2097 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ [ص:242] إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: " أَمَّنَا عَلِيٌّ فَرَعَفَ فَأَخَذَ رَجُلًا فَقَدَّمَهُ، وَتَأَخَّرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْإِمَامُ، فَإِنْ قَرُبَ مَجِيئُهُ تَوَضَّأَ وَرَجَعَ فَأَتَمَّ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَارَبْ رُجُوعُهُ صَلُّوا وُحْدَانًا. وَحَكَى الرَّبِيعُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الِاخْتِيَارُ إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَامُ أَنْ يُصَلِّيَ الْقَوْمُ فُرَادَى وَلَا يُقَدِّمُوا أَحَدًا، فَإِنْ قَدَّمُوا، أَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ رَجُلًا فَأَتَمَّ لَهُمُ مَا بَقِيَ من الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ. وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَرَى أَنْ لَا يُقَدِّمَ الْإِمَامُ إِذَا أَحْدَثَ أَحَدًا، فَإِنْ قَدِمَ صَلَّى بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ يُقَدِّمُ رَجُلًا مِمَّنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ يُسَلِّمُ بِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ الْإِمَامُ فَيَقْضِي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، حَكَى الْأَشْعَثُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ فَاتَهُ الْقَوْمُ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَقَدَّمَهُ فَقَالَ: يُصَلِّي بِهِمْ بَقِيَّةَ صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْضِي مَا سَبَقَ بِهِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: إِنْ قَدَّمَ فَلَا بَأْسَ قَدْ قَدَّمَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ فَلَا بَأْسَ يُقَدِّمُونَ رَجُلًا فَيُصَلِّي بِهِمْ، قَدْ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يُقَلْ: إِنَّهُ اسْتَخْلَفَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ قَدَّمَ الْإِمَامُ الْمُحْدِثُ مَنْ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِنَّ النَّخَعِيَّ، قَالَ: إِذَا لَمْ يَدْرِ فَلْيَنْظُرْ مَا يَصْنَعُ مَنْ وَرَاءِ خَلْفِهِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذَا لَمْ يَدْرِ يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَ، كَمْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ، يَتَصَنَّعُ لِلْقِيَامِ، فَإِنْ سَبَّحُوا بِهِ جَلَسَ وَعَلِمَ أَنَّهَا الرَّابِعَةُ، قَدَّمَ رَجُلًا فَسَلَّمَ بِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ هَذَا بِتَسْبِيحِهِمْ صَلَّاهَا مِنْ أَوَّلِهَا، وَالْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فَلَمْ يَدْرِ [ص:243] فَلْيَبْنِ عَلَى الْيَقِينِ» ، وَالْيَقِينُ أَنَّهُ لِلَّهِ عَلَيْهِ فَرْضُ أَرْبَعٍ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا قَدَّمَ رَجُلًا وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ سَبَقَهُ بِهِ، قَالَ: يُصَلِّي لِنَفْسِهِ صَلَاةً تَامَّةً وَيُصَلِّي النَّاسُ خَلْفَهُ، وَيَعْتَدُّونَ بِمَا صَلَّى بِهِمُ الْإِمَامُ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهِمْ قَعَدُوا وَانْتَظَرُوا حَتَّى إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ سَلَّمَ بِهِمْ، وَلَوْ قَدَّمَ رَجُلًا مِمَّنْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فَسَلَّمَ بِالْقَوْمِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ، كَانَ ذَلِكَ صَوَابًا إِنْ شَاءَ اللهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ: يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَيْقَنَ أَنَّهُمْ قَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ رَكْعَةٌ فَيُصَلِّيهَا، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ وَيُقَدِّمُ رَجُلًا فَيُصَلِّي بِهِمْ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ، أَوْ يُسَلِّمُ إِنْ كَانُوا قَدْ أَتَمُّوا، فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ الرَّجُلُ فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَاتِهِ(4/241)
ذِكْرُ وَقْتِ إِدْرَاكِ الْمَرْءِ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ(4/243)
2098 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ طَحْلَاءَ، عَنْ مُحْصَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا، وَحَضَرَهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَشَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ جَاءَ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ الْإِمَامُ فَقَدْ دَخَلَ فِي تَضْعِيفِ صَلَاتِهِمْ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ "(4/243)
2099 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: " مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ(4/244)
2100 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ كَثِيرٍ هُوَ ابْنُ شِنْظِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ فَكَبَّرَ وَجَلَسَ فَقَدْ دَخَلَ فِي تَضْعِيفِ صَلَاتِهِمْ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ الْإِمَامُ فَقَدْ دَخَلَ فِي تَضْعِيفِ صَلَاتِهِمْ وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ فَقَدْ أَدْرَكَ، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ وَهُوَ يَنْوِيهِمْ، فَأَدْرَكَهُمْ أَوْ لَمْ يُدْرِكْهُمْ فَقَدْ دَخَلَ فِي التَّضْعِيفِ(4/244)
مَسَائِلُ مِنْ كِتَابِ الْإِمَامَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَأْمُومِ تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَسْهُو الْإِمَامُ فَيُصَلِّي خَمْسًا، وَتَبِعَهُ الرَّجُلُ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِنْ تَبِعَهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ سَهَا، أَجَزَتِ الْمَأْمُومَ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ صَلَّى أَرْبَعًا، وَإِنْ تَبِعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ سَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَبَاحَ فِي السَّهْوِ أَنْ يُصَلِّيَ خَمْسًا وَيَعْتَدُّ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ، وَكَانَ حُكْمُ تِلْكَ الرَّكْعَةِ الَّتِي سَهَا فِيهَا حُكْمَ الْأَرْبَعِ "(4/244)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي إِمَامٍ أَحْدَثَ فَقَدَّمَ الْقَوْمُ رَجُلَيْنِ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ رَجُلًا، فَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: صَلَاتُهُمْ جَمِيعًا فَاسِدَةٌ، وَإِنْ قَدَّمُوا رَجُلًا وَاحِدًا قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ، وَإِنْ قَدَّمُوا بَعْدَ مَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنَ الْمَسْجِدِ فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: صَلَاةُ الْفَرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلًا تَامَّةٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُكَبِّرُ مَعَ الْإِمَامِ فَسَهَا قَائِمًا رَكَعَ الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ اسْتَأْنَ وَقَدْ سَجَدُوا فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِنْ أَدْرَكَهُمْ فِي أَوَّلِ سُجُودِهِمْ سَجَدَ مَعَهُمْ وَاعْتَدَّ بِهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوعِ، وَإِنْ يُدْرِكْهُمْ فِي السُّجُودِ حَتَّى يَسْتَوُوا قِيَامًا فِي الثَّانِيَةِ فَلْيَتْبَعْهُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامَ فَقَضَى تِلْكَ الرَّكْعَةَ الَّتِي سَبَقُوهُ بِهَا وَيَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْهُ، وَقَالَ شُعْبَةُ: صَلَّيْتُ خَلْفَ خَالِدٍ التُّسْتَرِيِّ بِالْكُوفَةِ وَكَانَ الزِّحَامُ شَدِيدًا فَسَبَقَنِي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَلَا أَعْلَمُ حَتَّى يَرْفَعَ رَأْسَهُ، فَاتَّبَعْتُهُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، ثُمَّ سَجَدْتُ سَجْدَتَيَّ بَعْدَمَا فَرَغْتُ، فَسَأَلْتُ الْحَكَمَ، وَحَمَّادًا فَقَالَا: اسْجُدْ مَعَهُ أَوْ قَالَا: احْتَسِبْ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: يَسْجُدُ وَيَتْبَعُهُ مَا لَمْ يَرْكَعِ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلْأُولَى وَقَدْ رَكَعَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ، وَلَكِنْ يُلْغِي الْأُولَى وَيَتْبَعُهُ فِي الثَّانِيَةِ "(4/245)
كِتَابُ الْعِيدَيْنِ(4/247)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّكْبِيرِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {وَلْتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] الْآيَةَ، اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّكْبِيرِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ أَحْبَبْتُ أَنْ يُكَبِّرَ النَّاسُ جَمَاعَةً وَفُرَادَى فِي الْمَسْجِدِ، وَالْأَسْوَاقِ، وَالطُّرُقِ، وَالْمَنَازِلِ، وَمُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ، وَفِي كُلِّ حَالٍ، وَأَيْنَ كَانُوا وَأَنْ يُظْهِرُوا التَّكْبِيرَ وَلَا يَزَالُونَ يُكَبِّرُونَ حَتَّى يَغْدُوا إِلَى الْمُصَلِّي، وَبَعْدَ الْغُدُوِّ حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يَدَعُوا التَّكْبِيرَ، وَكَذَا أُحِبُّ فِي لَيْلَةِ الْأَضْحَى لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ رِوَايَتَيْنِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] الْآيَةَ، إِحْدَاهُمَا: أَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ حِينَ يُرَى الْهِلَالُ حَتَّى يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَسْجِدِ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا حَضَرَ الْإِمَامُ كَفَّ، فَلَا يُكَبِّرُ إِلَّا بِتَكْبِيرِهِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: بَلَغَنَا أَنَّهُ التَّكْبِيرُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَأَمَّا سَائِرُ الْأَخْبَارِ عَنِ الْأَوَائِلِ فَدَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُكَبِّرُونَ يَوْمَ الْفِطْرِ إِذَا غَدَوْا إِلَى الصَّلَاةِ، فَمِمَّنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، وَأَبِي رُهْمٍ، وَنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(4/249)
2101 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الْعِيدِ كَبَّرَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى، وَلَا يَخْرُجُ حَتَّى تَخْرُجَ الشَّمْسُ(4/250)
2102 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: ثنا الْحَوْطِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنِ الْحَرْبِ بْنِ الْمُنْذِرِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ، وَأَبَا رُهْمٍ، وَنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُونَ يَوْمَ الْفِطْرِ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الصَّلَاةِ "(4/250)
2103 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يَوْمَ الْعِيدِ فَلَمْ يَزَلْ يُكَبِّرُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْجَبَّانَةِ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَفَعَلَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي [ص:251] لَيْلَى، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَانَ النَّاسُ إِذَا خَرَجُوا يَوْمَ الْفِطْرِ إِلَى مَخْرَجِهِمْ كَبَّرُوا حَتَّى يَفْرُغُوا مِنَ الصَّلَاةِ ثُمَّ نَسَكُوا. وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلًا ثَالِثًا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّاسَ يُكَبِّرُونَ قَالَ: " مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قُلْتُ: يُكَبِّرُونَ قَالَ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: أَمَجَانِينُ النَّاسُ "(4/250)
2104 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَقُودُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ الْعِيدِ فَسَمِعَ النَّاسَ، يُكَبِّرُونَ، قَالَ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قُلْتُ: يُكَبِّرُونَ، قَالَ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: «أَمَجَانِينُ النَّاسُ» وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْحَوَّاكُونَ(4/251)
كَيْفَ التَّكْبِيرُ كَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا اللهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَكَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ وَاللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، اللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا. [ص:252] وَذُكِرَ لِأَحْمَدَ قَوْلُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَقَالَ: «هَذَا وَاسِعٌ» ، وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَحُدُّ فِيهِ حَدًّا(4/251)
ذِكْرُ عَدَدِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ(4/252)
2105 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ "(4/252)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَلَّ خَبَرُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَى غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ» عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ غَيْرُ مَفْرُوضٍ، وَأَنَّ مَنْ تَرَكَهُ غَيْرُ آثَمٍ(4/252)
ذِكْرُ الْمَكَانِ الَّذِي مِنْهُ يُؤْتَى الْعِيدُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُؤْتَى الْعِيدُ فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: مَنْ آوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، وَالْعِيدُ، وَكَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ [ص:253] فِي هُبُوطِ النَّاسِ لِلْفِطْرِ وَالْأَضْحَى: كَانُوا يَرَوْنَ الْفَرْسَخَ. وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ فِي النُّزُولِ لِلْعِيدَيْنِ: هُمَا عِنْدِي فِي النُّزُولِ كَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِثْلَهُ(4/252)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى، وَتَرْكِ الْأَكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى الرُّجُوعِ مِنَ الْمُصَلَّى(4/253)
2106 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ ثَوَابٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ "(4/253)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ أَكْلِ التَّمْرِ وِتْرًا يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى(4/253)
2107 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ حُمَيْدٍ الضَّبِّيِّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: «مَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وِتْرًا»(4/253)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَغْدُوَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا تَأْكُلُوا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا يَوْمَ الْفِطْرِ إِنْ شِئْتُمْ(4/254)
2108 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَغْدُوَ "(4/254)
2109 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: " لَا تَأْكُلُوا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجُوا يَوْمَ الْفِطْرِ إِنْ شِئْتُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اسْتِحْبَابُ الْأَكْلِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى فِي يَوْمِ الْفِطْرِ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ نَأْتِيَ الْعِيدَ مَاشِيًا، وَأَنْ نَأْكُلَ قَبْلَ أَنْ نُخْرِجَ وَنَشْرَبَ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا يَغْدُوَ أَحَدٌ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ فَلْيَفْعَلْ(4/254)
2110 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ نَأْتِيَ الْعِيدَ مَاشِيًا وَأَنْ نَأْكُلَ قَبْلَ أَنْ نَخْرُجَ وَنَشْرَبَ»(4/254)
2111 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا يَغْدُوَ أَحَدٌ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ فَلْيَفْعَلْ زَادَ إِسْحَاقُ قَالَ: فَلَمْ أَدَعْ أَنْ آكُلَ قَبْلَ أَنْ أَغْدُوَ مُنْذُ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ [ص:255] وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى الْأَكْلَ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْقِلٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَأْكُلُوا قَبْلَ الْغُدُوِّ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ شَاءَ أَكَلَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَأْكُلْ(4/254)
ذِكْرُ الِاغْتِسَالِ يَوْمَ الْعِيدِ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ(4/256)
2112 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَاذَانَ، يَقُولُ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الْغُسْلِ، قَالَ: اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ؟ قَالَ: لَا، بَلِ الْغُسْلُ الَّذِي هُوَ الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ "(4/256)
2113 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَالْأَضْحَى»(4/256)
2114 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الِاغْتِسَالَ يَوْمَ الْفِطْرِ عَطَاءٌ وَعَلْقَمَةُ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَإِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو [ص:257] الزِّنَادِ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ يَأْثَمُ مَنْ تَرَكَهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رِوَايَةً أُخْرَى(4/256)
2115 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اغْتَسَلَ لِلْعِيدِ قَطُّ، كَانَ يَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فَيَغْدُو إِذَا أَصْبَحَ، لَا يَأْتِي مَنْزِلَهُ»(4/257)
ذِكْرُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ(4/257)
2116 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَيَوْمَ الْأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالسُّنَّةُ أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْعِيدِ فَإِنْ ضَعُفَ قَوْمٌ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى، أَمَرَ الْإِمَامُ مَنْ يُصَلِّي لِمَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الضَّعْفِ فِي الْمَسْجِدِ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ(4/257)
2117 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ أَبِي الْهُذَيْلِ، أَنَّ عَلِيًّا، أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يُصَلِّيَ بِضَعَفَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْعِيدِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ "(4/257)
2118 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: رَأَى عَلِيٌّ أُنَاسًا يَذْهَبُونَ يَوْمَ الْعِيدِ فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ فَقَالُوا: يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: " إِنَّمَا الْجَمَاعَةُ فِي الْجَبَّانَةِ، وَأَمَرَ رَجُلًا فَصَلَّى بِهِمْ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَسْتَحْسِنُ ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ يَرَيَانِ ذَلِكَ وَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ(4/258)
ذِكْرُ تَرْكِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ(4/258)
2119 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: سِمَاكٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «صَلَّيْتُ الْعِيدَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ» وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَقُولَانِ: لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ، وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى، وَصَلَّى الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَلَمْ يُؤَذِّنْ وَلَمْ يُقِمْ(4/258)
2120 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَا: " لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى، ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ حِينٍ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَخْبَرَنِي قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، لَا أَذَانَ لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ وَلَا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ وَلَا إِقَامَةَ وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ، قَالَ: لَا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ وَلَا إِقَامَةَ "(4/258)
2121 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا الْحَجَبِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي يَوْمِ عِيدٍ قَالَ: فَلَمْ يُؤَذِّنْ، وَلَمْ يُقِمْ وَهَذَا قَوْلُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ جَابِرٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ: تِلْكَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَرَى أَنْ يَأْمُرَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ فِي الْأَعْيَادِ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ أَوَ الصَّلَاةَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَذَّنَ وَأَقَامَ، وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ الْأَذَانَ فِي الْعِيدَيْنِ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ مُعَاوِيَةُ، وَقَالَ شُعْبَةُ: أَذَّنَ فِي الْعِيدَيْنِ ابْنُ وَارِحٍ، وَكَانَ اسْتَخْلَفَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَقَالَ حُصَيْنٌ: أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ فِي الْعِيدِ زِيَادٌ(4/259)
2122 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ وَكَانَ بَيْنَهُمَا حَسَنٌ فَقَالَ: «لَا تُؤَذِّنْ وَلَا تُقِمْ، فَلَمَّا سَاءَ الَّذِي بَيْنَهُمَا أَذَّنَ وَأَقَامَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي الْعِيدَيْنِ أَذَانٌ وَلَا إِقَامَةٌ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَالَ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ(4/260)
ذِكْرُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِيدِ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ، ثُمَّ يَغْدُو كَمَا هُوَ إِلَى الْمُصَلَّى(4/260)
2123 - حَدَّثَنَاهُ مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْهُ وَكَانَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ وَبَنُوهُ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَذْهَبُونَ إِلَى الْمُصَلَّى، وَذَلِكَ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى
2124 - حَدَّثَنَاهُ مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ سَهْلِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّهُ رَأَى جَدَّهُ رَافِعًا وَبَنِيهِ " [ص:261] وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُلُّ عِيدٍ أَوَّلُ النَّهَارِ، وَقَالَ مَالِكٌ: مَضَتِ السُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي وَقْتِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ مَنْزِلِهِ قَدْرَ مَا يَبْلُغُ مُصَلَّاهُ، وَقَدْ حَلَّتِ الصَّلَاةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَغْدُو إِلَى الْأَضْحَى قَدْرَ مَا يُوَافِي الْمُصَلَّى حِينَ تَبْرُزُ الشَّمْسُ وَهَذَا أَعْجَلُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيُؤَخِّرُ الْغُدُوَّ إِلَى الْفِطْرِ عَنْ ذَلِكَ قَلِيلًا غَيْرَ كَثِيرٍ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يَخْرُجُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَرْتَفِعُ الشَّمْسُ وَتَحِلُّ الصَّلَاةُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفْطِرُ يَوْمَ الْفِطْرِ عَلَى تَمَرَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يَغْدُوَ النَّاسُ إِلَى الْمُصَلَّى، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ النَّاسُ إِلَى مُصَلَّاهُمْ قَبْلَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَأْتِي الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقُومُ فِيهِ الْمُصَلِّي، وَقَدْ حَلَّتِ الصَّلَاةُ(4/260)
ذِكْرُ إِخْرَاجِ الْعَنَزَةِ فِي الْعِيدَيْنِ لِيَتَّخِذَهَا الْإِمَامُ سُتْرَةً يَسْتَتِرُ بِهَا إِذَا صَلَّى(4/261)
2125 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَدَا إِلَى الْمُصَلَّى يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ يَحْمِلُ بَيْنَ يَدَيْهِ الْحَرْبَةَ وَيَخْرُجُ مَاشِيًا حَتَّى تُرْكَزَ لَهُ بِالْمُصَلَّى فَيَتَّخِذَهَا سُتْرَةً يُصَلِّي إِلَيْهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُبْنَى الدُّورُ، وَيُحْمَلُ الْحَرْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ يُصَلِّي فَيَتَّخِذَهَا سُتْرَةً "(4/261)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِخْرَاجِ النِّسَاءِ إِلَى الْأَعْيَادِ وَإِنْ كُنَّ أَبْكَارًا أَوْ ذَاتَ خُدُورٍ حُيَّضًا كُنَّ أَوْ أَطْهَارًا(4/262)
2126 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ الْعَوَاتِقُ، وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، وَالْحُيَّضُ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الْمُصَلَّى وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَتْ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَرَأَيْتَ إِحْدَاهُنَّ لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْأَعْيَادِ، فرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا: حَقٌّ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: الْخُرُوجُ إِلَى الْعِيدَيْنِ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْرِجُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْ أَهْلِهِ فِي الْعِيدِ(4/262)
2127 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " حَقٌّ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدَيْنِ قَالَ: وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُنَّ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَّا فِي الْعِيدَيْنِ "(4/262)
2128 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: [ص:263] ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْرِجُ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْ أَهْلِهِ فِي الْعِيدِ "(4/262)
2129 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ لَا يُخْرِجُ نِسَاءَهُ فِي الْعِيدَيْنِ وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ خُرُوجَ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدَيْنِ، كَرِهَ ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لَا يَدَعُ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِهِ تَخْرُجُ إِلَى فِطْرٍ وَلَا إِلَى أَضْحًى، وَقَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ: لَا نَعْرِفُ خُرُوجَ الْمَرْأَةِ الشَّابَّةِ عِنْدَنَا فِي الْعِيدَيْنِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْعِيدِ: أَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّا نَكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ وَنُرَخِّصُ لِلْعَجُوزِ الْكَبِيرِ بِأَنْ تَشْهَدَ الْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ، وَالْعِيدَيْنِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا(4/263)
ذِكْرُ الرُّكُوبِ إِلَى الْعِيدِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ خَرَجَ فِي يَوْمِ فِطْرٍ، أَوْ يَوْمِ خُرُوجٍ فِي ثَوْبِ قُطْنٍ يَمْشِي، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَأْتِيَ الْعِيدَ مَاشِيًا(4/263)
2130 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي يَوْمِ فِطْرٍ، أَوْ يَوْمِ خُرُوجٍ، فِي ثَوْبِ قُطْنٍ يَمْشِي "(4/263)
2131 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تَأْتِيَ، الْعِيدَ مَاشِيًا، [ص:264] وَأَنْ تَأْكُلَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ وَتَشْرَبَ» وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْعِيدَ مَاشِيًا فَلْيَأْتِهِ مَاشِيًا، وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَكْرَهُ أَنْ يَرْكَبَ فِي الْعِيدَيْنِ وَكَانَ يَمْشِي، وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّ الْمَشْيَ إِلَى الْعِيدَيْنِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَقَالَ مَالِكٌ: أَمَّا نَحْنُ فَنَمْشِي وَمَكَانُنَا قَرِيبٌ، وَأَمَّا مَنْ بَعُدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَشْيُ إِلَى الْعِيدِ أَحْسَنُ، وَأَقْرَبُ إِلَى التَّوَاضُعِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ رَكِبَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَلْبَسَ فِي الْعِيدَيْنِ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ كَمَا يَلْبَسُ فِي الْجُمُعَةِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ عَلَيْهِ ثِيَابُ الْعِيدِ(4/263)
2132 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْفَجْرَ يَوْمَ الْعِيدِ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ الْعِيدِ " [ص:265] وَقَالَ مَالِكٌ: سَمِعْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ الزِّينَةَ وَالتَّطَيُّبِ فِي كُلِّ عِيدٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ(4/264)
ذِكْرُ تَرْكِ الصَّلَاةِ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَبَعْدَهَا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي يَوْمِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا(4/265)
2133 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا وَتُلْقِي سِخَابَهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُصَلَّى قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يُصَلِّي قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا ابْنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعِيدِ: لَيْسَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ صَلَاةٌ(4/265)
2134 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا»(4/266)
2135 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةَ كَانَا يَنْهَيَانِ النَّاسَ يَوْمَ الْعِيدِ عَنِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ(4/266)
2136 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، وَابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى، وَابْنَ عُمَرَ، وَجَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، وَشُرَيْحًا، وَابْنَ مَعْقِلٍ لَا يُصَلُّونَ قَبْلَ الْعِيدِ وَلَا بَعْدَهُ»(4/266)
2137 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: «الصَّلَاةُ قَبْلَ الْعِيدِ، لَيْسَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ صَلَاةٌ»(4/266)
2138 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ لَا يَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْعِيدَيْنِ وَلَا بَعْدَهُمَا شَيْئًا وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَسْرُوقٍ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، [ص:267] وَالزُّهْرِيِّ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَمَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُصَلَّى قَبْلُ وَلَا بَعْدُ، وَحُكِي عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: رَأَى الْكُوفِيُّونَ الصَّلَاةَ بَعْدَهَا، وَالْبَصْرِيُّونَ الصَّلَاةَ قَبْلَهَا، وَالْمَدَنِيُّونَ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. وَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُصَلَّى قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا هَذَا قَوْلُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(4/266)
2139 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَالْحَسَنَ يُصَلِّيَانِ قَبْلَ الْعِيدِ "(4/267)
2140 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنُ، وَأَخُوهُ سَعِيدٌ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ يُصَلُّونَ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَبَعْدَهُ [ص:268] وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَسَعِيدٍ ابْنِي أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَصَلِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُصَلَّى بَعْدَهَا وَلَا يُصَلَّى قَبْلَهَا، رُوِّينَا عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي يَوْمِ عِيدٍ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا صَلَاةَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الْعِيدَيْنِ أَرْبَعًا(4/267)
2141 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ [ص:269] زَهْدَمٍ، قَالَ: لَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ إِلَى صِفِّينَ اسْتَعْمَلَ أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ عَلَى النَّاسِ، فَكَانَ يَوْمُ عِيدٍ فَخَرَجَ أَبُو مَسْعُودٍ فَأَتَى الْجَبَّانَةَ وَالنَّاسُ بَيْنَ مُصَلٍّ وَقَاعِدٍ، فَلَمَّا تَوَسَّطَهُمْ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا صَلَاةَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ»(4/268)
2142 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ صَالِحِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُصَلِّي بَعْدَ الْعِيدَيْنِ أَرْبَعًا» وَمَنْ مَذْهَبُهُ أَنْ يُصَلَّى بَعْدَهَا وَلَا يُصَلَّى قَبْلَهَا عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ وَمُجَاهِدٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسَعِيدٌ، وَالنَّخَعِيُّ إِبْرَاهِيمُ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَحُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ [ص:270] قَالَ: اجْتَمَعَتِ الْعَامَّةُ عَلَى أَنْ لَا صَلَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَيُصَلِّي بَعْدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ كَرَاهِيَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمُصَلَّى قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا وَالرُّخْصَةُ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْمُصَلَّى، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: وَالْفِطْرُ وَالْأَضْحَى لَيْسَ قَبْلَهُمَا صَلَاةٌ وَيُصَلِّي بَعْدَهُمَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ وَلَا يُصَلِّي فِي الْجَبَّانِ أَصْلًا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ الْفِطْرِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّلَاةُ مُبَاحٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَفِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَهِيَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ غُرُوبِهَا، وَوَقْتُ الزَّوَالِ، وَقَدْ كَانَ تَطَوُّعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَامَّةِ الْأَوْقَاتِ فِي بَيْتِهِ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَتَطَوَّعُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ، فَالصَّلَاةُ جَائِزَةٌ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْظُرَ مِنْهُ شَيْئًا. وَلَيْسَ فِي تَرْكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِأَنَّ مَا هُوَ مُبَاحٌ لَا يَجُوزُ حَظْرُهُ إِلَّا بِنَهْيٍ يَأْتِي عَنْهُ، وَلَا نَعْلَمُ خَبَرًا يَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهُ، وَصَلَاةُ التَّطَوُّعِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَفِي سَائِرِ الْأَيَّامِ فِي الْبُيُوتِ أَحَبُّ إِلَيْنَا لِلْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ(4/269)
ذِكْرُ الْبَدْءِ بِصَلَاةِ الْعِيدِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ(4/270)
2143 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ "(4/270)
2144 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ كَانُوا يَبْدَءُونَ [ص:271] بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي الْعِيدِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ، وَعَلَيْهِ عَوَّامُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ. فَمِمَّنْ كَانَ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَاْبْنُ مَسْعُودٍ وَهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ(4/270)
2145 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ شَهِدَ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَذِنَ لِلْأَنْصَارِ وَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ "(4/271)
2146 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ دَاوُدَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ رَجُلٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، كَانَا يُصَلِّيَانِ الْعِيدَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ "(4/271)
2147 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا الْحَجْبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ [ص:272] حَرْبٍ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يَوْمَ الْعِيدِ خَطَبَهُمْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى بَعِيرٍ "(4/271)
2148 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: «أَوَّلُ مَا يُبْدَأُ بِهِ أَوْ يُقْضَى فِي عَهْدِنَا هَذِهِ الصَّلَاةُ ثُمَّ الْخُطْبَةُ ثُمَّ لَا يَبْرَحُ أَحَدٌ حَتَّى يَخْطُبَ»(4/272)
2149 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ كَيْفَ أَصْنَعُ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَوْمِ عِيدٍ؟ وَكَانَ الَّذِي بَيْنَهُمَا حَسَنٌ، فَقَالَ: «لَا تُؤَذِّنُ، وَلَا تُقِمْ، وَصَلِّ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَلَمَّا سَاءَ الَّذِي بَيْنَهُمَا، أَذَّنَ وَأَقَامَ، وَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ»(4/272)
2150 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «خَطَبَ عَلَى جَمَلٍ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ أَضْحَى ثُمَّ ذَبَحَ» وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ رُوِّينَا أَنَّ عُثْمَانَ كَانَ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِهِ رَآهُمْ لَا يُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ(4/272)
2151 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " كَانَتِ الصَّلَاةُ فِي الْعِيدِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، قَالَ: فَسَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ أَوَّلِ مَنْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ: عُثْمَانُ صَلَّى بِالنَّاسِ ثُمَّ [ص:273] خَطَبَهُمْ فَرَأَى نَاسًا كَثِيرًا لَمْ يُدْرِكُوا الصَّلَاةَ فَفَعَلَ ذَلِكَ "(4/272)
2152 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ كَانُوا يُصَلُّونَ ثُمَّ يَخْطُبُونَ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ رَأَى أَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَ الصَّلَاةَ خَطَبَ ثُمَّ صَلَّى "(4/273)
2153 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: " خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ فِي يَوْمِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، وَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي مَسْعُودٍ، حَتَّى أَفْضَيْنَا إِلَى الْمُصَلَّى، فَإِذَا كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ قَدْ بَنِي لِمَرْوَانَ مِنْبَرًا مِنْ لَبَنٍ وَطِينٍ، فَعَدَلَ مَرْوَانُ إِلَى الْمِنْبَرِ، حَتَّى حَاذَى بِهِ فَجَذَبْتُهُ لِيَبْدَأْ بِالصَّلَاةِ قَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ: تُرِكَ مَا تَعْلَمُ؟ قُلْتُ: كَلَّا وَرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا تَأْتُونَ بِخَيْرٍ مِمَّا أَعْلَمُ، قَالَ: ثُمَّ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ "(4/273)
ذِكْرُ عَدَدِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فِي الْقِيَامِ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ، فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ(4/273)
2154 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ [ص:274] قَيْسٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً "(4/273)
2155 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: «التَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ سَبْعٌ وَخَمْسٌ، سَبْعٌ فِي الْأُولَى قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ»(4/274)
2156 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا حُمَيْدٌ، عَنْ عَمَّارٍ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، «كَبَّرَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً، سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ» وَبِهِ قَالَ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ مِنَ السَّبْعِ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ، وَلَا مِنَ الْخَمْسِ فِي الثَّانِيَةِ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُكَبِّرُ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ مَعَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ، وَيَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ لِيُكَبِّرَ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ. وَعَارَضَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: لَمَّا سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا وَكَانَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فِيهَا، لَزِمَ النَّاسَ سَبْعُ تَكْبِيرَاتٍ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الْعِيدِ إِلَّا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ. وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعٌ تِسْعٌ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَفَسَّرَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ لِبَعْضِ الْأُمَرَاءِ فَقَالَ: تَقُومُ فَتُكَبِّرُ أَرْبَعًا مُتَوَالِيَاتٍ، ثُمَّ تَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ، فَتَرْكَعُ وَتَسْجُدُ، ثُمَّ تَقُومُ فَتَقْرَأُ [ص:275] ثُمَّ تُكَبِّرُ أَرْبَعًا تَرْكَعُ بِآخَرِهِنَ، وَحَضَرَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالُوا: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ(4/274)
2157 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ تِسْعًا تِسْعًا أَرْبَعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَقْرَأُ فَإِذَا فَرَغَ كَبَّرَ أَرْبَعًا ثُمَّ يَرْكَعُ "(4/275)
2158 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، قَالَا: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ جَالِسًا وَعِنْدَهُ حُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فَسَأَلَهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ عَنِ التَّكْبِيرِ، فِي الصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: سَلْ هَذَا، لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَسَأَلَهُ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «تُكَبِّرُ أَرْبَعًا ثُمَّ تَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ فَتَرْكَعُ، ثُمَّ تَقُومُ فِي الثَّانِيَةِ فَتَقْرَأُ ثُمَّ تُكَبِّرُ أَرْبَعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ»(4/275)
2159 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَعْلَى، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ يُكَبِّرَانِ فِي الْعِيدِ تِسْعًا تِسْعًا "
[ص:276]
2160 - حدثنا موسى قال: ثنا أبو بكر قال: ثنا أبو أسامة عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ جابر بن عبد الله، وسعيد بن المسيب قالا: تسع تكبيرات ويتوالى بين القراءتين.
2161 - حدثنا موسى قال: ثنا أبو بكر قال: ثني يحيى بن سعيد عَنْ أَشْعَثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سيرين عن أنس أنه كان يكبر في العيد تسعاً فذكر مثل حديث
عبد الله.
وقال سفيان الثورى في التكبير في الفطر والأضحى: يكبر أربع تكبيرات
قبل القراءة، ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ ثم يكبر أربع تكبيرات ثم يركع بالرابعة، وقال أصحاب كما روى عن ابن مسعود.
وفيه قول ثالث: قاله ابن عباس قال: (التكبير يوم الفطر ثلاث عشرة
يكبرهن وهو قائم سبع في الركعة الأولى منهن تكبيرة الاستفتاح للصلاة، ومنهن تكبيرة الركعة، ومنهن ست قبل القراءة وواحدة بعدها، وفي الآخرة ست تكبيرات منهن تكبيرة الركعة ومنهن خمس قبل القراءة وواحدة بعدها) .
2162 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابن جريج عن عطاء عنه.
وفيه قول رابع: قاله الحسن البصري قال: في الأولى خمس تكبيرات، وفي
الآخرة ثلاث سوى تكبيرتي الركوع.
وفيه قول خامس: وهو أن التكبير في العيدين كالتكبير على الجنائز أربع
[ص:277] أربع، روي هذا الحديث عن حذيفة، وأبي موسى، وابن مسعود، وابن الزبير.
2163 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا هارون بن معروف قال: ثنا محمد بن سلمة قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عن مكحول عن أبي عائشة مولى
سعيد بن العاص قال: بعثه سعيد بن العاص إلى حذيفة، وأبي موسى الأشعري فسألهما عن التكبير في العيدين فقالا: كالتكبير على الجنائز أربع أربع.
2164 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابن جريج قال: قلت له يعنى عطاء: أن يوسف بن ماهك أخبرني أن ابن الزبير كان لا يكبر إلا أربعاً في كل ركعة سوى تكبيرتين في الركعتين سمع ذلك منه.
2165 - حدثونا عن بندار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي عطية قال: قال عبد الله بن مسعود: التكبير في العيدين أربع كالتكبير على الجنائز.
2166 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا أبو بكر قال: ثنا زيد بن حباب قال: ثنا عبد الرحمن يعني ابن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال: حدثني أبو عائشة وكان جليسا لأبي هريرة قال: شهدت سعيد بن العاص ودعا أبا موسى الأشعري، وحذيفة فسألهما عن التكبير في العيدين؟ قال: فقال أبو
موسى: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكبر في العيدين كما يكبر على الجنائز قال: وصدقه حذيفة.
وفيه قول سادس: وهو أن التكبير في صلاة العيد يكبر في الركعة الأولى أربع تكبيرات قبل القراءة سوى تكبيرة الصلاة، وفي الركعة الثانية ثلاث تكبيرات بعد القراءة سوى تكبيرة الصلاة.
[ص:278]
2167 - حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جَابِرٍ وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: إِنَّ أَعْجَبَ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ، أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، وَاحِدَةً، يَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَامِنٌ: وَهِيَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ فِي التَّكْبِيرِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ: يُكَبِّرُ وَاحِدَةً يَفْتَتِحُ بِهَا الصَّلَاةَ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا فَيَرْكَعُ بِالثَّالِثَةِ وَيَسْجُدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ تَاسِعٌ: وَهُوَ قَوْلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ تَكْبِيرِ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ، رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ أَحَدَ عَشَرَ تَكْبِيرَةً يَفْتَتِحُ بِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ خَمْسًا يَرْكَعُ بِإِحْدَاهُنَّ، ثُمَّ يَقُومُ ثُمَّ يُكَبِّرُ خَمْسًا يَرْكَعُ بِإِحْدَاهُنَّ، وَكَانَ يُكَبِّرُ خَمْسًا فِي الْأَضْحَى يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً الَّتِي تُوجِبُ بِهَا الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثِنْتَيْنِ يَرْكَعُ بِإِحْدَاهُمَا ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثِنْتَيْنِ يَرْكَعُ بِإِحْدَاهُمَا. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً وَفِي الْأَضْحَى خَمْسًا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُوَافِقُ عَدَدَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ، وَأَحْسَبُ أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً غَلَطٌ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَفِيهِ قَوْلٌ عَاشِرٌ: رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَضْحَى إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَكَبِّرْ تَكْبِيرَتَيْنِ ثُمَّ اقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَأَسْمِعْ مَنْ حَوْلَكَ وَلَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ، وَفِي الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي الْفِطْرِ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْأُولَى أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَفِي الْأُخْرَى ثَلَاثٌ سِوَى تَكْبِيرَتَيِ الرُّكُوعِ وَأَسْمِعْ مَنْ حَوْلَكَ. [ص:279] وَفِيهِ قَوْلٌ حَادِي عَشَرَ: قَالَهُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: لَيْسَ فِي تَكْبِيرِ الْعِيدِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ(4/275)
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانِي عَشَرَ: وَهِيَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنْ التَّكْبِيرَ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ تِسْعُ تَكْبِيرَاتٍ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَثَلَاثَةَ عَشْرَةَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ
2168 - حَدَّثَنَاهُ أَبُو يَعْقُوبَ، يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو حَفْصٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ أَقُولُ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ(4/279)
2169 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ يَوْمَ الْفِطْرِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعًا ثُمَّ قَرَأَ فَكَبَّرَ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ كَبَّرَ فِي الْأُخْرَى خَمْسًا ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ كَبَّرَ ثُمَّ رَكَعَ "(4/279)
2170 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ "(4/279)
الذِّكْرُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي الذِّكْرِ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَحْمَدُ اللهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو اللهَ ثُمَّ يُكَبِّرُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ(4/280)
2171 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ " دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ فِي عَرْصَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: إِنَّ الْعِيدَ قَدْ حَضَرَ فَكَيْفَ أَصْنَعُ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: تَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ تَحْمَدُ اللهَ وَتُثْنِي عَلَيْهِ وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَدَعُو اللهَ، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَحْمَدُ اللهَ وَتُثْنِي عَلَيْهِ وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَدْعُو، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَتَحْمَدُ اللهَ وَتُثْنِي عَلَيْهِ وَتُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَدْعُو، ثُمَّ تُكَبِّرُ وَاقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، ثُمَّ كَبِّرْ وَارْكَعْ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: يَسْكُتُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ سَاعَةً يَدْعُو اللهَ، وَيَذْكُرُهُ فِي نَفْسِهِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يَقِفُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ قَدْرَ آيَةٍ لَا طَوِيلَةٍ وَلَا قَصِيرَةٍ، يُهَلِّلُ اللهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ، يَصْنَعُ هَذَا بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنَ السَّبْعِ وَالْخَمْسِ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَمِيلُ إِلَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ مَوْضِعٌ لِقَوْلِ وَلَا دُعَاءٍ، لِأَنَّ التَّكْبِيرَ مُتَتَابِعٌ. وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ قِيلَ لَهُ: هَلْ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ شَيْءٌ مِنْ قَوْلٍ؟ قَالَ: مَا عَلِمْتُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَفْعَلُ ذَلِكَ الْإِمَامُ، يَفْعَلُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ لِيَتَمَكَّنُ مَنْ خَلْفَهُ مِنَ التَّكْبِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ(4/280)
مَسْأَلَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةَ بَعْدَ التَّكْبِيرِ مِثْلَ قَوْلِهِ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي وَغَيْرِ ذَلِكَ، مَتَى يَقُولُهُ الْمُصَلِّي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ؟ فَفِي قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ: يَقُولُهُ إِذَا فَرَغَ مِنَ السَّبْعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ وَافَقَ الْأَوْزَاعِيَّ فِي هَذَا الْقَوْلِ قَالَ: لَمَّا كَانَ ذَلِكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ التَّكْبِيرِ كَانَ كَذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ، يَقُولُهُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُكَبِّرُ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يَفْتَتِحُ فَيَقُولُ: «وَجَّهْتُ وَجْهِي» وَمَا بَعْدَهَا ثُمَّ يُكَبِّرُ سَبْعًا لَيْسَ مِنْهَا تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ(4/281)
مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِمَامِ يَنْسَى التَّكْبِيرَ حَتَّى يَبْتَدِئَ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ عَادَ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ رَكَعَ مَضَى وَلَمْ يُكَبِّرْ مَا فَاتَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا آمُرُهُ إِذَا افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ أَنْ يَقْطَعَهَا، وَلَا إِذَا فَرَغَ مِنْهَا أَنْ يُكَبِّرَ، وَلَا قَضَاءَ عَلَى تَارِكِهِ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ إِذَا هُوَ بِالْعِرَاقِ كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ سُجُودَ السَّهْوِ(4/281)
ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَاتِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مِثْلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَفِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ(4/281)
2172 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ اللَّخْمِيِّ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ، وَفِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى " وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ عَطَاءٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ: وَهُوَ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ لَازِمَةٌ فَمَنْ شَاءَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِيهَا كُلِّهَا وَفِي الْأُولَى أَحَبُّ إِلَيَّ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ الْخَامِسَةَ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَإِذَا قَامَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ كَبَّرَ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ لِلرُّكُوعِ وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْفَعَ الْمُصَلِّي يَدَيْهِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَكْبِيرٌ فِي حَالِ الْقِيَامِ، فَكُلُّ مَنْ كَبَّرَ فِي حَالِ الْقِيَامِ رَفَعَ يَدَيْهِ اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ(4/282)
ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ(4/283)
2173 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: " سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ مَاذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ قَالَ: يَقْرَأُ بِـ ق، وَاقْتَرَبَتْ "(4/283)
وَجْهٌ ثَانٍ مِمَّا يُقْرَأُ بِهِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ(4/283)
2174 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بن مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ(4/283)
2175 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا الْحَجْبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَشْيَاخٍ، لَهُمْ أَنَّ عُمَرَ: «كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» [ص:284] وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِحَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: رُوِيَ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَاقْرَأْ بِاسِمْ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: رُوِيَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: تَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بِـ ق وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، وَإِنْ شَاءَ قَرَأَ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذَا مِنْ جِهَةِ الْمُبَاحِ، وَإِنْ قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةً سِوَى مَا ذَكَرْنَاهُ أَجْزَأَهُ(4/283)
ذِكْرُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ فِي الْعِيدَيْنِ فَأَسْمِعْ مِنْ يَلِيكَ وَلَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ» .(4/284)
2176 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «الْقِرَاءَةُ فِي الْعِيدَيْنِ تُسْمِعُ مِنْ يَلِيهِ» [ص:285] وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يَجْهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَعَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ لِأَنَّ فِي حِكَايَةِ مَنْ حَكَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ بِـ ق، وَاقْتَرَبَتْ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَخَبَرُ النُّعْمَانِ يَدُلُّ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ أَبِي وَاقِدٍ(4/284)
ذِكْرُ الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْعِيدَيْنِ(4/285)
2177 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَّبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلَالٍ، وَبِلَالٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ تُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ»(4/285)
ذِكْرُ الْخُطْبَةِ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُصَلَّى مِنْبَرٌ(4/285)
2178 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ [ص:286] عِيدٍ عَلَى رَاحِلَتِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ أَبْوَابًا مِنْ كِتَابِ الْخُطْبَةِ تَرَكْتُ إِعَادَتَهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ(4/285)
ذِكْرُ التَّكْبِيرِ فِي الْخُطْبَةِ رُوِّينَا عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «التَّكْبِيرُ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ تِسْعًا فِي الْأُولَى، وَسَبْعًا فِي الْآخِرَةِ» . وَرُوِيَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «يُكَبِّرُ يَوْمَ الْعِيدِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ تَكْبِيرَةً»(4/286)
2179 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ، مُولِي قُرَيْشٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا كِنَانَةَ الْهُجَيْمِيَّ، يُحَدِّثُ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْعِيدِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ تَكْبِيرَةً» [ص:287] وَرُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْعِيدِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: يُكَبِّرُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْعِيدِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْعِيدَيْنِ إِذَا رَقِيَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ تَسْبِيحٌ وَتَحْمِيدٌ وَتَهْلِيلٌ، ثُمَّ يَفْتَتِحُ الْخُطْبَةَ بَعْدَ سَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ تَكْبِيرًا كَثِيرًا فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى، ثُمَّ الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنَ التَّكْبِيرِ فِي الْأُولَى، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: نَأْمُرُ الْإِمَامَ إِذَا قَامَ لِيَخْطُبَ الْأُولَى أَنْ يُكَبِّرَ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى لَا كَلَامَ بَيْنَهُنَّ، وَإِذَا قَامَ لِيَخْطُبَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ أَنْ يُكَبِّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ تَتْرَى، لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِكَلَامٍ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ حَتَّى يُوفِيَ سَبْعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْمِنْبَرِ سُنَّةٌ يَجِبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ فَمَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فَهُوَ يُجْزِي، وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ وَخَطَبَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ(4/286)
ذِكْرُ اجْتِمَاعِ الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ وَصَلَاةِ الْإِمَامِ بِالنَّاسِ الْعِيدَ ثُمَّ الْجُمُعَةَ وَإِبَاحَةِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا جَمِيعًا بِسُورَتَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا(4/287)
2180 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ بِـ سَبِّحِ [ص:288] اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ فَقَرَأَ بِهِمَا»(4/287)
ذِكْرُ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمُ الْعِيدَ وَلَا يُجَمِّعُ بِهِمْ(4/288)
2181 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: اجْتَمَعَ عِيدَانِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَأَخَّرَ الْخُرُوجَ حَتَّى تَعَالَى النَّهَارَ، ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ فَأَطَالَ الْخُطْبَةَ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يُصَلِّ لِلنَّاسِ الْجُمُعَةَ، فَعَابَ ذَلِكَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَصَابَ السُّنَّةَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِذَا اجْتَمَعَ عَلَى عَهْدِهِ عِيدَانِ صَنَعَ كَذَا "(4/288)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعِيدَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُجْزِي إِحْدَاهُمَا عَنِ الْأُخْرَى، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، قَالَ: إِنِ اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَيَوْمُ فِطْرٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلْيَجْمَعْهُمَا، فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ هِيَ هِيَ حَتَّى الْعَصْرِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: ثُمَّ أَخْبَرَنِي عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَصَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ بُكْرَةً رَكْعَتَيْنِ صَلَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ فِي جَمْعِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيْنَهُمَا يَوْمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا قَالَ: سَمِعْنَا ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَصَابَ، عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي عَهْدِهِ فَصَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ ثُمَّ خَطَبَهُمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْعِيدَ فَقَدْ قَضَى جَمَعْتَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ(4/289)
2182 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: " إِنِ اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَيَوْمُ فِطْرٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلْيَجْمَعْهُمَا فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ حَيْثُ تُصَلَّى صَلَاةُ الْفِطْرِ ثُمَّ هِيَ هِيَ حَتَّى الْعَصْرِ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: اجْتَمَعَ يَوْمُ فِطْرٍ وَيَوْمُ جُمُعَةٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا جَعَلَهُمَا وَاحِدًا، فَصَلَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً صَلَاةَ الْفِطْرِ ثُمَّ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ قَالَ: فَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَلَمْ يَقُولُوا فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَفْقَهْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَلَقَدْ أَنْكَرْتُ أَنَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصَلَّيْتُ الظُّهْرَ يَوْمَئِذٍ حِينَئِذٍ، حَتَّى بَلَغَنَا أَنَّ الْعِيدَيْنِ كَانَا إِذَا اجْتَمَعَا كَذَلِكَ صَلَّيَا وَاحِدَةً، وَذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمَا كَانَا يَجْمَعَانِ إِذَا اجْتَمَعَا "(4/289)
2183 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، فِي جَمْعِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بَيْنَهُمَا يَوْمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا قَالَ: سَمِعْنَا ذَلِكَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَصَابَ، عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ»(4/290)
2184 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: " اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي عَهْدِ عَلِيٍّ فَصَلَّى بِهِمُ الْعِيدَ ثُمَّ خَطَبَهُمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الْعِيدَ فَقَدْ قَضَى جُمُعَتَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ " وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: يُجْزِي عَنْكَ أَحَدُهُمَا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ الرُّخْصَةُ فِي الْإِذْنِ لِمَنْ كَانَ خَارِجًا عَنِ الْمِصْرِ فِي الرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَلَا يَعُودُونَ لِلْجُمُعَةِ، فَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ بِحَالٍ، لِأَنَّهَا صَلَاةٌ غَيْرُ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ فَغَيَّرُ جَائِزٍ إِسْقَاطُ مَا يَجِبُ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مِنْ فَرْضِ الْجُمُعَةِ بِتَطَوُّعٍ يَتَطَوَّعُهُ الْمَرْءُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ أَعْنِي صَلَاةَ الْعِيدِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَابِتٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ قَالَ فِي يَوْمِ عِيدٍ: قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي يَوْمِكُمْ عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا [ص:291] وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ، وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ(4/290)
2185 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ: " شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَجَاءَ فَصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْهَا، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ " وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مِثْلَهُ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ أَنْ يَدْعُوا أَنْ يُجَمِّعُوا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْعِيدَيْنِ يَجْتَمِعَانِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ: يَشْهَدُهُمَا جَمِيعًا الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالْآخَرُ فَرِيضَةٌ، وَلَا يُتْرَكُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ، وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ، وَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَصَلَاةَ الْعِيدَيْنِ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ، وَإِذَا دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالِاتِّفَاقُ عَلَى وُجُوبِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تَطَوُّعٌ، لَمْ يَجُزْ تَرْكُ فَرْضٍ بِتَطَوُّعٍ(4/291)
ذِكْرُ صَلَاةِ مَنْ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي أَرْبَعًا، كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: يُصَلِّي [ص:292] أَرْبَعًا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا(4/291)
2186 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُطَرِّفٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ يَوْمَ الْفِطْرِ فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا» وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ شَاءَ صَلَّى وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُصَلِّ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ إِنْ شَاءَ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى كَصَلَاةِ الْإِمَامِ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ مِثْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَإِنْ عَلِمَ مَا قَرَأَ الْإِمَامُ قَرَأَ بِهِ، وَقَالَ عَطَاءٌ فِي رَجُلٍ صَلَّى صَلَاةَ الْفِطْرِ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ قَالَ: يَعُودُ لَهَا، وَقَالَ ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: فِيمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ: إِنْ صَلَّى بَعْدَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ صَلَّى مِثْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ: يُصَلِّي كَمَا صَلَّى الْإِمَامُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ لَا يَجْهَرُ بِقِرَاءَتِهِ، وَلَا يُكَبِّرُ تَكْبِيرَ [ص:293] الْإِمَامِ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ إِنْ صَلَّى فِي الْجَبَّانِ صَلَّى كَمَا صَلَّى الْإِمَامُ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فِي الْجَبَّانِ صَلَّى أَرْبَعًا، هَذَا قَوْلُ إِسْحَاقَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ، فَكُلُّ مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ صَلَّاهَا كَمَا سَنَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي عَدَدِ الصَّلَاةِ لِمَنْ فَاتَهُ الْعِيدُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَلَا أَحْسَبُ خَبَرَ ابْنِ مَسْعُودٍ يَثْبُتُ، لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ مُطَرِّفٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ
2187 - رَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، فِيمَنْ فَاتَهُ الْعِيدُ، فَبَطَلَ الْحَدِيثُ لَمَّا أَخْبَرَ مُطَرِّفٌ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَنِ الرَّجُلُ(4/292)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْعِيدِ حَيْثُ لَا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ لِلْمُسَافِرِينَ، وَلِمَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، فَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُسَافِرِينَ يَأْتِي عَلَيْهِ يَوْمُ عِيدٍ: إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْأَضْحَى ذَبَحَ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، وَمُجَاهِدٍ: أَنَّهُمَا كَانَا فِي يَوْمِ فِطْرٍ مُتَوَارِيَيْنِ زَمَانَ [ص:294] الْحَجَّاجِ فَتَكَلَّمَ أَبُو عِيَاضٍ وَدَعَا لَهُمْ وَأَمَّهُمْ بِرَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ: تُصَلَّى فِي الْبَادِيَةِ الَّتِي لَا جُمُعَةَ فِيهَا، وَتُصَلِّيهَا الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا، وَالْمَرْأَةُ، وَالْمُسَافِرُ. هَذَا آخِرُ قَوْلَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: لَا يُصَلَّى الْعِيدَانِ إِلَّا حَيْثُ تُصَلَّى الْجُمُعَةُ. وَفِيهِ قَوْلٌ سِوَاهُ: رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ(4/293)
2188 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَا جُمُعَةَ، وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ» قَالَ مَعْمَرٌ: يَعْنِي بِالتَّشْرِيقِ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى الْخُرُوجَ إِلَى الْجَبَّانَةِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ صَلَاةُ الْأَضْحَى وَلَا صَلَاةُ الْفِطْرِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مِصْرٍ فَيَشْهَدُ الصَّلَاةَ، وَقَالَ: مَالِكٌ فِي الْإِمَامِ يَكُونُ فِي السَّفَرِ فَتَحْضُرُ صَلَاةُ الْفِطْرِ أَوِ الْأَضْحَى؟ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لَا جَمَاعَةٍ وَلَا فُرَادَى. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ، وَالْمِصْرُ الْقَرْيَةُ الْجَامِعَةُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْعِيدَيْنِ: إِنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْمَدَائِنِ(4/294)
ذِكْرُ الْقَوْمِ لَا يَعْلَمُونَ بِيَوْمِ الْفِطْرِ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الطَّائِفَةِ تَشْهَدُ يَوْمَ ثَلَاثِينَ مِنْ هِلَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنَّ الْهِلَالَ رُئِيَ بِالْأَمْسِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ عَدَلَا قَبْلَ الزَّوَالِ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدِ، وَإِنْ عَدَلَا بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا يَوْمَهُمْ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا مِنَ الْغَدِ، لِأَنَّهُ عُمِلَ فِي وَقْتٍ إِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ الْوَقْتَ لَمْ يُعْمَلْ فِي غَيْرِهِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَوْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ قُلْنَا بِهِ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ ذَهَبَ الْعِيدُ لِأَوَّلِ وَقْتِهِ أَوَّلَ نَهَارِهِمْ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ فَإِذَا ذَهَبَ يَوْمُ الْفِطْرِ فَقَدْ ذَهَبَ يَوْمُهُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ خَرَجُوا وَأَفْطَرُوا، وَإِنْ شَهِدَتْ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ أَفْطَرُوا وَخَرَجُوا إِلَى الْعِيدِ مِنَ الْغَدِ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِحَدِيثِ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدِيثُ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ ثَابِتٌ وَالْقَوْلُ بِهِ يَجِبُ(4/295)
2189 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُمَيْرِ بْنَ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَةٍ، لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوَا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْطِرُوا، فَكَانُوا إِذَا شَهِدُوا عِنْدَهُ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، فَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ»(4/295)
ذِكْرُ تَيَمُّمِ مَنْ يَخْشَى فَوَاتِ الْعِيدِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَخْشَى فَوَاتَ الْعِيدِ إِنْ ذَهَبَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَوَضَّأُ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَإِنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَيَمَّمُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذَا الْبَابَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي مَنْ تَرْكِ تَكْبِيرَةٍ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، فَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَفِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، أَبُو ثَوْرٍ عَنْ مَالِكٍ(4/296)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الرُّجُوعِ مِنَ الْمُصَلَّى مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ(4/296)
2190 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: ثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ يَسْتَحِبَّانِ ذَلِكَ(4/296)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ فِي الْمَنْزِلِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنَ الْمُصَلَّى(4/297)
2191 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْعَمُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ، وَلَا يُصَلِّي قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَإِذَا انْصَرَفَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ»(4/297)
جِمَاعُ أَبْوَابِ التَّكْبِيرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةَ. كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَالضَّحَّاكُ، وَعَطَاءٌ , [ص:298] وَقَتَادَةُ يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةَ: أَنَّهَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ.(4/297)
2192 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا بُنْدَارٌ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] قَالَ: التَّشْرِيقِ "(4/298)
2193 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: «الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ، يَعْنِي أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ هِيَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ لَيْسَ فِيهَا يَوْمُ النَّحْرِ»(4/298)
2194 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ يَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةُ» وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ(4/298)
2195 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، قَالَ: ثنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ يَطُوفُ فِي مِنًى، أَنْ لَا تَصُومُنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ» [ص:299] وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الدَّارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَيَسْمَعُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ تَكْبِيرَةً فَيُكَبِّرُونَ، حَتَّى يُكَبِّرَ أَهْلُ السُّوقِ، حَتَّى يُكَبِّرَ أَهْلُ الْجِمَارِ، حَتَّى يُكَبِّرَ مَنْ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، حَتَّى يُكَبِّرَ النَّاسُ أَهْلُ الطَّوَافِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًي تِلْكَ الْأَيَّامَ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ، وَفِي مَمْشَائِهِ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا(4/298)
2196 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثَنَا سُوَيْدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنِ الْفَزَارِيِّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: " بَلَغَنِي فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةِ هُوَ التَّكْبِيرُ فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ "(4/299)
2197 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا طَلْحَةُ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ عُمَرُ يُكَبِّرُ فِي قبتِهِ بِمِنًى فَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِهِمْ أَهْلُ مِنًى، وَيُكَبِّرُ بِتَكْبِيرِهِمْ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا»(4/299)
2198 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ، أَنَّ عُمَرَ: «كَانَ يُكَبِّرُ فِي الدَّارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَيَسْمَعُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ تَكْبِيرِهِ فَيُكَبِّرُونَ، حَتَّى يُكَبِّرَ أَهْلُ السُّوقِ، حَتَّى يُكَبِّرَ أَهْلُ الْجِمَارِ، حَتَّى يُكَبِّرَ مَنْ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ، حَتَّى يُكَبِّرَ النَّاسُ أَهْلُ الطَّوَافِ»(4/299)
2199 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يُكَبِّرُ بِمِنًي تِلْكَ الْأَيَّامَ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ، وَعَلَى فِرَاشِهِ، وَفِي فُسْطَاطِهِ، وَفِي مَمْشَائِهِ تِلْكَ الْأَيَّامَ جَمِيعًا»(4/299)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّكْبِيرِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ أَيَّامَ مِنًى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُبْدَأُ فِيهِ بِالتَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ مِنًى إِلَى وَقْتٍ ثَانٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يُكَبِّرُ فِي الْعَصْرِ ثُمَّ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ، هَكَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ: أَنْ يَبْدَأَ التَّكْبِيرَ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْمِنَى، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ عَلْقَمَةُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعُثْمَانُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ، رُوِّينَا عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَيَقْطَعُ فِي الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ(4/300)
2200 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: «كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ يُمْسِكُ صَلَاةَ الْعَصْرِ»(4/300)
2201 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيَقْطَعُ»(4/300)
2202 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، عَنْ أَبِي بَكَّارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ غَدَاةِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لَا يُكَبِّرُ الْمَغْرِبَ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ»(4/301)
2203 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَلِيٍّ، وَعَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُ بَعْدَ الْعَصْرِ»(4/301)
2204 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ". وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ قَالَهُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُ الظُّهْرَ ثُمَّ يُمْسِكُ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ فِي الْأَمْصَارِ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ. [ص:302] وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ، وَهُوَ: أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ خَلْفَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ(4/301)
2205 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ» وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الْأَمْصَارِ يَوْمَ عَرَفَةَ عِنْدَ الظُّهْرِ إِلَى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ(4/302)
2206 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «يُكَبِّرُ النَّاسُ فِي الْأَمْصَارِ يَوْمَ عَرَفَةَ عِنْدَ الظُّهْرِ إِلَى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الزُّهْرِيِّ رِوَايَةً تُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ خِلَافَ الْأَوَّلِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَامِنٌ: وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ، هَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. [ص:303] وَفِيهِ قَوْلٌ تَاسِعٌ حَكَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ أَحْمَدُ قَالَ: أَمَّا أَهْلُ مِنًى فَإِنَّهُمْ يَبْتَدِئُونَ بِالتَّكْبِيرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ صَلَاةَ الظُّهْرِ، لِأَنَّهُمْ يَقْطَعُونَ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ يَأْخُذُونَ فِي التَّكْبِيرِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَإِنَّهُمْ يَبْتَدِئُونَ غَدَاةَ عَرَفَةَ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ سُفْيَانُ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَفِيهِ قَوْلٌ عَاشِرٌ: قَدِ اخْتُلِفَ عَنْ قَائِلِهِ فِيهِ، رُوِّينَا عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ صَلَاةَ الصُّبْحِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ يَعْنِي مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ سِيرِينَ غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ كَانَ لَا يُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ يُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَبَعْضُهُمْ لَا يُكَبِّرُ، لَا يَعْتِبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ(4/302)
كَيْفِيَّةُ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُمَا كَانَا يُكَبِّرَانِ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَقُولَانِ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(4/303)
2207 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ عُمَرَ: " كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يُكَبِّرُ فِي الْعَصْرِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ "(4/303)
2208 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ صَلَاةَ الْغَدَاةِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ "(4/304)
2209 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيًّا: «كَانَ» يُكَبِّرُ يَوْمَ عَرَفَةَ صَلَاةَ الْفَجْرِ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ". وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَسُفْيَانُ، وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ تَكْبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ(4/304)
2210 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: [ص:305] ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكَّارٍ هُوَ الْحَكَمُ بْنُ فَرُّوخَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا يُكَبِّرُ فِي الْمَغْرِبِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ تَكْبِيرًا، اللهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ اللهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ " وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يَقُولَ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ(4/304)
2211 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ أَنَّهُمَا سُئِلَا عَنِ التَّكْبِيرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَا: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ(4/305)
ذِكْرُ تَكْبِيرِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُكَبِّرُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ لَا يُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ تَكْبِيرٌ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، إِنَّمَا التَّكْبِيرُ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ(4/305)
2212 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يُكَبِّرْ»(4/305)
2213 - وَحَدَّثُونَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ [ص:306] الْحَرِيرِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ تَكْبِيرٌ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، إِنَّمَا التَّكْبِيرُ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ إِنَّمَا هُوَ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالنُّعْمَانِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ وَإِنْ صَلَّى وَحْدَهُ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ(4/305)
ذِكْرُ تَكْبِيرِ النِّسَاءِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَكْبِيرِ النِّسَاءِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ تَكْبِيرٌ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ تَكْبِيرٌ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِلَّا فِي جَمَاعَةٍ، [ص:307] وَاسْتَحْسَنَ أَحْمَدُ قَوْلَ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: وَلَيْسَ عَلَى جَمَاعَاتِ النِّسَاءِ إِذَا صَلَّيْنَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ رَجُلٌ يُكَبِّرُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُكَبِّرُ النِّسَاءُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَكَانَ النَّخَعِيُّ يُحِبُّ لِلنِّسَاءِ أَنْ يُكَبِّرْنَ دُبُرَ الصَّلَاةِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ خِلَافَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى: وَهُوَ أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَالْحَاضِرِ، وَالْبَادِي، وَبِهِ كَانَ يَأْخُذُ الثَّوْرِيُّ.(4/306)
ذِكْرُ تَكْبِيرِ الْمُسَافِرِ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «التَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَالْحَاضِرِ، وَالْبَادِي» ، وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنْ يُكَبِّرَ الْمُسَافِرُ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَيَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ. وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ تَكْبِيرٌ(4/307)
التَّكْبِيرُ فِي دُبُرِ النَّوَافِلِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّكْبِيرِ فِي دُبُرِ النَّوَافِلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُكَبِّرُ مَنْ صَلَّى تَطَوُّعًا فِي جَمَاعَةٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ: أَنْ يُكَبِّرَ خَلْفَ النَّوَافِلِ وَالْفَرَائِضِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا قَالَا: التَّكْبِيرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فِي كُلِّ نَافِلَةٍ وَفَرِيضَةٍ(4/308)
ذِكْرُ التَّكْبِيرِ لِلْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُكَبِّرُ مَنْ فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْضِي ثُمَّ يُكَبِّرُ، كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَمَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. [ص:309] وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ وَيَقْضِي، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ: أَنْ يُكَبِّرَ، ثُمَّ يَقْضِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَمَكْحُولٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُهَا(4/308)
ذِكْرُ الْمُصَلِّي يَنْسَى التَّكْبِيرَ حَتَّى يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يُكَبِّرِ الْإِمَامُ فَلْيُكَبِّرْ مَنْ وَرَاءَهُ، كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ كَبَّرَ مَاشِيًا كَمَا هُوَ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَبِّرَ، وَإِنْ ذَكَرَ الْإِمَامَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ كَبَّرَ وَكَبَّرَ مَنْ مَعَهُ. كَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُولُونَ فِيمَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ: يَسْجُدُهُمَا ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: يَبْدَأُ بِالسَّهْوِ ثُمَّ التَّكْبِيرِ ثُمَّ التَّلْبِيَةِ يَعْنِي الْمُحْرِمَ(4/309)
فِي يَوْمِ عَرَفَةَ. قَالَ: وَإِذَا اجْتَمَعَ التَّكْبِيرُ وَالتَّلْبِيَةُ بَدَأَ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ السَّهْوُ وَالتَّكْبِيرُ بَدَأَ بِالسَّهْوِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمُحْرِمِ يَوْمَ عَرَفَةَ: يَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ التَّلْبِيَةِ، لِأَنَّ التَّكْبِيرَ أَوْجَبَهُمَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ اللهُ جَلَّ ذَكَرَهُ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةَ، وَرُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ: «إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ» فَعَمَّ بِقَوْلِهِ: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] الْآيَةِ الْجَمِيعَ لَمْ يَخُصَّ أَحَدًا فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْمُنْفَرِدَ وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ جَمَاعَةً، وَمَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ، بَلْ هُوَ عَامٌّ لِلْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ، وَالْمُقِيمِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَفِي النَّوَافِلِ، وَمُنْفَرِدِينَ وَمُجْتَمِعِينَ، رِجَالًا وَنِسَاءً، دَخَلَ فِي جُمْلَةِ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ، أَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ(4/310)
كِتَابُ الِاسْتِسْقَاءِ(4/311)
ذِكْرُ سُؤَالِ النَّاسِ إِمَامًا أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَهُمْ إِذَا أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ وَقَحَطَ الْمَطَرُ قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ} [الأعراف: 160] الْآيَةَ وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [البقرة: 60] الْآيَةَ وَثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: قَحَطَ الْمَطَرُ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا(4/313)
2214 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ قَحَطَ الْمَطَرُ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، قَالَ: فَدَعَا فَمُطِرْنَا فَمَا كِدْنَا أَنْ نَصِلَ إِلَى مَنَازِلِنَا، فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، فَقَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: ادْعُوا اللهَ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» فَلَقَدْ رَأَيْتُ السَّحَابَ يَنْقَطِعُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَيُمْطَرُونَ وَلَا يُمْطَرُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ "(4/313)
2215 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا دَعَا؟ قَالَ: قِيلَ لَهُ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَحَطَ الْمَطَرُ وَأَجْدَبَتِ الْأَرْضُ، وَهَلَكَ الْمَالُ فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، وَمَا فِي السَّمَاءِ سَحَابَةٌ فَاسْتَسْقَى، فَمَا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ حَتَّى أَنَّ الشَّابَّ الْقَرِيبَ الدَّارِ لَهَمَّهُ الرُّجُوعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَدَامَتْ جُمُعَةً، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الَّتِي تَلِيهَا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، وَاحْتَبَسَ الرُّكْبَانُ، وَهَلَكَ الْمَالُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» وَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، [ص:314] فَكُشِفَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ " وَوَصَفَ لَنَا يَزِيدُ بَسْطَ يَدَيْهِ(4/313)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْعَلَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، أَنِّي كَتَبْتُ إِلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَنْ يَخْرُجُوا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، شَهْرَ كَذَا وَكَذَا يَسْتَسْقُوا، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَتَصَدَّقَ فَلْيَفْعَلْ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ أَبْوَاكُمْ: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ نُوحٌ: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمَنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [هود: 47] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ مُوسَى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: 16] الْآيَةَ، وَقُولُوا كَمَا قَالَ يُونُسُ: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] الْآيَةَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُسْتَحَبُّ لَهُمْ إِذَا أَرَادُوا الِاسْتِسْقَاءَ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيَخْرُجُوا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ صِيَامًا، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، قَالَ: وَأَوْلَى مَا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى أَدَاءِ مَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ مَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ أَوْ مَالٍ، أَوْ عَرَضٍ، ثُمَّ صَلُحُ الْمُشَاجِرُ وَالْمُهَاجِرُ، ثُمَّ يَتَطَوَّعُونَ بِصَدَقَةٍ، وَصَلَاةٍ، وَذِكْرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْبِرِّ(4/314)
ذِكْرُ التَّوَاضُعِ وَالتَّبَذُّلِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّخَشُّعِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ(4/315)
2216 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كِنَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: " أَرْسَلَنِي أَمِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ: مَنْ أَرْسَلَكَ؟ قُلْتُ: فُلَانٌ، قَالَ: وَمَا مَنَعَهُ أَنْ يَأْتِيَنِي؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَرِّعًا، مُتَبَذِّلًا، مُتَوَاضِعًا، فَلَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ، وَدَعَا وَصَلِّي كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ ". وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ مِنْ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ كَانَ يَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، يَجْهَرُ بِذَلِكَ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمُصَلَّى(4/315)
2217 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ عِيسَى بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ " خَرَجَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَسْتَسْقِي فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يَقُولُ مِنْ حِينَ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ: اللهُمَّ اغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا، يَجْهَرُ بِذَلِكَ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْمُصَلَّى "(4/315)
ذِكْرُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى لِلِاسْتِسْقَاءِ(4/315)
2218 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا يَحْيَى، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ أَخْبَرَهُ: «أَنَّ [ص:316] رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ»(4/315)
ذِكْرُ تَرْكِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَعَدَدِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ(4/316)
2219 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُوسَى الزَّمِنُ، وَزَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، قَالَا: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ،: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ، يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ»(4/316)
ذِكْرُ وَقْتِ الْخُرُوجِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ الْإِمَامُ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: يَكُونُ خُرُوجُهُ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ كَالْخُرُوجِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ وَذَلِكَ فِي زَوَالِ الشَّمْسِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَخْرُجُ الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ(4/316)
الْخُرُوجُ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِخْرَاجِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَرُوِّينَا عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، قَالَ: إِنَّمَا يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا أَرْزَاقَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِذَا خَرَجُوا يَعْتَزِلُونَ عَنْ مُصَلَّاهُمْ، وَحُكِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يَعْتَزِلُونَ، وَحَكَى الْأَوْزَاعِيُّ أَنَّ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ يَأْمُرُهُمْ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَلَمْ يُجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يُؤْمَرُوا بِهِ وَلَا نُهُوا عَنْهُ، فَإِنْ خَرَجُوا تُرِكُوا، وَرُوِيَ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ أَنَّهُ قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تُؤَمِّنَ عَلَى دُعَاءِ الرَّاهِبِ إِذَا دَعَا لَكَ وَقَالَ: يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَكْرَهُ إِخْرَاجَهُمْ وَيَأْمُرُ بِمَنْعِهِمْ، فَإِنْ خَرَجُوا مُتَمَيِّزِينَ لَمْ يَمْنَعُهُمْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَجِبُ إِخْرَاجُ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ(4/317)
إِخْرَاجُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِلِاسْتِسْقَاءِ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: أُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ الصِّبْيَانُ وَيَتَنَظَّفُونَ لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَكِبَارُ النِّسَاءِ، وَمِمَّنْ لَا هَيْئَةَ لَهُ مِنْهُنَّ، وَلَا أُحِبُّ خُرُوجَ ذَوَاتِ الْهَيْئَةِ، وَلَا آمُرُهُمْ بِإِخْرَاجِ الْبَهَائِمِ. [ص:318] وَكَرِهَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ خُرُوجَ الشَّابَّةِ وَرَخَّصَا فِي خُرُوجِ الْعَجَائِزِ(4/317)
ذِكْرُ الْخُطْبَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ(4/318)
2220 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ مَلِيحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ بَكْرِ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُكَبِّرْ فِيهِمَا إِلَّا تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً» . وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْبَابِ فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَخَطَبَ ثُمَّ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ(4/318)
2221 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ: " خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَخَطَبَ ثُمَّ صَلَّى بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ قَالَ: وَفِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ " [ص:319] وَرُوِّينَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ اسْتَسْقَى عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيْدٍ أَنَّهُ صَلَّى ثُمَّ اسْتَسْقَى، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الرَّاوِي لِهَذَا الْحَدِيثِ: فَمَشَيْتُ يَوْمَئِذٍ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ(4/318)
ذِكْرُ خُرُوجِ الْإِمَامِ بِالنَّاسِ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ وَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالدُّعَاءِ(4/319)
2222 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي فَصَلَّى [ص:320] بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَدَعَا وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» . وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ: يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ» ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ(4/319)
ذِكْرُ عَدَدِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرِ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَاةِ لَا يُكَبِّرُ فِيهَا تَكْبِيرَ الْعِيدِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقَ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْعِيدِ خِلَافَ الْجُمُعَةِ وَيَرَى تَكْبِيرَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ كَتَكْبِيرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ خِلَافَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَلَيْسَ أَنَّهُ كَبَّرَ فِيهِمَا كَتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَالْعِيدُ مَخْصُوصٌ بِزِيَادَةِ التَّكْبِيرِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّ عَلَيْنَا الِاتِّبَاعَ، وَوَضْعَ كُلِّ سُنَّةٍ مَوْضِعَهَا وَهَذَا مِثْلَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا دَخَلَ(4/320)
أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ". وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ فِيهَا كَمَا يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ، هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَ: سُنَّةٌ كَسُنَّةِ الْعِيدَيْنِ(4/321)
2223 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَاضِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَرْسَلَ مَرْوَانُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ: سُنَّةٌ كَسُنَّةِ الْعِيدَيْنِ " وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: «وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ»(4/321)
ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ(4/321)
2224 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَّا عِنْدَ الِاسْتِسْقَاءِ»(4/321)
ذِكْرُ صِفَةِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ(4/321)
2225 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْقَى هَكَذَا، وَمَدَّ يَدَيْهِ وَجَعَلَ بَاطِنَهَا مِمَّا يَلِي [ص:322] الْأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ»(4/321)
ذِكْرُ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ عِنْدَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ(4/322)
2226 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ الْمَازِنِيَّ، يَقُولُ: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ»(4/322)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا حَوَّلَ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ الْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ وَالْأَيْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ لَمَّا ثَقُلَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ(4/322)
2227 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، ثنا أَبُو رَجَاءٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: «اسْتَسْقَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ لَهُ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ أَسْفَلَهَا فَيَجْعَلَهُ أَعْلَاهَا، فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ» . وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ خَطَبَ النَّاسَ قَائِمًا يَدْعُو فِي خُطْبَتِهِ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ وَظَهْرُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ وَالنَّاسُ مُسْتَقْبِلُوهُ، فَإِذَا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَجَعَلَ مَا عَلَى يَمِينِهِ [ص:323] عَلَى شِمَالِهِ، وَمَا عَلَى شِمَالِهِ عَلَى يَمِينِهِ، وَدَعَا قَائِمًا وَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ جَمِيعًا الْقِبْلَةَ كَمَا اسْتَقْبَلَهَا الْإِمَامُ قُعُودًا، وَحَوَّلُوا أَرْدِيَتَهُمْ جَمِيعًا كَمَا حَوَّلَ الْإِمَامُ، فَإِذَا فَرَغَ مِمَّا يُرِيدُ مِنَ الدُّعَاءِ اسْتَقْبَلَ النَّاسَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ انْصَرَفَ. وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنْ يَجْعَلَ الْيَمِينَ الشِّمَالَ وَالشِّمَالَ الْيَمِينَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِذَلِكَ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، آخِرُ قَوْلَيْهِ، قَالَ: آمُرُ الْإِمَامَ أَنْ يُنَكِّسَ رِدَاءَهُ فَيَجْعَلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ، وَيَزِيدَ مَعَ نُكْسِهِ فَيَجْعَلَ شِقَّهُ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ، وَالَّذِي عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، فَيَكُونُ قَدْ جَاءَ بِمَا أَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نُكْسِهِ وَبِمَا فَعَلَ مِنْ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَيَقْلِبُ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ كُلَّهُ، وَقَلْبُهُ أَنْ يَجْعَلَ جَانِبَ الْأَيْسَرِ عَلَى الْأَيْمَنِ وَالْأَيْمَنَ عَلَى الْأَيْسَرِ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ فِي هَذَا السُّنَّةَ وَالْآثَارَ الْمَعْرُوفَةَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ خَلْفِ الْإِمَامِ، قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنِ النَّاسُ يُحَوِّلُونَ أَرْدِيَتَهُمْ(4/322)
ذِكْرُ صِفَةِ الْخُطْبَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا مَضَى حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ وَلَمْ يَخْطُبْ كَخُطْبَتِكُمْ هَذِهِ، فَدَعَا وَصَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَمَا زَادَ(4/323)
عَلَى الِاسْتِغْفَارِ حَتَّى رَجَعَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا رَأَيْنَاكَ اسْتَسْقَيْتَ؟ فَقَالَ: لَقَدْ طَلَبْتُ الْقَطْرَ بِمَجَادِيحِ السَّمَاءِ الَّتِي يُسْتَنْزَلُ بِهَا الْقَطْرُ قَالَ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} [نوح: 11] ، {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52] الْآيَةَ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي خُطْبَةِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بِجِلْسَةٍ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَبْدَأُ فَيَخْطُبُ الْخُطْبَةَ الْأُولَى ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ، فَيَخْطُبُ بَعْضَ الْخُطْبَةِ الْآخِرَةِ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ فِي الْخُطْبَتَيْنِ، ثُمَّ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَيُحَوِّلُ رِدَاءَهُ وَيُحَوِّلُ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ مَعَهُ، فَيَدْعُو سِرًّا فِي نَفْسِهِ وَيَدْعُو النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ، فَيَحُضَّهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِخَيْرٍ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَدْعُو لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَيَقْرَأُ آيَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْقُرْآنِ وَيَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.(4/324)
وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: يَخْطُبُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ خُطْبَةً خَفِيفَةً يَعِظُهُمْ وَيَحَثُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ. وَقَالَ قَائِلٌ: يَقُومُونَ مَعَ الْإِمَامِ قِيَامًا يُحَوِّلُونَ أَرْدِيَتَهُمْ وَيَدْعُونَ كَذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ الثَّابِتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ دَعَا وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَالْقَائِمُ الْمُتَضَرِّعُ أَذَلُّ مِنَ الْقَاعِدِ، فَكُلَّمَا كَانَ أَشَدَّ تَذَلُّلًا كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْإِجَابَةِ(4/325)
ذِكْرُ صِفَةِ الدُّعَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ(4/325)
2228 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، وَعَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَهَذَا حَدِيثُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَمْرَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، أَنَّ ابْنَ السِّمْطِ قَالَ: " لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ حَدِّثْنَا لِلَّهِ أَبُوكَ، وَأَحْدِثْ حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُضَرَ قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ اللهَ قَدْ نَصَرَكَ وَأَعْطَاكَ وَاسْتَجَابَ لَكَ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللهَ لَهُمْ قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنِّي، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَاكَ وَنَصَرَكَ وَاسْتَجَابَ لَكَ وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللهَ لَهُمْ قَالَ: فَقَالَ: اللهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيًّعًا غَدَقًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ، نَافِعًا، غَيْرَ ضَارٍّ، قَالَ: فَمَا أَتَتْ عَلَيْهِمْ جُمُعَةٌ حَتَّى مُطِرُوا ". وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَيَقُولُ: اللهُمَّ أَمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَوَعَدْتَنَا إِجَابَتَكَ، فَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا، اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَوْجَبْتَ إِجَابَتَكَ لِأَهْلِ طَاعَتِكَ وَكُنَّا قَدْ فَارَقْنَا مَا خَالَفَنَا الَّذِينَ مَحَّضُوا طَاعَتَكَ، فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةٍ مَا قَارَفْنَا، وَإِجَابَتِنَا فِي سُقْيَانَا، وَسَعَةِ رِزْقِنَا، وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ بَعْدُ، وَيَكُونُ أَكْثَرُ دُعَائِهِ بِالِاسْتِغْفَارِ يَبْدَأُ بِهِ دُعَاءَهُ، وَيَفْصِلُ بِهِ كَلَامَهُ، [ص:326] وَيَخْتِمُ بِهِ، وَيَكُونُ أَكْثَرُ كَلَامِهِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْكَلَامُ، وَيَحُضُّ النَّاسَ عَلَى التَّوْبَةِ، وَالطَّاعَةِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَيَّ اللهِ. وَبَلَغَنِي عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قِيلَ: ادْعُو اللهَ؟ قَالَ: إِنَّ تَرْكَ الذُّنُوبِ هُوَ الدُّعَاءُ(4/325)
ذِكْرُ الِاسْتِسْقَاءِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ كَانَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ يَسْتَسْقِي بِغَيْرِ صَلَاةٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَسْتَسْقِي النَّاسُ بِغَيْرِ صَلَاةٍ. وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَكْرَهُ ذَلِكَ(4/326)
الِاسْتِسْقَاءُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ النَّاسُ فِي الْعَامِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِنْ لَمْ يُسْقَوْا(4/326)
يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُتَابِعَ الِاسْتِسْقَاءَ ثَلَاثًا يَصْنَعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا صَنِيعَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ. وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا لِهَذَا حَدٌّ يُنْتَهَى إِلَيْهِ وَمَا بِذَلِكَ بَأْسٌ فَاسْتَسْقُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: لَا يَخْرُجُونَ إِلَى الْجَبَّانِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنَ الصَّلَاةِ دَعَوَا اللهَ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ دَعَا الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَمَّنَ النَّاسُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَخُطْبَتِهِ، وَالدُّعَاءِ، وَتَحْوِيلِ الرِّدَاءِ، وَبِهِ قَالَ عَوَّامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنْ جَاءَ النُّعْمَانُ فَقَالَ: لَا صَلَاةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، إِنَّمَا فِيهِ الدُّعَاءُ. وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ نَحْوًا مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ. وَالسُّنَنُ مُسْتَغْنًى بِهَا عَنْ كُلِّ قَوْلٍ(4/327)
كِتَابُ السَّفَرِ(4/329)
جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْفَرْضِ فِي السَّفَرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِمَنْ سَافَرَ سَفَرًا يَقْصُرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةَ وَكَانَ سَفَرُهُ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ جِهَادٍ أَنْ يَقْصُرَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ فَيُصَلِّيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا تُقْصَرَ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَصَلَاةِ الصُّبْحِ(4/331)
ذِكْرُ فَرْضِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ مِنْ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بِلَفْظٍ عَامٍّ(4/331)
2229 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً»(4/331)
الْخَبَرُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ: «فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ» غَيْرُ الْمَغْرِبِ(4/331)
2230 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُرَجَّى، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَوَّلَ مَا فُرِضَتِ [ص:332] الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَلَّى إِلَى كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلَهَا إِلَّا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، فَإِنَّهَا وِتْرٌ، وَصَلَاةُ الصُّبْحِ لِطُولِ قِرَاءَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ سَفَرًا عَادَ إِلَى صَلَاتِهِ الْأُولَى»(4/331)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ» . وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ قَالَ: «الرَّكْعَتَانِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ» . وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ، وَلَكِنَّهَا تَمَامُ سُنَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ» . وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ؟ فَقَالَ: رَكْعَتَيْنِ، مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ فَقَدْ كَفَرَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ صَلَّى بِالسَّفَرِ أَرْبَعًا كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: «إِنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَمَّ اللهُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ، وَأُقِرَّتِ الرَّكْعَتَانِ عَلَى هَيْئَتِهَا فِي السَّفَرِ»(4/332)
2231 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: «صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ لَيْسَ بِقَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(4/332)
2232 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: «صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ»(4/332)
2233 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ: " سُئِلَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَقْصِرُهُمَا؟ قَالَ: لَا، إِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ "(4/333)
2234 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ سِمَاكٍ الْحَنَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ وَلَكِنَّهَا تَمَامُ سُنَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ»(4/333)
2235 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الصَّبَّاحِ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُوَرِّقٍ، عَنِ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ فَقَالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ "(4/333)
2236 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: «أَنَّ الصَّلَاةَ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَمَّ اللهُ الصَّلَاةَ فِي الْحَضَرِ وَأُقِرَّتِ الرَّكْعَتَانِ عَلَى هَيْئَتِهِمَا فِي السَّفَرِ»(4/333)
2237 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا مُسْلِمٌ، ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا أَبُو حَمْزَةَ، قَالَ: " قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أُصَلِّيَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: أَفَتَطِيبُ نَفْسُكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ فَإِذَا صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَصَلِّ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ "(4/333)
2238 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ الْعُقَيْلِيُّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ» وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الصَّلَاةُ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَانِ حَتْمَانِ لَا يَصْلُحُ غَيْرُهَا، وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ يَرَى أَنْ يُعِيدَ مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا، وَقَالَ قَتَادَةُ: يُصَلِّي الْمُسَافِرُ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ، إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ فَيُتِمَّ، وَقَالَ الْحَسَنُ: لَا أَبَا لَكَ أَتَرَى أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكُوهَا لِأَنَّهَا ثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ؟ . وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ مُسَافِرٍ أَمَّ مُقِيمًا فَأَتَمَّ لَهُمُ الصَّلَاةَ جَاهِلًا وَيُتَمِّمُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ؟، أَرَى أَنْ يُعِيدُوا الصَّلَاةَ جَمِيعًا، ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ، وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يُعِيدُ مَا كَانَ فِي وَقْتٍ، فَأَمَّا مَا مَضَى وَقْتُهُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ. وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ أَحْمَدَ، فَقَالَ مَرَّةً: فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي أَرْبَعًا: لَا يُعْجِبُنِي، السُّنَّةُ رَكْعَتَانِ، وَقَالَ مَرَّةً: أَنَا أُحِبُّ الْعَافِيَةَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ مَرَّةً: إِذَا أَتَمَّ الْمُسَافِرُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي مُسَافِرٍ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا حَتَّى يَرْجِعَ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ قَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَيْنِ، فَمَا زَادَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ تَطَوُّعٌ، فَإِذَا خَلَطَ الْمَكْتُوبَةَ بِالتَّطَوُّعِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، إِلَّا أَنْ يَقْعُدَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، فَيَكُونَ التَّشَهُّدُ فَصْلًا لِمَا بَيْنَهُمَا. [ص:335] وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْمُسَافِرُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَتَمَّ، وَإِنْ شَاءَ قَصَرَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ صَلَّيْتَ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا فَقَدْ صَلَّى مَنْ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فَقَدْ صَلَّى مَنْ لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، فِيمَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا مُتَعَمِّدًا: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ، وَقَفْتُ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوَفِّي فِي السَّفَرِ إِلَّا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ(4/334)
2239 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: «كَانَتْ تَصُومُ فِي السَّفَرِ، وَتُصَلِّي أَرْبَعًا، وَكَانَتْ تُتِمُّ»(4/335)
2240 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: «لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُوَفِّي فِي السَّفَرِ إِلَّا سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ رَأَى لِلْمُسَافِرِ الْخِيَارَ مِنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ بِفِعْلِ عُثْمَانَ، وَاتِّبَاعِ مَنْ تَبِعَهُ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ، وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَلَوْ كَانَ فَرْضُ الصَّلَاةِ رَكْعَتَيْنِ لَا يَصْلُحُ غَيْرُهُمَا لَمْ يُتِمَّهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُتِمَّهَا مُسَافِرٌ مَعَ مُقِيمٍ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُسَافِرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ أَرْبَعًا(4/335)
وَاحْتَجَّ آخَرُ بِخَبَرٍ
2241 - رَوَاهُ مُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ: «عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ وَيَقْصُرُ» [ص:336] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ(4/335)
2242 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «صَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى» قَالُوا: فَهَذَا الْخَبَرُ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، وَهُوَ خَبَرٌ ثَابِتٌ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَابِلَ هَذَا الْخَبَرَ خَبَرُ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَلَوْ كَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي أَتَى بِهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ فِي حَدِيثِ مَنْ هُوَ أَجَلُّ مِنْهُ أُسْقِطَ حَدِيثُهُ مِنْ أَجَلِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَافَرَ أَسْفَارًا كَثِيرَةً وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، أَوْ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْهُمْ، وَقَدْ حَفِظُوا عَنْهُ صَلَاتَهُ، وَمَوَاقِيتَهَا، وَجَمْعَهُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَتَطَوُّعَهُ الَّذِي تَطَوَّعَ بِهِ فِي أَسْفَارٍ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ، وَصَلَاتَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالْوِتْرَ عَلَيْهَا، وَنُزُولَهُ عَنْهَا لِلْمَكْتُوبَةِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ صَلَاتِهِ، وَحَفِظُوا عَنْهُ صَوْمَهُ وَإِفْطَارَهُ فِي سَفَرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِتْمَامِ وَالْقَصْرِ لَبَيَّنَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَصْحَابِهِ، لِأَنَّهُ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللهِ مَعْنَى مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ. قَالُوا: فَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ دَلِيلٌ وَبَيَانٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَ فَرْضِ صَلَاةِ رَكْعَتَانِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُخَيَّرٌ فِي الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَضَ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، مَعَ قَوْلِ جَابِرٍ: أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: [ص:337] أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَصْرٍ، وَلَكِنَّهَا تَمَامُ سُنَّةِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِرَجُلٍ قَالَ لَهُ: مَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ أُصَلِّيَ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَتَطِيبُ نَفْسُكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟، فَإِنَّهُ كَذَلِكَ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنَ صَلَّى فِي السَّفَرِ الَّذِي لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ، أَنَّهُ مُؤَدٍّ مَا فُرِضَ عَلَيْهِ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيمَنْ صَلَّى أَرْبَعًا هَلْ أَدَّى فَرْضًا أَمْ لَا؟، فَالْفَرْضُ سَاقِطٌ عَمَّنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِإِجْمَاعِهِمْ، وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَمَّنْ صَلَّى أَرْبَعًا لِاخْتِلَافِهِمْ، فَأَمَّا إِذَا ادَّعَى مَنِ ادَّعَى أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى وُجُوبِ التَّمَامِ عَلَى الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ، فَغَلَطٌ مِنْ مُدَّعِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ فِي بَابِ الْمُسَافِرِ يَأْتَمُّ بِالْمُقِيمِ(4/336)
2243 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: " أَنَّ فَتًى سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: مَا سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ أَقَامَ زَمَنَ الْفَتْحِ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ: قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُقِيمَ إِذَا صَلَّى خَلْفَ مُسَافِرٍ صَلَّى صَلَاةً، وَالْمُقِيمُ وَلَا يَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ بِأَنَّ صَلَاةَ إِمَامِهِ خَلْفَ صَلَاتِهِ، أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ فِي الْمُسَافِرِ يُصَلِّي خَلْفَ الْمُقِيمِ أَنَّ فَرْضَهُ لَا يَتَحَوَّلُ، وَلَا سِيَّمَا مَنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ كُلَّ مُصَلٍ يُصَلِّي عَنْ نَفْسِهِ لَا تَضُرُّهُ نِيَّةُ غَيْرِهِ، وَمَنْ رَأَى أَنْ يُصَلِّيَ مَنْ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ خَلْفَ إِمَامٍ يَتَطَوَّعُ بِالتَّرَاوِيحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَيَبْنِي عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، وَيُصَلِّي تَطَوُّعًا خَلْفَ الْإِمَامِ الَّذِي يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ(4/337)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمُسَافِرِ يَأْتَمُّ بِالْمُقِيمِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مُسَافِرٍ صَلَّى خَلْفَ إِمَامٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ، يُصَلِّي بِصَلَاتِهِمْ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَمَكْحُولٌ(4/338)
2244 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: " قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: أَدْرَكْتُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ وَأَنَا مُسَافِرٌ؟ قَالَ: صَلِّ بِصَلَاتِهِمْ "(4/338)
2245 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا دَخَلَ الْمُسَافِرُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ صَلَّى بِصَلَاتِهِمْ» وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَمَعْمَرٌ، وَالشَّافِعِيُّ، [ص:339] وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ بَعْضَ صَلَاةٍ الْمُقِيمِينَ صَلَّى بِصَلَاتِهِمْ، وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ التَّشَهُّدَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِينَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ رَأَيَا أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ بَعْضَ الصَّلَاةِ صَلَّى بِصَلَاتِهِمْ، وَإِنْ أَدْرَكَهُمْ جُلُوسًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَلَا يَكُونُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمَا مُخْتَلِفًا، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: فِي الْمُسَافِرِ يُدْرِكُ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ يُجْزِيَانِهِ، هَكَذَا قَالَ طَاوُسٌ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَتَمِيمُ بْنُ حَذْلَمٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ وَيَنْوِي صَلَاةَ نَفْسِهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَيَجْلِسُ، وَيُسَلِّمُ، وَيَخْرُجُ، وَإِنْ أَدْرَكَ الْمُقِيمَ جَالِسًا فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْمُسَافِرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ اخْتِلَافٍ فِيهِ قَلِيلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَالِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ(4/338)
مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ، ثُمَّ يُفْسِدُ عَلَى الْمُسَافِرِ صَلَاتَهُ، فَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ فِيهَا قَوْلَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ التَّمَامَ، وَالْآخَرُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَا كَانَ لَهُ مِنَ الْخِيَارِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ. قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُصَلِّي بِصَلَاتِهِمْ، فَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَادَ الْمُسَافِرُ إِلَى حَالِهِ، وَفِي قَوْلِ مَنْ قَالَ، إِذَا أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْمُقِيمِ رَكْعَتَيْنِ يُجْزِيَانِهِ، لَا يَلْزَمُهُ إِلَّا رَكْعَتَانِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ أَوِ الْمَأْمُومِ(4/340)
ذِكْرُ خَبَرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُبِيحُ الشَّيْءَ فِي كِتَابَهِ بِشَرْطٍ، ثُمَّ يُبِيحُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّرْطِ(4/340)
2246 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابِي، عَنْ يَعْلَى قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْ تَقْصُرُوا} [النساء: 101] مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآَيَةَ، قَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ يُبِيحُ فِي كِتَابِهِ الشَّيْءَ بِشَرْطٍ، ثُمَّ يُبِيحُ ذَلِكَ الشَّيْءَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ [ص:341] الشَّرْطِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَصْرَ إِنَّمَا أُبِيحَ عَلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِمَنْ كَانَ خَائِفًا، فَلَمَّا أَبَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَصْرَ فِي حَالِ الْأَمْنِ كَانَتِ الْإِبَاحَةُ فِي الْقَصْرِ قَائِمَةً فِي حَالِ الْخَوْفِ بِكِتَابِ اللهِ، وَفِي حَالِ الْأَمْنِ بِالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(4/340)
ذِكْرُ خَبَرٍ دَلَّ عَلَى بَيَانِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ ظَاهِرِ قَوْلِهِ: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [الأنعام: 72] قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] الْآيَةُ. فَفَرَضَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ مِنَ الرَّكَعَاتِ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى مَا أَرَادَ اللهُ مِنْ عَدَدِ الصَّلَاةِ(4/341)
2247 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدٍ: " أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّا نَجِدُ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَصَلَاةَ الْحَضَرِ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا نَجِدُ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ اللهَ بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا نَعْلَمُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا نَفْعَلُ كَمَا رَأَيْنَاهُ يَفْعَلُ "(4/341)
2248 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ [ص:342] بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ»(4/341)
2249 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ رَكْعَتَيْنِ أَكْثَرَ مَا كَانَ النَّاسُ وَآمَنَهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ مَعَ سَائِرِ الْأَخْبَارِ الْمُبَيَّنَةِ فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَلَى أَنَّ لِلْآمِنِ غَيْرِ الْخَائِفِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ(4/342)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ قَصْرِ الصَّلَاةِ لِلْمُسَافِرِ فِي الْمُدُنِ يَقْدَمُهَا إِذَا لَمْ يَنْوِ مُقَامًا يَجِبُ عَلَيْهِ لَهُ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي قَدُومِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُقِيمِينَ بِهَا أَيَّامًا يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ فِي الْمُدُنِ إِذَا قَدِمَهَا، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بَعْدَ قُدُومِهِ مُدَّةً يَجِبُ عَلَيْهِ بِمُقَامِ تِلْكَ الْمُدَّةِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ(4/342)
2250 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ سَلَمَةَ بْنِ مُحَبِّقٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قُلْتُ: إِنِّي مُقِيمٌ هُنَا يَعْنِي بِمَكَّةَ فَكَيْفَ أُصَلِّي؟، قَالَ: رَكْعَتَيْنِ، سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "(4/342)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْقَصْرِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا أَقَامَ بِالْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ، مَنْ عَزَمَ عَلَى إِقَامَةِ أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ(4/343)
2251 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْفَتْحِ تِسْعَ عَشْرَةَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»(4/343)
ذِكْرُ السَّفَرِ الَّذِي لِلْمُسَافِرِ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنَّ لِمَنْ سَافَرَ سَفَرًا يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، وَكَانَ سَفَرُهُ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ غَزْوٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ مَا دَامَ مُسَافِرًا. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ خَرَجَ لِمُبَاحِ التِّجَارَةِ، أَوْ مُطَالَعَةِ مَالٍ، أَوْ مَا أُبِيحَ لَهُ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، فَقَالَ أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ: لَهُ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَا أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَعَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى صِفِّينَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْقَنْطَرَةِ وَالْجِسْرِ، وَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى الطَّائِفِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ نَافِعٌ:(4/343)
خَرَجَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى مَالٍ لَهُ يُطَالِعُهُ بِخَيْبَرَ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ، فَلَيْسَ الْآنَ حَجٌّ، وَلَا عُمْرَةٌ وَلَا غَزْوٌ(4/344)
2252 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إِلَى صِفِّينَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْقَنْطَرَةِ وَالْجِسْرِ»(4/344)
2253 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ»(4/344)
2254 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى مَالٍ لَهُ بِخَيْبَرَ يُطَالِعُهُ، فَلَيْسَ الْآنَ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ وَلَا غَزْوٌ»(4/344)
2255 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: " اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ، قَالَ: أَحْسَبُهُ نَاقَةً، فَخَرَجَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا فَقَصَرَ الصَّلَاةَ " وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ، وَرُوِّينَا عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: إِنَّمَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مَنْ كَانَ شَاخِصًا أَوْ يَحْضُرُهُ عَدُوٌّ(4/344)
2256 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ: «لَا يَرَى التَّقْصِيرَ إِلَّا عَلَى حَاجٍّ أَوْ مُجَاهِدٍ»(4/344)
2257 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا سَعِيدٌ قَالَ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «لَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ جِهَادٍ»(4/345)
2258 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ: «كَتَبَ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا، يَخْرُجُونَ إِمَّا لِجِبَايَةٍ وَإِمَّا لِتِجَارَةٍ، وَإِمَّا لِحَشْرٍ، ثُمَّ لَا يُتِمُّونَ الصَّلَاةَ، فَلَا تَفْعَلُوا ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مَنْ كَانَ شَاخِصًا، أَوْ يَحْضُرُهُ عَدُوٌّ» وَقَالَ عَطَاءٌ: أَرَى أَنْ لَا تُقْصَرَ الصَّلَاةُ إِلَّا فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْخَيْرِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ إِمَامَ الْمُتَّقِينَ لَمْ يَقْصُرِ الصَّلَاةَ إِلَّا فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْخَيْرِ؛ حَجٌّ، أَوْ عُمْرَةٌ، أَوْ غَزْوٌ، وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ، أَيُّهُمْ كَانَ يَضْرِبُ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغِي الدُّنْيَا؟ وَقَدْ كَانَ قَبْلُ لَا يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ، يَقُولُ: يَقْصُرُ فِي كُلِّ ذَلِكَ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَافَرَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، فَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ: عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ مَادَامَ فِي سَفَرِهِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَذَلِكَ فِي مِثْلِ أَنْ يَخْرُجَ بَاغِيًا عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ، أَوْ يَقْطَعَ طَرِيقًا، أَوْ بِمَا فِي هَذَا الْمَعْنَى، قَالَ: وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَلَا يَجْمَعُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُصَلِّي نَافِلَةً إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مُسَافِرًا فِي مَعْصِيَتِهِ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ فِي بِعْثَةٍ إِلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ: يَقْصُرُ [ص:346] الصَّلَاةَ، وَيُفْطِرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي مَسِيرِهِ، وَافَقَ ذَلِكَ طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً. وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: الْمُسَافِرُ يَقْصُرُ فِي حَلَالٍ خَرَجَ أَوْ فِي حَرَامٍ(4/345)
ذِكْرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يَقْصُرُ الْمَرْءُ الصَّلَاةَ إِذَا خَرَجَ إِلَيْهَا ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ(4/346)
2259 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ» . وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِمَنْ سَافَرَ سَفَرًا تَكُونُ مَسَافَتُهُ مِثْلَ مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ إِذَا كَانَ خُرُوجُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَصْفُنَا لَهُ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَافَرَ أَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَنْ سَافَرَ مَسِيرَةَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ فَلَهُ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاحْتَجُّوا بِالْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَكِبَ إِلَى رِيمٍ، فَقَصَرَ الصَّلَاةَ [ص:347] فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ: أَيَقْصُرُ إِلَى عَرَفَةَ؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ إِلَى عُسْفَانَ، وَإِلَى جُدَّةَ، وَإِلَى الطَّائِفِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمَا كَانَا يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ(4/346)
2260 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «رَكِبَ إِلَى ذَاتِ النُّصْبِ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَهِ ذَلِكَ» قَالَ مَالِكٌ: وَبَيْنَ ذَاتِ النُّصْبِ وَالْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ(4/347)
2261 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا قُتَيْبَةُ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ: «كَانَا يُصَلِّيَانِ رَكْعَتَيْنِ وَيُفْطِرَانِ فِي أَرْبَعِ بُرُدٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ»(4/347)
2262 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّهُ سُئِلَ أَيُقْصَرُ إِلَى عَرَفَةَ؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ إِلَى عُسْفَانَ، وَإِلَى جُدَّةَ، وَإِلَى الطَّائِفِ " وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ ذَلِكَ، عَنْ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ. [ص:348] وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ مِقْدَارَ ذَلِكَ بِالْبُرُدِ وَالْأَمْيَالِ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ، إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ: يُقْصَرُ فِي مَسِيرَةِ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ، وَذَلِكَ إِذَا جَاوَزَ السَّيْرُ أَرْبَعِينَ مِيلًا بِالْهَاشِمِيِّ، ثُمَّ قَالَ بِمِصْرَ: لِلْمَرْءِ عِنْدِي أَنْ يَقْصُرَ فِيمَا كَانَ مَسِيرُهُ لَيْلَتَيْنِ قَاصِدَتَيْنِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا بِالْهَاشِمِيِّ، وَلَا يَقْصُرُ فِيمَا دُونَهُمَا، وَأُحِبُّ أَنَا أَنْ لَا أَقْصُرَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ احْتِيَاطًا عَلَى نَفْسِي، وَإِنَّ تَرْكَ الْقَصْرِ مُبَاحٌ لِي. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْصُرُ فِي مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّامِّ، ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْصُرُ فِي الْيَوْمِ التَّامِّ، وَخَرَجَ إِلَى أَرْضٍ اشْتَرَاهَا مِنَ ابْنِ بُجَيْنَةَ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ إِلَيْهَا، وَهِيَ ثَلَاثُونَ مِيلًا، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ تَامٍّ، ثَلَاثُونَ مِيلًا، وَثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ أَنَّهُ قَالَ: يُقْصَرُ فِي الْيَوْمِ، وَلَا يُقْصَرُ فِيمَا دُونَ الْيَوْمِ(4/347)
2263 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّامِّ»(4/348)
2264 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «خَرَجَ إِلَى أَرْضٍ لَهُ اشْتَرَاهَا مِنَ ابْنِ بُجَيْنَةَ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ إِلَيْهَا، وَهِيَ ثَلَاثُونَ مِيلًا»(4/348)
2265 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَقْصِرُ الصَّلَاةَ إِلَى عَرَفَةَ أَوْ إِلَى مِنًى؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ [ص:349] إِلَى الطَّائِفِ، وَإِلَى جُدَّةَ، وَلَا يَقْصُرُ إِلَّا فِي الْيَوْمِ، وَلَا يَقْصُرُ فِيمَا دُونَ الْيَوْمِ "(4/348)
2266 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا أَبُو مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِي مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّ مَنَ سَافَرَ ثَلَاثًا قَصَرَ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ(4/349)
2267 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا سَعِيدٌ، ثنا غِيَاثُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خُصَيْفٌ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " لَا تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ فِي مَعَارِيكُمْ وَلَا مَحْشَرِكُمْ، وَلَا قُرَى السَّوَادِ، وَتَقُولُونَ: إِنَّا سُفْرٌ، إِنَّمَا السَّفَرُ مِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ " وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: فِي مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى الْمَدَائِنِ(4/349)
2268 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: " كَانَ أَدْنَى مَا يَقْصُرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةَ مَالٌ لَهُ يُطَالِعُهُ بِخَيْبَرَ، وَهُوَ مَسِيرَةُ [ص:350] ثَلَاثِ قَوَاصِدَ، لَمْ يَقْصُرْ فِيمَا دُونَهُ، قُلْتُ: وَكَمْ خَيْبَرٌ؟، قَالَ: ثَلَاثُ قَوَاصِدَ، قُلْتُ: وَالطَّائِفُ؟، قَالَ: نَعَمْ، مِنَ السِّهْلَةَ وَأَنْفَسُ قَلِيلًا ". وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ النُّعْمَانُ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا، سَيْرُ الْإِبِلِ وَمَشْيُ الْأَقْدَامِ، وَاحْتَجَّ الثَّوْرِيُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ ثَلَاثٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» . وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ: رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى النُّمَيْلَةِ فَصَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ يَوْمِهِ، فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَأُسَافِرُ السَّاعَةَ مِنَ النَّهَارِ فَأَقْصُرُ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: أَقْصُرُ بِعَرَفَةَ(4/349)
2269 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جُوَيْبِرٌ، قَالَ: عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّزَّالِ، أَنَّ عَلِيًّا: " خَرَجَ إِلَى النُّمَيْلَةِ فَصَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ يَوْمِهِ، فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ "(4/350)
2270 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا مِسْعَرٌ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «إِنِّي لَأُسَافِرُ السَّاعَةَ مِنَ النَّهَارِ فَأَقْصُرُ»(4/350)
2271 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: «أَقْصُرُ بِعَرَفَةَ» [ص:351] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا قَوْلُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَقْصُرُ بِعَرَفَةَ، فَأَحْسَبُ مِثْلَ قَوْلِ مَنْ قَالَ لِأَهْلِ مَكَّةَ: أَنْ تَقْصُرُوا الصَّلَاةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةِ فَرَاسِخَ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِيلًا، وَكَانَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُوَيْبٍ، وَهَانِي بْنُ كُلْثُومٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَيْرِيزٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَ الرَّمْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: مَسِيرَةُ يَوْمٍ تَامٍّ، وَبِهَذَا نَأْخُذُ(4/350)
وَقْتُ ابْتِدَاءِ الْقَصْرِ إِذَا أَرَادَ الْمَرْءُ السَّفَرَ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلَّذِيَ يُرِيدُ السَّفَرَ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ إِذَا خَرَجَ عَنْ جَمِيعِ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ الَّتِي مِنْهَا يَخْرُجُ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُرُوجِ عَنِ الْبُيُوتِ فَقَالَ: كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ، رُوِّينَا حَدِيثًا فِيهِ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ الرَّاوِي: فَقَصَرْنَا الصَّلَاةَ وَنَحْنُ نَرَى الْبُيُوتَ، ثُمَّ رَجَعْنَا فَقَصَرْنَا وَنَحْنُ نَرَى الْبُيُوتَ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ [ص:352] الْبَصْرَةِ فَرَأَى خُصًّا فَقَالَ: لَوْلَا هَذَا الْخُصُّ لَقَصَرْنَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى الْمَدِينَةِ(4/351)
2272 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا وِقَاءُ بْنُ إِيَاسٍ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَصَرْنَا الصَّلَاةَ وَنَحْنُ نَرَى الْبُيُوتَ»(4/352)
2273 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللهِ، ثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْبَصْرَةَ فَرَأَى خُصًّا، فَقَالَ: لَوْلَا هَذَا الْخُصُّ لَقَصَرْنَا "(4/352)
2274 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أنا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّعْبِيَّ عَنِ التَّقْصِيرِ، فِي الصَّلَاةِ؟، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى الْمَدِينَةِ "(4/352)
2275 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ " وَرُوِّينَا عَنْ عَلْقَمَةَ، وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، وَأَبِي فَاخِتَةَ، أَنَّهُمْ [ص:353] قَصَرُوا حِينَ خَرَجُوا مِنَ الْبُيُوتِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا جَاوَزَ الْجِسْرَ، أَوِ الْخَنْدَقَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّهُ يَقْصُرُ إِذَا خَرَجَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، قَالَ: وَأَبُو ثَوْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: رُوِّينَا عَنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنَّهُ أَرَادَ سَفَرًا فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ فِي مَنْزِلِهِ، وَفِيهِمُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيْدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ حَاجًّا فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ حَتَّى حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ شَاءَ قَصَرَ وَإِنْ شَاءَ أَوْفَى، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ [ص:354] مُوسَى: إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ ذَاهِبًا لِوَجْهِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنَ الْقَرْيَةِ حَتَّى حَانَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَقْصُرْهَا، وَكَذَلِكَ إِذَا دَخَلَ الْقَرْيَةَ رَاجِعًا مِنْ سَفَرِهِ، ثُمَّ حَانَتِ الصَّلَاةُ فَلْيَقْصُرْهَا حَتَّى يَدْخُلَ بَيْتَهُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلًا ثَالِثًا لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ، رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا خَرَجْتَ مُسَافِرًا فَلَا تَقْصُرِ الصَّلَاةَ يَوْمَكَ حَتَّى اللَّيْلِ، وَإِنْ رَجَعْتَ أَوْ خَرَجْتَ لَيْلًا طَوِيلًا فَلَا تَقْصُرِ الصَّلَاةَ حَتَّى تُصْبِحَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَلْزَمُ الْمُقِيمَ مَا دَامَ مُقِيمًا إِتْمَامُ الصَّلَاةِ، فَإِذَا عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ وَخَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَبْرُزْ عَنْ قَرْيَتِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَمْرِهِ، فَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ عَلَى أَصْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ، فَإِذَا بَرَزَ عَنْهَا قَصَرَ إِذَا كَانَ سَفَرُهُ يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، إِذْ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا نَعْلَمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْفَارِهِ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنِ الْمَدِينَةِ، فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، فَقَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ، وَالسُّنَّةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَلَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمٌ وَلَا نِصْفُ يَوْمٍ(4/352)
ذِكْرُ الْمَرْءِ يُسَافِرُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَ بَعْدَ الزَّوَالِ مُسَافِرًا أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ، وَمِمَّنْ حَفِظْنَا عَنْهُ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ(4/354)
ذِكْرُ حَدِّ الْمُقَامِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ بِهِ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ إِذَا أَقَامَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ إِتْمَامُ الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ(4/355)
2276 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو عِيسَى، قَالَ: ثنا مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِذَا سَافَرَ الرَّجُلُ فَحَدَّثَ نَفْسَهُ، بِإِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ»(4/355)
2277 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ: قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مُوسَى الطَّحَّانِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنُ عُمَرَ: «إِذَا أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَعْلَى مَا يَحْتَجُّ بِهِ قَائِلٌ هَذَا الْقَوْلُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رِوَايَةً تُخَالِفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَهِيَ أَثْبَتُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالَّذِي يَحْصُلُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ، الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَزْمَعَ إِقَامَةَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، آخِرُ أَقْوَالِهِ كَمَا ذَكَرَ نَافِعٌ(4/355)
2278 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِذَا أَزْمَعْتَ بِالْإِقَامَةِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ»(4/355)
2279 - وَمِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ، قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَتْ مِنْهُ أَشْيَاءَ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي إِقَامَتِهِ فِي السَّفَرِ مُخْتَلِفَةً، ثُمَّ صَارَ إِلَى آخِرِ أَمْرِهِ إِلَى أَنْ كَانَ إِذَا قَدِمَ بَلْدَةً فَأَجْمَعَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَإِذَا قَدِمَ بَلْدَةً لَا يَدْرِي مَا يُقِيمُ فِيهَا قَصَرَ الصَّلَاةَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فَإِذَا كَمَّلَهَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَدٍ» وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: مَا وَافَقَ إِلَّا بِمَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْأَسْفَارِ، فَمَنْ نَزَلَهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ يُقِيمُ فِيهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ حِينَ مَقْدِمِهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي مَا وَقْتُ إِقَامَتِهِ، وَمَتَى فِيهِ نُفَيْرُ مَنْ نَفَرَ لِيَنْفِرَ، قَصَرَ الصَّلَاةَ إِلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَتَمَّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَرْتَحِلَ عَنْهَا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا عَزَمَ عَلَى مُقَامِ عَشْرِ لَيَالٍ أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِثَابِتٍ عَنْهُمَا، وَقَالَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ(4/356)
2280 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، ثنا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى مَكَّةَ فَيُقِيمُ عَشْرًا فَيَقْصُرُ الصَّلَاةَ»(4/356)
2281 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِذَا قَدِمْتَ بَلْدَةً فَلَمْ تَدْرِ مَتَى تَخْرُجُ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ، وَإِذَا قُلْتَ: أَخْرُجُ الْيَوْمَ، أَخْرُجُ غَدًا فَأَقَمْتَ عَشْرًا فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَقَمْتَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ، رُوِيَ هَذَا [ص:357] الْقَوْلُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ خَامِسٌ، وَهُوَ: أَنَّ مَنَ أَقَامَ أَرْبَعًا صَلَّى أَرْبَعًا، هَكَذَا قَالَ: مَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَاحْتَجَّ أَبُو ثَوْرٍ بِأَنَّهُمْ لَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى مَا دُونَ الْأَرْبَعِ أَنَّهُ يَقْصُرُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي الْأَرْبَعِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفُرُوضَ لَا تُزَالُ بِاخْتِلَافِ(4/356)
وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ
2282 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ أَوْ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَافَرَ تِسْعَ عَشْرَةَ قَصَرَ الصَّلَاةَ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَ عَشْرَةَ نَقْصُرُ الصَّلَاةَ» وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، إِذَا أَجْمَعَ لِعِشْرِينَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً قَصَرَ، [ص:358] فَإِذَا عَزَمَ عَلَى أَنْ يُقِيمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ، قَالَ: فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّابِعَ وَالْخَامِسَ، وَالسَّادِسَ، وَالسَّابِعَ، وَصَلَّى الْفَجْرَ بِالْأَبْطَحِ يَوْمَ الثَّامِنِ فَكَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى إِقَامَتِهَا فَإِذَا أَجْمَعَ أَنْ يُقِيمَ كَمَا أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَرَ، وَإِذَا أَجْمَعَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَتَمَّ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقَاوِيلَ أَحَدُهُمَا: كَقَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا وَطَّنْتُ نَفْسَكَ بِأَرْضٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ، وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا أَقَامَ ثَلَاثًا أَتَمَّ، فَهَذَانِ قَوْلَانِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِمَا. وَفِيهِ قَوْلٌ عَاشِرٌ، ذَكَرَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ آخَرُونَ: وَهُمُ الْأَقَلُّونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: صَلَاةُ الْمُسَافِرِ مَا لَمْ تَرْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ، إِلَّا أَنْ تُقِيمَ بِبَلْدَةٍ لَكَ بِهَا أَهْلٌ وَمَالٌ فَإِنَّهَا تَكُونُ كَوَطَنِكَ، وَلَا يَنْظُرُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى إِقَامَةِ أَرْبَعٍ وَلَا خَمْسَ عَشْرَةَ، قَالَ: وَمِمَّا احْتَجُّوا لِأَنْفُسِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ تَقْصِيرِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ(4/357)
2283 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الصَّقْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ شُعْبَةَ بْنِ شُقَيٍّ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّلَاةِ، فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَهْلِهِ صَلَّى [ص:359] رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ " وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: إِنَّا نُطِيلَ الْمُقَامَ فِي الْغَزْوِ بِخُرَاسَانَ فَكَيْفَ تَرَى؟، فَقَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ أَقَمْتَ عَشْرَ سِنِينَ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أَقَامَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بِسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَأَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ بِبَعْضِ بِلَادِ فَارِسَ فَكَانَ لَا يَجْمَعُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَقَمْنَا مَعَ وَالٍ أَحْسَبُهُ قَالَ: بِسِجِسْتَانَ سِنِيْنًا، وَكَانَ مَعَنَا رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ قَالَ: كَذَلِكَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَفْعَلُ، وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، آتِي الْمَدِينَةَ طَالِبَ حَاجَةٍ فَأُقِيمُ بِهَا السَّبْعَةَ الْأَشْهُرِ وَالثَّمَانِيَةَ، كَيْفَ أُصَلِّي؟، قَالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَأَقَامَ ابْنُ عُمَرَ بِأَذْرَبِيجَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ الثَّلْجُ حَالَ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ الْقُفُولِ وَأَقَامَ مَسْرُوقٌ بِالسِّلْسِلَةِ سِنِيْنًا، وَهُوَ عَامَلٌ عَلَيْهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْصَرَفَ، يَلْتَمِسُ بِذَلِكَ السُّنَّةَ(4/358)
2284 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ غَزَّةَ يُكَنَّى أَبَا الْمِنْهَالِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي رَجُلٌ أُقِيمُ بِالْمَدِينَةِ حَوْلًا، قَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ "(4/359)
2285 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: " قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّا نُطِيلُ الْمُقَامَ بِالْغَزْوِ بِخُرَاسَانَ، فَكَيْفَ تَرَى؟، قَالَ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ أَقَمْتَ عَشْرَ سِنِينَ "(4/359)
2286 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ سَلَمَةَ، [ص:360] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنْ أَقَمْتَ فِي بَلْدَةٍ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ تَقْصُرُ الصَّلَاةَ»(4/359)
2287 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: «أَقَامَ بِسَابُورَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ»(4/360)
2288 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: «أَقَامَ بِالشَّامِ شَهْرَيْنِ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ»(4/360)
2289 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «كُنَّا مَعَهُ بِبَعْضِ بِلَادِ فَارِسَ سَنَتَيْنِ فَكَانَ لَا يَجْمَعُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ»(4/360)
2290 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمِسْوَرِ، عَنْ سَعْدٍ، قَالَ: " كُنَّا مَعَهُ بِالشَّامِ شَهْرَيْنِ فَكُنَّا نُتِمُّ، وَكَانَ يَقْصُرُ، فَقُلْنَا لَهُ: فَقَالَ: إِنَّا نَحْنُ أَعْلَمُ "(4/360)
2291 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: " أَقَمْنَا مَعَ وَالٍ، أَحْسَبُهُ قَالَ: بِسِجِسْتَانَ، سِنِيْنًا، وَكَانَ مَعَنَا رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ [ص:361] عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ قَالَ: كَذَلِكَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَفْعَلُ "(4/360)
2292 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ، قَالَ: " كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، آتِي الْمَدِينَةَ طَالِبَ حَاجَةٍ فَأُقِيمُ بِهَا السَّبْعَةَ الْأَشْهُرِ وَالثَّمَانِيَةَ، كَيْفَ أُصَلِّي؟، قَالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ إِسْحَاقُ لِهَذِهِ الْأَخْبَارِ لِلْقَوْلِ الَّذِي حَكَاهُ الْقَوْلَ الْعَاشِرَ وَاعْتَذَرَ فِي تُخَلُّفِهِ عَنِ الْقَوْلِ بِهِ، لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى تَوْقِيتِ وَقَّتُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَكَانَ مِمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَوْقِيتٍ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً. وَفِيهِ قَوْلٌ حَادِيَ عَشَرَ: وَهُوَ أَنَّ الْمُسَافِرَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانِيَ عَشَرَ: وَهُوَ قَوْلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُقَامِ لِلْخَوْفِ وَالْمُقَامِ لِغَيْرِ الْخَوْفِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَأَشْبَهَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُقَامِ الْمُهَاجِرِ، فَلَا يَأْخُذُ مُقَامَ الْمُسَافِرِ وَمَا جَاوَزَهُ كَانَ مُقَامَ الْإِقَامَةِ، وَلَيْسَ يَحْسِبُ الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ فِيهِ سَائِرًا ثُمَّ قَدِمَ، وَلَا الْيَوْمَ الَّذِي كَانَ فِيهِ مُقِيمًا ثُمَّ سَارَ، كَانَ غَيْرَ مُقَامِ حَرْبٍ وَلَا خَوْفٍ قَصَرَ، فَإِذَا جَاوَزَ مُقَامُهُ أَرْبَعًا أَحْبَبْتُ أَنْ يُتِمَّ، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ أَعَادَ مَا صَلَّى بِالْقَصْرِ بَعْدَ الْأَرْبَعِ، وَإِنْ كَانَ مُقَامُهُ لِحَرْبٍ أَوْ خَوْفِ حَرْبٍ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ الْفَتْحَ يُحَارِبُ هَوَازِنَ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ يَقْصُرُ، فَإِذَا أَقَامَ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ أَثْنَائِهِ لَيْسَ بِبَلَدٍ مُقَامُهُ لِحَرْبٍ أَوْ خَوْفِ حَرْبٍ، أَوْ تَأَهُّبِ حَرْبٍ قَصَرَ مَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً، فَإِذَا جَاوَزَهَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ حَتَّى يُفَارِقَ الْبَلَدَ تَارِكًا لِلْمُقَامِ بِهِ آخِذًا فِي سَفَرِهِ. [ص:362] وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثَ عَشَرَ: رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ، فَمَنْ أَجْمَعَ مَسِيرَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ رَوْحَتُهُ وَغُدْوَتُهُ وَوَلْجَتُهُ، فَقَدْ أَجْمَعَ سَفَرًا فَلَهُ صَلَاةُ السَّفَرِ وَرُخْصَةُ فِطْرِ الصَّوْمِ، وَمَنْ أَجْمَعَ إِقَامَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَلَّى صَلَاةَ الْحَضَرِ وَعَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَذَلِكَ أَنَّ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهَا مَسَاكِنُ الْآنَ، الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ يَجْمَعَانِ الدُّنْيَا وَيُعْقَدُ بِهِمَا الزَّمَانُ، وَيُكْمَلُ فِيهِمَا الصَّلَوَاتُ كُلُّهُنَّ، وَيَكُونُ فِيهِمَا الصَّوْمُ. وَفِيهِ قَوْلُ رَابِعَ عَشَرَ: حَكَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَقَدْ خَالَفَ مَا وَصَفْنَا بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَقَالُوا: قَدْ مَضَتِ السُّنَّةُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي التَّقْصِيرِ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانَ طَاعِنًا، فَإِذَا وَضَعَ الْمَزَادِ وَالزَّادَ وَتَرَكَ الرَّحِيلَ، وَأَقَامَ أَيَّامًا لِحَاجَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ نُزْهَةٍ فَهُوَ بِالْمُقِيمِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْمُسَافِرِ، فَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُقْصَرُ إِلَّا بِأَمْرٍ مُجْتَمِعٍ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ وَقَعَ عَلَى هَذَا الِاسْمِ الْإِقَامَةُ، قَالَ إِسْحَاقُ: وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ: إِذَا وَضَعْتَ الزَّادَ وَالْمَزَادَ فَصَلِّ أَرْبَعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: احْتَجَّ بَعْضُ مَنْ رَأَى أَنْ يَقْصُرَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ عُمَرَ: صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: فَكُلُّ مُسَافِرٍ فَهَذَا فَرْضُهُ، إِلَّا مُسَافِرًا خَصَّهُ كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ أَوْ إِجْمَاعٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى مَنْ عَزَمَ عَلَى مُقَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً الْإِتْمَامُ، فَوَجَبَ الْإِتْمَامُ عَلَى مَنْ أَقَامَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بِالْإِجْمَاعِ. وَقَدِ اعْتَلَّ الْمُزَنِيُّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ، وَقَالَ: يُقَالُ لَهُ: يَعْنِي الشَّافِعِيَّ، وَالْمَدَنِيَّ: أَجْمَعْتُمْ عَلَى قَصْرِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ اخْتَلَفْتُمْ فِي الْمُقَامِ الَّذِي يُتِمُّ، فَلَا يَزِيدُ مَا اجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْصَارِ إِلَّا مُقَامًا تُجْمِعُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا سَرَّحَ ظَهْرَهُ، وَصَلَّى [ص:363] أَرْبَعًا قَالَ: فَإِنِ اعْتَلَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا» ، قَالَ: لَازِمٌ لِمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ التَّمَامَ بِأَوَّلِ صَلَاةٍ مِنَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّ مَنْ أَقَامَ عَشْرًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ، وَمَنْ أَقَامَ أَقَلَّ مِنْ عَشْرٍ قَصَرَ، فَحُجَّتُهُ حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَصَرَ الصَّلَاةَ حَتَّى جَاءَ مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا عَشْرًا يَقْصُرُ حَتَّى رَجَعْنَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُ أَنَسٍ: «أَقَامَ بِهَا عَشْرًا يَقْصُرُ» يُرِيدُ مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ، خَبَرُ جَابِرٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ(4/361)
2293 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا مُسَدَّدٌ ثَنَا يَحْيَى، ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فِي نَاسٍ مَعِيَ، قَالَ: «أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ خَالِصًا فَقَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَقَامَ بِمَكَّةَ بِيَوْمٍ رَابِعٍ وَخَامِسٍ وَسَادِسٍ وَسَابِعٍ، وَخَرَجَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ بِمِنًى، ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْهُ بِذَلِكَ، وَبِخُرُوجِهِ إِلَى عَرَفَةَ، وَرُجُوعِهِ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ، وَبِمُقَامِهِ بِمِنًى لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ، وَمَسِيرَهِ إِلَى مَكَّةَ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَدَفَعَهُ رَحْلُهُ بِالْمُحَصَّبِ، وَهَذِهِ الْعَشَرَةُ الَّتِي أَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَلَا حَجَّةَ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ مَنَ أَقَامَ بِبَلَدٍ عَشْرًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ أَنَسٍ، إِذْ لَا سَبِيلَ، حَدِيثُ أَنَسٍ بِهَذَا السَّبِيلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، لِأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَدَدِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي صَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيَّامِ [ص:364] مُقَامِهِ بِمَكَّةَ فِي حَجَّتِهِ، فَأَجَازَ أَنْ يَقْصُرَ مَنْ أَقَامَ مِقْدَارَ يُصَلِّي ذَلِكَ الْعَدَدِ مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَأَمَرَ مَنْ زَادِ مُقَامُهُ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ بِالْإِتْمَامِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى مَنِ اتَّبَعَ فِعْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَعَدَ الْآخِذُ بِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ(4/363)
ذِكْرُ الْمَارِّ فِي سَفَرِهِ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُسَافِرِ يَمُرُّ فِي سَفَرِهِ بِقَرْيَةٍ فِيهَا لَهُ أَهْلٌ وَمَالٌ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُتِمُّ الصَّلَاةَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قَدِمْتَ عَلَى أَهْلٍ لَكَ أَوْ مَاشِيَةٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ(4/364)
2294 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: أَقْصُرُ الصَّلَاةَ إِلَى عَرَفَةَ؟، قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِلَى مِنًى؟، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ جُدَّةَ، وَعُسْفَانَ، وَإِلَى الطَّائِفِ، فَإِنْ قَدِمْتَ عَلَى أَهْلِ لَكَ أَوْ مَاشِيَةٍ فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ " قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا مَرَّ بِمَزْرَعَةٍ لَهُ فِي سَفَرِهِ أَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا مَرَّ بِقَرْيَةٍ فِيهَا أَهْلُهُ وَوَلَدُهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ بِمِثْلِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: فَإِنْ قَدِمَ عَلَى مَاشِيَةٍ لَهُ أَوْ قَرْيَةٍ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَرَارَهُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مَا لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ، قَصَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ عَامَ الْفَتْحِ، وَلِعَدَدٍ مِنْهُمْ بِمَكَّةَ دَارٌ أَوْ أَكْثَرُ وَقَرَابَاتٌ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ، أَعِنِّي إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ عَلَى أَهْلٍ لَهُ وَمَالٍ أَنْ يَقْصُرَ(4/364)
ذِكْرُ إِمَامَةِ الْمُسَافِرِ الْمُقِيمَ ثَابِتٌ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ فَصَلَّى بِهَا أَيَّامًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. وَأَجْمَعُ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمُقِيمِ إِذَا ائْتَمَّ بِالْمُسَافِرِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ مِنْ ثِنْتَيْنِ أَنَّ عَلَيْهِ إِتْمَامَ الصَّلَاةِ(4/365)
2295 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: " أَنَّ فَتًى، سَأَلَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ عَنْ صَلَاةِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ؟، فَقَالَ: مَا سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَفَرًا إِلَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ مِنَ الْفَتْحِ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ، قُومُوا فَصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَصْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ ثَابِتٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، لِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ زَيْدٍ يَتَكَلَّمُ فِي حَدِيثِهِ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، إِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ(4/365)
2296 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَفَّانَ، ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: صَلَّى عُمَرُ بِمَكَّةَ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: «يَا أَهْلَ مَكَّةَ، إِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ فَأَتِمُّوا الصَّلَاةَ» وَاخْتَلَفُوا فِي مُسَافِرٍ أَمَّ قَوْمًا مُقِيمِينَ، وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: [ص:366] لَا يَجْزِيهِمْ، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: وَقَدْ قَصَرَ هُوَ صَلَاتَهُ. وَفِي قَوْلِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ: إِذَا صَلَّى مُسَافِرٌ بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ أَرْبَعًا فَإِنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ جَائِزَةٌ، وَصَلَاةَ الْمُقِيمِينَ فَاسِدَةٌ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ عِنْدَهُمْ تَطَوُّعٌ بِالرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، وَمَنْ مَذْهَبُهُمْ أَنَّ مَنَ صَلَّى فَرْضًا خَلْفَ إِمَامٍ يَتَطَوَّعُ بِالصَّلَاةِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ كُلَّهُمْ تَامَّةٌ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ فِي مُسَافِرٍ يَسْهُوَ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ أَرْبَعًا: يَسْجُدُ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ(4/365)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَاجَةٍ ذَكَرَهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يُسَافَرُ فَيَقْصُرُ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ ثُمَّ يَذْكُرُ حَاجَةً فَيَرْجِعُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُتِمُّ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ سَفَرًا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ، هَكَذَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَقَالَ مَالِكٌ: يُتِمُّ الصَّلَاةَ إِذَا رَجَعَ حَتَّى يَخْرُجَ فَاصِلًا الثَّانِيَةَ مِنْ بَيْتِهِ وَيُجَاوِزُ بُيُوتَ الْقَرْيَةِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي مُسَافِرٍ ثَابِتٍ لَهُ حَاجَةٌ فَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَحَضَرَتْهُ(4/366)
الصَّلَاةُ فِي طَرِيقَهِ، أَوْ طَرِيقِ أَهْلِهِ ذَاهِبًا أَوْ جَائِيًا قَصَرَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى فِي رُجُوعِهِ الْمُقَامَ فِي أَهْلِهِ أَرْبَعًا، وَلَوْ أَتَمَّ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: فِي رَجُلٍ خَرَجَ مُسَافِرًا فَبَدَا لَهُ فِي حَاجَةٍ إِلَى بَيْتِهِ لِيَأْخُذَهَا، فَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ، قَالَ: هُوَ مُسَافِرٌ إِلَّا إِذَا كَانَ لَهُ أَهْلٌ، لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إِذَا قَدِمْتَ عَلَى أَهْلٍ لَكَ أَوْ مَاشِيَةٍ فَأَتِمَّ، قَالَ الرَّاوِي عَنْهُ ذَلِكَ: رَاوَدْتُهُ فَقَالَ: هُوَ مُسَافِرٌ يَقْصُرُ، قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ: إِذَا كَانَ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ قَدْرَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَقْصُرْ، وَإِنْ أَجْمَعَ مِنْ قَرِيبٍ أَتَمَّ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مَوْضِعِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ تَارِكًا لِسَفَرِهِ وَقَدْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَوَاتِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَإِنَّ طَائِفَةً قَالَتْ: تَمَّتْ صَلَاتُهُ الَّتِي صَلَّى وَيُتِمُّ فِي الصَّلَاةِ مَرْجِعَهُ إِذَا كَانَ فِيمَا لَا يُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَهَذَا يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ أَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ، وَإِلَّا فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ. وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا سَافَرَ فَسَارَ عَشْرَةَ أَمْيَالٍ فَصَلَّى فِي ذَلِكَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ يُتِمُّ تِلْكَ الصَّلَاتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَوْلُهُ هَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَةُ شَيْءٍ مِمَّا صَلَّى، لِأَنَّهُ أَدَّاهَا كَمَا أُمِرَ وَوَجَبَ عَلَيْهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُوجَبَ عَلَيْهِ إِذًا فَرْضٌ مَرَّتَيْنِ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ إِعَادَتَهَا(4/367)
ذِكْرُ الْمُكَارِي وَالْمَلَّاحِ وَصَاحِبِ السَّفِينَةِ يَقْصُرُ مِنَ الصَّلَاةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَلَّاحِ، وَالْمُكَارِي، وَصَاحِبِ السَّفِينَةِ يَحْضُرُهُمُ الصَّلَاةُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ إِذَا سَافَرُوا، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدٍ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: فِي النَّوَاتِيَةِ كَذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَذَكَرَ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ يُتِمُّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ فِي الْمَلَّاحِ: إِذَا كَانَتِ السَّفِينَةُ بَيْتُهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ وَيَصُومُ، وَقَالَ فِي الْمُكَارِي: الَّذِي دَهْرُهُ فِي السَّفَرِ يَقْصُرُ. وَاخْتَلَفَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ السَّفَرَ فَيَبْرُزُ عَنِ الْقَرْيَةِ الْمِيلَ وَالْمِيلَيْنِ فَيُقِيمُ بِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يَقْصُرَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَدِّ مَا يَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ. وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: إِذَا بَرَزَ عَنِ الْبُيُوتِ قَصَرَ إِنْ شَاءَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فِي مَقَامِهِ(4/368)
ذِكْرُ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ، أَوْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا عَلَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْحَضَرِ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، إِلَّا شَيْءٍ(4/368)
اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا بَعْدَ قُدُومِهِ فِي الْحَضَرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي صَلَاةَ سَفَرٍ كَمَا كَانَتْ فُرِضَتْ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا صَارَ بِمِصْرَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا، هَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ آخِرُ قَوْلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلًا ثَالِثًا: وَهِيَ خِلَافُ رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْهُ، فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ فَذَكَرَهَا فِي حَضَرٍ، وَقَوْلُهُ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ قَوْلٌ شَاذُّ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ، ذَكَرَ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الْأَشْعَثِ أَنَّ الْحَسَنَ قَالَ فِي رَجُلٍ نَسِيَ صَلَاةَ الْحَضَرِ حَتَّى ذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ، قَالَ: يُصَلِّيهَا صَلَاةَ السَّفَرِ، وَإِذَا نَسِيَ صَلَاةً فِي سَفَرٍ ثُمَّ ذَكَرَهَا فِي الْحَضَرِ صَلَّى صَلَاةَ الْحَضَرِ(4/369)
جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْعِلَلِ(4/371)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ جَالِسًا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ(4/373)
2297 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ فَصَلَّى لَنَا صَلَاةً وَهُوَ جَالِسٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ فَرْضَ مَنْ لَا يُطِيقُ الْقِيَامَ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، أَوْ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ إِنْ عَجَزَ عَنِ الْجُلُوسِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقُومَ لِدُنْيَاهُ فَلْيُصَلِّ قَاعِدًا، كَانَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ يَقُولُ ذَلِكَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِذَا كَانَ قِيَامُهُ يَزِيدُ وَهْنًا وَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ، وَلَا يَخْرُجُ فِي حَاجَةٍ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا صَلَّى جَالِسًا، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ مَالِكٌ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يُصِيبُهُ الْمَرَضُ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ وَيُتْعِبُهُ وَيَبْلُغُ مِنْهُ حَتَّى يَشْتَدَّ الْقِيَامُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا، وَإِنَّمَا الدِّينُ يُسِرٌّ، قَالَ اللهُ: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] الْآَيَةَ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَكُلُّ حَالٍ أَمَرْتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا يُطِيقُهُ فَإِذَا أَطَاقَهَا بِبَعْضِ الْمَشَقَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا كَمَا فُرِضَ عَلَيْهِ، إِذَا أَطَاقَ الْقِيَامَ [ص:374] بِبَعْضِ الْمَشَقَّةِ قَامَ فَأَتَى بِأَقَلَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَزِيدَ مَعَهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا آمُرُهُ بِالْقُعُودِ إِذَا كَانَتِ الْمَشَقَّةُ غَيْرَ مُحْتَمَلَةٍ، أَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِحَالٍ(4/373)
ذِكْرُ صِفَةِ صَلَاةِ الْجَالِسِ
2298 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَحْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ. وَقَدْ ذَكَرْتُ الْحَدِيثَ فِي أَبْوَابِ صَلَوَاتِ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ جُلُوسِ الْمُصَلِّي قَاعِدًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَكُونُ فِي حَالِ قِيَامِهِ مُتَرَبِّعًا، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنْ يُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمُجَاهِدٌ(4/374)
2299 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، ثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ أَوْ عَبَّاسًا، شَكَكْتُ أَنَا، مُتَرَبِّعَيْنِ فِي الصَّلَاةِ»(4/374)
2300 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو [ص:375] الرِّحَالِ الطَّائِيُّ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مُتَرَبِّعًا»(4/374)
2301 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ يَتَرَبَّعْنَ فِي الصَّلَاةِ» وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يَجْعَلُ قِيَامَهُ مُتَرَبِّعًا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ ثَنَى رِجْلَهُ كَمَا يَرْكَعُ الْقَائِمُ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ مُتَرَبِّعًا، وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أُصَلِّيَ عَلَى رُضْفَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ رِوَايَةً، قَالَ: فِي الرَّجُلِ يَجْلِسُ فِي صَلَاتِهِ مُتَرَبِّعًا، قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يُطِيقُ إِلَّا ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ خِلَافُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ(4/375)
2302 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَوْنٌ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْهَيْثَمِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: «لَأَنْ أُصَلِّيَ عَلَى [ص:376] رُضْفَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا»(4/375)
2303 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: " رَأَى ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا فَنَهَاهُ، قَالَ: هُوَ ذَا أَبٌ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا، قَالَ: إِنِّي أَشْتَكِي رِجْلَيَّ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ، رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ التَّرَبُّعِ، وَلَا أَحْسَبُ الْحَدِيثَ يَثْبُتُ مَرْفُوعًا، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْحَدِيثُ فَلَيْسَ فِي صِفَةِ جُلُوسِ الْمُصَّلي قَاعِدًا سُنَّةٌ تُتَّبَعُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَ فَيَكُونَ جُلُوسُهُ كَمَا سَهُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ صَلَّى مُتَرَبِّعًا، وَإِنْ شَاءَ مُحْتَبِيًا، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ كَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ قَدْ رُوِيَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَنْ يَتَرَبَّعَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ قَائِمًا لَمَّا كَانَ حَالُهُ قَائِمًا غَيْرَ حَالِهِ جَالِسًا، وَجَبَ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ، فَيَكُونُ فِي الْحَالِ قِيَامُهُ مُتَرَبِّعًا لِيَدْخُلَ بَيْنَ حَالِ قِيَامِهِ وَحَالِ جُلُوسِهِ مَعَ مَا رُوِيَ عَنْهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ. وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ صَلَّى فَكَانَ فِي جُلُوسُهُ مُتَرَبِّعًا كَيْفَ يَفْعَلُ فِي حَالِ رُكُوعِهِ؟، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ ثَنَى فَخِذَهُ كَمَا يَجْلِسُ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَسَعِيدِ بْنِ [ص:377] جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَكُونُ جُلُوسُهُ مُتَرَبِّعًا، وَيَرْكَعُ وَهُوَ مُتَرَبِّعٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَهُ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ نَحْوٌ مِنْ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ ثَنَى رِجْلَهُ وَسَجَدَ(4/376)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ مُضْطَجِعًا عَاجِزًا عَنِ الْقِيَامِ وَعَنِ الْجُلُوسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرِيضِ الْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ وَعَنِ الْجُلُوسِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي مُضْطَجِعًا عَلَى جَنْبٍ يُومِي إِيمَاءً، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَلْيُصَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا يُومِي إِيمَاءً(4/377)
2304 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، ثنا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ: " يَسْأَلُ عَنِ الْمَرِيضِ، يُصَلِّي عَلَى الْعُودِ؟، فَقَالَ: لَا آمُرُكُمْ أَنْ تَتَّحِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثَانًا، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَلْيُصَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا يُومِي إِيمَاءً " وَصَلَّى النَّخَعِيُّ وَهُوَ مَرِيضٌ مُضْطَجِعًا عَلَى يَمِينِهِ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ. [ص:378] وَقَالَ عَطَاءٌ: يُصَلَّى مُضْطَجِعًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُصَلِّ مُسْتَلْقِيًا يُومِي بِرَأْسِهِ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَجِعًا إِذَا عَجَزَ عَنِ الْجُلُوسِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: يُصَلِّي عَلَى مَا قُدَرَ وَتَيَسَّرَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا مُضْطَجِعًا: يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ يُصَلِّي مُضْطَجِعًا يُومِي إِيمَاءً، السُّجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِي الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا يُصَلِّي مُسْتَلْقِيًا، وَيَجْعَلَ رِجْلَيْهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَيُومِي بِرَأْسِهِ إِيمَاءً، هَذَا قَوْلُ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ، وَحُكِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ كَقَوْلِ الْحَارِثِ الْفَارَيَابِيُّ عَنْهُ، وَالْحِكَايَةُ الْأُولَى ذَكَرَهَا الْأَشْجَعِيُّ عَنْهُ(4/377)
2305 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: «يُصَلِّي الْمَرِيضُ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ تَلِي قَدَمَاهُ الْقِبْلَةَ» وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَرَبِّعًا يُصَلِّي عَلَى قَدْرِ مَا يُطِيقُ مِنْ قُعُودِهِ، وَعَلَى جَنْبِهِ، وَعَلَى ظَهْرِهِ، وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ الْقِبْلَةَ، وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَوَجْهَهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا يُصَلِّي عَلَى جَنْبِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كَقَوْلِ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا عَجَزَ الْعَلِيلُ عَنِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَأَرَادَ الصَّلَاةَ صَلَّى عَلَى جَنْبٍ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ(4/378)
2306 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ حُسَيْنٍ [ص:379] الْمُعَلِّمِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " كَانَ بِي النَّاصُورُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى جَنْبِهِ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا، رِجْلَاهُ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ(4/378)
ذِكْرُ سُجُودِ الْمَرِيضِ عَلَى شَيْءٍ يَرْفَعُهُ إِلَى وَجْهِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا عَجَزَ الْمَرْءُ عَنِ الصَّلَاةِ قَائِمًا صَلَّى قَاعِدًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ يُجْزِهِ إِلَّا أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ السُّجُودِ فَفِيهَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلَانَ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُومِيَ إِيمَاءً وَلَا يَرْفَعَ إِلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَسُئِلَ أَنَسٌ عَنِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ فَقَالَ: يَسْجُدُ، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا(4/379)
2307 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ: " دَخَلَ عَلَى عُتْبَةَ أَخِيهِ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى مِسْوَاكٍ يَرْفَعُهُ إِلَى وَجْهِهِ، فَأَخَذَهُ، فَرَمَى بِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَوْمِ إِيمَاءً، وَلْتَكُنْ رَكْعَتُكَ أَرْفَعَ مِنْ سَجْدَتِكَ "(4/379)
2308 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «مَنْ كَانَ مَرِيضًا فَصَلَّى قَاعِدًا فَلْيَسْجُدْ عَلَى الْأَرْضِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيُومِ بِرَأْسِهِ وَلَا يَسْجُدْ عَلَى عُودٍ»(4/379)
2309 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، [ص:380] عَنِ ابْنِ عَمْرَ، قَالَ: «إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوعًا وَلَا سُجُودًا أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ يُكَبِّرُ»(4/379)
2310 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَمْرَ: " يُسْأَلُ أَيُصَلِّي الرَّجُلُ عَلَى الْعُودِ وَهُوَ مَرِيضٌ؟، فَقَالَ: لَا آمُرُكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْثَانًا، مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَلْيُصَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَجَالِسًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا يُومِي إِيمَاءً "(4/380)
2311 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِ صَفْوَانَ بْنِ الطَّوِيلِ، فَوَجَدَهُ يَسْجُدُ عَلَى وِسَادَةٍ، فَنَهَاهُ، وَقَالَ: أَوْمِئْ، وَاجْعَلِ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ "(4/380)
2312 - حَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: ثَنَا الْمُخْتَارُ بْنُ فُلْفُلٍ، قَالَ: " سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ صَلَاةِ الْمَرِيضِ فَقَالَ: «يَسْجُدُ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا» وَقَالَ عَطَاءٌ: يُومِي بِرَأْسِهِ إِيمَاءً، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فِي الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَى الْأَرْضِ يُومِي إِيمَاءً، وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا لَمْ يَسْتَطِعِ السُّجُودَ لَا يَرْفَعُ إِلَيَّ جَبْهَتِهِ شَيْئًا، وَلَا يَنْصِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ وِسَادَةً، وَلَا شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: وَإِنْ صَلَّى الْمَرِيضُ قَاعِدًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ أَوْمَى إِيمَاءً، وَإِنْ رَفَعَ إِلَى وَجْهِهِ شَيْئًا فَسَجَدَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَالْإِيمَاءُ أَحَبُّ إِلَيَّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَرْفَعُ إِلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَضَعَ وِسَادَةً [ص:381] عَلَى الْأَرْضِ فَسَجَدَ عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَسْجُدُ عَلَى مِرْفَقَةٍ مِنْ رَمَدٍ كَانَ بِهَا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ رَخَّصَ فِي السُّجُودِ عَلَى الْمِرْفَقَةِ الظَّاهِرَةِ، وَرُوِّينَا عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَكَى سَجَدَ عَلَى مِرْفَقَةٍ(4/380)
2313 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ، قَالَتْ: «رَأَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْجُدُ عَلَى مِرْفَقَةً مِنْ رَمَدٍ كَانَ بِهَا»(4/381)
2314 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، ثنا الْحَجْبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّ الْحَسَنِ: «أَنَّهَا رَأَتْ أُمَّ سَلَمَةَ تَسْجُدُ عَلَى مِرْفَقَةٍ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِعَيْنِهَا»(4/381)
2315 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثنا سَعِيدٍ قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ وَيُونُسُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: «أَنَّهَا كَانَتْ تَسْجُدُ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ مِنْ رَمَدٍ كَانَ بِهَا»(4/381)
2316 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: " سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْمَرِيضِ يَسْجُدُ عَلَى الْمِرْفَقَةِ الظَّاهِرَةِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ "(4/381)
2317 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَلُفَّ، الْمَرِيضُ الثَّوْبَ وَيَسْجُدُ عَلَيْهِ»(4/381)
2318 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: «أَنَّهُ مَرِضَ فَوُضِعَتْ لَهُ وِسَادَةٌ وَوُضِعَ عَلَيْهَا لَوْحٌ، وَكَانَ يُصَلِّي وَيَسْجُدُ عَلَيْهَا»(4/382)
2319 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مَسْهِرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا اشْتَكَى سَجَدَ عَلَى مِرْفَقَةٍ» وَقَالَ أَحْمَدُ: فِي الْمَرِيضِ يَسْجُدُ عَلَى شَيْءٍ رَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ أَحَبُّ إِلَى أَنْ لَا يَرْفَعَهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ وَيَسْجُدُ عَلَى الْمِرْفَقَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَوْمِيَ بِرَأْسِهِ، حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَيُجْزِي عِنْدَ أَصْحَابِ الرَّأْيِ السُّجُودُ عَلَى الْوِسَادَةِ أَوِ الْمِرْفَقَةِ إِذَا وُضِعَتْ بِالْأَرْضِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ عَاجِزٌ عَنِ الْقِيَامِ وَأَمْكَنَهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، لَمْ يُجِزْهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا يُمْكِنُهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ، أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ يَبْلُغُ بِالْإِيمَاءِ مَا أَمْكَنَهُ فَإِذَا بَلَغَ مِنَ الْإِيمَاءِ مَا أَمْكَنَهُ، فَرَفَعَ إِلَيْهِ عُودًا أَوْ مُخَدَّةً فَرَأَى فِي جَبْهَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ مِنَ الْإِيمَاءِ بِمِقْدَارِ إِمْكَانِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُجْزِيهِ، لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى مِنَ الْإِيمَاءِ قَدْرَ طَاقَتِهِ، فَلَيْسَ يَضُرُّهُ مُلَاقَاةُ الْعُودِ أَوِ الْمُخَدَّةِ، وَمِمَّا مَسَّتْهُ جَبْهَتُهُ فِي هَذَا الْحَالِ، وَإِنْ قَصَرَ عَمَّا يُمْكِنُهُ مِنَ الْإِيمَاءِ لَمَّا رَفَعَ إِلَى جَبْهَتِهِ مِنَ الْعُودِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يُجِزْهُ وَيُجْزِيهِ السُّجُودُ عَلَى الْمُخَدَّةِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ السُّجُودُ عَلَى الْأَرْضِ فَأَكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَأَجْعَلُ سُجُودَهُ عَلَى الْمُخَدَّةِ بِمَنْزِلَةِ سُجُودِهِ عَلَى رَبْوَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، وَيَجْعَلُ إِذَا كَانَ سُجُودُهُ وَرُكُوعُهُ إِيمَاءً السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ(4/382)
ذِكْرُ صَلَاةِ مَنْ يُعَالِجُ عَيْنَيْهِ مُسْتَلْقِيًا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْءِ يُعَالِجُ عَيْنَيْهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْزِيهِ الصَّلَاةُ إِلَّا قَائِمًا إِذَا أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ قَالَ لَهُ رَجُلُ: إِنَّ صَبَرْتَ سَبْعًا لَا تُصَلِّي إِلَّا مُسْتَلْقِيًا، فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُّهُمْ يَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ مِتَّ فِي هَذِهِ السَّبْعِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ؟، فَتَرَكَ مُعَالَجَةَ عَيْنَيْهِ فَلَمْ يُدَاوِهَا(4/383)
2320 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا كُفَّ بَصَرُهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنْ صَبَرْتَ لِي سَبْعًا لَا تُصَلِّي إِلَّا مُسْتَلْقِيًا دَاوَيْتُكَ وَرَجَوْتُ أَنْ تَبْرَأَ عَيْنُكَ قَالَ: فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى عَائِشَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكُلُّهُمْ يَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ مِتَّ فِي هَذِهِ السَّبْعِ كَيْفَ تَصْنَعُ بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: فَتَرَكَ مُعَالَجَةَ عَيْنهِ فَلَمْ يُدَاوِهَا "(4/383)
2321 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عُمَرَ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: أَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَبِي صَفِيَّةَ لِشَرْحِ الْمَاءِ مِنْ عَيْنَيْهِ فَقَالَ: اسْتَلْقِ سَبْعًا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْأَجَلُ فِي تِلْكَ السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ " وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِيهِ أَنْ يُصَلِّيَ مُسْتَلْقِيًا، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَبِهِ [ص:384] قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَجَالِسًا» ، وَهَذَا يَسْتَطِيعُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ إِلَّا بِسُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ(4/383)
ذِكْرُ إِسْقَاطِ فَرْضِ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: «إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي» . وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ لَا صَلَاةَ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ بَعْدَ أَنْ تَطْهُرَ. وَالْخَبَرُ الثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَالٌ عَلَى ذَلِكَ(4/384)
2322 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ مَا رَأَيْتُ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبُ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ» ، فَقُلْنَ لَهُ: مَا نُقْصَانُ عَقَلِنَا وَدِينِنَا؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفَ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟» ، قُلْنَ: بَلَى، قَالَ: «فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، وَلَيْسَتْ إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخَبَّرَ أَنَّ الْحَائِضَ لَا صَلَاةَ عَلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ لَهَا الصَّوْمُ فِي حَالِ الْحَيْضِ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا قَضَاءَ الصَّوْمِ لِإِجْمَاعِهِمْ، وَسَقَطَ عَنْهَا [ص:385] فَرْضُ الصَّلَاةِ لِثُبُوتِ السُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ(4/384)
2323 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، قَالَتْ: " سَأَلْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟، فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟، قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، قَالَتْ: قَدْ كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ "(4/385)
ذِكْرُ أَمَرِ الصِّبْيَانِ بِالصَّلَاةِ وَضَرْبِهِمْ عَلَى تَرْكِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ كَيْ يَعْتَادُوهَا(4/385)
2324 - أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلَاةَ ابْنَ سَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ مَكْحُولٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يُعَلَّمُ فِيهِ الصَّبِيُّ [ص:386] الصَّلَاةَ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ سِيرِينَ يَقُولَانِ: يُعَلَّمُ إِذَا عَرَفَ يَمِينَهُ مِنْ يَسَارِهِ(4/385)
2325 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «يُعَلَّمُ الصَّبِيُّ الصَّلَاةَ إِذَا عَرَفَ يَمِينَهُ مِنْ شِمَالِهِ»
2326 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا حَفْصٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إِذَا أَثْغَرَ، كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إِذَا عَقَلَهَا، كَذَلِكَ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: إِذَا عَقَلَ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ. وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا كَقَوْلِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُؤْمَرُ إِذَا عَقَلَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ وَثَمَانِ سِنِينَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْيَحْصَبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ إِذَا عَدَّ عِشْرِينَ(4/386)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ الصَّبِيِّ بِالصَّلَاةِ ابْنَ سَبْعٍ لَيْسَ عَلَى الْفَرْضِ(4/387)
2327 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عَفَّانُ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ حَتَّى يُفِيقَ»(4/387)
ذِكْرُ حَدِّ الْبُلُوغِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ الصَّلَاةُ وَالْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: 6] الْآَيَةَ، وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} [النور: 59] الْآيَةُ. وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنِ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ» وَجَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا، فَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ الِاحْتِلَامَ حَدٌّ لِلْبُلُوغِ، وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: عَرَضَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ،(4/387)
فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ فَأَجَازَنِي، وَأَمَرَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَقِتَالِهِمْ لَهُمْ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216] الْآَيَةَ وَقَالَ: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 29] الْآَيَةَ، وَقَالَ: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] الْآَيَةَ، فَأَمَرَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَقِتَالِهِمْ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَفَرَّقَتِ السُّنَّةُ بَيْنَ مَنْ أَمَرَ اللهُ بِقَتْلِهِ وَبَيْنَ مَنْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، فَجَعَلَتِ الْفَصْلَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْإِنْبَاتَ، قَالَ عَطِيَّةُ الْقُرَظِيُّ: عُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ فَشَكُّوا فِيَّ، هَلْ أَنْبَتُّ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا هَلْ أَنْبَتَ؟» فَلَمْ أَكُنْ أَنَبَتُّ فَخَلَّى عَنِّي وَأَلْحَقَنِي بِالسَّبْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالِاحْتِلَامُ وَالْإِنْبَاتُ وَاسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً حَدٌّ لِلْبُلُوغِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِوُجُودِ أَيِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخِصَالِ كَانَ مَوْجُودَةٌ الْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ، وَفِي الْمَرْأَةِ خَصْلَةٌ رَابِعَةٌ تَجِبُ بِوُجُودِهَا فِيهَا عَلَيْهَا الْفَرَائِضُ وَهِيَ الْحَيْضٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ بِوُجُودِ الْحَيْضِ فِي الْمَرْأَةِ تَجُبُ الْفَرَائِضَ، وَمِمَّنْ أَدْرَكَ مِمَّنْ ذَكَرْتُ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ فَلَا فَرْضَ عَلَيْهِ لِقَوْلِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197] الْآَيَةَ، وَبَيَّنَ اللهُ لَا يُخَاطَبُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَنْ لَا يَعْقِلُ ذَلِكَ عَنْهُ.(4/388)
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: إِذَا بَلَغَ الْغُلَامُ الْحُلُمَ أَوِ الْجَارِيَةُ الْمَحِيضَ غَيْرَ مَغْلُوبَيْنِ عَلَى عُقُولِهِمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالْفَرَائِضُ، وَمَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ الْبُلُوغُ فَالسِّنُّ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِهِ الْفَرَائِضُ اسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ: الْإِنْبَاتُ حَدُّ الْبُلُوغِ، وَدَفَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا فِي أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ يُقْتَلُ مَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ وَيُتْرَكُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ. وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: حَدُّ بُلُوغِ الْغُلَامِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَالْجَارِيَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ، وَقَوْلِ مَنْ ذَكَرْنَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا قَالَ حُجَّةٌ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: سَمِعْنَا أَنَّ الْحُلُمَ أَدْنَاهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَقْصَاهُ ثَمَانِ عَشْرَةَ، فَإِذَا جَاءَتِ الْحُدُودُ أَخَذْنَا بِأَقْصَاهُمَا، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: " لِي غُلَامٌ فَعَلَ فِعْلًا، انْظُرُوا إِلَى مُؤْتَزَرِهِ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتَ أَنْبَتَّ لَجَلَدْتُكَ الْحَدَّ ". وَكَانَ الْقَاسِمُ، وَسَالِمٌ يَقُولَانِ: «يُحَدُّ الصَّبِيُّ إِذَا أَنْبَتَ الشَّعْرَ» .(4/389)
2328 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانٍ، قَالَ " ابْتَهَرَ ابْنُ أَبِي الصَّعْبَةِ بِامْرَأَةٍ فِي شِعْرِهِ، فَرُفِعَ [ص:390] ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى مُؤْتَزَرِهِ، فَلَمْ يُنْبِتْ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتَ أَنْبَتَّ الشَّعْرَ لَجَلَدْتُكَ الْحَدَّ "(4/389)
2329 - وَحَدَّثُونَا عَنْ أَبِي مُوسَى، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ: «أُتِيَ بِسَارِقٍ فَشَبَّرَهُ فَنَقَصَ أُنْمُلَةً مِنْ سِتَّةِ أَشْبَارٍ فَتَرَكَهُ وَلَمْ يَقْطَعْهُ»(4/390)
2330 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: أُتِيَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِوَصِيفٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَدْ سَرَقَ فَأَمَرَ بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَشُبِّرَ فَوَجَدُوهُ سِتَّةَ أَشْبَارٍ فَقَطَعَهُ، وَأَخْبَرَنَا عِنْدَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: " كَتَبَ إِلَى الْعِرَاقِ فِي غُلَامٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ يُدْعَى نُمَيْلَةَ سَرَقَ وَهُوَ غُلَامٌ، فَكَتَبَ عُمَرُ: أَنْ أَشْبِرُوهُ فَإِنْ بَلَغَ سِتَّةَ أَشْبَارٍ فَاقْطَعُوهُ، فَشُبِّرَ فَنَقَصَ أُنْمُلَةً فَتُرِكَ، فَسُمِّيَ نُمَيْلَةَ، فَسَادَ بَعْدُ أَهْلَ الْعِرَاقِ " وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَجِبُ عَلَى غُلَامٍ فِي صِيَامِهِ شَهْرَ رَمَضَانَ الْكَفَّارَةُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، إِلَّا أَنْ يَحْتَلِمَ قَبْلَ ذَلِكَ(4/390)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُغْمَى عَلَيْهِ يَفِيقُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مِنْ قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَقْضِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ إِذَا أَفَاقَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ(4/390)
2331 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: مَرِضَ ابْنُ عُمَرَ أَيَّامًا لَمْ يَعْقِلِ الصَّلَاةَ ثُمَّ صَحَّ وَعَقَلَ فَلَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ " قَالَ أَيُّوبُ: وَمَرِضَ ابْنُ سِيرِينَ أَيَّامًا لَمْ يَعْقِلِ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَقْضِ مَا فَاتَهُ(4/391)
2332 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَلَمْ يُعِدِ الصَّلَاةَ»(4/391)
2333 - حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِهَابٍ، بِبَغْدَادَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ، ثنا عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: «أُغْمِيَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ يَقْضِ صَلَاتَهُ» وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَالْحَسَنُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْضِي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَبِهِ قَالَ [ص:392] عَطَاءٌ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَسَمُرَةُ أَنَّهُمَا أُمِرَا بِالْقَضَاءِ، وَقَالَ: نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَضَاهَا(4/391)
2334 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا أَبُو مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، ثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ الْخَطْمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ لُؤْلُؤَةَ، مَوْلَاةِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: «أَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَتَرَكَ الصَّلَاةَ ثُمَّ أَفَاقَ فَدَعَا بِوُضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ صَلَوَاتِ الثَّلَاثِ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا»(4/392)
2335 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ، ثنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَعِيدٍ، مَوْلَاةِ عَمَّارٍ وَكَانَتْ جَارِيَةَ عَمَّارٍ: " أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا لَا يُصَلِّي، ثُمَّ اسْتَفَاقَ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ: هَلْ صَلَّيْتُ؟ فَقَالُوا: مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ ثَلَاثٍ، فَقَالَ: أَعْطُونِي وُضُوءًا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى تِلْكَ الثَّلَاثَ "(4/392)
2336 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، ثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، أَنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، قَالَ: " الْمُغْمَى عَلَيْهِ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَوْ قَالَ: يَتْرُكُ الصَّلَاةَ يُصَلِّي مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ مِثْلَهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا قَالَ: وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: لِيُصَلِّهُنَّ جَمِيعًا " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْضِي صَلَاةَ يَوْمِهِ الَّذِي أَفَاقَ فِيهِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا أَحْسَبُ ذَلِكَ يُثْبَتُ عَنْهُ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى ثَابِتَةٌ عَنْهُ. وَمِمَّنْ قَالَ يَقْضِي [ص:393] صَلَاةَ يَوْمِهِ وَصَلَاةَ لَيْلَتِهِ قَتَادَةُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَضَى الْفَجْرَ، وَإِنْ لَمْ يَفِقْ حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ قَضَى الْفَجْرَ فَقَطْ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَضَى، وَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَقْضِ، الْأَشْجَعِيُّ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ أَفَاقَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ، وَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامًا لَمْ يَقْضِ شَيْئًا، قِيلَ مِنْ أَيْنَ افْتَرَقَا؟ قَالَ: لِلْأَثَرِ الَّذِي جَاءَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ(4/392)
2337 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ: «أُغْمِيَ عَلَيْهِ شَهْرًا فَلَمْ يَقْضِ، وَصَلَّى صَلَاةَ يَوْمِهِ الَّذِي أَفَاقَ فِيهِ» وَحَكَى الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ صَلَاةَ يَوْمِهِ وَلَيْلِهِ، وَكَانَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ يَقُولُونَ: إِذَا أَفَاقَ نَهَارًا صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، فَإِنْ أَفَاقَ لَيْلًا صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ النَّخَعِيِّ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا أَفَاقَ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ يَقْضِي صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَقِيلَ لَهُ: الْفَجْرُ؟ فَقَالَ: لَا. [ص:394] وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ، وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ، وَالصَّبِيِّ يَحْتَلِمُ، وَالْمُغْمَى وَالْمَجْنُونِ يَعْنِي يَفِيقَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ بِرَكْعَةٍ: عَلَيْهِمُ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَقَبْلَ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ عَلَيْهِمُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ قَالَ: إِنْ أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مِنَ النَّهَارِ قَدْرُ مَا يُصَلِّي فِيهِ الظُّهْرَ وَرَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَإِنْ لَمْ يَفِقْ إِلَّا قَدْرَ مَا يُصَلِّي فِيهِ أَحَدَهُمَا صَلَّى الْعَصْرَ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ إِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ قَدْرُ مَا يُصَلِّي فِيهِ الْمَغْرِبَ وَرَكْعَةً مِنَ الْعِشَاءِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْإِغْمَاءُ مَرَضٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ، وَالَّذِي يَلْزَمُ الْمَرِيضَ إِذَا عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَيَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ لِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبٍ يُومِئُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، وَسَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقُعُودِ، فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ بِحَالٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا: يَسْقُطُ عَنِ الْمَرِيضِ كُلُّ عَمَلٍ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا سَبِيلَ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ إِلَى الصَّلَاةِ فِي حَالَةِ الْإِغْمَاءِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ صَلَاةٌ لَمْ يُجَزْ أَنْ يُوجَبَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ، وَإِلْزَامُ الْقَضَاءِ إِلْزَامُ فَرْضٍ، وَالْفَرْضُ لَا يَجِبُ بِاخْتِلَافٍ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ فُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْإِغْمَاءِ، وَلَيْسَ كَالنَّائِمِ الَّذِي يُوجَدُ السَّبِيلُ إِلَى انْتِبَاهِهِ وَهُوَ سَلِيمُ الْجَوَارِحِ، لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَاهِي الْجَوَارِحِ مِنْ تَعَبِهَا لَا سَبِيلَ لِأَهْلِهِ إِلَى تَنْبِيهٍ، فَإِنْ أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَقَدْ بَقِيَ مِقْدَارُ مَا يُصَلِّي رَكْعَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ الْعَصْرُ، وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ صَلَّى الْعِشَاءَ، وَإِنْ أَفَاقَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةٍ صَلَّى الصُّبْحَ، وَفِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» بَيَانٌ لِمَنْ وُفِّقَ لِفَهْمِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُدْرِكٍ لِغَيْرِهَا إِذْ لَوْ كَانَ مُدْرِكًا لِغَيْرِهَا لَكَانَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ، وَفِي مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ غَيْرَهَا كَمَا كَانَ فِي قَوْلِهِ: «الْوَلَاءُ لِمَنْ [ص:395] أَعْتَقَ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمُعْتِقٍ(4/393)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَعْرِفُهَا بِعَيْنِهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مِنْ يَوْمٍ لَا يَدْرِي أَيَّتَهُنَّ هِيَ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ، ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا يَنْوِي إِنْ كَانَ الظُّهْرَ أَوِ الْعَصْرَ أَوِ الْعِشَاءَ هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ يَعْقُوبَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةً لَا يُدْرَى أَيَّتَهُنَّ هِيَ؟ قَالَ: يُصَلِّي أَرْبَعَةً بِإِقَامَةِ. وَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقِيَاسَ وَاللهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ يَنْوِي بِهَا مَا عَلَيْهِ، وَيَجْهَرُ فِي الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِي الثَّالِثَةِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَتِ الْفَائِتَةُ صُبْحًا كَانَ مَا زَادَ كَزِيَادَةِ رَكْعَتَيْنِ بِالشَّكِّ عَلَى الْفَرِيضَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا كَانَتِ الرَّكْعَةُ الرَّابِعَةُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ أَوْفَاهَا، وَأَخْفَى الْقِرَاءَةَ حَيْثُ يُجْهَرُ بِهَا، وَالْإِجْهَارُ بِهَا حَيْثُ يُسَرُّ مِنَ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا قَالَ: وَقَدِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ شَكَّ فِي كَفَّارَةٍ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَاتِ مِنْ ظِهَارٍ، أَوْ قَتْلٍ، أَوْ نَذْرٍ أَنَّهُ كَفَّرَ بِرَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ يَنْوِي بِهَا الَّتِي عَلَيْهِ وَكَيْفَ لَا يُجْزِي صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ يَنْوِي بِهَا مَا عَلَيْهِ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَمَا أَحْسَبُ صَاحِبَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَخَذَهَا إِلَّا عَنْهُ.(4/395)
مَسَائِلٌ، كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي الْمَجْنُونِ: يَقْضِي الصِّيَامَ وَلَا يَقْضِي الصَّلَاةَ. وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ الْفَرْضَ قَدِ ارْتَفَعَ عَنْهُ كَقَوْلِهِ: {وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197] الْآَيَةَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ. وَكَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ فِي الْغُلَامِ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً: يُعِيدُ هُوَ بِضَرْبٍ عَلَى الصَّلَاةِ، وَفِي الصَّوْمِ إِذَا أَطَاقَ الصَّوْمَ. وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إِذَا لَمْ يَبْلُغْ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ يَقُولُونَ: يَقْضِي السَّكْرَانُ الصَّلَاةَ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَلَسْتُ أَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْهُ الْإِعَادَةَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَى الْمُرْتَدِّ مِنْ قَضَاءِ مَا تَرَكَ مِنْ صَلَاتِهِ فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا رَجَعَ إِلَى الْإِسْلَامِ أَعَادَ حَجَّتَهُ لِمَا حَبِطَ مِنْ عَمَلِهِ، قِيلَ لَهُ فَيَقْضِي مَا كَانَ صَلَّى؟ قَالَ: يَسْتَأْنِفُ الْعَمَلَ، وَهَكَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ(4/396)
فِي الْحَجِّ، وَالصَّلَاةِ كَقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ. وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ أَسْلَمَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُوجِبُ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءَ كُلِّ صَلَاةٍ تَرَكَهَا فِي رَدَّتِهِ(4/397)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً لِيَكُونَ لِلْإِمَامِ رَكْعَتَانِ وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةٌ(5/27)
2338 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ الْحَنْظَلِيِّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ بِطَبَرِسْتَانَ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ: " أَيُّكُمْ شَهِدَ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: «أَنَا فَقَامَ فَصَفَّ خَلْفَهُ وَصَفٌّ مُوَازِي الْعَدُوِّ، وَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّهِمْ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ»(5/27)
2339 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الرَّكِينُ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ مِثْلَ صَلَاةِ حُذَيْفَةَ»(5/27)
2340 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الصَّلَاةُ عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ رَكْعَةٌ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ: «لَيْسَتَا بِقَصْرٍ إِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ»(5/27)
2341 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ، يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، [ص:28] عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ يَزِيدٍ الْفَقِيرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُسْأَلُ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ، فِي السَّفَرِ أَقَصْرٌ هُمَا؟ قَالَ «لَا إِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَإِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ» . وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُصَلِّيَ عِنْدَ الْمُسَايَفَةِ رَكْعَةً يُومِئُ بِهَا إِيمَاءً كَانَ وَجْهُهُ مَاشِيًا كَانَ أَوْ رَاكِبًا، فَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَقَتَادَةُ. يَقُولُونَ: «رَكْعَةً يُومِئُ بِهَا» ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، غَيْرَ أَنَّ الضَّحَّاكَ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ كَبَّرَ تَكْبِيرَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ» ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «أَمَّا عِنْدَ الشِّدَّةِ فَتَجْزِيكَ رَكْعَةٌ تُومِئُ بِهَا إِيمَاءً، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَسَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَتَكْبِيرَةٌ؛ لِأَنَّهَا ذِكْرُ اللهِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ» ذَكَرَ ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ(5/27)
2342 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «إِذَا طُلِبَ الْأَعْدَاءُ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ كَانُوا، رِجَالًا كَانُوا، أَوْ رُكْبَانًا، رَكْعَتَيْنِ يُومِئُونَ إِيمَاءً» ذَكَرَهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، [ص:29] وَالنُّعْمَانِ، وَأَكْثَرُ الْمُفْتِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَعْصَارِ(5/28)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُوَافِقِ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْفَرِيقَيْنِ لَمْ يَقْضِيَا(5/29)
2343 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: «قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَفَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَصَفَّ خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامُوا، فَقَامَ أَصْحَابُهُمْ، ثُمَّ جَاءَ أَصْحَابُهُمْ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ، وَلِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ»(5/29)
2344 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ، قَالَ: ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَكَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَكْعَةٌ " فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَثْبَتَتْهُ الْأَخْبَارُ بِظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ؛ لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الطَّائِفَةَ الْأُولَى قَالَ: فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ الْآَيَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهَا وُجُوبَ قَضَاءٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى: وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا، فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ الْآَيَةَ وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنَ [ص:30] الطَّائِفَتَيْنِ قَضَاءً، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/29)
ذِكْرُ وَجْهٍ ثَانٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَ الْإِمَامِ، وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، وَافْتِتَاحِ الطَّائِفَتَيْنِ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ وَرُكُوعِهِمَا مَعَ الْإِمَامِ(5/30)
2345 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلٍ، وَالْعَدُوُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَصَفُّوا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، وَكَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَبِّرُوا جَمِيعًا، وَرَكَعَ، فَرَكَعُوا جَمِيعًا، وَرَفَعَ، فَرَفَعُوا جَمِيعًا، وَسَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا قَامَ الْأَوَّلُونَ سَجَدَ الْآخَرُونَ فِي مَكَانِهِمْ، ثُمَّ تَقَدَّمَ هَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ، وَهَؤُلَاءِ إِلَى مَصَافِّ هَؤُلَاءِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَرَكَعُوا جَمِيعًا، وَرَفَعَ، فَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَالْآخَرُونَ قِيَامٌ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا سَجَدُوا وَجَلَسُوا، سَجَدَ الْآخَرُونَ فِي مَكَانِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَقَالَ جَابِرٌ: كَمَا يَفْعَلُ أُمَراؤُكُمْ "(5/30)
2346 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ قَالَ: فَاسْتَقْبَلَنَا الْمُشْرِكُونَ، عَلَيْهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَهُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ، فَقَالُوا: قَدْ كَانُوا عَلَى حَالٍ لَوْ أَصَبْنَا غِرَّتَهُمْ، فَقَالُوا: تَأْتِي عَلَيْهِمُ الْآنَ صَلَاةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَاتِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: 102] الْآَيَةَ قَالَ: فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذُوا السِّلَاحَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ جَابِرٍ، قَالَ: فَصَلَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِعُسْفَانَ، وَمَرَّةً بِأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ «[ص:31] وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ بِحَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ» إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى مِثْلِ مَا فِي خَبَرِ أَبِي عَيَّاشٍ "(5/30)
وَجْهٌ ثَالِثٌ يَفْتَتِحُ الْقَوْمُ جَمِيعًا مَعَ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ غَيْرَ أَنَّ الصَّفَّ الثَّانِيَ يَفْتَتِحُونَ صَلَاتَهُمْ مَعَ الْإِمَامِ، وَهُمْ قُعُودٌ، وَيَفْتَتِحُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ مَعَ الْإِمَامِ وَهُمْ قِيَامٌ(5/31)
2347 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الْهَادِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَائِفَةٌ خَلْفَهُ، وَطَائِفَةٌ مِنْ وَرَاءِ الطَّائِفَةِ الَّتِي خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُعُودٌ وَوُجُوهُهُمْ كُلُّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَتِ الطَّائِفَتَانِ فَرَكَعَ، فَرَكَعَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي خَلْفَهُ، وَالْآخَرُونَ قُعُودٌ، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا أَيْضًا مَعَهُ، وَالْآخَرُونَ قُعُودٌ، ثُمَّ قَامَ فَقَامُوا، فَنَكَصُوا خَلْفَهُمْ حَتَّى كَانُوا مَكَانَ أَصْحَابِهِمْ قُعُودٌ، وَأَتَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، وَالْآخَرُونَ قُعُودٌ، ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَتِ الطَّائِفَتَانِ كِلْتَاهُمَا، فَصَلُّوا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ»(5/31)
ذِكْرُ وَجْهٍ رَابِعٍ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَالْعَدُوُّ خَلْفَ الْقِبْلَةِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ(5/32)
2348 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَهُوَ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى بِهِمْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ ذَهَبُوا، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ»(5/32)
2349 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى بِالْآخَرِينَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ هَكَذَا فَجَائِزٌ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَهَذَا الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ الْفَرِيضَةَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي نَافِلَةً،؛ لِأَنَّ الْآخِرَةَ مِنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ نَافِلَةً، وَقَدْ حَكَى أَبُو ثَوْرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ الْيَوْمَ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، وَيَأْمُرُ رَجُلًا فَيُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ»(5/32)
ذِكْرُ وَجْهٍ خَامِسٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ خَلْفَ الْقِبْلَةِ وَالرُّخْصَةِ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى فِي تَرْكِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِلْحِرَاسَةِ وَقَضَاءِ الطَّائِفَتَيْنِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ(5/33)
2350 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوَّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوِّ، وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً»(5/33)
ذِكْرُ وَجْهٍ سَادِسٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ خَلْفَ الْقِبْلَةِ، وَإِتْمَامِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ الْإِمَامِ، وَانْتِظَارِ الْإِمَامِ الطَّائِفَةَ الْأُولَى قَائِمًا لِتَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهَا(5/33)
2351 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أنا يَحْيَى، أَنَّ الْقَاسِمَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ صَالِحَ بْنَ خَوَّاتٍ الْأَنْصَارِيَّ، أَخْبَرَهُ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، قَالَ: «يَقُومُ الْإِمَامُ بِمَنْ مَعَهُ قَائِمًا، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيَرْكَعُونَ، وَيَسْجُدُ وَيَسْجُدُونَ، ثُمَّ يَقُومُ فَإِذَا قَامَ بِهِمْ وَقَفَ قَائِمًا، وَرَكَعَ الَّذِينَ وَرَاءَهُ لِأَنْفُسِهِمْ، وَسَجَدُوا وَسَلَّمُوا، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَيَقُومُونَ إِلَى الْعَدُوِّ فَيُقْبِلُ الْآخَرُونَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُكَبِّرُوا وَرَاءَ الْإِمَامِ، وَهُوَ قَائِمٌ يَرْكَعُ بِهِمْ وَيَسْجُدُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ، فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ الَّذِينَ وَرَاءَهُ فَرَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَسَجَدُوا وَسَلَّمُوا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ [ص:34] عَنِ الْقَوْلِ بِحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، وَأَخَذَ بِحَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، وَقَالَ: «يَكُونُ قَضَاءُ الطَّائِفَةِ بَعْدَ السَّلَامِ أَحَبَّ إِلَيَّ» ، وَقَالَ: وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمُحَمَّدٍ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: «وَلَا أَعْلَمُ قَضَاءً يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَانْقِضَاءِ الصَّلَاةِ»(5/33)
ذِكْرُ خَبَرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ انْتِظَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى لِتَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهَا جَالِسًا(5/34)
2352 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، ثنا شُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّهُ قَالَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: «تَقُومُ طَائِفَةٌ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ، وَطَائِفَةٌ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَقْعُدُ مَكَانَهُ حَتَّى يَقْضُوا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُوا إِلَى مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ يَتَحَوَّلُ أَصْحَابُهُمْ إِلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، وَيَقْعُدُ مَكَانَهُ حَتَّى يُصَلُّوا رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ»
2353 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا رَوْحٌ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ هَذَا [ص:35] وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَهُمْ قَائِمًا، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ(5/34)
ذِكْرُ وَجْهٍ سَابِعٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالرُّخْصَةِ لِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنْ تُكَبِّرَ مَعَ الْإِمَامِ وَهِيَ غَيْرُ مُسْتَقْبِلَةٍ الْقِبْلَةَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ خَلْفَ الْقِبْلَةِ، وَانْتِظَارِ الْإِمَامِ قَائِمًا الطَّائِفَةَ الَّتِي كَبَّرَتْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ لِتُصَلِّيَ الرَّكْعَةَ الْأُولَى الَّتِي سَبَقَهُمْ بِهَا الْإِمَامُ، وَانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى قَاعِدًا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ، لِتَقْضِيَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَيُسَلِّمُونَ إِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ(5/35)
2354 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا الْمُقْرِيُّ، ثنا حَيْوَةُ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَا: ثنا أَبُو الْأَسْوَدِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، يُحَدِّثُ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ صَلَّيْتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ، فَقَالَ: مَتَى؟ فَقَالَ: عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ، «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَكَانَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلُ الْعَدُوِّ، وَظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبِّرُوا جَمِيعًا الَّذِينَ مَعَهُ، وَالَّذِينَ يُقَابِلُونَ الْعَدُوَّ، ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً وَاحِدَةً، وَرَكَعَتْ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَتْ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ، وَالْأُخْرَى قِيَامٌ مُقَابِلُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَامَتِ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ مَعَهُ، فَذَهَبُوا إِلَى الْعَدُوِّ فَقَابَلُوهُمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَةً الْعَدُوِّ، فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ كَمَا هُوَ ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَةً أُخْرَى وَرَكَعُوا مَعَهُ ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلةٍ الْعَدُوَّ، فَرَكَعُوا، وَسَجَدُوا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ وَمَنْ مَعَهُ بِمَكَانِ السَّلَامِ فَسَلَّمَ َرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا جَمِيعًا فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي رَكْعَتَانِ، وَلِكُلِّ رَجُلٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ»(5/35)
ذِكْرُ وَجْهٍ ثَامِنٍ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَظِرَ الْإِمَامُ الطَّائِفَةَ الْأُولَى بَعْدَ سَجْدَةٍ بَيْنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِتَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَانْتِظَارُ الثَّانِيَةِ حَتَّى تَرْكَعَ رَكْعَةً لِتَلْحَقَ بِالْإِمَامِ فَتَسْجُدَ مَعَهُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يَنْتَظِرُهُمُ الْإِمَامُ قَائِمًا لِيَسْجُدُوا السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَجَمَعَ الْإِمَامُ الطَّائِفَتَيْنِ لِيَكُونَ فَرَاغُهُمْ جَمِيعًا مِنَ الصَّلَاةِ مَعًا(5/36)
2355 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا عِيسَى الْكَيْسَانِيُّ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ قَالَتْ: فَصَدَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ صَدْعَيْنِ، فَصُفَّتْ طَائِفَةٌ وَرَاءَهُ، وَقَامَتْ طَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَتِ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ صُفُّوا خَلْفَهُ، ثُمَّ رَكَعَ فَرَكَعُوا، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ فَرَفَعُوا مَعَهُ، ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، وَسَجَدُوا هُمْ لِأَنْفُسِهِمُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَامُوا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى حَتَّى قَامُوا مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِمُقَابِلِ الْعَدُوِّ فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ، وَمَنْ مَعَهُ مَكَانَ السَّلَامِ، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا جَمِيعًا، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا لِلْأُخْرَى، فَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرُوا، ثُمَّ رَفَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجْدَتَهُ الثَّانِيَةَ، فَسَجَدُوا مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَسَجَدُوا هُمْ لِأَنْفُسِهِمُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةِ ثُمَّ قَامَتِ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا، فَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَكَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ، فَسَجَدُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَفَعُوا مَعَهُ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيعًا جِدًّا، لَا يَأْلُونَ أَنْ يُخَفِّفَ مَا اسْتَطَاعَ، ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلَّمُوا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ شَرَكَهُ النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا "(5/36)
ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الْقِتَالِ لِلْكَلَامِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ قَبْلَ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ عِنْدَ خَوْفِ غَلَبَةِ الْعَدُوِّ(5/37)
2356 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ شَهِدَ صَلَاةَ الْخَوْفِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا، قَالَ: " تَأْمُرُ أَصْحَابَكَ فَيَقُومُوا طَائِفَتَيْنِ: طَائِفَةٌ خَلْفَكَ، وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَتُكَبِّرُ وَيُكَبِّرُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ تَرْكَعُ فَيَرْكَعُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ تَرْفَعُ فَيَرْفَعُونَ جَمِيعًا، ثُمَّ تَسْجُدُ وَتَسْجُدُ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيكَ، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى قِيَامٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السَّجْدَةِ سَجَدُوا، ثُمَّ ذَهَبَ هَؤُلَاءِ، فَقَامُوا فِي مَقَامِهِمْ، ثُمَّ تَقَدَّمَ الْآخَرُونَ، وَرَكَعَ، فَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَرَفَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدْتَ فَسَجَدَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيكَ، وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى قِيَامٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ سَجَدُوا، ثُمَّ تُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ، وَيُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَتَأْمُرُ أَصْحَابَكَ إِنْ هَاجَهُمْ هَيْجٌ فَقَدْ حَلَّ لَهُمُ الْكَلَامُ "(5/37)
2357 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَبْدٍ قَالَ: «صَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعُ سَجَدَاتٍ، فَإِنْ أَعْجَلَكَ الْعَدُوُّ حَلَّ لَكَ الْكَلَامُ وَالْقِتَالُ فِيمَا بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ» [ص:38] وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُرَخِّصُ فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ فِي الِاسْتِدَارَةِ، وَالتَّحَرُّفِ، وَالْمَشْيِ الْقَلِيلِ إِلَى الْعَدُوِّ إِزَاءَ الْمَقَامِ يَقُومُونَهُ، وَتَجْزِيهِمْ صَلَاتُهُمْ، وَيَجْزِيهِمْ أَنْ يَضْرِبَ أَحَدُهُمُ الضَّرْبَةَ بِسِلَاحِهِ وَيَطْعَنَ الطَّعْنَةَ، فَأَمَّا إِنْ تَابَعَ الضَّرْبَ أَوِ الطَّعْنَ، أَوْ طَعَنَ طَعْنَةً فَرَدَّدَهَا فِي الْمَطْعُونِ، أَوْ حَمَلَ مَا يَطُولُ فَلَا يَجْزِيهِ صَلَاتُهُ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: إِنْ رَمَاهُمُ الْمُسْلِمُونَ بِالنَّبْلِ وَالنُّشَّابِ قَطَعَ صَلَاتَهُ، قَالَ: لِأَنَّ هَذَا عَمَلٌ فِي الصَّلَاةِ يُفْسِدُهَا، وَالْمُسَايَفَةُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا الصَّلَاةَ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: كُلُّ مَا فَعَلَهُ الْمُصَلِّي فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ مِمَّا لَا يَقْعُدُ عَلَى غَيْرِهِ، فَالصَّلَاةُ مُجْزِيَةٌ قِيَاسًا عَلَى مَا وُضِعَ عَنْهُ مِنَ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، لَعَلَّهُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ مُطَارَدَةِ الْعَدُوِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ النَّظَرَ، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/37)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ رُكْبَانًا وَمُشَاةً فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] الْآَيَةَ(5/38)
2358 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْأَزْرَاقِيُّ، ثنا دَاوُدُ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ عَنِ ابْنُ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «صَلَاةُ الْخَوْفِ أَنْ تَقُومَ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ فَيَسْجُدُوا سَجْدَةً وَاحِدَةً بِمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الَّذِينَ سَجَدُوا سَجْدَةً وَاحِدَةً، فَيَكُونُونُ مَكَانَ أَصْحَابِهِمُ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ، وَتَقُومُ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّوا مَعَ الْإِمَامِ سَجْدَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الْإِمَامُ وَتُصَلِّي الطَّائِفَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنْفُسِهِمْ سَجْدَةً، فَإِنْ كَانَ خَوْفًا [ص:39] أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُصَلُّوا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَرُكْبَانًا عَلَى ظُهُورِ دَوَابِّهِمْ» قَالَ مُوسَى: وَأَخْبَرَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ هَذَا مَذْهَبُهُ مَالِكٌ فِيمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُسْتَغْنًى بِهِمَا(5/38)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فِي الْخَوْفِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فِي حَالِ الْخَوْفِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلِّي الْإِمَامُ سِتًّا وَيُصَلُّونَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، قَالَ الْأَشْعَثُ(5/39)
وَهُوَ الرَّاوِي ذَلِكَ عَنْهُ: «يُصَلِّي هَؤُلَاءِ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ، ثُمَّ يُصَلِّي بِهَؤُلَاءِ ثَلَاثًا» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ: أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ بِهِمْ وَيَقُومُ، فَإِذَا قَامَ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمَّ الْقَوْمُ لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمُوا، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ، وَلَا يُسَلِّمُونَ هُمْ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ قَامُوا فَأَتَمُّوا مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: " يَقُومُ الْإِمَامُ، وَيَقُومُ خَلْفَهُ صَفٌّ، وَصَفٌّ مُوَازٍ الْعَدُوَّ فِي غَيْرِ صَلَاتِهِ، فَيُصَلِّي بِالصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ فَيَصُفُّونَ مُوَازِيَ الْعَدُوِّ، وَيَجِئُ الصَّفُّ الْآخَرُ، فَيُصَلُّونَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى مَصَافِّهِمْ، وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ، وَيَجِيءُ الْأَوَّلُونَ وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ، فَيَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ، وَلَا يَقْرَءُونَ، وَيَجْلِسُونَ مَعَ الْإِمَامِ، ثُمَّ يَقُومُ بِهِمْ فَيُصَلِّي بِهِمُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ الْإِمَامُ، فَيَنْطَلِقُونَ إِلَى مَصَافِّهِمْ وَيَجِيءُ الْآخَرُونَ فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً يَقْرَءُونَ فِيهَا، ثُمَّ يَجْلِسُونَ فَيَتَشَهَّدُونَ، ثُمَّ يَقُومُونَ مَكَانَهُمْ، فَيُصَلُّونَ رَكْعَةً أُخْرَى لَا يَقْرَءُونَ فِيهَا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ إِنْ شَاءُوا، وَيَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ. وَقِيلَ: أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ سَأَلَ سُفْيَانَ عَنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إِذَا كَانَ خَوْفًا كَيْفَ يُصَلِّي؟ قَالَ: رَكْعَتَيْنِ وَرَكْعَةً، قَالَ أَحْمَدُ: جَيِّدٌ لَا يَقْصُرُ، قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ يَقْرَبُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا مَا اخْتَلَفَا فِيهِ مِنْ(5/40)
قَضَاءِ الْمَأْمُوميْنَ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّلَاةِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ مُسَافِرًا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ قَامَ فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ فَحَسَنٌ وَإِنْ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ قَامَ وَصَلَّى الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ عَلَيْهِ بِالَّذِينَ خَلْفَهُ الَّذِينَ جَاءُوا بَعْدُ فَجَائِزٌ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَأَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ أَنْ يَثْبُتَ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا حَكَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ قَائِمًا، وَلَوْ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ رَكْعَتَيْنِ أَجْزَأَهُ إِنْ شَاءَ اللهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِ مَالِكٍ وَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَأْمُرُ بِأَنْ يَثْبُتَ الْإِمَامُ جَالِسًا حَتَّى تَتِمَّ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ، وَمَالِكٌ يَرَى أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ، ثُمَّ يَقْضُونَ بَيْنَ تَسْلِيمِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَمَعَهُ طَائِفَةٌ وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَقُومُ الطَّائِفَةُ فَتَأْتِي مَقَامَهُمْ فَيَقِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا وَلَا يُسَلِّمُوا، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الَّذِينَ كَانُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَيَدْخُلُونَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَيُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَةً وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ، ثُمَّ تَقُومُ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا وَلَا يُسَلِّمُوا، فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمْ وَيَصُفُّونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمُ الَّذِينَ صَلُّوا فِيهِ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وِحْدَانًا بِغَيْرِ إِمَامٍ وَلَا قِرَاءَةٍ وَيَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ ثُمَّ يَقُومُونَ، فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَتَجِيءُ الطَّائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمُ الَّذِينَ صَلُّوا فِيهِ فَيَقْضُونَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ وُحْدَانًا وَيَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ، ثُمَّ يَأْتُونَ مَقَامَهُمْ فَيَقِفُونَ مَعَ أَصْحَابِهِمْ(5/41)
ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي وَضْعِ السِّلَاحِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِذَا كَانَ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كَانَ مَرِيضًا(5/42)
2359 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} [النساء: 102] الْآَيَةَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: «كَانَ جَرِيحًا»(5/42)
ذِكْرُ صَلَاةِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: " إِنَّ الْمَطْلُوبَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَإِذَا كَانَ طَالِبًا نَزَلَ فَصَلَّى بِالْأَرْضِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كَذَلِكَ إِلَّا فِي حَالٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَقِلَّ الطَّالِبُونَ عَنِ الْمَطْلُوبِينَ وَيَنْقَطِعُ الطَّالِبُونَ عَنْ أَصْحَابِهِمْ فَيَخَافُونَ عَوْدَةَ الْمَطْلُوبِينَ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا يُومِئُونَ إِيمَاءً. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ(5/42)
رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ «أَنَّهُ صَلَّى وَهُوَ يَتَوَجَّهُ نَحْوَ عُرَنَةَ [ص:43] يَطْلُبُ سُفْيَانَ بْنَ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيُّ، وَأَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ يُومِئُ» وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. هُوَ مِنْ حَدِيثِ:
2360 - مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَخْبَارَ الَّتِي رُوِيَتْ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا يَجِبُ أَنْ يُقَالَ بِهِ فِيهَا فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِحَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ الَّذِي:(5/42)
2361 - أَخْبَرَنَاهُ الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ يَزَيْدِ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ «أَنَّ طَائِفَةً صُفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ»(5/43)
2362 - وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ عِنِ الْقَعْنَبِيِّ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: «وَحَدِيثُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، أَحَبُّ مَا سَمِعْتُهُ إِلَيَّ، مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ» [ص:44] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ عَنْ هَذَا، فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ وَهْبٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ عَنْهُ، إِلَى حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: (حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ أَوْفَقُ مَا يَثْبُتُ مِنْهَا لِظَاهِرِ كِتَابِ اللهِ) وَمَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ كَنَحْو مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَأَمَّا أَصْحَابُ الرَّأْيِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا كَانَ الْإِمَامُ يُواقِفُ الْعَدُوَّ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَإِنَّهُ تَقِفُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَيَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِطَائِفَةٍ مَعَهُ، فَيُصَلِّي بِالطَّائِفَةِ الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا انْفَتَلتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهَا الْإِمَامُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا وَلَا يُسَلِّمُوا فَيَقِفُونَ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى الَّذِينَ كَانُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ فَيَدْخُلُونَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ فَيُصَلِّي بِهِمُ الْإِمَامُ رَكْعَةً أُخْرَى وَسَجْدَتَيْنِ، وَيَتَشَهَّدُ، ثُمَّ يَتَسَلَّمُ الْإِمَامُ، فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ فَاتَتِ الصَّلَاةُ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ فَيَأْتُونَ مَقَامَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا وَلَا يُسَلِّمُوا حَتَّى يَقِفُوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، وَهُمُ الَّذِينَ صَلُّوا مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى فَيَأْتُونَ مَكَانَهُمُ الَّذِينَ صَلُّوا فِيهِ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ وِحْدَانًا مِنْ غَيْرِ إِمَامٍ وَلَا قِرَاءَةٍ، وَيَقْعُدُونَ وَيُسَلِّمُونَ، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَأْتُونَ مَكَانَهُمْ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الَّذِينَ صَلُّوا مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَيَقْضُونَ رَكْعَةً وَسَجْدَتَيْنِ بِقِرَاءَةٍ بِغَيْرِ إِمَامٍ، وَيَتَشَهَّدُونَ وَيُسَلِّمُونَ، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَأْتُونَ أَصْحَابَهُمْ فَيَقِفُونَ مَعَهُمْ. وَفِي هَذَا الْبَابِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَالْعَمَلُ بِهِ جَائِزٌ، هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَمَالَ أَحْمَدُ إِلَى حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: كُلُّهَا عَلَى أَوْجُهٍ خَمْسَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَأَيُّهَا أَخَذْتَ بِهِ [ص:45] أَجْزَأَكَ، وَقَوْلُ سَهْلٍ يُجْزِي، وَلَسْنَا نَخْتَارُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: سِتَّةُ أَوْجُهٍ تُرْوَى فِيهِ، أَوْ سَبْعَةٌ(5/43)
مَسَائِلُ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: لَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ إِلَّا مَنْ كَانَ فِي سَفَرٍ، وَلَا يُصَلِّيهَا مَنْ هُوَ فِي حَضَرٍ، فَإِنْ كَانَ خَوْفًا فِي الْحَضَرِ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْصُرُوا وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: " يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَعْنِي فِي الْحَضَرِ، يُصَلِّي إِمَامُهُمْ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ رَكْعَتَيْنِ، وَبِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «يُصَلُّونَ أَرْبَعًا» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: (إِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ تَخَافُ السَّبُعَ، أَوِ الذِّئْبَ، أَوِ الْعَدُوَّ إِنْ نَزَلْتَ أَنْ يَأْخُذُوكَ، أَوْمَأْتَ إِيمَاءً) حَيْثُ كَانَ وَجْهُكَ وَاقِفًا كُنْتَ أَوْ سَائِرًا، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «مَنْ خَافَ لِصًّا أَوْ سَبُعًا صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ عَلَى دَابَّتِهِ، فَإِذَا أَمِنَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَا يُعِيدُ» وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ مِنْ خَوْفِ الْعَدُوِّ وَيَسَعُهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا: (يُومِئُ إِيمَاءً) وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ وَإِنْ كَانَ خَائِفًا أَعَادَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا يُعِيدُ(5/45)
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «إِنْ دَخَلَ الصَّلَاةَ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ رَاكِبًا، ثُمَّ نَزَلَ فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَلِبْ وَجْهُهُ عَنِ الْقِبْلَةِ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ؛ لِأَنَّ النُّزُولَ خَفِيفٌ» وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: «يَبْنِي فِي الْحَالَيْنِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «إِذَا صَلَّى رَكْعَةً فِي حَالِ الْأَمْنِ، ثُمَّ حَدَثَ خَوْفٌ وَاحْتَاجَ إِلَى الرُّكُوبِ رَكِبَ وَصَلَّى، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، ثُمَّ زَالَ الْخَوْفُ نَزَلَ فَبَنَى وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُصَلِّي الْمَرِيضُ رَكْعَةً قَاعِدًا فِي الْحَالِ الَّتِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ، ثُمَّ تَزُولُ الْعِلَّةُ فَيَقُومُ فَيَبْنِي، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقَدْ يُصَلِّي الصُّبْحَ رَكْعَةً وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ يَعْتَلُّ فَيَجْلِسُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ جَائِزًا، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ عَلَى قَدْرِ إِمْكَانِهِ وَطَاقَتِهِ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَتَى بِالَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ: (يُصَلِّي أَيْنَمَا كَانَ وَجْهُهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْرَأَ يُجْزِيهِ التَّكْبِيرُ) وَرُوِيَ عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: «تَكْبِيرَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ» وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ سُفْيَانَ: يُجْزِيهِ التَّكْبِيرُ، قَالَ أَحْمَدُ: " لَا بُدَّ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: " إِذَا لَمْ يَقْدِرْ الْقَوْمُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ، وَكَانَ(5/46)
عِنْدَ الْمُسَايَفَةِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ أَجْزَأَهُمُ التَّكْبِيرُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ مِنَ الصَّلَاةِ شَيْئًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ جَازَ لَهُ الْإِيمَاءُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ صَلَّى بِقَلْبِهِ وَذَكَرَ اللهَ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللهَ أَسْقَطَ الْقِيَامَ عَنِ الْمَرِيضِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأُسْقِطَتْ عَنْهُ لِلْعِلَّةِ الَّتِي بِهِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] الْآَيَةَ أَيْ طَاقَتَهَا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يَتْرُكَ الصَّلَاةَ، وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْخَوْفِ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ لَمْ يَدَعْ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَقْدِرُ(5/47)
جِمَاعُ أَبْوَابِ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ(5/49)
الرُّخْصَةُ فِي الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: هَلْ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟»(5/51)
2363 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَلِكُلِّكُمْ ثَوْبَانِ؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ رَأَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبِ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ(5/51)
2364 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، عَنِ الْمُسْتَظِلِّ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: وَأَيُّنَا لَهُ ثَوْبَانِ "(5/51)
2365 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي ثَوْبَيْنِ، فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: «أَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ؟ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ»(5/52)
2366 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، «صَلَّى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بِأَصْحَابِهِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ»(5/52)
2367 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ: قُلْتُ: أَتُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَالثِّيَابُ إِلَى جَنْبِكَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ مِنْ أَجْلِ أَحْمَقَ مِثْلِكَ»(5/52)
2368 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، «أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، أَمَّهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ»(5/52)
2369 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَؤُمُّنَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي الْجَيْشِ»(5/52)
2370 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ»(5/52)
2371 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هَلْ يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ أَنْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، «إِنِّي لَأُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَإِنَّ ثِيَابِي لَعَلَى الْمِشْجَبِ»(5/53)
2372 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: «يُصَلِّي الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ، وَيُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ وَيَعْقِدُ مِنْ قِبَلِ قَفَاهُ» وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ وَمَنْ بِمِثْلِ قَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَأَهْلِ الرَّأْيِ مِنَ الْكُوفَةِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: يُصَلِّي فِي ثَوْبَيْنِ، وَقَالَ نَافِعٌ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، قَالَ: " أَلَمْ أَكْسُكَ ثَوْبَيْنِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى فُلَانٍ أَكُنْتَ ذَاهِبًا فِي هَذَا الثَّوْبِ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: اللهُ أَحَقُّ أَنْ تَزَيَّنَ لَهُ، أَوْ مَنْ تَزَيَّنْتَ لَهُ؟، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِنَافِعٍ: «إِذَا كَانَ وَاسِعًا تَتَوَشَّحُ بِهِ، وَإِذَا كَانَ قَصِيرًا فَاتَّزِرْ بِهِ»(5/53)
2373 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: " [ص:54] رَآنِي ابْنُ عُمَرَ أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: أَلَمْ أَكْسُكَ ثَوْبَيْنِ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى فُلَانٍ أَكُنْتَ ذَاهِبًا فِي هَذَا الثَّوْبِ؟ فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: فَاللهُ أَحَقُّ مَنْ تَزَيَّنُ لَهُ، أَوْ مَنْ تَزَيَّنْتَ لَهُ "(5/53)
2374 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَتَوَشَّحْ بِهِ، وَإِذَا كَانَ قَصِيرًا فَاتَّزِرْ بِهِ» وَهَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اسْتَحَبَّ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبَيْنِ، لَا أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ وَاجِبًا لَا يُجْزِي عَنْهُ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا الْمَعْنَى اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبَيْنِ وَلَوْ أَوْجَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ الصَّلَاةَ فِي ثَوْبَيْنِ لَكَانَتِ السُّنَّةُ مُسْتَغْنًى بِهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/54)
ذِكْرُ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ طَرَفَيِ الثَّوْبِ إِذَا صَلَّى الْمَرْءُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ عِنْدَ وُجُودِ أَكْثَرِ مِنْ ثَوْبٍ(5/54)
2375 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ، وَثَوْبٍ عَلَى الْمِشْجَبِ، قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَقُلْتُ لَهُ: تُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي هَكَذَا، وَثَوْبُهُ عَلَى الْمِشْجَبِ»(5/54)
ذِكْرُ عَقْدِ الْإِزَارِ عَلَى الْعَاتِقَيْنِ إِذَا صَلَّى فِي إِزَارٍ ضَيِّقٍ عَلَيْهِ(5/54)
2376 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْمَدَنِيِّ، [ص:55] ثنا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: " كَانَ رِجَالٌ يُصَلُّونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُمْ عَاقِدُوا أُزُرَهُمْ فِي رِقَابِهِمْ، فَيُقَالُ لِلنِّسَاءِ: «لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسًا»(5/54)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ الْوَاسِعِ الَّذِي لَيْسَ عَلَى عَاتِقِ الْمُصَلِّي مِنْهُ شَيْءٌ(5/55)
2377 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ»(5/55)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِ الْمُصَلِّي مِنْهُ شَيْءٌ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لِلْمُصَلِّي الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ الضِّيقِ إِذَا شَدَّهُ الْمُصَلِّي عَلَى حِقْوِهِ(5/55)
2378 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَرْزَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ فَذَهَبْتُ أُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ، وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ فَنَكَّسْتُهَا، ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا، فَجِئْتُ حَتَّى قُمْتُ عَلَى يَسَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [ص:56] فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا جَابِرُ قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «إِذَا كَانَ وَاسِعًا فَخَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ضَيِّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حَقْوِكَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ أَمَرَ إِذَا كَانَ الثَّوْبُ وَاسِعًا أَنْ تُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ أَنْ يُصَلِّي مُصَلٍّ فِي ثَوْبٍ وَاسِعٍ مُتَّزِرًا بِهِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ لِلثَّابِتِ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مُخَمَّرَ الْعَاتِقَيْنِ؛ لِئَلَّا يُدَّعَى فِي ذَلِكَ إِعْمَاقٌ»(5/55)
ذِكْرُ الِاشْتِمَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَمَا يَفْعَلُ الْيَهُودُ وَهُوَ تَجْلِيلُ الْبَدَنِ بِالثَّوْبِ(5/56)
2379 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، ثنا آدَمُ عَنْ أَبِي عُمَرَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَهُ، فَإِنَّ اللهَ أَحَقُّ مَنْ يُزَيَّنُ لَهُ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبَانِ فَلْيَتَّزِرْ إِذَا صَلَّى، وَلَا يَشْتَمِلُ اشْتِمَالَ الْيَهُودِ»(5/56)
ذِكْرُ الِاشْتِمَالِ الْمُبَاحِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ وَضْعُ طَرَفَيِ الثَّوْبِ عَلَى الْعَاتِقَيْنِ(5/56)
2380 - حَدَّثَ أَصْحَابُنَا، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي ثَوْبٍ مُشْتَمِلًا بِهِ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ وَاضِعًا طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ»(5/56)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي بَعْضُهُ عَلَى الْمُصَلِّي وَبَعْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ(5/57)
2381 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَيْمُونَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي مِرْطٍ، بَعْضُهُ عَلَيَّ وَبَعْضُهُ عَلَيْهِ، وَأَنَا حَائِضٌ»(5/57)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ(5/57)
2382 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، ثنا يَحْيَى، ثنا مُبَارَكٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُغَطِّيَ الرَّجُلُ فَاهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، فَمَنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ [ص:58] أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ خَرَجَ وَهُمْ يَتَنَاوَلُونَ ثِيَابَهُمْ، فَقَالَ: " كَأَنَّهُمُ الْيَهُودُ خَرَجُوا مِنْ فُهْرِهِمْ(5/57)
2383 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَهُمْ يَتَنَاوَلُونَ ثِيَابَهُمْ، فَقَالَ: «كَأَنَّهُمُ الْيَهُودُ خَرَجُوا مِنْ فُهْرِهِمْ»(5/58)
2384 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ أَبَاهُ كَرِهَ السَّدْلَ فِي الصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَكَانَ أَبِي يَذْكُرُ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ» وَقَالَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ السَّدْلَ فِي الصَّلَاةِ» وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَابْنُ عُمَرَ(5/58)
2385 - حَدَّثَنَا مُوسَى، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، ثنا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ صَلَّى وَهُوَ مُسْدِلٌ»(5/59)
2386 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُسْدِلُ ثَوْبَهُ فِي الصَّلَاةِ» وَكَانَ عَطَاءٌ، وَمَكْحُولٌ، وَالزُّهْرِيُّ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَكَانَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ يُسْدِلَانِ عَلَى قَمِيصِهِمَا، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: " لَا بَأْسَ بِالسَّدْلِ، قَالَ مَالِكٌ: «رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَسَنِ يُسْدِلُ» [ص:60] وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَ النَّخَعِيُّ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِالسَّدْلِ عَلَى الْقَمِيصِ وَكَرِهَهُ عَلَى الْأُزُرِ» . وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ غَيْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ حُكِيَ أَنَّهُ قَالَ: " وَلَا يَجُوزُ السَّدْلُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ لِلْخُيَلَاءِ، فَأَمَّا السَّدْلُ لِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ فَهُوَ خَفِيفٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ لَهُ: «إِنَّ إِزَارِي يَسْقُطُ مِنْ أَحَدِ شَقَّيَّ» ، فَقَالَ لَهُ: «لَسْتَ مِنْهُمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ مَعْرُوفٌ مِنْ حَدِيثِ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ "(5/59)
2387 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عِسْلِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا حَدِيثُ عِسْلٍ فَغَيْرُ ثَابِتٍ كَانَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَهُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عِسْلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو قُرَّةَ عِنْدَهُ مَنَاكِيرُ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ، فَقَدْ ضَعَّفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَضَعَّفَ الْحَسَنَ بْنَ ذَكْوَانَ، وَعَنْ جَابِرٍ إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ هَكَذَا أَنْ يَحْظُرَ السَّدْلَ عَلَى الْمُصَلِّي وَعَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي(5/60)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ الْمَرْءُ فِيهِ أَهْلَهُ(5/61)
2388 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، " أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ حَبِيبَةَ هَلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ، قَالَتْ: «نَعَمْ إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِ أَذًى»(5/61)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بَزَرِّ الْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ إِذَا صَلَّى الْمَرْءُ فِي أَحَدِهِمَا وَلَا ثَوْبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ(5/61)
2389 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَخْزُومِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ، يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، " إِنِّي أَكُونُ فِي الصَّيْدِ فَأُصَلِّي، وَلَيْسَ عَلَيَّ إِلَّا قَمِيصٌ وَاحِدٌ؟ قَالَ: فَازْرُرْهُ، وَلَوْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا بِشَوْكَةٍ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ صَلُّوا فِي قَمِيصِهِمْ، وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ صَلَّى فِي قَمِيصٍ [ص:62] وَاحِدٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَطَاوُسٍ: أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بَأْسًا بِالصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ(5/61)
2390 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّهُ أَمَّهُمْ فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ»(5/62)
2391 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا أَبَانُ بْنُ صَمْعَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «لَا بَأْسَ بِالْقَمِيصِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَ صَفِيقًا»(5/62)
2392 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ صَلَّى فِي قَمِيصٍ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ غَيْرَهُ»(5/62)
2393 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حِبَّانَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، " وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَفِي الرَّيْطَةِ إِذَا تَوَشَّحْتَ بِهَا فَلَا بَأْسَ بِهَا "(5/62)
2394 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «أَمَّنَا مُعَاوِيَةُ فِي قَمِيصٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفَعَلَ ذَلِكَ سَالِمٌ، وَالْحَكَمُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، لَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا إِذَا كَانَ صَفِيقًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «يَزُرُّهُ، أَوْ يَحِلُّهُ بِشَيْءٍ أَوْ رَبَطَهُ لِئَلَّا يَتَجَافَى الْقَمِيصُ فَيَرَى مِنَ الْجَيْبِ عَوْرَتَهُ أَوْ يَرَاهَا غَيْرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَعَادَ الصَّلَاةَ» قَالَ أَحْمَدُ: " إِذَا كَانَ ضَيِّقَ الْجَيْبِ لَا يَرَى عَوْرَتَهُ، فَحَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ كَانَتْ لِحْيَتُهُ تُغَطِّي وَلَمْ يَكُنِ الْقَمِيصُ مُتَّسِعَ، وَكَانَ يَسْتُرُ فَلَا بَأْسَ» ، وَحُكِيَ عَنْ دَاوُدَ الطَّائِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا كَانَ عَظِيمَ اللِّحْيَةِ فَلَا بَأْسَ» ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: «لَا أَرَى بَأْسًا بِالصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ انْكَشَفَ شُدَّ عَلَيْكَ زِرَّكَ» . وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ صَلَّى مُحَلَّلَةً أَزْرَارُهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: " فِيمَنْ صَلَّى [ص:64] مَحْلُولَ الْأَزْرَارِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ سَرَاوِيلُ، وَلَا أَزْرَارَ: تَجْزِيهِ صَلَاتُهُ، قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُصَلِّي فِي قَمِيصٍ بِلَا رِدَاءٍ، وَلَا سَرَاوِيلَ إِذَا كَانَ صَفِيقًا، وَإِنْ لَمْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ. وَرَخَّصَ فِيهِ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالُوا: " لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ صَفِيقًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ يَجِبُ، وَالْمُغْنِي فِي الْأَمْرِ إِذَا صَلَّى فِي الْقَمِيصِ أَنْ يَزُرَّهُ، أَوْ يَحِلَّهُ بِشَيْءٍ، أَوْ يَرْبِطَهُ لِئَلَّا تُرَى الْعَوْرَةُ مَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ بِحَالٍ، فَإِذَا لَمْ تُرَى الْعَوْرَةُ فِي الْحَالِ مِنَ الْحَالِ لِضِيقِ الْجَيْبِ، أَوْ عِظَمِ اللِّحْيَةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى هَكَذَا، وَإِنْ كَانَتِ الْعَوْرَةُ تُرَى فِي حَالِ الرُّكُوعِ أَوِ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ فَعَلَى مَنْ صَلَّى هَكَذَا الْإِعَادَةُ(5/63)
ذِكْرُ النُّهَى عَنْ كَفِّ الثِّيَابِ فِي الصَّلَاةِ(5/64)
2395 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «أُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ، وَأَنْ لَا يَكُفَّ شَعْرًا، وَلَا ثَوْبًا» قَالَ عَطَاءٌ: «لَا يُكَفُّ الشَّعْرُ عَنِ الْأَرْضِ»(5/64)
ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي ثِيَابِ الصِّبْيَانِ مَا لَمْ يَعْلَمِ الْمُصَلِّي نَجَاسَةً(5/64)
2396 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: «حَمَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَامَةَ بِنْتَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِذَا [ص:65] سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَشْيَاءُ عَلَى الطَّهَارَةِ مَا لَمْ يُوقِنِ الْمَرْءُ بِنَجَاسَةٍ تَحِلُّ فِيهَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَلَوْ كَانَتْ لَا تَجْزِي فِي ثِيَابِ الصِّبْيَانِ مَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ، وَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلَ ثَوْبًا نَجِسًا(5/64)
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنْ لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالنَّجَاسَةِ(5/65)
2397 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، بِمَكَّةَ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ: " بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَقُرَيْشٌ فِي مَجَالِسِهِمْ يَنْظُرُونَ، إِذْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَلَا تَرَوْنَ إِلَى هَذَا الْمُرَآي؟ أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى جَزُورِ آلِ فُلَانٍ فَيَعْمِدُ إِلَى فَرْثِهَا وَسَلَاهَا فَيَأْتِي بِهِ، ثُمَّ يَتَمَهَّلُ حَتَّى إِذَا سَجَدَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، قَالَ: فَانْبَعَثَ أَشْقَاهُمْ فَأَتَى بِهِ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَثَبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إِلَى فَاطِمَةَ، وَهِيَ جُوَيْرِيَةُ فَأَقْبَلَتْ تَسْعَى حَتَّى أَلْقَتْهُ عَنْهُ "(5/65)
2398 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي نَعَامَةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِذَا وَضَعَ نَعْلَهُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: فَخَلَعَ الْقَوْمُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ [ص:66] اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ، قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟» قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ فَأَلْقَيْنَا قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْظُرْ فِي نَعْلَيْهِ، فَإِنْ رَأَى فِيهِمَا قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُمَا وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا»(5/65)
جِمَاعُ أَبْوَابِ مَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ تَغْطِيَتُهُ فِي الصَّلَاةِ(5/67)
ذِكْرُ حَدِّ عَوْرَةِ الرَّجُلِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ تَغْطِيَتُهَا فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ سَتْرُهُ فِي الصَّلَاةِ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهُ، فَقَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الْفَخِذَ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُسْتَرَ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: (عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا دُونَ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتِهِ لَيْسَ سُرَّتُهُ وَلَا رُكْبَتَاهُ مِنْ عَوْرَتِهِ) وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: «الرُّكْبَةُ مِنَ الْعَوْرَةِ» وَقَالَ قَائِلٌ: " لَيْسَتْ عَوْرَةُ الرَّجُلِ الَّتِي يَجِبُ سَتْرُهَا إِلَّا الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ، وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الْعَوْرَةَ مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَةِ بِحَدِيثِ جَرْهَدَ(5/67)
2399 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ آلِ جَرْهَدَ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ فِي الْمَسْجِدِ قَدْ كَشَفَ عَنْ فَخِذِهِ، فَقَالَ: «غَطِّ فَخِذَكَ، إِنَّ الْفَخِذَ مِنَ الْعَوْرَةِ»(5/67)
2400 - أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ عَلَى مَعْمَرٍ وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ، فَقَالَ: «يَا مَعْمَرُ غَطِّ فَخِذَيْكَ، فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ» [ص:68]
2401 - حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَحْشٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ دَفَعَ أَنْ يَكُونَ الْفَخِذُ مِنَ الْعَوْرَةِ بِحَدِيثٍ(5/67)
2402 - حَدَّثَنَاهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، وَسُلَيْمَانَ، ابْنَيْ يَسَارٍ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِهِ كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَتَحَدَّثَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ؟ فَقَالَ: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَلَوْ كَانَ الْفَخِذُ مِنَ الْعَوْرَةِ لَغَطَّاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ دُخُولِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَفِي تَرْكِهِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بَيَانٌ بِأَنَّ الْفَخِذَ لَيْسَ مِنَ الْعَوْرَةِ، قَالَ: وَحَدِيثُ جَرْهَدَ لَا يَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ؛ لِأَنَّ فِي أَسَانِيدِهِ اضْطَرَابًا، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ حَدِيثُ جَرْهَدَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُلْزَمَ النَّاسُ فَرْضًا بِاخْتِلَافٍ، وَلَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ جَرْهَدَ كَانَ حَدِيثُ عَائِشَةَ مُعَارِضًا لَهُ، وَإِذَا تَعَارَضَتِ الْأَخْبَارُ لَمْ يَجُزْ إِيجَابُ فَرْضٍ بِاخْتِلَافٍ، فَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يُسْتَرَ، وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ غَيْرُ جَائِزٍ إِيجَابُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَخِذِ وَالسَّاقِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، وَلَيْسَ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ كَذَلِكَ. [ص:69] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ بِحَدِيثِ جَرْهَدَ، وَقَدْ خَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/68)
ذِكْرُ عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ أَنْ تُخَمِّرَ رَأْسَهَا إِذَا صَلَّتْ، وَعَلَى أَنَّهَا إِنْ صَلَّتْ وَجَمِيعُ رَأْسِهَا مَكْشُوفٌ أَنَّ صَلَاتَهَا فَاسِدَةٌ، وَأَنَّ عَلَيْهَا إِعَادَةَ الصَّلَاةِ(5/69)
2403 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ امْرَأَةٍ تَحِيضُ إِلَّا بِخِمَارٍ» وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَبَعْضُ شَعْرِهَا مَكْشُوفٌ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: (إِذَا صَلَّتْ وَشَيْءٌ مِنْ شَعْرِهَا مَكْشُوفٌ فَعَلَيْهَا الْإِعَادَةُ) كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَرُبُعُ شَعْرِهَا أَوْ ثُلُثُهُ مَكْشُوفٌ، أَوْ رُبُعُ فَخِذِهَا أَوْ ثُلُثُهَا مَكْشُوفٌ، أَوْ رُبُعُ بَطْنِهَا أَوْ ثُلُثُهُ مَكْشُوفٌ، قَالَ: " تُنْتَقَضُ الصَّلَاةُ وَإِنِ انْكَشَفَ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ تُنْتَقَضِ الصَّلَاةُ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: «إِذَا انْكَشَفَ أَقَلُّ مِنَ النِّصْفِ لَمْ تُنْتَقَضِ الصَّلَاةُ، هَذَا قَوْلُهُمْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ» وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ أَنَّهُ قَالَ: «حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ النِّصْفِ» ، وَكَذَلِكَ ذِكْرُ أَبُو ثَوْرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ وَأَجْمَعَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ أَنْ تُصَلِّيَ مَكْشُوفَةَ الْوَجْهِ، [ص:70] وَعَلَيْهَا عِنْدَ جَمِيعِهِمْ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فِي حَالِ الْحَرَامِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَيْهَا أَنْ تُغَطِّيَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُغَطِّيَ مَا سِوَى كَفَّيْهَا وَوَجْهِهَا» ، هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] أَنَّ ذَلِكَ الْكَفَّانِ وَالْوَجْهُ، فَمِمَّنْ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءٌ، وَمَكْحُولٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ(5/69)
2404 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَا: ثنا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وَجْهُهَا وَكَفُّهَا " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا صَلَّتْ أَنْ تُغَطِّيَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «إِذَا صَلَّتْ لَا يُرَى مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا ظُفْرُهَا، تُغَطِّي كُلَّ شَيْءٍ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ «فِي الْمَرْأَةِ تُصَلِّي وَبَعْضُ شَعْرِهَا مَكْشُوفٌ، أَوْ بَعْضُ سَاقِهَا، أَوْ بَعْضُ سَاعِدِهَا، لَا يُعْجِبُنِي» ، قِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ صَلَّتْ: قَالَ: إِذَا كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا، فَأَرْجُو. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ: «كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفْرِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ النُّعْمَانِ وَأَصْحَابِهِ فِي الْبَابِ وَقَدْ عَارَضَ [ص:71] النُّعْمَانُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ: يُقَالُ لَهُمْ: أَوَاجِبٌ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُغَطِّيَ جَمِيعَ الْعَوْرَاتِ مِثْلَ الشَّعْرِ، وَالْفَخِذِ، وَالْبَطْنِ، أَوَ مُبَاحٌ لَهَا كَشْفُ مَا دُونَ الرُّبُعِ مِنْ هَذِهِ الْعَوْرَاتِ؟ قَالَ: وَهَذَا لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ كَشْفَ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا إِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ عَامِدَةً فِي صَلَاتِهَا، وَقَوْلُهُمْ، وَقَوْلُ سَائِرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ وَاحِدٌ، فَإِذَا قَالُوا: إِنَّ ذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا قِيلَ لَهُمْ: فَلِمَ جَازَتْ صَلَاتُهَا مَعَ كَشْفِ خُمُسِ ذَلِكَ، وَفَسَدَتْ صَلَاتُهَا مَعَ كَشْفِ رُبُعِهَا، وَكُلُّ الْفِعْلَيْنِ مُحَرَّمٌ عَلَيْهَا؟ يَلْزَمُ يَعْقُوبَ فِي تَحْدِيدِهِ النِّصْفَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَلْزَمُ النُّعْمَانَ حَيْثُ جَعَلَ ذَلِكَ لِكُلٍّ مِنَ الرُّبُعِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ إِلَّا تَحَكُّمًا، مَنْ شَاءَ فَعَلَ فِيهِ مِثْلَ فِعْلِهِمْ، وَلَا حُجَّةَ مَعَهُمْ تُوجِبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْمَرْأَةِ صَلَّتْ وَقَدِ انْكَشَفَ قَدَمَاهَا أَوْ شَعْرُهَا أَوْ صَدْرُهَا، أَوْ صَدْرُ قَدَمَيْهَا: «تُعِيدُ مَا دَامَتْ فِي الْوَقْتِ» . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ صَلَّتِ الْمَرْأَةُ وَرَأْسُهَا وَعَوْرَتُهَا مَكْشُوفَةٌ، وَهِيَ تَعْلَمُ أَمْ لَا تَعْلَمُ، صَلَاتُهَا فَاسِدَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَتُعِيدُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كُلُّ مَنْ هَذَا سَبِيلُهُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَتُعِيدُ عِنْدَ مَالِكٍ مَا دَامَتْ فِي الْوَقْتِ. وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: تُعِيدُ إِذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِذَلِكَ، فَإِنْ عَلِمَتْ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ أُوجِبْ إِعَادَةً، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: «إِذَا عَلِمَتْ أَعَادَتْ، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ، أَوْ كَشَفَتِ الرِّيحُ شَيْئًا مِمَّا عَلَيْهَا فَأَعَادَتِ السُّتْرَةَ عَلَيْهَا مَضَتْ فِي صَلَاتِهَا»(5/70)
ذِكْرُ عَدَدِ مَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ مَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ فَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَقُولُ: [ص:72] تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّائِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا، وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُصَلِّي فِي دِرْعٍ سَائِغٍ، وَخِمَارٍ، وَفَعَلَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ، وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِّينَا عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا صَلَّتْ فِي دِرْعٍ وَإِزَارٍ، وَرُوِيَ إِجَازَةُ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ(5/71)
2405 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْجَفَّافُ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قُنْفُذٍ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاذَا تُصَلِّي فِيهِ الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَتْ: «تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ، وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا» اللَّفْظُ لِعَلِيٍّ(5/72)
2406 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: نا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بِسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ الْخَوْلَانِيَّ، وَكَانَ فِي حِجْرِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ مَيْمُونَةَ تُصَلِّي فِي دِرْعٍ سَائِغٍ وَخِمَارٍ عَلَيْهَا إِزَارٌ»(5/72)
2407 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا قَامَتْ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ، فَأَتَتْهَا الْأَمَةُ فَأَلْقَتْ عَلَيْهَا ثَوْبًا»(5/73)
2408 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أُمِّ ثَوْرٍ، عَنْ زَوْجِهَا، بِشْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ؟ قَالَ: «فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ»(5/73)
2409 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي حُكَيْمَةُ، عَنْ أُمَيَّةَ، «أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّتْ فِي دِرْعٍ وَإِزَارٍ تَقَنَّعَتْهُ حَتَّى مَسَّ الْأَرْضَ، وَلَمْ تَتَّزِرْ، وَلَيْسَ عَلَيْهَا خِمَارٌ» وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ يَجْزِيهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: " أَقَلُّهُ ثَوْبَانِ قَمِيصٌ وَمِقْنِعَةٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ: «الَّذِي يُسْتَحَبُّ لَهَا ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ» . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ» كَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ رَبَاحٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: «تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ» هَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، [ص:74] وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَحَفْصَةُ أُخْتُهُ، وَنَافِعٌ، وَصَفِيَّةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ(5/73)
2410 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ»(5/74)
2411 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ فَلْتُصَلِّ فِي ثِيَابِهَا كُلِّهَا: الدُّرُوعِ، وَالْخِمَارِ، وَالْمِلْحَفَةِ "(5/74)
2412 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُخْبِرُ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ فِي [ص:75] الْخِمَارِ وَالْإِزَارِ وَالدِّرْعِ، فَتُسْبِلُ إِزَارَهَا فَتُخَالِفُ بِهِ، وَكَانَتْ تَقُولُ: " ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا وَجَدَتْهَا: الْخِمَارُ، وَالْجِلْبَابُ، وَالدِّرْعُ " وَقَالَ آخَرُونَ: " تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ(5/74)
2413 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ: دِرْعٌ، وَإِزَارٌ، وَخِمَارٌ، وَمِلْحَفَةٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُخَمِّرَ فِي الصَّلَاةِ جَمِيعَ بَدَنِهَا سِوَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَيَجْزِيهَا فِيمَا صَلَّتْ فِي ثَوْبٍ، أَوْ ثَوْبَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ، أَوْ أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ إِذَا سَتَرَتْ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتُرَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا أَحْتَسِبُ مَا رُوِيَ عَنِ الْأَوَائِلِ مِمَّنْ أَمَرَ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، أَوْ أَرْبَعَةٍ إِلَّا اسْتِحْبَابًا وَاحْتِيَاطًا لَهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُوجِبُ عَلَيْهَا الْإِعَادَةَ، وَإِنْ صَلَّتْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ إِذَا سَتَرَ ذَلِكَ الثَّوْبُ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتُرَهُ وَاللهُ أَعْلَمُ. وَكَانَ عِكْرِمَةُ يَقُولُ: (لَوْ أَخَذَتِ الْمَرْأَةُ ثَوْبًا فَتَقَنَّعَتْ بِهِ حَتَّى لَا يُرَى مِنْ شَعْرِهَا شَيْءٌ أَجْزَأَهَا مَكَانُ الْخِمَارِ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَرْأَةُ إِلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا لَا يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهَا صَلَّتْ فِيهِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا» ، وَرُوِّينَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّهُ قَالَ: تَتَّزِرُ بِهِ. وَقَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ فِي الْمَرْأَةِ تَحْضُرَهَا الصَّلَاةُ وَلَيْسَ لَهَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ «تَتَّزِرُ بِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " وَلَوْ لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا وَلَا شَيْئًا تَسْتُرُ بِهِ صَلَّتْ عُرْيَانَةَ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا(5/75)
ذِكْرُ الْأَمَةِ تُصَلِّي غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ أَمَةً لِآلِ أَنَسٍ رَآهَا مُقَنَّعَةً، وَقَالَ: «اكْشِفِي عَنْ رَأْسِكِ لَا تَشَّبَّهِي بِالْحَرَائِرِ»(5/76)
2414 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، " أَنَّ عُمَرَ، ضَرَبَ أَمَةً لِآلِ أَنَسٍ رَآهَا مُتَقَنِّعَةً، وَقَالَ: «اكْشِفِي عَنْ رَأْسِكِ لَا تَشَّبَّهِي بِالْحَرَائِرِ» وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُخَمِّرَ» ، شُرَيْحٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: فِيهَا وَفِي الْمُكَاتَبَةِ، وَالْمُدَابَرَةِ، وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهَا، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ تُصَلِّيَ الْأَمَةُ بِغَيْرِ خِمَارٍ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو الثَّوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْمُكَاتَبَةِ، وَالْمُدَبَّرَةِ «يُصَلِّينَ بِغَيْرِ قِنَاعٍ» . وَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَسْتَحِبُّ أَنْ تَقَنَّعَ الْأَمَةُ إِذَا صَلَّتْ قَالَ: «كَذَلِكَ كُنَّ يَصْنَعْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ» . وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ يُوجِبُ عَلَيْهَا [ص:77] الْخِمَارَ إِذَا تَزَوَّجَتْ، وَاتَّخَذَهَا الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، كَذَلِكَ حَكَى الْأَشْعَثُ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: «تُصَلِّي الْأَمَةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ، فَإِذَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا اخْتَمَرَتْ»(5/76)
ذِكْرُ صَلَاةِ أُمِّ الْوَلَدِ بِغَيْرِ خِمَارٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تُصَلِّي بِغَيْرِ خِمَارٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «هِيَ وَالْأَمَةُ سَوَاءٌ فِي أَنَّ لِكُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا أَنْ تُصَلِّيَ بِغَيْرِ خِمَارٍ» ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّهَا «تَخْتَمِرُ إِذَا صَلَّتْ» ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: «أَحَبُّ إِلَيَّ إِذَا صَلَّتْ أَنْ تُعِيدَ فِي الْوَقْتِ، وَلَسْتُ أَرَاهُ وَاجِبًا كَوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْحُرَّةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، " وَلَا نَعْلَمُ حُجَّةً تُفَرِّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَمَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْكَامِ إِلَّا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْهُ عُمَرُ فَإِذَا صَلَّتِ الْأَمَةُ بَعْضَ صَلَاتِهَا بِغَيْرِ قِنَاعٍ، ثُمَّ أَعْتَقَتْ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَأْخُذَ قِنَاعَهَا وَتَمْضِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهَا، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ ذَلِكَ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ(5/77)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْعَارِي لَا يَجِدُ مَا يَسْتَتِرُ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَوْمِ يَخْرُجُونَ مِنَ الْبَحْرِ عُرَاةً فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلُّونَ قُعُودًا» ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ(5/78)
2415 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " فِي قَوْمٍ عُرَاةٍ خَرَجُوا مِنَ الْبَحْرِ قَالَ: يُصَلُّونَ قُعُودًا، وَيُومِئُونَ إِيمَاءً " وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَقَتَادَةُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُومِئُونَ إِيمَاءً السُّجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَإِنْ صَلُّوا قِيَامًا يَجْزِيهِمْ إِلَّا أَنَّ أَفْضَلَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا يُومِئُونَ وُحْدَانًا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلُّونَ قِيَامًا» ، كَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَدْ سَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْهُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَثْبَتُ عَنْ عَطَاءٍ، وَكَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: حَكَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ (قَالَ: قَالَ آخَرُونَ: إِنْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ عُرْيَانًا فَلْيَقُمْ إِمَامُهُمْ وَفِي الصَّفِّ وَسَطَهُ، يَجْعَلُوهُ صَفًّا إِنْ شَاءُوا قِيَامًا، وَإِنْ شَاءُوا [ص:79] قُعُودًا، وَلْيَغُضَّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ) وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَوْمِ يَخْرُجُونَ مِنَ الْبَحْرِ عُرَاةً، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُصَلُّونَ جَمَاعَةً» ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ(5/78)
2416 - وَحَدَّثُونَا، عَنْ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحِمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ أَبُو عُمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْمٍ، خَرَجُوا مِنَ الْبَحْرِ عُرَاةً قَالَ: «يُصَلُّونَ جَمَاعَةً جُلُوسًا يُومِئُونَ إِيمَاءً» وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَالشَّافِعِيُّ «أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً» . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: " يُصَلُّونَ فُرَادَى، كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ: يُصَلُّونَ فُرَادَى، يَتَبَاعَدُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَيُصَلُّونَ قِيَامًا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ لَا يَتَبَيَّنُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ صَلُّوا جَمَاعَةً وَتَقَدَّمَهُمْ إِمَامُهُمْ. وَكَانَ قَتَادَةُ، وَالشَّافِعِيُّ يَقُولَانِ: «يَقُومُ إِمَامُهُمْ مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ» . وَقَالَ آخَرُ: السُّنَّةُ أَنَّ الْإِمَامَ يَتَقَدَّمَهُمْ، فَلَا نُزِيلُ السُّنَّةَ لِعَجْزِهِمْ عَنِ السُّتْرَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِي رُكُوعِ الْعُرَاةِ وَسُجُودِهِمْ، فَكَانَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُونَ: «يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ، وَلَا يُومِئُونَ» . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُومِئُونَ إِيمَاءً، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ [ص:80] عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصَلِّي الْعُرْيَانُ قَائِمًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا»(5/79)
2417 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: " كَانَ بِي النَّاصُورُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا مَنْ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ قَائِمًا، فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى قَاعِدًا بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَقَدْ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ قَائِمًا، وَلَا يَثْبُتُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا، أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَإِنَّمَا رَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عُمَرَ الْخَزَّازُ الْكُوفِيُّ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: (النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عُمَرَ الْخَزَّازُ الْكُوفِيُّ لَيْسَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ) وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: (النَّضْرُ أَبُو عُمَرَ رَوَى عَنْهُ الْحِمَّانِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ) وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتْرَكَ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ أَحَدٍ، وَيُصَلُّونَ جَمَاعَةً يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَوْلًا عَامًّا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ جَمَاعَةٍ: «صَلَاةُ الْجَمِيعِ [ص:81] تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَقَدْ أَمَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَغَيْرُ جَائِزِ الِانْتِقَالِ عَنْهُ إِلَى الْإِيمَاءِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَسَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَمَامَ الْمَأْمُومِ، وَحَالُ هَؤُلَاءِ إِذَا كَانُوا عُرَاةً حَالُ ضَرُورَةٍ، فَإِذَا تَقَدَّمَ إِمَامُهُمْ فَصَلَّى بِهِمُ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ وِيَغُضُّونَ أَبْصَارَهُمْ عَنْهُ، وَإِنْ قَامَ وَسْطَهُمْ فَهُوَ أَسْتَرُ لَهُ وَأَحْرَى لِئَلَّا تُرَى عَوْرَتُهُ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ إِمَامٌ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ، فَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ بِعَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَإِنْ كَانَتِ السُّنَّةُ دَالَّةً عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَبِجَابِرِ بْنِ صَخْرٍ فَأَقَامَهُمَا خَلْفَهُ، وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِي كِتَابِ الْإِمَامَةِ(5/80)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي الْحَرِيرِ(5/81)
2418 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا مُسَدَّدُ قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» وَقَدِ اخْتُلِفُ فِيمَنْ يُصَلِّي فِي ثِيَابِ الْحَرِيرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا، «وَلَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي الْحَرِيرِ» ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ [ص:82] وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ: «يُعِيدُ مَادَامَ فِي الْوَقْتِ إِذَا وَجَدَ ثَوْبًا غَيْرَهُ» ، قَالَ: «وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ» . وَقَالَ آخَرُ: إِذَا صَلَّى فِي ذَهَبٍ أَوْ حَرِيرٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " لَا يَجُوزُ لُبْسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ بِحَالٍ، إِلَّا لِعِلَّةٍ تَكُونُ بِالْإِنْسَانِ، يَنْفَعُهُ لُبْسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ لِتِلْكَ الصَّلَاةِ، فَإِنْ صَلَّى مُصَلٍّ فِي ثِيَابِ الْحَرِيرِ لِغَيْرِ عِلَّةٍ كَانَ عَاصِيًا، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ حُجَّةً تُوجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةَ الصَّلَاةِ(5/81)
2419 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «رُخِّصَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي الْحَرِيرِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ لِحِكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا(5/82)
جِمَاعُ أَبْوَابِ سَتْرِ الْمُصَلِّي(5/83)
اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الِاسْتِتَارِ بِالْحَجَرِ وَالسَّهْمِ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ يُصَلِّي إِلَيْهَا(5/85)
2420 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ يُصَلِّي إِلَيْهَا "(5/85)
2421 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّحْرَاءِ، وَإِنَّا لَنُصَلِّي خَلْفَهُ " وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَكَزَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةً، فَصَلَّى إِلَيْهَا، وَالظُّعْنُ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نَسْتَتِرُ بِالسَّهْمِ وَالْحَجَرِ فِي الصَّلَاةِ»(5/85)
2422 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَكَزَ عَنَزَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، وَصَلَّى إِلَيْهَا، وَالظُّعْنُ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ "(5/85)
2423 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي هَارُونَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " كُنَّا نَسْتَتِرُ بِالسَّهْمِ وَالْحَجَرِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ قَالَ: كَانَ أَحَدُنَا يَسْتَتِرُ بِالسَّهْمِ وَالْحَجَرِ فِي الصَّلَاةِ "(5/85)
ذِكْرُ الِاسْتِتَارِ بِالْإِبِلِ فِي الصَّلَاةِ(5/86)
2424 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إِلَى بَعِيرٍ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ كَانَ يَسْتَتِرُ بِالْبَعِيرِ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ(5/86)
2425 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، يَجْعَلُ رَحْلَهُ فِي السَّفَرِ، فَيَجْعَلُ مُؤَخِّرَتَهُ ثُلُثَهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ، أَوْ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ، فَيَجْعَلُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا "(5/86)
2426 - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ بَعِيرٌ عَلَيْهِ مَحْمَلُهُ "(5/86)
2427 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يُجْلِسُ الرَّجُلَ؛ يُصَلِّي إِلَيْهِ يَسْتَتِرُ بِهِ» وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «لَا يَسْتَتِرُ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ، وَلَا دَابَّةٍ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " يَسْتَتِرُ الْمُصَلِّي بِالْبَعِيرِ؛ لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى بَعِيرٍ(5/86)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّنُوِّ مِنَ السُّتْرَةِ الَّتِي يَسْتَتِرُ بِهَا الْمُصَلِّي لِصَلَاتِهِ(5/86)
2428 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَفَعَهُ، قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ [ص:87] إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا؛ لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ صَلَاتَهُ»(5/86)
2429 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يُصَلِّي يَؤُمُّنَا، فَنَأَيْنَا عَنِ السُّتْرَةِ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ: " أَيُّهَا الْمُصَلِّي، ادْنُ مِنْ سُتْرَتِكَ، قَالَ: فَجَعَلَ مَالِكٌ يَتَقَدَّمُ وَهُوَ يَقُولُ: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113] الْآَيَةَ "(5/87)
2430 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَجْوَةٌ. يَعْنِي فُرْجَةً»(5/87)
ذِكْرُ الْقَدْرِ الَّذِي يَكْفِي الِاسْتِتَارُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ(5/87)
2431 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُبَالِي مَنْ وَرَاءِ ذَلِكَ»(5/87)
2432 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ»(5/88)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهْ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاسْتِتَارِ بِمِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ فِي الصَّلَاةِ فِي طُولِهَا لَا فِي عَرْضِهَا(5/88)
2433 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: ثنا هَارُونُ الْأَيْلِيُّ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِيدَ بِالْمُصَلَّى مُسْتَتِرًا بِحَرْبَةٍ "(5/88)
2434 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ بِسَهْمٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ مَذْهَبُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الطُّولِ لَا فِي الْعَرْضِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ(5/88)
2435 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ مِسْكِينٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إِذَا كَانَ قَدْرَ آخِرَةِ الرَّحْلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ الشَّعْرِ أَجْزَأَهُ»(5/88)
2436 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا مِسْعَرٌ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «يَسْتُرُكَ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ مِثْلُ حَبْلَةِ السَّوْطِ»(5/89)
2437 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عِيسَى، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَدْ نَصَبَ عَصًا يُصَلِّي إِلَيْهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي قَدْرِ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ فِي الطُّولِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «قَدْرُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ ذِرَاعٌ،» هَكَذَا قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ: «يَكُونُ خَالِصَهَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ ذِرَاعًا،» وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ: «السُّتْرَةُ قَدْرُ عُظَيْمِ الذِّرَاعِ فَصَاعِدًا» ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ ذِرَاعًا وَشِبْرًا، وَصَلَّى دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ [ص:90] بِقَوْمٍ خَلْفَ رَسْمِ جِدَارٍ نَحْوِ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، وَقَالَ: «كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ هَذَا يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ» ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: «يُجْزِيكَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «يَسْتُرُ الْمُصَلِّيَ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ» وَاخْتَلَفُوا بِالِاسْتِتَارِ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَنْتَصِبُ إِنْ عَرَضَ فَصُلِّيَ إِلَيْهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا لَمْ يَنْتَصِبْ عَرَّضَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَصَلَّى، كَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ. وَكَرِهَ النَّخَعِيُّ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى عَصًا بِعَرْضِهَا، وَإِلَى قَصَبَةٍ، أَوْ سَوْطٍ، وَقَالَ: «لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَنْصِبَهُ نَصْبًا» ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «الْخَطُّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذِهِ الْحِجَارَةِ الَّتِي فِي الطَّرِيقِ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذِرَاعًا»(5/89)
ذِكْرُ مِقْدَارِ مَا يَجْعَلُ الْمُصَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْعَلُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ سِتَّةَ أَذْرُعٍ، كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: أَدْنَى مَا يَكْفِيكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ السَّارِيَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَرُئِيَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُصَلِّي وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، أَذْرُعٌ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: «إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِي يَقْطَعُ الصَّلَاةَ قَذْفَةُ بِحَجَرٍ لَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَكَ» ، وَقَالَ قَتَادَةُ: " إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَهْرٌ لَمْ يَقْطَعْ [ص:91] صَلَاتَكَ(5/90)
ذِكْرُ الِاسْتِتَارِ بِالْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُصَلِّي مَا يَنْصِبُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَيَسْتَتِرَ بِهِ(5/91)
2438 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ، أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ»
2439 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ. [ص:92] وَكَرِهَتْ فِرْقَةٌ الْخَطَّ وَأَنْكَرَتْهُ، وَمِمَّنْ أَنْكَرَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، قَالَ: الْخَطُّ عِنْدَنَا مُسْتَنْكَرٌ لَا يُعْرَفُ، لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ، وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: وَالْخَطُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْخَطِّ إِذْ هُوَ بِالْعِرَاقِ، ثُمَّ قَالَ بِمِصْرَ: لَا يَخُطُّ الْمُصَلِّي بَيْنَ يَدَيْهِ خَطًّا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ فَيُتَّبَعَ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ، عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَنْفَعُ الْخَطُّ شَيْئًا»(5/91)
ذِكْرُ التَّغْلِيظِ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّ الْوَقْتَ مُدَّةً طَوِيلَةً خَيْرٌ مِنَ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي(5/92)
2440 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ الْأَنْصَارِيِّ؛ أَسْأَلُهُ مَا سَمِعْتَ مِنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَأَنْ يَقُومَ فِي مُقَامِهِ أَرْبَعِينَ خَيْرٌ لَهُ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي» قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَقَالَ: أَرْبَعِينَ سَنَةً، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا؟ "(5/92)
ذِكْرُ خَبَرٍ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ مَنْ رَأَى أَنَّ التَّغْلِيظَ يَلْحَقُ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا كَانَتْ صَلَاتُهُ إِلَى سُتْرَةٍ، وَإِبَاحَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ(5/92)
2441 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، [ص:93] مِنْ أَعْيَانِ بَنِي الْمُطَّلِبِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَضَى سَعْيَهُ يُصَلِّي فِي حَاشِيَةِ الْمَطَافِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَّافِينَ سُتْرَةٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
2442 - حَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ بَعْضِ، أَهْلِهِ، عَنْ جَدِّهِ
2443 - وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ
2444 - وَرَوَى يَحْيَى بْنُ الْقَطَّانِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: رَأَيْتُ عَطَاءً يُصَلِّي بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّائِفِينَ بِالْبَيْتِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سُتْرَةٌ، فَقِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: فَالصَّلَاةُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ سُتْرَةٍ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: " أَنَّ مِنَ الْجَفَاءِ أَنْ يُصَلَّى بِغَيْرِ سُتْرَةٍ(5/92)
ذِكْرُ أَمْرِ الْمُصَلِّي بِأَنْ يَدْرَأَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِبَاحَةِ، قِتَالِ الْمَارِّ بِالْيَدِ إِنْ أَبَى أَنْ يَمْتَنِعَ(5/93)
2445 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:94] قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ»(5/93)
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّي الَّذِي لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْهِ إِذَا صَلَّى إِلَى سُتْرَةِ لَا مَنْ يُصَلِّي إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ(5/94)
2446 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو صَالِحٍ: أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ، فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيَدْفَعْ بَيْنَ يَدَيِ نَحْرِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ فِي نَحْرِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَيُقَاتِلَهُ إِنْ أَبَى، إِلَّا أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: «فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» فَإِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ(5/94)
2447 - رُوِيَ عَنْ بُنْدَارٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ» وَقَالَ: فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ مَعَ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي شَيْطَانٌ، لَا أَنَّ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي شَيْطَانٌ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الشَّيَاطِينَ قَدْ يَقَعُ عَلَى عُصَاةِ بَنِي آدَمَ. [ص:95] وَذَكَرَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112] الْآَيَةَ وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى مَنْعَ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي ابْنُ عُمَرَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ(5/94)
2448 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، «أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، وَلَا يَمُرُّ هُوَ بَيْنَ يَدَيِ النِّسَاءِ وَلَا الرِّجَالِ»(5/95)
2449 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: «مَرَرْتُ إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ فَظَنَّ أَنِّي أَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَثَارَ ثَوْرَةً أَفْزَعَنِي وَنَحَّانِي»(5/95)
2450 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ، وَابْنَ عُمَرَ كَانَا يَمْنَعَانِ أَنْ يُمَرَّ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ يَرَيَانِ ذَلِكَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ كَثِيرٌ، لَا يَمْشِي إِلَيْهِ وَيُصَلِّي مَكَانَهُ، وَإِذَا مَنَعَهُ لَمْ يَدْفَعْهُ وَلَمْ يُعَالِجْهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ يُصَلِّي إِلَى سُتْرَةٍ، وَإِنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي إِلَى سُتْرَةٍ كَانَ لَهُ دَفْعُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ قَاتَلْهُ إِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ رَخَّصَ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ يُصَلِّي إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاحْتُجَّ بِحَدِيثِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا مَضَى. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَدِّ الْمُصَلِّي مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ حَيْثُ جَاءَ: فَرَخَّصَ قَوْمٌ فِي رَدِّهِ إِذَا مَرَّ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، [ص:96] وَكَذَلِكَ فَعَلَهُ سَالِمٌ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَرُدُّهُ بَعْدَ أَنْ جَازَ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ؛ " لِأَنَّ رِجُوعَهُ مِنْ حَيْثُ جَاءَ مُرُورًا ثَانِيًا بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَلَيْسَ لِذَلِكَ وَجْهٌ(5/95)
ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ وَأَمَامَ الْمُصَلِّي امْرَأَةٌ نَائِمَةٌ أَوْ مُضْطَجِعَةٌ(5/96)
2451 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَهَلٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي اللَّيْلِ، وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ اعْتِرَاضَ الْجَنَازَةِ "(5/96)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى الْمُتَحَدِّثِينَ وَالنِّيَامِ(5/96)
رَوَى تَمَامُ بْنُ بَزِيعٍ الشُّقْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُصَلُّوا إِلَى الْمُتَحَدِّثِينَ وَالنِّيَامِ»
2452 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، قَالَ: ثنا تَمَامُ بْنُ بَزِيعٍ الشُّقْرِيُّ، [ص:97] وَرَوَاهُ شَبَابَةُ قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ
2453 - حَدَّثَنَاهُ الصَّائِغُ، عَنْ شَبَابَةَ.
2454 - وَرَوَاهُ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذِهِ كُلُّهَا أَخْبَارٌ وَاهِيَةٌ، ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَّ تَمَامَ بْنَ بَزِيعٍ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ، فَأَمَّا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ مَوْلَى الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَنَاكِيرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَمَّا عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ الْبَصْرِيُّ، فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ: هُوَ ضَعِيفٌ، قَالَ أَيُّوبُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: قَالَ لِي أَيُّوبُ: عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ غَيْرُ ثِقَةٍ، فَلَا تَحْمِلْ عَنْهُ. وَذَكَرَ لِأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ حَدِيثَ عَبْدِ الْكَرِيمِ، فَقَالَ: هَذَا أَبُو أُمَيَّةَ قَدْ ضَرَبْنَا عَلَيْهِ فَاضْرِبْ عَلَيْهِ [ص:98] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَعَ ضَعْفِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ النَّائِمِ، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي وَعَائِشَةُ نَائِمَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ(5/96)
2455 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي فِي اللَّيْلَ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ عَلَى الْفِرَاشِ الَّذِي رَقَدَ عَلَيْهِ هُوَ وَأَهْلُهُ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأُوتِرُ مَعَهُ وَفِي قَوْلِهَا: فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي بَيَانٌ أَنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَيْقَظَهَا لِتُوتِرَ مَعَهُ، لَا كَرَاهِيَةَ أَنْ يُوتِرَ وَهِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوِتْرِ وَبَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ التَّطَوُّعِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُتَحَدِّثِينَ: فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ خَلْفَهُمْ، رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَأْتَمَّ بِقَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ(5/98)
2456 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَعْدِ يكَرِبَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «وَلَا تُصَلِّ وَبَيْنَ يَدَيْكَ قَوْمٌ يَمْتَرُونَ أَوْ يَلْغُونَ»(5/98)
2457 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ مَيْمُونٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي خَلْفَ رَجُلٍ لَا يُصَلِّي إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الْكَرِيمِ، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي خَلْفَ رَجُلٍ يَتَكَلَّمُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ " وَكَرِهَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَحَكَى أَيُّوبُ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ. [ص:99] وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ، وَحَكَى أَيُّوبُ ذَلِكَ، عَنِ الْكُوفِيِّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ إِلَى ظَهْرِ رَجُلٍ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَمَعَهُ قَوْمٌ يَتَحَدَّثُونَ»(5/98)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ، مُسْتَقْبِلًا الْمَرْأَةَ(5/99)
2458 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مُقَابِلَ السَّرِيرِ، وَأَنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَتَكُونُ لِيَ الْحَاجَةُ فَأَنْسَلُّ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ السَّرِيرِ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَسْتَقْبِلَهُ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَرَجُلًا مُسْتَقْبِلَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَى هَذَا بِالدِّرَّةِ فَقَالَ: تَسْتَقْبِلُهُ وَهُوَ يُصَلِّي؟(5/99)
2459 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، قَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَجُلًا يُصَلِّي وَرَجُلًا مُسْتَقْبِلَهُ، فَأَقْبَلَ عَلَى هَذَا بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: " تُصَلِّي وَهَذَا مُسْتَقْبِلُكَ، وَأَقْبَلَ عَلَى هَذَا بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ: تَسْتَقْبِلُهُ وَهُوَ يُصَلِّي؟ "(5/99)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ مَنْعِ الْمُصَلِّي الشَّاةَ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ(5/99)
2460 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ، وَيَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِذْ جَاءَتْ شَاةٌ تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَاعَاهَا حَتَّى أَلْزَقَ بَطْنَهَا بِالْحَائِطِ»(5/99)
ذِكْرُ مُرُورِ الْهِرِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي(5/100)
2461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا بُنْدَارٌ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْهِرَّةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ، إِنَّمَا هِيَ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ»(5/100)
ذِكْرُ التَّغْلِيظِ مِنْ مُرُورِ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ وَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي(5/100)
2462 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، وَسُلَيْمَانُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقْطَعُ صَلَاةَ الرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْحِمَارُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ» . قُلْتُ: مَا بَالُ الْأَسْوَدِ مِنَ الْأَحْمَرِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، سَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا سَأَلْتَنِي فَقَالَ: «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْحِمَارُ. وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، وَمَرَّ جَرْوٌ بَيْنَ يَدَيْ مُصَلٍّ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ [ص:101] عُمَرَ: " أَعِدِ الصَّلَاةَ(5/100)
2463 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ وَالْمَرْأَةُ»(5/101)
2464 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ، قَالَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي إِلَى جَنْبِ ابْنِ عُمَرَ، فَدَخَلَ جَرْوٌ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيَّ، فَقَالَ: «أَمَّا أَنْتَ فَأَعِدِ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا أَنَا فَلَا أُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيَّ»(5/101)
2465 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَخِي، جُوَيْرِيَةُ، قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ كَلْبٌ أَصْفَرُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَأَعَادَ الصَّلَاةَ "(5/101)
2466 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ شَيْطَانٌ، وَهُوَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ»(5/101)
2467 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عَزَّةَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْلَى بْنُ حَكِيمِ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ»(5/101)
2468 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي [ص:102] الْحَكَمُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّهُ قَالَ: الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ الْبَهِيمُ شَيْطَانٌ، وَهُوَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ. قَالَ أَحْمَدُ: وَفِي قَلْبِي مِنَ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ شَيْءٌ ". وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ، وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ، وَالْحِمَارُ. هَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ يَقُولَانِ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ»(5/101)
2469 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنِ [ص:103] أَبِي يَزِيدَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ، وَالْمَرْأَةُ الْحَائِضُ»(5/102)
2470 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " تَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَلْيَدْرَأِ الْمُصَلِّي مَا اسْتَطَاعَ،» رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] الْآَيَةَ، فَمَاذَا يَقْطَعُ هَذَا، وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّي وَالطَّوَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَتَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ، فَيَنْتَظِرُهَا، حَتَّى تَمُرَّ، ثُمَّ يَضَعُ جَبْهَتَهُ فِي مَوْضِعِ قَدَمَيْهَا(5/103)
2471 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ عَلِيًّا، وَعُثْمَانَ، قَالَا: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ»(5/103)
2472 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأْ عَنْ نَفْسِكَ مَا اسْتَطَعْتَ»(5/103)
2473 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأْ [ص:104] عَنْ نَفْسِكَ مَا اسْتَطَعْتَ»(5/103)
2474 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: ذُكِرَ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10] الْآَيَةَ «فَمَاذَا يَقْطَعُ ذَا؟»(5/104)
2475 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنُ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ طَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ جَاءَ وَصَلَّى وَالطَّوَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، قَالَ: «تَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الْمَرْأَةُ، فَيَنْتَظِرُهَا حَتَّى تَمُرَّ، ثُمَّ يَضَعُ جَبْهَتَهُ فِي مَوْضِعِ قَدَمَيْهَا»(5/104)
2476 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيَّ رَجُلٌ، فَمَنَعْتُهُ، فَمَرَّ، فَسَأَلْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ؟ فَقَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي، لَا يَضُرُّكَ» وَمِمَّنْ قَالَ «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ» الشَّعْبِيُّ، وَقِيلَ لِعُبَيْدَةَ: مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: «يَقْطَعُهَا الْفُجُورُ وَتَمَامُهَا الْبِرُّ» . وَمِمَّنْ قَالَ «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ» [ص:105] عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا حُجَّةُ مَنْ قَالَ: «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ» ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْحِمَارُ، فَظَاهِرُ خَبَرِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: وَهُوَ خَبَرٌ صَحِيحٌ لَا عِلَّةَ لَهُ، فَالْقَوْلُ بِظَاهِرِهِ يَجِبُ، وَلَيْسَ مِمَّا يَثْبُتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا التَّسْلِيمُ لَهُ وَتَرْكُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قِيَاسٍ أَوْ نَظَرٍ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: «إِنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْحِمَارُ، وَلَا الْمَرْأَةُ» ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْخَبَرَ الَّذِي رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ مُعَارِضًا لِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ، وَيَجْعَلُ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْأَتَانِ مُعَارِضًا لِمُرُورِ الْحِمَارِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، وَيَرَى أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ، فَرَأَى أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ، وَجَعَلَ صَلَاةَ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ، أَوْ حِمَارٌ جَائِزَةً لِمُعَارَضَةِ الْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ(5/104)
2477 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَيُونُسُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْن سَمْعَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «جِئْتُ رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَنَاهَزْتُ الْحُلُمَ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بِمِنَى فَمَرَرْتُ عَلَى الْأَتَانِ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، ثُمَّ نَزَلْتُ فَأَرْسَلْتُهَا، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ مَعَ النَّاسِ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ» [ص:106] وَلَعَلَّ مِنْ عِلَّتِهِ فِي الْكَلْبِ غَيْرَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ حَدِيثَ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ(5/105)
2478 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ، ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبَّاسًا فِي بَادِيَةٍ لَنَا، وَلَنَا كَلْبَةٌ، وَحِمَارٌ يَرْعَى، فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ وَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يُؤَخَّرَا وَلَمْ يُزْجَرَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّهُ أَنْ يَقُولَ: وَهَذَا الْخَبَرُ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ذِكْرَ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ، وَلَمْ يَخُصَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ إِلَّا وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْكِلَابِ فَرْقٌ وَاللهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا: لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا بِحُجَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ، وَالْأُخْرَى مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، فَأَمَّا مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ فَخَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ(5/106)
2479 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَأُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَحُجَّتُهُمْ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ إِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَا يَجِبُ، أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي فَرْضٍ كَمَا أُمِرَ بِهِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي إِفْسَادِهَا بِمُرُورِ أَيِّ ذَلِكَ مَرَّ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَغَيْرُ جَائِزٍ إِبْطَالُ صَلَاةِ مَنْ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى مَا يَجِبُ إِلَّا بِخَبَرٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ أَوْ إِجْمَاعَ، وَالْأَخْبَارُ فِي هَذَا الْبَابِ مُخْتَلِفَةُ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي، وَلَمْ يُجْمِعْ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إِبْطَالِ صَلَاةِ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ، أَوْ كَلْبٌ أَوْ حِمَارٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/106)
ذِكْرُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَوْنَ أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ، ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ رُبَّمَا يَرْكُزُ الْعَنَزَةَ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا، وَالظَّعَائِنُ يَمُرُّونَ أَمَامَهُ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ وَرَاءَهُ»(5/107)
2480 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: إِنْ كَانَ عُمَرُ رُبَّمَا يَرْكُزُ الْعَنَزَةَ فَيُصَلِّي بِنَا إِلَيْهَا، وَالظَّعَائِنُ يَمُرُّونَ أَمَامَهُ "(5/107)
2481 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةُ مَنْ وَرَاءَهُ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: «وَبِهِ نَأْخُذُ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ» . وَكَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَكْرَهُ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بَيْنَ الصُّفُوفِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي بِهِمْ، قَالَ: لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لَهُمْ، قَالَ: وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَدْخُلُ يَمْشِي بَيْنَ الصُّفُوفِ، وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَقِفَ فِي مُصَلَّاهُ، يَمْشِي عَرْضًا بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ صَلَّى بِقَوْمٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ رُمْحٌ قَدْ نُصِبَ، أَوْ قَصَبَةٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ خَلْفَهُ شَيْءٌ؟ قَالَ: يُجْزِيهِمْ. [ص:108] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، قَالَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ: " صَلَّى الْحَكَمُ الْغِفَارِيُّ بِالنَّاسِ، وَقَدْ رَكَزَ بَيْنَ يَدَيْهِ رُمْحًا، فَمَرَّ حِمَارَانِ يَتَقَادَمَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، قَالَ أَحَدُهُمَا: قَالَ الْحَكَمُ: أَمَّا أَنَا وَمَنْ خَلْفِي فَقَدْ سَتَرَنَا الرُّمْحُ، وَأَعَادَ الْآخَرُونَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَعَادَ بِهِمْ جَمِيعًا، وَقَدْ رُوِيَ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، عَنْ عَطَاءٍ(5/107)
مَسْأَلَةٌ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي امْرَأَةٍ صَلَّتْ مَعَ قَوْمٍ فِي صَفٍّ، وَهِيَ تُصَلِّي بِصَلَاةِ الْإِمَامِ؟ قَالَ: أَمَّا صَلَاتُهَا تَامَّةٌ، وَصَلَاةُ الْقَوْمِ تَامَّةٌ مَا خَلَا الَّذِي كَانَ عَنْ يَمِينِهَا، وَالَّذِي كَانَ عَنْ يَسَارِهَا، وَالَّذِي خَلْفَهَا بِحِيَالِهَا، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ يُعِيدُونَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ قَدْ سَتَرُوا مَنْ خَلْفَهُمْ مِنَ الرِّجَالِ، فَصَارَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالُوا: وَيُسْتَحْسَنُ إِذَا كَانَ صَفٌّ مِنْ نِسَاءٍ تَامٌّ أَنْ أَفْسَدَ صَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُنَّ مِنَ الرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ عِشْرِينَ صَفًّا، وَلَمْ يَجْعَلُوا الصَّفَّ الَّذِي يَلِي هَذَا الصَّفَّ بِمَنْزِلَةِ الْحَائِطِ.(5/108)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ مَنْ يَلِي أَمَامَ الْمَرْأَةِ، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ يَسَارِهَا، وَمَنْ خَلْفَهَا تَامَّةٌ، لَا يَجُوزُ أَنْ تُفْسَدَ صَلَاتُهُمْ، فَمَقَامُهَا فِي أَيِّ مَقَامٍ قَامَتْ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا انْعَقَدَتْ لَمْ يَجُزْ إِفَسَادُهَا بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى وَعَائِشَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ مُعْتَرِضَةٌ كَاعْتِرَاضِ الْجَنَازَةِ ". وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ إِسْحَاقُ قَالَ: فِي الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ بِجَنْبِ رَجُلٍ يُصَلِّي، وَهِيَ تُصَلِّي فِي الصَّفِّ مَعَهُ، أَوْ تَقْتَدِي بِهِ، فَإِنَّ صَلَاتَهَا فَاسِدَةٌ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَاصِيَةٌ لِمَا أُمِرَتْ أَنْ تَكُونَ وَحْدَهَا فِي آخِرِ الصُّفُوفِ، وَالرَّجُلُ الَّذِي بِجَنْبِهَا مُطِيعٌ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ، فَلَا تَكُونُ الْعَاصِيَةُ تُفْسِدُ عَلَى الْمُطِيعِ لِلَّهِ(5/109)
جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ وَالْبُسُطِ(5/111)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَصِيرِ(5/113)
2482 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ "(5/113)
2483 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَبُسِطَ لَهُ حَصِيرٌ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ صَلَّى عَلَى حَصِيرٍ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَعَوَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ(5/113)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْبِسَاطِ(5/113)
2484 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا زَمْعَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ وَهْرَانِيٍّ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ(5/113)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ(5/114)
2485 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ.
2486 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُدِّيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: " الْخُمْرَةُ مَنْسُوجٌ يُعْمَلُ مِنْ سَعَفِ النَّخِيلِ، وَيَرْمُلُ بِالْخُيُوطِ، وَهُوَ صَغِيرٌ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ الْمُصَلِّي، أَوْ فُوَيْقُ ذَلِكَ، فَإِنْ عَظُمَ حَتَّى يَكْفِيَ الرَّجُلَ لِجَسَدِهِ كُلِّهُ، فَهُوَ حِينَئِذٍ حَصِيرٌ، وَلَيْسَ بِخُمْرَةٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْبَابِ: فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُصَلِّي عَلَى عَبْقَرِيٍّ فَمَا هِيَ الزَّرَابِيُّ، وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى خُمْرَةٍ تَحْتَهَا حَصِيرٌ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُمْ صَلُّوا عَلَى الْمُسُوحِ، وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى طِنْفِسَةٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ [ص:115] صَلَّى عَلَى خُمْرَةٍ، وَعَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى لِبْدِ دَابَّتِهِ، وَقَالَ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ: " صَلَّى بِالنَّاسِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي جَمَاعَةٍ فِي سَفِينَةٍ، وَنَحْنُ جُلُوسٌ عَلَى فُرُشٍ(5/114)
2487 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ»(5/115)
2488 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ، قَالَ: «رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ»(5/115)
2489 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: ثَنَا تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يُصَلِّي عَلَى عَبْقَرِيٍّ، وَهِيَ الزَّرَابِيُّ»(5/115)
2490 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ «ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يُصَلِّي عَلَى خُمْرَةٍ، تَحْتَهَا حَصِيرٌ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، فَيَسْجُدُ عَلَيْهَا وَيَقُومُ عَلَيْهَا»(5/115)
2491 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى مِسْحٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ»(5/115)
2492 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مِسْحٍ "(5/115)
2493 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أُمَيَّةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ قَالَ: «رَأَيْتُ عَلِيًّا يُصَلِّي عَلَى مُصَلًّى مِنْ مُسُوحٍ، يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ»(5/116)
2494 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَحْوَصِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ جُبَيْرٍ، «أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَانَ يُصَلِّي عَلَى مِسْحٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ»(5/116)
2495 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مِسْحٍ، فَكَانَ يَسْجُدُ عَلَيْهِ»(5/116)
2496 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى طِنْفِسَةٍ، وَيَسْجُدُ عَلَيْهَا "(5/116)
2497 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبي مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى خُمْرَةٍ "(5/116)
2498 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا أَنَسٌ عَلَى مِسْحٍ»(5/116)
2499 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي جَمَاعَةٍ فِي سَفِينَةٍ وَنَحْنُ جُلُوسٌ [ص:117] عَلَى فُرُشٍ» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: " لَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ عَلَى الْبِسَاطِ، وَالطُّنْفُسَةِ، وَاللِّبْدِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَرَى السُّجُودَ عَلَى الْحَصِيرِ وَالْبُسْطِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ، الْخُمْرَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَثْبُتُ، وَالطُّنْفُسَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ» . وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا صَلَّى عَلَى الطِّنْفِسَةِ، وَالْحَصِيرِ، وَالْبُورِيَا، وَالْمِسْحِ، أَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ، أَوْ وَضَعَ ثَوْبَهُ، أَوْ لِبْدَهُ فَيَسْجُدُ عَلَيْهِ؛ يَتَّقِي حَرَّ الْأَرْضِ، أَوْ بَرْدَهَا فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ السُّجُودَ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ، وَكَرِهَ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَرَخَّصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرْءُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلَّى إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ، وَكَانَ لَا يَسْجُدُ إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ»(5/116)
2500 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَا يَسْجُدُ، أَوْ قَالَ: لَا يُصَلِّي إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ وَالَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى مِسْحٍ أَثْبَتُ، وَعَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الطِّنْفِسَةِ، وَالْمِسْحِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ [ص:118] سِيرِينَ: " الصَّلَاةُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ مُحْدَثٌ، وَكَانَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَيَسْتَحِبُّ الصَّلَاةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى مَا أَنْبَتَتْ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: " لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْخُمْرَةِ مِنْ جِرِيدِ النَّخْيلِ، وَالْحَصِيرِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى بِسَاطِ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ؟ قَالَ: «إِذَا وَضَعَ الْمُصَلِّي جَبْهَتَهُ وَيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ عَلَى حَصِيرٍ، فَلَا أَرَى بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا بَأْسًا»(5/117)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي النَّعْلَيْنِ(5/118)
2501 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو مَسْلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»(5/118)
ذِكْرُ الْخِيَارِ لِلْمُصَلِّي بَيْنَ الصَّلَاةِ فِيهِمَا، أَوْ خَلْعِهِمَا وَوَضْعِهِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهِمَا(5/118)
2502 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَخْلَعْ نَعْلَيْهِ، وَلَا يُؤْذِي بِهِمَا أَحَدًا، وَلْيَجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَوْ لِيُصَلِّ فِيهِمَا»(5/118)
2503 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا شَبَابَةُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ نَعْلَيْهِ بَيْنَ رِجْلَيْهِ»(5/119)
ذِكْرُ وَضْعِ الْمُصَلَّي نَعْلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ إِذَا خَلَعَهُمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ يَسَارِهِ، مُصَلٍّ فَيَكُونُ نَعْلَاهُ عَنْ يَمِينِ الْمُصَلِّي(5/119)
2504 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا هَوْذَةُ قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِي حَدِيثًا رَجَّعَهُ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ بْنِ سُفْيَانَ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَصَلَّى فِي قِبَلِ الْكَعْبَةِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ»(5/119)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ وَضَعِ الْمُصَلِّي، نَعْلَيْهِ عَنْ يَسَارِهِ، إِذَا كَانَ عَنْ يَسَارِهِ، مُصَلٍّ(5/119)
2505 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا صَالِحٌ أَبُو عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَضَعْ نَعْلَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَلَا عَنْ يَسَارِهِ، فَيَكُونُ عَنْ يَمِينِ غَيْرِهِ، وَيَضَعْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ»(5/119)
جِمَاعُ أَبْوَابِ فَضَائِلِ الْمَسَاجِدِ وَبِنَائِهَا وَتَعْظِيمِهَا(5/121)
ذِكْرُ بِنَاءِ أَوَّلِ الْمَسَاجِدِ فِي الْأَرْضِ وَالثَّانِي، وَذِكْرُ الْقَدْرِ الَّذِي بَيْنَ بِنَاءِ أَوَّلِ الْمَسَاجِدِ وَالثَّانِي مِنْهَا(5/123)
2506 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ أَبَا ذَرٍّ يَقُولُ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» ، قَالَ: قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً» ، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَهُوَ مَسْجِدٌ»(5/123)
ذِكْرُ فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ(5/123)
2507 - حَدَّثَنَا نَصْرُي بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَنَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَا: ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ»(5/123)
ذِكْرُ فَضْلِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ صَغُرَ(5/123)
2508 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَمِيْميِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ مِثْلَ مِفْحَصِ قَطَاةٍ، بَنَى لَهُ، أَوْ بَنَى اللهُ لَهُ، بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» [ص:124] حَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَوْلُهُ: «مِفْحَصِ قَطَاةٍ» يَعْنِي مَوْضِعَهَا الَّذِي تَجْثُمُ فِيهِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مِفْحَصًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَجْثُمُ حَتَّى تَفْحَصُ عَنْهُ التُّرَابَ، وَتَصِيرَ إِلَى مَوْضِعٍ مُطْمَئِنٍّ مِسْتَوْ؛ وَلِهَذَا قِيلَ: فَحَصْتَ عَنِ الْأُمُورِ، إِذَا أَكْثَرْتَ الْمَسْأَلَةَ عَنْهَا، حَتَّى تَنْكَشِفَ لَكَ، وَإِلَى مَا تَقْنَعُ بِهِ، وَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ مِنْهَا(5/123)
ذِكْرُ فَضْلِ الْمَسَاجِدِ إِذْ هِيَ أَحَبُّ إِلَى اللهِ(5/124)
2509 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ مَكْتَلٍ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَا: ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا»(5/124)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ(5/124)
2510 - حَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا عَامِرُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ»(5/124)
ذِكْرُ تَطْيِيبِ الْمَسَاجِدِ(5/124)
2511 - حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ [ص:125] عُبَادَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حَتَّى أَتَيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِي مَسْجِدِنَا، فَقَالَ: أَتَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِي يَدِهِ عُرْجُونُ ابْنِ طَابٍ، فَرَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخَامَةً، فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا وَحَكَّهَا بِالْعُرْجُونِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يُعْرِضَ اللهُ عَنْهُ؟» قَالَ: فَخَشَعْنَا، قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ: فَقُلْنَا: لَا أَيُّنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي فَإِنَّ اللهَ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى، فَإِنْ عُجِلَتْ بِهِ بَادِرَةٌ فَلْيَقُلْ بِثَوْبِهِ هَكَذَا، فَرَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، أَرُونِي عَبِيرًا» . فَقَامَ فَتًى مِنَ الْحَيِّ يَشْتَدُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَجَاءَ بِخَلُوقٍ فِي رَاحِلَتِهِ، فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ رَأْسَ الْعُرْجُونِ، ثُمَّ لَطَخَ بِهِ عَلَى أَثَرِ النُّخَامَةِ " قَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلْتُمُ الْخَلُوقَ فِي مَسَاجِدِكُمْ "(5/124)
ذِكْرُ تَقْمِيمِ الْمَسَاجِدِ وَالْتِقَاطِ الْعِيدَانِ وَالْخِرَقِ مِنْهَا وَتَنْظِيفِهَا(5/125)
2512 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ امْرَأَةً، سَوْدَاءَ، أَوْ رَجُلًا أَسْوَدَ، كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسَاجِدَ، فَمَاتَتْ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ: مَاتَتْ، فَقَالَ: «أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهَا؟» ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى "(5/125)
2513 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: فَقَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ كَانَتْ تَلْقُطُ الْخِرَقَ [ص:126] مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى "(5/125)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ عَلَى نَاشِدِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا اللهُ إِلَيْهِ، مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى إِثْبَاتِ النَّهْيِ عَنْ نَشْدِ الضَّوَالِّ فِي الْمَسَاجِدِ(5/126)
2514 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لَا أَدَّاهَا اللهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا "(5/126)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، فِي الْمَسَاجِدِ(5/126)
2515 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْ يُنْشَدَ فِيهِ ضَالَّةٌ، وَأَنْ يُنْشَدَ فِيهِ الشِّعْرُ، وَنَهَى عَنِ الْحَلْقِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذْ نَهَى عَنِ الْبَيْعِ وَالشِّرَى فِي الْمَسْجِدِ، فَفِي مَعْنَاهُ أَبْوَابُ الْمَكَاسِبِ كُلُّهَا، كَانَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ يَكْرَهَانِ لِلْخَيَّاطِينَ الْخِيَاطَةَ فِي الْمَسْجِدِ، وَسَهَّلَ أَحْمَدُ فِي الْكِتَابِ فِي الْمَسْجِدِ [ص:127] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " لَا فَرْقَ بَيْنَ كَسْبِ الْخَيَّاطِ وَكَسْبِ الْوَرَّاقِ(5/126)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ لَا تُرْبِحَ تِجَارَتُهُمَا(5/127)
2516 - مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعَ أَوْ يَبْتَاعَ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: " لَا أَرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ، وَإِنْ رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ فِيهِ الضَّالَّةَ فَقُولُوا: لَا أَدَّاهَا اللهُ عَلَيْكَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَوْلُهُ: «لَا أَرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ» يَدُلُّ عَلَى إِجَازَةِ الْبَيْعِ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْشَدَ الشِّعْرُ فِي الْمَسْجِدِ، دَلَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَمَّا أَبَاحَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ أَنْ يَهْجُوَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّ الشِّعْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ أَنْ يُنْشَدَ فِي الْمَسْجِدِ الْقُبْحُ مِنْهُ دُونَ الْحَسَنِ إِذْ مِنَ الشِّعْرِ حَسَنٌ وَقَبِيحٌ فَأَبَاحَ مِنْهُ الْحَسَنَ وَنَهَى عَنِ الْقَبِيحِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ حَسَّانَ إِنَّمَا كَانَ يَهْجُو الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَسْجِدِ، فَدَعَا أَنْ يُؤَيَّدَ بِرُوحِ الْقُدُسِ مَادَامَ مُجِيبًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(5/127)
2517 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا الزُّهْرِيُّ، وَسَمِعْنَاهُ مِنْهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، مَرَّ بِحَسَّانَ وَهُوَ يَنْشُدُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَحَظَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَنْشُدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَجِبْ عَنِّي، [ص:128] اللهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ؟» قَالَ: نَعَمْ "(5/127)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْبُزَاقِ، فِي الْمَسْجِدِ إِذَا لَمْ يُدْفَنْ(5/128)
2518 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَاصِلٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيُّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِئِ أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ»(5/128)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِدَفْنِ الْبُزَاقِ لِيَكُونَ كَفَّارَةَ الْبَزْقِ(5/128)
2519 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيَّةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا»(5/128)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِعْمَاقِ الْحَفْرِ لِيُدْفَنَ فِيهِ النُّخَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ(5/128)
2520 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو مَوْدُودٍ، يُقَالُ: إِنَّهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ دَخَلَ هَذَا الْمَسْجِدَ فَبَزَقَ فِيهِ، أَوْ تَنَخَّمَ، فَلْيَحْفِرْ لَهُ فَلْيَدْفِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيَبْزُقْ فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ لِيَخْرُجْ بِهِ»(5/128)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا أَمَرَ بِدَفْنِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ(5/129)
2521 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ الصَّائِغُ وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا تَنَخَّمَ أَحَدُكُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيُغَيِّبْ نُخَامَتَهُ أَنْ يُصِيبَ جِلْدَ مُؤْمِنٍ أَوْ ثَوْبَهُ فَيُؤْذِيَهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَيَدُلُّ قَوْلُهُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِدَفْنِهَا لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهَا مُؤْمِنٌ أَنْ يُصِيبَ جِلْدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ(5/129)
ذِكْرُ حَكِّ النُّخَامَةِ مِنْ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ(5/129)
2522 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُهُ فِي وَجْهِهِ، فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، وَقَالَ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَإِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ، فَلَا يَبْصُقْ أَحَدُكُمْ فِي قِبْلَتِهِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارَيْهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ» ، ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ: «أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا»(5/129)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْمُرُورِ، بِالسِّهَامِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ عَلَى نُصُولِهَا(5/130)
2523 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَجُلًا، مَرَّ فِي الْمَسْجِدِ بِأَسْهُمٍ، قَدْ أَبْدَى نُصُولَهَا، فَأَمَرَ أَنْ يَأْخُذَ بِنُصُولِهَا؛ لَا يَخْدِشُ مُسْلِمًا "(5/130)
2524 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مَرَّ بِأَسْهُمٍ فِي الْمَسْجِدِ: «امْسِكْ بِنِصَالِهَا» ، قَالَ: «نَعَمْ»(5/130)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ إِيطَانِ الرَّجُلِ الْمَكَانَ، فِي الْمَسْجِدِ(5/130)
2525 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ تَمِيمِ بْنِ مَحْمُودٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ، وَكَانَتْ، لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ كَمَا يُوَطِّنُ الْبَعِيرُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ سَبَقَ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مَادَامَ ثَابِتًا فِيهِ، فَإِذَا زَالَ عَنْهُ زَالَ حَقُّهُ، إِذْ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] الْآَيَةَ، وَقَالَ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ [ص:131] الْآخِرِ} [التوبة: 18](5/130)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ الْجُلُوسُ إِذْ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْمَسَاجِدِ(5/131)
2526 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْأَمْرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرُ نَدْبٍ، لَا أَمْرُ وَاجِبٍ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ حَيْثُ ذَكَرَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، فَقَالَ: " هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: " لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ(5/131)
ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ الْمُرُورِ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا(5/131)
2527 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ مَسْرُوقٍ، وَبَيْنَهُمَا ابْنُ مَسْعُودٍ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ، فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَقُلْنَا: مَا يُضْحِكُكَ؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ السَّلَامُ بِالْمَعْرِفَةِ، وَأَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِالْمَسْجِدِ فَلَا يُصَلِّي فِيهِ، وَأَنْ يَرُدَّ الشَّابُّ الشَّيْخَ فِيمَا بَيْنَ الْأَرْبَعِينِ، وَأَنْ يَتَطَاوَلَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُعَاةُ الشَّاةِ فِي الْبُنْيَانِ»(5/131)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي دُخُولِ الْجُنُبِ أَوِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ وَجُلُوسِهِمَا فِيهِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مُقَامِ الْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «لَا يَدْخُلُ الْجُنُبُ الْمَسْجِدَ إِلَّا وَهُوَ عَابِرُ سَبِيلٍ مَارًّا فِيهِ» ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَعَطَاءٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَقَتَادَةُ(5/132)
2528 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] الْآَيَةَ قَالَ: «لَا تَدْخُلِ الْمَسْجِدَ وَأَنْتَ جُنُبٌ، إِلَّا وَأَنْتَ عَابِرُ سَبِيلٍ، إِلَّا وَأَنْتَ مَارٌّ فِيهِ»(5/132)
2529 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ مُجْتَازًا، وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا قَالَ: {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ [ص:133] وَكَانَ الْحَسَنُ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تَمُرَّ الْحَائِضُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا تَقْعُدَ فِيهِ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: «لَا يَدْخُلِ الْجُنُبُ الْمَسْجِدَ إِلَّا عَابِرَ سَبِيلٍ» ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: «كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا مُجْتَازًا» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: " لَا يَمُرُّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَقْعُدُ فِيهِ، رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَنِبُونَ وَهُمْ جُنُبٌ فِي الْمَسْجِدِ(5/132)
2530 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجُنَيْدِ الدَّقَّاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَنِبُونَ وَهُمْ جُنُبٌ فِي الْمَسْجِدِ "(5/133)
2531 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] الْآَيَةَ قَالَ: هُوَ الْمُسَافِرُ "(5/133)
2532 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَهُوَ أَبُو مِجْلَزٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَتَأَوَّلُهَا: {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ يَقُولُ: «تَحْرِيمُهَا أَنْ لَا يَقْرَبَ الصَّلَاةَ وَهُوَ جُنُبٌ إِلَّا وَهُوَ مُسَافِرٌ، لَا يَجِدُ مَاءً، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي»(5/133)
2533 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] قَالَ: " لَا يَقْرَبُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا يُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «يَجْلِسُ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَمُرُّ فِيهِ إِذَا [ص:134] تَوَضَّأَ» . وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ: «وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمُرَخِّصِينَ لِلْجُنُبِ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمُقَامِ فِيهِ بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ»(5/133)
2534 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فَأَهْوَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: " إِنِّي جُنُبٌ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ» وَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ لَيْسَ بِنَجَسٍ فَهُوَ طَاهِرٌ كَحَالَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُجْنِبَ، غَيْرَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاغْتِسَالِ عِبَادَةً، يَعْبُدُ اللهَ بِهَا عِبَادَةً، وَكَمَا أُمِرَ مَنْ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ رِيحٌ أَنْ يَغْسِلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ، وَهُوَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ طَاهِرُ الْأَعْضَاءِ، غَيْرَ أَنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِالطَّهَارَةِ كَمَا تَعَبَّدَ الْجُنُبُ بِالِاغْتِسَالِ، وَإِذَا قَالَ مَنْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ: إِنَّ الْمُشْرِكَ يَدْخُلُ الْمَسَاجِدَ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَهُمْ مُشْرِكُونَ نَزَلُوا الْمَسْجِدَ، وَدَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، كَالْمُسْلِمِ الْجُنُبِ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ الطَّهَارَةُ بِخَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] الْآَيَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ، فَيَكُونُ آخِرُ الْآيَةِ عَائِدًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتِ الصَّلَاةُ، فَالصَّلَاةُ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَبَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَابِرَ سَبِيلٍ مُسَافِرًا لَا يَجِدُ مَاءً، فَيَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ رَأَوْا تَأْوِيلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاءً، رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] قَالَ: " لَا يَقْرَبُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ [ص:135] يَكُونَ مُسَافِرًا، يُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ أَسَانِيدِهَا فِيمَا مَضَى، وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ كَرِهَ دُخُولَ الْجُنُبِ الْمَسْجِدَ حَدِيثًا(5/134)
2535 - حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبُيُوتُ أَصْحَابِهِ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ» . ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئًا رَجَاءَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ رُخْصَةٌ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ، فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَفْلَتُ عِنْدَهُمْ، وَيَبْطُلُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَنْ يَقُومَ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةً(5/135)
جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَفْعَالِ الْمُبَاحَةِ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ(5/135)
ذِكْرُ دُخُولِ عَبِيدِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ(5/135)
2536 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَسَهْلُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ [ص:136] الْحَرَامَ} [التوبة: 28] «الْآَيَةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا، أَوْ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ»(5/135)
ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ(5/136)
2537 - حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنْبَاعِ، رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ الْبَصْرِيُّ قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، سُئِلَ عَنِ النَّوْمِ، فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «إِنْ كُنَّا نِيَامًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ: فَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ، ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: «كُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا، فَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: «كُنَّا نَبِيتُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ»(5/136)
2538 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا فَكُنْتُ أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(5/136)
2539 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ. يَعْنِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامِ»(5/136)
2540 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: «كُنَّا نَبِيتُ [ص:137] فِي الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ»(5/136)
2541 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: أَرْسَلَنَا أَبِي إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ نَسْأَلُهُ عَنِ النَّوْمِ، فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: «فَأَيْنَ كَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ يَنَامُونَ؟، لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا» وَرَخَّصَ فِي النَّوْمِ فِي الْمَسْجِدِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالشَّافِعِيُّ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ بِأَنْ يُتَّخَذَ الْمَسْجِدُ مَرْقَدًا، رُوِّينَا أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَعِسُّ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجِدُ فِيهِ سَوَادًا إِلَّا أَخْرَجَهُ إِلَّا رَجُلًا مُصَلِّيًا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا الْمَسْجِدَ مَرْقَدًا» ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تَتَّخِذُهُ مَقِيلًا أَوْ مَبِيتًا فَلَا، وَإِنْ كُنْتَ تَنَامُ فِيهِ لِصَلَاةٍ فَلَا بَأْسَ»(5/137)
2542 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ، يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَعِسُّ الْمَسْجِدَ، فَلَا يَجِدُ فِيهِ سَوَادًا إِلَّا أَخْرَجَهُ إِلَّا رَجُلًا مُصَلِّيًا "(5/137)
2543 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَارِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ لَيْثٍ، [ص:138] عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تَتَّخِذُوا الْمَسْجِدَ مَرْقَدًا»(5/137)
2544 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ خُلَيْدٍ، أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ النَّوْمِ، فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «إِنْ كُنْتَ تَنَامُ لِطَوَافٍ وَصَلَاةٍ فَلَا بَأْسَ»(5/138)
2545 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا الْحَجْبِيُّ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْبِلَادِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تَتَّخِذُهُ مَقِيلًا أَوْ مَبِيتًا فَلَا، وَإِنْ كُنْتَ تَنَامُ فِيهِ لِصَلَاةٍ فَلَا بَأْسَ» وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَكْرَهُ النَّوْمَ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَنَامُ فِيهِ إِذَا غُلِبَ، وَقَالَ مَالِكٌ: " أَمَّا الْغُرَبَاءُ الَّذِينَ يَأْتُونَ مَنْ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، فَإِنِّي أَرَى ذَلِكَ وَاسِعًا، وَأَمَّا رَجُلٌ حَاضِرٌ فَلَا أَرَى ذَلِكَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: " إِذَا كَانَ رَجُلٌ عَلَى سَفَرٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ، فَأَمَّا أَنْ يَتَّخِذَهُ مَقِيلًا أَوْ مَبِيتًا فَلَا، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ(5/138)
ذِكْرُ فَضْلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ(5/138)
2546 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَهَلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ»(5/138)
ذِكْرُ تَفْضِيلِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى الصَّلَاةِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ(5/139)
2547 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي ذَاكَ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي هَذَا»(5/139)
2548 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ تَعْدِلُ مِائَةَ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا كَانَ أَلْفُ صَلَاةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِائَةٌ، فَتِلْكَ الْمِائَةُ مِائَةُ أَلْفٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فِيمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ أَلْفٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمِائَةُ أَلْفٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ(5/139)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْوُضُوءِ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ النَّاسِ يُبِيحُ الْوُضُوءَ فِي الْمَسْجِدِ، فَمِمَّنْ كَانَ يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَطَاءُ بْنُ [ص:140] أَبِي رَبَاحٍ، وَطَاوُسٌ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ(5/139)
2549 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَعْرَابِيًّا يَتَطَهَّرُ فَوْقَ مَطْهَرَةِ زَمْزَمَ، يَغْسِلُ فَرْجَهُ وَدُبُرَهُ، وَالْمَاءُ يَرْجِعُ فِيهَا، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً قَالَ: تَوَضَّأْ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ»(5/140)
2550 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ»(5/140)
2551 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: «رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ» وَمِمَّنْ كَانَ يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ، وَبِهِ قَالَ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَيْسَ لِلْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ طَاهِرٌ يُلَاقِي هَاهُنَا طَاهِرًا، وَلَا يَزِيدُهُ بِذَلِكَ إِلَّا نَظَافَةً غَيْرَ أَنَّا نَكْرَهُ أَنْ يُتَوَضَّأَ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّى النَّاسِ؛ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهَذَا الطُّهُورِ مُسْلِمٌ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَأَذَّى بِنَدَى الْمَاءِ الْمُصَلُّونَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ وُضُوؤُهُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُصَلِّي فِيهَا النَّاسُ، وَفَحَصَ الْحَصَا عَنِ [ص:141] الْبَطْحَاءِ، كَمَا كَانَ يُفْعَلُ لِعَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، كَانَ يُفْحَصُ لَهُمَا الْحَصَا عَنِ الْبَطْحَاءِ، فَإِذَا تَوَضَّأَ رَدَّ الْحَصَا عَلَى الْبَطْحَاءِ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ رَجَعَ الْمُصَلِّي جَافًّا كَمَا كَانَ قَبْلُ، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/140)
مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِي مَنْعِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ مِنَ الْكَنِيسَةِ، فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «لَيْسَ لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ النَّصْرَانِيَّةَ الذَّهَابَ إِلَى كَنِيسَتِهَا، وَلَا أَكْلَ الْخِنْزِيرِ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «إِذَا كَانَ لِلْمُسْلِمِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ الْمُسْلِمَةِ الْمَسْجِدَ وَهُوَ حَقٌّ، كَانَ لَهُ فِي النَّصْرَانِيَّةِ مَنْعُ إِتْيَانِ الْكَنِيسَةِ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَهُ مَنْعُهَا مِنَ الْكَنِيسَةِ»(5/141)
جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بِاللَّيْلِ(5/143)
ذِكْرُ تَسْبِيحِ قِيَامِ اللَّيْلِ بَعْدَ أَنْ كَانَ وَاجِبًا(5/145)
2552 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، أَخْبَرَهُ قَالَ: قُلْتُ يَعْنِي لِعَائِشَةَ: " أَنْبِئِينِي عَنْ قِيَامِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: أَمَا تَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1] ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنِ اللهَ افْتَرَضَ الْقِيَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، فَأَمْسَكَ اللهُ خَاتِمَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ السُّورَةِ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ فَرِيضَةً "(5/145)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ يُنْسَخُ فَيُجْعَلُ تَطَوُّعًا، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ التَّطَوُّعُ النَّاسِخُ فَرْضًا ثَانِيًا(5/145)
2553 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، فَثَارَ رِجَالٌ فَصَلَّوْا مَعَهُ بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ تَحَدَّثوا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، فَاجْتَمَعَ اللَّيْلَةَ الْمُقْبِلَةَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّوْا مَعَهُ بِصَلَاتِهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ فَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَتَّى كَادَ الْمَسْجِدُ يَعْجَزُ بِأَهْلِهِ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ حَتَّى سَمِعْتُ نَاسًا يَقُولُونَ: الصَّلَاةَ، فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا صَلَّى الْفَجْرَ سَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ فِي النَّاسِ فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمْ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجَزُوا عَنْهُ»(5/145)
ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ تَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا(5/146)
2554 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَازَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ» ، أَوْ «أُذُنِهِ»(5/146)
ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ تَرْكِ صَلَاةٍ اعْتَادَهَا الْمَرْءُ بِاللَّيْلِ(5/146)
2555 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا دُحَيْمٌ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللهِ، لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ»(5/146)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ؛ لِحَلِّ عُقَدِ الشَّيْطَانِ الَّتِي يَعْقِدُ عَلَى النَّائِمِ فَيُصْبِحُ نَشِطًا طَيِّبَ النَّفْسِ(5/146)
2556 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، كُلُّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ مَكَانَهَا عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَإِنْ ذَكَرَ اللهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِطًا طَيِّبَ [ص:147] النَّفْسِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ: الْقَافِيَةُ هِيَ الْقَفَا، فَكَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ عَلَى قَفَا أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ لِلشَّيْطَانِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِآخِرِ حَرْفٍ مِنْ بَيْتِ الشِّعْرِ قَافِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ خَلْفَ الْبَيْتِ كُلِّهِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقْفُو الْبَيْتَ فَهِيَ قَافِيَةٌ(5/146)
ذِكْرُ التَّخْبِيرِ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَعْقِدُ عَلَى قَافِيَةِ النِّسَاءِ كَعَقْدِةٍ عَلَى قَافِيَةِ الرِّجَالِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ تَحُلُّ عَنْ نَفْسِهَا الْعُقَدَ كَمَا يَحُلُّهُ الرَّجُلُ سَوَاءً(5/147)
2557 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ رَبِيعٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثى إِذَا هُوَ رَقَدَ إِلَّا وَعِنْدَ رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ، فَإِنْ هُوَ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهَ حُلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ هُوَ قَامَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ حُلَّتْ عَنْهُ كُلُّهَا»(5/147)
ذِكْرُ التَّخْبِيرِ بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَاتِ(5/147)
2558 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ حُمَيْدٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُحَرَّمَ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ»(5/147)
ذِكْرُ الْحَثِّ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ إِذْ هُوَ دَأَبُ الصَّالِحِينَ وَقُرْبَةٌ إِلَى اللهِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ(5/148)
2559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو النَّضْرِ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى اللهِ وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عَنِ الْإِثْمِ وَمَطْرَدَةٌ يَرْتَدُّ الدَّاءُ عَنِ الْجَسَدِ»(5/148)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ قَاعِدًا إِذَا مَرِضَ الْمَرْءُ أَوْ كَسِلَ(5/148)
2560 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي مُوسَى، يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «لَا تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ أَوْ كَسِلَ صَلَّى قَاعِدًا»(5/148)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ إِيقَاظِ الْمَرْءِ لَقِيَامِ اللَّيْلِ(5/148)
2561 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عِيسَى الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: ثنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:149] لَيْلَةً فَقَالَ: «أَلَا تُصَلِّيَانِ؟» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللهِ إِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ يُؤْلِي يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] الْآيَةَ "(5/148)
ذِكْرُ أَقَلِّ مَا يُجْزِي مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ(5/149)
2562 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أنا أَبُو الْخَيْثَمِ،
2563 - وَحَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ كَفَتَاهُ»(5/149)
ذِكْرُ الْقِيَامِ بِعَشْرِ آيَاتٍ أَوْ بِمِائَةِ آيَةٍ أَوْ بِأَلْفِ آيَةٍ(5/149)
2564 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا حَرْمَلَةُ، وَيُونُسُ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ أَبَا سَوِيَّةَ، حَدَّثهُ أَنَّهُ، سَمِعَ ابْنَ عُجْرَةَ، يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ»(5/149)
ذِكْرُ فَضْلِ الصَّلَاةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ سُدُسِ اللَّيْلِ الْآخِرِ(5/150)
2565 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَرْقُدُ شَطْرَ اللَّيْلَ، ثُمَّ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ بَعْدَ شَطْرِهِ، ثُمَّ يَرْقُدُ آخِرَهُ» قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَعَمْرُو بْنُ أَوْسٍ كَانَ يَقُولُ يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ بَعْدَ شَطْرِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ(5/150)
2566 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ الثَّقَفِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ صَلَاةُ دَاوُدَ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ»(5/150)
ذِكْرُ فَضْلِ الدُّعَاءِ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ مِنَ اللَّيْلِ(5/150)
2567 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرَّبُّ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ أَمَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَيُغَفْرَ لَهُ؟، أَمَا مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى؟، أَمَا مِنْ تَائِبٍ فَيُتَابَ عَلَيْهِ؟، أَمَا مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ؟»(5/150)
2568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَاحٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَخْبَرَنَا [ص:151] مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالْأَغَرُّ، صَاحِبُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، أَخْبَرَهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُو فَاسْتُجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُ فَأَغْفِرَ لَهُ؟، مَنْ يُنِيبُ إِلَيَّ فَأُعْطِيَهُ "(5/150)
ذِكْرُ فَضْلِ إِيقَاظِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَالْمَرْأَةِ زَوْجَهَا لَقِيَامِ اللَّيْلِ(5/151)
2569 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَعْقَاعُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، ثُمَّ أَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، ثُمَّ أَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ»(5/151)
ذِكْرُ التَّسَوُّكِ لَقِيَامِ اللَّيْلِ(5/151)
2570 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَحُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ(5/151)
ذِكْرُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ(5/152)
2571 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَسْتَفْتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ»(5/152)
ذِكْرُ التَّحْمِيدِ، وَالثنَاءِ عَلَى اللهِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ(5/152)
2572 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَقِيبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، لِقَاؤُكَ حق، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»(5/152)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ هَذَا الدُّعَاءَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ بَعْدَمَا يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ بِاللَّيْلِ(5/152)
2573 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ [ص:153] اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِلتَّهَجُّدِ قَالَ بَعْدَمَا يُكَبِّرُ: «اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ حَاكَمْتُ وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»(5/152)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ مَسْأَلَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْهِدَايَةَ لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ عِنْدَ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ(5/153)
2574 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ صَلَاتَهُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَيَقُولُ: «اللهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»(5/153)
ذِكْرُ فَضْلِ طُولِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ(5/153)
2575 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سُوءٍ قَالَ: " وَمَا هَمَمْتَ؟، قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَدَعَهُ(5/153)
2576 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا يَعْلَى، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ الْقُنُوتِ»(5/154)
ذِكْرُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ(5/154)
2577 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ يُمْلِي الْمُصْحَفَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، فَفَزِعَ عُمَرُ فَقَالَ: وَيْحَكَ انْظُرْ مَا تَقُولُ، وَغَضِبَ حَتَّى ارْتَفَعَ عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ: وَيْحَكَ انْظُرْ مَا تَقُولُ، فَقَالَ: مَا جِئْتُكَ إِلَّا بِالْحَقِّ، قَالَ: وَمَنْ هُوَ؟، قَالَ: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْهُ، وَسَأُحَدِّثكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ، إِنَّا سِرْنَا لَيْلَةً فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي بَعْضِ مَا يَكُونُ مِنْ حَاجَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ خَرَجْنَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَسْجِدِ، إِذَا رَجُلٌ يَقْرَأُ فَقَامَ يَسْتَمِعُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَعِبْتَ؟، قَالَ: فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ اسْكُتْ قَالَ: فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ وَجَلَسَ يَدْعُو وَيَسْتَغْفِرُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلْ تُعْطَهْ» ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَسُرُّهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَطْبًا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ كَمَا قَرَأَهُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ» ، قَالَ: فَعَلِمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَيْهِ لِأُبَشِّرَهُ فَقَالَ: قَدْ سَبَقَكَ أَبُو بَكْرٍ، وَمَا سَابَقْتُهُ إِلَى خَيْرٍ قَطُّ إِلَّا سَبَقَنِي "(5/154)
2578 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ قَالَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: ثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، قَالَ: نَزَلْتُ أَنَا وَمُجَاهِدٌ، عَلَى يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ ابْنِ أُمِّ هَانِئٍ، فَحَدَّثنَا عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: كُنَّا نَسْمَعُ قَرَأَةَ رَسُولِ [ص:155] اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَأَنَا عَلَى عَرِيشِي(5/154)
ذِكْرُ التَّرْتِيلِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ(5/155)
2579 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْطَعُ قَرَأْتَهُ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}(5/155)
2580 - وَرَوَى الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ، أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ عَنْ قِرَاءَةِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَاتِهِ قَالَ: وَنَعَتَتْ لَهُ قَرْأَتَهُ، فَإِذَا هِيَ تَنْعَتُ قِرَاءَةً مُفَسِّرَةً حَرْفًا حَرْفًا "(5/155)
ذِكْرُ الْجَهْرِ بِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُخَافَتَةِ بِبَعْضٍ(5/155)
2581 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ زَائِدَةَ بْنِ نَشِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَخْفِضُ طَوْرًا وَدَفَعَ طَوْرًا "(5/155)
2582 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ:، سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَيُسِرُّ الْقِرَاءَةَ أَمْ يَجْهَرُ؟، فَقَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا أَسَرَّ وَرُبَّمَا جَهَرَ قَالَ: قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً "(5/156)
ذِكْرُ صِفَةِ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَاسْتِحْبَابِ تَرْكِ رَفْعِ الصَّوْتِ الشَّدِيدِ بِهَا(5/156)
2583 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَرَأَى أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي وَهُوَ يَخْفِضُ صَوْتَهُ، وَمَرَّ بِعُمَرَ وَهُوَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَخْفِضُ صَوْتَكَ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَسْمَعْتُ مَنْ أُنَاجِي، وَقَالَ لِعُمَرَ: «مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أُوقِظُ الْوَسْنَانَ، وَأُرْضِي اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «ارْفَعْ شَيْئًا،» وَقَالَ لِعُمَرَ: «اخْفِضْ شَيْئًا»(5/156)
ذِكْرُ تَرْكِ الْجَهْرِ إِذَا تَأَذَّى بِالْجَهْرِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ(5/156)
2584 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي [ص:157] الْمَسْجِدِ فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُونَ بِالْقِرَاءَةِ، وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ، فَكَشَفَ السُّتُورَ وَقَالَ: «أَلَا إِنَّ كُلَّكُمْ يُنَاجِي رَبَّهُ، وَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعَنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ» ، أَوْ قَالَ: «فِي الصَّلَاةِ»(5/156)
ذِكْرُ قِرَاءَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْمُزَّمِّلِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ(5/157)
2585 - حَدَّثَنَا ابْنُ مَنِيعٍ، قَالَ ثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ أَبُو لُبَابَةَ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْمُزَّمِّلِ "(5/157)
ذِكْرُ عَدَدِ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ(5/157)
2586 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً(5/157)
2587 - وَقَالَ بُنْدَارٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً(5/157)
2588 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:158] بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً(5/157)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يَحْسَبُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ خِلَافُ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ(5/158)
2589 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيْدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَأَلَ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟، فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا يُسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا يُسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟، فَقَالَ: «إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي»(5/158)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ ظَاهِرُهُ خِلَافُ الْخَبَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَهِيَ إِذَا تَدَبَّرْتَهَا كُلَّهَا مُتَّفِقَةٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الْخَبَرُ الثَّالِثُ فَإِنَّهُمْ(5/158)
2590 - يُحَدِّثونَهُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ "، فَتَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاحْتَجَّ بِحَدِيثٍ حُدِّثَ بِهِ(5/158)
2591 - عَنْ مُؤَمَّلِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا [ص:159] عَنْ صَلَاةِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ، فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ إِنَّهُ صَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً تَرَكَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُبِضَ حِينَ قُبِضَ وَهُوَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ، آخِرُ صَلَاتِهِ مِنَ اللَّيْلِ الْوِتْرُ، ثُمَّ رُبَّمَا جَاءَ إِلَى فِرَاشِهِ هَذَا فَيَأْتِيهِ بِلَالٌ فَيُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ " وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي بَعْضِ اللَّيَالِي أَكْثَرَ مِمَّا يُصَلِّي فِي بَعْضٍ، فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ غَيْرِهِنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً مِمَّا تُثبِتُهُ الْأَخْبَارُ، فَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الصَّلَاةَ، فَجَائِزٌ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ أَيَّ عَدَدٍ مِنَ الصَّلَاةِ أَحَبَّ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ، إِذِ الِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمُبَاحِ(5/158)
ذِكْرُ قَضَاءِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِالنَّهَارِ إِذَا فَاتَتْ لِمَرَضٍ أَوْ شُغُلٍ أَوْ نَوْمٍ(5/159)
2592 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ نَبِيُّ اللهِ إِذَا غَلَبَهُ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً»(5/159)
ذِكْرُ الْوَقْتِ مِنَ النَّهَارِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْمَرْءُ مُدْرِكًا مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ إِذَا صَلَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنَ النَّهَارِ
2593 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ:(5/159)
أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابن شهاب أن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة أخبراه أن عبد الرحمن بن عبد القاري قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من نام عن حزبه أو شيء منه فقرأ فيما بين الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل.
ذكر من نوى قيام الليل فيغلبه عينه عن القيام
2594 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قال: ثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضي أن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبرته أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ما من امرئ يكون له صلاة بليل يغلبه عنها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة.
2595 - وحدثنا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الثوري عن عبدة بن أبى لبابة عن سويد بن غفلة عن أبي الدرداء عن أبي ذر قال: ما من رجل يريد أن يقوم ساعة من الليل فيغلبه عينه عنها، إلا كتب الله له أجرها، وكان نومه صدقة تصدق الله بها عليه.
ذكر النهي عن أن تخص ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي
2596 - من حديث حسين بن علي عن زائدة عن هشام عن ابن سيرين عَنْ(5/160)
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، ولا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي.
ذكر الأمر بالاقتصاد في الأعمال وترك الحمل على النفس ما لا تطيقه من الأعمال
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ:
2597 - أَخْبَرَنَا أبو ضمرة أنس بن عياض عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أبيه أن عائشة كانت عندها امرأة من بني أسد، فدخل عليها النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: من هذه؟ قلت: هذه فلانة لا تنام الليل
قال: تذكر من صلاتها، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل حتى تملوا قال: وقالت: وكان أحب الدين إليه ما يدوم عليه صاحبه.
2598 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن معمر عن قتادة عن زرارة بن
أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى صلاة أحب أن يدوم عليها، ولا أعلم نبي الله قرأ القرآن في ليلة، ولا قام ليلة حتى أصبح، ولا صام شهرا كاملا غير شهر رمضان.
2599 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: ثنا عيينة بن عبد الرحمن بن حوشن عن أبيه عن يزيد الأسلمي قالا: خرجت ذات يوم لحاجة، فإذا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشى بين يدي، فلحقته فأخذ بيدي فانطلقنا نمشي جميعا، فإذا نحن بين أيدينا رجل يصلي يكثر الركوع والسجود، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتراه يرأي؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فترك يدي من يده، فطبق بين يديه، ثم جعل يرفعهما ويضربهما، عليكم هديا(5/161)
قَاصِدًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبُهُ "(5/162)
2600 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» فَقَالُوا: حَبْلٌ لِزَيْنَبَ تُصَلِّي، فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ، فَقَالَ: «حُلُّوهُ» ثُمَّ قَالَ: لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ فَلْيُمْسِكْ "(5/162)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ وَطُولِ الْقِيَامِ فِيهَا شُكْرًا لِنِعَمِ اللهِ(5/162)
2601 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَيْسَ قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟، قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»(5/162)
2602 - حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو زَيْدٍ، صَاحِبُ الْهَوْذِيِّ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:163] يُصَلِّي حَتَّى تَوَّرَمَ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟، قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»(5/162)
كِتَابُ الْوِتْرِ(5/165)
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِفَرْضٍ(5/167)
2603 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ» قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»(5/167)
2604 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «فُرِضَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ، ثُمَّ نُقِصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا، ثُمَّ نُودِيَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَإِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الْخَمْسِ خَمْسِينَ»(5/167)
2605 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «لَيْسَ الْوِتْرُ بِحَتْمٍ كَهَيْئَةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَلَكِنَّهُ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ وَمَا لَمْ نَذْكُرْهُ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ عَلَى أَنَّ فَرَائِضَ الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ وَسَائِرَهُنَّ تَطَوَّعٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرِ النُّعْمَانِ فَإِنَّهُ خَالَفَهُمْ، وَزَعَمَ أَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ [ص:168] لِلْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَالِمِهِمْ وَجَاهِلِهِمْ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا سَبَقَهُ إِلَى مَا قَالَ، وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا كَقَوْلِ سَائِرِ النَّاسِ(5/167)
ذِكْرُ خَبَرٍ غَيْرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَيْسَ بِفَرْضٍ(5/168)
2606 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ جَارِيَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ وَأَوْتَرَ، فَلَمَّا كَانَتِ الْقَابِلَةُ جِئْنَا الْمَسْجِدَ رَجَوْنَا أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا، فَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ حَتَّى أَصْبَحْنَا، ثُمَّ دَخَلْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ رَجَوْنَا أَنْ تُصَلِّيَ بِنَا، قَالَ: «إِنِّي خَشِيتُ أَوْ كَرِهْتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ» يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ وَقِيَامَ اللَّيْلِ غَيْرُ مَكْتُوبٍ فَرْضُهُ عَلَى النَّاسِ(5/168)
ذِكْرُ التَّرْغِيبِ فِي الْوِتْرِ وَاسْتِحْبَابِهِ إِذِ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُحِبُّهُ(5/168)
2607 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ»(5/168)
2608 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا جَابِرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ»(5/168)
ذِكْرُ وَقْتِ الْوِتْرِ(5/169)
2609 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَارِجَةَ هُوَ ابْنُ حُذَافَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصُّبْحِ فَقَالَ: لَقَدْ سَاقَ اللهُ إِلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ صَلَاةً لَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ فَسَأَلُوهُ، فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالَ: «الْوِتْرُ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ(5/169)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْوِتْرِ أَوَّلَ اللَّيْلِ، أَوْ وَسَطَهُ، أَوْ آخِرَهُ إِنْ أَحَبَّ الْمُصَلِّي، أَوِ اللَّيْلُ كُلُّهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقْتُ الْوِتْرِ(5/169)
2610 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ»(5/169)
2611 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا أَبُو يَعْفُورَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّهَرِ»(5/169)
2612 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَوَّلِهِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّهَرِ "(5/170)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْوِتْرِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ(5/170)
2613 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ وَاجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِكَ وِتْرًا»(5/170)
ذِكْرُ الْوَصِيَّةِ بِالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ(5/170)
2614 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ، مَوْلَى حُوَيْطِبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّهُ قَالَ: «أَوْصَانِي حِبِّي بِثَلَاثٍ، وَلَا أَتْرُكُهُنَّ إِنْ شَاءَ اللهُ أَبَدًا، صَلَاةِ الضُّحَى، وَالْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصِيَامِ ثَلَاثِةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»(5/170)
2615 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «ثَلَاثٌ أَوْصَانِي بِهِنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ أَنَامَ عَلَى وِتْرٍ»(5/170)
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَمْرِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْوِتْرِ لَيْسَ بِأَمْرٍ قَوِيٍّ إِنَّمَا أُمِرَ بِهِ لِلْوَثيقَةِ وَالْحَزْمِ خَوْفَ أَلَّا يَسْتَيْقِظَ الْمَرْءُ لِلْوِتْرِ(5/171)
2616 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «مَتَى تُوتِرُ؟» ، قَالَ: أُوتِرُ ثُمَّ أَنَامُ قَالَ: «بِالْحَزْمِ أَخَذْتَ» ، وَسَأَلَ عُمَرَ: «مَتَى تُوتِرُ؟» قَالَ: أَنَامُ ثُمَّ أَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَأُوتِرُ، قَالَ: «بِفِعْلِ الْقَوِيِّ فَعَلْتَ»(5/171)
2617 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: تَذَاكَرَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ الْوِتْرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَإِذَا اسْتَيْقَظْتُ صَلَّيْتُ، وَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «أَخَذْتَ بِالْحَذَرِ» ، وَقَالَ لِعُمَرَ: «أَخَذْتَ بِالْقُوَّةِ»(5/171)
2618 - وَحَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ثُمَّ لِيَرْقُدْ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَسْتَيْقِظَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّ قَوْلُهُ: «وَذَلِكَ أَفْضَلُ» عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ فِي آخِرِ [ص:172] اللَّيْلِ أَفْضَلُ 0 وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يُوتِرُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يُوتِرَ، وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو لَمَّا أَسَنَّ، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: الْأَكْيَاسُ الَّذِينَ إَِذَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ أَوْتَرُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنَامُوا، وَإِنَّ الْأَقْوِيَاءَ الَّذِينَ يُوتِرُونَ آخِرَ اللَّيْلِ وَهُوَ أَفْضَلُ(5/171)
2619 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سُئِلَ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ ثُمَّ أَنَامُ، فَإِذَا قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ ضَمَمْتُ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى فَمَا أَشْبَهَهَا إِلَّا قَلُوصٌ نَادِرَةٌ أَضُمُّهَا إِلَى الْإِبِلِ "(5/172)
2620 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ بِشْرِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ: " أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ، ثُمَّ أَنَامُ فَإِذَا قُمْتُ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَتَرَكْتُ وِتْرِي كَمَا هُوَ(5/172)
2621 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو قَالَ: «كُنْتُ أُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَسْنَنْتُ أَوْتَرْتُ، ثُمَّ نِمْتُ»(5/172)
2622 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا خَدِيجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُدْرِكِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: " إِنَّ الْأَكْيَاسَ الَّذِينَ إِذَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا يَقُومُونَ أَوْتَرُوا قَبْلَ أَنْ يَنَامُوا، وَإِنَّ الْأَقْوِيَاءَ الَّذِينَ يُوتِرُونَ آخِرَ اللَّيْلِ وَهُوَ أَفْضَلُ(5/172)
2623 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُوتِرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ؛ وَأَنَّ عُمَرَ كَانَ يُوتِرُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنَامُ عَلَى شَفْعٍ، ثُمَّ يُوتِرُ مِنَ السَّحَرِ» وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ لَمَّا نَظَرَ إِلَى تَبَاشِيرِ الْفَجْرِ قَالَ: " نِعْمَ سَاعَةُ الْوِتْرِ هَذِهِ، وَكَانَ عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو يُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَسَنَّ أَوْتَرَ ثُمَّ نَامَ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ، وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّ الْوِتْرَ آخِرَ اللَّيْلِ النَّخَعِيُّ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ(5/173)
2624 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ تَذَاكَرَا الْوِتْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَنَامُ عَلَى وِتْرٍ، فَإِنِ اسْتَيْقَظْتُ صَلَّيْتُ شَفْعًا حَتَّى الصَّبَّاحِ، وَقَالَ عُمَرُ: لَكِنِّي أنَا أَنَامُ عَلَى شَفْعٍ، ثُمَّ أُوتِرُ مِنَ السَّحَرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: «حَذَرٌ هَذَا» ، وَقَالَ لِعُمَرَ: «قَوِيُّ هَذَا»(5/173)
2625 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ حِبَّانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ أَنَّ عَلِيًّا حِينَ نَظَرَ إِلَى تَبَاشِيرِ الْفَجْرِ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْوِتْرِ؟ نِعْمَ سَاعَةُ الْوِتْرِ هَذِهِ "(5/173)
2626 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ حِينَ ثَوَّبَ ابْنُ النَّيَّاحِ فَقَالَ: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} [التكوير: 18] الْآيَةَ، نِعْمَ سَاعَةُ الْوِتْرِ هَذِهِ، أَيْنَ [ص:174] السَّائِلُونَ عَنِ الْوِتْرِ؟(5/173)
2627 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو قَالَ: «كُنْتُ أُوتِرُ آخِرَ اللَّيْلِ فَلَمَّا أَسْنَنْتُ أَوْتَرْتُ ثُمَّ نِمْتُ»(5/174)
2628 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ لَيْلَةً فَصَلَّى لَيْلَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا قَدْرُ مَا بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا أَوْتَرَ " وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَنْ الْوِتْرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: ثَلَاثٌ أَوْصَانِي بِهِنَّ أَنْ أَنَامَ عَلَى وِتْرٍ، فَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ طَمِعَ فِي أَنْ يَسْتَيْقِظَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَحْضُورَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ» دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ: ثَلَاثٌ أَوْصَانِي بِهِنَّ الْوِتْرُ قَبْلَ النَّوْمِ، إِنَّمَا هُنَّ عَلَى مَعْنَى الْحَذَرِ وَالْوَثيِقَةِ تَخَوُّفًا أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ فَيُوتِرَ آخِرَ اللَّيْلِ "(5/174)
2629 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ»(5/174)
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمُثبِتَةِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ(5/175)
2630 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَوَاحِدَةٌ»(5/175)
2631 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ»(5/175)
2632 - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ "(5/175)
ذِكْرُ الْوِتْرِ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ(5/175)
2633 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ صَلَاتُهُ مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ بِخَمْسٍ، وَلَا يُسَلِّمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَمْسِ، حَتَّى يَجْلِسَ فِي الْآخِرَةِ فَيُسَلِّمَ "(5/175)
2634 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ عَائِشَةَ، حَدَّثتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرْقُدُ فَإِذَا اسْتَيْقَظَ تَسَوَّكَ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يَجْلِسُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ وَلَا يَجْلِسُ إِلَّا فِي الْخَامِسَةِ، وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي الْخَامِسَةِ "(5/176)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْوِتْرِ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ، أَوْ بِتِسْعٍ، وَصِفَةِ الْجُلُوسِ إِذَا أَوْتَرَ بِسَبْعٍ أَوْ بِتِسْعٍ(5/176)
2635 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، كَانَ جَارًا لَهُ، فَأَخْبَرَهُ " أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبِيعَ عَقَارًا لَهُ، وَمَالًا فَيَجْعَلُهُ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، ثُمَّ يُجَاهِدُ الرُّومَ حَتَّى يَمُوتَ، فَلَقِيَهُ رَهْطٌ مِنْ قَوْمِهِ فَنَهَوْهُ عَنْ ذَلِكَ، وَأَخْبَرُوهُ أَنَّ رَهْطًا مِنْهُمْ سِتَّةً أَرَادُوا ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «أَلَيْسَ لَكُمْ فِيَّ أُسْوَةٌ؟» فَلَمَّا حَدَّثوهُ بِذَلِكَ رَاجَعَ امْرَأَتَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَخْبَرَنَا أَنَّهُ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَأَلَهُ عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُنْبِئُكَ، أَوْ أَلَا أَدُلُّكَ بِأَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِوِتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ: مَنْ؟، قَالَ: عَائِشَةُ فَأْتِهَا فَاسْأَلْهَا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ ارْجِعْ إِلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِرَدِّهَا عَلَيْكَ، قَالَ سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ: فَأَتَيْتُ حَكِيمَ بْنَ أَفْلَحَ فَاسْتَلْحَقْتُهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارٍ بِهَا، إِنِّي نَهَيْتُهَا عَنْ أَنْ تَقُولَ فِيمَا بَيْنَ الشِّيعَتَيْنِ شَيْئًا، فَأَبَتْ إِلَّا مُضِيًّا فِيهِمَا، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ مَعِي فَسَلَّمْنَا عَلَيْهَا، فَدَخَلْنَا فَعَرَفَتْهُ فَقَالَتْ: أَحَكِيمٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: وَمَنْ هَذَا مَعَكَ؟، قَالَ: سَعْدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَتْ: مَنْ هِشَامٌ؟، قَالَ: ابْنُ عَامِرٍ، قَالَتْ: نِعْمَ الْمَرْءُ كَانَ عَامِرًا، أُصِيبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: «كُنَّا نَعُدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطُهُورَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَبْعَثهُ اللهُ لِمَا شَاءَ، أَنْ يَبْعَثهُ فَيَتَسَوَّكَ وَيَتَوَضَّأَ، ثُمَّ يُصَلِّيَ تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ فِيهِنَّ إِلَّا عِنْدَ الثامِنَةِ، فَيَحْمَدُ اللهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُوهُ، وَيَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ فَيَقْعُدُ [ص:177] فِيهَا وَيَحْمَدُ اللهَ وَيَذْكُرُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا وَيُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ بَعْدَمَا سَلَّمَ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَلَمَّا أَسَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ اللَّحْمَ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ، فَتِلْكَ تِسْعٌ أَيْ بُنَيَّ»(5/176)
2636 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَا: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عُمَارَةُ بْنُ زَاذَانَ، قَالَ: ثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ وَهُوَ قَائِمٌ فَلَمَّا أَنْ بَدَّنَ وَكَبِرَ لَحْمُهُ، أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَكَانَ يَقْرَأُ بِالْوَاقِعَةِ، وَالرَّحْمَنِ " قَالَ ثَابِتٌ: «وَنَحْنُ نَقْرَأُ السُّوَرَ الصِّغَارَ» قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوِتْرِ فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ، وَيَقُولُ: كَانَ ذَلِكَ وِتْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى الْوِتْرَ رَكْعَةً عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَائِشَةُ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مُعَاذٌ الْقَارِّيُّ وَمَعَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ(5/177)
2637 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عُثْمَانَ التَّيْمِيَّ عَنْ صَلَاةِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ فَقَالَ: إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَنْ صَلَاةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ نَعَمْ، قُلْتُ: لَأَغْلِبَنَّ اللَّيْلَةَ النَّفْرَ عَلَى الْحِجْرِ يُرِيدُ الْمَقَامَ، قَالَ: فَلَمَّا قُمْتُ إِذَا رَجُلٌ يَزْحَمُنِي مُتَقَنِّعًا قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عُثْمَانُ، فَتَأَخَّرْتُ عَنْهُ فَصَلَّى، فَإِذَا هُوَ يَسْجُدُ سُجُودَ الْقُرْآنِ، حَتَّى إِذَا قُلْتُ هَذَا هُوَ أَذَانُ الْفَجْرِ، أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لَمْ يُصَلِّ غَيْرَهَا، ثُمَّ انْطَلَقَ "(5/178)
2638 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شُرَحْبِيلَ يَقُولُ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَةً أَوْتَرَ بِهَا "(5/178)
2639 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ أُسَامَةَ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: «كُنَّا نَقُومُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَؤُمُّنَا مُعَاذٌ الْقَارِيُّ، فَكَانَ يُسَلِّمُ رَافِعًا صَوْتَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُوتِرُ بِوَاحِدٍ، وَكَانَ يَقُومُ مَعَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ»(5/178)
2640 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدٍ «أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ»(5/178)
2641 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ أَيُّوبَ، [ص:179] عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ "(5/178)
2642 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: ثنا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: هَلْ لَكَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ، وَاللهِ مَا أَوْتَرَ إِلَّا بِرَكْعَةٍ؟ قَالَ: أَصَابَ إِنَّهُ فَقِيهٌ "(5/179)
2643 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٍ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَةً أَوْتَرَ بِهَا "(5/179)
2644 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرٌ، وَمُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَإِذَا رَأَى السَّمَاءَ قَالَ: «مَا أَظُنُّ الْفَجْرَ إِلَّا قَدْ حَضَرَ فَأَوَتَرَ بِرَكْعَةٍ»(5/179)
2645 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا سَلَامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أُمِّ شَبِيبٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتِ الصَّرْخَةَ فَأَوْتِرِي بِرَكْعَةٍ»(5/179)
2646 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو إِبْرَاهِيمَ التُّرْجُمَانُ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ قَالَا: ثنا قزعة بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ: صَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فَأَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، عَمَّنْ تَأْخُذُ هَذِهِ الرَّكْعَةَ؟ قَالَ: «أَخَذْتُهَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ» وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، [ص:180] وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ غَيْرَ أَنَّ مَالِكًا، وَالْأَوْزَاعِيَّ، وَالشَّافِعِيَّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ رَأَوْا أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمَ، ثُمَّ يُوتِرَ رَكْعَةً وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُوتِرُ بِثَلَاثٍ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ(5/179)
2647 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: " صَلَّى بِنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ذَاتَ يَوْمٍ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ تَجَوَّزَ بَعْدَهَا بِرَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَالَ ثَابِتٌ: أَلَا يُوتِرُ؟ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُرِيَنِي وِتْرَهُ، قَالَ: «فَأَوْتَرَ بِثَلَاثٍ كَأَنَّهُنَّ الْمَغْرِبُ»(5/180)
2648 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ "(5/180)
2649 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ لَيْثٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ عَفَّانَ قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: الْوِتْرُ بِثَلَاثٍ كَوِتْرِ النَّهَارِ [ص:181] الْمَغْرِبِ "(5/180)
2650 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ أَخْبَرَهُ «أَنَّ عُمَرَ لَمَّا دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ وَفَرَغَ مِنْهُ وَقَدْ كَانَ صَلَّى صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةَ أَوْتَرَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَأَوْتَرَ مَعَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»(5/181)
2651 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا عَارِمٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو هَارُونَ الْغَنَوِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حِطَّانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «الْوِتْرُ ثَلَاثَةٌ»(5/181)
2652 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَاذَانَ أَبِي عُمَرَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ يَعْنِي يُوتِرُ بِثَلَاثٍ "(5/181)
2653 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ قَالَ: كَانَ أَبُو أُمَامَةَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ سُفْيَانُ: «أَعْجَبُ إِلَيَّ ثَلَاثٌ، [ص:182] وَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ الْوِتْرَ بِثَلَاثٍ، وَخَمْسٍ، وَسَبْعٍ، وَتِسْعٍ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ» قَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ بِسَبْعٍ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ» ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «إِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ أَوْ خَمْسٌ، أَوْ سَبْعٌ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ يُوتِرُ بِمَا شَاءَ» ، وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: «ثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَخَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ» ، وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «الْوِتْرُ سَبْعٌ، وَخَمْسٌ، وَالثَّلَاثُ بَتْرَاءُ» ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَّيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَخَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ» ، وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ «كَانَ يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ لَا يَنْصَرِفُ فِيهَا»(5/181)
2654 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إِلَّا أَنْ يُومِئَ إِيمَاءً فَلْيَفْعَلْ»(5/182)
2655 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: وَفَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ: فَشَهِدَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَ مُعَاوِيَةَ الْعِشَاءَ فَلَمَّا فَرَغَ مُعَاوِيَةُ رَكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا قَالَ: فَجِئْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا أُضْحِكُكَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، صَلَّى الْعِشَاءَ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا، قَالَ: «أَصَابَ أَيْ بُنَيَّ، لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، إِنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ، أَوْ خَمْسٌ، أَوْ سَبْعٌ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، يُوتِرُ بِمَا شَاءَ»(5/182)
2656 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: قِيلَ لِسَعْدٍ: إِنَّكَ تُوتِرُ بَرَكْعَةٍ، قَالَ: «نَعَمْ أُخَفِّفُ عَلَى نَفْسِي، ثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَخَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ»(5/183)
2657 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ يَمُرُّ بِنَا رَجُلًا رَجُلًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيَّ سَأَلْتُهُ عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ: «خَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ» قَالَ حَمَّادٌ: وَأَظُنُّهُ قَالَ: «وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ»(5/183)
2658 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: ثنا سَعِيدٌ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعْيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «الْوِتْرُ سَبْعٌ وَخَمْسٌ، وَالثَّلَاثُ بَتْرَاءُ»(5/183)
2659 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نَعَامَةَ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى إِذَا صَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ يَمُرُّ بِنَا، فَأَتَى عَلَيَّ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي عَنِ الْوِتْرِ، قَالَ: «ثَلَاثٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَاحِدَةٍ وَخَمْسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَسَبْعٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسٍ»(5/183)
2660 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابِيٍّ الْمَكِّيِّ قَالَ: جِئْتُ أَنَا وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ عَبْدَ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِعَرَفَةَ، وَقَدْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا فِي الْحِلِّ وَفُسْطَاطًا فِي الْحَرَمِ فَقُلْنَا لَهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: أَمَّا الَّذِي فِي الْحَرَمِ فَأُصَلِّي فِيهِ، فَإِذَا جِئْتُ أَهْلِي فَفِي الْحِلِّ، قَالَ: فَسَأَلْتُهُ كَيْفَ تُوتِرُ؟، قَالَ: [ص:184] قَالَ: مَا أَعْجَبُ إِلَيَّ السَّبْعُ، سَبْعُ سَمَاوَاتٍ، وَسَبْعُ أَرَضِينَ، وَسَبْعَةُ أَيَّامٍ، وَالطَّوَافُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ سَبْعٌ، وَسَبْعُ حَصَيَاتٍ "(5/183)
2661 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: «كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ، لَا يَنْصَرِفُ فِيهَا» وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: «الْوِتْرُ ثَلَاثٌ، وَخَمْسٌ، وَسَبْعٌ وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ» ، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: «الْوِتْرُ ثَلَاثٌ، وَخَمْسٌ، وَسَبْعٌ، وَتِسْعٌ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ» ، وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: «إِنْ شِئْتَ أَوْتَرْتَ بِرَكْعَةٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَبِثَلَاثٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَبِخَمْسٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَبِسَبْعٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَبِتِسْعٍ، وَلَا يُسَلَّمُ إِلَّا فِي إِحْدَاهُنَّ إِذَا فَرَّقْتَهُ، وَإِنْ أَوْتَرْتَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ تُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَفْرِدِ الْوِتْرَ بِرَكْعَةٍ»(5/184)
2662 - حَدَّثَنَا طَاهِرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ تَشَبَّهُوا بِالْمَغْرِبِ، وَلَكِنْ أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ، أَوْ بِسَبْعٍ، أَوْ بِتِسْعٍ، أَوْ بِإِحْدَى عَشْرَةَ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ كَأَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ بِرَكْعَةٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جِمَاعِةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ [ص:185] لَمَّا قِيلَ لَهُ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ فَعَلَ ذَلِكَ، قَالَ: «أَصَابَ إِنَّهُ فَقِيهٌ» ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى هَذَا جَائِزًا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي نُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَا قُضِيَ لَهُ مِنَ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، وَإِنْ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ جَازَ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ(5/184)
ذِكْرُ الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَهُمَا، وَمِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ، وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ أَبِي حَلِيمَةَ الْقَارِّيُّ يُسَلِّمُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْوِتْرِ، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، [ص:186] وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ(5/185)
2663 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَلِّمُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ مِنَ الْوِتْرِ حَتَّى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ " وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الْكُوفِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُفْصَلُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ بِسَلَامٍ، وَلَا يَكُونُ الْوِتْرُ رَكْعَةً» ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: «الْوِتْرُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْوَاحِدُ الْمُفْرَدُ، وَالشَّفْعُ هُوَ الشَّيْءُ الْمُجْتَمِعُ» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ " فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ: إِنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ وَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ «وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ» فِيمَنْ نَسِيَ أَنْ يُسَلِّمَ بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَيْنَ الْوِتْرِ حَتَّى اسْتَوَى قَائِمًا لِلثالِثةِ وَهُوَ مِمَّنْ يَغْفُلُ قَالَ: إِنْ ذَكَرَ قَبِلَ أَنْ يَرْكَعَ جَلَسَ ثُمَّ سَلَّمَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى يَرْكَعَ فَلْيَمْضِ وَيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي مَا لَا يَسْتَطِيعُ قَضَاءَهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ "، ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ " فِي الْإِمَامِ الَّذِي يُوتِرُ بِالنَّاسِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ لَا يُسَلِّمُ بَيْنَهُنَّ: أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَهُ بِصَلَاتِهِ، وَلَا يُخَالِفَهُ " وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: «لَا يُخَالِفُهُ إِنْ سَلَّمَ فَيُسَلِّمْ وَإِلَّا فَلَا يُسَلِّمُ» ، قَالَ مَالِكٌ: «وَلَقَدْ كُنْتُ أَنَا أُصَلِّي مَعَهُمْ مَرَّةً، فَإِذَا كَانَ الْوِتْرُ انْصَرَفْتُ وَلَمْ أُوتِرْ مَعَهُمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُوتِرُ مَعَهُمْ وَلَا أُخَالِفُهُمْ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ أَنْصَرِفَ، وَلَا أُوتِرَ مَعَهُمْ؛ لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ(5/186)
2664 - حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو ذَرٍّ، قَالَ: " صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا حَتَّى بَقِيَ مِنَ الشَّهْرِ سَبْعٌ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ نَحْوُ ثُلُثِ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا الرَّابِعَةَ وَقَامَ الْخَامِسَةَ حَتَّى بَقِيَ نَحْوٌ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ تُصَلِّينَا بِقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَتْ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ» ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ فِي السَّابِعَةِ ذَهَبَ إِلَى نِسَائِهِ وَأَهْلِهِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ: «السَّحُورُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي قَوْلِهِ «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَتْ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ مَعَ الْإِمَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ، مَعَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: «صَلَاةُ الْجَمِيعِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» ، وَيَدُلُّ عَلَى تَرْكِ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ إِنْ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ، وَلِقَوْلِهِ «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» ، فَنَحْنُ وَإِنْ كُنَّا نَرَى الْوِتْرَ رَكْعَةً، فَقَدْ قَالَ غَيْرُنَا: يُوتِرُ بِثَلَاثٍ، وَلَيْسَ يَسْبِقُ إِذَا فَعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ أَنْ يُتْبِعَ، وَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ؛ لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْتُ مِنَ الِانْصِرَافِ قِبْلَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ، لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ، وَأَوْتَرَ بِسَبْعٍ وَثَبَتَ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِتِسْعٍ لَا يَقْعُدُ فِيهِنَّ إِلَّا عِنْدَ الثامِنَةِ، ثُمَّ قَعَدَ فِي التَّاسِعَةِ، فَبِأَيِّ فِعْلٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ مِنْ أَفْعَالِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْوِتْرِ [ص:188] فَعَلَهُ رَجُلٌ فَقَدْ أَصَابَ السُّنَّةَ غَيْرَ أَنَّ الْأَكْثَرَ مِنَ الْأَخْبَارِ وَالْأَعَمَّ مِنْهَا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ» ، وَإِنْ شَاءَ الْمُصَلِّي صَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَرَأَ فِي الْأُولَى مِنْهَا بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وَيَأْتِي بِالرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، وَيَقْرَأُ فِيهَا قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ(5/187)
2665 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثهُمْ قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زَبَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الْحُجْرَةِ وَأَنَا فِي الْبَيْتِ، وَكَانَ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِكَلَامٍ يُسْمِعُنَا»(5/188)
2666 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعِيسِيُّ، قَالَ: ثنا يُونُسُ يَعْنِي ابْنَ حِبَّانَ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوِتْرُ حَقٌّ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ»(5/188)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِمُبَادَرَةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِالْوِتْرِ إِذِ الْوِتْرُ وَقْتُهُ اللَّيْلُ لَا النَّهَارُ(5/188)
2667 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ» [ص:189] وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، فَقَالَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالْوِتْرِ»(5/188)
2668 - حَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ السِّنْدِيِّ، قَالَ: ثنا شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ زَائِدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ»(5/189)
2669 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا»(5/189)
2670 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ: «أَوْتِرْ قَبْلَ الْفَجْرِ»(5/189)
ذِكْرُ النَّائِمِ عَنِ الْوِتْرِ، أَوِ النَّاسِي لَهُ يُصْبِحُ قَبْلَ أَنْ يُوتِرَ(5/189)
2671 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يَقُولُ: " مَنْ صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِهِ وِتْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ، وَالْوِتْرُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوْتِرُوا قَبْلَ الْفَجْرِ»(5/189)
2672 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرُ، فَأَوْتِرُوا قَبْلَ الْفَجْرِ»(5/190)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قَضَاءِ الْوِتْرِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقْتٌ لِلْوِتْرِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يُوتِرْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ فَاتَ الْوِتْرُ، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَالَ مَكْحُولٌ: «مَنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يُوتِرْ فَلَا وِتْرَ عَلَيْهِ» وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: «الْوِتْرُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ»(5/190)
2673 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ، لَمْ يُوتِرْ حَتَّى فُجِرَ الْفَجْرُ، قَالَ: قَدْ فَاتَهُ الْوِتْرُ فَلَا يُوتِرْ، فَقِيلَ لَهُ: أَعِلْمٌ أَمْ رَأْيٌ؟ فَحَدَّثَ حِينَئِذٍ عَنْ سُلَيْمَانَ، أَوْ مِينَاءَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «إِنَّمَا هُمَا رَكْعَتَانِ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا صَلَاةَ إِلَّا الرَّكْعَتَانِ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ الْوِتْرَ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ. [ص:191] رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «الْوِتْرُ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ» ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا وِتْرَ بَعْدَ الْأَذَانِ، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَقَالَ: لَقَدْ أَغْرَقَ فِي النَّزْعِ، وَأَفْرَطَ فِي الْفُتْيَا، الْوِتْرُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ أَوْتَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَوْتَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَحُذَيْفَةُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَعَائِشَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ(5/190)
2674 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَفَرٌ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَسَأَلُوهُ عَنِ الْوِتْرِ، فَقَالَ: " لَا وِتْرَ بَعْدَ الْأَذَانِ، فَأَتَوْا عَلِيًّا فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ: لَقَدْ أَغْرَقَ فِي النَّزْعِ وَأَفْرَطَ فِي الْفُتْيَا، الْوِتْرُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ "(5/191)
2675 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي [ص:192] الشَّعْثَاءِ، وَأَبِي حُصَيْنٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: «الْوِتْرُ مَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ»(5/191)
2676 - وَحَدَّثنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنْ لَاحِقٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: يَوْمًا مَا أَوْتَرْتُ حَتَّى أَصْبَحْتُ(5/192)
2677 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَوْتَرَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ(5/192)
2678 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، ثُمَّ قَالَ لِخَادِمِهِ: " انْظُرْ مَا صَنَعَ النَّاسُ، وَقَدْ كَانَ يَوْمَئِذٍ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَذَهَبَ الْخَادِمُ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: قَدِ انْصَرَفَ النَّاسُ مِنَ الصُّبْحِ، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَأَوْتَرَ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ "(5/192)
2679 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثتْنَا أُمُّ شَبِيبٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «إِنِّي لَأُوتِرُ، وَأَنَا أَسْمَعُ الصَّرْخَةَ»(5/192)
2680 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ هُبَيْرَةَ الشَّيْبَانِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَكَانَ إِمَامَ قَوْمِهِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلٌ، فَلَمَّا رَآهُ الْمُؤَذِّنُ ذَهَبَ يُقِيمُ فَكَفَّهُ عُبَادَةُ ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَمَرَ فَأَقَامَ "(5/192)
2681 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ قَالَ: «لَإِنِّي لَأُوتِرُ وَقَدْ صَفَّ النَّاسُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ»(5/193)
2682 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثنا الْحَجْبِيُّ قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «مَا أَوْتَرَ إِلَّا بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَمَا يُؤَذِّنُونَ حَتَّى يُصْبِحُوا» وَكَانَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ يَقُولُونَ: «يُوتِرُ مَا لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ» ، وَحُكِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ أَوْتَرْتَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا بَأْسَ» ، وَهَكَذَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ: «إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ فَلَا يُوتِرْ» ، وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ: «إِنَّ أَكْثَرَ وِتْرِنَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: «وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ وَإِنْ صَلَّى الصُّبْحَ» ، كَذَلِكَ قَالَ طَاوُسٌ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ سُفْيَانُ: «اقْضِ الْوِتْرَ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ» ، [ص:194] قَالَ أَحْمَدُ: لَا، وَقَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: «إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ وَلَمْ يُوتِرْ، ثُمَّ ذَكَرَ الْوِتْرَ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْوِتْرِ» وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ وَإِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَفِيمَنْ فَاتَهُ الْوِتْرُ حَتَّى صَلَّى الصُّبْحَ قَوْلٌ خَامِسٌ قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: «يُوتِرُ مِنَ الْقَابِلَةِ» وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ ذَكَرَ الْوِتْرَ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَنْصَرِفُ فَيُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَقَالَ: مَالِكٌ: «إِذَا نَسِيَ وِتْرَ لَيْلَتِهِ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَطَعَ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصُّبْحَ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ إِنْ كَانَ خَلْفَ إِمَامٍ، وَإِنْ كَانَ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ سُنَّةٌ» [ص:195] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِهِ إِنَّمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِيمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ وَعَلَيْهِ الْوِتْرُ أَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا، بَلْ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ فَرْضٍ هُوَ فِيهِ إِلَى تَطَوُّعٍ لَا يُجِبُ عَلَيْهِ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنْ يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا قَالَا: «صَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَيُوتِرُ إِنْ شَاءَ» . وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ الْعِشَاءَ فَأَوْتَرَ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «لَا يُعِيدُ الْوِتْرَ» ، كَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ. وَقَالَ مَالِكٌ: «يُعِيدُ الْوِتْرَ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ «أَنَّهُ يُعِيدُ الْوِتْرَ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَيَّامٍ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا نَسِيَ الْعِشَاءَ فَصَلَّى الْوِتْرَ، ثُمَّ ذَكَرَ صَلَّى الْعِشَاءَ، وَأَعَادَ الْوِتْرَ اسْتِحْبَابًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ أَنَّ الْوِتْرَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ(5/193)
ذِكْرُ خَبَرٍ رُوِيَ يَحْسَبُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ وِتْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ(5/195)
2683 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْقِذٍ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ: ثنا عتبة بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَ الْعَبَّاسَ ذُودًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَعَثنِي إِلَيْهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ، وَكَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَسَّدْتُ الْوِسَادَةَ الَّتِي تَوَسَّدَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَامَ غَيْرَ كَبِيرٍ أَوْ غَيْرَ كَثِيرٍ، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، وَقَلَّ إِهْرَاقُهُ الْمَاءَ ثُمَّ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، وَجَعَلَ يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ حَائِضًا، فَقَامَتْ فَتَوَضَّأَتَ، ثُمَّ قَعَدَتْ خَلْفَهُ تَذْكُرُ اللهَ، فَقَالَ لَهَا: «أَشَيْطَانُكِ أَقَامَكِ؟» قَالَتْ: بِأَبِي وَأُمِّي [ص:196] يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِي شَيْطَانٌ؟ قَالَ: «فَوَالَّذِي بَعَثنِي بِالْحَقِّ، وَلِي، غَيْرَ أَنَّ اللهَ أَعَانِنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ» ، فَلَمَّا أَبْصَرَ الْفَجْرَ قَامَ فَأَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، حَتَّى أَتَاهُ بِلَالٌ فَأَذِنَهُ بِالصَّلَاةِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ وِتْرَهُ هَذَا إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ(5/195)
2684 - وَحُدِّثَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " انْطَلَقْتُ إِلَى خَالَتِي، وَذَكَرْتُ بَعْضَ الْحَدِيثِ، قَالَ: فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ الْأَوَّلُ قَامَ فَصَلَّى تِسْعَ رَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ وَهِيَ التَّاسِعَةُ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسَكَ حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ جِدًّا، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ جَنْبَهُ فَنَامَ، ثُمَّ جَاءَ بِلَالٌ "(5/196)
ذِكْرُ نَقْضِ الْوِتْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُوتِرُ، ثُمَّ يَنَامُ لِلصَّلَاةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي إِلَى الرَّكْعَةِ الَّتِي أَوْتَرَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ يُصَلِّيَ مَا بَدَا لَهُ، ثُمَّ يُوتِرَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يَجْعَلَ آخِرَ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ وِتْرًا، هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ وَغَيْرُهُ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُشْفِعُ وِتْرَهُ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ(5/196)
2685 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ مِنَ اللَّيْلِ أُوتِرْتُ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ نِمْتُ، فَإِذَا قُمْتُ وَصَلْتُ إِلَيْهَا أُخْرَى، فَمَا شَبِهَتْهَا إِلَّا الْغَرِيبَةُ بَيْنَ الْإِبِلِ تُضَمُّ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ»(5/197)
2686 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنْ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا يَقُولُ: «إِذَا أَوْتَرْتُ، ثُمَّ قُمْتُ صَلَّيْتُ رَكْعَةً، ثُمَّ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرْتُ»(5/197)
2687 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ إِذَا نَامَ عَلَى وِتْرٍ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ صَلَّى رَكْعَةً إِلَى وِتْرِهِ يُشْفِعُ بِهَا، ثُمَّ أَوْتَرَ بَعْدَهُ آخِرَ صَلَاتِهِ»(5/197)
2688 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَنْقُضُ وَيُوتِرُ "(5/197)
2689 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ أُسَامَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَنْقُضَانِ الْوِتْرَ(5/197)
2690 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيِّ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ لَا يَرَى بِنَقْضِ الْوِتْرِ بَأْسًا "(5/197)
2691 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: «إِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ نَامَ فَقَامَ فَلْيَنْقُضْ وِتْرَهُ وَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى، ثُمَّ لِيوُتِرْ بَعْدَ ذَلِكَ» وَبِهِ قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمَذْهَبُ سَعْدٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَإِسْحَاقَ: إِذَا نَقَضَ وِتْرَهُ أَوْتَرَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا مَذْهَبُ الْآخَرِينَ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ عَنْهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ، وَقَالَ: إِذَا نَامَ الرَّجُلُ، وَأَحْدَثَ أَحْدَاثًا، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَتَكَلَّمَ بَيْنَ ذَلِكَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَةً وَهَذِهِ الرَّكْعَةُ غَيْرُ الرَّكْعَةِ الَّتِي رَكَعَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، إِذْ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَصْلِ بِالنَّوْمِ وَالْأَحْدَاثِ مَا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إِذَا صَلَّى وَأَوْتَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ فَقَدْ صَارَ مُوتِرًا فِي لَيْلَةٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» ، وَإِنَّمَا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» ، فِي الرَّجُلِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ مِنَ اللَّيْلِ، فَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ فَالسُّنَّةُ أَنْ يُصَلِّيَ مَثْنَى مَثْنَى، ثُمَّ يُوتِرَ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ قَدْ أَوْتَرَ مَرَّةً، إِذْ لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُوتِرَ فِي لَيْلَةٍ مَرَّتَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَاهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ الرَّاوِي لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» وَقَدْ سُئِلَ عَنْ نَقْضِ الْوِتْرِ فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَفْعَلُهُ بِرَأْيٍ لَا أَرْوِيهِ عَنْ أَحَدٍ»(5/198)
2692 - حَدَّثونَا عَنِ الدَّارِمِيِّ عَنْ حِبَّانَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ نَقَضِهِ الْوِتْرَ فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَفْعَلُهُ بِرَأْيٍ [ص:199] لَا أَرْوِيهِ عَنْ أَحَدٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ اخْتِلَافًا فِي أَنَّ رَجُلًا بَعْدَ أَنْ أَدَّى صَلَاةَ فَرْضٍ كَمَا فُرِضَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْهَا نَقْضَهَا أَنْ لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهِ، فَحُكْمُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنَ الْوِتْرِ حُكْمُ مَا لَا نَعْلَمُهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، وَكَذَلِكَ الْحَجُّ، وَالصَّوْمُ، وَالْعُمْرَةُ، وَالِاعْتِكَافُ، لَا سَبِيلَ إِلَى نَقْضِ شَيْءٍ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ يُكْمِلَهَا، رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَنَامُ عَلَى وِتْرٍ، فَإِنِ اسْتَيْقَظْتُ صَلَّيْتُ شَفْعًا حَتَّى الصَّبَّاحِ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَعَائِشَةَ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ فَلَعَلَّهُ قَدْ فَعَلَ الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا(5/198)
2693 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لِرَجُلٍ: «إِذَا أَوْتَرْتَ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَلَا تُشْفِعْ بِرَكْعَةٍ وَصَلِّ شَفْعًا حَتَّى تُصْبِحَ» قَالَ: وَكَانَ عَطَاءٌ يُفْتِي بِهِ، يَقُولُ: «إِذَا أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَلْيُصَلِّ شَفْعًا حَتَّى يُصْبِحَ»(5/199)
2694 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَائِذَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ الرَّجُلِ يُوتِرُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لَا تُصَلِّ وِتْرَكَ "(5/199)
2695 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثَنَا غُنْدُرٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَإِذَا أَوْتَرْتُ، ثُمَّ قُمْتُ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ»(5/199)
2696 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثَنَا أَبٌو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو الْهَجَرِيِّ، عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَأُوتِرُ فَإِذَا قُمْتُ صَلَّيْتُ مَثْنَى مَثْنَى، وَتَرَكْتُ وِتْرِيَ الْأَوَّلَ كَمَا هُوَ»(5/200)
2697 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: " ذُكِرَ لَهَا الرَّجُلُ يُوتِرُ، ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ فَيَشْفَعُ بِرَكْعَةٍ، قَالَتْ: «ذَاكَ الَّذِي يَلْعَبُ بِوِتْرِهِ» وَكَانَ عَلْقَمَةُ لَا يَرَى نَقْضَ الْوِتْرِ، وَهَكَذَا مَذْهَبُ النَّخَعِيِّ، وَطَاوُسٍ، وَأَبِي مِجْلَزٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ(5/200)
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَوْلًا ثَالِثًا قَالَ: «إِنْ شِئْتَ إِذَا أَوْتَرْتَ قُمْتَ فَشَفَعْتَ بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ أَوْتَرْتَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ شِئْتَ صَلَّيْتَ بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتَ الْوِتْرَ حَتَّى تُوتِرَ مِنْ آخِرِ الْلَيْلِ»
2698 - حَدَّثنَاهُ إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ، عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(5/200)
2699 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: ثنا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا وِتْرَانِ فِي لَّيْلةٍ»(5/201)
ذِكْرُ الْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ ثَبَتَ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ»(5/201)
2700 - أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَبْلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَتْ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ " وَقَدْ ذَكَرْتُ أَفْعَالَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَوْلَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي جِمَاعِ أَبْوَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّوَابِّ فِي الْأَسْفَارِ(5/201)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوِتْرِ(5/201)
2701 - حَدَّثَنَا أَبُو غَانِمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ حُصَيْنُ بْنُ نَافِعٍ: ثنا عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَسَأَلْتُهَا، عَنْ صَلَاةِ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ: " كَانَ يُصَلِّي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَيُوتِرُ بِالتَّاسِعَةِ فَلَمَّا بَدَّنَ وَأَسَنَّ صَلَّى سِتًّا وَأَوْتَرَ بِالسَّابِعَةِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قُبِضَ " [ص:202] وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوِتْرِ فَكَانَ قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ يَقُولُ: «أَقْرَأُ وَأَنَا جَالِسٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ بَعْدَمَا أُوتِرُ» ، وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَعْرِفُ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «إِنْ شَاءَ رَكْعَةً» ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «أَرْجُو إِنْ فَعَلَهُ إِنْسَانٌ لَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «لَا أَفْعَلُهُ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّلَاةُ فِي كُلِّ وَقْتٍ جَائِزَةٌ إِلَّا وَقْتًا نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَالْأَوْقَاتُ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ الزَّوَالِ، وَوَقْتُ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالصَّلَاةُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ طَلْقٌ مُبَاحٌ، لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ فِيهَا إِلَّا بِحُجَّةٍ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوِتْرِ، فَدَلَّ فِعْلُهُ هَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا» عَلَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى الْإِيجَابِ، فَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ أَنْ يَجْعَلَ الْمَرْءُ آخِرَ صَلَاتِهِ وِتْرًا، وَلَا نَكْرَهُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَقَائِلُ هَذَا قَائِلٌ بِالْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا(5/201)
2702 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، أَنَّ سَعْدَ بْنَ هِشَامٍ، حَدَّثهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، حَدِّثينِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: " نَعَمْ أُجْلِيَنَّ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقُدُ فَنَعُدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَوُضُوءَهُ، فَيَبْعَثهُ اللهُ لِمَا يَشَاءُ أَنْ يَبْعَثهُ، فَيَقُومَ فَيَتَسَوَّكَ، ثُمَّ يَتَوَضَّأَ، ثُمَّ يُصَلِّيَ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهِنَّ، فَإِذَا كَانَ فِي الثامِنَةِ جَلَسَ فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُومُ فَلَا يُسَلِّمُ فَيَرْكَعُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَحْمَدُ اللهَ وَيُثنِي عَلَيْهِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ حَتَّى يُسْمِعُنِي التَّسْلِيمَ، ثُمَّ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فَلَمَّا دَقَّ [ص:203] وَأَسَنَّ وَكَثرَ لَحْمُهُ، صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: وَكَانَ إِذَا فَاتَهُ الْقِيَامُ مِنَ اللَّيْلِ صَلَّى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةٍ قَبْلَ النَّهَارِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ سُنَنٌ مَذْكُورَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَا يُقْضَى بِالنَّهَارِ، وَلِأَنَّهَا لَمَّا خَبَّرَتْ بِصَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ وَبِوِتْرِهِ، ثُمَّ خَبَّرَتْ لَمَّا وَصَفَتْ مَا كَانَ يَفْعَلُ إِذَا فَاتَهُ قِيَامُ اللَّيْلِ وَلَمْ تَذْكُرْ قَضَاءَ الْوِتْرِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ إِذَا فَاتَ وَقْتُهُ لَمْ يُقْضَ(5/202)
ذِكْرُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، أَوَّلُ رَكْعَةٍ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَالثَّانِيَةُ بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَالثَّالِثَةُ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ(5/203)
2703 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: ثنا أَبِي، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي زُبَيْدٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، أَوَّلُ رَكْعَةٍ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَالثَّانِيَةُ بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَالثَّالِثَةُ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ "(5/203)
2704 - وَحَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ [ص:204] بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ "(5/203)
2705 - وَحَدَّثنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنَ الْوِتْرِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَفي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَفي الثَّالِثَةِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ , وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرِ بِإِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَإِذَا زُلْزِلَتْ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَرُوِّينَا عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِوَايَةً غَيْرَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ(5/204)
2706 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِتِسْعِ سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَلْهَاكُمُ، وَإِنَّا أَنْزَلْنَاهُ، وَإِذَا زُلْزِلَتْ، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعَصْرُ وَإِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ، وَإِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَتَبَّتْ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ [ص:205] وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِمِائَةِ آيَةٍ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «أَوْتِرْ بِأَيِّ الْقُرْآنِ شِئْتَ»(5/204)
2707 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخْعِيِّ، عَنْ زَاذَانَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يُوتِرُ بِـ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَوَإِذَا زُلْزِلَتْ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ "(5/205)
2708 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَةً أَوْتَرَ بِهَا، وَقَرَأَ فِيهَا بِمِائَةٍ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَ: «مَا أَلَوْتُ أَنْ أَضَعَ قَدَمَيَّ حَيْثُ وَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَمَيْهِ، وَأَنْ أَقْرَأَ مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَقَالَ مَالِكٌ: «الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِي وَأَقْرَأُ بِهِ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي رَكْعَةِ الْوِتْرِ، وَأَمَّا الشَّفْعُ فَلَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ» ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْوِتْرِ بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَيَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ بِـ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، فَإِنْ قَرَأَ غَيْرَهُمَا مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ أَجْزَأَهُ»(5/205)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ نَجِدْ فِي هَذَا الْبَابِ خَبَرًا أَعْلَى مِنْ خَبَرِ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي الْحِوَاءِ، [ص:206] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَنَا أَذْكُرَهُ بَعْدُ فِي بَابِ الدُّعَاءِ فِي الْقُنُوتِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَقْنُتَ فِي السُّنَّةِ كُلِّهَا فِي الْوِتْرِ، وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا يَقْنُتَ إِلَّا فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ(5/205)
2709 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْنُتُ إِلَّا فِي النِّصْفِ يَعْنِي مِنْ رَمَضَانَ "(5/206)
2710 - وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ(5/206)
2711 - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أُبَيًّا أَمَّ النَّاسَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، فَصَلَّى بِهِمُ النِّصْفَ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَقْنُتُ، فَلَمَّا مَضَى النِّصْفُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَلَمَّا دَخَلَتِ الْعَشْرُ أَبَقَ وَخَلَّى عَنْهُمْ، فَصَلَّى بِهِمُ الْعَشْرَ مُعَاذٌ الْقَارِيُّ خِلَافَةَ عُمَرَ " وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَيَحْيَى بْنُ [ص:207] وَثَّابٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: «كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ ابْنُ عُمَرَ، وَمُعَاذٌ الْقَارِيُّ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: «وَهُوَ أَنْ يَقْنُتَ فِي السُّنَّةِ كُلِّهَا فِي الْوِتْرِ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ رَمَضَانَ» ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ، وَبَلَغَنِي أَنَّ مَعْمَرًا كَانَ يُفْتِي بِهِ. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يَقْنُتَ فِي الْوِتْرِ، وَلَا فِي الصُّبْحِ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلَافَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى(5/206)
2712 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ، وَلَا فِي الْوِتْرِ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ قَالَ: " الْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ بِدْعَةٌ، وَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَقْنُتُ أَنَا فِي الْوِتْرِ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا أَعْرِفُ الْقُنُوتَ قَدِيمًا»(5/207)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ، فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَنَتَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَعَامَّةُ مَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ رَأَى الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ(5/208)
2713 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْعَامِرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَكَانُوا» يَقْنُتُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ "(5/208)
2714 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَفَّانُ قَالَ: ثنا هَمَّامٌ قَالَ: ثنا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ»(5/208)
2715 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عَلِيٍّ الْغَدَاةَ فَقَنَتَ قَبْلَ الرَّكْعَةِ "(5/208)
2716 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ قَبْلَ الرَّكْعَةِ(5/209)
2717 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتُوا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَبَعْضَهُمْ بَعْدَ الرُّكُوعِ "(5/209)
2718 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: ثنا حَمَّادٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَا يَقْنُتَانِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ "، وَكَانَ حُمَيْدٌ يَأْخُذُهُ(5/209)
2719 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ عَوْفٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ قَالَ: صَلَّى بِنَا ابْنُ عَبَّاسٍ صَلَاةَ الْغَدَاةِ فِي إِمَارَتِهِ عَلَى الْبَصْرَةِ فَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ " وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: " بَلَغَنَا أَنَّهُ قَنَتَ فِيهَا يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ، وَلَيْسَ فِي الصَّلَوَاتِ قُنُوتٌ إِلَّا الْوِتْرَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ الْقُنُوتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كُلَّ ذَلِكَ كُنَّا نَفْعَلُ قَبْلُ وَبَعْدُ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَقْنُتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ وَالْحَكَمِ، [ص:210] وَحَمَّادٍ، وَأَبِي إِسْحَاقَ(5/209)
2720 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا قُرَيْشٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَمْزَةَ الْمَازِنِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ: قُلْتُ: عَمَّنْ أَخَذْتَهُ؟، قَالَ: " عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، قَالَ الْعَوَّامُ: وَذَكَرَ رَابِعًا فَنَسِيتُ "(5/210)
2721 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ «أَنَّهُ شَهِدَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ»(5/210)
2722 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ «قَنَتَ فِي الْمَغْرِبِ فَدَعَا عَلَى أُنَاسٍ وَعَلَى أَشْيَاعِهِمْ، وَقَنَتَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ»(5/210)
2723 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ: " كَيْفَ كُنْتُمْ تَقْنُتُونَ أَقْبَلَ الرُّكُوعِ أَمْ بَعْدَهُ؟، فَقَالَ: «كُلَّ ذَلِكَ كُنَّا نَفْعَلُ قَبْلُ وَبَعْدُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَبِهِ نَقُولُ، إِذَا نَزَلَتْ نَازِلَةٌ احْتَاجَ النَّاسُ مِنْ أَجْلِهَا إِلَى الْقُنُوتِ قَنَتَ إِمَامُهُمْ بَعْدَ الرُّكُوعِ(5/210)
2724 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْسِهِ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ: «اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، اللهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ كَسِنِي يُوسُفَ»(5/211)
ذِكْرُ التَّكْبِيرِ لِلْقُنُوتِ إِذَا كَانَ الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقَرْأَةِ كَبَّرَ، ثُمَّ قَنَتَ، ثُمَّ كَبَّرَ حِينَ رَكَعَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ(5/211)
2725 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ، «صَلَّى الصُّبْحَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْقَرْأَةِ كَبَّرَ، ثُمَّ كَبَّرَ حِينَ رَكَعَ»(5/211)
2726 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ،
2727 - وَقَالَ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ، كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ قَرْأَتِهِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ كَبَّرَ، ثُمَّ رَكَعَ "(5/211)
2728 - حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، [ص:212] عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ أَنَّ عَلِيًّا «كَبَّرَ حِينَ قَنَتَ فِي الْفَجْرِ، وَكَبَّرَ حِينَ رَكَعَ»(5/211)
2729 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ ثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كَبَّرَ ثُمَّ قَنَتَ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقُنُوتِ كَبَّرَ ثُمَّ رَكَعَ(5/212)
2730 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «أَنَّهُ قَنَتَ فِي الْفَجْرِ فَكَبَّرَ حِينَ فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ، ثُمَّ كَبَّرَ حِينَ فَرَغَ مِنَ الْقُنُوتِ» وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ يَرَيَانِ إِذَا قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَنْ يَفْتَتِحَ الْقِرَاءَةَ بِتَكْبِيرَةٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: كَانَ مَالِكٌ يَقُولُهُ: قَالَ: «إِذَا قَنَتَ الرَّجُلُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ يُكَبِّرْ» ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فَكَانَ يَقْنُتُ فِي رَمَضَانَ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ، ثُمَّ قَنَتَ(5/212)
ذِكْرُ رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الْقُنُوتِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوتِ، فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ حَتَّى يَبْدُوَ ضَبْعَاهُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ [ص:213] مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا كَانَ يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا، فَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى مَدَّ ضَبْعَيْهِ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ(5/212)
2731 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: «كَانَ عُمَرُ يَقْنُتُ بِنَا بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْدُوَ ضَبْعَاهُ، وَيُسْمَعَ صَوْتُهُ مِنْ وَرَاءِ الْمَسْجِدِ»(5/213)
2732 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو الْهَجَرِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى فَقَنَتَ بِهِمْ فِي الْفَجْرِ بِالْبَصْرَةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى مَدَّ ضَبْعَيْهِ(5/213)
2733 - وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ إِلَى صَدْرِهِ " وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا تُرْفَعَ الْأَيْدِي فِي الْقُنُوتِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «إِنْ شِئْتَ فَأَشِرْ بِأُصْبُعِكَ»(5/213)
ذِكْرُ الدُّعَاءِ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي دُعَاءِ الْوِتْرِ حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ:(5/214)
2734 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ،
2735 - وَحَدَّثنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ» ، قَالَ: يَقُولُهُ فِي الْوِتْرِ "(5/214)
وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ، اللهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِي لَا يُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثنِي عَلَيْكَ وَلَا نَكْفُرُكَ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكَ مَنْ يَفْجُرُكَ وَيَكْفُرُكَ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، اللهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنُخَافُ عَذَابَكَ إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ يَلْحَقُ» وَكَانَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَهُوَ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَقُولُ: «بَلَغَنِي أَنَّهُمَا سُورَتَانِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَنَّهُ يُوتِرُ بِهِمَا كُلَّ لَيْلَةٍ»
2736 - حَدَّثنَاهُ إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ، أَنَّهُ [ص:215] سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ، يَأْثرُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ قَنَتَ بِالسُّورَتَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَقَدْ رَوَيْتُ فِي الْقُنُوتِ، أَخْبَارًا، وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «قَدْرُ قُنُوتِ الْوِتْرِ، قَدْرُ قِرَاءَةِ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ» ، وَذُكِرَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ هَذَا لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَقَالَ: «هَذَا قَلِيلٌ، يُعْجِبُنِي أَنْ يَزِيدَ» . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: كَانَ يُقَالُ: مِقْدَارُ الْقِيَامِ فِي الْقُنُوتِ مِقْدَارُ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ، وَلَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ مُوَقَّتٌ، وَقَالَ إِسْحَاقُ كَنَحْو مِنْ قَوْلِهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: يُقْنَتُ بِالسُّورَتَيْنِ(5/214)
ذِكْرُ تَأْمِينِ الْمَأْمُومِينَ عِنْدَ دُعَاءِ الْإِمَامِ(5/215)
2737 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: ثنا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ، وَالصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ [ص:216] صَلَاةٍ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ، يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةً وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ، أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ مَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَتَلُوهُمْ " كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: «يَقْنُتُ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ يَعْنِي الْإِمَامَ، وَيَلْعَنُ الْكَفَرَةَ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يَدْعُو الْإِمَامُ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، فَذَكَرَ أَنَّ ذِكْرَ قُنُوتِ الْوِتْرِ لَا يَصِحُّ، قَالَ: لِأَنَّ شُعْبَةَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فَلَمْ يَذْكُرِ الْوِتْرَ(5/215)
2738 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: يُذْكَرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ يُعَلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْوِتْرَ»(5/216)
2739 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: كَانَ يُعَلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ، " اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي [ص:217] شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ قَالَ يَحْيَى: وَرُبَّمَا شَكَّ فِي «تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيتَ» ، قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: شُعْبَةُ أَحْفَظُ مِنْ عَدَدٍ مِثْلِ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ لَا نَعْلَمُ أَسَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ بُرَيْدٍ، أَوْ دَلَّسَهُ عَنْهُ؟(5/216)
ذِكْرُ مَسْحِ الْوَجْهِ بِالْيَدَيْنِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدُّعَاءِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا دَعَوْتَ فَادْعُ اللهَ بِبُطُونِ كَفَّيْكَ وَلَا تَدْعُهُ بِظُهُورِهِمَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَكَ»(5/217)
2740 - حَدَّثُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ الْأَصَمُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَعَوْتَ فَادْعُ اللهَ بِبُطُونِ كَفَّيْكَ، وَلَا تَدْعُ بِظُهُورِهِمَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَامْسَحْ بِهِمَا وَجْهَكَ» وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ أَحْمَدُ» ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " أَمَّا فِي الصَّلَاةِ فَلَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، كَأَنَّهُ لَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ(5/217)
ذِكْرُ مَنْ نَسِيَ قُنُوتَ الْوِتْرِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ الْقُنُوتَ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «عَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ» ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ الْحَسَنِ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَبِهِ قَالَ هُشَيْمٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «إِنْ كَانَ مِمَّنْ تَعَوَّدَ الْقُنُوتَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ» ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَبِهِ قَالَ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: سَأَلْتُ ابْنَ عُلَيَّةَ عَنِ الرَّجُلِ [ص:219] يَنْسَى الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ، قَالَ: «لَا شَيْءَ عَلَيْهِ»(5/218)
جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهُنَّ(5/221)
ذِكْرُ فِعْلِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهُنَّ(5/223)
2741 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً لِلَّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَطَوُّعًا، بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ»(5/223)
ذِكْرُ تَفْسِيرِ الْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ(5/223)
2742 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً , بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ، أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ»(5/223)
ذِكْرُ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهُنَّ(5/223)
2743 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا الْفَجْرَ، وَالْعَصْرَ "(5/223)
2744 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ رَكَعَاتٍ كَانَ يُصَلِّيَهَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ»(5/224)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ سِوَى الْمَكْتُوبَةِ(5/224)
2745 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَا: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا وَهْبٌ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ، يُحَدِّثُ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ، إِلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ»(5/224)
جِمَاعُ أَبْوَابِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَمَا فِيهِمَا مِنَ الْآثَارِ وَالسُّنَنِ(5/224)
ذِكْرُ فَضْلِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِذْ هُمَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا(5/224)
2746 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»(5/224)
ذِكْرُ وَقْتِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ(5/225)
2747 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ وَتَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ "(5/225)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَخْفِيفِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ(5/225)
2748 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ؛
2749 - وَحَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ أَخِي عَمْرَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ عَمْرَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ، تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَيُخَفِّفُهُمَا , حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: هَلْ قَرَأَ فِيهِمَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا بَأْسَ أَنْ يُطِيلَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ , يَقْرَأُ فِيهِمَا مِنْ حِزْبِهِ إِذَا فَاتَهُ» وَرُوِّينَا، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ سُئِلَ، عَنْ إِطَالَةِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ , إِنْ شِئْتَ، وَقَالَ مَالِكٌ: «أَمَّا أَنَا , فَلَا أَزِيدُ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ وَحْدَهَا» ، وَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ. [ص:226] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الِاقْتِصَارُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَلَا أَحْسِبُهُ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَأُحِبُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا، رُوِّينَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ بِهِ، وَيُخَفِّفُهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ(5/225)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ(5/226)
2750 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ، بِـ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ "(5/226)
ذِكْرُ الرُّخْصَةِ فِي أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِذَا فَاتَتَا أَنْ يُصَلِّيَهُمَا قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ(5/226)
2751 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَيْسِ بْنِ عَمْرٍو , أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ وَلَمْ يَكُنْ رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , سَلَّمَ مَعَهُ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ , وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ "(5/226)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ إِذَا فَاتَتَاهُ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقْضِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ مَنْ فَاتَتْهُ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْكَعُهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ , رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ(5/227)
2752 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا فُضَيْلٌ يَعْنِي: ابْنَ مَرْزُوقٍ , عَنْ عَطِيَّةَ، قَالَ: صَلَّى ابْنُ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَبْعَدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ صَلَاةٌ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ» وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ , وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يَقْضِيهِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ»(5/227)
2753 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْقَوْمُ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَدَخَلَ مَعَ الْقَوْمِ فِي صَلَاتِهِمْ، ثُمَّ قَعَدَ , حَتَّى إِذَا أَشْرَقَتْ لَهُ الشَّمْسُ فَقَضَاهُمَا، وَكَانَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ صَلَّاهُمَا فِي الطَّرِيقِ " وَبِهِ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ شَاءَ قَضَاهُمَا ضُحًى إِلَى [ص:228] نِصْفِ النَّهَارِ , وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمَا , ذَلِكَ وَاسِعٌ , وَلَا يَقْضِيهِمَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَمِمَّنْ قَالَ «يَقْضِيهِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ» الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِنْ أَحَبَّ قَضَاهُمَا إِذَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ , فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ , لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ شَاءَ صَلَّاهُمَا إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّاهُمَا إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَتَعَجِيلُهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ أَحَبُّ إِلَيَّ، لِأَنَّ مُؤَخِّرَهُمَا قَدْ يَنْسَى قَضَاءَهُمَا , وَيُغْفِلُ ذَلِكَ(5/227)
مَسْأَلَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَسِيَ صَلَاةَ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَأَرَادَ قَضَاءَهَا , ابْتَدَأَ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ , أَمْ بِالْمَكْتُوبَةِ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: " يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ , هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَرَى أَنْ يَرْكَعَهُمَا، يَعْنِي: رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَإِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِنْ صَلَّى الْفَجْرَ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ ذِكْرَهُمَا , فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ رَكْعَتَا الْفَجْرِ بِمَنْزِلَةِ الْوِتْرِ، وَبِهِ قَالَ يَعْقُوبُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصَلِّيهِمَا , وَإِنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَيَبْدَأُ بِهِمَا قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ لِحَدِيثِ [ص:229] أَبِي هُرَيْرَةَ(5/228)
2754 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ , فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ» فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَصَلَّى الْغَدَاةَ "(5/229)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الِاضْطِجَاعِ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ(5/229)
2755 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ "(5/229)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ صَلَاةِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ(5/229)
2756 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ»(5/229)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْمُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَقَالَ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَرِهَتْ أَنْ تُصَلَّى الرَّكْعَتَانِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي الْفَجْرَ. رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ عَلَى صَلَاةٍ بَعْدَ الْإِقَامَةِ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ» ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ " لِرَجُلٍ رَآهُ يُصَلِّي وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ: أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟(5/230)
2757 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَضْرِبُ عَلَى صَلَاةٍ بَعْدَ الْإِقَامَةِ "(5/230)
2758 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ»(5/230)
2759 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ , فَقَالَ: «أَتُصَلِّي الصُّبْحَ أَرْبَعًا؟»(5/230)
2760 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ أَيُّوبَ، أَنَّ نَافِعًا، حَدَّثَهُمْ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ "(5/230)
2761 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا مُوسَى , خَرَجَا مِنْ عِنْدِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَرَكَعَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ مَعَ الْقَوْمِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا أَبُو مُوسَى فَدَخَلَ فِي الصَّفِّ " وَكَرِهَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ , وَابْنُ سِيرِينَ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ، فَإِنْ خَرَجَ الْإِمَامُ وَأَنْتَ رَاكِعٌ , فَارْكَعْ إِلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى خَفِيفَةً , ثُمَّ سَلِّمْ» . وَمِمَّنْ قَالَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ أَنْ تُصَلَّى رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، وَدَخَلَ أَبُو مُوسَى فِي الصَّفِّ , وَلَمْ يَفْعَلْ مَا فَعَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَقَدْ كَاناَ خَرَجَا فِيمَا رُوِيَ عَنْهُمَا مِنْ عِنْدِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَدَخَلَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ , فَصَلَّى(5/231)
2762 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُوسَى، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، دَخَلَ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ الْفَجْرَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ [ص:232] إِلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ "(5/231)
2763 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ يَسْمَعُ الْإِقَامَةَ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ , فَيُصَلِّي "(5/232)
2764 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْمُعَلِّمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَدَخَلَ بَيْتَ حَفْصَةَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ , فَصَلَّى "(5/232)
2765 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «إِنِّي لَآتِي الْقَوْمَ وَهُمْ صُفُوفٌ، أَوْ قَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَأُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ انْضَمُّ إِلَى الْقَوْمِ» وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَالْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ: مَسْرُوقٌ، وَمَكْحُولٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَالَ مَالِكٌ: «إِنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ يَفُوتَهُ الْإِمَامُ بِالرَّكْعَةِ , فَلْيَرْكَعْ خَارِجًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ، فَإِنْ [ص:233] خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ فَلْيَدْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ , فَلْيُصَلِّ مَعَهُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ , فَإِنْ أَحَبَّ , فَلْيَرْكَعْهُمَا» وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «ارْكَعْهُمَا فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ مَا تَيَقَّنْتَ أَنَّكَ تُدْرِكُ الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ، وَإِنْ خَشِيتَ مِنَ الْآخِرَةِ فَوْتًا , فَادْخُلْ مَعَ النَّاسِ» ؛ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: «إِنْ خَشِيَ أَنْ تَفُوتَهُ رَكْعَةٌ مِنَ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ , وَيُدْرِكَ رَكْعَةً مِنَ الْفَجْرِ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ دَخَلَ فَصَلَّى مَعَ الْقَوْمِ، وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ جَمِيعًا , صَلَّى مَعَ الْقَوْمِ , وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ , وَلَا يَقْضِيهِمَا»(5/232)
جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ غَيْرِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الْمَكْتُوبَاتِ وَبَعْدَهَا(5/233)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِصَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي الْبُيُوتِ(5/233)
2766 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا»(5/233)
ذِكْرُ إِكْرَامِ الْبُيُوتِ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ فِيهَا(5/233)
2767 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ فَرُّوخَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْرِمُوا [ص:234] بُيُوتَكُمْ بِبَعْضِ صَلَاتِكُمْ»(5/233)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ لِكُلِّ حَدَثٍ يُحْدِثُهُ الْمَرْءُ، وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ(5/234)
2768 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ: «حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ مَنْفَعَةً فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الْجَنَّةِ» , قَالَ: مَا عَلِمْتُ فِي الْإِسْلَامِ أَرْجَا مِنْ أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُورًا تَامًّا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلَّا صَلَّيْتُ لِرَبِّي مَا كَتَبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ "(5/234)
ذِكْرُ التَّسْلِيمِ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا الْمَرْءُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ(5/234)
2769 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَارِقِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى»
2770 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مِثْلَهُ(5/234)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى»(5/235)
2771 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرُونَا، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى , فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَوَاحِدَةً» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَائِرُ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ مَذْكُورَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبِهَذَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاخْتَلَفُوا فِي صَلَاةِ النَّهَارِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَصَلَاةُ النَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ، عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَالَ حَمَّادٌ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ: مَثْنَى مَثْنَى، وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى: مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَحَادِيثَ , مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي تَطَوُّعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَانِ وَرَكْعَتَانِ، وَحَدِيثُ: «الْعِيدُ رَكْعَتَانِ، وَالِاسْتِسْقَاءُ رَكْعَتَانِ» ، «وَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ» , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. وَذَكَرَ أَحْمَدُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي يَرْوِيهِ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، قِيلَ لَهُ: أَوَ لَيْسَ قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا؟ قَالَ: قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ , فَتَرَاهُ لَمْ يُسَلِّمْ فِيهَا؟ [ص:236] وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَبِالنَّهَارِ أَرْبَعًا , ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ
2772 - وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَبِالنَّهَارِ أَرْبَعًا ثَابِتٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ(5/235)
2773 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُصَلِّي بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا، ثُمَّ يُسَلِّمُ " وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَصَلَاةُ النَّهَارِ إِنْ شَاءَ أَرْبَعًا قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» وَقَالَ النُّعْمَانُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ: «إِنْ شِئْتَ , فَصَلِّ بِتَكْبِيرَةٍ رَكْعَتَيْنِ , وَإِنْ شِئْتَ أَرْبَعًا، وَإِنْ شِئْتَ سِتًّا» وَقَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» . وَقَالَ النُّعْمَانُ: «وَأَمَّا صَلَاةُ النَّهَارِ فَصَلِّ بِتَكْبِيرَةٍ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ شِئْتَ أَرْبَعًا» . وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: " فِي التَّطَوُّعِ بِاللَّيْلِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ أَرْبَعًا أَرْبَعًا، أَوْ سِتًّا سِتًّا، أَوْ ثَمَانِيًا ثَمَانِيًا، أَيَّ ذَلِكَ شِئْتَ , وَأَرْبَعٌ أَرْبَعٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ التَّطَوُّعُ بِالنَّهَارِ؟ قَالَ: نَعَمْ " وَهَذَا قَوْلُ النُّعْمَانِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ، وَمُحَمَّدٌ: «صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى» . وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: " الَّذِي نَخْتَارُ لَهُ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ بِاللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى , إِلَّا الْوِتْرَ , فَإِنَّ لَهُ أَحْكَامًا مُخْتَلِفَةً، وَأَمَّا صَلَاةُ النَّهَارِ فَأَخْتَارُ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا، وَقَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعًا، وَضَحْوَةً أَرْبَعًا , لِمَا جَاءَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ , وَابْنِ عُمَرَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ صَلَّى بِالنَّهَارِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ كَانَ جَائِزًا. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: «وَهُوَ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يُجْزِيكَ التَّشَهُّدُ فِي الصَّلَاةِ [ص:237] إِلَّا أَنْ تَكُونَ لَكَ حَاجَةٌ فَتُسَلِّمَ» , هَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ. وَقَالَ عَطَاءٌ كَذَلِكَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «الرَّجُلُ فِي سَعَةٍ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ فَصَلَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ بَعْدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ ثِنْتَيْنِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى , لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَبِحُجَجٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ(5/236)
أَبْوَابُ صَلَاةِ الضُّحَى(5/237)
ذِكْرُ الْوَصِيَّةِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى صَلَاةِ الضُّحَى(5/237)
2773 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبَّاسٍ الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ إِنْ شَاءَ اللهُ أَبَدًا، أَوْصَانِي بِصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِالْوَتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ , وَبِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»(5/237)
ذِكْرُ فَضْلِ صَلَاةِ الضُّحَى، وَالتَّخْيِيرِ بِأَنَّ رَكْعَتَيِ الضُّحَى تُجْزِئُ مِنَ الصَّدَقَةِ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَى سُلَامَى الْمَرْءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ(5/237)
2774 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، [ص:238] قَالَ: ثنا وَاصِلٌ، مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَتَهْلِيلَةٌ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ أَحَدَكُمْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ رَكْعَتَانِ يُصَلِّيهِمَا مِنَ الضُّحَى»(5/237)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الضُّحَى(5/238)
2775 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ عَوْفٍ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ كَانَتْ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ مِنَ الضُّحَى»(5/238)
ذِكْرُ صَلَاةِ الضُّحَى عِنْدَ الْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ(5/238)
2776 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا الْمَغْرِبِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا كَهْمَسٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا , إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبَةٍ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَفِيَ عَلَى عَائِشَةَ صَلَاتُهُ صَلَاةَ الضُّحَى فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَقْدَمُ فِيهِ مِنْ مَغِيبَةٍ، كَمَا خَفِي عَلَى أُسَامَةَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَعْبَةِ(5/238)
ذِكْرُ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ صَلَاةَ الضُّحَى(5/239)
2777 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ , أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ، قَالَتْ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ , فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ , وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ , قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ , فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» فَقُلْتُ: أُمُّ هَانِئِ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ , قَالَ: «مَرْحَبًا يَا أُمَّ هَانِئٍ» فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ , قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ , مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ , ثُمَّ انْصَرَفَ "(5/239)
أَبْوَابُ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا(5/239)
ذِكْرُ تَقْصِيرِ أَجْرِ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ فِي التَّطَوُّعِ(5/239)
2778 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ الْقَائِمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ، وَصَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ»(5/239)
ذِكْرُ مَا خَصَّ اللهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجَعَلَ صَلَاتَهُ قَاعِدًا , كَصَلَاتِهِ قَائِمًا(5/240)
2779 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا مَنْصُورٌ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ حُدِّثْتُ أَنَّكَ قُلْتَ: «صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» , وَإِنَّكَ تُصَلِّي قَاعِدًا؟ قَالَ: «أَجَلْ , وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ»(5/240)
ذِكْرُ التَّرَبُّعِ فِي الصَّلَاةِ إِذَا صَلَّى جَالِسًا(5/240)
2780 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُحْرِمِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا»(5/240)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ التَّطَوُّعِ جَالِسًا , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمُصَلِّي عِلَّةٌ تَمْنَعُهُ الْقِيَامَ(5/240)
2781 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ , أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ , أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى كَانَ كَثِيرًا مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ جَالِسٌ»(5/240)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْجُلُوسِ لِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ , وَالْقِرَاءَةِ لِبَعْضٍ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ(5/241)
2782 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ جَالِسًا حَتَّى دَخَلَ فِي السِّنِّ، فَكَانَ إِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ , أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ "(5/241)
أَبْوَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ(5/241)
ذِكْرُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ(5/241)
2783 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ شَيْطَانٌ» , قَالَ: فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ , فَصَلَّى الْغَدَاةَ " وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ , فَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ مَعَ الْفَرِيضَةِ شَيْئًا قَبْلَهَا , وَلَا بَعْدَهَا , إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ(5/241)
2784 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ مَعَ الْفَرِيضَةِ شَيْئًا قَبْلَهَا , وَلَا بَعْدَهَا , إِلَّا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ "(5/241)
2785 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَطَوَّعُ بِاللَّيْلِ، وَلَا يَتَطَوَّعُ بِالنَّهَارِ فِي السَّفَرِ "(5/242)
2786 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي السَّفَرِ، وَلَا يَدَعُهُمَا فِي الْحَضَرِ " وَرُوِّينَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ , وَلَا بَعْدَهَا. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «كَانُوا إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْجَبَّانَةَ , كَرِهُوا أَنْ يُصَلُّوا تَطَوُّعًا إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ» . وَرُوِّينَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُمَا قَالَا: «لَا يُصَلِّي الْمُسَافِرُ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ , وَلَا بَعْدَهَا» . وَرَأَتْ طَائِفَةٌ التَّطَوُّعَ فِي السَّفَرِ , فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ عُمَرُ، وَعَلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَافِرُونَ , فَيَتَطَوَّعُونَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَبَعْدَهَا»(5/242)
2787 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَهُوَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ "(5/242)
2788 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: ثنا دَاوُدُ أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ [ص:243] وَبَعْدَهَا "(5/242)
2789 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ»(5/243)
2790 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمٍ، أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ "(5/243)
2791 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ قَابُوسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَّا مَا لَمْ يَدَعْ صَحِيحًا وَلَا مَرِيضًا , فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ , غَائِبًا وَلَا شَاهِدًا , فِي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ»(5/243)
2792 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ، وَعُمَرَ، كَانَا يَتَطَوَّعَانِ فِي السَّفَرِ "(5/243)
2793 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ، وَعَبْدُ اللهِ يَتَطَوَّعَانِ فِي السَّفَرِ "(5/243)
2794 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَافِرُونَ , فَيَتَطَوَّعُونَ قَبْلَ الْمَكْتُوبَةِ وَبَعْدَهَا " وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَطَوَّعُ فِي السَّفَرِ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ [ص:244] يَزِيدَ، وَالْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَطَاوُسٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. [ص:245] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَطَوُّعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ ثَابِتٌ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَقَدْ رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَهَا , وَلَا بَعْدَهَا فِي السَّفَرِ , وَلَيْسَ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَفَّلَ، وَلَا فِي إِنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ حُجَّةٌ، وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي إِثْبَاتِ مَنْ أَثْبَتَ الْفِعْلَ، لَا فِي قَوْلِ مَنْ نَفَى ذَلِكَ، وَالَّذِينَ كَانُوا يَتَنَفَّلُونَ فِي السَّفَرِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ، وَمَنْعُ الْبِرِّ وَعَمَلِ الْخَيْرِ غَيْرُ جَائِزٍ , قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] . الْآيَةَ(5/243)
ذِكْرُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ عِنْدَ تَوْدِيعِ الْمَنَازِلِ(5/245)
2795 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانَ قَالَ: ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: ثنا عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا لَمْ يَرْتَحِلْ مِنْهُ حَتَّى يُوَدِّعَهُ بِرَكْعَتَيْنِ»(5/245)
أَبْوَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّوَابِّ فِي الْأَسْفَارِ(5/246)
2796 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَتْ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا , غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ " وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ , وَرَخَّصَتْ أَنْ يُوتِرَ الْمَرْءُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَرُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ , فَأَوْتَرَ بِالْأَرْضِ(5/246)
2797 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ سَمِعْتُ نَافِعًا، يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ "(5/246)
2798 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ ثُوَيْرِ بْنِ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ "(5/246)
2799 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ أَوْتَرَ، أَوْ قَالَ: الْوِتْرُ [ص:247] عَلَى الرَّاحِلَةِ "(5/246)
2800 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ، نَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ , فَأَوْتَرَ بِالْأَرْضِ " وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «كَانُوا يُصَلُّونَ الْفَرِيضَةَ وَالْوِتْرَ بِالْأَرْضِ» ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «صَلِّ الْفَرِيضَةَ وَالْوِتْرَ بِالْأَرْضِ , وَإِنْ أَوْتَرْتَ عَلَى دَابَّتِكَ فَلَا بَأْسَ , وَالْوِتْرُ بِالْأَرْضِ أَحَبُّ إِلَيَّ» وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُوتَرُ عَلَى الدَّابَّةِ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا نُزُولُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَاحِلَتِهِ حَتَّى أَوْتَرَ بِالْأَرْضِ، فَمِنَ الْمُبَاحِ , إِنْ شَاءَ الَّذِي يُصَلِّي الْوِتْرَ صَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ , أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ يُجْزِيهِ. وَقَدْ فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا: رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا أَوْتَرَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَرُبَّمَا نَزَلَ. وَالْوِتْرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ جَائِزٌ , لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ أَوْتَرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ تَطَوُّعٌ , خِلَافَ قَوْلِ مَنْ شَذَّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَخَالَفَ السُّنَّةَ، فَزَعَمَ أَنَّ الْوِتْرَ فَرْضٌ(5/247)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ , وَإِنْ كَانَتْ مُوَجَّهَةً إِلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ(5/247)
2801 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَأُنْزِلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ {فَأَيْنَمَا [ص:248] تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة: 115] الْآيَةَ "(5/247)
ذِكْرُ الْإِيمَاءِ بِالصَّلَاةِ رَاكِبًا فِي السَّفَرِ(5/248)
2802 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الضُّرَيْسِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: " نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [البقرة: 115] الْآيَةَ , أَنْ تُصَلِّيَ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ فِي السَّفَرِ تَطَوُّعًا، كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَجَعَ مِنْ مَكَّةَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا , يَوْمِي إِيمَاءً نَحْوَ الْمَدِينَةِ "(5/248)
ذِكْرُ صِفَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ رَاكِبًا(5/248)
2803 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ النَّوَافِلَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَلَكِنْ يَخْفِضُ السَّجْدَتَيْنِ مِنَ الرَّكْعَةِ " وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ التَّطَوُّعَ فِي السَّفَرِ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَفَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَسٌ(5/248)
2804 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «كَانَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ»(5/248)
2805 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ صَلَّى عَلَى حِمَارٍ تَطَوُّعًا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ , يُومِئُ إِيمَاءً "(5/249)
2806 - وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا عَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: «قَدِمْتُ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ مِنَ الشَّامِ مِنْ غَزْوَةِ الْيَرْمُوكِ، فَكُنْتُ أَرَاهُ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ»(5/249)
2807 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ مَطْلِعَ الشَّمْسِ، فَظَنَنْتُهُ نَائِمًا , فَدَنَوْتُ مِنْهُ , فَقُلْتُ: أَنَائِمٌ أَنْتَ؟ قَالَ: «لَا , كُنْتُ أُصَلِّي»(5/249)
2808 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا جَابِرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَيَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ "(5/249)
2809 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ عَلَى دَوَابِّهِمْ حَيْثُ مَا كَانَتْ وُجُوهُهُمْ» وَبِهِ قَالَ طَاوُسٌ، وَعَطَاءٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، [ص:250] وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ , وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ، وَأَبَا ثَوْرٍ كَانَا يَسْتَحِبَّانِ لِلْمُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى الدَّابَّةِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ بِالتَّكْبِيرِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ(5/249)
2810 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا رِبْعِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْجَارُودِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَارُودُ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَافَرَ , وَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ , اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وُجِّهَتْ رِكَابُهُ " وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الدَّوَابِّ فِي السَّفَرِ الَّذِي لَا يُقْصِرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةَ: فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا يُصَلِّي أَحَدٌ فِي غَيْرِ سَفَرٍ يُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: يُصَلِّي فِي قَصِيرِ السَّفَرِ وَطَوِيلِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الرَّجُلِ يَخْرُجُ مِنْ بَلَدِهِ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَافِرَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى دَابَّتِهِ تَطَوُّعًا , يُومِئُ بِرَأْسِهِ إِيمَاءً , رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِيمَنْ خَرَجَ مِنَ الْمِصْرِ فَرْسَخَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً: يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ تَطَوُّعًا(5/250)
جِمَاعُ أَبْوَابِ سُجُودِ الْقُرْآنِ(5/251)
ذِكْرُ فَضْلِ السُّجُودِ عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ، وَبُكَاءِ الشَّيْطَانِ , وَدُعَائِهِ الْوَيْلَ لِنَفْسِهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقَارِئِ السَّجْدَةَ وَسُجُودِهِ(5/253)
2811 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، قَالَ: ثنا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ , اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي , يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ أُمِرَ هَؤُلَاءِ، أَوْ هَذَا , بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ , فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ , فَأَبَيْتُ , فَلِيَ النَّارُ "(5/253)
ذِكْرُ السُّجُودِ فِي ص(5/253)
2812 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِي ص " وَلَيْسَتْ مِنَ الْعَزَائِمِ(5/253)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ص(5/253)
2813 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ السُّجُودِ، فِي ص فَقَالَ: سَأَلْتُ عَنْهُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنَّا نَسْجُدُ فِي ص وَتَلَا هَذِهِ الْآيَاتِ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} حَتَّى بَلَغَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] قَالَ: كَانَ [ص:254] دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السُّجُودِ فِي ص، فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُمْ سَجَدُوا فِيهَا(5/253)
2814 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ يَسْجُدُ فِي ص قَالَ: فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ , فَقَالَ: إِنَّهُ رَأَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَسْجُدُ فِيهَا "(5/254)
2815 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَسْجُدُ فِي ص "(5/254)
2816 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ مُجَاهِدًا، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: «أَفِي ص سَجْدَةٌ؟» قَالَ: نَعَمْ , ثُمَّ تَلَا {وَوَهَبْنَا لَهُ} [الأنعام: 84] حَتَّى بَلَغَ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] الْآيَةَ , فَقَالَ: «هُوَ مِنْهُمْ» ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَأَيْتُ عُمَرَ، أَوِ ابْنَ عُمَرَ قَرَأَ ص عَلَى الْمِنْبَرِ , فَنَزَلَ، فَسَجَدَ فِيهَا، ثُمَّ عَلَا عَلَى الْمِنْبَرِ "(5/254)
2817 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «فِي ص سَجْدَةٌ»(5/254)
2818 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي مَعْنٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: «كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِي ص , وَبَعْضُهُمْ لَا يَسْجُدُ، فَأَيُّ ذَلِكَ شِئْتَ , فَافْعَلْ» وَفَعَلَ ذَلِكَ طَاوُسٌ، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمَسْرُوقٍ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا يَسْجُدَ فِي ص وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَلْقَمَةُ، وَأَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ لَا يَرَى السُّجُودَ فِيهَا. وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ , لِلثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَجَدَ فِيهَا(5/255)
2819 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَسْجُدُ فِي ص قَالَ: «إِنَّمَا هِيَ تَوْبَةُ نَبِيٍّ»(5/255)
ذِكْرُ السُّجُودِ فِي النَّجْمِ(5/256)
2820 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي النَّجْمِ , فَسَجَدَ فِيهَا , وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ، إِلَّا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَإِنَّهُ أَخَذَ كَفَّ تُرَابٍ , أَوْ حَصًى , فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ , وَقَالَ: «هَذَا يَكْفِينِي» , قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ قُتِلَ كَافِرًا»(5/256)
2821 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «سَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالْمُسْلِمُونَ فِي النَّجْمِ، إِلَّا رَجُلَيْنِ , أَرَادَا بِذَلِكَ الشُّهْرَةَ»(5/256)
ذِكْرُ تَرْكِ السُّجُودِ فِي النَّجْمِ(5/256)
2822 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَرَأَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّجْمِ , فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي تَرْكِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّجُودَ فِي النَّجْمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سُجُودَ الْقُرْآنِ لَيْسَ بِفَرْضٍ، إِذْ لَوْ كَانَ فَرْضًا مَا تَرَكَ السُّجُودَ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السُّجُودِ فِي النَّجْمِ فَكَانَ عُمَرُ [ص:257] بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُونَ فِي النَّجْمِ، وَذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ , فَذَكَرَ النَّجْمَ. وَمِمَّنْ رَأَى السُّجُودَ فِي النَّجْمِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ(5/256)
2823 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْأَعْرَجُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَسْجُدُ فِي النَّجْمِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ سُورَةً أُخْرَى»(5/257)
2824 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، أَنَّ عُثْمَانَ، قَرَأَ فِي الْعِشَاءِ بِالنَّجْمِ , فَسَجَدَ "(5/257)
2825 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، كَانَ إِذَا قَرَأَ النَّجْمَ سَجَدَ فِيهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ رَكَعَ "(5/257)
2826 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قَرَأَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ بِالنَّجْمِ , فَسَجَدَ [ص:258] فِي آخِرِهَا، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ الْآيَةَ , فَرَكَعَ وَسَجَدَ "(5/257)
2827 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " عَزَائِمُ السُّجُودِ أَرْبَعٌ: الم، وَحم تَنْزِيلٌ، وَالنَّجْمُ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ الْآيَةَ "(5/258)
2828 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَجَدَ فِي النَّجْمِ " وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: " وَهُوَ: «أَنْ لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ» هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي بَابٍ غَيْرِ هَذَا الْبَابِ(5/258)
2829 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهُدَيْرِ، أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةَ النَّحْلِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ , فَسَجَدَ , وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةُ قَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ , إِنَّمَا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ , فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ , قَالَ: وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ " [ص:259] قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَزَادَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ , أَنَّهُ قَالَ: " لَمْ تُفْرَضُ السُّجُودُ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: " وَأَمَّا النَّجْمُ فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ وَجَمَاعَةَ النَّاسِ كَانُوا لَا يَسْجُدُونَ فِيهَا، يَجْعَلُونَهَا رَاحَةً , وَإِنْ سَجَدَ بِهَا رَجُلٌ فَحَسَنٌ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي السُّجُودِ فِي النَّجْمِ: إِنْ سَجَدَ فَحَسَنٌ , وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْمُبَاحِ، لِكَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَجَدَ فِيهَا مَرَّةً، وَتَرَكَ أَنْ يَأْمُرَ بِالسُّجُودِ فِيهَا , لِيَدُلَّ بِفِعْلِهِ حَيْثُ سَجَدَ فِيهَا عَلَى أَنَّ السُّجُودَ فِيهَا فَضِيلَةٌ، وَلِيَدُلَّ بِتَرْكِهِ الْأَمْرَ بِالسُّجُودِ فِيهَا عَلَى أَنَّ السُّجُودَ فِيهَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ(5/258)
ذِكْرُ السُّجُودِ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ(5/259)
2830 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِمَّنْ كَانَ يَسْجُدُ فِيهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللهِ [ص:260] بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ(5/259)
2831 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ، وَعَبْدَ اللهِ يَسْجُدَانِ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، ثُمَّ قَالَ: أَوْ أَحَدَهُمَا "(5/260)
2832 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، أَنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، سَجَدَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ "(5/260)
2833 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَسْجُدُ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ "(5/260)
2834 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ، قَالَ: ثنا أَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ، قَالَ: صَلَّى بِنَا عُمَرُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ , فَقَرَأَ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، فَسَجَدَ , وَسَجَدْنَا مَعَهُ "(5/260)
2835 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ " [ص:261] وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ، وَأَنَا أَذْكُرُ قَوْلَهُمْ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى(5/260)
ذِكْرُ السُّجُودِ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِيمَا مَضَى. [ص:262] وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السُّجُودِ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، فَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، يَقُولَانِ: عَزَائِمُ السُّجُودِ. فَذَكَرَا مِنْهَا اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا , فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأْهَا(5/261)
2836 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ، أَيْضًا، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «الْعَزَائِمُ أَرْبَعٌ الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةُ وَحم السَّجْدَةُ وَالنَّجْمُ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»(5/262)
2837 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «عَزَائِمُ السُّجُودِ أَرْبَعٌ الم تَنْزِيلُ، وَحم السَّجْدَةُ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ»(5/262)
2838 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا الْمُقْرِيُّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «مَنْ قَرَأَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا , فَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأْهَا» وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، يَرَوْنَ السُّجُودَ فِي اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدُ [ص:263] بْنُ جُبَيْرٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَطَاوُسٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي الْمُفَصَّلِ فِي غَيْرِ سُورَةٍ مِنْهُ، وَبِذَلِكَ نَقُولُ(5/262)
2839 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سَجْدَةٌ»(5/263)
2840 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ , قَالَا: «لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سُجُودٌ»(5/263)
2841 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: «لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ سَجْدَةٌ»(5/263)
ذِكْرُ السُّجُودِ فِي الْحَجِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنَّ السَّجْدَةَ الْأُولَى مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ ثَابِتَةٌ، وَمِمَّنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وِزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، [ص:264] وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ(5/263)
2842 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ صَلَاةً , فَقَرَأَ فِيهَا بِالْحَجِّ , فَسَجَدَ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ، قُلْتُ: الصُّبْحُ؟ قَالَ: الصُّبْحُ "(5/264)
2843 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْجُعْفِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ "(5/264)
2844 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عُمَرَ، وَابْنَ عُمَرَ كَانَا يَسْجُدَانِ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ , قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: «لَوْ سَجَدْتُ فِيهَا وَاحِدَةً , كَانَتِ السَّجْدَةُ فِي الْآخِرَةِ أَحَبَّ إِلَيَّ» , قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ "(5/264)
2845 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، سَجَدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ "(5/264)
2846 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّ أَبَا مُوسَى، قَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ، [ص:265] فَسَجَدَ بِالنَّاسِ سَجْدَتَيْنِ "(5/264)
2847 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَجَدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ "(5/265)
2848 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ , الْأُولَى عَزِيمَةٌ، وَالْأُخْرَى تَعْلِيمٌ» وَاخْتَلَفُوا فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْحَجِّ أَنَّهُ: كَانَ يَرَى أَنْ يَسْجُدَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً يَسْجُدُونَ فِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وِزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ [ص:266] وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: فِي الْحَجِّ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ , كَذَلِكَ قَالَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرًا يُوَافِقُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ(5/265)
2849 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، أَنَّ مِشْرَحَ بْنَ هَاعَانَ أَبَا الْمُصْعَبِ، حَدَّثَهُ , أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: قُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَانِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا» وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِسَجْدَتَيْنِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: فِي سُورَةِ الْحَجِّ الْأُولَى عَزِيمَةٌ , وَالْأُخْرَى تَعْلِيمٌ، وَكَانَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: فِي الْحَجِّ سَجْدَةٌ(5/266)
2850 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فِي سُورَةِ الْحَجِّ الْأُولَى عَزِيمَةٌ , وَالْأُخْرَى تَعْلِيمٌ، وَكَانَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا»(5/266)
2851 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْعُرْبَانِ الْمُجَاشِعِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فِي الْحَجِّ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ(5/267)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ سُجُودِ الْقُرْآنِ: فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا كَانَا يَعُدَّانِ سُجُودَ الْقُرْآنِ، فَقَالَا: «الْأَعْرَافَ، وَالرَّعْدَ، وَالنَّحْلَ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَرْيَمَ، وَالْحَجَّ أَوَّلُهَا، وَالْفُرْقَانَ وَطس، وَالم تَنْزِيلُ، وَص، وَحم السَّجْدَةَ، إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً» . وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ عَدَّهَا عَشْرًا، وَأَسْقَطَ السُّجُودَ فِي ص، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ(5/267)
2852 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: " عَدَّ ابْنُ عَبَّاسٍ سُجُودَ الْقُرْآنِ عَشْرًا الْأَعْرَافَ، وَالرَّعْدَ، وَالنَّحْلَ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَرْيَمَ، وَالْحَجَّ، وَالْفُرْقَانَ، وَطس الْوُسْطَى، وَالم تَنْزِيلُ، وَحم السَّجْدَةَ، قُلْتُ: وَلَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِي ص سَجْدَةٌ؟ قَالَ: لَا "(5/267)
2853 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ يَعُدَّانِ كَمْ فِي الْقُرْآنِ مِنْ سَجْدَةٍ؟ قَالَا: «الْأَعْرَافَ، وَالرَّعْدَ، وَالنَّحْلَ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَرْيَمَ، وَالْحَجَّ، أَوَّلَهَا، وَالْفُرْقَانَ، وَطس، وَالم تَنْزِيلُ، وَص، وَحم السَّجْدَةَ، إِحْدَى عَشْرَةَ»(5/267)
2854 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ، [ص:268] قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «فِي الْقُرْآنِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً , فَعَدَّهُنَّ» كَمَا ذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: سُجُودُ الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَجْدَةً , فِي الْحَجِّ مِنْهَا سَجْدَتَانِ، وَفِي الْمُفَصَّلِ ثَلَاثَةٌ، وَلَيْسَ فِي ص مِنْهَا شَيْءٌ , هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَدَدِ، غَيْرَ أَنَّهُ أَثْبَتَ السُّجُودَ فِي ص وَأَسْقَطَ السُّجُودَ مِنْ سُورَةِ النَّجْمِ، وَخَالَفَ الشَّافِعِيَّ فِي هَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ. وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ خَمْسَ عَشْرَةَ: الْأَعْرَافَ، وَالرَّعْدَ، وَالنَّحْلَ، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَمَرْيَمَ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ مُبَارَكَتَانِ، وَفِي الْفُرْقَانِ، وَالنَّمْلِ، وَالم تَنْزِيلُ السَّجْدَةَ , وَفِي ص، وَفِي حم السَّجْدَةِ، وَفِي النَّجْمِ، وَفِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ كَمَا قَالَ إِسْحَاقُ , إِلَّا فِي السُّجُودِ فِي سُورَةِ الْحَجِّ , فَإِنَّهُمْ قَالُوا: فِيهَا سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُمْ كَقَوْلِهِ فِي سَائِرِ سُجُودِ الْقُرْآنِ(5/267)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْآيَةِ الَّتِي يُسْجَدُ فِيهَا مِنْ: حم السَّجْدَةِ " اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْآيَةِ الَّتِي يُسْجَدُ فِيهَا مِنْ حم السَّجْدَةِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسْجَدُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172] الْآيَةَ، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: وَابْنِ عَبَّاسٍ(5/268)
2855 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنِ [ص:269] الْحَجَّاجِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي الْأُولَى مِنْ الحم "(5/268)
2856 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي أَوَّلِ الْآيَتَيْنِ مِنْ الحم " وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ مَسْرُوقٌ: كَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يَسْجُدُونَ بِالْأُولَى، وَقَالَ الْأَعْمَشُ: «أَدْرَكْتُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبَا صَالِحٍ، وَطَلْحَةَ، وَزُبَيْدًا، يَسْجُدُونَ بِالْآيَةِ الْأُولَى مِنْ حم السَّجْدَةِ» . [ص:270] وَقَالَهُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: السَّجْدَةُ فِيهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] الْآيَةَ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَثْبَتُ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي وَائِلٍ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ(5/269)
2857 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ فِطْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَسْجُدُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ حم {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] الْآيَةَ "(5/270)
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْمُفَصَّلِ بَعْدَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ(5/270)
2858 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ يُصَلِّي، يَسْجُدُ فِي إِذَا [ص:271] السَّمَاءُ انْشَقَّتْ الْآيَةَ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَقُلْتُ لَهُ حِينَ انْصَرَفَ: لَقَدْ سَجَدْتَ فِي سُورَةٍ , مَا رَأَيْتُ النَّاسَ يَسْجُدُونَ فِيهَا؟ قَالَ: إِنِّي لَوْ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْجُدُ فِيهَا لَمْ أَسْجُدْ "
2859 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، حَدِيثٌ قَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ، وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي مَوْضِعِ شَاهِدٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي مَوْضِعٍ نَاهٍ لِلشَّيْءِ، وَالشَّاهِدُ الْمُخْبِرُ أَوْلَى مِنَ الشَّاهِدِ النَّاهِي الَّذِي لَيْسَ شَاهِدَ بِخَبَرٍ(5/270)
ذِكْرُ السُّجُودِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ(5/271)
2860 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ , فَقَرَأَ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ فَسَجَدَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قُلْتُ لَهُ: مَا هَذَا؟ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي الْقَاسِمِ فَسَجَدَ فِيهَا , فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا حَتَّى أَلْقَاهُ "(5/271)
ذِكْرُ مَا يُقَالُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ(5/272)
2861 - حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الرَّازِيُّ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي جَدُّكُ ابْنُ أَبِي يَزِيدَ، يَعْنِي: عُبَيْدَ اللهِ بْنَ أَبِي يَزِيدَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ، فَرَأَيْتُنِي كَأَنِّي قَرَأْتُ سَجْدَةً , فَسَجَدْتُ، فَكَأَنِّي رَأَيْتُ الشَّجَرَةَ تَسْجُدُ بِسُجُودِي، فَكَأَنِّي أَسْمَعُهَا وَهِيَ سَاجِدَةٌ تَقُولُ: اللهُمَّ اكْتُبْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَاقْبَلْهَا مِنِّي , كَمَا قَبِلْتَ مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَةَ , فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَ الرَّجُلُ عَنِ كَلَامِ السَّجْدَةِ "(5/272)
2862 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ , بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ» وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: " لِيَقُلْ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، إِلَى الْخَالِقِينَ» ، وَرَبِّ ظَلَمْتُ نَفْسِي , فَاغْفِرْ لِي , إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ "(5/272)
جِمَاعُ أَبْوَابِ السُّجُودِ(5/273)
ذِكْرُ الْقَارِئِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السُّجُودِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يَقْرَأَ السَّجْدَةَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «لَا يَسْجُدُ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا يُعِيدُهَا» وَقَالَ إِسْحَاقُ: «يُعِيدُهَا إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ» ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: إِذَا قَرَأَ سَجْدَةً بَعْدَ الْعَصْرِ , أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ يَسْجُدْ فِيهَا، وَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصِيحُ عَلَيْهِمْ إِذَا رَآهُمْ، يَعْنِي الْقُصَّاصَ , يَسْجُدُونَ بَعْدَ الصُّبْحِ. وَرُوِّينَا عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَنَّهُ قُرِئَتْ عِنْدَهُ السَّجْدَةُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , فَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ , ثُمَّ سَجَدَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى أَنَّهُمْ يَقْرَءُونَ آيَةً , أَوْ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ بَعْدَ الْعَصْرِ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُمْ(5/273)
2863 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصِيحُ عَلَيْهِمْ إِذَا رَآهُمْ، يَعْنِي الْقُصَّاصَ , يَسْجُدُونَ بَعْدَ الصُّبْحِ» قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِيهِ أَيُّوبُ , عَنْ نَافِعٍ(5/273)
2864 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، «قُرِئَتْ عِنْدَهُ السَّجْدَةُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , فَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ سَجَدَ»(5/273)
2865 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، [ص:274] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ، كَانَ يُحَدِّثُهُمْ، حَتَّى إِذَا بَزَغَتِ الشَّمْسُ قَرَأَ السَّجْدَةَ , فَسَجَدَ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا رَأَى ابْنَ آدَمَ سَاجِدًا يَبْكِي , وَيَقُولُ: ابْنُ آدَمَ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِالسُّجُودِ , وَدَخَلْتُ أَنَا النَّارَ بِالْجُحُودِ "(5/273)
2866 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ، كَانَ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ، وَبَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ يَقْرَءُونَ السَّجْدَةَ، وَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ إِذَا رَأَى أَنَّهُمْ يَقْرَءُونَ , يَعْنِي: سُورَةً فِيهَا سَجْدَةً , بَعْدَ الْعَصْرِ لَمْ يَجْلِسْ مَعَهُمْ " وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَنْهَى عَنْ سَجْدَةِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِي السُّجُودِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ. رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَأَتَيْتَ عَلَى السَّجْدَةِ فَاسْجُدْ , أَيَّ سَاعَةٍ كَانَتْ، وَلَا تَخْتَصِرَنَّ السَّجْدَةَ , مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَيَسْجُدُ فِيهَا» . وَقَرَأَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ سَجْدَةً بَعْدَ الْعَصْرِ فَسَجَدَ. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «يَسْجُدُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ» : عَطَاءٌ، وَسَالِمٌ، وَالْقَاسِمُ، وَعِكْرِمَةُ، وَكَانَ النَّخَعِيُّ [ص:275] يَقُولُ: إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ بَعْدَ الْغَدَاةِ , أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ سَجَدَ إِذَا كَانَ وَقْتَ صَلَاةٍ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: إِذَا كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ , فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ قَرَأَ سَجْدَةً بَعْدَ الْعَصْرِ , أَوْ بَعْدَ الصُّبْحِ , أَوْ بَعْدَ الْفَجْرِ , فَلْيَسْجُدْ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي السَّجْدَةِ يَقْرَؤُهَا بَعْدَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ , وَبَعْدَ مَا صَلَّى الْفَجْرَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ , قَالُوا: يَسْجُدُهَا(5/274)
ذِكْرُ سُجُودِ الْقُرْآنِ عَلَى الرَّاحِلَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَابِتٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا مُسَافِرًا , يُومِئُ إِيمَاءً , فَإِذَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ صَلَّى عَلَى رَاحِلَتِهِ يُومِئُ إِيمَاءً , فَلِلسَّاجِدِ سُجُودَ الْقُرْآنِ أَنْ يُومِئَ بِهَا , اسْتِدْلَالًا بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّاحِلَةِ. عَلَى أَنِّي لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ , بَلْ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ , وَابْنُ الزُّبَيْرِ , وَابْنُ عُمَرَ(5/275)
2867 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَبْرَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ , وَأَنَا مُقْبِلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ , عَنِ الرَّجُلِ، يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى الدَّابَّةِ؟ قَالَ: «يُومِئُ»(5/275)
2868 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ ثُوَيْرٍ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ , فَيُومِئُ "(5/275)
2869 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ [ص:276] جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ , فَيُومِئُ " وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمُسَافِرُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: أَرْجُو أَنْ يُجْزِيَهُ أَنْ يُومِئَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُجْزِي الْمُسَافِرَ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُسَافِرًا أَنْ يُومِئَ إِيمَاءً(5/275)
ذِكْرُ الْمَاشِي يَقْرَأُ السَّجْدَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَاشِي يَقْرَأُ السَّجْدَةَ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُومِئُ، كَذَلِكَ قَالَ: الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَلْقَمَةُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ كُرْدُوسٌ: يُومِئُ، وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَرَأْتَ السَّجْدَةَ حَوْلَ [ص:277] الْبَيْتِ فَاسْتَقْبَلِ الْقِبْلَةَ , وَأَوْمِ إِيمَاءً» وَرُوِّينَا عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ: يُومِئُ , أَوْ قَالَ: يَسْجُدُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يَسْجُدَ , وَلَا يُومِئُ , رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَأَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، وَذَكَرَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَسْجُدُ وَلَا يُومِئُ، فَرَّقُوا بَيْنَ الْمَاشِي وَالرَّاكِبِ فِي ذَلِكَ(5/276)
ذِكْرُ التَّكْبِيرِ لِسُجُودِ الْقُرْآنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ قَرَأَ سَجْدَةً مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: " [ص:278] يُكَبِّرُ إِذَا سَجَدَ , كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَكَانَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَقُولُونَ: «يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ وَيُكَبِّرُ» . وَقَالَ مَالِكٌ كَقَوْلِهِمْ: «إِذَا كَانَ الْقَارِئُ فِي صَلَاةٍ، وَكَانَ يُضَعِّفُ التَّكْبِيرَ قَبْلَ السُّجُودِ وَبَعْدَ السُّجُودِ إِذَا كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ» وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ يَقُولَانِ: «يَرْفَعُ يَدَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ»(5/277)
ذِكْرُ التَّسْلِيمِ مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّسْلِيمِ مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «يُسَلِّمُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ» ، هَذَا قَوْلُ أَبِي قِلَابَةَ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَأَبِي الْأَحْوَصِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ , وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ , قَالَ: يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ تَسْلِيمٌ، وَمِمَّنْ كَانَ هَذَا قَوْلَهُ: إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: " أَمَّا التَّسْلِيمُ , فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ؟(5/279)
ذِكْرُ اخْتِصَارِ السُّجُودِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اخْتِصَارِ السُّجُودِ , فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: مِمَّا أَحْدَثَ النَّاسُ اخْتِصَارُ السُّجُودِ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ اخْتِصَارَ السُّجُودِ» ، وَكَرِهَ ذَلِكَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَفَسَّرَ ذَلِكَ أَحْمَدُ «إِمَّا أَنْ يَقْرَأَ آيَةً , أَوْ آيَتَيْنِ , ثُمَّ يَسْجُدَ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ لَا بَأْسَ بِاخْتِصَارِ السُّجُودِ , هَكَذَا قَالَ النُّعْمَانُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إِنْ قَرَأَ آيَةً , أَوْ آيَتَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الرَّجُلُ سُورَةً فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، أَوْ فِي صَلَاةٍ , وَيَتْرُكَ السَّجْدَةَ. وَكَرِهَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَقَالَ اخْتِصَارُ السُّجُودِ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ النُّعْمَانِ، وَرَخَّصَ أَبُو ثَوْرٍ فِي اخْتِصَارِ السُّجُودِ , وَقَالَ: إِنْ شَاءَ سَجَدَ , وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَسْجُدْ. قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: السَّجْدَةُ تَطَوُّعٌ , إِنْ شَاءَ سَجَدَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَسْجُدْ(5/280)
ذِكْرُ سُجُودِ مَنْ حَضَرَ الْقَارِئَ لِسُجُودِهِ(5/280)
2870 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: [ص:281] حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ , فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ، حَتَّى لَا يَجِدُ أَحَدٌ مِنَّا مَوْضِعَ جَبْهَتِهِ " اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي السَّجْدَةِ يَسْمَعُهَا الْمَرْءُ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَ , كَذَلِكَ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ جَلَسَ لَهَا، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَرُوِّينَا أَنَّ سَلْمَانَ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ قُعُودٍ , فَقَرَءُوا السَّجْدَةَ , فَسَجَدُوا , فَقِيلَ لَهُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَهَا غَدَوْنَا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ قَرَأَ سَجْدَةً: أَنْتَ قَرَأْتَهَا , فَإِنْ سَجَدْتَ سَجَدْنَا(5/280)
2871 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُثْمَانَ، مَرَّ بِقَاصٍّ , فَقَرَأَ سَجْدَةً لِيَسْجُدَ مَعَهُ عُثْمَانُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: «إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَ، ثُمَّ مَضَى»(5/281)
2872 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ جَلَسَ لَهَا، فَإِنْ مَرَرْتَ فَسَجَدُوا , فَلَيْسَ عَلَيْكَ سُجُودٌ "(5/281)
2873 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ حَنْظَلَةَ، قَالَ: قَرَأْتُ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ سَجْدَةً , فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: «مَا تَنْظُرُ؟ [ص:282] أَنْتَ قَرَأْتَهَا , فَإِنْ سَجَدْتَ سَجَدْنَا»(5/281)
2874 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: مَرَّ سَلْمَانُ عَلَى قَوْمٍ قُعُودٍ , فَقَرَءُوا السَّجْدَةَ , فَسَجَدُوا , فَقِيلَ لَهُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَهَا غَدَوْنَا "(5/282)
2875 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، مَرَّ بِقَاصٍّ، فَقَرَأَ الْقَاصُّ سَجْدَةً، فَمَضَى عِمْرَانُ , وَلَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ، وَقَالَ «إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ جَلَسَ لَهَا» وَقَالَ مَالِكٌ: «لَيْسَ عَلَى مَنْ سَمِعَ سَجْدَةً مِنْ إِنْسَانٍ قَرَأَ بِهَا، لَيْسَ لَهُ بِإِمَامٍ أَنْ يَسْجُدَ» . وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَإِنْ سَجَدَ فَحَسَنٌ» . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رَجُلٍ قَرَأَ سَجْدَةً , وَمَعَهُ قَوْمٌ قَدْ سَمِعُوهَا أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَ مَعَهُ، وَإِنْ سَمِعُوا سَجْدَةً غَيْرَهَا , فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَسْجُدُوا، وَإِنْ مَرَّ بِكُلِّ سَجْدَةٍ فِي الْقُرْآنِ، فَلَا يَسْجُدُوا لَهَا , قَدْ سَجَدُوا لَهُ مَرَّةً، إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَدْ قَامُوا مِنْ مَجْلِسِهِمْ، فَعَلَى مَنْ قَامَ إِذَا سَمِعَهَا أَنْ يَسْجُدَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا» . رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ لِمَنْ سَمِعَهَا(5/282)
2876 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: إِنَّمَا السَّجْدَةُ [ص:283] عَلَى مَنْ سَمِعَهَا "(5/282)
2877 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِنَّمَا السَّجْدَةُ لِمَنْ سَمِعَهَا» وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَنَافِعٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: «مَنْ سَمِعَ السَّجْدَةَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَمَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ سَجْدَةً , فَإِنْ كَانَ جَالِسًا إِلَيْهَا يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ , فَسَجَدَ , فَلْيَسْجُدْ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَلَحَّدْ فَأَحَبَّ الْمُسْتَمِعُ أَنْ يَسْجُدَ , فَلْيَسْجُدْ»(5/283)
ذِكْرُ الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْحَائِضِ تَسْمَعُ السَّجْدَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَسْجُدَ» , كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، [ص:284] وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ قَالَ: تُومِئُ بِرَأْسِهَا(5/283)
2878 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أبان الْعَطَّارِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: وَتَقُولُ: «اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ»(5/284)
ذِكْرُ الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ غَيْرُ طَاهِرٍ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَوَضَّأُ وَيَسْجُدُ , هَكَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يَقْضِيَهَا إِذَا اغْتَسَلَ، كَأَنَّهُ أَرَادَ الْجُنُبَ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: " يَتَوَضَّأُ وَيَسْجُدُ، لَا يَتَيَمَّمُ وَيَسْجُدُ، فَإِنْ فَعَلَ , فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُعِيدَ، وَقَالُوا: إِنْ سَمِعَهَا وَهُوَ جُنُبٌ سَجَدَهَا إِذَا اغْتَسَلَ ". وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَهُ النَّخَعِيُّ , قَالَ: إِذَا سَمِعْتَ السَّجْدَةَ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ , تَيَمَّمْ , ثُمَّ اسْجُدْ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ قَوْلًا ثَالِثًا فِي الرَّجُلِ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ , قَالَ: يَسْجُدُ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ(5/284)
ذِكْرُ الْمَرْءِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَسْجُدُ , إِلَّا أَنْ يَكُونَ سَاجِدًا، وَهَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ. وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ: يَسْجُدُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَسْجُدُ كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ بِلَالٍ: ابْنُ سِيرِينَ عَنْهُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: يَسْجُدُ إِذَا انْصَرَفَ(5/285)
ذِكْرُ السَّجْدَةِ تَكُونُ آخِرَ السُّورَةِ كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي السَّجْدَةِ تَكُونُ خَاتِمَةَ السُّورَةِ: إِنْ شِئْتَ رَكَعْتَ , وَإِنْ شِئْتَ سَجَدْتَ(5/285)
2879 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ خَاتِمَةَ السُّورَةِ فَإِنْ شِئْتَ رَكَعْتَ، وَإِنْ شِئْتَ سَجَدْتَ» وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ: " يُجْزِيهِ إِنْ رَكَعَ بِهَا، وَكَذَلِكَ [ص:286] قَالَ عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، وَمَسْرُوقٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ، وَرُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ رَكَعَ بِهَا. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: «إِنْ شِئْتَ فَارْكَعْ بِهَا , وَإِنْ شِئْتَ فَاسْجُدْ» . وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ كَذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تَقْرَأُ السَّجْدَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَأْتَمُّونَ بِهَا. هَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَإِسْحَاقَ، وَهُوَ يُشْبِهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «هِيَ إِمَامُكَ»(5/285)
ذِكْرِ سُجُودِ الشُّكْرِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي سُجُودِ الشُّكْرِ , فَاسْتَحَبَّتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ بِسُجُودِ الشُّكْرِ، وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِسَجْدَةِ الشُّكْرِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ سُنَّةٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ: قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَكَرِهَتْ فِرْقَةٌ سُجُودَ الشُّكْرِ , وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ النَّخَعِيُّ , وَزَعَمَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالنُّعْمَانُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ، وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَلَيْسَ لِكَرَاهِيَةِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ مَعْنًى، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهَا عَنِ النَّخَعِيِّ , فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَسْجُدُ سَجْدَةَ الْفَرَحِ.(5/287)
2880 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ شَيْءٌ يَسُرُّهُ، أَوْ جَاءَهُ سُرُورٌ , خَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ "(5/287)
2881 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو بِشْرٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ بْنُ رَجَاءٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنَا شَعْثَاءُ، قَالَتْ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى صَلَّى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ , [ص:288] فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا صَلَّيْتَهَا إِلَّا رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الضُّحَى يَوْمَ الْفَتْحِ، وَحِينَ بُشِّرَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ رَكْعَتَيْنِ " وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ سَجَدَ حِينَ جَاءَهُ فَتْحُ الْيَمَامَةِ، وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ سَجَدَ حِينَ وَجَدَ ذَا الثُّدَيَّةِ، وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ خَرَّ سَاجِدًا. وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ , أَنَّهَا سَجَدَتْ لَمَّا وَجَدَتْ شَيْئًا كَانَ ذَهَبَ لَهَا، كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهَا إِيَّاهُ(5/287)
2882 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: سَجَدَ أَبُو بَكْرٍ حِينَ جَاءَهُ فَتْحُ الْيَمَامَةِ "(5/288)
2883 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ النَّهْرَوَانِ، فَقَالَ: الْتَمِسُوا ذَا الثُّدَيَّةِ، فَالْتَمَسُوهُ , فَجَعَلُوا لَا يَجِدُونَهُ، فَجَعَلَ يَعْرَقُ جَبِينُ عَلِيٍّ , وَيَقُولُ: وَاللهِ مَا كَذَبْتُ , وَلَا كُذِبْتُ , فَالْتَمِسُوهُ , قَالَ: فَوَجَدْنَاهُ فِي دَالِيَّةٍ، أَوْ جَدْوَلٍ تَحْتَ قَتْلَى، فَأُتِي بِهِ عَلِيٌّ، فَخَرَّ سَاجِدًا "(5/288)
2884 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ تَوْبَتُهُ، خَرَّ سَاجِدًا "(5/288)
2885 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُجَاهِدٌ، قَالَ: ثنا شُعَيْبٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: كَانَ عِنْدَ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ أَعْطَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ فِي سَفَطٍ، فَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ ذَهَبَ، فَأَرْسَلَتْ طَارِقًا فِي طَلَبِهِ، فَجَاءَهَا بِهِ , فَسَجَدَتْ "(5/289)
كِتَابُ الْكُسُوفِ
ذكر الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر وبيان أنهما لا ينكسفان ملوت أحد ولا لحياته وأنهما آيتان من آيات الله
2886 - حدثنا أبو أحمد مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أخبرنا يعلى قال: ثنا إسماعيل عن قيس عن أبي مسعود الأنصاري عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: إن الشمس والقمر ليستا ينكسفان لموت أحد من الناس، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموها فقوموا فصلوا.
ذكر الخبر الدال على أن كسوفهما تخويف من الله عباده
قال الله جل ذكره: (وما نرسل بالاَيات إلا تخويفا) الآية
2887 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق قال: ثنا موسى بن عبد الرحمن قال: ثنا أبو أسامة عن يزيد عن أبيه عن أبي موسى قال: انكسفت الشمس في زمن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فقام فزعاً يخشى أن تكون الساعة، حتى أتى المسجد فقام يصلي، وأطال القيام والركوع والسجود، وما رأيته فعله في صلاة قط، ثم قال: إن هذه الآيات التى ترسل لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلها ليخوف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئاً فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه، واستغفروه.(5/291)
ذِكْرُ الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْأَمْرِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ مَعَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْكُسُوفِ إِلَى أَنْ يَنْجَلِيَ(5/294)
2888 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْبَكْرَاوِيُّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ النَّاسُ: إِنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللهِ، وَأَنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ , فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاحْمَدُوا اللهَ، وَكَبِّرُوا، وَسَبِّحُوا، وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ كُسُوفُ أَيِّهِمَا انْكَسَفَ» , قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي قَوْلِهِ: «حَتَّى يَنْجَلِيَ كُسُوفُ أَيِّهِمَا انْكَسَفَ» دَلِيلٌ عَلَى إِثْبَاتِ الصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الْقَمَرِ(5/294)
ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ فِي الْكُسُوفِ(5/294)
2889 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَرْمِي بِسَهْمٍ لِي فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِذْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ , فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ مَا يُحَدِّثُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُسُوفِ الْيَوْمِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يُسَبِّحُ، وَيَحْمَدُ، وَيُهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ، وَيَدْعُو , حَتَّى حُسِرَ عَنِ الشَّمْسِ، فَقَرَأَ بِسُورَتَيْنِ، وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ "(5/294)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ مَعَ الصَّلَاةِ عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ(5/295)
2890 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ , فَقَامَ إِلَى الْمَسْجِدِ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، يَعْنِي: مِنَ الْعَجَلَةِ، قَالَ: فَثَابَ النَّاسُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلُّونَ، فَلَمَّا كُشِفَتْ، خَطَبَنَا فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ , يُخَوِّفُ اللهُ بِهَا عِبَادَهُ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا، فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِكُمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ صَلَاتِهِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالِاسْتِحْبَابُ أَنْ يُصَلَّى لِكُسُوفِ الشَّمْسِ فِي الْمَسْجِدِ، خِلَافَ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهَا الْإِمَامُ إِلَى الْمُصَلَّى، وَكَذَلِكَ الْعِيدَيْنِ، وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ فِي الْمُصَلَّى، وَصَلَّى الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءَ فِي الْمَسْجِدِ أَجْزَأَ ذَلِكَ، وَاتِّبَاعُ السُّنَنِ أَفْضَلُ(5/295)
ذِكْرُ النِّدَاءِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ , وَإِسْقَاطِ الْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ(5/295)
2891 - حَدَّثَنَا نَصْرِيُّ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحٍ الْجَرْجَرَائِيُّ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى: «الصَّلَاةَ جَامِعَةَ» ، وَاصْطَفُّوا , فَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ(5/295)
ذِكْرُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَإِطَالَةِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا(5/296)
2892 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ , فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا , وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا , وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ , فَقَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ , لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللهَ» ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ فِي مَقَامِكَ هَذَا شَيْئًا , ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَأَنَّكَ تَكَعْكَعْتَ قَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ , فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَرَأَيْتُ، أَوْ، أُرِيتُ النَّارَ، وَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، قَالُوا: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟ قَالَ: " يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَةِ، وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ "(5/296)
ذِكْرُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ , فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَفَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، وَبِحَضْرَتِهِ الْبَرَاءُ [ص:297] بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ(5/296)
2893 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: خَرَجَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْخَطْمِيُّ يَسْتَسْقِي , وَخَرَجَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَئِذٍ، فَقَامَ قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مِنْبَرٍ , فَاسْتَسْقَى، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَنَحْنُ خَلْفَهُ، يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَلَمْ يُؤَذِّنْ يَوْمَئِذٍ , وَلَمْ يَقُمْ "(5/297)
2894 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ أَمَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُجْهَرُ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ بِالْقِرَاءَةِ: هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَاحْتَجَّ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَا: لَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ لَخَبَّرَ بِالَّذِي قَرَأَ، وَلَمْ يُقَدِّرْ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ، وَاحْتَجَّ آخِرُ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ(5/297)
2895 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: سُفْيَانُ , عَنِ الْأَسْوَدِ [ص:298] بْنِ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، لَا يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ بِأَنَّ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ حُجَّةٌ , لَوْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ عِلَّةً، وَعَائِشَةُ تُخْبِرُ أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ، فَإِنَّ قَبُولَ خَبَرِهَا أَوْلَى، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى شَاهِدٍ، فَقَبُولُ شَهَادَتِهَا يَجِبُ، وَالَّذِي لَمْ يَحْكِ الْجَهْرَ فِي مَعْنَى نَافِي، وَلَيْسَ بِشَاهِدٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الصُّفُوفِ بِحَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَدَّرَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ، وَتَكُونُ عَائِشَةُ سَمِعَتِ الْجَهْرَ , فَأَدَّتْ مَا سَمِعَتْ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَوْ لَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ لَكَانَ أَشْبَهَ الْأَمْرِ مِنَ الْجَهْرِ تَشَبُّهًا بِالْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ , وَكُلُّ ذَلِكَ نَهَارًا. قَالَ: وَأَمَّا كُسُوفُ الْقَمَرِ , فَقَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى الْجَهْرِ فِي صَلَاتِهِ، لِأَنَّ قِرَاءَةَ اللَّيْلِ عَلَى الْجَهْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِهَذَا أَقُولُ، يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ(5/297)
2896 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: " انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ أَوِ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ قَالَتْ: فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ "(5/298)
2897 - وَمِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَمِرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى بِهِمْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ , وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ، فَلَمَّا رَكَعَ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَ , رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»(5/299)
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ فِي عَدَدِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ , صَلَاةُ الْكُسُوفِ بِرَكْعَتَيْنِ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ(5/299)
2898 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: «انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ»(5/299)
2899 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ , يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُهُ، فَقَامَ بِالنَّاسِ , فَقِيلَ: لَا يَرْكَعُ، وَرَكَعَ , فَقِيلَ: لَا يَرْفَعُ، وَرَفَعَ , فَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ، وَسَجَدَ , فَقِيلَ: لَا يَرْفَعُ، وَجَلَسَ , فَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ، وَسَجَدَ , فَقِيلَ: لَا يَرْفَعُ، ثُمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَةِ , فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَجَلَّتِ الشَّمْسُ " فَقَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قَالَ: صَلُّوا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى يَنْجَلِيَ نَحْوًا مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَبِقَوْلِ النَّخَعِيِّ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ(5/299)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ(5/300)
2900 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الشَّمْسُ انْكَسَفَتْ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَصَفْتُ صَلَاتَهُ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَابِ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ(5/300)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ(5/300)
2901 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَطَاءٌ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ فَكَبَّرَ، ثُمَّ قَرَأَ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَرَأَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَرَأَ دُونَ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِمَّا قَامَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَانْحَدَرَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ، لَيْسَ فِيهَا رَكْعَةٌ إِلَّا الَّذِي قَبْلَهَا أَطْوَلُ مِنَ الَّذِي بَعْدَهَا، إِلَّا أَنَّ رُكُوعَهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ تَأَخَّرَ فِي صَلَاتِهِ فَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ [ص:301] مَعَهُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَامَ فِي مَقَامِهِ وَتَقَدَّمَتِ الصُّفُوفُ، فَقَضَى الصَّلَاةَ وَقَدْ آضَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ بَشَرٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةَ، أَنَّهُمَا صَلَّيَا فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ(5/300)
2902 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى فِي صِفَةِ زَمْزَمَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ "(5/301)
2903 - حَدَّثُونَا عَنْ بُنْدَارٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، صَلَّى فِي الْكُسُوفِ سِتَّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ "(5/301)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ(5/301)
2904 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ثنا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، وَالْأُخْرَى مِثْلُهَا " وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا صَلَّيَا هَذِهِ الصَّلَاةَ(5/301)
2905 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ أَمَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ قَالَ: فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فَقَامَ فَقَرَأَ، ثُمَّ قَرَأَ، ثُمَّ قَامَ فَدَعَا، ثُمَّ رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي سَجْدَةٍ يَدْعُو فِيهِنَّ بَعْدَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ: وَسَمِعْتُهُمْ يَحْزِرُونَ قِيَامَ عَلِيٍّ فِي الْقِرَاءَةِ قَالَ: الرُّومُ، أَوْ يس، أَوِ الْعَنْكَبُوتُ "(5/302)
2906 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، أَنَّ طَاوُسًا، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى عَلَى ظَهْرِ صُفَّةِ زَمْزَمَ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَةَ رَكَعَاتٍ "(5/302)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ(5/302)
2907 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: " انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَقَامَ عَلِيُّ فَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَا صَلَّاهَا أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِي " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ حَكَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَقَدْ رُوِّينَا [ص:303] عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ الْعَلَاءُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ: يَقُومُ فَيُكَبِّرُ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ قَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، فَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ نَظَرَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ سَجَدَ، ثُمَّ شَفَعَ إِلَيْهَا بِرَكْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْجَلِ لَمْ يَسْجُدْ أَبَدًا حَتَّى يَنْجَلِيَ. وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَسِتَّ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَثَمَانِ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ كُلُّ ذَلِكَ مُؤْتَلَفٌ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَزِيدُ مِنَ الرُّكُوعِ إِذَا لَمْ يَرَ الشَّمْسَ قَدِ انْجَلَتْ، وَإِذَا انْجَلَتِ الشَّمْسُ سَجَدَ، فَمِنْ هُنَا صَارَ زِيَادَةُ الرَّكَعَاتِ، وَلَا يُجَاوِزُ بِذَلِكَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِنَا مُثْبَتًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ آخَرُ مِنْ أَصْحَابِنَا: الْأَخْبَارُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَخْبَارٌ ثَابِتَةٌ، فَإِنْ أَحَبَّ الْمُصَلِّي رَكَعَ فِي كُلِّ رُكُوعِهِ رُكُوعَيْنِ، وَإِنْ أَحَبَّ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَإِنْ أَحَبَّ رَكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ ثَابِتَةٌ، وَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ مَرَّاتٍ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أَعْلَمُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي عَدَدِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ عِلَّةً إِلَّا خَبَرَ عَلِيٍّ فَإِنَّ فِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ، فَأَمَّا سَائِرُ [ص:304] الْأَخْبَارِ فَالْعَمَلُ بِهَا كُلِّهَا جَائِزٌ(5/302)
ذِكْرُ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ فَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الرَّكَعَاتِ الْأُولَى بِالْبَقَرَةِ، وَقَرَأَ فِي الرَّكَعَاتِ الْأَوَاخِرِ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ وَفِي الْأُخْرَى بِآلِ عِمْرَانَ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُمْ حَزَرُوا قِرَاءَتَهُ الرُّومَ أَوْ يس أَوِ الْعَنْكَبُوتَ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبَّانَ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي كُسُوفٍ سَأَلَ سَائِلٌ(5/304)
2908 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَرَأَ فِي الرَّكَعَاتِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْآيَاتِ بِالْبَقَرَةِ، وَقَرَأَ فِي الرَّكَعَاتِ الْأَوَاخِرِ بِسُورَةِ آلِ عِمْرَانَ " وَقَالَ: وَلَوْ انْجَلَتِ الشَّمْسُ فِي الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ لَرَكَعَ وَلَمْ يَنْتَظِرِ الرَّكْعَتَيْنِ الْآخِرَتَيْنِ(5/304)
2909 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ بَكَّارٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَفِي الْآخِرَةِ بِآلِ عِمْرَانَ " وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: " أُحِبُّ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَيُكَبِّرُ، ثُمَّ يَفْتَتِحُ كَمَا يَفْتَتِحُ الْمَكْتُوبَةَ، ثُمَّ يَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ إِنْ كَانَ يَحْفَظُهَا، أَوْ قَدْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ إِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُهَا، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ وَيَجْعَلُ رُكُوعَهُ قَدْرَ قِرَاءَةِ مِائَةِ آيَةٍ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ وَيَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَتَيْ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ ثُلُثَيْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَسْجُدُ، ثُمَّ يَقُومُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ سَبْعِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ بِأُمِّ [ص:305] الْقُرْآنِ وَقَدْرِ مِائَةِ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ بِقَدْرِ خَمْسِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَسْجُدُ وَإِذَا جَاوَزَ هَذَا فِي بَعْضٍ أَوْ جَاوَزَهُ فِي كُلٍّ أَوْ قَصَرَ عَنْهُ فِي كُلٍّ إِذَا قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فِي مَبْدَإِ الرَّكْعَةِ، وَعِنْدَ رَفْعِهِ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَبْلَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَجْزَأَهُ ". وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: " يُكَبِّرُ الْإِمَامُ لِلْافْتِتَاحِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، ثُمَّ يَذْكُرُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ مِنَ الِاسْتِفْتَاحِ مِثْلَ مَا يَفْعَلُهُ فِي الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدَيْنِ، وَالْمَكْتُوبَاتِ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَقْرَأُ بِالْبَقَرَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ الْإِمَامُ ذَلِكَ قَرَأَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا شَاءَ وَيَتَوَخَّى أَنْ يَكُونَ قَدْرَ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَرْكَعُ فَلَا يَزَالُ رَاكِعًا كَقَدْرِ الْقِيَامِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ، يَبْدَأُ بِثَلَاثِ تَسْبِيحَاتٍ سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يُسَبِّحُ وَيَحْمَدُ اللهَ مَا دَامَ رَاكِعًا، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيَقُولُ: اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ قَدِ انْجَلَتْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَصَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَخَفَّفَهَا كَمَا كَانَ يَتَطَوَّعُ قَبْلَهُ لَمَّا انْجَلَتِ الشَّمْسُ قَالَ: وَهَذَا مَعْنَى مَا ذِكْرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ وَاللهُ أَعْلَمُ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُثْبَتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا يُثْبَتُ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ، فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ وَلَمْ تَنْجَلِ الشَّمْسُ فَإِنَّهُ يَقُومُ قَائِمًا وَيَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَنَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ آيَةٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لِمَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ قِيَامَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ كَانَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَرْكَعُ دُونَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَنَحْوِ ثُلُثَيْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ وَذَلِكَ حَسَنٌ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَسْجُدُ وَلَا يُطَوِّلُ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا طَوَّلَ الرُّكُوعَ لِمَا لَمْ يُذْكَرْ فِي عَامَّةِ الْحَدِيثِ طُولُ الْمُكْثِ فِيهَا، فَإِنْ مَكَثَ فِيهِمَا كَنَحْو مِنَ الرُّكُوعِ جَازَ ذَلِكَ لِمَا ذِكْرُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ فَاسْتَوَى قَائِمًا قَرَأَ فِي قِيَامِهِ بِنَحْوِ نِصْفِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ يَثْبُتُ رَاكِعًا قَدْرَ نِصْفِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ فَيَقْرَأُ كَقَدْرِ، أَظُنُّهُ قَالَ: نِصْفِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ ثُلُثِهَا، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيَثْبُتُ كَقَدْرِ نِصْفِ مَا وَقَفَ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ "(5/304)
ذِكْرُ قَدْرِ السُّجُودِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: لَمْ أَسْمَعْ أَنَّ السُّجُودَ يَطُولُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ. وَقَدْ رَأَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ تَطْوِيلَ السُّجُودِ فِيهَا، وَاحْتَجُّوا بِأَحَادِيثَ رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ(5/306)
2910 - أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ الْحُمَيْدِيّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ، تُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَامَ فِي مُصَلَّاهُ وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ، فَكَبَّرَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ السُّجُودِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَكَانَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ " وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي تَطْوِيلِ السُّجُودِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِرَكْعَتَيْنِ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ سَمُرَةَ، وَقَدْ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ(5/306)
ذِكْرُ الْقِيَامِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ، وَبَعْدَ قَوْلِ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ، وَذِكْرُ الدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللهِ فِي الْجُلُوسِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ حَتَّى تَنْجَلِيَ(5/307)
2911 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حُرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ، عَنْ رَجُلٍ يُدْعَى حَنَشًا، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى عَلِيُّ بِالنَّاسِ بَدَأَ فَقَرَأَ بِـ يس أَوْ نَحْوَهَا، ثُمَّ رَكَعَ نَحْوًا مِنْ قَدْرِ سُورَةٍ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ قَدْرَ السُّورَةِ يَدْعُو وَيُكَبِّرُ، ثُمَّ رَكَعَ قَدْرَ قِرَآتِهِ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ أَيْضًا قَدْرَ السُّورَةِ، ثُمَّ رَكَعَ قَدْرَ ذَلِكَ أَيْضًا، حَتَّى رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَفَعَلِ كَفِعْلِهِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ جَلَسَ يَدْعُو وَيَرْغَبُ حَتَّى انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ فَعَلَ "(5/307)
ذِكْرُ الْخُطْبَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ(5/307)
2912 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا ابْنُ حَرْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، وَذَكَرَتْ صَلَاتَهُ قَالَتْ: ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَيْنِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللهَ، وَكَبِّرُوا، وَتَصَدَّقُوا» ، وَقَالَ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا [ص:308] وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» وَمِمَّنْ أَثْبَتَ الْخُطْبَةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْخُسُوفِ مِنْ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا إِلَّا مَالِكًا، فَإِنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِلْكُسُوفِ خُطْبَةٌ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِمَّنْ رَوَى حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخُسُوفِ ثُمَّ خَطَبَ، وَالْأَخْبَارُ إِذَا ثَبَتَتْ لَمْ يَضُرَّهَا تَخَلَّفُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْقَوْلِ بِهَا، وَوَافَقَهُ يَعْقُوبُ فَقَالَ: لَيْسَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ خُطْبَةٌ وَلَا خُرُوجٌ إِنَّمَا الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ(5/307)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ(5/308)
2913 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا زَائِدَةٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: «وَلَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ»(5/308)
ذِكْرُ حُضُورِ النِّسَاءِ صَلَاةَ الْخُسُوفِ(5/308)
2914 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَأَخَذَ دِرْعًا فَلَبِسَهُ حَتَّى أُدْرِكَ [ص:309] بِرِدَائِهِ، فَقَامَ بِالنَّاسِ قِيَامًا طَوِيلًا يَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ، فَلَوْ جَاءَ إِنْسَانٌ بَعْدَمَا رَكَعَ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّهُ رَكَعَ شَيْئًا، مَا حَدَّثَ نَفْسَهُ أَنَّهُ رَكَعَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي وَإِلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي هِيَ أَسْقَمُ مِنِّي قَائِمَةً، فَأَقُولُ: أَنَا أَحَقُّ أَنْ أَصْبِرَ عَلَى طُولِ الْقِيَامِ مِنْكِ " وَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ لَا يَرَى بَأْسًا لِلْعَجَائِزِ اللَّاتِي قَدْ طَعَنَّ فِي السِّنِّ يَخْرُجْنَ إِلَى الْمُصَلَّى قَالَ: وَأَمَّا غَيْرُهُنَّ فَلَا أُحِبُّهُ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَلَا إِكْرَاهَ لِمَنْ لَا هَيْئَةَ لَهُ بَارِعَةً مِنَ النِّسَاءِ، وَلَا لِلْعَجُوزِ، وَلَا لِلصِّبْيَةِ شُهُودَ صَلَاةِ الْخُسُوفِ مَعَ الْإِمَامِ، بَلْ أُحِبُّهَا لَهُنَّ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ لِذَاتِ الْهَيْئَةِ أَنْ تُصَلِّيَهَا فِي بَيْتِهَا ". وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَكُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ: يَخْرُجْنَ إِنْ كُنَّ شَوَابَّ أَوْ عَجَائِزَ، وَلَوْ كُنَّ حُيَّضًا، إِلَّا أَنَّ الْحُيَّضَ يَعْتَزِلْنَ الْمَسْجِدَ وَلَكِنْ يَقْرَبْنَ بِهِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: يَتَرَخَّصُ لِلْعَجُوزِ أَنْ تَخْرُجَ فِي الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ لِلشَّابَّةِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كُنَّ النِّسَاءَ يَخْرُجْنَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ، وَقَدْ حَضَرْنَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَ أَنَّ النِّسَاءَ فِي عَصْرِنَا قَدْ تَغَيَّرْنَ عَمَّا كُنَّ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَصَحُّ الْيَوْمَ مَنْعُهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: لَوْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ الْيَوْمَ [ص:310] لَمَنَعَهُنَّ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنْ قَصَدَ مِنْهُنَّ الْخَيْرَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُنَّ غَيْرُ ذَلِكَ مَنَعَهُنَّ مِنْهُ إِلَّا الْعَجُوزَ الْكَبِيرَةَ، فَإِنَّهَا تَخْرُجُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ(5/308)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ جَمَاعَةً إِذَا تَخَلَّفَ الْإِمَامُ عَنْهَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَوْمِ يَغْشَاهُمُ الْكُسُوفُ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّي بِهِمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، صَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَصْحَابِهِ، وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِكَ جَائِزًا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَالشَّافِعِيُّ يَرَيَانِ أَنْ يُصَلِّيَهَا الْمُسَافِرُ، وَقَالَ مَالِكٌ: يُصَلِّي النِّسَاءُ فِي بُيُوتِهِنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ. وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ صَلَاةَ الْكُسُوفِ جَمَاعَةً. وَلَا بُدَّ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمُ الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي الْجُمُعَةَ كَذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ: يُصَلُّونَ وُحْدَانًا وَلَا يَجْمَعُهُمْ رَجُلٌ. وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: الصَّلَاةُ فِي الْكُسُوفِ وُحْدَانًا لَا يُصَلُّونَ جَمَاعَةً، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَقَوْلِ الثَّوْرِيِّ(5/310)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عِنْدَ خُسُوفِ الْقَمَرِ اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ كُسُوفِ الْقَمَرِ، فَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ يُصَلَّى عِنْدَ كُسُوفِ الْقَمَرِ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ.(5/310)
2915 - حَدَّثُونَا عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عَمِّي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ حَبِيبٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ الْبَصْرِيَّ، حَدَّثَهُ، عَنِ الْحَسَنِ، حَدَّثَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ: صَلَّى بِهِمْ هَذِهِ الصَّلَاةَ فِي زَمَانِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ أَمِيرَ الْبَصْرَةِ عِنْدَ كُسُوفِ الْقَمَرِ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَقَفَ عَلَى بَعِيرِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ النَّاسِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمْ تَكُنْ بِدْعَةً ابْتَدَعْتُهَا " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْأَخْبَارُ دَالَّةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا، وَأَمَرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(5/311)
2916 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ، وَإِلَى الصَّلَاةِ» وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ ذِكْرِ الْخُطْبَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَوْلَهُ: «فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاحْمَدُوا اللهَ، وَكَبِّرُوا، وَسَبِّحُوا، وَصَلُّوا حَتَّى يَتَجَلَّى كُسُوفُ أَيِّهِمَا انْكَسَفْ» . [ص:312] وَفِي هَذَا مِنَ الْبَيَانِ مَا لَا يُشْكَلُ عَلَى مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يُصَلِّيَ لِكُسُوفِ الْقَمَرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَوْلُ جُمْلَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ مَالِكٍ فَإِنَّ ابْنَ نَافِعٍ حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِكُسُوفِ الْقَمَرِ صَلَاةٌ مَعْرُوفَةٌ مَحْدُودَةٌ، وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يُصَلِّيَ الْقَوْمُ فُرَادَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلَاةِ النَّافِلَةِ. وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: وَلَيْسَ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الْقَمَرِ سُنَّةٌ، وَلَا صَلَاةَ كَصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْهُ، وَالسُّنَّةُ دَالَّةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.(5/311)
ذِكْرُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ بَعْدَ الْعَصْرِ فِي وَقْتٍ لَا يُصَلَّى فِيهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَذْكُرُونَ اللهَ وَيَدْعُونَ هَذَا مَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ،(5/312)
وَأَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، وَقَتَادَةَ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا يُصَلَّى إِلَّا فِي حِينِ صَلَاةٍ» . وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَا يُصَلَّى فِي الْكُسُوفِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلَاةٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: " إِذَا انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَيْسَتْ بِسَاعَةِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وَلَكِنِ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ حَتَّى يَنْجَلِيَ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنَّ الشَّمْسَ مَتَى انْكَسَفَتْ نِصْفَ النَّهَارِ، أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخُسُوفِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، فَلَا وَقْتَ يَحْرُمُ فِيهِ صَلَاةٌ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: قَالَهُ إِسْحَاقُ قَالَ: وَإِنِ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ كَذَلِكَ مَا لَمْ تَصِفِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْفَجْرِ مَا لَمْ يَطْلُعْ حَاجِبُ الشَّمْسِ، إِلَى أَنْ يَكُونَ قِيدَ رُمْحٍ، أَوْ رُمْحَيْنٍ، لِأَنَّهُمَا وَقْتَانِ يُصَلَّى فِيهِمَا الْفَوَائِتُ، وَالْمَكْتُوبَاتُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَوَّعَ قَبْلَ الْعَصْرِ، فَقَضَاهَا بَعْدَ الْعَصْرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُصَلَّى فِي الْكُسُوفِ إِلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَهِيَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتُ غُرُوبِهَا، وَوَقْتُ الزَّوَالِ(5/313)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عِنْدَ حُدُوثِ الْآيَاتِ سِوَى الْكُسُوفِ مِنَ الزَّلَازِلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ حُدُوثِ الْآيَاتِ غَيْرِ الْكُسُوفِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ يُخَوِّفُ بِهِمَا عِبَادَهُ، وَأَنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا رَابَكُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يَكْشِفَ مَا بِكُمْ» ، فَكَذَلِكَ الزَّلْزَلَةُ، وَالْمَعَادُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ يُصَلَّى عِنْدَهَا كَمَا يُصَلَّى عِنْدَ الْكُسُوفِ إِذْ كُلُّهَا آيَاتٌ مَعَ مَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى فِي الزَّلْزَلَةِ بِالْبَصْرَةِ، وَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ، فَصَارَتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَقَالَ: هَكَذَا صَلَاةُ الْآيَاتِ، وَرُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِيهِمَا بِالْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا سَمِعْتُمْ هَذَا مِنَ السَّمَاءِ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ(5/314)
2917 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، وَعَاصِمٍ الْأَحْوَلِ , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى فِي الزَّلْزَلَةِ بِالْبَصْرَةِ، فَأَطَالَ الْقُنُوتَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقُنُوتَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ، فَصَارَتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَقَالَ: هَكَذَا صَلَاةُ الْآيَاتِ "(5/314)
2918 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ لَيْلًا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أَدْرِي هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَجَدْتُ قَالُوا: نَعَمْ قَدْ وَجَدْنَا، فَانْطَلَقَ مِنَ الْغَدِ، فَصَلَّى بِهِمْ فَكَبَّرَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ [ص:315] سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ، ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ سِتَّ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ "(5/314)
2919 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ فِيهَا بِالْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ "(5/315)
2920 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ هَذَا مِنَ السَّمَاءِ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ»(5/315)
2921 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدٍ، امْرَأَةُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ الْأَرْضَ زُلْزِلَتْ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: قَدْ أَحْدَثْتُمْ لَقَدْ عَجَّلْتُمْ " وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ أَنَّهُ قَالَ: «لَئِنْ عَادَتْ لَأُخْرُجَنَّ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ»(5/315)
2922 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، أَوْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ صَلَّى فِي الزَّلْزَلَةِ بِالْبَصْرَةِ، فَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ رَكَعَ فِي رَكْعَتَيْنِ سِتَّ رَكَعَاتٍ ثَلَاثًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَاخْتَلَفَا فَقَالَ عَاصِمٌ: قَرَأَ مَا بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ خَالِدٌ: قَرَأَ فِي الْأُولَى مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُمَا ثُمَّ دَعَا بَعْدُ " وَمِمَّنْ رَأَى الصَّلَاةَ عِنْدَ الزَّلْزَلَةِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ: يُصَلَّى عِنْدَ الزَّلْزَلَةِ جَمَاعَةً ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ كَالصَّلَاةِ فِي [ص:316] الْكُسُوفُ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: كُسُوفُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مِنَ الْآيَاتِ فَكُلُّ آيَةٍ تَخَافُ عِنْدَهَا صَلُّوا حَتَّى يَكْشِفَهَا اللهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا يُصَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ، وَلَا ظُلْمَةٍ، وَلَا صَوَاعِقَ، وَلَا رِيحٍ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يُصَلُّوا مُنْفَرِدِينَ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ عِنْدَ الزَّلْزَلَةِ وَقَالَ: مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى الْبِدَعِ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ كُسُوفِ الشَّمْسِ فِي الظُّلْمَةِ تَكُونُ، أَوْ فِي الرِّيحِ الشَّدِيدَةِ: الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ حَسَنَةٌ، وَهَذَا مَا كَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: لَا تَقُولُوا: كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَلَكِنْ قُولُوا: خَسَفَتِ الشَّمْسُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَوْجُودٌ فِي الْأَخْبَارِ ذِكْرُ الْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ، وَلَيْسَ بِمَحْظُورٍ أَنْ يُقَالَ: خَسَفَتْ وَكَسَفَتْ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُقَالَ: خَسَفَتْ لِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: 8] الْآيَةَ(5/315)
كِتَابُ الْجَنَائِزِ(5/317)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَلْقِينِ الْمَيِّتِ قَوْلَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ(5/319)
2923 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»(5/319)
ذِكْرُ وُجُوبِ الْجَنَّةِ لِمَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ(5/319)
2924 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا صَالِحُ بْنُ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ»(5/319)
ذِكْرُ تَغْمِيضِ أَعْيُنِ الْمَوْتَى(5/319)
2925 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيَ أَبَا سَلَمَةَ وَوَلِيَ تَغْمِيضَهُ، وَقَالَ: «إِنَّ الرُّوحَ إِذَا خَرَجَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» ، فَسَمِعَ النِّسَاءَ يَضِجْنَ فَقَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يَحْضُرُونَ أَهْلَ الْمَيِّتِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِمْ، فَلَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسَكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ» وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا قُبِضْتُ فَأَغْمِضُونِي(5/319)
2926 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قُبِضْتُ فَأَغْمِضُونِي» وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ إِذَا أَغْمَضَ الْمَيِّتَ: بِسْمِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ ذَلِكَ(5/320)
ذِكْرُ الِاسْتِقْبَالِ بِالْمَيِّتِ إِلَى الْقِبْلَةِ إِذْ هُوَ مِنَ الْفِطْرَةِ(5/320)
2927 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ سَأَلَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَغْرُورٍ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ هَلَكَ وَقَدْ أَوْصَى لَكَ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ يَعْنِي الْبَيْتَ الْحَرَامَ، فَقَبِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِيَّتَهُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى وَرَثَتِهِ وَقَالَ: «أَصَابَ الْفِطْرَةَ أَصَابَهَا» ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَى قَبْرِهِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا وَقَالَ: «اللهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَقَدْ فَعَلْتَ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ: إِذَا حَضَرَتْنِي الْوَفَاةُ فَاصْرِفْنِي(5/320)
2928 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ لِابْنِهِ: «إِذَا حَضَرَتْنِي الْوَفَاةُ فَاصْرِفْنِي» [ص:321] وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَأَهْلِ الشَّامِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَعَلَيْهِ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ فِي مَرَضِهِ حُوِّلَ فِرَاشُهُ إِلَى الْقِبْلَةِ فَأَمَرَ أَنْ يُعَادَ كَمَا كَانَ(5/320)
ذِكْرُ تَسْجِيَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ الْمَوْتِ(5/321)
2929 - كَتَبَ إِلَيَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ أَنَّ سَلَامَةَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عَقِيلٍ أَظُنُّهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ سُجِيَ فِي بُرْدِ حِبَرَةٍ» يُصَدِّقُ ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي بُرْدِ حِبَرَةٍ(5/321)
ذِكْرُ وَضْعِ السَّيْفِ عَلَى بَطْنِ الْمَيِّتِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي وَضْعِ السَّيْفِ، أَوِ الْحَدِيدِ عَلَى بَطْنِ الْمَيِّتِ سُنَّةٌ [ص:322] مَضَتْ، رُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا يُوضَعُ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَنْتَفِخَ» قَالَ: " وَلَا عَلَيْكَ فَعَلْتَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ تَفْعَلْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي هَذَا كَأَنَّهُمْ يُدَارُونَ أَنْ يَرْبُوَ بَطْنُهُ، وَكُلَّمَا صَنَعُوا مِمَّا رَجَوْا وَعَرَفُوا أَنَّ فِيهِ دَفْعَ الْمَكْرُوهِ رَجَوْتُ أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ إِنْ شَاءَ اللهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ(5/321)
ذِكْرُ السَّتْرِ عَلَى الْمَيِّتِ عِنْدَ غَسْلِهِ وَتَرْكِ نَزْعِ الْقَمِيصِ عَنْهُ وَقْتَ غَسْلِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَاءَ الْحَدِيثُ عَنْ بُرَيْدَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أَخَذُوا فِي غَسْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَادَاهُمْ مُنَادٍ: لَا تَنْزِعُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصًا(5/322)
2930 - وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسِلَ فِي قَمِيصٍ» وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَالِحٌ يُضَعَّفُ، وَقَالَ لِي مُوسَى: ابْنُ جُرَيْحٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ صَالِحٍ [ص:323] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَغَسْلُ الْمَيِّتِ فِي قَمِيصِهِ سَتْرُهُ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ إِنْ كَانَ فِيهِ مِنَ السَّعَةِ مَا يَتَمَكَّنُ الْغَاسِلُ مِنْ غَسْلِهِ، فَإِنْ ضَاقَ الْقَمِيصُ عَنْ أَنْ يَغْسِلَ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَغْسِلْ فِي قَمِيصٍ، فَالَّذِي يَجِبُ أَنْ يُسْتَرَ مِنْهُ مَا كَانَ يَجِبُ سَتْرُهُ فِي حَيَاتِهِ، جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»(5/322)
2931 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ» وَالَّذِي يَجِبُ أَنْ يُطْرَحَ عَلَى عَوْرَةِ الْمَيِّتِ خِرْقَةٌ، وَحَسَنٌ أَنْ تَكُونَ الْخِرْقَةُ تَسْتُرُ مَا بَيْنَ سُرَّةِ الْمَيِّتِ إِلَى رُكْبَتِهِ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا غَسَلَ مَيِّتًا جَلَّلَهُ بِثَوْبٍ وَكَانَ النَّخَعِيُّ يُحِبُّ أَنْ يُغَسَلَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سُتْرَةٌ، وَاسْتَحَبَّ ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَإِسْحَاقُ(5/323)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ(5/323)
2932 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ، «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا [ص:324] الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ طَاهِرٌ حَيًّا وَمَيِّتًا وَقَالَ: قَدْ أَكْرَمَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا أَنْجَاسًا فِي حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ وَفَاتِهِمْ وَقَالَ: لَوْ كَانَ الْمُؤْمِنُ نَجِسًا مَا طَهُرَ وَلَوْ غُسِلَ بِمَاءِ الدُّنْيَا، وَقَالَ: لَوْ كَانَ الْمُؤْمِنُ إِذَا مَاتَ نَجِسًا مَا جَازَ أَنْ يُقَبَّلَ النَّجِسُ(5/323)
2933 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ بِنَجَسٍ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ: إِنْ كَانَ صَاحِبُكُمْ نَجِسًا فَاغْتَسِلُوا مِنْهُ(5/324)
ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ عَصَبَةَ الْمَيِّتِ وَقَرَابَتَهُ أَحَقُّ بِوِلَايَتِهِ، وَغُسْلِهِ إِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْغُسْلَ مِنَ الْأَبَاعِدِ(5/324)
2934 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ، بَسُبَلَانُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شُرَيْطٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: " مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَسْمَعُ أَحَدًا يَقُولُ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا، فَقَالَ يَا سَالِمُ ادْعُ لَنَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَمَّا رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ أَجْمَعْتُ أَبْكِي فَقَالَ لِي: " مَا لَكَ لَعَلَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ؟ قُلْتُ: إِنَّ عُمَرَ يَقُولُ: كَذَا كَذَا قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي أَوْ بِذِرَاعِي، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى وَصَلَ فَقَالَ: أَوْسِعُوا لِي، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] الْآيَةَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَعَلِمُوا أَنَّهُ [ص:325] كَمَا قَالَ، قَالُوا: نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالُوا: وَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَدْخُلُ قَوْمٌ فَيُكَبِّرُونَ، وَيُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ، وَيَدْخُلُ آخَرُونَ فَيُكَبِّرُونَ وَيَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ حَتَّى يَفْرُغَ النَّاسُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ، قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ أَيُدْفَنُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالُوا: أَيْنَ؟ قَالَ: فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَبَضَ اللهُ فِيهِ رُوحَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَقْبِضُ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ كَمَا قَالَ قَالَ: وَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: عِنْدَكُمْ صَاحِبُكُمْ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَغْسِلُوهُ بَنُو أَبِيهِ "(5/324)
ذِكْرُ عَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْغَاسِلُ مِنْ عَدَدِ الْغَسْلِ(5/325)
2935 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَسْلِ ابْنَتَهِ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ»(5/325)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ بِعَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ عَلَى مَا يَرَاهُ غَاسِلُهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ غَسْلِهِ وِتْرًا، وَعَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: «إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ» وِتْرًا لَا شَفْعًا(5/325)
2936 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَهْلٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: تُوُفِّيَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ، وَاغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي» ، فَلَمَّا فَرَغْنَا [ص:326] آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» ، فَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: ضَفَرْنَا رَأْسَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، نَاصِيَتَهَا، وَقَرْنَيْهَا، وَأَلْقَيْنَا إِلَى خَلْفِهَا. قَالَ: وَالْحِقْوُ الْإِزَارُ(5/325)
حَدَّثَنِي عَلِيُّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: «الْحِقْوُ الْإِزَارُ، وَجَمْعُهُ حِقِيُّ» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُهُ: «أَشْعِرْنَهَا بِهِ» أَيِ اجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا الَّذِي يَلِي جَسَدَهَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مَا يُغْسَلُ الْمَيِّتُ ثَلَاثًا، وَعَلَى أَنَّ الْغَاسِلَ إِذَا رَأَى غُسْلَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ أَلَّا يَغْسِلَهُ إِلَّا وِتْرًا، وَعَلَى أَنَّ الْكَافُورَ إِنَّمَا يُجْعَلُ فِي الْآخِرَةِ، لَا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنَ السُّنَّةِ غَسْلَ الْمَيِّتِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ تَكْفِينِ الْمَرْأَةِ فِي ثَوْبِ الرَّجُلِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَلْقَى إِلَيْهِنَّ حِقْوَهُ قَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ غَسْلِ الْمَيِّتِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ، غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرِهَ أَنْ يُجَاوِزَ بِهِ سَبْعَ غَسَلَاتٍ، لِأَنَّ الْمَيِّتَ فِيمَا ذُكِرَ يَسْتَرْخِي إِذَا تُوبِعَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ أَنْ يُضْفَرَ شَعْرُ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثًا، نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا وَيُلْقَى خَلْفَهَا(5/326)
ذِكْرُ الْبَدْءِ بِمَيَامِنِ الْمَيِّتِ وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهُ فِي الْغُسْلِ(5/326)
2937 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي غَسْلِ ابْنَتِهِ: «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا» [ص:327] وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: «يَبْدَأُ بِمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ، ثُمَّ بِمَيَامِنِهِ» ، وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: يَبْدَأُ بِالرَّأْسِ، ثُمَّ اللِّحْيَةِ، ثُمَّ الْمَيَامِنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ أَقُولُ(5/326)
ذِكْرُ تَغْطِيَةِ وَجْهِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْغُسْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَغْطِيَةِ وَجْهِ الْمَيِّتِ عِنْدَ غُسْلِهِ فَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يَرَوْنَ أَنْ يُلْقَى عَلَى وَجْهِ الْمَيِّتِ خِرْقَةً، وَكَانَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ يَرَوْنَ أَنْ يُطْرَحَ عَلَى فَرْجِ الْمَيِّتِ خِرْقَةً وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوَجْهَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنَّمَا يُغَطَّى مِنْهُ مَا كَانَ يُغَطَّى فِي حَيَاتِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: يُغَطَّى مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتَيْهِ(5/327)
ذِكْرُ تَرْكِ الْأَخْذِ مِنْ شَعْرِ الْمَيِّتِ وَمِنْ أَظْفَارِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَخْذِ شَعْرِ الْمَيِّتِ وَأَظْفَارِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤْخَذُ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ، وَرُوِّينَا أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ أَخَذَ عَانَةَ مَيِّتٍ(5/328)
2938 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، «حَلَقَ عَانَةَ مَيِّتٍ»(5/328)
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «تُؤْخَذُ عَانَةُ الْمَيِّتِ» وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي أَظْفَارِهِ: «يُقَصَّرُ إِذَا طَالَ، وَلَا يُمَسَّ غَيْرُ ذَلِكَ» وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ فِي الشَّعْرِ وَالظُّفُرِ: «يُؤْخَذُ إِذَا كَانَ فَاحِشًا» وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ كَرِهَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَخْذَ عَانَةِ الْمَيِّتِ، وَسُئِلَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ تَقْلِيمِ أَظْفَارِ الْمَيِّتِ؟ فَقَالَ: إِذَا كَانَ أَقْلَفَ أَتَخْتِنُهُ؟ " وَكَرِهَ مَالِكٌ تَقْلِيمَ أَظَافِرِ الْمَيِّتِ، وَحَلْقَ عَانَتِهِ [ص:329] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوُقُوفُ عَنْ أَخْذِ ذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِأَخْذِ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ الْحَيُّ، فَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَ الْأَمْرُ، وَيَصِيرُ جَمِيعُ بَدَنِهِ إِلَى الْبَلَاءِ، إِلَّا عَجْبُ الذَّنَبِ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(5/328)
ذِكْرُ عَصْرِ بَطْنِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَصْرِ بَطْنِ الْمَيِّتِ فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَالِكٌ يَقُولُونَ: يُعْصَرُ بَطْنُ الْمَيِّتِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: عَصْرًا خَفِيفًا، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: يُمْسَحُ مَسْحًا رَقِيقًا بَعْدَ الْغَسْلَةِ الْأُولَى، قَالَ الشَّافِعِيُّ: يَمُرُّ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ إِمْرَارًا بَلِيغًا لِيُخْرِجَ شَيْئًا إِنْ كَانَ فِيهِ "، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: «يُمْسَحُ بَطْنُهُ مَسْحًا رَقِيقًا خَرَجَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَخْرُجْ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ أَنَّهُ أَوْصَى أَنَّهُ لَا يُعْصَرُ بَطْنُهُ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُعْصَرَ بَطْنُهُ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ: فَإِنَّهُ تَلِينُ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي عَصْرِ الْبَطْنِ سُنَّةٌ تُتَّبَعُ، وَقَدْ رَوَاهُ مَنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ(5/329)
مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنْ أَمَّرَ الْغَاسِلَ يَدَيْهِ إِمْرَارًا خَفِيفًا عَلَى بَطْنِهِ لِيُخْرِجَ شَيْئًا إِنْ كَانَ هُنَاكَ فَحَسَنٌ، وَإِنْ تَرَكَ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ(5/330)
ذِكْرُ مَضْمَضَةِ الْمَيِّتِ وَاسْتِنْشَاقِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَضْمَضَةِ الْمَيِّتِ وَاسْتِنْشَاقِهِ، فَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ يَأْمُرَانِ بِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنَّ فِي جُمْلَةِ مَا وَصَفَهُ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُوَضَّأَ الْمَيِّتُ، وَمِنْ سُنَّةِ الْحَيِّ إِذَا تَوَضَّأَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ، وَيَسْتَنْشِقَ، فَسَبِيلُ مَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ كَسَبِيلِ مَا يَفْعَلُهُ الْحَيُّ، إِلَّا أَنْ تَمْنَعَ مِنْهُ سُنَّةٌ(5/330)
ذِكْرُ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِالسِّدْرِ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنِّسْوَةِ اللَّوَاتِي غَسَلْنَ ابْنَتَهُ: «اغْسِلْنَهَا بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» ، فَالسُّنَّةُ أَنْ يُغْسَلَ الْمَيِّتُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ غُسْلًا وَلَا مَعْنَى لِطَرْحِ وَرَقَاتٍ مِنَ السِّدْرِ فِي الْمَاءِ كَفِعْلِ الْعَامَّةِ لِأَنَّ الْغُسْلَ إِنَّمَا يَقَعُ بِالسِّدْرِ الْمَضْرُوبِ بِالْمَاءِ وَقَدْ أَنْكَرَ أَحْمَدُ الْوَرَقَاتِ الَّتِي تَطْرَحُهَا الْعَامَّةُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَمَرَ أَبَا مُوسَى أَنْ يَغْسِلَ دَانْيَالَ بِالسِّدْرِ، وَمَاءَ الرَّيْحَانِ، وَكَانَ عَطَاءٌ(5/330)
يَقُولُ: يُغْسَلُ الْمَيِّتُ وِتْرًا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا كُلُّهُنَّ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُجْعَلُ مَكَانَ السِّدْرِ إِنْ لَمْ يَكُنْ سِدْرٌ، فَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ؟ فَقَالَتْ: لَا تُعَفِّنُوا مَيِّتَكُمْ(5/331)
2939 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ هَمَّامَ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى: «أَنِ اغْسِلْ، دَانْيَالَ بِالسِّدْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ»(5/331)
2940 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ؟ فَقَالَتْ: «لَا تُعَفِّنُوا مَيِّتَكُمْ» وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يُغْسَلَ رَأْسُ الْمَيِّتِ بِالْخِطْمِيِّ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدُوا سِدْرًا، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يُجْعَلُ مَكَانَ السِّدْرِ الْأُشْنَانُ، وَقَالَ مَرَّةً: وَرَقَ الْغُبَيْرَاءِ، وَرُوِّينَا عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ: يُجْعَلُ الرَّيْحَانُ، وَقَالَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ: يُجْعَلُ الْخَطْمِيُّ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: حُرْضٌ، أَوْ غَيْرُهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا لَمْ يُوجَدِ السِّدْرُ جُعِلَ مَكَانَهُ الْخَطْمِيُّ، وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْ يَغْسِلَهُ بِالْمَاءِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ(5/331)
ذِكْرُ غَسْلِ الْمَيِّتِ بِالْأُشْنَانِ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: إِذَا طَالَ ضَنَأُ الْمَرِيضِ دَعَا بِأَشْنَانٍ فَغَسَلَهُ "، وَقَالَ مَالِكٌ: يُغْسَلُ الْمَيِّتُ بِالْحُرْضِ وَالسِّدْرِ، وَأَحَبُّ إِلَيْنَا لِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْمَوْتَى يَخْتَلِفُونَ فَإِنْ كَانَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَسَخٌ مُتَلَبِّدٌ رَأَيْتُ أَنْ يُغْسَلَ بِالْأُشْنَانِ وَيُبَالَغَ فِي دَلْكِهِ لَيُنْقَى الْوَسَخُ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُدَلَّكُ بِالْأُشْنَانِ إِذَا كَانَ وَسِخًا وَطَالَ ضَنَأُ الْمَرِيضِ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أُحِبُّ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ قَالَ: لَا أَدْرِي أَنْ يُتْعَبَ فِي غُسْلِهِ، وَلْيَفْعَلْ بِهِ كَمَا يَفْعَلُ بِالْحَيِّ الْمَرِيضِ الَّذِي يَخَافُ أَنْ يُوجِعَهُ وَيُتْعِبَهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِ احْتَاجَ لِوَسَخٍ بِهِ إِلَى الْأُشْنَانِ رَفَقَ بِهِ كَمَا يَرْفُقُ بِهِ لَوْ كَانَ مَرِيضًا، وَلَا يُعَنِّفْ بِهِ وَلَا يَفْعَلْ بِهِ فِعْلًا لَوْ كَانَ حَسَنًا عَلِيلًا فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ أَلَمَهُ(5/332)
ذِكْرُ عَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ غَسْلِ الْمَيِّتِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُغْسَلُ ثَلَاثًا هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُغْسَلَ ثَلَاثًا فَصَاعِدًا، لَا يُقْصَرُ عَنْ ثَلَاثٍ(5/332)
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: يُغْسَلُ وِتْرًا، وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ عِنْدَنَا حَدٌّ مُنْتَهًى لَا يُجْزَى دُونَهُ وَلَا يُجَاوِزُهُ، وَلَكِنْ يُغْسَلُ فَيُنْقَّى، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْزِي الْمَيِّتَ فِي الْغُسْلِ كَمَا يُجْزِي الْجُنُبَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي غَسْلِ الْمَيِّتِ حَدِيثٌ أَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَقَدْ أَمَرَهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا، وَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَيْهِنَّ فِيمَا زَادَ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ وَفِي الْخَمْسِ، فَلَا أُحِبُّ أَنْ يَقْصُرَ الْغُسْلُ عَنْ ثَلَاثِ غَسَلَاتٍ، وَيَكُونُ الْأَمْرُ فِي الْخَمْسِ وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ إِلَى الْغَاسِلِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْغُسْلُ وِتْرًا وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْتَرْخِي إِذَا أُدِيمَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَبْلُغَ بِهِ هَذِهِ الْحَالَ(5/333)
ذِكْرُ تَضْفِيرِ شَعْرِ الْمَيِّتَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَضْفِيرِ شَعْرِ الْمَيِّتَةِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُضْفَرُ شَعْرُ رَأْسِهَا كُلُّهُ، نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا ثَلَاثَ قُرُونٍ، ثُمَّ أُلْقِيَتْ خَلْفَهَا "، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ، وَبِهِ نَقُولُ لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: لَيْسَ مَشْطُ رَأْسِ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ بِوَاجِبٍ، وَلَكِنْ يُفَرِّقُ شَعْرُهَا وَيُرْسِلُهُ مَعَ خَدَّيْهَا، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُرْسَلُ مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا مِنَ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يُسْدَلُ الْخِمَارُ عَلَيْهِ " وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَ حَدِيثِ [ص:334] أُمِّ عَطِيَّةَ قَبْلُ(5/333)
ذِكْرُ الْمَيِّتِ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الْغُسْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَيِّتِ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الْغُسْلِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعَادُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ إِلَى سَبْعِ مِرَارٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُعَادُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً، وَقَالَ أَحْمَدُ كَقَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ إِسْحَاقُ نَحْوًا مِنْهُ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: إِذَا غُسِلَ ثَلَاثًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ يُغْسَلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ، وَلَا يُزَادُ عَلَى الثَّالِثَةِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُعَادُ الْغُسْلُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالنُّعْمَانُ: يُغْسَلُ مَا خَرَجَ مِنْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَلَا يَكُونُ حُكْمُ الْمَيِّتِ أَكْثَرَ مِنْ حُكْمِ الْحَيِّ فَلَوْ خَرَجَ مِنْ حَيٍّ شَيْءٌ بَعْدَمَا اغْتَسَلَ لَمْ يَنْقُضْ ذَلِكَ غُسْلَهُ، وَإِيجَابُ الْغُسْلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِيجَابُ فَرْضٍ، وَالْفَرْضُ لَا يَجِبُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ(5/334)
ذِكْرُ غَسْلِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ وَغَسْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَغْسِلَ زَوْجَهَا إِذَا مَاتَ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ أَسْمَاءُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْهُمْ مُنْكَرٌ، وَإِنَّ أَبَا مُوسَى غَسَلَتْهُ امْرَأَتُهُ(5/334)
2941 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، «أَنَّ امْرَأَةَ أَبِي بَكْرٍ، غَسَلَتْهُ حِينَ تُوُفِّيَ، أَوْصَى بِذَلِكَ»(5/335)
2942 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، أَوْصَى أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ أَنْ تَغْسِلَهُ»(5/335)
2943 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، أَوْصَى أَنْ تَغْسِلَهُ، أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ " وَذَكَرَ نَحْوَهُ(5/335)
2944 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، «أَنَّ أَبَا مُوسَى، غَسَلَتْهُ امْرَأَتُهُ» وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَغْسِلُ زَوْجَتَهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَغْسِلُهَا هَكَذَا قَالَ عَلْقَمَةَ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، [ص:336] وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَتَادَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ كَرِهَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يَغْسِلْهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ غَسْلِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ، وَبَيْنَ غَسْلِهَا إِيَّاهُ، وَلَيْسَ فِيمَا يَحِلُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمَا، وَيَحْرُمُ مِنْ صَاحِبِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ فَرْقٌ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ غَسَلَتْهُ أَسْمَاءُ؟ قِيلَ لَهُ: وَغَسَلَ عَلِيُّ فَاطِمَةَ، وَلَيْسَتِ الْعِلَّةُ الَّتِي اعْتَلَّ بِهَا نَاسٌ مِنْ بَابِ غَسْلِ الْمَوْتَى بِسَبِيلٍ، لِأَنَّهُ يُطَلِّقُهَا ثَلَاثًا فَتَكُونُ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ، وَتَمُوتُ فَلَا تَغْسِلُهُ عِنْدَ مَنْ خَالَفَنَا، فَبَطُلَ لَمَّا كَانَ هَذَا مَذْهَبُ مَنْ خَالَفَنَا أَنْ يَكُونَ لِقَوْلِهِ: هِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْهُ وَلَيْسَ هُوَ فِي عِدَّةٍ مِنْهَا مَعْنًى، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/335)
ذِكْرُ غَسْلِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ، أَوْ أُمَّهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي غَسْلِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ، أَوْ أُمَّهُ فَرُوِّينَا عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّهُ غَسَلَ ابْنَتَهُ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَنْ يَغْسِلَ الرَّجُلُ أُمَّهُ، أَوِ ابْنَتَهُ، [ص:337] أَوْ أُخْتَهُ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا زَوْجٌ، أَوْ كَانَ أَبُوهَا، أَوْ أَخُوهَا أَوْ ذُو رَحِمٍ فَلْيَصُبُّوا عَلَيْهَا صَبًّا، وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ أَنْ يَغْسِلَ الرَّجُلُ أُمَّهُ وَاسْتَعْظَمَهُ، وَكَرِهَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ ذَلِكَ وَقَالُوا: لَا يَغْسِلْهَا الْأَخُ وَلَا الْأَبُ وَاخْتَلَفُوا فِي أُمِّ وَلَدِ الرَّجُلِ تَغْسِلُهُ وَيَغْسِلُهَا فَكَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْحُرَّةِ تَغْسِلُهُ وَيَغْسِلُهَا، وَأَبَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَقَالَ: لَا تَغْسِلْهُ لِأَنَّهَا فِي غَيْرِ عِدَّةِ نِكَاحٍ(5/336)
ذِكْرُ الرَّجُلِ يَمُوتُ مَعَ النِّسَاءِ أَوِ الْمَرْأَةُ تَمُوتُ مَعَ الرِّجَالِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ مَعَ النِّسَاءِ أَوِ الْمَرْأَةُ تَمُوتُ مَعَ الرِّجَالِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُغْسَلُ فِي ثِيَابِهَا تُغْمَسُ فِي الْمَاءِ غَمْسًا، هَكَذَا قَالَ النَّخَعِيُّ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ: تُغْسَلُ وَعَلَيْهَا الثِّيَابُ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: يُصَبُّ عَلَيْهَا الْمَاءُ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَنَافِعٍ أَنَّهُمَا قَالَا: تُرْمَسُ فِي ثِيَابِهَا، وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ تَقْرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ(5/337)
2945 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فِي الْمَرْأَةِ تَمُوتُ مَعَ الرِّجَالِ قَالَ: «تُرْمَسُ فِي الْمَاءِ» [ص:338] وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: تُدْفَنُ كَمَا هِيَ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ وَلَا يَتَيَمَّمُ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِقَوْلِ مَالِكٍ أَقُولُ وَذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ مَنْ يَجِدُ السَّبِيلَ إِلَى الْمَاءِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ يَتَيَمَّمْ، وَكَذَلِكَ الْمَيِّتُ إِذَا لَمْ يُوجَدِ السَّبِيلُ إِلَى غَسْلِهِ بِالْمَاءِ تَيَمَّمَ، وَسَبِيلُ الْخُنْثَى الْمُشْكَلُ يَكُونُ مَعَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَذَلِكَ التَّيَمُّمُ(5/337)
ذِكْرُ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ تَغْسِلُهُ الْمَرْأَةُ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَغْسِلُ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ، وَمِمَّنْ حَفِظْنَا ذَلِكَ عَنْهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، [ص:339] وَحَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَاخْتَلَفُوا فِي سِنِّ الصَّبِيِّ الَّذِي تَغْسِلُهُ الْمَرْأَةُ فَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: إِذَا كَانَ فَطِيمًا، أَوْ فَوْقَهُ شَيْئًا، وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَحْمَدُ: ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: ابْنُ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: ابْنُ ثَلَاثٍ إِلَى خَمْسٍ، وَقَالَ: إِذَا كَانَتِ الْجَارِيَةُ مِثْلَ ذَلِكَ غَسَلَهَا الرِّجَالُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: تَغْسِلُ الْمَرْأَةُ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَكَذَلِكَ يَغْسِلُ الرَّجُلُ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَمْ تَتَكَلَّمْ(5/338)
ذِكْرُ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ يَغْسِلَانِ الْمَيِّتَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ يَغْسِلَانِ الْمَيِّتَ فَكَرِهَ ذَلِكَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ عَلْقَمَةُ، وَمَالِكٌ: الْحَائِضُ تَغْسِلُ الْمَيِّتَ، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: يَغْسِلُ الْمَيِّتَ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: يَغْسِلُ الْجُنُبُ الْمَيِّتَ، وَكَرِهَ [ص:340] مَالِكٌ أَنْ يَغْسِلَ الْجُنُبُ الْمَيِّتَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَلَيْسَ كَالْحَائِضِ لَا يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْجُنُبُ يُطَهِّرُهُ الْمَاءُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَغْسِلُ الْجُنُبُ الْمَيِّتَ لِأَنَّ حَالَهُ قَبْلَ أَنْ يُجْنِبَ كَحَالِهِ بَعْدَ مَا يُجْنِبُ غَيْرَ أَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ بِالطَّهَارَةِ لَيْسَ لِنَجَاسَةٍ حَلَّتْ فِيهِ، ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ حُذَيْفَةَ فَأَهْوَى إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي جُنُبٌ فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ» ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَغْسِلَ الْجُنُبُ الْمَيِّتَ، وَالْحَائِضُ الْمَيِّتَةَ(5/339)
2946 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فَأَهْوَى إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي جُنُبٌ فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ»(5/340)
2947 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجَسُ»(5/340)
2948 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ» ، قَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِكِ»(5/340)
ذِكْرُ عَدَدِ مَا يُغْسَلُ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ إِذَا مَاتَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ يَمُوتَانِ كَمْ يُغْسَلَانِ؟ فَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «يُغْسَلُ الْجُنُبُ غَسْلَ الْجَنَابَةِ، وَالْحَائِضُ غَسْلَ الْحَيْضِ، ثُمَّ يُغْسَلَانِ غَسْلَ الْمَيِّتِ» ، [ص:341] وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ: «مَا مَاتَ مَيِّتٌ إِلَّا أَجْنَبَ» ، وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: «يُصْنَعُ بِهِمَا مَا يُصْنَعُ بِغَيْرِهِمَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا قَوْلُ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ نَقُولُ، وَذَلِكَ أَنَّا لَا نَعْلَمُ فِيمَا سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَسْلِ الْمَوْتَى تَفْرِيقًا بَيْنَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ جُنُبًا، أَوْ غَيْرَ جُنُبٍ، أَوْ حَائِضًا، وَقَدْ يُجْنِبُ الرَّجُلُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ إِذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، فَيُؤَدِّي فَرْضَ الصَّلَاةِ وَإِذَا سَقَطَ بِوَفَاتِهِ عَنْهُ فَرْضُ الصَّلَاةِ أَشْبَهَ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ فَرْضُ الطَّهَارَةِ، الَّتِي تُؤَدَّى بِهَا الصَّلَاةُ، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/340)
ذِكْرُ غَسْلِ الْكَافِرِ وَدَفْنِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي غَسْلِ الْكَافِرِ وَدَفْنِهِ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: لَا يَغْسِلُ الْمُسْلِمُ وَالِدَهُ إِذَا مَاتَ كَافِرًا، وَلَا يَتْبَعُهُ، وَلَا يَدْخُلُ فِي قَبْرِهِ إِلَّا أَنْ يَخْشَى أَنْ يَضِيعَ، فَيُوَارِيَهُ "، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَغْسِلَ الْمُسْلِمُ ذَا قَرَابَتِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَيَتْبَعَهُ، وَيَدْفِنَهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي غَسْلِ مَنْ خَالَفَ الْإِسْلَامَ سُنَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا، وَالْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ مُنْقَطِعٌ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي وَائِلٍ وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ نَصْرَانِيَّةً فَقَالَ: «ارْكَبْ دَابَّةً وَسِرْ أَمَامَهَا» ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «يَقُومُ عَلَيْهِ، وَيَتْبَعُهُ، وَيَدْفِنُهُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ» ، وَقَالَ [ص:342] الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: «لَا نَرَى بَأْسًا أَنْ يَحُثَّهُ أَوْ يُكَفِّنَهُ»(5/341)
2949 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: مَاتَتْ أُمِّي نَصْرَانِيَّةً، فَأَتَيْتُ عُمَرَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: «ارْكَبْ دَابَّةً وَسِرْ أَمَامَهَا»(5/342)
2950 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كَانَ عِنْدَنَا رَجُلٌ كَانَ لَهُ أَبٌ يَهُودِيُّ، أَوْ نَصْرَانِيُّ فَمَاتَ فَلَمْ يَتْبَعْهُ فَسَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: «يَقُومُ عَلَيْهِ وَيَتْبَعُهُ وَيَدْفِنُهُ»(5/342)
2951 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَرِيكٍ الْعَامِرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ أُمٍّ لَهُ، نَصْرَانِيَّةٍ مَاتَتْ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: «نَأْمُرُ بِأَمْرِكَ وَأَنْتَ تَعْبُدُ ثُمَّ تَسِيرُ أَمَامَهَا، فَإِنَّ الَّذِي يَسِيرُ أَمَامَ الْجَنَازَةِ لَيْسَ مَعَهَا» وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: «لَا يَحْمِلُ الْمُسْلِمُ جَنَازَةَ الْكَافِرِ، وَلَا يَقُومُ عَلَى قَبْرِهِ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ شُهُودِ جَنَازَةِ النَّصْرَانِيِّ الْجَارِ؟ فَقَالَ: عَلَى نَحْوِ مَا مَنَعَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ كَانَ يَشْهَدُ جَنَازَةَ أُمِّهِ، وَكَانَ يَقُومُ نَاحِيَةً، وَلَا يَحْضُرُهُ لِأَنَّهُ مَلْعُونٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسْلَ الْمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ فِي غَسْلِ مَنْ خَالَفَهُمْ سُنَّةٌ، وَأَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ عَلِيٍّ(5/342)
2952 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الضَّالَّ قَدْ هَلَكَ قَالَ: «انْطَلِقْ فَوَارِهِ، ثُمَّ لَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي» قَالَ: فَأَتَيْتُهُ قَالَ: فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ، ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي بِهِنَّ حُمْرُ النَّعَمِ: أَوْ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ "(5/343)
ذِكْرُ مَنْ دُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُغْسَلَ وَاخْتَلَفُوا فِي النَّبْشِ عَمَّنْ دُفِنَ وَلَمْ يُغْسَلْ، فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُخْرُجُ فَيُغْسَلُ، هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا وُضِعَ فِي اللَّحْدِ وَلَمْ يُغَسَّلْ وَلَمْ يُهَلْ عَلَيْهِ التُّرَابُ أُخْرِجَ فَغُسِلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا نَصَبُوا اللَّبِنَ، وَأَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ لَمْ يَنْبَغِ لَهُمْ أَنْ يَنْبِشُوا الْمَيِّتَ مِنْ قَبْرِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُخْرَجُ وَيُغْسَلُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَإِنْ نَسَوَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لَمْ يُخْرَجْ، وَصُلِّيَ عَلَى الْقَبْرِ، لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرٍ(5/343)
ذِكْرُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْرِمِ إِذَا مَاتَ(5/343)
2953 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَّ رَجُلٌ عَنْ بَعِيرٍ، فَوُقِصَ فَمَاتَ فَقَالَ [ص:344] النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ» قَالَ: فَزَادَ ابْنُ أَبِي حُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَخَمِّرُوا وَجْهَهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: الْوَقْصُ كَسْرُ الْعُنُقِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: أَوْقَصَ إِذَا كَانَ مَائِلَ الْعُنُقِ قَصِيرَهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَخْمِيرِ رَأْسِ الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ، وَتَطْيِيبِهِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصْنَعُ بِهِ كَمَا يُصْنَعُ بِسَائِرِ الْمَوْتَى هَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَطَاوُسٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِأَنْ يُحَنِّطَ الْحَلَالُ الْمُحْرِمَ الْمَيِّتَ بِالطِّيبِ(5/343)
2954 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: «إِنَّمَا هُوَ جَسَدٌ، فَاصْنَعُوا بِهِ مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ»(5/344)
2955 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «يُكَفَّنُ الْمُحْرِمُ كَمَا يُكَفَّنُ غَيْرُ الْمُحْرِمِ»(5/344)
2956 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، " أَنَّهُ غَسَلَ ابْنًا لَهُ مَاتَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَقَالَ لَهُ وَاقِدٌ: فَغَطَّى رَأْسَهُ، وَصَنَعَ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْحَلَالِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُمِسَّهُ طِيبًا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُحْرِمِينَ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا يُمَسُّ طِيبًا رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لَا يُغَطَّى رَأْسُهُ» ، وَقَالَ: الشَّافِعِيُّ: لَا يُمَسُّ بِطِيبٍ، [ص:345] وَلَا يُخَمَّرُ رَأْسُهُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ(5/344)
2957 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «يُغْسَلُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ، وَلَا يُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا يُمَسُّ طِيبًا»(5/345)
2958 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ لَمْ يُغَطَّ رَأْسُهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقُولُ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَمِيلُ إِلَى الْقَوْلِ بِالْحَدِيثِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ قَوْلًا ثَالِثًا: وَهُوَ أَنْ يُغْسَلَ بِالْمَاءِ، وَيُكَفَّنُ، وَيُغَطَّى رَأْسُهُ، وَلَا يُحَنَّطُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَدُلُّ عَلَى مَعَانِيَ: يَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ اغْتِسَالِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ السِّدْرَ لِلْمُحْرِمِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ: «أَنْ لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا كَفِعْلِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ» ، وَيَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي الشَّفْعِ مِنَ الثِّيَابِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ بَدَأَ فَأَمَرَ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ إِحْرَامَهُ قَائِمٌ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا، لِأَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يَجْتَنِبَ بَعْدَ وَفَاتِهِ مَا كَانَ يَجْتَنِبُهُ فِي حَيَاتِهِ، وَأَدْبَرَ بِأَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَخْمِيرِ وَجْهِهِ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ ذَهَبَ إِحْرَامُهُ، فَلَا مَعْنًى لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ مَذْهَبِهِ، لِأَنَّهُ يَرَى أَنْ يُفْعَلَ بِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْمَوْتَى، وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ رَأَى أَنَّ لِلْمُحْرِمِ الْحَيِّ أَنْ يُخَمِّرَ وَجْهَهُ أَنْ يَقُولَ: يُخَمَّرُ وَجْهُ [ص:346] الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُخَمِّرَ الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَطَاوُسٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنْ يُخَمِّرَ الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ، وَأَنْ يُخَمَّرَ وَجْهُ الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا مَا(5/345)
2959 - حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُحْرِمٍ مَاتَ قَالَ: «لَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَاغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي»(5/346)
ذِكْرُ غَسْلِ الشَّهِيدِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْ شُهَدَاءَ أُحُدٍ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ(5/346)
2960 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» ؟ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمْ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا» وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي غَسْلِ الشَّهِيدِ فَقَالَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا يُغْسَلُ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَبِهِ قَالَ الْحَكَمُ، [ص:347] وَحَمَّادٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولَانِ: «يُغْسَلُ فَإِنَّ كُلَّ مَيِّتٍ يُجْنِبُ» ، وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ غُسْلِ الشَّهِيدِ فَقَالَ: «قَدْ غُسِلَ عُمَرُ، وَكُفِّنَ، وَحُنِّطَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ شَهِيدًا»(5/346)
ذِكْرُ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ يُقْتَلَانِ فِي الْمَعْرَكَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ يُقْتَلَانِ فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: يُصْنَعُ بِهِمَا مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ، لَا يُغْسَلَانِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: يُصْنَعُ بِالْوِلْدَانِ مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ وَلَا يُغْسَلُونَ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: أَمَّا النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ فَلَا يُغْسَلُونَ، وَيُصْنَعُ بِهِمْ مَا يُصْنَعُ بِالشَّهِيدِ، وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ لَيْسَتْ لَهُمْ ذُنُوبٌ يُغْسَلُونَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمَّا كَانَتِ السُّنَّةُ فِي غَسْلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا وَاحِدًا حَيْثُ يُغْسَلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ، كَانَ كَذَلِكَ سَبِيلُهُمْ فِي الْمَوْضِعِ [ص:348] الَّذِي يُوقَفُ عَنْهُ عَنْ غَسْلِهِمْ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا وَاحِدًا اسْتِدْلَالًا بِالسُّنَّةِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَخْيَارِ وَالْأَشْرَارِ، وَالَّذِينَ لَهُمْ ذُنُوبٌ، وَالَّذِينَ لَا ذُنُوبَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ(5/347)
ذِكْرُ غَسْلِ مَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَتَلَهُ غَيْرُ أَهْلِ الشِّرْكِ فَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: مَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ لَمْ يُغْسَلْ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا لَمْ يُغْسَلْ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِيمَنْ يُقْتَلُ فِي نَفْسِهِ، أَوْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِيمَنْ قَتَلَهُ اللُّصُوصُ، وَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يَقُولَانِ: يُغْسَلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: " الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ سُنَّةٌ فِي بَنَى آدَمَ، لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَّا مَنْ تَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمُ الَّذِينَ قَتَلَهُمُ الْمُشْرِكُونَ الْجَمَاعَةُ خَاصَّةً فِي الْمَعْرَكَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ حَسَنٌ، وَرُوِّينَا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا غَسَلَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ بَعْدَمَا تَقَطَّعَتْ أَوْصَالُهُ(5/348)
ذِكْرُ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي الِاغْتِسَالِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا غُسْلَ عَلَى مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، [ص:349] وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ(5/348)
2961 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَعْلَى مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا غُسْلٌ؟ قَالَ: «لَا قَدْ إِذًا نَجَّسُوا صَاحِبَهُمْ، وَلَكِنْ وُضُوءًا»(5/349)
2962 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ: " أَغْتَسِلُ مِنَ الْمَيِّتِ؟ قَالَ: أَمُؤْمِنٌ هُوَ؟ قُلْتُ: أَرْجُو قَالَ: فَتَمَسَّحْ بِالْمُؤْمِنِ وَلَا تَغْتَسِلْ مِنْهُ "(5/349)
2963 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْجَعْدِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، قَالَتْ: أَذِنَ سَعْدٌ بِجِنَازَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ بِالْبَقِيعِ، فَجَاءَ فَغَسَلَهُ وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ، ثُمَّ أَتَى دَارَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنِّي لَمْ أَغْتَسِلْ مِنْ غَسْلِهِ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا غَسَلْتُهُ، وَلَكِنِ اغْتَسَلْتُ مِنَ الْحَرِّ»(5/349)
2964 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سُئِلَتْ: عَلَى الَّذِي يَغْسِلُ الْمُتَوَفَّى غَسْلٌ؟ [ص:350] قَالَتْ: لَا(5/349)
2965 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: «غَسَلَ أَبَاكَ أَرْبَعَةً مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، فَمَا زَادُوا عَلَى أَنِ احْتَجَزُوا عَلَى ثِيَابِهِمْ، فَلَمَّا تَفَرَّغُوا تَوَضَّئُوا وُضُوءً»(5/350)
وَقَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الشَّعْثَاءِ يَقُولُ: «أَلَّا تَتَّقُونَ اللهَ تَغْتَسِلُونَ مِنْ مَوْتَاكُمْ، أَأَنْجَاسٌ هُمْ؟»(5/350)
2966 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ قَالَا: «لَيْسَ عَلَى غَاسِلِ الْمَيِّتِ غَسْلٌ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: «مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالزُّهْرِيُّ(5/350)
2967 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ الْغُسْلُ»(5/350)
2968 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ [ص:351] الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «مَنْ غَسَلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: يَتَوَضَّأُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " الِاغْتِسَالُ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ لَا يَجِبُ، وَلَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ يُثْبَتُ، قَالَ أَحْمَدُ: «لَا يُثْبَتُ فِيهِ حَدِيثٌ» ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ مَسَّ جِيفَةً، أَوْ دَمًا، أَوْ خِنْزِيرًا مَيِّتًا، أَنَّ الْوُضُوءَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، فَالْمُسْلِمُ الْمَيِّتُ أَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى مَنْ مَسَّهُ طَهَارَةٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/350)
ذِكْرُ الْمَجْذُومِ يُخَافُ تَهَرِّي لَحْمُهُ إِنْ غُسِلَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَجْذُومِ إِذَا مَاتَ كَيْفَ يُغْسَلُ؟ فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: «يُغْسَلُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى غَسْلِهِ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ صَبًّا» ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْذُومِ وَالَّذِي يَسْقُطُ عَلَيْهِ الْهَدْمُ وَتُهَشِّمُ رَأْسَهُ وَعِظَامَهُ: «يُغْسَلَانِ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ ذَلِكَ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَفَاحَشَ صُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي الْمَجْذُومِ إِذَا خَشَوْا عَلَيْهِ أَنْ يَتَهَرَّى وَيَسِيلُ الدَّمُ: يَمِّمُوهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ تَهَرِّي لَحْمُهُ يَتَيَمَّمُ، كَمَا يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ(5/351)
ذِكْرُ الْجُنُبِ يُقْتَلُ فِي الْمَعْرَكَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجُنُبِ يُقْتَلُ فِي الْمَعْرَكَةِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُغْسَلُ وَلَا يُصَلَّى [ص:352] عَلَيْهِ، كَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ: «جُنُبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ جُنُبٍ لَا يُغْسَلُ» ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ قَالَ: «يُغْسَلُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُغْسَلُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَّ تَرْكَ غَسْلِ الشَّهِيدِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ عَامٌّ لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَحَدٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ، بِغَيْرِ حُجَّةٍ(5/351)
جِمَاعُ أَبْوَابِ الْأَكْفَانِ(5/352)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ جُدُدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ(5/352)
2969 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ " لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ قَالَ: فَقَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ فَقُلْتُ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ فَقَالَ: " إِنِّي أَرْجُو مِنَ اللهِ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ اللَّيْلِ قَالَتْ: فَمَاتَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ فَقَالَ: فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَتْ: كُنَّا كَفَّنَّاهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ جُدُدٍ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ فَقَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا، وَبِهِ رَدْعُ زَعْفَرَانٍ أَوْ مِشْقٍ، وَاجْعَلُوا مَعَهُ ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ خَلِقٌ فَقَالَ: الْحَيُّ أَحْوَجُ مِنَ الْمَيِّتِ إِنَّمَا هِيَ لِلْمُهْلَةِ "(5/352)
ذِكْرُ إِدْرَاجِ الْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ(5/353)
2970 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولِيَّةٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، أُدْرِجَ فِيهَا إِدْرَاجًا» وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ الْكَلِمَةَ وَنَحْوَهَا(5/353)
ذِكْرُ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي ثَوْبَيْنِ(5/353)
2971 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ، فَمَاتَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: «كَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ، وَاغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي»(5/353)
ذِكْرُ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ إِذَا ضَاقَ غُطِّيَ رَأْسُهُ(5/353)
2972 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ خباب، قَالَ: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَبْتَغِي وَجْهَ اللهِ فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ قُتِلَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، كَانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ يَتْرُكْ إِلَّا نَمِرَةً كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ فَلَمَّا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَقِيَ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَطُّوا رَأْسَهُ وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ» ، وَمِنَّا مَنْ [ص:354] أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَعَانٍيَ: أَحَدُهَا التَّكْفِينُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، قَالَ فِي الْحَدِيثِ: «لَمْ يَتْرُكْ إِلَّا نَمِرَةً» ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ يُبْدَأُ بِهِ عَلَى الدَّيْنِ، وَالْمِيرَاثِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي يُكَفَّنُ فِيهِ لَوْ أَضَاقَ فَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ أَوْلَى أَنْ يُبْدَأَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى فَضْلِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتُ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: «كُفِّنَ عُمَرُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ثَوْبَيْنِ سُحُولِيَّيْنِ، وَثَوْبٍ كَانَ يَلْبَسُهُ» ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لِمَنْ قَدَرَ "(5/353)
2973 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ عُمَرَ، كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ثَوْبَيْنِ سُحُولِيَّيْنِ، وَثَوْبًا كَانَ يَلْبَسُهُ»(5/354)
2974 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «لَا يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لِمَنْ قَدَرَ» [ص:355] وَكَانَ طَاوُسٌ يُكَفِّنُ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِهِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لَيْسَ فِيهِنَّ عِمَامَةٌ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ الْمَيِّتَ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ مَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: «كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي مِعْقَدَيْنِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَاجْعَلُوا مَعَهُ ثَوْبَيْنِ " أَصَحُّ، وَكَانَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ يُكَفِّنُ فِي ثَوْبَيْنِ(5/354)
2975 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عُدَيْسَةَ بِنْتِ أُهْبَانَ بْنِ صَيْفِيٍّ الْغِفَارِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: " أَوْصَانَا أَنْ نُكَفِّنَهُ فِي ثَوْبَيْنِ، فَكَفَّنَاهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَقَمِيصٍ قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا الْغَدَ مِنْ يَوْمِ دَفَنَّاهُ إِذَا نَحْنُ بِالْقَمِيصِ الَّذِي كَفَّنَّاهُ فِيهِ عَلَى الْمِشْجَبِ "(5/355)
2976 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: " كُفِّنَ أَبُو بَكْرٍ فِي مِعْقَدَيْنِ قَالَ: فَكَانَ سُوَيْدٌ لَا يُكَفِّنُ رَجُلًا وَلَا امْرَأَةً إِلَّا فِي ثَوْبَيْنِ " وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِي ثَوْبَانِ، وَقَالَ مَالِكٌ: يَكْفِي فِي ثَوْبَيْنِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَفِّنُ أَهْلَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ عِمَامَةٍ وَقَمِيصٍ وَثَلَاثَةِ لَفَائِفَ(5/355)
2977 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، كَانَ يُكَفِّنُ أَهْلَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ فِيهَا عِمَامَةٌ وَقَمِيصٌ وَثَلَاثَةُ لَفَائِفَ وَقَالَ النُّعْمَانُ: يُكَفَّنُ الرَّجُلُ فِي ثَوْبَيْنِ يَعْقُوبُ عَنْهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَحَبُّ الْأَكْفَانِ إِلَيَّ مَا قَدَّرَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ أَنْ كُفِّنَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ بِيضٍ يُدْرَجُ فِيهَا الْمَيِّتُ إِدْرَاجًا، لَا يَكُونُ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ الْمَيِّتِ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، فَإِنْ كُفِّنَ الْمَيِّتُ فِي ثَوْبٍ أَوْ فِي ثَوْبَيْنِ لَمْ أَكْرَهْ ذَلِكَ(5/356)
ذِكْرُ مَا تُكَفَّنُ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ كَفَنِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: تُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ كَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَذَلِكَ نَقُولُ يَكُونُ دِرْعٌ، وَخِمَارٌ، وَلِفَافَتَانِ، وَثَوْبٌ لَطِيفٌ يُشَدُّ عَلَى وَسَطِهَا يَجْمَعُ ثِيَابَهَا. [ص:357] وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: «تُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ دِرْعٍ، وَثَوْبٍ تَحْتَ الدِّرْعِ تَلُفُّ بِهِ، وَثَوْبٍ تَلُفُّ فِيهِ» ، وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: «دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَلِفَافَةٌ تُدْرَجُ فِيهَا»(5/356)
ذِكْرُ كَفَنِ الصَّبِيِّ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِ كَفَنِ الصَّبِيِّ فَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: فِي خِرْقَةٍ، وَإِنْ كَفَّنُوهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَلَا بَأْسَ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُكَفَّنُ فِي خِرْقَتَيْنِ وَيُجْزِي إِزَارٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يُجْزِيهِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: يُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَكُفَّنُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ، أَوْ خِرَقٍ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ، وَيُجْزِي ثَوْبٌ(5/357)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ التَّكْفِينِ فِي الثِّيَابِ الْبِيضِ(5/357)
2978 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَسُوا الثِّيَابَ الْبِيضَ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ»(5/357)
2979 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَرْسِيُّ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالْبَيَاضِ لِيَلْبَسْهُ أَحْيَاءُكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا أَمْوَاتَكُمْ»(5/358)
ذِكْرُ تَحْسِينِ الْأَكْفَانِ(5/358)
2980 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا رَوْحٌ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُغَالُوا بِكَفَنِي، فَإِنْ يَكُ لِصَاحِبِكُمْ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا بُدِّلَ كِسْوَةً خَيْرًا مِنْ كِسْوَتِكُمْ وَإِلَّا سُلِبَهُ سَلْبًا سَرِيعًا»(5/358)
2981 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَنَا أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، قَدْ ثَقُلَ أَتَيْنَاهُ وَمَعَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَحُذَيْفَةُ بِالْمَدَائِنِ، فَدَخَلْنَا فَقَالَ: " أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقُلْنَا: جَوْفُ اللَّيْلِ، أَوْ آخِرُ اللَّيْلِ، فَقَالَ: " أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ صَبَاحِ النَّارِ، أَتَيْتُمْ مَعَكُمْ بِأَكْفَانِي؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: لَا تُغَالُوا بِكَفَنِي، فَإِنْ يَكُ لِصَاحِبِكُمْ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا بُدِّلَ كِسْوَةً خَيْرًا مِنْ كِسْوَتِكُمْ، وَإِلَّا سُلِبَهُ سَلْبًا سَرِيعًا " وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: «وَلَا يُغَالَى بِالْكَفَنِ إِذَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ صَاحِبَ أُعْوِزَازٍ، فَإِنَّ [ص:359] ذَلِكَ مِمَّا يَحْجَفُ بِالْوَرَثَةِ» ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ يَسَارٍ فَغَالَى فَهُوَ جَائِزٌ، وَقَدْ أَوْصَى ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْ يُكَفَّنَ فِي حُلَّةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ فِيهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَرُوِّينَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ الْمَوْتَى يُحْشَرُونَ فِي أَكْفَانِهِمْ»(5/358)
2982 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ غَسَّانَ الْحَضْرَمِيِّ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ فِيهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(5/359)
2983 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: قَالَ مُعَاذٌ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ الْمَوْتَى يُحْشَرُونَ فِي أَكْفَانِهِمْ»(5/359)
2984 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي الْعُمَيْسِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ خُشَيْمِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، «أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ، فِي حُلَّةٍ ثَمَنُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ»(5/359)
2985 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ هَانِئٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ الْأَسْوَدِ السَّكُونِيِّ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، أَوْصَى بِامْرَأَةٍ وَخَرَجَ فَمَاتَتْ فَكَفَّنَّاهَا فِي ثِيَابٍ خُلْقَانٍ، فَقَدِمَ وَقَدْ رَفَعْنَا أَيْدِيَنَا عَنْ قَبْرِهَا بِسَاعَتَيْنِ قَالَ: فِيمَا كَفَّنْتُمُوهَا؟ فَقُلْنَا: فِي ثِيَابِهَا الْخُلْقَانِ، فَنَبَشَهَا، وَكَفَّنَهَا فِي ثِيَابٍ جُدُدٍ، وَقَالَ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ فِيهَا» وَبِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَقَالَ [ص:360] مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ: «لَيْسَ لِلْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ شَيْءٌ، وَلَكِنَّهُ تَكْرِمَةٌ لِلْحَيِّ»(5/359)
ذِكْرُ التَّكْفِينِ فِي الْحَرِيرِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَاءَ الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أُحِلَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا»(5/360)
2986 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُحِلَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَكْرَهُ لِلرِّجَالِ لُبْسَ ثِيَابِ الْحَرِيرِ، وَأَكْرَهُ أَنْ يُكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاهُمْ إِلَّا فِي حَالِ ضَرُورَةٍ يُلْجَأُ إِلَيْهَا حَيْثُ لَا يُوجَدُ غَيْرُهَا [ص:361] وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَلَا نَحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافَهُمْ(5/360)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ التَّكْفِينِ فِي الْحِبَرِ(5/361)
2987 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، رَفَعَهُ قَالَ: «إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُكَفِّنْهُ فِي بُرْدَى حِبَرَةٍ» وَرُوِّينَا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمَعْقِلِ أَوْصَى أَنْ يُكَفَّنَ فِي قَمِيصٍ وَبُرْدٍ وَحِبَرَةٍ(5/361)
2988 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ حُبَيْشٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمَعْقِلِ، «أَوْصَى أَنْ يُغْسَلَ، مِنْ مَاءٍ، وَأَنْ يُكَفَّنَ فِي قَمِيصٍ وَحُلَّةٍ حِبَرَةٍ»(5/361)
2989 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، " أَنَّ عُمَرَ، كُفِّنَ فِي قَمِيصٍ وَبُرْدِ حُلَّةٍ، أَوْ قَالَ: حُلَّةُ حِبَرَةٍ " وَكَانَ أَبُو قِلَابَةَ يُكَفِّنُ أَهْلَهُ فِي الْحِبَرَةِ الْبَصْرِيَّةِ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يُحِبُّ مِنَ الْكَفَنِ لِلنِّسَاءِ الْبَيَاضُ، وَلِلرِّجَالِ الْحِبَرُ، وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا بَأْسَ بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي الْعَصْبِ» ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْعَصْبُ هُوَ الْحِبَرُ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَفِي ثَوْبِي حِبَرَةٍ»(5/361)
2990 - حَدَّثَنَا ابْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا: أَيُّ اللِّبَاسِ كَانَ أَعْجَبَ، أَوْ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «الْحِبَرَةُ» وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُكَفِّنُ الْمَيِّتَ فِي الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الْعَصْبِ(5/362)
ذِكْرُ إِخْرَاجِ الْكَفَنِ قَبْلَ قَضَاءِ الدُّيُونِ، وَالْوَصَايَا، وَالْمَوَارِيثِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكَفَنِ مِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ؟ فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: «يَخْرُجُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ» ، هَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالزُّهْرِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَتَادَةُ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْحَسَنِ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا نَقُولُ لِأَنَّ فِي خَبَرِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: «لَمْ يَتْرُكْ إِلَّا نَمِرَةً كُفِّنَ فِيهَا» ، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْحَدِيثَ فِيمَا مَضَى،(5/362)
وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ شَاذَّانِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ الْكَفَنَ مِنَ الثُّلُثِ» ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَوْلُ طَاوُسٍ وَهُوَ أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا فَمِنَ الثُّلُثِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَفَنَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ قَوْلُهُ: «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ»(5/363)
ذِكْرُ كَفَنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرْأَةِ تَمُوتُ وَلَهَا زَوْجٌ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْكَفَنُ مِنْ مَالِهَا هَكَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ مَالِكٌ: «كَفَنُهَا عَلَى زَوْجِهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ» ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَاجِشُونُ: «أَنَا أَرَاهُ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَالٌ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَلْزَمُهُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ، فَكَذَلِكَ الْكَفَنُ»(5/363)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَكْفِينِ الْمَيِّتِ فِي قَمِيصٍ(5/363)
2991 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَحَاتِمُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ [ص:364] الْحُمَيْدِيِّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: «جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَبْرِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ بَعْدَمَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ، فَأُخْرِجَ وَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ» وَاللهُ أَعْلَمُ(5/363)
ذِكْرُ إِخْرَاجِ الْوَلَدِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ فِي بَطْنِ الْمَيِّتَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي إِخْرَاجِ الْوَلَدِ الَّذِي يَتَحَرَّكُ فِي بَطْنِ الْمَيِّتَةِ، فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «تُعَالِجُ ذَلِكَ النِّسَاءُ لِتُخْرِجَنَّهُ مِنْ مَخْرَجِ الْوَلَدِ» ، وَكَرِهَ شَقَّ بَطْنِهَا لِإِخْرَاجِ الْوَلَدِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «لَا يَحِلُّ ذَلِكَ» ، وَحُكِيَ عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ أَنَّهُ تَعَجَّبَ مِمَّنْ أَمَرَ بِشِقِّهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الرُّعَاةَ يَقُولُونَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ فِي الْبَطْنِ إِلَّا وَيَخْرُجُ رُوحُهُ بِرُوحِ أُمِّهِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَلَبِثَ طَوِيلًا ثُمَّ قَالَ: " فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُحْيِيَ(5/364)
نَفْسًا فَأَحْيِهَا "، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: «مَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَشُقَّ» ، قَالَ أَحْمَدُ: بِئْسَ وَاللهِ مَا قَالَ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: وَذَكَرُوا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَا يُشَقُّ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ كَرِهَهُ أَشَدَّ الْكَرَاهِيَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ وَهُوَ حَيُّ»(5/365)
ذِكْرُ اسْتِعْدَادِ الْكَفَنِ قَبْلَ الْمَوْتِ(5/365)
2992 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ امْرَأَةً، جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا، فَقَالَ سَهْلٌ: «تَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ؟» قَالُوا: الشَّمْلَةُ قَالَ: «نَعَمْ هِيَ الشَّمْلَةُ» ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي، فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا قَالَ: " فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَإِنَّهَا لَإِزَارُهُ قَالَ: " فَحَسَّنَهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ رَجُلٌ سَمَّاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَحْسَنَ هَذِهِ الْبُرْدَةِ أَكْسِنِيهَا قَالَ: «نَعَمْ» فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوَاهَا فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: وَاللهِ مَا أَحْسَنْتَ كُسِيَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلًا قَالَ: " إِنِّي وَاللهِ مَا سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا لِأَلْبَسَهَا، وَلَكِنِّي سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا لِيَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ، قَالَ سَهْلٌ: «فَكَانَتْ كَفَنَهُ يَوْمَ مَاتَ»(5/365)
مَسَائِلُ مِنَ الْبَابِ كَانَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ يُطَبِّقُ وَجْهَ الْمَيِّتِ بِقُطْنٍ بَعْدَمَا يَفْرُغُ مِنْ(5/365)
غُسْلِهِ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يُؤْخَذُ الْكُرْسُفُ فَيُوضَعُ عَلَيْهِ الْكَافُورُ، ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى فِيهِ، وَمُنْخَرِيهِ، وَعَيْنَيْهِ، وَمَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَكَانَ أَحْمَدُ لَا يَعْرِفُ وَضْعَ الْقُطْنِ عَلَى الْعَيْنِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَمْ نَجِدْ فِي وَضْعِ الْقُطْنِ عَلَى الْوَجْهِ سُنَّةً، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ مَا لَا سُنَّةَ فِيهِ» وَاخْتَلَفُوا فِي حَشْوِ دُبُرِ الْمَيِّتِ فَكَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالْحَسَنُ يَرَيَانِ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَقَالَ: «يَحْشُو فِي الْحَشْوِ، وَيُرْفَقُ فِي ذَلِكَ» . وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يُؤْخَذُ الْقُطْنُ مُنْزُوعَ الْحَبِّ فَيُجْعَلُ فِيهِ الْحَنُوطُ، وَالْكَافُورُ، وَأُلْقِيَ عَلَى الْمَيِّتِ مَا يَسْتُرُهُ، ثُمَّ أُدْخِلَ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ إِدْخَالًا بَلِيغًا وَأَكْثَرَ لِيَرُدَّ شَيْئًا إِنْ جَاءَ مِنْهُ عِنْدَ تَحْرِيكِهِ إِذَا حُمِلَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ خِرْقَةً عَرْضُهَا شِبْهُ الذِّرَاعِ تَكُونُ طَوِيلَةً يَشُقُّ طَرَفَاهَا، وَيَتْرُكُ مِنْ وَسَطِهَا قِطْعَةً، ثُمَّ يُؤْخَذُ قُطْنٌ كَالسُّفْرَةِ الصَّطِّيَّةُ، يُوضَعُ عَلَيْهَا حَنُوطٌ، وَيُوضَعُ ذَلِكَ عَلَى وَسَطِ الْخِرْقَةِ، ثُمَّ يَرْفَعُ عَجِيزَةَ الْمَيِّتِ حَتَّى يُوضَعَ عَلَى وَسَطِ الْقُطْنِ الْمَوْضُوعِ عَلَى الْخِرْقَةِ، وَيُؤْخَذُ كَالْمَوْتَةِ مِنَ الْقُطْنِ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنَ الْحَنُوطِ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ مِمَّا يَلِي دُبُرِهِ، يُلْصَقُ ذَلِكَ بِدُبُرِهِ وَلَا يُحْشَى بِهِ الدُّبُرُ، ثُمَّ تُرَدُّ أَطْرَافُ الْخِرْقَةِ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ عَلَى يَمِينٍ وَشِمَالٍ، حَتَّى تَحْكُمَ ذَلِكَ وَيَصِيرُ كَالتِّبَّانِ عَلَيْهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِ مِنْ تَحْتِ ثَوْبٍ قَدْ سُتِرَ بِهِ الْمَيِّتُ، ثُمَّ يُرْفَعُ فَيُوضَعُ فِي أَكْفَانِهِ، وَهَذَا أَحْسَنُ مِنَ الْحَشْوِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا مَاتَتِ الْمَرْأَةُ انْقَطَعَتِ النَّفَقَةُ عَنِ الزَّوْجِ، وَكَمَا، تَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ، كَذَلِكَ تَنْقَطِعُ عَنْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّنَهَا بَلْ تُكَفَّنُ مِنْ مَالِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُكَفِّنُوهَا، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولَانِ: «تُكَفَّنُ مِنْ مَالِهَا إِذَا مَاتَتْ وَلَهَا زَوْجٌ»(5/366)
ذِكْرُ اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ فِي حَنُوطِ الْمَيِّتِ وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ فِي حَنُوطِ الْمَيِّتِ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطَيِّبُ الْمَيِّتَ بِالْمِسْكِ، وَجَعَلَ فِي حَنُوطِ أَنَسٍ صُرَّةً مِنْ مِسْكٍ، أَوْ سُكٍّ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِسْكٌ، وَقَالَ: «هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(5/367)
2993 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُطَيِّبُ الْمَيِّتَ بِالْمِسْكِ يَذُرُّهُ عَلَيْهِ ذَرًّا»(5/367)
2994 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَتَتَبَّعُ مَغَابِنَ الْمَيِّتِ وَمَرَافِقَهُ بِالْمِسْكِ»(5/367)
2995 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمِسْكِ، لِلْمَيِّتِ فَقَالَ: «أَلَيْسَ أَطْيَبُ طِيبِكُمُ الْمِسْكُ»(5/367)
2996 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّهُ جَعَلَ فِي حَنُوطِهِ صُرَّةً مِنْ مِسْكٍ، أَوْ سُكٍّ فِيهِ شَعْرٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(5/367)
2997 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ أَصَابَ مِسْكًا مِنْ بَلَنْجَرَ فَأَعْطَاهُ امْرَأَتَهُ تَرْفَعُهُ فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ لَهَا: " أَيْنَ الَّذِي اسْتَوْدَعْتُكَ؟ قَالَتْ: هُوَ هَذَا، فَأَتَتْهُ بِهِ قَالَ: «رُشِّيهِ حَوْلِي، فَإِنَّهُ يَأْتِي خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ، وَلَا يَشْرَبُونَ الشَّرَابَ، يَجِدُونَ الرِّيحَ»(5/367)
2998 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ [ص:368] حَسَنٍ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عَلِيًّا، أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ، فِي حَنُوطِهِ مِسْكٌ وَقَالَ: «هُوَ فَضْلُ حَنُوطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(5/367)
2999 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُخْتَارٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مِسْكٌ يَتَطَيَّبُ بِهِ» وَمِمَّنْ رَأَى أَنَّ الْمَيِّتَ يُطَيَّبُ بِالْمِسْكِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَفِي أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَةَ أَنْ تَأْخُذَ عِنْدَ اغْتِسَالِهَا مِنَ الْمَحِيضِ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْمِسْكِ، مَعَ مَا رُوِّينَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَطْيَبُ الطِّيبِ الْمِسْكُ(5/368)
3000 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا الْمُسْتَمِرُّ بْنُ الرَّيَّانِ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَطْيَبَ الطِّيبِ الْمِسْكُ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ(5/368)
3001 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ فُضَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، أَنَّ عُمَرَ، «أَوْصَى فِي غُسْلِهِ أَنْ لَا تُقَرِّبُوهُ مِسْكًا» وَكُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ إِجْمَارَ ثِيَابِ الْمَيِّتِ(5/369)
3002 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ لِأَهْلِهَا: «أَجْمِرُوا ثِيَابِي إِذَا أَنَا مُتُّ، ثُمَّ كَفِّنُونِي، ثُمَّ حَنِّطُونِي، وَلَا تَذَرُوا عَلَى كَفَنِي حِنَاطًا»(5/369)
3003 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «يُجْمَرُ الْمَيِّتُ وِتْرًا» وَاسْتَحَبَّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وِتْرًا، وَالَّذِي يُكَفِّنُ الْمَيِّتُ وَيُحَنِّطُهُ أَنْ يَجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مَا شَاءَ مِنَ الطِّيبِ إِلَّا الزَّعْفَرَانَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ، وَأَحَبُّ مَا اسْتَعْمَلَ فِي حَنُوطِهِ الْكَافُورُ، لِلثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِلنِّسْوَةِ اللَّوَاتِي غَسَلْنَ ابْنَتَهُ: «اجْعَلْنَ كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ» ، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: «أَيُّ الْحِنَاطِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟» قَالَ: الْكَافُورُ، قُلْتُ: فَأَيْنَ يُجْعَلُ؟ قَالَ: فِي مَرَافِقِهِ، قُلْتُ: فِي إِبْطَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَفِي مَرْجِعِ رِجْلَيْهِ وَفِي رُفْعَيْهِ، وَمُرَافِقِهِ وَمَا هُنَاكَ، وَفِي فِيهِ، وَأَنْفِهِ، وَعَيْنَيْهِ، وَأُذُنَيْهِ، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ يَابِسًا "، وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَغُسِلَ أَتَاهُمْ فَدَعَا بِكَافُورٍ، فَوَضَّأَهُ بِهِ وَجَعَلَ عَلَى وَجْهِهِ، وَيَدَيْهِ، وَرَأْسِهِ، وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ [ص:370] قَالَ: أَدْرِجُوهُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ فَيَجْعَلُ الْكَافُورَ عَلَى مَسَاجِدِ الْمَيِّتِ جَبْهَتِهِ، وَأَنْفِهِ وَرَاحَتَيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ، وَصُدُورِ قَدَمَيْهِ، وَقَدْ رُوِّينَا فِي الْحَنُوطِ حَدِيثًا، قَدْ تُكِلِّمَ فِي إِسْنَادِهِ(5/369)
3004 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَبَاكُمْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بُعِثَ إِلَيْهِ مِنَ الْجَنَّةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ بِكَفَنِهِ، وَحَنُوطِهِ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ حَوَّاءُ ذَهَبَتْ لِتَدْخُلَ دُونَهُمْ فَقَالَ: " خَلِّي بَيْنِي وَبَيْنَ رُسُلِ رَبِّي، فَمَا أَصَابَنِي الَّذِي أَصَابَنِي إِلَّا مِنْكِ، وَلَا لَقِيتُ الَّذِي لَقِيتُ إِلَّا مِنْكِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ غَسَلُوهُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ وِتْرًا، وَكَفِّنُوهُ فِي وِتْرٍ مِنَ الثِّيَابِ، ثُمَّ لَحَدُوهُ وَدَفَنُوهُ، وَقَالُوا: هَذِهِ سُنَّةُ وَلَدِ آدَمَ مِنْ بَعْدِهِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الَّذِي رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْحَسَنِ مَجْهُولٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ مَرْفُوعٍ(5/370)
3005 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أُبَيٍّ قَالَ: " لَمَّا ثَقُلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بَنِيهِ أَنْ يَجِيئُوهُ مِنَ الثِّمَارِ فَلَقِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ فَقَالُوا: ارْجَعُوا فَقَدْ أُمِرَ بِقَبْضِ أَبِيكُمْ، فَرَجَعُوا مَعَهُ، فَقَبَضُوا رُوحَهُ، وَجَاؤُوا مَعَهُمْ بِكَفَنِهِ، وَحَنُوطِهِ، وَقَالُوا لِبَنِيهِ: احْضُرُونَا، فَغَسَلُوهُ، وَكَفَّنُوهُ، وَحَنَّطُوهُ، وَصَلُّوا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ بَيْنَكُمْ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " وَكَرِهَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِنَارٍ تُحْمَلُ مَعَهُ، أَوْ أُحْمِلَ، وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَوْصَى [ص:371] بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مُغَفَّلٍ، وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَنَحْنُ نَكْرَهُ ذَلِكَ(5/370)
3006 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُتْبَعَ، بِنَارٍ تُحْمَلُ مَعَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ»(5/371)
3007 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيُّ، قَالَ: «أَوْصَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَهْلَهُ» أَنْ لَا يَضْرِبُوا عَلَى قَبْرِهِ فُسْطَاطًا، وَلَا يَتْبِعُوا الْجَمْرَ، وَأَنْ يَسْرِعُوا بِهِ "(5/371)
3008 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو حَيَّةَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: «أَوْصَى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ لَا يُقَرَّبَ قَبَسًا يَعْنِي مُجَمَّرَةً، وَلَا يُغْسَلُ بِحَمِيمٍ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ قَبْرِهِ»(5/371)
3009 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَوْصَى عَبْدُ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: «لَا تُقَرِّبُونِي نَارًا وَلَا تُتْبِعُونِي صَوْتًا»(5/371)
3010 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ طُفَيْلٍ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «لَا تُتْبِعُونِي بِجَمْرٍ»(5/371)
3011 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَمِّعٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ النُّعْمَانِ بِنْتِ مُجَمِّعٍ، عَنْ بِنْتِ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، [ص:372] قَالَ: «لَا تُتْبِعُونِي بِنَارٍ وَلَا تَجْعَلُوا عَلَى سَرِيرِي قَطِيفَةً قَيْصَرَانِيَّ لَهُ»(5/371)
3012 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ يَعْنِي الْبَرْبَرِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا أَوْصَتْ: «أَلَّا تُتْبِعُونِي بِجَمْرٍ، وَلَا تَجْعَلُونِي عَلَى قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ»(5/372)
جِمَاعُ أَبْوَابِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ(5/372)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ(5/372)
3013 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، قَالَ: ثنا الْأَشْعَثُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ، قَالَ: قَالَ الْبَرَاءُ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعِيَادَةِ الْمَرْضَى، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ»(5/372)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ إِذْ فِي ذَلِكَ تُذْكِيرُ الْآخِرَةِ(5/372)
3014 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي عِيسَى الْأُسْوَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُودُوا الْمَرْضَى، وَاتَّبِعُوا الْجَنَائِزَ يُذَكِّرْكَمُ الْآخِرَةَ»(5/372)
ذِكْرُ فَضْلِ شُهُودِ الْجَنَائِزِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا(5/373)
3015 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سُمِّيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهِ قَالَ: «مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ أَوْ إِحْدَاهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ»(5/373)
3016 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ سَالِمٍ الْغَرَّاءِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ شَهِدَ حَثَّهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ أَحَدُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ»(5/373)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْقِيرَاطَيْنِ مَنْ جَاءَهَا فِي أَهْلِهَا فَتَبِعَهَا(5/373)
3017 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثَنَا عَفَّانُ قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَاءَ جَنَازَةً فِي أَهْلِهَا فَتَبِعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ مَضَى مَعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ»(5/373)
3018 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ جَنَازَةً مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِثْلُ أُحُدٍ»(5/373)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ حَمْلِ الْجَنَائِزِ(5/373)
3019 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ [ص:374] مَنْصُورٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فِسْطَاسٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: «إِذَا تَبِعَ أَحَدُكُمْ جَنَازَةً فَلْيَأْخُذْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الْأَرْبَعِ، ثُمَّ لِيَتَطَوَّعْ بَعْدُ، أَوْ لِيَذَرْ فَإِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ»(5/373)
ذِكْرُ صِفَةِ حَمْلِ الْجَنَازَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ حَمْلِ الْجَنَازَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَبْدَأُ الْحَامِلُ بِيَاسِرَةِ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَاسِرَتِهِ الْمُؤَخَّرَةِ وَعَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَامِنَةِ الْمُؤَخَّرَةِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يَامِنَةِ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةُ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، كَأَنَّهُ يَدُورُ عَلَيْهَا، هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ، وَيُرْوَى مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ وَجْهَ حَمْلِهَا أَنْ يَضَعَ يَاسِرَةَ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَاسِرَةَ الْمُؤَخَّرَةَ ثُمَّ يَامِنَةَ السَّرِيرِ الْمُقَدَّمَةَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ يَامِنَةَ الْمُؤَخَّرَةِ "، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَالنُّعْمَانَ،(5/374)
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ يَحْمِلُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، إِنْ شَاءَ قُدَّامَهُ، وَإِنْ شَاءَ وَرَاءَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ النَّاسِ: يَبْدَأُ بِالْيُمْنَى وَذَلِكَ بِدْعَةٌ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُبَالِي أَيُّ جَوَانِبِ السَّرِيرِ بَدَأَ، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنِ الْحَسَنِ فِيهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «ابْدَأْ بِأَيِّهِ شِئْتَ مِنْ جَوَانِبِ السَّرِيرِ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَحْمِلَ الْجَنَازَةَ»(5/375)
ذِكْرُ حَمْلِ الْجَنَازَةِ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَمْلِ الْجَنَازَةِ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ، فَرُوِّينَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُمْ حَمَلُوا بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ(5/375)
3020 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ، قَالَ: «خَرَجْتُ مَعَ جَنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقَامَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي مُقَدِّمَةِ السَّرِيرِ فَوَضَعَ السَّرِيرُعَلَى كَاهِلِهِ»(5/375)
3021 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدًا عِنْدَ قَوَائِمِ سَرِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَقُولُ: «وَاجَبَلَاهْ»(5/375)
3022 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ فِي جَنَازَةِ أَبِي مَيْسَرَةَ أَخَذَهُ بِقَائِمَةِ السَّرِيرِ وَجَعَلَ [ص:376] يَقُولُ: «غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا مَيْسَرَةَ»(5/375)
3023 - وَحَدَّثَنِي أَبُو حَامِدٍ الشِّنْدِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الْخَفَّافُ، قَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ: فَإِنَّ أَبَا مَيْسَرَةَ أَخَذَ بِرِجْلِ سَرِيرِ أَبِي حُجَيْفَةَ وَهُوَ يَقُولُ: «يَرْحَمُكَ اللهُ يَرْحَمُكَ اللهُ، ثُمَّ لَمْ يُفَارِقْهَا حَتَّى أَتَى الْقَبْرَ» أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ(5/376)
3024 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ، مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَحْمِلُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِ أُمِّهِ فَلَمْ يُفَارِقْهُ حَتَّى وَضَعَهُ» قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَابِتٍ(5/376)
3025 - قَالَ: وَأَخْبَرَنَا بَعْضُ، أَصْحَابِنَا، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَحْمِلُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ»(5/376)
3026 - قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَصْحَابُنَا، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ أَبِي عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يُحْمَلُ بَيْنَ عَمُودَيْ سَرِيرِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ» وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَكَرِهَ ذَلِكَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَالنُّعْمَانُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ شَاءَ حَمَلَ بَيْنَ عَمُودَيِ السَّرِيرِ، وَلَيْسَ فِي الْبَابِ شَيْءٌ أَعْلَى [ص:377] مِمَّا رُوِّينَاهُ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَجُوزُ مَنْعُ حَمْلِ الْجَنَازَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ حَمَلَهَا الْمَرْءُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ(5/376)
ذِكْرُ صِفَةِ السَّيْرِ بِالْجَنَازَةِ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ»(5/377)
3027 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ شَرًّا تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ»(5/377)
3028 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُنَا وَأَنَا مَعَ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ يَرْمُلُ بِالْجَنَازَةِ رَمَلًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَقُولُ، وَخَبَرُ أَبِي بَكْرَةَ مِثْلُهُ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: «إِذَا خَرَجْتُمْ بِي فَأَسْرِعُوا بِي الْمَشْيَ» ، وَأَوْصَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ " قَالَ: «إِذَا أَنَا مُتُّ فَخَرَجْتُمْ بِي فَأَسْرِعُوا» ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ» ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ فِي جَنَازَةٍ [ص:378] طَلَعَتْ عَلَيْهِ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا يَتَعَجَّبُ مِنْ إِبْطَاءِ مَشْيِهِمْ فَقَالَ: " عَجَبًا لِمَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالِ النَّاسِ، وَاللهِ إِنْ كَانَ إِلَّا الْجَمَزُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيْلًا حَيَّ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ، اتَّقِ اللهَ، فَوَاللهِ لَكَأَنَّهُ لَقَدْ جُمِزَ بِكَ "، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: " مَا مِنْ جَنَازَةٍ إِلَّا وَهِيَ تُنَاشِدُ حَمَلَتَهَا إِنْ كَانَ مُؤْمِنًا، اللهُ عَنْهُ رَاضٍ، يَقُولُ: أُنْشِدُكُمْ بِاللهِ لِمَا أَسْرَعْتُمْ بِي وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، اللهُ عَلَيْهِ سَاخِطٌ يَقُولُ: أُنْشِدُكُمْ بِاللهِ لِمَا رَجَعْتُمْ(5/377)
3029 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا عَجَّلْتُمُوهُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا أَلْقَيْتُمُوهُ عَنْ عَوَاتِقِكُمْ» قَالَ أَيُّوبُ: أَوْ قَالَ: عَنْ ظُهُورِكُمْ(5/378)
3030 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: أَوْصَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: «إِذَا أَنَا مُتُّ، فَخَرَجْتُمْ بِي فَأَسْرِعُوا وَلَا تُهَوِّدُوا كَمَا تُهَوِّدُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى»(5/378)
3031 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي رَاشِدٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ لِابْنِهِ: «إِذَا خَرَجْتُمْ بِي فَأَسْرِعُوا بِي الْمَشْيَ»(5/378)
3032 - وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَطَلَعَ عَلَيْنَا بِجِنَازَةٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا ابْنُ جَعْفَرٍ يَتَعَجَّبُ مِنْ إِبْطَاءِ مَشْيِهِمْ فَقَالَ: " عَجَبًا لِمَا تَغَيَّرَ مِنْ حَالِ النَّاسِ وَاللهِ إِنْ كَانَ إِلَّا الْجَمَزُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيْلًا حَيَّ الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللهَ فَوَاللهِ لَكَأَنَّهُ قَدْ جُمِزَ بِكَ "(5/379)
3033 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: " مَا مِنْ جنَازَةٍ إِلَّا وَهِيَ تُنَاشِدُ حَمَلَتَهَا، إِنْ كَانَ مُؤْمِنًا اللهُ عَنْهُ رَاضٍ يَقُولُ: أُنْشِدُكُمْ بِاللهِ لِمَا أَسْرَعْتُمْ بِي، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا، اللهُ عَلَيْهِ سَاخِطٌ يَقُولُ: أُنْشِدُكُمْ بِاللهِ لِمَا رَجَعْتُمْ " وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «وَيُمْشَى بِالْجَنَازَةِ أَسْرَعَ سَجِيَّةِ مَشْيِ النَّاسِ، لَا الْإِسْرَاعَ الَّذِي يَشُقُّ عَلَى ضَعَفَةِ مَنْ يَتْبَعُهَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ تَغَيُّرُهَا أَوِ انْبِجَاسُهَا فَيُعَجِّلُوا بِهَا مَا قَدَرُوا» وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَيْسَ فِي الْمَشْيِ شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ غَيْرَ أَنَّ الْعَجَلَةَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنَ الْإِبْطَاءِ بِهَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي جَنَائِزِكُمْ» لَا يُثْبَتُ لِأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَلَيْثٌ لَيْسَ مِمَّنْ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِحَدِيثِهِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَضَرَ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لَا تُزَلْزِلُوا وَارْفُقُوا بِهَا فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ»(5/379)
3034 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: «لَا تُزَلْزِلُوا وَارْفُقُوا فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: " إِذَا رَأَيْتَ جَنَازَةً فَقُلِ: اللهُ أَكْبَرُ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ، وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ، اللهُمَّ زِدْنَا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا، نُسْلِمُ نَحْنُ اللهُ رَبُّنَا "(5/380)
ذِكْرُ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ(5/380)
3035 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ»(5/380)
3036 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «كَانَ [ص:381] رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَشْيِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ وَخَلْفَهَا فَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الْمَشْيَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، وَأَبُو قَتَادَةَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: «تَقَدَّمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجَنَازَةِ» ، وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَشُرَيْحٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَاحْتَجَّ بِتَقْدِيمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ النَّاسَ أَمَامَ جَنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ(5/380)
3037 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ لَنَا يُقَالُ لَهُ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهُدَيْرِ قَالَ: «رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ» يَضْرِبُ النَّاسَ يُقَدِّمُهُمْ أَمَامَ جَنَازَةِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ "(5/382)
3038 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ أَبَاهُ، كَانَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجَنَازَةِ "(5/382)
3039 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدٍ، مَوْلَى السَّائِبِ قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَعُبَيْدَ بْنِ عُمَيْرٍ يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ فَتَقَدَّمَا، فَجَلَسَا يَتَحَدَّثَانِ فَإِذَا جَازَتْ بِهِمَا قَامَا "(5/382)
3040 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ(5/382)
3041 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: مَشَيْتُ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ(5/382)
3042 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ، مَوْلَى التَّوْأَمَةِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، «رَأَى أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، وَأَبَا قَتَادَةَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ»(5/382)
3043 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ثنا مُوسَى الْجُهَنِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْمَشْيِ، أَمَامَ الْجَنَازَةِ فَقَالَ: «لَقَدْ كُنَّا مَعَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَمْشِي بَيْنَ يَدَيِ الْجَنَازَةِ، وَلَا يَرَوْنَ بِذَلِكَ بَأْسًا» وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ بِالْمَشْيِ قُدَّامَهَا، وَالْمَشْيُ خَلْفَهَا أَحَبُّ إِلَيْنَا وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: «يَتَأَخَّرُهَا أَحَبُّ إِلَيْنَا» ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ مَشَى خَلْفَهَا، وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ؟ فَقَالَ: «هُوَ سَعَةٌ، وَأَفْضَلُ عِنْدَنَا خَلْفَهَا»(5/383)
3044 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ أَوْسٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ فِي جَنَازَةٍ قَالَ: وَعَلِيُّ أَخَذَ بِيَدِي وَنَحْنُ خَلْفَهَا، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَمْشِيَانِ أَمَامَهَا فَقَالَ: «إِنَّ فَضْلَ الْمَاشِي خَلْفَهَا عَلَى الَّذِي يَمْشِي أَمَامَهَا كَفَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْفَذِّ، وَإِنَّهُمَا يَعْلَمَانِ مِنْ ذَلِكَ مَا أَعْلَمُ، وَلَكِنَّهُمَا سَهْلَانِ يُسَهِّلَانِ عَلَى النَّاسِ» قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: «وَبِهِ نَأْخُذُ»(5/383)
3045 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ السَّلَامِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ عبد الْغَفَّارِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: «هَهُنَا امْشِ يَعْنِي وَرَاءَ الْجَنَازَةِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّمَا أَنْتُمْ مُتَّبِعُونَ تَكُونُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا، وَعَنْ [ص:384] شِمَالِهَا هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَبِهِ قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي مَوْضِعٍ آخَرُ: «لَا بَأْسَ أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُلُ أَمَامَ الْجَنَازَةِ وَخَلْفَهَا قَرِيبًا»(5/383)
3046 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ،؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَنْتُمْ مُتَّبِعُونَ فَكُونُوا بَيْنَ يَدَيْهَا وَخَلْفَهَا، وَعَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْمَشْيُ أَمَامَ الْجَنَازَةِ وَخَلْفَهَا، وَعَنْ شِمَالِهَا جَائِزٌ، وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَأَنْ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، فَلْيُكْثِرْ مَعَ مَنْ تَبِعَ الْجَنَازَةَ حَيْثُ مَشَى مِنْهَا ذِكْرَ الْمَوْتِ وَالتَّفَكَّرَ فِي صَاحِبِهِمْ، وَأَنَّهُمْ صَائِرُونَ إِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ، وَلْيَسْتَعِدَّ لِلْمَوْتِ وَلِمَا بَعْدَهُ، سَهَّلَ اللهُ لَنَا حُسْنَ الِاسْتِعْدَادِ وَاللِّقَاءِ بِهِ(5/384)
ذِكْرُ سَيْرِ الرَّاكِبِ مَعَ الْجَنَازَةِ(5/384)
3047 - حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ، قَالَ: ثنا الْعِيَاضُ بْنُ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ [ص:385] بْنُ الْحَارِثِ، وَوَكِيعٌ، قَالَا: ثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْحُبَيْرِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا»(5/384)
3048 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةِ ابْنِ الدَّحْدَاحَةِ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى فَرَسٍ، وَهُوَ يَتَقَوَّسُ بِهِ وَنَحْنُ حَوْلَهُ» وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْبَابِ فَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى بَغْلٍ رَاكِبًا أَمَامَ الْجَنَازَةِ(5/385)
3049 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبَّاسٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَلَى بَغْلٍ رَاكِبًا أَمَامَ الْجَنَازَةِ» وَكَانَ عَلْقَمَةُ، وَالنَّخَعِيُّ يَكْرَهَانِ أَنْ يَتَقَدَّمَ الرَّاكِبُ أَمَامَ الْجَنَازَةِ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: " الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ، وَكَرِهَتْ فِرْقَةٌ الرُّكُوبَ فِي الْجَنَائِزِ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «الرَّاكِبُ مَعَ [ص:386] الْجَنَازَةِ كَالْجَالِسِ فِي أَهْلِهِ» ، وَرُوِّينَا عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ رَاكِبٍ فِي جَنَازَةٍ: «تَرْكَبُ وَعِبَادُ اللهِ يَمْشُونَ، وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ فَجَعَلَ يَكْبَحُهَا» ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ رُئِيَ رَاكِبًا فِي جَنَازَةٍ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ: «لِلْمَاشِي فِي الْجَنَازَةِ قِيرَاطَانِ وَلِلرَّاكِبِ قِيرَاطٌ»(5/385)
3050 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الرَّاكِبُ مَعَ الْجَنَازَةِ كَالْجَالِسِ فِي أَهْلِهِ»(5/386)
3051 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ ثَوْبَانَ، أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا رَاكِبًا فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ فَجَعَلَ يَكْبَحُهَا يَقُولُ: «أَتَرْكَبُ وَعِبَادُ اللهِ يَمْشُونَ؟»(5/386)
3052 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: [ص:387] ثنا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: «لِلْمَاشِي فِي الْجَنَازَةِ قِيرَاطَانِ وَلِلرَّاكِبِ قِيرَاطٌ»(5/386)
3053 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ خِيَارٍ الطَّائِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي جَنَازَةِ أُمِّ مُصْعَبٍ عَلَى أَتَانٍ لَهُ حَمْرَاءَ»(5/387)
ذِكْرُ نَهْيِ النِّسَاءِ عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَاخْتَلَفُوا فِي اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ، فَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ اتِّبَاعَهُنَّ الْجَنَائِزَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَكَرِهَ ذَلِكَ مَسْرُوقٌ، وَالْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَرَى مَنْعَ النِّسَاءِ الْخُرُوجَ مَعَ الْجَنَائِزِ وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي جَنَازَةٍ مَعَ أَبِي الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةَ، وَمَعَهُمْ فِيهَا نِسَاءٌ قَالَ: فَلَمْ أَرَهُمَا يُنْكِرَانِ شُهُودَ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ يَوْمَئِذٍ، وَحُكِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ(5/387)
أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تُصَلِّيَ النِّسَاءُ عَلَى الْجَنَازَةِ، وَهُنَّ عَلَى الدَّوَابِّ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ وَكَانَ مَالِكٌ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، وَكَرِهَ ذَلِكَ لِنِسَائِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا الَّذِينَ كَرِهُوا حُضُورَ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ فَلَعَلَّ مِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ أُمِّ عَطِيَّةَ بَلْ قَدِ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ(5/388)
3054 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: «نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا» وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ(5/388)
3055 - حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي جَنَازَةٍ فَرَأَى عُمَرُ امْرَأَةً فَصَاحَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهَا يَا عُمَرُ» فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ، وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ، وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَةٍ: «صَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمَكِ» ، فَإِذَا كَانَ هَذَا [ص:389] سَبِيلُهَا فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ أُمِرْنَ بِالسَّتْرِ فَالْقُعُودُ مِنَ الْجَنَائِزِ أَوْلَى بِهِنَّ وَأَسْتَرُ، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/388)
ذِكْرُ خَفْضِ الصَّوْتِ عِنْدَ حَمْلِ الْجَنَازَةِ رُوِّينَا عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ ثَلَاثٍ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَعِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ الذِّكْرِ» ، وَذَكَرَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الْقِتَالِ(5/389)
3056 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ ثَلَاثٍ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَعِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ الذِّكْرِ»(5/389)
3057 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: «أَدْرَكْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَعِنْدَ الْقِتَالِ» وَكَرِهَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ قَوْلَ الْقَائِلِ خَلْفَ الْجَنَازَةِ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ قَالَ [ص:390] عَطَاءٌ: مُحْدَثَةٌ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: بِدْعَةٌ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا إِذَا شَهِدُوا جَنَازَةً عُرِفَ ذَلِكَ فِيهِمْ ثَلَاثًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَحْنُ نَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَرِهُوا إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ أَحْدَثُ، وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ كَانَ يَشْرَبُ الشَّرَابَ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «اسْتَغْفِرُوا لَهُ فَإِنَّمَا يُسْتَغْفَرُ لِمُسِيءٍ مِثْلِهِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: صِيَاحُهُمْ، اسْتَغْفِرُوا لَهُ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَنْفُسِكُمْ خِلَافَ الْبِدْعَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا النَّاسُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالِاسْتِغْفَارِ(5/389)
3058 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ: تُوُفِّيَ ابْنٌ لِأَبِي بَكْرٍ كَانَ يَشْرَبُ الشَّرَابَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: " اسْتَغْفِرُوا لَهُ: فَإِنَّمَا يُسْتَغْفَرُ لِمُسِيءٍ مِثْلِهِ "(5/390)
ذِكْرُ الْقِيَامِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْجَنَائِزِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَرْءُ مُتَّبِعًا لَهَا(5/390)
3059 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ثنا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جَنَازَةً فَلْيَقُمْ حَتَّى تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَعَ»(5/390)
3060 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ [ص:391] اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتَ جَنَازَةً فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَقُمْ لَهَا، حَتَّى تُخَلِّفَكَ أَوْ تُوضَعَ»(5/390)
ذِكْرُ الْقِيَامِ لِجَنَازَةِ الْكَافِرِ(5/391)
3061 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَا: ثنا الْمُقْرِيُّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْجَنَازَةُ تَمُرُّ بِنَا جَنَازَةُ الْكَافِرِ فَنَقُومُ لَهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ قُومُوا لَهَا، فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَقُومُونَ لَهَا، إِنَّمَا تَقُومُونَ إِعْظَامًا لِلَّذِي يَقْبِضُ النُّفُوسَ»(5/391)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ وَالْأَمْرِ إِذَا تَبِعَهَا أَنْ لَا يَقْعُدَ حَتَّى تُوضَعَ(5/391)
3062 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ»(5/391)
3063 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثنا مُسْلِمٌ، قَالَ: ثنا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مِقْسَمٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ مَرَّتْ عَلَيْهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ لِيَحْمِلَهَا فَإِذَا هِيَ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ أَوْ يَهُودِيَّةٍ قِيلَ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّهَا كَانَتْ جَنَازَةَ يَهُودِيٍّ؟ قَالَ: «إِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا [ص:392] فَلَا يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ»(5/391)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْجُلُوسَ كَانَ بَعْدَ الْقِيَامِ(5/392)
3064 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ فِي الْجَنَازَةِ ثُمَّ يَجْلِسُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَكْثَرُ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ يَقُولُ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: «مَشَيْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْقَبْرِ قَامُوا يَتَحَدَّثُونَ حَتَّى وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ فَلَمَّا وُضِعَتْ جَلَسُوا» ، وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُهَا فَيَجْلِسُ حَتَّى إِذَا رَآهَا مِنْ بَعِيدٍ قَامَ، فَلَا يَزَالُ قَائِمًا حَتَّى تُوضَعَ(5/392)
3065 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا أَبُو أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ ثُمَّ يَتَقَدَّمُهَا فَيَجْلِسُ حَتَّى إِذَا رَآهَا مِنْ بَعِيدٍ قَامَ فَلَا يَزَالُ قَائِمًا حَتَّى تُوضَعَ»(5/392)
3066 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُمَا صَلَّيَا عَلَى جَنَازَةٍ ثُمَّ أَتَيَا الْقَبْرَ وَقَامَا حَتَّى جِيءَ بِهَا فَوُضِعَتْ، فَلَمَّا وُضِعَتْ تَقَدَّمَا فَقَعَدَا»(5/392)
3067 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: «مَشَيْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا انْتَهَوْا [ص:393] إِلَى الْقَبْرِ قَامُوا يَتَحَدَّثُونَ حَتَّى وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ فَلَمَّا وُضِعَتْ جَلَسُوا» وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ: «كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ الْجَنَازَةُ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ» ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْحَسَنِ قَالَ: «وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الْجُلُوسُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ عَنْ مَنَاكِبِ الرِّجَالِ بِالْأَرْضِ» ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَنْ تَبِعَ الْجَنَازَةَ مَتَى يَجْلِسُ؟ قَالَ: «لَا يَجْلِسُ حَتَّى تُوضَعَ عَنْ أَعْنَاقِ الرِّجَالِ» وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ: «مَنْ تَبِعَ الْجَنَازَةَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «لَيْسَ لِمَنْ مَشَى مَعَ جَنَازَةٍ وَتَبِعَهَا أَنْ يَقْعُدَ حَتَّى تُوضَعَ» ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجَنَازَةُ(5/392)
3068 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدٍ، مَوْلَى السَّائِبِ قَالَ: «رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَعُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَمْشِيَانِ أَمَامَ الْجَنَازَةِ فَتَقَدَّمَا فَجَلَسَا يَتَحَدَّثَانِ، فَلَمَّا جَازَتْ بِهِمَا قَامَا» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقِيَامِ لِلْجَنَائِزِ إِذَا مَرَّتْ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقُومُ لَهَا فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، وَسَهْلُ [ص:394] بْنُ حُنَيْفٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ(5/393)
3069 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ عِنْدَ قَنْطَرَةِ الصَّالِحِينَ فَمَرَّتْ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَامَ وَقُمْنَا حَتَّى مَضَتْ(5/394)
3070 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ، وَقَيْسَ بْنَ سَعْدٍ، «كَانَا يَقُومَانِ لِلْجَنَازَةِ» وَأَنَّ مَرْوَانَ كَانَ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَمَرَّتْ بِهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ(5/394)
3071 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، وَقَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، كَانَا قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرَّا بِجِنَازَةٍ فَقَامَا فَقِيلَ: إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ؟ فَقَالَا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَيْهِ جَنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ: إِنَّهَا يَهُودِيَّةٌ فَقَالَ: «أَلَيْسَتْ نَفْسًا» وَرَأَتْ طَائِفَةٌ أَنْ لَا يَقُومَ الْمَرْءُ لِلْجَنَازَةِ تَمُرُّ بِهِ، مُرَّ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِجِنَازَةٍ فَلَمْ يَقُمْ لَهَا، وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَعِيبُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَقَالَ مَالِكٌ: «[ص:395] لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقُومَ لِلْجَنَازَةِ إِذَا رَآهَا وَلَا يَقْعُدَ حَتَّى تُجَاوِزَهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا» ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَا يَقُومُ لِلْجَنَازَةِ مَنْ لَا يَشْهَدُهَا وَالْقِيَامُ لَهَا مَنْسُوخٌ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «إِنْ قَامَ لَمْ يَقْعُدْ، وَإِنْ قَعَدَ فَلَا بَأْسَ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُهُ: «فَلْيَقُمْ» ، إِنَّمَا ذَا عَلَى الْقَاعِدِ يَقُومُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: " مَنْ قَامَ لِلْجَنَازَةِ فَذَاكَ، وَمَنْ لَمْ يَقُمْ ذَهَبَ إِلَى حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ: أَمَّا أَنَا فَلَا أَقُومُ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُمْنَا وَقَعَدَ فَقَعَدْنَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ حَسَنٌ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا(5/394)
جِمَاعُ أَبْوَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ(5/395)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ، وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَوَقْتَ غروبِهِ، وَوَقْتَ زَوَالٍ، هَذَا قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ، «أَنْ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ» ، هَكَذَا قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَرَوَى عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ أَبَاحَ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إِذَا كَانَتْ نَقِيَّةً، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي [ص:396] عَلَى الْجَنَازَةِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ شَيْئًا(5/395)
3072 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، وَابْنُ سَمْعَانَ، وَاللَّيْثُ أَنَّ نَافِعًا، أَخْبَرَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذَا صَلَّاهُمَا لِوَقْتِهِمَا»(5/396)
3073 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: أُتِيَ بِجِنَازَةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبَكُمُ الْآنَ، وَإِلَّا فَأَخِّرُوا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسِ»(5/396)
3074 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى، عَلَى الْجَنَازَةِ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ شَيْئًا»(5/396)
3075 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ الْوَزَّانِ، قَالَ: ثنا أَبُو لُبَابَةَ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى جَنَازَةٍ تَرَى الشَّمْسَ عَلَى أَطْرَافِ الْجُدْرِ» وَكَانَ عَطَاءٌ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي وَقْتٍ يُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَكَذَلِكَ يُدْفَنُ فِي أَيِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِقَوْلِ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ أَقُولُ، وَكَذَلِكَ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ(5/396)
3076 - حَدَّثَنَا سُليمان بْنُ شُعَيْبِ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: «ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:397] يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا، حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ تَقُومُ الظَّهِيرَةُ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ حَتَّى تَغْرُبَ»(5/396)
ذِكْرُ الرَّجَاءِ لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ مِائَةٌ فَيَشْفَعُوا لَهُ، أَنْ يَشْفَعُوا فِيهِ(5/397)
3077 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا عَفَّانُ، قَالَ: ثنا وُهَيْبٌ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَمُوتُ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُوا أَنْ يَكُونُوا مِائَةً فَيَشْفَعُوا لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ»(5/397)
3078 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِائَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غُفِرَ لَهُ»(5/397)
ذِكْرُ مَا يُرْجَى لِلْمَيِّتِ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِصَلَاةِ الصَّالِحِينَ عَلَيْهِ(5/397)
3079 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمِّهِ، يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ جَنَازَةٍ قَالَ: فَقَامَ فَصَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، ثُمَّ قَالَ: «لَا يَمُوتَنَّ فِيكُمْ مَيِّتٌ أَوْ مَيِّتَةٌ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا آذَنْتُمُونِي [ص:398] بِهِ، فَإِنَّ صَلَاتِي لَهُ رَحْمَةٌ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَهْلُ الْفَضْلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ اسْتِدْلَالًا بِهَذَا الْحَدِيثِ(5/397)
ذِكْرُ الْوَالِي وَالْوَلِيِّ يَحْضُرَانِ الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَازَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صَلَاةِ الْأَمِيرِ، أَوِ الْإِمَامِ عَلَى الْجَنَازَةِ وَوَلِيُّهَا حَاضِرٌ، فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: الْإِمَامُ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا مِنَ الْوَلِيِّ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: «الْإِمَامُ أَحَقُّ مَنْ صَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ» ، وَلَيْسَ بِثَابِتٍ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ عَلْقَمَةَ، وَالْأَسْوَدِ، وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَالَ مَالِكٌ: «الْوَالِي أَحَقُّ» وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: «إِمَامُ الْحَيِّ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ» ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: «الْوَلِيُّ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ مِنَ الْوَالِي» ،(5/398)
وَقَدْ رُوِّينَا، عَنِ الضَّحَّاكِ أَنَّهُ قَالَ لِأَخِيهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: «لَا يُصَلِّيَنَّ عَلَيَّ غَيْرُكَ، وَلَا تَدَعَنَّ الْأَمِيرَ يُصَلِّي عَلَيَّ، وَاذْكُرْ مِنِّي مَا عَلِمْتَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: النَّظَرُ يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ غَيْرَ أَنَّ مَذْهَبَهُ وَمَذْهَبُ عَوَامِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْقَوْلُ بِالْأَخْبَارِ إِذَا جَاءَتْ، وَتَرْكُ حَمْلِ الشَّيْءِ عَلَى الظَّنِّ عِنْدَ وُجُودِ الْأَخْبَارِ(5/399)
3080 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: شَهِدْتُ حُسَيْنًا حِينَ مَاتَ الْحَسَنُ، وَهُوَ يَدْفَعُ فِي قَفَا سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ يَقُولُ: «تَقَدَّمْ فَلَوْلَا السُّنَّةُ مَا قَدَّمْتُكَ، وَسَعِيدٌ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ خَلْقٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ، فَلَمَّا لَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَا قَالَ: دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَهُمْ حَقًّا وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْبَابِ أَعْلَى مِنْ هَذَا، لِأَنَّ جَنَازَةَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حَضَرَهَا عَوَامِ النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا يُرَى وَاللهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَدَلَّ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ عَلَى ذَلِكَ(5/399)
3081 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا مِسْعَرٌ الْجَرْمِيُّ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ، يَقُولُ: " إِنَّ أَبَاهُ وَأُنَاسًا مِنْ قَوْمِهِ وَفَدُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَسْلَمَ النَّاسُ، وَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، ثُمَّ سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يُصَلِّي بِنَا أَوْ مَنْ يُصَلِّي لَنَا؟ قَالَ: «يُصَلِّي بِكُمْ، أَوْ يُصَلِّي لَكُمْ أَكْثَرُكُمْ أَخْذًا، أَوْ أَكْثَرَهُمْ جَمْعًا لِلْقُرْآنٍ، فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا جَمَعَ أَكْثَرَ مِمَّا جَمَعْتُ، أَوْ أَخَذْتُ وَأَنَا غُلَامٌ، وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ، فَصَلَّيْتُ، بِهِمْ، أَوْ صَلَّيْتُ لَهُمْ، فَلَمْ أَزَلْ إِمَامَ قَوْمِي إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِهِمْ، وَيُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِهِمْ» [ص:400] قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَوْجُودًا فِي هَذَا الْبَابِ، ثُمَّ قَالَ قَائِلٌ: يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ» الصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَاتُ، وَعَلَى الْجَنَائِزِ، مَا كَانَ بَعِيدًا، وَاللهُ أَعْلَمُ. لِأَنَّ اسْمَ اللهِ يَقَعُ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] الْآيَةَ، وَثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، وَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّجَاشِيِّ، وَالْأَخْبَارُ تَكْثُرُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/399)
ذِكْرُ: الزَّوْجُ وَأَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ يَحْضُرُونَ جَنَازَتَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّوْجِ وَأَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ يَحْضُرُونَ الْمَيْتَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الزَّوْجُ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ مَالَ أَحْمَدُ(5/400)
3082 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ [ص:401] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: مَاتَتِ امْرَأَةٌ لِأَبِي بَكْرَةَ فَجَاءَ إِخْوَتُهَا يُنَازِعُونَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: " لَوْلَا أَنِّي أَحَقُّكُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا مَا نَازَعْتُكُمْ فِي ذَلِكَ قَالَ: فَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ دَخَلَ الْقَبْرَ، فَأُخْرِجَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُونَ، أَوْ أَرْبَعُونَ ابْنًا وَابْنَةً " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ(5/400)
3083 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الزَّوْجُ أَحَقُّ بِغُسْلِ امْرَأَتِهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْقَرَابَةُ أَوْلَى هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَبُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، وَالْحَكَمِ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّ الْأَبَ أَحَقُّ، ثُمَّ الزَّوْجُ، ثُمَّ الِابْنُ، ثُمَّ الْأَخُ، ثُمَّ الْعَصَبَةُ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ:، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: «إِذَا [ص:402] كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً مَعَهَا زَوْجُهَا وَابْنُهَا، وَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ، يَنْبَغِي أَنْ يَقْدُمَ الْأَبَ»(5/401)
ذِكْرُ الْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ يَجْتَمِعَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُوصِي إِلَى رَجُلٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَاخْتَلَفَ الْمُوصَى إِلَيْهِ وَالْوَلِيُّ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْوَصِيُّ أَحَقُّ، هَذَا مَذْهَبُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَأَبِي بَرْزَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ(5/402)
3084 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، قَالَ: ذَكَرَهُ ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: " أَوْصَى أَنْ يُصَلِّي، عَلَيْهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: وَالْبَاهِلَةُ يَوْمَئِذٍ فِي إِمَامِنَا قَالَ: فَأَقَامُوا حَتَّى جَاءَ أَنَسٌ مِنَ الزَّاوِيَةِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ "(5/402)
3085 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا يَحْيَى، قَالَ: ثنا قَيْسٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، أَنَّ أَبَا سَرِيحَةَ حُذَيْفَةَ بْنَ أَسِيدٍ " أَوْصَى إِذَا أَنَا مِتُّ، فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَلَمَّا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ جَاءَ عَمْرُو بَنُ حُرَيْثٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَكَانَ أَمِيرَ الْكُوفَةِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: أَصْلَحَ اللهُ الْأَمِيرَ إِنَّ أَبِي أَوْصَانِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ [ص:403] قَالَ: فَقَدَّمَ زَيْدًا "(5/402)
3086 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: أنا ثَابِتٌ، أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو، " أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، فَمَاتَ فَرَكِبَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَ مِصْرَ فَسَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ، فَقَلَبَ دَابَّتَهُ رَاجِعًا "(5/403)
3087 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ، «أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ» وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: «الْوَلِيُّ أَحَقُّ»(5/403)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى السَّقْطِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الطِّفْلَ إِذَا عُرِفَتْ حَيَاتُهُ وَاسْتَهَلَّ، صُلِّيَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ لَهُ حَيَاةٌ، فَرُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صُلِّيَ عَلَيْهِ»(5/403)
3088 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، سُئِلَ، عَنِ الصَّلَاةِ، عَلَى السَّقْطِ؟ قَالَ: " إِذَا تَمَّ خَلْقُهُ وَوَقَعَ حَيًّا، صُلِّيَ عَلَيْهِ قَالَ: وَقَدْ صَلَّى مَرَّةً عَلَى سَقْطٍ فِي الدَّارِ، لَا أَدْرِي وَقَعَ حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا "(5/403)
3089 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «الصَّبِيُّ إِذَا اسْتَهَلَّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ»(5/403)
3090 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوَرِثَ»(5/403)
3091 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: «إِذَا اسْتَهَلَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوَرِثَ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُورَثْ» وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ:، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَمَالِكٌ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ: " إِذَا لَمْ يَسْتَهِلْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلْ، يُرْوَى ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ(5/404)
3092 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَافِعٌ قَالَ: " صَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى مَوْلُودٍ فِي الدَّارِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ يُدْفَنُ قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَكَانَ اسْتَهَلَّ؟ قَالَ: لَا "(5/404)
3093 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: «السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: «إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ وَلَدٌ يُغْسَلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ» ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «كَمَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ صُلِّيَ عَلَيْهِ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ قَالَ: «إِذَا تَمَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ» ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: " مَضَتِ السُّنَّةُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّبِيِّ إِذَا سَقَطَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ مَيِّتًا بَعْدَ تَمَامِ خَلْقِهِ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، وَهُوَ أَنْ يَمْضِيَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ، إِنَّمَا الْمِيرَاثُ فِي الِاسْتِهْلَالِ، وَأَمَّا مَا يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَسَمَةً تَامَّةً وَقَدْ كَتَبَ عَلَيْهِ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ يَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ،؟ وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلُّوا عَلَى أَطْفَالِكُمْ "، رَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ(5/405)
3094 - حَدَثَنَا مَيْسَرَةُ، قَالَ: ثنا الْعِيَاضُ بْنُ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: ثنا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَوَكِيعٌ، قَالَا: ثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الْجِيرِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا، وَالطِّفْلُ يُصَلِّي عَلَيْهِ»(5/405)
3095 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: «السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى مَوْلُودٍ، ذَكَرَ نَافِعٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ اسْتَهَلَّ، وَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَنْقُوصِ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ خَطِيَّةً، وَقَالَ: «اللهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»(5/406)
3096 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُصَلَّى عَلَى الْمَنْقُوصِ الَّذِي لَمْ يَعْمَلْ خَطِيَّةً، فَيَقُولُ: «اللهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ»(5/406)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ، وَوَلَدِ الزِّنَا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ، فَرُوِّينَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ لِأَوْلِيَاءِ شَرَاحَةَ الْمَرْجُومَةِ: «اصْنَعُوا بِهَا مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ» ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: «صَلِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»(5/406)
3097 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا رَجَمَ عَلِيُّ شَرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةَ جَاءَ أَوْلِيَاؤُهَا فَقَالُوا: كَيْفَ نَصْنَعُ بِهَا؟ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيُّ: «اصْنَعُوا بِهَا مَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ، يَعْنِي غَسْلَهَا وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ»(5/406)
3098 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمَرْأَةِ، تَمُوتُ فِي نِفَاسِهَا مِنَ الْفُجُورِ [ص:407] أَيُصَلَّى عَلَيْهَا؟ قَالَ: " صَلِّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ " وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ يُصَلَّى عَلَى جَمِيعِ مَنْ أُصِيبِ فِي حَدٍّ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ عَطَاءٌ فِي وَلَدِ الزِّنَا: " إِذَا اسْتَهَلَّ وَأُمُّهُ وَالْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَالَّذِي يُقَادُ مِنْهُ، وَعَلَى الْمَرْجُومِ، وَالَّذِي يُزَاحِفُ فَيَفِرُّ فَيُقْتَلُ، وَعَلَى الَّذِي يَمُوتُ مَوْتَةَ سُوءٍ، لَا أَدَعُ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ قَالَ: مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ؟ قَالَ: فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ "، وَقَالَ عَمْرٌو مِثْلَ قَوْلِ عَطَاءٍ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: «لَمْ يَكُونُوا يَحْجُبُونَ الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ» ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «يُصَلَّى عَلَى الْمَرْجُومِ , وَعَلَى الْمَصْلُوبِ إِذَا أُرْسِلَ مِنْ خَشَبَةٍ» ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الْمَرْجُومِ: «يُغَسَّلُ، وَيُكَفَّنُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ» ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «لَا تَتْرُكِ الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدٍ مِمَّنْ يُصَلِّي الْقِبْلَةَ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا» ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: يُصَلَّى عَلَى الَّذِي يُقَادُ مِنْهُ فِي حَدٍّ، إِلَّا مَنْ أُقِيدَ مِنْهُ فِي رَجْمٍ "، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ قَوْدًا: «لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَيُصَلِّي عَلَيْهِ أَهْلُهُ إِنْ شَاءَ، أَوْ غَيْرِهِمْ» ، وَقَالَ مَالِكٌ: «مَنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ عَلَى حَدٍّ مِنَ الْحُدُودِ فَلَا يُصَلِّي الْإِمَامُ عَلَيْهِ وَلْيُصَلِّ عَلَيْهِ أَهْلُهُ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِي وَلَدٍ الزِّنَا وَالَّذِي يُقَادُ مِنْهُ فِي حَدٍّ: «يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُصَلِّي عَلَى قَاتَلِ نَفْسٍ، وَلَا عَلَى [ص:408] غَالٍّ» ، قَالَ إِسْحَاقُ: يُصَلَّى عَلَى كُلٍّ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا مِنَ الزِّنَا: لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى وَلَدِهَا، وَقَالَ يَعْقُوبُ: مَنْ قُتِلَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُحَارِبِينَ، أَوْ صُلِبَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ، وَكَذَلِكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ لَا يُصَلَّى عَلَى قَتْلَاهَا، وَكَذَلِكَ قَالَ النُّعْمَانُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَقَدْ دَخَلَ فِي جُمَلِهِمُ الْأَخْيَارُ وَالْأَشْرَارُ، وَمَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ، وَلَا نَعْلَمُ خَبَرًا وَجَبَ اسْتِثْنَاءُ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ، فَيُصَلِّي عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَعَلَى مَنْ أُصِيبَ فِي أَيِّ حَدٍّ أُصِيبَ فِيهِ، وَعَلَى شَارِبِ الْخَمْرِ، وَوَلَدِ الزِّنَا، لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُمْ إِلَّا مَنِ اسْتَثْنَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ أَكْرَمَهُمُ اللهُ بِالشَّهَادَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى مَنْ أُصِيبَ فِي حَدٍّ(5/406)
3099 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ امْرَأَةً، مِنْ جُهَيْنَةَ اعْتَرَفَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالزِّنَا، فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ رَجَمْتَهَا ثُمَّ تُصَلِّي عَلَيْهَا؟ فَقَالَ: " لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا؟ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى وَلَدِ الزِّنَا فَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُصَلَّى عَلَيْهِ كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، [ص:409] وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَكَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: «لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ» ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَقِيلَ: إِنَّهُ صَلَّىعَلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ فَكَانَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَقَتَادَةُ يَرَوْنَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَذُكِرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ»(5/408)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ السَّبْيِ وَغَيْرِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: «إِذَا كَانَ الطِّفْلُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ، وَهُمَا مُشْرِكَانِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ صَلَّى عَلَيْهِ» ، هَذَا قَوْلُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَحَكَى أَبُو ثَوْرٍ ذَلِكَ، عَنِ الْكُوفِيِّ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلَّى عَلَى صَبِيٍّ»(5/409)
اشْتَرَى أَوْ سَبَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَجَابَ إِلَى الْإِسْلَامِ بِشَيْءٍ يُعْرَفُ، وَلَا يُصَلِّي عَلَى جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى تُسْلِمَ، وَإِسْلَامُهَا أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ صَلَّتْ فَقَدْ أَجَابَتْ مَا يَعْرِفُونَ أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ، حَكَى ذَلِكَ الْمُزَنِيُّ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: " إِذَا سُبِيَ الصَّبِيُّ مَعَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ وَحْدَهُ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْإِسْلَامَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ فِيمَنْ جَلَبَ الرَّقِيقَ فَيَمُوتُ بَعْضُهُمْ: «إِنْ صَلَّى فَصَلِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ فَلَا تُصَلِّ عَلَيْهِ» ، وَقَالَ الْحَسَنُ: " إِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ صَلِّ عَلَيْهِ "(5/410)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْعُضْوِ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْعُضْوِ مِنْ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى عَلَيْهِ، هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى عِظَامٍ بِالشَّامِ، وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى رُءُوسٍ مِنْ رُءُوسِ الْمُسْلِمِينَ(5/410)
3100 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْيَرْمُوكِ، أَوْ بَعْضُ الْمَوَاطِنِ، كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِمَّا يَحْمِلُ عَلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أُوجِعَ فِيهَا، يَحْمِلُ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ خَرْجًا كَانَ مَعَهُ، فَنَظَرَ فَإِذَا فِيهِ رُؤسٌ مِنْ رُءُوسِ الْمُسْلِمِينَ، فَأُوتِيَ بِهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، فَأَمَرَ بِهَا أَبُو عُبَيْدَةَ فَغُسِّلَتْ وَكُفِّنَتْ وَحُنِّطَتْ، وَصَلَّى عَلَيْهَا»(5/410)
3101 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ جَابِرٍ، [ص:411] عَنْ عَامِرٍ، أَنَّ عُمَرَ، صَلَّى عَلَى عِظَامٍ بِالشَّامِ وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: «يُصَلَّى عَلَى الْبَدَنِ» ، وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا يُصَلَّى عَلَى يَدٍ، وَلَا عَلَى رَأْسٍ، وَلَا عَلَى رِجْلٍ، وَيُصَلَّى عَلَى الْبَدَنِ» ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: «فِي الْعُضْوِ يُوجَدُ، يُوَارَى» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ لَا يَرَوْنَ الصَّلَاةَ عَلَى الرِّجْلِ وَالْيَدِ يُوجَدُ، إِذَا لَمْ يُوجَدِ الْبَدَنُ، وَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ الْبَدَنِ، وَفِيهِ الرَّأْسُ، غُسِّلَ وَكُفِّنَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى لَا يُصَلَّى عَلَى الْعُضْوِ، أَنْ يَقُولَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ سُنَّةٌ، وَلَا سُنَّةَ تَثْبُتُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى بَعْضِ الْبَدَنِ، فَيُصَلِّي حَيْثُ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَقِفُ عَنِ الصَّلَاةِ فِيمَا لَا سُنَّةَ فِيهِ، وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الْعُضْوِ يُوجَدُ، أَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ جَسَدِهِ، فَإِذَا ذَهَبَ بَعْضُهُ لَمْ تَذْهَبْ حُرْمَةُ مَا بَقِيَ، وَيَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ بَدَنِهِ مِنَ الْغُسْلِ، وَالصَّلَاةِ، وَالدَّفْنُ سُنَّةُ الْمَوْتَى، وَاللهُ أَعْلَمُ، وَلَا يَثْبُتْ عَنْ عُمَرَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا(5/410)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ(5/411)
3102 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ»(5/411)
3103 - حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: ثنا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ بَعْدَمَا دُفِنَتْ» وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ، فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ، وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ أَمَرَ قَرَظَةَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنَازَةٍ قَدْ صَلَّى عَلَيْهَا مَرَّةً(5/412)
3104 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَدِمَ بَعْدَمَا تُوُفِّيَ عَاصِمٌ أَخُوهُ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيْنَ قَبْرُ أَخِي؟ فَدَلُّوهُ عَلَيْهِ، فَأَتَاهُ فَدَعَا لَهُ(5/412)
3105 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، «قَدِمَ بَعْدَ وَفَاةِ عَاصِمٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ»(5/412)
3106 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: " تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ، فَحَمَلْنَاهُ حَتَّى جِئْنَا بِهِ إِلَى مَكَّةَ، فَدَفَنَّاهُ، فَقَدِمَتْ عَلَيْنَا عَائِشَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَعَابَتْ ذَلِكَ عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَتْ: «أَيْنَ قَبْرُ أَخِي؟ فَدَلَلْنَاهَا عَلَيْهِ، فَوَضَعَتْ هَوْدَجَهَا عِنْدَ قَبْرِهِ، فَصَلَّتْ عَلَيْهِ»(5/412)
3107 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا بَشَّارٌ الْخَفَّافُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُرَادِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، فَجَاءَ أَبُو مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ بَعْدَمَا دُفِنَ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ(5/413)
3108 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنِ الْمُسْتَظِلِّ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ عَلِيًّا، صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ قَدْ صَلَّى عَلَيْهَا مَرَّةً وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سِتَّةٍ وُجُوهٍ» ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: «إِنْ دُفِنَ قَبْلَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْقَبْرِ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ، هَذَا قَوْلُ النَّخَعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالنُّعْمَانِ(5/413)
ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي إِلَيْهَا يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى عَلَيْهَا إِلَى شَهْرٍ، هَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ(5/413)
3109 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدِ [ص:414] بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أُمَّ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، مَاتَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَائِبٌ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ شَهْرٌ "(5/413)
3110 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ، قَالَ: ثنا زَيْدٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ أُمَّ سَعْدٍ، تُوُفِّيَتْ وَسَعْدٌ غَائِبٌ، فَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا، فَصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ شَهْرٍ " وَرُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَدِمَتْ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهَا بِشَهْرٍ فَصَلَّتْ عَلَى قَبْرِهِ(5/414)
3111 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، قَالَ: ثنا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَدِمَتْ عَائِشَةُ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهَا بِشَهْرٍ، فَقَالَتْ: «أَيْنَ قَبْرُ أَخِي؟ فَأَتَتْ فَصَلَّتْ عَلَيْهِ»(5/414)
3112 - وَحَدَّثُونَا عَنِ الْأَثْرَمِ، قَالَ: ثنا أَبُو عَبْدِ اللهِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عُمَرَ غَائِبٌ، فَقَدِمَ بَعْدُ، قَالَ: قَالَ أَيُّوبُ: أَحْسِبُهُ قَالَ: بِثَلَاثٍ، فَقَالَ: «أَرُونِي قَبْرَ أَخِي، فَأَرَوْهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ إِلَى شَهْرٍ لِلْغَائِبِ مِنْ سَفَرٍ، وَإِلَى ثَلَاثٍ لِلْحَاضِرِ، هَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ، وَحَكَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: «إِذَا نَسِيَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، صَلَّى عَلَيْهِ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ثَلَاثٍ، فَإِذَا جَاوَزَتْ لَمْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ»(5/414)
ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ عَلَى الدَّوَابِّ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ رُكْبَانًا، فَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: «لَا يُجْزِيهِمُ» ، وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَالْكُوفِيِّ. وَقَالَ ابْنُ الْحَسَنِ: «الْقِيَاسُ أَنْ يُجْزِيَهُمْ، وَلَكِنْ أَدَعُ الْقِيَاسَ، وَأَسْتَحْسِنُ، فَآمُرُهُمْ بِالْإِعَادَةِ» . وَحُكِيَ عَنِ النُّعْمَانِ، أَنَّهُ قَالَ: «إِنْ صَلَّى عَلَيْهَا رَاكِبًا أَجْزَاهُ» ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الرَّاكِبُ عَلَى الدَّابَّةِ»(5/415)
ذِكْرُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ، فَرُوِّينَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَصُلِّيَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمَسْجِدِ(5/415)
3113 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، أَخْبَرَهُ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ»(5/415)
3114 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، مَاتَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ»(5/415)
3115 - وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «مَا صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ» [ص:416] وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَالَ مَالِكٌ: «لَا يُصَلَّى عَلَى الْجَنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا أَنْ يَتَضَايَقَ الْمَكَانُ، وَكَرِهَ أَنْ تُوضَعَ الْجَنَازَةُ فِي الْمَسْجِدِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي صَلَاةِ مَنْ حَضَرَ، فَصَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، قُدْوَةٌ لِمَنْ أَرَادَ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ، وَحُجَّةٌ، وَكَذَلِكَ صَلَاتُهُمْ عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ(5/415)
3116 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَتْ: " ادْخُلُوا بِهِ إِلَى الْمَسْجِدِ أُصَلِّي عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ابْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ سُهَيْلٍ وَأَخِيهِ " وَلَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ» وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَيْنَ الْقُبُورِ، فَذَكَرَ نَافِعٌ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ صَلُّوا عَلَى عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ وَسَطَ قُبُورِ الْبَقِيعِ، وَالْإِمَامُ يَوْمَ صُلِّيَ عَلَى عَائِشَةَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ(5/416)
3117 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِنَافِعٍ: أَتَكْرَهُ أَنْ تُصَلِّيَ بَيْنَ الْقُبُورِ؟ قَالَ: «لَقَدْ صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ وَسْطَ الْقُبُورِ بِالْبَقِيعِ، وَالْإِمَامُ يَوْمَ صَلَّيْنَا عَلَى عَائِشَةَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَحَضَرَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ» [ص:417] وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ الصَّلَاةَ بَيْنَ الْقُبُورِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ عَلِيُّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، وَعَطَاءٌ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا بَأْسَ بِذَلِكَ» ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا أُحِبُّ الصَّلَاةَ فِي الْمَقَابِرِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَرَاهِيَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ(5/416)
3118 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا» ، أَبْيَنُ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْبَرَةِ غَيْرُ [ص:418] جَائِزٍ، وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ(5/417)
3119 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا عَاصِمٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى، عَلَى الْجَنَائِزِ بَيْنَ الْقُبُورِ»(5/418)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ عَنِ الْأَرْضِ الَّتِي، بِهَا الْمُصَلَّى(5/418)
3120 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَّ الْيَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ»(5/418)
ذِكْرُ مَوْقِفِ الْإِمَامِ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا صَلَّى عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْقِفِ الْإِمَامِ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إِذَا صَلَّى عَلَيْهِمَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقُومُ بِحِيَالِ الصَّدْرِ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً، هَكَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «إِذَا كَانَ رَجُلًا فَقُمْ بِحِذَاءِ وَسَطِهِ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَقُمْ بِحِذَاءِ مِنْكَبِهَا» ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ «يَقُومُ مِمَّا يَلِي صَدْرَ الرَّجُلِ» ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: «يَقُومُ وَسَطَ الْجَنَازَةِ» ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا يُبَالِي أَيْنَ قَامَ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ إِحْدَاهَا: أَنْ يَقُومَ مِنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ(5/418)
وَسَطًا، وَالثَّانِيَةَ: أَنْ يَقُومَ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَمِنْكَبِ الْمَرْأَةِ، وَالثَّالِثَةَ: أَنْ يَقُومَ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَسَطَهَا، وَمِنَ الرَّجُلِ عِنْدَ صَدْرِهِ، هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَقُومُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَسَطَهَا، وَعِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ(5/419)
3121 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا هَمَّامٌ، قَالَ: ثنا شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو غَالِبٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى عَلَى جَنَازَةِ رَجُلٍ، فَقَامَ بِحِيَالِ رَأْسِ السَّرِيرِ، فَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ يَقُومُ عَلَى الرَّجُلِ نَحْوًا مِمَّا قُمْتُ، وَمِنَ الْمَرْأَةِ نَحْوًا مِمَّا قُمْتُ؟ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ(5/419)
3122 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ وَسَطَهَا»(5/419)
ذِكْرُ تَقْدِيمِ جَنَائِزِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ إِذَا اجْتَمَعْنَ(5/419)
3123 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا، يَزْعُمُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «صَلَّى عَلَى تِسْعِ جَنَائِزَ جَمِيعًا، فَجَعَلَ الرِّجَالَ يَلُونَ الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ يَلُونَ الْقِبْلَةَ، يَصُفُّهُنَّ صَفًّا»(5/419)
" وَوُضِعَتْ جَنَازَةُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عَلِيٍّ [ص:420] امْرَأَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنٍ لَهَا يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ، وُضِعَا جَمِيعًا، وَالْإِمَامُ يَوْمَئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، وَفِي النَّاسِ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو قَتَادَةَ، فَوُضِعَ الْغُلَامُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، فَقَالَ رَجُلٌ: فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ، فَنَظَرْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: «هِيَ السُّنَّةُ» . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَنَائِزِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا اجْتَمَعَتْ كَيْفَ تُوضَعُ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَكُونُ الرِّجَالُ يَلُونَ الْإِمَامَ، وَالنِّسَاءُ أَمَامَ ذَلِكَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي قَتَادَةَ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ(5/419)
3124 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ فَيُجْعَلُ الرِّجَالَ يَلُونَ الْإِمَامَ وَالنِّسَاءَ أَمَامَ ذَلِكَ»(5/420)
3125 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ [ص:421] الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «إِذَا كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، كَانَ الرِّجَالُ يَلُونَ الْإِمَامَ، وَالنِّسَاءُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ»(5/420)
3126 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، «أَنَّهُ جَعَلَ الرَّجُلَ يَلِي الْإِمَامَ، وَالْمَرْأَةَ أَمَامَ ذَلِكَ»
3127 - وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانَا يَفْعَلَانِ مِثْلَ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَالزُّهْرِيُّ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. [ص:422] وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْعَلُ النِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، هَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ مَخْلَدٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْمَرْأَةِ عَلَى حِدَةٍ، وَعَلَى الرَّجُلِ عَلَى حِدَةٍ، فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ مُغَفَّلٍ، وَقَالَ: هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَقُولُ لِلسُّنَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا مَنْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(5/421)
مَسَائِلُ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى أَنَّ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ إِذَا اجْتَمَعَا أَنَّ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ مِنْهُمَا الْحَرُّ،(5/422)
وَرُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَلِيٍّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: " إِذَا صَلَّيْتَ عَلَى جَنَازَةٍ فَكَبَّرْتَ عَلَيْهَا تَكْبِيرَةً أَوِ اثْنَتَيْنٍ، ثُمَّ أُتِيتَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى، فَأَتِمَّ صَلَاتَكَ عَلَى الْأُولَى، ثُمَّ صَلِّ عَلَى الْأُخْرَى، وَهَكَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «كُلَّمَا تَمَّتْ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ عَلَى وَاحِدَةٍ حُمِلَتْ» ، وَقَالَ أَحْمَدُ: «يُكَبِّرُ إِلَى سَبْعٍ، ثُمَّ يَقْطَعُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى سَبْعٍ» وَاخْتَلَفُوا فِي جَنَازَةٍ حَضَرَتْ وَصَلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ، هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَقَتَادَةَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي الْقَوْمِ تَغْرُبُ لَهُمُ الشَّمْسُ وَحَضَرَتِ الْجَنَازَةُ: يَبْدَءُونَ بِالْمَغْرِبِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَازَةِ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ رِوَايَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا: أَنْ يُبْدَأَ بِالْمَكْتُوبَةِ، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ بَدَأَ فَصَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ(5/423)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ، وَلَعَلَّ الْحَسَنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَعَلَ هَذَا مَرَّةً، وَهَذَا مَرَّةً(5/424)
ذِكْرُ قَتْلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قَتْلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، إِذَا اخْتَلَطُوا وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا، فَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيَنْوِي بِالصَّلَاةِ الْمُسْلِمِينَ» . وَقَالَ ابْنُ الْحَسَنِ: «إِنْ كَانَ الْمَوْتَى كُفَّارًا وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ فِيهِمُ الْكَافِرُ أَوِ الِاثْنَيْنِ اسْتَحْسَنَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ» . وَبُقُولٍ الشَّافِعِيُّ نَقُولُ، وَقَدِ اعْتَلَّ الشَّافِعِيُّ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ: " لَئِنْ جَازَتِ الصَّلَاةُ عَلَى مِائَةِ مُسْلِمٍ فِيهِمْ مُشْرِكٌ لَتَجُوزَنَّ عَلَى مِائَةِ مُشْرِكٍ فِيهِمْ مُسْلِمٌ، وَصَدَّقَ الشَّافِعِيُّ، لِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ فِي الْحَالَيْنِ إِنَّمَا يَنْوُونَ الْمُسْلِمَ وَالْمُسْلِمِينَ(5/424)
ذِكْرُ التَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ إِذَا خَافَ فَوَاتَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي جَنَازَةٍ تَحْضُرُ وَخَافَ الْمَرْءُ فَوَاتَهَا إِنْ تَطَهَّرَ بِالْمَاءِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَالِمٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعَطَاءٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَسَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَالنَّخَعِيِّ، [ص:425] وَعِكْرِمَةَ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ(5/424)
3128 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا خِفْتَ أَنْ تَفُوتَكَ، الْجَنَازَةُ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَتَيَمَّمْ وَصَلِّ» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهَا بِتَيَمُّمٍ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأْحْمَدُ وَأَبِي ثَوْرٍ وَاخْتُلَفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ فَرُوِىَ عَنْهُ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُصَلَّي عَلَيْهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا رُكُوعٌ وَلَا سُجُودٌ، هَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبُقُولِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ أَقُولُ: لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الصَّعِيدَ طَهُورًا لِمَنْ لَا يَجِدُ الْمَاءَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ وَجَدَ الْمَاءَ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ خَافَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ إِنْ ذَهَبَ يَتَطَهَّرُ بِالْمَاءِ، أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ وَلَكِنَّهُ يَتَطَهَّرُ، وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ، فَالَّذِي يَخَافُ فَوْتَ الْجَنَازَةِ أَوْلَى بِذَلِكَ(5/425)
جِمَاعُ أَبْوَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ(5/426)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالصُّفُوفِ عَلَى الْجَنَائِزِ(5/426)
3129 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ، قَالَ: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكُنْتُ فِي الصَّفِّ الثَّانِي، أَوِ الثَّالِثِ» وَيُؤَيِّدُ قَوْلَهُ: صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ أَنَّهَا صَلَاةٌ لَا تَجْزِي إِلَّا بِطَهَارَةٍ خِلَافَ قَوْلِ مَنْ قَالَ: يُجْزِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَازَةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] الْآيَةَ، وَقَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»(5/426)
ذِكْرُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ أَجْمَعَ عَوَّامُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَى الْجَنَازَةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا وَاخْتَلَفُوا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يَرْفَعُ الْأَيْدِي فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجَنَازَةِ، كَذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ(5/426)
3130 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْجَنَازَةِ» [ص:427] وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ مَكْحُولٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمُوسَى بْنِ نُعَيْمٍ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ فَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «يُعْجِبُنِي أَنْ يَرْفَعَ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَاتِ الْأَرْبَعِ» ، وَحَكَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «اسْتَحَبَّ أَنْ يَرْفَعَ [ص:428] يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى» ، وَحَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ: «أَنَّهُ حَضَرَهُ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَازَةِ، فَمَا رَأَيْتُهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ وَلَا غَيْرِهَا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَقُولُ اتِّبَاعًا لَهُ، وَلَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَيَّنَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا الْمَرْءُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَانَتْ تَكْبِيرَاتٍ الْعِيدَيْنِ وَالْجَنَائِزِ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ، ثَبَتَ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِيهَا، قِيَاسًا عَلَى رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرِ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ، وَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنْ لَا يَدْرِي فَرَفَعَ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا، كَانَ حُكْمُ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ حُكْمَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: تُرْفَعُ الْيَدِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ لَا تُرْفَعُ بَعْدُ، كَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّخَعِيِّ خِلَافَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَنْهُ(5/426)
ذِكْرُ عَدَدِ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَائِزِ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ فَكَبَّرَ أَرْبَعًا(5/428)
3131 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُهَلٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ، فَخَرَجُوا إِلَيْهِ، فَصَفُّوا خَلْفَهُ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الرُّخْصَةِ فِي أَنْ يَنْعِي الرَّجُلُ الْأَخَ مِنْ إِخْوَانِهِ يَمُوتُ إِلَى سَائِرِ إِخْوَانِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُكَبِّرَ الْمَرْءُ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا(5/428)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ خَمْسًا(5/428)
3132 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبِي، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، [ص:429] عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، يَقُولُ: " كَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يُصَلِّي عَلَى جَنَائِزِنَا، فَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا، فَكَبَّرَ يَوْمًا خَمْسًا، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ خَمْسًا»(5/428)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّكْبِيرَاتِ عَلَى الْجَنَائِزِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ ثَلَاثًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: «إِنَّمَا كَانَ التَّكْبِيرُ ثَلَاثًا فَزَادُوا وَاحِدًا»(5/429)
3133 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جَنَازَةٍ فَكَبَّرَ ثَلَاثًا»(5/429)
3134 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: ثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ قِيلَ لِأَنَسٍ: إِنَّ فُلَانًا كَبَّرَ ثَلَاثًا، فَقَالَ: «وَهَلِ التَّكْبِيرُ إِلَّا ثَلَاثًا»(5/429)
3135 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَلَى جَنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا ثَلَاثًا لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ» وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُكَبِّرَ أَرْبَعًا، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ أَبِي أَوْفَى، وَابْنُ عُمَرَ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، [ص:430] وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ(5/429)
3136 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: «كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كُنَّا نَفْعَلُ نُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَخَمْسًا، فَأَمَرَ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ عَلَى الْجَنَازَةِ»(5/430)
3137 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ شَقِيقٍ الْأَسَدِيُّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: «كَانُوا يُكَبِّرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعًا وَخَمْسًا وَسِتًّا، وَجَمَعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَ كُلَّ وَاحِدٍ بِمَا رَأَى، فَجَمَعَهُمْ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ، بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ»(5/430)
3138 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: «كَبَّرَ عَلِيٌّ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ النَّخَعِيِّ أَرْبَعًا»(5/430)
3139 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ رَزِينِ بْنِ حُنَيْشٍ، [ص:431] عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: «كَبَّرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى أُمِّهِ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَمَا حَسَدَهَا خَيْرًا»(5/430)
3140 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَجَرِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى صَلَّى عَلَى بِنْتٍ لَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا، قَالَ: ثُمَّ قَامَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ شَيْئًا فَسَبَّحُوا بِهِ، فَقَالَ: «كُنْتُمْ تَرَوْنَ أَنِّي أُكَبِّرُ خَمْسًا، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَبَّرَ أَرْبَعًا»(5/431)
3141 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «كَانَ يُطِيلُ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا»(5/431)
3142 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، كَبَّرَ عَلَى عَلِيٍّ أَرْبَعًا(5/431)
3143 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُهَاجِرٍ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَلَى جَنَازَةٍ، قَالَ: «اجْتَمَعْتُمْ؟» قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَبَّرَ أَرْبَعًا(5/431)
3144 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَسَوَّى بَيْنَهُمْ وَكَبَّرَ عَلَيْهِمْ أَرْبَعًا(5/431)
3145 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ يُكَبِّرُ [ص:432] عَلَى الْبَدْرِيِّينَ سِتًّا، وَعَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا، وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا»(5/431)
3146 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، " أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةٍ ثَلَاثًا ثُمَّ انْصَرَفَ نَاسِيًا، فَتَكَلَّمَ وَتَكَلَّمَ النَّاسُ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ إِنَّكَ كَبَّرْتَ ثَلَاثًا، قَالَ: فَصَفُّوا، فَصَفُّوا فَكَبَّرَ الرَّابِعَةَ "(5/432)
3147 - وَأَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، سَأَلَهُ رَجُلٌ: كَمُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ؟ فَقَالَ: «أَرْبَعًا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سَوَاءً» وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُكَبِّرُ خَمْسًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ(5/432)
3148 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جَنَازَةِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا»(5/432)
3149 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْسًا» وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى سَبْعٍ، وَلَا يَنْقُصَ عَنْ ثَلَاثٍ، هَذَا قَوْلُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ. [ص:433] وَقَالَ أَحْمَدُ: «لَا يَنْقُصُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى سَبْعٍ» وَفِيهِ قَوْلٌ سَادِسٌ: وَهُوَ أَنْ يُكَبِّرُوا مَا كَبَّرَ إِمَامُهُمْ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: " إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ عَلَى الْجَنَازَةِ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ مَا زَادَ إِلَى أَنْ يَبْلُغَ سَبْعًا، لَزِمَ الْمُقْتَدِي بِهِ أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى تَكْبِيرِ الْإِمَامِ. وَفِيهِ قَوْلٌ سَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يُكَبِّرَ سِتًّا، رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَكَبَّرَ سِتًّا، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَبِي قَتَادَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سَبْعًا(5/432)
3150 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سِتًّا، وَعَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا، وَعَلَى سَائِرِ النَّاسِ أَرْبَعًا»(5/433)
3151 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: «صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سِتًّا»(5/433)
3152 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، كَبَّرَ عَلَى مَيِّتٍ سِتًّا»(5/433)
3153 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا شُجَاعٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، وَزَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ، «أَنَّ عَلِيًّا، كَبَّرَ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ سِتًّا، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ»(5/433)
3154 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: «صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ سَبْعًا» وَقَدِ اخْتَلَفَ بَعْضُ مَنْ رَأَى أَنَّ التَّكْبِيرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا فِي الْإِمَامِ يُكَبِّرُ خَمْسًا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِذَا زَادَ الْإِمَامُ عَلَى أَرْبَعٍ انْصَرَفَ، هَذَا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ، انْصَرَفَ لَمَّا ذَهَبَ الْإِمَامُ يُكَبِّرُ الْخَامِسَةَ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقْطَعُهُ حَيْثُ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا: «قِفْ حَيْثُ وَقَفَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا تُكَبِّرَ الْخَامِسَةَ» . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُكَبِّرَ خَمْسًا إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ خَمْسًا، هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: «لَوْ كَبَّرَ سِتًّا أَوْ سَبْعًا، يَعْنِي يَتْبَعُهُ» ، وَذَكَرَ لِأَحْمَدَ إِذَا كَبَّرَ سِتًّا، أَوْ سَبْعًا، أَوْ ثَمَانِيًا، قَالَ: أَمَّا هَذَا فَلَا، أَمَّا خَمْسٌ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَخْتَارُ أَرْبَعًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَبَتَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى الْجَنَائِزِ أَرْبَعًا، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ بِهِ، وَمِمَّنْ كَانَ لَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ وَلَا يَنْهَى عَنْهُ، وَيَرَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ إِذَا كَبَّرَ خَمْسًا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَكَانَ يَرَى أَنْ يُكَبِّرَ أَرْبَعًا، وَدَفَعَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَقَالَتْ: لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا إِلَّا لِعِلْمِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَبَّرَ خَمْسًا، ثُمَّ صَارَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ إِلَى أَنْ كَبَّرَ أَرْبَعًا، وَلَوْلَا ذَلِكَ [ص:435] مَا كَانَ زَيْدٌ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا، فَدَلَّ فِعْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ زَيْدٌ يَخْتَارُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عُمَرَ(5/434)
3155 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثَنَا أَبِي قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: «كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ خَمْسًا وَأَرْبَعًا، فَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أَرْبَعٍ» وَقَالَ وَهْبٌ فِي حَدِيثِهِ: «فَأَمَرَ النَّاسَ بِأَرْبَعٍ» . وَالْأَخْبَارُ الَّتِي رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَبَّرَ أَرْبَعًا أَسَانِيدُ أَجْيَادٌ صِحَاحٌ لَا عِلَّةَ لِشَيْءٍ مِنْهَا
3156 - الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
3157 - وَسُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ
3158 - وَأَبُو قِلَابَةَ، عَنِ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ
3159 - وَعُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَمِّهِ، يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ،
3160 - وَالزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ بَعْضِ، أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ كَبَّرُوا مِنَ الصَّحَابَةِ أَرْبَعًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ(5/435)
ذِكْرُ قَوْلِ سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ بَعْدَ أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ يُكَبِّرُهَا الْمَرْءُ عَلَى الْجِنَازَةِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ نَجِدْ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ، كَمَا قَالَ بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ قَوْلًا، وَلَا وَجَدْنَا ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا عَنِ التَّابِعِينَ وَقَدْ كَانَ الثَّوْرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَسْتَحِبَّانِ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، وَذُكِرَ ذَلِكَ لِأَحْمَدَ، فَقَالَ: مَا سَمِعْتُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَمْ أَجِدْ ذِكْرَ ذَلِكَ فِي كُتُبِ سَائِرِ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، فَإِنْ قَالَهُ قَائِلٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ(5/436)
3161 - حَدَّثُونَا عَنِ الْأَثْرَمِ، قَالَ: ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، «كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ رَفَعَ يَدَيْهِ إِذَا كَبَّرَ، ثُمَّ يَدْعُو هَكَذَا بِإِصْبَعِهِ، وَأَشَارَ سُلَيْمَانُ بِالسَّبَّابَةِ الْإِشَارَةَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْجِنَازَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ، يَعْنِي بِالسَّبَّابَةِ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: رَأَيْتُ الْأَوْزَاعِيَّ يُشِيرُ بِيَدِهِ فِي تَكْبِيرِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَهُوَ مُمْسِكٌ بِطَرَفَيِ الرِّدَاءِ مَعَ كَفَّيْهِ وَقَالَ أَحْمَدُ: وَسُئِلَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْجَنَازَةِ؟ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ(5/436)
ذِكْرُ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى(5/436)
3162 - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَنَا إِبْرَاهِيمُ [ص:437] بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، فَلَمَّا سَلَّمَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «سُنَّةٌ وَحَقٌّ»(5/436)
ذِكْرُ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ(5/437)
3163 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ.
3164 - وَقَالَ مُوسَى: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْفٍ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جَنَازَةٍ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ، وَجَهَرَ بِهَا حَتَّى أَسْمَعَنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَسَأَلْتُهُ؟ فَقَالَ: «سُنَّةٌ وَحَقِّ عُمَرَ»(5/437)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ» ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَهَا، وَرَوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ(5/437)
3165 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، يُحَدِّثُ ابْنَ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ أَنْ يُكَبِّرَ، ثُمَّ يَقْرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ، ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يُخْلِصَ [ص:438] الدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ، وَلَا يَقْرَأُ إِلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، ثُمَّ يُسَلِّمُ فِي نَفْسِهِ عَنْ يَمِينِهِ»(5/437)
3166 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَقُلْتُ لَهُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ، أَوْ إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ "(5/438)
3167 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ هَمْدَانَ، «أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ قِرَاءَةً هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ، وَطَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، [ص:439] وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(5/438)
3168 - وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْجِنَازَةِ قِرَاءَةٌ»(5/439)
3169 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تُصَلِّي الْجِنَازَةَ؟ قَالَ: أَنَا لَعَمْرُ اللهِ، أُخْبِرُكَ: " أَتَّبِعُهَا، مِنْ أَهْلِهَا، فَإِذَا وُضِعَتْ كَبَّرْتُ وَحَمِدْتُ اللهَ، وَصَلَّيْتُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَقُولُ: اللهُمَّ عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ " وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ: قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ(5/439)
3170 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: ثنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ أَبِي الْعُرْيَانِ الْحَذَّاءِ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَى جِنَازَةٍ، فَلَمَّا فَرَغْتُ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ صَنَعْتَ؟ قَالَ: «قَرَأْتُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» وَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَرُوِّينَا عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي [ص:440] التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ، وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: «لَا أَجْهَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ صَلَاةٌ عَجْمَاءُ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ أَنَّ فِيهَا قِرَاءَةً» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَقْرَأُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَإِنْ قَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ فَحَسَنٌ، لِأَنَّ الْإِسْنَادَيْنِ اللَّذَيْنِ رُوِّينَاهُما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثَ الشَّافِعِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، وَحَدِيثُ الْوَرْكَانِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ جَيِّدَيْنِ(5/439)
ذِكْرُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ(5/440)
3171 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَيِّتِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُولُ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ» [ص:441] وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ(5/440)
ذِكْرُ نَوْعٍ ثَانٍ مِمَّا يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ(5/441)
3172 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمَيِّتِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ أَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجَةً خَيْرًا مِنْ زَوْجَتِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَنَجِّهِ مِنَ النَّارِ» ، أَوْ قَالَ: «وَقِهِ عَذَابَ النَّارِ» ، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ(5/441)
ذِكْرُ نَوْعٍ ثَالِثٍ مِمَّا يُقَالُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ(5/441)
3173 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا شُرَيْحُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ مُسْلِمٌ، قَالَ: ثنا مَرْوَانُ بْنُ جُنَاحٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ، وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَأَعِذْهُ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَقِّ، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ: «اللهُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْكَ الْمَالُ وَالْأَهْلُ وَالْعَشِيرَةُ، وَالذَّنْبُ الْعَظِيمُ وَالرَّبُّ غَفُورٌ رَحِيمٌ»(5/441)
وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْجَنَائِزِ: " اللهُمَّ أَصْبَحَ [ص:442] عَبْدُكَ إِنْ كَانَ صَبَاحًا، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً، قَالَ: أَمْسَى عَبْدُكَ، قَدْ تَخَلَّى مِنَ الدُّنْيَا، وَتَرْكَهَا لِأَهْلِهَا، وَافْتَقَرَ إِلَيْكَ، وَاسْتَغْنَيْتَ عَنْهُ، وَكَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، فَاغْفِرْ لَهُ وَتَجَاوَزْهُ " حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ(5/441)
3174 - وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى الْمَيِّتِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَحْيَائِنَا وَأَمْوَاتِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاجْعَلْ قُلُوبَنَا عَلَى قُلُوبِ أَخْيَارِنَا، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ أَرْجِعْهُ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا كَانَ فِيهِ، اللهُمَّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ»
3175 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ دَعَوْا بِدَعَوَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ(5/442)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ أَنْ يَقِفَ الْإِمَامُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ وَقْفَةً يَدْعُو فِيهَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ(5/442)
3176 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنِ الْهَجَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: " مَاتَتِ ابْنَةٌ لِي فَخَرَجْتُ فِي جِنَازَتِهَا عَلَى بَغْلَةٍ خَلْفَ الْجِنَازَةِ، فَجَعَلَ النِّسَاءُ يَرْثِينَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى: لَا تَرْثِينَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمَرَاثِي، وَلَكِنْ لِتُفْضِ إِحْدَاكُنَّ مِنْ عَبَرَاتِهَا مَا شَاءَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَكَبَّرَ أَرْبَعًا، فَقَامَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ كَقَدْرِ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ يَسْتَغْفِرُ لَهَا، [ص:443] وَيَدْعُو، وَقَالَ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ " وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَرَى أَنْ يَقِفَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ شَيْئًا يُخَالِفُهُ، وَاسْتَحَبَّ ذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الدُّعَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ: بِحَدِيثِ عَائِشَةَ، وَذَكَرَ إِسْحَاقُ الدُّعَاءَ الَّذِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: «إِنْ دَعَا بِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا»(5/442)
3177 - وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا، وَحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا» حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: ثنا بِشْرُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: ثنا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْأَشْهَلِ، عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ، يَذْكُرُ دُعَاءً قَدْ ذَكَرْتُهُ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: " إِذَا كَبَّرَ الثَّانِيَةَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَيْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَصَفَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَلَ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَقُولَ: «اللهُمَّ اجْعَلْ صَلَاتَكَ وَبَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتَكَ عَلَى إِمَامِ الْمُتَّقِينَ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَخَاتَمِ النَّبِيِّينَ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، إِمَامِ الْخَيْرِ وَقَائِدِ الْخَيْرِ وَرَسُولِ الرَّحْمَةِ، اللهُمَّ ابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، يَغْبِطُهُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ، اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ [ص:444] كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» . وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيُّ، يَقُولَانِ: «لَيْسَ فِيهِ دُعَاءٌ» ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: مَعْلُومٌ، وَقَالَ سَعِيدٌ: مُؤَقَّتٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: «مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يَعْنِي مَا لَهَا ذِكْرًا إِلَّا الدُّعَاءَ عَلَى الْمَيِّتِ قَطُّ»(5/443)
ذِكْرُ التَّسْلِيمِ عَلَى الْجِنَازَةِ(5/444)
3178 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَهَلٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ أَنَّ تُكَبِّرَ، ثُمَّ تَقْرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، ثُمَّ تُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَدْعُوَ لِلْمَيِّتٍ، ثُمَّ تُسَلِّمَ عَنْ يَمِينِكِ تَسْلِيمَةً خَفِيفَةً، وَلَا تَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى»(5/444)
ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى الْجِنَازَةِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَدَدِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْجِنَازَةِ، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ عَلِيٍّ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَوَاثِلَةَ [ص:445] بْنِ الْأَسْقَعِ، وَابْنِ أَبِي أَوْفَى، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَأَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ(5/444)
3179 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ عَلَى الْجَنَائِزِ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ»(5/445)
3180 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «تَسْلِيمَةٌ»(5/445)
3181 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: «إِذَا صَلَّى الْإِمَامُ عَلَى الْجِنَازَةِ سَلَّمَ فِي نَفْسِهِ عَنْ يَمِينِهِ»(5/445)
3182 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «تَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ»(5/445)
3183 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَمْلَى مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُبَشِّرٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ»(5/446)
3184 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى جِنَازَةٍ فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، وَكَبَّرَ عَنْ يَمِينِهِ تَسْلِيمَةً»(5/446)
3185 - وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ وَاثِلَةَ عَلَى سِتِّينَ جِنَازَةٍ مِنَ الطَّاعُونِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ، فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً»(5/446)
3186 - حَدَّثَنَا حسنامُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى عَلَى جِنَازَةٍ فَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً»(5/446)
3187 - حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَّهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا خَفِيفًا حَتَّى يَنْصَرِفَ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْعَلَ مَنْ وَرَاءَهُ مَا يَفْعَلُ إِمَامَهُ»(5/446)
3188 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: «صَلَّى عَلِيٌّ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً خَفِيفَةً عَنْ يَمِينِهِ» [ص:447] وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَوَكِيعٌ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ: «إِنْ شَاءَ سَلَّمَ تَسْلِيمَةً، وَإِنْ شَاءَ تَسْلِيمَتَيْنِ» ، وَحَكَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: «يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ» . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ، هَكَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَحُكِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ النَّخَعِيِّ. [ص:448] قَالَ أَبُو بَكْرٍ: تَسْلِيمَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ لِحَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ؛ وَلِأَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ مِنْ غَيْرِهِمْ؛ وَلِأَنَّهُمُ الَّذِينَ حَضَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَفِظُوا عَنْهُ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مِمَّنْ رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْهُ مِنْهُمْ إِنَّ التَّسْلِيمَ تَسْلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ يَكُونُ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ خَارِجًا مِنَ الصَّلَاةِ(5/446)
ذِكْرُ قَضَاءِ مَا يَفُوتُ الْمَأْمُومَ مِنَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَاءِ مَا يَفُوتُ الْمَأْمُومُ مِنَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَائِزِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَقْضِي، رَوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ(5/448)
3189 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا حَفْصٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنَ التَّكْبِيرِ عَلَى الْجِنَازَةِ» وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يَقْضِيَ مَا فَاتَهُ مِنَ التَّكْبِيرِ، هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَابْنِ سِيرِينَ، [ص:449] وَالزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، وَمَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَالنُّعْمَانِ، وَقَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ: يَقْضِيهِ تِبَاعًا قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَكَذَا أَقُولُ، وَإِنَّمَا يُكَبِّرُ مَا لَمْ تُرْفَعْ، فَإِذَا رُفِعَتْ سَلَّمَ وَانْصَرَفَ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَرُوِيَ عَنْهُ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا(5/448)
ذَكْرُ الْمَرْءِ يَنْتَهِي إِلَى الْإِمَامِ قَدْ كَبَّرَ أَيُكَبِّرُ أَمْ يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ؟ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَنْتَهِي إِلَى الْإِمَامِ وَقَدْ كَبَّرَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يُكَبِّرَ الْإِمَامُ، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ الَّذِي انْتَهَى إِلَى الْإِمَامِ، كَذَلِكَ قَالَ الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدَ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَإِسْحَاقُ، وَابْنُ الْحَسَنِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَنْتَظِرُ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ أَنْ يُكَبِّرَ ثَانِيَةً، وَلَكِنْ يَفْتَتِحُ لِنَفْسِهِ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَيَعْقُوبَ، وَسَهْلِ بْنِ أَحْمَدَ، فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا، وَذَكَرَ قَوْلَ الْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْقَوْلُ أَحَبُّ إِلَيَّ قِيَاسًا عَلَى الرَّجُلِ يَنْتَهِي فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ [ص:450] إِلَى الْإِمَامِ وَقَدْ كَبَّرَ، يُكَبِّرُ مَعَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ تَكْبِيرَهُ(5/449)
ذِكْرُ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمَيِّتِ الْغَائِبِ(5/450)
3190 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا مَاتَ النَّجَاشِيُّ أُخْبِرَ أَنَّهُ مَاتَ، قَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لَهُ»(5/450)
جِمَاعُ أَبْوَابِ دَفْنِ الْمَوْتَى(5/450)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِحَفْرِ الْقُبُورِ لِلْمَوْتَى، وَتَحْسِينِ ذَلِكَ، وَالتَّوْسُّعِ فِيهِ(5/450)
3191 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي الدَّهْمَاءِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «احْفِرُوا وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا، وَادْفِنُوا الْاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَ، وَقَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَخْتَلِفْ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ دَفْنَ الْمَوْتَى وَاجِبٌ لَازِمٌ عَلَى النَّاسِ، لَا يَسَعُهُمْ تَرَكُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ، وَوُجُودِ السَّبِيلِ إِلَيْهِ، وَمَنْ قَامَ بِهِ سَقَطَ فَرَضُ ذَلِكَ عَنْ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ(5/450)
ذِكْرُ اللَّحْدِ فِي الْقَبْرِ(5/450)
3192 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: ثنا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: ثنا [ص:451] حَكَّامُ بْنُ سَلْمٍ، قَالَ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»(5/450)
3193 - حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا مُجَالِدٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: " كُنْتُ فِيمَنْ حَفَرَ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَحَدْنَا اللَّحْدَ، فَلَمَّا أُدْخِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَبْرَ طُرِحْتِ النَّاسُ، ثُمَّ قَلَّتِ النَّاسُ، ثُمَّ نَزَلَتُ فَوَضَعْتُ يَدَيَّ عَلَى اللَّحْدِ، وَقَالَ: كَانَ يَقُولُ: أَنَا أَقْرَبُ النَّاسِ مَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اللَّحْدِ وَالشَّقِّ، فَاسْتَحَبَّ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ اللَّحْدَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحِدَ لَهُ، وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَوْصَاهُمْ «إِذَا وَضَعْتُمُونِي فِي لَحْدِي فَافْضُوا بِخَدِّي إِلَى الْأَرْضِ»(5/451)
3194 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ أَوْصَاهُمْ «إِذَا وَضَعْتُمُونِي فِي لَحْدِي فَافْضُوا بِخَدِّي إِلَى الْأَرْضِ» وَمِمَّنِ اسْتَحَبَّ اللَّحْدَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: «إِذَا كَانُوا بِأَرْضٍ شَدِيدَةٍ لُحِدَ لَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا بِبَلَادٍ رَقِيقَةٍ شُقَّ لَهُمْ شَقًّا» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الَّذِي قَالَ الشَّافِعِيُّ حَسَنٌ(5/451)
ذِكْرُ صِفَةِ أَخْذِ الْمَيِّتِ عِنْدَ إِدْخَالِهِ الْقَبْرَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِفَةِ الْمَيِّتِ عِنْدَ إِدْخَالِهِ الْقَبْرَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُسَلُّ سَلًّا مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ، رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ(5/452)
3195 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: «كُنْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي جِنَازَةٍ فَأَمَرَ بِالْمَيِّتِ فَأُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ»(5/452)
3196 - حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّهُ أَدْخَلَ مَيِّتًا مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ» وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ: " هَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ الَّتِي يُسْتَغْنَى فِيهَا عَنِ الْحَدِيثِ، [ص:453] وَيَكُونُ الْحَدِيثُ فِيهَا كَالتَّكْلِيفِ بِعُمُومِ مَعْرِفَةِ النَّاسِ لَهَا، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُهَاجِرُونِ، وَالْأَنْصَارُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا يَنْقُلُ إِلَيْنَا الْعَامَّةُ عَنِ الْعَامَّةِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ يُسَلُّ سَلًّا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُؤْخَذُ الْمَيِّتُ مِنَ الْقِبْلَةِ مُعْتَرِضًا "، رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ(5/452)
3197 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عَلِيًّا، «أَخَذَ يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ مِنَ الْقِبْلَةِ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ عَلِيًّا، أَخَذَ يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ. وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَيِّتُ مِنْ نَحْوِ رَأْسِ الْقَبْرِ، أَوْ رِجْلَيْهِ، أَوْ وَسَطِهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: مِنْ حَدِيثٍ يَكُونُ أَسْهَلَ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثَيْنِ أَحَدَهُمَا:(5/453)
3198 - هُوَ حَدِيثُ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، يَعْنِي الْمَيِّتَ»(5/453)
3199 - وَالْآخَرَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الطَّاهِرِ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الذِّئْبِ، [ص:454] عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُلَّ فِي قَبْرِهِ سَلًّا» وَلَيْسَ فِيهِمَا ثَابِتٌ، وَالَّذِي أُحِبُّ أَنْ يُفْعَلَ مَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْحِجَازِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا يَسُلُّونَ الْمَيِّتَ سَلًّا مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ، وَإِنْ فَعَلَ فَاعِلٌ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ(5/453)
ذِكْرُ قَدَّرِ مَا يُعَمَّقُ الْقَبْرُ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ مَا يُعَمَّقُ الْقَبْرُ(5/454)
رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّهُ أَوْصَى أَنْ يُعَمَّقَ قَبْرُهُ قَامَةً وَبَسْطَةً»
3200 - حَدَّثَنَاهُ إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ عنِ عُمَرَ(5/454)
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالنَّخَعِيِّ، أَنَّهُمَا قَالَا: «يُحْفَرُ لِلْمَيِّتِ إِلَى السُّرَّةِ» وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: «لَمْ يَبْلُغْنِي فِي عُمْقَ قَدْرِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَكُونَ عَمِيقَةً جِدًّا، وَلَا قُرَيْبَةً مِنْ أَعْلَى الْأَرْضِ جِدًّا»(5/454)
وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَنَّهُ أَوْصَى أَنَّ يُعَمَّقَ إِلَى قَبْرِهِ»
3201 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي مُوسَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «أُحِبُّ أَنْ يُعَمَّقَ، لِلْمَيِّتِ قَدْرَ بَسْطَةٍ، وَلَا يَقْرُبَ عَلَى أَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَنْبُشَهُ، وَلَا يَظْهَرَ لَهُ رِيحٌ»(5/454)
ذِكْرُ نَصْبِ اللَّبِنِ عَلَى اللَّحْدِ(5/455)
3202 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ سَعْدَ، حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ: «الْحَدُوا إِلَيَّ لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ، يَعْنِي اللَّبِنَ، نَصَبًا كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَالَّذِي نُحِبُّ أَنْ يُنْصَبَ اللَّبِنُ عَلَى اللَّحْدِ، أَوْ مَا قَامَ مَقَامَ اللَّبِنِ إِنْ لَمْ يَحْضُرِ اللَّبِنُ، وَإِنْ شُقَّ لِلْمَيِّتِ جُعِلَ حَوَائِزُ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَحْكُمُ(5/455)
ذِكْرُ طَرْحِ الْإِذْخِرِ فِي الْقَبْرِ وَبَسْطِهِ فِيهِ فَوْقَ الْحَوَائِزِ وَاللَّبِنِ(5/455)
3203 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو بِشْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُعَرِّفٍ» ، قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِصَاغَتِنَا وَلِقُبُورِنَا، قَالَ: «إِلَّا الْإِذْخِرَ»(5/455)
ذِكْرُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ(5/455)
3204 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا [ص:456] وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي قُبُورِهِمْ فَقُولُوا: بِسْمِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ:(5/455)
رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَوَّى عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ: «اللهُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْكَ الْأَهْلُ وَالْمَالُ وَالْعَشِيرَةُ، وَذَنْبُهُ عَظِيمٌ فَاغْفِرْ لَهُ»
3205 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي مُدركٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْهُ(5/456)
وَدَفَنَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ابْنًا لَهُ، فَقَالَ: «اللهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبِهِ، وَافْتَحْ، أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَرُوحِهِ، وَبَدِّلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ»
3206 - حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: " إِذَا وُضِعَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ، قَالَ مَنْ يَضَعُهُ: بِسْمِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللهِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَقُولَ: اللهُمَّ أَسْلَمَهُ إِلَيْكَ الْأَشِحَّاءُ، كَانُوا عَلَى قُرْبَةٍ مِنْ وَلَدِهِ، وَأَهْلِهِ، وَقَرَابَتِهِ، وَإِخْوَانِهِ، وَفَارَقَ مَنْ كَانَ يُحِبُّ قُرْبَهُ، وَخَرَجَ مِنْ سَعَةِ الدُّنْيَا وَالْحَيَاةِ إِلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ، وَنَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، إِنْ عَاقَبْتَهُ عَاقَبْتَهُ بِذَنْبٍ، وَإِنْ عَفَوْتَ فَأَنْتَ أَهْلٌ لِلْعَفْوِ، اللهُمَّ أَنْتَ غَنِيُّ عَنْ عَذَابِهِ، وَهُوَ فَقِيرٌ إِلَى رَحْمَتِكَ، اللهُمَّ اشْكُرْ حَسَنَتَهُ، وَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَتِهِ، وَشَفِّعْ جَمَاعَتَنَا فِيهِ، وَاغْفِرْ ذَنْبَهُ وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَدْخِلْ عَلَيْهِ الْأَمَانَ وَالرَّوْحَ فِي قَبْرِهِ(5/456)
ذِكَرُ إِلْقَاءِ الثَّوْبِ فِي الْقَبْرِ(5/456)
3207 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا [ص:457] شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: «أُلْقِيَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ» وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُرَخِّصُ فِي الْقَطِيفَةِ تُلْقَى الْقَبْرَ مُحْتَجًّا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُجْعَلَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ، يَعْنِي فِي الْقَبْرِ(5/456)
3208 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَخِي يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، «كَرِهَ أَنْ يُجْعَلَ، تَحْتَهُ ثَوْبٌ، يَعْنِي فِي الْقَبْرِ،»(5/457)
3209 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ رَافِعٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، «أَوْصَى أَهْلَهُ حِينَ تُوُفِّيَ أَنْ لَا يُظْهِرُوا عَلَيْهِ الطِّيبَ، وَلَا يَجْعَلُوهُ فِي قَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ»(5/457)
ذِكْرُ مَدِّ الثَّوْبِ عَلَى الْقَبْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَدِّ الثَّوْبِ عَلَى الْقَبْرِ وَقْتَ يُدْفَنُ الْمَيِّتُ، فَكَرِهَ قَوْمٌ سَتْرَ الثَّوْبِ عَلَى قَبْرِ الرَّجُلِ، وَمِمَّنْ رَأَى أَنْ لَا يُفْعَلَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، وَشُرَيْحٌ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: " يُسْتَرُ الْقَبْرُ بِثَوْبٍ نَظِيفٍ حَتَّى يُسَوَّى عَلَى الْمَيِّتِ لَحْدُهُ، وَسَتْرُ الْمَرْأَةِ أَوْكَدُ مِنْ سَتْرِ الرَّجُلِ إِذَا أُدْخِلَتْ(5/457)
قَبْرَهَا "، وَكَانَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَرَيَانِ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ الْمَرْأَةِ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ بِقَبْرِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يَضُرُّهُمْ تَرْكُ ذَلِكَ فِي قَبْرِ الرَّجُلِ، وَلَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي قَبْرِ الرَّجُلِ لَمْ يَضُرَّهُمْ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ لَا يَرَى بَأْسًا فِي قَبْرِ الرَّجُلِ وَقَبْرِ الْمَرْأَةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ لِسَتْرِ قَبْرِ الرَّجُلِ مَعْنًى وَقْتَ دَفْنِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ عَلَى السَّرِيرِ قَبْلَ أَنْ يُدْفَنَ، وَأسْتَحِبُّ أَنْ يُسْتَرَ قَبْرُ الْمَرْأَةِ وَقْتَ الدَّفْنِ تَشْبِيهًا بِالنَّعْشِ الْمَنْصُوبِ عَلَى السَّرِيرِ(5/458)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِغْفَارِ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الدَّفْنِ وَالدُّعَاءِ لَهُ بِالتَّثْبِيتِ(5/458)
3210 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَحِيرٍ الْقَاصِّ، عَنْ هَانِي، مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الرَّجُلِ، قَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» وَكَانَ إِسْحَاقُ يَقُولُ: " إِذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ أَتَاهُ وَلِيُّهُ مَنْ أَحَبَّ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ(5/458)
وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا سَوَّى عَلَى الْمَيِّتِ قَامَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " اللهُمَّ عَبْدُكَ رُدَّ إِلَيْكَ، فَارْؤُفْ بِهِ وَارْحَمْهُ، اللهُمَّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبِهِ، وَافْتَحْ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَرُوحِهِ، وَتَقَبَّلْهُ مِنْكَ بِقَبُولٍ حَسَنٍ، اللهُمَّ إِنْ كَانَ مُحْسِنًا فَضَعِّفْ لَهُ فِي إِحْسَانِهِ، أَوْ قَالَ: فَزِدْ فِي إِحْسَانَهُ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْهُ "
3211 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: كَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ(5/458)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الدَّفْنِ، بِاللَّيْلِ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ(5/459)
3212 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَا: ثنا الْحَجَّاجُ الْأَعْوَرُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ، فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ»(5/459)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ(5/459)
3213 - حَدَّثَنَا مُوسَى، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ»(5/459)
3214 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَغَيْرِهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا شَعُرْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْنَا بِصَوْتِ الْمَسَاحِي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ»(5/459)
ذِكْرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ، فَمِمَّنْ دُفِنَ بِاللَّيْلِ: أَبُو بَكْرٍ، وَفَاطِمَةُ، وَعَائِشَةُ، وَرُوِّينَا أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ دُفِنَ لَيْلًا، وَمِمَّنْ رَخَّصَ فِي الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَشُرَيْحٌ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ(5/460)
3215 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ عَلِيًّا، دَفَنَ فَاطِمَةَ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ(5/460)
3216 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ عُمَرَ، «دَفَنَ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ حِينَ صَلَّاهَا»(5/460)
3217 - وَحَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا مُحَاضِرٌ، قَالَ: ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، مَاتَ لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ، وَدُفِنَ مِنْ لَيْلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ»(5/460)
3218 - حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ رَجُلٌ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: وَيُقْبَرُ بِاللَّيْلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، قُبِرَ أَبُو بَكْرٍ بِاللَّيْلِ»(5/460)
3219 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ، دَفَنَ عَائِشَةَ لَيْلًا(5/461)
3220 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا خَالِدٌ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو، مَوْلًى لِآلِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: «دَفَنَّا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِالْبَقِيعِ، وَكُنْتُ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ فِيمَنْ حَمَلَهُ» وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَكْرَهُ الدَّفْنَ بِاللَّيْلِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الدَّفْنُ بِاللَّيْلِ مُبَاحٌ، لِأَنَّ سَكِينَةَ تُوُفِّيَتْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُفِنَتْ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لَمَّا عَلِمَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُوهُ بِذَلِكَ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَدْ دُفِنَ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا مَا فَعَلُوهُ، وَالْمُبِينُ تَوَلَّوْا ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَنْ تَوَلَّاهِ مِنْهُمْ(5/461)
ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الدَّفْنِ، عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَعِنْدَ الزَّوَالِ وَقَدْ ذَكَرْتُ الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الدَّفْنِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الدَّفْنِ فِيهَا، فِي أَبْوَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ(5/461)
ذِكْرُ حَثْيِ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ حَثَى عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ ثَلَاثًا، [ص:462] وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ، أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ، وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَلْحَدُونَ لِمَوْتَاهُمْ وَيَنْصِبُونَ اللَّبِنَ عَلَى اللَّحْدِ نَصْبًا، وَيَحْثُونَ عَلَيْهِمُ التُّرَابَ، وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ لَمَّا دَفَنَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَثَى عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا يُدْفَنُ الْعِلْمُ(5/461)
3221 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعِيْدٍ، أَنَّ عَلِيًّا، " حَثَى عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُكَفَّفِ، قَالَ: هُوَ أَوْ غَيْرُهُ ثَلَاثًا "(5/462)
3222 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرٍ، قَالَ: ثنا عَامِرُ بْنُ جَشِيبٍ، وَغَيْرُهُ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «إِنَّ مِنْ تَمَامِ أَجْرِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَحْثُوَ فِي الْقَبْرِ»(5/462)
3223 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، لَمَّا دُفِنَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ حَثَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا يُدْفَنُ الْعِلْمُ»(5/462)
3224 - حَدَّثَنَا خُشْنَامُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْأَلْهَانِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «تُوُفِّيَ رَجُلٌ فَلَمْ تَصُبْ لَهُ حَسَنَةٌ، إِلَّا ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ حَثَاها فِي قَبْرٍ، فَغُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «وَيُحْثَى مِنْ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ بِيَدَيْهِ مَعًا مِنَ التُّرَابِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ»(5/462)
ذِكَرُ الرُّخْصَةِ فِي دَفْنِ الْجَمَاعَةِ فِي الْقَبْرِ الْوَاحِدِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي دَفْنِ الِاثْنَيْنِ فِي قَبْرٍ، فَرُوِّينَا عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُدْفَنَ اثْنَانِ فِي قَبْرٍ، وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يُدْفَنَانِ فِي الْقَبْرِ؟ قَالَا: يُقَدَّمُ الرَّجُلُ أَمَامَ الْمَرْأَةِ فِي الْقَبْرِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَالنُّعْمَانُ، غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ قَالَا: «يُدْفَنَانِ فِي مَوَاضِعِ الضَّرُورَاتِ» ، وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يُرَخِّصُ فِي دَفْنِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْقَبْرِ. وَكَذَلِكَ نَقُولُ، وَيُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمْ وَأَسَنُّهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ قُرْآنًا، كَذَلِكَ السُّنَّةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ قَبْلَ ذَلِكَ(5/463)
ذِكْرُ النَّصْرَانِيَّةِ تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مِنْ مُسْلِمٍ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ مِنْ مُسْلِمٍ فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ دَفَنَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ حُبْلَى مِنْ مُسْلِمٍ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ(5/463)
3225 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ شَيْخًا، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، «أَنَّهُ دَفَنَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ»(5/463)
ذِكْرُ نَقْلِ الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ غَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي نَقْلِ الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدٍ، فَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: «لَوْ حَضَرْتُ أَخِي مَا دُفِنَ إِلَّا حَيْثُ مَاتَ» ، وَكَانَ مَاتَ بِالْحُبْشِيِّ فَدُفِنَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، وَكَرِهَ ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَسُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ: «قَدْ حُمِلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ مِنَ الْعَقِيقِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَدَفَنَّاهُ بِهَا» ، وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، مَاتَ ابْنُ عُمَرَ هَهُنَا، يَعْنِي بِمَكَّةَ، فَأَوْصَى أَنْ لَا يُدْفَنَ بِهَا، وَأَنْ يُدْفَنَ بِسَرِفَ، فَغَلَبَهُمُ الْحَرُّ، وَكَانَ رَجُلًا بَادِيًا(5/464)
3227 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، يَقُولُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: «لَوْ حَضَرْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، تَعْنِي أَخَاهَا، مَا دُفِنَ إِلَّا حَيْثُ مَاتَ» ، وَكَانَ مَاتَ بِالْحُبْشِيِّ فَدُفِنَ أَعْلَى مَكَّةَ، وَالْحُبْشِيَّ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ(5/464)
3228 - وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أُمَّهُ صَفِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَتْ: عَزَّيْتُ عَائِشَةَ فِي أَخِيهَا، فَقَالَتْ: «يَرْحَمُ اللهُ أَخِي، إِنَّ أَكْثَرَ مَا أَجِدُ فِيهِ مِنْ شَأْنِ أَخِي لَمْ يُدْفَنْ حَيْثُ مَاتَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْفَنَ الْمَيِّتُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، عَلَى هَذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ عَوَامُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَذَلِكَ تَفْعَلُ الْعَامَّةُ فِي عَامَّةِ الْبُلْدَانِ، وَيُكْرَهُ حَمْلُ الْمَيِّتِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ يُخَافُ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ فِيمَا بَيْنَهُمَا(5/464)
ذِكْرُ مَا يُصْنَعُ بِالَّذِي يَمُوتُ فِي الْبَحْرِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُفْعَلُ بِالَّذِي يَمُوتُ فِي الْبَحْرِ، فَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «إِذَا [ص:465] مَاتَ فِي الْبَحْرِ جُعِلَ فِي زِنَبِيلٍ ثُمَّ قُذِفَ بِهِ» ، وَقَالَ عَطَاءٌ: «يَغَسَّلُ، وَيُكَفَّنُ، وَيُحَنَّطُ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَيُرْبَطُ فِي رِجْلَيْهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُرْمَى بِهِ فِي الْبَحْرِ» ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: «إِنَّ قَدَرُوا عَلَى دَفْنِهِ، وَإِلَّا أَحْبَبْتُ أَنْ يَجْعَلُوهُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ، وَيَرْبِطُوا بِهِمَا لِيَحْمِلَاهُ إِلَى أَنْ يَنْبِذَهُ الْبَحْرُ بِالسَّاحِلِ، فَلَعَلَّ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجِدُوهُ فَيُوَارُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا وَأَلْقَوْهُ فِي الْبَحْرِ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُمْ» . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: انْ كَانَ الْبَحْرُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمَيِّتُ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنْ يُخْرِجَ أَمْوَاجَهُ إِلَى سَوَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ يُفْعَلُ بِهِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فُعِلَ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ، وَاللهُ أَعْلَمُ(5/464)
كتاب الْجِزْيَة
أخبرنَا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن زُرَيْق الْبَلَدِي قَالَ: أخبرنَا أَبُو بكر
مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر.
ذكر أَخذ الْجِزْيَة من ثمن الْخمر، والخنازير
6400 - حَدثنَا عَليّ بْنُ الْحسن قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيد عَن سُفْيَان
عَن إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَن سُوَيْد بْنِ غَفلَة أَن عُمَرَ ذَكَرَ لَهُ أَن
عُمَّالا يَأْخُذُونَ الْخمر، وَالْخَنَازِيرَ فِي الْجِزْيَة، قَالَ: فَشَدَّهُمْ عُمَرُ،
فَقَالَ بِلَال: إِنَّهُم لَيَفْعَلُونَ، فَقَالَ: لَا تَكُونُوا أَمْثَال الْيَهُود، حُرِّمَتْ
عَلَيْهِم الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا فَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، ولّوهم بيعهَا.(11/11)
وَقد اخْتلف أَصْحَابنَا فِي هَذَا الْبَاب فَفِي مَذْهَب الشَّافِعِي: لَا يجوز أَن
يَأْخُذ مِنْهُم أحد أَثمَان الْخمر والخنازير، وَهَذَا قِيَاس قَول أبي ثَوْر، وَكَانَ
مَالك يَقُول: وَإِنَّمَا يعْطى أهل الْكتاب الْجِزْيَة من ثمن الْخمر والخنازير،
وَذَلِكَ حَلَال للْمُسلمين إِن يأخذوه من أهل الْكتاب فِي الْجِزْيَة، وَلَا
يحل لَهُم أَن يَأْخُذُوا فِي جزيتهم الْخمر بِعَينهَا وَلَا الْخِنْزِير حَيا.
وَاخْتلفُوا فِي الْخمر والخنازير يمر بهَا على الْعَاشِر، فَمِمَّنْ رأى أَن يعشر
الْخمر مَسْرُوق، وَالنَّخَعِيّ، والنعمان، وَقَالَ ابْن الْحسن: أما الْخَنَازِير
فَلَا يعشرها، وَأما الْخمر فَيَأْخُذ نصف عشر قيمتهَا.
وَقَالَ الْحسن بن صَاع: يقوم عَلَيْهِم الْعَاشِر الْخمر والخنازير إِذا اتَّجرُوا فِيهَا، وَيَأْخُذ
عشرهَا من الْقيمَة.
قَالَ أَبُو بكر: وَقد روينَا عَن شُرَيْح أَنه ضمن مُسلما خمرا أهراقها لذمي،
وروينا عَن الْحسن أَنه قَالَ فِي الْخمر: الْعشْر، وَقد روينَا عَن عمر بن
عبد الْعَزِيز أَنه قَالَ: «الْخمر لَا يعشرها مُسلم» ، وَهَذَا على مَذْهَب
أبي ثَوْر، وَأبي عبيد.
وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل لَا يُوجب على من أهراق لذِمِّيّ خمرا. أَو قتل لَهُ خنزيرا شَيْئا،
وَهَذَا على مَذْهَب الشَّافِعِي.(11/12)
قَالَ أَبُو بكر: وَقِيَاس قَول من كره تعشير الْخمر والخنازير أَن يكره
أَخذهَا فِي الْجِزْيَة، وَيُشبه أَن يكون قِيَاس قَول من رأى
للعشارين أَن يعشرُوا الْخمر عَلَيْهِم وَيَأْخُذ عشرهَا الْخمر فِي الْجِزْيَة،
وَلَا معنى لتفريق من فرق بَين الْخمر والخنازير فَقَالَ: يعشر الْخمر
وَلَا يعشر الْخَنَازِير، لِأَن الْخمر قد كَانَ فِي الأَصْل قبل أَن يكون
خمرا حَلَالا، لِأَنَّهُ كَانَ عنبا وعصيرا، ثمَّ لَعَلَّه أَن يعود خلا،
وَالْخِنْزِير لم يكن حَلَالا قط، وَهَذِه غَفلَة من قَائِلهَا، وَذَلِكَ أَن الْخمر
فِي الْحَال الَّتِي هِيَ مُحرمَة ضد الْحَلَال، فالحال الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا أولى
بهَا من حَالَة كَانَت.
وَيلْزم قَائِل هَذَا القَوْل، والمعتل بِهَذِهِ الْعلَّة، أَن يُجِيز بيعهَا وشرائها، فَإِذا أَبى ذَلِك
فِي البيع وَنظر إِلَى إطالة الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا، وَامْتنع من بيعهَا لِأَنَّهَا مُحرمَة فِي
وَقت البيع وَالشِّرَاء، وَجب أَن يمْتَنع أَن يعشر الْخمر من حَيْثُ امْتنع
من بيعهَا وشرائها.
ذكر التَّغْلِيظ على من عنف بِأَهْل الذِّمَّة فِي مطالبتهم بالجزية
6401 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ:
أَخْبرنِي يُونُس بْنُ يزِيد عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة أَن هِشَام بْنَ حَكِيم
وَجَدَ رَجُلا وَهُوَ على حمص، يشمش نَاسا مِنَ الْقِبْطِ فِي أَدَاء الْجِزْيَة(11/13)
فَقَالَ: مَا هَذَا إِنِّي سَمِعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «إِن اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذين
يُعَذبُونَ النَّاس فِي الدُّنْيَا» .
ذكر اسْتِحْبَاب الرِّفْق فِي الْأُمُور كلهَا
6402 - حَدثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا أَبُو عوَانَة
عَن الْأَعْمَش عَن تَمِيم بْنِ سَلمَة عَن عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ هِلَال عَن
جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْق
يُحرم الْخَيْر» .
6403 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدثنَا
سُفْيَان قَالَ: حَدثنَا عَمْرو هَكَذَا، عَن ابْن أَبِي مليكَة عَن يَعْلَى بْنِ مَمْلَكٍ
عَن أُمِّ الدَّرْدَاء عَن أَبِي الدَّرْدَاء أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أعْطى
حَظه مِنَ الرِّفْق فَقَدْ أعْطى حَظه مِنَ الْخَيْر، وَمن حُرِمَ حَظه من الرِّفْق
ففد حُرِمَ حَظه مِنَ الْخَيْر» .(11/14)
ذكر اخْتِلَاف أهل الْعلم فِي الْجِزْيَة كَيفَ تجبى
قَالَ الله عز وَجل: (حَتَّى يُعطُوا الجِزِيَةَ عَنْ يَد وهُمْ صاغِرُون) الْآيَة.
6404 - حَدثنَا مُوسَى بْنُ هَارُون قَالَ: حَدثنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ:
حَدثنَا مَرْوَان بْنُ مُعَاوِيَة عَن أَبِي بَكْرٍ عَن أَبِي صَالح عَن ابْن عَبَّاس
قَالَ: يَمْشُونَ بهَا ملبين.
وَقد اخْتلف فِي قَوْله: (عَن يَدٍ وهُمْ صَاغِرُون) فَقَالَ
بَعضهم: يَمْشُونَ بهَا، وَقَالَ بَعضهم: نَقْدا، يَقُول عَن
ظهر يَد لَيْسَ بنسيئة، وَقَالَ أَبُو عبيد: كل من انطاع
لمن قهره وَأَعْطَاهُ عَن غير طيب نفس فقد أعطَاهُ
عَن يَد.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " سَمِعت عددا من أهل الْعلم يَقُولُونَ: الصغار أَن
يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام، قَالَ الشَّافِعِي: وَمَا أشبه مَا قَالُوا بِمَا
قَالُوا، قَالَ الشَّافِعِي: فَإِذا أحَاط الإِمَام بِالدَّار، فعرضوا عَلَيْهِ أَن
يُعْطوا الْجِزْيَة على أَن يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام، لزمَه أَن يقبلهَا
مِنْهُم، وَلَو سَأَلُوهُ أَن يعطوها على أَن لَا يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام،
لم يكن ذَلِك لَهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يقاتلهم حَتَّى يسلمُوا، أَو يُعْطوا(11/15)
الْجِزْيَة عَن يَد وَهُمْ صَاغِرُونَ، بِأَن يجْرِي عَلَيْهِم حكم
الْإِسْلَام ".
وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: "يَنْبَغِي للوالي أَن يولي الْخراج رجلا يرفق بهم ويعدل
عَلَيْهِم فِي خراجهم، وَلَا يعذبهم، فَإِن كسروا من خراجهم شَيْئا لم يبع
عَلَيْهِم عرضا، وَلم يهنهم فِيهِ، وَلم يعذبهم، وَله أَن يحول بَينهم
وَبَين غلاتهم حَتَّى يَسْتَوْفِي الْخراج، فَإِن صَار على أحد مِنْهُم مائَة
بَعْدَمَا مَضَت السنة فَلَا يُؤْخَذ بِالْمِائَةِ فِي قَول النُّعْمَان، وَيُؤْخَذ بِهِ
فِي قَول يَعْقُوب.
وَقَالَ أَبُو ثَوْر: وَيُؤْخَذ مِنْهُم فِي كل سنة فِي وَقت من الْأَوْقَات، وَيكْتب لَهُم بَرَاءَة
إِلَى مثله من الْحول، ويرفق بهم فِي الاستبداء، وَلَا يضْربُونَ وَلَا يحبسون
إِلَّا أَن يكون رجل مِنْهُم عِنْده مَال فَلَا يُؤدى، فَيكون للْإِمَام عُقُوبَته
بِحَبْس، أدب، وَلَا يُؤْخَذ مِنْهُم إِلَّا نقد الْبَلَد الَّذِي هم
فِيهِ، وَلَا يكلفون نقد بَيت مَال إِن كَانَ أَجود من نقد الْبَلَد.
ذكر مَا يُؤْخَذ بِهِ أهل الذِّمَّة من تَغْيِير الزي خلاف زِيّ الْمُسلمين
6405 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي
الْقَاسِم بن عبد الله قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن دِينَار عَن(11/16)
عبد الله بن عَمْرو أَن عمر كتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد يَأْمُرهُم أَن يختموا
فِي رِقَاب أهل الْجِزْيَة بالرصاص، ويصلحوا مناطقهم، ويجزوا
نواصيهم، ويركبوا على الأكف عرضا، وَلَا يضْربُوا الْجِزْيَة إِلَّا
على من جرت عَلَيْهِ الموسى، وَلَا يَدعُوهُم يتشبهوا بِالْمُسْلِمين
فِي ركوبهم.
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: مناطقهم: يَعْنِي الزنانير.
6406 - حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا النَّضر بن إِسْمَاعِيل عَن
عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن خَليفَة بن قيس قَالَ: قَالَ عمر: يَا
يرفأ: أكتب إِلَى أهل الْأَمْصَار فِي أهل الْكتاب: أَن تجز نواصيهم،
وَأَن يربطوا الكستيجان فِي أوساطهم، ليعرف زيهم من زِيّ
أهل الْإِسْلَام.
وَقد روينَا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز «أَنه أَمر فِي أهل الذِّمَّة أَن يحملوا
على الأكف، وَأَن تجز نواصيهم» ، وَسُئِلَ مَالك هَل لِلنَّصَارَى أَن(11/17)
يحدثوا فِي أَرض الْإِسْلَام الْكَنَائِس؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَن يكون لَهُم
أَمر أَعْطوهُ على ذَلِك.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " يَنْبَغِي للْإِمَام أَن يحدد بَينه وَبَين أهل الذِّمَّة جَمِيع
مَا يعطيهم، وَيَأْخُذ مِنْهُم، وَيرى أَنه ينوبه وينوب النَّاس مِنْهُم
فيسمى الْجِزْيَة، وَأَن، يؤدوها على مَا وصفت، وَيُسمى
شهرا تُؤْخَذ فِيهِ الْجِزْيَة، وعَلى أَن يجْرِي عَلَيْهِم حكم الْإِسْلَام إِذا
طَلَبهمْ بِهِ طَالب، أَو أظهرُوا ظلما لأحد، وعَلى أَن لَا يذكرُوا
رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِمَا هُوَ أَهله، وَلَا يطعنوا فِي دين الْإِسْلَام،
وَلَا يعيبوا من حكمه شَيْئا، فَإِن فعلوا فَلَا ذمَّة لَهُم، وَيَأْخُذ
عَلَيْهِم أَلا يسمعوا السلمين شركهم، وَقَوْلهمْ فِي عُزَيْر، وعيسى،
فَإِن وجدوهم فعلوا بعد التَّقَدُّم فِي عُزَيْر، وعيسى إِلَيْهِم، عاقبهم
على ذَلِك عُقُوبَة وَلَا يبلغ حدا، لأَنهم قد أذن بإقرارهم على
دينهم، وَأَن لَا يكرهوا أحدا على دينهم إِذا لم يروه من أبنائهم،
وَلَا رقيقهم وَلَا غَيرهم، وعَلى أَن لَا يحدثوا فِي مصر من أَمْصَار
الْمُسلمين كَنِيسَة، وَلَا مجتمعا لصلاتهم، وَلَا ضرب ناقوس،
ولَا حمل خمرٍ، وَلَا إِدْخَال خِنْزِير، وَلَا يعذبوا بَهِيمَة، وَلَا يقتلوها
ضربا لذبح، وَلَا يحدثُونَ مَا يطيلون بِهِ بِنَاء الْمُسلمين،
وَأَن يفرقُوا بَين هيئاتهم فِي الملبس والمركب، وَبَين هيئاتِ الْمُسلمين،
وَأَن يعقدوا الزنَانِير فِي أوساطهم، فَإِنَّهَا من أبين فرق بَينهم وَبَين
هيئات الْمُسلمين، وَأَن لَا يدخلُوا مَسْجِدا، وَلَا يبايعوا مُسلما(11/18)
بيعا يحرم فِي الإسلام، وَلَا يزوجوا مُسلما مَحْجُورا، إِلَّا بِإِذن وليه،
وَلَا يمنعوا من أَن يزوجوه حرَّة إِذا كَانَ حرا مَالِكًا لنَفسِهِ أَو مَحْجُورا
بِإِذن وليه بِشُهُود مُسلمين، وَلَا يسقوا مُسلما خمرا، وَلَا يطعموه
محرما من لحم الْخِنْزِير وَلَا غَيره، وَلَا يظهروا الصَّلِيب فِي الْجَمَاعَات
فِي أَمْصَار الْمُسلمين، وَإِن كَانُوا فِي قَرْيَة يملكونها منفردين لم
يمنعهُم إِحْدَاث كَنِيسَة وَلَا رفع بِنَاء، وَلَا يعرض
لَهُم فِي خنازيرهم وخمرهم وأعيادهم وإجماعهم، وَأخذ عَلَيْهِم
أَن لَا يسقوا مُسلما أَتَاهُم خمرا، وَلَا يبايعوه محرما، وَلَا يطعموه إِيَّاه،
وَلَا يغشوا مُسلما «.
» وَإِن كَانَ بِمصْر الْمُسلمين لَهُم كَنِيسَة، أوبناء طائل كبناء الْمُسلمين، لم يكن
للْإِمَام هدمها وَلَا هدم بنائهم، وَترك كلا على مَا وجد عَلَيْهِ،
وَمنع من إِحْدَاث الْكَنِيسَة، وَهَذَا إذاكان الِمصر للْمُسلمين
أحيوه، أَو فتحوه عنْوَة، وَشرط على أهل الذِّمَّة هَذَا، فَإِن
كَانُوا فتحوه على صلحٍ بَينهم وَبَين أهل الذِّمَّة، من ترك
إِظْهَار الْخمر والخنازير، وإحداث الْكَنَائِس فِيمَا ملكوا، لم يكن
لَهُ مَنعهم من ذَلِك، وَإِظْهَار الشرك أكبر مِنْهُ، وَلَا يجوز
للْإِمَام أَن يُصَالح أحدا من أهل الذِّمَّة على أَن ينزلُوا من بِلَاد
الْإِسْلَام منزلا يظْهر فِيهِ جمَاعَة وَلَا كَنِيسَة وَلَا ناقوسا، إِنَّمَا يصالحهم
على ذَلِك فِي بِلَادهمْ الَّتِي وجدوا فِيهَا ففتحوها عنْوَة أَو
صلحا، فَأَما بِلَاد لم تكن لَهُم، فَلَا يجوز هَذَا لَهُ فِيهَا، فَإِن(11/19)
فعل ذَلِك أحد فِي بلد يملكهُ مَنعه مِنْهُ، وَإِن أظهرُوا
ناقوسا، أَو اجْتمعت لَهُم جمَاعَة، أَو تهيئوا بهيئة نَهَاهُم
عَنْهَا، يقدم فِي ذَلِك إِلَيْهِم، فَإِن عَادوا عاقبهم، وَإِن
فعل هَذَا مِنْهُم فَاعل، أَو بَاعَ مُسلما بيعا حَرَامًا فَقَالَ: مَا
علمت، تقدم إِلَيْهِ الْوَالِي وأحلفه وأقاله فِي ذَلِك،
فَإِن عَاد عاقبه ".
وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: «يَنْبَغِي للْإِمَام أَن لَا يتْرك أحدا من أهل الذِّمَّة يتشبه فِي لِبَاسه
وَلَا مركبه، وَلَا فِي هَيئته بالسلمين، وَيَنْبَغِي أَن يؤخذوا حَتَّى يَجْعَل
كل إنسانٍ مِنْهُم فِي وَسطه كشتنجا مثل الْخَيط الغليظ،
ويعقده على وَسطه، وَأَن يؤخذوا بِأَن يلبسوا قلانس مضربة،
وَأَن يركبُوا السُّرُوج وعَلى قربوس السرج مثل الرمانة،
وَأَن يجْعَلُوا شرك نعَالهمْ مُثَلّثَة، وَلَا يتخذوها على حذاء
الْمُسلمين، وَلَا يلبسوا طيالسة مثل طيالسة الْمُسلمين، وَلَا أردية
مثل أردية الْمُسلمين» .
وَقيل لِأَحْمَد بن حَنْبَل: لِلنَّصَارَى أَن يظهروا الصَّلِيب أَو يضْربُوا بالنواقيس؟
قَالَ: لَيْسَ لَهُم أَن يظهروا شَيْئا لَيْسَ فِي صلحهم.
قَالَ إِسْحَاق: " لَيْسَ لَهُم أَن يظهروا الصَّلِيب أصلا، لما نهى عمر بن الْخطاب
عَن ذَلِك، وَيَقُولُونَ: إِن إظهارنا الصَّلِيب إِنَّمَا هُوَ دُعَاء ندعوكم إِلَى
ديننَا، فيمنعون أَشد الْمَنْع ".(11/20)
ذكر الِامْتِنَاع من أَخذ الْجِزْيَة من الْكِتَابِيّ على سُكْنى
الْحرم ودخوله
قَالَ الله جل ذكره: (يَا أّيها الذيِنَ امنُوا إِنَّمَا المُشرِكُونَ نجسٌ فَلاَ يَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرام
بَعدَ عامِهم هَذا) الْآيَة.
روينَا عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ فِي قَوْله (إِنّما المُشرِكُونَ نجس)
قَالَ: قذر، وَقَالَ قَتَادَة: نجس أَي أجناب، وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَة: «نجس متحرك الْحُرُوف بالفتحة، ومجازه قذر، وكل
نتِن وطَفَس نجس» .
6407 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِسْمَاعِيل الصَّائِغ، وَإِبْرَاهِيم بْنُ الْحَارِث
الْبَغْدَادِيّ، وَسَهل بْنُ عَمَّارٍ النَّيْسَابُورِي قَالُوا: حَدثنَا
حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّد الْأَعْوَر قَالَ: قَالَ ابْن جُرَيْجٍ: أَخْبرنِي
أَبُو الزُّبَيْرِ أَنه سَمِعَ جَابر بْنَ، عَبْدِ اللَّهِ يَقُول
فِي هَذِه الْآيَة (إِنّما المُشرِكُونَ نَجسٌ فَلا يَقرَبُوا المَسْجِدَ الحَرام
بَعْدَ عَامِهِمْ هَذا) إِلَّا أَن يَكُونَ عَبْدًا أَو أَحَدًا مِنْ(11/21)
أَهْلِ الْجِزْيَة.
وَقَالَ قَتَادَة فِي هَذِه الْآيَة كَمَا قَالَ جَابر.
وَفِيه قَول ثَان:
6408 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوام
عَن أَشْعَث عَن أَبى الزُّبَيْرِ عَن جَابر: «فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بَعْدَ
عَامهمْ هَذَا، وَلَا يقربهُ مُشْرك» .
روينَا عَن سعيد بن الْمسيب أَنه قَالَ: إِن أَبَا سُفْيَان كَانَ يدْخل الْمَسْجِد بِالْمَدِينَةِ
وَهُوَ كَافِر، غير أَن ذَلِك لَا يحل فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، قَالَ الله
تَعَالَى: (إِنّما المُشرِكُونَ نجسٌ فَلا بَقرَبُوا المَسجِدَ الحَرام بَعدَ
عامِهم هَذا) الْآيَة.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: «لَا يدع مُشْركًا أَن يطَأ الْحرم بحالٍ من الْحَالَات طَبِيبا
كَانَ أَو صانعا بنيانا أَو غَيره، لتَحْرِيم الله دُخُول الشركين الْمَسْجِد
الْحَرَام، وَبعده تَحْرِيم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِك» ، وَقَالَ الشَّافِعِي: «فَأَما
مَكَّة فَلَا يدْخل أحد مِنْهُم الْحرم بحالٍ أبدا، كَانَ لَهُ بهَا مَال أَو لم يكن
وَإِن غفل عَن رجلٍ مِنْهُم فَدَخلَهَا، فَمَرض أخرج مَرِيضا، أَو مَاتَ
أخرج مَيتا وَلم يدْفن بهَا، وَلَو دفن نبش مَا لم يَنْقَطِع» .(11/22)
ذكر منع أهل الذِّمَّة سُكْنى الْحجاز
6409 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَليّ النَّجَّارُ قَالَ: نَا عَبْدُ الرَّزَّاق قَالَ: نَا ابْن جُرَيْجٍ
قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنه سَمِعَ جَابر بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُول:
أَخْبرنِي عُمَرُ بْنُ الْخطاب أَنه سَمِعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَقُول: لأخْرجَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب حَتَّى لَا أدع
بهَا إِلَّا مُسلما.
6410 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيم بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحلْوانِي عَن النُّفَيْلِي
قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ سَلمَة عَن مُحَمَّد بْنِ إِسْحَاق قَالَ: حَدثنِي
صَالح بْنُ كيسَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَن عَائِشَة
حَدَّثَتْهُ قَالَت: آخِرُ مَا عُهِدَ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يتْرك بِجَزِيرَة
الْعَرَب دِينَانِ» .
6411 - حَدثنَا مُحَمَّد بْنُ إِبْرَاهِيم قَالَ؟ حَدثنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَان الْعَسْكَرِيُّ حَدثنَا
زِيَاد عَن مُحَمَّد بْنِ إِسْحَاق عَن يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَن
أَبِيه عَن عَائِشَة عَن الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ.(11/23)
حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: جَزِيرَة الْعَرَب مَا بَين حفر أبي مُوسَى
إِلَى أقْصَى الْيمن فِي الطول، فَأَما الْعرض فَمَا بَين رمل يبُرِيُن إِلَى مُنْقَطع
السماوة، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَزِيرَة الْعَرَب من أقْصَى عدن أبين إِلَى
ريف الْعرَاق فِي الطول، وَأما الْعرض فَمن جدة وَمَا والاها من سَاحل
الْبَحْر إِلَى أطوار الشَّام، قَالَ: قَالَ أَبُو عبيد: فَأمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بإخراجهم من هَذَا كُله، فيرون أَن عمر إِنَّمَا استجاز إِخْرَاج أهل نَجْرَان
من الْيمن وَكَانُوا نَصَارَى، إِلَى سَواد الْعرَاق لهَذَا الحَدِيث، وَكَذَلِكَ
اجلاؤه أهل خَيْبَر إِلَى الشَّام وَكَانُوا يهوداً.
6412 - حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمد قَالَ: حَدثنَا الْمقري قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث
قَالَ: حَدثنِي سَعِيدٌ عَن أَبِيه عَن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: بَيْنَمَا نَحن فِي الْمَسْجِد
خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: "انْطَلقُوا
إِلَى يَهُودَ، فَخَرَجْنَا مَعَه حَتَّى جِئْنَا بَيت الْمِدْرَاس فَقَامَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَنَادَاهُمْ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلمُوا تَسْلَمُوا» ، قَالُوا: بَلَّغْتَ يَا أَبَا
الْقَاسِم؟ قَالَ: «ذَلِك أُرِيد» ، ثمَّ قَالَهَا الثَّالِثَة، فَقَالَ: «اعْلَمُوا أَن
الأَرْض لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَأَنا أُرِيد أَن أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِه الأَرْض، فَمن وَجَدَ
مِنْكُم بِمَالِه شَيْئا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَن الأَرْض لله وَلِرَسُولِهِ» .(11/24)
6413 - حَدثنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان
عَن سُلَيْمَان الْأَحول عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَير سَمِعَ ابْن عَبَّاس يَقُول: يَوْم
الْخَمِيس، وَمَا يَوْم الْخَمِيس؟ ثمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى،
قُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاس: مَا يَوْم الْخَمِيس؟ قَالَ: اشْتَدَّ برَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعه فِيهِ فَقَالَ: «ائتونى بكتب اكْتُبْ كِتَابًا، وَلَا
تَنَازَعُوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تنَازع، وَأَوْصَاهُمْ أَن
أخرجُوا الْمُشْركين مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب، وَأَجِيزُوا الْوَفْد الَّذِي
كُنْتُ أُجِيزُهُمْ» .
6414 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَة
وَمُحَمّد بْنُ عُبَيْدٍ عَن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَن نَافِع عَن ابْن عُمَرَ
قَالَ: أَجْلَى عُمَرُ الْمُشْركين مِنْ جَزِيرَة الْعَرَب، وَقَالَ: «لَا يجْتَمع فِي
جَزِيرَة الْعَرَب دِينَانِ» ، وَضرب لن قَدِمَ مِنْهُم أَََجَلًا قَدْرَ مَا
يبيعون سلعهم.
6415 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن
الْأَعْمَش عَن سَالم بْنِ أَبِي الْجَعْد قَالَ: جَاءَ أَهْلُ نَجْرَان إِلَى عَليّ
فَقَالُوا: شَفَاعَتُكَ بِلِسَانِكَ، وَكِتَابُكَ بِيَدِك، أخرجنَا عُمَرُ مِنْ
أَرْضنَا، فَرُدَّهَا إِلَيْنَا، قَالَ: وَيْلكُمْ إِن عُمَرَ كَانَ
رَشِيدَ الْأَمر، فَلَا أُغَيِّرُ شَيْئا صَنَعَهُ عُمَرُ، وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَة: قَالَ(11/25)
الْأَعْمَش: كَانُوا يَقُولُونَ: لَو كَانَ فِي نَفسه عَلَيْهِ شَيْء
لاغْتَنَمَ هَذَا.
6416 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن حجاج عَمَّن سمع
الشّعبِيّ يَقُول: قَالَ عَليّ لما قدم هَهُنَا، ثغر الْكُوفَة: مَا قدمت لأحل
عقدَة شدّها عمر.
قَالَ أَبُو بكر: وَقد ثَبت أَن عمر بن الْخطاب ضرب للْيَهُود،
وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوس إِقَامَة ثَلَاثَة أَيَّام يتسوقون بهَا ثغر الدينة، وَبِه قَالَ
مَالك، وَالشَّافِعِيّ.
6417 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا القعْنبِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن
ابْن عُمَرَ أَن عمر بن الْخطاب ضرب للْيَهُود، وَالنَّصَارَى، وَالْمَجُوس إِقَامَة
ثَلَاث لَيَال يَتَسَوَّقُونَ بهَا، وَيَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ، وَلم يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُم يُقيم
بَعْدَ ثَلَاث لَيَال.
وَقَالَ مَالك: لَا يتْرك أحد على غير دين الْإِسْلَام يُقيم بِالْمَدِينَةِ فَوق ثَلَاثَة أَيَّام وَقد نهى
عمر بن الْخطاب، قَالَ مَالك: فَأرى أَن يجلوا من الْمَدِينَة، وَمَكَّة،
واليمن، وَأَرْض الْعَرَب، لِأَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يبْقى دينان بِأَرْض
الْعَرَب» ، وَقد أجلاهم عمر بن الْخطاب هن فدك، ونجران.(11/26)
قَالَ الشَّافِعِي: " فَإِن سَأَلَ من تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة أَن يُعْطِيهَا وَيجْرِي عَلَيْهِ
الحكم على أَن يسكن الْحجاز، لم يكن ذَلِك لَهُ، والحجاز مَكَّة،
وَالْمَدينَة، واليمامة، ومخاليفها كلهَا، لِأَن تَركهم بسكنى الْحجاز
مَنْسُوخ، وَقد كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتثْنى على أهل خَيْبَر
فَقَالَ: «أُقِرِّكم مَا أَقَرَّكم الله» ، ثمَّ أَمر
بإجلاهم، وَأحب أَن لَا يدْخل الْحجاز مُشْرك بِحَال لما وصفت
من أَمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يبين لي أَن يحرم أَن يمر ذمِّي بالحجاز
مارا لَا يُقيم بِبَلَد مِنْهَا أَكثر من ثَلَاث لَيَال، وَذَلِكَ مقَام مُسَافر،
لِأَنَّهُ قد يحْتَمل أَمر النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإجلائهم عَنْهَا، أَن لَا يسكنوها،
وَيحْتَمل لَو ثَبت عَنهُ «لَا يبقين دينان بِأَرْض الْعَرَب» ،
لَا يبْقين دينان مقيمان، وَلَوْلَا أَن عمر ولي إِخْرَاج أهل الذِّمَّة
لما ثَبت عِنْده من أَمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَن أَمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتملا
مَا رأى عمر بن الْخطاب من أَن أجل من قدم من أهل الذِّمَّة
تَاجِرًا ثَلَاث، لَا يُقيم فِيهَا بعد ثَلَاث، لرأيت أَن لَا يصالحوا
بِدُخُولِهَا بِكُل حَال.
وَقَالَ الشَّافِعِي: وَلَيْسَت الْيمن بحجاز، فَلَا يجليهم أحد من الْيمن، وَسَائِر الْبلدَانِ
مَا خلا الْحجاز، فَلَا بَأْس أَن يصالحوا على الْمقَام بهَا، وَلَا يتَبَيَّن
لي أَن يمنعوا ركُوب بَحر الْحجاز، وَيمْنَعُونَ الْمقَام فِي سواحله،(11/27)
وَإِن كَانَت فِي بَحر الْحجاز جزائرا وجبالا تسكن منعُوا سكناهما،
لِأَنَّهَا من أَرض الْحجاز ".
قَالَ أَبُو بكر: وَقد قَالَ قائلٌ من أهل الْعلم: معنى قَوْله: «لَا يجْتَمع
دينان بِأَرْض الْحجاز» من أَلْفَاظ الْخَبَر الَّذِي مَعْنَاهَا معنى
النَّهْي، أَي لَا يجْتَمع دينان بِأَرْض الْحجاز،
واحتج الشَّافِعِي
فِي مَنعه إِعْطَاء أهل الذِّمَّة أَن يسكنوا الْحرم أَو أَرض الْحجاز
بِحَال، أَو أَرض الْعَرَب، لِأَنَّهُ اشْتِرَاط من أشرط ذَلِك إِنَّمَا
أشرط خلاف كتاب الله، وَقد ثَبت أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: «كل شرطٍ لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل، وَإِن كَانَ
مائَة شَرط» ،
وَمن شَرط لَهُم سُكْنى الْحرم أَو الْحجاز بِحَال، فقد أشرط خلاف كتاب الله
وَسنة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُرِيد بِخِلَافِهِ كتاب الله قَوْله: (إِنَّمَا المُشرِكُون
نَجَس) الْآيَة، وَالسّنة الْمَانِعَة من ذَلِك قَوْله: «لَا يتْرك دينان
بِجَزِيرَة الْعَرَب» .(11/28)
ذكر إِسْقَاط الصَّدَقَة عق أهل الذِّمَّة
كَانَ مَالك بن أنس، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَبُو عبيد، وَأَبُو ثَوْر،
وَأَصْحَاب الرَّأْي، وكل من نَحْفَظ قَوْله يَقُولُونَ: لَيْسَ على أهل
الذِّمَّة صدقاتٍ فِي أَمْوَالهم، إِلَّا مَا ذكرنَا من أَمر نَصَارَى بني تغلب،
فَإنَّا قد ذكرنَا مَا يُؤْخَذ مِنْهُم فِي غير هَذَا الْوَضع، وَإِلَّا مَا يُؤْخَذ
من أهل الذِّمَّة فِيمَا يديرونه من التِّجَارَات إِذا اخْتلفُوا فِي
بِلَاد الْمُسلمين.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: مَا أَحسب عمر أَخذ مَا أَخذ من النبط إِلَّا عَن شَرط
بَينهم وَبَينه كَشَرط الْجِزْيَة، وَقَالَ أَبُو عبيد: كَذَلِك بِلَا شك، وَقد
روينَا عَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ: كَانَ ذَلِك يُؤْخَذ مِنْهُم فِي الْجَاهِلِيَّة
فألزمهم عمر ذَلِك.
قَالَ أَبُو بكر: وَالَّذِي قَالَه الشَّافِعِي، وَأَبُو عبيد أولى من أَن يظن أَنه اقْتدى
بِأَفْعَال أهل الْجَاهِلِيَّة، وأحيى سنتهمْ.
ذكر أهل السوَاد
قَالَ الله جل ذكره: (واعلَمُوا أنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيء فَإنَّ لِلَّهِ خُمسُه) الْآيَة.
6418 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الحَكم قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي هِشَام بْنُ سَعْدٍ عَن، زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَن أَبِيه
قَالَ: سَمِعت عُمَرَ بْنَ الْخطاب يَقُول: لَوْلَا أَن أترك آخر النَّاس(11/29)
بَيَانا لَا شَيْءَ لَهُم مَا فَتَحْتُ قَرْيَة إِلَّا قسمتهَا كَمَا قَسَمَ رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر.
6419 - وَأخْبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أخبرنَا عَبْدُ الرَّزَّاق قَالَ: أخبرنَا مَعْمَرٌ عَن
هَمَّامِ بْنِ مُنَبّه عَن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيّمَا قَرْيَة
أَتَيْتُمُوهَا فَإِن سهمها فِيهَا، وَأَيّمَا قَرْيَة غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهَا فَأَخْمِسُوهَا فَإِن
خُمُسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، ثمَّ هِيَ لَكُمْ» .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَالَ غَيره: «وَأَيّمَا قَرْيَة عَصَتْ اللَّهَ وَرَسُوله» ،
وَهُوَ أصح.
قَالَ أَبُو بكر: وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي هَذَا الْبَاب فَقَالَت طَائِفَة:
يجب قسم كل قَرْيَة افتتحت عنْوَة كَمَا تقسم الدَّنَانِير، وَالدَّرَاهِم،
وَالْعرُوض، وَسَائِر الْأَشْيَاء.
6420 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبرنِي
ابْن لَهِيعَة عَن يزِيد بْنِ أَبى حَبِيبٍ عَمَّن سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغيرَة بْنِ أَبِي
بُرْدَةَ يَقُول: سَمِعت سُفْيَان بْنَ وَهْبٍ الْخَولَانِيّ يَقُول: لَمَّا فَتَحْنَا مِصْرَ بِغَيْر
عَهْدٍ قَامَ الزُّبَيْرُ فَقَالَ: اقْسِمْهَا يَا عَمْرو بْنَ الْعَاصِ! فَقَالَ عَمْرو: لَا
أَقْسِمُ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ لَتَقْسِمَنَّهَا كَمَا قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر،(11/30)
قَالَ عَمْرو: وَالله لَا أَقْسِمُهَا حَتَّى أَكْتُبَ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَكتب إِلَيْهِ
عُمَرُ بْنُ الْخطاب: أَقِرَّهَا حَتَّى يَغْزُو مِنْهَا حَبل الْحَبَلَةِ.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: " كلما ظهر عَلَيْهِ من قَلِيل أَمْوَال الْمُشْركين وكثره، أَو دَارا
وَغَيره لَا يخْتَلف لِأَنَّهَا غنيمَة، وَحكم اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْغَنِيمَة أَن
يُخَمّس، وَقد بَين رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن أوجف عَلَيْهَا بِالْخَيْلِ والركاب،
فَإِن تَركه الإِمَام وَلم يقسمهُ فَوَقفهُ على الْمُسلمين، أَو تَركه لأَهله،
رُد حكم الإِمَام فِيهِ، لِأَنَّهُ مُخَالف للْكتاب وَالسّنة مَعًا، فَأَما الْكتاب
فَقَوله: (واعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيءٍ فَإِنَّ لله خُمسُه) الْآيَة، وَقسم
رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس على من أوجف عَلَيْهِ بِالْخَيْلِ والركاب
من كل مَا أوجف عَلَيْهِ من أَرض وَعمارَة وَمَال، وَإِن تَركهَا لأَهْلهَا،
اتبع أَهلهَا بِجَمِيعِ مَا صَار فِي أَيْديهم من غَلَّتهَا، فاستخرج من أَيْديهم
وَجعل لَهُم أُجْرَة مثلهم فِيمَا قَامُوا بِهِ عَلَيْهِ فِيهَا، وَكَانَ لأَهْلهَا أَن يتبعوا
الإِمَام على مَا فَاتَ مِنْهَا، لِأَنَّهَا أَمْوَالهم أفاتها، فَإِن ظهر الإِمَام على بلادٍ
عنْوَة فخمسها ثمَّ سَأَلَ أهل الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس، ترك حُقُوقهم مِنْهَا،
فَأَعْطوهُ ذَلِك طيبَة بِهِ أنفسم، فَلهُ قبُوله إِن أَعْطوهُ وَقفا على الْمُسلمين،
وأحسب عمر بن الْخطاب إِن كَانَ صنع هَذَا فِي شَيْء من بِلَاد العنوة إِنَّمَا
استطاب أنفس أَهلهَا عَنْهَا فَصنعَ مَا وصفت".(11/31)
وَقَالَ فِي الْكتاب الْمَعْرُوف بسير الْوَاقِدِيّ: «وَلَا أعرف مَا أَقُول فِي السوَاد إِلَّا ظنا
مَقْرُونا إَلى علم» .
6421 - أخبرنَا الثِّقَة عَن إِسْمَاعِيل بْنِ أَبى خَالِد عَن قَيْسِ بْنِ أَبى حَازِم عَن
جَرِيرٍ قَالَ: كَانَت بَجِيلَةُ رُبُعَ النَّاس فَقَسَمَ لَهُم رُبُعَ السوَاد فَاسْتَغَلُّوهُ ثَلَاثًا
أَو أَربع سِنِين أَنا شَككت، ثمَّ قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخطاب وَمَعِي فُلَانَة
ابْنة فلَان امْرَأَة مِنْهَا قَدْ سَمَّاهَا لَا يَحْضُرُنِي ذِكْرُ اسْمهَا، فَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخطاب: لَوْلَا إِنِّي قَاسم مَسْئُولٌ لَتَرَكْتُكُمْ عَلَى مَا قُسِمَ لَكُمْ،
وَلَكِنِّي أَرَى أَن تَرُدُّوا عَلَى النَّاس.
قَالَ الشَّافِعِي: وَكَانَ فِي حَدِيثه: وعاضني من حَقي نَيف وَثَمَانِينَ دِينَارا.
قَالَ الشَّافِعِي: «هَذَا الحَدِيث دَلِيل إِذْ أعْطى جَرِيرًا البَجلِيّ عوضا من سَهْمه، أَنه
استطاب أنفس الَّذين أوجفوا عَلَيْهِ، فتركوا حُقُوقهم فَجعله وَقفا
للْمُسلمين، وَهَذَا أولى الْأُمُور بعمر بن الْخطاب عندنَا فِي السوَاد،
وفتوحه إِن كَانَت عنْوَة فَهُوَ كَمَا وصفت، ظن عَلَيْهِ دلَالَة يَقِين» .
وَقَالَ أَبُو ثَوْر: وَيقسم الإِمَام مَا ظهر عَلَيْهِ من أَرض وَدَار وَغير ذَلِك قسما
وَاحِدًا، وَيقسم ذَلِك على مَا أَمر الله بِهِ.
وَقَالَت طَائِفَة: الإِمَام بالحجار فِي كل أَرض أخذت عنْوَة إِن شَاءَ أَن يقسمها قسمهَا
كَمَا فعل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَر، فَإِن شَاءَ أَن يَجْعَلهَا فَيْئا فَلَا يقسمها وَلَا
يخمسها وَتَكون مَوْقُوفَة على الْمُسلمين عَامَّة كَفعل عمر بن الْخطاب
بِالسَّوَادِ فعل، وَالْأَخْبَار الَّتِي رويت عَن عمر بن الْخطاب فِي هَذَا الْبَاب(11/32)
دَالَّة على الْمَعْنى الَّذِي لَهُ أوقف عمر بن الْخطاب السوَاد، يحْكى هَذَا
القَوْل عَن سُفْيَان الثَّوْريّ.
حَدثنِي عَليّ عَن أَبى عُبَيْدٍ أَنه قَالَ: " بِهَذَا، كَانَ يَأْخُذ سُفْيَان بن سعيد وَهُوَ
مَعْرُوف من قَوْله إِلَّا أَنه كَانَ يَقُول: الْخِيَار فِي الأَرْض العنوة إِلَى
الإِمَام إِن شَاءَ جعلهَا غنيمَة فَخمس وَقسم، وَإِن شَاءَ جعلهَا فَيْئا عَاما
للْمُسلمين وَلم يُخَمّس وَلم يقسم، وَبِه قَالَ أَبُو عبيد، قَالَ: قَالَ: وَلَيْسَ
فعل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ براد لفعل عمر، وَلكنه اتبع آيَة من
كتاب الله فَعمل بهَا، وَاتبع عمر آيَة أُخْرَى فَعمل بهَا، قَالَ الله تبَارك
وَتَعَالَى: (واعلَمُوا أَنَّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيءٍ فَإِنَّ لِلَّهِ خُمسُه) الْآيَة،
فَهَذِهِ آيَة الْغَنِيمَة وهي لأَهْلهَا دون النَّاس، وَبهَا عمل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ
الله: (ومَا آَفَاء اللَّهُ عَلى رَسُوِله مِنْ أَهلِ القُريَ) إِلَى قَوْله (والَّذيِن جَاءُوا
مِن بَعدِهِم) الْآيَة، فَهَذِهِ آيَة الْفَيْء وَبهَا عمل عمر، وَإِيَّاهَا تَأَول
حِين ذكر الْأَمْوَال وأصنافها، قَالَ: فاستوعبت هَذِه الْآيَة النَّاس،
وَإِلَى هَذِه الْآيَة ذهب عَليّ، ومعاذ حَيْثُ أشارا عَلَيْهِ بِمَا أشارا فِيمَا نرى "
وَالله أعلم.
6422 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بْنُ جَعْفَر عَن إِسْرَائِيل
عَن أَبى إِسْحَاق عَن حَارِثَة بْنِ مُضَرِّبٍ عَن عُمَرَ أَنه أَرَادَ أَن يَقْسِمَ السوَاد
بَين الْمُسلمين، فَأَرَادَ أَن يُحْصَوْا فَوجدَ الرَّجُلَ يُصِيبهُ ثَلَاثَة مِنَ الْفَلاحِينَ،(11/33)
فَشَاور فِي ذَلِك فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالب: دَعْهُمْ يَكُونُوا مَادَّةً
للْمُسلمين فَتَرَكَهُمْ، وَبعث عَلَيْهِم عُثْمَان بْنَ حُنَيْفٍ فَوضع عَلَيْهِم ثَمَانِيَة
وَأَرْبَعين، وَأَرْبَعَة وَعشْرين، واثني عشر.
6423 - حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا هِشَام بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِي
عَن يَحْيَى بْنِ حَمْزَة قَالَ حَدثنِي تَمِيم بْنُ عَطِيَّة الْعَنسِي قَالَ: أخبرنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبى قَيْسٍ، أَو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: قَدِمَ
عُمَرُ الْجَابِيَة، فَأَرَادَ قَسْمَ الْأَرْضين بَين الْمُسلمين فَقَالَ لَهُ معَاذ: وَالله إِذا
لَيَكُونن مَا تَكْرَهُ، إِنَّك إِن قسمتهَا الْيَوْم صَار الرِّيعُ الْعَظِيم فِي أَيدي
الْقَوْم يُبِيدُونَ، فَيصير ذَلِك إِلَى الرَّجُلِ الْوَاحِد أَو الْمَرْأَة،
ثمَّ يَأْتِي مِنْ بعدهمْ قَوْمٌ يَسُدُّونَ مِنَ الْإِسْلَام مَسَدًّا، وَهُمْ لَا يَجدونَ
شَيْئا، فَانْظُر أَمْرًا يَسَعُهُمْ أَوَّلهمْ وَآخرهمْ.
وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول فِي أَرض السوَاد: عمر جعلهَا للنَّاس عَامَّة، وَذكر حَدِيث
زيد بْنِ أَسْلَمَ عَن أَبِيه قَالَ: لَوْلَا أَن يتْرك آخر الْمُسلمين لَا شَيْء لَهُم
مَا تركت قَرْيَة إِلَّا قسمتهَا كَمَا قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَر، ثمَّ قَرَأَ
عمر بن الْخطاب هَذِه الْآيَة (للِفُقَراءِ المُهاجِرِين) إِلَى قَوْله (والَّذيِن
جَاءوُا مِن بَعدِهِم) الْآيَة، فَجَعلهَا للْمُسلمين الْعَامَّة، وَأعْطى
جَرِيرًا ثمَّ استردها مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: يَا جرير! لَوْلَا إِنِّي قَاسم مسئول(11/34)
لكنتم على مَا قسم لكم، وَكَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يسْتَأْجر أَرض
السوَاد مِمَّن هِيَ فِي يَدَيْهِ، وَكَانَ يَقُول: أَرض السوَاد والدُّخُول
فِيهَا كَانَ الشرى أسهل، يَشْتَرِي الرجل بِقدر مَا يَكْفِيهِ،
ويغنيه من النَّاس هُوَ رجل من الْمُسلمين كَانَ يَقُول: إِنَّمَا
هِيَ أَرض الْمُسلمين، فَهَذَا إِنَّمَا فِي يَدَيْهِ مِنْهَا مَا يَسْتَغْنِي بِهِ وَهُوَ
رجل من الْمُسلمين، وَكره أَبُو عبد الله البيع فِي أَرض السوَاد،
الْأَثْرَم عَنهُ.
وَحكى أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد أَنه سُئِلَ عَن بيع أَرض السوَاد مَا ترى فِيهِ؟ فَقَالَ: دَعه،
فَقَالَ: الرجل يَبِيع مِنْهُ بِحَجّ، قَالَ: لَا أَدْرِي.
وَأنكر أَبُو عبيد أَن يكون عمر استطاب أنفس الْقَوْم، وَذكر مَا كلم بِهِ جَرِيرًا فِي
أَرض السوَاد وقصة البجيلة.
6424 - حَدثنَا علي عَن أَبى عبيد قَالَ: حَدثنِي هُشَيْمٌ قَالَ: أخبرنَا
إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِد عَن قَيْسِ بْنِ أَبى حَازِم قَالَ: كَانَت بَجِيلَةُ
رُبُعَ النَّاس يَوْم الْقَادِسِيَّة فَجعل لَهُم عُمَرُ رُبُعَ
السوَاد، فَأخذُوا سنتَيْن أَو ثَلَاثًا، قَالَ: فَوَفَدَ عَمَّارُ بْنُ يَاسر
إِلَى عُمَرَ وَمَعَهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ عُمَرُ لِجَرِيرٍ: يَا جرير!
لَوْلَا أَنِّي قَاسم مَسْئُولٌ لَكُنْتُمْ عَلَى مَا جُعِلَ لَكُمْ، وَأرى النَّاس
قَدْ كَثُرُوا، فَأرى أَن تَرُدُّوا عَلَيْهِم، فَفعل ذَلِك جَرِيرٌ، فَأَجَازَهُ
عُمَرُ بِثَمَانِينَ دِينَارا.(11/35)
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " وَوجه هَذَا عِنْدِي: أَن عُمَرَ كَانَ نَفَّلَ جَرِيرًا وَقَومه ذَلِك نَفْلا قَبْلَ
الْقِتَال وَقبل خُرُوجه إِلَى الْعرَاق، فَأمْضى لَهُ نَفْلَهُ، قَالَ: كَذَلِك يحدثه
الشّعبِيّ عَنهُ ".
6425 - حَدثنَا عَليّ عَن أَبى عبيد قَالَ: حَدثنِي عَفَّان قَالَ: حَدثنَا
مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَة قَالَ: حَدثنَا دَاؤُدُ بْنُ أَبِي هِنْد عَن الشّعبِيّ أَن
عُمَرَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ وَجَّهَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى الْكُوفَة بَعْدَ قَتْلِ أَبى عُبَيْدٍ
فَقَالَ: هَل لَك فِي الْكُوفَة، وأنفّلك الثُّلُث بَعْدَ الْخمس؟ قَالَ: نَعَمْ،
فَبَعثه.
قَالَ أَبُو بكر: عَارض أَبُو عبيد حَدِيثا صَحِيح الْإِسْنَاد بِحَدِيث مُرْسل، ثمَّ
الْحَدِيثين بعد ذَلِك مختلفي الْمعَانِي، فِي حَدِيث قيس بن أبي حَازِم أَن
بجيلة كَانَت ربع النَّاس يَوْم الْقَادِسِيَّة فَجعل لَهُم عمر ربع السوَاد، وَفِي
حَدِيث الشّعبِيّ عَن عمر أَنه جعل لَهُ الثُّلُث بعد الْخمس نفلا، وَهَذَا
الْمَعْنى بعيد من ذَلِك الْمَعْنى، فَكيف يجوز أَن يدْفع حَدِيث صَحِيح بِحَدِيث
مُرْسل، لَا يَصح؟ ثمَّ كَيفَ يجوز أَن يُعَارض مَا لَا يجوز الْمُعَارضَة بِهِ
لاخْتِلَاف معنى الْحَدِيثين؟ ثمَّ ذكر قصَّة البجيلة، وَهِي مُوَافقَة لما قَالَه
من خَالف أَبَا عبيد.
6426 - حَدثنَا عَليّ عَن أَبى عبيد قَالَ: حَدثنَا هُشَيْمٌ
عَن إِسْمَاعِيل عَن قَيْسٍ قَالَ: قَالَت امْرَأَة مِنْ بجِيلة يُقَال لَهَا أُمُّ كُرْزٍ
لِعُمَرَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! إِن أَبِي هَلَكَ وَسَهْمُهُ ثَابت فِي السوَاد،
وَإِنِّي لَمْ أُسْلِمْ، فَقَالَ لَهَا؟ يَا أُمَّ كُرْزٍ! إِن قَوْمك قَدْ صَنَعُوا مَا
قد عَلِمْتِ، فَقَالَت: إِن كَانُوا صَنَعُوا مَا قَدْ صَنَعُوا فَإِنِّي لَسْتُ(11/36)
أُسْلِمُ حَتَّى تحملنِي عَلَى نَاقَة ذَلُول عَلَيْهَا قَطِيفَةٌ حَمْرَاء،
وَتَمْلأَ كَفَّيَّ ذَهَبا، قَالَ: فَفعل عُمَرُ ذَلِك، وَكَانَت الدَّنَانِير نَحوا مِنْ
ثَمَانِينَ دِينَارا.
قَالَ أَبُو بكر: وَحَدِيث البجلية على أَبى عبيد لَا لَهُ، أَلا ترَاهُ أرضاها لما
قَالَت: «لَا أسلم» ، وَهَذَا مُوَافق لما قَالَه الشَّافِعِي، وَهُوَ على أَبى عبيد،
حَيْثُ أنكر أَن يكون عمر استطاب أنفس الْقَوْم.
إِسْلَام الرجل من أهل الْخراج وَمَا يجب عَلَيْهِ من الْعشْر
فِيمَا أخرجت أرضه
وَاخْتلفُوا فِي الرجل من أهل الْكتاب يسلم وَبِيَدِهِ أَرض من أَرض الْخراج
زَرعهَا، فَقَالَت طَائِفَة: عَلَيْهِ الْعشْر لِأَن الْعشْر فِي الْحبّ وَالْخَرَاج على
الأَرْض، روينَا هَذَا القَوْل عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، وَبِه قَالَ مُغيرَة،
وَكَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيّ، وَرَبِيعَة، وَيحيى الْأنْصَارِيّ، وَمَالك بن أنس،
وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَابْن أَبى ليلى، وَابْن الْمُبَارك، وَيحيى بن آدم،
وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد بن حَنْبَل، وَإِسْحَاق، وَأَبُو عبيد.
وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي فِي أَرض الْخراج: لَا يجب فِيمَا أخرجت عشر وَلَا
نصف عشر.
وَفِي كتاب ابْن الْحسن قلت: أَرَأَيْت الْمُسلم يشري من الْكَافِر أَرضًا من
أَرض الْخراج أَيكُون عَلَيْهِ الْعشْر؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن عَلَيْهِ الْخراج، وَلَا
يجمع الْعشْر وَالْخَرَاج جَمِيعًا فِي أَرض.(11/37)
وَقد تَأَول بعض النَّاس خبرين رويا عَن عمر بن الْخطاب، وَعلي بن أبي
طَالب، وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمَا حجَّة.
6427 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز حَدثنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن
قَيْسِ بْنِ مُسلم عَن طَارق بْنِ شهَاب أَن دِهْقَانَةَ أَسْلَمَتْ مِنْ أَهْلِ نَهْرِ
الْملك لَهَا أَرض كَثِيرَة فَكتب عَامله إِلَى عُمَرَ، فَكتب إِلَيْهِ أَن ادْفَعْ
إِلَيْهَا أرْضهَا يُؤَدِّي عَنْهَا الْخراج.
6428 - حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا يزِيد عَن المَسْعُودِيّ عَن
أَبِي عَوْنٍ الثَّقَفِيِّ مُحَمَّد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَسْلَمَ دِهْقَانُ فَقَامَ إِلَى
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالب فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَمَّا أَنْت فَلَا جِزْيَة عَلَيْك،
وَأما أَرْضك فَلَنَا
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّد بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فرض الله الزَّكَاة فِي غير آيَة مِنْ كِتَابه فَقَالَ: (وَأقِيمُوا الصَّلاة
وآتُوا الزَّكَاة) الْآيَة، وَقَالَ: (وَآتوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادهِ) الْآيَة،(11/38)
وَثَبت أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ أَوْسُقٍ
صَدَقَة» ، وَقَالَ: فِيمَا سَقَتِ السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ
نِصْفُ الْعشْر، فَاسْتَغْنَى عُمَرُ، وَعلي عَن إِعَادَة ذَلِك، وَإِيجَابِهِمَا مَا
قَدْ أَوْجَبَهُ اللَّهُ، وَاسْتغْنى بِهِ أَهْلُ الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا بَينا مَا لَيْسَ ذَكَرَهُ
فِي الْكتاب وَالسّنة، وَقد سَأَلَ عُمَرُ الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن مَسْئَلَةٍ مِنَ الْفَرَائِض
فَقَالَ: " يَكْفِيك الْآيَة الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّفّ اسْتغنى فِي ذَلِك
بِكِتَاب اللَّهِ.
شِرَى الْمُسلم أَرضًا مِنْ أَرض السوَاد
وَاخْتلفُوا فِي السّلم يشري أَرضًا من أر فالسواد فمنعت طَائِفَة من
بيع ذَلِك وأبطل بَعضهم البيع، وَمِمَّنْ قَالَ لَا يجوز بيع أَرض
الَّتِي افتتحت عنْوَة مَالك بن أنس، قَالَ مَالك: وَأما مَا افْتتح
عنْوَة فَإِن أُولَئِكَ لَا يشري مِنْهُم أحد وَلَا يجوز لَهُم بيع شَيْء مِمَّا
تَحت أَيْديهم من الأَرْض، لِأَن أهل العنوة قد غلبوا على بِلَادهمْ وَصَارَت
فَيْئا للْمُسلمين.
وَحكى عَنهُ أَنه كَانَ يُنكر على اللَّيْث دُخُوله فِيمَا دخل فِيهِ من أَرض مصر.(11/39)
وَقَالَ أَبُو عبيد: " قد تَتَابَعَت الْأَخْبَار بِالْكَرَاهَةِ لشرى أَرض الْخراج، وَإِنَّمَا
كرهها الكارهون من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَنَّهَا فَيْء للْمُسلمين،
وَأُخْرَى أَن الْخراج صغَار، وَكِلَاهُمَا دَاخل فِي حَدِيثي
عمر، أَحدهمَا قَوْله: وَلَا يقرن أحدكُم بالصغار بعد أَن نجاه
الله مِنْهُ، وَوَافَقَهُ على ذَلِك ابْن مَسْعُود، وَابْن عَبَّاس،
وَعبد الله بن عَمْرو، وَقبيصَة، وَمَيْمُون بن مهْرَان،
وَمُسلم بن مشْكم، وَقَوله لعتبة بن فرقد، وَوَافَقَهُ
علي بن أبي طَالب".
6429 - حَدثنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز عَن أَبِي عُبَيْدٍ حَدثنَا
إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيم وَيحيى بْنُ سَعِيدٍ عَن سَعِيدِ بْنِ أَبى عرُوبَة
عَن قَتَادَة عَن سُفْيَان الْعقيلِيّ عَن أَبِي عِيَاض عَن عُمَرَ
قَالَ: لَا تَشْتَرُوا رَقِيق أَهْلِ الذِّمَّة، فَإِنَّهُم أَهْلُ خَرَاجٍ،(11/40)
وَأَرْضِيهِمْ فَلَا تَبْتَاعُوهَا، وَلَا يَقْرِنْ أحدكُم بالصغار بعد
أَن نجاه الله مِنْهُ.
6430 - وَحدثنَا عَليّ عَن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدثنَا بُكَيْرُ بْنُ عَامر
عَن الشّعبِيّ قَالَ: اشْترى عتبَة بْنُ فَرْقَدٍ أَرضًا عَلَى شَاطِئِ الْفُرَات
يتَّخذ فِيهَا قضباً، فَذكر ذَلِك لِعُمَرَ فَقَالَ: مِمَّن اشْتَرَيْتهَا؟ قَالَ: من
أَرْبَابهَا، فَلَمَّا، اجْتمع الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار عِنْد عُمَرَ
قَالَ: هَؤُلَاءِ أَهلهَا، فَهَل اشْتريت مِنْهُم شَيْئا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَارْدُدْهَا
عَلَى مَنِ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ، وَخذ مَالك.
6431 - وحَدثني عَليّ عَن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنِي أَبُو نُعَيْمٍ عَن سَعِيدِ بْنِ سِنَان
عَن عَنْتَرَةَ قَالَ: سَمِعت عَلِيًّا يَقُول: إيَّاكُمْ وَهَذَا السوَاد.
6432 - وَحدثنَا عَليّ عَن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: حَدثنَا يزِيد عَن السعودي عَن أَبِي
عَوْنٍ الثَّقَفِيّ قَالَ: أَسْلَمَ دِهْقَانُ عَلَى عَهْدِ عَليّ فَقَامَ إِلَى عَليّ فَقَالَ: أَمَّا
أَنْت فَلَا جِزْيَة عَلَيْك، وَأما أَرْضك فَلَنَا.
وَكَانَ الْأَوْزَاعِيّ يَقُول فِي شرى أَرض الْجِزْيَة: لم يزل أَئِمَّة الْمُسلمين ينهون عَن ذَلِك
يَكْتُبُونَ فِيهِ ويكرهه علماءهم، وَحكى الشَّافِعِي عَن النُّعْمَان أَنه سُئِلَ(11/41)
أيكره أَن يُؤَدِّي الرجل الْجِزْيَة على خراج الأَرْض؟ فَقَالَ: لَا،
وَقَالَ: إِنَّمَا الصغار خراج الْأَعْنَاق، وَبِه قَالَ يَعْقُوب، وَقَالَ
النُّعْمَان: كَانَ لعبد الله بن مَسْعُود، ولخباب بن الْأَرَت،
ولحسين بن عَليّ، ولشريح أَرض خراج، فَأرى النُّعْمَان شرى
الْمُسلم أَرض الْجِزْيَة.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: أما من قبل أَنه لَا يحقن بِهِ الدَّم، الدَّم محقون
بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ يشبه أَن يكون ككراء الأَرْض بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَقد اتخذ
أَرض الْحجاز قوم من أهل الْوَرع وَالدّين، وَكَرِهَهُ قوم احْتِيَاطًا، وَقَالَ
إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: إِذا أسلم الرجل من أهل السوَاد، فَأَقَامَ بأرضه أَخذ
مِنْهُ الْخراج، فَإِن ترك أرضه رفع عَنهُ الْخراج.
وَقَالَ الثَّوْريّ: مَا كَانَ من أَرض صولح عَلَيْهَا ثمَّ أسلم أَهلهَا بعد، وضع عَنهُ
الْخراج، وماكان من أَرض أخذت عنْوَة ثمَّ أسلم صَاحبهَا، وضعت
عَنهُ الْجِزْيَة وَأقر على أرضه الْخراج.
ذكر الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرضًا من أَرض الْعشْر
اخْتلفُوا فِي الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرضًا من أَرض الْعشْر فَقَالَت
طَائِفَة: «لَا شَيْء عَلَيْهِ فِيهَا، وَذَلِكَ أَن الْعشْر إِنَّمَا يجب على الْمُسلمين
طهُورا لَهُم وَلَيْسَ على أهل الذِّمَّة صَدَقَة فِي زُرُوعهمْ» ، كَذَلِك
قَالَ مَالك بن أنس، وَقَالَ: «إِنَّمَا الْجِزْيَة على رُؤْسهمْ وَفِي أَمْوَالهم إِذا
مروا بهَا فِي تجاراتهم» .(11/42)
وَحكى أَبُو عبيد عَن مَالك أَنه قَالَ: «لَا عشر عَلَيْهِ وَلكنه يُؤمر بِبَيْعِهَا، لِأَن فِي ذَلِك
إبطالا للصدقة» ، وَكَذَلِكَ رووا عَن الْحسن بن صَاع أَنه قَالَ: لَا عشر
عَلَيْهِ وَلَا خراج إِذا اشْتَرَاهَا الذِّمِّيّ من مُسلم وَهِي أَرض عشر،
وَقَالَ: هَذَا منزلَة مَا لَو اشْترى مَاشِيَته أفلست ترى أَن الصَّدَقَة سَقَطت
عَنهُ فِيهَا؟ قَالَ أَبُو عبيد: وَقَول مَالك، وَالْحسن بن صَالح، وَشريك
فِي هَذَا عِنْدِي أشبه بِالصَّوَابِ".
وَكَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يَقُول: «لَيْسَ على أهل الذِّمَّة صَدَقَة فِي أَمْوَالهم، وَلَيْسَ عَلَيْهِم
إِلَّا الْجِزْيَة» ، وَقَالَ النَّخعِيّ: الصَّدَقَة على من تَجَرَ من أهل
الْكتاب، وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: لَا عشر عَلَيْهِ فِي ذَلِك، وَحكى
أَشهب عَن مَالك كحكاية أبي عبيد عَنهُ، قَالَ: سُئِلَ عَن الَّذِي يَشْتَرِي
أَرضًا من أَرض الْعشْر؟ فَقَالَ: لَا عشر عَلَيْهِ وَلكنه يُؤمر بِبَيْعِهَا لِأَن فِي
ذَلِك إبطالا للصدقة، وَقَالَ أَبُو ثَوْر: يجْبر على بيعهَا، لِأَن فِي ذَلِك
إبِْطَال حق الْمُسلمين.
وَفِيه قَول ثَان: وَهُوَ، أَن الذِّمِّيّ إِذا اشْترى أَرض عشر تحولت أَرض
خراج، هَكَذَا قَالَ النُّعْمَان، وَقَالَ يَعْقُوب: يُضَاعف عَلَيْهِ
الْعشْر، وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول: عَلَيْهِ الْعشْر على حَاله، وَبِه
قَالَ ابْن الْحسن.(11/43)
وَقَالَ النُّعْمَان، وَيَعْقُوب: «إِن اشْترى التغلبي أَرضًا من أَرض الْعشْر كَانَ عَلَيْهِ
الْعشْر مضاعفا، فَإِن اشْتَرَاهَا مِنْهُ بعد ذَلِك مُسلم كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر
مضاعفا فِي قَول النُّعْمَان، وَزفر» .
وَأجْمع كل من نَحْفَظ عَنهُ من أهل الْعلم على أَن كل أَرض أسلم عَلَيْهَا
أَهلهَا قبل أَن يقرُّوا أَنَّهَا لَهُم، وَأَن أحكامهم أَحْكَام الْمُسلمين، لَهُم مَا
للْمُسلمين وَعَلَيْهِم مَا عَلَيْهِم، وَأَن عَلَيْهِم فِيمَا زرعوه الزَّكَاة، وَكَذَلِكَ
ثمارهم وَسَائِر أَمْوَالهم.
وَقد ذكرنَا تَفْسِير ذَلِك فِي كتاب الزَّكَاة، وَلَا أعلمهم يَخْتَلِفُونَ فِي أَن لَا
شَيْء على أهل الذِّمَّة فِي مَنَازِلهمْ ورقيقهم ودورهم، وَلَا فِي
سَائِر أَمْوَالهم إِذا كَانُوا من غير بني تغلب إِلَّا مَا يَمرونَ بِهِ
على الْعَاشِر، فَإنَّا ذكرنَا مَا عَلَيْهِم فِي ذَلِك فِي كتاب الزَّكَاة.
ذكر خبر دل على أَن الأَرْض إِذا أخذت عنْوَة وَتركهَا أَهلهَا
أَن للْإِمَام أَن يضع عَلَيْهَا الْخراج
قَالَ أَبُو بكر: قد ذكرت مَا حضرني من اخْتِلَاف أهل الْعلم
فِي أَرض السوَاد، وكل أَرض افتتحت عنْوَة فسبيلها إِذا تَركهَا أَهلهَا
لمن بعدهمْ، أَو تَركهَا الإِمَام على مَا يجوز أَن يَتْرُكهَا لن بعدهمْ كسبيل
أَرض السوَاد، وَذَلِكَ كالأغلب من أَرض مصر وَكثير من أَرَاضِي(11/44)
الشَّام أَن للْإِمَام أَن يضع عَلَيْهَا الْخراج وَيقبض ذَلِك
ويصرفه فِي مصَالح الْمُسلمين وَبينهمْ.
6433 - أخبرنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز حَدثنَا أَحْمد بْنُ يُونُس حَدثنَا زُهَيْر بْنُ مُعَاوِيَة
قَالَ: حَدثنَا سُهَيْل بْنُ أَبى صَالح عَن أَبِيه عَن أَبِي هُرَيْرَة
قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنَعَتِ الْعرَاق قَفِيزَهَا وَدِرْهَمَهَا، وَمَنَعَتِ
الشَّام مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، ثمَّ عُدْتُمْ
مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، قَالَهَا زُهَيْر ثَلَاث مَرَّات، شَهِدَ عَلَى ذَلِك لَحْمُ
أَبى هُرَيْرَة وَدَمه.
وَقَالَ أَبُو عبيد بعد أَن ذكر هَذَا الحَدِيث: مَعْنَاهُ، وَالله أعلم أَن ذَلِك كَائِن
فَإِنَّهُ سيمنع فِي آخر الزَّمَان، واسمع قَول رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الدِّرْهَم والقفيز، كَمَا فعل عمر بن الْخطاب بِالسَّوَادِ، وَفِي تَأْوِيل
عمر أَيْضا حِين وضع الْخراج، ووظفه على أَهله من الْعلم، أَنه
جعله شَامِلًا عَاما على كل، من كَانَ لَزِمته المساحة
وَصَارَت الأَرْض فِي يَده، من رجل أَو امْرَأَة، أَو صبي أَو مكَاتب
أَو عبد، فصاروا متساويين فِيهَا، أَلا ترَاهُ لم يسْتَثْن أحدا دون
أحد، وَمِمَّا يبين ذَلِك قَول عمر لدهقانة نهر الْملك حِين أسلمت
فَقَالَ: دَعُوهَا فِي أرْضهَا تُؤَدّى عَنْهَا الْخراج، فَأوجب عَلَيْهَا مَا أوجب
على الرِّجَال.(11/45)
وَفِي تَأْوِيل حَدِيث عمر من الْعلم أَيْضا أَنه إِنَّمَا جعل الْخراج على الْأَرْضين الَّتِي
تغل: من ذَوَات الْحبّ وَالثِّمَار، الَّتِي تصلح للغلة من العامر والغامر
وعطل من ذَلِك المساكن والدور الَّتِي فِي مَنَازِلهمْ، فَلم يَجْعَل
عَلَيْهِم فِيهَا شَيْئا.
وَيُقَال: أَن حد السوَاد الَّتِي وَقعت عَلَيْهِ المساحة من لدن تخوم الْموصل، مارا
مَعَ المَاء إِلَى سَاحل الْبَحْر، بِبِلَاد عبادان من شَرْقي دجلة هَذَا
طوله، وَأما عرضه فحده مُنْقَطع الْجَبَل من أَرض حلوان إِلَى مُنْتَهى
طرف الْقَادِسِيَّة الْمُتَّصِل بالعذيب من أَرض الْعَرَب، فَهَذَا حد السوَاد
وَعَلِيهِ وَقع الْخراج.
وروي عَن الْحسن بن صَاع أَنه قَالَ: أَرض الْخراج مَا وَقعت عَلَيْهِ المساحة، وَكَانَ
أَبُو حنيفَة يَقُول: «كل أَرض بلغَهَا مَاء الْخراج» .
6434 - حَدثنَا إِبْرَاهِيم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا رَوْحُ بْنُ عبَادَة قَالَ: حَدثنَا
سَعِيدُ بْنُ أَبِي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن لَاحق بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ: لَمَّا
بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخطاب عَمَّارَ بْنَ يَاسر عَلَى الصَّلَاة وعَلى الْجُيُوشِ،
وَبعث ابْن مَسْعُود عَلَى الْقَضَاء وعَلى بَيت مَالهم، وَبعث
عُثْمَان بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مِسَاحَةِ الْأَرْضين، وَجعل بَينهم كُلَّ يَوْم
شَاة، شَطْرُهَا وَسَوَاقِطُهَا لعمَّار بْنِ يَاسر، وَالنّصف بَين هذَيْن،(11/46)
قَالَ سَعِيدٌ: وَلَا أَحْفَظُ الطَّعَام، ثمَّ قَالَ: أَنْزَلْتُكُمْ وَإِيَّايَ مِنْ هَذَا
المَال منزلَة مَال الْيَتِيم، مَنْ كَانَ غَنِيا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمن كَانَ فَقِيرا
فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ، وَمَا أَرَى قَرْيَة يُؤْخَذ مِنْهَا كُلَّ يَوْم
شَاة إِلَّا كَانَ ذَلِك سَرِيعا فِي خَرَابِهَا، قَالَ: فَوضع عُثْمَان بْنُ حُنَيْفٍ
عَلَى جَرِيبِ الْكَرم عشرَة دَرَاهِم، وعَلى جَرِيبِ النَّخْلِ ثَمَانِيَة
دَرَاهِم، وعَلى جَرِيبِ الْقصب سِتَّة دَرَاهِم، وعَلى جَرِيبِ
الْبر أَرْبَعَة دَرَاهِم، وعَلى جريب الشّعْر دِرْهَمَيْنِ، وعَلى رُؤْسهمْ
عَلَى كُلِّ رَجُلٍ أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ، وَعَطِلَ مِنْ
ذَلِك النِّسَاء وَالصبيان، وَفِيمَا تخْتَلف بِهِ مِنْ تِجَارَاتِهِمْ
نِصْفُ الْعشْر، قَالَ: ثمَّ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُمَرَ فَأجَاز ذَلِك
ورضى بِهِ.
6435 - حَدثنَا علي عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الشَّيْبَانِيّ عَن
مُحَمَّد بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيّ قَالَ وَضَعَ عُمَرُ عَلَى أَهْلِ السوَاد عَلَى كُلِّ
جَرِيبٍ عَامر، أَو غَامِرٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا، وعَلى جَرِيبِ الرّطبَة خَمْسَة
دَرَاهِم وَخَمْسَة أَقْفِزَة، وعَلى جَرِيبِ الشَّجَرَة عشرَة دَرَاهِم وَعشرَة
أَقْفِزَة، وعَلى جَرِيبِ الْكَرم عشرَة دَرَاهِم وَعشرَة أَقْفِزَة، قَالَ: وَلم
يَذْكُرِ النّخل.
6436 - حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بْنُ مجَالد ابْن
سَعِيدٍ عَن أَبِيه مجَالد بْنِ سَعِيدٍ عَن الشّعبِيّ أَن عُمَرَ بَعَثَ(11/47)
عُثْمَان بْنَ حُنَيْفٍ فَمسح السوَاد، فَوَجَدَهُ سِتَّة وَثَلَاثِينَ
أَلْفَ أَلْفِ جَرِيبٍ، فَوضع عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ دِرْهَمًا
وَقَفِيزًا.
وَقَالَ أَحْمد: صَاحب أَرض الْخراج أَنما عَلَيْهِ فِي كل جريب من الْبر وَالشعِير قفيز
وَدِرْهَم، وَقَالَ عبد الله بن الْحسن: المساحة فِي أَرض الْخراج حق قد
فعله عمر.(11/48)
كتاب تَعْظِيم أَمر الْغلُول
قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: (ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل ومَن يَغلُل يَأتَ بِمَا
غَلَّ يَومَ القِيَامة ثُمَّ تُوفَّى كُلُّ نَفسٍ مَاكَسَبَت وهُم
لَا يُظلَمُون) الْآيَة.
قَالَ أَبُو بكر: وَقد اخْتلف فِي معنى قَوْله جل ذكره: (ومَا كَان
لنَبِيٍ أَنْ يَغُل) وَفِي قِرَاءَته، فَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ يغل بِرَفْع
الْيَاء وبفتح الْغَيْن.
6437 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ،: حَدثنَا حَجَّاجٌ قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد
عَن قيس عَن طاؤوس أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرَأ: (ومَا كَان لنَبِيٍ
أَنْ يَغُل) .
وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا أَبُو وَائِل، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، وَالْكسَائِيّ، وَقد اخْتلف من
قَرَأَ هَذِه الْقِرَاءَة فِي معنى ذَلِك.
6438 - حَدثنَا عَليّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا الْحسن بْنُ الرَّبِيعِ
قَالَ: حَدثنَا ابْن الْمُبَارك عَن شَرِيكٍ عَن خَصِيفٍ عَن عِكْرِمَة
عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فَقَدْتُ قَطِيفَةً حَمْرَاء يَوْم
بَدْرٍ، مِمَّا أُصِيب مِنَ الْمُشْركين فَقَالَ النَّاس: لَعَلَّ(11/49)
النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخذهَا، فَأنْزل اللَّهُ تبَارك وَتَعَالَى: (ومَا كَان لنَبِيٍ
أَنْ يَغُل) الْآيَة.
وَقَالَ بَعضهم مِمَّن قَرَأَ هَذِه الْقِرَاءَة مَعْنَاهُ: (ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل) يقسم لبَعض
وَيتْرك بَعْضًا، كَذَلِك قَالَ الضَّحَّاك، وَكَذَلِكَ روى ابْن جريج،
وَابْن عَبَّاس، وَزَاد: أَن يجوز فِي الحكم وَالْقسم.
وَقيل معنى ثَالِث: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: أَي مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكتم النَّاس مَا بَعثه الله
بِهِ إِلَيْهِم عَن رهبة هن النَّاس وَلَا رَغْبَة، (ومَن يَغلُل) أَي يفعل ذَلِك،
يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة.
وَكَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يقْرَأ (يَغُلَّ) يخان، وَكَذَلِكَ قَرَأَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ،
وَقَالَ مُجَاهِد: (يَغُل) يخون، وَقَالَ قَتَادَة: (يَغُل) يغله(11/50)
أَصْحَابه، وَقَالَ بَعضهم: كلا الْقِرَاءَتَيْن صَوَاب وَهُوَ أَن يخان أَو
يخون، وَقَالَ الضَّحَّاك فِي قَوْله: (أفَمن اتَّبَعَ رضوَان الله) الْآيَة
قَالَ: من لم يغل (كَمَن بَاء بسخطٍ مِنَ اللَّهِ) الْآيَة
قَالَ: من غل.
ذكر التَّغْلِيظ فِي الْغلُول
6439 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ الْوَهَّاب قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ
قَالَ: أَخْبرنِي مَالك عَن ثَوْر بْنِ زيد الدَّيْلَمِيِّ عَن أَبِي الْغَيْث
سَالم مولى ابْن مُطِيع عَن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَر، فَلم نَغْنَمْ فضَّة وَلَا ذَهَبا، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْمَتَاع
وَالْأَمْوَال، ثمَّ انْصَرَفْنَا نَحْو وَادي الْقرى وَمَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ
أعطَاهُ إِيَّاه رِفَاعَة بْنُ زَيْدٍ رَجُلٌ مِنْ ضُبَيْبٍ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحل
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا أَتَاهُ سَهْمٌ عَابِر فَأَصَابَهُ فَمَاتَ، فَقَالَ لَهُ
النَّاس: هَنِيئًا لَهُ الْجنَّة، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَلا وَالَّذِي نَفسِي
بِيَدِهِ إِن الشَّمْلَةَ الَّتِي غَلَّهَا يَوْم خَيْبَر، وَمن الْمَغَانِم لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ تَشْتَعِلُ
عَلَيْهِ نَارا، فجَاء رَجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِرَاك أَو شِرَاكَيْنِ، فَقَالَ(11/51)
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شِرَاك أَو شِرَاكَانِ مِنْ نَار» .
6440 - حَدثنَا حَاتِم بْنُ يُونُس الْجُرْجَانِيُّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ
قَالَ: حَدثنَا عِكْرِمَة بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدثنِي أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ: حَدثنِي
ابْن عَبَّاس قَالَ: حَدثنِي عُمَرُ بْنُ الْخطاب قَالَ: قُتِلَ نَفَرٌ يَوْم خَيْبَر
فَقَالُوا: قُتِلَ فلَان شَهِيدا، قُتِلَ فلَان شَهِيدا حَتَّى ذكرُوا رَجُلا فَقَالُوا:
قُتِلَ فلَان شَهِيدا، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلا إِنِّي رَأَيْته فِي النَّار فِي عبأة
غَلَّهَا، أَو بُرْدَةٍ غَلَّهَا» .
قَالَ أَبُو بكر: فِي خبر أبي هُرَيْرَة دَلِيل على أَن الْقَتْل فِي سَبِيل الله لَا يكفر
ذنُوب الغال، لِأَن ذَلِك من مظالم الْعباد وديونهم، إِذا
أَخذ ذَلِك آخذ من أَمْوَال النَّاس، وَذَلِكَ من قَول رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا
الدَّين كَذَلِك أَخْبرنِي جِبْرِيل» .
ذكر الْخَبَر الدَّال على أَن الغال يَأْتِي بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة
قَالَ الله عز وَجل: (ومَن يَغلُل يَأتَ بِمَا غَلَّ يَومَ القِيَامة) الْآيَة.(11/52)
6441 - حَدثنَا عَليّ بْنُ الْحسن قَالَ: حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيد الْعَدنِي
عَن سُفْيَان عَن أَبِي حَيَّان عَن أَبِي زرْعَة عَن أَبِي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا ألفيَنَّ أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رَقَبَتِهِ صَامت
يَقُول: يَا رَسُول اللَّهِ؟ أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أَمْلِكُ لَك شَيْئا قَدْ أَبْلَغْتُكَ،
لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهَا حَمْحَمَة
فَيَقُول: يَا رَسُول اللَّهِ؟ أَغِثْنِي فَأَقُول: لَا أَمْلِكُ لَك شَيْئا قَدْ أَبْلَغْتُكَ،
لَا أَلفَيْنِ أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ، فَيَقُول: يَا
رَسُول اللَّهِ؟ أَغِثْنِي، فَأَقُول: لَا أَمْلِكُ لَك شَيْئا قَدْ أَبْلَغْتُكَ، ثمَّ ذَكَرَ
الْبَعِير، وَالْبَقر، وَالشَّاة مِثْلَ ذَلِك.
ذكر ترك الصَّلَاة على الغال من الْغَنَائِم
6442 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن هَب قَالَ: أَخْبرنِي مَالك
وَاللَّيْث عَن يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَن مُحَمَّد بْنِ يَحْيَى بْنِ حَيَّان عَن أَبِي عمْرَة عَن
زَيْدِ بْنِ خَالِد الْجُهَنِيّ أَنه قَالَ: تُوُفِّيَ رَجُلٌ يَوْم خَيْبَر، وَأَنَّهُمْ ذكرُوا لرَسُول
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحبكُم، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوه(11/53)
النَّاس لذَلِك، فَزعم أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِن صَاحبكُم قَدْ غَلَّ فِي
سَبِيل اللَّهِ» ، فَفَتَحْنَا مَتَاعه فَوَجَدنَا خَرَزَات مِنْ خَرَزِ يَهُودَ مَا تَسَاوِي
دِرْهَمَيْنِ.
قَالَ أَبُو بكر: قَالَ بعض أهل الْعلم فِي قَوْله للغال: «صلوا على صَاحبكُم»
دَلِيل على أَن الْكفْر لَا يلْحق الْمُؤمن بارتكابه بعض الْكَبَائِر، لِأَنَّهُ لَا يَأْمر
بِالصَّلَاةِ على غير مُؤمن.
ذكر مَا يُعَاقب بِهِ الغال من تحريق رَحْله
6443 - حَدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمد قَالَ: حَدثنَا الْحميدِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ
وَمُحَمّد بْنُ يَحْيَى الجاوي قَالَا: حَدثنَا عَبْدُ الْعَزِيز بْنُ مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي
قَالَ الْحميدِي: قَالَ: حَدثنَا صَالح بْنُ مُحَمَّد بْنِ زَائِد قَالَ: كُنْتُ مَعَ
مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْملك فِي الْغَزْو فَدَعَا سَالم بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ
سَالم: حَدثنِي أَبِي عَن عُمَرَ بْنِ الْخطاب أَن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ غَلَّ
فَاضْرِبُوا وَاحْرِقُوا مَتَاعه، قَالَ: فَوجدَ مَسْلَمَةُ فِي رَحْله مُصحفا، فَسَأَلَ
سَالم بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنهُ فَقَالَ: بِعْهُ وَتصدق بِثمنِهِ.(11/54)
ذكر اخْتِلَاف أهل الْعلم فِيمَا يفعل بالغال
وَاخْتلفُوا فِيمَا يفعل بِمن غل فَقَالَت طَائِفَة: يحرق رَحْله كَذَلِك قَالَ
الْحسن الْبَصْرِيّ، وَمَكْحُول، وَسَعِيد بن عبد الْملك،
والوليد بن هِشَام، وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: إِلَّا أَن يكون حَيَوَانا
أَو مُصحفا.
وَقَالَ الأوزاعي: يحرق مَتَاعه، وَقَالَ أَحْمد، وَإِسْحَاق كَقَوْل الْحسن
وَقَالَ الأوزاعي: لَا يحرق مَا غل، وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمد
وَرفع إِلَى الْمغنم، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: وَيغرم إِن كَانَ اسْتهْلك مَا غل،
وَقَالَ الأوزاعي: يحرق مَتَاعه الَّذِي غزا بِهِ، وسرجه، وإكافه،
وَلَا تحرق دَابَّته وَلَا نَفَقَته إِن كَانَت فِي خرجه، وَلَا سلاحه، وَلَا ثِيَابه(11/55)
الَّتِي عَلَيْهِ، وَمَا أَلْقَت النَّار من حَدِيد أَو غَيره فصاحبه أَحَق بِأَخْذِهِ،
وَإِن رَجَعَ الغال إِلَى أَهله أحرق مَتَاعه الَّذِي غزا بِهِ، وَقَالَ فِي الْغُلَام
الَّذِي لم يَحْتَلِم يغل، لَا يحرق مَتَاعه وَيحرم سَهْمه وَيغرم إِن كَانَ
اسْتهْلك مَا غل، وَالْمَرْأَة يحرق متاعها إِذا غلت، وَالْعَبْد إِذا
غل رأى الإِمَام فِي عُقُوبَته وَلَا يحرق مَتَاعه، لِأَنَّهُ لسَيِّد، فَإِن
اسْتهْلك مَا غل فَهُوَ فِي رَقَبَة العَبْد إِن شَاءَ مَوْلَاهُ افتكه وَإِن شَاءَ
دَفعه بِجِنَايَتِهِ، وَقَالَ: مِمَّا أرى بَأْسا أَن يحرق مَتَاع الْمعَاهد إِذا غل،
وَقَالَ فِي الرجل يُوجد مَعَه الْغلُول فَيَقُول: ابتعته قَالَ: لَا يحرق مَتَاعه
إِذا دخلت شُبْهَة.
وَقَالَ أَحْمد: لَا تحرق ثِيَابه الَّتِي عَلَيْهِ، وَلَا سَرْجه، وَلَا يحرق مَا يلْبسهُ عَلَيْهِ
من سلاحه.
وَقَالَت طَائِفَة: لَا يحرق رَحْله وَلَا يعافي فِي مَاله هَذَا قَول مَالك بن أنس،
وَاللَّيْث بن سعد، وَالشَّافِعِيّ، وَكَانَ اللَّيْث بن سعد يرى أَن
عَلَيْهِ الْعقُوبَة، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِي إِذا كَانَ عَالما بِالنَّهْي، وَقَالَ
الشَّافِعِي: «لَا يعافي رجل فِي مَاله إِنَّمَا يُعَاقب فِي بدنه، جعل الله الْحُدُود
على الْأَبدَان، وَكَذَلِكَ الْعُقُوبَات» وَاحْتج الشَّافِعِي
بِحَدِيث عبد الله بن عَمْرو.
6444 - أخبرنَا حَاتِم بْنُ مَنْصُور أَن الْحميدِي حَدثهمْ قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان
حَدثنَا عَمْرو بْنُ دِينَار، وَابْن عجلَان عَن عَمْرو بْنِ شُعَيْب عَن أَبِيه
عَن جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا انْصَرف النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ
عِنْد قَسْمِ الْخمس جَاءَهُ رَجُلٌ يَسْتَحِلُّهُ خِيَاطًا وَمَخِيطًا فَقَالَ(11/56)
النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رُدُّوا الْخياط وَالْمَخِيطَ، فَإِن الْغلُول عَار وَنَارٌ وَشَنَارٌ يَأْتِي
بِهِ صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة.
قَالَ أَبُو بكر: كَانَ مُرَاد الشَّافِعِي من هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يُوجب على
الرجل شَيْئا وَلم يحرق عَلَيْهِ رَحْله، وَلَو كَانَ ذَلِك وَاجِبا لفعله بِهِ، وَلَو
شَاءَ قَائِل أَن يَقُول: يحْتَمل أَن يكون الَّذِي استحله الْخياط والمخيط غير
عَالم بِتَحْرِيم ذَلِك، وَإِنَّمَا تجب الْعُقُوبَات على من فعل ذَلِك بعد علمه بِأَن
ذَلِك محرم عَلَيْهِ، أَو يكون النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمر بِأَن يحرق رَحل من غل بعد
عَام حنين، فَلَا يكون ذَلِك خلافا لما قَالَه من أوجب حرق رَحل الغال،
مَعَ أَن الْحجَّة إِنَّمَا تكون فِي قَول من أوجب الشَّيْء، لَا قَول من وقف عَن
الْإِيجَاب، وَلَيْسَ فِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو ذكر حرق الرحل، وَإِذا
وجد ذَلِك فِي حَدِيث آخر وَجب اسْتِعْمَاله، لِأَن الَّذِي حفظ أَن النَّبِي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر بحرق رَحل الغال شَاهد، وَالَّذِي لم يذكر ذَلِك لَيْسَ بِشَاهِد،
وَقد احْتج بعض من رأى أَن للْإِمَام أَن يُعَاقب فِي الْأَمْوَال بأَشْيَاء، مِنْهَا
حَدِيث مُعَاوِيَة بن حيدة.(11/57)
6445 - حَدثنَا إِسْحَاق عَن عَبْدِ الرَّزَّاق عَن [مَعْمَرٍ عَن]
بَهْزِ بْنِ حَكِيم بْنِ مُعَاوِيَة بْنِ حَيْدَةَ عَن أَبِيه عَن جَدِّهِ قَالَ: سَمِعت
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: " فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الْإِبِل سَائِمَة ابْنة لَبُونٍ، فَمن
أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلهُ أجرهَا، وَمن كتمها فَأَنا لآخذها وَشطر إبِله عَزِيمَة مِنْ
عَزَائِمِ رَبك، لَا تَحِلُّ لمُحَمد وَلَا لآلِ مُحَمَّد.
وَمِنْهَا حَدِيث عبد الله بن عَمْرو.
6446 - أخبرنَا مُحَمَّد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أخبرنَا ابْن وَهْبٍ قَالَ: أخبرنَا
عَمْرو بْنُ الْحَارِث وَهِشَام بْنُ سَعْدٍ عَن عَمْرو بْنِ شُعَيْب عَن أَبِيه عَن
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو أَن رَجُلا من مزينة أَتَى إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا
رَسُول اللَّهِ! كَيفَ تَرَى فِي حَرِيسَةِ الْجَبَل، قَالَ: «هِيَ وَمثلهَا،
وَالنَّكَالُ، لَيْسَ فِي شَيْء مِنَ الْمَاشِيَة قَطْعٌ إِلَّا فِيمَا أَواه الْمُرَاحُ فَبلغ
ثَمَنَ الْمِجَن فَفِيهِ قَطْعُ الْيَد، ومالم يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَن فَفِيهِ غَرَامَة مثلَيْهِ
وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ» .(11/58)
فَقَالَ هَذَا الْقَائِل: فَفِي قَوْله: «هِيَ وَمثلهَا» ، تغريم ضعف مَا أَخذ، من ذَلِك
حَدِيث عمر بن الْخطاب الَّذِي:
6447 - أَخْبَرَنَاهُ الرَّبِيعُ قَالَ: أخبرنَا الشَّافِعِي قَالَ: أخبرنَا مَالك عَن
هِشَام بْنِ عُرْوَة عَن أَبِيه عَن يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ حَاطِب أَن
رَقِيقا لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَة لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَانْتَحَرُوهَا، فَرفع ذَلِك إِلَى
عُمَرَ بْنِ الْخطاب، فَأمر كَثِيرَ بْنَ الصَّلْت أَن يَقْطَعَ أَيْديهم، ثمَّ قَالَ
عُمَرُ: " إِنِّي أَرَاك تُحِبُّهُمْ، وَالله لأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْك
ثمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ: كَمْ ثَمَنُ نَاقَتك؟ قَالَ: أَرْبَعمِائَة دِرْهَم،
قَالَ: أعْطه ثَمَان مائَة.
عَن جمَاعَة من أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ أَنهم جعلُوا دِيَة من قتل فِي
الْحرم دِيَة وَثلث تَغْلِيظًا على الْقَاتِل، قَالَت هَذِه الْفرْقَة: فللإمام أَن
يُعَاقب أهل الريب والمعاصي بِالضَّرْبِ وَالْحَبْس، فَإِذا جَازَ أَن يعاقبهم فِي
أبدانهم فَكَذَلِك جَائِز أَن يعاقبهم فِي أَمْوَالهم، بل عِنْد كثير من النَّاس
الْعقُوبَة فِي المَال أيسر وأسهل من الْعقُوبَة فِي الْبدن.
وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول فِي الرجل يحْتَمل الثَّمَرَة من أكمامه فِيهِ الثمن مَرَّتَانِ
وَضرب النكال، وَقَالَ: كل من درأنا عَنهُ الْحَد والقود أضعفنا عَلَيْهِ
الْعَزْم لحَدِيث الْمُزنِيّ، وَكَانَ يرى بتغليظ الدِّيَة على من قتل فِي الشَّهْر
الْحَرَام، وَفِي الْحرم، والتغليظ فِيهِ دِيَة وَثلث.(11/59)
ذكر تَوْبَة الغال وَمَا يصنع بِمَا غل
أجمع كل من أحفظ عَنهُ من أهل الْعلم على أَن على الغال يرد مَا غل إِلَى
صَاحب الْمقسم إِذا وجد السَّبِيل إِلَيْهِ، وَلم يفْتَرق النَّاس.
وَاخْتلفُوا فِيمَا يفعل بِهِ إِذا افترق النَّاس وَلم يصل إِلَيْهِم فَقَالَت
طَائِفَة: يدْفع إِلَى الإِمَام خمسه وَيتَصَدَّق بِالْبَاقِي.
6448 - حَدثنَا مُوسَى بْنُ هَارُون حَدثنَا الْعَبَّاس بْنُ مُحَمَّد الْقَنْطَرِي قَالَ: حَدثنَا
مُبشر عَن صَفْوَان بْنِ عَمْرو عَن حَوْشَب عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّاعِر
السكْسكِي قَالَ: غَزَا زَمَنَ مُعَاوِيَة وَعَلَيْهِم عَبْد الرَّحْمَن، ابْن
خَالِد بْن الْوَلِيد فَغَلَّ رجل من الْمُسلمين مائَة دِينَار رُومِية، فَلَمَّا انْصَرف
النَّاس قافلين نَدم الرجل فَأتى عبد الرَّحْمَن بن خَالِد فَقَالَ: إِنِّي غللت مائَة
دِينَار فاقبضها مني، قَالَ: قد افترق النَّاس فَلَنْ اقبضها مِنْك حَتَّى
يَأْتِي الله بهَا يَوْم الْقِيَامَة، فَدخل على مُعَاوِيَة فَذكر لَهُ أمرهَا، فَقَالَ
مُعَاوِيَة: مثل ذَلِك، فَمر بِعَبْد الله بن الشَّاعِر السكْسكِي وَهُوَ يبكي
فَقَالَ: مَا يبكيك؟ قَالَ: كَانَ من أَمْرِي كَذَا كَذَا، فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُون، قَالَ: أمطيعي أَنْت؟ قَالَ: نعم، قَالَ: ارْجع إِلَى مُعَاوِيَة فَقل
لَهُ: اقبض مني خمسك، فادفع إِلَيْهِ عشْرين دِينَارا، وَانْظُر إِلَى الثَّمَانِينَ
الْبَاقِيَة، فَتصدق بهَا عَن ذَلِك الْجَيْش، فَإِن الله عز وَجل يقبل التَّوْبَة،
وَالله أعلم بِأَسْمَائِهِمْ ومكانهم فَفعل ذَلِك الرجل، فبلغت مُعَاوِيَة
فَقَالَ: أحسن لِأَن أكون أفتيته بهَا أحب إِلَى من كل شَيْء أملك.(11/60)