر نفسه بالصيام، ولا يتناول ما يضاد الصيام.
ولذلك كانت المفطرات على نوعين:
فمن المفطّرات ما يكون من نوع الاستفراغ كالجماع والاستقاءة والحيض والاحتجام، فخروج هذه الأشياء من البدن مما يضعفه، ولذلك جعلها الله تعالى من مفسدات الصيام، حتى لا يجتمع على الصائم الضعف الناتج من الصيام مع الضعف الناتج من خروج هذه الأشياء فيتضرر بالصوم. ويخرج صومه عن حد الاعتدال.
ومن المفطرات ما يكون من نوع الامتلاء كالأكل والشرب. فإن الصائم لو أكل أو شرب لم تحصل له الحكمة المقصودة من الصيام. مجموع الفتاوى 25/248
وقد جمع الله تعالى أصول المفطرات في قوله:
(فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187.
فذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أصول المفطرات، وهي الأكل والشرب والجماع.
وسائر المفطرات بينها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته.
ومفسدات الصيام (المفطرات) سبعة. وهي:
1- الجماع.
2- الاستمناء.
3- الأكل والشرب.
4- ما كان بمعنى الأكل والشرب.
5- إخراج الدم بالحجامة ونحوها.
6- القيء عمداً.
7- خروج دم الحيض أو النفاس من المرأة.
فأول هذه المفطرات: الجماع
وهو أعظم المفطرات وأكبرها إثما.
فمن جامع في نهار رمضان عامدا مختارا بأن يلتقي الختانان، وتغيب الحشفة في أحد السبيلين، فقد أفسد صومه، أنزل أو لم يُنزل، وعليه التوبة، وإتمام ذلك اليوم، والقضاء والكفارة المغلظة، ودليل ذلك حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لا.. . الحديث رواه البخاري (1936) ومسلم (1111) .
ولا تجب الكفارة بشيء من المفطرات إلا الجماع.
وثاني المفطرات: الاستمناء
وهو إنزال المني باليد أو نحوها.
والدليل على أن الاستمناء من المفطرات: قول الله تعالى في الحديث القدسي عن الصائم: (يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151) . وإنزال المني من الشهوة التي يتركها الصائم.
فمن استمنى في نهار رمضان وجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يُمسك بقية يومه، وأن يقضيه بعد ذلك.
وإن شرع في الاستمناء ثمّ كفّ ولم يُنزل فعليه التوبة، وصيامه صحيح، وليس عليه قضاء لعدم الإنزال، وينبغي أن يبتعد الصائم عن كلّ ما هو مثير للشهوة وأن يطرد عن نفسه الخواطر الرديئة.
وأما خروج المذي فالراجح أنه لا يُفطّر.
الثالث من المفطرات: الأكل أو الشرب.
وهو إيصال الطعام أو الشراب إلى المعدة عن طريق الفم.
وكذلك لو أدخل إلى معدته شيئاً عن طريق الأنف فهو كالأكل والشرب.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) رواه الترمذي (788) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي (631) .
فلولا أن دخول الماء إلى المعدة عن طريق الأنف يؤثر في الصوم لم يَنْهَ النبيُ صلى الله عليه وسلم الصائمَ عن المبالغة في الاستنشاق.
الرابع من المفطرات: ما كان بمعنى الأكل والشرب.
وذلك يشمل أمرين:
1- حقن الدم في الصائم، كما لو أصيب بنزيف فحقن بالدم، فإنه يفطر لأن الدم هو غاية الغذاء بالطعام والشراب.
2- الإبر (الحقن) المغذية التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب، لأنها بمنزلة الأكل والشرب. الشيخ ابن عثيمين "مجالس شهر رمضان" ص 70.
وأما الإبر التي لا يُستعاض بها عن الأكل والشرب ولكنها للمعالجة كالبنسلين والأنسولين أو تنشيط الجسم أو إبر التطعيم فلا تضرّ الصيام سواء عن طريق العضلات أو الوريد. فتاوى محمد بن إبراهيم (4/189) . والأحوط أن تكون كل هذه الإبر بالليل.
وغسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته ثم رجوعه مرة أخرى مع إضافة مواد كيماوية وغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم يعتبر مفطّرا. فتاوى اللجنة الدائمة (10/19) .
المفطر الخامس: إخراج الدم بالحجامة.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ) رواه أبو داود (2367) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2047) .
وفي معنى إخراج الدم بالحجامة التبرع بالدم لأنه يؤثر على البدن كتأثير الحجامة.
وعلى هذا لا يجز للصائم أن يتبرع بالدم إلا أن يوجد مضطر فيجوز التبرع له، ويفطر المتبرع، ويقضي ذلك اليوم. ابن عثيمين "مجالس شهر رمضان" ص 71.
ومن أصابه نزيف فصيامه صحيح، لأنه بغير اختياره. فتاوى اللجنة الدائمة (10/264) .
وأما خروج الدم بقلع السن أو شق الجرح أو تحليل الدم ونحو ذلك فلا يفطر لأنه ليس بحجامة ولا بمعناها إذ لا يؤثر في البدن تأثير الحجامة.
المفطر السادس: التقيؤ عمداً
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ) . رواه الترمذي (720) صححه الألباني في صحيح الترمذي (577) .
ومعنى ذرعه أي غلبه.
وقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إبْطَالِ صَوْمِ مَنْ اسْتَقَاءَ عَامِدًا اهـ المغني (4/368) .
فمن تقيأ عمدا بوضع أصبعه في فمه، أو عصر بطنه، أو تعمد شمّ رائحة كريهة، أو داوم النظر إلى ما يتقيأ منه، فعليه القضاء.
وإذا راجت معدته لم يلزمه منع القيء لأن ذلك يضره. "مجالس شهر رمضان" ابن عثيمين ص 71.
المفطر السابع: خروج دم الحيض والنفاس
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ) . رواه البخاري (304) .
فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس فسد صومها ولو كان قبل غروب الشمس بلحظة.
وإذا أحست المرأة بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها، وأجزأها يومها.
والحائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليلا فَنَوَت الصيام ثم طلع الفجر قبل اغتسالها فمذهب العلماء كافة صحة صومها. الفتح 4/148.
والأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها، وترضى بما كتب الله عليها، ولا تتعاطى ما تمنع به الدم، وتقبل ما قَبِل الله منها من الفطر في الحيض والقضاء بعد ذلك، وهكذا كانت أمهات المؤمنين، ونساء السلف. فتاوى اللجنة الدائمة 10/151.
بالإضافة إلى أنه قد ثبت بالطبّ ضرر كثير من هذه الموانع وابتليت كثير من النساء باضطراب الدورة بسبب ذلك، فإن فعلت المرأة وتعاطت ما تقطع به الدم فارتفع وصارت نظيفة وصامت أجزأها ذلك.
فهذه هي مفسدات الصيام. وكلها -ماعدا الحيض والنفاس- لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة:
ـ أن يكون عالما غير جاهل.
ـ ذاكرا غير ناس.
ـ مختارا غير مُكْرَه.
وللفائدة نذكر بعض الأشياء التي لا تفطر:
الحقنة الشرجية وقطرة العين والأذن وقلع السنّ ومداواة الجراح كل ذلك لا يفطر. مجموع فتاوى شيخ الإسلام 25/233، 25/245.
الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس) ، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
ما يدخل مجرى البول للذكر أو الأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، بالسواك أو فرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
غاز الأكسجين وغازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية.
ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.
إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء.
إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها.
أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.
منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى.
دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.
والله تعالى أعلم.
انظر مجالس رمضان للشيخ ابن عثيمين وكتيب سبعون مسألة في الصيام الموجود في قسم الكتب في الموقع.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3155)
إذا حاضت قبل المغرب بخمس دقائق فهل تكمل الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا بدأت الدورة الشهرية عند المرأة قبل أذان المغرب بخمس دقائق فهل تكمل الصيام أم تفطر؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا نزل الحيض من المرأة قبل غروب الشمس ولو بلحظة فسد صومها، وعليها قضاء هذا اليوم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "مجالس شهر رمضان" ص 39:
وإذا ظهر الحيض منها وهي صائمة ولو قبل الغروب بلحظة بطل صوم يومها، ولزمها قضاؤه اهـ
ولا يجوز لها أن تصوم وهي حائض، فإذا فعلت لم يصح صومها.
قال بن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/397) :
ومتى نوت الحائض الصوم وأمسكت مع علمها بتحريم ذلك أثمت ولم يجزئها اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3156)
خروج الدم من الصائم هل يُبطل الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سحب الدم سواءً كان كثيراً أو قليلا بالنسبة للصائم.هل يفطر أو لا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الدم الذي أخذ منه يسيراً عرفاً فصيامه صحيح ولا يجب عليه قضاء ذلك اليوم وإن كان ما أخذ كثيراً عرفاً فإنه يقضي ذلك اليوم خروجاً من الخلاف، وأخذاً بالاحتياط براءةً لذمته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 263(5/3157)
هل تفطر العادة السرية بدون إنزال
[السُّؤَالُ]
ـ[العادة السرية هل تفطر إذا كانت أثناء نهار رمضان ولم يخرج مني؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاستمناء (العادة السرية) من مفسدات الصيام، وعلى من فعله قضاء هذا اليوم الذي أفطره، مع التوبة من هذا الذنب العظيم.
قال الشيخ ابن باز:
الاستمناء في نهار الصيام يبطل الصوم إذا كان متعمداً ذلك وخرج منه المني، وعليه أن يقضي إن كان الصوم فريضة، وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، لأن الاستمناء لا يجوز في حال الصوم ولا في غيره، وهي التي يسميها الناس العادة السرية اهـ
فتاوى الشيخ ابن باز (15/267) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
إذا استمنى الصائم فأنزل أفطر، ووجب عليه قضاء اليوم الذي استمنى فيه، وليس عليه كفارة، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع، وعليه التوبة مما فعل. اهـ
فتاوى أركان الإسلام ص 478.
وهذا إذا استمنى فأنزل المني، أما إذا لم ينزل المني فإنه لا يفطر.
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/388) :
لو استمنى بدون إنزال فإنه لا يفطر اهـ
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3158)
لم تتسحر ولم تستيقظ لصلاة الفجر فهل تستمر في الصيام أم تفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلمت قبل 3 أسابيع ومتحمسة جداً لصيام رمضان، تأخرت اليوم في النوم وفاتني السحور وصلاة الفجر، قال لي أحدهم بأنني إذا لم أتسحر ولم أصل الفجر فلا يجب أن أتم صيام ذلك اليوم، هل أفطر أم أستمر في الصيام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نبشرك أولاً بهداية الله لك إلى الإسلام، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى.
ثانياً: إذا نام المسلم عن الصلاة ولم يستيقظ إلا بعد خروج وقتها فإنه لا يتركها، بل يصليها متى استيقظ، ولا إثم عليه في ذلك لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ نَسِيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، لا كَفَّارَةَ لَهَا إِلا ذَلِكَ) رواه البخاري (597) ومسلم (684) .
وأما بالنسبة لإجابة سؤالك:
فهذا القول الذي قيل لك خطأ، فالواجب عليك إتمام صيام هذا اليوم.
وكون المسلم لم يتسحر أو لم يستيقظ لصلاة الفجر لا يعتبر ذلك مانعاً من الصوم.
فعليك الاستمرار في الصيام، وإذا كنت قد أفطرت ظناًّ منك أنه لا يجب الصوم، فعليك إذا انتهى رمضان أن تصومي يوماً مكانه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3159)
الرائحة المنبعثة من الفكس
[السُّؤَالُ]
ـ[أسال عن الرائحة المنبعثة من الفكس هل لها جرم يدخل إلى المعدة عند الادهان بالفكس على منطقة الجبهة والأنف أثناء الصيام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الرائحة المنبعثة من الفكس لا تؤثر على الصيام، لأنها مجرد رائحة ولا جرم لها يدخل إلى المعدة.
راجع سؤال (37706) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3160)
يصوم ويكذب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تعود منذ صغره على الكذب وهو يحاول الآن أن ينبذ هذه العادة المنكرة ولكنه يسهو فيأتي الكذب، ثم يعود فيستغفر الله، فهل يؤثر ذلك على صيامه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى البخاري (1903) (6057) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْل فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) .
الْمُرَاد بِقَوْلِ الزُّورِ: كل قول باطل، فيشمل الكذب والغيبة والنميمة وشهادة الزور. . . وكل قول محرم.
وَالْعَمَلِ بِهِ أَيْ بالزور، وهو العمل بالفواحش والمنكرات. انظر: تحفة الأحوذي.
والجهل هو العمل بالمعاصي كلها. قاله السندي في حاشية ابن ماجه.
قال الحافظ:
قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) قَالَ اِبْن بَطَّال: لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُؤْمَرَ بِأَنْ يَدَعَ صِيَامَهُ , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّحْذِير مِنْ قَوْلِ الزُّورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ. . . وهُوَ كِنَايَة عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ. . . فَالْمُرَاد رَدّ الصَّوْم الْمُتَلَبِّس بِالزُّورِ وَقَبُول السَّالِم مِنْهُ. . .
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ:
مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا ذُكِرَ لا يُثَابُ عَلَى صِيَامِهِ , وَمَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَاب الصِّيَام لا يَقُومُ فِي الْمُوَازَنَةِ بِإِثْم الزُّور وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ اهـ
والمقصود أن جميع المعاصي تؤثر على الصيام، فينقص بذلك ثواب الصيام، وقد ينعدم الثواب بالكلية إذا كثرت المعاصي.
فعليك يا أخي الاستمرار في مجاهدة نفسك حتى تترك هذه العادة القبيحة، وكلما أذنبت فعليك بالتوبة والاستغفار، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وفقنا الله تعالى لما يحب ويرضى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3161)
هل الكبائر تُبطل الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقبل الله صيام من لديه شهادات استثمار ويضارب في أسهم البنوك الربوية هو مرابي أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإن الله تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين " البقرة / 278
هذا نداء من الله لعباده أن يتركوا الربا ويجتنبوه، لأنه سبحانه حرم الربا: {وأحل الله البيع وحرم الربا} .
وآكل الربا سبب من أسباب هوان المسلمين وذلهم فقد قال عليه الصلاة والسلام: " إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وأخذتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم " رواه أبو داوود (3462) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (11) .
وقد تقدم في بعض الأسئلة التفصيل في مسألة المساهمة في البنوك الربوية.
انظر السؤال (8590) و (4714) .
وأما صوم من ارتكب كبيرة من الكبائر – كشراء أسهم البنوك الربوية - فإنه مجزئ إلا أنه ناقص، وقد لا يحصل له أجر الصيام.
فتأمل قول الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} فقد ذكر الله تعالى في هذه الآية الحكمة من فرض الصيام وهي أن يكون وسيلة لتقوى الله عز وجل بفعل الواجبات وترك المحرمات.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري (1903) ، أي لم يرد الله منا بالصوم أن نترك الطعام والشراب، إنما يريد الله عز وجل أن نتقي الله لقوله تعالى: {لعلكم تتقون} . أنظر الشرح الممتع (6/435) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " قَوْلُهُ: (قَوْل الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ) َالْمُرَاد بِقَوْلِ الزُّورِ: الْكَذِبُ , وَالْعَمَلِ بِهِ أَيْ بِمُقْتَضَاهُ.
َقَالَ اِبْن الْعَرَبِيِّ: مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا ذُكِرَ لا يُثَابُ عَلَى صِيَامِهِ , وَمَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَاب الصِّيَام لا يَقُومُ فِي الْمُوَازَنَةِ بِإِثْم الزُّور وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ.
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: لَيْسَ الْمَقْصُود مِنْ شَرْعِيَّةِ الصَّوْمِ نَفْس الْجُوعِ وَالْعَطَشِ , بَلْ مَا يَتْبَعُهُ مِنْ كَسْرِ الشَّهَوَات وَتَطْوِيعِ النَّفْسِ الأَمَّارَةِ لِلنَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ , فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لا يَنْظُرُ اللَّه إِلَيْهِ نَظَر الْقَبُولِ.
وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَفْعَالَ تَنْقُصُ الصَّوْم." انتهى من فتح الباري.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3162)
النوم طيلة النهار في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الإنسان في أيام رمضان إذا تسحر ثم صلى الصبح ونام حتى صلاة الطهر ثم صلاها ونام إلى صلاة العصر ثم صلاها ونام إلى وقت الفطر هل صيامه صحيح.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم صيامه صحيح.
وقد أجمع العلماء على أن الصائم إذا استيقظ في النهار - ولو لحظة واحدة أن صيامه - صحيح، فإن لم يستيقظ واستغرق جميع النهار بالصيام فجماهير العلماء على أن صومه صحيح لأن النوم لا ينافي الصيام، فإنه لا يزيل الإحساس بالكلية بل متى نُبه انتبه.
انظر: المجموع (6 / 346) والمغني (4 / 344)
وقد سئلت اللجنة الدائمة في ذلك فأجابت:
إذا كان الأمر كما ذكر فالصيام صحيح ولكن استمرار الصائم غالب النهار نائماً تفريط منه، لا سيما وشهر رمضان زمن شريف ينبغي أن يستفيد منه المسلم فيما ينفعه من كثرة قراءة القرآن وطلب الرزق وتعلم العلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية (10/212)
وهذه نصيحة للشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله للصائم وغيره باستغلال وقته وعدم إضاعته بالنوم فقال:
" لا حرج في النوم نهاراً وليلاً إذا لم يترتب عليه إضاعة شيء من الواجبات ولا ارتكاب شيء من المحرمات، والمشروع للمسلم سواء كان صائماً أو غيره عدم السهر بالليل، والمبادرة إلى النوم بعدما يسّر الله له من قيام الليل، ثم القيام إلى السحور إن كان في رمضان، لأن السحور سنّة مؤكدّة وهو أكلة السحر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تسحروا فإن في السحور بركة) متفق على صحته.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر) رواه مسلم في صحيحه.
كما يجب على الصائم وغيره المحافظة على جميع الصلوات الخمس في الجماعة والحذر من التشاغل عنها بنوم أو غيره، كما يجب على الصائم وغيره أداء جميع الأعمال التي يجب أداؤها في أوقاتها للحكومة أو غيرها وعدم التشاغل عنها بنوم أو غيره، وهكذا يجب عليه السعي في طلب الرزق الحلال الذي يُحتاج إليه هو ومن يعول، وعدم التشاغل عن ذلك بنوم أو غيره.
والخلاصة أن وصيتي للجميع من الرجال والنساء والصوام وغيرهم هي تقوى الله جل وعلا في جميع الأحوال، والمحافظة على أداء الواجبات في أوقاتها على الوجه الذي شرعه الله، والحذر كلّ الحذر من التشاغل عن ذلك بنوم أو غيره من المباحات أو غيرها، وإذا كان التشاغل عن ذلك بشيء من المعاصي صار الإثم أكبر والجريمة أعظم.
أصلح الله أحوال المسلمين، وفقههم في الدين وثبتهم على الحق، وأصلح قادتهم إنه جواد كريم.
فتاوى الشيخ ابن باز 4 / 156.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3163)
داعب زوجته حتى أنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[داعبت زوجتي في نهار رمضان - ونحن صائمون - حتى حصل عندي إنزال " مني " والله أعلم أحصل عندها أم لا! لكني أشعر بتأنيب شديد، وألم يعتصر قلبي لإحساسي بأننا قد أتينا جرما عظيما.
فهل - فعلا - علينا وزر؟ وإن كان فما الكفارة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد ارتكبت ذنباً بمداعبتك زوجتك حتى الإنزال، لأنك بفعلك قد أبطلت صومك، وانتهكت حرمة هذا الشهر المعظم، وفاتك أجر الصيام الذي قال الله عنه: (يدع شهوته وطعامه من أجلي) رواه البخاري 1761.
وندمك على هذا الفعل الذي صدر منك توبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة) رواه أحمد (3558) وابن ماجه (4252) ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (3429) .
وبما أنك أنزلت فقد فسد صومك لهذا اليوم الذي أنزلت فيه، فعليك أن تُمسك بقية اليوم إلى غروب الشمس، وعليك أن تقضي يوماً مكانه.
أما الكفارة فإن كنت قد جامعت زوجتك فعليك الكفارة المغلظة وهي عتق رقبة، فإن لم تستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا. انظر السؤال (22938)
أما إن أنزلت بدون جماع فلا تلزمك الكفارة وإنما عليك القضاء فقط.
قال النووي رحمه الله: " إذا قبل أو باشر فيما دون الفرج بذكره أو لمس بشرة امرأة بيده أو غيرها فإن أنزل بطل صومه , وإلا فلا " المجموع 6/322.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
" إذا باشر (الرجل) زوجته سواء باشرها باليد، أو بالوجه بتقبيل، أو بالفرج (بدون جماع) فإنه إذا أنزل أفطر، وإذا لم ينزل فلا فطر بذلك." الشرح الممتع (6/388)
وهذا الحكم لك ولزوجتك فإن كانت قد أنزلت من هذه المداعبة فقد فسد صومها، وعليها التوبة إلى الله وقضاء يوم آخر، وإن لم تنزل فلا شيء عليها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3164)
إذا وصل الماء إلى داخل البدن أثناء الاستنجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل دخول الماء في فتحة الشرج أثناء الاستنجاء من الغائط يفطر؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دخول الماء في فتحة الشرج أثناء الاستنجاء لا يفطر، لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً، ولا هم بمعنى الأكل والشرب، وقد سبق في إجابة السؤال رقم (22959) ، (22927) أن الحقنة الشرجية واللبوس الذي يوضع في الدبر ليس من المفطرات.
وننصح السائل بعدم التكلف في مثل هذه المسائل، إذ لا داعي لأن يتقصد إدخال الماء داخل دبره بحجة الزيادة في الطهارة، لأن هذا من التنطع في الدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " هلك المتنطعون ".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3165)
ضابط الدم المفسد للصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن مقدار الدّم الذي يخرج من جسم ابن آدم والذي يكون من المفطرات للصّيام، حيث أنّي أعاني من مرض "العذر" (انتفاخ العروق بالمخرج) وذلك منذ مدّة وبصفة غير منتظمة يكون مرفوقاً ببعض الدّم وهو ما مقداره تقريبا نصف فنجان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله أن يمن عليك بالشفاء العاجل..
بما أن هذا الدم يخرج بسبب المرض فإن صومك صحيح ولا يلزمك شيء حتى لو كان الدم كثيراً، ما دام أنه خرج بدون فعلك.
والضابط في الدم المفسد للصوم كما يلي:
الدم الخارج من الإنسان له حالان:
أولاً: أن يخرج الدم بفعل الشخص واختياره ففيه تفصيل:
1- أن يخرج عن طريق الحجامة فإنه يُفطر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أفطر الحاجم والمحجوم ".
2- أن يخرج بغير الحجامة كالفصد (وهو إخراج الدم من العرق) ، فإن كان كثيراً يؤثر على بدن الإنسان بطل صومه (كالتبرع بالدم) ، وإن كان قليلاً لا يضر الشخص فلا يبطل صومه، كالدم اليسير الذي يؤخذ للتحليل فإنه لا يُفسد الصوم.
ثانياً: أن يخرج الدم بغير قصد، كأن يصاب بحادث أو رعاف أو جرح في أي مكان من جسمه فصومه صحيح ولو كثر الدم.
هذا محصل فتوى للشيخ ابن عثيمين. انظر: فتاوى إسلامية 2/132.
ولكن إن كان الدم الخارج بغير قصد الإنسان كثيراً بحيث يضعفه عن الصيام حل له الإفطار وقضى يوماً مكانه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3166)
ابتلع الدم وهو في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[استعملت السواك قبل صلاة الظهر، وفي وسط الصلاة أحسست أن الدم يخرج بشكل ضئيل، حاولت أن لا أبتلع شيئا لكنني لم أستطع، بعد الصلاة أخرجت بعض الريق الذي كان في فمي فوجدته حقا دما. فما الحكم إذاً هل أقضي هذا اليوم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كان الواجب عليك أن لا تبتلع هذا الدم، وأن تخرج منديلاً وأنت في الصلاة، وتبصق فيه الدم.
وبما أنك ابتلعته بغير عمد فصومك صحيح أما إذا ابتلعته عمداً فعليك قضاء هذا اليوم.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" فإن سال فمه دماً أو خرج إليه قلس (ما خرج من البطن إلى الفم وليس بقيء) فازدرده (أي ابتلعه) أفطر وإن كان يسيراً؛ لأن الفم في حكم الظاهر، والأصل حصول الفطر بكل واصلٍ منه، لكن عفي عن الريق لعدم إمكان التحرز منه، فما عداه يبقى على الأصل." المغني 4/356
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3167)
لا يقبل صوم رمضان مع ترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصوم رمضان ولكن لا أصلي فهل يكون صيامي صحيحا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يقبل صوم رمضان، بل ولا أي عمل من الأعمال مع ترك الصلاة، وذلك لأن ترك الصلاة كفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ) رواه مسلم (82) . راجع سؤال (5208) .
والكافر لا يقبل منه أي عمل لقول الله تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) الفرقان/23. وقوله سبحانه: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ) الزمر/65.
وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ تَرَكَ صَلاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) رواه البخاري (553) .
ومعنى (حبط عمله) أي: بَطَلَ ولم ينتفع به.
فهذا الحديث يدل على أن تارك الصلاة لا يقبل اللهُ منه عملاً، فلا ينتفعُ تاركُ الصلاةِ من عمله بشيء، ولا يَصْعَدُ له إلى الله عملٌ.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في معنى هذا الحديث: " والذي يظهر في الحديث؛ أن الترك نوعان: تركٌ كليٌّ لا يصليها أبداً، فهذا يحبط العملُ جميعُه، وتركٌ معينٌ في يومٍ معينٍ، فهذا يحبط عملُ ذلك اليومِ، فالحبوطُ العامُّ في مقابلةِ التركِ العامِّ، والحبوطُ المعينُ في مقابلةِ التركِ المعينِ" اهـ من كتاب الصلاة ص 65.
فالنصيحة للسائلة أن تتوب إلى الله تعالى، وتندم على تفريطها في حق الله، وتعريضها نفسها لمقت الله تعالى وغضبه وعقابه، والله تعالى يقبل توبة من تاب من عباده، ويغفر له ذنوبه، بل ويفرح بها سبحانه وتعالى أشد الفرح، وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم التائب بقوله: (التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ) رواه ابن ماجه (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه 3424.
ولتبادر إلى الاغتسال والصلاة لتجمع بين طهارة الظاهر وطهارة الباطن، ولا تؤجل التوبة وتقول سوف أتوب غداًّ أو بعد غد، فإن الإنسان لا يدري متى يأتيه الموت، ولتتب إلى الله قبل أن لا ينفع الندم (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا (27) يَا وَيْلَتِى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولا) الفرقان/27-29.
[الْمَصْدَرُ]
ألإسلام سؤال وجواب(5/3168)
حاضت بعد أسبوع من الحيضة السابقة
[السُّؤَالُ]
ـ[استخدم حبوب منع الحمل وحصل خطأ في مواعيد الحبوب مما أدى إلى حصول الدورة بعد أسبوع من انتهاء الدورة السابقة فهل يكون حكمها حكم الدورة الشهرية الاعتيادية؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، حكمها حكم الدورة الشهرية الاعتيادية، لأن الأصل في الدم الخارج من المرأة أنه دم حيض حتى يتبين أنه دم استحاضة.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة أتاها دم بعد تسعة أيام من الحيضة السابقة.
فقال:
متى جاء الحيض فهو حيض، سواء طالت المدة بينه وبين الحيضة السابقة أم قصرت، فإذا حاضت وطهرت وبعد خمسة أيام أو ستة أو عشرة جاءتها العادة مرة ثانية فإنها تجلس لا تصلي لأنه حيض، وهكذا أبداً كلما طهرت ثم جاء الحيض وجب عليها أن تجلس اهـ.
فتاوى المرأة المسلمة (1/79) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3169)
اليبوسة التي تحصل للمرأة أثناء عادتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من صامت يوماً بعد انقطاع الحيض ثم عاودها الحيض من جديد, هل تقضي اليوم أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا انقطع الحيض يوماً واحداً أو ليلة واحدة أثناء أيام حيضها فعليها أن تغتسل وتصلي الصلوات التي أدركت وقتها وهي طاهر لقول ابن عباس: " أما إذا رأت الدم البحراني فإنها لا تصلي، وإذا رأت الطهر ساعة فلتغتسل ".
فتاوى اللجنة الدائمة (مجلة البحوث العلمية 12/102)
والدَمٌ البَحْرَانيٌّ هو الدَّم الغليظ وقيل الكثير. لسان العرب (4/46) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3170)
الكدرة التي قبل الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني استخدم مانع حمل (لولب) لذلك قبل نزول الدم المعتاد بثلاث أيام تنزل كدرة فهل تفسد علي الصيام وعلي القضاء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله: " إن كانت هذه الكدرة من مقدمات الحيض فهي حيض، ويُعرف ذلك بالأوجاع والمغص الذي يأتي الحائض عادة، أما الكدرة بعد الحيض فهي تنتظر حتى تزول لأن الكدرة المتصلة بالحيض حيض، لقول عائشة رضي الله عنها: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء " رسالة الدماء الطبيعية 59.
وعلى هذا فلو تبين لك أن هذه الكدرة من مقدمات الحيض فهي حيض وعليه اتركي الصوم والصلاة واقضي الصوم بعد الطهر.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3171)
التدخين في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن بعض العلماء قد حرموا التدخين، ولكن لماذا يحرم التدخين أثناء الصيام مع أنه لا يوجد شيء من الطعام أو الشراب يدخل الحلق؟
سألت العديد من الناس ولم يجبني أحد غير أن قالوا بأنه محرم فأرجو أن تخبرني بما أفعل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الدخان محرم ولا يشك في تحريمه – انظر السؤال رقم (10922) و (7432) -، وأما سبب كونه مفطراً فلأن له جرماً يصل إلى الجوف والمعدة.
سئل الشيخ ابن عثيمين عن استنشاق العطر للصائم فقال:
يجوز أن يستعملها في نهار رمضان وأن يستنشقها إلا البخور لا يستنشقه لأن له جرماً يصل إلى المعدة وهو الدخان.
" فتاوى إسلامية " (2 / 128) .
والدخان مثل البخور في كونهما لهما جرم لكنهما يختلفان من حيث حكم الأصل فالبخور حلال طيب والدخان محرم خبيث.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3172)
يصح الصيام مع القيام بالإرضاع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إرضاع طفلي الجديد من صدري يفسد صيامي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس الإرضاع من المفطرات، وقد اتفق الفقهاء على جواز صيام المرضع، مع قيامها بالإرضاع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3173)
سحب الدم هل يبطل الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر سحب الدم من جسم الإنسان عن طريق الحقنة مفطر أم لا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إذا كان الدم الذي أُخذ منه يسيراً عرفاً فلا يجب عليه قضاء ذلك اليوم، وإن كان كثيراً عرفاً فإنه يقضي ذلك اليوم خروجاً من الخلاف، وأخذاً بالاحتياط براءة للذمة "
فتاوى اللجنة الدائمة 10/263
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن سحب الدم في رمضان بغرض التحليل. فأجاب:
مثل هذا التحليل لا يُفسد الصوم بل يُعفى عنه لأنه مما تدعو الحاجة إليه وليس من جنس المفطرات المعلومة من الشرع المطهر.
فتاوى إسلامية 2/133
وقال الشيخ ابن جبرين:
" إذا تبرع بالدم فأُخذ منه الكثير فإنه يبطل صومه قياساً على الحجامة وذلك أن يجتذب منه دم من العروق لإنقاذ مريض أو للاحتفاظ بالدم للطوارئ، فأما إن كان قليلاً فلا يفطر كالذي يؤخذ في الإبر للتحليل والاختبار."
فتاوى إسلامية 2/133.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3174)
لها عشيق يباشرها في ليالي رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بأن الجماع يجوز في ليالي رمضان، مشكلتي بأنه لدي عشيق منذ 3 سنوات وحصل بيننا ضم وتقبيل وكل شيء عدا الجماع ولا أنوي هذا لأنه محرم جداً، أود أن أعرف هل ما أفعله محرم وما هي العقوبة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن اتخاذ العشيقات من قِبَل الرجال، واتخاذ العشَّاق من قِبل النساء من كبائر الذنوب، والجماع والمباشرة لا يحلان إلا للزوجين أو للزوج وأمَته، ويحرم عليكِ أن تتخذي عشيقاً، ويحرم عليكماِ المصافحة والخلوة فضلاً عن الضم والتقبيل والمباشرة وكل هذا من زنا الجوارح، وهو محرَّم في غير رمضان، وفي رمضان يكون أشد تحريماً تعظيماً للشهر سواء كان في الليل أو في النهار.
وقوله تعالى {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إنما هو خطاب للأزواج.
وعلى هذا العشيق أن يتوب إلى الله من فعله هذا معك، وعليك أنت أن تتوبي إلى الله، ثم بعدها يحل لكما الزواج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " لم يُر للمتحابين مثل النكاح " والحديث صححه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجه ".
ونرجو الاطلاع على أجوبة الأسئلة التالية: (23349) و (1114) و (11195) و (9465) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3175)
استعمل اللبوس لا يفسد الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أشعر بتعب وصداع في نهار رمضان فنصحني البعض بأخذ أقماع (لبوس) وذلك للتخفيف من حدة الصداع، فهل هذا العلاج مفطر أم لا أفيدوني أفادكم الله؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استعمال اللبوس في نهار لا يفطر، وكذلك لو احتاج الصائم إلى الحقنة الشرجية، فإنها لا تفطر؛ لأنه لا دليل على كون ذلك من المفطرات، ولأن ذلك ليس أكلاً ولا شرباً ولا هو بمعنى الأكل والشرب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" ص 193:
ولا يفطر بالاكتحال والحقنة (يعني: الحقنة الشرجية) . . . وهو قول بعض أهل العلم اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/381) :
والراجح في هذه المسألة قول شيخ الإسلام ابن تيمية اهـ يعني: أن الحقنة الشرجية لا تفطر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3176)
نزول المذي لا يفسد الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من شهوة تتحرك دائما لأتفه الأسباب كمروري في الطريق وألمح امرأة وعلى الفور أغض بصري ولكن يحدث أن ينزل شيء أو أجلس فتأتيني أفكار والتي أحاول قطعها على الفور ولكن يحدث أن ينزل شيء وهذا رغما عني فهل يفسد الصوم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نزول المذي لا يفسد الصوم، سواء نزل بسبب التفكير أو تقبيل الرجل لامرأته أو غير ذلك من الأسباب. وهذا هو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله. انظر: "المجموع" للنووي (6/323) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "الاختيارات" ص 193:
ولا يفطر بمذي بسبب قبلة أو لمس أو تكرار نظر، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وبعض أصحابنا اهـ.
وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما في "الشرح الممتع" (6/390) قال:
والحجة فيه عدم الحجة على إفساد الصوم بذلك، لأن الصوم عبادة شرع فيها الإنسان على وجه شرعي فلا يمكن أن نفسد هذه العبادة إلا بدليل اهـ بتصرف.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3177)
هل النظر إلى النساء يبطل الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النظر إلى النساء في شهر رمضان؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا السؤال يشتمل على مسألتين:
الأولى: حكم النظر إلى النساء.
الثانية: هل النظر إلى النساء يبطل الصيام أو يوجب الكفارة؟
أما حكم النظر إلى النساء فهو محرم لأن الله عز وجل أمر المؤمنين بغض البصر فقال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) النور/30، وأمر بذلك رسوله عليه الصلاة والسلام فعَنْ جَرِيرٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ فَقَالَ: (اصْرِفْ بَصَرَكَ) رواه أبو داود (النكاح/1836) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (1880) .
ولذلك يجب امتثال أمر الله ورسوله قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور/63، أنظر السؤال (21784) و (20229) .
أما المسألة الثانية: وهي تأثير النظر إلى النساء الأجنبيات على الصيام، فقد سألت اللجنة الدائمة عن هذا السؤال فأجابت: بأنه " ليس مبطلاً للصيام، وعليه أن يغض بصره " فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 10/274
فالواجب على المسلم لاسيما الصائم صرف النظر عنهن حتى لا يخدش صومه بالمحرمات، ومن وقع في ذلك فعليه التوبة إلى الله.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3178)
زادت أيام الحيض بسبب تركيب اللولب
[السُّؤَالُ]
ـ[وقت الدورة الشهرية ستة أيام قبل تركيب اللولب المانع للحمل، وبعد تركيب اللولب زادت مدة الدورة إلي تسعة أيام. فما حكم الصلاة والصيام في الأيام الزائدة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا زادت الدورة الشهرية للمرأة بعد تركيب اللولب فإن هذه الزيادة تعتبر حيضاً، فلا تصلي المرأة ولا تصوم حتى ترى الطهر.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذا السؤال:
امرأة تسببت في نزول دم الحيض منها بالعلاج، وتركت الصلاة فهل تقضيها أم لا؟
فأجاب:
لا تقضي المرأة الصلاة إذا تسببت لنزول الحيض فنزل، لأن الحيض دم متى وُجد وُجد حكمه، كما أنها لو تناولت ما يمنع الحيض ولم ينزل الحيض فإنها تصلي وتصوم لأنها ليست بحائض، فالحكم يدور مع علته، قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى) البقرة/222. فمتى وُجد الأذى ثبت حكمه، ومتى لم يوجد لم يثبت حكمه اهـ
فتاوى أركان الإسلام ص 254.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3179)
لا يجوز للصائم أن يشتم أحداً
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت صائماً وأثناء الصيام شتمت أحداً أو أسأت الأدب مع شخص ما فهل يفسد هذا صيامي؟
أريد أن أعرف الجواب لأن أصدقائي يشتمون ويسيئون للناس أثناء الصيام وأريد أن أخبرهم لماذا يجب أن يتجنبوا المعاصي كالشتم وغيره.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ارتكاب المعاصي في نهار رمضان كالسب والشتم لا يفسد الصيام، بمعنى أن ذلك ليس من المفطرات، ولكنه يُنقص ثواب الصيام، وقد تذهب هذه المعاصي بالثواب جملةً، فيبقى الصائم لم يستفد شيئاً من صيامه إلا الجوع والعطش.
والصائم مأمور بحفظ جوارحه عن معصية الله تعالى، وليس المقصود من الصيام مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، بل المقصود هو الإمساك عن معصية الله تعالى، وتحقيق تقوى الله تعالى، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/183.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري (1903) (6075) .
وقول الزور يشمل كل قول محرم كالكذب والغيبة والنميمة والسب والشتم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلا يَرْفُثْ، وَلا يَجْهَلْ، فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ) رواه البخاري (1894) ومسلم (1151) .
قال الحافظ:
قَوْله: (فَلا يَرْفُث) الْمُرَاد بِالرَّفَثِ هُنَا الْكَلام الْفَاحِش.
قَوْله: (وَلا يَجْهَل) أَيْ لا يَفْعَل شَيْئًا مِنْ أَفْعَال أَهْل الْجَهْل كَالصِّيَاحِ وَالسَّفَه وَنَحْو ذَلِكَ.
والْمُرَاد مِنْ الْحَدِيث أَنَّهُ لا يُعَامِلهُ بِمِثْلِ عَمَله بَلْ يَقْتَصِر عَلَى قَوْله: "إِنِّي صَائِم" اهـ
فإذا كان الصائم مأمور بعدم الرد على من شتمه، فكيف يليق به أن يعتدي على الناس ويبتدئ الشتم هو؟!
وقال النووي:
اعْلَمْ أَنَّ نَهْيَ الصَّائِمِ عَنْ الرَّفَث وَالْجَهْل وَالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَة لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ , بَلْ كُلّ أَحَد مِثْله فِي أَصْل النَّهْي عَنْ ذَلِكَ، لَكِنَّ الصَّائِم آكَدُ اهـ.
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل: إني صائم، إني صائم) .
وروى ابن ماجه (1690) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلا السَّهَرُ) .
يراجع سؤال (37989) عن الكذب في الصيام.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3180)
نفساء أكملت أربعين يوما ولم تطهر فهل تصوم وتصلي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة حديثة الولادة صيام رمضان علما بأنها قد أكملت أربعين يوما وما زالت في النفاس أي لم تطهر بعد؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في أكثر مدة للنفاس، فذهب جمهور العلماء إلا أنها أربعون يوماً من الولادة.
راجع سؤال (10488) .
وعلى هذا. . فالمرأة التي استمر بها الدم أكثر من أربعين يوماً، إن وافق هذا الدم عادتها فتكون حائضاً، وإن لم يوافق عادتها فهو دم استحاضة فتغتسل بعد الأربعين وتصوم وتصلي وتكون طاهرة حكمها حكم الطاهرات من النساء.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3181)
لا يجب نزع تقويم الفك من الفم لأجل الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب عند الصيام أن أنزع تقويم الفك المتحرك، لأنه عندما أتحدث وهو في فمي يفرز لعاباً كثيراً، وأضطر إلى بلعه. أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجب نزع تقويم الفك المتحرك لأجل الصيام. لأنه لا ينزل منه شيء إلى المعدة، وكونه يسبب زيادة في إفراز اللعاب لا يجعله ذلك مفطراً.
وقد نص العلماء على أنه يجوز للصائم أن يضع درهماً في فمه وهو صائم، وتقويم الفك أولى بالجواز من وضع الدرهم لأن تقويم الفك لا يضعه الإنسان إلا للحاجة.
قال الإمام أحمد رحمه الله: مَنْ وَضَعَ فِي فِيهِ (أي فمه) دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا وَهُوَ صَائِمٌ , مَا لَمْ يَجِدْ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ , فَلا بَأْسَ بِهِ , وَمَا يَجِدُ طَعْمَهُ فَلا يُعْجِبُنِي اهـ. المغني (4/359) .
ثم إن بلع الريق ولو كثر لا يضر الصوم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3182)
هل الاستمناء في ليالي رمضان يفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض العلماء يقولون بأن الاستمناء مكروه والبعض يقول بأنه محرم، فإذا فعله شخص في إحدى ليالي رمضان فهل يفسد هذا صيام اليوم السابق؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصحيح من أقوال أهل العلم أن الاستمناء محرم. راجع سؤال رقم (329) .
وإذا أقدم إنسان على هذا الأمر المحرم في ليالي رمضان فإنه لا يفسد صومه بذلك، لا اليوم السابق ولا اليوم اللاحق.
ولكن الواجب على المسلم أن يجاهد نفسه، ويمنعها عن هذا المحرم وغيره، لا سيما في هذا الشهر المبارك.
وعلى المسلم أن يستفيد من هذا الشهر المبارك في ذلك، فإن الصيام من أحسن العلاج لهذا الأمر المحرم، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الشاب الذي لا يستطيع الزواج أن يصوم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (5056) ومسلم (1400) .
ومعنى (وِجَاء) أي: أَنَّ الصَّوْم يَقْطَع الشَّهْوَة.
وعلى من ابتلي بذلك أن يتوب إلى الله تعالى، ويندم على ما فعل، ويعزم على عدم العود إلى ذلك مرة أخرى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3183)
إذا سمع أذان الفجر وهو يجامع زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا أذن الفجر والرجل يجامع زوجته؟ هل يكمل حتى يقضي وطره أم يقطع الجماع بمجرد سماع الأذان؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا طلع الفجر وهو يجامع زوجته فالواجب عليه الكف عن الجماع فوراً، وصيامه صحيح وليس عليه شيء. ولا يجوز له الاستمرار في الجماع بعد طلوع الفجر، فإن فعل ذلك فقد أفسد صومه، وعليها القضاء مع الكفارة.
والكفارة هي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. راجع السؤال (1672) .
لكن هذا في طلوع الفجر أما أذان المؤذن:
فإن كان المؤذن يؤذن مع طلوع الفجر فالواجب الكف عن الجماع بمجرد سماع الأذان، فإن لم يفعل فعليه القضاء مع الكفارة كما سبق.
وإن كان المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر، كما يجتهد بعض المؤذنين اجتهاداً خاطئاً ويفعلون ذلك احتياطاً للصيام في زعمهم، فيجوز الاستمرار في الجماع حتى يتيقن طلوع الفجر.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله هذا السؤال:
إذا شرب الصائم بعد سماعه أذان الفجر فهل يصح صومه؟
فأجاب:
إذا شرب الصائم بعد سماعه أذان الفجر فإن كان المؤذن يؤذن بعد أن تبين له الصبح فإنه لا يجوز للصائم أن يأكل أو يشرب بعده. وإن كان يؤذن قبل أن يتبين له الصبح فلا بأس بالأكل والشرب حتى يتبين الصبح لقول الله تعالى: (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) ولهذا ينبغي للمؤذنين أن يتحروا في أذان الصبح ولا يؤذنوا حتى يتبين لهم الصبح أو يتيقنوا طلوعه بالساعات المضبوطة لئلا يغروا الناس فيحرموهم مما أحل الله لهم ويحلوا لهم صلاة الصبح قبل وقتها وفي هذا من الخطر ما فيه اهـ
فتاوى إسلامية (1/122) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3184)
استعمال البخاخ للربو لا يفطر الصائم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استعمال البخاخ في الفم في نهار رمضان يفسد الصوم لمن يعاني من أزمة في التنفس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استعمال بخاخ الربو في نهار رمضان لا يفسد الصيام.
(وبخاخ الربو لا يفطّر لأنه غاز مضغوط يذهب إلى الرئة وليس بطعام، وهو محتاج إليه دائما في رمضان وغيره. فتاوى الدعوة: ابن باز عدد 979) . انظر: كتيب " سبعون مسألة في الصيام ".
وقال الشيخ ابن عثيمين:
هذا البخاخ يتبخر ولا يصل إلى المعدة، فحينئذٍ نقول: لا بأس أن تستعمل هذا البخاخ وأنت صائم، ولا تفطر بذلك اهـ
فتاوى أركان الإسلام ص 475.
وقال علماء الجنة الدائمة:
دواء الربو الذي يستعمله المريض استنشاقاً يصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لا إلى المعدة، فليس أكلاً ولا شرباً ولا شبيهاً بهما. . . والذي يظهر عدم الفطر باستعمال هذا الدواء اهـ
فتاوى إسلامية (1/130) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3185)
وطء السجين الصائم لزوجته في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أود منك أن تخبرني عن: أن لنا أخوة هنا في البرازيل رجعوا إلى الإسلام (والحمد لله) منذ سنة مضت، وهم في السجن.
والسجين يستقبل زوجته خلال وقت الزيارة (الأحد) وينام معها من الساعة الحادية عشرة حتى الثانية.
السؤال الآن: هو ماذا إذا سيفعلون في رمضان؟ زوجاتهم غير مسلمات.
فضلاً هلا تكرمت بإخبارنا عن هذا السؤال مع الأخذ في الاعتبار استقامة المرأة خلال ثلاثين يوماً.
إنهم حديثو عهد بالإسلام، خاصة وأنه لا شيخ عندنا. شكراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا أجد هناك من حلّ الآن إلا مناشدة إدارة السّجن بتغيير الموعد ليكون بين المغرب والفجر وهو الوقت الذي يجوز فيه للمسلم شرعا أن يأتي زوجته.
ومهما كانت الاعتبارات فإنّه لا يجوز لمسلم - يجب عليه الصيام - أن يطأ زوجته في نهار رمضان، والجماع في نهار رمضان أسوأ المفطّرات ويجب بوقوعه عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا مع التوبة وقضاء اليوم الذي وطئ فيه.
وأنتم عليكم التعليم والنصيحة بالحسنى فإن حصل بعد ذلك شيء فالتوبة والكفّارة، ولعلّ إدارة السّجن تستجيب للاقتراح المذكور خصوصا إذا كانوا يقدّرون الحقوق الشخصية والحرّيات الدينية.
وفّقكم الله لكلّ خير وأثابكم على جهودكم، ونسأل الله الثبات لإخواننا المسلمين المساجين والهداية لزوجاتهم، والله الهادي إلى سواء السبيل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3186)
أثر استعمال الأدوية والأدوات الطبيّة على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك أقوال للأئمة تتعلق بالاستطبابات الجائزة والتي لا تتعارض والصيام. تحديدا:
(1) الكبسولات/الشراب (2) بخاخ الربو والشعب الصدرية (3) التحاميل (4) الحقن الشريانية
إن السؤال عن بخاخ الأزمات الصدرية في غاية الاهميه حيث يعاني ما يقرب من20% من الأطفال من الأزمات الصدرية. أرجو الشرح مع إعطاء أي متعلقات لاحقة]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فيما يلي ذكر عدد من الأشياء المستعملة في المجال الطبي وبيان ما يُفطّر منها وما لا يُفطّر وكانت تلك خلاصة لأبحاث شرعية قُدِّمت إلى مجمع الفقه الإسلامي في بعض دوراته وأصدر فيها الخلاصة التالية:
أولاً: الأمور التالية لا تعتبر من المفطرات:
1- قطرة العين، أو قطرة الأذن، أو غسول الأذن، أو قطرة الأنف، أو بخاخ الأنف، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
2- الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
3- ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس) ، أو غسول، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.
4- إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم.
5- ما يدخل الإحليل، أي مجرى البول الظاهر للذكر أو الأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة.
6- حفر السن، أو قلع الضرس، أو تنظيف الأسنان، أو السواك وفرشاة الأسنان، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
7- المضمضة، والغرغرة، وبخاخ العلاج الموضعي للفم إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق.
8- الحقن العلاجية الجلدية أو العضلية أو الوريدية، باستثناء السوائل والحقن المغذية.
9- غاز الأكسجين.
10- غازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية.
11- ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد كالدهونات والمراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية.
12- إدخال قثطرة (أنبوب دقيق) في الشرايين لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء.
13- إدخال منظار من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء أو إجراء عملية جراحية عليها.
14- أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل.
15- منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى.
16- دخول أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.
17- القيء غير المتعمد بخلاف المتعمد (الاستقاءة) .
ثانياً: ينبغي على الطبيب المسلم نصح المريض بتأجيل ما لا يضره تأجيله إلى ما بعد الإفطار من صور المعالجات المذكورة فيما سبق. (حتى لا يؤثّر ذلك في صحة صيامه)
[الْمَصْدَرُ]
مجمع الفقه الإسلامي ص 213(5/3187)
استمنى في نهار رمضان وأكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء صيامي أحد أيام شهر رمضان حدث أن مارست العادة السرية ثم قرأت في إجابة أحد الأسئلة الإسلامية بإحدى الجرائد ان العادة السرية تبطل الصيام لكن الأمر لا يتطلب أداء كفارة (تحرير رقبة أو إطعام ستين مسكينا) فهل هذا صحيح؟
أما سؤالي الثاني فهو أنى تناولت الطعام في ذلك الوقت لأني اعتقدت بأن صيامي باطل فهل إفطاري ذلك اليوم يتطلب كفارة أم لا؟؟ جزاكم الله خيرا على الإجابة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن العادة السرية محرمة عند أكثر أهل العلم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإذا كان استعمالها في شهر رمضان كان ذلك أعظم، فإذا وقع الإنزال بسبب العادة السرية كان انتهاك حرمة الصيام أشد إثماً، وعليه فمن أنزل المني فقد أفطر وعليه أن يمسك بقية يومه الذي أنزل فيه، ولا يجوز له الإفطار لحرمة الشهر الكريم، فعليك التوبة لإفساد صومك بالإنزال متعمّدا وعليك التوبة أيضا لأنّك لم تمسك بقيّة اليوم وانتهكت حرمة الصّيام بتناول مفطّر آخر وهو الطّعام وعليك بقضاء يوم بدل الذي أفسدته، وأكثر من الحسنات وصيام النّافلة فإنّ الحسنات يُذهبن السيئات، والله غفور رحيم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3188)
هل مص الإبهام يبطل الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة وهي أني ما زلت أمص إبهامي منذ أن كنت طفلة وتزداد هذه العادة بكثرة في أوقات المرض، وانا في شك هل هذا حرام أم لا؟ وهل هذا يبطل صيامي؟ وقد قالت لي صديقة أن أي شيء يدخل للجسم يبطل الصيام.
الرجاء إجابة سؤالي في أسرع وقت ممكن لأن رمضان سيبدأ قريباً وهذا الأمر يشعرني بالخجل ولا أستطيع أن أتحدث عنه مع أي شخص حتى زوجي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عليك بمجاهدة نفسك في ترك هذه العادة ونزع أصبعكِ من فيكِ كلما انتبهتِ لنفسكِ، وما حصل منك في حال النسيان فلا يضرّ صيامكِ، قال عليه الصلاة والسلام: " إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ. " رواه ابن ماجة 2033 وهو في صحيح الجامع 1731.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3189)
يقضي ما عليه أولاً ثم يصوم عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت زوجتي رحمها الله قبل أسبوعين من تاريخ الرسالة، وعليها صوم سبعة أيام أفطرتها في رمضان الفائت بسبب الدورة الشهرية، وقد توفيت ولم تقضها. هل أصوم عنها أم لا؟ علماً أن علي شهراً لم أقضه، أم أصوم الذي علي ثم أصوم عنها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر فإنه يجب عليك أن تصوم الذي عليك أولاً، ثم يشرع لك بعد ذلك أن تصوم الأيام التي على زوجتك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) متفق على صحته. والولي هو القريب، وأنت مثله.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/261) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/261)(5/3190)
يريد تأجيل قضاء رمضان إلى الشتاء لأن أيامه قصيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قضاء أيام رمضان في الشتاء وهي كما نعلم أيامه قصيرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يجب على من أفطر أياماً من رمضان أن يقضيها قبل رمضان الآخر سواء في أيام الشتاء أو غيرها من الأيام، لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/184.
وثبت عن عائشة رضي الله عنها: (يكون عليها القضاء فما تقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الرزاق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/278) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/278)(5/3191)
هل يجب أن يطعم ستين مسكيناً دفعة واحدة؟ وهل يطعم أهله من الكفارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت يوماً من رمضان متعمدة، وأردت أن أطعم (60) مسكيناً. السؤال: هل يشترط إطعامهم دفعة واحدة أم أستطيع أن أطعم كل يوم 4 مساكين مثلاً أو ثلاثة، هل يجوز لي الإطعام إذا كان المساكين هم أفراد أسرتي: أبي أمي إخوتي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إن كان الإفطار في رمضان بغير الجماع فليس فيه كفارة على الصحيح، وإنما الواجب التوبة وقضاء ذلك اليوم الذي حصل فيه الإفطار، وإن كان الإفطار بجماع ففيه التوبة وقضاء ذلك اليوم، والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
وإذا صار إلى الإطعام لعجزه عما قبله من العتق والصيام جاز أن يدفع الطعام إلى المساكين دفعة واحدة، وأن يفرقه على دفعات حسب الإمكان، لكن لا بد من استيعاب عدد المساكين، ولا يجوز دفع الإطعام في الكفارة إلى الأصول وهم الآباء والأمهات والأجداد والجدات، ولا إلى الفروع وهم الأولاد وأولاد الأولاد من الذكور والإناث.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/221) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/221)(5/3192)
قطع التتابع في صيام الكفارة بسبب المرض لا يضر
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت في الجماع في نهار رمضان وبدأت في صيام الكفارة فصمت حتى أكملت صيام سبعة وخمسين يوماً، بعدها مرضت مرضاً شديداً لا أستطيع معه الصوم، فقطعت الصيام يومين، وبعدها استأنفت إلى أن أكملت ستين يوماً. فهل يكفي ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"قد أحسنت فيما فعلت والحمد لله، والقطع بسبب المرض لا يضر؛ لأن المرض عذر شرعي فالقطع به لا يضر، فلما أكملت ثلاثة الأيام بعد ذلك فقد صح الصوم وأديت الكفارة والحمد لله" انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1231)(5/3193)
توفيت والدته وعليها قضاء رمضانين
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي وتذكر لي في حياتها بأن عليها صوم شهرين من رمضان من سنتين، حيث جاء شهر الصوم وهي في حالة ولادة، وتوفيت وما قد صامتها قضاء، فهل أصوم عنها أو أطعم؟ وما كيفية الإطعام؟ أذبح شيئاً من الماعز وأقسمه على ستين بيتاً، أو أدفع بقدر الطعام فلوساً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأحسن أن تصوم عن والدتكم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) متفق على صحته، والولي هو القريب، فإن لم يتيسر لك الصوم ولا لغيرك من أقاربها فأطعم من تركتها أو من مالك مسكيناً عن كل يوم، ومقداره نصف صاع من قوت البلد، وإن جمعت الجميع ودفعته إلى فقير واحد أجزأ ذلك.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الرزاق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/260) .(5/3194)
توفي وعليه يومان من رمضان بسبب المرض فماذا يلزم أولاده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وعليه صيام يومين من رمضان بسبب المرض، لسنة سابقة لسنة وفاته، وقد توفي في شوال وقد ذكر أنه سوف يطعم عن يومين، فما الحكم وماذا يجب علينا نحوه؟ هل نصوم عنه ونطعم أم نطعم فقط؟ علماً أننا لا ندري هل أطعم عنها أم صام. حيث كان مصابا بالسكر وكان يصوم رمضان مع المشقة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان والدكم يستطيع قضاء الصيام الذي عليه من رمضان السابق فتساهل في القضاء حتى دخل رمضان الذي توفي بعده ـ فالأفضل لكم أن يصوم أحدكم قضاء اليومين الذين عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) متفق عليه. وإن أطعمتم عنه صاعاً من قوت البلد وهو ما يساوي ثلاث كيلوات تقريباً كفى ذلك.
أما إن كان قبل رمضان لا يستطيع قضاء اليومين بسبب المرض فلا قضاء ولا إطعام لكونه لم يفرط.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/261) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/261)(5/3195)
حكم إخراج فدية تأخير الصيام قبل القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تسأل عليها قضاء من رمضان وإطعام هل تطعم عن كل يوم أو تطعم عن جميع الأيام كلها بعد انتهائها من القضاء مرة واحدة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من أخر قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان ثان، فإن كان لعذر من مرض أو حمل أو رضاع، ونحو ذلك، فلا شيء عليه إلا القضاء فقط، وإن كان لغير لعذر، فقد أثم، وعليه القضاء، وهل تلزمه فدية أم لا؟ خلاف بين العلماء، والجمهور على لزوم الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم. وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم (26865) أن الراجح عدم وجوب الفدية، لكن من أخرجها احتياطاً فحسن.
وهذه الفدية – عند القائلين بها – تستقر في ذمة الإنسان بمجرد دخول رمضان الثاني، فله أن يخرجها حينئذ، وله أن يؤخرها مع القضاء، والأفضل أن يعجل بها إبراء لذمته.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (28/76) : " وقضاء رمضان يكون على التّراخي. لكن الجمهور قيّدوه بما إذا لم يفت وقت قضائه، بأن يهلّ رمضان آخر، لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: (كان يكون عليّ الصّوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلاّ في شعبان، لمكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم) . كما لا يؤخّر الصّلاة الأولى إلى الثّانية.
ولا يجوز عند الجمهور تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر من غير عذر يأثم به، لحديث عائشة هذا، فإن أخّر فعليه الفدية: إطعام مسكين لكلّ يوم، لما روي عن ابن عبّاس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتّى أدركه رمضان آخر: (عليه القضاء، وإطعام مسكين لكلّ يوم) . وهذه الفدية للتّأخير،....ويجوز الإطعام قبل القضاء ومعه وبعده " انتهى.
وقال المرداوي الحنبلي رحمه الله:
" يُطعم ما يجزئ كفارة، ويجوز الإطعام قبل القضاء، ومعه، وبعده، قال المجد - أي: ابن تيمية جد شيخ الإسلام -: الأفضل تقديمه عندنا؛ مسارعةً إلى الخير؛ وتخلصاً من آفات التأخير " انتهى من "الإنصاف" (3/333) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3196)
عليها قضاء أيام من رمضان لكن نسيت عددها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي كان عليها صيام أيام من قبل، ولكن نسيت كم يوم عليها بالضبط، فماذا تفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على من أفطر أياما من رمضان لعذر السفر أو المرض أو الحيض أو النفاس أن يقضيها؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/184.
وروى مسلم (335) أن عَائِشَةَ رضي الله عنها سئلت: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ، فَقَالَتْ: (كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ) .
وإذا نسيت زوجتك عدد الأيام التي عليها، وشكت هل عليها ستة أو سبعة مثلا، لم يلزمها إلا ستة؛ لأن الأصل براءة ذمتها، ولكن إن صامت سبعة على سبيل الاحتياط فهو أولى؛ لتبرأ ذمتها بيقين.
وإن لم تذكر شيئا عن عدد أيامها، فإنها تصوم ما يغلب على ظنها أنها تبرأ به.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: امرأة عليها قضاء من رمضان، ولكنها شكت هل هي أربعة أيام أم ثلاثة، والآن صامت ثلاثة أيام فماذا يجب عليها؟
فأجاب: " إذا شك الإنسان فيما عليه من واجب القضاء فإنه يأخذ بالأقل، فإذا شكَّت المرأة أو الرجل هل عليه قضاء ثلاثة أيام أو أربعة؟ فإنه يأخذ بالأقل، لأن الأقل متيقن، وما زاد مشكوك فيه، والأصل براءة الذمة، ولكن مع ذلك: الأحوط أن يقضي هذا اليوم الذي شك فيه, لأنه إن كان واجباً عليه فقد حصلت براءة ذمته بيقين، وإن كان غير واجب فهو تطوع، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3197)
لم تعرف علامات البلوغ فأفطرت رمضان جهلاً
[السُّؤَالُ]
ـ[جرت العادة في بعض بلاد المسلمين أن معرفة علامة بلوغ المرأة الظاهرة هو الحيض دون النظر إلى بقية العلامات الأخرى كظهور الشعر الخشن حول العانة وغير ذلك مما هو معروف في كتب الفقه.
تأثرا بهذا النوع من الأعراف أو العادات، بدأت إحدى الأخوات صيام شهر رمضان صيام الفرض بعد رؤية دم الحيض مع العلم أنها كانت آنذاك تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما وأنه قد بدأ ينبت لها الشعر حول أماكن العورة قبل رؤية دم الحيض، ولكنها لم تعد تتذكر أكان ذلك الشعر خشنا أو غير ذلك، كذلك لم تعد تتذكر كم سنة قد أفطرت بعد ظهور ذلك الشعر.
السؤال:
1- ما هي العلامات المعتبرة شرعا أو عرفا في معرفة بلوغ المرأة،
2- ثم ما حكم إفطار هذه الأخت لتلك الرمضانات التي بدأ فيها ظهور الشعر دون الحيض إذا لم يعتد بذلك العرف شرعا.
وهل الجهل في مثل هذه الحالة العينية مقبول أو معتبر؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بلوغ المرأة يحصل بواحد من أمور أربعة:
1- أن تُتِمَّ خمس عشرة سنة.
2- أن تنبت عانتها، وهو الشعر الخشن حول الفرج.
3- بإنزال المنيّ المعروف.
4- أن تحيض.
فإذا حصل واحد من هذه الأربعة، فقد بلغت وكُلفت ووجبت عليها العبادات كما تجب على الكبيرة.
وإذا لم تعلم المرأة أن البلوغ يحصل بذلك فليس عليها إثم حين تركت الصيام لأنها جاهلة، والجاهل لا إثم عليه ما لم يكن مفرطاً في التعلّم مع قدرته عليه، لكن يجب عليها أن تبادر بقضاء صيام الذي لم تصمه لأن المرأة متي بلغت أصبحت مكلّفة ويجب عليها قضاء ما تركته من الصيام في وقت التكليف، ويجب عليها أن تتحرى لمعرفة ما أفطرته بعد بلوغها من أيام، ولتبادر به حتى يزول عنها الإثم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3198)
شرب بعد الفجر في صيام التطوع فهل عليه كفارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أصوم كل يوم اثنين وخميس صيام تطوعاً، وحدث إنه في ليلة من الليالي تسحرت ونمت دون أن أشرب وبعد الفجر بساعة قمت من النوم وأنا شديد العطش فشربت، وأكملت الصيام إلى الليل، مع العلم أنني أعلم أنه قد مضى على الفجر ساعة، هل الصيام صحيح أم لا؟ وإن كان لا فهل يجب عليّ كفارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الصيام ليس بصحيح، لأن الصيام لا بد أن يكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لقول الله تعالى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) .
وعلى هذا؛ فليس لك أجر في هذا اليوم الذي صمته، لعدم موافقته الشرع، وليس عليك في ذلك إثم، لأن صوم النفل يجوز للإنسان أن يقطعه، وليس عليك كفارة أيضاً، والكفارة لا تجب في أي صوم كان حتى في الفرض إلا إذا جامع الإنسان زوجته في نهار رمضان، وهما ممن يجب عليهما الصوم، ففي هذه الحال تجب الكفارة عليه وعليها إن طاوعت، وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وأما إذا كان الزوج والزوجة لا يجب عليهما الصيام مثل أن يكونا مسافرين في رمضان وجامعها فلا حرج عليه ولا عليها، لأن المسافر يحل له أن يفطر، ولكن عليهما قضاء ذلك اليوم إذا رجع من السفر، حتى لو فرض أنهما كانا صائمين في ذلك اليوم وهما مسافران سفراً يبيح لهما الفطر ثم جامعها فلا حرج عليهما في ذلك، وليس عليهما كفارة، وإنما عليهما قضاء ذلك اليوم الذي أفطراه " انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى نور على الدرب"
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3199)
كيف يقضي ما فاته من الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يقضي الإنسان ما فاته من الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كان ترك الصيام لعذر كمرض أو سفر أو الحيض بالنسبة للمرأة، وجب عليه قضاؤه بعد رمضان، فيقضي عدد الأيام التي أفطرها، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
وقالت عائشة رضي الله عنها: (كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ – تعني: الحيض - فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ) رواه البخاري (321) ومسلم (335) .
ويمتد وقت القضاء إلى دخول رمضان التالي، فله أن يقضيه في كل هذه المدة، متتابعاً أو مفرقاً.
ولا يجوز له تأخير القضاء بعد رمضان التالي إلا لعذر.
وانظر جواب السؤال رقم (26865) .
وأما إن كان ترك الصيام متعمداً بلا عذر، فهذا له حالان:
الأولى: أن يكون عزم على الإفطار من الليل، ولم ينو الصيام، فهذا لا يصح منه القضاء، لأن الصيام عبادة مؤقتة بوقت، فمن تركها متعمداً فلا تصح منه بعد الوقت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) .
الحال الثانية:
أن يكون نوى الصيام من الليل، وبدأ اليوم صائماً، ثم أفسد صيامه أثناء النهار بلا عذر، فهذا يجب عليه قضاء ذلك اليوم، لأن شروعه فيه، جعله كالنذر فيجب عليه قضاؤه، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم من جامع في نهار رمضان بقضاء ذلك اليوم فقال له: (صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ) رواه ابن ماجة (1671) . وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.
ثم إن كان إفساد الصيام أثناء النهار بلا عذر بالجماع، وجب عليه القضاء ومع القضاء الكفارة، ولمعرفة الكفارة وأحكامها انظر جواب السؤال رقم (49614) .
وعلى من أفسد صيامه بلا عذر التوبة إلى الله تعالى، والندم على هذا الفعل، والعزم على عدم العودة إليه، والإكثار من الأعمال الصالحة، من صيام النفل وغيره، فإن الله تعالى يقول: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3200)
فقد الوعي بسبب حادث سيارة فهل يقضي ما فاته من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد رجل صار عليه حادث اصطدام سيارة ووقع في درك الموت وأخذ مدة طويلة منها شهر رمضان المبارك وهو في غيبوبة الخطر لا يعرف شيئاً وبعد مدة منحه الخالق الكريم العظيم الشفاء، واكتملت صحته فماذا عليه من قضاء الصوم والصلاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكرت من أن الرجل غاب عقله مدة طويلة لا يعي شيئا فيها من تأثر الصدمة - ومن هذه المدة شهر رمضان - فليس عليه قضاء ما مضى من الصوم والصلاة أيام غيبوبة عقله في أصح قولي العلماء لكونه غير مكلف بهما تلك المدة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (6/18)(5/3201)
هل كان إفطارنا خاطئاً فيلزم قضاء يوم الثلاثين من رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يلزمنا قضاء اليوم الثلاثين من رمضان الفائت أو كفارة؟ فقد سمعت أن إفطارنا كان خاطئا وأن رمضان في سنة - 1428 هـ - كان 30 يوماً ولم يكن 29 يوماً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يلزمكم قضاء اليوم الثلاثين؛ لأن رمضان كان 29 يوماً، بناءً على ثبوت الهلال بالرؤية الشرعية، وقد شهد بذلك ما يقارب العشرة، كما ذكر فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى حفظه الله.
ومن كان خارج المملكة واعتمد على رؤيتها، ففطره صحيح، ولا يلزمه شيء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3202)
حكم من نسي القضاء وأدركه رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من نسي القضاء وأدركه رمضان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق الفقهاء على أن النسيان عذر يرفع الإثم والمؤاخذة في جميع المخالفات، لأدلة كثيرة جاءت في الكتاب والسنة، إلا أنهم يختلفون في رفعه ما يترتب على المخالفة من فدية ونحوها.
وفي خصوص مسألة نسيان قضاء رمضان حتى يدخل رمضان التالي، اتفق العلماء أيضا على أن القضاء لازم بعد رمضان التالي، ولا يسقط بالنسيان.
ولكنهم يختلفون في وجوب الفدية (وهي إطعام مسكين) مع القضاء، على قولين:
القول الأول: لا تلزمه الفدية، فالنسيان عذر يرفع عنه الإثم والفدية.
وذهب إلى هذا أكثر الشافعية وبعض المالكية.
انظر: "تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (3/445) ، "نهاية المحتاج" (3/196) ، "منح الجليل" (2/154) ، "شرح مختصر خليل" (2/263) .
القول الثاني: تلزمه الفدية، والنسيان عذر يرفع الإثم فقط.
ذهب إليه الخطيب الشربيني من الشافعية، فقال في "مغني المحتاج" (2/176) :
قال: "والظاهر أنه إنما يسقط عنه بذلك الإثم لا الفدية".
ونص عليه بعض المالكية أيضاً.
وانظر: "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/450) .
والراجح هو القول الأول إن شاء الله تعالى، وذلك لأدلة ثلاثة:
الأول: عموم الآيات والأحاديث التي ترفع المؤاخذة عن الناسي: كقوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286.
الثاني: الأصل براءة الذمة، ولا يجوز إشغالها بالكفارة أو الفدية إلا بدليل، ولا دليل يقوى في هذه المسألة.
الثاني: أن هذه الفدية مختلف في وجوبها أصلا حتى على المتأخر عن القضاء عامدا، حيث ذهب الحنفية والظاهرية إلى عدم وجوبها، واختار الشيخ ابن عثيمين أنها مستحبة فقط، إذ لم يرد في مشروعيتها إلا عمل بعض الصحابة، وهذا لا يقوى على إلزام الناس بها، فضلا عن إلزامهم بها حال العذر الذي عذر الله به.
وانظر جواب السؤال رقم (26865) .
وخلاصة الجواب: عليه القضاء فقط، ولا طعام عليه فيقضي بعد رمضان الحالي.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3203)
صيام يوم الشك بنية قضاء ما فات من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم يوم الشك، ونهى عن الصيام قبل رمضان بيومين. ولكن هل يجوز لي أن أقضي رمضان الفائت في هذه الأيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز قضاء رمضان الفائت في يوم الشك وقبل رمضان بيوم أو يومين.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم الشك، ونهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين. ولكن هذا النهي ما لم يكن للإنسان عادة بالصيام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) . رواه البخاري (1914) ومسلم (1082) فإذا اعتاد الإنسان صوم يوم الاثنين -مثلاً- ووافق ذلك آخر يوم من شعبان فإنه يجوز أن يصومه تطوعاً ولا يُنهى عن صيامه.
فإذا جاز صيام التطوع المعتاد فجواز صيام قضاء رمضان من باب أولى، لأنه واجب، ولأنه لا يجوز تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان التالي.
قال النووي رحمه الله في المجموع (6/399) :
قَالَ أَصْحَابُنَا: لا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ رَمَضَانَ بِلا خِلافٍ. . . فَإِنْ صَامَهُ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَجْزَأَهُ، لأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَصُومَ فِيهِ تَطَوُّعًا لَهُ سَبَبٌ فَالْفَرْضُ أَوْلَى , كَالْوَقْتِ الَّذِي نُهِيَ عَنْ الصَّلاةِ فِيهِ , وَلأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ , فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ; لأَنَّ وَقْتَ قَضَائِهِ قَدْ ضَاقَ اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3204)
تأخير قضاء الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت في إحدى السنوات الأيام التي تأتي فيها الدورة الشهرية ولم أتمكن من الصيام حتى الآن وقد مضى عليّ سنوات كثيرة وأود أن أقضي ما علي من دين الصيام ولكن لا أعرف كم عدد الأيام التي عليّ فماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عليك ثلاثة أمور:
الأمر الأول:
التوبة إلى الله من هذا التأخير والندم على ما مضى من التساهل والعزم على ألا تعودي لمثل هذا، لأن الله يقول: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيُّها المؤمنون لعلكم تفلحون) النور / 31، وهذا التأخير معصية والتوبة إلى الله من ذلك واجبة.
الأمر الثاني:
البدار بالصوم على حسب الظن لا يكلف الله نفساً إلا وسعها فالذي تظنين أنك تركته من أيام عليك أن تقضيه، فإذا ظننت أنها عشرة فصومي عشرة أيام وإذا ظننت أنها أكثر أو أقل فصومي على مقتضى ظنك، لقول الله سبحانه: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) البقرة / 286، وقوله عز وجل (فاتقوا الله ما استطعتم) التغابن / 16
الأمر الثالث:
إطعام مسكين عن كل يوم إذا كنت تقدرين على ذلك يصرف كله ولو لمسكين واحد، فإن كنت فقيرة لا تستطيعين الإطعام فلا شيء عليك في ذلك سوى الصوم والتوبة.
والإطعام الواجب عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد ومقداره كيلو ونصف.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6/19(5/3205)
تأخير قضاء رمضان حتى يدخل رمضان الثاني
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت أياماً من رمضان بسبب الحيض، وهذا من عدة سنوات. ولم أصم هذه الأيام حتى الآن. فماذا عليّ أن أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق الأئمة على أنه يجب على من أفطر أياماً من رمضان أن يقضي تلك الأيام قبل مجيء رمضان التالي.
واستدلوا على ذلك بما رواه البخاري (1950) ومسلم (1146) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: (كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ، وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
قال الحافظ:
وَيُؤْخَذ مِنْ حِرْصهَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَعْبَان أَنَّهُ لا يَجُوز تَأْخِير الْقَضَاء حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَان آخَرُ اهـ
فإن أخر القضاء حتى دخل رمضان التالي فلا يخلو من حالين:
الأولى:
أن يكون التأخير بعذر، كما لو كان مريضاً واستمرَّ به المرض حتى دخل رمضان التالي، فهذا لا إثم عليه في التأخير لأنه معذور. وليس عليه إلا القضاء فقط. فيقضي عدد الأيام التي أفطرها.
الحال الثانية:
أن يكون تأخير القضاء بدون عذر، كما لو تمكن من القضاء ولكنه لم يقض حتى دخل رمضان التالي.
فهذا آثم بتأخير القضاء بدون عذر، واتفق الأئمة على أن عليه القضاء، ولكن اختلفوا هل يجب مع القضاء أن يطعم عن كل يوم مسكيناً أو لا؟
فذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد أن عليه الإطعام. واستدلوا بأن ذلك قد ورد عن بعض الصحابة كأبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم.
وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه لا يجب مع القضاء إطعام.
واستدل بأن الله تعالى لم يأمر مَنْ أفطر من رمضان إلا بالقضاء فقط ولم يذكر الإطعام، قال الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
انظر: المجموع (6/366) ، المغني (4/400) .
وهذا القول الثاني اختاره الإمام البخاري رحمه الله، قال في صحيحه:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ -يعني: النخعي-: إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهُمَا وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا، وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلا وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُطْعِمُ. ثم قال البخاري: وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ الإِطْعَامَ، إِنَّمَا قَالَ: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو يقرر عدم وجوب الإطعام:
وأما أقوال الصحابة فإن في حجتها نظراً إذا خالفت ظاهر القرآن، وهنا إيجاب الإطعام مخالف لظاهر القرآن، لأن الله تعالى لم يوجب إلا عدة من أيام أخر، ولم يوجب أكثر من ذلك، وعليه فلا نلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به إلا بدليل تبرأ به الذمة، على أن ما روي عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم يمكن أن يحمل على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب، فالصحيح في هذه المسألة أنه لا يلزمه أكثر من الصيام إلا أنه يأثم بالتأخير. اهـ
الشرح الممتع (6/451) .
وعلى هذا فالواجب هو القضاء فقط، وإذا احتاط الإنسان وأطعم عن كل يوم مسكيناً كان ذلك حسناً.
وعلى السائلة - إذا كان تأخيرها القضاء من غير عذر- أن تتوب إلى الله تعالى وتعزم على عدم العودة لمثل ذلك في المستقبل.
والله تعالى المسؤول أن يوفقنا لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3206)
أغمي عليها في رمضان ثم ماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أصيبت بجلطة قبل رمضان ولم يغم عليها إغماء كاملاً، فكانت تبدأ بالصلاة وأثناء الصلاة تخاطب من حولها، ولما قرب رمضان أغمي عليها إغماء كاملاً، ولكن الأطباء قالوا: إنها تسمع ثم توفيت في رمضان، فهل يكفر عنها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"هذه المرأة التي أصيبت بجلطة قبل رمضان وبقيت مغمى عليها أو فاقدة الشعور، يطعم عنها لكل يوم مسكين، لأن الصحيح أن الإغماء لا يمنع وجوب الصوم، وإنما يمنع وجوب الصلاة، فلو أغمي على الإنسان بغير اختياره وبقي يومين أو ثلاثة فلا صلاة عليه، أما إذا كان باختياره كما لو أغمي عليه بواسطة البنج فإنه يلزمه القضاء" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" فتاوى الصيام (114) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3207)
متى تجب الكفارة على من أفطر في رمضان بدون عذر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف موجبات القضاء والكفارة في رمضان، علماً أنه سبق أن بحثت الموضوع، وانتهى بي البحث إلى رأيين: أحدهما يرى أن موجبات القضاء والكفارة هو الجماع لا غير، والدليل معروف من السنة المطهرة، أما الرأي الثاني فيجعل كل ما يصل إلى المعدة عمداً موجباً للقضاء والكفارة، إضافة إلى الجماع دون أن أعثر على دليل من الكتاب والسنة. لذا أرجو من فضيلتكم إفادتي بالجواب الشافي المدعم بالدليل من الكتاب والسنة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"نص النبي صلى الله عليه وسلم على الحكم بوجوب الكفارة على أعرابي لكونه جامع زوجته عمداً في نهار رمضان وهو صائم، فكان ذلك منه صلى الله عليه وسلم بياناً لمناط الحكم، ونصاً على علته، وانفق الفقهاء على أن كونه إعرابياً وصف طردي لا مفهوم له، ولا تأثير له في الحكم فتجب الكفارة بوطء التركي والأعجمي زوجته، واتفقوا أيضاً على أن وصف الزوجة في الموطوءة طردي غير معتبر، فتجب الكفارة بوطء الأمة وبالزنا، واتفقوا أيضاً على أن مجيء الواطئ نادماً لا أثر له في وجوب الكفارة، فلا اعتبار له أيضاً في مناط الحكم، ثم اختلفوا في الجماع هل هو وحده المعتبر في وجوب الكفارة بإفساد الصوم به فقط، أو المعتبر انتهاك حرمة رمضان بإفساد الصوم عمداً ولو بطعام وشراب، فقال الشافعي وأحمد بالأول، وقال أبو حنيفة ومالك ومن وافقهما بالثاني، ومنشأ الخلاف بين الفريقين اختلافهما في تنقيح مناط الحكم، هل هو انتهاك حرمة صوم رمضان بإفساده بخصوص الجماع عمداً، أو انتهاكه بإفساد صومه عمداً مطلقاً، ولو بطعام أو شراب؟ والصواب الأول؛ تمشياً مع ظاهر النص، ولأن الأصل براءة الذمة من وجوب الكفارة حتى يثبت الموجب بدليل واضح.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/300، 301) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3208)
لا حرج على من قضى رمضان متفرقاً
[السُّؤَالُ]
ـ[على رجل قضاء صوم رمضان هل يجوز أن يصومه في أيام متفرقات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"نعم، يجوز له أن يقضي ما عليه من ذلك في أيام متفرقات؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185، فلم يشترط سبحانه التتابع في القضاء.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/346) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3209)
كان مرضها لا يرجى شفاؤه ثم شفاها الله منه
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة منعها الأطباء من الصوم لمرض في قلبها لم يكن يرجى شفاؤه فكانت تفطر في رمضان وتخرج الفدية عن كل يوم تفطره مباشرة، ثم شاء الله بتقدم الطب أن يُجرى لها عملية جراحية في صمام القلب ونجحت العملية والحمد لله ولكن بقيت فترة من الزمن تحت المراقبة وتحت العلاج المستمر، والآن بعد أن تحسنت صحتها ومكنها الله من صيام رمضان الماضي، وهي تسأل ماذا تعمل في الأيام التي أفطرتها؟ وهل عليها أن تقضي ما فاتها من صيام ويقدر بـ 180 يوماً أي ما يعادل ستة أعوام متوالية، أم أن إخراجها الفدية في حينها يجزئها عن الصوم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يجزئها ما أخرجته من الفدية فيما مضى عن كل يوم أفطرته، ولا يجب عليها قضاء تلك الشهور؛ لأنها معذورة، وقد فعلت ما وجب عليها في حينه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/195، 196) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3210)
صام يوم عرفة بنية قضاء يوم من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[صمت اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة ونويت صومه قضاء عن يوم من أيام رمضان هل يكفي صيام يوم عرفة إذا نويته عن القضاء أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يجوز صيام يوم عرفه عن يوم من رمضان إذا نويته قضاء.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/346، 347) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3211)
صامت قضاء رمضان بدون إذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المرأة صامت بدون إذن زوجها (أي بدون علمه) يومين علماً أن هذا الصوم كان قضاء لشهر رمضان المبارك، وكانت عند الصيام خجلت أن تخبر زوجها بذلك، إن كان غير جائز هل عليها كفارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يجب على المرأة قضاء ما أفطرته من أيام رمضان ولو بدون علم زوجها، ولا يشترط للصيام الواجب على المرأة إذن الزوج فصيام المذكورة صحيح. وأما الصيام غير الواجب فلا تصوم المرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تصوم المرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه غير رمضان.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/353) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3212)
هل يصوم عن والده المتوفى في رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي يوم ثلاثة رمضان، فهل يجب علي إكمال رمضان له، يعني أصوم نيابة عنه سبعة وعشرين يوماً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ليس عليك شيء؛ لأن والدك لما توفى سقط عنه الواجب، فليس عليك أن تصوم عنه، ولا يشرع لك ذلك" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/376) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3213)
أفطر أياما متعددة بسبب العادة السرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في العشرينات من العمر أصبت ببلاء ممارسة العادة السرية، وقد مضى أكثر من رمضان وأنا أمارس العادة السرية في نهار رمضان، ومع أنني أعلم حكمها إلا أنني لم أقم بالقضاء تقاعسا وكسلا، وهكذا حتى يأتي رمضان الذي بعده وأقوم بنفس العمل، وأنا في هذه الأيام وبمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك عقدت العزم على التوبة إلى الله توبة نصوحا، ولكن ماذا علي بما ذهب من الأيام الفضيلة السابقة؟ وأذكر أنه في شهر رمضان الماضي مارست العادة حدود أربعة أيام، هل علي قضاؤها؟ وإذا كان يجب هل أستطيع القضاء بعد الشهر الفضيل؟ لأنني أدرس بالخارج بدولة غير إسلامية والصيام يكون مجهدا ومتعبا بحكم عدم تغير أوقات الدراسة وعدم تغير النظام.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك، وأن يغفر ذنبك، وأن يثبتك على الطاعة والاستقامة.
وتعمد الإفطار في نهار رمضان ذنب عظيم وجرم كبير؛ لأنه جناية على فريضة عظيمة فرضها الله تعالى على عباده، وكتبها علينا وعلى من قبلنا. وإذا كان هذا التعدي بذنب آخر، وهو العادة السرية المحرمة، اجتمعت الذنوب، وتعاظمت الأوزار، نسأل الله العافية.
وقد سبق بيان تحريم هذه العادة وأثرها في إبطال الصوم في جواب السؤال رقم (40589) .
ثانيا:
يلزمك قضاء ما أفطرت من الأيام، وإذا لم تتمكن من قضائها قبل رمضان، بقيت دَيْناً في ذمتك، ولزمك القضاء بعد رمضان، والأحوط: أن تخرج مع القضاء كفارة عن كل يوم، وهي إطعام مسكين نصف صاع من أرز ونحوه، ونصف الصاع: كيلو ونصف تقريبا.
قال ابن قدامة رحمه الله: "من عليه صوم من رمضان , فله تأخيره ما لم يدخل رمضان آخر ; لما روت عائشة قالت: كان يكون علي الصيام من شهر رمضان , فما أقضيه حتى يجيء شعبان. متفق عليه.
ولا يجوز له تأخير القضاء إلى رمضان آخر من غير عذر ; لأن عائشة رضي الله عنها لم تؤخره إلى ذلك , ولو أمكنها لأخرته.
فإن أخره عن رمضان آخر نظرنا ; فإن كان لعذر فليس عليه إلا القضاء , وإن كان لغير عذر , فعليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم. وبهذا قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة ومجاهد وسعيد بن جبير ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق.
وقال الحسن والنخعي وأبو حنيفة: لا فدية عليه ; لأنه صوم واجب , فلم يجب عليه في تأخيره كفارة , كما لو أخر الأداء والنذر" انتهى.
من "المغني" (3/40) .
وهذه الكفارة لا تتكرر بمضي الأعوام، فمن أخر قضاء أيام من رمضان أعواما، بغير عذر، لزمته كفارة واحدة عن كل يوم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3214)
حكم من لم تقض ما عليها من صوم منذ عامين ولا تزال عاجزة عن القضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرتْ أختى أثناء حملها منذ عامين بعض الأيام فى شهر رمضان، وهي لاتزال عاجزة عن قضائهم، فماذا يجب عليها أن تفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحامل – ومثلها المرضع – إذا خافت على نفسها، أو على جنينها: لها أن تفطر في رمضان، وعليها القضاء فحسب؛ لأنها بمنزلة المريض المعذور بمرضه. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (50005) (49848) .
ثم إن تمكنت من القضاء قبل دخول رمضان التالي وجب عليها ذلك، ولا يجوز لها التأخير حتى يدخل رمضان التالي، فإن استمر عذرها بسبب حمل جديد أو إرضاع أو مرض أو سفر حتى دخل رمضان التالي، فلا حرج عليها، ويلزمها القضاء متى تمكنت من ذلك.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
امرأة أفطرت في رمضان للنفاس، ولم تستطع القضاء من أجل الرضاع حتى دخل رمضان الثاني، فماذا يجب عليها؟ .
فأجاب:
" الواجب على هذه المرأة أن تصوم بدل الأيام التي أفطرتها، ولو بعد رمضان الثاني؛ لأنها إنما تركت القضاء بين الأول والثاني للعذر، لكن إن كان لا يشق عليها أن تقضي في زمن الشتاء ولو يوماً بعد يوم: فإنه يلزمها ذلك، وإن كانت ترضع، فلتحرص ما استطاعت على أن تقضي رمضان الذي مضى قبل أن يأتي رمضان الثاني، فإن لم يحصل لها: فلا حرج عليها أن تؤخره إلى رمضان الثاني " انتهى.
(19 / جواب السؤال رقم 360) .
وسئل رحمه الله أيضاً:
امرأة أفطرت شهر رمضان بسبب الولادة، ولم تقض ذلك الشهر، ومرَّ على ذلك زمن طويل وهي لا تستطيع الصوم، فما الحكم؟
فأجاب:
" الواجب على هذه المرأة أن تتوب إلى الله مما صنعت؛ لأنه لا يحل للإنسان أن يؤخر قضاء رمضان إلى رمضان آخر إلا لعذرٍ شرعي، فعليها أن تتوب، ثم إن كانت تستطيع الصوم ولو يوماً بعد يوم: فلتصم، وإن كانت لا تستطيع: فيُنظر، إن كان لعذر مستمر: أطعمت على كل يومٍ مسكيناً، وإن كان لعذر طارىء يرجى زواله: انتظرت حتى يزول ذلك العذر، ثم قضت ما عليها " انتهى.
(19 / جواب السؤال رقم 361) .
والسائلة لم تبين سبب عجز أختها عن القضاء، فإن كان العجر مؤقتاً ويرجى زواله (حمل أو إرضاع أو مرض) فعليها القضاء إذا تمكنت من ذلك.
وإن كان العجز دائماً بسبب مرض مزمن لا يرجى حصول الشفاء منه، فلا قضاء عليها، وعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3215)
أجبرها أهلها على الإفطار لمرضها فهل يأثمون؟ وهل تصوم إذا أرادت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خالتي أصيبت بحادثة عندما كانت طفلة صغيرة، وقد فقدت إحدى عينيها، وقد قرر الأطباء أن لا تبكي هذه الطفلة، ولا تجوع؛ لأنه قد يؤثر على عينها، فقام والدها بمنعها من الصيام عندما أصبح الصيام واجباً عليها حسب تقرير الطبيب، وهي امرأة محافظة على دينها جدّاً، فبعد زواجها رأت أن الصيام لا يؤثر عليها فكانت تصوم. السؤال: هي الآن تصوم في أغلب أيامها؛ لكي لا يكون على أبيها عذاب، فهي كانت تحب أباها جدّاً - رحمه الله -، وهي تسأل فضيلتكم: هل على والديها شيء من الحرام؟ وهل يجب عليها أن تصوم كل شهور الصيام التي فاتتها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المرض من الأعذار المبيحة للفطر، قال تعالى: (وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
ويدور حكم الصيام للمريض بين الكراهة والتحريم، فيُكره إذا شق عليه الصيام مع مرضه، ويحرم إذا كان الصوم يضره.
وينظر تفصيل ذلك: في جوابي السؤالين: (50555) و (38532) .
ولا يفطر المريض إلا بشهادة طبيب ثقة من ذوي الاختصاص بالمرض نفسه، وبعض العلماء يشترط أن يكون مسلماً.
ومن أفطر بناء على كلام الطبيب , فلا حرج عليه، فإن كان مرضاً مزمناً – مستمراً -: فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، ومن كان مرضه مؤقتاً: فيفطر، ويقضي بعد شفائه.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"إذا قرَّر الأطباء المختصون أن مرضك هذا من الأمراض التي لا يُرجى برؤها: فالواجب عليك إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان، ولا صوم عليك، ومقدار ذلك نصف صاع من قوت البلد، من تمر، أو أرز، أو غيرهما، وإذا غديتَه أو عشيتَه: كفى ذلك، أما إن قرروا أنه يرجى برؤه: فلا يجب عليك إطعام، وإنما يجب عليك قضاء الصيام إذا شفاك الله من المرض، لقول الله سبحانه: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) .
وأسأل الله أن يمنَّ عليك بالشفاء من كل سوء، وأن يجعل ما أصابك طهوراً وتكفيراً من الذنوب، وأن يمنحك الصبر الجميل، والاحتساب، إنه خير مسئول " انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (15 / 221) .
والذي يظهر لنا من السؤال أن والد المريضة لا يأثم , لأنه إنما ألزمها بالفطر بناءً على كلام الأطباء.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
مرضتُ بمرض الكلى، وأُجريت لي عمليتان، ونصحني الأطباء أن أشرب الماء ليلاً ونهاراً، وبما لا يقل عن لترين ونصف يوميّاً، كما أخبروني أن الصيام والكف عن شرب الماء ثلاث ساعات متتالية يعرضني للخطر، هل أعمل بكلامهم، أو أتوكل على الله، وأصوم مع أنهم يؤكدون بأن عندي استعداداً لتخلق الحصى، أو ماذا أفعل؟ وإذا لم أصم فما الكفارة التي عليَّ دفعها؟ .
فأجابوا:
" إذا كان الأمر كما ذكرت، وكان هؤلاء الأطباء حذَّاقا بالطب: فالمشروع لك أن تفطر؛ محافظة على صحتك؛ ودفعاً للضرر عن نفسك، ثم إن عوفيت وقويت على القضاء دون حرج: وجب القضاء، وإن استمر بك ما أصابك من المرض، أو الاستعداد لتخلق الحصى عند عدم تتابع شرب الماء، وقرر الأطباء أن ذلك لا يُرجى برؤه: وجب عليك أن تُطعم عن كل يوم أفطرته مسكيناً " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن منيع.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 179، 180) .
وإذا شعرت الأخت المريضة بقدرتها على الصيام دون أن يكون لذلك تأثير على عينها: فإنه لا حرج عليها بالصوم، لكن ينبغي أن يكون ذلك باستشارة أطباء ثقات؛ خشية أن تغتر بظاهر حالها، ويكون لذلك الصوم تأثير على صحة عينها.
وأما قضاؤها الأيام التي أفطرتها فيما سبق , فالذي يظهر أنه لا يلزمها ذلك , ويكفيها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً , لأنها إنما أفطرت بناءً على قول الطبيب.
وقد سئل الشيخ بن باز رحمه الله عن شخص أصابه مرض مزمن ونصحه الأطباء بعدم الصوم دائماً ولكنه راجع أطباء في غير بلده وشفي بإذن الله , وقد مر عليه خمس رمضانات وهو لم يصمها , فماذا يفعل بعد أن شفاه الله , هل يقضيها أم لا؟
فأجاب:
" إذا كان الأطباء الذين نصحوه بعدم الصوم دائما أطباء من المسلمين، الموثوقين، العارفين بجنس هذا المرض، وذكروا له أنه لا يرجى برؤه: فليس عليه قضاء، ويكفيه الإطعام، وعليه أن يستقبل الصيام مستقبلاً ".
" فتاوى الشيخ ابن باز " (15 / 355) .
والخلاصة:
ليس على والديها حرج فيما فعلاه من جعل ابنتهم تفطر؛ بناءً على كلام الأطباء، وعليها فدية إطعام مسكين مقابل كل يوم أفطرته بعد بلوغها، وإذا حكم الأطباء الثقات المختصون أنها قادرة الآن على الصوم من غير مشقة ولا مضرة وجب عليها صوم رمضان , ولا عذر لها في الفطر , وإن أرادت التطوع بالصيام فلا حرج عليها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3216)
عاشوا تحت الحكم الشيوعي ولم يدروا ما صلاة ولا صيام فهل عليهم قضاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة من بلغاريا، وكنَّا تحت الحكم الشيوعي، ولم نكن نعرف أي شيء عن الإسلام، بل إن كثيراً من العبادات كانت ممنوعة، وأنا لم أعرف أي شيء عن الإسلام حتى بلغت 20 سنة، وبعد ذلك التزمت بشرع الله. سؤالي لكم: هل عليَّ قضاء ما فاتني من صلاة وصيام؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا ً:
نحمد الله تعالى أن خلصكم من الحكم الشيوعي الظالم الفاجر , بعد أن استمر في قمعه للمسلمين أكثر من أربعين سنة , عمل خلالها على هدم المساجد وتحويل بعضها إلى متاحف , واستولى على المدارس الإسلامية، وعمل على تغيير أسماء المسلمين , وطمس الهوية الإسلامية.
لكن.. يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
فها هو الحكم الشيوعي بجبروته وطغيانه قد زال عام 1989م , وفرح بذلك المسلمون فرحاً شديداً , وعادوا إلى مساجدهم القديمة يرممونها ويصلحون من شأنها , ورجعوا إلى تعليم أطفالهم القرآن، وعاد حجاب النساء المسلمات إلى الظهور في الشوارع والطرقات.
ونسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلاً , وأن ينصرهم ويعزهم ويكبت عدوهم.
ثانياً:
لقد نشأ جيل من المسلمين في بلغاريا تحت وطأة الحكم الشيوعي لا يعلمون شيئاً عن الإسلام , غير أنهم مسلمون , إذ حال الحكم الشيوعي بينهم وبين تعلم الإسلام , بل كان يمنع حتى دخول القرآن الكريم , والكتب الإسلامية إلى بلغاريا.
وهؤلاء الذين لا يعرفون شيئاً عن أحكام الإسلام وعبادته وفروضه لا يلزمهم قضاء شيء من تلك العبادات، فإن المسلم إذا لم يتمكن من العلم الشرعي , ولم تبلغه الأحكام الشرعية فإنه لا يلزمه شيء , لقول الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"لا خلاف بين المسلمين أن من كان في دار الكفر وقد آمن وهو عاجز عن الهجرة لا يجب عليه من الشرائع ما يعجز عنها , بل الوجوب بحسب الإمكان , وكذلك ما لم يعلم حكمه , فلو لم يعلم أن الصلاة واجبة عليه , وبقي مدة لم يصلِّ , لم يجب عليه القضاء في أظهر قولي العلماء , وهذا مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد.
وكذلك سائر الواجبات من صوم شهر رمضان , وأداء الزكاة , وغير ذلك.
ولو لم يعلم تحريم الخمر فشربها لم يحد باتفاق المسلمين , وإنما اختلفوا في قضاء الصلوات ...
وأصل هذا كله: أن الشرائع هل تلزم من لم يعلمها أم لا تلزم أحدا إلا بعد العلم؟
والصواب في هذا: أن الحكم لا يثبت إلا مع التمكن من العلم , وأنه لا يُقضَى ما لم يعلم وجوبه , فقد ثبت في الصحيح أن من الصحابة من أكل بعد طلوع الفجر في رمضان حتى تبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود , ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء , ومنهم من كان يمكث جنبا مدة لا يصلي , ولم يكن يعلم جواز الصلاة بالتيمم كأبي ذر وعمر بن الخطاب وعمار لما أجنب , ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أحدا منهم بالقضاء.
ولا شك أن خلقا من المسلمين بمكة والبوادي صاروا يصلون إلى بيت المقدس حتى بلغهم النسخ ولم يؤمروا بالإعادة. ومثل هذا كثير. وهذا يطابق الأصل الذي عليه السلف والجمهور: أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها , فالوجوب مشروط بالقدرة، والعقوبة لا تكون إلا على ترك مأمور , أو فعل محظور , بعد قيام الحجة" انتهى باختصار.
"مجموع الفتاوى" (19/225) .
وعلى هذا، لا يلزمكم قضاء شيء من العبادات التي لم تعلموا بوجوبها.
والنصيحة لكم أن تُقبلوا على تعلّم الأحكام الشرعية، والتفقه في الدين، والحرص كل الحرص على تعلم الإسلام والعمل به، وتربية جيل مسلم، حتى تكونوا على قدر التحدِّيات التي تواجه المسلمين عموماً، وفي بلادكم خاصة.
ونسأل الله تعالى أن يعزّ الإسلام والمسلمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3217)
قضاء الصوم الواجب في أيام التشريق لا يصح
[السُّؤَالُ]
ـ[قررت وبجهل مني بأيام التشريق أن أصوم قضاء شهر رمضان، هل أعد اليوم الثاني من أيام التشريق الثلاثة التي بدأت الصيام عندها أم يجب أن أواصل الأيام العشرة (بسبب العادة أو مرض) بعد أيام التشريق؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التالية ليوم عيد الأضحى، وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وهذه الأيام يحرم صومها.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أيام التشريق أيام أكل وشرب " رواه مسلم (1141) من حديث نُبَيْشة الهذلي.
وقوله: " إن يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب " رواه النسائي (3004) والترمذي (773) وأبو داود (2419) من حديث عقبة بن عامر. وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
ولم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم في صوم هذه الأيام إلا للمتمتع أو القارن الذي لم يجد الهدي، فقد روى البخاري (1998) عن عائشة وعن ابن عمر رضي الله عنهم قالا: لم يُرخص في أيام التشريق أن يُصمن إلا لمن لم يجد الهدي.
لهذا فأن جمهور العلماء يمنعون صيام هذه الأيام تطوعا أو قضاء أو نذرا، ويرون بطلان الصوم لو وقع في هذه الأيام.
والراجح ما عليه الجمهور، ولا يستثنى إلا صوم الحاج الذي لم يجد الهدي.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
(وكذلك يوم عيد النحر وأيام التشريق كلها لا تصام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك إلا أن أيام التشريق قد جاء ما يدل على جواز صومها عن هدي التمتع والقران خاصة لمن لم يستطع الهدي ... أما كونها تصام تطوعا أو لأسباب أخرى فلا يجوز كيوم العيد)
نقلا عن فتاوى رمضان، جمع أشرف عبد المقصود ص 716
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
(فيجوز للقارن والمتمتع إذا لم يجدا الهدي أن يصوما هذه الأيام الثلاثة حتى لا يفوت موسم الحج قبل صيامهما. وما سوى ذلك فإنه لا يجوز صومها، حتى ولو كان على الإنسان صيام شهرين متتابعين فإنه يفطر يوم العيد والأيام الثلاثة التي بعده ثم يواصل صومه) .
فتاوى رمضان ص 727
وعليه فما صمته في هذه الأيام قضاء عن رمضان، لا يصح، ويلزمك إعادته.
ولا يشترط في قضاء رمضان أن يكون صيام الأيام متتابعات، فلك أن تصوم القضاء أياماً متتابعة أو متفرقة.
راجع سؤال رقم (21697)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3218)
تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني، وهل يفدي قبل أن يقضي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إحدى الأخوات دخل عليها رمضان، وعليها ستة أيام من رمضان الذي قبله , بعد انقضاء رمضان الثاني سألتني عما يلزمها , وبعد أن سألتُ وقرأتُ قلتُ لها إن عليها القضاء والفدية عن كل يوم، وقمنا بإخراج كيلو ونصف من القمح عن كل يوم، وأخرجنا فدية الستة أيام دفعة واحدة ليتامى بجوارنا، علماً أنها لا زالت لم تتم قضاء الأيام التي عليها، هل مقدار هذه الفدية صحيح؟ وهل إخراجها قبل القضاء يعتبر صحيحاً؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الفدية لا تدفع إلا إلى الفقراء والمساكين، فعلى هذا إن كان هؤلاء الأيتام فقراء جاز دفعها إليهم، وإن كانوا أغنياء فلا يجوز دفعها إليهم، وعليكم إعادة إخراجها.
وقد أحسنتم في إخراجها طعاماً، فهذا هو الأصل فيما أوجبه الله طعاماً، ولا يجوز إخراج الفدية مالاً، وهكذا القول في الإطعام في كفارة اليمين، والظهار، وفي زكاة الفطر، وغيرها مما أوجب الله تعالى فيه الإطعام.
ثانياً:
وأما بخصوص أصل المسألة، وهي الإطعام مع القضاء لمن دخل عليه رمضان آخر ولم يقضِ ما عليه من الأيام: ففيها خلاف بين العلماء، وقد فصَّلنا القول فيها في جواب السؤال رقم (26865) وبيَّنا هناك أن تأخير القضاء إلى رمضان الآخر إن كان بعذر كاستمرار المرض أو السفر أو وجود حمل أو إرضاع: فلا يلزم إلا القضاء، وإن كان بغير عذر: فعلى المتأخر التوبة والاستغفار، وعليه - عند جمهور العلماء - فدية طعام مسكين لكل يوم مع القضاء، وقد ذكرنا هناك أن الراجح عدم وجوب الفدية، إلا أنه إن فعل ذلك احتياطاً فحسن.
ونبيِّن هنا أمراً زائداً، وهو ما جاء في سؤالك، وهو أنه يجوز دفع الفدية قبل البدء في القضاء، لأن الفدية متعلقة بتأخير القضاء، وليست متعلقة بالبدء في القضاء.
وعلى هذا، فيجوز إخراج الفدية في اليوم الذي سيصومه قضاءً، أو قبله أو بعده.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (28 / 76) :
" وقضاء رمضان يكون على التّراخي. لكن الجمهور قيّدوه بما إذا لم يفت وقت قضائه، بأن يهلّ رمضان آخر، لقول عائشة رضي الله تعالى عنها: (كان يكون عليّ الصّوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلاّ في شعبان، لمكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم) . كما لا يؤخّر الصّلاة الأولى إلى الثّانية.
ولا يجوز عند الجمهور تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر من غير عذر يأثم به، لحديث عائشة هذا، فإن أخّر فعليه الفدية: إطعام مسكين لكلّ يوم، لما روي عن ابن عبّاس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم قالوا فيمن عليه صوم فلم يصمه حتّى أدركه رمضان آخر: عليه القضاء، وإطعام مسكين لكلّ يوم، وهذه الفدية للتّأخير،....ويجوز الإطعام قبل القضاء ومعه وبعده " انتهى.
والأفضل - عند من يرى وجوب الفدية للتأخير، أو يراها احتياطاً -: أن يكون دفعها له قبل القضاء؛ مسارعة إلى الخير؛ وتخلصا من آفات التأخير، كالنسيان.
قال المرداوي الحنبلي – رحمه الله -:
" يُطعم ما يجزئ كفارة، ويجوز الإطعام قبل القضاء، ومعه، وبعده، قال المجد – أي: ابن تيمية جد شيخ الإسلام -: الأفضل تقديمه عندنا؛ مسارعةً إلى الخير؛ وتخلصاً من آفات التأخير " انتهى.
" الإنصاف " (3 / 333) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3219)
ترك الصلاة سبب كل ضيق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 23 سنة، الصراحة أنا لا أصلي، وإن قمت للصلاة لا أصلي كل الفروض، والصراحة أنا أستمع للأغاني، ولكن - والله شاهد - أن هذا الموضوع يسبب لي حالة نفسية، أريد الصلاة، وأريد أن أطيع الله، وأنا أخافه، أنا أعتز بكوني مسلمة، وربي هو الله وحده لا شريك له، وأحب الحبيب المصطفى وسيرته، وأتأثر عند سماع قصصه، الحمد لله، أكرمني الله عز وجل بأن ذهبت إلى العمرة هذه السنة، وكنت فرحة لهذا، ولكني أحس أني جاحدة، أو لا فرق بيني وبين الكافرين لأني لا أصلي، حاولت كثيراً أن أداوم على الصلاة، لكن لا أدري لماذا يحدث معي هذا، مع العلم أني كنت لفترة طويلة جدّاً لا أصلي أبداً، وأحس أيضاً أني أجهل أموراً كثيرة بالدِّين، وأشعر أيضاً أن الله لن يتقبل مني أي عمل كان: صلاة أو زكاة أو عمرة أو غير ذلك من أمور الدين الإسلامي، وأن مثواي لا محالة النار، أحتاج إلى من يأخذ بيدي، ينصحني، ينتشلني من حالة الضياع التي أنا فيها، أكره كوني على هذه الحالة!!
وفوق كل هذا هناك مشكلة أخرى، وهي أني أشعر أني لم أصم أياما من رمضان، وأنا لا أعاني من أي شيء، أي لا يوجد هناك مانع من الصوم!!
والصراحة أني لست متأكدة إن كانت أياما من رمضان أو كانت من أيام شوال الستة، فعندنا عادة في منزلنا أن نصوم هذه الأيام الست كل سنة، فاختلطت الأمور علي، وهذه المشكلة حدثت لي في الفتره التي كنت فيها بعيدة عن الله، وأنا أعلم أنه من أفطر رمضان بدون سبب لا يقبل الله له صوما، وعليه كفارة، فماذا أفعل؟
أرجوك ساعدني وأفدني، أرجوك، أنا يائسة جدّاً، جعله الله في ميزان حسناتك إن شاء الله، وجزاك عن المسلمين جميعاً خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا بد – أختي الفاضلة – أن تُحَدِّدِي أولا مكان المشكلة ثم تنطلقي في العلاج، وإن طلبتِ منَّا المساعدة في تحديدها فسنقول لكِ: المشكلة في نفسك أنتِ وليس في شيءٍ آخر! ولن تكون المساعدة التي يقدمها لك الآخرون نافعة حتى تأخذي أنتِ بنفسكِ إلى النجاة.
والمشاعر التي بثثتِيها في سؤالك تدل على أن مقومات الاستقامة والصلاح موجودةٌ فيك، فإن المؤمن هو الذي يحاسب نفسه ويعاتبها، ويبدو أنك تقومين بذلك.
والمؤمن يخاف تقصيره وذنوبه، ويراها كأنها جبل يوشك أن يقع عليه، ويظهر أنك تشعرين بذلك أيضا.
والمؤمن يرتفع بإسلامه وإيمانه، ويعتز بانتسابه إلى هذا الدين العظيم، ويحب نبيه الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم، ورسالتك تنضح بذلك؟!!
إذاً فكيف اجتمعت هذه الصفات مع التقصير في أعظم واجبات الدين، وهي الصلاة؟!
ليس عندنا تفسير لذلك سوى سوء إدارة النفس وضعف التحكم فيها، وإلا فأداء الصلاة لا يستغرق جهدا ولا وقتا، ما هي إلا دقائق يخلو فيها المرء بربه، يناجيه بحاجته، ويبث إليه ثقل الدنيا، ويشكو إليه شوقه إليه وإلى رحمته.
فإذا كانت أنفسنا لا تحتمل الالتزام بهذه الدقائق المعدودة، فلا أظننا ننجح في حياتنا أبدا، فإن قيادة النفس تحتاج إلى شيء من العزم والحزم، ونحن المسلمين لم يكلفنا ربنا فوق طاقتنا، بل لم يكلفنا ما يشق علينا، وهو سبحانه يحب أن يتوب علينا ويخفف عنا.
قال سبحانه وتعالى: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185
وقال سبحانه: (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً. يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً) النساء/26-28
والصلاة رحمة فرضها الله علينا من جوده وكرمه، من حافظ عليها وقام بحق القيام بها: رأى فضل الله تعالى علينا حين كتبها علينا، وعرف أن الإنسان المحروم هو الذي حرم نفسه لذة الصلة بالله سبحانه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(الصَّلَاةُ خَيرٌ مَوضُوعٌ، فَمَنِ استَطَاعَ أَن يَستَكثِرَ فَلْيَستَكثِرْ)
رواه الطبراني (1 / 84) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " (390) .
وانظري كيف عقب الله تعالى آيات فرض الطهارة للصلاة بقوله:
(مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة/6.
والنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي تحبينه وتحبين سيرته كان يقول:
(جُعِلَت قُرَّةُ عَينِي فِي الصَّلَاةِ) رواه النسائي (3940) وحسنه الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " (3 / 116) وصححه الألباني في " صحيح النسائي ".
فكيف يرضى المؤمن لنفسه أن تفوته تلك الخيرات والبركات؟.
قال ابن القيم - رحمه الله -:
فواأسفاه وواحسرتاه كيف ينقضي الزمان وينفذ العمر والقلب محجوب ما شم لهذا رائحة، وخرج من الدنيا كما دخل إليها، وما ذاق أطيب ما فيها، بل عاش فيها عيش البهائم، وانتقل منها انتقال المفاليس، فكانت حياته عجزاً، وموته كمداً، ومعاده حسرة وأسفاً، اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك.
" طريق الهجرتين " (ص 327) .
ولا أذكر لك هذا الكلام لأزيد اليأس الذي تشعرين به، إنما كي تسعي جاهدة للتخلص منه، فهو لم يصبك إلا لعجزك عن أداء أسهل الفرائض، فعرفتِ أنكِ عن سواها أعجز.
ويجب أن لا تجعلي في حياتك مجالاً لليأس في جنب الله؛ ويجب أن تعلمي أنه سبحانه يكره القنطين: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) الحجر/56، ويحب عباده المستبشرين برحمته وفضله، ومن سعة كرمه أنه يغفر السيئات، ويصفح عن الزلات، بل قال سبحانه وتعالى: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً. وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) الفرقان/70-71، وقد قال بعض الحكماء: " لا يأتي بالأمل إلا العمل "، ولن يخرجك من حالة اليأس التي أوقعك الشيطان فيها إلا البدء بالعمل، ومحاولة الالتزام بالاستقامة،
ولو تخللها في البداية بعض النقص.
قال الله تعالى: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) ؛ فإن الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه، والإياس: يوجب له التثاقل والتباطؤ، وأولى ما رجا العباد، فضل الله وإحسانه، ورحمته، وروحه.
" إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون "؛ فإنهم ـ لكفرهم ـ يستبعدون رحمته، ورحمته بعيدة منهم، فلا تتشبهوا بالكافرين. ودل هذا على أنه بحسب إيمان العبد، يكون رجاؤه لرحمة الله وروحه." تفسير ابن سعدي.
وأول ما يجب أن تبدئي به أن توجدي في نفسك همّاً كبيراً وحرصا عظيما للمحافظة على الصلاة، كما هو الهم الذي تستشعرينه لأمور الدنيا الأخرى من طعام وشراب ودراسة وزواج ونحو ذلك، فإن كل عمل يسبقه اهتمام وتفكر، وقد كان بعض السلف يجاهد نفسه على الإكثار من نوافل الصلاة مجاهدة عظيمة، حتى قال ثابت البناني رحمه الله: كَابَدتُ الصلاة [يعني: قيام الليل] عشرين سنة، واستمتعت بها عشرين سنة.
ولا يكفي هذا الفكر والاهتمام حتى يقوم بموازاته فكر واهتمام بوسائل المحافظة على الصلاة، وكيف تحتالين على نفسك حتى تلتزم بما فرض الله تعالى، والإنسان يملك قدرة كبيرة في حسن اختيار الأساليب التي تعينه على ما يريد.
احرصي أن تقومي مباشرة إذا سمعت صوت المؤذن بالتكبير، واستشعري أنه سبحانه أكبر من كل الدنيا التي أنت منشغلة بها، ثم اعمدي إلى محرابك لتصلي ما كتب الله لك، ولا تنسي أن تقولي الدعاء الذي علمنا إياه نبينا صلى الله عليه وسلم دبر كل صلاة: (اللهم أعِنِّي على ذِكْرِك وشُكْرِك وحُسْنِ عِبادتِك) .
وقد ذكرتِ أنكم أهل بيت حريصون على صيام الست من شوال، وهذه أمارة صلاح وإحسان تعينك على أداء الصلاة في وقتها، حين ترين الوالدة والإخوة يقيمونها في وقتها، واحمدي الله تعالى على ذلك، فكم من شكاوى تأتي من أبناء يضربهم أهلهم على ترك الصلاة وخلع الحجاب، وأنت قد أكرمك الله تعالى بالأهل الذين يعينونك على تقوى الله تعالى.
صاحبي الفتيات المصليات المستقيمات، واطلبي منهن العون على الصلاة، وتذكيرك بها، والتواصي عليها، وقد يكون ذلك خير معين لك.
وأخيرا احذري المعاصي، فهي أساس كل داء، والمعصية تأتي بأختها وهكذا حتى تجتمع على الإنسان فتهلكه، فتثقل العبد عن صلاته، وتحرمه من نورها وبركتها، نسأل الله السلامة.
قال ابن القيم - رحمه الله -:
المعاصي تزرع أمثالها، وتولد بعضها بعضا، حتى يعِزَّ على العبد مفارقتُها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.
" الجواب الكافي " (ص 36) .
ثانيا:
أما سؤالك عن صيام رمضان، وأنك تشكين في تركك صيام أيام منه من غير عذر، فنقول لك: لا تلتفتي لهذه الشكوك، إذ يبدو أن الغالب على ظنك أنك أديت تلك العبادة في وقتها مع أسرتكِ، وغلبة الظن كافية لبراءة الذمة، ولا عبرة بالشك بعد ذلك.
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة " (7 / 143) :
الشك بعد الانتهاء من الطواف والسعي والصلاة لا يلتفت إليه؛ لأن الظاهر سلامة العبادة.
انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله -:
إذا كان الشك بعد انتهاء العبادة: فإنه لا يلتفت إليه، ما لم يتيقن الأمر.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (14 / السؤال رقم 746) .
ثم إن ترك الصيام بغير عذر لا يوجب القضاء ولا الكفارة، وإنما يوجب التوبة والاستغفار، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (50067) .
أسأل الله تعالى أن يكتب لك أجرك، وأن يثبت قلبك على الحق والدين، وأن يعيذك من الشيطان الرجيم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3220)
من عليه أيام من رمضان لا يذكر عددها
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت في إحدى السنوات الأيام التي تأتي فيها الدورة الشهرية، ولم أتمكن من الصيام حتى الآن، وقد مضى عليَّ سنوات كثيرة، وأود أن أقضي ما عليَّ من دين الصيام، ولكن لا أعرف كم عدد الأيام التي عليَّ، فماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فيجب عليك ثلاثة أمور:
الأمر الأول: التوبة إلى الله من هذا التأخير، والندم على ما مضى من التساهل، والعزم على ألا تعودي لمثل هذا؛ لأن الله يقول: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: من الآية31) ، وهذا التأخير معصية، والتوبة إلى الله من ذلك واجبة.
الأمر الثاني: البدار بالصوم على حسب الظن، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فالذي تظنين أنك تركتيه من أيامٍ عليك أن تقضيه، فإذا ظننت أنها عشرة فصومي عشرة أيام، وإذا ظننت أنها أكثر أو أقل فصومي على مقتضى ظنك؛ لقول الله سبحانه: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: من الآية286) . وقوله عز وجل: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن: من الآية16) .
الأمر الثالث: إطعام مسكين عن كل يوم إذا كنت تَقْدِرين على ذلك، يُصرف كله ولو لمسكين واحد، فإن كنت فقيرة لا تستطيعين الإطعام، فلا شيء عليك في ذلك سوى الصوم والتوبة، والإطعام الواجب عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد، ومقداره كيلو ونصف في حق من قدر على ذلك. والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
ينظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (15 / 342)(5/3221)
قضاء الصيام عمن مات بعد أن أفطر في رمضان بسبب مرضه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد تفسيرا للحديث (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) ، حيث هناك أب مات هذا العام بسبب مرض مطول، ولم يكمل ما عليه من صيام في رمضان الفائت، فهل يصوم عنه أحد أولاده؟ أم لا داعي لذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا الرجل مريضا مرضا لا يرجى الشفاء منه فلا صيام عليه ولا قضاء، وإنما يطعم مكان كل يوم مسكينا، فإن كان قد فعل ذلك في حياته، وإلا فعلى ورثته أن يطعموا عنه.
أما إذا كان مرضه مما يرجى حصول الشفاء منه، فلا يجب عليه الصيام في رمضان بسبب المرض، وإنما عليه القضاء، فإن كان لم يتمكن من القضاء بسبب استمرار المرض، فلا شيء عليه، لا صيام ولا إطعام، ولا يلزم ورثته أن يصوموا عنه ولا أن يطعموا.
أما إذا كان قد تمكن من القضاء ولكنه لم يفعل، فيستحب لورثته أن يصوموا عنه عدد الأيام التي أفطرها، فإن لم يفعلوا أطعموا عن كل يوم مسكينا.
وعلى هذا فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام) أي من أفطر لعذر كالحيض والسفر أو المرض الذي يرجى حصول الشفاء منه وتمكن من القضاء ولكنه لم يفعل، فإنه يستحب لأوليائه أن يصوموا عنه.
قال في "عون المعبود" (7/26) :
" واتفق أهل العلم على أنه إذا أفطر في المرض والسفر، ثم لم يفرط في القضاء حتى مات فإنه لا شيء عليه، ولا يجب الإطعام عنه، غير قتادة فإنه قال: يطعم عنه. وحُكي ذلك أيضا عن طاووس " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "جموع الفتاوى" (19/ما يكره ويستحب وحكم كم القضاء) :
" من أفطر رمضان لمرض، ثم مات قبل التمكن من القضاء، المسألة ليس فيها بحمد الله إشكال: لا من جهة النصوص والآثار، ولا من جهة كلام أهل العلم.
أما النصوص: فقد قال الله تعالى: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فجعل الله تعالى الواجب عليه عدةً من أيام أخر، فإذا مات قبل إدراكها فقد مات قبل زمن الوجوب، فكان كمن مات قبل دخول شهر رمضان، لا يجب أن يُطعَمَ عنه لرمضان المقبل، ولو مات قبله بيسير.
وأيضاً فإن هذا المريض ما دام في مرضه لا يجب عليه أن يصوم، فإذا مات قبل برئه فقد مات قبل أن يجب عليه الصوم، فلا يجب أن يُطعَمَ عنه؛ لأن الإطعامَ بدلٌ عن الصيام، فإذا لم يجب الصيام لم يجب بدله.
هذا تقرير دلالة القرآن على أنه إذا لم يتمكن من الصيام فلا شيء عليه.
وأما السنة: فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)
رواه البخاري (1952) ومسلم (1147)
فمنطوق الحديث ظاهر، ومفهومه أن من مات ولا صيام عليه لم يُصم عنه، وقد علمت مما سبق أن المريض إذا استمر به المرض لم يجب عليه الصوم أداء ولا قضاء في حال استمرار مرضه.
وأما كلام أهل العلم:
فقال في "المغني" (ص241 ج 3 ط دار المنار) :
" وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان لم يَخلُ من حالين:
أحدهما: أن يموت قبل إمكان الصيام، إما لضيق الوقت، أو لعذر من مرض، أو سفر، أو عجز عن الصوم: فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم، وحكي عن طاوس وقتادة أنهما قالا: يجب الإطعام عنه، ثم ذكر علة ذلك وأبطلها.
ثم قال (ص 341) : الحال الثاني: أن يموت بعد إمكان القضاء، فالواجب أن يُطعَمَ عنه لكل يوم مسكين، وهذا قول أكثر أهل العلم، رُوي ذلك عن عائشة وابن عباس ...
ثم قال: وقال أبو ثور: يصام عنه، وهو قول الشافعي، ثم استدل له بحديث عائشة الذي ذكرناه أولاً.
وقال في "شرح المهذب" (ص 343 ج 6 نشر مكتبة الإرشاد) :
" فرع في مذاهب العلماء فيمن مات وعليه صوم فاته بمرض، أو سفر، أو غيرهما من الأعذار، ولم يتمكن من قضائه حتى مات:
ذكرنا أن مذهبنا لا شيء عليه، ولا يصام عنه، ولا يطعم عنه، بلا خلاف عندنا.
وبه قال أبو حنيفة ومالك والجمهور، قال العبدري: وهو قول العلماء كافةً إلا طاوساً وقتادة، فقالا: يجب أن يُطعِمَ عنه لكل يوم مسكينا، ثم ذكر علةَ ذلك وأبطلها، قال: واحتج البيهقي وغيرُه من أصحابنا لمذهبنا بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) رواه البخاري ومسلم.
وقال في "الفروع" (ص 39 ج 3 ط آل ثاني) :
" وإن أخر القضاء حتى مات: فإن كان لعذر فلا شيء عليه، نص عليه، وفاقاً للأئمة الثلاثة؛ لعدم الدليل "
وبهذا تبين أنه لا إشكال في المسألة، وأن الصوم لا يُقضى عمن استمر عذره حتى مات، وكذلك لا يُطَعمُ عنه، إلا أن يكون مريضاً مرضاً لا يُرجى زواله، فيكون حينئذ كالكبير الذي لا يستطيع الصوم، فيطعَمُ عنه؛ لأن هذا وجب عليه الإطعام في حال حياته بدلاً عن الصيام.
وليس في النفس مما قرره أهل العلم في هذا شيء، وقد علمت مما كتبنا أنه يكاد يكون إجماعاً لولا ما روي عن طاوس وقتادة " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/372) السؤال الآتي:
كانت والدتي مريضة في شهر رمضان عام 97هـ ولم تستطع صيام ثمانية أيام منه، وتوفيت بعد شهر رمضان بثلاة أشهر، فهل أصوم عنها ثمانية الأيام، وهل يمكن تأجيلها إلى ما بعد رمضان 98هـ أو أتصدق عنها؟
فكان الجواب:
" إذا كانت والدتك شفيت بعد شهر رمضان الذي أفطرت فيه ثمانية أيام، ومر بها قبل وفاتها وقت تستطيع القضاء فيه، وماتت ولم تقض، استحب لك أو لأحد أقاربها صيام ثمانية الأيام عنها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) متفق عليه، ويجوز تأجيل صيامها، والأَوْلى المبادرة به مع القدرة.
أما إن كان المرض استمر معها، وماتت ولم تقدر على القضاء، فلا يُقضَى عنها لعدم تمكنها من القضاء، لعموم قوله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا) وقوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3222)
لا يتذكر عدد الصلوات ولا أيام الصيام الواجبة في ذمته فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان المسلم لا يتذكر أعداد الصلوات وأيام الصيام التي فاتته، فكيف يباشر قضاءها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الصلوات الفائتة لا تخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون ترك الصلاة لعذر كالنوم أو النسيان، ففي هذه الحالة يجب قضاؤها , لقوله صلى الله عليه وسلم: (من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها) رواه البخاري (572) ومسلم (684) – واللفظ له -.
ويصليها مرتبة كما وجبت عليه، الأولى فالأولى؛ لحديث جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش قال: يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: والله ما صليتها، فقمنا إلى بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلَّى العصر بعد ما غربت الشمس , ثم صلى بعدها المغرب. رواه البخاري (571) ومسلم (631) .
الحالة الثانية: أن يكون ترك الصلاة لعذر لا يكون معه إدراك , كالغيبوبة، ففي هذه الحالة تسقط الصلاة عنه، ولا يجب عليه قضاؤها.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
وقع عليّ حادث سيارة ورقدت في المستشفى ثلاثة شهور ولم أع نفسي ولم أصل كل هذه المدة، هل تسقط عني أم أعيد كل الصلاة الماضية؟
فأجابوا:
" تسقط عنك الصلاة في المدة المذكورة ما دمت لا تعقل في تلك المدة " انتهى.
وسئلوا – أيضاً -:
إذا أغمي على إنسان لمدة شهر ولم يصل طوال هذه الفترة، وأفاق بعده فكيف يعيد الصلوات الفائتة؟
فأجابوا:
" لا يقض ما تركه من الصلوات في هذه المدة، لأنه في حكم المجنون والحال ما ذكر , والمجنون مرفوع عنه القلم " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (6/21) .
الحالة الثالثة: أن يكون ترك الصلاة عمداً من غير عذر، فهذا لا يخلو من حالين:
إما أن يكون جاحداً لها غير معترف بوجوبها، فهذا لا خلاف في كفره , وأنه ليس من الإسلام في شيء، فعليه أن يدخل في الإسلام ثم يعمل بأركانه وواجباته , ولا يجب عليه قضاء ما ترك من الصلاة حال كفره.
والثانية: أن يكون تركه للصلاة تهاونا وكسلا فهذا لا يصح منه قضاؤها , لأنه لم يكن له عذر حين تركها، وقد أوجبها الله عليه في زمن معلوم وبتوقيت محدود، قال سبحانه: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) النساء/103، أي: لها وقت محدد، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
لم أصلِّ إلا بعد ما بلغت الرابعة والعشرين من عمري، وصرت الآن أصلي مع كل فرض فرضاً آخر، فهل يجوز لي ذلك؟ وهل أداوم على هذا، أم إن عليَّ حقوقاً أخرى؟
فأجاب:
" الذي يترك الصلاة عمداً ليس عليه قضاء على الصحيح، وإنما عليه التوبة إلى الله عز وجل؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وتركها أعظم الجرائم، بل تركها عمداً كفر أكبر في أصح قولي العلماء؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه؛ ولقوله عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ذلك.
فالواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله التوبة الصادقة، وذلك بالندم على ما مضى منك، والإقلاع من ترك الصلاة، والعزم الصادق على أن لا تعود إلى ذلك، وليس عليك أن تقضي لا مع كل صلاة ولا في غير ذلك، بل عليك التوبة فقط، والحمد لله، من تاب تاب الله عليه، يقول الله سبحانه: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) .
فعليك أن تصدُق في التوبة، وأن تحاسب نفسك، وأن تجتهد بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها في الجماعة، وأن تستغفر الله عما جرى منك، وتكثر من العمل الصالح، وأبشر بالخير، يقول الله سبحانه: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) ، ولما ذكر الشرك والقتل والزنا في سورة الفرقان قال جل وعلا بعد ذلك: (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق، وصحة التوبة، والاستقامة على الخير " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (10 / 329، 330) .
ثانياً:
وأما قضاء الصيام؛ فإن كان تركك للصيام في الوقت الذي كنت فيه تاركاً للصلاة , فلا يجب عليك قضاء تلك الأيام التي أفطرتها , لأن تارك الصلاة كافر كفراً أكبر مخرج من الملة – كما سبق - والكافر إذا أسلم لا يلزمه أن يقضي ما تركه من العبادات حال كفره.
أما إن كان تركك للصيام في وقت كنت تصلي فيه , فلا يخلو الأمر من احتمالين:
الأول: أنك لم تنو الصيام من الليل , بل عزمت على الفطر , فهذا لا يصح منك قضاؤه , لأنك تركت فعل العبادة في الوقت المحدد لها شرعا من غير عذر.
الثاني: أن تكون بدأت في صيام اليوم ثم أفطرت فيه , فهذا يجب عليك قضاؤه , لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر المجامع في نهار رمضان بالكفارة قال له: (صم يوماً مكانه) رواه أبو داود (2393) , وابن ماجه (1671) , وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (940) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر؟
فأجاب:
" الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقاً، ويجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر: فالراجح: أنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لا يستفيد به شيئاً، إذ إنه لن يقبل منه، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ولأنه مِن تعدي حدود الله عز وجل، وتعدي حدود الله تعالى ظلم، والظالم لا يقبل منه، قال الله تعالى: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ?للَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ?لظَّلِمُونَ) ؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي: فعلها قبل دخول الوقت - لم تقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 45) .
والواجب عليه أن يتوب توبة صادقة من كل الذنوب، وأن يحافظ على الواجبات، ويترك المنكرات، ويكثر من النوافل والقربات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3223)
هل يجوز له الإفطار بسبب مشقة العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في بلد غربي أي: لا يهتم بالصيام والصائمين، وزوجي يعمل لفترة سنة ليكمل سنته الأخيرة في مجال الصيدلة وهذا العمل هو المقرر الدراسي للسنة الأخيرة، أي: سنة تطبيقية في ميدان العمل، المشكلة التي تواجهنا هي أن العمل يبعد مسافة ساعة بالسيارة، ومكان مكتظ بالمرضى، وبدأ زوجي يشعر بالدوار والصداع أثناء العمل حيث بدأ يعطي الأدوية للمرضى بطريقة خطأ، فهو الآن يفكر بالإفطار لهذا السبب، علما أن مسافة الطريق من المنزل للعمل أقل من 48 ميلا كما ذكرتم في أحد الأجوبة، لكن الطريق يأخذ ساعة ذهابا وساعة أخرى إيابا، كما أن مدة العمل 12 ساعة متواصلة، فهل يجوز له الإفطار على أن يقضي بعد الانتهاء من هذه السنة الأخيرة من دراسته.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصوم ركن من أركان الإسلام ثابت بالكتاب والسنة وإِجماع الأُمة، ولا يجوز للمسلم أن يفطر بغير عذر شرعي من مرض أو سفر، وقد يحصل للإنسان أثناء الصوم مشقة فعليه أن يصبر ويستعين بالله عز وجل، فإذا عطش الإنسان في نهار رمضان فلا بأس أن يصب على رأسه الماء للتبرد وأن يتمضمض، فإذا سبب له العطش ضرراً بالغاً أو خشي الهلاك من العطش جاز له الفطر، وعليه القضاء فيما بعد.
لكن لا يجوز أن يكون العمل هو السبب في المشقة الحاصلة له إذا كان يمكنه أخذ إجازة من العمل في شهر رمضان أو كان يستطيع تخفيف أعباء عمله فيه، أو تغييره إلى ما هو أسهل.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
" من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة أن صيام شهر رمضان فرض على كل مكلف وركن من أركان الإسلام، فعلى كل مكلف أن يحرص على صيامه تحقيقاً لما فرض الله عليه، رجاء ثوابه وخوفاً من عقابه دون أن ينسى نصيبه من الدنيا، ودون أن يؤثر دنياه على أخراه، وإذا تعارض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عمله لدنياه وجب عليه أن ينسق بينهما حتى يتمكن من القيام بهما جميعاً، ففي المثال المذكور في السؤال يجعل الليل وقت عمله لدنياه، فإن لم يتيسر ذلك أخذ إجازة من عمله شهر رمضان ولو بدون مرتب، فإن لم يتيسر ذلك بحث عن عمل آخر يمكنه فيه الجمع بين أداء الواجبين ولا يؤثر جانب دنياه على جانب آخرته، فالعمل كثير، وطرق كسب المال ليست قاصرة على مثل ذلك النوع من الأعمال الشاقة، ولن يعدم المسلم وجهاً من وجوه الكسب المباح الذي يمكنه معه القيام بما فرضه الله عليه من العبادة بإذن الله، (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً) الطلاق/2، 3.
وعلى تقدير أنه لم يجد عملاً دون ما ذكر مما فيه حرج وخشي أن تأخذه قوانين جائرة وتفرض عليه ما لا يتمكن معه من إقامة شعائر دينه أو بعض فرائضه فليفر بدينه من تلك الأرض إلى أرض يتيسر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه ويتعاون فيه مع المسلمين على البر والتقوى فأرض الله واسعة، قال الله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة) النساء/100، وقال تعالى: (قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) الزمر/ 10.
فإذا لم يتيسر له شيء من ذلك كله واضطر إلى مثل ما ذكر في السؤال من العمل الشاق صام حتى يحس بمبادئ الحرج فيتناول من الطعام والشراب ما يحول دون وقوعه في الحرج ثم يمسك وعليه القضاء في أيام يسهل عليه فيها الصيام " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (10 / 234 – 236) .
وسئلوا – أيضاً -: عن رجل يعمل في مخبز ويواجه عطشاً شديداً وإرهاقاً في العمل هل يجوز له الفطر؟
فأجابوا:
" لا يجوز لذلك الرجل أن يفطر، بل الواجب عليه الصيام، وكونه يخبز في نهار رمضان ليس عذراً للفطر، وعليه أن يعمل حسب استطاعته " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (10 / 238) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3224)
هل يجب على هؤلاء الصوم؟ وهل يلزمهم القضاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك صبي كان يصوم رمضان قبل أن يبلغ، وفي أثناء صومه في نهار رمضان بلغ فهل يجب عليه قضاء ذلك اليوم؟ وكذلك الكافر إذا أسلم؟ وكذلك الحائض إذا طهرت؟ وكذلك المجنون إذا أفاق؟ وكذلك المسافر إذا عاد وكان مفطراً؟ وكذلك المريض إذا تعافى وكان قد أفطر؟ فماذا على هؤلاء من حيث الإمساك في ذلك اليوم والقضاء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هؤلاء المذكورون في السؤال ليس حكمهم واحداً، وسبق أن ذكرنا اختلاف العلماء وشيئا من أقوالهم في جواب السؤال رقم (49008) .
ويمكن تقسيم هؤلاء المذكورين في السؤال إلى مجموعتين:
فالصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، والمجنون إذا أفاق لهم حكم واحد، وهو وجوب الإمساك ولا يجب عليهم القضاء.
وأما الحائض إذا طهرت والمسافر إذا أقام والمريض إذا شفي فحكمهم واحد أيضا، فلا يجب عليهم الإمساك ولا يستفيدون بإمساكهم شيئاً، ويجب عليهم القضاء.
والفرق بين المجموعة الأولى والثانية: أن المجموعة الأولى وجد فيهم شرط التكليف، وهو البلوغ والإسلام والعقل. وإذا ثبت تكليفهم وجب عليهم الإمساك , ولا يلزمهم القضاء لأنهم أمسكوا حين وجب عليهم الإمساك، أما قبل ذلك فلم يكونوا مكلفين بالصيام.
وأما المجموعة الثانية فإنهم مخاطبون بالصيام لذا كان واجباً في حقهم، لكن وُجد عندهم عُذرٌ يبيح لهم الفطر , وهو الحيض والسفر والمرض فخفف الله عنهم وأباح لهم الفطر، فزالت حرمة اليوم في حقهم، فإذا زالت أعذارهم أثناء النهار لم يستفيدوا شيئا من إمساكهم، ولزمهم القضاء بعد رمضان.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
" إذا قدم المسافر إلى بلده وهو مفطر: فإنه لا يجب عليه الإمساك، فله أن يأكل ويشرب بقية يومه؛ لأن إمساكه لا يفيده شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليه، هذا هو القول الصحيح، وهو مذهب مالك والشافعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله لكن لا ينبغي له أن يأكل ويشرب علناً " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 58) .
وقال أيضا:
" إذا طهرت الحائض أو النفساء أثناء النهار لم يجب عليها الإمساك، ولها أن تأكل وتشرب، لأن إمساكها لا يفيدها شيئاً لوجوب قضاء هذا اليوم عليها، وهذا مذهب مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (من أكل أول النهار فليأكل آخره) ، يعني: من جاز له الفطر أول النهار جاز له الفطر في آخره " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 59) .
وسئل الشيخ أيضا:
من أفطر في نهار رمضان لعذر شرعي فهل يجوز له أن يأكل ويشرب بقية اليوم؟
فأجاب بقوله:
" يجوز له أن يأكل ويشرب؛ لأنه أفطر بعذر شرعي، وإذا أفطر بعذر شرعي فقد زالت حرمة اليوم في حقه، وصار له أن يأكل ويشرب، بخلاف الرجل الذي أفطر في نهار رمضان بدون عذر، فإنا نلزمه بالإمساك، وإن كان يلزمه القضاء، فيجب التنبه للفرق بين هاتين المسألتين " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 60) .
وقال أيضا:
" ذكرنا أثناء بحثنا في الصيام أن المرأة إذا كانت حائضاً وطهرت في أثناء النهار: فإن العلماء اختلفوا هل يجب عليها أن تمسك بقية اليوم فلا تأكل ولا تشرب، أو يجوز لها أن تأكل وتشرب بقية اليوم، وقلنا: إن في ذلك روايتين عن الإمام أحمد رحمه الله: إحداهما: - وهي المشهور من المذهب - أنه يجب عليها الإمساك، فلا تأكل ولا تشرب.
والثانية: أنه لا يجب عليها الإمساك، فيجوز لها أن تأكل وتشرب، وقلنا: إن هذه الثانية هي مذهب مالك والشافعي رحمهما الله، وإن ذلك هو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه فإنه قال: (من أكل أول النهار فليأكل آخره) ، وقلنا: إن الواجب على طالب العلم في مسائل الخلاف الواجب عليه أن ينظر في الأدلة، وأن يأخذ بما ترجح عنده منها، وأن لا يبالي بخلاف أحد ما دام أن الدليل معه؛ لأننا نحن مأمورون باتباع الرسل؛ لقوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ ?لْمُرْسَلِينَ) .
وأما الاحتجاج بما صح به الحديث حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء في أثناء اليوم، فأمسك الناس بقية يومهم، نقول: لا مستند لهم في هذا الحديث؛ لأن صوم يوم عاشوراء ليس فيه زوال مانع، وإنما فيه تجدد وجوب، وفرق بين زوال المانع وتجدد الوجوب؛ لأن تجدد الوجوب معناه أن الحكم لم يثبت قبل [وجود] سببه، وأما زوال المانع فمعناه أن الحكم ثابت مع المانع لولا هذا المانع، ومادام هذا المانع موجوداً مع وجود أسباب الحكم، فمعناه أن هذا المانع لا يمكن أن يصح معه الفعل لوجوده، ونظير هذه المسألة التي أوردها السائل نظيرها: ما لو أسلم إنسان في أثناء اليوم، فإن هذا الذي أسلم تجدد له الوجوب، ونظيرها أيضاً: ما لو بلغ الصبي في أثناء اليوم وهو مفطر، فإن هذا تجدد له الوجوب فنقول لمن أسلم في أثناء النهار: يجب عليك الإمساك، ولكن لا يجب عليك القضاء، ونقول للصبي إذا بلغ في أثناء النهار: يجب عليك الإمساك، ولا يجب عليك القضاء، بخلاف الحائض إذا طهرت، فإنه بإجماع أهل العلم يجب عليها القضاء، الحائض إذا طهرت أثناء النهار أجمع العلماء على أنها إن أمسكت بقية اليوم لا ينفعها هذا الإمساك ولا يكون صوماً، وأن عليها القضاء، وبهذا عرف الفرق بين تجدد الوجوب وبين زوال المانع، فمسألة الحائض إذا طهرت من باب زوال المانع، ومسألة الصبي إذا بلغ أو ما ذكره السائل من إيجاب صوم يوم عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، هذا من باب تجدد الوجوب، والله الموفق " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 60) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3225)
لا يجوز لمن شرع في صوم واجب أن يفطر إلا لعذر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا نوى شخص أن يصوم قضاء ودعي للأكل عند زيارة بعض الأقارب فأكل، فهل عليه إثم أو عليه إعادة ذلك اليوم مادام قد نوى الصيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا شرع الإنسان في صوم واجب حرم عليه الإفطار بدون عذر، فإن أفطر وجب عليه قضاء هذا اليوم.
قال ابن مفلح في "الفروع":
وَيَحْرُمُ فِطْرُ مَنْ صَوْمُهُ وَاجِبٌ اهـ.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "فتاوى الصيام" (ص 452) :
عن امرأة كانت صائمة قضاء، ونزل عندها ضيوف ومن باب المجاملة أفطرت فهل هذا جائز؟
فأجاب:
هذا القضاء إذا كان قضاء عن واجب كقضاء رمضان، فإنه لا يجوز لأحد أن يفطر إلا لضرورة، وأما فطره لنزول الضيف به فإنه حرام، ولا يجوز، لأن القاعدة الشرعية: "أن كل من شرع في واجب فإنه يجب عليه إتمامه إلا لعذر شرعي".
وأما إذا كان قضاء نفل فإنه لا يلزمها أن تتمه، لأنه ليس بواجب اهـ.
وقال أيضاً في "فتاوى الصيام" (ص 451) :
إذا شرع الإنسان في صوم واجب كقضاء رمضان وكفارة اليمين وكفارة فدية الحلق في الحج إذا حلق المحرم قبل أن يحل وما أشبه ذلك من الصيام الواجب فإنه لا يجوز له أن يقطعه إلا لعذر شرعي وهكذا كل من شرع في شيء واجب فإنه يلزمه إتمامه ولا يحل له قطعه إلا بعذر شرعي يبيح قطعه اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3226)
لا يجب التتابع في قضاء رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت خمسة أيام من رمضان بسبب المرض، فهل يجب عليّ أن أصومها متتابعة، أو يمكن أن أصوم يوماً كل أسبوع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق الأئمة على أن الواجب في قضاء رمضان أن يصوم أياماً بعدد الأيام التي أفطرها، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
ولا يشترط في هذه الأيام أن تكون متتابعة، فلك أن تصومها متتابعة، ولك أن تصومها متفرقة، سواء صمت كل أسبوع يوماً أو كل شهر يوماً أو حسب ما يتيسر لك، والدليل على ذلك الآية السابقة، فإنها لم تشترط التتابع في قضاء رمضان، وإنما أوجبت فقط أن يكون بعدد الأيام التي أفطرها.
انظر: "المجموع" (6/167) ، و "المغني" (4/408) .
وسئلت اللجنة الدائمة هل يجوز أن يصوم قضاء رمضان في أيام متفرقات؟
فأجابت: نعم يجوز له أن يقضي ما عليه من أيام متفرقات، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185. فلم يشترط سبحانه التتابع في القضاء. اهـ فتاوى اللجنة الدائمة (10/346) .
وفي فتاوى الشيخ ابن باز (15/352) : إذا أفطر يومين أو ثلاث أو أكثر وجب عليه القضاء ولا يلزمه التتابع، إن تابع فهو أفضل، وإن لم يتابع فلا حرج عليه اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3227)
أفطرت أياماً كثيرة جاهلة حكمها وعددها
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أعرف كم أفطرت في السنوات الماضية وأنا مع أهلي، حيث كنا نعيش في القرية، ولم يكن أحد يعرف عن أحكام الصوم شيئا، وقد أفطرت في هذه الأيام، ولا أعرف كم أفطرت، فقمت بدفع مبلغ من المال عن هذه الأيام، وبعد زمن عرفت من إحدى الأخوات أنه يجب أن أقضي هذه الأيام وأنا لا أعرف عدد هذه الأيام فماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على المسلم تعلُّم الأحكام الشرعيَّة الضروريَّة، سواء النظريَّة منها مثل ما يتعلق بالعقائد وأصول الدين، أو العمليَّة كالطهارة والصلاة، فإذا كان من أصحاب المال فيجب عليه تعلم أحكام الزكاة، وإذا كان من أصحاب التجارات فيجب عليه تعلم أحكام البيوع، وهكذا، فإذا قَرُبَ شهر رمضان فإنه يجب على المسلم المكلَّف أن يتعلم أحكام الصوم حتى لو كان عاجزاً عن الصوم؛ وذلك ليتعلم ما يجب عليه من بدل عن الصوم.
فالواجب عليكِ وعلى أهلك التوبة والاستغفار من تفريطكم في السؤال وطلب العلم في هذا الباب.
ودفع المال لا يجوز حتى للعاجز عن الصيام كالكبير والمريض مرضاً مزمناً؛ لأن الواجب على هؤلاء في حال فطرهم في رمضان أن يُطعموا عن كل يومٍ مسكيناً واحداً، ولا يجزئ دفع المال ـ بدلا عن الإطعام ـ عن الأيام التي يفطرون فيها.
وعليه: فما دُفع منك من مال نرجو أن يكون صدقة لك تجدين أجرها يوم القيامة.
وأما الواجب عليكم فهو قضاء تلك الأيام التي أفطرتيها، ويمكنكم حسابها بالتروي حتى تصلي إلى عدد يقيني فإن لم تستطيعي فعلى غلبة الظن، فإن غلب على ظنك أنها 30 يوماً – مثلاً – فالواجب عليكم صيام هذه الأيام، وهكذا لو كانت أقل أو أكثر و (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا) البقرة/286
ولا يجب عليكم صومها متتابعة، بل يجوز لكم تفريقها بحسب الوسع والطاقة، لكن عليكم المبادرة لصيامها وعدم الوقوع في التأخير مرة أخرى.
وعليك البداءة بقضاء رمضان من السنة الفائتة أولاً؛ حتى لا يدخل رمضان التالي قبل صيامها.
وقد ذكر بعض أهل العلم أنه يجب عليكم مع الصيام إطعام مسكين عن كل يوم مقابل تأخير الصيام، لكن الراجح أن الواجب عليكم هو الصيام فقط، وخاصة إن كنتم فقراء، فإن استطعتم الإطعام مع الصيام فحسن.
وانظري أجوبة الأسئلة: (39742) و (26212) و (47942) و (40695) .
وهذا كله في حال أنكم أفطرتم بعذر شرعي كالحيض، أما إن لم تكونوا معذورين في إفطاركم: فلا قضاء عليكم، بل عليكم التوبة والاستغفار وتعويض هذه الأيام بصيام النوافل وأعمال الخير.
وقد ذكرنا هذه المسألة وفتاوى أهل العلم في جواب السؤال رقم (50067) فلينظر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3228)
جامع زوجته وهي تقضي من رمضان فماذا يترتب عليهما؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعت زوجتي قبل رمضان وكانت تقضي بعض الأيام من شهر رمضان السابق، ولم تتمكن من قضاء جميع الأيام.
ملاحظة: استأذنتني بالصيام وأذنت لها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز لمن شرع في صوم واجب كقضاء رمضان أو كفارة يمين أن يفطر إلا من عذر، كمرض أو سفر.
فإن أفطر - بعذر أو من غير عذر- بقي الصوم في ذمته، فعليه أن يصوم يوما واحدا مكان اليوم الذي أفسده.
فإن كان فطره من غير عذر وجب عليه – مع الصيام - التوبة إلى الله من هذا الفعل المحرم.
وليس على زوجتك كفارة، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع في نهار رمضان فقط.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال (49985) فلينظر.
ثانياً:
وقد أسأت بإفساد صيام زوجتك، لأن الزوجة إذا صامت قضاء رمضان بإذن زوجها لم يكن له إفساد صيامها.
فعليكما التوبة إلى الله، والندم على الفعل، والعزم على عدم العود، فإن كنت أجبرتها فلا إثم عليها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3229)
حملت قبل أن تبدأ في القضاء ولا تستطيع الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[كان على زوجتي أيام حيض لم تصمها من رمضان الماضي، وقبل أن تنوى قضاء هذه الأيام قبل رمضان القادم حملت، والدكتورة المعالجة لها أخبرتها ألا تصوم نهائياً خلال فترة الحمل، واحتمال فترة الرضاعة أيضاً، نظراً لضعفها العام وخوفاً على الجنين، لذلك فهي لن تستطع أن تصوم هذه الأيام، فماذا تفعل بالنسبة لهذه الأيام؟ وماذا تفعل إذا لم تستطع قضاء أيام رمضان القادم قبل مجيء شهر رمضان التالي له؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وسَّع الله تعالى في قضاء رمضان لمن أفطر بعذرٍ شرعي إلى دخول رمضان التالي، إلا أنه لا ينبغي لمسلم أن يغترَّ بهذا التأخير لتأجيل القضاء؛ لأنه قد تعرض له الحاجة أو التَّغير فيشق عليه القضاء أو يمتنع، وبخاصة النساء فإنهن معرَّضات للحمل والحيض والنفاس.
ومن أخر القضاء بغير عذر إلى أن ضاق عليه الوقت فانقضى شعبان ولم يقضِ ما عليه: فهو آثم، وإن كان معذوراً فلا إثم عليه، وفي كلا الحالين يجب عليه القضاء بعد رمضان الثاني، وقد أوجب بعض أهل العلم عليه مع القضاء فدية طعام مسكين عن كل يوم، فإن تيسر له ذلك وفعله فهو أحوط، وإلا فالقضاء يكفيه.
انظر السؤال (26865) ، (21710) .
سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله:
ما حكم من أخر القضاء حتى دخل رمضان التالي؟
فأجاب:
تأخير قضاء رمضان إلى رمضان التالي لا يجوز على المشهور عند أهل العلم؛ لأن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فلا أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان) وهذا يدل على أن لا رخصة بعد رمضان الثاني، فإن فعل بدون عذر فهو آثم، وعليه أن يبادر بالقضاء بعد رمضان الثاني، واختلف العلماء هل يلزمه مع ذلك إطعام أو لا يلزمه؟ والصحيح: أنه لا يلزمه إطعام؛ لأن الله عز وجل يقول: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فلم يوجب الله سبحانه وتعالى سوى القضاء.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال 357) .
وسئل الشيخ رحمه الله:
امرأة أفطرت أياماً من رمضان العام الماضي ثم قضتها في آخر شعبان، وجاءتها العادة واستمرت معها حتى دخل رمضان هذا العام، وقد بقي عليها يوم واحد فماذا يجب عليها؟
فأجاب بقوله:
يجب عليها أن تقضي هذا اليوم الذي لم تتمكن من قضائه قبل دخول رمضان هذا العام، فإذا انتهى رمضان هذه السنة قضت ما فاتها من رمضان العام الماضي.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال 358) .
وسئل رحمه الله أيضاً:
امرأة أفطرت في رمضان للنفاس، ولم تستطع القضاء من أجل الرضاع حتى دخل رمضان الثاني، فماذا يجب عليها؟
فأجاب بقوله:
الواجب على هذه المرأة أن تصوم بدل الأيام التي أفطرتها ولو بعد رمضان الثاني؛ لأنها إنما تركت القضاء بين الأول والثاني للعذر، لكن إن كان لا يشق عليها أن تقضي في زمن الشتاء ولو يوماً بعد يوم: فإنه يلزمها ذلك، وإن كانت ترضع، فلتحرص ما استطاعت على أن تقضي رمضان الذي مضى قبل أن يأتي رمضان الثاني، فإن لم يحصل لها فلا حرج عليها أن تؤخره إلى رمضان الثاني.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال 360) .
وخلاصة الجواب: أن هذه الأيام تبقى دَيْناً على زوجتك، يلزمها قضاؤها متى تمكنت من ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3230)
هل على تارك الصيام من غير عذر قضاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 28 سنة ولم أصم في حياتي رمضان كاملاً، وها أنا أنوي إن شاء الله أن أصوم في هذا العام، فكيف أقضي السنوات التي فاتتني؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صوم رمضان من أركان الإسلام، ولا يحل للمكلف بصيامه أن يتركه إلا من عذر، ومن أفطر بعذر شرعي كالمرض والسفر والحيض وهو يستطيع الصيام فالواجب عليه قضاء ما أفطره، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185 وليس من تعمد الإفطار من غير عذر كالمعذور في هذا.
فمن أخر العبادة عن وقتها من صلاة أو صيام بلا عذر فإنها لا تصح ولا تقبل منه إن فعلها بعد خروج وقتها المحدد شرعاً.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -:
ما حكم المسلم الذي مضى عليه أشهر من رمضان يعني سنوات عديدة بدون صيام مع إقامة بقية الفرائض وهو بدون عائق عن الصوم أيلزمه القضاء إن تاب؟ .
فأجاب بقوله:
الصحيح: أن القضاء لا يلزمه إن تاب؛ لأن كل عبادة مؤقتة بوقت إذا تعمد الإنسان تأخيرها عن وقتها بدون عذر: فإن الله لا يقبلها منه، وعلى هذا فلا فائدة من قضائه، ولكن عليه أن يتوب إلى الله عز وجل ويكثر من العمل الصالح، ومن تاب تاب الله عليه.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 41) .
هذا حكم من أفطر بلا عذر أي أنه لم ينو الصيام ولم يشرع فيه من الأصل.
أما من شرع في الصيام ثم أثناء النهار أفطر، فإن الواجب عليه قضاء هذا اليوم.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى -:
عن حكم الفطر في نهار رمضان بدون عذر؟ .
فأجاب بقوله:
الفطر في نهار رمضان بدون عذر من أكبر الكبائر، ويكون به الإنسان فاسقاً، ويجب عليه أن يتوب إلى الله، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره، يعني لو أنه صام وفي أثناء اليوم أفطر بدون عذر فعليه الإثم، وأن يقضي ذلك اليوم الذي أفطره؛ لأنه لما شرع فيه التزم به ودخل فيه على أنه فرض فيلزمه قضاؤه كالنذر، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمداً بلا عذر: فالراجح: أنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لا يستفيد به شيئاً، إذ إنه لن يقبل منه، فإن القاعدة أن كل عبادة مؤقتة بوقت معين فإنها إذا أخرت عن ذلك الوقت المعين بلا عذر لم تقبل من صاحبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد "؛ ولأنه مِن تعدي حدود الله عز وجل، وتعدي حدود الله تعالى ظلم، والظالم لا يقبل منه، قال الله تعالى: (وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ?للَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ?لظَّالِمُونَ) ؛ ولأنه لو قدم هذه العبادة على وقتها - أي: فعلها قبل دخول الوقت - لم تقبل منه، فكذلك إذا فعلها بعده لم تقبل منه إلا أن يكون معذوراً.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (19 / السؤال رقم 45) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3231)
استمنى جاهلاً أنه مفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد منّ الله علي بالتوبة قبل عام.. واليوم سمعت أن الاستمناء من المفطرات، ولم أكن أعرف ذلك سابقاً.. وقد اقترفت هذا الذنب في رمضان قبل الماضي.. ولا أعلم ماذا أفعل؟ علماً بأنني لا أعلم عدد الأيام التي قمت فيها بهذا الذنب.. أرجوكم أفيدوني ماذا علي فعله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الحمد لله الذي مَنَّ عليك بالتوبة، ونسأله سبحانه أن يتقبل توبتك، ويغفر لك ذنبك، ويلهمك رشدك.
ثانياً:
اختلف العلماء فيمن فعل شيئا من مفسدات الصيام جاهلا، هل يفسد صومه بذلك أم لا على قولين:
الأول: أنه يفسد صومه بذلك، وهو مذهب الشافعي وأحمد، إلا أن الشافعي استثنى إذا كان حديث عهد بالإسلام أو كان ناشئا ببادية بعيدا عن أهل العلم فلا يفسد صومه.
قال النووي في "المجموع" (6/352) :
" إذَا أَكَلَ الصَّائِمُ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ جَاهِلا بِتَحْرِيمِهِ - فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِإِسْلامٍ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يَخْفَى عَلَيْهِ كَوْنُ هَذَا مُفْطِرًا - لَمْ يُفْطِرْ ; لأَنَّهُ لا يَأْثَمُ فَأَشْبَهَ النَّاسِيَ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ النَّصُّ , وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْمُسْلِمِينَ بِحَيْثُ لا يَخْفَى عَلَيْهِ تَحْرِيمُهُ أَفْطَرَ ; لأَنَّهُ مُقَصِّرٌ " اهـ.
وانظر "المغني" (4/368) ، "الكافي" (2/244) .
وقد اختار هذا القول علماء اللجنة الدائمة، فقد سئلت اللجنة عمن استمنى في نهار رمضان وهو جاهل أن هذا حرام، ولا يعلم عدد الأيام التي فعل فيها هذا المحرم. فأجابت:
" يجب قضاء الأيام التي أفطرتها بسبب العادة السرية لأنها مفسدة للصيام، واجتهد في معرفة الأيام التي أفطرتها " اهـ.
فتاوى اللجنة الدائمة (10/258) .
والقول الثاني: لا يفسد صومه بذلك كما لا يفسد صوم الناسي.
وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/19) :
" الصَّائِمُ إذَا فَعَلَ مَا يُفْطِرُ بِهِ جَاهِلا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ: فَهَلْ عَلَيْهِ الإِعَادَةُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ. . . وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ لا يَجِبُ قَضَاءُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَلا يَثْبُتُ الْخِطَابُ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ , لقوله تعالى: (لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) . وَقَوْلِهِ: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا) . وَلِقَوْلِهِ: (لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ مُتَعَدِّدٌ , بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ لا يُعَاقِبُ أَحَدًا حَتَّى يُبَلِّغَهُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ. وَمَنْ عَلِمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَآمَنَ بِذَلِكَ , وَلَمْ يَعْلَمْ كَثِيرًا مِمَّا جَاءَ بِهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ اللَّهُ عَلَى مَا لَمْ يَبْلُغْهُ , فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُعَذِّبْهُ عَلَى تَرْكِ الإِيمَانِ بَعْدَ الْبُلُوغِ , فَإِنَّهُ لا يُعَذِّبُهُ عَلَى بَعْضِ شَرَائِطِهِ إلا بَعْدَ الْبَلاغِ أَوْلَى وَأَحْرَى , وَهَذِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ. فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ ظَنُّوا أَنَّ قوله تعالى: (الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ) هُوَ الْحَبْلُ الأَبْيَضُ مِنْ الْحَبْلِ الأَسْوَدِ. فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَرْبِطُ فِي رِجْلِهِ حَبْلا. ثُمَّ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَذَا مِنْ هَذَا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمُرَادَ بَيَاضُ النَّهَارِ , وَسَوَادُ اللَّيْلِ. وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِعَادَةِ اهـ.
وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (4/66) :
" وَقَدْ عَفَا (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) عَمَّنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي نَهَارِ الصَّوْمِ عَمْدًا غَيْرَ نَاسٍ لَمَّا تَأَوَّلَ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الأَسْوَدَ بِالْحَبْلَيْنِ الْمَعْرُوفَيْنِ , فَجَعَلَ يَأْكُلُ حَتَّى تَبَيَّنَا لَهُ وَقَدْ طَلَعَ النَّهَارُ , وَعَفَا لَهُ عَنْ ذَلِكَ , وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَضَاءِ , لِتَأْوِيلِهِ اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن شاب استمنى في رمضان جاهلاً بأنه يفطر وفي حالة غلبت عليه شهوته، فما الحكم؟
فأجاب:
الحكم أنه لا شيء عليه، لأننا قررنا فيما سبق أنه لا يفطر الصائم إلا بثلاثة شروط: العلم، والذكر، والإرادة. راجع السؤال (28023) .
ولكني أقول: إنه يجب على الإنسان أن يصبر عن الاستمناء، لأنه حرام لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ) المؤمنون/5-7.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) .
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أيسر على المكلف، ولأن الإنسان يجد فيه متعة، بخلاف الصوم ففيه مشقة، فلما عدل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصوم، دل هذا على أن الاستمناء ليس بجائز اهـ.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/981) .
والأحوط لك أن تقضي تلك الأيام، واجتهد في تحديد عددها بما يغلب على ظنك.
قال الشيخ ابن باز في "مجموع الفتاوى" (15/304) :
"أما من جامع في نهار رمضان وهو ممن يجب عليه الصيام، لكونه بالغا صحيحا مقيما، جهلا منه، فقد اختلف أهل العلم في شأنه، فقال بعضهم: عليه الكفارة؛ لأنه مفرط في عدم السؤال والتفقه في الدين، وقال آخرون من أهل العلم: لا كفارة عليه من أجل الجهل، وبذلك تعلم أن الأحوط لك هو الكفارة، من أجل تفريطك وعدم سؤالك عما يحرم عليك قبل أن تفعل ما فعلت" اهـ.
فأمره بالكفارة احتياطاً، ووجوب الكفارة هنا لأنه أفطر بالجماع، والكفارة لا تجب بشيء من مفسدات الصيام إلا بالجماع في نهار رمضان، كما تقدم في إجابة السؤال (28023) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3232)
حكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإفطار في قضاء الصوم الواجب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من شرع في صوم واجب كقضاء رمضان أو كفارة اليمين فلا يجوز له الإفطار من غير عذر، كمرض أو سفر.
فإن أفطر -بعذر أو من غير عذر- وجب عليه قضاء هذا اليوم فيصوم يوماً مكانه، ولا كفارة عليه، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع في نهار رمضان. راجع السؤال (49750) .
وإن كان فطره من غير عذر وجب عليه التوبة إلى الله من هذا الفعل المحرم.
قال ابن قدامة (4/412) :
"وَمِنْ دَخَلَ فِي وَاجِبٍ , كَقَضَاءِ رَمَضَان , أَوْ نَذْرٍ، أَوْ صِيَامِ كَفَّارَةٍ ; لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ , وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ" اهـ باختصار.
قال النووي في " المجموع" (6/383) :
"لَوْ جَامَعَ فِي صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ مِنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلا كَفَّارَةَ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ , وَقَالَ قَتَادَةُ: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي إفْسَادِ قَضَاءِ رَمَضَانَ: اهـ.
وانظر: المغني (4/378) .
سئل الشيخ ابن باز (15/355) في مجموع الفتاوى:
كنت في أحد الأيام صائمة صوم قضاء وبعد صلاة الظهر أحسست بالجوع فأكلت وشربت متعمدة غير ناسية ولا جاهلة؛ فما حكم فعلي هذا؟
فأجاب:
" الواجب عليك إكمال الصيام، ولا يجوز الإفطار إذا كان الصوم فريضة كقضاء رمضان وصوم النذر، وعليك التوبة مما فعلت، ومن تاب تاب الله عليه" اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى (20/451) :
سبق أن صمت في السنوات الماضية لقضاء دين علي فأفطرت متعمدة وبعد ذلك قضيت ذلك الصيام بيوم واحد، ولا أدري هل سيُقضى بيوم واحد كما فعلت؟ أم بصيام شهرين متتابعين؟ وهل تلزمني الكفارة؟ أرجو الإفادة.
فأجاب:
" إذا شرع الإنسان في صوم واجب كقضاء رمضان، وكفارة اليمين، وكفارة فدية الحلق في الحج إذا حلق المحرم قبل أن يحل، وما أشبه ذلك من الصيام الواجب، فإنه لا يجوز له أن يقطعه إلا لعذر شرعي، وهكذا كل من شرع في شيء واجب فإنه يلزمه إتمامه، ولا يحل له قطعه إلا بعذر شرعي يبيح قطعه، وهذه المرأة التي شرعت في القضاء ثم أفطرت في يوم من الأيام بلا عذر، وقضت ذلك اليوم، ليس عليها شيء بعد ذلك، لأن القضاء إنما يكون يوماً بيوم، ولكن عليها أن تتوب وتستغفر الله عز وجل لما وقع منها من قطع الصوم الواجب بلا عذر" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3233)
تزعم عدم وجود دليل يوجب على الحائض قضاء الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة بالغة لا تريد قضاء الأيام التي أفطرتها في رمضان بحجة أنه لا يوجد هناك دليل شرعي لا في الكتاب ولا في السنة يوجب قضاء تلك الأيام. أطلب من فضيلتكم موافاتي بدليل من القرآن أو السنة لكي أنصح به تلك الفتاة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وجوب قضاء الصوم على الحائض حكم متفق عليه بين المسلمين، وقد دل عليه السنة الصحيحة والإجماع.
روى البخاري (321) ومسلم (335) واللفظ له عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟! قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ.
قال النووي رحمه الله:
هَذَا الْحُكْم مُتَّفَق عَلَيْهِ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْحَائِض وَالنُّفَسَاء لا تَجِب عَلَيْهِمَا الصَّلاة وَلا الصَّوْم فِي الْحَال , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لا يَجِب عَلَيْهِمَا قَضَاء الصَّلاة , وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِب عَلَيْهِمَا قَضَاء الصَّوْم.
قَالَ الْعُلَمَاء: وَالْفَرْق بَيْنهمَا أَنَّ الصَّلاة كَثِيرَة مُتَكَرِّرَة فَيَشُقّ قَضَاؤُهَا بِخِلَافِ الصَّوْم , فَإِنَّهُ يَجِب فِي السَّنَة مَرَّة وَاحِدَة , وَرُبَّمَا كَانَ الْحَيْض يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ اهـ.
قال الحافظ:
(أَحَرُورِيَّة) الْحَرُورِيّ مَنْسُوب إِلَى حَرُورَاء بَلْدَة عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْكُوفَة.
وَيُقَال لِمَنْ يَعْتَقِد مَذْهَب الْخَوَارِج حَرُورِيّ ; لأَنَّ أَوَّل فِرْقَة مِنْهُمْ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ بِالْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَة فَاشْتُهِرُوا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا , وَهُمْ فِرَقٌ كَثِيرَة , لَكِنْ مِنْ أُصُولهمْ الْمُتَّفَق عَلَيْهَا بَيْنهمْ الأَخْذُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَرَدُّ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَدِيث مُطْلَقًا , وَلِهَذَا اِسْتَفْهَمَتْ عَائِشَة مُعَاذَة اِسْتِفْهَام إِنْكَار اهـ باختصار.
وقال ابن قدامة في المغني (3/39) :
أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لا يَحِلُّ لَهُمَا الصَّوْمُ , وَأَنَّهُمَا يُفْطِرَانِ رَمَضَانَ , وَيَقْضِيَانِ , وَأَنَّهُمَا إذَا صَامَتَا لَمْ يُجْزِئْهُمَا الصَّوْمُ اهـ.
قال النووي في "المجموع" (2/386) :
وَأَجْمَعَتْ الأُمَّةُ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عَلَيْهَا , نَقَلَ الإِجْمَاعَ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَأَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ اهـ.
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (25/219) :
ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ دَمَ الْحَيْضِ يُنَافِي الصَّوْمَ فَلا تَصُومُ الْحَائِضُ لَكِنْ تَقْضِي الصِّيَامَ اهـ.
فهذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إجماع العلماء نقله غير واحد من أهل العلم.
فكيف يقال بعد ذلك: ليس هناك دليل على وجوب قضاء الحائض الصوم!
فعلى هذه المرأة التي أشارت إليها السائلة أن تتوب إلى الله تعالى من هذا القول المنكر، الذي فيه جرأة على شرع الله تعالى وأحكامه، والواجب على من لا يعلم أن يبحث ويسأل أهل العلم، ولا يجوز له أن يقول في دين الله تعالى بغير علم، فإن ذلك من المحرمات، قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33.
وليعلم المسلم أنه مسئول عما يصدر عنه من قول، قال الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق/18.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا البصيرة والفقه في دينه.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3234)
لا حرج من قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت عليّ أيام كثيرة من صيام رمضان بسبب الحمل والولادة الذي صادف أيام رمضان المبارك.. وقد قضيتها ولله الحمد باستثناء آخر سبعة أيام. وقد صمت ثلاثة منها بعد نصف شعبان، وأريد أن أكمل الباقي قبل رمضان.
وقد قرأت على موقعكم أن صيام النصف الثاني لا يجوز إلا للشخص المتعود على الصيام. أفيدوني أفادكم الله حيث إنني أريد أن أعرف هل أتم صيام الأيام التي عليّ أم لا؟ وإذا كان الجواب لا.. فما حكم الأيام الثلاث التي صمتها هل علي قضاؤها مرة أخرى أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا) . رواه أبو داود (3237) والترمذي (738) وابن ماجه (1651) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وهذا النهي يستثنى منه:
1- من له عادة بالصيام، كرجل اعتاد صوم يومي الاثنين والخميس، فإنه يصومها ولو بعد النصف من شعبان ودليل هذا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) رواه البخاري (1914) ومسلم (1082) .
2- من بدأ بالصيام قبل نصف شعبان، فوصل ما بعد النصف بما قبله، فهذا لا يشمله النهي أيضا. ودليل هذا قول عائشة رضي الله عنها (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا) . رواه البخاري (1970) ومسلم (1156) واللفظ لمسلم.
قال النووي:
قَوْلهَا: (كَانَ يَصُوم شَعْبَان كُلّه , كَانَ يَصُومُهُ إِلا قَلِيلا) الثَّانِي تَفْسِيرٌ لِلأَوَّلِ , وَبَيَان أَنَّ قَوْلهَا "كُلّه" أَيْ غَالِبُهُ اهـ.
فهذا الحديث يدل على جواز الصيام بعد نصف شعبان، ولكن لمن وصله بما قبل النصف.
3- ويستثنى من هذا النهي أيضا من يصوم قضاء رمضان.
قال النووي رحمه الله في المجموع (6/399) :
قَالَ أَصْحَابُنَا: لا يَصِحُّ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ رَمَضَانَ بِلا خِلافٍ. . . فَإِنْ صَامَهُ عَنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَجْزَأَهُ، لأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يَصُومَ فِيهِ تَطَوُّعًا لَهُ سَبَبٌ فَالْفَرْضُ أَوْلَى. . وَلأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ , فَقَدْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ ; لأَنَّ وَقْتَ قَضَائِهِ قَدْ ضَاقَ اهـ.
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال ليلة الثلاثين غيم أو غبار أو نحو ذلك، وسمي يوم الشك، لأنه مشكوك فيه، هل هو آخر يوم من شعبان أو أول يوم من رمضان.
وخلاصة الجواب:
لا حرج من قضاء رمضان في النصف الثاني من شعبان، وهذا لا يشمله نهي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصيام إذا انتصف شعبان.
فصيامك الأيام الثلاثة صحيح، وعليك بصيام الأيام المتبقية قبل دخول رمضان.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3235)
الحامل والمرضع تفطران وتقضيان ولا يجزئهما الإطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أنه يجوز للحامل والمرضع ترك الصيام مع الإطعام بدون قضاء , ويستدل له بما ورد عن ابن عمر في ذلك , ما صحة هذا؟ أفيدونا بالدليل بارك الله فيكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم الحامل والمرضع إذا أفطرتا على عدة أقوال:
القول الأول: عليهما القضاء فقط، وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله. وقال به من الصحابة علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
القول الثاني: إن خافتا على أنفسهما فعليهم القضاء فقط، وإن خافتا على ولديهما فعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم، وهو مذهب الإمامين الشافعي وأحمد. وحكاه الجصاص عن ابن عمر رضي الله عنهما.
القول الثالث: عليهما الإطعام فقط، ولا قضاء عليهما. وقال به من الصحابة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وحكاه ابن قدامة في المغني (3/37) عن ابن عمر أيضاً رضي الله عنهما.
روى أبو داود (2318) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ قَالَ كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إِذَا خَافَتَا قَالَ أَبُو دَاوُد يَعْنِي عَلَى أَوْلادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا. قال النووي: إسناده حسن.
وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَزَادَ فِي آخِرِهِ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ لأُمِّ وَلَدٍ لَهُ حُبْلَى: أَنْتَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لا تُطِيقُهُ فَعَلَيْك الْفِدَاءُ , وَلا قَضَاءَ عَلَيْك , وَصَحَّحَ الدَّارَ قُطْنِيُّ إسْنَادَهُ. قاله الحافظ في "التلخيص".
وقد حكى الجصاص في " أحكام القرآن" اختلاف الصحابة في هذه المسألة فقال:
" اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ; فَقَالَ عَلِيٌّ:: عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ إذَا أَفْطَرَتَا وَلا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ بِلا قَضَاءٍ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرُ: عَلَيْهِمَا الْفِدْيَةُ وَالْقَضَاءُ " اهـ.
واستدل من قالوا بأن عليهما القضاء فقط بعدة أدلة:
1- ما رواه النسائي (2274) عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلاةِ، وَالصَّوْمَ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ) . صححه الألباني في صحيح النسائي. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم حكم الحامل والمرضع كالمسافر، والمسافر يفطر ويقضي فكذلك الحامل والمرضع. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص.
2- القياس على المريض، فكما أن المريض يفطر ويقضي فكذلك الحامل والمرضع.
انظر: المغني (3/37) ، "المجموع" (6/273) .
وقد اختار هذا القول جماعة من العلماء.
قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/225) :
"الحامل والمرضع حكمهما حكم المريض، إذا شق عليهما الصوم شرع لهما الفطر، وعليهما القضاء عند القدرة على ذلك، كالمريض، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكفيهما الإطعام عن كل يوم: إطعام مسكين، وهو قول ضعيف مرجوح، والصواب أن عليهما القضاء كالمسافر والمريض؛ لقول الله عز وجل: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/184" اهـ.
وقال أيضا في مجموع الفتاوى (15/227) :
"الصواب في هذا أن على الحامل والمرضع القضاء وما يروى عن ابن عباس وابن عمر أن على الحامل والمرضع الإطعام هو قول مرجوح مخالف للأدلة الشرعية، والله سبحانه يقول: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
والحامل والمرضع تلحقان بالمريض وليستا في حكم الشيخ الكبير العاجز بل هما في حكم المريض فتقضيان إذا استطاعتا ذلك ولو تأخر القضاء " اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10/220) :
" إن خافت الحامل على نفسها أو جنينها من صوم رمضان أفطرت وعليها القضاء فقط، شأنها في ذلك شأن المريض الذي لا يقوى على الصوم أو يخشى منه على نفسه مضرة، قال الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
وكذا المرضع إذا خافت على نفسها إن أرضعت ولدها في رمضان، أو خافت على ولدها إن صامت ولم ترضعه أفطرت وعليها القضاء فقط " اهـ.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" أيضا (10/226) :
" أما الحامل فيجب عليها الصوم حال حملها إلا إذا كانت تخشى من الصوم على نفسها أو جنينها فيرخص لها في الفطر وتقضي بعد أن تضع حملها وتطهر من النفاس. . . ولا يجزئها الإطعام عن الصيام، بل لا بد من الصيام ويكفيها عن الإطعام " اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/220) بعد أن ذكر اختلاف العلماء في حكم المسألة، واختار أن عليهما القضاء فقط، قال:
" وهذا القول أرجح الأقوال عندي، لأن غاية ما يكون أنهما كالمريض والمسافر يلزمهما القضاء فقط " اهـ.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3236)
لا تتذكر هل قضت ما عليها من الصيام أم لا
[السُّؤَالُ]
ـ[في رمضان الماضي أفطرت بسبب العادة الشهرية، وأنا الآن لا أتذكر. هل قضيت أم لا؟ ولكن يغلب على ظني أنني قضيت. ماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يلزمك القضاء، ويكفيك العمل بغلبة الظن.
والعمل بغلبة الظن في العبادات ورد به الشرع، فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ) رواه البخاري (401) ومسلم (572) .
قال النووي:
فِيهِ دَلِيل لِأَبِي حَنِيفَة - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - وَمُوَافِقِيهِ مِنْ أَهْل الْكُوفَة وَغَيْرهمْ مِنْ أَهْل الرَّأْي عَلَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي صَلَاته فِي عَدَد رَكَعَات تَحَرَّى وَبَنَى عَلَى غَالِب ظَنّه , وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَقَلّ وَالْإِتْيَان بِالزِّيَادَةِ وَظَاهِر هَذَا الْحَدِيث - حُجَّة لَهُمْ اهـ.
وصحح شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (23/5-16) أن المراد بالتحري في هذا الحديث العمل بغلبة الظن، وضعف ما قاله بعض العلماء من أن المراد العمل باليقين وهو البناء على الأقل، كما لو شك هل صلى ركعتين أم ثلاثا فيجعلها ركعتين.
وقال الشيخ ابن عثيمين في منظومته في قواعد الفقه وأصوله:
وإن تعذر اليقين فارجعا لغالب الظن تكن متبعاً
والمعنى أن الإنسان إذا لم يمكنه العمل باليقين فإنه يعمل بغلبة الظن.
فإذا كان يغلب على ظنك أنك قضيت فلا شيء عليك، ولا يلزمك قضاء هذه الأيام مرة أخرى.
أما لو شكت المرأة هل قضت ما عليها أم لا؟ ولم يغلب على ظنها أحد الأمرين فإنه يلزمها القضاء.
سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام (ص372) إذا أفطرت المرأة أياما من رمضان ولكنها نسيت: هل صامت تلك الأيام أم لا؟ علما أن كل ما تذكره أنه لم يبق عليها إلا يوم واحد، فهل تعيد صيام تلك الأيام أم تبني على ما تتيقنه؟
فأجاب:
إذا كانت لم تتيقن أن عليها إلا يوما واحدا فإنه لا يلزمها إلا صيام يوم واحد، ولكن إذا كانت تتيقن أن عليها يوما واحدا، ولكنها لا تدري أصامته أم لا؟ وجب عليها أن تصومه، لأن الأصل بقاؤه في ذمتها، وأنها لم تبرئ ذمتها منه فيجب عليها أن تصومه، بخلاف ما إذا شكت: هل عليها صوم يوم أو يومين؟ فإنه لا يلزمها إلا يوم، وأما من علمت أن عليها صوم يوم أو أكثر ولكنها شكت هل صامته أم لا فإنه يجب عليها أن تصومه، لأن الأصل بقاؤه اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3237)
لم تصم ما عليها من قضاء رمضان تسع سنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة كنت ضائعة، والحمد الله اهتديت، ولكن سؤالي بأني قبل كنت أصوم رمضان ولكن الدَّيْن الذي عليَّ لم أصمه لمدة 9 سنوات أي: حوالي 50 يوماً، وأنا لا أستطيع أن أصومها كلها، وأستطيع النصف، والباقي سأتبرع به بمبلغ، هل يجوز؟ وكم يكون المبلغ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الحمد لله الذي أنعم عليك بالهداية، والتوفيق لما يحب ويرضى، وأبشري بمغفرة الله، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن أقبل على الله أقبل الله عليه.
ثانياً:
من أفطر في رمضان لعذر شرعي كالمسافر والمريض والمرأة الحائض فإنه يجب عليه قضاء ما أفطر من الأيام، إذا كان قادراً على الصيام، ولا يجوز له العدول إلى الإطعام وهو يقدر على الصيام، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185. أي: يجب عليه أن يصوم عدد الأيام التي أفطرها.
وعَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ. رواه مسلم (335) .
ثالثاً:
ولا يجب عليك أن تصوميها متتابعة، فلك أن تفرقيها، فتصومي يوماً وتفطري يوماً، أو تصومي عدة أيام متتابعة وتفطري عدة أيام وهكذا.. حسب الأيسر والأسهل لك حتى يوفقك الله وتتمي ما عليك من الصيام.
وعليك البداءة بقضاء رمضان من السنة الفائتة أولاً، حتى لا يدخل رمضان التالي قبل صيامها.
وانظري السؤال رقم (26865) فإنه مهم.
واستعيني بالله تعالى واطلبي منه أن يعينك على عبادته، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) .
وفقك الله لكل خير.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3238)
حكم القول بأن أخلاق الكفّار أفضل من أخلاق المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يقول المسلم أن بعض الكفار أحسن خلقاً من بعض المسلمين؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا قال إن أخلاق الكفار أفضل من أخلاق المسلمين – بهذا الإطلاق - فهذا محرم لا شك في ذلك، بل يستتاب صاحبه، لأن رأس الأخلاق وأهمها الخلق مع الله تعالى، والأدب معه وترك عبادة ما سواه، وهذا متحقق في المسلمين دون الكافرين، كما أن فيه تعميما على كل المسلمين، ولا بد أن يكون منهم من هو قائم بأخلاق الإسلام، وبشرع الله تعالى.
وإن فضل بعض أخلاق الكفار على أخلاق بعض المسلمين، فهذا من الخطأ، إذ يكفي الكفار سوء خلق ما فعلوه مع ربهم جل وعلا وأنبيائه عليهم الصلاة والسلام، فقد سبوا الله تعالى، وادعوا له الولد، وقدحوا في أنبيائه وكذبوهم، فأي خلق يفيدهم مع الناس إذا كانت أخلاقهم مع ربهم جل وعلا من أسوأ الأخلاق.
ثم كيف نرى أخلاق عشرة أو مائة من الكفار، ونحكم عليهم بأن أخلاقهم جيدة، ونسينا أخلاق أكثرهم من اليهود والنصارى، فكم غدروا بالمسلمين، وكم أفسدوا ديارهم، وكم فتنوهم عن دينهم، وكم أضاعوا من ثرواتهم، وكم مكروا وتربصوا وتجبروا وطغوا....
إن خلق بعضهم الجيد لا يساوي شيئا أمام خلق أكثرهم القبيح، فضلا على أن خلقهم هذا لا يقصدون منه نفس الخلق، وإنما يقصدون منه نفع أنفسهم، واستقامة أمورهم الدنيوية، وتحصيل مصالحهم، في أغلب أحوالهم.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن سائل يعقد مقارنة أو موازنة بين العمال من المسلمين وغير المسلمين فيقول: إن غير المسلمين هم من أهل الأمانة، وأستطيع أن أثق فيهم، وطلباتهم قليلة، وأعمالهم ناجحة، أما أولئك فهم على العكس تماما، فما رأيكم سماحة الشيخ؟
فأجاب: " هؤلاء ليسوا بمسلمين على الحقيقة، هؤلاء يدعون الإسلام، أما المسلمون في الحقيقة فهم أولى وأحق وهم أكثر أمانة وأكثر صدقا من الكفار، وهذا الذي قلته غلط لا ينبغي أن تقوله، والكفار إذا صدقوا عندكم وأدوا الأمانة حتى يدركوا مصلحتهم معكم، وحتى يأخذوا الأموال عن إخواننا المسلمين، فهذه لمصلحتهم؛ فهم ما أظهروا هذا لمصلحتكم ولكن لمصلحتهم هم، حتى يأخذوا الأموال وحتى ترغبوا فيهم.
فالواجب عليكم ألا تستقدموا إلا الطيبين من المسلمين؛ وإذا رأيتم مسلمين غير مستقيمين فانصحوهم ووجهوهم فإن استقاموا وإلا فردُّوهم إلى بلادهم واستقدموا غيرهم، وطالبوا الوكيل الذي يختار لكم أن يختار الناس الطيبين المعروفين بالأمانة، المعروفين بالصلاة، المعروفين بالاستقامة؛ لا يستقدم من هبّ ودبّ.
وهذا لا شك أنه من خداع الشيطان، أن يقول لكم: إن هؤلاء الكفار أحسن من المسلمين، أو أكثر أمانة، أو كذا أو كذا؛ كله لما يعلمه عدو الله وجنوده من الشر العظيم في استقدام الكفرة واستخدامهم بدل المسلمين؛ فلهذا يرُغِّب فيهم ويزين لكم استقدامهم حتى تدعوا المسلمين، وحتى تستقدموا أعداء الله، إيثارا للدنيا على الآخرة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد بلغني عن بعضهم أنه يقول: إن المسلمين يصلون ويعطلون الأعمال بالصلاة، والكفار لا يصلون حتى يأتوا بأعمال أكثر، وهذا أيضا من جنس ما قبله، ومن البلاء العظيم؛ أن يعيب المسلمين بالصلاة ويستقدم الكفار لأنهم لا يصلون، فأين الإيمان؟ وأين التقوى؟ وأين خوف الله؟ أن تعيب إخوانك المسلمين بالصلاة! نسأل الله السلامة والعافية. " فتاوى نور على الدرب
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن وصف الكفار بالصدق والأمانة وحسن العمل؟
فأجاب بقوله: هذه الأخلاق إن صحت مع أن فيهم الكذب والغدر والخيانة والسطو أكثر مما يوجد في بعض البلاد الإسلامية وهذا معلوم، لكن إذا صحت هذه فإنها أخلاق يدعو إليها الإسلام، والمسلمون أولى أن يقوموا بها ليكسبوا بذلك حسن الأخلاق مع الأجر والثواب. أما الكفار فإنهم لا يقصدون بها إلا أمرا ماديا فيصدقون في المعاملة لجلب الناس إليهم.
لكن المسلم إذا تخلق بمثل هذه الأمور فهو يريد بالإضافة إلى الأمر المادي أمرا شرعيا وهو تحقيق الإيمان والثواب من الله - عز وجل - وهذا هو الفارق بين المسلم والكافر.
أما ما زعم من الصدق في دول الكفر شرقية كانت أم غربية فهذا إن صح فإنما هو نزر قليل من الخير في جانب كثير من الشر ولو لم يكن من ذلك إلا أنهم أنكروا حق من حقه أعظم الحقوق وهو الله - عز وجل – {إن الشرك لظلم عظيم} . فهؤلاء مهما عملوا من الخير فإنه نزر قليل مغمور في جانب سيئاتهم، وكفرهم، وظلمهم فلا خير فيهم. مجموع الفتاوى 3
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:" ولا يستعان بأهل الذمة في عمالة ولا كتابة لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها، وسئل أحمد في رواية أبي طالب في مثل الخراج فقال: لا يستعان بهم في شيء " الفتاوى الكبرى 5/539
وجاء في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك: " وتفضيل الكافر على المسلم إن كان من حيث الدين فهو ردة وإلا فلا " 2/348
وراجع السؤال رقم (13350) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3239)
كانت لا تقضي الصوم أيام حيضها من سنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تبلغ من العمر خمسين عاما وكانت إذا حاضت في رمضان تفطر أيام حيضها ثم لا تقضي تلك الأيام جهلا منها بوجوب القضاء ثم علمت الآن وجوب القضاء فماذا تفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عليها قضاء تلك الأيام، والأحوط أن تطعم عن كل يوم مسكيناً.
سئل الشيخ ابن باز (15/184)
: " لي أخت مرّ عليها عدة أعوام لم تقض ما أفطرته في العادة الشهرية لسبب جهلها بالحكم سيما أن بعض العاميين قالوا لها ليس عليها قضاء في الإفطار، فماذا عليها؟
عليها أن تستغفر الله وتتوب إليه، وعليها أن تصوم ما أفطرت من أيام وتطعم عن كل يوم مسكيناً كما أفتى بذلك جماعة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو نصف صاع مقداره كيلو ونصف، ولا يسقط عنها ذلك بقول بعض الجاهلات لها أنه لا شيء عليها.
قالت عائشة رضي الله عنه: (كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) . متفق عليه.
فإذا جاء رمضان الثاني قبل أن تقضي أثمت، وعليها القضاء والتوبة وإطعام مسكين عن كل يوم إن كانت قادرة، فإن كانت فقيرة لا تستطيع الإطعام أجزأها الصوم مع التوبة وسقط عنها الإطعام، وإن كانت لا تحصي الأيام التي عليها عملت بالظن، وتصوم الأيام التي تظن أنها أفطرتها من رمضان ويكفيها ذلك، ولقول الله عز وجل: (فاتقوا الله ما استطعتم) " اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/151) عن امرأة كبيرة تبلغ من العمر ستين سنة، وكانت جاهلة أحكام الحيض سنين عديدة مدة حيضها، لم تقض صوم رمضان ظناً منها أنه لا يقضى حسبما سمعت من أفواه العامة. فأجابت:
عليها التوبة إلى الله من ذلك لأنها لم تسأل أهل العلم، وعليها مع ذلك القضاء فتقضي ما تركته من الصيام حسب غلبة ظنها في عدد الأيام وتكفّر عن كل يوم تركته بإطعام مسكين نصف صام من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك من قوت البلد إذا استطاعت الإطعام فإن كانت لا تستطيع الإطعام سقط عنها وكفاها قضاء الصوم. اهـ.
ولمعرفة حكم الإطعام يراجع السؤال رقم: (26865) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3240)
هل يبدأ بالست من شوال قبل القضاء إذا كان باقي الأيام لا يكفي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام الست من شوال قبل قضاء ما أفطر من رمضان إذا كان ما تبقى من الشهر لا يكفي لصومهما معا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صيام ست من شوال متعلق بإتمام صيام رمضان على الصحيح، ويدل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) ، رواه مسلم (1164)
فقوله " ثم " حرف عطف يدل على الترتيب والتعقيب، فيدل على أنه لا بد من إتمام صيام رمضان أولا (أداءً وقضاءً) ، ثم يكون بعده صيام ست من شوال، حتى يتحقق الأجر الوارد في الحديث.
ولأن الذي عليه قضاء من رمضان يقال عنه: صام بعض رمضان، ولا يقال صام رمضان.
لكن إذا حصل للإنسان عذر منعه من صيام ست من شوال في شوال بسبب القضاء، كأن تكون المرأة نفساء وتقضي كل شوال عن رمضان، فإن لها أن تصوم ستا من شوال في ذي القعدة، لأنها معذورة، وهكذا كل من كان له عذر فإنه يشرع له قضاء ست من شوال في ذي القعدة بعد قضاء رمضان، أما من خرج شهر شوال من غير أن يصومها بلا عذر فلا يحصل له هذا الأجر.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عما إذا كان على المرأة دين من رمضان فهل يجوز أن تقدم الست على الدين أم الدين على الست؟
فأجاب بقوله: " إذا كان على المرأة قضاء من رمضان فإنها لا تصوم الستة أيام من شوال إلا بعد القضاء، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال) ومن عليها قضاء من رمضان لم تكن صامت رمضان فلا يحصل لها ثواب الأيام الست إلا بعد أن تنتهي من القضاء، فلو فرض أن القضاء استوعب جميع شوال، مثل أن تكون امرأة نفساء ولم تصم يوما من رمضان، ثم شرعت في قضاء الصوم في شوال ولم تنته إلا بعد دخول شهر ذي القعدة فإنها تصوم الأيام الستة، ويكون لها أجر من صامها في شوال، لأن تأخيرها هنا للضرورة وهو (أي صيامها للست في شوال) متعذر، فصار لها الأجر. " انتهى مجموع الفتاوى 20/19، راجع الأسئلة (4082) ، (7863)
يضاف إلى ذلك أن القضاء واجب في ذمة من أفطر لعذر بل هو جزء من هذا الركن من أركان الإسلام وعليه فتكون المبادرة إلى القيام به وإبراء الذمة منه مقدمة على فعل المستحب من حيث العموم. راجع السؤال (23429) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3241)
من أفطر في قضاء رمضان فليس عليه إلا صوم يوم واحد فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة كانت تقضى يوم من الأيام أفطرت فيها من رمضان بسبب الحيض، فجاءتها العادة الشهرية في هذا اليوم التي تقضيه هل تقضى يوم واحد أم يومان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يلزمها إلا قضاء الأيام التي أفطرتها من رمضان، فإن هذا القضاء الذي جاءها الحيض فيه، إنما هو بدل عما أفطرته في رمضان، وليس صياما واجبا متجددا.
قال ابن حزم في المحلى (6/271) : " ومن أفطر عامدا في قضاء رمضان فليس عليه إلا قضاء يوم واحد فقط، لأن إيجاب القضاء إيجاب شرع لم يأذن به الله تعالى. وقد صح أنه عليه السلام قضى ذلك اليوم من رمضان فلا يجوز أن يزاد عليه غيره بغير نص ولا إجماع ".. وعن بعض السلف عليه قضاء يومين، يوم رمضان ويوم القضاء " اهـ
وقال في التاج والإكليل:" من أفطر في قضاء رمضان فإنما يقضي يوما واحدا " 3/387
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3242)
هل تلزم الكفارة مع القضاء فيمن أخره بلا عذر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة فاتني قضاء ما علي من صوم لبعض الأيام في السنوات الماضية من عمري فهل يجوز القضاء بالصوم فقط أم الصوم والكفارة وإذا كانت كفارة فما مقدارها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للإنسان أن يؤخر قضاء ما عليه من رمضان بلا عذر حتى يدخل رمضان آخر، فإن فعل ذلك لحقه الإثم، واختلف العلماء هل يلزمه مع القضاء كفارة بسبب هذا التأخير أم لا
والنصيحة للأخت السائلة أن تحرص على قضاء ما عليها من أيام أولا بأول، حتى لا تتراكم عليها العبادات، وتصبح ذمتها مشغولة، ثم يصعب عليها حينئذ القضاء.
وبخصوص مسألة الكفارة، فقد سبق بيان خلاف العلماء في هذه المسألة في السؤال رقم (26865، 21710)
ومن السؤالين السابقين تعلمين أنه لا يجب عليك كفارة مع القضاء على القول الراجح، وإنما عليك التوبة إلى الله عز وجل، والعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك، وإذا أخرجت الكفارة مع القضاء احتياطاً فلا بأس ومقدار الكفارة إطعام مسكين عن كل يوم من أيام القضاء.
راجع السؤال رقم: (43268) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3243)
من أفطر في يوم القضاء فهل يصوم ثلاثة أيام؟ !!
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت في يوم قضاء بدون عذر، ما الواجب سمعت البعض يقول إنني أصوم ثلاثة أيام بعده.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قضاء رمضان من الصيام الواجب، الذي لا يجوز للإنسان أن يبطله إلا لعذر شرعي، فإذا دخل الإنسان في صوم قضاء، فإنه يلزمه أن يتمه.
راجع السؤال (39752) (39991)
وإذا أفطر في قضاء رمضان فإنه يلزمه قضاء ذلك اليوم. وإن كان فطره من غير عذر فإنه يلزمه مع القضاء التوبة إلى الله تعالى من هذه المعصية.
أما ما ذكرته من صيام ثلاثة أيام بدلا عنه فهذا لا أصل له.
وإنما قال بعض العلماء: عليه يوم يومين، يوم رمضان ويوم القضاء.
والصحيح أنه ليس عليه إلا صوم يوم واحد فقط.
قال ابن حزم في المحلى (6/271) : " ومن أفطر عامدا في قضاء رمضان فليس عليه إلا قضاء يوم واحد فقط، لأن إيجاب القضاء إيجاب شرع لم يأذن به الله تعالى. وقد صح أنه عليه السلام قضى ذلك اليوم من رمضان فلا يجوز أن يزاد عليه غيره بغير نص ولا إجماع " اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3244)
لا يصح جمع قضاء رمضان مع ست شوال بنية واحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصوم الستة أيام من شوال بنفس النية بقضاء الأيام التي أفطرت فيها في رمضان بسبب الحيض؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يصح ذلك، لأن صيام ستة أيام من شوال لا تكون إلا بعد صيام رمضان كاملاً.
قال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (438) :
"من صام يوم عرفة، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه صحيح، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة، وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء، هذا بالنسبة لصوم التطوع المطلق الذي لا يرتبط برمضان، أما صيام ستة أيام من شوال فإنها مرتبطة برمضان ولا تكون إلا بعد قضائه، فلو صامها قبل القضاء لم يحصل على أجرها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر) ومعلوم أن من عليه قضاء فإنه لا يعد صائماً رمضان حتى يكمل القضاء" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3245)
لا يجوز إخراج نقود بدلا من الإطعام في فدية الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل كبير مريض لا يستطيع الصوم فهل يجزيء إخراج النقود عن الإطعام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" يجب علينا أن نعلم قاعدة مهمة، وهي أن ما ذكره الله عز وجل بلفظ الإطعام أو الطعام وجب أن يكون طعاماً، وقد قال تعالى في الصوم: (وَعَلَى ?لَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) وقال في كفارة اليمين: (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذ?لِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَ?حْفَظُو?اْ أَيْمَا?نَكُمْ كَذ?لِكَ يُبَيِّنُ ?للَّهُ لَكُمْءَايَـ?تِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
وفي زكاة الفطر: فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من طعام، فما ذكر في النصوص بلفظ الطعام أو الإطعام فإنه لا يجزىء عنه الدراهم.
وعلى هذا فالكبير الذي كان فرضه الإطعام بدلاً عن الصوم لا يجزىء أن يخرج بدلاً عنه دراهم، لو أخرج بقدر قيمة الطعام عشر مرات لم يجزئه؛ لأنه عدول عما جاء به النص، كذلك الفطرة لو أخرج قدر قيمتها عشر مرات لم يجزىء عن صاع من الحنطة؛ لأن القيمة غير منصوص عليها. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) .
وعلى هذا فنقول للأخ الذي لا يستطيع الصوم لكبره: أطعم عن كل يوم مسكيناً، ولك في الإطعام صفتان:
الصفة الأولى: أن توزع عليهم في بيوتهم تعطي كل واحد ربع الصاع المعروف من الرز وتجعل معه ما يؤدمه.
الصفة الثانية: أن تصنع طعاماً وتدعو إليه عدد المساكين الذين يجب أن تطعمهم، يعني يمكن إذا مضى عشرة أيام تصنع عشاء وتدعو عشرة من الفقراء يأكلون، وكذلك في العشر الثانية، والعشر الثالثة، كما كان أنس بن مالك رضي الله عنه حين كبر وصار لا يستطيع الصوم يطعم ثلاثين فقيراً في آخر يوم من رمضان " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/116) .(5/3246)
صامت أيام الحيض جهلاَ فماذا عليها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد صمت كل رمضان ولم أكن أعرف أن أيام الدورة لا تصام ولا أنه يجب قضاؤها بعد ذلك وأريد القضاء عن تلك الأيام بالصوم وإطعام مسكين عن كل يوم ولكنى لا أعرف أشخاصا محددين مساكين لكي أطعمهم فهل يجوز التبرع لأي جهة كالأيتام أو الجوامع بدلا من ذلك وكم يكون كفارة كل يوم بالجنيهات المصرية؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أجمع العلماء على أن الحائض لا يجب عليها الصيام، ولا يصح منها إن صامت. وأن عليها قضاء الأيام التي أفطرتها من رمضان بسبب الحيض.
راجع السؤال رقم (33594) .
فالواجب عليك هو قضاء تلك الأيام، مع التوبة إلى الله تعالى من تقصيرك في طلب العلم الذي أدى بك إلى الوقوع في هذا الفعل المحرم.
وإذا كان قضاؤك لهذه الأيام سيكون في نفس العام قبل أن يأتي رمضان آخر، فليس عليك إلا القضاء فقط، ولا إطعام عليك.
وإن كنت أخرت القضاء بدون عذر حتى دخل رمضان آخر فاختلف العلماء هل يجب مع القضاء إطعام أم لا؟
وسبق في إجابة السؤال (26865) أنه لا يجب الإطعام.
وإذا أردت الأخذ بالأحوط وأطعمت مع القضاء كان ذلك حسناً.
والمراد بالإطعام أن تطعمي عن كل يوم مسكيناً، نصف صاع من قوت البلد كالأرز والتمر. وقد قَدَّره الشيخ ابن باز بكيلو ونصف من الأرز على سبيل التقريب. "فتاوى رمضان" (ص 545) .
وجمهور العلماء على أنه لا تجزيء القيمة في الفدية المخرجة في الصيام، فليس لك أن تخرجيها نقودا، وإنما تُخرج طعاما للمساكين، كما سبق.
سئلت اللجنة الدائمة عن رجل كبير في السن لا يستطيع الصيام، فأجابت:
يرخص لك في الإفطار ما دمت على حالك من العجز، وعليك عن كل يوم أفطرته إطعام مسكين، ولك أن تخرجها مجموعة، ولك أن توزعها متفرقة، لقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج / 78. ولا يجزئك إعطاء النقود بدلاً من الإطعام اهـ. " فتاوى اللجنة الدائمة " (10/163) .
ولك أن تدفعي المال لإحدى الجمعيات الخيرية، أو لإمام مسجد معروف بالديانة والاستقامة، لينوب عنك في شراء الطعام وتوزيعه على المساكين، وما أكثرهم في هذه الأيام.
ولك أن تصنعي طعاما يأكله مساكين بقدر ما عليك من الأيام، قال البخاري: وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام فقد أطعم أنس بعد ما كبر عاما أو عامين كل يوم مسكينا خبزا ولحما وأفطر اهـ.
ويجوز إخراج هذه الكفارة للأيتام إن كانوا فقراء؛ إذ ليس كل يتيم فقيرا أو مسكينا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3247)
يجوز صيام اليوم الثاني من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام القضاء في ثاني أيام العيد أو ثالث أيام العيد؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عيد الفطر هو يوم واحد فقط، وهو اليوم الأول من شوال.
وأما ما اشتهر عند الناس من أن عيد الفطر ثلاثة أيام، فهذا مجرد عرف اشتهر بين الناس لا يترتب عليه حكم شرعي.
قال البخاري رحمه الله
بَاب صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ
ثم روى (1992) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَالنَّحْرِ.
فعلى هذا فيوم الفطر يوم واحد فقط، وهو الذي يحرم صومه، أما اليوم الثاني أو الثالث من شوال فلا يحرم صومهما، فيجوز صومهما عن قضاء رمضان أو تطوعاً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3248)
الصيام بنية القضاء والتطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام التطوع بنيتين نية قضاء ما فاته من رمضان ونية سنة؟ وما حكم الصوم بالنسبة للمسافر والمريض؟ إذا كانا قادرين على الصيام فهل يقبل منهما أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز صيام التطوع بنيتين، نية القضاء ونية السنة.
والأفضل للمسافر سفر قصر أن يفطر، ولكنه لو صام أجزأه، والأفضل لمن يشق عليه الصوم مشقة فادحة لمرضه أن يفطر، وإن علم أو غلب على ظنه أنه يصيبه ضرر أو هلاك بصومه وجب عليه الفطر؛ دفعاً للحرج والضرر، وعلى كل من المسافر والمريض قضاء صيام ما أفطره من أيام رمضان في أيام أخر، ولكنه لو صام مع الحرج أجزأه.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/383)(5/3249)
خرج منها شيء بعد الفحص الطبي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة أن تتطهر بعد أن يجرى عليها اختبار المسحة أو غيرها من الفحوصات الأخرى المتعلقة بأمراض النساء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لم يتضح ما هو اختبار المسحة. لكن إن كانت هناك فحوصات طبية تضطرها إلى أن يكون ذلك عن طريق الفرج كعلاج الرحم ونحوه، فإن خرج في أثناء ذلك شيء من الرحم أو المهبل إما دم أو سائل ونحوه فعليها أن تتطهر الطهارة الصغرى (الوضوء) ، أما إذا تبيّن أن الدم الخارج دم حيض كأن يكون وافق الدورة فعليها الاغتسال.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميد(5/3250)
هل تبدأ المرأة بقضاء رمضان أو بستّ شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لصيام ستة من أيام شوال بعد يوم العيد، هل للمرأة أن تبدأ بصيام الأيام التي فاتتها بسبب الحيض ثم تتبعها بالأيام الستة أم ماذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أرادت الأجر الوارد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ. " رواه مسلم رقم 1984 فعليها أن تتمّ صيام رمضان أولا ثم تتبعه بست من شوال لينطبق عليها الحديث وتنال الأجر المذكور فيه.
أمّا من جهة الجواز فإنه يجوز لها أن تؤخرّ القضاء بحيث تتمكن منه قبل دخول رمضان التالي.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3251)
هل يشرع في صيام الست وعليه قضاء من رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من صام ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان إلا أنه لم يكمل صوم رمضان، حيث قد أفطر من شهر رمضان عشرة أيام بعذر شرعي، هل يثبت له ثواب من أكمل صيام رمضان وأتبعه ستاً من شوال، وكان كمن صام الدهر كله؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً..]ـ
[الْجَوَابُ]
تقدير ثواب الأعمال التي يعملها العباد لله هو من اختصاص الله جل وعلا، والعبد إذا التمس الأجر من الله جل وعلا واجتهد في طاعته فإنه لا يضيع أجره، كما قال تعالى: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً) ، والذي ينبغي لمن كان عليه شيء من أيام رمضان أن يصومها أولا ثم يصوم ستة أيام من شوال؛ لأنه لا يتحقق له اتباع صيام رمضان لست من شوال إلا إذا كان قد أكمل صيامه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الجنة الدائمة 10/392.(5/3252)
حصل له مشقة في صيام النفل، فهل الأفضل أن يصوم أو يفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأولى في صيام النفل عند وجود المشقة الإفطار أو إتمام الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"صوم النفل صاحبه بالخيار بين إتمامه أو قطعه، وإتمامه أفضل، إلا إذا كان هناك مشقة في إتمامه؛ فقطعه أفضل أخذاً بالتيسير.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/299) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/299)(5/3253)
حكم الدعوة إلى صيام جماعي في يوم معين والدعاء فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعوة إلى صيام جماعي في يوم معين، والدعاء فيه جماعياً بدعاء معين (محدد ماذا يُقال في الدعاء) ، وفي وقت معين (كأن يقال: ندعو جميعاً في الساعة كذا بتوقيت مكة المكرمة) لنصرة إخوة مسلمين في فلسطين، أو غيرها من بلاد المسلمين، ويُطلب نشر وتوزيع هذه الدعوة سواء بالجوال أو الإنترنت.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كانت الأزمات تمر بالمسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن بعدهم، ولم يكونوا يتواعدون يوماً يصومون فيه، ويدعون فيه في وقت محدد بدعاء محدد، فعلم بذلك أن هذا الفعل بدعة، ولو كان خيراً لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ما حكم الصيام الجماعي والاتفاق على الإفطار سواء كان في رمضان أو الاثنين والخميس؟
فأجاب:
"لا، أهم شيء الاتفاق على الصيام، نحن نرى أن هذا مبدأ لم يكن عليه الصحابة أنهم يتواعدون أن يصوموا الاثنين والخميس وما أشبه ذلك، ويخشى أن تتطور المسألة حتى يرتقي إلى ما هو أشد، ثم نشبه أهل التصوف الذين يتفقون على ذكر معين يفعلونه جماعة، فلذلك يقال للشباب: من صام غداً فسيكون الإفطار عند فلان مثلاً، هذا لا بأس به، لكن الاتفاق على صوم يومٍ معين هذا ليس من هدي الصحابة، ثم كون الإنسان يعوّد نفسه أنه لا يصوم إلا إذا صام معه غيره، هذا يُعَدُّ مشكلة، فكون الإنسان يصوم من طوع نفسه سواء كان معه غيره أو لا، هذا هو الذي عليه السلف الصالح" انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (174/29) .
وسئل أيضاً عن قوم في شهر رمضان المبارك يجتمعون على قراءة بعض الأذكار والمأثورات، وذلك قبل موعد الإفطار وبصورة جماعية هل يجوز لنا ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
"لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب يوم الجمعة تحمرّ عيناه ويعلو صوته ويشتدّ غضبه فيقول: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار) ولم يكن صلى الله عليه وآله وسلم عند الإفطار يجتمع إليه الناس حتى يذكروا الله عز وجل أو يدعوا الله عز وجل بصوت مرتفع جماعي، وإنما كان الإنسان يفطر مع أهله، ويدعو كل واحد منهم لنفسه بدعاء خفي بينه وبين ربه، وإذا لم تكن هذه العادة التي أشار إليها السائل معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنها تكون من البدع التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبَيَّن أن كل بدعة ضلالة وأن كل ضلالة في النار" انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (212/6-7) .
وسئل الشيخ عبد الرحمن السحيم:
في الفترة الماضية كانت دائما تصلنا رسائل على البريد الإلكتروني يطلبون منا صيام يوم معين والصلاة والقيام في ذلك اليوم من أجل نصرة إخوتنا في فلسطين، من باب الحث على الدعاء والتواصي بالحق.
فهل هذا بدعة؟ أن نتفق مجموعة كل منا يقوم في بيته في ليلة معيّنة ندعو بما ورد في الكتاب والسنة؟
فأجاب:
"أما أن يُعمل العمل الصالح من أجل نصرة إخواننا في فلسطين، فأظن أن أصل هذه البدعة جاءت من بلاد النصارى.
وقد قُتِل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سبعون من القرّاء ومع ذلك ما حُفظ أنه صلى الله عليه وسلم صام لأجلهم أو صلّى، وإنما دعا الله عز وجل كما في الصحيحين.
كما أنه صلى الله عليه وسلم بعث الجيش يوم مؤتة وعلِم بمقتل أصحابه ولم يُنقل عنه من ذلك شيء.
وإنما كان مِن هديه لى الله عليه وسلم أنه يدعو ويجتهد في الدعاء.
كذلك اجتهاده صلى الله عليه وسلم في الدعاء يوم بدر.
وكذلك الدعاء من على منابر الجمعة يُذكّر الخطباء بذلك.
وأما الاتفاق على قيام ليلة معيّنة فإن هذا ليس له أصل في الشرع.
إلا أن يقوم شخص فيقوم بقيامه شخص أو أشخاص دون سابق موعد أو اتفاق مسبق.
فقد صلّى النبي صلى الله عليه وسلم وصلّى بصلاته ابن عمه ابن عباس رضي الله عنهما،
كما أنه عليه الصلاة والسلام صلّى مرّة وصلّى بصلاته حذيفة رضي الله عنه.
ومرة اقتدى به ابن مسعود رضي الله عنه.
وكل هذا دون اتفاق، ودون سابق موعد.
ومثله ما إذا قام الرجل يُصلّي وقام معه من قام من أولاده.
أو نام عند الإنسان رجل صالح فقام من الليل فإنه يجوز حينئذ الاقتداء به.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام دون بقية الليالي خشية أن يظن ظانّ أن لها مزية على غيرها.
ولا أرى أن هناك حاجة للاتفاق على قيام ليلة معينة، بل كل منكن تُوصي صاحبتها أن تقوم الليل وتجتهد في الدعاء للمستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها " انتهى بتصرف يسير من موقع المشكاة.
فالذي يظهر لنا أن هذه الدعوة غير مشروعة، ولا ينبغي المشاركة فيها ولا الدعوة إليها.
والمطلوب من المسلم أن يدعو الله لإخوانه المسلمين في كل مكان، من غير أن يحدد ذلك بوقت محدد، أو يصوم من أجل ذلك.
نسأل الله تعالى أن ينجي المستضعفين من المؤمنين، وأن يهلك الظالمين المعتدين.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3254)
صيام النذر مقدم على صيام الست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث أن أصبت بمرض ونذرت إن شفيت منه أن أصوم خمسة عشر يوماً لله عز وجل ولم أحدد في أي وقت، وقد شفيت والحمد لله وبدأت الصيام في شهر رجب، وصمت خمسة أيام وتعبت، ثم صمت خمسة أيام في شعبان وتعبت، ثم جاء رمضان، فصمته، ونحن الآن في شهر شوال. فهل الأولى أن أصوم الست من شوال أو أصوم الخمسة الأيام المتبقية من النذر؟ أفيدوني بارك الله فيكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"عليك أولاً أن تصومي بقية النذر، ثم تصومي الستة من شوال إذا تمكنت من ذلك، وإن تركتيها فلا بأس، لأن الصوم للستة من شوال مستحب وليس بواجب. أما صوم النذر فهو واجب فريضة فالواجب عليك أن تبدئي بالفريضة قبل النافلة، وإذا كنت قد نويت التتابع؛ أنك تصومين خمسة عشر يوماً متتابعة فلابد أن تصوميها متتابعة، ولا يجوز تفريقها بل عليك أن تصوميها متتابعة، والصوم السابق يلغى.
أما إذا نويت صيامها غير متتابعة فقد وجب عليك الباقي وهي خمسة أيام تصومينهن إن شاء الله وانتهى الأمر.
ولا ينبغي أن تنذري بعد ذلك، فالنذر لا ينبغي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَنْذِرُوا، فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ شَيْئًا مِنْ الْقَدَرِ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ) .
فلا ينبغي النذر لا للمريض ولا غير المريض، ولكن متى نذر الإنسان طاعة لله وجب عليه الوفاء كالصوم والصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ) رواه البخاري في الصحيح.
فإذا نذر الإنسان صوم أيام معدودة، أو صلاة ركعتين، أو صدقة بكذا من المال لزمه أن يوفي بما نذر من الطاعات؛ لأن الله مدح المؤمنين فقال: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) الإنسان/7.
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالوفاء كما في الحديث السابق، فالنذر ليس هو سبباً للبرء، وليس سببا لحصول الحاجة المطلوبة، فلا حاجة إليه، ولكنه شيء يكلف الإنسان به نفسه، ويستخرج به من البخيل، ثم بعد ذلك يندم ويقع في الحرج ويود أنه لم ينذر، فالشريعة بحمد الله جاءت بما هو أرفق وأنفع للناس وهو النهي عن النذر" انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1261)(5/3255)
لماذا يستحب الفقهاء صيام الحادي عشر مع يوم عاشوراء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت جميع الأحاديث عن يوم عاشوراء، ولم أجد في أحدها أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى صيام يوم الحادي عشر لمخالفة اليهود، وإنما قال: (لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع والعاشر) مخالفة لليهود. كما أنه صلى الله عليه وسلم لم يوجّه أصحابه لصيام يوم الحادي عشر، وعليه: أفلا يكون بدعة أن نفعل ما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه؟ وهل من فاته صيام التاسع يكتفي بصيام العاشر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استحب العلماء صيام اليوم الحادي عشر من المحرم لأنه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بصيامه، وذلك فيما رواه أحمد (2155) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَخَالِفُوا فِيهِ الْيَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا) .
وقد اختلف العلماء في صحة هذا الحديث، فحسنه الشيخ أحمد شاكر، وضعفه محققو المسند.
ورواه ابن خزيمة (2095) بهذا اللفظ، وقال الألباني: "إسناده ضعيف، لسوء حفظ ابن أبي ليلى، وخالفه عطاء وغيره فرواه عن ابن عباس موقوفاً، وسنده صحيح عند الطحاوي والبيهقي" انتهى.
فإن كان الحديث حسناً فهو حسن، وإن كان ضعيفاً، فالحديث الضعيف في مثل هذا يتسامح فيه العلماء، لأن ضعفه يسير، فليس هو مكذوباً أو موضوعاً، ولأنه في فضائل الأعمال، لا سيما وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب في الصيام من شهر المحرم، حتى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ) رواه مسلم (1163) .
وقد روى البيهقي هذا الحديث في "السنن الكبرى" باللفظ السابق، وفي رواية أخرى بلفظ: (صوموا قبله يوماً وبعده يوماً) بالواو بدلاً من "أو".
وأورده الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" (2225) بلفظ: (صوموا قبله يوماً وبعده يوماً) وقال: "رواه أحمد والبيهقي بسند ضعيف، لضعف محمد بن أبي ليلى، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه عليه صالح بن أبي صالح بن حي" انتهى.
فتفيد هذه الرواية استحباب صيام التاسع والعاشر والحادي عشر.
وقد ذكر بعض العلماء سبباً آخر لاستحباب صيام اليوم الحادي عشر، وهو الاحتياط لليوم العاشر، فقد يخطئ الناس في هلال محرم، فلا يُدرى أي يوم بالضبط هو اليوم العاشر، فإذا صام المسلم التاسع والعاشر والحادي عشر فقد تحقق من صيام عاشوراء، وقد روى ابن أبي شيبة في " المصنف " (2/313) عن طاوس رحمه الله أنه كان يصوم قبله وبعده يوما مخافة أن يفوته.
وقال الإمام أحمد: "من أراد أن يصوم عاشوراء صام التاسع والعاشر إلا أن تشكل الشهور فيصوم ثلاثة أيام، ابن سيرين يقول ذلك" انتهى.
" المغني " (4/441) .
فتبين بهذا أنه لا يصح وصف صيام الأيام الثلاثة بأنه بدعة.
وأما من فاته صيام اليوم التاسع، فإن صام العاشر وحده، فلا حرج في ذلك، ولا يكون ذلك مكروهاً، وإن ضم إليه صيام الحادي عشر فهو أفضل.
قال المرداوي في "الإنصاف" (3/346) :
"لا يكره إفراد العاشر بالصيام على الصحيح من المذهب، ووافق الشيخ تقي الدين [ابن تيمية] أنه لا يكره" انتهى باختصار.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3256)
الجمع بين قضاء رمضان وصوم عاشوراء أو عرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنني أن أصوم صوم سُنَّة بنية قضاء أيام كانت عليّ في رمضان؟ وكذلك بنية التطوع (مثل يوم عاشوراء) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المسألة تعرف عند أهل العلم بمسألة التشريك أو التداخل بين العبادات، ولها صور كثيرة، منها هذه الصورة، وهي الجمع بين الواجب والمستحب بنية واحدة، فمن نوى المستحب لم يجزه عن الواجب، فمن صام بنية عاشوراء لم يجزه عن قضاء رمضان، ومن نوى قضاء رمضان وأوقعه في يوم عاشوراء، صح قضاؤه، ويُرجى أن ينال ثواب عاشوراء عند بعض أهل العلم.
قال الرملي رحمه الله في "نهاية المحتاج" (3/208) : " ولو صام في شوال قضاءً أو نذرا أو غيرهما أو في نحو يوم عاشوراء حصل له ثواب تطوعها، كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى تبعا للبارزي والأصفوني والناشري والفقيه علي بن صالح الحضرمي وغيرهم، لكن لا يحصل له الثواب الكامل المرتب على المطلوب، لا سيما من فاته رمضان وصام عنه شوالاً" انتهى. ومثله في "مغني المحتاج" (2/184) ، "حواشي تحفة المحتاج" (3/457) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (438) : "من صام يوم عرفة، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه صحيح، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء
رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة، وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء، هذا بالنسبة لصوم التطوع المطلق الذي لا يرتبط برمضان، أما صيام ستة أيام من شوال فإنها مرتبطة برمضان ولا تكون إلا بعد قضائه، فلو صامها قبل القضاء لم يحصل على أجرها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر) ومعلوم أن من عليه قضاء فإنه لا يعد صائماً رمضان حتى يكمل القضاء " انتهى.
وينبغي أن يبادر الإنسان بقضاء ما عليه، فهذا أولى من فعل التطوع، لكن إن ضاق عليه الوقت ولم يتمكن من قضاء جميع ما عليه وخاف أن يفوته صوم يومٍ فاضلٍ كعاشوراء أو يوم عرفة، فليصم بنية القضاء، ولعله ينال ثواب عاشوراء وعرفة أيضا؛ فإن فضل الله واسع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3257)
هل يحتسب صيام كفارة اليمين من الستة أيام من شوال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال فيما يخص القسم بالله، وهو أنني أقسمت بالله على أن لا أذهب إلى المكان الفلاني، ولكن بعد أسبوع من ذلك ذهبت إلى ذلك المكان، وقررت أن أصوم ثلاثة أيام في الست من الشوال، هل تعتبر كفارة عن اليمين أو ماذا؟ . وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ننبه الأخ السائل إلى أمور مهمة قبل الإجابة عن عين مسألته:
1. الأصل في المسلم أن يحفظ يمينه من إلقائها هنا وهناك على أمور لا تستحق أن يكون معها القسم بالله تعالى، قال تعالى: (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) المائدة/ من الآية89.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
الأصل: أنه لا ينبغي إكثار اليمين؛ لقول الله تعالى (وَاحْفَظُوْا أَيْمَانَكُمْ) ، قال بعض العلماء في تفسيرها: أي: لا تكثروا الأيمان، ولا شك أن هذا أولى، وأسلمُ للإنسان، وأبرأُ لذمته.
" الشرح الممتع " (15 / 117) .
2. أن المكان الذي أقسمتَ على عدم الذهاب إليه: إن مكاناً محرَّماً لا يحل لك الذهاب إليه في شرع الله تعالى: وجب عليك الوفاء بيمينك، وعدم الذهاب، وإن كان الذهاب واجباً – كصلة رحِم أو زيارة قريب: وجب عليك الحنث في يمينك إن كان ذهابك واجباً، واستُحب لك الحنث إن كان الذهاب مستحبّاً، وإن كان الذهاب إلى ذلك المكان مباحاً: فانظر الخير لدينك ودنياك، والأتقى لربك تعالى، وافعله، فإن كان الذهاب خيراً وأتقى: فاذهب وكفِّر عن يمينك، وإلا فابق على منع نفسك من الذهاب إليه.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ) .
رواه البخاري (6343) ومسلم (1652) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلْ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ) .
رواه مسلم (1650) .
وفي " الموسوعة الفقهية " (8 / 63) :
برُّ اليمين معناه: أن يصدق في يمينه , فيأتي بما حلف عليه، قال الله تعالى: (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون) .
وهو واجب في الحلف على فعل الواجب، أو ترك الحرام , فيكون يمين طاعة يجب البر به بالتزام ما حلف عليه , ويحرم عليه الحنث فيه.
أما إن حلف على ترك واجب أو فعل محرم: فهو يمين معصية، يجب الحنث فيه.
فإن حلف على فعل نفل , كصلاة تطوع، أو صدقة تطوع: فالتزام اليمين مندوب , ومخالفته مكروهة.
فإن حلف على ترك نفل: فاليمين مكروهة , والإقامة عليها مكروهة , والسنَّة أن يحنث فيها، وإن كانت على فعل مباح: فالحنث بها مباح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير , وكفر عن يمينك) .
انتهى.
3. قرارك في أنك ستصوم ثلاثة أيام مقابل الحنث في يمينك: لا يجوز إلا إن كنتَ عاجزاً عن إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد: صام ثلاثة أيام، قال الله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ
بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا
تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا
حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة/ 89.
وانظر السؤال (45676) .
ثانياً:
أما بخصوص سؤالك عن جعل صيام كفارة اليمين في شوال، واحتسابها من الأيام الستة منه، الوارد في فضل صومه مع رمضان أنه كصيام الدهر فرضاً: فنقول: إنه إن ترتب في ذمتك الصيام لعجزك عن الإطعام والكسوة: فلا تحسبها من الأيام الستة من شوال، ولا يجوز التشريك بين نية واجبة، ونية نفل، وصيام الكفارة مخصوص يحتاج لنية مستقلة، كما هو الحال في صيام الأيام الستة من شوال، وعليه: فصيامك للأيام الثلاثة كفارةً ليمينك لا تُحسب من صيام الأيام الستة من شوال.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
هل صوم ستة من شوال، ويوم عاشوراء، ويوم عرفة، هل يجزئ عن الأيمان، وقد عجز المرء على حصرها؟ .
فأجابوا:
كفارة الأيمان هي: عتق رقبة مؤمنة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تجد شيئاً من ذلك: فتصوم عن كل يمين ثلاثة أيام.
وأما عجزك عن حصر الأيمان: فيجب عليك الاجتهاد في حصرها بالتقريب، ثم التكفير فيما حنثت فيه منها، ويكفيك ذلك إن شاء الله.
ولا يجزئ صيام يوم عاشوراء، وعرفة، وستة من شوال، عن كفارة اليمين، إلا إذا نوى بصيامها أنه عن الكفارة لا التطوع.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (23 / 37، 38) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
السائلة تذكر بأنها حلفت، وتريد أن تكفر عن هذا الحلف بصيام ثلاثة أيام، فهل يجوز أن أصومها مع صيام الست من شوال بحيث يكون صيامي ستة أيام؟ .
فأجاب:
أولاً: لا يجوز للحالف إذا حنث في يمينه أن يصوم، إلا إذا كان لا يجد إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ) ، وقد اشتهر عند كثير من العامة: أن كفارة اليمين إذا حنث الحالف: صيام ثلاثة أيام لمن يجد الإطعام، أو الكسوة، أو العتق، ومن لا يجد، وهذا غلط، بل لا يجوز الصيام إلا إذا كان الحالف الذي حنث لا يجد إطعام عشرة مساكين، أو يجد لكن لا يجد مساكين، فحينئذٍ يصوم ثلاثة أيام متتابعة.
ثم إذا كان يندرج تحت صيام الأيام الثلاثة: فإنه لا يجزئ أن ينوي بها صيام ستة أيام من شوال؛ لأنهما عبادتان مستقلتان، فلا تغني إحداهما عن الأخرى، بل يصوم ستة أيام من شوال، ثم يصوم الأيام الثلاثة زائدة على صيام الأيام الستة.
" فتاوى نور على الدرب " (/ 84، 85) .
ولا يشترط في الأيام الثلاثة أن تكون متتابعة، وقد بينَّا ذلك في جواب السؤال رقم:
(12700) ، فلينظر.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3258)
كيف نعرف عاشوراء هذه السنة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نصوم عاشوراء هذه السنة؟ نحن لا نعلم إلى الآن متى دخل الشهر وهل ذو الحجة تسع وعشرون أم ثلاثون فكيف نحدد عاشوراء ونصومه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا لم نعرف هل كان شهر ذي الحجة تاماً (30 يوماً) أو ناقصاً (29 يوماً) ولم يخبرنا أحد برؤية هلال محرم متى كانت، فإننا نجري على الأصل وهو إكمال عدة الشهر ثلاثين يوماً فنعتبر ذي الحجة ثلاثين ثم نحسب عاشوراء بناء على ذلك.
وإذا أراد المسلم أن يحتاط لصيام عاشوراء بحيث يصيبه قطعاً فإنه يصوم يومين متتاليين فيحسب متى يكون عاشوراء إذا كان ذو الحجة تسعاً وعشرين يوماً ومتى يكون عاشوراء إذا كان ذو الحجة ثلاثين يوماً ويصوم هذين اليومين، فيكون قد أصاب عاشوراء قطعاً، ويكون في هذه الحالة إما أنه صام تاسوعاء وعاشوراء، أو صام عاشوراء والحادي عشر، وكلاهما طيب، وإذا أراد الاحتياط لصيام تاسوعاء أيضاً فنقول له: صم اليومين الذيْن سبق الحديث عنهما ويوماً آخر قبلهما مباشرة فيكون إما أنه صام التاسع والعاشر والحادي عشر، أو صام الثامن والتاسع والعاشر وفي كلتا الحالتين يكون قد أصاب التاسع والعاشر بالتأكيد.
ومن قال إن ظروف عملي وحالتي لا تسمح إلا بصيام يوم واحد فما هو أفضل يوم أصومه فنقول له:
أكمل عدة ذي الحجة ثلاثين يوماً ثم احسب العاشر وصمه.
هذا مضمون ما سمعته من شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - لما سألته عن هذا الأمر.
وإذا جاءنا خبر من مسلم ثقة بتعيين بداية محرم برؤيته لهلاله عملنا بخبره، وصيام شهر محرم عموماً سنة لقوله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم) رواه مسلم/1163.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3259)
هل يثبت أجر عاشوراء لمن نوى صيامه أثناء اليوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم بفضيلة صيام يوم عاشوراء وأنه يكفِّر السنة التي قبله، ولكن لأن العمل عندنا جارٍ بالتقويم الميلادي لم أعلم بيوم عاشوراء إلا في صباحه ولم أكن أكلت شيئا فنويت الصيام، فهل صومي صحيح، وهل أحصَّل فضيلة هذا اليوم وتكفير السنة التي قبله؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله على ما يسَّر لك من الحرص على النوافل والطاعات ونسأله أن يثيبنا وإياك على ذلك.
أما ما سألت عنه من عقد نية الصيام من الليل فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلَّم ما يدل على صحة نية صوم النافلة من النهار، ما دام الإنسان لم يتناول شيئا من المفطرات من بعد الفجر، فقد روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلَّم دخل ذات يوم على أهله فقال: هل عندكم من شيء (أي من الطعام) ؟ قالوا: لا، قال: فإني إذن صائم " مسلم (170،1154) . وإذن ظرف للزمان الحاضر فدلَّ ذلك على جواز إنشاء نية صيام النفل من النهار، بخلاف صيام الفرض فإنه لا يصح إلا بتبييت النية من الليل لحديث " من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له " أبو داود (2454) الترمذي (726) وصححه الألباني في صحيح الجامع (6535) . والمراد هنا صوم الفرض.
وعلى هذا فصيامك صحيح، أما حصول الأجر في الصيام فهل هو ثواب يوم كامل أو من وقت النية فقط؟ قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
(في هذا قولان للعلماء: الأول: أنه يثاب من أول النهار، لأن الصوم الشرعي لا بد أن يكون من أول النهار.
الثاني: أنه لا يثاب إلا من وقت النية فقط، فإذا نوى عند الزوال فأجره نصف يوم. وهذا هو القول الصحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلَّم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى "، وهذا الرجل لم ينو إلا أثناء النهار فيحسب له الأجر من حين نيته.
وبناء على القول الراجح لو كان الصوم يطلق على اليوم مثل: صيام الاثنين وصيام الخميس وصيام الأيام البيض وصيام ثلاثة أيام من كل شهر ونوى في أثناء النهار فإنه لا يثبت له ثواب ذلك اليوم) (الشرح الممتع 6/373)
وينسحب الحكم على من لم ينو صوم عاشوراء إلا بعد طلوع الفجر فإنه لا يحصِّل الأجر المترتب على صيام عاشوراء وهو تكفير سنة؛ نظرا لأنه لا يصدق عليه أنه صام يوم عاشوراء وإنما صام بعضه ـ من أول ما نوى.
لكن يثبت له عموم الأجر على الصيام في شهر الله المحرم وهو أفضل الصيام بعد رمضان (كما في صحيح مسلم 1163) .
ولعل من أهم أسباب عدم معرفتك ومعرفة الكثيرين ليوم عاشوراء ـ ومثله الأيام البيض ـ إلا في أثناء اليوم؛ ما ذكرت من جريان العمل بالتقويم الميلادي، فلعل فوات مثل هذه الفضائل يكون باعثا لك ولعامة من منَّ الله عليهم بالاستقامة للعمل بالتقويم الهجري القمري ـ الذي شرعه الله لعباده وارتضاه لدينه ـ ولو في نطاق أعمالهم الخاصة وتعاملهم بينهم إحياءً لهذا التقويم وما يذكَّر به من مناسبات شرعية، ومخالفةً لأهل الكتاب الذين أُمرنا بمخالفتهم والتميُّز عنهم في شعائرهم وخصائصهم، لاسيما وأن هذا التوقيت القمري هو المعمول به حتى عند أمم الأنبياء السابقين كما استُنبط هذا من حديث تعليل اليهود صومهم لعاشوراء ـ وهو يوم يعرف عن طريق الشهور القمرية ـ بأنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى فدل على عملهم به وليس بالشهور الإفرنجية الشمسية
(الشرح الممتع 6/471) .
وعسى الله أن يجعل في فوات مثل هذا الأجر الخاص عنك وعمَّن هم مثلك في الحرص خيراً، وذلك بما يقوم في القلب من الإحساس بفوات هذا الأجر فيدعو الإنسان للاجتهاد في العمل الصالح مما يورث طاعات عديدة قد يكون أثرها على القلب أبلغ مما قد يحصل للإنسان من الطاعة المعينة التي قد يركن إليها بعض الناس فتكون سبباً في تكاسلهم عن الطاعات وقد تكون سبباً في عجبه بنفسه وامتنانه على الله بهذه الطاعة.
نسأل الله أن يرزقنا من فضله وأجره، وأن يعيننا على ذكره وشكره.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3260)
فضل صيام عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بأن صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية، فهل هذا صحيح؟ وهل يكفر كل شيء حتى الكبائر؟ ثم ما هو السبب في تعظيم هذا اليوم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ " رواه مسلم 1162. وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم عاشوراء؛ لما له من المكانة، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ. " رواه البخاري 1867
ومعنى " يتحرى " أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه.
ثانياً: وأما سبب صوم النبي صلى الله عليه وسلم ليوم عاشوراء وحث الناس على صومه فهو ما رواه البخاري (1865) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ "
قوله: (هذا يوم صالح) في رواية مسلم " هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرّق فرعون وقومه ".
قوله: (فصامه موسى) زاد مسلم في روايته " شكراً لله تعالى فنحن نصومه ".
وفي رواية للبخاري " ونحن نصومه تعظيما له ".
قوله: (وأمر بصيامه) وفي رواية للبخاري أيضا: " فقال لأصحابه أنتم أحق بموسى منهم فصوموا ".
ثالثاً: تكفير الذنوب الحاصل بصيام يوم عاشوراء المراد به الصغائر، أما الكبائر فتحتاج إلى توبة خاصة.
قال النووي رحمه الله:
يُكَفِّرُ (صيام يوم عرفة) كُلَّ الذُّنُوبِ الصَّغَائِرِ , وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ.
ثم قال رحمه الله: صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَتَيْنِ , وَيَوْمُ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ , وَإِذَا وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ... كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحٌ لِلتَّكْفِيرِ فَإِنْ وَجَدَ مَا يُكَفِّرُهُ مِنْ الصَّغَائِرِ كَفَّرَهُ , وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً كُتِبَتْ بِهِ حَسَنَاتٌ وَرُفِعَتْ لَهُ بِهِ دَرَجَاتٌ ,.. وَإِنْ صَادَفَ كَبِيرَةً أَوْ كَبَائِرَ وَلَمْ يُصَادِفْ صَغَائِرَ , رَجَوْنَا أَنْ تُخَفِّفَ مِنْ الْكَبَائِرِ. المجموع شرح المهذب ج6
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَتَكْفِيرُ الطَّهَارَةِ , وَالصَّلاةِ , وَصِيَامِ رَمَضَانَ , وَعَرَفَةَ , وَعَاشُورَاءَ لِلصَّغَائِرِ فَقَطْ. الفتاوى الكبرى ج5.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3261)
استحباب صيام تاسوعاء مع عاشوراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أصوم عاشوراء هذه السنة، وأخبرني بعض الناس بأن السنة أن أصوم مع عاشوراء اليوم الذي قبله (تاسوعاء) . فهل ورد أن النبي صلى الله أرشد إلى ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه مسلم 1916
قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون: يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صام العاشر , ونوى صيام التاسع.
وعلى هذا فصيام عاشوراء على مراتب أدناها أن يصام وحده وفوقه أن يصام التاسع معه وكلّما كثر الصّيام في محرّم كان أفضل وأطيب.
فإن قلت ما الحكمة من صيام التاسع مع العاشر؟
فالجواب:
قال النووي رحمه الله: ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا:
(أَحَدُهَا) أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ , وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ..
(الثَّانِي) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ , كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ..
(الثَّالِثَ) الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ , وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ. انتهى
وأقوى هذه الأوجه هو مخالفة أهل الكتاب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ.. فِي عَاشُورَاءَ: (لَئِنْ عِشْتُ إلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ) . الفتاوى الكبرى ج6
وقال ابن حجر رحمه الله في تعليقه على حديث: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) :
" ما همّ به من صوم التاسع يُحتمل معناه أن لا يقتصر عليه بل يُضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطاً له وإما مخالفةً لليهود والنصارى وهو الأرجح وبه يُشعر بعض روايات مسلم " انتهى من فتح الباري 4/245.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3262)
حكم إفراد عاشوراء بالصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصوم عاشوراء فقط دون صيام يوم قبله (تاسوعاء) أو يوم بعده؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال شيخ الإسلام: صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ.. الفتاوى الكبرى ج5
وفي تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي: وعاشوراء لا بأس بإفراده. ج3 باب صوم التطوع
وقد سئلت اللجنة الدائمة هذا السؤال فأجابت بما يلي:
" يجوز صيام يوم عاشوراء يوماً واحداً فقط، لكن الأفضل صيام يوم قبله أو يوم بعده، وهي السُنَّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " رواه مسلم (1134) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (يعني مع العاشر) .
وبالله التوفيق.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (11/401) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3263)
كيف يكون يوم عرفة في البلدان مختلفة المواقع
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون صيام يوم عرفة مع اختلاف أوقات البلدان عن وقت وقوف الحجاج بعرفة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يوم عرفة وصيامه يكون لكلّ أهل بلد بحسب طلوع الفجر وغروب الشّمس لديهم. وصيامه يكفّر ذنوب سنتين كما قال عليه الصلاة والسلام: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ (العاشر من شهر محرّم) أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ. رواه مسلم 1976
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3264)
شرب بعد الفجر في صيام التطوع فهل عليه كفارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أصوم كل يوم اثنين وخميس صيام تطوعاً، وحدث إنه في ليلة من الليالي تسحرت ونمت دون أن أشرب وبعد الفجر بساعة قمت من النوم وأنا شديد العطش فشربت، وأكملت الصيام إلى الليل، مع العلم أنني أعلم أنه قد مضى على الفجر ساعة، هل الصيام صحيح أم لا؟ وإن كان لا فهل يجب عليّ كفارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الصيام ليس بصحيح، لأن الصيام لا بد أن يكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لقول الله تعالى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) .
وعلى هذا؛ فليس لك أجر في هذا اليوم الذي صمته، لعدم موافقته الشرع، وليس عليك في ذلك إثم، لأن صوم النفل يجوز للإنسان أن يقطعه، وليس عليك كفارة أيضاً، والكفارة لا تجب في أي صوم كان حتى في الفرض إلا إذا جامع الإنسان زوجته في نهار رمضان، وهما ممن يجب عليهما الصوم، ففي هذه الحال تجب الكفارة عليه وعليها إن طاوعت، وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وأما إذا كان الزوج والزوجة لا يجب عليهما الصيام مثل أن يكونا مسافرين في رمضان وجامعها فلا حرج عليه ولا عليها، لأن المسافر يحل له أن يفطر، ولكن عليهما قضاء ذلك اليوم إذا رجع من السفر، حتى لو فرض أنهما كانا صائمين في ذلك اليوم وهما مسافران سفراً يبيح لهما الفطر ثم جامعها فلا حرج عليهما في ذلك، وليس عليهما كفارة، وإنما عليهما قضاء ذلك اليوم الذي أفطراه " انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى نور على الدرب"
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3265)
لا يستطيع صيام الاثنين والخميس معاً، فهل يصوم الاثنين فقط؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أستطيع صيام يوم الخميس لأسباب خاصة، فهل يكفي أن أصوم يوم الاثنين من كل أسبوع، أم لا بد من صيامهما معا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا حرج في صوم أحد اليومين المذكورين دون الآخر، وصيامهما سنة وليس بواجب، فمن صامهما أو أحدهما فهو على خير عظيم، ولا يجب الجمع بينهما، بل ذلك مستحب؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله ولي التوفيق" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (15/386) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3266)
حكم قضاء ستة شوال في ذي القعدة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا صام ستة أيام من شوال في ذي القعدة، فهل يحصل له الأجر الخاص بها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أما إن كان له عذر من مرض أو حيض أو نفاس أو نحو ذلك من الأعذار التي بسببها أخر صيام قضائه أو أخر صيام الست، فلا شكَّ في إدراك الأجر الخاص، وقد نصُّوا على ذلك.
وأما إذا لم يكن له عذر أصلاً، بل أخر صيامها إلى ذي القعدة أو غيره، فظاهر النص يدل على أنَّه لا يدرك الفضل الخاص، وأنَّه سنة في وقت فات محله، كما إذا فاته صيام عشر ذي الحجة أو غيرها حتى فات وقتها، فقد زال ذلك المعنى الخاص، وبقي الصيام المطلق" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله.
"الفتاوى السعدية" (ص230) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3267)
صيام التطوع قبل قضاء صيام رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام التطوع قبل قضاء صيام الواجب من رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم صيام التطّوع قبل القضاء.
فذهب بعض أهل العلم إلى أنه " لا يصح التطوع قبل القضاء، وأن فاعله يأثم.
وعللوا: أن النافلة لا تؤدى قبل الفريضة.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك ما لم يضق الوقت، وقالوا: ما دام الوقت موسّعاً فإنه يجوز أن يتنفّل، كما لو تنفّل قبل أن يصلي، فمثلاً الظهر يدخل وقتها من الزوال وينتهي إذا صار ظل كلّ شيء مثله، فله أن يؤخّرها إلى آخر الوقت، وفي هذه المدّة يجوز له أن يتنفّل، لأن الوقت موسّع."
وهذا القول هو قول جمهور الفقهاء، واختار هذا القول سماحة الشيخ محمد بن عثيمين، قال: " وهذا القول أظهر، وأقرب إلى الصواب، وأن صومه صحيح، ولا يأثم، لأن القياس فيه ظاهر ... والله تعالى يقول: (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدّة من أيام أخر) البقرة/185، يعني فعليه عدّة من أيام أخر، ولم يقيّدها الله تعالى بالتتابع، ولو قيّدت بالتتابع للزم من ذلك الفورية، فدل هذا على أن الأمر فيه سعة."
[الْمَصْدَرُ]
انظر الشرح الممتع ج/6 ص/448.(5/3268)
جامع زوجته وهي صائمة صوم التطوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من جامع زوجته وهي صائمة صيام الست من شوال وهو غير صائم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصائم المتطوع أمير نفسه، فله أن يتم صومه، وله أن يفطر، إلا أن الإتمام أولى.
روى أحمد (26353) عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَدَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ) . صححه الألباني في صحيح الجامع (3854) .
وينظر جواب السؤال رقم (49610) .
فمن صام يوما من الست، وأحب أن يفطر فله ذلك، سواء أفطر بالأكل أو بالجماع أو بغيره.
وهذه المرأة إذا كانت قد صامت بدون إذن زوجها، فله أن يدعوها إلى الفراش، ويلزمها الاستجابة لذلك.
وإن كانت صامت بإذنه فليس له أن يفسد عليها صومها، لكن إن أراد ذلك، فالأفضل لها أن تستجيب له.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا صامت نفلاً بإذنه، فإنه لا يحل له أن يفسد صومها؛ لأنه أذن لها. ولكن في هذه الحال وهي صائمة صيام نفل بإذنه لو طلب منها أن تأتي للفراش فهل الأفضل أن تستمر في الصوم وتمتنع أو أن تجيب الزوج؟ الثاني أفضل: أن تجيب الزوج؛ لأن إجابتها الزوج من باب المفروضات في الأصل، والصوم تطوع من باب المستحبات، ولأنه ربما لو أبت مع شدة رغبته، ربما يكون في قلبه شيءٌ عليها فتسوء العشرة بسبب ذلك " "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/174) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3269)
ضوابط التشبّه بالكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حدود التشبه بالغرب؟؟ هل كل ما هو حديث وجديد ويأتينا من الغرب فهو تشبه بهم؟؟ بمعنى آخر: كيف نطلق الحكم على شيء ما بأنه محرم لأنه تشبه بالكفار؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (اللباس / 3512) قال الألباني في صحيح أبي داود: حسن صحيح. برقم (3401)
قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَالْعَلْقَمِيّ: أَيْ تَزَيَّى فِي ظَاهِره بِزِيِّهِمْ , وَسَارَ بِسِيرَتِهِمْ وَهَدْيهمْ فِي مَلْبَسهمْ وَبَعْض أَفْعَالهمْ اِنْتَهَى. وَقَالَ الْقَارِي: أَيْ مَنْ شَبَّهَ نَفْسه بِالْكُفَّارِ مَثَلا مِنْ اللِّبَاس وَغَيْره , أَوْ بِالْفُسَّاقِ أَوْ الْفُجَّار أَوْ بِأَهْلِ التَّصَوُّف وَالصُّلَحَاء الأَبْرَار (فَهُوَ مِنْهُمْ) : أَيْ فِي الإِثْم وَالْخَيْر.
قَالَ شَيْخ الإِسْلام اِبْن تَيْمِيَّةَ فِي الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم: وَقَدْ اِحْتَجَّ الإِمَام أَحْمَد وَغَيْره بِهَذَا الْحَدِيث , وَهَذَا الْحَدِيث أَقَلّ أَحْوَاله أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيم التَّشَبُّه بِهِمْ كَمَا فِي قَوْله {مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} وَهُوَ نَظِير قَوْل عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّهُ قَالَ: مَنْ بَنَى بِأَرْضِ الْمُشْرِكِينَ وَصَنَعَ نَيْرُوزَهُمْ وَمِهْرَجَانَهمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ حَتَّى يَمُوت حُشِرَ مَعَهُمْ يَوْم الْقِيَامَة فَقَدْ يُحْمَل هَذَا عَلَى التَّشَبُّه الْمُطْلَق فَإِنَّهُ يُوجِب الْكُفْر , وَيَقْتَضِي تَحْرِيم أَبْعَاض ذَلِكَ , وَقَدْ يُحْمَل عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي الْقَدْر الْمُشْتَرَك الَّذِي يُشَابِههُمْ فِيهِ , فَإِنْ كَانَ كُفْرًا أَوْ مَعْصِيَة أَوْ شِعَارًا لَهَا كَانَ حُكْمه كَذَلِكَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّشَبُّه بِالأَعَاجِمِ , وَقَالَ: " مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى. وَبِهَذَا اِحْتَجَّ غَيْر وَاحِد مِنْ الْعُلَمَاء عَلَى كَرَاهَة أَشْيَاء مِنْ زِيّ غَيْر الْمُسْلِمِينَ. أهـ. انظر عون المعبود شرح سنن أبي داود.
والتشبه بالكفار على قسمين:
تشبه محرَّم، وتشبه مباح.
القسم الأول: التشبه المحرّم: وهو فعل ما هو من خصائص دين الكفار مع علمه بذلك، ولم يرد في شرعنا.. فهذا محرّم، وقد يكون من الكبائر، بل إن بعضه يصير كفراً بحسب الأدلة.
سواء فعله الشخص موافقة للكفار، أو لشهوة، أو شبهة تخيل إليه أنّ فعله نافع في الدنيا والآخرة.
فإن قيل هل من عمل هذا العمل وهو جاهل يأثم بذلك، كمن يحتفل بعيد الميلاد؟
الجواب: الجاهل لا يأثم لجهله، لكنه يعلّم، فإن أصر فإنه يأثم.
القسم الثاني: التشبه الجائز: وهو فعل عمل ليس مأخوذاً عن الكفار في الأصل، لكن الكفار يفعلونه أيضاً. فهذا ليس فيه محذور المشابهة لكن قد تفوت فيه منفعة المخالفة.
" التشبه بأهل الكتاب وغيرهم في الأمور الدنيوية لا يباح إلا بشروط
1- أن لا يكون هذا من تقاليدهم وشعارهم التي يميّزون بها.
2- أن لا يكون ذلك الأمر من شرعهم ويثبت ذلك أنه من شرعهم بنقل موثوق به، مثل أن يخبرنا الله تعالى في كتابه أو على لسان رسوله أو بنقل متواتر مثل سجدة التحية الجائزة في الأمم السابقة.
3- أن لا يكون في شرعنا بيان خاص لذلك، فأما إذا كان فيه بيان خاص بالموافقة أو المخالفة استغنى عن ذلك بما جاء في شرعنا.
4- أن لا تؤدي هذه الموافقة إلى مخالفة أمر من أمور الشريعة.
5- أن لا تكون الموافقة في أعيادهم.
6- أن تكون الموافقة بحسب الحاجة المطلوبة ولا تزيد عنها."
انظر كتاب السنن والآثار في النهي عن التشبه بالكفار لسهيل حسن ص 58- 59.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3270)
فضل صيام الاثنين والخميس على أيام البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي تواظب ومنذ زمن طويل على صيام يومي الخميس والاثنين من كل أسبوع، وهي الآن تريد الاستفسار ومعرفة هل هذا العمل أفضل أم أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"هذا العمل أفضل وأكثر أجراً، وصيام الثلاثة الأيام داخل في ذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الاثنين والخميس ويقول: (إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله سبحانه، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) والله ولي التوفيق" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/387، 388) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3271)
النهي عن الصيام في النصف الثاني من شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصيام بعد نصف شعبان؟ لأنني سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصيام بعد نصف شعبان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى أبو داود (3237) والترمذي (738) وابن ماجه (1651) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا) . صححه الألباني في صحيح الترمذي (590) .
فهذا الحديث يدل على النهي عن الصيام بعد نصف شعبان، أي ابتداءً من اليوم السادس عشر.
غير أنه قد ورد ما يدل على جواز الصيام. فمن ذلك:
ما رواه البخاري (1914) ومسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) .
فهذا يدل على أن الصيام بعد نصف شعبان جائز لمن كانت له عادة بالصيام، كرجل اعتاد صوم يوم الاثنين والخميس، أو كان يصوم يوماً ويفطر يوماً. . ونحو ذلك.
وروى البخاري (1970) مسلم (1156) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا) . واللفظ لمسلم.
قال النووي:
قَوْلهَا: (كَانَ يَصُوم شَعْبَان كُلّه , كَانَ يَصُومُهُ إِلا قَلِيلا) الثَّانِي تَفْسِيرٌ لِلأَوَّلِ , وَبَيَان أَنَّ قَوْلهَا "كُلّه" أَيْ غَالِبُهُ اهـ.
فهذا الحديث يدل على جواز الصيام بعد نصف شعبان، ولكن لمن وصله بما قبل النصف.
وقد عمل الشافعية بهذه الأحاديث كلها، فقالوا:
لا يجوز أن يصوم بعد النصف من شعبان إلا لمن كان له عادة، أو وصله بما قبل النصف.
هذا هو الأصح عند أكثرهم أن النهي في الحديث للتحريم.
وذهب بعضهم –كالروياني- إلى أن النهي للكراهة لا التحريم.
انظر: المجموع (6/399-400) . وفتح الباري (4/129) .
قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين (ص: 412) :
(باب النهي عن تقدم رمضان بصومٍ بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس) اهـ.
وذهب جمهور العلماء إلى تضعيف حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان، وبناءً عليه قالوا: لا يكره الصيام بعد نصف شعبان.
قال الحافظ: وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: يَجُوزُ الصَّوْمُ تَطَوُّعًا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ, وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ إِنَّهُ مُنْكَرٌ اهـ من فتح الباري. وممن ضعفه كذلك البيهقي والطحاوي.
وذكر ابن قدامة في المغني أن الإمام أحمد قال عن هذا الحديث:
(لَيْسَ هُوَ بِمَحْفُوظٍ. وَسَأَلْنَا عَنْهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ , فَلَمْ يُصَحِّحْهُ , وَلَمْ يُحَدِّثْنِي بِهِ , وَكَانَ يَتَوَقَّاهُ. قَالَ أَحْمَدُ: وَالْعَلاءُ ثِقَةٌ لا يُنْكَرُ مِنْ حَدِيثِهِ إلا هَذَا) اهـ
والعلاء هو العلاء بن عبد الرحمن يروي هذا الحديث عن أبيه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقد أجاب ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" على من ضَعَّفَ الحديثَ، فقال ما محصله:
إن هذا الحديث صحيح على شرط مسلم، وإنَّ تفرد العلاء بهذا الحديث لا يُعَدُّ قادحاً في الحديث لأن العلاء ثقة، وقد أخرج له مسلم في صحيحه عدة أحاديث عن أبيه عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وكثير من السنن تفرد بها ثقاتٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقبلتها الأمة وعملت بها. . ثم قال:
وَأَمَّا ظَنُّ مُعَارَضَته بِالأَحَادِيثِ الدَّالَّة عَلَى صِيَام شَعْبَان , فَلا مُعَارَضَة بَيْنهمَا , وَإِنَّ تِلْكَ الأَحَادِيث تَدُلّ عَلَى صَوْم نِصْفه مَعَ مَا قَبْله , وَعَلَى الصَّوْم الْمُعْتَاد فِي النِّصْف الثَّانِي , وَحَدِيث الْعَلاء يَدُلّ عَلَى الْمَنْع مِنْ تَعَمُّد الصَّوْم بَعْد النِّصْف , لا لِعَادَةٍ , وَلا مُضَافًا إِلَى مَا قَبْله اهـ
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان فقال:
هو حديث صحيح كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني، والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة اهـ مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15/385) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (3/394) :
وحتى لو صح الحديث فالنهي فيه ليس للتحريم وإنما هو للكراهة فقط، كما أخذ بذلك بعض أهل العلم رحمهم الله، إلا من له عادة بصوم، فإنه يصوم ولو بعد نصف شعبان اهـ
وخلاصة الجواب:
أنه يُنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان إما على سبيل الكراهة أو التحريم، إلا لمن له عادة بالصيام، أوصل الصيام بما قبل النصف. والله تعالى أعلم.
والحكمة من هذا النهي أن تتابع الصيام قد يضعف عن صيام رمضان.
فإن قيل: وإذا صام من أول الشهر فهو أشد ضعفاً!
فالجواب: أن من صام من أول شعبان يكون قد اعتاد على الصيام، فتقل عليه مشقة الصيام.
قَالَ الْقَارِي: وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ، رَحْمَةً عَلَى الأُمَّةِ أَنْ يَضْعُفُوا عَنْ حَقِّ الْقِيَامِ بِصِيَامِ رَمَضَانَ عَلَى وَجْهِ النَّشَاطِ. وَأَمَّا مَنْ صَامَ شَعْبَانَ كُلَّهُ فَيَتَعَوَّدُ بِالصَّوْمِ وَيَزُولُ عَنْهُ الْكُلْفَةُ اهـ
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3272)
الحكمة من النهي عن إفراد الجمعة بالصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صيام النفل ليوم منفرد لا يجوز في الإسلام، وأن الواجب إقرانه بيوم آخر على الأقل بعلة مخالفة اليهود الذين يصومون يومًا منفردًا؟ أرى أن تلك العلة غير وجيهة، فما رأيكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إفراد يوم بصيام النفل جائز، إلا إذا كان اليوم هو الجمعة، أو السبت، أو كان يوم عاشوراء وهو العاشر من محرم، فيستحب صيام قبله أو بعده.
وأما يوم الأحد أو الاثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء أو الخميس فلا حرج في صومه على الانفراد، بل من السنة صوم الاثنين والخميس.
روى البخاري (1985) ومسلم (1144) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ) .
وفي رواية لمسلم: (وَلَا تَخُصُّوا يَوْم الْجُمُعَة بِصِيَامٍ مِنْ بَيْن الْأَيَّام , إِلَّا أَنْ يَكُون فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ) .
قال النووي رحمه الله: " وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث الدَّلَالَة الظَّاهِرَة لِقَوْلِ جُمْهُور أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِمْ , وَأَنَّهُ يُكْرَه إِفْرَاد يَوْم الْجُمُعَة بِالصَّوْمِ إِلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَادَةً لَهُ , فَإِنْ وَصَلَهُ بِيَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ , أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ شِفَاءِ مَرِيضِهِ أَبَدًا , فَوَافَقَ يَوْم الْجُمُعَة لَمْ يُكْرَهْ ; لِهَذِهِ الْأَحَادِيث ...
قَالَ الْعُلَمَاء: وَالْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْهُ: أَنَّ يَوْم الْجُمُعَة يَوْم دُعَاء وَذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ: مِنْ الْغُسْل وَالتَّبْكِير إِلَى الصَّلَاة وَانْتِظَارهَا وَاسْتِمَاع الْخُطْبَة وَإِكْثَار الذِّكْر بَعْدَهَا ; لِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: (فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَانْتَشَرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا) وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ الْعِبَادَات فِي يَوْمهَا , فَاسْتُحِبَّ الْفِطْر فِيهِ , فَيَكُون أَعْوَنَ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْوَظَائِف وَأَدَائِهَا بِنَشَاطٍ وَانْشِرَاحٍ لَهَا , وَالْتِذَاذٍ بِهَا مِنْ غَيْر مَلَلٍ وَلَا سَآمَةٍ , وَهُوَ نَظِير الْحَاجّ يَوْم عَرَفَة بِعَرَفَةَ , فَإِنَّ السُّنَّة لَهُ الْفِطْر كَمَا سَبَقَ تَقْرِيره لِهَذِهِ الْحِكْمَة.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَزَلْ النَّهْي وَالْكَرَاهَة بِصَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِبَقَاءِ الْمَعْنَى , فَالْجَوَاب: أَنَّهُ يَحْصُل لَهُ بِفَضِيلَةِ الصَّوْم الَّذِي قَبْله أَوْ بَعْده مَا يَجْبُر مَا قَدْ يَحْصُل مِنْ فُتُورٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي وَظَائِفِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِسَبَبِ صَوْمِهِ , فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد فِي الْحِكْمَة فِي النَّهْي عَنْ إِفْرَاد صَوْم الْجُمُعَة.
وَقِيلَ: سَبَبه خَوْف الْمُبَالَغَة فِي تَعْظِيمه , بِحَيْثُ يُفْتَتَن بِهِ كَمَا اُفْتُتِنَ قَوْمٌ بِالسَّبْتِ , وَهَذَا ضَعِيفٌ مُنْتَقَضٌ بِصَلَاةِ الْجُمُعَة وَغَيْرهَا مِمَّا هُوَ مَشْهُور مِنْ وَظَائِف يَوْم الْجُمُعَة وَتَعْظِيمه.
وَقِيلَ: سَبَب النَّهْي لِئَلَّا يُعْتَقَد وُجُوبُهُ , وَهَذَا ضَعِيف مُنْتَقَضٌ بِيَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ صَوْمُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى هَذَا الِاحْتِمَال الْبَعِيد , وَبِيَوْمِ عَرَفَة وَيَوْم عَاشُورَاء وَغَيْر ذَلِكَ , فَالصَّوَاب مَا قَدَّمْنَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى.
وأما يوم السبت فيكره إفراده بالصيام، والحكمة من ذلك: أن الإنسان إذا صام ضعف عن العمل، فيترك بعض الأعمال التي كان يقوم بها، فيكون مشابهاً لليهود الذين يتركون الأعمال في يوم السبت، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (106500) .
وأما عاشوراء: فروى مسلم (1134) عن عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ) قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي رواية له: (لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ) .
قال النووي رحمه الله: " قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: وَلَعَلَّ السَّبَب فِي صَوْم التَّاسِع مَعَ الْعَاشِر أَلَّا يَتَشَبَّهَ بِالْيَهُودِ فِي إِفْرَاد الْعَاشِر. وَفِي الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى هَذَا , وَقِيلَ: لِلِاحْتِيَاطِ فِي تَحْصِيل عَاشُورَاء , وَالْأَوّل أَوْلَى , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى.
وقد ظهر لك أن تعيين الحكمة والعلة أمر يجتهد فيه العلماء، وقد رأيت كيف خَطَّأ النوويُ رحمه الله كثيرا من الأقوال التي قيلت في تعليل النهي عن إفراد الجمعة بالصوم
ولهذا فالواجب على المسلم أن يذعن لحكم الشرع، سواء فهم العلة والحكمة أم لم يفهمها، فيتلقى كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بالتسليم والقبول والتنفيذ، كما قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب/36.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3273)
هل يجعل صيام ستة شوال يوم الاثنين والخميس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن أصوم ستة شوال في يوم الاثنين والخميس، لأحصل على ثواب صيام الاثنين والخميس؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، لا حرج من ذلك، ويكتب لك ثواب صيام الستة أيام، وصيام الاثنين والخميس.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
" إذا اتفق أن يكون صيام هذه الأيام الستة في يوم الاثنين أو الخميس فإنه يحصل على أجر الاثنين بنية أجر الأيام الستة، وبنية أجر يوم الاثنين أو الخميس، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) " انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى إسلامية" (2/154) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3274)
الحكمة من النهي عن صوم يوم السبت
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في موقعكم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم السبت، فما هو سبب هذا النهي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يكره إفراد يوم السبت بالصوم. عَلَّلَ بعضهم بأنه عيد اليهود. ولكن الأولى وهو الذي يظهر أنه يوم تتخلى فيه اليهود من الأعمال، ويسبتون فيه، وإذا صامه المسلم فالصوم يقعد عن الأعمال، الصوم يترك من أجله عمله الذي كان يعمل، لأن الصيام بسبب العطش والجوع، فيكون مشابهاً لليهود في ترك العمل هذا اليوم" انتهى.
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله" (4/206) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3275)
يتساءل: لماذا لا يكون إفراد يوم الجمعة بالصيام محرماً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في موقعكم أنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصيام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فلماذا لا يكون صومه حراماً؟ لأن الأصل في النهي أنه للتحريم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لعله لكونه رخص في الشرع في صيامه وصيام يوم معه، فلو كان حراماً لما ساغ صومه بالكلية" انتهى.
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله" (4/206) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3276)
صيام يوم عرفة للمحرم الذي سيقف بعرفة ليلة العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم يصل المحرم بالحج إلى عرفات إلا ليلاً، فهل يستحب أنه يصوم يوم عرفة أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الإنسان حاجاً وكان بعرفة فإنه لا يصومه، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ) رواه أبو داود (2440) ، وإذا كان غير حاج، أو كان حاجاً وليس بعرفة، بل لم يأت إليها إلا متأخراً كبعد المغرب، فلا يدخل في النهي، وقد روى أبو قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) رواه مسلم (1162) والحديث الأول خاص، والثاني عام، فيخرج الخاص من العام" انتهى.
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله" (4/204) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3277)
هل يستحب صيام شعبان كاملاً
[السُّؤَالُ]
ـ[هل السنة أن أصوم شعبان كله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يستحب إكثار الصيام في شهر شعبان.
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله.
روى أحمد (26022) , وأبو داود (2336) والنسائي (2175) وابن ماجه (1648) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلا أَنَّهُ كَانَ يَصِلُ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ.
ولفظ أبي داود: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ مِنْ السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إِلا شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود (2048) .
فظاهر هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شهر شعبان كله.
لكن ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان إلا قليلاً.
روى مسلم (1156) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلا قَلِيلا.
فاختلف العلماء في التوفيق بين هذين الحديثين:
فذهب بعضهم إلى أن هذا كان باختلاف الأوقات، ففي بعض السنين صام النبي صلى الله عليه وسلم شعبان كاملاً، وفي بعضها صامه النبي صلى الله عليه وسلم إلا قليلاً. وهو اختيار الشيخ ابن باز رحمه الله.
انظر: مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15/416) .
وذهب آخرون إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يكمل صيام شهر إلا رمضان، وحملوا حديث أم سلمة على أن المراد أنه صام شعبان إلا قليلاً، قالوا: وهذا جائز في اللغة إذا صام الرجل أكثر الشهر أن يقال: صام الشهر كله.
قال الحافظ:
إن حديث عائشة [يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ فِي حَدِيث أُمّ سَلَمَة (أَنَّهُ كَانَ لا يَصُوم مِنْ السَّنَة شَهْرًا تَامًّا إِلا شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَان) أَيْ: كَانَ يَصُوم مُعْظَمَهُ , وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ اِبْن الْمُبَارَك أَنَّهُ قَالَ: جَائِزٌ فِي كَلام الْعَرَب إِذَا صَامَ أَكْثَرَ الشَّهْرِ أَنْ يَقُولَ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ ...
وقال الطِّيبِيُّ: يُحْمَل عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصُوم شَعْبَان كُلّه تَارَة وَيَصُوم مُعْظَمَهُ أُخْرَى لِئَلا يُتَوَهَّم أَنَّهُ وَاجِب كُلّه كَرَمَضَانَ. .
ثم قال الحافظ: وَالأَوَّل هُوَ الصَّوَاب] اهـ
يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم شعبان كاملاً. واستدل له بما رواه مسلم (746) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: وَلا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، وَلا صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ، وَلا صَامَ شَهْرًا كَامِلا غَيْرَ رَمَضَانَ.
وبما رواه البخاري (1971) ومسلم (1157) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَا صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ.
وقال السندي في شرحه لحديث أم سلمة:
(يَصِل شَعْبَان بِرَمَضَان) أَيْ: فَيَصُومهُمَا جَمِيعًا، ظَاهِره أَنَّهُ يَصُوم شَعْبَان كُلّه. . . لَكِنْ قَدْ جَاءَ مَا يَدُلّ عَلَى خِلافه، فَلِذَلِكَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصُوم غَالِبه فَكَأَنَّهُ يَصُوم كُلّه وَأَنَّهُ يَصِلهُ بِرَمَضَان اهـ
فإن قيل: ما الحكمة من الإكثار من الصيام في شهر شعبان؟
فالجواب:
قال الحافظ:
الأَوْلَى فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ عَنْ أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَالَ: (قُلْت: يَا رَسُول اللَّه، لَمْ أَرَك تَصُومُ مِنْ شَهْر مِنْ الشُّهُور مَا تَصُوم مِنْ شَعْبَان , قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاس عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَان , وَهُوَ شَهْر تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَال إِلَى رَبّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) اهـ حسنه الألباني في صحيح النسائي (2221) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3278)
هل تطيع والدها وتترك الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 29 سنة، وأحافظ على صيام أثنين والخميس، ووالدي يريد مني الاقتصار على يوم واحد فقط، وأنا أتحمل الصيام، فهل إذا خالفته أكون عاقة له؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكرت فأنت غير عاقة لوالدك بمخالفتك لإياه في نهيك عن الصيام يوم الاثنين والخميس جميعاً؛ لأن صومك اليومين طاعة، ما دمت تستطيعين ذلك، ولا طاعة لمخلوق في نهيه عن طاعة الله، ثم إن الظاهر من حاله أنه يريد الرفق بك لا إلزامك بترك الصيام.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرازق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (25/198) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3279)
صلاة التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تصلى صلاة التوبة؟ وكم ركعة هي؟ وهل يمكن أن أصليها بعد صلاة العصر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإنّ من رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن فتح لها باب التوبة، فلا تنقطع حتى تبلغ الروح الحلقوم أو تطلع الشمس من مغربها.
ومن رحمته تعالى بهذه الأمة كذلك أن شرع لهم عبادة من أفضل العبادات، يتوسل بها العبد المذنب إلى ربه، رجاء قبول توبته، وهي "صلاة التوبة" وهذه بعض المسائل المتعلقة بهذه الصلاة.
1- مشروعية صلاة التوبة
أجمع أهل العلم على مشروعية صلاة التوبة، روى أبو داود (1521) عن أبي بَكْرٍ الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ") . صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (26998) عن أَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا (شك أحد الرواة) يُحْسِنُ فِيهِمَا الذِّكْرَ وَالْخُشُوعَ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، غَفَرَ لَهُ) قال محققو المسند: إسناده حسن. وذكره الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (3398) .
2- سبب صلاة التوبة
سبب صلاة التوبة هو وقوع المسلمِ في معصية سواء كانت كبيرة أو صغيرة، فيجب عليه أن يتوب منها فوراً، ويندب له أن يصلي هاتين الركعتين، فيعمل عند توبته عملاً صالحاً من أجل القربات وأفضلها، وهو هذه الصلاة، فيتوسل بها إلى الله تعالى رجاء أن تقبل توبته، وأن يغفر ذنبه.
3- وقت صلاة التوبة
يستحب أداء هذه الصلاة عند عزم المسلم على التوبة من الذنب الذي اقترفه، سواء كانت هذه التوبة بعد فعله للمعصية مباشرة، أو متأخرة عنه، فالواجب على المذنب المبادرة إلى التوبة، لكن إن سوّف وأخّرها قبلت، لأن التوبة تقبل ما لم يحدث أحد الموانع الآتية:
1- إذا بلغت الروح الحلقوم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي (3537) .
2- إذا طلعت الشمس من مغربها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ) رواه مسلم (2703) .
وهذه الصلاة تشرع في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات النهي (مثل: بعد صلاة العصر) لأنها من الصلوات التي لها سبب، فتشرع عند وجود سببها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي، مثل سجود التلاوة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة، إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة، وكذلك صلاة التوبة، فإذا أذنب فالتوبة واجبة على الفور، وهو مندوب إلى أن يصلي ركعتين، ثم يتوب، كما في حديث أبي بكر الصديق" انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/215) .
4- صفة صلاة التوبة
صلاة التوبة ركعتان، كما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ويشرع للتائب أن يصليها منفرداً، لأنها من النوافل التي لا تشرع لها صلاة الجماعة، ويندب له بعدها أن يستغفر الله تعالى، لحديث أبي بكر رضي الله عنه.
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستحب تخصيص هاتين الركعتين بقراءة معينة، فيقرأ المصلي فيهما ما شاء.
ويستحب للتائب مع هذه الصلاة أن يجتهد في عمل الصالحات، لقول الله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82.
ومن أفضل الأعمال الصالحة التي يفعلها التائب: الصدقة، فإن الصدقة من أعظم الأسباب التي تكفر الذنب، قال الله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ) .
وثبت عن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال لما تاب الله عليه: يا رسول الله إنّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله: (أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك) ، قال: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر. متفق عليه.
والخلاصة:
1- ثبوت هذه الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أنها تشرع عند توبة المسلم من أي ذنب، سواء كان من الكبائر أم من الصغائر، وسواء كانت هذه التوبة بعد اقتراف المعصية مباشرة، أم بعد مضي زمن.
3- أن هذه الصلاة تؤدى في جميع الأوقات، بما في ذلك أوقات النهي.
4- أنه يستحب للتائب مع هذه الصلاة فعل بعض القربات، كالصدة وغيرها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3280)
صيام أكثر من ثلاثة أيام في الشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديثاً أنه لا يجوز أن تصوم أكثر من ثلاث مرات في الشهر أو أن نصوم مثل صيام داود عليه السلام، ولكني قرأت مؤخراً قصصاً تتحدث عن كيف كان الصحابة يصومون أياماً عديدة للتعويض عن آثامهم، هل هذا جائز.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس صحيحاً ما قرأته من عدم جواز الزيادة على صيام ثلاثة أيام، أو أن تصوم صوم داود عليه السلام، بل الأمر واسع، فلك أن تصوم أقل من ثلاثة أيام أو أكثر، وهذه بعض الأحاديث في هذا الموضوع:
1. عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صومه قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر رضي الله عنه: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وببيعتنا بيعة، قال: فسئل عن صيام الدهر، فقال: لا صام ولا أفطر - أو ما صام وما أفطر - قال: فسئل عن صوم يومين وإفطار يوم، قال: ومن يطيق ذلك؟ قال: وسئل عن صوم يوم وإفطار يومين، قال: ليت أن الله قوَّانا لذلك، قال: وسئل عن صوم يوم وإفطار يوم، قال: ذاك صوم أخي داود عليه السلام، قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين، قال: ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت – أو أنزل علي فيه – قال: فقال صوم ثلاثة من كل شهر ورمضان إلى رمضان: صوم الدهر، قال: وسئل عن صوم يوم عرفة، فقال: يكفِّر السنة الماضية والباقية، قال: وسئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: يكفِّر السنة الماضية. رواه مسلم (1162) .
وواضح في الحديث الترغيب في الصوم: سواءً كان يوماً في السنة أو يومين، أو يوماً في الأسبوع، أو ثلاثة أيام في الشهر، أو صيام يوم وإفطار يومين أو العكس، أو صوم يوم وإفطار يوم، وكل ذلك واسع.
2. عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَن صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر ". رواه مسلم (1164) .
وهذا دليل على خطأ ما قرأه السائل، فهذا ترغيب في صوم ستة أيام في شهر واحد.
3. عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان. رواه البخاري (1868) ومسلم (1156) .
والحديث واضح الدلالة أيضاً على عدم تحديد الصوم بعدد معين من الأيام.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3281)
عليها كفارة قتل ولا تستطيع العتق أو الصيام فهل تطعم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة قتلت امرأة خطأ وعندما سألت عن الحكم قالوا لها أن تطعم ستين مسكينا ولكن تبين أن هذه الفتوى غير صحيحة وعليها صيام شهرين , لكن الآن هي كبيرة في السن ولا تستطيع الصيام فما العمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كفارة قتل الخطأ هي: عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فلا شيء عليه، وليس فيها إطعام على الراجح.
قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) إلى قوله سبحانه: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) النساء/92.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل علي الصوم بعد سداد الدية وما مقداره وهل هو متتابع أو لا، وهل يمكن تجزئته أو الإطعام عنه؟
فأجابوا: "تجب عليك كفارة القتل خطأ، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجدها فصم شهرين متتابعين، ولا يصح تجزئة صومهما، ولا يجزئ إطعام المساكين في كفارة القتل خطأ؛ لأنه لم يثبت ذلك في كفارة القتل في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان ربك نسيا " انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/273) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: رجل مريض بمرض السكر, وعليه كفارة صيام شهرين -كفارة قتل خطأ- ولا يستطيع أن يصوم لمرضه، فماذا عليه؟
فأجاب: "إذا كان لا يستطيع أن يصوم فلا شيء عليه؛ لأن كفارة القتل ليس فيها إلا عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين, كما في سورة النساء: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) النساء/92. وليس فيه إطعام , فإن قدر على الصوم صام وإلا سقط عنه " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" 107 سؤال رقم (24) .
وسئل أيضا:
شخص عليه كفارة القتل لا يستطيع العتق ولا الصيام، هل يعدل إلى الإطعام، أم تسقط عنه الكفارة؟
فأجاب: "لا، تسقط عنه، كفارة القتل نوعان فقط: إما العتق وإما الصيام؛ لأن الله تعالى لم يذكر ثالثاً، ولو كان الثالث واجباً لذكره الله كما ذكره في كفارة الظهار، فقد ذكر الله في كفارة الظهار: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وفي كفارة القتل لم يذكر الإطعام، وعلى هذا نقول: إذا عجز عن العتق والصيام سقطت عنه " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" 190 سؤال رقم 15.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3282)
فضل الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة الإكثار من الصيام في شهر محرم؟ وهل لهذا الشهر مزية على غيره من الشهور؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإن شهر محرم هو أول الشهور العربية وهو من أشهر الله الحُرم الأربعة، قال تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعةٌ حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) التوبة / 36
أخرج البخاري (3167) ومسلم (1679) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ".
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر محرم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل " رواه مسلم 1163
قوله: (شهر الله) إضافة الشّهر إلى الله إضافة تعظيم، قال القاري: الظاهر أن المراد جميع شهر المحرَّم.
ولكن قد ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصم شهراً كاملاً قطّ غير رمضان فيُحمل هذا الحديث على الترغيب في الإكثار من الصّيام في شهر محرم لا صومه كله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3283)
يصعب عليه الصيام ويريد تعاطي أدوية تخفف الشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ي عن تخفيف الشهوة الجنسية، حيث أنني في بلد اتعرض فيه للاستثارة يومياً، ومهما حاولت غض البصر فإنني أشاهد … مما يؤدي إلى استثارتي وقد ينزل بعض القطرات الأمر الذي يؤذيني أيضاً في تأدية الصلاة والطهارة وقد اضطر إلى تأخيرها، وقد ذكرتم بان الاستمناء حرام، وأوصيتم بالصيام، ولا يمكنني مواصلة الصيام لأنه يتعبني ولا أستطيع التركيز كما أنني لا استطيع الزواج الآن، وسأبقى على هذه الحال لعدة سنوات، فهل لي أن اتناول علاجات لتخفيف الشهوة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصيام ليس علاجاً فحسب بل هو تطهير للنفس وسبب لكسب الأجر والثواب ونيل رضى الله وهو مجاهدة للنفس ويمكن أن يتعود المرء على الصيام بشيء من الصبر والاحتساب، وقوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ عَلَى أَحَدِ الأَقْوَالِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الْمَعَاصِيَ لأَنَّ الصَّائِمَ أَظَلْفُ لِنَفْسِهِ وَأَرْدَعُ لَهَا مِنْ مُوَاقَعَةِ السُّوءِ , وَهُوَ أَحَدُ الْمَعَانِي فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم {فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ} فَفَهِمَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَنَّ ذَلِكَ لإِضْعَافِ الصَّوْمِ للْبَدَنَ فَتَضْعُفُ الشَّهْوَةُ , وَهُوَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَعْنَى الْمَذْكُورُ زَائِدٌ عَلَيْهِ حَاصِلٌ مَعَهُ وَهُوَ أَنَّ الصَّوْمَ يَكُونُ حَامِلا لَهُ عَلَى مَا يَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ إمَّا لِبَرَكَةِ الصَّوْمِ وَإِمَّا لأَنَّ حَقِيقًا عَلَى الصَّائِمِ أَنْ يَكُفَّ فَإِنَّهُ إذَا أُمِرَ بِالْكَفِّ عَنْ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ الْمُبَاحَيْنِ فَالْكَفُّ عَنْ الْحَرَامِ أَوْلَى. فتاوى السبكي ج1: الصيام: حفظ الصيام عن فوت التمام. والشارع لما أمر الشاب غير القادر على الزواج بالصيام فإنه عليم حكيم وأثر الصيام واضح في هذا وأنه يُعين على ضبط الشّهوة ويخفف من الهيجان.
وأمّا بالنسبة لما سألت عنه من تناول دواء يخفف الشهوة فإنّه لا يمنع أن تتناول بعض المركّبات أو المشتقات من الأعشاب وغيرها مما يحدّ من الشهوة إذا لم تكن ضارة ولكنّ هذا قد لا يُفيد كثيرا إذا لم تمارس العبادات التي تملأ الوقت والنشاطات التي تستهلك من طاقة الجسم كسائر أعمال البرّ من الدّعوة إلى الله وإعانة المحتاجين وتقلل من تناول الأطعمة الدسمة وتمارس شيئا من الرياضة وتشغل نفسك بأعمال مفيدة وتجعل لك برامج تصرف بها طاقة الجسم الزائدة، ولا تنس أن الابتعاد عن الإثارة أمر مهم، وتفاءل ولا تقل سأبقى على هذه الحال عدّة سنوات ولعلّ الله ييسر لك زواجا قريبا، وقانا الله وإياك السوء وهدانا إلى سواء السبيل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3284)
استحباب صيام الثمانية من ذي الحجة للحاج وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام الثماني أيام الأولى من ذي الحجة للحاج علما بأني أعلم أنه مكروه صيام يوم عرفة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صيام الأيام الثمان الأولى من ذي الحجة مستحب للحاج وغيره؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ) رواه البخاري (969) والترمذي (757) واللفظ له، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (28/91) : " اتفق الفقهاء على استحباب صوم الأيام الثمانية التي من أول ذي الحجة قبل يوم عرفة.... وصرح المالكية والشافعية: بأنه يسن صوم هذه الأيام للحاج أيضا " انتهى.
وقال في "نهاية المحتاج" (3/207) : " ويسن صوم الثمانية أيام قبل يوم عرفة، كما صرح به في "الروضة" سواء في ذلك الحاج وغيره , أما الحاج فلا يسن له صوم يوم عرفة بل يستحب له فطره ولو كان قويا، اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم , وليقوى على الدعاء " انتهى بتصرف
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3285)
من فاته صيام الست من شوال هل يصومها في ذي القعدة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة صامت أربعة من الأيام الست في شوال ثم جاءها الحيض في نهاية شوال ولم تكمل الست، ولم يبق لها سوى يومين، هل تستطيع أن تكمل الست من شوال بعد شوال أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى مسلم في صحيحه (1164) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) .
وظاهر الحديث أن تحصيل هذا الأجر إنما يكون لمن صام الست في شوال.
واختلف أهل العلم فيمن صام الست في غير شوال، لعذر أو غيره، هل يحصل له فضيلة صومها في شوال، على أقوال:
القول الأول:
ذهب جماعة من المالكية وبعض الحنابلة إلى أن الفضيلة تحصل لمن صام ستة أيام في شوال أو بعده، وأن الحديث إنما ذكر شوال من باب التيسير على المكلف، لأن صومها بعد رمضان أسهل من صومها بعد ذلك.
قال العدوي في حاشيته على شرح الخرشي: (2/243) : " وإنما قال الشارع: (من شوال) للتخفيف باعتبار الصوم، لا تخصيص حكمها بذلك الوقت، فلا جرم أن فعلها في عشر ذي الحجة مع ما روي في فضل الصيام فيه أحسن؛ لحصول المقصود مع حيازة فضل الأيام المذكورة , بل فعلها في ذي القعدة حسن أيضا , والحاصل: أن كل ما بعد زمنه كثر ثوابه لشدة المشقة " انتهى.
ونقل في "تهذيب فروق القرافي" لمحمد بن علي بن حسين مفتي المالكية بمكة، المطبوع مع الفروق (2/191) عن ابن العربي المالكي أن قوله صلى الله عليه وسلم: (من شوال) "على جهة التمثيل، والمراد: أن صيام رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين، وذلك المذهب [يعني مذهب الإمام مالك] ، فلو كانت من غير شوال لكان الحكم فيها كذلك، قال: وهذا من بديع النظر فاعلموه" انتهى.
وقال ابن مفلح رحمه الله في "الفروع" (3/108) : " ويتوجه احتمال: تحصل الفضيلة بصومها في غير شوال , وفاقا لبعض العلماء , ذكره القرطبي , لأن فضيلتها كون الحسنة بعشر أمثالها , كما في خبر ثوبان , ويكون تقييده بشوال لسهولة الصوم لاعتياده رخصة , والرخصة أولى" انتهى.
ونقله صاحب الإنصاف وتعقبه بقوله: " قلت: وهذا ضعيف مخالف للحديث , وإنما ألحق بفضيلة رمضان لكونه حريمه , لا لكون الحسنة بعشر أمثالها ; ولأن الصوم فيه يساوي رمضان في فضيلة الواجب " انتهى من "الإنصاف" (3/344) .
القول الثاني:
ذهب جماعة من الشافعية إلى أن من فاته صيام ست من شوال قضاها في ذي القعدة.
لكن ثوابها يكون دون ثواب من صامها في شوال، فمن صام رمضان وأتبعه بست من شوال كان له ثواب صيام سنةٍ فرضا، بخلاف من صام رمضان وستة من غير شوال، فهذا له ثواب رمضان وثواب ستة أيام نفلا.
قال ابن حجر المكي في "تحفة المحتاج" (3/456) : " من صامها مع رمضان كل سنة تكون كصيام الدهر فرضا بلا مضاعفة، ومن صام ستةً غيرها كذلك تكون كصيامه نفلا بلا مضاعفة" انتهى.
القول الثالث:
أنه لا تحصل فضيلتها إلا بصومها في شوال، وهو مذهب الحنابلة.
قال في "كشاف القناع" (2/338) : " ولا تحصل الفضيلة بصيامها أي: الستة أيام في غير شوال، لظاهر الأخبار" انتهى.
لكن يرجى لمن صام بعضها ولم يكملها لعذر أن ينال أجرها وفضيلتها.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " ولا يشرع قضاؤها بعد انسلاخ شوال؛ لأنها سنة فات محلها، سواء تركت لعذر أو لغير عذر ".
وقال فيمن صامت أربعة أيام من شوال ولم تكمل الست لبعض الظروف: " صيام الأيام الستة من شوال عبادة مستحبة غير واجبة، فلك أجر ما صمت منها، ويرجى لك أجرها كاملة إذا كان المانع لك من إكمالها عذراً شرعياً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري في صحيحه. وليس عليك قضاء لما تركت منها. والله الموفق " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (15/389، 395) .
والحاصل:
أن صيام الست من غير شوال، من أهل العلم من رآه كصيامها في شوال، ومنهم من أثبت لها فضلا لكن دون فضل الست في شوال. ومنهم من رجي الثواب لمن لم يكملها لعذر، وفضل الله واسع، وعطاؤه لا منتهى له، فلو أن هذه الأخت صامت يومين من ذي القعدة عوضا عما فاتها من شوال، كان ذلك حسنا، ويرجى لها الثواب والأجر إن شاء الله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3286)
حكم صوم يوم السبت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صوم يوم السبت في غير شهر رمضان وماذا لو صادف يوم عرفة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يكره إفراد يوم السبت بالصيام؛ لما روى الترمذي (744) وأبو داود (2421) وابن ماجه (1726) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ عَنْ أُخْتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) صححه الألباني في "الإرواء" (960) وقَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَمَعْنَى كَرَاهَتِهِ فِي هَذَا أَنْ يَخُصَّ الرَّجُلُ يَوْمَ السَّبْتِ بِصِيَامٍ لأَنَّ الْيَهُودَ تُعَظِّمُ يَوْمَ السَّبْتِ " انتهى.
و (لحاء عنبة) هي القشرة تكون على الحبة من العنب.
(فليمضغه) وهذا تأكيد بالإفطار.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/52) : " قال أصحابنا: يكره إفراد يوم السبت بالصوم ... والمكروه إفراده , فإن صام معه غيره ; لم يكره ; لحديث أبي هريرة وجويرية. وإن وافق صوما لإنسان , لم يكره " انتهى.
ومراده بحديث أبي هريرة: ما رواه البخاري (1985) ومسلم (1144) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَه) .
وحديث جويرية: هو ما رواه البخاري (1986) عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: (أَصُمْتِ أَمْسِ؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: فَأَفْطِرِي) .
فهذا الحديث والذي قبله يدلان دلالة صريحة على جواز صوم يوم السبت في غير رمضان، لمن صام الجمعة قبله.
وثبت في الصحيحين أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ كان َيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا)
وهذا لا بد أن يوافق السبت منفرداً في بعض صومه، فيؤخذ منه أنه إذا وافق صوم السبت عادةً له كيوم عرفة أو عاشوراء، فلا بأس بصومه، ولو كان منفرداً.
وقد ذكر الحافظ في الفتح أنه يستثنى من النهي عن صوم يوم الجمعة من له عادة بصوم يوم معين، كعرفة، فوافق الجمعة. فمثله يوم السبت، وقد سبق كلام ابن قدامة في هذا.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال:
الحال الأولى: أن يكون في فرضٍ كرمضان أداء، أو قضاءٍ، وكصيام الكفارة، وبدل هدي التمتع، ونحو ذلك، فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك معتقدا أن له مزية.
الحال الثانية: أن يصوم قبله يوم الجمعة فلا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة: (أصمت أمس؟) قالت: لا، قال: (أتصومين غدا؟) قالت: لا، قال: (فأفطري) . فقوله: (أتصومين غدا؟) يدل على جواز صومه مع الجمعة.
الحال الثالثة: أن يصادف صيام أيام مشروعة كأيام البيض ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وستة أيام من شوال لمن صام رمضان، وتسع ذي الحجة فلا بأس، لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت، بل لأنه من الأيام التي يشرع صومها.
الحال الرابعة: أن يصادف عادة كعادة من يصوم يوما ويفطر يوما فيصادف يوم صومه يوم السبت فلا بأس به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: (إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) ، وهذا مثله.
الحال الخامسة: أن يخصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم، فهذا محل النهي إن صح الحديث في النهي عنه " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (20/57) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3287)
الصوم في شهر رجب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ورد فضل معين للصيام في شهر رجب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) التوبة/36 , والأشهر الحرم هي: رجب , وذو العقدة , وذو الحجة , والمحرم.
وروى البخاري (4662) ومسلم (1679) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ , ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ , وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) .
وقد سميت هذه الأشهر حرماً لأمرين:
1- لتحريم القتال فيها إلا أن يبدأ العدو.
2- لأن حرمة انتهاك المحارم فيها أشد من غيرها.
ولهذا نهانا الله تعالى عن ارتكاب المعاصي في هذه الأشهر فقال: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) التوبة/36 , مع أن ارتكاب المعصية محرم ومنهي عنه في هذه الأشهر وغيرها , إلا أنه في هذه الأشهر أشد تحريماً.
قال السعدي رحمه الله (ص 373) :
" (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) يحتمل أن الضمير يعود إلى الاثني عشر شهرا , وأن الله تعالى بَيَّن أنه جعلها مقادير للعباد , وأن تعمر بطاعته , ويشكر الله تعالى على مِنَّتِهِ بها , وتقييضها لمصالح العباد , فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها.
ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم , وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها خصوصاً، مع النهي عن الظلم كل وقت , لزيادة تحريمها , وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها " انتهى.
ثانياً:
وأما صوم شهر رجب , فلم يثبت في فضل صومه على سبيل الخصوص أو صوم شيء منه حديث صحيح.
فما يفعله بعض الناس من تخصيص بعض الأيام منه بالصيام معتقدين فضلها على غيرها: لا أصل له في الشرع.
غير أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم (ورجب من الأشهر الحرم) فقَالَ صلى الله عليه وسلم: (صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ) رواه أبو داود (2428) وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود.
فهذا الحديث - إن صح - فإنه يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم , فمن صام في شهر رجب لهذا , وكان يصوم أيضاً غيره من الأشهر الحرم فلا بأس , أما تخصيص رجب بالصيام فلا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (25/290) :
" وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة، بل موضوعة، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات. . .
وفي المسند وغيره حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصوم الأشهر الحرم: وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم. فهذا في صوم الأربعة جميعا لا من يخصص رجبا " انتهى باختصار.
وقال ابن القيم رحمه الله:
" كل حديث في ذكر صيام رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى " انتهى من "المنار المنيف" (ص96) .
وقال الحافظ ابن حجر في "تبيين العجب" (ص11) :
" لم يرد في فضل شهر رجب , ولا في صيامه ولا صيام شيء منه معين , ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة " انتهى.
وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/383) :
" وصيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور , إلا أنه من الأشهر الحرم , ولم يرد في السنة الصحيحة أن للصيام فضيلة بخصوصه , وأن ما جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن صيام يوم السابع والعشرين من رجب وقيام ليلته.
فأجاب:
" صيام اليوم السابع العشرين من رجب وقيام ليلته وتخصيص ذلك بدعة , وكل بدعة ضلالة " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/440) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3288)
هل الأفضل صيام الاثنين والخميس أم ثلاثة أيام من كل شهر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل في الصيام: صيام 3 أيام من كل شهر أم صيام الاثنين والخمس؟ وما هي الأحاديث الواردة في هذا الصيام؟ ومتى تكون ثلاثة أيام من كل شهر هل هي 13، 14، 15 من كل شهر؟ وما هو الحديث؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أردنا أن نفاضل بين صيام الاثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر نجد أن صيام الاثنين والخميس أفضل من صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ لأن من صام الاثنين والخميس كل أسبوع فإنه يعني أنه قد صام ثمانية أيام من كل شهر، فيكون بذلك قد جمع بين الفضيلتين: صيام الاثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر.
والثلاثة أيام من كل شهر يصح صيامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره، متفرقة أو متتابعة، إلا أن الأفضل أن يجعلها الأيام البِيض وهي الأيام التي يكون القمر فيها مكتملاً وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر القمري.
وهذه طائفة من الأحاديث المرغبة في صيام الاثنين والخميس:
أ. عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين فقال: (فيه ولدتُ، وفيه أُنزل عليَّ) رواه مسلم (1162) .
ب. وعن عائشة رضي الله عنه قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرَّى صوم الاثنين والخميس) رواه الترمذي (745) والنسائي (2361) وابن ماجه (1739) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1044) .
ج. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تُعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) رواه الترمذي (747) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1041) .
وهذه طائفة من الأحاديث المرغبة في صيام ثلاثة أيام من كل شهر:
أ. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر. رواه البخاري (1124) ومسلم (721) .
ب. وعن معاذة العدوية أنها سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. فقلت لها: من أي أيام الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم. رواه مسلم (1160) .
ج. وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، وأيام البيض: صبيحة ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة) . رواه النسائي (2420) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1040) .
د. وعن أبي أبا ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صمتَ شيئا من الشهر فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة) رواه الترمذي (761) والنسائي (2424) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1038) .
فالأمر في صيام الأيام الثلاثة واسع، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنه، وأفضل أيام الشهر لصيامها: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، كما جاء في الأحاديث الصحيحة الأخرى.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، هل لابد أن تكون في الأيام البيض فقط؟ أم يجوز أن يصام منها ثلاثة أيام من أي يوم في الشهر؟
فأجاب:
" يجوز للإنسان أن يصوم في أول الشهر، أو وسطه، أو آخره، متتابعة، أو متفرقة، لكن الأفضل أن تكون في الأيام البيض الثلاثة وهي: ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر،
قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، لا يبالي أصامها من أوله، أو آخر الشهر " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (20 /السؤال رقم 376) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3289)
صيام يوم السبت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه لا يجوز صيام يوم السبت إلا في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف أهل العلم في صوم يوم السّبت، فمنهم من قال: إنّه ليس بمكْرُوه وأطلَقَ، ومنهم من فَصّل، فقال: إنْ أُفرِدَ فهو مكروه، وإنْ جُمِع مع يوم الأحد الذي بعده، أو يوم الجمعة الذي قبله، فلا كراهة في ذلك، وهذا هو الأقرب، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى منار الاسلام 2/366.(5/3290)
الأيام التي يشرع فيها صيام النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[كم يوماً من الشهر يصومه الفرد، وفي أي الأيام تحديدا من الأسبوع يصوم المسلم؟ كما أريد التعرف على التوقيت الصحيح لكل من الإفطار والسحور. أرجو أن تزودني بما يتعلق بالمسائل أعلاه بالتفصيل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من حكمة الله تعالى أن شرع لعباده ما يتطوعون ويتقربون به إليه بعد أداء الفرائض من جنس العبادات التي افترضها عليهم، ورتَّب عليها الأجور العظيمة كما في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ربه عزَّ وجلَّ (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ) البخاري 6502
وصيام النافلة ينقسم إلى قسمين رئيسين:
أولهما: التطوُّع المطلق (غير المحدد بوقت أو حالة معينة) فيمكن للمسلم أن يتطوع بصيام أي يوم أراد من أيام السنة، إلا ما ورد النهي عنه كيومي العيدين لأن صيامهما محرم، وأيام التشريق (الأيام الثلاثة بعد عيد الأضحى) فالصيام فيها محرم إلا في الحج لمن ليس عنده هدي، وماعدا تقصُّد صيام يوم الجمعة وحده لورود النهي عنه، ومن أفضل صور التطوع المطلق صيام يوم وفطر يوم لمن قدر عليه كما جاء في الحديث (أَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا) البخاري 1131 مسلم 1159 ويشترط في الأفضلية ألاَّ يضعفه عمّا هو أولى كما في روايةٍ للحديث (كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى) البخاري 1977 مسلم 1159.
ثانيهما: التطوُّع المقيد: وهو أفضل من التطوُّع المطلق من حيث العموم وينقسم إلى قسمين:
الأول: المقيّد بحال الشخص، كالشاب الذي لم يستطع الزواج كما في حديث عَبْد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) البخاري 5066 مسلم 1400. فإن مشروعية الصيام في حقه تتأكد مادام أعزب، ويزداد التأكد كلما ازدادت المثيرات له، من غير تحديد بأيام معينة.
الثاني: المقيد بوقت معين، وهذا متنوع فبعضه أسبوعي، وبعضه شهري وبعضه سنوي.
فالأسبوعي هو استحباب صيام الاثنين والخميس، فعن عَائِشَةَ قَالَتْ (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَحَرَّى صِيَامَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس) النسائيِ2320 وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير4897 وسئل صلى الله عليه وسلم عن صيام يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ قَال (َ ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ) النسائي 2358 وابن ماجه 1740 وأحمد 8161 وصححه الألباني في صحيح الجامع 1583، وسُئِلَ عَنْ صَوْمِ الاثْنَيْنِ فَقَالَ (فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ) مسلم1162.
والشهري هو استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ (أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ) البخاري 1178 مسلم 721. والمستحب كونها أوسط الشهر الهجري المسماة أيام البيض فعن أَبِي ذَرٍّ قَال (َ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صُمْتَ شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ) النسائي 2424 ابن ماجه 1707 أحمد 210 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 673.
والسنوي منه ما هو يوم معين ومنه ما هو فترة يسن الصوم فيها.
فمن الأيام المعينة:
1 ـ يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر محرم فعن ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ (مَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ يَوْمًا يَطْلُبُ فَضْلَهُ عَلَى الأَيَّامِ إِلاَّ هَذَا الْيَوْمَ وَلا شَهْرًا إِلا هَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي رَمَضَانَ) البخاري 2006 مسلم 1132. ويسن أن يصوم معه يوما قبله أو يوما بعده لمخالفة اليهود.
2 ـ يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، واستحبابه خاص بمن لم يكن واقفاً بعرفة،كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضل الثلاث الماضية كلها (ثَلاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) مسلم 1162.
أما الفترات التي يسن الصوم فيها فمنها:
1 ـ شهر شوال: يسن صيام ستة أيام منه لقول رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) مسلم 1164. وراجع السؤال رقم 7859.
2 ـ شهر محرم: يسن صيام ما تيسَّر منه للحديث (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ) مسلم 1163.
3 ـ شهر شعبان:كما ثبت عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إَِلا قَلِيلاً) البخاري 1969 مسلم 1156.
وعلى المسلم الراغب في الخير أن يعلم عظم فضل التطوع لله بالصيام كما جاء في الحديث عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنْ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ عَامًا) النسائي 2247 وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي 2121.
نسأل الله أن يجعلنا ممن يباعدون عن جهنم وحرها ويكونون من أصحاب النعيم.
أما التوقيت الصحيح للسحور والإفطار: فكما في تعريف الصيام أنه: التعبد لله تعالى بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، كما قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187 فيبدأ الصائم الإمساك عن المفطرات من تحقق طلوع الفجر وحتى غروب الشمس كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن وقت الإفطار (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) البخاري 1818 مسلم 1841، أما وقت السحور فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه ما بين نصف الليل الأخير إلى طلوع الفجر الثاني ويسن تأخيره عند جمهور العلماء ما لم يخش طلوع الفجر الثاني للآية السابقة ولقوله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم (عجلوا الإفطار وأخروا السحور) رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع 3989، ولأن المقصود بالسحور التقوِّي على الصوم، وما كان أقرب إلى الفجر كان أعون على الصوم. نسأل الله أن يجعلنا من المتقيدين بشرعه العاملين به، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3291)
صوم الأيام البيض على التقويم القمري لا الشّمسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم جديد وقد بدأت بأداء شعائر الدين ومن بينها صوم رمضان الذي أسعدني جداً وأحببت أن أقوم بصيام تطوعي وعلمت أن صيام 13 و 14 و 15 من كل شهر هو من السنة وهي تسمى الأيام البيض فقمت بصيامها على التقويم الشمسي، فهل ما قمت به عمل صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هنيئا لك بمنّة الله عليك بأن هداك لهذا الدّين وجعلك تتلذّذ بطاعته وتستمتع بعبادة الصّيام التي هي من أجلّ العبادات وأفضلها وهاك نبذة من الفضائل المتعلّقة بالصيام:
فضل الصيام عظيم ومما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة: أن الصيام قد اختصه الله لنفسه وأنه يجزي به فيضاعف أجر صاحبه بلا حساب لحديث: (إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به) البخاري 1904، (وأن الصوم لا عِدل له) النسائي 4/165 وهو في صحيح الترغيب 1/413، (وأن دعوة الصائم لا تُردّ) رواه البيهقي 3/345 وهو في السلسلة الصحيحة 1797، (وأن للصائم فرحتين إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربّه فرح بصومه) رواه مسلم 2/807، (وأن الصيام يشفع " للعبد يوم القيامة يقول: أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه) " رواه أحمد 2/174 وحسّن الهيثمي إسناده: المجمع 3/181 وهو في صحيح الترغيب 1/411، وأن (خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) مسلم2/807، وأن (الصوم جُنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد 2/402 وهو في صحيح الترغيب 1/411 وصحيح الجامع 3880، وأنّ (من صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا) رواه مسلم 2/808، وأنّ (من صام يوما ابتغاء وجه الله خُتم له به دخل الجنّة) رواه أحمد 5/391 وهو في صحيح الترغيب 1/412. وأن (ّ في الجنة بابا يُقال له الريان يدخل منه الصائمون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد) البخاري 1797.
وصيام التطوع يجبر نقص صيام الفريضة، ومن أمثلته عاشوراء وعرفة وأيام البيض والاثنين والخميس وست من شوال والإكثار من الصيام في محرم وشعبان.
والمقصود بالأيام البيض هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كلّ شهر قمري لقوله تعالى: (يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس والحجّ) فالعبادات والعُدَد (للمطلقة والمتوفى عنها زوجها وغير ذلك) كلّها مبنية على الأشهر القمرية لا الشّمسية، والصيام الذي صمته على التقويم الشّمسي الميلادي لا يُطابق - في الغالب - التقويم القمري وعلى أية حال أنت مأجور إن شاء الله على الأيّام التي صمتها باعتبار أنّك صمتها نافلة لله تعالى، ولكن إن أردتّ الأجر الخاص بصيام أيّام البيض بالذّات التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم فعليك أن تتعرّف على التقويم القمري وتضبط صيامك بناء عليه، ونسأل الله أن يزيدك من فضله ويُثبّتك على دينه ويوفقّك للعمل بمرضاته ويُجزل لك الأجر والمثوبة إنّه سميع مجيب ولا تنسنا يا أخي من دعائك في صيامك، وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3292)
حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحت هل تستطيع أن تخبرني هل يجوز لنا نصوم صيام التطوع يوم الجمعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ) رواه البخاري (1849) ومسلم (1929) ، وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إِلا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ) (الصيام/1930) .
وفي الصحيح عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ أَصُمْتِ أَمْسِ قَالَتْ لا قَالَ تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا قَالَتْ لا قَالَ فَأَفْطِرِي وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ الْجَعْدِ سَمِعَ قَتَادَةَ حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ حَدَّثَتْهُ فَأَمَرَهَا فَأَفْطَرَتْ) رواه البخاري (الصوم/1850)
قال ابن قدامة: " يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ , إلا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ , مِثْلُ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَيُوَافِقُ صَوْمُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , وَمَنْ عَادَتُهُ صَوْمُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ , أَوْ آخِرِهِ , أَوْ يَوْمِ نِصْفِهِ. المغني ج/3 ص/53
وقال النووي: قَالَ أَصْحَابُنَا (يعني الشافعية) : يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ فَإِنْ وَصَلَهُ بِصَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ وَافَقَ عَادَةً لَهُ بِأَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ شِفَاءِ مَرِيضِهِ , أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ أَبَدًا , فَوَافَقَ الْجُمُعَةَ لَمْ يُكْرَهْ. المجموع شرح المهذب ج/6 ص/479
قال شيخ الإسلام رحمه الله: إن السنة مضت بكراهة إفراد رجب بالصوم، وكراهة إفراد يوم الجمعة..أ. هـ الفتاوى الكبرى ج/6 ص/180
قال الشيخ ابن عثيمين: " وأما الجمعة فلا يُسنّ صوم يومها، ويُكره أن يفرد صومه " ا. هـ.
انظر الشرح الممتع ج/6 ص/465
ويستثنى من هذا النهي: ِمَنْ صَامَ قَبْله أَوْ بَعْده أَوْ اِتَّفَقَ وُقُوعُهُ فِي أَيَّامٍ لَهُ عَادَةٌ بِصَوْمِهَا كَمَنْ يَصُوم أَيَّام الْبِيضِ أَوْ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِصَوْمِ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَيَوْمِ عَرَفَةَ فَوَافَقَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ , وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ صَوْمِهِ لِمَنْ نَذَرَ يَوْم قُدُوم زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ يَوْم شِفَاء فُلَانٍ. انظر كتاب فتح الباري لابن حجر.
وكذلك من عليه صوم قضاء من رمضان، " فيجوز للمسلم أن يصوم يوم الجمعة قضاء عن يوم رمضان ولو منفرداً " فتوى اللجنة الدائمة ج/10 ص/347
وكذلك لو وافق عاشوراء أو عرفة يوم جمعة، فيصومه، لأن نيّته عاشوراء وعرفة وليس الجمعة. والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3293)
هل يستأذن الرجل زوجته في صوم التطوع كما هو الحال معها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة تستأذن زوجها في أن تصوم، أعني في غير شهر رمضان؛ وذلك لأنه من حقه أن يأتيها متى يشاء، ومن الواجب عليها أن تطيعه، فهل لها هي الأخرى حق بأن يستأذنها في أن يصوم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم الزوجة أن تصوم تطوعاً وزوجها شاهد إلا بإذنه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ) . رواه البخاري (5195) ومسلم (1026) .
ولفظ أحمد (9812) : (لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا وَاحِدًا وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلا بِإِذْنِهِ إِلا رَمَضَانَ) حسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (1052) .
قال النووي:
هذا محمول على صوم التطوع والمندوب الذي ليس له زمن معين , وهذا النهي للتحريم صرح به أصحابنا , وسببه أن الزوج له حق الاستمتاع بها في كل الأيام , وحقه فيه واجب على الفور فلا يفوته بتطوع ولا بواجب على التراخي. " شرح مسلم " (7 / 115) .
ثانياً:
وأما سبب ورود النهي للمرأة دون الرجل فيمكن استنباط الحكمة من ذلك:
1- حق الزوج على زوجته آكد من حقها عليه، فلا يصح قياس الزوج على الزوجة في هذا.
قال ابن قدامة في "المغني" (7/223) :
" وَحَقُّ الزَّوْجِ عَلَيْهَا أَعْظَمُ مِنْ حَقِّهَا عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) . وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ , لأَمَرْت النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ ; لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد " انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (3/144) :
" وَلَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ بَعْدَ حَقِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْجَبَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ , حَتَّى قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ كُنْت آمِرًا لأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا لِعِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا) " انتهى.
2- أن الزوج – غالباً – هو الطالب للجماع، والمرأة هي المطلوبة، فالأكثر والأغلب أن تكون الرغبة منه إليها، فناسب أن تستأذنه قبل صيام النفل، إذ قد تكون له رغبة في جماعها.
3- شهوة الرجال أكبر وأعظم من شهوة النساء، ولذا أبيح للرجل الزواج من أربع نسوة، وليس هذا الأمر في النساء ولا لهن، ولذا – أيضاً – كان صبر الرجال على ترك الجماع أضعف من صبر النساء، ولذا جاء الاستئذان لهن، وجاء الوعيد لهن في امتناعهن من الجماع في حال دعوة الزوج لهن.
ومناسبة الحديث تؤيد هذه الحكمة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المرأة عن صيام النفل لما اشتكى زوج امرأة عليها أنه يرغب بجماعها وهي تكثر الصوم فيتعطل حقه.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجِي صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، وَيُفَطِّرُنِي إِذَا صُمْتُ، وَلا يُصَلِّي صَلاةَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. قَالَ: وَصَفْوَانُ عِنْدَهُ. قَالَ: فَسَأَلَهُ عَمَّا قَالَتْ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا قَوْلُهَا: يَضْرِبُنِي إِذَا صَلَّيْتُ، فَإِنَّهَا تَقْرَأُ بِسُورَتَيْنِ وَقَدْ نَهَيْتُهَا. قَالَ: فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ سُورَةً وَاحِدَةً لَكَفَتْ النَّاسَ. وَأَمَّا قَوْلُهَا: يُفَطِّرُنِي، فَإِنَّهَا تَنْطَلِقُ فَتَصُومُ، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ، فَلا أَصْبِرُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: لا تَصُومُ امْرَأَةٌ إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. وَأَمَّا قَوْلُهَا: إِنِّي لا أُصَلِّي حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ، لا نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. قَالَ: فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ.
رواه أبو داود (2459) . والحديث: صححه ابن حبان (4 / 354) ، والحافظ ابن حجر في " الإصابة " (3 / 441) ، والألباني في " إرواء الغليل " (7 / 65) .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله:
ومن حقوقه عليها: أن لا تعمل عملا يضيع عليه كمال الاستمتاع حتى لو كان ذلك تطوعاً بعبادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه) . " حقوق دعت إليها الفطرة وقررتها الشريعة " (ص 12) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعًا وزوجها شاهد إلا بإذنه؛ لأن له عليه حق العشرة والاستمتاع، فإذا صامت فإنها تمنعه من حقوقه، فلا يجوز لها ذلك، ولا يصح صومها تنفلاً إلا بإذنه. " المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (4 / 73، 74) .
4- القيام بحقوق الزوج، ورعاية المنزل، وتربية الأبناء واجبات على الزوجة، فقد يرى الزوج تعارضاً بين تلك الواجبات وصيامها للنفل، وهذا مشاهد من قبل النساء – بل وبعض الرجال – أنه إن صامت تكاسلت وفرَّطت في واجبات بيتها، ولذلك جعل الاستئذان في صيام النفل دون الواجب.
5- أن الزوج – في العادة – يخرج للعمل والتكسب، بخلاف المرأة التي عملها في بيتها، فلم يشرع استئذان الزوج لعدم الحاجة إليه، بخلاف المرأة التي تستأذن
وعلى كل حال: فأوامر الشرع ونواهيه كلها حكمة، ويجب على المسلم أن يقول سمعنا وأطعنا، والأصل اشتراك الرجال والنساء في الأحكام إلا ما فرَّق الله بينها لحكمة تتعلق بطبيعة خلقتها أو للابتلاء ليعلم المؤمن الصادق من غيره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3294)
الترغيب في صيام أيام البيض وشهر شعبان
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اعتدت صيام أيام البيض من كل شهر ولله الحمد ولكن هذا الشهر لم أصم وعندما أردت الصيام قيل لي إنه لا يجوز وإنها بدعة، (لقد صمت يوم الاثنين أول الشهر ثم صمت يوم الأربعاء 19 شعبان وبإذن الله سأصوم غداً الخميس وبذلك أكون صمت 3 أيام) فما الحكم؟ وما حكم إكثار الصيام في شهر شعبان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
حرَّم الله تعالى القول عليه بغير علم، وقرن ذلك بالشرك وكبائر الذنوب، فقال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33.
ومن القول عليه بغير علم ما جاء في السؤال من قول بعضهم ببدعية صيام ثلاثة أيام من شهر شعبان على الوجه المذكور في السؤال.
ثانياً:
يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، والأفضل أن تكون أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى ونوم على وتر.
رواه البخاري (1124) ومسلم (721) .
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام؛ فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر كله ".
رواه البخاري (1874) ومسلم (1159) .
وعن أبي ذر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا صمت شيئاً من الشهر فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ".
رواه الترمذي (761) والنسائي (2424) . والحديث حسنه الترمذي ووافقه الألباني في " إرواء الغليل " (947) .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى -:
ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة - رضي الله عنه - بصيام ثلاثة أيام من كل شهر فمتى تصام هذه الأيام؟ وهل هي متتابعة؟ .
فأجاب:
هذه الأيام الثلاثة يجوز أن تصام متوالية أو متفرقة، ويجوز أن تكون من أول الشهر، أو من وسطه، أو من آخره، والأمر واسع ولله الحمد، حيث لم يعين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سئلت عائشة - رضي الله عنها -: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: " نعم "، فقيل: من أي الشهر كان يصوم؟ قالت: " لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم " – رواه مسلم (1160) -، لكن اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر أفضل، لأنها الأيام البيض.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (20 / السؤال رقم 376) .
ثالثاً:
لعل من أراد منعك من صيام هذه الأيام في هذا الشهر (شعبان) لعله قال ذلك لأنه علم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الصيام إذا انتصف شعبان.
وقد سبق في إجابة السؤال (49884) أن هذا النهي إنما هو في حق من ابتدأ الصيام في النصف الثاني من شعبان، ولم تكن له عادة بالصيام.
أما من ابتدأ الصيام في النصف الأول ثم استمر صائماً في النصف الثاني، أو كانت له عادة بالصيام فلا حرج من صيامه في النصف الثاني، كمن اعتاد صيام ثلاثة أيام من كل شهر أو صيام يومي الاثنين والخميس.
وعلى هذا فلا حرج من صيامك ثلاثة أيام من شهر شعبان، حتى لو وقع بعضها في النصف الثاني من الشهر.
رابعاً:
ولا بأس من إكثار الصيام في شهر شعبان، بل هو من السنة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الصوم في هذا الشهر.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان.
رواه البخاري (1868) ومسلم (1156) .
وعن أبي سلمة أن عائشة رضي الله عنها حدثته قالت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله وكان يقول خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وأحب الصلاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما دووم عليه وإن قلَّت، وكان إذا صلى صلاة داوم عليها.
رواه البخاري (1869) ومسلم (782) .
راجع السؤال المشار إليه آنفاً (49884) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3295)
كيفية صيام داود عليه السلام وكيف نوفق بينه وبين النهي عن صيام يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة كيفية صيام نبي الله داود عليه الصلاة والسلام، حيث إن صومه - كما هو معروف - يصوم يوماً ويفطر يوماً كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن قد نُهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم، فكيف يكون نصوم يوماً ونفطر يوماً؟ وهل كان يوم الجمعة في عهد داود عليه الصلاة والسلام غير منهي عنه بالإفراد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أفضل الصيام صيام داود: كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ".
ولا تتعارض هذه الأفضلية مع النهي عن صيام يوم الجمعة؛ لأن النهي عن صيام الجمعة إنما هو فيمن خصَّه من بين الأيام، والذي يصوم صيام داود عليه السلام (يصوم يوماً ويفطر يوماً) لم يتقصد يوم الجمعة بصيام.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
وفي حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - دليل على أن صوم يوم الجمعة أو السبت إذا صادف يوماً غير مقصود به التخصيص: فلا بأس به، لأنه إذا صام يوماً، وأفطر يوماً: فسوف يصادف الجمعة والسبت، وبذلك يتبين أن صومهما ليس بحرام، وإلا لقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: صم يوماً، وأفطر يوماً، ما لم تصادف الجمعة والسبت.
" الشرح الممتع " (6 / 476) .
ثانياً: وأما سؤالك عن حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام في شريعة داود عليه السلام.
فلا نعلم شيئاً عن الأحكام العملية في شريعة داود عليه السلام من حيث النهي عن صيام الجمعة أو غيره، والمعلوم أن لكل نبي شرعة ومنهاجاً، وهم – عليهم الصلاة والسلام – عقائدهم واحدة وشرائعهم مختلفة.
قال الله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) المائدة/48
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والأنبياء إخوة لعَلاَّت، أمهاتهم شتَّى، ودينهم واحد ". رواه البخاري (3259) ومسلم (2365) .
ومعنى الحديث: أن دين الأنبياء واحد، وهو توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة، وإن تفرقت شرائعهم، كمثل الإخوة الذين لهم أب واحد وأمهات شتى (وهم الإخوة لعَلاّت) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3296)
لا يصوم إلا شهر رمضان فقط ولا يصوم شيئاً من النوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يصوم شهر رمضان فقط، ولا يصوم المناسبات الأخرى؟ هل يجوز لي أن أخرج الصدقة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على المسلم هو صوم شهر رمضان، وما عداه من الأيام الفاضلة، كيوم عرفة وعاشوراء وغيرهما لا يجب صومها إلا إذا نذرها، وأما من غير نذر فلا يجب صومها.
وقد ثبت عن طلحة بن عبيد الله أنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة، فقال هل علي غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصيام رمضان، قال هل علي غيره؟ قال لا إلا أن تطوع، قال وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، قال هل علي غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع، فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق) رواه البخاري (46) ، ومسلم (11)
وهذا يدل على أن الصوم الواجب هو صوم شهر رمضان، وما عداه من الأيام الفاضلة، ولا يأثم الإنسان بتركه.
قال النووي في شرح مسلم:
في هذا الحديث أنه لا يجب صوم عاشوراء ولا غيره سوى رمضان، وهذا مجمع عليه.اهـ
، لكن لا ينبغي له أن يترك صيام الأيام الفاضلة، كعاشوراء وعرفة وست من شوال ونحو ذلك، لعظيم أجرها وفضلها، ولأن صيام النافلة مكمل لما يحصل من النقص في صيام الفريضة.
وقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عز وجل انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك) رواه الترمذي برقم 413، والنسائي برقم 465، وصححه الألباني في صحيح الترمذي
وهذا يدل على أن صيام النافلة يكمل ما حصل من نقص في صيام الفريضة.
أما سؤالك عن الصدقة فغير واضح، لكن إن كان قصدك السؤال عن الصدقة على مثل ذلك الرجل، فالجواب: نعم تجوز الصدقة عليه، طالما أنه مسلم يصلي، وتركه للصيام للنوافل - كما سبق - ليس فيه إثم، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3297)
هل تصوم تطوعاً وعليها أيام من رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت في رمضان بسبب الدورة الشهرية ولم أقض ديني بعد هل لي أن أصوم العشر الأوائل من ذي الحجة..؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
هذه المسألة تعرف عند أهل العلم بصيام النافلة قبل قضاء رمضان، وفيها خلاف بين العلماء، فمن العلماء من حرم صيام النافلة قبل قضاء الأيام التي على الإنسان، لأن البدء بالفرض آكد من النفل، ومن العلماء من أجاز ذلك.
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: عما إذا اجتمع قضاء واجب ومستحب، فهل يجوز للإنسان أن يفعل المستحب ويجعل قضاء الواجب فيما بعد أو يبدأ بالواجب أولاً مثال: يوم عاشوراء وافق قضاء من رمضان؟
فأجاب ": بالنسبة للصيام الفريضة والنافلة لا شك أنه من المشروع والمعقول أن يبدأ بالفريضة قبل النافلة، لأن الفريضة دَيْنٌ واجب عليه، والنافلة تطوع إن تيسرت وإلا فلا حرج، وعلى هذا فنقول لمن عليه قضاء من رمضان: اقض ما عليك قبل أن تتطوع، فإن تطوع قبل أن يقضي ما عليه فالصحيح أن صيامه التطوع صحيح مادام في الوقت سعة، لأن قضاء رمضان يمتد إلى أن يكون بين الرجل وبين رمضان الثاني مقدار ما عليه، فمادام الأمر موسعا فالنفل جائز، كصلاة الفريضة مثلا إذا صلى الإنسان تطوعا قبل الفريضة مع سعة الوقت كان جائزا، فمن صام يوم عرفة، أو يوم عاشوراء وعليه قضاء من رمضان فصيامه صحيح، لكن لو نوى أن يصوم هذا اليوم عن قضاء رمضان حصل له الأجران: أجر يوم عرفة، وأجر يوم عاشوراء مع أجر القضاء، هذا بالنسبة لصوم التطوع المطلق الذي لا يرتبط برمضان، أما صيام ستة أيام من شوال فإنها مرتبطة برمضان ولا تكون إلا بعد قضائه، فلو صامها قبل القضاء لم يحصل على أجرها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر» ومعلوم أن من عليه قضاء فإنه لا يعد صائما رمضان حتى يكمل القضاء، وهذه مسألة يظن بعض الناس أنه إذا خاف خروج شوال قبل صوم الست فإنه يصومها ولو بقي عليه القضاء، وهذا غلط فإن هذه الستة لا تصام إلا إذا أكمل الإنسان ما عليه من رمضان " مجموع فتاوى ابن عثيمين (20/438)
وعلى هذا، فيجوز لك أن تصومي العشر الأوائل من شهر ذي الحجة على أنها نافلة، والأفضل لك أن تصوميها بنيّة قضاء رمضان، ويحصل لك الأجران إن شاء الله تعالى.
ويراجع السؤال رقم (23429) والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3298)
إذا اختلفت البلاد في تحديد دخول شهر رمضان ويوم عرفة، فمع من أصوم؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[انتقلنا بسبب ظروف معينة إلى السكن في دولة الباكستان، وقد تغيرت علي عدد من الأمور من أوقات الصلاة إلى غير ذلك..... أردت أن أسألكم بأنني راغبة في صيام يوم عرفة، ولكن يختلف التاريخ الهجري في باكستان عن المملكة بحيث قد يكون التاريخ في باكستان 8 والذي يوافق 9 في المملكة ... فهل أصوم يوم 8 أي تاريخ 9 في المملكة أم أصوم على حسب تاريخ باكستان؟؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عما إذا اختلف يوم عرفة نتيجة لاختلاف المناطق المختلفة في مطالع الهلال فهل نصوم تبع رؤية البلد التي نحن فيها أم نصوم تبع رؤية الحرمين؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا يبنى على اختلاف أهل العلم: هل الهلال واحد في الدنيا كلها أم هو يختلف باختلاف المطالع؟
والصواب أنه يختلف باختلاف المطالع، فمثلا إذا كان الهلال قد رؤي بمكة، وكان هذا اليوم هو اليوم التاسع، ورؤي في بلد آخر قبل مكة بيوم وكان يوم عرفة عندهم اليوم العاشر فإنه لا يجوز لهم أن يصوموا هذا اليوم لأنه يوم عيد، وكذلك لو قدر أنه تأخرت الرؤية عن مكة وكان اليوم التاسع في مكة هو الثامن عندهم، فإنهم يصومون يوم التاسع عندهم الموافق ليوم العاشر في مكة، هذا هو القول الراجح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا) وهؤلاء الذين لم ير في جهتهم لم يكونوا يرونه، وكما أن الناس بالإجماع يعتبرون طلوع الفجر وغروب الشمس في كل منطقة بحسبها، فكذلك التوقيت الشهري يكون كالتوقيت اليومي. [مجموع الفتاوى 20]
وسئل رحمه الله من بعض موظفي سفارة بلاد الحرمين في إحدى الدول: ونحن هنا نعاني بخصوص صيام شهر رمضان المبارك وصيام يوم عرفة، وقد انقسم الأخوة هناك إلى ثلاثة أقسام:
قسم يقول: نصوم مع المملكة ونفطر مع المملكة.
قسم يقول نصوم مع الدولة التي نحن فيها ونفطر معهم.
قسم يقول: نصوم مع الدولة التي نحن فيها رمضان، أما يوم عرفة فمع المملكة.
وعليه آمل من فضيلتكم الإجابة الشافية والمفصلة لصيام شهر رمضان المبارك، ويوم عرفة مع الإشارة إلى أن دولة. . . وطوال الخمس سنوات الماضية لم يحدث وأن وافقت المملكة في الصيام لا في شهر رمضان ولا في يوم عرفة، حيث إنه يبدأ صيام شهر رمضان. بعد إعلانه في المملكة بيوم أو يومين، وأحيانا ثلاثة أيام.
فأجاب:
اختلف العلماء رحمهم الله فيما إذا رؤي الهلال في مكان من بلاد المسلمين دون غيره، هل يلزم جميع المسلمين العمل به، أم لا يلزم إلا من رأوه ومن وافقهم في المطالع، أو من رأوه، ومن كان معهم تحت ولاية واحدة، على أقوال متعددة، وفيه خلاف آخر.
والراجح أنه يرجع إلى أهل المعرفة، فإن اتفقت مطالع الهلال في البلدين صارا كالبلد الواحد، فإذا رؤي في أحدهما ثبت حكمه في الآخر، أما إذا اختلفت المطالع فلكل بلد حكم نفسه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو ظاهر الكتاب والسنة ومقتضى القياس:
أما الكتاب فقد قال الله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) فمفهوم الآية: أن من لم يشهده لم يلزمه الصوم.
وأما السنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) مفهوم الحديث إذا لم نره لم يلزم الصوم ولا الفطر.
وأما القياس فلأن الإمساك والإفطار يعتبران في كل بلد وحده وما وافقه في المطالع والمغارب، وهذا محل إجماع، فترى أهل شرق آسيا يمسكون قبل أهل غربها ويفطرون قبلهم، لأن الفجر يطلع على أولئك قبل هؤلاء، وكذلك الشمس تغرب على أولئك قبل هؤلاء، وإذا كان قد ثبت هذا في الإمساك والإفطار اليومي فليكن كذلك في الصوم والإفطار الشهري ولا فرق.
ولكن إذا كان البلدان تحت حكم واحد وأَمَرَ حاكمُ البلاد بالصوم، أو الفطر وجب امتثال أمره؛ لأن المسألة خلافية، وحكم الحاكم يرفع الخلاف.
وبناء على هذا صوموا وأفطروا كما يصوم ويفطر أهل البلد الذي أنتم فيه سواء وافق بلدكم الأصلي أو خالفه، وكذلك يوم عرفة اتبعوا البلد الذي أنتم فيه. " [مجموع الفتاوى 19] .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3299)
إذا شرع في صيام نفل ثم أفطر هل يلزمه قضاؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يريد صيام ستاً من شوال، وفي أحد الأيام نوى أن يصومه لكنه أفطر بدون عذر، ولم يتم صيامه فهل يقضى هذا اليوم بعد ما يصوم ست من شوال ويكون عدد الأيام التي صامها سبعاً أم يصوم ستاً من شوال فقط؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء فيمن شرع في صيام نفل هل يجب عليه إتمامه أم لا؟ على قولين:
القول الأول: أنه لا يلزم إتمام صيام النفل، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، واستدلوا بما يلي:
1- عن عائشة أم المؤمنين قالت: (دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذن صائم، ثم أتانا يوما آخر فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حيس، فقال أرينيه فلقد أصبحت صائما، فأكل) رواه مسلم برقم 1154
2- عن أبي جحيفة قال: (..... فجاء أبو الدرداء فصنع له - أي لسلمان - طعاما، فقال: كل فإني صائم، قال سلمان: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال فأكل..... فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق سلمان) رواه البخاري برقم 1968
3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (صنعت للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما، فلما وضع، قال رجل: أنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعاك أخوك، وتكلف لك، أفطر فصم مكانه إن شئت) رواه الدراقطني برقم 24، وحسنه الحافظ في الفتح 4 / 210
القول الثاني: أنه يلزم إتمام النفل، فإن أفسده فعليه القضاء، وهذا مذهب الحنفية، واستدلوا على وجوب القضاء بما يلي:
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أهدي لي ولحفصة طعام وكنا صائمتين فأفطرنا ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا له يا رسول الله إنا أهديت لنا هدية فاشتهيناها فأفطرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا عليكما صوما مكانه يوما آخر) رواه أبو داود 2457، والترمذي 735، وفي إسناده زميل، قال في التقريب: مجهول، وضعفه النووي في المجموع 6 / 396، وابن القيم في زاد المعاد 2 / 84، وضعفه الألباني.
2- في حديث عائشة السابق في مسلم، زاد بعضهم: (فلقد أصبحت صائماً فأكل، وقال: أصوم يوما مكانه) .
وأجيب بأن النسائي ضعف هذه الزيادة، وقال: هي خطأ، وكذا ضعفها الدارقطني والبيهقي.
والقول الأول هو الراجح لقوة أدلته، ويؤيده ما ثبت عن أم هانئ رضي الله عنها أنها قالت: (يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة؟ فقال لها: أكنت تقضين شيئا، قالت لا، قال: فلا يضرك إن كان تطوعا) رواه أبو داود برقم 2456، وصححه الألباني.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا كان الإنسان صائما صيام نفل وحصل له ما يقتضي الفطر فإنه يفطر، وهذا هو الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم جاء إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقال (هل عندكم شيء؟) فقالت: أهدي لنا حيس فقال: (فأرينيه فلقد أصبحت صائما) . فأكل منه صلى الله عليه وسلم، وهذا في النفل، وليس في الفرض. " انتهى من مجموع الفتاوى 20
وعليه فلا يلزمك قضاء ذلك اليوم الذي أفطرته، لأن المتطوع أمير نفسه، وإنما أكمل صيام ست من شوال.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3300)
وصل شعبان برمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[عفا الله عنى وتركت التدخين وبدأت الصيام من يوم 7 رجب وحتى نهاية شعبان ولم أفصل بين شعبان ورمضان حيث اختلفت الفتاوى في ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله الذي وفقك لترك هذا المحرم، ونسأل الله تعالى لنا ولك الثبات على دينه حتى الممات.
ومواصلتك الصيام بين شعبان ورمضان جائزة،
وقد أصبت السنة بفعلك هذا، راجع سؤال رقم (13726) , (26850) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3301)
هل صيام ست من شوال مكروه كما يقول بعض العلماء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا ترى في صيام ستة أيام بعد رمضان من شهر شوال، فقد ظهر في موطأ مالك: أن الإمام مالك بن أنس قال في صيام ستة أيام بعد الفطر من رمضان: أنه لم ير أحداً من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه، هذا الكلام في الموطأ الرقم 228 الجزء الأول.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال فذاك صيام الدهر) رواه أحمد (5/417) ومسلم (2/822) وأبو داود (2433) والترمذي (1164) .
فهذا حديث صحيح يدل على أن صيام ستة أيام من شوال سنة، وقد عمل به الشافعي وأحمد وجماعة من أئمة من العلماء، ولا يصح أن يقابل هذا الحديث بما يعلل به بعض العلماء لكراهة صومها من خشية أن يعتقد الجاهل أنها من رمضان، أو خوف أن يظن وجوبها، أو بأنه لم يبلغه عن أحد ممن سبقه من أهل العلم أنه كان يصومها، فإنه من الظنون، وهي لا تقاوم السنة الصحيحة، ومن علم حجة على من لم يعلم.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/389)(5/3302)
الجمع بين نيتين في صيام واحد ومسألة تداخل العبادات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن الجمع في النية بين صيام ثلاثة أيام من الشهر وصيام يوم عرفة، وهل نأخذ الأجرين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تداخل العبادات قسمان:
قسم لا يصح: وهو فيما إذا كانت العبادات مقصورة بنفسها، أو تابعة لغيرها، فهذا لا يمكن أن تتداخل العبادات فيه، مثال ذلك: إنسان فاتته سنة الفجر حتى طلعت الشمس، وجاء وقت صلاة الضحى، فهنا لا تجزئ سنة الفجر عن صلاة الضحى، ولا الضحى عن سنة الفجر، ولا الجمع
بينهما أيضاً، لأن سنة الفجر مستقلة، وسنة الضحى مستقلة، فلا تجزئ إحداهما عن الأخرى.
كذلك إذا كانت الأخرى تابعة لما قبلها، فإنها لا تتداخل، فلو قال إنسان: أنا أريد أن أنوي بصلاة الفجر صلاة الفريضة والراتبة، قلنا: لا يصح هذا، لأن الراتبة تابعة للصلاة فلا تجزي عنها.
والقسم الثاني: أن يكون المقصود بالعبادة مجرد الفعل، والعبادة نفسها ليست مقصودة، فهذا يمكن أن تتداخل العبادات فيه، مثاله: رجل دخل المسجد والناس يصلون الفجر، فإن من المعلوم أن الإنسان إذا دخل المسجد لا يجلس حتى يصلي ركعتين، فإذا دخل مع الإمام في صلاة الفريضة أجزأت عن الركعتين، لماذا؟ لأن المقصود أن تصلي ركعتين عند دخول المسجد، وكذلك لو دخل الإنسان المسجد وقت الضحى وصلى ركعتين ينوي بهما صلاة الضحى، أجزأت عن تحية المسجد، وإن نواهما جميعاً فهو أكمل، فهذا هو الضابط في تداخل العبادات.
ومنه الصوم، فصوم يوم عرفة مثلاً المقصود أن يأتي عليك هذا اليوم وأنت صائم، سواء كان نويته من الأيام الثلاثة التي تصام من كل شهر أو نويته ليوم عرفة، لكن إذا نويته ليوم عرفة لم يجزئ عن صيام الأيام الثلاثة، وإن نويته يوماً من الأيام الثلاثة أجزأ عن يوم عرفة، وإن نويت الجميع كان أفضل.
[الْمَصْدَرُ]
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين 51/19(5/3303)
إقامة إفطار جماعي لتشجيع الناس على الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في تشجيع عامة الناس على صيام النافلة وإقامة الفطور الجماعي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أرى أنه لا بأس به، لكن الأولى تركه، لأن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يسلكون هذه الأساليب، فإذا رُغب الناس في صيام النافلة بالقول، فهو كاف عن ترغيبهم بالفعل.
[الْمَصْدَرُ]
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين /247(5/3304)
الجمع في النية بين صيام الأيام البيض وصيام الست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحصل الفضل لمن صام ثلاث من الست من شوال مع البيض بنية واحدة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سألت شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز عن هذه المسألة فأجاب بأنه يُرجى له ذلك لأنّه يصدق أنه صام الستّ كما يصدق أنه صام البيض وفضل الله واسع.
وعن المسألة نفسها أجابني فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين بما يلي:
نعم، إذا صام ست أيام من شوال سقطت عنه البيض، سواء صامها عند البيض أو قبل أو بعد لأنه يصدق عليه أنه صام ثلاثة أيام من الشهر، وقالت عائشة رضي الله عنها: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره "، وهي من جنس سقوط تحية المسجد بالراتبة فلو دخل المسجد وصلى السنة الراتبة سقطت عنه تحية المسجد … والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3305)
الجمع بين صيام داود وصيام الإثنين والخميس
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن صيام يوم وترك يوم هو أفضل الصيام كما ذكر في الحديث أن هذا هو صيام النبي داود عليه السلام ولكن كيف أصوم الاثنين والخميس وأصوم يوماً وأترك يوماً؟
لأن الاثنين أو الخميس لن يكونا في ترتيب الأيام فإذا صمت يوما وأفطرت يوماً فسوف أصوم السبت والاثنين والأربعاء والجمعة أو الأحد والثلاثاء والخميس ثم السبت.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الإسلام جاء بعبادات متنوعة وهذا من كمال هذا الدين، وهناك عبادات يمكن الجمع بينهما وعبادات لا يمكن الجمع بينهما، وصيام يوم وترك يوم عبادة مستقلة، وهذا النوع من تطوعات الصوم هو أفضل الأنواع.
وصيام يومي الاثنين والخميس نوع مستقل آخر ولا يتصور الجمع بين الأمرين باستمرار. فيُقدَّم الأفضل، لكن على الإنسان أن يعتبر حاله وطاقته، فلا يُقدم على عملٍ لا يكون بمقدوره تحمله والاستمرار عليه - من النوافل - لأن أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل. والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3306)
هل يشترط التتابع في صيام الست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لصيام ستة أيام من شوال بعد رمضان هل يُشترط أن تكون متتابعة أم يُمكن أن أفرّقها حيث أنني أريد أن أصومها على ثلاث دفعات يومين في الإجازة الأسبوعية في نهاية كل أسبوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
- أنه لا يُشترط التتابع فيها فلو صامها متفرقة أو متتابعة فلا بأس بذلك وكلما بادر كان أفضل، قال الله تعالى: (فاستبقوا الخيرات) ، وقال: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) ، وقال موسى عليه السلام: (وعجلت إليك رب لترضى) ولما في التأخير من الآفات وإليه ذهب الشافعية وبعض الحنابلة، لكن لا حرج في عدم المبادرة، فلو أخرها إلى وسط الشهر أو آخره فلا بأس.
قال النووي رحمه الله:
قَالَ أَصْحَابُنَا: يُسْتَحَبُّ صَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، لِهَذَا الْحَدِيثِ قَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ شَوَّالٍ جَازَ. وَكَانَ فَاعِلا لأَصْلِ هَذِهِ السُّنَّةِ، لِعُمُومِ الْحَدِيثِ وَإِطْلاقِهِ. وَهَذَا لا خِلافَ فِيهِ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَدَاوُد. المجموع شرح المهذب.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3307)
فضل صيام الستّ من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صيام الستّ من شوال، وهل هي واجبة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
صيام ست من شوال بعد فريضة رمضان سنّة مستحبّة وليست بواجب، ويشرع للمسلم صيام ستة أيام من شوال، وفي ذلك فضل عظيم، وأجر كبير ذلك أن من صامها يكتب له أجر صيام سنة كاملة كما صح ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر. " رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وقد فسّر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) . " وفي رواية: " جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام تمام السنة " النسائي وابن ماجة وهو في صحيح الترغيب والترهيب 1/421 ورواه ابن خزيمة بلفظ: " صيام شهر رمضان بعشرة أمثالها وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة ".
وقد صرّح الفقهاء من الحنابلة والشافعية: بأن صوم ستة أيام من شوال بعد رمضان يعدل صيام سنة فرضا، وإلا فإنّ مضاعفة الأجر عموما ثابت حتى في صيام النافلة لأن الحسنة بعشرة أمثالها.
ثم إنّ من الفوائد المهمّة لصيام ستّ من شوال تعويض النّقص الذي حصل في صيام الفريضة في رمضان إذ لا يخلو الصائم من حصول تقصير أو ذنب مؤثّر سلبا في صيامه ويوم القيامة يُؤخذ من النوافل لجبران نقص الفرائض كما قال صلى الله عليه وسلم: " إن أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة قال يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وإن انتقص منها شيئا قال انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع قال أتموا لعبدي فريضته من تطوعه ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم " رواه أبو داود. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3308)
متى يبدأ المسلم بصيام ستة أيام من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يُمكن أن أبدا بصيام الستّ من شوال حيث أنه يوجد لدينا إجازة سنوية الآن؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
يُمكن الشروع بصيام الستّ من شوال ابتداء من ثاني أيام شوال لأنّ يوم العيد يحرم صيامه ويُمكن أن تصوم الستّ في أيّ أيام شوال شئت وخير البرّ عاجله.
وقد جاء إلى اللجنة الدائمة السؤال التالي:
هل صيام الأيام الستة تلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة أو يجوز بعد العيد بعدة أيام متتالية في شهر شوال أو لا؟
فأجابت بما يلي:
لا يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما يتيسر له، والأمر في ذلك واسع، وليست فريضة بل هي سنة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 10/391.(5/3309)
هل يلزم صيام الست من شوال كل سنة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يصوم ستة أيام شوال، أتاه مرض أو مانع أو تكاسل عن صيامها في إحدى السنوات هل عليه إثم لأننا نسمع أنه من يصومها في عام يجب عليه عدم تركها.]ـ
[الْجَوَابُ]
صيام ستة أيام من شوال بعد يوم العيد سنة، ولا يجب على من صامها مرة أو أكثر أن يستمر على صيامها، ولا يأثم من ترك صيامها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 10/391(5/3310)
هل يشرع للمرأة أن تقول عند الجماع: اللهم جنبنا الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يهم الرجل بجماع زوجته , فإنه يقول ما وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم جنبنا الشيطان......) سؤالي. هل للمرأة قول ذلك أيضا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" هذا الدعاء مشروع في حق الرجل إذا أراد أن يأتي أهله؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن قضي بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا) متفق عليه، ورواه أصحاب السنن وغيرهم، لكن لو دَعتْ به فلا بأس؛ لأن الأصل عدم الخصوصية. وبالله التوفيق "
فتاوى اللجنة الدائمة (19/356)
عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. عبد العزيز آل الشيخ.. صالح الفوزان.. عبد الله بن غديان..بكر أبو زيد
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3311)
صوم يوم الشك
[السُّؤَالُ]
ـ[في ليلة الثلاثين من شعبان خرجنا لرؤية الهلال، ولكن الجو كان غيما فلم نتمكن من الرؤية، هل نصوم يوم الثلاثين من شعبان لأنه يوم مشكوك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا ما يسمى بيوم الشك (لأنه مشكوك فيه، هل هو آخر يوم من شعبان أو أول يوم من رمضان) وصومه محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُبِّيَ (أي خفي) عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " رواه البخاري (1909) .
وقال عمار بن ياسر من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي 553.
قال الحافظ ابن حجر: استُدل به على تحريم صوم يوم الشك لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه فيكون من قبيل المرفوع.
قال علماء اللجنة الدائمة عن يوم الشك: " دلت السنة على تحريم صومه " فتاوى اللجنة 10/117
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله بعد ذكر الخلاف في حكم صوم يوم الشك: " وأصح هذه الأقوال هو التحريم، ولكن إذا ثبت عند الإمام وجوب صوم هذا اليوم وأمر الناس بصومه فإنه لا ينابذ وتحصل عدم منابذته بألا يُظهر الإنسان فطره، وإنما يُفطر سراً ". الشرح الممتع 6/318.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3312)
كيفية صيام داود عليه السلام وكيف نوفق بينه وبين النهي عن صيام يوم الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة كيفية صيام نبي الله داود عليه الصلاة والسلام، حيث إن صومه - كما هو معروف - يصوم يوماً ويفطر يوماً كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن قد نُهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم، فكيف يكون نصوم يوماً ونفطر يوماً؟ وهل كان يوم الجمعة في عهد داود عليه الصلاة والسلام غير منهي عنه بالإفراد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: جاء في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أفضل الصيام صيام داود: كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ".
ولا تتعارض هذه الأفضلية مع النهي عن صيام يوم الجمعة؛ لأن النهي عن صيام الجمعة إنما هو فيمن خصَّه من بين الأيام، والذي يصوم صيام داود عليه السلام (يصوم يوماً ويفطر يوماً) لم يتقصد يوم الجمعة بصيام.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
وفي حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - دليل على أن صوم يوم الجمعة أو السبت إذا صادف يوماً غير مقصود به التخصيص: فلا بأس به، لأنه إذا صام يوماً، وأفطر يوماً: فسوف يصادف الجمعة والسبت، وبذلك يتبين أن صومهما ليس بحرام، وإلا لقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: صم يوماً، وأفطر يوماً، ما لم تصادف الجمعة والسبت.
" الشرح الممتع " (6 / 476) .
ثانياً: وأما سؤالك عن حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام في شريعة داود عليه السلام.
فلا نعلم شيئاً عن الأحكام العملية في شريعة داود عليه السلام من حيث النهي عن صيام الجمعة أو غيره، والمعلوم أن لكل نبي شرعة ومنهاجاً، وهم – عليهم الصلاة والسلام – عقائدهم واحدة وشرائعهم مختلفة.
قال الله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً) المائدة/48
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " والأنبياء إخوة لعَلاَّت، أمهاتهم شتَّى، ودينهم واحد ". رواه البخاري (3259) ومسلم (2365) .
ومعنى الحديث: أن دين الأنبياء واحد، وهو توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة، وإن تفرقت شرائعهم، كمثل الإخوة الذين لهم أب واحد وأمهات شتى (وهم الإخوة لعَلاّت) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3313)
النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أننا لا يجوز أن نصوم قبل رمضان، فهل ذلك صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وردت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تنهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان، إلا في حالين:
الأولى: من كانت له عادة بالصيام، ومثال من له عادة: أن يكون الرجل اعتاد أن يصوم يوم الاثنين والخميس -مثلاً-، فإنه يصومهما ولو كان ذلك في النصف الثاني من شعبان.
الثانية: إذا وصل النصف الثاني من شعبان بالنصف الأول.
بأن يبتدئ الصيام في النصف الأول من شعبان ويستمر صائما حتى يدخل رمضان، فهذا جائز. يراجع سؤال رقم (13726) .
فمن هذه الأحاديث:
ما روى البخاري (1914) مسلم (1082) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) .
وروى أبو داود (3237) والترمذي (738) وابن ماجه (1651) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا) . صححه الألباني في صحيح الترمذي (590) .
قال النووي:
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُل كَانَ يَصُوم صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) , فِيهِ التَّصْرِيح بِالنَّهْيِ عَنْ اِسْتِقْبَال رَمَضَان بِصَوْمِ يَوْم وَيَوْمَيْنِ , لِمَنْ لَمْ يُصَادِف عَادَة لَهُ أَوْ يَصِلهُ بِمَا قَبْله , فَإِنْ لَمْ يَصِلهُ وَلا صَادَفَ عَادَة فَهُوَ حَرَام اهـ
وروى الترمذي (686) والنسائي (2188) عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. راجع سؤال (13711) .
قال الحافظ في فتح الباري:
اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَحْرِيم صَوْم يَوْمِ الشَّكِّ لأَنَّ الصَّحَابِيَّ لا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ رَأْيِهِ اهـ
ويوم الشك هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يُرَ الهلال بسبب الغيم أو نحوه، وسُمِّي يوم شك لأنه يحتمل أن يكون يوم الثلاثين من شعبان، ويحتمل أن يكون اليوم الأول من رمضان.
فيحرم صيامه إلا لمن وافق عادة صيامه.
قال النووي رحمه الله في المجموع (6/400) عن حكم صيام يوم الشك:
وَأَمَّا إذَا صَامَهُ تَطَوُّعًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ بِأَنْ كَانَ عَادَتُهُ صَوْمَ الدَّهْرِ، أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ يَوْمٍ، أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ فَصَادَفَهُ جَازَ صَوْمُهُ بِلا خِلافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا. . . وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُل كَانَ يَصُوم صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ فَصَوْمُهُ حَرَامٌ اهـ بتصرف.
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرحه لحديث: (لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يَوْمَيْنِ..) :
واختلف العلماء رحمهم الله في هذا النهي هل هو نهي تحريم أو نهي كراهة؟ والصحيح أنه نهي تحريم، لاسيما اليوم الذي يشك فيه اهـ. شرح رياض الصالحين (3/394) .
وعلى هذا يكون الصيام في النصف الثاني من شعبان على قسمين:
الأول: الصيام من اليوم السادس عشر إلى الثامن والعشرين، فهذا مكروه إلا لمن وافق عادته.
الثاني: صيام يوم الشك، أو قبل رمضان بيوم أو يومين، فهذا حرام إلا لمن وافق عادته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3314)
حكم صيام أيام التشريق
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتدت أن أصوم كل خميس وصادف أنى صمت يوم الخميس الموافق 12 ذو الحجة وقد سمعت يوم الجمعة انه لا يجوز صيام أيام التشريق والخميس هو ثالث أيام التشريق. فهل على شئ أنى صمته؟؟ وهل فعلا لا يجوز صيام أيام التشريق أو فقط لا نصوم أول أيام العيد؟؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صيام يومي العيدين محرم، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ) . رواه البخاري (1992) ، ومسلم (827) . وقد أجمع العلماء على أن صومهما محرم.
كما يحرم صيام أيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعد يوم عيد الأضحى (الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، من شهر ذي الحجة) لقوله صلى الله عليه وسلم: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله) رواه مسلم (1141) .
وروى أبو داود (2418) عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ. فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ عَمْرٌو: كُلْ فَهَذِهِ الأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا. قَالَ الإمام مَالِكٌ: وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
لكن يجوز صوم أيام التشريق للحاج الذي لم يجد الهدي فعن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا: (لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي) رواه البخاري (1998) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " يجوز للقارن والمتمتع إذا لم يجدا الهدي أن يصوما هذه الأيام الثلاثة حتى لا يفوت موسم الحج قبل صيامهما. وما سوى ذلك فإنه لا يجوز صومها، حتى ولو كان على الإنسان صيام شهرين متتابعين فإنه يفطر يوم العيد والأيام الثلاثة التي بعده ثم يواصل صومه " فتاوى رمضان ص 727
ويراجع في ذلك الأسئلة (21049، 36950) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3315)
هل يستحب صيام عشر ذي الحجة بما فيها يوم العيد
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في موقعكم عن فضل صيام يوم عرفة ولكنني قرأت أيضاً عن فضل صيام عشر ذي الحجة فهل هذا صحيح؟ إذا كان صحيحاً فهل يمكن أن تؤكد لي إذا كنا نصوم 9 أيام أم 10 لأن اليوم العاشر هو يوم العيد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صيام تسع من ذي الحجة مستحب، ويدل لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر يعني عشر ذي الحجة، فقالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه البخاري 969، وعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر وخميسين) رواه الإمام أحمد 21829، وأبو داود 2437، وضعفه في نصب الراية 2 / 180، وصححه الألباني.
أما صيام يوم العيد فهو محرم، ويدل لذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا: (نهى عن صوم يوم الفطر ويوم النحر) رواه البخاري برقم 1992، ومسلم برقم 827، وقد أجمع العلماء على أن صومهما محرم.
فالعمل الصالح في هذه الأيام العشر أفضل من غيرها، وأما الصيام فلا يصام فيها إلا تسع فقط، واليوم العاشر هو يوم العيد يحرم صومه.
وعلى هذا، فالمراد من (فضل صيام عشر ذي الحجة) صيام تسعة أيام فقط، وإنما أطلق عليها أنها عشر على سبيل التغليب.
انظر شرح مسلم للنووي حديث رقم (1176) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3316)
يجوز صيام اليوم الثاني من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صيام القضاء في ثاني أيام العيد أو ثالث أيام العيد؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عيد الفطر هو يوم واحد فقط، وهو اليوم الأول من شوال.
وأما ما اشتهر عند الناس من أن عيد الفطر ثلاثة أيام، فهذا مجرد عرف اشتهر بين الناس لا يترتب عليه حكم شرعي.
قال البخاري رحمه الله
بَاب صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ
ثم روى (1992) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَالنَّحْرِ.
فعلى هذا فيوم الفطر يوم واحد فقط، وهو الذي يحرم صومه، أما اليوم الثاني أو الثالث من شوال فلا يحرم صومهما، فيجوز صومهما عن قضاء رمضان أو تطوعاً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3317)
وصل شعبان برمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[عفا الله عنى وتركت التدخين وبدأت الصيام من يوم 7 رجب وحتى نهاية شعبان ولم أفصل بين شعبان ورمضان حيث اختلفت الفتاوى في ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله الذي وفقك لترك هذا المحرم، ونسأل الله تعالى لنا ولك الثبات على دينه حتى الممات.
ومواصلتك الصيام بين شعبان ورمضان جائزة،
وقد أصبت السنة بفعلك هذا، راجع سؤال رقم (13726) , (26850) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3318)
حكم الوصال في الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤلي يتعلق بصيام الوصال سمعت أنه صيام كان يصومه الرسول صلى الله عليه وسلم. المرجو أن أعرف ما هو صيام الوصال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الوصال في الصيام هو أن يصوم يومين أو أكثر بدون أن يفطر، أي أنه يواصل الصيام في الليل فلا يأكل ولا يشرب.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام، وكان الله تعالى يعطيه القوة على ذلك، ولكنه نهى أمته عن ذلك شفقة عليهم، ورحمة بهم.
روى البخاري (7299) ومسلم (1103) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تُوَاصِلُوا. قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي. فَلَمْ يَنْتَهُوا عَنْ الْوِصَالِ، قَالَ: فَوَاصَلَ بِهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ ثُمَّ رَأَوْا الْهِلالَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلالُ لَزِدْتُكُمْ، كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ) .
قال ابن قدامة في "المغني" 4/436: " والوصال مكروه في قول أكثر أهل العلم " اهـ
قال النووي في "المجموع" (6/357) :
أَمَّا حُكْمُ الْوِصَالِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ بِلا خِلافٍ عِنْدَنَا , وَهَلْ هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ أَمْ تَنْزِيهٍ؟ فِيهِ ْوَجْهَانِ. . (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ اهـ
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/443) :
والذي يظهر في حكم الوصال التحريم اهـ
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3319)
يصوم يوماً ويفطر يوماً ... فما هي الأيام المنهي عن صومها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد بدأت بصيام داوود والله المعين إن شاء الله لكن ما هي الأيام التي لا يجوز لي الصيام فيها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله أن يعينك، وأن يتقبل منك.
وقد جاء في فضل صيام داود عليه السلام ما رواه البخاري (1079) ومسلم (1159) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام وأحب الصيام إلى الله صيام داود وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ويصوم يوما ويفطر يوما ".
وأما الأيام التي لا يجوز لك صومها، فيوم عيد الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعده.
وذلك لما روى البخاري (1889) ومسلم (1920) عن عبيد مولى بن أزهر قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: " هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم ".
ولما روى البخاري (1894) عن عائشة وعن ابن عمر رضي الله عنهم قالا: " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3320)
هل يجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد لإيقاظ أهله للسحور ثم يعود؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا خرج المعتكف من معتكفه لإيقاظ أهله للسحور وذلك لعدم وجود أحد بالمنزل، هل يعتبر ذلك مخالفاً لشروط الاعتكاف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"من دخل في الاعتكاف فإنه لا يخرج من معتكفه أثناء اعتكافه إلا لما لابد منه؛ لقضاء حوائجه الضرورية من إتيانه بمأكل ومشرب إذا لم يوجد من يأتيه بهما، وقضاء حاجته إن لم يكن في المسجد دورات مياه، ولا بأس بخروجه وقت السحور لإيقاظ أهله لإصلاح السحور وقت السحور، وليتهيئوا لصلاة الفجر إذا لم يستطيعوا الاستيقاظ من النوم بأنفسهم، ولم يوجد من يقوم بإيقاظهم؛ لأن ذلك من التواصي على الخير وأمرهم بالمعروف، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لكن لا يجلس في البيت بعد أن يوقظ أهله ويرجع لمعتكفه في المسجد.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ بكر أبو زيد.
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/320)(5/3321)
يترك الصلاة في الحرم النبوي ليصلي خلف إمام يراه أخشع لقلبه
[السُّؤَالُ]
ـ[كنا مجاورين للمسجد النبوي في المدينة في العشر الأواخر من رمضان الماضي وأحد الشباب كان يذهب يصلي في الحرم كل الفروض إلا صلاة العشاء والتراويح وأيضاً القيام خارج المسجد بحجة أنه لا يجد قلبه في الصلاة ولا يرتاح لصوت بعض أئمة الحرم ويقول لا يريد أن يضيع العشر من رمضان وأهم شيء عندي قلبي. وأحد المعتكفين يقول أنا أعتكف اليوم كله إلا وقت صلاة العشاء والقيام أصليها خارج الحرم النبوي فما تعليلكم يا شيخ حفظك الله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصلاة في المسجد النبوي تتضاعف أضعافاً كثيرة.
فقد روى البخاري (1190) ومسلم (1394) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَام)
وهذا الحديث يشمل الفرائض، والنوافل التي يُستحب أن تصلى جماعة في المساجد كالتراويح.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
" تستحب صلاة النافلة في البيت سواء الرواتب أو غيرها، إلا ما شرع الله أداءه في المسجد كتحية دخوله، وهكذا ما شرع الله له الجماعة كالتراويح والكسوف فإنها تصلى في المسجد، وهكذا صلاة العيد وصلاة الاستسقاء فإنها تصلى في المصلى " انتهى مختصراً.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/239) .
أما ترك صاحبك صلاة التراويح في المسجد النبوي للسبب الذي ذكرته فلا شك أن الخشوع في الصلاة، وإصلاح القلب بالصلاة أمر مطلوب، والصوت الحسن بالقرآن يساعد على ذلك.
ويتأثر به السامع فإن كان صاحبك سيصلي في مسجد آخر ويكون ذلك أخشع لقلبه فلا حرج عليه، ويكون قد ترك فضيلة المكان، وحرص على فضيلة تتعلق بذات الصلاة وهي الخشوع، وعند تعارض الفضيلتين – كما هو الحال عند صاحبك – فينبغي تقديم الفضيلة المتعلقة بذات العبادة.
قال الشيخ ابن جبرين:
" إن الصوت الحسن، والقراءة الجيدة، لها وقع في النفس، وتأثير في حضور القلب، وخشوع البدن، والتأثُّر بكلام الله تعالى، والتّلذُّذ بسماعه. مما يكون سبباً في فهمه، وإدراك معانيه، وتدبره، ومعرفة إعجازه وبلاغته، وقوة أساليبه، وكل ذلك سبب في العمل به، وتقبّل إرشاداته، وتوجيهاته، فلا يُعاب من التمس قارئاً حسن الصّوت، مجوّداً للقرآن، حافظاً له، خاشعاً في قراءته، مطمئناً في صلاته، فإن مثل هذا يقصد للصلاة خلفه، ولو من مكان بعيد، ويفضل على غيره ممن لا يجيد القراءة، أو يلحن، أو يغلط كثيراً، أو لا يحسن صوته، ولا يتغنَّى بالقرآن، أو يقرأ بالهذرمة والسرعة الشديدة، أو لا يطمئن في صلاته، ولا يخشع في قراءته، ولو كان مسجده قريبا " انتهى.
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (24/28) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" قول السائل هل الاعتكاف في المسجد الحرام أفضل من غيره؟
جوابه: نعم، الاعتكاف في المسجد الحرام أفضل من الاعتكاف في المساجد الأخرى، ويليه الاعتكاف في المسجد النبوي، ويليه الاعتكاف في المسجد الأقصى، ثم المساجد الأخرى الأفضل منها فالأفضل.
ولكن ها هنا مسألة ينبغي أن نتفطن لها: وهي أن مراعاة ذات العبادة أولى من مراعاة زمانها ومكانها، أي: ما عاد إلى ذات العبادة من الفضائل أولى بالمراعاة مما عاد إلى مكانها أو زمانها، يعني أن الإنسان لو كان اعتكافه في مسجد آخر غير المساجد الثلاثة أكمل وأشد خشوعاً لله عز وجل وأكثر في العبادة كان اعتكافه في هذه المساجد أفضل؛ لأن هذا الفضل يعود إلى ذات العبادة.
ويرى أهل العلم أن رمل الطائف في طواف القدوم أولى من دنوه من الكعبة، وعللوا ذلك بأن الرمل فضيلة تتعلق بذات العبادة والدنو من البيت فضيلة تتعلق بمكانها، ومراعاة ما يتعلق بذات العبادة أولى من مراعاة ما يتعلق بمكانها. وهذه نقطة ينبغي للإنسان ولا سيما طالب العلم أيلاحظها، وهي المحافظة على فضيلة ذات العبادة أكثر من المحافظة على مكانها وزمانها " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (205/4-5) .
وقال الشيخ أيضا:
" لا شك أن الاعتكاف إذا كان في المساجد الثلاثة التي تقصد وتشد الرحال إليها لا شك أنه أفضل، ولا أحد يعارض في ذلك، إلا إذا ترتب على ذلك أنه يكثر خشوعه في مسجده وإقباله على الله عز وجل، ويسلم من الضوضاء ومشاهدة من يكونون خطراً في مشاهدته إياهم فهنا نقول: مسجدك أفضل " انتهى مختصراً.
"شرح الكافي" (4/159) .
فالذي يظهر لنا: أنه لا حرج على صاحبك فيما فعل، مع أن أئمة الحرمين يختارون بعناية، ويكونون ممن يقرأون قرأه حسنة وبصوت حسن.
وأما خروج بعض المعتكفين لصلاة العشاء والقيام خارج المسجد النبوي، فهذا لا يصح اعتكافه، لأنه خرج من المسجد من غير ضرورة إلى ذلك.
والذي ينبغي له: إما أن يعتكف العشر الأواخر كلها في المسجد النبوي ولا يخرج إلا للضرورة وهذا هو الأفضل.
وإما أن يعتكف في المسجد الذي سيصلي فيه، حتى ينال ثواب اعتكاف العشر الأواخر، ويكون قد اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3322)
هل يصح الاعتكاف في المصليات والمراكز الإسلامية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاعتكاف في المصليات أو المراكز الإسلامية (يصلون فيها الصلوات الخمس والجمعة) أم يجوز في المساجد فقط؟ جزاكم الله خير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يصح الاعتكاف إلا في المساجد، لقول الله تعالى: (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) سورة البقرة/187.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"وَوَجَدَ الدَّلَالَة مِنْ الْآيَة أَنَّهُ لَوْ صَحَّ فِي غَيْر الْمَسْجِد لَمْ يَخْتَصَّ تَحْرِيم الْمُبَاشَرَةِ بِهِ , لِأَنَّ الْجِمَاع مُنَافٍ لِلِاعْتِكَافِ بِالْإِجْمَاعِ , فَعُلِمَ مِنْ ذِكْرِ الْمَسَاجِدِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَكُون إِلَّا فِيهَا. وَنَقَلَ اِبْن الْمُنْذِر الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاشَرَةِ فِي الْآيَة الْجِمَاعُ , وَرَوَى الطَّبَرِيُّ وَغَيْره مِنْ طَرِيق قَتَادَةَ فِي سَبَب نُزُولِ الْآيَةِ: كَانُوا إِذَا اِعْتَكَفُوا فَخَرَجَ رَجُلٌ لِحَاجَتِهِ فَلَقِيَ اِمْرَأَتَهُ جَامَعَهَا إِنْ شَاءَ فَنَزَلَتْ" انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني (3/65) :
" لَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ إلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ الْجَمَاعَةُ فِيهِ؛ ...
وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ إذَا كَانَ الْمُعْتَكِفُ رَجُلًا. لَا نَعْلَمُ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا , وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) "
انتهى باختصار.
وقال النووي في "المجموع" (6/505) :
" لا يَصِحُّ الاعْتِكَافُ مِنْ الرَّجُلِ وَلا مِنْ الْمَرْأَةِ إلا فِي الْمَسْجِدِ , وَلا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَلا مَسْجِدِ بَيْتِ الرَّجُلِ وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلاةِ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" الاعتكاف الشرعي لابد أن يكون في المساجد لقوله تعالى: (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/176)
وانظر جواب السؤال رقم (48985)
وبناء على هذا، فلا يصح الاعتكاف في المصليات أو المراكز الإسلامية.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3323)
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كان هديه صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف أكمل هدي وأيسره.
اعتكف مرة في العشر الأول ثم الأوسط يلتمس ليلة القدر، ثم تبين له أنها في العشر الأخير فداوم على اعتكاف العشر الأخير حتى لحق بربه عز وجل.
وترك مرة اعتكاف العشر الأخير فقضاه في شوال فاعتكف العشر الأول منه. رواه البخاري ومسلم.
ولما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً. رواه البخاري (2040) .
"قِيلَ: السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْم بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ لِيُبَيِّنَ لأُمَّتِهِ الاجْتِهَادَ فِي الْعَمَل إِذَا بَلَغُوا أَقْصَى الْعَمَل لِيَلْقَوْا اللَّهَ عَلَى خَيْرِ أَحْوَالِهِمْ , وَقِيلَ: السَّبَبُ فِيهِ أَنَّ جِبْرِيل كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ فِي كُلّ رَمَضَانَ مَرَّةً , فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَارَضَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ فَلِذَلِكَ اِعْتَكَفَ قَدْرَ مَا كَانَ يَعْتَكِف مَرَّتَيْنِ.
وَأَقْوَى مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا اِعْتَكَفَ فِي ذَلِكَ الْعَام عِشْرِينَ لأَنَّهُ كَانَ الْعَام الَّذِي قَبْلَهُ مُسَافِرًا , وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَاللَّفْظ لَهُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيث أُبَيّ بْن كَعْب " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْر الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَان , فَسَافَرَ عَامًا فَلَمْ يَعْتَكِف , فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ اِعْتَكَفَ عِشْرِينَ " اهـ من فتح الباري.
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بخباء (على مثل هيئة الخيمة) فيضرب له في المسجد، فيمكث فيه، يخلو فيه عن الناس، ويقبل على ربه تبارك وتعالى، حتى تتم له الخلوة بصورة واقعية.
واعتكف مرة في قُبَّة تركية (أي خيمة صغيرة) وجعل على بابها حصيراً. رواه مسلم (1167) .
قال ابن القيم في "زاد المعاد" (2/90) :
"كل هذا تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحه، عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المعتكف موضع عشرة، ومجلبة للزائرين، وأخذهم بأطراف الحديث بينهم، فهذا لون، والاعتكاف النبوي لون" اهـ.
وكان دائم المكث في المسجد لا يخرج منه إلا لقضاء الحاجة، قال عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: (وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا) رواه البخاري (2029) ومسلم (297) . وفي رواية لمسلم: (إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ) . وَفَسَّرَهَا الزُّهْرِيُّ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِط.
وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ على نظافته فكان يخرج رأسه من المسجد إلى حجرة عائشة فتغسل له رأسه صلى الله عليه وسلم وتسرحه.
روى البخاري (2028) ومسلم (297) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ (أي: معتكف) فَأُرَجِّلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ. وفي رواية للبخاري ومسلم: (فَأَغْسِلُهُ) . وترجيل الشعر تسريحه.
قال الحافظ:
"وَفِي الْحَدِيث جَوَاز التَّنَظُّفِ وَالتَّطَيُّبِ وَالْغَسْلِ وَالْحَلْقِ وَالتَّزَيُّن إِلْحَاقًا بِالتَّرَجُّلِ , وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّهُ لا يُكْرَهُ فِيهِ إِلا مَا يُكْرَه فِي الْمَسْجِدِ" اهـ.
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا كان معتكفاً ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة، وذلك من أجل التركيز الكلي لمناجاة الله تعالى، وتحقيق الحكمة من الاعتكاف وهي الانقطاع عن الناس والإقبال على الله تعالى.
قالت عائشة: (السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلا يَشْهَدَ جَنَازَةً، وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا، وَلا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلا لِمَا لا بُدَّ مِنْهُ) . رواه أبو داود (2473) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
"وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا " تريد بذلك الجماع. قاله الشوكاني في "نيل الأوطار".
وكانت بعض أزواجه تزوره وهو معتكف صلى الله عليه وسلم فلما قامت لتذهب قام معها ليوصلها، وكان ذلك ليلاً.
فعن صَفِيَّةَ زَوْج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا. أي: ليردها إلى منزلها. رواه البخاري (2035) ومسلم (2175) .
وخلاصة القول كان اعتكافه صلى الله عليه وسلم يتسم باليسر وعدم التشدد، وكان وقته كله ذكراً لله تعالى وإقبالاً على طاعته التماساً لليلة اقدر.
انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (2/90) ، "الاعتكاف نظرة تربوية" للدكتور عبد اللطيف بالطو.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3324)
لم يسمح له والده بالاعتكاف لأسباب غير مقنعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من لم يسمح له والده بالاعتكاف لأسباب غير مقنعة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الاعتكاف سنة، وبر الوالدين واجب، والسنة لا يسقط بها الواجب، ولا تعارض الواجب أصلاً، لأن الواجب مقدم عليها، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه) ؛ فإذا كان أبوك يأمرك بترك الاعتكاف ويذكر أشياء تقتضي ألا تعتكف لأنه محتاج إليك فيها، فإن ميزان ذلك عنده وليس عندك، لأنه قد يكون الميزان عندك غير مستقيم، وغير عدل، لأنك تهوى الاعتكاف، فتظن أن هذه المبررات ليست مبرراً، وأبوك يرى أنها مبرر.
والذي أنصحك به ألا تعتكف، نعم، لو قال لك أبوك: لا تعتكف ولم يذكر مبررات لذلك، فإنه لا يلزمك طاعته في هذه الحال، لأنه لا يلزمك أن تطيعه في أمر ليس فيه ضرر عليه في مخالفتك إياه، وفيه تفويت منفعة لك" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص 31) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3325)
هل للمعتكف أن يقوم بإلقاء الدروس وحلقات العلم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح للمعتكف أن يقوم بتعليم أحد أو إلقاء درس؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأفضل للمعتكف أن يشتغل بالعبادات الخاصة كالذكر والصلاة وقراءة القرآن وما أشبه ذلك، لكن إذا دعت الحاجة إلى تعليم أحد أو التعلم فلا بأس، لأن هذا من ذكر الله عز وجل " انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص43)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3326)
هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمعتكف الاتصال بالتليفون لقضاء حوائج المسلمين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"نعم، يجوز للمعتكف أن يتصل بالتليفون لقضاء بعض حوائج المسلمين، إذا كان في المسجد الذي هو معتكف فيه، لأنه لم يخرج من المسجد، أما إذا كان خارج المسجد فلا يخرج لذلك، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان رجلاً معنياً بها فلا يعتكف، لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف، لأن نفعها متعدٍ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر، إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجباته" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"رسالة أحكام الصيام وفتاوى الاعتكاف" (ص 35) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3327)
لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت حديثاً أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، فهل هذا الحديث صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذا الحديث الذي أشار إليه السائل رواه البيهقي (4/315) عن حذيفة أنه قال لعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما: مررت على أناس عكوف بين دارك، ودار أبي موسى، (يعني في المسجد) وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام) . فقال عبد الله بن مسعود: لعلك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا.
صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2876) .
ثانياً:
وأما حكم المسألة فذهب جماهير العلماء إلى أن الاعتكاف لا يشترط له أن يكون في أحد المساجد الثلاثة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187.
ولفظ المساجد في الآية عام فيشمل كل المساجد، إلا ما دل الدليل على عدم صحة الاعتكاف فيه كالمسجد الذي لا تقام فيه صلاة الجماعة إذا كان المعتكف ممن تجب عليه صلاة الجماعة. انظر السؤال رقم: (48985)
وقد أشار الإمام البخاري رحمه الله إلى الاستدلال بعموم الآية، فقال:
"بَاب الاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَالاعْتِكَافِ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) " اهـ.
ولم يزل عمل المسلمين على الاعتكاف في مساجد بلدانهم. كما ذكره الطحاوي رحمه الله في "مشكل الآثار" (4/205) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: عن حكم الاعتكاف في المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، وجزاكم الله خيراً؟
فأجاب:
"الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة وهي المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى مشروع في وقته، ولا يختص بالمساجد الثلاثة، بل يكون فيها وفي غيرها من المساجد، هذا قول أئمة المسلمين أصحاب المذاهب المتبوعة كالإمام أحمد، ومالك، والشافعي، وأبي حنيفة وغيرهم رحمهم الله لقوله تعالى: (وَلاَ تباشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون َ) ولفظ المساجد عام لجميع المساجد في أقطار الأرض، وقد جاءت هذه الجملة في آخر آيات الصيام الشامل حكمها لجميع الأمة في جميع الأقطار، فهي خطاب لكل من خوطبوا بالصوم، ولهذا ختمت هذه الأحكام المتحدة في السياق والخطاب بقوله تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كذلك يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) . ومن البعيد جداً أن يخاطب الله الأمة بخطاب لا يشمل إلا أقل القليل منهم، أما حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) فهذا إن سلم من القوادح فهو نفي للكمال، يعني أن الاعتكاف الأكمل ما كان في هذه المساجد الثلاثة، وذلك لشرفها وفضلها على غيرها. ومثل هذا التركيب كثير، ـ أعني أن النفي قد يراد به نفي الكمال، لا نفي الحقيقة والصحة ـ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة بحضرة طعام) وغيره. ولا شك أن الأصل في النفي أنه نفي للحقيقة الشرعية أو الحسية، لكن إذا وجد دليل يمنع ذلك تعين الأخذ به، كما في حديث حذيفة. هذا على تقدير سلامته من القوادح، والله أعلم" اهـ.
"فتاوى الصيام" (ص 493) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما صحة الحديث (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) وإن صح الحديث هل يعني فعلاً لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة؟
فأجاب:
يصح الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة إلا أنه يشترط في المسجد الذي يعتكف فيه إقامة الجماعة فيه، فإن كانت لا تقام فيه صلاة الجماعة لم يصح الاعتكاف فيه، إلا إذا نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة فإنه يلزمه الاعتكاف بها وفاء لنذره" اهـ.
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/444) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3328)
هل يصح الاعتكاف في كل مسجد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح الاعتكاف في كل مسجد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في صفة المسجد الذي يجوز فيه الاعتكاف فذهب بعضهم إلى صحة الاعتكاف في كل مسجد ولو لم تقم فيه صلاة الجماعة، عملا بعموم قوله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187.
وذهب الإمام أحمد إلى أنه يشترط في المسجد أن تقام فيه صلاة الجماعة، واستدل على ذلك بما يلي:
1- قول عائشة: (لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة) رواه البيهقي، وصححه الألباني في رسالة "قيام رمضان".
2- وقال ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (لا اعْتِكَافَ إلا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلاةُ) . "الموسوعة الفقهية" (5/212)
3- ولأنه إذا اعتكف في مسجد لا تقام فيه صلاة الجماعة فإن ذلك يفضي إلى أحد أمرين:
الأول: إما ترك صلاة الجماعة، ولا يجوز للرجل أن يترك صلاة الجماعة من غير عذر.
الثاني: وإما كثرة خروجه لأداء الصلاة في مسجد آخر وهذا منافٍ للاعتكاف.
انظر: "المغني" (4/461) .
قال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/312) :
" (ولا يصح –يعني الاعتكاف- إلا في مسجد يُجَمَّع فيه)
هل المراد الذي تقام فيه الجمعة، أو تقام فيه الجماعة؟
الجواب: المسجد الذي تقام فيه الجماعة ولا يشترط الذي تقام فيه الجمعة لأن المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة لا يصدق عليه كلمة مسجد بالمعني الصحيح مثل أن يكون هذا المسجد قد هجره أهله أو نزحوا عنه اهـ
فلا يشترط أن يكون المسجد تقام فيه صلاة الجمعة، لأنها لا تتكرر فلا يضر الخروج إليها، بخلاف الصلوات الخمس فإنها تتكرر كل يوم وليلة.
وهذا الشرط –أي كون المسجد تقام فيه صلاة الجماعة– إنما هو إذا كان المعتكف رجلاً، أما المرأة فيصح اعتكافها في كل مسجد ولو لم تقم فيه صلاة الجماعة، لأن صلاة الجماعة غير واجبة عليها.
قال ابن قدامة في "المغني":
وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ. وَلا يُشْتَرَطُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ ; لأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/313) :
لو اعتكفت المرأة في مسجد لا تقام فيه الجماعة فلا حرج عليها لأنه لا يجب عليها أن تصلي مع الجماعة اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3329)
يريد أن يعتكف الليالي الوتر فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أعتكف الليالي الفردية من شهر رمضان لأنني لا أستطيع اعتكاف العشرة كاملة بسبب أني متزوج حديثا وزوجتي تبقى لوحدها في بيتي مع أنني أسكن بجوار أهلي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأفضل أن يعتكف المسلم العشر الأواخر كلها، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ. رواه البخاري (2025) ومسلم (1171) .
وإذا لم يمكنه اعتكاف العشر الأواخر كلها، واقتصر على بعض أيامها أو لياليها فلا حرج في ذلك، وقد روى البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بنذره. رواه البخاري (2042) ومسلم (1656) ففيه دليل على صحة اعتكاف ليلة.
وقد سبق في جواب السؤال (38037) أن الاعتكاف لا حد لأقله، ونقلنا فتوى الشيخ ابن باز في ذلك.
والذي ينبغي هو الاجتهاد في العبادة في هذه العشر، والتزود منها بقدر الاستطاعة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3330)
يريد الاعتكاف وعنده موعد مع الطبيب
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الجلوس للاعتكاف، لكن عندي موعد مهم مع الدكتور، فهل أستطيع الذهاب للدكتور في فترة الاعتكاف، أو أنه لا يجب علي الاعتكاف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاعتكاف هو لزوم المسجد والمكث فيه.
والاعتكاف سنة مستحبة لا سيما في العشر الأواخر من رمضان، ولا يجب إلا إذا أو جبه المسلم على نفسه بالنذر، أما بدون النذر فلا يجب.
وانظر جواب السؤال رقم (48999) .
والأصل أن المعتكف لا يخرج من المسجد إلا لحاجة لا يستطيع فعلها في المسجد، كالوضوء والاغتسال وقضاء الحاجة، لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ. رواه مسلم (297) .
وإذا كنت في حاجة إلى الذهاب للطبيب ولا يمكن تأجيل هذا الموعد إلى ما بعد رمضان، فالذي يظهر أنه لا حرج من الخروج من المسجد للذهاب للطبيب ثم تعود إلى المسجد، فقد ذكر النووي رحمه الله في "المجموع" (6/545) أن المعتكف المريض مرضاً " يشق معه الإقامة في المسجد لحاجته إلى الفُرُش والخادم وتردد طبيب ونحو ذلك يباح له الخروج " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "جلسات رمضانية" (لعام 1411هـ/المجلس السابع/144) :
" من يحتاج إلى مراجعة الطبيب يَخرُج، وإلاَّ فيبقى في المسجد " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3331)
أخذ حبوب منع الدورة لأجل الاعتكاف
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الجلوس للاعتكاف. ستكون هذه هي المرة الثالثة لي. الدورة الشهرية ستكون في وقت بالعشر الأواخر لرمضان. هناك حبوب موجودة لوقف الدورة الشهرية. لقد استخدمتها في أول مرة وأنا في الاعتكاف عندما كانت عادتي في تلك الفترة. لكن هذه المرة أنا أخاف استخدامها لأن عندي السرطان واستخدمت علاج الكيماوي.
عندما شُخصت حالتي بالسرطان عقدت النية أن الله سيعافيني وأنني سأجلس في الاعتكاف. ماذا يجب علي أن أفعل؟ هل يجب أن أستشير الطبيب حتى أعرف هل الحبوب تؤذيني أو لا أجلس في الاعتكاف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا: نسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا.
ثانيا: يجوز أخذ حبوب منع الدورة للتمكن من أداء العبادة كالاعتكاف والعمرة والحج، ولكن بشرط ألا تكون مضرة بالبدن، وحيث إنك تعانين من المرض الذي ذكرت، فلابد من استشارة الطبيب قبل أخذ هذه الحبوب، للتأكد من عدم معارضتها لعلاجك، وعدم إضرارها بك، والمسلم مأمور بالمحافظة على بدنه، وعدم إلحاقه الضرر به؛ لقوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء/29، وقوله: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلى التَّهْلُكَةِ) البقرة/195، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وقال في الآداب الشرعية" (2/463) : " وتحرم المداواة بكل مضر " انتهى.
وعلى هذا، فإن كانت هذه الحبوب مضرة فلا يجوز لك تناولها، ويمكنك البدء في الاعتكاف ثم إذا حصل الحيض خرجت من المسجد وقطعت الاعتكاف وهذا عذر لك في قطعه بل هذا هو الواجب عليك لأن الحائض لا يجوز لها أن تبقى في المسجد.
أما إن كانت غير مضرة فلا حرج عليك في تناولها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3332)
أقل زمن للاعتكاف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أقل مقدار للاعتكاف؟ فهل يمكن أن أعتكف وقتا قصيراً أم لا بد من اعتكاف عدة أيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في أقل زمن للاعتكاف.
فذهب جمهور العلماء إلى أن أقله لحظة، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد.
انظر: الدر المختار (1/445) ، المجموع (6/489) ، الإنصاف (7/566) .
قال النووي في المجموع (6/514) :
وَأَمَّا أَقَلُّ الاعْتِكَافِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لُبْثٌ فِي الْمَسْجِدِ , وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْكَثِيرُ مِنْهُ وَالْقَلِيلُ حَتَّى سَاعَةٍ أَوْ لَحْظَةٍ اهـ باختصار.
واستدلوا على هذا بعدة أدلة:
1- أن الاعتكاف في اللغة هو الإقامة، وهذا يصدق على المدة الطويلة والقصيرة ولم يرد في الشرع ما يحدده بمدة معينة.
قال ابن حزم: "والاعتكاف في لغة العرب الإقامة.. فكل إقامة في مسجد لله تعالى بنية التقرب إليه اعتكاف.. مما قل من الأزمان أو كثر، إذ لم يخص القرآن والسنة عدداً من عدد، ووقتاً من وقت" اهـ. المحلى (5/179) .
2- روى ابن أبي شيبة عن يعلى بن أمية رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: إني لأمكث في المسجد الساعة، وما أمكث إلا لأعتكف. احتج به ابن حزم في المحلى (5/179) وذكره الحافظ في الفتح وسكت عليه. والساعة هي جزء من الزمان وليست الساعة المصطلح عليها الآن وهي ستون دقيقة.
وذهب بعض العلماء إلى أن أقل مدته يوم وهو رواية عن أبي حنيفة وقال به بعض المالكية.
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/441) :
"الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة، لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجبا بالنذر وهو في المرأة والرجل سواء" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3333)
حول حديث: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة)
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الإمام الألباني في رسالته " قيام رمضان " في جزء الاعتكاف ما نصه: " ثم وقفت على حديث صحيح صريح يخصص هذه المساجد، وهو: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) وأشار إلى أنه من حديث حذيفة عند الطحاوى والبيهقى والإسماعيلي، ومن ثَمَّ هو في السلسلة الصحيحة، فما حكم هذا الحديث؟ وماذا يستفاد منه في بابه؟ أي: النفي نفي تحريم أم نفي كمال؟ وإن كان فما القرينة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد للَّه
أولا:
دل الكتاب والسنة والإجماع على استحباب الاعتكاف في المساجد.
قال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) البقرة/125
وقال تعالى: (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187
ونقل الإجماع غير واحد من أهل العلم على ذلك، انظر: "الإجماع" لابن المنذر (47) ، "المغني" (3/122)
والعلماء وإن اختلفوا في صفة المسجد الذي يشرع فيه الاعتكاف، إلا أن كل مسجد تقام فيه الجمعة والجماعة لا يكاد يختلف الفقهاء في جواز الاعتكاف فيه، ولم تنقل المخالفة إلا عن بعض التابعين في ذلك.
وقد سبق تقرير المسألة في موقعنا جواب السؤال رقم (49006) ، (48985)
ثانيا:
أما الحديث المذكور في السؤال (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) فهو من حديث الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان، جاء عنه من طريق سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل: (قَالَ حُذَيْفَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ يَعْنِى ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ: عَكُوفًا بَيْنَ دَارِكَ وَدَارِ أَبِى مُوسَى وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ اعْتِكَافَ فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ قَالَ فِى الْمَسَاجِدِ الثَّلاَثَةِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا وَأَخْطَأْتَ وَأَصَابُوا)
إلا أن أصحاب سفيان بن عيينة اختلفوا عليه:
فمنهم من رواه عنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وهم:
محمد بن الفرج عند الإسماعيلي في "معجم شيوخه" (2/112) . ومحمود بن آدم المروزي عند البيهقي في "السنن" (4/316) ، وهشام بن عمار عند الطحاوي في "بيان مشكل الآثار" (7/40) ، وسعيد بن منصور، كما في "التحقيق في أحاديث الخلاف" لابن الجوزي (2/127)
ومنهم من رواه عنه وجعله من قول حذيفة موقوفا عليه، وهم:
عبد الرزاق في "المصنف" (4/348) ، وسعيد بن عبد الرحمن ومحمد بن أبي عمر عند الفاكهي في "أخبار مكة" (2/149) .
والراجح – والله تعالى أعلم – هي الرواية الموقوفة على حذيفة، يعني أنه قال هذا الكلام من رأيه واجتهاده، ولم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك لما يلي:
1- ورود هذا النص من قول حذيفة رضي الله عنه من طريق أخرى، فقد رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2/337) وعبد الرزاق أيضا (4/347) من طريق سفيان الثوري عن واصل الأحدب عن إبراهيم النخعي قال: جاء حذيفة إلى عبد الله فقال: ألا أعجبك من قومك عكوف بين دارك ودار الأشعري يعني المسجد؟! قال عبد الله: ولعلهم أصابوا وأخطأت؟! فقال حذيفة: أما علمت أنه لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أبالي أعتكف فيه أو في سوقكم هذه.
ورواية إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود رواية مقبولة لدى أهل العلم. انظر: "جامع التحصيل" (141) ، "شرح العلل" (1/294)
2- اختلاف الروايات على حذيفة رضي الله عنه، فقد جاء عنه من طرق أخرى أنه قال: لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة. ولم يحصره في المساجد الثلاثة فقط.
يقول ابن حزم رحمه الله "المحلى" (5/195) بعد أن ذكر هذا الاختلاف:
" قلنا: هذا شك من حذيفة أو ممن دونه، ولا يقطع على رسول الله صلى الله عليه وسلم بشك، ولو أنه عليه السلام قال: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) لحفظه الله تعالى ولم يدخل فيه شك، فصح يقينا أنه عليه السلام لم يقله قط " انتهى.
3- أن أكابر الصحابة على خلافه، فقد أفتى علي بن أبي طالب وعائشة وابن عباس بالاعتكاف في كل مسجد تقام فيه الجماعة، ولم يثبت عن أحد من الصحابة مخالفة في ذلك، بل كان هذا العمل مشهوراً بينهم في كل الأمصار دون نكير، إلا ما جاء عن حذيفة رضي الله عنه والله أعلم. قاله الشيخ سليمان العلوان.
فالخلاصة أنه لا يصح رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه من قول حذيفة واجتهاده ورأيه الذي خالف فيه باقي الصحابة رضوان الله عليهم، كما خالف فيه ظاهر القرآن الكريم الذي جاء بإطلاق محل الاعتكاف فقال: (وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187، ولا ينبغي مخالفة ظاهر القرآن وعمل أكثر الصحابة برواية موقوفة فيها بعض الاضطراب، لم يروها أهل الصحاح ولا السنن، ولم يفت بها أحد من الفقهاء المتقدمين، وإن ذهب إليها بعض العلماء المتأخرين، فقد أخطأ اجتهادُهم الصوابَ في هذه المسألة.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/504) :
" فكل مساجد الدنيا يُسن فيها الاعتكاف، وليس خاصا بالمساجد الثلاث، كما روي ذلك عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) فإن هذا الحديث ضعيف.
ويدل على ضعفه أن ابن مسعود رضي الله عنه وهَّنَه فقال: (لعلهم أصابوا فأخطأت، وذكروا فنسيت) فأوهن هذا حكما ورواية.
أما حكما ففي قوله: (أصابوا فأخطأت) وأما رواية: (فذكروا ونسيت) والإنسان معرَّض للنسيان.
وإن صح هذا الحديث فالمراد به: لا اعتكاف تام، أي أن المساجد الأخرى الاعتكاف فيها دون المساجد الثلاث، كما أن الصلاة في المساجد فيها دون الصلاة في المساجد الثلاثة.
ويدل على أنه عام في كل مسجد قوله تعالى: (وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) ثم كيف يكون هذا الحكم في كتاب الله للأمة من مشارق الأرض ومغاربها ثم نقول: لا يصح إلا في المساجد الثلاثة، فهذا بعيد أن يكون حكم مذكور على سبيل العموم للأمة الإسلامية ثم نقول إن هذه العبادة لا تصح إلا في المساجد الثلاثة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3334)
من اعتكف العشر الأواخر، متى يدخل ومتى يخرج؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعتكف العشر الأواخر من رمضان، وأريد أن أعرف متى أدخل المسجد ومتى أخرج منه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أما دخول المعتكف فذهب جمهور العلماء (منهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) إلى أن من أراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:
1- أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان. متفق عليه.
وهذا يدل على أنه كان يعتكف الليالي لا الأيام، لأن العشر تمييز لليالي، قال الله تعالى: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ) الفجر/2.
والعشر الأواخر تبدأ من ليلة إحدى وعشرين.
فعلى هذا، يدخل المسجد قبل غروب شمس ليلة إحدى وعشرين.
2- وقالوا: إن من أعظم ما يقصد من الاعتكاف التماس ليلة القدر، وليلة إحدى وعشرين من ليالي الوتر في العشر الأواخر فيحتمل أن تكون ليلة القدر، فينبغي أن يكون معتكفا فيها. قاله السندي في حاشيتة النسائي.
وانظر: "المغني" (4/489) .
لكن روى البخاري (2041) ومسلم (1173) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ.
وقد قال بظاهر هذا الحديث بعض السلف وأنه يدخل معتكفه بعد صلاة الفجر. وبه أخذ علماء اللجنة الدائمة (10/411) ، والشيخ ابن باز (15/442) .
لكن أجاب الجمهور عن هذا الحديث بأحد جوابين:
الأول:
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان معتكفاً قبل غروب الشمس ولكنه لم يدخل المكان الخاص بالاعتكاف إلا بعد صلاة الفجر.
قال النووي:
(إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِف صَلَّى الْفَجْر ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفه) اِحْتَجَّ بِهِ مَنْ يَقُول: يَبْدَأ بِالاعْتِكَافِ مِنْ أَوَّل النَّهَار , وَبِهِ قَالَ الأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ , وَاللَّيْث فِي أَحَد قَوْلَيْهِ , وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد: يَدْخُل فِيهِ قَبْل غُرُوب الشَّمْس إِذَا أَرَادَ اِعْتِكَاف شَهْر أَوْ اِعْتِكَاف عَشْر , وَأَوَّلُوا الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَف , وَانْقَطَعَ فِيهِ , وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْد صَلَاته الصُّبْح , لا أَنَّ ذَلِكَ وَقْت اِبْتِدَاء الاعْتِكَاف , بَلْ كَانَ مِنْ قَبْل الْمَغْرِب مُعْتَكِفًا لابِثًا فِي جُمْلَة الْمَسْجِد , فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْح اِنْفَرَدَ اهـ.
الجواب الثاني:
أَجَابَ به الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى مِنْ الْحَنَابِلَة بِحَمْلِ الْحَدِيث عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل ذَلِكَ فِي يَوْم الْعِشْرِينَ. قال السندي: وَهَذَا الْجَوَاب هُوَ الَّذِي يُفِيدهُ النَّظَر، فَهُوَ أَوْلَى وَبِالاعْتِمَادِ َأَحْرَى اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى الصيام" (ص 501) :متى يبتدئ الاعتكاف؟
فأجاب:
"جمهور أهل العلم على أن ابتداء الاعتكاف من ليلة إحدى وعشرين لا من فجر إحدى وعشرين، وإن كان بعض العلماء ذهب إلى أن ابتداء الاعتكاف من فجر إحدى وعشرين مستدلاًّ بحديث عائشة رضي الله عنها عند البخاري: (فلما صلى الصبح دخل معتكفه) لكن أجاب الجمهور عن ذلك بأن الرسول عليه الصلاة والسلام انفرد من الصباح عن الناس، وأما نية الاعتكاف فهي من أول الليل، لأن العشر الأواخر تبتدىء من غروب الشمس يوم عشرين" اهـ.
وقال أيضاً (ص 503) :
"دخول المعتكِف للعشر الأواخر يكون دخوله عند غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين، وذلك لأن ذلك وقت دخول العشر الأواخر، وهذا لا يعارضه حديث عائشة لأن ألفاظه مختلفة، فيؤخذ بأقربها إلى المدلول اللغوي، وهو ما رواه البخاري (2041) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ.
فقولها: (وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ) يقتضي أنه سبق مكثُه دخولَه (أي سبق مكثُه في المسجد دخولَه مكان الاعتكاف) ، لأن قولها: (اعتكف) فعل ماض، والأصل استعماله في حقيقته اهـ.
ثانياً:
وأما خروجه:
فإنه يخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من أيام رمضان.
سئل الشيخ ابن عثيمين: متى يخرج المعتكف من اعتكافه أبعد غروب شمس ليلة العيد أم بعد فجر يوم العيد؟
فأجاب:
"يخرج المعتكف من اعتكافه إذا انتهى رمضان، وينتهي رمضان بغروب الشمس ليلة العيد" اهـ فتاوى الصيام (ص 502) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/411) :
"وتنتهي مدة اعتكاف عشر رمضان بغروب شمس آخر يوم منه" اهـ.
وإذا اختار البقاء حتى يصلي الفجر ويخرج من معتكفه إلى صلاة العيد فلا بأس، فقد استحب ذلك بعض السلف.
قال الإمام مَالِك رحمه الله إنَّهُ َأَى بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا اعْتَكَفُوا الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ لا يَرْجِعُونَ إِلَى أَهَالِيهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا الْفِطْرَ مَعَ النَّاسِ. قَالَ مَالِك: وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ.
وقال النووي في "المجموع" (6/323) :
"قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ: وَمَنْ أَرَادَ الاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ , لِكَيْ لَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ مِنْهُ , ويَخْرُجُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ , سَوَاءٌ تَمَّ الشَّهْرُ أَوْ نَقَصَ , وَالأَفْضَلُ أَنْ يَمْكُثَ لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ صَلَاةَ الْعِيدِ , أَوْ يَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْمُصَلَّى لِصَلاةِ الْعِيدِ إنْ صَلُّوهَا فِي الْمُصَلَّى" اهـ.
وإذا خرج من الاعتكاف مباشرة إلى صلاة العيد فيستحب له أن يغتسل قبل الخروج إليها ويتجمل، لأن هذا من سنن العيد. راجع تفصيل ذلك في السؤال (36442) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3335)
الهدف الأساسي من الاعتكاف، ولماذا ترك المسلمون تلك السنة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا ترك المسلمون الاعتكاف، مع أنه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وما هو الهدف من الاعتكاف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الاعتكاف من السنن المؤكدة التي واظب عليها الرسول صلى الله عليه وسلم.
وانظر الأدلة على مشروعيته في إجابة السؤال رقم (48999) .
وقد اختفت هذه السنة من حياة المسلمين إلا من رحم ربي شأنها في ذلك شأن كثير من السنن التي أماتها المسلمون أو كادوا.
ولذلك أسباب، منها:
1- ضعف الجانب الإيماني في كثير من النفوس.
2- الإقبال المتزايد على ملذات الحياة الدنيا وشهواتها، والذي أدى إلى عدم القدرة على الابتعاد عنها ولو لفترة قليلة.
3- هوان الجنة في نفوس كثير من الناس، وميلهم إلى الراحة والدعة، فلا يريدون تحمل مشقة الاعتكاف ولو كان ذلك في سبيل رضا الله سبحانه وتعالى.
ومن علم عظم قدر الجنة ونعيمها بذل في الحصول عليها النفس والنفيس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ) رواه الترمذي وصححه الألباني (2450) .
4- اقتصار محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من النفوس على الجانب اللفظي دون العملي والذي يتمثل في تطبيق جوانب السنة المحمدية المتعددة ومنها الاعتكاف، قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) الأحزاب/21. قال ابن كثير رحمه الله (3/756) : هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله اهـ.
وقد تعجب بعض السلف من ترك الناس للاعتكاف مع مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
قال اِبْن شِهَاب الزهري: عَجَبًا لِلْمُسْلِمِينَ , تَرَكُوا الاعْتِكَاف , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتْرُكْهُ مُنْذُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ.
ثانياً:
الاعتكاف الذي واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، وهذه الأيام المعدودة تعتبر –بحق- بمثابة دورة تربوية مكثفة لها نتائجها الإيجابية الفورية في حياة الإنسان في أيام وليالي الاعتكاف، ولها أثرها الإيجابي على حياة الإنسان فيما يستقبله من أيام خلال حياته التي يحياها إلى رمضان آخر.
فما أحوجنا معاشر المسلمين إلى إحياء هذه السنة وإقامتها على الوجه الصحيح الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
فيا فوز المتمسكين بالسنة بعد غفلة الناس وفساد الأمة.
ثالثاً:
كان الهدف الأساسي من اعتكافه صلى الله عليه وسلم التماس ليلة القدر.
روى مسلم (1167) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ (أي: خيمة صغيرة) عَلَى سُدَّتِهَا (أي: بابها) حَصِيرٌ. قَالَ: فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ، فَدَنَوْا مِنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي: إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ، فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ.
وفي هذا الحديث من الفوائد:
1- أن الهدف الأساسي من اعتكافه صلى الله عليه وسلم إلتماس ليلة القدر، والاستعداد لقيامها وإحيائها بالعبادة، وذلك لعظم فضل هذه الليلة، وقد قال الله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) القدر/3.
2- اجتهاده صلى الله عليه وسلم في تحريها قبل معرفته بوقتها، فبدأ بالعشر الأول ثم الأوسط، ثم استمر معتكفاً حتى آخر الشهر حينما أُعلم أنها في العشر الأواخر، وهي القمة في الاجتهاد طلباً لليلة القدر.
3- متابعة الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ إنهم بدأوا الاعتكاف واستمروا معه حتى نهاية الشهر، وذلك لشدة تأسيهم به صلى الله عليه وسلم.
4- شفقته صلى الله عليه وسلم على أصحابه ورحمته بهم، فلعلمه بمشقة الاعتكاف خَيَّرهم في الاستمرار معه أو الخروج فقال: (فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ) .
وللاعتكاف مقاصد أخرى، منها:
1- الانقطاع عن الناس ما أمكن، حتى يتم أُنسه بالله عز وجل.
2- إصلاح القلب بالإقبال على الله تبارك وتعالى بكليته.
3- الانقطاع التام للعبادة الصرفة من صلاة ودعاء وذكر وقراءة قرآن.
4- حفظ الصيام من كل ما يؤثر عليه من حظوظ النفس والشهوات.
5- التقلل من المباح من الأمور الدنيوية والزهد في كثير منها مع القدرة عليها.
انظر كتاب "الاعتكاف نظرة تربوية" للدكتور عبد اللطيف بالطو.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3336)
هل يجوز للمرأة الاعتكاف عن والديها الأموات؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة الاعتكاف عن والديها الأموات؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب بعض العلماء إلى جواز فعل أي عبادة وهبة ثوابها للأموات، وذهب آخرون إلى أنه يقتصر على ما ورد به النص من العبادات.
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
ما هي الأشياء التي يَنتفع بها الميت من قبَل الأحياء؟ وهل هناك فرق بين العبادات البدنية وغير البدنية؟ نرجو أن توضحوا لنا هذه المسألة وتضعوا لنا فيها قاعدة نرجع إليها كلما أشكل علينا مثل هذه المسائل، أفتونا بارك الله فيكم.
فأجاب: " ينتفع الميت من الحي بما دل عليه الدليل من الدعاء له والاستغفار له والتصدق عنه والحج عنه والعمرة عنه وقضاء الديون التي عليه وتنفيذ وصاياه الشرعية، كل ذلك قد دلت الأدلة على مشروعيته.
وقد ألحق بها بعض العلماء كل قربة فعلها مسلم وجعل ثوابها لمسلم حي أو ميت، والصحيح الاقتصار على ما ورد به الدليل، ويكون ذلك مخصصًا لقوله تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى) النجم /39، والله أعلم "
" المنتقى " (2 / 161) .
وأما بخصوص الوالدين: فإن الشرع جعل الولد من كسب أبيه.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ) . رواه ابن ماجه (242) ، وصححه ابن خزيمة (4 / 121) وحسَّنه المنذري والألباني كما في " صحيح الترغيب " (1 / 18) .
قال السندي – في حاشيته على "سنن ابن ماجه ":
" عَدُّ الولد الصالح من العمل والتعليم حسنٌ؛ لأن الوالد هو سبب في وجوده، وسبب لصلاحه بإرشاده إلى الهدى، كما جُعل نفس العمل في قوله تعالى: (إِنَه عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح) " انتهى.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله:
" ما يفعله الولد الصالح من الأعمال الصالحة فإن لوالديه مثل أجره، دون أن ينقص من أجره شيءٌ؛ لأن الولد من سعيهما وكسبهما، والله عز وجل يقول: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) النجم /39، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه) - رواه أصحاب السنن الأربعة وصححه الشيخ رحمه الله بشواهده – " انتهى.
"أحكام الجنائز" (ص 126، 217) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
ما هي الأعمال التي تنفع وتفيد الوالدين أحياءً وأمواتًا؟
فأجاب: " الأعمال هي: برهما في حياتهما، والإحسان إليهما بالقول والعمل، والقيام بما يحتاجانه من النفقة والسكن وغير ذلك والأنس بهما، والكلام الطيب معهما وخدمتهما؛ لقوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) الإسراء / 23، خصوصًا في كبرهما، أما بعد الممات: فإنه يبقى من برهما أيضًا الدعاء، والصدقة لهما، والحج والعمرة عنهما، وقضاء الديون التي في ذمتهما، وصلة الرحم المتعلقة بهما، وكذلك برُّ صديقهما، وتنفيذ وصاياهما المشروعة " انتهى.
" المنتقى " (2/162) .
ثانيا ً:
وأما بخصوص اعتكاف النساء: فإن الاعتكاف مستحب للرجال والنساء، ولكن ينبغي تقييده في حق النساء بأن يكون بإذن أهلها أو زوجها، وأن لا يكون في اعتكافها فتنة.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" فالمرأة تعتكف ما لم يكن في اعتكافها فتنة، فإن كان في اعتكافها فتنة: فإنها لا تمكن من هذا؛ لأن المستحب إذا ترتب عليه الممنوع وجب أن يمنع، كالمباح إذا ترتب عليه الممنوع وجب أن يمنع، فلو فرضنا أنها إذا اعتكفت في المسجد صار هناك فتنة كما يوجد في المسجد الحرام، فالمسجد الحرام ليس فيه مكان خاص للنساء، وإذا اعتكفت المرأة فلا بد أن تنام إما ليلاً وإما نهاراً، ونومها بين الرجال ذاهبين وراجعين فيه فتنة.
والدليل على مشروعية الاعتكاف للنساء: اعتكاف زوجات الرسول صلّى الله عليه وسلّم في حياته، وبعد مماته، لكن إن خيف فتنة: فإنها تمنع؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم منع فيما دون ذلك، فإنه لما أراد أن يعتكف صلّى الله عليه وسلّم خرج ذات يوم، وإذا خباء لعائشة، وخباء لفلانة، وخباء لفلانة، فقال صلّى الله عليه وسلّم: (آلبر يرِدْن؟!) ثم أمر بنقضها، ولم يعتكف تلك السنة، وقضاه في شوال، وهذا يدل على أن اعتكاف المرأة إذا كان يحصل فيه فتنة: فإنها تمنع من باب أولى " انتهى.
"الشرح الممتع" (6/510، 511) .
والخلاصة: أنه ينبغي للإنسان أن يكثر من الأعمال الصالحة عن نفسه، قبل انقضاء أجله، وانقطاع عمله. وسيكون لوالديه نصيب من أجور هذه الأعمال من غير أن تنقص أجور أولادهم، والاعتكاف من الأعمال الصالحة، ومن المرأة لا بدَّ أن يون وفق ضوابط وشروط كما في كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3337)
هل يعتكف في العشر الأواخر وحده أم يرجع عند أهله ويتعبد معهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أسافر كل يوم لمسافة حوالي 122 كيلومتر للذهاب إلى العمل، لكن أثناء رمضان أبقى في المدينة حيث أعمل، وذلك من الاثنين إلى الجمعة، ولا أذهب لرؤية أهلي طوال الأسبوع، هل يجوز لي الصوم أثناء الرحلة لأنها ليست رحلة شاقة خلال هذه الأيام؟ هل صومي صحيح؟ إذا أخذت آخر عشرة أيام من رمضان إجازة من العمل فهل أعتكف في نفس المدينة أم أعتكف مع أسرتي التي لم أتمكن من قضاء وقت كثير معها؟ وأيضًا لمساعدة زوجتي في أعمال البيت لأنها تتعب جدّاً ولا يمكنها أداء كثير من العبادة، هل الأفضل لي الاعتكاف أم قضاء الوقت مع أسرتي والتعبد معاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجوز للمسافر أن يفطر في رمضان، لقول الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة/185، ولا فرق بين أن يكون السفر شاقاً أو سهلاً.
وهل الأفضل له أن يصوم أو يفطر؟
الجواب:
الأفضل له الصيام إلا إذا وجد مشقة فالأفضل الفطر.
وتجد تفصيل هذا في جواب السؤال رقم (65629) و (20156) .
ثانياً:
والأفضل لك أيها الأخ أن ترجع لأهل بيتك وتقيم بينهم لمساعدة زوجتك على شئون البيت؛ ولإعانتها على القيام بالطاعة واستغلال العشر الأواخر، وبقاؤك بين أهل بيتك لحثهم على الطاعة والعبادة خير من اعتكافك وحدك مع حرمانهم منها بسبب بعدك، وقد أخبرت عائشة رضي الله عنها عن حال النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر ومنه: " أيقظ أهله " أي: أيقظهم للطاعة والعبادة والصلاة والدعاء، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليعتكف ويترك أهل بيته دون عناية ورعاية، وقد ثبت أن صفية رضي الله عنها زارته وهو معتكف، وثبت أنهن اعتكفن معه، والاعتكاف عبادة خاصة غير متعدية، وبقاؤك مع أهلك وحثهم على العبادة وحسن معاشرتهم هو من الأفعال المتعدية في نفعها لغيرك، ولن تُحرم أجر طاعتهم، ولن تَحرم نفسك من العبادة، إذ يمكنك مصاحبة أهل بيتك لقيام الليل في أحد المساجد، ويمكنك إيقاظهم آخر الليل للدعاء وقراءة القرآن، وهذا خير يعمك ويعم أهل بيتك، فننصحك بالرجوع إلى أهلك والبقاء في العشر الأواخر بينهم، وحثهم على الطاعة والعبادة، ويمكنك إذا رأيت استقامة حال أهلك، والتزامهم بالطاعات أن تعتكف بعض الليالي في مسجد حيك، فتجمع بين أنواع الطاعات، وتصيب خيراً عظيماً إن شاء الله، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يتقبل منك ومن أهل بيتك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3338)
حكم الاعتكاف وأدلة مشروعيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاعتكاف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الاعتكاف مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) البقرة/125
وقوله: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187.
وأما السنة فأحاديث كثيرة منها حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ) رواه البخاري (2026) ومسلم (1172) .
وأما الإجماع، فنقل غير واحد من العلماء الإجماع على مشروعية الاعتكاف.
كالنووي وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم.
انظر المجموع (6/404) ، والمغني (4/456) ، وشرح العمدة (2/711) .
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/437) :
"لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب، وفي رمضان أفضل من غيره.. وهو مشروع في رمضان وغيره" اهـ باختصار.
ثانيا: حكم الاعتكاف.
الأصل في الاعتكاف أنه سنة وليس بواجب، إلا إذا كان نذرا فيجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ) رواه البخاري (6696) .
ولأن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ: (أَوْفِ بِنَذْرِكَ) (6697) .
وقال ابن المنذر في كتابه "الإجماع" (ص53) :
"وأجمعوا على أن الاعتكاف سنة لا يجب على الناس فرضا إلا أن يوجبه المرء على نفسه نذرا فيجب عليه" اهـ.
انظر كتاب "فقه الاعتكاف" للدكتور خالد المشيقح. ص 31.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3339)
ثواب الاعتكاف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما ثواب الاعتكاف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الاعتكاف مشروع، وهو قربة إلى الله جل وعلا. راجع السؤال رقم (48999) .
فإذا ثبت هذا، فقد جاءت أحاديث كثيرة ترغب في التقرب إلى الله تعالى بنوافل العبادات، وهذه الأحاديث بعمومها تشمل كل عبادة ومنها الاعتكاف.
فمن هذه الأحاديث: قول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ) . رواه البخاري (6502) .
ثانيا:
وردت أحاديث في فضل الاعتكاف وبيان ثوابه إلا أنها كلها ضعيفة أو موضوعة.
قال أبو داود: قلت لأحمد (يعني الإمام أحمد بن حنبل) : تعرف في فضل الاعتكاف شيئا؟ قال: لا، إلا شيئا ضعيفا اهـ. مسائل أبي داود (ص96) .
ومن هذه الأحاديث:
1- روى ابن ماجه (1781) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمُعْتَكِفِ: (هُوَ يَعْكِفُ الذُّنُوبَ، وَيُجْرَى لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ كَعَامِلِ الْحَسَنَاتِ كُلِّهَا) . ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه.
(يَعْكِفُ الذُّنُوب) أي: يَمْنَع الذُّنُوب. قاله السندي.
2- روى الطبراني والحاكم والبيهقي وضعفه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين) . ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (5345) . والخافقان المشرق والمغرب.
3- روى الديلمي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من اعتكف إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (5442) .
4- روى البيهقي وضعفه عن الحسين بن علي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين) . ذكره الألباني في "السلسلة الضعيفة" ". (518) وقال: موضوع.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3340)
هل للرجل أن يمنع زوجته من الاعتكاف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من حق زوجها منعها من الاعتكاف؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تعتكف إلا بإذن زوجها، لأن اعتكافها في المسجد يفوت حق الزوج.
فإن أذن لها فله الرجوع في الإذن وإخراجها من الاعتكاف.
قال ابن قدامة (4/485) :
وَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ إلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. . . فَإِنْ أَذِنَ الزَّوْجُ لَها , ثُمَّ أَرَادَ إخْرَاجَها مِنْهُ بَعْدَ شُرُوعِها فِيهِ , فَلَه ذَلِكَ فِي التَّطَوُّعِ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. . . فَإِنْ كَانَ مَا أُذِنَ فِيهِ مَنْذُورًا , لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيلُهُا مِنْهُ ; لأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ , وَيَجِبُ إتْمَامُهُ , فَيَصِيرُ كَالْحَجِّ إذَا أَحْرَمَت بِهِ اهـ بتصرف.
وقد دلت السنة على جواز منع الرجل امرأته من الاعتكاف إلا بإذنه.
روى البخاري (2033) ومسلم (1173) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ وَإِنَّهُ أَمَرَ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ أَرَادَ الاعْتِكَافَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَأَمَرَتْ زَيْنَبُ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ وَأَمَرَ غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَجْرَ نَظَرَ فَإِذَا الأَخْبِيَةُ فَقَالَ آلْبِرَّ تُرِدْنَ فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ وَتَرَكَ الاعْتِكَافَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي الْعَشْرِ الأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ.
وفي رواية للبخاري: (فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَة فَأَذِنَ لَهَا , وَسَأَلَتْ حَفْصَة عَائِشَة أَنْ تَسْتَأْذِن لَهَا فَفَعَلَتْ) .
قال النووي:
(نَظَرَ فَإِذَا الأَخْبِيَة فَقَالَ: الْبِرّ يُرِدْنَ؟ فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ)
(قُوِّضَ) أَيْ: أُزِيلَ.
(الْبِرّ) أَيْ: الطَّاعَة.
قَالَ الْقَاضِي: قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْكَلام إِنْكَارًا لِفِعْلِهِنَّ , وَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِبَعْضِهِنَّ فِي ذَلِكَ , كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ , قَالَ: وَسَبَب إِنْكَاره أَنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُنَّ غَيْر مُخْلِصَات فِي الاعْتِكَاف , بَلْ أَرَدْنَ الْقُرْب مِنْهُ ; لِغَيْرَتِهِنَّ عَلَيْهِ , أَوْ لِغَيْرَتِهِ عَلَيْهِنَّ , فَكَرِهَ مُلازَمَتهنَّ الْمَسْجِد مَعَ أَنَّهُ يَجْمَع النَّاس وَيَحْضُرهُ الأَعْرَاب وَالْمُنَافِقُونَ , وَهُنَّ مُحْتَاجَات إِلَى الْخُرُوج وَالدُّخُول لِمَا يَعْرِض لَهُنَّ , فَيَبْتَذِلْنَ بِذَلِكَ , أَوْ لأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُنَّ عِنْده فِي الْمَسْجِد وَهُوَ فِي الْمَسْجِد فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي مَنْزِله بِحُضُورِهِ مَعَ أَزْوَاجه , وَذَهَبَ الْمُهِمّ مِنْ مَقْصُود الاعْتِكَاف , وَهُوَ التَّخَلِّي عَنْ الأَزْوَاج وَمُتَعَلِّقَات الدُّنْيَا وَشِبْه ذَلِكَ ; أَوْ لأَنَّهُنَّ ضَيَّقْنَ الْمَسْجِد بِأَبْنِيَتِهِنَّ. وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِصِحَّةِ اِعْتِكَاف النِّسَاء ; لأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَذِنَ لَهُنَّ , وَإِنَّمَا مَنَعَهُنَّ بَعْد ذَلِكَ لِعَارِضٍ , وَفِيهِ أَنَّ لِلرَّجُلِ مَنْع زَوْجَته مِنْ الاعْتِكَاف بِغَيْرِ إِذْنه , وَبِهِ قَالَ الْعُلَمَاء كَافَّة , فَلَوْ أَذِنَ لَهَا فَهَلْ لَهُ مَنْعهَا بَعْد ذَلِكَ؟ فِيهِ خِلاف لِلْعُلَمَاءِ , فَعِنْد الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد لَهُ مَنْعها وَإِخْرَاجهمَا مِنْ اِعْتِكَاف التَّطَوُّع اهـ.
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر وَغَيْرُهُ: فِي الْحَدِيث إِنَّ الْمَرْأَة لا تَعْتَكِف حَتَّى تَسْتَأْذِن زَوْجهَا وَأَنَّهَا إِذَا اِعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا , وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَلَهُ أَنَّ يَرْجِعَ فَيَمْنَعَهَا. وَعَنْ أَهْل الرَّأْي إِذَا أَذِنَ لَهَا الزَّوْجُ ثُمَّ مَنَعَهَا أَثِمَ بِذَلِكَ وَامْتَنَعَتْ , وَعَنْ مَالِك لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ , وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ اهـ من "فتح الباري".
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3341)
الاعتكاف في أي يوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاعتكاف في أي وقت دون العشر الأواخر من رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم يجوز الاعتكاف في أي وقت، وأفضله ما كان في العشر الأواخر من رمضان؛ اقتداءً برسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف في شوال في بعض السنوات.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10/410(5/3342)
شروط الاعتكاف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي شروط الاعتكاف، وهل الصيام منها، وهل يجوز للمعتكف أن يزور مريضاً، أو يجيب الدعوة، أو يقضي حوائج أهله أو يتبع جنازة، أو يذهب إلى العمل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشرع الاعتكاف في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، وإن كان المعتكف ممن يجب عليهم الجمعة ويتخلل مدة اعتكافه جمعة ففي مسجد تقام فيه الجمعة أفضل.
ولا يلزم له الصوم.
والسنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه، ولا يجيب الدعوة، ولا يقضي حوائج أهله، ولا يشهد جنازة، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد منه " أخرجه أبو داوود 2473.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء (10/410) .(5/3343)
الاعتكاف مشروع في رمضان وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الاعتكاف يكون في أي وقت؟ أم أنه لا يكون إلا في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاعتكاف سنة في كل وقت، في رمضان وغيره، لكنه في رمضان أفضل، وآكده في العشر الأخير من رمضان.
ويدل على ذلك عموم أدلة استحباب الاعتكاف، فإنها تشمل رمضان وغيره. راجع السؤال رقم (48999)
قال النووي في المجموع (6/501) :
" الاعْتِكَافُ سُنَّةٌ بِالإِجْمَاعِ وَلا يَجِبُ إلا بِالنَّذْرِ بِالإِجْمَاعِ , وَيُسْتَحَبُّ الإِكْثَارُ مِنْهُ , وَيُسْتَحَبُّ وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ" اهـ.
وقال أيضاً (6/514) :
"وَأَفْضَلُهُ مَا كَانَ بصوم , وَأَفْضَلُهُ شَهْرُ رَمَضَانَ, وَأَفْضَلُهُ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْهُ" اهـ.
قال الألباني في "قيام رمضان":
"الاعتكاف سنة في رمضان وغيره من أيام السنة، والأصل في ذلك قوله تعالى: (وأنتم عاكفون في المساجد) ، مع توارد الأحاديث الصحيحة في اعتكافه صلى الله عليه وسلم، وتواتر الآثار عن السلف بذلك. . .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرا من شوال. متفق عليه. .
وأن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟ قال: (فأوف بنذرك) . فاعتكف ليلة. متفق عليه.
وآكده في رمضان لحديث أبي هريرة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما) رواه البخاري. .
وأفضله آخر رمضان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل. متفق عليه اهـ باختصار وتصرف.
وقال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (15/437) :
"لا ريب أن الاعتكاف في المسجد قربة من القرب، وفي رمضان أفضل من غيره.. وهو مشروع في رمضان وغيره" اهـ باختصار.
انظر كتاب "فقه الاعتكاف" للدكتور خالد المشيقح. ص 41.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3344)
لا يصح اعتكاف الرجل والمرأة إلا في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمرأة أن تعتكف في بيتها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على أن الرجل لا يصح اعتكافه إلا في المسجد، لقول الله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187. فخص الاعتكاف بأنه في المساجد.
انظر المغني (4/461) .
وأما المرأة فذهب جمهور العلماء إلى أنها كالرجل لا يصح اعتكافها إلا في المسجد للآية السابقة (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد ِ) البقرة/187.
ولأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم استأذنه في الاعتكاف في المسجد فأذن لهن، وكُنَّ يعتكفن في المسجد بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
ولو كان اعتكاف المرأة في بيتها جائزا لأرشدهن النبي صلى الله عليه وسلم إليه لأن استتار المرأة في بيتها أفضل من خروجها إلى المسجد.
وذهب بعض العلماء إلى أن المرأة يصح اعتكافها في مسجد بيتها وهو الموضع الذي جعلته للصلاة في بيتها.
ومنع جمهور العلماء ذلك وقالوا: إن مسجد بيتها لا يسمى مسجدا إلا على سبيل التجوز وليس هو مسجدا على سبيل الحقيقة فلا يأخذ أحكام المسجد ولذلك يجوز دخوله للجنب والحائض.
انظر "المغني" (4/464) .
قال النووي في المجموع (6/505) :
" لا يَصِحُّ الاعْتِكَافُ مِنْ الرَّجُلِ وَلا مِنْ الْمَرْأَةِ إلا فِي الْمَسْجِدِ , وَلا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَرْأَةِ وَلا مَسْجِدِ بَيْتِ الرَّجُلِ وَهُوَ الْمُعْتَزَلُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلاةِ" اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (20/264) :
المرأة إذا أرادت الاعتكاف فأين تعتكف؟
فأجاب:
المرأة إذا أرادت الاعتكاف فإنما تعتكف في المسجد إذا لم يكن في ذلك محذور شرعي، وإن كان في ذلك محذور شرعي فلا تعتكف اهـ.
وفي "الموسوعة الفقهية" (5/212) :
"اخْتَلَفُوا فِي مَكَانِ اعْتِكَافِ الْمَرْأَةِ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهَا كَالرَّجُلِ لا يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا إلا فِي الْمَسْجِدِ , وَعَلَى هَذَا فَلا يَصِحُّ اعْتِكَافُهَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا , لِمَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا (أَيْ نَذَرَتْ) أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا , فَقَالَ: " بِدْعَةٌ , وَأَبْغَضُ الأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ الْبِدَعُ. فَلا اعْتِكَافَ إلا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلاةُ. وَلأَنَّ مَسْجِدَ الْبَيْتِ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلا حُكْمًا , فَيَجُوزُ تَبْدِيلُهُ , وَنَوْمُ الْجُنُبِ فِيهِ , وَكَذَلِكَ لَوْ جَازَ لَفَعَلَتْهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنهن - وَلَوْ مَرَّةً تَبْيِينًا لِلْجَوَازِ" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3345)
هل تعتكف المرأة العشر الأواخر كلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة جديدة ولدي استفسار عن اعتكاف المرأة، هل يجوز للمرأة أن تعتكف في المسجد إذا كان هناك مكان مخصص للنساء؟ إذا يجوز لهن فكم يوماً يمكن أن تعتكف (3 أيام أو 7 أو العشر جميعاً) ؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله الذي هداك للإسلام، ونسأل الله تعالى أن يزيدك إيماناً وهدى.
نعم، يجوز للمرأة أن تعتكف في المسجد، بل الاعتكاف سنة في حق الرجال والنساء.
راجع سؤال (37698) .
والأفضل هو اعتكاف العشر الأواخر كلها، لأن هذا هو فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روى البخاري (2026) ومسلم (1172) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
وإذا لم يستطع المسلم اعتكاف العشر الأواخر كلها، فإنه يعتكف ما تيسر له، يومين أو ثلاثة أو أكثر من ذلك أو أقل ولو ليلة واحدة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى، سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة، لأنه لم يرد في ذلك – فيما أعلم- ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك اهـ
فتاوى الشيخ ابن باز (15/441) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3346)
هل يجوز للمعتكف الخروج من المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف كيفية الاعتكاف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان علماً بأنني أعمل وعملي ينتهي الساعة الثانية ظهراً، وهل يجب أن أقيم إقامة دائمة في المسجد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خروج المعتكف من المسجد يبطل الاعتكاف، لأن الاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى.
إلا إذا خرج لما لا بد منه، كقضاء الحاجة، والوضوء، والاغتسال، وإحضار الطعام إذا كان ليس له من يحضره له إلى المسجد، ونحو ذلك من الأمور التي لا بد منها ولا يمكن فعلها في المسجد.
روى البخاري (2092) ومسلم (297) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: (4/466) :
وَالْمُرَادُ بِحَاجَةِ الإِنْسَانِ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ , كَنَّى بِذَلِكَ عَنْهُمَا ; لأنَّ كُلَّ إنْسَانٍ يَحْتَاجُ إلَى فِعْلِهِمَا , وَفِي مَعْنَاهُ الْحَاجَةُ إلَى الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ , إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ , فَلَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ. . . وَكُلُّ مَا لا بُدَّ لَهُ مِنْهُ , وَلا يُمْكِنُ فِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ , فَلَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ , وَلا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ , مَا لَمْ يُطِلْ اهـ.
وخروج المعتكف لعمله مما ينافي الاعتكاف.
سئلت اللجنة الدائمة:
هل يجوز للمعتكف أن يزور مريضاً أو يجيب الدعوة أو يقضي حوائج أهله أو يتبع جنازة أو يذهب إلى العمل؟
فأجابت:
السنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه، ولا يجيب الدعوة، ولا يقضي حوائج أهله، ولا يشهد جنازة، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لا يَعُودَ مَرِيضًا، وَلا يَشْهَدَ جَنَازَةً، وَلا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلا يُبَاشِرَهَا، وَلا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إِلا لِمَا لا بُدَّ مِنْهُ) رواه أبو داود (2473) اهـ.
فتاوى اللجنة الدائمة (10/410) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3347)
لا يصح اعتكاف المرأة في بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تعتكف في البيت؟ وماذا إذا احتاجت للطبخ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يصح الاعتكاف إلا في المسجد، لقول الله تعالى: (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) البقرة/187. وسواء في ذلك الرجل والمرأة.
قال ابن قدامة في " المغني" (4/464) :
وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ. وَلا يُشْتَرَطُ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ ; لأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَلَيْسَ لَهَا الاعْتِكَافُ فِي بَيْتِهَا؛ لقوله تعالى: (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) .
وَلأَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتَأْذَنَّهُ فِي الاعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ , فَأَذِنَ لَهُنَّ. اهـ.
وقال النووي في "المجموع" (6/480) :
لا يصح الاعتكاف من الرجل ولا من المرأة إلا في المسجد اهـ.
وهذا هو ما اختاره الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/513) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3348)
اعتكاف المرأة في المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تعتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز للمرأة أن تعتكف في المسجد في العشر الأواخر من رمضان.
بل الاعتكاف سنة للرجال والنساء، وقد كانت أمهات المؤمنين رضي الله عنهن يعتكفن مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته، واعتكفن بعد وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
روى البخاري (2026) ومسلم (1172) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ.
قال في "عون المعبود":
فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ النِّسَاء كَالرِّجَالِ فِي الاعْتِكَاف اهـ
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله:
" الاعتكاف سنة للرجال والنساء لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يعتكف في رمضان، واستقر أخيرا اعتكافه في العشر الأواخر، وكان يعتكف بعض نسائه معه، ثم اعتكفن من بعده عليه الصلاة والسلام، ومحل الاعتكاف المساجد التي تقام فيها صلاة الجماعة." انتهى من موقع الشيخ ابن باز على الانترنت
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3349)
حكم مس يد الفتاة في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من مس يد فتاة أو قامت تلك الفتاة بضمه أو تقبيله في نهار رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يحرم على الرجل أن يمس يد امرأة أجنبية عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5045) .
وإذا كان هذا في مجرد المس، فإن الضم والتقبيل أعظم وأشد. وإذا حاولت المرأة فعل ذلك، وجب على الرجل أن يمنعها، وألا يمكنها من فعل الحرام معه.
وهذا حكم عام، يشمل الصائم وغيره، إلا أن الصائم يتأكد في حقه البعد عن جميع المحرمات والمغريات والمثيرات التي تنافي حكمة الصوم وأهدافه، وقد قال الله تعالى في بيان الحكمة من فرض الصيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة/183.
وقال عز وجل في الحديث القدسي: (الصَّوْمُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي) . رواه البخاري (7492) ومسلم (1151) .
فعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى تعالى، ويعزم على عدم العود لذلك أبداً.
وأما صومه ففيه تفصيل:
إن خرج منه منيّ بسبب هذه الأعمال، فسد صومه، ووجب عليه قضاء هذا اليوم.
وإن لم يخرج منه مني فصومه صحيح.
ولكن ... ليس معنى صحة صومه أنه لا إثم عليه، أو أن صومه كامل.
كلا! بل كل المعاصي التي يفعلها العبد تنقص من ثواب صيامه، وقد تذهب بثواب كله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) رواه البخاري (6057) .
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ) رواه ابن ماجه (1690) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وانظر السؤال (50063) .
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا، ويعيذنا من مضلات الفتن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3350)
الاعتكاف في غرفةٍ داخل المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر غرفة الحارس وغرفة لجنة الزكاة في المسجد صالحة للاعتكاف فيها؟ علماً بأن أبواب هذه الغرف في داخل المسجد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الغرف التي داخل المسجد وأبوابها مفتوحة على المسجد لها حكم المسجد، وبناءً عليه فيجوز الاعتكاف فيها؛ لأنها من المسجد.
أما لو كان بناءها خارج المسجد فلا يصح الاعتكاف فيها حتى لو كان لها باب داخل المسجد.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة (10/411)(5/3351)
حديث " من اعتكف يوما ... " ومتى يبدأ اعتكاف يوم.
[السُّؤَالُ]
ـ[من روى حديث: «من اعتكف يوماً ابتغاء وجه الله باعد الله بينه وبين النار ثلاثة خنادق كل خندق كما بين الخافقين» ، وما درجة هذا الحديث، وإذا أراد شخص أن يعتكف يوماً واحداً متى يكون بدء اعتكافه، ومتى يكون انتهاؤه، وكذلك إذا أراد أن يعتكف يومين فمتى يكون ابتداؤهما، ومتى يكون انتهاؤهما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث ضعيف، وبدء اعتكاف يوم يكون بعد صلاة الفجر ونهايته غروب الشمس، وهكذا اليومان.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/412)(5/3352)
يقضي ما عليه أولاً ثم يصوم عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت زوجتي رحمها الله قبل أسبوعين من تاريخ الرسالة، وعليها صوم سبعة أيام أفطرتها في رمضان الفائت بسبب الدورة الشهرية، وقد توفيت ولم تقضها. هل أصوم عنها أم لا؟ علماً أن علي شهراً لم أقضه، أم أصوم الذي علي ثم أصوم عنها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر فإنه يجب عليك أن تصوم الذي عليك أولاً، ثم يشرع لك بعد ذلك أن تصوم الأيام التي على زوجتك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) متفق على صحته. والولي هو القريب، وأنت مثله.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/261) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/261)(5/3353)
هل يجزئ إطعام الأطفال في الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[في كفارة اليمين هل الأطفال يعتبرون من المساكين؟ وهل الإطعام يكون بطعام معين أم أي طعام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أولاً:
إذا كان من يعول الأطفال شرعاً فقيراً ولم يكن للأطفال مال ينفق عليهم منه اعتبروا في عدد المساكين في الكفارة.
ثانياً:
والطعام المعتبر في الكفارات هو ما كان من أوسط الجنس الذي اعتاد المكفِّر أن يطعم منه ويطعم أهله من تمر أو بر أو ذرة أو أرز أو نحو ذلك.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن باز.. الشيخ عبد الرزاق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/219) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/219)(5/3354)
يريد تأجيل قضاء رمضان إلى الشتاء لأن أيامه قصيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قضاء أيام رمضان في الشتاء وهي كما نعلم أيامه قصيرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يجب على من أفطر أياماً من رمضان أن يقضيها قبل رمضان الآخر سواء في أيام الشتاء أو غيرها من الأيام، لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/184.
وثبت عن عائشة رضي الله عنها: (يكون عليها القضاء فما تقضيه إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الرزاق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/278) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/278)(5/3355)
هل يجب أن يطعم ستين مسكيناً دفعة واحدة؟ وهل يطعم أهله من الكفارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أفطرت يوماً من رمضان متعمدة، وأردت أن أطعم (60) مسكيناً. السؤال: هل يشترط إطعامهم دفعة واحدة أم أستطيع أن أطعم كل يوم 4 مساكين مثلاً أو ثلاثة، هل يجوز لي الإطعام إذا كان المساكين هم أفراد أسرتي: أبي أمي إخوتي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إن كان الإفطار في رمضان بغير الجماع فليس فيه كفارة على الصحيح، وإنما الواجب التوبة وقضاء ذلك اليوم الذي حصل فيه الإفطار، وإن كان الإفطار بجماع ففيه التوبة وقضاء ذلك اليوم، والكفارة هي عتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
وإذا صار إلى الإطعام لعجزه عما قبله من العتق والصيام جاز أن يدفع الطعام إلى المساكين دفعة واحدة، وأن يفرقه على دفعات حسب الإمكان، لكن لا بد من استيعاب عدد المساكين، ولا يجوز دفع الإطعام في الكفارة إلى الأصول وهم الآباء والأمهات والأجداد والجدات، ولا إلى الفروع وهم الأولاد وأولاد الأولاد من الذكور والإناث.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/221) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/221)(5/3356)
مات وعليه كفارة جماع في نهار رمضان، فماذا يصنع أولاده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفى رحمه الله تعالى وقد ترك مالاً وتم تقسيمه على الورثة. وبعد وفاته أخبرتني أمي أنه قد واقعها في شهر رمضان قبل ما يقرب من 25 إلى 30 سنة وقد كان ذلك بدون موافقة الوالدة فقد كانت كما تذكر خارجة للتو من المستشفى بعد عملية أجرتها وقد أخبرتني الوالدة أنها قالت له حينها إن ذلك لا يجوز وعليه السؤال في ذلك فأخبرها بتوبته وأن الله غفور رحيم، أمي أخبرتني أن الحياء منعها من السؤال أو إخبارنا وأرادت أمي أن تصوم شهرين وأخبرتها بأنها لا يد لها فيما حدث ولذا لا شيء عليها بالإضافة إلى أن وضعها الصحي لا يسمح لها بذلك. فماذا يجب علينا حيال والدنا المتوفى؟ وماذا يجب على الوالدة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا كانت الوالدة: قد أُكرهت على الجماع في رمضان من قِبل زوجها، فلا كفارة عليها؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) . رواه ابن ماجة (2043) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة".
أما إذا كانت طاوعته فعليها القضاء والكفارة.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء في حكم المجامع في رمضان:
"الواجب عليه عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مد بر (قمح) ، وعليه قضاء اليوم بدلا عن ذلك اليوم، وأما المرأة فإن كانت مطاوعة فحكمها حكم الرجل، وإن كانت مكرهة فليس عليها إلا القضاء " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10 / 302) .
وإذا كانت الكفارة واجبة عليها فقد ذكرت أنها لا تستطيع الصيام، وحينئذ يكفيها أن تطعم ستين مسكيناً
وانظر جواب السؤال رقم (1672) لمعرفة كفارة الجماع في نهار رمضان.
ثانياً:
بالنسبة للوالد فقد كان الواجب عليه أن يصوم شهرين متتابعين، ويقضي ذلك اليوم الذي أفطر فيه بالجماع، وحيث إنه قد مات ولم يفعل، فإما أن يتبرع أحد بالصيام عنه، فيصوم شهرين متتابعين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) رواه مسلم (1147) .
ولا يجوز تقسيم الشهرين على أكثر من واحد، بل يشترط أن يصومها شخص واحد حتى يصدق على أنه صام شهرين متتابعين.
أو تطعموا عنه عن كل يوم مسكيناً.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" إذا وجب على الميت صيام شهرين متتابعين، فإما أن ينتدب له واحد من الورثة ويصومها، وإما أن يطعموا عن كل يوم مسكيناً " انتهى.
"الشرح الممتع" (6/453) .
وقال أيضا:
"ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من مات وعليه صيام فرض رمضان أو نذر أو كفارة فإن وليه يصوم عنه يعني إذا شاء" انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (199/20) .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله:
"من مَاتَ وَعَلَيهِ قَضَاءُ رَمَضَان، وقد عُوفِيَ وَلَم يَصُمه: فإِنه يَجِبُ أَنْ يُطْعَمَ عَنهُ كُلِّ يَومٍ مِسْكِينٌ، بعَدَدِ مَا عِلِيهِ.
وعِندَ الشَّيخ تَقِيُ الدِّين [ابن تيمية] : إنْ صِيمَ عَنْهُ أيضًا أَجزَأَ، وَهُوَ قوي المأخَذِ " انتهى.
"إرشاد أولى البصائر والألباب" (ص/79) .
وهذا الإطعام واجب في التركة، فإن تبرع به أحد وأخرجه من ماله فلا حرج في ذلك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3357)
بدأ في صيام شهرين متتابعين ثم دخل رمضان فهل ينقطع التتابع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أن كفارة من جامع أهله في نهار رمضان هي صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينا..، هل يجب أن يكون الشهران متتابعين؟ وما الحكم فيما إذا بدء الصيام ثم أدركه شهر رمضان هل يواصل الصيام بعد رمضان من حيث توقف أم يبدأ من جديد؟ وفي حالة إطعام الستين مسكينا هل يجب إطعامهم في آن واحد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
من جامع في نهار رمضان أثم ولزمته الكفارة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع الصوم فإطعام ستين مسكينا، ولا يجوز أن يطعم وهو قادر على الصيام.
وقد دل على وجوب الكفارة بالجماع: ما رواه البخاري (1936) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْتُ، قَالَ: مَا لَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لا. فَقَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ ... الحديث) .
ودل هذا الحديث على أنه يجب أن يكون صيام الشهرين متتابعاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) .
ومن بدأ في الصوم ثم أدركه رمضان، صام رمضان وأفطر يوم العيد ثم أكمل صوم الشهرين، ولا يستأنف الصوم من أوله؛ لأن صوم رمضان لا يقطع التتابع.
قال ابن قدامة رحمه الله: ": ومن ابتدأ صوم الظهار من أول شعبان , أفطر يوم الفطر , وبنى , وكذلك إن ابتدأ من أول ذي الحجة , أفطر يوم النحر وأيام التشريق. وبنى على ما مضى من صيامه.
وجملة ذلك: أنه إذا تخلل صوم الظهار زمان لا يصح صومه عن الكفارة , مثل أن يبتدئ الصوم من أول شعبان , فيتخلله رمضان ويوم الفطر , أو يبتدئ من ذي الحجة , فيتخلله يوم النحر وأيام التشريق , فإن التتابع لا ينقطع بهذا , ويبني على ما مضى من صيامه" انتهى من "المغني" (8/29) .
ثانياً:
لا يجب إطعام الستين مسكينا في وقت واحد، بل له أن يطعم جماعة ثم جماعة في أوقات متفرقة، حتى يطعم الستين. وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (1672)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3358)
شرب بعد الفجر في صيام التطوع فهل عليه كفارة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أصوم كل يوم اثنين وخميس صيام تطوعاً، وحدث إنه في ليلة من الليالي تسحرت ونمت دون أن أشرب وبعد الفجر بساعة قمت من النوم وأنا شديد العطش فشربت، وأكملت الصيام إلى الليل، مع العلم أنني أعلم أنه قد مضى على الفجر ساعة، هل الصيام صحيح أم لا؟ وإن كان لا فهل يجب عليّ كفارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الصيام ليس بصحيح، لأن الصيام لا بد أن يكون من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، لقول الله تعالى (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) .
وعلى هذا؛ فليس لك أجر في هذا اليوم الذي صمته، لعدم موافقته الشرع، وليس عليك في ذلك إثم، لأن صوم النفل يجوز للإنسان أن يقطعه، وليس عليك كفارة أيضاً، والكفارة لا تجب في أي صوم كان حتى في الفرض إلا إذا جامع الإنسان زوجته في نهار رمضان، وهما ممن يجب عليهما الصوم، ففي هذه الحال تجب الكفارة عليه وعليها إن طاوعت، وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، وأما إذا كان الزوج والزوجة لا يجب عليهما الصيام مثل أن يكونا مسافرين في رمضان وجامعها فلا حرج عليه ولا عليها، لأن المسافر يحل له أن يفطر، ولكن عليهما قضاء ذلك اليوم إذا رجع من السفر، حتى لو فرض أنهما كانا صائمين في ذلك اليوم وهما مسافران سفراً يبيح لهما الفطر ثم جامعها فلا حرج عليهما في ذلك، وليس عليهما كفارة، وإنما عليهما قضاء ذلك اليوم الذي أفطراه " انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى نور على الدرب"
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3359)
كيف يقضي ما فاته من الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يقضي الإنسان ما فاته من الصيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كان ترك الصيام لعذر كمرض أو سفر أو الحيض بالنسبة للمرأة، وجب عليه قضاؤه بعد رمضان، فيقضي عدد الأيام التي أفطرها، لقول الله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
وقالت عائشة رضي الله عنها: (كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ – تعني: الحيض - فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ) رواه البخاري (321) ومسلم (335) .
ويمتد وقت القضاء إلى دخول رمضان التالي، فله أن يقضيه في كل هذه المدة، متتابعاً أو مفرقاً.
ولا يجوز له تأخير القضاء بعد رمضان التالي إلا لعذر.
وانظر جواب السؤال رقم (26865) .
وأما إن كان ترك الصيام متعمداً بلا عذر، فهذا له حالان:
الأولى: أن يكون عزم على الإفطار من الليل، ولم ينو الصيام، فهذا لا يصح منه القضاء، لأن الصيام عبادة مؤقتة بوقت، فمن تركها متعمداً فلا تصح منه بعد الوقت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718) .
الحال الثانية:
أن يكون نوى الصيام من الليل، وبدأ اليوم صائماً، ثم أفسد صيامه أثناء النهار بلا عذر، فهذا يجب عليه قضاء ذلك اليوم، لأن شروعه فيه، جعله كالنذر فيجب عليه قضاؤه، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم من جامع في نهار رمضان بقضاء ذلك اليوم فقال له: (صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ) رواه ابن ماجة (1671) . وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.
ثم إن كان إفساد الصيام أثناء النهار بلا عذر بالجماع، وجب عليه القضاء ومع القضاء الكفارة، ولمعرفة الكفارة وأحكامها انظر جواب السؤال رقم (49614) .
وعلى من أفسد صيامه بلا عذر التوبة إلى الله تعالى، والندم على هذا الفعل، والعزم على عدم العودة إليه، والإكثار من الأعمال الصالحة، من صيام النفل وغيره، فإن الله تعالى يقول: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3360)
قضاء كفارة القتل عن المتوفى وكيفية ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ توفي وعليه كفارة القتل الخطأ، وهي صيام شهرين متتابعين، فهل يجوز صيامهما عنه؟ وهل يجوز اقتسامهما بالتتابع مع إخوتي الأحياء لنبرئ شقيقنا المتوفي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يشرع لأحدكم أن يصوم عنه شهرين متتابعين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) متفق على صحته. والولي هو القريب، ولا يجوز تقسيمها على جماعة، وإنما يصومها شخص واحد متتابعين كما شرع الله ذلك، لقوله سبحانه في حق القاتل: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) النساء/92، أما من استطاع العتق فعليه العتق، ولا يجزئه الصيام. وفق الله الجميع" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/375) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3361)
حكم من نسي القضاء وأدركه رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من نسي القضاء وأدركه رمضان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق الفقهاء على أن النسيان عذر يرفع الإثم والمؤاخذة في جميع المخالفات، لأدلة كثيرة جاءت في الكتاب والسنة، إلا أنهم يختلفون في رفعه ما يترتب على المخالفة من فدية ونحوها.
وفي خصوص مسألة نسيان قضاء رمضان حتى يدخل رمضان التالي، اتفق العلماء أيضا على أن القضاء لازم بعد رمضان التالي، ولا يسقط بالنسيان.
ولكنهم يختلفون في وجوب الفدية (وهي إطعام مسكين) مع القضاء، على قولين:
القول الأول: لا تلزمه الفدية، فالنسيان عذر يرفع عنه الإثم والفدية.
وذهب إلى هذا أكثر الشافعية وبعض المالكية.
انظر: "تحفة المحتاج" لابن حجر الهيتمي (3/445) ، "نهاية المحتاج" (3/196) ، "منح الجليل" (2/154) ، "شرح مختصر خليل" (2/263) .
القول الثاني: تلزمه الفدية، والنسيان عذر يرفع الإثم فقط.
ذهب إليه الخطيب الشربيني من الشافعية، فقال في "مغني المحتاج" (2/176) :
قال: "والظاهر أنه إنما يسقط عنه بذلك الإثم لا الفدية".
ونص عليه بعض المالكية أيضاً.
وانظر: "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/450) .
والراجح هو القول الأول إن شاء الله تعالى، وذلك لأدلة ثلاثة:
الأول: عموم الآيات والأحاديث التي ترفع المؤاخذة عن الناسي: كقوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286.
الثاني: الأصل براءة الذمة، ولا يجوز إشغالها بالكفارة أو الفدية إلا بدليل، ولا دليل يقوى في هذه المسألة.
الثاني: أن هذه الفدية مختلف في وجوبها أصلا حتى على المتأخر عن القضاء عامدا، حيث ذهب الحنفية والظاهرية إلى عدم وجوبها، واختار الشيخ ابن عثيمين أنها مستحبة فقط، إذ لم يرد في مشروعيتها إلا عمل بعض الصحابة، وهذا لا يقوى على إلزام الناس بها، فضلا عن إلزامهم بها حال العذر الذي عذر الله به.
وانظر جواب السؤال رقم (26865) .
وخلاصة الجواب: عليه القضاء فقط، ولا طعام عليه فيقضي بعد رمضان الحالي.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3362)
كفارة من جامع زوجته في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[جامعت زوجتي في نهار رمضان عدة مرات وأنا نادم أشد الندم، وعلمت أن كفارة الجماع في نهار رمضان عتق رقبة وأنا لا أجد ما أدفعه لعتق الرقبة وصيام شهرين متتابعين يصعب علي جداً بسبب العمل فهل أطعم ستين مسكيناً كما جاء في الحديث؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
النصيحة أن تحاول صيام الشّهرين المتتابعين في الأيام الباردة أو المعتدلة حيث يقصر النهار وتخفّ المشقة أو في أيام الإجازة السنوية التي يمنحها لك العمل ونحو ذلك من الفُرص التي يمكن أن تُنتهز لأداء ما عليك، فإن عجزت عن الصّيام حقّا وحقيقة فيجوز لك عند ذلك أن تُطعم ستين مسكينا يُمكن صرف الطّعام لهم على دفعات - حسب قدرتك - حتى تستكمل عددهم، وعلى زوجتك كفّارة مماثلة إذا كانت مطاوعة لك في الجماع أثناء شهر رمضان، والجماع الذي حصل إن كان في أيام مختلفة فعليكما كفّارات مختلفة بعدد الأيام التي انتهكتما حرمتها من أيام الشّهر الكريم.
قال صاحب " كفاية الطالب ": وتتعدد الكفارة بتعدد الأيام ولا تتعدد بتكررها في اليوم الواحد قبل إخراجها اتفاقاً. وقال في حاشية الدسوقي: فلا تتعدد بتعدد الأكلات أو الوطآت في يوم واحد. وقال صاحب مغني المحتاج ": تعدّد الكفارة بتعدّد الفساد.. (ومن جامع في يومين لزمه كفارتان) لأن كل يوم عبادة مستقلة فلا تتداخل كفارتاهما،.. فإن تكرّر الجماع في يوم واحد فلا تعدد. انتهى.
ولا يُكلّف الله نفسا إلا وسعها، والحديث الذي أشرت إليه في سؤالك قد جاء عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا قَالَ لا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ (وهو الزنبيل الكبير) قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ) رواه البخاري فتح 1936
وفي رواية لأحمد عن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ فَارِعِ أُجُمِ (الأجم: الحِصْن) حَسَّانَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ احْتَرَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا شَأْنُكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ قَالَتْ وَذَاكَ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسْ فَجَلَسَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ فَأَتَى رَجُلٌ بِحِمَارٍ عَلَيْهِ غِرَارَةٌ فِيهَا تَمْرٌ قَالَ هَذِهِ صَدَقَتِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ آنِفًا فَقَالَ هَا هُوَ ذَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ قَالَ وَأَيْنَ الصَّدَقَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلا عَلَيَّ وَلِي فَوَ الَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ أَنَا وَعِيَالِي شَيْئًا قَالَ فَخُذْهَا فَأَخَذَهَا المسند 6/276.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وأن يتوب علينا إنه هو التواب الرحيم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/3363)
طريقة إخراج الكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[الفدية للمفطر في رمضان هل تكون عن كل يوم أم بعد رمضان تخرج مرة واحدة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من أفطر في رمضان لعذر لا يرجى زواله ككبير السن فإن عليه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً، ويخير في هذا الإطعام، إما أن يطعم يوماً بيوم، وإما أن ينتظر حتى ينتهي الشهر فيطعم مساكين بعدد أيام الشهر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/335) :
ووقته – يعني وقت الإطعام - بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه، وإن شاء أخر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3364)
أغمي عليها في رمضان ثم ماتت
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أصيبت بجلطة قبل رمضان ولم يغم عليها إغماء كاملاً، فكانت تبدأ بالصلاة وأثناء الصلاة تخاطب من حولها، ولما قرب رمضان أغمي عليها إغماء كاملاً، ولكن الأطباء قالوا: إنها تسمع ثم توفيت في رمضان، فهل يكفر عنها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"هذه المرأة التي أصيبت بجلطة قبل رمضان وبقيت مغمى عليها أو فاقدة الشعور، يطعم عنها لكل يوم مسكين، لأن الصحيح أن الإغماء لا يمنع وجوب الصوم، وإنما يمنع وجوب الصلاة، فلو أغمي على الإنسان بغير اختياره وبقي يومين أو ثلاثة فلا صلاة عليه، أما إذا كان باختياره كما لو أغمي عليه بواسطة البنج فإنه يلزمه القضاء" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" فتاوى الصيام (114) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3365)
مريض ويحتاج إلى الدواء باستمرار
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك رجل مريض بمرض القلب، ويحتاج إلى الدواء باستمرار، يعني تقريباً كل ثمان ساعات أو ست ساعات فهل يسقط عنه الصوم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"نعم. يسقط عنه الصوم، ويطعم عن كل يوم مسكيناً، إن شاء أعطى المساكين كل مسكين ربع صاع من الأرز، وإن جعل معه لحماً فهو أحسن، وإن شاء عشَّاهم في آخر ليلة من رمضان، أو غداهم في يوم آخر بعد رمضان، كل ذلك جائز" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" فتاوى الصيام (126) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3366)
هل يطعم غير المسلمين في فدية الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[مريض وجب عليه الإطعام، فهل يجوز له دفع هذا الطعام إلى غير مسلمين لأنه يقيم في دولة غير إسلامية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الإنسان في غير بلاد إسلامية ووجب عليه الإطعام فإن كان في هذه البلاد مسلمون من أهل الاستحقاق أطعمهم، وإلا فإنه يصرفه إلى أي بلد من بلاد المسلمين التي يحتاج أهلها إلى هذا الإطعام، والله أعلم" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" فتاوى الصيام (112) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3367)
متى تجب الكفارة على من أفطر في رمضان بدون عذر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف موجبات القضاء والكفارة في رمضان، علماً أنه سبق أن بحثت الموضوع، وانتهى بي البحث إلى رأيين: أحدهما يرى أن موجبات القضاء والكفارة هو الجماع لا غير، والدليل معروف من السنة المطهرة، أما الرأي الثاني فيجعل كل ما يصل إلى المعدة عمداً موجباً للقضاء والكفارة، إضافة إلى الجماع دون أن أعثر على دليل من الكتاب والسنة. لذا أرجو من فضيلتكم إفادتي بالجواب الشافي المدعم بالدليل من الكتاب والسنة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"نص النبي صلى الله عليه وسلم على الحكم بوجوب الكفارة على أعرابي لكونه جامع زوجته عمداً في نهار رمضان وهو صائم، فكان ذلك منه صلى الله عليه وسلم بياناً لمناط الحكم، ونصاً على علته، وانفق الفقهاء على أن كونه إعرابياً وصف طردي لا مفهوم له، ولا تأثير له في الحكم فتجب الكفارة بوطء التركي والأعجمي زوجته، واتفقوا أيضاً على أن وصف الزوجة في الموطوءة طردي غير معتبر، فتجب الكفارة بوطء الأمة وبالزنا، واتفقوا أيضاً على أن مجيء الواطئ نادماً لا أثر له في وجوب الكفارة، فلا اعتبار له أيضاً في مناط الحكم، ثم اختلفوا في الجماع هل هو وحده المعتبر في وجوب الكفارة بإفساد الصوم به فقط، أو المعتبر انتهاك حرمة رمضان بإفساد الصوم عمداً ولو بطعام وشراب، فقال الشافعي وأحمد بالأول، وقال أبو حنيفة ومالك ومن وافقهما بالثاني، ومنشأ الخلاف بين الفريقين اختلافهما في تنقيح مناط الحكم، هل هو انتهاك حرمة صوم رمضان بإفساده بخصوص الجماع عمداً، أو انتهاكه بإفساد صومه عمداً مطلقاً، ولو بطعام أو شراب؟ والصواب الأول؛ تمشياً مع ظاهر النص، ولأن الأصل براءة الذمة من وجوب الكفارة حتى يثبت الموجب بدليل واضح.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/300، 301) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3368)
هل تجب كفارة الجماع في نهار رمضان على المرأة أيضاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من جامعها زوجها في نهار رمضان، هل تلزمها الكفارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الجماع في نهار رمضان من أعظم مفسدات الصوم، وقد سبق بيان ذلك، في جواب السؤال رقم (38023) .
ومن جامعها زوجها في نهار رمضان فلا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن تكون المرأة حال الجماع معذورة بإكراه، أو نسيان، أو جهل بتحريم الجماع في نهار رمضان، ففي هذه الحال صومها صحيح، ولا يلزمها القضاء ولا الكفارة. وهي رواية عن الإمام أحمد، واختارها شيخ الإسلام، واختارها من المعاصرين: الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله.
واستدلوا بأدلة منها:
1) قوله تعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة /286.
2) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ) متفق عليه. قالوا: والجماع وسائر المفطرات تقاس على الأكل والشرب.
3) عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجة (2045) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن جامع امرأته وهي غير راضية فأجاب: ". . . أما المرأة فإن كانت مكرهة، فلا شيء عليها وصومها صحيح " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (15/310) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/404) عن حكم الجماع في نهار رمضان: " إذا كانت المرأة معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه فلا قضاء عليها ولا كفارة " انتهي.
الحال الثانية: أن تكون المرأة غير معذورة، بل مطاوعة لزوجها في الجماع، ففي وجوب الكفارة عليها في هذه الحال خلاف بين العلماء على قولين:
القول الأول: أنه يجب عليها القضاء والكفارة إذا كانت مطاوعة. وهو مذهب جمهور العلماء.
واستدلوا بـ:
1) ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي جامع امرأته في نهار رمضان بالكفارة، والأصل تساوي الرجل والمرأة في الأحكام، إلا ما استثناه الشارع الحكيم بالنص عليه.
2) ولأنها هتكت صوم رمضان بالجماع فوجبت عليها الكفارة كالرجل.
3) ولأنها عقوبة تتعلق بالجماع، فاستوى فيها الرجل والمرأة كحد الزنا.
قال البهوتي رحمه الله في "شرح منتهى الإرادات" (1/486) : " وَامْرَأَةٌ طَاوَعَتْ غَيْرَ جَاهِلَةٍ الْحُكْمَ أَوْ غَيْرَ نَاسِيَةٍ الصَّوْمَ كَرَجُلٍ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ، لِأَنَّهَا هَتَكَتْ حُرْمَةَ صَوْمِ رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ مُطَاوِعَةً، فَأَشْبَهَتْ الرَّجُلَ" انتهى.
القول الثاني: أن الكفارة تلزم الزوج خاصة عن نفسه فقط، ولا شيء على المرأة سواء كانت مكرهة أو مطاوعة. وهو مذهب الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد.
واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بالكفارة، ولم يذكر على المرأة كفارة، قالوا: وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
وأُجيب عن هذا، بأن عدم ذكر الكفارة بالنسبة للمرأة؛ لأن الرجل هو المستفتي عن نفسه، والمرأة لم تستفت، وحالها تحتمل أن تكون معذورة بجهل أو إكراه.
والراجح وجوب الكفارة على المرأة، كما تجب على الرجل، وقد اختار هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله.
انظر: "مجموع فتاوى ابن باز" (15/307) ، "الشرح الممتع" (6/402) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3369)
هل تسقط كفارة الجماع عمن عجز عنها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الأول: زوجي جامعني في نهار رمضان، في البداية أنا رفضت ثم استسلمت له ما الحكم علينا؟ مع العلم أننا ما نقدر نفك رقبة، ولا نصوم شهرين متتاليين، لأننا نخشى المشقة بالصوم. وإطعام ستين مسكينا رز كم كيلو؟ السؤال الثاني: أنا لست عاملة ولا يوجد لدي مصروف خاص بي كيف أتمكن من إطعام المساكين؟ هل يجب أن أدفعها مني أو زوجي هو يتكفل بها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الجماع في نهار رمضان من أعظم المفطرات، وأشنع المحرمات، وقد سبق في الموقع بيان حرمة ذلك، وأنه مفسد من مفسدات الصوم، كما في جواب السؤال رقم (38023) .
ثانيا:
يجب على من جامع أهله في نهار رمضان أن يعتق رقبة مؤمنة، فإن لم يقدر على ذلك فليصم شهرين متتابعين، فإن عجز عن ذلك فليطعم ستين مسكيناً، وهذه الكفارة على هذا الترتيب لا ينتقل من درجة منها إلى التي تليها إلا عند العجز عن السابقة؛ لما روى البخاري (1936) ومسلم (1111) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لا.. . الحديث) .
والكفارة في الجماع على الرجل والمرأة على السواء.
فإذا عجز الرجل أو المرأة عن الكفارة، فإنها تسقط عنه؛ لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر الرجل بالكفارة، وأخبره أنه لا يستطيع، لم يذكر له بقاءها في ذمته، ولأن الواجب يسقط بالعجز.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/417) : " وسقوط الكفارة بدليل الكتاب، والسنّة، أمّا من الكتاب فقوله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا) ، وهذا الرجل الفقير ليس عنده شيءٌ فلا يكلّف إلاّ ما آتاه الله، وقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، ودليلٌ ثالثٌ: العموم، عموم القاعدة الشرعيّة، وهي أنّه لا واجب مع عجزٍ، فالواجبات تسقط بالعجز عنها، وهذا الرجل الذي جامع لا يستطيع عتق الرقبة ولا الصيام ولا الإطعام، نقول: إذاً لا شيء عليك وبرئت ذمّتك.
فإن أغناه الله في المستقبل فهل يلزمه أن يكفر أو لا؟
فالجواب: لا يلزمه، لأنها سقطت عنه، وكما أنّ الفقير لو أغناه الله لم يلزمه أن يؤدي الزكاة عمّا مضى من سنواته؛ لأنّه فقير، فكذلك هذا الذي لم يجد الكفارة إذا أغناه الله تعالى لم يجب عليه قضاؤها.
أمّا الدليل من السنّة: فهو أن الرجل لمّا قال: (لا أستطيع أن أطعم ستين مسكيناً) لم يقل النبي صلّى الله عليه وسلّم: أطعمهم متى استطعت، بل أمره أن يطعم حين وجد، فقال: (خذ هذا تصدّق به، فقال: أعلى أفقر مني يا رسول الله ... فقال: أطعمه أهلك) ، ولم يقل: والكفارة واجبة في ذمتك، فدل هذا على أنها تسقط بالعجز " انتهى بتصرف.
تنبيه:
قولك: (ولا نصوم شهرين متتاليين، لأننا نخشى المشقة بالصوم) .
مجرد خوف المشقة لا يكون عذرا في ترك الصيام، بل لا بد من عدم الاستطاعة.
وللفائدة انظري جواب السؤال رقم (12329) ، ورقم (1672) ، ورقم (93109) .والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/3370)