كيفية الزكاة في صندوق استثماري فيه أموال خيرية وأموال خاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[مركز إسلامي في الغرب يعمل توظيف أموال (حلال) وأغلب الأرباح من الشراكة ومن توظيف الأموال من غير تجارة الأسهم ويعطي أرباحا فهل تجب الزكاة على الربح الناتج من هذه التجارة أو على التبرعات إلى المركز الإسلامي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أجابنا عن هذا السؤال الشيخ عبد الله بن قعود بقوله:
تجب الزكاة في أموال المشتركين لأنفسهم أما أرباح التبرعات فليس عليها زكاة.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن قعود(5/2350)
زكاة المعاش المقبوض بأثر رجعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عزباء أعيش مع 3 إخوة ذكور وأمي حفظها الله. أبي رحمه الله كان (ضابط سامي) بالجيش وتوفي سنة 2001، وبعد وفاته قام زملاء وأصدقاء أبي بتسوية أمور المعاش ورأس مال الوفاة (capital du décé) ، وأيضا التركة، وحسب قوانين بلدنا فقد قسم رأس مال الوفاة علينا بحسب الفروض الواجبة، لأمي الثمن والباقي قسم علي وعلى إخوتي للذكر مثل حظ الأنثيين، علما أن والدي أبي متوفيان قبله. وصرف معاش لأمي تقبضه كل شهر والحمد لله، ومؤخرا علمت أنه لي الحق في معاش يصرف لي، لكوني أنثى وعزباء وبدون مهنة (حاليا أنا متربصة للمحاماة، وليس لي أي دخل) ، وقيل لي: إذا سويت الأمور اللازمة لقبض هذا الراتب شهريا فإنه يرجع بأثر رجعي منذ وفاة أبي (سنة 2001) ، وبالتالي: أولا سأقبض ما فاتني من كسب منذ 2001، ثم أبدأ باستلام المعاش كل شهر. السؤال: 1- ما حكم رأس مال الوفاة؟ 2- ما حكم المعاش الذي صرف لأمي؟ 3- ما حكم المعاش الذي سيصرف لي؟ أحلال أم حرام؟ 4- إذا كان حلالا: هل تجب علي الزكاة فيه عند قبضي لما فاتني من كسب (وهو مبلغ كبير) وكيف أقدر زكاته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
بالنسبة لرأس مال الوفاة، حسبما ورد في السؤال: فلا حرج في صرفه لمستحقه، وهو معونة مالية من الدولة، تمنح لمستحقيها حسب الشروط التي تضعها لذلك. ومثلها منح الشيخوخة والعجز ومعاش التقاعد والبطالة ونحو ذلك مما تصرفه الدولة لذوي الحاجات.
وهكذا الأمر بالنسبة للمعاش الذي تصرفه الوالدة، وكذا المعاش الذي ستصرفينه – إن شاء الله - لا حرج على المنتفع به، ما دام قد استوفى شروطه.
سئلت اللجنة الدائمة:
" كنت متطوعا بالقوات المسلحة المصرية، في الفترة من سبتمبر عام 1967م إلى يناير عام 1981م، ومكثت بها ثلاثة عشر عاما تقريبا، وكانوا يقتطعون جزءا من مرتب كل شهر للتأمينات والمعاشات، وهذا الأمر إجباري، وبعد أن من الله علي بفهم الإسلام قمت بتقديم استقالتي وقبلت بفضل الله عز وجل، ولكن أعطوني معاشا شهريا قدره 540 ر56 كل شهر، وقد ذكر لي بعض الإخوة أن هذا المعاش ربا، ويجب علي ترك هذا المعاش، فهل هذا الحكم صحيح أم لا، وما هو الحكم الشرعي الصحيح في هذا المعاش؟ "
فأجابت:
" إذا كان الواقع كذلك: جاز لك أخذ معاش التقاعد؛ لأنه مكافأة على الخدمة التي قمت بها مدة العمل في الحكومة ". انتهى. " فتاوى اللجنة الدائمة" (23/473) .
ثانيا:
عند قبضك المعاش بأثر رجعي، فالأحوط لك أن تخرجي منه زكاة سنة واحدة، لأنك لم تتمكني من قبضه، ولم يتحقق ملكك له قبل قبضه.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هل في مال التقاعد الذي عند الدولة زكاة؟
فأجاب:
" التقاعد الذي يؤخذ من الراتب ليس فيه زكاة، وذلك لأن صاحبه لا يتمكن من سحبه إلا بشروط معينة، فهو كالدين الذي على المعسر، والدين الذي على المعسر لا زكاة فيه، لكن إذا قبضه فالأحوط أن يزكيه مرة واحدة لسنة واحدة " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 / 1589) .
وأما عن كيفية الحساب فهي بواقع (2,5%) من عموم المبلغ الذي تتسلمينه.
ثالثا:
من الواجب الانتباه إلى أن لا بد فيها من تحري الحق، وعدم تعدي حدود الله، وهي تحتاج إلى معرفة بشرع الله، وتفق واسع في دينه، حتى لا يقع صاحبها في الدفاع عن الباطل، أو مخاصمة الحق، من حيث لا يدري، وإن كان المعهود من حال هذه المهنة أنها تدخلها كثير من المحاذير.
وينظر جواب السؤال رقم: (75613) ، (112144) .
وأما بالنسبة للمرأة المسلمة: فإن طبيعة هذه المهنة تنافيها كثيرا؛ فهي تستوجب مخالطة الرجال بكثة، وربما كثر فيها السفر والانتقالات، إلى غير ذلك مما هو معلوم من حالها، وإن كان خطرها العقدي، في وقوع صاحبها في مخالفة شرع الله من حيث يعلم أو لا يعلم، هو أشد ذلك خطرا.
فالنصيحة للمرأة المسلمة أن تبحث عن عمل هو أنسب لطبيعتها، متى احتاجت إلى ذلك.
بل النصيحة لكل مسلم: ألا يقدم على تلك المهنة إلا بعد معرفة ما يلزمه من حكم الله في ذلك، والأدب الشرعي الواجب عليه في الاشتغال بها.
يراجع جواب السؤال رقم (97442) .
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2351)
هل يجوز له أن يدفع الزكاة عن راتبه شهريا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن أدفع الزكاة بمقدار2.5% شهرياً عن راتبي الذي أتقاضاه لأنني أعمل نصف دوام فقط وأرى أنه من الصعب دفع الزكاة دفعة واحدة في نهاية السنة؟ وهل المبالغ التي أدفعها على شكل صدقة خيرية بين حين وأخر تُعد من الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا تجب في مالٍ زكاة حتى يبلغ النصاب الشرعي ويحول عليه الحول، ويدخل في ذلك ما يتقاضاه الموظف من راتب شهريا.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" إذا حال الحول على شيء من المرتب يبلغ النصاب فعليك زكاته، وإن كان دون ذلك فلا زكاة فيه " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14 / 135)
ثانيا:
تعجيل الزكاة عن حولها المقدر جائز، وهو قول جمهور العلماء، والأفضل ألا يعجل زكاته، إلا إذا اقتضت المصلحة ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وأما تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب: فيجوز عند جمهور العلماء، كأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (25 / 85، 86) .
ثالثا:
يجوز إخراج الزكاة في صورة أقساط شهرية، أو نحو ذلك، إذا كان يخرجها قبل موعدها، فإذا جاء موعد الحول الذي يجب عليه فيه إخراج الزكاة: لم يجز أن يؤخرها عنه، ويخرجها على صورة أقساط.
قال ابن قدامة رحمه الله: " قَالَ أَحْمَدُ: لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ. يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ، مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى
"المغني" (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة في شكل رواتب للأسر الفقيرة في كل شهر؟
فأجاب علماء اللجنة:
" لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنَة، أو سنتين، إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9 / 422) .
وبناء على ما سبق:
فإن كان الأيسر لك إخراج الزكاة كل شهر، خشية أن يصعب إخراجها على رأس حولها: فلك ذلك، فإذا كان راتبك يبلغ نصابا: جاز لك أن تخرج منه ربع العشر (2.5%) ، وهكذا كل شهر، وإن لم يكن يبلغ نصابا: انتظرت بما معك من المال، حتى إذا بلغ النصاب بدأت في إخراجه، على ما سبق.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ما حكم إخراج الزكاة من الراتب عن كل شهر، رغبة في تعجيلها، حتى ولو كان موظفاً عليه دين؟
فأجاب:
" لا حرج بهذا، جزاه الله خيراً، هذا من باب التعجيل، يعني لو كان الإنسان كلما قبض الراتب أخذ زكاته حالاً: فإنه لا بأس بذلك إن شاء.
[وهناك صورة أخرى لتعجيل زكاة الراتب] ؛ فإذا دار الحول على الراتب الأول: أدى الزكاة عن الجميع، فيكون بالنسبة للحول الأول قد أدَّى زكاته في وتها، وبالنسبة للأشهر التالية قد عجَّل زكاتها، وتعجل الزكاة لا بأس به، وهذا أيسر وأسهل، أنه يجعل لزكاته شهراً معيناً، وهو الشهر الذي تجب فيه زكاة الراتب الأول، ويمشي على هذا ويكون ما وجبت زكاته قد أديت زكاته في وقتها، وما لم تجب تكون زكاته معجلة.
والصورة الأولى التي ذكرها السائل أيضاً فيها راحة، كلما قبض شيئاً زكاه على طول " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (204 / 4) .
رابعا:
المبالغ التي دفعتها على شكل صدقة خيرية بين الحين والآخر: إن كنت قد أخرجتها على أنها صدقة تطوع، وليست من الزكاة المفروضة، كما هو الظاهر من كلامك، فلا تحتسب من الزكاة؛ لأن الزكاة المفروضة لا بد في إخراجها من نية الفرض.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" لَوْ تَصَدَّقَ الْإِنْسَانُ بِجَمِيعِ مَالِهِ تَطَوُّعًا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الزَّكَاةَ , لَمْ يُجْزِئْهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: يُجْزِئُهُ اسْتِحْبَابًا. وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْفَرْضَ , فَلَمْ يُجْزِئْهُ , كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ , وَكَمَا لَوْ صَلَّى مِائَةَ رَكْعَةٍ وَلَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ بِهَا " انتهى.
"المغني" (2/265) .
وإن كنت قد أخرجتها على أنها من الزكاة المفروضة عليك: فهي من زكاتك، بشرط أن تكون قد وضعتها في مصارف الزكاة المعتبرة، فليس كل عمل من أعمال الخير والبر يصح أن تصرف فيه زكاة المال؛ بل مصارفها محددة شرعا، كما أن أنواعها وقدرها محدد شرعا.
للاستزادة: راجع إجابة السؤال رقم: (1966) ، (98528) ، (126075) .
ويمكنك مراجعة أجوبة عديدة حول ذلك في تصنيف "مصارف الزكاة"، من قسم الزكاة في الموقع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2352)
باع أرضا معدة للتجارة قبل حلول الحول بستة أيام، فمتى تجب عليه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قطعة ارض وهي من عروض التجاره بعتها قبل حلول الحول عليها بستة أيام واستلمت المبلغ كيف احسب زكاتها هل أزكي المال بعد مرور الستة أيام أو أنتظر على المال مرور حول كامل]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للرجل أن يبيع ماله قبل حلول الحول إذا احتاج إلى ذلك، ما لم يقصد الفرار من الزكاة
قال القرطبي رحمه الله:
" أجمع العلماء على أن للرجل قبل حلول الحول التصرف في ماله بالبيع والهبة إذا لم ينو الفرار من الصدقة " انتهى
"الجامع لأحكام القرآن" (9 / 236)
فإذا كان هذا المال معدا للتجارة فباعه: فإذا بلغ النصاب على رأس الحول زكّاه، وإذا لم يبلغ إلا بضمه إلى ماله الذي عنده، أو لم يبلغ ماله الذي عنده النصاب إلا بضمه إليه ضمه إليه وزكاه؛ لأن العبرة فيما أعد للتجارة قيمته المالية.
قال ابن مفلح رحمه الله:
" وتضم قيمة عروض التجارة إلى كل واحد، من الذهب والفضة، جزم به صاحب المستوعب، والشيخ وعلله بأنه يُقَوَّم بكل واحد منهما، وقال: لا أعلم فيه خلافا. قال: ولو كان ذهب وفضة وعروض، ضم الجميع في تكميل النصاب ". انتهى. "الفروع" (4/138) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" عروض التجارة تجب في قيمتها، فلا ينقطع الحول إذا أبدل عروض التجارة بذهب أو فضة، وكذلك إذا أبدل ذهباً أو فضة بعروض تجارة؛ لأن العروض تجب الزكاة في قيمتها لا في عينها، فكأنه أبدل دراهم بدراهم، فالذهب والفضة والعروض تعتبر شيئاً واحداً، وكذا إذا أبدل ذهباً بفضة إذا قصد بهما التجارة، فيكونان كالجنس الواحد " انتهى.
"الشرح الممتع" (6 / 9)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
شخص باع محلاًّ قبل حلول زكاته بشهرين فمن الذي يدفع الزكاة؟
فأجاب بقوله: " إذا انتقل ملك المال الزكوي قبل تمام الحلول: فإن كانت عروض تجارة كما قال، فالمالك الأول يزكي عروضه مع أمواله.
مثال ذلك: إنسان عنده أرض للتجارة، فباعها قبل حلول زكاته بشهرين، فإنه إذا حلت الزكاة يجب عليه أن يؤدي زكاة الدراهم التي باع بها هذه الأرض، أما لو باعها بدراهم ثم اشترى بالدراهم سكناً له قبل تمام الحول فإنه لا زكاة عليه ... " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 / 1507)
فعلى ما تقدم:
تجب عليك زكاة الأرض التي بعتها إذا تم الحول، أي بعد ستة أيام من وقت البيع، ولا يجوز أن تنتظر حولا جديدا لإخراجها.
وللمزيد: راجع إجابة السؤال رقم: (32715) ، (38886)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2353)
حبس الوصي مال الميراث عن الصغار والكبار ثلاثة عشر عاماً فهل عليهم زكاة عند قبضه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ورثنا عن والدي رحمة الله عليه مبلغاً من المال، يقدَّر بأكثر من مائة ألف ريال , وكان الوكيل في تحصيل هذا المال من مؤسسة التقاعد هو عمي , وقام بعد تحصيل المال بفرض الوصاية عليه، والاحتفاظ به، وعدم إعطاء أي شخص من الورثة حقه، بحجة حفظ حقوق الأيتام من الضياع، علماً أن هناك من مات من الورثة , ولم يحصل على حقه، مثل جدي رحمة الله عليه، فكان قد مات بعد والدي، وظلَّ المال عند عمِّي قرابة ثلاثة عشر سنة، أي: تقريباً من عام 1417 إلى عام 1430، وبعدما كبر جميع الأيتام تم دفع المال إلينا كاملاً، ولم يتم قسمته على الورثة إلى الآن. السؤال: هل على المال هذا طوال الفترة السابقة زكاة؟ وكم تكون زكاته التقريبية؟ علماً أن له - كما أسلفت - 13 عاماً تقريباً، علماً أيضا أن حالة الورثة ليس جيدة ماليّاً، والورثة هم أم، وستة إخوة، وثلاث بنات. وشكراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
حفظ أموال اليتامى واجب على الدولة، وعلى أوصياء أولئك الأيتام، كما قال تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا. وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) النساء/ 5، 6.
قال ابن كثير رحمه الله:
نهى تعالى عن تَمْكين السفهاء من التصرّف في الأموال التي جعلها الله للناس قياماً، أي: تقوم بها معايشهم، من التجارات، وغيرها، ومن هاهنا يُؤْخَذُ الحَجر على السفهاء، وهم أقسام: فتارة يكون الحَجْرُ للصغر، وتارة يكون الحجرُ للجنون، وتارة لسوء التصرف؛ لنقص العقل، أو الدين، وتارة يكون الحجر للفَلَس، وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاقَ ماله عن وفائها، فإذا سأل الغُرَماء الحاكم الحَجْرَ عليه: حَجَرَ عليه.
"تفسير ابن كثير" (2/214) .
فإذا مات الميت: وجب أن يقوم أحد الأولياء بحفظ أيتام ذلك الميت، حتى يأنس منه الرشد، وحسن التصرف بالمال , وأما بقية الورثة (وهم البالغون) : فلا يجوز حبس مالهم، بل يدفع لهم نصيبهم من الميراث.
وانظر جواب السؤال رقم: (13262) .
ثانياً:
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي، واليتيم، والمجنون، فالزكاة لا تعلُّق لها بالتكليف.
وانظر جواب السؤال رقم: (75307) .
فعلى هذا: تجب الزكاة في التركة بعد مضي سنَة من وفاة المورِّث، كما ذكر العلماء.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
ويعتبر الحول في أموالهم من حين مات والدهم؛ لأنها بموته دخلت في ملكهم.
"فتاوى الشيخ ابن باز" (14/240) .
وانظر جواب السؤال رقم: (117209) .
ثالثاً:
أما بخصوص الزكاة المترتبة على أموال الورثة: فهي على قسمين:
الأول: ما كان منها للكبار غير الأيتام – كمال جدكم، ووالدتكم -: فهذه لا زكاة فيها إلا عند قبضها، وتزكى لعام واحد؛ لأنها كانت محجوزة عند مغتصب لها، وغير مقدور على الانتفاع بها، فيكون حكمها حكم الدَّيْن على المعسِر، ومن مات من الورثة قبل قبض ماله (كجدكم) فلا زكاة عليه.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
أما إذا كان الدَّين على معسر، أو غني لا يمكن مطالبته: فإنه لا يجب عليه زكاته لكل سنة؛ وذلك لأنه لا يمكنه الحصول عليه، فإن الله تعالى يقول: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) ، فلا يمكن أن يستلم هذا المال، وينتفع به، فليس عليه زكاته، ولكن إذا قبضه: فمِن أهل العلم من يقول: يستقبل به حولاً من جديد، ومنهم من يقول: يزكي لسنة واحدة، وإذا دارت السنة: يزكيه أيضاً، وهذا أحوط.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (18 / 16) .
القسم الثاني: أموال اليتامى، وهذه تزكى للسنوات الماضية كلها، وليس لها حكم زكاة الكبار؛ لأن بقاءها في يد الوصي، أو الولي: ليس اغتصاباً لها، بل هو من شرع الله تعالى، وإن كان يستحب الاتجار بها، لكنَّ عدم الاتجار لا يمنع من إيجاب الزكاة على تلك الأموال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
ويستحب التجارة بمال اليتيم؛ لقول عمر وغيره: (اتجروا بأموال اليتامى كي لا تأكلها الصدقة) .
"الفتاوى الكبرى" (5/398) .
وطريقة إخراج الزكاة: أن تُحسب حصة كل واحد من الأيتام من الميراث، ويخرج زكاتها، عن السنوات الماضية من أول موت الوالد إلى حين بلوغه، فيخرج زكاة هذه السنوات كلها، أما بعد البلوغ فكان الواجب على عمكم أن يعطي من بلغ من أولاد أخيه حقه من الميراث إذا كان رشيداً، لقول الله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ) النساء/6.
فيكون المال عند عمكم في هذه الحالة كالمال المغصوب، فلا زكاة فيه إلا بعد قبضه، فيزكى عن سنة واحدة، عن المدة من أول بلوغ صاحبه إلى حين قبضه المال.
ومقدار الزكاة الواجب إخراجه كل عام هو 2.5 بالمائة من المال.
وما تبقى للورثة من المال بعد إخراج الزكاة فهو مال طيب، فليحمدوا الله تعالى، وليشكروه، وليثقوا بربهم أنه سيزكيهم ويطهرهم بتلك الصدقة، كما قال سبحانه: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) التوبة/ 103، وليثقوا بربهم تعالى أنه سيبارك لهم في مالهم، وأن مالهم لن يُنقص بإخراج تلك الزكاة منه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا نَقَصَت صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) رواه مسلم (2588) .
هذا، ويجب على عمِّك التوبة من حجز أموال الورثة الكبار، ويجب عليه دفع حصة جدكم لورثته؛ حيث كان من أصحاب الحق في ميراث ابنه، ونصيبه سدس الميراث.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2354)
اقترض مالا وساهم به في شركة مقاولات ولم يؤد زكاته
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت مبلغا من المال من أبي من سنتين. ساهمت بهذا المبلغ في إنشاء مؤسسة مقاولات عامة. بعد مرور سنتين ظهرت الأرباح. أخذت نصيبي من الأرباح وسددت ديني لأبي وبقي معي مبلغ من المال. السؤال: هل علي من زكاة؟ وهل الزكاة في رأس المال المساهم به أم في الأرباح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
الدَّيْن لا يمنع من وجوب الزكاة على الصحيح من أقوال العلماء، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (22426) .
وبناء على ذلك، فقد كان الواجب عليك أن تؤدي الزكاة عن هذا المال في كل عام مضى عليه وهو في ملكك.
ويلزمك الآن أن تؤدي الزكاة عما مضى من السنوات.
ثانياً:
شركات المقاولات لا تخلو من حالين:
الأول: أن يقتصر عملها على بناء المساكن والعقارات.
ففي هذه الحال تكون الزكاة على مجموع السيولة النقدية الموجودة لدى الشركة، سواء كانت أرباحا، أو رؤوس أموال موجودة في خزينة الشركة أو أرصدة في البنوك.
الثاني: أن يتضمن عمل الشركة شراء الأراضي والعقارات والمتاجرة بها، سواء بيعت كما هي، أو تم بناؤها ثم بيعها.
ففي هذه الحال تكون الزكاة على جميع السيولة النقدية، بالإضافة إلى العقارات التي يتاجر فيها، ويتم تسعيرها بسعر السوق في يوم وجوب الزكاة.
وأما الأصول الثابتة التي تملكها الشركة كالعقارات والآلات والمعدات والسيارات التي تراد للاقتناء والاستعمال لا البيع، فلا زكاة فيها، وينظر جواب السؤال (74987) (131096) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2355)
استفادت الدولة من أرضه سنوات وستعطيه الآن تعويضا فهل يزكي عما مضى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قطعة أرض مستفادة منها الدولة حوالي 30 سنة والآن قررت تعويضي فيها بمبلغ من المال لقاء التنازل عليها. سؤالي هو هل أدفع زكاة خلال الفترة الماضية من السنين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يظهر من سؤالك أن هذه الأرض لم تكن مؤجرة للدولة ولا مبيعه لها، وعليه؛ فلا وجه للقول بالزكاة عن الفترة الماضية، ومعلوم أن الأرض إنما تجب فيها الزكاة إذا كانت للتجارة، أو كانت مؤجرة فتجب الزكاة في أجرتها إذا بلغت الأجرة نصابا وحال عليها الحول، وكذا لو بيعت الأرض وتأخر المشتري في سداد الثمن، فيدخل هذا في زكاة الدَّيْن، ويفرق بين كون الدائن مماطلا أو لا.
على أنه في حال تأجيرها أو بيعها أو التعارف على دفع التعويض فيها: إذا كان المال غير موثوق بحصوله فلا تجب زكاته حتى يقبض ويحول عليه الحول.
وينظر للفائدة جواب سؤال رقم (99033) و (105303) .
وإذا استلمت مبلغ التعويض وحال عليه الحول من يوم استلامه وجبت زكاته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2356)
متى يبدأ حساب حول الأجرة للزكاة من العقد أم من قبضها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يبدأ حول أجرة العقار؛ هل هو من العقد، أم من قبض الأجرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
"حول أجرة العقار يبدأ من العقد. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/347) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/2357)
ساهم في تأسيس شركة مقاولات فكيف يزكي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت مبلغا من المال للمساهمة في تأسيس شركة مقاولات وبعد مرور 21 شهر ظهرت الأرباح وتم توزيعها على المساهمين. السؤال: هل علي من زكاة؟ وهل هي في رأس المال أم في الأرباح؟ وهل هي قبل سداد الدين أم بعده؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الموضوع في تأسيس شركة المقاولات، إن وضع في أشياء تنوي الاتجار فيها كأراضٍ أو مبانٍ للتجارة، فإن يزكى زكاة التجارة، فتقَوَّم الأشياء عند حولان الحول على المال، ويخرج من هذه القيمة ربع العشر (2.5%) .
وإن وضع في أشياء ليست للتجارة كسيارات للعمل أو مكاتب أو أثاث ونحوها، فهذا لا زكاة فيه.
وإن وضع في أشياء تؤجر، فالزكاة في الأجرة إن حال عليها الحول وبلغت نصابا بنفسها أو بما انضمت إليه من نقود أخرى عند صاحبها.
والأرباح تزكى في جميع الأحوال إن بلغت نصابا بنفسها أو كان عندك من النقود ما يكمل النصاب.
وهذه الأرباح إن كانت ناتجة من أشياء يتاجر فيها كالعقارات فليس لها حول مستقل، بل تزكى جميع الأرباح مع نهاية حول رأس المال.
أما إذا كانت الأرباح من أجرة مأخوذة عن بناء عقارات ـ مثلاً ـ فلها حول مستقل من يوم كتابة العقد، كما أفتى بهذا علماء اللجنة الدائمة للإفتاء فإنهم سئلوا: متى يبدأ حول أجرة العقار؛ هل هو من العقد، أم من قبض الأجرة؟
فأجابوا:
"حول أجرة العقار يبدأ من العقد. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/347) .
ثانيا:
الدَّيْن لا أثر له على الزكاة، فإن حال الحول وجبت الزكاة دون نظر لما عليك من دين، لكن لو سددت الدين من النقود التي لديك قبل أن يحول عليها الحول، لم يكن فيما صرفته في قضاء الدين زكاة، وإنما الزكاة فيما بقي، إذا حال عليه الحول وكان نصابا.
وينظر جواب السؤال رقم (65763) ورقم (83903) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2358)
أخرج الزكاة عنه بغير إذنه، فهل تجزئه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرضت شخصاً 60000 ألف ريال، وبعد أن حال الحول على القرض قام بإخراج الزكاة عن مالي الذي أقرضته، بنية الزكاة ثم أخبرني بذلك فوافقت، فهل تبرأ الذمة بهذا أو أنه يلزمني إخراج الزكاة مرة أخرى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشترط في إخراج الزكاة: النية؛ لأن الزكاة عبادة وقربة تحتاج إلى نيةٍ من المخرج، وقد قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) البينة/5، وقال تعالى: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ) وقال تعالى: (فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) الزمر/2، ولقوله عليه الصلاة والسلام: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) رواه البخاري (1) ، ومسلم (1907) ، فدل ذلك على أن الزكاة لا تصح إلا بنية.
قال النووي رحمه الله:
"لا يصح أداء الزكاة إلا بالنية، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والثوري وأحمد وأبو ثور وداود وجماهير العلماء ; لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) ; وشذ عنهم الأوزاعي فقال: لا تجب ويصح أداؤها بلا نية كأداء الديون" انتهى من "المجموع" (6/158) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/264) :
"مذهب عامة الفقهاء أن النية شرط في أداء الزكاة , إلا ما حكي عن الأوزاعي أنه قال: لا تجب لها النية" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
إذا كان المدين أخرج الزكاة عن الدين الذي عليه بدون إذن صاحبه وأخرجها ليس عن نفسه ولكن عن صاحب الدين، فهل تجزئ عن صاحب الدين أو يلزمه إخراجها مرة أخرى؟
فأجاب: "كل من أخرج زكاة عن شخص لم يوكله، فإنها لا تجزئه عنه؛ لأن الزكاة لابد فيها من النية، وليست كقضاء الدين، قضاء الدين، إذا قضيت ديناً عن شخص بدون إذنه ونويت الرجوع عليه ترجع عليه، أما الزكاة، فإنها لا تصح إذا أخرجتها عن شخص بدون توكيله، وذلك لأن الزكاة عبادة تحتاج إلى نية لمن هي عليه، وإذا لم يوكلك، فإنك تكون قد أخرجتها عنه بدون نية منه، وحينئذ لا تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) " انتهى من "نور على الدرب".
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (9/245) : " تجب الزكاة على مالكه، إذا بلغت ثمرة ما يملكه نصاباً وعليه أن ينوي بما يخرجه الزكاة؛ لأن الزكاة عبادة فلا بد لصحتها من النية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) ، فلا يجزئ أن يخرج عنه غيره، إلا إذا أذن له في إخراجها.." انتهى.
وعلى هذا، فالزكاة التي أخرجها المدين بدون إذنك وتوكيلك لا تجزئك، ويجب عليك إخراجها مرة أخرى، ويكون ما دفعه المدين صدقة تطوع عن نفسه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2359)
الأدلة على وجوب الزكاة في عروض التجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأدلة على وجوب الزكاة في عروض التجارة؟ لأني سمعت أن هناك من العلماء من أنكر وجوب الزكاة فيها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جماهير العلماء (ومنهم الأئمة الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) إلى وجوب الزكاة في عروض التجارة.
وقد استدلوا على ذلك بأدلة كثيرة من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة.
فمن هذه الأدلة:
1- قوله تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) . البقرة/267. قَالَ مُجَاهِد: نَزَلَتْ فِي التِّجَارَة.
2- وعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ) . رواه أبو داود (1562) وحسنه ابن عبد البر. ضعفه الألباني في الإرواء (827) ، وقال الحافظ في "التلخيص" (2/391) : في إسناده جهالة اهـ. وقال النووي في "المجموع" (6/5) : في إسناده جماعة لا أعرف حالهم.
3- وروى الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِم عَنْ أَبِي ذَرّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فِي الْإِبِل صَدَقَتهَا، وَفِي الْغَنَم صَدَقَتهَا، وَفِي الْبَقَر صَدَقَتهَا، وَفِي الْبَزِّ صَدَقَته. . . الْحَدِيث) . قال الحافظ في "التلخيص" (2/391) : إسناده لا بأس به اهـ. وصححه النووي في المجموع (6/4) .
وَالْبَزُّ بِالْبَاءِ وَالزَّاي (الثياب أو نوع منها) . كَذَا ضَبَطَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ. وَالْحَدِيث صَحَّحَهُ الْحَاكِم وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْره. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: وَمِنْ النَّاس مَنْ صَحَّفَهُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَبِالرَّاءِ وَهُوَ
غَلَطٌ اهـ.
فهذا الحديث دليل على وجوب الزكاة في عروض التجارة، لأن الثياب لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة، فتعين حمل الحديث على ذلك.
4- وروى البخاري (1468) ومسلم (983) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ! وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا) .
قال النووي في "شرح مسلم":
"قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْأَعْتَاد: آلَات الْحَرْب مِنْ السِّلَاح وَالدَّوَابّ وَغَيْرهَا , وَمَعْنَى الْحَدِيث: أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْ خَالِد زَكَاة أَعْتَادِهِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ , وَأَنَّ الزَّكَاة فِيهَا وَاجِبَة , فَقَالَ لَهُمْ: لَا زَكَاة لَكُمْ عَلَيَّ , فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ خَالِدًا مَنَعَ الزَّكَاة , فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّكُمْ تَظْلِمُونَهُ ; لِأَنَّهُ حَبَسَهَا وَوَقَفَهَا فِي سَبِيل اللَّه قَبْل الْحَوْل عَلَيْهَا , فَلَا زَكَاة فِيهَا.
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد: لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاة لَأَعْطَاهَا وَلَمْ يَشِحَّ بِهَا ; لِأَنَّهُ قَدْ وَقَف أَمْوَاله لِلَّهِ تَعَالَى مُتَبَرِّعًا فَكَيْف يَشِحّ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ؟ وَاسْتَنْبَطَ بَعْضهمْ مِنْ هَذَا وُجُوب زَكَاة التِّجَارَة , وَبِهِ قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف خِلَافًا لِدَاوُدَ" اهـ.
5- وروى الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَعَبْد الرَّزَّاق وَالدَّارَُطْنِيّ عَنْ أَبِي عَمْرو بْن حِمَاس عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كُنْت أَبِيعُ الْأُدْمَ فَمَرَّ بِي عُمَر بْن الْخَطَّاب فَقَالَ لِي: أَدِّ صَدَقَة مَالِك , فَقُلْت: يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا هُوَ فِي الْأُدْم , فَقَالَ: قَوِّمْه ثُمَّ أَخْرَجَ صَدَقَته. وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (828) لجهالة أبي عمرو بن حماس. ولكن يشهد له الأثر الثاني.
6- وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِيّ قَالَ: كُنْت عَلَى بَيْتِ الْمَالِ زَمَانَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَكَانَ إذَا خَرَجَ الْعَطَاءُ جَمَعَ أَمْوَالَ التُّجَّارِ ثُمَّ حَسَبَهَا , غَائِبَهَا وَشَاهِدَهَا , ثُمَّ أَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْ شَاهِدِ الْمَالِ عَنْ الْغَائِبِ وَالشَّاهِدِ. صححه ابن حزم في "المحلى" (4/40) .
7- وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ اِبْن عُمَر رضي الله عنهما قَالَ: (لَيْسَ فِي الْعَرُوض زَكَاةٌ إِلَّا مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ) . صححه ابن حزم في "المحلى" (4/40) . والنووي في "المجموع" (6/5) .
وهذه الأدلة بمجموعها تدل على صحة الحكم، وإن كان كل دليل منها قد يكون فيه مناقشة، لكن اجتماع الأدلة يعطيها قوة.
ولهذا ذهب إلى القول بوجوب الزكاة في عروض التجارة جماهير العلماء، واعتبر القول بعدم وجوبها شاذاً.
حتى نقل ابن المنذر رحمه الله الإجماع على وجوبها، واعتبر قول أهل الظاهر – الذين قالوا بعدم وجوب الزكاة فيها – اعتبره قولاً شاذاً خارجاً عن الإجماع.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: "والأئمة الأربعة وسائر الأمة – إلا من شذّ – متفقون على وجوبها في عرض التجارة، سواء كان التاجر مقيماً أو مسافراً. وسواء كان متربصاً – وهو الذي يشتري التجارة وقت رخصها ويدخرها إلى وقت ارتفاع السعر – أو مديراً كالتجار الذين في الحوانيت. سواء كانت التجارة بزاً من جديد، أو لبيس، أو طعاماً من قوت أو فاكهة. أو أدم أو غير ذلك، أو كانت آنية كالفخار ونحوه، أو حيواناً من رقيق أو خيل، أو بغال، أو حمير، أو غنم معلوفة، أو غير ذلك، فالتجارات هي أغلب أموال أهل الأمصار الباطنة، كما أن الحيوانات الماشية هي أغلب الأموال الظاهرة" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن تيمية" (25/45) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2360)
زكاة حلي الذهب المرصع بالفصوص والجواهر
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك حلياً لكنه يحتوي على فصوص، ليست من الذهب، فهل أخرج الزكاة على جميعه أو على ما يزن من الذهب أي غير الفصوص؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
تقدم في جواب سؤال رقم (93693) ، (59866) وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال، إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول.
ثانياً:
ينظر في الحلي، إذا بلغ خالصه نصاباً وجبت فيه الزكاة، أما إذا لم يبلغ خالصه نصاباً، فلا زكاة فيه، ولا ينظر إلى ما خالطه من الفصوص والجواهر؛ لأن الفصوص وغيرها من الجواهر كالألماس لا زكاة فيها.
قال ابن قدامة رحمه الله: فإن كان في الحلي جوهر ولآلئ مرصعة , فالزكاة في الحلي من الذهب والفضة دون الجوهر , لأنها لا زكاة فيها عند أحد من أهل العلم " انتهى من "المغني" (2/324) .
وسئل الشيخ عبد العزيز رحمه لله: عن الذهب المرصع بالفصوص والأحجار الكريمة؟
فأجاب:
الذهب هو الذي فيه الزكاة، وأما الأحجار الكريمة والماس، فلا زكاة فيها إذا لم تكن للتجارة، فإذا كانت القلائد ونحوها فيها هذا وهذا، فينظر من جهة أهل الخبرة ويقدر ما فيها من الذهب، فإذا بلغ ما فيها من الذهب النصاب وجب أن يزكى، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع الجنيه، وبالجرامات (92) جراماً فيزكى كل سنة، والواجب في ذلك ربع العشر ومقداره من كل ألف خمسة وعشرون، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم في الحلي من الذهب والفضة المعدة للبس أو العارية، أما إذا كانت للتجارة فالزكاة واجبة عن الحلي كلها وما فيها من الأحجار حسب القيمة كسائر عروض التجارة عند جمهور أهل العلم، وحكاه بعضهم إجماعاً " انتهى من "مجموع الفتاوى" (14/120) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2361)
حكم من لم يزك ماله المدخر للزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أجمع مالاً للزواج لمدة سبع سنوات، والحمد لله تزوجت لكن المشكلة أنني لم أخرج زكاة هذا المال ظناً مني أن المال الذي يجمع للزواج لا تجب فيها الزكاة، فما الواجب الآن وقد استنفذت جميع المال للزواج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
يجب على كل مسلم ملك نصاباً وحال عليه الحول، إخراج زكاته على الفور بمجرد انتهاء الحول، فإن أَخَّر إخراج الزكاة وهو متمكن من إخراجها كان آثماً.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/308) : "إذا وجبت الزكاة وتمكن من إخراجها وجب الإخراج على الفور، فإن أخرها أثم , وبه قال مالك وأحمد وجمهور العلماء" انتهى.
والزكاة واجبة في كل مال بلغ النصاب وحال عليه الحول، ولو كان مدخراً للزواج أو بناء مسكن ... أو غير ذلك.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (41805) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في "نور على الدرب":
أنا شاب موظف لي دخل شهري محدود آخذ منه ما أحتاجه والباقي أضعه في البنك حتى يتكون لدي مبلغ أشتري به أرضاً أقيم عليها مسكناً أسكنه عندما أتزوج، وفعلاً تكون لدي مبلغ خمسة وخمسون ألف ريال..... فالسؤال: هل علي زكاة في هذه السنوات الثلاث؛ لأنني سمعت أن من يجمع المال حتى يتزوج أو يبني مسكناً يسكنه لا زكاة عليه؟
فأجاب: "هذا غلط، الصواب أن عليه الزكاة، إذا جمع مالاً ليتزوج , أو ليبني مسكناً , أو ليوفي ديناً، فالزكاة عليها إذا حال الحول على المال المجموع، فإذا جمعت من رواتبك أو ثمن الأرض التي بعتها ورصدتها في البنك أو في غير البنك تنتظر تعمير أو تنتظر شراء أرضٍ أخرى، أو تنتظر الزواج أو ما أشبه ذلك، فإن عليك الزكاة إذا حال الحول، كل مال حال عليه الحول من النقود، فإنه يجب عليك زكاته ... انتهى http://www.binbaz.org.sa/mat/13601
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: عن المال المدخر للحج في أحد المصارف الإسلامية، هل تجب فيه الزكاة أو لا؟
فأجاب: "المال إذا بلغ النصاب بنفسه، أو بضمه إلى غيره، وحال عليه الحول؛ فإنه تجب فيه الزكاة، ولو كان مدخرًا للحج أو للنفقة أو لغير ذلك؛ فإن المال إذا حال عليه الحول وهو في ملك صاحبه من نقود أو عروض تجارة أو سائمة الأنعام؛ فإنه تجب فيه الزكاة عند كل حول" انتهى من المنتقى من فتاوى الفوزان.
وعلى هذا؛ فالواجب عليك إخراج الزكاة عن السنوات الماضية التي كنت فيها مالكاً للنصاب ولم تخرج الزكاة، وإذا لم يكن معك نقود الآن تخرجها زكاة، فإنها تبقى دَيْناً عليك، متى توفر معك مبلغ من المال أخرجته من الزكاة، وينبغي أن تكتب قدر الزكاة الواجبة عليك، وكلما أخرجت شيئاً من المال قَّيّدته حتى لا تنسى كم بقي عليك من الزكاة.
قال النووي رحمه الله في "المجموع (5/310) : " إذا مضت عليه ـ المال ـ سنون , ولم يؤد زكاتها لزمه إخراج الزكاة عن جميعها سواء علم وجوب الزكاة أم لا.." انتهى.
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
ظللت عشر سنوات أجمع مالاً ثم تزوجت منه واشتريت سيارة ولم أدفع زكاته طوال هذه السنوات فما الحكم؟
فأجاب: "يظن بعض الناس أنه ما دام يجمع المال ليتزوج، أو يشتري سكناً فلا زكاة عليه، وهذا غير صحيح، بل الزكاة واجبة في المال سواء أعده للنفقة، أو الزواج، أو شراء البيت.
ونقول لهذا السائل: عليك الآن أن تحصي مالك في هذه السنوات وتخرج زكاته.
وعلى الإنسان أن يبادر بسؤال أهل العلم، وبقاء الإنسان هذه المدة الطويلة بدون سؤال فهذا تهاون وتفريط" انتهى.
"مجموع فتاوى بن عثيمين" (18/302) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
إذا ملك الشخص النصاب ولم يخرج الزكاة في وقتها وتأخر ذلك عدة أعوام هل يجوز إخراج الزكاة عن ذلك الزمن المنصرم؟ وكيف يمكن للشخص أن يخرج الزكاة إذا لم يكن متأكدا م مقدار المال الذي وجبت فيه الزكاة في ذلك الوقت السابق؟
فأجابوا:
"أ - من وجبت عليه زكاة وأخرها بغير عذر مشروع أثم؛ لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها.
ب - من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله عز وجل: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16" انتهى.
فتاوى "اللجنة الدائمة" (9/395) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2362)
زكاة الحلي المغشوش
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك حلياً من الذهب قد بلغ النصاب، لكن اكتشفت في الآونة الأخيرة أنه مخلوط بغيره من المعادن كالنحاس، والآن قد حال عليه الحول فكيف أزكيه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
الحلي الذي قد خالطه شيء من المعادن، كالنحاس.. لا زكاة فيه حتى يبلغ الذهب الخالص منه نصاباً، أما إذا لم يبلغ النصاب إلا بالنحاس، فلا زكاة فيه.
قال النووي رحمه الله: " مذهبنا أنه لا زكاة في المغشوش من ذهب ولا فضة حتى يبلغ خالصه نصاباً ; وبه قال جمهور العلماء " انتهى من "المجموع" (5/505) .
وقال ابن قدامة رحمه الله: "ومن ملك ذهباً , أو فضة مغشوشة , أو مختلطاً بغيره , فلا زكاة فيه , حتى يبلغ قدر الذهب والفضة نصاباً ; لقوله عليه السلام: (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة) " انتهى من "المغني" (2/319) .
لكن كيف نستطيع أن نقدر وزن الذهب الخالص منه؟
الجواب:
نرجع في هذا إلى أهل الخبرة، وهم أهل الصنعة من الصاغة، فينظروا هل بلغ الذهب الخالص نصاباً أم لا؟
فإن بلغ نصاباً ففيه الزكاة، وإن لم يبلغ فلا زكاة فيه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2363)
مذاهب العلماء في زكاة الدَّيْن، والراجح من أقوالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت مع أحد الأشخاص كشريك مساهم بالمال فقط، وهو يتولى العمل، ولكنني لم يعجبني العمل، فلم أطلب منه أي فوائد، كما أنه لم يعطني شيئاً، بعد ثلاث سنوات طلبت منه أن يعطيني المال الذي أعطيته، ولكنه يقول: إن ظرفه لا يسمح له في الوقت الحالي، ويبرم لي مواعيد من حين لآخر، غير أني متأكد من أنه سيرد لي هذا المال، إلا أني أتساءل ما إذا كان على هذا المبلغ من زكاة يجب دفعها]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الدَّين الذي للمسلم على غيره لا يخلو من أن يكون على أحد حالين:
الأولى: أن يكون عند مقرٍّ به، معترف بمقداره، باذل له.
والثانية: أن يكون عند معترف به، لكنه معسر، أو مماطل، أو يكون عند جاحد له.
ففي الحال الأولى: يزكي الدَّين بإضافته إلى ما معه من مال، فيزكي عن جميع ماله، وذلك كل عام، ولو لم يقبضه من المدين؛ لأنه بمثابة الوديعة، ويجوز له أن يؤجل أداء زكاة الدَّيْن لحين قبضه، ويؤدي زكاته عن الأعوام كلها.
وفي الحال الثانية: ليس عليه زكاة، لكنه إذا قبضه فالأحوط له: أن يزكيه عن عامٍ واحد، ولو مكث عند المعسر، أو المماطل، أو الجاحد، أعواماً عديدة.
هذا ملخص للراجح من أقوال العلماء في هذه المسألة، وهناك اختلاف بينهم فيما ذكرنا من مسائل، وهذا عرض مختصر لأقوالهم في ذلك:
جاء في " الموسوعة الفقهية " (23 / 238، 239) :
"الدَّيْن مملوك للدائن، ولكنه لكونه ليس تحت يد صاحبه: فقد اختلفت فيه أقوال الفقهاء: فذهب ابن عمر، وعائشة، وعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهم: إلى أنه لا زكاة في الدَّين، ووجهه: أنه غير نامٍ، فلم تجب زكاته، كعروض القُنية - وهي العروض التي تقتنى لأجل الانتفاع الشخصي -.
وذهب جمهور العلماء: إلى أن الدَّيْن الحالَّ قسمان: دين حال مرجو الأداء، ودين حال غير مرجو الأداء.
فالدَّين الحالُّ المرجو الأداء: هو ما كان على مقرٍّ به، باذلٍ له، وفيه أقوال: فمذهب الحنفية، والحنابلة، وهو قول الثوري: أن زكاته تجب على صاحبه كلَّ عام؛ لأنه مال مملوك له، إلا أنه لا يجب عليه إخراج الزكاة منه ما لم يقبضه، فإذا قبضه زكاه لكل ما مضى من السنين.
ووجه هذا القول: أنه ديْن ثابت في الذمة، فلم يلزمه الإخراج قبل قبضه؛ ولأنه لا ينتفع به في الحال، وليس من المواساة أن يخرج زكاة مال لا ينتفع به، على أن الوديعة التي يقدر صاحبها أن يأخذها في أي وقت ليست من هذا النوع، بل يجب إخراج زكاتها عند الحول.
ومذهب الشافعي في الأظهر، وحماد بن أبي سليمان، وإسحاق، وأبي عبيد: أنه يجب إخراج زكاة الديْن المرجو الأداء في نهاية كل حول، كالمال الذي هو بيده، لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه.
وجعل المالكية الديْن أنواعا: فبعض الديون يزكَّى كل عام، وهي دين التاجر المدير [أي الذي يبيع ويشتري للتجارة] عن ثمن بضاعة تجارية باعها.
وبعضها يزكَّى لحولٍ من أصله لسنَة واحدة عند قبضه، ولو أقام عند المدين سنين، وهو ما أقرضه لغيره من نقد، وكذا ثمن بضاعة باعها محتكر.
وبعض الديون لا زكاة فيه، وهو ما لم يقبض، من نحو هبة، أو مهر، أو عوض جناية.
وأما الديْن غير المرجو الأداء: فهو ما كان على معسرٍ، أو جاحد، أو مماطل، وفيه مذاهب: فمذهب الحنفية فيه، وهو قول قتادة وإسحاق، وأبي ثور، ورواية عن أحمد، وقول للشافعي: أنه لا زكاة فيه؛ لعدم تمام المِلك؛ لأنه غير مقدور على الانتفاع به.
والقول الثاني: وهو قول الثوري، وأبي عبيد ورواية عن أحمد، وقول للشافعي هو الأظهر: أنه يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين؛ لما روي عن علي رضي الله عنه في الدين المظنون: (إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى) .
وذهب مالك إلى أنه: يزكيه إذا قبضه لعامٍ واحد وإن أقام عند المدين أعواماً، وهو قول عمر بن عبد العزيز، والحسن والليث، والأوزاعي" انتهى باختصار يسير.
والذي رجحناه هنا: هو ما يفتي به علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، والشيخ محمد بن صالح العثيمين.
وانظر جواب السؤال رقم (1117) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بعد عرض الأقوال في المسألة -:
"والصحيح: أنه تجب الزكاة فيه كل سنة، إذا كان على غني باذل؛ لأنه في حكم الموجود عندك؛ ولكن يؤديها إذا قبض الدين، وإن شاء أدى زكاته مع زكاة ماله، والأول: رخصة، والثاني: فضيلة، وأسرع في إبراء الذمة.
أما إذا كان على مماطل، أو معسر: فلا زكاة عليه، ولو بقي عشر سنوات؛ لأنه عاجز عنه، ولكن إذا قبضه: يزكيه مرة واحدة في سنَة القبض فقط، ولا يلزمه زكاة ما مضى.
وهذا القول قد ذكره الشيخ العنقري في حاشيته عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وأحفاده، رحمهم الله، وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله، وهذا هو الراجح؛ لما يلي:
أولاً: أنه يشبه الثمرة التي يجب إخراج زكاتها عند الحصول عليها، والأجرة، التي اختار شيخ الإسلام وجوب الزكاة فيها حين القبض، ولو لم يتم عليها حول.
ثانياً: أن من شرط وجوب الزكاة: القدرة على الأداء، فمتى قدر على الأداء: زكَّى.
ثالثاً: أنه قد يكون مضى على المال أشهر من السنَة قبل أن يخرجه ديْناً.
رابعاً: أن إسقاط الزكاة عنه لما مضى، ووجوب إخراجها لسنَة القبض فقط: فيه تيسير على المالك؛ إذ كيف نوجب عليه الزكاة مع وجوب إنظار المعسر، وفيه أيضاً تيسير على المعسر؛ وذلك بإنظاره.
ومثل ذلك: المال المدفون المنسي، فلو أن شخصاً دفن ماله خوفاً من السرقة، ثم نسيه: فيزكيه سنة عثوره عليه فقط.
وكذلك المال المسروق إذا بقي عند السارق عدة سنوات، ثم قدر عليه صاحبه: فيزكيه لسنَة واحدة، كالديْن على المعسر" انتهى.
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " (6 / 27، 28) .
والخلاصة:
عليك أن تزكي هذا المال عن السنوات الثلاثة التي كنت مشاركاً فيها لصاحبك.
وبعد ذلك ـ من أول اتفاقك معه على رد المال ـ فقد تحول هذا المال من مال مشاركة إلى دَيْن على صاحبك، والظاهر من حال صاحبك أنه معسر، فلا زكاة عليك في هذا المال حتى تقبضه، فتزكيه عن سنة واحدة فقط، وإن كان قد بقي في ذمة صاحبك عدة سنوات.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2364)
زكاة المال المجتمع في الصندوق التعاوني للإقراض
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا صندوق عائلي تعاوني، يشترك به 21 فرداً، يدفع كل فرد مبلغا متساويا من المال، وبعد سنَة يُسمح لأي مشترك طلب قرضاً أن يُعطى، شرط ألا تقل موجودات الصندوق عن 20 ألف، وبدون فائدة، تسدد على أقساط شهرية، يعاد لكل فرد مشترك بالصندوق مبلغ مساوٍ لما دفعه خلال 7 سنوات - مدة الصندوق -. عند حلول الزكاة: كان بالصندوق 88 ألف - 20 أصل ثابت، و 48 هي من تسديد أقساط المقترضين التي توفرت من 4 شهور ماضية فقط - هل الزكاة في الـ 20 ألف فقط، أم في كامل المبلغ - 88 ألف -؟ هل الزكاة على كل المشتركين في الصندوق أم على المقترضين، أم على غير المقترضين؟ . هذا، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إنشاء صناديق الأسر التعاونية من الأعمال الخيِّرة، وهي منتشرة بين القبائل الكبيرة، والأسر الصغيرة، وتكون أحياناً بين موظفين، أو أصدقاء.
وتختلف أعمال وطبيعة هذه الصناديق بعضها عن بعض، فبعضها يُخرج المنتسب إلى الصندوق مالاً شهريّاً، أو دوريّاً، ولا ينتظر رجوعه إليه، بل هو مال تبرع فيه للصندوق، لسد حاجة محتاج، أو فك كربة مكروب، وبعض الصناديق تخصص لإقراض المنتسبين إليه، والمشتركين فيه، وتعود إليهم أموالهم - أو إلى ورثتهم - في نهاية المطاف،.
فأما أصحاب الصناديق من القسم الأول: فليس في مال صندوقهم زكاة؛ لانقطاع تملكهم للمال المبذول للصندوق.
وأما أصحاب الصناديق من القسم الثاني: ففي مال الصندوق زكاة؛ لأنه لم يخرج عن ملك صاحبه.
وقد صدرت فتاوى متعددة من علماء اللجنة الدائمة في هذه الأقسام والأنواع من الصناديق:
ففي النوع الأول قالوا:
إذا كان الواقع كما ذُكر، وكان لا يعود ما توفر منه إلى مَن تبرعوا به بنسبة تبرعهم، بل انقطع تملكهم الخاص بمجرد تبرعهم، وإنما يصرف فيما تبرعوا من أجله: فلا زكاة فيه.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 289) .
وفي النوع الثاني، وهو الذي محل السؤال الوارد هنا، قالوا:
تجب الزكاة في الصندوق المذكور؛ لأنه لم يخرج عن ملك صاحبه، وإنما هو في حكم القرض.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 291) .
ثانياً:
إذا قلنا إن الزكاة على المال الذي في الصندوق: فكيف يكون إخراجها؟ .
الظاهر: أن الزكاة تجب على كل مشترك بماله الخاص الذي دفعه، وذلك بشرط أن يبلغ نصيبه الذي دفعه النصاب وحده، أو مضموما إلى ماله الخاص، إذا كان له مال آخر من جنسه، خارج الصندوق.
فمن كان – مثلاً – يخرج زكاته في " شعبان ": فيحسب ما معه من مال ويضيف إليه ما دفعه للصندوق، ويزكي جميع المال، والزكاة: 2,5% على المبالغ الموجودة.
وإذا كان لا يملك مالاً خارج الصندوق: فلينتبه لمجموع ما دفعه للصندوق، فإذا بلغ النصاب أثناء السنَة: فليبدأ بحساب الحوْل.
وننبه هنا إلى أن اقتراض المشتركين من الصندوق – بما فيه ماله المدفوع له – لا يؤثر في وجوب الزكاة؛ لأن الدَّيْن هنا إذا بلغ النصاب فهو مال زكوي تجب فيه الزكاة، والدَّين في الذمة، يؤدى عند الاستطاعة.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في زكاة مَن عليه ديْن، إذا كان ما معه يبلغ النصاب، والذي نرجحه في موقعنا هذا هو أن الدَّين لا يمنع من الزكاة، وهو مذهب الشافعي رحمه الله، وهو ما يرجحه الشيخان ابن باز والعثيمين رحمهما الله، وهو قول اللجنة الدائمة.
انظر أجوبة الأسئلة: (22426) و (83903) و (106434) .
وعليه: فإذا كنت مدينا لغيرك بمال، وهذا المال ـ الذي هو دين ـ بيدك: لا يُحسم من مالك الذي تريد زكاته، بل يضاف عليه، ويزكَّى جميعه، إلا أن ترد المال لأصحابه قبل نهاية الحول، كما بينه العلماء في الأجوبة المحال عليها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2365)
كيف يزكي التاجر بضاعته التي في الطريق إليه؟ وهل يخصم الديون من الأموال التي سيزكيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تقولون فضيلتكم في كيفية إخراج الزكاة، حيث إنني أملك محلاً تجاريّاً لبيع الأقمشة، وقد حال الحول على البضاعة الموجودة بالمحل، وهناك ديون متعلقة بالبضاعة الموجودة، والمشتراة بالأجل، بأن تم دفع جزء من قيمتها، والباقي مؤجل، وبعض الديون على المحل بالإضافة للمصاريف السنوية - كإيجار المحل، ورسوم رخصة سنوية ... -. وكذلك يوجد طلبيات في الطريق، فهل تحسب قيمة البضاعة حتى يومنا هذا، ويخصم منها قيمة الديون، وقيمة البضائع التي في الطريق، وتحسب قيمة الزكاة، أم فقط قيمة البضاعة حتى يومنا هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ينبغي التنبه إلى أن حول عروض التجارة هو حول النقود التي اشتريت بها تلك العروض.
فإذا امتلك التاجر نصاباً من النقود في شهر المحرم، ثم اشترى به عروضاً للتجارة في رمضان، فحول عروض التجارة يكون في المحرم التالي وليس في رمضان.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (72315) .
ويجوز لك أن تخرج زكاة بضاعتك أقمشة، كما يجوز لك أن تخرجها نقوداً.
وانظر جواب السؤال رقم: (22449) .
ثانياً:
الديون التي عليك ـ سواء كانت ثمن البضاعة أو غير ذلك ـ لا تخصم من الأموال التي تزكيها، فإذا كانت البضاعة قيمتها خمسون ألفاً، وعليك ديون ثلاثون ألفاً، فعليك أن تزكي الخمسين كاملة، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22426) .
وأما الرسوم السنوية للرخصة، وإيجار المحل فإن حل وقتهما وتم دفعهما قبل انتهاء حول الزكاة، فلا زكاة فيها، لأنه مال أنفق قبل انتهاء الحول، أما إن تأخر دفعهما إلى ما بعد الحول فلا يخصمان من الأموال التي ستزكى.
ثالثا:
أما الطلبيات التي في الطريق إليك، فإن كنت قد اشتريت هذه الطلبيات وتم عقد البيع، فهي داخلة في ملكك، فتحسب من أموال الزكاة، سواء دفعت ثمنها كله أو بعضه أو لم تدفع شيئاً، لأن الديون ـ كما سبق لا تخصم من الأموال الزكوية.
أما إذا كنت لم تشترها بعد، فلا تحسب في أموال الزكاة، لأنها ليست ملكاً لك.
ولله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2366)
ما هي زكاة مزرعة بيعت على أقساط تمتد إلى عشر سنوات؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عنده مزرعة باعها بأقساط تمتد إلى عشر سنوات؛ في كل سنة قسط، فكيف يزكي هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"قبل أن يبيعها ليس عليه فيها زكاة؛ لأنها ليست عروضاً. وبعد بيعها تكون زكاتُه زكاةَ دَين، بمعنى: أنه إذا استوفى شيئاً أدَّى زكاتَه لِسَنَتِه، وإذا استوفى في السنة الثانية يؤدي زكاتَه لِسَنَتَين، وإذا انقضت السنة الثالثة يؤديه لثلاث سنوات، وهكذا" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"لقاءات الباب المفتوح" (2/34) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2367)
أنهى الشركة وله بضاعة اتفق على أخذ ثمنها على سنوات، فهل تلزمه زكاتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت شريكاً في التجارة مع أخي، ثم قررت الانفصال، وكان نصيبي من البضاعة الموجودة في المستودع ما يقابل مليون، واتفقنا أن يسدد لي حصتي لعدة سنوات، وخلال هذه الفترة لا دخل لي في بضاعتي، ولكن أخي يتجر فيها إلى أن يسدد لي حصتي، فعلى من تكون الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا اتفقت مع أخيك على أن يسدد لك مليوناً مثلاً – هي ثمن البضاعة-، على أقساط لعدة سنوات، فإن هذا المبلغ يكون دَيْناً لك على أخيك، فيزكى زكاة الدَّيْن، وفيها تفصيل معروف، وهو:
1. أن الدَّيْن إن كان على شخص مليء – أي: قادر على سداد الدين غير جاحد له -، فإن الدين تزكيه كل سنة، كما لو كان المال موجودا معك.
ويجوز تأخير إخراج الزكاة حينئذ إلى قبض المال، فإن قبضته زكيته لما مرَّ من السنين.
2. وإن كان الدَّيْن على مماطل أو جاحد أو فقير معسر لا يستطيع سداده، فلا تلزم زكاته حتى تقبضه، فإن قبضته بدأت في حساب الحول من يوم قبضه، وإن زكيته حين قبضه لسنة واحدة، فهو أحسن وأحوط.
وأما البضاعة التي كانت لك، فزكاتها واجبة على شريكك، لأنه اشتراها منك وصارت ملكاً له يوم أن اتفق معك أن يعطيك ثمنها.
وينظر: "المغني" (2/345) ، "الموسوعة الفقهية" (23/238) ، وجواب السؤال رقم (84005) ، ورقم (1346) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2368)
المال الموقوف والعام لا زكاة فيه ولو استثمر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على أموال الوقف المستثمرة زكاة؟ كالمشاريع التي تنشئها الدولة وتدر أرباحاً لخزينتها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أموال الوقف لا زكاة فيها، لأنها ليست مملوكة لأحد، سواء كانت مستثمرة أو غير مستثمرة، وإذا استثمر الوقف فإن ريعه يصرف في مصارفه التي حددها الواقف، كالفقراء والمساكين والعجزة وطلبة العلم وغيرهم، ومن أخذ شيئاً من هذا المال، وحال عليه الحول، وكان نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من ماله، لزمه زكاته، لأنه مال مملوك له توفرت فيه شروط الزكاة.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: قبيلة من القبائل كونوا مبلغا من المال، وجعلوا هذا المبلغ خاصا لما يجري على هذه القبيلة من الدم، ومشوا هذا المبلغ للتجارة، والربح الناتج عايد للدم أيضا. فهل يجب بهذا المبلغ زكاة أم لا؟ وإذا لم يتاجر فيه هل عليه زكاة أم لا؟ وهل يحق للقبيلة نفسها أن تدفع فيه زكاة أموالها من النقدين؟
فأجابوا: "إذا كان الواقع كما ذكر فلا زكاة في المال المذكور؛ لكونه في حكم الوقف، سواء كان مجمدا أو في تجارة تدار، ولا يجوز أن تدفع فيه الزكاة، لكونه ليس مخصصا للفقراء، ولا غيرهم من مصارف الزكاة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/291) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في جمعية قروية يتبرع أهلها باشتراك شهري لها، ويرصد مالها للإعانة على الحوادث والديات وإقراض من يحتاج إلى الزواج: " أموال هذا الصندوق ليس فيها زكاة , لأنها خارجة عن ملك المشتركين فليس لها مالك معين , ولا زكاة فيما ليس له مالك معين " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/184) .
وقال أيضاًَ: "مال الدولة يذهب إلى بيت المال، فليس له مالك معين، وحينئذ لا زكاة فيه " انتهى من شرح الكافي.
والحاصل: أن مال الدولة أو (بيت المال) وكذا المال الموقوف لا زكاة فيه، لأنه ليس ملكا لشخص معين، سواء استثمر أو لم يستثمر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2369)
باع محفظة الأسهم بثمن مؤجل إلى سنة ونصف فهل تلزمه زكاتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محفظة أسهم، واشتراها مني أحد الإخوة بأجل على أن يعطيني قيمتها بالزيادة بعد سنة ونصف من تاريخ شرائها مني. فكيف أزكيها؟ وهل الزكاة على أصل المحفظة حال شرائها أم القيمة التي سيعطيني إياها المشتري بعد سنة ونصف؟ علماً بأنه قد باع محتويات المحفظة ويقوم بالمضاربة فيها في الأسهم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا بعت محفظة الأسهم بثمن مؤجل، فإن هذا الثمن يكون دَيْناً على المشتري، ويزكى زكاة الدَّين.
ومعلوم أن من كان له دين على آخر، فإن زكاته فيها تفصيل:
فإن كان الدين على مليء باذل، وهو المعترف بالدين القادر على سداده، وجب زكاة المال عند حولان الحول، كما لو كان المال حاصلا باليد.
وإن كان الدين على مماطل أو جاحد، لم تلزم زكاته حتى تقبضه، وتستقبل به حولا جديدا.
وينظر جواب السؤال رقم (106434) .
وبهذا تعلم أن الزكاة تكون على الثمن الذي سيعطى لك، وليس على القيمة الأصلية للمحفظة، لأن هذا الثمن أصبح دَيْناً لك على المشتري، فيزكى زكاة الدَّين كما سبق، سواء قام المشتري ببيع محتويات المحفظة أو لم يقم بذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2370)
حكم من مات وترك مالاً لم يحل عليه الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مات وترك مالاً ولم يحل عليه الحول، وظل هذا المال فترة لم يوزع على الورثة فهل إذا حال الحول عليه تخرج زكاته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أما بالنسبة للميت الذي مات قبل أن يتم الحول فلا زكاة عليه، لأنه مات قبل الوجوب، فلا يقضى عنه.
أما بالنسبة للورثة فالذي يبلغ نصيبه نصاباً عليه الزكاة إذا تم الحول على موت مورثه، والذي ماله قليل لا يبلغ النصاب وليس عنده ما يكمله به فإنه لا زكاة عليه" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"لقاءات الباب المفتوح" (1/442) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2371)
له ديون 700 دولار، فهل تجب عليه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لدي حوالي 700 دولار هل يجب عليها الزكاة (كم هو النصاب بالدولار تقريبا) ؟ مع العلم أنها لم تكن بحوزتي، وإنما كسلف عند أمي وأخي. فهل يجب عليها الزكاة؟ وإذا تجمد هذا المال دون زيادة أو نقصان أو بنقصان هل يجب عليه الزكاة كل سنة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نصاب الزكاة في النقود، يقدر بالأقل من نصاب الذهب أو الفضة، والأقل قيمةً الآن هو نصاب الفضة 595 جم، فإذا بلغت النقود قيمة 595 جم من الفضة وجبت فيها الزكاة إذا مرت عليها سنة هجرية كاملة، وهي في ملك صاحبها.
وعلى هذا فالمبلغ الذي معك (700) دولار، تجب فيه الزكاة لأنه أكثر من النصاب.
وانظر جواب السؤال رقم (2795) .
وإذا كانت النقود البالغة النصاب "مجمدة" لا تزيد ولا تنقص، أو كانت تنقص قيمتها، أو تنقص بالأخذ منها، فالزكاة واجبة فيها أيضاً، ما دامت لم تنقص عن النصاب ومرت عليها سنة، ولكن ما تم إنفاقه خلال السنة لا زكاة فيه، وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن مال موضوع في صندوق الادخار من دون زيادة، وحال عليه الحول، هل تجب فيه الزكاة؟
فأجابوا: "إذا تم الحول من حين ملكه، وبلغ نصاباً، وجبت فيه الزكاة" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/273) .
وكون هذا المال كان دَيْناً على والدتك وأخيك، فقد سبق في جواب السؤال رقم (1117) أن الدين إذا كان على قادر على السداد وباذل للدين غير مماطل، فالزكاة واجبة فيه كل عام، لأنه بمنزلة المال الذي في يد صاحبه، أما إذا كان الدين على فقير أو مماطل، فلا زكاة فيه، لكن الأحوط إذا استلمه صاحبه أن يخرج زكاته عن سنة واحدة، ولو كان قد بقى عند المدين عدة سنوات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2372)
دخل في مساهمة عقارية وحبس عنه صاحبه المال فكيف يزكي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت في مساهمة عقارية بمبلغ من المال وعلى حسب الاتفاق مع صاحب المكتب العقاري أنه سوف يقوم بتصفية المساهمة خلال 16 شهرا ولكنه للأسف لم يف بوعده، حدث هذا منذ عام24، وقد قمت بإخراج الزكاة عن عام 24 و25 عن المبلغ الذي دخلت به في المساهمة ومن ثم توقفت حتى الآن، وهذا اليوم قام صاحب المكتب برد نصف رأس المال ونسبة 10بالمائة من الأرباح. سؤالي هو عن كيفية إخراج الزكاة هل أخرجها علي المبلغ المقبوض فقط أم كامل المبلغ المقبوض والمتبقي؟ وماذا عن أعوام 26 و 27؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
من ملك نصابا من المال، وشارك به في مساهمة عقارية، كأراض أو دور معدة للبيع، فإنه يقوّم أسهمه عند حولان الحول على المال الذي ساهم به، ويزكيه بإخراج ربع العشر (2.5%) .
وقد ذكرنا فتوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في ذلك في جواب السؤال رقم (42239) .
وعلى هذا فكان عليك أن تخرج الزكاة عام 24، 25 على قيمة الأسهم في نهاية كل حول للزكاة، وما دمت قد أخرجتها عن المبلغ الذي دخلت به، فإنك تسأل أهل الخبرة عن قيمة الأسهم في نهاية كل حول، فإن كان قد بقي عليك شيء من زكاتها أخرجته.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: عن رجل ساهم في أرض ثم بيعت بعد خمس سنوات، كيف يدفع زكاتها؟
فأجابت: " يزكي عن كل سنة من السنوات الأربع الماضية، على حسب قيمتها كل
سنة، سواء ربحت أم لم تربح، ويزكي الربح مع الأصل للسنة الأخيرة " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/350) .
ثانيا:
وأما إخلاف صاحب المكتب معك موعد التصفية وعدم إعطائك حقك من المساهمة، فلا يخلو من حالين:
الأولى: إما أن يكون قد قام بالفعل بالتصفية، ولكنه لم يعطك حقك وبقي دَيْنا عليه، وماطل معك في سداده، فهذا الدين لا زكاة عليك فيه، فإن قبضته، فاحسب له حولاً جديدا من حين قبضه، وإن أخرجت زكاة سنة واحدة عند قبضه فهذا هو الأولى والأحوط.
الحال الثانية: أن يكون صاحب المكتب لم يقم بالتصفية، وبقيت مساهماً معه فيما بقي أو جدّ من العقار، فتلزمك الزكاة في نصيبك، فتقومه في نهاية كل حول، وتخرج زكاته، فإن كان الأمر كذلك، فعليك أن تخرج الزكاة عن عامي: 26 و 27، وما بعده، ما دامت المساهمة قائمة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2373)
استثمر مالا في صناديق الأسهم فكيف يزكي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ من المال مستثمر في أحد البنوك في صناديق المتاجرة بالأسهم هل تجب علي الزكاة في هذا المبلغ؟ وما هي مقدار الزكاة المفروضة في هذا المبلغ؟ وهل الزكاة على كامل المبلغ أم الربح؟ مع العلم أنني أدفع 2.5% على كل شيك أحصله إلى الجهة التي تكفلني على أساس أنها زكاة، لكن لا علم عندي هل هم يدفعونها أم لا؟ لكن هذا هو الاتفاق بيننا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
زكاة الأسهم فيها تفصيل بحسب نية مالكها:
" فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة؛ فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، فيخرج ربع العشر 2.5 % من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح " انتهى مختصرا من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (1/879) .
ثانيا:
إذا كنت ساهمت بقصد الربح فقط، وكنت تخرج 2.5% من الأرباح بنية الزكاة، وتدفعها إلى الجهة التي تكفلك لتوزعها عنك، فهذا كاف، لكن ينبغي التأكد من إخراج هذه الجهة للزكاة، وإن أخذت المال وأخرجت زكاته بنفسك كان أولى.
وأما إن كنت ساهمت بنية الاتجار في الأسهم، فلابد من تقويمها في نهاية الحول ثم تخرج زكاتها 2.5 بالمائة من قيمتها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2374)
هل عليها زكاة في أجرة المنزل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل استأجر بيت زوجته بـ (70) ألف درهم على حساب جهة العمل، ويخصم من راتبه 24 ألف درهم، السؤال: هل المبلغ الذي تأخذه الزوجة عليه زكاة، علما أن الزوج والزوجة يسكنون هذا البيت؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، تجب الزكاة في الأجرة التي تأخذها الزوجة، إذا مَرّت عليها سنة كاملة، فتحسب سنة من حين عقد الإجارة، وفي نهاية السنة تخرج زكاتها أو زكاة ما تبقى منها إن بلغ نصاباً، 2.5 بالمائة، فإن أنفقتها كلها ولم تدخر منها شيئا، فلا زكاة عليها.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين كما في "مجموع الفتاوى" (18/السؤال 110) :
ما حكم زكاة المال العائد للشخص من الشقق المؤجرة، بحيث إن المبلغ للشقة الواحدة لا يملكه الشخص دفعة واحدة، بل يكون على دفعات مرتين أو ثلاثاً؟
فأجاب:
"كل الأجر التي يستلمها الإنسان شيئاً فشيئاً إن أنفقها من حين استلامها فلا زكاة فيها، ما لم يكن قد تم الحول على العقد.
مثال ذلك: رجل أجر الشقة بعشرة آلاف، تمت السنة، فقبض عشرة آلاف، فإنه يزكيها، لأنه تم عليها الحول.
ورجل آخر أجر شقة بأجرة مقدمة - يعني يسلمها المستأجر عند العقد - فأخذها ثم أنفقها، فهذه ليس فيها زكاة؛ لأنه لم يحل عليها الحول، ومن شرط وجوب الزكاة أن يتم الحول عليها.
أما الشقة نفسها فليس فيها زكاة؛ لأن كل شيء أعد للأجرة لا زكاة فيه: من عقار، أو سيارات، أو معدات، أو غير ذلك، إلا الحلي من الذهب أو الفضة، ففيه الزكاة على كل حال إذا بلغ النصاب " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2375)
زكاة السيارات المقسطة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شركة للسيارات، وأقوم ببيع السيارات بالأقساط كل شهر بكذا، فكيف تزكى الأموال التي في ذمم الناس، فبعضها يمكن تحصيلها، وبعضها مشكوك في تحصيلها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الديون التي في ذمم الناس نوعان:
1 – نوع يكون على شخص مليء باذل بمعنى عنده سيولة ولا يماطل، بل يدفع متى ما طلب منه، فهذا ديونه بمنزلة الأرصدة المحفوظة في البنك، تزكى كل عام بنسبة 2.5%.
2 – نوع يكون على شخص فقير أو مماطل ويشك في تحصيلها منه، فهذه لا تزكى إلا بعد قبضها لسنة واحدة.
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (1117) .
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: أعمل في بيع السيارات بالتقسيط، فمثلاً أبيع سيارة بخمسين ألف ريال، كل شهر ألف وخمسمائة ريال حتى نهاية ثمنها، فكيف أزكي ثمن السيارة؟ وهل أزكي الأقساط التي ترد إلي إذا حال عليها الحول أم أقوم بزكاة ثمن السيارة قبل حلول أقساطها؟ حيث إنني لا أملك ثمن السيارة المباعة، وإنما يأتي إلي على أقساط شهرية؟ هل الدين الذي لي على شخص إلى وقت معلوم فيه زكاة؟
فأجاب: " إذا جاء حول الزكاة فأحص ما عندك من النقود وأموال التجارة والديون التي عند الناس وزكها كلها.
مثال ذلك: أن يكون عندك مئة ألف ريال نقد، وأموال تجارة تساوي مئة ألف، ولك ديون على الناس تبلغ مئة ألف، فهذه ثلثمائة ألف فعليك زكاتها كلها، لكن الديون إن شئت زكيتها كل سنة مع مالك، وإن شئت أخرت زكاتها حتى تقبضها، ثم تزكيها لما مضى من السنوات، إلا إذا كان الدين على معسر لا يستطيع الوفاء فإنك تزكيه سنة واحدة هي سنة قبضه ولو كان بعد سنوات كثيرة " انتهى بتصرف.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/224) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2376)
اشترى أرضا للتجارة ولم يستلمها فهل عليه زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اشترى أرضاً للتجارة بمبلغ من المال، علماً بأن هذا الرجل لم يستلم الأرض حتى الا?ن، ولا حتى صكها، فهل عليها زكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" نعم، عليه الزكاة في هذه الأرض، ولو لم يستلم الصك، ما دام البيع قد ثبت ولزم، فيزكيها زكاة عروض تجارة، فيقومها حين وجوب الزكاة بما تساوي، ويخرج ربع عشر قيمتها " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/234) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2377)
إذا وجد كنزا أو ركازا في دار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في دولة غير إسلامية وعثرت على مالٍ كان مدفونا بالتراب بمنطقة ألعاب، ويبدو أن المال كان هناك منذ أعوام. فما الذي يجب عليَّ القيام به؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال المدفون إذا كان عليه علامة تدل على أنه للكفار، ومن ذلك عملاتهم التي يتداولونها، فهذا يسمى: الركاز، وقد اختلف الفقهاء فيمن وجد الركاز في دار الكفر، وقد دخلها بأمان:
1- فذهب بعضهم إلى أنه يملكه، ولا يلزمه فيه شيء، وهذا مذهب الحنفية.
2- وذهب آخرون إلى أنه يملكه، ويخرج الخُمس، وهذا مذهب الحنابلة وابن حزم.
3- وذهب آخرون إلى أنه لا يملكه بل يرده على أهل البلد، وهذا مذهب الشافعية.
قال في "الهداية" من كتب الحنفية: " ومن دخل دار الحرب بأمان فوجد في دار بعضهم ركازا رده عليهم، تحرزا عن الغدر ; لأن ما في الدار في يد صاحبها خصوصا، وإن وجده في الصحراء فهو له ; لأنه ليس في يد أحد على الخصوص فلا يعد غدرا ولا شيء فيه " انتهى.
قال ابن الهمام في شرحه: " قوله: (في الصحراء) أي أرض لا مالك لها " انتهى من "فتح القدير" (2/238) .
وينظر: المبسوط (2/215) ، تبيين الحقائق (1/290) .
ونقل النووي في "المجموع" (6/51) عن الرافعي أنه قال: " أما إذا دخل دار الحرب بأمان فلا يجوز له أخذ الكنز لا بقتال ولا بغيره. كما [أنه] ليس له خيانتهم في أمتعتهم , فإنه يلزمه رده " انتهى.
وينظر: روضة الطالبين (2/289) ، شرح البهجة الوردية (2/144) .
وقال ابن حزم في "المحلى" (5/385) : " ومن وجد كنزا من دفن كافر غير ذمي - جاهليا كان الدافن , أو غير جاهلي - فأربعة أخماسه له حلال , ويقسم الخمس حيث يقسم خمس الغنيمة , وسواء وجده في فلاة في أرض العرب , أو أرض عَنْوة [أي: فتحها المسلمون بالقوة] , أو أرض صلح ; أو في داره , أو في دار مسلم , أو في دار ذمي , أو حيث ما وجده حكمه سواء كما ذكرنا " انتهى مختصرا.
وانظر: "شرح منتهى الإرادات" (2/147)
والذي يظهر والله أعلم هو رجحان القول الأخير، فمن وجد ركازا في دار الإسلام أو غيرها، فهو له، مع إخراج الخمس؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ) رواه البخاري (1499) ومسلم (1710) .
وهذا الخمس يصرف في مصرف الفيء وهو المصالح العامة للمسلمين، ويُعطى منه للمساكين واليتامى وأبناء السبيل وأقارب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم بنو هاشم.
وبناء على ذلك، فيلزمك إخراج خمس هذا المال، وما بقي فهو لك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2378)
لم تزك الذهب الأبيض من سنوات فكيف تزكيه الآن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أخرج الزكاة عن ذهبي منذ ثلاث سنوات، والذهب الذي عندي كله أبيض، وكنت سمعت أن الذهب الأبيض هو عبارة عن بلاتين وليس عليه زكاة، ومن قريب عرفت أن عليه زكاة، وقد قررت أن أجمع ذهبي وأوزنه وأزكي عن ثلاث سنين، لكن هناك ذهب بعته بعد السنة، وذهب بعته بعد السنتين، وأنا ما زكيت عنه على أساس أن الذهب الأبيض ما عليه زكاة فكيف أزكي عنه هذا الذي بعته بعد السنة والسنتين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذهب الأبيض هو الذهب المعروف، لكن تضاف إليه بعض المواد، فيصير أبيض، هذا ما يقوله أهل الخبرة، وإذا كان الأمر كذلك فتجب زكاته، إذا بلغ نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من الذهب الآخر، والنصاب هو 85 جراما، والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر (2.5%) تُخرج من الذهب نفسه أو من غيره، أو تخرج نقودا، بعد تقدير ثمن الذهب في السوق، فإذا كان الذهب الذي معك يساوي 5000 ريال مثلا، فيخرج منها (2.5%) أي 125 ريالا.
ويلزمك إخراج الزكاة عن السنوات الماضية، وتقدرين كمية الذهب في نهاية كل سنة، وتخرجين زكاتها.
فإذا كان معك في السنة الأولى 200 جراما مثلا، ثم بعت منها خمسين بعد نهاية السنة، ثم بعد السنة الثانية بعت خمسين أخرى، فيلزمك زكاة الـ 200 جراما عن السنة الأولى، وزكاة الـ 150 جراما عن السنة الثانية، وزكاة الـ 100 جراما عن السنة الثالثة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2379)
لا تجب الزكاة في الأموال الموقوفة على جهة عامة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أوقف ماله على المساكين والفقراء، فهل في هذا المال زكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الموقوف على جهة عامة كالفقراء أو المساجد أو الغزاة أو اليتامى، ليس فيه زكاة؛ لأنه ليس له مالك معين.
قال النووي رحمه الله في " المجموع " (5 / 313) : " إذَا كَانَتْ الْمَاشِيَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاجِدِ أَوْ الْغُزَاةِ أَوْ الْيَتَامَى وَشَبَهِ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ , لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ مُعَيَّنٌ " انتهى.
وقال ابن مفلح في " الفروع " (2 / 337) : " وَلَا زَكَاةَ فِي وَقْفٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، أَوْ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ ".
وقال البهوتي رحمه الله " في كشاف القناع " (2 / 171) : " وَلَا زَكَاةَ فِي السَّائِمَةِ وَغَيْرِهَا الْمَوْقُوفَةِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ , كَالْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ ونحوه، كَمَدْرَسَةٍ؛ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ لَهَا " انتهى بتصرف.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل تجب الزكاة في أموال المساجد الموقوفة؟
فأجابت: " لا تجب الزكاة في أموال الأوقاف على المساجد ونحوها قولا واحدا؛ لانتفاء الملك فيها " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء " (9 / 412) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2380)
زكاة المال الموصى به
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي، وقد أوصى بمبلغ (3000) ريال لأحد إخوانه، فهل في هذا المال زكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا زكاة في هذا المال حتى تمر سنة كاملة عليه، وهو في ملك الموصى له.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (2/172) : " وَالْمَالُ الْمُوصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ يُزَكِّيه مَنْ حَالِ الْحَوْلُ وَهُوَ عَلَى مِلْكِهِ " انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: عن رجل توفي وأوصى بمبلغ (2000) ريال لأحد إخوانه ليتزوج به وبين وفاة الرجل وزواج أخيه سنوات، فهل يجب على هذا المبلغ زكاة؟
فأجاب رحمه الله: " إذا كان أوصى به لشخص معين يكون مالا للشخص المعين إذا قبضه، ويزكيه إذا حال عليه الحول ولو تأخر الزواج " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (14/41) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2381)
زكاة السنوات الماضية والأسهم في حال خسارتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أكثر من عشر سنوات هي بداية التحاقي بالوظيفة لم أؤد الزكاة عن مالي ليس إنكارا لوجوبها بل هو تقصير مني مع العلم أني أحدث نفسي دائماً بأني سوف أزكي مالي من أول سنة. ومع مرور ستة أعوام دخلت سوق الأسهم وبلغت أرباحي حوالي 80% ولكن بعد انهيار ما يسمى فبراير خسرت حوالي 85 % من رأس المال. هل أزكي رأس المال الذي دخلت به في الأسهم وكذلك الأرباح أم أزكي المبلغ المتبقي منه؟ وما العمل في السنوات الماضية التي لم أزك فيها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الزكاة فريضة عظيمة من فرائض الإسلام، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله، وتركها والتسويف في إخراجها كبيرة من كبائر الذنوب.
وجاء في ترك الزكاة وعيد شديد، ينخلع له قلب المؤمن، ومن ذلك قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) التوبة/34-35، وقوله تعالى: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) آل عمران/180.
وروى البخاري (1403) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ (يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ) ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا: (لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) الْآيَةَ.
ولهذا فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تؤدي ما فاتك من الزكاة مع الندم والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة.
ثانياً:
من وجبت عليه الزكاة ولم يخرجها، وجب عليه أن يخرجها لجميع ما مضى من السنين.
قال النوويُّ رحمه الله في "المجموع" (5/302) : " إذا مضت عليه سنون ولم يؤد زكاتها لزمه إخراج الزكاة عن جميعها " انتهى.
ثالثاً:
لا تجب الزكاة في النقود إلا إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول، والنصاب هو ما يعادل 85 جراما من الذهب، أو 595 جراما من الفضة.
وليس في الراتب زكاة، إلا إذا وَفَّرت منه ما يبلغ النصاب بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى تملكها، وحال عليه الحول.
رابعا:
الأسهم التي يتاجر فيها الإنسان بيعا وشراء، تزكى زكاة عروض التجارة، فتقوّم في نهاية الحول، وتزكى بإخراج ربع العشر (2.5%) .
وفي حال خسارة الأسهم، فإنها تقوّم، فإن بلغت نصابا، وجب إخراج زكاتها.
ولا عبرة برأس المال الذي اشتريت به الأسهم، بل العبرة بتقويمها في نهاية الحول، فمن اشترى أسهما بعشرة آلاف مثلا، وانخفض سعرها حتى صارت في نهاية الحول بثلاثة آلاف، لزمته الزكاة في ثلاثة آلاف، وليس في العشرة.
وعلى هذا، يلزمك الاجتهاد والتحري لإخراج زكاة الأعوام الماضية، فتقدر كم كان عندك من النقود في نهاية الحول، ثم تضيف إليها قيمة الأسهم في ذلك الوقت، ثم تخرج الزكاة 2.5 بالمائة ... وهكذا في نهاية كل عام.
ونوصيك بالمبادرة بإخراج الزكاة مع التوبة إلى الله، ونسأل الله أن يخلف عليك خيرا، وأن يرزقك من فضله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2382)
القهوة هل تجب فيها الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل القهوة فيها زكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في القهوة إذا بلغت نصاباً؛ لأنها نوع من الحبوب تكال وتدخر، وقد روى مسلم (979) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ) .
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: " القهوة نوع من الحبوب التي تكال وتدخر، فتجب فيها الزكاة إذا بلغت خمسة أوسق، والوسق ستون صاعًا بالصاع النبوي، ووقت خرصها إذا اشتد الحب، والواجب فيها العشر فيما سقي بغير مؤنة، كالغيث والسيول وما يشرب بعروقه، ونصف العشر فيما سقي بكلفة كالدوالي والنواضح والمكائن، فإن سقي نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر. وأما الدليل على وجوب العشر فيما سقي بلا مؤنة ونصفه فيما سقي بها، فهو ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَرِيًا العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر) ، وأما وجوب ثلاثة أرباع العشر، فلأن كل واحد منهما لو وجد في جميع السنة لأوجب مقتضاه، فإذا وجد في نصفها أوجب نصفه. ويصرف المقدار الواجب فيها في مصارف الزكاة كسائر الحبوب والثمار " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء " (9 / 234) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2383)
تعجيل الزكاة وكيف يخرج زكاته إن كان ماله في بنك إسلامي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مبلغ في بنك إسلامي، فهل يجوز إخراج الزكاة خلال العام مقدماً، كأن يكون كلما أتاني أرباح؛ لأني أخشي أنه عندما يأتي وقت الزكاة لا يكون معي مال الزكاة؟ وأيضاً هل الزكاة على رأس المال فقط أم على الأرباح أيضاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز للمسلم أن يستثمر أمواله في البنوك الربوية، ولا التي تسمى إسلامية وليس حالها كذلك، بل يجب أن يكون واقعها يتطابق مع اسمها، فإذا كان البنك إسلاميّاً لا يتعامل بالربا أخذاً ولا إعطاءً، ويستثمر أمواله ويوزع الأرباح على المستثمرين وفق الأحكام الشرعية الإسلامية، فلا حرج من استثمار المال فيه.
وانظر جواب السؤال رقم: (47651) .
ثانياً:
أما مسألة تعجيل الزكاة: فالصحيح جواز ذلك، وهو قول جمهور العلماء، والأفضل ألا يعجل زكاته، إلا إذا وجد سبب لذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وأما تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب: فيجوز عند جمهور العلماء، كأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (25 / 85، 86) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنَة، أو سنتين، إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 422) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ما حكم تعجيل الزكاة لسنوات عديدة للمنكوبين، والذين تحل بهم مصائب؟ .
فأجاب:
"تعجيل الزكاة قبل حلولها لأكثر من سنة: الصحيح: أنه جائز لمدة سنتين فقط، ولا يجوز أكثر من ذلك، ومع هذا لا ينبغي أن يعجل الزكاة قبل حلول وقتها، اللهم إلا أن تطرأ حاجة كمسغبة شديدة (مجاعة) ، أو جهاد، أو ما أشبه ذلك، فحينئذ نقول: يُعجل؛ لأنه قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل، وإلا فالأفضل ألا يزكي إلا إذا حلت الزكاة؛ لأن الإنسان قد يعتري ماله ما يعتره من تلف، أو غيره، وعلى كل حال ينبغي التنبه إلى أنه لو زاد عما هو عليه حين التعجيل: فإن هذه الزيادة يجب دفع زكاتها.
" فتاوى الشيخ العثيمين " (18/328) .
ثالثاً:
تجب الزكاة على المال كله – رأس المال وأرباحه - إذا حال الحول على رأس المال، وكان قد بلغ النصاب، والحول هو: مرور سنة هجرية.
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
لدي مال قدره خمسة عشر ألف ريال (15000 ريال) سلمته لرجل يتاجر فيه، على أن له نصف الربح، فهل على هذا المال زكاة؟ وأيهما يزكى رأس المال أم الربح أم كلاهما؟ وإذا كان على رأس المال زكاة ورأس المال قد اشترينا به بضائع عينية كسجاد وأثاث وأشباههما، فما الحكم والحالة هذه؟ .
فأجابوا:
"تجب الزكاة في المال المذكور المعد للتجارة إذا حال عليه الحول، ويزكَّى رأس المال مع الربح عند تمام الحول، وإن كان المال اشتري به عروض للتجارة: فيقدر ثمنها عند تمام الحول بما تساوي حينئذ، وتخرج الزكاة بواقع اثنين ونصف في المائة 2.5 % من مجموع المال مع الأرباح" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 356، 357) .
وقالوا – أيضاً -:
"تجب الزكاة على رأس المال والأرباح إذا حال الحول على الأصل، وحول الأرباح: حول أصلها" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 356، 357) .
وننبه الأخ السائل أنه إن كان البنك الإسلامي يخرج زكاة مال عملائه: فهذا يجزئه عن إخراجها إن كان البنك موثوقاً في تصريفها في وجهتها الشرعية، وعليه أن يزكي ما في يده وما يملكه مما ليس في البنك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2384)
لديه محل يقدم خدمات الإنترنت فكيف يزكيه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك محلا لتقديم خدمات الإنترنت لطلاب الجامعة وغيرهم وقد أنهيت عاما فيه منذ إنشائه ولا أعلم كيف أخرج زكاة هذا المحل، وكما هو معلوم محل الخدمات لا يوجد به بضاعة تباع وإنما نقدم خدمات عليها مقابل مادي، هل أخرج زكاة الأجهزة الموجودة بهذا المحل؟ وهل الزكاة تكون على رأس المال الذي أنشئ به المحل أم تكون على الأرباح التي تحققت من هذا المحل؟ وإذا تم صرف هذه الأرباح ولم يبق منها شي عند حولان الحول هل يتم صرف الزكاة عليها أم تصرف على المبلغ المتبقي منها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأغراض الموجودة في المحلات التجارية تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما أعدَّ منها للبيع، من أجهزة أو ملابس أو غيرها، فهذا يزكى زكاة التجارة.
القسم الثاني: ما أعدَّ منها للإنتاج أو الاستعمال، وليس للتجارة: كآلات المصانع، وأثاث المكاتب، وأدوات التصوير وأجهزة الحاسوب، التي لا يراد بيعها، وإنما يستعملها الموظفون أو العملاء، فهذه لا زكاة فيها، وإنما الزكاة فيما ينتج عنها من مال.
ثانياً:
إذا عُلم أن الزكاة إنما تجب في الأرباح الناتجة عن الأصول – الأجهزة وآلات المصانع، والأثاث – فإنه يشترط لوجوب الزكاة في هذه الأرباح: بلوغ النصاب، وحولان الحول، والنصاب هو ما يعادل 85 جراما من الذهب، فإذا حال الحول، ولم يكن الربح بالغا للنصاب، أو كان قد بلغ النصاب لكن تم صرفه قبل حولان الحول، فإنه لا زكاة فيه.
وبهذا يتبين أنه لا زكاة على الأجهزة التي تملكها، ولا زكاة على رأس المال الذي أنشأت به المحل، وإنما الزكاة على المال الذي تحصّله، إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول فإن تم إنفاقه قبل حولان الحول فلا زكاة عليك.
وإذا نقص المال، لكنه لم ينقص عن النصاب، فإنك تزكي الباقي إذا مرَّ عليه الحول.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2385)
هل تجب الزكاة في راتب التقاعد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اشتركت في نظام التقاعد، فهل في مال التقاعد زكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في الموقع بيان حكم الاشتراك في نظام التقاعد، وفيه أن الاشتراك في ذلك النظام لا يخلو: إما أن يكون مع جهة غير حكومية، فيكون هذا نوعاً من الميسر، وذلك لأن الإنسان لا يدري، هل يأخذ أكثر مما دفع، أو أنه يأخذ أقل مما دفع، وهذا هو عين الميسر، وأما الاشتراك في نظام التقاعد مع الجهات الحكومية، فإنها قد لا تأخذ الحكم السابق من جهة أن الحكومة أو بيت المال مسئول عن الإنفاق على الرعية إذا احتاجوا.
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (42567) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن الراتب التقاعدي؟ وهل تجب فيه الزكاة؟
فأجاب: " رأينا في التقاعد الذي يؤخذ من الراتب أنه لا زكاة فيه؛ وذلك لأن صاحبه لا يتمكن من سحبه إلا بشروط معينة، فهو كالدَّين الذي على المعسر، والدَّين الذي على المعسر لا زكاة فيه، لكن إذا قبضه، فالأحوط أن يزكيه لسنة واحدة، وأما أخذه فلا بأس لأنه جزء ادخرته الدولة من راتب الموظف عند الحاجة إليه " انتهى بتصرف.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/174) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2386)
زكاة الأسهم العقارية الكاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بالمساهمة في أحد المساهمات العقارية قبل أكثر من 3 سنوات وقد تعثرت المساهمة إلى وقتنا الحالي فما الحكم في الزكاة مع العلم بأن رأس المال غير مضمون استرداده فهل أخرج زكاة الفترة كاملة أم أخرج زكاة سنة واحدة مع العلم أن مدة المساهمة كانت 8 أشهر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المساهمات العقارية، تزكى زكاة عروض التجارة، لأن هذه الشركات العقارية تشتري الأرض بقصد التجارة فيها.
فيجب عليك في نهاية الحول أن تقوّم أسهمك في هذه الشركة بما تساويه، وتخرج زكاتها، ربع العشر.
والحول يبدأ من امتلاك المال البالغ للنصاب، الذي اشتريت به هذه الأسهم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن المساهمة في أرض تابعة لمؤسسة عقارية:
"هذه المساهمة عروض تجارة فيما يظهر؛ لأن الذين يساهمون في الأراضي يريدون التجارة والتكسب، ولهذا يجب عليهم أن يزكوها كل سنة بحيث يقومونها بما تساوي، ثم يؤدون الزكاة، فإذا كان قد ساهم بثلاثين ألفاً وكان عند تمام الحول تساوي هذه السهام ستين ألفاً، وجب عليه أن يزكي ستين ألفاً، وإذا كانت عند تمام الحول الثلاثون ألفاً لا تساوي إلا عشرة آلاف لم يجب عليه إلا زكاة عشرة آلاف" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/226) .
وسئل أيضا رحمه الله عن شخص اشترى أرضاً بقصد التجارة , ولكن بقيت على ملكه مدة طويلة، هل عليها زكاة؟
فأجاب: " إذا اشترى الإنسان أرضاً للتجارة فعليه زكاة كل عام , سواء زادت قيمتها أو نقصت، وسواء نَفَقت أو كسدت، يقوِّمها كل سنة بما تساوي , ثم إن كان لديه مال أخرج زكاتها من المال الذي عنده , وإن لم يكن لديه مال , قَيَّد الزكاة في كل سنة بسنتها، وإذا باعها أدى الزكاة لما مضى" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (15/12) .
ولكن إذا كسدت الأرض أو الأسهم، حتى أصبح أهلها يعرضونها للبيع ولا يجدون من يشتريها منهم، فمن أهل العلم من يراها حينئذ كالدين الذي عند شخص فقير لا يستطيع الوفاء، فالزكاة لا تجب فيها إلا عند بيعها ويزكيها لسنة واحد فقط، والأحوط أن يزكيها لجميع السنوات.
ينظر: "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/206) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2387)
كيفية زكاة جمعية الموظفين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المشاركة فيما يسمى بجمعيات القرعة وهي مكونة من مجموعة من الأشخاص حيث يقوم كل شخص بدفع مبلغ مالي ثابت شهرياً وفي نهاية كل شهر تجرى القرعة على أحد أفرادها فيأخذ مجموع ما دفعه كل الأفراد وهكذا إلى أن يأخذ كل واحد نصيبه منها ... وهل هذا المبلغ المتحصل عليه زكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذه المعاملة اشتهرت باسم جمعية الموظفين، وهي محل خلاف بين أهل العلم، وأكثرهم على جوازها.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: عن جماعة من المدرسين يقومون في نهاية كل شهر بجمع مبلغ من المال من رواتبهم ويعطى لشخص معين منهم، وفي الشهر الثاني يعطى لشخص آخر وهكذا حتى يأخذ الجميع نصيبهم وتسمى عند البعض بالجمعية، فما حكم الشرع في ذلك؟
فأجاب:
"ليس في ذلك بأس، وهو قرض ليس فيه اشتراط نفع زائد لأحد، وقد نظر في ذلك مجلس هيئة كبار العلماء فقرر بالأكثرية جواز ذلك، لما فيه من المصلحة للجميع بدون مضرة.
والله ولي التوفيق " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/413) .
ثانياً:
أما زكاتها فينبني على معرفة هذه الأسس:
1- من ملك نقوداً تبلغ نصاباً، وحال عليها الحول، وجب عليه أن يزكيها، والنصاب هو ما يعادل 85 جراما من الذهب، أو 595 جراما من الفضة. والحول يبدأ من حين بلوغ المال النصاب.
2- من استفاد مالاً أثناء الحول، ليس ناتجاً عن المال الأول، كأن يأتيه عن طريق الإرث أو الهبة أو القرض، فإنه يبدأ له حولاً جديداً ويزكيه إذا انتهى حَوْلُه، وله أن يضمه إلى حول ما عنده من مال سابق، حتى يخرج زكاة الجميع في وقت واحد، وهو نهاية حول المال الأول، ويكون قد أخرج زكاة المال الثاني مقدماً، قبل مرور الحول، وهذا جائز.
3- من كان له دين على غيره، وكان المدين مليئا (معترفا بالدين باذلا له في وقته) لزمه أن يزكيه عند حولان حوله، ولو استمر الدين سنوات.
4- من كان عليه دين، ولديه مال، لزمه أن يزكي ماله عند حولان الحول، دون أن يُسقط الدين، على الراجح من قولي العلماء.
وبناء على هذا، فالقول في زكاة جمعية الموظفين كما يلي:
أ- من استلم المال المجموع، وكان بالغا نصابا، فإما أن يضيفه إلى حول مالٍ سابق عنده، وإما أن يستقبل به حولا جديدا، ثم يزكيه في نهاية هذا الحول، هذا إذا بقي النصاب إلى نهاية الحول، أما لو أنفق مال الجمعية حتى ذهب كله أو نقص عن النصاب، فلا زكاة عليه.
مثال: من كان لديه مال بلغ نصاباً في شهر رمضان، ثم استلم مال الجمعية في شهر شوال، فإما أن يزكي الجميع في رمضان التالي، وإما أن يزكي كلَّ مالٍ في حوله، هذا في رمضان، والآخر في شوال.
ب- إذ كان قسط الجمعية الشهري يبلغ نصاباً، أو كان عنده مال آخر غير مال الجمعية يكمل النصاب، ثم مضى عام هجري على البدء في الجمعية، ولنفرض أن مجموع ما دفعه زيد مثلا (20ألفا) ، ولم يستلم الجمعية بعد، فإنه يلزمه زكاة هذا المبلغ (20ألفا) لأنه في حكم الدَّيْن على إخوانه المشاركين معه.
وإذا كان القسط لا يبلغ نصاباً، وليس عنده مال آخر يكمل النصاب، فإن حول الزكاة يبدأ حين يكون ما دفعه بلغ نصابا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2388)
أموال الصناديق الخيرية لا زكاة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[نجمع أموالاً في صندوق خيري لمساعدة المحتاجين، وإقراض من يحتاج إلى قرض، وهذا الصندوق فيه مبلغ كبير الآن، فهل تجب فيه الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الذي يوضع في صندوق خيري، لغرض إقراضه للمحتاجين، أو مساعدتهم فيما ينوبهم، من حوادث وغيرها، لا تجب فيه الزكاة، لأنه مال غير مملوك لمعين، فهو كالأموال الموقوفة، لا تجب فيه الزكاة.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: قبيلة من القبائل كونوا مبلغاً من المال، وجعلوا هذا المبلغ خاصاً لما يجري على هذه القبيلة من الدم، ومشوا هذا المبلغ للتجارة، والربح الناتج عائد للدم أيضاً. فهل يجب بهذا المبلغ زكاة أم لا، وإذا لم يتاجر فيه هل عليه زكاة أم لا، وهل يحق للقبيلة نفسها أن تدفع فيه زكاة أموالها من النقدين؟
فأجابوا: " إذا كان الواقع كما ذكر فلا زكاة في المال المذكور؛ لكونه في حكم الوقف، سواء كان مجمداً أو في تجارة تدار، ولا يجوز أن تدفع فيه الزكاة، لكونه ليس مخصصاً للفقراء، ولا غيرهم من مصارف الزكاة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (8/291)
وسئلوا أيضا: حصل تكوين صندوق بمبلغ من المال لأبناء القبيلة، وذلك لسد حاجة بعض الأمور، مثل الدم وخلافه لا قدر الله، ثم وضعت هذا المبلغ في المضاربة الإسلامية فهل تجب فيه الزكاة أم لا؟ فأجابوا: " إذا كان الواقع كما ذكر وكانت المبالغ المتبرع بها لا تعود لمن جمعت منهم، ولو فشل المشروع أنفقت في وجوه بر أخرى فالزكاة لا تجب فيها، وإذا كانت تعود لمن جمعت منهم إذا فشل المشروع وجبت الزكاة على كلٍ في نصيبه الذي جمع منه إذا حال عليه الحول " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة (8/296) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في جمعية قروية يتبرع أهلها باشتراك شهري لها، ويرصد مالها للإعانة على الحوادث والديات وإقراض من يحتاج إلى الزواج: " أموال هذا الصندوق ليس فيها زكاة , لأنها خارجة عن ملك المشتركين فليس لها مالك معين , ولا زكاة فيما ليس له مالك معين " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/184) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2389)
زكاة المهر المودع في البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة في مال المهر المودع في البنك أي منذ أن تزوجت ولا أريد شراء به أي شيء؟ وإن كان كذلك فكيف أزكيه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من ملك مالا يبلغ نصابا، وحال عليه الحول، وجب عليه أن يزكيه، سواء كان هذا المال نقودا أو ذهبا أو فضة، من مهر أو غيره، وسواء ادخره لسفر أو بناء بيت أو غير ذلك من الأغراض.
والنصاب هو ما يعادل 85 جراما من الذهب أو 595 جراما من الفضة.
وعليه فإذا كان مهرك المودع في البنك يبلغ نصابا فأكثر، وجب عليك أن تزكيه كلما مر عليه الحول (سنة هجرية) فتخرجين منه ربع العشر (2.5%) .
وننبه على أنه لا يجوز إيداع الأموال في البنوك الربوية، إلا لضرورة الحفظ عند الخوف عليها وعدم وجود بنك إسلامي، وبشرط أن يكون ذلك الإيداع بلا فائدة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2390)
زكاة مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على المهر المؤخر زكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المهر المؤخر يعتبر دينا للزوجة على زوجها، فالقول في زكاته كالقول في زكاة سائر الديون، وهذا الصداق لا يخلو من حالين:
الحالة الأولى:
إذا كانت تستطيع المطالبة به، وكان زوجها غنيا لا يمانع من دفع المؤخر لها، فعليها زكاته كل عام، لأنه بمنزلة المال الذي في يدها.
الحال الثانية:
إذا كان الزوج فقيرا لا يستطيع دفعه، أو كانت المرأة لا تستطيع المطالبة به تخشى من غضب الزوج وطلاقه لها إن طالبت به، أو كان العرف جاريا بأن هذا المؤخر لا تستحقه المرأة إلا إذا حصلت الفرقة بينها وبين زوجها إما بالطلاق وإما بالموت، ـ كما هو عرف الناس الآن ـ فهذا الصداق لا زكاة فيه، لأنها لا تستطيع التصرف فيه، فإذا قبضته فإنها تحسب له حولا من حين قبضها له. والأحوط أن تزكيه إذا قبضته لعام واحد، ولو كان مضى عليه سنون كثيرة.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن صداق المرأة على زوجها تمر عليه السنون المتوالية لا يمكنها مطالبته به لئلا يقع بينهما فرقة ثم إنها تتعوض عن صداقها بعقار أو يدفع إليها الصداق بعد مدة من السنين، فهل تجب زكاة السنين الماضية أم إلى أن يحول الحول من حين قبضت الصداق؟
فأجاب: "الحمد لله هذه المسالة فيها للعلماء أقوال ... وأقرب الأقوال قول من لا يوجب فيه شيئا بحال حتى يحول عليه الحول، أو يوجب فيه زكاة واحدة عند القبض، فهذا القول له وجه وهذا وجه، وهذا قول أبى حنيفة، وهذا قول مالك وكلاهما قيل به في مذهب أحمد والله أعلم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/47) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2391)
هل الزكاة على جميع الذهب أم على ما زاد عن النصاب فقط؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف إذا زادت كمية الذهب التي أختزنها عن النصاب هل أدفع زكاة مال عن كل كمية الذهب أم ما زاد عن النصاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تلزمك الزكاة على جميع الذهب الذي لديك.
ونصاب الذهب هو 85 جراما، فمن ملك مائة جرام مثلا، لزمه أن يخرج الزكاة عن المائة كلها.
ويدل لذلك ما رواه أبو داود (1572) عن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا كَانَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
ففيه دليل على أن الزكاة واجبة في النصاب، وفيما زاد عليه أيضاً.
والقدر الواجب هو ربع العشر (2.5%) تُخرج من الذهب نفسه، أو يقوّم الذهب بسعر اليوم، وتخرج الزكاة من هذه القيمة نقودا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2392)
كيف يزكي الأرض والسيارة والذهب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[1- عندي قطعة أرض اشتريتها منذ تقريبا عام لغرضين ولم أقرر حتى الآن أي الغرضين سوف أنفذ. الغرض الأول: التجارة فيها أي حينما يعلو ثمنها أبيعها. الغرض الثاني: أبنى عليها في المستقبل البعيد بيتا لأسكن فيه أنا وأسرتي. السؤال الأول: كيف أحسب مقدار زكاة هذه الأرض (ثمن الشراء أو – ثمن البيع) وهل يجب فيها زكاة أم لا؟
2- أقوم كل عام في رمضان بإخراج زكاه مالي كالتالي: أقوم بجرد كل مالي سواء الموجود في يدي أو في البنك، عندي سيارة واحدة أقوم بتأجيرها نظير مبلغ شهري طول العام بفضل الله، أقوم بحساب ثمنها بالثمن الذي اشتريتها به منذ حوالي أربعة أو خمسة سنوات، وفى حالة إذا وجدت سيارة أخرى بغرض التجارة أقوم بحساب الثمن على أساس المبلغ المدفوع فيها مثل السيارة الأولى، يوجد مبلغ في البنك له فوائد آخذ هذه الفوائد كلها مع العلم أنها مبلغ كبير.
شبكة زوجتي أقدرها بالمبلغ المدفوع فيها.
إذا وجد أي شيء آخر أقدره بالمبلغ (الثمن) المدفوع فيه.
السؤال الثاني: أقوم بإخراج الزكاة كالتالي (كل ما سبق يحول إلى قيمه نقدية * 2% + فائدة البنك كاملة) .
مبلغ نقدي أقوم بإخراجه كالتالي
1- الفقراء في قريتي وأي مكان آخر فيه يتامى
2- جزء صغير للأقرباء الذين أعتقد أنهم محتاجون سواء من ناحية الوالد أم الوالدة
3- جزء صغير أيضا لإخوتى بنات وبنين مع العلم أن البنات متزوجات وميسورات الحال ووالدي ووالدتي مع العلم أيضا أنهم ميسورو الحال من باب صلة الرحم (حيث إنني الولد الأكبر)
4- جزء أرسله للجمعيات الخيرية مثل اليتامى- المرضى –أشقائنا في فلسطين
5- جزء صغير لأي أبنية خيرية مثل المساجد والمدارس، هل ما أقوم به في إخراج الزكاة صحيح أم خطأ؟ وما هو الصح إن كان هناك خطأ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان الأمر كما ذكرت من أن الأرض يحتمل أن تبيعها عند ارتفاع سعرها، ويحتمل أن تبني عليها بيتا لك ولأسرتك، فلا زكاة عليك فيها، لعدم الجزم بنية التجارة، فإذا جزمت بنية التجارة، ففيها الزكاة، فتحسب سنة من جزمك بالنية، ثم إذا انتهت قومت في الأرض بما تساويه في ذلك الوقت وتخرج زكاتها.
ثانيا:
السيارة التي تقوم بتأجيرها لا زكاة فيها، وإنما الزكاة في أجرتها إذا بلغت نصابا ومَرَّ عليها الحول وهي معك.
وفي حالة امتلاكك سيارة بنية الاتجار فيها، فإن الزكاة تحسب على قيمتها عند حولان الحول، ولا ينظر في سعرها وقت الشراء. وراجع السؤال رقم (65515) .
ثالثا:
الفوائد البنكية الربوية لا زكاة فيها، لأنها مال حرام لا يملكه المرابي، ويجب التخلص منها بصرفها في وجوه الخير، ويزكى أصل المال فقط.
والواجب عليك هو تحويل رصيدك بالبنك إلى حساب جار بلا فوائد، لأن هذه الفوائد ربا محرم من كبائر الذنوب، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا.
رابعا:
(شبكة الزوجة) إن بلغت نصابا وهو 85 جراما، فتجب فيها الزكاة، وطريقة زكاتها: أن تقوّم بسعر يوم الزكاة بقطع النظر عن السعر الذي اشتريت به، ثم تخرج زكاتها.
والمقصود بسعر يوم الزكاة: هو سعر هذا الذهب المستعمل، الذي يمكنك أن تبيعه به، لا سعر الذهب الجديد.
خامسا:
القدر الواجب إخراجه في زكاة الذهب والفضة وعروض التجارة والنقود هو ربع العشر أي 2.5% وليس 2% كما جاء في السؤال.
سادساً:
مصارف الزكاة معروفة، بينها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60
1- وقد أحسنت في إعطائها لفقراء القرية، وللمحتاجين من أقاربك، وللفقراء في فلسطين.
2- وأما إعطاء جزء من الزكاة لوالديك أو لإخوانك وأخواتك ميسوري الحال، فلا يجوز، ولا تبرأ به ذمتك، لأنهم ليسوا من مصارف الزكاة. والمشروع أن تعطيهم من الهدية والصدقة لا من الزكاة. إلا أن يكون على واحدٍ منهم دين، ولا يجد وفاء له، فيجوز إعطاؤه من الزكاة حينئذ.
3- وكذلك صرف الزكاة في الأبنية الخيرية من المساجد والمدارس: لا يصح، لأن الزكاة يجب أن تعطى لأحد الأصناف الثمانية المذكورة في الآية. وليست المساجد منها، ولا تدخل في قوله تعالى: (وفي سبيل الله) لأن المراد به: الجهاد في سبيل الله، وانظر السؤال رقم (13734) (21805)
4- وأما الجمعيات الخيرية للأيتام والمرضى، فيجوز إعطاؤهم الزكاة إذا كان هؤلاء الأيتام أو المرضى فقراء محتاجين، وكانت هذه الزكاة ستعطى لهم نقودا، أو يتولى المسئولون شراء ما يحتاجونه من ملابس ودواء ونحو ذلك، لا أن تصرف في مشاريع الجمعية من مبانٍ وغيرها.
ونسأل الله أن يبارك لك في مالك، وأن يجعله عونا لك على طاعته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2393)
هل يزكي المال الحرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اكتسب المال الكثير (وبلغ النصاب) بالحرام مثل بيع الخمر أو ترويج الأغاني أو المخدرات فهل تجب عليه الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الحرام لا تجب فيه الزكاة ولا تصح؛ لأنه ليس مملوكا لمن في يده، وشرط الزكاة الملك، ولأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، قال صلى الله عليه وسلم: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) رواه مسلم (1015) .
والواجب هو التخلص من المال الحرام، برده إلى أصحابه إن كان مسروقا أو مغصوبا، وبإنفاقه في أوجه البر المختلفة إن ناتجا من بيع المخدرات والخمر والأغاني ونحوها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/248) : " المال الحرام كالمأخوذ غضبا أو سرقة أو رشوة أو ربا أو نحو ذلك ليس مملوكا لمن هو بيده , فلا تجب عليه زكاته ; لأن الزكاة تمليك , وغير المالك لا يكون منه تمليك ; ولأن الزكاة تطهر المزكي وتطهر المال المزكى لقوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صدقة من غلول) .
والمال الحرام كله خبث لا يطهر.
والواجب في المال الحرام رده إلى أصحابه إن أمكن معرفتهم وإلا وجب إخراجه كله عن ملكه على سبيل التخلص منه لا على سبيل التصدق به , وهذا متفق عليه بين أصحاب المذاهب.
قال الحنفية: لو كان المال الخبيث نصابا لا يلزم من هو بيده الزكاة ; لأنه يجب إخراجه كله فلا يفيد إيجاب التصدق ببعضه.
وفي الشرح الصغير للدردير من المالكية: تجب الزكاة على مالك النصاب فلا تجب على غير مالك كغاصب ومودَع.
وقال الشافعية كما نقله النووي عن الغزالي وأقره: إذا لم يكن في يده إلا مال حرام محض فلا حج عليه ولا زكاة , ولا تلزمه كفارة مالية.
وقال الحنابلة: التصرفات الحكمية للغاصب في المال المغصوب تحرم ولا تصح , وذلك كالوضوء من ماء مغصوب والصلاة بثوب مغصوب أو في مكان مغصوب , وكإخراج زكاة المال المغصوب , والحج منه , والعقود الواردة عليه كالبيع والإجارة " انتهى.
وراجع السؤال رقم (78289) و (26)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2394)
زكاة المال المستفاد أثناء الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب احتساب مقدار زكاة المال على المال حين بلوغه النصاب أم عند مرور الحول؟ إذا كان مقدار المال 10000 وقت بلوغ النصاب وكان مقدار المال 50000 بعد مرور الحول، علي أي المبلغين تحتسب زكاة المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يشترط لوجوب الزكاة في النقود أمران:
الأول: بلوغ النصاب.
والثاني: مرور الحول على ذلك النصاب.
فإذا كان المال أقل من النصاب، لم تجب فيه الزكاة.
وإذا بلغ مال نصابا، وحال عليه الحول، أي مضت سنة قمرية (هجرية) من وقت بلوغه النصاب، وجبت الزكاة حينئذ.
والنصاب هو ما يعادل 85 جراما من الذهب، أو 595 جراما من الفضة.
والقدر الواجب إخراجه في الزكاة هو ربع العشر (2.5%) .
ثانيا:
إذا بلغ المال نصابا وهو 1000 مثلا، ثم صار في نهاية الحول 5000، فكيف يزكى؟
في هذا تفصيل:
1- إذا كانت هذه الزيادة ناتجة عن الأصل، كما لو كان الألف مستثمرا، فربح أربعة آلاف، فإنك تزكي الجميع في نهاية الحول، لأن ربح المال تابع لأصله.
2- وإن كانت هذه الزيادة ليست ناتجة عن الأصل، وإنما هي مال استفيد بطريق آخر، كالميراث، أو الهدية، أو كان ثمن شيء بعته، ونحو ذلك، فإنه يحسب لها حول مستقل، يبدأ من يوم امتلاك هذه الزيادة. وإذا أردت إخراج زكاته مع الألف وتكون معجلة فلا حرج في ذلك.
3- وقد تأتي هذه الزيادة على التدرج، كالمال الذي يدخره الإنسان من الراتب، فيدخر في شهرٍ 500، وفي شهر آخر 1000، حتى يجتمع له في نهاية الحول 4000، فأنت بالخيار بين أن تزكي الجميع في حول الألف وتكون قد أخرجت الزكاة معجلة عن النقود التي لم تَمُرّ َعليها سنة، أو أن تجعل لكل مالٍ مستفاد حولا خاصا، لكن هذا فيه نوع مشقة، لأنك ستخرج الزكاة عدة مرات في السنة.
ولمزيد الفائدة راجع جواب السؤال (50801) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2395)
متى ينوي الصوم وماذا لو علم في النهار بدخول رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نية صوم رمضان تجب ليلاً أو نهاراً كما إذا قيل لك في وقت الضحى إن هذا اليوم من رمضان تقضيه أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب تبييت نية صوم شهر رمضان ليلاً قبل الفجر، ولا يجزئ صومه من النهار بدون نية، فمن علم وقت الضحى أن هذا اليوم من رمضان فنوى الصوم وجب عليه الإمساك إلى الغروب، وعليه القضاء؛ لما رواه ابن عمر عن حفصة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له) رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان وصححاه مرفوعاً.
هذا في الفرض، أما في النفل فتجوز نية صومه نهاراً إذا لم يكن أكل أو شرب أو جامع بعد الفجر؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه دخل عليها ذات يوم ضحى فقال: (هل عندكم شيء؟) فقالت: لا، فقال: (إني إذاً صائم) خرجه مسلم في صحيحه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 244(5/2396)
زكاة الأموال المستحقة إذا تأخر صرفها
[السُّؤَالُ]
ـ[الاستحقاقات الحكومية التي صرفت وهي تعود لأعوام مضت، هل تجب الزكاة في تلك الاستحقاقات حين استلامها؟ وإن كانت تجب فهل تحسب عن عام واحد؟ أم كيف تحسب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكر فإنه يستقبل بها عاماً جديداً ابتداء من تاريخ قبضها، ثم يخرج الزكاة، ولا زكاة عليه فيما مضى لعدم ملكه لها ملكاً مستقراً. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 9/284(5/2397)
هل زكاة التجارة على سعر الشراء أم على سعر البيع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكون الزكاة للبضاعة هل بسعر الشراء أم بسعر البيع في المحل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كيفية حساب زكاة التجارة هي أن تُقَوَّم البضاعة حسب قيمتها في السوق (وهو في الغالب سعر البيع في المحل) عند تمام الحول، سواء كانت هذه القيمة تساوي ما اشتراها به أو أقل أو أكثر. ثم يخرج الزكاة وهي ربع العشر. أي: 2.5 بالمائة. رسالة في الزكاة للشيخ ابن باز ص: 11. ورسالة في زكاة العقار للشيخ بكر أبو زيد ص: 8.
وهذا هو كمال العدل، لأن قيمتها عند تمام الحول قد تختلف عن ثمن الشراء بالزيادة أو النقصان.
ثم إذا كان التاجر ممن يبيع بالجملة فإنه يقومها على سعر الجملة، وإن كان ممن يبيع بالقطاعي (بالمفرق) فإنه يقومها على سعر القطاعي. الشرح الممتع 6/146.
وإن كان يبيع بالجملة والقطاعي معاً، فإنه يجتهد في التقويم فيقدر حجم البضاعة التي يبيعها بالجملة، وحجم البضاعة التي يبيعها بالقطاعي، ويخرج الزكاة على ذلك. وإذا احتاط في هذه الحال وأخرج ما يجزم أنه أكثر مما يجب عليه فهو أفضل، لأنه قد يقدر أنه سيبيع هذه البضاعة بالجملة ثم يبيعها بالقطاعي.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2398)
سدد مبلغاً مقدماً لشراء سيارة وتأخر التسليم فهل يزكيه
[السُّؤَالُ]
ـ[- لدي حسابان بنكيان , أضع في أحدهما مرتبي الشهري , وأضع في الأخر بعض الأموال الأخرى.
سؤالي: إذا جمعت أموال الحسابين , فكيف ستكون الزكاة فيهما والحال أن الحساب الشهري يتغير شهريا؟.
سؤالي الثاني: دفعت مبلغا من المال كدفعة أولى لشراء سيارة جديدة , لكن الوكيل تأخر في استيرادها حتى وصل التأخير إلى أكثر من سنة من دفع الدفعة الأولى , فاضطررت لشراء سيارة أخري علي أن أبيع إحداهما وأُبقي علي الأخرى.
سؤالي:
1- هل تجب الزكاة في مبلغ الدفعة الأولي الذي زاد علي السنة؟.
2- عندما بعت إحدى السيارات - وكانت الجديدة - هل في ثمن بيعها زكاة؟. .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
_ كل مبلغ يحول عليه الحول فإنه يزكى سواء كان من الراتب أو غيره مما يكسبه الشخص أو يوهب له أو يرثه والربح له حكم الأصل يضاف إليه.
_ ما دفعته من قيمة السيارة واستلمه المشتري لا زكاة فيه ولو تأخر استلام السيارة.
_ إن كنت اشتريت السيارة الثانية بنية الاستعمال ثم بعتها لعدم الحاجة إليها فلا زكاة في قيمتها حتى يحول عليها الحول.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الكريم الخضير(5/2399)
زكاة مشاريع الألبان والشركات الزراعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشروع استثماري لإنتاج الألبان، فهل تجب الزكاة على المشروع المتكون من الأبقار، أو على صافي الناتج منه كما هو الحال في استثمار العقارات والسيارات، وكيف نستخرج زكاة الشركات الزراعية المساهمة للإنتاج الزراعي والألبان ومشتقاته، علماً بأن أسهمها تتداول بالسوق، وفقكم الله وأحسن إليكم وسدد خطاكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في الدراهم التي تحصل من غلة المشروع إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول من حصولها ومقدار الزكاة ربع العشر، أي اثنان ونصف في المائة، وكذلك تجب الزكاة في غلة الأسهم التي في الشركات الزراعية وشركات الألبان ونحوها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول إذا كانت لمجرد الاستثمار، أما إذا كانت الأسهم معدة للبيع فإنها تجب الزكاة فيها وفي أرباحها، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في مجلة الدعوة العدد/1795 ص/42.(5/2400)
الجمعيات التعاونية
[السُّؤَالُ]
ـ[جمعية تجارية تعاونية، مشروط في نظامها أن يُقتطع من صافي أرباحها عشرة في المائة لصرفه في وجوه الخير، فهل يجب دفع زكاة على أرباحها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الجمعية التعاونية حكمها حكم الشركات التجارية في وجوب الزكاة في أموالها، وما ذكرته في نظامها من اقتطاع عشرة في المائة من صافي أرباحها لصرفه في وجوه البر لا يسقط عنها الزكاة الواجبة عليها، إذ أن العشرة في المائة المشار إليها هي بمثابة صدقة تطوع، وصدقة التطوع لا تغني عن الزكاة الواجبة، لأن الزكاة عبادة واجبة يحتاج أداؤها إلى نية، وهذا المبلغ عشرة في المائة لا يدفع على أنه زكاة، وإنما يدفع على سبيل صدقة التطوع، فالواجب إخراج زكاة أموال هذه الجمعية. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 9/287(5/2401)
يصيد ويبيع بعد ثلاثة أيام
[السُّؤَالُ]
ـ[يصيد سمكاً كل ثلاثة أيام ويبيعه فورا، فهل عليه زكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سألت شيخي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله هذا السؤال فأجاب:
لا، ليس بعروض تجارة، كما لو يصيد يوميا ويأكله، أما إذا كان يضعه في ثلاجة ويجمده ويبيعه فإذا حال الحول فعليه زكاة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله(5/2402)
زكاة راتب الموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف براتب شهري 2000ريال سعودي. العائلة كلهم يعتمدون علي وأعطي المصاريف كلها من راتبي. ولي زوجة وبنت ووالدي واخوة وأخوات أقوم بالنفقة عليهم.
ولكن السؤال كيف أعطي زكاة مالي ومصدر مالي هو الراتب فقط، ولكن كل راتبي مصروف في عائلتي. ولذا متى أعطي زكاتي؟ بعض الناس يقول الراتب كالزرع وليس فيه اعتبار الحول ولذا متى تحصل الراتب تلزم الزكاة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من كان له راتب شهري، ويقوم بصرفه ولا يوفر منه شيئاً بحيث لا يجيء آخر الشهر إلا وقد نفذ ماله فإنه لا تلزمه الزكاة؛ لأن الزكاة لا بد فيها من حولان الحول (أي مرور سنة كاملة على ملك النصاب) .
وبناءً عليه فلا يلزمك أيها السائل زكاة، إلا إذا ادخرت من مالك شيئاً يبلغ النصاب، وحال عليه الحول.
وأما من قال لك بأن زكاة الراتب كزكاة الزرع لا يشترط له الحول فكلامه غير صحيح.
ولما كان أكثر الناس يعملون بالراتب يحسن بنا أن نذكر طريقة إخراج الزكاة بالنسبة للرواتب:
زكاة راتب الموظف:
للموظف مع راتبه حالان:
الحال الأولى: أن يصرفه كله، ولا يدخر منه شيئاً، فلا زكاة عليه، كحال السائل.
الحال الثانية: أن يدخر منه مبلغاً معيناً أحياناً يزيد وأحياناً ينقص فكيف يحسب الزكاة في هذه الحال؟
الجواب: " إن كان حريصاً على الاستقصاء في حقه، حريصاً على أن لا يدفع من الصدقة لمستحقيها إلا ما وجب لهم في ماله من الزكاة فعليه أن يجعل لنفسه جدول حساب لكسبه، يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول يبدأ من يوم ملكه، ويُخرج زكاة كل مبلغ على حِدَه كلما مضى عليه حول من تاريخ امتلاكه إياه.
وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه؛ زكى جميع ما يملكه من النقود حينما يحول الحول على أول نصابٍ مَلَكه منها،وهذا أعظم لأجره وأرفع لدرجته، وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة وما زاد فيما أخرجه عما تم حوله يُعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله " انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (9/280)
مثال ذلك: استلم راتب شهر محرم، وادخر منه ألف ريال، ثم صفر ثم بقية الشهور.. فإذا جاء محرم من السنة الثانية فإنه يحسب جميع ما عنده ثم يخرج زكاته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2403)
هل يزكى ما وجد في بطن الحيوان من أشياء ثمينة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما وجد في بطن حيوان من شيء ثمين هل تجب فيه الزكاة إذا لم ينوِ البيع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
إذا لم يكن ذهبا ولا فضة فلا تجب فيه الزكاة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/2404)
هل تجب الزكاة في الأموال الخيرية المستثمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[جماعة جمعوا مبلغاً من المال، وجعلوا هذا المبلغ خاصاً لما يجري على أيّ واحد منهم من المصائب كدية قتل الخطأ وأدخلوا هذا المبلغ في التجارة ليُستثمر ويكون الربح الناتج عائدا على المصارف الخيرية المتفق عليها بينهم، فهل يجب في هذا المبلغ زكاة أم لا؟ وهل يحق أن تدفع الزكاة إلى هذا الصندوق الخيري؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكر فلا زكاة في المال المذكور، لكونه في حكم الوقف، سواء كان مجمَّداً أو في تجارة تدار، ولا يجوز أن تدفع فيه الزكاة لكونه ليس مخصصاً للفقراء، ولا مقصورا على مصارف الزكاة الأخرى. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 9/291(5/2405)
ما هي الطرق الشرعية لاستخراج الركاز؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطرق الشرعية لاستخراج كنوز الأرض – الركاز -؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الرِّكاز هو ما وجد مدفوناً في الأرض من مال الجاهلية، وأهل الجاهلية هم من كانوا موجودين قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم على أي دين كانوا، وقد أوجب الشرع فيه عند استخراجه الخُمس، زكاةً عند بعض العلماء، وفيئاً عند آخرين، والباقي لمن استخرجه إن كان استخراجه من أرضٍ يملكها، أو من خرِبة أو من أرض مشتركة كالشارع وغيره.
قال ابن قدامة المقدسي – رحمه الله -:
" الركاز: المدفون في الأرض، واشتقاقه من: ركَز يركِز، مثل: غرز يغرز، إذا خفي، يقال " ركز الرمح " إذا غرز أسفله في الأرض، ومنه الرِّكز وهو الصوت الخفي، قال الله تعالى: (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) .
والأصل في صدقة الركاز ما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العَجْمَاءُ جُبَار، وفي الرِّكازِ الخُمْس) متفق عليه.
وهو أيضاً مجمع عليه، قال ابن المنذر: لا نعلم أحدا خالف هذا الحديث إلا الحسن فإنه فرَّق بين ما يوجد في أرض الحرب وأرض العرب، فقال فيما يوجد في أرض الحرب: الخمس، وفيما يوجد في أرض العرب الزكاة. " المغني " (2 / 610) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
" ليس كل مدفون يكون ركازاً، بل كل ما كان من دِفْن الجاهلية، أي: من مدفون الجاهلية.
ومعنى الجاهلية: ما قبل الإسلام، وذلك بأن نجد في الأرض كنزاً مدفوناً، فإذا استخرجناه ووجدنا علامات الجاهلية فيه، مثل أن يكون نقوداً قد علم أنها قبل الإسلام، أو يكون عليها تاريخ قبل الإسلام، أو ما أشبه ذلك.
وقوله: " ففيه الخمس في قليله وكثيره " فلا يشترط فيه النصاب؛ لعموم قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: " وفي الركاز الخمس ".
ثم اختلف العلماء في الخمس، هل هو زكاة أو فيء؟ بناء على اختلافهم في " أل " في قوله صلّى الله عليه وسلّم في الحديث: " الخمس " هل هي لبيان الحقيقة أو هي للعهد؟ .
فقال بعض العلماء: إنه زكاة فتكون " أل " لبيان الحقيقة.
ويترتب على هذا القول ما يأتي:
1- أن تكون زكاة الركاز أعلى ما يجب في الأموال الزكوية؛ لأن نصف العشر، والعشر، وربع العشر، وشاة من أربعين: أقل من الخمس.
2- أنه لا يشترط فيه النصاب، فتجب في قليله وكثيره.
3- أنه لا يشترط أن يكون من مال معيَّن، فيجب فيه الخمس سواء كان من الذهب أو الفضة أو المعادن الأخرى، بخلاف زكاة غيره.
والمذهب عند أصحابنا - يرحمهم الله -: أنه فيء، فتكون " أل " في الخُمس للعهد الذهني، وليست لبيان الحقيقة، أي: الخمس المعهود في الإسلام، وهو خُمس خمس الغنيمة الذي يكون فيئاً يصرف في مصالح المسلمين العامة، وهذا هو الراجح؛ لأن جعله زكاة يخالف المعهود في باب الزكاة، كما سبق بيانه في الأوجه الثلاثة المتقدمة. .
" الشرح الممتع " (6 / 88، 89) .
ومن وجدَ كنزاً وليس عليه علامات تدل أنه من دفن الجاهلية: فهو في حكم اللقطة، ينتظر عليه سنةً كاملة، ثم يحل له تملكه بعدها إلا أن يُعرف صاحبه قطعاً فيجب دفعه له، أو تعويضه بقيمته في وقت التصرف به.
ولا يجوز البحث عن الكنوز في أراضٍ مملوكة لأحدٍ؛ لأن هذا من التصرف في مال غيره بغير حق، ومن وجد مالاً في أرضِ غيره فيجب أن يدفعه لصاحب الأرض.
وينبغي للعقلاء أن لا يضيعوا أعمارهم في البحث عن مثل هذه الكنوز؛ فإنها مضيعة للأوقات والأعمار والأموال، مع ما يترتب عليها من عقوبات من الدولة، وقد يعيش المرء دهره كله ولا يجد قطعة نقدية واحدة، وقد يشتغل المرء في الزراعة فيحرث أرضه ويوفقه الله لوجود ما يغتني به عمره كله.
ثانياً:
يسلك كثيرٌ من الناس طرُقاً غير شرعيَّة لاستخراج هذه الكنوز، فبعضهم يستعين بالسحرة والكهنة والمشعوذين، وآخرون يعتمدون على اتصالهم بالجن، وكل هذه الطرق غير شرعية، وهي توجب استحقاق الإثم العظيم على فاعله.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
هناك من يحضِّر الجن بطلاسم يقولها، ويجعلهم يخرجون له كنوزاً مدفونة في أرض القرية منذ زمن بعيد، فما حكم هذا العمل؟ .
فأجاب:
هذا العمل ليس بجائز؛ فإن هذه الطلاسم التي يحضِّرون بها الجن ويستخدمونهم بها لا تخلو من شرك - في الغالب -، والشرك أمره خطير قال الله تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) ، والذي يذهب إليهم يغريهم ويغرهم، يغريهم بأنفسهم وأنهم على حق، ويغرهم بما يعطيهم من الأموال.
فالواجب مقاطعة هؤلاء، وأن يدع الإنسان الذهاب إليهم، وأن يحذِّر إخوانه المسلمين من الذهاب إليهم، والغالب في أمثال هؤلاء أنهم يحتالون على الناس ويبتزون أموالهم بغير حق ويقولون القول تخرصا، ثم إن وافق القدر أخذوا ينشرونه بين الناس، ويقولون: نحن قلنا وصار كذا، ونحن قلنا وصار كذا، وإن لم يوافق ادعوا دعاوى باطلة، أنها هي التي منعت هذا الشيء.
وإني أوجه النصيحة إى من ابتلي بهذا الأمر وأقول لهم: احذروا أن تمتطوا الكذب على الناس والشرك بالله عز وجل وأخذ أموال الناس بالباطل، فإن أمد الدنيا قريب، والحساب يوم القيامة عسير، وعليكم أن تتوبوا إلى الله تعالى من هذا العمل، وأن تصححوا أعمالكم، وتطيبوا أموالكم، والله الموفق.
" فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (2 / السؤال رقم 116) .
واعلم أيها السائل الكريم أن الذي يحمل كثيرا من الناس على الجري خلف تلك الأوهام، وطلبها من السحرة والمشعوذين وأمثالهم، أن نفوسهم امتلأت بحب الترف، والتعلق بأوهام الغني، من غير أسبابه، وطلب المال من غير بابه، مع ما تركب في كثير من تلك النفوس من غلبة الكسل والركون إلى البطالة.
قال ابن خلدون – رحمه الله -:
والذي يحمل على ذلك في الغالب زيادة على ضعف العقل: إنما هو العجز عن طلب المعاش بالوجوه الطبيعية للكسب من التجارة والفلح والصناعة؛ فيطلبونه بالوجوه المنحرفة، وعلى غير المجرى الطبيعي من هذا وأمثاله، عجزاً عن السعي في المكاسب، وركوناً إلى تناول الرّزق من غير تعب ولا نصب في تحصيله واكتسابه، ولا يعلمون أنَّهم يوقعون أنفسهم بابتغاء ذلك من غير وجهه في نصبٍ ومتاعبَ وجُهدٍ شديد أشدَّ من الأول، ويعرِّضون أنفسهم مع ذلك لمنال العقوبات، وربما يحمل على ذلك في الأكثر زيادة الترف وعوائده وخروجها عن حدّ النهاية حتى تُقتصر عنها وجوه الكسب ومذاهبه ولا تفي بمطالبها، فإذا عجز عن الكسب بالمجرى الطبيعي لم يجد وليجةً في نفسه إلا التمني لوجود المال العظيم دفعةً من غير كلفة، ليفي ذلك له بالعوائد التي حصل في أسرها؛ فيحرص على ابتغاء ذلك ويسعى فيه جهده، ولهذا فأكثر من تراهم يحرصون على ذلك هم المترفون من أهل الدولة ومن سكان الأمصار الكثيرة الترف المتسعة الأحوال، مثل مصر وما في معناها، فنجد الكثير منهم مغرمين بابتغاء ذلك وتحصيله، ومساءلة الركبان عن شواذه.
" مقدمة ابن خلدون " (ص 385، 386) .
وقد كتب ابن خلدون فصلاً نفيساً في " المقدمة " من (ص 384 – 389) فليُنظر.
أما إذا تجنب المسلم الطرق المحرمة، من الطلاسم والاستعانة بالجن والسحرة والكهنة، أو العدوان على ملك غيره، من أرض أو دار أو غير ذلك؛ فلا حرج عليه فيما يجده من ذلك الركاز، ولا حرج عليه في طلبه ـ أيضا ـ والبحث عنه، إن كان له معرفة بالوسائل المادية الموصلة إلى ذلك، ولم يكن يضيع عمره في الجري خلف سراب الغنى، وأوهام الكنوز، كحال الذين كانوا يطلبون المال في السابق عن طريق تعلم الكيمياء التي تعينهم على قلب المعادن ذهبا، فقالوا فيهم: من طلب المال بالكيمياء أفلس!!
وأما أن هذا له طريقة معينة في طلبه والبحث عنه في الشرع، فإن الشرع لم يجيء بمثل ذلك، وإنما جاء ببيان ما يشرع في حقه أو يحرم عليه.
فمهما اخترع الناس من آلة أو وسيلة تعينهم على تعرف ذلك، بعلاماته المادية، أو الدلائل عليه، فإن ذلك مباح لمن علمه واستعمله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2406)
زكاة أسهم المرابحة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي حساب في إحدى شركات المرابحة والشركة تعنى بالاستثمارات الإسلامية (مضاربة - تأجير - مرابحة ... ) بحيث تقوم بجمع الأموال واستثمارها في داخل المملكة والبلاد الإسلامية في مشاريع زراعية، صناعية، عقارية، تجارية.. لخدمة الإسلام والمسلمين ويتم إعطاؤنا أرباحاً سنوية من خلال هذه المساهمات.
والسؤال: هل أقوم بإخراج زكاة مالي سنوياً على رأس المال الذي دفعته للشركة أم على الأرباح التي آخذها سنوياً وكم نسبة الزكاة التي يجب علي أن أخرجها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بالنسبة لأسهم المضاربة والمرابحة يزكي رأس المال والأرباح عند تمام الحول على رأس المال، وبالنسبة للأسهم التي تكون في شركات زراعية وعقارية وصناعية فإنه يجب تزكية الأرباح إذا بلغت النصاب بنفسها أو بضمها إلى غيرها وحال عليها الحول ومقدار الزكاة ربع العشر أي (2.5%) اثنان ونصف بالمائة، أما الأصول فلا تجب فيها الزكاة إذا كانت غير معدة للبيع، أما إن كانت معدة للبيع فتجب فيها الزكاة عند تمام الحول مع أرباحها كسائر عروض التجارة، وإذا كانت الشركة الزراعية تنتج حبوباً أو تموراً أو عنباً فإنها تجب فيها الزكاة الشرعية إذا بلغ النتاج من كل نوع خمسة أوسق فأكثر وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة الإرشاد. في مجلة الدعوة العدد/1795 ص/42.(5/2407)
زكاة الذهب المعد للاستعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أرغب من فضيلتكم إفادتي وإخواني عن موضوع زكاة الذهب أو الحلي الذهبية والفضية المعدة للإستعمال، وليس للبيع والشراء، حيث أن البعض يقول: إن المعد منها للبس ليس فيه زكاة، والبعض الآخر يقول: فيها زكاة سواء للإستعمال أو للتجارة، وأن الأحاديث الواردة في زكاة المعدة للاستعمال أقوى من الأحاديث الواردة بأنه لا زكاة فيها، آمل من سعادتكم التكرم بإجابتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أجمع أهل العلم على وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة إذا كان حلياً محرم الاستعمال، أو كان معداً للتجارة أو نحوها. أما إذا كان حلياً مباحاً معدا للاستعمال أو الإعارة كخاتم الفضة وحلية النساء وما أبيح من حلية السلاح، فقد اختلف أهل العلم في وجوب زكاته؛ فذهب بعضهم إلى وجوب زكاته لدخوله في عموم قوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم} سورة التوبة/34، قال القرطبي في تفسيره ما نصه: وقد بين ابن عمر في صحيح البخاري هذا المعنى، قال له أعرابي: أخبرني عن قول الله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة} قال ابن عمر: (من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة فلما أنزلت جعلها الله طهراً للأموال) أخرجه البخاري 2/111 (تعليقاً) ، 5/204 (تعليقاً أيضا) ، وابن ماجه 1/569-570 برقم (1787) ، والبيهقي 4/82. ا. هـ
ولورود أحاديث تقضي بذلك ومنها ما رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: "أتعطين زكاة هذا؟ " قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ " فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ولرسوله.
أخرجه أحمد 2/178، 204، 208، وأبو داود 2/212 برقم (1563) ، والترمذي 3/29-30 برقم (637) ، والنسائي 5/38 برقم (2479، 2480) ، والدارقطني 2/112، وابن أبي شيبة 3/153، وأبو عبيد في الأموال (ص/537) برقم (1260) (ط?هراس) ، والبيهقي 4/140.
وما روى أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه والدارقطني والبيهقي في سننيهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق فقال: "ما هذا يا عائشة؟ " فقلت صنعتهن أتزين لك يارسول الله، قال: "أتؤدين زكاتهن؟ " قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: "هو حسبك من النار" أخرجه أبو داود 2/213 برقم (1565) ، واللفظ له، والدارقطني 2/105-106، والحاكم 1/389-390، والبيهقي 4/139.
وما رووا عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحاً من ذهب فقلت: يا رسول الله: أكنز هو؟ فقال: "ما بلغ أن يؤدى زكاته فزكي فليس بكنز" أخرجه أبو داود 2/212-213 برقم (1564) ، والدارقطني 2/105، والحاكم 1/390، والبيهقي 4/83، 140.
وذهب بعضهم إلى أنه لا زكاة فيه؛ لأنه صار بالاستعمال المباح من جنس الثياب والسلع، لا من جنس الأثمان، وأجابوا عن عموم الآية الكريمة بأنه مخصص بما جرى عليه الصحابة رضوان الله عنهم، فقد ثبت بإسناد صحيح أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة وروى الدارقطني بإسناده عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أنها كانت تحلي بناتها بالذهب ولا تزكيه نحواً من خمسين ألفاً. سنن الدارقطني 2/109.،
وقال أبو عبيد في كتابه الأموال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يزوج المرأة من بناته على عشرة آلاف فيجعل حليها من ذلك أربعة آلاف، قال فكانوا لا يعطون عنه يعني الزكاة أخرجه الدارقطني 2/109 بنحوه، وأبو عبيد في الأموال (ص 540) برقم (1276) (ط هراس) ، والبيهقي 4/138.
وقال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عمرو بن دينار قال: سئل جابر بن عبد الله: أفي الحلي زكاة؟ قال لا، قيل: وإن بلغ عشرة آلاف قال: كثير أخرجه الشافعي في مسنده (بترتيب السندي) 1/228 برقم (629) وفي الأم 2/41، وأبو عبيد في الأموال (ص/540) برقم (1275) (ط هراس) ، والبيهقي 4/138.
والأرجح من القولين قول من قال بوجوب الزكاة فيها، إذا بلغت النصاب، أو كان لدى مالكيها من الذهب والفضة أو عروض التجارة ما يكمل النصاب؛ لعموم الأحاديث في وجوب الزكاة في الذهب والفضة، وليس هناك مخصص صحيح فيما نعلم، ولأحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة وأم سلمة المتقدم ذكرها، وهي أحاديث جيدة الأسانيد، لا مطعن فيها مؤثر، فوجب العمل بها. أما تضعيف الترمذي وابن حزم لها والموصلي فلا وجه له فيما نعلم مع العلم بأن الترمذي رحمه الله معذور فيما ذكره؛ لأنه ساق حديث عبد الله بن عمرو من طريق ضعيفة وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من طريق أخرى صحيحة، ولعل الترمذي لم يطلع عليها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 9/264.(5/2408)
الزكاة في أموال الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[وضعت مبالغ بأسماء أبنائي الصغار في أسهم شركات استثمارية، هل نجمعها عند إخراج الزكاة أم يخرج عن كل واحد بمفرده، مع العلم أنه إذا لم نجمعها لن تبلغ النصاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فأجاب بما يلي:
كل إنسان له ماله الخاص فإن بلغ نصابا زكاه وإلا فلا، ولكن هل له أولاد آخرون أعطاهم مثل هؤلاء، فإن كان له أبناء غيرهم ولم يعطهم فليتق الله وليعدل بينهم " للذكر مثل حظ الأنثيين "، وإن لم يكن عنده غيرهم فالأمر واضح، وإن كان عنده غيرهم وأعطاهم مثل ما أعطى هؤلاء فقد عدل ولا شئ عليه … والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2409)
هل على بيتهم ومتجرهم وجواهرهم زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أعرف المبلغ المحدد علينا دفعه للزكاة، عائلتنا تتكون من ثلاثة إخوة متزوجين وعندنا أطفال ووالدينا في بيت واحد.
1 - عندنا بيت كبير نعيش فيه.
2 - عندنا بيت آخر بالهند قيمته ثلاثة ملايين ريال سعودي.
3 - عندنا مشروع تجاري رأس ماله اثنان ونصف مليون ريال سعودي.
4 - عندنا محل تجاري بأربع ملايين وعندنا أشياء أخرى متفرقة بمليون ريال سعودي، وعندنا جواهر قيمتها مليون ريال سعودي.
فكم الزكاة الواجبة علينا دفعها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا زكاة على المسلم في بيته الذي يسكنه – ولو كان أكثر من واحد - ولا في سيارته التي يمتلكها للاستخدام، ولو بلغت قيمتهما ما بلغت.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
ليس في المساكن زكاة إذا كانت معدة للسكن ... ، أما الأراضي والبيوت والدكاكين ونحوها المعدة للبيع فهذه فيها الزكاة حسب قيمتها كل سنة غلاء ورخصاً عند تمام الحول إذا كان مالكها قد عزم عزماً جازماً على البيع.
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز 14 / 173
ثانياً:
لا زكاة على المشاريع والمحلات التجارية بذاتها، فالأراضي والمباني والأثاث والآلات التي بالمحل لا زكاة فيها مهما بلغت قيمتها إلا إذا كان قد أعد هذه الأشياء للبيع والتجارة ففيها الزكاة، وهو ما يسميه العلماء (زكاة عروض التجارة) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
والقاعدة: أن كل ما يعد للبيع هو الذي يزكى، وما كان من أدوات تستعمل في المحل فإنها لا تزكى
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز (14 / 183)
وطريقة حساب الزكاة:
أن تُقّوم البضاعة الموجودة بالمحل عند نهاية الحول ثم تخرج زكاتها وهي ربع العشر أي 2.5 بالمائة من قيمتها، راجع السؤال رقم (26236)
قال علماء اللجنة الدائمة:
عروض التجارة ما أُعد لبيع وشراء من صنوف الأموال، وتجب الزكاة فيها إذا بلغت قيمتها نصاباً من الذهب أو الفضة، وملكها بفعله بنية التجارة بها، وتقوَّم عند الحول بما هو أحظ للفقراء والمساكين من ذهب أو فضة، والأصل في ذلك قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم} البقرة / 267 يعني بالتجارة، قاله مجاهد وغيره. وقال البيضاوي وغيره أنفقوا من طيبات ما كسبتم أي الزكاة المفروضة.
وقوله تعالى: {وفي أموالهم حق معلوم} المعارج / 24، والتجارة داخلة في عموم الأموال ففيها حق مقدر بيَّنه صلى الله عليه وسلم وهو ربع العشر، ومال التجارة أهم الأموال، فكانت أولى بالدخول في الآية من سائر الأموال، وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع " رواه أبو داود.
وقال عمر لحماس: أدِّ زكاة مالِك، فقال: مالي إلا جعاب وأدَم، فقال: قوِّمْها وأدِّ زكاتها، وقد احتج الإمام أحمد رحمه الله بهذه القصة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً، قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله» متفق عليه، قال النووي وغيره: فيه وجوب زكاة التجارة، وإلا لما اعتذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه.
وللبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة» ، قال النووي وغيره: هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 186، 187) .
ثالثاً:
وأما الجواهر التي تملكونها: فإن كانت من الذهب والفضة: فتجب فيها الزكاة بنسبة 2.5 % إذا بلغت النصاب، ونصاب الذهب هو: 85 غراماً تقريباً.
وأما إن كانت من غير الذهب والفضة – كالياقوت والمرجان – وكانت متخذة للزينة: فلا زكاة فيها، فإن كان اتخاذها للتجارة: فتجب فيها الزكاة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
الذهب هو الذي فيه الزكاة وأما الأحجار الكريمة والماس فلا زكاة فيها إذا لم تكن للتجارة.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز 14 / 121
قال علماء اللجنة الدائمة – وهي فتوى تشمل أكثر ما في السؤال -:
ثبت وجوب الزكاة في النقود ذهباً كانت أو فضة بالكتاب والسنَّة والإجماع، وعروض التجارة ليست مقصودة لذاتها، وإنما المقصود منها النقود ذهباً كانت أو فضة، والأمور إنما تعتبر بمقاصدها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» ، ولذا لم تجب الزكاة في الرقيق المتخذ للخدمة، ولا في الخيل المتخذة للركوب، ولا في البيت المتخذ للسكنى، ولا في الثياب المتخذة لباساً، ولا في الزبرجد والياقوت والمرجان ونحوها إذا اتخذ للزينة، أما إذا اتخذ كل ما ذكر ونحوه للتجارة فالزكاة واجبة فيه؛ لكونه قصد به النقود من الذهب والفضة وما يقوم مقامها، …، وعلى هذا فمن منع زكاة ما لديه من عروض التجارة فهو مخطئ ….
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 312، 313) .
وقول السائل: (وعندنا أشياء أخرى متفرقة بمليون ريال) هذه الأشياء إن كانت ذهباً أو فضة أو معدة للتجارة ففيها الزكاة وأما إذا كان المقصود فيها ما يستعمل كالسيارة والأثاث ونحو ذلك فلا زكاة فيها.
وخلاصة الجواب:
أن السائل يقوم البضاعة التي عنده في نهاية الحول ويضيف قيمتها إلى ما عنده من نقود وذهب وفضة ويخرج زكاة الجميع وهي ربع العشر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2410)
الزكاة على الأموال الدائرة في التجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك مبلغاً من المال، أكثر من النصاب في مجموعه. وضعت جزءاً من هذا المال في تجارة عند حساب الزكاة لهذا العام، هل يجب أن أضم هذا المال مع أني لم أستردّه بعد من التجارة، أم يكفي حساب الزكاة بناءً على ما أملك من مالٍ الآن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا حال على مالك الحول فإنّك تُخرج الزّكاة عليه سواء ما كان بحوزتك أم ما كان دائرا في التّجارة، ولو نتج عنه ربح فحوله حول أصله، والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2411)
زكاة الخضراوات والفواكه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عنده حديقة بها خضراوات وفواكه لاستخدامه الشخصي فهل فيهما العشر من الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تجب الزكاة في الخضروات ولا في الفواكه، وذلك لأنها لا تكال ولا تدخر، ولكن الزكاة تجب في الثمر الذي يكال ويدخر كالتمر والزبيب واللوز والفستق ... أما ما لا يكال ولا يدخر مثل الرمان والتين والخوخ والبطيخ وغيره من الفواكه، ومثل الطماطم والخيار وغيرها من الخضرة لا زكاة فيها، لأنها إن ادخرت فسدت.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق ... " رواه البخاري ومسلم وغيرهما، هذا إذا كان يكال، فمن باب أولى أن لا زكاة فيما لا يكال أصلاً.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا - وقيل موقوفا - " ليس في الخضروات صدقة ".
وأيضا فقد تركها صلى الله عليه وسلم هو وخلفاؤه وهي تزرع بجوارهم ولم تؤدى زكاتها، وهذا دليل على عدم وجوب الزكاة فيها.
وأيضا فكون حديقتك للاستخدام الشخصي، وليست للتجارة، تأكيد على عدم وجوب الزكاة في هذه الحديقة. ولكن إن كانت للتجارة وحال الحول على الربح منها عندها تجب الزكاة على المال الذي حال عليه الحول. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2412)
الصندوق الخيري للعائلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشخاص كونوا جمعية باشتراك مقداره مائة دولار على كل شخص من الذكور كبيراً أو صغيراً تُدفع في بداية كل سنة، بحيث يدخرونه للاستفادة منه في الدّيات وغيرها من البلايا التي تصيب بعض الأشخاص. فهل على تلك الأموال زكاة إذا حال عليها الحول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكر وكان لا يعود ما توفر منه إلى من تبرعوا به بنسبة تبرعهم بل انقطع تملكهم الخاص بمجرد تبرعهم وإنما يصرف فيما تبرعوا من أجله فلا زكاة فيه. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 9/289(5/2413)
من كانت له أراض وأملاك فهل تجب فيها الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[الشخص الذي عنده أراضيٍ وأملاك غير مستثمرة وليس لها دخل أو عائد هل عليها زكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا زكاة في هذه الأراضي والأملاك إلا إذا كان قد أعدها للبيع والتجارة فيها.
وطريقة حساب زكاتها: أن تُقوَّم عند تمام الحوْل ثم يُخرج ربع عشر قيمتها أي 2.5%.
أما إن كانت هذه الأملاك معدة لاستخدام الرجل لها ولخدمته أو أنه يستخدمها في العمل مثل تأجيرها أو ما شابه ذلك ولا يتاجر بعينها: فإنه لا زكاة عليها والحالة هذه.
يقول الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى - مفصلاً القول في زكاة عروض التجارة -:
العروض: جمع عَرَض أو عَرْض بإسكان الراء، وهو المال المعد للتجارة وسمي بذلك؛ لأنه لا يستقر، يُعرض، ثم يزول، فإن المتَّجر لا يريد هذه السلعة بعينها، وإنما يريد ربحها؛ لهذا أوجبنا زكاتها في قيمتها لا في عينها.
العروض إذاً: كل ما أُعد للتجارة من أي نوع، ومن أي صنف كان، وهو أعم أموال الزكاة وأشملها؛ إذ إنه يدخل في العقارات، وفي الأقمشة، وفي الأواني، وفي الحيوان، وفي كل شيء.
والزكاة واجبة في عروض التجارة، والدليل على ذلك:
أولا:
دخولها في عموم قوله تعالى: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} الذاريات / 19، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: " أعلِمْهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ".
ولا شك أن عروض التجارة مال.
فإن قال قائل: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ".
قلنا: نعم قال ذلك، ولكنه لم يقل ليس في العروض التي لا تراد لعينها، إنما تراد لقيمتها ليس فيها زكاة.
وقوله: " عبده وفرسه " كلمة مضافة للإنسان للاختصاص، يعني الذي جعله خاصا به، يستعمله وينتفع به، كالفرس والعبد والثوب والبيت الذي يسكنه، والسيارة التي يستعملها ولو للأجرة، كل هذه ليس فيها زكاة؛ لأن الإنسان اتخذها لنفسه ولم يتخذها ليتجر بها يشتريها اليوم ويبيعها غدا. وعلى هذا فمن استدل بهذا الحديث على عدم زكاة العروض فقد أبعد.
ثانيا:
قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى "، ولو سألنا التاجر ماذا يريد بهذه الأموال، لقال أريد الذهب والفضة، أريد النقدين.
إذا اشتريت السلعة اليوم وربحتني أو بعد غد بعتها ليس لي قصد في ذاتها إطلاقا،فعلى هذا نقول زكاة العروض واجبة بالنص والقياس، وإن لم يكن النص خاصا، بل عاما.
" الشرح الممتع " (6 / 141 – 142) .
ثم يقول – حفظه الله – ضارباً مثالاً على ذلك:
اشترى رجل سيارة ليتكسب بها (أي يبيعها ويربح فيها) فهذه عروض تجارة إذا بلغت قيمتها نصاباً ونواها حين الشراء، فإن اشترى سيارة للاستعمال، ثم بدا له أن يبيعها فليس عليه زكاة لأنه حين ملكه إياها لم يقصد التجارة، فلا بد أن يكون ناوياً للتجارة من حين مُلْكِه، ولو اشترى شيئاً للتجارة، ولكن لا يبلغ النصاب وليس عنده ما يضمه إليه فليس عليه زكاة لأنه من شروط وجوب الزكاة بلوغ النصاب.
" الشرح الممتع " (6 / 142) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
الأرض المعدة للتجارة تجب فيها الزكاة، والحجة في ذلك الحديث المشهور عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع) انتهى، ومراده بالصدقة هنا الزكاة.
أما إذا كانت الأرض للقنية لا للبيع، سواء قصدها للفلاحة أو السكنى أو التأجير أو نحو ذلك فليس فيها زكاة لكونه لم يعدها للبيع، والله سبحانه اعلم.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز 14/160
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2414)
الزكاة في الديون المشكوك في تحصيلها
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص عنده نقود يقترضها منه بعض إخوانه ومعارفه، وقد تعود إليه أو لا تعود، ويسأل هل تجب فيها الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من كان له على مليء دين يبلغ النصاب أو يكمّل بلوغ النصاب عنده فتجب فيه الزكاة، ويزكّيه إذا قبضه لما مضى عليه، سواء كان ذلك سنة أو أكثر، وإن زكّاه قبل قبضه فحسن، وإن كان على غير مليء فيزكيه إذا قبضه لسنة واحدة، وإن مضى عليه أكثر من سنة، وهذا رواية عن الإمام أحمد وهو قول مالك،.. وهو اختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 9/190(5/2415)
إذا كسب مالا جديد أثناء الحول فما حكم زكاته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان لدى شخص 10000 دولار زائدة على نصاب الزكاة عند بدء الحول، وفي نهاية الحول أصبح عنده 5000 دولار أخرى، أي ما مجموعه 15000 دولار. هذه الـ 5000 دولار لم تكن في ملكه عند بداية الحول، هل تُخرج الزكاة على الـ 10000 دولار فقط؟ أم على الـ 15000 دولار؟ أرجو التوضيح.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزكاة لا تجب إلا في المبلغ الذي حال عليه الحول فقط وهو العشرة آلاف دولار إلا إذا كان المبلغ الإضافي وهو الخمسة آلاف هو ناتج وربح للمبلغ الأصلي فحينئذ يكون حوله حول أصله فتجب الزكاة في الخمسة عشر ألف كلها.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2416)
زكاة أسهم الشركات
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إعطائي فكرة عن كيفية زكاة الأسهم، وهل إذا كانت الشركة تزكي يجب علي أن أدفع الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.
ثانياً:
تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال، ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين ثالثاُ:
إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار، لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.
وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك:
فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس يقصد التجارة لأنه يزكيها زكاة المستغلات وتمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فأذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2.5 % من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح.
رابعاً:
إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكاه معه عندما يجيء حول زكاته، أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق. والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
المجمع الفقهي الإسلامي عام 1408.(5/2417)
هل تجب الزكاة في الدّيْن على المعسر أو المماطل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الزكاة في الدين على المعسر الذي ربما يمكث سنوات طويلة عليه وما هو حكم الزكاة في الدين على المليء الذي يتماطل في تسديد ذلك الدين، وما هو حكم الدين على شخص يعرف ملائته ويعرف عزمه على التسديد وكان ذلك طبعا بعد بلوغ عام الحول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المدين معسرا أو كان مليئا لكنه مماطل ولا يمكن للدائن استخلاصه دينه منه، إما لكونه لا يجد لديه من الإثبات ما يستخلص به حقّه لدى الحاكم، أو لديه الإثبات لكن لا يجد من وليّ الأمر ما يساعده على تخليص حقه، كما في بعض الدول التي لا نصرة فيها للحقوق فلا تجب الزكاة على الدائن حتى يقبض دينه ويستقبل به حولاً (أي تمر عليه سنة هجرية والمال عنده) . وأما إذا كان المدين مليئا ويمكن استخلاص الدين منه فالزكاة واجبة على الدائن كلما حال الحول، وكان الدَّين نصابا بنفسه أو بضمّه إلى غيره من النقود ونحوها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 9/191(5/2418)
لديه جنبية ومسدس فهل فيهما الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى والدي جنبية (سلاح يشبه الخنجر) ومسدس مرخص أريد أن أسأل هل عليه زكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا زكاة على الإنسان فيما يملك من سلاح أو دواب أو ثياب ونحوها إلا أن تكون للتجارة، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ) رواه مسلم (982) .
قال النووي رحمه الله: " هَذَا الْحَدِيث أَصْل فِي أَنَّ أَمْوَال الْقِنْيَة لا زَكَاة فِيهَا , وَأَنَّهُ لا زَكَاة فِي الْخَيْل وَالرَّقِيق إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ " انتهى من "شرح مسلم".
و" أموال القنية " هي الأموال التي يقتنيها الإنسان لاستعمالها والانتفاع بها، لا للتجارة.
وعليه فالجنبية والمسدس لا زكاة فيهما، إلا أن يكونا معدين للتجارة، فتجب الزكاة حينئذ. وانظر السؤال رقم (65515) لمعرفة كيفية إخراج زكاة التجارة.
وينبغي التنبه إلى أن الجنبية قد تكون مصنوعة من الفضة أو تكون محلاّة بالذهب، فإن كان الذهب الذي فيها أو الفضة بيلع نصاباً، ففيه الزكاة، أو كان أقل من النصاب لكن عند صاحبها ذهب آخر أو فضة يكمل النصاب، ففيه أيضاً الزكاة.
أما إذا كان ما فيها من ذهب أو فضة أقل من النصاب، وليس عند صاحبها ذهب آخر أو فضة، فلا زكاة فيها.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة: هل السلاح الشخصي مثل البندقية والمسدس والسيف فيها زكاة، وكيفية إخراجها؟ علما أنها ليست معدة للتجارة.
فأجابوا:
" لا تجب الزكاة في ذلك لأنه لم يعد للتجارة، لكن إذا كان في السيف أو غيره ذهب يبلغ نصاباً بنفسه أو بضمه إلى ما يكمله نصاباً وجب أن يزكى في أصح قولي العلماء كالحلي " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/276) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2419)
زكاة الرواتب الشهرية، وكيفية زكاة من عليه دين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحتفظ بمالي في البنك حيث تودع فيه مباشرة من عملي رواتبي الشهرية، وأقوم بالسحب منه لمصاريفي، وحيث إنني لا أعرف المبلغ الذي يمضي عليه عام لكي أخرج زكاته فقد حددت أول رمضان كوقت لإخراجها وذلك باحتساب ما يوجد في حسابي البنكي حتى لو تم إيداع آخر راتب شهري فيه قبل أيام من دخول شهر رمضان.
لدى سؤالان:
الأول: هل صحيح ما أقوم به لاحتساب الزكاة؟ .
الثاني: تحصلت مؤخراً على قرض من عملي لشراء منزل وأقوم بتسديده عن طريق الخصم الشهري من راتبي خلال السنوات القادمة فهل أخصم مبلغ القرض المتبقي من حساب الزكاة مع العلم أنه يوجد لدي رصيد في حسابي البنكي؟ فمثلاً لو أن عندي رصيد مائة ألف ريال في البنك بحلول شهر رمضان والقرض المتبقي عليَّ سبعون ألف ريال، فما هو الإجراء الصحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز وضع الأموال في البنوك الربوية إلا لضرورة حفظها، على أن يكون ذلك بدون فائدة، وانظر جواب الأسئلة: (23346) و (22392) و (49677) .
ثانياً:
إذا مَرَّ الحولُ على ملك النصاب: وجب إخراج الزكاة على الفور، ولا يجوز تأخيرها بعد الحول مع القدرة على إخراجها، فليس الإنسان مخيراً في تحديد أي شهر يخرج فيه زكاة ماله، بل ذلك الشهر يكون عند تمام السنة، إلا إذا كان يخرجها في رمضان معجلة قبل انتهاء الحول فلا بأس، أما بعد نهاية الحول فلا يجوز تأخيرها إلى رمضان.
وانظر جواب السؤال: (26716) , (8400) .
ثالثاً:
إخراجك للزكاة عن جميع أموالك حتى راتب أخر شهر، هذا هو أسلم وأيسر طريق لإخراج زكاة المدخر من الراتب.
وانظر جوابي السؤالين رقم (26113) و (50801) .
رابعاً:
وقد سبق بيان تحريم الربا، وتحريمه بالنسبة لبناء البيوت وشرائها، فإذا كان هذا القرض ربوياً، فعليك المبادرة بالتوبة، والتخلص منه رغبة فيما عند الله، وخوفاً من عقابه.
وانظر أجوبة الأسئلة (45910) و (21914) و (22905) .
خامساً:
وأما زكاة من عليه دين، فالصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يخصم من المال التي تجب فيه الزكاة، ففي المثال الذي ذكرته، يجب عليك أن تزكي المائة ألف كاملة، ولا يخصم منها الدين الذي عليك.
وانظر أجوبة الأسئلة: (65763) و (22449) و (22426) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2420)
هل تجب الزكاة على ذات المحل التجاري؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت في عام 96 دكاناً (محل تجاري) ليعمل به أخي وبقي الدكان مغلقاً إلى الآن، ولم يعمل به أخي، ولم أستفد منه، ولم يأتِ على بالي أبداً أنه يجب الزكاة عليه إلا في هذه الأيام، كان سعر الدكان عند شرائه 400 ألف، ثم نزلت الأسعار إلى 300 ألف في عام 2000، والآن يبلغ سعره بين 700 إلى 800 ألف، في العام القادم إن شاء الله سأحاول أن أفتح المحل ليعمل به شخص ما للاستفادة منه.
الرجاء نصيحتنا إن كانت تجب الزكاة أم لا؟ وكم تبلغ؟ وماذا يمكن أن أفعل إذا لم يكن لدي المبلغ الواجب دفعه للزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس على المسلم في سيارته ولا في بيته ولا في دكانه زكاة، ولو كانت قيمة هذه الأشياء كبيرة، وإنما الزكاة على ما يباع ويشترى بقصد الربح والتجارة وهو ما يسمى " عروض التجارة "، فمن كان عنده عقارات – أراض أو بيوت أو محلات – واتخذها للتجارة يبيع ويشتري بها: فإنه يقدر قيمتها وقت الزكاة ويخرج ربع العشر، ومن اتخذها للسكن أو للزراعة أو للتأجير أو للبيع والشراء فيها: فليس فيها زكاة.
قال علماء اللجنة الدائمة:
" المال الذي يملكه الإنسان أنواع، فما كان منه نقوداً: وجبت فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، وما كان أرضاً زراعية: وجبت الزكاة في الحبوب والثمار يوم الحصاد، لا في نفس الأرض، وما كان منه أرضاً تؤجر أو عمارة تؤجر: وجبت الزكاة في أجرتها إذا حال عليها الحول، لا في نفس الأرض أو العمارة، وما كان منه أرضاً أو عمائر أو عروضاً أخرى للتجارة: وجبت الزكاة فيه إذا حال عليه الحول، وحول الربح فيها حول الأصل إذا كان الأصل نصاباً " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 331) .
وعليه، فلا زكاة عليك عن هذا الدكان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2421)
هل تجب الزكاة في مكافأة نهاية الخدمة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الشركة التي أعمل بها تعطي الموظف مرتب 15 يوماً مكافأة عن كل سنة خدمة، ولكن تصرف هذه المكافأة بعد نهاية الخدمة، فإذا أخذت هذه المكافأة بعد انتهاء الخدمة، فهل عليها زكاة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إذا كان الواقع ما ذكر فلا زكاة عليك في تلك المكافأة حتى تتسلمها، ويحول عليها الحول من تاريخ تسلمها " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/283) .(5/2422)
هل تجب الزكاة في آلات المصانع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل آلات المصانع تجب فيها الزكاة؟ مع العلم أن قيمتها قد تكون كبيرة جداًّ.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مباني الشركات ومعداتها الثقيلة والخفيفة وسياراتها التي تستخدم لنقل البضائع أو العاملين بالشركة لا زكاة فيها.
وقد نص العلماء السابقون على أن آلات الصنَّاع كالنجار والبنّاء والحداد ونحوهم لا زكاة فيها.
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (3/398) : " وأما آلات الصناع وظروف أمتعة التجارة لا تكون مال التجارة ; لأنها لا تباع مع الأمتعة عادة " انتهى.
وفي "كشاف القناع" (168/2) : ولا زكاة في آلات الصناع , وأمتعة التجارة وقوارير العطار والسمان ونحوهم كالزيات والعسال إلا أن يريد بيعها أي القوارير بما فيها فيزكي الكل لأنه مال تجارة. وكذا آلات الدواب؛ إن كانت لحفظها فلا زكاة فيها، لأنها للقنية، وإن كان يبيعها معها فهي مال تجارة، يزكيها " انتهى.
" وتضخم هذه الآلات وزيادة حجمها وكثرة إنتاجها لا يغير من حكمها شيئاً , بل هي باقية على أصلها، وأحكام الشريعة تبقى على أن أصولها الأولى ما دامت هي هي , فقطع المسافات البعيدة بالسيارات والطائرات لا يغير شيئاً من أحكام رخص السفر. . .
وهكذا فإن تغيير أدوات الصناعة لا يغير شيئاً من حكمها " قاله الشيخ عبد الله البسام بتصرف يسير. "مجلة المجمع الفقهي" (4/1/722) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: بالنسبة للمشاريع الحديثة التي خرجت للناس في هذه الأيام وهي مشاريع الإنتاج الحيواني وإنتاج الألبان ومشاريع الإنتاج الزراعي , ومشاريع العقارات الكبيرة مثل العمائر , فهل على هذه الأشياء زكاة , وكيف تخرج زكاتها؟
فأجاب: " إذا كانت هذه المشاريع للبيع والشراء وطلب الربح فإن مالكها يزكيها كلما حال الحول عليها، إذا كان أعدها للبيع , سواء كانت تلك الأموال عمائر أو أرضاً أو دكاكين أو حيوانات في مزرعته أو ما أشبه ذلك , فإنه يزكيها إذا حال عليها بحسب القيمة , أما الأدوات التي ليست للبيع فلا زكاة فيها , ونفس الأرض التي فيها المزرعة لا تزكى إذا كانت لم تعد للبيع , وإنما يربي فيها صاحبها الحيوانات للبيع أو يزرعها ونحو ذلك , فالزكاة في الإنتاج , أما عين الأرض ورقبة الأرض التي أعدها ليزرع فيها أو ينمي فيها الحيوانات فهذه لا زكاة فيها , وهكذا النجار والحداد لا زكاة في الأدوات التي عنده للاستعمال، كالقدوم والمنشار وجميع الأدوات لا زكاة فيها , إنما الزكاة في الأموال التي أعدها للبيع والآلات المعدة للبيع ـ كما تقدم ـ إذا حال الحول عليها زكاها بحسب قيمتها , كما يزكي السيارة التي أعدها للبيع والأرض التي أعدها للبيع " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/184) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: مؤسستنا فيها معدات لشئون عمل المؤسسة من سيارات وكمبريشنات وقلابات وخلاطات، فهل عليها زكاة أم لا؟
فأجابوا: " تجب الزكاة في أجرتها إذا كانت تؤجر إذا حال عليها الحول وبلغت نصاباً، وإذا كان صاحب المؤسسة يأخذ مقاولات ويستعمل هذه المعدات لتنفيذ المقاولات فيخرج الزكاة من الذي يدخل عليه مقابل عمله في المقاولات إذا حال عليه الحول، أما هذه المعدات فلا زكاة فيها ولا في قيمتها؛ لأنها لم تعد للبيع وإنما أعدت للاستعمال " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/345) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" فلا زكاة على الإنسان فيما يقتنيه من الأواني والفروش والمعدات والسيارات والعقارات وغيرها حتى وإن أعده للإيجار، فلو كان عند الإنسان عقارات كثيرة تساوي قيمتها الملايين ولكن لا يتجر بها ـ أي لا يبيعها ولا يشتري بدلها للتجارة مثلاً ـ ولكن أعدها للاستغلال فإنه لا زكاة في هذه العقارات ولو كثرت، وإنما الزكاة فيما يحصل منها من أجرة أو نماء، فتجب الزكاة في أجرتها إذا تم عليها الحول من العقد، فإن لم يتم عليها الحول فلا زكاة فيها، لأن هذه الأشياء الأصل فيها براءة الذمة حتى يقوم فيها دليل على الوجوب. بل قد دل الدليل على أن الزكاة لا تجب فيها في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) فإنه يدل على أن ما اختصه الإنسان لنفسه من الأموال غير الزكوية ليس فيه صدقة أي ليس فيه زكاة، والأموال التي أعدها الإنسان للاستغلال من العقارات وغيرها لا شك أن الإنسان قد أرادها لنفسه ولم يردها لغيره؛ لأنه لا يبيعها ولكنه يستبقيها للاستغلال والنماء " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/254) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2423)
سيارات الأجرة والنقل ليس فيها زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سيارات الأجرة أو السيارات التي تمتكلها شركات النقل وشحن البضائع، هل عليها زكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سيارات الأجرة أو النقل لا زكاة فيها، وإنما تجب الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل على السيارات التجارية التي تسافر وتجلب الحبوب وغيرها زكاة , وهكذا ما أشبهها من الجمال؟
فأجاب: " ليس على السيارات والجمال المعدة لنقل الحبوب والأمتعة وغيرها من بلاد زكاة؛ لكونها لم تعد للبيع وإنما أعدت للنقل والاستعمال , أما إن كانت السيارات معدة للبيع , وهكذا غيرها من الجمال والحمير والبغال وسائر الحيوانات التي يجوز بيعها إذا كانت معدة للبيع فإنها تجب فيها الزكاة؛ لأنها صارت بذلك من عروض التجارة , فوجبت فيها الزكاة؛ لما روى أبو داود وغيره عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: (كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نعده لِلْبَيْعِ) .
وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم , وحكى الإمام أبو بكر بن المنذر رحمه الله إجماع أهل العلم على ذلك " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/181) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: كيف نخرج زكاة سيارات الناقلات والأجرة، أفتكون بقيمتها أو من كسبها؟
فأجابوا: " ما دامت هذه السيارات معدة للأجرة فالزكاة تجب في أجرتها إذا حال عليها الحول لا في قيمتها " انتهى.
"مجموع فتاوى اللجنة الدائمة" (9/349) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2424)
والدهم عنده راتب شهري وصار كبيراً فهل عليه زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه قصة رجل مسلم كان يصلي الصلوات في أوقاتها، خصوصا الفجر، ويتصدق بدون حساب، ويخرج الزكاة بانتظام، ويلزم أولاده على إخراج الزكاة على المال الذي يكتسبونه أكان قليلا أم كثيراً ولو لم يمر عليه الحول، والآن صار عجوزاً وأسير النسيان، مثلا يسألك ويعيد عليك نفس السؤال عدة مرات، ويصلي الصلاة ويعيدها مرات ومرات، ثم لم تعد له القدرة على قيام الفجر، وبما أنه أرمل ويعيش عند ابنته إذاً فهي تنفق عليه رغم أن له مدخولاً شهريّاً (المعاش) ، إذاً فرصيده يزيد لكن حين تحدثه عن الزكاة فهو يسايرك في الموضوع ويقول إنه ليس له ما يخرج عليه الزكاة مع أن ابنته تذكره بأن له رصيداً في البنك، لا ندري أهذا يعود لنسيانه ولتقدمه في السن. رجاء الرد على هذا وكيفية التدبير في الأمر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يختم لوالدكم بخير، وحري بالعمل الصالح في حياة الإنسان أن يُكرَم صاحبه، وقد أحسن هذا الرجل لنفسه فإنه جاهدها لأداء الواجبات وترك المحرمات، والبشرى له ولغيره عظيمة إن ماتوا على ما عاشوا عليه.
وننبه إلى أن إلزامه لأولاده بإخراج زكاة أموالهم قلَّ المال أو كثُر ولو لم يمر عليه الحول، لعله كان يلزمهم بالصدقة لا أنها الزكاة المفروضة، لأن الزكاة لا تجب في المال إلا إذا بلغ نصاباً. وحال عليه الحول، فنسأل الله أن يؤجره على نيته، وأن يؤجر أبناءه على ما بذلوه.
وكثرة نسيانه لا تسقط عنه وجوب زكاة ماله، لأن الزكاة لا يشترط لوجوبها العقل، ولذلك تجب على الصبي الصغير والمجنون. وانظر السؤال رقم (75307) .
فالواجب عليكم إخراج الزكاة عنه من ماله، ولا يجب إخراج زكاة ما يقبضه شهريا إلا إذا مرت سنة كاملة عليه، وفي حساب كل شهر بمفرده مشقة، فالأسهل في مثل هذه الحال أن تنظروا أول ما بلغ المال النصاب، ثم تحسبون حولا، وإذا مَرَّ الحول زكيتم كل ما عنده حتى راتب الشهر الأخير، ويكون الشهر الأول قد أُخرجت زكاته بعد نهاية الحول، وما تلاه من الشهور أُخرجت زكاته معجلة، وتعجيل الزكاة لا بأس به.
وانظر جواب السؤال (26113) لمعرفة كيفية زكاة الراتب الشهري.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2425)
يسأل عن إخراج الزكاة عن أرباح المؤسسة فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب مؤسسة فردية تقوم بتصميم وتصنيع الزجاج المزخرف، وأسئلتي خاصة بإخراج الزكاة، حيث إنني أخرجها عن صافي الأرباح بعد خصم مخصص الضريبة والذي يصل مقداره إلى 30 %، فهل إخراجي لها بهذه الطريقة صحيح؟
حيث إنني في حيرة من أمري بعد أن أبلغني بعض الإخوة بعدم صحة ذلك، علماً بأن طبيعة عمل المؤسسة هو التعاقد مع العميل على تصميم وتصنيع بعض القبب والنوافذ المزخرفة بالزجاج الملون، ونحن نقوم باستيراد المواد الخام من زجاج ورصاص ولحام قصدير وغيره من الخارج وندخله لمستودعنا ويتم استعمالها في التصنيع ويبقى جزء منه كمخزون بنهاية السنة المالية حيث يتم عمل الجرد وإصدار قائمة المركز المالي للمؤسسة والتي تبين أرباح تلك السنة والتي تعودت إخراج الزكاة عنها.
وأسئلتي هي:
هل الزكاة تخرج عن صافي الأرباح؟ أم عن رأس المال؟
أم عن حقوق المالك المبينة في قائمة المركز المالي للمؤسسة؟
هل الضريبة - والتي تحصل عن الأرباح وتدفع لمصلحة الزكاة والدخل - تعتبر نوعاً من الزكاة؟
أرجو منكم التفضل مشكورين بإرشادي إلى الطريقة الصحيحة لإخراج الزكاة فأنا في حيرة من أمري، وأدعو الله أن يرشدني إلى الصواب لتصحيح أي خطأ قد يكون حدث مني في السنوات الماضية أو ليطمئن قلبي إن كان ما فعلته صحيحاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حرصك على السؤال عن أحكام دينك، والواجب على كل مسلم أن يسأل عن أحكام دينه دون تأخر أو تردد.
وأما الجواب على سؤالك:
أولاً:
شركتك هذه شركة صناعية تجارية، والشركات الصناعية التجارية تجب فيها زكاة عروض التجارة , ولا تجب في الآلات والمعدات والسيارات والمباني والأثاث التي يراد منها استعمالها ولا يراد بيعها من أجل الربح.
انظر السؤال (74987) ، (69916)
وعلى هذا , فطريقة حساب الزكاة في نهاية الحول:
أن تحصى ما في مخازن الشركة من مواد تم شراؤها بقصد بيعها، فيشمل ذلك: (الزجاج والرصاص واللحام......إلخ) وتقدر قيمتها في نهاية الحول , بقطع النظر عن الثمن الذي اشتريت به.
يضاف إلى ذلك الأموال النقدية التي بالشركة أو أرصدتها بالبنوك.
يضاف إلى ذلك الديون التي لك على الناس والتي ترجو تحصيلها، ثم تزكي الجميع بنسبة 2.5 بالمائة.
ثانياً:
أما أرباح الشركة خلال العام , فهذه الأرباح يمكن تقسيمها قسمين:
الأول: أرباح ناتجة من بيع الزجاج للعملاء.
وهذه الأرباح تجب فيها الزكاة , ولا يحسب لها حول جديد , بل حولها هو نفس حول رأس المال الذي اشتريت به إن كان يبلغ نصاباً.
"المغني" (4/75) .
الثاني: أرباح ناتجة من عملية التركيب ذاتها (أي يمكن اعتبارها أجرة التركيب والتصنيع) فهذه الأرباح تجب فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً، ومَرَّ عليها الحول من حين قبضها.
وقد يكون من الصعب عملياً التفريق بين هذين النوعين من الأرباح , ولذلك فالأفضل أن تزكي جميع الأرباح في نهاية حول رأس المال , فما كان من ربح عروض التجارة , فقد أديت زكاته في وقته (نهاية الحول) وما كان من أجرة للعمل فقد أديت زكاته مقدماً , وتعجيل الزكاة قبل وقتها جائز.
ثالثاً:
الأرباح التي يتم إنفاقها أثناء العام ولا تبقى إلى نهاية الحول لا زكاة فيها.
رابعاً:
حول عروض التجارة بالنسبة للشركة لا يكون من أول تأسيس الشركة أو من شراء المواد الخام , بل يكون تكملة لحول النقود التي اشتريت بها المواد الخام.
فمثلاً: لو كان أول امتلاكك للنصاب في شهر المحرم، وبدأت تأسيس الشركة في شهر رجب، واشتريت المواد الخام وبدأت العمل بالشركة في شهر رمضان , فحول عروض التجارة للشركة يكون في شهر المحرم ولا يكون في رمضان.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " واعلم أن عروض التجارة ليس حولها أن تأتي سنة بعد شرائها، بل إن حولها حول المال الأصلي، لأنها عبارة عن دراهم من رأس مالك حولتها إلى عروض، فيكون حولها حول مالك الأول " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/234) .
وانظر جواب السؤال (32715) .
خامساً:
وأما حساب الزكاة بعد خصم الضرائب.
فإن كان إخراج الضرائب ودفعها يتم قبل نهاية الحول فتصرفك صحيح , لأن هذا المال المدفوع لم يمر عليه الحول.
وأما إن كان دفعها بعد تمام الحول فالأحوط والأبرأ للذمة دفع زكاته , وأخذ هذا المال منك ظلماً لا يسقط عنه الزكاة.
سادساً:
وأما حساب الضرائب من الزكاة فلا يجوز ذلك، لأن الزكاة لها مصارف معينة حددها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
والضرائب لا تصرف في هذه المصارف، ولأن الحكومات لا تأخذ الضرائب على أنها زكاة.
قال علماء اللجنة الدائمة:
" لا يكفي أخذ الضرائب على العمارة عن إخراج الزكاة، ولا يسقط ذلك وجوبها في دخلها إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول " انتهى بتصرف.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 339) .
وانظر السؤال رقم (2447) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً:
ما تقولون فضيلتكم في كيفية إخراج الزكاة حيث إنني أملك محلاً تجاريّاً لبيع الأخشاب وقد حال الحول على البضاعة الموجودة بالمحل، وهناك ديون متعلقة بالبضاعة الموجودة والمشتراة بالأجل بأن تم دفع جزء من قيمتها والباقي مؤجل، كما أن هناك مصاريف سنوية كإيجار المحل ورسوم رخصة سنوية، وضرائب، وتأمينات، وكذلك رواتب العاملين. فأجابوا:
" تجب الزكاة في البضاعة المعروضة للبيع كالأخشاب ونحوها إذا بلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بضمها إلى ما لديك من النقود أو عروض التجارة، وحال عليها الحول، أما الديون والإيجار والرسوم وغيرها فلا تمنع وجوب إخراج الزكاة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/348) .
سابعاً:
وأما ما يتعلق بزكاة الأعوام السابقة، فعليك أن تقدر زكاة كل عام، وتخرج ما بقي عليك منها، لأن الجهل بكيفية إخراج الزكاة لا يسقط وجوبها، فهي دّين عليك، يجب إخراجه.
وانظر جواب السؤال (69798) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2426)
التوفير في مكتب البريد وكيفية إخراج الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ من المال في مكتب البريد لم يبلغ النصاب وذهبت إلى بنك إسلامي ووضعت مبلغاً من المال، فكيف أحسب الزكاة - مع العلم عند جمع المبلغيْن يبلغ المبلغ النصاب -؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز وضع المال في مكاتب البريد، ولا في البنوك الربوية التي تأكل الربا وتوكله للمودعين، ولا يخلو المودع فيهما من هذا، فهو إما أن يكون آكلاً أو موكلاً للربا أو جامعاً بينهما.
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله) . رواه البخاري (5032) .
ثانياً:
من ملَك نقوداً تبلغ النصاب – ولو كانت متفرقة، بعضها في مكان وبعضها في مكان آخر- وجب عليه إخراج زكاتها إذا مَرَّ عليها الحول، ويبدأ حساب الحول من يوم بلوغ المال النصاب، فإذا تمت سنة هجرية أخرج الزكاة، وقيمتها ربع العشر (2.5 بالمئة) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2427)
هل يزكي عن سنوات سابقة؟ وكيف يحسبها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عند والدتي مبلغ من المال في أحد البنوك الإسلامية ومرَّ عليه أكثر من عام، ولا أعلم كم عاماً، ونريد أن نخرج زكاة هذا المال علما بأن هذا المال كان يزيد وينقص.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزكاة من أركان الإسلام، وتجب الزكاة في المال إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، ونصاب النقود ما يعادل قيمة 85 جم من الذهب، أو 597 جم من الفضة.
وانظر جواب السؤال (2795) .
ولا يجوز التأخير في أدائها لمستحقيها، فمن فعل هذا فعليه التوبة والاستغفار من تأخيره، وعليه أداؤها عن كل عام مضى، وذلك بأن يقدِّر ماله كل عام ويخرج زكاته بمقدار ربع العشر.
وإذا نقص المال في إحدى السنوات عن النصاب فلا زكاة فيه عن تلك السنة، حتى يبلغ النصاب مرة أخرى، فيبدأ في حساب الحول من حين بلوغه النصاب.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
شخص لم يخرج زكاة أربع سنين، ماذا يلزمه؟
فأجاب:
" هذا الشخص آثم في تأخير الزكاة؛ لأن الواجب على المرء أن يؤدي الزكاة فور وجوبها ولا يؤخرها؛ لأن الواجبات الأصل وجوب القيام بها فوراً، وعلى هذا الشخص أن يتوب إلى الله عز وجل من هذه المعصية، وعليه أن يبادر إلى إخراج الزكاة عن كل ما مضى من السنوات، ولا يسقط شيء من تلك الزكاة، بل عليه أن يتوب ويبادر بالإخراج حتى لا يزداد إثماً بالتأخير " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/السؤال رقم 211) .
وقال الشيخ أيضاً:
" الزكاة عبادة لله عز وجل، وحق لأهل الزكاة، فإذا منعها الإنسان كان منتهكاً لحقين: حق الله تعالى، وحق أهل الزكاة، فإذا تاب بعد خمس سنوات - كما جاء في السؤال - سقط عنه حق الله عز وجل؛ لأن الله تعالى قال: (وَهُوَ ?لَّذِى يَقْبَلُ ?لتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ?لسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) ويبقى الحق الثاني وهو حق المستحقين للزكاة من الفقراء وغيرهم، فيجب عليه تسليم الزكاة لهؤلاء، وربما ينال ثواب الزكاة مع صحة توبته؛ لأن فضل الله واسع.
أما تقدير الزكاة فليتحر ما هو مقدار الزكاة بقدر ما يستطيع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فعشرة آلاف - مثلاً - زكاتها في السنة مائتان وخمسون، فإذا كان مقدار الزكاة مائتين وخمسين، فليخرج مائتين وخمسين عن السنوات الماضية عن كل سنة، إلا إذا كان في بعض السنوات قد زاد عن العشرة فليخرج مقدار هذه الزيادة، وإن نقص في بعض السنوات سقطت عنه زكاة النقص " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/السؤال رقم 214) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2428)
اشترى أرضاً وسينتظر حتى يرتفع سعرها ليبيعها فهل عليها زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنظر إلى الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي والمنازل ولأن هذا الارتفاع يصل إلى الحد الخيالي بحيث لا يتمكن أغلب الناس من شراء بيت خاص للسكن أود أن أفعل ما يلي: أشتري أرضين الآن بسعر زهيد نسبياً (مثلاً 30000 ريال للواحدة) وأنتظر 10 أو 20 سنة حتى تصبح قيمتها 500000 ريال مثلاً وبعد ذلك أبيع واحدة وأبني بثمنها بيتاً في الثانية السؤال: كيف يتم احتساب الزكاة عن كل واحدة؟ حيث إن أحد الأرضين للسكن ... أما الأرض الأخرى فهي ما احترت فيه، فهي تعتبر إنماء للمال، وأنا لا أريدها لعينها بل أريد الاستفادة من ارتفاع ثمنها لبناء المنزل.
وقد سمعت بعض الفتاوى تقول تزكى مرة واحدة عن ال 20 سنة، وسمعت البعض الآخر يقول تزكي عن ال20 سنة كل سنة بقيمتها التقديرية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تجب الزكاة في الأرض إلا إذا كانت للتجارة، وعلى هذا؛ فالأرض التي ستبني عليها منزلاً لا زكاة فيها، وأما الأخرى ففيها الزكاة.
وكيفية حساب الزكاة أن تقدر قيمة الأرض في نهاية كل حول، وتخرج زكاة هذه القيمة 2.5 بالمئة.
ويجب إخراج الزكاة كل عام، ولا يجزئ إخراجها عاماً واحداً عن جميع هذه السنوات.
وينبغي التنبه إلى أن عروض التجارة إذا اشتريت بذهب، أو فضة، أو نقود (ريالات أو دولارات أو غيرها من العملات) أو عروض أخرى؛ فإن حول العروض هو حول المال الذي اشتريت به، وعلى هذا، فلا تبدأ حولاً جديداً للعروض من حين امتلاكها، بل تكمل على حول المال الذي اشتريت به الأرض.
راجع السؤال (32715) .
سئل علماء اللجنة الدائمة:
عندي فلوس - خمسون ألفاً مثلاً - واشتريت بها أرضية، وأنا في اعتقادي أقول بدل ما تجلس الفلوس في البنك أضعها في الأرض حتى تحفظ الفلوس، وعندما يأتي وقت مناسب أو احتاج للفلوس أبيع الأرض، وقد زادت قيمتها، فهل عليها زكاة؟
فأجابوا:
" من اشترى أرضاً، أو تملكها بعطاء، أو منحة بنية التجارة: وجبت فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، ويقوِّمها كل سنَة بما تساوي وقت الوجوب، ويخرج زكاتها ربع العشر، أي: ما يعادل 2.5 بالمئة.
وإن اشتراها بنية إقامتها سكناً له: لم تجب فيها الزكاة، إلا إذا نواها للتجارة فيما بعد، فتجب الزكاة فيها إذا حال عليها الحول من وقت نية التجارة، وإن اشتراها لتأجيرها فتجب الزكاة فيما توفر من الأجرة إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (9/339، 340) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: كيف تخرج زكاة الأرض ونحوها؟ وهل يكفي دفع الزكاة عنها عند بيعها زكاة واحدة عن عدد من السنين؟
فأجاب:
" إذا كانت الأرض ونحوها كالبيت والسيارة ونحو ذلك معدة للتجارة وجب أن تزكى كل سنة بحسب قيمتها عند تمام الحول، ولا يجوز تأخير ذلك إلا لمن عجز عن إخراج زكاتها لعدم وجود مال عنده سواها، فهذا يمهل حتى يبيعها ويؤدي زكاتها عن جميع السنوات، كلَّ سنة بحسب قيمتها عند تمام الحول، سواء كانت القيمة أكثر من الثمن أو أقل، أعني الذي اشترى به الأرض أو السيارة أو البيت.
هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإخراج الصدقة مما يعد للبيع، ولأن أموال التجارة تقلب لطلب الربح بين أنواع العروض، فوجب على المسلم أن يخرج زكاتها كل عام، كما لو بقيت في يده نقوداً " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/160) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2429)
هل يصح أن يضم ماله مع مال زوجته ويزكيهما معاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف، وزوجتي أيضا، ومالي ومالها واحد، نأخذ من هذا، ومن ذاك، والطريقة في إخراج زكاة مالنا: أنني أقوم بجمع جميع الأموال الموجودة في تاريخ محدد من الشهر الفضيل والذهب ثم أقسم على أربعين، فهل هناك حرج من تداخل الأموال والطريقة في إخراج الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج من ضم نقودك إلى نقود زوجتك وذهبها ثم زكاة الجميع معاً , وذلك لأن زكاة النقود والذهب والفضة لا تختلف بالضم أو التفريق , لأن الواجب هو إخراج ربع العشر سواء قَلَّ المال أو كثر، ما دام قد بلغ النصاب.
وإنما تختلف الزكاة بالضم أو التفريق في بهيمة الأنعام فقط (الإبل والبقر والغنم) .
وما تفعله أنت وزوجتك فيما توفرانه من رواتبكما وإخراج زكاته مع ما عندها من الذهب في شهر واحد هو أفضل وأيسر طرق إخراج زكاة الراتب.
وما حسبته من قسمة المال على أربعين صحيح؛ لأن الواجب في زكاة الذهب والنقد ربع العشر وهو واحد من أربعين.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
رجل يعتمد في دخله على المرتب الشهري فيصرف بعضه ويوفر البعض الأخر فكيف يخرج زكاة هذا المال؟
فأجاب:
" عليه أن يضبط بالكتابة ما يدخره من مرتباته، ثم يزكيه إذا حال عليه الحول، كل وافر شهر يزكَّى إذا حال عليه الحول، وإن زكى الجميع تبعاً للشهر الأول: فلا بأس، وله أجر ذلك، وتعتبر الزكاة معجلة عن الوفر الذي لم يحل عليه الحول، ولا مانع من تعجيل الزكاة إذا رأى المزكي المصلحة في ذلك، أما تأخيرها بعد تمام الحول: فلا يجوز إلا لعذر شرعي: كغيبة المال، أو غيبة الفقراء " انتهى.
" تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام " (السؤال 12) .
وللتفصيل في زكاة الراتب انظر جواب السؤال: (26113) وفيه فتوى عن اللجنة الدائمة بمثل فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2430)
لا زكاة على معدات المصانع، وزكاة من عليه دين
[السُّؤَالُ]
ـ[يحتاج أخي مساعدة في حساب الزكاة، فهو غير متأكد (من المبلغ الذي عليه تزكيته) لأن عليه ديوناً كما أن إيداعاته لم تتجاوز ثلاثة أشهر، مع أنه يملك مصنعاً يحتوي على معدات، فهل يدفع الزكاة عن ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
من ملك مالاً تجب زكاته، وكان عليه دَيْن، فالزكاة واجبة عليه، ولا أثر لهذا الدَّيْن، وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله.
لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة على من ملك نصاباً.
ولأن النبي صلى الله عليه ومسلم كان يرسل عماله لقبض الزكاة ولا يأمرهم بالاستفصال هل على أصحاب الأموال ديون أو لا؟
ولأن الزكاة تتعلق بعين المال، والدين يتعلق بالذمة، فلا يمنع أحدهما الآخر.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " وأما الدين الذي عليه فلا يمنع الزكاة في أصح أقوال أهل العلم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/189) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا، ولو كان عليه دين ينقص النصاب، إلا دَيْناً وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه، ثم يزكي ما بقي بعده " انتهى من "الشرح الممتع" (6/39) .
وينظر: "المجموع" (5/317) ، "نهاية المحتاج" (3/133) ، "الموسوعة الفقهية" (23/247) .
وعليه فإذا حال الحول على النصاب، وجبت الزكاة على أخيك، بغض النظر عن الديون التي عليه، لكن إن حان وقت دفع الدين، قبل موعد الزكاة، سدد الدين، ثم زكى ما بقي.
ثانيا:
من ملك نصاباً من النقود وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة بإخراج ربع العشر [2.5%] .
والنصاب هو ما يعادل قيمة 85 جراماً من الذهب، أو 595 جراماً من الفضة.
ويبدأ حساب الحول من حين ملك نصاباً، لا من حين إيداعه في البنك.
فإن استثمر هذا المال بطريقة مشروعة، لزمه أن يزكي الأصل والربح معا في وقت زكاة الأصل.
فلو ربح المال في خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحول، وحال الحول على أصل المال، وجبت زكاة الجميع: المال مع ربحه، مع أن الربح لم يمر عليه حول، إلا أنه تابع في الحول لأصل المال.
مع التنبه إلى أن وضع النقود في البنوك مقابل فائدة من الربا الذي حرمه الله ورسوله، وهو من كبائر الذنوب.
ويجوز وضع النقود في البنوك لضرورة حفظها، بشرط أن يكون ذلك من غير فائدة. انظر السؤال (49677) ، (22392)
ثالثا:
لا تجب الزكاة إلا في أموال مخصوصة بينها الشارع، ومنها النقود وبهيمة الأنعام وعروض التجارة. وأما ما يملكه الإنسان من منازل أو سيارات أو بنايات فلا زكاة فيها إلا إذا قصد الاتجار فيها.
والمصانع عادة تشتمل على منتجات وسلع يُتجر فيها، فهذه تزكى زكاة التجارة، فتقوّم في نهاية الحول، ويخرج من قيمتها ربع العشر.
وتشتمل على أبنية ومعدات ثابتة لا يراد بيعها، فهذه لا زكاة فيها.
قال في "كشاف القناع" (2/244) : " ولا زكاة في آلات الصنّاع , وأمتعة التجارة وقوارير العطار والسمان ونحوهم، كالزيات والعسال، إلا أن يريد بيعها، أي القوارير، بما فيها، فيزكي الكل، لأنه مال تجارة " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " إنما تجب الزكاة على أهل المطابع والمصانع ونحوهم في الأشياء المعدة للبيع، أما الأشياء التي تعد للاستعمال فلا زكاة فيها، وهكذا السيارات والفرش والأواني المعدة للاستعمال ليس فيها زكاة؛ لما روى أبو داود رحمه الله في سننه بإسناد حسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع) " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/186) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2431)
زكاة الحلي المعد للاستعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[قدم والد زوجتي حلية تزن 560 جراما من الذهب وقت زواجنا عام 1994. ولدينا بعض القطع الذهبية التي حصلنا عليها كهدايا من أقربائنا عندما وضعت زوجتي. كما أني اشتريت بعض المجوهرات لزوجتي في الفترة من 1994 حتى 2004. والآن فإن زوجتي تخبرني بأن علينا دفع زكاة تبلغ 240 جراما من الذهب.
وسؤالي هو: هل علي أنا دفع الزكاة عن كل الأصناف الثلاثة المذكورة آنفا؟ أرجو التوضيح بالتفصيل والدليل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحلي المعد للبس والزينة، مما اختلف الفقهاء في وجوب زكاته، فذهب الحنفية إلى وجوب زكاته، وذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم الوجوب.
والقول الراجح هو ما ذهبت إليه الحنفية، وذلك لأدلة كثيرة، منها:
1- عموم الأدلة الدالة على وجوب زكاة الذهب والفضة دون تفريق بين الحلي المستعمل وغيره.
2- عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ فَقُلْتُ: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: هُوَ حَسْبُكِ مِنْ النَّارِ. رواه أبو داود (155) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
و (الفتخات) خواتيم كبار. و (الوَرِق) الفضة.
3- وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ (إسورتان) غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ. رواه أبو داود (1563) والنسائي (2479) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
ثانيا:
يجب عليكم إخراج الزكاة من حين علمتم بوجوبها، أما الأعوام التي مضت ولم تعلموا فيها بوجوب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال فلا يلزمكم إخراج الزكاة عنها.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن امرأة كان عندها حلي للزينة وبقي عندها سنوات، ثم علمت بوجوب الزكاة فيه، فهل يلزمها إخراج الزكاة عن السنوات الماضية؟ فأجاب:
" يجب عليك الزكاة من حين علمت وجوبها في الحلي، وأما ما مضى قبل علمك فليس عليك زكاة، لأن الأحكام الشرعية إنما تلزم بعد العلم " فتاوى إسلامية (2/84) .
وفي سؤال مماثل قال أيضا (2/85) :
" عليها أن تخرج الزكاة مستقبلا عن حليها كل سنة إذا بلغ النصاب.... وأما السنوات الماضية قبل علمها بوجوب الزكاة في الحلي، فلا شيء عليها عنها، لجهلها وللشبهة في ذلك، لأن بعض أهل العلم لا يرى وجب الزكاة في الحلي التي تلبس أو المعدة لذلك، ولكن الأرجح وجوب الزكاة فيها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، لقيام الدليل من الكتاب والسنة على ذلك ".
ثالثا: زكاة الحلي المعد للاستعمال إنما تجب فيه إذا كان من الذهب أو الفضة، وعلى هذا فالمجوهرات التي اشتريتها إذا كانت من غير الذهب والفضة فلا زكاة فيها.
وانظر السؤال (40210) .
رابعاً:
الزكاة تجب على مالك الحلي، لا على الزوج.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " والزكاة على مالكة الحلي، وإذا أداها زوجها أو غيره عنها بإذنها فلا بأس، ولا يجب إخراج الزكاة منه، بل يجزئ إخراجها من قيمته، كلما حال عليها الحول، حسب قيمة الذهب والفضة في السوق عند تمام الحول " فتاوى إسلامية 2/85.
لكن. . إن كانت الهدايا المقدمة لكما، لم تتبرع بنصيبك منها لزوجتك، فالواجب عليك إخراج زكاة نصيبك، إن بلغ نصابا، وهو 85 جراما.
وأما القدر الواجب إخراجه، فهو ربع العشر (2.5%) ففي 100 جرام: جرامان ونصف.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2432)
كيف يزكي المدخرات المتتابعة غير المستقرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المبلغ الذي يضعه الشخص في البنك وهو غير ثابت يعني يمكن أن يزيد أو ينقص خلال السنة الواحدة كيف تكون زكاته؟ حيث إن هذا المبلغ ليس مخصصا للادخار. هذا المبلغ يتزايد ويتناقص خلال السنة فكيف يتم تحديد المبلغ الذي مضى عليه الحول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا بلغ هذا المبلغ نصابا وحال عليه الحول، وجبت زكاته، سواء أعد للادخار أم لا.
والنصاب هو ما يعادل 85 جراما من الذهب، أو 595 جراماً من الفضة تقريباً.
والقدر الواجب إخراجه هو 2.5% من المال.
انظر السؤال (2795) .
فإذا نقص المال أثناء الحول عن النصاب، انقطع الحول ولم تجب فيه الزكاة، وتبدأ في حساب حول جديد من حين بلوغ المال نصابا مرة أخرى.
وإذا كان المال يزيد شيئا فشيئا، ففي ذلك تفصيل:
أولا: إن كان المال المستفاد (الجديد) ناتجا عن المال الأول، كربح المال المدخر- في المصارف الإسلامية- فإن الجميع يزكى عند حولان الحول على الأصل، وإن لم يمض على حصول الربح إلا أيام. ولهذا قال الفقهاء: حول الربح حول أصله.
ثانيا: إذا لم يكن المال المستفاد ناتجا عن الأول، بل هو مال مستقل، كالذي يدخره الإنسان من راتبه، فالأصل أن يُجعل لكل مال حول مستقل، ولا يشترط أن يبلغ هذا المال الجديد نصابا؛ لأن النصاب موجود وحاصل بالمال الأول.
وعليه: فما ادخرته في شهر رمضان، تزكه في رمضان القادم، وما ادخرته في شهر شوال، تزكه في شوال الذي بعده، وهكذا.
ولا شك أنه يشق على الإنسان أن يجعل حسابا مستقلا لمدخراته كل شهر، كما يشق عليه أن يزكي كل مدخر، عند حولان حوله. لهذا كان الأرفق به، أن يزكي جميع مدخراته خلال العام، حين يحول الحول على أول نصابٍ ملكه منها.
وحينئذ تكون قد زكيت أموالا لم يمُرَّ عليها الحول بعد، وهذا لا حرج فيه، فهو من باب تعجيل الزكاة قبل حولان الحول.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (26113) ، ونقلنا فتوى اللجنة الدائمة في ذلك، نعيدها بنصها لفائدتها:
" من ملك نصاباً من النقود ثم ملك تباعاً نقوداً أخرى في أوقات مختلفة وكانت غير متولدة من الأولى ولا ناشئة عنها، بل كانت مستقلة كالذي يوفره الموظف شهرياً من مرتبه، وكإرث أو هبة أو أجور عقار مثلاً:
فإن كان حريصاً على الاستقصاء في حقه حريصاً على أن لا يدفع من الصدقة لمستحقيها إلا ما وجب لهم في ماله من الزكاة، فعليه أن يجعل لنفسه جدول حساب لكسبه يخص فيه كل مبلغ من أمثال هذه المبالغ بحول يبدأ من يوم ملكه ويخرج زكاة كل مبلغ لحاله كلما مضى عليه حول من تاريخ امتلاكه إياه.
وإن أراد الراحة وسلك طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب الفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة على جانب نفسه؛ زكى جميع ما يملكه من النقود حينما يحول الحول على أول نصاب ملكه منها، وهذا أعظم لأجره وأرفع لدرجته، وأوفر لراحته وأرعى لحقوق الفقراء والمساكين وسائر مصارف الزكاة، وما زاد فيما أخرجه عما تم حوله يعتبر زكاة معجلة عما لم يتم حوله " انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (9/280) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2433)
لا تملك مالا غير الحلي فهل تبيع منه لتؤدي زكاته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك كمية من الذهب التي يجب أن أدفع زكاتها لكني لا أملك المال لدفع الزكاة. ماذا أفعل؟ هل عليّ بيع جزء من الذهب لدفع الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من ملكت نصابا من الذهب وهو 85 جراما، وحال عليه الحول، وجب عليها زكاته، بإخراج ربع العشر وهو (2.5%) سواء أخرجت ذلك من نفس الذهب، أو من قيمته بعد بيعه، أو من مالها الآخر.
وحيث إنك لا تملكين المال لدفع الزكاة، فيلزمك إخراج الزكاة من الذهب نفسه، أو تبيعين بعضه وتخرجين الزكاة. وإن تبرع أحدٌ (الوالد أو الأخ أو الزوج أو غيرهم) بإخراج الزكاة عنك جاز ذلك وكان مأجورا مثابا.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" والزكاة على مالكة الحلي، وإذا أداها زوجها أو غيره عنها بإذنها فلا بأس، ولا يجب إخراج الزكاة منه، بل يجزئ إخراجها من قيمته، كلما حال عليها الحول، حسب قيمة الذهب والفضة في السوق عند تمام الحول " انتهى من "فتاوى إسلامية" (2/85) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: هل في الذهب المعد للزينة زكاة؟ وإن كانت المرأة لا تجد إلا أن تبيع بعضه لكي تؤدي الزكاة؟
فأجاب:
" الصحيح من أقوال العلماء والراجح عندي أن الزكاة واجبة في الحلي إذا بلغ النصاب وهو خمسة وثمانون جراماً، فإذا بلغ هذا وجبت زكاته، فإن كان لديها مال فأدت منه فلا بأس، وإن أدى عنها زوجها أو أحد من أقاربها فلا بأس، فإن لم يكن هذا ولا هذا فإنها تبيع منه بقدر الزكاة وتخرج الزكاة.
قد يقول بعض الناس: لو عملنا بهذا لانتهى حليُّها ولم يبق عندها شيء.
فنقول: هذا غير صحيح، لأنه إذا نقص عن النصاب ولو شيئاً يسيراً لم تجب الزكاة فيه، وحينئذ لابد أن يكون عندها شيء تتحلى به " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/138) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2434)
حكم زكاة الدَّيْن وهل تُخرج من غير المال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[استدان مني أخي خمسة آلآف ريال، واستدانت مني أختي خمسمائة ريال، وأنا أخرج الزكاة دائما في رمضان، فهل أخرج الزكاة عن الدين؟ وهل يجوز أن أضعها في إفطار صائم أو في مبنى الوقف الخيري لمكتب الدعوة والإرشاد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا كان المَدين معسراً أو كان مليئاً لكنه مماطل ولا يمكن الدائن استخلاص دينه منه، إما لكونه لايجد لديه من الإثبات ما يستخلص به حقه لدى الحاكم، أو لديه الإثبات لكن لا يجد مِن ولي الأمر ما يساعده على تخليص حقه، كما في بعض الدول التي لا نصرة فيها للحقوق: فلا تجب الزكاة على الدائن حتى يقبض دينه ويستقبل به حولا.
وأما إذا كان المدين مليئاً ويمكن استخلاص الدين منه: فالزكاة واجبة على الدائن كلما حال الحول، وكان الدين نصاباً بنفسه أو بضمه إلى غيره من النقود ونحوها.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (9 / 191) .
ثانياً:
ومن وجبت الزكاة في ماله فلا يجوز له صرفها إلا في مصارفها الشرعية، وقد سبق بيانها في جواب على السؤال رقم (6977) ، فلا يجوز وضع زكاة المال في إفطار الصائم ولا في مبنى الوقف الخيري، لأن ذلك ليس من مصارف الزكاة الثمانية التي حددها الله سبحانه وتعالى.
وقد سبق في عدة أجوبة عدم جواز دفع الزكاة في بناء المساجد والمدارس وكذلك في طباعة المصحف، فانظرها في (13734) و (21797) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2435)
ما حكم إعطاء السائق غير المسلم طعاما في نهار رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا سائق أجنبي غير مسلم هل نعطيه طعاماً أثناء النهار في رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يرجع حكم المسألة هذه ومثيلاتها إلى حكم مخاطبة الكافر بفروع الشرع، والصحيح أنه مخاطب بها، وهو قول الجمهور، ولذا فلا يجوز تمكينه من الطعام في نهار رمضان ولا إعانته عليه.
وإذا استمر الكافر على كفره ومات عليه: فإنه يعاقب على كفره وعلى جميع أحكام الشريعة التي ترك العمل بها , وقد دل على ذلك قوله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ. فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ. عَنِ الْمُجْرِمِينَ. مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ. حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ) المدثر/38 – 47.
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (4 / 263) :
" الكافر في حال كفره هل هو مخاطب بفروع الشريعة ومكلف بها أم لا؟ قال النووي: المختار أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة المأمور بها , والمنهي عنها , ليزداد عذابهم في الآخرة " انتهى.
وقال ولي الدين العراقي:
" والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة فيحرم عليهم الحرير كما يحرم على المسلمين " انتهى.
" طرح التثريب " (3 / 227) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (9 / 211، 212) تحت عنوان: بيع ما يقصد به فعل محرم:
" ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام , وكل تصرف يفضي إلى معصية: فهو محرم , فيمتنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمراً لا يجوز....
ومن أمثلته عند الشافعية: بيع مخدر لمن يظن أنه يتعاطاه على وجه محرم , وخشب لمن يتخذه آلة لهو , وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة. وكذا بيع سلاح لنحو باغ وقاطع طريق. . . . . ودابة لمن يحملها فوق طاقتها.
كما نص الشرواني وابن قاسم العبادي على منع بيع المسلم طعاماً للكافر إذا علم أو ظن أنه يأكله نهاراً في رمضان , كما أفتى به الرملي , قال: لأن ذلك إعانة على المعصية , بناء على أن الراجح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2436)
زكاة النخيل الموجودة في البيوت
[السُّؤَالُ]
ـ[كثير من البيوت يوجد بها نخيل، وفيه ثمر قد يصل إلى حد النصاب وقد يتعداه، فهل تجب فيها الزكاة؟ وإن كان يهدى منها ويؤكل فهل يجزئ ذلك عن الزكاة أم لا؟ وما مقدار الزكاة إن وجدت؟ وما مقدار النصاب؟ وإذا كانت فسائلها تباع فهل فيها زكاة؟ وإذا كان النخيل يغرس بقصد بيع الفسائل (الفراخة) فهل فيها زكاة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
النخيل التي في البيوت تجب الزكاة في ثمرها إذا بلغت نصابا لقول الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض "، وهذه مما أخرج الله لنا من الأرض فتجب فيها الزكاة سواء كانت تهدى بعد خرفها أو تؤكل أو تباع.
وإذا لم تبلغ النصاب فلا زكاة فيها لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة " والوسق الواحد ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومقدار صاع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كيلوان اثنان وأربعون غراما فيكون النصاب ستمائة واثني عشر كيلو (612) ، والمعتبر في هذا الوزن بالبر (القمح) الجيد؛ فتزن من البر الجيد ما يبلغ كيلوين اثنين وأربعين غراما ثم تضعه في مكيال يكون بقدره من غير زيادة ولا نقص فهذا هو الصاع النبوي يقاس به كيلا ما سوى البر.
ومن المعلوم أن الأشياء المكيلة تختلف في الوزن خفة وثقلا، فإذا كانت ثقيلة فلا بد من زيادة الوزن حسب الثقل.
ومقدار الزكاة نصف العشر لأنها تسقى بالماء المستخرج من الآبار أو من البحر لكن بمؤونة إخراج وتحلية وتصفية وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر " رواه البخاري.
وليس في الفسائل زكاة ولكن إذا بيعت بالدراهم وحال على ثمنها الحول وجبت زكاته.
وليس في النخيل التي تغرس لبيع الفسائل زكاة، كما أن النخيل التي تغرس لقصد بيع ثمرتها ليس فيها زكاة، وما بيع من ثمر النخل التي في البيوت تخرج زكاته من قيمته، وما أكل رطبا تخرج زكاته رطبا من النوع المتوسط إذا كان كثيرا في النخل، وما بقي حتى يتمر تخرج زكاته تمرا. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله. مجلة الدعوة العدد 1752 ص 37.(5/2437)
ورثت عن أمها إسورة ذهب لم تكن تؤدي زكاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ورثت عن والدتي إسورة، ولا أعتقد أن والدتي قد أدت زكاتها طيلة عمرها، وقد بدأت الآن في طلب العلم، وأحتاج المال لشراء كتب وطباعة بحوث، مع العلم بأن زوجي يقوم بالإنفاق علينا من مأكل ومشرب وملبس، ولكنه يعتبر هذه الأمور ثانوية فلا يمدني بالمال اللازم لذلك.
فهل يجوز لي أن أقوم ببيع هذه الإسورة وأصرف منها على طلب العلم، مع أخذ العهد على نفسي إن رزقني الله مالا أن أقوم بدفع مبلغ لأداء الزكاة عنها، أو عليّ بيعها وأدفع زكاتها، وهل يحق لي أن أصرف منها على أشياء أخرى غير طلب العلم، أو فقط أجعل مالها وقفا لطلب العلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: لا تجب الزكاة في الذهب إلا إذا بلغ نصاباً، وهو 85 جراماً.
فإذا كانت هذه الإسورة قد بلغت النصاب، أو كان عند والدتك ذهب آخر إذا انضم إلى الإسورة بلغ نصاباً ففيها الزكاة. فإن لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيها.
ثانياً: اختلف العلماء في وجوب الزكاة في الذهب المعد للاستعمال (الحلي) . وسبق في جواب السؤال رقم (19901) أن الراجح هو وجوب الزكاة فيه.
فإذا كانت والدتك لم تخرج الزكاة عن هذه الإسورة طيلة عمرها لأنها سألت من أفتاها بعدم وجوب الزكاة، أو لم تعلم وجوب الزكاة فيها فلا يجب عليك إخراج الزكاة عما مضى من السنين، أما إذا كانت قد علمت بوجوب الزكاة غير أنها تركت إخراجها تفريطاً فيجب عليك إخراج الزكاة من تركتها عن السنوات الماضية، لأنها حق لله تعالى.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: عن امرأة لم تعلم بوجوب زكاة الحلي إلا قريباً، فهل تخرج زكاة ما مضى من السنوات؟
فأجاب: الذي أرى أنه لا يجب عليها زكاة ما مضى، لأن المعروف في هذه البلاد والمفتى به هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله، والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه لا زكاة في الحلي المُعَدَّ للاستعمال أو العارّية، وعلى هذا فلا يجب عليها زكاة ما مضى، ولكن يجب عليها الزكاة عن هذا العام الذي علمت فيه أن الزكاة واجبة في الحلي، وعما يستقبل من الأعوام، لأن القول الصحيح الذي تؤيده الأدلة أن الزكاة واجبة في الحلي، وإن كان مستعملاً. والله الموفق.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/142)
وسئل أيضاً: عن امرأة امتلكت حلياً منذ أربع سنوات، فهل تخرج زكاتها عن هذه السنين الماضية أم لا؟
فأجاب:
" الراجح من أقوال أهل العلم وجوب الزكاة في الحلي إذا بلغ النصاب. . . .
أما سؤالها: هل يجب عليها أن تُخرج زكاة ما مضى من السنوات؟
فجوابه: إن كانت تعتقد وجوب الزكاة منذ أربع سنوات وجب عليها أن تخرج الزكاة لهذه السنوات الأربع، لأن تأخيرها الإخراج يعتبر تفريطاً منها، فعليها التوبة إلى الله وإخراج زكاة ما مضى، وإن كانت لا تعتقد وجوب الزكاة إما لأنها لم تعلم أو لأنها ترددت لاختلاف العلماء في ذلك ثم بدا لها أن الزكاة واجبة فإنه يجب عليها الزكاة من السنة التي اعتقدت وجوب زكاة الحلي فيها " اهـ.
فتاوى ابن عثيمين (18/146)
ثالثاً: في الحال التي لا يجب عليك إخراج الزكاة عن هذه الإسورة، فإنها ستكون ملكاً لك تتصرفين فيها كيفما شئت، فلك أن تبيعيها وتنفقي منها على طلب العلم وغيره. وفي الحال التي يجب عليك إخراج الزكاة فيها، فإن الواجب إخراجها على الفور ولا يجوز تأخيرها.
فإما أن تخرجي الزكاة من غير هذه الإسورة إن كانت عندك أموال أخرى، وإما أن تبيعيها، وتخرجي الزكاة منها، وباقي ثمنها يكون ملكاً لك تنفقين منه حيث شئت.
رابعاً: كان الواجب عليكم المبادرة بإخراج الزكاة قبل قسمة التركة، لأن الزكاة تعتبر ديناً، وقد أجمع أهل العلم على أن وفاء الديون يُبدأ به قبل قسمة التركة. راجع السؤال (21271) .
وبما أنكم قسمتم التركة قبل إخراج الزكاة فإن الزكاة توزع على جميع الورثة، كلٌّ يجب عليه إخراج جزء منها حسب نصيبه من الميراث، فإن تبرع أحدٌ وأخرجها كلها أجزأ ذلك، وكان محسناً.
وخلاصة الجواب:
إذا كنت تعلمين أن والدتك لم تُخرج زكاة هذه الإسورة لأنها لا تعلم بوجوب زكاتها، أو قلّدت من قال من العلماء بأن الحليّ لا زكاة فيه، فلا يجب عليك إخراج الزكاة وإذا كنت تعلمين أنها لم تخرج الزكاة تفريطاً مع علمها بوجوبها، فالواجب عليك إخراج الزكاة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2438)
هل في العسل زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل العسل تجب فيه الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب بعض العلماء - منهم الإمام أحمد - إلى أن في العسل زكاة، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة منها:
1- ما رواه ابن ماجه (1824) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْعَسَلِ الْعُشْرَ) . وقال الألباني في صحيح ابن ماجه: حسن صحيح.
2- وعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ أَبِي سَيَّارَةَ الْمُتَعِيُّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي نَحْلا، قَالَ: أَدِّ الْعُشْرَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، احْمِهَا لِي، فَحَمَاهَا لِي. رواه ابن ماجه (1823) . وحسنه الألباني لغيره في صحيح ابن ماجه.
وقال السندي في حاشية ابن ماجه:
" فِي الزَّوَائِد: قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ أَبِيهِ: لَمْ يَلْقَ سُلَيْمَان بْن مُوسَى أَبَا سَيَّارَة، وَالْحَدِيث مُرْسَل. وَحَكَى التِّرْمِذِيّ فِي الْعِلَل عَنْ الْبُخَارِيّ عَقِب هَذَا الْحَدِيث أَنَّهُ مُرْسَل، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُدْرِك سُلَيْمَان أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَة " انتهى.
3- وروى أبو داود (1600) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ هِلَالٌ أَحَدُ بَنِي مُتْعَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ، وَكَانَ سَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ سَلَبَةُ، فَحَمَى لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْوَادِي، فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنْ أَدَّى إِلَيْكَ مَا كَانَ يُؤَدِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُشُورِ نَحْلِهِ فَاحْمِ لَهُ سَلَبَةَ، وَإِلا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَابُ غَيْثٍ يَأْكُلُهُ مَنْ يَشَاءُ. حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وروي ذلك أيضا عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله، إلا أن الأصح عنه أنه لا زكاة فيه.
وسئل الإمام أحمد: أنت تذهب إلى أن في العسل زكاة؟ قال: نعم. أذهب إلى أن في العسل زكاة، العشر، قد أخذ عمر منهم الزكاة، قلت: ذلك على أنهم تطوعوا به؟ قال: لا، بل أخذه منهم.
انظر: "المغني" (4/183-184) .
وذهب جمهور أهل العلم منهم مالك والشافعي إلى أن العسل لا زكاة فيه، وضعفوا الآثار الواردة في إيجاب الزكاة فيه، وما صح منها حملوه على أن ما أداه من العسل (العشر) كان في مقابلة الحمى، كما هو ظاهر الحديث الوارد عن عمر رضي الله عنه.
قال الإمام البخاري رحمه الله:
" بَاب الْعُشْرِ فِيمَا يُسْقَى مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَبِالْمَاءِ الْجَارِي وَلَمْ يَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْعَسَلِ شَيْئًا ".
قال الحافظ في "فتح الباري":
" أَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَعَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى نَافِع مَوْلَى اِبْن عُمَر قَالَ: بَعَثَنِي عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز عَلَى الْيَمَنِ فَأَرَدْت أَنْ آخُذَ مِنْ الْعَسَلِ الْعُشْر , فَقَالَ مُغِيرَة بْن حَكِيم الصَّنْعَانِيّ: لَيْسَ فِيهِ شَيْء , فَكَتَبْت إِلَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز فَقَالَ: صَدَقَ , هُوَ عَدْلُ رِضَا , لَيْسَ فِيهِ شَيْء. وَجَاءَ عَنْ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز مَا يُخَالِفُهُ أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق. . . وَإِسْنَاده ضَعِيف، وَالأَوَّل أَثْبَت , وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا رُوِيَ: (أَنَّ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرَ) .
وقَالَ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخِهِ: َلا يَصِحُّ فِي زَكَاةِ الْعَسَل شَيْء.
وقَالَ التِّرْمِذِيّ: لا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْء.
وقَالَ الشَّافِعِي: حَدِيثُ (أَنَّ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرَ) ضَعِيف.
وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر: لَيْسَ فِي الْعَسَلِ خَبَر يَثْبُتُ، وَلا إِجْمَاع، فَلا زَكَاةَ فِيهِ , وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ " انتهى باختصار وتصرف.
وقول عمر رضي الله عنه: (إِنْ أَدَّى إِلَيْكَ مَا كَانَ يُؤَدِّي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُشُورِ نَحْلِهِ فَاحْمِ لَهُ سَلَبَةَ) دليل على أن ما أخذه من هلال ليس زكاة، وإنما هو في مقابلة الحمى.
وقد ذكر ابن مفلح الحنبلي في كتابه "الفروع" (2/448- 450) الأدلة التي استدل بها من قال بوجوب الزكاة في العسل، وتكلم عليها بما يفيد ضعفها، ثم قال: " ومن تأمل هذا وغيره تبين له ضعف المسألة " انتهى.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل على العسل زكاة؟
فأجاب: " الصحيح أن العسل ليس فيه زكاة، لأن ذلك لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وإما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه حرس أماكن النحل وأخذ عليهم العشر، وعلى هذا فلا تجب الزكاة في العسل، لكن إن أخرجها الإنسان تطوعاً فهذا خير، وربما يكون ذلك سبباً لنمو نحله وكثرة عسله، أما أنها لازمة يأثم الإنسان بتركها فهذا لا دليل عليه " انتهى.
" فتاوى الزكاة" (ص 87) .
وسئلت اللجنة الدائمة: هل في العسل المنتج بواسطة النحل زكاة أم لا؟
فأجابت:
" ليس في العسل المنتج بواسطة النحل زكاة، وإنما تجب الزكاة في قيمته إذا أعده للبيع وحال عليه الحول، وبلغت قيمته النصاب، وفيه ربع العشر " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/226) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2439)
على من تكون زكاة الأرض المستأجرة للزراعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يستأجر أرضاً زراعية، هل الزكاة تستحق على المالك أم على المستأجر؟ وإذا كانت على المستأجر فهل الزكاة على المحصول بالكامل أم على المتبقي من المحصول بعد دفع الإيجار؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
مالك الأرض إن زرعها بنفسه: فزكاة ما يخرج منها عليه، وإن منحها وأعارها لغيره ليزرعها: فزكاة ما يخرج منها على الزارع.
واختلف أهل العلم في الأرض المستأجرة هل تكون الزكاة على المالك أم على المستأجر الذي يزرعها، فذهب الجمهور إلى وجوبها على المزارع، وذهب الحنفية إلى وجوبها على المالك.
قال ابن حزم:
ولا زكاة في تمر , ولا بر , ولا شعير: حتى يبلغ ما يصيبه المرء الواحد من الصنف الواحد منها خمسة أوسق ; والوسق ستون صاعا ; والصاع أربعة أمداد بمد النبي صلى الله عليه وسلم. والمد من رطل ونصف إلى رطل وربع على قدر رزانة المد وخفته , وسواء زرعه في أرض له أو في أرض لغيره بغصب أو بمعاملة جائزة , أو غير جائزة , إذا كان النذر غير مغصوب , سواء أرض خراج كانت أو أرض عشر.
وهذا قول جمهور الناس , وبه يقول: مالك , والشافعي , وأحمد , وأبو سليمان.
وقال أبو حنيفة: يزكى ما قل من ذلك وما كثر , فإن كان في أرض خراج فلا زكاة فيما أصيب فيها , فإن كانت الأرض مستأجرة فالزكاة على رب الأرض لا على الزارع.
" المحلى " (4 / 47) .
وقد ردَّ الأئمة على قول الحنفية وبيَّنوا أن الزكاة حق الزرع وليس حق الأرض كما يقول الحنفية.
قال ابن قدامة المقدسي:
ومن استأجر أرضا فزرعها , فالعشر عليه دون مالك الأرض، وبهذا قال مالك , والثوري , وشريك , وابن المبارك , والشافعي , وابن المنذر.
وقال أبو حنيفة: هو على مالك الأرض ; لأنه من مؤنتها , فأشبه الخراج.
ولنا: أنه واجب في الزرع , فكان على مالكه , كزكاة القيمة فيما إذا أعده للتجارة , وكعشر زرعه في ملكه , ولا يصح قولهم: إنه من مؤنة الأرض؛ لأنه لو كان من مؤنتها لوجب فيها وإن لم تزرع , كالخراج , ولوجب على الذمي كالخراج , ولتقدر بقدر الأرض لا بقدر الزرع , ولوجب صرفه إلى مصارف الفيء دون مصرف الزكاة.
" المغني " (2 / 313، 314) .
وهو ما رجحه الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع " (6 / 88) .
ثانياً:
وبما أن الزكاة حق الزرع: فعليه أن يخرج زكاة زرعه من كامل المحصول إذا بلغ النصاب، وهو خمسة أوسق، والوسَق: ستون صاعاً، وهو ما يعادل 657 كيلو.
وليس للمزكي أن يخصم أجرة الأرض ولو كان بعد بيع الزرع - جهلاً أو خطأً أو تأولاً - قبل أداء الزكاة.
والصحيح من أقوال أهل العلم هو عدم خصم أية تكاليف ينفقها المزكي على أرضه.
قال ابن حزم:
ولا يجوز أن يعد الذي له الزرع أو التمر ما أنفق في حرث أو حصاد , أو جمع , أو درس , أو تزبيل أو جداد أو حفر أو غير ذلك -: فيسقطه من الزكاة وسواء تداين في ذلك أو لم يتداين , أتت النفقة على جميع قيمة الزرع أو الثمر أو لم تأت , وهذا مكان قد اختلف السلف فيه ... – وذكر الخلاف ثم قال: -
قال أبو محمد: أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التمر والبر والشعير: الزكاة جملة إذا بلغ الصنف منها خمسة أوسق فصاعدا ; ولم يسقط الزكاة عن ذلك بنفقة الزارع وصاحب النخل ; فلا يجوز إسقاط حق أوجبه الله تعالى بغير نص قرآن ولا سنة ثابتة، وهذا قول مالك , والشافعي , وأبي حنيفة , وأصحابنا.
" المحلى " (4 / 66) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2440)
هل تحسب الزكاة على الحلي بسعر الذهب الجديد أم المستعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لزكاة الحلي، هل آخذ الذهب إلى محلات الجواهر وأقدر ثمنه أم أحسبه على حسب سعر الذهب؟ محلات الذهب ستعطيني قيمة أقل للذهب لأنه مستعمل أما أسعار الذهب فهي أعلى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا بلغ الذهب نصابا، وهو خمسة وثمانون جراما، وحال عليه الحول وجبت زكاته، بإخراج ربع العشر منه، أو من قيمته، والمراد بقيمته: السعر الذي يباع به مستعملا، وقت وجوب الزكاة، وهو غالبا ما يكون أقل من سعر الذهب الجديد.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (وعلى هذا فتقدر المرأة قيمة الذهب الذي عندها، سواء بقدر ما اشترته به، أو أقل، أو أكثر، فتقدر قيمته مستعملا ثم تخرج منها ربع العشر، أي: واحد من أربعين، ففي المائة ريالان ونصف، وفي الألف خمسة وعشرون ريالا وهكذا، وطريقة ذلك أن تقسم قيمته على أربعين، وناتج القسمة هو الزكاة، وبهذا تبرئ ذمتها، ويحصل لها الفكاك من عذاب النار ولا يضرها شيئا) .
وسئل رحمه الله تعالى: هل زكاة الحلي تكون بسعر الشراء أم بسعره كل عام وقت إخراج زكاته؟
فأجاب بقوله:
(زكاة الحلي تجب كل سنة ولا تكون بسعر الشراء، وإنما تكون بسعره عند تمام الحول، فإذا قدر أن المرأة اشترت ذهبا بعشرة آلاف ريال، ولما دار عليه الحول صار لا يساوي إلا خمسة آلاف ريال، فإنها لا تزكي إلا خمسة آلاف ريال فقط، والعكس بالعكس، فإذا اشترت ذهبا بخمسة آلاف ريال، وصار عند تمام الحول يساوي عشرة آلاف ريال فإنها تزكي عشرة آلاف ريال، لأن ذلك هو وقت الوجوب. والله الموفق) انتهى من مجموع فتاوى الشيخ. مجلد 18 سؤال رقم 18، 58
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2441)
معها مال لتأثيث منزل الزوجية، فهل فيه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[مهرني زوجي مبلغاً من المال وأعطاني أبي عند زواجي مبلغا آخر واتفقا عند العقد أن مجموع المالين سيكون لتأثيث منزل الزوجية حسب العرف السائد في بلدي ثم سافرت أنا وزوجي للعمل بالخارج ولم نؤثث منزلنا وتركنا المال في أحد البنوك حتى نعود فنأثث المنزل به وأنا حين أعود في كل سنة إلى بلدي أتخلص من فائدة البنك المحرمة ولكن السؤال أتلزمني زكاة في هذا المال أم لا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، هذا المال تجب فيه الزكاة كل عام، لأن الزكاة تجب في النقود بشرطين:
الأول: أن تبلغ نصاباً.
الثاني: أن يمر عليها الحول.
فإذا توفر هذان الشرطان وجبت الزكاة في النقود، ومقدارها ربع العشر، أي: اثنان ونصف بالمائة.
سئلت اللجنة الدائمة (9/269) :
رجل عنده نقود وقد حال عليه الحول، لكنه جمعها لكي يتزوج بها، فهل عليه زكاة؟
فأجابت:
" تجب فيها الزكاة لدخولها في عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة، وكونه يريد أن يتزوج بها غير مسقط لوجوب الزكاة فيها " اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل أبقى معه مبلغا من المال ليشتري به بيتا وحال عليه الحول. فهل عليه زكاة؟
فأجاب:
"نعم، فيها زكاة، لأن الدراهم فيها الزكاة مهما كان، حتى لو كان الإنسان أعدها للزواج، أو كان الإنسان أعدها ليشتري بها بيتا، أو يشتري بها نفقة، فما دامت دراهم وحال عليها الحول وهي تبلغ النصاب ففيها الزكاة" اهـ. فتاوى الزكاة (174) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2442)
لا زكاة في الأحجار الكريمة إلا إذا كانت للتجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مقدار النصاب الواجب على زكاة الأحجار الكريمة مثل الماس حيث إنها ليست ذهباً؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى أن الأحجار الكريمة لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة، ولا زكاة عندهم في غير الذهب والفضة.
قال الإمام مالك في "المدونة" (1/341) :
لَيْسَ فِي الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ زَكَاةٌ اهـ.
وقال الشافعي في "الأم":
وَمَا يُحَلَّى النِّسَاءُ بِهِ , أَوْ ادَّخَرْنَهُ , أَوْ ادَّخَرَهُ الرِّجَالُ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ وَمَرْجَانَ وَحِلْيَةِ بَحْرٍ وَغَيْرِهِ فَلا زَكَاةَ فِيهِ , وَلا زَكَاةَ إلا فِي ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ اهـ. وحلية البحر كُلُّ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ. والوَرِق هو الفضة.
وقال النووي في "المجموع":
لَا زَكَاةَ فِيمَا سِوَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ الْجَوَاهِرِ كَالْيَاقُوتِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَالزُّمُرُّدِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ وَسَائِرِ النُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ , وَإِنْ حَسُنَتْ صُنْعُهَا وَكَثُرَتْ قِيمَتُهَا , وَلا زَكَاةَ أَيْضًا فِي الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ.
وَلا خِلافَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا عِنْدَنَا , وَبِهِ قَالَ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ. وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَجِبُ الْخُمْسُ فِي الْعَنْبَرِ , قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ , وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَجِبُ الْخُمْسُ فِي كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ سِوَى السَّمَكِ. وَحَكَى الْعَنْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا: كَمَذْهَبِ الْجَمَاهِيرِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا إذا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا حَتَّى فِي الْمِسْكِ وَالسَّمَكِ. وَدَلِيلُنَا:
1- الأَصْلُ أَنْ لا زَكَاةَ إلا فِيمَا ثَبَتَ الشَّرْعُ فِيهِ.
2- وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ. أَيْ قَذَفَهُ وَدَفَعَهُ.
فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي دَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ , وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: (لا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ) فَضَعِيفٌ جِدًّا , رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَبَيَّنَ ضَعْفَهُ اهـ.
وسئل فضيلة الشيخ ابن باز (14/121) :
"تعددت في هذا الوقت أنواع المصوغات كالألماس والبلاتين وغيرهما المعدة للبس وغيره فهل فيها زكاة؟
وإن كانت على شكل أواني للزينة أو للاستعمال؟ أفيدونا أثابكم الله.
فأجاب:
إن كانت المصوغات من الذهب والفضة ففيها زكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول. ولو كانت للبس أو العارية في أصح قولي العلماء، لأحاديث صحيحة وردت في ذلك، أما إن كانت من غير الذهب والفضة كالماس والعقيق ونحو ذلك فلا زكاة فيها، إلا إذا أريد بها التجارة فإنها تكون حينئذ من جملة عروض التجارة فتجب فيها الزكاة كغيرها من عروض التجارة، ولا يجوز اتخاذ الأواني من الذهب والفضة ولو للزينة، لأن اتخاذها للزينة وسيلة إلى استعمالها في الأكل والشرب، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم - يعني الكفار - في الدنيا ولكم في الآخرة) متفق على صحته.
وعلى من اتخذها زكاتها مع التوبة إلى الله عز وجل، وعليه أيضا أن يغيرها من الأواني إلى أنواع أخرى لا تشبه الأواني كالحلي ونحوه اهـ.
وقال أيضاً (14/124) :
المجوهرات من غير الذهب كالماس ليس فيها زكاة إلا أن يراد بها التجارة اهـ.
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ما حكم اقتناء المجوهرات مثل الألماس؟ وهل تجب فيها الزكاة؟ وهل يعتبر حكم الألماس حكم الذهب والفضة؟
فأجاب فضيلته بقوله:
" اقتناء المجوهرات لاستعمالها جائز بشرط ألا يصل إلى حد الإسراف، فإن وصل إلى حد الإسراف كان ممنوعا بمقتضى القاعدة العامة التي تحرم الإسراف، وهو مجاوزة الحد لقول الله تعالى: (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام/141.
وإذا لم يخرج اقتناء هذه المجوهرات من الألماس وغيره إلى حد الإسراف فهي جائزة، لعموم قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) البقرة/29.
وليس فيها زكاة إلا أن تعد للتجارة، فإنها تكون كسائر الأموال التجارية " اهـ.
فتاوى الزكاة (ص 97) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2443)
المستأجرون لا يدفعون له أجرة السكن لفقرهم فكيف يؤدي الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدي عقارات مؤجرة في أرض الرباط فلسطين، والمستأجرون لا يدفعون لي الأجرة للسنة الثالثة على التوالي، وذلك لعدم وجود أعمال تكفي قوتهم اليومي بسبب الأوضاع المأساوية الراهنة التي نعيشها من منع تجول، وإغلاقات. . إلخ.
كما أنه لدي منزل فارغ غير مؤجر، هل يجب علي دفع زكاة المال عن العقارات مع عدم وجود دخل ثابت منها؟ أم يمكن تأجيل الزكاة لحين تحسن الأوضاع وتحصيل الأجرة من المستأجرين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى لإخواننا في فلسطين وغيرها أن ينصرهم على عدوهم، وينزل السكينة عليهم، ويمكن لهم في الأرض.
وصبراً آهل فلسطين، وصبراً أيها المستضعفون، فإن نصر الله آت لا محالة، (فَإنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ) صحيح الجامع (6806) .
ومهما طال الليل فلا بد له من نهاية، ولا بد لضياء الفجر أن يبدد ظلام الليل.
ثانيا:
العقارات من أراضٍ وبيوت ومحلات وغيرها لا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة، بمعنى أنه اشتراها ليتاجر فيها ببيعها وتحصيل الربح.
فالعقارات التي يؤجرها صاحبها لا زكاة فيها، وإنما الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول.
والنصاب هو ما يعادل 85 جم من الذهب أو 595 جم من الفضة.
انظر السؤال (2795) .
فإذا بلغت الأجرة التي لك عند المستأجرين قيمة نصاب الفضة أو الذهب وحال عليها الحول من حين بلوغها نصاباً فقد اختلف أهل العلم في وجوب الزكاة في الدَّيْن على مُعْسِرٍ، على أقوال:
الأول: أنه لا تجب فيه الزكاة.
وهو قول قتادة وإسحاق وأبي ثور وابن حزم ورواية عن أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، لأنه غير مقدور على الانتفاع به.
انظر: "المحلى" (4/221) ، "الإنصاف" (3/18) ، "الاختيارات" (ص 98) .
الثاني: يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين.
وهو قول الثوري وأبي عبيد ومذهب الشافعية والحنابلة. واحتجوا بقول علي رضي الله عنه في الدين المظنون، قال: إن كان صادقاً فليزكه إذا قبضه لما مضى. رواه عبد الرزاق في "المصنف" (7116) . انظر: "المجموع" (6/16) ، "المغني" (2/345) "الإنصاف" (3/22) .
الثالث: يزكيه إذا قبضه لعام واحد.
وهو قول عمر بن عبد العزيز والحسن والليث والأوزاعي وهو مذهب مالك، كما في الموطأ (1/253) حيث قال: " الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه، وإن أقام عند الذي هو عليه سنين ذوات عدد، ثم قبضه صاحبه لم تجب عليه إلا زكاة واحدة "
وانظر: "الكافي" لابن عبد البر (1/93) .
وهذا القول الثالث هو الذي عليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء (9/190) حيث جاء فيها:
" وإن كان (يعني الدين) على غير مليء فيزكيه إذا قبضه لسنة واحدة، وإن مضى عليه أكثر من سنة، وهذا رواية عن الإمام أحمد، وهو قول مالك، وأفتى به الشيخ عبد الرحمن بن حسن وقال: وهو اختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله " انتهى.
ورجحه كذلك الشيخ ابن عثيمين، فقال:
" فإن كان الدين على معسر فإن الصحيح أن الزكاة لا تجب فيه؛ لأن صاحبه لا يملك المطالبة به شرعاً، فإن الله تعالى يقول: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى? مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) فهو حقيقة عاجز شرعاً عن ماله، فلا تجب عليه الزكاة فيه، لكن إذا قبضه فإنه يزكيه سنة واحدة فقط، وإن بقي في ذمة المدين عشر سنوات؛ لأن قبضه إياه يشبه تحصيل ما خرج من الأرض يزكى عند الحصول عليه، وقال بعض أهل العلم: لا يزكيه لما مضى، وإنما يبتدىء به حولاً من جديد، وما ذكرناه أحوط، وأبرأ للذمة أنه يزكيه عن سنة واحدة لما مضى، ثم يستأنف به حوله، والأمر في هذا سهل، وليس من الصعب على الإنسان أن يؤدي ربع العشر من دَيْنه الذي قبضه بعد أن يأس منه، فهذا من شكر نعمة الله عليه بتحصيله " انتهى. "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (18/28) .
وخلاصة الجواب:
أن هذه العقارات التي عندك لا زكاة فيها، سواء التي تؤجرها أو التي هي فارغة، وإنما الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول، وهذا الأجرة التي لك عند المستأجرين إذا بلغت نصاباً فإنك تزكيها إذا قبضتها لسنة واحدة فقط، وإن مَرَّ عليها عدة سنوات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2444)
لا زكاة في الأرض إذا لم يقصد بها التجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يملك قطعة أرض ولا ينوي الآن بيعها وهي تقع في مدينة تجارية وينوي أن يبني عليها بيتا في المستقبل لكي يستثمره فهل تجب فيها الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الأرض لا زكاة فيها، لأن الأرض لا تجب فيها الزكاة إلا إذا قصد صاحبها بها التجارة.
ثم إذا بنيتها واستثمرتها فعليك الزكاة في المال الذي تحصل عليه إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول.
سئل الشيخ ابن عثيمين: هل على الأرض المعدة للسكن في المستقبل زكاة؟
فأجاب:
لا زكاة فيها إذا أعدها للبناء، أو للاستغلال إلا على الأجرة إذا حال عليها الحول اهـ.
وقال أيضاً:
الأرض التي اشتريتها لتكون سكناً لك أو لتكون للإيجار فلا زكاة فيها ولو بقيت عدة سنوات، لأن الأرض التي فيها الزكاة هي ما أعدها الإنسان للبيع للاتجار والتكسب، وأما ما أعده الإنسان لحاجته أو لاستغلاله فلا زكاة فيه كما هو شأن جميع عروض التجارة، وعلى هذا فلا زكاة عليك في هذه الأرض، والله الموفق اهـ
فتاوى منار الإسلام (1/298، 299) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2445)
ساهم في أرض تجارية فكيف يزكي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ساهمت بمبلغ من المال في أراضي، ومن المتوقع أن المدة سوف تطول في المساهمة. كيف تكون الزكاة إذا حال عليها الحول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في السلع المعدة للتجارة (الأراضي وغيرها) ، إذا حال عليها الحول منذ أن أعدها للبيع، ويكون حساب زكاتها بأن تقدَّر قيمتها عند تمام الحوْل ويخرج من قيمتها ربع العشر زكاة عنها.
قال علماء اللجنة الدائمة:
تجب الزكاة في الأراضي المعدة للبيع والشراء؛ لأنها من عروض التجارة، فهي داخلة في عموم أدلة وجوب الزكاة من الكتاب والسنَّة، ومن ذلك قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} ، وما رواه أبو داود بإسناد حسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُخرج الصدقة مما نعده للبيع "، وبذلك قال جمهور أهل العلم، وهو الحق. " فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 331) .
ولا فرق بين أن تكون الأرض ملكاً تامّاً للمزكِّي وبين أن تكون مشتركة مشاعاً كما في المساهمات.
وقال علماء اللجنة الدائمة – أيضاً -:
سئلت اللجنة الدائمة عن زكاة الأراضي المملوكة بطريق المساهمة، هل حكمها حكم عروض التجارة أو العقارات الثابتة؟ .
فأجابت:
إذا تملك الشخص العقار بنية التجارة سواء كان العقار مشتركاً مشاعاً أو مملوكاً له بكامله فإن حكمه حكم عروض التجارة، تجب الزكاة في قيمته إذا بلغت نصاباً وحال على تملكه الحول، وطريقة معرفة القيمة تقويمه عند تمام الحول بمعرفة أهل النظر في ذلك، والله أعلم. " فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 326) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2446)
اشترى أرضاً بغرض التجارة فكيف يزكيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت أرضاً بقيمة 115 ألف ريال بقصد التجارة وحال عليها الحول، هل يجب فيها الزكاة؟ وكم نصاب الزكاة بالريال السعودي إذا كان يجب فيها الزكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
امتلاك الأرض بقصد التجارة يوجب عليها زكاة في كل عام، فتقدر قيمة الأرض في نهاية الحول، وتخرج الزكاة على هذه القيمة، وقدر الزكاة الواجبة فيها هو ريع العشر أي 2.5 بالمائة، فتصرف في مصارف الزكاة التي بينها الله تعالى في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة /60.
وينبغي التنبه إلى أن عروض التجارة إذا اشتريت بذهب، أو فضة، أو نقود (ريالا أو دولارات أو غيرها من العملات) أو عروض أخرى؛ فإن حول العروض هو حول المال الذي اشتريت به، وعلى هذا، فلا يبدأ حولاً جديداً للعروض من حين امتلاكها، بل يكمل على حول المال الذي اشتريت به.
مثال ذلك: لو أن رجلاً امتلك ألف ريال في رمضان، فإنه يبدأ في حساب الحول، ثم في شعبان من السنة الثانية (أي قبل نهاية الحول بشهر) اشترى بهذه الألف عروضاً للتجارة، فإنه يزكي هذه العروض في رمضان، أي بعد امتلاكها بشهر واحد فقط، وذلك لأن حول العروض يبنى على حول الأثمان التي اشتريت بها.
انظر: "الشرح الممتع" (6/149) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/331) :
"تجب الزكاة في الأراضي المعدة للبيع والشراء؛ لأنها من عروض التجارة، فهي داخلة في عموم أدلة وجوب الزكاة من الكتاب والسنَّة، ومن ذلك قوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) ، وما رواه أبو داود بإسناد حسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نُخرج الصدقة مما نعده للبيع. وبذلك قال جمهور أهل العلم، وهو الحق" اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة:
الأراضي المشتراة للتجارة كيف يجب أن يتم احتسابها عند احتساب الزكاة بثمن الشراء أو بما تسوى من أقيام وقت حلول حول الزكاة؟
فأجابت:
" الأراضي المشتراة للتجارة هي من جملة عروض التجارة، والقاعدة العامة في الشريعة الإسلامية أن عروض التجارة تقوم عند تمام الحول بالثمن الذي تساويه، بصرف النظر عن الثمن الذي اشتريت به، سواء كان زائداً عن الثمن الذي تساويه وقت وجوب الزكاة أو أقل، وتخرج زكاتها من قيمتها، ومقدار الواجب فيها من الزكاة ربع العشر، ففي أرض قيمتها ألف ريال – مثلاً - خمسة وعشرون ريالاً وهكذا" اهـ.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9 / 324، 325) .
وأما نصاب الزكاة، فقد سبق في السؤال رقم (42072) أن نصاب الزكاة من الذهب هو عشرون ديناراً أي: 85 جراماً من الذهب. ونصاب الفضة مائتا درهم أي، أو: 595 جراماً من الفضة.
ونصاب النقود (الريال السعودي أو غيره من العملات) ما بلغ قيمة نصاب الذهب أو الفضة. وحيث إن الفضة الآن أقل ثمناً من الذهب، فنصاب النقود الآن هو ما بلغ قيمة 595 جراماً من الفضة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2447)
عندها ذهب جعلته وديعة عند والدتها، فهل تزكيه أم لا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سواران ذهب وزنهم 85 غراماً تركتهما أمانة لدى والدتي، لأن قوانين بلدي لا تسمح لي بإخراج الذهب وكنت أرتديهم دائما. وأنا الآن في بلد آخر. فهل أدفع زكاة عنهما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في السؤال (19901) بيان فتوى اللجنة الدائمة في زكاة الحلي المعد للاستعمال، وذكروا أن أرجح قولي أهل العلم هو القول بأن الحلي المعد للاستعمال فيه الزكاة، ويلاحظ أن كون الذهب معدا للاستعمال يجعل فيه الزكاة، ولا يلزم منه أن يكون الذهب مستعملا دائما.
وعلى هذا فكون الذهب كان وديعة عند والدتك لا يخرجه عن كونه معداً للاستعمال، وهو ملكٌ لكِ ففيه الزكاة لبلوغه النصاب، إذ إن نصاب الذهب هو 85 غراماً. راجع السؤال رقم (2795) ، (64) .
وعلى هذا فهذا الذهب فيه الزكاة تخرجينها كل عام، ومقدارها 2.5 بالمائة من قيمته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2448)
هل في المنحة الدراسية زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أندنوسي أدرس في اليابان وأحصل على منحة دراسية من الدولة، فهل علي زكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزكاة تجب في أربعة أصناف: الخارج من الأرض من الحبوب والثمار، والسائمة من بهيمة الأنعام، والذهب والفضة (وما يقوم مقامها من العملات الورقية اليوم) وفيها ربع العشر، وعروض التجارة.
وحيث أن المال الذي لديك هو مرتب من العملة الورقية يُدفع إليك منحة من الحكومة اليابانية، فإنّ الأسهل بالنسبة لك في إخراج الزكاة في هذه الحال: أن تنظر بعد مرور سنة هجرية في الرصيد الذي لديك وتُخرج في كل 1000 خمسة وعشرين، فإن كنت تنفقه أولا بأول ولا يبقى لديك منه شيء يبلغ النّصاب ويحول عليه الحول فلا زكاة عليك في هذه الحال. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2449)
راتبه لا يكفيه ولا يكفي أولاده، فهل له أن يأخذ من مال الصدقة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف ولي راتب شهري وراتبي لا يسد احتياجاتي واحتياجات أبنائي ولدي صديق يقوم بالتصدق من ماله الشخصي أو من راتبه ويمنحه لي ولأولادي ويشتري لنا بعض الأغراض ويسد احتياجاتنا بارك الله فيه. هل هذا حرام أم حلال؟ وهل يجوز أن آخذ منه المال أو يصرف علينا من ماله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان صديقك يعطيك من زكاة ماله المفروضة، وراتبك لا يكفي احتياجاتك واحتياجاتك من تعوله: فلا حرج عليك في أن تأخذ منه ما يكمل كفايتك وكفاية من تعوله.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ (يعني عن الإمام أحمد) أَنَّ الْغِنَى مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ , وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا , وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا حَلَّتْ لَهُ الصَّدَقَةُ , وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا , وَالْأَثْمَانُ وَغَيْرُهَا فِي هَذَا سَوَاءٌ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ , لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِقَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ (لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: قَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ , فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ , أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَمَدَّ إبَاحَةَ الْمَسْأَلَةِ إلَى وُجُودِ إصَابَةِ الْقِوَامِ أَوْ السِّدَادِ , وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ هِيَ الْفَقْرُ , وَالْغِنَى ضِدُّهَا , فَمَنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَهُوَ فَقِيرٌ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّصِّ , وَمَنْ اسْتَغْنَى دَخَلَ فِي عُمُومِ النُّصُوصِ الْمُحَرِّمَةِ " انتهى.
"المغني" (2/277) .
وقال علماء اللجنة:
" إذا كان راتبك ودخلك لا يكفيك وعائلتك في الأشياء الضرورية فلا مانع من أخذك من الزكاة بقدر ما يكمل الكفاية " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10 / 23)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" إذا كان الراتب لا يكفيك لقضاء حاجاتك وحاجات أهلك المعتادة التي ليس فيها إسراف ولا تبذير حلت لك الزكاة، وإلا فلا " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14 / 266-267)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الفقير الذي يستحق من الزكاة هو الذي لا يجد كفايته وكفاية عائلته لمدة سنة، ويختلف بحسب الزمان والمكان، فربما ألف ريال في زمن، أو مكان تعتبر غنى، وفي زمن أو مكان آخر لا تعتبر غنى لغلاء المعيشة ونحو ذلك " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 / 1573) .
وينظر: "لقاء الباب المفتوح"، للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (148 / 7) .
وأما إذا كان صديقك يعطيك من راتبه على أنها من صدقة التطوع: فالأمر فيها أوسع من الزكاة المفروضة، والرخصة فيها أعم.
قال النووي رحمه الله:
" تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم، ويثاب دافعها عليها , ولكن المحتاج أفضل.
قال أصحابنا: ويستحب للغني التنزه عنها , ويكره التعرض لأخذها.
قال صاحب البيان: ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهرا للفاقة. وهذا الذي قاله صحيح " انتهى.
"المجموع" (6/236) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" صدقة التطوع أوسع من الزكاة المفروضة؛ لأن الزكاة المفروضة لا تحل إلا للأصناف الثمانية الذين عينهم الله في قوله (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٌ) أما صدقة التطوع فهي أوسع، فيجوز للإنسان أن يتصدق على شخص يحتاج إليها وإن لم يكن فقيراً، ويجوز أن يتصدق على طلبة العلم وإن كانوا أغنياء، تشجيعاً لهم على طلب العلم، ويجوز أن يتصدق على غنيٍّ من أجل المودة والألفة. فهي أوسع، ولكن كلما كانت أنفع فهي أفضل " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (213 / 6)
راجع إجابة السؤال رقم: (82673) (67926) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2450)
إعطاء الزكاة للمدين ولمن يريد الزواج مع كونه موظفا براتب جيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء زكاة الأموال لشخص عليه دين وهو موظف؟ هل يجوز إعطاء زكاة الأموال لأخي غير المتزوج والموظف حديثا وراتبه 8000 ريال بغرض الزواج وليس له دخل إلا راتبه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجوز إعطاء الزكاة لمن عليه دين يعجز عن سداده ولو كان موظفا؛ لأنه من الغارمين، وهم أحد مصارف الزكاة الثمانية الواردة في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
فإن كان لديه ما يسدد به دينه لم يجز دفع الزكاة إليه.
ثانياً:
يجوز دفع الزكاة لمن يريد أن يتزوج إذا كان لا يجد نفقات الزواج العرفية التي لا إسراف فيها؛ لدخوله في صنف الفقراء.
قال الشيخ ابن عثيمين: " لو وجدنا شخصاً يستطيع أن يكتسب للأكل والشرب، والسكنى لكنه يحتاج إلى الزواج وليس عنده ما يتزوج به، فهل يجوز أن نزوجه من الزكاة؟
الجواب: نعم، يجوز أن نزوجه من الزكاة ويعطى المهر كاملاً، فإن قيل: ما وجه كون تزويج الفقير من الزكاة جائزاً ولو كان الذي يعطى إياه كثيراً؟
قلنا: لأن حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب، ولذلك قال أهل العلم: إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج، ولم يكن عنده ما يتزوج به، لكن سمعت أن بعض الآباء الذين نسوا حالهم حال الشباب إذا طلب ابنه منه الزواج قال له: تزوج من عرق جبينك. وهذا غير جائز وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه، وسوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه " انتهى من "فتاوى أركان الإسلام" ص 440.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز صرف الزكاة لشاب يريد الزواج من أجل إعفاف فرجه؟
فأجابت: "يجوز ذلك إذا كان لا يجد نفقات الزواج العرفية التي لا إسراف بها " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/17) .
وينظر جواب السؤال رقم (21975) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2451)
يعملون في جمعية خيرية ويشاركونها في أموالها بنسبة من الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إفادتي بما يأتي: فريق من الإخوة قاموا بجمع التبرعات من الناس لجمعية معينة، وخيراتها، وتكون إدارة الجلسات، وإعدادها، وإخراج الإعلانات، والمالية، كلها من قبَل ذلك الفريق - كبيع مقاعد للمحاضرات الدينية مثلا -، وسيكون توزيع الربح من الأموال المجموعة كالتالي: 50 % من الربح لإدارة الجلسات، و 30 % منه للفريق، و 20 % للجمعية، وإذا تمكن الفريق من بيع المقاعد، أو الكراسي المبينة أعلاه: فستكون 50 % من التبرعات تعطى للجمعية، أو الفريق، على حسب عدد المقاعد، أو الكراسي المباعة! هل هذا التعامل جائز شرعاً لأن التبرعات التي تجمع من الحضور أو المشترين من أجل خيرات الجمعية؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من أجلّ الطاعات وأنفعها للعبد: الاشتغال بالدعوة، والتعليم، ونشر للخير بين الناس، كما قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/ 33.
قال ابن كثير رحمه الله:
وهذه عامة في كل من دعا إلى خير، وهو في نفسه مهتدٍ.
" تفسير ابن كثير " (7 / 179) .
فإقامة هذه الجمعيات وسيلة من الوسائل التي تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية، من رعاية الفقراء، والمحتاجين، ودعوة، وتعليم، وتحفيظ لكتاب الله، وما شابه ذلك.
وحتى يتم الأجر والثواب على أكمل وجه - بإذن الله - لا بد أن يكون العمل خالصاً لله، كما قال الله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيماً) النساء/ 114.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير الآية:
ينبغي للعبد أن يقصد وجه الله تعالى، ويخلص العمل لله في كل وقت , وفي كل جزء من أجزاء الخير؛ ليحصل له بذلك الأجر العظيم، وليتعود الإخلاص، فيكون من المخلِصين، وليتم له الأجر.
"تفسير السعدي" (ص 202) .
ومما يعين على الإخلاص، ويصحح النية: أن تكون الأعمال الخيرية ليست مقصداً لربح مادي، أو معنوي، للقائمين عليه، بل تكون الغاية - أولاً، وأخيراً - الأجر، والثواب من الله.
ولعل نجاح كثير من الأعمال الخيرية القائمة الآن، سببه: البعد عن المقصد المادي، والربح الدنيوي، ولعل - كذلك - من أسباب فشل كثير من المشاريع الخيرية: دخول حظ النفس الدنيوي , والذي يترتب عليه فشل المشروع , بل والشحناء، والبغضاء بين القائمين عليه.
ثانياً:
القائمون على هذه الجمعيات هم أمناء على ما يجمعونه من تبرعات وأموال لهذه الجمعيات، فلا يجوز لهم التصرف في هذه الأموال إلا فيما حدده المتبرع بهذا المال، فإذا جعله في الصدقة على الفقراء أو تعليم العلم وجب إنفاقه فيما حدده.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
رجل فقير يأخذ الزكاة من صاحبه الغني بحجة أنه سيوزعها، ثم يأخذها هو، فما الحكم في هذا العمل؟
فأجاب:
"هذا محرَّم عليه، وهو خلاف الأمانة؛ لأن صاحبه يعطيه على أنه وكيل، يدفعه لغيره، وهو يأخذه لنفسه، وقد ذكر أهل العلم: أن الوكيل لا يجوز أن يتصرف فيما وُكِّل فيه لنفسه، وعلى هذا: فإن الواجب على هذا الشخص أن يبيِّن لصاحبه: أن ما كان يأخذه من قبْل كان يصرفه لنفسه، فإن أجازه: فذاك، وإن لم يُجزْه: فإن عليه الضمان - أي: يضمن ما أخذ لنفسه - ليؤدي به الزكاة عن صاحبه" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (18/202) .
وانظر جواب السؤال رقم: (49899) .
وعلى هذا؛ فلا يجوز للقائمين على هذه الجمعية أن يستفيدوا مما يدفعه الناس من صدقات، وزكوات وتبرعات للجمعية لتحقيق نفع وربح مادي خاصٍّ بهم، ثم إنهم قد بالغوا في نسبة المشاركة حتى جعلوا حصتهم 80 % فكيف يكون هذا مباحاً؟ والأموال التي بين أيديهم هي من تبرعات الناس للجمعية الخيرية، لا لهم.
فالواجب على القائمين على هذه الجمعية أن ينفقوا أموال المتبرعين فيما حدده المتبرعون.
والنصيحة لهم: أن يتعففوا عن هذا المال , وأن يقتصر أخذهم على الحد الأدنى من الحاجات الضرورية من مصاريف لإنجاح هذا العمل الخيري , وأن يُجعل الربح الحاصل في أعمال ومشاريع الجمعية الخيرية.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2452)
هل يجوز فك أسرى المسلمين من مال الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز فك أسرى المسلمين من مال الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز فك الأسير من مال الزكاة، فإذا أُسر المسلم في أيدي الكفار، ولم يتركوا سبيله، إلا بمال جاز فداؤه من مال الزكاة؛ لدخوله في قوله تعالى في مصارف الزكاة: (وَفِي الرِّقَابِ) .
جاء في "الموسوعة الفقهية" في مصارف الزكاة (23/321) : " أن يفتدي بالزكاة أسيراً مسلماً من أيدي المشركين , وقد صرح الحنابلة وابن حبيب وابن عبد الحكم من المالكية بجواز هذا النوع ; لأنه فك رقبة من الأسر , فيدخل في الآية، بل هو أولى من فك رقبة مَنْ بأيدينا" انتهى.
وجاء في فتاوى "اللجنة الدائمة" (10/6) : "والمراد بقوله تعالى: (وَفِي الرِّقَابِ) عتق المسلم من مال الزكاة، عبداً كان أو أمة، ومن ذلك: فك الأسارى ومساعدة المكاتبين" انتهى.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "ويدخل في قوله: (وَفِي الرِّقَابِ) على الصحيح أيضاً: عتاق الأسرى، أسرى المسلمين بين الكفار، يدفع من الزكاة للكفار الفدية حتى يطلقوا المسلمين وحتى يفكوا أسراهم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (14/15) .
وقال ابن قدامة في "الكافي": "ويجوز أن يفك منها أسيراً مسلماً؛ لأنه فك رقبة من الأسر".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هذا صحيح؛ لأنه داخل في الرقاب، وهذا ما يعرف في لغة العصر بالرهائن، يكون رهائن من المسلمين عند الأعداء ويقول الأعداء: لا نفكهم لكم إلا بشيء من المال فيعطون من الزكاة لفك هذه الرهائن فلا بأس" انتهى من "شرح الكافي".
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2453)
حكم دفع الزكاة لشخص عليه دية قتل
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص قتل آخر وحكم عليه بالدية، فهل يجوز إعطاؤه من الزكاة لسداد الدية أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا كان القتل خطأً وجبت الدية على عاقلة القاتل، فإن عجزت العاقلة تحملها عن القاتل بيت مال المسلمين، فإن لم يمكن أخذها من بيت مال المسلمين رجعت على القاتل.
وإن كان القتل عمداً، فلا تتحملها العاقلة بل هي على الجاني ابتداءً، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (135380) و (52809) .
فإذا تقرر أن الدية على القاتل، فإن كان فقيراً عاجزاً عن دفع الدية، فلا مانع من إعطائه من الزكاة باعتباره من الغارمين، فيدخل في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
وجاء في "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" رحمه الله:
"أما الديون التي على الأحياء فمن كان موسوراً ألزم بالوفاء، ومن كان معسراً فنظرة إلى ميسرة؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) .
لكن إذا كان الدَّيْن قد تحمله المدين غرامة لإصلاح ذات البين، أو لإصلاح نفسه في مباح كنفقته ونفقة عياله استحق أن يدفع له من الزكاة ما يفي به؛ لأنه من الغارمين الذين هم أحد أصناف مصارف الزكاة....
أما الدية التي يُحكم بها على الجاني نفسه، فحكمها حكم الدين على الحي [يعني: يجوز أن يُعطى من الزكاة إذا لم يكن قادراً على أدائها] " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه لله:
هل يجوز أن يُعطى من الزكاة من عليه دية؟
فأجاب: "إن كانت الدية عليه وهو فقير فنعم، وإن كان غنيّاً فلا، وإن كانت على عاقلته وهم فقراء فنعم، وإن كانوا أغنياء فلا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/357) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2454)
لا زكاة في المال المتبرع به لبناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[تبرع أهل الحي بمال لبناء مسجد، ولم نستطع البناء لأسباب، وقد مضى عليه حول كامل، فهل يجب إخراج الزكاة من هذا المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الموقوف على جهة عامة كالمساجد أو الفقراء ليس فيه زكاة، لأنه ليس له مالك معين.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/311) : " إذا كانت الماشية موقوفة على جهة عامة كالفقراء أو المساجد أو الغزاة أو اليتامى وشبه ذلك، فلا زكاة فيها؛ لأنه ليس لها مالك معين.." انتهى.
وقال أيضاً: " ثمار البستان وغلة الأرض الموقوفين , إن كانت على جهة عامة، كالمساجد والقناطر والمدارس والفقراء والمجاهدين والغرباء واليتامى والأرامل وغير ذلك , فلا زكاة فيها ... وإن كانت موقوفة على إنسان معين أو جماعة معينين , أو على أولاد زيد مثلا وجب العشر [أي: الزكاة] بلا خلاف ; لأنهم يملكون الثمار والغلة ملكاً تاماً , ويتصرفون فيه جميع أنواع التصرف " انتهى من "المجموع" (5/483) .
وفي "الفروع" (2/336) : " ولا زكاة في وقف على غير معين أو على المساجد والمدارس والربط ونحوها " انتهى
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
لدي مبلغ من المال من أهل الخير لبناء مسجد، وبقي عندي أكثر من سنة، فهل عليه زكاة أم لا؟
فأجاب: "ليس عليه زكاة مطلقاً؛ لأن أهله قد أنفقوه في سبيل الله، وعليك المبادرة بالتنفيذ" انتهى من "مجموع الفتاوى" (14/37)
فالمال المجموع لبناء مسجد لا زكاة فيه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2455)
لا حرج في دفع الزكاة للوالد المدين ليقضي دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وعندي مال أزكيه كل سنة، فهل لي أن أعطي والدي زكاة مالي ليقضي به دينه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
الأصل أنه لا يجوز صرف الزكاة للأصول، وهم الأب والأم والأجداد والجدات. وكذا لا يجوز صرفها للفروع وهم: الأبناء والبنات وأولادهم ; وذلك لأن نفقتهم واجبة , فيستغنوا بها عن أخذ الزكاة.
قال ابن قدامة: "ولا يعطى من الصدقة المفروضة للوالدين , وإن علوا , ولا للولد , وإن سفل قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين , في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم , ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته , وتسقطها عنه , ويعود نفعها إليه , فكأنه دفعها إلى نفسه , فلم تجز.." انتهى من المغني (2/269) بتصرف يسير.
وهذا إذا كان يعطيهم الزكاة ليسقط بذلك واجباً عن نفسه وهو النفقة عليهم، أما قضاء دين الوالدين فغير واجب على الولد، فلا حرج أن يعطيهما زكاته لقضاء الدين.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/177) : "وقيد المالكية والشافعية وابن تيمية من الحنابلة الإعطاء الممنوع بسهم الفقراء والمساكين , أما لو أعطى والده أو ولده من سهم العاملين أو المكاتبين أو الغارمين أو الغزاة فلا بأس.
وقالوا أيضاً: إن كان لا يلزمه نفقته جاز إعطاؤه" انتهى.
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
هل يصح لي إخراج زكاة المال إلى إخواني وأخواتي القاصرين الذين تقوم على تربيتهم والدتي بعد وفاة والدنا رحمه الله؟ وهل يصح دفع هذه الزكاة إلى إخواني غير القاصرين، ولكني أشعر أنهم محتاجون إليها ربما أكثر من غيرهم من الناس، أدفع لهم هذه الزكاة؟
فأجاب:
"إن دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم. وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن هذا لا يجوز، فإذا قدر أن هؤلاء الإخوة الذين ذكرت والأخوات فقراء، وأن مالك لا يتسع للإنفاق عليهم؛ فلا حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك. وكذلك لو كان هؤلاء الإخوة والأخوات عليهم ديون للناس وقضيت دينهم من زكاتك، فإنه لا حرج عليك في هذا أيضاً؛ وذلك لأن الديون لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه، فيكون قضاؤها من زكاته أمراً مجزياً حتى ولو كان ابنك أو أباك وعليه دين لأحد ولا يستطيع وفاءه، فإنه يجوز لك أن تقضيه من زكاتك، أي يجوز أن تقضي دين أبيك من زكاتك، ويجوز أن تقضي دين ولدك من زكاتك بشرط أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك، فإن كان سببه تحصيل نفقة واجبة عليك، فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك؛ لئلا يتخذ ذلك حيلة على منع الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه لأجل أن يستدين ثم يقضي ديونهم من زكاته " انتهى من "مجموع الفتاوى" (14/311) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم دفع الإنسان زكاته إلى أصله وفرعه؟
فأجاب: "دفع الزكاة إلى أصله وفرعه أعني آباءه وأمهاته وإن علوا، وأبناءه وبناته وإن نزلوا إن كان لإسقاط واجب عليه لم تجزئه، كما لو دفعها ليسقط عنه النفقة الواجبة لهم عليه إذا استغنوا بالزكاة، أما إن كان في غير إسقاط واجب عليه، فإنها تجزئه، كما لو قضى بها ديناً عن أبيه الحي، أو كان له أولاد ابن وماله لا يحتمل الإنفاق عليهم وعلى زوجته وأولاده، فإنه يعطي أولاد ابنه من زكاته حينئذ؛ لأن نفقتهم لا تجب عليه في هذه الحال، وبذل الزكاة للأصول والفروع في الحال التي تجزئ أولى من بذلها لغيرهم؛ لأن ذلك صدقة وصلة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/415) .
والحاصل: يجوز للولد دفع زكاة ماله لوالده وكذا العكس، إذا كان عليه دين لا يقدر على سداده.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2456)
هل يجوز للزوج أن يعطي زكاته لزوجته لأن عليها ديوناً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يقضي الدين عن زوجته من مال الزكاة، علماً بأن الزوجة قد استدانته قبل الزواج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
نعم، لا حرج في ذلك، لأنه لا يجب عليه قضاء دينها، والممنوع هو أن يعطي الرجل زكاته لامرأته ليسقط بذلك عن نفسه نفقة واجبة عليها.
قال ابن المنذر رحمه الله: "أجمع أهل العلم على أن الرجل لا يعطي زوجته من الزكاة ; وذلك لأن نفقتها واجبة عليه , فتستغني بها عن أخذ الزكاة , فلم يجز دفعها إليها , كما لو دفعها إليها على سبيل الإنفاق عليها" انتهى من "المغني" (2/270) .
وقال عليش رحمه الله في " منح الجليل شرح مختصر خليل ": " وأما إعطاء الزوج زوجته زكاته فيمنع اتفاقاً , ومحل المنع فيهما [أي: إعطاء كل واحد من الزوجين الزكاة للآخر] : إن لم يكن إعطاء أحدهما الآخر ليدفعه في دَيْنه أو ينفقه على غيره، وإلا جاز اتفاقاً " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "لو أن الشخص قضى دين والده من زكاته وكان والده لا يستطيع الوفاء فإن ذلك جائز، ولو دفع الزوج زكاته في قضاء دين زوجته وهي لا تقدر على الوفاء فإنه لا بأس بذلك، لأنه يصدق عليهم أنهم من الغارمين " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والحاصل: أنه يجوز للزوج أن يعطي زكاته لزوجته لقضاء دينها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2457)
احتاج إلى زكاته لإجراء عملية جراحية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال (40) ألف ريال، وقد حال عليه الحول، ولم أقم بإخراج الزكاة منه لأنني قمت بإجراء عملية كلفت أكثر من (60) ألف ريال، فهل علي إثم في هذه الحال وهل يجب علي إخراج الزكاة بعد ذلك أم أن الزكاة تسقط لعدم وجود المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
الأصل وجوب إخراج الزكاة على الفور، إذا كمل النصاب وحال عليه الحول.
قال النووي رحمه الله: "يجب إخراج الزكاة على الفور، إذا وجبت، وتمكن من إخراجها، ولم يجز تأخيرها , وبه قال مالك وأحمد وجمهور العلماء نقله العبدري عن أكثرهم؛ لقوله تعالى: (وَآتُوا الزَّكَاةَ) والأمر على الفور.." انتهى من "المجموع" (5/308) .
ثانياً:
لا إثم عليك في هذه الحال من عدم إخراجك للزكاة؛ لحاجتك إلى المال، وقد أجاز العلماء رحمهم تأخير الزكاة في مثل هذه الحال.
وقال المرداوي في الإنصاف (3/187) : "يجوز له التأخير أيضاً لحاجته إلى زكاته، إذا كان فقيراً محتاجاً إليها تختل كفايته ومعيشته بإخراجها , نص عليه , ويؤخذ منه ذلك عند ميسرته" انتهى.
وقال البهوتي في "كشاف القناع" (2/255) : " لا يجوز تأخير إخراج زكاة المال عن وقت وجوبها , مع إمكانه، فيجب إخراجها على الفور....إلا أن يخاف من وجبت عليه الزكاة ضرراً فيجوز له تأخيرها نص عليه؛ لحديث: (لا ضرر ولا ضرار) ... أو كان المالك فقيراً محتاجاً إلى زكاته تختل كفايته ومعيشته بإخراجها. نص عليه [يعني: الإمام أحمد] ، وتؤخذ منه عند يساره؛ لزوال العارض" انتهى.
فعلى هذا، لا حرج عليك في تأخير الزكاة، غير أنها لا تسقط عنك، بل تبقى دَيْناً في ذمتك، فمتى تيسر لك إخراجها، ورزقك الله مالاً، فعليك المبادرة بإخراجها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2458)
هل يأخذ الموظفون بجمعية خيرية من سهم العاملين عليها في الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: في جمعية الجبيل النسائية تصل زكاة أموال، لإيصالها إلى مستحقيها، حسب الأصناف الثمانية الواردة في كتاب الله. ولكن قد يصيب المكتب عجزٌ مادي، فهل يجوز أن تُعطى الموظفات القائمات على الأمور المالية والمحاسبة، أو العاملات عموماً من هذه الزكوات، وهل يدخلون في باب العاملين عليها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
(العاملين عليها) في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) التوبة/60.
هم الذين يتولون جمعها وإحصاءها وتوزيعها على مستحقيها، بتكليف ولي الأمر، ويدخل في ذلك الكتبة والمحاسبون ونحوهم.
أما من عداهم ممن يقوم بجمعها وتوزيعها، فهؤلاء وكلاء عن أصحابها، وليسوا داخلين في العاملين عليها.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/165) : "قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رحمهم الله: إنْ كَانَ مُفَرِّقُ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ سَقَطَ نَصِيبُ الْعَامِلِ، وَوَجَبَ صَرْفُهَا إلَى الْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ الْبَاقِينَ إنْ وُجِدُوا , وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ مِنْهُمْ" انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"العاملون عليها هم العمال الذين يوكلهم ولي الأمر في جبايتها والسفر إلى البلدان والمياه التي عليها أهل الأموال حتى يجبوها منهم، فهم جباتها وحفاظها والقائمون عليها، يُعطوْن منها بقدر عملهم وتعبهم على ما يراه ولي الأمر" انتهى باختصار يسير.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/14) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" (وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) هم الذين أقامهم الإمام أي ولي الأمر لقبض الزكاة وتفريقها فيهم، وهم عاملون عليها، أي: لهم ولاية عليها.
وأما الوكيل الخاص لصاحب المال الذي يقول له: يا فلان خذ زكاتي ووزعها على الفقراء فليس من العاملين عليها؛ لأن هذا وكيل، فهو عامل فيها، وليس عاملاً عليها" انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (206/29) .
وسئل الشيخ رحمه الله: والعاملين في الجمعية هل يعطون من أموال الزكاة؟
فأجاب: العاملين إذا كانوا منصوبين من قبل الدولة.
فقال السائل: لكن من الجمعية محاسب راتبه ما يكفيه؟
فقال الشيخ: لا يمكن إلا من جهة الدولة؛ لأن العاملين عليها هم العاملون من قبل الدولة، من قبل ولي الأمر، ولهذا جاء حرف الجر "عليها"، ولم يقل "فيها"، إشارة إلى أنه لابد أن تكون لهم ولاية، ولا ولاية لهم إلا إذا أنابهم ولي الأمر منابه" انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (141/13) .
فإذا تطوعت إحدى الجمعيات، ونصبت بعض أفرادها لهذا العمل، فهؤلاء العمال إما أن يتطوعوا بالعمل محتسبين، أو تكون أرزاقهم من هذه الجمعية التي ينتسبون إليها، من أموالها، أو مما يصلها من أموال التبرعات العامة وصدقات التطوع ونحوه، ولا يأخذون شيئا من أموال الزكاة على أنهم من العاملين عليها.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
نرجو من فضيلتكم الإجابة على هذه الأسئلة المتعلقة بالأعمال والشؤون المالية في صندوق إقراض الراغبين في الزواج، يرد إلى الصندوق بعض الزكوات العامة وغير المخصصة، هل يجوز الصرف من هذه الأموال رواتب للموظفين العاملين في الصندوق والمصاريف النثرية الهامة التي تتعلق بسير العمل واستمراره؟
فأجاب: "لا أرى أن يصرف من الزكاة للعاملين في ذلك؛ لأنهم ليسوا من العاملين عليها، وأما من الصدقات والتبرعات التي ليست بزكاة فلا بأس" انتهى.
"مجموع الفتاوى" (13/1577) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2459)
تفطير الصائمين من مال الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أجمع الفقراء والمساكين وأفطرهم في رمضان من مال الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
لا يجوز ذلك، لأن الواجب من إخراج الزكاة للفقير والمسكين، هو تمليك الزكاة لهما، فيعطون المال، ويتصرفون فيه حسب ما يرون الأصلح لهما، ويدل على ذلك قول الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
"فالأربعة الأول ـ الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة ـ كان التعبير باللام الدالة على التمليك (لِلْفُقَرَاءِ ... ) ، فلابد أن تملكهم، أي: تعطيهم الزكاة وتتركهم يفعلون ما شاءوا" انتهى من " لقاء الباب المفتوح " لابن عثيمين رحمه الله.
وقال المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/234) : " يشترط في إخراج الزكاة تمليك المعطى , فلا يجوز أن يغدي الفقراء أو يعشيهم.." انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2460)
الفرق بين الزكاة والضرائب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الزكاة وما يسمى بضرائب الدخل؟ وهل يجب دفع هذه الضرائب؟ وماذا لو لم تصرفها الدولة في الحقوق العامة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزكاة هي أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، وتأتي مرتبتها في الإسلام بعد الشهادتين والصلاة.
وقد ثبت وجوبها بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
أما الضرائب التي تقررها الدولة وتفرضها على الناس، فهي من حيث الجملة: التزامات مالية تفرضها الدولة على الأشخاص والمؤسسات بهدف تمويل نفقات الدولة، كالنفقات على التعليم والصحة والطرق ... إلخ.
وهذه الضرائب التي تفرضها الدولة، الأصل في حكمها: أنها حرام ومن كبائر الذنوب.
وانظر جواب السؤال رقم (39461) .
ولا يجوز فرضها إلا في حال الضرورة، وهي خلو بيت المال من المال مع وجود الحاجات الماسة، التي لا يمكن تمويلها إلا بفرض الضرائب، ويكون فرض الضرائب هنا حالة استثنائية، ويراعى فيها العدل بين الناس بقدر الإمكان، ولا يجوز أن يكون ذلك أمرا دائما مستمرا.
جاء في الموسوعة الفقهية (8/247) :
"الضَّرَائِبُ الْمُوَظَّفَةُ عَلَى الرَّعِيَّةِ لِمَصْلَحَتِهِمْ , سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ لِلْجِهَادِ أَمْ لِغَيْرِهِ , وَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِمْ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِي لِذَلِكَ , وَكَانَ لِضَرُورَةٍ , وَإِلَّا كَانَتْ مَوْرِدًا غَيْرَ شَرْعِيٍّ ".
قال في "كشاف القناع" (3/139) :
"وَيَحْرُمُ تَعْشِيرُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ , وَالْكُلَفُ الَّتِي ضَرَبَهَا الْمُلُوكُ عَلَى النَّاسِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ إجْمَاعًا" انتهى.
وتعشير الأموال هو أخذ عشرها، وكانوا يأخذون على التجار عشر أموالهم، وهو ما يسمى الآن بـ "الجمارك".
والكلف هي الضرائب.
وإذا لم يستطع المسلم التخلص من هذا الظلم، فإنه يدفع ما أكره عليه من الضرائب، ثم يوم القيامة سيحكم الله بين عباده بالعدل.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" كل شيء يؤخذ بلا حق فهو من الضرائب، وهو محرم، ولا يحل للإنسان أن يأخذ مال أخيه بغير حق، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئاً، بم تأكل مال أخيك بغير حق؟) ولكن على المسلم السمع والطاعة، وأن يسمع لولاة الأمور.
ولا يجوز أن نتخذ من مثل هذه الأمور وسيلة إلى القدح في ولاة الأمور وسبهم في المجالس وما أشبه ذلك، ولنصبر، وما لا ندركه من الدنيا ندركه في الآخرة " انتهى ملخصا.
"لقاء الباب المفتوح" (65/12) .
تنبيه: لا يجوز حساب الضرائب من الزكاة.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: هل يجزئ الرجل عن زكاته ما يغرمه لولاة الأمور في الطرقات أم لا؟
فأجاب: "ما يأخذه ولاة الأمور بغير اسم الزكاة لا يعتد به من الزكاة، والله أعلم" انتهى.
"مجموع الفتاوى" (30/343) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
" لا يجوز أن تحتسب الضرائب التي يدفعها أصحاب الأموال على أموالهم من زكاة ما تجب فيه الزكاة منها، بل يجب أن يخرج الزكاة المفروضة ويصرفها في مصارفها الشرعية، التي نص عليها سبحانه وتعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) الآية " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/285) .
ولمزيد الفائدة انظر السؤال رقم: (2447) ، (25758) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2461)
هل يجوز أن أعطي الزكاة لمن لم أعلم أنه غير مستحق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يأتي بعض الناس في رمضان ويسألون عن الزكاة ويدَّعون أنهم فقراء محتاجون، فهل يجوز لي أن أعطيهم من الزكاة مع عدم علمي بحالهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
من ادعى أنه فقير جاز أن يُعطى من الزكاة، ما لم يظهر عليه أنه غني، أو قوي يستطيع العمل والاكتساب، فلا يُعطى في هذه الحالة حتى يقيم دليلا على أنه مستحق للزكاة.
قال النووي رحمه الله: " وإن لم يُعرف له مال وادعى الفقر أو المسكنة قُبل قوله، ولا يطالب ببينة بلا خلاف ; لأن الأصل في الإنسان الفقر " انتهى من "المجموع" (6/176) .
وقال البهوتي في "كشاف القناع" (2/286) : " وإن ادعى الفقر من لم يعرف بالغنى قبل قوله ; لأن الأصل استصحاب الحال , والظاهر صدقه " انتهى.
وقال في "الشرح الكبير": "وصدقا [الفقير والمسكين] في دعواهما الفقر والمسكنة، إلا لريبة تكذبهما؛ بأن يكون ظاهرهما يخالف دعواهما، فلا يصدقان إلا ببينة" انتهى من "حاشية الدسوقي" (1/493) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هناك من يدعون أنهم فقراء، فهل يجوز إعطاؤهم من الزكاة حسب ادعائهم بالفقر؟
فأجابوا:
"إذا غلب على الظن أن السائل للزكاة من أهلها الذين ذكرهم الله في قوله سبحانه: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ... ) الآية، لقرائن تدل على صدقه أعطي منها. وإلا فلا.
لكن إذا ادعى السائل الفقر وأنت لا تعلم حاله فلا بأس بإعطائه من الزكاة إلا أن يكون قوياً؛ فقل له كما قال صلى الله عليه وسلم لمن سألاه الزكاة وقد رآهما جلدين: (إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10/12) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2462)
إعطاء الزكاة لجمعية الأطفال المتخلى عنهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء زكاة المال لجمعية الأطفال المتخلى عنهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز دفع الزكاة للأطفال المسلمين المتخلى عنهم إذا كانوا فقراء لا عائل لهم، ويجوز دفعها للجمعية التي تقوم على توفير حاجاتهم من المطعم والملبس والمسكن.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/463) : " نفيد سماحتكم بأن دار رعاية الأطفال المعوقين بالرياض هي المشروع الأول الذي أقامته جمعية رعاية الأطفال المعوقين الخيرية بالرياض، وهي جمعية خيرية أهلية لها شخصية اعتبارية مستقلة تعتمد في دخلها المادي على التبرعات والهبات الخيرية التي تردها من الأهالي والشركات والمؤسسات. وتقوم هذه الجمعية بعلاج ورعاية وتأهيل الأطفال المعوقين من سن الولادة وحتى 12سنة وتصرف لهم المأكل والمشرب والمسكن واللباس اللازم أثناء إقامتهم في الدار التابعة للجمعية وذلك مجانا وبدون مقابل، مع العلم أن الغالبية العظمى من هؤلاء الأطفال من أسر فقيرة ومحدودة الدخل ومستحقة للصدقة.
ومن هنا فإن لنا سؤالا يتلخص فيما يلي: هل يحق للجمعية الاستفادة من أموال الزكاة وصرفها في علاج ورعاية وتأهيل هذه الفئة من الأطفال المعوقين والفقراء والمحتاجين للرعاية والعناية؟ نأمل التكرم بالإطلاع والإفادة وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب: لا مانع من الاستفادة من أموال الزكاة فيما يتعلق بالمعوقين الفقراء " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2463)
دفع المال إلى فقير بنية الرجوع على أهل الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أهل البيت "الورثة" يحاولون طرد الأسرة المستأجرة بجميع الوسائل وبدون أي خوف من غضب الله عليهم, يشتمونهم ويقذفهم بالكبيرة علانية والناس تسمع, يضربوهم وتتدخل الشرطة في كل مرة ثم المحكمة - الأسرة المستأجرة متضررة وفي أزمة من شدة الذل والفقر - الأسرة المتضررة لها مكان عبارة عن مخزن تحت عمارة حاليا غير صالح للسكن أبدا , يريدون تعديله والسكن فيه. سؤالي: هل يجوز لي قرض الأسرة بحيث تعدل هذا المخزن كسكن نظيف الذي سيكلف تقريبا 25 ألف ريال , ثم استرجع مالي من مال الزكاة أو الصدقات؟ يعني أساعدهم ماليا وبِنيَّت أن أقضي الدين أنا لنفسي من مال الصدقات أو الزكاة من عند أهلي ومعارفي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز لك إقراض هذه الأسرة ما تحتاج إليه من مال لإصلاح مسكنها، ثم أخذ ذلك من الزكاة لكونك دائنة لهم، ولكونهم غارمين، ومعلوم أن الغارم من الأصناف المستحقة للزكاة، ولا يشترط دفع الزكاة إليهم، بل يجوز أن يدفع المال إلى الدائن مباشرة.
هذا إذا جرى بينك وبينهم إقراض صريح. وكذلك إذا أعطيتهم المال لأجل الإصلاح بيتهم وقطع الخصومة ونويت الرجوع على أهل الزكاة.
ورَجَّح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وجها ثالثا، وهو أنه يجوز دفع المال للمستحق – ولو لم توجد خصومة- بنية الزكاة عن شخص من الأغنياء، فإن رضي الغني وأجازه، حسب ذلك من زكاته.
فهذه ثلاثة أوجه جائزة في مسألتك: الإقراض الصريح، وإعطاؤهم لإصلاح ذات البين بنية الرجوع على أهل الزكاة، وإعطاؤهم زكاة فلان من الناس ممن تعلمين أن لديه زكاة، ثم إخباره واستجازته.
قال في "كشاف القناع" (2/283) : "وإن دفع المالك زكاةً إلى الغريم [الدائن] عن دين الغارم بلا إذن الفقير الغارم صح وبرئ لأنه دفع الزكاة في قضاء دين المدين , أشبه ما لو دفعها إليه فقضى بها دينه " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " «إصلاح ذات البين» أن يكون بين جماعة وأخرى عداوة وفتنة فيأتي آخر ويصلح بينهم، لكن قد لا يتمكن من الإصلاح إلا ببذل المال، فيقول: أنا ألتزم لكل واحدة منكم بعشرة آلاف ريال بشرط الصلح، ويوافقون على ذلك، فيُعطى هذا الرجل من الزكاة ما يدفعه في هذا الإصلاح، فيعطى عشرين ألفاً.
وإذا وَفَّى من ماله فإنه لا يُعطى؛ لأنه إذا وفَّى من ماله لا يكون غارماً، فليس عليه دَيْن الآن.
ولكن ينبغي التفصيل فيقال: يُعْطَى من الزكاة في حالين:
1 ـ إذا لم يوف من ماله؛ فهنا ذمته مشغولة، فلا بد أن نفكه.
2 ـ إذا وَفَّى من ماله بنية الرجوع على أهل الزكاة؛ لأجل ألا نسدَّ باب الإصلاح، وقد قال الله تعالى: (لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ) النساء/114؛ ولأن الحال قد تقتضي الدفع فوراً " انتهى من "الشرح الممتع" (6/233) .
وقال أيضا: " قال العلماء: وهكذا كل من أدى عن غيره دَيْناً واجباً، فإنه يرجع إن نوى الرجوع، ولو بغير إذنه، إلا إذا كان الدَّيْن مما تشترط فيه نية المدين، فإنه لا يرجع إلا بإذن، مثل الزكاة والكفارة؛ لأن الذي عليه الزكاة لم ينوِ ولم يوكل.
مثاله: جاء رجل وقال: أنا سأذهب إلى المجاهدين أعطوني دراهم من الزكاة، وكنت أعلم أن صاحبي عنده زكاة كثيرة، فأعطيت هذا الرجل ثلاثين ألفاً على أنها زكاة صاحبي فهل أرجع؟ لا؛ لأن الزكاة تجب فيها النية، وهنا الذي عليه الزكاة لم ينو، وأما الثلاثون ألفاً فلا تذهب، بل عند الله وفيها أجر وتكون صدقة للذي بذلها.
فلو أنني أخبرته، وقلت: إنني دفعت عنك زكاة، فقال: جزاك الله خيراً، وأنا مجيز لك هذا التصرف، فالمذهب لا يجزئ؛ لعدم وجود النية حين الدفع، والصحيح جواز ذلك، والدليل على ذلك حديث أبي هررة رضي الله عنه في قصة حفظه التمر، وهو وكيل للرسول صلّى الله عليه وسلّم على صدقة الفطر يحفظها، فجاءه الشيطان ليلة من الليالي وأخذ من التمر فأمسكه أبو هريرة، فقال الشيطان: إنه فقير وله عائلة، فَرَقَّ له أبو هريرة وتركه، وهكذا الليلة الثانية، والليلة الثالثة قال: لا بد أن تذهب إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم فخاف من الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقال: أخبرك بآية تقرؤها، فإن قرأتها في ليلة لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فأعلمه بآية الكرسي، فلما أصبح قال له الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ما فعل أسيرك البارحة؟ وقال: إنه صدقك وهو كذوب، فقال: أتدري من تخاطب منذ ثلاثة أيام؟ فقال: لا، فقال: ذلك شيطان.
فأبو هريرة رضي الله عنه حين دفع من الزكاة لم يدفع بإذن الرسول، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أجازه.
فالصحيح أن الإنسان لو دفع عن غيره زكاة وأجازه الغير، فإن الصحيح جواز ذلك " انتهى من "الشرح الممتع" (9/199) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2464)
مغترب للدراسة ولا ينفق عليه والده فهل يأخذ من الضمان الاجتماعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 22 سنة طالب جامعي مغترب عن أهلي ولا أستطيع الالتحاق بعمل إضافي بسبب الدراسة، والدي مرتبه جيد إلا أنه بخيل جداً استطاع الحصول على ضمان (مبلغ مالي) يصرف لي بحجة اضطراب القولون وضعف البصر الذين يعاني منه كثير من الناس. وبهذا المبلغ والدي ليس مسؤلاً عن مصاريفي، دخلت موقع وزارة الشؤون الاجتماعية ورأيت الشروط ولم أجد شيئاً مخالفاً إلا أنه يشترط الفحص الطبي فقط، ولم يذكر اشتراط الحضور أم لا، هل يجوز أخذ هذا الضمان أم لا؟ على الرغم من عدم حضوري لأي موعد أو مراجعة من أجل صرف الضمان، واستحلفت والدي بأن يبعدني عن هذا المال إن كان فيه حرمة فأجابني: أليست الأمراض المذكورة فيك؟ قلت: نعم فأجابني: إذاً ليست بحرام. ووالدي يهددني بأنه لن يصرف علي إن حاولت إيقاف الضمان بحجة اشتباه الأمر. والحقيقة أني رأيت في نفسي فتوراً بعد أخذي لهذا المال الذي لا مناص لي عنه الآن؟ أفتوني مأجورين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت فينبغي أن تحضر إلى الجهة المسئولة وتجري الفحص الطبي، وبذلك يحل المال، وتنتفي الشبهة وتسلم من الحرج.
والظاهر من اشتراطهم الفحص الطبي أن يكون ذلك من جهة تابعة أو معتمدة لدى الوزارة.
وإن كان وجودك في الخارج بسبب الدراسة يمنعك من الحضور وإعادة الفحص، فنرجو ألا يكون عليك حرج في أخذ المال ما دام الوصف منطبقا عليك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2465)
لديه أقارب يعطيهم مساعدة ويريد أن يحسبها من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بمساعدة إخواني وأقاربي , فأنفق عليهم أكثر من المال المستحق عليّ من الزكاة سنوياً , وأنا لا أطلب منهم أن يعيدوا المال لي، فقال لي أحد الأشخاص أنني اذا كنت أعطيهم المال للأبد , فأكون في هذه الحالة بغير حاجة لأن أدفع الزكاة كمبلغ آخر حتى ولو كانت النية عند إعطائهم ليست نية زكاة، فما رأي فضيلتكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان هؤلاء الإخوان والأقارب مستحقين للزكاة لفقرهم وعدم وجود ما يكفيهم، أو لكونهم غارمين لا يجدون سداد ديونهم، جاز إعطاء الزكاة لهم، ما لم تكن نفقة أحدهم واجبة عليك، فليس لك أن تعطيه من الزكاة لتحمي مالك.
وينظر: سؤال رقم (125720) .
ثانيا:
يشترط لصحة الزكاة: النية عند إخراجها، فإذا أعطيت المال لهؤلاء وأنت لا تنوي الزكاة، لم يصح احتسابها فيما بعد من الزكاة.
والزكاة يجب إخراجها إذا حال الحول، ولا يجوز تأخيرها لدفعها على دفعات أو أقساط.
لكن له أن يعجل زكاته قبل سنة أو سنتين، فيخرجها حينئذ على دفعات أو أقساط.
وصفة التعجيل أن يكون حول زكاته [وهو الموعد السنوي المحدد لإخراج زكاته] في أول ذي الحجة مثلا، فإذا أخرج زكاته في وقتها، أخرج زكاة السنة القادمة معها، فيكون قد عجل زكاته لمدة سنة، فلو فرض أن زكاة السنة القادمة تبلغ ألفا، فله أن يخرج الألف كلها معجلة الآن، وله أن يخرجها مقسطة على السنة أو حسب ما يرى، فإن جاء الحول، كان قد أخرج زكاته ولم يؤخر منها شيئا. على أنه ينبغي له النظر في ماله عند حلول الموعد الفعلي للزكاة؛ فإن كان المستحق عليه من الزكاة أكثر مما أخرج فعلا: فإنه يخرج ما تبقى عليه.
قال ابن قدامة رحمه الله: " قَالَ أَحْمَدُ: لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ. يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى من "المغني" (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة، في شكل رواتب للأسر الفقيرة، في كل شهر؟
فأجابوا: " لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة (9/422) .
وانظر السؤال رقم (52852) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2466)
هل تدفع الصدقة أو الزكاة لأخواتها طالبات العلم ولمصروف البيت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أخرج صدقة أموالي على أخواتي طالبات علم؟ وهل يجوز أن أساهم في مصروف البيت على أساس أنها صدقة أموال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كان المقصود هو صدقة التطوع، فلا حرج في إعطائها لأخواتك، والمشاركة بها في مصروف البيت؛ لأن باب الصدقة واسع.
وإن كان المقصود: الصدقة الواجبة، أي الزكاة، ففي هذا تفصيل:
أولا: يجوز دفع الزكاة للإخوة والأخوات، إذا كانوا فقراء، ولا تجب نفقتهم عليك، لكونك لا ترثينهم، أو لكون مالك لا يتحمل الإنفاق عليهم.
كما يجوز دفع الزكاة إليهم إذا كان عليهم ديون، سواء وجبت نفقتهم عليك أم لا؛ لأن سداد الدين لا يجب على المنفِق.
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: عن دفع الزكاة إلى الأخ والأخت الشقيقة.
فأجاب:
"إن كان دفعك الزكاة إليه يتضمن إسقاط واجب له عليك، مثل أن تكون نفقته واجبة عليك فتعطيه من الزكاة، لتوفِّرَ مالك عن الإنفاق عليه: فهذا لا يجوز؛ لأن الزكاة لا تكون وقاية للمال، وإن كان لا يتضمن إسقاط واجب له، مثل أن تكون نفقته غير واجبة عليك، لكونك لا ترثه، أو لكون مالك لا يتحمل الإنفاق عليه مع عائلتك، أو تعطيه لقضاء دين عليه لا يستطيع وفاءه: فهذا جائز أن تدفع زكاتك إليه، بل هو أفضل من غيره وأولى؛ لأن إعطاءه صدقة وصلة" انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (18 / 422، 423) .
وينظر جواب السؤال رقم (50739) .
ثانيا:
يجوز دفع الزكاة لطالب العلم الشرعي المتفرغ لذلك؛ لأن هذا الطلب نوع من الجهاد فيدخل في مصرف (وفي سبيل الله) .
وأما طالب العلم الدنيوي، فلا يدخل في مصرف (وفي سبيل الله) ، لكن يعطى من الزكاة لفقره أو لمسكنته، ومن ذلك: أن لا يجد مالا لمصاريف دراسته التي يتوقف عليها العمل والوظيفة المحتاج إليها، كما يعطى أيضا لسداد دينه، كأن يكون عليه دين للجامعة، فيعطى ما يقضي به دينه.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (121181) ورقم (95418) .
ثالثا:
لا يجوز وضع الزكاة في مصروف البيت.
لكن لو فرض أن زوجك فقير يستحق الزكاة، فلك أن تدفعي زكاتك إليه ثم هو ينفقها حيث شاء، ولو أنفقها في البيت فلا حرج عليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2467)
هل تصرف الزكاة في دعم مسابقة للقرآن الكريم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صرف الزكاة في دعم مسابقة قرآن لمدرسة أهلية لأن المدرسة لا تدعم هذه النشاطات؟ وما حكم صرف الزكاة لإصلاح مصلى المدرسة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مصارف الزكاة بَيَّنها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
وجمهور العلماء على أن المراد بقوله تعالى: (وفي سبيل الله) الجهاد في سبيل الله.
وانظر جواب السؤال رقم (21805) ورقم (6977) .
وعليه؛ فلا يجوز أن تبنى المدارس أو المساجد أو المصليات من أموال الزكاة.
وكذلك مسابقات القرآن الكريم، لا تصرف فيها أموال الزكاة، وطرق الخير والبر التي تعين على هذه المشاريع كثيرة، كالصدقة والوقف والهبة.
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: لدينا جمعية تقوم بإنشاء مشروع كبير، وهو بناء مسجد جامع ومدرسة عربية إسلامية، وفيها قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم، ومستوصف طبي، فهل يجوز للجمعية الأخذ من الزكاة لإنشاء مثل هذا المشروع.
فأجاب: "الأصل أن الزكاة لا تصرف إلا في الأصناف الثمانية المذكورة في القرآن، وهم الفقراء، والمساكين، والعمال عليها، والمؤلفة قلوبهم، والمكاتبون، والغارمون، والمجاهدون، وأبناء السبيل، لكن ذهب بعض العلماء إلى أن المشاريع الخيرية تدخل في سبيل الله، والمختار أنه الجهاد فقط.
وعلى هذا؛ فالتمسوا لهذا المشروع غير الزكاة والله أعلم " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين".
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/447) : " أما مدارس القرآن الكريم فإذا كان المزكي أعطاها لأحد القائمين على المدرسة ليسلمها لفقراء الطلبة وغيرهم فيجوز ذلك، حتى ولو نقلت إليهم من بلد إلى بلد لتحقق مصلحة النقل، أما إن كان المزكي يصرفها لميزانية المدرسة لتكون نفقة على تعليم القرآن والعلوم الدينية فلا يجوز ذلك " انتهى
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يمكن أن تنفق الزكاة في بناء المساجد والمدارس وفي أماكن لتعليم القرآن الكريم؟
فأجاب: "هذه محل خلاف بين العلماء، منشأ الخلاف في تفسير قوله تعالى: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) هل المراد بها كل ما يتقرب به إلى الله من المصالح العامة أو المراد بها الغزو في سبيل الله فقط؟ والذي يظهر لي أن المراد بها الغزو في سبيل الله فقط، لأن هذا هو المعروف عند الإطلاق، ولأننا لو جعلناه عاماً لم يكن للحصر فائدة في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) إلخ ولأن حصره في الغزاة أحوط، وما كان أحوط فهو أولى بالاتباع.
أما ما أشار إليه السائل من بناء المدارس ونحوه فإنها أعمال خير، يحث الناس عليها، ويكون صرف المال عليها من جهة أخرى من جهة الصدقات وأفعال الخير والبر" انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2468)
جواز صرف الزكاة في الدعوة إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صرف الزكاة في الدعوة إلى الله؟ فيصرف منها على الدعاة وعلى طلبة العلم، وتفتح مكاتب للدعوة بما فيها من أثاث وأجهزة، ونشتري كتباً وتوزع على المدعوين؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بَيَّن الله تعالى مصارف الزكاة بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
وجمهور العلماء على أن المراد بقوله تعالى: (وفي سبيل الله) الجهاد في سبيل الله.
وانظر جواب السؤال رقم (21805) .
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن الجهاد في سبيل الله يشمل الجهاد بالنفس والسلاح، ويشمل أيضاً: جهاد العلم، والرد على شبه المشركين، وبيان بطلان ما هم عليه من الدين، وبيان محاسن الإسلام، والدعوة إليه.
وقد ورد في النصوص الشرعية إطلاق "الجهاد" على جهاد العلم والدعوة إلى الله.
1- قال الله تعالى في سورة الفرقان، وهي سورة مكية، لم يكن جهاد السلاح شرع حينئذ: (فَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (وجاهدهم به) أي: بالقرآن. تفسير ابن جرير (19/280) .
وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (3/5) :
"فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار بالحجة والبيان، وتبليغ القرآن" انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وإذا كان كذلك فمعلوم أن الجهاد منه ما يكون بالقتال باليد، ومنه ما يكون بالحجة والبيان والدعوة، قال الله تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا * فَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) سورة الفرقان/51، 52، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يجاهد الكفار بالقرآن جهادا كبيرا، وهذه السورة مكية نزلت بمكة، قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل أن يؤمر بالقتال، ولم يؤذن له، وإنما كان هذا الجهاد بالعلم والقلب والبيان والدعوة، لا بالقتال" انتهى.
"منهاج السنة النبوية" (8/86) .
2- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ) رواه أبو داود (2504) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وقد اختار هذا القول بعض علمائنا المعاصرين، وبه صدر قرار من مجمع الفقه الإسلامي. قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله:
"وها هنا أمر هام يصح أن يصرف فيه من الزكاة، وهو إعداد قوة مالية للدعوة إلى الله، ولكشف الشبه عن الدين، وهذا يدخل في الجهاد، هذا من أعظم سبيل الله.
فإن قام ولاة الأمر بذلك فإنه متعين عليهم، وهذا من أهم مقاصد الولاية، التي من أجلها أُمر بالسمع والطاعة لحماية حوزة الدين، فإذا أخل بذلك من جهة الولاة فواجب على المسلمين أن يعملوا هذا، لاسيما في هذه السنين، فقد كان في نجد في كل سنة يبذلون جهاداً لأجل التقوِّي به، فلو كان الناس يجمعون منه الشيء الكثير للدعوة إلى الله وقمع المفسدين بالكلام والنشر فإنه يتعين" انتهى.
"مجموع فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ" (4/142) .
وجاء في قرار المجمع الفقهي:
"بعد تداول الرأي ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:
1- نظرا إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين وأن له حظا من النظر في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) ، ومن الأحاديث الشريفة مثل ما جاء في سنن أبي داود أن رجلا جعل ناقة في سبيل الله فأرادت امرأته الحج فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (اركبيها فإن الحج في سبيل الله) .
2- ونظرا إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، وأن إعلاء كلمة الله تعالى كما يكون بالقتال يكون-أيضاً- بالدعوة إلى الله تعالى ونشر دينه بإعداد الدعاة ودعمهم ومساعدتهم على أداء مهمتهم، فيكون كلا الأمرين جهادا، لما روي الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) .
3- ونظرا إلى أن الإسلام محارب بالغزو الفكري والعقدي من الملاحدة واليهود والنصارى وسائر أعداء الدين، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي، فإنه يتعين على المسلمين أن يقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام وبما هو أنكى منه.
4- ونظرا إلى أن الحروب في البلاد الإسلامية أصبح لها وزارات خاصة بها، ولها بنود مالية في ميزانية كل دولة، بخلاف الجهاد بالدعوة، فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون.
لذلك كله فإن المجلس يقرر-بالأكثرية المطلقة- دخول الدعوة إلى الله تعالى وما يعين عليها ويدعم أعمالها في معنى (وفِي سَبِيلِ اللهِ) في الآية الكريمة."انتهى.
كما صدرت بذلك فتوى الندوة الأولى لقضايا الزكاة المعاصرة جاء فيها:
"إن مصرف في سبيل الله يراد به الجهاد بمعناه الواسع الذي قرره الفقهاء بما مفاده حفظ الدين وإعلاء كلمة الله ويشمل مع القتال الدعوة إلى الإسلام، والعمل على تحكيم شريعته، ودفع الشبهات التي يثيرها خصومه عليه، وصد التيارات المعادية له. وبهذا لا يقتصر الجهاد على النشاط العسكري وحده، ويدخل تحت الجهاد بهذا المعنى الشامل ما يلي:
أ- تمويل الحركات العسكرية الجهادية التي ترفع راية الإسلام وتصد العدوان على المسلمين في شتى ديارهم.
ب- تمويل مراكز الدعوة إلى الإسلام التي يقوم عليها رجال صادقون في البلاد غير الإسلامية بهدف نشر الإسلام بمختلف الطرق الصحيحة التي تلائم العصر، وينطبق هذا على كل مسجد يقام في بلد غير إسلامي يكون مقرا للدعوة الإسلامية.
ج- تمويل الجهود التي تثبت الإسلام بين الأقليات الإسلامية في الديار التي تسلط فيها غير المسلمين على رقاب المسلمين، والتي تتعرض لخطط تذويب البقية من المسلمين في تلك الديار" انتهى.
"فتاوى وتوصيات ندوات قضايا الزكاة المعاصرة" (25) .
وانظر: بحثا بعنوان: "مشمولات مصرف (في سبيل الله) " للدكتور عبد الله بن منصور الغفيلي.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2469)
يريد أن يقسط أموال الزكاة التي يأخذها من الناس ليوزعها على الفقراء طول السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أئمة المساجد يقول: تصل إلي أموال كثيرة من الزكاة في رمضان فهل يجب توزيعها مباشرة، علماً بأنه قد تصل بعض الفقراء فلا يحسن صرفها؟ أم يصرفها على الفقراء على أقساط طوال السنة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ينظر في هذا إلى المصلحة، فمتى وجد أهلاً لها في أسرع وقت ممكن وجب صرفها، لأنه مؤتمن.
وأما إذا كان يخشى ـ إذا بادر بها ـ أن تصرف في غير محلها فلا حرج أن ينتظر حتى يجد أهلاً لها، ولكن إذا تقدم أحد هو أهل لها فليعطه قدر حاجته، ولو استغرق شيئاً كثيراً من الزكاة، مثلاً: لو تقدم إليه رجل مدين بمئة ألف وهو يعلم أنه صادق بأنه مدين وأنه لا يجد الوفاء، وأعطاه مئة ألف من الزكاة أي قضى دينه الذي عليه من الزكاة فلا حرج، صحيح أننا قد لا نوفي جميع الديون عن الشخص مخافة أن يتلاعب ويهون عليه الدين في المستقبل، والإنسان ينظر في هذا إلى الحكمة.
المهم أنه متى أمكن صرف الزكاة في أهلها في أقرب وقت فليصرفها ولا ينتظر، أما إذا لم يمكن فلا حرج عليه أن يؤخر" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"لقاءات الباب المفتوح" (1/66) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2470)
إعطاء الزكاة لطالب العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إعطاء الزكاة لطالب العلم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"طالب العلم المتفرغ لطلب العلم الشرعي وإن كان قادراً على التكسب يجوز أن يعطى من الزكاة، لأن طلب العلم الشرعي نوع من الجهاد في سبيل الله، والله تبارك وتعالى جعل الجهاد في سبيل الله جهة استحقاق في الزكاة، فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) .
أما إذا كان الطالب متفرغاً لطلب علم دنيوي فإنه لا يعطى من الزكاة، ونقول له: أنت الآن تعمل للدنيا، ويمكنك أن تكتسب من الدنيا بالوظيفة، فلا نعطيك من الزكاة" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/409) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2471)
هل يوجد أحدٌ الآن من " آل البيت "؟ وماذا عن ادعاءات كثيرين له؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد أحد من نسل النبي صلى الله عليه وسلم ويكون جدهم عن طريق فاطمة رضي الله عنها؟ وما قولك في الذين يدعون أنهم من آل البيت من السنَّة والشيعة في يومنا هذا، ويقولون: نحن لا نأكل الصدقات؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
علم الأنساب علم جليل، وقد كان أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه أعلم الناس بالنسب، وقد أخطأ من قال: إنه علمٌ لا ينفع، والجهل به لا يضر، وكيف يكون هذا مع الأمر منه صلى الله عليه وسلم بالتعرف على النسب لأجل صلة الرحم؟ وكيف يكون هذا مع الوعيد على من انتسب إلى غير أبيه، أو إلى غير قبيلته؟ .
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ) . رواه الترمذي (1979) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
(مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ) يَعْني: زِّيَادَة فِي الْعُمُرِ.
قال ابن عبد البر رحمه الله: " ولعمْري ما أنصف القائل: " إن عِلْم النسب عِلْم لا يَنفع، وجَهالة لا تضر "؛ لأنه بيِّن نفعُه لما قدّمنا ذكره؛ ولما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كُفْرٌ بالله تبرُّؤ من نسب وإن دق، وكفر بالله ادعاء إلى نَسب لا يُعرف) – رواه أحمد وابن ماجه، وحسَّنه الأرناؤط والألباني -.
وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه مثلُه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (من ادعى إلى غير أبيه، أو انتمى إلى غير مواليه: فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صَرفاً ولا عدلاً) – رواه الترمذي، وصححه الألباني -.
فلو كان لا منفعة له: لمَا اشتغل العلماء به، فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان أعلم الناس بالنسب، نسب قريش، وسائر العرب، وكذلك: جُبير بن مطعم، وابن عباس، وعقيل بن أبي طالب، كانوا مِن أعلم بذلك، وهو عِلم العرب الذي كانوا به يتفاضلون، وإليه ينتسبون " انتهى.
"الإنباه عن قبائل الرواة" (ص1) .
ثانياً:
النسب الشريف ادَّعاه كثيرون، من أجل الشهرة، وتسويق البدع والانحرافات، ومن أجل الاستيلاء على أموال الناس، وأكثر من ادَّعى هذا النسب الشريف للنبي صلى الله وسلم هم الرافضة، والمتصوفة، ومنهم رؤوس لتلك الفرق الضالة.
1. قال الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة أبي الحسن الشاذلي (توفي 656 هـ) وهو رأس الطائفة الشاذلية -:
" وقد انتسب في بعض مؤلفاته في التصوف إلى " علي بن أبي طالب "، ثم ذكر هذا النسب الذي ادعاه: ابن يوشع بن ورد بن بطال بن محمد بن أحمد بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي رضي الله عنه.
ثم قال الذهبي: وهذا نسب مجهول لا يصح ولا يثبت، وكان الأولى به تركه، وترك كثير مما قاله في تواليفه في الحقيقة " انتهى.
"تاريخ الإسلام" (48/273، 274) .
2. وفي " العبيديين " – أبناء عبيد بن ميمون القداح – الباطنية، الذين تسموا – كذباً وزوراً بـ " الفاطميين " – قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" فالشاهد لهم بالإيمان: شاهد لهم بما لا يعلمه؛ إذ ليس معه شيء يدل على إيمانهم مثل ما مع منازعيه ما يدل على نفاقهم وزندقتهم، وكذلك " النسب "، قد عُلم أن جمهور الأمة تطعن في نسبهم، ويذكرون أنهم من أولاد المجوس أو اليهود، هذا مشهور من شهادة علماء الطوائف من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وأهل الحديث، وأهل الكلام، وعلماء النسب، والعامة، وغيرهم، وهذا أمر قد ذكره عامة المصنفين لأخبار الناس وأيامهم، حتى بعض من قد يتوقف في أمرهم كابن الأثير الموصلي في تاريخه ونحوه؛ فإنه ذكر ما كتبه علماء المسلمين بخطوطهم في القدح في نسبهم.
وأما جمهور المصنفين من المتقدمين والمتأخرين حتى القاضي ابن خلكان في تاريخه: فإنهم ذكروا بطلان نسبهم، وكذلك ابن الجوزي، وأبو شامة، وغيرهما من أهل العلم بذلك، حتى صنَّف العلماء في كشف أسرارهم، وهتك أستارهم، كما صنف القاضي أبو بكر الباقلاني كتابه المشهور في كشف أسرارهم وهتك أستارهم، وذكر أنهم من ذرية المجوس، وذكر من مذاهبهم ما بيَّن فيه أن مذاهبهم شرٌّ من مذاهب اليهود والنصارى، بل ومن مذاهب الغالية الذين يدعون إلهية " علي "، أو نبوته، فهم أكفر من هؤلاء " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (35 / 128، 129) .
وأما الذين يدعون هذا النسب الشريف من الرافضة العجم فهم كثير في زماننا هذا.
ثالثاً:
ثبوت النسب الشريف له طرق كثيرة:
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: " وأما طريق ثبوت النسب الشريف: فذلك يعرف من أمور كثيرة:
أحدها: النص من المؤرخين الثقات أن البيت الفلاني، أو آل فلان من أهل البيت، ويعرف أن الشخص الذي يشتهر فيه من أهل ذلك البيت المنصوص عليه من المؤرخين الثقات.
ومنها: أن يكون بيد من يدَّعي أنه من أهل البيت وثيقة شرعية من بعض القضاة المعتبرين، أو العلماء الثقات: أنه من أهل البيت.
ومنها: الاستفاضة عند أهل البلد أن آل فلان من أهل البيت.
ومنها: وجود بيِّنة عادلة، لا تنقص عن اثنين، تشهد بذلك، مستندة في شهادتها إلى ما يحسن الاعتماد عليه، من تاريخ موثوق، أو وثائق معتبرة، أو نقل عن أشخاص معتبرين.
وأما مجرد الدعوى التي ليس لها مبرر: فلا ينبغي الاعتماد عليها، لا في هذا، ولا في غيره " انتهى.
"فتاوى إسلامية" (4/531) .
رابعاً:
لا يمكن لأحدٍ إنكار وجود من ينتسب إلى آل النبي صلى الله عليه وسلم انتساباً صحيحاً، سواء من بني هاشم - وهم آل علي، وآل عباس، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل الحارث بن عبد المطلب -، أو من بني المطلب – والمطلب هو أخو هاشم -.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" إذا قال قائل: هل هؤلاء موجودون؟ أعني: بني هاشم، والمطلب؟ .
قلنا: نعم، موجودون، وقد ذكروا أن مِنْ أثبت الناس نسباً لبني هاشم: ملوك اليمن الأئمة، الذين انتهى ملكهم بثورة الجمهوريين عليهم قريباً، فهم منذ أكثر من ألف سنة متولون على اليمن، ونسبهم مشهور، معروف بأنهم من بني هاشم.
ويوجد ناس كثيرون أيضاً ينتمون إلى بني هاشم، فمن قال: أنا من بني هاشم: قلنا: لا تحل لك الزكاة؛ لأنك من آل الرسول صلّى الله عليه وسلّم " انتهى.
" الشرح الممتع " (6 / 257) .
والنسب الشريف لا يجوز حصره في آل علي – وهم ذرية علي بن أبي طالب – فقط دون غيره، فقد سبق أن هذا النسب يسع غيرهم ممن ذكرناهم.
مع التنبيه على أن النسب الشريف لا ينفع صاحبه إن كان كافراً، أو فاجراً، ولا يضر المسلم الطائع لربه تعالى أن يكون عبداً مملوكاً، فالمسلم يلقى ربه بأعماله الصالحة، وهو مما يملك أن يزيد فيها وينقص، وأما النسب الشريف: فهو ليس في اختيار المسلم، ولن يكون لصاحبه فضل في الآخرة بمجرد انتسابه ذاك.
قال الله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات/13، وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97.
خامساً:
أما بخصوص تحريم الصدقات: فننبه على أمرين:
1. الصدقات الممنوعة على آل النبي صلى الله عليه وسلم هي الصدقات الواجبة ـ كالزكاة والكفارات ـ دون صدقات التطوع.
2. لا تحرم الزكاة على كل الأشراف، بل المنع والتحريم على " بني هاشم " منهم فقط، وهم ذرية هاشم بني عبد مناف، وهو الجد الثاني للرسول صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" ولفظ " الأشراف " لا يتعلق به حكم شرعي، وإنما الحكم يتعلق بـ " بني هاشم "، كتحريم الصدقة، وأنهم آل محمد صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك " انتهى.
" منهاج السنة النبوية " (4 / 559) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" إذا كانت الصدقة صدقة تطوع: فإنها تُعطى إليهم، ولا حرج في هذا، وإن كانت الصدقة واجبة: فإنها لا تعطى إليهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ) ، وبنو هاشم شرَّفهم الله عز وجل بألا يأخذوا من الناس أوساخهم، أما صدقة التطوع: فليست وسخاً في الواقع، وإن كانت لا شك تكفر الخطيئة، لكنها ليست كالزكاة الواجبة، ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنهم يعطون من صدقة التطوع، ولا يعطون من الصدقة الواجبة " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/429) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2472)
حكم إسقاط أجرة البيت عن الفقير واحتسابها من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مستأجر لا يستطيع أن يدفع كل ما عليه من إيجار لمروره بضائقة مالية كبيرة، فهل يجوز أن أسقط عنه الإيجار كزكاة؟ وإذا كان نعم فهل يجب أن أخبره أنها زكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشترط في إخراج الزكاة أن يكون فيها تمليك للفقير، وإيتاء له؛ لقوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، وقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) التوبة/60، واللام للتمليك.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين أرسله إلى اليمن: (فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) رواه البخاري (1458) ومسلم (19) .
فالزكاة فيها أخذ وإعطاء وتمليك، ولهذا لا يجزئ أن تكون إسقاطاً للدين، أو الأجرة التي على الفقير، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء.
لكن إن أعطيته زكاتك، وسدد هو منها الأجرة، دون اشتراط منك، ولا تحايل، فلا حرج في ذلك.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/196) : " إذا كان لرجل على معسر دين فأراد أن يجعله عن زكاته وقال له: جعلته عن زكاتي، فالأصح أنه لا يجزئه , وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد، لأن الزكاة في ذمته فلا يبرأ إلا بإقباضها ...
أما إذا دفع الزكاة إليه بشرط أن يردها إليه عن دَيْنه فلا يصح الدفع، ولا تسقط الزكاة بالاتفاق، ولا يصح قضاء الدَّيْن بذلك بالاتفاق " انتهى باختصار.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (23/300) : " لا يجوز للدائن أن يسقط دَيْنه عن مدينه الفقير المعسر الذي ليس عنده ما يسد به دينه ويحسبه من زكاة ماله، فإن فعل ذلك لم يجزئه عن الزكاة , وبهذا قال الحنفية والحنابلة والمالكية ما عدا أشهب , وهو الأصح عند الشافعية , وقول أبي عبيد. ووجه المنع: أن الزكاة لحق الله تعالى , فلا يجوز للإنسان أن يصرفها إلى نفع نفسه أو إحياء ماله , واستيفاء دينه.
وذهب الشافعية في قول وأشهب من المالكية وهو منقول عن الحسن البصري وعطاء: إلى جواز ذلك ; لأنه لو دفع إليه زكاته ثم أخذها منه عن دينه جاز , فكذا هذا.
فإن دفع الدائن زكاة ماله إلى مدينه فردها المدين إليه سداداً لدينه , أو استقرض المدين ما يسد به دينه فدفعه إلى الدائن فرده إليه واحتسبه من الزكاة , فإن لم يكن ذلك حيلة , أو تواطؤا , أو قصدا لإحياء ماله , جاز عند الجمهور , وهو قول عند المالكية " انتهى.
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: إذا كان لك دين عند مريض أو فقير معسر فهل لك أن تسقطه عنه من الزكاة؟
فأجاب: "لا يجوز ذلك؛ لأن الواجب إنظار المعسر حتى يسهل الله له الوفاء، ولأن الزكاة إيتاء وإعطاء، كما قال الله سبحانه: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ، وإسقاط الدين عن المعسر ليس إيتاء ولا إعطاء، وإنما هو إبراء، ولأنه يقصد من ذلك وقاية المال لا مواساة الفقير.
لكن يجوز أن تعطيه من الزكاة من أجل فقره وحاجته، أو من أجل غرمه، وإذا رد عليك ذلك أو بعضه من الدين الذي عليه فلا بأس، إذا لم يكن ذلك عن مواطأة بينك وبينه ولا شرط، وإنما هو فعل ذلك من نفسه.
وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (14/280) .
وينظر: للفائدة جواب السؤال رقم (13901) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2473)
طباعة القرآن ليست من مصارف الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقوم جهة خيرية بنشر وطباعة القرآن الكريم وترجمة معانية إلى لغات متعددة ومختلفة، هل يجوز الصرف من الزكاة لهذه المشاريع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ظاهر القرآن يدل على أن الزكاة لا تصرف في هذا المشروع لكونه ليس من المصارف المذكورة في قوله سبحانه: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين ... ) التوبة /60.
وقد صدر من مجلس هيئة كبار العلماء قرار يقتضي عدم صرف الزكاة في هذا المشروع، كما ذكرنا آنفاً.
والله اعلم
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز الجزء 14 ص 300(5/2474)
أكل آل البيت من التمر الذي يوزع في الحرمين لا حرج فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكلوا من التمر الذي يوزع على الصائمين في المسجد الحرام؟ وهل المتزوجة أو المتزوج من أحد أفراد آل بيت الرسول تحرم عليه الصدقة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من الأكل من صدقات التطوع، وذلك على الصحيح الذي ذهب إليه جمهور أهل العلم، وإنما الممنوع الأكل من أموال الصدقة المفروضة.
قال الحافظ ولي الدين العراقي رحمه الله:
"والصحيح عند أصحابنا أن المحرم عليهم الزكاة دون صدقة التطوع، وكذا هو الصحيح عند الحنابلة، وبه قال الحنفية" انتهى.
"طرح التثريب" (4/35)
وقال الشيخ منصور البهوتي الحنبلي:
"ولبني هاشم ومواليهم الأخذ من صدقة التطوع؛ لأنهم إنما منعوا من الزكاة لكونها من أوساخ الناس كما سبق، وصدقة التطوع ليست كذلك، إلا النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصدقة كانت محرمة عليه مطلقا: فرضها ونفلها ; لأن اجتنابها كان من دلائل نبوته وعلاماتها , فلم يجز الإخلال به" انتهى بتصرف.
"كشاف القناع" (2/291) .
فلا حرج على كل من ينتسب لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم انتسابا صحيحا أن يأكل مما يتم توزيعه في الحرمين من طعام وشراب، لأن هذا من صدقات التطوع. وانظر جواب السؤال رقم: (112754) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2475)
هل يأكل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من صدقات التطوع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أدركت يقينا من وثائق موثقة ومعتمدة أن الله أكرمني بنسب من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلمت أنه لا تجوز لآل البيت الأكل من مال الصدقة. فما حكم أكل التمر أو الماء أو الوجبات التي توزع في الحرم أو المشاعر في رمضان والحج؟ هل هي هدايا أم صدقات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على عدم جواز أكل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أموال الزكاة المفروضة، نقل ذلك الإجماع غير واحد من أهل العلم.
انظر: "موسوعة الإجماع" سعدي أبو جيب (2/517-518) .
وانظر جواب السؤال رقم: (21981) .
وأما صدقة التطوع فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يجوز لآل محمد صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا منها، وهذا القول هو المشهور من مذاهب أئمة الفقه الأربعة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) .
انظر: "رد المحتار" (2/351) ، "التاج والإكليل" (3/223) ، "مغني المحتاج" (4/195) ، "كشاف القناع" (2/291-292) .
قال الإمام الشافعي رحمه الله:
" ولا يحرم على آل محمد صدقة التطوع، إنما يحرم عليهم الصدقة المفروضة:
أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر [الصادق] بن محمد [الباقر] عن أبيه: أنه كان يشرب من سقايات الناس بمكة والمدينة فقلت له: أتشرب من الصدقة وهي لا تحل لك؟ فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة.
قال الشافعي: وتصدق علي وفاطمة على بني هاشم وبني المطلب بأموالهما , وذلك أن هذا تطوع , وقبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية من صدقة تصدق بها على بريرة , وذلك أنها من بريرة تطوع لا صدقة " انتهى.
"الأم" (2/88) .
وقال ابن قدامة رحمه الله:
" ويجوز لذوي القربى الأخذ من صدقة التطوع.
قال أحمد في رواية ابن القاسم: إنما لا يُعطَوْن من الصدقة المفروضة , فأما التطوع , فلا. وعن أحمد , رواية أخرى: أنهم يمنعون صدقة التطوع أيضا ; لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: (إنا لا تحل لنا الصدقة) .
والأول أظهر ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المعروف كله صدقة) متفق عليه. وقال الله تعالى: (فمن تصدق به فهو كفارة له) وقال تعالى: (فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) ولا خلاف في إباحة المعروف إلى الهاشمي , والعفو عنه وإنظاره. وقال إخوة يوسف: (وتصدق علينا) .
والخبر [يعني الحديث] أريد به صدقة الفرض ; لأن الطلب كان لها , والألف واللام تعود إلى المعهود " انتهى.
"المغني" (2/275) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
نحن أسرة متوسطة الحال، ومن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولدينا وثائق تثبت ذلك، وقد بلغ والدي سن الستين، حيث تنطبق عليه شروط الالتحاق بالضمان الاجتماعي، وقد طلبنا من الوالد الاستفادة من الضمان الاجتماعي لكنه رفض؛ لأن هناك حديثا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ينص على عدم إعطاء الزكاة والصدقة لأهل بيته، وسؤالي هل يعتبر الضمان الاجتماعي في حكم الصدقة أم لا؟ أفيدوني؟
فأجاب:
"إذا توافرت في والدك الشروط المعتبرة فيمن يستفيد من مصلحة الضمان الاجتماعي فإنه يحل له أخذ ذلك؛ لأنه مساعدة من بيت المال للفقراء الذين تتوافر فيهم الشروط المطلوبة، وليس هو من الزكاة حسب إفادة الجهة المسئولة عن ذلك " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/315) ، وانظر أيضا: (14/313) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" إذا كانت الصدقة صدقة تطوع فإنها تعطى إليهم ولا حرج في هذا، وإن كانت الصدقة واجبة فإنها لا تعطى إليهم " انتهى باختصار.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/429)
وعلى هذا فلا حرج عليكم من الأكل من الطعام الذي يوزع في الحرمين ومشاعر الحج، لأن ذلك ليس من الصدقة المفروضة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2476)
هل يأخذ بنو هاشم من الزكاة لدفع ضرورتهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من بني هاشم، وعاجز عن العمل، وتأتيني صدقات من الناس، ولا أعلم هل هي زكاة أم لا؟ فهل يجوز لي أن أقبلها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لأحد من بني هاشم أن يأخذ من الزكاة الواجبة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أما علمت أن آل محمد صلى الله عليه وسلم لا يأكلون الصدقة) رواه البخاري (1485) ومسلم (1069) .
وأما صدقات التطوع فلا حرج عليهم من أخذها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/109- 110) :
"لا نعلم خلافاً في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة...... ويجوز لذوي القربى الأخذ من صدقة التطوع. قال الإمام أحمد: إنهم لا يعطون من الصدقة المفروضة، فأما التطوع فلا" انتهى باختصار.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه يجوز لبني هاشم إذا كانوا مضطرين ولم يأخذوا نصيبهم من الغنائم – كما هو الواقع الآن – أن يأخذوا من الزكاة المفروضة لدفع ضرورتهم.
قال رحمه الله – كما في "الاختيارات" (ص: 104) :
"وبنو هاشم إذا منعوا من خمس الخمس [يعني: من الغنائم] جاز لهم الأخذ من الزكاة. وهو قول القاضي يعقوب وغيره من أصحابنا. وقاله أبو يوسف من الحنفية والإصطخري من الشافعية. لأنه محل حاجة وضرورة" انتهى.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"لو فرض أنه لا يوجد لإنقاذ حياة هؤلاء من الجوع إلا زكاة الهاشميين، فزكاة الهاشميين أولى من زكاة غير الهاشميين.
وقال بعض أهل العلم: يجوز أن يعطوا من الزكاة إذا لم يكن خمس، أو وجد ومنعوا منه.
والخُمس: هو أن الغنائم تقسم خمسة أسهم، أربعة أسهم للغانمين، وسهم واحد يقسم خمسة أسهم أيضاً:
الأول: لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، يكون في مصالح المسلمين، وهو ما يعرف بالفيء، أو بيت المال.
الثاني: لذي القربى، هم قرابة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهم بنو هاشم، وبنو عبد المطلب؛ لأن بني عبد المطلب يشاركون بني هاشم في الخمس.
الثالث: لليتامى.
الرابع: للمساكين.
الخامس: لابن السبيل.
فإذا مُنعوا، أو لم يوجد خمس - كما هو الشأن في وقتنا هذا -: فإنهم يعطون من الزكاة دفعاً لضرورتهم إذا كانوا فقراء، وليس عندهم عمل، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصحيح.
وأما صدقة التطوع: فتدفع لبني هاشم، وهو قول جمهور أهل العلم، وهو الراجح؛ لأن صدقة التطوع كمال، وليست أوساخ الناس، فيعطون من صدقة التطوع" انتهى.
" الشرح الممتع " (6 / 253، 254) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2477)
حكم الزكاة التي تدفع لمصلحة الزكاة والدخل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب مؤسسة أقوم بدفع مبلغ وقدره 2.5% من رأس مالي إلى مصلحة الزكاة والدخل، بحجة أن هذا المبلغ يعتبر زكاة التجارة، وإذا توقفت عنه فسوف تتوقف لي مصالح كثيرة، مثل الاستقدام، وطلب أي تعديل في مستنداتي، ولهذا أنا ملزم بدفع المبلغ لكني قرأت في بعض الكتب أن هذا المبلغ ليس زكاة، وإنما يلزمني إخراج زكاة خلاف ما أسدده لمصلحة الزكاة والدخل، أرجو الإفادة لأن هذا حال جميع الشركات والمؤسسات بالمملكة، وفقكم الله لما فيه الخير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ما دامت طُلبت منك باسم الزكاة وأخرجتها بنية الزكاة فهي زكاة، لأن ولي الأمر له طلب الزكاة من الأغنياء ليصرفها في مصارفها، ولا يلزمك إخراج زكاة أخرى عن المال الذي دفعت زكاته للدولة، أما إذا كان عندك أموال أخرى أو أرباح لم تخرج زكاتها للدولة، فعليك أن تخرجها لمن يستحقها من الفقراء، وغيرهم من أهل الزكاة. والله ولي التوفيق" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
فتاوى علماء البلد الحرام" (168) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2478)
هل يعطي الزكاة لأحد العمال عنده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أعطي زكاة مالي لأحد العاملين عندي في المؤسسة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بَيَّن الله تعالى مصارف الزكاة الثمانية في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
فإذا كان هذا العامل من أحد هؤلاء الأصناف، كأن يكون فقيراً أو مسكيناً أو عليه ديون..... فلا حرج من إعطائه الزكاة.
لكن ينبغي أن يُعلم أنه لا يجوز لصاحب المؤسسة أن يعطي العامل عنده من الزكاة، مقابل حقوق أخرى للعامل عنده، أو مقابل أن يعمل العامل عملاً إضافياً ونحو ذلك.
قال الإمام أحمد رحمه الله: كان العلماء يقولون في الزكاة: لا تُدفع بها مذمة، ولا يُحابى بها قريب، ولا يقي بها مالاً.
"المغني" (3/153) .
أي: بدلاً من أن يعطي العامل حقه في زيادة الراتب أو المكافأة أو مقابل العمل الإضافي ونحو ذلك يعطيه من الزكاة.
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن بن جبرين حفظه الله: يعمل لدي أحد العاملين، وبلغني أن عليه ديوناً، هل يجوز مساعدته من زكاة مالي؟
فأجاب: "تحل له زكاة مالك بشرط أن يكون عاجزاً عن وفاء الدين، وأن يكون دخله لا يفضل منه بعد نفقة عياله ما يسدد الدين في الحال، وألا يكون قصدك ترغيبه في العمل، أو الإخلاص فيه لديك، وألا تنقص من راتبه عندك، وألا تعطيه أكثر من حاجته " انتهى.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 174) .
وسئل أيضاً: مؤسسة تجارية يوجد بين موظفيها من يستحق الزكاة، فما حكم إعطائهم من أموال المؤسسة الزكوية؟
فأجاب: "إذا كان هؤلاء الموظفون مسلمين فقراء، فلا مانع من دفع الزكاة إليهم، لكن بقدر استحقاقهم، ولا يجوز أن يجعلوها كراتب لهم أو أجرة على العمل، ولا أن يقصدوا بها استجلاب إخلاصهم وبقائهم في العمل، والأفضل دفعها إلى الموظفين خفيةً، أو بواسطة طرف ثالث، حيث لا يشعر أنها من المؤسسة، لإبعادهم عن الشبهة. والله أعلم" انتهى.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 174) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2479)
هل يعطي الزكاة لمن يبني بها بيتاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أعطي زكاة مالي لشخص بحاجة إلى المال لبناء دار؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أهل الزكاة ثمانية أصناف، ذكرهم الله تعالى في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
وقد سبق بيان هؤلاء الأصناف في جواب السؤال رقم (46209) .
وقد ذهب جمهور العلماء إلى أن الفقير أو المسكين يُعطى ما يكفيه ويكفي مَنْ ينفق عليهم لمدة سنة كاملة، وحدَّدوا المدة بسنة، لأن الزكاة تتكرر كل سنة.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/317) :
"القدر الذي يعطاه الفقير والمسكين من الزكاة:
ذهب الجمهور (المالكية وهو قول عند الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة) إلى أن الواحد من أهل الحاجة المستحق للزكاة بالفقر أو المسكنة يعطى من الزكاة الكفاية أو تمامها له ولمن يعوله عاما كاملا , ولا يزاد عليه , إنما حددوا العام لأن الزكاة تتكرر كل عام غالبا , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ادخر لأهله قوت سنة" انتهى.
وبناء على هذا القول لا يجوز أن يُعطى الفقير أو المسكين من أموال الزكاة ما يشتري به بيتاً، أو يبني به بيتاً، لأن هذا أكثر مما يكفيه لمدة سنة، وإنما يُعطى أجرة السكن سنة كاملة.
وذهب الإمام الشافعي (وهو رواية عن الإمام أحمد) واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الفقير أو المسكين يُعطى من الزكاة ما يصير به غنياً، ولا يتحدد ذلك بما يكفيه سنة.
جاء في "لموسوعة الفقهية" (23/317) :
"وذهب الشافعية في قول منصوص والحنابلة في رواية إلى أن الفقير والمسكين يعطيان ما يخرجهما من الفاقة إلى الغنى وهو ما تحصل به الكفاية على الدوام , لحديث قبيصة مرفوعاً: (إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش , أو قال: سدادا من عيش..) الحديث. قالوا: فإن كان من عادته الاحتراف أعطي ما يشتري به أدوات حرفته، قلت قيمتها أو كثرت، بحيث يحصل له من ربحه ما يفي بكفايته غالبا تقريبا , وإن كان تاجرا أعطي بنسبة ذلك , وإن كان من أهل الضياع يشترى له ضيعة تكفيه غلتها على الدوام" انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ كما في "الاختيارات" (ص 105) :
"ويأخذ الفقير من الزكاة ما يصير به غنياً، وإن كثر. وهو أحد القولين في مذهب أحمد والشافعي" انتهى.
وقال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (7/255) :
"الصحيح من المذهب أن كل واحد من الفقير والمسكين يأخذ تمام كفايته سنة....
وعنه [يعني الإمام أحمد] : يأخذ تمام كفايته بمتجر أو آلة صنعة، ونحو ذلك.
واختار الآجري والشيخ تقي الدين [ابن تيمية] جواز الآخذ من الزكاة جملة واحدة ما يصير به غنياً وإن كثر " انتهى باختصار.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله في "الأم" (8/256) :
"ولا وقت [أي: لا حد] فيما يُعطى الفقير إلا ما يخرجه من حد الفقر إلى الغنى، قَلَّ ذلك أو كثر" انتهى.
ونقل زكريا الأنصاري في "أسنى الطالب" (1/100) عن القاضي أبي الطيب تعليقاً على كلام الإمام الشافعي، أنه قال:
"يريد به أن الغنى هو الكفاية على الدوام، فيدفع إلى كل واحد منهم ما يجعله رأس مال ويكفيه فضله لمؤنة، ومن كان من أهل العلم الذين لا يحسنون التجارة اشترى لهم ما يغلهم كفايتهم على الدوام، ومن كان من أهل الحرفة اشترى لهم آلاتهم" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/221) :
"الفقير يُعطى كفايته إلى نهاية العام، لأن الزكاة تتجدد كل سنة، ولو قيل: إنه يُعطى إلى أن يصبح غنياً، ويزول عنه وصف الفقر لكان قولاً قوياًّ، وكذلك القول في المسكين" انتهى.
وبناء على هذا القول: فإننا نعطيه ما يشتري به بيتاً يسكنه وأهله، وإذا كنا نعطيه ثمن آلات حرفته، إذا كان من أهل الحرف، أو نعطيه ما يشتري به عقاراً يؤجره وتكفيه أجرته، إذا لم يكن من أهل الحرف والتجارة، فلا حرج أن نعطيه ما يشتري به بيتاً يسكنه.
وقد اختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله القول الأول، وهو أنه لا يجوز أن يُعطى الفقير من الزكاة ما يشتري بيتاً، وإنما يُستأجر له بيت من الزكاة.
فقد سئل رحمه الله عن رجل فقير أراد بعض زملائه أن يجمعوا له زكاة لشراء منزل وبالفعل جمعوا له من الزكاة واشتروا له سكناً، علماً بأن الذين دفعوا الزكاة لا يهمهم شراء المنزل أو غيره، بل المقصود هو دفع الزكاة.
فأجاب:
"لا أرى جواز دفع الزكاة لشراء منزل لفقير، وذلك لأن شراء المنزل سوف يأخذ مالاً كثيراً، وإذا كان المقصود دفع حاجة الفقير فإنه يستأجر له من الزكاة، وأضرب لذلك مثلاً برجل فقير يمكن أن يستأجر له بيتاً لمدة عشر سنوات بعشرة آلاف ريال ولو اشترينا له بيتاً لم نجد إلا بمائة ألف أو مائتي ألف فلا يجوز أن نصرف له هذا، ونحرم الفقراء الآخرين، ونقول: يستأجر للفقير، وإذا تمت مدة الأجرة وهو لا زال فقيراً استأجرنا له ثانياً، وأما شراء بيت له من الزكاة فلا أرى جوازه.
نعم، إن كان أحد من أهل العلم أفتاهم بجواز ذلك فالمسألة مسألة اجتهاد" انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_2647.shtml
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2480)
هل يجوز استثمار أموال الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يتجمع لدى الجمعيات الخيرية أموال الزكاة، وتكون كثيرة جداً، لاسيما في شهر رمضان، فهل يجوز للجمعية أن تقوم باستثمار هذه الأموال، وتكون أرباحها للفقراء والمساكين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب صرف الزكاة إلى أهلها المذكورين في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
فالزكاة حق لهؤلاء الأصناف في مال الأغنياء، فما دام أحد من هذه الأصناف موجوداً، فالواجب أن يدفع حقه إليه، واستثمار أموال الزكاة يؤدي إلى تأخير دفع الزكاة إلى أهلها، أو منع دفعها بالكلية، إذا حصلت خسارة للمشروع وذهب رأس المال.
ولهذا أفتى العلماء المعاصرون بأنه لا يجوز استثمار أموال الزكاة.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم استثمار بعض الجمعيات الخيرية لأموال الزكاة.
فأجاب: " وأما استثمارها في شراء العقارات وشبهها فلا أرى ذلك جائزاً؛ لأن الواجب دفع حاجة الفقير المستحق الآن , وأما الفقراء في المستقبل فأمرهم إلى الله " انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (1/67) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة: عن جمعية خيرية تريد استثمار أموالها.
فأجابوا: " إذا كان المال المذكور في السؤال من الزكاة: فالواجب صرفه في مصارفه الشرعية من حين يصل إلى الجمعية، وأما إن كان من غير الزكاة: فلا مانع من التجارة فيه لمصلحة الجمعية؛ لما في ذلك من زيادة النفع لأهداف الجمعية وللمساهمين فيها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/403، 404) .
وسئلوا – أيضاً -:
هل يمكن للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية استثمار أموال الزكاة التي قد تودع في المصارف حتى يتم إنفاقها، والتي لن يؤثر استثمارها على ترتيب وتنفيذ إنفاقها في مصارف الزكاة المحددة شرعا، على أن يكون استثمارها في مجالات سائلة، حيث يمكن الحصول عليها عند الحاجة إليها وفي مجالات استثمار مدروسة وموثوقة، ولا نقول مضمونة حتى لا تشوبها حرمة أو شبهة، على أن الهيئة ليست شخصاً بذاته أو أشخاصاً يمثلون أنفسهم، وإنما هي شخصية اعتبارية قائمة بذاتها، والأشخاص فيها يبذلون جهدهم ويجتهدون رأيهم لما فيه خير الإسلام والمسلمين؟
فأجابوا:
" لا يجوز لوكيل الجمعية استثمار أموال الزكاة، وإن الواجب صرفها في مصارفها الشرعية المنصوص عليها بعد التثبت في صرفها في المستحقين لها؛ لأن المقصود منها سد حاجة الفقراء وقضاء دين الغرماء؛ ولأن الاستثمار قد يفوت هذه المصالح أو يؤخرها كثيراً عن المستحقين " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/454، 455) .
والذين أجازوا استثمار أموال الزكاة اشترطوا: أن يكون ذلك بعد سد حاجة أهل الزكاة الماسة.
فقد جاء في قرارات المجمع الفقهي:
" يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها، على أن تكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسارة " انتهى.
"مجلة المجمع الفقهي".
وهذا الشرط يصعب جداً – بل يتعذر – القول بوجوده، فإن أعداد الفقراء والمساكين والمجاهدين في سبيل الله وأبناء السبيل والمدينين والمؤلفة قلوبهم تقدر بالملايين، فيجب دفع الزكاة إلى هؤلاء ولا يجوز تأخيرها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2481)
ماذا يفعل بباقي التبرعات؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قام شخص بجمع مبلغ من أعضاء موقعه لشراء شيء يخص الموقع، لكن تفاجأ بأن المبلغ الذي أرسله إليه الأعضاء كبير جدا، ماذا يفعل بباقي المبلغ؟ هل يستخدمه في كل ما يخص موقعه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب عليه استئذان المتبرعين في صرف فيما يريد من الأمور المباحة أو المندوبة، ولا يجوز له أن يجمع الصدقات والتبرعات باسم شيء معين ثم ينفقه في آخر، إلا إذا كان لا يعرف أشخاص المتبرعين ولم يجد وسيلة للوصول إليهم، فيجب عليه حينئذ أن ينفق تلك الصدقات في أقرب شيء للمصرف الذي جمعه له، فمن جمع الصدقة لبناء مسجد، ثم زاد المال فلينفقه في بناء مسجد آخر، ولا ينفقه على الفقراء والمساكين مثلاً.
وهكذا ينبغي أن يفعل الأخ السائل؛ فإن تيسر له إخبار هذا الذي تبرع بالمبلغ الكبير بحقيقة الحال، واستئذانه في مصرفه، فعل؛ وإلا صرفه فيما يتعلق بمصلحة الموقع، وشراء ما يحتاجه فيه.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
لقد قمت بجمع تبرعات لبناء جامع للقرية، وتم بناء الجامع، وتبرع بعض أهالي الخير بإكمال عملية التشطيب؛ لأن المبلغ المتبقي لدي لا يفي بذلك، وبقي عندي باقي التبرعات، فهل يصح صرف ما تبقى من تبرعات في تسوير مصلى العيدين والمقبرة في القرية، وهل يصح صرف الفائض في شراء مكيفات وفرش لمساجد القرية الأخرى؟ وهل يصح صرف الفائض في مساعدة المتزوجين والفقراء والمساكين في القرية، وكل ذلك يكون بنية ثوابها للمتبرعين بها؟ علما أن المتبرعين من أهل القرية ومن خارجها.
فأجابوا:
"يجوز لك إنفاق المال المتبقي عندك من عمارة المسجد الذي أشرفت عليه في عمارة مسجد آخر إذا كان المسجد الأول ليس بحاجة إليه، ولا يجوز لك صرف المبلغ المذكور في غير تعمير المساجد؛ لأنه صرف له في غير الوجه الذي تبرع به صاحبه له " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (المجموعة الثانية 5/208) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2482)
هل تخرج زكاتها لابنها الذي يعيش معها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لامرأة أن تخرج زكاة مالها إلى ابنها البالغ 21 سنة، والذي يعيش معها، ولا يزال في دراسته، ولا يرغب في الاقتراض لإكمال دراسته؟ هو يعمل في الإجازات الأسبوعية، ولكن دخله لا يكفي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على أنه لا يجوز للمزكي أن يدفع زكاته لمن تلزمه نفقته.
وعلى هذا، فينظر في حال هذه الأم، إن كان يلزمها شرعاً أن تنفق على ولدها فلا يجوز أن تعطيه من الزكاة، وإن كان لا يلزمها شرعاً أن تنفق عليه فلا حرج عليها من إعطائه الزكاة، بل ذلك أفضل من إعطاء شخص آخر.
ولا يجب على الأم أن تنفق على ولدها إلا إذا توفرت شروط:
1- عدم وجود الأب.
فإذا وُجد الأب، فالنفقة واجبة عليه وحده.
قال ابن قدامه في "المغني":
"يجب على الأم أن تنفق على ولدها إذا لم يكن له أب، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي" انتهى.
2- أن تكون الأم غنية عندها من المال ما يزيد عن حاجتها.
3- أن يكون الولد فقيراً محتاجاً إلى المال.
فإذا توفرت هذه الشروط الثلاثة وجب على الأم أن تنفق على ولدها، ولا يجوز أن تعطيه من الزكاة.
فإذا كان الأب موجوداً جاز للأم أن تعطي زكاتها لولدها، لأن نفقته لا تجب عليها.
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري":
"نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على أن الولد لا يُعطى من الزكاة الواجبة.
قال الحافظ: وفيه نظر، لأن الذي يمتنع إعطاؤه من الصدقة الواجبة مَنْ يلزم المعطي نفقته، والأم لا يلزمها نفقة ولدها مع وجود الأب" انتهى بتصرف.
وإذا كانت الأم غير قادرة على النفقة ولدها فلا حرج عليها أن تعطيه من الزكاة، لأن نفقته غير واجبة عليها في هذه الحال.
قال ابن تيمية في "الاختيارات الفقهية" (ص/104) :
" ويجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا، وإلى الولد وإن سفل، إذا كانوا فقراء، وهو عاجز عن نفقتهم، وهو أحد القولين في مذهب أحمد" انتهى باختصار.
وقال في "مجموع الفتاوى" (25/92) :
" إذا كان – أي الولد - محتاجًا إلى النفقة، وليس لأبيه ما ينفق عليه، ففيه نزاع، والأظهر أنه يجوز له أخذ زكاة أبيه؛ وأما إن كان مستغنيًا بنفقة أبيه فلا حاجة به إلى زكاته " انتهى.
وكذلك يجوز للأم أن تدفع زكاتها لولدها إذا كان مديناً ليسدد ديونه.
ولمزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم (20278) و (50739) و (85088) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2483)
إعطاء الزكاة لشخص مع عدم الجزم باستحقاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء الزكاة لشخص مع عدم الجزم باستحقاقه لها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يلزم التحري في إخراج الزكاة بحيث تعطى لمن عُلم أو غلب على الظن أنه مستحق لها، ولا يجوز التساهل في ذلك. وقد سبق بيان مصارف الزكاة في جواب السؤال رقم (46209) .
فأما إذا أعطاها لشخص ولم يغلب على ظنه أنه مستحق للزكاة، فلا تجزئه ويلزمه إعادة إخراجها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والصواب أن الزكاة تجزيء إذا دفعها إلى من يظنه أهلاً بعد التحري عند الشك، فإذا غلب على ظنه أن هذا من أهلها فأعطاها أجزأت " انتهى من "شرح الكافي".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2484)
هل يجب على الأخ أن ينفق على أخته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الأخ الإنفاق على أخته؟ وهل يجوز عليها زكاة مال أخيها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على الأخ أن ينفق على أخته إذا كانت فقيرة، وهو غني، وكان يرثها إذا ماتت، فإن كان لا يرثها لوجود ابن لها أو لوجود الأب أو الجد (أبو الأب) ، لم تلزمه نفقتها، ويجوز أن يعطيها زكاة ماله حينئذ.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/169) : " ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط: أحدها: أن يكونوا فقراء , لا مال لهم , ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم , فإن كانوا موسرين بمال أو كسب يستغنون به , فلا نفقة لهم.
الثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليهم , فاضلا عن نفقة نفسه , إما من ماله , وإما من كسبه. فأما من لا يفضل عنه شيء , فليس عليه شيء ; لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أحدكم فقيرا , فليبدأ بنفسه , فإن فضل , فعلى عياله , فإن كان فضل , فعلى قرابته) .
الثالث: أن يكون المنفق وارثا ; لقول الله تعالى: (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) . ولأن بين المتوارثين قرابة تقتضي كون الوارث أحق بمال الموروث من سائر الناس , فينبغي أن يختص بوجوب صلته بالنفقة دونهم , فإن لم يكن وارثا , لم تجب عليه النفقة" انتهى بتصرف.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (13/503) :
"القاعدة عندنا: أنه يشترط أن يكون المنفق وارثاً للمنفق عليه، إلا عمودي النسب [الأصول والفروع] فلا يشترط الإرث " انتهى.
وعلى هذا؛ فإذا كان الأخ يجب عليه أن ينفق على أخته فلا يجوز أن يدفع زكاة ماله إليها.
وإذا كان لا يجب عليه أن ينفق عليها، جاز له أن يدفع زكاة ماله إليها، بل ذلك أفضل من دفعها إلى غيرها ممن ليس من أقاربه، لأنه بذلك ينال ثواب الصدقة وصلة الرحم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2485)
هل تجوز الصدقة والزكاة على غير المسلمين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصدقة والزكاة لغير المسلمين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"نعم، يجوز دفع الصدقة لغير المسلمين لتأليفهم على الإسلام مع رجاء إسلامهم، سواء من الزكاة أو من صدقة التطوع، وأما لغير ذلك فتحل لهم صدقة التطوع ولا تحل لهم الزكاة، لقول الله تبارك وتعالى: (لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة/8.
وأما الزكاة فإنها لا تحل لكافر إلا إذا كان مؤلَّفاً، لقوله تعالى في بيان أهل الزكاة: (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) التوبة/60" انتهى.
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
"الإجابات على أسئلة الجاليات" (1/24، 25) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2486)
هل يدفع الزكاة لزوج ابنته لأن راتبه ضعيف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يدفع زكاة أمواله إلى زوج ابنته الموظف براتب قليل الذي يدرس أولاده في جامعات أجنبية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجوز للرجل أن يدفع زكاة ماله إلى زوج ابنته إذا كان مستحقاً للزكاة، لعموم قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
وضابط الفقير والمسكين: من لا يجد كفايته من المال.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فالفقراء والمساكين يأخذون لحاجتهم لكن الفقير أشد حاجةً من المسكين. قال أهل العلم: يشمل ذلك من لم يجد كفايته وكفاية عائلته لسنة، وأما من كان يجد الكفاية فإنه ليس من الفقراء ولا المساكين، مثال ذلك: لو قدر أن هذا شخصٌ راتبه في الشهر أربعة آلاف ولكن عنده عائلة كثيرة ينفق عليهم في الشهر ستة آلاف ما بين كسوة ومأكلٍ ومشرب وأجرة بيت وما أشبه ذلك، فالراتب أربعة آلاف، وما ينفقه ستة آلاف، فهذا يعطى من الزكاة أربعةً وعشرين ألفاً؛ لأنه يحتاج كل شهرٍ ألفين، ولكنه لا يعطى أكثر من ذلك، كما قال أهل العلم: إن الفقير والمسكين يعطيان ما يكفيهما لمدة سنة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل الموظف الذي يتقاضى مرتبا شهريا يستحق الزكاة إذا لم يكن يكفيه مرتبه تماما؟
فأجابوا: "إذا لم يكن مرتبه الشهري يكفيه ولم يكن له دخل آخر يكمل كفايته كان مستحقا للزكاة، فلمن وجبت عليه أن يعطيه منها ما يكفيه لنفقاته المباحة؛ لأنه يعتبر والحال ما ذكر من المساكين " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10/7) .
وجاء فيها أيضا (10/17) : " وأما متوسط الحال فإن كان لديه من المال ما يكفيه ويقوم بشئون حياته فلا يجوز صرفها له، وإن كان يكفيه مع شدة وتقتير جاز أن تعطيه منها ما يسد حاجته " انتهى.
وعليه؛ فإذا كان المسئول عنه لا يكفيه راتبه القليل إلى نهاية الشهر، جاز دفع الزكاة إليه، وكذلك لو كان له راتب جيد لكن لا يكفيه، لذهابه في النفقة على نفسه وأولاده ودراستهم، فحيث انطبق عليه وصف المستحق للزكاة، جاز دفعها إليه.
ثانياً:
ينبغي لكل إنسان أن تكون نفقاته متوازنة مع دخله، فليس من الحكمة في شيء أن يكون الإنسان فقيرا ً، ماله قليل، ثم يُدخل أولاده جامعات أجنبية ويتكلف في ذلك أموالاً كثيرة، ثم يمد يده للناس، يسألهم أموالهم.
بل كان يكفيه أن يدخل أولاده جامعات أخرى أقل كلفة، حتى لا يذل نفسه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2487)
إعطاء الزكاة للجمعيات الخيرية لتوزيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تحويل مبلغ الزكاة إلى حسابات الجمعيات الخيرية الخاصة بالزكاة مع وجود أشخاص قد يستحقونها في نفس البلدة التي أعيش فيها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز تحويل مبلغ الزكاة إلى حسابات الجمعيات الخيرية، ليتولوا توزيعها، إذا كان القائمون عليها ثقات يتحرون إخراج الزكاة في مصارفها الشرعية.
والأصل في الزكاة أن تصرف في فقراء البلد التي بها المال، وإن دعت حاجة إلى نقلها، كأن يكون فقراء البلد التي ينقلها إليه أشد حاجة، أو أقرباء للمزكي بجانب أنهم فقراء، أو نحو ذلك: جاز النقل.
وينظر: سؤال رقم (13064) ورقم (43146)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2488)
الدليل على عدم إعطاء الأصول والفروع من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أعطي لوالدي من الزكاة؟ مع العلم أني امرأة وهل تجب عليّ نفقتهم؟ وما دليل العلماء في عدم إعطاء الأصول أو الفروع من الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
سبق في جواب السؤالين رقم (111811) و (111892) أنه يجب الإنفاق على الأصول والفروع، والأصول هم: الأب والأم، والأجداد والجدات، من جهة الأب ومن جهة الأم، والفروع هم: الأولاد والأحفاد، ذكوراً كانوا أم إناثاً.
فإذا ثبت وجوب الإنفاق عليهم فلا يجوز دفع الزكاة إليهم؛ لأنهم إن كانوا فقراء، وهو غني لزمته نفقتهم، رجلا كان أو امرأة، فإذا أعطاهم من الزكاة حينئذ، فقد حمى ماله، ووفره، فكأنه أعطى الزكاة لنفسه.
والقاعدة عند العلماء في هذا: "أن كل من يجب على الإنسان أن ينفق عليه فلا يجوز أن يدفع زكاة ماله إليهم".
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/269) : " ولا يعطى من الصدقة المفروضة للوالدين, ولا للولد. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين , في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم , ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته , وتسقطها عنه , ويعود نفعها إليه , فكأنه دفعها إلى نفسه.
وكذلك لا يعطيها لولده. قال الإمام أحمد: لا يعطي الوالدين من الزكاة , ولا الولد ولا ولد الولد , ولا الجد ولا الجدة ولا ولد البنت " انتهى بتصرف.
ويستثنى من ذلك حالتان عند بعض أهل العلم:
الأولى: أن يكون الأصل أو الفرع غارماً (مديناً) فيجوز دفع الزكاة إليه؛ لأن الأب لا يجب عليه سداد دين ولده، والولد لا يجب عليه سداد دين أبيه.
الثانية: أن يكون مال المزكي لا يكفي للنفقة على الأصل أو الفرع، فلا تجب عليه النفقة حينئذ، وله أن يعطيهم من الزكاة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "الاختيارات" (ص 104) : " ويجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا – يعني الأجداد والجدات - وإلى الولد وإن سفل – يعني الأحفاد - إذا كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم، وكذا إن كانوا غارمين أو مكاتبين أو أبناء السبيل، وإذا كانت الأم فقيرة ولها أولاد صغار لهم مال ونفقتها تضر بهم أعطيت من زكاتهم " انتهى باختصار.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2489)
هل يدفع زكاته لأمه من الرضاع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعطى الأم من الرضاعة والأخت من الرضاعة من الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" نعم تعطى الأم من الرضاعة من الزكاة، والأخت من الرضاعة إذا كن مستحقات للزكاة، وذلك لأن الأم من الرضاعة والأخت من الرضاعة لا يجب النفقة عليهن، فهن يعطين من الزكاة بشرط أن تثبت فيهما صفة الاستحقاق " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/417) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2490)
المصاب بالفشل الكلوي هل يعطى من الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المصابون بالفشل الكلوي هل يجوز صرف زكاة الأموال لهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" حاجة الإنسان للعلاج حاجة ملحة، فإذا وجدنا مريضاً يحتاج للعلاج لكنه ليس عنده مال يدفعه للعلاج، فإنه لا حرج أن نعطيه من الزكاة؛ لأن الزكاة يقصد بها دفع الحاجة " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/342) .
أما إذا كان هؤلاء المرضى أغنياء لا يحتاجون المال، فلا يجوز دفع الزكاة إليهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2491)
يجوز دفع الزكاة للفاسق مع نصحه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع الزكاة لتارك الصلاة، أو الفاسق الذي عنده زوجة صالحة ولها أطفال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" تارك الصلاة متعمداً كافر لا تدفع إليه الزكاة؛ إن تركها جاحداً لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، وإن كان تركها مع إقراره بوجوبها لكن تركها تكاسلاً وتساهلاً وعدم اهتمام بشأنها فهذا كافر على الصحيح من قولي العلماء، فعلى كل حال مثل هذا لا تدفع إليه الزكاة.
أما بالنسبة للفاسق وهو الذي يرتكب كبيرة من كبائر الذنوب دون الشرك ودون ترك الصلاة فهذا تدفع له الزكاة إذا كان فقيراً مع مناصحته والأخذ على يده لعله بذلك يتعظ ويؤلف قلبه على التوبة وترك المعصية، خصوصاً إذا كان عنده عائلة وهو بحاجة إلى الإنفاق عليهم أو ينقصه شيء من الإنفاق عليهم " انتهى.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (2/324) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2492)
يجوز للإنسان أن يدفع زكاته للقريب الذي لا تلزمه نفقته
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مجموعة من الإخوة والأخوات الأشقاء وكل واحد منهم لديه أسرة كبيرة، ولا يملك شيئا يذكر لتغطية نفقات دراسة أولاده وأنا أحسن حالاً، والحمد لله، فهل يجوز لي أن أوزع زكاة مالي عليهم بشرط أن لا أخبرهم بأن هذا المال هو زكاة مالي دفعاً للحرج، وخوفاً أن يعلموا ذلك فلا يقبلوها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" دفع الزكاة لمثل هؤلاء جائزة؛ لأنهم في حاجة إلى ذلك ما دام أن دخلهم لا يكفيهم لحاجاتهم الضرورية، وأما من ناحية الإخبار عنها أنها زكاة أو غير زكاة هذا يتبع المصلحة فإذا كانت المصلحة بعدم إخبارهم فلا تخبرهم وإذا كانت المصلحة في إخبارهم فأخبرهم " انتهى.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (2/326) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2493)
هل يعطي زكاته لابنته المتزوجة الفقيرة إذا كان زوجها مفقودا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: لي بنت متزوجة ولها أطفال وزوجها مفقود من فترة ولها بيت مستقل، فهل يحق لي أن أتزكى عليها لكي تعيل الأطفال اليتامى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت المرأة متزوجة فنفقتها على زوجها، فإن كان فقيرا، أو غائبا ولم يترك لها مالا تنفق منه، وكانت هي فقيرة لا مال لها، جاز أن تُعطى من الزكاة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/279) : " وإذا كان للمرأة الفقيرة زوج موسر ينفق عليها , لم يجز دفع الزكاة إليها؛ لأن الكفاية حاصلة لها بما يصلها من نفقتها الواجبة، وإن لم ينفق عليها، وتعذّر ذلك جاز الدفع إليها , وقد نص الإمام أحمد على هذا " انتهى باختصار.
لكن ليس لأمها أو لأبيها أن يعطيها من زكاته؛ لأنه ملزم بالنفقة عليها في هذه الحال، إلا في مسألتين:
الأولى: أن يعطيها من الزكاة لسداد دينها، الذي استدانته لغير النفقة.
والثانية: أن يعجز الأب عن النفقة عليها، لكن يكون عنده مال تجب فيه الزكاة، فيجوز أن يعطيها من زكاته.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: هل يصح إخراج الزكاة للابنة المتزوجة المحتاجة؟
فأجاب: " كل من اتصف بوصف يستحق به الزكاة فالأصل جواز دفع الزكاة إليه، وعلى هذا؛ فإن كان الرجل لا يمكنه أن ينفق على ابنته وأولادها فيدفع الزكاة إليها، والأفضل والأحوط والأبرأ للذمة أن يدفعها إلى زوجها " انتهى.
وسئل أيضا: هل يجوز أن أدفع من زكاة مالي لبناتي المتزوجات علماً بأنهن فقراء؟
فأجاب: " ذكر العلماء: أن الإنسان لا يدفع الزكاة إلى ذريته، ولا لآبائه، ولا لأمهاته، أي: لا أصوله ولا فروعه، وهذا إذا كانت تدفع إليه من أجل دفع الحاجة، أما إذا كانت عليهم ديون ليس سبيلها النفقة فيجوز دفعها إليهم؛ لأنه لا يلزمه قضاء ديونهم، ولذلك لا يكون دفع زكاته لهم توفيراً لماله.
وخلاصة الجواب: أن هذا الرجل الذي عنده بنات متزوجات وأزواجهن فقراء إذا لم يكن عنده مال يتسع للإنفاق عليهن فلا بأس أن يدفع زكاته إليهم، وليدفع المال إلى الأزواج؛ لأنهم هم المسؤولون عن الإنفاق، فلا بأس بذلك على كل حال" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/426) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2494)
دفع الزكاة للمرأة الفقيرة إذا كان زوجها لا ينفق عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مال زكاة ولي خالة مسكينة لها أولاد كثر مع أن زوجها غني لكنه لا ينفق بشكل كاف لكثرة زوجاته وأولاده فهل أستطيع أن أعطيها المبلغ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المرأة إذا كانت متزوجة لزم زوجها أن ينفق عليها، فإن كان معسرا أو ممتنعا عن النفقة، وكانت هي فقيرة لا مال لها، جاز أن تعطى من الزكاة.
ولا حرج عليك أن تعطيها من زكاتك لأنك غير ملزم بالنفقة عليها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/279) : " وإذا كان للمرأة الفقيرة زوج موسر ينفق عليها , لم يجز دفع الزكاة إليها ; لأن الكفاية حاصلة لها بما يصلها من نفقتها الواجبة ... وإن لم ينفق عليها , وتعذّر ذلك , جاز الدفع إليها , وقد نص أحمد على هذا " انتهى باختصار.
وقال النووي رحمه الله في "المنهاج": " والمكفي بنفقة قريب أو زوج ليس فقيرا ولا مسكينا في الأصح "
"مغني المحتاج" (4/176) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: لي أخت متزوجة وحالها مستورة، فهل يجوز لي دفع جزء من زكاة مالي إليها، لرفع مستوى معيشتها، وإعانتها على تربية أولادها، وخاصة أن زوجها لا يهتم إلا بنفسه، وقد تعبنا في إصلاح حاله.
فأجاب: " إن كانت فقيرة، وزوجها لا ينفق عليها، وعجزتم عن إصلاح حاله، ولم يتيسر من يلزمه بذلك، فإنه يجوز إعطاؤها من الزكاة قدر حاجتها " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (14/269) .
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: شخص لديه ابنة أخت متزوجة من رجل لديه امرأة أخرى، هل تعطى هذه البنت من الزكاة؟
فأجاب: نعم، يعطيها خالها إذا كانت فقيرة وزوجها لا ينفق عليها؛ لفقر أو بخل ".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/257) : " قوله: (ولا تدفع [يعني الزكاة] إلى فقيرة تحت غني منفق) .
اشترط المؤلف شرطين هما:
الأول: أن تكون تحت غني.
الثاني: أن يكون منفقاً باذلاً للنفقة، فلا تدفع إليها؛ لأنها في الحقيقة غير فقيرة، إذ إن زوجها الذي ينفق عليها قد استغنت به.
فإن كانت تحت فقير، فتحل لها، وتحل لزوجها؛ لأن الوصف منطبق عليها.
وإذا كانت تحت غني، لكنه من أبخل الناس فتعطى من الزكاة؛ لأنها فقيرة، ولم تستغن بزوجها، فتدخل في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.)
فإن قال قائل: لماذا لا تقولون لها: طالبي الزوج وارفعيه إلى المحكمة؟
قلنا: لا نقول لها ذلك؛ لأن هذا يترتب عليه مشاكل، فقد يفضي إلى أن يطلقها، وهذا ضرر عليها، ودفع حاجتها لدفع هذا الضرر لا شك أنه مما جاءت به الشريعة " انتهى مختصرا.
والحاصل: أنه يجوز أن تدفع زكاتك إلى خالتك إذا كانت فقيرة أو مسكينة، ولا يعطيها زوجها ما يكفيها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2495)
دفع الزكاة للأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء الزكاة للفقراء والمستحقين لها من الأقارب كالأخ والأخت والعم والعمة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة قال عليه الصلاة والسلام: (إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة) رواه النسائي (2581) والترمذي (658) صححه الألباني في صحيح النسائي (2420) .
إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن هذا لا يجوز.
أما إذا كان مالك لا يتسع للإنفاق عليهم فلا حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك، وكذلك لو كان عليهم ديون للناس وقضيت ديونهم من زكاتك فإنه لا حرج عليك في هذا أيضا وذلك لأن الديون لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه فيكون قضاؤها من زكاته أمرا مجزيا حتى ولو كان ابنك أو أباك وعليه دين لأحد ولا يستطيع وفاءه فإنه يجوز لك أن تقضيه من زكاتك.
من فتوى للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين 1/461) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2496)
هل يقضى دين الميت من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي شخص وعليه دين، ولم يترك مالاً يسدد هذا الدين؛ فهل يجوز قضاء دينه من الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا شك أن قضاء الدين عن الميت أمر مشروع، وفيه إحسان إلى الميت.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام إذا أُتِي بالميت ليصلي عليه؛ سأل: هل عليه دين؟ فإن أُخبر أن عليه دينًا، لم يُصِلِّ عليه، وقال لأصحابه: (صلوا على صاحبكم) رواه البخاري (2295) .
فلما وسع الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، صار يتحمل الدين عن الميت الذي ليس له وفاء، ويصلي عليه، فقد جاء في البخاري (2297) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ) ، فدل هذا على مشروعية قضاء الدين عن الميت.
ثانياً:
اختلف العلماء في جواز قضاء دين الميت من الزكاة، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقضى دين الميت من الزكاة، وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وانظر "مجموع الفتاوى" (25/80) .
وذهب أكثر العلماء إلى أنه لا يقضى دين الميت من الزكاة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/281) : " قَالَ الإمام أَحْمَدَ لا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَلَا يُقْضَى مِنْ الزَّكَاةِ دَيْنُ الْمَيِّتِ.
وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ ; لِأَنَّ الْغَارِمَ هُوَ الْمَيِّتُ وَلَا يُمْكِنُ الدَّفْعُ إلَيْهِ , وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى غَرِيمِهِ صَارَ الدَّفْعُ إلَى الْغَرِيمِ لَا إلَى الْغَارِمِ " انتهى.
وقال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" (2/320) : " الأصح الأشهر أنه لا يقضى دين الميت من سهم الغارمين " انتهى بتصرف.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: شخص توفي وعليه دين، وليس وراءه من يستطيع سداده، فهل يجوز أن يسدد هذا الدين من الزكاة؟
فأجاب: " لا يجوز أن يسدد دين الميت من الزكاة، ولكن إذا كان قد أخذه بنية الوفاء فإن الله يؤديه عنه " انتهى."مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/377) .
وقال أيضاً في "الشرح الممتع" (6/236) : " لا يقضى دين الميت من الزكاة لأمور ثلاثة:
أولاً: أن الظاهر من إعطاء الغارم أن يزال عنه ذل الدين.
ثانياً: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان لا يقضي ديون الأموات من الزكاة، فكان يؤتى بالميت وعليه دين فيسأل صلّى الله عليه وسلّم هل ترك وفاء؟ فإن لم يترك لم يصل عليه وإن قالوا: له وفاء، صلى عليه، فلما فتح الله عليه وكثر عنده المال صار يقضي الدين بما فتح الله عليه عن الأموات، ولو كان قضاء الدين عن الميت من الزكاة جائزاً لفعله صلّى الله عليه وسلّم.
ثالثاً: أنه لو فتح هذا الباب لعطل قضاء ديون كثير من الأحياء؛ لأن العادة أن الناس يعطفون على الميت أكثر مما يعطفون على الحي، والأحياء أحق بالوفاء من الأموات " انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2497)
من استدان في محرم لا يُعطى من الزكاة إلا إذا تاب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أخذ قرضاً ربوياً من البنك لحاجته لشراء بيت، فهل يُعطى من الزكاة في سداد دينه للبنك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يحرم على الإنسان أن يتعامل بالربا قرضاً أو إقراضاً، قال الله تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة /275.
وروى مسلم (1598) عن جابر رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .
انظر جواب السؤال رقم (39829) .
ثانياً لو استدان الإنسان في أمر محرم، فإنه لا يُعطى من الزكاة، إلا إذا تاب.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/333) : " إنْ غَرِمَ فِي مَعْصِيَةٍ , مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ خَمْرًا , أَوْ يَصْرِفَهُ فِي زِنَاءٍ أَوْ قِمَارٍ أَوْ غِنَاءٍ وَنَحْوِهِ , لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ شَيْءٌ ; لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ " انتهى.
وقال ابن مفلح رحمه الله في "الفروع" (2/618) : " وَمَنْ غَرِمَ فِي مَعْصِيَةٍ لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ شَيْءٌ , فَإِنْ تَابَ دُفِعَ إلَيْهِ " انتهى.
وجاء في الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (6/235) : " من غرم في محرم هل نعطيه من الزكاة؟
الجواب: إن تاب أعطيناه، وإلا لم نعطه؛ لأن هذا إعانة على المحرم، ولذلك لو أعطيناه لاستدان مرة أخرى " انتهى.
وعلى هذا، فلا حرج من إعطاء هذا الرجل من الزكاة إذا كان قد تاب من التعامل بالربا، وندم على ذلك، وعزم على عدم فعل ذلك في المستقبل.
أما إذا لم يتب من ذلك، وكنا إذا أعطيناه اليوم ليسدد ما عليه من الديون، يذهب غداً ليقترض بالربا مرة أخرى، فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة؛ لأننا بذلك نعينه على فعل المحرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2498)
أعطى زكاته فقيراً فتبين أنه غني
[السُّؤَالُ]
ـ[أخرجت زكاة مالي، وأعطيتها لرجل فقير، فتبين لي بعد ذلك أنه كان غنياً، فهل تجزئ عني تلك الزكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء فيمن أعطى زكاته لغني، وهو يظنه فقيراً، فذهب الشافعية إلى أنها لا تجزئ. وانظر "المجموع" (6/225) .
وذهب الحنابلة إلى أنها تجزئ، وهو الصواب.
ويدل على ذلك: ما رواه البخاري (1421) ومسلم (1022) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ..... وفيه، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ! عَلَى غَنِيٍّ! ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ، ولعل الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ) .
ولأن حقيقة الفقر قد تخفى، فاكتفى فيه بغلبة ظن دافع الزكاة، قال الله تعالى: (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ) البقرة / 273.
قال البهوتي في "كشاف القناع" (2/296) : " فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ يَظُنُّهُ فَقِيرًا فَبَانَ غَنِيًّا أَجْزَأَتْ " انتهى.
وهل يأخذ الحكم نفسه كل من أعطى الزكاة لمن يظنه أهلاً لها، فتبين أنه ليس من أهلها، كمن أعطى الزكاة كافراً، وهو يظن أنه مسلم، أو أعطاها رجلاً فقيراً، ثم تبين أنه من آل البيت النبوي؟
ذهب الحنابلة إلى أنها لا تجزئ في هذه الأحوال؛ لأن هذا لا يخفى على الناس غالباً، بخلاف الفقر، فإنه قد يخفى. وانظر "المغني" (2/281) .
واختار الشيخ ابن عثيمين أنه تجزئ في هذه الأحوال، فقال في "الشرح الممتع" (6/265) :
" إذا دفعها إلى من يظن أنه أهل بعد التحري، فبان أنه غير أهل فإنها تجزئه؛ لأنه اتقى الله ما استطاع، قال تعالى (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) البقرة /286، والعبرة في العبادات بما في ظن المكلف بخلاف المعاملات فالعبرة بما في نفس الأمر " انتهى بتصرف.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2499)
إعطاء القريبة من الزكاة إذا كان ولدها سيأخذ منها لينفق في الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء الزكاة لقريبة منا فقيرة مع العلم أننا لو أعطيناها سوف تعطي ولدها الذي يقوم بأعمال سيئة ومحرمة هل يجوز إعطاؤها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت القريبة المسؤول عنها تستحق الزكاة لفقرها ومسكنتها أو لكونها مدينة، فلا مانع من إعطائها الزكاة، بل إعطاؤها أفضل، لأنه زكاة وصلة، وراجع جواب السؤال رقم (20278) .
وينبغي نصحها بأن لا تمكّن ولدها من الإنفاق في الحرام، بل تشتري له ما يحتاجه من المباح، ولها أن تخفي المال عنه، لتنفق منه على نفسه وعلى من تعول.
كما ينبغي نصح الابن وتوجيهه ودعوته إلى الله تعالى وعدم اليأس من هدايته، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وكم تاب سبحانه على عاصٍ، وكم هدى من ضال.
وإذا لم يمكن حجب المال عن الولد ومنعه من إنفاقه في الحرام، فللأم أن تأخذ المال ثم تعطيه لواحد منكم، وتوكله في شراء ما تحتاجه.
وعند بعض أهل العلم يجوز إعطاؤها الزكاة ابتداء في صورة أطعمة وألبسة ونحو ذلك مما تحتاجه، وهذا القول يمكن اعتماده في مثل هذه الحالة إذا كان الابن سيستولي على المال وينفقه في المحرم.
وينظر جواب السؤال رقم (42542) ورقم (79337) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2500)
إذا أعطى زكاته لمستحقها فهل يخبره أنها زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب لفظ كلمة " زكاة " عند إعطائها للناس - يعني: أن نقول " خذ هذه زكاة "؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
زكاة المال لها مصارف محددة، لا يجوز صرف الزكاة إلى غيرها، وقد ذكرها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60
ولمعرفة هؤلاء بتفاصيل نافعة: انظر جوابي السؤالين (46209) و (6977) .
ثانياً:
لا يلزم معطي الزكاة أن يخبر من يأخذها بأنها زكاة، بل قد كره بعض المالكية إخباره، وهو ظاهر قول الإمام أحمد رحمه الله، وكذا الشافعية.
قال النووي رحمه الله:
" إذا دفع المالك أو غيره الزكاة إلى المستحق ولم يقل هي زكاة، ولا تكلم بشيء أصلا: أجزأه، ووقع زكاة، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور، وقد صرح بالمسألة إمام الحرمين – أي: الجويني -، وآخرون " انتهى.
" المجموع " (6 / 233) .
وقال ابن قدامة رحمه الله:
" وإذا دفع الزكاة إلى من يظنه فقيراً: لم يحتج إلى إعلامه أنها زكاة، قال الحسن: أتريد أن تقرعه؟! لا تخبره.
وقال أحمد بن الحسن: قلت لأحمد: يدفع الرجل الزكاة إلى الرجل فيقول: هذا من الزكاة، أو يسكت؟ ، قال: " ولم يبكِّته بهذا القول؟! يعطيه، ويسكت، ما حاجته إلى أن يقرعه؟! انتهى.
" المغني " (2 / 508) .
وفي " الشرح الكبير " للشيخ الدردير رحمه الله (1 / 500) :
" ولا يشترط إعلامه، أو علمه بأنها زكاة، بل قال اللقاني: يكره إعلامه؛ لما فيه مِن كسر قلب الفقير، وهو ظاهر، خلافاً لمَن قال بالاشتراط " انتهى.
وقد ذكرنا في جواب السؤال (33777) فتوى عن اللجنة الدائمة للإفتاء بأنه لا يجب إخبار الآخذ بان هذا المال زكاة.
لكن.. إذا علم المعطي أن الآخذ لا يقبل الزكاة، وأنه إذا علم أنها زكاة لم يأخذها، فيجب على المعطي حينئذ أن يخبره أنها زكاة، ثم إن شاء قبلها وإن شاء ردّها.
فقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عن حكم إعطاء الإنسان الزكاة دون إخباره أنها زكاة؟ .
فأجاب:
" لا بأس أن يعطي الزكاة لمستحقها بدون أن يعلم أنها زكاة، إذا كان الآخذ له عادة بأخذها وقبولها، فإن كان ممن لا يقبلها: فإنه يجب إعلامه، حتى يكون على بصيرة، فيقبل، أو يرد " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (18 / السؤال رقم 229) .
وسئل أيضاً رحمه الله:
إذا أعطى الإنسان زكاته لمستحقها فهل يخبره أنها زكاة؟ .
فأجاب:
" إذا أعطى الإنسان زكاته إلى مستحقها: فإن كان هذا المستحق يرفض الزكاة ولا يقبلها: فإنه يجب على صاحب الزكاة أن يخبره أنها زكاة؛ ليكون على بصيرة من أمره إن شاء رفض وإن شاء قبل، وإذا كان من عادته أن يأخذ الزكاة: فإن الذي ينبغي أن لا يخبره؛ لأن إخباره بأنها زكاة فيه نوع من المنَّة، وقد قال الله تعالى: (ي?أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَـ?تِكُم بِالْمَنِّ وَالأَْذَى?) البقرة/264.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (18 / السؤال رقم 230) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2501)
دفع الزكاة لطالب العلم الدنيوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي متزوجة من رجل لا يعمل إلا في بعض الأحيان ولكنه أيضا بخيل ولا ينفق عليها وأولادها , وهي تعمل وتتحمل كل نفقات البيت والآن مجبرة على تكملة تعليمها لشهادة أعلى وإلا فصلت من عملها وينقصها المال فهل يجوز أن أعطيها زكاة مالي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز دفع الزكاة لطالب العلم الدنيوي، الذي لا يجد نفقاته، إذا كان العلم الذي يدرسه علما مباحا، ويحتاج إليه، ليتمكن من العمل أو الحصول على وظيفة، لأن الحصول على هذه الشهادة أصبح حاجة ماسة، يتوقف عليها العمل والتوظف غالبا.
قال المرداوي في "الإنصاف" (3/218) : " واختار الشيخ تقي الدين: جواز الأخذ من الزكاة لشراء كتب يشتغل فيها بما يحتاج إليه من كتب العلم التي لا بد منها لمصلحة دينه ودنياه. انتهى , وهو الصواب " انتهى.
وعلى هذا، فلا حرج من إعطائك أختك زكاة مالك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2502)
هل يدفع زكاة الفطر لخالته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع زكاة الفطر لخالتي المطلقة، وليس لها أولاد، ولكن لها بنات متزوجات، وتمتلك نصف دونم من الأرض، وليس لها مصدر رزق، فهل يجوز إعطاؤها الزكاة أم تعطى لفقير آخر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اختلف العلماء في مصرف زكاة الفطر، فذهب جمهورهم إلى أنها تصرف إلى أي واحد من مصارف زكاة المال الثمانية، وذهب بعضهم إلى وجوب استيعاب تلك الأصناف الثمانية بالزكاة، وذهب آخرون إلى اختصاصها بالفقراء والمساكين.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (23 / 344) :
"اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر على ثلاثة آراءٍ: ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الأصناف الثّمانية الّتي تصرف فيها زكاة المال، وذهب المالكيّة - وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيميّة - إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين، وذهب الشّافعيّة إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثّمانية، أو من وُجد منهم" انتهى.
وقد ردَّ شيخ الإسلام ابن تيمية القول الأول والثالث في " مجموع الفتاوى " (25/73 – 78) ، وبيَّن – رحمه الله – أن تعلق زكاة الفطر بالأبدان لا بالأموال، ومما قال هناك:
"ولهذا أوجبها الله تعالى طعاماً، كما أوجب الكفارة طعاماً، وعلى هذا القول: فلا يجزئ إطعامها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم، فلا يعطى منها في المؤلفة، ولا الرقاب، ولا غير ذلك، وهذا القول أقوى في الدليل.
وأضعف الأقوال: قول من يقول: إنه يجب على كل مسلم أن يدفع صدقة فطره الى اثني عشر، أو ثمانية عشر، أو إلى أربعة وعشرين، أو اثنين وثلاثين، أو ثمانية وعشرين، ونحو ذلك؛ فإن هذا خلاف ما كان عليه المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين، وصحابته أجمعين، لم يعمل بهذا مسلم على عهدهم، بل كان المسلم يدفع صدقة فطره وصدقة فطر عياله إلى المسلم الواحد، ولو رأوا مَن يقسم الصاع على بضعة عشر نفساً يُعطي كل واحد حفنة: لأنكروا ذلك غاية الإنكار وعدُّوه من البدع المستنكرة، والأفعال المستقبحة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّر المأمور به صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعير، ومن البر إما نصف صاع وإما صاع، على قدر الكفاية التامة للواحد من المساكين، وجعلها طعمة لهم يوم العيد يستغنون بها، فاذا أخذ المسكين حفنة لم ينتفع بها، ولم تقع موقعاً، وكذلك مَن عليه دَين وهو ابن سبيل إذا أخذ حفنة من حنطة لم ينتفع بها. . . والشريعة منزهة عن هذه الأفعال المنكرة التي لا يرضاها العقلاء، ولم يفعلها أحد من سلف الأمة، وأئمتها.
ثم قول النبي صلى الله عليه وسلم (طُعمة للمساكين) نصٌّ في أن ذلك حق للمساكين، كقوله تعالى في آية الظهار: (فإطعام ستين مسكيناً) : فإذا لم يجز أن تصرف تلك للأصناف الثمانية: فكذلك هذه" انتهى باختصار.
وعليه: فيكون الراجح من تلك الأقوال الثلاثة: القول الثاني، وهو وجوب دفع صدقة الفطر للفقراء والمساكين دون غيرهم، وهو الذي رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله، كما في "الشرح الممتع" (6/117) .
ثانياً:
وزكاة المال، والفطر إذا كانت في الأقارب الذين يستحقونهما فهي أفضل من أن تكون في غيرهم من المستحقين، وتكون هنا زكاة وصلة، ولكن ذلك مشروط بكون هذا القريب ممن لا تجب نفقته على المزكِّي.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء؟
فأجاب:
"يجوز أن تدفع زكاة الفطر، وزكاة المال، إلى الأقارب الفقراء، بل إن دفعها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعها إلى الأقارب صدقة وصلة، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حماية ماله، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته، أي: على الغني؛ فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته؛ لأنه إذا فعل ذلك: فقد وفَّر ماله بما دفعه من الزكاة، وهذا لا يجوز، ولا يحل، أما إذا كان لا تجب عليه نفقته: فإن له أن يدفع إليه زكاته، بل إن دفع الزكاة إليه أفضل من دفعها للبعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة) " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (18 / السؤال رقم 301) .
والخلاصة:
إذا كانت خالتك فقيرة: فهي تستحق الزكاة، ولو كانت تملك نصف دونم، وإن كان الأفضل لها بيعه والاستغناء بثمنه عن منَّة الناس.
ولا ينبغي للمسلمين ترك أقاربهم حتى يقارب شهر رمضان على الانتهاء فيتفقد أحدهم قريبه بصاعٍ من طعام يدفعه له، بل الواجب على المسلمين عموماً تفقد أحوال المحتاجين والفقراء، والمسارعة لبذل ما يحتاجونه من طعام ومال وكساء، ويتحتم هذا على الأغنياء في تفقد أقاربهم الفقراء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2503)
كيف يزكي الأرض والسيارة والذهب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[1- عندي قطعة أرض اشتريتها منذ تقريبا عام لغرضين ولم أقرر حتى الآن أي الغرضين سوف أنفذ. الغرض الأول: التجارة فيها أي حينما يعلو ثمنها أبيعها. الغرض الثاني: أبنى عليها في المستقبل البعيد بيتا لأسكن فيه أنا وأسرتي. السؤال الأول: كيف أحسب مقدار زكاة هذه الأرض (ثمن الشراء أو – ثمن البيع) وهل يجب فيها زكاة أم لا؟
2- أقوم كل عام في رمضان بإخراج زكاه مالي كالتالي: أقوم بجرد كل مالي سواء الموجود في يدي أو في البنك، عندي سيارة واحدة أقوم بتأجيرها نظير مبلغ شهري طول العام بفضل الله، أقوم بحساب ثمنها بالثمن الذي اشتريتها به منذ حوالي أربعة أو خمسة سنوات، وفى حالة إذا وجدت سيارة أخرى بغرض التجارة أقوم بحساب الثمن على أساس المبلغ المدفوع فيها مثل السيارة الأولى، يوجد مبلغ في البنك له فوائد آخذ هذه الفوائد كلها مع العلم أنها مبلغ كبير.
شبكة زوجتي أقدرها بالمبلغ المدفوع فيها.
إذا وجد أي شيء آخر أقدره بالمبلغ (الثمن) المدفوع فيه.
السؤال الثاني: أقوم بإخراج الزكاة كالتالي (كل ما سبق يحول إلى قيمه نقدية * 2% + فائدة البنك كاملة) .
مبلغ نقدي أقوم بإخراجه كالتالي
1- الفقراء في قريتي وأي مكان آخر فيه يتامى
2- جزء صغير للأقرباء الذين أعتقد أنهم محتاجون سواء من ناحية الوالد أم الوالدة
3- جزء صغير أيضا لإخوتى بنات وبنين مع العلم أن البنات متزوجات وميسورات الحال ووالدي ووالدتي مع العلم أيضا أنهم ميسورو الحال من باب صلة الرحم (حيث إنني الولد الأكبر)
4- جزء أرسله للجمعيات الخيرية مثل اليتامى- المرضى –أشقائنا في فلسطين
5- جزء صغير لأي أبنية خيرية مثل المساجد والمدارس، هل ما أقوم به في إخراج الزكاة صحيح أم خطأ؟ وما هو الصح إن كان هناك خطأ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان الأمر كما ذكرت من أن الأرض يحتمل أن تبيعها عند ارتفاع سعرها، ويحتمل أن تبني عليها بيتا لك ولأسرتك، فلا زكاة عليك فيها، لعدم الجزم بنية التجارة، فإذا جزمت بنية التجارة، ففيها الزكاة، فتحسب سنة من جزمك بالنية، ثم إذا انتهت قومت في الأرض بما تساويه في ذلك الوقت وتخرج زكاتها.
ثانيا:
السيارة التي تقوم بتأجيرها لا زكاة فيها، وإنما الزكاة في أجرتها إذا بلغت نصابا ومَرَّ عليها الحول وهي معك.
وفي حالة امتلاكك سيارة بنية الاتجار فيها، فإن الزكاة تحسب على قيمتها عند حولان الحول، ولا ينظر في سعرها وقت الشراء. وراجع السؤال رقم (65515) .
ثالثا:
الفوائد البنكية الربوية لا زكاة فيها، لأنها مال حرام لا يملكه المرابي، ويجب التخلص منها بصرفها في وجوه الخير، ويزكى أصل المال فقط.
والواجب عليك هو تحويل رصيدك بالبنك إلى حساب جار بلا فوائد، لأن هذه الفوائد ربا محرم من كبائر الذنوب، والله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا.
رابعا:
(شبكة الزوجة) إن بلغت نصابا وهو 85 جراما، فتجب فيها الزكاة، وطريقة زكاتها: أن تقوّم بسعر يوم الزكاة بقطع النظر عن السعر الذي اشتريت به، ثم تخرج زكاتها.
والمقصود بسعر يوم الزكاة: هو سعر هذا الذهب المستعمل، الذي يمكنك أن تبيعه به، لا سعر الذهب الجديد.
خامسا:
القدر الواجب إخراجه في زكاة الذهب والفضة وعروض التجارة والنقود هو ربع العشر أي 2.5% وليس 2% كما جاء في السؤال.
سادساً:
مصارف الزكاة معروفة، بينها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60
1- وقد أحسنت في إعطائها لفقراء القرية، وللمحتاجين من أقاربك، وللفقراء في فلسطين.
2- وأما إعطاء جزء من الزكاة لوالديك أو لإخوانك وأخواتك ميسوري الحال، فلا يجوز، ولا تبرأ به ذمتك، لأنهم ليسوا من مصارف الزكاة. والمشروع أن تعطيهم من الهدية والصدقة لا من الزكاة. إلا أن يكون على واحدٍ منهم دين، ولا يجد وفاء له، فيجوز إعطاؤه من الزكاة حينئذ.
3- وكذلك صرف الزكاة في الأبنية الخيرية من المساجد والمدارس: لا يصح، لأن الزكاة يجب أن تعطى لأحد الأصناف الثمانية المذكورة في الآية. وليست المساجد منها، ولا تدخل في قوله تعالى: (وفي سبيل الله) لأن المراد به: الجهاد في سبيل الله، وانظر السؤال رقم (13734) (21805)
4- وأما الجمعيات الخيرية للأيتام والمرضى، فيجوز إعطاؤهم الزكاة إذا كان هؤلاء الأيتام أو المرضى فقراء محتاجين، وكانت هذه الزكاة ستعطى لهم نقودا، أو يتولى المسئولون شراء ما يحتاجونه من ملابس ودواء ونحو ذلك، لا أن تصرف في مشاريع الجمعية من مبانٍ وغيرها.
ونسأل الله أن يبارك لك في مالك، وأن يجعله عونا لك على طاعته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2504)
إعطاء الزكاة لمن يريد أن يتزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أصدقائي يريد أن يتزوج وليس معه من الأموال ما يكفي نفقات الزواج، فهل يجوز لي أن أساعده وأحسب هذه الأموال من الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز إعطاء الزكاة لمن يريد أن يتزوج، إذا كان لا يجد ما يكفيه للزواج، وهذا لا يخرج عن أصناف الزكاة الثمانية التي ذكرها الله تعالى في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة / 60، لأن من لا يجد ما يكفيه فهو فقير أو مسكين فيجوز دفع الزكاة إليه.
قال الشيخ ابن عثيمين: " لو وجدنا شخصاً يستطيع أن يكتسب للأكل والشرب، والسكنى لكنه يحتاج إلى الزواج وليس عنده ما يتزوج به فهل يجوز أن نزوجه من الزكاة؟ الجواب: نعم يجوز أن نزوجه من الزكاة ويعطى المهر كاملاً، فإن قيل: ما وجه كون تزويج الفقير من الزكاة جائزاً ولو كان الذي يعطى إياه كثيراً؟
قلنا: لأن حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب، ولذلك قال أهل العلم: إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به، لكن سمعت أن بعض الآباء الذي نسوا حالهم حال الشباب إذا طلب ابنه منه الزواج قال له: تزوج من عرق جبينك. وهذا غير جائز وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه، وسوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه ". اهـ
(فتاوى أركان الإسلام ص440-441)
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن دفع الزكاة للشاب العاجز عن الزواج فقال:
يجوز دفع الزكاة لهذا الشاب، مساعدة له في الزواج إذا كان عاجزاً عن مؤونته.
فتاوى الشيخ ابن باز (14/275)
وسئلت اللجنة الدائمة:
هل يجوز صرف الزكاة لشاب يريد الزواج من أجل إعفاف فرجه
فأجابت:
يجوز ذلك إذا كان لا يجد نفقات الزواج العرفية التي لا إسراف بها.
فتاوى اللجنة الدائمة (10/17)
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2505)
هل يجوز دفع الزكاة لفتاة فقيرة من أجل نفقة زواجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج زكاة المال في مساعدة فتاة فقيرة في نفقات زواجها؟ مع العلم بأن الناس مهما رق حالهم فقد يتوسعون في متطلبات الزواج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ينبغي أن يعلم أن المرأة لا يلزمها إعداد المسكن أو تجهيزه، بل ذلك واجب على الزوج، وهو من جملة النفقة التي تلزمه تجاه زوجته، كما أن المهر المبذول للزوجة ملك لها، فلها أن تستعين به أو ببعضه على تجهيز نفسها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (16/166) : " جهاز الزوجة: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجب على المرأة أن تتجهز بمهرها أو بشيء منه , وعلى الزوج أن يعد لها المنزل بكل ما يحتاج إليه ليكون سكنا شرعيا لائقا بهما " انتهى.
ثانيا:
إذا كان لهذه الفتاة من ينفق عليها من أب أو قريب، فهو المطالب بتجهيزها وتسليمها لزوجها، فإن امتنع من ذلك ألزم به الزوج، وجعل ذلك من مهرها، وراجع السؤال رقم (12506) .
ثالثا:
إذا كان العرف هو مشاركة المرأة في تجهيز البيت، بحيث لا تتزوج إلا بذلك – كما هو الحال في بعض المجتمعات - وامتنع وليها من الإنفاق عليها، أو عجز عن هذه النفقة، وليس لها مال تجهز به نفسها، فالذي يظهر هو جواز دفع الزكاة لها حينئذ؛ لأن الحاجة إلى الزواج حاجة معتبرة، قد تكون في بعض الأحيان كالحاجة للطعام والشراب والمسكن.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو وجدنا شخصاً يستطيع أن يكتسب للأكل والشرب، والسكنى لكنه يحتاج إلى الزواج وليس عنده ما يتزوج به فهل يجوز أن نزوجه من الزكاة؟ الجواب: نعم، يجوز أن نزوجه من الزكاة، ويعطى المهر كاملاً، فإن قيل: ما وجه كون تزويج الفقير من الزكاة جائزاً ولو كان الذي يعطى إياه كثيراً؟
قلنا: لأن حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة، قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب، ولذلك قال أهل العلم: إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج، ولم يكن عنده ما يتزوج به، لكن سمعت أن بعض الآباء الذي نسوا حالهم حال الشباب إذا طلب ابنه منه الزواج قال له: تزوج من عرق جبينك. وهذا غير جائز وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه، وسوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه " انتهى من "فتاوى أركان الإسلام" ص440-441.
وعلى هذا، فلا حرج من إعطائها من الزكاة لتستعين بها في نفقات الزواج، وإذا خشيت أن تنفق هذا المال فيما لا تحتاج إليه، فيمكنك أن تخبرها أن لك عندي مبلغاً من المال قدره كذا، فماذا تريدين أن أشتري لك به، وتشتري لها ما تحتاج إليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2506)
يريد الزواج وعليه دين لأبيه فهل يأخذ الزكاة منه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن آخذ من زكاة مال والدي للمساعدة في الزواج علما بأني مديون له بمبلغ ما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز دفع الزكاة لمن يريد أن يتزوج إذا كان لا يجد ما يتزوج به، وقد بينا ذلك في جواب السؤال رقم (21975) .
كما يجوز دفع الزكاة للمدين إذا لم يجد وفاء لدينه.
ثانيا:
لا يجوز للأب دفع زكاته لابنه، لأن الابن إن كان فقيرا فإن نفقته تجب على أبيه، وكذلك إن احتاج إلى الزواج وجب عليه أن يزوجه، وفي دفع الزكاة له إسقاط لهذا الواجب، فلم يجز.
لكن للأب أن يدفع زكاته لابنه المدين، لأنه لا يجب عليه أن يسدد دين ولده، إلا إذا كان الولد قد استدان من أجل النفقة التي تجب في الأصل على أبيه.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " يجوز أن تقضي دين أبيك من زكاتك، ويجوز أن تقضي دين ولدك من زكاتك، بشرط أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك، فإن كان سببه تحصيل نفقة واجبة عليك فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك؛ لئلا يتخذ ذلك حيلة على منع الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه لأجل أن يستدين ثم يقضي ديونهم من زكاته" انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (14/310) .
لكن إذا كان مال الأب لا يكفي لتزويج ابنه، فيجوز في هذه الحالة أن يدفع زكاة ماله لابنه ليستعين به على نفقات الزواج، لأن ما زاد عن قدرة الأب المالية من نفقات زواج ابنه لا يجب على الأب، لعدم استطاعته، فلا يكون دفع الزكاة إلى الابن في هذه الحالة مسقطاً لشيء واجب على الأب.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (85088) .
ثالثا:
إذا جاز للأب أن يدفع زكاته لسداد دين ولده، فإنه يسلمه المال، ثم يقوم الابن بعد ذلك بسداد الدين، ولا يجوز له أن يسقط الدين ويعتبره من الزكاة مباشرة؛ " لأن الزكاة أخذ وإعطاء كما قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) التوبة/103، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) . وإسقاط الدين عن الفقير ليس أخذا ولا ردا، ولأن ما في ذمة الفقير دين غائب لا يتصرف فيه فلا يجزئ عن مال حاضر يتصرف فيه، ولأن الدين أقل في النفس من الحاضر وأدنى فأداؤه عنه كأداء الرديء عن الجيد " انتهى من "مجالس شهر رمضان" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله، المجلس 17.
والحاصل: لأبيك أن يدفع زكاته لك، بصفتك مدينا، فتأخذها منه ثم تسدد دينه، بشرط ألا يكون الدين قد أخذته لنفقتك التي تجب على والدك.
ويجوز له أن يدفع زكاته إليك إذا كان غير قادر على نفقات زواجك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2507)
هل يأخذ من الزكاة لبناء مسكن له؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل عاملا براتب قليل والحمد لله، وأعول أسرتي المكونة من ستة أشخاص والآن مهدد بالإيقاف عن العمل لانتهاء عقدي، أرسل جل راتبي لأهلي وأحتفظ بالقليل جداً لسد حاجتي، الآن أسرتي تعتزم الخروج من المنزل الذي تسكن به وذلك لأنه ليس ملكهم، فهو إرث وأصحابه يريدون بيعه.
لدي قطعة أرض وشرعت في بنائها ولكن لم تكتمل طلبت مساعدة زملائي بالعمل فوافقوا على مساعدتي في بناء ما تبقى حتى تسكن أسرتي مع العلم بأنهم سوف يضطرون للاستئجار لقرب موعد الإخلاء وهذا يزيد من أعبائي حيث لا أستطيع أن أدفع الإيجار ومصروفاتهم في آن واحد وليس لهم عائل سواي، فهل يجوز أخذ المساعدة من زملائي على أنها زكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسكن من الحوائج الأساسية التي لا يستغنى عنها، وهذه الحاجة تندفع بشراء المسكن أو بنائه أو استئجاره، ولا حرج في دفع الزكاة لمن ملك الأرض ولم يجد مالا يبنيها به، وهو داخل في عموم الفقراء والمساكين، الذين هم من مصارف الزكاة، كما قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
قال في "بدائع الصنائع" (2/48) : " لا بأس بأن يعطى من الزكاة من له مسكن وما يتأثث به في منزله وخادم وفرس وسلاح وثياب البدن وكتب العلم إن كان من أهله، فإن كان له فضل عن ذلك ما يبلغ قيمته مائتي درهم حرم عليه أخذ الصدقة ; لأن هذه الأشياء من الحوائج اللازمة التي لا بد للإنسان منها فكان وجودها وعدمها سواء " انتهى.
وإذا كان هذا فيمن يملك المسكن والأثاث ولا يجد الكفاية، فأولى منه بالزكاة من لم يحصّل هذه الحوائج اللازمة.
وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه "الأموال" (ص750) أن الرجل إذا " رأى أهل بيت من صالح المسلمين أهل فقر ومسكنة، وهو ذو مال كثير، ولا منزل لهؤلاء يؤويهم، فاشترى من زكاة ماله مسكنا يكنهم من برد الشتاء وحر الشمس، وجعل ذلك من زكاة ماله، أنه يكون مؤدياً للفرض، ويكون محسناً " انتهى بتصرف.
وينظر: "أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة" (1/369) وفيه: " وإذا كان الفقير لا يملك مسكنا أو أمتعة جاز شراء ما يحتاج إليه من الزكاة " انتهى.
وعلى هذا، فلا حرج في أخذك المساعدة من زملائك على أنها زكاة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2508)
هل يعطي زكاته لولده لأن راتبه يسير؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للوالد أن يعطى زكاة غنمه لابنه المتزوج والذي لا يسكن معه ولا يعيله؟ علما بأن الابن يعيش على راتب يسير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للأب أن يدفع زكاته لابنه؛ لأنه إذا كان الابن فقيرا، والأب غنيا، فإنه يجب على الأب أن ينفق على ابنه، فإذا أعطاه من الزكاة فكأنه أعطاها لنفسه.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/269) : " ولا يعطى من الصدقة المفروضة للوالدين, ولا للولد. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين , في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم , ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته , وتسقطها عنه , ويعود نفعها إليه , فكأنه دفعها إلى نفسه.
وكذلك لا يعطيها لولده. قال الإمام أحمد: لا يعطي الوالدين من الزكاة , ولا الولد ولا ولد الولد , ولا الجد ولا الجدة ولا ولد البنت " انتهى بتصرف واختصار.
ويستثنى من ذلك حالتان:
الأولى: أن يكون الابن غارما (مدينا) فيجوز دفع الزكاة إليه؛ لأن الأب لا يجب عليه سداد دين ولده.
الثانية: أن يكون مال الأب لا يكفي للنفقة على ابنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "الاختيارات" (ص 104) : " ويجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا – يعني الأجداد والجدات - وإلى الولد وإن سفل – يعني الأحفاد - إذا كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم، وكذا إن كانوا غارمين أو مكاتبين أو أبناء السبيل، وإذا كانت الأم فقيرة ولها أولاد صغار لهم مال ونفقتها تضر بهم أعطيت من زكاتهم " انتهى باختصار.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يجوز للإنسان أن يدفع الزكاة لولده؟
فأجاب: " فيه تفصيل: إن كان يريد أن يعطيه للنفقة مع وجوبها عليه فهذا لا يجوز، وإن كان يريد أن يقضي عنه دينا كحادث سيارة مثلا وتكسرت السيارة التي أصابها، وثُمنت السيارة بعشرة آلاف، فإنه يجوز لأبيه أن يدفع عنه الزكاة من أجل هذا الحادث " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/508) . وينظر (18/415) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2509)
عليها زكاة متراكمة، فهل تدفعها لأخيها على هيئة مرتبات شهرية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد فاتت أكثر من خمس سنوات لم أخرج فيها الزكاة على المال الذي ادخرته طوال هذه السنوات بقصد شراء منزل أو أرض أو أدفعه في مشروع يرجع علي بالنفع أنا وأسرتي، فكرت الآن أن أدفع حق الله وأعطي ما يلزمني دفعه في الزكاة وحسبت القدر الذي يجب علي دفعه، غير أنني احترت لمن أعطيها ولمن الأسبقية؟ مع العلم أن لي أخا يعمل وليس فقيرا ولكن أجرته لا تكفيه في نفقاته اليومية وفي تسديد حاجيات أبنائه على حسب قوله، ففكرت في طريقة أعطيه إياها لكي لا يخسر المال في حاجيات ثانوية تطلبها منه زوجته وأبناؤه كما جرت العادة وبهذا لن أكون قد بلغت هدف مساعدتي إياه بإعطائه الزكاة، فقررت إعطاءه قدرا من المال شهريا حتى أستوفي ما علي دفعه. هذا سيسمح لي من جهة أخرى أن أحتفظ بالمال الذي ادخرته لتحقيق ما كنت أنوي فعله عند توفير هذا المال وبعد سنوات من المحنة والصعوبات لجمعه. سؤالي هو: هل هذه الطريقة لدفع الزكاة صحيحة خصوصا وأنني بعد ما قمت بحساب الوقت الذي ستستغرقه العملية كلها لا يتعدى العام.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز دفع الزكاة إلى الأخ إن كان فقيرا أو مسكينا أو عليه دين لا يجد وفاء له، وحد الفقير: من لا دخل له، أو له دخل لا يكفيه. فإن كان أخوك لا يكفيه دخله لتوفير حاجاته وحاجات أولاده من غير إسراف، فيجوز دفع الزكاة إليه، وينبغي الحذر من المحاباة في شأن هذه الفريضة العظيمة، وراجعي السؤال رقم (21810) .
ثانيا:
يجب إخراج الزكاة فورا عند حلول الحول، ولا يجوز تأخيرها إلا لعذر أو مصلحة راجحة، كعدم وجود المستحق أو غيبة المال أو انتظار قريب مستحق لها، فيجوز تأخيرها حينئذ مدة يسيرة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " إن أخرها – أي: الزكاة - ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة، أو ذي حاجة شديدة، فإن كان شيئاً يسيراً، فلا بأس، وإن كان كثيراً لم يجز " انتهى من "المغني " (2/290) .
وعلى هذا، فتأخيرك الزكاة هذه السنوات الخمس خطأ، والحمد لله الذي وفقك لتدارك الأمر وعزمت على إخراجها، ونسأله تعالى أن يتوب عليك ويتقبل منك.
وإذا كان لا بد من تقسيط الزكاة لأخيك، لأنك تخشين إذا أخذها دفعة واحدة أن ينفقها ويبقى باقي السنة لا مال له، فلك أن تخبريه بأن له عندك مالاً قدره كذا وكذا وهذا المال سيكون أمانة له عندك تعطيها له كل شهر كذا، فإن رضي بذلك، فالحمد لله، وإن لم يرض، فلا يجوز تأخير الزكاة، فتعطيه قدر حاجته من هذا المال ثم تعطي الباقي لغيره.
ولكن يجب التنبه إلى أن المال إذا صار أمانة عندك فيجب عليك حفظه , ولا يجوز لك الانتفاع به، لأنه ليس ملكاً لك في الحقيقة، وإنما صار ملكاً لأخيك وأنت مأمورة بحفظه له.
ثالثاً:
بالنسبة للأعوام القادمة، التي لم تجب زكاتها بعد، لك أن تخرجيها مقدماً على هيئة أقساط لأخيك أو لغيره، لكن بشرط إذا انتهى العام تحسبين زكاتك، فإن كنت أخرجتها فالحمد لله، وإن كان بقي عليك شيء منها، أخرجته فوراً، ولا يجوز تأخيرها، وإن كنت أخرجت زيادة، فهي تطوع منك إلا إذا كنت نويت أنها تكون عن العام التالي.
وانظر لبيان ذلك جواب السؤال رقم (45185)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2510)
من هو الفقير المستحق للزكاة في أمريكا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أدنى حد من المال أو الممتلكات يحوزه المسلم في أمريكا كي نعتبره من الفقراء ليستحق أموال الزكاة؟ وهل يجوز اعتبار المسلمين الجدد الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا داخل سجون أمريكا من مصارف الزكاة؟ وهل يجوز للمسجد استخدام الصدقة في سداد فاتورة الخدمات التي يتلقاها شخص ما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
مصارف الزكاة بينها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
والفقير: هو من لا دخل له، أو له دخل لا يكفيه.
وهذا يختلف باختلاف الزمان والمكان والأسرة نفسها، وبعض الحالات يتفق الجميع على أنها تستحق الزكاة، لتدني دخلها جدا.
والفقهاء يقولون: " الفقير الذي يستحق من الزكاة هو الذي لا يجد كفايته وكفاية عائلته لمدة سنة ".
وفي حال كون الإنسان يأخذ راتبا شهريا، ينظر إلى مجموع دخله السنوي، وإلى ما يحتاج إليه في النفقة خلال السنة، فمثلا: إذا كان ما يتقاضاه سنويا خمسة آلاف، وهو يحتاج في النفقة إلى عشرة آلاف، فإنه فقير أو مسكين لأنه يملك نصف الكفاية فقط.
انظر: "الشرح الممتع" (2/672) ط. فجر.
وكذلك لو كان يحتاج إلى ستة آلاف، ودخله خمسة فقط، فهو مستحق للزكاة.
وقد يكون لديه ما يكفيه وعائلته، لكنه مدين، لا يجد سدادا، فيعطى ما يسدّ به دينه. أو لديه ما يكفيه لأكله وشربه وسكنه، لكنه محتاج للزواج وليس عنده ما يكفيه للمهر، فيعطى ما يتزوج به.
ثانيا:
المسلم الذي اعتنق الإسلام حديثا، وهو داخل السجن، إن كان فقيرا، أو مدينا، يعطى من الزكاة، ما يكفيه وعائلته، وما يسد به دينه.
ولا حرج أن يعطى من الزكاة ـ حتى ولو كان غنياً ـ إذا كان في ذلك تأليف لقلبه حتى يقوى إيمانه ويثبت على الهداية، لاسيما إذا كان وجيها مطاعا في قومه، ويترتب على ذلك العطاء تأليف قلوب من معه، فقد جعل الله تعالى للمؤلفة قلوبهم نصيبا من الزكاة.
ثالثا:
يجوز بذل الصدقة في سداد فاتورة الخدمات المستحقة على شخص ما، لأن الصدقة بابها واسع، وقد تعطى للغني، لكن ينبغي أن يراعى فيها الأولى والأحوج.
ويجوز سداد الفاتورة من الزكاة إذا كان الشخص لا يملك ما يسدد به؛ لأنه يصبح بذلك من الغارمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2511)
يجوز دفع زكاة الفطر لأهل الزوجة المحتاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز زكاة الفطر على أهل الزوجة فى حالة احتياجهم للمال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زكاة الفطر تدفع إلى الفقراء والمساكين، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ) رواه أبو داود (1609) وحسنه النووي في "المجموع" (6/126) والألباني في صحيح أبي داود.
فإذا كان أهل الزوجة من الفقراء والمساكين فلا حرج من دفع زكاةِ الفطر لهم، بل دفعها إليهم أفضل من دفعها إلى غيرهم، وذلك لأن أقارب الزوجة (الأصهار) لهم حق الرعاية والعناية إكراما للزوجة وإحسانا إليها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "نور على الدرب" (682) :
" ولا شك أن الأصهار لهم حق ليس لأحد سواهم ممن ليس بصهر " انتهى.
فنرجو أن يكتب الله سبحانه وتعالى لك أجر الصدقة وأجر رعاية المصاهرة والإحسان إلى أهل الزوجة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2512)
لا يجوز دفع الزكاة لمن تجب عليه نفقته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة أسكن في بلاد المهجر، ومتزوجة ولدي 7 أولاد، وفي كل عام أرسل زكاة الفطرة لوالدتي التي تسكن في المغرب، للعلم أنا من يتكلف بمصاريفها.
فهل تجوز فيها هذه الزكاة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على أنه لا يجوز دفع الزكاة المفروضة - ومنها صدقة الفطر - إلى من تلزم نفقته، كالوالدَين والأولاد.
جاء في "المدونة" (1/344) :
" أرأيت زكاة مالي؟ من لا ينبغي لي أن أعطيها إياه في قول مالك؟
قال: قال مالك: لا تعطيها أحدا من أقاربك ممن تلزمك نفقته " انتهى.
وقال الشافعي في "الأم" (2/87) :
" ولا يعطي (يعني من زكاة ماله) أبا ولا أما ولا جدا ولا جدة " انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/509) :
" ولا يعطي من الصدقة المفروضة للوالدين وإن علوا (يعني الأجداد والجدات) ، ولا للولد وإن سفل (يعني الأحفاد) .
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها الى الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم؛ ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته وتسقطها عنه، ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه فلم تجز، كما لو قضى بها دينه " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء.
فأجاب:
" يجوز أن تدفع زكاة الفطر وزكاة المال إلى الأقارب الفقراء، بل إنَّ دفعَها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعَها إلى الأقارب صدقةٌ وصلةٌ، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حمايةُ ماله، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته أي على الغني، فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته، لأنه إذا فعل ذلك فقد وفر ماله بما دفعه من الزكاة، وهذا لا يجوز ولا يحل، أما إذا كان لا تجب عليه نفقته، فإن له أن يدفع إليه زكاته، بل إنَّ دفعَ الزكاة إليه أفضل من دفعها للبعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة) " انتهى.
وعلى هذا فلا يجوز لك ـ أيتها السائلة ـ أن تدفعي زكاة الفطر لأمك، بل عليك أن تنفقي عليها من غير الزكاة، ونسأل الله تعالى أن يوسع عليك ويرزقك رزقا حسنا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2513)
لديه نصاب المال وراتبه لا يكفيه فهل تجوز له الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وإخواني لنا ورث من والدي ونحن ست إخوة وأمنا و3 أخوات ولم تقسم التركة وأنا متخرج من الجامعة ولدي عمل وراتبه قليل وأنا متزوج ولي بنت وولد وأنا حاليا مديون في سيارة فهل أخرج نصيبي من الزكاة وأدفعه لغيري وآخذ زكاة إخواني؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا ملكت نصابا من المال، وحال عليه الحول، وجب عليك إخراج زكاته.
والنصاب هو 85 جراماً من الذهب، أو 595 جراماً من الفضة أو ما يعادل قيمة أحدهما من الأوراق النقدية.
ثانيا:
إذا كان راتبك لا يكفيك، أو كنت مدينا، وليس عندك ما تسدد به دينك، فأنت من أهل الزكاة، قال الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من لم يجد ما يكفيه فهو فقير أو مسكين يستحق الزكاة، ولو كان عنده نصاب من المال.
قال ابن قدامة رحمه الله وهو يذكر معنى الغنى المانع من أخذ الزكاة: " والرواية الثانية (يعني عن الإمام أحمد) أن الغنى ما تحصل به الكفاية , فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة , وإن لم يملك شيئا , وإن كان محتاجا حلت له الصدقة , وإن ملك نصابا، وهذا قول مالك والشافعي , لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقبيصة بن المخارق: (لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة: رجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: قد أصابت فلانا فاقة , فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش , أو سدادا من عيش) رواه مسلم. فمدّ إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد , ولأن الحاجة هي الفقر , فمن كان محتاجا فهو فقير يدخل في عموم النص " انتهى من "المغني" (2/277) باختصار.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من هو الفقير الذي يستحق الزكاة؟
فأجاب: " الفقير الذي يستحق من الزكاة هو الذي لا يجد كفايته وكفاية عائلته لمدة سنة، ويختلف بحسب الزمان والمكان، فربما ألف ريال في زمن، أو مكان تعتبر غنى، وفي زمن أو مكان آخر لا تعتبر غنى لغلاء المعيشة ونحو ذلك " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/339) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين أيضاً: من وجبت عليه الزكاة لوجود النصاب، ولكنه فقير فهل تحل له الزكاة؟
فأجاب: " ليس كل من تجب عليه الزكاة لا تحل له الزكاة، فيكون هو يُزَكِّي ويُزَكَّى عليه " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/340) .
ثالثاً:
ما ذكرته في سؤالك من وجود إرث من والدك لم يتم تقسيمه، ينظر فيه، فإن كان أخذك له يرفع عنك صفة الفقر والمسكنة، ويمكنك من سداد دينك، فلست من أهل الزكاة، ولا حرج عليك في المطالبة بتقسيم التركة.
فمثلاً: إذا كانت التركة عقاراً زائداً عن حاجتك يمكنك بيعه والاستفادة من ثمنه في النفقة وقضاء الدَّيْن، فهذا واجب عليك ولا يحل لك أن تأخذ من الزكاة لأنك لست فقيراً أو مسكيناً.
أما إذا كان عقاراً تسكنه، أو تؤجره لتستفيد من أجرته في النفقه فلا يلزمك بيعه، ولا يرتفع عنك وصف الفقر مع ملكك إياه.
رابعاً:
لا حرج عليك أن تأخذ من زكاة إخوتك لقضاء ما عليك من الدين، لأن قضاءهم للدَّيْن الذي عليك ليس واجباً عليهم.
وأما أن تأخذ من زكاتهم من أجل النفقة، فإن كنت ترث منهم في حالة وفاتهم فلا يجوز أن تأخذ من زكاتهم لأنهم يجب عليهم أن ينفقوا عليك، وإن كنت لا ترث منهم فلا حرج عليك من أخذ الزكاة منهم لأنهم لا يجب عليهم أن ينفقوا عليك في هذه الحالة، وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال (50640) .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2514)
أسرة تريد التنزه ثم العمرة فهل تعطى من الزكاة؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[عائلة متوسطة الحال تريد السفر في الإجازة الصيفية للتنزه في الطائف ومن ثم النزول إلى مكة لأداء العمرة وليس لديها ما يكفيها لهذه الرحلة، فما حكم إعطائهم من الزكاة؟ ولماذا؟ وإن جاز فما مقدار ما يعطونه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيَّن الله تعالى مصارف الزكاة في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
وقد سبق بيان هؤلاء في جواب السؤال رقم (6977) .
والفقير والمسكين إنما يعطى من الزكاة ما يكفيه وأهله الذين ينفق عليهم النفقات الشرعية التي لا إسراف فيها ولا تبذير ولا تضييع للأموال.
والمقصود بهذه النفقات الشرعية:
الحاجات الأساسية التي يحتاج إليها الفقير، كالمسكن والملبس والطعام والشراب والعلاج....ونحو ذلك.
وليس السفر للتنزه من الحاجات الأساسية التي يعطى الفقير من الزكاة من أجلها.
وعلى هذا فلا يجوز أن يعطى هؤلاء من الزكاة بحجة أنهم فقراء.
وكذلك لا يعطون من الزكاة من سهم (ابن السبيل) لأن ابن السبيل هو الذي سافر بالفعل، ثم لم يكف ما معه من الأموال لبلوغه مقصده، فإنه يعطى من الزكاة ما يبلغه مقصده، أما هؤلاء فهم في بلادهم ولم يسافروا، فلا يوصفون بأنهم أبناء سبيل.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (35889) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2515)
هل يعطى من يتطوع للجهاد في سبيل الله من الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعطى من يتطوع للجهاد في سبيل الله من الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بيَّن الله تعالى مصارف الزكاة بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
وقد سبق بيان هؤلاء في جواب السؤال رقم (6977) ، وبيَّنا أن مصرف " في سبيل الله " هو في الجهاد في سبيل الله، وألحق بعض العلماء الحج لحديث ورد في ذلك.
قال ابن كثير رحمه الله:
وأما (في سبيل الله) فمنهم الغزاة الذين لا حقّ لهم في الديوان، وعند الإمام أحمد والحسن وإسحاق والحج من سبيل الله للحديث.
" تفسير ابن كثير " (2 / 367) .
وبيَّنا في جواب السؤال رقم (7853) جواز دفع الزكاة لأهل الشيشان.
وليعلم أن قوله تعالى (في سبيل الله) ليست عامة في كل وجوه الخير، بل هي في الجهاد في سبيل الله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
فأما تخصيصه بالجهاد في سبيل الله فلا شك فيه، خلافاً لمن قال: إن المراد في سبيل الله كل عمل برٍ وخير، فهو على هذا التفسير كل ما أريد به وجه الله، فيشمل بناء المساجد، وإصلاح الطرق، وبناء المدارس، وطبع الكتب، وغير ذلك مما يقرب إلى الله عزّ وجل؛ لأن ما يوصل إلى الله من أعمال البر لا حصر له.
ولكن هذا القول ضعيف؛ لأننا لو فسرنا الآية بهذا المعنى لم يكن للحصر فائدة إطلاقاً، والحصر هو: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ... ) التوبة/ 60 الآية، وهذا وجه لفظي.
أما الوجه المعنوي فلو جعلنا الآية عامة في كل ما يقرب إلى الله عزّ وجل لحرم من الزكاة من تيقن أنه من أهلها؛ لأن الناس إذا علموا أن زكاتهم إذا بني بها مسجد أجزأت بادروا إليه لبقاء نفعه إلى يوم القيامة.
فالصواب: أنها خاصة بالجهاد في سبيل الله.
وأما قول المؤلف إنهم الغزاة، وتخصيصه بالغزاة، ففيه نظر.
والصواب: أنه يشمل الغزاة وأسلحتهم، وكل ما يعين على الجهاد في سبيل الله، حتى الأدلاء الذين يدلون على مواقع الجهاد لهم نصيب من الزكاة؛ لأن الله قال: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) ولم يقل: للمجاهدين، فدل على أن المراد: كل ما يتعلق بالجهاد؛ لأن ذلك من الجهاد في سبيل الله.
وهل يجوز أن يُشترى من الزكاة أسلحة للقتال في سبيل الله؟
على رأي المؤلف: لا يجوز، وإنما تعطى المجاهد.
وعلى القول الصحيح: يجوز أن يُشترى بها أسلحة يقاتل بها في سبيل الله، لا سيما وأنه معطوف على مجرور بـ " في " الدالة على الظرفية دون التمليك، بل هي نفسها مجرورة بـ " في " (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) .
وعلى هذا فيكون القول الراجح: أن قوله: (َفِي سَبِيلِ اللَّهِ) يعم الغزاة وما يحتاجون إليه من سلاح وغيره.
" الشرح الممتع " (6 / 241، 242) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2516)
دفع الزكاة إلى مدرسة ابتدائية بحاجة للدعم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع الزكاة لمدرسة تعلم إبتدائي للأطفال، إذا كانت المدرسة بحاجة للدعم المادي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الصحيح أنه لا يجوز صرف الزكاة على تلك المدرسة، ومصارف الزكاة بينها الله تعالى في قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل} [التوبة 60] .
1. والفقير هو الذي لا يجد شيئاً.
2. والمسكين هو الذي يملك لكن لا يكفيه.
3. والعامل على الصدقة هو الذي نصبه الإمام ليأخذ الصدقات ويعطى بقدر عمله ولو كان غنياً.
4. والمؤلفة قلوبهم هم الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يستميلهم ويتألفهم ليسلموا أو ليدفع شرهم أو لتقوى نيتهم ويثبتوا على الإسلام فهم كانوا أصنافا ثلاثة.
5. والرقاب هم المكاتبون أي العبيد الذين اتفقوا مع سادتهم على العتق بمال يدفعونه، أو ما يدفع لتحريرهم ابتداء دون مكاتبة.
6. والغارم هو المدين الذي عجز عن سداد دينه.
7. وفي سبيل الله هم الجنود المنقطعون للجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الإسلام.
8. وابن السبيل هو الغريب المسافر المنقطع عن ماله، يعطى ما يبلغه حاجته ولو كان في بلده غنياً.
هذا وللمزكي أن يدفع الزكاة إلى جميع هذه الأصناف المذكورة أو إلى بعضهم ولو واحداً من أي صنفٍ كان.
وقد توسع بعض الناس في لفظ " وفي سبيل الله "، والراجح أنها في الجهاد، ويمكن أن يدخل فيه الحج.
قال ابن كثير:
وأما {في سبيل الله} فمنهم الغزاة الذين لا حقّ لهم في الديوان وعند الإمام أحمد والحسن واسحاق والحج من سبيل الله للحديث. " تفسير ابن كثير " (2 / 367) .
والمقصود بالحديث ما ثبت في مسند الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: " إن الحج والعمرة لمن سبيل الله ".
والخلاصة: أنه لا يجوز صرف الزكاة لهذه المدرسة إلا إذا كان طلابها فقراء أو يدخلون في صنف من الأصناف الثمانية، وفي الشرع أبواب مفتوحة لإعانة هذه المدرسة مثل الصدقات والهبات والوقف. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2517)
لا يجوز إعطاء الزكاة للوالدين مقابل النفقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعطي زكاة مالي لوالدي لأن والدي لا يعمل وهو كبير في السن ولا يستطيع العمل، له أربعة أطفال لا زال يرعاهم وأحدهم معوق وعمره 30 سنة، فهل يجوز أن أدفع له زكاة مالي أو لأختي لأنهم عائلة فقيرة جداً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا السؤال من شقّين:
الأول: حكم إعطاء الوالدين من الزكاة:
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " ليس للمسلم أن يُخرج زكاته في والديه، ولا في أولاده، بل عليه أن يُنفق عليهم من ماله إذا احتاجوا لذلك، وهو يَقْدر على الإنفاق عليهم ".
من كتاب الفتاوى الجامعة ج/1ص/306
الثاني: إعطاء الزكاة للإخوة. يراجع سؤال رقم 22177.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2518)
أي السائِلِين أولى بإعطائه الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وجد أحدنا أكثر من سائلٍ، من العاجزين جسديًا، فلمن نعطي الأفضلية في الصدقات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
مساعدة المحتاجين والتصدق على الفقراء والمساكين من أفضل القربات وأولى الطاعات.
قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/274.
ويتأكد استحباب الصدقة كلما اشتدت حاجة الفقير؛ وذلك أن سد الحاجات وستر العورات من أهم مقاصد تشريع الصدقات.
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَفْضَلُ الأَعْمَالِ: إِدْخَالُُ السُّرُورِ عَلَى المُؤمِنِ: كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، وَأَشْبَعْتَ جَوْعَتَه، أَوْ قَضَيتَ لَهُ حَاجَةً) رواه الطبراني في المعجم الأوسط (5/202) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2090) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" فإن قيل: أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية؟
قلنا: إن الأولى ما كانت الحاجة إليه أشد؛ لأن كل هؤلاء استحقوا الوصف، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى، والغالب أن الأشد هم الفقراء والمساكين، ولهذا بدأ الله تعالى بهم فقال: (إِنَّمَا ?لصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَ?لْمَسَاكِينِ وَ?لْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَ?لْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ?لرِّقَابِ وَ?لْغا?رِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ?للَّهِ وَ?بْنِ ?لسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ?للَّهِ وَ?للَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/ سؤال رقم 251) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (23/303) :
" إعطاء المستحقّين الزّكاة ليس بدرجةٍ واحدةٍ من الفضل، بل يتمايز: فقد نصّ المالكيّة على أنّه يندب للمزكّي إيثار المضطرّ على غيره، بأن يزاد في إعطائه منها دون عموم الأصناف " انتهى.
وإذا كان الفقير أو السائل من العاجزين عن العمل، أقعده المرض والابتلاء، فيتأكد إعطاؤه من الصدقة.
قال تعالى: (لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) البقرة/273.
قال سعيد بن جبير: إنهم قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله فصاروا زَمْنَى (جمع زَمِن: وهو من به مرض دائم) ، فجعل لهم في أموال المسلمين حقا.
"الدر المنثور" (2/89) .
والمقصود: بيان أن ميزان المفاضلة في الصدقات هو قدر الحاجة والفاقة، فإذا ظهر لك أن أحد السائلين أشد حاجة وفاقة من الآخر، فهو الأولى بصدقتك.
فإن كان المبلغ الذي تريد أن تتصدق به يكفي لسد حاجة السائِلَيْن، فاقسمه بينهما، وإن كان لا يكفي إلا واحدًا منهما، فلا حرج عليك حينئذ إذا أعطيته لأي منهما، ولتحاول أن تخفي ذلك عن الآخر، حتى لا يقع في قلبه شيء من الحسرة أو الحسد.
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله: إذا أخرج الإنسان زكاة ماله، وكانت قليلةً كمائتي ريال مثلاً، فهل الأفضل أن تُعطَى لأسرةٍ واحدةٍ محتاجة، أو تفريقها على عدد من الأسر المحتاجة؟
فأجاب:
" إذا كانت الزكاة قليلةً فصرفها في أسرة محتاجة أولى وأفضل؛ لأن توزيعها بين الأسر الكثيرة مع قلتها يقلل نفعها " انتهى.
"فتاوى ابن باز" (14/316) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2519)
لا يجوز خصم نفقات نقل الزكاة من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا احتاج إيصال الزكاة إلى الفقراء إلى سفر، فهل تخصم تكاليف السفر من الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في جواب السؤال (43146) أن الأصل أن الزكاة تخرج في البلد الذي فيه المال، وأنه يجوز نقلها إلى بلد آخر للحاجة أو المصلحة، كأن يكون فقراء البلد التي ينقلها إليه أشد حاجة، أو أقرباء للمزكي، أو نحو ذلك.
ثانياً:
الواجب على صاحب المال أن يوصل الزكاة إلى أهلها، وعلى هذا؛ لو كان إيصالها إلى الفقراء يحتاج إلى سفر ونفقات فإن ذلك يكون على صاحب المال، ولا يجوز خصمه من الزكاة.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/213) :
" حيث جاز النقل (أي نقل الزكاة إلى بلد آخر) أو وجب فمؤنته على رب المال " انتهى.
وقال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (7/174) :
" أجرة نقل الزكاة – حيث قلنا به – على رب المال " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: شخص طُلب منه إيصال مبلغ زكاة مال إلى الخارج وبشكل شخصي، فهل يجوز له التصرف بأن يقتطع من مبلغ الزكاة مصاريف السفر، علماً أنه لا يمكنه تحمل ذلك شخصيًّا؟
فأجاب:
" لا يحل له أن يأخذ من الزكاة شيئاً لهذا السفر، لأن الواجب على مَنْ عليه الزكاة أن يوصلها إلى الفقير من ماله هو، فإذا كان يريد أن يذهب إلى مكان يحتاج إلى مؤنة سفر، فإنه يأخذ من صاحب المال الذي أعطاه مؤنة السفر، وأما حق الفقراء فيجب أن يُؤدى إليهم خالصاً " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثمين" (18/369) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2520)
هل يدفع الزكاة للعمال والخدم الذين يعملون عنده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الزكاة على العمال مثل السائق والخادمة؟ وكيف يحدد من الأقارب من تصح فيه الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا حرج في إعطاء الزكاة للعامل أو الخادمة إذا كانوا مستحقين للزكاة، كما لو كانوا فقراء أو مساكين لا يكفيهم الراتب الذي يأخذونه للنفقة عليهم وعلى أهليهم، وقد ذكر الله تعالى أهل الزكاة في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
فإذا كانوا من هذه الأصناف فلا حرج في إعطائهم من الزكاة.
لكن يجب التنبه إلى أنه لا يجوز أن يكون ذلك لمصلحة صاحب العمل، كما لو كَلَّفهم من العمل بأكثر مما تم التعاقد معهم عليه، أو منعهم بعض حقوقهم ثم أعطاهم من الزكاة ليتنازلوا عن حقوقهم ونحو ذلك.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا كان لدى التاجر عمال في المحل، أو في المؤسسة براتب قدره ستمائة ريال لكل واحد، فهل يجوز للتاجر أن يعطيهم زكاة ماله؟
فأجاب:
" نعم، يجوز أن يعطيهم إذا كانوا من أهل الزكاة، مثل أن يكون لديهم عوائل وراتبهم لا يكفيهم، أو عليهم ديون وراتبهم لا تُقضى به الديون، وما أشبه ذلك، المهم إذا كانوا من أهل الزكاة فلا حرج أن يعطيهم وإن كانوا عمالاً، أو خدماً عنده " انتهى.
"فتاوى الزكاة" (ص 350) .
وسئل الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير: يوجد عندي خدم من المسلمين، فهل يجوز أن أدفع لهم من زكاة مالي؟
فأجاب:
" إذا أعطي العامل أجرته كاملة وبقيت حاجته، بمعنى أن راتبه لا يكفيه، فإنه لا مانع شرعاً من دفع الزكاة له؛ حتى يستوفي ما يحتاجه، شريطة أن لا يكون دفع الزكاة له من أجل مصلحة العمل " انتهى.
ثانياً:
أما الأقارب الذين يصح دفع الزكاة إليهم، فقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (21801) ، (21810) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2521)
حكم تأخير الزكاة واستثمار أموالها
[السُّؤَالُ]
ـ[تبلغ زكاة مالي السنوية رقماً معقولاً (مثلاً 10000 جنيه مصري) وقد اعتدت سابقاً أن أخرجها للفقراء أو لبناء مستشفى للفقراء.... الخ ولكني أفكر حالياً في الاحتفاظ بقيمة هذه الزكاة لمدة 3 أو 4 سنوات في حساب منفصل يحمل عائداً سنوياً مناسباً في أحد البنوك الإسلامية – وذلك بهدف تكوين مبلغ مناسب لإنشاء مركز متقدم غير هادف للربح متخصص في الدعوة والتوعية باستخدام أحدث أساليب البحث والدراسة في هذا المجال خاصة للمسلمين الذين يتشككون في دينهم بالمقارنة للأديان الأخرى. وسيتم ضخ زكاتي السنوية لاحقاً في أعمال هذا المركز، هذا بالإضافة إلى التبرعات التي من المتوقع الحصول عليها من المسلمين الآخرين.
فهل هذا جائز شرعاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نود أن نشكرك على غيرتك على دينك، وعلى اهتمامك بأوضاع المسلمين وأحوالهم، لكن ما تود فعله وتسأل عنه ليس موافقاً للشرع، لأن الزكاة إذا وجبت بمرور الحول وجب إخراجها فوراً، ولا يجوز تأخيرها مع إمكان دفعها.
والزكاة عبادة يلتزم المسلم بأحكامها من حيث مقدارها ووقتها وأجناسها، وليس له أن يؤخر أداءها إذا حلَّ وقتها إلا من عذرٍ يبيح ذلك.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
إذا كان موعد إخراج الزكاة هو شهر جمادى الأولى، فهل لنا تأخيرها إلى شهر رمضان بغير عذر؟
فأجابوا:
" لا يجوز تأخير إخراج الزكاة بعد تمام الحول إلاّ لعذر شرعي، كعدم وجود الفقراء حين تمام الحول، وعدم القدرة على إيصالها إليهم، ولغيبة المال ونحو ذلك.
أما تأخيرها من أجل رمضان: فلا يجوز إلاّ إذا كانت المدة يسيرة، كأن يكون تمام الحول في النصف الثاني من شعبان فلا بأس بتأخيرها إلى رمضان " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (9/398) .
ولا يجوز الاتجار بأموال الزكاة لمن وجبت عليه الزكاة، أو للمؤسسات القابضة لأموال الزكاة الموكلة بإيصالها إلى أهلها، بل الواجب عليهم أداؤها، وليكن الاستثمار لغير أموال الزكاة.
سئل علماء اللجنة الدائمة عن جمعية خيرية تريد استثمار أموالها.
فأجابوا:
" إذا كان المال المذكور في السؤال من الزكاة: فالواجب صرفه في مصارفه الشرعية من حين يصل إلى الجمعية، وأما إن كان من غير الزكاة: فلا مانع من التجارة فيه لمصلحة الجمعية؛ لما في ذلك من زيادة النفع لأهداف الجمعية وللمساهمين فيها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (9/403، 404) .
وسئلوا – أيضاً -:
هل يمكن للهيئة الخيرية الإسلامية العالمية استثمار أموال الزكاة التي قد تودع في المصارف حتى يتم إنفاقها، والتي لن يؤثر استثمارها على ترتيب وتنفيذ إنفاقها في مصارف الزكاة المحددة شرعا، على أن يكون استثمارها في مجالات سائلة، حيث يمكن الحصول عليها عند الحاجة إليها وفي مجالات استثمار مدروسة وموثوقة، ولا نقول مضمونة حتى لا تشوبها حرمة أو شبهة، على أن الهيئة ليست شخصاً بذاته أو أشخاصاً يمثلون أنفسهم، وإنما هي شخصية اعتبارية قائمة بذاتها، والأشخاص فيها يبذلون جهدهم ويجتهدون رأيهم لما فيه خير الإسلام والمسلمين؟
فأجابوا:
" لا يجوز لوكيل الجمعية استثمار أموال الزكاة، وإن الواجب صرفها في مصارفها الشرعية المنصوص عليها بعد التثبت في صرفها في المستحقين لها؛ لأن المقصود منها سد حاجة الفقراء وقضاء دين الغرماء؛ ولأن الاستثمار قد يفوت هذه المصالح أو يؤخرها كثيراً عن المستحقين " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (9/454، 455) .
ثانياً:
وأما دفع الزكاة لبناء مستشفى للفقراء أو لبعض المشاريع الخيرية، فقد سبق في جواب السؤال (39211) أن الزكاة لها مصارفها الشرعية التي نص الله تعالى في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْن السبيل) ِ التوبة /60.
ولا يجوز دفع الزكاة في غير هذه المصارف.
فعليك أداء الزكاة في وقتها، ولا يجوز تأخيرها مع تمكنك من أدائها، ولا استثمار أموالها، لا في مشاريع تجارية ربحية، ولا في مشاريع دعوية.
والمشروع الدعوي الذي تفكر فيه عليك أن تقنع به من تراه من المسلمين، ويتم تمويله من غير أموال الزكاة.
وفقنا الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2522)
هل إعطاء الزكاة للمؤلفة قلوبهم رشوة
[السُّؤَالُ]
ـ[يتهم بعض الناس الإسلام في قضية المؤلف قلوبهم بأنه رشوة وإغراء بالمال للدخول في الإسلام. فهل هذا صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أن إعطاء المال لتأليف القلوب ليس رشوة؛ لأن الرشوة هي: المال الذي يدفعه الراشي لمن يعينه على إبطال حق أو إحقاق باطل، أما إعطاء المال من أجل تأليف قلوب الناس للإسلام فهو لإعانتهم على الحق وترغيبهم فيه، وهو الدخول في الإسلام فهو من قبيل الجهاد بالمال.
وقد جعل الله تعالى للمؤلفة قلوبهم سهمًا في الزكاة، قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) التوبة /60
وهذا السهم يأخذه الحاكم ويصانع به من يرى أنه قريب من الإسلام، وقد أعطى صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم أموالاً من غنائم غزوة حنين، وقد أدى ذلك إلى إسلام قبائل بأكملها لهذا الأمر، وهو أمر مستمر، ورافد من روافد الدعوة ينبغي إحياؤه؛ لأن الإنسان مجبول على حب من أحسن إليه:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 8/181، وابن الأثير، النهاية في غريب الحديث ص 359، والبوطي، فقه السيرة ص 430
والموقف الصحيح للمسلم أنه إذا رأى نصًا ظاهرًا وصريحًا وصحيحًا في مسألة معينة، سواء أكان ذلك يتماشى مع ثقافة العصر - الثقافة الغربية - أو لا يتماشى معها، قال به دون وجل أو خوف سواء علم الحكمة من هذا التشريع أم لم يعلمها.
وصلى الله وسلم على نبيه الكريم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2523)
هل يجوز توزيع الزكاة شهريّاً؟ وهل تحوَّل طعاماً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في مدينة نيو بومباي الهندية، المسلمون في قريتنا هم الأغلبية، ونحن نجمع الزكاة في رمضان ثم نوزعها على الفقراء طوال العام على شكل نقود وأطعمة، هل يجوز ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز إعطاء الكفار من زكاة الأموال وزكاة الفطر، ولا تجزئ من أعطاهم إلا إذا كان الكافر من المؤلفة قلوبهم، بمعنى أنكم ترجون إسلامه إذا أعطيتموه من الزكاة.
انظر السؤال (39655) ، و (21384) .
ثانياً:
إذا وجبت الزكاة في المال فالواجب إخراجها فوراً، ولا يجوز تأخيرها.
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
إن أخرها – أي: الزكاة - ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة، أو ذي حاجة شديدة، فإن كان شيئاً يسيراً: فلا بأس، وإن كان كثيراً لم يجز. " المغني " (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة عن جمعية تقوم بجمع الزكاة من الأغنياء ثم تؤخر صرفها لمدة تصل إلى عام، وذلك بحجة أن يكون هناك إعانة لربيع وإعانة لرمضان وهكذا، فما الحكم في هذا التأخير حيث إن أصحاب الأموال قد أخرجوها من ذمتهم وحملونا إياها؟
فأجابوا:
يجب على الجمعية صرف الزكوات في مستحقيها وعدم تأجيلها إذا وجد المستحق. " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (9/402) .
وانظر السؤال (13981) .
ولكن قد تكون المصلحة أحياناً في عدم دفع الزكاة للفقير دفعة واحدة، حتى لا ينفقها جميعها ويبقى لا مال له، بل تدفع له على دفعات كل شهر.
والعمل في هذا أنكم تبحثون الأمر مع الأغنياء، وتجمعون منهم الزكاة معجلة سنة، فتجمعون الآن زكاة السنة القادمة، وهكذا، ثم تقسط للفقراء على دفعات شهريا، أو تأخذونها من الأغنياء معجلة على دفعات، وتعطى للفقراء شهريا، فلا تكون قد تأخر إخراجها بعد وجوبها. وهذا يحتاج إلى مباحثة مع الأغنياء، وإقناعهم بالمصلحة في ذلك.
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
" قَالَ أَحْمَدُ: لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ. يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى من "المغني" (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة، في شكل رواتب للأسر الفقيرة، في كل شهر؟
فأجابوا:
لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً. "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/422) .
وأما إخراج الزكاة على شكل أطعمة، فراجع السؤال (42542) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2524)
على أخيه دين فهل يعينه من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يعمل، وهو يتقاضى راتبا، إلا أن عليه مبلغا كبيرا يجب أن يسدده. فهل يجوز لي أن أعطيه من زكاة مالي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان أخوك مدينا، وكان راتبه لا يكفي لمعيشته وسداد ذلك المبلغ، وكان من أهل الصلاة، ولا يضيع الأموال فيما لا يرضي الله، فلا بأس من إعطائه من زكاة مالك.
الشيخ سعد الحميد.
لأنه داخل في قوله تعالى في أهل الزكاة: (والغارمين) . وإذا كان دينه نتيجة لأمر محرم كالربا والقمار فلا تسدد عنه إلا إذا تاب إلى الله.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2525)
هل يدفع زكاة ماله لأخيه الذي يصرف عليه والده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أدفع زكاة أموالي لأخي الذي لم يكمل دراسته الجامعية بسبب ظروفه الصحيَّة النفسيَّة ولم يجد وظيفة، وهو الآن مقيم عند والدي الذي يصرف عليه؟ علماً أن والدي مستور الحال.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى مَنْ ليسوا من قرابتك؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة، إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم فلا يجوز لك دفع زكاة مالك إليهم.
انظر جواب السؤال رقم: (20278) .
ونفقة أخيك واجبة على أبيك، فإن كان أبوك لا يستطيع الإنفاق عليه جاز لك أن تدفع زكاة مالك إليه.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
توفي والدي رحمه الله وترك أسرة مكونة من سبعة أشخاص مع امرأة أخرى غير والدتي، وليس لهم معيل سواي بعد الله سبحانه، فهل يجوز اعتبار ما أنفقه عليهم من مالي الخاص زكاة شرعية لأموالي تلك - علماً بأنني متزوج وأعول أسرة أنا الآخر -؟
ثانياً: لي أخ أكبر متزوج من زوجتين، وله من العيال الكثير، ولا يكاد يكفيهم، ويطلب مني المساعدة كثيراً، فهل يجوز اعتبار ما أرسله له من الزكاة الشرعية؟
فأجابوا:
لا مانع من صرف الزكاة لإخوتك من الأب ذكورهم وإناثهم مستقبلاً، إذا كانوا فقراء ليس لديهم من المال ما يغنيهم عن الزكاة، وهكذا يجوز لك صرف الزكاة مستقبلاً لأخيك الأكبر إذا كان فقيراً ليس لديه من المال أو الكسب ما يغنيه عن الزكاة لعموم آية الصدقات في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 57، 58) .
وقالوا – في موضع آخر -:
يجوز لكم إعطاء إخوتك الأشقاء ووالد زوجتك من الزكاة ما يكفيهم إذا كان ما يدخل عليهم لا يكفيهم. " فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 59) .
وقال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله:
وسؤالكم عما إذا كان لكم أخ، أو أخت شقيقة، فهل يجوز دفع زكاتك إليه؟
جوابه: إن كان دفعك الزكاة إليه يتضمن إسقاط واجب له عليك، مثل أن تكون نفقته واجبة عليك فتعطيه من الزكاة، لتوفِّرَ مالك عن الإنفاق عليه: فهذا لا يجوز؛ لأن الزكاة لا تكون وقاية للمال، وإن كان لا يتضمن إسقاط واجب له، مثل أن تكون نفقته غير واجبة عليك، لكونك لا ترثه، أو لكون مالك لا يتحمل الإنفاق عليه مع عائلتك، أو تعطيه لقضاء دين عليه لا يستطيع وفاءه: فهذا جائز أن تدفع زكاتك إليه، بل هو أفضل من غيره وأولى؛ لأن إعطاءه صدقة وصلة. " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (18 / 422، 423) .
وانظر: جواب السؤالين: (21810) و (11492) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2526)
كان أخوه غنيّاً ثم افتقر فهل يعطيه الزكاة مع بقاء أساس منزله عنده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي كان تاجراً ناجحاً ولكون ظروفه الماديَّة ممتازة شرع في بناء من النوع الراقي وبعد فترة انقلب عليه الحال وأصبح من الفقراء، فهل يجوز أن أصرف له الزكاة رغم امتلاك أساس ذلك المنزل الذي يقدر بمبلغ 50000 ديناراً وهو يعول 9 أولاد وحالهم سيئ جدّاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الفقير أو المسكين الذي يجوز دفع الزكاة إليه هو الذي لا يجد ما يكفيه وأهله من النفقة، فإذا كان أخوك عنده سكن يكفيه وأولاده فعليه أن يبيع أساس هذا البيت، وينفق منه على نفسه وأولاده، فإن لم يمكن بيعه جاز إعطاؤه من الزكاة من أجل النفقة والسكنى، لكن لا يعطى لإتمام بناء البيت، لأن الفقير يعطى من الزكاة بقدر ما تندفع به حاجته، وحاجة أخيك في السكن تندفع بغير البناء، كاستئجار بيت مناسب له.
ثانياً:
دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة، إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم فإنه لا يجوز أن تعطيهم من زكاة مالك، ويجب عليك الإنفاق عليهم.
انظر جواب السؤال (20278) .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين:
كلما كان الإنسان الذي من أهل الزكاة كلما كان أقرب إليك فهو أولى من غيره؛ لأن صدقتك على القريب صدقة وصلة، فيجوز أن تعطي زكاتك من كان قريباً لك بشرط أن لا تجب عليك نفقته، فإن كانت نفقته تجب عليك: فإنه يجب عليك الإنفاق عليه، ولا يجوز لك أن تدفع زكاتك إليه.
فإذا قدِّر أن لك أخاً لا يرثه إلا أنت وأنت غني تتمكن من الإنفاق عليه وهو فقير: فإنه لا يجوز أن تعطيه زكاتك؛ لأن الواجب عليك أن تنفق عليه من مالك، أما إذا كان هذا الأخ الفقير له أولاد: فإنه يجوز أن تعطيه من زكاتك؛ لأنه إذا كان له أولاد لا تجب عليك نفقته لأنك لست وارثاً له.
" خطبة جمعة " (المجموعة السابعة) .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله تعالى:
ما حكم دفع الزكاة للأقارب؟
فأجاب بقوله:
القاعدة في ذلك: أن كل قريب تجب نفقته على المزكي: فإنه لا يجوز أن يدفع إليه من الزكاة ما يكون سبباً لرفع النفقة عنه، أما إذا كان القريب لا تجب نفقته كالأخ إذا كان له أبناء - فإن الأخ إذا كان له أبناء فلا يجب على أخيه نفقته نظراً لعدم التوارث لوجود الأبناء - وفي هذه الحال يجوز دفع الزكاة إلى الأخ إذا كان من أهل الزكاة، كذلك أيضاً: لو كان للإنسان أقارب لا يحتاجون الزكاة في النفقة، لكن عليهم ديون فيجوز قضاء ديونهم، ولو كان القريب أباً، أو ابناً، أو بنتاً، أو أمًّا مادام هذا الدين الذي وجب عليهم ليس سببه التقصير في النفقة.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/414) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2527)
حكم زكاة الدَّيْن وهل تُخرج من غير المال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[استدان مني أخي خمسة آلآف ريال، واستدانت مني أختي خمسمائة ريال، وأنا أخرج الزكاة دائما في رمضان، فهل أخرج الزكاة عن الدين؟ وهل يجوز أن أضعها في إفطار صائم أو في مبنى الوقف الخيري لمكتب الدعوة والإرشاد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا كان المَدين معسراً أو كان مليئاً لكنه مماطل ولا يمكن الدائن استخلاص دينه منه، إما لكونه لايجد لديه من الإثبات ما يستخلص به حقه لدى الحاكم، أو لديه الإثبات لكن لا يجد مِن ولي الأمر ما يساعده على تخليص حقه، كما في بعض الدول التي لا نصرة فيها للحقوق: فلا تجب الزكاة على الدائن حتى يقبض دينه ويستقبل به حولا.
وأما إذا كان المدين مليئاً ويمكن استخلاص الدين منه: فالزكاة واجبة على الدائن كلما حال الحول، وكان الدين نصاباً بنفسه أو بضمه إلى غيره من النقود ونحوها.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (9 / 191) .
ثانياً:
ومن وجبت الزكاة في ماله فلا يجوز له صرفها إلا في مصارفها الشرعية، وقد سبق بيانها في جواب على السؤال رقم (6977) ، فلا يجوز وضع زكاة المال في إفطار الصائم ولا في مبنى الوقف الخيري، لأن ذلك ليس من مصارف الزكاة الثمانية التي حددها الله سبحانه وتعالى.
وقد سبق في عدة أجوبة عدم جواز دفع الزكاة في بناء المساجد والمدارس وكذلك في طباعة المصحف، فانظرها في (13734) و (21797) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2528)
أخذ زكاة أموال ليوزعها على الفقراء فهل يأخذ منها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أصدقائي أعطاني مبلغاً من الزكاة لكي أقوم بتوزيعها على من يستحقها. وقد قمت بتوزيع جزء من المبلغ ومازلت أقوم بتوزيع باقي المبلغ ولكنى في نفس الوقت محتاج لمبالغ من المال لأني مقبل على الزواج وكذلك لإتمام بناء منزلي الذي لم ينته بناؤه، كما أنني في نفس الوقت غارم وعلي ديون. فهل يحق لي أن آخذ من الزكاة أم لا؟ علما بأني لا أستطيع أن أقول لصديقي في الوقت الحالي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس لك أن تأخذ من هذا المال شيئاً، لأن صاحبه إنما أعطاه لك لتوزعه لا لتأخذه، فأنت وكيل لصاحب المال، ليس لك التصرف إلا فيما أذن لك فيه.
سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام (ص447) : عن رجل فقير يأخذ الزكاة من صاحبه الغني بحجة أنه سيوزعها ثم يأخذها هو فما الحكم في هذا العمل؟
فأجاب:
هذا محرم عليه وهو خلاف الأمانة، لأن صاحبه يعطيه على أنه وكيل يدفعه لغيره، وهو يأخذه لنفسه، وقد ذكر أهل العلم أن الوكيل لا يجوز أن يتصرف فيما وكل فيه لنفسه، وعلى هذا فإن الواجب على هذا الشخص أن يبين لصاحبه أن ما كان يأخذه من قبل كان يصرفه لنفسه، فإن أجازه فذلك، وإن لم يجزه فإن عليه الضمان ـ أي يضمن ما أخذ لنفسه ليؤدي به الزكاة عن صاحبه.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى مسألة يفعلها بعض الناس الجهال وهو: أنه يكون فقيرا فيأخذ الزكاة، ثم يغنيه الله فيعطيه الناس على أنه لم يزل فقيرا، ثم يأخذها، فمن الناس من يأخذها ويأكلها ويقول: أنا ما سألت الناس، وهذا رزق ساقه الله إليّ وهذا محرم؛ لأن من أغناه الله تعالى حرم عليه أن يأخذ شيئا من الزكاة.
ومن الناس من يأخذها ثم يعطيها غيره بدون أن يوكله صاحب الزكاة وهذا أيضا محرم ولا يحل له أن يتصرف هذا التصرف وإن كان دون الأول، لكنه محرم عليه أن يفعل هذا، ويجب عليه ضمان الزكاة لصاحبه إذا لم يأذن له ولم يجز تصرفه اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة (9/436) :
لقد أعطاني بعض الناس أموال زكاة لأصرفها في مصارفها الشرعية وأخذت المال ووزعت منه ولكن أخذت منه لنفسي جزءاً؛ لأنني احتجت هذا المبلغ لكي أتزوج وأصلح منزلي الذي كان غير لائق للزواج، وكان عندي نية السداد ولكن ظروفي الآن لا تسمح بالسداد فما الحل؟ وهل أخذي هذا المال حلال أم حرام؟ وهل لابد من السداد؟
فأجابت:
لا يجوز لك الأخذ من المال الذي سلم لك لتوزيعه على مستحقي الزكاة، فيجب عليك رد بدل المال الذي أخذت، أو دفعه لمستحقيه مع التوبة والاستغفار مما حصل منك اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2529)
إعطاء الزكاة لامرأة لشراء منزل للاستثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة اشترت عمارة صغيرة للاستثمار وبقي عليها من قيمتها مبلغ، هل تُعطى من الزكاة لسداد هذا الدين علماً بأن زوجها فقير؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت محتاجة لهذا الاستثمار فلا بأس، وإلا فتبيع البيت وتوفي.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1762 ص 36(5/2530)
هل يجوز دفع الزكاة إلى صندوق العائلة لمساعدة الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي5000 جنيه وقد مر عليهم عام ونصف فما هي زكاة المال الواجبة علي؟ وهل إذا بقى من المبلغ (5000) ومر عليه الحول تجب عليه زكاة مال؟ لدينا في الأسرة جمعية باسم العائلة وادفع مبلغاً معيناً من المال لمساعدة فقراء العائلة وقد تأخرت في السداد فهل أسدد لهم من زكاة المال طالما أنها صدقة جارية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من ملك من النقود ما يبلغ نصاباً، ومرّ عليه سنة هجرية وجبت عليه الزكاة.
ونصاب النقود يقدر بما يعادل 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة، أيهما أقل.
انظر الشرح الممتع (6/103-104) ، مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/248)
وعلى هذا، فالمبلغ الذي معك (5000) جنيه، يبلغ النصاب فتجب فيه الزكاة.
ثانياً:
أما القدر الواجب عليك إخراجه فهو ربع العشر، أي 2.5 بالمائة، وبالنسبة للمبلغ المسؤول عنه 5000 جنيه مقدار زكاته 125 جنيه.
ثالثاً:
إذا مرت سنة هجرية على ملك النصاب وجب إخراج الزكاة فوراً، ولا يجوز تأخيرها انظر الشرح الممتع (6/186)
وعلى هذا فتأخيرك إخراج الزكاة نصف سنة بعد مرور الحول تقصير، يجب عليك التوبة منه والمبادرة بإخراج الزكاة.
رابعاً:
قولك " (وهل إذا بقي من المبلغ 5000 ومر عليه الحول تجب عليه زكاة مال)
فجوابه: كلّما مرّ الحول والنصاب موجود وجبت فيه الزكاة. فإذا نقص المال عن النصاب فلا تجب فيه الزكاة، فإن كمل نصاباً مرّة أخرى وجبت فيه الزكاة وتبدأ حساب الحول من حين يبلغ النصاب.
خامساً:
وأما إعطاء الزكاة في صندوق العائلة، فإن الزكاة لها مصارف ثمانية، بيّنها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60، وإعطاء الزكاة للفقراء الأقارب أفضل من غيرهم لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ) رواه النسائي (2582) صححه الألباني في صحيح النسائي
فلا حرج من وضع الزكاة في صندوق العائلة، على أن تخبر أمين الصندوق بأن هذه زكاة مال، حتى ينفقها في مصارفها الشرعية المحددة في الآية السابقة، وحتى يبادر بإخراجها فوراً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2531)
مصارف الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المصارف التي يجب أن تصرف فيها الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" المصارف التي يجب أن تصرف فيها الزكاة ثمانية، بيَّنها الله تعالى بياناً شافياً، وأخبر عز وجل أن ذلك فريضة، وأنه مبني على العلم والحكمة، فقال جل ذكره: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60. فهؤلاء ثمانية أصناف هم أهل الزكاة الذين تدفع إليهم.
الأول والثاني: للفقراء، والمساكين، وهؤلاء يعطون من الزكاة لدفع ضرورتهم وحاجتهم، والفرق بين الفقراء والمساكين: أن الفقراء أشد حاجة، لا يجد الواحد منهم ما يكفيه وعائلته لنصف سنة، والمساكين أعلى حالاً من الفقراء؛ لأنهم يجدون نصف الكفاية فأكثر دون كمال الكفاية، وهؤلاء يعطون لحاجتهم.
ولكن كيف نقدر الحاجة؟
قال العلماء: يعطون لحاجتهم ما يكفيهم وعائلتهم لمدة سنة. لأن السنة إذا دارت وجبت الزكاة في الأموال، فكما أن الحول هو تقدير الزمن الذي تجب فيه الزكاة، فكذلك ينبغي أن يكون الحول هو تقدير الزمن الذي تدفع فيه حاجة الفقراء والمساكين الذين هم أهل الزكاة. وهذا قول حسن جيد، أي أننا نعطي الفقير والمسكين ما يكفيه وعائلته لمدة عام كامل، سواء أعطيناه أعياناً من أطعمة وألبسة، أو أعطيناه نقوداً يشتري بها هو ما يناسبه، أو أعطيناه صنعة أي آلة يصنع بها إذا كان يحسن الصنعة: كخياط، أو نجار، أو حداد ونحوه. المهم أن نعطيه ما يكفيه وعائلته لمدة سنة.
الثالث: العاملون عليها: أي الذين لهم ولاية عليها من قبل أولي الأمر، ولهذا قال: (وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) التوبة/60 ولم يقل: العاملون فيها. إشارة أن لهم نوع ولاية، وهم جباتها الذين يجبونها من أهلها، وقسامها الذين يقسمونها في أهلها، وكتابها ونحوهم، وهؤلاء عاملون عليها يعطون من الزكاة.
ولكن كم يعطون منها؟
العاملون على الزكاة مستحقون بوصف العمالة، ومن استحق بوصف أعطي بقدر ذلك الوصف، وعليه فيعطون من الزكاة بقدر عمالتهم فيها، سواء كانوا أغنياء أم فقراء، لأنهم يأخذون الزكاة لعملهم لا لحاجتهم، وعلى هذا فيعطون ما يقتضيه العمل من الزكاة، فإن قدر أن العاملين عليها فقراء، فإنهم يعطون بالعمالة، ويعطون ما يكفيهم لمدة سنة لفقرهم. لأنهم يستحقون الزكاة بوصفين العمالة عليها والفقر، فيعطون لكل من الوصفين، ولكن إذا أعطيناهم للعمالة ولم تسد حاجتهم لمدة سنة، فنكمل لهم المؤونة لمدة سنة، مثال ذلك: إذا قدرنا أنه يكفيهم لمدة سنة عشرة آلاف ريال، وأننا إذا أعطيناهم لفقرهم أخذوا عشرة آلاف ريال، وأن نصيبهم من العمالة ألفا ريال، فعلى هذا نعطيهم ألفي ريال للعمالة، ونعطيهم ثمانية آلاف ريال للفقر.
الرابع: المؤلفة قلوبهم: وهم الذين يعطون لتأليفهم على الإسلام: إما كافر يرجى إسلامه، وإما مسلم نعطيه لتقوية الإيمان في قلبه، وإما شرير نعطيه لدفع شره عن المسلمين، أو نحو ذلك ممن يكون في تأليفه مصلحة للمسلمين.
ولكن هل يشترط في ذلك أن يكون سيداً مطاعاً في قومه حتى يكون في تأليفه مصلحة عامة، أو يجوز أن يعطى لتأليفه ولو لمصلحته الشخصية: كرجل دخل في الإسلام حديثاً، يحتاج إلى تأليفه وقوة إيمانه بإعطائه؟
هذه محل خلاف بين العلماء، والراجح عندي: أنه لا بأس أن يعطى لتأليفه على الإسلام بتقوية إيمانه، وإن كان يعطى بصفة شخصية وليس سيداً في قومه، لعموم قوله تعالى: (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) ، ولأنه إذا جاز أن نعطي الفقير لحاجته البدنية والجسمية فإعطاؤنا هذا الضعيف الإيمان لتقوية إيمانه من باب أولى؛ لأن تقوية الإيمان بالنسبة للشخص أهم من غذاء الجسد.
هؤلاء أربعة يعطون الزكاة على سبيل التمليك، ويملكونها ملكاً تامًّا حتى لو زال الوصف عنهم في أثناء الحول لم يلزمهم رد الزكاة، بل تبقى حلالاً لهم، لأن الله عبر لاستحقاقهم إياها باللام فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) ، فأتى باللام، وفائدة ذلك: أن الفقير لو استغنى في أثناء الحول فإنه لا يلزمه رد الزكاة: مثل لو أعطيناه عشرة آلاف لفقره وهي تكفيه لمدة سنة، ثم إن الله تعالى أغناه في أثناء الحول باكتساب مال، أو موت قريب له يرثه أو ما شابه ذلك، فإنه لا يلزمه رد ما بقي من المال الذي أخذه من الزكاة؛ لأنه ملكه.
الخامس من أصناف أهل الزكاة: الرقاب، لقوله تعالى: (وَفِي الرِّقَابِ) ، والرقاب فسرها العلماء بثلاثة أشياء:
الأول: مكاتب اشترى نفسه من سيده بدراهم مؤجلة في ذمته، فيعطى ما يوفي به سيده.
والثاني: رقيق مملوك اشْتُرِيَ من الزكاة ليعتق.
الثالث: أسير مسلم أسره الكفار فيعطى الكفار من الزكاة لفكهم هذا الأسير، وأيضاً: الاختطاف، فلو اختطف كافر أو مسلم أحد من المسلمين فلا بأس أن يفد هذا المختطف بشيء من الزكاة، لأن العلة واحدة، وهي فكاك المسلم من الأسر، وهذا إذا لم يمكننا أن نرغم المختطف على فكاكه بدون بذل المال إذا كان المختطف من المسلمين.
السادس: الغارمين. والغرم هو الدين، وقسم العلماء رحمهم الله الغرم إلى قسمين: غرم لإصلاح ذات البين، وغرم لسداد الحاجة، أما الغرم لإصلاح ذات البين، فمثلوا له بأن يقع بين قبيلتين تشاحن وتشاجر أو حروب، فأتى رجل من أهل الخير والجاه والشرف والسؤدد، وأصلح بين هاتين القبيلتين بدراهم يتحملها في ذمته، فإنا نعطي هذا الرجل المصلح الدراهم التي تحملها من الزكاة، جزاء له على هذا العمل الجليل الذي قام به، الذي فيه إزالة الشحناء والعداوة بين المؤمنين وحقن دماء الناس، وهذا يعطى سواء كان غنيًّا أم فقيراً، لأننا لسنا نعطيه لسد حاجته، ولكننا نعطيه لما قام به من المصلحة العامة.
أما الثاني: فهو الغارم لنفسه، الذي استدان لنفسه ليدفعه في حاجته، أو بشراء شيء يحتاجه يشتريه في ذمته، وليس عنده مال، فهذا يوفى دينه من الزكاة بشرط أن لا يكون عنده مال يوفي به الدَّين.
وهنا مسألة: هل الأفضل أن نعطي هذا المدين من الزكاة ليوفي دينه أو نذهب نحن إلى دائنه ونوفي عنه؟
هذا يختلف، فإن كان هذا الرجل المدين حريصاً على وفاء دينه، وإبراء ذمته، وهو أمين فيما يعطى لوفاء الدين فإنا نعطيه هو بنفسه يقضي دينه، لأن هذا أستر له وأبعد عن تخجيله أمام الناس الذين يطلبونه.
أما إذا كان المدين رجلاً مبذراً يفسد الأموال، ولو أعطيناه مالاً ليقضي دينه ذهب يشتري أشياء لا ضرورة لها فإننا لا نعطيه، وإنما نذهب نحن إلى دائنه ونقول له: ما دين فلان لك؟ ثم نعطيه هذا الدين، أو بعضه حسب ما يتيسر.
السابع: في سبيل الله. وسبيل الله هنا المراد به الجهاد في سبيل الله لا غير، ولا يصح أن يراد به جميع سبل الخير؛ لأنه لو كان المراد به جميع سبل الخير لم يكن للحصر فائدة في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60. إذ يكون الحصر عديم التأثير، فالمراد في سبيل الله هو الجهاد في سبيل الله، فيطعى المقاتل في سبيل الله، الذين يظهر من حالهم أنهم يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا، يعطون من الزكاة ما يحتاجون إليه من النفقات والأسلحة وغير ذلك، ويجوز أن تشترى الأسلحة لهم من الزكاة ليقاتلوا بها، ولكن لابد أن يكون القتال في سبيل الله. والقتال في سبيل الله بَيَّنَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الرجل يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، ويقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) ، فالرجل المقاتل حمية لوطنه وغير ذلك من أنواع الحميات ليس يقاتل في سبيل الله فلا يستحق ما يستحقه المقاتل في سبيل الله، لا من الأمور المادية الدنيوية، ولا من أمور الا?خرة، والرجل الذي يقاتل شجاعة أي أنه يحب القتال لكونه شجاعاً ـ والمتصف بصفة غالباً يحب أن يقوم بها على أي حال كانت ـ هو أيضاً ليس يقاتل في سبيل الله، والمقاتل ليرى مكانه، يقاتل رياء وسمعة ليس يقاتل في سبيل الله، وكل من لا يقاتل في سبيل الله فإنه لا يستحق من الزكاة؛ لأن الله تعالى يقول: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) والذي يقاتل في سبيل الله هو الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا.
قال أهل العلم: ومن سبيل الله: الرجل يتفرغ لطلب العلم الشرعي، فيعطى من الزكاة ما يحتاج إليه من نفقة وكسوة وطعام وشراب ومسكن وكتب علم يحتاجها، لأن العلم الشرعي نوع من الجهاد في سبيل الله، بل قال الإمام أحمد رحمه الله: (العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته) ، فالعلم هو أصل الشرع كله، فلا شرع إلا بعلم، والله سبحانه وتعالى أنزل الكتاب ليقوم الناس بالقسط، ويتعلموا أحكام شريعتهم، وما يلزم من عقيدة وقول وفعل. أما الجهاد في سبيل الله فنعم هو من أشرف الأعمال، بل هو ذروة سنام الإسلام، ولا شك في فضله، لكن العلم له شأن كبير في الإسلام، فدخوله في الجهاد في سبيل الله دخول واضح لا إشكال فيه.
الثامن: ابن السبيل. وهو المسافر الذي انقطع به السفر ونفدت نفقته، فإنه يعطى من الزكاة ما يوصله لبلده، وإن كان في بلده غنيًّا؛ لأنه محتاج، ولا نقول له في هذه الحال: يلزمك أن تستقرض وتوفي لأننا في هذه الحال نلزمه أن يلزم ذمته ديناً، ولكن لو اختار هو أن يستقرض ولا يأخذ من الزكاة فالأمر إليه، فإذا وجدنا شخصاً مسافراً من مكة إلى المدينة، وفي أثناء السفر ضاعت نفقته ولم يكن معه شيء وهو غني في المدينة، فإننا نعطيه ما يوصله إلى المدينة فقط، لأن هذه هي حاجته ولا نعطيه أكثر.
وإذا كنا قد عرفنا أصناف أهل الزكاة الذين تدفع لهم فإن ما سوى ذلك من المصالح العامة أو الخاصة لا تدفع فيه الزكاة، وعلى هذا لا تدفع الزكاة في بناء المساجد، ولا في إصلاح الطرق، ولا في بناء المكاتب وشبه ذلك، لأن الله عز وجل لما ذكر أصناف أهل الزكاة قال: (فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي أن هذا التقسيم جاء فريضة من الله عز وجل (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) .
ثم نقول: هل هؤلاء المستحقون يجب أن يعطى كل صنف منهم؛ لأن الواو تقتضي الجمع؟
فالجواب: أن ذلك لا يجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلى اليمن: (أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) فلم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا صنفاً واحداً، وهذا يدل على أن الآية يبين الله تعالى فيها جهة الاستحقاق، وليس المراد أنه يجب أن تعمم هذه الأصناف.
فإن قيل: أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية؟
قلنا: إن الأولى ما كانت الحاجة إليه أشد؛ لأن كل هؤلاء استحقوا الوصف، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى، والغالب أن الأشد هم الفقراء والمساكين، ولهذا بدأ الله تعالى بهم فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
والله أعلم.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/331-339) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2532)
صرف الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[جمعية خيرية تقسط الزكاة على موظفيها وطلابها فإن الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم لديها مبالغ زكاة تم جمعها من المحسنين، وقد اعتادت الجمعية على صرف مبالغ الزكاة على مستحقيها من طلاب الحلقات بين الحين والآخر أو بمعدّل شهرين في السنة.
وحيث أن بعض موظفي الجمعية أحوالهم المادية صعبة ورواتبهم لا تكفي المتطلبات المعيشية لأسرهم وبعضهم عليه التزامات وديون فقد قامت الجمعية بين حين وآخر بصرف مبالغ لهم من الزكاة وإبلاغهم بأنها من الزكاة ونظراً لظروفهم المعيشية الصعبة فقد رأت الجمعية صرف مبلغ ثابت من الزكاة شهرياً للموظف المستحقّ يقدّر بين 1500 و 2000 ريال، فهل يجوز صرف مبلغ من الزكاة شهرياً بشكل ثابت لمن يستحقه من منسوبي الجمعية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج أن تقوم الجمعية الخيرية بتوزيع الزكاة على مستحقيها، نيابة عن أصحابها وللقائمين عليها، الأجر والثواب إن شاء الله تعالى.
ثانيا:
يجوز دفع الزكاة إلى موظفي الجمعية وطلاب الحلقات إذا كانوا من أهل الزكاة، كما لو كانوا فقراء أو مساكين، ليس لديهم ما يكفيهم، أو كانوا مدينين لا يجدون وفاء لديونهم؛ لقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
ثالثا:
لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها، إلا لمصلحة راجحةٍ، مدةً يسيرة، لعدم وجود المستحق، أو لغيبة المال، أو لانتظار قريب ونحو ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله: " إن أخرها - أي: الزكاة - ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة، أو ذي حاجة شديدة، فإن كان شيئاً يسيراً، فلا بأس، وإن كان كثيراً لم يجز " انتهى من "المغني " (2/290) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن جمعية تقوم بجمع الزكاة من الأغنياء ثم تؤخر صرفها لمدة تصل إلى عام، وذلك بحجة أن يكون هناك إعانة لربيع وإعانة لرمضان وهكذا، فما الحكم في هذا التأخير حيث إن أصحاب الأموال قد أخرجوها من ذمتهم وحملونا إياها؟
فأجابت: " يجب على الجمعية صرف الزكوات في مستحقيها وعدم تأجيلها إذا وجد المستحق " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/402) .
وعليه فإخراج الزكاة في صورة رواتب شهرية، فيه تأخير لها عن وقت وجوبها، فلا يجوز ذلك.
فإن دعت الحاجة إلى تقسيط الزكاة على الفقراء على دفعات، فلا حرج في ذلك، ولكن بشرط أن تكون الزكاة معجّلة، أي أخرجها أصحابها قبل نهاية الحول، فلا حرج من تقسيطها بشرط أن لا يتأخر إخراجها عن الحول.
وهذا يحتاج من الجمعية أن تنقع أصحاب الأموال بتعجيل زكاتهم حتى يتسنى للجمعية أن توزيعها شهرياً، بما يتوافق مع مصلحة الفقراء والمحتاجين.
وصفة التعجيل أن يكون حول زكاته في أول صفرٍ مثلا، فإذا أخرج زكاته في وقتها، أخرج زكاة السنة القادمة معها، فيكون قد عجل زكاته لمدة سنة، فلو فرض أن زكاة السنة القادمة تبلغ ألفا، فله أن يخرج الألف معجلة الآن، وله أن يخرجها مقسطة على السنة حسب ما يرى، فإذا جاء الحول، كان قد أخرج زكاته ولم يؤخر منها شيئا.
قال ابن قدامة رحمه الله: " قَالَ أَحْمَدُ: لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ. يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى من "المغني" (2/290)
وسئلت اللجنة الدائمة: هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة، في شكل رواتب للأسر الفقيرة، في كل شهر؟
فأجابت: " لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطائها الفقراء المستحقين شهريّاً." انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة (9/422)
وانظر السؤال رقم (52852)
والحاصل أنه لا يجوز للجمعية أن تخرج ما وُكلت في توزيعه من الزكاة على هيئة أقساط أو رواتب شهرية، إلا إذا علمت أن المزكي قد عجّل زكاته، ولها أن تُرغِّب أصحاب الأموال في ذلك؛ ليتسنى لها إعالة الفقراء شهريا أو كل ثلاثة أشهر، ونحو ذلك.
رابعاً:
إذا كان الشخص يأخذ من الزكاة لحاجته كالفقراء والمساكين والمدينين فإنه يجب عند إعطائه للزكاة التأكد من حاله، هل هو مستحق أم لا؟ فقد يكون فقيراً الآن ثم يغنيه الله تعالى من فضله، فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة، فيجب التحري والتنبّه لذلك حتى تصرف الزكاة في مصارفها الشرعية.
هذا ونسأل الله أن يجزي القائمين على الجمعيات الخيرية خير الجزاء، وأن يعينهم ويسددهم، ويوفقهم لكل خير.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2533)
هل يعطي صدقة التطوع لأهل البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن أغلبية سكان العراق شيعة هل يصح التبرع لهم عن طريق المؤسسات التي تدعو إلى التبرع لهم، مع أنهم من الممكن أن يتقووا بهذه الأموال على أهل السنة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحكم بأن أغلبية سكان العراق من الشيعة ليس دقيقا، لأن الإحصاءات الموجودة بين أيدينا الآن أكثرها قديمة، ولم تكن بتلك الدقة، بل إن بعض الإحصاءات الحديثة أثبتت عكس ذلك بناء على استقراء أحوال المحافظات هناك.
وعلى كل حال فإذا كان الذي يدفع إلى الرافضة من الصدقة الواجبة أي الزكاة المفروضة فقد سبق بيان حكمه في السؤال رقم (1148) ، أما إذا كان ما يدفع هو من الصدقة المستحبة أي صدقة التطوع فقد نص أهل العلم على جواز دفع صدقة التطوع إلى الكافر.
قال في الأم: " قال الشافعي: ولا بأس أن يتصدق على المشرك من النافلة وليس له في الفريضة من الصدقة حق " الأم 2/65
وقال في المغني: " وكل من حرم صدقة الفرض من الأغنياء وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم، يجوز دفع صدقة التطوع إليهم ولهم أخذها، قال الله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) . ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرا " المغني 2/277
لكن إذا كان المال المتصدق به يستعان به على معصية أو أذية مسلم، فلا يجوز دفعه لمسلم فضلا عن مبتدع أو كافر.
وبناء على ما سبق، فإذا كنت متيقنا من أن تلك الأموال ستصل إلى أناس يتقوون بها على أذية المسلمين فلا يجوز دفعها، ويمكنك البحث عن طرق أخرى لدفعها لأهلها ومن هم أحق بها، والأولى أن يعطي المسلم زكاته لأهل الطاعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات ص (103) : ولا ينبغي أن يعطي الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله، فإن الله تعالى فرضها معونة على طاعته لمن يحتاج إليها من المؤمنين، كالفقراء والغارمين أو لمن يعاون المؤمنين. فمن لا يصلي من أهل الحاجات لا يعطي شيئاً حتى يتوب ويلتزم أداء الصلاة في أوقاتها. اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2534)
يجوز للمرأة أن تعطي زكاة مالها لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي لديها ذهب تجب فيه الزكاة، زوجتي لا تعمل وليس لديها مصدر دخل ويجب أن أدفع عنها، وأنا علي ديون فهل يمكن أن تدفع لي زوجتي ما عليها من زكاة لكي أسدد ديوني؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجب على الزوج أن يدفع الزكاة عن زوجته، لأن الزكاة إنما تجب على صاحب المال، وليست الزكاة من النفقة الواجبة للزوجة على زوجها.
ثانيا:
أما إعطاء الزوجة زكاة مالها إلى زوجها فقد ذهب إلى جواز ذلك كثير من أهل العلم، واستدلوا بما رواه البخاري (1462) ومسلم (1000) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أمر النساء بالصدقة، جاءت زينب امرأة عبد الله ابن مسعود وقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ) .
قال الحافظ:
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ الْمَرْأَةِ زَكَاتهَا إِلَى زَوْجِهَا , وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وَالثَّوْرِيّ وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَة وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ أَحْمَدَ.
وَيُؤَيِّدُ هذا أَنَّ تَرْكَ الاسْتِْفْصَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَة الْعُمُوم , فَلَمَّا ذُكِرَتْ الصَّدَقَةُ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهَا عَنْ تَطَوُّعٍ وَلا وَاجِبٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ: تُجْزِئُ عَنْك فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا.
ومنع بعض العلماء إعطاء الزوجة زكاة مالها لزوجها، قالوا: لأنه سينفق عليها منها، فكأنها أعطت الزكاة لنفسها، وحملوا هذا الحديث على صدقة التطوع.
وأجاب اِبْن الْمُنَيِّرِ عن هذا فقال: وَجَوَابه أَنَّ اِحْتِمَالَ رُجُوع الصَّدَقَة إِلَيْهَا وَاقِع فِي التَّطَوُّعِ أَيْضًا اهـ بتصرف.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/168-169) :
الصواب جواز دفع الزكاة إلى الزوج إذا كان من أهل الزكاة.
وربما يستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لزينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما: (زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ) فيمكن أن نقول: هذا يشمل الفريضة والنافلة، وعلى كل حال إن كان في الحديث دليل فهو خير، وإن قيل هو خاص بصدقة التطوع فإننا نقول في تقرير دفع الزكاة إلى الزوج: الزوج فقير ففيه الوصف الذي يستحق به من الزكاة، فأين الدليل على المنع؟ لأنه إذا وجد السبب ثبت الحكم إلا بدليل وليس هناك دليل لا من القرآن ولا من السنة على أن المرأة لا تدفع زكاتها لزوجها اهـ باختصار.
وسئلت اللجنة الدائمة (10/62) :
هل يحل أن تصرف المرأة زكاة مالها لزوجها إذا كان فقيرا؟
فأجابت: يجوز أن تصرف المرأة زكاة مالها لزوجها إذا كان فقيرا دفعا لفقره، لعموم قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) . التوبة/60 اهـ.
ثالثاً:
ما سبق إنما هو في إعطاء الزوجة زكاة مالها لزوجها، وأما إعطاء الزوج زكاة ماله لزوجته فقد قال ابن المنذر: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لا يُعْطِي زَوْجَتَهُ مِنْ الزَّكَاةِ لأَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَة عَلَيْهِ فَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ الزَّكَاةِ اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2535)
هل يجوز شراء سلع للفقراء بأموال الزكاة بدلا من إعطائهم نقوداً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عليّ زكاة في أموالي، فهل يجوز لي أن أشتري طعاماً أو ثياباً بأموال الزكاة وأعطيها للفقراء، بدلاً من أن أعطيهم نقوداً، لأنني لو أعطيتهم نقودا فقد ينفقونها في غير منفعة، أو ينفقونها في معصية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل أن تؤخذ الزكاة من المال الذي تجب فيه الزكاة، وتعطى للفقراء هكذا.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
عن رجل عليه زكاة، هل يجوز له أن يعطيها لأقاربه المحتاجين أو أن يشتري لهم منها ثياباً أو حبوباً؟
فأجاب:
الحمد لله، يجوز أن يصرف الزكاة إلى من يستحقها، وإن كانوا من أقاربه الذين ليسوا في عياله، لكن يعطيهم من ماله، وهم يأذنون لمن يشتري لهم بها ما يريدون. " مجموع الفتاوى " (25 / 88) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن شراء كتب شرعية من مال الزكاة وتوزيعها؟
فأجابت: " لا يجوز شراء كتب بمال الزكاة وإهداؤها، بل تدفع عينا لمستحقيها الذين ذكرهم الله في كتابه فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ. . .) التوبة/60.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. "فتاوى الجنة الدائمة" (10/47) .
وإذا كان من يستحق الزكاة عاصياً، ويخشى منه استعمال شيء من المال في المعصية، فإننا نعطي الزكاة لمن ينفق عليه، أو نطب منه أن يوكلنا في شراء ما يحتاج.
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله:
هذا الذي ابتلي بشرب الدخان إذا كان فقيراً، فإنه من الممكن أن نعطي الزكاة لامرأته وتشتري هي بنفسها حوائج تكمل بها البيت، ومن الممكن أن نقول له: إن عندنا زكاة، فهل تريد أن نشتري لك كذا وكذا من حوائجه الضرورية؟ ونطلب منه أن يوكِّلنا في شراء هذه الأشياء، وبذلك يحصل المقصود، ويزول المحظور - وهو مساعدته على الإثم - فإن من أعطى شخصاً دراهم يشتري بها دخاناً يشربه فقد أعانه على الإثم، ودخل فيما نهى الله عنه في قوله: (وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ?لإِثْمِ وَ?لْعُدْوَانِ) . " مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (17 / السؤال رقم 262) .
وسئل أيضاً: هل يجوز إخراج زكاة المال في صورة سلع استهلاكية وملابس إذا علم أن بعض الأسر الفقيرة من الأصلح لها شراء هذه الأشياء بحيث يخشى أنه لو أعطيت النقود فسوف يتصرفون فيها فيما لا فائدة منه؟
فأجاب:
" هذه المسألة مهمة يحتاج الناس إليها إذا كان أهل هذا البيت فقراء، ولو أعطيناهم الدراهم لأفسدوها بشراء الكماليات والأشياء التي لا تفيد، فإذا اشترينا لهم الحاجات الضرورية ودفعناها لهم، فهل هذا جائز؟ فمعروف عند أهل العلم أن هذا لا يجوز، أي لا يجوز للإنسان أن يشتري بزكاته أشياء عينية يدفعها بدلاً عن الدراهم، قالوا: لأن الدراهم أنفع للفقير، فإن الدراهم يتصرف فيها كيف يشاء بخلاف الأموال العينية فإنه قد لا يكون له فيها حاجة، وحينئذ يبيعها بنقص.
ولكن هناك طريقة إذا خفت لو أعطيت الزكاة لأهل هذا البيت صرفوها في غير الحاجات الضرورية، فقل: لرب البيت سواء كان الأب، أو الأم، أو الأخ، أو العم، قل له: عندي زكاة، فما هي الأشياء التي تحتاجونها لأشتريها لكم وأرسلها لكم، فإذا سلك هذه الطريقة، كان هذا جائزاً، وكانت الزكاة واقعة موقعها ". مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/ السؤال 643) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2536)
إعطاء الزكاة لمن يسمون بالسادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أنه لا يجوز إعطاء المال أو الزكاة أو أي شيء للسيد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
فكرة أن هناك أسياد أو أولياء اختصهم الله بشيء دون البشر، أو أن لهم منزلة دون غيرهم من الناس فكرة مجوسية مبدؤها أن الله يحل في أناس اختارهم واصطفاهم من دون البشر، وكان الفرس يعتقدون هذا المعتقد في ملوكهم الأكاسرة، وكانت هذه الروح تنتقل من ملك إلى آخر من ملوكهم وفي أحفاده من بعده، وتسربت هذه الفكرة المجوسية إلى المسلمين عن طريق الشيعة الرافضة ـ الذين كانوا في أصولهم مجوسا ـ فأدخلوا هذه الفكرة إلى المسلمين، وهو أن الله اختص بعضا من البشر بمنزلة دون الناس وهي منزلة الإمامة والولاية فهم يعتقدون في علي بن أبي طالب وأحفاده من بعده هذه الفكرة، وأضافوا إلى ذلك مراتب عندهم كمرتبة الأسياد والآيات وتسربت هذه الفكرة إلى بعض طوائف المتصوفة الضالة كفكرة الأبدال والأقطاب.
وقالوا بما أن هذا السيد أو الولي له هذه المنزلة وهذه الدرجة فهم أدرى بمصالحنا وينبغي لنا أن نوكلهم بأمورنا وبشؤوننا لأنهم أفضل منا، وبالتالي هم أولى بأخذ الزكاة ولا شك أن هذا ضلال مبين.
والحق الذي بينه الله ورسوله أن الواجب في الزكاة أن تعطى لمن سمى الله في كتابه إذ قال: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} التوبة/60.
والأفضل في مذهب الحنابلة أن يتولى المسلم توزيع زكاته بنفسه؛ للفقراء الذين يعرفهم في بلده فإن لم يتيسر له ذلك يعطيها لرجل يثق في دينه من أهل الصلاح والأمانة ليتحرى إيصالها للفقراء والمساكين لا كما يفعل هؤلاء من استخدامها في أغراضهم الشخصية.
وإن في إعطاء الزكاة لهؤلاء الأسياد المزعومين إعانة لهم في نصرة مذهبهم، فلا يجوز شرعا إعطاء الزكاة لهم ولو طلبوها لأنهم يقتفون أثر من قبلهم من اليهود والنصارى الذين قال الله في حقهم {يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان لَيأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله} التوبة / 34.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2537)
إعطاء الفقير من الزكاة ليحج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء الفقير من الزكاة لأداء فريضة الحج؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذكر الله تعالى مصارف الزكاة في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
واتفق العلماء على أن قوله تعالى: (وفي سبيل الله) المراد به الجهاد في سبيل الله.
ثم اختلفوا هل يشمل مع الجهاد الحج أم لا؟
فذهب أكثر العلماء إلى أنه خاص بالجهاد ولا يشمل الحج، وذهب الإمام أحمد إلى أنه يدخل فيه الحج واستدل بما رواه أبو داود (1988) عن أُمِّ مَعْقَلٍ أنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَلَيَّ حَجَّةً وَإِنَّ لأَبِي مَعْقَلٍ بَكْرًا (والبكر هو الفتي من الإبل) قَالَ أَبُو مَعْقَلٍ صَدَقَتْ جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطِهَا فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وثبت عن ابن عمر أنه قال: أَمَا إِنَّ الْحَجَّ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ. قال الحافظ: أَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ اهـ.
انظر: المغني (9 / 328) والمجموع (6/212) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات" (105) :
ومن لم يحج حجة الإسلام وهو فقير أعطى ما يحج به اهـ يعني من الزكاة.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (10 / 38) :
(يجوز صرف الزكاة في إركاب فقراء المسلمين لحج فريضة الإسلام، ونفقتهم فيه، لدخوله في عموم قوله تعالى: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) من آية مصارف الزكاة اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2538)
لا يجوز إعطاء الزكاة لكافر إلا إذا كان من المؤلفة قلوبهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يعطى الكافر من الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز إعطاء الزكاة لكافر إلا إذا كان من المؤلفة قلوبهم.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/106) :
" لا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلافًا فِي أَنَّ زَكَاةَ الأَمْوَالِ لا تُعْطَى لِكَافِرٍ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لا يُعْطَى مِنْ زَكَاةِ الأَمْوَالِ شَيْئًا. وَلأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذٍ: أَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ , وَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ. فَخَصَّهُمْ بِصَرْفِهَا إلَى فُقَرَائِهِمْ (يعني: فقراء المسلمين) , كَمَا خَصَّهُمْ بِوُجُوبِهَا عَلَى أَغْنِيَائِهِمْ " انتهى.
وإذا كان الكافر من المؤلفة قلوبهم جاز إعطاؤه من الزكاة.
قال الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
فيجوز أن تعطى الزكاة للكافر إذا كنا نرجو بعطيته إسلامه. انظر: "الشرح الممتع" (6/143-145) .
قال ابن قدامة في "المغني" (4/108) :
وَلا يُعْطَى الْكَافِرُ مِنْ الزَّكَاةِ , إلا لِكَوْنِهِ مُؤَلَّفًا.
وجاء في الموسوعة (14/233) :
" تُعْطَى الزَّكَاةِ لِلْكَافِرِ الَّذِي يُرْجَى إسْلامُهُ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الإِسْلامِ لِتَمِيلَ إلَيْهِ نَفْسُهُ " انتهى بتصرف يسير.
وسئل الشيخ ابن باز:
أيصح إعطاء الزكاة للذمي؟
فأجاب:
" الزكاة على قول الجمهور لا تعطى لذمي ولا غيره من الكفرة، وهو الصواب، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة معلومة، لأن الزكاة مواساة من المسلمين لفقرائهم، ورعاية لسد حاجتهم، فيجب أن توزع بين فقرائهم، وغيرهم من بقية الأصناف الثمانية، إلا أن يكون الكافر من المؤلفة قلوبهم، وهم الرؤساء المطاعون في عشائرهم، فيعطى ترغيبا له في الإسلام، أو لكف شره عن المسلمين، كما يعطى المؤلَّف أيضاً لتقوية إيمانه إذا كان مسلما، أو لإسلام نظيره أو لغير ذلك من الأسباب التي نص عليه العلماء.
والأصل في ذلك قول الله عز وجل: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) التوبة/60. وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما بعثه لليمن: (ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) الحديث متفق عليه.
وانظر السؤال: (21384) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2539)
سداد دين الوالد من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سداد دين الوالد من الزكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الوالد قد أخذ هذا الدَّين لينفق منه على نفسه لا يجوز للابن أن يدفع زكاته للأب ليقضي دينه , لأنه يجب على الابن أن ينفق على أبيه.
أما إذا كان هذا الدَّيْن لشيء أخر غير النفقة , فلا حرج على الابن في قضائه من الزكاة , لأنه لا يجب عليه أن يقضي دين أبيه , فهو بهذا لا يسقط عن نفسه أمراً واجباً.
قال الشيخ ابن باز:
" دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك، لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة، إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم، وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن هذا لا يجوز، فإذا قُدِّرَ أن هؤلاء الإخوة الذين ذكرت والأخوات فقراء، وأن مالك لا يتسع للإنفاق عليهم فلا حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك، وكذلك لو كان هؤلاء الإخوة والأخوات عليهم ديون للناس وقضيت دينهم من زكاتك، فإنه لا حرج عليك في هذا أيضا، وذلك لأن الديون لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه، فيكون قضاؤها من زكاته أمرا مجزيا، حتى ولو كان ابنك أو أباك وعليه دين لأحد ولا يستطيع وفاءه فإنه يجوز لك أن تقضيه من زكاتك، أي: يجوز أن تقضي دين أبيك من زكاتك، ويجوز أن تقضي دين ولدك من زكاتك، بشرط أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك، فإن كان سببه تحصيل نفقة واجبة عليك فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك؛ لئلا يتخذ ذلك حيلة على منع الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه لأجل أن يستدين ثم يقضي ديونهم من زكاته " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/310) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" كل من تلزمه نفقته فإنه لا يجوز أن يدفع زكاته إليهم من أجل النفقة، أما لو كان في قضاء دين فلا بأس، فإذا فرضنا أن الوالد عليه دين، وأراد الابن أن يقضي دينه من زكاته وهو لا يستطيع قضاءه فلا حرج، وكذلك الأم وكذلك الابن، أما إذا كنت تعطيه من زكاتك من أجل النفقة فهذا لا يجوز، لأنك بهذا توفر مالك، والنفقة تجب للوالدين: الأم والأب، وللأبناء والبنات، ولكل من ترثه أنت لو مات، أي: كل من ترثه لو مات فعليك نفقته، لقول الله تعالى: (وَعَلَى ?لْوَارِثِ مِثْلُ ذ?لِكَ) فأوجب الله على الوارث أجرة الرضاع؛ لأن الرضاع بمنزلة النفقة " انتهى.
"فتاوى ابن عثيمين" (18/416) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2540)
وضع المال في البنك، وهل بناء المستشفيات من مصارف الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من لديه مبلغ من المال موضوع في دفتر توفير أو في أحد البنوك ويتم إخراج زكاة المال منه كل عام، هل يصبح هذا المبلغ مشكوكاً فيه بسبب الفائدة؟ وبالنسبة لإخراج الزكاة هل يجوز التبرع بمبلغ المال هذا في بناء مستشفى أو دار أيتام (عن طريق وضع هذا المبلغ تحت رقم حساب معين خاص بالجهة) أم يجب التبرع بالمبلغ يداً بيد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
وضع المال في البنوك الربوية وأخذ الربا عليها والمسماة الفائدة من كبائر الذنوب، وإخراج الزكاة من هذا المال لا يعفي صاحبه من الإثم.
وانظر جواب السؤال رقم (22339) ففيه بيان تحريم الربا.
وجواب السؤال (181) ففيه بيان حرمة وضع المال في البنوك الربوية.
ثانياً:
وأما بالنسبة لمصارف الزكاة فإنه لا يجوز وضعها في بناء مستشفى ولا في بناء دار أيتام لا يداً بيدٍ، ولا بواسطة، فمصارف الزكاة محصورة لا يجوز الزيادة عليها، ومصارف الزكاة قد بيَّنها الله تعالى في قوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل} التوبة / 60.
وقد وضَّحنا هؤلاء في جوابنا على السؤال رقم (6977) .
وقد ذكرنا في عدة أجوبة عدم جواز دفع الزكاة في بناء المساجد والمدارس وكذلك في طباعة المصحف، فانظرها في (13734) و (21797) .
لكن لو كان المقصود بوضعها في دار للأيتام أن هذه الأموال ينفق منها على الأيتام الفقراء فإن هذا جائز إذا كان الأيتام فقراء.
والأفضل أن تتولى توزيع زكاة مالك بنفسك حتى تتأكد من أنك وضعتها في موضعها الذي أمرك الله به، وعليك بذل الوسع في تحديد المستحقين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2541)
حكم تقديم الزكاة لبناء بيت
[السُّؤَالُ]
ـ[لنا ابن عم كبير السن وعاجز عن العمل وله أولاد كثيرون وهو يسكن في إحدى القرى في بيت شعبي صغير ملك له وأعطي أرضاً في نفس القرية من الدولة، وهو يرغب عمارتها سكناً له، هل يجوز أن يجمع له من الزكاة لعمارة هذه الأرض، وماذا يصنع بالمال المجموع إن كان الجواب بالمنع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز أن يجمع له من الزكاة ما يبني هذه الأرض لأن عنده ما يكفيه للسكنى، ثم لو قدر أنه ليس عنده ما يستأجره فإنه يستأجر له من الزكاة إذا كان عاجزاً عن الأجرة لأن البناء يحتاج إلى أموال كثيرة وفي المسلمين من هو محتاج إلى أكل وشرب لا إلى تملك الدار، وهذه الأشياء التي جمعت أرى أن ترد إلى أصحابها....
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1762 ص 37(5/2542)
الوكيل في تفريق الزكاة ليس من العاملين عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أعطاني أحد الأغنياء زكاة ماله حتى أقوم بتوزيعها على الفقراء، فهل أكون من العاملين عليها، وآخذ منها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العاملون على الزكاة هم الذين يوليهم ولي الأمر المسلم على الزكاة، فيقومون بجمعها وحفظها وتوزيعها ونحو ذلك.
انظر " "الشرح الممتع" (6/142) .
أما من وكله صاحب المال لإخراج زكاته، فهذا الوكيل يكون نائباً عن صاحب المال، وليس من العاملين عليها.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/165) :
" قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: إن كان مفرق الزكاة هو المالك أو وكيله سقط نصيب العامل ووجب صرفها إلى الأصناف السبعة الباقين " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: رجل غني أرسل زكاته لشخص، وقال: فرقها على نظرك. فهل يكون هذا الوكيل من العاملين على الزكاة ويستحق منها؟
فأجاب:
" ليس هذا الوكيل من العاملين عليها، ولا يستحق منها؛ لأن هذا وكيل خاص لشخص خاص، وهذا هو السر -والله أعلم- في التعبير القرآني حيث قال: (وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) التوبة/60. لأن (على) تفيد نوعاً من الولاية، كأن العاملين ضمنت معنى القائمين، ولهذا صار الذي يتولى صرف الزكاة نيابة عن شخص معين لا يعد من العاملين عليها، والله أعلم " انتهى.
مجموع فتاوى ابن عثمين (18/369) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: لدي مقدار من المال زكاة واجبة علي، وأريد أن أرسل منها مبلغاً لإحدى البلدان لفقرائها، وأعرف رجلاً غنياً في تلك البلد وأريد أن أبعث المال بواسطته ليلتمس له المحتاجين، ولكنه لن يعمل ذلك إلا بمبلغ، فهل يجوز أن أعطيه من مال الزكاة على عمله؟
فأجاب:
" الأفضل لك أن توزع زكاتك في فقراء بلدك، وإذا نقلتها إلى بلد آخر فيها فقراء هم أشد حاجة أو لكونهم من أقاربك وهم فقراء فلا بأس، وإذا وكلت وكيلاً في توزيع الزكاة فلا مانع أن تعطيه أجرة من غير الزكاة، لأن الواجب عليك توزيعها بين الفقراء بنفسك أو بوكيلك الثقة، وعليك أجرته من مالك، لا من الزكاة " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/258) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2543)
من هو ابن السبيل الذي يعطى من الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المسافر الذي ليس معه مال يسافر به يعطى من الزكاة لأنه (ابن سبيل) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ابن السبيل هو المسافر الذي انقطع به السفر، أي ليس معه من النفقة ما يكفيه لسفره، فيعطى من الزكاة ما يبلغه مقصده.
وأما من كان في بلده ويريد أن يسافر فإنه ليس ابن سبيل، فلا يعطى من الزكاة لهذا الوصف، لكن لو كان سفره لحاجة ملحة كعلاج مثلاً، وليس معه مال يسافر به، فإنه يعطى من الزكاة من سهم الفقراء لا من سهم ابن السبيل.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" السبيل: الطريق، وابن السبيل أي: المسافر، وسمي بابن السبيل؛ لأنه ملازم للطريق، والملازم للشيء قد يضاف إليه بوصف البنوة، كما يقولون: ابن الماء، لطير الماء، فعلى هذا يكون المراد بابن السبيل المسافر الملازم للسفر، والمراد المسافر الذي انقطع به السفر أي نفدت نفقته، فليس معه ما يوصله إلى بلده.
وابن السبيل يعطى لحاجته، وليس شرطاً ألا يكون عنده مال.
ولهذا نقول: ابن السبيل نعطيه، ولو كان في بلده من أغنى الناس إذا انقطع به السفر؛ لأنه في هذه الحال محتاج، ولا يقال: أنت غني فاقترض، فيعطى ما يوصله إلى بلده، وهذا يختلف فينظر إلى حاله حتى لا تكون هناك غضاضة وإهانة له.
فإذا كان ممن تعود على الدرجة الأولى، هل يعطى الأولى أو السياحية؟
هذا محل تردد، ويترجح أنه يعطى ما لا ينقص به قدره.
ولا فرق بين كون السفر طويلاً أو قصيراً.
أما المنشئ للسفر من بلده، فلا يعطى من الزكاة، لأن المنشئ للسفر من بلده لا يصدق عليه أنه ابن سبيل، فلو قال: إني محتاج أن أسافر إلى المدينة، وليس معه فلوس، فإننا لا نعطيه بوصفه ابن سبيل؛ لأنه لا يصدق عليه أنه ابن سبيل، لكن إذا كان سفره إلى المدينة ملحاً كالعلاج مثلاً، وليس معه ما يسافر به فإنه يعطى من جهة أخرى، وهي الفقر " انتهى باختصار وتصرف من "الشرح الممتع" (6/154-156) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2544)
إعطاء الزكاة لطالب العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تفرغ رجل لطلب العلم الشرعي، فهل يجوز أن يعطى من الزكاة ما يحتاج إليه من نفقات وشراء كتب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مصارف الزكاة ثمانية أصناف ذكرها الله تعالى في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة / 60
والمراد بـ (سبيل الله) الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، فيعطى المجاهد ما يحتاج إليه من نفقات وأموال لشراء أسلحة ...
" قال أهل العلم: ومن سبيل الله الرجل يتفرغ لطلب العلم الشرعي، فيعطى من الزكاة ما يحتاج إليه من نفقة وكسوة وطعام وشراب ومسكن وكتب علم يحتاجها، لأن العلم الشرعي نوع من الجهاد في سبيل الله، بل قال الإمام أحمد رحمه الله: العلم لا يعدله شيء لمن صحّت نيّته ".
فالعلم هو أصل الشرع كله، فلا شرع إلا بعلم، والله سبحانه أنزل الكتاب ليقوم الناس بالقسط، ويتعلموا أحكام شريعتهم، وما يلزم من عقيدة وقول وفعل.
أما الجهاد في سبيل الله فنعم هو أشرف الأعمال، بل هو ذروة سنام الإسلام، ولا شك في فضله، لكن العلم له شأن كبير في الإسلام، فدخوله في الجهاد في سبيل الله دخول واضح لا إشكال فيه ".اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (337/338)
وسئلت اللجنة الدائمة:
هل يجوز صرف الزكاة لطلبة العلم الذين هم في حاجة ماسة
فأجابت:
نعم يجوز إعطاؤهم منها لحاجتهم إليها.
فتاوى اللجنة الدائمة (10/17)
وجاء في الموسوعة الفقهية:
" اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ لِطَالِبِ الْعِلْمِ , وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ , وَالْحَنَابِلَةُ , وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ ... , وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى جَوَازِ أَخْذِ طَالِبِ الْعِلْمِ الزَّكَاةَ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا إذَا فَرَّغَ نَفْسَهُ لإِفَادَةِ الْعِلْمِ وَاسْتِفَادَتِهِ , لِعَجْزِهِ عَنْ الْكَسْبِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَوْ قَدَرَ عَلَى كَسْبٍ يَلِيقُ بِحَالِهِ إلا أَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِتَحْصِيلِ بَعْضِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ بِحَيْثُ لَوْ أَقْبَلَ عَلَى الْكَسْبِ لانْقَطَعَ مِنْ التَّحْصِيلِ حَلَّتْ لَهُ الزَّكَاةُ , لأَنَّ تَحْصِيلَ الْعِلْمِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، ...
وَسُئِلَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَشْتَرِي بِهِ كُتُبًا يَشْتَغِلُ فِيهَا , فَقَالَ: يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ الَّتِي لا بُدَّ لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ مِنْهَا.
قَالَ الْبُهُوتِيُّ: وَلَعَلَّ ذَلِكَ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ الأَصْنَافِ , لأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَحْتَاجُهُ طَالِبُ الْعِلْمِ فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ وَخَصَّ الْفُقَهَاءُ جَوَازَ إعْطَاءِ الزَّكَاةِ لِطَالِبِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ فَقَطْ.
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِجَوَازِ نَقْلِ الزَّكَاةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ لِطَالِبِ الْعِلْمِ " اهـ. باختصار
الموسوعة الفقهية (28/337)
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2545)
من هم الغارمون الذين يُعطون من الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إعطاء زكاة المال للغارمين يكون الإعطاء لهم أنفسهم أم يعطى المال للدائن؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز إعطاء الزكاة للغارمين بأنفسهم، كما يجوز دفعه لأصحاب الدَّيْن مباشرة، ويختلف تفصيل إحدى الطريقتين على الأخرى باختلاف حال المدين،
وقال الشيخ محمد العثيمين:
وهل يجوز أن نذهب إلى الدائن ونعطيه ماله دون علم المدين؟
الجواب: نعم يجوز؛ لأن هذا داخل في قوله تعالى: {وفي الرقاب} فهو مجرور بـ " في " و " الغارمين " عطفاً على " الرقاب "، والمعطوف على ما جُرَّ بحرف يُقدَّر له ذلك الحرف، فالتقدير " وفي الغارمين "، و " في " لا تدل على التمليك، فيجوز أن ندفعها لمن يطلبه.
فإن قال قائل: هل الأولى أن نسلمها للغارم ونعطيه إياها ليدفعها إلى الغريم، أو ندفعها للغريم؟
الجواب: فيه تفصيل:
إذا كان الغريم ثقةً حريصاً على وفاء ديْنه: فالأفضل بلا شك إعطاؤه إياها ليتولى الدفع عن نفسه حتى لا يخجل ولا يُذم أمام الناس.
وإذا كان يخشى أن يفسد هذه الدراهم: فإننا لا نعطيه، بل نذهب للغريم الذي يطلبه ونسدِّد عنه.
" الشرح الممتع " (6 / 234، 235) .
وينبغي التنبه إلى أن الغارم هو الذي يغرم بسبب عجز عن نفقة، أو للإصلاح بين متخاصمين، وما شابه ذلك.
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا استدان إنسان مبلغاً مضطراً إليه؛ لبناء بيت لسكناه، أو لشراء ملابس مناسبة، أو لمن تلزمه نفقته؛ كأبيه ولأولاده أو زوجته، أو سيارة يكد (يعمل) عليها لينفق من كسبه منها على نفسه، ومن تلزمه نفقته مثلا، وليس عنده مايسدد به الدين: استحق أن يُعطى من مال الزكاة ما يستعين به على قضاء دينه.
أما إذا كانت استدانته لشراء أرض تكون مصدر ثراء له، أو لشراء سيارة ليكون من أهل السعة أو الترف: فلا يستحق أن يُعطى من الزكاة.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (10 / 8، 9) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2546)
دفع الزكاة لأهل الشيشان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع الزكاة لأهل الشيشان في ظل الظروف الحاضرة من الغزو الروسي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
نعم يجوز دفع الزكاة للمسلمين في الشيشان سواءاً كانوا من المدنين العزل في مخيمات اللاجئين وغيرها ما داموا من الفقراء والمساكين، بل إن كثيراً منهم يدخلون كذلك في ابن السبيل أو سواءاً كانوا من المقاتلين للروس الكفرة لأنهم يدخلون في قوله تعالى: (وفي سبيل الله) ، نسأل الله أن ينصر المسلمين ويذل الكفار، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2547)
هل يجوز فك أسرى المسلمين من الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يدخل فك الأسرى من المسلمين من الزكاة في قوله تعالى (وفي الرقاب) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فك أسرى المسلمين من أيدي الكفار أفضل من عتق المماليك، فيدخل فيه بطريق الأولى، لأنه يقع عليهم ضرر عظيم بفراق أهاليهم، وما يقع عليهم من الإذلال والإهانة والتعذيب، فتخليصهم أولى من تخليص المماليك.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن جبرين.(5/2548)
موكل على صدقات وله دين على أخيه فهل يعطيه منها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أموال صدقات، وكانت محددة على منطقة معينة، وأوقفنا جزء من الصدقات لعمل سلفة للمعوزين. وكان أخي عاطل عن العمل، وهو مستقيم في ظاهره، وعجز عن إيجاد وظيفة وفي النهاية وجد من يعقب له عن وظيفة مقابل مبلغ ثلاثون ألف ريال وأعطيته المبلغ من مالي الخاص على أن يردها من راتب الوظيفة مستقبلاً إن شاء الله ولكن المعقب طلع نصاب ولم يوجد الوظيفة ولم يرد المبلغ.
السؤال: هل يجوز لي أن أعطي أخي من الصدقات حتى يسددني مالي علما بأنه لا يوجد له راتب سوى ستمائة ريال شهريا وأنا أم أقترض واسدد التزاماتي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان أخوك فقيراً مستحقا للزكاة، فيجوز لك أن تعطيه من الصدقات التي عندك، (إذا كان من نفس المنطقة التي حددها المتبرعون) ، ولا تشترط عليه، ولا تأخذها بدل المبلغ الذي أعطيته، فإن أعطاك هو من تلقاء نفسه بعد ما تعطيه فلا بأس من أخذها.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: سعد الحميد.(5/2549)
إصلاح عقارات الأيتام من مال الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أيتام أنا وليهم توفي والدهم منذ سنوات، دخلهم الشهري من التقاعد نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال، واجتمع لدي خلال هذه السنوات مبالغ كبيرة، منها حوالي مائة وخمسون ألفاً من زكوات، فهل أمتنع عن أخذ الزكاة لهم؟ وماذا أفعل بما معي من الزكاة؟ وإذا كان لهم منزل متصدع من الصندوق العقاري عليه مائتان وأربعون ألفاً فهل أدفع تبرئة لذمة الميت من هذا المبلغ؟ وإذا كان لهم أراضٍ من البلدية فهل نسورها من هذه المبالغ أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً لا يحل لك أن تأخذ الزكاة لهم وهم عندهم ما يغنيهم، لأن الزكاة للفقراء والمساكين وليست للأيتام، وما أخذته مع وجود غناهم يجب عليك أن ترده إلى أصحابه إن كنت تعرفهم، وإن كنت لا تعرفهم فتصدق به بنية الزكاة عنهم، لأنك أخذته بنية الزكاة منهم.
وأما ما جمعت من الأموال من التقاعد، فافعل ما ترى أنه أصلح، لقوله تبارك وتعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) وأما دين صندوق التنمية العقارية، فأنت تعرف أنه مؤجل مقسط، فتدفعه على حسب أقساطه، والميت بريء منه، إلا ما كان من الأقساط التي حلت قبل موته ولم يسددها فأما التي لم تحل إلا بعد وفاة الميت، فالميت منها بريء لأنها متعلقة بنفس العقار، والعقار انتقل منه إلى ملك الورثة، فهم المطالبون بذلك، ولا تسدد من الزكاة، لأن عندهم ما يمكن أن تسدد منه.
[الْمَصْدَرُ]
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين 55/126(5/2550)
بناء المساجد من مال الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز بناء المسجد وبيت المدرسة من مال الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز ذلك، لأن العمل المذكور غير داخل في الأصناف الثمانية التي هي مصارف الزكاة.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز الجزء 14 ص 297.(5/2551)
الدورات العلمية ليست مصرفاً للزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقيم بعض المؤسسات الإسلامية الموثوقة دورات شرعية في أوربا في مناطق هم بأمس الحاجة إلى تثقيفهم وتعليمهم العلم الشرعي والعقيدة الصحيحة، وتطلب تلك المؤسسات دعم هذه البرامج الدعوية، فهل يدخل هذا الدعم في قول الله تعالى: (وفي سبيل الله) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تدخل الدورات المذكورة وأشباهها في قوله تعالى: (وفي سبيل الله) في أصناف أهل الزكاة، لأن المراد بذلك المجاهدون في سبيل الله، لكن من كان من المعلمين أو من المتعلمين فقيراً فيُعطى من الزكاة لفقره، لقوله سبحانه تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) التوبة / 60
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز الجزء 14 ص 298.(5/2552)
إعطاء الزكاة للكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلمين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز إعطاء الكفار من زكاة الأموال والثمار وزكاة الفطر، ولو كانوا فقراء أو أبناء سبيل أو من الغارمين، ولا تجزئ من أعطاهم.
ويجوز أن يعطي فقيرهم من الصدقات العامة ـ غير الواجبة ـ وتتبادل معهم الهِبَات والمبرَّات تأليفاً لهم إذا لم يكن منهم اعتداء يمنع من ذلك لقوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
من فتاوى اللجنة الدائمة ج/10 ص/30
وهناك مصرف للزكاة يجوز إعطاء الكفار منه، وهو المؤلفة قلوبهم، فيجوز أن يعطى المطاعون من الكفار في قومهم من الزكاة إذا كان يُرجى بإعطائهم إسلامهم ثم إسلام من تحتهم. وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2553)
حكم دفع الزكاة للأخ والأخت والعم والعمة وسائر الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الزكاة من الأخ لأخيه المحتاج (عائل ويعمل ولكن دخله لا يكفيه) ؟ وكذلك هل تجوز للعم الفقير؟ وكذلك هل تدفع المرأة زكاة مالها لأخيها أو عمتها أو أختها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في دفع الرجل أو المرأة زكاتهما للأخ الفقير والأخت الفقيرة والعم الفقير والعمة الفقيرة وسائر الأقارب الفقراء لعموم الأدلة، بل الزكاة فيهم صدقة وصلة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصدقة في المسكين صدقة وفي ذي الرحم صدقة وصلة) رواه الإمام أحمد برقم 15794، والنسائي برقم 2582. ماعدا الوالدين وإن علوا، والأولاد ذكوراً أو إناثاُ وإن نزلوا، فإنها لا تدفع إليهم الزكاة ولو كانوا فقراء، بل يلزمه أن ينفق عليهم من ماله إذا استطاع ذلك، ولم يوجد من يقوم بالإنفاق عليهم سواه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2554)
حكم صرف الزكاة لبناء مسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صرف زكاة المال لبناء مسجد يوشك على الانتهاء، وقد توقف بناؤه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المعروف عند العلماء كافة، وهو رأي الجمهور والأكثرين، وهو كالإجماع من علماء السلف الصالح الأولين أن الزكاة لا تصرف في عمارة المساجد وشراء الكتب ونحو ذلك، وإنما تصرف في الأصناف الثمانية الذين ورد ذكرهم في الآية في سورة التوبة وهم: الفقراء والمساكين، والعاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمون، وفي سبيل الله، وابن السبيل. وفي سبيل الله تختص بالجهاد، وهذا هو المعروف عند أهل العلم وليس من ذلك صرفه في تعمير المساجد، ولا في تعمير المدارس، ولا الطرق ولا نحو ذلك، والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء 14 ص 294.(5/2555)
حكم دفع الزكاة للجدات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مال أدفع زكاته إلى أقارب محتاجين وهم جدتي أم أمي، وجدتي زوج جدي التي ليست أم أبي، ومع العلم أن لهم عائل غيري، وقد سمعت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما معناه: (اجعلوها في الأقربين) ، فما مدى صحة هذا الحديث؟ وما حكم السنوات التي سبق وأن دفعتها؟ مع العلم أنني لا أحصي عدها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث المذكور صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي طلحة الأنصاري لما أراد أن يتصدق بنخل له اسمه بيرحاء، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أرى أن تجعلها في الأقربين) متفق على صحته، وهذا في صدقة التطوع، أما الزكاة ففيها تفصيل، إن كان الأقربون ليسوا من الفروع ولا من الأصول جاز صرف الزكاة فيهم، كالأخوة والأخوال والأعمام ونحوهم إذا كانوا فقراء، فتكون صدقة وصلة، وهكذا زوجة الجد إذا كانت ليست جدة لك، وكانت فقيرة ليس لها عائل يقوم بحاجتها، وعليك أن تقضي ما صرفته في جدتك أم أمك وفي زوجة جدك إذا كانت مستغنية بنفقة غيرك. والله اعلم
[الْمَصْدَرُ]
مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز الجزء 14 ص 306.(5/2556)
لا يجوز إسقاط الدَّين واعتباره من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل حوالي 3 سنوات قدم أحد أصدقائي لمدينتي التي أعمل فيها يبحث عن عمل وقد طلب مني أن أدفع له تكاليف الفيزا والكشف الطبي وغيرها من التكاليف التي بلغت حوالي 4500 درهم (حوالي 1200 دولار) ولكنه لم يتكيف مع ظروف العمل وعاد إلى الهند واعداً إياي برد المبلغ لي فيما بعد. بعد سنة استطاع إرجاع مبلغ 1000 درهم فقط. ولا زلت أطالبه باستمرار أن يرد باقي المبلغ (3500 درهم) . وخلال زيارتي الأخيرة لبلدي أرسل لي رسالة قال فيها بأن ظروفه المالية صعبة جداً ولن يستطيع رد باقي المبلغ تحت أي الظروف بل وطلب مني أن أعتبر بقية المبلغ زكاة. سؤالي هو: هل يجوز لي أن أتنازل عن مطالبتي بهذا المبلغ المتبقي واعتباره جزءاً من زكاتي التي حان موعدها خلال هذا الشهر المبارك شهر رمضان؟ هل أخصم هذا المبلغ من زكاتي التي سأدفعها للفقراء في هذا الشهر الكريم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: (أعلِمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم) فبيّن صلى الله عليه وسلم أن الزكاة شيء يؤخذ فيُردّ، وعلى هذا فلا يجوز لك أن تسقط ديناً عمن هو عليه وتعتبره من الزكاة، لأن إسقاط الدين ليس بأخذ وردّ.
وقد ذكر شيخ الإسلام هذه المسألة وقال: إنه لا يُجزئ إسقاط الدين عن زكاة العين بلا نزاع. ولكن لك أن تعطي هذا المحتاج من زكاتك وتسد حاجته بما تعطيه من هذه الزكاة، والدين الذي عليه يأتي به الله إن شاء الله فيما بعد.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى منار الإسلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ج/1 ص/309-310.(5/2557)
هل يجوز بناء المساجد من مال الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أستخدم مال الزكاة في بناء مسجد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئلت اللجنة الدائمة هل يجوز صرف الزكاة على المسجد لترميمه وفرشه ونحو ذلك من الزكاة فأجابت:
أما الزكاة فهي مخصوصة لثمان جهات عينها الله تعالى بقوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل) التوبة، ومن ذلك يتضح أن المساجد ليست من الجهات الثمان المذكورة في الأية، والمحصور إخراج الزكاة فيها. وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى إسلامية2/91.(5/2558)
هل يأخذ من زكاة أبيه لقضاء دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مَن كان عليه دين هل يجوز له أن يأخذ من زكاة أبيه لقضاء ديْنه أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية السؤال السابق:
فأجاب: إذا كان على الولد ديْنٌ ولا وفاء له أن يأخذَ من زكاة أبيه في أظهر القولين في مذهب أحمد وغيره، وأما إن كان محتاجاً إلى النفقة وليس لأبيه ما ينفق عليه ففيه نزاع والأظهر أنه يجوز له أخذ زكاة أبيه، وأما إن كان مستغنياً بنفقة أبيه: فلا حاجة به إلى زكاته. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
" الفتاوى الكبرى " (5 / 288) .(5/2559)
حكم صرف الزكاة لآل البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع الزكاة لآل البيت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
آل البيت هم بنو عبد المطلب (وهم آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث أبناء عبد المطلب) ومواليهم. انظر الموسوعة الفقهية (1/100) والشرح الممتع (6/258) .
ولا يجوز إعطاء الزكاة لآل البيت، لما ورد في ذلك من الأدلة التي تحرّمها عليهم، منها ما رواه الإمام مسلم رحمه الله عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس) (رواه مسلم) الزكاة/1784) قال النووي في قوله (إن الصَّدَقَة لا تَنْبَغِي لآلِ مُحَمَّدٍ) دَلِيل عَلَى أَنَّهَا مُحَرَّمَة سَوَاء كَانَتْ بِسَبَبِ الْعَمَل أَوْ بِسَبَبِ الْفَقْر وَالْمَسْكَنَة وَغَيْرهمَا مِنْ الأَسْبَاب الثَّمَانِيَة , وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا
وقوله (إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخ النَّاس) تَنْبِيهٌ عَلَى عِلَّة فِي تَحْرِيمهَا ... َأَنَّهَا لِكَرَامَتِهِمْ وَتَنْزِيههمْ عَنْ الأَوْسَاخ , وَمَعْنَى (أَوْسَاخ النَّاس) أَنَّهَا تَطْهِير لأَمْوَالِهِمْ وَنُفُوسهمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} فَهِيَ كَغَسَّالَةِ الأَوْسَاخ.
وهذا الحكم - وهو تحريم الزكاة على آل البيت - إنما هو لأن لهم مصادر أخرى يمكن دفع المال من خلالها للمحتاج منهم، ومنها: خمس الغنائم، وإهداء الناس، وغير ذلك.
فإن توقفت هذه المصادر عنهم، واحتاج بعضهم للمال فلم نجد إلا مال الزكاة: جاز بل وجب دفع الزكاة لهم وهم أولى من غيرهم لوصية نبينا صلى الله عليه وسلم بهم، وهو رأي بعض السلف ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ووافقه الشيخ محمد الصالح بن عثيمين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وبنو هاشم إذا منعوا من خمس الخمس جاز لهم الأخذ من الزكاة وهو قول القاضي يعقوب وغيره من أصحابنا وقاله أبو يوسف والإصطخري من الشافعية لأنه محل حاجة وضرورة.
" الفتاوى الكبرى " (5 / 374) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
فإذا مُنعوا أو لم يوجد خمس كما هو الشأن في وقتنا هذا: فإنهم يُعطَون من الزكاة دفعاً لضرورتهم إذا كانوا فقراء، وليس عندهم عمل، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الصحيح.
" الشرح الممتع " (6 / 257) .
ويراجع كتاب فتاوى إسلامية ج/2 ص/90
وفتاوى اللجنة الدائمة ج/10 ص/68
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2560)
هل يعطي خاله المدين زكاته وهل يخبره بذلك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بعض المدخرات في البنك وقد حان إخراج زكاتها. كما أن لي خالاً مديناً، وهو لا يستطيع الوفاء بدينه فهل يجوز لي أن أعطيه زكاتي كي يتمكن من تسديد دينه؟ هل يمكنني إعطاؤه الزكاة؟
ثانيا: هل يجوز لي أن أعطيه الزكاة دون أن أخبره بأن هذا المال هو من الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان خالك فقيرا فقرا يجعله يستحق الزكاة فلا بأس أن تعطيه زكاة مالك أو بعضها، ولا يشترط أن تخبره إلا إذا كنت لا تعرف حاله جيدا فتخبره بأنها زكاة حتى يتعفف عنها إذا لم يكن مستحقا لها.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميّد.(5/2561)
دفع الزكاة للمجاهدين الشيشان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع الزكاة للمجاهدين الشيشان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن جهادهم من سبيل الله حيث يقاتلون الكفرة المعتدين الذين يحاولون القضاء على الإسلام وإبادة المسلمين وقد جعل للمجاهدين حقاً من الزكاة بقوله (وفي سبيل الله) فتحل لهم الزكاة ولو كان قتالهم دفاعاً لأنهم مسلمون وعدوهم كفار ولعل الزكاة والصدقات تضاعف في حقهم والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الفتاوى الجبرينية في الأعمال الدعوية لفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ص 14.(5/2562)
حكم دفع الزكاة للرافضي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دفع زكاة أموال أهل السنة لفقراء الرافضة (الشيعة) وهل تبرأ ذمة المسلم الموكل بتفريق الزكاة إذا دفعها للرافضي الفقير أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
لقد ذكر العلماء في مؤلفاتهم في باب أهل الزكاة أنها لا تدفع لكافر، ولا مبتدع، فالرافضة بلا شك كفار لأربعة أدلة:
الأول: طعنهم في القرآن، وادعاؤهم أنه حذف منه أكثر من ثلثيه، كما في كتابهم الذي ألفه النوري وسماه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، وكما في كتاب الكافي، وغيره من كتبهم، ومن طعن في القرآن فهو كافر مكذب لقوله تعالى: " وإنا له لحافظون "
الثاني: طعنهم في السنة وأحاديث الصحيحين، فلا يعملون بها لأنها من رواية الصحابة الذين هم كفار في اعتقادهم، حيث يعتقدون أن الصحابة كفروا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم إلا علي وذريته، وسلمان وعمار، ونفر قليل، أما الخلفاء الثلاثة، وجماهير الصحابة الذين بايعوهم فقد ارتدوا، فهم كفار، فلا يقبلون أحاديثهم، كما في كتاب الكافي وغيره من كتبهم.
الثالث: تكفيرهم لأهل السنة، فهم لا يصلون معكم، ومن صلى خلف السني أعاد صلاته، بل يعتقدون نجاسة الواحد منا، فمتى صافحناهم غسلوا أيديهم بعدنا، ومن كفر المسلمين فهو أولى بالكفر، فنحن نكفرهم كما كفرونا وأولى.
الرابع: شركهم الصريح بالغلو في علي وذريته، ودعاؤهم مع الله، وذلك صريح في كتبهم، وهكذا غلوهم ووصفهم له بصفات لا تليق إلا برب العالمين، وقد سمعنا ذلك في أشرطتهم. ثم إنهم لا يشتركون في جمعيات أهل السنة، ولا يتصدقون على فقراء أهل السنة، ولو فعلوا فمع البغض الدفين، يفعلون ذلك من باب التقية، فعلى هذا من دفع إليهم الزكاة فليخرج بدلها، حيث أعطاها من يستعين بها على الكفر، وحرب السنة، ومن وكل في تفريق الزكاة حرم عليه أن يعطي منها رافضيا، فإن فعل لم تبرأ ذمته، وعليه أن يغرم بدلها، حيث لم يؤد الأمانة إلى أهلها، ومن شك في ذلك فليقرأ كتب الرد عليهم، ككتاب القفاري في تفنيد مذهبهم، وكتاب الخطوط العريضة للخطيب وكتاب إحسان إلهي ظهير وغيرها. والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب اللؤلؤ المكين من فتاوى فضيلة الشيخ ابن جبرين ص39.(5/2563)
هل تحسب الضرائب من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان أن يدفع من زكاة أمواله الضرائب المستحقة عليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز أن تحسب الضرائب التي يدفعها أصحاب الأموال على أموالهم من زكاة ما تجب فيه الزكاة منها، بل يجب إخراج الزكاة المفروضة وصرفها في مصارفها الشرعية التي نص عليها سبحانه وتعالى بقوله: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل..) سورة التوبة /60 والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 9/285(5/2564)
هل تدفع المرأة زكاة مالها لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاة مالها لزوجها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز دفع المرأة زكاة مالها لزوجها إذا كان من أهل الزكاة، لأن نفقته لا تلزمها ولِما ورد من أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لامرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن تدفع زكاة مالها لزوجها عبد الله. فتاوى اللجنة الدائمة 9/253 والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2565)
المرأة التي لها حلي هل تُعطى من الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تطلب زكاة وليس لها مصدر للدخل ولكن عندها ذهب تتزين به فهل يجوز إعطاؤها من الزكاة؟ أم يقال لها أن تبيع الذهب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا ملكت المرأة حلياً فلا تصير به غنية إذا لم تملك غيره، ولو كان هذا الحلي من ذهب أو فضة وبلغ نصاب الزكاة، وتبقى فقيرة وتستحق بهذا الوصف أخذ الزكاة، وبهذا صرح الشافعية والحنابلة.
قال الفقيه الرملي الشافعي: " إن حلي المرأة اللائق بها، المحتاجة للتزين به عادة لا يمنع فقرها " نهاية المحتاج للرملي 6/150 أي تبقى فقيرة فتستحق الأخذ من الزكاة بوصف الفقر.
وفي كشف القناع في فقه الحنابلة: (.. أو لها حلي للبس تحتاج إليه فلا يمنعها ذلك من الأخذ من الزكاة) كشاف القناع 1/587 أي أنها تبقى فقيرة فتستحق الأخذ من الزكاة بالرغم مما عندها من حلي لحاجتها إليه للتزين، وبالتالي فلا يزيل عنها وصف الفقر.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
المفصل لأحكام المرأة للدكتور عبد الكريم زيدان 1/421.(5/2566)
هل يجوز له أن يدفع الزكاة عن راتبه شهريا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن أدفع الزكاة بمقدار2.5% شهرياً عن راتبي الذي أتقاضاه لأنني أعمل نصف دوام فقط وأرى أنه من الصعب دفع الزكاة دفعة واحدة في نهاية السنة؟ وهل المبالغ التي أدفعها على شكل صدقة خيرية بين حين وأخر تُعد من الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا تجب في مالٍ زكاة حتى يبلغ النصاب الشرعي ويحول عليه الحول، ويدخل في ذلك ما يتقاضاه الموظف من راتب شهريا.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" إذا حال الحول على شيء من المرتب يبلغ النصاب فعليك زكاته، وإن كان دون ذلك فلا زكاة فيه " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14 / 135)
ثانيا:
تعجيل الزكاة عن حولها المقدر جائز، وهو قول جمهور العلماء، والأفضل ألا يعجل زكاته، إلا إذا اقتضت المصلحة ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وأما تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب: فيجوز عند جمهور العلماء، كأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (25 / 85، 86) .
ثالثا:
يجوز إخراج الزكاة في صورة أقساط شهرية، أو نحو ذلك، إذا كان يخرجها قبل موعدها، فإذا جاء موعد الحول الذي يجب عليه فيه إخراج الزكاة: لم يجز أن يؤخرها عنه، ويخرجها على صورة أقساط.
قال ابن قدامة رحمه الله: " قَالَ أَحْمَدُ: لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ. يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ، مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى
"المغني" (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة في شكل رواتب للأسر الفقيرة في كل شهر؟
فأجاب علماء اللجنة:
" لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنَة، أو سنتين، إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9 / 422) .
وبناء على ما سبق:
فإن كان الأيسر لك إخراج الزكاة كل شهر، خشية أن يصعب إخراجها على رأس حولها: فلك ذلك، فإذا كان راتبك يبلغ نصابا: جاز لك أن تخرج منه ربع العشر (2.5%) ، وهكذا كل شهر، وإن لم يكن يبلغ نصابا: انتظرت بما معك من المال، حتى إذا بلغ النصاب بدأت في إخراجه، على ما سبق.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ما حكم إخراج الزكاة من الراتب عن كل شهر، رغبة في تعجيلها، حتى ولو كان موظفاً عليه دين؟
فأجاب:
" لا حرج بهذا، جزاه الله خيراً، هذا من باب التعجيل، يعني لو كان الإنسان كلما قبض الراتب أخذ زكاته حالاً: فإنه لا بأس بذلك إن شاء.
[وهناك صورة أخرى لتعجيل زكاة الراتب] ؛ فإذا دار الحول على الراتب الأول: أدى الزكاة عن الجميع، فيكون بالنسبة للحول الأول قد أدَّى زكاته في وتها، وبالنسبة للأشهر التالية قد عجَّل زكاتها، وتعجل الزكاة لا بأس به، وهذا أيسر وأسهل، أنه يجعل لزكاته شهراً معيناً، وهو الشهر الذي تجب فيه زكاة الراتب الأول، ويمشي على هذا ويكون ما وجبت زكاته قد أديت زكاته في وقتها، وما لم تجب تكون زكاته معجلة.
والصورة الأولى التي ذكرها السائل أيضاً فيها راحة، كلما قبض شيئاً زكاه على طول " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (204 / 4) .
رابعا:
المبالغ التي دفعتها على شكل صدقة خيرية بين الحين والآخر: إن كنت قد أخرجتها على أنها صدقة تطوع، وليست من الزكاة المفروضة، كما هو الظاهر من كلامك، فلا تحتسب من الزكاة؛ لأن الزكاة المفروضة لا بد في إخراجها من نية الفرض.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" لَوْ تَصَدَّقَ الْإِنْسَانُ بِجَمِيعِ مَالِهِ تَطَوُّعًا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الزَّكَاةَ , لَمْ يُجْزِئْهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: يُجْزِئُهُ اسْتِحْبَابًا. وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْفَرْضَ , فَلَمْ يُجْزِئْهُ , كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ , وَكَمَا لَوْ صَلَّى مِائَةَ رَكْعَةٍ وَلَمْ يَنْوِ الْفَرْضَ بِهَا " انتهى.
"المغني" (2/265) .
وإن كنت قد أخرجتها على أنها من الزكاة المفروضة عليك: فهي من زكاتك، بشرط أن تكون قد وضعتها في مصارف الزكاة المعتبرة، فليس كل عمل من أعمال الخير والبر يصح أن تصرف فيه زكاة المال؛ بل مصارفها محددة شرعا، كما أن أنواعها وقدرها محدد شرعا.
للاستزادة: راجع إجابة السؤال رقم: (1966) ، (98528) ، (126075) .
ويمكنك مراجعة أجوبة عديدة حول ذلك في تصنيف "مصارف الزكاة"، من قسم الزكاة في الموقع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2567)
كانت تخرج الزكاة وهي لا تملك النصاب فهل تؤجر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أؤدّي زكاة أموالي في السنوات الماضية مع أنها لم تكن تبلغ النصاب، فقد كنت أجهل موضوع النصاب وأن الأموال يجب أن تصل إلى ما يعادل قيمة الـ 85 غرام من الذهب بسعره المعاصر. سؤالي: ماذا عن زكاتي التي كنت أؤدّيها، هل تُقبل منّي أم تُعتبر صدقة من الصدقات، أم لا تُقبل مطلقاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في الذهب والفضة والنقود بشرطين: بلوغ النصاب وحولان الحول، ونصاب الذهب عشرون مثقالا وهو ما يعادل 85 جراما، ونصاب الفضة مائتا درهم، وهو ما يعادل 595 جراما من الفضة، والنقود إذا بلغت نصابا من الذهب أو الفضة وجبت فيها الزكاة.
وينظر جواب السؤال رقم (64) .
وإذا كان المال دون النصاب لم تجب فيه الزكاة، إلا أن يختار صاحب المال التطوع، فيكون له أجر الصدقة.
وقد روى البخاري (1454) في كتاب أبي بكر رضي الله عنه الذي كتبه لأنس رضي الله عنه في الزكاة ووجّهه به إلى البحرين، وفيه: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ ... وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنْ الْإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ. وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ ... فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا. وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا) .
والرقة: الفضة.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": " قَوْله: (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبّهَا) فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ، أَيْ: إِلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ مُتَطَوِّعًا " انتهى.
والحاصل: أن إخراج الزكاة وأنت لا تملكين النصاب يعتبر صدقة وتطوعا منك، وكذلك لو أخرج الإنسان أكثر من القدر الواجب عليه كان متصدقا متطوعا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2568)
اقترض قرضا للمساهمة في تأسيس شركة مقاولات، هل عليه فيه زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت مبلغاً من المال للمساهمة في تأسيس شركة مقاولات وبعد مرور 21 شهرا ظهرت الأرباح وتم توزيعها على المساهمين. السؤال هل علي من زكاة؟ وهل هي في رأس المال أم في الأرباح؟ وهل هي قبل سداد الدين أم بعده؟ أفيدونا مشكورين]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" الصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع من الزكاة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يرسل عماله لقبض الزكاة، ولم يقل لهم انظروا هل أهلها مدينون أم لا " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/189) .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22426) .
وعلى هذا، فإذا ملكت نصاباً ومَرَّ عليه الحول وجب عليك إخراج زكاته، ولا يؤثر على ذلك الدين الذي عليك.
ثانياً:
الأصول الثابتة في الشركات، والتي تراد للاقتناء والاستعمال ولا تراد للبيع، لا زكاة فيها، كالعقارات والماكينات والآلات والسيارات والأثاث ... الخ فهذه الممتلكات لا زكاة فيها.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (9/361-362) :
" آلات العمل من المكائن والمعدات ونحوها لا زكاة عليها " انتهى.
وإنما تجب الزكاة في النقود السائلة التي في خزينة الشركة أو أرصدة في البنوك.
وتجب الزكاة أيضاً فيما تتاجر فيه هذه الشركة من الأراضي والعقارات ومواد البناء، لأن هذه الأشياء تعتبر عروض تجارة، ففيها الزكاة.
وعلى هذا، فلكي تزكي نصيبك في هذه الشركة، فإنك تحصي ما في الشركة من أموال تجب فيها الزكاة من نقود سائلة، ومواد تتاجر فيها الشركة، ثم تحسب نسبتك من هذه الممتلكات، وهي نفس نسبتك من رأس مال الشركة، ثم تخرج زكاتها 2,5 % عن كل عام.
وأما الأرباح فإنها تنقسم قسمان:
فما كان منها أجرة مقابل القيام ببعض الأعمال العقارية فلا زكاة فيه، حتى تقبضه وتمر عليه سنة وهو في ملكك.
وما كان منها ناتجاً من التجارة في بعض مواد البناء أو العقارات، ففيه الزكاة، والأرباح لا يحسب لها حول جديد بل هي تابعة لرأس المال في الحول.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/349-350) :
"تجب الزكاة على رأس المال والأرباح إذا حال الحول على الأصل، وحول الأرباح حول أصلها" انتهى.
فإن أمكن التمييز بين هذين القسمين فلا إشكال، أو تجعل الأمر مناصفة، وتزكي نصف الأرباح فقط.
ولمعرفة المزيد عن زكاة المساهمة في الشركات انظر جواب السؤال رقم (69912) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2569)
أصدر شيكا مصدقا لشراء بيت وحال الحول على المال فهل تلزمه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بإصدار شيك مصدق لشراء بيت ولكن لم يتم نقل الملكية إلا بعد شهرين لأن أحد أفراد الورثة من مالكي البيت قاصر والنظام يعين وصياً وهذا إجراء يأخذ حدود الشهرين لنقل ملكية البيت، فهل على هذا الشيك زكاة؟ مع العلم أنه بعد هذين الشهرين يكون مضى على المال لدي سنة وشهر، وأنا أصدرته قبل انتهاء السنة بشهر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كنت قد أعطيت مالكي البيت شيكا مصدقا لا يمكنك التصرف فيما يقابله من مال، فلا تلزمك الزكاة، لخروج المال عن ملكك. وإذا كان يمكنك الرجوع والتصرف في المال، كأن يكون الشيك لا يزال بيدك، أو أن البيع لم يتم بعد، فعليك الزكاة عند حولان الحول؛ لأنه إن كان الشيك بيدك، لم يَزُل ملكك عن المال، وإن كان البيع لم يتم وفرضنا أنك أعطيت الملاك الشيك كان دينا عليهم حتى يتم البيع، والإنسان يلزمه زكاة الديون التي على غيره من الناس.
وأنت لم تبين هل أعطيت الشيك للملاك أم لا، وهل تم البيع وبقي التمكين من استلام البيت أم لم يتم البيع؟ فإن أشكل عليك شيء من الجواب، فلعلك تزيد المسألة إيضاحا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2570)
دفع زكاته لشخص ثم تبين له أنه من آل البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص دفع زكاته لشخص ولا يعلم حاله غير أنه يظهر من حاله أنه فقير ثم علم أنه من آل البيت، فهل يجب عليه إخراج الزكاة مرة ثانية، أم أن ما دفعه لهذا المحتاج مجزئ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
الأصل أنه لا يجوز إعطاء الزكاة لأحد من آل البيت، وقد سبق تفصيل ذلك في جواب سؤال رقم (21981) .
ثانياً:
من دفع زكاته لشخص بعد أن تحرَّى حاله وغلب على ظنه أنه من أهل الاستحقاق، ثم تبين له أنه غير مستحق للزكاة، فالصواب أن الزكاة مجزئة؛ لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، فلا يطالب بإعادة إخراجها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/334) :
"وعلى دافع الزكاة أن يجتهد في تعرف مستحقي الزكاة , فإن دفعها بغير اجتهاده , أو كان اجتهاده أنه من غير أهلها وأعطاه لم تجزئ عنه , إن تبين الآخذ من غير أهلها , والمراد بالاجتهاد: النظر في أمارات الاستحقاق , فلو شك في كون الآخذ فقيرا فعليه الاجتهاد كذلك.
أما إن اجتهد فدفع لمن غلب على ظنه أنه من أهل الزكاة فتبين عدم كونه من أهلها , فقد اختلف الفقهاء في ذلك , فقال بعضهم: تجزئه , وقال آخرون: لا تجزئه , على تفصيل يختلف من مذهب إلى مذهب.
فعند أبي حنيفة ومحمد: إن دفع الزكاة إلى من يظنه فقيرا ثم بان أنه غني أو هاشمي أو كافر , أو دفع في ظلمة , فبان أن الآخذ أبوه , أو ابنه فلا إعادة عليه , لحديث معن بن يزيد قال: (كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد , فجئت فأخذتها فأتيته بها , فقال: والله ما إياك أردت , فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لك ما نويت يا يزيد , ولك ما أخذت يا معن) . ولأنا لو أمرناه بالإعادة أفضى إلى الحرج ; لأنه ربما تكرر خطؤه ...
وقال أبو يوسف: لا تجزئه إن تبين أن الآخذ ليس من المصارف , لظهور خطئه بيقين مع إمكان معرفة ذلك ...
وقال الحنابلة: إن بان الآخذ عبدا أو كافرا أو هاشميا , أو قرابة للمعطي ممن لا يجوز الدفع إليه , فلا تجزئ الزكاة عن دافعها رواية واحدة ; لأنه ليس بمستحق , ولا تخفى حاله غالبا , فلم يجزه الدفع إليه , كديون الآدميين. أما إن كان ظنه فقيرا فبان غنيا فكذلك على رواية , والأخرى يجزئه , لحديث معن بن يزيد المتقدم , وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال رجل: لأتصدقن بصدقة , فخرج بصدقته فوضعها في يد غني , فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني. . . . الحديث وفيه: فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت , لعل الغني يعتبر فينفق مما آتاه الله) ". انتهى باختصار.
قال ابن الهمام: " قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله: " إذا دفع الزكاة إلى رجل يظنه فقيراً، ثم بان أنه غني أو هاشمي ... فلا إعادة عليه؛ لحديث معن بن يزيد، فإنه عليه الصلاة والسلام قال فيه: (يا يزيد لك ما نويت , ويا معن لك ما أخذت) ، وهذا إذا تحرى فدفع وفي أكبر رأيه أنه مصرف , أما إذا شك ولم يتحر أو تحرى فدفع , وفي أكبر رأيه أنه ليس بمصرف لا يجزيه إلا إذا علم أنه فقير" انتهى من "فتح القدير" (2/276) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وهذا القول أقرب إلى الصواب، أنه إذا دفع إلى من يظنه أهلاً مع الاجتهاد والتحري فتبين أنه غير أهل فزكاته مجزئة؛ لأنه لما ثبت أنها مجزئة إذا أعطاها لغني ظنه فقيراً، فيقاس عليه بقية الأصناف " انتهى من "الشرح الممتع" (6/95) .
وقال رحمه الله في "شرح الكافي": "....والصواب أن الزكاة تجزيء إذا دفعها إلى من يظنه أهلاً بعد التحري عند الشك، فإذا غلب على ظنه أن هذا من أهلها، فأعطاها أجزأت سواء كان المانع من إعطائه الغنى أو غيره هذا هو الصحيح؛ لأن القياس هنا جلي واضح إذ لا فرق بين شخص غني تظنه فقيراً وبين شخص تظنه ليس من أهل البيت، فيتبين أنه من آل البيت ... " انتهى مختصراً
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2571)
حكم دفع الزكاة للعصاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن نعطي أهل المعاصي، كشارب الدخان والمسكر.. من الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أما من حيث الإجزاء، فيجزئ دفع الزكاة إلى كل مسلم من أهل الزكاة؛ لقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة /60.
وقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ رضي الله عنه لما بعثه لليمن: (أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ....) رواه البخاري (1395) ، ومسلم (19) .
إلا إذا علم المعطي أو غلب على ظنه أن هذا العاصي سيأخذ الزكاة ليستعين بها على معصيته، فيحرم عليه إعطاؤه الزكاة، وقد ذهب بعض العلماء إلى عدم إجزاء الزكاة في هذه الحال.
جاء في شرح "مختصر خليل" (2/212) : " يشترط في كل من الفقير والمسكين أن يكون مسلماً ... ,
ويعطى أهل المعاصي ما يصرفونه في ضرورياتهم , وإن غلب على الظن أنهم ينفقونها في المعاصي، فلا يعطوا ولا تجزئ إن وقعت" انتهى.
والذي ينبغي أن يدفع زكاته لأهل الطاعة والتقوى، معاونةً لهم على طاعة الله تعالى، أما الفاسق فلا يعطى من الزكاة حتى يتوب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ولا ينبغي أن تعطى الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله، فإن الله تعالى فرضها معونة على طاعته لمن يحتاج إليها من المؤمنين، كالفقراء والغارمين، أو لمن يعاون المؤمنين. فمن لا يصلي من أهل الحاجات لا يُعطى شيئاً حتى يتوب، ويلتزم أداء الصلاة في أوقاتها". انتهى من "الاختيارات" ص 154.
وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: هل تعطى الزكاة للفاسق؟
فأجاب: "الفاسق من المسلمين، يجوز أن تدفع إليه الزكاة، ولكن صرفها إلى من كان أقوم في دين الله أولى من هذا.
ولا ينبغي أن تصرف الزكاة لمن يستعين بها على معاصي الله عز وجل، مثل أن نعطي هذا الشخص زكاة فيشتري بها آلات محرمة يستعين بها على المحرم، أو يشتري بها دخاناً يدخن به وما أشبه ذلك، فهذا لا ينبغي أن تصرف إليه؛ لأننا بذلك قد نكون أعناه على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: (وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ، فإن علمنا أو غلب على ظننا أنه سيصرفها في المحرم فإنه يحرم إعطاؤه للآية السابقة " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/433) .
وسئل رحمه الله أيضاً:
إذا كان الأخ لا يجد حاجته ومع ذلك، فهو يصرف أكثر من نصف راتبه على الدخان، فهل يصح لأخيه أن يعطيه من زكاة ماله وكذلك قضاء دينه؟
فأجاب: "هذا الذي ابتلي بشرب الدخان إذا كان فقيراً، فإنه من الممكن أن نعطي الزكاة لامرأته وتشتري هي بنفسها حوائج تكمل بها البيت، ومن الممكن أن نقول له: إن عندنا زكاة، فهل تريد أن نشتري لك كذا وكذا من حوائجه الضرورية؟ ونطلب منه أن يوكلنا في شراء هذه الأشياء، وبذلك يحصل المقصود، ويزول المحظور، وهو مساعدته على الإثم ...
..، أما قضاء الدين عنه من الزكاة فهو جائز.." انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" مختصراً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2572)
زكاة مال المرتد
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسلم ارتد عن الإسلام، فهل عليه زكاة في ماله علماً بأن له أموالاً كثيرة، ويعمل في التجارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
من شروط وجوب الزكاة: الإسلام، فلا تجب الزكاة على كافر؛ لقوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) التوبة/103، وقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ حين بعثه لليمن: (أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ [يعني: على المسلمين] صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ....) رواه البخاري (1395) ، ومسلم (19) .
قال النووي رحمه الله: "لا تجب الزكاة على الكافر الأصلي , سواء كان حربياً أو ذمياً , فلا يطالب بها في كفره , وإن أسلم لم يطالب بها في مدة الكفر" انتهى من "المجموع" (5/299) ، وهذا الشرط متفق عليه بين العلماء في الكافر الأصلي.
ينظر "الموسوعة الفقهية" (23/233) .
أما المرتد، ففيه تفصيل:
ما وجب عليه من الزكاة في إسلامه , وذلك إذا ارتد بعد تمام الحول على النصاب لا يسقط في قول الشافعية والحنابلة؛ لأنه حق مال فلا يسقط بالردة كالدَّيْن ...
وأما إذا ارتد قبل تمام الحول على النصاب، فلا تجب عليه الزكاة، وكذلك لا تجب عليه في السنوات التي بقي فيها مرتداً، فلو عاد للإسلام لم يلزمه إخراج الزكاة عما مضي من سنوات.
ينظر: الموسوعة الفقهية" (23/233) ، و"المجموع" للنووي (5/300) ، ودقائق أولي النهى" (1/388) .
جاء في "دقائق أولي النهى" (1/388) : " ولا تجب زكاة على كافر ولو كان الكافر مرتداً؛ لأنه كافر فأشبه الأصلي، فإن أسلم لم تؤخذ منه لزمن ردته؛ لعموم قوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) الأنفال/38. وقوله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يجب ما قبله) ". انتهى
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2573)
كيف يزكى حلي البنات الصغار
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ثلاث بنات، ولكل واحدة منهن حلي من الذهب يقارب (40) جراماً، فهل في هذا الحلي زكاة أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
تقدم في جواب السؤال رقم (93693) و (59866) وجوب زكاة الحلي المعد للاستعمال، إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول.
ثانياً:
الاعتبار في وجوب الزكاة في حلي البنات الصغار بالملك، فإن كان الحلي المسؤول عنه لا زال في ملك للأب، وإنما أعطاه بناته؛ لأجل التحلي به وجب عليه زكاته؛ لأنه يكون مالكاً للنصاب.
أما إذا كان قد أعطى الحلي لكل واحدة من بناته على أنه ملك لها، فلا زكاة في هذا الحلي، لأن كل واحدة من البنات لا تملك نصاباً.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
رجل عنده بنات قد أعطاهن حليًّا، ومجموع حليهن يبلغ النصاب، وحلي كل واحدة بمفردها لا يبلغ النصاب، فهل يجمع الحلي جميعاً ويزكَّى؟
فأجاب: "إن كان أعطاهن هذا الحلي على سبيل العارية فالحلي ملكه، ويجب عليه أن يجمعه جميعاً، فإذا بلغ النصاب أدى زكاته، وإن كان أعطى بناته هذا الحلي على أنه ملك لهن، فإنه لا يجب أن يجمع حلي كل واحدة إلى حلي الأخرى؛ لأن كل واحدة ملكها منفرد عن الأخرى.." انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/142) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2574)
أُهدي لها ذهب فكيف تزكيه مع ما عندها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي حلي يبلغ النصاب، وأثناء الحول أهدت لي إحدى قريباتي طقماً من ذهب، فمتى أُخرج زكاة هذا الحلي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
إذا امتلك المسلم نصاباً وأثناء الحول رزقه الله مالاً آخر، فهذا المال الثاني له حالان:
الأولى: أن يكون قد استفاده عن طريق المال الأول الذي كان عنده، كما لو كان هذا المال الثاني ربح تجارة، أو ماشية صغار ولدتها الأمهات التي عنده، فهذا المال الثاني يكون تابعاً لحول المال الأول، وليس له حول مستقل باتفاق العلماء.
الحال الثانية: أن يكون هذا المال الثاني غير تابع للأول، كالهدية أو الراتب أو الميراث ونحو ذلك، فهذا المال الثاني له حول مستقل من يوم ما امتلكه صاحبه.
وإذا أراد أن يزكيه مع حول المال الأول فلا حرج من ذلك.
وانظر جواب السؤال رقم (93414) .
قال النووي رحمه الله: "المال المستفاد في أثناء الحول بشراء أو هبة أو وقف أو نحوها مما يستفاد لا من نفس المال لا يجمع إلى ما عنده في الحول بلا خلاف" انتهى من "المجموع" (5/332) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: فيما إذا اشترى ذهباً جديداً وأضافه إلى الذهب القديم الذي وجبت عليه الزكاة؟
فأجاب: "أما إذا اشترى ذهباً في أثناء الحول، فإنه لا يُضَمُّ إلى الذهب الأول في الزكاة، بل يجعل له حولاً وحده، وإن شاء أن يضمه إلى الأول ويُخْرِج زكاتهما في آن واحد فلا بأس، ويكون هذا من باب تقديم الزكاة.
السائل: وإذا كان الجديد أقل من النصاب؟
الشيخ: إذا كان الذي اشتراه أقل من النصاب، فيضاف إلى الأول في النصاب؛ لكن في الحول له حول وحده، ما لم يختر أن يجعل زكاتهما في شهر واحد " انتهى من "لقاء الباب المفتوح".
وعلى هذا، فعليك أن تزكي الذهب الذي كان معك أي الأول إذا انتهى حوله، والذهب الذي جاءك هدية فزكاته بعد مرور سنة هجرية على امتلاكك له، وإذا أردت تعجيل زكاته وإخراجها مع الذهب الأول فلا بأس.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2575)
حكم دفع الزكاة لأهل البدع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن نعطي الزكاة لأهل البدع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
يقسم العلماء رحمهم الله البدع إلى قسمين: بدع مكفرة، وغير مكفرة، فالبدع المكفرة هي التي تخرج صاحبها من الإسلام، فمثل هذا الشخص لا يجوز دفع الزكاة إليه، لأنه ليس مسلماً، أما البدع غير المكفرة، فلا تخرج صاحبها من الإسلام، فيجوز دفع الزكاة إلى من يقع فيها.
جاء في شرح "مختصر خليل" (2/212) : "يشترط في كلٍّ من الفقير والمسكين أن يكون مسلماً ...
وتعطى لذي هوى خفيف، كمفضل علي على سائر الصحابة , وتجزئ للخارجي والقدري ونحوهما على القول بعدم تكفيرهم , ويعطى أهل المعاصي ما يصرفونه في ضرورياتهم , وإن غلب على الظن أنهم ينفقونها في المعاصي، فلا يعطوا ولا تجزئ إن وقعت.
ولا يعطى إجماعاً من يكفر ببدعته اتفاقاً، كالقائل بنبوة علي رضي الله عنه، وأن جبريل عليه الصلاة والسلام غلط.
وهل الإعطاء لذي الهوى الخفيف خلاف الأولى , أو مكروه؟ وهو الظاهر [أي: أنه مكروه] " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يجوز دفع الزكاة لأهل البدع؟
فأجاب: "البدع تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: بدع مكفرة يخرج بها الإنسان من الإسلام، فهذه لا يجوز أن تدفع الزكاة لمن كان متصفاً بها، مثل من يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم يجيب دعاء من دعاه، أو يستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو يعتقد بأن الله بذاته في كل مكان، أو ينفي علو الله عز وجل على خلقه، وما أشبه ذلك من البدع.
القسم الثاني: البدع التي دون ذلك، والتي لا توصل صاحبها إلى الكفر، فإن صاحبها من المسلمين، ويجوز أن يعطى من الزكاة، إذا كان من الأصناف الذين ذكرهم الله في كتابه" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/431) .
والأولى بلا شك أن يخص بزكاته أهل الطاعة والتقوى، إلا إذا أعطاها المبتدع تأليفاً له، لعله ينقله إلى السنة شيئاً فشيئاً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ولا ينبغي أن تعطى الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله، فإن الله تعالى فرضها معونة على طاعته لمن يحتاج إليها من المؤمنين، كالفقراء والغارمين، أو لمن يعاون المؤمنين. فمن لا يصلي من أهل الحاجات لا يُعطى شيئاً حتى يتوب، ويلتزم أداء الصلاة في أوقاتها". انتهى من "الاختيارات" ص 154.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2576)
زكاة الحلي الموقوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك حلياً وأوقفته لله جل وعلا على أن من أرادت من الأخوات لبسه والتزين به في الأعراس، فلها ذلك، فهل علي زكاته إذا حال عليه الحول أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
يصح وقف الحلي للبس والعارية؛ لما روى نافع " أن حفصة ابتاعت حلياً بعشرين ألفاً حبسته على نساء آل الخطاب، فكانت لا تخرج زكاته "، وإلى هذا ذهب الشافعية والحنابلة، وظاهر مذهب المالكية الجواز أيضاً.
انظر "الموسوعة الفقهية" (18/116) .
ثانياً:
لا زكاة في الحلي الموقوف على جهة عامة، كما لو أوقفه صاحبه لمن شاءت أن تتحلى به من النساء في الأعراس؛ لأن من شروط وجوب الزكاة تمام الملك، والمال الموقوف على جهة عامة لا مالك له.
قال النووي رحمه الله: " لو وقف حلياً على قوم يلبسونه لبساً مباحاً , أو ينتفعون بأجرته المباحة، فلا زكاة فيه قطعاً لعدم المالك الحقيقي المعين " انتهى من "المجموع" (5/526) ، وينظر جواب السؤال رقم (99694) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2577)
النقص اليسير في النصاب هل يؤثر على الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أملك حلياً يزيد على النصاب وقبل نهاية الحول بثلاثة أشهر تقريباً بعت منه حتى نقص عن النصاب وكان النقص يسيراً جداً ـ عدة جرامات ـ ثم اشتريت بعد ذلك حلياً وحال عليه الحول وهو أكثر من النصاب، فكيف أخرج زكاة الحلي في هذه الحال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
إذا بلغ الحلي نصاباً، وهو خمسة وثمانون جراماً، وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة، إلا أنه يشترط في المال الزكوي أن يملكه الإنسان حولاً كاملاً، فإن نقص النصاب في أثناء الحول استأنف حولاً جديداً. ينظر جواب سؤال رقم (99381) .
ثانياً:
لو كان النقص يسيراً، كما في السؤال، بل وأقل منه فهل يستأنف حولاً جديداً أم أنه لا اعتبار بالنقص اليسير؟
قال النووي رحمه الله: يشترط لوجوب زكاة الذهب والفضة أن يملكهما حولاً كاملاً بلا خلاف, فلو ملك عشرين مثقالاً معظم السنة, ثم نقصت ولو نقصاناً يسيراً, ثم تمت بعد ساعة انقطع الحول الأول, ولا زكاة حتى يمضي عليها حولٌ كاملٌ, من حين تمت نصاباً " انتهى "المجموع" (5/491) .
وقال أيضاً: "فلو نقص عن النصاب حبة أو بعض حبة, فلا زكاة بلا خلاف عندنا ... , هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء. وقال مالك: إن نقصت المائتان من الفضة حبة وحبتين ونحوهما مما يتسامح به.. وجبت الزكاة " انتهى من المجموع (5/490) .
وفي "الكافي": ... وإن كان [النقص عن النصاب] يسيراً، كالحبة والحبتين، فظاهر كلام الخرقي لا زكاة فيه، للخبر [يعني الأحاديث التي فيها تحديد النصاب] .
وقال غيره من أصحابنا: فيه الزكاة؛ لأن هذا لا يضبط فهو، كنقص الحول ساعة أو ساعتين " انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والظاهر أن قول الخرقي هو الصواب، ما دام الشرع قد قدره فلنرجع إلى تقديره؛ لأن الحبة أو الحبتين قد يكون ثمنهما كثيراً، فالصواب أن التقدير تحديد وليس تقريباً " انتهى من "شرح الكافي".
والحاصل: أن الحلي إذا نقص عن النصاب، ولو كان النقص يسيراً، انقطع الحول، ويبدأ في حساب حول جديد من أول بلوغه النصاب مرة ثانية.
والأولى في مثل هذه الحال أن يزكى خروجاً من خلاف العلماء القائلين بعدم اعتبار النقص اليسير.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2578)
من تحايل لإسقاط الزكاة عن نفسه فهو آثم ولا تسقط عنه الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يتحايل على الشرع في مسألة الزكاة، فبعضهم يكون عنده أرض أو ماشية.. وحتى لا يخرج الزكاة يقوم ببيعها أو مبادلتها قبل الحول، فهل هذا الفعل يسقط عنه الزكاة أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
لا شك أن التحايل على الشرع من الأمور المحرمة، وكون الإنسان يتحايل على الله، فهذا أمر قبيح مذموم عند جميع العقلاء، كيف يجرأ المسلم على مخادعة الله وهو يعلم؛ بأن الله تعالى مطلع عليه، يعلم ما تخفيه نفسه، ثم يتجرأ بعد ذلك على مخادعة الله!!
قال ابن القيم رحمه الله: بعد أن ذكر تحريم الحيل: "فهذه الوجوه التي ذكرناها وأضعافها تدل على تحريم الحيل والعمل بها والإفتاء بها في دين الله، ومن تأمل أحاديث اللعن وجد عامتها لمن استحل محارم الله، وأسقط فرائضه بالحيل، كقوله: (لعن الله المحلل والمحلل له) (لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا ثمنها) ...." انتهى من "إعلام الموقعين" (3/159) .
وقال القرطبي رحمه الله (9/237) :
"أجمع العلماء على أن للرجل قبل حلول الحول التصرف في ماله بالبيع والهبة، إذا لم ينو الفرار من الصدقة، وأجمعوا على أنه إذا حال الحول وأظل الساعي أنه لا يحل له التحيل ولا النقصان.
وقال مالك: " إذا فوت من ماله شيئاً ينوي به الفرار من الزكاة قبل الحول بشهر أو نحوه لزمته الزكاة.
ثم قال: ومن رام أن ينقض شيئاً من فرائض الله بحيلة يحتالها أنه لا يفلح ولا يقوم بذلك عذره عند الله، وما أجازه الفقهاء من تصرف صاحب المال في ماله قرب حلول الحول إنما هو ما لم يرد بذلك الهرب من الزكاة، ومن نوى ذلك فالإثم عنه غير ساقط والله حسيبه ... " انتهى كلامه رحمه الله.
"إذا تقرر ذلك عُلم منه أنه لا ينبغي لمن عنده أدنى عقل ومروءة ودين أن يرتكب شيئاً من هذه الحيل التي قد تكون سبباً للخزي في الدنيا والآخرة، وربما قصد الغافل المغرور بها توفير ماله وتنميته ويكون ذلك سبباً لمحقه وزواله عن قرب أو عدم البركة فيه، فلا ينتفع به هو ولا ذريته، وربما عومل فيه وفي ذريته بما يسيئه ويغيظه، فيسلط عليهم الشيطان أعوانه حتى ينفقوه في المحارم واللذات والشهوات القبيحة المحرمة، كما لا يخفى ذلك على من جرب أحوال الناس، سيما أبناء التجار ونحوهم من ذوي الأموال الذين لم يؤدوا منها حق الله سبحانه وتعالى، ولم يجروا فيها على سنن الاستقامة ... " انتهى من فتاوى ابن حجر الهيتمي رحمه الله (5/241) باختصار.
وفي كلام الإمام مالك السابق: أن من تحايل على الشرع لإسقاط الزكاة عن نفسه، لم تسقط، ولا تنفعه تلك الحيلة، ويجب عليه إخراج الزكاة إذا مَرَّ الحول.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/285) : "فإن فعل هذا فراراً من الزكاة , لم تسقط عنه , سواء كان المبدل ماشية أو غيرها من النصب , وكذلك لو أتلف جزءاً من النصاب , قصداً للتنقيص , لتسقط عنه الزكاة , لم تسقط , وتؤخذ الزكاة منه في آخر الحول , إذا كان إبداله وإتلافه عند قرب الوجوب. ولو فعل ذلك في أول الحول , لم تجب الزكاة ; لأن ذلك ليس بمظنة للفرار.." انتهى.
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: هل يجوز للرجلين أو الثلاثة أن يجمعوا مواشيهم من أجل الزكاة؟
فأجاب:
"لا يجوز جمع الأموال الزكوية أو تفريقها من أجل الفرار من الزكاة، أو من أجل نقص الواجب فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة) أخرجه البخاري في صحيحه.
فلو كان عند رجل أربعون من الغنم، ففرقها حتى لا تجب فيها الزكاة لم تسقط عنه الزكاة، ويكون بذلك آثما؛ لكونه متحيلا في ذلك على إسقاط ما أوجب الله ... " انتهى من " مجموع الفتاوى " (14/59) مختصراً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2579)
عليه دين مقسط فهل يخصم من الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تخرج الزكاة في حال الدَّيْن الذي يؤديه صاحبه بالتقسيط ولمدة 10 سنوات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف الفقهاء في الدَّيْن هل يمنع الزكاة؟ على قولين مشهورين، أحدهما: أنه لا يمنع الزكاة، فمن ملك نصابا وحال عليه الحول وجب عليه أن يزكيه، مهما كان دَيْنُه، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله، وهو الذي يرجحه كثير من أهل العلم.
وذلك لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة على من ملك نصاباً، ولأن النبي صلى الله عليه ومسلم كان يرسل عماله لقبض الزكاة، ولا يأمرهم بالاستفصال هل على أصحاب الأموال ديون أو لا؟ ولأن الزكاة تتعلق بعين المال، والدين يتعلق بالذمة، فلا يمنع أحدهما الآخر.
واحتج أصحاب القول الثاني وهم الجمهور بما جاء عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يقول: (هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دَيْن فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم) ، وفي رواية: (فمن كان عليه دين فليقض دينه، وليزك بقية ماله) .
وهذا لا حجة فيه، فمن أدى الدَّيْن، فليس عليه فيه زكاة، والنزاع هو فيمن لم يؤد الدين، واحتفظ بالمال لينتفع به، فهل تسقط عنه الزكاة؟
قال النووي رحمه الله: " الدين هل يمنع وجوب الزكاة؟ فيه ثلاثة أقوال، أصحها عند الأصحاب , وهو نص الشافعي رضي الله عنه في معظم كتبه الجديدة: تجب ... فالحاصل أن المذهب وجوب الزكاة سواء كان المال باطنا أو ظاهرا أم من جنس الدين أم غيره , قال أصحابنا: سواء دين الآدمي ودين الله عز وجل , كالزكاة السابقة , والكفارة والنذر وغيرها " انتهى من "المجموع" (5/317) ، وينظر: "نهاية المحتاج" (3/133) ، "الموسوعة الفقهية" (23/247) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " وأما الدين الذي عليه فلا يمنع الزكاة في أصح أقوال أهل العلم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/189) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا، ولو كان عليه دين ينقص النصاب، إلا دَيْناً وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه، ثم يزكي ما بقي بعده " انتهى من "الشرح الممتع" (6/39) .
ولا فرق في ذلك بين الدَّيْن الحال والمؤجل، إلا أن بعض الفقهاء الذين قالوا بأن الدين يمنع الزكاة، استثنوا الدين المؤجل، فقالوا: إنه لا يمنع الزكاة، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله. وينظر: "الإنصاف" (3/24) .
وقال بعض المعاصرين: لا يخصم إلا قسط السنة فقط، فمكن كان عليه اثنا عشر ألفا مقسطة، يدفع في كل سنة ألفا، فإنه يخصم من مال الزكاة ألفا ويزكي الباقي.
وأما على القول الراجح، فإنه لا فرق بين الدين المؤجل والحال، فكلاهما لا أثر له على الزكاة، فينظر الإنسان إلى ما لديه من مال زكوي، فيزكيه إذا توفرت شروط الزكاة من بلوغ النصاب ومرور الحول، مهما كان عليه من أقساط.
وينبغي أن يعلم أن الجمهور الذين يقولون بأن الدين يخصم من المال الزكوي يشترطون ألا يكون لدى الإنسان مال آخر يسدد به دينه زائد عن حاجته الأساسية.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/247) : " القائلون بأن الدين يسقط الزكاة في قدره من المال الزكوي , اشترط أكثرهم أن لا يجد المزكي مالا يقضي منه الدين سوى ما وجبت فيه، فلو كان له مال آخر فائض عن حاجاته الأساسية , فإنه يجعله في مقابلة الدين , لكي يسلم المال الزكوي فيخرج زكاته " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2580)
مضى حول على تقسيم الميراث ولم يتسلمه فهل تلزمه زكاته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وتم قسمة الإرث، لكنني لم أستلم نصيبي من إخوتي حتى الآن، وقد مر عام على هذه القسمة، فهل علي إخراج زكاة نصيبي من الإرث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الميراث مما تجب فيه الزكاة، كالذهب والفضة والنقود، وكان نصيبك منه يبلغ نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من جنسه مما تملكه، فإنه تجب زكاته عند حولان الحول، ولو لم تتسلمه؛ لأنه مال مملوك لك، إلا أن يكون المال غير مرجوّ الحصول، لجحود المستولي عليه الآن أو مماطلته في تسليمه، فلا يزكى حتى تقبضه، وتستقبل به حولا جديدا.
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: متى يزكى الورث؟ هل يكون ذلك حين استلامه أو بعد مرور الحول عليه، وكذلك الهبة إذا كانت نقدا أو عقارا؟
فأجابوا: "تجب الزكاة في التركة بعد مضي سنة من وفاة المورث، لأن التركة تنتقل ملكيتها من المتوفى إلى الورثة من تاريخ الوفاة، إذا بلغ نصيب الوارث نصابا من النقود أو الحلي من الذهب والفضة، وأما ما سوى ذلك من التركة فليس فيه زكاة إلا إذا أعده الوارث للتجارة، فإنه يبتدئ فيه حول الزكاة من حين أعده لذلك، وأما العقار فلا زكاة فيه إذا كان لغير التجارة، فإذا أُجِّر وجبت الزكاة في أجرته، إذا بلغت نصابا بنفسها أو بضمها إلى ما لديه من النقود أو عروض التجارة وحال عليه الحول، أما إذا كانت التركة إبلا أو غنما أو بقرا فإن كانت للتجارة ففيها زكاة عروض التجارة، وإن كانت للقنية فليس فيها زكاة إلا بشرطين:
أحدهما: بلوغ النصاب.
والثاني: أن تكون سائمة جميع الحول أو أكثره، والسوم هو الرعي، وأما الهبة فالحكم فيها
كالحكم في التركة على ما سبق تفصيله " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/305) .
وإذا كان إخوتك سيتأخرون في توزيع المال، فلتتفقوا على إخراج الزكاة من مجموع المال، وتوكلوا أحدكم بذلك؛ لأنه لا يجوز تأخير الزكاة عن وقتها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2581)
ما هو النصاب في المال
[السُّؤَالُ]
ـ[كم نصاب الزكاة بالنسبة للأوراق النقدية وهل يكون تقدير النّصاب في العملات الورقية بناء على نصاب الذّهب أم بناء على نصاب الفضة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مقدار نصاب الزكاة في الدولار وغيره من العملات الورقية هو ما يعادل قيمته عشرين مثقالا من الذهب أو مائة وأربعين مثقالا من الفضة في الوقت الذي وجبت عليك فيه الزكاة في الدولارات ونحوها من العملات، ويكون ذلك بالأحظّ للفقراء من أحد النصابين وذلك نظرا إلى اختلاف سعرهما باختلاف الأوقات والبلدان. فتاوى اللجنة الدائمة 9/257 ولأنه أنفع للفقراء فتاوى اللجنة الدائمة 9/254
(ونظرا لأن قيمة نصاب الفضة في هذا الوقت أدنى من قيمة نصاب الذّهب فيكون التقدير بناء عليه فإذا بلغ ما عند الشخص من العملة الورقية قيمة نصاب الفضة أخرج الزكاة، ونصاب الفضّة يعادل 595 غراما تقريبا فيخرج صاحب المال ربع العشر، في كل ألف خمسا وعشرين مما عنده من الأوراق النقدية عند حلول الحول) . والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2582)
هل تمنع الديون الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[موظف راتبه (4750) ، وعليه أقساط للبنك (4150) ، ولا يبقى من راتبه سوى (600) ، وإجمالي الديون التي عليه أكثر من (360) ألف، ولديه محفظة أسهم إجمالي ما فيها (35) ألف ريال، وحال عليها الحول، فهل عليه زكاتها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف أهل العلم فيمن يملك نصاب الزكاة من المال وحال عليه الحول، ولكن عليه ديون تستغرق هذا النصاب أو تنقصه، فهل يؤدي زكاة ماله أم لا، على قولين:
القول الأول: تجب عليه الزكاة، ولا يمنع الدَّيْنُ وجوبها: وهو مذهب الشافعية.
القول الثاني: لا تجب عليه الزكاة، والدَّينُ عذر يسقط الوجوب: وهو قول المذاهب الثلاثة: الحنفية والمالكية والحنابلة، على تفصيل بينهم بين الأموال الظاهرة (النقد) ، والأموال الباطنة، وبين الدين الحال، والدين المؤجل.
قال المرغيناني الحنفي في "الهداية":
" ومن كان عليه دين يُحيط بماله فلا زكاة عليه؛ لأنه مشغول بحاجته الأصلية، فاعتبر معدوما " انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/633) :
" الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة رواية واحدة، وهي الأثمان وعروض التجارة، وبه قال عطاء , وسليمان بن يسار، وميمون بن مهران، والحسن , والنخعي، والليث، ومالك , والثوري، والأوزاعي، وإسحاق , وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال ربيعة، وحماد بن أبى سليمان , والشافعي في جديد قوليه: لا يمنع الزكاة؛ لأنه حر مسلم ملك نصابا حولا فوجبت عليه الزكاة، كمن لا دين عليه " انتهى.
وقد أطال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح المسألة، وذِكرِ أدلة الفريقين في كتابه "الشرح الممتع" (5/33-40) ، ثم قال:
" والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا ولو كان عليه دين يُنقص النصاب، إلا دينا وجب قبل حلول الزكاة، فيجب أداؤه ثم يزكي ما بقي بعده، وبذلك تبرأ الذمة، ونحن إذا قلنا بهذا القول نحث المدينين على الوفاء، فإذا قلنا لمن عليه مائة ألف دَيْنًا ولديه مائة وخمسون ألفا والدين حال: أَدِّ الدين وإلا أوجبنا عليك الزكاة بمائة ألف، فهنا يقول: أؤدي الدين؛ لأن الدين لن أؤديه مرتين.
وهذا الذي اخترناه هو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز، والذي يفرق بين الأموال الظاهرة والباطنة اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله.
وهذا الذي رجحناه أبرأ للذمة، وأحوط، والحمد لله، " ما نقصت صدقة من مال " كما يقوله المعصوم عليه الصلاة والسلام " انتهى.
كما سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم: (22426)
فمن أحب الاستزادة فليرجع إليه.
أما زكاة الأسهم، فإذا كانت هذه الأسهم يتخذها للتجارة، يشتري أسهماً ثم يبيعها ليربح فيها، فهي عروض تجارة، يقومها كل سنة بما تساويه، ويخرج زكاتها 2.5 بالمائة.
أما إذا كانت الأسهم ليست للتجارة، وإنما يبقيها ليستفيد من أرباحها السنوية، فهذه الأرباح فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول، أما إذا كان ينفقها أولاً بأول، فلا زكاة فيها، وأما زكاة أسهمها، فلا زكاة فيها من حيث الأصل، لأنها ليست عروض تجارة، لكن هناك تفصيل وتفريق بين الشركات التجارية والصناعية والزراعية سبق بيانه في جواب السؤال رقم (69912) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2583)
لا تجب الزكاة إذا زال ملك النصاب قبل تمام الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص اشترى عدد (64) رأساً من الغنم من والدته وانتقلت ملكيتها له ولم يبق سوى شهر ويدور الحول عليها ليتم إخراج زكاتها وهي عند والدته، ويسأل عن الزكاة هل يخرج زكاتها؟ أو هل تجب الزكاة فيها حيث لم يمض على شرائه لها إلا أيام قليلة، ولم يبق من دور الحول عليها وهي عند والدته إلا شهر واحد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في الغنم إذا بلغت نصاباً – وهو: أربعون شاة – ومضى على النصاب حول كامل وهو في ملكك؛ لحديث ابن ماجة (1792) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ) صححه الألباني في "إرواء الغليل" برقم (787) .
ومرور الحول شرط في وجوب زكاة الذهب والفضة والنقود وبهيمة الأنعام.
فإذا زال الملك قبل تمام الحول، إما بتلف المال، أو بيعه، أو هبته، ونحو ذلك، فإن الزكاة لا تجب فيه.
فعلى هذا، لا تجب الزكاة على والدتك؛ لأنه زال ملكها عن الأغنام قبل تمام الحول، ولا تجب الزكاة عليك في تلك الأغنام التي اشتريتها حتى تمضي سنة كاملة عليها من وقت ملكك لها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2584)
لو أبدلت المرأة ذهبها بذهب آخر، فهل ينقطع الحول؟
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة عندها ذهب قد بلغ النصاب، وفي أثناء الحول أبدلت الذهب الذي عندها بذهب آخر، فهل تبدأ حولاً جديداً للذهب الثاني الذي اشترته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا، لا تبدأ له حولاً جديدا، بل تكمل على حول الذهب الذي كان عندها أولاً.
وذلك لأن القاعدة عند العلماء: أن من أبدل مالاً تجب فيه الزكاة بمالٍ من نفس جنسه لم يبدأ حولاً جديداً، بل يكمل على حول المال الأول.
فلو أبدل ذهباً بذهب، أو فضة بفضة، أو غنم بغنم، أو إبل بإبل، أو عروض تجارة بعروض تجارة، لم ينقطع الحول بذلك، ويكمل على الحول الأول.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/135) : " إذَا بَاعَ نِصَابًا لِلزَّكَاةِ , مِمَّا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ بِجِنْسِهِ , كَالْإِبِلِ بِالْإِبِلِ , أَوْ الْبَقَرِ بِالْبَقَرِ , أَوْ الْغَنَمِ بِالْغَنَمِ , أَوْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ , أَوْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ , لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ , وَبَنَى حَوْلَ الثَّانِي عَلَى حَوْلِ الْأَوَّلِ " انتهى بتصرف.
وقد سئل الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة كان عندها ذهب يبلغ النصاب، وفي أثناء الحول أبدلته بذهب آخر، فهل ينقطع الحول، وتحسب الحول من وقت الإبدال أو لا ينقطع؟
فأجاب: " لا ينقطع الحول في هذه المسألة؛ لأن هذه المرأة أبدلت الذهب بجنسه " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/45) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2585)
طالبة تسأل عن الزكاة ودخلها 400 دولار شهرياً
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة مسلمة أريد أن أعرف وقت وجوب الزكاة؟ إذا كنت أحصل على 200-300دولار كل أسبوعين فهل علي زكاة؟ ما هو الحد الأدنى للمال الذي تجب فيه الزكاة؟ أين أدفع الزكاة؟ هل يجب أن يكون الآخذ مسلماً؟ ما هي الأماكن التي تدفع فيها الزكاة في الدول الكافرة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1- وقت وجوب الزكاة: إذا احتفظتِ بالمال لمدة عام كامل وجبت فيه الزكاة، ومقدارها 2.5 %، فهذا المبلغ الذي تحصلين عليه كل أسبوعين ليس عليه زكاة إلا إذا مضى عليه عام كامل، أو كان عائدا عليك من تجارة حان وقت الزكاة فيها.
2- ادفعي الزكاة في البلد الذي تعيشين فيه إن كان فيه فقراء، وإن وجدت بلدا آخر فيه فقراء أحوج من بلدك فلا بأس أن تدفعيها لهم.
3- نعم يجب ان يكون الذي يأخذ الزكاة مسلما، إلا في حالة ما إذا كان كافرا نريد أن نرغبه في الإسلام، ويغلب على ظننا أن ذلك يرغبّه في الإسلام، فيجوز أن تدفع له الزكاة.
الشيخ سعد الحميد.
وذلك إذا كان هذا الكافر معظَّماً ذا منزلة عند الكفار ويرجى بإسلامه إسلام قومه أو قبيلته وعشيرته.
4- الحد الأدنى الذي تجب فيه الزكاة يختلف باختلاف نوع المال هل هو ذهب أو فضة، وأنت بلا شك تسألين عن زكاة المبالغ النقدية كالدولار، والذي يظهر أن المبلغ المذكور في السؤال إن حال عليه حول وجبت فيه الزكاة لأنه يزيد على النصاب، ولمعرفة نصاب المال ينظر السؤال رقم 2795و64.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2586)
تأخر استلامه للراتب فهل يبدأ حول الزكاة من وقت الاستحقاق أم من استلامه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بعدما حصلت على الوظيفة لم أستلم الراتب إلا بعد ستة أشهر ولا أعلم إن كان حول زكاة هذا المال يبدأ من وقت استحقاقي للمال أم من وقت تسلمي للمال وهو تقريبا ستة أشهر أو أكثر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من ملك نصابا وحال عليه الحول، وجبت عليه الزكاة، والنصاب ما يعادل 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة، وحولان الحول هو مرور سنة قمرية على ملك المال.
فالحول يبدأ مِن ملك النصاب، والموظف إذا لم يستلم راتبه أصبح دَيْناً على جهة العمل، وزكاة الدَّيْن فيها تفصيل:
فإن كان الدين على مليء، وهو المعترف بالدين القادر على سداده، فإنه يزكى، كما لو كان المال حاصلا باليد.
إن كان الدين على معسر أو مماطل، فلا تلزم زكاته، حتى يقبضه الإنسان، ويمضي عليه حول من لحظة قبضه.
وعليه؛ فإن كانت جهة عملك، معترفة لك بالمال، باذلة له، فإن الحول يبدأ من وقت استحقاقك للمال.
وأما إذا كانت مماطلة وأخَّرت الراتب بغير حق، فتبدأ حساب الحول من يوم استلامك الرواتب المتأخرة.
ولمزيد الفائدة عن كيفية إخراج زكاة الرواتب انظر جواب السؤال رقم (26113) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2587)
إذا نقص النصاب في أثناء الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عندي عشرة آلاف ريال مرَّ عليها 10 شهور، وقد اشتريت بعض الأغراض للمنزل، ولم يبق منها إلا 500 ريال، ثم استلمت الراتب، فبلغت عشرة آلاف مرة أخرى، فهل علي زكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من شروط وجوب الزكاة في النقود: مضي الحول على امتلاك النصاب؛ لما روى ابن ماجة (1792) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" برقم (787) .
وعلى هذا، إذا نقص المال عن النصاب أثناء السنة إما ببيع أو موت في المواشي أو بالنفقة، فإنه يمنع وجوب الزكاة؛ لأن المال الذي نقص عن النصاب في أثناء الحول، لم تَمُرَّ سنة كاملة على امتلاك النصاب، فلا تجب فيه الزكاة.
ثم إذا بلغ المال النصاب مرة أخرى، فإنه يبدأ في حساب سنة جديدة من حين بلوغه النصاب.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/506) : " مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَالِ الَّذِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمَاشِيَةِ وُجُودُ النِّصَابِ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ، فَإِنْ نَقَصَ النِّصَابُ فِي لَحْظَةٍ مِنْ الْحَوْلِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ , فَإِنْ كَمُلَ بَعْدَ ذَلِكَ اُسْتُؤْنِفَ الْحَوْلُ مِنْ حِينِ يَكْمُلُ النِّصَابُ " انتهى.
وقال البهوتي رحمه الله "كشاف القناع" (2/ 179) : " وَمَتَى نَقَصَ النِّصَابُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ؛ لِأَنَّ وُجُودَ النِّصَابِ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ " انتهى.
وعلى هذا، فلا زكاة عليك في هذا المال الذي نقص عن النصاب، وتبدأ في حساب سنة جديدة من حين استلامك الراتب الذي بلغ به المال الذي عندك النصاب مرة أخرى.
ولمعرفة نصاب النقود راجع جواب السؤال رقم (100570) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2588)
الكافر لا تجب عليه الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الكافر تجب عليه الزكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من شروط وجوب الزكاة، أن يكون المزكي مسلماً، فالكافر لا تجب عليه الزكاة؛ لقوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِه) التوبة /54.
وقد روى البخاري (1458) ومسلم (19) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة بعث معاذ إلى اليمن، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: (فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ.. فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ.. الحديث) ، فجعل الإسلام شرطاً لوجوب الزكاة، وأنهم لا يؤمرون بالزكاة إلا بعد دخولهم في الإسلام.
ولأن الصحابة رضي الله عنه لم يكونوا يأخذون من الذميين زكاة، وإنما كانوا يلزمونهم بالجزية.
وإذا أسلم الكافر، فإنه لا يلزمه قضاء الزكاة عن السنوات التي كان فيها كافراً، بل يستأنف حولاً جديداً من وقت إسلامه؛ لقوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) الأنفال / 38.
قال النووي رحمه الله في " المجموع " (5/ 300) : " لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ حَرْبِيًّا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا فَلَا يُطَالَبُ بِهَا فِي كُفْرِهِ , وَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُطَالَبْ بِهَا فِي مُدَّةِ الْكُفْر ".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في " الشرح الممتع " (6 / 15) : " فلا تجب الزكاة على الكافر، سواء أكان مرتداً أم أصلياً؛ لأن الزكاة طهرة، قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) (التوبة / 103) والكافر نجس، فلو أنفق ملء الأرض ذهباً لم يطهر حتى يتوب من كفره " انتهى كلامه بتصرف.
المراد بنجاسة الكافر، النجاسة المعنوية وهي فساد اعتقاده، وهذا لا يطهره إلا الإسلام. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2589)
تعجيل الزكاة وكيف يخرج زكاته إن كان ماله في بنك إسلامي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي مبلغ في بنك إسلامي، فهل يجوز إخراج الزكاة خلال العام مقدماً، كأن يكون كلما أتاني أرباح؛ لأني أخشي أنه عندما يأتي وقت الزكاة لا يكون معي مال الزكاة؟ وأيضاً هل الزكاة على رأس المال فقط أم على الأرباح أيضاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز للمسلم أن يستثمر أمواله في البنوك الربوية، ولا التي تسمى إسلامية وليس حالها كذلك، بل يجب أن يكون واقعها يتطابق مع اسمها، فإذا كان البنك إسلاميّاً لا يتعامل بالربا أخذاً ولا إعطاءً، ويستثمر أمواله ويوزع الأرباح على المستثمرين وفق الأحكام الشرعية الإسلامية، فلا حرج من استثمار المال فيه.
وانظر جواب السؤال رقم: (47651) .
ثانياً:
أما مسألة تعجيل الزكاة: فالصحيح جواز ذلك، وهو قول جمهور العلماء، والأفضل ألا يعجل زكاته، إلا إذا وجد سبب لذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وأما تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب: فيجوز عند جمهور العلماء، كأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، فيجوز تعجيل زكاة الماشية، والنقدين، وعروض التجارة، إذا ملك النصاب" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (25 / 85، 86) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنَة، أو سنتين، إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 422) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ما حكم تعجيل الزكاة لسنوات عديدة للمنكوبين، والذين تحل بهم مصائب؟ .
فأجاب:
"تعجيل الزكاة قبل حلولها لأكثر من سنة: الصحيح: أنه جائز لمدة سنتين فقط، ولا يجوز أكثر من ذلك، ومع هذا لا ينبغي أن يعجل الزكاة قبل حلول وقتها، اللهم إلا أن تطرأ حاجة كمسغبة شديدة (مجاعة) ، أو جهاد، أو ما أشبه ذلك، فحينئذ نقول: يُعجل؛ لأنه قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل، وإلا فالأفضل ألا يزكي إلا إذا حلت الزكاة؛ لأن الإنسان قد يعتري ماله ما يعتره من تلف، أو غيره، وعلى كل حال ينبغي التنبه إلى أنه لو زاد عما هو عليه حين التعجيل: فإن هذه الزيادة يجب دفع زكاتها.
" فتاوى الشيخ العثيمين " (18/328) .
ثالثاً:
تجب الزكاة على المال كله – رأس المال وأرباحه - إذا حال الحول على رأس المال، وكان قد بلغ النصاب، والحول هو: مرور سنة هجرية.
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
لدي مال قدره خمسة عشر ألف ريال (15000 ريال) سلمته لرجل يتاجر فيه، على أن له نصف الربح، فهل على هذا المال زكاة؟ وأيهما يزكى رأس المال أم الربح أم كلاهما؟ وإذا كان على رأس المال زكاة ورأس المال قد اشترينا به بضائع عينية كسجاد وأثاث وأشباههما، فما الحكم والحالة هذه؟ .
فأجابوا:
"تجب الزكاة في المال المذكور المعد للتجارة إذا حال عليه الحول، ويزكَّى رأس المال مع الربح عند تمام الحول، وإن كان المال اشتري به عروض للتجارة: فيقدر ثمنها عند تمام الحول بما تساوي حينئذ، وتخرج الزكاة بواقع اثنين ونصف في المائة 2.5 % من مجموع المال مع الأرباح" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 356، 357) .
وقالوا – أيضاً -:
"تجب الزكاة على رأس المال والأرباح إذا حال الحول على الأصل، وحول الأرباح: حول أصلها" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 356، 357) .
وننبه الأخ السائل أنه إن كان البنك الإسلامي يخرج زكاة مال عملائه: فهذا يجزئه عن إخراجها إن كان البنك موثوقاً في تصريفها في وجهتها الشرعية، وعليه أن يزكي ما في يده وما يملكه مما ليس في البنك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2590)
لديها أطفال قصر ولديهم أموال في البنك فهل تجب زكاتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أربعة أطفال أيتام كلهم قصر ولديهم أموال في بنك إسلامي وهى ودائع وستبلغ الحول بعد ثلاثة أشهر فهل تجب عليها الزكاة؟ وهل يتم الدفع من الأرباح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصغير، إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (75307) .
والنصاب هو ما يعادل 85 جراما من الذهب، أو 595 جراما من الفضة، وينظر إلى مال كل صغير على حدة، فإن بلغ نصابا وجبت فيه الزكاة، وإن لم يبلغ لم تجب.
وإذا كان المال مستثمرا، كما في الصورة المسئول عنها، فإن الزكاة تجب في أصل المال وربحه معها، يخرج من المجموع في نهاية كل سنة: ربع العشر (2.5%) ، كما لو كان المال تسعة آلاف ريال وأرباحها ألف، فالزكاة واجبة في العشرة كلها، فيخرج المزكي 250 ريالا.
وهذا القدر الواجب (250 ريالا – كما في المثال-) يجوز دفعه من أصل المال، كما يجوز دفعه من الأرباح الناتجة، أو من أي مال آخر يملكه الصغير.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2591)
ما حكم الزكاة في المال المدخر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت شقة للسكن وهى تباع بالقسط حتى انتهاء البناء، فدفعت المقدم، وأدخر بالبنك باقي ثمن الشقة، فهل تجب الزكاة على المبلغ المدخر أم لا؟ وماذا عن المبلغ المدفوع كمقدم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا توفرت شروط وجوب الزكاة في المال، كبلوغ النصاب ومرور الحول وجب فيه الزكاة ولو كان هذا المال مدخرا لقضاء حاجة معينة من سكن أو تعليم أو نفقة.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله "مجموع الفتاوى" (14/130) :
إنني أقوم بادخار مبلغ من المال من راتبي شهريا، فهل علي زكاة هذا المال، علما أن هذا المال أدخره لبناء منزل لي، وكذلك توفير مهر للزواج قريبا إن شاء الله، علما بأنني أقوم بادخار هذا المال منذ سنوات بأحد البنوك حيث لا يوجد لي مكان أدخر به هذا المال؟
فأجاب رحمه الله:
" المال المدخر للزواج أو لبناء مسكن أو غير ذلك تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، سواء كان ذهبا أو فضة أو عملة ورقية؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة فيما بلغ نصابا وحال عليه الحول من غير استثناء.
أما وضع المال في البنوك الربوية فلا يجوز؛ لما في ذلك من إعانتها على الإثم والعدوان، وإن دعت الضرورة القصوى إلى ذلك جاز لكن بدون فائدة " انتهى.
وسئل أيضا في "مجموع الفتاوى" (14/126) :
إذا كان الإنسان يجمع مالاً يريد أن يتزوج به، فهل يعفى من الزكاة؟
فأجاب رحمه الله:
" لا تسقط عنه الزكاة بنية الزواج، وهكذا من جمع المال ليوفي به دينا، أو يشتري به عقارا ليوقفه أو عبدا ليعتقه، بل على الجميع أداء الزكاة إذا حال الحول على المال المجموع؛ لأن الله سبحانه أوجب الزكاة ولم يجعل مثل هذه المقاصد مسقطا لها، والزكاة تزيد المال ولا تنقصه، وتزكيه وتزكي صاحبه، كما قال الله سبحانه: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) التوبة/103 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما نقصت صدقة من مال) رواه مسلم (2588) " انتهى.
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/381) :
" تجب الزكاة في المال المدخر للبناء إذا حال عليه الحول وبلغ نصابا بنفسه أو بضمه إلى غيره مما يزكى من النقود أو عروض التجارة " انتهى.
وبمثل ذلك أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وقد نقلنا فتواه في جواب السؤال رقم (41805) .
كما أن الراجح من أقوال أهل العلم هو وجوب الزكاة في مال من عليه دين، وفي مال من عليه أقساط كبيرة مؤجلة، وأن الدين المؤجل لا يُسقط الزكاةَ في المال المدخر إذا كان يبلغ النصاب؛ لأن الزكاة عبادة تجب على من بيده المال، بدليل عموم الآيات والأحاديث الآمرة بأداء الزكاة، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل في جواب السؤال رقم (22426) .
وعليه فالواجب عليك – أخي السائل – أداء الزكاة عن المبلغ المدخر، أما ما تم دفعه مقدماً في شراء المنزل فليس عليك زكاته، لأنه خرج عن ملكك بدفعه إلى البائع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2592)
لهم حقوق عند الشركة وحكم لهم القاضي بتعويض فهل تجب فيه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة نفط وكانوا يعطوننا وجبة عشاء ثم أوقفوها عنا وبعد عدة سنوات تم تعويضنا عن طريق القضاء عن تلك الوجبات بمبالغ مالية تتراوح قيمتها من 5000 إلى 20000 دينار فهل تجب علينا الزكاة في هذه المبالغ؟ وهل تأخذ حكم الدين الغير مضمون وهل تعتبر مغصوبة وعليها زكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تجب الزكاة في هذا المال حتى يحول عليه الحول، من حين قبضكم له؛ لأن من شرط وجوب الزكاة تمام الملك، ولم يتحقق تمام ملككم لهذا المال إلا بعد قبضه، وأما قبل قبضه فهو ملك غير مستقر، قد تقبضونه وقد لا تقبضونه، بناء على حكم القاضي، واستعداد الشركة للدفع.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن صرف مستحقات من الحكومة لأصحابها تأخرت نحو تسع سنوات، هل عليهم فيها زكاة؟
فأجابت:
" إذا كان الأمر كما ذكر فإنه يستقبل بها عاماً جديداً ابتداءاً من تاريخ قبضها ثم يخرج الزكاة، ولا زكاة عليه فيما مضى لعدم ملكه لها ملكاً مستقراً " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/284) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2593)
زكاة المال المعد لشراء بيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي موظفان بالدولة حيث عملت مند التحاقي بالوظيفة على ادخار جزء بسيط بقصد شراء بيت، وإلى الآن ولمدة خمس عشرة سنة لم أتمكن من جمع نصف مبلغ البيت نظرا لغلاء المعيشة وغلاء العقارات بالمدن الكبرى.
سؤالي: كيف أن أؤدي الزكاة رغم أنه سيؤثر على المبلغ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من ملك نصابا وحال عليه الحول، وجب عليه أن يزكيه، ولو كان قد أعد المال لبناء بيت أو زواج أو حج أو غير ذلك، لعموم الأدلة الدالة على وجوب زكاة المال.
ونصاب الأوراق النقدية الآن هو ما يعادل قيمة 597 جراماً من الفضة، والقدر الواجب إخراجه في الزكاة هو 2.5% أي ربع العشر.
والزكاة شرعها الله تعالى تطهيرا ونماء وبركة، ومواساة للفقراء والمساكين، وهي فريضة عظيمة، لا يجوز التهاون في أدائها، فإن المال مال الله تعالى، وهو الذي أمر بالزكاة، وتوعد من فَرَّط في أدائها، كما قال سبحانه: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) البقرة/43، وقال سبحانه: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة/103.
وقال عز وجل: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) التوبة/34.
والكنز هو كل مال وجبت فيه الزكاة، ولم تُخرج.
وروى مسلم (987) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ) .
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الزكاة لا تنقص المال في الحقيقة، بل تباركه وتزيده، فقال: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) رواه مسلم (2588) .
ومسألة البركة في المال يغفل عنها كثير من الناس، فقد يملك الإنسان الأموال الطائلة لكنها لا تكفيه، ولا تحقق له ما يريد، ولا يشعر معها براحة أو سعادة، ويملك غيرُه مالاً قليلاً، قد بورك فيه، فيسعد به ويهنأ، وهذا أمر مشاهد.
فلا تتردي أيتها الأخت في إخراج زكاة المال، وأدي ذلك بنفس راضية، وقلب مطمئن، واعلمي أن رضا الله تعالى هو الغاية والمطلب، وأن الدنيا عرض زائل، ومتاع قليل، (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران/185.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الواجب على المسلم أن يؤدي زكاة ماله كاملة، طاعةً لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وقياماً بأركان إسلامه، وحماية لنفسه من العقوبة، ولماله من النقص ونزع البركة، فالزكاة غنيمة وليست غُرْماً، قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
والواجب على من آتاه الله مالا تجب فيه الزكاة أن يحصيه إحصاء دقيقاً. . .
والأموال ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم لا إشكال في وجوب الزكاة فيه، كالنقود من الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية، ففيه الزكاة، سواء أعدّه للتجارة، أو النفقة، أو لشراء بيت يسكنه، أو لصداق يتزوج به، أو غير ذلك.
القسم الثاني: قسم لا إشكال في عدم وجوب الزكاة فيه، كبيته الذي يسكنه، وسيارته التي يركبها، وفرش بيته ونحو ذلك، وهذان أمرهما واضح.
القسم الثالث: قسم فيه إشكال كالديون في الذمم، فالواجب سؤال أهل العلم عنه حتى يكون العبد فيه على بينة في دينه ليعبد الله تعالى على بصيرة.
ولا يحل للمسلم أن يتهاون في أمر الزكاة، أو يتكاسل في أدائها إلى أهلها، لما في ذلك من الوعيد الشديد في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ... " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/299)
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2594)
زكاة المال المدخر في البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[قدر من المال في البنك يمر عليه الحول ليس بحساب محصور، يقتطع منه شهريا لتسديد واجب البيت، ثم فواتير الماء والكهرباء والتأمين على البيت، هل يجوز فيه الزكاة أم لا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ادخار المال في البنوك الربوية إعانة لها على ارتكاب الربا الذي تقوم عليه هذه البنوك، فلا يجوز للمسلم أن يدخل أمواله فيها، إلا إذا لم يجد بنكا إسلامياً لا يتعامل بالربا.
وانظر جواب السؤال رقم (22392) .
كما سبق بيان حرمة التأمين التجاري بجميع صوره، وأنه شكل معاصر من أشكال الميسر الذي جاءت شريعتنا بتحريمه، وانظر جواب السؤال رقم: (36955) .
ثانياً:
تجب الزكاة في النقود إذا بلغت نصاباً، وهو ما يعادل الآن قيمة 597 جراماً من الفضة، وحال عليها الحول، ولو كانت متخذةً لنفقات المنزل وبعض الحاجيات، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ، فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ) رواه أبو داود (1573) وصححه البخاري، نقله عنه الترمذي في سننه (3/16) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وليس من شروط وجوب الزكاة في المال أن يكون فائضاً عن الحاجة، بل تجب في كل نصاب إذا حال عليه الحول.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (18/177) :
هل تجب الزكاة على الرصيد المدخر من الراتب الشهري وقد حال عليه الحول، بالرغم من أنه غير مستثمر، مع العلم بأنني أدخره لتغطية نفقات معيشتي وأسرتي، فهل تجب الزكاة في هذه الحالة؟
فأجاب:
" نعم، تجب الزكاة عليه إذا تم عليه الحول؛ لأن ما وجبت الزكاة في عينه لا يشترط له نية التجارة، لهذا تجب الزكاة في الثمار والحبوب وإن لم يعدها الإنسان للتجارة، حتى لو كان عند الإنسان مثلاً في بيته نخلات يبلغ محصولها نصاباً وقد أعدها لنفقته الخاصة، فإنه تجب عليه الزكاة في ثمرة هذا النخل، وكذلك نقول في الزروع وغيرها مما تجب فيه الزكاة، وكذلك في المواشي السائمة التي ترعى في البراري، تجب فيها الزكاة وإن لم يعدها الإنسان للتجارة، وهكذا أيضاً الدراهم التي يجب فيها الزكاة وإن لم يعدها الإنسان للتجارة، فالراتب الذي أعده للنفقة تجب فيه الزكاة إذ تم عليه الحول إذا بلغ النصاب " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2595)
لديه رصيد يقتطع منه مصروفاته الشهرية فهل تجب عليه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قدر من المال في البنك يمر عليه الحول ليس بحساب محصور، يقتطع منه شهريا لتسديد واجب البيت ثم فواتير الماء، والكهرباء، هل تجب فيه الزكاة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا المال يبلغ نصابا - وهو ما يساوي قيمة 85 جراماً من الذهب، أو 595 جراماً من الفضة - وحال عليه الحول، وجبت زكاته، ولو كان يُقتطع منه شهريا، لعموم الأدلة على وجوب الزكاة في المال الزكوي إذا حال عليه الحول.
ولو فرض أن المال كان نصابا في أول الحول، ثم نقص عن النصاب في أثنائه فلا زكاة فيه، ويبدأ حساب حول جديد من حين بلوغه النصاب مرة أخرى.
ومثاله: أن يبلغ المال نصابا في شهر رمضان، ثم ينقص عن قدر النصاب في شهر ذي الحجة، ثم تستفيد مالا يكمّل النصاب في شهر ربيع، فإنك تبدأ في حساب حول جديد من شهر ربيع.
قال النووي رحمه الله: " مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه يشترط في المال الذي تجب الزكاة في عينه ويعتبر فيه الحول كالذهب والفضة والماشية: وجود النصاب في جميع الحول. فإن نقص النصاب في لحظة من الحول انقطع الحول , فإن كمل بعد ذلك استُؤنف الحول من حين يكمل النصاب " انتهى.
انتهى من "المجموع" (5/506) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2596)
لديه مال لمصاريف الجامعة وحال عليه الحول فهل تجب فيه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب ماجستير وأدرس على حسابي الخاص وأعطاني والدي مبلغا لكي أدرس به وأعيش به، والدراسة قد تستغرق سنتين تقريبا وسؤالي هو عن المال الذي أعطاني إياه والدي إذا حال الحول على المتبقي منه فهل تجب فيه الزكاة؟ مع العلم أن هذا المال قد لا يكفيني لإتمام الدراسة وسأطلب المزيد من المال من والدي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المال المتبقي لديك يبلغ نصابا، وحال عليه الحول، فإنه تجب زكاته، ولو كان معدا لنفقتك أو مصاريف دراستك؛ لعموم الأدلة على وجوب الزكاة عند توفر شروطها.
والنصاب هو ما يعادل 85 جراماً من الذهب، أو 595 جراماً من الفضة، والقدر الواجب إخراجه هو 2,5% وهو قدر يسير والحمد لله، مع ما يستفيده المزكي من حصول البركة والنماء. قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة/103.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) رواه مسلم (2588) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2597)
لديها مال وأبوها لا ينفق عليها فهل تجب عليها الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مبلغ من المال وأنا مريضة، أبى لا ينفق علي، وإخوتي هم الذين ينفقون علي وعلى أمي فهل تجب علي الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من ملك نصابا من المال، ومَرَّت عليه سنة كاملة وجبت عليه الزكاة، ولو كان قد رصد هذا المال لزواج أو علاج أو غيره؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة.
والنصاب هو ما يعادل 85 جراماً من الذهب، أو 595 جراماً من الفضة.
فإذا كان المال الذي لديك يساوي نصابا، فإنه يجب عليك زكاته كلما مَرَّت عليه سنة هجرية.
وعلى المؤمن أن يعلم أن المال مال الله تعالى، وأن الزكاة لا تنقص المال في الحقيقة، بل تزيده وتنميه، كما قال سبحانه: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة/103.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ) رواه مسلم (2588) .
وكم من صاحب مال لا يهنأ به، وكم من منفق جواد، يبارك الله له في القليل.
ثم إن الصدقة من أسباب حصول الشفاء من المرض، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (داووا مرضاكم بالصدقة) حسنه الألباني في "صحيح الجامع" (3358) .
نسأل الله أن يشفيك ويبارك لك في مالك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2598)
عنده أسهم وعليه دين فكيف يزكي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أخذت تمويلا إسلاميا من شركة الراجحي بشراء أسهم وتقسيط ثمنها على أقساط شهرية وبلغ حجم الدين المطلوب سداده لشركة الراجحي تقريبا (99) ألف ريال، وقد سددت حتى الآن تقريبا (20) ألف ريال، وحاليا أنا أتداول الأسهم النقية عن طريق تداول الراجحي، فكيف أزكي أموالي؟ علما أنني سمعت من أحد الإخوان أن الذي عليه دين ولو كان على أقساط شهرية ليس عليه زكاة، أرغب من فضيلتكم إجابتي بشكل مفصل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
اختلف الفقهاء في الدَّين هل يمنع الزكاة؟ على قولين مشهورين، أحدهما: أنه لا يمنع الزكاة، فمن ملك نصابا، وحال عليه الحول، وجب أن يزكيه، مهما كان دينه، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله، وهو الذي يرجحه كثير من أهل العلم.
وذلك لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة على من ملك نصاباً، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل عماله لقبض الزكاة، ولا يأمرهم بالاستفصال هل على أصحاب الأموال ديون أو لا؟ ولأن الزكاة تتعلق بعين المال، والدين يتعلق بالذمة، فلا يمنع أحدهما الآخر.
قال النووي رحمه الله: " الدين هل يمنع وجوب الزكاة؟ فيه ثلاثة أقوال: أصحها عند الأصحاب , وهو نص الشافعي رضي الله عنه في معظم كتبه الجديدة: تجب ... فالحاصل أن المذهب وجوب الزكاة، سواء كان المال باطنا أو ظاهرا، أم من جنس الدين أم غيره , قال أصحابنا: سواء دين الآدمي ودين الله عز وجل , كالزكاة السابقة , والكفارة والنذر وغيرها " انتهى من "المجموع" (5/317) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " وأما الدين الذي عليه فلا يمنع الزكاة في أصح أقوال أهل العلم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/189) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا، ولو كان عليه دين ينقص النصاب، إلا دَيْناً وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه، ثم يزكي ما بقي بعده " انتهى من "الشرح الممتع" (6/39) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/189) : " الصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع من الزكاة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يرسل عماله لقبض الزكاة، ولم يقل لهم: انظروا هل أهلها مدينون أم لا " انتهى.
وعلى هذا؛ فإنك تنظر فيما لديك من مال في نهاية حوله، فتزكيه، ولو كان دينك أكثر أو أقل من هذا المال، إلا إذا سددت الدين أو بعضا منه قبل نهاية الحول، فلا زكاة في هذا القدر، بل فيما بقي من المال.
وراجع جواب السؤال رقم (22426) .
ثانيا:
لمعرفة زكاة الأسهم راجع السؤال رقم (69912) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2599)
هل يجب على المرأة زكاة مؤخر الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ أكتوبر 2003 وسافرت مع زوجتي للعمل في الإمارات بعد البناء مباشرة. كان الاتفاق بيني وبين والدها أن المهر سيؤجل إلي أن أحصل على شقة في مصر (بلدنا الأصلي) ويدفع المهر لتجهيز الشقة بالأثاث (هكذا العرف في مصر) وأيضا هناك المؤخر، وهذا يدفَع في حالة الطلاق أو الموت (أيهما أقرب) . السؤال هو: ما حكم زكاة المهر والمؤخر علما بأني لا أملك المال، وهو أكثر من النصاب، فهل علي زكاة، وكيف أخرجها، أم علي زوجتي؟ علما بأنها لا تعمل وليس لها مصدر دخل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ما دمت لا تملك مالا الآن، فلا زكاة عليك. وإذا ملكت مالا يبلغ النصاب وحال عليه الحول وهو في يدك، وجبت فيه الزكاة ولو كنت ترصده أو تعده لتجهيز الشقة ونحو ذلك؛ إلا أن تدفعه في تجهيز الشقة أو تسلمه لزوجتك مهرا لها، قبل أن يحل الحول، فلا زكاة عليك حينئذ.
ثانيا:
الصداق المؤخر يعتبر دَيْنًا للزوجة على زوجها، فالقول في زكاته كالقول في سائر الديون التي للإنسان على غيره، وهذا فيه تفصيل عند الفقهاء:
أ – إن كان الدين على قادر على السداد، باذل للدين، غير منكر له ولا مماطل، أي: يمكن استيفاء الدين منه عند طلبه، فتجب زكاته كل عام، لأنه في حكم المال الذي بيد صاحبه.
ب- وإن كان الدين على فقير لا مال له، أو جاحد للدين، ولا بينة تُثبته، فهذا لا زكاة فيه على الراجح، لكن إذا قبضه الإنسان فالأحوط له أن يدفع زكاة سنة واحدة وإن كان قد مَرَّ عليه عند المدين سنوات، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (1346) .
وعلى هذا؛ فالمهر المؤجل (الذي سيتم به شراء الأثاث) هو دَيْن للزوجة عليك، ولا زكاة عليها ولا عليك فيه لأنك لا تملك المال.
وكذلك (المؤخر) الذي لا تأخذه المرأة إلا بعد المفارقة لا زكاة عليها فيه، لأنها لا تستطيع أن تطالب به في حال استمرار الزوجية، وإذا أخذت بالأحوط ودفعت زكاته لسنة واحدة إذا قبضته كان ذلك أحسن.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يصح تأجيل صداق المرأة؟ وهل هو دين على الرجل يلزم بدفعه؟ وهل تجب الزكاة فيه؟
فأجاب: " الصداق المؤجل جائز ولا بأس به؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1. والوفاء بالعقد يشمل الوفاء به وبما شرط فيه.
فإذا اشترط الرجل تأجيل الصداق أو بعضه فلا بأس، ولكن يحل إن كان قد عيّن له أجلا معلوما، فيحل بهذا الأجل، وإن لم يؤجل فيحل بالفرقة: بطلاق، أو فسخ، أو موت، ويكون دَيْناً على الزوج يُطالَب به بعد حلول أجله في الحياة، وبعد الممات كسائر الديون.
وتجب الزكاة على المرأة في هذا الصداق المؤجل إذا كان الزوج مليّا (أي: غنيا باذلا للدين) ، وإن كان فقيرا فلا يلزمها زكاة.
" انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/30) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2600)
وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة في مال الصبي الصغير، مع أنه غير مكلف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون، وهو مذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة:
1- قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) . فالزكاة واجبة في المال، فهي عبادة مالية تجب متى توفرت شروطها، كملك النصاب، ومرور الحول.
2- قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن: (أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) رواه البخاري (1395) . فأوجب الزكاة في المال على الغني، وهذا بعمومه يشمل الصبي الصغير والمجنون إن كان لهما مال.
3- ما رواه الترمذي (641) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: (أَلا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ وَلا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ) وهو حديث ضعيف، ضعفه النووي في المجموع (5/301) والألباني في ضعيف الترمذي. وقد ثبت ذلك من قول عمر رضي الله عنه، رواه عنه البيهقي (4/178) وقال: إسناده صحيح. وأقره النووي على تصحيحه كما في "المجموع".
4- وكذلك روي هذا عن على وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر رضي الله عنهم.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الزكاة لا تجب في ماله، كما لا تجب عليه سائر العبادات؛ كالصلاة والصيام، غير أنه أوجب عليه زكاة الزروع وزكاة الفطر.
وأجاب الجمهور عن هذا بأن عدم وجوب الصلاة والصيام على الصبي فلأنهما عبادات بدنية، وبدن الصبي لا يتحملها، أما الزكاة فهي حق مالي، والحقوق المالية تجب على الصبي، كما لو أتلف مال إنسان، فإنه يجب عليه ضمانه من ماله، وكنفقة الأقارب، يجب عليه النفقة عليهم إذا توفرت شروط وجوب ذلك.
وقالوا أيضا: ليس هناك فرق بين وجوب زكاة الزروع وزكاة الفطر على الصبي، وبين زكاة سائر الأموال كالذهب والفضة والنقود، فكما وجبت الزكاة عليه في الزروع تجب عليه في سائر الأموال، ولا فرق.
ويتولى ولي الصغير والمجنون إخراج الزكاة عنهما من مالهما، كلما حال عليه الحول، ولا ينتظر بلوغ الصبي.
قال ابن قدامة في المغني:
" إذا تقرر هذا – يعني وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون - فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما ; لأنها زكاة واجبة , فوجب إخراجها , كزكاة البالغ العاقل , والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه ; ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون , فكان على الولي أداؤه عنهما , كنفقة أقاربه " انتهى.
وقال النووي في المجموع (5/302) :
" الزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف، ويجب على الولي إخراجها من مالهما كما يخرج من مالهما غرامة المتلفات، ونفقة الأقارب وغير ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما , فإن لم يخرج الولي الزكاة وجب على الصبي والمجنون بعد البلوغ والإفاقة إخراج زكاة ما مضى ; لأن الحق توجه إلى مالهما , لكن الولي عصى بالتأخير فلا يسقط ما توجه إليهما " انتهى.
وقد روي عن ابن مسعود وابن عباس أن الزكاة واجبة على الصبي إلا أنه لا يخرجها حتى يبلغ، وكلاهما ضعيف لا يصح. ضعفهما النووي في المجموع (5/301) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
توفي رجل وخلف أموالا وأيتاما، فهل تجب في هذه الأموال زكاة؟ وإن كان كذلك فمن يخرجها؟
فأجاب:
" تجب الزكاة في أموال اليتامى من النقود والعروض المعدة للتجارة وفي بهيمة الأنعام السائمة وفي الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة، وعلى ولي الأيتام أن يخرجها في وقتها. . . ويعتبر الحول في أموالهم من حين توفي والدهم، لأنها بموته دخلت ملكهم، والله ولي التوفيق " انتهى.
فتاوى ابن باز (14/240) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين؟
فأجابوا:
" تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين، وهذا قول علي وابن عمر وجابر بن عبد الله وعائشة والحسن بن علي حكاه عنهم ابن المنذر، ويجب على الولي إخراجها، والذي يدل على وجوبها في أموالهم عموم أدلة إيجابها من الكتاب والسنة، ولمَّا بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وبين له ما يقول لهم كان مما قال له: (أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) رواه الجماعة، ولفظة: (الأغنياء) تشمل: الصغير والمجنون، كما شملهما لفظ الفقراء، وروى الشافعي في مسنده عن يوسف بن ماهك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ابتغوا في أموال اليتامى لا تذهبها أولا تستهلكها الصدقة) وهو مرسل. وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة، وقد قال ذلك عمر للناس وأمرهم، وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته. وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال: كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة " انتهى.
فتاوى اللجنة الدائمة (9/410) .
وقد اختار أيضاً القول بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، كما في الشرح الممتع (6/14) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2601)
نصاب الإبل والبقر والغنم
[السُّؤَالُ]
ـ[كم نصاب الأنعام في الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم، ولا تجب الزكاة في بهيمة غيرها إلا أن تكون للتجارة.
1- ونصاب الإبل: خمس بإجماع العلماء، وفيها شاة. ثم في عشر من الإبل شاتان، وفي خمس عشرة: ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين: بنت مخاض ... إلخ الأنصبة الواردة في الحديث كما سيأتي.
وعليه، فمن ملك أربعة من الإبل فأقل فلا زكاة عليه، إلا أن يشاء.
والأصل في ذلك ما رواه البخاري (1454) عن أَنَسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما , كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِ: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنْ الْغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ. إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلا أَرْبَعٌ مِنْ الإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ ... ) .
وبنت المخاض: هي التي أتمت سنة.
وبنت اللبون: هي التي أتمت سنتين.
والحقة: هي التي أتمت ثلاث سنين.
والجذعة: هي التي أتمت أربع سنين.
2- ونصاب البقر ثلاثون , في قول جمهور العلماء , لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فِي ثَلاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ) رواه الترمذي (622) وابن ماجه (1804) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
والتبيع: الذي له سنة، ودخل في الثانية، وقيل له ذلك لأنه يتبع أمه.
والمسنّة: التي لها سنتان، وهي الثنية.
3- ونصاب الغنم أربعون شاة، بإجماع العلماء , وفيها شاة واحدة؛ لما جاء في حديث أنس السابق: (وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِيهَا ثَلاثُ شِيَاهٍ , فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ , فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا) .
واشترط جمهور الفقهاء لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام أن تكون سائمة، وهي التي ترعى الكلأ المباح أكثر السنة، وأما التي تُعْلَف فلا تجب فيها الزكاة إلا أن تكون للتجارة، ودليل اشتراط السوم قوله صلى الله عليه وسلم: (وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا ... )
انظر: "المغني" (2/230-243) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/202) : " أجمع العلماء على وجوب الزكاة في سائمة الإبل والبقر والغنم، إذا بلغت نصاباً، وأوله في الإبل خمس، وأوله في البقر ثلاثون، وأوله في الغنم أربعون. والسائمة هي الراعية للحشائش ونحوها، ضد المعلوفة والعوامل التي يحمل عليها أصحابها.
واختلفوا في وجوبها في المعلوفة والعوامل؛ فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا زكاة فيهما لما رواه أحمد والنسائي وأبو داود عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون..) الحديث، فقيَّد وجوبها في الإبل بكونها سائمة فلا تجب في المعلوفة، وأما العوامل فلحديث علي رضي الله عنه: (ليس في العوامل صدقة) . وذهب مالك وجماعة إلى وجوب الزكاة في المعلوفة والعوامل أيضاً ... " انتهى.
وانظر السؤال (49041) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2602)
لا زكاة على معدات المصانع، وزكاة من عليه دين
[السُّؤَالُ]
ـ[يحتاج أخي مساعدة في حساب الزكاة، فهو غير متأكد (من المبلغ الذي عليه تزكيته) لأن عليه ديوناً كما أن إيداعاته لم تتجاوز ثلاثة أشهر، مع أنه يملك مصنعاً يحتوي على معدات، فهل يدفع الزكاة عن ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
من ملك مالاً تجب زكاته، وكان عليه دَيْن، فالزكاة واجبة عليه، ولا أثر لهذا الدَّيْن، وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله.
لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة على من ملك نصاباً.
ولأن النبي صلى الله عليه ومسلم كان يرسل عماله لقبض الزكاة ولا يأمرهم بالاستفصال هل على أصحاب الأموال ديون أو لا؟
ولأن الزكاة تتعلق بعين المال، والدين يتعلق بالذمة، فلا يمنع أحدهما الآخر.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " وأما الدين الذي عليه فلا يمنع الزكاة في أصح أقوال أهل العلم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/189) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والذي أرجحه أن الزكاة واجبة مطلقا، ولو كان عليه دين ينقص النصاب، إلا دَيْناً وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه، ثم يزكي ما بقي بعده " انتهى من "الشرح الممتع" (6/39) .
وينظر: "المجموع" (5/317) ، "نهاية المحتاج" (3/133) ، "الموسوعة الفقهية" (23/247) .
وعليه فإذا حال الحول على النصاب، وجبت الزكاة على أخيك، بغض النظر عن الديون التي عليه، لكن إن حان وقت دفع الدين، قبل موعد الزكاة، سدد الدين، ثم زكى ما بقي.
ثانيا:
من ملك نصاباً من النقود وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة بإخراج ربع العشر [2.5%] .
والنصاب هو ما يعادل قيمة 85 جراماً من الذهب، أو 595 جراماً من الفضة.
ويبدأ حساب الحول من حين ملك نصاباً، لا من حين إيداعه في البنك.
فإن استثمر هذا المال بطريقة مشروعة، لزمه أن يزكي الأصل والربح معا في وقت زكاة الأصل.
فلو ربح المال في خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحول، وحال الحول على أصل المال، وجبت زكاة الجميع: المال مع ربحه، مع أن الربح لم يمر عليه حول، إلا أنه تابع في الحول لأصل المال.
مع التنبه إلى أن وضع النقود في البنوك مقابل فائدة من الربا الذي حرمه الله ورسوله، وهو من كبائر الذنوب.
ويجوز وضع النقود في البنوك لضرورة حفظها، بشرط أن يكون ذلك من غير فائدة. انظر السؤال (49677) ، (22392)
ثالثا:
لا تجب الزكاة إلا في أموال مخصوصة بينها الشارع، ومنها النقود وبهيمة الأنعام وعروض التجارة. وأما ما يملكه الإنسان من منازل أو سيارات أو بنايات فلا زكاة فيها إلا إذا قصد الاتجار فيها.
والمصانع عادة تشتمل على منتجات وسلع يُتجر فيها، فهذه تزكى زكاة التجارة، فتقوّم في نهاية الحول، ويخرج من قيمتها ربع العشر.
وتشتمل على أبنية ومعدات ثابتة لا يراد بيعها، فهذه لا زكاة فيها.
قال في "كشاف القناع" (2/244) : " ولا زكاة في آلات الصنّاع , وأمتعة التجارة وقوارير العطار والسمان ونحوهم، كالزيات والعسال، إلا أن يريد بيعها، أي القوارير، بما فيها، فيزكي الكل، لأنه مال تجارة " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " إنما تجب الزكاة على أهل المطابع والمصانع ونحوهم في الأشياء المعدة للبيع، أما الأشياء التي تعد للاستعمال فلا زكاة فيها، وهكذا السيارات والفرش والأواني المعدة للاستعمال ليس فيها زكاة؛ لما روى أبو داود رحمه الله في سننه بإسناد حسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع) " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/186) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2603)
هل تجب الزكاة على من عليه دين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان على الإنسان دين يعادل كل المال الذي في يده، أو يزيد عليه، فهل يجب عليه أن يزكي المال الذي عنده، إذا حال عليه الحول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" يجب على من لديه مال زكوي أن يؤدي زكاته، إذا حال عليه الحول، ولو كان عليه دين، في أصح قولي العلماء؛ لعموم الأدلة على وجوب الزكاة على من لديه مال تجب فيه الزكاة، إذا حال عليه الحول، ولو كان عليه دين.
ولأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر عماله بأخذ الزكاة ممن عليه زكاة، ولم يأمرهم أن يسألوهم هل عليهم دين أم لا؟ ولو كان الدين يمنع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عماله أن يستفسروا من أهل الزكاة: هل عليهم دين " اهـ. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز 14/51.
وقال رحمه الله في فتوى أخرى له بهذا المعنى (14/52) :
" ... لكن لو سددت الدين من النقود التي لديك قبل أن يحول عليها الحول، لم يكن فيما صرفته في قضاء الدين زكاة، وإنما الزكاة فيما بقي، إذا حال عليه الحول وهو نصاب " اهـ
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن شخص عنده رأس مال قدره مائتا ألف ريال وعليه دين قدره مائتا ألف ريال بحيث يدفع منه كل سنة عشرة آلاف فهل عليه زكاة؟
فأجاب:
" نعم، تجب الزكاة في المال الذي في يده، وذلك لأن النصوص الواردة في وجوب الزكاة عامة، ولم تستثنِ شيئاً، لم تستثنِ مَن عليه دين. وإذا كانت النصوص عامة وجب أن نأخذ بها.
ثم إن الزكاة واجبة في المال، لقوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة/103، وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال: (أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم) ، فبين الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أن الزكاة في المال، وليست في ذمة الإنسان، والدين واجب في ذمته، فالجهة منفكة، ... فتجب زكاة المال الذي بيدك، والدين واجب في ذمتك، فهذا له وجهة، وهذا له وجهة.
فعلى المرء أن يتقي ربه ويخرج الزكاة عما في يده، ويستعين الله تعالى في قضاء الدين الذي عليه، ويقول: اللهم اقضِ عني الدين وأغنني من الفقر.
وربما يكون أداء زكاة المال الذي بيده سبباً في بركة هذا المال ونمائه، وتخليص ذمته من الدين، وربما يكون منع الزكاة منه سبباً في فقره، وكونه يرى نفسه دائماً في حاجة وليس من أهل الزكاة، واحمد الله عز وجل أن جعلك من المعطين ولست من الآخذين) اهـ. مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين 18/39.
وقال رحمه الله في فتوى أخرى له في هذه المسألة (18/38)
(إلا إذا كان الدين حالاًّ ويُطالَب به، وأراد أن يوفيه، فحينئذ نقول: أوف الدين، ثم زكِّ ما يبقى بعده إذا بلغ نصاباً.
ويؤيد ذلك ما قاله فقهاء الحنابلة في زكاة الفطر، فإنهم قالوا: لا يمنعها الدين إلا بطلبه.
وكذلك الأثر المروي عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يقول في شهر رمضان: (هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه) ، فهذا يدل على أن الدين إذا كان حالاًّ، وصاحبه يريد قضاءه، قدمه على الزكاة، أما الديون المؤجلة فإنها لا تمنع وجوب الزكاة بلا ريب) اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة [9/189] :
(الصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع من الزكاة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يرسل عماله لقبض الزكاة، ولم يقل لهم انظروا هل أهلها مدينون أم لا) . اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2604)
هل تجب الزكاة في الأجرة المستلمة أو المستحقة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا محل تجاري أجرناه بمبلغ مقداره 72 ألف سنوياً هل علينا زكاة؟ علما أننا نستلم هذا الإيجار دفعة واحدة، وننفقه قبل أن يحول عليه الحول.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العقارات المعدة للتأجير لا زكاة فيها، وإنما الزكاة في الأجرة التي تحصل فيها بشرطين:
الأول: أن تبلغ نصاباً.
الثاني: أن يحول عليها الحول.
ويبدأ الحول من حين العقد سواء قبض الأجر مقدماً في أول السنة أو مؤخراً في آخر السنة.
فإن قبضها في أول السنة ومر عليها الحول فعليه زكاتها، أو زكاة ما بقي منها إن أنفق بعضها وبقي بعضها.
وإن قبضها في آخر السنة فعليه زكاتها، لأن الحول يكون قد مرّ عليها من حين العقد.
قال ابن قدامة – رحمه الله – في المغني (4/271)
ولو أجّر داره سنتين بأربعين ديناراً ملك الأجرة من حين العقد، وعليه زكاة جميعها إذا حال عليه الحول. اهـ.
وسئل الشيخ ابن باز عن رجل أجّر عقاراً واستلم الأجرة مقدماً عن سنة، وسدد بها بعض الديون، فهل عليه زكاة في هذه الأجرة؟
فأجاب:
" مثل هذا الإيجار الذي تتسلمه من المستأجر مقدماً وتسدد به الدين فإنه لا تجب فيه الزكاة لكونه لم يَحُل عليه الحول، وهو في ملكك، والاعتبار في ذلك بوقت عقد الإجارة إلى نهاية السنة، فإذا قبضت الأجرة قبل نهاية السنة، وسددت بها الدين أو صرفتها في حاجات البيت فلا زكاة فيها " اهـ. مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (14/177)
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن العقارات المعدة للتأجير هل عليها زكاة؟
فأجاب:
" لا زكاة عليه في هذه العقارات، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة "، وإنما الزكاة في أجرتها إذا تم عليها حول من حين العقد.
مثال ذلك: رجل أجر هذا البيت بعشرة آلاف، واستلم عشرة آلاف بعد تمام السنة، فتجب عليه الزكاة في العشرة، لأنه تم لها حول من العقد، ورجل آخر أجّر بيته بعشرة آلاف خمسة منها استلمها عند العقد وأنفقها خلال شهرين، وخمسة منها عند نصف السنة، فأخذها وأنفقها خلال شهرين، ولما تمّت السنة لم يكن عنده شيء من الأجرة فلا زكاة عليه، لأنه لم يتم عليها الحول، ولا بد في وجوب الزكاة من تمام الحول " اهـ. فتاوى الشيخ ابن عثيمين (18/208) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2605)
يزعم أن الزكاة لا تتكرر كلّ سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الواجب إخراج الزكاة كل عام؟ لقد اشتريت ذهبًا للادخار الشخصي، وزنه حوالي 1 كيلوجرام فهل عليّ الزكاة بنسبة اثنين ونصف في المائة بعد مرور أول عام فقط أم يجب إخراج الزكاة عليه كل عام؟ (الذهب هنا مثال) . وقد قال أحد أئمة الهند أن زكاة الأعيان تجب مرة واحدة فقط في العمر وليس كل عام. وعلى من ادعى أن الزكاة واجبة كل عام أن يأتي بالدليل من الكتاب والسنة.
فما مدى صحة هذا الكلام؟ وما هو الدليل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء من السلف والخلف على أن الزكاة تتكرر بتكرر الأعوام على الأموال من الذهب والفضة ونحوها.
قال ابن حزم في مراتب الإجماع: " واتفقوا على أن الزكاة تتكرر في كل مال عند انقضاء كل حول حاشا الزروع والثمار، فإنهم اتفقوا أن لا زكاة فيها إلا مرة في الدهر فقط " [ص 38] ولم يتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية بشيء في نقد مراتب الإجماع.
ودليل هذا الإجماع هو عمل الأمة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوما هذا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة وجامعي الزكاة إلى القبائل والبلدان، ولم يكونوا يفرقون بين ما أدي زكاته العام الماضي وما لم يؤد، بل كانوا يأخذون الزكاة على كل ما هو موجود بأيدي الناس من أموال زكوية.
قال ابن سيرين: " كان المصدق يجيء فأين ما رأى زرعا قائما أو إبلا قائمة أو غنما قائمة أخذ منها الصدقة." المدونة 1/361
وما قاله ذلك الشخص من أن زكاة الذهب لا تتكرر كل عام يدل على جهله، والواجب أن يُعَلَّم، وأن يرشد للصواب.
والواجب على المسلم أن لا يتعجل إلى الفتوى بمجرد قول ظهر له، وعليه الرجوع إلى أقوال العلماء، والأئمة ليعرف مواضع الإجماع فلا يشذّ عنها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2606)
هل تجب عليه زكاة مال يدَّخِره له أبوه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تحولت إلى الإسلام أبي كافر ولقد فتح حساباً بنكياً ليدَّخِر فيها مالاً لي. المال الموجود في البنك له ويمكن أن يعطيني إياه في المستقبل، ويمكن أن لا يعطيني إياه. هل أدفع زكاة هذا المال؟. لا أستطيع معرفة الحساب - لا أستطيع أن آخذ منه وهو لن يعطيني منه - لأدفع الزكاة من المال.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشترط لوجوب الزكاة شروط:
الحرية: فلا تجب على مملوك، لأنه لا مال له، وما بيده ملك لسيده، فتكون زكاته على السيد.
الإسلام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه: " فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " ثم ذكر الصلاة، ثم قال: " فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " رواه البخاري (الزكاة/1365) ومسلم (الإيمان/28)
امتلاك النصاب، فلا تجب الزكاة فيما دون النصاب، وهو قدرٌ معلوم من المال.
استقرار الملكية، بأن لا يتعلق بها حق غيره، فلا زكاة في مال لم تستقر ملكيته.
مضيّ الحول على المال، لحديث عائشة رضي الله عنها: " قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ " رواه ابن ماجة (الزكاة/ 1782) ، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة برقم 1449.
فهذه شروط وجوب الزكاة متى وجدت هذه الشروط وجب الزكاة.
وعليه فيقال: أنك لم تملك المال، فضلاً عن أن يستقر في ملكك، فإذا ملكت المال وكملت الشروط الأخرى فأدِّ الزكاة فيها. والله أعلم
وللمزيد في شروط الزكاة انظر الملخص الفقهي للفوزان 1/221، والشرح الممتع لابن عثيمين 6/22
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2607)
إخراج الزكاة في رمضان هل يكون على كل المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أخرج زكاة مالي كل عام في رمضان، أخرج زكاة المبلغ الذي كان في رصيدى رمضان الماضي فقط.. أي ما دار عليه الحول، فهل ما أفعل صحيح؟؟ أم أن عليّ إخراج الزكاة عن كل ما وفرته خلال العام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشترط لوجوب الزكاة شروط منها حولان الحول، وهو أن يمر عام هجري على المال الذي بلغ نصابا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول" رواه ابن ماجة وصححه الألباني في إرواء الغليل برقم 787
وحولان الحول شرط في وجوب زكاة الذهب والفضة والنقود وبهيمة الأنعام.
والمال المستفاد أثناء الحول نوعان:
الأول: ما كان ربحاً ناتجاً عن المال، فهذا حوله حول أصله.
والثاني: ما كان مالاً مستقلاً استفيد بوجه مشروع كإرث أو هبة، أو ادُّخر من راتب، فلا يجب زكاته إلا أن يحول عليه الحول من يوم بلغ نصاباً.
وللمسلم أن يُخرج زكاة جميع ما توفر لديه في شهر رمضان، ما حال عليه الحول وما لم يحل عليه، من باب تعجيل الزكاة، لما روى أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه أن العباس رضي الله عنه " سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل، فرخص له في ذلك ". والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي برقم 545
وهذا أيسر من أن يجعل الإنسان لكل مالٍ مستفادٍ حولاً مستقلاً حتى لا يتداخل عليه المال ويختلط عليه حسابه فيدخل عليه شيء من مال الزكاة، أو يصبح في تشكك وحرج هل استوفى الإخراج أم لا.
انظر السؤال رقم (26113)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2608)
قضاء زكاة السنوات الماضية
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أدفع الزكاة في السنوات الماضية بسبب ابتعادي عن صراط الإسلام المستقيم، عدت للإسلام في العام الماضي والحمد لله وأصبحت أكسب المال وأريد أن أدفع زكاة مالي وأن أصلح ما فعلته في الماضي إن أمكن.
عليَّ بعض الديون في الماضي ولم أسددها بعد، كيف أدفع زكاة السنوات الماضية وهل ستكون مقبولة لأنني لم أسددها في السنوات الماضية وأنا أسدد الآن قروضاً بالحرام.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نحمد الله تعالى على هدايتك، ونسأل الله لك الثبات، ولتعْلَم أن الله تعالى غفور رحيم، وهو يفرح بتوبة عبده – مع غناه تعالى عن خلْقه -، ونسأل الله أن يزيدك من فضله.
وعليك أداء زكاة السنوات الماضية على المبالغ التي كنتَ تملكها بعد خصم ديون كل سنَة، فإن جزمتَ بمبلغ أي سنَة فعليك زكاته، وإن لم تعلم مبلغه بالضبط فلتتحرَّ ولتقدِّر مبلغها تقديراً.
سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
إنسان تهاون في إخراج الزكاة لمدة خمس سنوات، والآن هو تائب، هل التوبة تسقط إخراج الزكاة؟ وإذا لم تسقط إخراج الزكاة فما هو الحل؟ وهذا المال أكثر من عشرة آلاف وهو لا يعرف مقداره الآن؟
فأجاب:
الزكاة عبادة لله عز وجل وحق للفقراء، فإذا منعها الإنسان كان منتهكاً لحقين: حق الله، وحق الفقراء وغيرهم من أهل الزكاة، فإذا تاب بعد خمس سنوات - كما جاء في السؤال - سقط عنه حق الله عز وجل لأن الله تعالى قال: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات} الشورى / 25، ويبقى الحق الثاني وهو حق المستحقين للزكاة من الفقراء وغيرهم، فيجب عليه تسليم الزكاة لهؤلاء وربما ينال ثواب الزكاة مع صحة التوبة؛ لأن فضل الله واسع.
أما تقدير الزكاة: فليتحرَّ ما هو مقدار الزكاة بقدر ما يستطيع ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فعشرة آلاف مثلاً زكاتها في السنة كم؟ مائتان وخمسون، فإذا كان مقدار الزكاة مائتين وخمسين فليُخرج مائتين وخمسين عن السنوات الماضية عن كل سنة إلا إذا كان في بعض السنوات قد زاد عن العشرة فليخرج مقدار هذه الزيادة، وإن نقص في بعض السنوات سقطت عنه زكاة النقص.
" أسئلة الباب المفتوح " (س 494، لقاء 12) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2609)
نصاب الذهب بالدولار
[السُّؤَالُ]
ـ[أقيم في أمريكا. كم نصاب الزكاة بالدولار الأمريكي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
النصاب هو الحدّ الأدنى الذي إذا ملكه الشخص وجبت عليه الزكاة وإذا ملك أقلّ منه فلا تجب عليه.
ومعلوم أنّ زكاة المال في الشريعة واجبة في النقدين الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية في عصرنا الحاضر سواء كانت دولارات أو ريالات أو جنيهات وغيرها.
ونصاب الذهب هو عشرون مثقالا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم والمثقال يعادل بأوزان عصرنا ما يقارب 4,25 غراما فيكون نصاب الذهب 85 غراما تقريبا من ملكها على أيّ شكل كانت وجبت عليه فيها الزكاة في كلّ ألف 25 (2.5%) .
ونصاب الفضة هو مائتا درهم كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، والدرهم يعادل بأوزان عصرنا ما يقارب 2.975 جراما فيكون نصاب الفضة 595 غراما تقريبا، من ملكها على أيّ شكل كانت وجب عليه فيها الزكاة في كلّ ألف 25 (2.5 %) .
ومعلوم أنّ هناك تفاوتا ملحوظا بين قيمة نصاب الذهب وقيمة نصاب الفضة في زمننا هذا، والأحوط لك والأحسن للفقير أن تنظر في الدولارات التي توفرّت لديك ومرّ عليها سنة هجرية كاملة (354 يوما) فإن بلغت قيمة نصاب الفضة فأكثر أن تُخرج منها الزكاة من كلّ ألف دولار 25 دولارا تنفقها في مصارف الزكاة الشرعية المحددّة، ونسأل الله أن يعيننا ويوفقنا للقيام بحقّ المال وصلى الله على نبينا محمد.
ويمكنك استعراض أسعار الذهب والفضة عن طريق الانترنت.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2610)
تقديم الزكاة عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن إخراج الزكاة قبل حلول الحول؟ (مثلاً، لو كان الحول ينتهي في شهر يوليو، وقررتُ أن أخرج الزكاة كاملةً أو جزءاً منها في شهر إبريل) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم يجوز تقديم الزّكاة عن وقت وجوبها لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم استعجل من العبّاس بن عبد المطّلب زكاة سنتين. وينبغي التنبّه هنا إلى أنّ وجوب الزكاة بدوران الحول هو بالسنّة الهجرية لا بالميلادية، ومعلوم الفرق بينهما والله الموفّق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2611)
أنواع الأطعمة التي تخرج في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أنواع الأطعمة التي تخرج منها زكاة الفطر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زكاة الفطر، تخرج من أي طعام يقتاته الناس، كالقمح والذرة والأرز واللوبيا والعدس والحمص والفول والمكرونة واللحم ونحو ذلك، وقد فرضها الرسول صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان الصحابة رضي الله عنهم يخرجونها من الطعام الذي يقتاتونه.
روى البخاري (1510) ومسلم (985) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ) .
وفي رواية قال: (كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ) .
"وقد فسر جمع من أهل العلم الطعام في هذا الحديث بأنه البر (أي: القمح) ، وفسره آخرون بأن المقصود بالطعام ما يقتاته أهل البلاد أيا كان، سواء كان برا أو ذرة أو غير ذلك. وهذا هو الصواب؛ لأن الزكاة مواساة من الأغنياء للفقراء، ولا يجب على المسلم أن يواسي من غير قوت بلده. ولا شك أن الأرز قوت في بلاد الحرمين وطعام طيب ونفيس، وهو أفضل من الشعير الذي جاء النص بإجزائه. وبذلك يعلم أنه لا حرج في إخراج الأرز في زكاة الفطر" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (14/200) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (25/ 68) : " أَمَّا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَقْتَاتُونَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ جَازَ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِمْ بِلَا رَيْبٍ. وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مَا يَقْتَاتُونَ مِنْ غَيْرِهَا؟ مِثْلُ أَنْ يَكُونُوا يَقْتَاتُونَ الْأُرْزَ وَالذرة فَهَلْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُخْرِجُوا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ يُجْزِئُهُمْ الْأُرْزُ وَالذُّرَةُ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، وأصح الأقوال: أنه يُخْرِجُ مَا يَقْتَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: كَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْمُواساة لِلْفُقَرَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قُوتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا لَيْسَ قُوتَهُمْ بَلْ يَقْتَاتُونَ غَيْرَهُ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مِمَّا لَا يَقْتَاتُونَهُ، كَمَا لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي الْكَفَّارَاتِ " انتهى بتصرف.
وقال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (3/12) : " وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب، فإن كان قوتهم من غير الحبوب، كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره، إذ المقصود سد حاجة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم، وعلى هذا فيجزئ إخراج الدقيق وإن لم يصح فيه الحديث " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/183) : " والصحيح أن كل ما كان قوتاً من حب وثمر ولحم ونحوها فهو مجزئ "انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2612)
الولد مقتدر والأب يريد إخراج زكاة الفطر عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الآباء يريد أن يخرج زكاة الفطر عن ولده والولد مقتدر فماذا يفعل الولد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دام الولد مقتدرا فإنه يخرج الزكاة عن نفسه، ولو زكى عنه أبوه أيضا فلا بأس ولا يضر، وخصوصاً إذا كان الأب معتادا أن يزكي عن أولاده كل سنة ولو كبروا وتوظفوا فإنه يحب الاستمرار في عادته، وقد يحصل في نفس الأب شيء من الضيق والحرج إذا قال له ولده لا تزكّ عني فليترك أباه يزكي عنه ويزكي هو عن نفسه. والاستمرار في إخراج الأب زكاة الفطر عن الأولاد يُعتبر عند بعضهم استمرارا لارتباط الولد بأبيه ورمزا لبقائه في طوعه ورعايته فليترك الابن للأب الفرصة لعمل ما يسرّه والله المسؤول أن يصلح أحوال الجميع.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2613)
أسلم في آخر يوم من رمضان فهل عليه زكاة الفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أسلم آخر يوم من رمضان هل عليه صدقة الفطر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"نعم، يلزمه أن يقوم بصدقة الفطر، لأنه من المسلمين، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم (فرض زكاة الفطر صاعاً من تمر أو شعير على الذكر والأنثى والحر والعبد والصغير والكبير من المسلمين) " انتهى.
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
"الإجابات على أسئلة الجاليات" (1/8، 9) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2614)
إخراج زكاة الفطر أكثر من الصاع تطوعاً
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أخرج في زكاة الفطر أكثر من الصاع، ويكون الزيادة صدقة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، لا حرج في ذلك، ويكون الصاع هو الزكاة الواجبة، وما زاد عليه فهو تطوع، يثاب المتصدق عليه.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن عليه زكاة الفطر ويعلم أنها صاع ويزيد عليه، ويقول هو نافلة، هل يكره؟
فأجاب:
"الحمد لله. نعم، يجوز بلا كراهية عند أكثر العلماء؛ كالشافعي، وأحمد، وغيرهما، وإنما تنقل كراهيته عن مالك.
وأما النقص عن الواجب فلا يجوز باتفاق العلماء" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن تيمية" (25/70) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2615)
لم يخرج زكاة الفطر فهل يخرجها الآن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أتمكن من إخراج زكاة الفطر، لأنني كنت مشغولاً، فهل أخرجها الآن؟ أم ماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد، لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
فإذا لم يخرجها المسلم قبل الصلاة ـ كما هو الواجب عليه ـ فإنها لا تسقط عنه، بل عليه أن يخرجها ولو بعد الصلاة.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
لم أؤد زكاة الفطر لأن العيد جاء فجأة، وبعد عيد الفطر المبارك لم أفرغ لأسأل عن العمل الواجب علي من هذه الناحية، فهل تسقط عني أم لابد من إخراجها؟
فأجاب:
"زكاة الفطر مفروضة، قال ابن عمر رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر) ، فهي مفروضة على كل واحد من المسلمين، على الذكر والأنثى، والصغير، والكبير، والحر والعبد، وإذا قدر أنه جاء العيد فجأة قبل أن تخرجها فإنك تخرجها يوم العيد ولو بعد الصلاة، لأن العبادة المفروضة إذا فات وقتها لعذر فإنها تقضى متى زال ذلك العذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ) رواه البخاري (597) ومسلم (683) .
وتلا قوله تعالى: (وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) طه/14.
وعلى هذا يا أخي السائل فإن عليك إخراجها الآن" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/271) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2616)
لمن تعطى زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[لمن تعطى زكاة الفطر؟ وهل يجوز إرسالها للمجاهدين في أفغانستان مثلاً؟ أو إدخالها في صندوق للأعمال الخيرية كبناء مسجد مثلا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تعطى زكاة الفطر لفقراء المسلمين في بلد مخرجها، لما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان طعمة للمساكين. . . الحديث) ، ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة، ولا يجوز وضعها في بناء مسجد أو مشاريع خيرية.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.(5/2617)
هل يعطي زكاة الفطر لشخص واحد أم يوزعها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل زكاة الفطر للشخص الواحد لا يجوز توزيعها بل تعطى لشخص واحد؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز دفع زكاة الفطر عن النفر الواحد لشخص واحد، كما يجوز توزيعها على عدة أشخاص.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (1204)(5/2618)
هل تجزؤه زكاة الفطر التي يخرجها عنه والده نقدا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يخرج زكاة الفطر عني وعن إخوتي كل عام مالاً، استنادًا إلى فتوى بعض العلماء، وحاولت مرارًا وتكرارًا أن أقنعه أن هذا القول مرجوح بقول جمهور العلماء بأن زكاة الفطر لا بد أن تخرج من الأعيان المنصوصة في الأحاديث النبوية الشريفة , ولكنه لا يقتنع ... فهل أخرج زكاة الفطر عن نفسي كما نص الحديث؟ علمًا بأني ما زلت طالبًا في الجامعة , ومالي هو ما أدخره من المال الذي يعطيني إياه والدي لأسد احتياجاتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إخراج زكاة الفطر نقدا غير مجزئ عند جمهور العلماء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها من طعام أهل البلد، ولم يعرف أنه أخرجها نقدا ولا عن أحد من أصحابه.
قال النووي في "المجموع" (6/113) :
" لا تجزئ القيمة في الفطرة عندنا، وبه قال مالك وأحمد وابن المنذر.
وقال أبو حنيفة: يجوز , حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري.
قال: وقال إسحاق وأبو ثور: لا تجزئ إلا عند الضرورة " انتهى.
وانظر: "الموسوعة الفقهية" (23/343-344) .
وانظر جواب السؤال رقم: (22888) .
ومن أخذ بقول الحنفية وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري في جواز إخراج القيمة بناء على الدليل الذي ترجح لديه، أو تقليدا لمن قال ذلك أجزأه إن شاء الله.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
لو أن شخصاً كان يخرج زكاة الفطر نقداً، آخذاً بقول علماء بلده، ثم تبين له القول الراجح، فما يلزمه من صدقته؟
فأجاب:
"لا يلزمه، كل من فعل شيئاً بفتوى عالم أو باتباع علماء بلده فلا شيء عليه، مثال ذلك: لو أن امرأة لا تؤدي زكاة الحلي فبقيت سنوات لا تدري أن الحلي يجب فيه الزكاة، أو بناءً على أن علماءها يفتونها بأنه لا زكاة فيه، ثم تبين لها، فإنها تؤدي الزكاة بعد أن تبين لها، وقبل ذلك لا يلزمها " انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم 191، سؤال رقم/19) .
وبهذا يتبين أن إخراج والدك زكاة الفطر عنك نقدا – بناء على تقليده من قال ذلك من العلماء – يقع مجزئا صحيحا، ولا تكلف بإعادة إخراجها طعاما ما دامت نفقتك على والدك، ولم تستقل بالنفقة على نفسك بعد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2619)
إخراج الصاع الواحد في زكاة الفطر من جنسين مختلفين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج صاع الطعام في زكاة الفطر من أكثر من نوع، أي بدل (3) (كيلو) من نوع واحد، يكون (كيلو) من كل نوع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف الفقهاء في حكم إخراج زكاة الفطر صاعا مختلطا من جنسين فأكثر، على قولين:
القول الأول: لا يصح ولا يجزئ، وهو قول الشافعية، وابن حزم الظاهري، حيث وقفوا مع ظاهر النصوص التي بينت أن زكاة الفطر صاع من أنواع معينة من الطعام، فإذا أخرج نصف صاع من نوع، ونصفا من آخر، لم يمتثل ما ورد في النص.
قال النووي في "المجموع" (6/98-99) :
" قال الشافعي والمصنِّف – يعني الشيرازي - وسائر الأصحاب: لا يجزئ في الفطرة الواحدة صاع من جنسين ... كما لا يجزئ في كفارة اليمين أن يكسوَ خمسةً ويطعم خمسة ; لأنه مأمور بصاع من بر أو شعير وغيرهما , ولم يخرج صاعا من واحد منهما , كما أنه مأمور بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم , ولم يكسُ في الصورة المذكورة عشرة , ولم يطعمهم. هذا هو المذهب" انتهى.
وانظر: "مغني المحتاج" (2/118) ، "تحفة المحتاج" (3/323) .
وقال ابن حزم في "المحلى" (4/259) :
" ولا يجزئ إخراج بعض الصاع شعيرا وبعضه تمرا , ولا تجزئ قيمة أصلا ; لأن كل ذلك غير ما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى باختصار.
القول الثاني: يصح ويجزئ، وهو قول الحنفية والحنابلة، فقد التفتوا إلى المعنى، فقالوا إن صاعا مختلطا من الطعام يحقق المقصود من كفاية الفقير، وتطهير النفس، وإخراج الصدقة.
قال ابن رجب الحنبلي في "القواعد الفقهية" (القاعدة رقم/101، ص/229) :
" مَن خُيِّرَ بين شيئين وأمكنه الإتيان بنصفيهما معا فهل يجزئه أم لا؟
فيه خلاف يتنزل عليه مسائل:
منها: لو كفر يمينه بإطعام خمسة مساكين، وكسوة خمسة، فإنه يجزئ على المشهور.
ومنها: لو أخرج في الفطرة صاعا من جنسين: والمذهب الإجزاء، ويتخرج فيه وجه (يعني: بعدم الإجزاء) " انتهى.
وانظر: "الإنصاف" (3/183) ، و "حاشية ابن عابدين" (2/365) .
والذي نختاره هو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، اتباعاً لظاهر السنة النبوية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعاً من شعير أو صاعاً من تمر....إلخ.
وهكذا كان الصحابة يخرجونها، فمن أخرج صاعاً من جنسين لم يفعل ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2620)
يجوز زكاة الفطر من الدقيق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يُخرج الإنسان زكاة الفطر من الدقيق؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب في زكاة الفطر أن تخرج مما يقتاته الناس، وعلى هذا فلا حرج من إخراجها دقيقاً.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/357) : " وَيَجُوزُ إخْرَاجُ الدَّقِيقِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ " انتهى.
وقد روى أبو داود (618) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنهم كانوا يخرجون في زكاة الفطر صاعاً من دقيق. غير أنه حديث ضعيف، ضعفه أبو داود وغيره. وانظر: "إرواء الغليل" (848)
ولا يعني تضعيف الحديث عدم جواز إخراج الدقيق، لأن الواجب كما سبق أن تخرج مما يقتاته الناس، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (3/12) بعد أن قرّر أن زكاة الفطر تخرج من قوت الناس كائناً ما كان، قال: " وعلى هذا، فيجزئ إخراج الدقيق وإن لم يصح في الحديث " انتهى.
والقول بجواز إخراج الدقيق في زكاة الفطر هو مذهب أبي حنيفة، وأحمد رحمهما الله واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين.
وقد نبّه العلماء – كشيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (25/69) والمرداوي في "الإنصاف" (3/180) أن إخراج الدقيق يجب أن يكون بالوزن، أي بوزن الصاع من الحب، وذلك لأن صاع الدقيق يكون أقل من صاع الحب، فإذا أخرج صاعاً من الدقيق، فيكون قد أخرج أقل من صاع الحب. وهذا غير جائز.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/179) : " فلو أنه دفع صاعاً من دقيق البر أو الشعير، فإنه يجزئ، ولكن على أن يكون المعتبر في الدقيق الوزن؛ لأن الحب إذا طحن انتشرت أجزاؤه، فالصاع من الدقيق يكون صاعاً إلا سدساً تقريباً من الحب " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2621)
زكاة الفطر عن الزوجة المطلقة طلاقاً رجعياً
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة طلقها زوجها طلقة واحدة، فهل يجب عليه أن يُخرج زكاة الفطر عنها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
زكاة الفطر تجب على الإنسان، وعلى من تلزمه نفقته، كالزوجة، والابن، وغيرهما؛ لما روى الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أدوا صدقة الفطر عمن تمونون) ، ولكنه حديث ضعيف، ضعفه الدارقطني والبيهقي والنووي وابن حجر وغيرهم.
انظر: "المجموع" (6 / 113) ، و "تلخيص الحبير" (2 / 771) .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: " زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة، لوجوب نفقتها عليه " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء " (9 / 367) .
ثانياً:
المرأة إذا طُلقت طلاقاً رجعياً، فهي في حكم الزوجات لها ما لهن من النفقة والسكنى، ما دامت في العدة، والفطرة تتبع النفقة، فما دام أن نفقة الرجعية على الزوج، فكذلك الفطرة عليه.
قال النووي في " المجموع " (6 / 74) : " قَالَ أَصْحَابُنَا: تَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ كَنَفَقَتِهَا " انتهى.
وقال ابن يوسف المواق من المالكية في " التاج والإكليل " (3 / 265) : " لَوْ طَلَّقَ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً لَزِمَهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا وَأَدَاءُ الْفِطْرِ عَنْهَا " انتهى بتصرف.
وذهب بعض العلماء إلى أن الزوج لا يلزمه إخراج زكاة الفطر عن زوجته، بل ذلك واجب عليها هي، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله، واختاره الشيخ ابن عثيمين، وانظر جواب السؤال (99353) .
وينبغي للزوج أن يأخذ بالأحوط والأبرأ لذمته، فيخرج زكاة الفطر عن مطلقته الرجعية، ولا سيما وزكاة الفطر شيء يسير، لا يشق على الزوج إخراجه في الغالب.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2622)
أعطوه زكاة الفطر فأخرها عن يوم العيد لعدم وجود فقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل يقيم في إيطاليا وهو القائم على شؤون المسجد الذي يوجد ببلدته، كجمع النفقات وقد قام بجمع زكاة الفطر في رمضان الأخير من المصلين بقصد إعطائها إلى من يستحقها لكنه لم يجد من يعطيها إياه لعدم توفر الشروط فبقيت حتى يومنا هذا، فهل يضيفها إلى نفقات المسجد القيم عليه؟ علما بأن هذا المسجد نفقاته كافية. أم يعطها إلى مدرسة تدرس العلوم الشرعية في بلده علما بأن هذه المدرسة تأخذ نفقاتها من المحسنين، وهل في ذلك شيء لأن ابنه يدرس فيها، وهل نقص من أجر مخرجي الزكاة شيء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
زكاة الفطر يجب إخراجها قبل صلاة العيد؛ لما روى أبو داود (1609) وابن ماجه (1827) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ) . وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
قال في "عون المعبود شرح أبي داود": " وَالظَّاهِر أَنَّ مَنْ أَخْرَجَ الْفِطْرَة بَعْد صَلَاة العيد كَانَ كَمَنْ لَمْ يُخْرِجْهَا بِاعْتِبَارِ اِشْتِرَاكهمَا فِي تَرْكِ هَذِهِ الصَّدَقَة الْوَاجِبَة. وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَر الْعُلَمَاء إِلَى أَنَّ إِخْرَاجَهَا قَبْل صَلَاة الْعِيد إِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ , وَجَزَمُوا بِأَنَّهَا تُجْزِئُ إِلَى آخِر يَوْم الْفِطْر , وَالْحَدِيث يَرُدُّ عَلَيْهِمْ.
وَأَمّا تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْم الْعِيد. فَقَالَ اِبْن رَسْلَان: إِنَّهُ حَرَام بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهَا زَكَاة , فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي تَأْخِيرهَا إِثْم كَمَا فِي إِخْرَاج الصَّلَاة عَنْ وَقْتِهَا " انتهى.
وعليه فهذا الإمام قد أخطأ بتأخير الزكاة، وكان عليه أن يبحث عن المستحقين، أو ينقل الزكاة إلى بلد فيه مستحقون.
ثانيا:
من أخر زكاة الفطر عن يوم العيد، لغير عذر، أثم، ولزمه قضاؤها، وأهل المسجد لا يلحقهم شيء لأنهم وكلوا من يخرجها عنهم، ويلزم الإمام الآن أن يخرجها إلى المستحقين، ولا يجوز أن يضعها في نفقات المسجد. وأما المدرسة الشرعية، فإن كان فيها فقراء يستحقون الزكاة جاز دفعها لهم وإلا فلا.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/458) : " فإن أخرها (يعني زكاة الفطر) عن يوم العيد أثم ولزمه القضاء " انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (43/41) : " يرى المالكية والشافعية والحنابلة أن من أخر زكاة الفطر عن يوم العيد مع القدرة على إخراجها أثم , ولزمه القضاء " انتهى.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (9/373) : هل وقت إخراج زكاة الفطر من بعد صلاة العيد إلى آخر ذلك اليوم؟
فأجابت: " لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد، وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبل الصلاة، ولما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان ... ، وقال في آخره: (وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين) . فمن أخرها عن وقتها فقد أثم، وعليه أن يتوب من تأخيره وأن يخرجها للفقراء " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لم أؤد زكاة الفطر لأن العيد جاء فجأة، وبعد عيد الفطر المبارك لم أفرغ لأسأل عن العمل الواجب علي من هذه الناحية، فهل تسقط عني أم لابد من إخراجها؟ وما الحكمة منها؟
فأجاب: " زكاة الفطر مفروضة، قال ابن عمر رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر) ، فهي مفروضة على كل واحد من المسلمين، على الذكر والأنثى، والصغير، والكبير، والحر والعبد، وإذا قدر أنه جاء العيد فجأة قبل أن تخرجها فإنك تخرجها يوم العيد ولو بعد الصلاة، لأن العبادة المفروضة إذا فات وقتها لعذر فإنها تقضى متى زال ذلك العذر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة: (من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها متى ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) ، وتلا قوله تعالى: (وَأَقِمِ الصلاةَ لِذِكْرِى?) . وعلى هذا يا أخي السائل فإن عليك إخراجها الآن " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/271)
وقال أيضا: " أما إذا أخرها لعذر كنسيان، أو لعدم وجود فقراء في ليلة العيد فإنها تقبل منه، سواء أعادها إلى ماله، أو أبقاها حتى يأتي الفقير ".
فعلى إمام المسجد دفع هذه الزكاة للفقراء والمساكين، فإن لم يوجد أحد من هؤلاء في بلده نقلها إلى بلد آخر.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن نقل زكاة الفطر فأجاب: " نقل صدقة الفطر إلى بلاد غير بلاد الرجل الذي أخرجها إن كان لحاجة بأن لم يكن عنده أحد من الفقراء فلا بأس به، وإن كان لغير حاجة بأن وجد في البلد من يتقبلها فإنه لا يجوز على ما قاله بعض أهل العلم " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/318) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2623)
لا يلزم الزوج فطرة من لم يدخل بها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عقد على امرأة، ولكنه لم يدخل بها، فهل تلزمه زكاة الفطر لها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اختلف العلماء رحمهم الله هل يلزم الإنسان أن يخرج زكاة الفطرة عمن ينفق عليهم على قولين:
القول الأول: أن الإنسان يلزمه أن يخرج زكاة الفطر عن نفسه وعمن ينفق عليهم، كالزوجة، والابن. وهو مذهب الحنابلة.
واستدلوا: بما رواه الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أدوا صدقة الفطر عمن تمونون) ، ولكنه حديث ضعيف، ضعفه الدارقطني والبيهقي وابن العربي والذهبي والنووي وابن حجر وغيرهم.
انظر: "المجموع" (6 / 113) ، و "تلخيص الحبير" (2 / 771) .
وقد اختار هذا القول علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، فقد سئلوا: هل يلزم الزوج فطرة الزوجة التي بينه وبينها نزاع شديد أم لا؟
فأجابوا: " زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة، لوجوب نفقتها عليه " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (9 / 367) .
واختاره أيضاً الشيخ ابن باز رحمه الله، كما في "مجموع الفتاوى" (14/197) .
القول الثاني: أنه لا يلزمه أن يخرج زكاة الفطر عن غيره، وهو مذهب الحنفية.
واستدلوا: بحديث ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) رواه البخاري (1503) ، ومسلم (984) .
ففي الحديث: أنها واجبة على كل واحد من المسلمين، والأصل: أن الذي يخاطب بالواجب هو الشخص نفسه.
وقد اختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في " الشرح الممتع " (6 / 154) : " فالصحيح أن زكاة الفطر واجبة على الإنسان بنفسه، فتجب على الزوجة بنفسها، وعلى الأب بنفسه، وعلى الابنة بنفسها، ولا تجب على الشخص عمن ينفق عليه من زوجة وأقارب، ولأن الأصل في الفرض أنه يجب على كل واحد بعينه دون غيره " انتهى بتصرف.
ثانياً:
الزوج إنما تلزمه زكاة فطرة زوجته إذا كان ينفق عليها، ومعلوم أن النفقة على الزوجة لا يكون إلا إذا تسلم الزوج زوجته، ومكنته من نفسها، أما إذا كانت الزوجة لا تزال في بيت أبيها، فإن النفقة لا تلزم الزوج، وكذلك زكاة الفطر لا تلزمه.
وقال ابن قدامة في " المغني " (2 / 361) : " كُلُّ امْرَأَةٍ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا , كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ , وَالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنْ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا , فَإِنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَلَا فِطْرَتُهَا ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ يُمُوَنُ " انتهى.
وقال البهوتي رحمه الله في " كشاف القناع " (2 / 252) : " ولا يلزم الزوج فطرة من لا تلزمه نفقتها , كغير المدخول بها إذا لم تسلم إليه " انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2624)
إخراج اللحم في زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج اللحم في زكاة الفطر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زكاة الفطر يجب أن تخرج مما يقتاته الناس من الطعام؛ لما روى البخاري (1510) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ) .
فإذا كان الناس في بلد يقتاتون فيه اللحم، جاز إخراجه في زكاة الفطر.
قال شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (25/ 68) : " أَمَّا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يَقْتَاتُونَ أَحَدَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ جَازَ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِمْ بِلَا رَيْبٍ. وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مَا يَقْتَاتُونَ مِنْ غَيْرِهَا؟ مِثْلُ أَنْ يَكُونُوا يَقْتَاتُونَ الْأُرْزَ وَالذرة فَهَلْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُخْرِجُوا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا أَوْ يُجْزِئُهُمْ الْأُرْزُ وَالذُّرَةُ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، وأصح الأقوال: أنه يُخْرِجُ مَا يَقْتَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: كَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْمُواساة لِلْفُقَرَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ قُوتَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا لَيْسَ قُوتَهُمْ بَلْ يَقْتَاتُونَ غَيْرَهُ لَمْ يُكَلِّفْهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا مِمَّا لَا يَقْتَاتُونَهُ، كَمَا لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي الْكَفَّارَاتِ " انتهى بتصرف.
وقال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (3/12) : " وهذه كانت غالب أقواتهم بالمدينة فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الأرز أو التين أو غير ذلك من الحبوب، فإن كان قوتهم من غير الحبوب، كاللبن واللحم والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ما كان، هذا قول جمهور العلماء، وهو الصواب الذي لا يقال بغيره، إذ المقصود سد حاجة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتاته أهل بلدهم، وعلى هذا فيجزئ إخراج الدقيق وإن لم يصح فيه الحديث " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/182) : " ولكن إذا كان قوت الناس ليس حباً ولا ثمراً، بل لحماً مثلاً، مثل أولئك الذين يقطنون القطب الشمالي، فإن قوتهم وطعامهم في الغالب هو اللحم، فالصحيح أنه يجزئ إخراجه " انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2625)
هل يدفع زكاة الفطر لخالته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز دفع زكاة الفطر لخالتي المطلقة، وليس لها أولاد، ولكن لها بنات متزوجات، وتمتلك نصف دونم من الأرض، وليس لها مصدر رزق، فهل يجوز إعطاؤها الزكاة أم تعطى لفقير آخر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اختلف العلماء في مصرف زكاة الفطر، فذهب جمهورهم إلى أنها تصرف إلى أي واحد من مصارف زكاة المال الثمانية، وذهب بعضهم إلى وجوب استيعاب تلك الأصناف الثمانية بالزكاة، وذهب آخرون إلى اختصاصها بالفقراء والمساكين.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (23 / 344) :
"اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر على ثلاثة آراءٍ: ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الأصناف الثّمانية الّتي تصرف فيها زكاة المال، وذهب المالكيّة - وهي رواية عن أحمد واختارها ابن تيميّة - إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين، وذهب الشّافعيّة إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثّمانية، أو من وُجد منهم" انتهى.
وقد ردَّ شيخ الإسلام ابن تيمية القول الأول والثالث في " مجموع الفتاوى " (25/73 – 78) ، وبيَّن – رحمه الله – أن تعلق زكاة الفطر بالأبدان لا بالأموال، ومما قال هناك:
"ولهذا أوجبها الله تعالى طعاماً، كما أوجب الكفارة طعاماً، وعلى هذا القول: فلا يجزئ إطعامها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم، فلا يعطى منها في المؤلفة، ولا الرقاب، ولا غير ذلك، وهذا القول أقوى في الدليل.
وأضعف الأقوال: قول من يقول: إنه يجب على كل مسلم أن يدفع صدقة فطره الى اثني عشر، أو ثمانية عشر، أو إلى أربعة وعشرين، أو اثنين وثلاثين، أو ثمانية وعشرين، ونحو ذلك؛ فإن هذا خلاف ما كان عليه المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفائه الراشدين، وصحابته أجمعين، لم يعمل بهذا مسلم على عهدهم، بل كان المسلم يدفع صدقة فطره وصدقة فطر عياله إلى المسلم الواحد، ولو رأوا مَن يقسم الصاع على بضعة عشر نفساً يُعطي كل واحد حفنة: لأنكروا ذلك غاية الإنكار وعدُّوه من البدع المستنكرة، والأفعال المستقبحة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّر المأمور به صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعير، ومن البر إما نصف صاع وإما صاع، على قدر الكفاية التامة للواحد من المساكين، وجعلها طعمة لهم يوم العيد يستغنون بها، فاذا أخذ المسكين حفنة لم ينتفع بها، ولم تقع موقعاً، وكذلك مَن عليه دَين وهو ابن سبيل إذا أخذ حفنة من حنطة لم ينتفع بها. . . والشريعة منزهة عن هذه الأفعال المنكرة التي لا يرضاها العقلاء، ولم يفعلها أحد من سلف الأمة، وأئمتها.
ثم قول النبي صلى الله عليه وسلم (طُعمة للمساكين) نصٌّ في أن ذلك حق للمساكين، كقوله تعالى في آية الظهار: (فإطعام ستين مسكيناً) : فإذا لم يجز أن تصرف تلك للأصناف الثمانية: فكذلك هذه" انتهى باختصار.
وعليه: فيكون الراجح من تلك الأقوال الثلاثة: القول الثاني، وهو وجوب دفع صدقة الفطر للفقراء والمساكين دون غيرهم، وهو الذي رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله، كما في "الشرح الممتع" (6/117) .
ثانياً:
وزكاة المال، والفطر إذا كانت في الأقارب الذين يستحقونهما فهي أفضل من أن تكون في غيرهم من المستحقين، وتكون هنا زكاة وصلة، ولكن ذلك مشروط بكون هذا القريب ممن لا تجب نفقته على المزكِّي.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء؟
فأجاب:
"يجوز أن تدفع زكاة الفطر، وزكاة المال، إلى الأقارب الفقراء، بل إن دفعها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعها إلى الأقارب صدقة وصلة، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حماية ماله، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته، أي: على الغني؛ فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته؛ لأنه إذا فعل ذلك: فقد وفَّر ماله بما دفعه من الزكاة، وهذا لا يجوز، ولا يحل، أما إذا كان لا تجب عليه نفقته: فإن له أن يدفع إليه زكاته، بل إن دفع الزكاة إليه أفضل من دفعها للبعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة) " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (18 / السؤال رقم 301) .
والخلاصة:
إذا كانت خالتك فقيرة: فهي تستحق الزكاة، ولو كانت تملك نصف دونم، وإن كان الأفضل لها بيعه والاستغناء بثمنه عن منَّة الناس.
ولا ينبغي للمسلمين ترك أقاربهم حتى يقارب شهر رمضان على الانتهاء فيتفقد أحدهم قريبه بصاعٍ من طعام يدفعه له، بل الواجب على المسلمين عموماً تفقد أحوال المحتاجين والفقراء، والمسارعة لبذل ما يحتاجونه من طعام ومال وكساء، ويتحتم هذا على الأغنياء في تفقد أقاربهم الفقراء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2626)
مكان إخراج زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعيش في الكويت ولكني أعالج ابنتي في أمريكا وصمت رمضان في أمريكا هل يلزمني إخراج زكاة الفطر في أمريكا أو أوكل أهلي في الكويت يؤدونها عني؟ وما حكم إخراج زكاة الفطر نقودا.علما أنهم في أمريكا يزكون نقودا لا قوتا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذكر العلماء رحمهم الله أن زكاة الفطر متعلقة بالبدن لا بالمال، فتخرج في المكان الموجود فيه الشخص ليلة العيد.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/134) :
"فأما زكاة الفطر فإنه يخرجها في البلد الذي وجبت عليه فيه، سواء كان ماله فيه أو لم يكن " انتهى.
وأما إخراج زكاة الفطر نقودا فقد سبق في جواب السؤال رقم (22888) أن الواجب أن تخرج طعاما، وأن إخراجها نقودا لا يجزئ.
فعليك أن تسعى في إخراجها طعاما، فإن أبى الفقير أخذ الطعام وطلب النقود، فلا حرج عليك من إخراجها نقودا في هذه الحالة للحاجة أو الضرورة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2627)
هل تجب زكاة الفطر على من أفطر رمضان بعذر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب زكاة الفطر على من أفطر كل شهر رمضان لسفر أو مرض؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جماهير أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى أن زكاة الفطر تجب على المسلم ولو لم يصم رمضان، ولم يخالف في ذلك غير سعيد بن المسيب والحسن البصري: فقد قالا: إن زكاة الفطر لا تجب إلا على من صام، والصحيح هو قول الجمهور، وذلك للأدلة الآتية:
1- عموم الحديث الذي هو أصلٌ في فرض زكاة الفطر.
فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ) رواه البخاري (1503) ومسلم (984) .
فقوله: "والصغير " يشمل الصغير الذي لا يستطيع الصيام.
2- الغالب في تشريع الصدقات والزكوات هو النظر إلى مصلحة المسكين والفقير، وتحقيق التكافل الاجتماعي العام، وأظهر ما يكون ذلك في زكاة الفطر، حيث وجبت على الصغير والكبير والحر والعبد والذكر والأنثى، ولم يشترط الشارع في وجوبها نصابا ولا حولا، ولذلك فإن وجوبها على من أفطر في رمضان لعذر أو لغير عذر يأتي ضمن السياق المقصود من تشريع هذه الزكاة.
3- أما استدلال من استدل بقول ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ) رواه أبو داود (1609) .
فقالوا: (طهرة للصائم) يدل على عدم وجوب زكاة الفطر إلا على من صام، فقد أجاب عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (3/369) فقال:
"وأجيب: بأن ذكر التطهير خرج على الغالب، كما أنها تجب على من لم يذنب: كمتحقق الصلاح، أو من أسلم قبل غروب الشمس بلحظة " انتهى.
ومعنى كلامه: أن الغالب أن زكاة الفطر شرعت لأنها تطهر الصائم، ولكن حصول هذا التطهير ليس شرطاً في وجوبها، ونظير ذلك: زكاة المال، فإنها قد شرعت لتطهير النفس أيضاً، (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة/103.
ومع ذلك فإنها تجبب في مال الصبي الصغير، وهو لا يحتاج إلى تطهير، لأنه لا يكتب عليه سيئة.
وأجاب الشيخ ابن جبرين بجواب آخر، فقال:
" إخراجها عن الأطفال وغير المكلفين والذين لم يصوموا لعذر من مرض أو سفر داخل في الحديث، وتكون طهرةً لأولياء غير المكلفين، وطهرةً لمن أفطر لعذر، على أنه سوف يصوم إذا زال عذره، فتكون طهرةً مقدَّمةً قبل حصول الصوم أو قبل إتمامه " انتهى.
"فتاوى الزكاة" (زكاة الفطر/2) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2628)
أخرج زكاة الفطر قبل العيد بأسبوع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخرجت زكاة الفطر قبل العيد بأكثر من أسبوع، فهل تجزئ؟ فإذا كانت لا تجزئ فماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اختلف أهل العلم في أول وقت إخراج زكاة الفطر على أقوال:
القول الأول: أنه قبل العيد بيومين، وهو مذهب المالكية والحنابلة، واستدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما وفيه: (وَكَانُوا يُعطُونَ قَبلَ الفِطرِ بِيَومٍ أَو يَومَينِ) رواه البخاري (1511) .
وقال بعضهم قبل العيد بثلاثة أيام، لما في "المدونة" (1/385) قال مالك: أخبرني نافع أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.
وهو اختيار الشيخ ابن باز رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (14/216) .
القول الثاني: يجوز من أول شهر رمضان، وهو المفتى به عند الحنفية والصحيح عند الشافعية. انظر "الأم" (2/75) ، "المجموع" (6/87) ، "بدائع الصنائع" (2/74)
قالوا: لأن سبب الصدقة الصوم والفطر عنه، فإذا وجد أحد السببين جاز تعجيلها، كما يجوز تعجيل زكاة المال بعد ملك النصاب قبل تمام الحول.
القول الثالث: يجوز من بداية الحول، وهو قول بعض الأحناف وبعض الشافعية، قالوا: لأنها زكاة، فأشبهت زكاة المال في جواز تقديمها مطلقا.
والراجح هو القول الأول.
قال ابن قدامة في "المغني" (2/676) :
" سبب وجوبها الفطر، بدليل إضافتها إليه، والمقصود منها الإغناء في وقت مخصوص، فلم يجز تقديمها قبل الوقت " انتهى.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (18/زكاة الفطر/السؤال رقم 180) :
أديت زكاة الفطر في أول رمضان في مصر قبل قدومي إلى مكة، وأنا الآن مقيم في مكة المكرمة، فهل علي زكاة فطر؟
فأجاب:
" نعم، عليك زكاة الفطر؛ لأنك أديتها قبل وقتها، فزكاة الفطر من باب إضافة الشيء إلى سببه، وإن شئت فقل: من باب إضافة الشيء إلى وقته، وكلاهما له وجه في اللغة العربية، قال الله تعالى: (بَلْ مَكْرُ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ) هنا من باب إضافة الشيء إلى وقته، وقال أهل العلم: باب سجود السهو، من باب إضافة الشيء إلى سببه.
فهنا زكاة الفطر أضيفت إلى الفطر لأن الفطر سببها؛ ولأن الفطر وقتها، ومن المعلوم أن الفطر من رمضان لا يكون إلا في آخر يوم من رمضان، فلا يجوز دفع زكاة الفطر إلا إذا غابت الشمس من آخر يوم من رمضان، إلا أنه رُخص أن تُدفع قبل الفطر بيوم أو يومين رخصة فقط، وإلا فالوقت حقيقة إنما يكون بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان؛ لأنه الوقت الذي يتحقق به الفطر من رمضان، ولهذا نقول: الأفضل أن تؤدى صباح العيد إذا أمكن " انتهى.
ثانياً:
يجوز دفع زكاة الفطر إلى الوكيل ومن ينوب عنك من جمعية خيرية أو أشخاص مؤتمنين ونحو ذلك من بداية الشهر، على أن تشترط على الوكيل أن يخرجها قبل العيد بيوم أو يومين، لأن أداء الزكاة الشرعي هو أداؤها إلى مستحقيها من الفقراء والمساكين، وهو الذي جاءت الشريعة بتقييده قبل العيد بيوم أو يومين، أما التوكيل في إخراجها فهو من باب التعاون على البر والتقوى، وليس لذلك وقت مقيد.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (10526) .
فالحاصل أن إخراجك الزكاة قبل العيد بأسبوع غير مجزئ، فعليك إعادة إخراجها، إلا إن كنت أعطيتها لمن ينوب عنك في إخراجها من الجمعيات والمراكز التي تعتني بأدائها في وقتها قبل العيد بيوم أو يومين، فقد أديت ما عليك حينئذ، وتعتبر زكاةً صحيحةً مقبولةً إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2629)
يجوز دفع زكاة الفطر لأهل الزوجة المحتاجين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز زكاة الفطر على أهل الزوجة فى حالة احتياجهم للمال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زكاة الفطر تدفع إلى الفقراء والمساكين، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ) رواه أبو داود (1609) وحسنه النووي في "المجموع" (6/126) والألباني في صحيح أبي داود.
فإذا كان أهل الزوجة من الفقراء والمساكين فلا حرج من دفع زكاةِ الفطر لهم، بل دفعها إليهم أفضل من دفعها إلى غيرهم، وذلك لأن أقارب الزوجة (الأصهار) لهم حق الرعاية والعناية إكراما للزوجة وإحسانا إليها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "نور على الدرب" (682) :
" ولا شك أن الأصهار لهم حق ليس لأحد سواهم ممن ليس بصهر " انتهى.
فنرجو أن يكتب الله سبحانه وتعالى لك أجر الصدقة وأجر رعاية المصاهرة والإحسان إلى أهل الزوجة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2630)
لا يجوز دفع الزكاة لمن تجب عليه نفقته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة أسكن في بلاد المهجر، ومتزوجة ولدي 7 أولاد، وفي كل عام أرسل زكاة الفطرة لوالدتي التي تسكن في المغرب، للعلم أنا من يتكلف بمصاريفها.
فهل تجوز فيها هذه الزكاة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على أنه لا يجوز دفع الزكاة المفروضة - ومنها صدقة الفطر - إلى من تلزم نفقته، كالوالدَين والأولاد.
جاء في "المدونة" (1/344) :
" أرأيت زكاة مالي؟ من لا ينبغي لي أن أعطيها إياه في قول مالك؟
قال: قال مالك: لا تعطيها أحدا من أقاربك ممن تلزمك نفقته " انتهى.
وقال الشافعي في "الأم" (2/87) :
" ولا يعطي (يعني من زكاة ماله) أبا ولا أما ولا جدا ولا جدة " انتهى.
وقال ابن قدامة في "المغني" (2/509) :
" ولا يعطي من الصدقة المفروضة للوالدين وإن علوا (يعني الأجداد والجدات) ، ولا للولد وإن سفل (يعني الأحفاد) .
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها الى الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم؛ ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته وتسقطها عنه، ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه فلم تجز، كما لو قضى بها دينه " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء.
فأجاب:
" يجوز أن تدفع زكاة الفطر وزكاة المال إلى الأقارب الفقراء، بل إنَّ دفعَها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعَها إلى الأقارب صدقةٌ وصلةٌ، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حمايةُ ماله، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته أي على الغني، فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته، لأنه إذا فعل ذلك فقد وفر ماله بما دفعه من الزكاة، وهذا لا يجوز ولا يحل، أما إذا كان لا تجب عليه نفقته، فإن له أن يدفع إليه زكاته، بل إنَّ دفعَ الزكاة إليه أفضل من دفعها للبعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة) " انتهى.
وعلى هذا فلا يجوز لك ـ أيتها السائلة ـ أن تدفعي زكاة الفطر لأمك، بل عليك أن تنفقي عليها من غير الزكاة، ونسأل الله تعالى أن يوسع عليك ويرزقك رزقا حسنا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2631)
هل يعطي زكاة الفطر لإخوته غير الأشقاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي إخوة غير أشقاء من أم أخرى والوالد متوفى وهم في حاجة للمال هل يجوز أن أعطيهم زكاة الفطر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زكاة الفطر تعطى الفقراء والمساكين.
لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ) رواه أبو داود (1609) وابن ماجه (1827) ، وحسنه الألباني في " صحيح الترغيب " (1085) .
قال ابن القيم رحمه الله:
"وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصدقة" انتهى.
" زاد المعاد " (2 / 21) .
وإذا تقرر هذا: فاعلم أن القريب الفقير أولَى بالزكاة من غيره.
ولكن لا يجوز لأحد أن يعطي زكاته إلى من يلزمه أن ينفق عليه.
ويجب عليك أن تنفق عليهم إذا كنت ترث منهم، فإن كنت ترث منهم فلا يجوز أن تعطيهم من الزكاة، وإن كنت لا ترث منهم فلا حرج عليك من إعطائهم الزكاة.
وإن كنت ترث من بعضهم ولا ترث من بعضهم الآخر، أعطيت الزكاة لمن لا ترث منه.
ولا يجب عليك أن تنفق عليهم إلا إذا كان عندك من الأموال ما يزيد عن حاجتك وحاجة أهلك، فإن لم تكن أموالك كذلك فلا يجب عليك أن تنفق عليهم، لأنك غير مستطيع، ولك في هذه الحالة أن تعطيهم زكاتك، ولو كنت وارثاً لهم.
وانظر جواب السؤال (106540) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2632)
وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة في مال الصبي الصغير، مع أنه غير مكلف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون، وهو مذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة:
1- قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) . فالزكاة واجبة في المال، فهي عبادة مالية تجب متى توفرت شروطها، كملك النصاب، ومرور الحول.
2- قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل لما أرسله إلى اليمن: (أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) رواه البخاري (1395) . فأوجب الزكاة في المال على الغني، وهذا بعمومه يشمل الصبي الصغير والمجنون إن كان لهما مال.
3- ما رواه الترمذي (641) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: (أَلا مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ فَلْيَتَّجِرْ فِيهِ وَلا يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَةُ) وهو حديث ضعيف، ضعفه النووي في المجموع (5/301) والألباني في ضعيف الترمذي. وقد ثبت ذلك من قول عمر رضي الله عنه، رواه عنه البيهقي (4/178) وقال: إسناده صحيح. وأقره النووي على تصحيحه كما في "المجموع".
4- وكذلك روي هذا عن على وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر رضي الله عنهم.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الزكاة لا تجب في ماله، كما لا تجب عليه سائر العبادات؛ كالصلاة والصيام، غير أنه أوجب عليه زكاة الزروع وزكاة الفطر.
وأجاب الجمهور عن هذا بأن عدم وجوب الصلاة والصيام على الصبي فلأنهما عبادات بدنية، وبدن الصبي لا يتحملها، أما الزكاة فهي حق مالي، والحقوق المالية تجب على الصبي، كما لو أتلف مال إنسان، فإنه يجب عليه ضمانه من ماله، وكنفقة الأقارب، يجب عليه النفقة عليهم إذا توفرت شروط وجوب ذلك.
وقالوا أيضا: ليس هناك فرق بين وجوب زكاة الزروع وزكاة الفطر على الصبي، وبين زكاة سائر الأموال كالذهب والفضة والنقود، فكما وجبت الزكاة عليه في الزروع تجب عليه في سائر الأموال، ولا فرق.
ويتولى ولي الصغير والمجنون إخراج الزكاة عنهما من مالهما، كلما حال عليه الحول، ولا ينتظر بلوغ الصبي.
قال ابن قدامة في المغني:
" إذا تقرر هذا – يعني وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون - فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما ; لأنها زكاة واجبة , فوجب إخراجها , كزكاة البالغ العاقل , والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه ; ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون , فكان على الولي أداؤه عنهما , كنفقة أقاربه " انتهى.
وقال النووي في المجموع (5/302) :
" الزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف، ويجب على الولي إخراجها من مالهما كما يخرج من مالهما غرامة المتلفات، ونفقة الأقارب وغير ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما , فإن لم يخرج الولي الزكاة وجب على الصبي والمجنون بعد البلوغ والإفاقة إخراج زكاة ما مضى ; لأن الحق توجه إلى مالهما , لكن الولي عصى بالتأخير فلا يسقط ما توجه إليهما " انتهى.
وقد روي عن ابن مسعود وابن عباس أن الزكاة واجبة على الصبي إلا أنه لا يخرجها حتى يبلغ، وكلاهما ضعيف لا يصح. ضعفهما النووي في المجموع (5/301) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
توفي رجل وخلف أموالا وأيتاما، فهل تجب في هذه الأموال زكاة؟ وإن كان كذلك فمن يخرجها؟
فأجاب:
" تجب الزكاة في أموال اليتامى من النقود والعروض المعدة للتجارة وفي بهيمة الأنعام السائمة وفي الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة، وعلى ولي الأيتام أن يخرجها في وقتها. . . ويعتبر الحول في أموالهم من حين توفي والدهم، لأنها بموته دخلت ملكهم، والله ولي التوفيق " انتهى.
فتاوى ابن باز (14/240) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين؟
فأجابوا:
" تجب الزكاة في أموال اليتامى والمجانين، وهذا قول علي وابن عمر وجابر بن عبد الله وعائشة والحسن بن علي حكاه عنهم ابن المنذر، ويجب على الولي إخراجها، والذي يدل على وجوبها في أموالهم عموم أدلة إيجابها من الكتاب والسنة، ولمَّا بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن وبين له ما يقول لهم كان مما قال له: (أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) رواه الجماعة، ولفظة: (الأغنياء) تشمل: الصغير والمجنون، كما شملهما لفظ الفقراء، وروى الشافعي في مسنده عن يوسف بن ماهك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ابتغوا في أموال اليتامى لا تذهبها أولا تستهلكها الصدقة) وهو مرسل. وروى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة، وقد قال ذلك عمر للناس وأمرهم، وهذا يدل على أنه كان من الحكم المعمول به والمتفق على إجازته. وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال: كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة " انتهى.
فتاوى اللجنة الدائمة (9/410) .
وقد اختار أيضاً القول بوجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، كما في الشرح الممتع (6/14) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2633)
هل صيام رمضان لا يرفع إلا بزكاة الفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن صيام رمضان معلق بين السماء والأرض، ولا يرفع إلا بزكاة الفطر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ورد في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ضعيف.
عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" لابن شاهين في "ترغيبه" والضياء عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (شهر رمضان معلق بين السماء والأرض ولا يرفع إلى الله إلا بزكاة الفطر) .
وضعفه السيوطي، وبين المناوي في "فيض القدير" سبب ضعفه فقال: "أورده ابن الجوزي في "الواهيات" وقال: لا يصح، فيه محمد بن عبيد البصري مجهول ".
وضعفه الألباني في: سلسلة الأحاديث الضعيفة" (43) وقال: " ثم إن الحديث لو صح لكان ظاهر الدلالة على أن قبول صوم رمضان متوقف على إخراج صدقة الفطر، فمن لم يخرجها لم يقبل صومه، ولا أعلم أحدا من أهل العلم يقول به.... والحديث ليس بصحيح " انتهى باختصار.
وإذا لم يصح الحديث، فلا يستطيع أحد القول بأن صوم رمضان لا يقبل إلا بزكاة الفطر، لأن هذا لا يمكن معرفته إلا من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد ثبت في سنن أبي داود (1609) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود.
فهذا الحديث يبين الحكمة من زكاة الفطر، وأنها تجبر النقص الحاصل في الصيام، ولم يذكر أن الصيام لا يقبل إلا بزكاة الفطر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2634)
مغتربون ولا يعرفون الفقراء جيدا، فهل يخرجون زكاة الفطر في بلد آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن السعوديون في أوروبا لا نعرف الفقراء جيدا ووجدنا شخصاً ثقة - إن شاء الله - ولكنه يقول أعطوني المال وسوف أشتري ببعضه أرزاً وأدفعه للفقراء وأعطي بعضه نقداً لهم واحتج بأن عددنا يفوق 500 شخص ويصعب عليه شراء كميات كبيرة لصعوبة حملها ولأن الفقراء قد لا يرغبون إلا في النقد لأنهم يستفيدون منه أكثر من الأرز فهل نعطيه أم نوكل إخواننا في السعودية ليخرجوها عنا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور العلماء (منهم مالك والشافعي وأحمد) إلى أنه لا يجوز دفع زكاة الفطر قيمة، بل الواجب أن تخرج طعاما كما فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى البخاري (1504) ومسلم (984) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: يقول كثير من الفقراء الا?ن إنهم يفضلون زكاة الفطر نقوداً بدلاً من الطعام؛ لأنه أنفع لهم، فهل يجوز دفع زكاة الفطر نقوداً؟
فأجاب:
" الذي نرى أنه لا يجوز أن تدفع زكاة الفطر نقوداً بأي حال من الأحوال، بل تدفع طعاماً، والفقير إذا شاء باع هذا الطعام وانتفع بثمنه، أما المزكي فلابد أن يدفعها من الطعام، ولا فرق بين أن يكون من الأصناف التي كانت على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، أو من طعام وجد حديثاً، فالأرز في وقتنا الحاضر قد يكون أنفع من البر؛ لأن الأرز لا يحتاج إلى تعب وعناء في طحنه وعجنه وما أشبه ذلك، والمقصود نفع الفقراء، وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: (كنا نخرجها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، وكان طعامنا يومئذ التمر، والشعير، والزبيب، والأقط) فإذا أخرجها الإنسان من الطعام فينبغي أن يختار الطعام الذي يكون أنفع للفقراء، وهذا يختلف في كل وقت بحسبه.
وأما إخراجها من النقود أو الثياب، أو الفرش، أو الا?ليات فإن ذلك لا يجزىء، ولا تبرأ به الذمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) " انتهى. مجموع فتاوى ابن عثيمين (18 / سؤال 191) .
وعلى هذا فإن كان هذا الشخص ثقة فإنكم تشترطون عليه أن يخرجها كلها طعاما، فإن لم يقبل فإنكم تخرجون منها ما تستطيعون في فقراء البلد الذي تقيمون فيه، ثم لا حرج عليكم في نقل باقي الزكاة إلى بلد آخر، ولا يشترط أن يكون إلى بلدكم الأصلي، بل كلما نقلت إلى بلد أهله أكثر حاجة وفقراً، أو إلى أقاربكم كان أولى.
وقد سبق في جواب السؤال (43146) أنه لا بأس بنقل الزكاة إلى بلد آخر للحاجة، كما لو نقلت إلى بلد فيه أقارب المزكي، أو بلد أهله أشد حاجة.
سئل الشيخ ابن عثيمين: هل يزكي المغترب عن أهله زكاة الفطر، علماً بأنهم يزكون عن أنفسهم؟
فأجاب: زكاة الفطر وهي صاع من طعام، من الرز، أو البر، أو التمر، أو غيرها مما يطعمه الناس يخاطب بها كل إنسان بنفسه، كغيرها من الواجبات، لقول ابن عمر رضي الله عنهما: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الحر والعبد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) ، فإذا كان أهل البيت يخرجونها عن أنفسهم فإنه لا يلزم الرجل الذي تغرب عن أهله أن يخرجها عنهم، لكن يخرج عن نفسه فقط في مكان غربته إن كان فيه مستحق للصدقة من المسلمين، وإن لم يكن فيه مستحق للصدقة وكّل أهله في إخراجها عنه ببلده، والله الموفق " انتهى. مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/سؤال 771)
وسئل أيضاً: ما حكم نقل زكاة الفطر إلى البلدان البعيدة بحجة وجود الفقراء الكثيرين؟
فأجاب:
" نقل صدقة الفطر إلى بلاد غير بلاد الرجل الذي أخرجها إن كان لحاجة بأن لم يكن عنده أحد من الفقراء فلا بأس به، وإن كان لغير حاجة بأن وجد في البلد من يتقبلها فإنه لا يجوز " انتهى. مجموع فتاوى ابن عثيمين (18 / سؤال 102)
وهذه فتوى جامعة لعلماء اللجنة الدائمة تجمع هذه المسائل وزيادة:
" مقدار زكاة الفطر صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو أقط أو طعام، ووقتها ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد، ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة، وتعطى فقراء المسلمين في بلد مخرجها، ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة، ويجوز لإمام المسجد ونحوه من ذوي الأمانة أن يجمعها ويوزعها على الفقراء؛ على أن تصل إلى مستحقيها قبل صلاة العيد، وليس قدرها تابعاً للتضخم المالي، بل حدَّها الشرع بصاع، ومن ليس لديه إلا قوت يوم العيد لنفسه ومن يجب عليه نفقته: تسقط عنه، ولا يجوز وضعها في بناء مسجد أو مشاريع خيرية. " فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 369، 370) .
وقد سبق ذكر فتاوى أهل العلم في وجوب زكاة الفطر، وفي مقدارها، وفي عدم جواز إخراجها نقوداً، وفي جواز نقلها لبلدٍ آخر أكثر حاجة في الأجوبة التالية: (22888) و (27016) و (7175) و (12938) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2635)
إخراج زكاة الفطر عن الأموات
[السُّؤَالُ]
ـ[تسأل جدتي ما إذا كان يجوز تقديم فطرة العيد عن الميت، مثلا والديها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زكاة الفطر واجبة على الذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا تجب إلا على الحي الذي أدرك وقت وجوبها.
ووقت وجوب زكاة الفطر غروب الشمس من آخر يوم من رمضان.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماها صدقة الفطر، والفطر من رمضان يتحقق بغروب الشمس ليلة العيد، ولأنها جعلت طهرة للصائم من اللغو والرفث، والصوم ينقضي بغروب الشمس.
فمن مات قبل أن يدرك وقت الوجوب فلا زكاة عليه. ومن أدرك وقت الوجوب ثم مات قبل أن يخرجها أُخرجت عنه من ماله لأنها استقرت في ذمته وصارت دَيْنًا عليه.
انظر: "المجموع" (6/84) ، "المغني" (2/358) ، "الموسوعة الفقهية" (23/341) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" ولو مات الإنسان قبل غروب الشمس ليلة العيد، لم تجب فطرته أيضا؛ لأنه مات قبل وجود سبب الوجوب " انتهى.
"فقه العبادات" (ص 211) .
والحاصل: أن الميت المسئول عنه إن كان قد مات بعد أن أدرك وقت الوجوب، وهو غروب شمس ليلة الفطر، وجب إخراج الزكاة عنه.
وإن كان مات قبل إدراك وقت الوجوب - وهو الظاهر من السؤال – فلا زكاة عليه.
وإذا أخرجت عنه جدتك صدقة من طعام أو نقود أو غير ذلك فهي صدقة عنه وليست زكاة فطر.
وقد ثبت في أكثر من حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة عن الميت تنفعه، ويصله ثوابها.
انظر السؤال (42384) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2636)
هل يجوز لزوجة تارك الصلاة إخراج زكاة الفطر عنها وعن أولادها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبل زكاة الفطر من تارك الصلاة؟ وهل يجوز لزوجته إخراجها من غير علمه لها ولأولادها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تارك الصلاة إن كان جاحدا لها فهو كافر باتفاق العلماء. وإن كان مقرا لها، لكنه يتركها كسلا وتهاونا، فهو كافر أيضا على الصحيح من قولي العلماء، لأدلة معلومة مشهورة، سبق ذكر شيء منها في جواب السؤال رقم (2182) .
وعلى هذا القول، فلا يصح من تارك الصلاة زكاة ولا صوم ولا حج، ولا يجوز للمرأة المسلمة أن تمكنه من نفسها حتى يتوب ويصلي.
وعلى الزوجة أن تخرج زكاة الفطر عن نفسها. وإن أخرجت عن أولادها فحسن.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "زكاة الفطر واجبة وفريضة، وهي كغيرها من الواجبات، يخاطب كل إنسان بنفسه، فأنت أيها الإنسان مخاطب تخرج الزكاة عن نفسك، ولو كان لك أب أو أخ، وكذلك الزوجة مخاطبة أن تخرج الزكاة عن نفسها، ولو كان لها زوج" انتهى.
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/261) .
وعلى هذا، فإنك تخرجين زكاة الفطر عن نفسك، أما الأولاد، فإذا كانوا صغاراً؛ فإنك تخرجين عنهم الزكاة، ولا حرج أن يكون ذلك بدون علم الأب.
وإن كانوا كباراً بالغين فإنهم يخرجونها عن أنفسهم إن كان لديهم أموال.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2637)
هل يجوز توزيع الزكاة شهريّاً؟ وهل تحوَّل طعاماً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في مدينة نيو بومباي الهندية، المسلمون في قريتنا هم الأغلبية، ونحن نجمع الزكاة في رمضان ثم نوزعها على الفقراء طوال العام على شكل نقود وأطعمة، هل يجوز ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز إعطاء الكفار من زكاة الأموال وزكاة الفطر، ولا تجزئ من أعطاهم إلا إذا كان الكافر من المؤلفة قلوبهم، بمعنى أنكم ترجون إسلامه إذا أعطيتموه من الزكاة.
انظر السؤال (39655) ، و (21384) .
ثانياً:
إذا وجبت الزكاة في المال فالواجب إخراجها فوراً، ولا يجوز تأخيرها.
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
إن أخرها – أي: الزكاة - ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة، أو ذي حاجة شديدة، فإن كان شيئاً يسيراً: فلا بأس، وإن كان كثيراً لم يجز. " المغني " (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة عن جمعية تقوم بجمع الزكاة من الأغنياء ثم تؤخر صرفها لمدة تصل إلى عام، وذلك بحجة أن يكون هناك إعانة لربيع وإعانة لرمضان وهكذا، فما الحكم في هذا التأخير حيث إن أصحاب الأموال قد أخرجوها من ذمتهم وحملونا إياها؟
فأجابوا:
يجب على الجمعية صرف الزكوات في مستحقيها وعدم تأجيلها إذا وجد المستحق. " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (9/402) .
وانظر السؤال (13981) .
ولكن قد تكون المصلحة أحياناً في عدم دفع الزكاة للفقير دفعة واحدة، حتى لا ينفقها جميعها ويبقى لا مال له، بل تدفع له على دفعات كل شهر.
والعمل في هذا أنكم تبحثون الأمر مع الأغنياء، وتجمعون منهم الزكاة معجلة سنة، فتجمعون الآن زكاة السنة القادمة، وهكذا، ثم تقسط للفقراء على دفعات شهريا، أو تأخذونها من الأغنياء معجلة على دفعات، وتعطى للفقراء شهريا، فلا تكون قد تأخر إخراجها بعد وجوبها. وهذا يحتاج إلى مباحثة مع الأغنياء، وإقناعهم بالمصلحة في ذلك.
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
" قَالَ أَحْمَدُ: لا يُجَزِّئُ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ. يَعْنِي لا يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ مُتَفَرِّقَةً , فِي كُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا , فَأَمَّا إنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِمْ , أَوْ إلَى غَيْرِهِمْ مُتَفَرِّقَةً أَوْ مَجْمُوعَةً , جَازَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا " انتهى من "المغني" (2/290) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل يجوز لي إخراج زكاة المال مقدمة طول السنة، في شكل رواتب للأسر الفقيرة، في كل شهر؟
فأجابوا:
لا بأس بإخراج الزكاة قبل حلول الحول بسنة أو سنتين إذا اقتضت المصلحة ذلك، وإعطاؤها الفقراء المستحقين شهريّاً. "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/422) .
وأما إخراج الزكاة على شكل أطعمة، فراجع السؤال (42542) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2638)
مقدار زكاة الفطر ووقت إخراجها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أعضاء جمعية مغاربة نعيش في برشلونة ما الطريقة التي نحسب بها لزكاة الفطر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فرض زكاة الفطر على المسلمين صاعا من تمر أو صاعا من شعير، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، أعني صلاة العيد. وفي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ.
وقد فسر جمع من أهل العلم الطعام في هذا الحديث بأنه البر (أي: القمح) ، وفسره آخرون بأن المقصود بالطعام ما يقتاته أهل البلاد أيا كان، سواء كان برا أو ذرة أو دخنا أو غير ذلك. وهذا هو الصواب؛ لأن الزكاة مواساة من الأغنياء للفقراء، ولا يجب على المسلم أن يواسي من غير قوت بلده. ولا شك أن الأرز قوت في بلاد الحرمين وطعام طيب ونفيس، وهو أفضل من الشعير الذي جاء النص بإجزائه. وبذلك يعلم أنه لا حرج في إخراج الأرز في زكاة الفطر.
والواجب صاع من جميع الأجناس بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين، كما في القاموس وغيره، وهو بالوزن يقارب ثلاثة كيلو غرام. فإذا أخرج المسلم صاعا من الأرز أو غيره من قوت بلده أجزأه ذلك، وإن كان من غير الأصناف المذكورة في هذا الحديث في أصح قولي العلماء. ولا بأس أن يخرج مقداره بالوزن وهو ثلاثة كيلو تقريبا.
والواجب إخراج زكاة الفطر عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والمملوك من المسلمين. أما الحمل فلا يجب إخراجها عنه إجماعا، ولكن يستحب؛ لفعل عثمان رضي الله عنه.
والواجب أيضا إخراجها قبل صلاة العيد، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد، ولا مانع من إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين. وبذلك يعلم أن أول وقت لإخراجها في أصح أقوال العلماء هو ليلة ثمان وعشرين؛ لأن الشهر يكون تسعا وعشرين ويكون ثلاثين، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجونها قبل العيد بيوم أو يومين.
ومصرفها الفقراء والمساكين. وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ. رواه أبو داود وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
ولا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل العلم وهو أصح دليلا، بل الواجب إخراجها من الطعام، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وبذلك قال جمهور الأمة، والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين جميعا للفقه في دينه والثبات عليه، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، إنه جواد كريم اهـ.
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (14/200) .
فهذا تقدير الشيخ ابن باز رحمه الله لزكاة الفطر بالكيلو، ثلاثة كيلو جرام تقريباً.
وكذا قدرها علماء اللجنة الدائمة (9/371) .
وقد قدرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من الأرز فكانت ألفي ومائة جرام (2100) جرام. كما في "فتاوى الزكاة" (ص 274-276) .
وهذا الاختلاف سببه أن الصاع مكيال يقيس الحجم لا الوزن.
وإنما قدرها العلماء بالوزن لكونه أسهل وأقرب إلى الضبط، ومعلوم أن وزن الحبوب يختلف فمنها الخفيف ومنها الثقيل ومنها المتوسط، بل يختلف وزن الصاع من نفس النوع من الحبوب، فالمحصول الجديد أكثر وزناً من المحصول القديم، ولذلك إذا احتاط الإنسان وأخرج زيادة كان أحوط وأحسن.
وانظر "المغني" (4/168) . فقد ذكر نحو هذا في تقدير نصاب زكاة الزروع بالوزن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2639)
الفرق بين زكاة المال وزكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الزكاة المفروضة علي المسلم التي في الأركان الخمسة غير زكاة رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة غير الزكاة التي تجب بالفطر من رمضان.
فالأولى هي زكاة المال لا تجب إلا في أصناف معينة من المال وهي:
1- بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) .
2- الذهب والفضة. ومثلهما الآن الأوراق النقدية.
3- عروض التجارة.
4- الخارج من الأرض وهذا يشمل شيئين:
الأول: الزروع والثمار. وأجمع العلماء على وجوبها في أربعة أصناف وهي: القمح والشعير والتمر والزبيب. واختلفوا فيما عدا هذه الأصناف الأربعة.
الثاني: الركاز وهو مال الكفار المدفون بالأرض الذي يجده مسلم.
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى" (25/10) عن ابن المنذر رحمه الله أنه قال:
أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي تِسْعَةِ أَشْيَاءَ: فِي الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْبُرِّ (القمح) وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. إذَا بَلَغَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ اهـ.
واختلفوا فيما عدا هذه الأموال.
وتجب الزكاة في هذه الأموال بشروط معينة، والواجب إخراج قدر معين من المال حدَّده الشرع.
راجع أسئلة الموقع في قسم الزكاة لزيادة التفصيل.
وهذه الزكاة (زكاة المال) ركن من أركان الإسلام يكفر منكرها، ومانعها فاسق قطعاً، وعلى الحاكم المسلم أخذها منه قهراً، فإن أصر على منعها واحتمى بعشيرته قوتل حتى يؤديها.
روى البخاري (8) ومسلم (16) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الإِسْلامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَحَجِّ الْبَيْتِ.
وروى البخاري (25) ومسلم (22) عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ.
وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على قتال مانعي الزكاة، فقد روى البخاري (1400) ومسلم (20) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا (شاة صغيرة) كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلا أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.
وأما الزكاة التي تجب في آخر رمضان فهي زكاة الفطر وقد أجمع العلماء على وجوبها، إلا من شذ.
انظر: "طرح التثريب" (4/46) .
وهي دون زكاة المال في الوجوب والمنزلة، فزكاة الفطر ليست ركنا من أركان الإسلام، ولا يكفر منكرها.
وزكاة الفطر قد ورد ذكرها في أحاديث كثيرة، منها:
روى البخاري (1503) ومسلم (984) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ.
وروى أبو داود (1609) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ. حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وراجع السؤال رقم (12459) زيادة التفصيل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2640)
هل يجوز للابنة دفع زكاة الفطر عن والدها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلمة أن تدفع زكاة الفطر عن والدها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله -:
من أخرج عمن لا تلزمه فطرتُه: فإنه لا بدَّ من إذنه، فلو أن زيداً من الناس أخرج عن عمرو بغير إذنه: فإنها لا تُجزئ؛ لأن زيداً لا تلزمه فطرة عمرو، ولا بدَّ فيها من نيَّة إما ممن تجب عليه أو من وكيله، وهذا مبني على قاعدة معروفة عند الفقهاء يسمونها " تصرف الفضولي " بمعنى أن الإنسان يتصرف لغيره بغير إذنه، فهل يبطل هذا التصرف مطلقاً، أو يتوقف على إذن ورضى الغير؟
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والراجح: أنه يُجزئ إذا رضي الغير – وساق الشيخ حديث أبي هريرة مع الشيطان في حفظ الزكاة - انظر نصه في جواب السؤال رقم (6092) - ... والشاهد من ذلك: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أجاز هذا التصرف من أبي هريرة وجعله مجزئاً مع أن المأخوذ منه زكاة، وأبو هريرة وكيل في الحفظ، لا وكيل في غيره.
" الشرح الممتع " (6 / 165) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2641)
دفع قيمة زكاة الفطر لهيئة خيرية في بداية رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لهيئة خيرية استلام أموال زكاة الفطر مع بداية شهر رمضان وذلك بهدف الاستفادة منه بقدر المستطاع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا عدم الفقراء في البلاد أو كان الذين يأخذونها ليسوا بحاجة أو لا يأكلونها وإنما يبيعونها بنصف الثمن وتعذر البحث عن الفقراء المعوزين الذين يأكلونها جاز إخراجها عن البلاد ويجوز دفع ثمنها من أول الشهر للوكيل الذي يشتريها ثم يوصلها لمستحقها في وقت الدفع وهو ليله العيد أو قبله بيومين والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الفتاوى الجبرينية في الأعمال الدعوية لفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ص 33.(5/2642)
زكاة الفطر عن الجنين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الطفل الذي ببطن أمه تدفع عنه زكاة الفطر أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يستحب إخراجها عنه لفعل عثمان رضي الله عنه ولا تجب عليه لعدم الدليل على ذلك.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/366)(5/2643)
حجز اليهود أزواجهن فكيف يخرجن زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدتنا في خان يونس تحاصرنا القوات الإسرائيلية فتقطعت بنا السبل ولا تعلم الزوجات عن أزواجهن شيئاً فكيف يخرجن زكاة الفطر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب زكاة الفطر على عائل الأسرة وهو صاحب المال فعليه أن يخرج الزكاة عنه وعمن يعولهم من الزوجات والأولاد وغيرهم.
فإذا عجز عن إخراج الزكاة فإن الله يعذره، وعليه القضاء بعد أن يفرج الله عنه ويرجع إلى أهله.
وبالنسبة للزوجات فإن كن يقدرن على دفع زكاة الفطر عن أنفسهن فعليهن المبادرة بدفعها، فإذا عجزن عن ذلك فليس عليهن شيء لقول الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) وقوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) .
والمرأة إذا أخرجت عن نفسها وعن أولادها فهي مأجورة، وإن لم تستطع إلا عن نفسها فليس عليها إلا ذلك.
وإن استطاعت المرأة أن تكلم زوجها بالهاتف وتأخذ منه توكيلاً بدفع الزكاة وكان في البيت ما تخرج به الزكاة عن زوجها ومن يعول فإنها تخرج زكاة الفطر عنهم بعد إذن زوجها.
نسأل الله أن يفرج الكرب وأن يعيد هؤلاء الأزواج سالمين وينصر الإسلام والمسلمين ويخزي اليهود الكافرين.
وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2644)
هل هناك دعاء عند إخراج زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من قول معين يقال عند إخراج زكاة الفطر، وما هو؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا نعلم دعاء معيناً يقال عند إخراجها.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.(5/2645)
لمن تدفع زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[يطلب رجال زكاة الفطر بالأسواق، ولا نعرف أهم متدينون أم لا؟ وآخرون حالهم زينة، والذي يجيئهم من الزكاة ينفقونه على أولادهم، وبعضهم يتسلم راتب ولكنهم ضعفاء دين، فهل يجوز دفعها لهم أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تدفع زكاة الفطر لفقراء المسلمين وإن كانوا عصاة معصية لا تخرجهم من الإسلام، والعبرة في فقر من يأخذها حالته الظاهرة، ولو كان في الباطن غنياً، وينبغي لدافعها أن يتحرى الفقراء الطيبين بقدر الاستطاعة، وإن ظهر أن آخذها غني فيما بعد فلا يضر ذلك دافعها، بل هي مجزئة والحمد لله.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(5/2646)
هل لإمام المسجد جمع زكاة الفطر، وأين تُوزع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تخرج زكاة الفطر وأين توزع وهل يجوز جمعها من طرف إمام المسجد ثم توزيعها على المستحقين ولو بعد حين، وهل هي تابعة للتضخم المالي، وهل يجوز إرسالها للمجاهدين في فلسطين مثلاً أو إدخالها في صندوق بناء مسجد مثلاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وقت زكاة الفطر ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد.
ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة، وتعطى فقراء المسلمين في بلد مخرجها، ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة ويجوز لإمام المسجد ونحوه من ذوي الأمانة أن يجمعها ويوزعها على الفقراء؛ على أن تصل إلى مستحقيها قبل صلاة العيد، وليس قدرها تابعاً للتضخم المالي، بل حدَّها الشرع بصاع، ومن ليس لديه إلا قوت يوم العيد لنفسه ومن يجب عليه نفقته تسقط عنه، ولا يجوز وضعها في بناء مسجد أو مشاريع خيرية.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/369)(5/2647)
حكم زكاة الفطر ومقدارها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حديث (لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة الفطر) صحيح؟
وإذا كان المسلم الصائم محتاجاً لا يملك نصاب الزكاة هل يتوجب عليه دفع زكاة الفطر لصحة الحديث أم لغيره من الأدلة الشرعية الصحيحة الثابتة من السنة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صدقة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته صاع.
والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من زبيب أو صاعاً من أقط) متفق عليه.
ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحو هـ.
والمقصود بالصاع هنا: صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة.
وإذا ترك إخراج زكاة الفطر أثم ووجب عليه القضاء.
وأما الحديث الذي ذكرته فلا نعلم صحته.
ونسأل الله أن يوفقكم، وأن يصلح لنا ولكم القول والعمل.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/364)(5/2648)
تأخير زكاة الفطر عن وقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في سفر ونسيت دفع الفطرة وكان السفر ليلة 27/9 ولم نخرج الفطرة حتى الآن.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أخر الشخص زكاة الفطر عن وقتها وهو ذاكر لها أثم وعليه التوبة إلى الله والقضاء؛ لأنها عبادة فلم تسقط بخروج الوقت كالصلاة، وحيث ذكرت عن السائلة أنها نسيت إخراجها في وقتها فلا إثم عليها، وعليها القضاء، أما كونها لا إثم عليها فلعموم أدلة إسقاط الإثم عن الناسي، وأما إلزامها بالقضاء فلما سبق من التعليل.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة (9/372)(5/2649)
وقت إخراج زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وقت إخراج زكاة الفطر من بعد صلاة العيد إلى آخر ذلك اليوم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد، وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبل الصلاة، ولما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) أخرجه أبو داود 2/262-263 برقم (1609) ، وابن ماجه 1/585 برقم (1827) ، والدارقطني 2/138، والحاكم 1/409.
ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان..) ، وقال في آخره: (وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين) . فمن أخرها عن وقتها فقد أثم، وعليه أن يتوب من تأخيره وأن يخرجها للفقراء.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (2896)(5/2650)
زكاة الفطر عن الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[لكثير من الناس خدم كفار في البيت فهل يخرج عنهم زكاة الفطر أو يعطيهم شيئاً من الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يخرج عنهم زكاة الفطر ولا يجوز له أن يعطيهم من الزكاة شيئاً، ولو أعطاهم شيئاً منها لم يجزئه، لكن له أن يحسن إليهم من غير الزكاة المفروضة، مع العلم بأن الواجب الاستغناء عنهم بالعمال المسلمين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراج الكفار من جزيرة العرب وقال: (لا يجتمع فيها دينان) .
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (7699)(5/2651)
الزيادة على زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل زكاة الفطر محدودة بأن أكيل لكل شخص من أفراد عائلتي صاعاً واحداً بدون تزويد، إنني أقصد بالزيادة الصدقة ليس احتياطاً عن نقص الصاع دون أن أخبر الفقير الذي أدفعها له بتلك الصدقة مثل: عندي عشرة أشخاص ثم اشتريت كيس أرز يزن خمسين كيلواً ثم دفعتها كلها زكاة فطر عن هؤلاء العشرة بدون عدها بالأصواع؛ لأنني أعرف بأنها تزيد عنهم بعشرين كيلو أو أكثر، جاعلاً الزيادة صدقة، ثم إنني لا أخبره بأن هذه الزيادة صدقة، بل أقول: خذ زكاتنا، فهو لا يعلم أن ذلك الكيس فيه زيادة عن الزكاة فيأخذها راضياً بها. فما الحكم في ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زكاة الفطر صاع من البر أو التمر أو الأرز ونحوها من قوت البلد للشخص الواحد، ذكراً أو أنثى صغيراً أو كبيراً، ولا حرج في إخراج زيادة في زكاة الفطر كما فعلت بنية الصدقة ولو لم تخبر بها الفقير.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/370) .(5/2652)
حكم من لم يخرج زكاة الفطر مع القدرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من كانت لديه الاستطاعة في إخراج زكاة الفطر ولم يخرجها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على من لم يخرج زكاة الفطر أن يتوب إلى الله عز وجل، ويستغفره؛ لأنه آثم بمنعها، وأن يقوم بإخراجها إلى المستحقين، وتعتبر بعد صلاة العيد صدقة من الصدقات.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(5/2653)
إخراج الزكاة عن العمال
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا مصنع ومزرعة فيها عمال ويتقاضون أجرة فهل لنا أن نصرف الفطرة عنهم أم يصرفونها هم عن أنفسهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العمال الذين يتقاضون أجرة مقابل ما يؤدونه من عمل في المصنع والمزرعة هم الذين يخرجون زكاة الفطر عن أنفسهم؛ لأن الأصل وجوبها عليهم. (فلا يلزمك إخراجها عنهم) .
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/372)(5/2654)
بينه وبين زوجته نزاع فهل يخرج عنها زكاة الفطر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يلزم الزوج زكاة فطرة الزوجة التي بينه وبينها نزاع شديد أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه وعن كل من تجب عليه نفقته ومنهم الزوجة، لوجوب نفقتها عليه، فإذا وجد بينهما نزاع شديد حكم بمقتضاه عليها بالنشوز وإسقاط نفقتها فلا يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر عنها لأنها تابعة لنفقتها فتسقط بسقوطها.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/367)(5/2655)
أخرج زكاة الفطر عن الجنين فتبين أنه توأم
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت زوجتي حاملاً في شهر رمضان المبارك وزكيت عن الجنين الذي في بطن أمه، وعندما وضعت الأم بعد عيد الفطر المبارك بأيام قليلة وضعت اثنين توائم بقدر الله سبحانه وتعالى.
والآن هل علي شيء، علماً بأني زكيت عن جنين واحد ولم أزك عن الجنين الثاني؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجب عليك شيء لتركك زكاة الفطر عن الجنين الثاني.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/366)(5/2656)
هل على الفقير وأهله زكاة الفطر
[السُّؤَالُ]
ـ[إنسان فقير يعول عائلة مكونة من أمه وأبيه وأولاده، ويدركه عيد الفطر، وليس عنده إلا صاع من الطعام فمن يخرجه عنه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكره السائل من حال الفقير المسئول عنه؛ فإنه يخرج الصاع عن نفسه إذا كان فاضلاً عن قوته وقوت من يعول يوم العيد وليلته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول) رواه البخاري 2/117، 6/190، ومسلم 2/717، 718، 721، برقم (1034، 1036، 1042) .
أما من يعولهم السائل فإذا لم يكن لديهم شيء يزكون به عن أنفسهم فتسقط لقوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) البقرة /286، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صدقة إلا عن ظهر غنى) رواه البخاري (2،117، 6/190) ، ومسلم 2/717 برقم (1034) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) .
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(5/2657)
مقدار زكاة الفطر، وهل يجوز إخراجها نقوداً
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مقدار زكاة الفطر؟ وهل يجوز إخراجها بعد صلاة العيد؟ وهل يجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فرض زكاة الفطر على المسلمين صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة – أعني صلاة العيد – وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نعطيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعا من أقط أو صاعا من زبيب. . وقد فسر جمع من أهل العلم الطعام في هذا الحديث بأنه البر – وهو القمح – وفسره آخرون بكل ما يقتاته أهل البلاد أيا كان سواء كان برا أو ذرة أو غير ذلك، وهذا هو الصواب، لأن الزكاة مواساة من الأغنياء إلى الفقراء ولا يجب على المسلم أن يواسي من غير قوت بلده. والواجب صاع من جميع الأجناس وهو أربع حفنات باليدين الممتلئتين وهو بالوزن يقارب ثلاثة كيلو غرام. فإذا أخرج المسلم صاعا من الأرز أو غيره من قوت بلده أجزأه ذلك.
وأول وقت لإخراجها هو ليلة ثمان وعشرين لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يخرجونها قبل العيد بيوم أو يومين، والشهر يكون تسعاً وعشرين ويكون ثلاثين.
وآخر وقت لإخراجها هو صلاة العيد فلا يجوز تأخيرها إلى ما بعد الصلاة لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) رواه أبو داود.
ولا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل العلم وهو الأصح دليلاً، بل الواجب إخراجها من الطعام، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وجمهور الأمة. والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين جميعاً للفقه في دينه والثبات عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله. مجلة البحوث الإسلامية العدد 17. صفحة 79-80.(5/2658)
حكم شراء طعام زكاة الفطر قبل مدة
[السُّؤَالُ]
ـ[مركز إسلامي في بلاد الغرب يقوم بشراء كميات من الطعام كالرز مثلاً قبل العيد بعشرة أيام مثلاً ثم يعلن عن استعداده أخذ مبالغ من المسلمين لزكاة الفطر، ثم يخرجها عنهم، وذلك لأنه لا يتمكن من شراء الكمية إذا أخذ الأموال قبل العيد بيوم أو يومين فما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
لا باس أن يشتري المركز الطعام قبل مدة ثم يبيعه على الراغبين في شراء زكاة الفطر ثم تخرج في وقتها الشرعي.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/2659)
راتبه لا يكفيه ولا يكفي أولاده، فهل له أن يأخذ من مال الصدقة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف ولي راتب شهري وراتبي لا يسد احتياجاتي واحتياجات أبنائي ولدي صديق يقوم بالتصدق من ماله الشخصي أو من راتبه ويمنحه لي ولأولادي ويشتري لنا بعض الأغراض ويسد احتياجاتنا بارك الله فيه. هل هذا حرام أم حلال؟ وهل يجوز أن آخذ منه المال أو يصرف علينا من ماله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان صديقك يعطيك من زكاة ماله المفروضة، وراتبك لا يكفي احتياجاتك واحتياجاتك من تعوله: فلا حرج عليك في أن تأخذ منه ما يكمل كفايتك وكفاية من تعوله.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ (يعني عن الإمام أحمد) أَنَّ الْغِنَى مَا تَحْصُلُ بِهِ الْكِفَايَةُ , فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ , وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا , وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا حَلَّتْ لَهُ الصَّدَقَةُ , وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا , وَالْأَثْمَانُ وَغَيْرُهَا فِي هَذَا سَوَاءٌ. وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ , لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِقَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ (لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: قَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ , فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ , أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَمَدَّ إبَاحَةَ الْمَسْأَلَةِ إلَى وُجُودِ إصَابَةِ الْقِوَامِ أَوْ السِّدَادِ , وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ هِيَ الْفَقْرُ , وَالْغِنَى ضِدُّهَا , فَمَنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَهُوَ فَقِيرٌ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ النَّصِّ , وَمَنْ اسْتَغْنَى دَخَلَ فِي عُمُومِ النُّصُوصِ الْمُحَرِّمَةِ " انتهى.
"المغني" (2/277) .
وقال علماء اللجنة:
" إذا كان راتبك ودخلك لا يكفيك وعائلتك في الأشياء الضرورية فلا مانع من أخذك من الزكاة بقدر ما يكمل الكفاية " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (10 / 23)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" إذا كان الراتب لا يكفيك لقضاء حاجاتك وحاجات أهلك المعتادة التي ليس فيها إسراف ولا تبذير حلت لك الزكاة، وإلا فلا " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14 / 266-267)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الفقير الذي يستحق من الزكاة هو الذي لا يجد كفايته وكفاية عائلته لمدة سنة، ويختلف بحسب الزمان والمكان، فربما ألف ريال في زمن، أو مكان تعتبر غنى، وفي زمن أو مكان آخر لا تعتبر غنى لغلاء المعيشة ونحو ذلك " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 / 1573) .
وينظر: "لقاء الباب المفتوح"، للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (148 / 7) .
وأما إذا كان صديقك يعطيك من راتبه على أنها من صدقة التطوع: فالأمر فيها أوسع من الزكاة المفروضة، والرخصة فيها أعم.
قال النووي رحمه الله:
" تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم، ويثاب دافعها عليها , ولكن المحتاج أفضل.
قال أصحابنا: ويستحب للغني التنزه عنها , ويكره التعرض لأخذها.
قال صاحب البيان: ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهرا للفاقة. وهذا الذي قاله صحيح " انتهى.
"المجموع" (6/236) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" صدقة التطوع أوسع من الزكاة المفروضة؛ لأن الزكاة المفروضة لا تحل إلا للأصناف الثمانية الذين عينهم الله في قوله (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٌ) أما صدقة التطوع فهي أوسع، فيجوز للإنسان أن يتصدق على شخص يحتاج إليها وإن لم يكن فقيراً، ويجوز أن يتصدق على طلبة العلم وإن كانوا أغنياء، تشجيعاً لهم على طلب العلم، ويجوز أن يتصدق على غنيٍّ من أجل المودة والألفة. فهي أوسع، ولكن كلما كانت أنفع فهي أفضل " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (213 / 6)
راجع إجابة السؤال رقم: (82673) (67926) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2660)
حكم دعم الجمعيات الخيرية التي يقوم عليها المبتدعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الجائز أن أقوم بإعطاء الهبات للطوائف المنحرفة – كالصوفية - إذا كانوا ينفقونها في سبيل الخير، مثل مساعدة الفقراء بينهم، أو إنشاء مدارس يمكن من خلالها تعليم الأطفال، وتحفيظهم القرآن؟ وسوف أكون ممنوناً إذا ما كانت هناك حادثة كهذه من السلف. جزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا شك أن من الخير الذي أمر الله به وحث عليه: ما يقدمه الإنسان من صدقات يريد بها الأجر والثواب، كما قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:114]
وقد بين الله سبحانه في كتابه فضل تلك النفقات والصدقات فقال: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ ِ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمّ َ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/ 261، 262.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ - وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ - وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّى أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَل) .
رواه البخاري (1344) ومسلم (1014) .
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قَالَ اللَّهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) .
رواه البخاري (5073) ومسلم (993) .
ثانياً:
الأصل أن تكون العطيات، والصدقات، وما شابهها: لأهل السنَّة , وأن يتحرى المسلم في ذلك أهل الاستقامة والتقوى منهم، وأن لا يمكِّن من ماله إلا أهل الدين والورع.
عنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ تُصَاحِبْ إِلاَّ مُؤْمِنًا وَلاَ يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلاَّ تَقِيّ) .
رواه الترمذي (2395) وأبو داود (4832) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي ".
ثالثاً:
الأصل أن يقوم صاحب المال بتوزيع صدقته على المستحقين بنفسه، وذلك لأنها عبادة متعلقة بماله، وقيامه بذلك بنفسه أدعى لشعوره بالعبادة، وانتفاعه بأثرها في قلبه، ثم أنه أوثق له، وأبرأ لذمته.
لكن إن تعذر عليه ذلك، أو كانت هناك مصلحة راجحة: فله أن يوكل غيره في توزيعها، سواء كان وكليه فردا أو جمعية، أو هيئة خيرية، بشرط أن يكون وكيله مسلما، ثقة، عالما بمصارف الزكاة.
وينبغي النظر إلى تحري هذا الوكيل، سواء كان شخصا أو جمعية، للسنة، وتجنبه للبدعة، لئلا يستعين بهذه الأموال على نشر بدعته، أو الدعوة إليها.
رابعا:
إذا كانت هناك مصلحة راجحة في دفع الهبات والصدقات لبعض الأشخاص الذين يكون عندهم شيء من البدع، كالصوفية، ولم يكن هناك من أهل السنة من يقوم بهذا الدور، ويحقق هذه المصلحة: فلا بأس بدفعها إليهم، إذا تحققنا عدالتهم في شأن الأموال، وأنهم لن يستعينوا بهذه الأموال على نشر بدعتهم. قال الخطيب الشربيي رحمه الله: "المراد بالعادل العادل في الزكاة وإن كان جائرا في غيرها". "مغني المحتاج" (1/414) .
وفي صحيح البخاري عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيَارٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ مَحْصُورٌ، فَقَالَ إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ وَنَزَلَ بِكَ مَا نَرَى وَيُصَلِّي لَنَا إِمَامُ فِتْنَةٍ وَنَتَحَرَّجُ فَقَالَ الصَّلَاةُ أَحْسَنُ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ فَإِذَا أَحْسَنَ النَّاسُ فَأَحْسِنْ مَعَهُمْ وَإِذَا أَسَاءُوا فَاجْتَنِبْ إِسَاءَتَهُمْ.
والشاهد منه أنه عند تحقق إحسان الناس، فأحسن معهم، واجتنب ما عنده من الإساءة، فلا تشاركه فيها، ولا تعنه عليها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2661)
يعملون في جمعية خيرية ويشاركونها في أموالها بنسبة من الأرباح
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إفادتي بما يأتي: فريق من الإخوة قاموا بجمع التبرعات من الناس لجمعية معينة، وخيراتها، وتكون إدارة الجلسات، وإعدادها، وإخراج الإعلانات، والمالية، كلها من قبَل ذلك الفريق - كبيع مقاعد للمحاضرات الدينية مثلا -، وسيكون توزيع الربح من الأموال المجموعة كالتالي: 50 % من الربح لإدارة الجلسات، و 30 % منه للفريق، و 20 % للجمعية، وإذا تمكن الفريق من بيع المقاعد، أو الكراسي المبينة أعلاه: فستكون 50 % من التبرعات تعطى للجمعية، أو الفريق، على حسب عدد المقاعد، أو الكراسي المباعة! هل هذا التعامل جائز شرعاً لأن التبرعات التي تجمع من الحضور أو المشترين من أجل خيرات الجمعية؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من أجلّ الطاعات وأنفعها للعبد: الاشتغال بالدعوة، والتعليم، ونشر للخير بين الناس، كما قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/ 33.
قال ابن كثير رحمه الله:
وهذه عامة في كل من دعا إلى خير، وهو في نفسه مهتدٍ.
" تفسير ابن كثير " (7 / 179) .
فإقامة هذه الجمعيات وسيلة من الوسائل التي تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية، من رعاية الفقراء، والمحتاجين، ودعوة، وتعليم، وتحفيظ لكتاب الله، وما شابه ذلك.
وحتى يتم الأجر والثواب على أكمل وجه - بإذن الله - لا بد أن يكون العمل خالصاً لله، كما قال الله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيماً) النساء/ 114.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير الآية:
ينبغي للعبد أن يقصد وجه الله تعالى، ويخلص العمل لله في كل وقت , وفي كل جزء من أجزاء الخير؛ ليحصل له بذلك الأجر العظيم، وليتعود الإخلاص، فيكون من المخلِصين، وليتم له الأجر.
"تفسير السعدي" (ص 202) .
ومما يعين على الإخلاص، ويصحح النية: أن تكون الأعمال الخيرية ليست مقصداً لربح مادي، أو معنوي، للقائمين عليه، بل تكون الغاية - أولاً، وأخيراً - الأجر، والثواب من الله.
ولعل نجاح كثير من الأعمال الخيرية القائمة الآن، سببه: البعد عن المقصد المادي، والربح الدنيوي، ولعل - كذلك - من أسباب فشل كثير من المشاريع الخيرية: دخول حظ النفس الدنيوي , والذي يترتب عليه فشل المشروع , بل والشحناء، والبغضاء بين القائمين عليه.
ثانياً:
القائمون على هذه الجمعيات هم أمناء على ما يجمعونه من تبرعات وأموال لهذه الجمعيات، فلا يجوز لهم التصرف في هذه الأموال إلا فيما حدده المتبرع بهذا المال، فإذا جعله في الصدقة على الفقراء أو تعليم العلم وجب إنفاقه فيما حدده.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
رجل فقير يأخذ الزكاة من صاحبه الغني بحجة أنه سيوزعها، ثم يأخذها هو، فما الحكم في هذا العمل؟
فأجاب:
"هذا محرَّم عليه، وهو خلاف الأمانة؛ لأن صاحبه يعطيه على أنه وكيل، يدفعه لغيره، وهو يأخذه لنفسه، وقد ذكر أهل العلم: أن الوكيل لا يجوز أن يتصرف فيما وُكِّل فيه لنفسه، وعلى هذا: فإن الواجب على هذا الشخص أن يبيِّن لصاحبه: أن ما كان يأخذه من قبْل كان يصرفه لنفسه، فإن أجازه: فذاك، وإن لم يُجزْه: فإن عليه الضمان - أي: يضمن ما أخذ لنفسه - ليؤدي به الزكاة عن صاحبه" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (18/202) .
وانظر جواب السؤال رقم: (49899) .
وعلى هذا؛ فلا يجوز للقائمين على هذه الجمعية أن يستفيدوا مما يدفعه الناس من صدقات، وزكوات وتبرعات للجمعية لتحقيق نفع وربح مادي خاصٍّ بهم، ثم إنهم قد بالغوا في نسبة المشاركة حتى جعلوا حصتهم 80 % فكيف يكون هذا مباحاً؟ والأموال التي بين أيديهم هي من تبرعات الناس للجمعية الخيرية، لا لهم.
فالواجب على القائمين على هذه الجمعية أن ينفقوا أموال المتبرعين فيما حدده المتبرعون.
والنصيحة لهم: أن يتعففوا عن هذا المال , وأن يقتصر أخذهم على الحد الأدنى من الحاجات الضرورية من مصاريف لإنجاح هذا العمل الخيري , وأن يُجعل الربح الحاصل في أعمال ومشاريع الجمعية الخيرية.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2662)
هل يجوز أن تتصدق من مال جدتها في حال عدم إدراكها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدة أمي مقعدة وتقوم أمي برعايتها منذ عدة سنوات، وقد كانت جدتي رعاها الله كثيرة الصدقة وكريمة تجود بكل ما لديها حتى لا يكاد يتبقى لها من مالها شيء، وكان يقال لها وفري مالك فليس لديك أولاد ينفقون عليك وليس لك دخل إلا ما يعطى لك من ضمان قد ينتهي في أي لحظة فترد قائلة سيبدله الله لي وسأجده عنده يوم القيامة ولأنها كانت تحتسبها وتعطيها لوجه الله فقد بارك الله لها فيها وهي بالألوف، وفي الآونة الأخيرة بدأت جدتي تفقد ذاكرتها جزئيا وفي أغلب الوقت لكنها لازالت بعقلها ونخبرها عن أوقات الصلاة وتصليها وتذكر الله ولا تترك الأضحية أبدا عند علمها بحلول العيد. لكنها لا تذكر شيئا عن مالها ولا تسأل عنه بتاتا وبما أنها في رعاية والدتي فإن الأموال عند أمي تنفق على جدتي منها وتزكيها فقط لكن أخوات أمي وهم الورثة قالوا لأمي تصدقي منها باستمرار فلو كانت تعلم ما تركتها فأصبحت أمي تتصدق منها وتهدي أيضا بنية أن تكون صدقة لجدتي ومرة أثناء ذهابي لوالدتي أعطتني خاتما من ذهب جدتي وقالت خذيه هدية بنية الصدقة عن والدتي ولكني لم أتصرف فيه إلى الآن لأني لا أعلم هل يجوز فعل أمي أم لا. مع أنها قد تعطي بعض المال لبنات أخواتها الصغار بنية الصدقة لجدتي مع العلم أن حالة الجميع جيدة والحمد لله. وهل يجوز أن تتصدق ببعض المال بنية أن يكون لوالدي جدتي رحمهما الله أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله للجدة حسن الجزاء وحسن الخاتمة على ما بذلته ابتغاء وجه الله، وأن تجد ما قدمت بين يديها ذخرا وكرامة يوم القيامة.
ثانياً:
إن كانت الجدة على حالها من جهة العقل وحسن النظر – ولو أحيانا – فالواجب عدم التصرف في مالها إلا بإذنها وقت إدراكها وحسن تصرفها.
وإن كانت مغلوبة على عقلها، فالواجب المحافظة على مالها، وعدم التصرف فيه إلا بمقتضى ما تحتاجه من الإنفاق عليها في طعامها وكسوتها وعلاجها ونحو ذلك، وكذا إخراج زكاته المفروضة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، أما التبرع والتصدق والهبة ونحو ذلك بدون إذنها فلا يجوز.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
امرأة كبيرة في السن تسكن عند إحدى بناتها، وهذه المرأة عندها مال، والآن هي ليست جيدة العقل، ومعتادة قبل أن يكون عقلها بهذا الشكل أن تعطي أطفال بناتها في رمضان أو في العيد، وكذلك تطعم في رمضان، والآن تقوم البنت بما كانت تقوم به الأم في السابق، والناس أنكروا عليها قالوا: ما يجوز أن تفعلي هذا الشيء، فما رأي سماحتكم؟
فأجاب:
"نعم.. الصحيح الإنكار، أنه ينكر على البنت أن تتصرف بشيء من مال أمها الآن؛ لأن أمها لما كانت عاقلة فالأمر بيدها، فلما اختل عقلها صار لا بد لها من ولي.
ولهذا نقول: لا تتصرف في شيء من مالها إلا بعد أخذ ولاية من المحكمة، فالواجب عليها الآن أن تذهب إلى المحكمة وتبلغ القاضي بالواقع، وتطلب الولاية على أمها.
السائل: هل يحق للولي عمل نفس العمل؟ الشيخ: إذا صار ولياً فإنه لا يتصرف في مالها إلا فيما هو لازم، أما التبرع فلا يتصرف فيه بشيء" انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (13/ 18) .
وعلى هذا، فلا يجوز تصدقكم من أموال جدتكم، وعليك أن تردي الخاتم الذي أخذتيه، فإنه لا يحل لك.
والواجب العناية بأمر الجدة، والاهتمام بشأنها، والإنفاق عليها من مالها وحفظ الباقي لها، وما يدريكم لعل حالتها الصحية تحتاج يوما ما إلى مزيد الإنفاق عليها.
أما قولك: هل يجوز أن تتصدق ببعض المال بنية أن يكون لوالدي الجدة؟
فالجواب:
أنه لا يجوز ذلك إلا إذا أذنت فيه حال إفاقتها.
وخلاصة الجواب: أنه لا يجوز التصدق من مال الجدة، وإذا أردتم ذلك فلابد من استئذانها في حال إفاقتها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2663)
تعطيه الجمعية تكاليف دراسته وتشترط عليه أن يدفع جزءا من راتبه للفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في جمعية خيرية، تكفلنا بتدريس طالب جامعي بدفع جميع أقساطه الجامعية، ولكننا اشترطنا عليه بعد انتهائه من دراسته الجامعية، وتوظيفه أن يخصص جزءاً من راتبه للمحتاجين، هل يجوز أن نشترط عليه ذلك؟ وهل ما فعلناه صواب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما تدفعه الجمعية الخيرية للطالب قد يكون من الزكاة المفروضة، أو صدقة التطوع، أو من وقف أوقفه أحد المحسنين، حسب المال المدفوع إليه.
وقد يكون قرضا إذا اشتُرط عليه رد المال جملة أو مقسطا على أقساط، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يشترط عليه تخصيص جزء من راتبه المستقبلي للمحتاجين؛ لأنه لا وجه لهذا الشرط.
والمقصود من إعطاء المال لهذا الطالب هو الإحسان إليه وليس المعاوضة، فلا يجوز أن تدفع الزكاة للمستحق ثم يشترط عليه إخراج شيء من ماله فيما بعد، وكذلك الأمر في الصدقة والوقف، إلا أن تعطيه الجمعية المال على سبيل القرض، ثم تطالبه برد مثله.
والأفضل: أن هذا الطالب يعطى المال تمليكا له وليس قرضاً، ما دام مستحقاً لذلك.
وإذا كان الحامل للمؤسسة على هذا التصرف هو الإحسان للمحتاجين، وتشجيع الناس على ذلك، فإنها تقتصر على الدعوة والترغيب، دون إلزام، فيقال للطالب مثلا: إن هذه الكفالة التي أعطيتها ينبغي أن تدعوك إلى كفالة الآخرين حين ينعم الله عليك بالعمل والراتب، أو نحو هذا مما يدعو ويرغب في الإحسان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2664)
صرف السلع المدعومة من الدولة وإعطاؤها للفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا بمصر الدولة تعطى بطاقة لصرف بعض السلع التموينية بأسعار بسيطة أي مدعمة من قبل الدولة لمتوسطي الدخل أو ضعيفي الدخل ولى أخ له بطاقة ولكن مَنَّ الله عليه بسفر إلى إحدى البلاد العربية للعمل وبعد سفره بمدة علمنا أنه كان لابد أن يتقدم إلى مكتب التموين لحفظ حقه وعدم صرف هذه السلع أثناء سفره، فهو الآن غير متواجد بمصر حتى يقوم بهذا العمل، فهل يجوز صرف هذه السلع وإعطائها للفقراء لأنّنا لو لم نقوم بصرفها صرفها التاجر الذي يقوم بإحضار هذه السلع من مكتب التموين، وصرفها للناس، وسيقوم ببيعها بأسعار مرتفعة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في صرف هذه السلع والاستفادة منها أو إعطائها للفقراء والمحتاجين.
والله أعلم.
الصدقة
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2665)
أعطاها زوجها مبلغاً من المال للصدقة فهل لها أن تتصدق على أختها منه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني زوجي مبلغاً من المال للصدقة، هل يجوز أن أعطي هذا المبلغ لأختي لحاجتها دون علم زوجي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان زوجك قد وكلك في صرف هذا المال في وجوه البر، وحدد لك الجهة المعطى لها، فلا يجوز لك صرفه إلا فيما نص عليه.
وإن لم ينص على جهة معينة بل قال لك: اصرفي هذا المال في وجوه البر، أو تصدقي به على فقير ... ونحو ذلك، فلا بأس أن تُعطي أختك المحتاجة من هذا المال بقدر حاجتها، بل هذا أولى وأفضل، ولا فرق في هذا بين صدقة التطوع، والزكاة.
قال النووي في "المجموع" (2/235) : "أجمعت الأمة على أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب، والأحاديث في المسألة كثيرة مشهور ... قال أصحابنا: ويستحب تخصيص الأقارب على الأجانب بالزكاة حيث يجوز دفعها إليهم، كما قلنا في صدقة التطوع، ولا فرق بينهما , وهكذا الكفارات، والنذور والوصايا، والأوقاف، وسائر جهات البر يستحب تقديم الأقارب فيها حيث يكونون بصفة الاستحقاق" انتهى.
ولأن أختك - ما دامت محتاجة إلى المال – فهي مصرف من مصارف الصدقة، لقول الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ) التوبة/60.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز رحمه الله: هل يحق للبنت المتزوجة أن تقوم بتوزيع الثواب لوالدتها المتوفية، علماً بأن الزوج موافق على القيام بالثواب على نفقة الزوج؟
فأجاب:
"لا مانع من الصدقة على الوالدين المسلمين من مالها أو مال الزوج إذا سمح تتصدق من مالها أو من مال الزوج ما يسر الله من المال لوالديها المسلمين، أو لإخوتها المسلمين، أو لخالاتها أو لعماتها أو لأولادها..... فإذا أعطى زوجته، وقال: لا بأس، تصدقي من مالي أو قال لها أبوها كذلك، أو عمها إذا أعطاها مالاً تتصدق منه، فلا بأس" انتهى بتصرف يسير http://www.binbaz.org.sa/mat/13997
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
هل يجوز للمرأة أن تخرج من مالها الخاص صدقة لأحد أقاربها الأموات دون علم زوجها، وما الحكم إذا كانت الصدقة من مال زوجها؟
فأجاب:
"يجوز للمرأة أن تخرج من مالها الخاص صدقة عن أقاربها الأموات لوجه الله سبحانه وتعالى، وليعود ثوابها ونفعها إليهم؛ لأنها تتصرف من مالها، وهي حرة في مالها في حدود ما شرعه الله، والصدقة عمل صالح ويصل ثوابها إلى من تصدق عنه إذا تقبلها الله، أما أن تتصدق من مال زوجها وهو لا يمنع من ذلك وعرفت من زوجها ذلك، فلا مانع، أما إذا كان زوجها يمنع من ذلك فهذا لا يجوز" انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان".
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/2666)
هل إعانة شاب ملتزم على الزواج تعد من الصدقة الجارية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي وأوصت بثلث ذهبها أن يوضع في صدقة جارية , فهل إعانة شاب ملتزم على الزواج تعد صدقة جارية]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصدقة الجارية عند أهل العلم محمولة على الوقف الذي يبتغي به صاحبه وجه الله تعالى، وشبهه مما يدوم نفعه، وتستمر حسنته في الناس، فتستمر حسنته لصاحبه عند الله.
فقد روى مسلم (1631) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) .
قال النووي رحمه الله:
" قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ عَمَل الْمَيِّت يَنْقَطِع بِمَوْتِهِ , وَيَنْقَطِع تَجَدُّد الثواب لَهُ , إِلَّا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة ; لِكَوْنِهِ كَانَ سَبَبهَا ; فَإِنَّ الْوَلَد مِنْ كَسْبه , وَكَذَلِكَ الْعِلْم الَّذِي خَلَّفَهُ مِنْ تَعْلِيم أَوْ تَصْنِيف , وَكَذَلِكَ الصَّدَقَة الْجَارِيَة , وَهِيَ الْوَقْف " انتهى.
وقال ابن الأثير في "النهاية" (1/739) :
" (صَدَقة جارِية) أي دَارّة مُتَّصِلة كالوُقُوف المُرْصَدة لأبواب البِرّ " انتهى.
وقال السرخسي في "المبسوط" (12/32) :
" مَقْصُودُ الْوَاقِفِ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ جَارِيَةً لَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " انتهى.
وقال العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/135) :
" وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ تُحْمَلُ عَلَى الْوَقْفِ وَعَلَى الْوَصِيَّةِ بِمَنَافِعِ دَارِهِ وَثِمَارِ بُسْتَانِهِ عَلَى الدَّوَامِ , فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهِ , لِتَسَبُّبِهِ إلَيْهِ , فَكَانَ لَهُ أَجْرُ التَّسَبُّبِ " انتهى.
وقال في أسنى المطالب (2/4457) :
" وَالصَّدَقَةُ الْجَارِيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْوَقْفِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيّ " انتهى.
وقال ابن عثيمين رحمه الله:
" صدقة جارية: يعني أن يتصدق الإنسان بشيء ويستمر هذا الشيء، وأحسن ما يكون المساجد، بناء المساجد صدقة جارية؛ لأن أجر الباني مستمر مادام هذا المسجد قائما ليلا ونهارا، والمسلمون يمكثون في المساجد في صلاتهم وقراءتهم وتعلمهم العلم وتعليمهم العلم وغير ذلك.
ومن الصدقات الجارية أن يوقف الإنسان وقفا من عقار أو بستان أو نحوه على الفقراء، والمساكين، أو على طلبة العلم، أو على المجاهدين في سبيل الله أو ما أشبه ذلك.
ومن الصدقات الجارية أن يطبع الإنسان كتبا نافعة للمسلمين يقرءون فيها وينتفعون بها سواء كانت من مؤلفين في عصره أو من مؤلفين سابقين , المهم أن تكون كتبا نافعة ينتفع بها المسلمون من بعده.
ومن الصدقات الجارية إصلاح الطرق؛ فإن الإنسان إذا أصلح الطرق وأزال عنها الأذى واستمر الناس ينتفعون بهذا، فإن ذلك من الصدقات الجارية.
والقاعدة في الصدقة الجارية: كل عمل صالح يستمر للإنسان بعد موته " انتهى.
"شرح رياض الصالحين" (ص 1587)
وقال الشيخ الفوزان:
" فهذه الأمور تلحق الميت: إذا أوقف وقفًا ينتفع به في سبيل الخير، واستمر هذا الوقف يفعل بعد وفاته فإنه يلحقه الأجر ما بقي هذا الوقف " انتهى.
"المنتقى من فتاوى لفوزان" (41/11)
وانظر جواب السؤال رقم: (43101) – (122361)
وبناءاً على ما سبق؛ فما ورد في السؤال من إعانة الشاب المذكور على الزواج لا يعد من الصدقة الجارية، مع ما في ذلك من الأجر العظيم إن شاء الله لمن سعى في إعفافه وسد حاجته، والتسبب في تكثير نسل المسلمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/2667)
حكم صرف المال المبذول لإصلاح شيء في المسجد إلى شيء آخر في نفس المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل دفع مالا للجنة قائمة على مسجد وقال: هذا المال يصرف في إنشاء دورات مياه مثلا، ولكن اللجنة رأت فيما بعد بالأغلبية أنهم بحاجة لصرفه في غير ما خصصه صاحب المال. فما الحكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأولى والأحوط أن يصرف فيما خصصه له باذله إذا كان الموضوع أمرا مشروعا، كدورة المياه أو أمرا مباحا، لكن إذا رأت اللجنة القائمة على تعمير المسجد أن الحاجة أو الضرورة تدعو إلى صرفه في تعمير المسجد فلا حرج في ذلك إن شاء الله؛ لأن تعمير المسجد أفضل وأعظم نفعا من تعمير دورات المياه حول المساجد؛ وما ذاك إلا لأن تعمير المسجد هو المقصود الأول، أما تعمير الدورات فهو من باب الوسائل والإعانة على تسهيل أداء الصلاة وكثرة المصلين، والله ولي التوفيق" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (20/13) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2668)
حكم إنشاء الجمعيات الخيرية، ونصائح في التعامل مع أصحاب الأموال
[السُّؤَالُ]
ـ[نسأل عن حكم الجمعيات الخيرية، وما الضوابط التي تنصح بها السلفي في حالة التعاون معها - إن كان جائزاً - ومع أصحاب الأموال من عوام الناس الذين يحبون دعوتنا، ولا يعرفون تفاصيلها؛ لأنهم يثقون في إخواننا السلفيين بإعطائهم الأموال، وتوزيعها في أماكنها، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إقامة الجمعيات الخيرية الإسلامية يعدُّ من الأعمال الجليلة للأشخاص القائمين على تأسيسها، ونرجو لهم تحصيل الأجور العظيمة بسبب إنشاء تلك الجمعيات؛ لما لها من نفع متعدٍّ للمسلمين، ضعفائهم، وفقرائهم، وإن إعانة هؤلاء، وتفريج كرباتهم: لهو من الأعمال الجليلة في شرع الله تعالى؛ لما لها من أجور جزيلة، ومن هذه الأعمال التي تقوم بها الجمعيات، ولها تلك الأجور:
1. كفالة الأيتام.
عَنْ سَهْل بنِ سَعْد قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا -) .
رواه البخاري (4998) .
ومسلم (2983) من حديث أبي هريرة بلفظ قريب.
2. السعي على الأرامل.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ) .
رواه البخاري (5038) ومسلم (2982) .
3. بناء المساجد.
عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ بَنَى مَسْجِداً يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ) .
رواه البخاري (439) ومسلم (533) .
4. قضاء الديون.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) .
رواه مسلم (2699) .
5. تزويج العزاب.
عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(المُسلِمُ أَخُو المُسلِمِ لا يَظلِمُهُ وَلا يُسْلِمُه، مَن كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَن فَرَّجَ عَن مُسلِمٍ كُربَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنهُ بِهَا كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ) .
رواه البخاري (2442) ومسلم (2580) .
6. تفطير الصائمين.
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) .
رواه الترمذي (807) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وابن ماجه (1746) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
ويشمل ما سبق – وثمة كثير لم نذكره - وغيره من أعمال الجمعيات الخيرية: هذا الحديث المبارك، والذي هو نصٌّ في فضل الطاعات المتعدية:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً , أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا , وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ - شَهْرًا , وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ , وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ) .
رواه الطبراني (12 / 453) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " (955) .
وعليه:
فمن كان من الجمعيات الخيرية قائماً على مثل هذه المشاريع النافعة: فإنه يُعان، ويشجع عليها؛ لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) المائدة/ من الآية 2.
ومن أهم ما ينبغي أن يهتم الإخوة القائمون على هذه الجميعات: أن يتحروا في أمر الأموال التي في أيديهم، فلا يتساهلوا في صرفها، بل ينبغي عليهم أن يضعوها حيث يجب، وأن يقدموا الأهم والأنفع من الأعمال التي يحتاجها أهل المكان، وأن يراعوا مصارف الزكاة الشرعية في أموال الزكوات، ولا يخرجوا عنها إلى غيرها، وإن كان من أبواب البر والخير، وأن يراعوا شرط الواقف إن كان تحت أيديهم وقف، أو شرط المتصدق والمنفق، إن شرط وجها معينا لنفقته، لأن الجمعية بمثابة الوكيل عنه، لا يجوز لها أن تتعدى شرطه. فإن بدا للإخوة القائمين عليه باب من الخير لم يأذن فيه، فلهم أن يدلوه عليه، حتى يدخله في نفقته، أو يصرف إليه ماله.
ثانياً:
ليست الجمعيات الخيرية كلها سواء من حيث المنهج، والاعتقاد، بل منها ما هو حزبي جلد، تتعصب لحزبها، ومنها ما يتبنى أفرادها اعتقاداً فاسداً، كالأشعرية، والتصوف.
والموقف من الأولى يختلف عنه من الثانية، ففي حال كانت الجمعية حزبية – والحزب في إطاره العام من أهل السنَّة -: فإنها تُعان على ما فيه خدمة للإسلام، ولا تعان على ما في نشاط لحزبها، وجماعتها، وأما الجمعيات التي يقوم عليها أصحاب اعتقاد فاسد: فينبغي هجرها، وأن يقوم أهل السنَّة بإنشاء جمعية مستقلة خاصة بهم.
ثالثاً:
والموقف من أصحاب الأموال ينبغي أن يكون حكيماً، وإذا كانوا من أهل الدنيا، وليسوا أفراداً منكم: فإننا ننصح في التعامل معهم:
1. أن لا يكون التقرب منهم طمعاً في أموالهم، بل طمعاً في هدايتهم، وهم لو هداهم الله، واقتنعوا بالمنهج السلفي، واعتقدوا عقيدة أهل السنَّة والجماعة: فإن ذلك كافٍ ليقوموا بنصرته، بأموالهم، وجاههم.
2. أن تجعلوا بعضاً من عقلائهم ومعادن الخير منهم أعضاء في مجلس إدارة الجمعية؛ خاصة إذا كانت له وجاهة اجتماعية، يرجى من ورائها حصول خير عام للمسلمين. فإن من شأن هذا أن يُكسبكم ثقتهم، وفي الوقت نفسه يقربهم من الاعتقاد الصحيح، والمنهج السليم.
3. أن تتعاهدوهم بالعناية، والرعاية، وذلك بتقديمهم في احتفالات الجمعية، ونشاطاتها العامة، فكثير من هذه النفوس مجبولة على حب التقديم، وهذا ما يفعله أهل الدنيا معهم، فأنتم أولى بهذه المداراة، وليس في ذلك مخالفة لشرع الله.
وفي فتح مكة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ) .
رواه مسلم (1780) .
قال الدكتور علي الصلابي – حفظه الله -:
ففي تخصيص بيت أبي سفيان شيئٌ يُشبع ما تتطلع إليه نفس أبي سفيان، وفي هذا تثبيت له على الإسلام، وتقوية لإيمانه، وكان هذا الأسلوب النبوي الكريم عاملاً على امتصاص الحقد من قلب أبي سفيان، وبرهن له بأن المكانة التي كانت له عند قريش: لن تنتقص شيئاً في الإسلام، إن هو أخلص له، وبذل في سبيله، وهذا منهج نبوي كريم، على العلماء، والدعاة إلى الله أن يستوعبوه، ويعملوا به في تعاملهم مع الناس.
" السيرة النبوية، عرض وقائع، وتحليل أحداث " (ص 756) .
4. إيقافهم بأنفسهم على حالات محتاجة؛ وذلك حتى يطمئنوا إلى أن أموالهم تذهب في طريقها الصحيح، وحتى يكون هذا دافعاً لهم لاستقرار البذل، واستمراره، بل زيادته.
5. الدعاء لهم، والثناء عليهم ببذلهم، ولو كان ذلك في صورة شهادات باسم الجمعية، أو هدايا رمزية متجددة؛ حتى يستمر عطاؤهم، وتقوى قلوبهم على البذل، وفي شرعنا أُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لكل من يأتي بزكاته، فقال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة/ 103، وهو ما طبَّقه صلى الله عليه وسلم عمليّاً.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ) فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى) .
رواه البخاري (1427) ومسلم (1078) .
هذا ما ننصحكم به في التعامل مع أصحاب المال، والجاه، ونسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه خير الإسلام والمسلمين.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2669)
صناديق الأموال في المساجد، أنواعها، وأحكامها، وتنبيهات مهمة في أمرها
[السُّؤَالُ]
ـ[تقوم إدارة مسجد منطقتنا بعمل بعض النشاطات، مثل الطعام، وغيره، بعد كل عيد , وتكون هذه المصاريف مأخوذة من " بيت المال "، فما حكم حضور مثل هذه الأماكن؟ لأنني أرى وجود أمور تستحق أن يُنفق عليها أكثر من هذه الأمور، كمساعدة الفقراء، وشراء الكتب الدعوية، وغيرها من الأمور التي ترضي الله سبحانه وتعالى، وهل أذهب الى هناك اذا دُعيت لذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي وقفنا عليه في " صناديق المال " الموضوعة في المساجد: أنه يوجد تساهل من القائمين عليها في تجميعها، وفي إنفاقها.
أما تجميعها: فالتساهل له صور، منها:
1. وضعها في صناديق غير محكمة الإغلاق؛ مما يجرِّئ ضعاف النفوس على سرقتها.
2. جعْل أمرها في يد شخص واحد، ومن المعلوم أن المال فتنة، وفي فعلهم هذا يعرِّضون ذلك القائم على أمرها لفتنة الأخذ منها لنفسه، وقد حصل جرَّاء هذا تعدِّي ضعاف الإيمان على أموال المسلمين، والأفضل جعل الصناديق في أيدي لجنة مشتركة، ممن يعرفون بالأمانة.
3. وضع صندوق واحد يتم فيه تجميع الأموال المختلفة ذات وجوه الإنفاق المختلفة، فيتم تجميع مال الكفارات، والصدقات، والزكوات، وهذا خطأ، بل يجب جعل صندوق خاص لكل مال له جهة خاصة في النفقات، فكفارات الأيمان لها صندوق ليُشترى به طعام، والزكاة لها صندوقها الخاص، والصدقات العامة لها صندوقها الخاص.
وأما التساهل في إنفاقها: فله صور، منها:
1. إنفاق أموال الزكاة على الطعام، وشراء الكتيبات، وعلى النشاط الدعوي، وهذه كلها ليست من مصارف الزكاة.
2. الإنفاق على شراء طعام، أو نشاط دعوي، من الصندوق المخصص لإعمار وصيانة المسجد – مثلاً -، وينبغي مراعاة النية التي من أجلها دفع صاحب المال ماله، أو المجال الذي خصص ماله من أجله.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
ما قولكم في " صندوق البرِّ " الموضوع في المسجد، يُنفق منه على الطلبة، وغيرهم، هل يوضع فيه من الزكاة؟ .
فأجابوا:
مصارف الزكاة بيَّنها الله سبحانه وتعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/ 60، وصناديق البرِّ التي توضَع في المساجد ـ وغالباً ما تكون لمصلحة المسجد ومَن يخدم أو يتعلم فيه ـ ليست من هذه الأصناف الثمانية، فلا يجوز وضع شيء فيها من الزكاة، ويشرع مساعدة أهلها بغير الزكاة المفروضة؛ لقول الله سبحانه وتعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) المائدة/ 2، وقوله: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الحج/ 77.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 453، 454) .
3. التساهل في الإنفاق على المشاريع التي يوجد ما هو أولى منها، أو إنفاقها في أمور مبتدعة، كاحفالات لمناسبات بدعية.
وأما بخصوص مشاركتك معهم في النشاط المأخوذ ماله من صندوق المسجد: فلا مانع منه، وهو يزيد الألفة والمحبة بينك وبين المسلمين المشاركين، وقد يكون ثمة مجال للقاء مسلم جديد فتعلِّمه دينه، أو كافر قد يرغب في الإسلام فتنقذه من نار جهنم، إلا أن المشاركة في الأنشطة المالية، أو التي تحتاج إلى نفقات من هذه الأموال، مشروطة بكون المال المنفَق على ذلك النشاط ليس من أموال الزكاة، أو الكفارات، أو المال الخاص بإعمار المسجد، فإن كان مالاً من صندوق الصدقات والتبرعات العامَّة: فلا نرى مانعاً ـ حينئذ ـ من مشاركتك معهم في هذه الأنشطة أيضاً، بل هو أفضل، ويرجى من ورائه خير لكم جميعاً، إن شاء الله.
وانظر جواب السؤال رقم: (114375) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2670)
ما هي الصدقة الجارية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف أمثلة بسيطة للصدقة الجارية، وفي أي باب أنفق مالي في رمضان أو غيره: إفطار الصائمين، أم كفالة اليتيم، أم رعاية دور المسنين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصدقة الجارية هي الوقف، وهي الواردة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم (1631) .
قال النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث:
" الصدقة الجارية هي الوقف " انتهى.
" شرح مسلم " (11/85) .
وقال الخطيب الشربيني رحمه الله:
"الصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف كما قاله الرافعي، فإن غيره من الصدقات ليست جارية.
"مغني المحتاج" (3/522-523) .
والصدقة الجارية هي التي يستمر ثوابها بعد موت الإنسان، وأما الصدقة التي لا يستمر ثوابها ـ كالصدقة على الفقير بالطعام ـ فليست صدقة جارية.
وبناء عليه: فتفطير الصائمين وكفالة الأيتام ورعاية المسنين - وإن كانت من الصدقات - لكنها ليست صدقات جارية، ويمكنك أن تساهم في بناء دار لليتامى أو المسنين، فتكون بذلك صدقة جارية، لك ثوابها ما دامت تلك الدار ينتفع بها.
وأنواع الصدقات الجارية وأمثلتها كثيرة، منها: بناء المساجد، وغرس الأشجار، وحفر الآبار، وطباعة المصحف وتوزيعه، ونشر العلم النافع بطباعة الكتب والأشرطة وتوزيعها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ) رواه ابن ماجه (رقم/242) قال المنذري في " الترغيب والترهيب " (1/78) : إسناده حسن. وحسنه الألباني في " صحيح ابن ماجه "
وانظر جواب السؤال رقم (69884) و (43101) .
وينبغي للمسلم أن يعدد مصارف صدقاته، حتى يكون له نصيب من الأجر مع أهل كل طاعة، فتجعل جزء من مالك لتفطير الصائمين، وجزء آخر لكفالة اليتيم، وثالثاً لدار المسنين، ورابعاً تساهم به في بناء مسجد، وخامسا لتوزيع الكتب والمصاحف ... وهكذا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2671)
زيادة سعر اللحم لتوفير بعض نفقات المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: نعاني أحيانا من صعوبات لتوفير الإيجار في المسجد، ونريد أن نضع زيادة واحد يورو على سعر كيلو اللحم الواحد – الذي يباع بعد تحري ذبحه بالطريقة الحلال - بهدف أن يذهب جزء من هذا اليورو إلى المسجد، وجزء آخر لتغطية النفقات من مواصلات وغيره للشخص الذي يتولى مسؤولية نقل اللحم بسيارته، وقد نقدم له مبلغاً زهيداً مقابل ذلك، وقد قام أحد الإخوة بإخبار الناس الذين يرغبون في شراء اللحم بذلك فتقبلوا الأمر، فهل يشرع هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دام الذين يشترون اللحم يعلمون ذلك وقد وافقوا عليه، فلا حرج في ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) ، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2672)
هل التزام صدقة في يوم معين وبقدر معين بدعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التصدق بقدر معين - قد يكون ثابتاً - في يوم معين من كل أسبوع، ولكن بدون اعتقاد سنيتها، أو على سبيل الإلزام، ولكن فقط لإتاحة الظروف لمثل هذا، يعتبر بدعة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تخصيص المسلم عبادة بزمان أو مكان معين لم يرد به الشرع، من غير اعتقاد أن لذلك الزمان أو المكان فضل معين، وإنما هو لِظَرفٍ يعرض له، فيحتاج معه إلى هذا التخصيص، ليس من البدعة في شيء، ولا بأس به، فالإحداث في الدين هو الذي قصد فيه المتعبد الإحداث والاختراع بإضافة ذلك إلى الشريعة والدين، أو هو الذي يكون ذريعة مفضية إفضاء غالبا إلى ذلك، فحينئذ يقع المسلم في البدعة.
قال الدكتور محمد حسين الجيزاني حفظه الله:
" للبدعة الشرعية قيودٌ ثلاثة تختص بها، والشيء لا يكون بدعة في الشرع إلا بتوفرها فيه، وهي: 1- الإحداث. 2- أن يضاف هذا الإحداث إلى الدين. 3- ألا يستند هذا الإحداث إلى أصل شرعي، بطريق خاص أو عام....، وهذا المعنى يحصل بواحد من أصول ثلاثة: الأصل الأول: التقرب إلى الله بما لم يشرع. والثاني: الخروج على نظام الدين. ويلحق بهما أصل ثالث: وهو الذرائع المفضية إلى البدعة " انتهى باختصار.
"قواعد معرفة البدع" (ص/18-23) .
أما اعتياد عبادة معينة في زمان أو مكان معين لتيسر ظروف العبادة فيهما، من غير اعتقاد إلزام ولا مزيد فضل، فلا حرج فيه، كمن يعتاد صيام يوم الثلاثاء مثلا لأنه يوم إجازة عن العمل بالنسبة له، وكذلك من يعتاد قيام ليلة السبت لأنه متفرغ من عمله نهار السبت، ومثله من يعتاد قراءة القرآن بين المغرب والعشاء لتفرغه ذلك الوقت، وهكذا أمثلة كثيرة كلها جائزة؛ لأن شبهة الحدث في الدين منتفية، وكذلك ليس فيها ذريعة قريبة للإحداث والابتداع.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما رأيكم فيما يفعله بعض الأئمة من تخصيص قدر معين من القرآن لكل ركعة ولكل ليلة؟
فأجاب:
" لا أعلم في هذا شيئا؛ لأن الأمر يرجع إلى اجتهاد الإمام، فإذا رأى أنَّ مِن المصلحة أن يزيد في بعض الليالي أو بعض الركعات؛ لأنه أنشط، ورأى من نفسه قوة في ذلك، ورأى من نقسه تلذذا بالقراءة فزاد بعض الآيات لينتفع وينتفع من خلفه، فإنه إذا حَسَّن صوته وطابت نفسه بالقراءة وخشع فيها ينتفع هو ومَن وراءه، فإذا زاد بعض الآيات في بعض الركعات، أو في بعض الليالي فلا نعلم فيه بأسا، والأمر واسع بحمد الله تعالى " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (11/335) .
وعليه؛ فلا نرى عليك حرجا في اعتياد الصدقة في يوم معين لتيسر الظروف فيه دون باقي الأيام، لا لقصد فضيلة معينة في ذلك اليوم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2673)
التصدق بالثياب القديمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التصدق بالثياب القديمة يدخل في قوله تعالى: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التصدق بالثياب القديمة، التي تلبس عادةً، وليست بالية مقطعة، لا يعد من التصدق بخبيث المال، بل الغالب أنها تكون من وسط المال.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث من جاءه ثوب جديد أن يتصدق بالقديم.
فقد روى الترمذي (3560) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: لَبِسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثَوْبًا جَدِيدًا، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ فِي كَنَفِ اللَّهِ، وَفِي حِفْظِ اللَّهِ، وَفِي سَتْرِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا) حسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/126) ، وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي.
وإنما يكون التصدق بالثوب القديم مكروهاً، إذا كان بالياً مقطعاً، لا يلبسه صاحبه في العادة، وحينئذ يدخل في قوله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) البقرة/267.
ومع هذه الكراهة، يكون لصاحبه من الثواب على قدر عمله وصدقته، وإن كان الأفضل أن يختار أفضل المال ويتصدق به.
قال النووي رحمه الله:
" يكره تعمد الصدقة بالرديء، قال الله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) ، ويستحب تعمد أجود ماله وأحبه إليه، قال الله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) " انتهى.
"المجموع" (6/241) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (26/336) :
" يستحب في الصدقة أن يكون المتصدَّق به - أي: المال المعطَى - مِن أجود مال المتصدق وأحبه إليه , قال الله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) آل عمران/92.
قال القرطبي: والمعنى: لن تكونوا أبرارا حتى تنفقوا مما تحبون , أي: نفائس الأموال وكرائمها , وكان السلف - رضي الله عنهم - إذا أحبوا شيئا جعلوه لله تعالى.
كان عمر بن عبد العزيز يشتري أعدالا من سكر ويتصدق بها , فقيل له: هلا تصدقت بقيمتها؟ قال: لأن السكر أحب إلي فأردت أن أنفق مما أحب. والمراد بالآية حصول كثرة الثواب بالتصدق مما يحبه " انتهى باختصار.
وإذا كان المتصدق ليس عنده ما يتصدق به إلا ذلك الثوب القديم فلا كراهة في حقه، حتى ولو كان الثوب بالياً.
قال الخطيب الشربيني رحمه الله:
" وتكره الصدقة بالرديء لقوله تعالى: (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) ، فإن لم يجد غيره فلا كراهة " انتهى.
"مغني المحتاج" (4/197) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2674)
هل الصدقة أمام الغرباء من صدقة السر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الصدقة أمام ناس لا أعرفهم ولا يعرفونني تعتبر مثل " صدقة السر "؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الصدقة أمام الناس – ولو كان المتصدق غريبا بينهم، لا يعرفهم ولا يعرفونه – تعتبر صدقة بادية معلنة، فالإعلان والإبداء لا يشترط فيه أن يكون بين المعارف والأصحاب، فكل ما أظهره الإنسان فهو معلن.
قال الله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) البقرة/271.
قال ابن كثير رحمه الله:
" (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) أي: إن أظهرتموها فنعم شيء هي، وقوله: (وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُم) فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية " انتهى.
"تفسير القرآن العظيم" (1/701) .
والسنة النبوية في هذا الشأن تشعر باستحباب الإخفاء الشديد، فلا يعلم أحد عن تلك الصدقة، لا قريب ولا بعيد، ولا صديق ولا غريب.
تجد ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في ذكر السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وذكر منهم: (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ) رواه البخاري (660) ومسلم (1031) .
فتأمل هذا الوصف البالغ للإسرار بالصدقة إلى حد إخفائها عن المتصدق نفسه.
وإذا كانت العلة في تفضيل صدقة السر على صدقة الجهر هي البعد عن الرياء، فإن هذه العلة متحققة في الصدقة أمام الغرباء من الناس، إذ قد يبعث الشيطان في نفس المتصدق طلب نظر الناس إليه أثناء تصدقه، ولو كان لا يعرف هؤلاء الناس الذين حوله، فالنفس تحب نظر الناس إليها نظر الإعجاب والثناء.
وفي إخفاء الصدقة عن الناس مطلقا – القريب والغريب – مصلحة للفقير، حيث لا يتعرض إلى ذل المسألة أمام الناس، فيكون ذلك أحفظ لماء وجهه، وأصون له عن الذل والامتهان، فإخفاء المتصدق صدقته عن جميع الناس، وجعلها بينه وبين الفقير فقط أولى وأفضل.
قال القرطبي رحمه الله: " أما المُعْطََى إياها فإن السر له أسلم من احتقار الناس له أو نسبته إلى أنه أخذها مع الغنى عنها وترك التعفف.
وأما حال الناس: فالسر عنهم أفضل من العلانية لهم، من جهة أنهم ربما طعنوا على المعطي لها بالرياء، وعلى الآخذ لها بالاستغناء " انتهى.
ويقول العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله - في فوائد الآية السابقة في سورة البقرة -:
" فيها: تفضيل لصدقة السرّ؛ لأنّ فيها إبْقاء على ماءِ وجه الفقير، حيث لم يطّلع عليه غير المعطي " انتهى.
"التحرير والتنوير" (2/466) .
ثم إن في الإسرار بالصدقة مطلقا تربية للنفس على الإخلاص لله تعالى، واعتياد طلب مرضات الله دائما دون مرضات الناس.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2675)
التصدق من أجرة الحجامة
[السُّؤَالُ]
ـ[أتقاضى أجرًا محددًا مقابل الحجامة، هل يجوز أن أتصدق من هذا المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصحيح الذي عليه جماهير أهل العلم: أن التكسب بالحجامة غير محرم، وغايته أن يكون مكروها كراهة تنزيه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعطى الحجام أجره، ولو كان حراماً لم يعطه.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (71303) .
وبناء عليه: لا حرج في التصدق من أجرة الحجام، فهو مال حلال، اكتسبه بطريق حلال، فيجوز له إنفاقه في الوجوه المشروعة.
وقد روى الترمذي (1277) عَنِ ابْنِ مُحَيِّصَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِجَارَةِ الحَجَّامِ [أي: أجرته] ، فَنَهَاهُ عَنْهَا، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُهُ وَيَسْتَأْذِنُهُ، حَتَّى قَالَ: (اعْلِفْهُ نَاضِحَكَ، وَأَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ) وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" (9/403) ، والألباني في "صحيح الترمذي".
قال ابن قدامة رحمه الله: " قول النبي صلى الله عليه وسلم في كسب الحجام: (أطعمه رقيقك) : دليل على إباحة كسبه , إذ غير جائز أن يطعم رقيقه ما يحرم أكله , فإن الرقيق آدميون , يحرم عليهم ما حرمه الله تعالى، كما يحرم على الأحرار " انتهى.
"المغني" (5/313) .
وروى ابن أبي شيبة (5/115) عن عطاء قال: دخلت على ابن عباس وغلام له يحجمه , قال: يا ابن عباس! ما تصنع بخراج هذا؟ [يعني الأجرة التي يأخذها الغلام مقابل الحجامة]
قال: آكله وأوكله , وأشار بيده إلى فيه.
فإذا جاز إطعام الناس من كسب الحجامة، جاز التصدق منه.
وينظر للفائدة جواب رقم: (21406) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2676)
يريد التصدق وعليه ديون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع شخص التصدق لو كان عليه ديون؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حقوق العباد من أخطر ما يتحمله المسلم في دنياه وآخرته، فلا يجوز أن يتساهل في أدائها، ولا تقديم المستحبات - كالصدقة - عليها، فإن فعل فقد فرط في حقوق الناس، ولم يراع حرمتها، ولم يحفظ معروف من أحسن إليه بها.
ولاشك أن أداء الدين مقدم على صدقة التطوع، بل نص بعض الفقهاء على حرمة تصدق من عليه دين، وبوب البخاري في هذا الموضوع بابا قال فيه:
" باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، ومن تصدق وهو محتاج، أو أهله محتاج، أو عليه دين، فالدين أحق أن يقضى من الصدقة والعتق والهبة، وهو رَدٌّ عليه، ليس له أن يتلف أموال الناس " انتهى.
"فتح الباري" (3/294) .
وقال الشربيني رحمه الله – شارحا متن المنهاج للنووي -:
"ومَن عليه دَيْن يستحب له أن لا يتصدق حتى يؤدي ما عليه.
[قلت – أي النووي -: الأصح تحريم صدقته بما يحتاج إليه لدين لا يرجو له وفاء لو تصدق به. والله أعلم] .
أما تقديم الدين فلأن أداءه واجب، فيتقدم على المسنون، فإن رجا له وفاء من جهة أخرى ظاهرة فلا بأس بالتصدق به إلا إن حصل بذلك تأخير.
وقد وجب وفاء الدَّيْن على الفور بمطالبة أو غيرها، فيجب المبادرة إلى إيفائه، وتحريم الصدقة بما يتوجه إليه دفعه في دَيْنه" انتهى باختصار وتصرف.
"مغني المحتاج" (4/197) .
وجاء في "كشاف القناع" (2/298) من كتب الحنابلة: "ووفاء الدَّيْن مقدم على الصدقة، لوجوبه " انتهى.
وقال الدكتور وهبة الزحيلي في "الفقه الإسلامي وأدلته" (3/394) : "يستحب ألا يتصدق من عليه دَيْن، حتى يؤدي ما عليه، والأصح عند الشافعية تحريم الصدقة من مدين لا يجد لدينه وفاء؛ لأنه حق واجب، فلم يجز تركه بصدقة التطوع، فيقدم الدَّيْن لأن أداءه واجب، فيتقدم على المسنون، فإن رجا له وفاء من جهة أخرى ظاهرة، فلا بأس بالتصدق به، إلا إن حصل بذلك تأخير، وكان الواجب وفاء الدين على الفور بمطالبة أو غيرها " انتهى باختصار.
وعلى هذا، فينبغي لمن عليه دين أن يبادر بسداده لصاحبه، ويقدم ذلك على صدقة التطوع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2677)
هل يجوز للوالد التبرع بالمال وعليه وعلى أبنائه ديون مالية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للوالد أن يتبرع بالأموال وهو عليه دين، وكذلك على أولاده ديون مالية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي للمسلم أن يسارع في أداء حقوق العباد، فإن الإنسان لا يدري متى يأتيه الأجل، وإذا مات الإنسان وعليه ديون فهو على خطر عظيم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن الشهيد ـ مع عظم منزلته عند الله ـ أنه يغفر له كل شيء إلا الدين. رواه مسلم (1855) .
وهذا يدل على عظم شأن الديون، وعظم المسؤولية فيها.
فالذي ينبغي أن يبدأ الإنسان أولاً بسداد ما عليه من الديون، ثم إن بقي معه مال تصدق به إن شاء، بل قد تكون صدقته محرمة، إذا ترتب عليها تأخير الدين عن صاحبه، أو العجز عن السداد.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"بعض الناس يكون عليه دين ثم يتصدق ويقول: أحب هذه الصدقة، وهذا حرام، كيف تتصدق وأنت مدين؟! أدِّ الواجب أولا، ثم التطوع ثانيا؛ لأن الذي يتصدق ولا يوفي الدين كالذي يبني قصرا ويهدم مصرا، أنت الآن مطالب أن توفي دينك، كيف تتصدق؟! أَوْفِ، ثم تصدق" انتهى.
"شرح رياض الصالحين" (3/300) طبعة مكتبة الصفا.
وقال أيضا:
" قضاء الدَّين أهم من الحج، والريال الذي يصرفه في قضاء الدَّين خير من عشرة ريالات يصرفها في الحج " انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم/1، سؤال رقم/35) .
وسئل أيضاً: سمعت من بعض الناس أن الصدقة المبذولة من شخص عليه دين غير مقبولة، ولا يؤجر عليها، فهل صحيح هذا؟
فأجاب:
"الصدقة من الإنفاق المأمور به شرعا، والإحسان إلى عباد الله إذا وقعت موقعها، والإنسان مثاب عليها، وكل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، وهي مقبولة، سواء كان على الإنسان دين أو لم يكن عليه دين إذا تمت فيها شروط القبول، بأن تكون بإخلاص لله عز وجل، ومن كسب طيب، ووقعت في محلها.
فبهذه الشروط تكون مقبولة بمقتضى الدلائل الشرعية.
ولا يشترط ألا يكون على الإنسان دين.
لكن إذا كان الدين يستغرق جميع ما عنده، فإنه ليس من الحكمة، ولا من العقل أن يتصدق، والصدقة مندوبة وليست بواجبة، ويدع ديناً واجبا عليه، فليبدأ أولا بالواجب، ثم يتصدق.
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا تصدق وعليه دين يستغرق [جميع ماله] : فمنهم من يقول إن ذلك لا يجوز له لأنه إضرار بغريمه وإبقاء لشغل ذمته بهذا الدين الواجب.
ومنهم من قال إنه يجوز، لكنه خلاف الأولى.
وعلى كل حال فلا ينبغي للإنسان الذي عليه دين يستغرق جميع ما عنده لا ينبغي له أن يتصدق حتى يوفي الدين؛ لأن الواجب أهم من التطوع " انتهى باختصار.
"فتاوى نور على الدرب" (فتاوى الزكاة والصوم – حكم الزكاة، صدقة التطوع، زكاة الدين) (شريط/105 –وجه أ) .
فالذي ينبغي على الوالد أن يحرص على سداد ديونه قبل الصدقة، كي يبرئ ذمته من حقوق العباد.
وأما قضاء ديون أولاده، فإن كانت هذه الديون أخذوها من أجل النفقة، كالمسكن والملبس والمأكل وجب على الوالد سدادها، لأنه يجب عليه أن ينفق على أولاده إذا كانوا فقراء، وكان هو غنياً.
وإذا كانت هذه الديون ليست من أجل النفقة فلا يجب على الوالد سدادها، ولكن سدادها خير له وأعظم ثواباً من الصدقة على الغريب، لأنه إذا سدد ديون أولاده، أخذ ثواب الصدقة وثواب صلة الرحم والإحسان إلى الأولاد.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَة) رواه الترمذي (658) والنسائي (2582) وصححه الألباني في صحيح النسائي.
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي":
"يعني: أن الصدقة على الأقارب أفضل، لأنه خيران، ولاشك أنها أفضل من خير واحد" انتهى.
فتبين بذلك أن الأفضل للوالد أن يبدأ بسداد ديونه وديون أولاده، بل قد يكون ذلك واجباً في بعض الأحوال كما سبق تفصيله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2678)
هل تخرج صدقة جارية على والدها من مصروف البيت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أخرج صدقة جارية على روح والدي الله يرحمه أم لا؟ لأني لا أعمل. وإذا كان يجوز هل عليّ أن أستأذن زوجي المغترب في ذلك أم أخرج من مصروفي الذي يبعثه لي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز أن تتصدقي عن والدك صدقة مقطوعة، أو صدقة جارية وهي الوقف، بأن تجعلي المال في بناء مسجد أو مبرد مياه أو في طباعة مصاحف أو كتب علم ونحو ذلك من الأمور التي تبقى، فيلحقه الأجر ما بقيت، وذلك لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا مَاتَ
الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ) رواه مسلم (1631) .
وإذا كان زوجك يعطيك مصروفا خاصا بك، بحيث يصير ملكا لك، تتصرفين فيه كما تحبين، فلك أن تتصدقي من هذا المال، لأنه مالك شرعا.
وإذا كان المصروف إنما هو للإعاشة والنفقة، وما يفيض منه يبقى على ملك الزوج، فحينئذ إن أذن لك في الصدقة أو في أخذ المال إذنا صريحا، أو علمت من خلقه وحاله رضاه بالصدقة من هذا المصروف، فلا حرج عليك، ولك وله الأجر إن شاء الله.
وقد روى البخاري (1425) ومسلم (1024) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا اكْتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا) .
وأما إذا لم يأذن لك، أو علمت من حاله أنه لا يرضى بهذا التصرف، فلا يجوز لك أن تتصدقي من ماله إلا بإذنه؛ لما روى أبو داود (3565) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الطَّعَامَ؟ قَالَ: ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
فالحديث الأول محمول على التصدق بالأمر اليسير الذي جرت العادة بالتسامح فيه، أو مع العلم بأن الزوج لا يمنع منه. والحديث الثاني محمول على التصدق بالأمر الكثير، أو مع العلم بكراهة الزوج لذلك ومنعه.
وإذا حصل الشك وعدم الجزم بموقف الزوج من التبرع، لزم استئذانه، لأن الأصل عدم التصرف في مال الغير إلا بإذنه.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/81) : "الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن منه، إلا ما كان يسيرا قد جرت العادة به، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها والأجر بينهما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا) متفق عليه " انتهى.
وينظر جواب السؤال رقم (47705) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2679)
الإنفاق من صندوق صدقات المسجد على إصلاح مخبز الحي
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في منطقتنا مخبز حكومي يخدم أهل الحي جميعا، سقف المخبز من الصاج وقد حصل به تلف، ولو انتظرتا الإصلاح من الحكومة فقد يتأخر كثيراً أو قد لا يتم الإصلاح فهل يمكن المساهمة في إصلاحه من أموال الصدقات الموجودة في مسجد الحي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تخلو الأموال المدفوعة للمسجد من ثلاث احتمالات:
الاحتمال الأول: أن تكون من أموال الزكاة، فهذه تصرف في مصارف الزكاة، وليس منها المرافق العامة كبناء الجسور والمستشفيات والمخابز إصلاحا أو تأسيسا.
الاحتمال الثاني: أن تكون تبرعات مطلقة لم يحدد أصحابها لها جهة، فهذه يمكن صرفها في أي جهة خيرية، فلا حرج من الإنفاق منها على إصلاح المخبز المذكور.
الاحتمال الثالث: أن تكون تبرعات مقيدة بجهة، كما لو اشترط أصحابها أن تنفق على المساجد، أو على الفقراء ... ونحو ذلك، ومثلها لو كان صندوق جمع التبرعات قد كُتب عليه ما يفيد أن هذه الصدقات تصرف في جهة معينة، فالواجب التقيد بتلك الجهة، ولا يجوز صرف تلك الصدقات إلى غيرها، وعلى هذا، فلا يجوز إصلاح المخبز منها.
والحاصل: أنه لا حرج من الإنفاق من صندوق الصدقات الموجود بالمسجد على إصلاح هذا المخبز، إذا كانت الصدقات صدقة تطوع، ولم يحدد لها أصحابها مصرفاً معيناً.
التبرعات
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام وسؤال وجواب(5/2680)
التصدق بالملابس المستعملة، من غير غسلها!!
[السُّؤَالُ]
ـ[بما أنني في حالة استياء بعد ما فكرت أنني عملت عملا جيدا، هذا الذي حدث عندما كنت أعمل في مكان ما، وتركت سيارتي، جاءني أحد المارة، وقال لي هل ستشتري بعض أعواد البخور فتساعدني؟ أعطاني علبتين، وأخذ مني درهمين، ثم قال لي "بما أنه شتاء فهل يمكن أن تشتري لي بطانية؟ " أعطيته 50 درهما، فكان سعيدا ثم أخبرني أنه ليس لديه عمل وعليه أن يدفع إيجار البيت، وهذا هو السبب الذي جعله يبيع أعواد البخور. لم يكن عندي مانع أن أعطيه 100 درهم أخرى، ثم قال لي إنه يلبس جاكيت أعطاه إياه رجل، فقلت له أحب أن أعطيك جاكيت ما دام أنه ليس معك والجو بارد، ثم قال جيد أن أعطيه لكي يهبه لأولاده. عندها أعطيته جاكيتي الذي كان في السيارة وأخبرته أنه ليس مغسول، فقال ليس مشكلة وأخذه. لست مباليا بكل ما فعلت وخاصة المال، إلا أنني عندما عدت سألت أمي هل بإمكاننا أن نعطي ملابس من ملابسنا لشخص ما، أجابتني بإجابة هزت حياتي، قالت: لا تعط أحد لباسا إذا لم يغسل، وخاصة في الليل، وأخبرتني بقصة رجل الذي بركته كاملة مسحت، بل إنه لم يملك ملابس ليلبس طوال العام. يا شيخ لقد شعرت فقط بأسف على ذلك الشخص وأردت أن أساعده، والآن أشعر بحالة الأسى. أرجو النصيحة عما يمكنني فعله في هذه المسألة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخانا الكريم أحسنت – أحسن الله إليك – فيما فعلت من مساعدة هذا المسكين، قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/261-262، وقال الله تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) سبأ/39.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفىء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر) رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن، وقال عنه الألباني: " حسن لغيره " انتهى.
"صحيح الترغيب والترهيب" (1/216) .
وأما ما أمرت به أمك، فليس له أصل في الدين، ولا فرق بين أن يتصدق الإنسان بجديد، أو بما هو عنده من الثياب المستعملة، ولو لم تغسل.
وأما قصة الذي غسلت بركته، كما ذكرت، فلا شك أنها من قصص أهل الجهل والخرافة، والبركة ليست في الملابس، بل البركة في الدين، واتباع سيد المرسلين، ولا يجوز التبرك بشيء من ملابس شخص، أو جسده، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
غير أن الذي ننصح به أن يتحرى الإنسان بصدقته أهل الحاجة المتعففين عن السؤال، أو من يغلب على ظنه الصدق في المسألة، ولا يسأل أموال الناس تكثرا، ويتخذها مهنة يأكل بها أموال الناس بالباطل، فإن جهل حال السائل، فله أن يعطيه بقدر ما يدفع عنه مسألته، أو يغلب على ظنه الوفاء بحاجبته، إن كان ذا حاجة.
على أنه إذا قدر أن السائل كان كاذبا، فإن ذلك لا يضرك عند الله، ولا ينقص أجرك، إن شاء الله، ما دمت أخرجت هذه الصدقة لله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ، وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا، وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ) رواه البخاري (1421) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2681)
هل الأفضل الحج تطوعاً أو التبرع للمجاهدين في سبيل الله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[حججت الفريضة والحمد لله واعتمرت، فهل الأفضل أن أسافر للعمرة، أو أتصدق بهذا المال للمجاهدين في سبيل الله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"كل من السفر للعمرة والإنفاق في سبيل الله عمل طيب مشكور، لكن العمرة نفعها قاصر على المؤدي لها، وأما الإنفاق في الجهاد فنفعه متعدي؛ فيكون البذل فيه أولى وأفضل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/328) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2682)
هل يحجج أخته الفقيرة أو يقضي ديون زوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل موسر الحال، ولي شقيقة، زوجها معسر الحال، وصار معه حادث وأصبح مديوناً وغير قادر على سداد الدين؛ لأن عائلته كبيرة جداً، وهو المعيل الوحيد لعائلته، وأنا أديت فريضة الحج، وحججت ثانياً، والآن أريد أن أحج للمرة الثالثة وأحجج شقيقتي على نفقتي الخاصة؛ لأنها لا تقدر أن تؤدي فريضة الحج، ما هو أفضل عند الله تعالى: أحجج شقيقتي وأنا معها، أو أفك عسر زوجها بمصاريف الحج وتكاليفه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الواقع كما ذكر من أن زوج أختك تحمل ديوناً وليس لديه سدادها، فالأولى أن تقضي ديونه بما لديك، وتؤجل تحجيج أختك؛ لأن قضاء دين زوجها وتفريج كربتهما جميعاً أهم من تحجيجها، وأنفع لهما جميعاً، وليس عليها حج حتى تستطيع.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (11/44) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2683)
هل يعطى القادر على التكسب من الصدقة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة نقوم بكفالة عدد من الأسر الفقيرة من أموال الصدقات التي تردنا من أهل الخير، وبعض تلك الأسر الفقيرة يوجد بها أفراد (رجال أو نساء) قادرون على العمل ولكنهم اعتادوا على تلقي الصدقات بشكل شهري وبدؤوا يرفضون العمل في حال توفره لهم، ومن تلك الأعمال التي قاموا برفضها (الخياطة - العمل كفراش أو مراسل في مدرسة - بيع المأكولات داخل المدرسة أو الحي) . فسؤالي هو: هل نكون بإعطائهم هذه الأموال صرفناها في الوجه الصحيح؟ وهل نكون قد تسببنا في كسلهم في طلب الرزق، وهل بإيقافها عنهم نكون قد ارتكبنا إثما؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ما تقومون به من كفالة عدد من الأسر الفقيرة، هو عمل جليل تشكرون عليه، ونسأل الله أن تقبل منكم.
ثانياً:
ما يدفعه الإنسان من الصدقات، فهو على نوعين:
1. صدقات واجبة، وهي الزكاة، فهذه لا يجوز أن تُعطى إلا لمن ذكرهم الله في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
ولا يجوز دفع الزكاة إلى قادر على العمل واكتساب ما يكفيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب) رواه أبو داود (1633) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (876) .
2. صدقات مستحبة، وهو ما يدفعه الإنسان من غير الزكاة، فهذه يجوز أن يُعطى منها الفقير والغني، ولكن الأفضل أن يعطيها لمن هو محتاج إليها.
قال النووي رحمه الله: " تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم، ويثاب دافعها عليها , ولكن المحتاج أفضل. قال أصحابنا: ويستحب للغني التنزه عنها , ويكره التعرض لأخذها ... ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهرا للفاقة [الفقر] " انتهى. "المجموع " (6/236) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (82673) .
فعلى هذا، إذا كان المال الذي تدفعونه لتلك الأسر هو من أموال الزكاة، فلا يجوز دفعه
إليهم، إلا لمن كان منهم فقيراً لا يقدر على التكسب.
وإذا كان المال الذي تدفعونه من أموال الصدقات المستحبة، فيجوز دفعه إليهم، وإن كان الأفضل أن تُصرف الصدقة المستحبة لمن كان فقيراً؛ سداً لحاجته وفقره.
ولا تكونون آثمين إذا لم تدفعوا هذه الأموال إلى القادرين على التكسب، لأنهم غير مضطرين إليها.
وإذا نص أصحاب الأموال على أن صدقتهم تُصرف إلى الفقراء فقط، فهنا يجب أن تُصرف على الفقراء فقط، ولا يجوز إعطاؤها لمن كان غنياً.
وعليكم أن تنصحوا من كان قادراً على التكسب، بأن يترك سؤال الناس وأن يشتغل بعمل يدر منه مالاً يعفه عن سؤال الناس.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2684)
هل يكفل الأيتام أم المسنين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم كهاتين) سألت في المسجد عن المحتاجين من الأيتام وعلمت أن هناك من هم أشد فقراً وحاجةً من الأيتام: إنهم فقراء المسنين، فمنهم الذين لا يملكون قوت غدهم على الأكثر، ومنهم الذي فقد صحته وربما نظره، ولا عائل لهم، إنهم أيضا أيتام ولكن أيتام الأبناء والعائل، وحزنت على حالهم وأمنيتي جوار الرسول صلى الله عليه وسلم، وقلبي حزين لهؤلاء المساكين (المسنين المنسيين) خصوصاً وإن الأيتام يهتم بهم كثير من الناس، ما العمل جزاكم الله كل الخير؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كفالة المسنين وإزالة الضرر عنهم أحد فروض الكفاية، فيجب أن يوفر لهم عيش كريم، وتجب لهم حقوق الإنسان كاملة موفرة، ولا شك أن في القيام بذلك ابتغاء مرضاة الله خيراً كثيراً، فما تنفقه من مال في سبيل رعايتهم مكتوب مضاعف إن شاء الله، قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة/261.
ثم إن في عملك هذا تفريجا للكرب، وتنفيساً للشدائد، وعوناً للأخ المسلم، وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أيما ترغيب حين قال: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ) رواه مسلم (4867) .
ولا شك أن ثواب كفالة اليتيم عظيمة، ولكن مع ذلك ينبغي للإنسان أن يقدم بصدقته من هو أشد فقراً وحاجة، وقد يكون اليتيم له مال ينفق منه، أو له من ينفق عليه من الأغنياء، فيكون غيره الذي لا مال له، ولا أحد ينفق عليه أولى بالصدقة عليه ومعاونته، ويكون أكثر ثواباً إن شاء الله من ثواب الإنفاق على اليتيم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – بعد ما ذكر أهل الزكاة الثمانية:
"فإن قيل: أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية؟
قلنا: إن الأولى من كانت الحاجة إليه أشد، لأن كل هؤلاء استحقوا الوصف، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى، والغالب أن الأشد هم الفقراء والمساكين، لهذا بدأ الله تعالى بهم فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) التوبة/60 " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/339) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2685)
زادت التبرعات عن حاجة المسجد فماذا يعمل بها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بجمع تبرعات لبناء جامع للقرية، وتم بناء الجامع، وتبرع بعض أهالي الخير بإكمال عملية التشطيب؛ لأن المبلغ المتبقي لدي لا يفي بذلك، وبقي عندي باقي التبرعات، فهل يصح صرف ما تبقى من تبرعات في تسوير مصلى العيدين والمقبرة في القرية، وهل يصح صرف الفائض في شراء مكيفات وفرش لمساجد القرية الأخرى؟ وهل يصح صرف الفائض في مساعدة المتزوجين والفقراء والمساكين في القرية، وكل ذلك يكون بنية ثوابها للمتبرعين بها؟ علما أن المتبرعين من أهل القرية ومن خارجها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يجوز لك إنفاق المال المتبقي عندك من عمارة المسجد الذي أشرفت عليه في عمارة مسجد آخر إذا كان المسجد الأول ليس بحاجة إليه، ولا يجوز لك صرف المبلغ المذكور في غير تعمير المساجد؛ لأنه صرف له في غير الوجه الذي تبرع به صاحبه له " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (المجموعة الثانية 5/208) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2686)
هل تدفع الصدقة المستحبة لغير المسلم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الرجل محتاجاً إلى الصدقة وهو لا يصلي، فهل يجوز التصدق عليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" الصدقة الواجبة من الزكاة وغيرها من الواجبات المالية كالكفارات والنذور، وصدقة الفطر لا تدفع إلى كافر إلا إذا كان من المؤلفة قلوبهم، أما صدقة التطوع والتبرعات، فيجوز دفعها إلى غير مسلم إذا كان يترتب على هذا مصلحة ككونه قريبا من الأقرباء أو غير ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنه: (صِلِي أمك) ، وكانت كافرة.
أما الزكاة والصدقات الواجبة، فلا يجوز دفعها إلى الكافر إلا في حالة المؤلفة قلوبهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الزكاة: (تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم) يعني المسلمين " انتهى.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (2/333) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2687)
هل يكتب أجر الصدقة بمجرد وضعها في الصندوق أم بوصولها للمستحق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صندوق صدقة في منزلي، وأتصدق فيه كل يوم تقريباً - ولله الحمد -، وعندما أضع فيه الصدقة أدعو ربي بما أريد، ثم أضعها؛ فهل تُحسب لي في الوقت الذي أتصدق فيه، أم عندما أُخرج الصندوق بأكمله للفقراء - علماً بأنني أستعين بالصدقة على تيسير أموري كلها -؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله أن يتقبل منك صدقاتك، وأن يجزيك أعظم الجزاء، وقد أحسنتَ صنعاً إذ فعلتَ هذا، ولعلك أن يكون لك مثل أجور من فعل مثل فعلك.
وبذل الصدقات من أعظم ما يتقرب به العبد لربه عز وجل، وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم: (36783) طائفة من النصوص في بيان فضل التصدق، والصدقة لغة: مأخوذة من الصِّدق؛ إذ هي دليل على صِدق مخرجها في إيمانه.
انظر: " فتح القدير " (2 / 399) .
وننبه هنا إلى أمرين مهمين:
1. أن من الصدقات ما هو واجب، وليست كلها نفلاً.
2. أن الصدقة ليست بالمال وحده، بل " كل معروف صدقة " – كما رواه البخاري (5675) -، فالتسبيحة صدقة، والتهليلة صدقة، والأمر بالمعروف صدقة.
ويجمع هذين الأمرين هذين الحديثين:
أ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ: كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ) .
رواه البخاري (2827) ومسلم (1009) .
ب. عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى) .
رواه مسلم (720) .
(سُلامى) : عظام البدن ومفاصله.
ثانياً:
الصندوق الذي توضع فيه الصدقات في المنزل له حالان:
الحال الأولى: أن يكون في مكانٍ بارز، تضع فيه صدقاتك، ويضع فيه غيرك من ضيوفك، وأقربائك.
والحال الثانية: أن يكون الصندوق مختصاً بك، تضع فيه وحدك المال.
وفي الحال الأولى: يكون لك أجر الصدقة بمجرد وضعك المال في الصندوق، ويكون المال قد خرج من ملكك، ولا يحل لك الرجوع في صدقتك، والمال الذي يضعه الآخرون تكون مؤتمناً عليه، إلى حين صرفه في جهاته الشرعية.
وفي الحال الثانية: لا يظهر أنه يُكتب لك أجر الصدقة بمجرد وضعك المال في الصندوق، بل إذا قبضه من دُفع المال له من المستحقين: كُتب لك أجر الصدقة، وليس لك أجر الصدقة بمجرد وضعك المال فيه؛ لأنه لم يخرج عن ملكك، ولك أن تفتح الصندوق، وتأخذ ذلك المال إن احتجت إليه، وإن كان المستحب لك أن لا ترجع في ذلك المال.
قال ابن قدامة – رحمه الله - بعد أن نسب ذلك لأكثر الفقهاء -:
ولنا: إجماع الصحابة رضي الله عنهم، فإن ما قلناه مروي عن أبي بكر، وعمر، رضي الله عنهما، ولم يُعرف لهما في الصحابة مخالف، فروى عروة عن عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر رضي الله عنه نحَلها - أي: أهداها - جذاذ – أي: حصاد - عشرين وِسقا من ماله بـ " العالية "، فلما مرض قال: يا بنية! ما أحد أحب إليَّ غنىً بعدي منك، ولا أحد أعز عليَّ فقراً منك، وكنت نحلتك جذاذ عشرين وسقا وددت أنك حزتيه أو قبضتيه، وهو اليوم مال الوارث: أخواك وأختك، فاقتسموا على كتاب الله عز وجل.
وروى ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القارئ: أن عمر بن الخطاب قال: ما بال أقوام ينحلون أولادهم فإذا مات أحدهم قال: مالي، وفي يدي! وإذا مات هو قال: كنت نحلته ولدي؟ لا نحلة إلا نحلة يحوزها الولد دون الوالد، فإن مات ورثه، قال المروذي: اتفق أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة.
" المغني " (6 / 273) .
وقال النووي – رحمه الله -:
مَن دفع إلى وكليه، أو ولده، أو غلامه، أو غيرهم شيئاً يعطيه لسائل، أو غيره صدقةَ تطوع: لم يزل ملكه عنه حتى يقبضه المبعوث إليه، فإن لم يتفق دفعه إلى ذلك المعين: استُحب له أن لا يعود فيه، بل يتصدق به على غيره، فإن استرده وتصرف فيه: جاز؛ لأنه باق على ملكه.
" المجموع " (6 / 241) .
وروي عن الإمام أحمد رحمه الله أن المال في مثل هذه الحال يخرج من ملكه، ولا يسعه الرجوع فيه، والظاهر أن ذلك محمول على الاستحباب لا الوجوب.
قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله -:
وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهَا الْمَالِكُ – يعني: الصدقة - مِنْ مَالِهِ، وَأَفْرَدَهَا: فَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ صَدَقَةً، وََا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِدُونِ قَبْضِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ قَبُولِهِ.
وَنُقِلَ عَنْهُ – يعني: عن الإمام أحمد - مَا يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ جَعَلَهُ الرَّجُلُ لِلَّهِ يُمْضِيهِ وَلَا يَرْجِعُ فِي مَالِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ فَلَيْسَ هُوَ لَهُ، مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ صِلَةِ رَحِمٍ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا أَمْضَاهُ.
" القواعد الفقهية " (ص 86) .
ثالثاً:
أما حكم الدعاء قبل التصدق فقد سبق بيان في جواب السؤال رقم (98579)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2688)
تحريم شراء المتصدق لصدقته
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديثاً نصه (لا تَعُدْ في صدقتك، وأن أعطاكه بدرهم) ، هل يجوز للشخص إذا تصدق على فقير أن يشتري منه الصدقة بعد ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث رواه البخاري برقم 1490 ومسلم برقم 1620 عن ابن عمر رضي الله عنه قال: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشتره، ولا تعد في صدقتك، وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في هبته كالعائد في قيئته) ، وفي لفظ: (فإن الذي يعود في صدقته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئته) .
والنهي عن شراء الصدقة لأنها خرجت لله، فلا ينبغي أن تتعلق بها شيء من النفس، وشراؤها دليل على تعلقه بها، ولئلا يحابيه البائع فيعود عليه شيء من صدقته.
[الْمَصْدَرُ]
تيسر العلام شرح عمدة الأحكام ص 762(5/2689)
صدقة التطوع يجوز إعطاؤها للأغنياء
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك عائلة يتيمة بدون أب مع العلم بأن لديهم أولادا بالغين ويعملون وحالتهم المادية جيدة ولديهم أطفال غير بالغين أيضا، فهل هم مستحقون التصدق عليهم أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز إعطاء صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف بين العلماء، ويثاب معطيها، ولكن الأفضل أن يعطيها لمن هو محتاج إليها.
قال النووي رحمه الله: " تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف، فيجوز دفعها إليهم ويثاب دافعها عليها , ولكن المحتاج أفضل. قال أصحابنا: ويستحب للغني التنزه عنها , ويكره التعرض لأخذها ... ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهرا للفاقة "." انتهى من "المجموع" (6/236) .
وقال ابن قدامة رحمه الله: " وكل من حرم صدقة الفرض من الأغنياء وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم , يجوز دفع صدقة التطوع إليهم , ولهم أخذها "
" انتهى من "المغني" (2/276) .
ثانيا:
تستحب صدقة التطوع على اليتيم، ولو كان غنياً مواساة له على فقده أباه، أما زكاة المال المفروضة فلا يجوز إعطاؤها لليتيم إلا إذا كان من أهل الزكاة المذكورين في قول الله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60
ولبيان هذه الأصناف يراجع جواب السؤال رقم (46209)
فالأطفال المسئول عنهم إن لم يكن لديهم ما يكفيهم، من أموالهم أو من نفقة إخوانهم، فإنه يجوز دفع الزكاة إليهم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ولكن هنا تنبيه: وهو أن بعض الناس يظن أن اليتيم له حق من الزكاة على كل حال، وليس كذلك، فإن اليتيم ليس من جهات استحقاق أخذ الزكاة، ولا حق لليتيم في الزكاة إلا أن يكون من أصناف الزكاة الثمانية.
أما مجرد أنه يتيم فقد يكون غنيًّا لا يحتاج إلى زكاة " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثمين" (18/353) .
وقال أيضاً: " يجب أن نعلم أن الزكاة ليست للأيتام، الزكاة للفقراء والمساكين وبقية الأصناف، واليتيم قد يكون غنيًّا، قد يترك له أبوه مالاً يغنيه، وقد يكون له راتب من الضمان الاجتماعي أو غيره يستغني به.
ولهذا نقول: يجب على ولي اليتيم ألا يقبل الزكاة إذا كان عند اليتيم ما يغنيه.
أما الصدقة فإنها مستحبة على اليتامى وإن كانوا أغنياء " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/307) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2690)
أي السائِلِين أولى بإعطائه الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وجد أحدنا أكثر من سائلٍ، من العاجزين جسديًا، فلمن نعطي الأفضلية في الصدقات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
مساعدة المحتاجين والتصدق على الفقراء والمساكين من أفضل القربات وأولى الطاعات.
قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/274.
ويتأكد استحباب الصدقة كلما اشتدت حاجة الفقير؛ وذلك أن سد الحاجات وستر العورات من أهم مقاصد تشريع الصدقات.
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَفْضَلُ الأَعْمَالِ: إِدْخَالُُ السُّرُورِ عَلَى المُؤمِنِ: كَسَوْتَ عَوْرَتَهُ، وَأَشْبَعْتَ جَوْعَتَه، أَوْ قَضَيتَ لَهُ حَاجَةً) رواه الطبراني في المعجم الأوسط (5/202) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (2090) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" فإن قيل: أيها أولى أن تصرف فيه الزكاة من هذه الأصناف الثمانية؟
قلنا: إن الأولى ما كانت الحاجة إليه أشد؛ لأن كل هؤلاء استحقوا الوصف، فمن كان أشد إلحاحاً وحاجة فهو أولى، والغالب أن الأشد هم الفقراء والمساكين، ولهذا بدأ الله تعالى بهم فقال: (إِنَّمَا ?لصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَ?لْمَسَاكِينِ وَ?لْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَ?لْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ?لرِّقَابِ وَ?لْغا?رِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ?للَّهِ وَ?بْنِ ?لسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ?للَّهِ وَ?للَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/ سؤال رقم 251) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (23/303) :
" إعطاء المستحقّين الزّكاة ليس بدرجةٍ واحدةٍ من الفضل، بل يتمايز: فقد نصّ المالكيّة على أنّه يندب للمزكّي إيثار المضطرّ على غيره، بأن يزاد في إعطائه منها دون عموم الأصناف " انتهى.
وإذا كان الفقير أو السائل من العاجزين عن العمل، أقعده المرض والابتلاء، فيتأكد إعطاؤه من الصدقة.
قال تعالى: (لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) البقرة/273.
قال سعيد بن جبير: إنهم قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله فصاروا زَمْنَى (جمع زَمِن: وهو من به مرض دائم) ، فجعل لهم في أموال المسلمين حقا.
"الدر المنثور" (2/89) .
والمقصود: بيان أن ميزان المفاضلة في الصدقات هو قدر الحاجة والفاقة، فإذا ظهر لك أن أحد السائلين أشد حاجة وفاقة من الآخر، فهو الأولى بصدقتك.
فإن كان المبلغ الذي تريد أن تتصدق به يكفي لسد حاجة السائِلَيْن، فاقسمه بينهما، وإن كان لا يكفي إلا واحدًا منهما، فلا حرج عليك حينئذ إذا أعطيته لأي منهما، ولتحاول أن تخفي ذلك عن الآخر، حتى لا يقع في قلبه شيء من الحسرة أو الحسد.
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله: إذا أخرج الإنسان زكاة ماله، وكانت قليلةً كمائتي ريال مثلاً، فهل الأفضل أن تُعطَى لأسرةٍ واحدةٍ محتاجة، أو تفريقها على عدد من الأسر المحتاجة؟
فأجاب:
" إذا كانت الزكاة قليلةً فصرفها في أسرة محتاجة أولى وأفضل؛ لأن توزيعها بين الأسر الكثيرة مع قلتها يقلل نفعها " انتهى.
"فتاوى ابن باز" (14/316) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2691)
تصدق الزوجة من مال زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعطيني راتبه كله لأتصرف فيه كيفما أشاء، فهل يجوز لي أن أتصدق منه دون أخذ إذن منه بذلك؟ مع العلم أنه إذا علم سوف يكون راضيا إن شاء الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على المرأة أن تتصدق من مال زوجها إذا كانت تعلم رضاه بذلك، وينبغي أن تكون صدقتها بالشيء اليسير الذي تعلم أن زوجها يرضى به، أما الصدقة بالمال الكثير فلابد من إذن الزوج بذلك.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَنفَقَتِ المَرأَةُ مِن بَيْتِ زَوجِهَا غَيرَ مُفسِدَةٍ، كَانَ لَهَا أَجْرُهَا، وَلَهُ مِثلُهُ بِمَا اكتَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنفَقَت، وَلِلخَازِنِ مِثلُ ذَلِكَ، مِن غَيرِ أَن يَنتَقِصَ مِن أُجُورِهِم شَيئًا) البخاري (1425) ومسلم (1024) .
وعن أسماء رضي الله عنها أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (يَا نَبِيَّ اللهِ، لَيسَ لِي شَيْءٌ إِلَّا مَا أَدخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيرُ، فَهَل عَلَيَّ جُنَاحٌ أَن أَرضَخَ مِمَّا يُدخِلُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: إِرضَخِي مَا استَطَعتِ، وَلا تُوعِي فَيُوعِيَ اللهُ عَلَيكِ) رواه البخاري (1434) ومسلم (1029) .
الرضخ هو العطاء اليسير. كذا في "فتح الباري" (3/301) .
وقال النووي في "شرح مسلم" (7/113) :
" الإذن ضربان:
أحدهما: الإذن الصّريح في النّفقة والصّدقة.
والثّاني: الإذن المفهوم من اطّراد العرف والعادة، كإعطاء السّائل كسرة ونحوها ممّا جرت العادة به، واطّرد العرف فيه، وعلم بالعرف رضا الزّوج والمالك به، فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلّم ...
واعلم أن هذا كله مفروض في قدر يسير يعلم رضا المالك به في العادة، فان زاد على المتعارف لم يجز، وهذا معنى قوله: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة) فأشار إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به في العادة " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/81) :
"الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن منه، إلا ما كان يسيراً قد جرت العادة به، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها، والأجر بينهما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئاً) متفق عليه " انتهى.
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
"أمَّا أن تتصدق من مال زوجها، وهو لا يمنع من ذلك، وعرفت من زوجها ذلك، فلا مانع، أما إذا كان زوجها يمنع من ذلك فهذا لا يجوز" انتهى.
"المنتقى" (4/سؤال 197) .
وانظري جواب السؤال رقم (47705) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2692)
هل يلزم الموظف قدر معين من الصدقة عن راتبه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك نسبة محددة يجب أن يدفعها الموظف من راتبه كصدقات لوجه الله تعالى؟ وإن لم يكن فما هو المحبب دفعه كصدقات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا ملك الإنسان نصابا من مال، ذهبٍ أو فضة، أو نقود مدخرة من راتبه أو غيره، ومرَّت عليه سنة هجرية كاملة فإنه تلزمه زكاته، وذلك بأن يخرج ربع العشر منه 2,5%، والنصاب هو ما يعادل 85 جراماً من الذهب أو 595 جراماً من الفضة.
ولمعرفة كيف يزكى الراتب، راجع السؤال رقم (26113) .
وأما إذا لم تجب الزكاة على الموظف الذي يتقاضى راتبا شهريا، لكونه لم تمر سنة هجرية كاملة على ملكه للنصاب، فليس هناك نسبة محددة من الراتب يلزمه التصدق بها، إلا أنه ينبغي ألا يحرم نفسه من ثواب الصدقة، فيتصدق بما تيسر له، قال الله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة/261 وقال تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) البقرة/271، وقال تعالى: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) الحديد/18. إلى غير ذلك من الآيات الواردة في فضل الصدقة والإنفاق في سبيل الله.
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ـ وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلا الطَّيِّبَ ـ وَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ) رواه البخاري (1410) ومسلم (1014) .
و (الفلو) هو الفرس الصغير (المهر) .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أحد أبواب الجنة الثمانية باب الصدقة، وأنه يدخل منه من كان من أهل الصدقة. رواه البخاري (1897) ومسلم (1027) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ) رواه البخاري (1426) ومسلم (1034) .
ومعناه أن " أَفْضَل الصَّدَقَة مَا بَقِيَ صَاحِبهَا بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا بِمَا بَقِيَ مَعَهُ , وَتَقْدِيره: أَفْضَل الصَّدَقَة مَا أَبْقَتْ بَعْدهَا غِنًى يَعْتَمِدُهُ صَاحِبهَا وَيَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى مَصَالِحه وَحَوَائِجه , وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ أَفْضَل الصَّدَقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَاله ; لأَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ يَنْدَم غَالِبًا أَوْ قَدْ يَنْدَم إِذَا اِحْتَاجَ , وَيَوَدّ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّق , بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا فَإِنَّهُ لا يَنْدَم عَلَيْهَا , بَلْ يُسَرُّ بِهَا ... (وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول) فِيهِ تَقْدِيم نَفَقَة نَفْسه وَعِيَاله " انتهى من "شرح النووي على مسلم".
وقال ابن قدامة رحمه الله:
" وصدقة السر أفضل من صدقة العلانية ; لقول الله تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم , ويكفر عنكم من سيئاتكم) ، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.... وذكر منهم رجلا تصدق بصدقة فأخفاها , حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) متفق عليه.
ويستحب الإكثار منها في أوقات الحاجات , لقول الله تعالى: (أو إطعام في يوم ذي مسغبة) أي: مجاعة شديدة.
وفي شهر رمضان ; لأن الحسنات تضاعف فيه , ولأن فيه إعانة على أداء الصوم المفروض. ومن فطر صائما كان له مثل أجره.
وتستحب الصدقة على ذي القرابة ; لقول الله تعالى: (يتيما ذا مقربة) أي جمع الوصفين: اليتم والقرابة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصدقة على المسكين صدقة , وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة) . وهذا حديث حسن.
وتستحب الصدقة على من اشتدت حاجته , لقول الله تعالى: (أو مسكينا ذا متربة) أي: ليس بيده شيء إلا التراب، والمعنى أنه فقير جداً.
" انتهى من "المغني" (2/368) باختصار وتصرف.
وراجع السؤال رقم (6266) ، ورقم (22881)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2693)
ما هو الأفضل في رمضان الزكاة بالمال أو إطعام الفقراء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأفضل في رمضان الزكاة بالمال أو إطعام الفقراء؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما الزكاة المفروضة فهي عبادة لها وقتها المقدَّر، وهو مرور سنة هجرية على النصاب، فإذا تمت السنة وجب إخراج الزكاة، ولا يجوز لمن وجب في ماله الزكاة وحل موعدها أن يتأخر عن أدائها إلا لعذر شرعي.
ولا يجوز انتظار شهر رمضان لأدائها فيه، إلا إذا كان الانتظار يسيرا كأسبوع أو أسبوعين. وانظر جواب السؤال رقم (13981) .
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وتجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه والتمكن منه إذا لم يخش ضرراً، وبهذا قال الشافعي " انتهى.
" المغني " (2 / 289) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هل الزكاة تفضل في رمضان مع أنها ركن من أركان الإسلام؟
فأجاب:
" الزكاة كغيرها من أعمال الخير تكون في الزمن الفاضل أفضل، لكن متى وجبت الزكاة وتمَّ الحوْل وجب على الإنسان أن يُخرجها ولا يؤخرها إلى رمضان، فلو كان حوْل ماله في رجب: فإنه لا يؤخرها إلى رمضان بل يؤديها في رجب، ولو كان يتم حولها في محرَّم فإنه يؤديها في محرم، ولا يؤخرها إلى رمضان، أما إذا كان حوْل الزكاة يتم في رمضان: فإنه يُخرجها في رمضان " انتهى.
" فتاوى إسلاميَّة " (2 / 164) .
ولعل قصد السائل بالزكاة: صدقة التطوع، ولا شك أن الجود والبذل والعطاء بالمال والطعام والكسوة وغيرها: في رمضان أفضل من فعلها في غيره من الشهور ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في شهر رمضان.
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ , فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. رواه البخاري (6) ومسلم (2308) .
قال النووي: وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا: اِسْتِحْبَاب إِكْثَار الْجُود فِي رَمَضَان.
" شرح مسلم " (15 / 69) .
وقال ابن القيم رحمه الله:
" وكان صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وأجودُ ما يكون في رمضان، يُكثر فيه مِن الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف " انتهى.
" زاد المعاد " (2 / 32) .
وإطعام الطعام فيه أجر عظيم لفاعله، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أن من صفات المؤمنين الذين استحقوا الجنة أنهم يطعمون الطعام، فقال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا. إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا. وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) الإنسان/8-12، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه (مَنْ فَطَّرَ صَائِماً كانَ لَهُ مِثْلَ أَجْرِه) رواه الترمذي (807) وابن ماجه (1746) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام، وذلك لما ورد من الترغيب فيه، مع ما ينشأ عنه من عبادات كثيرة منها: التودد والتحبب إلى المُطعَمين فيكون ذلك سبباً في دخول الجنة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا) ، كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين واحتساب الأجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك.
وأما تفضيل أحدهما على الآخر؛ " فقد كان كثير من السلف يفضل إطعام الإخوان على الصدقة على المساكين.
وقد روي في هذا المعنى مرفوعاً من حديث أنس بإسناد ضعيف، ولاسيما إن كان الإخوان لا يجدون مثل ذلك الطعام.
وروي عن علي رضي الله عنه قال: لأن أجمع أناسا من إخواني على صاع من طعام، أحب إلي من أن أدخل سوقكم فأبتاع نسمة فأعتقها.
وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل ".
شرح حديث "اختصام الملأ الأعلى " لابن رجب، من "مجموع الرسائل" (4/41) .
والحاصل: أن كلاًّ من الصدقة بالمال وإطعام الطعام له فضل كبير، فاحرص على الأمرين معا، وليكن لك نصيب من كل عبادة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2694)
يريد أن يتصدق عن مسلم فاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أعرف بعض المسلمين غير المستقيمين، فهل يجوز لي أن أتبرع بشيء من المال نيابة عنهم؟ هل سيعرف هؤلاء الناس يوم القيامة بأن قسما من حسناتهم أتى من شخص تبرع بالمال عنهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم يجوز لك أن تتصدق عن أخيك المسلم ولو كان مرتكبا لبعض المعاصي، ونسأل الله أن يثيبك على ذلك.
ولا شك بأنهم سيعلمون يوم القيامة بأنك تصدقت عنهم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميد.(5/2695)
هل تتصدق من نفقة بيتها دون علم زوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعطيني مصروفاً لي ولبناتي كل شهر، فأُخرج منه مبلغاً معيَّناً صدقة دون الرجوع إليه، فهل يجوز هذا العمل أم يجب أن أرجع له وأسأله إن كان يوافق أن أخرج من هذا المال صدقة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على المرأة أن تتصدق من مال زوجها إذا أذن لها بذلك، وهذا الإذن قد يكون لفظياً (بالكلام) كما لو قال لها: لك أن تتصدقي من مالي بكذا أو بما شئت.
وقد يكون الإذن عرفياً، بمعنى أنه قد جَرَت عادة الناس الرضى بهذا، أو تعلم من خُلُق زوجها أنه يرضى بهذا ولا يمنعه.
فلا حرج عليها في هذه الحال أن تتصدق من مال زوجها، ولها أجر الصدقة، ولزوجها أيضاً.
أما إذا منعها، أو كانت تعلم أنه لا يرضى بهذا فلا يجوز لها حينئذ الصدقة من ماله بشيء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4 / 301) :
"وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ الصَّدَقَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ , بِغَيْرِ إذْنِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ; إحْدَاهُمَا , الْجَوَازُ ; لأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا , غَيْرَ مُفْسِدَةٍ , كَانَ لَهَا أَجْرُهَا , وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ , وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ , وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ , مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ) . وَلَمْ يَذْكُرْ إذْنًا.
وَعَنْ أَسْمَاءَ , أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ إلا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ , فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: (ارْضَخِي مَا اسْتطَعْتِ) والرضخ هو العطاء. وفي رواية للبخاري: قال: (تَصَدَّقِي) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
وَلأَنَّ الْعَادَةَ السَّمَاحُ بِذَلِكَ , وَطِيبُ النَّفْسِ , فَجَرَى مَجْرَى صَرِيحِ الإِذْنِ.
وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة , لا يَجُوزُ. . . . وَالأَوَّلُ أَصَحُّ. . .
فَإِنْ مَنَعَهَا ذَلِكَ , وَقَالَ: لا تَتَصَدَّقِي بِشَيْءٍ , وَلا تَتَبَرَّعِي مِنْ مَالِي بِقَلِيلٍ , وَلا كَثِيرٍ. لَمْ يَجُزْ لَهَا ذَلِكَ اهـ بتصرف واختصار.
ويدل على عدم جواز تصدق المرأة من مال زوجها إلا بإذنه ما رواه أبو داود (3565) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لا تُنْفِقُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا مِنْ بَيْتِهَا إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلا الطَّعَامَ؟ قَالَ: ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا) . صححه الألباني في صحيح أبي داود.
(إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا) أي الإذن الصريح، أو بدلالة الحال. قاله في عون المعبود.
وسئلت اللجنة الدائمة عن امرأة تتصدق من مال زوجها بدون إذنه
فأجابت: " الأصل أنه ليس للمرأة أن تتصدق من مال زوجها بدون إذن منه، إلا ما كان يسيراً قد جرت العادة به، كصلة الجيران والسائلين بشيء يسير لا يضر زوجها، والأجر بينهما؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:.. ثم ذكرت حديث عائشة المتقدّم " اهـ.
فتاوى اللجنة الدائمة (10/81)
وسئل الشيخ ابن عثيمن رحمه الله: هل يجوز للمرأة أن تتصدق من مال زوجها لنفسها أو لأحد من أمواتها؟
فأجاب: " من المعلوم أن مال الزوج للزوج، ولا يجوز لأحد أن يتصدق من مال أحد إلا بإذنه، فإذا أذن الزوج لها أن تتصدق به لنفسها، أو لمن شاءت من أمواتها فلا حرج عليها، فإن لم يأذن فإنه لا يحل له أن تتصدق بشيء، لأنه ماله، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه " اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/472)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2696)
الفرق بين الصدقة الجارية وغيرها من الصدقات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك فرق بين الصدقة والصدقة الجارية وإن كان هناك فرق فنريد بعض أمثلة للصدقة وأمثلة للصدقة الجارية، وإن هلكت الصدقة الجارية، على سبيل المثال لو بنى رجل مسجدا ثم هدم هذا المسجد هل سيكون له ثواب هذا المسجد إلى يوم القيامة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصدقة الجارية هي الوقف، وله صور كثيرة، وضابطه: أن يحبس الأصل، وتُسبّل الثمرة، كما روى البخاري (2737) ومسلم (1633) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: "إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا " قَالَ فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ أَنَّهُ لا يُبَاعُ وَلا يُوهَبُ وَلا يُورَثُ وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالضَّيْفِ لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ ".
وروى ابن ماجه (242) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره، وولدا صالحا تركه، ومصحفا ورثه، أو مسجدا بناه، أو بيتا لابن السبيل بناه، أو نهرا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته" والحديث حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
فالصدقة الجارية تكون ببناء مسجد، أو شراء مصاحف توضع في مسجد، أو وقف بيت أو محل، على أن يصرف ريعهما على الفقراء أو الأيتام أو الأقارب أو طلبة العلم أو غيرهم حسبما يحدد الواقف، أو المساهمة بمال في بناء مستشفى خيري، ونحو ذلك.
وأما الصدقة غير الجارية، فهي التي لا يحبس فيها الأصل، بل يعطى للفقير ليتملكه وينتفع به كما يشاء، كأن يعطى له مال، أو طعام، أو كسوة، أو دواء، أو فراش.
ومن وقف مسجدا فانهدم أو خرب، جاز بيع بعضه ليُعمّر بقيته، فإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه بيع كله، ووضع في وقف آخر، قال ابن قدامة رحمه الله:
(مسألة قال: (وإذا خرب الوقف , ولم يرد شيئا , بيع , واشتُري بثمنه ما يُردُّ على أهل الوقف , وجعل وقفا كالأول , وكذلك الفرس الحبيس إذا لم يصلح للغزو , بيع , واشتري بثمنه ما يصلح للجهاد) وجملة ذلك أن الوقف إذا خرب , وتعطلت منافعه , كدار انهدمت , أو أرض خربت , وعادت مواتا , ولم تمكن عمارتها , أو مسجد انتقل أهل القرية عنه , وصار في موضع لا يصلى فيه , أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضعه. أو تشعب جميعه فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه , جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته. وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه , بيع جميعه. قال أحمد , في رواية أبي داود: إذا كان في المسجد خشبتان , لهما قيمة , جاز بيعهما وصرف ثمنهما عليه. وقال في رواية صالح: يحول المسجد خوفا من اللصوص , وإذا كان موضعه قذرا. قال القاضي: يعني إذا كان ذلك يمنع من الصلاة فيه. ونص على جواز بيع عرصته , في رواية عبد الله , وتكون الشهادة في ذلك على الإمام) انتهى من المغني 5/368
وما دام الوقف باقيا، فالثواب مستمر لصاحبه، وكذا لو بيع الوقف ووضع في وقف آخر.
ومن بنى مسجدا فله ثواب موعود به، وهو ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: " من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة "
والقطاة: نوع من أنواع الطير.
والمفحص: هو المكان الذي تحتضن فيه بيضها.
ومراد الحديث ضرب المثل لبيان أقل ما يمكن. رواه أحمد (2157) وصححه الألباني في صحيح الجامع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2697)
هل يشترط في وصول أجر الصدقة للميت أن تكون من مال الميت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا تبرع شخص لمتوفى من مال الشخص نفسه وليس من مال المتوفى، هل يصل أجره للمتوفى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بأس بذلك ويصل الأجر لمن نوى له إذا صرف ذلك المال في مشروع خيري كصدقة وصلة وجهاد وعمل صالح نافع للمسلمين كمن تصدق عن أجداده ولو لم يخلفوا مالاً أو عن صديقه فإن الميت ينفعه ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب الفتاوى الجبرينية لفضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين ص 32.(5/2698)
الفرق بين الزكاة والصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الصدقة والزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزكاة لغة: النماء والريع والبركة والتطهير.
انظر: " لسان العرب " (14 / 358) ، " فتح القدير " (2 / 399) .
والصدقة لغة: مأخوذة من الصدق؛ إذ هي دليل على صدق مخرجها في إيمانه.
انظر: " فتح القدير " (2 / 399) .
وأما تعريفها شرعا:
فالزكاة: هي التعبد لله عز وجل بإعطاء ما أوجبه من أنواع الزكوات إلى مستحقيها على حسب ما بينه الشرع.
والصدقة: هي التعبد لله بالإنفاق من المال من غير إيجاب من الشرع، وقد تطلق الصدقة على الزكاة الواجبة.
وأما الفرق بين الزكاة والصدقة فكما يلي:
1. الزكاة أوجبها الإسلام في أشياء معينة وهي: الذهب والفضة والزروع والثمار وعروض التجارة وبهيمة الأنعام وهي الأبل والبقر والغنم.
وأما الصدقة: فلا تجب في شيء معين بل بما يجود به الإنسان من غير تحديد.
2. الزكاة: يشترط لها شروط مثل الحول والنصاب. ولها مقدار محدد في المال.
وأما الصدقة: فلا يشترط لها شروط، فتعطى في أي وقت وعلى أي مقدار.
3. الزكاة: أوجب الله أن تعطى لأصناف معينة فلا يجوز أن تعطى لغيرهم، وهم المذكورون في قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} التوبة / 60.
وأما الصدقة: فيجوز أن تعطى لمن ذكروا في آية الزكاة ولغيرهم.
4. من مات وعليه زكاة فيجب على ورثته أن يخرجوها من ماله وتقدم على الوصية والورثة.
وأما الصدقة: فلا يجب فيها شيء من ذلك.
5. مانع الزكاة يعذب كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (987) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت تستن عليه كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار،وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاع قرقر كأوفر ما كانت فتطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها ليس فيها عقصاء ولا جلحاء كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار …".
وأما الصدقة: فلا يعذب تاركها.
6. الزكاة: على المذاهب الأربعة لا يجوز إعطاؤها للأصول والفروع والأصول هم الأم والأب والأجداد والجدات، والفروع هم الأولاد وأولادهم.
وأما الصدقة: فيجوز أن تعطى للفروع والأصول.
7. الزكاة: لا يجوز إعطاؤها لغني ولا لقوي مكتسب.
عن عبيد الله بن عدي قال: أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها فرفع فيهما البصر وخفضه فرآنا جلدين فقال: " إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب ". رواه أبو داود (1633) والنسائي (2598) . والحديث: صححه الإمام أحمد وغيره.
انظر: " تلخيص الحبير " (3 / 108) .
وأما الصدقة: فيجوز إعطاؤها للغني والقوي المكتسب.
8. الأفضل في الزكاة أن تؤخذ من أغنياء البلد فترد على فقرائهم. بل ذهب كثير من أهل العلم أنه لا يجوز نقلها إلى بلد آخر إلا لمصلحة.
وأما الصدقة: فتصرف إلى القريب والبعيد.
9. الزكاة: لا يجوز إعطاؤها للكفار والمشركين.
وأما الصدقة: فيجوز إعطاؤها للكفار والمشركين.
كما قال الله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} الإنسان / 8، قال القرطبي: والأسير في دار الإسلام لا يكون إلا مشركاً.
10. لا يجوز للمسلم أن يعطي الزكاة لزوجته، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.
وأما الصدقة: فيجوز أن تعطى للزوجة.
هذه بعض الفوارق بين الزكاة والصدقة.
وتطلق الصدقة على جميع أعمال البر، قال البخاري رحمه الله في صحيحه: باب كل معروف صدقة، ثم روى بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل معروف صدقة) .
قال ابن بطال: دل هذا الحديث على أن كل شيء يفعله المرء أو يقوله من الخير يكتب له به صدقة.
وقال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: (كل معروف صدقة) أي: له حكمها في الثواب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2699)
أحاديث في فضل الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا درس أسبوعي، وفي كل أسبوع نحض الأخوات على الصدقة للفقراء في البلاد الأخرى، هل هناك حديث يحث على الصدقة وأجرها في يوم القيامة وفي الجنة، ليساعدنا على حث الأخوات لجمع المزيد من الصدقات إن شاء الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه طائفة من النصوص الشرعيَّة يمكنكم ذِكرها للحث على الصدقة، ونسأل الله تعالى أن ينفع بها، وأن يكتب لكم الأجر.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} البقرة / 254.
وقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ. الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة / 261، 262.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} البقرة / 267.
وقال تعالى: {آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} الحديد / 7.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب - ولا يقبل الله إلا الطيب - وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فَلوَّه حتى تكون مثل الجبل ".
رواه البخاري (1344) ومسلم (1014) .
فَلوَّه: مُهره الصغير.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً ".
رواه البخاري (1374) ومسلم (1010) .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو فطر - إلى المصلى ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال: أيها الناس تصدقوا فمرَّ على النساء فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ... فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود تستأذن عليه، فقيل: يا رسول الله هذه زينب فقال: أي الزيانب؟ فقيل: امرأة ابن مسعود، قال: نعم، ائذنوا لها، فأذن لها، قالت: يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة، وكان عندي حلي لي، فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صدق ابن مسعود، زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم.
رواه البخاري (1393) ومسلم (80) .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله أنفق يا ابن آدم أنفق عليك.
رواه البخاري (5073) ومسلم (993) .
والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2700)
غلط الإمام في اسم الجمعية التي طلب جمع التبرعات لها
[السُّؤَالُ]
ـ[غلط الإمام وهو على المنبر وذكر اسم جمعية خيرية غير التي اتفق معها على جمع التبرعات بعد الصلاة، وتم الجمع بعد الصلاة، فلمن المال المجموع؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
المال للجمعية التي سماها الإمام على المنبر.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2701)
ساهم معنا في شراء بطانية الشتاء
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض الجمعيات الخيرية التي تقوم بجمع الأموال لأهل المناطق الباردة يستخدمون شعاراً: " ساهم معنا لشراء بطانية الشتاء " مثلاً، ثم هم قد يصرفون جزءً من هذه الأموال لشراء بعض الأشياء غير البطانيات مما يحتاجه هؤلاء الفقراء، فهل المقصود واحد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" الأولى أن يكون التعبير لهذه الجمعية: " معونة الشتاء أو وقاية الشتاء "؛ حتى يصير صالحاً للبطانيات والثياب والبوتاجاز وغيره.
أما ما جُمع لغرض معين فهو لا يصرف إلا للغرض المعين ما لم يتعذر.
مثال: جمعنا بطانية الشتاء لقرية من القرى، واستغنت بنصف المبلغ، وتحتاج إلى ثياب أو تدفئة فهذه لا بأس أن يُصرف الفاضل لحاجتهم، وأما إذا كان عامَّاً والناس محتاجون إلى بطانيات فإنه لا يجوز صرفها في جهة أخرى.
فلا يصح صرف ما جمع باسم بطانية الشتاء في غير هذا المصرف، إلا إذا كان مشهوراً بين الناس أن معنى بطانية الشتاء يشمل معونة الشتاء عامة، ولهذا لا بد من الآن أن يُعدل الشعار، ويُقال: معونة الشتاء أو ما أشبه ذلك ".
انتهى من كلام الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
[الْمَصْدَرُ]
المرجع لقاء الباب المفتوح – اللقاء الرابع والأربعون.(5/2702)
قبول تبرع امرأة بمال حرام لمركز إسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مركز للدعوة ونحاول نشر سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وندعو الناس لفهم الأخلاق الإسلامية التي تحلى بها الصحابة الكرام.
امرأة تريد التصدق بأموال صدقة كثيرة لمركزنا والذي ندعمه نحن من مالنا الخاص.
المشكلة أن مالها جمعته من الحرام في وقت الجاهلية وقد بدأت الآن بالالتزام بالدين (ولدت مسلمة ولكنها لم تكن متمسكة بتعاليم الدين عندما جمعت تلك الأموال) فهل يجوز لنا أن نستعمل هذا المال لدعم مركزنا ولنستعمله في أغراض دعوية هنا في السويد؟
أرجو يا شيخ أن تجيب على هذا السؤال لأنه عاجل جدا.
استلمنا جزءا من المبلغ ولكننا حفظناه حتى نعلم الحكم في أخذ هذا المال.
إذا لا يجوز لنا استعمال هذا المال فكيف تستطيع هي أن تصرف هذا المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب بقوله:
نعم يجوز ذلك، لأنه حرام عليها حلال لغيرها إذا أخذه بطريق صحيح، وأنتم ستأخذونه بطريق صحيح. انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/2703)
هل يلزم الولد بطاعة أبيه في مواضع صدقاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعطي صدقتي لمؤسسات خيرية ولكن أهلي يعارضون ذلك ويفضلون إعطاء المال للأقارب مع أن أبي يعطيهم مالاً. فهل يمكن أن أتصدق بدون إخبارهم؟ لأن أحد الأحاديث يقول "أنت ومالك لأبيك" أرجو التوضيح
هل يمكن لأبي أن يزكي ويضحي بالنيابة عني لأنه رب العائلة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
أود أن أعطي صدقتي لمؤسسات خيرية ولكن أبي يعارض ذلك ويفضل إعطاء المال للأقارب ويريد أن يلزمني بذلك، فهل حديث أنت ومالك لأبيك يدخل فيه أن يتحكّم الأب بمواضع صدقة ولده؟
فأجاب حفظه الله:
لا يدخل في هذا إلا إذا أراد أن يتملكها فلا بأس، ما لم يكن حيلة على منع صدقة ابنه، ولكن مع ذلك أنا أشير على الابن أن يعطيها الأقارب فهو أفضل. انتهى
فليس للأب أن يُلزم ولده بمواضع معينة يضع فيها الصّدقة، ويمنعه من مواضع أخرى ولكن يُستحبّ للابن أن يستجيب لرغبة أبيه ما دام أشار عليه بأمر من البرّ وهو صلة الأقارب بالمال، وإذا كان المال كثيرا وكان هناك من هو أحوج من الأقارب فيمكن أن يعطي بعضه للأقارب وبعضه للمحتاجين الآخرين أو للمشاريع الإسلامية المهمة والنافعة، وأما حديث أنت ومالك لأبيك فقد رواه ابن ماجة رحمه الله تعالى في سننه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي مَالاً وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي فَقَالَ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك. " سنن ابن ماجة رقم 2282، قال في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري.
ومعنى قوله (يجتاح) أي يستأصله أي يصرفه في حوائجه بحيث لا يبقى شيء. وانظر في شرح الحديث وما يتعلق به سؤال رقم 4282 والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2704)
حكم إعطاء الشحاذ غير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء مال لشخص غير مسلم إذا كان يشحذ على الطريق العام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الْكَافِرِ، وَسَبَبُ الْخِلافِ: هُوَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تَمْلِيكٌ لأَجْلِ الثَّوَابِ، وَهَلْ يُثَابُ الشَّخْصُ بِالإِنْفَاقِ عَلَى الْكُفَّارِ؟ . فَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: إنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ لِلْكُفَّارِ مُطْلَقًا،.. وَذَلِكَ لِعُمُومِ قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} . قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَمْ يَكُنْ الأَسِيرُ يَوْمَئِذٍ إلا كَافِرًا وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: {فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ} وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ {أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنهما - قَالَتْ: قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْت: إنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ، صِلِي أُمَّك} وَلأَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحْمُودَةٌ فِي كُلِّ دِينٍ، وَالإِهْدَاءُ إلَى الْغَيْرِ مِنْ مَكَارِمِ الأَخْلاقِ. الموسوعة الفقهية ج26
والشخص غير المسلم إذا كان يسأل فلا يخلو:
1- إما أن يكون محتاجاً حاجة ضرورية لطعام بحيث لو لم تطعمه لهلك، فلك أن تطعمه في هذه الحال، إلا إذا كان محارباً معادياً للإسلام، فيترك. وتكون الأعطية في هذه الحال من الصدقة، لا من الزكاة.
2- وإما أن تكون حاجة هذا الشخص ليست ضرورية كالحالة السابقة فهذا يمكن أن نعطيه من باب تأليف قلبه ودعوته للإسلام لما في ذلك من المصلحة العظيمة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2705)
الصدقة في حال الحياة أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأفضل للإنسان أن يتصدق بالمال في حياته أو يكتبها في وصيته تصرف بعد وفاته؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فضل الصدقة في حال الصحة:
عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى وَلا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلانٍ كَذَا وَلِفُلانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ" البخاري (1330) مسلم (1713)
قال النووي رحمه الله: " قَالَ الخطابي: فَمَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الشُّحّ غَالِب فِي حَال الصِّحَّة , فَإِذَا شَحّ فِيهَا وَتَصَدَّقَ كَانَ أَصْدَقَ فِي نِيَّته وَأَعْظَم لأَجْرِهِ , بِخِلَافِ مَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْت وَآيَسَ مِنْ الْحَيَاة وَرَأَى مَصِير الْمَال لِغَيْرِهِ فَإِنَّ صَدَقَته حِينَئِذٍ نَاقِصَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالَة الصِّحَّة , وَالشُّحّ رَجَاء الْبَقَاء وَخَوْف الْفَقْر.. فَلَيْسَ لَهُ فِي وَصِيَّته كَبِير ثَوَاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَدَقَة الصَّحِيح الشَّحِيح.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وَفِي الْحَدِيث أَنَّ تَنْجِيز وَفَاء الدَّيْن وَالتَّصَدُّق فِي الْحَيَاة وَفِي الصِّحَّة أَفْضَل مِنْهُ بَعْد الْمَوْت وَفِي الْمَرَض , وَأَشَارَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " وَأَنْتَ صَحِيح حَرِيص تَأْمُل الْغِنَى الخ " لأَنَّهُ فِي حَال الصِّحَّة يَصْعُب عَلَيْهِ إِخْرَاج الْمَال غَالِبًا لِمَا يُخَوِّفهُ بِهِ الشَّيْطَان وَيُزَيِّن لَهُ مِنْ إِمْكَان طُول الْعُمْر وَالْحَاجَة إِلَى الْمَال كَمَا قَالَ تَعَالَى (الشَّيْطَان يَعِدكُمْ الْفَقْر) الآيَة.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الشَّيْطَان رُبَّمَا زَيَّنَ لَهُ الْحَيْف فِي الْوَصِيَّة أَوْ الرُّجُوع عَنْ الْوَصِيَّة فَيَتَمَحَّض تَفْضِيل الدِّقَّة النَّاجِزَة.
قَالَ بَعْض السَّلَف عَنْ بَعْض أَهْل التَّرَف: يَعْصُونَ اللَّه فِي أَمْوَالهمْ مَرَّتَيْنِ: يَبْخَلُونَ بِهَا وَهِيَ فِي أَيْدِيهمْ يَعْنِي فِي الْحَيَاة , وَيُسْرِفُونَ فِيهَا إِذَا خَرَجَتْ عَنْ أَيْدِيهمْ , يَعْنِي بَعْد الْمَوْت. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادٍ حَسَن وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء مَرْفُوعًا قَالَ: " مَثَل الَّذِي يُعْتِق وَيَتَصَدَّق عِنْد مَوْته مِثْل الَّذِي يُهْدِي إِذَا شَبِعَ " , وَهُوَ يَرْجِع إِلَى مَعْنَى حَدِيث الْبَاب.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْن حِبَّانَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا " لأَنْ يَتَصَدَّق الرَّجُل فِي حَيَاته وَصِحَّته بِدِرْهَمٍ خَيْر لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّق عِنْد مَوْته بِمِائَةٍ " إ. هـ.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2706)
حكم الصدقة بكل ما يملك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن يتصدق الشخص بكل ما يملك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق أصحاب المذاهب الأربعة: على أنه يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ بِفَاضِلٍ عَنْ كِفَايَتِهِ , وَكِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ , وَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَا يُنْقِصُ مُؤْنَةَ مَنْ يَمُونُهُ أَثِمَ لأن نفقتهم واجبة عليه، ولا يجوز أن يقدم النفل على الفرض.
وأما ما زاد على مؤونة من تلزمه نفقتهم: فجمهور العلماء أَنَّ إمْسَاكَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ أَوْلَى مِنْ إخْرَاجِ ماله كُلِّهِ فِي الصَّدَقَةِ إلا إن َكَانَ ذَا مَكْسَبٍ , أَوْ كَانَ وَاثِقًا مِنْ نَفْسِهِ يُحْسِنُ التَّوَكُّلَ وَالصَّبْرَ عَلَى الْفَقْرِ وَالتَّعَفُّفِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فاستحب بعض العلماء أن ينفقه كله وهو المصحح عند الشافعية، وظاهر كلام الموفق في المغني، والذي يفهم من مذهب المالكية والحنفية أنهم لا يستحبون ذلك، لأنهم يقولون بعد ذكر الشروط السابقة في جواز التصدق بالمال كله: " فلا بأس " وكأن الأمر عندهم على الجواز، وإن كان بعض المالكية علق على قولهم لا بأس بما يفيد الاستحباب حين قال:: مَحَلُّ نَدْبِ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُتَصَدِّقُ طَيِّبَ النَّفْسِ بَعْدَ الصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ , لا يَنْدَمُ عَلَى الْبَقَاءِ بِلا مَالٍ. وَأَنَّ مَا يَرْجُوهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُمَاثِلٌ لِمَا تَصَدَّقَ بِهِ فِي الْحَالِ , وَأَنْ لا يَكُونَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِنَفْسِهِ , أَوْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ , أَوْ يُنْدَبُ الإِنْفَاقُ عَلَيْهِ , وَإِلا لَمْ يُنْدَبْ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ إنْ تَحَقَّقَ الْحَاجَةَ لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ , أَوْ يُكْرَهُ إنْ تَيَقَّنَ الْحَاجَةَ لِمَنْ يُنْدَبُ الإِنْفَاقُ عَلَيْهِ ; لأَنَّ الأَفْضَلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا يَفْضُلُ عَنْ حَاجَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ , وَمُؤْنَةِ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ " (الموسوعة الفقهية 26 / 339)
ومن خلال هذه الأقوال يتضح أنهم لا يحددونه بالثلث، وأدلة ما ذهب إليه هؤلاء العلماء أدلة من القرآن والسنة منها:
1- قوله تعالى: (وَلا تَجْعَلْ يَدَك مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِك , وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ: وَلا تُخْرِجْ جَمِيعَ مَا فِي يَدِك مَعَ حَاجَتِك وَحَاجَةِ عِيَالِك إلَيْهِ , فَتَقْعُدَ مُنْقَطِعًا عَنْ النَّفَقَةِ وَالتَّصَرُّفِ , كَمَا يَكُونُ الْبَعِيرُ الْحَسِيرُ , وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ قُوَّتُهُ فَلا انْبِعَاثَ بِهِ , وَقِيلَ: لِئَلا تَبْقَى مَلُومًا ذَا حَسْرَةٍ عَلَى مَا فِي يَدِك , لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالْخِطَابِ غَيْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَتَحَسَّرُ عَلَى إنْفَاقِ مَا حَوَتْهُ يَدُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَإِنَّمَا نَهَى اللَّهُ عَنْ الإِفْرَاطِ فِي الإِنْفَاقِ وَإِخْرَاجِ جَمِيعِ مَا حَوَتْهُ يَدُهُ مِنْ الْمَالِ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْحَسْرَةُ عَلَى مَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ. (الموسوعة 4 / 184) .
2- عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ مِنْ تَوْبَتِي: أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي , صَدَقَةً إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " (خ / 2552، م / 4973)
ولم يحدد له النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة بالثلث.
قال الشوكاني رحمه الله: " دَلَّ حَدِيثُ كَعْبٍ أَنَّهُ يَشْرُعُ لِمَنْ أَرَادَ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَنْ يُمْسِكَ بَعْضَهُ وَلا يَلْزَمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ نَجَّزَهُ لَمْ يُنَفَّذْ وَقِيلَ: إنَّ التَّصَدُّقَ بِجَمِيعِ الْمَالِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ الأَحْوَالِ , فَمَنْ كَانَ قَوِيًّا عَلَى ذَلِكَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ لَمْ يُمْنَعْ , وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ فِعْلُ أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقِ وَإِيثَارُ الأَنْصَارِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ , وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلا , وَعَلَيْهِ يَتَنَزَّلُ {لا صَدَقَةَ إلا عَنْ ظَهْرِ غِنًى} وَفِي لَفْظٍ {أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى} .انيل (8 / 288)
3 – عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالا مِنْ نَخْلٍ وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ " (خ / 1368، م / 1664) .
قال الشوكاني رحمه الله (النيل 3 / 36) :
" وَفِيهِ جَوَازُ التَّصَدُّقِ مِنْ الْحَيِّ فِي غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ , لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَسْتَفْصِلْ أَبَا طَلْحَةَ عَنْ قَدْرِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ وَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي مَرَضِهِ: " الثُّلُثُ كَثِيرٌ "
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2707)
ماذا يجب على الأغنياء غير الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الشخص غنياً جداً فكم يجب أن يبقي لنفسه؟ هل يجوز لهم أن يشتروا بيتاً كبيراً أم يجب أن يعطوا الفقراء أموالاً أكثر؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب في أموال الأغنياء الزكاة، وما بقي بعد الزكاة ولو كان كثيرا فإنه حلال ويجوز له أن يشتري بيتا كبيرا، ولكن يبتعد عن الإسراف فإنه محرم في الشرع لقوله تعالى: " ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين " ولو كان المسرف غنيا.
ويستحب له أن يعطي الفقراء صدقات غير الزكاة، وأفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ويلزمه شرعا إكرام الضيف وإغاثة الملهوفين، ويتأكد عليه إعطاء السائل الفقير ولو كان قد أدى الزكاة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2708)
إعطاء الصدقة لغير المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يجوز إعطاء الصدقة لغير المسلمين خصوصا في هذا البلد (أمريكا) .
2- شخص ما (أظنه مسلم) يتسول ويطلب مبلغا معين من المال فكيف نتصرف في مثل هذه الحالة؟ أرجو أن تشرح أيضا إذا كان المتسول غير مسلم.
3- هل ينطبق الحكم في السؤالين الماضيين إذا كان المتسول يتعاطى المخدرات أو مدمن خمر؟ لأنه يمكن أن يستعمل المال في شراؤها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1- يجوز إعطاء الصدقة - غير المفروضة - للفقراء من غير المسلمين وخصوصا إذا كانوا من الأقارب، بشرط أن لا يكونوا من المحاربين لنا، وأن لا يكون وقع منهم اعتداء يمنع الإحسان إليهم، لقوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) الممتحنة / 8- 9.
ولحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: " قَدِمَتْ عَلَيّ أمي وهي مشركة - في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومُدَّتِهم - مع أبيها، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغبةٌ - تطلب العون - أفأصلها؟ قال: نعم صِلِيْها " رواه البخاري برقم 2946.
وعن عائشة رضي الله عنها: " أن امرأة يهودية سألتها فأعطتها، فقالت لها أعاذك الله من عذاب القبر، فأنكرت عائشة ذلك، فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم قالت له، فقال: لا، قالت عائشة: ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك " إنه أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم " مسند أحمد برقم 24815. فدل هذان الحديثان على جواز إعطاء الكافر من الصدقة.
ولا يجوز إعطاء فقراء الكفار من الزكاة، لأن الزكاة لا تعطى إلا للمسلمين في مصرف الفقراء والمساكين المذكورين في آية الزكاة.
قال الإمام الشافعي: " ولا بأس أن يتصدق على المشرك من النافلة، وليس له في الفريضة من الصدقة حق , وقد حمد الله تعالى قوماً فقال (ويطعمون الطعام) الآية " كتاب الأم /ج 2.
وصرف الصدقة إلى فقراء المسلمين أفضل وأولى ; لأن الصرف إليهم إعانة لهم على طاعة الله عز وجل، وتكون عوناً لهم على أمور دينهم ودنياهم، وفيه يتحقق الترابط المسلمين، وخصوصاً أن فقراء المسلمين اليوم أكثر من الأغنياء والله المستعان.
2- إذا كان الذي يطلب المال مسلماً، وكان محتاجاً، وتأكدت حاجته فيعطى ما تيسر من الصدقة. وكذلك إن كان غير مسلم. ولكن الأفضل للمحتاجين المسلمين ترك التسول في الطرق، - وإن كان ولا بد - فعليهم الذهاب إلى الجمعيات الخيرية الإسلامية التي تتبنى إيصال الصدقات إلى الفقراء المحتاجين، وكذلك يستعين من يريد التصدق بتنلك الجمعيات الخيرية المأمونة، لإيصال صدقته إلى من يستحقها.
3- أما إذا كان الشخص الذي يطلب المال - سواءً كان مسلماً أو كافراً - يطلبه لفعل معصية وشراء شيء محرم أو الاستعانة بالمال على فعل أمر محرم فلا يجوز إعطاؤه من تلك الصدقة، لأن في ذلك إعانة له على فعل الحرام. وقد قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) . والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2709)
دفع المال للمنظمات الإغاثية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم دفع المال إلى منظمة دولية مجالها إغاثي بحت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله:
ينظر في الأعم الأغلب من الجهات التي تساعدها فإذا كانوا مسلمين جاز الصرف لها لتخفيف الأزمة، وإن كان الأعم الأكثر وثنيين أو شيوعيين أو غيرهم فلا. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن جبرين(5/2710)
إعطاء محتويات الحصالة الخيرية لجهة غير صاحبة الحصالة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي حصالة أموال خيرية لإحدى الجهات، وبعد ما امتلأت نقوداً أود أن أعطيها لجهة خيرية أخرى يطمئن قلبي لها أكثر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
س: لماذا قبل من هذه الجهة؟
ج: لأنها كانت الجهة التي أمامه، ثم عرف جهة أوثق.
جواب فضيلة الشيخ ابن عثيمين: لا يجوز، مادام أنه جمع بنية أن يعطيها لهذه، لا يجوز أن يصرفها لغيرها.
س: هل السبب أن الحصالة لهم؟ وأن العبرة بنيته هو؟
ج: نعم، إذا كان قد نواها (لهم) فلا يجوز أن يصرفها لغيرهم، إلا إذا استأذنهم. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/2711)
على كل واحد من الشريكين أن يزكي نصيبه من أرباح المضاربة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطاني سبعة آلاف ريال من أربع سنين أشري وأبيع في الحلال وكل سنة نتقاسم الأرباح، والآن وصلت ستة عشر ألف ريال، ولا أخرجنا زكاة كل الأربع سنين التي مرت. أرجو أن تكون الصورة واضحة. أفتونا مأجورين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الزكاة ركن من أركان الإسلام، ومن أعظم واجبات الدين وفرائضه، والواجب على المسلم أن يسارع إلى أدائها متى وجبت عليه، ولا يجوز التهاون في أدائها.
ولا تسقط الزكاة بالتقادم، فلو مرت عليه سنون ولم يخرج الزكاة، كانت ديناً عليه، ويجب عليه إخراجها.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/302) :
"إذا مضت عليه سنون ولم يؤد زكاتها لزمه إخراج الزكاة عن جميعها" انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (23/298) :
"إذا أتى على المكلف بالزكاة سنون لم يؤد زكاته فيها، وقد تمت شروط الوجوب، لم يسقط عنه منها شيء اتفاقا، ووجب عليه أن يؤدي الزكاة عن كل السنين التي مضت ولم يخرج زكاته فيها" انتهى.
ثانياً:
تجب الزكاة في عروض التجارة عند جماهير العلماء، وقد سبق بيان أدلة ذلك في جواب السؤال رقم (130487) .
وطريقة حساب زكاة عروض التجارة: أن تقوم البضاعة آخر الحول ثم يخرج زكاتها ربع العشر أي 2.5 بالمائة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (4/249) :
"مِنْ مَلَكَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ , فَحَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ , وَهُوَ نِصَابٌ , قَوَّمَهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ , فَمَا بَلَغَ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ , وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ" انتهى.
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"الطريقة الشرعية أنه يقوّم ما لديه من عروض التجارة عند تمام الحول بالقيمة التي تساويها عند الوجوب، بصرف النظر عن ثمن الشراء" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/319) .
ويضم الربح إلى الأصل ويزكى الجميع.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (22/86) :
"يُضَمُّ الرِّبْحُ الْحَاصِل مِنْ عُرُوضِ التِّجَارَةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْل إِلَى الأَْصْل، وَذَلِكَ لأَِجْل حِسَابِ الزَّكَاةِ. فَلَوِ اشْتَرَى مَثَلاً عَرْضًا فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ قَبْل آخِرِ الْحَوْل وَلَوْ بِلَحْظَةٍ ثَلاَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ زَكَّى الْجَمِيعَ آخِرَ الْحَوْل" انتهى.
هذا بالنسبة لصاحب المال: يزكي أصل المال (رأس ماله) مع نصيبه من الربح كل سنة.
أما بالنسبة للمضارب (العامل) ففي وجوب الزكاة عليه في نصيبه من الربح إذا لم يتم اقتسامه - كما في الصورة المسؤول عنها - خلاف بين العلماء، والذي اختاره جماعة من علمائنا المعاصرين: وجوب الزكاة عليه في نصيبه من الربح.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"حصة المضارب فيها خلاف هل تجب الزكاة فيها أو لا؟ والصحيح أنه إذا تم الحول وهي لم تقسم أن فيها الزكاة؛ لأنها ربح مال تجب زكاته فيجب عليه أن يزكيه، ولأن هذا هو الظاهر من عمل الناس من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إلى اليوم: أنه إذا وجبت الزكاة في المال أخرجت منه ومن ربحه" انتهى.
" شرح الكافي" (3/121) .
وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله:
هل تجب الزكاة في حصة المضارب قبل القسمة إذا بلغ نصاباً؟
فأجاب:
"المضاربة كونك تعطي إنساناً مالك يتجر به، فإذا أعطيته مثلاً عشرين ألفاً واشترى بها بضائع على أن له نصف الربح، ويرد عليك رأس مالك، فبعد سنة أصبحت العشرون ثلاثين بأرباحها، حصة العامل خمسة آلاف، وحصة صاحب المال خمسة آلاف، ورأس المال عشرون.
فما الذي يزكى؟ يُزكى الجميع؛ الثلاثون ألفاً، وتكون الزكاة عن الجميع؛ عن الربح، وعن رأس المال. هذه صورة المضاربة وصورة الزكاة فيها" انتهى.
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (50/8) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان رحمه الله:
لي مبلغ من المال وقد تركته عند صديق لي ليتاجر فيه، من يدفع الزكاة هو أم أنا وهل أزكي عن رأس المال فقط أم حتى عن الربح؟
فأجاب:
"أنت تزكي نصيبك من الربح، إذا بلغ نصابًا، وأما صاحب رأس المال فإنه يزكيه ويزكي نصيبه من الربح ولو كان قليلاً لأنه يتبع رأس المال" انتهى.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (87/1-2) .
وعلى هذا، فعليك أن تحسب الأرباح المضافة إلى رأس المال كل سنة، ثم يقوم صاحب رأس المال بإخراج زكاة رأس المال ونصيبه من الربح، وتخرج أنت زكاة نصيبك من الربح عن السنوات الماضية.
تنبيه: حول عروض التجارة لا يبدأ حسابه من أول شراء العروض للتجارة، وإنما ينبني هذا الحول على حول النقود التي اشتريت بها عروض التجارة.
ولبيان ذلك: انظر جواب السؤال رقم (32715) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2712)
حكم إخراج زكاة المال أو التجارة موادا غذائية
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أخرج زكاة المال أو العقار مواد غذائية جاهلاً هل عليه شيء؟ وإذا خشي أن يصرف الفقير جزء من الزكاة في الدخان أو كماليات فهل يجوز إعطاؤه مواد غذائية؟ سؤال آخر:- تاجر مواد غذائية لديه 3 أنواع من الرز مثلا ب 100و150و200 فهل يزكي من كل نوع أم من أحدها وهل يجزئ إذا دفع الزكاة من النوع الغالي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجب إخراج زكاة النقود نقودا عند جمهور الفقهاء، ولا يجوز إخراجها موادا عينية من غذاء أو غيره.
وذهب الحنفية إلى الجواز، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية إذا كان ذلك أنفع للفقير.
قال رحمه الله: "وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد رحمه الله قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من أقر النص، ومنهم من جعلها على روايتين. والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه. . . إلى أن قال رحمه الله:
" وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به، مثل أن يبيع ثمر بستانه أو زرعه بدراهم فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه ولا يكلف أن يشتري ثمرا أو حنطة إذ كان قد ساوى الفقراء بنفسه، وقد نص أحمد على جواز ذلك ... ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها أنفع فيعطيهم إياها " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25 / 82) .
وعليه؛ فإذا كان المزكي أخرج زكاته موادا غذائية جاهلا، فلا شيء عليه، والأحوط له مستقبلا أن يخرجها نقودا.
وينبغي أن يعلم أن العقار لا زكاة فيه إلا إذا كان للتجارة، أو كان مؤجرا فالزكاة في أجرته إذا حال عليها الحول وبلغت نصابا بنفسها أو بما انضم إليها من ماله.
ثانياً:
إذا كان الفقير سفيهاً لا يحسن التصرف في المال، وخشي أن يشتري به دخانا ونحوه، جاز إعطاؤه الزكاة سلعاً عينيةً بدلاً من النقود، مراعاة لمصلحة الفقير، وسدّاً لحاجته، وهذا اختيار شيخ الإسلام كما سبق، وبه أفتى جمع من أهل العلم.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " ويجوز أيضا أن يخرج عن النقود عروضا من الأقمشة والأطعمة وغيرها، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك مع اعتبار القيمة، مثل أن يكون الفقير مجنونا أو ضعيف العقل أو سفيها أو قاصرا، فيخشى أن يتلاعب بالنقود، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاما أو لباسا ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم ". انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (14/253) .
وينظر جواب السؤال رقم (79337) .
ثالثا:
الواجب في زكاة التجارة أن تخرج نقودا في قول جمهور أهل العلم، فتقوّم العروض في نهاية الحول، ويخرج من قيمتها ربع العشر.
وذهب الحنفية، والشافعي في قول إلى جواز إخراجها من نفس التجارة.
جاء في الموسوعة الفقهية (23 / 276) : " الأصل في زكاة التجارة أن يخرجها نقدا بنسبة ربع العشر من قيمتها , كما تقدم , لقول عمر رضي الله عنه لحماس: (قَوِّمْها ثم أَدِّ زكاتها) . فإن أخرج زكاة القيمة من أحد النقدين أجزأ اتفاقا.
وإن أخرج عروضا عن العروض فقد اختلف الفقهاء في جواز ذلك، فقال الحنابلة وهو ظاهر كلام المالكية وقول الشافعي في الجديد وعليه الفتوى: لا يجزئه ذلك , واستدلوا بأن النصاب معتبر بالقيمة , فكانت الزكاة من القيمة , كما أن البقر لما كان نصابها معتبرا بأعيانها , وجبت الزكاة من أعيانها , وكذا سائر الأموال غير التجرة.
وأما عند الحنفية وهو قول ثان للشافعية قديم: يتخير المالك بين الإخراج من العرض أو من القيمة فيجزئ إخراج عرض بقيمة ما وجب عليه من زكاة العروض ... وفي قول ثالث للشافعية قديم: أن زكاة العروض تخرج منها لا من ثمنها , فلو أخرج من الثمن لم يجزئ " انتهى.
والراجح جواز إخراجها من التجارة نفسها.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:" يجوز إخراج زكاة العروض عرضاً " انتهى من "الاختيارات" ص 101.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يجوز إخراج الزكاة من الأقمشة؟
فأجاب:" يجوز ذلك في أصح قولي العلماء، الطيب عن الطيب، والرديء عن مثله حسب القيمة، مع الحرص على ما يبرئ الذمة، لأن الزكاة مواساة، من الغني للفقراء، فجاز له أن يواسيهم من القماش بقماش، كما يواسيهم من الحبوب والتمور والبهائم الزكوية من نفسها " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (14 / 253) .
وعليه؛ فمن كان لديه أنواع من الأرز وأراد إخراج الزكاة منها، فإنه يخرج من كل نوع، تحقيقا للعدل والمسواة بينه وبين الفقراء، وإن اختار الإخراج من أجودها فله ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2713)
باع أرضا معدة للتجارة قبل حلول الحول بستة أيام، فمتى تجب عليه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قطعة ارض وهي من عروض التجاره بعتها قبل حلول الحول عليها بستة أيام واستلمت المبلغ كيف احسب زكاتها هل أزكي المال بعد مرور الستة أيام أو أنتظر على المال مرور حول كامل]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للرجل أن يبيع ماله قبل حلول الحول إذا احتاج إلى ذلك، ما لم يقصد الفرار من الزكاة
قال القرطبي رحمه الله:
" أجمع العلماء على أن للرجل قبل حلول الحول التصرف في ماله بالبيع والهبة إذا لم ينو الفرار من الصدقة " انتهى
"الجامع لأحكام القرآن" (9 / 236)
فإذا كان هذا المال معدا للتجارة فباعه: فإذا بلغ النصاب على رأس الحول زكّاه، وإذا لم يبلغ إلا بضمه إلى ماله الذي عنده، أو لم يبلغ ماله الذي عنده النصاب إلا بضمه إليه ضمه إليه وزكاه؛ لأن العبرة فيما أعد للتجارة قيمته المالية.
قال ابن مفلح رحمه الله:
" وتضم قيمة عروض التجارة إلى كل واحد، من الذهب والفضة، جزم به صاحب المستوعب، والشيخ وعلله بأنه يُقَوَّم بكل واحد منهما، وقال: لا أعلم فيه خلافا. قال: ولو كان ذهب وفضة وعروض، ضم الجميع في تكميل النصاب ". انتهى. "الفروع" (4/138) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" عروض التجارة تجب في قيمتها، فلا ينقطع الحول إذا أبدل عروض التجارة بذهب أو فضة، وكذلك إذا أبدل ذهباً أو فضة بعروض تجارة؛ لأن العروض تجب الزكاة في قيمتها لا في عينها، فكأنه أبدل دراهم بدراهم، فالذهب والفضة والعروض تعتبر شيئاً واحداً، وكذا إذا أبدل ذهباً بفضة إذا قصد بهما التجارة، فيكونان كالجنس الواحد " انتهى.
"الشرح الممتع" (6 / 9)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
شخص باع محلاًّ قبل حلول زكاته بشهرين فمن الذي يدفع الزكاة؟
فأجاب بقوله: " إذا انتقل ملك المال الزكوي قبل تمام الحلول: فإن كانت عروض تجارة كما قال، فالمالك الأول يزكي عروضه مع أمواله.
مثال ذلك: إنسان عنده أرض للتجارة، فباعها قبل حلول زكاته بشهرين، فإنه إذا حلت الزكاة يجب عليه أن يؤدي زكاة الدراهم التي باع بها هذه الأرض، أما لو باعها بدراهم ثم اشترى بالدراهم سكناً له قبل تمام الحول فإنه لا زكاة عليه ... " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (13 / 1507)
فعلى ما تقدم:
تجب عليك زكاة الأرض التي بعتها إذا تم الحول، أي بعد ستة أيام من وقت البيع، ولا يجوز أن تنتظر حولا جديدا لإخراجها.
وللمزيد: راجع إجابة السؤال رقم: (32715) ، (38886)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2714)
اشترى صكوكا إسلامية فهل يزكي الربح أم الربح ورأس المال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت صكوكا إسلامية منذ ثلاث سنوات وكنت أتقاضى أرباحا في نهاية العام المالي للشركة فهل أدفع زكاة المال من قيمة الأرباح أم من قيمة رأس المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا اشتريت الصكوك الإسلامية بغرض الاتجار فيها وبيعها عند ارتفاع السعر، فإن الزكاة تجب فيها وفي أرباحها، فتقومها عند نهاية الحول، بسعر السوق، وتخرج ربع العشر (2.5%) من هذه القيمة، وتزكي كذلك ما استلمته من أرباحها.
وإذا اشتريت الصكوك بغرض الاحتفاظ بها والاستفادة من ربحها فقط، فإنك تزكي الربح، ولا تزكي الصكوك، إلا أن يتبقى لدى الجهة القائمة على الصكوك أموال نقدية لم توضع في منشآت ونحوها، فيقدر ما يعادل كل صك من هذه النقود، ويكون على صاحب الصك إخراج زكاتها.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (69912) .
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخرة 1408هـ. الموافق 6-11 فبراير 1988م بشأن زكاة الأسهم، وهو ما ينطبق على الصكوك أيضا:
"إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.
وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك:
فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة ... فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق، زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2.5 % من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح" انتهى من "مجلة المجمع" (4/1/882) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2715)
إذا اشترى أرضا ثم باعها لحاجة فهل تلزمه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت فتوى تقول إن الشخص إذا اشترى أرضاً بغرض البيع والشراء فإن عليه الزكاة فيها. ولكن ماذا لو أن شخصاً اشترى أرضاً ليس بنية البيع ولكن فجأة ظهر له شخص يريد شراءها فباعها مضطراً فهل عليه زكاة فيها؟ وإذا كان الأمر كذلك فكم تكون الزكاة؟ هل بحساب سعر الشراء أم البيع؟ فعلى سبيل المثال هو اشتراها بمئتي ألف وباعها بمئتين وخمسين فكيف تكون الزكاة فيها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا اشترى الإنسان أرضا بنية الاتجار فيها، لزمته الزكاة عند حولان الحول على المال الذي اشتراها به.
وطريقة حساب الزكاة: أن يّقوم الأرض عند حولان الحول، ويخرج ربع العشر (2.5%) ، فالعبرة بقيمتها عند إخراج الزكاة، وليس بقيمتها أو ثمنها عند وقت الشراء.
وأما من اشترى أرضا ولم ينو الاتجار فيها، ثم احتاج لبيعها، أو جاءه فيها سعر جيد فباعها، فهذا لا تلزمه زكاة التجارة، لكن إن باعها ثم مضى حول على المال الذي معه زكّاه زكاة المال.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو كان عند إنسان عقارات لا يريد التجارة بها، ولكن لو أعطي ثمنا كثيرا باعها فإنها لا تكون عروض تجارة؛ لأنه لم ينوها للتجارة، وكل إنسان إذا أتاه ثمن كثير فيما بيده، فالغالب أنه سيبيع ولو بيته، أو سيارته، أو ما أشبه ذلك ".
وقال: " فإن كان عنده سيارة يستعملها، ثم بدا له أن يبيعها فلا تكون للتجارة؛ لأن بيعه هنا ليس للتجارة، ولكن لرغبته عنها، ومثله: لو كان عنده أرض اشتراها للبناء عليها، ثم بدا له أن يبيعها ويشتري سواها، وعرضها للبيع فإنها لا تكون للتجارة؛ لأن نية البيع هنا ليست للتكسب بل لرغبته عنها " انتهى من "الشرح الممتع" (6/142) .
ولو كان للإنسان أرض وتردد في اقتنائها أو الاتجار فيها، لم تلزمه الزكاة حتى يجزم بنية التجارة، وينظر جواب السؤال رقم (117711) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2716)
زكاة المال المغصوب
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أرض أملكها بأوراق رسمية، فاحتال شخص آخر وأثبت ملكيته لها ولا زالت قضيتنا في المحكمة، وقد حال الحول، عليها فهل يلزمني إخراج زكاة هذه الأرض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
إن كانت نيتك إعمارها لأجل السكنى أو التأجير، فهذه الأرض لا زكاة فيها؛ لأنها ليست من عروض التجارة، وينظر جواب سؤال رقم (129787) .
وأما إن كانت نيتك الاتجار بها، فالأصل أن عروض التجارة تجب فيها الزكاة، فتقوَّم هذه الأرض، كلما حال عليها الحول، ثم تخرج زكاتها حسب قيمتها في السوق.
لكن.. لما كانت هذه الأرض مغصوبة، ولا تستطيع التصرف فيها، فلا زكاة فيها على الصحيح من قولي العلماء.
قال ابن قدامة في "الكافي": "وفي المغصوب والضال والدَّيْن على من لا يمكن استيفاؤه منه لإعسار أو جحدٍ أو مطل روايتان:..... إلخ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " ... وهما قولان في المذهب، فالمذهب: أن الزكاة فيه واجبة ولكن لا يلزمه أداؤها حتى يقبضه، فيزكي لما مضى ولو بقي عشر سنوات.
والقول الثاني: أنه لا زكاة عليه في ذلك؛ لأن المال ليس بيده ولا يمكنه أن يطالب به، وإذا طالب فقد عجز، وهذا القول هو الصحيح" انتهى من "الشرح الكافي".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولا تجب [يعني الزكاة] في دين مؤجل، أو على معسر أو عاطل أو جاحد، ومغصوب ومسروق، ولو حصل في يده، وهو رواية عن أحمد، واختارها وصححها طائفة من أصحابه، وهو قول أبي حنيفة" انتهى من الاختيارات ص 146.
والأحوط: أنك إذا استلمت هذه الأرض أن تزكيها لسنة واحدة، ولو بقيت في يد الغاصب عدة سنوات.
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (125854) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2717)
تجب الزكاة في منتجات المصنع وفي المواد الخام المعدة للتصنيع
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مصنع لصناعة الصابون ورأسماله يتكون من التالي: 1. أصول ثابتة تتمثل في مباني وأراضي وآلات ومعدات وسيارات. 2. مخزون من المواد الخام الغير مصنعة. 3. مخزون من المنتوج الجاهز للتسويق. 4. أرصدة جارية بالمصارف. سؤالي هو: كيف تكون الزكاة على هذا المصنع (الرجاء منكم التوضيح بالتفصيل) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
تجب الزكاة في الذهب والفضة والنقود، كما تجب في عروض التجارة، والماشية والخارج من الأرض، ولا تجب في المباني والآلات والأراضي إلا إذا كانت معدة للتجارة.
وعلى ذلك: فلا زكاة في الأصول الثابتة التي تملكها، وهي: المباني والأراضي والآلات والمعدات والسيارات.
وتلزم الزكاة في المنتج الجاهز للتسويق، وفي المواد الخام كذلك، لأنها اشتريت بنية تصنيعها والاتجار فيها، وصفة زكاتها: أن تقوّم المواد المصنعة، والمواد الخام بسعرها في السوق عند تمام الحول، ثم تخرج من هذه القيمة ربع العشر (2.5%) .
وينظر: سؤال رقم (69916) ورقم (74987) .
ثانيا:
تجب الزكاة كذلك في الأرصدة الموجودة بالمصارف، فتنظر إلى الموجود منها عند تمام حولها، فتزكيه، والقدر الواجب فيها هو ربع العشر (2.5%) .
كما تجب الزكاة في الديون التي لك على الآخرين، إذا كانوا مقرين بها، باذلين لها، أي غير جاحدين ولا معسرين، فتزكي هذه الديون عند تمام حولها.
وأما الديون التي عليك – إن وجدت – فلا تؤثر على الزكاة ولا تخصم منها، على القول الراجح.
وينظر: سؤال رقم (119047) ورقم (93101) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2718)
زكاة أسهم جزر البندقية
[السُّؤَالُ]
ـ[ساهمت بمبلغ من المال قدره 60000 ريال في مشروع جزر البندقية، وتعثرت المساهمة لمدة ثلاث سنوات، والآن رجعت الفلوس هل أزكي الأعوام السابقة؟ مع العلم أن المبلغ الذي ساهمت به قرض من بنك الراجحي، وباقي علي ستة أقساط أفيدونا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأصل في زكاة الأسهم العقارية أن ينظر صاحبها إلى قيمتها السوقية كل سنة، ثم يخرج منها ربع العشر (2.5%) ، وإن لم يكن لديه مال قَيَّد الزكاة في كل سنة بسنتها، ثم إذا باع أسهمه أخرج الزكاة التي عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن المساهمة في أرض تابعة لمؤسسة عقارية:
"هذه المساهمة عروض تجارة فيما يظهر؛ لأن الذين يساهمون في الأراضي يريدون التجارة والتكسب، ولهذا يجب عليهم أن يزكوها كل سنة بحيث يقومونها بما تساوي، ثم يؤدون الزكاة، فإذا كان قد ساهم بثلاثين ألفاً وكان عند تمام الحول تساوي هذه السهام ستين ألفاً، وجب عليه أن يزكي ستين ألفاً وإذا كانت عند تمام الحول الثلاثين ألفاً لا تساوي إلا عشرة آلاف لم يجب عليه إلا زكاة عشرة آلاف " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/226) .
ولكن إذا كسدت الأرض أو الأسهم، حتى أصبح أهلها يعرضونها للبيع ولا يجدون من يشتريها منهم، فمن أهل العلم من يراها حينئذ كالدين الذي عند شخص فقير لا يستطيع الوفاء، فالزكاة لا تجب فيها إلا عند بيعها ويزكيها لسنة واحد فقط، والأحوط أن تزكى لجميع السنوات. وينظر: "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/206) .
ومثل الكساد بل أشد: ما لو مُنع أهلها من التصرف فيها لسبب ما [كما حدث في جزر البندقية] ، فإنها تزكى مرة واحدة عند بيعها عند بعض أهل العلم.
وقد سئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله: مساهمة الدريبي (جزر البندقية) العقارية كان عليها مشكلة في الدولة قعدت حوالي 5 سنوات شبه يئسنا منها والآن أتى بها الله، أرجعت الأموال للمساهمين، هل عليها زكاه؟ وكم سنة أخرج عنها الزكاة؟
فأجاب: " نعم، عليك إخراج الزكاة عن سنة واحدة، والله تعالى أعلم " انتهى من موقع الشيخ على الإنترنت:
http://www.halal2.com/ftawaDetail.asp?id=23668
ثانيا:
الدَّيْن الذي عليك لا أثر له على الزكاة، في أصح قولي العلماء، فتلزمك زكاة الأسهم، ولو كنت اشتريتها بالدَّيْن، أو كان عليك دَيْن غير ذلك، وينظر جواب السؤال رقم (22426) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2719)
بنى بناية للإيجار ثم قرر بيعها فهل تلزمه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بنينا بناية بغرض الإيجار، لكن بعد التكملة قررنا أن نبيع غرف البناية على مراحل حتى نبيع كل الغرف في البناية، وفي نفس الوقت نبني بناية أخرى بهذا المبلغ، فهل فيها الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
البناء المعد للإيجار لا زكاة فيه، وإنما تزكى أجرته إذا بلغت نصابا وحال عليها الحول.
ثانيا:
الذي يظهر من صنيعكم أن نيتكم تحولت من نية الإجارة إلى نية التجارة بهذا المبنى، فيكون عليكم زكاة عروض التجارة في هذا المبنى، ويبدأ حساب الحول من حين تحولت نيتكم إلى التجارة، وهذا مبني على القول الذي رجحه جمع من أهل العلم، وهو أن نية التجارة تكفي لوجوب زكاة التجارة، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، ورجحها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، كما سيأتي.
وأما القول الآخر وهو قول الجمهور، فلا تكفي النية عندهم لوجوب زكاة التجارة، بل يشترط أن يملك السلعة بفعله، وأن ينوي التجارة عند تملكها، فلو ملكها أولا بنية الاقتناء أو الإجارة – كما هو حالكم – ثم نوى التجارة، لم تلزمه الزكاة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يصير العَرَض للتجارة إلا بشرطين ; أحدهما أن يملكه بفعله , كالبيع , وقبول الهبة , والوصية , والغنيمة , واكتساب المباحات ... والثاني: أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة، فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة وإن نواه بعد ذلك.
وعن أحمد , رواية أخرى , أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية ; لقول سمرة: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع) .
فعلى هذا؛ لا يعتبر أن يملكه بفعله , ولا أن يكون في مقابلة عوض , بل متى نوى به التجارة صار للتجارة " انتهى من "المغني" (2/336) .
وينظر: "بدائع الصنائع" (2/12) ، "شرح الخرشي على خليل" (2/195) ، "المجموع" (6/5) ، "الموسوعة الفقهية" (23/271) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والقول الثاني في المسألة: أنها تكون للتجارة بالنية ولو ملكها بغير فعله، ولو ملكها بغير نية التجارة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا الرجل نوى التجارة، فتكون لها.
مثال: لو اشترى سيارة يستعملها في الركوب، ثم بدا له أن يجعلها رأس مال يتجر به، فهذا تلزمه الزكاة إذا تم الحول من نيته، فإن كان عنده سيارة يستعملها، بدا له أن يبيعها فلا تكون للتجارة؛ لأن بيعه هنا ليس للتجارة، ولكن لرغبته عنها.
ومثله لو كان عنده أرض اشتراها للبناء عليها، ثم بدا له أن يبيعها ويشتري سواها، وعرضها للبيع فإنها لا تكون للتجارة؛ لأن نية البيع هنا ليست للتكسب بل لرغبته عنها، فهناك فرق بين شخص يجعلها رأس مال يتجر بها، وشخص عدل عن هذا الشيء ورغب عنه، وأراد أن يبيعه، فالصورة الأولى فيها الزكاة على القول الراجح، والثانية لا زكاة فيها " انتهى من "الشرح الممتع" (2/626) .
وعلى هذا؛ فإذا كان بيعكم لهذه الغرف ليس من أجل التجارة والتكسب، وإنما لكونكم وجدتم مكاناً أحسن - مثلاً -، تريدون الانتقال إليه، فليس عليكم زكاة.
قال الشيخ ابن عثيمين في "شرح الكافي":
"الراجح أنها تكون للتجارة بنيته، لكن لاحظ أنه يريد نية التجارة، لا نية التخلص منها، بأن تكون طابت نفسه، ويريد أن يبيعها، هذا ليست عليه زكاة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2720)
عنده أرض عليها منازعات مع البلدية ولا يستطيع بيعها فهل تلزمه الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عدد من الأراضي خارج المدينة بدون صكوك شرعية، مجرد أوراق مبايعة اشتريتها من عدة سنوات ولم أزكها، هل عليها زكاة؟ ، وما العمل الآن إذا كان عليها زكاة (حيث الأراضي عليها منازعات مع البلدية ولا نستطيع تحديد سعر الآن) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا اشتريت هذه الأرض بنية التجارة، وجبت فيها زكاة التجارة، فتقومها كل سنة، وتخرج ربع العشر (2.5%) من هذه القيمة.
هذا هو الأصل في زكاة عروض التجارة، لكن إذا كنت لا تستطيع بيعها والتصرف فيها بسبب المنازعات مع البلدية، فإنه لا تجب الزكاة فيها في الفترة التي أنت عاجز عن التصرف فيها؛ لعدم تمام الملك، فهي تشبه الدين الذي على المماطل والمعسر.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " بالنسبة لزكاة الأراضي يعني: اشترى رجل أرضاً ولم يزكها لمدة سنوات ثلاث أو أربع سنوات، وقام بإدخالها بعد الشراء إلى البلدية لتقسمها لعدة قطع، وأخذت الأرض مدة أربع أو خمس سنوات ولم تنته حتى الآن؛ فهل يجب عليها زكاة المدة السابقة أم يدفع مرة واحدة عند البيع؟
الشيخ: هل اشتراها للتجارة؟
السائل: اشتراها للتجارة، ولكن كان يعتقد بناءً على فتوى بعض العلماء على أن الأراضي ليس عليها زكاة، ثم طالت المدة في انتهاء معاملة الأرض هذه، ولا يستطيع بيعها على قطع حتى تنتهي.
الشيخ: ولا بيعها جميعاً؟
السائل: لا يستطيع بيعها قطعة واحدة لكن الشركاء كانوا قد اشتروا الأرض لتقطيعها عدة قطع.
الشيخ: يعني: انتقلت من ملكه؟.
السائل: لا ما زالت في ملكه.
الشيخ: هم شركاء؟.
السائل: الشركاء يعني: هم سجلوا باسم شخص واحد أحد الشركاء.
الشيخ: أولاً: بارك الله فيك، إذا كان قد استفتى شخصاً بأنه لا زكاة فيها وهذا الشخص عمدة في علمه ودينه فلا زكاة عليه؛ لأن الله قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} النحل:43، وأما إذا كان يعتقد أن الزكاة واجبة فعليه الزكاة إلا في السنوات التي يمنع من التصرف فيها فلا زكاة عليها؛ لأن هذه تشبه الديون على المعسر، لكن القول الراجح كما علمت أن عروض التجارة فيها زكاة " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (148/11) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2721)
إذا تردد في نية التجارة بالأرض فليس فيها زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أرض عند شرائها كانت النية إلى 70% للتجارة، فهل علي زكاة مع وجود نية 30% إلى بنائها وعدم بيعها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الأرض ما دمت لم تنوها للتجارة نية جازمة، فلا زكاة فيها؛ لأن الأصل أنها للاقتناء، فلا تصير للتجارة إلا بنية جازمة، وأما مع التردد فلا تجب فيها الزكاة.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: رجل عنده أرض واختلفت نيته فيها، لا يدري هل هو يبيعها أو يعمرها أو يؤجرها أو يسكنها، فهل يزكي إذا حال الحول؟
فأجاب: "هذه الأرض ليس فيها زكاة أصلاً ما دام ليس عنده عزم أكيد على أنها تجارة، فليس فيها زكاة لأنه متردد، ومع التردد لو واحداً في المائة فلا زكاة عليه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/232) .
وقال أيضا: "إذا كان الإنسان متردداً يقول: والله ما أدري أتجر بها أو أبقيها، مثلاً عنده أرض يقول: لا أدري أتجر بها أو أبقيها أو أعمر عليها عمارة هل فيها زكاة أو لا؟
الجواب: ليس فيها زكاة؛ لأن الأصل عدم وجوب الزكاة حتى تتمحض النية لإرادة التجارة " انتهى من "اللقاء الشهري" (3/5) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2722)
مقاول عنده عقارات ومعدات للبناء فهل تجب عليه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يمتلك عقارات للإيجار وأرض، منها ما يملكه ملكاً تاماً، ومن الأرض ما زال يدفع أقساطه بالنسبة للعقارات هي مؤجرة ولكن الإيجار لا يكمل قدر الزكاة (ربع العشر) إذا كانت هذه النسبة صحيحة يعني أقصد إذا كان ما يجب في العقارات ربع العشر، كما أنه يمتلك أخشاب بسبب طبيعة عمله كمقاول وأيضاً نمتلك سيارتين أريد أن أعرف ما تجب فيه زكاة منهم وما لا يجب؟ وما مقدار الزكاة التي تجب؟ وإذا كان هو يخرج لعمتي (مطلقة) وابنة عمتي أرملة ومعها أيتام أطفال فأعتقد إن شاء الله أنها تستحق، ولكن الجزء المخصص لعمتي لا أعرف إذا كان يجوز كزكاة أم فقط هو صلة رحم لأنها معها بنت أخرى ولهم دخل إلى حد ما جيد، ولكن المشكلة في أنها تضع المساحيق ولبسهم ليس بالجيد فلا أعلم هل تجوز الزكاة لهم أم لا؟ أرجو التفصيل في الإجابة]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا تجب الزكاة في العقارات والأراضي إلا إذا كان صاحبها يقصد التجارة فيها، أما ما يقصد استعماله أو تأجيره فليس فيه زكاة، وإنما الزكاة في الأجرة إذا بلغت نصاباً وهو ما يعادل قيمة 595 جم من الفضة، ومَرَّت عليها سنة كاملة.
وقدر الزكاة الواجب إخراجه هو ربع العشر من الأجرة، أي: 2.5 بالمائة.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (11/358) :
وما كان منه أرضاً تؤجر أو عمارة تؤجر وجبت الزكاة في أجرتها إذا حال عليها الحول، لا في نفس الأرض والعمارة" انتهى.
أما إذا كانت الأجرة ينفقها صاحبها أولاً بأول، فلا زكاة فيها ما دام لم يدخر منها نصاباً سنة كاملة.
ثانياً:
الأخشاب التي يملكها والدك بسبب طبيعة عمله كمقاول ليس فيها زكاة.
وقد نص العلماء رحمهم الله على أن آلات الصنعة لا زكاة فيها، مهما كانت قيمتها كثيرة، لأن المقصود منها استعمالها وليس التجارة بها.
وهكذا يقال أيضاً في السيارتين، لا زكاة فيهما، ما دامتا لم يقصد بهما الاتجار فيهما.
وانظري جواب السؤال رقم (74987) .
ثالثاً:
لا حرج من إعطاء والدك الزكاة لابنة عمتك وأولادها اليتامى، بل إعطاؤها أولى هو أكثر ثواباً من إعطاء البعيد، لأن إعطاء الزكاة للأقارب أفضل.
فعَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ) أخرجه أحمد (15644) والترمذي (658) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
أما إعطاء الزكاة لعمتك وابنتها الأخرى، فإن كان لهما دخل يكفيهما فلا يجوز إعطاؤها الزكاة، وإذا كان دخلهما لا يكفيهما فإنهما يعطيان من الزكاة ما تحصل به كفايتهما، وما زاد على ذلك يكون صدقة تطوع وصلة رحم، لا يجوز أن يحسب من الزكاة.
لكن ... إذا كان والدك يرث عمتك (أخته) – إن قُدِّر أنها ماتت - فالواجب عليه أن ينفق عليها، وفي هذه الحالة لا يجوز أن يعطيها من الزكاة.
وهو يرثها إذا لم يكن لها ولد ذكر، ولم يكن أبوها موجوداً.
وانظري جواب السؤال رقم (6026) .
أما كونها تضع المساحيق وملابسها هي وابنتها ليست بالجيدة، فنسأل الله لهما الهداية، ولا يؤثر ذلك على إخراج الزكاة لهما، سوى أن الواجب عليك وعلى أبيك مواصلة النصح لهما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2723)
كان يزكي أسهمه في أراضٍ ثم خصصت له قطعة أرض فهل تلزمه زكاتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق وأن ساهمت في مخطط أراضٍ، واستمرت المساهمة عدة سنوات، وكنت كل سنة أزكي قيمة الأسهم كل رمضان..ولما جاء وقت الحراج (البيع) خصص لي أرض مقابل أسهمي إلا أن قيمة الأسهم لم تغط قيمة الأرض. بعد مرور 10-11 شهر من آخر زكاة دفعت المبلغ المتبقي ثم أصدر لي صك ملكية باسمي. علماً بأن نيتي في الأرض كانت متقلبة: إما بيعها أو بناؤها، والغالب أنه إذا احتجت للمبلغ سوف أبيع. السؤال: هل على هذه الأرض زكاة؟ وهل مدة الـ 10 أو 11 شهر تعتبر أرضا أم أسهماً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تعتبر مالكا للأرض المعيّنة من وقت تخصيصها وتحديدها لك، ولا يضر كون جزء من ثمنها بقي في ذمتك آنذاك، وكذلك لا يضر تأخر صدور صك الملكية إلى حين سداد بقية الثمن.
وهذه الأرض إذا لم تنوها للتجارة، فلا زكاة فيها، وكذلك إذا كنت مترددا في شأنها؛ لأن الأصل أنها للاقتناء، فلا تصير للتجارة إلا بنية جازمة.
وكون الإنسان يقول: إذا احتجت إلى المال بعت الأرض، أو لو عرض علي فيها سعر جيد بعتها، لا يعني أن الأرض للتجارة، ما لم يجزم بنية التجارة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " الأرض المعدة للتجارة تجب فيها الزكاة، والحجة في ذلك الحديث المشهور عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع) ومراده بالصدقة هنا: الزكاة.
أما إذا كانت الأرض للقنية (الاقتناء) لا للبيع، سواء قصدها للفلاحة أو السكنى أو التأجير أو نحو ذلك فليس فيها زكاة لكونه لم يعدها للبيع، والله سبحانه أعلم " انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" للشيخ ابن باز (14/160) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "لو كان عند إنسان عقارات لا يريد التجارة بها، ولكن لو أُعطي ثمناً كثيراً باعها فإنها لا تكون عروض تجارة؛ لأنه لم ينوها للتجارة، وكل إنسان إذا أتاه ثمن كثير فيما بيده، فالغالب أنه سيبيع ولو بيته، أو سيارته، أو ما أشبه ذلك" انتهى من "الشرح الممتع" (6/142) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2724)
استثمر مالا في صناديق الأسهم فكيف يزكي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ من المال مستثمر في أحد البنوك في صناديق المتاجرة بالأسهم هل تجب علي الزكاة في هذا المبلغ؟ وما هي مقدار الزكاة المفروضة في هذا المبلغ؟ وهل الزكاة على كامل المبلغ أم الربح؟ مع العلم أنني أدفع 2.5% على كل شيك أحصله إلى الجهة التي تكفلني على أساس أنها زكاة، لكن لا علم عندي هل هم يدفعونها أم لا؟ لكن هذا هو الاتفاق بيننا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
زكاة الأسهم فيها تفصيل بحسب نية مالكها:
" فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة؛ فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، فيخرج ربع العشر 2.5 % من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح " انتهى مختصرا من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (1/879) .
ثانيا:
إذا كنت ساهمت بقصد الربح فقط، وكنت تخرج 2.5% من الأرباح بنية الزكاة، وتدفعها إلى الجهة التي تكفلك لتوزعها عنك، فهذا كاف، لكن ينبغي التأكد من إخراج هذه الجهة للزكاة، وإن أخذت المال وأخرجت زكاته بنفسك كان أولى.
وأما إن كنت ساهمت بنية الاتجار في الأسهم، فلابد من تقويمها في نهاية الحول ثم تخرج زكاتها 2.5 بالمائة من قيمتها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2725)
قضاء الوقت في الأفلام والمسلسلات واللعب في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الصائمين يقضون معظم نهار رمضان في مشاهدة الأفلام والمسلسلات من الفيديو والتلفاز ولعب الورق فما حكم ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على الصائم وغيره من المسلمين أن يتقي الله سبحانه فيما يأتي وما يذر في جميع الأوقات، وأن يحذر ما حرّم الله عليه من مشاهدة الأفلام الخليعة التي يظهر فيها ما حرّم الله، من الصور العارية وشبه العارية، ومن المقالات المنكرة، وهكذا ما يظهر في التلفاز مما يخالف شرع الله، من الصور والأغاني وآلات الملاهي والدعوات المضللة. كما يجب على كل مسلم صائماً كان أو غيره أن يحذر اللعب بآلات اللهو من الورق وغيرها من آلات اللهو، لما في ذلك من مشاهدة المنكر وفعل المنكر، ولما في ذلك أيضاً من التسبب في قسوة القلب ومرضها واستخفافها بشرع الله والتثاقل عما أوجب الله من الصلاة في الجماعة أو غير ذلك من ترك الواجبات، والوقوع في كثير من المحرمات، والله سبحانه وتعالى يقول: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتّخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين * وإذا تتلى عليه آياتنا ولّى مستكبراً كأن لم يسمعها كأنه في أذنيه وقراً فبشره بعذاب أليم) سورة لقمان/6-7، ويقول سبحانه في سورة الفرقان في صفة عباد الرحمن: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) الفرقان/72، والزور يشمل جميع أنواع المنكر، ومعنى لا يشهدون: لا يحضرون.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) رواه البخاري في صحيحه معلّقاً مجزوماً به، والمراد بالحر.. الفرج الحرام، والمراد بالمعازف: الغناء وآلات اللهو. ولأن الله سبحانه حرم على المسلمين وسائل الوقوع في المحرمات، ولا شك أن مشاهدة الأفلام المنكرة وما يعرض في التلفاز من المنكرات من وسائل الوقوع فيها أو التساهل في عدم إنكارها والله المتسعان.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن باز ج/4 ص/ 158.(5/2726)
كيفية حساب زكاة الشركات التجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[زكاة الشركات التجارية كيف نحسبها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حساب الزكاة للشركات التجارية التي لديها سلع تتاجر فيها: أن تُقوّم السلع التي لديها – أي: المواد التي تم شراؤها بقصد بيعها - عند نهاية الحول بالسعر الذي تباع به، ثم يضاف إلى ذلك الأموال النقدية الموجودة في الشركة أو في أرصدة البنوك، والديون التي لها على الناس التي يرجى تحصيلها، ثم يخرج من ذلك كله ربع العشر (2.5%) .
وإذا لم يكن لديها سلع تتاجر فيها، ولكنها تقوم بمشاريع تدرّ عليها المال، كاستصلاح الأراضي، وبناء المساكن لتأجيرها – لا لبيعها – أو تقوم بأعمال الصيانة، فإنها في نهاية الحول تنظر فيما لديها من أموال، وما لها من ديون على غيرها مرجوة السداد، وتخرج من ذلك ربع العشر.
وأما المباني والمكاتب والسيارات والأثاث والآلات التي لا يقصد بيعها، بل تستعمل في الشركة فلا زكاة فيها، مهما بلغت قيمتها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2727)
هل كل أرض تُشترى فيها زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترينا 3 قطع أراضي إحداها بنية البناء عليها عاجلاً، والقطعتان الأخريان بنية الاستفادة منها مستقبلاً ببيعها أو عمارتها، وقد مضى عليها ست سنوات ولم نخرج زكاتها جميعاً، فهل علينا شيء في ذلك؟ وكم يجب أن نخرج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" الأراضي التي يشتريها الإنسان لا تخرج عن أحد ثلاثة أنواع:
النوع الأول: ما قصده للسكنى، فهذه لا زكاة فيها؛ لأنها ليست تجارية.
النوع الثاني: أن يشتري الأراضي بقصد التجارة وطلب الربح بثمنها، فهذه عروض تجارة إذا حال عليها الحول، فإنه ينظر كم تساوي عند تمام الحول، ويخرج ربع العشر من قيمتها التي تساويها في وقت تمام الحول.
النوع الثالث: أن يريد الأرض التي اشتراها للاستثمار بأن يعمرها دكاكين أو عمارات سكنية لتأجيرها، فهذه لا زكاة في أصلها، وإنما الزكاة في غلتها، فإذا قبض من أجرتها ما يبلغ النصاب، وحال عليه الحول من حين عقد الإجارة، فإنه يزكيه " انتهى بتصرف.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (2/309) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2728)
لا يجوز خرص غير الثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز خرص عروض التجارة إذا تعذر إحصاؤها أو شق على التاجر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
معنى الخرص: أن ينظر أهل الخبرة إلى النخل ـ مثلاً ـ بعد ظهور صلاح البلح، وينظر كم يأتي منه من التمر؟ ويتم إخراج الزكاة على ذلك، فهو نوع من الظن والتخمين من غير إحصاء دقيق للمال، وسبب مشروعية ذلك في الثمار: أن صاحب الثمار قد يحتاج إلى الأكل منها أو الإهداء أو البيع وهي بلح قبل أن تكون تمراً، وحينئذ لا يمكن تحديد الزكاة، فأتى الشرع بخرصها دفعاً للحرج والمشقة.
ولم يرد الشرع بخرص شيء من أموال الزكاة إلا الثمار، لأنها هي التي يصعب أو يتعذر إحصاؤها، أما غيرها من أموال الزكاة ـ كعروض التجارة ـ فيمكن إحصاؤها.
وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين عن خرص عروض التجارة إذا تعذر إحصاؤها أو شق على التاجر، فأجاب:
" لا يجوز خرصها؛ لأن الخرص لم يرد إلا في الثمار، وألحق به بعض العلماء الزروع، وأما الأموال فلا يمكن خرصها؛ لأنها أنواع متعددة، لكن على الإنسان أن يتحرى ما استطاع وأن يحتاط لنفسه، فإذا قَدَّر أن البضاعة هذه تبلغ مئة وعشرين فليخرج عن مئة وعشرين إبراء لذمته " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/232) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2729)
إذا كسدت الأرض، فهل فيها زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت أرضاً، وفي نيتي بيعها إذا ارتفع سعرها، ولكن الأرض كسدت ونزل سعرها، وقد بقيت الأرض عندي مدة عشرة سنوات، ولم ترتفع، فهل علي زكاة فيها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأرض التي اشتراها صاحبها بقصد بيعها بعد فترة إذا ارتفع سعرها، تجب فيها الزكاة لأنها من عروض التجارة.
وعروض التجارة تُقَوَّم عند تمام الحول بالثمن الذي تساويه، بصرف النظر عن الثمن الذي اشتريت به، وتخرج زكاتها، ومقدار الواجب فيها من الزكاة ربع العشر.
وانظر جواب السؤال رقم (38886) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عندي قطعة أرض وأنا أنتظر ارتفاع أسعار الأراضي لبيعها وبقيت عدة سنوات، فهل أخرج عنها زكاة؟
فأجاب: " من اشترى أرضاً للربح ثم كسدت الأرض ورخصت وأبقاها لحين ارتفاع السعر فإنه يزكيها كل سنة؛ لأنها من عروض التجارة، وإن لم يكن عنده مال يخرج زكاتها ولا يجد مشترياً، فيقدر ثمنها عند وجوب الزكاة ويقيد زكاتها، وفي السنة الثانية يقدر زكاة قيمتها، ثم الثالثة كذلك، فإذا باعها في أي وقت يخرج جملة الزكاة التي قدرها " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (18/225) .
وسئل أيضاً: عن شخص اشترى أرضاً بقصد التجارة , ولكن بقيت على ملكه مدة طويلة، هل عليها زكاة؟
فأجاب: " إذا اشترى الإنسان أرضاً للتجارة فعليه زكاة كل عام , سواء زادت قيمتها أو نقصت، وسواء نَفَقت أو كسدت، يقوِّمها كل سنة بما تساوي , ثم إن كان لديه مال أخرج زكاتها من المال الذي عنده , وإن لم يكن لديه مال , قَيَّد الزكاة في كل سنة بسنتها، وإذا باعها أدى الزكاة لما مضى" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (15/12) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2730)
الأرض التي اشتريت لأجل السكنى لا زكاة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[قطعة أرض اشتراها رجل يريد أن يقيم عليها منزلاً يسكنه أو يؤجره، ومضت سنوات لم يعمل بها شيئاً، فهل تجب عليها الزكاة، وهل هي لعام واحد أم للأعوام الماضية جميعها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" هذه الأرض ليس فيها زكاة؛ لأنها ليست من عروض التجارة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ.. الشيخ عبد الرازق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (9/324) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
(5/2731)
كيف يزكي أمواله في صندوق الرائد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة على الأموال الموضوعة في صناديق الاستثمار الشرعية في البنوك مثل صندوق الرائد؟ وعلى أي سعر يتم احتساب مبلغ الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق الجواب عن صندوق الرائد، وكيفية إخراج زكاة الأموال المستثمرة فيه، وهذا نصه:
"أولا:
صندوق الرائد التابع سابقا لبنك سامبا يعد تصنيفه من ضمن صناديق الاستثمار التي تضارب في أسهم سوق المال في المملكة العربية السعودية وهي تضارب بيعا وشراء في أسهم الشركات التي فيها نسبة من الربا قرضا أو اقتراضا، وأي صندوق استثماري يتعامل مع الشركات التي اقترضت بالربا فلا يجوز الدخول معه؛ لأن مالك السهم يعد شريكا في التصرف , فإما أن يكون راضيا بالمعاملات الربوية , فهذا محرم ولاشك , أو يكون غير راضٍ فعليه حينئذ أن يخرج منها أو يمنعهم من التعامل المحرم, وهذا لا يستطيعه فلم يبق إلا الخروج وعدم الدخول في مثل هذه الصناديق " انتهى من جواب للدكتور عبد الله السلمي.
وسئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله: " أموالي في صندوق الرائد كيف أتخلص؟
فأجاب: يجوز الانتظار حتى عودة رأس المال. والله أعلم " انتهى.
ثانيا:
في زكاة الأسهم – بصفة عامة - تفصيل، يختلف بحسب نية مالكها:
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخرة 1408هـ. الموافق 6-11 فبراير 1988م.
" إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.
وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك:
فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة؛ فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق، زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2.5 % من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح" انتهى من "مجلة المجمع" (1/879) .
وبناء على ذلك:
فإن كنت اشتركت في الصندوق تريد الريع فقط، فالزكاة في الريع، لا في أصل الأسهم، وحيث إن الريع هنا منه ما هو محرم كما سبق، فلا تجب الزكاة إلا في القدر الحلال منه السالم من الربا، ويجب عليك التخلص من الفوائد الربوية بإنفاقها في أوجه البر المختلفة.
وإن كنت اشتركت في الصندوق تريد المتاجرة في الأسهم، فالزكاة في الأصل وفي الربح، فتزكي القيمة السوقية لأسهمك عند نهاية الحول.
والقدر الواجب إخراجه هو ربع العشر (2.5%) .
لمزيد التفصيل في زكاة الأسهم، راجع جواب السؤال (69912) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2732)
بيع العملات القديمة بأكثر من قيمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[العملات القديمة (كالريال العربي , والريال الفرنسي) إذا أردنا بيعه فهل يعد عملة أو يعامل على أنه سلعة من السلع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العملات القديمة إن كانت من الذهب وبيعت بالذهب أو كانت من الفضة وبيعت بالفضة، لزم التساوي في الوزن، والتقابض في المجلس، وإن بيعت بغير جنسها، كأن يباع الذهب بالفضة أو بالنقود أو تباع الفضة بالنقود، لزم التقابض في المجلس، ولا يُشترط التساوي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
ولا فرق في ذلك بين أن تكون العملة مستعملة الآن أو غير مستعملة، ما دامت من الذهب أو الفضة المنصوص على كونهما من الأصناف التي يجري فيها الربا.
وأما إن كانت العملة من غير الذهب والفضة، كأن تكون من الورَق أو النحاس ونحوه، فإن انقطع التعامل بها، ولم تعد ثمنا للأشياء، فقد زالت عنها علة الربا، وصارت سلعة من السلع، فيجوز شراؤها بما يتفق عليه المتبايعان من الثمن، بشرط عدم الإسراف والتبذير، فإن بعض الناس ينفق أموالاً طائلة لشراء هذه العملات القديمة، وقد أمرت الشريعة بحفظ المال، ونهت عن إضاعته.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن بيع العملة القديمة بأكثر من قيمتها
فأجاب:
ليس فيه بأس؛ لأن العملة القديمة أصبحت غير نقد، فإذا كان مثلاً عنده من فئة الريال الأولى الحمراء أو من فئة خمسة أو عشرة التي بطل التعامل بها وأراد أن يبيع ذات العشرة بمائة فلا حرج؛ لكونها أصبحت سلعة ليست بنقد، فلا حرج "
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (233/18) باختصار.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2733)
زكاة الأسهم العقارية الكاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بالمساهمة في أحد المساهمات العقارية قبل أكثر من 3 سنوات وقد تعثرت المساهمة إلى وقتنا الحالي فما الحكم في الزكاة مع العلم بأن رأس المال غير مضمون استرداده فهل أخرج زكاة الفترة كاملة أم أخرج زكاة سنة واحدة مع العلم أن مدة المساهمة كانت 8 أشهر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المساهمات العقارية، تزكى زكاة عروض التجارة، لأن هذه الشركات العقارية تشتري الأرض بقصد التجارة فيها.
فيجب عليك في نهاية الحول أن تقوّم أسهمك في هذه الشركة بما تساويه، وتخرج زكاتها، ربع العشر.
والحول يبدأ من امتلاك المال البالغ للنصاب، الذي اشتريت به هذه الأسهم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن المساهمة في أرض تابعة لمؤسسة عقارية:
"هذه المساهمة عروض تجارة فيما يظهر؛ لأن الذين يساهمون في الأراضي يريدون التجارة والتكسب، ولهذا يجب عليهم أن يزكوها كل سنة بحيث يقومونها بما تساوي، ثم يؤدون الزكاة، فإذا كان قد ساهم بثلاثين ألفاً وكان عند تمام الحول تساوي هذه السهام ستين ألفاً، وجب عليه أن يزكي ستين ألفاً، وإذا كانت عند تمام الحول الثلاثون ألفاً لا تساوي إلا عشرة آلاف لم يجب عليه إلا زكاة عشرة آلاف" انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/226) .
وسئل أيضا رحمه الله عن شخص اشترى أرضاً بقصد التجارة , ولكن بقيت على ملكه مدة طويلة، هل عليها زكاة؟
فأجاب: " إذا اشترى الإنسان أرضاً للتجارة فعليه زكاة كل عام , سواء زادت قيمتها أو نقصت، وسواء نَفَقت أو كسدت، يقوِّمها كل سنة بما تساوي , ثم إن كان لديه مال أخرج زكاتها من المال الذي عنده , وإن لم يكن لديه مال , قَيَّد الزكاة في كل سنة بسنتها، وإذا باعها أدى الزكاة لما مضى" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (15/12) .
ولكن إذا كسدت الأرض أو الأسهم، حتى أصبح أهلها يعرضونها للبيع ولا يجدون من يشتريها منهم، فمن أهل العلم من يراها حينئذ كالدين الذي عند شخص فقير لا يستطيع الوفاء، فالزكاة لا تجب فيها إلا عند بيعها ويزكيها لسنة واحد فقط، والأحوط أن يزكيها لجميع السنوات.
ينظر: "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (18/206) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2734)
عرض سيارته للبيع ويستعملها الآن حتى يجد السعر المناسب فهل تلزمه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من لديه سيارة معروضة للبيع في حالة الحصول على سعر مناسب وهو يقوم باستخدامها في مواصلاته , هل تجب عليه الزكاة عند حلول الحول على تلك الحالة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب الزكاة في عروض التجارة، بشرطين:
الأول: أن يملكها بفعله، أي بالشراء أو الهبة، لا بالإرث، لأن الإرث يدخل في ملك الإنسان قهرا عليه.
والثاني: أن يملكها بنية التجارة، فلو ملكها بنية الاقتناء، ثم نواها للتجارة، لم تلزمه الزكاة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين:
" أحدهما: أن يملكه بفعله , كالبيع وقبول الهبة , ولا فرق بين أن يملكه بعوض أو بغير عوض.
والثاني: أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة وإن نواه بعد ذلك. " انتهى من "المغني" (2/336) باختصار.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تكون للتجارة بالنية، ولو ملكها بغير فعله، وهو رواية عن أحمد رحمه الله.
قال ابن قدامة بعد كلامه السابق: " وعن أحمد , رواية أخرى , أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية ; لقول سمرة رضي الله عنه: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع. فعلى هذا لا يعتبر أن يملكه بفعله , ولا أن يكون في مقابلة عوض , بل متى نوى به التجارة صار للتجارة " انتهى من "المغني" (2/336) .
والقول الأول هو المذهب عند الحنابلة، والحنفية والمالكية والشافعية.
انظر: بدائع الصنائع (2/12) ، شرح الخرشي على خليل (2/195) ، المجموع (6/5) ، الموسعة الفقهية (23/271) .
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله القول الثاني الذي هو رواية عن أحمد، لكنه فرّق بين من يبيع السيارة أو الأرض ليتكسب ويربح ويتجر، وبين أن يبيعها لأنه لم يعد بحاجة إليها، وقد رغب عنها، فالأول عليه الزكاة بخلاف الثاني.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والقول الثاني في المسألة: أنها تكون للتجارة بالنية ولو ملكها بغير فعله، ولو ملكها بغير نية التجارة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا الرجل نوى التجارة، فتكون لها.
مثال ذلك: لو اشترى سيارة يستعملها في الركوب، ثم بدا له أن يجعلها رأس مال يتجر به فهذا تلزمه الزكاة إذا تم الحول من نيته. فإن كان عنده سيارة يستعملها، بدا له أن يبيعها فلا تكون للتجارة؛ لأن بيعه هنا ليس للتجارة، ولكن لرغبته عنها.
ومثله لو كان عنده أرض اشتراها للبناء عليها، ثم بدا له أن يبيعها ويشتري سواها، وعرضها للبيع فإنها لا تكون للتجارة؛ لأن نية البيع هنا ليست للتكسب بل لرغبته عنها، فهناك فرق بين شخصين يجعلها رأس مال يتجر بها، وشخص عدل عن هذا الشيء ورغب عنه، وأراد أن يبيعه، فالصورة الأولى فيها الزكاة على القول الراجح، والثانية لا زكاة فيها " انتهى من "الشرح الممتع" (6/143) .
والحاصل: أن بيعك للسيارة إن كان لرغبتك عنها فلا زكاة عليك فيها، وإن كان من أجل التجارة والتكسب وقصد الربح فعليك الزكاة إذا مَرَّ حول من حين نيّتك التجارة، ولا يؤثر على ذلك أنك لا تستعملها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2735)
كيف يزكي السيارة إذا بقيت في المعرض ثلاث سنوات ونقص سعرها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص اشترى سيارة بمبلغ 13000 ريال بنية عرضها للبيع والربح ولكنه بعد الشراء اكتشف أن بها عيبا مما أدى إلى نزول قيمتها فتركها في معرض للسيارات وبقيت لمدة ثلاث سنوات وقد سيمت بأسعار متفاوتة بأقل من سعر الشراء بكثير خلال تلك المدة وبعد الثلاث سنوات باعها بمبلغ 8000 ريال فهل على هذه السيارة المعروضة للبيع لمدة 3 سنوات زكاة كلما دار عليها الحول؟ وكيف يخرجها؟ وكم مقدار الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من اشترى سيارة بنية التجارة فيها والتربّح، لزمه زكاتها كلما حال عليها الحول، فيقومها بسعر يومها، أي سعرها في السوق يوم يحول عليها الحول، ويخرج من ذلك ربع العشر (2.5%) سواء زادت قيمتها أو نقصت.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: شخص اشترى أرضاً بقصد التجارة , ولكن بقيت على ملكه مدة طويلة هل عليها زكاة؟
فأجاب: " إذا اشترى الإنسان أرضاً للتجارة فعليه زكاة كل عام , سواء زادت قيمتها أو نقصت، وسواء نَفَقت أو كسدت، يقوِّمها كل سنة بما تساوي , ثم إن كان لديه مال أخرج زكاتها من المال الذي عنده , وإن لم يكن لديه مال , قيد الزكاة في كل سنة بسنتها وإذا باعها أدى الزكاة لما مضى " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (15/12) .
وعلى هذا فكان الواجب على مالك السيارة أن ينظر إلى سعرها عند نهاية كل سنة، فيزكيه، فإن لم يكن لديه مال، قيّد ذلك، وأخرجه عند بيع السيارة.
وينبغي أن يُعلم أن حول التجارة هو حول المال الذي اشتريت به إذا كان نصابا. فحول السيارة هنا لا يبدأ من وقت شرائها، ولكن يبدأ من وقت ملك المال الذي اشتريت به.
والذي يلزم صاحب السيارة الآن هو أن يقدر سعر السيارة عند نهاية كل حول، ويستعين في ذلك بأهل الخبرة في السوق، ثم يخرج الزكاة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2736)
ورث أرضا ثم عرضها للبيع فهل تلزمه الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا أرض قمنا ببيعها قبل شهر وهذه الأرض فيها ورثة أحدهم كان قاصراً بلغ تمام 18 عشرة من عمره قبل البيع بشهر وكنا قد قررنا البيع قبل سنة من هذا التاريخ ولكن مسألة الوريث القاصر قد أجلت البيع إلى هذه السنة علماً بأننا لم نعرض الأرض في مكتب الدلالية في حينها ولم نجر أي اتفاق بشأن البيع مع أي مشتر في حينها ولكن تأجلت إلى حين بلوغ القاصر السن القانوني سؤالي هو: هل يوجد على الأرض زكاة علماً بأنها باسم الورثة منذ 16 سنة ولم يكن لديهم النية في بيعها حتى هذا العام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا زكاة على هذه الأرض؛ لأن جمهور الفقهاء يشترطون لزكاة التجارة أن يملكها الإنسان بفعله بنية التجارة، فإذا ملكها بإرث فقد ملكها بغير فعله، فلا زكاة عليه ولو نوى التجارة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يصير العرض للتجارة إلا بشرطين ; أحدهما أن يملكه بفعله, كالبيع , والنكاح , والخلع , وقبول الهبة , والوصية , والغنيمة , واكتساب المباحات ... والثاني: أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم يصر للتجارة وإن نواه بعد ذلك.
وإن ملكه بإرث , وقصد أنه للتجارة , لم يصر للتجارة لأن الأصل القنية , والتجارة عارض, فلم يصر إليها بمجرد النية , كما لو نوى الحاضر السفر , لم يثبت له حكم السفر بدون الفعل.
وعن أحمد , رواية أخرى , أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية ; لقول سمرة: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع. فعلى هذا متى نوى به التجارة صار للتجارة " انتهى من "المغني" (2/336) باختصار.
والقول الأول هو المذهب عند الحنابلة، والحنفية والمالكية والشافعية.
وانظر: "بدائع الصنائع" (2/12) ، "شرح الخرشي على خليل" (2/195) ، "المجموع" (6/5) ، "الموسوعة الفقهية" (23/271) .
وأما القول الثاني الذي هو رواية عن أحمد، فقد رجحه الشيخ ابن عثيمين، لكن فَرَّق بين من يبيع الأرض ليتكسب ويربح ويتجر، وبين أن يبيعها لأنه لم يعد بحاجة إليها، وقد رغب عنها، فالأول عليه الزكاة بخلاف الثاني.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والقول الثاني في المسألة: أنها للتكون للتجارة بالنية ولو ملكها بغير فعله، ولو ملكها بغير نية التجارة؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) وهذا الرجل نوى التجارة، فتكون لها.
مثال ذلك: لو اشترى سيارة يستعملها في الركوب، ثم بدا له أن يجعلها رأس مال يتجر به فهذا تلزمه الزكاة إذا تم الحول من نيته. فإن كان عنده سيارة يستعملها، وبدا له أن يبيعها فلا تكون للتجارة؛ لأن بيعه هنا ليس للتجارة، ولكن لرغبته عنها.
ومثله لو كان عنده أرض اشتراها للبناء عليها، ثم بدا له أن يبيعها ويشتري سواها، وعرضها للبيع فإنها لا تكون للتجارة؛ لأن نية البيع هنا ليست للتكسب بل لرغبته عنها، فهناك فرق بين شخصين: أحدهما يجعلها رأس مال يتجر بها، وشخص عَدَل عن هذا الشيء ورغب عنه، وأراد أن يبيعه، فالصورة الأولى فيها الزكاة على القول الراجح، والثانية لا زكاة فيها " انتهى من "الشرح الممتع" (2/626) .
والحاصل: أنه لا تلزمكم الزكاة، على القولين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2737)
أقرض بعض زملائه وساهم في بعض الشركات فكيف يزكي أمواله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت قرضا من البنك العربي قرابة الـ (260.000ريال) بطريق التورق على أن يخصم من راتبي ولمدة 8 سنوات 3752 ريال شهريا ونزل المبلغ في حسابي، ومن ثم قمت بشراء سيارة وسددت ديوني وأقرضت بعض الزملاء، ودخلت في مساهمات عقارية، وبدأت في استثمار الباقي في سوق الأسهم السعودي، وكان ذلك من سنة تقريبا فهل علي زكاة؟ وإن كان كذلك كيف إخراج الزكاة بالنسبة للذين أقرضتهم وبالنسبة للأسهم التي أمتلكها في سوق الأسهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الدين الذي عليك للبنك لا يسقط عنك الزكاة على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22426) .
ثانيا:
لا ينبغي الاقتراض من أجل الدخول في سوق الأسهم، لاسيما إذا كان القرض بمبلغ كبير كما فعلت، فإن الدَّين مسئولية عظيمة، حتى إن الشهيد الذي يقتل في المعركة في سبيل الله يغفر له كل شيء إلا الدين، وقد سبق في جواب السؤال رقم (82011) نقل كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في التحذير من الاقتراض من أجل الدخول في المساهمات.
ثالثا:
ما أقرضته لزملائك، تجب فيه الزكاة، إذا كانوا معترفين بالدين، باذلين له في موعده، فيجب عليك زكاة هذا المال كلما مر حول على امتلاكك للنصاب، ولكنك تخير بين أمرين: إما أن تخرج زكاته كل عام، وإما أن تؤخر إخراجها إلى أن تقبض هذا المال، وتخرج زكاته عن جميع ما مضى من السنوات.
أما إذا كان المدين معسرا أو مماطلا، فلا تجب الزكاة حتى تقبض المال، فإذا قبضته فإنك تحسب له حولا جديدا من يوم قبضه. وقد سبق بيان ذلك في الجواب رقم (50014)
رابعا:
وأما المساهمات العقارية، فهي من عروض التجارة، لأن هذه الشركات العقارية تشتري الأرض بقصد التجارة فيها.
فيجب عليك في نهاية الحول أن تقوم أسهمك في هذه الشركة بما تساويه، وتخرج زكاتها، ربع العشر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن المساهمة في أرض تابعة لمؤسسة عقارية:
"هذه المساهمة عروض تجارة فيما يظهر؛ لأن الذين يساهمون في الأراضي يريدون التجارة والتكسب، ولهذا يجب عليهم أن يزكوها كل سنة بحيث يقومونها بما تساوي، ثم يودون الزكاة، فإذا كان قد ساهم بثلاثين ألفاً وكان عند تمام الحول تساوي هذه السهام ستين ألفاً، وجب عليه أن يزكي ستين ألفاً وإذا كانت عند تمام الحول الثلاثين ألفاً لا تساوي إلا عشرة آلاف لم يجب عليه إلا زكاة عشرة آلاف" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين (18/226) .
خامسا:
وأما الأموال التي استثمرتها في سوق الأسهم، فإن كان قصدك عند شراء الأسهم التجارة فيها - وهذا هو الظاهر - فهذه الأسهم من عروض التجارة، فعند نهاية الحول تقوم ما عندك من السهم بما تساويه في السوق، ثم تخرج زكاتها، ربع العشر.
وإما إن كنت اشتريت الأسهم بقد الاحتفاظ بها والاستفادة من أرباحها السنوية، فقد سبق بيان كيفية زكاتها في جواب السؤال رقم (69912) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2738)
عرض عمارته للبيع فباعها بعد سنه فهل فيها زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له عمارة معدة منذ سنة للبيع، فباعها، فهل على المبلغ المتبقي بعد تسديد الديون ـ أي الباقي له ـ من زكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
" هذه العمارة التي باعها بعد سنة إن كان قد أعدها للتجارة ففيها الزكاة، في ثمنها الذي باع به، يزكيه إن كان قد تم عليه الحول من نيته التجارة إلى أن باعها، أما إذا كان لم يعدها للاتجار بها، وإنما انتهت حاجته من البيت أو العمارة، فأراد أن يبيعها، ولكنها تأخرت إلى هذه المدة لعدم وجود من يشتريها فإنه لا زكاة عليه في ثمنها، ولكن ما قبضه من الثمن بعد وفاء الديون التي عليه إذا تم عليه الحول زكاه، وإن أنفقه قبل أن يتم عليه الحول فلا زكاة عليه.
وخلاصة القول: إنه إذا أعد هذه العمارة للتجارة فعليه أن يزكيها إذا تم الحول من نية التجارة، وإن لم يتم الحول على البيع، وأما إذا لم ينوها للتجارة، ولكن انتهت حاجته منها ولم يتيسر له من يشتريها إلا بعد سنة، فإنه لا زكاة عليه في ثمنها، وإنما الزكاة على هذه الدراهم التي قبضها، إذا تم عليها الحول. والله الموفق."
[الْمَصْدَرُ]
مجموع الفتاوى 18/237(5/2739)
عقاراته للتأجير فهل فيها زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان عند الإنسان عقارات أعدها للتأجير فهل عليه زكاة في هذه العقارات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
" لا زكاة عليه في هذه العقارات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة» وإنما الزكاة في أجرتها إذا تم عليها حول من حين العقد مثال ذلك: رجل أجر هذا البيت بعشرة آلاف، واستلم عشرة آلاف بعد تمام السنة فتجب عليه الزكاة في العشرة؛ لأنه تم لها حول من العقد، ورجل آخر أجر بيته بعشرة آلاف خمسة منها استلمها عند العقد وأنفقها خلال شهرين، وخمسة منها عند نصف السنة فأخذها وأنفقها خلال شهرين ولما تمت السنة لم يكن عنده شيء من الأجرة فلا زكاة عليه؛ لأنه لم يتم عليها الحول، ولابد في وجوب الزكاة من تمام الحول."
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى بن عثيمين (18/208)(5/2740)
يمتلك دنانير عراقية، فهل عليها زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مليون دينار عراقي وليس لها سعر صرف في مؤسسة النقد، أي: أن سعر الصرف هو صفر، فكيف أزكي هذا المبلغ من المال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الأوراق النقدية لها حكم " عروض التجارة "؛ لأن لها قيمة في واقع الأمر في الأسواق، وإن لم يكن لها قيمة في مؤسسة النقد.
فعلى من يملك هذه الأوراق النقدية أن يحسب قيمتها التي تساويها في نهاية حول الزكاة، ويخرج زكاتها 2.5 بالمائة، وهذا إذا بلغت قيمتها نصاباً بنفسها، أو كان عنده من الأوراق النقدية الأخرى ما يكمل به النصاب.
والنصاب ما يعادل قيمة 595 جراماً من الفضة وانظر جواب السؤال (2795) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2741)
يتاجر في بهيمة الأنعام وبعضها لا يحول عليه الحول فكيف يزكيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي نوع من الماعز نادر وهو الماعز الشامي وهو نوع غالي الثمن حيث يصل أقيام بعضها إلى أكثر من 50000 ريال أربيها وأبيع من إنتاجها وأشتري وأبيع فيها بحيث بعضها لا يحول عليه الحول وتربيتها مكلفة من علف وعلاج وهي في حوش بحيث لا تسرح لتأكل من نبات الأرض، عليه أرجو الإفادة هل تجب عليها الزكاة؟ وكيف تحتسب؟ هل تعتبر بهيمة أنعام أم عروض تجارة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا تجب الزكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت سائمة (أي: تأكل من حشيش الأرض مجاناً) ، الحولَ كله أو أكثره، وأما إذا كانت معلوفة، يتكلف صاحبها علفها فإنه لا زكاة فيها، إلا إذا نوى بها صاحبها التجارة – ورد كما في سؤالك - ففيها زكاة عروض التجارة.
فهذه الماعز التي عندك، لا تجب فيها زكاة بهيمة الأنعام وإنما تجب فيها زكاة عروض التجارة.
وانظر هذا مبينا في السؤال رقم (40156)
ثانيا:
وينبغي التنبه إلى أن بعض الناس يخطئ في تحديد بداية الحول، ويظنه من اللحظة التي اشترى فيها عروض التجارة، وليس ذلك صحيحا، بل حول عروض التجارة هو تكملة لحول النقود التي اشتريت بها إذا كانت النقود قد بلغت نصاباً.
ومعنى ذلك: أن من اشترى عروض تجارة - كالماعز المعلوفة وغيرها –بذهب أو فضة أو نقود تبلغ النصاب، فإن حول تجارته يبدأ من حين ملك الذهب أو الفضة أو النقود. وكذلك لو اشترى الماعز مثلا بعروض تجارة كانت عنده، وهذه العروض تبلغ النصاب، مثل أن يشتري الماعز بسيارة يتجر فيها، فإن حول الماعز هو تكملة حول السيارة
والعلة في ذلك: أن وضع التجارة للتقلب والاستبدال بنقد أو عروض , فلو لم يُبن حول بعضها على بعض بطلت زكاة التجارة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله موضحا هذه المسألة: " فلو اشترى عرْضاً بنصاب من أثمان، كرجل عنده مائتا درهم، وفي أثناء الحول اشترى بها عرضاً، فلا يستأنف الحول بل يبني على الأول؛ لأن العروض يبنى الحول فيها على الأول.
مثال آخر: عنده ألف ريال ملكها في رمضان، وفي شعبان من السنة الثانية اشترى عرضاً، فجاء رمضان فيزكي العروض؛ لأن العروض تبنى على زكاة الأثمان في الحول.
وكذلك أيضاً لو اشترى عرْضاً بنصاب من عروض، أي عرْضاً بدل عرْض.
مثاله: رجل عنده سيارة، وفي أثناء الحول أبدلها بسيارةٍ أخرى للتجارة، فيبني على حول الأولى؛ لأن المقصود القيمة، واختلاف العينين ليس مقصوداً، ولم يشتر السيارة الثانية ليستعملها، ولكن يريدها للتجارة " انتهى من "الشرح الممتع".
وبناء على ذلك؛ فلو أنك ملكت عشرة آلاف مثلا في شهر رمضان، ثم اشتريت بها ماعزا في شهر ذي الحجة، وصرت تبيع فيها أو في نتاجها، وتشتري غيرها، فإن حول زكاتك يكون في شهر رمضان، وعليك أن تقوّم ما لديك من الماعز كل سنة، في رمضان، ثم تضيف إليها ما عندك من نقود، ثم تخرج زكاة الجميع ربع العشر. وهكذا يستمر حول زكاتك في رمضان إلا إذا انقطع النصاب أثناء الحول، كأن يبيع الإنسان ما لديه في شهر صفر مثلا، ويضع ثمنه في أرض أو بيت للسكنى، ثم يرزقه الله مالا في شهر رجب فيشتري به ماعزا للتجارة، فإن حول تجارته يبدأ من شهر رجب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2742)
هل تجب الزكاة على ذات المحل التجاري؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت في عام 96 دكاناً (محل تجاري) ليعمل به أخي وبقي الدكان مغلقاً إلى الآن، ولم يعمل به أخي، ولم أستفد منه، ولم يأتِ على بالي أبداً أنه يجب الزكاة عليه إلا في هذه الأيام، كان سعر الدكان عند شرائه 400 ألف، ثم نزلت الأسعار إلى 300 ألف في عام 2000، والآن يبلغ سعره بين 700 إلى 800 ألف، في العام القادم إن شاء الله سأحاول أن أفتح المحل ليعمل به شخص ما للاستفادة منه.
الرجاء نصيحتنا إن كانت تجب الزكاة أم لا؟ وكم تبلغ؟ وماذا يمكن أن أفعل إذا لم يكن لدي المبلغ الواجب دفعه للزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس على المسلم في سيارته ولا في بيته ولا في دكانه زكاة، ولو كانت قيمة هذه الأشياء كبيرة، وإنما الزكاة على ما يباع ويشترى بقصد الربح والتجارة وهو ما يسمى " عروض التجارة "، فمن كان عنده عقارات – أراض أو بيوت أو محلات – واتخذها للتجارة يبيع ويشتري بها: فإنه يقدر قيمتها وقت الزكاة ويخرج ربع العشر، ومن اتخذها للسكن أو للزراعة أو للتأجير أو للبيع والشراء فيها: فليس فيها زكاة.
قال علماء اللجنة الدائمة:
" المال الذي يملكه الإنسان أنواع، فما كان منه نقوداً: وجبت فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، وما كان أرضاً زراعية: وجبت الزكاة في الحبوب والثمار يوم الحصاد، لا في نفس الأرض، وما كان منه أرضاً تؤجر أو عمارة تؤجر: وجبت الزكاة في أجرتها إذا حال عليها الحول، لا في نفس الأرض أو العمارة، وما كان منه أرضاً أو عمائر أو عروضاً أخرى للتجارة: وجبت الزكاة فيه إذا حال عليه الحول، وحول الربح فيها حول الأصل إذا كان الأصل نصاباً " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 331) .
وعليه، فلا زكاة عليك عن هذا الدكان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2743)
زكاة أسهم الشركات العقارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة في الأسهم في الشركات العقارية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في جواب السؤال (69912) تفصيل القول في زكاة الأسهم، ومتى تجب ومتى لا تجب؟
والأسهم في الشركات العقارية لا تخلو من حالين:
الأولى:
أن تكون هذه الشركات تشتري الأراضي لبنائها واستغلال ما عليها من مبانٍ بالتأجير مثلاً، فلا زكاة في هذه الأسهم، وإنما الزكاة في أرباحها فقط إن بلغت نصاباً وحال عليها الحول , لأن هذه الأراضي والعقارات لا زكاة فيها، وإنما الزكاة على عائدها إن بلغ نصاباً وحال عليه الحول.
مع التنبه إلى أن هذه الشركات لا تخلو خزائنها من مبالغ نقدية وأرصدة في البنوك، وهذه المبالغ تجب فيها الزكاة، فيجب معرفة ما يقابل السهم من هذه النقود وإخراج زكاتها كل عام.
الثانية:
أما إن كانت الشركة تشتري العقارات من أراضٍ ومبانٍ بقصد التجارة، فهذه الأسهم تعتبر عروض تجارة، فتجب فيها الزكاة هي وأرباحها، فتخرج زكاتها حسب قيمتها كل عام مضافاً إليها الأرباح.
وهذا النشاط هو الغالب على الشركات العقارية.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمن رحمه الله: عن رجل ساهم في أرض تابعة لمؤسسة عقارية ومضى عليها سنين كثيرة فكيف يجري زكاتها؟
فأجاب:
" هذه المساهمة عروض تجارة فيما يظهر؛ لأن الذين يساهمون في الأراضي يريدون التجارة والتكسب، ولهذا يجب عليهم أن يزكوها كل سنة بحيث يقومونها بما تساوي، ثم يؤدون الزكاة، فإذا كان قد ساهم بثلاثين ألفاً وكان عند تمام الحول تساوي هذه السهام ستين ألفاً، وجب عليه أن يزكي ستين ألفاً، وإذا كانت عند تمام الحول الثلاثون ألفاً لا تساوي إلا عشرة آلاف لم يجب عليه إلا زكاة عشرة آلاف، وعلى هذا تقاس السنوات التي ذكر السائل أنها قد بقيت، فيخرج لكل سنة مقدار زكاتها، ولكن إذا كانت هذه الأسهم لم تبع حتى الا?ن فإنها إذا بيعت يخرج زكاتها، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يتهاون، بل يبيعها بما قدر الله ثم يخرج زكاتها " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/226) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: عن رجل ساهم في أرض ثم بيعت بعد خمس سنوات، كيف يدفع زكاتها؟
فأجابوا:
" يزكي عن كل سنة من السنوات الأربع الماضية، على حسب قيمتها كل سنة، سواء ربحت أم لم تربح، ويزكي الربح مع الأصل للسنة الأخيرة " انتهى.
فتاوى اللجنة الدائمة" (9/350) .
وسواء كانت الشركة تبيع الأراضي كما هي أو تبنيها ثم تبيعها.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين: عن رجل يشترى الأرض وينوي حال الشراء أن يبيعها حال الانتهاء من بنائها، وبعد الانتهاء من بنائها يعرضها للبيع، وبعد استلامه لثمنها يقوم ويشتري أرضاً أخرى وهكذا، هل تجب عليه زكاة في هذه الحالة؟
فأجاب:
" "الزكاة واجبة في هذه الأرض زكاة عروض، لأنه اشتراها ليربح فيها، ولا فرق بين أن ينوي بيعها قبل تعميرها أو بعده، كمن اشترى قماشاً ليربح فيه بعد خياطته ثياباً " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/227) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2744)
يسأل عن إخراج الزكاة عن أرباح المؤسسة فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب مؤسسة فردية تقوم بتصميم وتصنيع الزجاج المزخرف، وأسئلتي خاصة بإخراج الزكاة، حيث إنني أخرجها عن صافي الأرباح بعد خصم مخصص الضريبة والذي يصل مقداره إلى 30 %، فهل إخراجي لها بهذه الطريقة صحيح؟
حيث إنني في حيرة من أمري بعد أن أبلغني بعض الإخوة بعدم صحة ذلك، علماً بأن طبيعة عمل المؤسسة هو التعاقد مع العميل على تصميم وتصنيع بعض القبب والنوافذ المزخرفة بالزجاج الملون، ونحن نقوم باستيراد المواد الخام من زجاج ورصاص ولحام قصدير وغيره من الخارج وندخله لمستودعنا ويتم استعمالها في التصنيع ويبقى جزء منه كمخزون بنهاية السنة المالية حيث يتم عمل الجرد وإصدار قائمة المركز المالي للمؤسسة والتي تبين أرباح تلك السنة والتي تعودت إخراج الزكاة عنها.
وأسئلتي هي:
هل الزكاة تخرج عن صافي الأرباح؟ أم عن رأس المال؟
أم عن حقوق المالك المبينة في قائمة المركز المالي للمؤسسة؟
هل الضريبة - والتي تحصل عن الأرباح وتدفع لمصلحة الزكاة والدخل - تعتبر نوعاً من الزكاة؟
أرجو منكم التفضل مشكورين بإرشادي إلى الطريقة الصحيحة لإخراج الزكاة فأنا في حيرة من أمري، وأدعو الله أن يرشدني إلى الصواب لتصحيح أي خطأ قد يكون حدث مني في السنوات الماضية أو ليطمئن قلبي إن كان ما فعلته صحيحاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حرصك على السؤال عن أحكام دينك، والواجب على كل مسلم أن يسأل عن أحكام دينه دون تأخر أو تردد.
وأما الجواب على سؤالك:
أولاً:
شركتك هذه شركة صناعية تجارية، والشركات الصناعية التجارية تجب فيها زكاة عروض التجارة , ولا تجب في الآلات والمعدات والسيارات والمباني والأثاث التي يراد منها استعمالها ولا يراد بيعها من أجل الربح.
انظر السؤال (74987) ، (69916)
وعلى هذا , فطريقة حساب الزكاة في نهاية الحول:
أن تحصى ما في مخازن الشركة من مواد تم شراؤها بقصد بيعها، فيشمل ذلك: (الزجاج والرصاص واللحام......إلخ) وتقدر قيمتها في نهاية الحول , بقطع النظر عن الثمن الذي اشتريت به.
يضاف إلى ذلك الأموال النقدية التي بالشركة أو أرصدتها بالبنوك.
يضاف إلى ذلك الديون التي لك على الناس والتي ترجو تحصيلها، ثم تزكي الجميع بنسبة 2.5 بالمائة.
ثانياً:
أما أرباح الشركة خلال العام , فهذه الأرباح يمكن تقسيمها قسمين:
الأول: أرباح ناتجة من بيع الزجاج للعملاء.
وهذه الأرباح تجب فيها الزكاة , ولا يحسب لها حول جديد , بل حولها هو نفس حول رأس المال الذي اشتريت به إن كان يبلغ نصاباً.
"المغني" (4/75) .
الثاني: أرباح ناتجة من عملية التركيب ذاتها (أي يمكن اعتبارها أجرة التركيب والتصنيع) فهذه الأرباح تجب فيها الزكاة إذا بلغت نصاباً، ومَرَّ عليها الحول من حين قبضها.
وقد يكون من الصعب عملياً التفريق بين هذين النوعين من الأرباح , ولذلك فالأفضل أن تزكي جميع الأرباح في نهاية حول رأس المال , فما كان من ربح عروض التجارة , فقد أديت زكاته في وقته (نهاية الحول) وما كان من أجرة للعمل فقد أديت زكاته مقدماً , وتعجيل الزكاة قبل وقتها جائز.
ثالثاً:
الأرباح التي يتم إنفاقها أثناء العام ولا تبقى إلى نهاية الحول لا زكاة فيها.
رابعاً:
حول عروض التجارة بالنسبة للشركة لا يكون من أول تأسيس الشركة أو من شراء المواد الخام , بل يكون تكملة لحول النقود التي اشتريت بها المواد الخام.
فمثلاً: لو كان أول امتلاكك للنصاب في شهر المحرم، وبدأت تأسيس الشركة في شهر رجب، واشتريت المواد الخام وبدأت العمل بالشركة في شهر رمضان , فحول عروض التجارة للشركة يكون في شهر المحرم ولا يكون في رمضان.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " واعلم أن عروض التجارة ليس حولها أن تأتي سنة بعد شرائها، بل إن حولها حول المال الأصلي، لأنها عبارة عن دراهم من رأس مالك حولتها إلى عروض، فيكون حولها حول مالك الأول " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/234) .
وانظر جواب السؤال (32715) .
خامساً:
وأما حساب الزكاة بعد خصم الضرائب.
فإن كان إخراج الضرائب ودفعها يتم قبل نهاية الحول فتصرفك صحيح , لأن هذا المال المدفوع لم يمر عليه الحول.
وأما إن كان دفعها بعد تمام الحول فالأحوط والأبرأ للذمة دفع زكاته , وأخذ هذا المال منك ظلماً لا يسقط عنه الزكاة.
سادساً:
وأما حساب الضرائب من الزكاة فلا يجوز ذلك، لأن الزكاة لها مصارف معينة حددها الله تعالى بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/60.
والضرائب لا تصرف في هذه المصارف، ولأن الحكومات لا تأخذ الضرائب على أنها زكاة.
قال علماء اللجنة الدائمة:
" لا يكفي أخذ الضرائب على العمارة عن إخراج الزكاة، ولا يسقط ذلك وجوبها في دخلها إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول " انتهى بتصرف.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 339) .
وانظر السؤال رقم (2447) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة أيضاً:
ما تقولون فضيلتكم في كيفية إخراج الزكاة حيث إنني أملك محلاً تجاريّاً لبيع الأخشاب وقد حال الحول على البضاعة الموجودة بالمحل، وهناك ديون متعلقة بالبضاعة الموجودة والمشتراة بالأجل بأن تم دفع جزء من قيمتها والباقي مؤجل، كما أن هناك مصاريف سنوية كإيجار المحل ورسوم رخصة سنوية، وضرائب، وتأمينات، وكذلك رواتب العاملين. فأجابوا:
" تجب الزكاة في البضاعة المعروضة للبيع كالأخشاب ونحوها إذا بلغت قيمتها نصاباً بنفسها أو بضمها إلى ما لديك من النقود أو عروض التجارة، وحال عليها الحول، أما الديون والإيجار والرسوم وغيرها فلا تمنع وجوب إخراج الزكاة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/348) .
سابعاً:
وأما ما يتعلق بزكاة الأعوام السابقة، فعليك أن تقدر زكاة كل عام، وتخرج ما بقي عليك منها، لأن الجهل بكيفية إخراج الزكاة لا يسقط وجوبها، فهي دّين عليك، يجب إخراجه.
وانظر جواب السؤال (69798) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2745)
هل معدات المطبعة فيها زكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل صاحب مطبعة، هل تجب الزكاة على المعدات والأجهزة التي في المطبعة وإنتاجها كذلك، أم أن الزكاة على الإنتاج فقط؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في جواب السؤال (74987) أن آلات المصانع والمعدات والأجهزة التي يقصد بها الاستعمال لا التجارة لا زكاة فيها، وإنما الزكاة في الربح الناتج من هذه المصانع والآلات إذا بلغ نصابا وحال عليه الحول.
وعلى هذا؛ فهذه المعدات التي في المطبعة لا زكاة فيها.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن مثل هذا السؤال، فأجاب:
" تجب الزكاة على أهل المطابع والمصانع ونحوهم في الأشياء المعدة للبيع , أما الأشياء التي تعد للاستعمال فلا زكاة فيها , وهكذا السيارات والفرش والأواني المعدة للاستعمال ليس فيها زكاة؛ لما روى أبو داود رحمه الله بإسناد حسن عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نُعِدُّه لِلْبَيْعِ) " اهـ.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/186-187) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين: عن رجل عنده مغسلة ملابس، وقال له بعض الناس: إن عليك أن تزكي على المعدات التي لديك فهل هذا صحيح؟
فأجاب: " الزكاة تجب في عروض التجارة وهي ما أعده الإنسان للتجارة تدخل عليه وتخرج منه، كلما رأى مكسباً باعها، وكلما لم يحصل مكسباً أمسكها، ومعدات المغاسل لا تعد من التجارة، لأن صاحب المغسلة يريد أن تبقى عنده فهي من جملة ما يقتنيه الإنسان في بيته من فرش وأواني ونحو ذلك، فليس فيها زكاة. ومن قال له: إن فيها الزكاة فقد أخطأ ".
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/207)
ثانياً:
تجب الزكاة في أرباح هذه المطبعة إذا بلغت نصاباً وحال عليها الحول، فيخرج عنها ربع العشر أي 2.5 بالمائة.
ثالثا:
هناك جزء من ممتلكات المطابع يعتبر عروض تجارة، وهذه العروض تشمل كل شيء اشترته المطبعة بهدف إعادة بيعه مرة أخرى ولو بعد إجراء بعض العمليات التحويلية عليه.
مثل: الورق، والأحبار، وما يتم به تجليد الكتب، والكتب المملوكة للمطبعة والتي طبعتها لتبيعها. . . إلخ.
كل هذه الأشياء تعتبر عروض تجارة فتقوم في نهاية كل عام ثم تخرج زكاتها 2.5 بالمائة.
انظر: "مجلة المجمع الفقهي" (4/1/735) بحث للدكتور وهبة الزحيلي.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2746)
زكاة الأسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال بيع وشراء الأسهم السعودية، وطبيعة عملي تتمثل في بيع السهم بمجرد حصول أي ربح على سعر الشراء، حيث إنني لا أنتظر أرباح الشركات.
وسؤالي هو أنني اشتريت بعض الأسهم في شركة الكهرباء منذ خمسة أشهر بقيمة 172 ريالا للسهم الواحد، وبعد شرائي له انخفض إلي 147 ولم يصل إلي سعر الشراء بعد، فهل على هذه الأسهم زكاة؟ وكيف تتم عملية إخراج الزكاة؟ هل حسب سعر الشراء أم حسب السعر الحالي الذي هو 147؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الأسهم الآن تعتبر من عروض التجارة، لأن عروض التجارة هي كل ما يعد للبيع والتجارة. ففيها الزكاة.
وزكاة عروض التجارة تكون بحسب قيمتها عند نهاية الحول، سواء كان أكثر من سعر الشراء أم أقل.
انظر السؤال: (65515) .
وعلى هذا فإذا بلغت هذه الأسهم نصابا، أو كانت تبلغ النصاب بإضافتها للنقود التي معك فإنك تخرج زكاتها على حسب قيمتها يوم نهاية الحول.
قال الشيخ ابن عثيمين:
" وكيفية زكاة الأسهم في الشركات والمساهمات أن نقول: إن كانت الدولة تحصي ذلك وتأخذ زكاتها فإن الذمة تبرأ بذلك، وإلا وجبت الزكاة فيها على النحو التالي: بأن يقومها كل عام بما تساوي، ويخرج ربع العشر إن كان قصد بها الاتجار، أما إن قصد بها الاستثمار فلا زكاة عليه إلا في مغلها إن كان دراهم وتم عليها الحول " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/196) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل على الأسهم والسندات زكاة؟ وكيف نخرجها؟
فأجابت:
" تجب الزكاة في الأسهم والستندات إذا كانت تمثل نقوداً أو عروضاً للتجارة، بشرط أن يكون من في ذمته النقود ليس معسراً ولا مماطلاً " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/354) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن الأسهم التي يشترى بها أراضٍ وعقارات.
فأجابت:
" الأسهم المذكورة في السؤال من عروض التجارة، فتجب الزكاة فيها يقومها كل سنة بقيمتها من غير نظر إلى قيمة الشراء، فإن كان عنده مال أخرج الزكاة منه، وإلا فإنه يخرج زكاتها عن السنوات الماضية من قيمتها بعد بيعها واستلام ثمنها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/353) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: الزكاة على الأسهم تكون على القيمة الرسمية للسهم أم القيمة السوقية أم ماذا؟
فأجاب:
" الزكاة على الأسهم وغيرها من عروض التجارة تكون على القيمة السوقية، فإذا كانت حين الشراء بألف ثم صارت بألفين عند وجوب الزكاة فإنها تقدر بألفين، لأن العبرة بقيمة الشيء عند وجوب الزكاة لا بشرائه " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/197) .
وينبغي التنبه إلى أن عروض التجارة إذا اشتريت بذهب، أو فضة، أو نقود (ريالات أو دولارات أو غيرها من العملات) أو عروض أخرى؛ فإن حول العروض هو حول المال الذي اشتريت به، وعلى هذا، فلا يبدأ حولاً جديداً للعروض من حين امتلاكها، بل يكمل على حول المال الذي اشتريت به.
راجع السؤال (32715) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2747)
هل يقوم عروض التجارة بثمن البيع أم بثمن الشراء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يتم حساب الزكاة عن عروض التجارة بسعر التكلفة أم بسعر البيع؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تُقَوَّم عروض التجارة في نهاية الحول بالسعر الذي يبيعها به صاحبها.
وهذا هو مقتضى العدل، أن يكون التقويم بسعر بيعها، وقد ينقص أو يزيد عن سعر شرائها. لأن الإنسان في نهاية الحول يزكي الأموال التي عنده.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/249) :
" مِنْ مَلَكَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ , فَحَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ , وَهُوَ نِصَابٌ , قَوَّمَهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ , فَمَا بَلَغَ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ , وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ " انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية (13/171) :
" وَلَيْسَ عَلَى التَّاجِرِ أَنْ يُقَوِّمَ عُرُوضَ تِجَارَتِهِ بِالْقِيمَةِ الَّتِي يَجِدُهَا الْمُضْطَرُّ فِي بَيْعِ سِلَعِهِ , وَإِنَّمَا يُقَوِّمُ سِلْعَتَهُ بِالْقِيمَةِ الَّتِي يَجِدُهَا الإِنْسَانُ إذَا بَاعَ سِلْعَتَهُ عَلَى غَيْرِ الِاضْطِرَارِ الْكَثِيرِ " انتهى.
ففي هذا: أن التقويم يكون بسعر بيعها في نهاية الحول.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الأراضي التي اشتراها أهلها للتجارة كما هو الغالب ينتظرون بها الزيادة هذه عروض التجارة، وعروض التجارة تقوم عند حول الزكاة بما تساوي، ثم يخرج ربع العشر منها ... ولا فرق بين أن تكون قيمة هذه الأراضي تساوي القيمة التي اشتريت بها أو لا. فإذا قدرنا أن رجلاً اشترى أرضاً بمئة ألف، وكانت عند الحول تساوي مئتي ألف، فإنه يجب عليه أن يزكي عن المئتين جميعاً، وإذا كان الأمر بالعكس اشتراها بمئة ألف وكانت عند تمام الحول تساوي خمسين ألفاً فإنه لا يجب عليه إلا أن يزكي عن خمسين ألف؛ لأن العبرة بقيمتها عند وجوب الزكاة " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/205) . وانظر أيضاً: (18/240) .
وسئلت اللجنة الدائمة: الأراضي المشتراة للتجارة كيف يجب أن يتم احتسابها عند احتساب الزكاة؛ بثمن الشراء أو بما تسوى من قيمة وقت حلول حول الزكاة؟
فأجابت:
" الأراضي المشتراة للتجارة هي من جملة عروض التجارة، والقاعدة العامة في الشريعة الإسلامية أن عروض التجارة تقوم عند تمام الحول بالثمن الذي تساويه، بصرف النظر عن الثمن الذي اشتريت به، سواء كان زائداً عن الثمن الذي تساويه وقت وجوب الزكاة أو أقل، وتخرج زكاتها من قيمتها ومقدار الواجب فيها من الزكاة ربع العشر، ففي أرض قيمتها ألف ريال -مثلاً- خمسة وعشرون ريالاً وهكذا " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/324)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (9/319) :
" الطريقة الشرعية أنه يقوم ما لديه من عروض التجارة عند تمام الحول بالقيمة التي تساويها عند الوجوب، بصرف النظر عن ثمن الشراء " انتهى.
وعلى هذا إذا كان التاجر يبيع بالجملة أو القطاعي (المفرق) يُقَوِّم العروضَ التي عنده بالسعر الذي يبيع به.
سئل الشيخ ابن عثمين رحمه الله تعالى: من المعلوم أن العبرة بقيمة السلعة عند وجوب الزكاة، ولكن حتى عند وجوب الزكاة يختلف البيع بالجملة والبيع بالتقسيط فهل نعتبر البيع بالجملة أو بالإفراد؟
فأجاب:
" أما إذا كان التاجر من أصحاب البيع بالجملة فيعتبرها بالجملة، وإذا كان من أصحاب البيع بالإفراد فيعتبرها بالإفراد " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/233) .
وانظر السؤال: (26236) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2748)
هل تجب زكاة عروض التجارة على تجهيزات المحل والبضائع المفقودة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي محل تجاري ويوجد به أدوات بمبلغ (80000) ريال، وله ديون خارجية على الناس (80000) ريال. وحصل للمحل حريق قبل 6 أشهر وعمل له تجديد بضاعة مع الصيانة بمبلغ (40000) منها (35000) بالدَّين على الأقساط الشهرية للمحل.
السؤال الأول: هل نزكي بمبلغ الأدوات الموجود فيه قبل الحريق؟ (التكلفة كاملة + الديون) - (التجديد) .
السؤال الثاني: التجديد لم يحُل عليه الحول فهل نعطي عليه زكاة أم على المحل كاملاً مع الديون التي لنا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأغراض الموجودة في المحلات التجارية تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما أعدَّ منها للتجارة، سواء كانت عقارات أم مواد غذائية أو ألبسة أو غير ذلك مما يباع.
والقسم الثاني: ما لم يعدَّ منها للتجارة، بل للإنتاج أو للاستعمال كآلات المصانع، والسيارات، والأثاث، وأدوات التصوير وأجهزة الحاسوب. . ونحو ذلك.
والقسم الأول هو الذي يُطلق عليه " عروض التجارة "، وهو الذي تجب فيه الزكاة، وأما القسم الثاني فيُعرف بـ " عروض القُنْيَة " وتُعرف بـ " الأصول الثابتة " وهي لا زكاة فيها.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (42072) وجوب زكاة عروض التجارة، وفيه بيان نصابها، وكون المواد الثابتة التي لا تعد للبيع ليس عليها زكاة.
وفي جواب السؤال رقم (22449) جواز إخراج زكاة التجارة عروضاً، وأنه لا يجب إخراجها نقوداً.
ولمعرفة كيفية حساب زكاة عروض التجارة: انظر جواب السؤال رقم (26236) ، وفيه بيان أن زكاة التجارة على سعر البيع لا سعر الشراء.
والخلاصة:
إذا حلّ موعد زكاة محلك ينبغي لك القيام بجرد موجودات محلك التجارية - مثل البضاعة الموجودة - وأن تضمها إلى ما لديك من نقود عينية، وتضيف إليها ما لك من ديون مرجوة السداد , ثم تزكي الجميع بنسبة ربع العشر.
وأما الديون التي لا يُرجى سدادها لكونها على مماطل أو فقير، فإنه لا زكاة فيها، حتى تقبضها وتحسب لها حولا جديدا من يوم قبضك لها، والأحوط إذا قبضتها أن تخرج زكاتها عن سنة واحدة فقط، ولو مَرَّ عليها عدة سنوات. انظر السؤال (1346) .
والديون التي عليك لا تخصم من الأموال التي تخرج الزكاة عنها على الصحيح من أقوال العلماء، وانظر السؤال (22426) .
وما احترق من بضائع لا يُضاف إلى موجودات المحل.
وما جعلتَه في المحل من تجديد بعد الحريق: إن كان متعلقاً بالأثاث والديكور والأجهزة الثابتة: فقد سبق بيان أن هذا لا زكاة فيه، فلا يحسب مع موجودات المحل المزكاة، وإن كانت بضائع تباع فإن كانت قد اشتريت من أموال المحل وأرباحه فإنها تزكى معه ولو لم يَحُل عليها الحول، وإن اشتريت بنقود أخرى غير أموال المحل فإن حولها هو حول النقود التي اشتريت بها، فيكمل حولها على حول تلك النقود.
ونسأل الله أن يعوَّضك خيراً، وأن يرزقك رزقاً حسناً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2749)
عليه زكاة عروض تجارة وليس عنده نقود
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يملك قطعة أرض حال عليها الحول فوجبت فيها الزكاة لأنها من عروض التجارة، كيف يخرج الزكاة عنها؟ مع العلم أنه لا يملك من المال النقدي إلا القليل، والقليل جدا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في عروض التجارة بالكتاب والسنة.
أما الكتاب، فعموم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ) البقرة/267.
قال مجاهد: (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) التِّجَارَةُ.
وأما السنة فروى أبو داود (1562) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ.
والحديث في سنده مقال، لكن بعض أهل العلم قد حسنه، كابن عبد البر رحمه الله، وهو ما اعتمده علماء اللجنة الدائمة للإفتاء.
انظر فتاوى اللجنة الدائمة (9/331)
فما يعد للتجارة تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول.
وعلى هذا، أخي السائل، إن أرضك التي حال عليها الحول يجب إخراج زكاتها بأن تعرف قيمتها في نهاية الحول، وتخرج ربع العشر فلو كانت قيمتها مثلاً مئة ألف دينار فيجب عليك زكاة 2.5% أي: ألفان ونصف ألف. . وهكذا.
فإن كان عندك نقود وجب إخراجها، ولا يجوز تأخير إخراج الزكاة حتى تبيع الأرض، أما إن كنت لا تملك نقوداً تخرجها زكاة، فإنها تكون ديناً عليك تؤديه عند الميسرة، فإن لم يتيسر حتى بعت الأرض وجب عليك إخراج الزكاة من ثمن الأرض لكل السنين التي وجبت فيها الزكاة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"الأرض المعدة للتجارة تجب فيها الزكاة، والحجة في ذلك الحديث المشهور عن سمرة بن جندب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: (أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع) . ومراده بالصدقة هنا الزكاة" اهـ.
وقال أيضاً:
"إذا كانت الأرض ونحوها كالبيت والسيارة ونحو ذلك معدة للتجارة وجب أن تُزكى كل سنة بحسب قيمتها، عند تمام الحول، ولا يجوز تأخير ذلك، إلا لمن عجز عن إخراج زكاتها، لعدم وجود مال عنده سواها، فهذا يمهل حتى يبيعها ويؤدي زكاتها عن جميع السنوات، كل سنة بحسب قيمتها عند تمام الحول، سواء كانت القيمة أكثر من الثمن أو أقل من الذي اشتريت به الأرض أو السيارة أو البيت" اهـ.
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/160، 161) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2750)
هل تدخل الأجهزة الموجودة بالمحل في حساب الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن الزكاة لدي مكتبة بها قرطاسية وخدمات طالب: وقد قرأت أن الزكاة عن البضاعة متى ما حال عليها الحول ولكن هناك استفسار عن خدمات الطالب هل تدخل أجهزة التصوير في حساب الزكاة أم لا حيث أن قيمتها كبيرة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
"يجب عليك أن تزكي جميع المال الذي لديك من النقود ومن الأدوات المعروضة للبيع في القرطاسية بعد تمام الحول إذا بلغت قيمتها نصابا" اهـ.
"فتاوى اللجنة الدائمة: (9/313) .
ثانياً:
"والنصاب هو عشرون مثقالا من الذهب، أي: خمسة وثمانون جراماً، ومن الفضة مائة وأربعون مثقالا (أي: 595 جراماً) ، ويساوي بدراهم الفضة السعودية ستة وخمسين ريالا" اهـ "فتاوى العثيمين" (18/93) .
فإذا بلغت قيمة البضاعة المعروضة للبيع، مع ما معك من نقود ورقية أحدَ النصابين: الذهب أو الفضة وجبت عليك الزكاة. "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/257) .
ثالثاً:
كيفية حساب الزكاة.
إذا حال الحول على النصاب فإنك تحسب ما معك من نقود ثم تضيف إليه قيمة البضاعة الموجودة بالقرطاسية، ثم تخرج من المجموع ربع العشر أي: 2.5 بالمائة. وتعطيه لمستحقيه من الأصناف التي بينها الله تعالى في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة /60.
ويكون تقدير البضاعة الموجودة بالقرطاسية بالثمن الذي تبيع به، لا بالثمن الذي اشتريتها به.
البيع لا الشراء. راجع السؤال رقم (26236) .
رابعاً:
أما عن أجهزة التصوير فلا زكاة فيها إلا إذا كنت أعددتها للبيع.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"الشيء المعد للاستعمال ليس فيه زكاة، معدات أو غيرها، إذا كان معدًّا للاستعمال فإنه ليس فيه زكاة، والقاعدة أن ما يعد للبيع هو الذي يزكى، وما كان من أدوات تستعمل في المحل فإنها لا تزكى" اهـ "فتاوى ابن باز" (14/184) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2751)
ساهمت في أرض فكيف أزكي الأسهم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ساهم في أرض تابعة لمؤسسة عقارية ببنودها وقيمتها ومضى عليها سنين كثيرة فكيف يجري زكاتها مع العلم أن مقدار مساهمته ثلاثون ألف ريال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
" هذه المساهمة عروض تجارة فيما يظهر؛ لأن الذين يساهمون في الأراضي يريدون التجارة والتكسب، ولهذا يجب عليهم أن يزكوها كل سنة بحيث يقومونها بما تساوي، ثم يؤدون الزكاة، فإذا كان قد ساهم بثلاثين ألفاً وكان عند تمام الحول تساوي هذه السهام ستين ألفاً، وجب عليه أن يزكي ستين ألفاً وإذا كانت عند تمام الحول الثلاثين ألفاً لا تساوي إلا عشرة آلاف لم يجب عليه إلا زكاة عشرة آلاف، وعلى هذا تقاس السنوات التي ذكر السائل أنها قد بقيت، فيخرج لكل سنة مقدار زكاتها، ولكن إذا كانت هذه الأسهم لم تبع حتى الا?ن فإنها إذا بيعت يخرج زكاتها، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يتهاون، بل يبيعها بما قدر الله ثم يخرج زكاتها."
[الْمَصْدَرُ]
مجموع الفتاوى 18/226.(5/2752)
اشترى أرضاً ليبيعها بعد فترة، فكيف يزكيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تزكى أرضاً تم شراؤها بهدف تركها فترة من الزمن ثم بيعها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأرض التي اشتراها صاحبها بقصد بيعها بعد فترة، لا تخلو من حالين:
الأولى: أن يقصد بذلك حفظ المال حتى لا ينفقه في شيء آخر، ولا يقصد بها التجارة والربح، فهذه الأرض لا زكاة فيها.
انظر السؤال (34802) .
الثانية: أن يقصد بذلك التجارة والربح، فتكون هذه الأرض من عروض التجارة ففيها الزكاة.
وعروض التجارة تُقَوَّم عند تمام الحول بالثمن الذي تساويه، بصرف النظر عن الثمن الذي اشتريت به، وتخرج زكاتها، ومقدار الواجب فيها من الزكاة ربع العشر، أي 2.5 بالمائة.
فمثلاً: لو اشتريت أرضاً بمئة ألف ريال، وعند وجوب الزكاة صارت تساوي مئة وخمسين ألف ريال، فإنه يجب عليك عند تمام الحول زكاة مئة وخمسين ألف ريال، والعكس بالعكس، فإذا كانت مشتراة بمئة ألف ريال، وعند تمام الحول صارت تساوي خمسين ألف ريال فقط، فلا عليك سوى زكاة خمسين ألف ريال فقط.
انظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/334) ، "فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (18/205، 236)
تنبيه:
وينبغي أن يُعْلَم أن الحول في عروض التجارة لا يبدأ من حين شراء الأرض أو غيرها من السلع، وإنما يبدأ من حين امتلاك نصاب النقود الذي اشتريت به السلع.
وعلى هذا؛ فحول الأرض هو حول النقود الذي اشتريت بها.
وانظر السؤال (32715) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2753)
هل ثمة زكاة على من قطع حبَّ الذرة قبل اشتداده علفاً لدوابه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فلاح زرع هكتارات من الذرة، وبعد ما مضى على زراعتها 3 أشهر ـ تقريبا ـ: قام بطحنها خضراء الحب والورق، وجمع ما فيها؛ ليعطيها علفاً للبقر. السؤال هو: هل عليه من زكاة؟ علماً أنه كان يسقيها بماء البئر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في جواب السؤال رقم (99843) بيان أن الزكاة تجب في الحبوب فيما يكال منه ويدَّخر، إذا بلغ الخارج من الأرض خمسة أوسق، أي: ثلاثمائة صاع، وهو ما يعادل ستمائة واثني عشر كيلو من القمح الجيد – وبعض العلماء يقدره بـ 653 كيلو -، وفيه العُشر إن كان الزرع مسقيّاً بماء الأمطار، أو الأنهار، أو العيون الجارية، وفيه نصف العُشر إن كان مسقيّاً بما فيه تكلفة.
وعليه: فبما أن الذرة مما يكال ويدخر، ومقدار الخارج يزيد عن الثلاثمائة صاعاً – بسبب أن الأرض المزروعة واسعة -: فإن في الخارج من الذرة زكاة بمقدار نصف العشر لأنه يستخرج الماء من البئر لسقي الزرع، وهذا لا يكون إلا بتكلفة، من مكائن، ووقود، وغير ذلك.
ثانياً:
وما ذكرناه سابقاً من نصاب الزكاة في الحبوب هو الشرط الأول لوجوب الزكاة، وأما الشرط الثاني فهو: أن يكون ذلك النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.
ووقت وجوب الزكاة في الحبوب: اشتداده، وفي الثمار: بدوّ صلاحها، وهو قول جمهور الفقهاء، خلافاً لأبي حنيفة الذي أوجب الزكاة بظهور الثمر، وخلافاً لمن قال – من الحنابلة وغيرهم – إن وقت وجوبها عند الحصاد.
ففي " الموسوعة الفقهية " (15 / 12) :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزكاة تجب في الثمار ببدو صلاحها؛ لأنها حينئذ ثمرة كاملة. والمراد بالوجوب هنا هو: انعقاد سبب وجوب إخراج التمر والزبيب عند الصيرورة كذلك، وليس المراد بوجوب الزكاة وجوب إخراجها في الحال.
انتهى
وقال الماوردي – رحمه الله -:
فأما الزرع وقت وجوب زكاتها: فتجب زكاته إذا يبس واشتد وقوي واستحصد، وتؤدَّى زكاته بعد دياسه وتصفيته إذا صار حبّاً خالصاً.
" الحاوي الكبير " (3 / 243) .
وقال ابن قدامة – رحمه الله -:
ووقت وجوب الزكاة في الحب: إذا اشتد، وفي الثمرة: إذا بدا صلاحها.
وقال ابن أبي موسى: تجب زكاة الحب يوم حصاده ; لقول الله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) .
وفائدة الخلاف: أنه لو تصرف في الثمرة، أو الحب، قبل الوجوب: لا شيء عليه ; لأنه تصرف فيه قبل الوجوب، فأشبه ما لو أكل السائمة، أو باعها، قبل الحول، وإن تصرف فيها بعد الوجوب: لم تسقط الزكاة عنه، كما لو فعل ذلك في السائمة، ولا يستقر الوجوب على كلا القولين حتى تصير الثمرة في الجريب والزرع في البيدر، ولو تلف قبل ذلك بغير إتلافه أو تفريط منه فيه: فلا زكاة عليه.
" المغني " (2 / 300) .
وعليه: فمن قطع ما يجب فيه الزكاة لاستعماله علفاً – مثلاً –: فإنه لا زكاة عليه فيما قطع؛ لأن ما قطعه ليس هو الحب أو الثمر الذي وجبت فيه الزكاة، ويُنظر فيما بقي مما اشتد من الحَبِّ، فإن بلغ نصاباً: ففيه الزكاة، وإلا فلا يجب عليه.
ولا يحل لصاحب الزرع أن يكون قصده من قطع الحب قبل اشتداده التهرب من الزكاة، وإلا فإنه يأثم، وبعض أهل العلم يوجبون عليه الزكاة في هذه الحال.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
فصار عندنا شرطان:
الأول: بلوغ النصاب.
الثاني: أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة ... .
قوله: " وإذا اشتد الحب، وبَدَا صلاح الثمر: وجبت الزكاة " سبق أنه يشترط أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.
فوقت الوجوب: " إذ اشتد الحب " أي: قويَ الحَبُّ، وصار شديداً لا ينضغط بضغطه.
" وبَدَا صلاح الثمر " وذلك في ثمر النخيل، أن يحمرَّ، أو يصفرَّ، وفي العنب أن يتموه حلواً أي: بدلاً من أن يكون قاسياً يكون ليِّناً متموهاً، وبدلاً من أن يكون حامضاً يكون حلواً.
فإذا اشتد الحب، وبدا صلاح الثمر: وجبت الزكاة، وقبل ذلك لا تجب ... .
ويتفرع على هذا أيضاً: أنه لو تلفت - ولو بفعله - بأن حصد الزرع قبل اشتداده، أو قطع الثمر قبل بدو صلاحه: فإنه لا زكاة عليه؛ لأن ذلك قبل وجوب الزكاة، إلا أنهم قالوا: إن فعل ذلك فراراً من الزكاة: وجبت عليه؛ عقوبة له بنقيض قصده، ولأن كل من تحيَّل لإسقاط واجب: فإنه يُلزم به.
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " (6 / 75 – 80) مختصراً.
والخلاصة:
ليس على ذلك المزارع إن قطع الحب قبل اشتداده زكاة، وعليه زكاة إن كان الحبُّ قد اشتد وقوي، إن كان ما خرج منه يبلغ النصاب.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2754)
هل يجوز أن يستأجر حصادا لغلته على النصف أو الربع منها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع فيمن أعطى محصوله الزراعي- حبوب - جاهزا للحصاد، لشخص يحصده، على أن يتقاسما المحصول بالنصف أو باثلث او الربع-بالتراضي- 2-على من تجب زكاة المحصول: العامل أم صاحب المحصول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في الشروط الصحة، إلا شرطا أحل حراما أو حرما حلالا، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ) رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
فمن أعطى زراعته لمن يحصدها له، على أن له الربع أو النصف وما أشبه ذلك، على التراضي بينهما فلا حرج عليهما في ذلك.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
" ويجوز عنده – يعني الإمام أحمد - أن يدفع الحنطة إلى من يطحنها وله الثلث أو الربع، وكذلك الدقيق إلى من يعجنه، والغزل إلى من ينسجه، والثياب إلى من يخيطها، بجزء في الجميع من النماء " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (30/ 114)
وتجب الزكاة على صاحب الزرع في المحصول كله، وليس على من تولى الحصاد زكاة؛ فإنه أجير.
قال ابن مفلح رحمه الله:
" ولا ينقص النصاب بمؤنة حصاد ودياس وغيرهما منه، لسبق الوجوب ". انتهى.
"الفروع" (4/110) .
وقال البهوتي رحمه الله:
" ولا ينقص النصاب بمؤنة الحصاد ومؤنة الدياس وغيرهما، كالجذاذ والتصفية، من الزرع والثمر لسبق الوجوب ذلك؛ أي: لأنها تجب بالاشتداد وبدو الصلاح، وذلك سابق للحصاد والدياس والجذاذ ونحوهما " انتهى.
"كشاف القناع" (2/218) باختصار يسير.
وقال الحطاب، المالكي:
" يحسب عليه جميع ما استأجر به في حصاده ودراسه وجداده ولقط الزيتون؛ فإنه يحسب ويزكى عليه، سواء كان كيلا معينا، أو جزءا كالثلث والربع ونحوه ". انتهى.
"مواهب الجليل" (3/130) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:
زرعت قطعة أرض بمحصول الشعير، وبعد نباتها أعطيتها لشخص آخر يقوم بحصاد ذلك الزرع، مقابل ثلث الحصيلة من هذا الزرع، وكان المحصول 30 إردبا، أخذت أنا عشرين إردبا، وأخذ الحصّاد عشرة أرادب. فعلى من فينا تكون زكاة العشرة أرادب التي أخذها هو من زرعي مقابل الحصاد؟
فأجاب علماء اللجنة: " الزكاة تجب في المحصول كله، وتخرج من نصيب صاحب الزرع، وليس على الذي تولى الحصاد زكاة؛ لأنه أجير " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9 / 247) .
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2755)
شارك رجلاً في زراعة أرض فعلى من تجب الزكاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تم الاتفاق بيني وبين شخص ما على أن أمنحه قطعة أرض زراعية يقوم بزراعتها مقابل أن يمنحني (10%) من الإنتاج، وبعد الحصاد استلمت النسبة الخاصة بي من الإنتاج، فهل أقوم بإخراج الزكاة منها، أم يجب أن يستخرج هو الزكاة كاملة من الإنتاج الذي هو من نصيبه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إذا بلغ نصيبك نصاب الحبوب، فيجب عليك أن تزكيه، وإذا زكى الجميع هو قبل أن يعطيك نصيبك، فهذا يكفي، أما إذا دفع إليك نصيبك، ثم زكى هو نصيبه فقط، فإنه عليك أن تزكي نصيبك إذا بلغ نصاب الحبوب؛ لأنك تملكه وقت وجوب الزكاة - وهو اشتداد الحب -، إلا أنه مشاع مع نصيب المزارع، ونصاب الحبوب هو ثلاثمائة صاع بالصاع النبوي " انتهى.
"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (2/292) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2756)
إذا قَدَّر المسئولون الزكاة أقل مما يجب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان ما يجب على صاحب الزرع أكثر مما قدرته لجنة جمع الزكاة، فهل يلزم صاحب الزرع أن يخرج زكاة الزائد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال في زكاة الخارج من الأرض: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ) .
فيجب على المرء المسلم أن يخرج هذا القسط مما تجب فيه الزكاة من الخارج من الأرض إذا بلغ نصاباً.
وإذا قُدِّر أن الساعي على الزكاة - وهم اللجنة الذين قدروا الزرع وأخذوا زكاته - نقص عن الواقع فإنه يجب على المالك إخراج زكاة ما زاد، سواءً كان هذا الزائد يبلغ نصاباً أم لم يبلغ؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوجب سهماً معيناً نسبته كما سبق العشر أو نصف العشر، فلابد من إخراج هذا الواجب.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/64) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2757)
زكاة الأموال التي للناس عند الحكومة
[السُّؤَالُ]
ـ[معروف أن صوامع الغلال تستلم محصول القمح والشعير كل عام ثم تقوم بدورها باستقطاع الزكاة وتقوم بتسليم المزارع قيمة المحصول لكن هذه القيمة تبقى لدى الصوامع لعدة سنوات، فهل تجب فيها الزكاة عن سنة واحدة أم عن كل السنوات الماضية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تجب الزكاة فيما عند الحكومة سواء قيمة زرع أو أجرة أو أي شيء آخر حتى تقبضه، فإذا قبضته، فزكه سنة واحدة، حتى لو بقي عند الدولة خمس أو عشر سنوات أو أكثر زكه سنة واحدة فقط؛ لأن بقاءه عند الحكومة قد تأخر لظروف لا يستطيع صاحب الحق أن يستوفيه.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/ 29) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2758)
ليس من المؤونة أن يحفر الإنسان بئراً في مزرعته
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أرض زراعية، وقد حفرت فيها بئراً؛ حتى أسقي منها أرضي، فهل يجب علي نصف العشر أو العشر كله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الواجب في زكاة الحبوب والثمار العشر، أو نصف العشر، حسب الطريقة التي يسقى بها الزرع؛ لما رواه البخاري (1438) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ) .
عَثَرِيًّا: هُوَ الَّذِي يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْي.
النَّضْح: هو السقي بالإبل، ويشبه السقي بالساقية الآن.
والذي يسقى بلا مؤونة يشمل أنواعاً:
1- ما يشرب بعروقه، أي: لا يحتاج إلى ماء.
2- ما يكون من الأنهار والعيون.
3- ما يكون من الأمطار.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/298) : " الْعُشْرَ يَجِبُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ , كَاَلَّذِي يَشْرَبُ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَنْهَارِ , وَمَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ , وَهُوَ الَّذِي يُغْرَسُ فِي أَرْضٍ مَاؤُهَا قَرِيبٌ مِنْ وَجْهِهَا , فَتَصِلُ إلَيْهِ عُرُوقُ الشَّجَرِ , فَيَسْتَغْنِي عَنْ سَقْيٍ , وَكَذَلِكَ مَا كَانَتْ عُرُوقُهُ تَصِلُ إلَى نَهْرٍ أَوْ سَاقِيَةٍ " انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (99843) .
ثانياً:
الكلفة التي يجدها المزارع في تفجير الماء وحفر الأرض لنقل مياه الأنهار إلى أرضه، وحفر السواقي، لا تأثير لها في مسألة المؤونة؛ لأنها من جنس حرث الأرض، ولأن هذه الكلفة لا تتكرر مع الأعوام.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/77) : " وإذا حفر المزارع طريقاً من النهر إلى مزرعته؛ لكي يصل الماء إلى الزرع، فإن هذا العمل ليس فيه مؤونة، ونظير ذلك إذا حفرت بئراً وخرج الماء نبعاً، فهذا ليس فيه مؤونة؛ لأن إيصال الماء إلى المكان ليس مؤونة، بل المؤونة تكون في نفس السقي، بأن يحتاج في إخراجه موؤنة، كأن يحتاج في سقيه إلى المكائن ونحوها " انتهى بتصرف.
وعلى هذا، فالواجب عليك هو العشر؛ وذلك لأن ما قمت به لا يعتبر من المؤونة أو الكلفة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2759)
زكاة الحبوب والثمار ومقدار النصاب فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي زكاة الحبوب والثمار، وما هو مقدار النصاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
تجب الزكاة في الحبوب والثمار بإجماع العلماء.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/294) : " أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ , وَالشَّعِيرِ , وَالتَّمْرِ , وَالزَّبِيبِ. قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ , وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ " انتهى.
ويدل على وجوب الزكاة في الحبوب والثمار قوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) الأنعام / 141.
والزكاة تجب في الحبوب والثمار فيما يكال ويدخر، سواء كان قوتاً أم لم يكن قوتاً؛ لما روى البخاري (1483) عن عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ) ، فالحديث عام في كل ما يخرج من الأرض سواء كان قوتاً أم لم يكن قوتا.
وروى مسلم (979) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ) ، فدل على اعتبار التوسيق، وهو معيار من معايير الكيل. أما الادخار، فلأن النعمة لا تكتمل إلا فيما يدخر، وذلك لأن نفعه باقٍ لمدة أطول.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (2/205) : " وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ ثَمَرٍ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ، كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/70) : " الحبوب والثمار تجب فيها الزكاة، بشرط أن تكون مكيلة مدخرة، فإن لم تكن كذلك، فلا زكاة فيها " انتهى.
ثانياً:
لا تجب الزكاة في الحبوب والثمار، إلا إذا بلغت نصاباً، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، والصاع أربعة أمداد، والمد حَفْنة بكفي الرجل المعتدل؛ لما رواه مسلم (979) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ) .
ويختلف قدر الزكاة الواجب إخراجها من الزروع والثمار باختلاف طريقة السقي.
فإن كان يُسقى بلا كلفة ولا مؤونة، كما لو سقي بماء المطر، أو العيون، ففيه العشر.
وإن كان يسقى بكلفة ومؤونة، كما لو احتاج آلة ترفع المياه ففيه نصف العشر.
ودليل ذلك حديث ابن عمر المتقدم: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ) .
قال الحافظ:
(عَثَرِيًّا) قَالَ الْخَطَّابِيّ: هُوَ الَّذِي يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْي.
(بِالنَّضْحِ) َالْمُرَاد بِهَا الإِبِل الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا , وَذَكَرَ الإِبِلَ كَالْمِثَالِ، وَإِلا فَالْبَقْر وَغَيْرهَا كَذَلِكَ فِي الْحُكْمِ اهـ. وهو يشبه السقي بالساقية الآن.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/77) : " والحكمة من ذلك: كثرة الإنفاق في الذي يسقى بمؤونة، وقلة الإنفاق في الذي يسقى بلا مؤونة، فراعى الشارع هذه المؤونة، والنفقة، وخفف على ما يسقى بمؤونة " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز (14/74) : " ما يسقى بالأمطار والأنهار والعيون الجارية من الحبوب والثمار كالتمر والزبيب والحنطة والشعير ففيه العشر، وما يسقى بالمكائن وغيرها ففيه نصف العشر " اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2760)
ليس في التين زكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب الزكاة في ثمرة التين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تجب الزكاة في الخضروات - مثل: الطماطم والخيار -، ولا في الفواكه - مثل: الرمان والتين والخوخ والبطيخ -؛ وذلك لأنها لا تكال ولا تدخر، إلا إذا كانت للتجارة فإنه يزكى ما حال عليه الحول من قيمتها إذا بلغت النصاب كسائر عروض التجارة.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ) رواه مسلم (979) .
الشاهد قوله: (ليس فيما دون خمسة أوساق) ، فدل على اعتبار التوسيق، وهو الكيل , فما لم يكن مكيلاً، فإنه لا زكاة فيه.
قال ابن قدامة في "المغني" (2/294) : " وَلَا زَكَاةَ فِي سَائِرِ الْفَوَاكِهِ , كَالْخَوْخِ , وَالْكُمَّثْرَى , وَالتُّفَّاحِ , وَالْمِشْمِشِ , وَالتِّينِ , وَالْجَوْزِ ".
وقال النووي في " المجموع" (5/435) : " َاتَّفَقَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي التِّينِ وَالتُّفَّاحِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالرُّمَّانِ , وَطَلْعِ فُحَّالِ النَّخْلِ وَالْخَوْخِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْمَوْزِ وَأَشْبَاهِهَا ".
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: " التين ليس فيه زكاة؛ لأنه من جملة الفواكه كالرمان والكمثرى، ونحوها، وليس مما يكال أو يدخر ".
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 233) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله " في فتاوى نور على الدرب ": هل في الزيتون أو الزيت زكاة وكذلك الرمان والتين لأننا نسكن في منطقة تكثر فيها الزراعة من هذه الأشجار؟ .
فأجاب: " هذه الأشجار ليس فيها زكاة، وإنما الزكاة في التمر والعنب. أما الزيتون، والرمان والبرتقال، والتفاح والأترج، فكلها ليس فيها زكاة، ولكن إذا باعها الإنسان وحصل على ثمن نقد فإنه إذا بقي عنده إلى تمام الحول وجب عليه الزكاة وتكون زكاة نقد لا زكاة ثمار " انتهى.
وبه أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (14 / 70) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2761)
زكاة العنب
[السُّؤَالُ]
ـ[العنب هل تجب فيه الزكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في العنب إذا بلغ النصاب، وهو خمسة أوسق (أي: 300 صاعٍ) ؛ لما روى البخاري (1405) ومسلم (979) عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ) .
فيخرج نصف العشر من العنب إذا كان السقي بكلفة، كأن يسقى العنب بالمكائن. أما إن كان السقي بدون كلفة كأن يسقى بالأمطار والأنهار فالواجب العشر كاملا.
قال النووي في " المجموع" (5 /440) : " لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ يَابِسُهُ نِصَابًا , وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقً ".
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: " إذا بلغ العنب نصابا وهو خمسة أوسق وجبت فيه الزكاة، فيخرج نصف العشر من العنب، وإذا باعه أخرج من ثمنه نصف العشر، هذا إذا كان السقي بكلفة، كالسقي بواسطة المكائن والسواني والرشاشات. أما إن كان السقي بدون كلفة كالسقي بالأمطار والأنهار فالواجب العشر كاملا " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (9 / 229) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2762)
زكاة القطن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في القطن زكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تجب الزكاة في القطن؛ لأنه لا يكال، فحكمه حكم الخضروات في عدم وجوب الزكاة فيه.
قال ابن قدامة " المغني " (2 / 296) : " َلَا زَكَاةَ فِي الْأَزْهَارِ , كَالزَّعْفَرَانِ , وَالْعُصْفُرِ , وَالْقُطْنِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَبٍّ وَلَا ثَمَرٍ , وَلَا هُوَ بِمَكِيلٍ , فَلَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ , كَالْخَضْرَاوَاتِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ فِي الْقُطْنِ شَيْءٌ ".
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: " لا تجب الزكاة في نبات القطن على الصحيح من أقوال العلماء، وهو قول جمهور أهل العلم في ذلك؛ لأن الأصل عدم الوجوب، ولم يثبت شرعا ما يخرج عن هذا الأصل " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء " (9 / 240) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في " فتاوى نور على الدرب ": هل في القطن زكاة؟ لأننا سمعنا بأن الزكاة في الحبوب والثمار فقط؟ .
فأجاب رحمه الله: " الزكاة في الحبوب والثمار فقط، وأما ما عدا ذلك من الخضروات والبطيخ والقطن وما أشبهه فلا زكاة فيه، لكن إذا أعده الإنسان للتجارة بعد أن يجنيه صار عروض تجارة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2763)
لا يضم جنس إلى جنس في تكميل النصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أرض فيها قمح وشعير، فهل تجب فيها الزكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في الحبوب والثمار، إذا بلغت النصاب، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، والصاع أربعة أمداد، والمد حَفْنة بكفي الرجل المعتدل؛ لما رواه مسلم (979) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ) .
والقمح والشعير من الأصناف التي تجب فيها الزكاة بإجماع العلماء، فإذا أنتجت الأرض ما يبلغ النصاب من القمح، أو الشعير وجبت عليك زكاته، فإذا كان محصول القمح والشعير لم يبلغ النصاب، ولكن إذا ضم أحدهما إلى الآخر بلغ النصاب، فلا تجب عليك الزكاة؛ لأنك لم تمتلك نصاباً من الشعير، ولا نصاباً من القمح.
وتفصيل ذلك: أن الحبوب والثمار من جهة ضم بعضها إلى بعض في تكميل النصاب لا تخلو من حالتين:
الحال الأولى: أن يكون الجنس واحداً، والنوع مختلفاً، فهذا يضم بعضه إلى بعض في تكميل النصاب، فيضم التمر السكري إلى التمر البرحي، وكذلك تضم أنواع القمح بعضها إلى بعض، وأنواع الزبيب بعضها إلى بعض، وهكذا.
ويدل على ضم الأنواع بعضها إلى بعض عموم حديث أبي سعيد الخدري السابق، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الزكاة في التمر مطلقاً، ومعلوم أن التمر يشمل أنواعاً ولم يأمر بفصل كل نوع عن الآخر.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/316) : َلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ , فِي أَنَّ أَنْوَاعَ الْأَجْنَاسِ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي إكْمَالِ النِّصَابِ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/73) : " وتضم الأنواع بعضها إلى بعض، فالسكري مثلاً يضم إلى البرحي، وهكذا، وكذلك في البر فالمعية، واللقيمى، والحنطة، والجريبا، يضم بعضها إلى بعض " انتهى.
الحال الثانية: أن يكون الجنس مختلفاً، فهذا لا يضم بعضه إلى بعض في تكميل النصاب، فلا يضم البر إلى الشعير، ولا التمر إلى الزبيب، ولا الأرز إلى البر في تكميل النصاب؛ لاختلاف الجنس، كما لا تضم البقر إلى الإبل أو الغنم؛ لأن الجنس مختلف.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/73) : " ولا يضم جنس إلى آخر، فلو كان عند الإنسان مزرعة نصفها شعير، ونصفها بر، وكل واحد نصف النصاب، فإنه لا يضم بعضه إلى بعض؛ لاختلاف الجنس، كما لا تضم البقر إلى الإبل أو الغنم؛ لأن الجنس مختلف " انتهى بتصرف.
فعلى هذا، فما بلغ النصاب عندك من محصول القمح أو الشعير وجب عليك إخراج زكاته، وما لم يبلغ النصاب، فلا زكاة فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2764)
التحايل على الدولة بشراء مزرعة وتسجيل قيمتها بأقل من ثمنها وزكاة ثمارها
[السُّؤَالُ]
ـ[في العام الماضي اشترى والدي مزرعة من أحد الأشخاص لكنه أمرني أن أذهب أنا مع البائع إلى الحكومة لتسجيل عقد البيع على أساس أن أكون المشتري، ولتكون المزرعة باسمي؛ وذلك لأنه يود الحصول على مزرعة أخرى كان قدَّم عليها لدى الدولة باسمه؛ حيث أنهم كانوا سيلغون طلبه لتلك المزرعة لو أن المزرعة التي لدينا الآن كانت باسمه، فهو يريد الآن أن يمتلك مزرعتين! عندما ذهبنا أنا والبائع إلى الحكومة قلت إنني دفعت له مبلغاً معيَّناً وهو المبلغ الذي قال لي أبي أن أقول إنني دفعته، ولكن في الواقع ذلك لم يكن هو المبلغ الذي استلمه صاحب المزرعة السابق، بل استلم مبلغاً أكبر، فالدولة تطلب من مشتري المزرعة أن يدفع قيمة مالية إضافية إجبارية للحكومة على حسب المبلغ الذي دفعه المشتري للبائع، وكلما كانت قيمة المزرعة أكبر كان تلك القيمة المالية أعلى (لا أذكر لم هي تلك القيمة المالية، لكني أظنها تأميناً) ، لذلك فإن والدي أراد إخفاء السعر الحقيقي الذي بيعت به المزرعة حتى يدفع مبلغاً أقل. فهل يجوز ما فعله أبي؟ وهل يجوز ما فعلته أنا عندما كذبت بشأن سعر المزرعة؟ . وهذه المزرعة ممنوعة من التسويق من قبل الدولة، فهل تجب عليها الزكاة حتى وإن لم تكن منتجاتها ستباع وتشترى؟ إذا كان الجواب بنعم تجب الزكاة: فمن المسئول عن دفع الزكاة هل هو أنا أم والدي؛ لأن المزرعة مكتوبة باسمي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
حكم تسجيلك للمزرعة التي دفع والدك ثمنها باسمك يختلف باختلاف السبب الدافع لهذا الأمر، فإن فعلتما ذلك من أجل دفع ضر عنكم، مثل أن يوجد قانون جائر يمنع مِن تملك أكثر من مزرعة: فيجوز لكم فعل ذلك، ولا حرج في تسجيل المزرعة المشتراة باسمك أو باسم غيرك، وأما إن كان هذا الفعل منكما من أجل الحصول على منفعة ليست من حقكم، مثل أن تَشترط الدولة للحصول على مزرعة عن طريقها هبةً أو بسعرٍ مخفَّض: عدم وجود مزرعة عند المتقدم بالطلب: فهذا الفعل منكما حرام، وهو من أكل أموال الناس بالباطل.
وإذا أردتم إصلاح الوضع - إن كان الأمر على الصورة الثانية -: فيمكنك أن تشتري المزرعة أنت شراءً حقيقيّاً من والدك، وتكون لك، أو أنكم تبيعونها، ويرجع الأمر كما كان، وهو أن والدك لا يملك مزرعة.
ثانياً:
وأما حكم الكذب في الإخبار عن حقيقة ثمن المزرعة من أجل توفير الرسوم الضريبية: فإن هذا الأمر جائز؛ لأن أخذ أموال الناس عن طريق الجمارك أو الضرائب من المحرمات، ولا حرج على المسلم إذا سعى في إنقاذ ماله من ذلك، لكن كلما أمكن التعريض والكلام المحتمل فهو أولى من الكذب.
قال ابن حزم رحمه الله:
"واتفقوا أن المراصد الموضوعة للمغارم [أي الضرائب] على الطرق، وعند أبواب المدن، وما يؤخذ في الأسواق من المكوس على السلع المجلوبة من المارة، والتجار: ظلم عظيم، وحرام، وفسق " انتهى.
" مراتب الإجماع " (ص 121) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عند ذِكر ما يأخذه الإمام:
"ونوع يحرم أخذه بالإجماع ... كالمكوس التي لا يسوغ وضعها اتفاقا" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (28 / 278) .
وليست هذه من حقوق السلطان، بل من سمَّاها حقّاً فإنه يقع في إثم عظيم.
قال النووي رحمه الله:
"مما يتأكد النهيُ عنه والتحذيرُ منه: ما يقولُه العوامّ وأشباهُهم في هذه المكوس التي تُؤخذُ ممن يبيع أو يشتري ونحوهما فإنهم يقولون: هذا حقّ السلطان، أو عليك حقّ السلطان، ونحو ذلك من العبارات المشتملة على تسميته حقّاً أو لازماً ونحو ذلك، وهذا من أشدّ المنكرات، وأشنع المستحدثات حتى قال بعضُ العلماء: من سمَّى هذا حقّاً فهو كافرٌ خارجٌ عن ملّة الإِسلام! والصحيحُ: أنه لا يكفرُ، إلا إذا اعتقده حقّاً مع علمه بأنه ظلم، فالصوابُ أن يُقال فيه المَكسُ، أو ضريبةُ السلطان، أو نحو ذلك من العبارات" انتهى.
" الأذكار " (ص 369) .
وانظر أجوبة الأسئلة (39461) و (25758) و (42563) .
وأما إن كان المستوفى من معاملات البيع والشراء هو رسوم عادية تتعلق بخدمات تؤدى للبائع أو المشتري أو لكليهما: فلا يجوز التهرب منها بحال، بل يصبح هذا حقّاً للآخذ لا يجوز التحايل عليه، والتهرب من دفع ما له من حق.
ثالثاً:
وفيما يتعلق بسؤالك عن زكاة ما يخرج من المزرعة: فاعلم أن الزكاة واجبة على صاحب المزرعة الحقيقي، وهو هنا والدك.
ولا يشترط لوجوب الزكاة في الزروع والثمار أن تكون للبيع بل تجب فيها الزكاة ولو كانت من أجل أن يأكل منها صاحبها وأولاده وأهله.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
عندي في منزلي خمس نخلات، وكلها مثمرة، هل في ثمارها زكاة؟ وما مقدارها؟ .
فأجاب:
"هذه مسألة في الحقيقة السؤال عنها جيد، كثير من الناس عندهم بيوت فيها نخل، والنخل تكون ثمارها بالغة للنصاب، ومع ذلك لا يزكونه؛ لأنهم يظنون أن الزكاة تجب في الحوائط الكبيرة، أما النخلات التي في البيت: فيظن كثير من الناس أنه ليس فيها زكاة، ولكن الأمر ليس كذلك، بل نقول: إذا كان في بيتك نخل وعندك بستان آخر، وكانت النخل الموجودة في البيت لا تبلغ النصاب: فإنها تضم إلى النخل الذي في البستان.
أما إذا لم يكن عندك بستان: فإننا ننظر في النخل الذي في البيت، إن كان يبلغ النصاب: وجبت الزكاة، وإن كان لا يبلغ النصاب: فلا زكاة فيه.
والنصاب ثلاثمائة صاع، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ... .
الخلاصة: أن النخل الذي في البيت إن كان مالك البيت عنده بستان فيه نخل: فإن ثمرة النخل الذي في البيت تضم إلى ثمرة النخل الذي في البستان، فإذا بلغ مجموعها نصاباً: وجب إخراج الزكاة.
وإن لم يكن له بستان: فإننا نعتبر النخل الذي في البيت بنفسه، ونقول: إذا بلغت ثمرتها نصاباً: وجب فيها الزكاة، وإلا فلا.
والزكاة نصف العشر فيما يسقى بمؤونة، والعشر كاملاً فيما يسقى بلا مؤونة" انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (18 / السؤال رقم 39) .
ووقع خلاف بين العلماء في الزرع الذي يُزكى، وما رجحناه في موقعنا هو أن الزكاة تجب في الثمر الذي يكال ويدخر، وانظر ذلك في جواب السؤال رقم (3593) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2765)
زكاة النخيل الموجودة في البيوت
[السُّؤَالُ]
ـ[كثير من البيوت يوجد بها نخيل، وفيه ثمر قد يصل إلى حد النصاب وقد يتعداه، فهل تجب فيها الزكاة؟ وإن كان يهدى منها ويؤكل فهل يجزئ ذلك عن الزكاة أم لا؟ وما مقدار الزكاة إن وجدت؟ وما مقدار النصاب؟ وإذا كانت فسائلها تباع فهل فيها زكاة؟ وإذا كان النخيل يغرس بقصد بيع الفسائل (الفراخة) فهل فيها زكاة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
النخيل التي في البيوت تجب الزكاة في ثمرها إذا بلغت نصابا لقول الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض "، وهذه مما أخرج الله لنا من الأرض فتجب فيها الزكاة سواء كانت تهدى بعد خرفها أو تؤكل أو تباع.
وإذا لم تبلغ النصاب فلا زكاة فيها لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة " والوسق الواحد ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومقدار صاع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كيلوان اثنان وأربعون غراما فيكون النصاب ستمائة واثني عشر كيلو (612) ، والمعتبر في هذا الوزن بالبر (القمح) الجيد؛ فتزن من البر الجيد ما يبلغ كيلوين اثنين وأربعين غراما ثم تضعه في مكيال يكون بقدره من غير زيادة ولا نقص فهذا هو الصاع النبوي يقاس به كيلا ما سوى البر.
ومن المعلوم أن الأشياء المكيلة تختلف في الوزن خفة وثقلا، فإذا كانت ثقيلة فلا بد من زيادة الوزن حسب الثقل.
ومقدار الزكاة نصف العشر لأنها تسقى بالماء المستخرج من الآبار أو من البحر لكن بمؤونة إخراج وتحلية وتصفية وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر " رواه البخاري.
وليس في الفسائل زكاة ولكن إذا بيعت بالدراهم وحال على ثمنها الحول وجبت زكاته.
وليس في النخيل التي تغرس لبيع الفسائل زكاة، كما أن النخيل التي تغرس لقصد بيع ثمرتها ليس فيها زكاة، وما بيع من ثمر النخل التي في البيوت تخرج زكاته من قيمته، وما أكل رطبا تخرج زكاته رطبا من النوع المتوسط إذا كان كثيرا في النخل، وما بقي حتى يتمر تخرج زكاته تمرا. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله. مجلة الدعوة العدد 1752 ص 37.(5/2766)
زكاة التمر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي نخل، وأجني التمر وأبيعه في السوق، فكم نسبة الزكاة فيه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أجمع العلماء على وجوب الزكاة في التمر. ولا تجب فيه الزكاة إلا إذا بلغ نصاباً، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، والصاع أربعة أمداد، والمد حَفْنة بكفي الرجل المعتدل.
انظر: المغني (4/154) .
ودليل ذلك من السنة ما رواه مسلم (979) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ) .
ثانياً:
يختلف قدر الزكاة الواجب إخراجها من الزروع والثمار باختلاف طريقة السقي.
فإن كان يُسقى بدون كلفة ولا مؤنة كما لو سقي بماء المطر أو العيون أو كان قريبا من الماء بحيث يشرب بعروقه ففيه العشر.
وإن كان يسقى بكلفة ومؤنة كما لو احتاج آلة ترفع المياه ففيه نصف العشر.
وهذا قول الأئمة الأربعة، بل قال ابن قدامة في "المغني" (4/164-166) : لا نعلم فيه خلافاً اهـ.
ومعنى الكلفة أن يحتاج في ترقية الماء إلى الأرض إلى آلة. قاله في المغني (4/166) .
ودليل ذلك ما رواه البخاري (1438) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ) .
قال الحافظ:
(عَثَرِيًّا) قَالَ الْخَطَّابِيّ: هُوَ الَّذِي يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْي.
(بِالنَّضْحِ) أَيْ: بِالسَّانِيَةِ , وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِم وَالْمُرَاد بِهَا الإِبِل الَّتِي يُسْتَقَى عَلَيْهَا , وَذَكَرَ الإِبِلَ كَالْمِثَالِ وَإِلا فَالْبَقْر وَغَيْرهَا كَذَلِكَ فِي الْحُكْمِ اهـ.
وقال الشيخ ابن باز (14/74) :
" ما يسقى بالأمطار والأنهار والعيون الجارية من الحبوب والثمار كالتمر والزبيب والحنطة والشعير ففيه العشر، وما يسقى بالمكائن وغيرها ففيه نصف العشر " اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/176) :
" ويجب العشر فيما سقي بغير مؤونة كالغيث والسيوح وما يشرب بعروقه، ونصف العشر فيما سقي بكلفة كالمكائن، فإن كان يسقى نصف السنة بهذا ونصفها بهذا ففيه ثلاثة أرباع العشر، وإن سقي بأحدهما أكثر من الآخر اعتبر الأكثر، فإن جهل المقدار وجب العشر " اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2767)
لا تجب الزكاة إذا زال ملك النصاب قبل تمام الحول
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص اشترى عدد (64) رأساً من الغنم من والدته وانتقلت ملكيتها له ولم يبق سوى شهر ويدور الحول عليها ليتم إخراج زكاتها وهي عند والدته، ويسأل عن الزكاة هل يخرج زكاتها؟ أو هل تجب الزكاة فيها حيث لم يمض على شرائه لها إلا أيام قليلة، ولم يبق من دور الحول عليها وهي عند والدته إلا شهر واحد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في الغنم إذا بلغت نصاباً – وهو: أربعون شاة – ومضى على النصاب حول كامل وهو في ملكك؛ لحديث ابن ماجة (1792) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ) صححه الألباني في "إرواء الغليل" برقم (787) .
ومرور الحول شرط في وجوب زكاة الذهب والفضة والنقود وبهيمة الأنعام.
فإذا زال الملك قبل تمام الحول، إما بتلف المال، أو بيعه، أو هبته، ونحو ذلك، فإن الزكاة لا تجب فيه.
فعلى هذا، لا تجب الزكاة على والدتك؛ لأنه زال ملكها عن الأغنام قبل تمام الحول، ولا تجب الزكاة عليك في تلك الأغنام التي اشتريتها حتى تمضي سنة كاملة عليها من وقت ملكك لها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2768)
لا زكاة في الطيور
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا في البيت طيور نطعهما ونربيها، فهل فيها زكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجب الزكاة في بهيمة الأنعام (الإبل، البقر، الغنم) ، وذلك إذا بلغت نصابا وكانت سائمة، أي ترعى وتأكل مما في الأرض من نباتات، ولا يتكلف صاحبها شراء علف لها.
وانظر جواب السؤال رقم (40156) .
أما غيرها من الحيوانات، فلا تجب فيها الزكاة، إلا إذا كانت معدة للتجارة.
فإذا كانت هذه الطيور تربى للتجارة والتكسب فتجب الزكاة في قيمتها في نهاية الحول، وإذا كانت تربى لغرض أخر غير التجارة، فلا زكاة فيها.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: يقوم بعض الناس بتربية الطيور، فهل عليهم زكاة؟
فأجاب: " الذين يربون الطيور إذا كانوا يريدون التجارة، فعليهم الزكاة؛ لأنها عروض التجارة – أي: أن الإنسان يبيع ويشتري فيها فيتكسب -.
أما إذا كانوا يريدون التنمية يأكلونها أو يبيعون منها ما زاد عن حاجتهم، فلا زكاة عليهم؛ لأن الزكاة لا تجب في الحيوان إلا في ثلاثة أصناف: الإبل، والبقر والغنم فقط، بشروطها المعروفة " انتهى بتصرف.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/54) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2769)
هل يخرج من زكاة الإبل بعيراً بدلاً من الشاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي خمس من الإبل، فهل يجوز لي أن أخرج في الزكاة بعيراً بدلاً من الشاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب في زكاة خمس من الإبل شاة واحدة؛ لما روى البخاري (1454) من حديث أبي بكر رضي الله عنه، وفيه: (فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ) .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/348) : " أَوَّلُ نِصَابِ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَفَرْضُهُ شَاةٌ , وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ , وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ " انتهى.
وقد اختلف العلماء هل يجزئ إخراج البعير مكان الشاة في زكاة الخمس من الإبل؟
والصحيح أنه يجزئ، وهو مذهب الحنفية والشافعية؛ لأن الشرع إنما أوجب الغنم في زكاة الإبل فيما دون الخمس والعشرين تخفيفاً على المالك، فإذا اختار المالك دفع الأفضل، فلا حرج عليه من ذلك، بل يؤجر على تبرعه بأكثر مما وجب عليه.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/361) : " قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَالْأَصْحَابُ: إذَا مَلَكَ مِنْ الْإِبِلِ دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَوَاجِبُهَا الشَّاةُ كَمَا سَبَقَ , فَإِنْ أَخْرَجَ بَعِيرًا أَجْزَأَهُ. هَذَا مَذْهَبُنَا، وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْبَعِيرَ يُجْزِئُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَمَا دُونَهَا أَوْلَى ; لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ تَجِبَ الزكاة مِنْ جِنْسِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ رِفْقًا بِالْمَالِكِ، فَإِذَا تَكَلَّفَ الْأَصْلَ أَجْزَأَهُ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/53) : " قال بعض العلماء: لا يجزئ فيما دون خمس وعشرين بعير، ولو كبيراً؛ لحديث أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ الذي كتبه قال: (وفيما دونها الغنم في كل خمس شاة) أي: فيما دون خمس وعشرين، في كل خمس شاة.
وقال بعض العلماء: إذا كانت تجزئ بنت المخاض في خمس وعشرين، فإجزاؤها فيما دون ذلك من باب أولى، والشريعة لا تفرق بين متماثلين، والشارع أسقط الإبل فيما دون خمس وعشرين رفقاً بالمالك، وهذا هو الصحيح؛ لأن كل أحد يعلم أن الشريعة الكاملة المبنية على الدلالة النقلية والعقلية لا يمكن أن تقول: من عنده خمس وعشرون من الإبل، وأخرج بنت مخاض أجزأته، ومن عنده عشرون من الإبل وأخرج بنت مخاض لم تجزئه " انتهى بتصرف.
وبنت المخاض: هي الناقة التي أتمت سنة، ودخلت في السنة الثانية.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2770)
لا زكاة في الخيل والحمير إلا إذا كانت للتجارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في الخيل والحمير زكاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحيوانات التي تجب فيها الزكاة هي بهيمة الأنعام:
1-الإبل.
2-البقر.
3- الغنم وتشمل الضأن والماعز.
وذلك إذا بلغت نصابا وكانت سائمة، أي ترعى وتأكل مما في الأرض من نباتات، ولا يتكلف صاحبها شراء علف لها. وانظر جواب السؤال رقم (93387) ، (40156) .
أما غيرها من الحيوانات فلا تجب فيها الزكاة إلا إذا كانت معدة للتجارة.
قال النووي في " المجموع " (5 / 311) : " أجمع المسلمون على وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم، وأما الخيل والبغال والحمير والمتولد بين الغنم والظباء , فلا زكاة فيها , وهذا إذا لم تكن للتجارة , فإن كانت لها وجبت زكاتها؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) " انتهى كلامه بتصرف.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: يلجأ بعض الناس ممن أفاء الله عليهم بنعمة المال إلى اقتناء الخيول الأصلية باهظة الثمن التي يصل ثمن الواحد منها آلاف الدنانير، من أجل إشراكها في السباقات بهدف الحصول على الجوائز التي تخصص لذلك، والسؤال: هذه الخيل ونتاجها، هل تجب فيها الزكاة وما هو النصاب ومقدار الواجب فيها؟ .
فأجابوا: " إذا كان الواقع ما ذكر من أنها تشترى للاقتناء لا للبيع فلا زكاة فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس على الرجل في فرسه ولا عبده صدقة) متفق على صحته " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء " (9 / 216) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2771)
الحيوانات التي تجب فيها الزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحيوانات التي تجب فيها الزكاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحيوانات التي تجب فيها الزكاة هي بهيمة الأنعام:
1-الإبل.
2-البقر ومنه (الجاموس) .
3- الغنم وتشمل الضأن والماعز.
وذلك إذا بلغت نصابا وكانت سائمة، أي ترعى وتأكل مما في الأرض من نباتات، ولا يتكلف صاحبها شراء علف لها. وانظر جواب السؤال رقم (40156) .
أما غيرها من الحيوانات فلا تجب فيها الزكاة إلا إذا كانت معدة للتجارة، فإنه يزكيها زكاة التجارة، كمن يتاجر في النعام أو البط والدجاج أو الخيول ونحو ذلك.
وإذا كانت بهيمة الأنعام مما تُعلف، لكن يتجر فيها صاحبها، فإنه يزكيها زكاة التجارة، فيقوّمها في نهاية الحول ويخرج من قيمتها ربع العشر.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/250) : " أجمع الفقهاء على أن الإبل والبقر والغنم هي من الأصناف التي تجب فيها الزكاة , واستدلوا لذلك بأحاديث كثيرة , وفي الخيل خلاف , وأما البغال والحمير وغيرها من أصناف الحيوان فليس فيها زكاة ما لم تكن للتجارة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2772)
لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى كل الحول أو أكثره
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي إبل وغنم ترعى في بعض العام وأقوم بعلفها في بعضه، فهل فيها زكاة أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال (40156) أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت سائمة، ومعنى السوم أنها ترعى كل السنة أو أكثرها، أما إذا كانت تُعلف نصف السنة أو أكثر فلا زكاة فيها.
قال ابن قدامة في "المغني":
مَذْهَب إمَامِنَا (يعني الإمام أحمد) وَمَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ سَائِمَةً أَكْثَرَ السَّنَةِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ لَمْ تَكُنْ سَائِمَةً فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ فَلا زَكَاةَ فِيهَا ; لأَنَّ السَّوْمَ شَرْطٌ فِي الزَّكَاة، فَاعْتُبِرَ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ. وَلَنَا عُمُومُ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي نُصُبِ الْمَاشِيَةِ , وَاسْمُ السَّوْمِ لا يَزُولُ بِالْعَلْفِ الْيَسِيرِ , فَلا يَمْنَعُ دُخُولَهَا فِي الْخَبَرِ , وَلأَنَّ الْعَلْفَ الْيَسِيرَ لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ فَاعْتِبَارُهُ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ باختصار.
" لأَنَّ أَصْحَابَ السَّوَائِمِ لا يَجِدُونَ بُدًّا مِنْ أَنْ يَعْلِفُوا سَوَائِمَهُمْ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ كَأَيَّامِ الْبَرْدِ وَالثَّلْجِ" اهـ. من الموسوعة الفقهية (23/250) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عَنْ رَجُلٍ لَهُ جِمَالٌ وَيَشْتَرِي لَهَا أَيَّامَ الرَّعْيِ مَرْعًى هَلْ فِيهَا زَكَاةٌ؟
فَأَجَابَ: إذَا كَانَتْ رَاعِيَةً أَكْثَرَ الْعَامِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةً فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا هَذَا أَظْهَرُ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ اهـ. "مجموع الفتاوى" (25/48) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله:
رجل عنده مائة من الإبل لكن أغلب السنة يعلفها، فهل فيها الزكاة؟
فأجاب:
"إذا كانت الماشية من الإبل أو البقر أو الغنم ليست سائمة جميع الحول أو أكثره فإنها لا تجب فيها الزكاة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شرط في وجوب الزكاة فيها أن تكون سائمة، فإذا أعلفها صاحبها غالب الحول أو نصف الحول فلا زكاة فيها إلا أن تكون للتجارة فإنها تجب فيها زكاة التجارة، وتكون بذلك من عروض التجارة كالأراضي المعدة للبيع والسيارات ونحوها، إذا بلغت قيمة الموجود منها نصاب الذهب أو الفضة " اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الزكاة (49) :
"المواشي التي تعلف نصف السنة كاملا ليس فيها زكاة، وذلك لأن زكاة المواشي لا تجب إلا إذا كانت سائمة، والسائمة هي التي ترعى مما أنبته الله في الأرض السنة كاملة أو أكثر السنة، وأما ما يعلف بعض السنة أو نصف السنة فإنه لا زكاة فيه، إلا إذا كانت معدة للتجارة، فهذه لها حكم زكاة العروض، وإذا كانت كذلك فإن فيها الزكاة حيث تقدر كل سنة بما تساوي، ثم يخرج ربع عشر قيمتها، أي اثنين ونصف في المائة من قيمتها" اهـ.
وقال في الشرح الممتع (6/32) :
"فإذا كان عند الإنسان إبل ترعى خمسة أشهر، ويعلفها سبعة أشهر فلا زكاة فيها،
وإذا كانت ترعى ستة أشهر ويعلفها ستة أشهر فلا زكاة فيها،
وإذا كانت ترعى كل الحول ففيها الزكاة.
وإذا كانت ترعى سبعة أشهر ويعلفها خمسة ففيها الزكاة" اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/214) :
"تجب الزكاة في سائمة الغنم. . إذا كانت سائمة جميع الحول أو أكثره" اهـ باختصار.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2773)
لا زكاة في بهيمة الأنعام إلا إذا كانت ترعى الأعشاب من غير نفقة في علفها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأغنام التي لا ترعى بل يصرف عليها أعلاف ومصاريف شهرية هل عليها زكاة أم أن الزكاة على الأغنام التي ترعى الأعشاب والنباتات البرية دون وجود مصاريف أعلاف؟ آمل التوضيح.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد إلى أن الزكاة لا تجب في بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) إلا إذا كانت سائمة (أي ترعى النباتات البرية، ولا يعلفها صاحبها) ، فإن كانت تُعلف فلا زكاة فيها.
واستدلوا على ذلك بعدة أدلة، منها:
1- ما رواه البخاري (1454) عن أَنَس أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلا يُعْطِ. . . وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ. . . الحديث.
فقيد الغنم بالسوم فدل على أنه لا زكاة في غير السائمة.
2- ما رواه النسائي (2444) عن بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عن أَبِيه عَنْ جَدِّه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ. . . الحديث) . حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (791) .
فقيد الإبل بالسائمة فدل على أنه لا زكاة في غيرها.
وحكم البقر حكم الإبل والغنم.
انظر الشرح الممتع (5/33) .
قال النووي في "المجموع"
"وَهَذَا الْمَفْهُومُ الَّذِي فِي التَّقْيِيدِ بِالسَّائِمَةِ حُجَّةٌ عِنْدَنَا , وَالسَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَرْعَى وَلَيْسَتْ مَعْلُوفَةً , وَالسَّوْمُ الرَّعْيُ" اهـ.
قال ابن قدامة في "المغني":
وَفِي ذِكْرِ السَّائِمَةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْمَعْلُوفَةِ، فَإِنَّهُ لا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ اهـ.
وذهب مالك إلى وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام مطلقا سائمة وغير سائمة، واستدل على ذلك بأنه ورد في بعض الأحاديث لفظ الإبل مطلقاً ولم يقيد بالسائمة، كما في كتاب أبي بكر لأنس رضي الله عنهما: (فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الإِبِلِ فَمَا دُونَهَا في كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ) .
وأجاب الجمهور عن هذا الاستدلال بأن هذا الحديث مطلق، والأحاديث الأخرى مقيدة بالسوم، والقاعدة في هذا أن يحمل المطلق على المقيد.
وأيدوا هذا بقولهم:
وصف النماء والتكاثر والزيادة معتبر في زكاة بهيمة الأنعام، والنماء ظاهر في السائمة فإنها لا كلفة في تربيتها، أما المعلوفة فلها كلفة في تربيتها وقد يستغرق علفها نماءها، فكان من حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أن أسقط الزكاة فيها إلا أن تكون معدة للتجارة كمشروعات التسمين التي تشترى فيها الماشية ثم تُعلف وتباع ففيها زكاة التجارة.
انظر المغني (4/12) ، الموسوعة الفقهية (23/250) .
ولمعرفة كيفية حساب زكاة التجارة راجع السؤال رقم (10823)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (32/32) :
وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: (فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ) مَوْضِعُ خِلافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ لأَنَّ السَّائِمَةَ هِيَ الَّتِي تَرْعَى. فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الإِبِلَ الْعَوَامِلَ وَالْبَقَرَ الْعَوَامِلَ وَالْكِبَاشَ الْمَعْلُوفَةَ فِيهَا الزَّكَاةُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ غَيْرَهُمَا. وَأَمَّا الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَةَ وَكَذَلِكَ الثَّوْرِيُّ والأوزاعي وَغَيْرُهُمْ: فَلا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَهُمْ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ. وَكَتَبَ بِهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) فَقَيَّدَهُ بِالسَّائِمَةِ، وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ اهـ..
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/205) :
"من شرط وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم أن تكون سائمة وهي الراعية" اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2774)
كيف تمثَّل الشيطان للكفار في غزوة بدر وهو مصفَّد وهي في رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن الشيطان كان حاضراً معركة "بدر"، وهذه الغزوة كانت في رمضان، لماذا لم يكن الشيطان مصفَّداً في ذلك الوقت؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اشتهر في كتب التفسير والسيرة أن الشيطان كان حاضراً معركة "بدر"، وأنه تشكَّل على صورة "سراقة بن مالك"، ويُذكر ذلك في تفسير قوله تعالى: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الأنفال/48.
ولكن ذلك لم يثبت بإسنادٍ صحيح إلى النبي صلى الله عليه وسلم، بل روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي إسناده نظر؛ فهو من رواية علي بن أبي طلحة عنه.
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ إِبْلِيسُ يَوْمَ بَدْرٍ فِي جُنْدٍ مِنَ الشَّيَاطِينِ مَعَهُ رَأَيْتُهُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ فِي صُورَةِ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، فَقَالَ الشَّيْطَانُ لِلْمُشْرِكِينَ: لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ، فَلَمَّا اصْطَفَّ النَّاسُ، أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ، فَرَمَى بِهَا فِي وُجُوهِ الْمُشْرِكِينَ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ. وَأَقْبَلَ جِبْرِيلُ إِلَى إِبْلِيسَ، فَلَمَّا رَآهُ، وَكَانَتْ يَدُهُ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، انْتَزَعَ إِبْلِيسُ يَدَهُ، فَوَلَّى مُدْبِرًا هُوَ وَشِيعَتُهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا سُرَاقَةُ تَزْعُمُ أَنَّكَ لَنَا جَارٌ؟ قَالَ: (إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ) وَذَلِكَ حِينَ رَأَى الْمَلاَئِكَةَ.
رواه الطبري في "تفسيره" (13/7) .
وقد روى الطبراني في "المعجم الكبير" (5/47) عن رفاعة بن رافع الأنصاري نحو رواية ابن عباس، وإسناده ضعيف؛ فيه "عبد العزيز بن عمران"، وهو ضعيف، وقد ضعفه الهيثمي بسببه في "مجمع الزوائد" (6/82) .
ولعله مما يقوِّي معنى ما في الأثرين: حديثٌ مرسل، رواه مالك في "الموطأ" (944) عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا رُئِيَ إِبْلِيسُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَغْيَظُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَذَلِكَ مِمَّا يَرَى مِنْ تَنْزِيلِ الرَّحْمَةِ وَالْعَفْوِ عَنِ الذُّنُوبِ، إِلاَّ مَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلاَئِكَةَ.
وقوله: (يزع الملائكة) أي: يرتبهم، ويسويهم، ويصفهم للحرب.
فهذه القصة ـ لتعدد طرق ورودها ـ يحتمل أن تكون صحيحة مقبولة.
وأما الجواب عن الإشكال الذي ذكره السائل، فمن وجوه، منها:
1. أن المتشكل بصورة " سراقة " هو شيطان من الشياطين، وأما المصفَّد فهم المردة منهم.
روى النسائي (2108) عن عتبة بن فرقد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (في رَمَضَانَ تُفْتَحُ فيه أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فيه أَبْوَابُ النَّارِ وَيُصَفَّدُ فِيهِ كُلُّ شَيْطَانٍ مَرِيد) وصححه الألباني في "صحيح النسائي".
وروى ابن خزيمة في "صحيحه" (3/188) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا كَانَ أَوُّل لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَان صُفِّدَتْ الشَّيَاطِين مَرَدُةُ الجِنِّ) ، وبوَّب عليه الإمام ابن خزيمة بقوله: "باب ذكر البيان أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أراد بقوله: (وصفدت الشياطين) مردة الجن منهم، لا جميع الشياطين؛ إذ اسم الشياطين قد يقع على بعضهم ".
2. أنه لا يمكن الجزم بأن ما قاله صلى الله عليه وسلم من تصفيد الشياطين أنه كان في أول تشريع الصوم، وقد شرع صوم رمضان في السنة الأولى من الهجرة، وكانت غزوة بدر في السنة الثانية، فقد يكون ذلك بعد غزوة بدر.
3. أن تصفيد الشياطين: إنما هو في حق المؤمنين الصائمين، دون الكفار.
قال أبو العباس القرطبي رحمه الله:
إنما تُغلُّ عن الصائمين الصوْم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه.
"شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك" (3/137) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
والمصفَّد من الشياطين قد يؤذي، لكن هذا أقل وأضعف مما يكون فى غير رمضان، فهو بحسب كمال الصوم ونقصه، فمن كان صومه كاملاً: دفعَ الشيطانَ دفعاً لا يدفعه دفع الصوم الناقص.
"مجموع الفتاوى" (25/246) .
فتبين من هذا أنه لا إشكال في مجيء الشيطان للمشركين قبيل بدء القتال في غزوة بدر.
وانظر لمزيد الفائدة جوابي السؤالين: (39736) و (12653) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2775)
هل يجوز للمعتكف أن يخرج من المسجد لإيقاظ أهله للسحور ثم يعود؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا خرج المعتكف من معتكفه لإيقاظ أهله للسحور وذلك لعدم وجود أحد بالمنزل، هل يعتبر ذلك مخالفاً لشروط الاعتكاف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"من دخل في الاعتكاف فإنه لا يخرج من معتكفه أثناء اعتكافه إلا لما لابد منه؛ لقضاء حوائجه الضرورية من إتيانه بمأكل ومشرب إذا لم يوجد من يأتيه بهما، وقضاء حاجته إن لم يكن في المسجد دورات مياه، ولا بأس بخروجه وقت السحور لإيقاظ أهله لإصلاح السحور وقت السحور، وليتهيئوا لصلاة الفجر إذا لم يستطيعوا الاستيقاظ من النوم بأنفسهم، ولم يوجد من يقوم بإيقاظهم؛ لأن ذلك من التواصي على الخير وأمرهم بالمعروف، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لكن لا يجلس في البيت بعد أن يوقظ أهله ويرجع لمعتكفه في المسجد.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ صالح الفوزان.. الشيخ بكر أبو زيد.
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/320)(5/2776)
الصيام إلى غروب الشمس وليس كما يقول بعض الشيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن موضوع الصيام والإفطار، تحدثت مع جاراتي من المذهب الشيعي، فقرؤوا آية كريمة فيها أن الصيام من الخيط الأبيض إلى الليل، وليس إلى غروب الشمس فقط. هذا ما قالوه لي، أرجو الإفادة، وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وقت الصيام الذي أجمع عليه المسلمون، والذي استمر من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، إلى يومنا هذا: يبدأ من طلوع الفجر الصادق، وينتهي بمغيب قرص الشمس كاملا خلف الأفق، دل على ذلك الكتاب، والسنة، وإجماع المسلمين القطعي.
قال الله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187، والليل في لغة العرب يبدأ من غروب الشمس.
جاء في "القاموس المحيط" (1364) : "اللَّيْلُ: من مَغْرِبِ الشمسِ إلى طُلوعِ الفَجْرِ الصادِقِ أو الشمسِ" انتهى.
وجاء في "لسان العرب" (11/607) : "اللَّيْلُ: عقيب النهار، ومَبْدَؤُه من غروب الشمس" انتهى.
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:
"وقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) يقتضي الإفطار عند غُرُوب الشمس حكمًا شرعيًا" انتهى.
"تفسير القرآن العظيم" (1/517) .
بل نبه بعض المفسرين إلى أن استعمال حرف الجر (إِلَى) في الآية يفيد التعجيل أيضا، لما تحمله دلالة هذا الحرف من انتهاء الغاية.
قال العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله:
" (إِلَى اللَّيْلِ) غاية اختير لها (إِلَى) للدلالة على تعجيل الفطر عند غروب الشمس؛ لأن (إِلَى) لا تمتد معها الغاية، بخلاف (حتى) ، فالمراد هنا مقارنة إتمام الصيام بالليل " انتهى.
"التحرير والتنوير" (2/181) .
ويؤكد ذلك كله ما جاء في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) رواه البخاري (1954) ومسلم (1100) .
فقرن في هذا الحديث بين إقبال الليل من جهة المشرق وسقوط قرص الشمس خلف الأفق، وهو أمر مشاهد، فإن الظلمة تبدأ في جهة الشرق بمجرد أن يغيب ضوء الشمس خلف الأفق.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"قوله: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا) أي: من جهة المشرق، والمراد به وجود الظلمة حسا، وذكر في هذا الحديث ثلاثة أمور؛ لأنها وإن كانت متلازمة في الأصل، لكنها قد تكون في الظاهر غير متلازمة، فقد يظن إقبال الليل من جهة المشرق ولا يكون إقباله حقيقة، بل لوجود أمر يغطي ضوء الشمس، وكذلك إدبار النهار، فمن ثَمَّ قيَدَّ بقوله: (وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ) ، إشارة إلى اشتراط تحقق الإقبال والإدبار، وأنهما بواسطة غروب الشمس لا بسبب آخر" انتهى.
"فتح الباري" (4/196) .
وقال النووي رحمه الله:
"قال العلماء: كل واحد من هذه الثلاثة يتضمن الآخرَيْن ويلازمهما، وإنما جمع بينها؛ لأنه قد يكون في وادٍ ونحوه، بحيث لا يشاهد غروب الشمس، فيعتمد إقبال الظلام وإدبار الضياء" انتهى.
"شرح مسلم" (7/209) .
وروى البخاري (1955) ومسلم (1101) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
(كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتْ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ: يَا فُلاَنُ! قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا – أي: اخلط السويق بالماء، وحركه كي نشربه - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَمْسَيْتَ. قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَلَوْ أَمْسَيْتَ. قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا. قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا. قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا. فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ، فَشَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمْ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"في الحديث استحباب تعجيل الفطر، وأنه لا يجب إمساك جزء من الليل مطلقا، بل متى تحقق غروب الشمس حل الفطر" انتهى.
"فتح الباري" (4/197) .
ثم إن في إجماع المسلمين على الفطر وتناول الطعام فور سماع أذان المؤذن لصلاة المغرب عند مغيب الشمس، دليلاً على أن هذا هو الحق، ومن خالف ذلك فقد اتبع غير سبيل المؤمنين، وابتدع ما ليس له به برهان ولا أثارة من علم.
قال النووي رحمه الله تعالى:
"المغرب تُعَجَّل عقب غروب الشمس، وهذا مجمع عليه، وقد حُكِيَ عن الشيعة فيه شيء لا التفات إليه، ولا أصل له" انتهى.
"شرح مسلم" (5/136) .
بل جاء في كثير من كتب الشيعة ما يوافق ما أجمع عليه المسلمون في هذه المسألة.
فقد روى بعضهم عن جعفر الصادق رحمه الله قوله: "إذا غابت الشمس فقد حل الإفطار ووجبت الصلاة" انتهى.
"من لا يحضره الفقيه" (1/142) ، "وسائل الشيعة" (7/90) .
ونقل البروجردي عن "صاحب الدعائم" قله: "روينا عن أهل البيت - صلوات الله عليهم أجمعين - بإجماع فيما علمناه من الرواة عنهم، أن دخول الليل الذي يحل الفطر للصائم هو غياب الشمس في أفق المغرب بلا حائل دونها يسترها من جبل أو حائط، ولا غير ذلك، فإن غاب القرص في الأفق فقد دخل الليل وحل الفطر" انتهى.
"جامع أحاديث الشيعة" (9/165) .
والحاصل: أن ما عليه بعض الشيعة الآن من تأخير صلاة المغرب، والإفطار في الصيام إلى ما بعد غروب الشمس بمدة، مخالف لما دل عليه القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، وإجماع المسلمين.
ثم هو مخالف لما نقلوه هم عن أئمتهم!
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2777)
جدته مريضة ولا تعي فهل يلزمها كفارة لعدم الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي مريضة لها تقريباً سنة ونصف، وهي لا تعي ولا تتكلم (بدون وعي) لا تطلب أكل، إلا إذا نحن أعطيناها الأكل أكلت، وأحيانا تعرف من يتحدث معها (وهو نادر) وهي لا تخبرنا بما تريده منا (لا تقول أريد الحمام الله يكرمكم) وحالتها أنها نائمة على السرير دون حراك، أبناؤها يساعدونها على الحراك، فأريد أن أستفسر بالنسبة للصيام والصلاة، هل نخرج عنها وهل علينا شيء في الفترة الماضية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من وصل إلى حد الخرف أو الهذرمة، وتغير عقله، وأصبح لا يعي، سقط عنه الصوم والصلاة، ولا كفارة عليه، لأن من شرط التكليف صحة العقل.
قال صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) رواه أبو داود (4403) والترمذي (1423) والنسائي (3432) وابن ماجه (2041) قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ فِيهِ: (وَالْخَرِفِ) .
والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال في "عون المعبود": " (الْخَرِف) : مِنْ الْخَرَف: فَسَاد الْعَقْل مِنْ الْكِبَر. وَالْمُرَاد بِهِ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي زَالَ عَقْله مِنْ كِبَر؛ فَإِنَّ الشَّيْخ الْكَبِير قَدْ يَعْرِض لَهُ اِخْتِلَاط عَقْل يَمْنَعهُ مِنْ التَّمْيِيز، وَيُخْرِجهُ عَنْ أَهْلِيَّة التَّكْلِيف، وَلَا يُسَمَّى جُنُونًا " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لا يجب الصوم أداءً إلا بشروط: أولها: العقل. الثاني: البلوغ. الثالث: الإسلام. الرابع: القدرة. الخامس: الإقامة. السادس: الخلو من الحيض والنفاس بالنسبة للنساء. - الأول: العقل، وضده فقد العقل، سواءً بجنون أو خرف يعني: هرم، أو حادث أزال عقله وشعوره، فهذا ليس عليه شيء؛ لفقد العقل، وعلى هذا فالكبير الذي وصل إلى حد الهذرمة ليس عليه صيام ولا إطعام؛ لأنه لا عقل له" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (220/4) .
وأما الفترة الماضية، فإن كانت على حالتها هذه لا تعي ولا تدرك، فلا صيام عليها ولا كفارة.
وإن كانت تعي وتدرك ولكن تركت الصيام لمرضها، فلها حالتان:
1- إن كانت في ذلك الوقت يرجى شفاؤها من مرضها، لكن امتد بها المرض، فلا شيء عليها، لأن الواجب عليها كان هو القضاء عند شفائها، ولم تشف.
2- وإن كانت في ذلك الوقت لا يرجى شفاؤها، فكان الواجب أن تخرج عن كل يوم كفارة، وهي طعام مسكين، نصف صاع من قوت البلد. فإذا لم تكن أخرجت فعليكم إخراجها الآن من مالها.
نسأل الله تعالى لها الشفاء والعافية ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2778)
لا حرج من الاستعانة بالأجهزة الحديثة لرؤية الهلال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل يجوز للمسلم أن يستعمل الآلات الحديثة لرؤية الهلال؟ أم يجب أن تكون الرؤية بالعين المجردة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءى الناس الهلال، وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه وفي قوة نظره، فإذا رأوه وجب العمل بمقتضى هذا الرؤية؛ صوماً إن كان الهلال هلال رمضان، وإفطاراً إن كان الهلال هلال شوال.
ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية إذا لم يكن رؤية، فإن كان هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) .
أما الحساب فإنه لا يجوز العمل به، ولا الاعتماد عليه.
وأما استعمال ما يسمى (بالدربيل) وهو المنظار المقرب في رؤية الهلال فلا بأس به، ولكن ليس بواجب، لأن الظاهر من السنة أن الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها. ولكن لو استعمل فرآه من يوثق به فإنه يعمل بهذه الرؤية. وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك لما كانوا يصعدون (المنائر) في ليلة الثلاثين من شعبان وليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا المنظار.
على كل حال متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) " انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 192، 193) .
وقد نقلنا فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في هذه المسألة في جواب السؤال رقم (1245) ومما جاء فيها: "تجوز الاستعانة بآلات الرصد في رؤية الهلال، ولا يجوز الاعتماد على العلوم الفلكية في إثبات بدء شهر رمضان المبارك أو الفطر" انتهى.
وانظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/99) .
وبهذا يتبين أن من يزعم أن علماءنا يحرمون استعمال الآلات الحديثة في رؤية الهلال، ويوجبون أن يكون ذلك بالعين المجردة، أنه كاذب مفترٍ.
نسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن لا يجعله ملتبساً علينا فنضل، وأن يجعلنا للمتقين إماما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2779)
هل كان إفطارنا خاطئاً فيلزم قضاء يوم الثلاثين من رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يلزمنا قضاء اليوم الثلاثين من رمضان الفائت أو كفارة؟ فقد سمعت أن إفطارنا كان خاطئا وأن رمضان في سنة - 1428 هـ - كان 30 يوماً ولم يكن 29 يوماً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يلزمكم قضاء اليوم الثلاثين؛ لأن رمضان كان 29 يوماً، بناءً على ثبوت الهلال بالرؤية الشرعية، وقد شهد بذلك ما يقارب العشرة، كما ذكر فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى حفظه الله.
ومن كان خارج المملكة واعتمد على رؤيتها، ففطره صحيح، ولا يلزمه شيء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2780)
المعتبر في دخول الشهر وخروجه هو الرؤية
[السُّؤَالُ]
ـ[يزعم أناسٌ أنهم رأوا هلال رمضان، ويزعم أهل الفلك والحساب أنه لا يمكن رؤيته في تلك الليلة، وليس الإشكال عندي بهذا فقد يخطئ الحساب ويختلف التقدير، ولكن محل الإشكال هو أن أهل الفلك والمهتمين بعلم الحساب يزعمون أنهم تراءوا الهلال تلك الليلة بما لديهم من مراصد وآلات فلم يروه. فكيف يُرى بالعين المجردة ولا يُرى بالآلات الحديثة والأجهزة المتطورة، فلو كانت المسألة بالعكس رأوه بالآلات ولم يُر بالعين لساغ الخلاف هل يصام أم لا؟ وهل يفطر الناس أم لا؟ ولكن المشكلة كيف يرونه بالأعين ولا يُرى بالآلات. في الحقيقة أريد منكم توضيحا شافيا يزيل ما عندي من القلق والاضطراب ولا أظن أني وحيد بهذا الأمر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المعتمد في إثبات دخول شهر رمضان هو رؤية الهلال أو إكمال شعبان ثلاثين يوما في حال عدم رؤيته، وهذا ما دلت عليه السنة الصحيحة، وأجمع عليه أهل العلم، فقد روى البخاري (1909) ومسلم (1081) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ) وفي رواية (فإن غمِّي عليكم) .
ولا عبرة بالحساب الفلكي، والأصل في الرؤية أن تكون بالعين المجردة، لكن لو رؤي الهلال بالآلات الحديثة فإنه يعمل بهذه الرؤية، كما سبق في جواب السؤال رقم 106489.
وأما كيف يرى الهلال بالعين المجردة ولا يرى بالمراصد والآلات؟ فهذا قد يرجع إلى اختلاف مكان الرؤية ووقتها.
وبكل حال فالحكم معلق على رؤية الهلال، فما دام قد رآه ثقة أو ثقتان من المسلمين فالواجب العمل بهذه الرؤية.
قال الشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى حفظه الله: " وهناك الأخ عبد الله الخضيري أحد المشتهرين برصد الهلال وترصد كثيراً من حالاته ولو في غير وقت الهلال وذهب إليه بعض الفلكيين واجتمعوا به في "منطقة حوطة سدير" وقد أخبرني بأنهم قدروا خروج القمر في تلك الليلة في موضع بناء على حسابهم وتقديرهم على لوحات الأجهزة فأخبرهم أنه لن يخرج من المكان الذي يقولون لأنه رصده قبلهم البارحة وكان يعرف منازل القمر مشرقة كل ليلة تمر بعد التي سبقتها ثم لما خرج وبزغ فإنه وفقاً لما حدده هو وليس ما حددوه وهو يعذرهم لأنهم لم يحددوه بالمشاهدة، بل بالأجهزة التي بين أيديهم " انتهى من لقاء أجرته معه جريدة الرياض.
http://www.alriyadh.com/2007/10/12/article286271_s.html
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2781)
إذا صام مع بلد تعمل بالحساب فهل يفطر معها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في ولاية كارنتكا في الهند وحال المسلمون هنا مختلفون في بداية ونهاية رمضان، فالولاية هنا تحدد بداية رمضان من بداية العام وهذا يعني أنهم لا يعتمدون على القمر مما دعا بعض المسلمين وأكثرهم العرب إلى التخلي عنهم والبداية مع السعودية، فهل هذا صحيح؟ وماذا يفعل الآن من صام معهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المسلم موجوداً في بلد يعتبر الرؤية الشرعية لإثبات دخول الشهر وخروجه، فإنه مأمور بموافقتهم في الصيام والإفطار، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (12660) .
أما إذا كان المسلم في بلد كافر، أو في بلد يتلاعبون بدخول الشهر وخروجه حسب أهوائهم، غير مراعين في ذلك الرؤية الشرعية، فإنه يتبع أقرب البلاد إليه، ممن يتحرون رؤية الهلال، وإن صام مع بلد يثق في رؤيتها كبلاد الحرمين فلا بأس.
وبناء على ذلك؛ فإذا كانت الهند قد صامت بعد الدول التي تتحرى الهلال بيوم مثلا، فيقال لمن صام معهم: لا تفطر مع الهند وأفطر مع الدولة التي ترى الهلال، واقض يوما مكان اليوم الأول من رمضان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2782)
سائل يعلق على جواب سابق في الصوم، وحديث ابن عباس في رؤية الهلال بشاهد واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[في جوابكم على السؤال رقم (26824) ذكرتم جواز الأخذ برأي الثقة في رؤية الهلال، ولكن هذا يتعارض مع الحديث الذي جاء فيه بدوي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبره برؤية الهلال، عندها سأله الرسول هل تؤمن بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ فلمَّا أجاب بالإيجاب، سأله هل تشهد أنك رأيت الهلال؟ فمن هذا الحديث الدليل على جواز قبول رؤية الهلال من أي مسلم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث الذي أشار إليه السائل هو:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلاَلَ - قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ: يَعْنِى: رَمَضَانَ - فَقَالَ: (أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟) ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟) ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (يَا بِلاَلُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَداً) .
رواه الترمذي (691) وأبو داود (2340) والنسائي (2112) وابن ماجه (1652) .
والحديث: ضعيف، لا يصح، وقد ضعفه النسائي والألباني وغيرهما.
وإذا كان الحديث ضعيفاً، فلا تعارض بينه وبين ما ذكرناه أنه لا بدَّ أن يكون الرائي للهلال عدلاً.
وعلى فرض صحة الحديث: فإن معناه يحمل على وجوه، منها:
1. أن الأمر في قبول شهادة الرائي للهلال، وكونه ثقة، عدلاً: يرجع للقاضي، وأنه إن استقر في نفسه بسبب خبرته بالناس أن هذا الرائي موثوق بشهادته: فإن له قبول تلك الشهادة منه، وإن لم يكن يعرفه أحد ليزكيه ويوثقه.
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
إذاً: أمر بلالاً بأن يؤذن، أي: يعلن في الناس أن يصوموا غداً، فقنع الرسول عليه السلام من هذا الرجل الذي لا يعرفه بأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، بمعنى: أنه عرف أنه مسلم، لكنه ما جرَّبه، ولا عرف ذكاءه، وفطنته، وكياسته، كما كان الأمر بالنسبة للحديث الأول الذي فيه أن الشاهد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومع ذلك قبِل شهادته، فهذا فيه تيسير واسع، ومعنى هذا أن القاضي يقنع بظاهر الشاهد دون أن يأتي بمزكين يعرِّفونه كما جرى على ذلك عرف القضاة قديماً، يكتفي منه بأن يعرف إسلامه، هذا أعرابي ما يعرفه سابقاً عليه الصلاة والسلام، فاكتفى أن يشهد أمامه بالشهادتين، فهو مسلم، له ما لنا، وعليه ما علينا، وبناءً على شهادته وإسلامه قال: يا بلال، أذن في الناس أن يصوموا غداً.
" التعليق على كتاب بلوغ المرام " دروس صوتية، الحديث رقم 5، كتاب الصيام.
2. أن يكون هذا الحديث دليلاً على أن الأصل في المسلم العدالة، حتى يتبين خلاف ذلك.
قال الصنعاني رحمه الله في فوائد حديث ابن عباس:
فيه دلالة على أن الأصل في المسلمين العدالة، إذ لم يطلب صلى الله عليه وسلم من الأعرابي إلا الشهادة.
" سبل السلام الصنعاني " (2 / 153) .
3. أن يكون هذا الحكم خاصّاً بالصحابة، وهو كذلك؛ لأنهم جميعاً عدول، ومما لا شك فيه أن ذاك الأعرابي قد انتظم في عقد الصحابة رضي الله عنهم، وهو بذلك صار من العدول، والذين لا يُحتاج النظر في عدالتهم.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
والصحابة كلهم ثقات ذوو عدل، تقبل رواية الواحد منهم، وإن كان مجهولاً، ولذلك قالوا: جهالة الصحابي لا تضر.
والدليل على ما وصفناه من حال الصحابة: أن الله أثنى عليهم ورسوله، في عدة نصوص، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم يقبل قول الواحد منهم إذا علم إسلامه، ولا يسأل عن حاله، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: إني رأيت الهلال: يعني رمضان ... .
انتهى " مصطلح الحديث " من موقعه رحمه الله.
وهناك أمر يقوِّي ما سبق، وهو كون تلك الشهادة في زمن الوحي، ولا يمكن أن يُقرَّ ذلك الأعرابي على شهادة باطلة تتعلق بطاعة المسلمين وعبادتهم.
وبما أن الحديث ضعيف: فقد أغنانا الله تعالى عن تأويله، والحمد لله رب العالمين.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2783)
سافر أثناء رمضان إلى بلد اختلف مع بلده في بداية الشهر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا بدأت الصيام في بلدي ثم سافرت أثناء رمضان إلى بلد آخر صاموا بعدنا بيوم، فهل أواصل الصوم مع المسلمين هناك وبذلك أصوم اليوم الحادي والثلاثين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"العبرة في ابتداء الصيام في البلد التي سافر منها، وفي نهايته في البلد التي قدم إليها، وإذا كان مجموع ما صامه ثمانية وعشرين يوماً وجب عليه قضاء يوم؛ لأن الشهر القمري لا يكون أقل من 29 يوماً، وإن كان قد أتم صيام ثلاثين يوماً في البلد الذي سافر إليه وبقى على أهل البلد صيام يوم مثلاً وجب عليه أن يصوم معهم حتى يفطر بفطرهم يوم العيد، ويصلي معهم يوم العيد.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (10/129) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2784)
هل يصوم مع بلده أو مع أي بلد رأى الهلال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل لو رؤي الهلال في بعض الدول الإسلامية، ولكن الدولة التي أعمل بها أتمت شهر شعبان ورمضان ثلاثين يوماً؟ وما السبب في اختلاف الناس في رمضان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"عليك أن تبقى مع أهل بلدك، فإن صاموا فصم معهم، وإن أفطروا فأفطر معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون) ، ولأن الخلاف شر، فالواجب عليك أن تكون مع أهل بلدك، فإذا أفطر المسلمون في بلدك فأفطر معهم، وإذا صاموا فصم معهم.
أما السبب في الاختلاف فهو أن البعض يرى الهلال، والبعض لا يرى الهلال، ثم الذين يرون الهلال قد يثق بهم الآخرون ويطمئنون إليهم ويعملون برؤيتهم، وقد لا يثقون بهم ولا يعملون برؤيتهم، فلهذا وقع الخلاف، وقد تراه دولة وتحكم به وتصوم لذلك أو تفطر، والدولة الأخرى لا تقتنع بهذه الرؤية ولا تثق بالدولة؛ لأسباب كثيرة، سياسية وغيرها.
فالواجب على المسلمين أن يصوموا جميعاً إذا رأوا الهلال، ويفطروا برؤيته، لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتم الهلال فأفطروا، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) ، فإذا اطمأن الجميع إلى صحة الرؤية وأنها حقيقية ثابتة فالواجب الصوم بها والإفطار بها، لكن إذا اختلف الناس في الواقع ولم يثق بعضهم ببعض، فإن عليك أن تصوم مع المسلمين في بلدك، وعليك أن تفطر معهم، عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون) . وثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن كريباً لما أخبره أن أهل الشام قد صاموا يوم الجمعة قال ابن عباس: نحن رأيناه يوم السبت، فلا نزال نصوم حتى نرى الهلال، أو نكمل ثلاثين، ولم يعمل برؤية أهل الشام لبعد الشام عن المدينة، واختلاف المطالع بينهما، ورأى رضي الله عنهما أن هذا محل اجتهاد، فلك أسوة بابن عباس ومن قال بقوله من العلماء في الصوم مع أهل بلدك والفطر معهم، والله ولي التوفيق" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/100- 102) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2785)
لا حرج من رؤية الهلال بالآلات الحديثة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لابد في رؤية الهلال أن تكون بالعين المجردة، أم يمكن أن نستعمل المنظار والآلات الحديثة والمراصد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ظاهر الأدلة الشرعية عدم تكليف الناس بالتماس الهلال بهذه الآلات بل تكفي رؤية العين. ولكن من طالع الهلال بها وجزم بأنه رآه بواسطتها بعد غروب الشمس وهو مسلم عدل فلا أعلم مانعاً من العمل برؤيته الهلال، لأنها من رؤية العين لا من الحساب" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/68، 69) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2786)
كل إنسان يقيم في بلد يلزمه الصوم والإفطار مع أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن من بلاد الحرمين الشريفين، ونعمل في السفارة في إحدى الدول الآسيوية المسلمة (باكستان) ، هل نصوم ونفطر مع المملكة أم مع الدولة التي نقيم بها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الظاهر من الأدلة الشرعية هو أن كل إنسان يقيم في بلد يلزمه الصوم مع أهلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون) ، ولما علم من الشريعة من الأمر بالاجتماع، والتحذير من الفرقة والاختلاف؛ ولأن المطالع تختلف باتفاق أهل المعرفة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وبناء على ذلك فالذي يصوم من موظفي السفارة في الباكستان مع الباكستانيين أقرب إلى إصابة الحق ممن يصومه مع السعودية؛ لتباعد ما بين البلدين ولاختلاف المطالع فيها، ولا شك أن صوم المسلمين جميعاً برؤية الهلال أو إكمال العدة في أي بلد من بلادهم هو الموافق لظاهر الأدلة الشرعية، ولكن إذا لم يتيسر ذلك فالأقرب هو ما ذكرنا آنفاً، والله سبحانه ولي التوفيق" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/98، 99) .
وسئل الشيخ ابن باز أيضاً: أن الرؤية في الباكستان لهلال رمضان وشوال قد تتأخر بعد السعودية يومين فهل يصومون مع السعودية أو الباكستان؟
فأجاب:
"الذي يظهر لنا من حكم الشرع المطهر أن الواجب عليكم الصوم مع المسلمين لديكم؛ لأمرين:
أحدهما: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون) خرجه أبو داود وغيره بإسناد حسن، فأنت وإخوانك مدة وجودكم في الباكستان ينبغي أن يكون صومكم معهم حين يصومون، وإفطاركم معهم حين يفطرون؛ لأنكم داخلون في هذا الخطاب، ولأن الرؤية تختلف بحسب اختلاف المطالع. وقد ذهب جمع من أهل العلم منهم ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن لأهل كل بلد رؤيتهم.
الأمر الثاني: أن في مخالفتكم المسلمين لديكم في الصوم والإفطار تشويشاً ودعوة للتساؤل والاستنكار وإثارة للنزاع والخصام، والشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بالحث على الاتفاق والوئام والتعاون على البر والتقوى وترك النزاع والخلاف؛ ولهذا قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) آل عمران/103.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً وأبا موسى رضي الله عنهما إلى اليمن: (بشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا) " انتهى.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/103، 104) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2787)
على المسلمين التعاون بترائي الهلال وإبلاغ الجهات المسؤولة عن رؤيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا على الإنسان لو رأى هلال رمضان أو ذي الحجة، ولم يبلغ الجهة المختصة بذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الواجب على من رأى الهلال ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان، أو ليلة الثلاثين من شوال، أو ليلة الثلاثين من ذي القعدة أن يبلغ المحكمة التي في بلده، إلا أن يعلم أن الهلال ثبت برؤية غيره، عملا بقول الله سبحانه وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) المائدة/2، وقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) التغابن /16، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ) رواه مسلم (1839) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تأمر عليكم عَبْدٌ) ، ومعلوم أن ولي الأمر يطلب من خلال مجلس القضاء الأعلى من المسلمين أن على من رأى الهلال أن يبلغ المحاكم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته) يعني الهلال (وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا العدة) ، ولا سبيل إلى العمل بهذه الأحاديث إلا بتوفيق الله، ثم بالتعاون بين المسلمين بترائي الهلال، وإبلاغ الجهات المسؤولة ممن رآه، ويجب على من رآه أن يبلغ الجهات الرسمية في الدخول والخروج، وبذلك يحصل الامتثال للأوامر الشرعية، والتعاون على البر والتقوى، والله ولي التوفيق" انتهى بتصرف.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/70- 72) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2788)
حكم صوم وفطر من ردت شهادته أو لم يتمكن من إخبار المسئولين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا رأى الشخص الهلال ولم يتمكن من إخبار المسئولين أو ردت شهادته، فهل يصوم وحده؟ وكذلك بالنسبة للعيد هل يفطر وحده؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يصوم وحده، والصواب أنه لا يجوز له أن يصوم وحده، ولا أن يفطر وحده، بل عليه أن يصوم مع الناس ويفطر معهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ) ، أما إذا كان في البرية ما عنده أحد فإنه يعمل برؤيته في الصوم والفطر" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/72، 73) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2789)
اجتماع المسلمين في الصوم والفطر مطلب شرعي وبيان كيفية تحقيق ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يتحد المسلمون في دخول شهر رمضان وخروجه؟ وكيف يمكن تحقيق ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا شك أن اجتماع المسلمين في الصوم والفطر أمر طيب ومحبوب للنفوس ومطلوب شرعاً حيث أمكن، ولكن لا سبيل إلى ذلك إلا بأمرين:
أحدهما: أن يلغي جميع علماء المسلمين الاعتماد على الحساب كما ألغاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وألغاه سلف الأمة، وأن يعملوا بالرؤية أو بإكمال العدة كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (25/132، 133) اتفاق العلماء على أنه لا يجوز الاعتماد على الحساب في إثبات الصوم والفطر ونحوهما. ونقل الحافظ في الفتح (4/127) عن الباجي: (إجماع السلف على عدم الاعتداد بالحساب، وأن إجماعهم حجة على من بعدهم) .
الأمر الثاني: أن يلتزموا بالاعتماد على إثبات الرؤية في أي دولة إسلامية تعمل بشرع الله وتلتزم بأحكامه، فمتى ثبت عندها رؤية الهلال بالبينة الشرعية دخولاً أو خروجاً تبعوها في ذلك، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا) وأشار بيده ثلاث مرات وعقد إبهامه في الثالثة (والشهر هكذا وهكذا وهكذا) وأشار بأصابعه كلها، يعني بذلك عليه الصلاة والسلام أن الشهر يكون تسعة وعشرين ويكون ثلاثين. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة من حديث ابن عمر وأبي هريرة وحذيفة بن اليمان وغيرهم رضي الله عنهم، ومعلوم أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس خاصاً بأهل المدينة، بل هو خطاب للأمة جمعاء في جميع أعصارها وأمصارها إلى يوم القيامة، فمتى توفر هذان الأمران أمكن أن تجتمع الدول الإسلامية على الصوم جميعاً والفطر جميعاً، فنسأل الله أن يوفقهم لذلك، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة الإسلامية ورفض ما خالفها، ولا ريب أن ذلك واجب عليهم؛ لقوله سبحانه: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/65، وما جاء في معناها من الآيات، ولا ريب أيضاً أن في تحكيمها في جميع شئونهم صلاحهم، ونجاتهم واجتماع شملهم، ونصرهم على عدوهم، وفوزهم بالسعادة العاجلة والآجلة، فنسأل الله أن يشرح صدورهم لذلك، ويعينهم عليه، إنه سميع قريب" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (15/74- 76) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2790)
معنى آية (والقمر قدّرناه منازل..)
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أميل إلى الإسلام، ومنذ عام 1994م بدأت أقرأ القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم من وقت مبكر من هذه السنة، ولقد وجدت إشباعاً روحياً عظيماً في الإسلام.
سوف أتلقى دروساً لأنني أخطط لاعتناق الإسلام. أنا لست متأكدة من معنى آية في سورة ياسين وآمل أن تستطيع مساعدتي (الآية رقم 39) وهي قوله تعالى: (والقمر قدرناه منازل … الآية) إنني ممتنة لمساعدتك، وأدعو الله أن يهديك ويحفظك ويبارك لمساعدتك التي تمنحها لناس كثير في أنحاء العالم عن طريق أجوبتك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا: أريد أن أهنئك أيتها السائلة على القناعة التي وصلت إليها بصحة دين الإسلام وأنّه الدّين الوحيد الذي يلبي حاجات النفس ويجلب لها الطمأنينة والسعادة ويبدو من ألفاظ سؤالك التأثّر الواضح بما قرأتيه عن الإسلام حتى لو أنّك لم تخبرينا بأنّك هندوسية لما ظنّنا إلا أنك مسلمة من خلال الأسلوب المستخدم في السؤال.
وأهمّ ما أريد أن أقدّمه لك من النّصيحة هنا هو المسارعة بالدخول في الإسلام وأن يكون ذلك عاجلا غير آجل وإذا كان الشّخص قد تبينت له كلّ هذه الحقائق فلماذا يتأخّر عن الدخول في الإسلام؟
وهناك أمر آخر يحسن التنبيه عليه وهو أنّ بعض الذين يريدون الدّخول في الإسلام يؤخّرون دخولهم فيه حتى يتعلموا قدرا من هذا الدّين ككيفية الصلاة ونحو ذلك لظنّهم ربّما أنّه لا يصلح الدّخول في الدّين إلا بعد قطع شوط في تعلّمه وهذا أمر غير صحيح فإنّه متى تبيّن للإنسان الحقّ وجب عليه أن يتّبعه ويدخل في الإسلام فورا ثمّ يتعلّم الكتاب والسنّة ويتفقّه في الدّين ويتدرّج في سلّم العلم والعمل بحسب قدرته واستطاعته، لأنّ الإنسان لا يدري متى توافيه المنيّة، فإذا لقي الله بغير الإسلام كان من الهالكين، ثمّ إنّ الإنسان لا يُؤجر ولا تُكتب له الحسنات إلا بعد الدّخول في الدّين فيفوته خير كثير نافع إذا أخّر إسلامه، والوقت المنصرم من العُمُر لا يُمكن أن يعود.
هذا ونعود إلى سؤالك - أيتها السائلة العاقلة الموفّقة إلى الحقّ بإذن الله - بشأن معنى الآية التاسعة والثلاثين من سورة يس.
في هذه الآية يقول جلّ وعلا: " والقمر قدرناه منازل" أي جعلناه يسير سيرا آخر يستدل به على مضي الشهور كما أن الشمس يعرف بها الليل والنهار كما قال عز وجل "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج". وقال تعالى: "هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب" الآية.. فجعل الشمس لها ضوء يخصها والقمر له نور يخصه وفاوت بين سير هذه وهذا فالشمس تطلع كل يوم وتغرب في آخره على ضوء واحد ولكن تنتقل في مطالعها ومغاربها صيفا وشتاء يطول بسبب ذلك النهار ويقصر الليل ثم يطول الليل ويقصر النهار وجعل سلطانها بالنهار فهي كوكب نهاري وأما القمر فقدّره منازل يطلع في أول ليلة من الشهر القمري ضئيلا قليل النور ثم يزداد نورا في الليلة الثانية ويرتفع منزلة ثم كلما ارتفع ازداد ضياء وإن كان مقتبسا من الشمس حتى يتكامل نوره في الليلة الرابعة عشرة ثم يَشرع في النقص إلى آخر الشهر حتى يصير كالعرجون القديم. قال ابن عباس رضي الله عنهما وهو أصل العذق. وقال مجاهد العرجون القديم أي العذق اليابس يعني ابن عباس رضي الله عنهما أصل العنقود من الرطب إذا عتق ويبس وانحنى ". (المرجع تفسير ابن كثير) .
وهذا التشبيه في الآية للقمر في آخر الشهر بالعرجون هو قمّة البلاغة والجمال في التعبير، والحسن البالغ في انتقاء المشبّه به من البيئة المحيطة للمقارنة بالمشبّه. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2791)
هل تقبل شهادة المرأة في رؤية هلال رمضان؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبل شهادة النساء في رؤية هلال رمضان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف الفقهاء في قبول شهادة المرأة في رؤية هلال رمضان على قولين:
الأول: قبول شهادتها، وهو مذهب الحنفية – إذا كان الجو غيما- والحنابلة وأحد الوجهين عند الشافعية.
والقول الثاني: أنها لا تقبل، وهو مذهب المالكية، والأصح عند الشافعية.
قال ابن قدامة في "المغني" (3/48) : " فإن كان المخبر امرأة، فقياس المذهب قبول قولها. وهو قول أبي حنيفة، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي؛ لأنه خبر ديني. فأشبه الرواية، والخبر عن القبلة، ودخول وقت الصلاة. ويحتمل أن لا تقبل؛ لأنه شهادة برؤية الهلال، فلم يقبل فيه قول امرأة، كهلال شوال " انتهى.
وينظر: "تبيين الحقائق" (1/319) ، "التاج والإكليل" (3/278) "المجموع" (6/286) ، "كشاف القناع " (2/304) .
والحنفية فرقوا بين حال الغيم والصحو، ففي الغيم يجزئ شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، وفي الصحو لابد من الاستفاضة. انظر: "البحر الرائق" (2/290) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " بعض العلماء قالوا: إن الأنثى لا تقبل شهادتها لا في رمضان ولا في غيره؛ لأن الذي رأى الهلال في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا) والمرأة شاهدة وليست شاهدا.
ودليل المذهب: أن هذا خبر ديني يستوي فيه الذكور والإناث، كما استوى الذكور والإناث في الرواية، والرواية خبر ديني. ولهذا لم يشترطوا لرؤية هلال رمضان ثبوت ذلك عند الحاكم، ولا لفظ الشهادة، بل قالوا: لو سمع شخصا ثقة يحدث الناس في مجلسه بأنه رأى الهلال فإنه يلزمه أن يصوم بخبره " انتهى من "الشرح الممتع" (6/326) .
وأما هلال شوال، فلا يثبت إلا بشاهدين رجلين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2792)
لا يجوز مخالفة أهل البلد في الصيام والعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في بلدتنا مجموعة من الإخوة الملتزمين ولكن يخالفوننا في بعض الأمور، منها مثلاً صيام رمضان فإنهم لا يصومون حتى يروا الهلال بالعين المجردة، وبعض الأوقات نصوم قبلهم بيوم أو اثنين في شهر رمضان، ويفطرون بعد عيد الفطر بيوم أو يومين وكل ما نسألهم عن صيام يوم العيد يقولون نحن لانفطر ولا نصوم حتى نرى الهلال بالعين المجردة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» ، ولكن لا يعترفون بثبوت الرؤية بالأجهزة كما تعلمون، علماً أنهم يخالفوننا صلاة العيدين في وقتهم، ولا يصلون إلا بعد العيد على حسب رؤيتهم،وهكذا في عيد الأضحى يخالفوننا في ذبح أضحية العيد وفي وقفة عرفات، ويُعيدون بعد عيد الأضحى بيومين أي لا ينحرون الأضحية إلا بعدما ينحر المسلمون كلهم، فهل ما يفعلونه صحيح وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب عليهم أن يصوموا مع الناس ويفطروا مع الناس ويصلوا العيدين مع المسلمين في بلادهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة» متفق عليه، والمراد الأمر بالصوم والفطر إذا ثبتت الرؤية بالعين المجردة أو بالوسائل التي تعين العين على الرؤية لقوله صلى الله عليه وسلم: " الصوم يوم تصومون والإفطار يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون " أخرجه أبو داوود (2324) والترمذي (697) ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (561)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10/94(5/2793)
كلام شيخ الإسلام أن الهلال اسم لما استهل ورآه الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأصل المسألة أن الله سبحانه وتعالى علق أحكاما شرعية بمسمي الهلال والشهر...... لكن الذي تنازع فيه الناس أن الهلال هل هو اسم لما يظهر في السماء؟ وإن لم يعلم الناس به؟ وبه يدخل الشهر، أو الهلال اسم لما يستهل به الناس والشهر لما اشتهر بينهم؟ علي قولين " وقد مال شيخ الإسلام للقول الثاني بأن الهلال هو استهلال الناس، وعلي أساسه أيضا مال إلي أن من رأى الهلال وحده لا يصوم إلا مع الناس، لأن الهلال يوم استهلال الناس، وهذا ما اطمأن إليه قلبي أن الصوم يوم يصوم الناس، لكن هناك إشكال عندي فيما اختاره عن مدلول الهلال والشهر، فما دليل من قال بذلك؟ وكيف والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: (إذا رأيتموه) ؟ وعلى هذا يسقط عندي أن الهلال هو استهلال الناس ويثبت أن الهلال هو هلال القمر في السماء، فهل يلزم من ذلك سقوط الحكم المبني عليه في صيام من رأى الهلال وحده وأن الصوم يوم يصوم الناس؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
قول شيخ الإسلام رحمه الله: إن الهلال اسم لما استهل بين الناس، والشهر هو ما اشتهر بينهم، بناه على جملة من الأدلة، وهي:
الأول: أن الله سبحانه وتعالى علق أحكاما شرعية بمسمى الهلال , والشهر: كالصوم والفطر والنحر , فقال تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) . فبين سبحانه أن الأهلة مواقيت للناس والحج. وقال تعالى: (كتب عليكم الصيام) - إلى قوله – (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس) . والهلال مأخوذ من الاستهلال وهو رفع الصوت، والشهر مأخوذ من الاشتهار. فما لم يستهل الناس به، ولم يشتهر بينهم، فلا يكون هلالاً ولا شهراً.
الثاني: القياس على رؤية هلال ذي الحجة، قال الشيخ: "ما علمت أن أحدا قال: من رآه يقف وحده , دون سائر الحاج , وأنه ينحر , ويرمي جمرة العقبة , ويتحلل دون سائر الحاج". فأي فرق بين هلال رمضان وهلال ذي الحجة؟ لماذا يعمل برؤية نفسه ويخالف الجماعة في رمضان، ولا يعمل برؤية نفسه في هلال ذي الحجة!
الثالث: حديث: (الصوم يوم تصومون , والفطر يوم تفطرون , والأضحى يوم تضحون) . رواه الترمذي (697) وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (244) . ومعنى الحديث: أن الصوم والفطر والأضحى تكون مع جماعة المسلمين، لا يتفرد أحد منهم بشيء من ذلك، ولذلك قال الإمام أحمد في رواية عنه: يصوم مع الإمام وجماعة المسلمين، يد الله مع الجماعة.
وهذه الأدلة تدل دلالة قوية على ما اختاره الشيخ رحمه الله.
وانظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" (25/109- 118) .
ثانياً: لا شك أن هذه المسألة من المسائل الاجتهادية، التي اختلف فيها العلماء، والمطلوب من المسلم القادر على تحقيق المسائل ومعرفة الراجح منها بالأدلة الشرعية، أن يعمل بما ترجح عنده، كما قال بعض السلف: قد أحسن من انتهى ما قد سمع.
فإذا لم يطمئن قلبك إلى ما سبق من الأدلة، ورأيت أن قول من قال بوجوب الصيام على من انفرد برؤية هلال رمضان أقرب إلى الصواب، فإنه يلزمك العمل بما ترجح عندك.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا تيقن شخص من دخول الشهر برؤية الهلال ولم يستطع إبلاغ المحكمة فهل يجب عليه الصيام؟
فأجاب: " اختلف العلماء في هذا، فمنهم من يقول: إنه لا يلزمه، وذلك بناء على أن الهلال هو ما استهل واشتهر بين الناس.
ومنهم من يقول: إنه يلزمه؛ لأن الهلال هو ما رؤي بعد غروب الشمس، سواء اشتهر بين الناس أم لم يشتهر.
والذي يظهر لي أن من رآه وتيقن رؤيته وهو في مكان ناءٍ لم يشاركه أحد في الرؤية، أو لم يشاركه أحد في الترائي، فإنه يلزمه الصوم، لعموم قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا) ولكن إن كان في البلد وشهد به عند المحكمة، وردت شهادته فإنه في هذا الحال يصوم سرا، لئلا يعلن مخالفة الناس " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (19/74) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2794)
صاموا ثم رجعوا إلى بلادهم ولم يدخل فيها شهر رمضان بعد
[السُّؤَالُ]
ـ[ي يتعلق بوجوب الصيام مع الاختلاف في رؤية الهلال بين بلدين، فقد غادرنا الأراضي السعودية بعد ثبوت دخول شهر رمضان، ودخلنا الأراضي الأردنية - حيث نقيم - بعد ظهر ذلك اليوم، ولم يكن قد ثبت دخول الشهر في الأردن، مجموعة كبيرة من المسافرين لم تصم ذلك اليوم، وذلك لعدم معرفتهم بالحكم الشرعي في ذلك، فما الحكم؟؟ هل يقضون صيام هذا اليوم؟ والذين صاموا في ذلك اليوم من المسافرين فهل صيامهم صحيح ويكملون صيام الشهر مع الأردن حتى وإن بلغ عدد أيام صيامهم 31 يوما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
سبق في جواب السؤال رقم (50487) أن مطالع الأهلة تختلف، ومع اختلافها فلكل بلد رؤيته، ولا يلزم الصوم برؤية الهلال في البلد الآخر.
ثانيا:
الذي يظهر– والله أعلم – أن من دخل عليه شهر رمضان في بلد فإنه يلزمه الصوم مع أهل ذلك البلد، حتى لو انتقل في ذلك اليوم إلى بلد آخر لم يعلن فيه عن دخول الشهر بعدُ، وذلك لأن صوم ذلك اليوم قد وجب عليه بدخول شهر رمضان عليه في البلد الأول، لقول الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة/185. وهذا قد شهد الشهر فيلزمه الصيام.
ثالثا:
أما بالنسبة لأمر اعتبار عدد أيام الشهر، والخلاف في هل يكمل رمضان على حساب البلد الأول، أم على حساب البلد الذي انتقل إليه؟
فالقاعدة التي يذكرها كثير من الفقهاء في هذا الباب هو أن للمنتقِل حكمَ البلد المنتقَلِ إليه، كما في "المجموع" للنووي (6/274) ، فإذا أتم أهل البلد الثاني الصيام ثلاثين يوما صام معهم – ولو كان بالنسبة له هو اليوم الحادي والثلاثين – أما إن صاموا تسعة وعشرين يوما فلا إشكال حينئذ، فإنه يكون قد أتم بذلك ثلاثين يوما، والشهر يكون تسعة وعشرين ويكون ثلاثين.
قال النووي رحمه الله تعالى في "المجموع" (6/274) :
" لو شرع في الصوم في بلد ثم سافر إلي بلد بعيد لم يروا فيه الهلال حين رآه أهل البلد الأول فاستكمل ثلاثين من حين صام (فإن قلنا) لكل بلد حكم نفسه فوجهان (أصحهما) يلزمه الصوم معهم لأنه صار منهم.
ولو رأى الهلال في بلد، وأصبح معيدا معهم فسارت به سفينة إلى بلد في حد البُعد فصادف أهلها صائمين؟
قال الشيخ أبو محمد: يلزمه إمساك بقية يومه إذا قلنا لكل بلد حكم نفسه " انتهى.
وجاء في "تحفة المحتاج" (3/383) لابن حجر الهيتمي رحمه الله قال:
" وإذا لم نوجب الصوم على أهل البلد الآخر لاختلاف مطالعهما، فسافر إليه من بلد الرؤية إنسان، فالأصح أنه يوافقهم في الصوم آخرا وإن أتم ثلاثين؛ لأنه بالانتقال إليه صار مثلهم " انتهى.
وجاء في "الإنصاف" من كتب الحنابلة (3/273) :
" قال في الرعاية الكبرى: لو سافر من بلد لرؤية ليلة الجمعة إلى بلد لرؤية ليلة السبت فبعد، وتم شهره ولم يروا الهلال، صام معهم " انتهى.
وقد سبق في موقعنا نقل فتاوى كثير من العلماء المعاصرين في تقرير هذا الحكم أيضا، انظر جواب السؤال رقم (38101) ، (45545) ، (71203)
فيتحصل مما سبق أن الصواب كان مع من صام وأكمل صيام اليوم الأول من رمضان، لأنكم كنتم في بلد ثبت فيها رؤية الهلال ذلك اليوم، فوجب عليكم صيامه، حتى لو دخلتم بلادكم – التي لم يعلن فيها الصيام – أثناء ذلك اليوم.
ثم لما انتقلتم إلى بلدكم الذي تأخر يوما عن صيام البلد الأول وجب عليكم الالتزام بصيام الناس فيه، حتى لو بلغت الأيام التي صمتموها واحدا وثلاثين يوما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2795)
علموا بدخول رمضان في النهار فصاموا
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض إخواننا المسلمين لا يعلمون بدخول رمضان إلا بعد طلوع الشمس ويتمون صيامهم، هل يجزؤهم أو يعيدوا صومه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد أصابوا في إمساكهم بقية اليوم وعليهم قضاء يومٍ مكانه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10 / 245.
والسبب في وجوب قضاء يوم مكانه أنهم لم ينووا الصيام من الليل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: " من لم يُجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له "
رواه أحمد (6/287) وأبو داوود برقم (2454) والترمذي (730) والنسائي (2331) وصححه الألباني في صحيح أبي داوود (2143) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2796)
من هو العدل المأخوذ بقوله في رؤية الهلال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في السؤال رقم (1584) أنه يكفي في إثبات شهر رمضان رؤية عدل ثقة. فمن هو العدل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العدل في اللغة: المستقيم، وضده المعوج.
وفي الشرع: من قام بالواجبات، ولم يفعل كبيرة، ولم يصر على صغيرة.
والمراد بالقيام بالواجبات: أداء الفرائض كالصلوات الخمس.
ولم يفعل كبيرة كالنميمة والغيبة.
ويُشترط مع العدالة: أن يكون قوي البصر بحيث يُحتمل صدقه فيما ادعاه، فإن كان ضعيف البصر لم تُقبل شهادته وإن كان عدلاً؛ لأنه لو شهد وهو ضعيف البصر فهو متوهم.
والدليل على ذلك: أن الله عز وجل جعل القوة والأمانة من مسوغات إسناد العمل، ففي قصة موسى مع صاحب مدين قالت إحدى ابنتيه: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} القصص / 26 وقال العفريت من الجن الذي التزم أن يأتي بعرش ملكة سبأ: {وإني عليه لقوي أمين} .
فهذان الوصفان ركنان في كل عمل ومنها الشهادة.
الشرح الممتع 6/323 للاستزادة انظر الموسوعة الفقهية 30/5 ط الكويت.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2797)
صلاة وصوم المسجون الذي لا يعلم شيئا عن الوقت
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يصلي المسجون في غرفة مظلمة تحت الأرض، وهو مقيد، ولا يعلم شيئا عن أوقات الصلاة، ولا عن وقت دخول شهر رمضان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد للَّه
أولا:
نسأل الله تعالى أن يمن على جميع أسرى المسلمين بفرجه القريب، وأن يهبهم من فضله الصبر والسلوان، ويملأ قلوبهم بالطمأنينة واليقين، وأن ييسر للمسلمين سبيل رشد يُعزُّ فيه أولياؤُه، ويُذل فيه أعداؤه.
ثانيا:
قرر أهل العلم أن الصلاة والصيام لا يسقطان عن الأسير والمسجون، وأن الواجب عليه أن يتحرى الوقت ويجتهد في ذلك، فإذا غلب ظنه دخول وقت الصلاة، صَلَّى، وإذا غلب على ظنه دخول شهر رمضان، صام، ويمكنه الاستدلال على الوقت بملاحظة أوقات الطعام، أو سؤال أهل السجن ونحو ذلك.
وإذا اجتهد وتحرى الوقت الصحيح للصلاة أو للصيام فإن عبادته تقع صحيحة مجزئة، سواء تبين له بعد ذلك أنها وقعت في الوقت، أو بعده، أو لم يتبين له شيء، لقول الله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) البقرة/286، وقوله سبحانه وتعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) الطلاق/7.
وإذا علم أنه صام أيام العيد وجب عليه قضاؤها، لأن صيام يوم العيد لا يصح.
أما إذا علم بعد ذلك أنه صلى أو صام قبل الوقت، وجب عليه إعادة الصيام والصلاة.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (28/84-85) :
" ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ من اشتبهت عليه الشّهور لا يسقط عنه صوم رمضان، بل يجب لبقاء التّكليف وتوجّه الخطاب.
وإن اجتهد وصام فلا يخلو الأمر من خمسة أحوال:
الحال الأولى: استمرار الإشكال وعدم انكشافه له، بحيث لا يعلم أنّ صومه صادف رمضان أو تقدّم أو تأخّر، فهذا يجزئه صومه ولا إعادة عليه لأنّه بذل وسعه، ولا يكلّف بغير ذلك.
الحال الثّانية: أن يوافق صوم المحبوس شهر رمضان، فيجزيه ذلك.
الحال الثّالثة: إذا وافق صوم المحبوس ما بعد رمضان فيجزيه عند جماهير الفقهاء.
الحال الرّابعة: وهي وجهان:
الوجه الأوّل: إذا وافق صومه ما قبل رمضان، وتبيّن له ذلك قبل مجيء رمضان، لزمه صومه إذا جاء بلا خلاف، لتمكّنه منه في وقته.
الوجه الثّاني: إذا وافق صومه ما قبل رمضان، ولم يتبيّن له ذلك إلاّ بعد انقضائه، ففي إجزائه قولان:
القول الأوّل: لا يجزيه عن رمضان بل يجب عليه قضاؤه، وهذا مذهب المالكيّة والحنابلة، والمعتمد عند الشّافعيّة.
القول الثّاني: يجزئه عن رمضان، كما لو اشتبه على الحجّاج يوم عرفة فوقفوا قبله، وهو قول بعض الشّافعيّة.
الحال الخامسة: أن يوافق صوم المحبوس بعض رمضان دون بعض، فما وافق رمضان أو بعده أجزأه، وما وافق قبله لم يجزئه" انتهى.
وانظر "المجموع" (3/72-73) ، "المغني" (3/96)
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2798)
إذا سافر أثناء الشهر إلى بلد اختلف عن بلده في الصيام، فكيف يصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سافر المسلم أثناء شهر رمضان إلى بلد آخر كان قد تأخر أو تقدم في بداية شهر رمضان عن بلده، وظل بهذا البلد حتى العيد، فمع أي البلدين يفطر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إذا سافر الرجل من بلد إلى بلد اختلف مطلع الهلال فيهما، فالقاعدة أن يكون صيامه وإفطاره حسب البلد الذي هو فيه حين ثبوت الشهر، لكن إن نقصت أيام صيامه عن تسعة وعشرين يوماً، وجب عليه إكمال تسعة وعشرين يوماً لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوماً، وهذه القاعدة مأخوذة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) وقوله: (إنما الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه) . ومن حديث كريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية في الشام، وفيه أن كريباً أخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن الناس رأوا هلال رمضان ليلة الجمعة في الشام، فقال ابن عباس: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقال كريب: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإليك أمثلة تبين هذه القاعدة:
المثال الأول: انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم السبت، وأفطروا يوم الأحد عن تسعة وعشرين يوماً، فيفطر معهم ويلزمه قضاء يوم.
المثال الثاني: انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين، وأفطروا يوم الأربعاء عن ثلاثين يوماً، فيبقى صائماً معهم ولو زاد على ثلاثين يوماً لأنه في مكان لم ير الهلال فيه، فلا يحل له الفطر، ويشبه هذا ما لو سافر صائماً من بلد تغيب فيه الشمس الساعة السادسة إلى بلد لا تغيب فيه إلا الساعة السابعة، فإنه لا يفطر حتى تغيب الشمس في الساعة السابعة لقوله تعالى: (ثُمَّ أَتِمُّواْ ?لصِّيَامَ إِلَى ?لَّيْلِ وَلاَ تُبَـ?شِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَـ?كِفُونَ فِي ?لْمَسَـ?جِدِ تِلْكَ حُدُودُ ?للَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذ?لِكَ يُبَيِّنُ ?للَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) .
المثال الثالث: انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد إلى بلد صام أهله يوم الاثنين، وأفطروا يوم الثلاثاء عن تسعة وعشرين يوماً، فيفطر معهم ويكون صومهم تسعة وعشرين يوماً، وصومه ثلاثين يوماً.
المثال الرابع: انتقل من بلد صام أهله يوم الأحد، وأفطروا يوم الثلاثاء عن ثلاثين يوماً إلى بلد صام أهله يوم الأحد، وأفطروا يوم الاثنين عن تسعة وعشرين يوماً، فيفطر معهم، ولا يلزمه قضاء يوم؛ لأنه أتم تسعة وعشرين يوماً.
دليل وجوب فطره في المثال الأول أنه رؤي الهلال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فأفطروا) ودليل وجوب قضاء اليوم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الشهر تسع وعشرون) فلا يمكن أن ينقص عن تسع وعشرين ليلة.
ودليل وجوب بقائه صائماً فوق الثلاثين في المثال الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فأفطروا) فعلق الفطر بالرؤية، ولم تكن فيكون ذلك اليوم من رمضان في ذلك المكان فلا يحل فطره.
وأما حكم المثال الثالث والرابع فواضح.
هذا ما ظهر لنا في هذه المسألة بأدلتها وهو مبني على القول الراجح من اختلاف الحكم باختلاف المطالع، أما على القول بأنه لا يختلف الحكم بذلك وأنه متى ثبتت رؤيته شرعاً بمكان لزم الناس كلهم الصوم أو الفطر فإن الحكم يجري على حسب ثبوته لكن يصوم أو يفطر سرًّا لئلا يظهر مخالفة الجماعة " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (19/69) .(5/2799)
قال إن كان غدا من رمضان فأنا صائم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم يُعلن عن بداية رمضان، ونام الإنسان مبكرا وقال: إن كان غدا أول رمضان فأنا صائم، فهل تكفيه هذه النية ويصح صومه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين، بناء على اختلافهم في مسألة تعيين النية، وهي هل يجب أن ينوي الصوم عن رمضان جزما، أم يكفيه نية الصوم، سواء نوى فرضا أو نفلا.
والجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أنه يشترط تعيين نية صوم رمضان.
والحنفية على أنه لا يشترط تعيين النية، وهي رواية عن أحمد.
وعلى هذا القول يصح صوم من قال: إن كان غدا من رمضان فهو فرضي.
قال في الفروع (3/40) : " ويجب تعيين النية في كل صوم واجب وفاقا لمالك والشافعي وهو أن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو من قضائه أو نذره أو كفارته , لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإنما لكل امرئ ما نوى) .
وعن الإمام أحمد رواية أخرى: لا يجب تعيين النية لرمضان وفاقا لأبي حنيفة لأن التعيين يراد للتمييز , وهذا الزمان متعين، فعليها يصح بنية مطلقة، ونية فرض تردد فيه ...
وقولهم: نية فرض تردد فيه بأن نوى ليلة الشك: إن كان غدا من رمضان فهو فرضي , وإن لم يكن فهو نفل , لا يجزئه على الرواية الأولى حتى يجزم بأنه صائم غدا من رمضان وعلى الثانية يجزئه " انتهى.
وقال في الإنصاف (3/295) : " وإن نوى: إن كان غدا من رمضان: فهو فرضي , وإلا فهو نفل , لم يجزه , وهذا المذهب , وعليه أكثر الأصحاب , وهو مبني على أنه يشترط تعيين النية.
وعن الإمام أحمد: يجزئه , وهي مبنية على رواية: أنه لا يجب تعيين النية لرمضان , واختار هذه الرواية الشيخ تقي الدين. قال في الفائق: نصره صاحب المحرر وشيخنا. وهو المختار " انتهى.
وينظر: "البحر الرائق" (2/280) ، "مجمع الأنهار" (1/233) ، "مغني المحتاج" (2/150) ، "المغني" (3/9) ، "الموسوعة الفقهية" (5/165) ، (28/22) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح قول صاحب الزاد: " ولو نوى إن كان غدا من رمضان فهو فرضي: لم يجزه ":
" هذه مسألة مهمة ترد كثيرا. مثال ذلك: رجل نام في الليل مبكرا ليلة الثلاثين من شعبان، وفيه احتمال أن تكون هذه الليلة هي أول رمضان، فقال: إن كان غدا من رمضان فهو فرضي، أو قال: إن كان غدا من رمضان فأنا صائم، أو قال: إن كان غدا من رمضان فهو فرض، وإلا فهو عن كفارة واجبة أو ما أشبه ذلك من أنواع التعليق، فالمذهب لا يصح؛ لأن قوله: إن كان فهو فرضي، وقع على وجه التردد، والنية لابد فيها من الجزم، فلو لم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر ثم تبين أنه من رمضان، فعليه قضاء هذا اليوم، على ما مشى عليه المؤلف.
والرواية الثانية عن الإمام أحمد: أن الصوم صحيح إذا تبين أنه من رمضان، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولعل هذا يدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير: (حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيت) . فهذا الرجل علقه لأنه لا يعلم أن غدا من رمضان، فتردده مبني على التردد في ثبوت الشهر، لا على التردد في النية وهل يصوم أو لا يصوم؟
ولهذا لو قال ليلة الواحد من رمضان: أنا غدا يمكن أن أصوم، ويمكن لا أصوم، قلنا: هذا لا يصح، لأنه متردد ... وعلى هذا فينبغي لنا إذا نمنا قبل أن يأتي الخبر ليلة الثلاثين من شعبان أن ننوي أنه إن كان غدا من رمضان فنحن صائمون " انتهى من" الشرح الممتع" (6/375) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2800)
هل يجب ترائي الهلال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الناس ترائي هلال رمضان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب جماعة من العلماء إلى أن تعهد رؤية هلال رمضان أول ليلة، واجب على الكفاية، فلو تركه جميع الناس أثموا، وهو قول الحنفية.
واكتفى بعض الفقهاء بالقول باستحباب ترائي الهلال.
قال في "مجمع الأنهار" (1/238) : " ويجب على الناس وجوب كفاية التماس الهلال في التاسع والعشرين من شعبان ومن رمضان، وكذا ذو القعدة ; ويجب على الحاكم أن يأمر الناس بذلك " باختصار.
وقال في "الفتاوى الهندية" (1/197) : " يجب أن يلتمس الناس الهلال في التاسع والعشرين من شعبان وقت الغروب فإن رأوه صاموه , وإن غم أكملوه ثلاثين يوما " انتهى.
وينظر: فتح القدير (2/313)
وقال في "كشاف القناع" (2/300) : " (ويستحب للناس ليلة الثلاثين من شعبان أن يتراءوا هلال رمضان)
"ويستحب ترائي الهلال احتياطا للصوم، وحذرا من الاختلاف، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحفظ في شعبان، ما لا يتحفظ في غيره ثم يصوم لرؤية رمضان) رواه الدارقطني بإسناد صحيح.
وعن أبي هريرة مرفوعا: (أحصوا هلال شعبان لرمضان) رواه الترمذي " انتهى.
وحديث (أحصوا هلال شعبان ... ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي (678) .
قال في "تحفة الأحوذي": "قال ابن حجر: أي اجتهدوا في إحصائه وضبطه بأن تتحروا مطالعه وتتراءوا منازله لأجل أن تكونوا على بصيرة في إدراك هلال رمضان على حقيقة حتى لا يفوتكم منه شيء " انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (22 /23) : " رؤية الهلال أمر يقتضيه ارتباط توقيت بعض العبادات بها , فيشرع للمسلمين أن يجدوا في طلبها ويتأكد ذلك في ليلة الثلاثين من شعبان لمعرفة دخول رمضان , وليلة الثلاثين من رمضان لمعرفة نهايته ودخول شوال , وليلة الثلاثين من ذي القعدة لمعرفة ابتداء ذي الحجة. فهذه الأشهر الثلاثة يتعلق بها ركنان من أركان الإسلام هما الصيام والحج , ولتحديد عيد الفطر وعيد الأضحى.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على طلب الرؤية , فعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته , فإن غمي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) . وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الشهر تسع وعشرون ليلة , فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) . أوجب الحديث الأول صيام شهر رمضان برؤية هلاله أو بإكمال شعبان ثلاثين , وأمر بالإفطار لرؤية هلال شوال , أو بإتمام رمضان ثلاثين. ونهى الحديث الثاني عن صوم رمضان قبل رؤية هلاله أو قبل إتمام شعبان في حالة الصحو.
وورد عنه صلى الله عليه وسلم حديث فيه أمر بالاعتناء بهلال شعبان لأجل رمضان قال: (أحصوا هلال شعبان لرمضان) ، وحديث يبين اعتناءه بشهر شعبان لضبط دخول رمضان , عن عائشة رضي الله عنها (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره , ثم يصوم لرؤية رمضان فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام) .
قال الشراح: أي: يتكلف في عد أيام شعبان للمحافظة على صوم رمضان. وقد اهتم الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم برؤية هلال رمضان فكانوا يتراءونه. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: (تراءى الناس الهلال فأخبرت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام وأمر الناس بصيامه) . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا مع عمر بين مكة والمدينة , فتراءينا الهلال , وكنت رجلا حديد البصر فرأيته , وليس أحد يزعم أنه رآه غيري. قال: فجعلت أقول لعمر: أما تراه؟ فجعل لا يراه.
وقد أوجب الحنفية كفاية التماس رؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان فإن رأوه صاموا , وإلا أكملوا العدة ثم صاموا ; لأن ما لا يحصل الواجب إلا به فهو واجب.
وقال الحنابلة: يستحب ترائي الهلال احتياطا للصوم وحذارا من الاختلاف. ولم نجد للمالكية والشافعية تصريحا بهذه المسألة " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يأثم المسلمون جميعا إذا لم يتراء أحد منهم هلال رمضان دخولا أو خروجا؟
فأجاب: " ترائي هلال رمضان أو هلال شوال أمر معهود في عهد الصحابة رضي الله عنهم؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: (تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصامه وأمر الناس بصيامه) .
ولا شك أن هدي الصحابة رضي الله عنهم أكمل الهدي وأتمه " انتهى من "48 سؤالا في الصوم" سؤال رقم 21.
والذي يظهر أن ترائي هلال رمضان وشوال وذي الحجة واجب على الكفاية، لأنه يتعلق بذلك ركنان من أركان الإسلام: الصوم والحج.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2801)
هل له أن يفطر تبعا للسعودية، وأهل بلده صائمون
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في بلدنا أكملنا رمضان ثلاثين يوما، أما السعودية فصاموا تسعة وعشرين يوما وفوجئت بصديق لي في يوم الثلاثين أنه أفطر وقال لي: إنه يحرم صيام هذا اليوم لأن الهلال قد ظهر بالمملكة.
السؤال: ما حكم ما فعله صاحبي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المسلم موجوداً في بلد يعتبر الرؤية الشرعية لإثبات دخول الشهر وخروجه، فإنه مأمور بموافقتهم في الصيام والإفطار، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (12660) .
أما إذا كان المسلم في بلد كافر، أو في بلد يتلاعبون بدخول الشهر وخروجه حسب أهوائهم، غير مراعين في ذلك الرؤية الشرعية، فلا حرج عليه في اتباع من يثق في رؤيتهم وتمسكهم بالأحكام الشرعية.
وانظر جواب السؤال رقم (50522) ففيه بيان ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2802)
هل يصح الاعتماد على الإمساكيات الرمضانية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في محافظة القنفذة، ومن زمن طويل نعتمد تقويم " أم القرى " في الإمساك والإفطار ومواقيت الصلاة، وبنفس مواقيت مكة المكرمة، ولكن منذ عام أو أكثر وزَّع الإخوة في المكتب التعاوني تقويماً خاصّاً بمحافظة القنفذة ويوجد به فارق في التوقيت في حدود عشر دقائق تقل أحياناً وتزيد أخرى، والمشكلة أن الناس الآن انقسموا إلى قسمين: بعض القرى تمسك على توقيت مكة المكرمة، والبعض الآخر يمسك على هذا التقويم الجديد الخاص بالمحافظة، والآن مشلكتنا في الصيام هل من يمسك على تقويم مكة المكرمة الذي يتأخر عن توقيت القنفذة بعشر دقائق يعتبر صيامه غير صحيح لأنه في هذه الحالة يعتبر أمسك بعد الأذان في حال كون التوقيت الجديد الخاص بالمحافظة صحيحاً؟
نأمل بحث المسألة بجدية لأن الناس في جدل واختلاف.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز الاعتماد على الإمساكيات المنتشرة بين الناس إلا وفق شرطين:
أولها: أن تكون الجهة المصدرة لها من أهل العلم والخبرة.
وثانيها: أن تكون الإمساكية خاصة بالبلدة التي تصدرها الجهة لها، ولا يجوز لأحدٍ يعيش بعيداً عن تلك البلدة اعتماد إمساكيتها لما يوجد من فروق في التوقيت بينهما.
ومن كان لا يتوفر عنده تقويم أو إمساكية ليعتمد عليها في إمساكه وإفطاره، فيمكنه التحقق بنفسه من طلوع الفجر الصادق وغروب الشمس عن طريق المشاهدة , أو يقلد مؤذناً أميناً عارفاً بالأوقات.
فإذا عُرف أن المؤذن لا يؤذن إلا مع طلوع الفجر الصادق، فالواجب الإمساك بمجرد سماع أذانه، وإذا عُرف عنه أنه يؤذن بعد غروب الشمس فقد حلَّ للصائم أن يفطر، ولا عبرة بأذان من يؤذن قبل الفجر أو بعد غروب الشمس بمدة احتياطاً.
ثانياًً:
سبق في جواب السؤال رقم: (8048) عن الشيخ عبد الرحمن البراك:
" وقد صار التقويم هو الوسيلة للناس في معرفة مواقيت الصلاة بالساعة والدقيقة، فينبغي العناية بذلك ".
لكن هذا لا يعني عدم وجود أخطاء في هذه التقاويم، فقد سبق في جواب السؤال رقم: (26763) عن الشيخ الألباني بيان خطأ بعض التقاويم في الفجر خاصة، وكان ذلك بتحريه هو رحمه الله.
ومن المعلوم أن " تقويم أم القرى " يحظى بمصداقية عالية، فقد أكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – في إحدى خطب الجمعة – " أن التوقيت الخاص بأم القرى توقيت دقيق وشرعي وموثق، ولا يمكن التشكيك فيه ".
وقال:
" لقد وثَّق علماء الأمة هذا التوقيت، وجُرِّب وطُبِّق وثبت أنه طبقاً للتوقيت الشرعي، وأن فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله أصدر بياناً في عام 1418هـ وثق فيه توقيت أم القرى " انتهى.
وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه يوجد فرق يسير فقط في الفجر بمقدار خمس دقائق، انظر جواب السؤال رقم (66202) .
ثالثاً:
بخصوص مدينة " القنفذة " فإنها تقع على ساحل البحر الأحمر في موقع متوسط بين مكة وجدة شمالا وجازان جنوباً، وتقع على مسافة 380 كم جنوب مكة وجدة، وتقع عند تقاطع خط طول 41.5 درجة شرقا بدائرة عرض 19.8 درجة شمالاً.
وأما مكة فتقع على خط العرض: 21:27 شمالاً، وخط الطول: 39:49 شرقاً.
وبالتأمل في أوقات الصلوات حسب تقويم " أم القرى " رأينا فرقاً في التوقيت يتناسب مع بعد المسافة بين مكة والقنفذة فلا يصح اعتماد أهل القنفذة على توقيت مكة وأذانها.
ففي هذا اليوم – 30 رجب 1426 هـ - مثلاً – كانت نتائج الصلوات كالتالي:
البلدة الفجر الشروق الظهر العصر المغرب العشاء
مكة 4,44 6,04 12,19 3,44 6,34 8,04
القنفذة 4,34 6,01 12,15 3,37 6,28 7,58
وبه يتبين صحة ما وزعه عليكم الإخوة في المكتب التعاوني من تقويم يختص بمنطقتكم، والفروقات التي ذكرتم أنها موجودة هي صحيحة بالفعل، فعليكم مراعاة هذا، ونسأل الله تعالى أن يوفقكم ويهديكم لما فيه رضاه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2803)
هل يلزم من رأى هلال رمضان وحده أن يصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رأى شخص هلال رمضان وحده هل عليه أن يصوم؟ وإذا كان كذلك هل من دليل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من رأى هلال رمضان وحده، أو رأى هلال شوال وحده، وأخبر به القاضي أو أهل البلد فلم يأخذوا بشهادته، فهل يصوم وحده، أو لا يصوم إلا مع الناس؟ في ذلك ثلاثة أقوال لأهل العلم:
القول الأول: أنه يعمل برؤية نفسه في الموضعين، فيصوم في أول الشهر ويفطر في آخره منفرداً، وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله.
غير أنه يفعل ذلك سراً حتى لا يعلن بمخالفة الناس، وحتى لا يؤدي ذلك إلى إساءة الظن به، حيث يراه الناس مفطراً، وهم صائمون.
القول الثاني: أنه يعمل برؤية نفسه في أول الشهر، فيصوم منفرداً، أما في آخر الشهر، فلا يعمل برؤية نفسه وإنما يفطر مع الناس.
وهذا مذهب جمهور العلماء منهم (أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله) .
وقد اختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، قال: " وهذا من باب الاحتياط، فنكون قد احتطنا في الصوم والفطر. ففي الصوم قلنا له: صم، وفي الفطر قلنا له: لا تفطر بل صم " انتهى من الشرح الممتع " (6/330) .
والقول الثالث: أنه لا يعمل برؤية نفسه في الموضعين، فيصوم ويفطر مع الناس.
وإليه ذهب الإمام أحمد رحمه الله في رواية، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدل له بأدلة كثيرة، قال رحمه الله: " والثالث: يصوم مع الناس ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون) رواه الترمذي وقال: حسن غريب. ورواه أبو داود وابن ماجه وذكر الفطر والأضحى فقط. ورواه الترمذي من حديث عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون) قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب قال: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إنما معنى هذا: الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/114) .
واستدل أيضا: بأنه لو رأى هلال ذي الحجة منفرداً فلم يقل أحد من العلماء إنه يقف في عرفة وحده.
وذكر أن أصل المسألة هو " أن الله سبحانه وتعالى علق الحكم بالهلال والشهر فقال تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) والهلال: اسم لما يُستهل به، أي يُعلن به ويُجهر به. فإذا طلع في السماء ولم يعرفه الناس ويستهلوا لم يكن هلالا.
وكذا الشَهر مأخوذ من الشُّهرة، فإن لم يشتهر بين الناس لم يكن الشهر قد دخل. وإنما يغلط كثير من الناس في مثل هذه المسألة لظنهم أنه إذا طلع في السماء كان تلك الليلة أول الشهر، سواء ظهر ذلك للناس واستهلوا به أو لا. وليس كذلك، بل ظهوره للناس واستهلالهم به لابد منه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون) أي هذا اليوم الذي تعلمون أنه وقت الصوم والفطر والأضحى، فإذا لم تعلموه لم يترتب عليه حكم " انتهى من " مجموع الفتاوى " (25/202) .
وهذا القول أفتى به الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
" مجموع فتاوى الشيخ " (15/72) .
وحديث: (الصوم يوم تصومون ... ) صححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن الترمذي برقم (561)
وانظر مذاهب الفقهاء في: " المغني " (3/47، 49) ، " والمجموع " (6/290) ، "والموسوعة الفقهية " (28/18)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2804)
هل يتبع في صيامه وإفطاره رؤية أهل بلده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تأخرت رؤية الهلال في بلدي بيومين، وهناك مجموعة تأخذ بعموم الرؤية وتصوم مع السعودية وبلدان مجاورة أخرى، فقمت بتقليد هذه الجماعة هذه السنَة فصمت قبل بلدي بيوم، فهل عليَّ القضاء - مع العلم أن الرؤية ثبتت بعد ذلك هنا -؟ وهل عليَّ أن أفطر مع بلدي أو بعموم الرؤية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم (12660) أن المسلم إذا كان في دولة إسلامية تعتمد على رؤية الهلال في إثبات دخول الشهر وخروجه، فالواجب عليه متابعة ذلك البلد، ولا يجوز له مخالفتها لا في الصيام ولا في الإفطار.
لقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الصَّوْمُ يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ تُضَحُّونَ) رواه أبو داود (2324) والترمذي (697) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقد اختلف الأئمة فيما لو ظهر الهلال في بلد، هل يلزم جميع المسلمين الصوم؟ أو يلزم البلاد القريبة دون البعيدة؟ أو يلزم من اتفقت مطالعهم دون من اختلفت مطالعهم؟ على أقوال.
فعلى المسلم أن يتبع علماء بلده فيما يرجحونه من هذه الأقوال حسب ما يظهر لهم من الأدلة، ولا ينفرد بالصيام ولا الإفطار.
وقد ذكرنا نص كلام هيئة كبار العلماء في هذه المسألة في جواب السؤال رقم (50487) وفيه قولهم:
" فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه، وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته " انتهى.
ولينظر الكلام بطوله فإنه مهم.
فعلى هذا؛ عليك بموافقة بلدك التي تعتمد على الرؤية في إثبات دخول الشهر وخروجه، في الصيام والإفطار، وإذا فعلت ذلك فقد أحسنت ولا قضاء عليك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2805)
يعيشون في هولندا فمع من يبدؤون الصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في هولندا، واختلف الناس في أول يوم من رمضان، منهم من صام على مصر، ومنهم من ينتظر حتى يتبع الإعلان من الجزيرة العربية، فما هو الموقف الصحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يثبت دخول الشهر شرعاً إلا برؤية الهلال، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) رواه البخاري (1909) ومسلم (1081) . ولا اعتبار للحساب الفلكي في إثبات دخول الشهر.
ولا شك أن المطالع تختلف من بلد لآخر – وخاصة تلك البعيدة عن غيرها -، وليس الخلاف في اختلاف المطالع فهذا لا يجادل فيه أحد، إنما الخلاف هل لاختلاف المطالع أثرٌ في إثبات دخول الشهر من بلد لآخر أم لا.
ثانياً:
المسلمون المقيمون في دولة غير إسلامية، إن كان لهم هيئة شرعية أو مجلس يرجعون إليه ويعتمد على الرؤية الشرعية في إثبات دخول الشهر وخروجه فقد أفتى علماء اللجنة الدائمة أن هذا المجلس يأخذ حكم الحكومة الإسلامية بالنسبة لهم، فيلزمهم إتباعه في دخول الشهر وخروجه.
وتفصيل هذا في الجواب على السؤال رقم: (1248) .
وأما إن كان ليس لهم هيئة شرعية فلا حرج عليهم أن يتبعوا الدولة التي يثقون بها، والتي تعتبر الرؤية الشرعية، لا الحساب الفلكي، فيصومون ويفطرون معها.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عمن أقام في أسبانيا في رمضان وصام بصيام بلاد الحرمين الشريفين، فأجاب:
" أما ما ذكرتم من صومكم معنا وفطركم معنا لكونكم أقمتم في أسبانيا أيام رمضان فلا بأس ولا حرج عليكم في ذلك، لقول النبي: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ) وهذا عام لجميع الأمة، وبلاد الحرمين أولى الدول بالاقتداء بها، لاجتهادها في تحكيم الشريعة، زادها الله توفيقاً وهداية، ولأنكم في بلاد لا تحكّم الإسلام، ولا يبالي أهلها لأحكام الإسلام " انتهى. مجموع فتاوى ابن باز (15/105)
وللمزيد من التوضيح والبيان: يُنظر أجوبة الأسئلة: (1226) و (12660) و (1602) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2806)
يقيم في ألمانيا فهل يصوم مع الجمعية الأوربية أم مع السعودية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نقيم في ألمانيا والمشكلة أن إمام مسجد قال: سوف نصوم مثل السعودية، وفي المسجد الثاني قيل إننا سنصوم تبعاً للجمعية الأوربية الإسلامية التي من المفروض أنها تهتم عادة بمراقبة الهلال. فما قولكم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت الجمعية الأوربية الإسلامية تعتمد على رؤية الهلال، فإن الأولى في حقكم، هو الموافقة لهم في الصيام والإفطار.
والمسألة فيها خلاف قديم المشهور: هل لكل بلد رؤيته؟ أم يلزم الجميع اتباع من رأوا الهلال ولو اختلفت المطالع؟ وهو خلاف سائغ مبني على الاجتهاد، ولا حرج على أحد في الأخذ بأحد هذين القولين حسب ما يظهر له من الأدلة.
ولعل أرجح القولين أن اختلاف المطالع معتبر، وقد سبق بيان طرف من أدلة هذا القول في جواب السؤال رقم (50487) .
ومما يدل على ذلك: ما رواه مسلم (1819) عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ: فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا , وَاسْتُهِلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ، فَرَأَيْتُ الْهِلالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلالَ، فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمْ الْهِلالَ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَرَآهُ النَّاسُ، وَصَامُوا، وَصَامَ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْت، ِ فَلا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلاثِينَ أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَوَ لا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؟ فَقَالَ: لا، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فهذا يدل على أنه مع تباعد البلاد فلكل بلد رؤيته، وأنه لا يلزم الجميع الصوم برؤية إحدى البلدان له.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2807)
لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يتوحد المسلمون في الصيام مع أن هلال رمضان واحد؟ وقديماً يعذرون لعدم وجود وسائل الإعلام.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا: السبب الغالب في اختلاف بدء الصيام من بلد لآخر، هو اختلاف مطالع الأهلة. واختلاف المطالع أمر معلوم بالضرورة حسا وعقلا.
وعليه فلا يمكن إلزام المسلمين بالصوم في وقت واحد، لأن هذا يعني إلزام جماعة منهم بالصوم قبل رؤية الهلال، بل قبل طلوعه.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عمن ينادي بتوحيد الأمة في الصيام، وربط المطالع كلها بمطالع مكة، فقال:
" هذا من الناحية الفلكية مستحيل؛ لأن مطالع الهلال كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تختلف باتفاق أهل المعرفة بهذا العلم، وإذا كانت تختلف فإن مقتضى الدليل الأثري والنظري أن يجعل لكل بلد حكمه.
أما الدليل الأثري فقال الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة/185. فإذا قُدِّرَ أن أناسا في أقصى الأرض ما شهدوا الشهر -أي: الهلال - وأهل مكة شهدوا الهلال، فكيف يتوجه الخطاب في هذه الآية إلى من لم يشهدوا الشهر؟! وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) متفق عليه، فإذا رآه أهل مكة مثلاً فكيف نلزم أهل باكستان ومن وراءهم من الشرقيين بأن يصوموا، مع أننا نعلم أن الهلال لم يطلع في أفقهم، والنبي صلى الله عليه وسلم علق ذلك بالرؤية.
أما الدليل النظري فهو القياس الصحيح الذي لا تمكن معارضته، فنحن نعلم أن الفجر يطلع في الجهة الشرقية من الأرض قبل الجهة الغربية، فإذا طلع الفجر على الجهة الشرقية، فهل يلزمنا أن نمسك ونحن في ليل؟ الجواب: لا. وإذا غربت الشمس في الجهة الشرقية، ولكننا نحن في النهار فهل يجوز لنا أن نفطر؟ الجواب: لا. إذاً الهلال كالشمس تماما، فالهلال توقيته توقيت شهري، والشمس توقيتها توقيت يومي، والذي قال: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187. هو الذي قال: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) فمقتضى الدليل الأثري والنظري أن نجعل لكل مكانٍ حكماً خاصًّا به فيما يتعلق بالصوم والفطر، ويربط ذلك بالعلامة الحسية التي جعلها الله في كتابه، وجعلها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سنته ألا وهي شهود القمر، وشهود الشمس، أو الفجر " انتهى من فتاوى أركان الإسلام ص 451.
وقال رحمه الله موضحاً هذا القياس، ومؤيداً به حجة الذين اعتبروا اختلاف المطالع:
" قالوا: والتوقيت الشهري كالتوقيت اليومي، فكما أن البلاد تختلف في الإمساك والإفطار اليومي، فكذلك يجب أن تختلف في الإمساك والإفطار الشهري، ومن المعلوم أن الاختلاف اليومي له أثره باتفاق المسلمين، فمن كانوا في الشرق فإنهم يمسكون قبل من كانوا في الغرب، ويفطرون قبلهم أيضا.
فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي، فإن مثله تماما في التوقيت الشهري.
ولا يمكن أن يقول قائل: إن قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ) لا يمكن لأحد أن يقول: إن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأقطار.
وكذلك نقول في عموم قوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا) وهذا القول كما ترى له قوته بمقتضى اللفظ، والنظر الصحيح، والقياس الصحيح أيضا، قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي " انتهى. نقلا عن "فتاوى رمضان" جمع أشرف عبد المقصود ص 104.
وصدر عن هيئة كبار العلماء، بيان مهم بهذا الخصوص، وهذا نصه:
" أولاً: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً، ولم يختلف فيها أحد من العلماء، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في: اعتبار خلاف المطالع، وعدم اعتباره.
ثانياً: مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال، والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين، وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره. واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى: (يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحجِّ) البقرة/189. وبقوله صلى الله عليه وسلم: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) الحديث. وذلك لاختلاف الفهم في النص، وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به.
ونظرا لاعتبارات رأتها الهيئة وقدرتها، ونظراً إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرناً، لا نعلم فيها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإسلامية على رؤية واحدة. فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه. وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة، إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.
ثالثاً: نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة بالحساب، وما ورد في الكتاب والسنة، واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك، فقرروا بإجماعٍ عدمَ اعتبار حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) الحديث. وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ) الحديث. وما في معنى ذلك من الأدلة " انتهى نقلا عن "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/102) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2808)
صعوبة تحري الهلال في البلدان الصناعية
[السُّؤَالُ]
ـ[يعتقد الناس هنا بأنه من الصعب تحري الهلال بسبب كثرة الصناعة والدخان والأبنية، فما رأيكم في هذا؟ ما هو حجم الهلال في أول ظهوره؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس من الصعب رؤية الهلال عند ظهوره، وإذا لم يتيسر رؤيته في بعض الأمكنة بسبب كثرة الدخان فإنه لن يكون صعباً أن يُشاهَد في أمكنة أخرى أكثر وضوحاً.
والدخان والأبنية مهما بلغت من العلو فلن تكون مثل الغيم والسحاب في تغطية الهلال، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا غم علينا ولم نره فعلينا أن نكمل عدة شعبان ثلاثين يوماً.
فإما أن يُرى الهلال من خلال الدخان والأبنية: فيصام لمشاهدته.
وإما أن يراه من كان في مكانٍ آخر أكثر وضوحاً: فيصام لمشاهدته.
وإما أن يُغم علينا ولا نراه: فنكمل عدة شعبان ثلاثين يوماً.
وأما حجم الهلال في أول ظهوره فإنه يكون صغيراً جدّاً لا يراه إلا من كان قوي البصر.
والله أعلم
وانظر للمزيد أجوبة الأسئلة: (1226) و (1248) و (1602) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2809)
هل يتبعون المجلس الأوروبي ولو أخذ بالحساب الفلكي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن إدارة مركز إسلاميّ في بريطانيا نريد أن نحدّد موعد بدء شهر رمضان ونهايته للمصلّين في مركزنا، وقد وضعنا نصب أعيننا محاولة جمع كلمة المسلمين بحيث نبذل ما يمكن لتوحيد رأيهم في هذا الموضوع، وقد يرى بعضهم الرؤية والآخر الحساب. وللمجلس الأوروبي للإفتاء رأي في الموضوع، مع العلم أنّه الجهة التي تتولّى إصدار الفتاوى للمسلمين في أوروبا.
سؤالنا:
هل نتبع المجلس الأوروبي للإفتاء ولو أخذ بالحساب، أم نبقى على ما اعتمدناه من محاولة وحدة الكلمة بين المساجد في مدينتا ولو خالف رأي المجلس؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز العمل بالحساب الفلكي في إثبات دخول شهر رمضان أو خروجه، والواجب هو العمل برؤية الهلال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ) رواه البخاري (1909) ومسلم (1081) . راجع سؤال (1602) .
وقد أجمع المسلمون على عدم جواز العمل بالحساب الفلكي بدلاً من رؤية الهلال إذا كانت السماء صحواً، أما إن كان في السماء غيمٌ فقد شَذَّ بعض العلماء وأجاز العمل بالحساب الفلكي في حق الحاسب فقط.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
فإنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يُرَى أو لا يُرَى لا يجوز، والنصوص المستفيضة عن النبي بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه، ولا يُعرف فيه خلافٌ قديمٌ أصلاً، ولا خلافٌ حديثٌ إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غُمًّ الهلالُ جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا.
وهذا القول وإن كان مقيدا بالإغمام، ومختصا بالحاسب، فهو شاذ مسبوق بالإجماع على خلافه، فأما اتباع ذلك في الصحو أو تعليق عموم الحكم العام به فما قاله مسلم اهـ
مجموع الفتاوى (25/132) .
وبناء على هذا لا يجوز لكم اتباع المجلس المذكور إذا كان يعتمد على الحساب الفلكي وليس على رؤية الهلال.
وعليكم العمل برؤية الهلال كما هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم وعليه أجمع المسلمون.
وفقكم الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2810)
لم يروا هلال ذي الحجة فماذا يفعلون
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم سني أقيم في اليابان أكتب إليكم سائلاً ومستفسراً حول رؤية هلال ذو الحجة , حيث يكاد المسلمون أن يختلفوا حول تحديد يوم العيد. وسؤالي هنا أفادكم الله هل نعيد مع المملكة العربية السعودية أو نتبع أقرب البلدان إلينا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يكفيكم ويسعكم أن تأخذوا بالرؤية الشرعية التي ثبتت في بلاد الحرمين
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2811)
الاعتماد على رؤية الهلال وليس الحسابات الفلكية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم الاعتماد في بدء الصوم ونهايته على الحساب الفلكي، أو لا بد من رؤية الهلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الشريعة الاسلامية شريعة سمحة وهي عامة شاملة أحكامها جميع الثقلين الإنس والجن، على اختلاف طبقاتهم علماء وأميين أهل الحضر وأهل البادية، فلهذا سهل الله عليهم الطريق إلى معرفة أوقات العبادات، فجعل لدخول أوقاتها وخروجها أمارات يشتركون في معرفتها، جعل غروب الشمس أمارة على دخول وقت المغرب وخروج وقت العصر، وغروب الشفق الأحمر أمارة على دخول وقت العشاء مثلاً، وجعل رؤية الهلال بعد استتاره آخر الشهر أمارة على ابتداء شهر قمري جديد وانتهاء الشهر السابق، ولم يكلفنا معرفة بدء الشهر القمري بما لا يعرفه إلا النزر اليسير من الناس، وهو علم النجوم أو علم الحساب الفلكي، وبهذا جاءت نصوص الكتاب والسنة بجعل رؤية الهلال ومشاهدته أمارة على بدء صوم المسلمين شهر رمضان، والإفطار منه برؤية هلال شوال، وكذلك الحال في ثبوت عيد الأضحى ويوم عرفات. قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) سورة البقرة /185 وقال تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) سورة البقرة /189 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) فجعل عليه الصلاة والسلام الصوم لثبوت رؤية هلال شهر رمضان، والإفطار منه لثبوت شهر شوال، ولم يربط ذلك بحساب النجوم وسير الكواكب، وعلى هذا جرى العمل زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الخلفاء الراشدين، والأئمة الأربعة والقرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالفضل والخير، فالرجوع في إثبات الشهور القمرية إلى علم النجوم في بدء العبادات، والخروج منها دون الرؤية من البدع التي لا خير فيها، ولا مستند لها من الشريعة.. والخير كل الخير في اتباع من سلف في الشئون الدينية، والشر كل الشر في البدع التي أحدثت في الدين حفظنا الله وإياكم وجميع المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 10/106(5/2812)
العمل بالرؤية لا بحسابات الفلكيين
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك خلاف كبير بين علماء المسلمين في تحديد بدء صوم رمضان وعيد الفطر المبارك فمنهم من يعمل بالرؤية بناء على حديث: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) ، ومنهم من يعتمد على آراء الفلكيين حيث يقولون: إن علماء الفلك قد وصلوا إلى القمة في علم الفلك بحيث يمكنهم معرفة بداية الشهور القمرية، فما هو الصواب في هذه المسألة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: القول الصحيح الذي يجب العمل به هو ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة) من أن العبرة في بدء شهر رمضان وانتهائه برؤية الهلال (بالعين) ، فإن شريعة الاسلام التي بعث الله بها نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عامة خالدة مستمرة إلى يوم القيامة، (وهي صالحة لكل زمان ومكان سواء كانت العلوم الدنيوية متقدّمة أو غير متقدّمة وسواء وُجدت الآلات أو لم توجد وسواء كان في أهل البلد من يُجيد الحسابت الفلكية أو لم يكن فيهم من يُجيد ذلك، والعمل بالرؤية يُطيقه الناس في كل عصر ومصر بخلاف الحسابات التي قد يوجد من يعرفها وقد لا يوجد، وكذلك الآلات التي قد تتوفر وقد لا تتوفّر) .
ثانياً: أن الله تعالى علم ما كان وما سيكون من تقدم علم الفلك وغيره من العلوم ومع ذلك قال: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) سورة البقرة /185 وبيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " الحديث، فعلّق صوم شهر رمضان والإفطار منه برؤية الهلال ولم يعلّقه بعلم الشهر بحساب النجوم مع علمه تعالى بأن علماء الفلك سيتقدمون في علمهم بحساب النجوم وتقدير سيرها، فوجب على المسلمين المصير إلى ما شرعه الله لهم على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من التعويل في الصوم والإفطار على رؤية الهلال وهو كالإجماع من أهل العلم ومن خالف في ذلك وعوّل على حساب النجوم فقوله شاذ لا يعوّل عليه. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
>فتاوى اللجنة الدائمة 10/106(5/2813)
يجوز الاستعانة بآلات الرصد لرؤية الهلال وليس بالحسابات
[السُّؤَالُ]
ـ[إنه من غير الممكن رؤية الهلال بالعين المجردة قبل أن يصبح عمره ثلاثين ساعة، وبالإضافة إلى ذلك فإنه من غير الممكن أحيانا رؤيته بسبب حالة الجو، فهل يجوز بناء على ذلك اللجوء إلى استعمال المعلومات الفلكية في حساب الموعد المحتمل لرؤية القمر الجديد وموعد بدء شهر رمضان، أم يجب علينا رؤية القمر الجديد قبل بدئنا بصوم شهر رمضان المبارك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تجوز الاستعانة بآلات الرصد في رؤية الهلال ولا يجوز الاعتماد على العلوم الفلكية في إثبات بدء شهر رمضان المبارك أو الفطر، لأن الله لم يشرع لنا ذلك لا في كتابه ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإنما شرع لنا إثبات بدء شهر رمضان ونهايته برؤية هلال شهر رمضان في بدء الصوم ورؤية هلال شوال في الإفطار والاجتماع لصلاة عيد الفطر وجعل الأهلة مواقيت للناس وللحج، فلا يجوز لمسلم أن يُوقّت بغيرها شيئاً من العبادات من صوم رمضان والأعياد وحج البيت والصوم في كفارة القتل خطأً وكفارة الظهار ونحوها، قال تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) سورة البقرة /185، وقال تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) سورة البقرة /189، وقال صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين) وعلى ذلك يجب على من لم يُر الهلال في مطلعهم في صحو أو غيم أن يتموا العدة (عدة شعبان) ثلاثين.. فتاوى اللجنة الدائمة 10/100، هذا ما لم تثبت رؤية الهلال في بلد آخر، فإذا ثبتت رؤية الهلال في بلد آخر ثبوتا شرعيا وجب عليهم الصيام في قول جمهور أهل العلم. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2814)
هل مسألة اختلاف مطالع القمر معتبرة وموقف الجاليات الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة وكندا يصادفنا في كل بداية لشهر رمضان مشكلة تسبب انقسام المسلمين إلى ثلاث فرق:
1- فرقة تصوم بتحري الهلال في البلدة التي يسكنون فيها.
2- فرقة تصوم مع بداية الصيام في السعودية.
3- فرقة تصوم عند وصول خبر من اتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا وكندا الذي يتحرى الهلال في أماكن متعددة في أمريكا، وفور رؤيته في إحدى البلاد يعمم على المراكز المختلفة برؤيته فيصوم مسلموا أميركا كلهم في يوم واحد على الرغم من المسافات الشاسعة التي بين المدن المختلفة.
فأي الجهات أولى بالاتباع والصيام برؤيتها وخبرها. أفتونا مأجوين أثابكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حساً وعقلاً، ولم يختلف فيها أحد من العلماء وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره.
ثانياً: مسألة اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال، والاختلاف فيها واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين وهو من الخلاف السائغ الذي يؤجر فيه المصيب أجرين أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد.
وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم ير اعتباره واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد، كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) سورة البقرة / 189 وبقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) الحديث، وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقاً في الاستدلال به..
ثالثاً: نظر مجلس الهيئة في مسألة ثبوت الأهلة بالحساب وما ورد في ذلك من أدلة في الكتاب والسنة واطلعوا على كلام أهل العلم في ذلك فقرروا بإجماع: عدم اعتبار حساب النجوم في ثبوت الأهلة في المسائل الشرعية لقول صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه) الحديث، وما في معنى ذلك من الأدلة.
وترى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أن اتحاد الطلبة المسلمين (أو غيره ممن يمثّل الجالية الإسلامية) في الدول التي حكوماتها غير اسلامية يقوم مقام حكومة اسلامية في مسألة إثبات الهلال بالنسبة لمن يعيش في تلك الدول من المسلمين.
وبناء على ما سبق ذكره يكون لهذا الاتحاد حق اختيار أحد القولين: إما اعتبار اختلاف المطالع وإما عدم اعتبار ذلك، ثم يعمّم ما رآه على المسلمين في الدولة التي هو فيها، وعليهم أن يلتزموا بما رآه وعمّمه عليهم، توحيداً للكلمة ولبدء الصيام وخروجاً من الخلاف والاضطراب وعلى كل من يعيش في تلك الدول أن يتراءوا الهلال في البلاد التي يقومون فيها، فإذا رآه ثقة منهم أو أكثر صاموا بذلك وبلغوا الاتحاد ليعمم ذلك، وهذا في دخول الشهر، أما في خروجه فلا بد من شهادة عدلين برؤية هلال شوال أو إكمال رمضان ثلاثين يوماً، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوماً) والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 10/109(5/2815)
هل تُشترط مدة معينة لبقاء الهلال المولود في السماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطريقة التي يثبت بها أول كل شهر قمري، وهل تشترط مدة معينة لبقاء القمر المولود في الأفق؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على أن الهلال متى رآه ثقة بعد غروب الشمس في ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان فإن الرؤية تكون معتبرة، ويعرف بها أول الشهر من غير حاجة إلى اعتبار المدة التي يمكثها القمر بعد غروب الشمس، سواء كانت عشرين دقيقة أم أقل أو أكثر، لأنه ليس هناك في الأحاديث الصحيحة ما يدل على التحديد بدقائق معينة لغروب القمر بعد غروب الشمس. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 10/91(5/2816)
هل يشترط أن يرى هلال رمضان كل واحد من المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذي لا يصوم في أول رؤية هلال رمضان إذا رؤي حتى يرى بنفسه ويستدل بالحديث القائل: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) وهل صحيح استدلالهم بهذا الحديث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله، الواجب الصيام إذا ثبتت رؤية الهلال ولو بواحد عدل من المسلمين، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام عندما شهد الأعرابي برؤيته للهلال وأما الاستدلال بحديث (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) على أن كل فرد لا يصوم إلا برؤيته بنفسه فغير صحيح، لأن الحديث خطاب عام بالصيام عند تحقق الرؤية ولو من واحد عدل من المسلمين. فتاوى اللجنة الدائمة 10/94، ومن الأدلّة الدالة أيضا على أنّ رؤية الواحد العدل الثقة من المسلمين للهلال كافية لوجوب الصيام على جميع المسلمين حديث ابن عُمَرَ رضي الله عنه قال: تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلالَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ. رواه أبو داود في سننه: كتاب الصوم: باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان. وبعض أهل البدع يتأخّرون عن سائر المسلمين بالصّوم لأجل اعتقادهم الضّال بأنه لا صيام على الإنسان حتى يراه بنفسه والأحاديث تردّ عليهم ثم نسألهم ماذا يفعل الأعمى وضعيف البصر إذن؟ والأمر كما قال الله تعالى: (فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) سورة الحج، والله الهادي إلى سواء السبيل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/2817)
هل يشكّل المسلمون في بلاد الغرب لجنة لتحري رؤية الهلال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلمين الذين يقيمون في بلد ليس بإسلامية أن يشكلوا لجنة تقوم بإثبات هلال رمضان وشوال وذي الحجة أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسلمون الموجودون في بلد غير إسلامية يجوز لهم أن يشكلوا لجنة من المسلمين تتولى إثبات هلال رمضان وشوال وذي الحجة.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 10/112(5/2818)
كيف يتم تعويد الأطفال على الصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عندي ولد عمره 9 سنوات، وأريد مساعدتي في كيف أعوِّد ابني على صوم رمضان، إن شاء الله؛ لأنه صام رمضان السنَة الماضية فقط 15 يوماً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من المفرح أننا نرى مثل هذا السؤال، وهو يدل على عظيم الاهتمام بالأولاد، وتربيتهم على طاعة الله تعالى، وهذا من النصح للرعية التي استرعى الله الوالدين عليها.
ثانياً:
الابن في عمر 9 سنوات ليس من المكلفين شرعاً بالصيام؛ لعدم بلوغه، ولكنَّ الله تعالى كلَّف الوالدين بتربية أولادهم على العبادات، فأمرهم الله تعالى بتعليمهم الصلاة وهم أبناء سبع سنين، وضربهم عليها وهم أبناء عشر، كما كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم يصوِّمون أولادهم في صغرهم تعويداً لهم على هذه الطاعة العظيمة، وكل ذلك يدل على عظيم الاهتمام بالذرية لتنشئتها على خير ما يكون من الصفات، والأفعال.
ففي الصلاة:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) رواه أبو داود (495) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وفي الصيام:
عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ الَّتِى حَوْلَ الْمَدِينَةِ: (مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ) ، فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ رواه البخاري (1960) ومسلم (1136) .
وقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِنَشْوَانٍ [أي: سكران] فِي رَمَضَانَ: "وَيْلَكَ! وَصِبْيَانُنَا صِيَامٌ! "، فَضَرَبَهُ. رواه البخاري – معلَّقاً – باب صوم الصبيان.
والسن الذي يبدأ الوالدان بتعليم أولادهما الصيام فيه هو سن الإطاقة للصيام، وهو يختلف باختلاف بنية الولد، وقد حدَّه بعض العلماء بسن العاشرة.
وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم: (65558) وفيه فوائد مهمة.
ثالثاً:
أما بخصوص وسائل تعويد الصبيان على الصيام: فينتظم في أمور، منها:
1- تحديثهم بفضائل الصيام وأنه سبب مهم من أسباب دخول الجنة، وأن في الجنة باباً يسمى الريان يدخل منه الصائمون.
2- التعويد المسبق على الصيام، كصيام بضع أيام من شهر شعبان؛ حتى لا يفجؤهم الصوم في رمضان.
3- صيام بعض النهار، وتزاد المدة شيئاً فشيئاً.
4- تأخير السحور إلى آخر الليل، ففي ذلك إعانة لهم على صيام النهار.
5- تشجيعهم على الصيام ببذل جوائز تُدفع لهم كل يوم، أو كل أسبوع.
6- الثناء عليهم أمام الأسرة عند الإفطار، وعند السحور، فمن شأن ذلك أن يرفع معنوياتهم.
7- بذل روح التنافس لمن عنده أكثر من طفل، مع ضرورة عدم تأنيب المتخلف.
8- إلهاء من يجوع منهم بالنوم، أو بألعاب مباحة ليس فيها بذل جهد، كما كان الصحابة الكرام يفعلون مع صبيانهم، وهناك برامج أطفال مناسبة، وأفلام كرتونية محافظة في القنوات الإسلامية الموثوقة، يمكن إشغالهم بها.
9- يفضَّل أن يأخذ الأب ابنه – وخاصة بعد العصر – للمسجد لشهود الصلاة، وحضور الدروس، والبقاء في المسجد لقراءة القرآن، وذكر الله تعالى.
10- تخصيص الزيارات النهارية، والليلية، لأسر يصوم أولادهم الصغار؛ تشجيعاً لهم على الاستمرار في الصيام.
11- مكافأتهم برحلات مباحة بعد الإفطار، أو صنع ما تشتهيه نفوسهم من الأطعمة والحلويات، والفواكه، والعصائر.
وننبه إلى أنه إذا بلغ الجهد من الطفل مبلغه أن لا يصرَّ عليه إكمال الصوم؛ حتى لا يتسبب ذلك في بغضه للعبادة، أو يتسبب له في الكذب، أو في مضاعفات مرضية، وهو ليس من المكلفين، فينبغي التنبه لهذا، وعدم التشدد في أمره بالصيام.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2819)
حدث نزيف بعد تعاطي إبرة لمنع الحمل مؤقتا، فما الحكم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبه متزوجة عمرها 30 سنة مريضة بالسكر والضغط وأصابتها الجلطة العام الماضي أثرت على صحتها بشكل عام ثم أخذت إبرة تمنعها من الحمل لمدة ثلاثة أشهر وحدث معها قبل انقضاء المدة المحددة نزيف خفيف ومستمر من قبل رمضان واستمر معها حتى بعد انقضاء رمضان وكانت تصلي وتصوم وتقول لي أيضا إنها قضت الآن 16 يوما. فما حكم هذه الإبرة في حالتها؟ وهل تقضي الصلاة أو الصيام وماذا عليها؟ أو ما الحكم في حالتها عموماً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز للمرأة أن تستعمل وسيلة تمنع الحمل منعاً مؤقتاً، مرعاة لظروفها الصحية التي لا تتحمل الحمل.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"يجوز تعاطي أسباب منع الحمل مؤقتا للمصلحة الشرعية" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (9/434) .
وقال الشيخ صالح الفوزان:
"إذا كان هذا التنظيم أو تأخير الحمل لداعٍ صحي بالمرأة ككون المرأة مثلاً لا تطيق الحمل والولادة في حالة خاصة أو ظرف خاص لمرضها فإنه لا مانع من أن تعطي ما يمنع الحمل مؤقتًا حتى تزول هذه الحالة التي يشق عليها فيها الحمل والولادة" انتهى.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (89/20) .
ثانيا:
هذه المرأة تكون مستحاضة، وأيام حيضها السابقة معلومة، وحكمها: أن تجلس مدة حيضها السابقة، فلا تصلي ولا تصوم، فإذا انقضت تلك المدة اغتسلت وصلت وصامت.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عمن أصابها نزيف دم كيف تصلي ومتى تصوم؟
فأجاب:
"مثل هذه المرأة التي أصابها نزيف الدم، حكمها أن تجلس عن الصلاة والصوم مدة عادتها السابقة قبل الحدث الذي أصابها، فإذا كان من عادتها أن الحيض يأتيها من أول كل شهر لمدة ستة أيام مثلاً، فإنها تجلس من أول كل شهر مدة ستة أيام لا تصلي ولا تصوم، فإذا انقضت اغتسلت وصلت وصامت.
وكيفية الصلاة لهذه المرأة وأمثالها: أنها تغسل فرجها غسلاً تاماً وتعصبه وتتوضأ وتفعل ذلك عند دخول وقت صلاة الفريضة لا تفعله قبل دخول الوقت، تفعله بعد دخول الوقت، ثم تصلي، وكذلك تفعله إذا أرادت أن تتنفل في غير أوقات الفرائض، وفي هذه الحال ومن أجل المشقة عليها يجوز لها أن تجمع صلاة الظهر مع العصر (أو العكس) وصلاة المغرب مع العشاء (أو العكس) حتى يكون عملها هذا واحداً للصلاتين صلاة الظهر والعصر، وواحداً للصلاتين المغرب والعشاء، وواحداً لصلاة الفجر بدلاً من أن تعمل ذلك خمس مرات تعمله ثلاث مرات" انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11/220) .
ثالثا:
قد ذكرت أنها كانت تصلي وتصوم في مدة النزيف، فصلاتها في أيام الحيض غير صحيحة ولا يلزمها قضاؤها، لأن الحائض لا تقضي الصلاة.
أما الصوم فهو غير صحيح في أيام الحيض ويلزمها قضاؤه، وقد قضت ستة عشر يوماً فإن كانت هذه هي أيام الحيض أو أكثر فقد فعلت ما وجب عليها ولا يلزمها أكثر من هذا، وإن كانت أيام حيضها أكثر من ذلك، قضت ما تبقى عليها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2820)
توفيت والدته وعليها قضاء رمضانين
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي وتذكر لي في حياتها بأن عليها صوم شهرين من رمضان من سنتين، حيث جاء شهر الصوم وهي في حالة ولادة، وتوفيت وما قد صامتها قضاء، فهل أصوم عنها أو أطعم؟ وما كيفية الإطعام؟ أذبح شيئاً من الماعز وأقسمه على ستين بيتاً، أو أدفع بقدر الطعام فلوساً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأحسن أن تصوم عن والدتكم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ) متفق على صحته، والولي هو القريب، فإن لم يتيسر لك الصوم ولا لغيرك من أقاربها فأطعم من تركتها أو من مالك مسكيناً عن كل يوم، ومقداره نصف صاع من قوت البلد، وإن جمعت الجميع ودفعته إلى فقير واحد أجزأ ذلك.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الرزاق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة. المجموعة الثانية" (9/260) .(5/2821)
لا بأس بتقديم الطعام والشراب لفاقد العقل في نهار رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[في أول يوم من شهر رمضان زارتني امرأة عجوز عمرها في حدود مائة سنة، أحياناً يكون وعيها معها وأحياناً لا تعي، فطلبت مني أن أصنع لها قهوة، ففعلت ذلك وأحضرت لها القهوة، فهل علي ذنب في هذا؟ مع العلم بأنني أخبرتها أننا في شهر رمضان. أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان ظاهرا أن عقلها مفقود، وأنها قد دخلت في التخريف والهرم فلا بأس بصنعك القهوة لها لأنه ليس عليها صيام، وحضور بعض العقل معها كأن تقول: افعلوا كذا أو أعطوني كذا. فهذا لا يدل على العقل، والغالب على من بلغ مائة سنة أنه يدخله التخريف والتغير، فإن ظهر لك من حالها أن عقلها مفقود وأنها غير منضبطة فإنه لا بأس أن تأكل وتشرب.
أما إن ظهر لك أن عقلها معها وأنها متساهلة، فلا تعطيها قهوة ولا غيرها، لئلا تعيينها على الباطل، والله يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2، فالذي يطلب الطعام في رمضان وهو صحيح من المسلمين لا يعطى، لا طعاماً ولا شراباً ولا دخاناً ولا يعان على الباطل.
أما من كان فاقد العقل كالمعتوه والهرم والمجنون والهرمة فهؤلاء ليس عليهم جناح وقد سقط عنهم الصوم" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1267) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/2822)
هل يصح قول من قال بوجوب الفطر على المريض والمسافر وعدم صحة صومهما؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في قول من يقول إن المريض والمسافر يجب عليهما الإفطار والقضاء ولا يجوز لهما الصيام، لأن الله تعالى قال: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فصار الواجب عليهما هو القضاء. وهذا يعني أنهما لا يصومان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يرخص للمريض الذي يشق عليه الصوم وللمسافر أن يفطرا في نهار رمضان؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
ولو صاما فإن صيامهما صحيح؛ لحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ رضي الله عنه قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟) وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ، فَقَالَ: (إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ) رواه الجماعة.
لكن إذا خشيا على نفسيهما من الصوم وجب الفطر، لحديث جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: (ما هذا؟) فقالوا: صائم، فقال: (ليس من البر الصوم في السفر) .
والترخيص بالفطر للمسافر أفضل مطلقاً؛ لحديث حمزة بن عمر الأسلمي أنه قال: يا رسول الله: أجد مني قوة على الصوم، فهل علي جناح؟ فقال: (هي رخصة من الله تعالى، فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه) رواه مسلم.
أما آية البقرة فما عرض لك من إشكال في ظاهرها يزول إن شاء الله إذا علمت أن في الآية تقديراً وهو: (فأفطر) فالمعنى: فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر، وقد بَيَّن هذا أهل العلم وله نظائر كثيرة في الكتاب والسنة، وكلام العرب لا نطيل بذكرها.
وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. الشيخ عبد العزيز آل الشيخ. الشيخ عبد الله بن غديان. صالح الفوزان. الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الثانية" (9/83) .
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة المجموعة الثانية" (9/83)(5/2823)
إذا صامت المرأة وهي حامل وعليها نزيف
[السُّؤَالُ]
ـ[صمت من رمضان الشهر كله، وأنا غالب ظني أن صيامي غير سليم حيث كان عندي جنين في بطني ومعي نزيف، وأنا الآن صحتي ضعيفة ولا أستطيع الصيام. فإذا كان لم يصح صيامي فماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا صامت المرأة وفي بطنها جنين ومعها نزيف الدم فصومها صحيح؛ لأن هذا النزيف الذي معها وهي حامل لا يؤثر شيئاً ولا يعتبر حيضاً ولا نفاساً؛ لأن الولد موجود في البطن، فليس بنفاس، وليس بحيض؛ لأن الغالب أن الحامل لا تحيض، وعلى قول من قال: إن الحامل قد تحيض، فيشترطون أن يكون الدم مستقيماً على عادته الأولى.
فإذا كانت المرأة التي سألت عن هذا السؤال إنما دمها ملتبس عليها ومتغير؛ نزيف يتقطع ويختلف ليس على عادته الأولى القديمة التي تراها قبل الحمل هذا كله دم فاسد، وصومها صحيح، وليس عليها قضاء الصوم والحمد لله؛ لأن الدم الذي مع الحامل في الغالب يكون دماً فاسداً مختلاً يزيد وينقص ويتقدم ويتأخر ويتنوع، فهو لا يعتبر.
أما لو قدر أنه على حالته الأولى قبل الحمل لم يتغير بل جاء في عادته فهذا قال بعض أهل العلم: إنه حيض، وان عليها أن تجلس ولا تصوم، قاله جماعة من العلماء.
وذهب آخرون من أهل العلم أنه ولو كان على عادته وعلى حاله الأولى لا يعتبر، وأن الحامل لا تحيض. هذا قول مشهور عن أهل العلم. لكن الغالب أن الحامل إنما يأتيها دم مضطرب متغير نزيف لا يستقر له قرار، فهذا لا يعتبر عند الجميع ولا يلتفت إليه، بل صومها صحيح وصلاتها صحيحة.
وعليها في هذه الحالة أن تتحفظ بقطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صلاة، إذا دخل الوقت تتوضأ لكل صلاة وتصلي بطهارتها ولو أن الدم لا يزال يخرج معها؛ لأنها مبتلاة بهذا الشيء مثل صاحب سلس البول ومثل المستحاضة التي ليست حاملاً سواء بسواء؛ فهذا الدم الجاري معها دم فاسد لا يضرها.
لكنها تستنجي بعد دخول الوقت وتتوضأ وضوء الصلاة وتصلي على حسب حالها.
وإذا جمعت بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء كما علم النبي بعض الصحابيات عليه الصلاة والسلام، وإذا اغتسلت مع ذلك عند صلاة الظهر والعصر غسلاً واحداً والمغرب والعشاء غسلاً واحداً من باب النظافة والنشاط هذا حسن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى به بعض النساء المستحاضات" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1227) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/2824)
مشروعية الفطر للتقوي على الجهاد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمجاهدين أن يفطروا في رمضان؟ مع أنهم في بلادهم وليسوا مسافرين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز للمجاهدين أن يفطروا في رمضان، ليتقَووا بذلك على الجهاد، ولو كانوا في بلادهم. فإن الصيام يُضْعفهم عن القتال، والنكاية في الأعداء.
وهذا أحد القولين للإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذاه ابن مفلح وابن القيم وغيرهم من أهل العلم. انظر الفروع لابن مفلح 3 / 28.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على مشروعية الفطر بسبب الجهاد.
روى مسلم (1120) عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ -يعني في فتح مكة- وَنَحْنُ صِيَامٌ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكُمْ قَدْ دَنَوْتُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ. فَكَانَتْ رُخْصَةً، فَمِنَّا مَنْ صَامَ، وَمِنَّا مَنْ أَفْطَرَ، ثُمَّ نَزَلْنَا مَنْزِلا آخَرَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ، فَأَفْطِرُوا. وَكَانَتْ عَزْمَةً فَأَفْطَرْنَا.
وروى أبو داود (2365) عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ، وَقَالَ: تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ.
قال الحافظ في "التلخيص الحبير": صححه الحاكم وابن عبد البر اهـ
فهذان الحديثان يدلان على أن الأمر بالفطر ليس من أجل السفر، وإنما من أجل التقوي على الجهاد.
قال في المنتقى شرح موطأ الإمام مالك:
قَوْلُهُ: (تَقْوَوْا لِعَدُوِّكُمْ) فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ فِطْرِهِمْ. . . وَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ السَّفَرَ لَمَا عَلَّلَ بِالتَّقَوِّي لِلْعَدُوِّ وَلَعَلَّلَ بِالسَّفَرِ اهـ
وقال المناوي في فيض القدير:
" مُصَبِّحُو" أي: توافونه صباحاً. وفي رواية: (قد دنوتم من عدوكم) . . . وأُخِذَ من تعليله بدنو العدو واحتياجهم إلى القوة التي يلقونه بها أن الفطر هنا للجهاد لا للسفر، فلو وافاهم العدو في الحضر واحتاجوا إلى التقوّي بالفطر جاز على ما قيل لأنه أولى من الفطر بمجرد السفر اهـ.
وقال ابن القيم في زاد المعاد (2/53-54) :
وكان - يعني النبي صلى الله عليه وسلم- يأمرهم بالفطر إذا دنوا من عدوهم ليتقووا على قتاله، فلو اتفق مثل هذا في الحضر وكان في الفطر قوةٌ لهم على لقاء عدوهم، فهل لهم الفطر؟ فيه قولان: أصحهما دليلا: أن لهم ذلك، وهو اختيار ابن تيمية، وبه أفتى العساكر الإسلامية لما لقوا العدو بظاهر دمشق، ولا ريب أن الفطر لذلك أولى من الفطر لمجرد السفر، بل إباحة الفطر للمسافر تنبيه على إباحته في هذه الحالة، فإنها أحق بجوازه، لأن القوة هناك تختص بالمسافر، والقوة هنا له وللمسلمين، ولأن مشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر، ولأن المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر، ولأن الله تعالى قال: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) الأنفال /60.
والفطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة. . . ولأن النبي قال للصحابة لما دنوا من عدوهم: (إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم، وكانت رخصة. ثم نزلوا منزلا آخر، فقال: إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا فكانت عزمة فأفطرنا) .
فعلل بدنوهم من عدوهم واحتياجهم إلى القوة التي يلقون بها العدو، وهذا سبب آخر غير السفر، والسفر مستقل بنفسه، ولم يذكره في تعليله ولا أشار إليه. . . وبالجملة فتنبيه الشارع وحكمته يقتضي أن الفطر لأجل الجهاد أولى منه لمجرد السفر، فكيف وقد أشار إلى العلة، ونبه عليها، وصرح بحكمها، وعزم عليهم بأن يفطروا لأجلها، ويدل عليه ما رواه عيسى بن يونس عن شعبة عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله لأصحابه يوم فتح مكة: إنه يوم قتال فأفطروا، فعلل بالقتال، ورتب عليه الأمر بالفطر بحرف الفاء. وكل أحد يفهم من هذا اللفظ أن الفطر لأجل القتال اهـ
والله أعلم.
وهذه المعركة التي ذكرها ابن القيم رحمه الله، كانت بين المسلمين والتتار سنة 702 هـ وكان النصر فيها للمسلمين.
قال ابن كثير رحمه الله:
وأفتى الناس بالفطر – يعني ابن تيمية رحمه الله - مدة قتالهم وأفطر هو أيضاً، وكان يدور على الأجناد والأمراء فيأكل من شيء معه في يده ليعلمهم أن إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل، فيأكل الناس اهـ
انظر: "البداية والنهاية" (14/31) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2825)
أفطر وأطعم بسبب مرض مزمن ثم شفاه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أصابه مرض مزمن ونصحه الأطباء بعدم الصوم دائما، ولكنه راجع أطباء في غير بلده وشفي بإذن الله أي بعد خمس سنوات، وقد مر عليه خمس رمضانات وهو لم يصمها، فماذا يفعل بعد أن شفاه الله هل يقضيها أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الأطباء الذين نصحوه بعدم الصوم دائما أطباء من المسلمين الموثوقين العارفين بجنس هذا المرض، وذكروا له أنه لا يرجى برؤه فليس عليه قضاء، ويكفيه الإطعام، وعليه أن يستقبل الصيام مستقبلا" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى الشيخ ابن باز" (15/355) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2826)
أصيب بصداع شديد في رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أصبت بصداع قوي في الرأس في شهر رمضان من الأسنان، هل أستخدم حبة وأنا في الصوم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصداع الشديد من الأمراض التي تبيح الفطر في رمضان، لا سيما والصيام مما يزيد الصداع، فلا حرج على من أصيب بذلك أن يفطر ليأخذ الدواء، ويأكل ويشرب ليذهب عنه الصداع، وعليه قضاء الأيام التي أفطرها بعد رمضان، لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185.
قال في "الجوهرة النبيرة" (حنفي) (1/142) : "المريض الذي يباح له الإفطار أن تزداد حُمَّاه شدة بالصوم، أو عيناه وجعا، أو رأسه صداعا" انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2827)
مصاب بنزيف وجلطات مختلفة في المخ فهل يلزمه الصوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوجتي مصاب بنزيف وجلطات مختلفة في المخ، عافانا وعافاكم الله , وهو لا يتحرك ومشلول كاملا وقد يستطيع رفع كأس ماء بالمساندة ليشرب، ويبقى يحمل الكأس ساعة لو نسيناه لعدم إدراكه أنه أنهى الشرب.. ذاكرته ذهبت تقريبا.. الأطباء أجمعوا أن لا شفاء إلا عند الله. وهو على هذا الحال وتسوء منذ الست سنوات والحمد لله , ولا يمكن الاستغناء عن الأدوية اليومية والعلاج الطبيعي. وهذه تكلفهم الآلاف شهريا. ولا يصلي منذها ويذهب الحمام محمولا ويعيش منذ سنة أو أكثر بقسطرة البول أو الكافولة ولا يستطيع التحكم بالبول أو البراز أو حتى لفت نظرنا مهما حاولنا تعليمه أن يبلغنا بأي إشارة , لا يتكلم تقريبا وإدراكه لا يتعدى أنه يعرف وجوهنا ويتأثر عند سماع قصص حزينة مثلا , حاولنا معه أن يصلي حتى بعينه , ولكنه غير مدرك تقريبا ولا يتذكر الآيات والتشهد وعدد الركعات لكل فرض. هل عليه كفارة بالصلاة! أو الصوم خصوصا! هل هو بعداد المريض المذكور بحالة كفارة الصائم ويجب على أهله إطعام مسكين عن كل يوم؟ أم بعداد المجنون أو المعتوه الذي لا يدرك فيسقط عنه الصوم والصلاة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من ذهبت ذاكرته، وتغير عقله، وأصبح لا يعي، سقط عنه الصوم والصلاة، ولا كفارة عليه، لأن من شرط التكليف صحة العقل.
قال صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) رواه أبو داود (4403) والترمذي (1423) والنسائي (3432) وابن ماجه (2041) قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ فِيهِ: (وَالْخَرِفِ) .
والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال في "عون المعبود": " (الْخَرِف) : مِنْ الْخَرَف: فَسَاد الْعَقْل مِنْ الْكِبَر. قَالَ السُّبْكِيّ: يَقْتَضِي أَنَّهُ زَائِد عَلَى الثَّلَاثَة، وَهَذَا صَحِيح، وَالْمُرَاد بِهِ الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي زَالَ عَقْله مِنْ كِبَر؛ فَإِنَّ الشَّيْخ الْكَبِير قَدْ يَعْرِض لَهُ اِخْتِلَاط عَقْل يَمْنَعهُ مِنْ التَّمْيِيز، وَيُخْرِجهُ عَنْ أَهْلِيَّة التَّكْلِيف، وَلَا يُسَمَّى جُنُونًا ; وَلَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيث: حَتَّى يَعْقِل، لِأَنَّ الْغَالِب أَنَّهُ لَا يَبْرَأ مِنْهُ إِلَى الْمَوْت , وَلَوْ بَرِئَ فِي بَعْض الْأَوْقَات بِرُجُوعِ عَقْله تَعَلَّقَ بِهِ التَّكْلِيف ... " انتهى باختصار.
وينظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي، ص (212) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لا يجب الصوم أداءً إلا بشروط: أولها: العقل. الثاني: البلوغ. الثالث: الإسلام. الرابع: القدرة. الخامس: الإقامة. السادس: الخلو من الحيض والنفاس بالنسبة للنساء. – الأول: العقل، وضده فقد العقل، سواءً بجنون خرف يعني: هرم، أو حادث أزال عقله وشعوره، فهذا ليس عليه شيء؛ لفقد العقل، وعلى هذا فالكبير الذي وصل إلى حد الهذرمة ليس عليه صيام ولا إطعام؛ لأنه لا عقل له، وكذلك من أغمي عليه بحادث أو غيره فإنه ليس عليه صوم ولا إطعام؛ لأنه ليس بعاقل " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (220/4) .
وقال أيضا: " من فقد عقله لكبر أو حادث لا يرجى زواله، فإنه لا يجب عليه الصوم مثل المهذري كبير السن الذي بلغ سناً لا يحسن فيه القول، فهو بمنزلة الصبي وليس عليه صوم، وكذلك من أصيب بحادث أذهب عقله على وجه لا يرجى برؤه، أما إذا كان يرجى برؤه بأن أغمي عليه فقط فهذا إذا أفاق فإنه يقضي، لكن إذا زال عقله كلياً فإنه لا صوم عليه. يعني وإذا لم يكن عليه صوم فلا فدية عليه " انتهى من "شرح الكافي" بتصرف يسير.
فالذي يظهر أنه لا تجب عليه الصلاة ولا الصيام، ولا يجب أن يطعم عنه بدل الصيام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2828)
مريض منعه الطبيب من الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب معاق مصاب بشلل النصف السفلي من جسمي أستعمل كرسي متحرك كان قد منعني الطبيب من الصيام؛ لأن جسمي يحتاج الماء بصفة منتظمة طيلة اليوم، وأن الصيام وعدم شرب الماء يضر جهازي الكلوي، لكن لم أمتثل لأمره، وصمت رمضان المنصرم فهل ارتكبت معصية؟ وهل يجوز أن أصوم رمضان المقبل؟ أشيروا علي، وللعلم فالطبيب مسلم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
صوم رمضان واجب على كل مسلم مكلف قادر على الصيام، فإذا عجز المسلم عن الصوم لمرض يضرّه أو يشقّ عليه إذا صام، أو كان يحتاج إلى علاج في نهار رمضان بأنواع الحبوب والأشربة ونحوها مما يؤكل ويشرب، فهذا يشرع في حقه الفطر؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة /185، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ) رواه الإمام أحمد (5839) ، وصححه الألباني في إرواء الغليل (564) .
وللفائدة راجع جواب السؤال رقم (11107) .
فعلى هذا، إذا ثبت أن الصوم يضرك بشهادة الطبيب الثقة، فإنه يجب عليك الفطر، ولا يجوز لك الصوم؛ لقوله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة /195، ولقوله عليه الصلاة والسلام: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) رواه ابن ماجة (2341) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.
ونظراً لأنك صمت رمضان الماضي ولم يضرك شيء، فالذي نراه أن تستشير طبيباً أخر أعلم وأوثق من الأول في حالتك، فإن أمرك بالصيام صمت، وإن أمرك بالفطر أفطرت.
أما بالنسبة للقضاء، فإذا كان مرضك مؤقتاً، فعليك أن تنتظر حتى يشفيك الله تعالى ثم تقضي الأيام التي أفطرتها؛ لقول الله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة /184 ا.
أما إذا كان المرض مستمراً معك، ولا يُرجى منه الشفاء، فعليك أن تطعم عن كل يوم مسكيناً.
ولمعرفة طريقة الإطعام انظر جواب السؤال رقم (39234) .
نسأل الله أن يكتب لك، ولجميع مرضى المسلمين الشفاء والعافية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2829)
عاد إليها دم النفاس وهي صائمة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طهرت النفساء خلال أسبوع وصامت مع المسلمين في رمضان أياماً معدودة ثم عاد إليها الدم هل تفطر في هذه الحالة؟ وهل يلزمها قضاء الأيام التي صامتها والتي أفطرتها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا طهرت النفساء في الأربعين فصامت أياماً ثم عاد إليها الدم في الأربعين فإن صومها صحيح، وعليها أن تدع الصلاة والصيام في الأيام التي عاد فيهل الدم – لأنه نفاس – حتى تطهر أو تكمل الأربعين، ومتى أكملت الأربعين وجب عليها الغسل، وإن لم تر الطهر، لأن الأربعين هي نهاية النفاس في أصح قولي العلماء، وعليها بعد ذلك أن تتوضأ لوقت كل صلاة حتى ينقطع عنها الدم، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك المستحاضة، ولزوجها أن يستمتع بها بعد الأربعين، وإن لم تر الطهر، لأن الدم والحال ما ذكر دم فساد لا يمنع الصلاة ولا الصوم، ولا يمنع الزوج من استمتاعه بزوجته.
لكن إن وافق الدم بعد الأربعين عادتها في الحيض فإنها تدع الصلاة والصوم وتعتبره حيضاً. والله ولي التوفيق" انتهى.
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"فتاوى إسلامية" (2/146) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2830)
مريض بالسل ولا يستطيع الصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[مصاب بمرض السل الرئوي من مدة ثلاث سنوات، وقرر طبيبان مسلمان أنه لا يتحمل الصيام بسبب هذا المرض، فهل يجوز له الفطر في رمضان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" حيث قرر الطبيبان المسلمان تضرره بالصيام فيسوغ له الفطر، وقضاء الصوم بعد برئه إن شاء الله" انتهى.
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله" (4/181، 182) .
فإن كان لا يستطيع الصيام بعد ذلك فعليه أن يطعم مسكيناً عن كل يوم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2831)
مريض بالسل ونصحه الأطباء بعدم الصيام خمس سنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[مريض بالسل، وتعالجت منه مدة سنتين، وألزمني الأطباء بترك الصيام، وخوفوني بأني إذا صمت انتكس علي المرض، ونصحوني بترك الصيام مدة خمس سنوات. فما حكم ترك الصيام هذه المدة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" قال الله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) البقرة/185، أي: ومن كان به مرض في بدنه يشق عليه الصيام أو يؤذيه أو كان في حال سفر فله أن يفطر، وعليه قضاء عدة ما أفطره من الأيام، ولهذا قال الله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) البقرة/185، ونص العلماء على أنه إذا أخبر طبيب مسلم ثقة بأن الصيام مما يضر بهذا المريض، أو يُمَكِّن منه العلة، أو يبطئ البرء ونحو ذلك فإن ترك الصيام في مثل هذه الحالة جائز شرعاً. فإن كان الطبيب غير مسلم أو مسلماً لكنه غير عدل فلا يقبل قوله إلا عند الضرورة، مثل ألا يتمكن من سؤال غيره، فإذا وجدت الضرورة وحفت القرائن على صدق غير المسلم ونحوه بأن يحس المريض من نفسه بذلك، أو يكون مشتهراً أن هذا المرض مما يتمكن بالصيام ويصعب برؤه فحينئذ يجوز ترك الصيام حتى يعافيه الله ويقوى عليه بدون ضرر.
أما ما مضى من الأشهر فعليك قضاؤها بعد البرء، ولا كفارة في تأخيرها، لأن تركك لها لاستمرار المرض معك " انتهى.
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله" (4/182، 183) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2832)
مصاب بقرحة في المعدة ونصحه الأطباء بعدم الصوم
[السُّؤَالُ]
ـ[مصاب بقرحة المعدة منذ ثمان سنوات، ولا يزال مستمراً على العلاج، ونصحه الأطباء بعدم الصوم تفادياً من تضاعف المرض. فهل يجوز له ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"له الفطر، وعليه القضاء بعد شفائه إذا كان مرجواً برؤه. أما إذا كان الأمر بخلاف ذلك، وأنه من غير المحتمل شفاؤه من ذلك المرض فله أن يطعم [مسكيناً] عن كل يوم من شهر رمضان" انتهى.
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله" (4/180) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2833)
هل يفطر المجاهدون في سبيل الله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذين يحاربون العدو لهم الإفطار في رمضان ويقضون بعده؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الذين يحاربون الكفار مسافرين سفراً تقصر فيه الصلاة، جاز لهم أن يفطروا، وعليهم القضاء بعد رمضان.
وإن كانوا غير مسافرين بأن هجم عليهم الكفار في بلادهم فمن استطاع منهم الصوم مع الجهاد وجب عليه الصوم، ومن لم يستطع الجمع بين الصيام والقيام بما وجب عليه عيناً من الجهاد، جاز له أن يفطر وعليه القضاء، صوم الأيام التي أفطرها بعد انتهاء رمضان" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
"فتاوى إسلامية" (2/141، 142) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/2834)