شبكة مشكاة الإسلامية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أسم الكتاب : فتاوى المرأة المسلمة
نبذة : مجموعة من الفتاوى الخاصة بالمرأة المسلمة تم جمعها من عدة مواقع واهمها :
1- موقع الإسلام اليوم للشيخ سلمان حفظه الله فقد تم جمع كل ما استطعنا الحصول عليه من
الفتاوى الخاصة بالمرأة في الموقع
2- جمع بعض فتاوى كبار العلماء فيما يتعلق بالمرأة المسلمة .
مع تحيات شبكة مشكاة الإسلامية / قسم المكتبة
www.almeshkat.net
www.almeshkat.net/books
الله أعلى واعلم(1/1)
60 سؤالا في أحكام الحيض والنفاس
للشيخ بن عثيمين رحمه الله
تقديم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله وآله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين.. وبعد
أختي المسلمة:
نظراً لكثرة التساؤلات التي ترد على العلماء بشأن أحكام الحيض في العبادات رأينا أن نجمع الأسئلة التي تتكرر دائماً وكثيراً ما تقع دون التوسع وذلك رغبة في الاختصار.
أختي المسلمة:
حرصنا على جمعها لتكون في متناول يدك دائماً وذلك لأهمية الفقه في شرع الله ولكي تعبدين الله على علم وبصيرة.
تنبيه: قد يبدو لمن يتصفح الكتاب لأول مرة أن بعض الأسئلة متكررة ولكن بعد التأمل سوف يجد أن هناك زيادة علم في إجابة دون الأخرى. رأينا عدم إغفالها.
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
س 1: إذا طهرت المرأة بعد الفجر مباشرة هل تمسك وتصوم هذا اليوم؟ ويكون يومها لها، أم عليها قضاء ذلك اليوم؟
جـ: إذا طهرت المرأة بعد طلوع الفجر فللعلماء في إمساكها ذلك اليوم قولان:
القول الأول: إنه يلزمها الإمساك بقية ذلك اليوم ولكنه لا يحسب لها بل يجب عليها القضاء، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ.
والقول الثاني: إنه لا يلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم؛ ْلأنه يوم لا يصح صومها فيه لكونها في أوله حائضة ليست من أهل الصيام، وإذا لم يصح لم يبق للإمساك فائدة، وهذا الزمن زمن غير محترم بالنسبة لها؛ لأنها مأمورة بفطره في أول النهار، بل محرم عليها صومه في أول النهار، والصوم الشرعي هو: «الإمساك عن المفطرات تعبداً لله عز وجل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس» وهذا القول كما تراه أرجح من القول بلزوم الإمساك، وعلى كلا القولين يلزمها قضاء هذا اليوم.
س 2: هذا السائل يقول: إذا طهرت الحائض واغتسلت بعد صلاة الفجر وصلت وكملت صوم يومها، فهل يجب عليها قضاؤه؟(1/1)
جـ: إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر ولو بدقيقة واحدة ولكن تيقنت الطهر فإنه إذا كان في رمضان فإنه يلزمها الصوم ويكون صومها ذلك اليوم صحيحاً ولا يلزمها قضاؤه؛ لأنها صامت وهي طاهر وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر فلا حرج، كما أن الرجل لو كان جنباً من جماع أو احتلام وتسحر ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر كان صومه صحيحاً.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أمر آخر عند النساء إذا أتاها الحيض وهي قد صامت ذلك اليوم فإن بعض النساء تظن أن الحيض إذا أتاها بعد فطرها قبل أن تصلي العشاء فسد صوم ذلك اليوم، وهذا لا أصل له بل إن الحيض إذا أتاها بعد الغروب ولو بلحظة فإن صومها تام وصحيح.
س 3: هل يجب على النفساء أن تصوم وتصلي إذا طهرت قبل الأربعين؟
جـ: نعم، متى طهرت النفساء قبل الأربعين فإنه يجب عليها أن تصوم إذا كان ذلك في رمضان، ويجب عليها أن تصلي، ويجوز لزوجها أن يجامعها، لأنها طاهر ليس فيها ما يمنع الصوم ولا ما يمنع وجوب الصلاة وإباحة الجماع.
س 4: إذا كانت المرأة عادتها الشهرية ثمانية أيام أو سبعة أيام ثم استمرت معها مرة أو مرتين أكثر من ذلك فما الحكم؟
جـ: إذا كانت عادة هذه المرأة ستة أيام أو سبعة ثم طالت هذه المدة وصارت ثمانية أو تسعة أو عشرة أو أحد عشر يوماً فإنها تبقى لا تصلي حتى تطهر وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يحد حدًّا معيناً في الحيض وقد قال الله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} فمتى كان هذا الدم باقياً فإن المرأة على حالها حتى تطهر وتغتسل ثم تصلي، فإذا جاءها في الشهر الثاني ناقصاً عن ذلك فإنها تغتسل إذا طهرت وإن لم يكن على المدة السابقة، والمهم أن المرأة متى كان الحيض معها موجوداً فإنها لا تصلي سواء كان الحيض موافقاً للعادة السابقة، أو زائداً عنها، أو ناقصاً، وإذا طهرت تصلي.(1/2)
س 5: المرأة النفساء هل تجلس أربعين يوماً لا تصلي ولا تصوم أم أن العبرة بانقطاع الدم عنها، فمتى انقطع تطهرت وصلت؟ وما هي أقل مدة للطهر؟
جـ: النفساء ليس لها وقت محدود بل متى كان الدم موجوداً جلست لم تصل ولم تصم ولم يجامعها زوجها، وإذا رأت الطهر ولو قبل الأربعين ولو لم تجلس إلا عشرة أيام أو خمسة أيام فإنها تصلي وتصوم ويجامعها زوجها ولا حرج في ذلك. والمهم أن النفاس أمر محسوس تتعلق الأحكام بوجوده أو عدمه، فمتى كان موجوداً ثبتت أحكامه، ومتى تطهرت منه تخلت من أحكامه، لكن لو زاد على الستين يوماً فإنها تكون مستحاضة تجلس ما وافق عادة حيضها فقط ثم تغتسل وتصلي.
س 6: إذا نزل من المرأة في نهار رمضان نقط دم يسيرة، واستمر معها هذا الدم طوال شهر رمضان وهي تصوم، فهل صومها صحيح؟
جـ: نعم، صومها صحيح، وأما هذه النقط فليست بشيء لأنها من العروق، وقد أثِر عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: إن هذه النقط التي تكون كرعاف الأنف ليست بحيض، هكذا يذكر عنه ـ رضي الله عنه ـ.
س 7: إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل الفجر ولم تغتسل إلا بعد الفجر هل يصح صومها أم لا؟
جـ: نعم، يصح صوم المرأة الحائض إذا طهرت قبل الفجر ولم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر، وكذلك النفساء لأنها حينئذ من أهل الصوم، وهي شبيهة بمن عليه جنابة إذا طلع الفجر وهو جُنب فإن صومه يصح لقوله تعالى: {فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}، وإذا أذن الله تعالى بالجماع إلى أن يتبين الفجر لزم من ذلك أن لا يكون الاغتسال إلا بعد طلوع الفجر، ولحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ «أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يصبح جنباً من جماع أهله وهو صائم»، أي أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يغتسل عن الجنابة إلا بعد طلوع الصبح.(1/3)
س 8: إذا أحست المرأة بالدم ولم يخرج قبل الغروب، أو أحست بألم العادة هل يصح صيامها ذلك اليوم أم يجب عليها قضاؤه ؟
جـ: إذا أحست المرأة الطاهرة بانتقال الحيض وهي صائمة ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس، أو أحست بألم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس فإن صومها ذلك اليوم صحيح وليس عليها إعادته إذا كان فرضاً، ولا يبطل الثواب به إذا كان نفلاً.
س 9: إذا رأت المرأة دماً ولم تجزم أنه دم حيض فما حكم صيامها ذلك اليوم؟
جـ: صيامها ذلك اليوم صحيح؛ لأن الأصل عدم الحيض حتى يتبين لها أنه حيض.
س 10: أحياناً ترى المرأة أثراً يسيراً للدم أو نقطاً قليلة جداً متفرقة على ساعات اليوم، مرة تراه وقت العادة وهي لم تنزل، ومرة تراه في غير وقت العادة، فما حكم صيامها في كلتا الحالتين؟
جـ: سبق الجواب على مثل هذا السؤال قريباً، لكن بقي أنه إذا كانت هذه النقط في أيام العادة وهي تعتبره من الحيض الذي تعرفه فإنه يكون حيضاً.
س 11: الحائض والنفساء هل تأكلان وتشربان في نهار رمضان؟
جـ: نعم تأكلان وتشربان في نهار رمضان لكن الأولى أن يكون ذلك سرًّا إذا كان عندها أحد من الصبيان في البيت لأن ذلك يوجب إشكالاً عندهم.
س 12: إذا طهرت الحائض أو النفساء وقت العصر هل تلزمها صلاة الظهر مع العصر أم لا يلزمها سوى العصر فقط؟(1/4)
جـ: القول الراجح في هذه المسألة أنه لا يلزمها إلا العصر فقط، لأنه لا دليل على وجوب صلاة الظهر، والأصل براءة الذمة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر»، ولم يذكر أنه أدرك الظهر، ولو كان الظهر واجباً لبيّنه النبي صلى الله عليه وسلّم، ولأن المرأة لو حاضت بعد دخول وقت الظهر لم يلزمها إلا قضاء صلاة الظهر دون صلاة العصر مع أن الظهر تجمع إلى العصر، ولا فرق بينها وبين الصورة التي وقع السؤال عنها، وعلى هذا يكون القول الراجح أنه لا يلزمها إلا صلاة العصر فقط لدلالة النص والقياس عليها. وكذلك الشأن فيما لو طهرت قبل خروج وقت العشاء فإنه لا يلزمها إلا صلاة العشاء، ولا تلزمها صلاة المغرب.
س 13: بعض النساء اللاتي يجهضن لا يخلو الحال: إمَّا أن تجهض المرأة قبل تخلُّق الجنين، وإما أن تجهض بعد تخلقه وظهور التخطيط فيه، فما حكم صيامها ذلك اليوم الذي أجهضت فيه وصيام الأيام التي ترى فيها الدم؟
جـ: إذا كان الجنين لم يُخلَّق فإن دمها هذا ليس دم نفاس، وعلى هذا فإنها تصوم وتصلي وصيامها صحيح، وإذا كان الجنين قد خُلّق فإن الدم دم نفاس لا يحل لها أن تصلي فيه، ولا أن تصوم، والقاعدة في هذه المسألة أو الضابط فيها أنه إذا كان الجنين قد خلق فالدم دم نفاس، وإذا لم يخلّق فليس الدم دم نفاس، وإذا كان الدم دم نفاس فإنه يحرم عليها ما يحرم على النفساء، وإذا كان غير دم النفاس فإنه لا يحرم عليها ذلك.
س 14: نزول الدم من الحامل في نهار رمضان هل يؤثر على صومها؟(1/5)
جـ: إذا خرج دم الحيض والأنثى صائمة فإن صومها يفسد، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم» ولهذا نعده من المفطرات والنفاس مثله، وخروج دم الحيض والنفاس مفسد للصوم، ونزول الدم من الحامل في نهار رمضان إذا كان حيضاً فإنه كحيض غير الحامل أي يؤثر على صومها، وإن لم يكن حيضاً فإنه لا يؤثر، والحيض الذي يمكن أن يقع من الحامل هو أن يكون حيضاً مطرداً لم ينقطع عنها منذ حملت بل كان يأتيها في أوقاتها المعتادة فهذا حيض على القول الراجح يثبت له أحكام الحيض، أما إذا انقطع الدم عنها ثم صارت بعد ذلك ترى دماً ليس هو الدم المعتاد فإن هذا لا يؤثر على صيامها لأنه ليس بحيض.
س 15: إذا رأت المرأة في زمن عادتها يوماً دماً والذي يليه لا ترى الدم طيلة النهار، فماذا عليها أن تفعل؟
جـ: الظاهر أن هذا الطهر أو اليبوسة التي حصلت لها في أيام حيضها تابع للحيض فلا يعتبر طهراً، وعلى هذا فتبقى ممتنعة مما تمتنع منه الحائض، وقال بعض أهل العلم: من كانت ترى يوماً دماً ويوماً نقاءً، فالدم حيض، والنقاء طهر حتى يصل إلى خمسة عشر يوماً فإذا وصل إلى خمسة عشر يوماً صار ما بعده دم استحاضة، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ.
س 16: في الأيام الأخيرة من الحيض وقبل الطهر لا ترى المرأة أثراً للدم، هل تصوم ذلك اليوم وهي لم تر القصة البيضاء أم ماذا تصنع؟
جـ: إذا كان من عادتها ألا ترى القصة البيضاء كما يوجد في بعض النساء فإنها تصوم، وإن كان من عادتها أن ترى القصة البيضاء فإنه لا تصوم حتى ترى القصة البيضاء.
س 17: ما حكم قراءة الحائض والنفساء للقرآن نظراً وحفظاً في حالة الضرورة كأن تكون طالبة أو معلمة؟(1/6)
جـ: لا حرج على المرأة الحائض أو النفساء في قراءة القرآن إذا كان لحاجة، كالمرأة المعلمة، أو الدارسة التي تقرأ وردها في ليل أو نهار، وأما القراءة أعني قراءة القرآن لطلب الأجر وثواب التلاوة فالأفضل ألا تفعل لأن كثيراً من أهل العلم أو أكثرهم يرون أن الحائض لا يحل لها قراءة القرآن.
س 18: هل يلزم الحائض تغيير ملابسها بعد طهرها مع العلم أنه لم يصبها دم ولا نجاسة؟
جـ: لا يلزمها ذلك؛ لأن الحيض لا ينجس البدن وإنما دم الحيض ينجس ما لاقاه فقط، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلّم النساء إذا أصاب ثيابهن دم حيض أن يغسلنه ويصلين في ثيابهن.
س 19: سائل يسأل، امرأة أفطرت في رمضان سبعة أيام وهي نفساء، ولم تقضِ حتى أتاها رمضان الثاني وطافها من رمضان الثاني سبعة أيام وهي مرضع ولم تقض بحجة مرض عندها، فماذا عليها وقد أوشك دخول رمضان الثالث، أفيدونا أثابكم الله؟
جـ: إذا كانت هذه المرأة كما ذكرت عن نفسها أنها في مرض ولا تستيطع القضاء فإنها متى استطاعت صامته لأنها معذورة حتى ولو جاء رمضان الثاني، أما إذا كان لا عذر لها وإنما تتعلل وتتهاون فإنه لا يجوز لها أن تؤخر قضاء رمضان إلى رمضان الثاني، قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ «كان يكون عليّ الصوم فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان» وعلى هذا فعلى هذه المرأة أن تنظر في نفسها إذا كان لا عذر لها فهي آثمة، وعليها أن تتوب إلى الله، وأن تبادر بقضاء ما في ذمتها من الصيام، وإن كانت معذورة فلا حرج عليها ولو تأخرت سنة أو سنتين.
س 20: بعض النساء يدخل عليهن رمضان الثاني وهن لم يصمن أياماً من رمضان السابق فما الواجب عليهن؟(1/7)
جـ: الواجب عليهن التوبة إلى الله من هذا العمل، لأنه لا يجوز لمن عليه قضاء رمضان أن يؤخره إلى رمضان الثاني بلا عذر لقول عائشة ـ رضي الله عنه ـ: «كان يكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان»، وهذا يدل على أنه لا يمكن تأخيره إلى ما بعد رمضان الثاني، فعليها أن تتوب إلى الله ـ عز وجل ـ مما صنعت وأن تقضي الأيام التي تركتها بعد رمضان الثاني.
س 21: إذا حاضت المرأة الساعة الواحدة ظهراً مثلاً وهي لم تصل بعد صلاة الظهر هل يلزمها قضاء تلك الصلاة بعد الطهر؟
جـ: في هذا خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إنه لا يلزمها أن تقضي هذه الصلاة؛ لأنها لم تفرّط ولم تأثم حيث إنه يجوز لها أن تؤخر الصلاة إلى آخر وقتها، ومنهم من قال: إنه يلزمها القضاء أي قضاء تلك الصلاة لعموم قوله صلى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» والاحتياط لها أن تقضيها لأنها صلاة واحدة لا مشقة في قضائها.
س 22: إذا رأت الحامل دماً قبل الولادة بيوم أو يومين فهل تترك الصوم والصلاة من أجله أم ماذا؟
جـ: إذا رأت الحامل الدم قبل الولادة بيوم أو يومين ومعها طلق فإنه نفاس تترك من أجله الصلاة والصيام، وإذا لم يكن معه طلق فإنه دم فساد لا عبرة فيه ولا يمنعها من صيام ولا صلاة.
س 23: ما رأيك في تناول حبوب منع الدورة الشهرية من أجل الصيام مع الناس؟
جـ: أنا أحذِّر من هذا، وذلك لأن هذه الحبوب فيها مضرة عظيمة، ثبت عندي ذلك عن طريق الأطباء، ويقال للمرأة: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقنعي بما كتب الله ـ عز وجل ـ وصومي حيث لا مانع، وإذا وجد المانع فافطري رضاءً بما قدَّر الله ـ عز وجل ـ.
س 24: يقول السائل: امرأة بعد شهرين من النفاس وبعد أن طهرت بدأت تجد بعض النقاط الصغيرة من الدم. فهل تفطر ولا تصلي؟ أم ماذا تفعل؟(1/8)
جـ: مشاكل النساء في الحيض والنفاس بحر لا ساحل له، ومن أسبابه استعمال هذه الحبوب المانعة للحمل والمانعة للحيض، وما كان الناس يعرفون مثل هذه الإشكالات الكثيرة، صحيح أن الإشكال مازال موجوداً من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلّم بل منذ وجد النساء، ولكن كثرته على هذا الوجه الذي يقف الإنسان حيران في حل مشاكله أمر يؤسف له، ولكن القاعدة العامة أن المرأة إذا طهرت ورأت الطهر المتيقن في الحيض وفي النفاس وأعني الطهر في الحيض خروج القصة البيضاء، وهو ماء أبيض تعرفه النساء فما بعد الطهر من كدرة، أو صفرة، أو نقطة، أو رطوبة، فهذا كله ليس بحيض، فلا يمنع من الصلاة، ولا يمنع من الصيام، ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته، لأنه ليس بحيض. قالت أم عطية: «كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً». أخرجه البخاري، وزاد أبو داود «بعد الطهر» وسنده صحيح. وعلى هذا نقول: كل ما حدث بعد الطهر المتيقن من هذه الأشياء فإنها لا تضر المرأة ولا تمنعها من صلاتها وصيامها ومباشرة زوجها إياها. ولكن يجب أن لا تتعجل حتى ترى الطهر، لأن بعض النساء إذا جف الدم عنها بادرت واغتسلت قبل أن ترى الطهر، ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ بالكرسف يعني القطن فيه الدم فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء.
س 25: بعض النساء يستمر معهن الدم وأحياناً ينقطع يوماً أو يومين ثم يعود، فما الحكم في هذه الحالة بالنسبة للصوم والصلاة وسائر العبادات؟
جـ: المعروف عند كثير من أهل العلم أن المرأة إذا كان لها عادة وانقضت عادتها فإنها تغتسل وتصلي وتصوم وما تراه بعد يومين أو ثلاثة ليس بحيض؛ لأن أقل الطهر عند هؤلاء العلماء ثلاثة عشر يوماً، وقال بعض أهل العلم: إنها متى رأت الدم فهو حيض ومتى طهرت منه فهي طاهر، وإن لم يكن بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً.(1/9)
س 26: أيهما أفضل للمرأة أن تصلي في ليالي رمضان في بيتها أم في المسجد وخصوصاً إذا كان فيه مواعظ وتذكير، وما توجيهك للنساء اللاتي يصلين في المساجد؟
جـ: الأفضل أن تصلي في بيتها لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «وبيوتهن خير لهن» ولأن خروج النساء لا يسلم من فتنة في كثير من الأحيان، فكون المرأة تبقى في بيتها خير لها من أن تخرج للصلاة في المسجد، والمواعظ والحديث يمكن أن تحصل عليها بواسطة الشريط، وتوجيهي للاتي يصلين في المسجد أن يخرجن من بيوتهن غير متبرجات بزينة ولا متطيبات.
س 27: ما حكم ذوق الطعام في نهار رمضان والمرأة صائمة؟
جـ: حكمه لا بأس به لدعاء الحاجة إليه، ولكنها تلفظ ما ذاقته.
س 28: امرأة أصيبت في حادثة وكانت في بداية الحمل فأسقطت الجنين إثر نزيف حاد فهل يجوز لها أن تفطر أم تواصل الصيام وإذا أفطرت فهل عليها إثم؟(1/10)
جـ: نقول إن الحامل لا تحيض كما قال الإمام أحمد «إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض» والحيض كما قال أهل العلم خلقه الله تبارك وتعالى لحكمة: غذاء الجنين في بطن أمه، فإذا نشأ الحمل انقطع الحيض، لكن بعض النساء قد يستمر بها الحيض على عادته كما كان قبل الحمل، فهذه يحكم بأن حيضها حيض صحيح؛ لأنه استمر بها الحيض ولم يتأثر بالحمل، فيكون هذا الحيض مانعاً لكل ما يمنعه حيض غير الحامل، وموجباً لما يوجبه، ومسقطاً لما يسقطه، والحاصل أن الدم الذي يخرج من الحامل على نوعين: نوع يحكم بأنه حيض وهو الذي استمر بها كما كان قبل الحمل، فمعنى ذلك أن الحمل لم يؤثر عليه فيكون حيضاً، والنوع الثاني: دم طرأ على الحمل طروءاً إما بسبب حادث، أو حمل شيء، أو سقوط من شيء ونحوه فهذه دمها ليس بحيض وإنما هو دم عرق، وعلى هذا فلا يمنعها من الصلاة، ولا من الصوم، بل هي في حكم الطاهرات، ولكن إذا لزم من الحادث أن ينزل الولد أو الحمل الذي في بطنها فإنها على ما قال أهل العلم إن خرج وقد تبين فيه خلق إنسان فإن دمها بعد خروجه يعد نفاساً تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر، وإن خرج الجنين وهو غير مخلَّق فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة، ولا من الصيام، ولا من غيرهما.
قال أهل العلم: وأقل زمن يتبين فيه التخليق واحد وثمانون يوماً؛ لأن الجنين في بطن أمه كما قال عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو الصادق المصدوق فقال: «إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك ويؤمر بأربع كلمات، فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد» ولا يمكن أن يخلق قبل ذلك والغالب أن التخليق لا يتبين قبل تسعين يوماً كما قال بعض أهل العلم.(1/11)
س 29: أنا امرأة أسقطت في الشهر الثالث منذ عام، ولم أصلِّ حتى طهرت وقد قيل لي كان عليك أن تصلي فماذا أفعل وأنا لا أعرف عدد الأيام بالتحديد؟
جـ: المعروف عند أهل العلم أن المرأة إذا أسقطت لثلاثة أشهر فإنها لا تصلي؛ لأن المرأة إذا أسقطت جنيناً قد تبين فيه خلق إنسان فإن الدم الذي يخرج منها يكون دم نفاس لا تصلي فيه، قال العلماء: ويمكن أن يتبين خلق الجنين إذا تم له واحد وثمانون يوماً، وهذه أقل من ثلاثة أشهر، فإذا تيقنت أنه سقط الجنين لثلاثة أشهر فإن الذي أصابها يكون دم فساد لا تترك الصلاة من أجله، وهذه السائلة عليها أن تتذكر في نفسها فإذا كان الجنين سقط قبل الثمانين يوماً فإنها تقضي الصلاة، وإذا كانت لا تدري كم تركت فإنها تقدر وتتحرى، وتقضي على ما يغلب عليه ظنها أنها لم تُصَلِّه.
س 30: سائلة تقول: إنها منذ وجب عليها الصيام وهي تصوم رمضان ولكنها لا تقضي صيام الأيام التي تفطرها بسبب الدورة الشهرية ولجهلها بعدد الأيام التي أفطرتها فهي تطلب إرشادها إلى ما يجب عليها فعله الان؟
جـ: يؤسفنا أن يقع مثل هذا بين نساء المؤمنين فإن هذا الترك أعني ترك قضاء ما يجب عليها من الصيام إما أن يكون جهلاً، وإما أن يكون تهاوناً وكلاهما مصيبة، لأن الجهل دواؤه العلم والسؤال، وأما التهاون فإن دواءه تقوى الله ـ عز وجل ـ ومراقبته والخوف من عقابه والمبادرة إلى ما فيه رضاه. فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله مما صنعت وأن تستغفر، وأن تتحرى الأيام التي تركتها بقدر استطاعتها فتقضيها، وبهذا تبرأ ذمتها، ونرجو أن يقبل الله توبتها.
س 31: تقول السائلة: ما الحكم إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة؟ وهل يجب عليها أن تقضيها إذا طهرت؟ وكذلك إذا طهرت قبل خروج وقت الصلاة؟(1/12)
جـ: أولاً: المرأة إذا حاضت بعد دخول الوقت أي بعد دخول وقت الصلاة فإنه يجب عليها إذا طهرت أن تقضي تلك الصلاة التي حاضت في وقتها إذا لم تصلها قبل أن يأتيها الحيض وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة» فإذا أدركت المرأة من وقت الصلاة مقدار ركعة ثم حاضت قبل أن تصلي فإنها إذا طهرت يلزمها القضاء.
ثانياً: إذا طهرت من الحيض قبل خروج وقت الصلاة فإنه يجب عليها قضاء تلك الصلاة، فلو طهرت قبل أن تطلع الشمس بمقدار ركعة وجب عليها قضاء صلاة الفجر، ولو طهرت قبل غروب الشمس بمقدار ركعة وجبت عليها صلاة العصر، ولو طهرت قبل منتصف الليل بمقدار ركعة وجب عليها قضاء صلاة العشاء، فإن طهرت بعد منتصف الليل لم يجب عليها صلاة العشاء، وعليها أن تصلي الفجر إذا جاء وقتها، قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ: {فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} أي فرضاً مؤقتاً بوقت محدود لا يجوز للإنسان أن يخرج الصلاة عن وقتها، ولا أن يبدأ بها قبل وقتها.
س 32: دخلت عليَّ العادة الشهرية أثناء الصلاة ماذا أفعل؟ وهل أقضي الصلاة عن مدة الحيض؟
جـ: إذا حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة كأن حاضت بعد الزوال بنصف ساعة مثلاً، فإنها بعد أن تطهر من الحيض تقضي هذه الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة لقوله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً}.(1/13)
ولا تقضي الصلاة عن وقت الحيض لقوله صلى الله عليه وسلّم في الحديث الطويل: «أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم». وأجمع أهل العلم أنها لا تقضي الصلاة التي فاتتها أثناء مدة الحيض، أما إذا طهرت وكان باقياً من الوقت مقدار ركعة فأكثر فإنها تصلي ذلك الوقت الذي طهرت فيه لقوله صلى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر». فإذا طهرت وقت العصر، أو قبل طلوع الشمس وكان باقياً على غروب الشمس، أو طلوعها مقدار ركعة، فإنها تصلي العصر في المسألة الأولى والفجر في المسألة الثانية.
س 33: شخص يقول: أفيدكم أن لي والدة تبلغ من العمر خمسة وستين عاماً ولها مدة تسع عشرة سنة وهي لم تأتِ بأطفال، والان معها نزيف دم لها مدة ثلاث سنوات وهو مرض يبدو أتاها في تلكم الفترة ولأنها ستستقبل الصيام كيف تنصحونها لو تكرمتم؟ وكيف تتصرف مثلها لو سمحتم؟(1/14)
جـ: مثل هذه المرأة التي أصابها نزيف الدم حكمها أن تترك الصلاة والصوم مدة عادتها السابقة قبل هذا الحدث الذي أصابها، فإذا كان من عادتها أن الحيض يأتيها من أول كل شهر لمدة ستة ايام مثلاً فإنها تجلس من أول كل شهر مدة ستة أيام لا تصلي ولا تصوم، فإذا انقضت اغتسلت وصلت وصامت، وكيفية الصلاة لهذه وأمثالها أنها تغسل فرجها غسلاً تامًّا وتعصبه وتتوضأ وتفعل ذلك بعد دخول وقت صلاة الفريضة، وكذلك تفعله إذا أرادت أن تتنفل في غير أوقات فرائض ،وفي هذه الحالة ومن أجل المشقة عليها يجوز لها أن تجمع صلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء حتى يكون عملها هذا واحداً للصلاتين: صلاة الظهر والعصر، وواحداً للصلاتين: صلاة المغرب والعشاء، وواحداً لصلاة الفجر، بدلاً من أن تعمل ذلك خمس مرات تعمله ثلاث مرات. وأعيده مرة ثانية أقول: عندما تريد الطهارة تغسل فرجها وتعصبه بخرقة أو شبهها حتى يخف الخارج، ثم تتوضأ وتصلي، تصلي الظهر أربعاً، والعصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، والعشاء أربعاً، والفجر ركعتين أي أنها لا تقصر كما يتوهمه بعض العامة ولكن يجوز لها أن تجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء، الظهر مع العصر إمَّا تأخيراً أو تقديماً، وكذلك المغرب مع العشاء إما تقديماً أو تأخيراً ،وإذا أرادت أن تتنفل بهذا الوضوء فلا حرج عليها.
س 34: ما حكم وجود المرأة في المسجد الحرام وهي حائض لاستماع الأحاديث والخطب؟(1/15)
جـ: لا يجوز للمرأة الحائض أن تمكث في المسجد الحرام ولا غيره من المساجد، ولكن يجوز لها أن تمر بالمسجد وتأخذ الحاجة منه وما أشبه ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم لعائشة حين أمرها أن تأتي بالخُمْرَة فقالت: إنها في المسجد وإني حائض. فقال: «إن حيضتك ليس في يدك». فإذا مرت الحائض في المسجد وهي آمنة من أن ينزل دم على المسجد فلا حرج عليها، أما إن كانت تريد أن تدخل وتجلس فهذا لا يجوز، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر النساء في صلاة العيد أن يخرجن إلى مصلى العيد العواتق وذوات الخدور والحيض إلا أنه أمر أن يعتزل الحيض المصلى، فدل ذلك على أن الحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد لاستماع الخطبة أو استماع الدرس والأحاديث.
س 35: هل السائل الذي ينزل من المرأة، أبيض كان أم أصفر طاهر أم نجس؟ وهل يجب فيه الوضوء مع العلم بأنه ينزل مستمراً؟ وما الحكم إذا كان متقطعاً خاصة أن غالبية النساء لاسيما المتعلمات يعتبرن ذلك رطوبة طبيعية لا يلزم منه الوضوء؟
جـ: الظاهر لي بعد البحث أن السائل الخارج من المرأة إذا كان لا يخرج من المثانة وإنما يخرج من الرحم فهو طاهر، ولكنه ينقض الوضوء وإن كان طاهراً، لأنه لا يشترط للناقض للوضوء أن يكون نجساً فها هي الريح تخرج من الدبر وليس لها جرم ومع ذلك تنقض الوضوء. وعلى هذا إذا خرج من المرأة وهي على وضوء فإنه ينقض الوضوء وعليها تجديده.
فإن كان مستمرًّا فإنه لا ينقض الوضوء، ولكن تتوضأ للصلاة إذا دخل وقتها وتصلي في هذا الوقت الذي تتوضأ فيه فروضاً ونوافل، وتقرأ القرآن، وتفعل ما شاءت مما يباح لها، كما قال أهل العلم نحو هذا في من به سلس البول. هذا هو حكم السائل من جهة الطهارة فهو طاهر، ومن جهة نقضه للوضوء فهو ناقض للوضوء إلا أن يكون مستمرًّا عليها، فإن كان مستمرًّا فإنه لا ينقض الوضوء، لكن على المرأة ألا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول الوقت وأن تتحفظ.(1/16)
أما إن كان منقطعاً وكان من عادته أن ينقطع في أوقات الصلاة فإنها تؤخر الصلاة إلى الوقت الذي ينقطع فيه ما لم تخش خروج الوقت. فإن خشيت خروج الوقت فإنها تتوضأ وتتلجم (تتحفظ) وتصلي.
ولا فرق بين القليل والكثير لأنه كله خارج من السبيل فيكون ناقضاً قليله وكثيره، بخلاف الذي يخرج من بقية البدن كالدم والقيء فإنه لا ينقض الوضوء لا قليله ولا كثيره.
وأما اعتقاد بعض النساء أنه لا ينقض الوضوء فهذا لا أعلم له أصلاً إلا قولاً لابن حزم ـ رحمه الله ـ فإنه يقول: «أن هذا لا ينقض الوضوء» ولكنه لم يذكر لهذا دليلاً، ولو كان له دليل من الكتاب والسنة أو أقوال الصحابة لكان حجة. وعلى المرأة أن تتقي الله وتحرص على طهارتها، فإن الصلاة لا تقبل بغير طهارة ولو صلت مائة مرة، بل إن بعض العلماء يقول أن الذي يصلي بلا طهارة يكفر؛ لأن هذا من باب الاستهزاء بآيات الله ـ سبحانه وتعالى ـ.
س 36: إذا توضأت المرأة التي ينزل منها السائل مستمرًّا لصلاة فرض هل يصح لها أن تصلي ما شاءت من النوافل أو قراءة القرآن بوضوء ذلك الفرض إلى حين الفرض الثاني؟
جـ: إذا توضأت لصلاة الفريضة من أول الوقت فلها أن تصلي ما شاءت من فروض ونوافل وقراءة قرآن إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى.
س 37: هل يصح أن تصلي تلك المرأة صلاة الضحى بوضوء الفجر؟
جـ: لا يصح ذلك لأن صلاة الضحى مؤقتة فلابد من الوضوء لها بعد دخول وقتها لأن هذه كالمستحاضة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلّم المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة.
* ووقت الظهر: من زوال الشمس إلى وقت العصر.
* ووقت العصر: من خروج وقت الظهر إلى اصفرار الشمس، والضرورة إلى غروب الشمس.
* ووقت المغرب: من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر.
* ووقت العشاء: من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل.
س 38: هل يصح أن تصلي هذه المرأة قيام الليل إذا انقضى نصف الليل بوضوء العشاء؟(1/17)
جـ: لا، إذا انقضى نصف الليل وجب عليها أن تجدد الوضوء، وقيل: لا يلزمها أن تجدد الوضوء وهو الراجح.
س 39: ما هو آخر وقت العشاء (أي صلاتها)؟ وكيف يمكن معرفتها؟
جـ: آخر وقت العشاء منتصف الليل، ويعرف ذلك بأن يقسم مابين غروب الشمس وطلوع الفجر نصفين، فالنصف الأول ينتهي به وقت العشاء، ويبقى نصف الليل الاخر ليس وقتاً بل برزخ بين العشاء والفجر.
س 40: إذا توضأت من ينزل منها ذلك السائل متقطعاً وبعد انتهائها من الوضوء وقبل صلاتها نزل مرة أخرى، ماذا عليها؟
جـ: إذا كان متقطعاً فلتنتظر حتى يأتي الوقت الذي ينقطع فيه. أما إذا كان ليس له حال بينة، حيناً ينزل وحيناً لا، فهي تتوضأ بعد دخول الوقت وتصلي ولا شيء عليها.
س 41: ماذا يلزم لما يصيب البدن أو اللباس من ذلك السائل؟
جـ: إذا كان طاهراً فإنه لا يلزمها شيء، وإذا كان نجساً وهو الذي يخرج من المثانة فإنه يجب عليها أن تغسله.
س 42: بالنسبة للوضوء من ذلك السائل هل يكتفى بغسل أعضاء الوضوء فقط؟
جـ: نعم يكتفى بذلك فيما إذا كان طاهراً وهو الذي يخرج من الرحم لا من المثانة.
س 43: ما العلة في أنه لم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلّم حديث يدل على نقض الوضوء بذلك السائل، مع أن الصحابيات كن يحرصن على الاستفتاء في أمور دينهن؟
جـ: لأن السائل لا يأتي كل امرأة.
س 44: من كانت من النساء لا تتوضأ لجهلها بالحكم ماذا عليها؟
جـ: عليها أن تتوب إلى الله ـ عز وجل ـ وتسأل أهل العلم بذلك.
س 45: هناك من ينسب إليك القول بعدم الوضوء من ذلك السائل؟
جـ: الذي ينسب عني هذا القول غير صادق، والظاهر أنه فهم من قولي أنه طاهر أنه لا ينقض الوضوء.
س 46: ما حكم الكدرة التي تنزل من المرأة قبل الحيض بيوم أو أكثر أو أقل، وقد يكون النازل على شكل خيط رقيق أسود أو بني أو نحو ذلك وما الحكم لو كانت بعد الحيض؟(1/18)
جـ: هذا إذا كانت من مقدمات الحيض فهي حيض، ويعرف ذلك بالأوجاع والمغص الذي يأتي الحائض عادة. أما الكدرة بعد الحيض فهي تنتظر حتى تزول؛ لأن الكدرة المتصلة بالحيض حيض، لقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ «لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء». والله أعلم.
س 47: كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام؟ وهل يجوز للمرأة الحائض ترديد آي الذكر الحكيم في سرها أم لا؟
جـ: أولاً: ينبغي أن نعلم أن الإحرام ليس له صلاة فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه شرع لأمته صلاة للإحرام لا بقوله ولا بفعله ولا بإقراره.
ثانياً: إن هذه المرأة الحائض التي حاضت قبل أن تحرم يمكنها أن تحرم وهي حائض لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر أسماء بنت عميس امراة أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ حين نفست في ذي الحليفة أمرها أن تغتسل وتسثفر بثوب وتحرم وهكذا الحائض أيضاً وتبقى على إحرامها حتى تطهر، ثم تطوف بالبيت وتسعى.
وأما قوله في السؤال: هل لها أن تقرأ القرآن؟ فنعم الحائض لها الحق أن تقرأ القرآن عند الحاجة، أو المصلحة، أمَّا بدون حاجة ولا مصلحة إنما تريد أن تقرأه تعبداً وتقرباً إلى الله فالأحسن ألا تقرأه.
س 48: سافرت امرأة إلى الحج وجاءتها العادة الشهرية منذ خمسة أيام من تاريخ سفرها وبعد وصولها إلى الميقات اغتسلت وعقدت الإحرام وهي لم تطهر من العادة وحين وصولها إلى مكة المكرمة ظلت خارج الحرم ولم تفعل شيئاً من شعائر الحج أو العمرة ومكثت يومين في منى ثم طهرت واغتسلت وأدت جميع مناسك العمرة وهي طاهر ثم عاد الدم إليها وهي في طواف الإفاضة للحج إلا أنها استحت وأكملت مناسك الحج ولم تخبر وليها إلا بعد وصولها إلى بلدها فما حكم ذلك؟(1/19)
جـ: الحكم في هذا أن الدم الذي أصابها في طواف الإفاضة إذا كان هو دم الحيض الذي تعرفه بطبيعته وأوجاعه فإن طواف الإفاضة لم يصح ويلزمها أن تعود إلى مكة لتطوف طواف الإفاضة فتحرم بعمرة من الميقات وتؤدي العمرة بطواف وسعي وتقصر ثم طواف الإفاضة، أما إذا كان هذا الدم ليس دم الحيض الدم الطبيعي المعروف وإنما نشأ من شدة الزحام أو الروعة أو ما شابه ذلك فإن طوافها يصح عند من لا يشترط الطهارة للطواف فإن لم يمكنها الرجوع في المسألة الأولى بحيث تكون في بلاد بعيدة فحجها صحيح لأنها لا تستطيع أكثر مما صنعت.
س 49: قدمت امرأة محرمة بعمرة وبعد وصولها إلى مكة حاضت ومحرمها مضطر إلى السفر فوراً، وليس لها أحد بمكة فما الحكم؟
جـ: تسافر معه وتبقى على إحرامها، ثم ترجع إذا طهرت وهذا إذا كانت في المملكة لأن الرجوع سهل ولا يحتاج إلى تعب ولا إلى جواز سفر ونحوه، أما إذا كانت أجنبية ويشق عليها الرجوع فإنها تتحفظ وتطوف وتسعى وتقصر وتنهي عمرتها في نفس السفر لأن طوافها حينئذٍ صار ضرورة والضرورة تبيح المحظور.
س 50: ما حكم المرأة المسلمة التي حاضت في أيام حجها أيجزئها ذلك الحج؟
جـ: هذا لا يمكن الإجابة عنه حتى يُعرف متى حاضت وذلك لأن بعض أفعال الحج لا يمنع الحيض منه، وبعضها يمنع منه، فالطواف لا يمكن أن تطوف إلا وهي طاهرة وما سواه من المناسك يمكن فعله مع الحيض.(1/20)
س 51: تقول السائلة: لقد قمت بأداء فريضة الحج العام الماضي وأديت جميع شعائر الحج ما عدا طواف الإفاضة وطواف الوداع حيث منعني منهما عذر شرعي فرجعت إلى بيتي في المدينة المنورة على أن أعود في يوم من الأيام لأطوف طواف الإفاضة وطواف الوداع وبجهل مني بأمور الدين فقد تحللت من كل شيء وفعلت كل شيء يحرم أثناء الإحرام وسألت عن رجوعي لأطوف فقيل لي لا يصح لك أن تطوفي فقد أفسدت وعليك الإعادة أي إعادة الحج مرة أخرى في العام المقبل مع ذبح بقرة أو ناقة فهل هذا صحيح؟ وهل هناك حل آخر فما هو؟ وهل فسد حجي؟ وهل عليَّ إعادته؟ أفيدوني عمَّا يجب فعله بارك الله فيكم.
جـ: هذا أيضاً من البلاء الذي يحصل من الفتوى بغير علم. وأنت في هذه الحالة يجب عليك أن ترجعي إلى مكة وتطوفي طواف الإفاضة فقط، أما طواف الوداع فليس عليك طواف وداع مادمت كنت حائضاً عند الخروج من مكة وذلك لأن الحائض لا يلزمها طواف الوداع لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «أمر الناس أن يكون عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض»، وفي رواية لأبي داود: «أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف». ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم لما أخبر أن صفية طافت طواف الإفاضة قال: «فلتنفر إذاً» ودلَّ هذا أن طواف الوداع يسقط عن الحائض أما طواف الإفاضة فلابد لك منه. ولما كانت تحللت من كل شيء جاهلة فإن هذا لا يضرك لأن الجاهل الذي يفعل شيئاً من محظورات الإحرام لا شيء عليه لقوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} (البقرة: 286). قال الله تعالى: «قد فعلت». وقوله: {ليس عليكم فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}. (الأحزاب: 5). فجميع المحظورات التي منعها الله تعالى على المحرم إذا فعلها جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه، لكن متى زال عذره وجب عليه أن يقلع عما تلبس به.(1/21)
س 52: المرأة النفساء إذا بدأ نفاسها يوم التروية وأكملت أركان الحج عدا الطواف والسعي إلا أنها لاحظت أنها طهرت مبدئياً بعد عشرة أيام فهل تتطهر وتغتسل وتؤدي الركن الباقي الذي هو طواف الحج؟
جـ: لا يجوز لها أن تغتسل وتطوف حتى تتيقن الطهر والذي يُفهم من السؤال حين قالت (مبدئيًّا) أنها لم تر الطهر كاملاً فلابد أن ترى الطهر كاملاً فمتى طهرت اغتسلت وأدت الطواف والسعي، وإن سعت قبل الطواف لا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم سئل في الحج عمن سعى قبل أن يطوف فقال: «لا حرج».
س 53: امرأة أحرمت بالحج من السيل وهي حائض ولما وصلت إلى مكة ذهبت إلى جدة لحاجة لها وطهرت في جدة واغتسلت ومشطت شعرها ثم أتمت حجها فهل حجها صحيح وهل يلزمها شيء؟
جـ: حجها صحيح ولا شيء عليها.
س 54: سائلة: أنا ذاهبة للعمرة ومررت بالميقات وأنا حائض فلم أحرم وبقيت في مكة حتى طهرت فأحرمت من مكة فهل هذا جائز أم ماذا أفعل وما يجب عليَّ؟(1/22)
جـ: هذا العمل ليس بجائز، والمرأة التي تريد العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات إلا بإحرام حتى لو كانت حائضاً، فإنها تحرم وهي حائض وينعقد إحرامها ويصح. والدليل لذلك أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ ولدت، والنبي صلى الله عليه وسلّم نازل في ذي الحليفة يريد حجة الوداع فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي» ودم الحيض كدم النفاس فنقول للمرأة الحائض إذا مرت بالميقات وهي تريد العمرة أو الحج نقول لها: اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي، والاستثفار معناه أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة ولكنها إذا أحرمت ووصلت إلى مكة لا تأتي إلى البيت ولا تطوف به حتى تطهر ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم لعائشة حين حاضت في أثناء العمرة قال لها: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي في البيت حتى تطهري» هذه رواية البخاري ومسلم، وفي صحيح البخاري أيضاً ذكرت عائشة أنها لما طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة فدل هذا على أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو العمرة وهي حائض، أو أتاها الحيض قبل الطواف فإنها لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وتغتسل، أما لو طافت وهي طاهرة وبعد أن انتهت من الطواف جاءها الحيض فإنها تستمر وتسعى ولو كان عليها الحيض وتقص من رأسها وتنهي عمرتها لأن السعي بين الصفا والمروة لا يشترط له الطهارة.
س 55: يقول السائل: لقد قدمت من ينبع للعمرة أنا وأهلي ولكن حين وصولي إلى جدة أصبحت زوجتي حائضاً ولكني أكملت العمرة بمفردي دون زوجتي فما الحكم بالنسبة لزوجتي؟(1/23)
جـ: الحكم بالنسبة لزوجتك أن تبقى حتى تطهر ثم تقضي عمرتها، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لما حاضت صفية رضي الله عنها قال: «أحابستنا هي؟» قالوا: إنها قد أفاضت. قال: «فلتنفر إذن» فقوله صلى الله عليه وسلّم «أحابستنا هي» دليل على أنه يجب على المرأة أن تبقى إذا حاضت قبل طواف الإفاضة حتى تطهر ثم تطوف وكذلك طواف العمرة مثل طواف الإفاضة لأنه ركن من العمرة فإذا حاضت المعتمرة قبل الطواف انتظرت حتى تطهر ثم تطوف.
س 56: هل المسعى من الحرم؟ وهل تقربه الحائض؟ وهل يجب على من دخل الحرم من المسعى أن يصلي تحية المسجد؟
جـ: الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد ولذلك جعلوا جداراً فاصلاً بينهما لكنه جدار قصير ولا شك أن هذا خير للناس، لأنه لو أدخل في المسجد وجعل منه لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى، والذي أفتي به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى لأن المسعى لا يعتبر من المسجد، وأما تحية المسجد فقد يقال: إن الإنسان إذا سعى بعد الطواف ثم عاد إلى المسجد فإنه يصليها ولو ترك تحية المسجد فلا شيء عليه، والأفضل أن ينتهز الفرصة ويصلي ركعتين لما في الصلاة في هذا المكان من الفضل.
س 57: تقول السائلة: قد حججت وجاءتني الدورة الشهرية فاستحييت أن أخبر أحداً ودخلت الحرم فصليت وطفت وسعيت فماذا عليّ علماً بأنها جاءت بعد النفاس؟(1/24)
جـ: لا يحل للمرأة إذا كانت حائضاً أو نفساء أن تصلي سواء في مكة أو في بلدها أو في أي مكان، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم في المرأة: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم». وقد أجمع المسلمون على أنه لا يحل لحائض أن تصوم، ولا يحل لها أن تصلي، وعلى هذه المرأة التي فعلت ذلك عليها أن تتوب إلى الله وأن تستغفر مما وقع منها، وأما طوافها حال الحيض فهو غير صحيح، وأما سعيها فصحيح؛ لأن القول الراجح جواز تقديم السعي على الطواف في الحج، وعلى هذا فيجب عليها أن تعيد الطواف؛ لأن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، ولا يتم التحلل الثاني إلا به وبناء عليه فإن هذه المرأة لا يباشرها زوجها إن كانت متزوجة حتى تطوف ولا يعقد عليها النكاح إن كانت غير متزوجة حتى تطوف والله تعالى أعلم.
س 58: إذا حاضت المرأة يوم عرفة فماذا تصنع؟
جـ: إذا حاضت المرأة يوم عرفة فإنها تستمر في الحج وتفعل ما يفعل الناس، ولا تطوف بالبيت حتى تطهر.
س 59: إذا حاضت المرأة بعد رمي جمرة العقبة وقبل طواف الإفاضة وهي مرتبطة وزوجها مع رفقة فماذا عليها أن تفعل مع العلم أنه لا يمكنها العودة بعد سفرها؟
جـ: إذا لم يمكنها العودة فإنها تتحفظ ثم تطوف للضرورة ولا شيء عليها وتكمل بقية أعمال الحج.
س 60: إذا طهرت النفساء قبل الأربعين فهل يصح حجها؟ وإذا لم تر الطهر فماذا تصنع مع العلم أنها ناوية الحج؟
جـ: إذا طهرت النفساء قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتفعل كل ما تفعله الطاهرات حتى الطواف لأن النفاس لا حد لأقله.
أما إذا لم تر الطهر فإن حجها صحيح أيضاً لكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم منع الحائض من الطواف بالبيت والنفاس مثل الحيض في هذا.(1/25)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
فتاوى في الاختلاط
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز
أنا أسكن حالياً في مدينة الرياض و لي فيها أقارب ، صلة القرابة بيني و بينهم قريبة جداً ، و من بينهم بنات خالتي و زوجات أعمامي ، و بنات أعمامي و عندما أزورهم أقوم بالسلام عليهن و تقبيلهن و يجلسن معي و هن كاشفات ، و أنا أتضايق من هذه الطريقة علماً أن هذه العادة منتشرة في أغلب مناطق الجنوب .. فما قولكم في هذه العادة ؟ و ماذا أفعل أنا ؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
الجواب: هذه العادة سيئة منكرة مخالفة للشرع المطهر، و لا يجوز لك تقبيلهن و لا مصافحتهن ، لأن زوجات أعمامك و بنات عمك و بنات خالك و نحوهم ليسوا محارم لك فيجب عليهن أن يحتجبن عنك و لا يبدين زينتهن لك لقول الله سبحانه { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } و هذه الآية تعم أزواج النبي صلى الله عليه و سلم و غيرهن في أصح قولي العلماء ، و من قال إنها خاصة لهن فقوله باطل لا دليل عليه . و قال سبحانه في سورة النور { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ{
و لستَ من هؤلاء المستثنين بل أنت أجنبي من بنات عمك و بنات خالك و زوجات أعمامك، بمعنى أنك لست من محارمهن و الواجب عليك أن تخبرهن بما ذكرنا و تقرأ عليهن هذه الفتوى حتى يعذرنك و يعلمن حكم الشرع في ذلك، و يكفي أن تسلم عليهن بالكلام من دون تقبيل أو مصافحة لما ذكرنا من الآيات.
و لقول النبي صلى الله عليه و سلم لما أرادت امرأة أن تصافحه قال [ إني لا أصافح النساء ] رواه أحمد في المسند و الحاكم في المستدرك.(1/1)
و لقول عائشة رضي الله عنها: [ ما مست يد رسول الله صلى الله عليه و سلم يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام ] رواه أحمد.
و لما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك أنها قالت لما سمعتُ صوت صفوان بن المعطل [ خمرتُ وجهي و كان رآني قبل الحجاب ] فدل ذلك على أن النساء كن يخمرن وجوههن بعد نزول آية الحجاب. أصلح الله أحوال المسلمين و منحهم الفقه في الدين.
والله ولي التوفيق.
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
تقول إحدى صديقاتي إنها تضطر للجلوس مع بعض الرجال من جماعتها من غير محارمها و هي متحجبة حجاباً كاملاً، فيسلمون عليها و على أولادها و زوجها غائب و هو يعلم ذلك لكنها غير راضية عن هذا الموضوع و لكن الظروف أجبرتها.
الجواب: ننصح تلك المرأة أن لا تجلس مع أولئك الرجال الأجانب حتى و لو كانوا من جماعتها، و حتى لو كانت قد غطت الوجه و غيره و لكن قد يُغتفر إذا كان مجرد سلام من وراء جدار أو ساتر أو بين نسوة .
ثم لا يُعتبر رضا الزوج مسوغاً لتلك المجالسة مع التبرج فالبعد أولى و خير ما للمرأة أن لا ترى الرجال و لا يرونها
و الله المستعان.
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين
هل يجوز للرجل أن يدرس في جامعة يختلط فيها الرجال و النساء في قاعة واحدة علماً بأن الطالب له دور في الدعوة إلى الله ؟
الجواب :
الذي أراه أنه لا يجوز للإنسان رجلاً كان أو امرأة أن يدرس بمدارس مختلطة و ذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته و نزاهته و أخلاقه فإن الإنسان مهما كان من النزاهة و الأخلاق و البراءة إذا كان إلى جانبه في الكرسي الذي هو فيه امرأة و لاسيما إذا كانت جميلة و متبرجة لا يكاد يسلم من الفتنة و الشر .(1/2)
و كل ما أدى إلى الفتنة و الشر فإنه حرام و لا يجوز، فنسأل الله سبحانه و تعالى - لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي لا تعود إلى شبابهم إلا الشر و الفتنة و الفساد .. حتى و إن لم يجد إلا هذه الجامعة يترك الدراسة إلى بلد آخر ليس فيه هذا الاختلاط ، فأنا لا أرى جواز هذا و ربما غيري يرى شيئاً آخر .
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين
أنا و إخوتي نسكن في مسكن واحد و نحن و الحمد لله ممتثلون لأوامر الله و رسوله و لكن نعاني من عادة بيننا ورثناها عن آبائنا و أجدادنا .. و هي أن الرجال يجلسون سوياً مع النساء أي الإخوان مع زوجاتهم جميعاً و لقد قام بنصحنا بعض الغيورين على دين الله و لكن لم نستجب له لأنه جديد العهد بالدين و قد كلمت والدي يوماً من الأيام و قلت له لا يجب أن نكون قائمين على هذا المنكر بل يجب أن نتركه فقال والدي و الله لو عملتم هذا فإنني سوف أفارقكم و لن أجلس معكم و كذلك يوجد من أخوتي من وافق الوالد على هذا الأمر فأرجو من فضيلتكم التوجيه و النصح و هل أنا على حق في موقفي ؟
الجواب:
نعم أنت على حق في الامتناع عن هذه العادة السيئة المخالفة لما دلت عليه النصوص فإن الواجب على الزوجات أن يحتجبن عن إخوان أزواجهن و لا يحل لهن أن يكشفن وجوههن أمام إخوان أزواجهن كما لا يحل أن يكشفن وجوههن عند الرجال الأجانب في السوق ، بل إن كشف وجوههن عند أخوان أزواجهن أشد خطراً لأن أخا الزوج يكون في البيت إما ساكناً و إما وافداً ضيفاً أو ما أشبه ذلك و إذا دخل البيت لم يستنكر و لم يستغرب فيكون خطره أعظم .
و لهذا حذر النبي صلى الله عليه و سلم من الدخول على النساء فقال : إياكم و الدخول على النساء قالوا يا رسول الله : أرأيتَ الحمو قال : } الحمو الموت{(1/3)
أي أنه ينبغي الفرار منه كما يفر الإنسان من الموت . و هذه الكلمة أعني قوله صلى الله عليه و سلم الحمو الموت من أعظم الكلمات التحذيرية.
لهذا أقول : إن عملك صحيح أي امتناعك عن هذا العمل الذي اعتاده الناس ، أما قول أبيك إن فعلتم ذلك أي قمتم بحجب النساء عن إخوان أزواجهن فإني لا أكون معكم . فإني أوجه نصيحة، هي أن يكون مذعناً للحق غير مبال بالعادات التي تخالفه و عليه أن يتقي الله عز و جل و أن يكون هو أول من يأمر بهذا العمل أعني أن يأمر باحتجاب النساء عن غير المحارم حتى يكون راعياً و قائماً بالرعاية خير قيام فإن الرجل راعٍ في بيته و مسؤول عن رعيته.
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
هل يجوز لأخ الزوج أن يذهب بزوجة أخيه للدكتور إذا كان أخوه غير موجود أو اعتذر و هو موجود و المستشفى داخل البلد ؟
الجواب :
لا يجوز للزوجة أن تركب في السيارة وحدها مع أخ زوجها لأن ذلك من الخلوة تأتى حذر منها الرسول صلى الله عليه و سلم حين قال : [ إياكم و الدخول على النساء ] قالوا يا رسول الله : أرأيت الحمو قال : الحمو الموت.
ماذا تفهمون يا عباد الله من هذه الكلمات .. التحذير أم الإباحة ؟ لاشك أن المفهوم التحذير لا الإباحة ! فلا يجوز للرجل أن يخلو بزوجة أخيه لا في السيارة و لا في البيت ، و أنكر من ذلك ما يفعله بعض الناس يأتيه الضيف و هو في عمله و ليس في البيت إلا زوجته ثم تفتح له الباب فيدخل ينتظر صاحب البيت ، و المهم أنه لا يجوز لأي امرأة أن أقاربها أو من جيرانها إلا أن يكون معها محرم سواء في البلد أو في السفر مع أن السفر يحرم أن تسافر و لو بدون خلوة إذا لم يكن معها محرم لما في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعتُ النبي صلى الله عليه و سلم يخطب يقول : [ لا يخلون رجل بامرأة إلا و معها ذو محرم و لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ] أخرجه البخاري .(1/4)
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز
أفيدكم أنني تزوجتُ من بنت و لها ثلاث أخوات يصغرنها سناً و أنا ساكن مع والد زوجتي من أجل مساعدته على أموره ، و لكن المشكلة أنه كثيراً ما نختلط في البيت و على الوجبات معنا أخوات زوجتي و يكن مغطيات رؤوسهن كاشفات الوجوه و أحياناً أقوم بتوصيل إحداهن للمدرسة أو الكلية أو المكتبة فما حكم الشرع في ذلك ؟
الجواب: لا حرج عليك في السكن مع والد زوجتك للسبب المذكور و هو مساعدته بالأجرة أو لغير ذلك من الأسباب المباحة.
و لكن يجب على أخوات زوجتك أن يتحجبن منك و أن يغطين وجوههن لأن الوجه هو أعظم الزينة و قد قال سبحانه في سورة النور { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
وْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ } الآية . و لا يجوز لك الخلوة بواحدة منهن و لا الذهاب بها إلى المدرسة أو المكتبة لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ لا يخلون رجل بامرأة إلا و معها ذي محرم ] أخرجه البخاري و قوله صلى الله عليه و سلم [ لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان ] رواه أحمد في المسند.
فإذا أردتَ الذهاب بإحداهن إلى المدرسة فلابد أن يكون معكما ثالث تزول به الخلوة و يؤمن مع وجوده ما يُحذر من نزغات الشيطان أعاذنا الله و إياكم من نزغاته .
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
هل يجوز العمل للفتاة في مكان مختلط مع الرجال علماً بأنه يوجد غيرها من الفتيات في نفس المكان ؟(1/5)
الجواب : الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط مع الرجال و النساء بعمل حكومي أو بعمل في قطاع خاص أو في مدارس حكومية أو أهلية . فإن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة ، و لو لم يكن فيه إلا زوال الحياء للمرأة و زوال الهيبة من الرجال ، لأنه إذا اختلط الرجال و النساء أصبح لا هيبة عند الرجال من النساء و لا حياء عند النساء من الرجال و هذا – أعني الاختلاط بين الرجال و النساء – خلاف ما تقتضيه الشريعة الإسلامية ، و خلاف ما كان عليه السلف الصالح ، ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم جعل للنساء مكاناً خاصاً إذا خرجن إلى مصلى العيد ، لا يختلطن بالرجال كما في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه و سلم حين خطب في الرجال نزل و ذهب للنساء فوعظهن و ذكرهن و هذا يدل على أنهن لا يسمعن خطبة النبي صلى الله عليه و آله و سلم ، أو إن سمعن لم يستوعبن ما سمعنه من رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ خير صفوف النساء آخرها و شرها أولها و خير صفوف الرجال أولها و شرها آخرها ] أخرجه مسلم .
و ما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف ، و لبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير صفوف ، و إذا كان هذا في العبادة المشتركة فما بالك بغير العبادة ، و معلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية ، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة ، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فلا يبعد أن تحصل فتنة و شر كبير في هذا الاختلاط ، و الذي أدعو إليه إخواننا أن يبتعدوا عن الاختلاط و أن يعلموا أنه من
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
أضر ما يكون على الرجال كما قال الرسول عليه الصلاة و السلام [ ما تركتُ بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء ] أخرجه البخاري.(1/6)
فنحن و الحمد لله – نحن المسلمين – لنا ميزة خاصة يجب أن نتميز بها عن غيرنا و يجب أن نحمد الله سبحانه و تعالى أن منْ علينا بها و يجب أن نعلم أننا متبعون لشرع الله الحكيم الذي يعلم ما يصلح العباد و البلاد و يجب أن نعلم أن من نفروا عن صراط الله عز و جل و عن شريعة الله فإنهم على ضلال و أمرهم صائر إلى الفساد، و لهذا نسمع أن الأمم التي كان يختلط نساؤها برجالها أنه الآن يحاولون بقدر الإمكان أن يتخلصوا من هذا و لكن أنى لهم التناوش من مكان بعيد، نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا و بلاد المسلمين من كل سوء و شر و فتنة .
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين
وسائل النقل في بلدنا جماعية و مختلطة و أحياناً يحدث ملامسة لبعض النساء دون قصد أو رغبة في ذلك و لكن نتيجة الزحام فهل نأثم على ذلك ؟ و ما العمل و نحن لا نملك إلا هذه الوسيلة و لا غنى لنا عنها ؟
الجواب: الواجب على المرء أن يبتعد عن ملامسة النساء و مزاحمتهن بحيث يتصل بدنه ببدنهن و لو من وراء حائل، لأن هذا مدعاة للفتنة و الإنسان ليس بمعصوم قد يرى من نفسه أنه يتحرز من هذا الأمر و لا يتأثر به و لكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فربما يحصل منه حركة تفسد عليه أمره، فإذا اضطر الإنسان اضطراراً لابد منه و حرص على أن لا يتأثر فأرجو ألا يكون عليه بأس. لكن في ظني أنه لا يمكن أن يضطر إلى ذلك اضطراراً لابد منه إذ من الممكن أن يطلب مكاناً لا يتصل بالمرأة حتى و لو بقي واقفاً، و بهذا يتخلص من هذا الأمر الذي يوجب الفتنة. و الواجب على المرء أن يتقي الله تعالى ما استطاع و أن لا يتهاون بهذه الأمور.
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
سئل الشيخ بن عثيمين رحمه الله(1/7)
إذا كنتُ لستُ طبيبة و لا مدرسة و لا ممرضة فهل يجوز لي أن أعما عملاً يتناسب مع دراستي على أنه سيكون به رجال و لكني لا أتحدث معهم لأنه معهد أبحاث و لي معمل، و لكن بعض أقاربي و زوجي قالوا حرام ، و فكرت أن أدرس في الطب لكن أيضاً هناك أساتذة و رؤساء رجالاً ، فما الذي فيه مرضاة الله في ذلك ؟
الجواب: نشكر هذه المرأة على حرصها على ما يرضي الله عز و جل، من البعد عن الفتنة و محلها، و إذا كان زوجها لا يرضى أن تعمل في مثل هذه الحقول فلا يجوز لها أن تعمل لأن المرأة أسيرة عند زوجها، لقوله صلى الله عليه و سلم [ استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم ] أخرجه الترمذي .
و العواني جمع عانية و هي الأسيرة، و على هذا فإذا كان زوجها لا يسمح بعملها فإنه لا يحل لها أن تعمل أبداً.
و يمكنكِ بدلاً من ذلك أن تعملي عملاً خاصاً لنفسك في بيتك، فيحضر لك زوجك ما تحتاجين إليه ثم تعملين و تنتجين. و أما الأعمال التي أشرت إليها حيث يكون فيها اختلاط فإنها من الأمور الخطيرة العظيمة.
و الواجب على من يتولون هذه الأمور أن يجعلوا جناحاً خاصاً للنساء، و جناحاً خاصاً للرجال، فيكون كل من الرجال و النساء لا يجتمع بالآخر أبداً ، لا في أسياب المكان و لا في غرفة ، و بهذا يكون الخير و يزول الشر .
و من الممكن أن يجلب للنساء نساءً يعلمنهن، و يكون للرجال رجال أيضاً، فالله سبحانه و تعالى أعطى العلم للرجال و النساء، و لن يعوز جلب نساء يعلمن النساء في الطب أو في غيره ، كما أنه لا يعوز جلب رجال يعلمون الرجال في الطب أو في غيره ، و لكن تهاون الناس بهذا الأمر المنكر صار يهون عليه الاختلاط ، مع أن في ذلك مفسدة عظيمة خطيرة ، يجب على المسلمين أن يتفادوها بكل ما يستطيعون .
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
سُئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله(1/8)
هنا في بريطانيا يُعقد اجتماع في بعض المدارس لأولياء أمور الطلبة فيحضره الرجال و النساء، فهل يجوز للمرأة المسلمة أن تحضر هذا الاجتماع بدون محرم مع وجود الرجال فيه علماً بأن أحد الأخوة أجاز ذلك و استدل بحديث أبي هريرة الوارد في صحيح البخاري و مسلم و فيه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه و سلم فطلب من يضيفه فاستضافه رجل من الأنصار و ذكر أن الأنصاري و زوجته جلسا مع الرجل و أظهرا له أنهما يأكلان، و نرجو توضيح هذه المسألة ؟
الجواب: هذه المسألة يظهر من السؤال أن فيها اختلاطاً بين الرجال و النساء. و الاختلاط بين الرجال و النساء مؤد إلى الفتنة و الشر و هو فيما أرى غير جائز، و لكن إذا دعت الحاجة إلى حضور النساء مع الرجال فإن الواجب أن يجعل النساء في جانب و الرجال في جانب آخر و أن يتم الحجاب الشرعي بالنسبة للنساء بحيث تكون المرأة ساترة لجميع بدنها حتى وجهها و أما الحديث الذي أشار إليه السائل فليس فيه الاختلاط و إنما الرجل مع زوجته في جانب بيته و الضيف في مكان الضيافة على أن مسألة الحجاب كما هو معلوم لم تكن من المسائل المتقدمة بالنسبة للتشريع. فالحجاب إنما شرع بعد هجرة النبي صلى الله عليه و سلم بنحو خمس سنين أو ست سنين و ما ورد من الأحاديث مما ظاهره عدم الحجاب فإنه يحمل على أن ذلك كان قبل نزول آيات الحجاب.
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
هل يجوز للمسلم أن يدخل سوقاً تجارية و هو يعلم أن في السوق نساء كاسيات عاريات و أن فيه اختلاطاً لا يرضاه الله عز و جل ؟(1/9)
الجواب : مثل هذا السوق لا ينبغي دخوله إلا لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أو لحاجة شديدة مع عض البصر والحذر من أسباب الفتنة حرصاً على السلامة لعرضه ودينه وابتعاد عن وسائل الشر , لكن يجب على أهل الحسبة وعلى كل قادر أن يدخلوا مثل هذه الأسواق لإنكار ما فيها من المنكر عملاً بقول الله سبحانه و تعالى { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ } الآية و قوله سبحانه و تعالى { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } و الآيات في هذا المعنى كثيرة. و لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ إن الناس إذا راوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه ] رواه الإمام أحمد في مسنده و بعض أهل السنن عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه بإسناد صحيح.
و لقوله صلى الله عليه و سلم [ من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستط فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه و ذلك اضعف الإيمان ] رواه مسلم.
و الأحاديث في هذا المعنى كثيرة. و الله ولي التوفيق.
سُئل الشيخ بن جبرين حفظه الله
ما الحكم فيما لو قام شاب غير متزوج و تكلم مع شابة غير متزوجة في التليفون ؟
الجواب : لا يجوز التكلم مع المرأة الأجنبية بما يثير الشهوة كمغازلة و تغنج و خضوع في القول سواءً كان في التليفون أو في غيره لقوله تعالى { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } فأما الكلام العارض لحاجة فلا بأس به إذا سلم من المفسدة و لكن يقدر الضرورة .
سُئل الشيخ بن باز رحمه الله(1/10)
عندنا في المنزل خادمات غير مسلمات هل يجب عليّ أن أتحجب عنهن، و هل يجوز لي أن أتركهن يغسلن ملابسي و أنا أصلي بها ؟ و هل يجوز لي أن أبين لهن عيوب دينهن و نواقصه و أشرح لهن ما يتميز به ديننا الحنيف ؟
الجواب: لا يجب الاحتجاب عنهن فهن كسائر النساء في أصح قولي العلماء ولا حرج في تغسيلهن الثياب و الأواني و لكن يجب إنهاء عقودهن إن يسلمن لأن الجزيرة العربية لا يجوز أن يبقى فيها إلا الإسلام و لا يجوز ان يستقدم لها إلا مسلمون سواء كانوا عمالاً أو خدماً و سواء كانوا رجالاً أو نساء لأن النبي صلى الله عليه و سلم و أوصى بإخراج المشركين من هذه الجزيرة و ألا يبقى فيها دينان لأنها مهد الإسلام و مطلع شمس الرسالة فلا يجوز أن يبقى فيها إلا الدين الحق و هو الإسلام.. وفق الله المسلمين لاتباع الحق و الثبات عليه و هدي غيرهم للدخول في الإسلام و ترك ما خالفه.
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية(1/11)
يشرع لك دعوتهن إلى الإسلام و بيان محاسنه و بيان ما في دينهن من النقص و المخالفة للحق وأن شريعة الإسلام ناسخة لجميع الشرائع و أن الإسلام هو الدين الحق الذي بعث الله به المرسلين جميعاً و أنزل به الكتب كما قال سبحانه و تعالى { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } و قال عز و جل { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } لكن ليس لك أن تتكلمي في ذلك إلا بعلم و بصيرة لأن القول على الله و على دينه بغير علم منكر عظيم كما قال الله سبحانه { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } فجعل سبحانه مرتبة القول عليه بغير علم فوق جميع هذه المراتب المذكورة في الآية و ذلك دليل على شدة تحريمه و عظيم الخطر المترتب عليه.
و قال سبحانه { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } و أخبر في سورة البقرة أن القول على الله بغير علم من الأمور التي يأمر بها الشيطان فقال سبحانه { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {168} إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُون{
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله
أنا طالب أدرس في الخارج و الجامعة فيها اختلاط ( ذكور و إناث ) و سؤالي: يجوز أن أدرس في هذه الجامعة ؟(1/12)
الجواب: ننصح المسلم الذي يريد نجاة نفسه أن يبتعد عن أسباب الشر و الفتنة، و لا شك أن الاختلاط مع الشابات في المدارس من أسباب وقوع الفساد و انتشار الزنى . و لو حاول الشخص أن يحفظ نفسه فلابد أن يجد صعوبة لكن إذا ابتلي الشخص بذلك فعليه التحفظ و الاعتزال و غض البصر و حفظ الفرج و عدم القرب من النساء مهما استطاع، و الله أعلم.
من كتاب ( فتاوى النظر والخلوة والاختلاط والمصافحة)(1/13)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
أحكام الطهارة
عن حكم الصلاة وجود الصفار والكدرة التي تأتي المرأة قبل الحيض.
السؤال:- امرأة يأتيها شيء قبل الحيض وهو نوع من الصفار والكدرة وأحياناً يكون أحمر فكيف تصلي؟
الجواب:-
هذا دم فساد لا يمنع من الصلاة، وعليها أن تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي حتى يخرج الوقت ثم تتوضأ للوقت الثاني كذلك، إلا أن تتحقق أنه لم يخرج منها شيء بين الوقتين فلا يلزم إعادة الاستنجاء والوضوء.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم الصلاة ومس المصحف إذا نزل من المرأة سائل أحمر غامق اللون لمدة ثلاثة أيام بعد الطهر من المحيض بثلاثة عشر يوماً.
السؤال:- امرأة جاءتها الدورة أول مرة في الشهر الماضي ولما طهرت منها جلست حوالي ثلاثة عشر يوماً، ثم خرج منها سائل أحمر غامق اللون وجلست فيها حوالي ثلاثة أيام، صحيح أنه كثير ولكنه أقل بكثير من دم الحيض المعروف، فماذا تفعل الآن هل تصلي؟ وهل تمس المصحف؟ أم ماذا تفعل؟ أفتونا مأجورين.
الجواب:-
هذا السائل الذي جاء قبل حينه وهو مغاير لدم العادة بلونه وقدره أرى أنه دم عرق فلا مانع من الصلاة والقراءة ومس المصحف حتى يأتي الدم العادي الذي هو دم الحيض المعروف.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم الصلاة وقضاء الصلوات الفائتة بسبب مرض يسبب نزول المذي الطاهر، وبسبب البلل الناتج عن هذا المرض.(1/1)
السؤال:- منذ سن البلوغ أعاني من مرض يترتب عليه خروج (المذي) الطاهر باستمرار تقريباً، وفي البداية لم أكن أعرف بأن هذا ينقض الوضوء ولم أكن أعرف بأنه نجس فكنت أصلي حتى لو خرج شيء منه من غير أن أتوضأ، لم أكن أغسل المحل الذي وصل شيء منه إليه، وأصلي على هذا الحال، وأنا والله العظيم لم أكن أعرف بحكمه وعندما عرفت بحكم ذلك تحرزت منه بقدر استطاعتي وتوضأت لكل صلاة، وفي البداية لم أتداوى منه ولكنني منذ فترة ذهبت إلى الدكتورة للعلاج ولكن العلاج لم يُفِدْني وسؤالي هو:
(أ) هل يجب عليَّ قضاء الصلوات التي صليتها على تلك الحال وأنا جاهلة بالحكم علماً بأنها كثيرة ولا أقدر على حصرها؟ وهل التحرز منه بحشو قطنة محل خروجه يفسد الصوم؟ وما الطريقة الصحيحة للتحرز منه؟
(ب) أحياناً عندما استيقظ من النوم أجد رطوبة ولكنني لا أغتسل منها لسببين، الأول: أني لا أعرف ما إذا كانت مذيّاً أو غيره. والثاني: أنه يغلب علي ظني بأن ما أجده هو بسبب المرض الذي ذكرته لكم. وسؤالي هو: هل عليَّ الاغتسال أم لا؟ وإذا كان الجواب نعم فهل عليَّ إثم في أنني صليت من غير اغتسال؟ وماذا عليَّ أن أفعل تجاه ذلك.
الجواب:-
(أ) لا يجب عليكِ قضاء الصلوات الماضية لعذر الجهالة ويكفي التحفظ بقطن ونحوه ولا يفسد به الصوم.
(ب) لا يلزم الاغتسال بل يكفي الوضوء إذا لم تذكري احتلاماً ولأنه مشكوك في أنه مذي أو غيره والأصل أنه من المرض.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن كيفية الغسل من الدورة الشهرية.
السؤال:- هل يشترط عند الغسل من الدورة الشهرية فرك البدن أثناء صب الماء أم أنه يجزئ القيام بفرك البدن بالصابون ثم صب الماء عليه بدون الفرك مرة أخرى؟
الجواب:-(1/2)
الواجب صب الماء على البدن وتعميمه بالغسل ودلك الجسم الذي يقدر على دلكه بيده، وإن لم يستطع اكتفى بوصول الماء إليه، أما الصابون ونحوه فلا يلزم لرفع الجنابة أو الحدث والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن اغتسال المرأة إذا جامعها زوجها بدون إنزال.
السؤال:- ما حكم من صلى وفي ثوبه دم، سواء كان دم إنسان أو دم حيوان؟ وهل يعيد صلاته أم لا؟
الجواب:-
إذا كان الدم يسيراً كنقطة أو نقطتين أو ثلاث متفرقات فلا إعادة عليه، فإن كثرت النقط أو مواضع الدم فإنه يعيد إن كان عالماً بالدم قبل الصلاة ولم يغسله، فإن كان جاهلاً به ولم يعلم حتى فرغ من الصلاة فلا إعادة عليه لعذره بالجهل. (الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم الغسل للمرأة إذا جامعها زوجها بحائل وأنزلت.
السؤال:- إذا جامع المرأة زوجها بحائل وأنزلت فهل عليها غسل؟
الجواب:-
نعم إذا حصل الإنزال وجب الغسل ولو كانت المباشرة وراء حائل كما لو أولج ذكره في الفرج من وراء الثوب فحصل الإنزال أو حصل الإيلاج.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم المسح على الخمار.
السؤال:- ما حكم المسح على الخمار؟ وهل حكمه حكم المسح على الجوارب؟
الجواب:-
المسح على خمار المرأة في الطهارة يجوز في الوضوء بشرطين: أن يكون صفيقاً غير شفاف وأن يكون محكم الشد ومداراً تحت الحنك ثم إنه يأخذ حكم الجوارب في التوقيت بيوم وليلة لكن يعمم بالمسح كله والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)(1/3)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
أحكام الصلاة
عن حكم صلاة المرأة خلف الرجال.
السؤال:- عندما تصلي المرأة خلف الرجال هل تدخل معهم بنية الجماعة أم منفردة؟
الجواب:-
لا يجوز للمرأة أن تَصِفَّ إلى جانب الرجل ولو كان محرماً لها، بل عليها أن تقوم خلفهم ولو كانت وحدها، فإن كان هناك نساء فإنهن يُقمن الصفوف وخير صفوف النساء آخرها لبعده عن الرجال.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم صلاة النساء في جماعة مع الإمام علماً بأنهن موجودات في غرفة أمام الإمام.
السؤال:- إمام يصلي بجماعة وأمامه غرفة (حجرة) وفيها نساء هل يجوز لهن أن يصلين ويأتممن بهذا الإمام ولو حالت تلك الحجرة بينهن وبين قبلة الإمام، يعني يصلين أمام الإمام؟
الجواب:-
لا يجوز للمأمومين أن يصلوا أمام الإمام سواءً من الرجال أو النساء، وسواءً كنَّ في غرفة أو في رحبة أو صحراء بل كل المأمومين يصلون خلف الإمام أو عن جانبيه ولو كان دونه جدار أو حاجز إذا كان أمامهم أو عن أحد جانبيهم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)(1/1)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
أحكام الزكاة
حكم زكاة الحلي المستعمل
السؤال:- هل حٌلي المرأة التي تلبسه فيه زكاة أم لا؟
الجواب:-
قد اختلف العلماء في زكاة الحلي الملبوس، فروي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليها فتخات من فضة فقال: (أتؤدين زكاتها؟)(الحديث أخرجه أبو داود والحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، ووافقهما الألباني رحمه الله. قالت: لا. قال: (هي حظكِ من النار). وهو صحيح، وحمل على أن زكاته إعارته أو لبسه، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص أن امرأة دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد بنتها مسكتان من ذهب فقال: (أتزكين هذا؟) قالت: لا. قال (أتحبين أن يسوّركِ الله بهما بسوارين من نار؟) فألقتهما (الحديث آخرجه أبو داود والنسائي والترمذي). وهو صحيح، ولعل زكاته عاريته أو ضمّه مع غيره، وعلى هذا فالأحوط إخراج زكاة الحلي الملبوس، وإن لم يخرجها واكتفى بعاريته أو لبسه فلا بأس لوجود الخلاف، فقد كانت عائشة تحلي بنات أخيها ولا تخرج عنه زكاة، ولأنه مال مستعمل فهو كاللباس.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)(1/1)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
أحكام الصيام
عن حكم القضاء لمن أفطرت أربعة أشهر من أشهر رمضان حالة حملها ونفاسها وتبلغ الآن من العمر سبعة وأربعين عاماً.
السؤال:- أنا امرأة أفطرت أربعة أشهر من أشهر رمضان، حيث إما أكون نفساء أو في الشهر الأخير من الحمل، ولم أقضها إلى الآن، لأني كنت أعتقد أن المرأة المعذورة ليس عليها قضاء للصوم كالصلاة. والآن أبلغ من العمر سبعا وأربعين سنة، فماذا أعمل الآن؟
الجواب:- ...
لابد من قضاء هذه الأشهر الأربعة ولو متفرقة، ولابد مع القضاء من الكفارة عن التأخير وذلك بإطعام مسكين عن كل يوم أي عن كل شهر خمسة عشر صاعاً، والله أعلم.
(الشيخ عبدالله بن جبرين)
أنا امرأة قد أنعم الله عليَّ بصيام ست من شوال كل عام، وفي هذا العام أردت أن أصوم كما عودت نفسي، ولكن زوجي قال لي: (الله لا يقبل منكِ إذا صمتِ). فهل يجوز لي أن أصوم الست أم لا؟
الجواب:-
لا تصومي تطوعاً إلى بإذن الزوج إلا أن يكون غائباً أو تعلمين أن الصوم لا يعوقكِ عن خدمته وأنه لا يحتاج إلى الاستمتاع معكِ في ذلك النهار، فإن صمتِ فطلب منكِ المضاجعة فاستجيبي له ولو كنتِ صائمة إذا لم يأذن في الصوم.
(الشيخ عبدالله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم قضاء الأيام التي أفطرتها امرأة تبلغ الآن الخمسين عاماً في رمضان بسبب العادة الشهرية.
السؤال:- امرأة في الخمسين من عمرها لم تقضِ الأيام التي كانت تفطرها من رمضان بسبب العادة الشهرية إما تهاوناً أو جهلاً بالحكم الشرعي، علماً أن ذلك كان أيام شبابها وقبل زواجها. وهي الآن تسأل ماذا تفعل؟ هل يلزمها القضاء؟ مع العلم أنها لا تعلم كم سنة فعلت ذلك وهي الآن تصوم أيام التطوع مثل ست من شوال وتنويها عن تلك الأيام التي مضت. أفتونا مأجورين.
الجواب:-(1/1)
لابد من القضاء والاحتياط فتصوم حتى تجزم بأنها قد قضت جميع ما أفطرته أو زادت عليه من أيام عادتها فإذا كانت تصوم الست من شوال بنية قضاء أيام عادتها السابقة أجزأ ذلك عنها بهذه النية، فعليها إكمال ما بقي ثم عليها مع الصيام إطعام مسكين عن كل يوم لأجل التأخر عدة سنين فتدفع الإطعام مرة واحدة فإذا كانت لم تصم ثلاث سنين أيام العادة وكل سنة ستة أيام فعليها إطعام ثمانية عشر مسكيناً والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبدالله بن جبرين)
عن حكم من أتى زوجته بعد فجر رمضان وهو لا يعلم الحكم الشرعي في ذلك.
السؤال:- ما حكم من أتى زوجته بعد صلاة الفجر في رمضان لا يعلم الحكم الشرعي في ذلك؟ وما هي كفارة هذا الفعل؟ أفتونا مأجورين.
الجواب:-
إذا حصل الجماع في نهار رمضان بعد الإمساك فلابد من القضاء والكفارة، ولا تسقط بجهل الحكم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعذر ذلك الأعرابي الذي واقع أهله في رمضان وهو لا يدري عن الكفارة، والكفارة هي تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبدالله بن جبرين)(1/2)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
أحكام الرضاع
عن حكم الزواج من فتاة رضع أخوها الأول مع طالب الزواج منها علماً بأن ترتيبها الثالث.
السؤال:- أفيدكم بأنني شاب يتيم وأرغب في إكمال نصف ديني وأتزوج من بنت عمتي، والمشكلة هنا هي أن عمتي شقيقة والدي أخبرتني بأني رضعت مع ولدها الأوسط وعمره ثلاث سنوات، وهذا الابن جاء بعده ابن ثاني ثم أنجبت الفتاة من بعدهما، وقد تمنيت من الله أن تكون هذه الفتاة من نصيبي ... ولكن عندما أختبرتني عمتي بهذا الشيء أردت أن أستفسر عن هذا، وهل يجوز الزواج من هذه الفتاة أم لا؟ علماً بأنها أرضعتني مرة واحدة والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحرم الرضعة والرضعتان والمصة والمصتان).
الجواب:- إذا كانت رضعة واحدة كما ذكرت فلا تحرم عليك بنت عمتك، وإنما يحرم خمس رضعات والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين) ...
عن حكم من تزوج بقرينة منه وبعد خمس سنوات عرف أنها رضعت من أمه.
السؤال:- إنني تزوجت امرأة قريبة لي منذ خمس سنوات، ومنذ أيام عرفت أنها رضعت من أمي، فقمت بسؤال أحد العلماء فقال لي: إذا كانت الرضعات محرٍّمات فقد صارت أختاً لي ويجب علينا أن نتوجه إلى المحكمة. وعليه فقد قمت بسؤال والدتي التي أرضعتها فقال: أنها كانت في زيارة لمنزلهم (يعني منزل أهل الزوجة) بعد ولادتها ولم ينزل بعد لبن أمها واحتاجت للرضاعة فقمت بإرضاعها رضعة واحدة، وبعدها نزل لبن أمها وأقسمت بالله على ذلك، ثم رجعت إلى الشيخ الذي استفتيته أولاً فنصحني بالتوجه إلى دار الإفتاء لأخذ القول الفصل في المسألة، وعليه فإنني أعرض المسألة على فضيلتكم سائلاً الله عز وجل أن يوفقكم فيها إلى ما يحب ويرضى.
الجواب:- إذا تأكدت والدتك أن الرضعة واحدة وحلفت على ذلك فالقول قولها وتصدق في ذلك ولا يؤثر هذا الرضاع وتبقى الزوجية كما هي ولا تثبت الأخوة بينك وبين هذه الزوجة والله أعلم.(1/1)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم إخوان الأخت التي رضعت معي وهل يكون من رضع معها محرماً لأخواتها؟
السؤال:- أفيدكم أنني قد رضعت من امرأة مع ابنتها نورة، فهل يكون إخوان نورة إخواني؟ وهل أكون محرماً لأخواتها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب:-
تكون المرضعة أمك وزوجها أباك ونورة أختك من الرضاعة وأخواتها أخواتك وإخوانها إخوتك وأما إخوانك فهم أجانب منها.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم خطب ابنة عمه وقد رضع من أمها -زوجة عمه- رضعة واحدة حيث التقم الثدي مرة واحدة ثم تركه.
السؤال:- أنا رجل خطبت ابنة عمي، وقد رضعت من أمها -وهي زوجة عمي- رضعة واحدة التقمت الثدي مرة واحدة ثم تركته، وزوجة عمي أخبرتني بذلك وهي امرأة ثقة، فهل تحل لي ابنة عمي المذكورة بالرضاع المذكور؟ والله يحفظكم.
الجواب:-
الرضعة الواحدة لا تحرم، ولا أثر لها في الرضيع فعلى هذا تحل لك بنت عمك ولا تكون محرماً لزوجة عمك بمجرد هذه الرضعة، فإنما يحرم خمس رضعات فأكثر إذا كانت في الحولين والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم بنت وولد رضعت البنت من أم الولد ورضع الولد من أم البنت بالتناوب. فهل إخوان الولد إخوان لهذه البنت؟ وهل تكشف عليهم أم لا؟.
السؤال:- يوجد بنت وولد، البنت رضعت من أم الولد، والولد رضع من أم البنت بالتناوب، وتمت الرضاعة أكثر من شهر، فهل إخوان الولد يصبحون إخواناً لأخته من الرضاعة؟ وهل يجوز للبنت أن تكشف عليهم أم لا؟ كما أن أبا الولد متزوج زوجة أخرى ولها أولاد، فهل يجوز لهم أيضا الكشف على أخت الولد من الرضاعة؟
الجواب:-(1/2)
هذه البنت التي رضعت من أم الولد تصبح أختاً له ولجميع إخوته الذين من أبيه أو من أمه حيث إنها بنت أمهم أو بنت أبيهم فهي تقول أمكم أرضعتني فأنا أختكم من الأم، وأخت إخوتكم من الأب حيث رضعت من اللبن الذي سببه أبوكم، وكذا هذا الولد الذي رضع من أم البنت تصبح البنت واخوتها محارم لذلك الولد لأنه رضع من أمهم ولبن أبيهم والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم أربع بنات للخال اثنتان رضعتا من أم الولد، واثنتان لم ترضعا من أمه -فهل يجوز له الزواج من إحدى اللتين لم ترضعا من أمه؟.
السؤال:- عندي بنات خالي أربع، اثنتان رضعن من أمي، واثنتان لم يرضعن من أمي، فهل يحق لي الزواج من إحدى الاثنتين اللتين لم يرضعن من أمي؟ أفتونا مأجورين.
الجواب:- نعم يحق لك الزواج من التي لم ترضع من أمك وأنت ما رضعت من أمها فهي أجنبية ولا يضرها رضاع أختيها.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم الطفلة التي رضعت من أخت والدتها ليلة ونصف نهار، فهل تعتبر أختاً لإخواني من الأب والأم؟ وهل تعتبر أختاً لإخواني من الأم فقط قبل زواجها من أبي صاحب اللبن؟
السؤال:- لقد أرضعت والدتي طفلة ليلة ونصف نهار -من المغرب إلى ظهر اليوم التالي- كلما جاعت الطفلة أرضعتها، وذلك لمرض والدة الطفلة والتي تعتبر أخت والدتي.
فما موضع الطفلة مني ومن إخواني وأخواتي من الأب والأم؟ وما موضعها من إخواني وأخواتي من أمي فقط قبل زواجها من أبي صاحب اللبن؟
الجواب:-
تصبح هذه الطفلة بنتاً لأمكم وبنتاً لأبيكم صاحب اللبن، وأختكم جميعاً أي جميع أولاد المرضعة من الزوجين كلهم إخوتها وأخواتها، وجميع أولاد صاحب اللبن وهو زوج المرضعة وقت الرضاع إخوة لهذه الطفلة سواء من هذه الزوجة أو من غيرها والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين )(1/3)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
أحكام اللباس والزينة
عن موقف الشرع من البرقع الذي يلبسه كثير من النساء في بلادنا.
السؤال:- ما موقف الشرع من البرقع الذي يلبسه كثير من النساء في بلادنا؟ وبعضهن يظهرن وجناتهن وحواجبهن وتصبح المرأة فتنة بهذا اللباس، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
الجواب:-
لا شك أن النقاب الذي هو البرقع جائز إلا في الإحرام، ويشترط فيه أن يكون ضيق الفتحات لا يخرج من العين إلى قدر النظر، فإذا تجاوز ذلك وصار لافتاً للأَنظار فلا يجوز، ولا شك أن إبداء الوجنتين والحاجبين من العورة، فلا يجوز للمرأة لبسه بهذه الكيفية، وعلى المرأة أن تغطي وجهها بخمار ساتر فوق النقاب إذا كان واسع الفتحات ويكون الخمار على العين لا يمنع نظرها لكن يستر بشرة الوجه والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم لبس النساء البنطلون بحجة أنهن بين النساء.
السؤال:- لقد انتشر في الآونة الأخيرة لبس البنطلون بين النساء بأشكاله المختلفة، وإذا أُنكر عليهن احتججن بأنهن بين النساء، فهل يجوز لبس البنطلون بصفة عامة؟ مع العلم أنه قد يظهر هذا اللباس من أسفل العباءة محدداً حجم الساقين، أفتونا عن الحكم الشرعي في لبسه. وجزاكم الله خيراً؟
الجواب:-
لا يجوز هذا اللباس للمرأة ولو كانت في محيط النساء أو المحارم لأنه يصبح عادة متحكمة يصعب التخلص منها حتى مع الرجال الأجانب وفي الأسواق والنوادي والمدارس ونحوها... وذلك مما يلفت الأنظار ويسبب الفتنة ولو لُبس فوقه عباءة أو نحوها ولأنه أيضاً يبين تفاصيل البدن ظاهراً حيث تبدو معه الثديان والإليتان والفخذان ونحو ذلك، والمرأة مأمورة
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية(1/1)
بالتستر ولبس الواسع من الثياب، فعلى أولياء الأمور المنع من هذا البنطلون وقصر المرأة على اللباس المعتاد بين المسلمين دون هذه الأكسية المستوردة التي يقلدن فيها الكافرات من النصارى واليهود وأشباههم والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم لبس الفتيات البنطلون عند غير أزواجهن.
السؤال:- ما حكم لبس البنطلون للفتيات عند غير أزواجهن؟
الجواب:-
لا يجوز للمرأة عند غير زوجها مثل هذا اللباس لأنه يبين تفاصيل جسمها، والمرأة مأمورة أن تلبس ما يستر جميع بدنها لأنها فتنة وكل شيء يبين من جسمها يحرم إبداؤه عند الرجال أو النساء والمحارم وغيرهم إلا الزوج يحل له النظر إلى جميع بدن زوجته، فلا بأس أن تلبس عنده الرقيق أو الضيق ونحوه والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم استعمال المرأة للحناء في الرأس مما يؤدي ذلك إلى تغيير السواد.
السؤال:- ما حكم استعمال المرأة للحناء في الرأس مما يؤدي ذلك إلى تغيير السواد؟
الجواب:-
إذا كان الشعر أبيض فلا بأس بغييره بالحناء والكتم لينقلب إلى الحمرة والسمرة، فأما الشعر الأسود فلا حاجة إلى استعمال الحناء فيه بل يترك على حاله.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم قص الشعر، تغيير لون شعر الرأس، لبس البنطلون "الجينز"، لبس الحذاء المرتفع الكعب، لبس الثياب الضيقة أو القصيرة، أو المشقوقة من الجوانب، أو القصيرة الأكمام.
السؤال:- انتشر في وسط النساء ما يلي:
(أ) قص شعر الرأس.
(ب) تغيير لون شعر الرأس باللون الأحمر والأصفر أو لون آخر.
(ج) لبس البنطلون أو ما يسمى (الجنز).
(د) لبس الحذاء المرتفع (الكعب).
((1/2)
هـ) لبس الثياب الضيقة أو القصيرة أو المشقوقة من إحدى الجوانب أو القصيرة الأيدي. فما هو الحكم في تلك الفقرات المذكورة؟ علماً بأن النساء يعللن أن لبسهن إنما يكون أمام النساء أو المحارم. مع توجيه نصيحة إلى أولياء أمورهن.
الجواب:-
... (أ) أما قص المرأة شعر رأسها فلا يجوز فإن زينتها في توفير هذا الشعر وهو مما يمتدح به في الجاهلية والإسلام ولا زال نساء المسلمات يربين شعرهن منذ الطفولة ويحرصن على تسريحه وتضفيره وإطالته ويفتخرن ويتجملن به، حتى جاء وفد الغرب فأظهر نساؤهم قص الشعر من الأمام أو الخلف، وادَّعى من قلدهن أن ذلك جمال وزينة مع أنه غاية في التشويه وقبح المظهر، وقد ورد نهي المرأة عن حلق رأسها بعد التحلل من الإحرام وأن عليها أن تأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة فقط، مع مدح أهل التحليق في حديث (رحم الله المحلقين .. الخ)، وللشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى- في أضواء البيان كلام طويل على هذه المسألة في سورة الحج على قوله تعالى: (ثُمَّ لْيَقضُوا تَفَثَهُمْ..)(الحج:29) وهو مما يهم الاطلاع عليه والله أعلم.
(ب) وأما تغيير المرأة لون شعر رأسها بألوان متنوعة فهو أيضاً موضة جديدة كما يُقال ويعبرون عنه بالميش، وقد تلقوه عن الوافدات من نساء الغرب اللاتي يبدون أمام الرجال حاسرات عن الرأس والوجه، وقد صبغن الشعر بعضه بأحمر وبعضه بأصفر وبعضه بأزرق .. إلخ.
والقصد أن يلفتن الأنظار وأن يفتن الشباب، ومع أن هذا تمثيل وتقبيح فقد قلدهن نساء من أهل الوطن وقد ألزمهن أزواجهن بذلك لّما رأوا أولئك النساء بتلك الصورة تعلقت نفوسهم بها فأحبوا أن يظهروها في زوجاتهم رغم أن هذا التمثيل والتلوين يقبح المنظر ويشوه المظهر، وقد ورد في الحديث النهي عن التمثيل بالشعر، والنهي عن وصل الشعر، والنهي عن الصبغ بالسواد إذا كان الشعر أبيض، والرخصة في صبغ الشيب بالحمرة أي: بالحناء والكتم فقط، فيقتصر على الوارد والله أعلم.
((1/3)
جـ) وأما لبس المرأة للبنطلون فلا يجوز ولو كانت خالية ولو كانت أمام النساء أو أمام زوجها إلا في غرفة مغلقة مع زوجها فقط، فأما سوى ذلك فلا يجوز فإنه يبين تفاصيل البدن ويعوّد المرأة على هذه اللبسة حتى تألفها وتصبح عندها مستساغة، فلا تجوز هذه اللبسة بحال.
(د) وأما لبس الحذاء المرتفع (الكعب العالي) فلا يجوز أيضاً وهو من التقليد الأعمى لنساء الغرب بما لا فائدة فيه ولا زينة، وإنما قصدهن لفت أنظار الشباب وتكرار النظر إلى تلك المرأة لتعجب الناظرين، ويمكن أن من قصدهن تحديب المرأة حتى تظهر عجيزتها أو بعض بدنها ونحو ذلك من المقاصد السيئة فتقليدهن في ذلك لا يجوز والله أعلم.
(هـ) وأما الثياب الضيقة التي تبين تفاصيل البدن فلا تجوز للمرأة، فإن ظهورها بذلك يلفت الأنظار حيث يتبين حجم ثديها أو عظام صدرها أو إليتها أو بطنها أو ظهرها أو منكبيها أو نحو ذلك، فاعتياد مثل هذه الأكسية يعودها على ذلك، ويصير دينها، ويصعب عليها التخلي عنه مع ما فيه من المحذور، وهكذا لبس القصير أو المشقوق الطرف بحيث يبدو الساق أو القدم أو قصير الأكمام ولا يبرر ذلك كونها أمام المحارم أو النساء لأن اعتياد ذلك يجر إلى الجرأة على لبسه في الأسواق والحفلات والجمع الكثير كما هو مشاهد، وفي لباس النساء المعتاد ما يغني عن مثل هذه الألبسة والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم صبغ رأس المرأة بغير اللون الأسود بغرض التجمل، وحم الميش، وضرره.
السؤال:- ما هو الحكم في صبغ رأس المرأة بغير الأسود وذلك للتجمل؟ وهل هناك صبغة محرمة مثل الميش؟ وهل تمنع وصول الماء إلى قشرة الرأس؟ وهل هي مضرة بالرأس؟ مع العلم أن الصبغ يمكث أربعة أو خمسة أشهر بإحدى الألوان غير الأسود، وهل هي من تغيير خلق الله؟
الجواب:-(1/4)
لا يجوز مثل هذا الصبغ حيث إنه من تغيير خلق الله، وهو من تقليد الغرب بدون فائدة، ولا شك أن السواد أحسن الألوان في الشعر فتغييره بهذه الأصباغ من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، ولكن إذا ابيّض الشعر وصار شيباً جاز صبغه بالحناء ونحوه، ولا يمنع وصول الماء إلى البشرة فإنه يختص بالشعر والله أعلم. (الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم وضع النساء الصبغة على الشعر، واستعمال الطيب للمرأة عند ذهابها إلى المدرسة.
السؤال:- ما رأيكم فيما يفعله بعض النساء من وضع الصبغة على الشعر وكذلك؟ وضع ما يسمى الميش على الشعر أيضاً؟ وماحكم استعمال الطيب للمرأة وذلك عند ذهابها إلى المدرسة؟
الجواب:-
لا شك أن هذا تغيير لخلق الله، فلا يجوز وضع هذه الأصباغ على الشعر إذا كان لونه أسود، فإنه أحسن الألوان فهذه الأصباغ التي تلون الشعر إلى أحمر وأخضر وأبيض ونحوه ... من تغيير خلق الله، ثم هو تقليد غربي ما كان المسلمون يعرفون ذلك قبل وفود نساء الكفار ومن تشبه بقوم فهو منهم، ويقال في وضع الميش الذي هو أصباغ ملونة متعددة أو موحدة تغيرّ لون الشعر عما هو عليه، فهو أيضاً تقليد غربي ويستثنى من ذلك إذا ابيّضَّ الشعر وأصبح كُلَّهُ شيباً، فإنه يجوز صبغه بالحناء الأحمر لورود الأمر بتغيير الشيب بغير السواد، وأما استعمال الطيب للمرأة فلا يجوز أن تمس طيباً له رائحة سيما إذا كانت سوف تخرج إلى السوق أو المستشفى أو العمل في المدرسة أو نحوها وأيضاً فإن طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه كالورس والصفرة في الخدين والذراعين ونحوهما والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم قص حواف الشعر وترك الفروة 10 أو 13سم، أو حلاقتها باستثناء الأمام.(1/5)
السؤال:- انتشرت بين النساء والرجال ظاهرة قص الشعر بحيث يكون له فروة طولها 10سم أو 13سم ثم تقص حواف شعر الرأس فقط من جهة اليمين إلى الخلف ثم إلى الشمال بالكلية أو حلاقتها باستثناء جهة الأمام. فما حكم ذلك وما دليله؟ وهل هو من القزع أم لا؟ ولماذا؟
الجواب:-
لا شك أن هذا الفعل من المنكر ومن التقليد الأعمى، وأنه داخل في القزع فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع ورأى صبياً قد حلق بعض رأسه فقال: (احلقوه كله أو اتركوه). ثم إن هذا الفعل ليس فيه زينة ولا جمال للرجل ولا للمرأة، بل هو تغيير لخلق الله وتشويه للمنظر، وتقليد للغرب بما لا فائدة فيه مع ما به من التكلفة والشغل الشاغل، وكثرة العمل وصرف المال فيما فيه مضرة بما هو معروف، فننصح الرجل أن لا يعتاد مثل هذا التقليد الغربي، والمرأة أن تتوقف على ما كانت عليها أمها وجداتها من توفير الشعر وتضفيره فهو الغاية في الجمال والله المستعان وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
ما حكم إزالة شعر اليدين والساقين حيث إنَّه انتشر عند كثير من النساء؟ وهل النمص المقصود به إزالة شعر الحاجبين فقط أم أَنه يشمل الساقين وغيرهما حيث أن الحديث مطلق؟
الجواب:-
لا مانع من حلق شعر اليدين والساقين أو إزالته بما يزيله من أدهان أو نحوها وذلك أن هذا الشعر قد يؤذي ويحدث خشونة في الجسد، وأَما النمص المنهي عنه فهو إزالة شعر الحاجبين بالحلق أو النتف أو القص، ولا يلحق به إزالة شعر الساق أو الذراع فلا يدخل هذا في النمص المحرم بقوله صلى الله عليه وسلم (لعن الله النامصة والمتنمصة). وعلى المرأة التقيد بما ورد وترك ما لا يجوز فعله من النمص والوشم والوشر والفلج في الأسنان وتغيير خلق الله تعالى.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
ما حكم حلق المرأة لشعر الحاجب الذي بحذاء -بجانب- الأنف؟
الجواب:-(1/6)
الأصل أنه لا يجوز، لدخوله في شعر الحاجب، ولأن إزالته تدخل في النمص ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصات والمتنمصات.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم لبس بعض النساء للعدسات اللاصقة الملونة بقصد الزينة.
السؤال:- ما حكم لبس بعض النساء للعدسات اللاصقة الملوَّنة بقصد الزينة؟ كأن تلبس لباساً أخضر فتضع عدسات خضراء، أفتونا مأجورين.
الجواب:-
لا يجوز هذا إذا كان لقصد الزينة فإنه من تغيير خلق الله، ولا فائدة فيه للبصر، وربما قلل بصر العين حيث تُعَرَّضُ للعبث بها بالإلصاق وما بعده، ثم هو تقليد للغرب بدون فائدة، ولا جمال أحسن من خلق الله وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)(1/7)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
فتاوى الاختلاط و النظر و المصافحة و الخلوة
سئل الشيخ صالح الفوزان
ما حكم تحدث المرأة مع صاحب محل الملابس أو الخياط ؟ مع الرجاء توجيه كلمة شاملة إلى النساء .
الجواب :
تحدث المرأة مع صاحب المتجر التحدث الذي بقدر الحاجة و ليس فيه فتنة لا بأس به ، كانت النساء تكلم الرجال في الحاجات و الأمور التي لا فتنة فيها و في حدود الحاجة .
أما إذا كان مصحوباً بضحك أو بمباسطة أو بصوت فاتن فهذا محرم لا يجوز . يقول الله سبحانه و تعالى لأزواج نبيه صلى الله عليه و سلم { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } و القول المعروف ما يعرفه الناس و بقدر الحاجة أما ما زاد عن ذلك ؛ بأن كان على طريق الضحك و المباسطة ، أو بصوت فاتن ، أو غير ذلك ، أو أن تكشف وجهها أمامه ، أو تكشف ذراعيها ، أو كفيها ؛ فهذه كلها محرمات و منكرات و من أسباب الفتنة و من أسباب الوقوع في الفاحشة .
فيجب على المرأة المسلمة التي تخاف الله عز و جل أن تتقي الله ، تجنب هذا الأمر ، و ألا تكلم الرجال الأجانب بكلام يطمعهم فيها و يفتن قلوبهم ، و إذا احتاجت إلى الذهاب إلى متجر أو إلى مكان فيه الرجال ، فلتحتشم و لتتستر و تتأدب بآداب الإسلام ، و إذا كلمت الرجال ، فلتكلمهم الكلام المعروف الذي لا فتنة فيه و لا ريب فيه .
سئل الشيخ محمد بن عثيمين
أنا أب و لي أبناء و نحن مشغولون بأعمالنا ، لذا نسمح للسائق أن يذهب بزوجتي و بناتي إلى السوق و المحاضرات الدينية و الثقافية ، أرجو إعطائي و إخواني الجواب الكافي حول هذا الفعل من ناحية حله و حرمته . و الله يحفظكم ؟
الجواب :(1/1)
إذا كان السائق أميناً و ركب معه امرأتان فأكثر إلى السوق ، فإن هذا لا بأس به ، و ذلك لأن المحظور هو الخلوة أو السفر . فلا يحل أن يخلو السائق بامرأة واحدة و لو إلى السوق و لا يحل للسائق أن يسافر و لو بنساء متعددات ، لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ لا يخلو رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ، و لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ] أخرجه البخاري .
فإذا كان الذهاب و المجيء في نفس البلد و لم تحصل خلوة ، بل كان مع السائق امرأتان فأكثر ، و كان السائق أميناً ، فإن هذا لا محظور فيه و لا حرج فيه ، السائق لابد أن يكون أميناً أما إذا كان غير أمين فإنه يُخشى من شره ، و لو كانت المرأة معها امرأة أخرى .
و أما مسألة استجلاب السائقين و الخدم و الخادمات ، فالذي نرى أنه لا ينبغي إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك ، لأن الأمور الواقعة من بعض الخدم من رجال أو نساء توجب للإنسان التوقف في استجلاب هؤلاء الخدم .
سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
ما حكم ركوب النساء مع أصحاب سيارات الأجرة بدون محرم ؟
الجواب :
لم يبقَ شك في أن ركوب المرأة الأجنبية مع صاحب السيارة منفردة بدون محرم يرافقها منكر ظاهر ، و فيه عدة مفاسد لا يستهان بها ، سواء كانت المرأة خفرة أو برزة ؛ و الرجل الذي يرضى بهذا لمحارمه ضعيف الدين ، ناقص الرجولة ، قليل الغيرة على محارمه و قد قال صلى الله عليه و سلم [ ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ] أخرجه أحمد .
و ركوبها معه في السيارة أبلغ من الخلوة بها في بيت و نحوه ؛ لأنه يتمكن من الذهاب بها حيث شاء من البلد أو خارج البلد ، طوعاً منها أو كرهاً ، و يترتب على ذلك من المفاسد أعظم مما يترتب على الخلوة المجردة .
و لا يخفى آثار فتنة النساء و المفاسد المترتبة عليها ؛ ففي حديث [ ما تركتُ بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ] أخرجه البخاري .(1/2)
و في الحديث الآخر [ اتقوا الدنيا و اتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ] أخرجه أحمد .
لهذا و غيره مما ورد في هذا الباب و أخذاً بما تقتضيه المصلحة العامة و يحتمه الواجب الديني علينا و عليكم و نرى أنه يتعين البت في منع ركوب أي امرأة أجنبية مع صاحب التاكسي بدون مرافق لها من محارمها أو من يقوم مقامه من محارمها أو اتباعهم المأمونين المعروفين .
كما يتعين على المسؤولين القيام بهذا الأمر بجد و صرامة ، و يشكل لجنة و تقرر لذلك من الجزاء ما يتناسب مع حالة مرتكبه ، و من خالف ذلك فيطبق بحقه الجزاء المقرر ؛ فمثلاً يقرر عليه غرامة مالية ، فإن عاد ثانياً فتضاعف عليه الغرامة مع حبسه مدة معينة و تعزيره أسواطاً معلومة ، فإن عاد ثالثاً ضوعفت عليه الغرامة و الحبس و التعزير و سُحبت منه الرخصة من مزاولة هذه المهنة ، كما تعزر المرأة التي ترتكب مثل هذا ، و يعزر وليها الذي يرضى لها بمثل ذلك و لكن لابد من إعلان ذلك في الجرائد و الإذاعة و تحذير الناس أولاً و على مدير الشرطة و قلم المرور و شرطة النجدة مراقبة ما ذكر ، و تطبيق الجزاء ، و إعطاء كل مركز أو نقطة الصلاحية بما ذكر ، و كذلك مراكز الحسبة و دوريتهم و أفراد رجالهم . كما ينبغي نصيحة النساء و ولاة أمورهن ، و تذكيرهم بما ورد ، و تخويفهم مغبة طاعة النساء ، فقد روي في الحديث [ هلك الرجال حين أطاعوا النساء ] و في الحديث الآخر [ ما رأيتُ من ناقصات عقل و دين أغلب للب ذي اللب من إحداكن ] و لما أنشده أعشى بأهلة أبياته التي يقول فيها : و هن شر غالب لمن غلب
جعل صلى الله عليه و سلم يرددها و يقول : [ هن شر غالب لمن غلب ]
و الله الموفق .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
أذهب مع السائق إلى المدرسة صباحاً و العودة ظهراً و معي أخي الذي لا يتجاوز الحادية عشرة من عمره فهل يجوز أن يكون أخي محرماً أم لا ؟ أفيدوني .
الجواب :(1/3)
ورد النهي الشديد عن الخلوة بالمرأة الأجنبية فقال النبي صلى الله عليه و سلم في حديث عمر و ابن عمر و غيرهما : [ لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ] لذلك نحن ننصح المرأة المسلمة بعدم ركوبها وحدها مع قائد أجنبي مخافة الفتنة و لو أمنته ، فإن الشيطان قد يوسوس بينهما ، و قد رخص فيه بعض المشايخ داخل البلد مع الطرق المسلوكة التي لا تخلو من الناس : لضرورة أو حاجة ملحة كعيادة ، أو سوق لغرض مهم ، أو مدرسة ، أو مقر عمل ، أو زيارة أهل ، أو أقارب و قد يرخص في ذلك إن كان معها نسوة ثقات أو محرم و لو مميزاً و كل ذلك عند الحاجة .
سئل الشيخ بن عثيمين
زوجتي تعمل في مجال التدريس ، و لدي سائق بزوجته و السائق لا يذهب إلا معه و معه زوجته فهل يحرم على زوجتي الذهاب معه للمدرسة ؟ و ماذا لو كانت المسافة بعيدة ؟ جزاكم الله خيراً
الجواب :
إذا كان هذا السائق أميناً فلا بأس لأنه في هذه الحال لم تحدث خلوة بالمرأة ، أما إذا لم يكن أميناً أو ظهرت علامات الفتنة لا يجوز أن تركب معه و لو كانت معه زوجته .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز
ما حكم ركوب المرأة مع سائق أجنبي عنها وحدها ليوصلها داخل المدينة ؟ و ما الحكم إذا ركبتْ المرأة و مجموعة من النساء مع السائق وحدهن ؟
الجواب :(1/4)
لا يجوز ركوب المرأة مع سائق ليس محرماً لها و ليس معهما غيرهما لأن في هذا حكم الخلوة . و قد صح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لا يخلون رجل بامرأة إلا و معها ذو محرم ] و قال صلى الله عليه و سلم : [ لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ] أما إن كان معهما رجل آخر أو أكثر أو امرأة أخرى أو أكثر فلا حرج في ذلك إذا لم يكن هناك ريبة . لأن الخلوة تزول بوجود الثالث أو أكثر و هذا في غير السفر ، أما في السفر فليس للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ] متفق على صحته و لا فرق بين كون السفر من طريق الأرض أو الجو أو البحر .
و الله ولي التوفيق .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
هناك تساهل من بعض الناس في الكلام مع المرأة الأجنبية ، فمثلاً إذا جاء رجل إلى بيت صديقه و لم يجده تقوم الزوجة بالتكلم مع هذا الرجل القادم ( صديق زوجها ) و تفتح المجلس و تضع القهوة و الشاي له ، فهل هذا يجوز ؟ علماً أنه لا يوجد في البيت سوى هذه الزوجة ؟
الجواب :
لا يجوز للمرأة أن تأذن لأجنبي في بيت زوجها حال غيبته و لو كان صديقاً لزوجها و لو كان أميناً أو موثوقاً فإن في هذا خلوة بامرأة أجنبية و قد ورد في الحديث [ لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ] . كما يحرم على الرجل أن يطلب من امرأة صديقه أن تدخله و أن تقوم بخدمته و لو وثق من نفسه بالأمانة و الديانة مخافة أن يوسوس له الشيطان و يدخل بينهما .
و يجب على الزوج أن يُحِذر امرأته من إدخال أحد من الأجانب في البيت و لو كان من أقاربه لقول النبي صلى الله عليه و سلم [ إياكم و الدخول على النساء ] قالوا : يا رسول الله ، أرأيت الحمو ؟ قال : [ الحمو الموت ] و الحمو هو أخو الزوج أو قريبه ، فغيره بطريق الأولى .
سئل الشيخ محمد بن عثيمين(1/5)
هل يجوز لي النظر إلى المرأة التي أريد الزواج بها بدون علم أهلها ، كأن تحضر إلى قرابة لي فأنظر إليها دون علمها و علم أهلها ، مع العلم إني عازم بإذن الله على التقدم لها ، و لكن لم تحصل الخطبة بل حصل أخذ موافقة منها و من والدتها قبل أن أتقدم رسمياً إليها ، مع إني قد استخرت الاستخارة الشرعية ، فهل يجوز لي هذا النظر ؟
الجواب :
يجوز لك هذا النظر ، لأن الإنسان إذا عزم على خطبة امرأة ، و غلب على ظنه أنه يُجاب ، فله أن ينظر إليها بل يُسن أن ينظر إليها ، بشرط أن لا يكون هناك خلوة و أن يأمن الفتنة على نفسه ، فإذا لم يكن خلوة و أمن الفتنة على نفسه و نظر إليها ما يكفي لرغبته فيها ، كالنظر إلى الوجه و إلى الرأس و إلى الكفين و إلى القدمين فإن هذا لا بأس به . بل هو من الأمور المشروعة ، فإنه أحرى أن يؤدم بين الزوجين ، يعني أحرى أن يؤلف بينهما .
و يسأل بعض الناس يقول هل يجوز أن أطلب صورتها الفوتوغرافية لأنظر إليها ؟
فنقول : لا يجوز .
أولاً / لأن الصورة قد تبقى بيد الخطيب حتى و إن أحجم عن التقدم لخطبتها .
ثانياً / لأن الصورة لا تمثل الواقع و الحقيقة ، فقد تشوه المنظر و قد تحسن المنظر فينخدع الإنسان .
ثالثاً / لأنه لا ينبغي للإنسان أن يمكن أحداً من أن يلتقط صورة أهله ، بناته و أخواته و غيرهن . بل لا يجوز له هذا لما في ذلك من الفتنة ، و ربما تقع هذه الصورة في أيدي أناس فساق ، يعرضون بناتك على الناس إن كن جميلات صرن فتنة للناس ، و إن كن قبيحات صرن مشتمة للناس .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
أنا امرأة أسكن مع أهل زوجي و يسكن عنا أخوة زوجي ، و يحصل كثيراً من الأوقات من نظرة فجائية ، فهل يصيبني لفحة من النار أم لا ؟(1/6)
ملحوظة : تكررت النظرة من أحد أخوة زوجي حتى لاحظتُ أنه يسرق النظر إلي و أنا في بيت الخلاء ، و لقد أخبرتُ زوجي بذلك و لكنه لم يصدق في أخيه ذلك ، فما الحكم في ذلك ؟ و ما هي نصيحتكم لي ؟ و جزاكم الله خيراً .
الجواب :
ورد الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم سُئل عن نظرة الفجأة فقال : [ اصرف بصرك ] أخرجه مسلم .
و معناه : أن النظر إذا وقع على امرأة أجنبية بدون قصد فإنه يصرف بصره في تلك اللحظة و لا يحدق النظر ، و في حديث آخر قال صلى الله عليه و سلم [ لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى و ليست لك الآخرة ] أخرجه أبو داوود .
و بكل حال عليكِ أولاً الحرص على التستر و تغطية الوجه و نحوه عند أخوة الزوج و نحوهم من الأجانب ، و عليك أن تخبري زوجك بنصحهم عن تحديق النظر و عن التحسس للغفلة ، أو إذا رأيت من يتعمد هذا النظر و يظهر منه القصد للغفلة فلابد من الابتعاد عنه حيث فعل ما لا يحل له .
و الله أعلم .
سئل لشيخ عبد العزيز بن باز
هناك من دعاة التمدن من يُجوّز النظر إلى وجه زوجة الأخ ويستدلون ببعض الأدلة ما مدى صحتها وكيف يرى سماحتكم الرد عليها والتصدي لها ؟
الجواب :
زوجة الأخ كغيرها من النساء الأجنبيات لا يحل لأخيه النظر إليها كزوجة العم والخال وتحوهما. ولا يجوز له الخلوة بواحدة منهن كسائر الأجنبيات, وليس لواجدة منهن أن تكشف لأخي زوجها أو عمه أو خاله أو يسافر أو يخلوا بها لعموم قوله سبحانه : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } الآية . و هي عامة لأزواج النبي صلى الله عليه و سلم و غيرهن في أصح قولي أهل العلم
و لقوله سبحانه { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }(1/7)
و قول الله سبحانه { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ }
و قول النبي صلى الله عليه و سلم [ لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ] متفق عليه ، و قول النبي صلى الله عليه و سلم [ لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ] و لما في كشفها لأخي زوجها و نحوه ، و نظره إلى وجهها من أسباب الفتنة و الوقوع فيما حرم الله .
و هذه الأمور و الله أعلم هي الحكمة في وجوب الحجاب ، و تحريم النظر و الخلوة لأن الوجه هو مجمع المحاسن .
و الله ولي التوفيق .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
إذا كانت الفتيات متحجبات فهل يجوز لهن النظر إلى من يعلمهن من الرجال لاسيما إذا كان المعلم شابا ًوسيماً ؟
الجواب :
نظر المرأة إلى الرجل إذا كان يُخشى منه الفتنة لا يجوز . لقوله صلى الله عليه و سلم [ أفعمياوان أنتما ] و أما إذا نظرت إليه نظراً عادياً . لاسيما إذا كان كبير السن فهذا أخف مع أمن الفتنة و غض البصر و مع هذا فلا يجوز إلا إذا كانت المرأة من تغض بصرها و لا تحدق النظر خوف الفتنة لكن نظرها إلى الرجال أخف حيث لم يؤمر الرجال أن يتحجبوا إذا دخلوا الأسواق و أمر النساء بغض الطرف و غض البصر { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ }
سئل الشيخ محمد بن عثيمين
هل يؤاخذ المرء على النظر إلى النساء في الحرم مع أنه بغير شهوة و لا تمتع علماً بأن النساء هن اللواتي يجذبن إليهن النظر ؟
الجواب :(1/8)
الحقيقة أن مشكلة النساء في الحرم مشكلة كبيرة لأن من النساء من يحضرن إلى هذا المكان الذي هو مكان عبادة و خضوع يحضرن على وجه يفتن من لا يُفتن ، فتأتي المرأة متبرجة متطيبة و ربما يبدو من حركاتها أنها تغازل الرجال ، و هذا أمر منكر في غير المسجد الحرام فكيف بالمسجد الحرام ؟! و نصيحتي لمن يسمعنّ و يقرأنّ منهنّ أن يتقين الله تعالى في أنفسهن و أن يحترمن بيت الله عز و جل من وقوع المعاصي فيه ، و على الرجال إذا رأوا امرأة على وجه غير سائغ ، عليهم أن ينصحوها و ينهروها أو يبلغوا عنها من يستطيع منعها و نهرها ، و الناس و لله الحمد فيهم خير .
لكن مع هذا نقول : إن الرجل يجب عليه أن يغض بصره بقدر المستطاع { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ } فعليه أن يغض بصره ما استطاع لاسيما إذا رأى من نفسه تحركاً لتمتع أو لذة ، فإنه يجب عليه الغض أكثر و أكثر ، و الناس في هذا الباب يختلفون اختلافاً كبيراً .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
أنا من إخوانكم في الله ، و منّ الله علي بالاستقامة و لله الحمد ، و أسكن أنا و أخي في بيت واحد ، و كل منا متزوج ، فهل يجوز أن أصافح زوجة أخي مع حضور المحرم كزوجها أو زوجتي أو أطفالنا ؟ و هل يجوز أن أجلس معها مع حضور المحرم و هي بلباس الرداء المعتاد عندنا و النقاب المعروف عندنا بالبرقع بدون أن تضع على وجهها خماراً ؟ و هل يجوز أن أعلمها أمور الدين مع محارمي و أناقشها في أمور الدين ؟ كذلك هل يجوز أن أسألها عن نواقص في أمور الدين ؟ كذلك هل يجوز أن أسألها عن نواقص البيت ؟ وجهوني جزاكم الله خيراً .
الجواب :(1/9)
لا يجوز أن تصافح زوجة أخيك فأنت غير محرم لها ، فلا يحل لك لمس امرأة أجنبية و لو كان بحضور زوجها أو أحد محارمها أو نساء غيرها أو أطفال عندكم ، فأما الجلوس معها فلا يجوز مع الخلوة و الانفراد ، و لو كانت متحجبة متسترة ، فإن كان هناك محرم أو نساء زالت الخلوة بشرط التستر الكامل للوجه و البدن أي بالبرقع ضيق الفتحات و الرداء الساتر للبدن كله ، فأما تعليمها و مناقشتها في أمور الدين و سؤالها عن نواقص البيت فيجوز ذلك بشرط التستر الكامل و عدم الخلوة و يكون بكلام معتاد بقدر الحاجة .
و الله أعلم .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
يعتقد بعض النساء الكبيرات السن أنه يحل للشاب أن يجلس مع زوجة خاله و أنها كخالته ، و يقولون:
" أعقب عمك و لا تعقب خالك " و أحاول إقناعهن بخطأ ذلك ، و أن الآية الموضحة للمحارم واضحة فلا يقتنعن ، فهل تقول لهم شيئاً ؟
الجواب :
لاشك أن زوجة الخال أجنبية من ابن أخته ، تحل له بعد الفراق ؛ و على هذا فيحرم عليها أن تبرز أمامه سافرة ، و حرام عليه الخلوة بها أو النظر إلى عورتها كالوجه و المحاسن فهو لم يُذكر مع جملة المحارم في قوله تعالى { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ }
و هي لم تذكر مع المحرمات في قوله تعالى { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ } و على هذا فاعتقاد محرميته لها لا أصل له ، فيجب الانتباه لذلك .
سئل الشيخ بن جبرين
امرأة تقبل زوج أختها عند السلام إذا جاء من سفر و لا تصافحه بيدها ، فهل يجوز أم لا ؟ علماً أن زوج واحدة ابن عم لها أما الثانية فليس ابن عمها بل إنه زوج أختها ، أفيدونا جزاكم الله خيراً .
الجواب :(1/10)
لا يجوز للمرأة أن تقبل غير محارمها ، كزوج أختها أو ابن عمها ، كما لا يحل لها أن تبدي زينتها أمامه ، حيث أنه أجنبي و يجوز أن تسلم عليه و هي متسترة و في غير خلوة و يجب الإنكار على من فعل ذلك ممن رآه و بيان أنه عادة جاهلية أبطلها الإسلام .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
هل يجوز الصلاة أمام منظر طبيعي ؟ و هل تأثم المرأة إذا صافحت رجلاً و هي ترتدي قفازاً ؟
الجواب :
لا يجوز للمرأة أن تصافح الأجانب منها غير المحارم و لو كانت قد لبست القفاز و صافحت من وراء الكم أو العباءة فكله مصافحة و لو من وراء حائل .
و أما الصلاة المذكورة فلا تجوز إذا كان ذلك المنظر مصوراً و شيئاَ يشغل بال المصلي فإن كان أمراً معتاداً فلا بأس بذلك .
سئل الشيخ محمد بن عثيمين
بعض الناس يقتني صور النساء الأجنبيات و ينظر إليها و يستمتع بذلك بحجة أن هذه صور و ليس حقيقة ، فما حكم الشرع في ذلك ؟
الجواب :
هذا تهاون خطير جداً و ذلك أن الإنسان إذا نظر للمرأة سواء كان ذلك بواسطة وسائل الإعلام المرئية ، أو بواسطة الصحف أو غير ذلك ، فإنه لابد أن يكون من ذلك فتنة على قلب الرجل ، تجره إلى أن يتعمد النظر إلى المرأة مباشرة ، و هذا شيء مشاهد ، و لقد بلغنا أن من الشباب من يقتني صور النساء الجميلات ليتلذذ بالنظر إليهن ، أو يتمتع بالنظر إليهن ، و هذا يدل على عظم الفتنة في مشاهدة هذه الصور ، سواء كانت في مجلات أو في صحف أو في غيرها ، لأن في ذلك فتنة تضره في دينه ، و يتعلق قلبه بالنظر إلى النساء ، فيبقى ينظر إليهن مباشرة .
و الله أعلم .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
ما حكم قراءة المجلات التي تُظهر صور نساء شبه عاريات و رؤية تلك الصور ؟
الجواب :(1/11)
ننصح كل مسلم البعد عن الفتن و أسبابها ليحفظ عليه دينه الذي هو عصمة أمره ، و لاشك أن مشاهدة الصور شبه العارية لنساء جميلات من أقوى الدوافع إلى العهر و مقارفة الفواحش ، فإنها تبعث الهمم إلى محاولة الاتصال بأولئك أو بمن يشابههم و بذل كل وسيلة في سبيل الحصول على شيء من ذلك لقوة الدافع .
فالأليق بالمسلم الناصح لنفسه حمايتها و حفظها عن كل ما يقدح بسلوكه .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز
ما حكم استماع الموسيقى و الأغاني ؟ و ما حكم مشاهدة المسلسلات التي تتبرج فيها النساء ؟
الجواب :
حكم ذلك التحريم و المنع لما في ذلك من الصد عن سبيل الله و مرض القلوب و خطر الوقوع فيما حرم الله عز و جل من الفواحش ، قال الله عز و جل : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ {6} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } ففي هاتين الآيتين الكريمتين الدلالة على أن استماع آلات اللهو و الغناء من أسباب الضلال و الإضلال و اتخاذ آيات الله هزواً و الاستكبار عن سماع آيات الله .(1/12)
و قد توعد الله من فعل ذلك بالعذاب المهين و العذاب الأليم ، و قد فسر أكثر العلماء لهو الحديث في الآية بالغناء و المعازف و كل صوت يصد عن سبيل الله ، ففي صحيح البخاري – رحمه الله – عن النبي صلى الله أنه قال : [ ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف ] و الحر بالحاء و الراء المهملتين الفرج الحرام أي الزنا ، و الحرير معروف و هو محرم على الرجال ، و الخمر معروف و هو كل مسكر و هو محرم على الجميع ، و المعزف هي آلات اللهو كالعود و الطبل و الطنبور و نحو ذلك كما في نهاية القاموس ، و العزف اللعب بها و العازف المغني و اللاعب بها .
فالواجب على كل مسلم و مسلمة تجنب هذه المنكرات و الحذر منها ، و هكذا مشاهدة المسلسلات المشتملة على تبرج النساء تحرم مشاهدتها لما في ذلك من الخطر العظيم على مشاهدها من مرض قلبه و زوال غيرته ، و قد يجره ذلك إلى الوقوع فيما حرم الله ، سواء كان المشاهد رجلاً أو امرأة .
وفق الله الجميع لما فيه رضاه و السلامة من أسباب غضبه .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
تطلب مني أم زوجي أن أجلس مع ابنها – أخي زوجي – بالعباءة و الغطاء أمام التلفزيون و حين يشربون الشاي فأرفض و ينتقدونني فهل أنا على حق أم لا ؟
الجواب :
يحق لك الامتناع من الجلوس معهم في تلك الحال لما في ذلك من أسباب الفتنة فأخو زوجك الذي لا يزال عازباً يعتبر أجنبياً فيعتبر سماعه لصوتك ورؤيته لشخصك من أسباب الفتنة وكهذا نظرك إليه وهكذا نظرك إلى الصور التي تعرض في التلفزيون.
سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ.
عن حكم كشف أطباء على عورات النساء للعلاج وخلوتهم بهن؟
الجواب:
أولاً : أن المرأة عورة , ومحل مطمع للرجال بكل حال فلهذا لا ينبغي لها أن تمكن الرجال من الكشف عليها أو معالجتها.(1/13)
ثانياً : إذا لم يوجد الطبيبة المطلوبة فلا بأس بمعالجة الرجال لها , هذا أشبه بحال الضرورة , ولكنه يتقيد بقيود معرفة , ولهذا يقول الفقهاء الضرورة تقدر بقدرها فلا يحل للطبيب أن يرى منها أو يمس مالا تدعو الحاجة إلى رؤيته أو مسه ويجب عليها ستر كل ما لا حاجة إلى كشفه عند العلاج .
ثالثاً : مع كون المرأة عورة , فإن العورة تختلف , فمنها عورة مغلظة , ومنها ما هو أخف من ذلك , كما أن المرض التي تعالج منه المرأة قد يكون من الأمراض الخطرة التي لا ينبغي تأخر علاجها , وقد يكون من العوارض البسيطة التي لا ضرر في تأخر علاجها حتى يحضر محرمها و لا خطر كما أن النساء يختلفن , فمنهن القواعد من النساء , ومنهن الشابة الحسناء , ومنهن ما بين ذلك , ومنهن من تأتي وقد أنهكها المرض , ومنهن من تأتي إلى المستشفى من دون أن يظهر عليها أثر المرض , ومنهن من يعمل لها بنج موضعي أو كلي , ومنهن من يكتفي بإعطائها حبوباً و نحوها و لكل واحدة من هؤلاء حكمها .
و على كلٍ فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة شرعاً و لو للطبيب الذي يعالجها ، لحديث [ ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ] فلابد من حضور أحد معها سواء كان زوجها أو أحد محارمها الرجال ؛ فإن لم يتهيأ و لو من أقاربها النساء ، فإن لم يوجد أحد ممن ذكر و كان المر خطراً لا يمكن تأخيره فلا أقل من حضور الممرضة و نحوها تفادياً من الخلوة المنهي عنها .
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين
هل توليد الرجل للمرأة جائز ؟ مع العلم أن نسبة الطبيبات في المستشفيات الحكومية و غيرها قليلة جداً ، و طبيعة العمل موزع على دوريات و مناوبات ، و الولادة في علم الغيب فقد يذهب الرجل بزوجته في وقت لا يوجد فيه أطباء من الرجال ؟
الجواب :(1/14)
اعلم أن الولادة أمر طبيعي موجود منذ خلق الله البرية ، لم يزل النساء يلدن و لا يحتاج بعضهن إلى مولدة ، و كثيراً ما تلد المرأة و تضع ولدها بلا مشقة كما حكى الله عن مريم قوله :
{ فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ } إلى قوله { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ } فقد ولدت وحدها و حملت ولدها بعد ذلك ، و هذا يقع كثيراً كما نعرفه .
و كون الطبيبات في الولادة قليلات في المستشفيات لا يضر ، فليس التوليد مقصوراً عليهن ، و إذا كان العمل في المستشفى موزعاً على دوريات و مناوبات فعلى من أحست بالولادة أن تتصل بالمستشفى فإن كان فيه امرأة حاذقة و إلا ذهبت إلى غيره .
و على هذا فلا يجوز للرجل الأجنبي أن يتولى توليد المرأة حيث يحتاج إلى كشف عورتها و النظر إلى فرجها ، و لمس بشرتها كبطنها و أسكيتها و شفريها ، لاشك أن هذا لا يجوز إلا للضرورة و لا ضرورة هنا و الحمد لله ، و ليس التوليد مختصاً بالطبيبات فما عُرفن إلا من زمن قريب فإن وجدت طبيبة مأمونة موثوقة تحسن تولي الولادة و لا تلحق الضرر بالمرأة و لا بالمولود فلا بأس بتولي ذلك ، و إلا تولى ذلك غيرها من غير الطبيبات ، و هن النساء الكبيرات اللاتي عرفن التوليد ، و تولين ذلك بدون تعلم طب أو نحوه ، أو إلى امرأة عارفة و لو لم تكن طبيبة دون أن تذهب إلى رجل يكشف عورتها .
سئل الشيخ محمد بن عثيمين
إذا كان هناك طفل عمره سبع سنوات يصف خالته إلى آبائه فما حكم الظهور على هذا الطفل ؟
الجواب :
هذا لا يظهر على المرأة يجب أن تتغطى عنه لقوله تعالى { أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء } و هذا ظاهر ما دام يعرف الأوصاف الجميلة من غير الجميلة يجب التحرز منه .
رغم أنها خالته ؟(1/15)
و لو كانت خالته ، لكن يجب أن ينهي هذا الشيء ، ما دامت خالته لا يمكن أن تحتجب عنه ، لكن يجب أن ينهى عن هذا الشيء ، و أن يبين له قبحه و يتوعدونه بما يمكن أن يفعلوه به .(1/16)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
فتاوى عن الحجاب الشرعي
عن حكم ظاهرة لبس العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطرح المزينة.
السؤال:- انتشر بين نساء المسلمين ظاهرة لبس بعض النساء العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطُرَح، والتي تكون زينة في نفسها، وهذه العباءة تلتصق بالجسم وتصف الصدر وحجم العظام ويلبسن هذا اللباس موضة أو شهرة، ما حكم هذا اللباس؟ وهل هو حجاب شرعي؟ وهل ينطبق عليهن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما...)؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب:-
لقد أمر الله نساء المؤمنين بالتستر والتحجب الكامل فقال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن..)(الأحزاب:59). والجلباب هو الرداء الذي تلتف به المرأة ويستر رأسها وجميع بدنها ومثله المشلح والعباءة المعروفة، والأصل أنها تلبس على الرأس حتى تستر جميع البدن، فلبس المرأة للعباءة هو من باب التستر والاحتجاب الذي يقصد منه منع الغير من التطلع ومد النظر، قال تعالى: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)(الأحزاب:59) ولا شك أن بروز رأسها ومنكبيها مما يلفت الأنظار نحوها، فإذا لبست العباءة على الكتفين كان ذلك تشبهاً بالرجال وكان فيه إبراز رأسها وعنقها وحجم المنكبين وبيان بعض تفاصيل الجسم كالصدر والظهر ونحوه، مما يكون سبباً للفتنة وامتداد الأعين نحوها وقرب أهل الأذى منها ولو كانت عفيفة.
وعلى هذا فلا يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور ويخاف دخوله في الحديث المذكور وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أمتي من أهل النار...) إلى قوله: (ونساء كاسيات عاريات مميلات روؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها .. الخ)(أخرجه مسلم وأحمد وذكره الألباني في الأحاديث الصحيحة). والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)(1/1)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم تنظيم المحاضرات للنساء.
السؤال:- قام المركز الإسلامي في مدينتنا بتنظيم محاضرة للنساء، وقام المحاضر بإلقاء المحاضرة مباشرة من دون حاجز أو حجاب رغم معارضة بعض النساء لذلك وعدم رضاهن، ورغم وجود نساء كاشفات لوجوههن وأيديهن، وكان بالإمكان إلقاء المحاضرة من وراء ستار، ونتيجة لذلك حدثَ نقاش طويل بين بعض المسلمين عندنا، خصوصاً وأن إدارة المسجد ممثلة في اللجنة المنظمة رفضت أن يقوم أحد طلبة العلم في نفس اليوم بإلقاء محاضرة من وراء حجاب، وقد زاد من الخصومة أن المحاضر قال: (إن آية (وإذا سألتموهن متاعاً فسئلوهن من وراء حجاب)(الأحزاب:53) خاصة نزولاً وحكماً بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجوز تطبيقها على غيرهن؟ وقال أيضاً إجابة على سؤال حول الاختلاط: (إن المحرَّم شرعاً هو الخلوة فقط، ولذلك لا مانع من استضافة المرأة للرجل الأجنبي في حال عدم الخلوة؟) وقال أيضاً: (إنه لا يرى أن تنتقب المرأة في البلاد الغربية حتى لا تعطي صورة غير مقبولة عن الإسلام)؟
السؤال: ما رأيكم فيما حدث؟ وهل يجوز ذلك شرعاً؟ وما رأيكم فيما قاله المحاضر حول الاختلاط والنقاب؟ وهل يجوز الإنكار عليه؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب:-(1/2)
لا شك أن ما فعله هذا المحاضر لا يجوز في الإسلام، فإن وقوف الرجل أمام النساء المتبرجات من أعظم أسباب الفتنة ولو أمنه هذا الرجل لم يأمنه غيره، ومتى فتح الباب لهم توصلوا إلى المحظور من النظر المحرم وما يجره من الفواحش، وقد نهى الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم عن التبرج بقوله: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)(الأحزاب:33) وهذا الخطاب يعم كل المؤمنات لأن الله ذمّه بإضافته إلى الجاهلية، والتبرج هو إبداء الزينة ولا شك أن الوجه هو مجمع محاسن المرأة وبه تحصل الفتنةو يحصل التقارب، فإن بقية جسدها قد لا يحصل به تفاوت بين النساء ولا شك أن النساء فتنة لكل مفتون، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)(أخرجه أحمد وهو عند مسلم)، ولّما أذن لهن في الصلاة في المسجد قال: (وليخرجن تفلات)(أخرجه أحمد وأبو داود).
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
وقال: (وبيوتهن خير لهن) وذكرت عائشة أنه يشهد صلاة الفجر نساء متلفعات بمروطهن (أخرجاه في الصحيحين)، وقالت عائشة: (لو شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدثه النساء(1/3)
لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل)(أخرجه الشيخان). ولما أمرهن بالخروج لصلاة العيد قلن: (إحدانا ليس لها جلباب) قال: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها)، والجلباب هو الرداء الذي تلتف به امتثالاً لقوله تعالى: (يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) فالمرأة إذا تسترت واحتشمت عرفت بصفتها وحيائها ودينها فلا يتجرأ أحد أن يؤذيها معاكسة أو مكالمة أو ممازحة، ولذلك نهيت المرأة عن السفر بدون محرم حتى لا تتعرض لأذى من ذوي النفوس الرديئة، وأما قوله تعالى: (فاسألوهن من وراء حجاب)(الأحزاب:53) فهو وإن كان خطاباً لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وذلك لوجود العلة التي في قوله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ)(الأحزاب:32). فإذا كان هذا الطمع في أمهات المؤمنين فلابد أن يكون في غيرهن بطريق الأولى، فإن الله اختار لنبيه أفضل النساء وأعفهن ومع ذلك أمرهن بالحجاب ونهاهن عن الخضوع بالقول صيانة لهن، فغيرهن أولى بالصيانة والتحفظ والبعد عن أسباب العهر والفتنة، وعلى هذا فيحرم أن تستضيف المرأة رجلاً أجنبياً ولو كان معه رجال أو معها نساء إذا كان هناك سفور وتبرج وعدم محرم للمرأة، وقد وردت الأدلة على النهي عن خلوة الرجل بالمرأة إلا مع ذي محرم، ولم يفرق بين وجود النساء أو الرجال الأجانب، وعلى هذا فإذا احتيج إلى إلقاء محاضرة للنساء فلا بد من حاجز وستار قوي يمنع من النظر حتى لا تحصل الفتنة، ويلزم المرأة أن تستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه واليدان أمام الرجال الأجانب، ولو كانت في بلاد الكفار حتى تظهر شعائر الإسلام وذلك يعطي صورة حسنة عن الإسلام وأهله، ولا عبرة بمن استغرب ذلك وأنكره ممن قد يرون المنكر معروفاً والمعروف منكراً، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية(1/4)
عن حكم كشف المرأة وجهها أمام إخوة الزوج.
السؤال:- لديّ ولد يبلغ من العمر ستة وعشرين عاماً ومتزوج حديثاً، ويعمل في دولة الكويت، ولقد أمرته بأن يأمر زوجته أن تستر وجهها أمام أخيه الذي يسكن معه في نفس البيت وأخوه يصغره بقليل، وكذلك أمام الناس جميعاً، فردَّ عليَّ وبوجهي بأعلى صوته قائلاً: لا أسمح لك ولا لأحد أن يتدخل في هذا الأمر، ولقد سألت العلماء هنا في الكويت بخصوص هذا الأمر فأباحوا كشف المرأة وجهها واليدين. فأخبرته في الحال أنه لا يجوز شرعاً وهذا محرم وأعطيته صورة من فتواكم لي بهذا الخصوص، وأورد هنا ما قاله لي نصاً: (لا أسمح لك ولا لأحد أن يتدخل في شؤوني وزوجتي) ولقد حاولت معه ومع زوجته بالنصح ويردّ عليَّ بخشونة وبدون تقبل لما أمرته به من خير لدينه ودنياه، ولقد جرح شعوري بأفكاره وعدم تقبله لطاعتي ونكرانه للجميل، وأنا كنت أسكن في الكويت ولي فيها بيت ملك، وهو يسكن الآن فيه وزوجته وأخوه وأمه، علماً بأنهما موظفان ولهما دخل جيد، والآن يا فضيلة الشيخ وبعد ما ورد أعلاه هل يجوز لي شرعاً أن أخرجه من بيتي وأهجره من السلام وأمنع بناتي وأولادي من الدخول عليه في بيته الذي يخصه مستقبلاً، وذلك خشية تاثير زوجته على بناتي، حتى يغيرّ المنكر الذي هو عليه الآن؟ وهل يعتبر هذا الابن فيما عمله معي في حكم العاق أم يعتبر مرتكب إثم؟ وهل لي الحق أن أحرم زوجته من الدخول على بناتي ولا في بيتي الذي أنا أسكنه إذا لم تخف الله وتستر وجهها؟ فبماذا تنصحونني وتنصحون هذا الأبن؟ وبماذا تنصحون زوجته؟ وبماذ تنصحون أخاه الذي يسكن معه في البيت وهو على هذا الحال وعمره قرابة الثانية والعشرون سنة؟ أرجو إفادتي ولفضيلتكم جزيل الثواب والأجر من الله.
الجواب:-(1/5)
عليك تكرار النصح له وتخويفه وتحذيره من المفسدة وإذا أصر وامتنع من التقبل فهو عاص لله عاق لأبيه، فلك أن تخرجه من منزلك وأن تهجره في ذات الله وأن تمنعه من الدخول على بناتك مخافة التأثير عليهن، فإذا تاب وأناب وتراجع وكلَّف زوجته بالتستر والاحتشام فهناك تتقبله وتفسح له الزيارة وعليك أن تنصح أخاه الذي أصغر منه عن الجلوس معه وتأمره بهجره ومقاطعته ما دام مصراً على المعصية وجزيت خيراً.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن الحجاب الإسلامي الكامل.
السؤال:- ما الحجاب الإسلامي الكامل؟
الجواب:-
الحجاب الإسلامي للمرأة أن تقر في منزلها ولا ترى الرجال الأجانب ولا يرونها، لقوله تعالى: (وقرن في بيوتكن)(الأحزاب:33)، أمر بالقرار في البيت وعدم الخروج إلا لضرورة وإذا احتاجت للخروج والبروز أمام الرجال نهيت عن التبرج: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)(الأحزاب:33) والتبرج إبداء شيء من البدن كالوجه أو اليد أو القدم بل عليها أن تستر بدنها كله بثياب صفيقة ساترة واسعة لا تبين شيئاً من تفاصيل الجسم بل تستر بدنها كله ولا تظهر شيئاً من الزينة كالثياب الجميلة والحلي والبدن لقوله تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن)(النور:31) فهذا هو الحجاب الكامل، أي: ستر الوجه والبدن كله وتوسيع الثوب والمشالح والأردية والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)(1/6)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
فتاوى متفرقة
حكم إلقاء المرأة السلام على الرجال الأجانب
السؤال:- هل يجوز للمرأة أن تلقي السلام على رجال أجانب من غير المحارم، ولو كانوا معروفين؟
الجواب:-
يظهر لي أنها لا تسلم عليهم بالقول المسموع وهم أجانب منها، بل تقتصر على الإشارة أو النية، فإن كلام المرأة قد يكون فتنة لبعضهم، ولذلك نهيت عن رفع صوتها عند الرجال، وفي الصلاة لا تسبح للإمام بل تصفق بيديها، وفي التلبية لا ترفع صوتها بها، ولا تتولى وظيفة الأذان ونحو ذلك، فإن كن نساء سلمت عليهن بقدر ما تسمعهن ورددن عليها السلام المسموع، وكذلك إن مرت بمحارم لها كإخوة وبنين ونحوهم، ولا يشرع للرجل أن يرفع صوته بالسلام على المرأة الأجنبية عند الفتنة والله أعلم .
... ... (الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم النظرة الفجائية.
السؤال:- أنا امرأة أسكن مع أهل زوجي ويسكن معنا إخوة زوجي، ويحصل كثيراً من الأوقات من نظرة فجائية، فهل يصيبني لفحة من النار أم لا؟ ملحوظة: تكررت النظرة من أحد إخوة زوجي حتى لاحظت أنه يسرق النظر إليَّ وأنا في بيت الخلاء، ولقد أخبرت زوجي بذلك ولكنه لم يصدق في أخيه ذلك، فما الحكم في ذلك؟ وما هي نصيحتكم لي؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب:-
ورد الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن نظر الفجأة فقال: (اصرف بصرك). ومعناه: أن النظر إذا كان وقع على امرأة أجنبية بدون قصد فإنه يصرف بصره في تلك اللحظة
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية(1/1)
ولا يحدق النظر، وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم: (لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة). وبكل حال عليكِ أولاً الحرص على التستر وتغطية الوجه ونحوه عند إخوة الزوج ونحوهم من الأجانب، وعليكِ أن تخبري زوجكِ ليقوم بنصحهم عن تحديق النظر وعن التحسس للغفلة، أو إذا رأيتِ من يتعمد هذا النظر ويظهر منه القصد للغفلة فلا بد من الابتعاد عنه حيث فعل ما لا يحل له والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصبحه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم ركوب المرأة مع زوج أختها مع وجود زوجته وأولاده الصغار دون العاشرة.
السؤال:-
ما حكم ركوب المرأة مع أختها من الرياض إلى الدّلم مع وجود زوجته وأولاده الصغار دون العاشرة؟ ومتى تباح الضرورة في ذلك؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب:-
ورد في الحديث: (ما خلا رجل بامرأة إلاَّ كان الشيطان ثالثهما). لكن هذا يختص بالخلوة وحدهما، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم). فهاهنا لا توجد الخلوة لوجود زوجة الرجل وأولاده ولو كانوا صغاراً فإنها تزول الخلوة، ولا يطلق على هذا سفراً لقصر المدة وأمن الطريق وانتفاء الخلوة ووجود الحاجة مع القرابة والأمانة والثقة ونحو ذلك فهذه الأمور لها اعتبارها والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم مصافحة زوجة الأخ مع حضور المحرم، وجواز الجلوس معها في حضور المحرم.(1/2)
السؤال:- أنا من إخوانكم في الله، ومنَّ الله عليَّ بالإِستقامة ولله الحمد، وأسكن أنا وأخي في بيت واحد، وكلٌ منا متزوج، فهل يجوز أن أصافح زوجة أخي مع حضور المحرم كزوجها أو زوجتي أو أطفالنا؟ وهل يجوز أن أجلس معها مع حضور المحرم وهي بلباس الرداء المعتاد عندنا والنقاب المعروف عندنا بالبرقع بدون أن تضع على وجهها خماراً؟ وهل يجوز أن أُعَلمَهَأ أمور الدين كذلك هل يجوز أن أسألها عن نواقص البيت؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.
الجواب:
لا يجوز أن تصافح زوجة أخيك فأنت غير محرم لها، فلا يحل لمس امرأة أجنبية ولو كان بحضور زوجها أو أحد محارمها أو نساء غيرها أو أطفال عندكم، فأما الجلوس معها فلا يجوز مع الخلوة والانفراد، ولو كانت متحجبة متسترة، فإن كان هناك محرم أو نساء زالت الخلوة بشرط التستر الكامل للوجه والبدن أي البرقع ضيق الفتحات والرداء الساتر للبدن كله، فأما تعليمها ومناقشتها في أمور الدين وسؤالها عن نواقص البيت فيجوز ذلك بشرط التستر الكامل وعدم الخلوة ويكون بكلام معتاد بقدر الحاجة والله أعلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم إقامة المرأة التي سبق أن طلقها زوجها مع ابنها علماً بأن الوالد كبير السن وتزوج بأخرى ويقيم مع الابن في الفلة.
السؤال:- طلَّق والدي والدتي منذ ما يقارب 30سنة، وتزوجت وأنجبت من الزوج الثاني وطلقها من مدة وهي تنتقل بين أبناء زوجها الثاني وإذا طلبت منها الجلوس عندي في البيت ترفض بحجة أن والدي في البيت وهذا لا يجوز، مع العلم أن والدي متزوج وعنده أبناء وهو كبير في السن ومقيم عندي في الفلة، فهل يجوز لها الجلوس والإقامة عندي في البيت؟ وهل يجوز الجلوس مجتمعين بوجودنا في مكان واحد وهي متحجبة؟ أرجو الإفادة.
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
الجواب:-
لا مانع من جلوسها في منزلك ولو كان أبوك موجوداً وقد طلَّقها، فأنت محرمها وهي تحتجب عن غير المحارم.
((1/3)
الشيخ عبد الله بن جبرين)
عن حكم ذهاب الأم المتوفي عنها زوجها مع أخيها وزوجته للاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان المبالك وترك ابنيها البالغين مع الخادمة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك تحت سقف بيت واحد.
السؤال:- امرأة ذهبت مع أخيها وزوجته للاعتكاف في العشر الآواخر من شهر رمضان المبارك لهذا العام، وهذه المرأة قد توفي عنها زوجها، وعندها اثنان من الأبناء أعمارهما ما فوق سن الخامسة عشرة -أي قد بلغا- ولديها خادمة في المنزل، فذهبت إلى الحرم المكي بقصد الاعتكاف وتركت الأبناء والخادمة وحدهم في المنزل، علماً أن لها ابن من غير هؤلاء الأبناء متزوج، فما حكم ذهاب هذه المرأة؟ وما توجيه فضيلتكم لها ولمثيلاتها من النساء؟ وما توجيهكم لأخيها؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب:-
لا يجوز لها أن تترك هذه الخادمة في المنزل ومعها هؤلاء الشباب البالغون، فإنه يؤدي إلى الخلوة المحذورة، ولو كان قصدهم الاعتكاف في العشر الأواخر، وعلى أخيها أن لا يلبي طلبها بل هو مسؤول عنها وعن سفرها وتركها لهؤلاء الشباب يخلون بهذه الخادمة الأجنبية ويتعرضون للفتنة وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
فتاوى المرأة المسلمة مكتبة مشكاة الإسلامية
عن حكم سفر المرأة وحدها في الطائرة لعذر بحيث يوصلها المحرم إلى المطار ويستقبلها المحرم في المطار الآخر.
السؤال:- ما حكم سفر المرأة وحدها في الطائرة لعذر، بحيث يوصلها المحرم إلى المطار ويستقبلها محرم في المطار الآخر؟
الجواب:-(1/4)
لا بأس بذلك عند المشقة على المحرم كالزوج أو الأب إذا اضطرت المرأة إلى السفر ولم يتيسر للمحرم صحبتها فلا مانع من ذلك بشرط أن يوصلها المحرم الأول إلى المطار فلا يفارقها حتى تركب الطائرة ويتصل بالبلاد التي توجهت إليها ويتأكد من محارمها هناك أنهم سوف يستقبلونها في المطار ويخبرهم بالوقت الذي تَقْدُمُ فيه ورقم الرحلة، وذلك لعدم الخلوة المنهي عنها ولعدم المحذور من سفرها وحدها الذي تكون عرضة للضياع أو لاعتراض أهل الفساد، وأيضاً فالمدة قليلة إنما هي ساعة أو بضع ساعات، هذه المدة قد لا تسمى سفراً أصلاً، لأن السفر هو الذي يسفر عن أخلاق الرجال، فلا ينطبق على المدة القصيرة ولأن الضرورات لها أحكامها، والله أعلم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)
حكم سماع القرآن وقت انشغال المرأة عنه
السؤال:- هل يجوز للمرأة أن تجعل الراديو يقرأ القرآن في نفس الوقت الذي تؤدي فيه عملها في المطبخ؟
الجواب:- يجوز ذلك حيث أن الإذاعة تحكي ما فيها من قرآن أو غيره، ومن استمع له استفاد ومن اشتغل فقد يستفيد ولو قليلاً.
(الشيخ عبد الله بن جبرين)(1/5)
أحكام النكاح و آدابه
1- حكم النكاح
سئل الشيخ د. صالح بن حسن المبعوث
سؤالي عن امتناع الفتاة عن الزواج، هل هو جائز شرعاً؟ وهل تأثم الفتاة بذلك وتعتبر راغبة عن سنة النبي – صلى الله عليه وسلم-؟ مع العلم أن امتناعها دون سبب أو مانع شرعي لذلك، ولكم جزيل الشكر.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
إن الزواج من نعم الله العظيمة التي شرعها لعباده، وهو من سنن المرسلين ويستمد قواعده من الدين، وفيه رحمة من الله –تعالى- بخلقه، وعناية بشؤونهم قال – تعالى-: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21]، وقال –تعالى-: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ" [النور: من الآية33]، وهي عامة في الرجل والمرأة.
والنكاح له فوائد عظيمة من دخل فيها علمها، وأهمها تحصين فرج الرجل والمرأة، والقيام على المرأة، وغض بصره وبصرها بهذا الزواج، وتكثر الأمة بالتناسل، وتحفظ الأنساب، وتتحقق مباهاة النبي – صلى الله عليه وسلم- بأمته يوم القيامة، انظر ما رواه البخاري (5752)، ومسلم (220) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما- وينتج ما يحصل بين الزوجين من الألفة والمودة والرحمة والسكن، ويكون قيام البيت والأسرة التي هي نواة المجتمع، ومن أعرض عن النكاح بلا مانع ولا سبب شرعي، فإنه يكون ممن فوت على نفسه هذه المصالح والفوائد التي يحصلها من تزوج.(1/1)
"وقد جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي – صلى الله عليه وسلم- وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟، فقال: أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر، ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقال:" أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (5063)، ومسلم (1401)، واللفظ للبخاري من حديث أنس – رضي الله عنه-.
ومن هنا يعلم في حق الأخت السائلة أن الشريعة الإسلامية بنيت على السماحة واليسر، وإرضاء النفس، وتمتعها بالطيبات، ومنعت التعنت والتشدد، وحرمان النفس مما تريده وتتمناه، وتحتاجه، بحكم الفطرة الإنسانية، وهذا الترك لأمر النكاح خطير جداً قد يصل بصاحبه إلى الخروج عن السنة المطهرة، فديننا ليس دين رهبانية وحرمان، بل هو دين جاء لصلاح الدين والدنيا فأعطى لكل ذي حقٍ حقه، ومنها البدن فله حق إشباع الغرائز الكامنة فيه بالحلال؛ وهو الزواج الشرعي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (الإعراض عن الأهل والأولاد ليس فيما يحبه الله ورسوله، وليس هو دين الأنبياء والرسل فقد قال الله –تعالى-: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً" [الرعد: من الآية38].
ولو لم يكن في النكاح إلا تحصين فرجي الزوجين، وطلب الولد الصالح الذي يدعو لوالديه بعد وفاتهما ويقوم عليهما إبان حياتهما لكان ذلك كافياً).
وأدعو الأخت الكريمة أن تتأمل مصالح النكاح وفوائده، وستجد لها في ذلك جواباً شافياً يجعلها بإذن الله تبادر إلى النكاح وتغيير فكرتها نحوه، والله أعلم، - وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم-.(1/2)
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح
أنوي الزواج، ثم تأخير الإنجاب حتى تتحسن حالتي الاقتصادية! فهل يجوز هذا؟.
الجواب :
الزواج يتردد بين الوجوب والندب، فيجب على من قدر على أعباء الزواج ومؤنه وتكاليفه وخاف على نفسه الوقوع في الفاحشة، ويندب ويستحب في حال الاعتدال، قال الله تعالى: "وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ" [النور: من الآية32]، وقال المصطفى – عليه السلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"رواه البخاري
(5065)، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- والزواج يحقق مصلحة كل من الرجل والمرأة، لما فيه من غض البصر، وتحصين الفرج، وحماية الشرف، ومنع ابتذال الجنس، ويحفظ النوع الإنساني، كما أنه يؤدي إلى حفظ الصحة، ويترتب به سرور النفس، وتحصل به اللذة، ويحقق المقاصد النبيلة التي شرع لأجلها، فإن االاتصال المشروع بالمرأة شرع ابتداء لأمور هي مقاصده الأصلية: أحدها: حفظ النسل، ودوام النوع الإنساني على وجه البسيطة، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ويؤدي إلى كف النفس ويعف عن الحرام، والنكاح محقق لمصالح الأمة، فلو لم تأت الشريعة الغراء بالحث عليه لكانت الفطرة السليمة وقواعد السلوك العامة لا تقتضي سواه.
فمن ثمرات الزواج أيضاً الولد؛ لأن الزواج وسيلة العاقل في إبقاء أنواعه، وتخليد ذكراه بالتوالد والتناسل، وإذا كان الإنجاب من أسمى مقاصد الزواج فلا بأس أن يؤجل لعدد من السنين باتخاذ الوسائل التي لا تلحق الأذى بأي من الرجل والمرأة، ولا تؤدي إلى إسقاط الحمل أو عمل إجهاض. وبالله التوفيق.
سئل الشيخ د. يوسف بن أحمد القاسم(1/3)
بعيداً عن منافع النكاح ..فقد كرهت الزواج وقررت عدم الزواج حتى أقضي نحبي فهل أصبح منافقا؟ إذ يقول تعالى "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم"، والزواج مما شرع الله، وهل يحبط عملي وأخرج من الملة؟ إذ يقول رسولنا عليه الصلاة والسلام ما معناه الزواج من سنتي "ومن رغب عن سنتي فليس مني"، علما أنه لا عذر لي في ذلك سوى المقت، أرجو فقط أن يجاب عن سؤالي. وجزاكم الله خيراً...
الجواب :
الحمد لله، وحده، وبعد: فجواباً عن السؤال، أقول:
الذي يظهر من سؤال السائل الكريم، أنه لم يكره الزواج تديناً ورهبانية، ولا كرهه لكونه سنة نبوية أو لكونه من الدين الحنيف، وإنما كره الإقدام عليه لواقع اجتماعي معين، يعيشه في بيته أو في مجتمعه، وهذا الواقع المر – كما يبدو – كان سبباً في ردة فعل غاضبة، جعلته يتخذ هذا القرار، وهو عدم الزواج مدى الحياة، ولو فوت منافع النكاح - كما أشار إليه – وهذا التصرف كما يظهر، لا يعد نفاقاً ما دام أن القلب مطمئن بالإيمان، وما دام أنه يحب الله ورسوله عليه السلام ، وما جاء عن الله ورسوله عليه السلام.
وأما الآية الكريمة: "ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله ..." فقد جاءت في ذم الكفار الذين يبغضون ما أنزل الله تعالى، وهكذا كل من أبغض كتاب الله أو ما جاء به كتاب الله – عز وجل فهو كافر ولو ادعى الإيمان، كما قرر ذلك غير واحد من أهل العلم، لهذه الآية الكريمة وغيرها.
ولذا لا ينبغي للسائل أن يقول أبغض الزواج وأمقته، وإنما يقول: لا أريد الزواج أو أكره الإقدام عليه، تأدباً في اللفظ؛ لأن هذا هو مراد السائل كما يبدو، ولأن المؤمن يحب كل ما جاء عن الله تعالى ورسوله – صلى الله عليه وسلم - ، ولو فرط في بعض ذلك.(1/4)
وأما الحديث المشهور المشار إليه في السؤال (.. ومن رغب عن سنتي فليس مني) فالمراد بقوله: (فليس مني) يعني: ليس على طريقتي، كحال هذا السائل الذي قرر ترك هذه السنة المحمدية، فهو مخالف لطريقة محمد – صلى الله عليه وسلم – وسنته، كما صرح بهذا المعنى الحافظ ابن حجر في الفتح (9/106) ثم أشار إلى أن هذا الحديث يحتمل معنى آخر، وهو أن الرغبة عن هذه السنة إذا كانت من باب الإعراض والتنطع المفضي إلى ترجيح وتفضيل غيرها عليها فإن المعنى يكون لهذا الحديث (فليس مني) أي: ليس على ملتي، والله تعالى أعلم.
2- الأنكحة المحرمة( المتعة-التحليل-الشغار )
سئل الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع
لماذا حرم الله زواج المتعة؟
الجواب :
الحمد لله، الذي عليه عموم المسلمين من علماء وفقهاء ومحدثين ومفسرين: القول بتحريم زواج المتعة، وأنه نكاح باطل، وتعليل ذلك أن الزواج الشرعي علاقة مأمول فيها الاستمرار والدوام وابتغاء ما كتب الله للزوجين من معاشرتهما الزوجية من الولد، وأن الله تعالى يهيئ لهما من المودة والرحمة ما يضمن للحياة الزوجية بينهما اللبنة الصالحة لابتغاء أسرة كريمة، فيها تبادل التعاون والتكاتف، تحقيقاً للتوجيه النبوي الكريم:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، أخرجه أحمد (12613)، وأبو داود (2050)، والنسائي (3227).
وزواج المتعة عار عن هذه المقاصد والمعاني في الزواج الشرعي، وهو ينزل بمستوى المرأة عن إنسانيتها الكاملة إلى سلعة معروضة للأجرة واستيفاء المنفعة، فضلاً عما في ذلك من التخبط في الأعراض وتعريضها للضياع والفوضى، والله أعلم.
[مجموع فتاوى وبحوث الشيخ: عبد الله بن سليمان المنيع (4/263)].
سئل الشيخ د. يوسف بن أحمد القاسم(1/5)
أريد من فضيلتكم جواباً شافياً كافياً في مسألة نكاح المتعة، وهل القول بأنه كان جائزاً في فترة من فترات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد البعثة، وتحديداً في ظل الدولة الإسلامية الأولى ثم حرم بعد ذلك؟ هل هو قول صحيح؟ وإن صح هذا القول فما هو الرد على هذه الشبهة التي تقول إن العلة واحدة، ومع ذلك أحل وحرم ثم أحل وحرم؟ كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:"لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه,ثم أحله ثم حرمه,سوى المتعة" انتهت الشبه، هل القول المنسوب إلى الشافعي صحيح؟ وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن نكاح المتعة محرم بالاتفاق، كما صرح به الإمام ابن عبد البر في الاستذكار(5/508)، حيث قال: (اتفق أئمة علماء الأمصار من أهل الرأي والآثار على تحريم نكاح المتعة لصحة نهي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عندهم عنها) ا.هـ، ومن تلك الأحاديث ما أخرجه مسلم في صحيحه برقم: (1406)، عن سبرة الجهني: "أنه كان مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقال: يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً".
وقد علق النووي في شرحه على صحيح مسلم(9/179)، على هذا الحديث ونحوه، فقال: (...قال المازري: ثبت أن نكاح المتعة كان جائزاً في أول الإسلام، ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة المذكورة هنا أنه نسخ، وانعقد الإجماع على تحريمه، ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة – يعني الرافضة-) ثم قال النووي في شرحه هذا(9/181)، (والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين، فكانت حلالاً قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر، ثم أبيحت يوم فتح مكة، وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريماً مؤبداً إلى يوم القيامة) ا.هـ.(1/6)
وهذا يوافق ما نقله ابن قدامة وغيره عن الإمام الشافعي أنه قال: (لا أعلم شيئاً أحله الله ...)إلخ.. وصحح العلامة ابن القيم في زاد المعاد(5/111) بأن التحليل والتحريم لهذا النكاح وقع مرة واحدة، فقال: (واختلف هل نهي عنها – يعني نكاح المتعة- يوم خيبر؟ على قولين، والصحيح: أن النهي إنما كان عام الفتح، وأن النهي يوم خيبر إنما كان عن الحمر الأهلية...) ا.هـ.
وأما الجواب عن الشبهة المذكورة: فإن الشارع الحكيم إنما أباح نكاح المتعة لحكم أرادها سبحانه، ومنها اضطرار الصحابة – رضي الله عنهم- في ذلك الوقت إلى هذا النوع من النكاح، لا سيما وأن كثيراً منهم كان حديث عهد بالإسلام، مع شدة العزوبة وقلة النساء، كما يشير إلى هذه العلة حديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- أنه قال: "كنا نغزو مع رسول – صلى الله عليه وسلم- ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل...) أخرجه البخاري(4787)، ومسلم(1404)، وقد أشار إلى هذه العلة غير واحد من أهل العلم، ومنهم الحافظ ابن حجر في الفتح(9/170-171) حيث قال: (...في رواية الإسماعيلي: إنما كان ذلك في الجهاد، والنساء قليل ...وعند مسلم من طريق الزهري عن خالد بن المهاجر أو بن أبي عمرة الأنصاري: قال رجل: - يعني لابن عباس – رضي الله عنهما- وصرح به البيهقي في روايته- إنما كانت يعني المتعة رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير) ا.هـ وبهذا تزول الشبهة. والله تعالى أعلم.
سئل الشيخ سعد بن عبد العزيز الشويرخ
أيهما أشد إثماً الزنا أم زواج المتعة، وهل زواج المتعة من الكبائر؟
الجواب :(1/7)
زواج المتعة حرام، وقد انعقد الإجماع على ذلك بلا خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، والواجب على المسلم الامتناع عن الحرام والابتعاد عنه، وعدم المقارنة بينه وبين غيره من المحرمات، وأن هذه المقارنة قد تؤدي بالعبد إلى التهاون بهذا المحرم، أو إلى النظر إلى أنه شيء صغير بالنسبة لما هو أكبر، وأقول لا ينبغي للمسلم أن يوجه همه إلى عقد مقارنة بين المحرم وغيره من المحرمات، وإنما الواجب عليه الكف والابتعاد عن هذا الحرام، وكما يقول السلف: لا تنظر إلى صغر الخطيئة، ولكن انظر إلى من عصيت.
3- اختيار الزوج والزوجة
سئل الشيخ د. سليمان بن وائل التويجري
هل يجوز لشاب أن ينكح امرأة يعرف أنها لا تنجب أطفالاً؟
الجواب :
نعم يجوز له ذلك، لكن النبي – صلى الله عليه وسلم – رغب بالزواج من ذات الأولاد، فقال:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" النسائي (3227) أبو داود (2050) أحمد (12613) ورغب في تكثير النسل، فمن أراد أن يتخير امرأة فإن الأولى والأفضل له أن يتخير ذات الولد، لكن لو أنه تزوج امرأة يعرف أنها عقيماً فله ذلك لتحصيل مقاصد النكاح الأخرى غير الولد كالإعفاف والسكن النفسي وغير ذلك.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
هل يجوز نكاح الرجل ناقص العقل مع المرأة الموصوفة بالصفات نفسها؟
علماً بأنه قد يأتي الولد ويرث من الوالدين صفات النقص التي يتصفان بها.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب :
يجوز نكاح ناقص العقل ويتولى عقد النكاح نيابة عنه وليه، إذا كان في تزويجه مصلحة له وحماية.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.(1/8)
تنتشر الآن على الإنترنت مواقع للزواج حيث يقوم الشخص (شاب أو فتاة) بنشر نبذة قصيرة عنه قد تكون مصحوبة بصوره وكذلك ينشر المواصفات التي يرغب في توفرها في الطرف الآخر, وعلى الشخص الذي يجد نفسه مناسبا أن يرسل بريدا إليكترونيا إلى صاحب أو صاحبة الإعلان للتفاهم... أرجو توضيح مدى صحة هذا الأمر مع العلم أني أخص الأشخاص الذين يشترطون عدم المقابلة أو حتى الدردشة عن طريق الإنترنت، وإنما يطلبون التقدم رسميا إلى ولي الأمر وفي حالة جواز هذا الأمر هل يجوز للفتاة بالذات إرفاق صورتها بالحجاب الشرعي أم لا؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فهذه المواقع تقدم خدمة جليلة، حيث تدل كل طرف على الآخر بالطريق المشروع لإقامة العلاقة المشروعة، لا سيما لذوي الظروف الخاصة الذين قد لا يجدون من يناسبهم من حيث الظروف إلا في مثل هذه المواقع.
ولا حرج ولا إشكال في طريقة الإعلان من ذكر المواصفات العامة التي لا تسهب إلى حد الابتذال، وفي ذكر الشروط والمواصفات المرغوبة، بل ولا بأس – أيضاً – أن يصل التفاهم في البداية إلى حد المراسلة الجادة التي لا تُجرِّئ على المحادثة فضلاً عن اللقاء، وإنما ترتب للزيارة الأولى (زيارة الخطبة).
ولكن المشكلة تكمن في مدى جدية المعلنين من خلال هذه المواقع، لا سيما الشباب والذي يتصفح هذه الإعلانات إنما يتعامل مع (أشباح) لا يدري ما حقيقتها، ولا يعلم الصادق من الكاذب، ولذا ينبغي أن تأخذ المرأة بالتأني والاحتياط والحذر وهي تتعامل مع هذه الأشباح فمتى ما رأت من أحدهم حرصاً على توثيق العلاقة، وولوج باب المحادثة قبل خطبتها من ولي أمرها، فعليها أن تقطع كل المراسلات معه؛ لأنه لو كان جاداً في طلبه صادقاً في رغبته، لسارع إلى خطبتها خشية أن يسبقه أحد إليها.(1/9)
وأما أن تنشر المرأة صورتها كاشفة الوجه في مثل هذه المواقع أو في غيرها فالأظهر أنه لا يجوز، لأن المرأة كلها عورة حتى وجهها على القول الصحيح، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. سليمان بن قاسم العيد
أريد الزواج من فتاة ذات دين، غير أن والدتي رفضتها بسبب أن والدها داعية مشهور وهو الآن في السجن، ووالدتي خائفة من الناحية الأمنية، فهل أتزوجها بدون موافقة والدتي ؟ وهل يجوز لي الزواج بدون رضا الوالدين إذا كانت الفتاة ذات دين وخلق ؟ ولكن الوالدة رفضتها لعدم جمالها، علماً أنني حاولت إقناعها بكل الطرق ولم يبق إلا الزواج بدون موافقتها .
الجواب :
لقد أحسنت باختيار الزوجة ذات الدين التي رغّب فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري (5090) ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، ولكن إذا كان فعلاً قد يلحق والدتك أو أسرتك ضرر بسبب ما ذكرت فعليك بطاعة والدتك والبحث عن زوجة أخرى ذات دين، وسيوفقك الله .
أما زواج الرجل بدون إذن الوالدين فجائز؛ لأنه لا يشترط لصحة زواج الرجل موافقة الوالدين، ولكن طاعتهما بالمعروف وموافقتهما على ما فيه مصلحة ظاهرة فيه خير وبركة لهذا الزواج، والله أعلم .
سئل الشيخ د. عبد الله بن عبد الله بن عبيد الزايد(1/10)
أنا شاب أبلغ من العمر 32 عاماً، وأواجه مشكلة يصعب علي حلها، فلجأت إلى الله - عز وجل - ثم إلى فضيلتكم عسى أن أجد لديكم حلاً شافياً لها. إنني أرغب في الارتباط بفتاة ذات خلق ودين، ولكن المشكلة تكمن في أن والدها يعمل مديراً لأحد البنوك، وللعلم فإن والدها ذو خلق قويم، ولكن كما يعلم فضيلتكم فإن ما يتقاضاه والدها مقابل عمله في هذا البنك تشوبه شبهة الربا، فإذا رغبت في الارتباط بها فإنه من البدهي أن يقوم والدها بتجهيزها بكل ما تحتاج إليه من طلبات العرس من ماله الخاص، وإن يحدث تزاور بيننا مما قد يضطرني إلى مشاركته الطعام، إلى غير ذلك من الهدايا التي سوف يحضرها إلى ابنته. مع العلم أن والدها لديه قطعة أرض ومحل تجاري صغير، ولكني لا أعلم هل مصدر هذا المال من راتب البنك أم من أي مصدر آخر. فهل يحل لي الزواج بهذه الفتاه بنية الجزء الحلال من هذا المال، وأن أنتشلها من هذه البيئة الربوية التي تربت بها، وحتى لا آخذها بذنب أبيها استناداً إلى قول الله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى...." [الأنعام: 164]، أرجو من سعادتكم إفادتنا في هذا الموضوع، تعجيلاً للخير. وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
لا يظهر لي مانع من الزواج بهذه الفتاة التي ذكرت جانباً من صفاتها الطيبة بناء على ما ذكرت عن والدها، مع أنني أتوقع أن أكثر معاملات بنك التنمية الزراعي لا تدخلها المعاملات المحظورة شرعاً، ولئن كان نشاط الأب واقعاً فلا يضركما إن شاء الله، والآية الكريمة: ولا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" [الأنعام: 164]، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يتعامل ويأكل عند اليهود وهم مَنْ هم. انظر مثلاً ما رواه البخاري (2096)، ومسلم (1603) من حديث عائشة –رضي الله عنها- وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
سئل الشيخ عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي(1/11)
السلام عليكم ورحمة الله، أقيم في النرويج ومن خلال مناقشتنا معهم هنا ينتقدون علينا بعض الأشياء مثل زواج الأقارب، ويقولون إنه يسبب أمراضا في الذرية فأرجو إفادتنا في هذا الموضوع..
الجواب :
الذي ذكره بعض المتخصصين بعد سؤالهم عن نسبة حدوث هذه الأمراض بين المتزوجين من الأقارب ذكروا أنها في حدود 6% لكل الأمراض الوراثية، والشرع لم يأت بإيجاب الزواج من الأقارب وإنما أباحه، ولو فرض انتشار هذه الأمراض في مجتمع من المجتمعات الإسلامية بسبب الزواج بين الأقارب فلولي الأمر أن ينظم ذلك، بأن يلزم الناس بنوع من التحاليل المساعدة على كشف أسباب هذه الأمراض أو غير ذلك، لأن له سلطة للحد من تعاطي المباحات بناء على ما تجلبه على الناس من مفاسد محققة بعد مشاورة أهل العلم كل في مجال تخصصه.
ثم إن الشرع لم يعهد منه تحريم كل ما فيه ضرر، إلا إذا كان الضرر غالبا متيقناً، أما الذين يجادلونكم في ذلك من أبناء تلك الديار فذكروهم بأن نسبة الذين يصابون بأمراض بسبب تعاطي الخمور والمخدرات، أو بسبب انتشار فاحشة الزنا بينهم أعظم بكثير وأخطر مما يمكن أن يصاب به أبناء المتزوجين من أقارب لهم، ولم نجد منهم إنكاراً لذلك، والله الهادي إلى سواء السبيل .
سئل الشيخ د.علي بن عبدالله الجمعة
ما هي الكفاءة في الزواج؟ وهل هي فقط في الدين أم في أمور أخرى؟
الجواب :
بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:(1/12)
فأقول وبالله التوفيق: لا شك أن الكفاءة في الدين معتبرة شرعاً في الزواج فلا يصح نكاح كافر مسلمة سواء كان مشركاً أو كتابياً أو غير ذلك من الأديان الأخرى؛ لقوله تعالى:"ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا" [البقرة: 221]وقوله تعالى:"ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً" [النساء:141] ولكن يجوز للمسلم الزواج بالكتابية يهودية كانت أو نصرانية لقوله تعالى:"اليوم أحلت لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين" [المائدة:5].
أما الكفاءة في غير الدين فهي غير معتبرة شرعاً. فالمسلمون بعضهم أكفاء بعض سواء كانواً عرباً أو موالي لقول الله تعالى:"إن أكرمكم عند الله أتقاكم" [الحجرات:13] وقوله –صلى الله عليه وسلم-:"الناس سواسية لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى" الإمام أحمد (23489) ولأن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أشار على فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد مع أنه مولى –رضي الله عنهم جميعاً-، وقد جاءت تستشيره في معاوية وأبي جهم وهما من أكفائها انظر: مسلم (1480) ، وقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"يا بني بياضة أنكحوا أبا هند" رواه أبو داود (2102) وكان حجاماً كل هذه النصوص صحيحة، وأما ما ورد من حديث "العرب بعضهم أكفاء بعض" البيهقي (7/174) فهو حديث ضعيف جداً، وقال أبو حاتم أنه منكر ولكن ينبغي أن يعلم أن الأعراف محكمة ما لم تصادم نصاً شرعياً، فإذا أدى الزواج من غير كفء إلى مشاكل أسرية أو قطيعة رحم أو أضرار مادية فينبغي أن يتحاشا ذلك لا لكون النكاح لا يصح وإنما تفادياً للأضرار أو الفتن التي قد تنجم بسبب ذلك، هذا ما أمكن تحريره، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(1/13)
سئل الشيخ د.محمد بن سريّع السريّع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد: فإذا خطب الشاب فتاة مع موافقة الأهل من الطرفين، وبعد مدة من الزمن طلبت أم الشاب منه أن يتركها؛ لأنها أصبحت تريده أن يتزوج من أخرى ذات مال ونسب، وأنه حصل جدال بين الأم والخطيبة، فهل يخضع لأمه ويتركها أم ماذا يفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
إن كانت الخطيبة ذات خلق ودين ولم يحصل منها إساءة فلا يلزم الرجل تركها لأجل ما قالته الأم، مع أن الأولى أن يحاول الرجل تسوية الأمور فإن لم يتمكن فلعل الرجوع من أول السلم – وخصوصاً أن الرجل لم يتزوج بعد – أولى من الإقدام على الزواج في مثل هذه الظروف، ولعل الله أن يعوضه خيراً ببركة بره بأمه، والله أعلم.
سئل الشيخ أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان
(1) هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقلياً؟ ولماذا؟.
(2) هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟.
(3) كيف يمكن للمعوق المتخلف عقلياً القيام بواجباته (واجباتها) الزوجية؟.
(4) هل يقبل الإسلام بذرية معوقة ومتخلفة عقلياً؟.
(5) كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقلياً؟.
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
يحسن بنا قبل الجواب أن نقسم الإعاقة العقلية إلى ثلاثة مستويات: خفيفة ومتوسطة وشديدة، والذي يحدد أنواع إعاقة الأعيان المصابين بها هم أهل المعاق أنفسهم والأطباء المختصون.(1/14)
أما عن جواب السؤال الأول: فنقول من كانت إعاقته العقلية (تخلفه) خفيفة أو متوسطة فيجوز زواجه بمثله أو بمن هو سليم إذا رضي وقبِل (رضيت وقبلت) بذلك ويقوم أولياؤهم بإجراء مراسيم الزواج لهم –كما نص الفقهاء على ذلك كلهم في المذاهب الفقهية- أما لماذا وكيف يزوجون والحالة هذه؟ فلأن الزواج شريعة إلهية وفطرة إنسانية قال تعالى:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء...(1/15)
"[النساء: 1]، وقال تعالى:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم: 21]، وثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- في سنن أبي داود(2050)، وسنن النسائي(3227) وابن حبان(4056) عن معقل بن يسار – رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أصبت امرأةً ذات حسب ومنصب إلا أنها لا تلد أفأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فنهاه، فقال: "تزوجوا الولود الودود فإني مكاثرٌ بكم"، فهذا نهي من النبي –صلى الله عليه وسلم- للرجل السليم عن نكاح الزوجة العقيم، ومثله المرأة السليمة من الرجل العقيم وفي لفظ:"تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة"، والأنبياء يوم القيامة يتكاثرون ويتفاخرون بكثرة أتباعهم؛ كما في حديث: "يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرهط، ويأتي النبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً" فيقال له: انظر إلى الأفق فإذا سواد يملأ الأفق ثم قيل لي انظر هاهنا وهاهنا في آفاق السماء فإذا سواد قد ملأ الأفق قيل: هؤلاء أمتك" رواه البخاري(5705)، ومسلم(220)، فتكثير النسل في الأمة المسلمة مقصود للشارع وإن قل فيهم الفقه في الدين كما عند المتخلفين عقلياً ثم إن هؤلاء المتخلفين عقلياً، قد يكونون سبب نزول البركات والخيرات واندفاع البلايا والمصائب العظيمة عن جميع أفراد المجتمع حيث يدرون ولا يدرون، وقد جاء بالأثر "هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم" رواه البخاري(2896) والمتخلف العقلي -أياً كانت درجته- فهو ضعيف كما هو مشاهد ومعلوم.
جواب السؤال الثاني:
نعم تنطبق أركان الزواج وشروطه على المتخلفين عقلياً كالأسوياء، ويقوم أولياؤهم الشرعيون بإمضائها وإجرائها.
جواب السؤال الثالث:(1/16)
أما كيف يمكن للمعاقين عقلياً – ذكوراً كانوا أو إناثاً- أن يقوموا بواجباتهم الزوجية فمتروك لهم هم ربما يعرفون ذلك كالأسوياء أو أكثر، لأن هذه غريزة فطرية لجميع البشر بل لكل المخلوقات، وإن قدّر وعلم وقوع بعض الممارسات غير الشرعية بينهم كعدم تجنب الوقاع في الحيض ونحوه فينبهون على عدم جوازه –إن كانوا يفهمون- وإن لم ينبهوا فلا شيء عليهم -إن شاء الله- في ذلك؛ لأن هذا حد علمهم و"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة من الآية: 286]، أما إذا كان المتخلف عقلياً لا يحسن الصلاة والطهارة فارتكابه لمثل هذه المنهيات والمحرمات معفو عنه أصلاً؛ لعدم تكليفه شرعاً والقاعدة الشرعية تقول:(إذا سلب الله ما وهب (العقل) سقط ما وجب (عموم التكاليف)).
جواب السؤال الرابع:
أما هل يقبل الإسلام بذرية معوقة فنعم وسبق الإشارة إلى ذلك في الجواب الأول لدخولهم في مفهوم تكثير النسل بتكثير أمة محمد –صلى الله عليه وسلم-، صحيح أن اعتبار الكيف في الأمة من الصلاح والنفع أهم من زيادة العدد المجردة.
هذا فيما يخص رغبة الناس الأسوياء أما في حكم الله فالأمر ليس كذلك، ثم إنه ليس لازماً وحتماً أن تزوج المعاقين عقلياً بعضهم ببعض ينتج ذرية معاقة، وإن كان هذا نسبته ظاهرة في الواقع ولكنها ليست قطعية في كل أحد، فالمشاهد أن بعض المعاقين عقلياً أنجبوا ذرية سليمة وصالحة قال الله سبحانه:"يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليمٌ قدير" [الشورى: 49-50]، ومشيئة الله سبحانه عامة للأسوياء والمتخلفين عقلياً لأنهم كلهم خلق الله وتحت إرادته وأمره.
جواب السؤال الخامس:
أرى أنه من المناسب أن يتعامل الناس (المجتمع كله) مع زواج المعاقين عقلياً كما يلي:
((1/17)
1) إن كانت الإعاقة شديدة جداً ولا يمكن التعامل معها سلميا،ً كأن يُقطع أو يغلب على الظن أنها تهدد حياة المعاق ومن حوله فهذه الحالة لا يجوز شرعاً التزاوج بينهما.
(2) وإن كانت حالة المتخلف العقلي (الإعاقة) متوسطة فيمكن أن يعطى بعض العلاجات المهدئة والتي تمنع الإنجاب إذا رضي أولياء الزوجين بعد أن يقرر الأطباء المختصون أنهم سينجبون أطفالاً معاقين مثلهم أو أشد.
(3) من كانت حال تخلفه العقلي خفيفة فيعامل معاملة الأزواج الأسوياء مما يرفع معنوياته حتى يحس أنه مثل غيره من الناس، وعلى كل حال فإن زواج المتخلف عقلياً مما يخفف ضرره على نفسه وتعديه على غيره علاوة على ما قد يسببه من خير للأمة كلها بسبب الرعاية والعناية بهذه الشريحة من الناس من المجتمع.
وفق الله الجميع إلى كل خير وصلى الله على نبينا محمد.
4- الصداق ( المهر )
سئل الشيخ هتلان بن علي الهتلان
امرأة متزوجة تبين بعد مرور 7 أشهر من الزواج أن عندها قصوراً كلويًّا، ووضعها الصحي حاليًّا لا يسمح بالإنجاب، بعد استقرار وضعها الصحي قد يكون الإنجاب ممكناً، والاحتمال الآخر هو أن يزداد المرض مما يتطلب زرع كلية، وبعد سنة من الزرع يكون الإنجاب ممكناً، لكن زوجها لا يريد الاستمرار في هذا الزواج، مع العلم أنه لم تمض سنة عليه بسبب حالتها الصحية وبسبب عدم الإنجاب حالياً، مع العلم أنها تقوم بكل واجباتها المنزلية، فالمرض لا يمنعها من العمل. السؤال: هل تستحق المتأخر كاملاً؟ وهل تستحق ما يسمى بغير المقبوض؟ ولكم الشكر.
الجواب :(1/18)
ظاهر سؤالك أن المرض الذي أصيبت به هذه المرأة يمكن شفاؤه، وعليه فإذا ثبت طبيًّا أنه من الأمراض الممكن علاجها وتستطيع المرأة إنجاب الأولاد بعد العلاج؛ فإن هذا المرض لا يعد عيباً يوجب فسخ النكاح أصلاً، والزوج بالخيار إذا أراد طلاقها فيجب عليه أن يوفي المرأة مهرها كاملاً بأن يسلم لها المؤخر، أما لو ثبت طبيًّا أن هذا المرض يمنع المرأة من الإنجاب فإنه حينئذ لا يخلو الحال من أن يكون هذا المرض موجوداً قبل عقد الزواج أو بعده. فإن كان هذا العيب موجوداً قبل العقد وعلمت الزوجة أو وليها به وكتماه عن الزوج أو كتمه أحدهما فإن الزوج يثبت له خيار فسخ النكاح، ويرجع على من غره بالمهر الذي سلمه للزوجة وسقط المؤخر الذي لم يسلمه، فإن كانت المرأة هي التي أخفت هذا العيب فيرجع عليها به، وإن كانت لا تعلم وكان وليها عالماً بالعيب وكتمه رجع عليه به، وإن لم يكن قد سلمه لها سقط مهرها، أما إذا كانت الزوجة والولي لا يعلمان بهذا العيب فلا يرجع الزوج بشيء مما أصدقها به على أي واحد منهما؛ لأن المهر استقر بالدخول وليس ثم مغرر يرجع إليه في المهر، وكذا لو حدث العيب وطرأ هذا المرض بعد عقد الزواج والدخول، فلا يرجع الزوج بشيء، لأن المهر يجب بالعقد ويستقر بالخلوة فلا يسقط بحادث بعده بدليل أنه لا يسقط بردتها، وفيه مسمى صحيح، فوجب المهر كغير المعيبة والمعتقة تحت عبد، فإذا أراد الزوج طلاقها في هذه الحالة؛ فيجب عليه أن يسلم للزوجة جميع مهرها المسمى المتأخر ولا يأخذ منها شيئاً من المقدم. والله تعالى أعلم.
5- الخلوة
سئل الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع
أنا شخص عقدت قراناً على ابنة خالتي (عقد قران فقط)، فهل يجوز أن تسافر بصحبتي؟ شاكرين لفضيلتكم تعاونكم .
الجواب :
لا بأس بذلك؛ لأنها بعد عقد الزواج عليها زوجة يحل لزوجها منها ما يحل للزوج من زوجته
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان(1/19)
هل يجوز تكرار الجلوس مع مخطوبتي في وجود محرم ؟
الجواب :
يجوز تكرار الجلوس إذا كانت ساترة لجميع بدنها ، ولم يكن هناك خلوة ، أمّا إذا أظهرت شيئاً من بدنها ، أو خلا بها فيحرم ؛ لأنها لا تزال أجنبية مادام لم يحصل العقد، فإذا حصل العقد فهي زوجته ، ولو لم يعلن الزواج .
6- وليمة النكاح
سئل الشيخ عمر بن عبد الله المقبل
ما حكم سماع الدف ؟
مع أنه يشكل عليّ سماع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصغيرات، وأيضاً استقبال المسلمين له - صلى الله عليه وسلم - بعد رجوعه من تبوك .
الجواب :
الحمد لله ، وبعد : فيا أيها المحب ، لا إشكال فيما تذكر – بحمد الله تعالى – لأن العلماء يفرقون بين السماع والاستماع ، فالاستماع في هذا المقام – وهو المنهي عنه – هو أن يصغي له إصغاء المتلذذ والمستطرب له فهذا إنما يجوز لمن أُذن له فيه كالنساء والصبيان في الأعراس أو عند قدوم الغائب ونحو ذلك مما جاءت الشريعة بالترخيص فيه ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في "الاستقامة" (1/275) : "يرخص للنساء في الغناء والضرب بالدف في الأفراح ، مثل قدوم الغائب ،وأيام الأعياد ، بل يؤمرون بذلك في العرسات ... " أ.هـ.(1/20)
بينما السماع الذي يعرض للإنسان ، بحيث يسمع أناساً أُذِنَ لهم في الغناء – كالنساء والصبيان ، في العرس مثلاً – ثم يصل صوته للشخص الذي لم يؤذن له بالسماع – كالرجال – فإن الإنسان يؤمر بعدم الإصغاء والتلذذ بذلك ، وأما مجرد وصول الصوت ، فلا يؤمر الرجل بسدِّ أذنيه ، أو مغادرة مكان حفل العرس – مثلاً – لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذِن لعائشة - رضي الله عنها - أن ترقى على ظهره لتستمع إلى غناء الحبشة، انظر ما رواه البخاري (454)، ومسلم (892)، ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمع له ، ولكن لم يكن يستمع له، ولهذا لم يقر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على إنكاره على وصول هذا الصوت إلى بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل قال : "دعهما يا أبا بكر: إن لكل قوم عيداً، انظر ما رواه البخاري (3931)، ومسلم (892) وهذا عيدنا " .
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في مجموع الفتاوى (11/565): " وليس في حديث الجاريتين أن النبي - صلى الله عليه وسلم استمع إلى ذلك ، والأمر والنهي إنما يتعلق بالاستماع لا بمجرد السماع ، كما في الرؤية ، فإنه إنما يتعلق بقصد الرؤية لا بما يحصل منها بغير الاختيار ، وكذلك في اشتمام الطيب ، إنما ينهى المحرم عن قصد الشم ، فأما إذا شم ما لم يقصده فإنه لا شيء عليه ، وكذلك في مباشرة المحرمات كالحواس الخمس من السمع ، والبصر ، والشم ، والذوق ، واللمس ، إنما يتعلق الامر والنهي من ذلك بما للعبد فيه قصد وعمل ، وأما ما يحصل بغير اختياره فلا أمر فيه ولا نهي ، وهذا مما وجه به الحديث الذي في السنن عن ابن عمر أنه كان مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فسمع صوت زمارة راع فعدل عن الطريق، وقال : هل تسمع ؟ هل تسمع ؟ حتى انقطع الصوت انظر ما رواه أبو داود (4924)، وأحمد (4535) فإن من الناس من يقول – بتقدير صحة هذا الحديث – لم يأمر ابن عمر بسد أذنيه .(1/21)
فيجاب بأنه كان صغيراً ، أو يجاب بأنه لم يكن يستمع وإنما كان يسمع ،وهذا لا إثم فيه وإنما النبي – صلى الله عليه وسلم – فعل ذلك طلباً للأفضل والأكمل ، كمن اجتاز بطريق فسمع قوماً يتكلمون بكلام محرم فسد أذنيه كيلا يسمعه فهذا حسن ، ولو لم يسد أذنيه لم يأثم بذلك ، اللهم إلا أن يكون في سماعه ضرر ديني لا يندفع إلا بالسد" أ. هـ .
وقال في موضع آخر (29/522) : "غناء الإماء الذي يسمعه الرجل قد كان الصحابة يسمعونه في العرسات" .
وبما سبق يتبين للأخ السائل الجواب عما أورده ، والله تعالى أعلم .
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير
تكثر في الإجازات المناسبات –ومناسبات الزواج بصفة خاصة-، والتي لا تخلو في كثير منها من الرقص والطبل (الطق)، لذا يحتدم الخلاف بين طائفة من الناس في حكم هذا الصنيع، هل هو جائز أم لا؟ والسؤال يبرز في النقاط التالية:
هل الرقص والطق مشروع أم لا؟ وهل الأفضل فعله أم تركه؟ ما المراد بالدف؟ وما الضابط في تحديده؟ إذا كان ذا وجه واحد أو وجهين، فهل بينهما فرق من حيث الجواز؟ وعلى القول بمشروعيته، فهل يجوز في غير يوم العرس كاليوم التالي للعرس (الرحيل مثلاً)؟ وما الحكم لو وصل صوت للرجال؟ وما الحكم لو وصل صوت الطبل فقط؟ ما الحكم لو وصل صوت المنشدة ومعه صوت الطبل؟ وهل هناك فرق في هذا بين المنشدة الصغيرة والكبيرة؟ ما حكم الزغردة والتصفيق؟ وهل يجوز استئجار الطقاقات، أم أنه من إضاعة المال؟ وإذا ارتفع الصوت ووصل الرجال فهل الأفضل الانصراف أم عدمه؟ وجزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا خلاف في مشروعية الوليمة في العرس، وقد فعلها النبي –صلى الله عليه وسلم- وأمر بها، فقد قال لعبد الرحمن بن عوف حين قال تزوجت:" أولم ولو بشاة" أخرجه البخاري (5155) ومسلم (1427).(1/22)
والدف عند وليمة النكاح ليس بمنكر؛ أمر به النبي –صلى الله عليه وسلم- في أحاديث، منها: عن محمد بن حاطب –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"فصل ما بين الحلال والحرام: الصوت بالدف" النسائي (3371) الترمذي (1088) ابن ماجة (1896) أحمد (3/418) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في (إرواء الغليل 1994) وقد قيل بإباحته، قال الشوكاني:" لا يبعد أن يكون مندوباً؛ لأن ذلك أقل ما يفيده الأمر في قوله أعلنوا النكاح" (نيل الأوطار 6/212)، والندب إليه واستحبابه هو مذهب أحمد (كشاف القناع 5/183) واختيار العلامة الصنعاني، والشيخ: محمد بن إبراهيم (مجموع فتاواه 10/218).
هذا حكم الدف الذي يسمى الطق، وأما حقيقة الدف، فقد جاء في اللسان:"الدَّف، والدُّف: الذي يضرب به النساء والجمع دفوف، والدَّفاف صاحبها، المدفف صانعها، والمدفدف ضاربها" (لسان العرب 9/106) دفف.
وكلام النبي –صلى الله عليه وسلم- إنما يحمل على ما كان معهوداً على عهده.
وقد قال مشايخنا: إن الدف المعهود في العهد النبوي هو المختوم من وجه واحد، وليس فيه صنوج ولا حِلق ولا أجراس. (فتاوى ابن إبراهيم 10/215)، ابن عثيمين (فتاوى إسلامية 3/186).
ولم أجده في كتب اللغة التي اطلعت عليها، وهذا الدف هو الذي يسمى في بلاد نجد وما جاورها الطار.
أما باقي المعازف سواء منها الهوائي كالمزمار والناي أو الوتري كالعود والرباب أو الطبول فكلها محرمة على الصحيح من أقوال أهل العلم، سواء في الأعراس وغيرها، عن أبي عامر الأشعري –رضي الله عنه- مرفوعاً "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" صحيح البخاري (5590).(1/23)
وهذا يدل على تحريم سائر أنواع المعازف، وخصّ الدليل الدف فيفرد عنها، ولكن هل تختص إباحة الدف بالأعراس فقط، أو يجوز أيضاً في الأعياد ونحوها، أم أنه مباح مطلقاً؟ هذه ثلاثة أقوال، الظاهر منها إباحته في الأعراس والأعياد ونحوها.
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي –صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إني نذرت إن رجعت سالماً أن أضرب على رأسك الدف. قال:"أوفي بنذرك" سنن أبي داود (3312) سنن الترمذي (3690) مسند أحمد (5/353)، ولو كان محرماً لم يأذن به.
وعن عائشة –رضي الله عنها- أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدفان وتضربان، والنبي –صلى الله عليه وسلم- متغشٍّ بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبي –صلى الله عليه وسلم- وجهه فقال:"دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد" صحيح البخاري (949) ومسلم (892)، ومثل ذلك اليوم الذي يلي العرس عن الربيَّع بنت معوَّذ –رضي الله عنها- قالت: دخل عليَّ النبي –صلى الله عليه وسلم- صبيحة بُني بي، فجعلت جويريات يضربن بدف لهن ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر" الحديث، صحيح البخاري (5147).
إذاً لا يضرب بالدف إلا النساء على الصحيح من أقوال أهل العلم، فقد أمر به النبي –صلى الله عليه وسلم- النساء كما في حديث عائشة لما زفت امرأة إلى رجل من الأنصار قال:" فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني.." الحديث، الطبراني (1/167/1) وأصله في البخاري (9/184) انظر إرواء الغليل (1995)، قال ابن قدامة:" في ضرب الرجال بالدف تشبه بالنساء، وقد لعن النبي المشتبهين من الرجال بالنساء" (المغني 14/159).
وقال الحافظ ابن حجر:"الأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء فلا يلتحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن" (فتح الباري 9/134).(1/24)
أما استماعه في العرس ونحوه فهو مباح للرجال والنساء على السواء؛ للأدلة السابقة، وقد قال عامر بن سعد البجلي: دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود وجوار يضربن بالدف ويغنين، فقلت: تقرون على هذا وأنتم أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم-؟ قالوا: إنه قد رُخص لنا في العرسات" أخرجه الحاكم والبيهقي انظر (آداب الزفاف للألباني صـ182).
والغناء المصاحب له إذا اشتمل على محرم أو منكر ووصف للفجور فهو محرم، وما لم يكن كذلك فهو مباح للنساء.
أما استماع الرجال له فإن كان من أمة مملوكة أو من صغيرة فهذا مباح كما تقدم من فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر، أما الحرة البالغة فإنه ليس لها التغنج بصوتها ولا الغناء للرجال، أما لو وصل صوت النساء مجتمعات بحيث لا يتميز صوت معين منهن فلا بأس بسماعه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"غناء الإماء الذي يسمعه الرجل قد كان الصحابة يسمعونه في العرسات كما كانوا ينظرون إلى الإماء لعدم الفتنة في رؤيتهن وسماع أصواتهن...أما غناء الرجال للرجال فلم يبلغنا أنه كان في عهد الصحابة. يبقى غناء النساء للنساء في العرس، وأما غناء الحرائر للرجال بالدف فمشروع في الأفراح كحديث الناذرة وغناها مع ذلك، لكن نصب مغنية للنساء والرجال هذا منكر بكل حال، بخلاف من ليست صنعتها" (مجموع الفتاوى 29/552).
فاتخاذ ذلك حرفة لا ينبغي، قال ابن قدامة:"أما اتخاذ الغناء في الأعراس وضرب الدف فيه حرفة فهو دناءة وسقوط مروءة والكسب فيه خبيث" (المغني 10/206).(1/25)
بخلاف إعطاء جُعل أو هدية لمن قام بذلك فهذا جائز، بقي من مسائل المستفتي الزغردة والتصفيق والرقص في الأعراس، والأصل في ذلك كله كما قال ابن سعدي –رحمه الله-:"الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع، أو تضمن مفسدة، وهذا أصل الكتاب والسنة فإن الناس لم يقصدوا التعبد بها، وإنما هي عوائد جرت بينهم في المناسبات لا محذور فيها، والعادات المباحة قد يقترن بها من المصالح والمنافع ما يلحقها بالأمور المستحبة بحسب ما ينتج عنها" (نيل المآرب 4/406).
ولم يزل النساء يرقصن في الأعراس ونحوها قال ابن عبد السلام:"الرقص...لا يصلح إلا للنساء" (قواعد الأحكام 2/220).
وكذلك الزغردة ونحوها والتصفيق في الأعراس كله مما لا أرى كراهته للنساء، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"الضرب بالدف والتصفيق بالكف من عمل النساء" (مجموعة الرسائل المنبرية 2/171).
إلا إن ارتبط بذلك فتنة كما قد يحصل في بعض المجتمعات من تعلق وتعشق فإن لهذا حكم يخص مواطنه.
أسأل الله –تعالى- التوفيق والسداد والهداية للرشاد لنا ولسائر المسلمين والمسلمات، وصلى الله على محمد وآله.
سئل الشيخ د. أحمد بن محمد الخضيري
أنا مقدم على الزواج قريباً بإذن الله، وأردت أن أقتصد في أمور زواجي، وأبتعد عن التبذير والإسراف؛ لكي يبارك الله لي زواجي، ولكن أبي تكفَّل بكامل مصروفات زواجي، ومنها أنه دفع لحفل زواجي فقط ما لا يقل عن مئة وثلاثين ألف ريال، وعند اعتراضي أجاب بأننا أسرة ثرية، ولم نخرج عن المتعارف عليه عند الناس، ولم تنفع معهم نصائحي، وأخشى أن يمحق الله البركة من زواجي بسبب هذا الإسراف، أرجو مساعدتي ماذا أفعل؟
الجواب :(1/26)
عليك أن تستمر في نصح والدك وإظهار مضار التبذير والإسراف، وذكر مساوئ الحفلات القائمة على البذخ والتي تستهلك كثيراً من المال وتنتهي في سويعات معدودة دون نفع أو فائدة، واحرص على الاستشهاد بالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة الواردة في هذا الشأن مع إرفاق هذا بفتاوى العلماء المعاصرين الذين يعرفهم والدك ولهم قبول عنده، وذكره بنعمة المال وضرورة شكرها بصرف المال على حسب الضوابط الشرعية، وأنه مسؤول عن كيفية إنفاقه لماله، ويفضل أن تذكر لوالدك البدائل الحسنة لصرف ما زاد من هذا المال مثل صرفه على بعض المحتاجين من الأقارب وغيرهم، أو إرساله إلى البلاد الفقيرة أو على الأقل صرفه فيما يفيد الزوجين ويبقى لهما ينتفعان به مدة طويلة، وأشعر والدك أنك المعني بالأمر، ولابد أن يؤخذ رأيك في هذا الزواج وطريقة الاحتفال به، وأنت إذا قمت بهذا وتذرعت بالصبر وتلطفت في النصيحة وسألت الله تعالى الإعانة فحري بك أن تصل إلى غايتك ومرادك، وتكون أديت الذي عليك وبرئت ذمتك إن شاء الله تعالى.
7- نكاح الكتابيات والكافرات
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد
هل يجوز الزواج من امرأة نصرانية بدون وليها ؟ وهل يجوز أن توكل المركز الإسلامي في ذلك ؟
الجواب :
لا يجوز نكاح الكتابية من غير إذن وليها؛ لأن الكافر له ولاية على الكافرة ، ولا تسقط ولايته عليها إلا إذا أسلمت ، فحينئذٍ لا ولاية له عليها ، وتنتقل الولاية إلى المسلم من أوليائها ، فإن لم يكن لها ولي مسلم تولى أمرها المركز الإسلامي؛ لأنه في حكم السلطان ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( السلطان ولي من لاولي له )) أخرجه الخمسة إلا النسائي، والله أعلم .
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
تزوجت من نصرانية مسيحية عن طريق المحكمة ولم نذهب إلى كنيسة أو مسجد، فما الحكم؟ علماً أنه مضى على زواجنا أكثر من سنة، فهل هذا الزواج جائز أم أنه يعد زنى؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :(1/27)
الحمد لله وحده، وبعد:
إذا كان الزواج المذكور تم بعد أن توافرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه فالعقد صحيح، وأشير إلى أن من شروط النكاح الولي؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-:"لا نكاح إلا بولي" رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) من حديث أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه-، فإن كانت المرأة قد زوجت نفسها لك فلا بد من تجديد العقد، بحيث يعقد لك وليها، وليس من شروط النكاح أن يعقد في المسجد، والله –تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي
أريد بعض الفتاوى من العلماء المعاصرين في حكم الزواج من نساء أهل الكتاب، وضوابط هذا النكاح.
الجواب :
الزواج من نساء أهل الكتاب جائز؛ لقوله –تعالى-: "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان" إلاّ أن يمنع ولي الأمر ذلك، فيجب حينئذ الامتناع؛ لأن الله –تعالى- يقول: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
أرغب في الزواج من فتاة نصرانية، لكن والدها لا يوافق على الزواج (الأم موافقة)، لذلك لا يمكن أن يكون ولي الفتاة في الزواج، مع أن عمها موافق على الزواج، فهل يمكن لنا أن نتزوج بموافقة العم؟ علماً بأننا لا نعيش في دولة إسلامية، وهل يمكن للعم إرسال موافقته بالبريد الإلكتروني؟ حيث إن التوقيع بواسطة البريد الإلكتروني مقبول في القانون، أم هل يمكن ذلك بواسطة الهاتف، وهل يستطيع أن يكلف غيره بالتوقيع على عقد الزواج، وهل يجب أن يكون الشهود في نفس المكان وفي نفس الوقت عند إجراء العقد، أم يمكنني الحصول على توقيع العم ثم توقيع الشاهدين في وقت آخر؟ وشكراً لكم.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/28)
أولاً: لا شك أنه يجوز للمسلم الزواج من نصرانية إذا كانت محصنة؛ لقوله تعالى: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة:5]، ولكن نظراً لكثرة المشاكل التي تقع خاصة في هذا الوقت وهذا الزمن الذي لا يستطيع الرجل أن يتحكم في تربية أولاده وفق الشريعة الإسلامية إن كانت زوجته كتابية بسبب تدخل جهات أخرى في منعه من ذلك مما يتسبب في أن يعتنق الأولاد دين أمهم، وتلك هي الطامة الكبرى والمصيبة العظمى، لذا أنصح الأخ السائل أن يراعي هذا الجانب ولا يستعجل في الزواج من كتابية، وعليه بالبحث عن زوجة مسلمة تعينه على نفسه وعلى تربية أولاده التربية الإسلامية، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والله أعلم.
ثانياً: من شروط صحة الزواج: الولي، والولي هو أبو المرأة إن كان حياً، فإن عضل وامتنع من التزويج بلا مبرر فعلى الأخ التقدم للمحكمة الشرعية للنظر في إثبات عضله، فإن ثبت ذلك انتقلت الولاية إلى من يليه. وكذا لابد من حضور الشهود عند إجراء العقد، كما يجوز للولي أن يوكل غيره في الإيجاب، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ د. محمد بن عبدالله الخضيري(1/29)
أريد أن أتزوج من كتابية لكن أهلي يعارضون ذلك، وهي قادمة لبلدي مصر بعد شهر تقريبا، المشكلة أنني أخاف أن أزني بها؛ لأنني أحبها كثيراً وهي تبادلني نفس الشعور، لذلك قررت أن أتزوج بها سراً مع كتمان أنني أعتزم تطليقها بعد فترة سنة أو نحوه وهي لا تعلم ذلك، الزواج سيكون عرفياً بشهود، وطبعا دون ولي للعروس، أنا أريدها في الحلال ولا أريد الزنا، وطبعا لا أريد أن أخبر أهلي بالموضوع، فهل في ذلك حرج؟ وإن كان فما العمل؟ وماذا يمكن أن أفعل إن عرفتم أن تزوجي بها زواجاً موثقاً هو أمر صعب، وإن لم أتزوجها صعب أيضا؟ أنا حائر ما بين من يقول لي: تزوج ولا حرج. ومن يقول لي العكس. أرجو المساعدة و عذراً للإطالة.
الجواب :
الزواج من الكتابية حقيقة - بمعنى أنها غير ملحدة، وغير منكرة للدين والشريعة، وملتزمة إجمالاً بدينها - يجوز بشرط توفر شروط النكاح الشرعية في ديننا، ومنها وجود الولي والإيجاب والقبول من الطرفين وغيرها من شروط النكاح، هذا من حيث الحكم، أما من حيث المصلحة الاجتماعية والأسرية فما دامت أسرتك وأهلك غير راضين بذلك والداعي للعلاقة بها ليس إقامة أسرة وتحقيق حياة زوجية وإنما مجرد تمتع جسدي، بدليل أنك عازم على مفارقتها بعد فترة.
ووجه تربوي آخر فلربما تكون هذه الفتاة يهودية أو نصرانية مبشرة، فاحتمال تأثيرها عليك دينياً وخلقياً أمر وارد جداً، واستعن بالله واعتصم به يعصمك، وابحث عن مؤمنة صالحة فربك يرشدك بقوله: "ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم" [البقرة من الآية:221]، والرسول – صلى الله عليه وسلم- يقول: "فاظفر بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري (5090) ومسلم (1466) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، حفظنا الله وإياك من المحرمات والشبهات. والله الموفق.
سئل الشيخ د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي(1/30)
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين، ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.......سلام الله عليكم، أما بعد: عندي موضوع أحتاج لفتوى فيه راجياً منكم الوصول لحل يرضي الله ورسوله -عليه السلام- عندي صديق مسلم سوف يتزوج من امرأة أمريكية مسيحية الديانة، ونحن نعلم أن مسيحيي اليوم ليسوا من أهل الكتاب، لأنهم يقولون إن عيسى ابن الله - تعالى الله عما يصفون - وبالتالي فهذا كفر، وهي لا تحل له شرعاً.....هل هذا صحيح؟؟ لكنها من المجتمع الأمريكي المحافظ نوعاً ما، وعندي أنا وصديقي أمل أن ندخلها في دين الله الحنيف (الإسلام)، فبماذا تنصحوننا؟ وما هي الطريقة أو الأسلوب الأمثل الذي سوف نتبعه لهدايتها؟ وهل هناك أي كتاب باللغة الإنجليزية يمكن أن يؤثر فيها؟ وإذا كان هناك أحد من الدعاة سوف يذهب إلى أمريكا في المدة القادمة فأرجو إخبارنا عن موعده ومكان إلقاء محاضرته في أمريكا. وفي الختام أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم، ولكم مني جزيل الشكر وخالص الدعاء بالتوفيق لما تقدمونه من علم من أجل المسلمين.
الجواب :(1/31)
أهل الكتاب، هم اليهود والنصارى، وقد بُعث النبي – صلى الله عليه وسلم – فيهم وهم يعتقدون عقائد كفرية؛ كالقول بألوهية المسيح، وبنوته لله، ومقالة التثليث عند النصارى، والقول ببنوة عزير لله عند اليهود وغيرها من كفرياتهم، ومع ذلك سماهم الله "أهل الكتاب"، فقال: "لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ" [البينة:1]، وكان من آخر ما نزل من القرآن سورة المائدة، وفيها كفر الله النصارى في ثلاث آيات صريحة، وهي قوله: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" [المائدة: من الآية72]، في موضعين، وقوله: "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ"[المائدة: من الآية73] ومع ذلك، فإن الله -سبحانه وتعالى- أحل ذبائحهم ونساءهم في نفس السورة، فقال: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة:5]، وبهذا يتبين أن نصارى اليوم هم نصارى الأمس، من حيث الجملة، ما داموا ينتسبون لدينهم، ولم يعتنقوا المذاهب الإلحادية، ويتبين أن أحكام أهل الكتاب التي خصهم بها الكتاب والسنة دون سائر ملل الكفار تشملهم، ومن ذلك حل نكاح الكتابية من يهودية أو نصرانية، لكن بالشرط الذي نصت عليه الآية الكريمة، وهي أن تكون (محصنة) أي حرة عفيفة، فأما الحرية فتكاد أن تكون وصفاً متحققاً اليوم، وأما العفة في نساء النصارى كالأمريكان فتكاد أن(1/32)
تكون منعدمة، إلا ما شاء الله.
وعلى فرض وجودها على المسلم المقيم في البلاد الغربية أن يحسب حساب القوانين المدنية التي تحكم الحياة الاجتماعية هناك، حيث لا يتمكن الزوج من القوامة الشرعية على زوجته، فلها أن تخلو بمن شاءت، وتصحب من شاءت، وتتحدث إلى من شاءت، دون تدخل من زوجها، وأشد من ذلك أثراً، لو وقع بينهما طلاق لذهبت بولده منها، ونصف ثروته ... إلخ.
ومع وجود هذه المحاذير يتوجه القول بمنع نكاح الكتابيات في ظل هذه الظروف، مع بقاء أصل الحكم على الإباحة، ولعل الله أن يغني صاحبك بمسلمة حنيفة عفيفة عن الكافرات الفاجرات، فإن اضطر صاحبك إلى نكاحها فليحرص ألا تنجب منه إلا أن يهديها الله للإسلام، فقد وقفنا على عدد من القضايا المؤلمة التي خسر فيها مسلمون موحدون أبناءهم وبناتهم، وساقتهم أمهاتهم النصرانيات إلى الكنائس.
وأما باب الدعوة إلى الله فواسع، فاجتهدوا في دعوتها ودعوة غيرها من الكفار إلى الإسلام، ويمكن أن تسترشدوا بتجارب المراكز والمساجد الإسلامية الموثوقة في أمريكا لتوفير الكتب المناسبة، والأشرطة المناسبة للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وفقكم الله.
سئل الشيخ د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي
إني أعرف أن المسلم من حقه أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب، لكن أريد أن أعرف كيفية التعامل معها، خاصة أنها لا ترتدي الحجاب، وقد يكون لبسها غير إسلامي، ولكن (متحشمة)، كمال يقال.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن الزواج من الكتابيات مسألة خلافية بين العلماء، أجازها قوم، ومنعها آخرون، منهم ابن عباس – رضي الله عنهما - وجمع من الشافعية والمالكية، والذين أجازوا ذلك اشترطوا شرطين:
(1) أن تكون كتابية، ومن لا تؤمن بكتاب لا ينطبق عليها هذا الوصف، كما هو شأن كثير من نساء الغرب اليوم.
(2) أن تكون محصنة، وهذا الشرط يكاد يكون معدوماً عند كثير من النساء الكافرات.(1/33)
وانعدام هذين الشرطين يجعل الزواج بالكتابية باطلاً باتفاق المسلمين، وبنص القرآن الكريم في قوله تعالى: "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ" [المائدة: من الآية5]، فإذا توفر الشرطان وأقدم المسلم على الزواج بعد أن تأمل في المسألة، ووازن بين المصالح والمفاسد سيما فيما يتعلق بمستقبل أولاده منها، فإنه يلزمها أن تحترم مشاعر المسلمين، ويلزمها زوجها بذلك، فلا يخرجها أمام الناس متبرجة، لأن القوامة له، والمرأة إليه تنسب، والناس لا يعرفون أنها كتابية، فإن رضيت وإلا فلا.
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي
السلام عليكم.
هل يجوز الزواج من امرأة غير مسلمة –نصرانية- سراً
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نكاح نساء أهل الكتاب جائز شرعاً؛ لقوله –تعالى-: "وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ" [المائدة:5]، لكن إذا منع ولي الأمر - وهو السلطان - من نكاحهن وجب امتثال ذلك؛ لعموم قوله –تعالى-:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ" [النساء:59
سئل الشيخ نزار بن صالح الشعيبي
إني رجل مسلم، أحببت امرأة نصرانية وهي أحبتني، ولكن أريد جواب اليقين في المواضيع التالية: هل هناك مهر للمرأة النصرانية إذا لم تسلم؟ إنها تقطن في منطقة مليئة بالنصرانيين ولا يوجد بها مسلمون ولا حتى مركز إسلامي، فما العمل بشأن هذا وخصوصا الشهود المسلمون؟.
أتمنى أن أجد الجواب الشافي لديكم. وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
أخي السائل لقد تضمن سؤالك فقرتين:(1/34)
الأولى هل هناك مهر للمرأة النصرانية؟ فالجواب: المهر يعتبر شرطاً من شروط النكاح، وهو يعتبر رمز تكريم للمرأة وتعظيم لعقد النكاح، وقد نص فقهاء الإسلام على أن للمرأة أن تمنع من دخول الزوج عليها حتى يعطيها مهرها، وأنه لا يشترط في صحة النكاح أن يسلم الزوج إلى المرأة مهرها قبل الدخول، وأنه يجوز العقد على المرأة مسلمة أو كتابية دون تسمية للمهر، (أي لا يذكر ولا ينص عليه)، ولكن إن حصل جماع فيجب لها مهر مثلها، إلا أن تعفو المرأة، ويحرم على الزوج أكل مهر زوجته؛ لأنه حق خالص لها، إلا إن قامت بهبة مهرها له عن طيب نفس من دون إكراه، قال تعالى: "فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً"[النساء: من الآية4]، فالشاهد مما تقدم أن المهر حكم إسلامي واجب على الزوج، وإن كانت المرأة كتابية، إلا إذا تنازلت هي عن مهرها لك بعد علمها باستحقاقها له.
الثانية: الشهادة على العقد والحال كما ذكرت فالجواب: الأصل في الشهود أن يكونوا مسلمين، وإنما يعدل عن هذا الأصل في حال الفسق وهي انعدام المسلمين في تلك الحالة بناء على القاعدة الفقهية (إذا ضاق الأمر اتسع) وقد نص بعض الفقهاء بأن إعلان النكاح، أو الإشهاد عليه يغني أحدهما عن الآخر، فالذي يشترط هو الإعلان، والإشهاد نوع منه وهذا هو اختيار ابن تيمية، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، فلو أشهرت العقد لكان هذا يكفيك عن الإشهاد، وتخرج من الحرج بإذن الله – تعالى -، وأسأل الله – تعالى - أن يبارك لك في زواجك، وأن تكون سبباً في هداية زوجتك إلى الإسلام والله - تعالى - أعلم.
سئل الشيخ د. محمد بن عبدالله الخضيري(1/35)
أنا مسلم متزوج من امرأة كانت هندوسية وأسلمت، لكنها اشترطت الاستمرار في الذهاب لمعبد الهندوس، وما زالت تذهب إلى هناك حتى الآن وترفض كل محاولاتي في منعها لعدم الذهاب، وهي تصلي في بعض الأحيان وتقرأ القرآن، لدي بنت وولد منها، البنت اسمها عائشة والولد اسمه محمد أديتا (خليط من الثقافة الإسلامية والهندوسية ومعنى:أديتا في الهندوسية الشمس)، وأنا أعلِّم أولادي الإسلام وقراءة القرآن بالعربية، وهي لا تمانع في ذلك، لكنها ما زالت تذهب للمعبد ولكنها لا تسجد أمام الأوثان هناك. وسؤالي هو:
(1) ما الحكم في زواجنا؟.
(2) هل علي إثم في الزواج بمثل هذه المرأة؟.
(3) لا أرغب في تطليقها لأنني بخلاف الناحية الدينية سعيد معها.
(4) في حالة انفصالي عنها كيف يكون مصير أبنائي؟ أخشى أن هنا في كندا سيدخلان في الهندوسية إذا طلقت أمهما.
الجواب :
الأصل أن المسلم لا يتزوج إلا بمسلمة، قال تعالى: "ولا تمسكوا بعصم الكوافر" [الممتحنة: 10]، ويجوز أيضاً الزواج من الكتابية.
وما دام أنك تزوجت من هذه المرأة الهندوسية ثم أسلمت بعد ذلك فلا حاجة إلى تجديد العقد بينكما إن شاء الله؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- أقر جميع من أسلم على نكاحهم ولم يؤثر عنه أنه أمر أحداً من الصحابة – رضي الله عنهم- الذين أسلمت زوجاتهم بإعادة عقد النكاح، وما دامت قد أسلمت وحسن إسلامها فعليك أخي أن تيسر لها التعلم والتفقه في الدين وإقامة الفرائض والواجبات.(1/36)
والواجب عليك نصحها وتحذيرها من الذهاب إلى تلك المعابد لأن مجرد الذهاب إليها منكر ظاهر ووسيلة إلى الشرك، فإن كانت لا تتلبس بشيء من عباداتهم وشركياتهم فالأمر كما تقدم محرم ومنكر، لأنه نوع من الزور الذي قال الله فيه: "والذين لا يشهدون الزور" [الفرقان: 72]، وإن كانت تدعو آلهتهم أو تعتقد صحة دينهم ومشروعية عبادتهم أو أن معبوداتهم تستحق العبادة والصلاة والدعاء والنذر فذلك يعتبر رجوعاً إلى دينها الأول ومفارقة لدين الإسلام، فكرر دعوتها والتأثير عليها حتى ترجع وتتوب، وإن أصرت على تلك الأمور الكفرية الوثنية واتضح لك عنادها ورضاها بالكفر فلا يجوز لك البقاء معها ولا إبقاؤها، وقضية الإيمان والكفر قضية أساسية لا يصح إهمالها بحجة الرغبة فيها أو وجود الأولاد، قال تعالى: "ذلكم حكم الله يحكم بينكم" [الممتحنة: 10]، والولاية على الأولاد لك؛ لأنهم أبناؤك ولا يجوز أن تتولى الأم حضانتهم إذا ثبت كفرها وردتها،وإنما تتولاهم أنت لإسلامك والأبناء يتبعون أعلى الوالدين ديناً، ودين الإسلام يعلوا على سائر الأديان. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
8- نكاح الزانية
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
لقد سبق لي الزواج من فتاة أوربية مسلمة، ويعلم الله سبحانه وتعالى لم أتزوجها إلا لأنها مسلمة، ولم يكن الهدف إلا العفاف, فإذا هي حامل في الشهر الثاني، لقد اكتشفت بأنها تخونني في فراش الزوجية، ولقد وجد الدليل، وتم اعترافها ضمنيا على هذه الفعلة الدنيئة, أفيدوني جزاكم الله ألف خير، ماذا أفعل؟ وما هو رأي الدين في ذلك؟
الجواب :(1/37)
الحمد لله وحده، وبعد: إن ثبت أن المرأة كانت حاملاً قبل العقد عليها فالنكاح باطل، لما رواه أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "لا توطأ حامل حتى تضع" رواه أحمد 3/28 وأبو داود (2157) والدارمي (2295)، والبيهقي (9) والحاكم (2/212) وقال: صحيح على شرط مسلم (1240)، قال الحافظ ابن حجر إسناده حسن التلخيص الحبير (1/171)، أما إن حملت بعد العقد فالأصل أن الولد للزوج لقوله – صلى الله عليه وسلم - : "الولد للفراش وللعاهر الحجر" رواه البخاري (2105)، ومسلم (1457)، من حديث عائشة – رضي الله عنها – أما إن قذف الرجل زوجته فيسقط عنه الحد باللعان، وكذا نفي الولد لابد فيه من اللعان لنفيه، قال تعالى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ" [النور: 6-9].(1/38)
وروى سهل بن سعد الساعدي – رضي الله عنه – أن عويمرا العجلاني قال: يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها، قال سهل فتلاعنَا وأنا مع الناس، رواه البخاري (5002)، قال ابن شهاب: فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين، وكانت حاملاً وكان ابنها يدعى لأمه، قال ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله له، انظر صحيح البخاري (5/2033)، وعلى الأخ السائل أن يتقي الله تعالى، ولا يستعجل في قذف أهله حتى يتحقق من صحة ذلك، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ د. خالد بن محمد الماجد
رجل محصن زنى بامرأة بكر، وبما أنه يعيش في بلد علماني فالحل عندهم هو الزواج بالمزني بها إذا كانت بكراً، وهذا ما ينوي فعله ، فزوجته الأولى تسأل عن حكم علاقتها بهذا الزوج الزاني سواء إذا تزوج بهذه المرأة أو لم يتزوج بها .
الجواب :
أما حكم علاقة الزوجة الأولى به فهو بقاء عقد الزوجية صحيحاً وهي في عصمته، ولها أن تطلب الطلاق إن لم يتب ؛ لأن الزنى من سوء الخلق المجيز للمرأة طلب الطلاق ، وهذا الحكم لا يختلف سواء تزوج بمن زنى بها أم لم يتزوج ، وأما زواجه بمن زنى بها فهذا حسنُُ إصلاحاً لما أفسدا ، لكن عليهما التوبة من الزنى لقوله - جل وعلا -: " وتوبوا إلى الله جميعاًأيهاالمؤمنون لعلكم تفلحون " "(النور : 31) وينبغي أن تكون التوبة قبل إبرام عقد الزواج ، لأن طائفة من أهل العلم يشترطون على الزانيين التوبة ليصحّ زواجهما ، لقوله - جل وعلا - : " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " (النور : 2).
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير
رجل تزوج بامرأة حامل من زنى، هل العقد صحيح؟
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/39)
لا شك أنه يجدر بالمسلم أن يحرص على الاقتران بالزوجة الطيبة العفيفة، التي تعينه على دينه وتحفظه في غيبته.
وإذا زنت المرأة فإنه لا يجوز للمسلم أن يتزوجها ولا يصح عقده عليها إلا أن تنتهي عدتها بوضع الحمل إن كانت حاملاً أو بالحيض إن لم تكن حاملاً، ولو كان الزنى من الخاطب نفسه كما هو مذهب أحمد وأهل المدينة وجمهور أهل العلم، وهو الأحوط والأبرأ للذمة.
وهذا إن كانت معذورة في الزنى كأن تكون مكرهة، فإن كانت آثمة فإنه يضاف شرط آخر، وهو: أن تتوب من الزنى؛ لقوله –تعالى-:"والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحُرم ذلك على المؤمنين" [النور:3].
والحاصل أن الزواج بالمرأة الحامل من الزنى نكاح باطل على الصحيح من أقوال أهل العلم، وعلى من عقد على حامل أن يجتنبها حتى تضع حملها ثم يعقد عليها مرة أخرى بعد وضعها للحمل -إن رغب-، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. عبدالله بن ناصر السلمي
السؤال: تعرفت على فتاة وحدث بيني وبينها اتصال وحملت مني، فعقدت عليها، وبعد العقد قمت بالذهاب بها لطبيب، وقام هذا الطبيب بإجهاض الحمل حيث كانت حاملاً في الشهر الرابع أو الخامس، وبعد الإجهاض بسنة أعلنت الزواج منها، ورزقني الله منها أولاداً. أرجو أن تنبهوني ماذا أفعل؟
الجواب :
أولاً: زواج الزاني من المزني بها فيه خلاف بين أهل العلم على قولين: أرجحها أنه لا يجوز إلا أن يتوبا من هذه الفعلة الشنيعة، كما هو ظاهر القرآن الكريم قال –تعالى- :" الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:24].(1/40)
ثانياً: أن الزاني والزانية لو تابا من الفاحشة وأحبّا أن يتزوجا فإن أهل العلم اشترطوا ألا يكون ثمَّ حمل من الزنى، بمعنى أنه لا بد من استبراء الزانية بحيضة يُعلم بها طهارة رحمها؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-:" لا يحل لامرئٍ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره" رواه أبو داود (2158) من حديث رويفع بن ثابت الأنصاري. والولد من الزنا لا ينتسب إلى أبيه شرعاً.
والعقد بهذا يكون عند الجمهور باطلاً، وحينئذٍ يجب عليكما أن تجدّدا العقد بينكما، والعقد السابق تكون آثاره من انتساب الولد والذرية صحيحاً؛ لأن الموطوءة بشبهة حكم آثارها كحكم الموطوءة بعقد صحيح عند أهل العلم.
وعليه فأولاد المرأة هم أولادك شرعاً وديانةً وقضاءً، إلا أنه يجب عليك من حين العلم أن تجدد عقدك السابق؛ لأنك عقدت عليها ولمّا تعتد المرأة؛ لقوله -تعالى-: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" [البقرة:235] وهي العدة.
ثالثاً: إجهاض الجنين بعدما يتخلّق في بطن أمه وبعد نفخ الروح فيه محرم بإجماع أهل العلم؛ لأن الجنين أصبح نفساً، وقد قال –تعالى- :" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" [الأنعام:151] ويجب على الزوجة وعلى المسقط عتق رقبة كفارة لقتل الخطأ، فإن لم يجدا فصيام شهرين متتابعين لآية القتل الخطأ المذكورة في سورة النساء.
وكذلك يجب على المسقط أيضاً غرة (عبد أو وليدة) أو نصف عشر الدية، وهي خمس من الإبل أو خمسون ديناراً، وهذا مذهب الأئمة الأربعة –رحمهم الله- أو ما يعادلها من النقود الورقية.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقعت في الزنى من فتاة بكر، والآن ندمت وتبت إلى الله، ولكن الفتاة قالت لي يجب أن تتزوجني، والمشكلة أني لا أحبها.
(1) لا أملك المادة للزواج الآن.
(2) هي ليست متدينة، وأنا أبحث عن فتاة متدينة تعينني على ديني.
((1/41)
3) هي من عائلة مسلمة بعيدة عن الإسلام فوالدها يشرب الخمر، وعائلتي متدينة والحمد لله، ولذلك سأقع في مشاكل مع عائلتي، فسؤالي هل يجب علي الزواج منها أم ماذا أفعل؟
الجواب :
الحمد لله وحده وبعد: لا يلزمك الزواج بالمرأة المذكورة، بل إذا كانت لا تزال تقع في الزنا فإنه يحرم عليك أن تتزوجها، وأوصيك بعدم الخلوة بالنساء الأجنبيات عنك، وعدم مشاهدة ما يثير الغرائز من المحرمات، وعليك بكثرة الصيام، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى
بسم الله الرحمن الرحيم تعرفت على فتاة وعاشرتها معاشرة الأزواج ولم أجدها بكرا، وقبل أن أخطبها أخبرتني أنها سبق لها الزواج وهي في التاسعة عشرة من شخص اغتصبها وحملت منه وكان الزواج عبارة عن إقرار من الرجل بأنها زوجته. وقد أجهضت عن طريق الطبيب في الشهر الثالث لأن الزواج كما قالت كان سريا، وبعد فترة انفصلوا وأعادت الكرة مع مسيحي بإقرار أيضا أنها زوجته، ومات منذ أربع سنوات. فهل يجوز الزواج منها؟
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين .
فبعد فالجواب: أنه قد اتضح من سؤالك أيها السائل أنك وتلك المرأة كل منكما زان، فإنك تقول بأنك عاشرتها معاشرة الأزواج، ثم هي قد رضيت بذلك، وأعادت زناها مع غيرك، والزنا جريمة عظيمة قد حرمها الإسلام، قال تعالى: "وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً" [الإسراء:32].(1/42)
لكن إن تاب كل منكما توبة نصوحاً جاز الزواج منكما، فيجوز لك الزواج أيها السائل من تلك المرأة، وقد نص العلماء على ذلك، فقد جاء في منار السبيل في شرح الدليل ما نصه (وتحرم الزانية على الزاني وغيره حتى تتوب وتنقضي عدتها، لقوله تعالى: "َالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ" الآية، [النور: 3] فإذا تابت وانقضت عدتها حلت لزان كغيره في قول أكثر أهل العلم؛ منهم أبو بكر وعمر وابنه وابن عباس وجابر – رضي الله عنهم - " انتهى، والله أعلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
ما حكم من تزوج بفتاة كان على معرفة غير شرعية بها؟ فلما انكشف أمرهما عرض عليه أهل الفتاة إما الزواج بها أو إبلاغ الجهات المختصة، فوافق هذا الشاب على الزواج وهو مرغم، وعلى نية تطليقها بعد فترة.
الجواب :(1/43)
الحمد لله وحده، وبعد: فإن كان الأخ السائل قد عقد على المرأة المذكورة قبل الحمل فقد صحح هذا العقد بعض العلماء، أما إن كانت حاملاً بسبب زناه بها فلا يصح العقد، وعليه تجديده بعد وضعها إذا تحقق توبة المرأة مما فعلته، قال تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِين"َ [النور:3]، وأشير هنا أن الزنا من كبائر الذنوب، قال تعالى: "وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً" [الفرقان:69]، فعلى الأخ السائل التوبة لعل الله تعالى أن يتوب عليه، قال تعالى: "إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الفرقان:70]، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
9- شروط صحة النكاح
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
سؤالي عن صحة عقد النكاح التالي:(1/44)
أخ تزوج امرأة تقيم في السعودية مع محرمها - وليس وليها؛ بل محرماً- لها بعد أن اتصل المحرم بأبيها في بلده وشاوره، فوافق على أن يزوج موليته، وتمت صورة العقد على النحو التالي: جلس الوكيل مع المرأة ومع الزوج - فقط الثلاثة - فقال الوكيل: أنا فلان الموكل من أبي فلانة زوجتك فلانة على كتاب الله وسنة رسول الله، فقال الزوج: قبلت الزواج بفلانة، ومن ثم سلم لهم المهر بدون شهود، وبدون شخص يكتب العقد - فقط إيجاب من الوكيل وقبول من الزوج- وتم بذلك النكاح، ما مدى صحة هذا النكاح؟ حيث أنكرت على الزوج هذه الطريقة، وقال سأتوقف عن هذه المرأة حتى نستفتي، أرجو الإفادة عن مدى صحة هذا النكاح، وعن المهر المسلَّم لهذه المرأة، وهل لها نفقة وعدة؟ علماً أنه لم يجامعها، ولكن خلى بها، أرجو التكرم بالإفادة ولكم الشكر والتقدير.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن من شروط صحة النكاح الشهادة عليه؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-:"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه ابن حبان (9/386)، والدارقطني (3/221) من حديث عائشة –رضي الله عنها-، قال ابن الملقن –رحمه الله- قال ابن حبان: لا يصح ذكر الشاهدين إلا في هذا الحديث، قلت هو كما قال.أ.هـ. (خلاصة البدر المنير 2/176)، لذا على الزوج إعادة عقد النكاح مرة ثانية بحضور الشاهدين، ولا يلزمه دفع مهر جديد، وليس لها نفقة عن المدة الماضية؛ لعدم صحة العقد، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد(1/45)
السلام عليكم إني تزوجت في المحكمة في دولة عربيه بحضور شاهدين. ولي أمر الزوجة كان موافقاً وحضر إلى المحكمة, ولكنه لم يدخل إلى غرفة عقد الزواج. سئل القاضي أين ولي أمر الزوجة؟ قلنا إنه ينتظر في الخارج .قال القاضي حسناً إني سأصبح ولي أمرها! ثم تم تحديد المهر المقدم والمؤخر وتم عقد الزواج. هل العقد صحيح؟ وإن لم يكن صحيحاً (لا سمح الله) هل نحن زناة؟ وما العمل؟ والآن عندنا أولاد ونعيش في الغرب، وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده وبعد: لا يجوز للقاضي أن يزوج امرأة ووليها حاضر غير ممتنع من تزويجها الكفء، وعلى الأخ الكريم تجديد العقد، أما فيما يتعلق بالأولاد فهم أولاد شرعيون لكون النكاح نكاح شبهة، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
أنا رجل أعيش أعزب في دول غربية – والحمد لله – أنني مسلم وملتزم، وقد وجدت امرأة مسلمة ملتزمة، واتفقنا على الزواج، ولكن ليس معها ولي لها، فهل يصح عقد النكاح بها عند مأذون مسلم وشهود مسلمين. وللعلم فإن والدها لا يرغب بتزويجها، ورفض حتى اتصالي به لخطبتها، مع أنني أبديت استعدادي للسفر إلى الوالد ومقابلته وطلب يدها منه مباشرة ولكنه رفض، ولكن والدتها وخالها ينصحوننا بالزواج وعدم الالتفات للأب؛ لعلمهم السابق بتعنته وعدم إحسانه التعامل مع بناته .
الجواب :
الحمد لله وبعد، فإن هذه المرأة لها ولي وهو والدها، ولكنه فيما يظهر عاضل لها والعضل حرام، والعاضل يوعظ ويخوف بالله، ويبين له عواقب فعله في الدنيا والآخرة ويكون ذلك بالحكمة، فإن لم يتسجب فإن ولايته تسقط وتنتقل إلى غيره، الأقرب فالأقرب منعاً للظلم، فإن لم يكن للمرأة ولي فإن وليها القاضي الشرعي، وصلى الله وسلم على نبينا محمد
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/46)
أريد الزواج من فتاة مسلمة بعقد مكتوب بيني وبينها وبموافقتها وشاهدين ومهر، ولكن دون تسجيل؛ وذلك ابتغاء العفة لنا والبعد عن الزنى، علماً أن الفتاة تتبع مذهباً لا يرى وجوب الولي لصحة النكاح، وهي تعيش في بلد أجنبي بلا محرم وبموافقة أهلها، ونحن نعلم أن هذا الزواج قد لا يستمر لمدة طويلة، ولكن دون تحديد مدة زمنية لهذا الزواج.
الجواب :
الزواج لا يصح إلا بولي، ولا تملك المرأة تزويج نفسها ولا غيرها، فإن فعلت لم يصح النكاح، روي هذا عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وعائشة –رضي الله عنهم أجمعين-، وبه قال كثير من التابعين وعلماء السلف؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-:"لا نكاح إلا بولي" ذكره البخاري ص (1016) –رحمه الله- في الترجمة في باب (من قال لا نكاح إلا بولي) في كتاب (النكاح) (صحيح البخاري)، وأخرجه أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجة (1880)، والدارمي (2228)، والإمام أحمد في المسند (2260)، (19518)، (19715)، (19746) في مواضع متعددة، ولقوله –صلى الله عليه وسلم-:"أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب من فرجها، وإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له" رواه أحمد (24372)، واللفظ له، وأبو داود (2083)، وغيرهما.
ومما يرجِّح بطلانه قولك أيها السائل:"ونحن نعلم أن هذا الزواج قد لا يستمر لمدة طويلة".
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل
كنت عازماًَ على الزواج من فتاة، وقد عقدنا بوجود الشهود، ولكن بدون ولي، علماً أنها لم تكن بكراً، وقمت بعد سنة من العقد بالذهاب إلى أهلها وطلبتها بشكل رسمي ووافقوا و قرأنا الفاتحة، ولكن حصل بعد ذلك بعض الخلاف ولم يتم ما بدأنا به، السؤال: هل هي زوجتي؟ أنا لم أتركها ولا هي، وكنا قد قرأنا الفاتحة أمام إخوتها جميعاً ومجلس من الشهود ولم أطلقها بعد ذلك، هل هي على ذمتي؟
الجواب :(1/47)
أحب أولاً أن أذكر لك –وفقك الله- أن قراءة الفاتحة أثناء العقد لم يكن يفعلها النبي –صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه، وعلى ذلك فهي محدثة مما لا يجوز فعله اتباعاً لسنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- حيث تركها، ثم ما يتعلق بالسؤال إن كان العقد الأول تم بدون ولي فهو غير صحيح؛ لأن من شروط صحة النكاح وجود الولي، بناء على ذلك فهي ليست زوجة لك شرعاً.
فإذا أردت الزواج بها بعد ذلك فليكن بحضور ولي وشهود وغير ذلك مما يطلب في النكاح الشرعي، وفقك الله.
سئل الشيخ د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي
أريد أن أعرف أحكام وشروط الزواج، وهل يجوز للمطلقة تزويج نفسها بدون ولي؟ وهل يتم الزواج بالقول فقط دون توثيق أو مأذون؟
الجواب :(1/48)
1-إن عقد النكاح من العقود المشروعة، وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة على مشروعية عقد النكاح والحث عليه؛ لأن في ذلك حفظ الأنفس من الوقوع بالزنا وما يجر إليه من محرمات، وصيانة الأعراض وحفظ الأنساب، وعفة الأُسر، وطهارة المجتمعات من الدّنس والخبث، قال –تعالى-:" فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع" [النساء:3] وقال –تعالى-: "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور:32]، وقال –عليه السلام-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) من حديث ابن مسعود –رضي الله عنه-، وقال -عليه السلام-: "من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح" رواه البيهقي في السنن الكبرى (7/77) وعبد الرزاق في مصنفه (10378) وابن حجر في المطالب العالية (1635) وأبو يعلى في مسنده (2748) وعن أنس –رضي الله عنه- في النفر الذين اجتمعوا وقال أحدهم: لا أتزوج النساء فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-"...وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (5063) ومسلم (1401)، والنصوص كثيرة في بيان فضل النكاح والترغيب به وحث الشباب عليه.
وركن عقد النكاح هو رضا العاقدين، والمتحقق بالإيجاب والقبول من كلا العاقدين، وصورته: أن يقول الخاطب لوالد المخطوبة: زوجني ابنتك فلانة، ويذكر اسمها، ويذكر مقدار الصداق، ويجيب ولي المخطوبة أباً كان الولي أو أخاً على الفور دون انفصال بقول أو فعل: زوجتك ابنتي فلانة على مهر قدره كذا وكذا، ويسميه.
ودليل الرضا قوله –عليه السلام-: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن" رواه البخاري (5136) ومسلم (1419) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.
وأما عن شروط النكاح:(1/49)
فأولها: أن يكون العقد على التأبيد، إذ أن هذا الشرط هو الذي يفترق به النكاح عن السفاح، فالعقد إذا لم يكن على سبيل التأبيد فإنه محرم وهو سفاح، وعلى ذلك اتفاق أهل العلم.
الثاني: الولي، لقوله –عليه السلام-: أيما امرأة نُكِحَتْ بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل" رواه الترمذي (1102) وأبو داود (2083) من حديث عائشة –رضي الله عنها-.
الثالث: الإشهاد، أي لا بد من وجود شاهدين، مسلمين، عدلين؛ لقوله –عليه السلام-: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" رواه الدارقطني في السنن (3/227) والطبراني في الأوسط (6366) وابن حبان في صحيحه (4075) من حديث عائشة –رضي الله عنها-، وقوله –عليه السلام-: "أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف" رواه الترمذي (1089) وابن ماجه (1895) من حديث عائشة –رضي الله عنها- والإشهاد صورة يتحقق بها إعلان النكاح.
الرابع: المهر، قليلاً كان أم كثيراً؛ لقوله –تعالى-: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة" [النساء:4]، وقوله –عليه السلام-: "أدوا العلائق" رواه الدارقطني في السنن (3/244) والبيهقي في السنن الكبرى (239) وانظر تلخيص الحبير (1550)، والعلائق، هي: المهور، والأفضل أن لا يقل عن عشرة دراهم، والعشرة دراهم، هي: سبعة مثاقيل من الفضة، والسبعة مثاقيل تعدل نحو 30غراماً فضة تقريباً؛ لقوله –عليه السلام-: "لا صداق دون عشرة دراهم" رواه الدارقطني في السنن (3/245) والبيهقي في السنن الكبرى (7/240) وانظر نصب الراية (3/199) وخروجاً من خلاف منع الزواج بأقل من ذلك المهر، ولأن الأعراض يحتاط لها أكثر من غيرها من العقود الأخرى، ولأنه ما لا خلاف فيه مقدم على ما فيه خلاف.(1/50)
2-الأصل أن الولاية شرط في صحة عقد النكاح، لا فرق بين بكر وثيب، وهذا ما عليه أكثر أهل العلم؛ لعموم النصوص التي تقضي باشتراط الولاية، والتي منها قوله –عليه السلام-: "لا نكاح إلا بولي" رواه الترمذي (1101) وأبو داود (2085) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى –رضي الله عنه-، وغيره مما مر، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الولاية شرط تمام وليست شرط صحة، بحيث إن المرأة لو زوجت نفسها وهي بالغة عاقلة، ورضي أولياؤها بذلك فإن العقد صحيح ونافذ، وإذا لم يرض الأولياء فإنه يكون موقوفاً على رضاهم ولا ينفذ حتى يجيزوه ويأذنوا به، وذلك فهماً من قوله –تعالى-: "فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره" [البقرة:230]، حيث أسند الشارع أمر الإنكاح إليها، وقوله –تعالى-: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن" [البقرة:232]، وغير ذلك مما يطول ذكره.
وفرق آخرون بين الثيب والبكر فأجازوا للثيب أن تزوج نفسها، والمراد بالثيب: من كانت ذات زوج وتوفي عنها زوجها، أو طلقت وانتهت عدتها، ودليلهم على ذلك قوله –عليه السلام-: "الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن" رواه مسلم (1421) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما-، ومعنى الأيم، أي: الثيب أحق بنفسها من وليها في تزويج نفسها، والأحوط أن يكون أمر التزويج إلى الأولياء ولو كانت أيماً، خروجاً من خلاف من منع هذا الزواج، وعملاً بعموم النصوص التي توجب الولاية في عقد النكاح، أو وجود إذن الولي، إلا إذا حكم به حاكم أو قضى به قاضٍ فإن العقد صحيحاً والحالة هذه، وبالله التوفيق.(1/51)
3-مما سبق ذكره وتوضيحه في السؤال الأول يتضح لك أنه لابد من توثيق النكاح، وذلك بالإشهاد والإعلان، ومن باب سد الذرائع يتعين توثيقه في المحاكم منعاً للريب ودرءاً للمفاسد، وإثباتاً للزوجية، وإقراراً بنسب الأولاد إذا رزقوا أولاداً، ولهذا ينبغي أن يكون عقد الزواج بمأذون وتوثيق حيطة لحقوق من ذكرنا، ومنعاً للشبه، وحفظاً للأسر من أن تكون تلوكها الألسنة، والشرع يقضي بذلك ويأمر به، ومنه قوله –عليه السلام-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518) والنسائي (5711) من حديث الحسن بن علي –رضي الله عنهما- وقوله –عليه السلام-: " فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" رواه البخاري (52) ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير –رضي الله عنهما-، ولأن قلوب العباد بيد الله فقد تعدل عنها وتعدل عنك، فإذا لم يوثق العقد فقد تتهم أنت أو هي، وقد تضيع الحقوق المترتبة على عقد الزواج من ولد وصداق، ولهذا نقول بأن يكون الزواج بمأذون وتوثيق، مع ما ذكرنا من الشروط السابقة، وبالله التوفيق.
سئل الشيخ عبد الله بن سليمان المخلف
السلام عليكم ورحمة الله وبعد، أسأل عن رأي الدين في امرأة ثيب طلقها زوجها قبل سنوات ولديها منه خمسة أطفال ثلاث بنات وولدان أكبرهم في العشرين من العمر. تقدم لها شاب يريد الزواج منها، ولكن والديها رافضان، بحجة أن زوجها الأول أولى بها، سؤالي :هل يمكنهما الزواج؟ ومن سيكون وكيلها؟ وشكراً جزيلاً.
الجواب :
أود أن أنبه السائل الكريم إلى تصحيح عبارة في السؤال، والصواب أن تقول: أسأل عن حكم الدين، أو عن رأيكم، لأن الدين له في كل مسألة حكم، وأما المفتي فقد يكون له رأي لا يصيب الحكم الشرعي.(1/52)
وجواباً على السؤال فإنه لا يحل للمرأة أن تتزوج إلا بولي شرعي، وهو الأب – كما في هذه الصورة –، كما أنه لا يحل للولي أن يكره المرأة على من لا ترغبه، وإذا خطبها من يرضى دينه وخلقه فلا يحل للولي أن يعضلها ويمنعها منه، وإذا أصر على ذلك فلها أن تلجأ للقضاء الشرعي، والله أعلم.
سئل الشيخ د. يوسف بن أحمد القاسم
ما هو الصحيح في صيغة عقد القران، والذي يتفق مع سنة النبي-صلى الله عليه وسلم-، وذلك لأني أسمع صيغا كثيرة ومختلفة، ومنها أن يقول المأذون للزوج: قل لولى الزوجة: زوجني ابنتك على كتاب الله وسنة رسوله، ثم يأمر الولي أن يقول له: وأنا زوجتك ابنتي ويسميها له على كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم-، وعلى مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وعلى الصداق المسمَّى بيننا: فهذه هي الصيغة التي يتم بها الزواج عندنا، وأرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، وما هو حكم وضع المنديل على يد الزوج وولي الزوجة؟. وبارك الله فيكم. وجزاكم خيراً.
الجواب :
الحمد لله، وبعد:
فهذه الصيغة المذكورة وهو قول الزوج: زوجني ابنتك. ثم قول الولي له: زوجتك ابنتي. قد ورد في السنة ما يدل عليها، كما في الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد –رضي الله عنه- وفيه أن امرأة وهبت نفسها للنبي – صلى الله عليه وسلم- فرغب عنها، فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: "زوجتكها- وفي لفظ: ملكتكها- بما معك من القرآن"انظر صحيح البخاري(5029)، وصحيح مسلم(1425). وقد صرح الأحناف بانعقاد النكاح بهذه الصيغة، كما في فتح القدير (3/105) وغيره. وقد جاء في السنة أيضاً ألفاظ أخرى، ومنها: "ملكتكها"، "أنكحتها". وعلى كلٍ فالراجح من قولي العلماء أن النكاح يصح بكل لفظ يدل عليه، كهذه الصيغ وما في معناها.(1/53)
وأما وضع المنديل على يد الزوج وولي الزوجة، فلا أصل له في الشرع، والواجب الاكتفاء بما جاءت به السنة من خطبة العقد، والإيجاب والقبول الصادرين من الزوج وولي الزوجة، وأن يدعى للزوجين بما ورد: "بارك الله لكما وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير". انظر مسند أحمد(8956)، وسنن أبي داود(2130)، وجامع الترمذي(1092). والله تعالى أعلم.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى
هل يحل لي الزواج من هذا الرجل بدون موافقة والدي؟ وهل يجوز أن يكون أخي هو ولي نكاحي مع وجود الوالد؟.
الجواب :
السؤال فيه تعيين لرجل تقدم لزواج السائلة، حيث تقول: هل يحل لي الزواج من هذا الرجل؟ ونقول من هو هذا الرجل المعين؟ إذ قد يكون غير صالح شرعاً، أما إن كان مضمون السؤال، هو: الزواج من رجل صالح شرعاً بدون موافقة الوالد، فنقول: لا يجوز بدون إذنه، ولا يجوز لأخيك أن يتولى عقد النكاح مع وجود والدك، إلا إذا كان الوالد غير صالح للولاية، ويحصل منه العضل، فهنا تنتقل الولاية إلى الأخ، لكن يكون هذا عن طريق المحكمة الشرعية، والله أعلم.
سئل الشيخ نزار بن صالح الشعيبي
نعيش في إحدى بلاد الغرب، و يوجد هنا مفت محلي يزوج المسلمين، ولكن المشكلة أنه عندما يكتب العقد لا يسأل لا العريس ولا العروس عن موافقتهما على الزواج من بعضهما البعض، وعندما سئل عن السبب قال إن مجرد حضورهما إليه يدل على النية والرغبة في الزواج . فهذا في رأيي زواج ليس فيه إيجاب وقبول من المتعاقدين. فما صحة هذا العقد، وكذلك في الصيغة أو الصيغ الصحيحة في الإيجاب والقبول، وهل الحكم أن يسأل كلاً من العروسين عن موافقته على الزواج من الآخر فيجيب كل منهما أنه موافق؟ هل هذا يعتبر إيجابا وقبولا؟
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:(1/54)
أخي السائل الإيجاب والقبول هو ركن من أركان النكاح، والإيجاب أن يقول ولي الزوجة زوجتك موليتي فلانة فيقول الزوج قبلت، ويحصل الإيجاب والقبول بكل ما يتعارف عليه الناس من الألفاظ الدالة على الجزم في انعقاد عقد الزوجية، أما رضا الزوجين فهذا شرط من شروط صحة النكاح، ويحصل بكل ما يدل عليه من قول أو فعل، قال – صلى الله عليه وسلم –: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن" قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: "أن تسكت" متفق عليه عند البخاري (5136)، ومسلم (1419) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، فجعل – صلى الله عليه وسلم – سكوت المرأة البكر علامة على رضاها وموافقتها
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
أنا قررت الزواج من فتاة زواجاً شرعياً مدى الحياة، وطلبت منها الزواج أمام رجلين وامرأة، تم سؤالي وسؤالها ووافقنا بالزواج زواجا شرعيا بالنية والشهود الثلاثة، مع أخذ موافقة أهل الفتاة، ولكن الزواج لم يكن على يد شيخ، فهل هذا الزواج يعد شرعياً أم لا؟ أرجو الإجابة بسرعة لأعلم إن كنت على خطأ، وما الحل إن لم أكن على صواب؟.
الجواب :(1/55)
الحمد لله وحده، وبعد: فإن النكاح إذا توافرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه صحَّ، وليس من شروط النكاح ولا أركانه أن يكون عن طريق مأذون، ولكن تم تكليف بعض طلبة العلم للعمل مأذونين ليتم التحقق من توافر الأركان والشروط وانتفاء الموانع، نظراً لكون بعض الناس لا يعرفون ذلك، وأيضاً لتسجيل النكاح وإثباته في أوراق رسمية، ليتمكن الزوج من إضافة زوجته معه في هويته، وتفادياً للخلافات الحاصلة بسبب عدم التسجيل، فهو إجراء نظامي لحفظ الأعراض والأنساب، ويظهر لي من سؤال الأخ السائل أن ولي المرأة لم يعقد له، بل اكتفى بنطق المرأة "الزوجة"، فإن كان الحال كذلك فلا بد من تجديد العقد، لأن النكاح لا يصح بدون ولي، قال عليه الصلاة والسلام: "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (4/394) وأبو داود (2085)، والترمذي (1101) من حديث أبي موسى الأشعري – رضي الله تعالى عنه - والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إخواني أريد أن أعلمكم أن النصرانية بعد السن الثامنة عشر لا يوجد من هو مسؤول عنها فهي في قانونهم وعرفهم هي ولية نفسها – تستطيع هي أن تفعل ما تريد فما رأيكم في مسألة الزواج منها؟
الجواب :
الزواج لا يصح إلا بولي وشاهدي عدل، وإذا كانت المرأة غير مسلمة وتقيم في بلاد المسلمين فوليها القاضي المسلم، وإذا كانت في بلاد غير إسلامية فوليها رئيس الجالية الإسلامية أو إمام المسجد يتولى إبرام عقد النكاح بعد توفر شروط صحة العقد وأركانه وتحرير عقد يشتمل على بيانات كاملة عن الزوجين، هذا في حال زواج هذه الفتاة من مسلم والعلم عند الله .
سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود
أجنبية عندنا وتريد الزواج الشرعي من شخص ترضاه وهو على خلق.(1/56)
السؤال: هل يكفي أخذ موافقتها فقط مع الشهود أو الاتصال بولي أمرها؟ وما هي الشروط للزواج وهي بعيدة من بلدها جداً؟ أفتونا مأجورين.
الجواب :
الحمد لله تعالى وحده، وبعد:
فكما هو معلوم في الشرع أن النكاح لابد له من شروط، ومن شروطه الولي والشهادة والرضا والكفاءة، فلا يصح نكاح بدون ولي، وفي هذا السؤال لا يكفي أخذ موافقتها مع الشهود فقط، بل لابد من موافقة الولي وأن يتولى الولي بنفسه عقد النكاح أو وكيله الشرعي، والولي هو أبوها، فإن لم يوجد فأخوها وهكذا أقرب العصبات، ولو كان هو أو هي بعيدة عن أهلها جداً فالواجب أن يذهب إليه، أو بأي وسيلة لإتمام عقد النكاح على الوجه المشروع الذي أمر به تعالى، ويلاحظ أنه ولله الحمد والمنة أصبحت وسائل الاتصال والمراسلة والسفر مسهلة ومتيسرة مما لم تكن عليه من ذي قبل، فيمكن من خلالها التنقل والوصول إلى الولي لأجل هذا الأمر المهم في حياة الناس، وهو عقد النكاح الذي سماه الله تعالى ميثاقاً غليظاً، فهو رباط متين ووثيق لابد من الاحتياط له، والعمل على ضوء الشريعة لإتمامه لتسعد الحياة الزوجية، "وإنما الزانية التي تزوج نفسها"، كما ورد بذلك الحديث، والله المستعان، وصلى على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
سئل لشيخ نزار بن صالح الشعيبي(1/57)
ابنة خالتي تزوجت بدون علم أهلها، أو بمعنى أصح قد فاجأتهم بعقد قرانها وذلك بعد ما علمت بأن أمها بعد رجوعها من السفر قررت أن تزوجها بغير خطيبها، والتي دامت خطوبتهما قرابة الثلاثة أعوام، وليس السبب هو أن هناك عيباً في هذا الخطيب، بل لأنها وجدت رجلاً أكثر منه مالاًًً وغنى، وعندما علم أهلي بالقصة وبالنية الخبيثة التي نوتها الأم لابنتها قرروا أن يقفوا معها، وأن يساعدوها في إشهار هذا القران، سؤالي هو هل هنالك أي ذنب على الابنة وعلينا نحن أهلها (أخوات أمها)؟ علماً بأنها بذلت كل الجهود لإقناع الأم بلم شملها مع ابنتها بعد الفراق الذي حصل بعد عقد القران، ولكن كل المحاولات باءت بالفشل.وشكراً.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
الزواج يعتبر من خصوصيات المرء، فليس للأم ولا للأب إجبار ابنه أو ابنته على من لا يريدانه، خصوصاً إذا كان الدافع لهذا الإجبار الطمع في الدنيا ومتاعها الزائل، وهذا الفعل أي إجبار أحد الأبوين الأبناء على الزواج بمن لا يريدانه محرم شرعاً، لأنه ظلم وتعدٍ على حقوق الآخرين، وجمهور أهل العلم على أنه يحرم على الأب إجبار ابنته على الزواج بمن لا ترضاه إذا كانت بالغة عاقلة، فإذا كان هذا في حق الأب فالأم من باب أولى.
وإنما يستحب طاعة الوالدين في اختيار الزوج زوجته أو العكس، ما لم يكن هناك محذور شرعي، ومحاولة الأم هنا تزويج ابنتها بغير خطيبها فيه محذور شرعي وهو نهيه – صلى الله عليه وسلم – أن يخطب الرجل على خطبة أخيه" رواه البخاري (5142)، ومسلم
(1412) من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- فلا يجب على البنت طاعتها في ذلك، بل ولا يستحب لكون كلا الطرفين قد ركن إلى الآخر، ولا يوجد بالخطيب عيب وليس عليها إثم في هذا التصرف.(1/58)
ولكن ينبغي أن يلاحظ أن المرأة لا يجوز لها تزويج نفسها، بل لابد من أن يتولى عقد المرأة وليها وهو والدها، وإن لم يوجد فأقرب رجل من معصبيها؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – "لا نكاح إلا بولي" رواه أحمد (19518)، وأبو داود (2085)، وغيرهما من حديث أبي موسى –رضي الله عنه-. والله أعلم.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى
تزوجت امرأة مسلمة. وقد اكتشفت أنها كذبت علي بخصوص أخ لها قائلة إنه يعمل في ناد رياضي، بينما هو يعمل في ناد ليلي، وقد واظبت على أخذ مال مني وإرساله لأهلها بدون موافقة مني على ذلك كما أنها قامت بأعمال أخرى.
عندي منها ابنتان، وهي الآن تطلب مني أن أطلقها ـ على الطريقة الأمريكية ـ بحيث تأخذ نصف ممتلكاتي.
هل عقد زواجي بها صحيح برغم السرقة والغش الذي مارسته. وإذا أرغمت على أن أعطيها نصف ممتلكاتي هل أبقى ملتزماً بسداد مؤخر الصداق؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده، الصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أن زواجك من تلك المرأة المسلمة صحيح إذا كان قد توفرت فيه شروط النكاح التي هي الرضا، والولي، وخلو الزوجين من الموانع، وأيضاً الإشهاد على النكاح على قول بعض أهل العلم. هذا وما ذكرته في سؤالك من كذبها عليك وأخذها من مالك بغير إذنك هذا لا يؤثر على عقد النكاح، فالنكاح باقٍ.(1/59)
وأما ما ذكرته في سؤالك أيضاً من أنها الآن تطلب منك الطلاق ...إلخ. جوابه أنه إذا كان طلب الطلاق منها وبغير سبب منك فليس عليك صداق مؤخر ولا غيره مما ذكرته في سؤالك، أما إذا كان سبب طلبها للطلاق يرجع إليك لسوء عشرتك لها أو عدم إنفاقك أو لعيب يختص بك فإنه يلزمك - والحالة هذه - أن توفي بكل ما اشترط عليك في النكاح مما يصح اشتراطه في الشريعة الإسلامية؛ لما جاء في الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" البخاري (5151) ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر –رضي الله عنه-. والله أعلم.
10- زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
أدرس في أوروبا، وأردت أن أتجنب الوقوع في الحرام فتزوجت من شابة عمرها سبع عشرة سنة، وأسلمت، ولكن كان الزواج عرفيا بشهود ووكيل والقاضي (المأذون) وكان بالسر؛ لعدم علم أهلها بإسلامها وزواجها وعدم علم أهلي؛ لأنهم رافضون فكرة الزواج، فهل الزواج مقبول على سنة الله ورسوله – عليه الصلاة والسلام -؟ وبماذا تنصحوني؟
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد نص العلماء أن الزواج واجب على من خشي على نفسه الفتنة هذا أولاً، أما بالنسبة لما ذكر الأخ السائل فإن النكاح إذا توافرت أركانه وشروطه وانتفت موانعه صح، ومن شروط النكاح الولي، وهذه المرأة التي أسلمت يعقد لها أقرب أوليائها من المسلمين فإن لم يكن لها ولي مسلم وليس في البلد قاضٍ مسلم زوجها رجل عدل بإذنها، وليس من شروط صحة النكاح علم أهل الزوج به، ولكن من البر بوالديه إخبارهما بزواجه بالرفق واللين، وأنصح الأخ السائل بإعلان النكاح وإشهاره خروجاً مما قد ينتج عن كتمانه من المشاكل، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ عبد الله بن محمد العمراني
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/60)
ما رأي فضيلتكم بما يدعى: الزواج للحصول على الأوراق الرسمية في الدول الغربية خصوصاً في أمريكا؟
وهل هناك طريقة شرعية ضمن حدود معينة تجيز للمرء الزواج للحصول على الأوراق الرسمية؟ أرجو من فضيلتكم التفصيل في هذا المجال، وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
(1) إذا كان الاتفاق بين الرجل والمرأة على الزواج إلى مدة مؤقتة باستخراج أوراق معينة ثم يكون بعد ذلك الانفصال فإن هذا نوع من نكاح المتعة المحرم.
(2) وإذا كان الزواج دون اتفاق مؤقت، وإنما في نية الزوج أنه إذا استخرج الأوراق فإنه سيطلقها فهذه مسألة (النكاح بنية الطلاق) وقد اختلف فيها أهل العلم والراجح أنه إذا وقع النكاح بأركانه وشروطه وانتفاء موانعه فإنه جائز ولو كان بنية الطلاق، لكنه خلاف الأولى وخلاف المقصود من مشروعية النكاح الاستقرار والسكن، وقد يترتب عليه مفاسد من التغرير بالمرأة وفيها من المفاسد، فينبغي لمن يقدم على الزواج أن يختار الزوجة التي ينوي الاستمرار معها وتحقيق مقاصد النكاح. علماً بأنه يشترط أن تكون المرأة مسلمة فإن لم تكن فكتابية عفيفة، والله الموفق
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
هل ترث الزوجة من زوجها إذا كانت متزوجة بزواج المسيار؟ أم هذا يعتمد على العقد؟ وهل يجوز شرط عدم الوراثة في العقد؟.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/61)
زواج المسيار إذا تم بعد أن توافرت شروطه وأركانه وانتفت موانعه فهو نكاح شرعي صحيح، ويرث كل واحد من الزوجين صاحبه، ولا يجوز لأحدهما أن يشترط عدم التوارث بينهما، وإن شرط ذلك فالشرط باطل، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "ما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق"، رواه البخاري (2168)، ومسلم (1504)، من حديث عائشة – رضي الله عنها- من حديث عائشة – رضي الله عنها- والله تعالى أعلم – وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الرشيد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد تزويدي ببعض المراجع التي تتكلم عن نكاح المسيار.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:(1/62)
فإن نكاح المسيار عقد نكاح كسائر عقود النكاح، لا فرق بينه وبينها في حقيقة العقد، ولا في أركانه وشروطه، وإنما يفترقان في بعض متعلقات العقد، وذلك بتنازل أحد طرفي العقد عن بعض حقوقه المشروعة، ووجه ذلك أن المرأة في نكاح المسيار تتنازل عن بعض حقوقها على زوجها؛ فهي تتنازل عن حقها في النفقة والمبيت بحيث لا يلتزم الزوج بالنفقة عليها ولا المبيت عندها، والإنسان كما يجوز له المطالبة بحقوقه الخاصة به، فإنه يجوز له أن يتنازل عنها أو عن بعضها، وبما أن نكاح المسيار لا يختلف عن غيره من عقود النكاح في الماهية، وإنما يختلف عنها في إسقاط بعض الحقوق؛ فإن كتب الفقه التي تناولت عقد النكاح عموماً تعد من المراجع والكتب التي تتحدث عن نكاح المسيار، وذلك عندما يتعرض مؤلفوها لحقوق الزوج على زوجته وحقوق الزوجة على زوجها، وما يجوز إسقاطه من هذه الحقوق وما لا يجوز ونحو ذلك، ومن الكتب المؤلفة فيما يتعلق بنكاح المسيار بخصوصه كتاب: (زواج المسيار دارسة فقهية واجتماعية نقدية) لعبد الملك بن يوسف المطلق. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير
شاب يعرف عن فتاة أنها كانت في طريق الغواية، وعلى علاقة محرمة مع شخص آخر، وتمكن من أخذ الأشرطة السمعية والمرئية التي بحوزة ذلك الشخص وسلمها للفتاة، وأعلنت توبتها وحفظت نصف القرآن، والسؤال هل يجوز لي أن أتزوج تلك الفتاة بنية طلاقها؟ ولكن هذا العمل يستر عليها من فضيحة الماضي.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فيشكر ذلك الأخ الساعي في صلاح تلك الفتاة وتخليصها وحمايتها، كما يشكر على رغبته في الستر عليها.(1/63)
إلا أن الزواج بنية الطلاق أصلاً مسألة خلافية بين أهل العلم، والظاهر لي من أقوالهم أنه نكاح غير صحيح، وهذا هو المذهب المعتمد عند الحنابلة وقول للمالكية وقول الأوزاعي واختيار جملة من المحققين، وأنه في حكم المتعة التي نهى عنها النبي – صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه نوى توقيت النكاح والنبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه عند البخاري (1)، ومسلم (1907) من حديث عمر –رضي الله عنه-.
وفي هذه المسألة إضافة لهذا الملحظ غش للمسلمين الذين سيقدمون على نكاح هذه المرأة يظنونها ثيباً بفعل نكاح صحيح والواقع أن ثيوبتها ناتجة عن زنا، والسائل يريد أن يستر عليها بما يضر من سيقترن بها، مع أن ما تعانيه هو من جريرة فعلها.
ولكن يمكن للسائل أن يتزوجها زواجاً لا ينوي توقيته، ويكون بذلك مأجوراً إن شاء الله، أو يرشد غيره ليتزوجها مع شرح حالها وليخبره أن توبتها تجب ذنوبها، ولن تكون أسوأ من المشركات والكافرات إذا أسلمن، وكم ممن يقدم على الزواج ممن أسلمت ولا يسأل عن ماضيها وما فعلته، وذلك بعد أن يتحقق من عدم إصابتها بمرض معدٍ يمنع الاستمتاع. والله الموفق والهادي.
سئل الشيخ د. عبد الله بن إبراهيم الناصر
ما الزواج العرفي؟ وهل هو حلال أم حرام؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
من شروط صحة النكاح شرعاً أن يكون بولي وشاهدي عدل؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه الدارقطني (3/221-222):"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل".
والنكاح العرفي إذا كان يخلو من ذلك، فإنه لا يجوز شرعاً، وهو في حقيقة أمره تحايل على ما حرم الله، وقد ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم-:"البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة" رواه الترمذي (1103)، والله أعلم.
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي(1/64)
أريد أن أعلم هل الزواج العرفي إذا تم فيه وجود الولي والشاهدين والموافقة من الطرفين يكون زواجاً جائزاً؟ علماً أنه عرفي يعني أنه لم يعلم الناس به.
الجواب :
الزواج إذا تمت شروطه وأركانه وانتفت موانعه فهو عقد صحيح، وأما إعلانه للناس فليس شرطاً في صحته بل السنة الإعلان وصنع الوليمة حتى يدفع الإنسان عن نفسه الريبة، ورحم الله امرأ كف الغيبة عن نفسه.
سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود
السلام عليكم.
أنا مسافر للدراسة في الخارج، وقد تزيد مدة إقامتي عن 7 أشهر، ومن الممكن أن تطول إلى سنة، أنا لست متزوجاً؛ لأنني لا أستطيع تحمل مصاريف الزواج في بلادي، أنا ملتزم -والحمد لله- سؤالي هو: أنني قد أواجه فتناً من النساء هناك، فهل يجوز لي أن أتزوج من فتاة نصرانية إلى أن تنتهي مدة دراستي هناك؟ سمعت بأن هذا جائز، وعندي سؤال آخر: هل أركان الزواج من المسلمة هي نفسها مع الكتابية؟ الفتاة في الغرب تمارس الجنس مع صديقها، فهل يمكن أن أقول لها أن نعمل العقد لكي يكون زواجاً وحتى لا أقع في الزنا؟ ومتى أرادت الطلاق أطلقها، هل هذا جائز؟ ولست أقصد الزواج للمتعة، وإنما لتحصين نفسي، والزواج ليس لأجل محدود، هل هذا جائز؟ أرجو منكم أن تفصلوا في إجابتكم -بارك الله فيكم-.
الجواب :
الحمد لله –تعالى- وحده وبعد:(1/65)
فإن من المعلوم أن الله –تعالى- أباح الزواج من الكتابيات المحصنات وهن العفيفات، كما قال الله تعالى: "يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ..."[المائدة: 4] "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" [المائدة: 5].
لكن لا يحل أن يكون العقد مشروطاً إلى أجل، فإن هذا من نكاح المتعة الذي أجمع العلماء على تحريمه،وقد جاءت السنة بتحريم نكاح المتعة، وعلى هذا فإنني أنصح السائل بالزواج بامرأة مسلمة عفيفة تكون سبباً لتحصين فرجه -بإذن الله تعالى-، ولا يكون عقده عليها مشروطاً إلى مدة؛ لأن هذا من نكاح المتعة كما تقدم.
فإن تعذر عليه ذلك فإنه لا مانع من الزواج بالكتابية، وذلك بشرط أن تكون عفيفة، وأن يكون العقد عليها وفق الضوابط الشرعية من الولي والإشهاد، وأن لا يكون هذا العقد مشروطاً إلى مدة، لكن إن عقد عليها وهو ينوي أن يطلقها بعد مدة من غير شرط فإن ذلك لا مانع منه؛ لأنك ربما تنوي ثم ترجع عن النية، مع ملاحظة أنه لا يجوز اتخاذها كمثل الصديقة بعد زواجه بها، بل يعلم أن زواجه بها عقد شرعي،وهو زواج يترتب عليه أن يعلم الزوجان ما لأحدهما عند الآخر من حقوق ومنها صيانة الزوجة من كل فاحشة، أو منكر. والله الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح(1/66)
ما رأي الشرع بالزواج العرفي الذي يتم بين الرجل والمرأة الثيب؟ تولي فيه المرأة الرجل الذي سيتزوجها ليتم الإيجاب منه كوكيل عنها في عقد الزواج فيقبل بصفته الزوج، فيكون أصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن زوجته، وبحضور شاهدين وعلى مهر مسمى؟.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا لا يجوز؛ لأن من شروط صحة النكاح الولي لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" من حديث عائشة –رضي الله عنها- في سنن أبي داود(2033) وغيره.
فيشترط الولي، ومن شروط الولي الذكورة لا بد أن يكون الولي ذكراً، فلا يصلح أن تتولى بنفسها لا بالأصالة ولا بالنيابة، فقد ورد في حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- في سنن الدارقطني(3/227): "لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها"، والصواب أنه لا فرق بين الثيب والبكر في ذلك خلافاً لمن فرق من أهل العلم، أو لم يشترط الولاية للمكلفة الحرة.
11- الخطبة ومايتعلق بها
سئل الشيخ د. سليمان بن وائل التويجري
نرجو تحديد المقصود بالخطوبة التي لا يجوز أن يخطب عليها الرجل، وإذا حدث وخطب فوق خطبة أخيه وتزوج فما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب :(1/67)
الإنسان إذا خطب امرأة فلا يجوز لغيره أن يخطبها، ومعنى الخطوبة: أن يتقدم إلى وليها ويطلب منه الزواج بها، ولو لم يردوه وإنما سكتوا وانتظروا فهذا هو الخاطب، ولا يجوز لغيره أن يزاحمه في الخطبة، فإن رُد الخاطب الأول فلغيره أن يخطب، أو كان الخاطب الثاني يجهل الحال ولم يعلم بأنها مخطوبة فلا إثم عليه، أو كان الخاطب الأول أذن لغيره أن يخطب فلا بأس للثاني أن يخطب، وعلى كل فإذا خطب هذا الإنسان الثاني وعقدوا له فعقده صحيح، وزواجه صحيح ولا شيء فيه، إنما الإثم في تقدمه بالخطبة على خطبة أخيه، وأما إذا تم العقد له فهذا حقه، والزواج لا إشكال فيه، والنبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه" رواه البخاري (5142)، ومسلم (1412)، واللفظ لأبي داود (2081)، والنسائي (3238) من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما-، والله أعلم.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى
هل يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة الكافر إذا صرح له بالإجابة؟ وهل تعتبر الكفاءة من حيث أن المسلم أكفأ من الكافر؟
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب:
أنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج الكافرة إلا إذا كانت من أهل الكتاب فيجوز عند جمهور العلماء لقوله تعالى:"اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" [المائدة:5].(1/68)
وإذا جاز للمسلم نكاح الكتابية فهل يجوز له أن يخطبها على خطبة الكافر المصرح له بالإجابة كما هو محل السؤال؟ والجواب: أنه قد روى البخاري في صحيحه رقم (5144) أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك" قال ابن حجر في (فتح الباري 9/200) ما نصه:"واستدل بقوله:"على خطبة أخيه" أن محل التحريم إذا كان الخاطب مسلماً، فلو خطب الذمي ذمية فأراد المسلم أن يخطبها جاز له ذلك مطلقا،ً وهو قول الأوزاعي، ووافقه من الشافعية ابن المنذر وابن جويرية والخطابي، ويؤيده قوله في أول حديث عقبة بن عامر عند مسلم :"المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته حتى يذر"، وقال الخطابي: قطع الله الأخوة بين الكافر والمسلم، فيختص النهي بالمسلم. وقال ابن المنذر: الأصل في هذا الإباحة حتى يرد المنع، وقد ورد المنع مقيداً بالإسلام فبقي ما عدا ذلك على أصل الإباحة، وذهب الجمهور إلى إلحاق الذمي بالمسلم في ذلك، وأن التعبير بأخيه خرج على الغالب فلا مفهوم له، انتهى محل الغرض منه، والله أعلم.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد
تعرفت إلى فتاة من خلال الدراسة، وقد طلبت منها أن أقابلها في مكان عام حتى أسلمها هدية بمناسبة ما، ولكنها طلبت مني أن أقابلها في منزل أهلها وبينهم، فوجهت لي الدعوة للذهاب إلى منزلهم، وقالت لي: إنهم بانتظاري يوم الخميس القادم، فهل أذهب أم لا ؟ علماً أنني لم أختلي بها قط ، بل أحرص كل الحرص على عدم مقابلتها سوى ذلك الطلب ، كما أن كل هذه الحوارات بيني وبينها كانت عبر البريد الإلكتروني ، هل أذهب ؟
الجواب :(1/69)
حسناً فعلت حينما حرصت ألا تقابلها سوى ذلك الطلب ، وأحسن من ذلك حذرك من الخلوة بها ، وكونُ الحوارات قد دارت بينكما عبر البريد الإلكتروني ، وحسناً فعلت هي حينما أبت المقابلة إلا في بيتها وبحضور أهلها ، ولا أدري ما الغرض من زيارتها في بيت أهلها ، هل هو توثيق الصداقة أو خطبتها من وليها ! فإن كانت الأولى، أي: قصد توثيق الصلة والصداقة ، فلا ينبغي لك ذلك ؛ لأن اتخاذ الصديقات – وإن كان عن حسن نية – قد يجر إلى التساهل في المحرمات، والوقوع فيما لا تحمد عقباه ، والشيطان لا ييأس من إضلال العبد ، وله نفس طويل، ومكر شديد في إغواء العبد والتسويل له بالمعصية .
فحذار أن تسترسل فيما وقع منك ، وعليك أن تجتنب محادثة النساء إلا ما تقتضيه الحاجة غير المتوهَّمة ، لا سيما وأنت -كما يفهم من كلامك - تدرس في مدرسة أو كلية مختلطة .
والحاجة إذا كانت قد اضطرتك إلى الدراسة في كلية مختلطة ، فيجب أن تقدر الحاجة بقدرها ، كما نص على ذلك أهل العلم ، وإن كانت الأخرى ( أي: قصد خطبتها من وليها) فهو أمر مشروع لا شك في جوازه . على أنني أنصحك بما نصح به رسول الله – صلى الله عليه وسلم- : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبه ، ولجمالها ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه الخاري (5090 )ومسلم ( 1466 ) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - ، وعليك أن تستخير الله –سبحانه- فتصلي صلاة الاستخارة عسى الله أن يخير لك ما فيه الخيرة لك في الدنيا والآخرة .والله أعلم .
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان
كم مرة يجوز للخاطب أن يرى مخطوبته الرؤية الشرعية؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
يرى الخاطب مخطوبته مرة واحدة، ولا تجوز الخلوة بها، وإذا تيسر أن يراها بدون علمها فلعله أولى؛ لأنه أصون لحيائها، وخشية ألا يرغب فيها، فإن لم يرغب فيها بعد رؤيتها أثر ذلك في كسر قلبها، فإذا لم تعلم كان أحسن وأرفق بها.(1/70)
سئل الشيخ د. أحمد بن محمد الخضيري
ما الشروط التي ينبغي توافرها في من يتقدم لخطبة الفتاة المسلمة؟ وهل صلاته في بيته وشربه الدخان عائق في عدم تزويجه؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إذا تقدم إلى خطبة الفتاة من توافرت فيه خصال الكفاءة، وأهمها الدين والخلق فإن على وليها أن يزوجها ولا يتوانى في ذلك؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم –: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" الترمذي (1084)، وابن ماجة (1967) وعلى ولي الفتاة أن يتحقق من استقامة المتقدم إلى خطبة موليته، وذلك بالسؤال عنه ممن يعرفه حق المعرفة ولا يعني هذا أنه لا يزوج إلا من بلغ الغاية في الاستقامة؛ لأن هذا قد لا يتحقق بسبب غلبة الفساد وقلة الخطاب، ولهذا فلو فرض أن المتقدم لخطبة موليته شخص واقع في بعض المحرمات المنتشرة عند كثير من الناس بسبب الاعتياد والتساهل كشرب الدخان وحلق اللحية مثلاً فلا بأس بتزويجه إذا لم يجد من هو أفضل منه، فإن هذا أفضل من بقاء المرأة بلا زواج، ولعل هذا الشخص أن يترك هذه المحرمات في المستقبل فيصلح حاله وبخاصة إذا تعاهدته زوجته بالنصيحة والإنكار، والله أعلم.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد
أنا شاب أريد الزواج -إن شاء الله تعالى- ولكن حدث لي عارض صحي أثناء الولادة في الخصية، مما أدى إلى تلفها، ولكن ذهبت إلى الطبيب، وحصلت على أدوية، وأنا الآن –الحمد لله- لدي القدرة على الجماع، وخروج ماء الرجل، ولكن عدم إنتاج الحيوانات المنوية، وذهبت إلى أكثر من طبيب، قال لي: لا تستطيع الإنجاب؛ لعدم إنتاج الحيوانات المنوية، وتلف الخصية. إذا أردت الخطبة، فهل أتكلم أم أسكت؟ وهل سكوتي يكون غشًّا؟. أرجو منكم إفادتي، -وجزاكم الله خيراً-.
الجواب :
الحمد لله، وبعد:(1/71)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن أعظم مقاصد الزواج وأولاها طلب النسل والذرية، والعجز عن تحقيق هذا المطلب ـ وهو العقم ـ عيب لا يجوز كتمه عن الطرف الآخر، ، فيجب عليك إذا خطبت أن تبين هذا لأهل المخطوبة، وأن يخبروها هم بذلك، ولا يجوز كتمه؛ لما فيه من الغش ومضارة المرأة.
والأنسب لحالك أن تبحث عن امرأة مثلك – عاقر لا تنجب ـ؛ حتى لا تظلمها ولا تحرمها أمنيةً هي من أعظم أمنياتها في حياتها.
عوضك الله خيراً، وعظم أجرك، وفرج همك، ووفقك في أمور دينك ودنياك، ونور بصيرتك بنور هدايته وطاعته، وجعلك مباركاً أينما كنت.
واقترح عليك أن تتولى بعد زواجك تربية بعض الأيتام، وهم كثير في دور رعاية الأيتام من غير أن تنسبهم إليك، والله الهادي إلى سواء السبيل، وهو المستعان ونعم الوكيل.
سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
أريد أن أسأل عن كل ما يباح وما لا يباح بين الخطيبين، وماذا إذا كان الخاطب غير متدين أو ملتزم، ولكن على خلق حسن، وفطرة دينية، هل يجب على المخطوبة فسخ الخطوبة لجهله ببعض الأمور؟ وماذا عليها أن تفعل؟
الجواب :
الخطيبان قبل عقد النكاح أجنبيان عن بعضهما لا يجوز بينهما إلا ما يجوز بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه، ولذا فله أن يكلمها بدون خضوع في القول، ولا فحش ولا تفحش، ولهما أن يتحدثا في مستقبل أمرهما ونحو ذلك بالقدر المحتاج إليه.
وله أن يراها الرؤية الشرعية التي يترتب عليها القبول والرغبة أو عدمها.
وليس له بعد ذلك الخلوة بها، ولا التعامل معها بأي نوع من أنواع المتعة الجسدية، ولا الحديث الخاص بين الزوجين ونحو ذلك.
ولا يجب على المخطوبة فسخ الخطبة إذا كان الخاطب يؤدي فرائضه الدينية، وهو على خلق حسن، وإن لم ينطبق عليه وصف الالتزام بمعناه الخاص عند بعض الناس.
سئل الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري(1/72)
كنت قد خطبت زميلة لي ، وبعد مضي ثلاث سنوات حدثت بعض المشاكل أدت إلى فسخ الخطبة، وقدم كل طرف إثباتاً أن هذا الفسخ من ناحية الطرف الآخر، وكان نتيجة لذلك بأن أهل الفتاة رفضوا إعطائي الشبكة وجميع الهدايا التي قدمتها خلال المواسم والأعياد، وأنا تركت عوضي على الله، وفوضت أمري إلى الله وحسبنا الله ونعم الوكيل، هل هذا حلال أم حرام؟ وهل هذا من الشرع أم لا؟
وما مصير هذه الشبكة الذهبية التي يزيد ثمنها والهدايا اليوم عن 5000 آلاف جنيه، وهي من حق مَنْ في هذه الحالة؟ أرجو إفادتي من الناحية الدينية، وهل باستيلائهم على هذه الأشياء ظلماً كالذين يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيرا.
أرجو توضيح ذلك لي مع الشرح والأمثلة المشابهة لهذه الحالة. جزاكم الله عنا خير جزاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.وبعد:
أولاً: أشير عليك بإرجاع خطبة الفتاة المذكورة وإصلاح الأوضاع بالطرق المناسبة، ولا يوجد من هو كامل في صفاته.
ثانياً: إذا لم تتمكن من إصلاح الأوضاع فيستحب لك أن تتنازل عن تلك الهبات للزوجة ولعل الله أن يعوضك خيراً منها.
ثالثاً: هدايا الخطيب لمخطوبته تعد جزءاً من المهر عند جمهور العلماء، وخالف في ذلك بعضهم، والمرجع في ذلك إلى القضاء ؛لأن قضاء القاضي يرفع الخلاف، ونسأل الله أن يصلح الأحوال. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قمت بخطبة فتاة مخطوبة منذ عام لشخص آخر ولم أكن أعلم بذلك، ثم علمت أن العلاقة بين أهليهما قد انقطعت منذ عام لدرجة أنهم لا يتحدثون هاتفياً، لكنهم لم يصرحوا بفسخ الخطبة، واشترطت عليهم سؤال أهل الخاطب قبل أن يقبلوا بخطبتي أو يرفضوها، فهل هذا محرم؟
الجواب :(1/73)
إذا علم الرجل أن المرأة مخطوبة لرجل آخر لم يجز له أن يتقدم لخطبتها؛ لحديث أبي هريرة في مسلم (1408):"لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يسوم على سومه"، لكن إن علم الرجل أن أهل المرأة قد ردوا الخاطب أو لم يقبلوا به جاز له خطبتها.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الخريصي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...أما بعد: فضيلة الشيخ لقد تقدمت لخطبة إحدى قريباتي وهي ابنة عمتي، وبينما كان والدي يتحدث مع أم الفتاة عن موضوع الخطبة أخبرتنا عمتي أن البنت قد تقدم إليها شخص لخطبتها, وهي لا تعرف ماذا حصل في موضوع خطبة هذا الشخص من ابنتها مع والد الفتاة. وقد قالت لنا من جهتي ليس لدي أي مانع, وإنما الكلام عند والد الفتاة. فقد تقدم إليها شخص ولا أدري ماذا حصل في موضوعها. المطلوب من سماحتكم هل خطبتي هذه جائزة, وهل تجوز خطبة على أخرى؟ وما الحكم في هذا؟ جزاكم الله خير الجزاء وكفر عنكم خطاياكم.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالأصل في هذه المسألة المنع؛ لورود ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم من عدة روايات، ففي رواية البخاري (5142) من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- قال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب".
والمنع في المسألة أو السؤال للكراهة، لأن الخطبة الأولى لم تتم، وإنما الأمر في حال المشاورة والتردد كما ذكر السائل : والتحريم يكون بعد تمام الموافقة على الخطبة الأولى لخطيب آخر، لما فيه من إيذاء الخاطب الأول، وتوريث عداوته، وزرع الضغينة في نفسه، وعلى كل حال أنصح السائل بالتريث إلى أن تنتهي فترة التردد والمفاوضات والمشاورات حفاظاً على صلة الود والمحبة بين الناس، وبعداً عن إيجاد العداوة وزرع الأحقاد في النفوس، والله أعلم.(1/74)
سئل الشيخ د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي
أود أن أطرح مشكلتي جزاكم الله خيراً.
مشكلتي هي أني خُطبت من شاب لم أعرفه من قبل لمدة 8 شهور، مع الوقت حدثت خلافات بيننا، لا يسأل عني كما لو كنت خطيبته، ثم قررت فسخ الخطوبة، وهي رسمية بقراءة الفاتحة، و لكني فسخت الخطوبة بالهاتف فقط مع عائلة الخاطب، سؤالي هو: هل يجب إعادة اجتماع الرجال وعائلة الخاطب مرة ثانية لفسخ هذه الخطوبة؟ أم يكفي ذلك بالهاتف فقط؟. وشكراً.
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا وسيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:(1/75)
فبالنسبة لسؤال الأخت الجزائرية عن فسخ الخطوبة بالهاتف، وبسبب عدم الاتصال بها كما لم تكن خطيبته، فنقول للأخت الفاضلة: إن الخطبة من الأمور المستحبة في عقد النكاح، فهي ليست بركن، ولا بشرط، ولا بواجب، وإنما هي وسيلة معرفة ومقدمة لعقد النكاح، وفرصة تعطى للخاطبين في الموافقة على إنشاء وإبرام العقد، أو فسخه بعدها، وهي تبيح للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته،وتنظر إليه لقوله – صلى الله عليه وسلم-: "إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" رواه أبو داود(2082) من حديث جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- وقوله – صلى الله عليه وسلم- لآخر " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" رواه الترمذي(1087)، والنسائي(3235)، وابن ماجة(1866) من حديث المغيرة ابن شعبة –رضي الله عنه-، وقوله – صلى الله عليه وسلم- لآخر: "انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً" رواه مسلم(1424) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، والأحاديث مشتهرة بين أهل العلم،وهي ثابتة بجملتها، ولأجل أن يكون كل من الخاطبين على معرفة بالآخر من حيث الشكل والهيئة، فالخطبة مشروعة ونظر الخاطبين لبعضهما مشروع كما تفيده النصوص السابقة، والحكمة من مشروعيتها من أجل أن يبرم عقد النكاح بعد تبصر ورؤية ودراية بحال كل من العاقدين بالآخر، ولكنه لا يجوز للرجل أن يتصل بمخطوبته ولا المخطوبة أن تتصل بخطيبها؛ لأن كلاً منهما أجنبي على الآخر، حيث الخطبة ليست بعقد نكاح، وإنما شرع النظر بحضور أوليائها، ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، وبعد حصول ذلك فلا يجوز لا له ولا لها أن يجتمعا ويختلطا ويخرجا مع بعضهما، بل ولا يجوز له أن يتصل بها بالهاتف من غير حاجة؛ لأن كلاً منهما أجنبي عن الآخر، فعدم اتصاله بك ليس معناه عزوف عن الخطبة، فالأصل أن لا يتصل بعدما حصلت المعرفة في المرة الأولى، وله ولك فسخ الخطبة حتى ولو تمت الرؤية بينكما إذا تحصلت القناعة لديك أو(1/76)
لديه، أو لأوليائك، فللجميع العدول عن الخطبة، لأن الخطبة طلب، والطلب قد يجاب إليه وقد لا يجاب، فالخطبة ليست عقد إلزام، وليست من تمامها قراءة الفاتحة، ولا يشترط لفسخها اجتماع الرجال من الطرفين، ولهذا لا يستحب إعلان الخطبة بخلاف عقد النكاح، ولهذا يرى كثير من أهل العلم إخفاءها ليتسنى لكل من الخاطبين العدول من غير أن يلحق ضرراً بالآخر. فالمهم يجوز الفسخ بأي وسيلة: مشافهة أو مكاتبة أو مهاتفة, ويلزم رد ما تقدم به من مال أو حلي أو ملابس، وبخاصة إذا كان العدول من المخطوبة، أو أوليائها وبالله التوفيق.
12- الشروط في النكاح
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى
أنا أريد الزواج من امرأة، لكن سأشترط عليها توفير المنزل وعدم المبيت معها يومياً؛ لأنني سأتزوج بدون علم الأهل وذلك لأنني أخشى العنت، وزواجي سيتأخر بضع سنين .. هل العقد صحيح.
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد، فما ذكرته من الشروط على من تريد تزوجها جائز متى ما تم العقد بشروطه التي هي: تعيين الزوجة، والرضا، والولي إذ لا نكاح إلا بولي مع شاهدي عدل. هذا ولا يُشترط علم الأهل لكن يستحسن إعلام ولو بعضهم لئلا يتهموك بالسوء. هذا ولا ينبغي أن يكون هذا الزواج بنية الطلاق بل ينبغي أن يكون زواج رغبة ثم إذا أردت الزواج الثاني وجب عليك إبلاغ من تريد تزوجها عن الزوجة الأولى إن كانت في عصمتك والله أعلم.(1/77)
نصيحة : اتضح من سؤالك أنك لجأت إلى ما ذكرت من أجل عدم القدرة على تكاليف الزواج، وإني أنصحك مع ذلك - لا سيما وأنت شاب أعزب - بالصبر والاستعفاف عملاً بقوله تعالى : " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله " ولقوله - صلى الله عليه وسلم – " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " أخرجه البخاري (5066)، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود والله أعلم – وصلى الله على محمد وآله و صحبه أجمعيين - .
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد
هل يجوز الزواج من امرأة نصرانية بدون وليها ؟ وهل يجوز أن توكل المركز الإسلامي في ذلك ؟
الجواب :
لا يجوز نكاح الكتابية من غير إذن وليها؛ لأن الكافر له ولاية على الكافرة ، ولا تسقط ولايته عليها إلا إذا أسلمت ، فحينئذٍ لا ولاية له عليها ، وتنتقل الولاية إلى المسلم من أوليائها ، فإن لم يكن لها ولي مسلم تولى أمرها المركز الإسلامي؛ لأنه في حكم السلطان ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : (( السلطان ولي من لاولي له )) أخرجه الخمسة إلا النسائي، والله أعلم .
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
أبي يريد أن يكتب في وثيقة الزواج شرطاً وهو أن أكون الزوجة الأولى والأخيرة، هل هذا جائز شرعاً؟
الجواب :
الحمد لله وحده وبعد: يجوز للمرأة في أصح قولي العلماء أن تشترط في عقد النكاح أن لا يُتزوج عليها، وهو شرط صحيح لازم، فإن وفّى به الزوج وإلا فلها الفسخ، لحديث(1/78)
عقبة بن عامر – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري (2572) ومسلم (1418) وانظر: مختصر الخرقي /94 المحرر 2/23 مجموع فتاوى بن تيمية 32/169 أعلام الموقعين 1/316 الفروع 5/162 الإنصاف 8/155 المبدع 7/81 دليل الطالب 1/231 كشاف القناع 5/91 والله تعالى أعلم – وصلى الله علي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل
ما حكم هذا الشرط في النكاح إذا اشترط أحد الزوجين عدم التوارث بينهما ورضي الآخر؟ وما حكم العقد؟
الجواب :
إذا اشترط أحد الزوجين عدم التوارث فإن العقد صحيح والشرط باطل، لأن الإرث حق أثبته الله تعالى للزوجين، ولا يملك أحد إسقاطه، والله أعلم.
سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود
تزوجت امرأة واشترط علي وليها أن أسمح لها بإكمال دراستها، وقمت بتنفيذ الشرط، وقد تيسرت لها وظيفة تدريسية في إحدى المدارس، وقد حصل خلاف بيني وبينها بخصوص العمل، حيث تزعم أن الشرط بإكمال دراستها يلزم منه السماح لها بالعمل.
فهل شرط الدراسة ينسحب على العمل أم لا؟ وهل يصح لي أن أشترط عليها جزءاً من راتبها مقابل خروجها من بيت الزوجية؟
الجواب :(1/79)
الحمد لله تعالى وحده وبعد، فإن الشروط قد أمر الله تعالى بإنفاذها، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً، وذلك لما جاءت به السنة المطهرة: "المسلمون على شروطهم"، وكذلك: "إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً"، وفي حديث بريرة – رضي الله عنها – قال النبي – صلى الله عليه وسلم –: "كل شرط ليس من كتاب الله فهو باطل، ولو كان مائة شرط" رواه مسلم، وما ذكر من شرط الدراسة فهذا أمر واضح، أمّا بالنسبة لمواصلة العمل أو العمل فإن هذا لا يلزم، لأنه لم يكن شرطا سابقا عند العقد، وحيث لا يوجد فلا يلزم، لأن مقاطع الحقوق عند الشروط، كما قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - وما ذكرته من اشتراط مبلغ من راتبها مقابل خروجها من بيت الزوجية لأجل العمل فلا مانع من ذلك، لكن أرى ترك ذلك، ما دامت قد سمحت لها بالعمل، وهي إن شاء الله تعالى سوف تعينك على كثير من الأمور المالية في منزلك إذا صلح حالكما، والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير
اشترط والدي على زوجي أن يكون لي حرية العمل والدراسة، وكتب ذلك في وثيقة الزواج، والآن زوجي رفض أن أدرس اللغة في البلد التي أقيم بها، بحجة طفلي الصغير وأنه لا يريد إدخاله الحضانة، مع العلم أني قلت له: إنني سأدرس في مدرسة بها حضانة وسأتفقد طفلي بين الدروس، وإن لم يعجبني وضع الحضانة أو تأثرت نفسية الطفل فسأترك، رفض زوجي رفضا قاطعا حتى أن أفتح الموضوع معه، فتركت المنزل بناء على كلام والدي أن عقد زواجي به قد فسخ، فهو لم يعد زوجي حتى نجدد العقد، أفتوني أرشدكم الله، هل ما قمت به يعد مخالفة شرعية؟ وهل كلام والدي صحيح؟.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/80)
فإذا شرط أحد الزوجين على الآخر شرطاً في صلب عقد النكاح فإن عليه الوفاء به، ما دام شرطاً صحيحاً، كالشرط المذكور في السؤال، عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" صحيح البخاري(5151)، صحيح مسلم(1418).
فإن لم يف أحد الزوجين بما التزم كان لمن فات غرضه أن يفسخ النكاح، فيتقدم للقاضي الشرعي الذي يتولى فسخ عقد النكاح، والحكم بذلك.
وعليه فإن ما أخبرك به والدك من أن زوجك قد انفسخ العقد بينك وبينه خطأ، وإنما يمكنك أن تطلبي الفسخ منه، ولا يحصل إلا بحكم حاكم.
وما قمت به من ترك المنزل أرى أن الأولى منه محاولة إقناع زوجك أو الوصول لحل مرضي لكما، فإن أمكن وإلا فتقدمي للحاكم الذي ينظر في موضوعكما، ويمكن فسخ النكاح عند تحقق مقتضاه. والله الموفق.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد
فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله.
أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة عن السؤال التالي:
قبل العقد اشترط ولي أمر الزوجة أن لا يتم الدخول حتى تنتهي أوراق سفر الزوجة للبلد الأجنبي الذي يقيم فيه الزوج، حيث إنه تزوج من امرأة من غير بلده الذي يقيم به، (بحيث قال بالحرف الواحد لا أريد أن يتم الدخول حتى تأتي تأشيرة الفيزا، وقال الزوج موافق، وبعده بأيام تم العقد ولم يذكر هذا الشرط في العقد، إنما فقط قاله قبل العقد شفوياً)، هل هذا الشرط صحيح في كتاب الله؟ وهل يجب الإيفاء به؟ وماذا على الزوج لو أخلّ بالشرط ودخل بزوجته؟ هل يشترط أن يكون الاشتراط مذكوراً حال كتابة العقد؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:(1/81)
فهذا الشرط صحيح، ويلزم الزوج الوفاء به، لحديث عقبة بن عامر – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري(2572)، ومسلم(1418)، فإن لم يف به الزوج فللمرأة الفسخ إن رغبت بذلك، فقد قضى عمر – رضي الله عنه- على رجل بلزوم الشرط فقال الرجل: إذا يطلقننا، فقال عمر – رضي الله عنه-: "مقاطع الحقوق عند الشروط"، رواه ابن أبي شيبة(3/499)، وسعيد بن منصور(1/211)، والبيهقي (7/249)، ولا يشترط ذكر الشرط عند إجراء العقد إن كانوا قد اتفقوا عليه قبل العقد كما نص عليه العلماء، انظر: الروض المربع (524)، والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
13- العيوب في النكاح
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح
رجل خطب امرأة وتزوجها، واكتشف بعد الزواج أنها مصابة بمرض الصرع الذي يوجب عليه أن يكون ملازماً لها، أو أي أحد آخر خشية حصول أزمة لها، وهي الآن حامل, فماذا يمكنه أن يفعل؟ علما أن الوالد والوالدة يعلمان إصابتها من قبل بهذا المرض، وأخفيا ذلك، وإن كان سيطلقها، هل عليه أن يدفع لها المهر؟ على الرغم من أنهم أخفوا عنه أمراً كبيراً.وشكراً.
الجواب :(1/82)
يتعين على كل من الرجل والمرأة أن يكون على علم بأحوال الآخر، وما به من علة أو مرض، وما يعتريه مما يخل بالحياة الزوجية، وإذا أخفى أحد الزوجين على الآخر ما به من أذى أو ما يعتريه من أحوال تؤثر على مسيرة الحياة الزوجية فإذاً هذا يعد شرعاً من باب التدليس والغش، وإذا علم أحدهما بما لدى الآخر من أمراض، أو صفات تؤثر على الحياة الزوجية فله فسخ النكاح، ومتى تم الفسخ قبل أن يتم الاتصال بينهما فلا حق للمرأة على زوجها إذا كان العيب فيها، وإن كان العيب فيه فلها نصف الصداق، أما في مثل حالتك هذه فلها المهر كاملاً، ولك حق الرجوع في المهر على من غرك وخادعك، سواء جاءت الخدعة من المرأة، أو أهلها، غير أن الحمل الموجود الآن يثبت نسبه منك،وينسب إليك ابناً كان أو بنتاً، ويجب أن تعلم إن كنت قد علمت بالعيب ورضيت به فلا يحل لك الفسخ، ولا استرداد ما دفعت إليها، ونرجو السلامة والعافية
سئل الشيخ د.محمد العروسي عبدالقادر
أنا شاب مقبل على الزواج، ووجدت -والحمد لله- ذات الدين التي أسأل الله أن أظفر بها، ولكني عندي مشكلة حساسة قليلاً وهي أن بي علة في شريان القلب، ولكن الأطباء -والحمد لله- أخبروني بإمكانية الزواج دون مشاكل، ولكني لم أطلع هذه الفتاة على هذا الأمر إلى الآن، وأخشى إن أطلعتها عليه أن تتراجع، فماذا أفعل في هذا الموقف بما يجعلني لا أكون مخالفاً لشرع الله وشريعته؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فليس وجود علة في شريان القلب، من العيوب التي يجب بيانها وكشفها، ولا يجوز للمرأة دعوى الطلاق بعد اكتشافها؛ لأن وجود هذا العيب لا تتضرر منه المرأة، ولا يسبب عدوى، وليس هو من العيوب المجوزة للفسخ، فليعزم هذا السائل على بركة الله، والله الموفق.
سئل الشيخ د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى(1/83)
هل يمكن اعتبار مرض الإيدز من الموانع الشرعية التي تبيح فسخ العقد؟ وما الحكم فيما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به؟
الجواب :
الحمد لله، لا ريب أن مرض الإيدز من أعظم العيوب التي يملك بها أحد الزوجين الفسخ، وإذا كان الفقهاء قد ذكروا جملة من العيوب التي يفسخ بها عقد النكاح فإن كثيراً منها دون مرض الإيدز في الخطورة، لا سيما وأنه من الأمراض المعدية –نسأل الله السلامة منه-.
وعمدة الفقهاء في باب العيوب ما ثبت عن عمر –رضي الله عنه- في الموطأ من التفريق بالبرص والجنون والجذام روي عن عمر –رضي الله عنه- أنه قال:"أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملاً وذلك لزوجها غرم على وليها" (2/78)، والإيدز شبيه بالجذام بل هو أقبح وأخطر منه، ولكن مما ينبغي معرفته أن العيب الذي يملك به أحد الزوجين الفسخ حين يوجد في الآخر هو ما كان موجوداً قبل العقد لا بعده، فإن وجد العيب بعده فلا يملك أحد الزوجين الفسخ، وإنما للزوج الطلاق وللمرأة الخلع، هذا أحد القولين، وفي المسألة قول آخر: أن العيب يثبت به الفسخ سواءً كان قبل العقد أو بعده، وهو المشهور عند الشافعية والحنابلة.
فعلى القول الأول إن كان هذا المرض قد نشأ بعد العقد لأي سبب من الأسباب فلا يثبت به الفسخ.
وننبه هنا إلى أن الفسخ في هذه الحال يرجع إلى القاضي، وكثير من أهل العلم يجعل الفسخ في هذه الحال متوقفاً على حكمه ولا يملك أحد الزوجين مستقلاً ذلك.
وأما لو علم أحد الزوجين بهذا العيب ورضي به فله ذلك لأن الحق له، ومع ذلك فيجب أن يدرك من رضي به خطورته وأنه معدٍ وحينئذٍ فقد يقال بأنه يلقي بنفسه إلى التهلكة.
والأمر الآخر أن هذا المرض إن كان ناشئاً عن علاقة محرمة فإن الرضا بمن فعل ذلك قبل أن يتوب ليس من سمات ذوي العفاف والإيمان، والله أعلم.
14- المحرمات من النساء
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر(1/84)
إذا تزوج رجل بامرأة مطلقة ولها بنات بالغات فهل يعتبر محرماً لهن ، وهل يجوز لهم السكن مع والدتهم وزوجها في نفس البيت ؟
الجواب :
إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها ولها بنات من غيره فهو محرم لهنّ ؛ لأنهن محرمات عليه بسبب زواج أمهن ، ولهن في هذه الحال السفر معه والسكن في بيته .
سئل الشيخ ناصر بن محمد الماجد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
في الآية الكريمة في سورة النساء، والتي تعني تحريم زوجات الأب (إلا ما قد سلف).
(1)كلمة ما قد سلف هل تعني الذنب مع التفريق بين الرجل وزوجة أبيه أم
بدون تفريق؟
(2) هل التفريق (إذا كان هناك تفريق) عليه دليل شرعي من التفريق بين الأختين كما دل عليه الحديث الشريف؟ وهل هو مثل التفريق بين الذي عنده أكثر من أربع زوجات كما دل عليه الحديث الشريف أيضا؟ وهنا ما هو الدليل من السنة؟ لأن هذه الآية غير مجملة وغير مبينة.
أرجو أن يتم عرضها على من له باع طويل في الفقه والتفسير، لأن هذه الآية لبست علي كثيراً، وأرجو توضيحها بالتفصيل من أحد المعروفين بالعلم والفقه والثقة. منتظر ردكم الكريم على أحر من الجمر. والله يحفظكم.
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فقد كان نكاح زوجات الآباء بعد موتهم مما عرف عند بعض أهل الجاهلية قبل الإسلام، ويذكر من كتب في تاريخ العرب قبل الإسلام أن العرب أخذوا هذه العادة من أهل فارس الذين عرفوا بنكاح المحارم، على أن عامة العرب قد كانت تمقت هذا النوع من النكاح ويسمونه نكاح المقت، حتى إنهم قد سموا الولد من هذا النكاح الضيزن، يقول الشاعر أوس بن حجر معيراً ثلاثة من الرجال تناوبوا على امرأة أبيهم:
والفارسية فيهم غير منكرة فكلهم لأبيه ضيزن سلف(1/85)
فأبطل الله تعالى هذه العادة الجاهلية، وأنزل قوله: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ..."، فحرم نكاح زوجات الآباء، قال ابن عباس -رضي الله عنهما ـ فيما أخرجه الحاكم وصححه ـ: حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ثم قرأ "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" حتى بلغ وأن تجمعوا بين الأختين"، وقرأ "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" فقال هذا الصهر.أ.هـ، وعلى هذا المعنى ـ أعني تحريم نكاح زوجات الآباء ـ فسر أهل العلم قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" فقد أخرج ابن جرير وغيره، عن مجاهد في قوله:"يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها" قال كان إذا توفي الرجل كان ابنه الأكبر هو أحق بامرأته ينكحها إذا شاء إذا لم يكن ابنها أو يُنْكِحها من شاء أخاه أو ابن أخيه. وأما الاستثناء في قوله: "إلا ما قد سلف" فالمراد به، أن الله تعالى لا يؤاخذ من وقع في هذا الأمر ـ أي نكاح زوجات الآباء ـ من المسلمين جريا على ما كان يفعله أهل الجاهلية قبل نزول التحريم، وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم بحمد الله، أخرج البيهقي وغيره عن مقاتل بن حيان قال: كان إذا توفي الرجل في الجاهلية عمد حميم الميت ـ يريد قريبه ـ إلى امرأته فألقى عليها ثوبا فيرث نكاحها فيكون هو أحق بها، فلما توفي أبو قيس بن الأسلت عمد ابنه قيس إلى امرأة أبيه فتزوجها ولم يدخل بها، فأتت النبي فذكرت ذلك له، فأنزل الله في قيس "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" قبل التحريم حتى ذكر تحريم الأمهات والبنات حتى ذكر "وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف" قبل التحريم "إن الله كان غفورا رحيما" فيما مضى قبل التحريم.(1/86)
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: كان أكبر ولد الرجل يخلف على امرأة أبيه، وكان الرجل يجمع بين الأختين،فنهى الله تعالى عن أن يكون أحد منهم يجمع في عمره بين أختين أو ينكح ما نكح أبوه إلا ما قد سلف في الجاهلية قبل علمهم بتحريمه، ليس إنه أقر في أيديهم ما كانوا قد جمعوا بينه قبل الإسلام. أ.هـ، وقد ذكر أهل السير والأخبار وقائع تدل على وقوع التفريق بين الرجل وزوجة أبيه، كالذي ذكره ابن حجر في ترجمة امرأة يقال لها حمينة بنت أبي طلحة، قال كانت زوجَ خلف بن أسد، فمات فخلف عليها ولده الأسود بن خلف، ففرق الإسلام بينهما ، قال ابن حجر: وأخرجه المستغفري من طريق محمد بن ثور عن بن جريج عن عكرمة قال: لما نزل قوله تعالى: "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف" ففرق الإسلام بين أربع نسوة وبين أبناء بعولتهن منهن حمينة هذه . والله أعلم.
سئل الشيخ د. سعد بن تركي الخثلان
إذا طلق رجل امرأة، هل بناتها من الزوج الثاني يكشفن لزوجها الأول؟
الجواب :
إذا كان الزوج الأول قد دخل بالمرأة أي: وطئها، فإن بناتها لا تحل له سواء كن من زوج قبله أو من زوج بعده؛ لأن البنات حينئذٍ يكن ربائب قد دُخِل بأمهنّ، وقد قال الله - تعالى -: " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " [النساء : 23]، وبهذا يتبين الجواب عن سؤال الأخ، فيقال: نعم يجوز لبنات المرأة من الزوج الثاني أن يكشفن للزوج الأول، بشرط أن يكون الزوج الأول قد دخل بأمهنّ، أي: وطئها .... والله ولي التوفيق .
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير
إذا أسلم الرجل وهو متزوج من زوجة أبيه المتوفى، فهل يجب عليه مفارقتها أم يجوز أن تبقى في ذمته زوجة له؟.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/87)
فإذا أسلم رجل وهو متزوج من زوجة أبيه فإنه يجب عليه مفارقتها ولا تحل له، قال تعالى: "وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً" [النساء:22].
وما حرم ابتداء النكاح فيه حرم استمراره والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.
سئل الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع
شخص هندوسي يرغب في اعتناق الإسلام، والمشكلة أنه متزوج من إحدى محارمه (زوجة سابقة لابنه)، وله منها أولاد، فماذا عليه أن يفعل إذا اعتنق الإسلام؟ هل يكون أمامه طريق آخر سوى الانفصال عن زوجته؟.
الجواب :
أولاًً: نسأل الله – سبحانه وتعالى- أن يهديه، وأن يوفقه،وأن يقوي عزيمته على اعتناق الإسلام؛ لينقذ نفسه من حظيرة الضلال والشرك بالله إلى سعادة الإسلام، وما فيه من أسباب الخير والبركة، والسعادة في الحياتين الدنيا وفي الآخرة، ولا شك أن هذا العزم من هذا الهندوسي الذي يريد الآن أن ينتقل إلى الإسلام لا شك أنها عزيمة مباركة وفي نفس الأمر لا شك أنه - إن شاء الله تعالى - موفق، نسأل الله أن يقويه على هذه العزيمة.
وفي نفس الأمر إذا تم منه الدخول في الإسلام فيجب عليه أولاً: أن يفارق محرميته؛ لأنها طالما أنها من محارمه فلا يجوز له بحال من الأحوال أن يتزوجها، أو أن تكون زوجة له، بل إن ذلك من الأمور المحرمة: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم...الآية"، فينبغي له أن يفارقها المفارقة التامة، وأما ما يتعلق بالأولاد الذين ولدوا منها فهؤلاء الأولاد منسوبون إليه، وفي نفس الأمر لعله أن يقوم بدعوتهم؛ لعل الله أن يهديهم كما هداه - سبحانه وتعالى –(1/88)
وخلاصة القول: إننا نشجعه على هذا العزم المبارك، اعتناق الإسلام، وفي نفس الأمر ندعو الله أن يقويه على هذه العزيمة، وفي نفس الأمر كذلك نقول: يجب عليه أن يفارق هذه الزوجة التي هي من محارمه، فلا يصح أن تكون زوجة له، وفي نفس الأمر أولاده ملحقون به، ولا يقال بأنهم غير أولاده، هم أولاده، وزواجه بمجرد ما يعتنق الإسلام يبتعد عن هذا الزواج، ويعرف أنها محرمة عليه تحريماً أبدياً. والله أعلم.
15- زواج الكافر والمرتد من المسلمة
سئل الشيخ د. عبد الله بن محمد الغنيمان
تزوجت مسلمة من مسيحي ( أمريكي ) . فما حكم الشرع في ذلك؟ حيث إن كثيراً من الناس أفتوا بكفرها ، وهل إذا تابت ورجعت تُقبل توبتُها أم لا ؟
الجواب :
ج: هذا الزواج من المحرّمات ؛ لأنه مخالف لقوله تعالى (( لا هن حلّ لهم ولا هم يحلُّون لهنّ )) أما كونه كفراً فليس بكفر . وإذا تابت وصدقت بتوبتها فإنه يُغفر لها إن شاء الله ؛ لقول الله تعالى: (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ..)) وقوله : (( إنّ الله لا يغفر أن يُشْرَكَ به ويغفر ما دون ذلك )) فقد استثنى الله الشرك .
سئل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
ما حكم رجل سبَّ الدين؟ وما حكم بقاء زوجته معه؟ مع العلم أنها قامت بنصيحته ووعدها بألا يعود ولكنه يحنث. وجزاكم الله خيراً.
الجواب(1/89)
الحمد لله، سب الدين يتضمن بغض دين الإسلام الذي هو دين الله، ومن يبغض دين الإسلام فإنه كافر، وإذا وقع ذلك من مسلم صار مرتداً، وحرمت عليه زوجته لأنها مسلمة وهو كافر، ولا يجوز للكافر أن ينكح المسلمة بحال، لكنه إذا تاب ورجع إلى الله وتاب توبة نصوحاً فهما على نكاحهما، يعني فهي زوجته على ما كانت عليه، إلا أن يتمادى في كفره حتى تنقضي العدة، فإذا انقضت العدة فإن أهل العلم يختلفون في بقاء النكاح، ولهم في ذلك استدلالات وتفصيلات ليس هذا موضع ذكرها، فالواجب على المسلم أن يعظم دين الإسلام وأن يحترمه بقلبه وبلسانه وبجوارحه، ولا يتهاون بالكلام المنكر، فرب كلمة يطلقها العبد لا يلقي لها بالاً يشقى بها أبد الآباد، كما جاء في الحديث الصحيح: "...إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله – عز وجل- لا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله – عز وجل- بها عليه سخطه إلى يوم القيامة" رواه أحمد (15852)، والترمذي (2319) وابن ماجة (3969) فالحذر الحذر، نسأل الله السلامة والعافية، ونعوذ بالله من زيغ القلوب ومن طاعة الشيطان، فهو العدو المبين الذي من استجاب له قاده إلى عذاب السعير نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن عذاب الله وهو سبحانه وتعالى حسبنا ونعم الوكيل.
سئل الشيخ د. فيحان بن شالي المطيري
قرأت فتوى تجيز للمرأة التي أسلمت أن تبقى مع زوجها النصراني لا بقاء عقد الزواج فحسب، وإنما يجوز له معاشرتها وهو على كفره، واستدل بأثرين عن علي -رضي الله عنه- وعن الزهري، فهل يحمل الأثران على بقاء العصمة مع التربص دون المواقعة كما هو مذهب شيخ الإسلام وابن القيم؟ أرجو التوضيح والله يرعاكم.
الجواب :(1/90)
عدم جواز بقاء المرأة المسلمة في عصمة الكافر قول جمهور أهل العلم، بل نقله بعضهم إجماعاً كابن المنذر وابن عبد البر، وإنما الخلاف بينهم هل تقف الفرقة على انقضاء عدة المرأة أو أنها تقع في الحال؟ قال الموفق في المغني:"فأما إن أسلمت الكتابية قبله وقبل الدخول تُعجلت الفرقة سواء كان زوجها كتابياً أو غير كتابي، إذ لا يجوز لكافر نكاح مسلمة. قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من أهل العلم" وإن كان إسلامهما بعد الدخول فالحكم فيه كالحكم فيما لو أسلم أحد الزوجين الوثنيين، وقال الحافظ ابن حجر:"ولم يذهب أحد إلى جواز تقرير المسلمة تحت المشرك إذا تأخر إسلامه عن إسلامها حتى انقضت عدتها، وممن نقل الإجماع في ذلك ابن عبد البر".
والناظر في كلام أهل العلم في هذه المسألة يرى أنها لا تخرج عن قسمين، أحدهما: أن يكون إسلام المرأة قبل الدخول، وفي هذه الحالة تقع الفرقة على الفور بالإجماع –على ما تقدم-.
والثاني: أن يكون إسلامها بعد الدخول وفي هذه الحالة اختلف الفقهاء على قولين، أحدهما: تقف الفرقة على انقضاء العدة؛ لما أخرجه مالك (1178) والبيهقي (7/186) عن ابن شهاب قال:"كان بين إسلام صفوان بن أمية وامرأته بنت الوليد بن المغيرة نحو شهر، أسلمت يوم الفتح، وبقي صفوان حتى شهد حنيناً والطائف وهو كافر، ثم أسلم، فلم يفرِّق النبي –صلى الله عليه وسلم- بينهما، واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح"...
وقال ابن عبد البر: وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده.(1/91)
وهذا القول هو الظاهر عندي؛ لما تقرر عن السلف من عصر الصحابة ومن بعدهم، قال ابن شهاب:" أسلمت أم حكيم يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة حتى أتى اليمن، فارتحلت حتى قدمت عليه اليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم فبايع النبي –صلى الله عليه وسلم- فثبتا على نكاحهما مالك في الموطأ (1180) والبيهقي (7/187). وقال ابن شبرمة: كان الناس على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يسلم الرجل قبل المرأة، والمرأة قبل الرجل فأيهما أسلم قبل انقضاء عدة المرأة فهي امرأته، وإن أسلم بعد العودة فلا نكاح بينهما، ولأن أبا سفيان خرج فأسلم عام الفتح قبل دخول النبي –صلى الله عليه وسلم- مكة ولم تسلم هند امرأته حتى فتح النبي –صلى الله عليه وسلم- مكة فثبتا على النكاح، وخرج أبو سفيان بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية فلقيا النبي –صلى الله عليه وسلم- عام الفتح بالأبواء فأسلما قبل نسائهما، ولم يُعلم أن النبي –صلى الله عليه وسلم- فرَّق بين أحد ممن أسلم وبين امرأته، ويبعد أن يتفق إسلامهما دفعة واحدة.
16- مسائل متفرقة في أحكام النكاح وآدابه
سئل الشيخ د. رياض بن محمد المسيميري
ما هي السنة الصحيحة والواجب اتباعها في ليلة الدخلة؟ وهل هناك دعاء معين يقال في تلك الليلة؟ وهل يؤم الرجل زوجته في صلاة ركعتين في تلك الليلة؟ وهل يجلس في بيته سبعة أيام لا يخرج للصلاة أو مقابلة الناس؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وبعد: ممّا يسن فعله ليلة الدخول على الزوجة السلام عليها، وملاطفتها بالحديث حتى تزول وحشتها، ولو وضع يده على جبهتها ودعا بالمأثور من مثل " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه" أبو داود (2160) الحاكم في مستدركه (2/543) واللفظ له، لكان حسناً.(1/92)
ولا بأس بصلاة ركعتين منفرداً أو آمّاً لزوجته على أن تكون خلفه إلا أنه لا يعتاد فعل هذه النافلة معها أو مع غيرها؛ لأنَّ النوافل لا تفعل جماعة على سبيل الدوام إلا في حدود الوارد كالتراويح في رمضان مثلاً.
وأما عدم الخروج لأداء الصلاة سبعة أيام، أو أقل فأمر محرم لا يجوز فعله إذ إنَّ أداء الصلاة جماعة في المساجد واجب لا يعذر بتركه من أجل الزواج، وأما ترك مقابلة الناس سبعة أيام كذلك فأمر محدث لا أصل له في الإسلام فليحذر، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم زواج الإنسان المسلم من المرأة الجنية المسلمة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
هذا سؤال فضولي لا فائدة فيه، ولا ينبغي الاشتغال بالكلام فيه، وهذا مخالف لسنة الله في التزاوج، فالله –تعالى- إنما امتن على عباده بأن خلق لهم أزواجاً من أنفسهم "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها" [الروم:21] فقوله:"من أنفسكم" يعني: من جنسكم، من بعضكم، فهذا يدل على أن زواج الإنس من الجن هذا مخالف للسنة الكونية، وليس الشأن في حكمه وجوازه، لكن هل ذلك ممكن، نعم هناك تزاوج يكون بعدوان الجن على الإنس، فإنه كثيراً ما يداخل المرأة الرجل من الجن، ويداخل الرجل من الإنس جنية، هذا هو الغالب ويكون من دوافع هذا العدوان وهذا المس العشق، كما عُلم من حال كثير من المصابين بمس من الجن نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن، وهذا إنما يكون من فسقة الجن أو كفارهم، فإن مس الجن ودخولهم في الإنسان هو ضرب من الظلم والعدوان، فعلى الإنسان أن يتحصن من شياطين الإنس والجن بالأذكار الشرعية المختلفة المشروعة في سائر الأوقات، وأن يستعيذ بالله، الذي لا يقدر على دفع شرهم إلا هو –سبحانه وتعالى-، والله أعلم.
سئل الشيخ محمد بن صالح الدحيم(1/93)
أنا فتاة أبلغ من العمر السابعة والعشرين، تقدم لخطبتي فتى من أقاربنا وتمت الموافقة عليه من قبل جميع أهلي ما عدا والدي لم يكن هنالك أي سبب مقنع لرفضه لهذا الفتى. علماً بأن الفتى يعد ابن خالة والدي، وهو شخص ملتزم ومتعلم.
سؤالي هو: ما حكم عقد قرانه عليِّ من قبل المحكمة الشرعية دون علم والدي؟
الجواب:
الحمد لله وحده وبعد:
المرأة إذا تقدم لها الرجل الصالح ديناً وخلقاً فإن على وليها أن يزوجها قال – صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه...". وإذا رفض الولي من والد أو أخ أو غيرهما تزويجها فلْيُتَلَطَّفْ معه، ولْيُحَاور ويُجادَل بالتي هي أحسن، ويُستمع إلى وجهة نظره فإن كانت صواباً أُخذ بها، وإن كانت غير ذلك فيُدَلُّ على الصواب. أما إن كان رفضه لسبب غير مقبول شرعاً فإن عمله هذا عضل وقد قال الله – تعالى-: "ولا تعضلوهن" [النساء:19]، والعضل أحكامه، فعلى المرأة – والحالة هذه – أن تتقدم للحاكم الشرعي (القاضي) والذي بدوره يسقط ولاية العاضل، ويقيم ولياً صالحاً، فإن لم يكن لها ولي فالقاضي وليها. وبالمناسبة فإنني أدعو كل امرأة يمارس عليها العضل أن تأخذ بما تقدم، وعلى القضاة أن يتقوا الله في حل هذه المشكلة التي أصبحت ظاهرة اجتماعية خطيرة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد
سئل الشيخ أ.د. صالح بن محمد السلطان
ما حكم لبس خاتم الخطوبة أو الزواج للرجل والمرأة – الدبلة؟
الجواب:
أصل هذه الدبلة من معتقدات النصارى ثم انتقلت مع الأسف للمسلمين من غير علم ومعرفة بأصلها وصار هذا عادة عند كثير من المسلمين . فإذا لم يكن في لبسها أي اعتقاد كاعتقاد أنها سبب للمحبة أو دوام العشرة فلا حرج في لبسها للمرأة .وإن كان فيها اعتقاد فلا يجوز لأن تعليق الأسباب بغير الله لا يجوز . وأما الرجل فلا يليق به مثل هذا . وإنما يجوز له لبس الخاتم .
سئل الشيخ د.حمود بن غزاي الحربي
بسم الله الرحمن الرحيم(1/94)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أفيدونا مأجورين.
كثيراً ما نسمع بكراهة من يكبروننا سناً للزواج في فترة ما بين العيدين، مبررين ذلك بوجود تشاؤم، فهل يوجد مانع شرعي يؤيد ذلك؟ أم هي مجرد عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان؟
الجواب:
ما ذكره السائل يشتهر بين العامة من الناس، وهو ما يسمى بالتطير، والتطير: هو التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم، فالتشاؤم بالمرئيات؛ مثل لو خرج من بيته فرأى غراباً فتشاءم منه، والتشاؤم بالمسموع؛ مثل لو أراد الإنسان سفراً فسمع إنساناً يقول لآخر: يا خسران فتشاءم من السفر، أما التشاؤم بالمعلوم؛ كتشاؤم البعض من السفر أو الزواج في بعض الأيام أو الشهور أو السنوات، ومنه ما ذكره السائل عن كبار السن في بلده أنهم يتشاءمون من الزواج بين العيدين؛ وهذا ينافي التوحيد؛ لأن المتشائم قطع توكله على الله وتعلق بأمر لا حقيقة له، وقد تزوج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عائشة – رضي الله عنها - في شوال وبنى بها في شوال وكانت أحظى نسائه عنده وأحبهن إليه، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم (1423) في كتاب النكاح؛ باب: استحباب الزواج والتزويج في شوال واستحباب الدخول فيه، وكانت عائشة – رضي الله عنها- تستحب أن تدخل نساءها في شوال، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب زواجي قريب، وأريد أن يكون زواجاً كما أحب الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – من كل النواحي، أريد أن أعرف كيف كان زواج الرسول – صلى الله عليه وسلم - والصحابة – رضوان الله عليهم - والسلف – رحمهم الله - من بعدهم؟ وما هي السنن التي علي أن أفعلها؟ .. وهل أجعل يوم العرس وليمة صغيرة تقدم فيها للنساء محاضرة من إحدى الأخوات؟ أم أن الأفضل أن يكون يوم فرح؟ ويكون هناك مسجل للأناشيد؟ أو دف إسلامي؟
الجواب:(1/95)
الزواج من المناسبات السعيدة الكريمة التي يتعين فيها إظهار السرور والفرح والغبطة والبهجة، فقد قال عليه السلام: "أعلنوا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف"الترمذي (1089) واللفظ له، وابن ماجة (1895) وأحمد (16130)، وقال – عليه السلام – لعبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه - : "أولم ولو بشاة" البخاري (2048)، ومسلم (1427)، فالوليمة في الزواج سنة مؤكدة بلا إسراف ولا تبذير، ولا خيلاء، فلا مانع من الجمع بإقامة وليمة للأقارب والجيران والأصدقاء، وإلقاء محاضرة لبيان منهج الإسلام في إقامة الزواج، وإظهار نعمة الله على الأمة بهذا المنهج القويم، وبيان أن الزواج للخلق آية، وهو من الله نعمة، وأنه يفتح أبواب الرزق، ويحفظ نصف الدين، وعقده ميثاق غليظ، مع الاستشهاد بالنصوص الواردة في هذا، ولا مانع من إضافة الأناشيد التي فيها ثناء على العريسين وأسرتيهما، وإظهار الفرح بهذا الزواج، فقد كان المصطفى – صلى الله عليه وسلم – يصنع شيئاً لإطعام من حضر من الصحابة – رضوان الله عليهم -، وكان عبارة عن تمر وشيء من الزبد، انظر: البخاري (5169)، ومسلم (1365) وفي زواجه من زينب – رضي الله عنها – كانت المائدة من الثريد واللحم، البخاري (5168)، ومسلم (1428) ولا شك أن الشعور بالغبطة والبهجة والتحدث بنعمة الله على الناس بالزواج أمر مطلوب، ولا ريب أن البعد عن الإسراف والتبذير والخيلاء واختلاط الرجال بالنساء، لا ريب أن البعد عن هذه الأشياء سعى إليه الإسلام. ونرجو لكم التوفيق.
سئل الشيخ د. رياض بن محمد المسيميري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لي علاقة عمل بالماسنجر مع أحد الأشخاص وهو إمام مسجد.
المشكلة الآن أنه بدأ يرمي ألفاظاً غريبة، يشعرني من خلالها بأنه يحبني ومعجب بي، وسبق أن سألني بشكل صريح هل نتزوج من خارج عائلتنا أم لا؟
مع العلم أنني غير متزوجة وهو كذلك! لم يصرح بالطلب لكن التلميحات واضحة.(1/96)
حاولت منعه من التلميح، لكنني فشلت في ذلك، المشكلة الكبرى أنه إن تقدم رسمياً فقد يُرفض، وهو الأرجح، وعندها سوف تتلطخ سمعتي بأقاويل ليس لها أساس من الواقع! وإن وافقوا عليه أخشى من الفشل .. فماذا أفعل؟ أرجو الرد بسرعة!!!.
الجواب:
الحمد لله وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد، فما زلنا نحذر مراراً أخواتنا الفتيات - على وجه الخصوص - من مغبة إقامة علاقات مع الشباب مهما كانت الدوافع أو المبررات، ومهما أظهر الطرف الآخر حسن النية وسلامة القصد، وقد أثبتت التجارب والحالات المشابهة سقوط الطرفين في مصيدة العشق والغرام، ومن ثم الانزلاق المهين في أوحال الفاحشة النجسة.
وإن إثارة هؤلاء الشباب لقضية الزواج في خضم العلاقة القائمة بينهم وبين الفتيات، هو في شقه الأكبر ضرب من التخدير العاطفي، وكسب ثقة الطرف الآخر، وحتى لو صدقوا في دعواهم الزواج فإن دوام العشرة وقيام الأسرة الصالحة آخر ما يفكرون به، فالمقصود إذا هو قضاء الوطر، وتحقيق الوصال، ومن ثم قطع العلاقة بورقة الطلاق المعدة سلفاً.
إن هذا الإمام الذي وصفتيه بالصلاح لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد ما ينفقه ماعز – رضي الله عنه – أو نصيفة، ورغم ذلك وجدنا ماعزاً يقع ضحية نفسه الأمارة، وشهوته الثائرة، فيقارف الزنا في الحادثة الشهيرة، فهل بعد هذا تأمنين أمثال هذا الإنسان الذي لم يتورع عن إقامة علاقة بفتاة أجنبية بلا حياء أو وجل من الله تعالى؟
وإني أتساءل متحيراً ما الذي عرفكما ببعضكما أصلاً؟ وما الذي جرأك أنت بالذات لتبادل الحديث مع شاب أجنبي لا يمت لك بصلة؟(1/97)
وإني أنصحك بسرعة المبادرة إلى التوبة وقطع الصلة بهذا الإنسان تماماً، واحمدي ربك أن الأمور لم تتجاوز هذا الحد ...، هذه هي نصيحتي أسوقها بأمانة، فإن أخذت بها قرت عينك بحفظ عرضك وشرفك، واطمأن قلبك بإرضائك ربك، وأما ما سيحدث لك مستقبلاً فلا أراه إلا خيراً إذ هو وعد الله القائل: "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب" [الطلاق: 2-3] وفقك الله والسلام.
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقدم لي شاب ممتاز، وسألني عن علاقاتي السابقة وأجبته بالنفي، بالرغم من أنه كان يوجد ذلك لأني لا أريد مشاكل، وكلام في موضوع تم إنهاؤه، وأنا أريد استكمال ارتباطي بهذا الشاب. هل من حقه معرفة هذا الموضوع أم لا؟ مع العلم بأنه انتهى منذ أكثر من أربعة أشهر. ولكم خالص الشكر والتقدير.
الجواب:(1/98)
الزواج في الإسلام عظيم الخطر بعيد الأثر، له من السمو وعلو المنزلة ما جعله في الخلق آية [الآية 21 من سورة الروم]، وهو من الله نعمة [النحل: 72]، وعقده ميثاق غليظ [النساء: 21ٍ]، ويفتح أبواب الرزق [النور:32]، ويرقى بصاحبه إلى مرتبة المتقين [النساء:1]، ويحفظ الله به نصف الدين (حديث شريف)، والعلاقة بين الزوجين من أقوى العلاقات وأسماها؛ "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن" [البقرة: 187]، ولهذا يتعين أن يبنى الزواج على الأمانة والصدق ومنع الغش والخيانة، ولا يلزم المرأة أن تخبر خاطبها بالتفاصيل الدقيقة من أحوالها السابقة، غير أنه يحرم عليها الغش والتدليس والكذب، فلا تدعي أنها بكر وهي ليست كذلك، أو تخفي شيئاً من صفاتها الخَلقية أو الخُلقية من مرض أيا كان نوعه أو عمقه، أو حالات نفسية تطرأ أحياناً، وعليك أن تتوبي توبة نصوحاً، وذلك بالندم على ما فات والشعور بالمرارة والألم على ما حصل، والعزم على عدم العودة إلى أي سلوك سيئ أو انحراف مشين، فإذا صحت منك التوبة وصدقت وأخلصت في الزواج وتفانيت في خدمة زوجك فلعل الله أن يغفر لك ما مضى، (فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وبالله التوفيق.
سئل الشيخ د. يوسف بن أحمد القاسم
أرجو بيان تفاصيل عقد النكاح؛ أين يعقد؟ ومتى يعقد؟ وكيف يعقد؟ وماذا يقال عند العقد من الأدعية؟ ومن يحضر عقد النكاح؟ وإذا وُعِظ الزوجان فكيف يتم ذلك طبقاً للسنة النبوية؟
إننا عازمون على إصدار نشرة صغيرة لكل من يتولى عقد النكاح من المفوضين بكتابة عقود الأنكحة؛ حتى يكونوا على بصيرة من أمر دينهم، فلذا نرجو مساعدتنا في الأمر، حيث لا يوجد في بطون الكتب الفقهية إلا ذكر أحكام النكاح وشروطه، وما إلى ذلك دون تعرض للشكليات، فالرجاء إلقاء الضوء على صورة عقد النكاح في بلدكم؛ لتكون قدوة لنا.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/99)
فإن شريعتنا السمحة لم تشترط أن يعقد النكاح في زمان معين، ولا في مكان معين، كما لم تشترط عقده على يد عالم أو فقيه، وإنما اشترط فيه تحقيق أركانه وشرائطه المعروفة في باب النكاح، علماً بأن جمهور الفقهاء قد ذهبوا إلى استحباب عقد النكاح في المسجد، وهم الحنفية كما في فتح القدير(3/189)، والشافعية كما في إعانة الطالبين(3/273)، والحنابلة، كما في الروض المربع(6/243 مع الحاشية)، وقرره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى(32/18)، وابن القيم في إعلام الموقعين(3/126)؛ استدلالاً بالحديث الوارد في سنن الترمذي(1089) من طريق عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: "أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد..." ثم قال أبو عيسى الترمذي: "هذا حديث غريب.. وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث" ا.هـ، وهو كما قال، فقد ضعفه من هذا الطريق الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير(4/201)، وغيره، وللحديث شواهد دون قوله: "واجعلوه في المساجد"، ولذا فلا يصلح حجة للقول بالاستحباب، وقد أشار إلى هذا الضعف: الشوكاني في السيل الجرار(2/247-248) ثم قال: "فالمساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة، فلا يجوز فيها غير ذلك إلا بدليل يخصص هذا العموم، كما وقع من لعب الحبشة بحرابهم في مسجده – صلى الله عليه وسلم-،وهو ينظر، وكما قرر من كانوا يتناشدون الأشعار فيه" ا.هـ، ثم صرح بضعف الحديث في نيل الأوطار(6/211).(1/100)
وذهب عامة الفقهاء إلى استحباب عقد النكاح مساء يوم الجمعة، وقيل: أو ليلتها، كما في فتح القدير للحنفية(3/189)، والفواكه الدواني للمالكية(2/11)، وإعانة الطالبين للشافعية(3/274)، والإنصاف للحنابلة(8/38)؛ وذلك تبركاً بهذا اليوم؛ ولأن فيه ساعة استجابة؛ ولأن جماعة من السلف استحبوا ذلك، منهم: سمرة بن حبيب، وراشد بن سعيد، وحبيب بن عتبة..، والحقيقة أن هذه التعليلات والآثار لا تنهض دليلاً للقول باستحباب هذا التوقيت أو سنته؛ حيث لا نص من الشارع هنا.
وذهب المالكية (كما في مواهب الجليل(3/408)، والشافعية كما في روضة الطالبين
(7/19)، والحنابلة في قول كما في الإنصاف(8/38)، إلى أنه يسن عقد الزواج في شوال؛ استدلالاً بحديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: "تزوجني رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في شوال، وبنى بي في شوال، فأي نساء رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كان أحظى عنده مني، قال: وكانت عائشة – رضي الله عنها- تستحب أن تدخل نساءها في شوال" أخرجه مسلم في صحيحه(1423).
وكذا استدل النووي في شرح صحيح مسلم(9/209)، وغيره، بهذا الحديث على الاستحباب، وهذا الاستدلال محل نظر، وذلك أن هذا الحديث إنما يدل على الاستحباب لو تبين أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قصد ذلك الوقت؛ لخصوصية له لا توجد في غيره، لا إذا كان وقوع ذلك منه – صلى الله عليه وسلم- على سبيل الاتفاق، لا سيما وأنه –صلى الله عليه وسلم- قد تزوج بنسائه في أوقات مختلفة على حسب الاتفاق، ولم يتحر وقتاً مخصوصاً، ولو كان مجرد الوقوع يفيد الاستحباب لكان كل وقت من الأوقات التي تزوج فيها النبي – صلى الله عليه وسلم- يستحب الزواج فيها، وهذا غير مسلم به كما أفاد ذلك كله الشوكاني في نيل الأوطار(6/339).
هذا بالنسبة لمكان العقد، وزمانه، فإنه لم يرد فيه نص من الشارع، فيبقى تحديده خاضعاً لرغبة العاقدين.(1/101)
أما بالنسبة لسؤالك عن كيفية العقد، ومن يحضره، فالنكاح ينعقد بالإيجاب والقبول الصادرين من الزوج وولي المرأة، أو وكيلهما، أو وكيل أحدهما، وصفة ذلك: أن يقول ولي المرأة: زوجتك ابنتي فلانة أو أختي أو ...، فيقول الزوج: قبلت الزواج بها، فينعقد بهذا اللفظ، أو بمعناهما الخاص بكل لسان لمن لا يحسنهما.
ويجب أن يحضر هذا العقد شاهدان عدلان، وبذلك يصح النكاح، وينعقد، مع مراعاة تحقق الشروط التي ذكرها الفقهاء في الصيغة، وفي الولي، والشاهدين.
وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وجوب الشهادة، وإلى وجوب إعلان النكاح- سواءٌ كان بالشهادة، أو غيرها- وهو مذهب مالك كما في الكافي لابن عبد البر(1/229)، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى(32/127-131)، وانتصر له بأوجه كثيرة.
وأما بالنسبة لسؤالك عن الأدعية التي تقال عند العقد، فإنه لم يثبت في هذا حديث صحيح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- سوى ما يقال للمتزوج بعد العقد، فإنه قد ثبت في الصحيحين البخاري (5155) ومسلم (1427)، عن عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال له حين رأى عليه أثر صفرة – من عرس-: "بارك الله لك"، وفي سنن أبي داود (2130)، والترمذي(1091)، وابن ماجة(1905)، ومستدرك الحاكم (2/183)، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان إذا رفأ الإنسان، إذا تزوج، قال: "بارك الله لك،وبارك عليك، وجمع بينكما في خير"، ثم قال الترمذي:حديث أبي هريرة – رضي الله عنه- حديث حسن صحيح، ا.هـ، وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ا.هـ، وأقره الذهبي، وكذلك صححه النووي في الأذكار ص406).
ويسن للزوج إذا دخل بزوجته أن يأخذ بناصيتها، ثم يدعو بالبركة، فيقول: "اللهم إني أسألك خيرها، وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه"، كما جاء بذلك الحديث المرفوع عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، كما في سنن(1/102)
أبي داود(2/248)، وابن ماجة(1/617)، وصحح إسناده النووي في الأذكار ص407.
وأما بالنسبة لسؤالك عن وعظ المتناكحين كيف يتم؟ فالجواب: إنه قد جاء في السنة ما يدل على استحباب أن يبدأ العاقد بخطبة الحاجة، وهي الواردة في سنن أبي داود(2118)، والترمذي(1105)، والنسائي(3277)، وابن ماجة(1892)، عن ابن مسعود – رضي الله عنه- قال: "علمنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- خطبة الحاجة: إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له..." الحديث قال الترمذي: "حديث عبد الله – رضي الله عنه- حديث حسن"ا.هـ، أقره ابن حجر في بلوغ المرام ص241، وكذا صححه النووي في الأذكار ص404، واستحب الشافعي كما في الأم(5/34)، أن يقول الولي ما قال ابن عمر – رضي الله عنهما- "أنكحتك على أن تمسك بمعروف، أو تسريح بإحسان"، وهذا الأثر في مصنف عبد الرزاق(10453). والله – تعالى – أعلم.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذه مجموعة من الأسئلة نرسلها لكم من أحد المراكز الإسلامية، ونحب الحصول على فتوى مكتوبة لأمور تشكل علينا لكي نعمل بها ونعرضها على من يسألنا عنها والاستفسارات كالتالي:
أولاً: نحن في المركز الإسلامي نعقد للمتزوجين حديثاً عقد النكاح، وطريقة العقد أن يحضر الزوجان وشاهدان، وتكون المرأة أحياناً مسلمة وأحياناً كتابية، فتختار من مسئولي المركز الإسلامي من يكون وكيلاً عنها فيلي أمر تزويجها، وسبب هذا العمل عدة أمور: أحدها: أنه أحياناً تكون المرأة مسلمة حديثاً، وعصبتها على غير دينها.
ثانيها: أن عصبتها غالبا يرفضون زواجها من مسلم أو من عربي على وجه التحديد، لذا فلا يحضرون.(1/103)
ثالثها: أن العلاقات الأسرية متفككة بينهم، فالأب لا علاقة له بابنته بعد بلوغها، وهي لها الحق في اختيار الطريق الذي تراه، سواء أكان عن طريق الزواج أو غيره من سبل الحرام ،ولو وافقوا على زواجها من المسلم فإنهم يرفضون الحضور معها للمركز الإسلامي لتزويجها.
وينبني على ما سبق أنه إن لم يتم عقد الزواج بالطريقة السالفة الذكر فلن يمنعهم ذلك من ابتداء العشرة الزوجية بينهم، اكتفاء بالعقد المدني، وذلك لعدم استيعابهم لمسألة الولي، وقد يؤدي ببعضهم للنفور عن الإسلام؛ اعتقاداً منه بأنه يقف أمام طريق حياته.
والسؤال كالتالي:
أولاً: ما حكم أن يلي نكاح المرأة المسلمة وليها الكافر إن حضر معها، سواء أكان وليها كتابيا أو لا ديني؟ وهل يشترط اتفاق الدين بين الولي وموليته؟
ثانياً: إن كانت المرأة كتابية، فهل يجوز أن يلي نكاحها وليها الكافر إن حضر معها؟
ثالثاً: في الحالتين السابقتين هل يجوز للمرأة المسلمة أو الكتابية توكيل رجل مسلم من أعضاء مركزنا ليلي عقد نكاحها، وإذا لم يجز فما المخرج الشرعي في ذلك؟ وهل يكون المسئول عن عقود الزواج بالمركز بمنزلة السلطان الوارد فيه الحديث (السلطان ولي من لا ولي له)؟
رابعاً: ما حكم الأنكحة الماضية التي تمت في المركز الإسلامي على الحالتين السالف ذكرهما؟
الحالة الأولى: أن توكل المرأة من أعضاء المركز من يلي عقد نكاحها.
الحالة الثانية: أن يلي عقد نكاحها من يحضر معها من عصبتها، سواء أكان والدها أو أخاها، علماً أن وليها في هذه الحالة كافر وهي مسلمة .(1/104)
خامساً: إذا أسلمت المرأة حديثاً، فهل يحرم عليها البقاء مع زوجها الكافر ومعاشرته، وهل يلزمها فراقه بعد أن تكرر عرض الإسلام عليه، ويرفض الدخول فيه ؟ وإن كان يجب عليها فراقه إن لم يسلم، وتبين لنا من مناقشتها قبل إعلان إسلامها بأنه إن كان يجب عليها فراق زوجها، فإنها تفضل البقاء مع زوجها، وتصرف النظر عن الإسلام، فهل هناك مخرج شرعي لذلك ؟
شكر الله لكم سعيكم، وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، والله يحفظكم والسلام.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد..
أولاً: ليس للكافر ولاية على المسلمة، ولو كان أباها بإجماع أهل العلم، وليس للمسلم ولاية على الكافرات، ولو كنَّ بناته كذلك (الإجماع لابن المنذر 74) ويشترط في الولاية اتفاق الدين بين الولي وموليته، قال تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" [التوبة: 71]
ثانياً: الكافر هو الذي يلي نكاح الكافرة ويزوجها.
ثالثاً: إذا عضل الكافر موليته الكافرة، ومنعها من الزواج بمن اختارته، وكان المتبع عندهم أن المرأة تزوج نفسها ولا تحتاج إذن وليها، فإنها تنتقل إلى ولي آخر من عصبتها ليزوجها، فإن لم تجد فإنها تختار رجلاً على دينها يزوجها اعتباراً بحال المسلمة، وقد سبق في الجواب السابق.
أما المسلمة فقد سبق في الجواب السابق بيان أنها إن لم يكن لها ولي فإن وليها من كان له نوع ولاية أو تقديم، ككبير المسلمين أو مدير المركز الإسلامي، فإن عدم أو لم يمكن وكلت مسلماً ليزوجها.
رابعاً: إذا زوج الولي الكافر موليته المسلمة فهذا لا ينبغي، لكن لا يظهر أن العقد يبطل، قال شيخ الإسلام:(الكافر لا يزوج مسلمة بولاية ولا وكالة...، ولكن لا يظهر بطلان العقد فإنه ليس على بطلانه دليل شرعي) (الاختيارات ص206).(1/105)
وإن كانت مسلمة فإن كان وليها كافراً، وزوجها مسلماً فهذا عقد صحيح وإن لم يزوجها ولي مطلقاً أو زوجها ولي كافر، وكذلك الكافرة لو تزوجت بغير ولي مطلقاً فهذا نكاح مختلف فيه، وهو عند جمهور أهل العلم فاسد فيصحح بإعادة التلفظ، بموجب العقد من الولي حسب التفصيل المذكور، ولا شيء على الزوجين لكونه مختلفاً فيه.
خامساً: يحرم على من أسلمت أن تمكن زوجها الكافر من نفسها؛ لقوله تعالى: "لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن" [الممتحنة: 10]، وعليها العدة ولها بعد انقضاء العدة أن تنكح غيره أو تتربص إسلامه، فيبقيان على نكاحهما في العقد السابق بينهما على الصحيح من أقوال أهل العلم، والمخرج الشرعي أن يعلم المسلم أنه إن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ويمكن أن تفهم أن امتناعها منه سبب لدخوله في الإسلام، والله الموفق والهادي.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد
أنا شاب أنوي الزواج قريباً، فما هي الآداب الشرعية التي ينبغي مراعاتها في ليلة الزفاف، وبماذا تنصحونني حتى تكون ليلة موفقة وناجحة؟.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن ليلة الدخول بالزوجة والبناء بها هي ليلة ليست كمثلها ليلة....إنها ليلة الدخول إلى عالم جديدٍ له مذاقه الخاص وطبيعته الخاصة.
إنها بابٌ يُشرَعُ أول مرة؛ ليستمتع الزوج بما كان محرَّماً عليه من قبل، ولكن مع شخصٍ واحدٍ...إنها زوجته وحليلته وأم ولده!
أفلا تستحق هذه المرأة أن يوليها الرجل اهتمامه منذ أول لحظة تجمعه بها؟!
صحيح أن هذا اللقاء ليس أول لقاء يقع لهذا الرجل (الذي سيصبح زوجاً) مع جنس النساء، فقد عاشر أمه وأخواته عمراً من قبله، ولكن على طول ما لبث فيهن إلا أنها ظلت معاشرته لهن معاشرةً محدودة، دونها ستور تحجب خفايا وأسرار وعورات لا يكشفها مَرُّ الأيام ولا كرُّ السنين.(1/106)
ولكن هذا اللقاء ـ لقاء الزوج بزوجته أول مرة ـ هو نقطة البداية لبناء علاقة خاصةٍ جداً، هي أعمق وأخص من كل علاقة! علاقة تقتحم الخصوصيات، وتكشف بين الزوجين كل شيء، فلا يقف دونها سِتر ولا حجاب، ولا تعرف عورة، كيف؟! والزوج لباسٌ لزوجه وهي لباسٌ له، يفضي إليها وتفضي عليه، ويسكن إليها وتسكن إليه.
ماذا تعني ليلة الدخلة لدى الزوج؟! إنها الليلة التي ينسلخ فيها من حياةٍ ليتلبس بحياةٍ جديدةٍ تستغرق حياته الباقية، وهذا يتقاضاه أن تكون بدايتها صحيحة، لا يخطو فيها خطوةً إلا وقد اتأدَ وفكَّر وتأنّى، وعرف أين تتوجّه به خطواته؟
ليلة الدخول والبناء بالزوجة هي ليلة ينبغي أن يغلبها أسلوب الملاطفة والأُنس والتودد والبهجة، يمد فيها الزوج حبل المودة والمحبة ليصله بزوجه، فيذهب عنها الروع والرهبة، وتسكن نفسها إليه.
وهذه جملة آداب مأثورة نذكر بها كل مدلفٍ إلى هذه الحياة الجديدة عسى أن تنفعه:
(1) وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها:
وينبغي أن يضع يده على مقدمة رأسها عند البناء بها أو بعد ذلك، وأن يسمي الله تبارك وتعالى، ويدعو بالبركة، ويقول ما جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تزوج أحدكم امرأة، أو اشترى خادماً، فليأخذ بناصيتها، وليسم الله عز وجل، وليدع بالبركة، وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرّها وشر ما جبلتها عليه". أخرجه أبو داود (2160) وابن ماجه (1918) والحاكم في المستدرك (2811) والبيهقي في السنن الكبرى (7/148).
ولا بأس أن يترك الرجل بعض السنن ـ كالأخذ بالناصية ـ إذا ترتّب على فعلها مفسدة كنفرة الزوجة ومغاضبتها له، والذي قد يقع منها بسبب جهلها بالسنة وتفسيرها الخاطئ للفعل.
كما لا يُشترط في هذا الدعاء المأثور أن يقوله بحيث تسمعه زوجته، بل له أن يخافت به بحيث لا يُسمع إلا نفسه، فليس في الحديث ما يدل على استحباب المجاهرة به.
(2) صلاة الزوجين معاً:(1/107)
قد أُثر عن بعض السلف استحباب أن يصلي الزوجان ركعتين معاً، وفيه أثران:
الأول: عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: ((تزوجت وأنا مملوك، فدعوت نفراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة –رضي الله عنه-، قال: وأقيمت الصلاة، قال: فذهب أبو ذر - رضي الله عنه- ليتقدم، فقالوا: إليك! قال: أو كذلك؟ قالوا: نعم، قال: فتقدمت إليهم وأنا عبد مملوك، وعلّموني فقالوا: "إذا أدخل عليك أهلك فصلّ ركعتين، ثم سل الله -تعالى- من خير ما دخل عليك، وتعوذ به من شره، ثم شأنك وشأن أهلك". أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (17147). وعبد الرزاق في مصنفه
(3822).
الأثر الثاني: عن شقيق قال: "جاء رجل يقال له: أبو جرير، فقال: إني تزوجت جارية شابة (بكراً)، وإني أخاف أن تفركني، فقال عبد الله (يعني ابن مسعود -رضي الله عنه-): "إن الإلف من الله، والفرك من الشيطان، يريد أن يكرّه إليكم ما أحل الله لكن؛ فإذا أتتك فمرها أن تصلي وراءك ركعتين". زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لهم فيّ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير؛ وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير". أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10460-10461) وسنده صحيح، والطبراني بسندين صحيحين في المعجم الأوسط (4018) والكبير (9/204).
ومن المهم أن يتنبَّه الزوج إلى أن المسألة ليس فيها سنة ثابة عن النبي –صلى الله عليه وسلم--، فلا ينبغي التشديد فيها، أو التثريب على من تركها، وكأنها سنة راسخة لا تقبل الخلاف.
والمسألة فيها سعة، فله أن يؤخر أداء هذه الركعتين بعد أن يجلس مع زوجته ويلاطفها ويحادثها ويؤانسها؛ ليذهب عنها الخجل والرهبة.
سئل الشيخ د. أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي
هل يجوز أن أدفع لخادمتي مبلغاً من المال بعد موافقتها لتصبح جاريتي بدلاً من خادمتي؛ كي أستطيع معاشرتها؟ لأني شاب لا أستطيع الزواج، وأخاف الوقوع فيما يغضب الله.(1/108)
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:
فإن بعض الناس يخطئون خطأ كبيراً، ويرتكبون إثماً عظيماً في معاملتهم للخادمات، فيستبيحون لأنفسهم الخلوة بهن، والنظر إليهن، بل بعضهم يعاشرهن كمعاشرة الزوجات، أو الإماء، بدعوى أنهن كالجاريات، وهذا منكر وتزوير للحقائق، فالخادمات من الحرائر، لكن وضعهن المالي وشدّة فقرهن يلجئهن إلى احتراف مهنة الخدمة،وبناء على ذلك فالواجب على المسلمين أن يكرموا مثواهن، ويحسنوا إليهن، ويحافظوا على آدميتهن وكرامتهن، ويتقوا الله في معاملتهن، فهن حرائر أجنبيات لا يحل بحال من الأحوال معاملتهن كالجواري، وبالتالي فلا تحل معاشرتهن،ولا النظر إليهن، ولا الخلوة بهن، وما يقوله الأخ من أنه يدفع لها مبلغاً من المال ليسترقها، ويعاشرها معاشرة الإماء ليستبيح معاملتها جنسياً على اعتبار أنها من الإماء فهذا لا يصح شرعاً، والحقوق الإنسانية تأباه، ولأنها إذا رضيت بما يدفعه لها من مال فإنه نوع من الخديعة منها له بحصولها على المال، فإذا حصلت على المال وتمكنت، إما هربت، وإما اشتكت، وإما غدرت، فهذا الأمر لا يحل بحال، وإن كان ولا بد فسبيل الشرع واضح, وهو العقد عليها إذا رضيت بمهر وشاهدين، بإذن وليها أو وكالة إن لم يمكنه مباشرته للعقد. وبالله التوفيق.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نعلم أن حكم الرجل الذي يأتي زوجته من غير ما أمر الله هو التفريق بينهما، ولكن هل يجوز أن يعقد شاب على فتاة كان قد أتاها من غير ما أمر، ولكنها لا تزال بكراً والآن يريد أن يقترن بها في الحلال؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
الحمد لله وحده، وبعد:(1/109)
فإتيان الرجل لزوجته في دبرها حرام عند جماهير أهل العلم، ويدل لذلك قوله تعالى:"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" [البقرة:223]، والدبر ليس موضع حرث، قال ابن عباس الحرث: الفرج موضع الولد. أخرجه ابن جرير (4/398) بإسناد حسن.
وقد وردت أحاديث كثيرة تنهى عن إتيان المرأة في دبرها. عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"ملعون من أتى امرأة في دبرها" أحمد (2/444) وأبو داود (2162)، وعنه أيضاً مرفوعاً:"من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد" الترمذي (135) وابن ماجة (639) الدارمي (1/259)، قال ابن حجر عن هذه الأحاديث:"طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به" فتح الباري (8/242).
وقد ذكر العلامة ابن القيم –رحمه الله- لتحريم الوطء في الدبر قرابة العشرين وجهاً (زاد المعاد 4/257)، منها أنه لو كان مباحاً لما نهينا عن إتيان النساء حال الحيض، إذ إتيان الدبر يكفي عن إتيان الفرج حال الحيض.
وأن الله تعالى حرم الفرج حال الحيض لأجل النجاسة العارضة في الحيض، فأولى أن يحرم الدبر بالنجاسة اللازمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وطء المرأة في دبرها حرام في قول جماهير العلماء ومتى وطئها في الدبر وطاوعته عُزرا فإن لم ينتهيا فرِّق بينهما" مختصر الفتاوى المصرية صـ (37).
وإتيان الرجل لامرأة لا تحل له في دبرها زنا عند أكثر أهل العلم، وإذا زنى الرجل بامرأة فإنه لا يحل له نكاحها حتى يتوبا من الزنا ويندما على فعلهما ويعزما على تركه وعدم العودة إليه.
قال تعالى:"الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين" [النور:3]، فإذا تابا من الزنا فإن لهما أن يقترنا بالحلال.
وفق الله الجميع لهداه وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
سئل الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري
بسم الله الرحمن الرحيم.(1/110)
ورد في سورة النور [آية 3] قوله تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ"[النور:3]، السؤال: هل الزنا يبيح نكاح المشركين؟.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
فإن قوله تعالى:"الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً" [النور:3] خبر من الله تعالى بذلك، وليس إقراراً على فعل ذلك، والآية جاءت في سياق الذم لهذا الفعل والإنكار على فاعله، فتكون الآية دالة على تحريم نكاح المشركات والزواني، ولذا جاء في آخر الآية:"وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3]، والمرء المسلم - حتى الزاني - يجب عليه امتثال ذلك، وقوله:" لا يَنْكِحُ" أي: لا يجامع، قال ابن عباس –رضي الله عنهما-:"إنما هو الجماع لا يزني بها إلا زان أو مشرك"، وقد جاء في سبب نزول هذه الآية أن رجلاً استأذن النبي –صلى الله عليه وسلم- أن ينكح امرأة معروفة بالزنا، فنزلت هذه الآية لبيان تحريم ذلك، رواه أهل السنن بأسانيد جيدة عند الترمذي (3177) والنسائي (3228) وأبو داود (2501)، ومن هنا نفهم أن الآية لا تبيح للزاني نكاح المشركات، بل قد ورد النهي عن نكاح المشركات صريحاً، قال تعالى: "وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ" [البقرة: من الآية221]. والله أعلم. وصلى الله على نبينا محمد.(1/111)
استشارات اجتماعية
1- مشكلات أسرية
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي
والدي متزوج على أمي، ولكنه عادل بينهما، ولا يفرق في حق أحد من الطرفين، ولكن أمي غير متقبلة للوضع، وقد أقسمت علينا ألاّ نكلم زوجة أبي، ولكني أكلمها صلة للرحم، فهل هذا التصرف صحيح أم خاطئ؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
لا يجوز لأمك أن تقسم مثل هذا القسم؛ لأن مثل هذا القسم لا يرضي الوالد، وعليها أن تتحلل من هذا القسم بأداء كفارة اليمين؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-:"إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها" رواه البخاري (3133) ومسلم (1649) من حديث أبي موسى –رضي الله عنه-.
سئل الشيخ د.علي بن عبدالله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
هل يحق لزوجي أن يجبرني على السفر لزيارة أهله؟ مع ما يلحقني من ضرر قد يكون في الدين أحياناً، حيث إن أهله ليسوا من أهل الالتزام ويكثر بينهم ترك الحجاب والاختلاط والغيبة وغير ذلك من المنكرات، مع العلم أننا لا نستطيع تغيير شيء من المنكر، وقد يتأثر أولادنا وبناتنا بشيء من ذلك.
وهل لأهل الزوج حق شرعي على زوجة ابنهم؟ أم يحق لها هجرهم إذا لقيت منهم الأذى؟
الجواب :
بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فجواباً عن سؤال السائلة المذكورة: نقول وبالله التوفيق: لا شك أن للزوج على زوجته حق الطاعة بالمعروف، لما رواه أبو داود (2140) وغيره عن جمع من الصحابة – رضوان الله عليهم - عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن، لما جعل الله لهم عليهن من الحق".(1/1)
وطاعة الزوج على زوجته واجبة ما لم يأمر بمعصية، لما روته عائشة – رضي الله عنها –: أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، فقال: لا، إنه قد لعن الموصلات" أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب النكاح باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية ص:304، رقم الحديث (5205)، فتح الباري، ومسلم (2123).
أو فيما لا يلحق بها ضرراً في بدنها أو دينها أو مالها أو ولدها، لقوله – صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" رواه عن النبي – صلى الله عليه وسلم - جمع من الصحابة – رضي الله عنهم - وصححه الألباني في إرواء الغليل المجلد الثالث، ص: 408، رقم الحديث: 896، فإن لحقها ضرر في بدنها، أو نقص في دينها، أو أخلاقها، فلا تلزم طاعته.
ولكن لتعلم السائلة أن بر والدي زوجها مما يدخل على زوجها السرور، فيكون براً به ومن العشرة بالمعروف، والزوجان مطلوب من كل واحد منهما أن يعاشر الآخر ويتعامل معه بما يقوي أواصر المودة والرحمة، فإن استطاعت الزوجة أن تبر بأهل زوجها دون أن يلحقها ما ورد في سؤالها فحسن، وإن كان كما ذكرت فلا يلزمها السفر إليهم، ولا الاجتماع بهم؛ لأنهم ليس لهم حق واجب عليها، ومالهم من البر والإحسان سقط بحصول المفاسد المترتبة الواردة في السؤال، وإن آنست من نفسها القدرة على التأثير عليهم بإزالة المنكر أو لديها – على الأقل - القدرة أو الحصانة على عدم التأثر بهم وأولادها، فالأولى السفر إليهم؛ لما في ذلك من صلة الرحم وربط الأولاد بأهلهم، وإدخال السرور على الزوج، وكل ذلك أمر محمود دعا إليه الإسلام وحضَّ عليه، قال تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ " الآية، [المائدة: 2] وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
2- مشكلات الأبناء(1/2)
سئل الشيخ يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء أنا رجل مطلق من امرأة غربية، ولي منها ثلاثة أولاد بنت عمرها 16 سنة، وولد عمره 14سنة، وولد عمره 12سنة، وكلهم لا يعرفون أي شيء عن ديننا، وكلما حاولت أن أكلمهم في أمور ديننا قاطعوني، ولم يأتوا لرؤيتي، علماً أنهم يعيشون مع أمهم التي تعيش وصاحبها، وهي نصرانية الديانة، ولا يريدون أن يروني، وأنا مع زوجتي المسلمة المحجبة؛ بحجة أنهم يتحرجون من ثيابها أمام أصحابهم، فماذا أفعل معهم؟ وما هي الطريقة المثلى لتعليمهم القليل عن ديننا؟ وهل يجوز لي الاستمرار في الإنفاق عليهم رغم أنهم لا يدينون بديني؟ وهل أنا آثم بذلك؟ مع العلم أنا الآن لا أترك فرضاً وأقرأ القرآن؛ لعل ذلك يكفر عن ذنبي الكبير في تربية أولادي، أرشدوني -هدانا الله وهداكم-، وهل يجوز أن أسايرهم في أمر زوجتي؟ أنهم لا يريدون أن يظهروا معها في أي مكان عام، بسبب ارتدائها الزي الشرعي؟ مع العلم أنهم لم يأتوا لزيارتي والإقامة في بيتي من شهر حزيران، ماذا أفعل؟ أنا بانتظار ردكم وإرشاداتكم، والاستفادة من آرائكم اهتداء بكتاب الله، وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- وشكراً، وهناك شيء آخر هو أن البنت سميتها باسم أجنبي، والولد الصغير، والولد الكبير فقط هو اسمه أحمد، ويفكر عندما يصبح عمره 18 عاماً أن يغيره لاسم أجنبي ما الحل؟.(1/3)
الجواب : الأخ السائل: لا أدري بأي قضية أبدأ، ولا بأي إشكالية أجتهد في حلها، حيث تراكمت وتشابكت، وتعقدت فالله المستعان،والسؤال المهم ليس ماذا يجب عليك أن تفعل، ولكن ماذا تقدر أن تفعل؟ فأنت في كندا تحت سلطة الدولة، وقوانينها التي صُنعت للنساء، ولا حق للرجال لا في الحضانة، ولا في غيرها، فأنت ملزم بدفع النفقة إلى سن الـ 18 سنة، مهما كان وضع الأولاد ديناً أو خلقاً، وقد سئل الشيخ الألباني في بريطانيا عن مثل هذه القضية فأجاب بالمثل الشامي: (من بات في المقبرة وداهمته الكوابيس فلا يلومن إلا نفسه).
نعم يا أخي، ما من مسلم يعيش في هذه البلاد غير الإسلامية إلا صادفته مشاكل سواء في زوجه أو أولاده أو رزقه - و الله المستعان-.
والمقطوع به أن حلول العنف أو الشدة لا تأتي بخير؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم (2594) من حديث عائشة – رضي الله عنها -، فكن رفيقاً سهلاً، ليناً في غير معصية لله.
حالتك وحالات كثير من المسلمين تذكرني بقصة ذلك الأعرابي الذي أساء الأدب مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فهمَّ الصحابة – رضي الله عنهم- أن يبطشوا به، فأعطاه النبي – صلى الله عليه وسلم- عطاء حتى رضي، ثم قال لأصحابه- رضي الله عنهم- "إنما مثلي ومثلكم ومثل هذا الأعرابي كرجل كانت له دابة، فنفرت منه، فذهب يطاردها، فجاء الناس كلهم وراءه يطاردون، فما ازدادت الدابة إلا نفاراً وشراداً، فقال: دعوني ودابتي أنا أعلم بدابتي، فأخذ من خشاش الأرض، ولوح به لهذه الدابة، فما كان منها إلا أن انساقت إليه، وجاءت إليه فأمسك بها" رواه الهيثمي في مجمع الزوائد (9/16) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -.(1/4)
إن أولادك قد ندوا وابتعدوا عنك مؤقتاً، ولكن هذا لا يعني أنهم ابتعدوا عن الإسلام بالكلية، فكن معهم مثل الأعرابي ودابته، فإنه لا سبيل لك عليهم، وليس عندك إلا وسيلة واحدة هي وسيلة اللين والرفق.
لا تجعل لقاءك بهم عبارة عن دروس دينية؛ فإن هذا الأسلوب سينفرهم منك، بل لو خرجت معهم سواء مع زوجتك الحالية المحجبة، أو بدونها للتنزه في غابة، أو رحلة، أو سياحة نافعة، وجعلتهم بالعطف والحنان والمناقشة البسيطة الهادفة يلتصقون ويتعلقون بك ويحبون رؤيتك ولقياك؛ لكانت هذه بداية العود المحمود، والحل المنشود.
ثم انظر بعد ذلك في حل عملي سيحسم القضية بالكامل، واللبيب بالإشارة يفهم، ولأن يعيش الإنسان فقيراً في أرض الله، خير من أن يعيش غنياً تحت غضبه، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، والأرض كل الأرض للمسلم مسجداً وطهورا.
كما عليك أولاً أو أخيراً أن تجتهد في طاعة الله، فإن الله قد حفظ مال اليتيمين بفضله، ثم بطاعة والدهما قال –تعالى-: "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك" [الكهف:82].
كما عليك أن تجتهد في الدعاء والابتهال إلى الله أن يرد إليك أولادك بالطريقة التي ترضي ربك وتقر بها عينك.
فعسى الله – سبحانه وتعالى- ألا يخزيك في ذريتك، ويجنبهم موارد الهلاك، آمين، وصلى الله على نبينا محمد.(1/5)
سئل الشيخ د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية أنا شاب قد زوجني أبي لمقدرته على ذلك، وبمساعدة يسيرة مني،ما حكم هذه المساعدة؟ وهل على أبي ذنب في ذلك؟ علماً بأن لي أخاً من أبي، قد تزوج قبلي، ولم يعنه أبي على زواجه؛ لعدم مقدرته كذلك، ولي أخوان يكبراني، ولم يتزوجا بعد؛ لأنهما لا يريدان ذلك، ما الحكم في هذه المساعدة؟ علماً بأن أبي أخذ الموافقة من جميع إخوتي على المساعدة في تزويجي. أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب : الأب مأمور أن يسوي بين أولاده في العطية إذا كانت العطية لغير حاجة، أما إذا أعطى أحد أولاده لحاجته كأن يحتاج للزواج فيزوجه فلا بأس أن يعطيه، ولا يعطي الآخرين حتى يبلغوا ويحتاجوا للزواج فيعطيهم مثل الأول، ومثل ذلك مصاريف الدراسة، وشراء السيارة التي يحتاج إليها للتنقل .. ونحو ذلك، ومثل هذا لا يحتاج فيه إلى أخذ إذن الأولاد الباقين على الراجح. والله أعلم.
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لي أخ من عدة إخوة أنا أصغرهم، وشاء أخي أن يتزوج ورغب إلى الوالد بذلك وهو في المرحلة الجامعية وهذه السنة الرابعة له، ووالدي متكفل بنفقته وعياله الثلاثة، وهو –ولله الحمد- قادر ومستطيع، ولكنني سمعت منه مرة قوله: أين أذهب من الله؟ وماذا أقول له إذا سألني عن نفقتي على فلان لم أعدل بينه وبين إخوته؟ مع العلم أن إخوتي بعضهم درس في الخارج –أمريكا- وعاشوا معيشة أغلب الشباب، وكان الوالد ينفق عليهم، مع العلم أن أخي أحرز أعلى نسبة نجاح في الثانوية من بين إخوته، فهل قلق الوالد هذا في محله؟ وما الذي ينبغي عليه فعله؛ لتلافي الظلم والتمييز إن كان محقاً؟(1/6)
الجواب : تزويج الأب لابنه ونفقته عليه بعد ذلك هو وأولاده يعد من باب النفقة لا من باب العطية، والنفقة لا تجب فيها المساواة بل يعطى كل واحد من الأبناء حسب حاجته، وإن كان ما يعطى لهذا السبب أكثر من الآخرين وبناءً على ذلك إذا كان أبوك زوَّج أخاك في المرحلة الجامعية وأنفق عليه - لأن الابن لا يستطيع أن ينفق على نفسه - فلا حرج في ذلك ولا يعد من الإخلال بالعدل كما أنه أنفق على أخيك الذي درس في الخارج وهكذا ينفق على كل واحد من الأبناء حسب حاجته، والله ولي التوفيق.
سئل الشيخ د.طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامي لي زميل ملتزم، قد اقتنى جهاز الدش في منزله، ويدعي أنه لا بد من تربية الأولاد على أن يضبطوا أنفسهم بأنفسهم، أرجو منكم أن تبينوا لي وله بعضاً من الآيات والقصص التي تسد الذريعة إلى المعاصي، وإلى خطوات الشيطان.مشكورين مأجورين.
الجواب : شكراً على مراسلتك وسؤالك وحرصك، وأرجو الله لك التوفيق، أما الجواب على سؤالك: فمن الضروري أن يفهم صاحبك قاعدة عظيمة جاءت في الإسلام، ودل عليها الكتاب والسنة، وهي لمن فهمها حماية من كثير من الشرور والمفاسد، ألا وهي قاعدة سد الذرائع، ومما جاء في الكتاب عنها قوله –سبحانه-:"ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلا" [الإسراء: 32]، وقوله –سبحانه-:"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام: 108]، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عن هذه القاعدة:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه الترمذي (2518)، والنسائي
((1/7)
5711) من حديث الحسن بن علي –رضي الله عنهما-، وقال -صلى الله عليه وسلم-:"فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" رواه البخاري (52)، ومسلم (1599) من حديث النعمان بن بشير –رضي الله عنهما-، وغير ذلك من النصوص الصريحة، ولذلك جعلها العلماء من القواعد الأساسية في فهم الشريعة، فقل لصاحبك: أن نُعَرِّض أبناءنا للخطر بحجة أنهم يجب أن يضبطوا أنفسهم هذا غير صحيح؛ لأن هذا فيه دعوة للسباحة لمن لا يعرف السباحة؛ كأنه يلقيهم باليم ويقول: تصرفوا، وما أحسن قول القائل:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء
هذا لا يكون أبداً، بل الواجب حمايتهم من كل فتنة يمكن أن تكون سبباً في ضلالهم، وقد
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-:" من سمع بالدجال فلينأ عنه فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتَّبِعه مما يبعث به من الشبهات"، أخرجه أبو داود (4319) وأحمد في مسنده (19875) من حديث عمران بن حصين – رضي الله عنه - بسند صحيح، فهذه وصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم- لكل مسلم يريد السلامة من أي فتنة خطيرة.
وهل يشك مسلم اليوم بخطورة القنوات الفضائية بما تبثه من شهوات وشبهات، وما فعلته بكثير من العقول من الانحراف عن الحق والتقصير في أداء الواجب، ألا فليتق الله صاحبك في أبنائه، وليقم بما أوجب الله عليه بنصحهم وتذكيرهم بالواجب امتثالاً لأمر الله في قوله: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة" [التحريم: 6]، فهل وقاهم من النار وطريقها بفعله هذا؟!.
أسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق.
سئل الشيخ محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث ما حكم الأب يمنع زواج ابنته من شاب تقدَّم لطلبها، علماً أن الأب ليس له أي سبب شرعي لمنع الزواج، وهل تلجأ الفتاة إلى القاضي في هذه الحالة؟ جزاكم الله عنا خيراً.(1/8)
الجواب : لا يجوز للولي منع موليته من الزواج ممن هو كفو لها، وإذا حصل منه ذلك فإنه ظلم وعضل، وفي هذه الحالة يجب مناصحة هذا الولي وتخويفه من عاقبة الظلم، وتوسيط أهل الخير، فإن لم ينفع معه ذلك، فتلجأ البنت إلى القاضي، والذي يُجري الوجه الشرعي حيال المشكلة، وليس في تقدم البنت بدعوى ضد والدها العاضل عقوقٌ إطلاقاً ما دامت ملتزمة بأدب الدعوى، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما صحة الأثر المنسوب إلى ابن عباس – رضي الله عنهما – في تفسير قوله تعالى في سورة المائدة "وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ"؛ أنه قال: "كفر دون كفر".
وهل الأثر الضعيف إذا اجتمعت له شواهد ومتابعات ضعيفة أخرى تقويه؟
أفيدونا أثابكم الله.
الجواب : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أما الأثر المنسوب إلى ابن عباس – رضي الله عنهما -، فهو مشهور عنه، وله عن ابن عباس طرق كثيرة، بعضها ضعيف، وبعضها قوي، وأقواها ما رواه الإمام محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" 2/521 رقم (570 ،571)، وابن جرير الطبري 6/256 من طريق ابن طاووس، عن أبيه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – وسنده صحيح، ومما يؤيد ثبوته عن ابن عباس، شهرته عن أصحابه كعطاء، وطاووس، كما نقل ذلك ابن نصر، وابن جرير.(1/9)
ولكن لهذا الأثر فقه ونظر وتوضيح، وهو مبسوط في مواضعه، ومنها: رسالة تحكيم القوانين، للشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- [نشرته دار الوطن وغيرها]، وكتاب الشيخ د. عبد الرحمن المحمود: الحكم بغير ما أنزل الله، أحواله وأحكامه (نشرته دار طيبة)، وكذلك كتاب: نواقض الإيمان القولية والعملية، للشيخ د. عبد العزيز العبد اللطيف (نشرته دار الوطن).
3- مشكلات زوجية
سئل الشيخ محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث تشاجرت مع زوجتي بسبب أنها تتهمني بأنني على صلة مع سيدة أخرى لا علاقة لي بها، إضافة إلى أننا دائماً ما نتشاجر في إطار مواضيع الغيرة والنساء، وحيث إن الأمور وصلت إلى أبواب مقفلة مع زوجتي لإقناعها ببعدي عما تتهمني به، أو تحس به، أو لغيرتها المتناهية، أو غير ذلك مما هو في طبيعة النساء، وإزاء ذلك ولدرء المشاكل، وإقفال بابها الذي دائماً ما يفتح لأتفه الأسباب أقسمت عليها، وذكرت لها إن أعادت تلك المواضيع التي ستهدم بيتي وأسرتي فإنني فعلاً سأقوم بارتكاب المعاصي ( الزنا تحديداً )، وعلانية أمام عينها، أو أثبت لها ذلك فعلاً - والعياذ بالله- قد نويت ذلك جاداً، وتقريباً قلت لها ما يلي: ليكن في علمك وأقسم بالله العظيم أنك لو أعدت فتح هذه المواضيع مرة أخرى، وبالطلاق من رقبتك ثلاثاً سأقوم بفعل ما تفكرين به وتثيرين المشاكل من أجله، أي بما معناه أنني هددتها طلاقاً بالثلاث لو أنها أعادت تلك المشاكل بأنني سأرتكب الفاحشة. أرجو الإفادة في ذلك ؟
الجواب : الحمد لله وحده، وبعد: الجواب يتخلص فيما يلي :
أولاً: اتهام زوجتك بالتهم التي ذكرت من المحرم والبهتان والافتراء .
ثانياً: عليك أن تبتعد عن مواطن الريب، وأن تكون صريحاً مع زوجتك، وتسعى في إعادة ثقتها بك .(1/10)
ثالثاً: حلفك بأن تواقع الحرام كفاحشة الزنا – والعياذ بالله – حرام، وعليك التوبة، ولزمك كفارة اليمين على القول المختار وإن لم تفعل ما حلفت عليه، بل لا يجوز لك فعله قال – صلى الله عليه وسلم - : " ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " البخاري (6696) والنسائي (3807) والترمذي (1526) وابن ماجه (2126) وأبو داود (3289) واللفظ لأصحاب السنن.
رابعاً: طلاقك على الصيغة التي ذكرت لا يقع على الصحيح، بل هو يمين تجب فيه الكفارة، ويكفي في هذا والذي قبله كفارة واحدة، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام .
خامساً: اعلم أن الحياة السعيدة لا تقوم إلا على الحب، ولذا فإن عليك أن تتفقد منابع الحب التي جفت، وتحاول بعثها، وإنك واجد في زوجك خيراً كثيراً، واستشر من يضعك على أول الطريق، فكل مشكلة ولها حل.(1/11)
سئل الشيخ د. أحمد بن محمد الخضيري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية إنني امرأة ملتزمة قارة في بيتي لا أغادره إطلاقاً إلا للضرورة المطلقة، متزوجة ولدي ستة أولاد وأعيش في بلاد الغرب فوق إرادتي، وقد فتح زوجي محلاً لبيع اللحم الحلال، وإني أعاني جداً من هذا الأمر؛ لأن غالبية الزبائن من النساء المتبرجات والكافرات اللواتي لا خلاق لهن ولا حياء، كما أن أغلبهن متبرجات وشبه عاريات خاصة في الصيف، ويخضعن بالقول كثيراً لفتنة الرجال، حتى أصبحت أتشاجر مع زوجي دوماً، وازداد بغضي له لتهاونه في مقابلة هؤلاء الزبائن وحديثه معهن حتى اعتاد على ذلك، وكانت النتيجة أن ضعف إيمانه كثيراً وأصبح لا يصلي في المسجد إلا يوم الجمعة، وإن قلت إن هذا نتيجة المعاصي والمخالفات التي يرتكبها لغرض الاستغناء، وأنه لا يجوز له التجارة في شيء يجره إلى الاختلاط بالنساء لأنه فتنة، وأنه من ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه قال لي ألا أتدخل في هذه الأمور لأنني لا أفهم شيئاً، وأن التجارة حلال، وحتى الصحابة كانوا يتاجرون مع النساء، ولكنه نسي - أو تناسى - أن يقول إن نساء الصحابة لم يكن على الحال التي عليها نساء اليوم، والله المستعان .
والمشكلة الآن أنني أصبحت أبغض زوجي كثيراً، إضافة إلى تقصيره الدائم في تربية الأولاد، وانتهاجه منهج الضرب والعقوبة على الرفق والحنان، وأود الطلاق لتقصيري في حقوقه بعد أن ضيع هو كل حقوقي وحقوق أولادي، حتى أصبحت أكره طاعته وخدمته، فهل طلاقي منه خير لي ولأولادي أم ماذا أفعل أرشدوني ؟(1/12)
الجواب : الذي أنصحك به هو أن تبقي معه وتستمري في نصحه وإرشاده، ولاسيما أنك في بلد غربة، وفراقك له ربما يزيد في مصاعبك ومعاناتك، وعليك أن تجتهدي في تذكيره وتخويفه بالله، بنفسك أو بواسطة غيرك ممن يرجى أن يكون لكلامه تأثير على زوجك، وفيما يتعلق بالعمل يمكن أن يستمر فيه مع اتخاذ الوسائل والأسباب التي تحول بينه وبين التمادي مع النساء، وذلك بالاقتصار على الحديث الضروري الذي تتطلبه عملية البيع والشراء دون الاسترسال فيما وراء ذلك، مع غض البصر ومراقبة الله – تعالى – في تصرفه، وإذا لم يقدر على ذلك فيمكن أن يتجنب الأوقات التي تحضر فيها النساء، ويوكل مهمة البيع في هذه الأوقات إلى غيره، وأما مسألة الصلاة فإن كان المقصود أنه لا يصلي بالكلية إلا صلاة الجمعة فهو على خطر عظيم ربما أوقعه في الكفر في رأي بعض أهل العلم؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر "(رواه الترمذي (2621)، وابن ماجة(1079)، والنسائي(463)، وابن حبان (1454)، والحاكم في المستدرك(11)، والدارقطني(2/52)، وغيرهم)، وإن كان المقصود أنه لا يصلي جماعة إلا صلاة الجمعة، فإن كان المسجد قريباً منه بحيث يستطيع أن يسمع الأذان فيجب عليه أن يصلي جماعة، وإن كان بعيداً عنه فلا تجب عليه الجماعة ولكن يجب عليه أن يصلي الصلاة في وقتها، وعليك مع كل ذلك أن تحرصي على إعانته وتذكيره بشأن الصلاة ، وأما تربية الأولاد فيقع عليك جهد كبير في سد النقص الذي وقع فيه زوجك، وربما كان انشغاله بعمله التجاري يحول بينه وبين متابعة أبنائه، فعليك أن تبذلي جهدك وتحرصي على تربيتهم التربية الإيمانية السليمة، وأن تبعديهم عن الفساد وأسبابه، مع الحرص على إلحاقهم بالمدارس العربية، وإحضارهم إلى المركز الإسلامي، ومتابعة أنشطته وبرامجه، واحرصي - مع كل ما سبق- على التضرع إلى الله – سبحانه وتعالى- في أوقات إجابة الدعوات، كوقت(1/13)
السحر، ودبر الصلوات المكتوبة أن يهدي الله زوجك وأن يصلح أولادك، ونسأل الله – تعالى – لك التوفيق لما يحبه ويرضاه.
4- استشارات أخرى
سئل الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء تحملت عن امرأة ديناً عليها، أخذته عن طريق الربا وصورته: (أنها أخذت من امرأة ذهباً بقيمة 350 ألف ريال يمني إلى أجل، على أن ترده مع الزيادة، وأنا الآن أسدد عنها الدين مع الزيادة، لكونها فقيرة ولا تقدر على التسديد، وقد تتعرض لمشاكل عظيمة، فما حكم ذلك؟ أفتونا مأجورين.
الجواب :
إذا كان السائل والمرأة المدينة يستطيعون أن يكتفوا بسداد رأس المال فقط فنقول ينبغي لهم ذلك، أما إذا كان هناك إجبار، وهناك قوة تمثيلية تأخذ منهم الحق، سواء أكان ذلك بحق مشروع أو غير مشروع فينبغي أن يسدد عنها، وأن تبعد عن أسباب إهانتها وإجبارها على أمور لا تستطيع ردها.(1/14)
الإيلاء والظهار
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح ظاهرت امرأتي وقلت لها أنت محرمة علي مثل حرمة أمي ثم جامعتها واستمريت فترة شهرين وأنا أجامعها مع العلم أني أعرف أنها محرمة علي قبل الكفارة ثم ظاهرتها مرة أخرى، وبعد فترة جامعتها وأنا الآن التزمت بالصلاة وبديني وتوقفت عن مجامعة زوجتي، سؤالي: هل تلزمني كفارة واحدة أو كفارتين؟ وما حكم أيام العيد والتشريق إذا دخلت في أيام الكفارة (شهرين متتابعين)؟ وما حكم مجامعتي لزوجتي هل علي كفارة؟ مع العلم أني تبت إلى الله وتوقفت حتى أنهي موضوع كفارة الظهار. وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
يحرم على المظاهر الجماع ودواعيه قبل أن يكفر؛ لقوله –تعالى-:"والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير" [المجادلة:3].
وقوله –صلى الله عليه وسلم- للمظاهر:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به" رواه الترمذي (1199) والنسائي (3457) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما-، وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، كما حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433)، لذا عليك التوبة من ذلك وعدم العود للجماع ودواعيه حتى تكفر وليس عليك سوى كفارة واحدة، وإن تخلل الصيام عيد وأيام تشريق ومرض مخوف لم ينقطع التتابع، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رجل أغضبته زوجته فأراد أن يؤدبها، فقال: (والله ما عاد أجيك) يعني: أجامعك، وهو لم يقصد الحلف، بل من الغضب حلف وهو لا يعلم، فما الحكم؟ هل يعد لغواً؟ وماذا يجب عليه إذا أراد الرجوع إليها إذا كان حلفاً، وهو أصلا يقصد أن يقول ما عاد أجيك؟
الجواب :
إذا حلف الزوج على ترك جماع زوجته فإنه يعد موالياً –من الإيلاء- والإيلاء محرم.(1/1)
فعليه الآن أن يجامع زوجته، ويكفر عن يمينه كفارة يمين؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم-:"من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير ويكفِّر عن يمينه" رواه مسلم (1650) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-. والله أعلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح شخص ظاهر زوجته ولم يمسها ثم طلقها بعد أسبوع من المظاهرة، ثم أراد إعادتها لعصمته بعد انتهاء عدتها، فهل عليه كفارة الظهار أم لا؟ وهل كفارة الظهار على الترتيب أو التخيير؟
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فيجب على الأخ السائل كفارة الظهار بعد مراجعة زوجته، وقد نصَّ العلماء على أنه يحرم على المظاهر الوطء ودواعيه قبل الكفارة، لقوله –صلى الله عليه وسلم- للمظاهر:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به" رواه الترمذي (1199)، والنسائي (3457) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- وقال الترمذي: حسن غريب صحيح، كما حسَّنه الحافظ ابن حجر في الفتح (9/433)، وكفارة الظهار على الترتيب كما ذكره تعالى في كتابه:" وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ*فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4]، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/2)
ما حكم قول الزوج: (إذا ذهبت لهذا الزواج فأنت عليَّ حرام، ولا أجيز حضورك لزواج أختك)، وكانا (أي الزوجين) في ساعة غضب ومشاجرة. فهل إذا ذهبت لزواج أختها تعتبر طالقاً؟
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد: فأنصح المرأة ألاَّ تذهب لزواج أختها خروجاً من الخلاف، فإن ذهبت فإن كان الأخ السائل قد أوقع التحريم فعليه كفارة الظهار، وهي المذكورة في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:3-4]، ويحرم عليه جماع زوجته حتى يكفِّر، وإن لم يوقع التحريم بل حلف به فقط كان يمينا مكفرة، لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" [التحريم:1-2]، وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ(1/3)
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89]، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى، انظر إعلام الموقعين (3/83 – 93)، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر ما كفارة حلف الزوج على زوجته: (تحرمي عليَّ ليوم الدين)؟.
الجواب :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
إذا قال الزوج لزوجته: أنت عليّ حرام أو زوجتي محرمة علي ليوم الدين، أو قال علي الحرام من زوجتي أو زوجتي كأمي أو أختي أو ابنتي، أو كظهر أمي أو كظهر أختي، وما أشبه هذه الألفاظ فهذا حكمه حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، عند الأطلاق؛ إذا الحال في مثل القول الذي سألت عنه السائلة لا يخلو من ثلاث حالات:(1/4)
الحال الأولى: إذا نوى الزوج بهذا القول التحريم أو أطلق هذا القول مجرداً فإن حكمه حينئذ حكم الظهار كما سبق، وهو محرم، ولا يجوز، ومنكر من القول وزور كما سماه الله – تعالى - بذلك في أول سورة المجادلة بقوله: "الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ" [المجادلة:2]، فالواجب على الزوج أن يتوب إلى الله - تعالى - ويستغفره من هذا القول وارتكابه هذا المنكر، ولا يحل للزوج أن يقرب زوجته حتى يأتى بالكفارة التي أمره الله بها، ولا يحل لك أنت كذلك أن تمكنيه من نفسك حتى يفعل ما أمره الله - تعالى - به من الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة إن وجدها فإن لم يجدها صام شهرين متتابعين لا يقتطعها إلا بعذر شرعي كمرض وسفر ونحوهما فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو خطة أو نحو ذلك، قبل أن يمسها وقبل أن يقربها، وهذه الكفارة مذكورة بقوله – تعالى -: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة:3]، وقال – تعالى -: "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" [المجادلة:4].(1/5)
الحالة الثانية: أن يقول زوجتي عليَّ حرام إن فعلت كذا أو هي محرمة علي ليوم الدين أن كلمت فلاناً، أو دخلت تلك الدار، أو ما يسافر للبلد الفلاني أو يزور أو تزور هي فلانة وما تذهب لأهلها وكون ذلك فهذا تحريم معلق، فإذا كان قصد منه منع نفسه من العمل الذي أراده أو منع زوجته مما ذكره من السفر أو الكلام أو الزيارة ونحوه وذلك للبحث أو للتصديق أو للتأكد فهذا يكون له حكم اليمين، ولا يكون له حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم، وعليه كفارة اليمين، وهي المذكورة بقوله – تعالى -: "فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ"[المائدة: من الآية89].
الحالة الثالثة: إذا أراد بقوله ذلك الطلاق ولم يرد التحريم بأن قال - مثلاً - زوجتي على حرام أو محرمة علي ليوم الدين، وقصد بذلك طلاقها، فهذا يكون طلقة واحدة، وتحسب عليه، فإن كان قد طلقها قبلها طلقتين تمت الثلاث، وحرمت عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وإن لم يكن قد طلقها قبل هذا أو طلقها طلقة واحدة قبل أن يقول هذا القول فإن الطلاق يقع رجعياً بأن يكون له مراجعتها ما دامت في العدة، ويستحب أن يشهد على رجعتها شاهدين عدلين أن راجعها إذا كانت في العدة. والله – تعالى- أعلم.(1/6)
الخلع واللعان
سئل الشيخ د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ما رأي فضيلتكم في مسألة الخلع، هل يعاد للرجل جميع ما أعطاه للمرأة؟ وهل المرأة لا تأخذ شيئاً منه حتى حق تمتعه بها؟ أفيدونا ببحث شامل في هذه المسألة، ولكم منا جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد اتفق جمهور السلف على جواز الخلع، وجواز أخذ الرجل عليه عوضاً أقل من المهر الذي دفعه لها؛ لقول الله –جل وعلا-:"فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به" [البقرة:229].
واختلفوا في أخذ مقدار المهر، والراجح –الذي عليه أكثر أهل العلم من السلف والخلف- الجواز؛ لما أخرجه البخاري (5273) بسنده عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس –رضي الله عنهم- أتت النبي –صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله! ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق، ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال لها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"أتردين عليه حديقته؟" قالت: نعم. قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة".
واختلف القائلون بجواز أخذ مقدار المهر، هل له أخذ أكثر من المهر؟ فالأكثر قالوا بالجواز، مستدلين بالآية السابقة، فإنها أطلقت الفداء، ولم تحدده بقدر، وهو قول عثمان وابن عمر وابن عباس –رضي الله عنهم-، ولم يجز ذلك آخرون؛ لحديث امرأة ثابت بن قيس، فإن النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يأذن لزوجها أن يأخذ أكثر مما أعطاها، كما جاء مصرحاً به في رواية ابن ماجة (2056) بسند حسن أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أمر ثابتاً أن يأخذ منها حديقته ولا يزدد، وتوسط قوم بينهم، فقالوا بالجواز مع الكراهة، جمعاً بين الآية والحديث، فتكون الآية دالة على الجواز، والحديث دالاً على الكراهة، وهذا هو الأقرب.(1/1)
ولا شك أن مقتضى المروءة والخلق الكريم –كما قال الإمام مالك -رحمه الله- ألا يأخذ الرجل شيئاً، خاصة إن كان موسراً، فإن احتاج فلا يزد على المهر الذي دفعه، والله أعلم.
سئل الشيخ ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر
السلام عليكم.
هل أستطيع أن أطالب بالخلع لوجود مرض الشك والغَيْرة المرضيَّة في زوجي والعصبية لحد القذف وعدم السيطرة على النفس لدرجه أني بدأت أشك في تصرفاتي؟ مع العلم أني في بيت أهلي منذ مدة وحاولنا الإصلاح من غير جدوى وطلبت الطلاق، ولكن قال لي: أفضل أن أعلقك، أفدني جزاك الله خيراً.
الجواب :(1/2)
الحمد لله، ما ذكرته الأخت السائلة من وجود مرض الشك في زوجها والغيرة المرضية التي وصلت لحد قذفها في عرضها وعدم سيطرته على نفسه وعصبيته، كل هذا من الخلق المكروه والطبع المرذول في الزوج، والذي أدى للشقاق بينه وبين زوجته، فاجتمع سوء الخلق ووقوع الشقاق، وهما الأمران اللذان نص أهل العلم على كونهما سببين من أسباب إباحة مطالبة الزوجة الخلع من زوجها. ودليل ذلك ما رواه البخاري (5273) وغيره عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس –رضي الله عنه- أتت النبي –صلى الله عليه وسلم- وقالت: يا رسول الله ثابت ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام –تعني كرهها له قد يحملها على الوقوع فيما نهى عنه الإسلام- فقال –صلى الله عليه وسلم-:"أتردِّين عليه حديقته؟" قالت: نعم، فقال –صلى الله عليه وسلم-:"اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" فوجهها –صلى الله عليه وسلم- بالخلع من زوجها مع أنه لا نقص في دينه أو خلقه، ولكن لمجرد الكراهية، وحال السائلة –كما ذكرت- أبلغ من حال امرأة ثابت –رضي الله عنه- إذا دخل على حال زوج السائلة العيب في دينه؛ لقذفه لها وسوء خلقه، لشكه فيها وعدم سيطرته على نفسه، فجاز لها طلب الخلع، أما تعليق الزوج زوجته إذا كان لمجرد مضارتها حتى تطلب الخلع من غير بأس منها فهو من العضل المحرم قال –تعالى-:"ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن.." فعلى الزوجة ألا تقبل به بل تلجأ لطلب الخلع خصوصاً إذا كانت شابة كحال السائلة عسى أنهما إن تفرقا "يغن الله كلاً من سعته" [النساء:130]، والله أعلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح(1/3)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رجل طلق زوجته وأرجعها، ثم تزوج بأخرى، ثم طلق زوجته الأولى ثانية، ثم أرجعها ثم اختلعت ويريد إرجاعها الآن، هل يرجعها بعد العدة أم خلالها؟ بما أنه عليه أن يعقد عليها باعتبار أن الخلع فسخ, هل يقضي معها ثلاثة أيام على التوالي أم يقضي معها يوم يليه يوم عند ضرتها؟وجزاكم الله كل خير.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد: من خالع زوجته فقد بانت منه بينونة صغرى، فليس له إرجاعها إلا برضاها ما دامت في العدة، أما إن خرجت من العدة، فليس له إرجاعها إلا بعقد جديد مستكمل الشروط والأركان، أما بالنسبة للمبيت عندها فإن أرجعها قبل أن تخرج من العدة فليس لها قسم خاص بها بسبب الرجعة؛ لكونها لم تخرج من العدة أما إن عقد عليها بعد أن خرجت من عدتها فيقسم لها ثلاثة أيام متتابعة، إلا إذا أسقطت حقها منه؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم – "للبكر سبعٌ وللثيب ثلاث" رواه مسلم (1460) من حديث أم سلمة رضي الله عنها، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الخريصي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طلقت امرأة طلاقاً خلعياً، فهل يجوز العقد عليها قبل انقضاء العدة بخمسة وعشرين يوماً؟ وإذا حصل العقد ما الحل؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد أجمع أكثر العلماء على أن للرجل أن يتزوج المختلعة برضاها في عدتها، وبناء على ذلك يجوز لك العقد عليها بشرط رضاها قبل انقضاء العدة، واشترط العلماء رضاها؛ لأن الخلع كان بسبب وقوع الضرر عليها، فلا بد من زوال المانع عند إرادة العقد عليها ثانية. والله أعلم.(1/4)
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح
من المعروف في الإسلام أنه في حال طلاق زوجين فإن الأولاد يعودون إلى المرأة، ومن ثم للأب، ولكن بالمجتمع الغربي إذا طلقت المرأة فالأطفال يعودون لها، سؤالي هو: امرأة طلبت الخلع من زوجها لسبب ما، وزوجها وافق على الخلع، ولكن بمقابل، ولم يكن المقابل المال أو المهر أو الشبكة بل كان أطفاله لأنه يعيش بدولة غربية، وامرأته ستحصل على أطفاله وهو يريد أطفاله لضمهم وتعليمهم الإسلام بسبب طيش زوجته. فما هو حكم الإسلام بهذا الأمر؟.وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(1/5)
الحمد لله وحده وبعد؛ فجمهور العلماء أن الخلع لا يصح إلا بعوض يصح أن يكون مهراً، وذهب بعض العلماء إلى جواز الخلع بدون عوض، ويقع طلاقاً انظر الكافي(3/141)، قال ابن تيمة – رحمه الله تعالى- (وقد اختلف العلماء في صحة الخلع بغير عوض على قولين هما روايتان عن أحمد، أحدهما: كقول أبي حنيفة والشافعي وهي اختيار أكثر أصحابه- أي لا يصح- والثاني: يصح كالمشهور في مذهب مالك وهي اختيار الخرقي، وعلى هذا القول فلا بد أن ينوي بلفظ الخلع الطلاق ويقع به طلاق بائن لا يكون فسخاً على الروايتين نص على ذلك أحمد – رحمه الله- ا.هـ انظر مجموع الفتاوى(32/303)، قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله تعالى- أما الخلع فكما قالوا لا بد أن يكون بعوض لأنه ركنه الذي ينبني عليه، وإذا خلا منه فليس بخلع بل يكون طلاقاً رجعيًّا إذا نوى به الطلاق. ا.هـ انظر الفتاوى السعدية (805)، لذا فإن الأخ السائل إذا خالع زوجته مقابل تنازلها عن تربية أولادها صح، ولكن يقع طلاقاً رجعياً فتحسب عليه طلقة وعليها العدة الشرعية حسب حالها، وله مراجعتها ما دامت في العدة إن لم يسبق ذلك طلقتان، فإن سبقه طلقتان فإنها تبين منه بينونة كبرى وإن رغب الزوجان أن يوقعاه خلعاً لا طلاقاً فعليهما أن يضما لذلك مبلغاً من المال ولو يسيرًا كعشرة دولارات ونحوها تدفعها المرأة لزوجها.
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ عيسى بن عبد الله المطرودي القاضي بالمحكمة الكبرى في حائل
طلقت زوجتي بناء على رغبتها؛ لإصابتي بالعقم، وقمت بإعطائها كافة حقوقها من شَبْكَةٍ، ومنقولات، ومؤخر، وعند المأذون كان الطلاق على الإبراء، وحلف والدها الموكِّل عنها بأنها تطلب الطلاق، مع إبرائي من المؤخر، وأنا قبلت على ذلك، فهل هذا المؤخر يظل من حقها أم لا؟ وفي حالة أخذها له، هل هذا الطلاق صحيح أم لا؟ وشكراً.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/6)
المؤخر حق للزوجة، لا يملك أحد التنازل عنه إلا بإذنها، كأن تكون وكلت والدها بالتنازل، وطلب الطلاق؛ فإن كان كذلك فإن الطلاق مقابل التنازل عن المؤخر صحيح. أما إذا كان والدها تقوَّل عليها ولم تفوِّضه، وقد طلق الزوج بشرط تنازل الزوجة عن المؤخر، فهذا الطلاق علق على شرط، والشرط لم يتحقق، فلا يظهر لي وقوع الطلاق إذا لم توافق الزوجة عليه، وعلى الأخ السائل مساءلة زوجته: هل ترغب في الطلاق مقابل تنازلها عن المؤخر؟ فإن قالت: نعم، فالطلاق صحيح – والله أعلم-، ومن أهل العلم من يرى وقوع الطلاق، إذا أبرأ والد الزوجة الزوج، وإن كان الأب غرر بالزوج فإن الزوج يراجع والد الزوجة. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وصحبه.(1/7)
الطلاق
1- الطلاق السني والطلاق البدعي
سئل الشيخ سلمان بن عبدالله المهيني القاضي بوزارة العدل
طلقت امرأتي وهي في فترة الحيض، فهل تعتبر طلقة؟ وهل يشترط شاهدان لرجعتها؟ مع العلم أنها لم تخرج من البيت حتى الآن وأنا أريدها، فما العمل؟ وما الحكم؟ أفتونا مأجورين.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
يحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضها؛ لقوله تعالى:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" [الطلاق:1]، أي في حالة يستقبلن بها عدة معلومة حين الطلاق، ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملاً أو طاهراً من غير جماع؛ لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة، حيث إن الحيضة التي طلقت فيها لا تحتسب من العدة، وإذا طلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة، حيث إنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع؟ فتعتد بالحمل، أو لم تحمل فتعتد بالحيض، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة؛ حُرِّم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر.
فطلاق الحائض حال حيضها حرام للآية السابقة، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فأخبر عمر بذلك النبي –صلى الله عليه وسلم- فتغيظ عليه الرسول –صلى الله عليه وسلم- وقال:"مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" البخاري (5252)، ومسلم (1471) وعليه فلو طلق الرجل امرأته وهي حائض فهو آثم، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأما الطلاق فإنه لا يقع لأنه خلاف أمر الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم- وقد جاء قوله –صلى الله عليه وسلم-:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" مسلم (1718) والطلاق في الحيض ليس عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود، والله أعلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح(1/1)
هل يقع طلاق على المرأة النفساء مع الدليل أو التعليل؟ أرجو الإسراع في الإجابة.
الجواب :
الحمد لله وحده وبعد: فإن طلاق النفساء والحائض محرم وقد اختلف العلماء في وقوعه واحتسابه فذهب جمهور العلماء إلى وقوعه مع الإثم مستدلين بأدلة منها أن ابن عمر – رضي الله تعالى عنه – طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر – رضي الله عنه – رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فقال: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ومسلم (1471) قالوا: فأمره النبي – صلى الله عليه وسلم – بالمراجعة وهي لم شعث النكاح وإنما شعثه وقوع الطلاق ... وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يقع مستدلين بما رواه أبو داود (2185) بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم وغيرهما من حديث ابن عمر السابق وفيه: فردها علي ولم يرها شيئاً، انظر تفصيل ذلك في المحلى (9/381) وزاد المعاد (5/218 – 241) والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح طلق رجل زوجته، وهو بكامل قواه العقلية طلقة واحدة، وهي حامل في الشهر الأول، فما الحكم جزاكم الله خيراً؟ وهل لها عدة؟ وكم مدتها؟ وهل يجوز لها الخروج من المنزل إذا كانت معلمة؟
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/2)
من طلق زوجته وهي حامل طلقة واحدة فطلاقه طلاق سنة، وعليها العدة الشرعية حتى تضع حملها، قال تعالى:"وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً"[الطلاق:4]، وللزوج مراجعتها ما دامت في العدة إن كانت هذه الطلقة الأولى أو الثانية وكان الطلاق بدون عوض، قال ابن عباس –رضي الله عنهما- إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين وهي حامل فهو أحق برجعتها ما لم تضع حملها، وهو قوله:"ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر" [البقرة:228] رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (2/448) والبيهقي (7/367)، ولا يجوز للمطلقة الرجعية الخروج من بيت زوجها، ولا يجوز إخراجها حتى تنتهي عدتها، لقوله تعالى:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً"[الطلاق:1]، أما الخروج للحاجة فلا بأس به مع التزام الحجاب الشرعي والرجوع لمنزل الزوجية بعد انتهائها، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل أ.د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا شاب متزوج، ولي ولد وبنت من زوجتي، وحصلت مشادة كلامية عنيفة بيننا، وحاولت خلالها ضبط النفس ما أمكن، ولكن مع الإصرار الشديد والتكرار الملح في طلب الزوجة للطلاق، أردت بادئ ذي بدء أن أردعها بطلاق مشروط، كأن أقول لها إذا فعلت كذا فأنت طالق، ولكن تملكني الغضب إلى درجة أن ضربتها ورفعت صوتي عليها وقلت لها أنت طالق؛ -أي أنني لم أشترط-، والمشكلة أنني عندما تلفظت بالطلاق كنت أريد قول الشرط ولكن لم أقله.
مع العلم أنني طلقتها في طهر بعد جماع بيننا، وأن هذه الطلقة الأولى.
أفيدونا، ما الحكم أثابكم الله؟(1/3)
الجواب :
الزواج رابطة مقدسة تقوم على أركان ثلاثة (السكن – المودة – الرحمة)، ويتعين على كل من الزوجين المعاشرة بالمعروف، وبذل الجهد في حسن الصحبة، وإزالة ما يسبب الأذى وينغص العيش، ولا يحل للزوج إيذاء زوجته بلسانه أو بيده، وعليه أن يتقي الله فيها، ويتأسى بالمصطفى –عليه الصلاة والسلام-"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" الترمذي (3895) وابن ماجة (1977)، وقوله –عليه الصلاة والسلام-:"استوصوا بالنساء خيراً" البخاري (5186) ومسلم (1468) وقوله –عليه الصلاة والسلام-:"لا يفرك مؤمن مؤمنة إن ساءه منها خلق سره منها آخر" مسلم (1469) ومعناه "لا يمقت ولا يسخر".
وإذا عاملت الزوجة زوجها بالمعروف، وبذلت الجهد في حسن الصحبة فإن إيقاع الطلاق عليها يعتبر جناية، بل جريمة في حقها؛ لقوله –تعالى-:"فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً" [من 32سورة النساء].
يعتبر الطلاق في مثل هذه الحالة محظوراً، والمطلق آثماً، على أن الطلاق في العادة الشهرية أو في الطهر الذي حصل فيه اتصال جنسي يعتبر طلاقاً بدعياً، ويرى بعض العلماء أن الطلاق البدعي لا يقع، ولكن خروجاً من الخلاف فلك أن تراجع زوجتك ما دامت في العدة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح لقد قمت بتطليق زوجتي على ثلاث مراحل متفرقة، وذلك لاستحالة العيش بيننا، ولي منها بنتان صغيرتان وإليك تفصيل ذلك:
في المرة الأولى قمت باللجوء إلى والدها، وقلت له إنني قد طلقت ابنته، ثم بعدها رجعت إلى البيت وأعلمتها بذلك -أنني طلقتها بحضرة والدها– ولم أتلفظ لها، بل أعلمتها فقط وتركتها بالبيت وغادرته أنا.
في المرة الثانية وبعد ثلاثة أو أربعة أيام من الطلقة الأولى رجعت إلى المنزل وزاد الشجار بيننا، فتلفظت بكلمة الطلاق، ثم خرجت وأنا في غضب كبير.(1/4)
ثم بعدها في المرة الثالثة رجعت إلى المنزل لأحثها أن تلتزم بيت أهلها، فرفضت ورفضت حتى الطلاق، وكنت أقول لها وبالكلمة المؤكدة أن ما بيننا مستحيل وأنها طالق ولم أنو طلقة، ولكن تأكيداً للطلقات الأولى والثانية.
لجأت بعدها للقضاء وتم التطليق عن طريق القاضي، وهي وإلى اليوم في البيت لم تغادره تعيش الإهمال هي وبنتاي الصغيراتان، أهملت تماما من طرف أهلها الذين رفضوا عودتها أو حتى السؤال عنها.
وفرضت علي تعويضات خيالية جراء تطليقي لها، ولم أستطع تسديد ما ترتب عليّ من غرامات، وحرمت من العودة إلى بيتي إذ إنني خارجه ومضطر لذلك،
والسؤال:
هل أُعَد قد طلقتها ثلاث مرات؟ مع العلم أنني تلفظتها لوالدها أولا وأعلمتها بذلك، ثم تلفظت لها ثانياً: وبتصريح منها أنها كانت في فترة الحيض-، ثم تأكيداً بأنها مطلقة.
ثالثا: كنت أنوي الطلقات الأولى والثانية.
وماذا بعد أن طلقتها عن طريق القاضي، فهل أحتكم إلى القاضي أم إلى ما بدر مني من طلقات؟ أنتم أملنا والأمل في الله أولا وأخيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد ذكر الأخ السائل أن إحدى الطلقات وقعت على زوجته وهي حائض بإقرارها بذلك، فإن صدقها على ما ادعته فإن طلاق الحائض المدخول بها محرم، وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر –رضي الله عنه- رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال:"مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252) ومسلم (1471) قالوا: فأمره النبي –صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة والمراجعة لا تكون إلا بعد وقوع الطلاق.(1/5)
وذهب جمع من العلماء منهم ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني وغيرهم رحمهم الله تعالى إلى أن الطلاق المحرم لا يقع ومنه طلاق الحائض، مستدلين بأدلة كثيرة منها ما رواه أبو داود (2185) بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في الهدي (5/226) وغيرهما من حديث ابن عمر –رضي الله عنهما- المذكور أعلاه وفيه:"فردها علي ولم يرها شيئاً"، قال الشوكاني رحمه الله تعالى:"إسناد هذه الرواية صحيح، ولم يأت من تكلم عليها بطائل" أ.هـ (وبل الغمام 2/70) وقد سئل ابن عمر –رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال:"لا يعتد بذلك" رواه ابن حزم (10/163) بإسناده إليه، قال ابن القيم:"إسناده صحيح" زاد المعاد (5/236)، كما صححه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في التلخيص الحبير (3/206)، وعدم وقوع الطلاق على الحائض أفتى به شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز –رحمه الله تعالى-، انظر: الفتاوى (21/383)، ومن تأمل الأدلة وجمع بينها تبين له قوة هذا القول والله تعالى أعلم، انظر: المحلى (10/163) زاد المعاد (5/218) وبل الغمام للشوكاني (2/69) الروضة الندية (2/105) جلاء العينين (268).(1/6)
أما فيما يتعلق بطلاق الغضبان فالغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما ذكر العلماء: الأول: غضب يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع. الثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده فهذا يقع طلاقه. الثالث: أن يستحكم الغضب ويشتد به، فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال قال ابن القيم:"وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه" انظر: زاد المعاد (5/215) ورجحه شيخنا العلامة ابن باز رحمه الله تعالى. الفتاوى (21/373) وذلك لما رواه أحمد (6/276) وأبو داود (2193) والحاكم (2/216) وصححه من حديث عائشة –رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"لا طلاق ولا عتاق في إغلاق"، وفسر جمع من أهل العلم الإغلاق بالغضب، وما ذكره الأخ السائل من أنه أخبر مطلقته بأنها طالق ولم يُرد إيقاع الطلاق، ولكن أراد التأكيد فهذا يُقبل منه ديانة فيما بينه وبين الله تعالى، أما قضاء فلا يقبل، وقد ذكر الأخ السائل أنه طلب من مطلقته الخروج من البيت بعد طلاقه، لها وهذا لا يجوز لقوله تعالى:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" [الطلاق:1]، فلا يجوز للرجل أن يخرج مطلقته الرجعية من بيته حتى تنتهي عدتها، وقد ذكر الأخ السائل أن القاضي قد طلق عليه، فإن كان القاضي يحكم بالشرع المطهر لا بالقوانين الوضعية فعليه مراجعته للنظر فيما ادعاه، فإن أمضى الثلاث عليه فقد لزمته لكون هذه المسائل المذكورة من المسائل الخلافية، وحكم القاضي الشرعي يرفع الخلاف، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
2- الطلاق الرجعي والبائن(1/7)
سئل الشيخ .د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هل تحل المرأة البائن لزوجها الأول بالعقد أم بالجماع؟
الجواب :
المرأة البائن بالطلقة الثالثة لا تحل لزوجها الأول حتى تتزوج ويطأها زوجها الثاني وهو لا ينوي التحليل لقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة ( .. لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) وإن كانت بائناً بفسخ ونحوه لا بالطلقة الثالثة فإنها تحل لزوجها الأول إذا عقد عليها ولو لم تتزوج غيره .
سئل أ.د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لو طلق رجل زوجته طلقتين ثم بانت منه لانتهاء عدتها ، ثم تزوجت غيره، ثم طلقها وبعد انتهاء عدّتها تزوجها الأول . فهل تحسب عليه الطلقتان السابقتان في العقد الأول؟ أم أنه ملك بالعقد الجديد ثلاث طلقات كاملات؟
الجواب :
الذي عليه أكثر أهل العلم، وهو قول جمهور الصحابة أنه لا يملك منها إلا واحدة.
وتسمى هذه المسألة مسألة (الهدم). إذ أن من أهل العلم من يقول بالاستئناف ، كما لو طلقت ثلاثاً ثم تزوجت، ثم طُلقت فعادت للأول. واحتجوا بأن الزواج الثاني يهدم الثلاث فمن باب أولى أن يهدم ما دونها.
سئل الشيخ سلمان بن عبدالله المهيني القاضي بوزارة العدل إذا قام الزوج بتطليق زوجته طلقة رجعية فهل يصح له إخراجها من البيت بحجج كثيرة؟ وإذا لم يرجعها إلى عصمته خلال فترة العدة التي هي ثلاث قروء (3 حيضات) طبعاً تعتبر طالقاً منه، إلا إذا رغبا بالعودة فمهر وعقد قران جديدين؟ سؤالي إذا قام الرجل بعدم إرجاع زوجته فهل يكتب (كتابه) في ورقة الطلاق أن المهر ليس من حقها، أو إذا كانت هناك أية شروط أو اتفاق أو إجبار للزوجة على أمور، فهل تكتب أو تذكر في ورقه الطلاق؟.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.(1/8)
يجب على المطلقة الرجعية أن تبقى في بيت الزوج مدة العدة، ويحرم عليها أن تخرج من البيت، كما يحرم على الزوج أن يخرجها منه بغير حق، وذلك أن للزوج- طوال مدة العدة- أن يراجعها ويردها إلى بيت الزوجية مرة أخرى- إذا كان هذا هو الطلاق الأول أو الثاني- وفي وجودها في البيت قريباً منه إثارة لعواطفه وتذكير له أن يفكر في الأمر مرة ومرة قبل أن يبلغ الكتاب أجله، وتنتهي أشهر العدة التي أمرت أن تتربصها استبراء للرحم، ورعاية لحق الزوج وحرمة الزوجية، والقلوب تتغير، والأفكار تتجدد، والغاضب قد يرضى، والثائر قد يهدأ، والكاره قد يحب.
وفي ذلك يقول الله تعالى في شأن المطلقات: "واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" [الطلاق: 1].
وقال – صلى الله عليه وسلم-: "إنما السكنى والنفقة لمن يملك الرجعة" رواه الدارقطني في سننه (4/22)، وفي لفظ آخر: "إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة" رواه النسائي (3403). قال ابن القيم: وإسنادهما صحيح ا.هـ. (زاد المعاد) (5/226).
وقال الشوكاني – رحمه الله- ومع هذا كله فوجوب السكنى للرجعية مجمع عليه. ا.هـ. (السيل الجرار) (2/391).
وقال ابن المنذر: وأجمعوا على أن للمطلقة التي يملك زوجها الرجعة: السكنى والنفقة. ا.هـ. (الإجماع) (ص48).
وأما ما يتعلق بورقة الطلاق وما يتم كتابته فيها فهذا يختلف فيه الحال بما يكون عليه الطلاق من فدية خلع واتفاق على نفقة الأولاد، والأمر في إثباته وعدمه راجع للمحكمة المختصة. والله أعلم.
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية طلق رجل زوجته ثلاث طلقات في الوقت نفسه، وبعد الطلاق بخمسة أيام جامعها، مع أنها لم تترك البيت بعد الطلاق حتى الآن، فهل تعد طالقاً منه؟ ولكم جزيل الشكر.(1/9)
الجواب :
إذا كان الواقع كما ذكر السائل فإن هذه التطليقات الثلاث تعد طلقة واحدة؛ لكون الزوج أوقعها جميعاً في نفس الوقت، أما بالنسبة للجماع فإن كان جامع بنية الرجعة أي إرجاع الزوجة إلى عصمته فهو جائز، ويعد هذا الجماع إرجاعاً فعلياً للزوجة مع النية –كما سبق-.
أما إن كان جامع بدون نية الإرجاع فهو محرم، وعليه أن يراجع زوجته أولاً بقوله: راجعتك ثم إذا شاء جامعها، والله أعلم.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة تشاجر زوجان، وخلال نقاشهما للموضوع طلقها طلقة وهو غاضب، ثم خرج لمدة 15دقيقة، وعند عودته ناقشها في الموضوع مرة أخرى، وكان ما يزال غاضباً فطلقها طلقة أخرى، فهل يعد طلاقها طلاقاً بائناً بينونة كبرى؟ وهل إذا طلقها طلقة أخرى لا تحل له إلا إذا تزوجت من غيره فطلقها أو مات عنها؟
الجواب :
الطلاق البائن هو الذي لا يملك فيه المطلق مراجعة المرأة، كما لو طلق زوجته قبل الدخول، أو إذا طلقها وانتهت عدتها فهذا طلاق بائن بينونة صغرى، لا تحل فيه المرأة لزوجها إلا بعقد ومهر جديدين.
أما البينونة الكبرى فهو الطلاق الذي لا تحل فيه المرأة لمن طلقها إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، وهو الطلاق الثلاث.
فإذا كان الزوج طلّق الطلقتين المذكورتين في السؤال ولم يطلّق قبلها فإن له مراجعة زوجته في عدتها، فإن انتهت العدة فله أن يعقد عليها عقداً جديداً مستكملاً لشروطه، ويكون قد بقي له طلقة واحدة مما يملك.
وإذا كان غضب الزوج عند تلفظه بالطلاق غضباً شديداً، حتى صار لا يفهم ولا يدري بماذا يتكلم فإن طلاقه لا يقع؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لا طلاق في إغلاق" أخرجه أحمد (6/276)، وأبو داود (2193) عن عائشة –رضي الله عنها- بإسناد حسن، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.(1/10)
سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أنا متزوج امرأتين: الثانية منهما تزوجتها بعقد زواج عرفي، وفي ظروف نفسية غير مستقرة قلت لها اذهبي فأنت طالق مرة واحدة ولم أنطقها ثلاثاً، فهل هي طالق؟ أم يجب الكفارة فقط؟.
الجواب :
قولك لها اذهبي فأنت طالق تعتبر طلقة واحدة، فإذا لم يكن سبق لك أن طلقتها قبل ذلك فإنك تراجعها ما دامت في العدة، أي قبل أن تحيض ثلاث حيض.
وتعود زوجتك، والمراجعة تكون بقولك راجعتك أو بفعل يدل على المراجعة كالجماع مثلاً، وهناك أسئلة مؤثرة في الحكم يلزمك بيانها ليتضح لك الحكم بشكل دقيق منها:
هل وقع الطلاق في فترة الحيض؟ وأنت تعلم بذلك؟ هل سبق أن طلقتها قبل هذه المرة؟ ما مقدار حالة الغضب؟ وهل هي بالقدر الذي يذهب العقل ويشل التفكير؟ وفقك الله.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سئلت عن رجل طلق زوجته ثلاثاً في ثلاثة مجالس، وبين كل مجلسين سنة تقريباً، وطلاقه ليس بدعياً كما تبين من كلامه، والمشكلة أنه لا يعرف بنتيجة ذلك لجهله، وقد وجدت اختلافاً بين العلماء في هذه المسألة فنرجو أن تفيدونا بارك الله فيكم.
الجواب :(1/11)
الحمد لله وحده وبعد: إذا كان الحال كما ذكر الأخ السائل فإن المرأة قد بانت من زوجها بينونة كبرى، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره- نكاح رغبة لا تحليل- فإن طلقها زوجها وخرجت من العدة جاز للزوج الأول أن يتقدم للزواج بها، بعد توفر أركان النكاح، وشروطه، وانتفاء موانعه، قال الله تعالى: "الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ" الآية، [البقرة: 229] إلى أن قال تعالى: "فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:230] ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في ذلك. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ عبد الله بن سليمان المخلف القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية أنا أدرس في بريطانيا وتزوجت من بريطانية بعد أن أعلنت إسلامها والحمد لله، ولكني أعيش هذه الأيام في أزمة نفسية شديدة، والسبب في ذلك أنني منذ خمس سنوات تقريباً طلقتها طلقة واحدة في حالة ضعف وغضب والعياذ بالله، واستمر ذلك لمدة ثلاثة إلى أربعة شهور تقريباً، بعد ذلك اتفقنا على الرجوع مرة أخرى، ورزقنا بابن ولد والحمد لله، ولكن هي قد اعترفت لي من قبل أنها في فترة انفصالنا منذ خمس سنوات ولطبيعتها العاطفية والساذجه لحد ما كوَّنت علاقة مع رجل آخر، وكانت بينهم علاقة جنسية قصيرة، مع أنني في حالة نفسية سيئة كما ذكرت، ولكن لم أذكر لها أن هذا هو سبب حالتي لكي لا أتعبها نفسياً معي بدون فائدة من ذلك، خاصة أنها الآن تقوم بواجباتها كأم وزوجة مسلمة، ولكن هناك سؤالين يقلقاني منذ فترة طويلة لا أستطيع أن أتحدث مع أحد في هذا الموضوع؛ لأنه لم يعلم أحد من أهلي ما حصل.(1/12)
1. هل رجوعي لها بدون مراجعة المركز الإسلامي كان شرعياً، مع أنني طلقتها طلقة واحدة فقط وانفصلنا لأكثر من ثلاثة شهور؟ أعني هل كان لابد ومن وجود شيخ وشهود مرة أخرى أو غير ذلك؟ أم أن نيتي بالرجوع تكفي؟
2. هل بقائي معها -مع علمي بأنها زنت في فترة الانفصال- يعتبر غير شرعي أيضاً؟ إذا كان كذلك ، ما الذي يجب علي عمله؟
أرجو أن تفيدونا يا فضيلة الشيخ بأسرع وقت ممكن، أثابكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء.
الجواب :
أولاً: إذا كانت المراجعة للزوجة تمت قبل نهاية عدتها؛ والعدة هي وضع الحمل أو قبل أن تحيض ثلاث حيض وتطهر من الثالثة أو ثلاثة أشهر للصغيرة والآيسة، فإن كانت قبل ذلك فالرجعة صحيحة ولكن لابد من الإشهاد عليها، وإن كانت بعد نهايتها فهي أجنبية عنك وفعلك منكر عظيم ولا تحل لك إلا بعقد جديد بولي وشاهدين، وتحسب عليك الطلقة السابقة.
ثانياً: ما دامت زوجتك لم تخبرك إلا بعد زمن طويل بما حصل فليس عليك شيء إن شاء الله، وتواصل معها بتذكيرها وتعليمها ما يجب عليها تجاه ربها وتجاه زوجها، وما يجب عليك أولاً: التوبة إلى الله من هذا الفعل بحسب حالك مما ذكر بعاليه .
ثانياً: الواجب عليك أن تسأل أهل العلم والتقوى، ولا يحل لك التساهل في أمر الفروج ولن يؤتى الإنسان إلا من الجهل أو الهوى نعوذ بالله.
ثالثاً: عليك سرعة الابتعاد عن المرأة وتجديد العقد، أو على الأصح إجراء العقد بكامل شروطه إن كنت راجعتها بعد مضي العدة .
رابعاً: أنصحك أخي الكريم باجتناب مواضع الغضب، وإذا وقعت فيه فاستعذ بالله وتوضأ واجلس إن كنت واقفاً، واضطجع إن كنت جالساً، فإن ذلك يذهب الغضب. ولا تتصرف حال الغضب بقول ولا فعل تندم عليه، واحذر الطلاق فإنه لا يشرع إلا إذا تعذَّرت العشرة الزوجية كما في كتاب الله .
خامساً: الولد ولدكما؛ لأن الأصل بقاء الزوجية إن شاء الله والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(1/13)
سئل الشيخ ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر ما هو حكم من لا تلتزم بأحكام عدة الطلاق الرجعي؟ وشكراً لكم.
الجواب :
اتفق أهل العلم على مشروعية العدة ووجوبها عند وجود سببها؛ لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ" [البقرة: من الآية228]، ولا يجوز للمرأة عدم الالتزام بالعدة.
وقد اتفق أهل العلم على أنه لا يجوز لغير مطلق المطلقة الطلاق الرجعي نكاح المعتدة، وذلك لحفظ الأنساب وصونها من الاختلاط، فإن عقد النكاح على المعتدة في عدتها من أجنبي فرق بينها وبين من عقد عليها؛ لقوله تعالى: "وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ"، والمراد تمام العدة، والمعنى لا تعزموا على عقد النكاح في زمان العدة، وفي الموطأ أن طليحة الأسدية كانت زوجة رشيد الثقفي وطلقها فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها وفرق بينهما، ثم قال عمر: أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ثم إن شاء كان خاطباً من الخطاب، وإن كان دخل بها ففرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من الأول ثم اعتدت من الآخر ثم لا ينكحها أبداً.(1/14)
سئل الشيخ راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف بالنسبة لحكم الطلاق المكرر ثلاثة مرات في مجلس واحد؛ أي مثلا (يا فلانة بنت فلان أنت طالق طالق طالق)، إذا كان يرى من له حق الصلاحية من العلماء بالإفتاء في الطلاق بوقوع الطلاق البائن بهذا اللفظ، وعند مراجعة كبار العلماء في هذا قالوا بأن الشيخ هذا له رأي خاص في مثل هذه المواضيع، ولا يرغبون الدخول فيها،على الرغم من المرور على عدد كبير منهم ولعدة أيام مضت، فهل يجوز لي الأخذ برأي من خالف في هذا الرأي من الفقهاء؟ وقال بأن هذا التكرار يعد طلقة واحدة دونما الرجوع لأحد من العلماء الذين لم يفتوني، خاصة وإنني أرغب وزوجتي في الرجوع للحفاظ على طفلنا والطفل الذي هي حامل به حاليا إذا كتب الله له العمر، ولدينا رغبة في عدم العودة لمثل هذه المواقف، أوضحوا لي مأجورين ونفع الله المسلمين بعلمكم ونفعكم بما علمكم.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
أولاً: إيقاع الطلاق بهذه الصفة محرم؛ لأنه طلاق بدعي، واجب فاعله التوبة والاستغفار.
ثانياً: اللفظ محل خلاف كما ذكر السائل، ولكن لا يصح للعامي أن يتخير من أقوال العلماء، بل الواجب أن يستفتي من وثق بدينه وعلمه، ولا يجوز له تكرار السؤال حتى الوصول إلى مرغوبه من الفتاوى، وبإمكان السائل الكريم الرجوع إلى المحكمة أو مكاتب الدعوة لتسجيل واقعة الطلاق لديهم، ومن ثم رفعها للمفتي العام للمملكة، وسيجد مخرجاً بإذن الله إن اتقى الله –تعالى- "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً" [الطلاق من الآية:2] وبالله التوفيق.
3- طلاق الغضبان والسكران والمكره
سئل أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
أقسمت على زوجتي يمين طلاق صريح فقلت لها:"أنت طالق" ثم راجعتها بالجماع قبل انقضاء العدة.(1/15)
وفي حالة غضب شديد تتطاولنا فيه على بعضنا فقلت لها:"أنت طالق" وبمجرد النطق باليمين سكن غضبي وسكت وانصرفت عنها وعادت الحياة بيننا في هدوء.
وبعد مدة وقعت مشاجرة بيننا انتهت كسابقتها بيمين طلاق صريح "أنت طالق" وبمجرد النطق به سكن الغضب وعدت لسكوني وهدوئي.
سألت بعض المشايخ فقالوا لي: يمكن اعتبار اليمينيين الأخريين يميناً واحداً نظراً لحالة الغضب الشديد.
وقعت الخلافات بيننا مرة أخرى فذهبت إلى المأذون الشرعي وطلبت منه تحرير وثيقة طلاق لزوجتي ووقعت عليها بيدي دون أن أقسم باليمين.
السؤال: ما هو حكم العلاقة بيني وبين زوجتي حالياً؟ وهل تحل لي أم لا؟
ملاحظة: في الفترة ما بين اليمين الثاني والثالث أشار علي أحد الأصدقاء بعرض زوجتي على شيخ ممن يعالجون بالقرآن الكريم وبالفعل عرضتها فتبين أن عليها جن مسيحي نطق في وجودي وقال:"أنا جعلته يطلقها مرتين ولا بد أن يطلقها الثالثة ولن يعيشا في راحة أبداً".
أفيدونا، جزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(1/16)
فالجواب: أن الطلاق في الغضب على أقسام وكل قسم له حكم قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:"الغضب على ثلاثة أقسام أحدها: ما يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع. والثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وما يقصده فهذا يقع طلاقه بلا نزاع. والثالث: أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال فهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوى متجّه" انتهى كلامه –رحمه الله-. قلت وبناءً على ما تقدم فإننا لا نعرف حال غضب السائل حين طلاقه حتى تتم الإجابة عن سؤاله، لكن على السائل أن يذهب إلى الحاكم الشرعي في بلاده أو المفتي فيعرض عليه القضية بتفاصيلها، والحاكم الشرعي سيبين له الحكم ويفتيه –إن شاء الله- وقد يتطلب الأمر حضور زوجته للنظر في ملابسات الأمر.
هذا وما ذكره السائل في آخر سؤاله من أنه تبين أن على زوجته جني مسيحي وأنه هو الذي جعل الزوج يطلق ....إلخ، أقول هذا من تلبيس الشيطان وعلى السائل ألا يلتفت إليه فهي دعوى خرافية على المسلم أن يرفضها ويتكل على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.
سئل الشيخ راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف إثر خلاف حاد بيني وزوجتي فقدت التحكُّم في تصرفاتي فوجدت نفسي قائلاً:إذا لم يعجبك فأنت طالق بغير أن أقصد الطلاق نفسه، وأنا على الأقل اعتبرتها (زلة لسان) على عكس زوجتي التي أخذت الأمر جدياً أكثر من اللازم، والسؤال: هل يقع الطلاق أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
الأخ الكريم علق طلاقه على شيء غير معروف، وهو رضا المرأة بما حصل من تصرفاته فهل رضيت أم لا؟ ثم إن الطلاق الصريح لا يرجع فيه إلى قصد المتلفظ، إلا إذا حفت به ظروف تغير دلالته، كأن يكون القصد الحث أو المنع عند التعليق.(1/17)
ثم هل المرأة حائض أم طاهر؟ فإن كان الثاني فهل هو طهر حصل فيه جماع أم لا؟ الحكم ينبني على معرفة ذلك، وأوصي الأخ الكريم بمراجعة أقرب محكمة لأخذ الجواب منها، ومن ثم إفادته بالحكم أو إرساله للإفتاء.
وأنصح أخي الكريم ألا يتعود استخدام هذا اللفظ إلا عند الإرادة الجادة، وبعد تأن وترو في وضعه، والله أسأل أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم.
قبل أسبوعين طلقت زوجتي وهي حامل، وكان هذا الطلاق هو الثالث، نما إلى علمي مؤخراً أن هناك ثلاثة إشكالات فيما يخص الطلاق في حالة الغضب:
الأول: الطلاق أثناء الغضب الذي يفقد الإنسان معه الإحساس بالكلية، وهذا الطلاق لا يقع حسب رأي الفقهاء.
الثاني: الطلاق أثناء الغضب بدرجة أقل، لكنه غضب شديد، وفهمت منه وجود اختلاف في آراء الفقهاء في وقوعه، وأن الصحيح أنه لا يقع حسب ما رأى ابن باز وابن عثيمين وابن القيم وابن تيمية.
والثالث: الطلاق بأقل درجات الغضب، واتفق الفقهاء أنه يقع.
والذي حدث معي حين طلقت زوجتي أول مرة قبل سنتين هو بالتأكيد من النوع الثاني من الغضب، لكنني في ذلك الوقت لم أكن أعرف الحكم الشرعي في الطلاق أثناء الغضب، لذلك حسبته كطلاق أول.
الآن وقد علمت ما علمت، هل يجوز لي اعتبار الطلاق الأول كأنه لم يقع، وعليه تكون زوجتي في الطلاق الثاني وليس الثالث؟ مع العلم أن كل شيء بخصوص الطلاق بخلاف ما ذكرت تم وفقاً للسنة ولم أطلقها، أي: طلاق بدعي.
أعانكم الله على الجواب، وأنا أريد عودة زوجتي بالحلال.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فالغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما ذكر العلماء:
الأول: غضب يزيل العقل، فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع.
الثاني: ما يكون في مباديه، بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول، وقصده فهذا يقع طلاقه.(1/18)
الثالث: أن يستحكم الغضب ويشتد به فلا يزول عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال. قال ابن القيم: (وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه). انظر: زاد المعاد(5/215)، وقال: (هذا موضع الخلاف، ومحل النظر، والأدلة الشرعية تدل على عدم نفوذ طلاقه). انظر: إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان(39)، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى- بقوله: (إن غيره الغضب ولم يزل عقله لم يقع الطلاق؛ لأنه ألجأه وحمله عليه فأوقعه، وهو يكرهه ليستريح منه فلم يبق له قصد صحيح فهو كالمكره، ولهذا لا يجاب دعاؤه على نفسه وماله، ولا يلزمه نذر الطاعة فيه). انظر: المبدع(7/252) الفروع(5/282)، الإنصاف(8/432)، ورجحه شيخنا العلامة ابن باز – رحمه الله تعالى-، الفتاوى(21/373)، وذلك لما رواه أحمد(6/276)، وأبو داود(2193)، والحاكم(2/216)، وصححه من حديث عائشة – رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لا طلاق ولا عتاق في إغلاق"، وفسر جمع من أهل العلم كأحمد وأبي داود وغيرهم الإغلاق بالغضب، وقد أفرد العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالى- هذه المسألة بمصنف جمع فيه الأدلة من الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة – رضي الله عنهم – والتابعين، وذكر أن عدم الوقوع مقتضى القياس الصحيح والاعتبار وأصول الشريعة، وأجاب عن أدلة الموقعين، ومن قرأ ما كتبه اطمأن لقوله – رحمه الله تعالى-، لذا فإن كانت الطلقة الأولى أوقعتها وأنت غضبان غضب القسم الثالث وصدقتك زوجتك على ذلك، ولم يصدر حكم من قاض شرعي بوقوعه فإن الطلاق المذكور لم يقع، أما إن لم تصدقك زوجتك على ذلك أو صدر حكم من قاض شرعي بوقوعه فقد لزمتك؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(1/19)
سئل الشيخ عمر بن عبد الله المقبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لدي مشكلة تتمثل في سرعة غضبي، وحلفي باليمين لزوجتي عندما تحدث مشكلة بيننا، ولكن ليس لديَّ أي رغبة في الطلاق، وإنما أود فرض كلمتي في البيت، وقد حدث الحنث مرتين، أفيدوني يرحمكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الجواب :
إذا كان غرضك من الطلاق الحث أو المنع فهو – على الراجح من أقوال العلماء – يمين تكفرها بكفارة اليمين الواردة في آية المائدة، وهي قوله تعالى: " لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89].
وأما قولك – أخي الكريم – إنني ألجأ لهذا من أجل فرض كلمتي، فإن هذا ليس بأسلوب شرعي، بل هو أسلوب يلجأ إليه من عجز عن ترويض زوجته، وتربيتها على طاعته واحترامه.
إنه من السهل جداً – أخي الفاضل – أن يشهر الزوج هذا السلاح (سلاح الطلاق) في وجه زوجته كلما أراد فرض رأيه، ولكن هل هذا هو الأسلوب الصحيح؟ كلا ... وكم هو الفرق بين رجل هذه حاله، وبين رجل يفرض احترام زوجته له بحسن خلقه، وحسن معاشرتها بالمعروف، وتبادل الكلمات الطيبة التي تزيد المودة والمحبة بينه وبين زوجته.
وتأمل – رعاك ربي – في سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – مع زوجاته، كيف كانت؟ مع أنه رسول رب العالمين! كانت غاية في الرحمة والشفقة، وحسن العشرة، وطيب الكلام، وتمام العدل بينهن.
4- الحلف بالطلاق وتعليق الطلاق بالشروط(1/20)
سئل الشيخ د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
متزوج ولي ثلاثة أطفال، تشاجرت مع زوجتي في السيارة ونحن ذاهبان إلى بيت أهلها فقلت لها :اخرجي واذهبي.
ولكنها أصرت على العناد ومواصلة الشجار. فما كان مني إلا أن هددتها بالطلاق. فقلت لها بالحرف الواحد: إذا لم تنزلي الآن فأنت طالق. فاستمرت في عنادها وفي ذلك الوقت قمت من مكاني وأخرجتها بالقوة وليس في نيتي أن يتم الطلاق.
هل يعد هذا طلاقاً ؟ علماً بأنها المرة الأولى وجزاكم الله ألف خير
الجواب :
إن كنت تقصد تخويفها لكي تحملها على النزول من السيارة ، فهو يمين باتفاق العلماء، وإن كنت تقصد أنها إن بقيت في السيارة فلا تصلح زوجةً لك فيجب أن تفارقها فهو طلاق، فعلى الأول يلزمك كفارة يمين، وعلى الثاني تطلق منك طلقةً واحدة ولك مراجعتها، لأنها في الحقيقة لم يحصل منها نزول، وإنما أنزلت قهراً، إلا أن تكون نويت مُطْلَق الخروج من السيارة فلا شيء عليك حينئذ، لأنها في واقع الأمر صارت خارج السيارة، وفقنا الله وإياكم للتبصر في دينه.
سئل الشيخ هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما رأي فضيلتكم في رجل حلف على زوجته عند خروجه من المنزل بأنها لو خرجت بعد أن يخرج سوف تكون طالقاً، وبعد فترة من الوقت ظل الرجل خلالها داخل المنزل ثم بعد ذلك خرجا معاً، فما حكم حلف الطلاق هنا؟ وهل عليه شيء كحلف اليمين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإذا قال الزوج لزوجته إن خرجت من المنزل بعدي فأنت طالق، فإن كان قصده تعليق الطلاق وإيقاعه بخروجها من بيته بعد ما يخرج منه، فإن خرجت بعده وقع الطلاق طلقة واحدة، فإن لم تخرج فلا يقع شيء.(1/21)
أما إن كان قد قصد بقوله ذلك منعها من الخروج وحملها على عدم الخروج من بيته إذا خرج هو، ثم خرجت بعد ذلك فإن حكمه حكم اليمين، فعلى الزوج كفارة اليمين في أصح قولي العلماء، حيث اختلف أهل العلم في مثل هذه المسألة، فمنهم من رأى أن المعلق يقع متى ما وقع الشرط، ولو كان المعلق أراد المنع كما في هذه المسألة، وكمن قال لزوجته: إن شربت الدخان فأنت طالق، أو إن كلمت فلانة أو ذهبت لبيت فلانة، أو أكلت عند فلانة فأنت طالق وقصد منعها وتخويفها فإنه يقع وهو قول الأكثرين.
وذهب بعضهم إلى التفصيل كما سبق، فإن كان المعلق قصد منعها وتخوفيها وتحذيرها من هذا الفعل ولم يرد أن يوقع الطلاق فإنه لا يقع، ويكون حكمه حكم اليمين، وعليه كفارة اليمين إن فعلت زوجته ما منعها منه أو علق طلاقه لها عليه؛ لحديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- في الصحيحين قال سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري (1) ومسلم (1907) واللفظ له من حديث عمر – رضي الله عنه -، وهذا لم ينو طلاقاً وإنما نوى منعاً وتخويفاً وتحذيراً، وعليه فلا يقع الطلاق، وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر، أو أرز، أو بر، ونحو ذلك أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.(1/22)
أما إذا قصد المعلق بهذا القول إيقاع الطلاق إذا فعلت زوجته ما نهاها عنه فإن الطلاق يقع حينئذ إذا فعلته؛ لأن المرد إلى نية المتكلم، والأحكام الشرعية تبنى على مراد المتكلم وقصده من كلامه كما سبق في الحديث، وقد وردت آثار عن الصحابة –رضي الله عنهم- في وقوع الطلاق في مثل هذه المسألة وآثار أخرى في عدم وقوعه، والأظهر هو حمل الآثار كلها على ما سبق تفصيله، وبه يعمل بها كلها وهو الراجح، وهو اختيار ابن القيم – رحمه الله- كما فصَّل القول فيه في إعلام الموقعين (4/73)، وهي فتوى شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله- والله - تعالى - أعلم.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هل لفظ (عليَّ الطلاق) تعد من الحلف بغير الله –تعالى-؟
الجواب :
ليست من الحلف بغير الله الذي هو شرك؛ لأن هذا ليس مقصوده التعظيم، فالحلف الذي هو شرك هو الحلف الذي يقصد منه التعظيم، كالحلف بالنبي –صلى الله عليه وسلم-، وبشرف فلان وبالعزى واللات –كما يحلف المشركون-، ولكن هذا يسمى حلفاً من حيث المعنى؛ لأن المقصود من الحلف هو الحض والمنع، والذي يقول: عليّ الطلاق، أو إن فعلت كذا فعليّ الطلاق، أو عبيدي أحرار يقصد منع نفسه، كما يقول: والله لأفعلنّ كذا، أو لا أفعل كذا.
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية زوجي سألني يوماً وحلف علي بالطلاق إن لم أجبه بالصدق أن أكون طالق، فسألني عدة أسئلة فأجبته بالصدق إلا على سؤال واحد، وهو: إن كان لي من علاقة برجل قبله فأجبته بالنفي، إذ ستر الله علي فلم أرد أن أفضح نفسي، وخاصة أنه لو علم بذلك لصارت حياتنا جحيماً، الآن أنا لا أعلم هل أنا الآن طالق منه؟ وإن كان كذلك ماذا أفعل؟ أفيدوني -يرحمكم الله-.
الجواب :(1/23)
إذا كان زوجكِ يريد حثك على الصدق ومنعك من الكذب فقط ولم يرد إيقاع الطلاق فعلاً فإنه لا يقع بمثل هذا طلاق، ويؤيد أن هذا قصده أنه حلف بالطلاق -كما تقولين في سؤالك-، أما إن كان يريد إيقاع الطلاق فعلاً إن لم تصدقيه فإن الطلاق يقع إذا لم تصدقيه.
ويظهر لي أن مراد الزوج المعنى الأول؛ لأنه حلف به، أي: بالطلاق، وهذه الصيغة تستخدم عادة في الحث أو المنع دون إيقاع الطلاق، لكن لا بد من التأكد من الزوج حتى يبين نيته.
وإن كان يصعب عليكِ سؤاله مباشرة، فعليك التلطف معه وسؤاله بطريقة أو بأخرى؛ لأن الحكم يتوقف على معرفة نيته، والله –تعالى- أعلم.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة المطلوب هو معرفة الحكم الشرعي وإن كان هناك كفارة أم لا لكن الأهم الحكم الشرعي، قال رجل: عليَّ الطلاق لا أركب سيارة فلان. وبعدها ركبها.
ثم قال لزوجته: تحرمين علي مثل ظهر أمي، مع العلم أنه دفع بعد ذلك 36ديناراً قبل مضي شهر.
وفي المرة الثالثة قال لها: والله لو ما بقي غيرك في هذه الدنيا لما أقربك، وتحرمين علي طول حياتي.
فما هو الحكم الشرعي؟
الجواب :
أما قوله:"علي الطلاق لا أركب.. إلخ" فإن كان مراده التأكيد على عدم الركوب السيارة المذكورة، ولا يقصد إلا ذلك، ولا يرغب فراق امرأته فإن عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يأكل هو وأهله، ومقداره خمسة عشر كيلو غراماً من الرز ويكفي أن يغديهم أو يعشيهم، أو كسوتهم لكل واحد ما يستره لصلاته، فإن لم يستطع فيصوم ثلاثة أيام لقوله –تعالى-: "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام" [المائدة: 89]، وليس بطلاق.(1/24)
وأما قوله لزوجته:"تحرمين علي مثل أمي" فهذا ظهار، والظهار كما وصفه الله منكراً وزوراً فعليه التوبة منه، وألا يقرب زوجته حتى يفعل ما أمره الله به (في أول سورة المجادلة 1-4) ، فعليه عتق رقبة، يعني أن يحرر عبداً مملوكاً من الرق، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر بينهما إلا بعذر كسفر ومرض، فإذا لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً كما سبق في كفارة اليمين.
وأما قوله:"والله لو ما بقي غيرك..إلخ" فإنه جمع بين يمين تعرف كفارتها مما سبق وبين تحريم، والتحريم إن قصد به الطلاق فهو طلقة، وإن قصد تحريم زوجته أو لم يقصد شيئاً فهو ظهار، فإن كان ظهاراً فتكفيه كفارة واحدة عنه وعن الظهار السابق، وأما الدنانير فليست من جنس الكفارة.
والحاصل أن عليه كفارتي يمين وكفارة ظهار واحدة، مع التوبة إلى الله، وإن كان قصده في الأخير الطلاق فقد وقعت طلقة، وله مراجعة زوجته في عدتها، والله الموفق.
سئل الشيخ د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية حلفت لزوجتي أن أطلقها إذا ضربتها مرة أخرى، وبالفعل ضربتها فهل هي طالق ؟
الجواب :
هذه المسألة فيها تفصيل، وبيان ذلك أن يقال إذا كان السائل ينوي الطلاق بقوله إذا ضربتك أنتِ طالق وقع عليه الطلاق باتفاق أهل العلم؛ لأن هذا اللفظ صريح في الطلاق وقد اقترنت به النية فتطلق زوجته بذلك، ويقع عليه طلقة واحدة، وله أن يراجعها إذا لم يتقدم طلاق آخر. أما إذا لم ينوِ بذلك الطلاق وإنما نوى بذلك منع نفسه من ضربها فلا يقع عليه الطلاق، فيجب عليه كفارة يمين؛ لأنه معنى اليمين كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الأرجح . والله أعلم .(1/25)
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا حلفت على زوجتي إذا دخلت غرفة عند أهلها بقولي: "أنت حرام علي وطالق إن أنتِ دخلتِ هذه الغرفة"، وبعد ذلك ودون قصد منها دخلت الغرفة المقصودة ناسية، فما حكم ذلك؟
الجواب :
إذا كنت قلت لها: "أنتِ حرام علي وطالق...". تريد منعها من دخول تلك الغرفة، أي قلت هذا الكلام لمنعها من الدخول فهذا حكمه حكم اليمين، وإذا كانت زوجتك دخلت الغرفة ناسية كما تقول فلا شيء عليك؛ لأن من شروط وجوب كفارة اليمين فعل المحلوف على تركه ذاكراً، والله أعلم.
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا متزوج وحدث بيني وبين زوجتي خلاف، مما جعلها تذهب إلى أهلها، وبعد يومين اتصلت عليها لكي ترجع إلى بيتي فرفضت، فقلت لها: أنتِ طالق إذا لم تأت الليلة فلم تأتِ، وكانت في تلك الليلة حائضاً، مع العلم أنها أول طلقة، فما الحكم في ذلك؟ أرجو إفادتي. وهل تعد طلقة أم تكون يميناً؟
الجواب : إن كان قصدك حثها على الرجوع للبيت دون إيقاع الطلاق فهو يمين، وعليك كفارة يمين.
وإن كان قصدك إيقاع الطلاق، ففي طلاق الحائض خلاف بين الفقهاء، والأقرب أنها لا تطلق، وإن كان القول بوقوع الطلاق حال الحيض قول له وجاهته، لكن القول بعدم الوقوع أقوى، ويجب عليك أن تحذر من التسرع في الطلاق، لكي لا تقع في محذور لا مخرج لك منه، والله أعلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح رجل قال لزوجته: إن دخل أخوك البيت فأنت طالق بالثلاث، وكان ينوي الطلاق، وقد دخل أخوها البيت وبرضاها فما هو الحكم؟
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/26)
بما أن الزوج ينوي إيقاع الطلاق فإن الطلاق قد وقع بدخول أخيها البيت، وهل يقع واحدة أو ثلاثاً؟ فجمهور أهل العلم من الصحابة – رضي الله عنهم- والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة على وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً، وتبين منه زوجته بينونة كبرى، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل، وقد ذهب بعض أهل العلم كابن عباس –رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم وغيرهم –رحمهم الله تعالى جميعاً- أنه يقع به واحدة لما رواه مسلم (1472) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر - رضي الله عنه - وسنتين من خلافة عمر – رضي الله عنه - طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - : إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناةٌُ فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وقد بسط العلامة ابن القيم –رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (5/241-271) الأدلة على أن الطلاق الثلاث واحدة، ومن قرأها وأمعن النظر فيها تبين له قوة هذا القول، والله –تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
سئل الشيخ هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر زوجان نشأ بينهما خلاف بسبب فقدان مبلغ من المال، اتهم الرجل زوجته وطالبها باسترداد المال وإلا طلقها، أنكرت الزوجة التهمة واعتبرها زوجها طالق. السؤال: هل هذا الطلاق صحيح؟.وجزاكم الله خيراً.
الجواب :(1/27)
إذا طالب الزوج زوجته باسترداد المال المسروق وإلا فزوجته طالق ولم ترد الزوجة المال لإنكارها السرقة أصلاً ونوى الزوج بذلك طلاق زوجته؛ فإن طلاقه يقع حينئذ، أما لو قصد حثها على إعادة المال ولم يقصد إيقاع الطلاق ولم ترد إليه المال؛ فإن طلاقه لا يقع وإنما فيه كفارة يمين في أصح قولي العلماء لحديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - في الصحيحين البخاري (1) ومسلم (1907) قال سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهنا لم ينو الزوج طلاقاً وإنما نوى حثًا وتخويفاً، وعليه فلا يقع الطلاق وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أو كسوتهم، أو تحرير رقبة مؤمنة فإن لم يجد صام ثلاثة أيام. أما إذا قصد إيقاع الطلاق على ما علقه فإن طلاقه يقع بحصول الشيء المعلق، كما في هذا السؤال حيث اعتبر الزوج تعليق الطلاق بإعادة المال ولما لم تعد الزوجة المال قصد الطلاق وعليه فتقع طلقة واحدة. والله تعالى أعلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجي من النوع العصبي جداً جداً وحلف علي عدة مرات بالطلاق، ودائماً كان يذهب للشيخ من أجل أن يفدي يمينه، وهذه المرة الثامنة التي يحلف علي يمين الطلاق بعدم الكلام والذهاب لعند والدتي، وعن كل مرة ألتزم ولا أحاول أن يقع اليمين فما الحكم في مثل سهولة الحلف عنده؟ مع أنني لا أستطيع الابتعاد عن والدتي، ولا يريدني أن أبرها، ودائماً ما يسبها مع أنها لا حول لها ولا قوة بأي مشكلة قد تقع بيننا.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:(1/28)
من علَّق الطلاق على شرط أو التزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث؛ أي أن الزوج إن كان يقصد منع زوجته عن الكلام والذهاب بحلفه بالطلاق ولم يرد إيقاع الطلاق فعليه كفارة يمين في أصح قولي العلماء، وهي المذكورة في قوله تعالى:"لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون" [المائدة:89]، أما إن أراد الجزاء بتعليقه طلاق زوجته إن تكلمت مع من منعها الكلام معها، أو ذهبت إليها بعد قوله ذلك طلقت زوجته كَرِهَ الشرط أو لا، وأشير هنا أنه لا يجوز للزوج منع زوجته من محادثة والدتها وصلتها، بل الواجب عليه إعانتها على برها، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم.
سؤالي: حلفت يمين الطلاق أن أشتري جهاز استقبال فضائي، وأنا أتجنب شراءه بمعنى أنني حلفت أن أشتريه للاستعمال، هل في حالة عدم شرائي له يقع يمين الطلاق ولكم جزيل الشكر.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(1/29)
الحمد لله وحده، وبعد.. فإن كان الأخ السائل أراد من حلفه بالطلاق حثّ نفسه على شراء جهاز الاستقبال الفضائي، ولم يقصد إيقاع الطلاق ولم يشتر الجهاز فعليه كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89]، وهذا مذهب ابن عمر، وابن عباس، وأبي هريرة، وعائشة، وحفصة، - رضي الله عنهم- في العتق حكاه ابن القيم –رحمه الله تعالى- عنهم في إغاثة اللهفان (2/87)، والطلاق كالعتق، قال رحمه الله: وهؤلاء الصحابة –رضي الله عنهم- أفقه في دين الله، وأعلم من أن يفتوا في الكفارة في الحلف بالعتق، ويرونه يميناً ولا يرون الحلف بالطلاق يميناً، ويلزمون الحانث بوقوعه فإنه لا يجد فقيه شم رائحة العلم بين البابين والتعليقين فرقاً بوجه من الوجوه أ.هـ ، وإني أنصح الأخ السائل بشراء جهاز من الأجهزة المستعملة رخيصة الثمن وإتلافه خروجاً من الخلاف، مع الإشارة إلى أنه لا يجوز اقتناء الأجهزة المذكورة، لرؤية ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم – وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.(1/30)
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح قلت لزوجتي:إذا حصل حمل علي بالطلاق لن تحضري الحج، وسوف تسافرين إلى بلدك وذلك بشهادة شهود، ثم تدخلت الوالدة، وطلبت بقاءها إلى الحج، وهي حالياً حامل، وجالسة في انتظار الحج، ومقيمة معي بالمنزل، أرجو التوضيح، هل تعتبر طالقاً؟ وما مصير حجها؟ وكيف أعمل لإرجاعها؟ -بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً-
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد: فإن كنت تريد من تعليق الطلاق منع زوجتك من الحج بعد الحمل فإنه يجزئك كفارة يمين إن حنثتَ بأن حجت زوجتك بعد حملها في أصح قولي العلماء، وهذا إذا لم ترد إيقاع الطلاق، وكفارة اليمين هي المذكورة في قوله –تعالى-: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"[المائدة:89].
أما إن أردت الجزاء بتعليقك طلقت زوجتك إن حجت كرهت الشرط أو لا، فإن وقع الطلاق فهي طلقة واحدة، ولك مراجعتها ما دامت في العدة ما لم يكن قد سبق ذلك طلقتان، فإنها تحرم عليك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاح رغبة لا تحليل. والله –تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح
حلفت على زوجتي بالطلاق إن رفعت صوتها عند المشاجرة وسمعه أحد،ثم بدا لي غير ذلك، أي أني تراجعت عن حلفي في قرار نفسي، السؤال هل مازلت ملزماً بهذا الحلف؟ وماذا لو أنها رفعت صوتها بعد أن تراجعت عن حلفي؟ أفيدوني مأجورين.
الجواب :(1/31)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كان الحال كما ذكره الأخ السائل وكان قصده منع زوجته من رفع صوتها لا إيقاع الطلاق فعليه إن رفعت زوجته صوتها عند المشاجرة وسمعه أحد كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89]، وتراجع السائل لا يمنع الكفارة عند الحنث، لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" رواه مسلم (1650)، والله تعالى أعلم – وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه -.
5- مسائل أخرى في الطلاق
سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية شخص طلّق زوجته ، ولكنه غير متأكد من عدد الطلقات هل هي مرتين أم ثلاث ، فما الحكم ؟
الجواب :
إذا شكّ الزوج في وقوع أصل الطلاق ، أو شكّ في عدده ، فليبن على اليقين . وعلى هذا إذا شكّ هل طلّق أم لا ؟ فالأصل عدم وقوع الطلاق ؛ لأن النكاح أمر متيقّن ، والطلاق مشكوك فيه . ومن القواعد المقرّرة أن اليقين لا يزول بالشك . وإذا شكّ هل طلّق واحدة أو اثنتين فليجعلها واحدة ؛ لأن هذا هو المتيقّن .(1/32)
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح رجل مسلم لا نتهمه في دينه طلق زوجته طلقتين صحيحتين، ثم انتهت عدتها، ثم أخبرها أنه يرغب في الزواج منها مرة أخرى، ولكنه لا يستطيع وعدها بذلك، ولكنه يترك ذلك لأقدار الله، هل يجوز له الاطمئنان عليها عبر الهاتف أو السؤال عنها حين مرضها عبر الهاتف؟ أيضا إذا كان يراعي حدود الله في مكالمته وهي كذلك، وهل يجوز له أن يشتري لها بعض حاجتها ويعطيها إياها ويسأل عن حالها من وراء حجاب؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
لا بأس بمحادثة الرجل مطلقته بعد خروجها من عدتها فيما أباحه الله –تعالى- والاطمئنان على صحتها عند مرضها، وكذا الإحسان إليها، ووصلها من غير خلوة بها؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري (4935) ومسلم (1341) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم-: "لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان"، رواه أحمد (1/26)، والترمذي (2165)، وابن حبان
(5586)، من حديث عمر -رضي الله عنه-، والله –تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب متزوج وبيني وبين زوجتي مشاكل، وفي يوم ما حدث خلاف بيني وبينها حول طلبها لي تنفيذ أمر معين فرفضت تنفيذه، فخيرتني أن أطيعها في تنفيذ هذا الأمر أو أرسلها إلى بيت أهلها، فحاولت أن أحل الموضوع فلم أستطع، فأرسلتها إلى بيت أهلها بنية الطلاق، وفي الطريق سألتها متى تريد ورقة طلاقها؟ وكنت وقتها في حالة غضب، فلم ترد علي، فهل هذا يعتبر طلاقاً؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً، مع العلم أن زوجتي حامل و أريد مراجعتها الآن.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:(1/33)
فقد ذهب جمع من أهل العلم كأبي عبد الله بن حامد، والقاضي أبي يعلى، وغيرهم إلى أن الفرقة لا تقع إلا بالكلام لأن الفرقة فسخ النكاح، والنكاح يفتقر إلى لفظ، فكذلك فسخه، فعلى ذلك إن كان الأخ السائل لما ذهب بزوجته إلى أهلها لم يتلفظ بقول يدل على الطلاق صريحاً، أو كناية فإن مجرد ذهابه بها لا يعتبر طلاقاً، والله تعالى أعلم – وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح إذا قال رجل لزوجته: أمرك بيدك، قالت: أنا طالق منك، فهل هي طالق؟.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
قول الرجل لزوجته: أمرك بيدك من كنايات الطلاق الظاهرة، وتملك الزوجة طلقة واحدة، ما لم ينو أكثر من ذلك، فإن طلقت نفسها قبل أن يطأها، أو يفسخ ما جعله لها وقع عليها طلقة واحدة فقط، وهو مذهب أمير المؤمنين عمر وابن مسعود وأحد قولي زيد بن ثابت – رضي الله عنهم-، فقد جاء رجل إلى ابن مسعود – رضي الله عنه- فقال: قلت لامرأتي: جعلت الأمر بيدك، قالت: أنا طالق ثلاثاً، فقال ابن مسعود: أراها واحدة، وأنت أحق بالرجعة، وسأل عمر؟ فقال: وأنا أرى ذلك. رواه عبد الرزاق (6/520)، وسعيد بن منصور (1/418)، والبيهقي (7/347)، وعن زيد بن ثابت – رضي الله عنه- في رجل جعل أمر امرأته بيدها فطلقت نفسها ثلاثاً، قال هي واحدة، رواه عبد الرزاق (6/521)، والبيهقي (7/348)، والله تعالى أعلم، - وصلى الله وسلم- على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(1/34)
سئل الشيخ راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف والدتي وإخوتي يقيمون ببلد أجنبي، و لرغبة والدتي الشديدة في أن أكون معهم قدمت لي أوراق هجرة؛ لألحق بهم، وبعد العديد من السنوات استلمت الأوراق الخاصة للقيام بإجراءات الهجرة، ولكني فوجئت بأني لا أستطيع استكمال أوراق الهجرة؛ لأني متزوج، وقد أشار أحد المحامين بتلك البلد على أمي بأن أقوم بتطليق زوجتي وردها مرة أخرى لأقدم هذه الأوراق، أنا مقيم بخارج الأردن الآن، وقد سألت المأذون الذي قام بعمل عقد الزواج لي، وقال لي بعد أن ألححت عليه بأنني لا أريد أن ألفظ لفظ الطلاق، وأريد أن يكون ذلك على الأوراق فقط، مع نيتي أنا و زوجتي -رعاها الله- بعدم النية أصلاً في الطلاق، وعدم الرغبة فيه وقد أجابني بعدم وقوع الطلاق بكتابة لفظه، فهل يحسب هذا طلاقاً علي؟ وإن حسب هل أستطيع استرجاع زوجتي في الحال بالتليفون؟ علماً بأنها سوف تلحق بي ببلد عملي الحالي بعد أسبوعين أفيدوني - حفظكم الله -، مع العلم بأني أحب زوجتي حباً جماً، وإنما أفعل ذلك فقط إرضاء لأمي وإرادة منى في أن أكون مع أهلي بالخارج.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
ذكر العلماء أنه فيما إذا كتب الإنسان الطلاق بلفظه فإنه يقع، ولا يخلو حال الأخ من أن يكون كتب لفظ الطلاق بقوله مثلاً: "زوجتي فلانة طالق" كتابة، فهذا اللفظ يقع معه الطلاق؛ لأن الكتابة كاللفظ، واللفظ الصريح لا يرجع للنية فيه، إلا إذا حفت به قرائن لا تدل على إرادته، وأما إذا كانت الكتابة بغير لفظ الطلاق أو بكنايته فحسب النية. وكون الأخ يفعل ما صدر منه، لا ملجئ له إلى ذلك فإذا صدر منه بلفظ الطلاق أو بكتابة الطلاق فيقع طلقة، وعليه مراجعة زوجته في الحال، وإن كان بلفظ آخر فعلى ما ذكرت من تفصيل في أول السؤال، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(1/35)
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
السؤال هو: أنا شاب متزوِّج منذ خمس سنوات، وفي مدة زواجي حصلت مشاكل كثيرة بيني وبين زوجتي، وفي يوم قالت لي أريدك أن تطلقني وأصرَّت على ذلك ، فقلت لها أنتِ طالق، وأرجعتها بعد أربعة أيام إلى بيتي، وفي مرة أخرى قالت لي إذا كنت رجلاً حقاً خذني إلى بيت أهلي، فغضبت وأخذتها إلى بيت أهلها بنية الطلاق، وأرجعتها بعد ساعة من الوقت، وبقيت الحالة كما هي، وفي مرة أخرى كذلك تشاجرنا، فقالت لي خذني إلى بيت أهلي فأخذتها بنية الطلاق كذلك، وتركتها في بيت أهلها حوالي 15شهراً، وفي هذه المدة طلب مني أحد أهلها أن أرجعها فأقسمت بالله عدة مرات على ألا أرجعها أبداً، ومنذ شهرين ونصف فقط أي في المدة الأخيرة كذلك قالت لي أريدك أن تقول لي أنتِ طالق فقلتها لها، أي قلت لها أنتِ طالق، وحينما استفتيت عن هذا الأمر في بلدي قالوا لنا إنها أكثر من ثلاث طلقات، فلا رجوع بينكما حتى تنكح زوجاً آخر، فهل صحيح أنه لا رجوع بيننا؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد..(1/36)
فقد تبيَّن لي بعد قراءة السؤال أن الأخ السائل قد طلَّق زوجته، بصريح الطلاق، وذلك بقوله لها أنت طالق مرة واحدة ثم راجعها، ثم ذهب بها إلى أهلها بناءً على طلبها بنية الطلاق، ثم راجعها، ثم ذهب بها مرة أخرى إلى أهلها بنية الطلاق بناءً على طلبها، وبعد سنة ونصف طلَّقها بصريح الطلاق، فأقول مستعيناً بالله تعالى: ذهب جمع من أهل العلم -كأبي عبد الله بن حامد والقاضي أبي يعلى، وغيرهم- إلى أن الفرقة لا تقع إلا بالكلام؛ لأن الفرقة فسخ النكاح، والنكاح يفتقر إلى لفظ فكذلك فسخه، فعلى ذلك إن كان الأخ السائل لما ذهب بزوجته إلى أهلها لم يتلفظ بقول يدل على الطلاق صريحاً، أو كناية فإن مجرد ذهابه بها لا يعتبر طلاقاً، وبناءً عليه فإنه يكون قد بقي للأخ السائل طلقة واحدة وله مراجعة زوجته، إن لم تكن خرجت من عدتها، فإن كانت قد خرجت من عدتها فله التقدُّم لخطبتها من جديد، فإن زوجوه فليعلم أنه لم يبق له إلا طلقة واحدة فقط. والله تعالى أعلم –وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.
سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الطلاق الرجعي، وقبل انتهاء عدة المرأة هل يشترط عند مراجعة الزوجة رضاها أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب :
فالجواب عن هذا السؤال على شقين، فالأول: أن الطلاق الرجعي لا يعتبر مبيناً للمرأة (للزوجة) بل هي تعتبر زوجة، وهي لا تزال في عصمته وفي ذمته ما لم تنته العدة الشرعية المحددة، إما بإنهاء ثلاث حيضات إن كانت تحيض، أو بوضع الحمل إن كانت حاملاً، أو ثلاثة أشهر للائي لم يحضن (الآيسات)، فإن انتهت عدتها فقد بانت من زوجها بينونة صغرى، لا تحل له إلا بعقد جديد مستوف لشروطه وأركانه ورضاها.(1/37)
أما الثاني: وهو ما يتعلق بالسؤال الموضح أعلاه، هل يشترط رضاها أم لا؟ فالجواب: إنه لا يشترط رضاها، قال ابن قدامة –رحمه الله- في كتابه المغني (10/553):(أجمع أهل العلم على أن الحر إذا طلق الحرة بعد دخوله بها أقل من ثلاث –أي ثلاث طلقات- بغير عوض ولا أمر يقتضي بينونتها، فله عليها الرجعة ما كانت في عدتها، وعلى أنه لا رجعة له عليها بعد قضاء عدتها)، وقال أيضاً ابن قدامة –رحمه الله-:(ولا يعتبر في الرجعة رضا المرأة لقول الله تعالى:"وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً" [البقرة: 228]فجعل الحق لهم، وقال سبحانه:"فأمسكوهن بمعروف" [البقرة: 231]فخاطب الأزواج بالأمر ولم يجعل لهن اختياراً، ولأن الرجعة إمساك للمرأة بحكم الزوجية فلم يعتبر رضاها في ذلك كالتي في صلب نكاحه، وأجمع أهل العلم على هذا)، وقال:(والرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ولعانه ويرث أحدهما صاحبه بالإجماع) أ.هـ.
وبهذا يتعين أن رضا الزوجة المطلقة طلاقاً رجعياً لا يشترط، لكن إذا كانت لا ترغب في العيش مع زوجها وساءت عشرتها معه، فلها أن تطلب الطلاق وتتظلم لدى القاضي، وحينها يفصل في طلبها بالوجه الشرعي، هذا والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح ما هي الأسباب الشرعية التي يمكن أن تبيح للمرأة حق الطلاق والتي يحق للقاضي أن يطلق الزوجة بشكل شرعي؟
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
الأسباب التي تُجيز للمرأة طلب فسخ النكاح كثيرة منها:
(1) رفض الزوج الفيء بعد انتهاء مدة الإيلاء المحددة شرعاً في قوله تعالى:"للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم" [البقرة:226].
(2) إعسار الزوج عن دفع المهر.
(3) إعسار الزوج عن النفقة.
(4) عُنة الزوج، وهي: عدم قدرته على الجماع.
(5) الغرر كأن يدعي الزوج أمراً يُرغب في تزويجه ثم يتبين كذبه.
((1/38)
6) تفريق الحكمين.
(7) العيوب التي لم يُعلم بها إلا بعد الدخول كالجنون والجذام والبرص وبخر الفم وغيرها.
وفي الجملة كل عيب لا يمكن معه تحقيق مقاصد النكاح فإنه عند ثبوته يكون سبباً لفسخ النكاح، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حصل بيني وبين زوجتي مشادة ليلة البارحة وكانت شديدة وحصل مني أن تلفظت بكلمة الطلاق وقلت لها أنت طالق طالق طالق عدة مرات ولست في حالة غضب وكانت أول مرة.
فما الحكم بارك الله فيكم؟
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فجماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة الأربعة على وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً وتبين منه زوجته بينونة كبرى ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل، وقد ذهب بعض أهل العلم كابن عباس –رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم وغيرهم –رحمهم الله تعالى جميعاً- أنه يقع به واحدة لأدلة كثيرة بسطها ابن القيم –رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (5/241-271) ومن قرأها وأمعن النظر فيها تبين له قوة هذا القول، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
سئل الشيخ نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:(1/39)
لله الحمد وله المنة، من الله علي بأن أعقد على أخت ملتزمة والحمد لله، وقد حدث من فترة مشاكل بيننا قد تؤدى إلى الانفصال، وكنت أعرض عليها أنه لا مانع عندي من الانفصال ما دام يريح الطرفين، مع العلم أنني من داخلي كنت مترددا فيها بعد ما حدثت هذه المشاكل وشعرت أن قلبي ليس مطمئناً لهذا الزواج، وصليت صلاة الاستخارة قبل الشروع في مسألة الزواج، والآن ولله الحمد والمنة شرح الله صدري لها، والله وحده يعلم الأسباب، والسؤال الآن هل عند هذه النية يعتبر الطلاق واقعا؟ عندما كنت أعرض عليها الطلاق لأرى رأيها في ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيراً، وما هي حقوقي عليها؟ هل هي نفس حقوق الزوج الذي بنى بزوجته؟ مع العلم أنني عاقد عليها فقط.
الجواب :
الحمد لله وحده وبعد فإني أرى أن هذا عرض للطلاق من قبلك وليس طلاقاً حتى تشك فيه، بل أرى أن هذا لا يعد أيضاً من كنايات الطلاق، والطلاق لا يقع إلا في حالين:
الأول: أن يصدر من الزوج لفظ الطلاق صريحاً.
الثاني: أن يصدر منه الطلاق كناية دون التصريح بالتطليق، وهنا لا يقع إلا إذا صاحبته نية الطلاق، وأسوأ الأحوال أن نعد هذا اللفظ كناية تفويض منك إليها بالطلاق، فالخلاصة أن الذي يظهر لي أن هذا لا يعد طلاقاً.
أما عن حقوقك عليها فهي نفس حقوق الزوج على زوجته، فإن مجرد العقد موجب للحقوق بين الطرفين، إلا مسألة النفقة فلا تجب إذا كانت المرأة تمنعك من الاستمتاع بها، فإذا بذلت نفسها لك فقد وجبت عليك النفقة، والله أعلم.
سئل الشيخ د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية رجل محصن زنى بامرأة بكر، وبما أنه يعيش في بلد علماني فالحل عندهم هو الزواج بالمزني بها إذا كانت بكراً، وهذا ما ينوي فعله ، فزوجته الأولى تسأل عن حكم علاقتها بهذا الزوج الزاني سواء إذا تزوج بهذه المرأة أو لم يتزوج بها .
الجواب :(1/40)
أما حكم علاقة الزوجة الأولى به فهو بقاء عقد الزوجية صحيحاً وهي في عصمته، ولها أن تطلب الطلاق إن لم يتب ؛ لأن الزنى من سوء الخلق المجيز للمرأة طلب الطلاق ، وهذا الحكم لا يختلف سواء تزوج بمن زنى بها أم لم يتزوج ، وأما زواجه بمن زنى بها فهذا حسنُُ إصلاحاً لما أفسدا ، لكن عليهما التوبة من الزنى لقوله - جل وعلا -: " وتوبوا إلى الله جميعاًأيهاالمؤمنون لعلكم تفلحون " "(النور : 31) وينبغي أن تكون التوبة قبل إبرام عقد الزواج ، لأن طائفة من أهل العلم يشترطون على الزانيين التوبة ليصحّ زواجهما ، لقوله - جل وعلا - : " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين " (النور : 2).
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
لعدم استقرار حياتي الزوجية ووجود طفلتين لديّ، ورغبتي الجادة في تطليق زوجتي؛ لإحساسي بعدم كفاءتها في التربية التي أريد، ولكون بناتي ما زلن صغاراً، ولعدم كفاءة أسرة زوجتي في التربية التي أريد بعد الطلاق، فهل يجوز لي الاحتفاظ بزوجتي حتى يصل أبنائي سبع سنوات، لكي أترك البنات معي وقد يفوتها فرصة الزواج.
الجواب :
تربية الأولاد أهم ما تكون في السبع سنوات الأولى، أما ما يتعلق بنيتك أن تطلق زوجتك بعد مدة فهذا لا حرج فيه، إلا أن كان قصدك بإبقائها الإضرار بها، فهذا لا يجوز، أما إبقاؤها لغرض معين مع نية تطليقها في المستقبل فلا حرج فيه فيما ظهر لي، والله أعلم.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هل يجوز طلاق زوجتي من طرف أهلها دون أن أعرف السبب، علماً أنني مستعد أن أطلق في حالة معرفة السبب بحضور أهلي وأهل زوجتي، ولكن ما حصل قد بلغني والدها وأخوها عبر الهاتف بأنهم طلقوها مني، فهل يجوز هذا الطلاق دون أن أنطق كلمة الطلاق؟
الجواب :(1/41)
الطلاق بيد الزوج فهو الذي يملكه، وهو الذي بيده عقد النكاح، قال –تعالى-: "إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح" [البقرة:237]، وقد روى عن غير واحد من السلف، منهم: علي بن أبي طالب، وجبير بن مطعم، ومجاهد، وعكرمة، وغيرهم أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، ويدل على ذلك أيضاً ما روى ابن ماجة (2081) مرفوعاً: "إنما الطلاق لمن أخذ بالساق"، وقد حسنه بعض أهل العلم.
وبناءً على ما تقدم فإنه لا يملك الطلاق غير الزوج أو وكيله إلا إذا كان هناك سبب شرعي من الزوج يستلزم الفراق والطلاق، فهنا يقوم القاضي الشرعي بذلك بأن يدعو الزوج ويأمره بأن يطلق فإن أبى طلق عليه لوجود السبب الشرعي الموجب للطلاق والذي لا يمكن تلافيه، والله أعلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هل يقع الطلاق الذي يتم في المحاكم الأمريكية؟ علماً أنني قد وقّعت على عقد طلاق وذلك مع العلم بالتالي:
(1) لم أتلفظ بأي لفظ أو إشارة تفيد بأنني أريد طلاق زوجتي، ولكنني قبلت التوقيع لضمان جميع حقوقها المالية لعلها ترجع عما برأسها.
(2) أفتاني شيخ بأن الطلاق في المحكمة الأمريكية لا يعتد به شرعاً.
(3) كنت مهدداً ببلاغ إلى البوليس قدمته زوجتي يعرضني إلى مدة سجن تصل إلى عامين.
(4) قبل التوقيع على الطلاق في المحكمة الأمريكية بأسبوع كنت قد رددتها من طلقة رجعية مما يعد قرينة على أنني لا أريد الطلاق.
(5) في خلال مدة العدة من الطلقة الرجعية كنت قد مارست معها كل ما يجوز للزوج عدا الإيلاج، فهل يعد طلاق المحكمة الأمريكية طلاقاً شرعياً؟ علماً أن القاضي كانت سيدة، وإذا كان طلاق المحكمة الأمريكية شرعياً، فهل عليها من عدة تعتدها؟ أفيدونا يرحمكم الله.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده، وبعد:(1/42)
فإذا كان السائل يعلم ما احتوته الوثيقة التي وقعها وأنها متضمنة إقراره بطلاق زوجته فإن ذلك يعد طلاقاً كما نص على ذلك أهل العلم من أن الطلاق قد يكون باللفظ أو الكتابة، فإن لم يستكمل الأخ ثلاث طلقات فله مراجعتها مادامت في العدة، هذا إذا كان الطلاق المذكور بدون عوض، أما إذا كان بعوض فليس له مراجعتها إلا بموافقتها هذا أولاً.
وثانياً: إذا كان الأخ السائل لم يطلِّق لا لفظاً ولا كتابة، وإنما الذي تولى الطلاق المحكمة الأمريكية (القاضية) وهي التي طلقت عليه، وإنما وقّع على الوثيقة من باب العلم بالحكم لا الرضا به فإن هذا الطلاق غير واقع ولا يحسب عليه؛ لأن الذي يملك فسخ النكاح – في أحوال معينة – الحاكم الشرعي فقط، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة هل يجوز إلغاء صك طلاق (بالخلع) صدر هذا الصك من المحكمة وميز من هيئة التمييز؟ ومضى عليه أكثر من أربعة أشهر.
الجواب :
الحمد لله وحده وبعد.
فإذا خالف الحكم دليلاً قطعياً من كتاب أو سنةٍ أو إجماع فإنه يجب نقضه سواء كان من حكم به مجتهداً أو مقلداً وهذا من الحكم بما أنزل الله. وقال – تعالى -:"فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ" الآية،[المائدة: 48]، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) صحيح مسلم (1718) أمّا إذا لم يخالف دليلاً قاطعاً فإن كان القاضي مجتهداً صالحاً للقضاء فإنه لا يجوز نقض حكمه باتفاق، وإن كان ليس من أهل الاجتهاد وإنما أهل التقليد فقد قيل بجواز نقض كل أحكامه والصحيح أنه لا يجوز أن ينقض من أحكامه إلا ما كان الخطأ فيه ظاهراً وهو قول ابن قدامة (المغني 14/37)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (الفروع لابن مفلح 6/407).(1/43)
وترتيب مراحل تدقيق الحكم يختلف من بلد لآخر وهو على كل حال ترتيب مصلحي مرجعه أن لولي الأمر أن يجعل بعض القضاة مراجعاً لحكم بعض وعلى كل فإذا كان الحكم مخالفاً للقرآن والسنة أو الإجماع فإن نقضه واجب ولو صدق من التمييز وإذا لم يخالفها فالراجح أنه لا يجوز نقضه إلا إذا وجد فيه خطأ ظاهر وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه – وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة ما حكم الطلاق عبر رسائل الجوال والإيميل والإنترنت (الشات) وبإرسال فاكس؟ أرجو الإجابة بالتفصيل مع ذكر الضوابط بكل نوع.
الجواب :
لا خلاف أن الرجل إذا تلفظ بالطلاق قاصداً فقد وقع طلاقه سواء علمت المرأة أم لا، وبهذا يظهر أثر التلفظ بالطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة.
أما كتابة الطلاق بالبريد الإلكتروني، أو الجوال، أو كتابته باليد أو الآلة وإرساله عبر الفاكس فكل هذا حكمه حكم كتابة الطلاق.
فإن تلفظ به مع كتابته فلا إشكال في وقوعه -كما سبق-، وإن لم يتلفظ به، فإن نوى إيقاع الطلاق وقع الطلاق، وإن لم ينوِ إيقاع الطلاق، وإنما نوى غمَّ زوجته مثلاً أو غير ذلك ففيه خلاف بين أهل العلم تراجع فيه مبسوطات الفقه، والراجح أنه لا يقع إلا بالنية.
لكن هنا مسألة، وهي أن على المرأة أن تتأكد أن الذي أوقع الطلاق الذي بلغها عبر هذه الطرق هو زوجها نفسه؛ لسهولة التزوير في تلك الوسائل، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
شئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح لي صديق تزوج منذ فترة، وقد طلق زوجته طلقة أولى، لكنه تراجع ويريد أن يرجعها، مع العلم أن الطرفين راغبان في أن يرجع كلاهما للآخر، كيف يمكن أن يعيدها لعصمته؟ وما الحكم المترتب عليه؟
الجواب :(1/44)
الحمد لله وحده وبعد: فمن طلق زوجته المدخول بها طلقة هي الأولى أو الثانية فإن كان الطلاق بدون عوض والمطلقة لم تخرج من عدتها فله مراجعتها بدون رضاها، بقوله: راجعت مطلقتي أو نحو ذلك مما يدل على الرجعة؛ لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة:228]، أما إن كان الطلاق على عوض ولم تخرج من العدة فله مراجعتها ولكن لابد من رضاها، أما إن كان الطلاق قبل الدخول والخلوة، أو بعده وقد خرجت المطلقة من العدة فليس له مراجعتها، إلا بعقد جديد مستكمل الشروط والأركان. والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح لقد طلقت زوجتي طلقة واحدة فقط وذلك عند القاضي، وأخبرني بأن عدتها ثلاثة أشهر، حيث إنها كانت لا تحيض، وأخبرني القاضي أنه في حالة رغبتي في مراجعتها بعد انقضاء العدة فإنه يجب علي أن أعقد عليها، وأقيم زواجاً من جديد بمهر وعقد جديدين، ولكني لا أرغب في مراجعتها، فهل تعتبر أجنبية عني ويجوز لها أن تتزوج من شخص آخر بعد انقضاء عدتها؟ وهل لها عليَّ حقوق بعد ذلك؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن فرغت المطلقة الرجعية من عدتها قبل رجعتها بانت وحرمت على مطلقها قبل عقد جديد مستوفٍ للأركان والشروط، ولها أن تتزوج بعد انتهاء عدتها.(1/45)
أما حقوق المطلقة بعد انقضاء العدة فمنها: المتعة لقوله تعالى:"وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين" [البقرة:241]، ولحديث جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- أن حفص بن المغيرة لما طلق امرأته فاطمة أتت النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال لزوجها:"متعها" قال: لا أجد ما أمتعها، قال:"فإنه لا بد من المتاع، متعها ولو نصف صاع من تمر" رواه البيهقي (7/257)، وقد قال بوجوب متعة المطلقة مطلقاً البخاري وابن جرير الطبري وابن تيمية وابن حجر –رحمهم الله تعالى- وهو رواية عن أحمد والجديد عند الشافعي رحمهما الله تعالى، انظر: تفسير الطبري (2/549) والاختيارات (237) وفتح الباري(9/495-496)، وتعتبر المتعة بحال الزوج لقوله تعالى:"ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين" [البقرة:236].
ثانياً: إن كانت المطلقة تُرضع فلها أجرة الرضاع إن طلبتها، لقوله تعالى:"فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى" [الطلاق: 6].
ثالثاً: إن كان له أولاد من المطلقة واستحقت حضانتهم فلها أجرة الحضانة إن طلبتها.
رابعاً: إن كانت حضانة أولاده لمطلقته فعليه نفقتهم وأجرة سكنهم وعلاجهم وغير ذلك مما يجب للولد على والده، والله –تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح أنا شاب متزوج ولدي طفلتان ولله الحمد والمنة، البيت لا يخلو من المشاكل الزوجية، وأنا عندما تحدث هذه المشاكل أخرج من البيت، في بعض الأحيان بسبب هذه المشاكل أحدث نفسي كأنني أجادل زوجتي، وأتلفظ بكلمة أنت طالق بصوت منخفض، هل يحدث الطلاق في هذه الحالة؟ وإذا كان يحدث فما الحكم؟ مع العلم أنني لا أذكر متى حدثت وكم مرة؟ أرجو إفادتي مأجورين.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:(1/46)
فقد قال النبي –صلى الله عليه وسلم-:"إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به" متفق عليه عند البخاري (6664)، ومسلم (127) من حديث
أبي هريرة – رضي الله عنه- وقال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث برقم (1183)ما لفظه: والعمل على هذا عند أهل العلم، أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌُ حتى يتكلم به. انتهى، وانظر نيل الأوطار (6/290)، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح طلق رجل زوجته وسكنت المرأة في بيت مستقل هي وولداها في هذا البلد، وهي لا ترغب أبداً في الرجوع إليه، فهل يصح رجوعها إليه أثناء فترة العدة إذا أشهد اثنين على أنه أرجع زوجته؟ مع عدم علمها بذلك، وهي مفصولة عنه حتى في السكن، وإذا كان هناك أقوال للعلماء، في هذا الباب الرجاء تبيينها؟
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد: فمن طلق زوجته المدخول بها طلقة هي الأولى أو الثانية فإن كان الطلاق بدون عوض والمطلقة لم تخرج من عدتها فله مراجعتها بدون رضاها، بقوله راجعت مطلقتي أو نحو ذلك مما يدل على الرجعة؛ لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة:228].(1/47)
ويسن الإشهاد على ذلك، أما إن كان الطلاق على عوض ولم تخرج من العدة فله مراجعتها، ولكن لابد من رضاها وموافقتها، أما إن كان الطلاق قبل الدخول والخلوة أو بعده وقد خرجت المطلقة من العدة فليس له مراجعتها إلا بعقد جديد مستكمل الشروط والأركان، أما إن كان الزوج قد استكمل الطلقات الثلاث فليس له مراجعة مطلقته حتى تنكح زوجاً غيره؛ لقوله تعالى: "الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:230]
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح قلت لزوجتي أنت طالق، علماً بأنني كنت أمزح، ولم أعلم بأنه يقع، ولم أعلم عن الحديث الشريف: "ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد ... إلى آخر الحديث، ثم بعد مدة طويلة حصل خلاف بيني وزوجتي، وقلت لها إذا لم تحضري غداً فأنت طالق، "كانت خارج مدينة الرياض"، وقلتها وأنا في حالة غضب شديد ولم تحضر، علماً بأنني لم أع ما أقول، وندمت في تلك اللحظة، واستغفرت الله، وأنا متأكد بأنني لا أريد الطلاق، فما الحكم؟ وجزاكم الله خيراً.
ما الحكم في قول الرجل لزوجته تحرمين علي؟
الجواب :(1/48)
الحمد لله وحده، وبعد: أما الطلقة الأولى التي طلقتها زوجتك فقد وقعت واحدة، لقوله – صلى الله عليه وسلم – "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة" رواه أبو داود (2194) والترمذي (1184) وابن ماجة (2039)، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وغيرهم. وصححه الحاكم (2/216).
أما قولك لزوجتك إذا لم تحضري غداً فأنت طالق، فإن كنت أردت من حلفك بالطلاق حث الزوجة على العودة، ولم تقصد إيقاع الطلاق ولم تعد الزوجة فعليك كفارة يمين، وهي المذكورة في قوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89]. وهذا مذهب ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعائشة وحفصة – رضي الله عنهم – في العتق حكاه ابن القيم – رحمه الله تعالى عنهم في إغاثة اللهفان (2/87)، والطلاق كالعتق، قال رحمه الله: (وهؤلاء الصحابة – رضي الله عنهم - أفقه في دين الله، وأعلم من أن يفتوا في الكفارة في الحلف بالعتق ويرونه يميناً، ولا يرون الحلف بالطلاق يمينا ويلزمون الحانث بوقوعه، فإنه لا يوجد فقيه شم رائحة العلم بين البابين والتعليقين فرقاً بوجه من الوجوه) أ.هـ، أما إن أردت الجزاء بتعليقك ولم تحضر الزوجة فإنه يقع عليها طلقة واحدة، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(1/49)
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح اختلفت مع زوجتي وقررنا الانفصال، ولكن الطلاق لم يتم، وراجعتها بعد أن كفرت عن هذا، وبعد مدة طلقتها وقد أخبرتها، ومن باب التخويف فقط أن الطلاق سيكون بالثلاث، وهذا فقط من باب التخويف، هل يجوز لي الآن مراجعتها؟ هل يجب علي كفارة؟ ما حكم الشرع في هذا؟ شكراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب :(1/50)
الحمد لله وحده، وبعد: فقد ذكر الأخ السائل أنه قرر هو وزوجته الانفصال، ولكنه لم يطلق وراجعها وكفر عن هذا! ولا أدري لماذا كفر؟ ثم طلقها وأخبرها من باب التخويف أن الطلاق سيكون بالثلاث فهل له مراجعتها؟ أقول إن كانت الزوجة لم تخرج من العدة وكان الطلاق بدون عوض ولم يسبق ذلك طلقتان فله مراجعتها ولو لم ترض الزوجة أو وليها، أما إن كانت الزوجة قد خرجت من عدتها أو كان الطلاق بعوض فليس له مراجعتها إلا بعقد جديد مستوف للشروط والأركان لأنها قد بانت منه بينونة صغرى، أما إن كان قد سبق ذلك طلقتان فتكون هذه الثالثة، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا تحليل لقوله تعالى: "الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" [البقرة:229-230]، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق ما الذي ينبغي على المطلقة فعله؟ فهل لها أن تتجمَّل؟ وأن تخرج من البيت؟ وهي الآن في بيت أبيها؟ لأنها منذ أربع سنوات قد تركها زوجها؟ وماذا تعتبر هذه الطلقة؟ علماً أن زوجها طلقها باختيارها، وقد كتب ذلك بيده.
الجواب :(1/51)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: أختي السائلة لا يخلو الطلاق في الشرع: إما أن يكون رجعياً أو بائناً.
فالطلاق الرجعي وهو الطلاق الأول والثاني بغير عوض مالي في كل منهما تكون المرأة المطلقة فيه أثناء العدة كالزوجة تماماً، فلا يجوز لها أن تبيت خارج منزل زوجها ولا تخرج منه إلا بحدود ما يأذن به الشرع والعرف بعد إذن زوجها، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً" [الطلاق:1]، ويستحب لها أن تتجمل لزوجها لعله يراجعها؛ لأن بقاء عقد الزوجية من مقاصد الشرع، فهي كما قلت كالزوجة تماماً حتى لو مات أحدهما في العدة ورثه الآخر، فإذا خرجت من عدتها ولم يراجعها صارت امرأة أجنبية، فيجب عليها أن تحتجب عنه، وتحرم الخلوة بينهما، ولا يحل له أن يرجع لها إلا بعقد جديد مستوف أركانه وشروطه، والحكمة من وجود بقاء المرأة في بيت زوجها هي لإعطاء الزوج فرصة لمراجعة زوجته إذا كان الطلاق رجعياً، وهو الطلاق الأول والثاني بغير عوض، والطلاق بعوض (أن تقوم الزوجة بدفع مبلغ مالي مقابل أن يطلقها زوجها)، فتحرم عليه، وتكون امرأة أجنبية بمجرد صدور لفظ الطلاق، ولا تحل له إلا بعقد جديد مستوف أركانه وشروطه، ولا يجوز لها أن تتزوج بغيره ما دامت في العدة، وكذا لو طلقها الطلقة الثالثة فإنها تبين منه بمجرد الطلاق، ولا يحل له أن ينكح مطلقته حتى تنكح زوجاً غيره بعد خروجها من العدة نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويجامعها ثم يطلقها.(1/52)
هذا باختصار شديد ما يجب على المرأة المطلقة فعله، وهي تختلف عن المرأة المتوفى عنها زوجها، فيجوز لها أن تتجمل وتتطيب وتلبس الزينة، بل قد يستحب لها ذلك كما قلت إذا كان هذا سيرغب الرجل في العودة إلى زوجته في الطلاق الرجعي، أما سؤالك ماذا تعتبر هذه الطلقة، فلا أستطيع أن أجيبك عن هذا السؤال لأن هذا الأمر يتطلب معرفة تفاصيل لم تذكر في السؤال، وبإمكان الزوج مراجعة أقرب محكمة شرعية وهي ستقوم بإثبات الطلاق وتحديد نوعه، والله أعلم.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة بسم الله الرحمن الرحيم.
هل يقع طلاق المسحور؟
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فالمسحور إذا كان السحر يفقده وعيه وإدراكه، ويجعله يتكلم بما لا يريد، فإن طلاقه غير واقع؛ لقول النبي –صلى الله عليه وسلم-:"لا طلاق في إغلاق" مسند الإمام أحمد (6/276) سنن أبي داود (2193) سنن ابن ماجة (2046) والحاكم (2/198) بإسناد حسن عن عائشة –رضي الله عنها- ورمز له السيوطي بالحسن (9905)، والألباني في (إرواء الغليل 2047).
والإغلاق هو: انسداد باب الإرادة حتى يضيق صدره ويتعكر عليه تفكيره قال ابن القيم:"كل من أغلق عليه باب قصده وعلمه كالمجنون والسكران والغضبان فقد تكلم في الإغلاق" (إعلام الموقعين 3/94).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ومن سُحر فبلغ به السحر ألا يعلم ما يقول فلا طلاق له" مختصر الفتاوى المصرية (544).
أما إن كان سحره لا يغير عقله وإدراكه كمن يعقد عن الجماع فقط فهذا طلاقه واقع.
وهذا إذا أثبت أنه مسحور فعلاً، إذ إثبات حصول السحر للمسحور ليس بالأمر السهل لارتباطه بأمور خفية غير مشاهدة، وفق الله الجميع لهداه، وصلى الله على محمد وآله.(1/53)
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح حصل بيني وبين زوجتي خلاف على تنفيذها أمراً ما، ورفضت تنفيذه فغضبت منها، وهددتها بأن تطيعني في تنفيذ الأمر، أو تذهب إلى بيت أهلها فاختارت الذهاب إلى بيت أهلها، عند توصيلها إلى بيت أهلها في السيارة قلت لها متى تريدين ورقة طلاقك؟ وكنت في حالة غضب في تلك اللحظة، ولم تجبني، فهل يقع الطلاق في هذه الحالة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده وبعد..
ذكر العلماء من كنايات الطلاق الخفية قول الرجل لزوجته اذهبي لأهلك، وقالوا إن الطلاق لا يقع بذلك إلا بنية مقارنة للفظ، فإن لم ينوه لم يقع إلا حال خصومة أو غضب فيقع الطلاق حكماً، لا ديانة في هذا الحال، ولو لم ينوه للقرينة، هذا هو المذهب، وعن الإمام أحمد رواية أخرى أنه يقبل قوله إذا لم ينوه، لكون هذا الأمر لا يعلم إلا من طريقه، قال في الخلاصة: لم يقع في الأصح، والله تعالى أعلم – وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.
سئل الشيخ ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر وقع مني طلاق لزوجتي، وراجعتها قبل انتهاء العدة، ولكن بدون شهود أو علم أحد هل هذا يصح؟ أرجو الإفادة مفصلاً.
الجواب :
تصح رجعة الزوج لمطلقته الرجعية ما دامت في العدة ويكون هذا الرجوع إما بتلفظه بالرجعة بأن يقول: راجعت زوجتي ونحوه من الألفاظ المفيدة لمعنى الرجوع، وإما بالفعل والمراد به هنا الوطء، واشترط بعضهم لصحة المراجعة بالفعل نية الزوج الرجوع به، وهذان الأمران كافيان في حصول المراجعة.
وأما الإشهاد على ذلك فهو مسنون كما هو قول أكثر أهل العلم ولا يجب.
وما دمت مقيماً في مكة فإنني أنصحك بمراجعة المحكمة المختصة لديكم لتوثيق الطلاق والرجعة مصطحباً معك وثيقة عقد النكاح للتهميش عليها من قبل القاضي.(1/54)
سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة ما رأيكم في رجل قال لو فعلت هذا الفعل فكل امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثاً، وقد فعل ذلك ظناً منه أنه لن يقع بهذه الكلمات شيء، وهذا كله كان قبل الزواج؟ أريد الجواب حسب المذهب الشافعي.
الجواب :
فالذي يظهر من خلال هذا السؤال أنه من باب اليمين يريد المنع أو الحث، وبناءً عليه فإن عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، والإطعام نصف صاع لكل مسكين يقدر بكيلو ونصف من البر أو طعام أهل البلد، ولأن هذا القول الذي صدر منه قبل أن يكون له زوجة فإيقاع الطلاق بهذه الصفة كما لو قال أحدكم طلقت فلانة، وهي ليست زوجة له، وليس هو وكيلاً في الطلاق عن زوجها، هذا هو الأصح إن شاء الله تعالى، والمسألة مبسوطة في كتب أهل العلم، وأما طلبه أن يكون الجواب على حسب المذهب الشافعي فإن منهج السلف والأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى أنهم يتعبدون الله بما دلت عليه النصوص وبما دلت عليه قواعد الشرع وأصوله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى وصحبه وسلم.(1/55)
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح أشك في عدد الطلقات التي طلقني إياها زوجي، هل هي اثنتان أم ثلاث، وأنا أشك في اثنتين، الأولى وهو كان في شدة الغضب لحد التكسير، والثانية وأنا في فترة النفاس، وبعد ذلك قام بتطليق مرة أخرى، ولكنه كان في شدة الغضب، وما كان ينوي الطلاق على حد كلامه، وبعد أسبوعين تبين أني حامل وتم الرجوع، وهذا بعد أن قال لي إنه قام بسؤال أحد المشايخ في بلادنا وعليه كفارة، وهي أن يدفع صدقة، وللعلم كان زوجي يشرب الخمر، وبعد أن يفيق يكون في شدة العصبية وبعد فترة تم سجنه لاستعماله مواد مخدرة، لهذا كان دائم العصبية والغضب الشديد معنا، ولكن بعد سجنه بسنة تاب إلى الله بعد أن وقفت معه أسانده وأنصحه،وبعدها اعترف لي بأنه لم يسأل شيخاً في الطلقة الأخيرة؛ لأنه كان غير راغب في الطلاق، ولكن غصباً عنه لما حدث بيننا من مشاكل ولأنه لا يريد الانفصال، وكان دائما يندم ولا ينوي الطلاق بحد ذاته، وللعلم فإن لدينا أطفالاً أرجو إفادتي.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد ذكرت السائلة أن إحدى الطلقات وقعت عليها وهي نفساء، وطلاق الحائض والنفساء المدخول بها محرم، وقد اختلف العلماء في وقوعه، فذهب أكثر العلماء إلى وقوعه مع الإثم، مستدلين بأدلة منها حديث ابن عمر – رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فسأل عمر- رضي الله عنه- رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" رواه البخاري (5252)، ومسلم (1471)، قالوا: فأمره النبي – صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة وهي لم شعث النكاح، وإنما شعثه وقوع الطلاق.(1/56)
وذهب جمع من العلماء منهم ابن حزم وابن تيمية وابن القيم والشوكاني – رحمهم الله- تعالى إلى أن الطلاق المحرم لا يقع، ومنه طلاق الحائض والنفساء، مستدلين بأدلة كثيرة منها ما رواه أبو داود(2185)، بإسناد صححه ابن حزم وابن القيم في الهدى(5/226)، وغيرهما من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما- المذكور أعلاه وفيه: "فردها علي ولم يرها شيئاً" قال الشوكاني – رحمه الله تعالى- إسناد هذه الرواية صحيح ولم يأت من تكلم عليها بطائل" اهـ. وبل الغمام(2/70)، وقد سئل ابن عمر – رضي الله عنهما- عن رجل طلق امرأته وهي حائض فقال: "لا يعتد بذلك"رواه ابن حزم(10/163)، بإسناده إليه قال ابن القيم إسناد صحيح، زاد المعاد (5/236)، كما صححه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في التلخيص الحبير (3/206)، وعدم وقوع الطلاق على النفساء أفتى به شيخنا العلامة ابن باز – رحمه الله تعالى- انظر: الفتاوى(21/285)، ومن تأمل الأدلة وجمع بينها تبين له قوة هذا القول والله تعالى أعلم، انظر المحلى (10/163)، زاد المعاد (5/218)، وبل الغمام للشوكاني (2/69)، الروضة الندية (2/105)، جلاء العينين (268).
أما فيما يتعلق بطلاق الغضبان فالغضب ينقسم إلى ثلاثة أقسام كما ذكر العلماء: الأول: غضب يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع، الثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده فهذا يقع طلاقه، الثالث: أن يستحكم الغضب ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية، ولكن يحول بينه وبين نيته، بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال، قال ابن القيم: وهذا محل نظر وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه، انظر زاد المعاد (5/215)، وذلك لما رواه أحمد (6/276)، وأبو داود (2193)، أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" وفسر جمع من أهل العلم الإغلاق بالغضب والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(1/57)
سئل الشيخ عيسى بن عبد الله المطرودي القاضي بالمحكمة الكبرى في حائل فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
هل يجوز لي وأنا على فراش الموت أن أطلق زوجتي أو أوصيها أن لا تحبس نفسها فترة العدة؟ أم هذا حد من حدود الله؟. وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله، وبعد:
يرى بعض أهل العلم أن من طلقَّ في مرضه المخوف، لا يقع طلاقه، والمرأة عند الطلاق سوف تعتد عدة الطلاق، ولو توفي زوجها وهي في عدة الطلاق الرجعي فإنها تعتد عدة وفاة من تاريخ وفاته لا من تاريخ الطلاق، ولا يجوز للزوج أن يوصي زوجته بأن لا تحبس نفسها وقت العدة؛ لأن هذا مخالف لما شرعه الله.
وعلى المسلم أن يسلم أمره لله، ويوصي زوجته بتقوى الله لا بما ذكر السائل، فيقال للأخ لا تطلق إذا دق ناقوس الخطر كما ذكرت، ولا توصي زوجتك بألا تحبس نفسها فترة العدة.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.(1/58)
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة رجل تزوَّج من خارج المملكة، وقد كتب عليه في المؤخر ما يعادل 50000ريال، بالإضافة إلى قائمة أثاث تعادل بالريال 30000، وبعد الدخول بالمرأة بأسابيع طلب من زوجته أن تذهب معه للمملكة، حسب ما تم الاتفاق عليه قبل الزواج، فرفضت وتحججت بحجج واهية، فما كان من الرجل إلا أن عاد إلى بلده بدونها، واتصل بها عدة مرات أملاً في أن تغير رأيها، ولكنها أصرَّت على موقفها ورفعت قضية لدى المحكمة في بلدها تدَّعي الضرر، وتطلب الطلاق كي تحصل على المؤخر، وفي نفس الوقت أقام الرجل عليها دعوى في بلدها بالنشوز، ونظراً إلى أن القضايا تأخذ وقتاً طويلاً في ذلك البلد قد يصل إلى 3سنوات فقد قرر الرجل طلاقها بدون علمها؛ حتى لا تسقط دعواه بالنشوز فيثبت لها المؤخر، بالرغم من أنها هي التي أصرَّت على عدم الاستمرار، وبالرغم من أن الرجل بعد ما أقنعناه وافق على أن يعطيها ما كتب في العقد فقط، وهو 50000 دون قائمة الأثاث التي جرى العرف أن تحضرها الزوجة لبيت الزوجية، وتكون ملكها لو حصلت وفاة أو طلاق للزوج، إلا أن المرأة أصرَّت على المطالبة بالقائمة والنفقة، وقد أكد محامي الرجل أنها بنظام تلك الدولة لا تستحق شيئاً البتة لأنها ناشز، وقد نصح الرجل بعدم إعلان الطلاق، والأسئلة هي:
ما حكم طلاقه الذي أشهد عليه اثنين عدول وكتب الطلاق بخطه ووقَّع عليه ووقَّع عليه الشهود، مفيدين بسماعهم لفظ الطلاق ثلاثاً، وهل يلزمه توثيق هذا الطلاق في جهة حكومية؟
ما حكم إخفاء الطلاق عن الزوجة خشية أن يقع الضرر على الزوج، بأن يصدر لها حكم بالمؤخر والنفقة والقائمة مما قد يصل إلى مبلغ يقارب 100000ريال؟
هل يأثم الرجل بعدم إعلامه للزوجة بالطلاق، بالرغم من نشوزها ومن فشل محاولاته العديدة في الصلح
الجواب :(1/59)
إذا تلفَّظ الزوج بلفظ الطلاق قاصداً معناه المعروف فهو طلاق نافذ واقع، ولو لم يكتبه ولم يُشهد عليه.
وفائدة التوثيق لدى الجهات المختصة به أن يتأكد العاقد (المأذون) من طلاق المرأة وانتهاء عدتها متى أرادت الزواج بآخر، وحتى يزال اسم المرأة من سجل الزوج ونحو ذلك من المصالح.
أمّا إخفاء الطلاق عن الزوجة فإذا كانت قد بانت منه فلا يجوز؛ إذ الطلاق مع أنه حق للزوج فإنه مع ذلك يترتب عليه حقوق للمرأة وعليها، فلا ضرر ولا ضرار.
فلا بدَّ من إخبارها إذا كانت قد بانت منه وانتهت عدتها، وأما قبل انتهاء العدة فيمكنه كتمان الطلاق عنها للمصلحة.
ولعلي أرشد السائل إلى مخرج شرعي لقضيته، وهو أن يستفتي في الطلاق الصادر منه، هل تبين به المرأة أم لا؟ فإن كانت لم تبن منه فيراجعها إن كانت في العدة ثم لا يطلقها –إن أراد- إلا بعد انتهاء القضية ولا يخبرها بما فعل، ويشهد شهوداًَ على المراجعة.
وإن كان طلاقه بائناً أو انتهت العدة فليس له إلا إخبارها.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
سئل الشيخ راشد بن فهد آل حفيظ القاضي بالمحكمة العامة بالمخواة طلبتُ زوجتي ليلةً للجماع، فرفضت، فقلت لها: اعتبري نفسك من هذه اللحظة زوجتي أمام الناس فقط، ولست زوجتي بيني وبينك (الجماع) فهل يقع الطلاق وبارك الله فيكم.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فالجواب: لا، لا يقع الطلاق بمثل ذلك؛ لأنك لم تقصد الطلاق بقولك هذا، وإنما قصدت ترك الجماع، وهذا واضح بمجرد لفظك، فضلاً عن قصدك، هذا أولاً.
ثانياً: أن لفظك هذا ليس مانعاً من جماع زوجتك إذا أردت ذلك.(1/60)
ثالثاً: أنه قد ثبت الوعيد الشديد لمن تأبى من فراش زوجها إذا دعاها إليه، ففي الصحيحين البخاري (3237) ومسلم (1436) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" وفي رواية لمسلم (1736): "إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها" – يعني زوجها- لكن يستثنى من ذلك إذا كانت الزوجة معذورة بمرض أو نحوه، أو لسبب مقنع.
رابعاً: أنه على الزوج أن يراعي حال زوجته وظروفها، ونفسيتها في مثل هذه الأمور، والله –تعالى- أعلم. وصلى الله نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح رجل قال لامرأته أنتِ حرام علي إلى يوم القيامة، وكان بحالة غضب، وبعد يومين تراضيا وحصل جماع بينهما، فما الحكم؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله، وبعد:(1/61)
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى-: (وهذه المسألة فيها عشرون مذهباً للناس) زاد المعاد(5/302)، وذكر الأقوال فيها، ومما ذكره منها: الفرق بين أن يوقع التحريم منجزاً أو معلقاً تعليقاً مقصوداً، وبين أن يخرجه مخرج اليمين، فالأول: ظهار بكل حال، ولو نوى به الطلاق، والثاني: يمين يلزمه به كفارة يمين، فإذا قال: أنت علي حرام، أو إذا دخل رمضان، فأنت علي حرام فظهار، وإذا قال: إن سافرت أو إن أكلت هذا الطعام، أو كلمت فلاناً فامرأتي علي حرام، فيمين مكفَّرة، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية) زاد المعاد(5/306)، وانظر: إعلام الموقعين(3/83-93)؛ وعلى ذلك فيلزم الأخ السائل كفارة ظهار، وهي المذكورة في قوله –تعالى-: "وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ"[المجادلة:3-4].(1/62)
ويحرم عليه جماع زوجته حتى يُكفِّر، وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى-: (الصواب أن تحريمها على حسب نيته فإن نوى به الظهار فهو ظهار، وإن نوى به اليمين فيمين، وإن نوى به الطلاق فطلاق، وإن لم ينو شيئاً فالظاهر أنه يمين) حاشية الشيخ على الروض المربع(696)، وما اختاره شيخنا – رحمه الله تعالى- هو مذهب الشافعي – رحمه الله تعالى- انظر: زاد المعاد(5/304)، وهو قول قوي؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات" رواه البخاري (1)، ومسلم (1907) من حديث أمير المؤمنين عمر –رضي الله عنه- ومما يدل على أن التحريم يكون يميناً مكفرة إن نواه ما رواه أنس –رضي الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كانت له جارية يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة – رضي الله عنهما- حتى حرمها، فأنزل الله – عز وجل-: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ"[التحريم: من الآية1] إلى آخر الآية، رواه النسائي(3959)، والضياء(1694)، قال الحافظ: (النسائي بسند صحيح) الفتح(9/376)، والله –تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(1/63)
العدة
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي
توفي زوجي قبل عدة أيام، وأنا أستفسر عن العدة؟ وهل يجوز الجلوس مع أهل الزوج بوجود إخوانه؟
وبالنسبة للتركة كيف تتوزع مع العلم بأن لي طفل واحد ؟ وللزوج أربعة إخوان، وأربعة أخوات، وأبواه .
الجواب :
بالنسبة لما سألت عنه حول العدة فقد أجاب عنه فضيلة الشيخ / عبدالرحمن العجلان _ المدرس في الحرم المكيّ _ فقال :
المرأة إذا توفي عنها زوجها لزمتها العدّة وهي : 4 أشهر و 10 أيام ما لم تكن حاملاً ، فعدّتها بوضع حملها ، طالت المدّة أم قصرت . وعليها الحداد ، وهو تجنُّب الزينة في اللباس والحليّ والطيب وكلّ ما يُرغِّب في نكاحها ، وتلزم البيت الذي توفيّ زوجها وهي فيه ، ما دامت تأمن على نفسها ، حتى وإن كان في البيت إخوانٌ لزوجها ، ما دام أنّ هذا البيت يليق بمثلها عادةً وعُرفاً ، ولا تخرج منه إلا لضرورة .
ولا تمنع العدّة من مخاطبة أهل زوجها وإخوانه ، مع اجتنابها أنواع الزينة . والله أعلم .
وبالنسبة لقسم التركة ، فقد أجاب الشيخ ناصر الطريري على سؤالك ، حيث تقسم التركة كالتالي :
1. لك (الزوجة) الثمن.
2. لوالده السدس.
3. لوالدته السدس .
4. لابنه كل الباقي .
أما إخوته وأخواته فليس لهم شيء من ميراثه .
وننبه إلى أن قسمة التركة تكون بعد سداد ما عليه من ديون، وبعد إخراج وصيته من الثلث إن كان أوصى . والله أعلم .
سئل الشيخ أ.د. صالح بن عبد الله اللاحم عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
زوجة توفي عنها زوجها وهي في بلد غير بلد أهلها وتريد أن تذهب إلى إخوتها من أجل أن تكمل العدة لأن إخوتها أحرص عليها من غيرهم. فما الحكم في ذلك ؟
الجواب :
مثل هذه يجب عليها البقاء في بيت الزوج، ولا يجوز لها الرجوع إلى بيت أهلها، إلا لضرورة، كخوف على نفسها، أو أخرجت رغماً عنها، هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم والله أعلم .(1/1)
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي
إذا طُلقت المرأة ومات طليقها وهي لا زالت في العدة فهل عليها عدَّة المطلقة أم عدَّة الأرملة؟
الجواب :
إذا كان الطلاق رجعياً وهي لا تزال في العدة فإنها ترث وتعتد بالوفاة، وإن كان الطلاق بائناً ولم يكن المطلق متهماً بقصد حرمانها من الميراث فإنها تستمر على عدة الطلاق ولا ترث، وإن كان متهماً بقصد حرمانها من الميراث فيرجع إلى القاضي للنظر في القضية والحكم بما يظهر له أنه الحق.
سئل الشيخ د. عبد العزيز بن فوزان الفوزان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/2)
قصتي طويلة ولدي أسئلة كثيرة وأهمها الآن هي أني تزوجت من ياباني بعد أن أسلم، ومر على زواجنا 19 سنة، ولظروف خاصة ونفسانية اتفقنا على الانفصال وأصبح يعيش لوحده زيادة عن ثلاث سنوات، ولقد أعلن ردته أمام ابننا وكان في حالة غضب، وبعد مضي أسبوع أردت أن أتأكد من هذا الأمر الهائل، فأعاد نفس الكلام ويقول إني السبب في كفره، المهم اتصلت بشيخ المسجد وأفتاني أني محرمة عليه، وبدأت أتحجب عنه، وبعد مرور 6 أشهر من ردته، تم الطلاق، مشكلتي هي: لقد كنت أظن أن عدتي انتهت قبل الطلاق يعني منذ الردة، ولقد طلبني إنسان آخر للزواج على سنة الله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- رجل عربي مسلم- وبعد مرور شهر فاجأني الشيخ لما قال إنه يجب علي عدة الطلاق، وأنا كنت متيقنة من أن عدتي انتهت، وبالأخص تيقنت من الأمر لما وجدت فتوى تشبه معضلتي، المشكلة أنه بعد الطلاق أرى زوجي يلعب بالدين فأمام عائلته يقول: إنه ترك الإسلام وأمام الشيخ وصديقي يقول إنه مسلم، وأنا أخاف الله وغضبه، فهل يجب علي عدة أم سأكون آثمة إذا تركتها؟ مع العلم أني تركت كل شيء يخص زواجاً آخر، أرجوكم أفتوني فأنا عانيت ومازلت أعاني من أزمة نفسانية حادة، وأعيش على المهدئات منذ أكثر من 14 سنة، أنا أتعذب يوميا وأخاف سخط الله وغضبه، ماذا يجب علي أن أقوم به اتجاه هذا الزوج الذي يلعب بالدين، مع العلم أنه لا يريد رؤيتي ولا التحدث إلي عبر الهاتف، بالله عليكم ما العمل؟ ولكم مني جزيل الشكر والامتنان.
أرجوكم أن تفيدوني في أقرب وقت؛ لأن القلق يؤثر علي وضغطي يرتفع، أريد أن أخلص لله ولرمضان، وأثابكم الله، والسلام عليكم.
الجواب :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(1/3)
فإن كان الواقع كما ذكرت الأخت السائلة، من أن زوجها الياباني طلقها، ثم تزوجت بعده رجلاً عربياً مسلماً قبل إتمام عدتها من الأول، فإن الزواج الأخير يعتبر باطلاً؛ لأن الله – تعالى- يقول: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سراً إلا أن تقولوا قولاً معروفاً ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم". [البقرة: 235]
فدلت الآية الكريمة على تحريم نكاح المرأة المعتدة من وجهين: الأول: أن الله تعالى حرم التصريح بخطبة المرأة المعتدة، فيكون العقد عليها محرماً من باب أولى، وإنما أباح التعريض والتلميح دون التصريح إذا كانت معتدة من طلاق بائن. أما إذا كانت مطلقة طلاقاً رجعياً، فإنه لا تجوز خطبتها لا تصريحاً ولا تلميحاً، لأنها لا تزال زوجة حتى تنتهي عدتها، ولها حق الزوجة على زوجها من النفقة والميراث ونحوهما، وبإمكان زوجها أن يراجعها متى شاء ما دامت في العدة.
الثاني: قوله- تعالى- "ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله" [البقرة: 256] صريح عن عقد النكاح على المعتدة حتى يبلغ الكتاب أجله، وهو نهاية عدتها. وهذه المسألة وهي بطلان نكاح المعتدة، محل إجماع بين العلماء.
وعدة الطلاق هي: ثلاث حيض، فإن كانت آيسة من الحيض أو صغيرة لم تحض بعد، فعدتها ثلاثة أشهر، وإن كانت حاملاً، فعدتها وضع الحمل.
فإذا انقضت عدتك من الأول، جاز لك الزواج بالرجل العربي المسلم أو غيره من المسلمين، ولكن بعقد جديد. لأن العقد الأول باطل كما بينت.
وأما ما ذكرت من تذبذب زوجك الأول بين الإسلام والردة،وعدم تبين أمره، فالأصل فيه أنه مسلم، إلا أن يثبت كفره ببينة شرعية.(1/4)
وأما مجرد زعمك بأنه أعلن كفره لابنه ولك بعد ذلك، فهذه دعوى تحتاج إلى دليل، خصوصاً أنه يكذبك في هذا ويصر أمام صديقك المسلم وأمام شيخ المسجد بأنه لا يزال على الإسلام.
ولقد أحسن الشيخ صنعاً حين أمرك بإتمام عدتك منه بعد الطلاق، وأن زواجك الثاني باطل؛ لأنه وقع في العدة، ولكنه لم يوفق في المرة الأولى حين أفتاك بأنك محرمة على زوجك ويجب عليك التحجب منه، لأن التكفير أمره خطير، فلا يفتي بكفره وحرمتك عليه حتى يثبت ذلك عنده ببينة شرعية ظاهرة. فإن كان قد تبين له ذلك، وأنه قد ارتد فعلاً عن الإسلام، فلماذا يبطل الزواج الثاني، وهو إنما حصل بعد ستة أشهر من ثبوت ردته عنده، أي بعد انتهاء العدة؟!! وما الحاجة كذلك إلى طلب الطلاق منه؟ والزواج باطل بمجرد ردته عن الإسلام.
فالحقيقة أن هذا تناقض من إمام المسجد وفقه الله. وأرجو أن تعرضي هذا الجواب عليه، وتناقشيه فيه؛ لأنه قد يكون في الأمر شيء لم تذكريه، يتغير به الحكم، ويبرر للشيخ وفقه الله ما صدر منه.
أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً لما يرضيه وأن يرينا الحق حقاًُ ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، كما أسأله تعالى أن يهدي زوجك الأول ويثبته على الحق، وأن يعوضك خيراً مما فاتك، ويجبر مصابك، ويعظم أجرك، ويرزقك من اليقين ما يهون به عليك مصائب الدنيا، وأن يعافيك من كل داء وبلاء، ويكشف عنك السوء والضراء، إنه سميع مجيب الدعاء.(1/5)
سئل الشيخ د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية امرأة توفي زوجها وليس لديها أبناء وتسكن في شقة لوحدها، ويوجد بالعمارة عدد سبعة إخوان لزوجها المتوفى، وهي ما تزال في السبع والعشرين من عمرها، وترغب في ترك بيت زوجها والذهاب إلى منزل أهلها في مدينه أخرى، فهل يجوز أن تخرج إلى بيت أهلها الذي يبعد ما يقارب مسيرة ساعتين ونصف بالسيارة؟ مع العلم أنها لا تريد البقاء في منزل زوجها بعد وفاته، ولا يستطيع أحد من أهلها البقاء معها.
الجواب :
لا شك أن الواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها البقاء في بيت الوفاة حتى انقضاء عدتها، لا سيما المبيت ليلاً لقصة فَرِيعَةٌ بنت مالك فقد سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن تبيت في غير بيت الوفاة فلم يأذن لها النبي –صلى الله عليه وسلم- الترمذي (1197) والنسائي (3529) وأبو داود (2300) وابن ماجة (2031)، ولكن استثنى أهل العلم ما يلي:
1-يجوز للمرأة المعتدة الانتقال من بيت الوفاة إلى بيت آخر تعتد فيه للضرورة، كما لو خافت على نفسها من اللصوص، أو كان البيت مستأجراً ولم تتمكن من دفع الأجرة، أو رفض المالك التأجير، أو لم تجد المرأة من يسكن معها وهي لا تستطيع السكنى بمفردها، ففي هذه الحالة وما يشبهها يجوز لها الانتقال للضرورة.
2-أجاز أهل العلم للمرأة المعتدة الخروج من منزلها لقضاء حوائجها الخاصة التي لا بد منها إذا لم تجد من يقوم بها ولا تبيت إلا في بيت الوفاة إلا عند الضرورة، والذي يظهر لي في الجواب عن سؤال السائل جواز الانتقال عند الحاجة إلى أقرب منزل تقضي فيه عدتها إذا لم يكن قضاؤها في بيت الوفاة ممكناً، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي رجل توفي، وفي ساعة وفاته وضعت زوجته حملها مباشرة، السؤال: هل يجوز لزوجته أن تغسله أم هي أجنبية عنه؟ وهل تعتد أربعة أشهر وعشراً؟(1/6)
وهل يجوز أن تتزوج بعد طهرها من النفاس؟
الجواب :
يجوز لزوجته أن تغسِّله، ولو خرجت من العدّة بوضع الحمل، ذكر ذلك ابن قدامة –رحمه الله- في كتابه المغني (3/460-461-462).
ويجوز لها أن تتزوج؛ لأنها خرجت من العدة بوضع الحمل.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فتاة عقد عليها ولم يتم الدخول بها، ثم توفي العاقد عليها قبل أن يدخل بها، فهل عليها عدة أم لا؟
نرجو التوضيح، وبارك الله فيكم وفي علمكم.
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الجواب: أن المرأة التي عقد عليها وتوفي عنها زوجها لها حكم الزوجات بموجب العقد، فعليها العدة (عدة الوفاة)؛ لدخولها في عموم قوله –تعالى-:"وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً" الآية، [البقرة:234] ولها الميراث أيضاً؛ لأنها زوجة، والله أعلم.
سئل الشيخ د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى هل يحرم على المرأة التي في عدة وفاة زوجها أن تنظر للرجال في الجرائد أو التلفاز ولو كان ذلك عابراً؟ والقصد هو الاستماع إلى الأخبار أو قراءة الجريدة، وهل يلزمها الاغتسال إذا نظرت إلى الرجال فيهما؟
الجواب :
يجوز للمرأة أن تنظر في صور الرجال في الجرائد وفي التلفزيون من دون تلذذ في هذا، ولا يجوز أن يكون في ذلك استمتاع، أما قولها: إذا نظرت إلى الرجال فهل يلزمها الاغتسال؟
نقول: لا يلزمها الاغتسال إلا إذا أنزلت، ولو أنها أنزلت فإنها يلزمها الاغتسال للإنزال، ولا يجوز لها أن تنظر للرجال نظرة تلذذ تدعوها إلى أن يحصل منها شيء من الإنزال.(1/7)
سئل الشيخ د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية كيف يتعامل الرجل مع مطلقته أثناء العدة؟ علماً أنها باقية في بيته، وله منها أولاد بالغين معهم في البيت، وليس بينه وبينها أي نزاع، وماذا يحل له منها؟.
الجواب :
المطلقة المعتدة على قسمين؛ مطلقة رجعية ومطلقة بائن، والمراد بالمطلقة الرجعية هي التي يجوز لزوجها مراجعتها قبل انقضاء عدتها، إذا كان الطلاق دون الثلاث، ولم يكن على عوض، وهذه حكمها حكم الزوجة غير المطلقة ما دامت في العدة، له أن يخلو بها ولها أن تتجمل له لأنها زوجته.
القسم الثاني: المطلقة البائن وهي التي لا يجوز لزوجها مراجعتها وإن كانت في العدة، فليس له أن يخلو بها، لأنها في حكم الأجنبية. والله أعلم.
سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حكم قراءة القرآن في يوم الجمعة؟ هل له أصل في الشرع؟ وهل ورد أي حديث أو حتى آثار دلت على ذلك؟ فأنا أقصد تلك القراءة التي تقرأ بالسماعة في كل المساجد قبل الخطبة بفترة، (حيث يسمع كل الناس ولا ينصتون له)، فإذا أمكنكم أن تعطوا حديثا أو أقوالاً لعلماء تدل على ذلك فهو مناسب. وجزاكم الله خيرا.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:(1/8)
هذا العمل الذي أشار إليه السائل من رفع الصوت في السماعات قبل الخطبة لكي يستمع الناس إلخ.. بدعة، ولم يرد عن النبي – صلى الله عليه وسلم-، والسنة الواردة عن النبي – عليه الصلاة والسلام- هي تعظيم هذا اليوم بكثرة العبادة كالذكر، أو الصلاة أو القراءة، بأن يتقدم الإنسان إلى المسجد من بعد طلوع الشمس، لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا حضر الإمام دخلت الملائكة تستمع الذكر" البخاري (881)، ومسلم (850).
ويستحب للإنسان التقدم من بعد طلوع الشمس، وقال بعض أهل العلم: من بعد صلاة الفجر، لكي يتفرغ للذكر والقراءة والصلاة.. إلخ، فيفعل ما هو الأخشع لقلبه هذه هي السنة، وهذا هو الأفضل، وهذا هو هدي الصحابة – رضي الله عنهم-.
وأما رفع الصوت بالقراءة التي قد يستمع بعض الناس لها وقد لا يستمعون إلخ، وقد تشوش عليهم، فهذا كله محدث ليس على هَدْي النبي – صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه –رضي الله عنهم-.(1/9)
سئل الشيخ د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية طلقني زوجي مؤخرا بسبب مشاكل أدخلها هو في حياتي (باعترافه) جراء علاقة قديمة له، وبالرغم من لزومي بيتي خلال فترة العدة إلا أن العلاقة كانت بيننا متوترة جداً؛ لما أشعر به من الألم والظلم والفشل، سؤالي هو: أعلم أن الله يغفر لكل المسلمين إلا المتشاحنين كل اثنين وخميس وليلة النصف من شعبان، وأكذب على نفسي إن قلت إن قلبي صاف من ناحيته بسبب كل ما حدث, فهل يعني هذا أن أعمالي معلقة وأنه لا يغفر لي؟ أنا أُسلم عليه ولست مقاطعة له، لكن يعلم الله بما أعاني منه من إحساس في قلبي، ولا أستطيع معاملته كأي إنسان عادي. فهل أعتبر مشاحنة أم هذا ينطبق فقط على المتقاطعين؟.و جزاكم الله كل خير.
الجواب :
الحمد لله، وبعد:
فالذي يظهر لي -إن شاء الله- أن المسلم لا يكلف أن يجعل قلبه وصدره كما لو لم يكن فيه شيء قال –سبحانه-: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة: 286]، نعم هي منزلة فاضلة محمود من يدركها، كما قال: "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ"[فصلت:35]، ولكنها منزلة ليست واجبة، بل لعل الهجر الوارد في الحديث الذي رواه مسلم(2565) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- فلعله يزول بالسلام وبعض الكلام مع محاولة إزالة ما في الصدر، مع العلم أن الهجر إذا كان بسبب معصية فلا يدخل في الحديث، بشرط أن يكون الهجر لله –تعالى- وليس في باطنه انتقام للنفس وانتصار لها، هذا إذا كان الهجر يحقق مصلحة لردع العاصي أو رجوعه، ويكون بقدر محدود فإن لم يكن للهجر فائدة، أو كان يزيد الأمر سوءاً فلا ينبغي حينئذ اللجوء إليه.(1/10)
وفيما يختص بالمطلقة الرجعية ما دامت في العدة فإنها زوجة لها حكم الزوجات، فلزوجها أن يجلس معها ويخلو بها، ولها أن تتزين له، بل إن الزوج له أن يعاشرها، فإذا حصل منه الوطء فتعتبر رجعة منه حينئذ، مع أنه لا ينبغي له ذلك إلا بنية الرجعة، والأولى أن يراجع قبل ذلك باللفظ.
وعلى الأخت السائلة ألا تمنع الرجل من حقه إذا أراد أو كان يرغب الرجعة، قال الله –سبحانه-: "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً" [البقرة: 228]، فالزوج يملك حق الرجعة على امرأته، سواءٌ رضيت أم لم ترض، أو رضي أولياؤها أم لم يرضوا، وقد حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك، ولكن يستثنى منه ما إذا كان الزوج قد وجد فيه مانع شرعي تملك به المرأة الفسخ. والله أعلم.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي هل يجوز للمعتدة من الوفاة الخروج مع النساء لحضور المناسبات والعزائم دون اختلاط بالرجال؟ وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع.
الجواب :(1/11)
الحداد اجتناب الزينة وما يرغب فيها وفي النظر إليها من الطيب والتجمل والحناء والكحل، وعلى المرأة المعتدة في وفاة زوجها العدّة في بيتها الذي أتاها فيه نعي زوجها حتى تتم عدتها، لحديث فريعة بنت مالك – رضي الله عنها - وفيه: "أتاني نعي زوجي فأتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – وقلت: إن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة ولم يدع نفقة وليس المسكن له، فلو تحولت لكان أرفق لي، قال: تحولي، فلما خرجت إلى المسجد دعاني، فقال: امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله" رواه النسائي (3528) وأبو داود (2300) وابن ماجة (2031)، والترمذي (1204) ولها – المعتدة – الخروج لحاجتها نهاراً لا ليلاً، لما رواه البيهقي في السنن الكبرى (7/436) عن مجاهد قال: استشهد رجال يوم أحد فآم نساؤهم وكن متجاورات فجئن إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقلن يا رسول الله: إنا نستوحش في الليل فنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا تبدرنا إلى بيوتنا، فقال عليه الصلاة والسلام: "تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة منكن إلى بيتها" رواه أيضاً الشافعي في الأم
(5/235) وعبد الرزاق في مصنفه (12077)، وأخرج البيهقي في السنن الكبرى
(7/436)عن ابن عمر – رضي الله عنهما –قال: المطلقة والمتوفى عنها زوجها تخرجان بالنهار ولا تبيتان إلا في بيوتهما"، وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (18862-18863) عن عمر – رضي الله عنه – أنه رخص للمتوفى عنها زوجها أن تأتي أهلها بياض يومها" وكذا جاء عن زيد بن ثابت – رضي الله عنه.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي سؤالي: زوجة يعمل زوجها في دولة أجنبية، توفي الزوج ولم تعلم الزوجة بوفاته إلا بعد ستة أشهر من الوفاة، فهل على الزوجة أن تعتد في هذه الحالة؟ وما هو الدليل؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب :(1/12)
عدة المتوفى عنها تعتبر من حين الوفاة حسب حالها، فإن كانت حاملاً فبوضع الحمل، وإن كانت غير حامل وهي حرة فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وإن كانت أمة فعدتها شهران وخمسة أيام، وإذا لم تعلم بوفاته إلا بعد ستة أشهر فقد انتهت عدتها قبل أن تعلم.
سئل الشيخ ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر ما هي عدة الطلاق؟ مع الشكر
الجواب :
تختلف عدد الطلاق (بكسر العين) باختلاف الأحوال، فالمرأة المطلقة قبل الدخول بها لا عدة عليها؛ لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً" [الأحزاب:49].
والمرأة المطلقة أثناء الحمل عدتها بوضع حملها لقوله تعالى: "وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ" [الطلاق: من الآية4].
وأما المرأة التي لا تحيض إما لكبر سنها أو لصغرها وتسمى الآيسة فإنها تعتد بثلاثة أشهر لقوله تعالى: "وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ" [الطلاق: من الآية4].
وأما المرأة التي تحيض وليست ذات حمل فعدتها ثلاث حيض لقوله تعالى: "وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ"[البقرة: من الآية228]، وتنتهي عدتها بطهرها من الحيضة الثالثة، والله أعلم.(1/13)
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى توفي والدي - رحمه الله - قبل فترة، ووالدتي الآن في فترة العدة، وقد قامت والدتي بزيارة قريبة لنا مريضة مصابة بداء السرطان وقانا الله وإياكم، وقال الأطباء بأنه في مراحل متقدمة؛ أي أنها لا يرجى برؤها منه، والله لطيف بعباده، ووالدتي لما زارتها طلبت منها السماح، فما حكم هذا الأمر؟ والله المستعان.
الجواب :
يلزم المرأة الحداد على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، لقوله تعالى: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً" [البقرة: من الآية234]، وحديث: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميت فوق ثلاثٍ إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشراً" رواه الشيخان البخاري (1281)، ومسلم (1487) من حديث أم حبيبة –رضي الله عنها- وعلى هذا فيلزم المرأة أن تقضي عدة الوفاة في المنزل الذي مات زوجها وهي به، فلا يجوز أن تتحول عنه بلا عذر، وخروجها لعيادة المريض ليس عذراً شرعياً يبيح لها الخروج، فعليها الاستغفار والتوبة ولزوم المنزل حتى تنتهي عدتها.(1/14)
النشوز والمشاكل الزوجية
سئل الشيخ د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود
أنا رجل عندي زوجة مدللة جداً ، وسئمت من مراعاة شعورها الذي يعيقني أحياناً عن تربيتها وتربية أطفالي ، فهل لي بضربها ؟ وما حدود ذلك الضرب ؟ الرجاء التوضيح بالأمثلة لحدود الضرب المبرح .
الجواب :(1/1)
أخي السائل أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن ييسر لك أمرك ، وأن يصلح لك أهلك وذريتك ، وأما ما ذكرت من حال زوجتك، فإني ابتداءً أسأل الله - سبحانه وتعالى - لها الهداية والسلامة في دينها ودنياها ، واعلم أن الحياة في الغالب لا تصفو بين الزوجين، فلا بد من أن يشوبها شائبة على اختلاف في الدرجات وتنوع في تلك الشوائب ، واعلم أن الرجل مأمور ومأجور على الصبر على زوجته، وكذلك الزوجة، واعلم أن الشرع المطهر جعل لعصيان المرأة لزوجها علاجاً متدرجاً ، كما في قوله - سبحانه وتعالى - :" واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً " [النساء:34]، فلا بد أولاً من الموعظة بالترغيب والترهيب ، والتعريف بحق الزوج على زوجته ، وإثم معصيتها له ، ولا تكون الموعظة من قبلك وحدك، بل تكون أيضاً من قبل من يناسب من أقاربها وأقاربك ، ثم الانتقال بعد ذلك إلى الهجران بالفراش بأن يوليها دبره في فراشه ، أو يجعل له فراشاً مستقلاً عنها، ويترتب على ذلك ترك مجامعتها وقت الهجران ، ثم إذا لم تُجدِ تلك الوسائل ينتقل إلى وسيلة الضرب التي حددها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بقوله : " فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يُوطئْن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح " الحديث ، أخرجه مسلم (1218)، والضرب غير المبرح هو غير الشاق أو الضار ، ومن أمثلة ذلك أن يكون الضرب على الكتف، أو اليد، أو الرجل ، أو الأماكن التي لا تكون معرضة للكسر، أو تعطل الأعضاء، أو تؤدي إلى الإهانة كالضرب على الوجه ، فإن هذه الحالات من الضرب ضررها أكثر من نفعها .
سئل أ.د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ما هو النشاز؟ ومتى يضرب الرجل امرأته؟ وجزاكم الله خيراً.(1/2)
الجواب :
الزواج في الخلق آية من آيات الله الذي نخر له ساجدين، ويقوم على أركان ثلاثة: السكن، المودة، الرحمة. قال –تعالى-:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21].
والعلاقة بين الزوجين تسمو على كل العلاقات "هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ" [البقرة:187]، فالزواج إذن ضرورة دينية وضرورة مدنية وجاء وصف عقد النكاح وصفاً متميزاً على جميع العقود "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً"[النساء:21] وللرجل حق القوامة على المرأة "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" [النساء:34]، وقال المصطفى – عليه السلام – في بيان أفضل النساء:"هي التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله" أبو داود (1664) وابن ماجة (1857) وأحمد (7421) واللفظ له، وقال -عليه السلام-:"إن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله" البيهقي في الشُعَب (15/248) والدر المنثور للسيوطي (2/483) ويعنى بذلك ما يقوم به الرجال من الأعمال من صلاة وجهاد في سبيل الله.(1/3)
الناشز هي التي تبرز وتستعلي بالعصيان والتمرد، والمنهج في الإسلام لا ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل وتعلن راية العصيان وتسقط مهابة القوامة، بل لابد من المبادرة في علاج مبادئ النشوز الذي لا يستقر معه سكن ولا طمأنينة، ومآله بعد ذلك تصدع وانهيار ودمار وتشرد، ولا بد من المبادرة باتخاذ الاجراءات المتدرجة في علاج علامات النشوز وحينئذٍ يباح أن يزاول الزوج بعض أنواع التأديب المصلحة في حالات كثيرة لا للانتقام ولا للإهانة ولا للتعذيب، ولكن لرأب الصدع والإصلاح في هذه المرحلة المبكرة من النشوز، وذلك بالوعظ، وبيان مزايا استمرار الزوجية، وبيان مساوئ الفرقة والاختلاف فإذا لم يجدِ هذا انتقل إلى مرحلة أخرى في التأديب والتهذيب، وهذه المرحلة تتمثل في الهجر في الكلام ثلاثة أيام، وفي المضجع ما شاء على ألا يضر بها، فإذا لم يجدِ هذا الأسلوب انتقل الزوج إلى التأديب الخفيف فلا يضرب الوجه ولا يقبح.
عن معاوية القشيري أنه قال: يا رسول الله ما حق امرأة أحدنا عليه؟ قال:" أن تطعمها إذا طَِعمْت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت" أبو داود (2142) وأحمد (20011).
سئل الشيخ محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث
متى يحق للزوج أن يطلب زوجته في بيت الطاعة ؟ وهل يحق لها أن ترفض؟ وإذا رفضت ماذا يترتب على هذا الرفض؟ خاصة إذا كان الزوج قد تزوج على زوجته خداعاً، ومن ثم امتنع عن دفع النفقات لزوجته ولأولاده، وإذا ذهبت الزوجة لبيت أهلها، هل تعد ناشزاً وتُطلب لبيت الطاعة؟
الجواب :
الحمد لله وحده ، وبعد :
((1/4)
بيت الطاعة) قانون وضعي أصدرته بعض الدول، وخلاصته أن للقاضي الحكم على الزوجة بلزوم بيت الزوجية (بيت الطاعة)، فإذا لم تقم بذلك فإن للقاضي تحديد العقوبة المناسبة واستخدام القوة ، وعلى ما تقدم فإن هذه القوانين فيها ظلم للمرأة ، فقد جعل الإسلام للمرأة مخرجاً، فإذا كانت كارهة لزوجها ونحو ذلك فيفرق بينهما بالمخالعة ، وإن كان الزوج فاسداً أو كان به عيب فرق بينهما.
أما إذا كانت الزوجة ناشزة عن طاعة زوجها ولا مبرر لديها فيحكم عليها بالانقياد لطاعة زوجها بالمعروف، فإن لم تفعل فإنه يسقط حقها في النفقة والسكنى وغيرها، أما نظام (بيت الطاعة) فإنه يسقط حق الحرية للمرأة ، والعجب أنه صادر من أدعياء تحرير المرأة ، فتأمل كيف توصلوا إلى هذه النتيجة، الأمر الذي يدعونا إلى الاعتزاز بديننا والتحاكم إليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
سئل الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الخريصي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
لماذا يؤمر بضرب المرأة وهجرها في المضاجع حتى الموت لمجرد الخوف من نشوزها في (سورة النساء: 34)، ولماذا تلعنها الملائكة إلى الصباح إذا أبت الجماع مع زوجها؟.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله – وهو الحكيم- شرع للزوج إذا رأى عصياناً من زوجته، وتأكد منه أن يسلك طرقاً ثلاثة على الترتيب، لا على التخيير كما ذكر العلماء، فيبدأ بوعظ زوجته- أي تذكيرها- بحق الزوج عليها من الطاعة،وحسن العشرة، فإن لم تستقم فينتقل إلى الهجر في الفراش؛ لأنه أقوى أثراً، فإن لم ينفع فيباح له أن يضربها ضرباً غير مبرح -أي غير شديد وشاق - مع تقوى الله في ذلك.(1/5)
أما ما ذكرته السائلة من الضرب والهجر حتى الموت للزوجة الناشز فلا وجود له في الآية، ولعلها تعني حد الزنا الوارد في سورة النساء (15)، من حبس الزانية حتى الموت، وكان هذا في أول الإسلام، ثم نسخ بقوله تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا.."[النور:2].
أما مسألة لعن الملائكة للمرأة التي تأبى إجابة دعوة زوجها فقد ذكر العلماء أن السبب في ذلك حاجة الرجل إلى زوجته، ولذلك قد يبيت غاضباً عليها، كما في رواية مسلم (1436) : "ما من رجل يدعو امرأته...إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها"، وفي رواية: "فبات غضبان عليها..."، فجعل الله ملائكته تلعن من أغضب عبده، منع شهوة من شهواته، وهذا يدل على فضل الزوج، وعظيم حقه على زوجته. والله أعلم.
سئل الشيخ ماجد بن عبد الرحمن آل فريان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
رجل متزوج وله أولاد كبار، حصل بينه وبين زوجته خلاف، فعزم في نفسه أن يطلقها، لكنه لم يطلق؛ خشية وقوع مشاكل وأن يمتد الطلاق في العائلة بحكم أن أخواته متزوجات مع إخوان زوجته، ولذا هو قرر أن يعيش مع زوجته دون أن يقربها في منزل واحد بعد أن انقطع عن البيت أكثر من أربع سنين؟ ما حكم هذا الفعل؟ وما حكم نفقتها؟.
الجواب :
الحمد لله والصلاة على محمد وآله وصحبه.
أخي الكريم . . .
حلمك وتقديرك للمصالح والمفاسد أمر مشكور لك، وقدرتك على التحمل طوال هذه السنين يدل على مقدرتك بإذن الله أن تتجاوز هذه العقبة بالإصلاح.
أما خروجك من البيت لأربع سنوات فهو أمر غير سائغ.
وكذلك بقاؤك في البيت دون اجتماع مع زوجتك في مضجع واحد أمر غير سائغ هو الآخر؛ إلا إذا كانت الزوجة ناشزاً وهي التي تعصي زوجها فيما يجب عليها من حقوقه ففي هذه الحالة يجوز الهجر في المضجع.(1/6)
والشرع لم يجعل الهجران في المضجع إلا حالة استثنائية مؤقتة لا تستمر، يلجأ المرء إليها لمعالجة وضع راهن، أما أن يستمر عليها فهذا إخلال بالواجب على الزوج تجاه المرأة؛ ولذلك نص الفقهاء على وجوب المبيت عند الحرة ليلة من كل أربع ليال، إذا طلبت، ولم يكن عذر يمنعك من ذلك.
وهذا يتضمن وجوب شيئين :
أحدهما : الاجتماع في المنزل.
ثانيهما: الاجتماع في المضجع، وقوله تعالى: "واهجروهن في المضاجع" [النساء:34] مع قوله صلى الله عليه وسلم عند أحمد (19511) وأبو داود (2142) وابن ماجة (1850) وغيرهم. وغيره بسند حسن :"ولا تهجر إلا في البيت" دليل على وجوب المبيت في المضجع، ودليل على أنه لا يهجر المنزل.
ويلزم الزوج أن يطأ زوجته كل ثلث سنة مرة إن قدر على ذلك؛ لأن الله تعالى قدر ذلك في حق المولي فكذلك في حق غيره، قال تعالى "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم" [البقرة:226-227]، وهذا حق لها ومن تركه فهو مقصر فيما يجب عليه من حقوق.
ومن ترك وطء زوجته إضراراً بها ولو بلا يمين أكثر من أربعة أشهر وهو غير معذور، فهو ملحق عند العلماء بالمولي، يأمره القاضي بطلب المرأة بالوطء أو الطلاق، فإن أبى من الأمرين طلق عليه القاضي.
وأما النفقة فهي واجب على الزوج مع بقاء الزوجية بقوله تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته" [الطلاق:7] وقوله: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" رواه مسلم (1218) من حديث جابر – رضي الله عنه-.
ولا تسقط النفقة عن الزوجة الباقية في عصمة الزوج إلا أن تكون ناشزاً، أو محبوسة عنه ممتنعة منه في بيت أهلها مثلاً، أو مسافرة عنه لحاجتها، ففي هذه المواضع تسقط النفقة أما غيرها فلا يجوز للزوج أن يحبس النفقة عن زوجته ومن فعل ذلك فهو ممسك عما يجب عليه.(1/7)
والله أسأل أن يجمع شمل أسرتكم ويوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى. وصلى الله على محمد وآله.(1/8)
تربية الأولاد
سئل الشيخ د. أحمد بن محمد أبا بطين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
لي ابن سوف يكمل السابعة من عمره بعد شهر، وزوجتي تريد أن يحفظ القرآن كاملاً، وقد حفظ حتى الآن ثمانية أجزاء، وقد وصل لدرجة أنه أصبح يفضل الموت على الحفظ، حيث إن زوجتي تستنفذ معه كل الوسائل السلمية ثم تبدأ بضربه ضرباً مبرحاً حتى يحفظ، وبالرغم من أنها تضربه إلا أنه قد لا يحفظ آيتين بعد ساعتين من الضرب والتوبيخ، فهل يجوز ذلك، حيث إن زوجتي بدأت تشعر بالذنب لتكرار الضرب والتوبيخ؟ وأنا أشعر أنه قد يكره القرآن بالإضافة إلى أنه ليس من الرحمة أن نعامل الأطفال بهذه الطريقة.
الجواب :
لا يجوز هذا العمل على الإطلاق لأسباب:
(1) أن الطفل لا يزال صغيراً جداً.
(2) أن الصحابة –رضي الله عنهم- وهم أصحاب خير الخلق- لم يكونوا كلهم حفاظاً، وكانوا في الحفظ لا يتجاوزون عشر آيات حتى يحفظوها ويعملوا بمقتضاها.
(3) إذا كان الطفل لا يؤمر بالصلاة المفروضة إلا بعد إكمال سبع سنين من عمره، ولا يضرب عليها إلا بعد اكتمال العاشرة، فكيف بما لم يأت في الشرع بشأنه إلزام؟! ألا فليتق الله كل راع على رعيته.
سئل الشيخ د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال: هل يجوز أن يدرس الأطفال في مدارس نصرانية؟ لما فيها من جودة تدريس و انضباط وأدب؟ حيث تقوم الراهبات بالإشراف و تدريس المواد، وتدرس مادة الديانة الإسلامية من قبل مدرسة مسلمة، وتوجد موجهة منتدبة مسلمة تقوم بالإشراف العام وأغلبية الطلاب من المسلمين، ولا تقوم الراهبات بأي نوع من أنواع العنصرية، أو تعليمهم أشياء نصرانية. أفيدونا أفادكم الله.
الجواب : الحمد لله – والصلاة والسلام على رسول الله – وبعد:(1/1)
فإني قد تأملت هذه المسألة فرأيت أن أجيبك بحسب بلدك فما دمت في بلد مسلم فهذا يختلف عن شخص في بلد غير مسلم، لا سيما مع عدم وجود مدارس إسلامية، ولست أطلق الإباحة لمثل هذه الحال ولكن الجواب سيختلف قليلاً. أما جواب مسألتك لكونك في بلد مسلم يوجد به ولله الحمد مدارس إسلامية فإني لا أرى لك عذراً في تدريس أولادك في المدارس النصرانية، حتى وإن تفوقت على المدارس الإسلامية ببعض المزايا، ذلك أن قضية العقيدة وقضية الولاء والبراء والانتماء قضايا أكبر بكثير من مجرد إضافة معلومات أو جودة تدريس ونظام، وعليك أيها الأخ المسلم أن تكون هذه القضايا لديك أولى بالتقديم والنظر من غيرها، وإليك أخي الكريم بعض ما قد يترتب على تدريس الأولاد، ولا سيما الصغار منهم في مدارس نصرانية، فمن ذلك:
(1) تنشئة الطالب على حب النصرانية، حتى وإن لم يكن هذا صريحاً من قبل المدرسة، ولكن من خلال المعاملة لا سيما وقد أشرت إلى أن للراهبات دوراً في الإشراف والتدريس.
(2) إزالة الحواجز بين الدين الإسلامي وغيره، بحيث ينشأ الطالب لا يتميز بدينه ولا يعتز به بل تتميع لديه قضية الولاء والبراء، وكأنما قضية الدين لا تتعدى كونها قناعات شخصية فكرية لا غير، وهذا خطير جداً.
وفي القرآن والسنة أدلة كثيرة ظاهرة من تقرير هذا الأصل، وهو الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين.(1/2)
كقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الأِيمَانِ" [التوبة: من الآية23]، وكقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ" [المائدة: من الآية51]، وكقوله سبحانه: "لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" [المجادلة: من الآية22]، وكذلك سورة الممتحنة التي خصصت لهذا الأصل العظيم؛ بل نفى الله تعالى بعض الولاية عمن لم يهاجر من المسلمين، كقوله تعالى: "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا" [الأنفال: من الآية72]، والآيات في هذا كثيرة جداً، تأمر بالولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين ومفاصلتهم، حتى قال بعض أهل العلم إنه ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم؛ أي الولاء والبراء بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده.
وفي السنة أحاديث كثيرة أيضاً في معاملة الكفار بجميع أديانهم ومذاهبهم، وعدم التشبه بهم والأمر بمخالفتهم ونحو ذلك: كحديث جرير بن عبد الله –رضي الله عنهما- عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله لم؟ قال: "لا ترايا ناراهما" أخرجه أبو داود (2645) والترمذي
(1604) من حديث جرير بن عبدالله –رضي الله عنه- ورجحا إرساله، وحسنه الألباني، وحديث سمرة بن جندب –رضي الله عنه-: "من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله" أخرجه أبو داود (2787)، والترمذي (1605) وفي سنده مقال.
((1/3)
3) لا تؤمن المدارس النصرانية، ولا يؤمن النصراني، لا سيما الداعية إلى دينه كالراهب، والراهبة لا يؤمن هؤلاء ولا يستأمنون على أولاد المسلمين من وجوه عديدة، فمن أعظمها دعوتهم إلى النصرانية بالتدرج، وربما لا يشعر ذووهم بذلك.
تنمية محبة النصارى والغرب في قلوبهم بوسائل متعددة، تنشئتهم على أخلاق النصارى، ولا شك أن منها أخلاقاً لا يقرها الإسلام؛ كاختلاط الجنسين وإباحة العلاقات بينهما، وتصويرها على أنها شيء عادي، وإباحة المنكر وغير ذلك.
(4) في مشاركة المسلم بتدريس أولاده في مثل هذه المدارس دعم لها وتشجيع، مع أن وجودها أصلاً في بلاد المسلمين لا يجوز، فبدلاً من السعي لإزالتها نشارك في دعمها، هذا مما لا ينبغي للمسلم. الأولى لنا أن ندعم المدارس الإسلامية ونشجعها، وإذا كانت أقل من المستوى المطلوب، فإما أن نؤازرها لنرفع من مستواها، أو نسعى أيضاً لإنشاء مدارس على المستوى اللائق.
وختاماً أسأل الله تعالى أن يبصرنا وإياك في ديننا، وأن يعيننا على القيام بما أمرنا الله به وإن خالف الهوى ومراد النفس – وصلى الله على نبينا محمد-.
سئل الشيخ د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود لدي ابنة في السادسة عشرة من عمرها، وهي - ولله الحمد- عاقلة ولا تسمع الأغاني ولا تلبس عباءة الكتف، ولبسها دائماً ساتر، ولكنها ممن ابتليت بمشاهدة المسلسلات الخليجية، وحينما أنصحها بعدم متابعتها تقول إنها تشاهدها للترفيه ليس إلا. أرجو إعطائي الأسلوب الأمثل لحل هذه المشكلة ( لا تقل لي إبعاد التلفاز؛ لأن والدها لا يرضى بذلك).
الجواب : نحمد الله على ما أوتيت ابنتك من عقل وهدى ، وننصح الأم إذا كانت عاجزة عن إبعاد التلفزيون بأن تتخذ بعض التدابير المهمة ، ومنها :
أولا : أن يكون التلفزيون في مكان عام .
ثانيا: أن تحرص على مجالسة ابنتها قدر الإمكان لا سيما وقت المشاهدة .(1/4)
ثالثاً : أن تختصر القنوات بإبعاد القنوات التي يغلب عليها الفساد.
رابعاً : الحرص على مصاحبة الصالحات لابنتك .
خامساً: إهداء الأشرطة والكتيبات المفيدة لها .
وأخيراً : ليس كل ما يعرض في الفضائيات سيئ ، فعليك بتوجيه ابنتك نحو الخير باتباع الحكمة والرفق ، وأسأل الله للجميع الهداية والتوفيق .
سئل الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أرجو منكم أن تساعدوني وتجاوبوني بسرعة، والدي عندما يغضب من شيء خارج البيت فإنه يزجرنا وأحياناً يضربنا، في يوم كان غاضباً ومريضاً وكان يتجادل مع أختي وأنا جالسة على الأرض آكل التوت ولا دخل لي بهذا الجدال، وفجأة يركلني على رأسي، ثم على يدي، ثم على رأسي، علماً أني كبيرة وعمري عشرين، ولست صغيرة حتى ينفس غضبه فيّ، فهل هذا يجوز أم أنه ربما يكون ذلك مرضاً نفسياً؟ وأيضاً دكتاتوري وشكراً لكم.
الجواب : السلام عليكم ورحمة الله، أختي الكريمة قرأت رسالتك، وتألمت لما ذكرت، وإليك الجواب، أسأل الله أن يصلح حاله وحالكم:
1- الأبناء والبنات نعمة من نعم الله –سبحانه- في هذه الحياة، والآباء يحلمون أن أولادهم يكونون مصدر عون وشفقة ورحمة لهم، فمهمة الزوجة والأبناء مشاركة الأب همومه، وتخفيف معاناته، وتأجيل الطلبات إن كانت تقبل التأجيل، وجعل البيت أنساً وسكناً مريحاً تعود فيه للأب روحه وطمأنينته، فالحل لما ذكرت ترك الاحتجاج بما يجب عليه إلى ما يجب عليكم تجاهه، وعدم إثارته وذكر ما يكره مطلقاً، وتحين الفرص لذكر الطلبات والرغبات إذا ارتاح وهدأت نفسه، ومساعدته وخاصة في الأمور المالية.(1/5)
2- محاولة أن يكون لكم سلوك طيب داخل المنزل من الحرص على الواجبات الشرعية والنوافل، فهي مما يسكن النفس، وينشر الطمأنينة، فعسى ما تفعلون يكون دافعاً لأبيكم على فعله فتنعمون بالهدوء والطمأنينة، فإن التقصير بالواجبات وارتكاب المحرمات مما يحزن النفس، ويفسد المزاج، ويفقد الصبر تجاه ما يلقاه في هذه الحياة من آلام، فمشاكل الحياة عامة لجميع الناس وهم يختلفون في المواقف بناء على اختلاف نفسياتهم وأخلاقهم وأهليتهم، فكونوا نعم الأبناء والبنات عله أن يكون نعم الأب، وعسى الله أن يقر عينه بكم وأعينكم به، ويجمع القلوب على الخير، والسلام عليكم ورحمة الله.
سئل الشيخ د. علي الغامدي بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا رجل موظف على وشك التقاعد، لي تسعة أبناء أربعة أولاد وخمس بنات، وأمهم، لا يوجد لي ورثة آخرون لوفاة والدي ووالدتي.
أعانني الله وله الحمد على تعليم الخمسة الكبار، ولد وأربع بنات تعليماً جامعياً، وأرغب في إعطاء نفس الحق للأربعة الآخرين ولدان وبنت في المرحلة الثانوية وولد عمره عشر سنوات، فهل هناك مانع شرعي على أن أفتح لكل واحد من الثلاثة حساباً خاصاً باسمه في بنك إسلامي بمبلغ يكفي لإكمال دراسته الجامعية على ألا أمكن أحداً منهم من حق السحب إلا بعد وفاتي؟ وهل موافقة من أكملوا تعليمهم ضرورية؟ أما الطفل الأخير فسأوصي إخوته الكبار به خيراً، ومقصدي من هذا كله هو المساواة بين الإخوة في العطاء، ولا اعتراض لأمهم على ذلك، أفيدونا بالرأي الشرعي حول هذا الأمر، وجزاكم الله خيراً.
الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:(1/6)
فلا يلزمك أن تفتح لمن ذكرت من أبنائك الثلاثة حساباً في البنك لإكمال تعليمهم وأنت مأجور على نية مساواتهم بمن سبقهم من إخوانهم وأخواتهم، ولا شك أنك وأنت حال حياتك قائم بمطالبهم كالسابقين فالمساواة حاصلة بالاستيفاء شيئاً فشيئاً، وليس هذا مما تجب فيه المساواة، إنما تجب المساواة فيما يوهب ويعطى فلا يجوز لك أن تخص ابناً أو بنتاً بمنزل أو أرض أو شيء مما يتملك على سبيل الدوام والاستمرار كمزرعة، أما الشيء الذي يستهلك كمصاريف الدراسة وحاجة أحدهم إلى سيارة تعينه على شرائها للضرورة فهذا غير مطلوب فيه تحقيق التسوية لعدم إمكانه وعموم بلوى الناس به، فلا أرى أن تحجز لأي من الثلاثة أي مبلغ، وإنما تصرف عليهم وتساعدهم حتى يتخرجوا، فإذا وافتك المنية فأمرهم إلى الله، ومن كان منهم صالحاً فالله يتولى الصالحين، والله أعلم.
سئل الشيخ د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى هل يجوز أن ينام الأولاد في فراش واحد؟
الجواب : دون العاشرة يجوز، أمّا في العاشرة فلا؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول:"مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع" أبو داود (496) أحمد (6698) فإذا كانوا في حدود العاشرة أو قريب من العاشرة فيجب أن يفصلوا، بحيث يكون كل واحد منهم له فراش مستقل؛ لأن الإنسان قد يبلغ في هذا الوقت فبنت التسع امرأة، وابن العشر رجل، فلا يجوز أن يتهاون في هذا الأمر، وإنما الواجب هو التفريق بينهم.
سئل الشيخ د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى لست عربي اللسان ولا زوجتي, ولكني أحسن الكلام
باللغة العربية, فهل يجب علي الكلام بها لأولادي الصغار وجوباً شرعياً وأنا مقيم في كندا؟(1/7)
الجواب : ينبغي للمسلم أن يعلم أولاده اللغة العربية لأجل أن يعرفوا كلام الله –تعالى-، ويؤدوا صلاتهم وعباداتهم على الوجه الصحيح، فحينئذ يلزمك أن تعلمهم الفاتحة وأركان الصلاة وواجباتها باللغة العربية هذا يجب عليك وجوباً متحتماً، وأما بقية الكلام الجاري بين الناس فليس بلازم عليك أن تكلمهم باللغة العربية، بل هذا أمر مندوب إليه ومستحسن؛ لأن هذا أنفع لهم في التعرف على أحكام دينهم في المستقبل، ولو تحدثت معهم بلغتك التي هي غير العربية فلا شيء في ذلك –إن شاء الله-.
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.ما هي حدود العدل بين الأبناء أثناء حياة الوالدين فيما يهبون لأبنائهم ؟هل بمساواة الأولاد والبنات في الهبة؟ أم باتباع قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين؟ أم بمراعاة ظروف كل منهم ؟وهل يجوز تخصيص مبلغ معين مثلا لنفقات زواج البنات دون تخصيص مبلغ مماثل للأولاد ؟وهل يضاف هذا المبلغ للميراث في حالة وفاة الوالد قبل زواج كل أو بعض البنات ؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
اختلف أهل العلم حفظهم الله في كيفية العدل بين الأولاد، والأقرب للصواب أن للذكر مثل حظ الأنثيين، كما قسم الله تعالى المواريث، إذ لا أعدل من قسمة الله تعالى.(1/8)
أما قولك : بمراعاة ظروف كل منهم فاعلم أخي أن هناك فرقاً بين النفقات والهبات، ففي النفقات التي تعطى للأولاد لحاجتهم لها كالأكل والشرب واللباس ونفقات الدراسة والزواج ونحوها فهذه لا تجب المساواة فيها، بل يعطى كل حسب حاجته، أما الهبات وهي التي تعطى للأولاد بلا حاجة لها فهذه تجب فيها المساواة بين الأولاد، وعليه فالنفقات التي تصرف للزواج عن حاجة أحد الأولاد للزواج لا تجب المساواة فيها، بل كل ما احتاج أحدهم للزواج أنفق عليه، وفي حالة الوفاة لا يضاف مثل هذا المبلغ لميراث من توفي الوالد قبل حاجته للزواج.
سئل الشيخ د. أحمد بن عبد اللطيف العبد اللطيف الأستاذ بقسم العقيدة بجامعة أم القرى ما حكم تدريس أطفالنا المسلمين في مدارس إنجليزية؟ علماً بأن معظم هذه المدارس يدرس فيها الموسيقي و الدين النصراني، والمناهج الجنسية، ومنا من يقول يدرسهم سنة أو سنتين لتعليم اللغة الإنجليزية، أفيدونا جزاكم الله عنا خيراً.
الجواب : إذا كان الواقع كما تقول فلا يجوز تعريض الأبناء للفتنة بتعليم الموسيقى والعقائد الفاسدة بل هذا أمر خطير، فالاهتمام بعقيدة الأبناء وتنشئتهم تنشئة دينية صحيحة هو الأهم، فينبغي الاهتمام بتعليمهم القرآن والسنة والعلوم المفيدة، والاعتذار بتعليم اللغة الإنجليزية ليس بعذر يبيح ما سبق. والله أعلم.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة لدي ابن مريض معوَّق وهو أصغر أبنائي، لا يستطيع الاعتماد على نفسه في كسب عيشه، وإخوته الأكبر منه كالتالي:
-بنت غير متزوجة في سن الخامسة والثلاثين من العمر، حاصلة على الدبلوم العالي بعد حصولها على شهادة بكالوريوس التجارة من الجامعة، وتعمل في وظيفة طبية بإحدى الشركات الكبرى.
-ابن حاصل على بكالوريوس التجارة، ويعمل في وظيفة قيادية بإحدى الشركات الكبرى.(1/9)
وهكذا فإن كلاً من إخوته يستطيع كسب عيشه دون الاعتماد على أحد سوى الله –سبحانه وتعالى- وقد جال بخاطري ماذا يمكنني أن أترك لهذا الابن بعد وفاتي بخلاف حقه الشرعي في الميراث؟ فأوضح لي أحد الإخوة أنه يمكنني أن أخصص له مبلغاً من المال فيما يسمى بحق الرقبة، بحيث يوقف ريع هذا المبلغ للإنفاق على هذا الابن، فأردت مزيداً من المعرفة حول ذلك.
الجواب : يجوز للإنسان أن يوقف في حياته جزءاً من ماله ليصرف من ريعه في مصالح يراها: كنفقة على من يحتاج من أولاده للنفقة لمرض أو إعاقة أو عجز.
ويصح أن يكون الوقف عقاراً أو جزءاً من عقار بلا خلاف.
وصحح بعض أهل العلم وقف النقود أيضاً.
وإجراء ذلك من اختصاص دوائر الأوقاف والوصايا باختلاف أسمائها، حسب التنظيمات المختلفة، وأنصح السائل ألاّ يخص ابنه المعاق، بل يجعل ذلك لكل من يحتاج من أولاده ليشمل غيره إذا حصل له عارض، أسأل الله –تعالى- أن يشفي مرضى المسلمين، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
سئل الشيخ د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة هل الحجب والمنع من أسس التربية الإسلامية؟ أم يربى الأبناء على التفريق بين الخير والشر، ويحضر لهم الدش والإنترنت؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:(1/10)
يقول الله –تعالى -:"ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14]، فهو –سبحانه- خالق الإنسان والعالم بفطرته وطبيعته وما يصلحه وما يفسده، وقد فطر الله –تعالى- الخلق منذ خلق آدم –عليه السلام- على وجود الممنوع الذي يحذر منه، وتكون عاقبته وخيمة، والمطلوب الذي يرغب فيه وتكون ثمرته مفيدة، فالنفوس مفطورة على التأثر بالترغيب والترهيب الذي هو من أكثر أبواب التربية أهمية، فعندما خلق الله آدم قال له ولزوجه:"اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين" [البقرة:35]، والمنع أساس في التكليف والاختبار، والآية واضحة في المنع بقوله –تعالى-:"ولا تقربا هذه الشجرة" ويمكن أن نرسم ملامح منهج المنع من خلال هذه الآية في النقاط التالية:
(1) وجود ما يسد الحاجة، ويحقق رغبة النفس "اسكن أنت وزوجك الجنة".
(2) اتساع دائرة المسموح وتنوعها "وكلا منها رغداً حيث شئتما".
(3) محدودية دائرة الممنوع وضيقها "ولا تقربا هذه الشجرة".
(4) بيان سوء عاقبة الوقوع في الممنوع "فتكونا من الظالمين"، وفي آية أخرى بيان أوسع في قوله تعالى:"فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما" [طه:121].
ومن هنا يمكننا القول بأن المنع أساس تربوي صحيح، بل هو على الحقيقة مما لا بد منه، ويدل على ذلك الآيات الكثيرة الواردة في النهي عن كثير من المحرمات في العقائد والعبادات والمعاملات وأنواع المطاعم والمشروبات، ويمكننا أن نلاحظ منهج المنع السالف ذكره في جملة هذه الآيات.
ومن خلال التربية النبوية نلمح ذلك بصورة واضحة، فقد ورد في الصحيح أن الحسن بن علي –رضي الله عنهما- وهو طفل صغير مد يده ليأخذ تمراً من تمر الصدقة كان عند الرسول –صلى الله عليه وسلم- فمنعه، وأخذ على يده وقال:"كخ كخ أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة" البخاري (1491) ومسلم (1069).(1/11)
قال ابن حجر في الفتح:(وفي الحديث جواز إدخال الأطفال المساجد وتأديبهم بما ينفعهم، ومنعهم مما يضرهم، ومن تناول المحرمات، وإن كانوا غير مكلفين؛ ليتدربوا بذلك)، ومن المعلوم أن العقول لا تستقل بالتفريق بين الخير والشر، ولا يمكن لها ذلك إلا بالاعتماد على الشرع من الخالق العالم بالإنسان وأحواله، ولئن كانت عقول الكبار تفرق بين ما يضر وما ينفع بحكم التجربة والخبرة ومعرفة المآلات والعواقب وما لديها من المعارف والعلوم فإن الصغار من الأبناء يعجزون عن ذلك، لعدم اكتمال قدراتهم العقلية، ومن ثم فإن منعهم من الشر وتحذيرهم منه وبيان مساوئه أمر لا بد منه، لكنه لا يكون استقلالاً بدون تعريفهم بالخير وترغيبهم فيه وتقريبهم له وتدريبهم عليه، حتى تشبع رغباتهم، ويحصل لهم الاستقرار النفسي.
ومن المهم أن ننبه على هذه الأمور التي يجب مراعاتها في هذا الباب:
(1) أهمية القدوة الحسنة من الآباء والأمهات في ميدان العمل بالخير والاتصاف به.
(2) توفير الجوانب الإيجابية والمجالات الخيرية المحتاج إليها بقدر كاف.
(3) مشاركة الآباء والأمهات لأبنائهم في الممارسات الإيجابية.
(4) التشجيع على الالتزام والمشاركة في الجوانب الإيجابية من خلال الحوافز المعنوية والمادية.
(5) عدم الإسراف في توفير المباحات، وعدم المبالغة في التشجيع والمكافآت.
وأما بالنسبة للمنع فننبه على ما يلي:
1. استحضار المنهج السالف ذكره بتحديد الممنوع والتحذير من عاقبته.
2. الخطاب العقلي والوجداني في المنع والتحذير.
3. الاستعانة بضرب الأمثلة الواقعية والنظرية المعقولة في بيان مخاطر الممنوع.
4. ربط المنع بالمعنى الديني والثواب والعقاب والصلة بالله.
5. تربية الشخصية المتميزة المراقبة لله والمحافظة على وعدها والتزامها حتى يكون الامتناع عن قناعة وقوة إرادة.
6. استخدام بعض أساليب العقاب المناسبة المشروعة عند وجود المخالفة.(1/12)
7. عدم المبالغة في التحذير بما ليس صحيحاً ولا واقعياً.
8. عدم المبالغة في العقوبات والانفعال أثناءها بما يخرج عن حد المعقول.
وهذا العصر كثرت فيه المفاسد، وانتشرت الملهيات، وتزينت المغريات، وأصبحت تلوث الأجواء بشكل عام، مما يجعل أهمية التفريق بين الخير والشر باستخدام أسلوب المنع أمراً بالغ الأهمية، فأطباق الاستقبال تجلب قنوات كثيرة تعرض كثيراً من المحظورات الدينية والخلقية والاجتماعية، ومثل ذلك شبكة الإنترنت، ولا يصلح المنع القاطع بدون إقناع وإشغال بالنافع المفيد؛ لأن ذلك يدفع إلى التماس هذا الممنوع من طرق أخرى، كما لا يصلح السماح المطلق بدون موانع ولا ضوابط بدعوى الاعتماد وبناء الثقة في الأبناء، أو بدعوى إتاحة الفرصة للتجربة حتى يكون الامتناع عن قناعة واقعية، فهذه كلها من أحابيل الشيطان، وخير الأمور ما كان محققاً لأعظم المصالح ودافعاً للمفاسد، والحمد لله رب العالمين، والله أعلم.(1/13)
عشرة النساء
1- استمتاع كل من الزوجين بالآخر وحدود ذلك وآداب الجماع
سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
ما حكم أن يجامع الرجل زوجته في دورة المياه - أجلّك الله - فإن البعض يستحم مع زوجته فيفتن بها فما هو الجواب ؟
الجواب :
أخي السائل وفقك الله للخير وأغناك بما أحل لك عما حرم عليك ، ما ذكرته في سؤالك يجاب عنه بملاحظة ما يلي :
1. دورات المياه في وضعها الحالي في البيوت الحديثة كما في بلدك تختلف اختلافاً كبيراً عن أماكن قضاء الحاجة في السابق والتي تسمى الكنف والحشوش والتي كانت مجمعاً للنجاسات والهوام والنتن ، أما الدورات الحالية فليس فيها من ذلك شيء، وإنما يحافظ عليها طاهرة نظيفة وليس فيها شيء من أعيان النجاسات . وبالتالي فإن لها حالاً أخرى غير حال أماكن قضاء الحاجة في السابق ، وبينهما من الفروق ما لا يخفى عند أول نظر ، وعليه فلا يظهر وجود مانع معتبر يمنع من قضاء الوطر فيها عند الحاجة إلى ذلك من نحو ما ذكرته .(1/1)
2. قضاء الإنسان وطره من أهله يكون في أحيان كثيرة استجابة لحالة انفعالية نتيجة رؤية أو ملامسة أو نحو ذلك ، ولذا فإن إطفاء الشهوة عند ثورانها في هذه الحال سبيل للعفاف وغض البصر، وكف جموح الشهوة ، وقد أرشد إلى ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه مسلم (1403) عن جابر أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رأى امرأة فأتى امرأته زينب، وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه فقال : " إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه " وأخرج أحمد (19403) واللفظ له، وابن ماجة (1853) وابن حبان في صحيحه (4171) عن عبد الله بن أبي أوفى قال: (( لا تؤدي المرأة حق الله – عز وجل – عليها كله حتى تؤدي حق زوجها عليها كله، لو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لأعطته إياه )) .
3. ومع ذلك فينبغي ألا يذهل المسلم مع ثوران شهوته عن استحضار نية العفاف والاستمتاع بالطيب المباح ، فإن عمله بذلك يكون صدقة وبراً كما قال -صلى الله عليه وسلم- : (( وفي بضع أحدكم صدقة" قالوا : يارسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر )) أخرجه مسلم (1006) من حديث أبي ذر .
وعليه أن يذكر المأثور من الذكر في هذه الحال كما قال -صلى الله عليه وسلم-: " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً " أخرجه البخاري (6388)، ومسلم (1434) من حديث عبد الله بن عباس وفقك الله وبارك فيك وبارك لك .
سئل الشيخ د.طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود(1/2)
أنا يا شيخ أمزح مع زوجتي باليد فتتأذى وأحياناً تقول الله لا يسامحك وهي تعلم أني مازح وبعد ما يزول الألم تستغفر، هل أنا آثم؟ وهل دعاؤها دعاء مظلوم ؟ و أحياناً أمزح معها بالقول فتنقهر ؟
الجواب : السلام عليكم.
أشكرك على سؤالك وحرصك على أمور دينك، ثم أما بعد:
فلا شك في مشروعية المزاح فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يمازح الصحابة –رضي الله عنهم- ويداعبهم، كما ثبت ذلك في الصحيح وغيره، ومن ذلك مداعبته لنسائه وتسليته لهن بالحديث تارة كما في حديث أم زرع انظر: (5189) ومسلم (2448)، وبالجري كما جاء في الصحيح تارة أخرى وغير ذلك، وقد عقد الإمام الترمذي بابا في الشمائل المحمدية أورد ما ثبت عنه –صلى الله عليه وسلم- في أمر المزاح، وهذا لا إشكال فيه، ولكن الأمر الذي يحتاج زيادة بيان ضوابط المزاح وأظهرها:
-ألا يكون فيه كذب.
-ألا يكون فيه ضرر على الآخر أو أذى.
-ألا يستغرق فيه حتى لا يعرف عنه إلا ذلك.
-وأن يدخل به السرور على المقابل.(1/3)
فهو مزاح صدق وبقصد مع فرح وانشراح صدر فأنت مشكور على حسن معاشرتك لزوجتك وإدخالك السرور عليها بالمزاح، ولكن ليس بالشكل الذي صنعته فإن من أصول المزاح الذي فهم عن رسول الله ألا يكون فيه أذى ولا ضرر ولا مبالغة فطالما شعرت أن الضرب ولو كنت مازحاً يؤثر فيها وتشعر بجرح في شعورها فأعرض عنه والواقع أن بعض الناس لا يتحمل هذا النوع من المزاح خاصة المرأة، ثم كان المفترض منك أن تترك هذا النوع من المزاح بعدما ظهر لك كره زوجتك له، والمرأة تحب المزاح الذي يحافظ على شعورها وأنوثتها، وليس الضرب ولا الكلام الجارح من ذلك في شيء، ثم إن دعاءها يظهر لك مقدار غضبها وحنقها من نوعية المزاح الذي تمارسه معها، فأقترح عليك بارك الله فيك أن تعرض عن هذا النوع من المزاح وتقبل على غيره من الكلام الذي ليس فيه ما تكرهه زوجتك، بل تفرح بسماعه وتحب أن تراه منك وأنت أخبر بذلك في زوجتك من غيرك، جعل الله السرور والسعادة دائماً وأبداً ترفرف على بيتكما وعلى حياتكما، والسلام عليكم.
سئل الشيخ محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث بسم الله الرحمن الرحيم.
هل للرجل الحق في معاشرة الزوجة رغماً عنها؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب : الحمد لله، وبعد:
* حق الزوج على زوجته عظيم يقول –صلى الله عليه وسلم-:"لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها" الترمذي (1159) وابن ماجة (1852) وأحمد (12614).
* وامتناع الزوجة عن فراش زوجها لا يجوز ما لم يكن عليها ضرر كمرض ونحوه، لكن يجب أن يعلم أن الجماع لذة وما لم تكن الأسباب متهيئة لا يحصل المقصود فعلى الزوجين أن يتبادلا الحب والشوق ويحركا المشاعر بهدية وابتسامة وقبلة ونظرة....
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(1/4)
سئل الشيخ د. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسين عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود جرت العادة عند بعض الأسر أنه أثناء ليلة الزفاف –الدخلة- الأولى وبعد فض غشاء البكارة وخروج بعض الدم على قميص المزفوفة لكي تريه لأمها وأم الزوج كدليل على عذريتها، هل هذا جائز أم حرام؟ وهل هو داخل في حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الوارد في النهي نشر ما يكون بين الرجل والمرأة للناس؟ بارك الله فيكم.
الجواب : فهذه العادات قبيحة ولا يجوز إظهار شيء من هذا للناس، فالزوج مؤتمن على حفظ أسرار زوجته بأن لا يتكلم بما يكون بينه وبينها من أمور الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من أمور خاصة من قول أو فعل ونحوه، فهو من أعظم الأمانة التي يجب على الزوج أن يحفظها، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-:"إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة، الرجل يُفضي إلى امرأته وتُفضي إليه ثم ينشر سرها" وفي رواية عن ابن نمير "إن أعظم" وفي رواية "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" رواه مسلم برقم (1437).
فالأزواج الذين ينشرون أسرار نسائهم، أولئك شرار الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة، والله أعلم.
سئل الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء ما حكم الجماع أثناء الحمل؟
الجواب : سئل فضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع –حفظه الله- عن جماع الحامل فقال:
الحمد لله، ليس في الشريعة الإسلامية نهي عن جماع الرجل زوجته الحامل، وإنما النهي خاص بجماع المرأة الحائض أو النفساء، وأما إذا قرر الأطباء لامرأة معينة لظروفها الصحية أن جماع زوجها يضر بها، فهذه حالة خاصة لا يقاس عليها، والله أعلم.
[مجموع فتاوى وبحوث لفضيلة الشيخ: عبد الله بن منيع (4/228)].
سئل الشيخ عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود بسم الله الرحمن الرحيم(1/5)
هل يجوز شرعاً لمن سبق له أن عقد على امرأة عقداً شرعياً ولم يدخل بها إذ إنه لم يتمكن من توفير مستلزمات حفل الزواج والسكن بعد، هل يجوز إذ أمكن من الخلوة بها أو السفر معها أن يجامعها؟ أرجو الجواب بشيء من التفصيل لتعم الفائدة، إذ إن هذا الأمر عادة ما يحدث، وبارك الله فيكم.
الجواب : الحمد لله.
إن مجرد العقد الشرعي الصحيح من الرجل على المرأة يبيح له الدخول بها متى شاء، وإن ذلك متوقف على طلبه هو.
إلا أن الذي جرى عليه العمل في بلاد المسلمين وتعارفوا عليه أن الدخول لا يكون إلا بعد إشهار النكاح عن طريق العرس غالباً، وهو الذي ينبغي مراعاته، إذ إن العرف معتبر ما لم يخالف نصاً صريحاً، ولم يجر العرف في أي بقعة من بلاد المسلمين بخروج المرأة مع بعلها قبل دخوله بها الدخول المعروف دون ضابط، فضلاً عن السفر معها والخلوة بها ومن ثم مجامعتها، أما إذا وقع ذلك أي خرج معها وربما واقع زوجته فيه فإنه لا إثم عليه، ولكن يترتب على هذا الوقاع أمور، منها:
أن المرأة تستحق مهرها كاملاً، لأنها بالعقد تستحق نصف المهر، وبالخلوة بها تستحق النصف الآخر، وقد حصل، فلو قدر وطلقها قبل العرس فإنها تستحق المهر كاملاً.
أنه تجب عليه نفقتها؛ لأن النفقة تستحق بالتمكين، وقد مكنته من نفسها وهي زوجة له، فتجب عليه.
أن ما جاءت به من ولد فهو منه، إن جاءت به بعد ستة أشهر من الوقاع الأول؛ لأنها أصبحت له فراشاً.
هذه أبرز التبعات التي يتحملها الزوج، والله – تعالى- أعلم.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة طلقت من زوجي، وبعد ضغط شديد وافقت على الزواج منه مرة أخرى، على أن أكون مربية لأولادي فقط، بدون أن يكون لزوجي حق في العشرة، هل يجوز اشتراط هذا الشرط في العقد؟.
الجواب : الحمد لله وحده، وبعد:(1/6)
فإذا تزوج شخص امرأة واشترط أحدهما عدم العشرة، أو عدم النفقة، أو ألا تسلم نفسها، ونحو ذلك من الحقوق التي يقتضيها عقد النكاح. فإن هذه الشروط لا تصح، ولكن عقد النكاح يبقى صحيحاً، فلكل واحد منهما بعد العقد أن يطالب الآخر بما اشترط إسقاطه.
وإن تراضيا بعد العقد على إسقاط شيء من الحقوق فلا مانع من ذلك؛ لأن الحق لا يعدوهما، لكن لأي منهما بعد إسقاطه أن يرجع فيطالب بأدائه.
وعليه فإن العقد المذكور في السؤال عقد صحيح، لكن يمكن لأي من الزوجين بعد إتمامه أن يطالب بحقه في العشرة، فإن تراضيا بعد إتمام العقد على أن يسقطا حق المعاشرة فلا مانع.
فقد روى البخاري (5212) ومسلم (1463) أن سودة بنت زمعة – رضي الله عنها- وهبت يومها وليلتها لعائشة –رضي الله عنها- زوج النبي – صلى الله عليه وسلم – تبتغي بذلك رضا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود ما حكم تصوير المعاشرة الزوجية بالفيديو؟ وقد كنت أستحي من طرح هذا السؤال، ولكني قرأت فتوى في مجلة (الفرحة) أنه لا حرج في ذلك، لذا أرجو الإفادة.
الجواب : تصويرها بالفيديو إذا كان من نوع الكاميرا الثابتة، والتي يتم التصوير فيها بطريقة آلية، ثم لا يطلع عليه بعد ذلك إلا الزوجان فإن هذا مثل فعل الجماع أمام المرآة، هذا عندما نصف الفعل مجرداً، ولذا فإن من أفتى بذلك نظر إليه من هذا الجانب.
بقي أن نعرف أنه لابد من ملاحظة تداعيات الحال وأخذها في الاعتبار في مثل هذه الأمور، فإن الصورة والحال هذه صور عورات مستورة، وحال خاصة، وسر مستأمن عليه كل من الزوجين، فوضعه بهذه الطريقة تعريض لهذا السر للفضح، والستر للكشف، والمتضرر ليس الزوجان فقط، بل وأسرتاهما، وأبناؤهما، وربما مات الأحياء وبقيت العورات مكشوفة.(1/7)
أيها الأخ الكريم: ثم إننا لسنا بحاجة لتلقف كل صرعات الغرب الجنسية، والذي لا يراعي من الحرمات ما نراعيه، ولا يستحي مما نستحي منه، إنهم قوم لا خلاق لهم، إنهم لا يرجون لله وقاراً، ولذا فإن الحذر من هذا الفعل مطلوب، وحماية العورات والأعراض من الضرورات التي لا بد من حمايتها وصيانتها والبعد عن أسباب افتضاحها.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود هناك قضية تثير جدالاً عنيفاً في جاليتنا في ميونخ، ونحتاج فيها إلى جواب واضح صريح مدعوم بالأدلة، إذا رفضت الزوجة الجماع مع زوجها بدون سبب أو بقصد إضراره فهل يجوز له أن يجبرها على الجماع بقوة؟ نرجو منكم جواباً صريحاً مدعوماً بالأدلة يوضح الحكم الشرعي: هل يجوز أم لا يجوز؟ وشكراً.
الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالحديث الذي يتوعد المرأة بأن تلعنها الملائكة حتى تصبح إذا هي هجرت فراش زوجها ليس على إطلاقه كما يتوهم بعضهم، بل هو مخصوص بمن لا عذر لها في ذلك، ومجرد عدم رغبتها لا يعد عذراً يبيح لها الرفض.
أما فإن كانت الزوجة معذورة بعذر شرعي كحيض أو صوم قضاءٍ ضاق وقته، أو بعذر حسي كمرضٍ ونحوه، أو معنوي كشدة غم وحزن، أو مرض نفسي، وما إلى ذلك من الأعذار التي تمنعها من أن يستمتع بها زوجها – فلا يجوز له أن يكرهها عليه بالقوة؛ لما في ذلك من الإضرار بها، وفي الحديث:"لا ضرر ولا ضرار" ابن ماجة (2340) وأحمد (2862) ومالك (1461) وصححه الألباني وقال – تعالى -:"ولا تضاروهن" [الطلاق:6] وقال أيضاً:"وعاشروهن بالمعروف" [النساء:19]
وليس من المعاشرة بالمعروف أن يكرهها على حاجته إذا كانت تضرها.(1/8)
وإذا هجرت فراش زوجها بغير عذر فهي ناشز يباح له تأديبها، ويبدأ بالوعظ فإن لم ينفع هجرها فإن لم يُجْدِ ضربها ضرباً غير مبرح، كما بينه النبي –صلى الله عليه وسلم- في قوله:"وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح" أخرجه مسلم (1218).
وهنا لا بد من بيان المقصود بالضرب غير المبرح: هو الضرب غير الشديد، يقول ابن عباس – رضي الله عنهما- لما سئل عنه:"هو بالسواك ونحوه"
وأما الضرب المبرح فلا يجوز بحال، كما لا يجوز الضرب في الوجه والمواضع المخوفة كالرأس والبطن ونحو ذلك.
على أن الضرب إنما هو رخصة وليس بمستحب، وذهب عامة أهل العلم على أن تركه أفضل مطلقاً، وهذا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كما تروي عائشة –رضي الله عنها- "ما ضرب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط بيده ولا امرأة، ولا خادماً" أخرجه مسلم (2328).
ويجب أن يكون الضرب بقصد الإصلاح لا بقصد الانتقام والإهانة، وعلى الزوج ألا يلجأ إلى الضرب إذا غلب على ظنه أنه لا يصلحها، فإن من النساء من لا يزيدها الضرب إلا عناداً ونفوراً، ولو كان ضرباً غير مبرح، وعليه أن يحلم عليها، ويطيلَ معها أسلوب الوعظ والتذكير، فوعْظُها وهي في لحظة غضبٍ لا ينفع غالباً، وكثيراً ما تأخذها العزةُ بالإثم، ولا يكون لموعظتِه في تلك اللحظة موضعُ قبولٍ في نفسها، فعليه أن يتوخى وقتاً مناسباً يراها فيه هادئةَ النفس مستقرةَ الحال....في لحظة لا يساورها فيها غضب يغطي عقلها، ولا حزن ولا قلق يشغل بالها ونفسها.
وله في حال نشوزها أن يمنعها النفقة؛ لأنها قد منعته حق الاستمتاع بها، ومعلوم أن المهر يقابل استمتاعه بها "فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة..." [النساء من الآية:24].(1/9)
قال ابن تيمية (مجموع الفتاوى 32/275) (فمتى امتنعت عن إجابته إلى الفراش كانت عاصية ناشزة، وكان ذلك يبيح له ضربها كما قال – تعالى -:"واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً..." [النساء من الآية: 34] انتهى.
أما ما سألت عنه وهو قسرها على الوطء بالقوة، فليس في الحديث ما يشير إليه، فهو في حكم المسكوت عنه، والأظهر أن له ذلك؛ لأنه إذا كان له أن يضربها ضرباً غير مبرح عند نشوزها بهجر فراشه، فيسوغ له من باب أولى أن يُكرهَها على الجماع بلا ضرب مبرح.
ويتأكد ذلك إذا طال هجرُها لفراشه، وخاف على نفسه العنتَ والوقوعَ في الحرام.
على أنه ينبغي للزوج ألاّ يبدأ به بمجرد رفضها دعوتَه لها للفراش، بل عليه أن يعظها ويخوفَها بالله، ويتوددَ لها بالكلمة الطيبة والمعاملةِ الحسنة، وليجرِّبْ أن يقدم لها هديةً تشفع له عندها ولو غير ثمينة، فالهدايا تفعل في النفوس فعلها العجيب، وليتزيَّن لها وليتطيب وليهيئ لرغبته جوَّها المناسب؛ حتى تستجيبَ زوجتُه عن رغبةٍ صادقة.
ولا ينبغي للزوج أن يأخذ بأغلظ الطرق وهو يجد سبيلاً إلى الهين اللين، ويكفي أن صورة إتيانها بالقوة والإكراه تُشاكلُ صورةَ الاغتصاب، ولربما زاد هذا الأسلوبُ من عنادِها ونفورها، فاجعلْه آخر أسلوب تنتهجه معها، كما أن آخر الدواء الكي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
2- الوطء في الحيض والنفاس وفي الدبر
سئل الشيخ أ.د. صالح بن محمد السلطان أستاذ الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حدود ما يجوز للرجل من امرأته الحائض؟ وهل له الاستمتاع بها في دبرها ؟(1/10)
الجواب : ليعلم أن المرأة الحائض يجوز لزوجها أن يستمتع بها في كل شيء ماعدا الوطء في الفرج، قال تعالى :" ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض" [البقرة:222] أي اعتزلوا مكان الحيض والدم، وقد بين ذلك النبي – صلى الله عليه وسلم- بقوله وفعله ، فأما قوله فما رواه مسلم في صحيحه عن أنس –رضي الله عنه- قال: كانت اليهود إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- :" اصنعوا كل شيء إلا النكاح" أي الوطء .
وأما فعله فما رواه البخاري (300) ومسلم (293) عن عائشة –رضي الله عنها- قالت :" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض" . والإزار يكون من السرة إلى الركبة ، ولكن هذا ليس على سبيل الوجوب وإنما هو من باب التنزه وحتى لا يرى الرجل من امرأته ما يكره، لعموم الحديث السابق والآية، ولأنه مجرد فعل والفعل لا يدل على الوجوب ، وقد ذكر العلماء أنه يجوز أن يستمتع بما بين فخذي المرأة كذلك، ولكن هذا الجواز (في كل ما سبق) مقيد بأمرين :
1- ألا يجره ذلك إلى الوطء في الفرج فإن كان يخشى على نفسه من ذلك لم يحل له .
2- أن تتحفظ المرأة حتى لا يمس الدم ، لأن النجاسة لا تجوز ملامستها إلا لحاجة ، ودم الحيض نجس .
كما يجوز للرجل أن يستمتع بامرأته بدبرها ، ما عدا الوطء فإنه محرم، قال النبي –صلى الله عليه وسلم- :" ملعون من أتى امرأة في دبرها" . رواه أبو داود (2162) والنسائي في السنن الكبرى (8966) وهو حديث حسن بشواهده . والله أعلم .
3- العزل والإجهاض وتحديد النسل
سئل الشيخ د. عبدالله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء ما حكم إنزال الجنين الذي لم ينفخ فيه الروح ، نرجو التفصيل الكامل في ذلك ، وما ضرورات ذلك ؟(1/11)
الجواب : بحث مجمع الفقه الإسلامي هذه المسألة ، وخرج بنتائج ، وهي : أن الجنين إذا نفَخ فيه الروح ، فقد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز إسقاطه ، وأن إسقاطه محرّم ، وفيه غرة عبد أو وليدة ، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- : (( أن امرأة ضربت امرأة ، وهي حامل في بطنها وألقته ، فقضى النبي -صلى الله عليه وسلم- : أن دية الحمل غرة عبد أو وليدة )) ، أمّا إذا لم يُنفخ فيه الروح ، وهو أن يكون أقل من مئة وعشرين يوماً ، فقد اختلف الفقهاء ، وجمهور أهل العلم على التحريم ، وهذا الأصل، والدليل على هذا قوله تعالى : (( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )) ، وعموم الأحاديث في ذلك ، وقالوا : ولا يجوز إسقاط الجنين إذا لم ينفخ فيه الروح ولم يتخلّقَ ، فالمسألة في ثلاث صور، الصورة الأولى : لم يتخلّق بعدُ ( نطفة ) ، الصورة الثانية : تخلّقَ ،ولكن لم ينفخ فيه الروح ، الصورة الثالثة : نفخ فيه الروح ، فالثالثة : محرّم _ مطلقاً _ لا إشكال فيه ، الثانية : وهي الذي تخلق ، وعرف أنه حَمْل ، ولكن لم تنفخ فيه الروح ، فجمهور أهل العلم على التحريم ، والصورة الأولى : هي النطفة ، ولم يتخلق بعد ، فهذه يقول العلماء ، - أيضاً - لا يجوز إلا إذا أثبت الأطباء المؤتمنون أن هذا الحمل يؤدي إلى إضرار بالأم ، ولا يكفي ثقة واحداً أو اثنين، إذ لا بدّ أن يتفق الأطباء ؛ لأن الطبيب ربما يقول هذا ويخالفه الرأي طبيب آخر، ولهذا ينبغي الاحتياط في هذا الأمر ، وعلى هذا لا يجوز إسقاط النطفة إلا إذا تحققت المضرة، والله أعلم .(1/12)
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود سؤالي هو: أن زوجتي كانت حاملاً في شهرها الخامس، وتعرضت إلى سقطة -الله يكرمكم- في الحمام، ترتب عليها بعد يومين نزيف متقطع ويومي، وبعد مراجعة الطبيب أفاد بأن الجنين في حالة غير طبيعية، وربما يتشوه، وعند سؤال الدكتور عن مقدرته لعمل عملية إجهاض لتفادي الموقف رفض الطبيب المعالج عمل ذلك، وتم إجراء عملية الإجهاض في مكان آخر، وأسباب رفض الطبيب مع تأكيده بأن الجنين في حالة غير سوية، إلا أنه رفض بقوله: إن الإجهاض حرام لأن الجنين في الشهر الخامس، أرجو من سعادتكم الإفادة جزاكم الله خيراً.
الجواب : الحمد لله وحده، - والصلاة والسلام – على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أنه لا يجوز إجهاض الجنين في أي طور من أطواره، وإجهاضه بعد أربعة أشهر، أو أكثر تعتبر جناية عليه، لأنه قد تم نفخ الروح فيه، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم-، انظر مثلاً ما رواه البخاري (3208)، ومسلم (2643) من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- هذا وما قاله الطبيب بتحريم الإجهاض، لا سيما وأن الجنين في الشهر الخامس، وامتناعه عن الإجهاض هو عين الحق وفقه الله.
هذا وعلى الجاني على الجنين بالإجهاض، أو المتسبب لذلك التوبة إلى الله تعالى، والندم على ما فات وعدم العودة لمثل هذا، وعليه أيضاً دية الجنين ذكراً كان أو أنثى، وهي غرة عبد أو أمة أي ما يساوي عشر دية أمة؛ خمس من الإبل، تقارب قيمتها ستة آلاف ريال سعودي، تدفع لورثة الجنين، ولا يرث منها الجاني ولا المتسبب شيئاً إن كانا من ورثته، والله أعلم.(1/13)
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة أنا طبيب توليد، أعمل في بريطانيا، جاءتنا أم حامل بطفل مشوه، وهي تعاني من أمراض وتحتاج إجراء ولادة لها، وقد اختارت فقدان الحمل وقتله، ذهبت لمشاهدة الأمر مع الاستشاري، وكان عندي انطباع أن الطفل سيموت بعد الولادة على أي حال، طلب مني الاستشاري إعداد الدواء الذي سيوقف قلب الطفل، ثم طلب مني حقن ذلك الدواء، وللأسف لا أستطيع أن أرفض، حيث كانت الإبرة داخلة في بطن المريضة في ذلك الوقت، وللتخفيف من شدة الأمر عليّ قلت إن هؤلاء ليسوا مسلمين وهم يقتلون أطفالنا، في فلسطين، فهل يعتبر هذا قتل عمد؟ عرفت بعد ذلك أن هناك خمس حالات في بريطانيا مثل هذه الحالة. أفيدوني مأجورين.
الجواب : الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كان الحمل المذكور الذي حقنته الدواء دون أربعة أشهر، يعني لم يتم الحمل مائة وعشرين يوماً فلا شيء في فعلك.
وإن كان قد تجاوز هذه المدة فلا يخلو إما أن يكون بقاء الحمل مؤثراًَ على حياة الأم وبقاؤه يؤدي لموتها فكذلك عملك مباح، وأما إن كان قد تجاوز تلك المدة وبقاؤه لا يؤثر على حياة الأم، وإنما أرادت التخلص منه لكونه مشوهاً ففعلك حرام.
إذ الحمل بعد هذه المدة يكون آدمياً منفوخاً فيه الروح، عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح" رواه البخاري (3208) ومسلم (2643).
قال ابن رجب (نفخ الروح روي صريحاً عن الصحابة – رضي الله عنهم - أنه إنما ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر) جامع العلوم والحكم ص (51).(1/14)
ونقل النووي وابن حجر اتفاق العلماء على ذلك، فتح الباري (11/490) ولا يجوز الاعتداء عليه، وحيث إن عملك عندهم معاهدة معهم، والعهد يمنع الاعتداء عليهم لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة" رواه البخاري
(3166).
والمسلم مأمور بأداء الأمانة إلى من ائتمنه.
ولذا فإن عليك التوبة والاستغفار من فعلك ، وليس عليك كفارة، لأن العهد لا كفارة فيه، والله أعلم.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود أنا رجل متزوج وعندي طفلان أحدهما يعاني من مرض التلاسيميا، والآخر حامل له،
الطفل المصاب بهذا المرض يحدث له انخفاض في نسبة الدم ناتج عن تكسر كريات الدم الحمراء، مما يضطر الطفل المريض أن يأخذ وحدة دم كل 3 أسابيع لتعويض النقص، ونتيجة لأخذ الدم المتكرر يحدث ارتفاع في نسبة الحديد في الدم، فيحتاج المريض إلى أخذ إبرة تحت الجلد يومياً لتذويب الحديد تبقى هذه الإبرة مركبة لمدة ست ساعات يومياً على جهاز خاص، والمصاب بهذا المرض يبقى على هذه الحالة إلى ما شاء الله فليس هناك علاج لهذه الحالة، ولتجنب حدوث ولادة طفل مصاب بهذا المرض يجرى فحص أثناء الحمل تظهر نتيجته بعد80 يوماً من الحمل، السؤال هو:هل يجوز الإجهاض بعد 80 يوماً إذا تبين أن الجنين مصاب بهذا المرض؟
وهل علي من إثم إذا ما منعت زوجتي من الحمل؟
الجواب : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(1/15)
أما السؤال الأول: فنقول اتفق علماء الأمة الإسلامية على تحريم الإسقاط بعد نفخ الروح، إلا بضرورة قصوى كخوف هلاك الأم، كما اتفقوا على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر من الحمل، أما الإسقاط قبل نفخ الروح فمحل خلاف بين أهل العلم، والراجح في نظري عدم جوازه في جميع أطوار الجنين، ما لم يكن هناك سبب قوي يقتضي إسقاطه، هذا وأرى جواز الإسقاط قبل أربعة أشهر أي: قبل نفخ الروح إذا تبين أن الجنين مصاب بالمرض المذكور في السؤال أو نحوه إذا وافقت الأم على ذلك وذلك للحاجة الملحة، لا سيما وأن من العلماء من أجاز الإسقاط مطلقاً قبل نفخ الروح وهم جمهور الحنفية "ينظر حاشية ابن عابدين ج3 ص176"، لكنني كما سبق أرى عدم جواز الإسقاط في كل مراحل الجنين بدون سبب قوي، وإنما رأيت الجواز للسبب الذي ذكره السائل لا مطلقاً، أما الجواب عن السؤال الثاني وهو: هل علي من إثم إذا منعت زوجتي من الحمل؟ فنقول: يجوز استعمال ما يمنع الحمل لا ما يقطعه، لا سيما مع السبب الذي ذكر في السؤال الأول، وقد أجاز جمهور العلماء من الصحابة –رضي الله عنهم- ومن بعدهم العزل، وهو النزع بعد الإيلاج أثناء مجامعة الرجل للمرأة قرب الإنزال، مستدلين بما جاء في الصحيحين عند البخاري (5209)، ومسلم (1440)، عن جابر - رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- والقرآن ينزل"، ولما رواه مسلم وغيره عن جابر –رضي الله عنه- قال: كنا نعزل على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فبلغ ذلك نبي الله فلم ينهنا، والله أعلم.(1/16)
سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد لي أم عمرها 49سنة، وقبل عشر سنوات وضعت الابن التاسع والأخير بعملية قيصرية، فطلب أبي من الطبيب إجراء عملية ربط الرحم أثناء تلك العملية القيصرية، خوفاً عليها من الحمل مرة أخرى، علماً أنها وضعت أولادها الثمانية السابقين وضعاً طبيعياً، وكل هذا لجهل أمي وأبي بحكم ذلك قطعاً، والآن وبعد عشر سنوات من إجراء العملية تبين لنا حرمة قطع النسل، فماذا نفعل الآن؟ علماً أن لدى أمي التهابات الكلى، والمسالك، ونخشى من ضرر فك الرحم عليها ثانية، أفيدونا جزاكم الله بالفقه في الدين، وأكرمكم بالجنة.
الجواب : كان يجب على أبيك وعلى أمك أن يسألا عن الحكم الشرعي لربط الأرحام، وكذلك الأمر بالنسبة للطبيب المعالج.
وكل من قصر في ذلك فهو آثم، وأما الآن فإن كان يترتب على فك الأرحام مضاعفات مرضية يخشى منها على صحة الأم إما بهلاكها أو التسبب في آلام شديدة لها، فلا يلزمها فك الأرحام ثانية، والمرجع في تقدير الضرر وعدمه هو الطبيب الثقة. والله أعلم
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود السلام عليكم و رحمة الله و بركاته: لقد أجريت عملية طفل الأنابيب منذ حوالي شهرين، و تم -بحمد الله- الحمل بأربعة أجنة, ولكن الأطباء و الإحصاءات العلمية تشير إلى خطورة الحمل بأكثر من جنينين، و بازدياد نسب الولادة المبكرة جداً التي قد تؤدي إلى التشوه الدائم أو سقوط الحمل في حوالي الخمسة أشهر, أو وجود خطورة على الأم، وإمكانية التسمم الحملي, ولذلك نصحني الطبيب بضروروة التخفيض لجنينين، مع العلم أن التخفيض سيتم قبل تمام (120) يوماً من بدء الحمل, فهل هناك حرمة في ذلك؟ وهل أعد بفعلي هذا مزهقة للروح؟
أفيدوني أفادكم الله، فأنا وزوجي في حيرة و قلق شديدين، ويجب أن نتخذ القرار عاجلاً. جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم.(1/17)
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد: الجواب: أنه ما دام أن الحمل بأربعة أجنة يشكل خطراً على الأم، وإمكانية التسمم الحملي، -كما ورد في السؤال-، وأن تخفيض الحمل ضرورة كما قرره الطبيب، وأن هذا التخفيض (أي: الإسقاط لبعض الحمل) سيتم قبل تمام (120) يوماً أي: قبل نفخ الروح في الجنين أو الأجنة؛ لأن الجنين تنفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر من الحمل، إذا كان الأمر كذلك بالتفصيل الذي ذكرته والذي جاء في السؤال فإسقاط بعض الحمل جائز شرعاً ضرورة، فالضرورات تبيح المحظورات، والله أعلم.
سئل الشيخ د. حمد بن إبراهيم الحيدري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز استخدام وسائل منع الحمل بمختلف أنواعها على الرغم من الأضرار التي تسببها للمرأة؟ وما الأسباب التي يباح فيها استخدامها؟ وما الوسائل البديلة عنها؟
وهل يجوز لي السماح لزوجتي بعمل عملية جراحية من أجل التوقف عن الإنجاب؟ على الرغم أن لدي من الأولاد ثمانية -والحمد لله- وذلك من أجل المحافظة على صحتها أفيدونا أفادكم الله.
الجواب : استخدام وسائل منع الحمل يرجع إلى أمرين :
الأمر الأول: ينظر في سبب استعمالها فإن كان ذلك لضرورة أو لحاجة ملحة فلا بأس به مثل أن يشير الأطباء الثقات بذلك مراعاة لصحة المرأة مثلاً، فإذا استردت عافيتها تركت هذه الموانع لتعاود الحمل. ومثل أن تكون ولاداتها متعاقبة بحيث إنها تحمل قبل فطام طفلها السابق فإن العلماء ذكروا أنه لا حرج في استعمال موانع الحمل حينئذ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – همّ أن ينهى عن الغيلة – وهي: وطء المرضع - وذلك لئلا يتضرر الرضيع، انظر: مسلم (1442) وبعضهم حد هذه المدة بسنتين وهي مدة الرضاع لمن أراد أن يتم الرضاعة. وأما إذا كان استعمال موانع الحمل لغير حاجة فلا يجوز.(1/18)
الأمر الثاني: ينظر في أثر هذه الموانع فلا يجوز استعمال موانع تضر بالمرأة من حيث صحتها العامة، ومن حيث سلامتها التناسلية، فإن بعض هذه الوسائل تؤدي إلى العقم ويمكن مراجعة الطبيب الثقة حال الحاجة ليعين المانع المناسب، وأما البدائل المناسبة فالأطباء هم الأعلم بها، لكن منها تجنب الجماع زمن إخصاب المرأة، والله تعالى أعلم.
أما السؤال الثاني: فجوابه أنه لا يجوز السماح لزوجتك بعمل عملية جراحية من أجل التوقف نهائياً عن الإنجاب مثل استئصال الرحم ونحوه، إلا لضرورة لا مناص منها، فقد صرح العلماء بحرمة قطع النسل نهائياً وذلك لما فيه من المضادة لما يريده النبي – صلى الله عليه وسلم – من أمته فقد قال – صلى الله عليه وسلم–:" تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم" قال ذلك لما استأذنه رجل في أن يتزوج امرأة عقيماً لا يولد لها انظر: النسائي (3227)، أبو داود (2050)، وأحمد (12613)، فما بالك بقطع سبب الحمل من امرأة ولود؟ لكن الضرورة لها أحكام وهي تقدر بقدرها مثل أن تكون المرأة مصابة بمرض في رحمها يخشى أن يسري إلى سائر جسدها فيهلكها كسرطان الرحم -عافانا الله وإياكم- أو أن يخشى بناء على تقرير الأطباء على المرأة أن تموت إذا حملت، وماعدا حال الضرورة فلا يجوز، وكم رأى الناس عبراً من رجل اكتفى هو وامرأته بما عندهما من أولاد فعمدا إلى استئصال الرحم فحصلت حادثة أودت بأولادهما جميعاً، وبقيا بدون أولاد يعضان أصبع الندامة حيث لا ينفع الندم.(1/19)
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود أنا متزوج ولي من الأبناء 3 أولاد وبنتان والحمد لله، وزوجتي هي ابنة عمي وقدر الله لنا بمرض أحد الأبناء وعمره الآن 13 عاماً وهو تخلف عقلي، وحسب التقارير الطبية أكد لي الأطباء أن المشكلة هي وراثية، ونصحوني وزوجتي بالتوقف عن إنجاب أطفال جدد؛ وإلا لابد من تكرر الإصابة بطفل مريض آخر، فامتنعنا لفترة ليست بالقصيرة ويقدر الله وتحمل زوجتي وتنجب لنا ابنة مصابة بنفس مشكلة أخوها والحمد لله على كل حال.
سؤالي: هل مجرد التفكير في نصيحة الأطباء بالامتناع عن الحمل معارض للقضاء والقدر؟ وإذا كان الجواب لا فما رأيكم في إنجاب المزيد من الأطفال المعاقين وخصوصاً أن من لديه أطفال معاقون يعاني بما يعانيه الطفل المعاق، ويجد نفسه لا يستطيع عمل شيء؟
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد: فالجواب أن ما ذكرته عن تقرير الأطباء من أن ما حصل لك مشكلة وراثية؛ فنقول قد تكون الوراثة سبباً - بإذن الله تعالى - وقد لا تكون، ويدل على ذلك أن أكثر أولادك والحمد لله ولدوا بحالة عقلية جيدة، وقد روي "اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس"، انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (3401)، وروي أيضاً : "إياكم وخضراء الدمن" انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (14).(1/20)
هذا ولا يظهر لي أن التفكير في نصيحة الأطباء بالإقلاع عن الحمل فيه معارضة للقضاء والقدر، ذلك أنه يجوز لك الامتناع عن الحمل بالعزل ونحوه، ولو لم يحصل لك شيء مما ذكرت في سؤالك؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والقرآن ينزل، زاد إسحاق قال سفيان – أحد رواة الحديث -: "لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن". رواه البخاري (5209) ومسلم (1440) وروى مسلم في صحيحه (1439) عن جابر – رضي الله عنه - أن رجلاً أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل؛ فقال: اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها فليست الرجل ثم أتاه فقال إن الجارية قد حبلت قال : قد أخبرتك : أنه سيأيتها ما قدر لها.
هذا العزل هو النزع والإنزال خارج الفرج، أقول وبناءً على هذا فإنه يجوز لك الامتناع عن الإنجاب بالعزل أو نحوه مما هو معلوم، لا سيما وحالتك ما ذكرت، ولك أن تتزوج أخرى غير قريبة إن شئت، وعليك الإيمان بالله تبارك وتعالى وبقضائه وقدره وبأنه لا يرد حذر من قدر وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والله أعلم.
سئل الشيخ د. سعود بن محمد البشر عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
أنا شاب يسر لي الله الزواج من فتاة مؤمنة صالحة، وبعد مدة ليست بالقصيرة عرفنا أن الحمل والولادة يشكلان خطراً على حياة زوجتي، وذلك بسبب عيب خلقي غير ظاهر، والذي وددت السؤال عنه هو: هل يمكننا أن نمنع الحمل بإحدى الطرق المتوافرة حتى لا تتعرض حياة زوجتي للخطر؟ وهل من محظور شرعي في المسألة؟ أفتونا -أثابكم الله-.(1/21)
الجواب : إذا كان الحمل يعرض حياة زوجتك لخطر فلا مانع من منع الحمل؛ لقول الله –تعالى-:"فاتقوا الله ما استطعتم" [التغابن:16]، ولقوله –تعالى-:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" [البقرة:286].
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ لدي سؤال أود طرحه وهو أنني، قبل عدة شهور أسقطت الحمل بناء على رغبة مني ولكنني تبت إلى الله واستغفرت لذنبي وبعد شهور أخذت تراودني أحلام أنه يخرج من بطني خرز ملون، وشرائح لحم وخيوط وأنا الآن خائفة من هذه الأحلام فما رأي فضيلتكم هل هذه الأحلام قد تكون سحراً أو لأنني أسقطت الجنين أفتوني جزاكم الله خيراً.
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالاعتداء على الجنين جريمة عظيمة أدخلها بعض أهل العلم في الوأد الذي قال الله فيه "وإذا المؤودة سئلت بأي ذنب قتلت" [التكوير: 8-9].
وعلى كل فالسائلة عرفت والحمد لله أن هذا لا يجوز وقد ذكرت أنها تابت من ذنبها واستغفرت وهذا شيء طيب تشكر عليه.(1/22)
لكن ليعلم أنه لا تكفي التوبة في هذا بل لابد من دفع دية الجنين وهي يسيرة والحمد لله فهي غرة عبد أو أمة لما روى البخاري (5758) في صحيحه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو أمة، والغرة قيمتها خمس من الإبل روى ذلك عن عمر وزيد – رضي الله عنهما – فعلى الأم التي أسقطت جنينها بل ولو تسببت كشرب دواء ونحوه فعليها دفع تلك الدية التي هي خمس من الإبل لورثته ما عداها فلا ترث هي منها شيئاً وقد جاء في منار السبيل في شرح الدليل ما نصه (وإن شربت الحامل دواءً فألقت جنينا فعليها غرة لا ترث منها بلا خلاف قاله في الشرح. هذا وما ذكرته السائلة من وجود أحلام مزعجة هذه ليست سحراً وستذهب إن شاء الله تعالى بعد دفع الدية المذكورة والتوبة إلى الله تعالى وعدم العودة لمثل هذا والندم على ما فات والتوكل على الله، فالله سبحانه مع التوبة الصادقة يغفر الذنوب جميعاً. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد هل يجوز أخذ حبوب إنجاب التوائم؟
الجواب : لا يظهر لي مانع من أخذ هذه الحبوب، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر على المرأة، ويتم تحديد الضرر بواسطة الطبيبة المختصة أو الطبيب عند الحاجة، وذلك لأن حصول التوائم مظنة الضرر، فيحتاج إلى معرفة رأي الطبيب في حصول الضرر وعدمه، ولو رضيت المرأة بما يقسم الله لها من ولد أو أكثر، كان ذلك أولى. والله أعلم.
سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود ما حكم منع الحمل من قبل الزوج بدون سبب شرعي أو صحي لكلا الطرفين والرغبة من الزوج؟ علماً أني الزوجة الثانية ولديه من الأطفال ستة بنين وبنات وحالته المادية ممتازة؟ جزاكم الله خيراً.(1/23)
الجواب : لا يجوز له أن يمنعك من الحمل والحال كما ذكرت،ِ والإنجاب حق للمرأة كما هو حق للرجل، وإذن المرأة في تأخير الإنجاب معتبر ولذا قال العلماء: "لا بعزل عن الحرة إلا بإذنها" وعليك التفاهم مع زوجك بالحسنى وتذكيره بحقك الشرعي، والاتفاق على مدة محددة للتوقف عن الإنجاب يعدك بعدها بترك الموانع. والله يوفقك.
سئل الشيخ راشد بن مفرح الشهري القاضي بالمحكمة الكبرى بالطائف أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، من رجل ظننته صالحاً وتقياً، كنت أحسبه كذلك، وفي يوم فوجئت بوجود محادثات جنسية بين زوجي وبين فتيات كافرات أوروبيات على النت! وكانت مفاجأتي كبيرة لما رأيت...، وحيث إني كنت متغيبة عن البلد (أي بعيدة عنه) لمدة شهر ونصف، لا أعلم لأي حدٍّ امتدت هذه العلاقات، ولكني قد طلبت الطلاق، وأثناء تدخل الأهل لإصلاح البين، فوجئت بأني حامل، كما فوجئت بأن زوجي لم يترك أو يقطع هذه العلاقات بعد!
سؤالي: ما حكم طلبي للطلاق هنا؟ وهل يعتبر طلب طلاق بدون سبب؟ حيث إني أشعر بأني لا أحترمه، وأصبحت أنظر إليه باحتقار شديد،
وسؤالي الثاني: ما حكم الإجهاض في هذه الحالة؟ علما بأن عمر الجنين 3 أسابيع فقط، أفيدوني في أقرب وقت؛ لحاجتي الشديدة لمعرفة الإجابة في أقرب وقت ممكن - جزاكم الله عنا كل الخير - والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب : الحمد لله وحده، وبعد..
أما جواب السؤال الأول فإذا كان كره المرأة زوجها لما رأت منه، وطلبها الطلاق لأجل هذا السبب، فإن طلب الطلاق جائز في هذه الحالة، ولكن أفضل منه نصحه، ووعظه ودعاء الله له بالهداية؛ علَّ الله أن يرحمهما بتوبة هذا الرجل، ولا ينطبق عليها قوله – صلى الله عليه وسلم- "أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجة (2055) من حديث ثوبان –رضي الله عنه-.(1/24)
أما جواب السؤال الثاني: فلا يجوز الإجهاض في هذه الحالة، وتستعين بالله، وتحاول استصلاح زوجها، أسأل الله أن يصلح حالهما، ولتعلم الأخت الكريمة أن النساء فتنة، وأن عليها إعانة زوجها وإبعاده عن مواطن الريب، ووسائل الإثارة، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود زوجتي كانت حاملاً، وفي يوم قامت برش المنزل بمبيد الحشرات ، اليوم التالي أصابها التعب ونقلت إلى المستشفى بسبب تعرضها المباشر لرائحة المبيد، تطور الأمر وحدث نزيف ونزل الجنين، وبعد يومين ظهر جنين آخر ونزل نزيف ثان، وفي النهاية نزل الجنين الثاني حسب رواية الطبيب، عمر الجنين لم يتعد ثلاثة أشهر، للمعلومية كان هناك عدم استقرار للجنين منذ البداية، وقد تعرضت زوجتي للتعب وراجعت الطبيبة قبل هذا الحادث.
السؤال هل زوجتي عليها ذنب فيما حدث؟ وإذا كان كذلك فماذا عليها أن تفعل؟ وشكراً.
الجواب : الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
إذا كان الأمر على ما ذكر في السؤال فليس على زوجتك أي شيء والحمد لله، لأنه لم يحصل منها قصد أو تسبب للإسقاط، وعليها مستقبلاً أن تتجنب كل ما يؤثر عليها أو على جنينها، وفق الله الجميع لكل خير، والله أعلم.
سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد ظهر في الأسواق الآن شيء يستخدم لمنع الحمل، وهو عبارة عن لصقة صغيرة أصغر من راحة الكف، توضع في أي مكان بالجسم، وتترك شهراً كاملاً ثم تستبدل، وهي ضد الماء، ولا تتحرك من مكانها إلا إذا أردنا، وأنا أود استخدامها؛ لأنها سهلة، فهل يجوز ذلك لأنها قد تمنع وصول الماء إلى البشرة أثناء الغسل؟.- وجزاكم الله خيراً-.(1/25)
الجواب : لا بد من إزالة هذه اللصقة إذا كانت في مواضع الوضوء؛ حتى يصل الماء إلى العضو المراد غسله، وكذلك لو كانت في غير مواضع الوضوء، واحتاجت المرأة إلى الغسل الواجب فلا بد من إزالة هذه اللصقة، ولا يظهر لي إلحاقها بالجبيرة ليمسح فوقها؛ لأن الجبيرة إنما توضع حماية لما تحتها؛ خشية وصول الماء إليها؛ لأنه يحصل الضرر بذلك، بينما الغاية من وضع اللصقة الواردة في السؤال هو منع الحمل، أو تنظيمه على الصحيح، وهذا أمر يتم باللصقة وبغيرها من موانع الحمل، فلا بد من إزالتها عندما يُحتاج إلى غسل ما تحتها، ولا يكفى المسح فوقها، لكن لو وصف لها الطبيب الثقة هذه اللصقة وأخبرها بأنه لا بد لها من منع الحمل في هذه الفترة أو كان فعلاً يشق عليها الحمل في فترة مؤقتة، وأخبرها الطبيب أنه لا يقوم مقام هذه اللصقة غيرها من الأدوية، فيجوز استخدامها في هذه الحالة فقط، وفي الختام أشير إلى أن منع الحمل بالكلية، والسعي إلى قطع النسل لا يجوز؛ لعموم الأحاديث التي تحث على تكثير النسل، كقوله – صلى الله عليه وسلم-: "تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم"، وفي حديث آخر: "تزوجوا؛ فإني مكاثر بكم الأمم" الحديثان عند أبي داود (2050)، والنسائي (3227)، وابن ماجة (1846) عن معقل بن يسار وأبي هريرة – رضي الله عنهما – وانظر صحيح الجامع (2940-2941-جـ/ص 566)، وكذلك أحاديث النهي عن التبتل والاختصاء؛ أما تنظيم النسل بالتوقف عن الإنجاب لفترة مؤقتة كسنة أو سنتين، ولغرض صحيح، كإراحة الأم من تعب الحمل المتواصل، فلا حرج في ذلك شرعاً. والله أعلم.
سئل الشيخ د. محمد بن عبد الرحمن العمير عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ، لي سؤال بسيط قد حيرني كثيراً، وهو: ما الفرق بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل وما حكم الشرع فيهما، وجزاكم الله خيراً.(1/26)
الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فتحديد النسل يراد به وضع حد أعلى لعدد الأولاد الذين ينجبهم الزوجان، فإن كان هذا التحديد بقرار عام من جهة رسمية فلا يجوز؛ لأنه يعارض توجيه الإسلام إلى تكثير النسل؛ ولأنه في الغالب يبنى على مقاصد اقتصادية، وأن كثرة النسل تؤثر على المستوى الاقتصادي للبلاد، وأن الموارد لا تكفي إلا لعدد محدود، وهذا مخالف لحسن الظن بالله والتوكل عليه، وأنه ما من نفس منفوسة إلا على الله رزقها. أما إن كان القرار خاصا بزوجين معينين فينظر سببه، فإن كان السبب طبيا كتضرر المرأة من الحمل وخطره عليها، وثبت ذلك من قبل طبيب حاذق أمين أو من لجنة طبية موثوقة فلا بأس بذلك، وأما إذا لم توجد حاجة حقيقية ولا ضرورة، وإنما قصد الزوجان الاكتفاء بعدد محدد من الأولاد وكان هذا عن تراض منهما فهذا لا يخلو من كراهة شديدة؛ لمخالفته مقصد من أهم مقاصد الزواج، لكن لا أقول بتحريمه؛ لأن ترك الزواج وإيثار العزوبة ليس بمحرم، فلأن لا يحرم عليه الإنجاب بعد الزواج من باب الأولى. أما تنظيم النسل فيقصد به المباعدة بين فترات الحمل، والأخذ بأسباب منع الحمل حتى لا يكون الإنجاب متتابعا، وقد يرى الزوجان في ذلك مصلحة كراحة الأم من أتعاب الحمل مدة قبل أن تحمل بآخر، أو لمزيد من التفرغ للعناية بالطفل قبل أن يأتي له أخ جديد، فلا بأس بذلك، وقد كان العزل معروفا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول جابر رضي الله عنه: (كنا نعزل والقرآن ينزل) والعزل سبب من أسباب منع الحمل. والله أعلم وأحكم.
وأنقل لك قرارهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وقرار مجمع الفقه الإسلامي بهذ الشأن:
أولا: قرار هيئة كبار العلماء رقم 42 وتاريخ 13/4/1396هـ:(1/27)
نظراً لأن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومِنة عظيمة منَّ الله بها على عباده، فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثه المعد للهيئة والمقدم إليها، ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعبادة، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة؛ حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وربطها، لذلك كله فإن المجلس قرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية إملاق؛ لأن الله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها، أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضار معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره، عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما روي عن جمع من الصحابة رضوان الله عليهم من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به بعض الفقهاء من جواز شرب دواء لإلغاء النطفة قبل الأربعين، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(1/28)
ثانيا: قرارمجمع الفقه الإسلامي رقم: 39 (1/5): إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تنظيم النسل، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب، والحفاظ على النوع الإنساني، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به، باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها قرر ما يلي:
أولاً: لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.
ثانياً: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.
ثالثاً: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم. والله أعلم
قرار رقم: 39 (1/5)، بشأن تنظيم النسل. انظر: مجلة المجمع (ع 4 ، ج1 ص 73).(1/29)
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود أنا أم لأربعة أطفال، وقد حملت بطفلة خامسة، وقد ذكر لي الطبيب أنها مريضة أثناء الحمل وأنا في الشهر السادس ومرضها يعرف باسم سندراروم يعني: عدد الكروموسومات غير مكتمل (5x45) أي: ينقصها كروموسوم واحد، ونتيجة ذلك أن هذه البنت تخرج وشكلها غير طبيعي قصيرة جداً ووجهها ورقبتها متورمة ولا يمكن أن تحيض، أي: لا يمكن أن تحمل أبداً، وأيضاً عندها مرض في القلب، وسببت لي زيادة في المويات مما أتعبني وزاد من نبضات قلبي وأضعف عضلات قلبي،
مع أن الدكتور يرجح عدم استمرار الحمل أو موتها بعد خروجها بزمن قصير. أرجو التأكد من مثل هذه الحالة.
الجواب : اعلمي أنه إذا بلغ الجنين في بطن أمه أربعة أشهر تنفخ فيه الروح كما جاء ذلك في الحديث الصحيح: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح...." الحديث البخاري (3208) ومسلم (2643).
فالجنين بعد الأربعة الأشهر يكون إنساناً قد كمل خلقه فالاعتداء عليه اعتداء على نفس كاملة الخلق، وبناء على ذلك فلا يجوز إسقاطه أو التسبب لإسقاطه ولو كان المقصود منه التخلص من الطفل المشوه -كما ورد في السؤال-.
وإنما يجوز إسقاطه في حالة واحدة، وهي: ما إذا قرر جمع من الأطباء الموثوقين المختصين أن بقاء الجنين في بطن أمه يشكل خطراً عليها وبعد استنفاذ كافة الوسائل الأخرى لإنقاذ حياتها فهنا يتوجه القول بالجواز دفعاً لأعظم الضررين وجلباً لعظمى المصلحتين.
هذا وأوصي السائلة بتقوى الله والتثبت في الأمر إذ ليس كل ما قاله الطبيب أو قرره يكون صحيحاً لاسيما إذا كان واحداً، والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه.(1/30)
سئل الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع عضو هيئة كبار العلماء ما حكم تحديد النسل - بالنسبة لي أنا كأب – لأسرتي، كأن أحدِّد عدد الأبناء إلى خمسة؟ أفيدونا. جزاكم الله خيراً.
الجواب : تحديد النسل لا يجوز بحال من الأحوال وهو محرم، واعتراض على إرادة الله سبحانه وتعالى، مع أن الله -سبحانه وتعالى-في حكمه، وفي إرادته لا يستطيع أي أحد أن يقف أمام إرادة الله، لكن هذا سوء أدب مع رب العالمين، وفي نفس الأمر نحن نقول بأن الموضوع بحث في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وفي نفس الأمر حينما بحث الموضوع قسموا الموضوع إلى قسمين: تحديد النسل، وتنظيم النسل، أما تحديد النسل بأن يقول: والله أنا أكتفي بولدين، بثلاثة أولاد، بأربعة أولاد، وفي نفس الأمر يكفيني هذا الشيء فهذا محرم ولا يجوز، وقد كاد إجماع فقهاء المسلمين أن يقع على تحريم ذلك، وأنه لا يجوز.
وأما تنظيم النسل بحيث إنه يقول: أريد أن يكون النسل بعد سنتين، أو ثلاث سنوات حتى يكون للمرأة قوة على أن تستعيد صحتها، ويكون لها كذلك مجال وفرصة لتربية ولدها، (رضيعها الصغير)، فنقول: هذا لا بأس به، وهيئة كبار العلماء أخذت بجواز ذلك، وأصدرت قراراً بجواز تنظيم النسل للحاجة، وبتحريم تحديد النسل مطلقاً. والله أعلم.(1/31)
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة انقطعتْ عني الدورة في شهر 12، وتم التحليل في نهاية شهر واحد، وظهر موجباً، أي أني حامل، عندها منعتني الطبيبة من الجماع؛ وقاية من الإجهاض، فعند ذهابي إلى البيت طلب مني زوجي مجامعته، رضخت لكلامه مع الحرص بعدم الحركة حتى لا يكون الضرر، ولكن بمجرد الانتهاء زاد الدم، زادت كمية العلاج والإبر، وألزمتني براحة، بعدها تم الكشف مرة أخرى، فُوجِدَ الكيس لم يكبر وأخذ بالانكماش، فقالت: إما أن يكون مات أو سقط أثناء نزول الدم، علماً بأنه لم يتجاوز عمره أربعة أسابيع، والوقت من آخر دورة حتى نزوله ثلاثة أشهر. هل أكون قد تعمدت إنزاله أنا وزوجي وعليَّ صيام شهرين أم ماذا؟.
الجواب : الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا كان الإجهاض قبل مرور أربعة أشهر على الحمل فلا يكون إسقاطه قتلاً تجب فيه الكفارة؛ لأنه لم ينفخ فيه الروح، كما فهم ذلك أهل العلم؛ إذ نقل النووي وابن حجر اتفاق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، فتح الباري(11/490)، وروى ذلك صريحاً عن الصحابة – رضي الله عنهم- كما قاله ابن رجب في جامع العلوم والحكم" (ص51)، ويدل له حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- المرفوع: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح" متفق عليه عند البخاري (3208)، ومسلم (2643).
وحيث إنه سقط خلال الأربعين يوماً الأولى فهو في طور النطفة، وهي يجوز إلقاؤها عند الجماع بالعزل، ولذا فإنه ليس عليك ولا على زوجك كفارة. والله الموفق والهادي.
4- حقوق الزوج على زوجته والزوجة على زوجها(1/32)
سئل الشيخ د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين هل للزوجة حق شرعي في منع زوجها من الذهاب إلى أصدقائه، فإنني أذهب في الأسبوع مرة أو مرتين، لأننا في الغربة، والذين أزورهم من أبناء بلدي، وعملي لفترة واحدة، وفي المساء أكون مع عائلتي، وعندما أقرر الذهاب خارج البيت تقول زوجتي هذا الوقت من حقنا، وتشعرني هذه الكلمة بأنني قصَّرت معها، فأذهب وفي داخلي ضيق شديد، لا أعرف هل لها حق في كل وقتي؟ أم من حقي الذهاب إلى أصدقائي، ما هو قول الشرع في هذه الحالة؟
الجواب : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..
فيا أخي محمد، إذا أردت حكم الشرع في هذه المسألة، فإنه ليس للمرأة أن تمنع زوجها من الذهاب إلى أصدقائه، سيما إذا كان جلوسه معهم على غير معصية الله تعالى، لأن القوامة للرجل، قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء" [النساء: 34]، لكن أوصيك يا أخي الحبيب بمرافقة أهلك، سيما وأنتم في أرض الغربة، فإنهم يحسون بالوحشة والبعد عن أهلهم، فلا تكثر من الخروج إلا للضرورة، وإذا خرجت فلا تتأخر عليهم، لأنه ربما يحدث لهم شيء في غيابك، واعلم أن حرص زوجتك عليك نابع من شدة حبها لك، ورغبتها أن تكون بقربك دائماً، وفقك الله لكل خير.
سئل الشيخ أ.د.حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.. فهل يجوز أخذ المال من الأم إذا كانت تسرقه من أبي؟ وهل يجوز أخذه من أبي إذا كان لا يعدل بيني وبين إخوتي؟ رغم أنه يعطي بعضهم أكثر مما يعطيني، ويعطي البعض الآخر أقل من ذلك.
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد..(1/33)
فأقول وبالله تعالى التوفيق والسداد: لا يجوز للزوجة أن تسرق من مال زوجها شيئاً، وفعلها محرم إلا إذا كان الزوج موسراً، أو لأنه بخيل شحيح، لا يسد حاجة زوجته وأولادها، فلها أن تأخذ من ماله من غير علمه بقدر الضرورة الشرعية وسد الحاجة، استدلالاً بحادثة زوجة أبي سفيان –رضي الله عنهما- إذ جاءت إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم- وقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح فهل لي أن آخذ من ماله ما يكفيني وأولادي فقال – صلى الله عليه وسلم-:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" رواه البخاري (5364)، ومسلم (1714) من حديث عائشة –رضي الله عنها- أما أخذك من مال أبيك من غير علمه فلا يجوز، وإن ظهر لك أنه لم يعدل بين أبنائه، فإن كان كما تقول فعليه وزر ذلك، لكن هذا لا يسوغ لك أخذ المال من غير معرفته وعلمه، وعليك أن تكلمه بالحسنى والرفق والأدب، وتفهم منه لماذا يفرق بينكم في النفقة، هذا والله أعلم بالصواب.
سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز لي أن أقدم استقالة زوجتي إلى عملها مكتوبة باسمي؟ وذلك لأن تلك الوظيفة وراتبها سبب بيني وبين زوجتي مشكلة وسببت تلك الوظيفة تفرقة بيننا في كثير من الأيام وكذلك أنا محتاج بأن تكون زوجتي بالقرب من أولادي لتقوم بشؤونهم وشؤون زوجها.
فأرجو إفادتي هل يحق لي أن أقدم استقالة زوجتي من تلك الوظيفة مكتوبة باسمي وذلك لظروفي التي أوضحتها؟ رعاكم الله.
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:(1/34)
أخي الكريم إن كنت تزوجتها وهي تعمل، أو شرطت العمل عند عقد النكاح فليس لك التعرض لعملها ومضايقتها فيه فإن هذا من المضارة المحرمة، وقد دخلت في الأمر على بصيرة فليس لك المزايدة بعد ذلك على راتبها أو عملها، كما أنه ليس للزوج أن يقدم هو استقالتها بغير إذنها، لأن الوظيفة وظيفتها وهي تامة الأهلية، وإني أرى للسائل الكريم – من باب النصح له – ألا يسلك مثل هذه الطرق في حل مشاكله الزوجية، بل عليه بالرفق واستعمال الحكمة، لأن الشدة والعنف – في غالب الأحوال – لا تحمد عواقبها، ولو تم لك إقالتها من عملها على نحو ما ذكرت، فمن المرجح ألا تحل مشاكلكم، بل يغلب على الظن أن تزيد وتتعقد، ولا تنس مقولة نبيك – صلى الله عليه وسلم – لزوجه أم المؤمنين – فيما أخرجه مسلم (2594) وغيره (يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطى على ما سواه) وفي لفظ (إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه) فاستعمل أخي الكريم الرفق والتسديد والمقاربة، ولو أن تتنازل عن بعض حقوقك، أسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشداً، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هل صحيح أن المسلم إذا تزوج كتابية (نصرانية) وبقيت على دينها وكتب في العقد أن ديانتها المسيحية فليس لها حقوق مادية إذا طلقها كما أخبرنا القاضي الشرعي في المحكمة الأردنية أثناء عقد الزواج؟ وإذا كان هذا غير صحيح شرعاً، فهل يجوز استخدامه من قبل المحكمة الشرعية لدفع النصرانيات إلى الإسلام؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب : أقول وبالله التوفيق:(1/35)
يَشْترط الإسلام لصحة الزواج من الكتابية نصرانية أو يهودية أن تكون محصنة بمعنى أن تكون عفيفة "محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان" قال الله تعالى في الآية (5) من سورة المائدة:"اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان" [النساء:25] وإذن فعقد الزواج يرتب للزوجة حقوقاً منها الصداق والنفقة والمعاشرة بالمعروف والعدل بينها وبين غيرها إن كانت له زوجة أخرى وإذا كان عقد الزواج يرتب حقوقاً للمرأة فإن الطلاق أيضاً يرتب لها حقوقاً أخرى وهذه الحقوق هي:
(1) مؤخر الصداق.
(2) نفقة العدة.
(3) أجرة الرضاع إن كانت ترضع ولداً.
(4) أجرة الحضانة.
(5) متعة الطلاق.
ومتعة الطلاق مفصلة من حيث مقدارها وأحكامها في كتب الفقه وفي بحث لنا بعنوان (متعة المطلقة في الفقه الإسلامي) مجلة أضواء الشريعة العدد (9) جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حق الزوج في راتب زوجته الموظفة، خصوصاً إذا كان متزوجاً من زوجة ثانية ويصرف عليها، وعندما أطلب منه المال يقول: أنتِ موظفة يجب أن تصرفي على نفسك وتساهمي معي أيضاً في المصاريف الأخرى ؟(1/36)
الجواب : لا حق للزوج في راتب زوجته؛ لأنه مالها، ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، وعلى الزوج نفقة زوجته وسكناها بالمعروف ولو كانت من أغنى الناس، وهذا بإجماع العلماء لقوله – تعالى -: " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " الآية [الطلاق : 7]، ولقوله – تعالى -: " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " [النساء : 34] ولما رواه مسلم (1218) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:" فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " .
هذا وعلى زوجك أن يتقي الله - تعالى - ويؤدي ما وجب عليه تجاهك، ولا يطلب ما ليس له فيه حق إلا ما أعطيته عن رضا منك وطيب نفس، والله أعلم .
سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة ما كفارة حلفان الزوجة لزوجها(تحرم عليّ ليوم الدين)؟.
الجواب : الحمد لله تعالى وحده، وبعد:(1/37)
فإن المرأة السائلة تسأل عن كفارة حلفان الزوجة لزوجها: تحرم علي ليوم الدين، وهذا اللفظ صادر منها لزوجها، فأقول إن ذلك من باب التحريم لما أحل الله وكفارته كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام على هذا الترتيب، الاثنتان الأوليان على التخيير وذلك للآية في سورة المائدة، وكذلك لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ"[التحريم:1-2]، وأنصح السائلة بترك مثل هذه الألفاظ حتى لا توقع زوجها في الحرج. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كيف هو الحب بين الزوجين في الإسلام وما هي صفته ؟ وهل من ذلك أن يحقق الزوج الطلبات الكمالية؟ وهل من معناه أن تهب عينيك عند الطلب إذا احتاج الأمر كتعبير عن حقيقة المحبة؟(1/38)
الجواب : الحمد لله وبعد ، فإن الحب بين الزوجين في الإسلام مطلب مقصود للشارع الحكيم، إذ به تقوى أواصر المودة والتلاحم بين الزوجين، وهي ضرورية لقيام كيان الأسرة واستقرارها وعمل أساسي في بقاء وديمومة الحياة الماتعة الفاعلة لبيت الزوجية، كما هي بالغة الأثر في صياغة شخصية الأبناء والذرية ومدى صلاحهم الديني والاجتماعي والنفسي، والأصل في كل هذا قوله –تعالى-:" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ... " الآية [الروم:21] وكان -عليه السلام- يحب نسائه ويبادلنه الحب، ففي الصحيح من حديث عائشة –رضي الله عنها- قوله -عليه السلام- لابنته فاطمة –رضي الله عنها- "أي بنية ألست تحبين ما أحب"؟ فقالت: بلى قال:" فأحبي هذه" يعني عائشة –رضي الله عنها- والحديث رواه البخاري (2581) ومسلم (2442)، وفي الصحيح كذلك من حديث عمرو بن العاص –رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعثه على جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال "عائشة ...(1/39)
" الحديث رواه البخاري (3662) ومسلم (2384)، وروى مسلم (2435) من حديث عائشة – رضي الله عنها – ما غرت على نساء النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا على خديجة، وإني لم أدركها، قالت: وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا ذبح شاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة، قالت: فأغضبته يوماً فقلت: خديجة؟ فقال: إني قد رزقت حُبها" والمقصود أن الحب القائم على اللطف والشفقة والمودة والرحمة بين الزوجين مطلب محمود، وغرض مقصود -كما تقدم- إلا أن من المهم جداً في هذه القضية أن يكون الحب المتبادل بين الزوجين تابعاً لحب الله -تعالى- وحب رسوله -عليه السلام- بمعنى أن تُقَّدم محاب الله ومحاب رسوله على محاب الزوج، وأن يظل هذا الأخير في حدود السائغ المشروع، وألا يتجاوز النطاق المأذون به شرعاً خشية أن يتحول الحب إلى عامل هدم يقوض بناء الأسرة ويجعلها في مهب الريح، ولا عجب فبقاء الأسرة وسعادة الزوجين مرهون بمدى التزامهما بأمر الله وسنة رسوله الكريم -عليه السلام- ألا إن من علامات صدق الحب بين الزوجين أن يحرص كل واحد منهما على ما ينفع الآخر في دينه ودنياه، فيتبادلان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وأن يُبصّر كلُّ واحد منها الآخر بعيوبه بالكلمة الطيبة ، والقول الجميل، وفي قالب من التقدير والاحترام والرفق والتبجيل .(1/40)
كما أن مما يحقق المطلوب حسن الملاطفة والعشرة بالمعروف والقيام بحق الطرف الآخر المتقرر له شرعاً، كقيام الزوج بواجب النفقة والسكنى وتلبية متطلبات الحياة المعيشية في حدود قدرته المادية :" لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها " [الطلاق:7] وإن لبّى بعض متطلباتها الكمالية من غير إسراف ولا تبذير فحسن، مع الحذر التام من متطلبات محظورة شرعاً كأجهزة اللهو والفساد كالدشوش والمجلات الهابطة ونحوها، كما أن من واجب الزوج صيانة زوجه من التبرج والسفور وذرع الأسواق جيئة وذهاباً دون حاجة ملحة أو بدون محرم، وليثق أخونا السائل وغيره أن ما ذكرته هو الحب الشرعي الحقيقي، لا ما تروجه وسائل الإعلام وتفرضه المشاهد والأفلام، وتصوره الروايات الهابطة والكتابات الساقطة، والتي تدور معظمها على أساس تجسيد مبدأ الحب قبل الزواج، وتجعله عامل النجاح الأول للحياة الزوجية المستقبلية!! ناهيك عن مكر ودهاء بالغين توهم من خلاله المتابع والمتلقي أن ممارسات وتصرفات معينة يقوم بها الطرفان كفيلة بإضفاء السعادة والحيوية في عش الزوجين الجديدين أبرزها تبادل الزيارات المختلطة مع الأقارب والأصحاب، وملاحقة أحدث ما تقذف به بيوت الأزياء العالمية من ثياب الخلاعة والمجون -والعياذ بالله- .
والله أسأل أن يرزقنا حبه وحب ما يحبه، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ويجعلنا للمتقين إماماً، وصلى الله على محمد وآله وصحبه .
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح إحدى قريباتي متزوجة منذ ثلاث سنوات، واتضح بعد سنتين من الزواج، وبعد عدة تحاليل -لا تدع مجالاً للشك- أن زوجها عقيم، السؤال: هل يلحقنا أي إثم حال طلبها للطلاق؟ حيث إنها غير راضية إطلاقاً أن تعيش دون أولاد، جزاكم الله خيراً.
الجواب : الحمد لله وحده، وبعد:(1/41)
فلا شك أن من حكم مشروعية الزواج إنجاب الأولاد فهم من زينة الحياة الدنيا، وعقم الزوج يبيح للزوجة أن تطلب منه الطلاق أو الخلع، فإن لم يجبها فلها التقدم للمحكمة الشرعية لطلب فسخ النكاح –هذا إن لم تصبر وتحتسب-، ولكن قد يترتب على الفراق بعض الأمور المادية إن لم يرضَ الزوج بفراق زوجته دون عوض، وذلك لكون طلب الفرقة بناء على رغبة الزوجة، فعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "فتردين عليه حديقته"؟ فقالت: نعم، فردت عليه، وأمره ففارقها" رواه البخاري (5276)، والله –تعالى- أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب ظروفي المعيشية صعبة، لكن – الحمد لله – على كل حال، وجدت عملاً شريفاً بإحدى الدول الأوروبية، لكن هناك من قال لي إن الشرع لا يبيح لي ترك زوجتي أكثر من ستة أشهر لتجنب الفتنة، مع العلم أني عاقد العزم على إلحاق زوجتي وابني بي حالما تتيسر الظروف بإذن الله، أرجو إجابتي في أسرع وقت، وجزاكم الله كل خير.
الجواب : أخي السائل حفظك الله ورعاك ، اعلم أن بعض أهل العلم وقتوا للرجل أن يغيب عن
زوجته ستة أشهر، لما في حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، "حين سأل ابنته : يا(1/42)
بنية؛ كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك فقالت: خمسة أشهر، ستة أشهر، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر؛ يسيرون شهرا، ويقيمون أربعة أشهر ويرجعون في شهر" انظر: مصنف عبد الرزاق (7/151 – 152)، والبيهقي (9/29) وموسوعة فقه عمر (236). وسئل أحمد كم للرجل أن يغيب عن أهله؟ قال يروى ستة أشهر، وقد يغيب أكثر من ذلك لأمر لا بد له منه. ويلحق بذلك الحج، وطلب رزق محتاج إليه، نص عليه إن لم يكن عذر؛ يعني: إذا كان له عذر لا يلزمه القدوم، لأن صاحب العذر يعذر من أجل عذره.
والأولى لك أيها السائل أن تأتي إليها بين حين وآخر، إن كان ذلك لا يشق عليك.
سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة يعيش رجل وزوجته في بيت واحد دون مودة ولا محبة ولا جماع، وكل منهم ينفق على نفسه من ماله الخاص، وفضّلا هذا الوضع على الطلاق من أجل أطفالهما واستمر هذا أكثر من عشر سنوات، في ظل هذا كله هل الزواج لازال شرعيا؟ وهل يمكن بالتالي أن يعود لمعاشرتها؟ ولكم جزيل الشكر.(1/43)
الجواب : الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فإنه ما دام أنها لا تزال في عصمتك ولم يصل طلاق البتة فإنه مهما كان من طول الفرقة من عدم نفقة أو محبة أو جماع ولو عشرات أو مئات السنين فهي زوجة لك تحل لك في كل حين، ولا مانع من العودة إليها ومعاشرتها، وأسأل الله عز وجل أن يصلح حالكما وأن يجمع بينكما على الخير، وأوصيك بتقوى الله في السر والعلانية والمحافظة على الصلوات وأداء الواجبات وفعل الخير، فإن الله تعالى وعد المتقين فقال سبحانه: "وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: 2-3]، ويقول تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" [النحل: من الآية97]، فمن أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله تعالى له ما بينه وبين الناس جميعاً والله هو الموفق .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا رجل متزوج ، وأمتلك طاقة قوية للجماع، ولكن المشكلة أن زوجتي لا ترغب في المعاشرة الزوجية بكثرة، ودائماً يثار بيننا الجدل حول هذا الموضوع، وتقول بأنني أنا المعيب حيث إن شهوتي قوية. فما نصيحتكم لها، وجزاكم الله خيراً .(1/44)
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين: وبعد فالجواب عن السؤال بعاليه كالتالي: زواجك ثانية إلى أربع مباح شرعاً إذا علمت من نفسك أو غلب على ظنك أنك ستعدل - إن شاء الله - قال – تعالى -: "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" [النساء : 3] وما ذكرت من مشكلتك مع زوجتك بخصوص رغبتك في كثرة الجماع وعدم رغبتها فالواجب على كل منكما معاشرة الآخر بالمعروف، قال – تعالى -: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء : 19]. وقال - سبحانه -: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] هذا وللزوج الاستمتاع بزوجته في القبل ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضرها، ولهذا نهيت المرأة أن تصوم صوم تطوع وزوجها حاضر إلا بإذنه فيما رواه البخاري (5192) ومسلم (1026) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.
هذا وجاء في كشاف القناع للبهوتي (ج5، ص 188) ما نصه: (فإن زاد الزوج عليها في الجماع صولح على شيءٍ منه لأنه غير مقدر ... قال الشيخ تقي الدين (يعني ابن تيمية ) فإن تنازعا فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة وكوطئه إذا زاد، وجعل عبد الله بن الزبير –رضي الله عنه- لرجل أربعاً بالليل وأربعاً بالنهار، وصالح أنس –رضي الله عنه- رجلاً استعدى على امرأته على ستة). انتهى محل الغرض منه .
هذا ونصيحتي للزوج أن يراعي ظروف امرأته فإذا كانت تكره الجماع أو يضر بها فينبغي ألا يكثر منه، كما أن على الزوجة أن تراعي ظروف زوجها ما دام يرغب في الجماع بل وقد يخشى على نفسه، هذا ونقول للزوجة: علمتِ ما جعله ابن الزبير –رضي الله عنه- وما صالح عليه أنس –رضي الله عنه-، وزوجك كما جاء في السؤال يكتفي بالمرة الواحدة في اليوم والليلة وهذا ليس فيه ضرر عليك . والواجب عليك الصلح معه فهو أفضل لك من أن يتزوج عليك أخرى، والله أعلم .(1/45)
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى هل خدمة الزوجة لوالدي الزوج واجبةٌ؟ أم تقوم بها من منطلق إرضاء الله تعالى، وجزاكم الله خير الجزاء.
الجواب : ليس على الزوجة خدمة والدي زوجها، ولكنه المعروف والإحسان وإكرام الزوج، وكل ما تفعله الزوجة في معاملة أقارب زوجها هو دين يسدده زوجات أبنائها في وقت تكون في أمس الحاجة له.
سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عندما تريد أمي الخروج من المنزل لزيارة الأقارب أو غيرهم، تستأذن من الوالد ولكنه يرفض بدون سبب، وإذا خرجت إلى أي مكان ولم تخبره لا يبدو عليه زعل ولا يناقشها في عدم استئذانها وكأن شيئاً لم يكن، يعني: "إذا استأذنت يرفض، وإذا لم تستأذن وخرجت لم يقل لها شيئاً)، أرجو تبيين الأمر، وماذا أفعل مع أبي وأمي؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأصل أن الزوجة لا تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها؛ لقول الله – عز وجل -: "وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ" [يوسف: من الآية25]، فسمى الله – عز وجل – الزوج سيداً، والمسود تحت إمرة سيده، وأيضاً قول الله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" [النساء: من الآية34] ، ومقتضى القوامة الاستئذان، وأيضاً ما ثبت في الصحيح أن أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – لما أردن الاعتكاف استأذنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أنه لا بد من الإذن انظر ما رواه البخاري (2033)، ومسلم (1173) من حديث عائشة –رضي الله عنها- وأيضاً يدل لهذا قول النبي – صلى الله عليه وسلم –: "إنهن عوان عندكم" يعني: أسيرات، والحديث رواه الترمذي (1163)، وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص.(1/46)
وإذا كان كذلك فإنه لابد من الاستئذان، وهذا هو الأحوط، وأما قوله: إذا كان لا يأذن.. فأما إذا كان عدم إذنه ليس جاداً وإنما يعرف من القرائن أنه يرضى بذلك، وأنه لا يكرهه ولكنه يأذن إذناًًٍُُ لم يرض عنه تمام الرضا، فإذا كان يفهم من القرائن أنه لا يُكرهه ذلك ولا يُضيقه وأنه يأذن بذلك فإنه لا بأس، والأحوط مع ذلك هو الاستئذان.(1/47)
سئل الشيخ د.طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هل طاعة الزوج أهم من طاعة الوالدين؟علماً أن طاعة الوالدين ثابتة بالقرآن الكريم وطاعة الزوج ثابتة فقط بالحديث الكريم، فهل الحديث ينسخ القران؟ وهل طَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَالإِحْسَانُ إلَيْهِمَا فَرْضٌ عَلَى الْوَلَدِ ، قَالَ تَعَالَى:"وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا، إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا: أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا، وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا". قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِعِبَادَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَجَعَلَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ مَقْرُونًا بِذَلِكَ كَمَا قَرَنَ شُكْرَهُمَا بِشُكْرِهِ فَقَالَ : "وَقَضَى رَبُّك أَلا تَعْبُدُوا إلا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا" وَقَالَ : "أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْمَصِيرُ". وَقَالَ الْجَصَّاصُ: وَقَضَى رَبُّك مَعْنَاهُ: أَمَرَ رَبُّك، وَأَمَرَ بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ : وَأَوْصَى بِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ ، لأَنَّ الْوَصِيَّةَ أَمْرٌ ، وَقَدْ أَوْصَى اللَّهُ تَعَالَى بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ وَقَالَ "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إحْسَانًا" قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَضَى هَاهُنَا إلا أَمَرَ .(1/48)
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ". وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله تَعَالَى: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ": لا تَمْنَعْهُمَا شَيْئًا يُرِيدَانِهِ. وَحَقُّ الطَّاعَةِ لِلْوَالِدَيْنِ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، بَلْ هُوَ مَكْفُولٌ - أَيْضًا - لِلْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ ، قَالَ الْجَصَّاصُ فِي قَوْله تَعَالَى "أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إلَيَّ الْمَصِيرُ، وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا". أَمَرَ بِمُصَاحَبَةِ الْوَالِدَيْنِ الْمُشْرِكَيْنِ بِالْمَعْرُوفِ مَعَ النَّهْيِ عَنْ طَاعَتِهِمَا فِي الشِّرْكِ، لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي قَوْله تَعَالَى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا، وَإِنْ جَاهَدَاكَ على أن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا" اقْتَضَتْ الآيَةُ الْوَصِيَّةَ بِالْوَالِدَيْنِ وَالأَمْرَ بِطَاعَتِهِمَا وَلَوْ كَانَا كَافِرَيْنِ، إلا إذَا أَمَرَا بِالشِّرْكِ فَتَجِبُ مَعْصِيَتُهُمَا فِي ذَلِكَ وطَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجَةِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ".(1/49)
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قِيَامُ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ هُوَ أَنْ يَقُومَ بِتَدْبِيرِهَا وَتَأْدِيبِهَا ، وَإِمْسَاكِهَا فِي بَيْتِهَا وَمَنْعِهَا مِنْ الْبُرُوزِ (أَيْ الْخُرُوجِ)، وَأَنَّ عَلَيْهَا طَاعَتَهُ وَقَبُولَ أَمْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً . وَعَنْ أَنَسٍ – رضي الله عنه -"أَنَّ رَجُلا انْطَلَقَ غَازِيًا وَأَوْصَى امْرَأَتَهُ : أَنْ لَا تَنْزِلَ مِنْ فَوْقِ الْبَيْتِ ، وَكَانَ وَالِدُهَا فِي أَسْفَلِ الْبَيْتِ، فَاشْتَكَى أَبُوهَا، فَأَرْسَلَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُخْبِرُهُ وَتَسْتَأْمِرُهُ فَأَرْسَلَ إلَيْهَا: اتَّقِي اللَّهَ وَأَطِيعِي زَوْجَك ثُمَّ إنَّ وَالِدَهَا تُوُفِّيَ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَأْمِرُهُ ، فَأَرْسَلَ إلَيْهَا مِثْلَ ذَلِكَ ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْسَلَ إلَيْهَا : إنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَك بِطَوَاعِيَتِك لِزَوْجِك". وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ : طَاعَةُ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ : قَالَ أَحْمَدُ فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ : طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبُ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا، إلا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا . أرجو طرح الموضوع للنقاش ..
الجواب : الأخ الكريم: السلام عليكم. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك ومواصلتك معنا على موقع الإسلام اليوم.(1/50)
أما عن جواب سؤالك وقد أخضعته للحوار والبحث المفتوح فأقول برأيي الذي أفهمه من نصوص الشرع أن طاعة الزوج مقدَّمة على طاعة الوالدين، طالما أن الزوجة باقية ولايتها في ذمة زوجها، وذلك لأن نصوص طاعة الوالدين لا تتعارض مع نصوص طاعة الزوج، وإنما كل بحسب الحال وهو ما يسمى عند العلماء بالتخصيص، فطاعة الوالدين ثابتة طالما ولاية المرأة تحت والديها، فإذا انتقلت ولايتها إلى زوجها صارت الطاعة لازمة في حقها لزوجها، فهو انتقال حكم من طرف إلى آخر، وأما عن سؤالك هل الحديث ينسخ القرآن؟ فهذه مسألة فيها نزاع بين العلماء، وبيان ذلك أن الحديث النبوي نوعان: آحاد ومتواتر.(1/51)
الأول: نسخ القرآن بالسنة الأحادية، والجمهور على عدم جوازه، وذلك لأن القرآن متواتر يفيد اليقين، والآحاد مظنون ولا يصح رفع المعلوم بالمظنون، والثاني: نسخ القرآن بالسنة المتواترة وقد أجازه أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه لأن الكل وحي، والله يقول: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم: 3-4]، وقال تعالى: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" [النحل:44]، والنسخ نوع من البيان، ومنعه الشافعي وأهل الظاهر وأحمد في الرواية الأخرى لقوله تعالى : "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها"[البقرة: 106]، والسنة ليست خيراً من القرآن ولا مثله، ولكن هل حكم طاعة الزوج وتقديمه على طاعة الوالدين وثبوته بالسنة يعني أن ذلك نسخ لما في القرآن؟ في ذلك نظر، وذلك أن من شروط صحة النسخ - ألا يكون الخطاب المرفوع حكمه مقيداً بوقت معين فإذا زال زال الحكم، وفي مسألتنا أن المرأة تقدم طاعة الزوج على والديها طالما أنها باقية في ذمته، وبمجرد حدوث الطلاق البائن أو الموت أو الخلع تعود ولايتها لوالديها وتكون طاعتهما لازمة في حقها، ولذلك لا تعد هذه المسألة من صور النسخ، ولعل ما أوردته في سؤالك من نصوص أغناني عن ذكرها والتي تدل على وجوب الطاعة للزوج، والله الموفق والهادي لسواء السبيل، وهو أعلم وأحكم سبحانه.(1/52)
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كنت قد تناقشت أنا وإحدى الأخوات المسلمات في إحدى ساحات الحوار عن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما معناه:إن الملائكة تلعن الزوجة التي تمتنع عن معاشرة زوجها جنسيًّا من دون سبب وجيه، فهذه الأخت ترى أن الإسلام لم ينصف المرأة؛ حيث إنه لا يوجد حديث يقول بلعن الرجل الذي يمتنع عن معاشرة زوجته دون سبب وجيه، فأنا أريد أن أعرف هل هناك نص شرعي من قرآن أو سنة يبين ما هي عقوبة هذا الزوج في هذه الحالة؟ بمعنى هل هناك تحذير له من الله –تعالى- مثل لعن الملائكة أو أن يتوعده الله بعقوبة في الآخرة نتيجة امتناعه عن زوجته؟ فإذا تكرمتم أرجو الإجابة عليَّ سريعاً لو كنتم تستطيعون اليوم، حيث إن النقاش بيننا لم ينته بعد و هي تنتظر، ولا أريد أن أتأخر عليها أكثر من ذلك، وجزاكم الله خيراً.
الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالحديث الذي تعنينه هو قوله – صلى الله عليه وسلم-: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح"، والحديث متفق عليه، عند البخاري (3237)، ومسلم (1436) عن أبي هريرة – رضي الله عنه -.
ومعناه ظاهر، ولكن ليس على إطلاقه كما يتوهم بعض الرجال، فليس كلما امتنعت المرأة وأبت دعوة زوجها إلى فراشه فقد حقَّت عليها لعنة الملائكة، بل الوعيد مقيَّدٌ- كما قرر ذلك أهل العلم – بحالة عدم وجود العذر الشرعي.
فإذا كانت المرأة معذورة شرعاً فلا حرج عليها أن تأبى دعوة زوجها لها إلى الفراش، كما لو كانت في صوم قضاء، أو كانت مريضة والجماع يؤلمها، أو يزيد من مرضها، أو كانت في حالة نفسية سيئة لا تحتمل معها أن يواقعها زوجها.
والمقصود أنه متى كان الجماع يسبب للزوجة ضرراً بيناً لم يكن عليها من حرج أن تأبى دعوة زوجها إلى الفراش، بل يجب عليها الامتناع عندئذ.(1/53)
على أنه مع ذلك لا يجوز للمرأة أن تتمنع عن الوطء لمجرد عدم رغبتها فيه، فهي ـ في عدم وجود العذر الشرعي ـ مأمورة أن تستجيب لرغبة زوجها، فإن أبت حقَّ عليها وعيدُ الحديث.
وإنما ورد هذا الوعيد في شأن الزوجة دون الزوج؛ لأن الرجل – في الغالب – هو الطالب، والمرأة هي المطلوبة، والرفض لا يُتصور إلا من المطلوب، والغالب أن الرجل هو الذي يدعوها للفراش، وقليلٌ ما تدعوه هي لذلك، وإذا دعته فقليل ما يأبى الزوج دعوتها، ولذا كان الزجر أغلظ على الطرف الذي يتصَّور منه التمنع أكثر؛ لكونه مطلوباً، وهو المرأة.
وورد هذا الوعيد في شأن الزوجة دون الزوج لأن الرجل ـ أيضاً ـ لا يتصوَّر منه حصول الوطء إلاّ بانتشار آلته (عضوه)، وبدون ظهور رغبته لا جدوى غالباً من دعوته، بخلاف المرأة؛ فهي محل قابل للوطء والاستمتاع، سواء رغِبت أم لم ترغب، تحرَّكت شهوتها أم لم تتحرَّك.
وكذلك لأن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، كما أنه أسرع منها استجابةً للمثيرات والمرغبات. ومنعُه من قضاء وطره وإتيان شهوته أشدُّ ضرراً وأعظمُ مفسدةً من منع المرأة من ذلك، فإن المرأة تصبر، والرجل لا يصبر.
ويشبه هذه المراعاة لحاجة الزوج في الوطء ما جاء في الشرع من كثرة التذكير بحقوق الوالدين، ومن تكرار النهي عن عقوقهما، وتكرار التذكير بالوعيد الشديد على ذلك، فأنت تجد من ذلك ما لا تجد مثله في التذكير بحقوق الأولاد؛ لأن تقصير الناس في حق الوالدين أعظم من تقصيرهم في حقوق الأولاد، ولأن في فطرتهم من دواعي مراعاة حقوق الأولاد والحدب عليهم والرأفة بهم ما لا يحتاجون معه إلى التأكيد على حقوقهم، فلم تكن الحاجة داعية إلى التأكيد على ذلك كما كانت الحاجة داعيةً إلى التأكيد على حقوق الوالدين.
إن النظرة القاصرة التي لا تتجاوز ظاهر الحديث – وهو لعن المرأة التي تأبى دعوة زوجها إلى الفراش- قد لا ترى في الحديث إلا مراعاة مصلحة الرجل فحسب.(1/54)
بيد أنَّ النظرة العميقة الفاحصة - التي لا تقف عند ظاهر لفظ الحديث ودلالة منطوقه – ترى في هذا الحديث مراعاةً لمصلحة الزوجين جميعاً، لا لمصلحة أحدهما دون الآخر، فالحديث وإن كان ظاهره مراعاة مصلحة الرجل وحاجته، إلا أن مآله فيه مصلحةُ الزوجين كليهما.
وبيان ذلك: أن المرأة العاقلة لا ترضى أن يفرغ زوجها شهوته في غيرها بالحرام، وهي تغار أشدَّ الغيرة لو همَّ زوجها بذلك، فكيف لو وقع؟!.
غير أنه لا يتناسب مع هذه الرغبة والغيرة رفضُها لدعوته إياها لفراشه، فهذا الرفض دافعٌ قوي – وبخاصة إذا تكرر- إلى أن يبحث زوجها عن موضعٍ آخر (غيرها) يضع فيه شهوته ويمارس معه المتعة.
وكلما تمنعت المرأة من زوجها عظُمَ في نفسه الدافعُ إلى قضاء وطره في غيرها، وقد يفضي به الأمر إلى أن تخرج من قلبه، وتصبح العلاقة بينهما سطحية رتيبة؛ كعلاقة الرجل بزميله في العمل، وهذا – قطعاً – لا يضر الزوج وحده، بل يضر الزوجة معه.
إنَّ تفهُّم الزوجة لحاجة زوجها الجنسية وتقبلَها لدعوته- بما لا يضر بها وإن كثُر- يجعله راغباً فيها لا راغباً عنها، منصرفاً إليها لا منصرفاً إلى غيرها. كما أنه يقطع الطريق على وساوس الشيطان أن تتسلل إلى قلبه، فتوسوس له وتزين له الفاحشة، وتجعل من رفض زوجته لإشباع رغبته عذراً له أن يقع في المحظور.
ومن هنا يظهر لنا جلياً أن الحديث يأمر المرأة بما هو مصلحة لها في مآله لو تأمّلت أبعاد هذا الأمر في دلالة الحديث.
على أنه ليس في هذا الحديث – لا من مفهومه ولا من منطوقه- حث الزوج على أن يلح على زوجته في الاستجابة لرغبته، فيقسرها ويكرهها على الجماع، وليس فيه – كذلك- أن له أن يحقِّق رغبته ويقضي وطره كلما عَنَّ له ذلك.(1/55)
كما أنه ليس من منهج العدل والإنصاف في شيء عند استظهار نظرة الشرع للمرأة أن تؤخذ نصوص من الشرع مجتزأةً تُجعل أصلاً يحكم على الإسلام به، وتنسى أدلة أخرى كثيرة مستفيضة تؤكد للرجال حقوق النساء، وتأمرهم بمراعاتها، وتزجرهم عن التهاون فيها أشد الزجر.
فلا بد – إذاً – أن تستقرأ جميع النصوص الواردة في شأن علاقة الرجل بالمرأة، وفي شأن حقوقها عليه، وحقوقه عليها، ومن استقرأها أدرك بيقين لا يزعزعه شك أن الإسلام أنصف المرأة كما أنصف الرجل، وأعطاها بقدر ما لها من الحق، ولم يأخذ منها إلا بقدر ما عليها.
سئل الشيخ د. علي بن عمر با دحدح عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة أنا رجل متزوج، وأفهم أن لي أرحاما تجب عليَّ صلتهم وزيارتهم. فما حكم صلتي لرحم زوجتي ، بمعنى هل يجب علي زيارة أهلها؛ إخوتها وأخواتها وأعمامها وأخوالها؟ أو بصورة أخرى هل تجب على الأنثى صلة رحمها من الذكور؟ أم أنه واجب عليهم هم زيارتها مثلا
الجواب : أولى الإسلام صلة الرحم أهمية كبيرة؛ لأن البعد الإنساني والعلاقات الاجتماعية ذات أثر كبير في حياة البشر، والإسلام دين شامل، عني بكل ما يحتاجه الإنسان من حوائج حياته ومعاشه، ومن متطلبات فطرته وغريزته، وقد جعل الله – عز وجل – لصلة الرحم أهمية كبرى، ورعاها رعاية عظمى، وكما جاء في قول الله – عز وجل- "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" [النساء:1] وهذه الآية قرن فيها الله عز وجل بين صلة الرحم والتقوى ومراعاة أمر الله -سبحانه وتعالى-.
ومعلوم أن من النصوص التي وردت في صلة الرحم قول الله -سبحانه وتعالى-: "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم" [محمد:22]، وهذا على سبيل الذم، فيكون سمة الإسلام المدح في صلة الرحم لا في قطيعتها.(1/56)
وكذلك نجد أحاديث المصطفى – صلى الله عليه وسلم – تدل على ذلك، كما في حديثه في الحديث القدسي "إن الله -عز وجل- قال خلقت الرحم، وشققت لها اسماً من اسمي، وجعلت لها أن أصلَّ من وصلها، وأقطع من قطعها" الترمذي (1907) وأحمد (1662)، وقال الترمذي: صحيح، كما صححه الألباني.
وقد بين النبي – صلى الله عليه وسلم – عظيم أثر صلة الرحم كما في الصحيحين البخاري (5986) ومسلم (2557) أنه عليه -الصلاة والسلام- قال: "من أراد أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" وغير ذلك من الأحاديث.
والسائل يسأل عن علاقته بأهل زوجته وبوصفهم كذلك من أهل رحمه، ولا شك أن صلته وبره وإحسانه وحسن معاملته لوالد زوجته ووالدتها وذوي قرابتها في الجملة، لا شك أنه من إكرام زوجته ومن حسن عشرتها؛ لأن ذلك يدخل السرور على قلب الزوجة.
ومن جهة أخرى إن كانوا مسلمين فينبغي صلتهم كذلك باعتبار الإسلام وباعتبار قرابة الزوجة، أما الوجوب بمعنى الفرض اللازم، فهذا ليس عليه دليل بحد وقدر معين، كأن يجب أن يزورهم في الأسبوع مرة أو نحو ذلك، فلا دليل يوجبها بالجملة، والحاجة في مثل هذه الأمور غالباً لا ينظر إليها بهذه النظرة الضيقة التي ربما تعتمد على المكافأة، أو بمعنى أن يزورهم مرة في كل كذا ليزوره في كل كذا! كلا هذه قائمة على حسن الصلة والمودة والسماحة (وما لم يدرك كله لا يترك جله)، فإن تعذرت الزيارة لأمر أو لآخر فهناك وسائل الاتصال الهاتفي أو الكتابة مما يحقق الغرض المنشود، من وجود التقدير والاحترام والعناية والاهتمام ونحو ذلك.(1/57)
أما الزوجة فالذي يجب عليها من البر بر أبويها وبر محارمها وصلة محارمها من أعمامها وأخوالها، لكن دون أن يكون ذلك مؤثراً على طاعة زوجها، ودون أن يكون ذلك مؤثراً على واجبها اتجاه أسرتها، أو معارضا لها في طاعة زوجها، والأصل العناية بالأهم فالمهم، فالوالدان هما الأهم، وهو واجب عليها، وعلى زوجها واجب أن يعينها على بر والديها؛ لأنه إعانة على واجب شرعي.
وأما ما وراء ذلك فإن هذه الأمور بحسب العرف، فإن كان لهذه الأسر لقاء أسري جامع في المناسبات مثل الأعياد وغيرها، فحسن أن تتاح للزوجة الفرصة للزيارة؛ لترى جميع محارمها من الرجال وقرابتها من النساء، وتكون على صلة بهم.
أما إذا كانت زيارة الزوجة لأهلها – ضمن قياس الشرع وليس بالمقياس الشخصي للزوج كأن تترتب عليها مفاسد في دينها، حيث يكون أهلها مثلاً ليسوا حريصين على التزام الإسلام، وقد يحثونها على ارتكاب المعاصي ونحو ذلك، فهذا له أن يمنعها إذا كان هناك سبب شرعي حقيقي، وله أثر غالب في الفساد، وإن كانت صلة الرحم في الأصل ينبغي أن يحرص عليها، حتى مع وجود ذلك؛ بما يعمل على تغيير ذلك الفساد، فقد أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بصلة الأم مع كفرها، انظر البخاري(2620) ومسلم(1003) وهذا هو الواقع في آيات القرآن الكريم كما نعلمه: "وصاحبهما في الدنيا معروفاً" [لقمان:15] والله أعلم.
5- تعدد الزوجات
سئل الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الرشيد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا لدي زوجتان، وبالنسبة للعدل بينهما من ناحية السفر - حيث إن الأولى لها أولاد ووظيفة، والثانية ليس لها شيء من ذلك - فهل هما في السفر سواء؟ هل أعدل في السفر إذا كان يوماً وليلة فقط؟ وما هي أفضل الكتب في العدل بين النساء في المسائل المعاصرة؟.(1/58)
الجواب : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن الله -سبحانه وتعالى- أمر بالعدل في الأمور كلها، قال تعالى: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" [النحل:90]، وقد أخبر الرسول – صلى الله عليه وسلم- بأن الله حرَّم الظلم على نفسه وجعله على عباده محرماً، انظر ما رواه مسلم (2577) من حديث أبي ذر –رضي الله عنه-، ولذلك فإن الواجب على الإنسان أن يتحرى العدل في كل شؤونه، مع نفسه وولده وزوجه وخادمه، وغيرهم.
ومما يجب توخي العدل فيه ما يتعلق بالزواج والتعامل مع الزوجات، فإذا كان الإنسان لديه زوجتان فإنه يجب عليه أن يكون عادلاً بينهما في القسم والمبيت والنفقة والسفر وما إلى ذلك من الأمور الظاهرة، ولا يجوز له أن يفضل إحدى زوجاته على غيرها بشيء ما إلا برضا الزوجات الأخر، فإذا تنازلت إحدى الزوجات عن شيء من حقوقها فإنه يجوز لها ذلك، ويشهد لهذا ما فعلته سودة – رضي الله عنها- زوج النبي – صلى الله عليه وسلم- فإنها تنازلت عن حقها في المبيت لعائشة – رضي الله عنها-، وقبل النبي –صلى الله عليه وسلم- هذا التنازل، انظر ما رواه البخاري (5212) ومسلم (2445) من حديث عائشة –رضي الله عنها-، مما يدل على جوازه ومشروعيته،وإذا أراد الزوج أن يسافر ويصطحب معه إحدى نسائه فإنه يقرع بينهن أولاً، فمن جاءت القرعة لها يسافر بها أولاً، ثم يسافر بالأخرى في السفرة الثانية، وهكذا، إلا أن تسمح إحداهن للأخرى فيجوز كما سبق ذكره، وإذا كان الأمر كما تذكر من أن إحدى زوجتيك موظفة ولديها أولاد والأخرى ليست كذلك، فإنه يمكن أن تحقق العدل بينهما، حيث تجعل السفر بالزوجة الموظفة وأولادها في أوقات الإجازة، وذلك من أجل المحافظة على وظيفة الزوجة ودراسة الأولاد.(1/59)
على أني أنبه إلى أن الزوجة الموظفة إذا امتنعت من السفر لأجل وظيفتها الخاصة بها فإنه يجوز للزوج السفر مع الزوجة الأخرى؛ لأن الزوجة الموظفة هي التي تنازلت عن حقها في السفر فسقط عنها، أما إذا امتنعت عن السفر من أجل دراسة الأولاد فإن امتناعها له سبب معتبر، ولذلك يحسن بك أن تعوضهم بالسفر في أوقات الإجازة، وكما يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته في عدد مرات السفر، فإنه يجب عليه أن يكون عادلاً بينهم في مدة السفر ونوعه، فلا يجوز له أن يخص إحدى زوجاته بالسفر الطويل والأخرى بالسفر القصير، أو يخص إحدى زوجاته بالسفر المريح والأخرى بالسفر الشاق ونحو ذلك، إلا إن حصل هذا الأمر من غير قصد، ومما يحسن التنبيه إليه أن الزوج إذا كان يحسن التعامل مع زوجاته، ولا يظلم واحدة منهن فإنه يستطيع تدبير أموره وتسييرها بالرضا والتفاهم بين جميع الأطراف، ومن نقص شيئاً من حقوقها فإنه يجتهد في تعويضه في جوانب أخرى، أما ما يتعلق بالكتب التي تتحدث عن العدل بين الزوجات، فإن أنفع شيء في هذا المجال ما ورد في كتب السنة من تعامل النبي –صلى الله عليه وسلم- مع زوجاته، مع الاطلاع على ما كتبه أهل العلم شرحاً وتعليقاً على هذه الأحاديث، إضافة إلى فتاوى أهل العلم المعاصرين خصوصاً في المسائل المعاصرة، وكيف يحقق الزوج العدل فيها. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(1/60)
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا متزوج من ثلاث، وزوجتي الثالثة من عائلة لهم عادات بعد الزواج وهي الكسوة، علما بأني لما دفعت المهر اتفقت مع أبيها بأن يجعل المهر مع الكسوة، وقد أعطيته 60ألف ريال كما طلب، ولكن الزوجة تطلب مني أن أكسو أهلها بعشرة آلاف ريال، السؤال: هل يلزمني إذا أعطيتها المبلغ أن أعطي كل زوجاتي عشرة آلاف ريال؟ وهل الهدية التي تعطى للزوجة يشترط فيها العدل بين الزوجات؟
الجواب : جاء في حديث عمرو بن عوف المزني – رضي الله عنه – مرفوعاً: "والمسلمون على شروطهم" رواه الترمذي (1352)، وابن ماجة (2353) ويقول – عليه السلام -: "إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج" رواه البخاري (2721)، ومسلم (1418) من حديث عقبة بن عامر – رضي الله عنه -، وقال الخليفة عمر – رضي الله عنه -: "مقاطع الحقوق عند الشروط" رواه البخاري تعليقاً كتاب: الشروط. باب: الشروط في المهر عند عقدة النكاح، ومن القواعد الشرعية: الشرط العرفي كالشرط اللفظي، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، وعلى الرجل أن يفي بما جرت عليه أعراف القبيلة ما دام أنه لا يحل حراماً، ولا يحرم حلالاً، ولا يسقط واجباً، ولا يوجب ساقطاً.
غير أن الاتفاق مع أبيها بدخول الكسوة ضمن المهر لا يبقي لهم حقاً في المطالبة بما زاد على الاتفاق، إن كان هذا الاتفاق مكتوباً أو اعترف به أبوها.
والمهر حق للزوجة هو وما يتبعه، ولا يلزم الزوج أن يدفع لزوجاته السابقات نظير هذا المهر أو نظير ما جرى به العرف، وإذا أهدى لزوجته بمناسبة خروجها من النفاس أو إنجازها عملاً تفردت به مما يعود عليه وعليها بالخير فلا يلزمه أن يساوي بينها وبين زوجاته الأخر، والعلم عند الله.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح هل الزواج بالمرأة الثانية يبيح للأولى طلب الطلاق أو الفسخ؟(1/61)
الجواب: الحمد لله وحده، وبعد..
يجوز أن يتزوج الرجل زوجة ثانية، وثالثة، ورابعة، وجواز التعدد مشروط بالقدرة على العدل بين الزوجات، قال الله تعالى: "وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" [النساء: 3]، لذا ذهب بعض العلماء إلى أن الأصل التعدد، وليس زواج الزوج بزوجة ثانية مما يبيح للزوجة الأولى أن تطلب الطلاق، إلا إذا لم يعدل زوجها بينهما، وقد جاء الوعيد للزوج الظالم، حيث قال – صلى الله عليه وسلم- "من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل" رواه النسائي (3942) والبيهقي في الشعب (8713) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-، هذا إذا كانت المرأة لم تشترط عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإن كانت قد اشترطت عليه ألا يتزوج عليها فتزوج فلها الفسخ في أصح قولي العلماء؛ لحديث عقبة بن عامر – رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج"، رواه البخاري (2572) ومسلم (1418) والله تعالى أعلم – وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه-.
سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله -عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ما حكم من صلى خلف الصف منفرداً الصلاة كاملة؟ هل يعيد الصلاة؟ وإذا صلى بعض الركعات خلف الصف والبعض بعد ما أتم الإمام الصلاة، وما حكم من علم بالحكم بعدما قضيت الصلاة سواء بزمن قليل أو بزمن كثير؟ والله يحفظكم ويرعاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب : سئل فضيلة الشيخ: محمد بن عثيمين –رحمه الله- عن سؤال مشابه لسؤالك، فإليك السؤال والجواب:
سـ/ ما حكم الصلاة خلف الصف منفرداً؟(1/62)
جـ/ الصلاة خلف الصف منفرداً لا تجوز ولا تصح على القول الراجح، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد –رحمه الله – وإن كان عنه رواية أخرى أنها تصح وهو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك، وأبي حنيفة، والشافعي.
ولكن الراجح أنها لا تصح خلف الصف منفرداً إلا إذا تعذر الوقوف في الصف بحيث يكون الصف تامّاً، فإنه يصلي خلف الصف منفرداً تبعاً للإمام؛ لأنه معذور، ولا واجب مع العجز كما قال أهل العلم – رحمهم الله – وإذا كان الرسول - عليه الصلاة والسلام- جعل المرأة تقف خلف الصف منفردة عن الرجال للعذر الشرعي، وهو عدم إمكان وقوفها مع الرجال، فإن العذر الحسي أيضاً يكون مسقطاً لوجوب المصافة، وذلك لأنه في هذه الحال إذا لم يجد الرجل إلا موقفاً خلف الصف منفرداً فإما أن يصلي منفرداً خلف الصف مع الإمام، أو يصلي منفرداً وحده عن الجماعة، أو يجذب واحداً من الصف ليكون معه، أو يتقدم ليصلي إلى جانب الإمام، هذه الأحوال الأربعة التي يمكن أن تكون لهذا الرجل الذي لم يجد موقفاً في الصف.
فنقول له: أما التقدم إلى الإمام حتى يكون إلى جانبه فإن فيه محذورين، أحدهما: الوقوف مع الإمام في صلاة الجماعة وهذا خلاف السنة؛ لأن الأفضل أن ينفرد الإمام في مكانه، ليكون إماماً متميزاً عن الجماعة منفرداً عنهم في المكان ليعرف أنه إمام، وأنه لا ثاني معه، ولا يرد على هذا قصة أبي بكر –رضي الله عنه– حين جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر يصلي بالناس فكان على يسار أبي بكر وأبو بكر عن يمينه انظر: البخاري (664) ومسلم (418)؛ لأن أبا بكر – رضي الله عنه- هو الإمام أولاً ويتعذر أن يرجع إلى صف وراءه لأنه متصل، فوقوف أبي بكر هنا على سبيل الضرورة.
المحذور الثاني: أنه إذا تقدم مع الإمام فإنه سوف يتخطى الصف، أو الصفين، أو الثلاثة حسب ما يجد أمامه من الصفوف.(1/63)
وفي هذه الحال – أي تقدمه إلى الإمام – يكون هناك فوات أمر مطلوب وهو أنه إذا تقدم وصلى مع الإمام، ثم دخل آخر ولم يجد مكاناً في الصف فمعناه أنه سيتقدم إلى الإمام، ويكون مع الإمام رجلان، لكن لو أن هذا لم يتقدم إلى الإمام وبقي خلف الصف ثم جاء الثاني صار صفّاً معه.
أما جذبه لواحد من الصف الذي أمامه فهذا أيضاً يترتب عليه عدة محاذير:
المحذور الأول: فتح فرجة في الصف وهذا من قطع الصف، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-:"من قطع صفاً قطعه الله" النسائي (819) وأبو داود (660) وأحمد (5724).
المحذور الثاني: أن هذه الفرجة التي حدثت في الصف فإن الغالب أن الناس يتقاربون، وحينئذ يؤدي إلى حركة جميع الصف، ولولا جذب هذا الرجل ما تحرك الصف ولبقي الناس على أمكنتهم.
المحذور الثالث: أنه ينقل صاحبه الذي جذبه من المكان الفاضل إلى المكان المفضول وفي هذا نوع اعتداء عليه.
المحذور الرابع: أنه إذا جذب المصلي فلابد أن يكون عنده فزع ونحوه مما يوجب عليه تشويش صلاته.
أما الحال الثالثة وهي: أن نقول انصرف ولا تصلِّ مع الجماعة لأن الصف تام، وحينئذ نحرمه من صلاة الجماعة، ويكون منفرداً في موقفه وفي صلاته أيضاً.
وتبقى عندنا الحال الرابعة وهي: أن نقول له: كن خلف الصف منفرداً في المكان، موافقاً في الأفعال، وهذه الأخيرة هي خير الأقسام بلا شك، فإذا كانت هي خير الأقسام فإنها تكون هي المطلوبة ونقول له: قف خلف الصف وصلّ مع الإمام منفرداً؛ لأنه معذور.(1/64)
أما قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-:"لا صلاة لمنفرد خلف الصف" أحمد (16297) بلفظ "لمفرد" أو "لفرد" وأخرجه ابن ماجة (1003) فهذا حمله من يرون أن المصافة ليست بواجبة حملوه على أنه نفي للكمال وليس نفياً للصحة، ولكن هذا الطريق ليس بصحيح؛ لأن الأصل في ما نفاه الشرع انتفاء الصحة، هذا هو الأصل إلا إذا وجد دليل على أن المراد انتفاء الكمال، فيحمل على انتفاء الكمال وإلا فالأصل أن النفي نفي للصحة.
وبهذه المناسبة: أود أن أبين أن ما ورد نفيه في النصوص فله ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون نفياً لوجوده وهذا هو الأصل، مثل: لا خالق إلا الله، هذا نفي لوجود خالق للخلق سوى الله –عز وجل- وهذا أعني نفي الوجود هو الذي يجب عليه حمل النفي أولاً؛ لأنه الأصل.
الحالة الثانية: إن لم يمكن حمل النفي على نفي الوجود، وكان الشيء موجوداً، فإنه يحمل على نفي الصحة شرعاً مثل:"لا صلاة بغير طهور" مسلم (224)، فالإنسان قد يصلي غير متوضئ وتوجد الصلاة، لكنها شرعاً منفية وهذا نفي للصحة.
الحالة الثالثة: إن لم يكن الحمل على نفي الصحة لوجود دليل يمنع من ذلك فإنه يحمل على نفي الكمال مثل:"لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان" مسلم (560) فإنها هنا محمولة على نفي الكمال، على أن بعضاً من أهل العلم يقول: إن هذا الحديث محمول على نفي الصحة إذا كان ينشغل انشغالاً كاملاً لا يدري ما يقول في صلاته فإنه لا تصح صلاته حينئذٍ.
وعلى كل حال فهذه المراتب الثلاث ينبغي لطالب العلم أن يلاحظها: أن الأصل في النفي نفي الوجود، فإن لم يمكن وكان الشيء موجوداً فهو محمول على نفي الصحة، فإن لم يمكن وكان قد قام الدليل على الصحة فإنه يكون محمولاً على نفي الكمال.(1/65)
وعلى هذا فقوله –صلى الله عليه وسلم-:"لا صلاة لمنفرد خلف الصف" أو لفرد خلف الصف هو من القسم الثاني أي مما نفيت صحته، فلا تصح صلاة منفرد خلف الصف، ولكن هذا يدل على وجوب المصافة، ووجوب المصافة عند التعذر يسقط بتعذره؛ لأن القاعدة المعروفة عند أهل العلم والتي دل عليها قوله –تعالى-:"لا يكلف الله نفساً إلا وسعها"[البقرة:286] تدل على أنه لا واجب مع العجز، وبهذا تبين أنه إذا تعذر الوقوف في الصف لكماله فإن الداخل يصف وحده ويتابع إمامه، وصلاته في هذه الحالة صحيحة.
[مجموع فتاوى ورسائل الشيخ: محمد بن عثيمين –رحمه الله- (15/193-197)].
سئل الشيخ د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية إذا كان للرجل زوجتان، وولدت إحداهما، فهل يلزم الزوج العدل في المبيت أم يسقط حق من ولدت في المبيت؟
الجواب : المراد من المبيت عند الزوجة الأنس والسكن في الدرجة الأولى، وليس المراد منه الاتصال الجنسي لا غير، وإن كان هذا الأمر مقصداً من مقاصد النكاح، قال الله –تعالى-:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21].
وقد أجمع أهل العلم على عدم وجوب الجماع على الزوج في ليلة المرأة المقسوم لها مع إجماعهم على وجوب المبيت عليه، والقسم لها من النفقة والسكنى والكسوة، وعليه يجب على الزوج المبيت عند الزوجة النفساء إلا أن تتنازل عن حقها في المبيت أو يكون العرف جارياً بينهما على عدم المبيت في حال النفاس، ويكون هذا الأمر معلوماً عند الزوجين أو الزوجات؛ لأن المقصود العدل والنفاس جارٍ على كل واحدة على حد سواء.(1/66)
سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً أنا رجل لا تكفيني زوجة واحدة وقد تهيأ لي الزواج بأخرى، وقد صارحت زوجتي بنيتي في الزواج فقالت لي: طلقني. فقلت لها: اذهبي إلى أهلك أسبوعاً أو أسبوعين، وفكِّري جيداً في الموضوع، واعلمي أني سأقدم على الزواج مهما كلَّف الثمن . فهل يلحقني إثم بسبب أطفالي إذا طلقتها ؟ أم أنها هي الآثمة وليس علي إثم إن شاء الله؟.
الجواب : أولاً : أحب أن تعلم أيها الأخ الكريم أن غضب زوجتك دليل على حبها لك، وغيرتها عليك، وهذا ما يجب أن يرفع رصيدها عندك .
ثانياً : المرأة التي لا تغار على زوجها ولا تشح به لا خير فيها له، فبادل امرأتك حبا بحب.
ثالثاً:لم يعجبني تصرفك مع زوجتك وقولك لها إني سأقدم على الزواج مهما كلَّف الثمن، فهذا إظهار لعدم أهميتها لك، وكنت تستطيع أن تفهمها موقفك بطريقة أكثر لطفاً ولباقة.
رابعا : أرى أن تشرح لها ظروفك بلطف وتفهُّم، وأن تخبرها أن خيارك هو فيما أحل الله لك، وأن لك سبباً مقنعاً وهو عدم حصول العفاف بزوجة واحدة، وأن زواجك بثانية هو بقصد إحصان نفسك وغض بصرك، وليس زهداً فيها، ولا بسبب تقصير منها، وأنك ستكون وفياً لها ما بقيت، مجتهداً في إسعادها ما حييت، وأن تذكر لها سابقتها معك، وتضحيتها من أجلك بعين التقدير .
وأنا متأكد أن امرأتك مسلمة صالحة، لن تحول بينك وبين ما أحل الله لك، ولن تدفعك بسلوكها إلى الحرام، ولن تكون عوناً للشيطان عليك. ولكن أحسن التعامل وبالغ في البر ولا تنسوا الفضل بينكم.
سئل الشيخ عبدالله بن عبدالوهاب بن سردار خطيب جامع العمودي بالمدينة النبوية ما حكم تعدد الزوجات بالتفصيل؟(1/67)
الجواب : تعدد الزوجات عمل مستحب؛ لقول الله –تعالى-:"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" [النساء:3].
فاختار الله –عز وجل- التزوج بأكثر من واحدة، فإن خاف عدم العدل تزوج بواحدة فقط، ثم إن التعدد هو السنة وعمل نبينا –صلى الله عليه وسلم- والله –عز وجل- يقول:" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" [الأحزاب:21] وقال ابن عباس –رضي الله عنهما- :"إن خير هذه الأمة أكثرها نساءً" رواه البخاري (5069) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وينبغي على العبد الذي يريد تطبيق هذه السنة أن يطبقها مع الالتزام بالضابط الشرعي حتى يكون التعدد رحمة ونعمة كما أراده الشرع، أما إذا تخلى عن الضوابط الشرعية وترك تقوى الله –عز وجل- في شأن التعدد فإنه يقع في المحاذير الشرعية والمشكلات الاجتماعية.
وأهم ضابط شرعي هو أن يعرف من نفسه أنه يعدل بين الزوجات، كما ينبغي أن يراعي أن يكون قادراً القدرة المالية على الإنفاق على زوجتين أو أكثر، ويكون قادراً القدرة البدنية على إعفاف الزوجات، ويكون قادراً القدرة الإدارية الاجتماعية بحيث يحسن عشرة الزوجات ويربي الأبناء والبنات، والله أعلم.(1/68)
سئل الشيخ د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا رجل متزوج من اثنتين والحمد الله وقد رزقني الله من واحدة ذرية ومن الأخرى لم يرزقني فهي لا تُنجب والحمد لله على نعمته وهو مقسم الأرزاق وبفضل الله أحاول بقدر استطاعتي أن أعدل بينهما وأسأل الله لي التوفيق والثبات. ولكن الآن أولادي كبروا شيئاً ما فأنا أجلس في بيتهم أكثر مما أجلس في بيت الزوجة التي لا تُنجب ولكني أبيت في بيت كل زوجة ليلة وأعدل بينهما في ذلك والحمد لله ولكني الآن أفكر أن أعطي زوجتي التي لا تنجب يوماً أبيت فيها عندها وعند بيتي الآخر يومين.
ووالله لا أفعل ذلك إلا من أجل الأولاد فقط وأنا متزوج منذ حوالي تسع سنوات وأعدل بينهما في كل شيء والحمد لله حسب ما أستطيع ولكن الآن والأولاد يحتاجونني أكثر من ذي قبل وأنا أعمل طيلة اليوم وأذهب في المساء إليهم، لذلك فكرت أن أبيت في بيت أولادي يومين وفي البيت الآخر يوماً واحدا، فما حكم هذا العمل بارك الله فيك.
الجواب :
الحمد لله وبعد فإن العدل بين الزوجات في المبيت واجب باتفاق أهل العلم ولا يسقط إلا بإسقاط الزوجة برضاها عن طيب نفس أو بنشوزها وهو عصيانها لزوجها وخروجها عن طاعته.
وإذا علم هذا فإن ما ذكر في السؤال ليس مبرراً لترك العدل، فلكل امرأة ليلة سواء كان لديها أولاد أم لا؟ .
وأما حاجة الأولاد إليك فيمكن تداركها بالمرور عليهم في النهار والنظر فيما يحتاجون، وأما المبيت والمستقر فيكون في بيت من لها القسم تلك الليلة، والله أعلم.
سئل الشيخ نايف بن أحمد الحمد القاضي بمحكمة رماح السلام عليكم.(1/69)
أنا امرأة ملتزمة ومنتقبة ومتزوجة منذ سبع سنين ولي طفلان من زوجي وأعيش حياة سعيدة جداً مع زوجي، ومنذ أسابيع قليلة فاجئني زوجي بأنه يريد أن يتزوج امرأة أخرى وطلبت الطلاق فأخبرني أن هذا لا يجوز لي لأنه لم يفعل إلا السنة كما أنه لم يقبل ذلك؛ لأنه لا يريد لأولاده أن يتربوا بعيداً عن أبويهم.
والسؤال: هل يحق لي أن أطلب الطلاق منه؟ وهل يعد ذلك طلباً للطلاق بغير بأس؟
وإذا دعوت الله ألا يرزقه مالاً حتى لا يتزوج هل أكون آثمة؟ وما نصيحتكم لي ولزوجي؟
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فقد أكرم الله تعالى الأخت السائلة بأمور منها الحجاب والالتزام والزواج والأطفال والسعادة الزوجية فهذه نعم عظيمة حُرمها كثير من النساء؛ لذا يجب على الأخت السائلة أن تحمد الله تعالى وتشكره على تلك النعم وتسأله الثبات ولا بد أن تعلم الأخت السائلة أنه يجوز لزوجها وغيره أن يتزوج زوجة ثانية إذا لم تكن المرأة قد اشترطت عليه قبل العقد ألا يتزوج عليها، وجواز التعدد مشروط بالقدرة على العدل بين الزوجات قال الله تعالى:"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا"[النساء:3] لذا ذهب جملة من العلماء إلى أن الأصل التعدد، وليس زواج الزوج بزوجة ثانية مما يبيح للزوجة الأولى أن تطلب الطلاق إلا إذا لم يعدل زوجها بينهما وقد جاء الوعيد للزوج الظالم حيث قال –صلى الله عليه وسلم-:"من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل" رواه النسائي (3942) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.(1/70)
أما الدعاء فإن الله تعالى يستجيب دعاء عبده ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم كما في صحيح مسلم (2735) لذا فإن كانت الأخت السائلة داعية فلتسأل الله تعالى أن يقنع زوجها بها ويكفيه بها ونحو ذلك، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ ناصر بن محمد آل طالب القاضي بمحكمة عرعر بسم الله الرحمن الرحيم، هل يحلّ شرعاً للرجل أن يبقي أمر زواجه الثاني سراً عن زوجته الأولى التي تشك في هذا الأمر وتطلب معرفة الحقيقة ؟ وما هو الدليل الشرعي؟ جزاكم الله عني كل خير.
الجواب : يجوز للرجل أن يبقي زواجه الثاني سراً من زوجته الأولى التي تشك في هذا الأمر، ولو طالبت بمعرفة الحقيقة لعدم وجود الدليل المانع من ذلك، والأصل أن معاملات الناس مبنية على الإباحة إلا ما حرمه الشارع، ولا أعلم دليلاً يوجب على الزوج أن يخبر زوجته الأولى بزواجه من الثانية.
وإذا طالبت الأولى بمعرفة حقيقة الأمر ولم يشأ الزوج أن يخبرها لاعتقاده أن المصلحة في عدم إخبارها فله ذلك، وقد رخص النبي – صلى الله عليه وسلم – في الكذب للإصلاح وفي أحاديث الزوجين مع بعضهما فيما من شأنه أن يعين على استمرار الحياة الزوجية على أحسن حال. انظر ما رواه الترمذي (1939) من حديث أسماء بنت يزيد –رضي الله عنها-.
سئل الشيخ د. عبد الرحمن بن علوش المدخلي عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين هل الأصل في الزواج التعدد ؟ وهل الزواج بأخرى ينبغي أن يكون بعذر.
الجواب : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:(1/71)
فإن الأصل في الزواج التعدد؛ لقوله تعالى: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا" [النساء:3]، فدلت الآية على أن الأصل هو التعدد، وهذه القضية ثابتة شرعاً وعقلاً، فإن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، سيما إذا حدثت حروب وغيرها، وليس شرطاً أنه لا يعدد إلا من كان له عذر في ذلك؛ لأن التعدد أبيح بدون شروط إلا شرط العدل، والعدل المقصود في الآية هو في الأمور الظاهرة المقدور عليها كالقسم في المبيت، والعدل في النفقة والتعامل، وأما الميل القلبي فلا يشترط فيه ذلك لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك". رواه أبو داود (2134)، والترمذي (1140)، والنسائي (3943)، وابن ماجة (1971) من حديث عائشة –رضي الله عنها-.
أما إذا كان الإنسان متيقناً أنه سيظلم إحدى زوجاته ويضر بها ولا يعطيها حقوقها؛ فإن التعدد يكون في حقه حراماً؛ لقوله تعالى: " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" [النساء: 3].
وأما إذا كان الإنسان يخشى على نفسه الوقوع في الفاحشة لمرض زوجته الأولى، أو عدم قيامها بحقه، أو كبرها أو غير ذلك؛ فإن التعدد يكون في حقه فرضاً واجباً والله أعلم.(1/72)
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا أعيش في إحدى الدول الغربية وأريد أن أتزوج زوجة ثانية، لكن المرأة الثانية تخشى أن يكون زواجنا فيه مخالفة شرعية؛ لأنه مخالف لأنظمة الدولة التي تحظر تعدد الزوجات، وتقول إن الأئمة الأربعة أشاروا إلى وجوب اتباع أنظمة مكان إقامة الشخص. فما الحكم الشرعي الصحيح في هذه الحالة؟ وهل يجوز أن نتزوج؟ مع العلم أن هناك كثيرين معددين هنا.
الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
نعم! المسلم المقيم في بلاد الكفار مأمور ألا يخالف أنظمتها، إلا إذا أمرتْ بمعصية، أو نهتْ عن طاعة واجبة، فحينئذ لا نقول: تجوز مخالفته فحسب، بل تجب مخالفته ولا يجوز اتباعه إلا في حال الاضطرار والإكراه، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأما ما لا يمنع من واجب، ولا يأمر بمعصية، ولكنه يحرم الإنسان من رخصة شرعية – كالتعدد مثلاً- فيجوز له مخالفة نظامهم والتحايل عليه، بشرط أن تكون المصلحة فيه راجحة، ولا يترتب عليه إضرار بالآخرين، ولا تعريض للنفس إلى المخاطرة والعقوبة التي قد لا يحتملها الإنسان.
فزواج المسلم بزوجة ثانية في ذلك البلد الكافر الذي يعج بمظاهر الفتنة والفواحش فيه مصلحة راجحة ولا شك، وهي تحصين فرجه وإعفاف نفسه عن الحرام، وليس في تحقيق هذه المصلحة الراجحة مفسدةٌ ولا مضرةٌ على الآخرين.
وما كان من قبيل هذه الصورة – أعني ما فيه مصلحة دينية راجحة لا يترتب على تحقيقها أي مفسدة أو مضرة للآخرين- فلا يلزم المسلم التزام النظام الذي يمنعه ما دام أن الشرع قد رخَّص فيه.(1/73)
بيد أنى أنصح الأخ أن يتأمل الأمر جيداً ويقدِّر العواقب، فلا يقبل عليه إلا إقبال المتأمل المتبصِّر، لا المتعجل غير المبالي، فمسألة نسبة أولاده إليه من الثانية في السجل المدني في ذلك البلد كيف ستكون؟! وهل تحايله على النظام بنسبتهم إليه من زوجته الأولى لا تترتب عليه إشكالات في مستقبل أولاده أولئك؟!
الأمر يحتاج إلى تأني وتأمل، اللهم إلا إذا كانت زوجته الثانية عاقراً لا تلد، فالأمر عندئذٍ أهون .
وفقك الله لكل خير، وأعانك على إعفاف نفسك وتحصين فرجك.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد أنا شاب أريد التزوج بثانية لحاجتي لذلك ...قال الله -تعالى-: "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله"، وقد أورد الإمام البخاري حديثاً تحت باب (جواز تزويج الفقير) فهل إقدامي على الزواج وأنا فقير مبتغيا الرزق من الله ينافي التوكل؟ وهل فعل ذلك مع عدم رغبة الوالدين واسترضائهما فيما بعد يوقعني في الإثم ؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده : أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(1/74)
معنى الآية لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة "إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله" [النور:32] وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاماً من معاصيه، قاله القرطبي قال ابن مسعود :التمسوا الغنى في النكاح وتلا هذه الآية، وقال عمر رضي الله عنه : عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح ، قال القرطبي 12/160 المراد غنى النفس، وقيل المعنى: يغنيهم الله من فضله إن شاء ، وقيل المعنى: إن يكونوا فقراء إلى النكاح يغنهم الله بالحلال ليتعففوا عن الزنا ،والأخبار في أن النكاح سبب الغنى كثيرة قال في روح المعاني: ولغنى الفقير إذا تزوج سبب عادي وهو مزيد اهتمامه في الكسب، والجد التام في السعي، حيث ابتلي بمن تلزمه نفقتها شرعا وعرفا وينضم إلى ذلك مساعدة المرأة له وإعانتها إياه على أمر دنياه..... وعلى أي حال نأمل أن تكون زوجتك التي تزوجت هي سبب غناك.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ عبد الله بن سليمان المخلف القاضي بالمحكمة الكبرى في المدينة النبوية بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي هو: إذا تزوج زوج على زوجته، فطلبت الزوجة الأولى منه إعطاء ليلتها إلى الزوجة الثانية مع بقاء زوجها مع أبنائه في النهار، وهى صغيرة في السن، وفعلت ما فعلت بدافع الغيرة الشديدة جداً، وهي تعلم جيداً أنها لو بقيت مع زوجها فستكون حياتهما جحيماً، أو أنها طلبت الطلاق، فأي الحلين أفضل؟ وما شرعيتهما في الإسلام؟
أفيدوني أفادكم الله، وفتح عليكم أبواب رحمته.
الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(1/75)
للمرأة أن تتبرع بليلتها لجارتها إذا رأت أنه لا قدرة لها على المعاشرة بالمعروف، وخشيت من الوقوع بالإثم، ولكني أنصحها بأن تلح على الله بالدعاء أن يخفف غيرتها، وأن ترضى بقضاء الله وقدره، لتسعد في دينها ودنياها، وحتى لا يغويها الشيطان في الوقوع بالمحرم، وربما إذا صبرت وأحسنت إلى زوجها كسبته ونالت رضاه، وهو من أبواب الجنة لها حيث قال – صلى الله عليه وسلم-:" فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك" رواه أحمد(19003) من حديث الحصين بن محصن –رضي الله عنه- وقال – صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد(1661) من حديث عبد الرحمن بن عوف –رضي الله عنه- فاتقي الله، وجاهدي نفسك على طاعة الله، وتعاوني مع زوجك على تربية الأبناء على منهج النبوة واقرئي سير نساء الصحابة وأمهات المؤمنين – رضي الله عنهن-، ومن بعدهم لتكون لك قدوة وأسوة بالخير. والله أعلم.
6- مسائل متفرقة في عشرة النساء
سئل الشيخ عبدالله بن عمر السحيباني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية زوج يطلب من زوجته إطالة أظافرها، وهي ترفض ذلك، وتحاول أن تقنعه بأن قص الأظافر من سنن الفطرة، ولكنه يقول إن هذه سنة ولا تأثمي بتركها، وللعلم فهو يرد كثيراً من السنن، بحجة أنها سنة لا نأثم بتركها، أو بفعل المنهي عنه، ماذا أفعل لكي أقنعه؟ وهو يسبب لي مشكلة نتيجة قص أظافري، أرجو منكم الرد.
الجواب : ليس للزوج أن يأمر زوجته بما يخالف الشرع المطهر، وليس للزوجة طاعته في ذلك، فإن كان أمر الزوج لها بفعل شيء محرم، فإنه يحرم عليها طاعته، فإن ألزمها بعقابها على ذلك، كان الإثم عليه.(1/76)
وإن كان هذا الفعل لا يصل إلى حد المحرم؛ كترك قص الأظفار، فالأولى للزوجة أن تحاول إقناع الزوج بأن ما يأمر به من إطالة الأظفار مما يخالف السنة بل سنن المرسلين، وهو أيضاً يخالف الفطرة، كما جاء في الحديث، وربما يكون سبباً لاجتماع الأوساخ التي تنتج عنها الأمراض، وربما يمنع من وصول ماء الطهارة إلى ما تحتها، وقد تبقى فيها بعض النجاسات، ولذا جاء في الحديث الصحيح عند مسلم(258) وغيره عن أنس – رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم-:"وقت في تقليم الأظفار، أن لا تترك أكثر من أربعين يوماً".
قال أهل العلم: (وذلك هو نهاية ما تترك إليه، لا أنها تترك كل ذلك الوقت)، على أن إطالة الأظفار قد تكون ممنوعة إذا كانت إطالتها تؤدي إلى التشبه بالكافرات للنهي عن ذلك، والذي ينبغي للسائلة أن تلتزم بالسنة في نفسها، وتحرص على هداية زوجها، وتعليقه بالسنة وترغيبه فيها بأسلوب مقبول، مع الاجتهاد والدعاء لها ولزوجها بالهداية والصلاح.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لم أنجب منذ تزوجت وحملت مرة واحدة وسقط الجنين وزوجي يرفض قيامي بتلقيح صناعي ويدعوني للصبر وأنا كبرت وأصبح عمري 29 سنة، وأنا أصلي وأصوم وأزكي وأدفع الصدقات وأكفل الأيتام لعل الله أن يكشف بها الضر عني، سؤالي: لو أني قمت بالتلقيح الصناعي بأخذ الحيوانات المنوية من زوجي على اعتبار الفحص، وطلبت من الدكتورة تلقيحي بها، هل يعتبر ذلك حراماً؟ علماً أنها ستتم دون علمه. وجزاكم الله خيراً.
الجواب : الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(1/77)
فالجواب: هو أنني لا أرى أنه يحق لك أن تقومي بما ذكرت من التلقيح الصناعي بدون علم زوجك، بل عليك أن تستأذنيه في ذلك، فإن رفض فعليك أن تبعثي شفيعاً (وسيطاً) من قرابته يشير عليه ويرغبه بما ذكرت ويُبين له أن المصلحة تعود على الطرفين مستقبلاً بمشيئة الله تعالى، وأن لكل منكما حقاً في الإنجاب وفعل الأسباب المؤدية إليه، هذا وإذا تمت موافقته فعليكما أن تعلما أنه يلزم ما يأتي:
(1) أن يقوم بهذا التلقيح امرأة طبيبة مسلمة ثقة فإن لم يحصل فلو غير مسلمة ثقة فإن لم يتيسر فطبيب ثقة مسلم فإن لم يتيسر
فلو غير مسلم ثقة.
(2) يلزم أخذ الاحتياطات اللازمة لعدم اختلاط النطف وعدم الاحتفاظ بالمني في الثلاجات بل إجراء التلقيح فور أخذه من الزوج وإعطائه للزوجة.
هذا ما قرره علماء الشريعة الإسلامية، وأنصحكما بالاطلاع على مؤلف للدكتور: محمد علي البار والموسوم بـ (أخلاقيات التلقيح الصناعي)، فقد نقل كلام علماء الشريعة حول التلقيح الصناعي ما يجوز منه وما لا يجوز، والله أعلم.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السؤال : هل يجوز أن تكون العصمة بيد المرأة (النساء)؟
الجواب : العصمة بيد الرجل فيما بين الزوجين، فهو الذي بيده عقدة النكاح وبيده الطلاق وهو القيمِّ على المرأة وليس بيد المرأة شيء من ذلك، قال – تعالى -:" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " [النساء : 34] وقال تعال: " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح "[البقرة : 277]. وقد جاء في الحديث أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، انظر ما رواه الدارقطني في سننه (3/279) والبيهقي في السنن الكبرى (7/251) وقال ابن كثير: الذي بيده عقدة النكاح حقيقةً الزوج فإن بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها . انتهى(1/78)
هذا وإن كان السائل يقصد بسؤاله الولاية للنساء فقد جاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " أخرجه البخاري (4425). والله أعلم .
سئل الشيخ سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد منَّ الله علي بعد عشر سنين من الزواج بطفلة رزقني إياها عن طريق عملية طفل الأنابيب، وحينها أشار علي بعض الإخوان بتجميد ما تبقى لدينا من أجنة؛ وذلك لما نلاقيه من تكاليف تكرار عملية طفل الأنابيب مادياً وصحياً، حيث تضطر الزوجة لأخذ كميات كبيرة من الإبر لإجراء عملية لسحب البويضات، ولكن علمت فيما بعد أن مجمع الفقه الإسلامي لم يجز تجميد الأجنة؟! فهل هذا صحيح؟ وما السبب في ذلك؟ وماذا علينا الآن وقد احتفظنا ببعض الأجنة المجمدة في المستشفى؟ هل نتخلص منها أم نزرعها أم ماذا؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً.(1/79)
الجواب : لإجراء عملية طفل الأنابيب لابد من توفر الضوابط الشرعية لإجرائها، وذلك بأن تجرى تحت أيدي الأطباء العدول الثقات، وضمن إجراءات طبية مشددة تمنع اختلاط النطف، وتكون بين الزوجين في أثناء الحياة الزوجية فإن هذه العملية جائزة، ومن الشروط الاقتصار على محل الضرورة، وذلك بأن تستخدم هذه البويضات وهذه النطف في إجراء هذه العملية، والقاعدة: أن ما جاز لعذر يبطل بزوال هذا العذر، كما أن تجميد هذه النطف سواء كانت بويضات أو حيوانات منوية، أو بويضة ملقحة لا يجوز، لأن ذلك يؤدي إلى اختلاطها بغيرها مع الوقت، ولأنه لا توجد أي رقابة مشددة على هذه المراكز، وقد تختلط بغيرها إما على سبيل الخطأ وإما على سبيل العمد، ولأنه قد ثبت في حوادث متكررة حصول اختلاط هذه النطف بغيرها، وما ذكرته السائلة من وجود الحاجة الملحة إلى ذلك، يجاب عنه: أن الضرر المترتب على تجميد هذه النطف أعظم من الضرر المترتب على عدم التجميد، فيقدم الضرر الأعلى وذلك بإتلافها، والواجب بعد الانتهاء من هذه العملية إتلاف ما زاد على ذلك، ولا يجوز الاحتفاظ بشيء منها بعد ذلك، وعلى هذا خرجت فتوى مجمع الفقه الإسلامي، وكذلك المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وغيرها من الفتاوى، وهذا القول هو الذي دلت عليه الأدلة، ومن ذلك قاعدة سد الذرائع، حيث يترتب على تجميد هذه النطف مفاسد عظيمة فتدرأ هذه المفاسد بمنع تجميدها، وكذلك الأصل أن هذه العملية جائزة للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، والأمر الآخر: أن الاحتفاظ بها يؤدي إلى اختلاطها بغيرها، إما على سبيل الخطأ أو العكس.(1/80)
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية متزوج منذ تسع سنوات ولم أرزق بالذرية، وبعد المراجعات العديدة والكشوفات ذكر الأطباء أنه لا يوجد علاج من أجل الإنجاب إلا التلقيح المجهري -بإذن الله تعالى-، ووجدنا دكتورة متخصصة في هذا المجال لتراجعها زوجتي وتقوم بالعملية، ولكن غرفة العمليات لا تخلو من رجال، حيث يكون هناك طاقم طبي من نساء و رجال للقيام بالعملية، فهل يجوز من ناحية شرعية القيام بهذه العملية؟ حيث يتم فيها كشف العورة والوجه، هل يكون لنا حكم المضطرين؟ أفيدونا مأجورين.
الجواب : الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الجواب: أنه إذا دعت الحاجة إلى التلقيح فليعلم أنه يجب أن يكون التلقيح بماء الزوج وأن كل وسيلة تستخدم للإنجاب خارج نطاق الزوجية أو ملك اليمين باطلة ولاغية شرعاً.
فاستعمال أي طرف ثالث في وسائل الإنجاب يعد باطلاً وغير شرعي، والمقصود بالطرف الثالث ما يلي:
(أ) نطفة ذكرية من شخص غير الزوج.
(ب) بويضات (نطف أنثوية) من غير الزوجة.
(ج) لقيحة جاهزة من نطفة رجل غريب وامرأة غريبة.
(د) استخدام رحم امرأة لحمل اللقيحة المكونة من نطفة الزوج ونطفة الزوجة (البويضة)، وإذا كانت المعالجَة امرأة فالذي يقوم بالعلاج متخصصات من النساء دون الرجال؛ لأن في هذه العملية كشف العورة، وإذا دعت الضرورة إلى اشتراك الرجال معهن -كما ورد في السؤال- فلا مانع شرعاً، والله أعلم .
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي ما هو المعروف الذي أمر الله سبحانه وتعالى الأزواج به في الآية الكريمة "وعاشروهن بالمعروف"؟ وجزاكم الله خيراً.(1/81)
الجواب : المعروف كل ما عُرف في الشرع حسنه، والمنكر كل ما عُرف في الشرع قبحه، وهذا بالنسبة للزوجة يشمل المعاشرة القولية والفعلية وحسن المعاملة، والقيام بما أوجب الله –جل وعلا- من النفقة بالمعروف على حسب حال كل منهما، وبحسب العرف السائد في الزمان والمكان اللذين هما فيهما.(1/82)
قضايا المرأة
1- مكانة المرأة ووظيفتها في المجتمع الإسلامي
سئل الشيخ عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
هل صحيح أن الرجل أفضل من المرأة من حيث الأصل والخلقة؟ (حيث إن لي زميلاً متديناً في العمل يقول بذلك)، أرجو التفصيل في ذلك بالتوسع في الأدلة التي تؤكد أو تنفي ذلك.وجزاكم الله كل خير.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن القرآن الكريم لم يميز بين الرجل والمرأة من حيث أصل الخلقة والتكوين، "يا أيُّها النَّاس اتقوا ربَّكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها" [النساء: 1].
ولم يفرق في شيء من نصوص الكتاب والسنة بين الرجل والمرأة من هذه الناحية، اللهم إلاّ تلك الاختلافات التي تتعلق بالجوانب العضوية والنفسية، وهذا شيء لا فضل فيه للرجل على المرأة، لأن الله تعالى خلق كلاً منهما لوظيفة معينة، ووهبه الخصائص التي تساعده على أداء مهمته. كما فرق في ذلك بين جميع مخلوقاته ممن جعل فيهم زوجين. والتفريق بينهما من هذه الناحية هو ما كرسته الكتب السماوية المحرفة.
وقد ساوى بينهما القرآن من حيث التكريم قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم" [الإسراء: 70]، ومن حيث أصل التكليف، وإن اختلفا في بعض التكاليف الشرعية لحكم قدرها العزيز الحكيم.
وفُضِّل جنس الرجال على جنس النساء في الجملة، إذ جعل الله في الرجال النبوة والإمامة والولاية والقوامة والنفقة والجهاد دون النساء، وهذا لا يعني أن كل رجل هو أفضل من كل امرأة، فرب امرأة هي أفضل من صاحب الإمامة والولاية، ولا يقطع في هذا الباب على التعيين إلا بتقديم الأنبياء لمقام النبوة، والخلفاء لإجماع أهل السنة على ذلك، وهذا من باب أن جنس الملائكة أفضل من جنس البشر على أحد القولين، وهو لا يعني أن كل ملك أفضل من كل إنسان. والله أعلم.
2- زينة المرأة(1/1)
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
ما حكم قصِّ شعر الحواجب وليس نتفها ؛ وذلك لكثافة الحواجب ؟
الجواب : لا يجوز أخذ شيء من الحواجب ، لا بقصًّ ولا نتفٍ ولا حفٍّ ؛ لأن هذا من النّمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فَعَلتْه ، فهو من الكبائر .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
فتاوى اللجنة الدائمة ( الجزء السابع عشر صـ 132) .
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز للزوجة أن تذهب إلى الأندية الصحية غير المختلطة للمحافظة على جمال جسدها، وإزالة الترهلات المصاحبة لها بعد الولادة؟ والقصد من ذلك هو التجمل للزوج فقط.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فيجوز لزوجتك أن تذهب إلى تلك الأندية الصحية غير المختلطة لأجل محافظتها على جمال جسدها...إلخ.
بل هي مأجورة –إن شاء الله- إذا احتسبت في ذلك النية، فقصدتْ التزين لك، وإعفافك عن الحرام بترغيبك فيما أحل الله لك.
ولكن يجب عليها الحذر من كشف عورتها ولو بحجة التزين والتجمل، وأن تحافظ على إقامة الصلاة في وقتها.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
فضيلة الشيخ ما حكم ذهاب المرأة إلى طبيب الجلدية لإزالة خال- مثل النقطة- في أنفها من أجل التجميل أفيدونا مشكورين.
الجواب :(1/2)
إذا كان وجود هذا الخال يسبب تشوهاً لها أو أذى نفسياً فلا مانع من إزالته، لأنه ضرر والضرر يزال، كما ورد في النص الشرعي، ويجب عليها أن تتعالج عند طبيبة لا طبيب إن أمكن، فإن لم يمكن جاز ذهابها للطبيب مع محرمها، على نحو ما تقدم، لكن لا يكشف من بدنها إلا ما يحتاج إلى كشفه، لأن ما جاز للضرورة أو الحاجة أبيح بقدرها، والله أعلم.
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى السلام عليكم.
أنا دائماً ألون شعري وهو في الأصل أسود وليس به شيب والآن أريد أن أعيده إلى الأسود وعلمت كراهة الصبغ بالأسود لحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- لتغطية الشيب، فما الحكم؟ علماً أني محجبة ومتزوجة ولله الحمد.
الجواب :
لا بأس بالصبغ بالسواد للمرأة، وأما النهي الوارد فهو في حق الرجال خاصة، حيث أن المرأة مطلوب منها الترين للرجل، وهذا من الزينة، ولذلك شرع لها الزينة بجعل الحناء في اليدين والرجلين ولبس الحلي وغير ذلك، وهذا أمر ممنوع منه الرجل، ثم أيضاً في النهي الوارد للصبغ بالسواد للرجال في هذا النهي مقال من جهة السند ولذلك ذهب بعض المحققين من أهل العلم إلى جواز الصبغ بالسواد للرجال، والله تعالى أعلم.
سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً هل يجوز تشقير الشعر الزائد بين الحاجبين
لاخفاءه بدل ازالته؟
الجواب :
تشقير الحواجب جائز ، ورسمها كذلك جائز إذا لم يصاحبه نتف شيء منها، وهو النمص .
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي هل يجوز للمرأة أن تصل شعر رأسها بخيط مستعار -ليس من الشعر- وذلك من أجل التجمل؟ وهو عبارة عن خيط عادي تماماً مما يستخدم في خياطة الأحذية الجلدية.
الجواب :(1/3)
وصل الشعر بخيط للربط والتجميل لا بأس به، وذلك لأن النهي في قوله –صلى الله عليه وسلم-:"لعن الله الواصلة والموصولة" رواه البخاري (5941) واللفظ له، ومسلم (2122)، وفي رواية:"الواصلة والمستوصلة" المراد به –والله أعلم-: الواصلة التي تصل شعرها بشعر غيره، كما فسر ذلك الإمام النووي –رحمه الله تعالى
سئل الشيخ أ.د.حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ما حكم الكحل السائل الذي يوضع على رموش العين؟ وهل يمنع وصول الماء إلى الشعر؟ وإذا منع وصول الماء إلى الشعر، فما حكمه؟
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أقول وبالله التوفيق والسداد:
يسن الاكتحال وتراً في كل عين قبل النوم، والوتر ثلاثة في العين اليمنى وثلاثة في اليسرى، وذلك لرواية ابن عباس –رضي الله عنهما- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- "أنه كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام، وكان يكتحل في كل عين ثلاثة أميال" الترمذي (2048).
أما الاكتحال بالسائل الذي يوضع على رموش العين فهو على خلاف السنة، كما أنه يمنع وصول الماء إلى الشعر عند الوضوء، فيلزم تجنبه، والله أعلم بالصواب.
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الرجاء الإفادة عن حكم الوشم غير الدائم، وهو ما يبقى لمدة عامين ويذهب، وهو عبارة عن لون يوضع في الشفتين أو في العينين لمدة سنتين ويزول بعد ذلك، هل حكمه حكم الوشم الدائم، الرجاء الإجابة ولكم جزيل الشكر وفقكم الله؟
الجواب :(1/4)
هذا من الأمور المحرمة التي نهت عنها الشريعة، ولعنت فاعلها كما جاء في الحديث الصحيح: "لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة" أخرجه البخاري (5933) ومسلم (2127) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، والمذكور في السؤال داخل في المنهي عنه؛ لأن النهي لم يرد فيه تفصيلُ بين ما يبقى أبداً، وما يزول بعد سنة أو سنتين، ويستوى في ذلك الرجال والنساء، وإنما ورد اللعن للنساء؛ لأنّ الغالب حصول الوشم والنمص والوصل للشعر من النساء.
سئل الشيخ د. زيد بن سعد الغنام عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حكم قص الشعر مدرجاً (ما يسمى بالشلال)، وهل يدخل ضمن القزع؟ علما ًبأن القصة طويلة إلى الكتفين أو أطول. وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
يجوز ذلك بشرط ألا يكون تشبهاً بالكافرات أو يصل إلى درجة التشبه بالرجال، وليس ذلك من القزع المنهي عنه؛ لأن القزع حلق بعض الرأس وترك بعضه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سئل الشيخ د. سليمان بن صالح الغيث عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي الكريم أنا لدي ذهب وعليه رسوم مثل وجه امرأة وأسد وأشياء من هذا القبيل، فهل يجوز لي لبسه أم لا؟ وجزاكم عني الله كل خير.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:(1/5)
ما ذكرته السائلة من وجود رسوم على ذهب لديها مثل وجه امرأة أو أسد فهذا الذهب لا يجوز لبسه ولا اقتناؤه ولا بيعه ولا شراؤه، حيث إنه داخل في باب التصوير، وقد شدد المصطفى – صلى الله عليه وسلم – في هذا الباب فقد روى البخاري (5347) من حديث أبي جحيفة –رضي الله عنه- قال: "لعن النبي –صلى الله عليه وسلم- الواشمة ...ولعن المصورين" وقال –صلى الله عليه وسلم- : "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله" كما في حديث عائشة – رضي الله عنها – الذي رواه البخاري (5954)، ومسلم (2107)، ومعنى يضاهئون : أي يشابهون. كما ورد أن المصور يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في نار جهنم ... الخ، ما ورد من الوعيد الشديد للمصورين والمصورات والذي أنصح به السائل وأرشدها إليه هو ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – لأبي الهياج الأسدي – رحمه الله – حيث قال له: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ألا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته رواه مسلم (969).
فعلى السائلة الكريمة وفقنا الله وإياها لكل خير أن تذهب لصائغ ليطمس هذه الرسوم التي في تلك القطع التي لديها، وعليها أن تتقي الله ولا تشتر مثل هذه القطع التي عليها صور، فقد ورد في الحديث: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة" رواه البخاري (3225)، ومسلم (2106) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فضيلة الشيخ: لقد كثر في الأونة الأخيرة استعمال النساء لزيت الحشيشة في غسل شعر الرأس، فما حكم ذلك؟.
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:(1/6)
ما يعرف بـ(الحشيش) هو نبات القِنَّب، ومن قمته النامية (الزهرة أو الثمرة) تستخرج مادة (الراتنج) المخدِّرة بالترشيح أو الطحن أو التقطير.
فالحشيش في أصله نبات طاهر، ولا يكون مخدراً إلا بعد المعالجة. كذا الزيت، فهو في نفسه طاهر مستخرج من مادةٍ طاهرةٍ، وهو غير مخدِّر ولا مفترٍ، فيجوز اقتناؤه وغسل الشعر به، ما لم يضف إليه مسكرٌ أو مفتِّر.
ومتى ما ثبت أن تناول هذا الزيت بوجه ما يُسكر أو يفتر، فإنه لا يجوز اقناؤه ولو بغرض غسل الشعر به؛ لأن ذلك ذريعة للسكر به.
وللتوضيح أكثر؛ فإن الزيت المستخرج من نبات الحشيش نوعان:
النوع الأول: زيت الحشيش المستخرج بواسطة التقطير عدة مرات للراتنج الموجود على الازهار المؤنثة وكذلك القنابات او الوريقات المحيطة بالازهار.
وهذا الزيت يتميز بلزوجته ولونه الذي يميل الى السواد، وهو غال جداً( الـ 100مل تقدر قيمتها بـ 10000 ريال) ؛ لانه يحتوي على كمية كبيرة من المادة المهلوسة او المهيجة الخاصة بالحشيش.
النوع الثاني: الزيت المستخرج من بذور ثمار الحشيش بطريق العصر وليس بطريقة التقطير، ولا يحتوي على المادة الراتنجية المهيجة.
وهذا النوع من زيت بذرة الحشيش غنيٌ جداً بالاحماض الدهنية، ويدخل هذا الزيت في صناعة مستحضرات التجميل ودهان الشعر، ولا يحتوي زيت بذر الحشيش على أي مادة من المواد المهيجة الموجودة في رايتنج الازهار المؤنثة للحشيش.
ويقترح بعضهم أن يكون اسم زيت الحشيش المستخرج من بذور نبات الحشيش ـ والمتداول بين الناس الآن ـ "زيت بذر الحشيش". وهذا الاسم هو المعروف في الدول الاوروبية حيث يسمونه "Cannabis See Oil" أو Hemp Seed Oill وكلمة Hemp تعني الحشيش .
(وللاستزادة في هذا ينظر : جريدة الرياض ، الثلاثاء 2/9/1424هـ ، العدد 12912).(1/7)
على أنه تقتضينا النصيحة لعامة المسلمين أن ننبه إلى أن زيت الحشيش المنتشر في الأسواق يكثر فيه الغش والتدليس، وقد مُنع استيراده للمملكة مؤخراً لأسباب أمنية.
وقد صرحت لجريدة الرياض ( العدد 12871، والتاريخ 20/7/1424هـ ) ريئسة قسم النباتية والبحوث في المختبر المركزي للأدوية والأغذية في وزارة الصحة بالسعودية الصيدلانية هيا الجوهر: بأن الزيت المباع في الأسواق المحلية تحت اسم زيت الحشيش هو نوع من الغش والتدليس والاستغلال لما عرف عن زيت بذرة الحشيش من فوائد بالنسبة للجلد والشعر، وذلك لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين (25-30%)، مشيرةً الى ان المختبر المركزي للأدوية والأغذية قام بتحليل عينات من هذا الزيت (المعروض في الأسواق على أنه زيت لبذرة الحشيش)، وثبت خلوه من اي اثر لفوائد وبروتينات ـ أي أنه مغشوش؛ لأنه لو كان ـ فعلاً ـ هو زيت بذرة الحشيش لما ثبت خلوه من البروتين.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ أ.د.حسين بن خلف الجبوري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ما حكم تحديد الرموش للنساء وتخفيفها؟ وهل هو من النمص؟.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:(1/8)
فأقول وبالله التوفيق والسداد، الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان فأحسن خلقه ومظهره، وكرمه بهذا الحسن على سائر المخلوقات، فلا يجوز شرعاً تغيير هذا الخلق؛ لأنه تغيير لخلق الله تعالى، وكأنه بهذا التغيير غير راضٍ عن خلق الله له، لذا لا يجوز للمسلم والمسلمة تغيير خلق الله تعالى من زيادة الرموش للنساء على أهداب العيون إطالة أو تقصيراً أو تفريقاً، فهو محرم شرعاً لقول الرسول – صلى الله عليه وسلم –: "لعن الله الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة" رواه البخاري (5937)، ومسلم (2124) من حديث عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما-، وحالة الرموش أقرب للوصل من النمص وكلاهما محرم، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ينهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة إلا من داء" أخرجه بهذا اللفظ أحمد في مسنده
(3945)، وغيره.
لذا لا يجوز تغيير خلق الله تعالى، إلا إذا أصاب الإنسان حادث أو مرض فأدى ذلك إلى تشوه فيجوز عندئذ معالجة هذا التشوه، هذا والله أعلم بالصواب.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حكم لبس الرموش الصناعية بقصد التجمل للزوج؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا يظهر ما يقتضي تحريم التزين بالرموش الصناعية عند الزوج؛ وليس هذا التزين من التدليس في شيء.
وليست هي في معنى وصل الشعر الذي نهى عنه النبي –صلى الله عليه وسلم-، كما في حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى فتمرق رأسها وزوجها يستحثني بها أفأصل رأسها فسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة. رواه البخاري (5935) ومسلم (2122)؛ فالممنوع وصله هو شعر الرأس.(1/9)
وليست هي من قبيل تغيير خلق الله؛ لأن تغيير خلق الله المنهي عنه هو أن يعمل في الجسد عملاً يُغير من خلقته تغييراً باقياً، كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، حكى هذا الضابط القرطبي في تفسيره (5/393) عند تفسير آية النساء (119).
وأما التغيير الذي لا يكون باقياً، كالكحل والخضاب وصبغ الشعر، فلا يدخل في النهي. ولكن قد يُنهى عنه لمعنى آخر غير (تغيير خلق الله) كالتدليس مثلاً، وهو ظاهرٌ في مسألة وصل الشعر.
والتزين بالرموش الصناعية فيه شيء من التدليس، فلا أرى أن تلبسه لغير زوجها.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد يستخدم النساء الأفريقيات كريماً لتلميس الشعر وجعله ناعماً، حيث يقال إن هذا الكريم يقوم بحرق أو كي الشعر، فهل يجوز استخدام هذا الكريم، حيث إننا لا ندري ما إذا كان يكوي الشعر فقط أم أنه يغلفه بمادة عازلة كما يفعل الميش؟ مع العلم أنه قد انتشر استعماله في المجتمع السعودي بين النساء خاصة.
الجواب :
إذا كان هذا الكريم يمد الشعر ويجعله ناعماً فقط، ولا يغلفه بمادة عازلة تمنع من وصول الماء إليه جاز استخدامه، وإن كان يكون طبقة عازلة بحيث تمنع وصول الماء عند مسح الرأس أو غسله لم يجز استعماله لهذه العلة.
فإذا كان الإنسان لا يعلم حال هذا الكريم فإنه يتوقف عن استعماله حتى يتأكد من حاله، والله أعلم.
سئل الشيخ د. رشيد بن حسن الألمعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد صديقة لي أهدت إلي قلادة عليها صليب عندما عادت من روما، وقامت بغمس هذه القلادة للبركة في الماء المقدس في الفاتيكان، وهو صليب صغير الحجم عليه المسيح، وأنا في حيرة من أمري أيحل لي الاحتفاظ به أم لا؟ أنا مسلمة ملتزمة، ولن ألبسه، لكنني أريد أن أعرف هل يجوز الاحتفاظ به كهدية أو أعطيه لشخص نصراني؟ أثابكم الله.
الجواب :(1/10)
أولاً: يجب العلم أنه ليس على وجه الأرض ماء فيه بركة مدركة إلا ماء زمزم، لما ثبت فيه من الأحاديث الصحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم-،ولا يجوز اعتقاد بركة هذا الماء المزعوم قدسيته ، إضافة إلى أنه من شعائر دين النصارى.
وهذه القلادة يجوز استعمالها والاحتفاظ بها بشرطين:
الأول: عدم اعتقاد بركتها أو قدسيتها، وإنما اعتبارها مجرد حلية وهدية.
الثاني: طمس هذا الصليب الذي فيها بحكه وإزالته؛ لأن الصليب من شعائر النصارى، وقد جاء شرعنا بمخالفتهم وتكذيب باطلهم في دعواهم صلب عيسى بن مريم -عليه السلام-، قال تعالى: "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم..." [النساء:157]
ويدل على وجوب نقض وطمس كل علامة صليب ما جاء في البخاري (5952) وأبي داود (4151)، والإمام أحمد (23740) من حديث عائشة –رضي الله عنها- قالت: "لم يكن يترك رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه"، وفي رواية: "تصليب"، وعند أبي داود: "قضبه" بالقاف والضاد، أي: "قطعه وأزاله". والله أعلم.
سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد هل من الحرام زرع شعر الحواجب؟ لأن شعرها مشتت وقليل، ويوجد فواصل كثيرة بين الشعرة والأخرى.
الجواب :
إذا كان شعر الحواجب قليلاً ومتناثراً، وكان ذلك يسبب حرجاً وأذى لصاحبه، فلا بأس بزرع بعض الشعر في الحاجب، حتى يعود الشعر إلى حجمه الطبيعي، وتكون هذه الزراعة جائزة من باب العلاج لدفع الأذى الحاصل لها بقلة الشعر، وليس من باب تغيير الخلقة، والله أعلم.
3- سفر المرأة
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى(1/11)
تريد زوجة أخي ومجموعة من قريباتها النساء المقيمات معها في جدة الذهاب للعمرة معاً، دون أن يكون معهن محرم، حيث سبق وأن سمعت بجواز ذلك من قبل، علماً أنها تعودت أن تذهب مع السائق عادة لقضاء حاجيات بيتها من السوق ودون أن يكون هناك محرم، وذلك لانشغال زوجها في عمله ولكن بعلمه، فتود أن تعلم هل ما تعودت فعله جائز؟ وهل لها الذهاب مع مجموعة النساء لأداء العمرة معاً ودون محرم لأي منهن؟ نرجو من فضيلتكم الإفادة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
السفر لا بّد له من محرم بالنسبة للمرأة حتى ولو كان لعبادة، وليست المرأة محرماً لامرأة أخرى؛ لأن المحرم هو الرجل، فلا بدَّ في مثل هذا الحال من محرم، وركوب النساء في داخل المدن مع السائقين من الأمور التي كثرت وابتلي بها كثير من الناس، والواجب على المرأة المسلمة أن تبتعد عن مواطن الشبه باصطحاب محرم، وعدم الإكثار من ارتياد الأسواق إلا لحاجة، وإذا لم تجد محرماً فلتكن مع السائق زوجته.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود أردت إيصال عمتي إلى بلدها الذي يبعد عن بلدي سبعمائة كيلو متراً على سيارتي، ولكن المشكلة أن برفقتها حفيدتها، وحفيدتها هذه تبلغ من العمر حوالي عشرين عاماً، وعمتي تبلغ من العمر ستين عاماً، وأنا محرج أمام عمتي، وذلك لأني إذا لم أوصلها، فسوف تذهب بالطائرة هي وحفيدتها بدون محرم، أفتوني ماذا أفعل؟.
الجواب :
الأصل أن المرأة لا يجوز لها أن تسافر إلا ومعها ذو محرم (ومحرم المرأة هو كل من تحرم عليه المرأة على التأبيد بسبب مباح لحرمتها: كالأب، والابن، والأخ، وابن الأخ، وابن الأخت، والعم، والخال )، والأدلة في ذلك صريحة وصحيحة، فعنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" رواه البخاري في صحيحه (1862)، ومسلم(1341) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما-(1/12)
وقال – صلى الله عليه وسلم-: " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها" رواه البخاري (1088)، ومسلم (1319) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، وللحديث روايات أخرى كثيرة متقاربة .
وعلى هذا فلا يجوز لحفيدة عمتك أن تسافر معك بلا محرم، ولو بصحبة جدتها؛ لأن المسافة مسافة قصر قطعاً، وأنت لست محرماً لها إجماعاً.
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى سؤالي يتمثل في إمكانية سفر المرأة للخارج لاستكمال دراستها العليا لبلد أجنبي .. وعدم قدرتها على اصطحاب أحد محارمها .. وهي غير متزوجة .
الجواب :
السفر حتى وإن كان للدراسة إلا أنه لا يخلو عن مصاعب ومشاق تلحق بالمسافرة منها : مفارقة الأهل والأحباب، والشعور بالغربة، ومنها ما قد يتعرض له الإنسان من أذى ومضايقة في نفسه أو أهله أو دينه، وهذا الدين الذي كرمنا الله به –دين الإكرام- حرص على صيانة كرامة المسلمين رجالاً ونساءً ودفع الأذى عنهم، حتى أنه أوجب على المسلم الذي لا يستطيع إقامة شعائر دينه، أو لا يأمن من استذلال أعداء الله له وفتنته أن يغادر الدار التي يعيش فيها إلى دار يأمن فيها على نفسه وعلى دينه وهذا ما يعرف بالهجرة، وتوعده الله بالعذاب الأليم إن لم يفعل وهو قادر على ذلك فقال جل ذكره:" إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً " [النساء:97-99].(1/13)
والمرأة مصونة مكرمة في هذا الدين في حلّها وترحالها، بزوجها إن كانت متزوجة، وبأقاربها المسلمين، وبولي أمر المسلمين، و بإخوانها المسلمين في ديار الإسلام، يدفعون عنها الغوائل ويحافظون على كرامتها وحيائها.
أما في السفر – وعلى الأخص إلى ديار الكفر- فإن المرأة حتى وإن كانت صالحة في نفسها – عرضة للفتنة والضعف -، وعرضة للإيذاء والاعتداء ممن لا خلاق لهم، ولذلك أوجب الشرع أن يكون سفرها مع محرم أو زوج، حتى ولو كان السفر لعبادة كأداء فريضة الحج، لأنها قد تحتاج، وقد تمرض ولا بد لها من طبيب يعالجها وقد يعتدى عليها ، فلا بد من المحرم لصيانتها، لا تعسفاً أو احتقاراً لها وإنما لمصلحتها الدينية والدنيوية .
ولهذا أيها الأخت الكريمة فإنه لا يجوز لك السفر إلى الديار البعيدة بمفردك حتى ولو بقصد الدراسة، نعم إذا كانت الدراسة والسكن في بيئة نسائية مأمونة، لا اختلاط فيها بالرجال، ولا يخشى فيها الفتنة، ولم يكن هناك بديل عن السفر فلا بأس في هذه الحال بشرط أن يصحب الولي المرأة إلى مقر دراستها هذه حتى يطمئن عليها ويأتي لمرافقتها إلى بلدها عند العودة، ولكن مثل هذا نادر لا يكاد يوجد. وبالله التوفيق(1/14)
سئل الشيخ سعد بن عبد العزيز الشويرخ عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا معلمة في منطقة تبعد عن أهلي حوالي خمس ساعات براً، وأحضرت معي ابن أختي البالغ من العمر 16 أو 17 سنة، وعندما قدمت أوراقي وقَّعت على إقرار مني بوجود محرم معي، ولم ألتزم به في السنة الأولى، أما السنة الثانية فقد أحضرت ابن أختي كما ذكرت آنفاً، المشكلة أني أريد إرجاع ابن أختي إلى أهلي؛ لأني أخشى عليه من رفقاء السوء، وقد أصبح يتأخر أحياناً إلى 12 ليلاً؟ فهل علي ذنب إذا أرسلته لأهلي علماً بأني أسكن مع رفقة طيبة – إن شاء الله – من منطقتي، وهل علي ذنب في السنة التي مكثتها من غير محرم؟ هل يعتبر مالي حراما؛ لأني لم ألتزم بشرط وإقرار العقد عندما داومت؟ وهل أعتبر من الذين ينقضون الميثاق؟ فأنا موسوسة من سنتين حتى إني أصبت بالقولون العصبي من كثرة التفكير في هذا الموضوع، وفكرت جدياً في ترك عملي، فماذا أفعل؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:(1/15)
في انتقال المرأة من مكان إلى مكان آخر إذا كان يعد سفراً فإنه يشترط فيه أن يكون معها محرم، وأما بقاؤها في مكان معين في بلد معين فلا يشترط أن يكون معها محرم، وإنما أن تكون آمنة في هذا المكان تأمن على نفسها، فإذا كانت لا تأمن على نفسها فلا يجوز لها البقاء في هذا المكان، وبالنسبة لإرسالها لابن أختها إلى أهله هذا جائز بل قد يكون واجباً إذا كان في بقائه في هذا المكان يخشى عليه من مفاسد، ولا يشترط لوجودها هي في هذا المكان أن يكون معها محرم، وإنما الشرط أن يؤمن عليها من الفساد، والواجب عليها التوبة إلى الله – عز وجل – فيما وقع منها من تفريط بالنسبة لسفرها من مكان إلى مكان بدون محرم، لأنه جاء في الصحيحين البخاري (1088)، ومسلم (1339) واللفظ له من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم" ، وبالنسبة للمال الذي تقاضته على هذا العمل فهو مال مباح لأنه من باب الأجرة على ما قامت به من التدريس.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية شيخنا الجليل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نرجو منكم الإجابة على السؤال الآتي للأهمية الشديدة وهو:
نحن معهد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من المسلمين، ومعهدنا في إحدى الدول العربية، ويأتي إلينا طالبات يدرسن على مدرسات عندنا، وهؤلاء الطالبات بعضهن يأتين من بلاد بعيدة من أوروبا وغيرها من غير محرم، فهل يجوز لهن ذلك لطلب العلم الغير موجود في بلادهن؟ وإذا كان لا يجوز فهل يجوز لنا قبول الطالبات اللاتي أتين وحدهن دون استقدام منا والبحث لهن عن مسكن وقبولهن في المعهد؟
وإذا كان المحرم شرطاً لسفرهن فهل تشترط استدامته، أم يكفي أن يوصلهن إلى البلد فقط؟(1/16)
وأخيراً فهل يجوز قبول الطالبات الكافرات اللاتي أتين بدون محرم؟ نرجو منكم الإجابة على هذه التساؤلات بالتفصيل مع سرد الأدلة، وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تسافر مسافة قصر بلا مَحْرَم؛ لحديث ابن عباس – رضي الله عنهما - قال سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم - يقول - وهو يخطب - : "لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم" فقام رجل فقال: إن امرأتي خرجتْ حاجّة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: "انطلق فحج مع امرأتك" متفق عليه. البخاري (3006)، ومسلم (1341).
واشتراط المحرم إنما هو في أثناء السفر، فإذا وصلت المرأة إلى البلد فلها أن تسكن مع نساء ثقات، تأمن بسكنها معهن من الفتنة.
وإذا سافرت المرأة من غير محرم فإنما الإثم عليها، وليس على المسؤولين في المعهد إثم فيما فعلته (من سفرها بغير محرم) ولا بقبولها في المعهد، وقد قال سبحانه: "ولا تزِر وازرة وزر أخرى" [الإسراء: 15]، بل إن المصلحة في قبولها وإسكانها مع نساء ثقات في مجمعٍ يُشرف المعهد على مراقبته وحفظه؛ لأن المنكر (وهو سفرها من غير محرم) قد وقع وانتهى، وفي رفض المعهد لقبولها مفسدة أكبر، فقد تسكن المرأة في سكن مختلط لا يتوفر فيه ما يتوفر في سكن المعهد من الرقابة والحفظ والصيانة.
أما إذا كانت المرأة لا تجد لها محرماً يسافر بها، أو وجدته ولكنه لا يستطيع السفر معها، مع مسيس حاجتها إلى تعلم اللغة العربية التي لا يتوافر لها تعلمها إلا في ذلك البلد البعيد، فأرجو ألاّ بأس أن تسافر بغير محرم، ولكن بشرط أن تكون برفقة نساء ثقات، وأن يكون زمن رحلة السفر لا يبلغ يوماً وليلة، كما هو شأن السفر بالطائرات.(1/17)
ويتوجّه الأخذ بهذا القول للمرأة التي تقيم في بلاد كافرة، فليس سفرها من غير محرم ـ لا سيما بالطائرة ـ بأخطر عليها من إقامتها في مجتمع يعج بالاختلاط ومظاهر الفتنة والفاحشة، فالمرأة التي تستطيع أن تتعفف عن الفاحشة والاختلاط والتبرج في ذلك المجتمع الجاهلي الكافر مع عدم مرافقة محرمها لها، لهي أقدر على التعفف وصيانة عرضها وكرامتها في جو السماء ساعات معدودات تحت نظر الناس وسمعهم وفي رفقتهم.
وعلى القائمين على المعهد أن يتعاهدوا أخواتهم المؤمنات المغتربات بالحفظ وصيانة أعراضهن، وأن يمنعوا عنهن ذرائع الفتنة ودواعي الفاحشة، وأن يغتنموا إقامتهن بتعليمهن أحكام دينهن ووعظهن، وتربيتهن على أخلاق الإسلام وآدابه؛ فإنهن أمانة في أعناقهم. وقد استرعاهم الله عليهن، وقد جاء في الحديث "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته...". رواه البخاري (5200)، ومسلم (1829).
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
4- تعليم المرأة
سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة زوجي هجر البيت، وهو لا يرد على مكالماتي الهاتفية، علماً بأنني أسكن مع أهلي، فهل يجوز الخروج من المنزل كالذهاب إلى مجالس الذكر أو زيارة أحد الأقارب، علماً بأن والدتي اتصلت تستأذنه في خروجي، فقال بالحرف الواحد (بكيفها ما عليَّ منها) أفيدوني جزاكم الله كل الخير.
ملاحظة: أنا الزوجة الثانية له، وأعاني من تسلُّط وظلم شديد، حتى إنه حرمني الإنجاب والوظيفة وأموراً أخرى.
الجواب :
الحمد لله تعالى وحده، وبعد:(1/18)
ما دام أن السائلة ذكرت أن والدتها استأذنت زوجها في الخروج فكان جوابه يفهم منه الإذن وعدم الممانعة فلا حرج عليها في الذهاب إلى مجالس الذكر أو زيارة الأقارب، وذلك وفق الضوابط الشرعية من الحجاب والاحتشام وعدم الخلوة أو الاختلاط بالأجانب، وكذلك ذهابها إلى المسجد أو حلق العلم أو المحاضرات وغير ذلك مما فيه نفع يعود عليها في أمر دينها ودنياها.
وعلى كل فيما ذكرته السائلة من الظلم الواقع عليها من زوجها فإن عليها الصبر والاحتساب ومناصحة الزوج بالعدل والقيام بحقوق الزوجة كما أمر الله تعالى: "ولهن من مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة: 228] وقوله تعالى: "وعاشروهن بالمعروف" [النساء: 19] وهذه الآية عظيمة في معناها وما دلت عليه من حق الزوجة على زوجها بالمعروف. والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد.
سئل الشيخ أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل تجوز لي الدراسة في المعاهد الأمريكية لتعلم اللغة؟ لأنني أعيش فيها حاليا وأمنيتي أن أدعو للإسلام، لكن لغتي لا تساعدني، خاصة وأنني ولله الحمد متنقبة، فهل يمكنني ذلك؟ علما أن من يقوم بالتدريس امرأة، والرجال عموماً لا يقبلون كثيراً على مثل تلك المعاهد، أي أن الأغلبية نساء، والله تعالى يحفظكم.
الجواب :(1/19)
تعلُّم اللغة الأجنبية من الأمور المباحة في الشرع، لا سيما والهدف من تعلمها استخدامها في الدعوة إلى الله، ونشر دينه وتبليغه للناس، ولا بأس في الدراسة في هذا المعهد، الذي يعلم اللغة الإنجليزية ما دام أغلب الدارسين نساء، والمدرسة امرأة كما تقولين، وعليك أن تلتزمي بالحجاب الشرعي، وأن تغضي الطرف من النظر إلى الرجال الأجانب، والتزمي بالحشمة ومكارم الأخلاق في المظهر، والمخبر، ولا سيما وأنت في هذه البلاد التي لا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً، وفقك الله وحماك من كل سوء، آمين.
سئل الشيخ د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حكم المشاركة في مخيمات تحفيظ القرآن الكريم للفتيات إذا استوجب ذلك السفر مع المشاركات في هذه المخيمات، من المربيات والمشرفات حيث إننا نقيم مثل هذا النشاط في فصول الصيف ، ونبذل كل ما نقدر عليه لتأمين المكان كأن يوجد بعض المشرفات مع أزواجهن؟
الجواب :
الحمد لله، وبعد:
العناية بالفتيات وتحفيظهن القرآن الكريم، وتعليمهن ما يحتجن إليه من أمور دينهم ودنياهم من أفضل القربات عند الله –تعالى-، وإقامة المخيمات والمناشط الصيفية ونحوها لهذه الأغراض أمر محمود مشكور متى ضبطت هذه المخيمات إعداداً وإشرافاً وأداءً بالضوابط الشرعية، ومنها:
1. أن تخلو المخيمات من الاختلاط والتبرج والسفور، وأن تُعود الفتيات على الالتزام بالحجاب الشرعي، والحشمة والحياء.
2. أن تكون أماكن المخيمات بعيدة عن مواقع الفتن من الشواطئ المختلطة، والملاهي الماجنة.
3. أن يتولى تدريس الفتيات وتعليمهن وتحفيظهن المدرسات الملتزمات الموثوقات.
4. إذا كانت مواقع المخيمات تبعد عن مقر الطالبة أو المُدرسة مسافة قصر وجب أن يصحبها محرمها، ولا يحل لها السفر بلا محرم مهما كان الغرض نبيلاً، والمقصد سامياً.(1/20)
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، ولا حرمنا الله وإياكم فضله وعظيم ثوابه، وحفظ لنا فتياتنا وأبناءنا من كل سوء إنه سميع قريب، والسلام عليكم.
5- الاختلاط والمصافحة
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ما الحكم لو نزلت المرأة مع أختها فقط إلى السوق لشراء بعض الأغراض وهي قد وصلت إلى السوق عن طريق زوجها أو أخيها ؟
الجواب :
لا بأس بذلك على أن تحرص على الحجاب الشرعي ، وتلتزم بآداب الخروج .
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أنا معلمة لا يوجد من يوصلني للمدرسة سوى سائق سعودي برفقة زميلاتي، ولكن تحدث خلوة لمدة خمس دقائق ؛ وذلك لأنني آخر مدرّسة تنزل، فما حكم ذلك ؟
الجواب :
إذا كان السائق كبيراً في السن، مأموناً ، وكانت المسافة قريبة، وفي داخل العمران، وكان الجلوس في الخلف فلا بأس .
وإذا كان السائق ليس كبيراً فعليكن بالاتفاق مع سائق تكون معه زوجته، أو إحدى محارمه، أو وضع حاجز فاصل بينكم وبينه كالخشب، أو الزجاج السميك ونحوه .
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حكم النظر إلى العجوز ولمسها؟.
الجواب :(1/21)
إذا بلغت المرأة سناً تكون فيه من القواعد من النساء اللاتي لا جناح عليهن أن يضعن ثيابهن غير متبرجة بزينة، وكانت في وضع لا تنتظر زوجاً، وصارت في نظر الناس لا تُشْتَهَى فلا بأس من النظر إليها على سبيل الإشفاق والرحمة بها والرغبة في مساعدتها، والأخذ بيدها لو عثرت، أو تعرضت للأذى، قال تعالى: "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [النور: 60]، والأصل في التعامل مع النساء الحذر والبعد من الوقوع في السوء، قال الله تعالى: "...وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب: 53]، وإذا كان المقصود في الآية أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن - وهن أكثر النساء طهراً وأبعد النساء عن السوء، والخطاب مع صحابة رسول الله – رضي الله عنهم- وهم صفوة الأمة فغيرهم من باب أولى. والله أعلم.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي ما حكم مصافحة أخوات الزوجة، وأمها ؟
الجواب :
أما مصافحة أخوات الزوجة فلا تجوز ؛ لأنهن أجنبيات ، لما روت عائشة – رضي الله عنها – قالت : "...ولا والله ما مسَّت يد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يد امرأة قط... " أخرجه البخاري (4891) ومسلم (1866) واللفظ له ، أما أم الزوجة فلا بأس ، لأن الرجل محْرَم لأم زوجته .(1/22)
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حكم الإسلام في الحب، ولكن الحب الذي هدفه الزواج، وهدفه تكوين أسرة على أساس دين الله –عز وجل-، ولكنه حب لمدة طويلة، أي: عدم إمكانية الزواج في الوقت الراهن أو استحالته؟ وهل برأيكم أن الله -عز وجل- يسهل أمور الزواج عندما يكون هذا الحب هدفه الزواج، والستر، ومرضاة الله، وتكوين عائلة على أساس دينه -عز وجل-؟
الجواب :
قد يقع في قلب الإنسان ميل أو حب لامرأة، إما بسبب معرفة في حياة الصبا، أو لسابق علاقة في حياة الغفلة واللهو، وربما بسبب نظرة غير مقصودة، فيتعلق بها قلبه، وينشغل بها فكره.
وهذا الحد من الحب والعشق لا يعاقب عليه المرء ما لم يجر إلى معصية؛ لأن مثل هذا أعني: العشق والحب لا يملك، والله قد تجاوز عن أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به.
فإذا جاهد نفسه وصبر عن الوقوع فيما حرم الله من الخلوة المحرمة والعلاقات الآثمة، ولم يسترسل في طلب محبوبه بالحرام، فإن الله يثيبه على ذلك أجراً عظيماً، ويعوضه خيراً من محبوبه، ويذهب عنه ما كان يجد من الوجد والعشق.
وإذا كانت من كلف بحبها ممن يرغب الإسلام في الزواج بها لدينها وخلقها فمن الأصلح له أن يسعى للزواج بها؛ لكي يصل إلى محبوبه بالطرق المشروعة، فتصبح محبوبته زوجته، وزوجته محبوبته، وحب الرجل لزوجه مشروع مندوب إليه مأجور عليه، وهذا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "حبب إلي من دنياكم النساء والطيب" النسائي (3939) وأحمد (12293)، وقال عن زوجه خديجة: "إني رزقت حبها" مسلم (2435).
فالمقصود أن الزواج هو الطريق الشرعي الوحيد لصلة المحبوب.(1/23)
أما صلة الرجل بحبيبته بالصلات المحرمة والعلاقات الآثمة من الخضوع بالقول عن الحب والعشق والخلوة وتبرجها له فأمر يحرمه الشرع، حتى ولو كانت النية صالحة أو الغاية مشروعة؛ وذلك لما ينشأ عن تلك العلاقات والصلات من المفاسد التي لا تحمد عقباها، والواقع يشهد بهذا.
واعلم أن الشاب إذا استعف عن الحرام، واتقى الله ربه، وحصن فرجه، كان قمناً أن ييسر الله له الزواج، ويذلل له أسبابه، ويغنيه من فضله ذلك وعد الله ولا يخلف الله وعده "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله"[النور:33]، وفي الصحيح عنه –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ومن يستعفف يعفه الله" البخاري (1427).
والحب والمودة كما يقع أحياناً قبل الزواج فهو –أيضاً- مما يتولد عن الزواج، كما قال -سبحانه-: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم:21].
واعلم أن محبة الله –سبحانه- ومحبة رسوله –صلى الله عليه وسلم- هي خير لك من الاشتغال بمحبة من سواهما، بل محبتهما هي من لوازم العبودية والإيمان، وقد جاء في الصحيحين البخاري (16) ومسلم (43): "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار".
ومن دلائل محبة الله العمل على ما يرضاه –سبحانه-، واتباع رسوله –صلى الله عليه وسلم-، والاشتغال بقراءة كتابه العزيز، ومن دلائل محبة رسوله –صلى الله عليه وسلم- طاعته، والنظر في سيرته والاقتداء به، والحديث في هذا يطول، ولكن حسبي التذكير به والحض عليه، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.
سئل الشيخ د. خالد بن عبد الله القاسم عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود هل يجوز فتح مدارس للتعليم والدعوة، مع أن نظام البلد يلزم بأن يكون التعليم مختلطاً بين الذكور والإناث؟
الجواب :(1/24)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
رداً على سؤال السائل بخصوص التعليم المختلط نقول وبالله التوفيق:
إن السائل لم يذكر البلد المسئول عنه، ولم يذكر مرحلة التعليم ولم يذكر أيضاً حال الاختلاط، كما لم يذكر البدائل غير الرسمية المتاحة، وتصور الواقعة مهم في الحكم عليها.
ولكن بالجملة فإننا أمام أمرين مهمين متعارضين:
الأول: طلب العلم بأنواعه لا سيما العلم الشرعي ومعرفة القراءة والكتابة، والعلم فرض عين؛ لأنه الوسيلة لمعرفة أحكام الله تعالى؛ وقراءة كتابه الكريم؛ وتدبر معانيه؛ والنجاة في الآخرة؛ ومعرفة السنة المطهرة، كما أنه مهم في الدنيا؛ لعمارتها وللتكسب والمعاش.
الثاني: العفة والفضيلة والحياء التي قد يخدشها هذا الاختلاط، وما ينجم عنه من إضاعة للأخلاق وربما أدى إلى الفاحشة والرذيلة.
فإذا لم يتوفر لأبناء المسلم تعليم مناسب، فإنه لا يترك تعليمهم بل يتقي الله ما استطاع في أبنائه، ويرتكب أخف الضررين ليتحصل أعلى المنفعتين.
فإذا لم يتوفر سوى مدارس مختلطة ولم يتيسر له الانتقال إلى بلد آخر فإنه لا يحجب العلم عن أبنائه، بل يدخلهم المدارس مع بذل الجهد في تحصينهم بالأخلاق والفضائل والتقوى المانعة من كل سوء، كما عليه أن يتواصل مع المدرسة للاطمئنان عليهم، والسعي لتقليل الشر ما أمكن.(1/25)
كما أن عليه أن يبذل الجهد في البحث عن مدارس منفصلة قدر الإمكان، وإذا كان هناك عدد من المسلمين في تلك البلاد فإنهم مطالبون بإيجاد مدارس مناسبة لهم والسعي للجهات الحكومية بذلك، وقد قال تعالى: "فاتقوا الله ما استطعتم" فإذا بذلوا ما بوسعهم من الأسباب التي تسمح لهم بفتح مدارس مناسبة أو على الأقل يكون الاختلاط فيها بنسب أقل، فإننا نرجو ألا يكون عليهم حرج، وقد قال سبحانه وتعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" وقال سبحانه: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" والاختلاط محرم كغيره إذا وجدت معه الفتنة، وهذا ما يغلب عليه لا سيما عند المراهقين والمراهقات، وهذا حال أغلب المدارس المختلطة بينما العلم مطلوب لذاته، والله أعلى وأعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية استأجرنا مكاناً للعرس، وفيه حاجز بين النساء والرجال، ونظراً لصغر حجم المكان المخصص للنساء ننوي وضع النساء غير المحجبات إضافة لقريبات زوجتي غير المسلمات في صالة الرجال، هل هذا الفعل جائز؟ إذا كان غير جائز أرجو التكرم بإيراد الأدلة حتى أريها لعائلتي. وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة السلام على رسول الله، أما بعد:
فإن أمر المرأة بالحجاب والبعد عن مزاحمة الرجال ومضاحكتهم ونحو ذلك ليس لحمايتها وحدها من الفتنة والفساد، ولا غيرة عليها فحسب، ولكن لأجل درء الفتنة عن الرجال أن يفتتنوا بها أو تضعف نفوسهم لإغرائها وجمالها. فهو إذاً لحماية المرأة والرجل كليهما من الشر والفساد.
إذا تقرر هذا؛ فإن وضعكم للنساء غير المحجبات أو الكافرات في صالة الرجال فيه فتنة للرجال الحاضرين، لا سيما وبعض الحاضرات غير محجبات. وكون بعضهن كافرات، والحجاب غير مفروض عليهن، فهذا لا يبيح لنا أن ندعوهن لمحافل الرجال؛ فيكنَّ فتنة لرجالنا المسلمين.(1/26)
ولذا لا أرى ما يبيح لكم أن تدعو غير المحجبات ولو من الكافرات إلى القاعة المخصصة للرجال، فالغالب أن من تحضر هذه المناسبات تأتي في كامل زينتها، ومثل هؤلاء النسوة الكافرات وغير المحجبات لن يتورعن عن محادثة الرجال ومزاحمتهم ومضاحكتهم.
وأرى أن تقصروا الدعوة على الأقربين؛ لضيق المكان، وألا تكلفوا أنفسكم ما لا تطيقون، ولا تستعرضوها لغضب المولى – جل جلاله- ولا تحملوها أوزاراً هي في سعة عن احتمالها.
وأما ما تسأل عنه من الأدلة التي تحرم عليكم أن تجمعوا النساء مع الرجال في مكان واحد يتزاحمون فيه وتعلو فيه ضحكاتهم وتظهر فيه إغراءات المرأة وفتنتها فهي كثيرة، بعضها دلالتها عامة تفيد بعمومها وجوب سد ذرائع الفتنة بين الرجال والنساء، وبعضها خاص وارد على مسألة بخصوصها، ولكن يفهم منها حرص الشرع على سد ذرائع الفتنة.
فمن هذا الخاص الصريح:
أولاً: الأدلة الواردة بتحريم مصافحة النساء، فقد أخرج البخاري في صحيحه (4891) عن عائشة – رضي الله عنها- في قصة مبايعة النبي – صلى الله عليه وسلم- للنساء- قالت: والله ما مست يده يد امرأة قط، في المبايعة ما يبايعهن إلا بقوله: "قد بايعتكن على ذلك"، وأخرج أحمد في مسنده (26466) والنسائي (4181) والترمذي (1597) وابن ماجة (2874) بسند صحيح عن أميمة بنت رقيقة قالت: أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم- في نساء لنبايعه، وفيه: ألا تصافحنا؟ فقال: "إني لا أصافح النساء، إنما قولي لامرأة واحدة قولي امرأة"، وأخرج الطبراني والبيهقي عنه – صلى الله عليه وسلم-: "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيطٍ من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحل له" قال المنذري: رجاله ثقات، رجال الصحيح، كما حسنه الألباني في غاية المرام رقم(403).(1/27)
ثانياً: تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، كقوله – صلى الله عليه وسلم-: "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما"، وفي لفظ: "لا يخلونّ.." انظر ما رواه الترمذي (2165) وابن ماجة (2363) وأحمد (115) من حديث عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -.
ثالثاً: دليل ظاهر صريح يحرم على المرأة الخضوع بالقول عند محادثة الرجال، وهو قوله تعالى: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً" [الأحزاب:32].
رابعاً: دليل ظاهر صريح يحرم على المرأة أن تخرج للرجال متعطرة، كما في حديث: "أيما امرأة استعطرت ثم مرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي كذا وكذا أي زانية"، أخرجه أحمد (19081) والترمذي (2786) وأبو داود (4173) والنسائي (5126) بسند حسن.
خامساً: تحريم الدخول على النساء بلا محرم، كما يفيده حديث: "إياكم والدخول على النساء" فقال رجل: أرأيت الحمو يا رسول الله؟ - وهو قريب الزوج ممن ليس من محارم الزوجة- فقال: "الحمو الموت" رواه البخاري (5232)، ومسلم (2172) من حديث عقبة بن عامر – رضي الله عنه -، وهذا يدل على أن الحمو ينبغي أن يكون الاحتراز منه أكثر من غيره؛ لكثرة دخوله وقربه وتمكنه من الاطلاع على ما لا يطلع عليه غيره.
أما الأدلة التي تمنع النساء من مزاحمة الرجال أو مخالطتهم مخالطة تسهل فيها الفتنة فمنها:
أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم: "خير صفوف الرجال أولها وشرها- أي أقلها أجراً؛ إذ ليس في الاصطاف للصلاة شر- آخرها وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها" رواه مسلم (440) عن أبي هريرة – رضي الله عنه -.
فإذا كان هذا في عبادة تكون فيها النفس مقبلة على ربها منصرفة عن شهوات الدنيا، فكيف بغيرها؟!.
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما- أنه شهد مع النبي – صلى الله عليه وسلم- العيد، فصلى ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن وذكّرهن وأمرهن بالصدقة" رواه البخاري (975).(1/28)
قال ابن حجر- فتح الباري 2/466-: قوله: "ثم أتى النساء يشعر بأن النساء كن على حدة من الرجال غير مختلطات بهم" اهـ.
ثانياً: عن أبي أسيد – رضي الله عنه - أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم- يقول – وهو خارج من المسجد وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق-: "استأخرن، فإنه ليس لكنّ أن تحققن الطريق- أي تذهبن في وسط الطريق-، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به" أخرجه أبو داود (5272) بإسناد حسن.
وعن ابن عمر – رضي الله عنهما- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال- عن باب من أبواب مسجده-: "لو تركنا هذا الباب للنساء"، قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر – رضي الله عنهما- حتى مات. أخرجه أبو داود في سننه (462) بسند صحيح، قال الألباني: صحيح على شرط الشيخين.
وعن أم سلمة – رضي الله عنها- قالت: كان النبي – صلى الله عليه وسلم- إذا سلّم قامت النساء حين يقضي تسليمه، ومكث يسيراً قبل أن يقوم قال ابن شهاب: (فأرى والله أعلم أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم) أخرجه البخاري (837).
قال ابن حجر: (وفي الحديث.... كراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلاً عن البيوت فتح الباري2/336.(1/29)
ثالثاً: ما أخرجه البخاري (1618) عن ابن جريج قال: (أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال، قال: كيف يمنعهن وقد طاف نساء النبي – صلى الله عليه وسلم- مع الرجال؟ قال: قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي لعمري، لقد أدركته بعد الحجاب، قال: قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة – رضي الله عنها- تطوف حجرة- أي معتزلة الرجال- من الرجال، لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك، وأبت، يخرجن متنكرات بالليل، فيطفن مع الرجال، ولكنهن كنّ إذا دخلن البيت قُمْنَ- أي: وقفن حتى يدخلن حال كون الرجال مخرجين منه- حتى يدخلن وأخرج الرجال).
وروى الشافعي في مسنده ص(127) أن مولاة لعائشة – رضي الله عنها- دخلت عليها فقالت لها: "يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعاً واستلمت الركن مرتين أو ثلاثاً" فقالت لها: لا آجرك الله، تدافعين الرجال؟ ألا كبرت، ومررت به؟!".
ومن الأدلة العامة على وجوب الابتعاد عن ذرائع الفتنة وما يفضي إلى الفساد والفاحشة قوله تعالى: "ولا تقربوا الزنى" [الإسراء:32] فلم يقل: ولا تزنوا، وإنما نهى عن قربانه، وهذا يوجب تحريم كل شيء يغري الإنسان بالفاحشة.
وقوله تعالى: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن".
وقوله تعالى: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلكم أزكى لهم..." [النور:30]، وقوله تعالى: "وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن.... " [النور:31].
أسأل الله أن يجنبنا وإياكم الفتنة، وأن يرزقنا العفاف ويثبتنا وإياكم على طاعته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(1/30)
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا موظف في شركة ولكن المشكلة استخدامها للعنصر النسائي في إدارة أعمالها ، وفي القسم الذي أعمل به يوجد بعض النساء فاضطر لمخاطبتهن وتعليمهن كلامياً من غير خلوة ، فما حكم عملي في هذه الشركة أهو حلال أم حرام؟
الجواب :
السؤال فيه شيء من الإجمال في وصف الحال ، وكان ينبغي للسائل أن يصف وضع النساء العاملات في الشركة ، هل يلتزمن الحجاب والاحتشام أم لا ؟ وأن يبين نمط عملهن هل يقتضي مخالطتهن بالرجال مخالطة تُطمع مَن في قبله مرض أن ينال منهن أو تمكنه من الخلوة بهن ؟ ومهما يكن فالذي أراه أن الحكم في مثل هذا يختلف باختلاف الأشخاص في قوة الصبر على النساء ، وملك الإرب وسرعة الميل إليهن والفتنة بهن ، فإن وجدتَ من نفسك ميلاً إليهن وانشغال الفكر بهن ، وضعفاً في الصبر وغض البصر ونحو ذلك من صور الافتتان ، فالذي أراه هو أن تنجو بنفسك وتفر بدينك ، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب . وإن كنت تجد قوة على مجاهدة نفسك، وضبط إرادتك والاستعفاف وغض البصر ، وترى أن في بقائك في هذه الشركة مصلحة راجحة ، من القيام بالأمانة ، وحفظ الحرمات ، وقطع الطريق على العابثين المفسدين أن يُشيعوا الفاحشة في الذين آمنوا ويعبثوا بحريمهم ، فأرى أن بقاءك في هذه الشركة أجدى من تركها ، وأنفع للمسلمين ، ومن القواعد المشهورة عند أهل العلم : إن ما حُرَّم سدَّاً للذريعة فإنه يُباح عند المصلحة الراجحة .(1/31)
على أننا ننتظر منك – وليس في مثلك يخيب رجاؤنا ولا حسن ظننا – أن تقوم بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترفأ هذا الخرق بالإلحاح في المطالبة بإزالة هذه المنكرات والشكاية إلى ولي الأمر ، فإنه قد صدرت التعاميم والتوصيات من أعلى سلطة في الدولة بعدم التساهل في الاختلاط وتوظيف النساء بين الرجال في كافة القطاعات الحكومية والأهلية ، والرفع في كل ما يخالف ذلك ، ونحن نراك على ثغر من ثغور الأمة فإياك إياك أن تُوتى الأمة من قبلك ، وما نجم شر المنافقين والفجرة ولا قويت شوكتهم إلا من تخاذل الصالحين وقعودهم عن مجاهدتهم ، والذي نخشاه في هذه المواطن التي عمت بمثلها البلوى أن يهجرها أهل الخير والصلاح ، فينفرط العِقد ويخلو الجو للفسقة والفجرة ويتفارط الإصلاح ولات ساعة مندم .
سئل الشيخ د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هل يعد تقبيل فتاة أجنبية عني من الزنى؟ وإن كان كذلك فما الكفارة؟
الجواب :
الحمد لله، وبعد:
نعم، تقبيل فتاة أجنبية زنى؛ لما في الحديث المتفق على صحته البخاري (6243) ومسلم (2657) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:"كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه" وهذا لفظ مسلم.
وأنت تعلم أن النظر أهون من التقبيل ومع ذلك سماه النبي –صلى الله عليه وسلم- زنى –عياذاً بالله-، ثم اعلم أنه لا كفارة عليك بالتقبيل، ولكن يلزمك التوبة النصوح والندم الشديد، والبعد عن النساء الأجنبيات أو عقد الصداقة معهن أو محادثتهن ومصافحتهن، فذاك كله طريق إلى الفاحشة الكبرى –والعياذ بالله-.(1/32)
واحرص –حماك الله وحفظك- على إعفاف نفسك بالزواج الشرعي، واصدق الله يصدقك، ويُسهل زواجك، ولا تتعذر بكثرة تكاليفه، وشدة مؤونته فمن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، وفقك الله، والسلام.
سئل الشيخ د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد بسم الله الرحمن الرحيم، أرجو الرد لأهمية الموضوع وللحاجة له في فض خصام بين أخوين في الله، (هناك أخوان في الله تزوجا من شقيقتين، سافر أحدهما لغرض عمل ما، قام الأخ الثاني بزيارة بيت هذا الأخ المسافر مصطحبا زوجته واستقبلتهما أم الزوجتين"، وكانت تقيم مؤقتا إلى أن يحضر الزوج الغائب، "دخل الأخ إلى حجرة الضيافة ودخلت زوجته وأمها إلى داخل الشقة، وقامت باستقبالهما زوجة الأخ المسافر) دون أن يحدث أي اختلاط مع زوجة الأخ المسافر بالرغم من وجود أمها وزوجة الأخ الزائر، عندما رجع الأخ المسافر من سفره احتجَّ بشدة على الأخ الزائر؛ لأنه قام بزيارة بيته والدخول إليه بالرغم من معرفته بغيابه عنه، محتجاً بنهي الرسول – صلى الله عليه وسلم - بعدم الدخول على النساء.
السؤال: هل يجوز دخول بيت هذا الأخ مع العلم بوجود الزوجة وأم الزوجة وبدون اختلاط؟ أي لم ير زوجة الأخ المسافر ولم تره أم لا يجوز؟ عذراً للإطالة فقد وددت أن أرسم صورة للحدث كما وقع، وأرجو الرد بالتفصيل وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدخول على المغيبات _النساء اللاتي غاب عنهن أزواجهن – انظر ما رواه الترمذي (1172) من حديث جابر – رضي الله عنه- وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمو فقال: "الحمو الموت" رواه البخاري (5232)، ومسلم (2172) من حديث عقبة بن عامر –رضي الله عنه-. وفي رواية لمسلم (2173) من حديث(1/33)
عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – مرفوعاً: "لا يدخل رجل على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان" ذكره في أثناء حديث.وجاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري
(5195)، ومسلم (1026)عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهدٌ إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ...." الحديث، قال النووي رحمه الله : في هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يفتات على الزوج بالإذن في بيته إلا بإذنه، وهو محمول على مالا تعلم رضا الزوج به، أما لو علمت رضا الزوج بذلك فلا حرج عليها ،كمن جرت عادته بإدخال الضيفان موضعاً معداً لهم سواء كان حاضراً أم غائباً، فلا يفتقر إدخالهم إلى إذن خاص لذلك، وحاصله أنه لابد من اعتبار إذنه جملة وتفصيلا . انتهى من فتح الباري (9/368). وذكر عليه الصلاة والسلام أن من حقوق الأزواج على زوجاتهم "أن لا يوطئن فرشهم من يكرهون". رواه أبو داود (1905) في باب صفة حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث جابر – رضي الله عنه- ومعناه : أي لا يأذن بالدخول عليهن في بيوتهم من يكره الزوج دخوله. وعن سليمان بن عمرو بن الأحوص قال حدثني أبي أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ فذكر في الحديث قصة فقال: "ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هنَّ عوانٌ عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن". رواه الترمذي (1163)، وابن ماجة (1851) وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.(1/34)
والخلاصة :أنه لا يحل لك دخول بيت زوج أخت زوجتك وهو غائب إلا بإذنه مع وجود محرم للمرأة وانتفاء الريبة ،ثم هي أجنبية عنك لا يحل لك أن ترى منها شيئاً. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ما حكم -أو ما حدود- الجلسات العائلية وهي التي تتكون من الأبوين والأولاد وزوجاتهم والأحفاد؟ علماً بأنه لا يتم الجلوس بانفراد، وإنما في المجلس العام والجميع متواجد؟ وما حكم الأكل سوياً على سفرة واحدة أي (جلسة واحدة وكل شخص يأكل من طبقه)؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :(1/35)
يجب أن يعلم السائل وغيره أن إخوة الزوج ليسوا محارم، وأن أولاد العم ليسوا محارم، وإذا جلس الرجال والنساء في مجلس واحد فيجب على النساء أن يتحجبن الحجاب الشرعي؛ وهو أن تغطي المرأة جميع بدنها، وتلبس ملابس واسعة، فلا تظهر منها يد ولا وجه، وإذا تكلمت فإنها تتكلم بكلام على قدر الحاجة ليس فيه خضوع ولا ترقيق للكلام مع الرجال الذين هم إخوان زوجها أو أولاد أخي زوجها، وينبغي أن تكون النساء من ناحية والرجال في ناحية، وأما الأكل فينبغي أن يكون أكل النساء وحدهن، لأنهن إذا أردن أن يأكلن فلابد أن يخرجن أيديهن ويخرجن وجوههن، وهذا مدعاة إلى نظر الآخرين من إخوة الزوج وأولاد أخيه إليهن، وهذا أمر محرم لا يجوز؛ فعلى السائل وغيره أن يتقوا الله، وتكون الجلسات العائلية بحيث إن النساء يكن في ناحية والرجال في ناحية، وكل يأخذ راحته، والنساء لا يضايقن الرجال، والرجال لا يضايقون النساء، ولا ينظر الرجال إلى النساء وهن أجنبيات منهم، وأما كون المرأة تلقي السلام على الرجل من دون المصافحة فهذا لا بأس به من دون خضوع بالقول كما أسلفنا، وسؤاله عن حاله وحال أهله لا بأس بهذا، وينبغي للناس ألا يتعاونوا في مثل هذا الأمر ، وألا يستسهلوه، فإن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "إياكم والدخول على النساء"، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ فقال -عليه الصلاة والسلام- : "الحمو الموت"رواه البخاري (5232)، ومسلم (2172)، من حديث عقبة بن عامر -رضي الله عنه- فلا يجوز للإنسان أن يتساهل في مثل هذه المسائل ويتوسع فيها عن الحد المشروع.(1/36)
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا طالب في إنجلترا، والمسلمون هنا يواجهون مشكلة فإنهم ينظرون إلى النساء طوال اليوم في حياتهم اليومية، عند البيع، والشراء، والدراسة، وما إلى ذلك، وفي بعض الأحيان ليس هناك ضرورة للنظر إليهن، ولكن عدم النظر إليهن سوء أدب في المجتمع، ونحن نواجه هذه المشكلة كل يوم، فهل النظر إلى النساء في هذه الحالة حرام في الإسلام؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن المسلم مأمور بغض بصره عن النساء الأجنبيات؛ لأن إطلاق البصر فيهن ذريعة إلى الفتنة، وقد يجر إلى الفاحشة، "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم، إن الله خبيٌُر بما يصنعون" [النور: 30].
والنظرة إلى الأجنبية بلا شهوة وإن كانت أقل إثماً وأخف ضرراً لكنها هي الأخرى لم تستثنَ من تحريم النظر للأجنبيات.
والتحجج لإطلاق النظر إليهن وتسريح الطرف فيهن بكون غض البصر عنهن عند التعامل والمحادثة من سوء الأدب في المجتمع الإنجليزي لا أراها حجة سائغة تبيح هذا المحظور، لا سيما إذا كانت المرأة شابة فاتنة!
فمجرد غضب المرأة لغض الرجل بصرَه عنها ليس فيه كبيرُ خطر ولا ضرر، خاصة وأن التعامل لا يعدو أن يكون مجرد بيع ونحوه، ليس لها سلطة عليه، فأي ضرر سيلحقه إذا غضبت عليه امرأة تبيع في متجر، لا تستطيع أن تضارَّه إلا ببعض كلمات السباب.
إلا أنه يستثنى من هذا الأصل ثلاث حالات:
الأولى: النظر إلى القواعد من النساء، فهذا يجوز ولو لم تدعُ الحاجة أو الضرورة إلى النظر إليهن، وهذا مستفاد من الترخيص للقواعد من النساء المؤمنات بأن يضعن ثيابهن غير متبرجاتٍ بزينة.(1/37)
الثانية: النظر إلى الشابة الدميمة الخلقة التي يتفق العقلاء الأسوياء أن مثلها لا تفتن، فلا بأس بالنظر إلى (وجهها) فحسب، وعند التعامل معها فقط، ويستأنس في هذا بما ذهب إليه بعض الفقهاء ـ وإن كان قولاً مرجوحاً ـ من جواز كشف المرأة وجهها إذا لم تخش الفتنة بها.
الثالثة: نظر المسلم إلى من لها نوع سلطة عليه من النساء، كالمعلِّمة ونحوها، فإذا غلب على ظنه أنها ستضارّه إن عاملها بهذه الطريقة (غض البصر عنها عند المحادثة) وتجلب عليه المشكلات فلا بأس بالنظر إلى وجهها عند المحادثة ضرورةً قياساً على نظر الطبيب إلى المريضة الشابة للضرورة والحاجة.
وأدعوك ـ أخي ـ إلى تعويد نفسك على غض البصر، وتجنب مواطن الفتن، والإكثار الإكثار من الاستغفار والصلاة والذكر، واستعن على ذلك بعد الله بالدعاء، فنعم سلاح المؤمن هو.
وفقك الله لكل خير، وأخذ بناصيتك للبر والتقوى، وجعلك مباركاً أينما كنت، مسدداً حيثما توجهت، مقيماً على طاعته، متجانفاً عن معصيته.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أخي: أنا أخت -والحمد لله- ملتزمة بالزي الإسلامي، وأنا عضوة في جماعة إسلامية دعوية بأمريكا، وكثيراً ما يحدث اجتماع يضم الإخوة الملتزمين، والأخوات الملتزمات، ويكون الاجتماع في إطار الشرع، في الجلوس وفى الكلام، ويوجد إخوة يرفضون هذا الاجتماع بحجة الاختلاط، رغم أنه كله في إطار الشرع.
الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فليس مقطوعاً به أن يكون رأيك ومن وافقك هو الموافق للشرع، وكون الاجتماع شرعيًّا في نظرك لا يعني بالضرورة أن يكون اجتماعاً شرعيًّا في الحقيقة وفي نظر غيرك، فقد يكون سبب اعتراض من اعترض هو كون الاجتماع فيه إخلال ببعض الضوابط الشرعية في لقاء الرجال بالنساء.(1/38)
وعلى كلٍّ، فالذي أراه أنه لا بأس بالتقاء الرجال بالنساء، لا سيما إذا كانوا محل ثقة وصلاح، ويناقشون قضايا إسلامية عامة تهم الجمعية الإسلامية، ولكن بشروط:
(1) أن تكون النساء ملتزماتٍ بالحجاب الشرعي الكامل، وليس الملفق، ولا الجاري على العرف والعادة فحسب.
(2) وأن يكنَّ بمعزلٍ عن مخالطة الرجال، في الجلوس والدخول والخروج.
(3) وألا يوجد منهن تعطر، ولا إبداءٌ للزينة، وألا يظهر منهن خضوع بالقول، فضلاً عن المزاح والمضاحكة، وألا يسترسلن مع الرجال في أحاديث أخرى لا طائل وراءها؛ لأن الأمر مباح للحاجة، والحاجة تقدَّر بقدرها.
وعليكم جميعاً – ولو تحقق ما تقدم – واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رجالاً ونساءً – متى ما رأيتم من أحد تقصيراً في واجب أو مجاوزة لحدٍّ.
وفقكم الله لكل خير، وجعلكم متآلفين ، متحابين بجلاله. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد أنا طبيبة أسنان أرجو الإفادة بشأن علاجي للرجال.
الجواب :
الأصل أن يعالج الرجال الرجال، والنساء النساء، لما في الاختلاط من الأضرار المعلومة، ويجب أن يسعى إلى سد الكفاية في هذا الشأن بكل طريق.
ويجوز للنساء أن يعالجن الرجال، وللرجال أن يعالجوا النساء بشرط مراعاة الأمور الآتية:
(1) عدم وجود المثيل من الجنس.
(2) الاقتصار من النظر على القدر اللازم.
(3) الأمن من الفتنة.
(4) عدم الخلوة، فيكون الكشف والمداواة بحضرة محرم أو زوج أو امرأة ثقة.
سئل الشيخ ناصر بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا شاب ملتزم ومتزوج –والحمد لله- و لا أزكي نفسي، وسؤالي:(1/39)
من طبيعة عملي حضور دورات تدريبية، يرشحني لها رئيسي في منطقة الخليج العربي، أو خارج المنطقة، وكما تعلمون أنَّ في هذه البلاد قد يحضر الجنس النسائي، حيث إن مثل هذه الدورات لا تعرض في بلدنا وكذلك إن رفضي لهذه الدورات يؤثر على عملي، السؤال: ما حكم الشريعة في الحضور؟ وما الضوابط التي يجب على المسلم اتخاذها في حضور مثل هذه الدورات؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
مما تقرر في هذه الشريعة تحريم اختلاط النساء بالرجال؛ لما يفضي إليه من المحظور، ولهذا لم يقتصر النهي في القرآن على مجرد تحريم فاحشة الزنى بل نهى –تعالى- عن قربان مواضع الفاحشة، يقول –تعالى-:"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً" [الإسراء:32]، وقد علم بالتجربة أن اختلاط النساء بالرجال مما يفضي إلى الفاحشة غالباً، وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- فيما أخرجه مسلم (440) وغيره من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-:"خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها"، فبيَّن أن آخر صفوف الرجال وأول صفوف النساء شر الصفوف مراعاة لهذا الأمر، مع أنهم في عبادة هي من أعظم العبادات، فإذا تقرر هذا فإنه لا يجوز للمرء أن يحضر المواضع التي يختلط فيها الرجال بالنساء سواء في العمل أو غيره، كما لا يجوز له حضور الدورات التدريبية إذا كانت على هذه الصفة، إلا أن يكون ترك حضور تلك الدورات يضر بعمله ضرراً بيناً ولا يوجد جهات أخرى تعطي مثل تلك الدورات، فأرجو إذا كانت الحالة هذه ألا يلحقك إثم، غير أنه يجب عليك أن تجتنب الجلوس مع النساء، أو محادثتهن في غير حاجة كما يجب عليك غض بصرك عنهن، يقول –تعالى-:"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم" [النور:30] والله المسؤول أن يحفظك من كل فتنة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.(1/40)
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أعمل في مكان محترم ملتزمة بالزي الإسلامي، ولكني أتعامل مع الموظفين بلباقة وطريقة حسنة، يركب معي بعض الزملاء وأنا في طريقي للبيت وهم رجال محترمون ومتزوجون مع علم زوجي وعدم رفضه، في ضوء النهار ونتكلم ونتحدث في العمل أو مسائل دينية، يركبون معي مجرد تعاوناً مني معهم أو مساعدة.
الجواب : الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
اعلمي ـ وفقني الله وإياك لطاعته ـ أن حجاب المرأة يجب أن يكون ساتراً لبدنها كُلِّه لا يشفّ ما وراءه، وأن يكون واسعاً لا يصف، وألا يكون زينة في نفسه، وألا يكون فيه تشبّه بلباس الرجال، ولا بالكافرات، كما يجب على المرأة أن تستر وجهها على القول الصحيح، ولا بأس أن تنتقب بشرط ألا يكون واسعاً يكشف ما سوى العينين.
ولما كان مقصود الشارع من فرض الحجاب على المرأة هو درء الفتنة وسد كل ذريعة إلى الفاحشة، فقد حرّم عليها كل ما يهيِّج الشهوة، أو يغري بالفاحشة، أو يفضي إلى الفتنة.
فمن هذا الباب أوجب الشرع على المرأة إذا خاطبت الرجال أن يكون ذلك من وراء حجاب، كما قال تعالى "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب:53]، ولا فرق في هذا الأمر بين أن يكون الرجل متزوجاً أو عزباً. ثم بيَّن المقصود من ذلك فقال: "ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب:53]، وإذا كان الله قد أوجب هذا في مخاطبة نساء النبي – صلى الله عليه وسلم - اللاتي هن أطهر النساء وأعفهن، فلا شك أنه واجب كذلك ـ من باب أولى ـ على غيرهن من المؤمنات.
ومن هذا الباب حرم الشرع على المرأة أن تخضع بالقول حتى لا يطمع الذي في قلبه مرض "ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض" [الأحزاب:32].(1/41)
ومن هذا الباب ـ أيضاً ـ حرم الشرع خلوة الرجل بالأجنبية خشية الفتنة ـ ولو لم تقع ـ فقال – صلى الله عليه وسلم - : "ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما" الترمذي (1171)، وأحمد (114)، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الرجل عزباً أو متزوجاً.
ومنه ـ أيضاً ـ حرم على المرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم، خشية الفتنة عليها في الطريق، لا سيما إذا كان غير آمن.
ومنه ـ كذلك ـ حرم الشرع على المرأة أن تخرج متعطرة إذا كانت تعلم أنها ستمرُّ بحضرة رجال أجانب، فقال – صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة استعطرت فمرَّت برجال ليجدوا من ريحها فهي زانية" أخرجه الترمذي (2786) والنسائي (5126) وابن خزيمة (1681) وابن حبان (4424).
ودلالة هذه الأوامر والنواهي والتحذيرات ظاهرة على أن الشرع يقصد إلى أن تكون المرأة بعيدة عن مخالطة الرجال إلا ما تقتضيه الضرورة. كما يقصد إلى عدم إثارة كوامن الفتنة في نفسها وفي نفوسهم، وإلى سد كل ذريعة تذرُع إلى ذلك.
ولذا فلا أرى أن يركب معك رجالٌ من غير محارمك، ولو كانوا متزوجين، ولو رضي بذلك زوجك، إلا إذا كان معك محرم من محارمك فليس عليك وحدك تُخشى الفتنة، بل الفتنة تُخشى على الرجال ـ أيضاً ـ بركوبهم معك، والنفس ضعيفةٌ، والشيطان حريص، ونَفَسُه في الإغراء والإغواء طويل، وله في استدراج العبد خطوات، قد يبدأ به من التوسّع في المباحات، أو من المكروهات، وهكذا يستدرج العبدَ من حيث لا يشعر، فلا يقف به إلا في حمأة الكبائر أو الكفريات.
وأرى أن تدعي هذا النوع من المساعدة لأمثالهم الرجال... ولك أن تساعدي بهذه الخدمة الجليلة أمثالك النساء.
وأخيراً أهنئك على محافظتك على حجابك واعتزازك به في هذا الزمن العجيب الذي علا فيه صوت الباطل وخفت فيه صوت الحق، واستُهزِئ فيه بالحجاب ولمزت فيه المتحجبات العفيفات.(1/42)
أسأل الله لي ولك الثبات على دينه، وأن يزيدني وإياك به اعتزازاً وتمسّكاً؛ فنكون ممن عناهم الله بقوله: "والذين يُمسِّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين" [الأعراف:170].
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
سئل الشيخ د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى من عادات أهل زوجي الجلوس في مجالس مختلطة ذكوراً وإناثاً، فهل يجوز لي شرعاً الجلوس مع أعمام وأخوال زوجي في مجالسهم المختلطة مع زوجاتهم، أم أن هذا هو الاختلاط الذي حذَّر منه الشرع؟ وما هي الضوابط الشرعية التي يجب التمسك بها أثناء الجلوس معهم؟ أفيدوني جزاكم الله ووفقكم لما يحبه ويرضاه .
الجواب :
اختلاط الرجال بالنساء لا يجوز إذا كان هناك كشف لشيء من العورة، كأن تبدي زينتها يديها أو قدميها، أما إذا كان المقصود جلوس الرجال والنساء كل في ناحية والنساء متحجبات ، ولا يحصل بينهم حديث فيه شيء من قلة الأدب ، وإنما سؤال عن الحال والأهل وكل في جهة، ولا ينظر الرجال والنساء إلى الآخر نظر تلذذ، وإنما غض للبصر، وستر لما يستر فهذا لا بأس به - إن شاء الله -، أما الخلوة فإنها لا تجوز بأي حال.
فلا يجوز الاختلاط الذي فيه إبداء شيء من الزينة ، ومما تساهل الناس فيه جلوس الرجال مع النساء مع إظهار المحاسن، وهم غير محارم قال – تعالى -: " وقل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ...) الآية[النور : 31]. فذكر الشارع زينتين: زينة ظاهرة، وزينة يمكن إخفاؤها؛ فأما الظاهرة فلا يمكن إخفاؤها كالطول والبدانة، وأما الزينة التي يمكن إخفاؤها كالوجه واليدين فلا يجوز كشفها .(1/43)
سئل الشيخ د.محمد العروسي عبدالقادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى لي أخ في الله، وكلانا متزوج وله أولاد، ونحن نتزاور فيما بيننا في البيوت، وقد طرح أمر شرعي خاص فيه جواز أو عدم جواز الاجتماع جميعاً في قاعة واحدة أنا وأخي وأزواجنا، مع الالتزام بالحجاب الشرعي لهن، والتزامنا جميعاً بآداب الجلوس والاجتماع بالكلام فيما أباحه الشرع، وتعلم علوم الشرع، علماً أن الزوجات لا يسترن وجوههن ولا أيديهن .
أرجو من سماحتكم إفادتنا بجواب ذلك، وجزاكم الله خير الجزاء وأحسن إليكم .
الجواب :
قد كان النساء قبل أن تنزل آية الحجاب: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن"[الأحزاب: 59] يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها، وكان آنذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، فلما أنزل الله -سبحانه- آية الحجاب، حجب النساء عن الرجال.
قال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس –رضي الله عنهما- : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة. وليس للمرأة أن تبدي للأجانب الوجه ولا اليدين ولا القدمين على الصحيح من القولين، ومن قال بخلاف ذلك إنما أخذ بالقول الأول، وهو ما كان قبل النسخ .
وأمر الله –سبحانه- المؤمنين ألا يسألوا أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا من وراء حجاب، وأعقبه –سبحانه- ذلك بقوله:" ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب: 53]، فالواجب على القيم على النساء أن يأمرهن بالستر وتغطية الوجه واليدين إذا خرجن من منازلهن، وينهاهن عن الكشف وإبداء الوجه واليدين؛ لأنها من الزينة .(1/44)
وما يفعله بعض الناس من استقبال الزائرين بعائلاتهم، ثم يجلس الجميع الزائر وأهله والمزور وأهله في مكان واحد، يتكشف الجميع بعضهم على بعض فهذا لا يجوز، وليس من تزكية النفس، وقد يتحدث المريض قلبه ببعض نوازغ الشيطان فهذا الفعل لا يجوز، ولا بد من فصل الرجال عن النساء . والله - سبحانه وتعالى- أعلم.
سئل الشيخ هتلان بن علي الهتلان القاضي بالمحكمة المستعجلة بالخبر السلام عليكم.
أنا شاب أبلغ من العمر 31 سنة، أعزب، كنت خاطباً، ولكن لم تكتمل الخطبة،
مشكلتي الأساسية أنني لا أستطيع أن أبتعد عن ارتكاب المعصية مع أنني أكره ذلك الشيء، وأحس دائماً أنه نقطة ضعفي، ولكنني في نفس الوقت لا أستطيع البعد عن النساء عموماً، ولكن في كل صلاة لي أدعو الله أن يتوب علي ويهديني، ويبعدني عن المعصية، في الآونة الأخيرة اشتغلت معي فتاة تبلغ من العمر 22 عاماً، بدأ الإعجاب بيننا، ثم بدأت تنشأ بيننا علاقة، نتيجة لتواجدنا فترات كبيرة بمفردنا في مكان مغلق، وذات مرةٍ فعلت معها الفاحشة، ولكني اليوم نادم، وأفكر فيها بالزواج، فما حكم الدين؟ هل أتزوجها؟.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(1/45)
إن من المتقرر في شريعة الإسلام حرمة اختلاط الرجال بالنساء في دور التعليم والمستشفيات، والأسواق، والمنتديات، وأماكن العمل، والحفلات، ونحو ذلك؛ لما يفضي ذلك إليه من الشرور الوخيمة، والمفاسد العظيمة، والمنكرات الكبيرة، فهو عظيم لافتتان النساء بالرجال، والرجال بالنساء، وهو مرتع خصب للشيطان؛ ليزين الفاحشة من خلاله للجنسين، وينشئ العلاقة المحرمة والصداقة الآثمة؛ ليجد الرجل والمرأة إغواءً وتزييناً، وإضلالاً وتهويناً، "وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ..." "يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُوراً"[النساء:120]، "وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ"[الحجر: من الآية39]،وفي الاختلاط ذهاب لحياء المرأة من الرجل وزوال الهيبة من الرجل، وجرأة أحدهما على الآخر، ولا ريب أن الاختلاط خلاف ما تقتضيه الشريعة الإسلامية وخلاف ما كان عليه الجيل الأول،وسلف الأمة الصالح، وقد تكاثرت الأدلة الشرعية على حرمة اختلاط النساء بالرجال حتى في أماكن العبادة، وأثناء أدائها فضلاً عن الاختلاط في الطرقات،وغير ذلك من أماكن التجمعات، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها،وشرها أولها" رواه مسلم (440) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه-.(1/46)
فقد شرع الرسول – صلى الله عليه وسلم- للنساء إذا أتين إلى المسجد أن ينفصلن عن الجماعة على حدة، ثم وصف أول صفوفهن بالشر؛ لقرب أولها من الرجال، ووصف آخر صفوفهن بالخير؛ لبعد آخرها من الرجال، وعن مخالتطهم ورؤيتهم،وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم، وكما وصف آخر صفوف الرجال بالشر، إذا كان في المسجد نساء؛ لفوات التقدم والقرب من الإمام، ولقربهم من النساء اللاتي يشغلن البال، وربما أفسدن عليه العبادة، وشوشن النية، وأذهبن الخشوع عليه، فإذا كان الشارع بين إمكانية حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى، وإذا كان الأمر كذلك في أمر العبادة، فما بالك بغير العبادة؟! ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة يكون أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة!! فإن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم.
وفي صحيح مسلم عن زينب الثقفية زوجة عبد الله بن مسعود –رضي الله عنهما- قالت: قال لنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً" رواه مسلم (443) من حديث زينب بنت معاوية – رضي الله عنها - قال ابن دقيق العيد - رحمه الله-: (فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم،وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة أيضاً" قال: ويلحق بالطيب،ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره،والهيئة الفاخرة) قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله-: (وكذلك الاختلاط بالرجال).(1/47)
وقد حذّر النبي –صلى الله عليه وسلم- من الافتتان بالنساء، ولا شك أن الاختلاط بهن في دور التعليم، والأسواق وأماكن العمل، ونحو ذلك طريق للفتنة بهن ففي صحيح مسلم (2742) عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الدنيا حلوة، خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا،واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".
وفي الصحيحين البخاري (5096)، ومسلم (2740) عن أسامة بن زيد –رضي الله عنهما- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء".(1/48)
وقد روى أبو داود في السنن (5272)والبخاري في الكنى بسنديهما عن حمزة ابن أبي أُسيد الأنصاري، عن أبيه –رضي الله عنه- أنه سمع النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول وهو خارج مبنى المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- للنساء: "استأخرن؛ فإنه ليس لكُنَّ أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق"، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به، قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث: "يحققن الطريق"، هو أن يركبن حقها وهو وسطها) ا.هـ، وفي صحيح البخاري (850) عن أم سلمة –رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه، ومكث النبي – صلى الله عليه وسلم- في مكانه يسيراً، وفي رواية ثانية له: كان يسلم، فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية ثالثة برقم (866): كن إذا سلمن من المكتوبة قُمْنَ، وثبت رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قام الرجال، وفي لفظ قالت: نرى والله أعلم أن ذلك لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال، وقد ثبت في الصحيحين البخاري (98)، ومسلم (884) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما - أن النبي –صلى الله عليه وسلم- جعل مكاناً خاصاً للنساء إذا خرجن إلى مصلى العيد لا يختلطن بالرجال، فلما خطب في الرجال، نزل وذهب للنساء، ومعه بلال –رضي الله عنه- فوعظهن وذكرهن...الحديث.(1/49)
أرأيت أخي المسلم عظم هذه الأحاديث وعظمة هذه الشريعة الإسلامية الحريصة كل الحرص على طهارة المجتمع المسلم، ونقاء سريرة أفراده وسلامة أعراضه من الرجال والنساء، إنها طهارة للرجل المسلم، وللمرأة المسلمة، وللأسرة المسلمة وللمجتمع المسلم بسد جميع الأبواب التي توصل إلى ما يدنس ذلك، وينجسه بالاختلاط وغيره، وقد حرص أعداء الإسلام على تمزيق هذا السياج، وكسر هذه الأبواب الموصدة بتزيين الاختلاط بين الجنسين في دور التعليم وغيره؛ بحجة التطور، وبهدف اقتصادي، وآخر حضاري، وثالث تقدمي،ورابع اجتماعي، وكلها سموم زعاف يبثونها في المجتمعات المسلمة لتنحل وتتنجس بما تنجست به مجتمعاتهم المنحلة وتبوء بما باءت به بلدانها المختلطة من شرور، وفساد،وفواحش،ومنكرات.
وقد تنادى مؤخراً كثير من عقلاء الغرب لفصل تعليم النساء عن الرجال، وقدمت بحوث ودراسات موثقة تثبت أن مستوى التعليم المنفصل بين الجنسين أفضل بكثير من المختلط علمياً، وذهنياً، وتربوياً،وسلوكياً، وانتظاماً في الدراسة.
وحري بالمسلمين جميعاً وبالبلاد الإسلامية وبمسئوليها أن يولوا هذا الأمر عنايتهم،وأن يحافظوا على شعوبهم، ومجتمعاتهم من أسباب الشر والفتنة، وأن يسدوا أبواب الاختلاط، ويقضوا على مظاهره وأماكنه، وأن يحققوا صدق المتابعة لشريعة ربهم في جميع مناحي حياتهم، فإن ذلك سبب عزهم، ونصرهم، وتمكينهم، وسعادتهم،وفلاحهم في الدنيا والآخرة.(1/50)
وانظر أخي السائل كيف هي آثار الاختلاط، فقد وقع منك ما وقع وهو منكر عظيم، وخطر جسيم، أنصحك يا أخي بأن تتوب إلى الله –تعالى- توبة نصوحاً، وتندم على ما فعلت، وتعزم عزماً أكيداً على عدم العودة إليه، وتقلع عن هذا الذنب الخطير، وتصحح من حالك، وتتقي الله في سرك وعلانيتك، وفي أقوالك وأفعالك، واعلم أن الله –تعالى- مطلع عليك، لا تخفى عليه خافية في الأرض، ولا في السماء، "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"[غافر:19] "يعلم السر وأخفى" [طه:7]، "عالم الغيب والشهادة" [الأنعام:73]، ومن تاب وصدق في توبته،وأخلص في توبته تاب الله عليه، وقبل توبته، وغسل حوبته، قال –تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفّر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار..." [التحريم:8]، وقال – سبحانه-: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم..." الآيات [الزمر:53]. وقال –تعالى-: "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً" [الفرقان:68-71].
كما أنصحك ثانياً؛ بأن تبتعد عن أماكن الاختلاط بالنساء الأجنبيات، ما أمكن أسكن، ومن ذلك أن تبحث لك عن عمل لا يكون فيه اختلاط بالنساء، ولو أن تسعى للنقل من مكتبك الذي تعمل فيه مع هذه الفتاة إلى مكتب أو قسم آخر في جهة عملك لا يكون فيه نساء فهذا – بإذن الله- أبعد عن الوقوع في الفتنة،وسداً للذريعة.(1/51)
كما أنه يجب على تلك الفتاة أيضاً أن تتوب إلى الله –تعالى- وتصدق في توبتها، وتقلع عما فعلت، وتندم عليه،وتعزم عزماً صادقاً على ألا تعود إليه، فإذا ما تبتما جميعاً، واستقامت حالكما، وندمتما على ما فعلتما فأرجو ألا بأس بعد ذلك بتقدمك لخطبتها وطلب الزواج منها إذا كانت ذات دين واستقامة وخلق.
أسأل الله –تعالى- لي ولك الهداية والسداد، وأن يلهمنا رشدنا، ويقينا شر أنفسنا، ويهدينا صراطه المستقيم، ويتوب علينا إنه هو التواب الرحيم،ويغفر لنا،ويرحمنا، ويتجاوز عنا، ويقبل توبتنا إنه هو الغفور الرحيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
6- لباس المرأة وحجابها وعورتها
سئل الشيخ د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
لدي ابن عم في الثامنة عشرة من عمره مصاب بمرض " التَّوحُّد " وأنا لا أحتجب عنه .. ما رأي فضيلتكم مأجورين
الجواب :
تختلف حالات الإصابة بالتوحُّد ، فإذا كانت الإصابة شديدة فإنه يكون من غير أولي الإربة ، ولا يكون لديه تفاعل مع من حوله بما في ذلك النساء . فحينئذ لا يجب الحجاب عنه لقوله تعالى : (( والتابعين غير أولي الإربة من الرجال )) قال ابن عباس -رضي الله عنهما- : هو المغفّل الذي لا شهوة له . وقال مجاهد : هو الأبله . وكذلك قال غير واحد من السلف .
وأما الإصابة الخفيفة فإنه يكون بوضع الرجل الطبيعي من حيث الشهوة والإدراك ، وبالتالي فإن الأصل البقاء على الحكم العام وهو الاحتجاب عن الرجال الأجانب ، وهو منهم ، ما لم يتضح أن إصابته من النوع الشديد الذي يُفْقِدهُ الإربة في النساء والتفاعل مع من حوله ، والله أعلم .
سئل الشيخ د. خالد بن محمد الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
هل يجوز للمرأة أن تكشف صورها للرجل الأجنبي ،وفي الصورة صورتها وهي صغيرة قبل سن البلوغ ؟
الجواب :(1/52)
أما صورها بعد البلوغ فلا يجوز لأجنبي أن يراها ، ولا يجوز لها أن تمكنه من ذلك ، إلا لحاجة معتبرة شرعاً ، كرؤية في خطبة زواج ، أو للتحقق من الهوية ممن له هذا الحق. ويجب أن تكون الصورة تُظهر المرأة وهي محتشمة لا يبدو منها إلا وجهها فقط ؛ لأن ترك الحجاب في الصورة كان للحاجة ، والحاجة تقدر بقدرها، وقدرها كشف الوجه فحسب دون الشعر ، والنحر، وسائر أجزاء الجسم . ومن المعلوم ثبوت الأدلة الموجبة للحجاب ، ومنه حجاب الوجه ومنها قوله -جل وعلا- : (( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)) وقد فسر ابن عباس -رضي الله عنهما- الإدناء بتغطية الرأس، والوجه، والنحر، ويقول الله -جل وعلا- ((ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن)). هذا إن كانت الصورة تبدي المرأة وهي غير محتجبة ، فإن كانت تبديها محتجبة فلا أعلم في ذلك حرجاً.
وأما صورها قبل البلوغ، فيجوز للأجنبي النظر إليها؛ لأنه يجوز النظر إلى صاحبة الصورة مباشرة ، فجوازه لصورتها أولى ، وذلك لعدم وجوب الحجاب على غير البالغة ، ولأن عورتها ما بين السرة والركبة ، فهذه العورة هي التي لا يجوز النظر إليها لا مباشرة ولا في صورة. والله أعلم .
سئل الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله العجلان المدرس بالحرم المكي
أريد أن أذهب إلى طبيبة نساء فهل يجوز أن تكشف على بطني مثلا وماهي حدود عورة المرأة مع المرأة
الجواب :
حدود عورة المرأة للمرأة عند الحاجة ما بين السرة إلى الركبة، إلا أنه من باب التمسك بالآداب والأخلاق الفاضلة، أن لا تكشف المرأة أمام النساء الأخريات عن شيء من جسمها، الذي لم تجرِ العادة بكشفه. وهناك فرق بين كشف المرأة شيئاً من جسمها أمام امرأة للتداوي أو للولادة أو لحاجة ما، وبين أن تكشف المرأة عن ذلك اختياراً بلا حاجة ولا ضرورة؛ فيجوز في حال الضرورة؛ وينهى عنه لغير ذلك . والله أعلم .(1/53)
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
ما حكم لبس بنطلون الـ (جينز) وملابس الـ (تي شيرت) للمرأة والفتيات ، وما يجسّد العورة وإن كان بين النساء ؟ فإن ذلك قد أدى إلى ظهور الفتن، وإثارة الغرائز .
الجواب :
لا يجوز للمرأة لبس ما يصف جسمها لضيقه ، أو رقّته ؛ لما في ذلك من الفتنة للرجال، والقدوة السيئة للنساء ا.هـ .
وينبّه على أن بنطلون (الجينز) ، و(التي شيرت ) من ملابس الإثارة والإغراء ، لأنها تحدد حجم الأعضاء ، وتستر ما فيها من عيوب؛ ولذا لا يجوز للمرأة لبسها إلا على سبيل الإغراء والإرضاء لزوجها فقط . وليس لها أن تبدو بها أمام الرجال أو النساء ، لما في ذلك التبرج والفتنة ، وهتك الحياء . والله أعلم .
سئل الشيخ د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ما حكم لبس المرأة التنورة المفتوحة من جهة الساق حيث يظهر نصف الساق أو أعلى من نصفه بقليل وذلك عند النساء؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
من حيث العورة لا يعتبر هذا عورة بالنسبة للمرأة بين النساء، لكن ينبغي للمرأة ألا تتزين بزي الفساق، ولا بزي الأجانب من الغربيين ونحوهم، ينبغي للمرأة أن تكون ملابسها ملابس ساترة، وألا يجرها حب محاكاة الآخرين إلى أن تعرض نفسها للفتنة، فإن المرأة إذا تعودت أن تلبس ملابس فيها شيء من إبداء الزينة عند النساء؛ ربما يجرها ذلك إلى أن تبديها عند الرجال الأجانب، وهذا منزلق خطير يقع فيه كثير من النساء في هذا الزمن، خاصة في حفلات الأفراح ونحوها، فإن الملاحظ أن بعض النساء ترتدي ملابس تكون فيها متبرجة، وتظهر بمظهر لا تصلح أن تكون فيه إلا أمام زوجها، فيجب على المرأة أن تعتد بما هي عليه من أخلاق إسلامية، وتحافظ على تقاليدها وكرامتها، والله الهادي إلى سواء السبيل.
سئل الشيخ محمد بن صالح الدحيم القاضي في محكمة الليث(1/54)
أنا فتاة كنت مغنية، وسمعت عن وجوب الحجاب الكامل للمرأة حتى كفيها وعينيها، ولكن صديقاتي أخبرنني أن العلماء اختلفوا، أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وبعد:
الله – سبحانه وتعالى- نهى عن التبرج فقال: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى" [الأحزاب: من الآية33]، قيل التبرج هو:
(1) التبختر والتكسر
(2) إظهار الزينة وإبراز المرأة محاسنها للرجال.
ومما يفسر المراد بالتبرج قول النبي – صلى الله عليه وسلم-: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"، أخرجه مسلم (2128).
وأمر الله – سبحانه- بالحجاب فقال: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59]، فما هو الجلباب؟
قال ابن كثير: الجلباب بمنزلة الإزار اليوم، وقال القرطبي: الثوب الذي يستر جميع البدن.
وفي صحيح مسلم (890) عن أم عطية قالت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: "لتلبسها أختها من جلبابها"، إذن الجلباب – الإزار – الثوب، والجلباب بالمعنى اللغوي: ما يغطى به ما دون الرأس، وأما ما يغطى به الرأس والصدر والنحر فهو: (الخمار) وقد قال الله تعالى في سورة النور "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" [النور: من الآية31]، خمرهن: جمع خمار وهو غطاء الرأس، جيوبهن: جمع جيب وهو فتحة العنق.
وما المراد بـ( الإدناء)
قال مجاهد: هو الشد على الجباه،وبنحوه قال سعيد بن جبير وعكرمة وغيرهم.(1/55)
وأما عن إبداء الزينة: فقد قال الله تعالى: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا"
[النور: من الآية31]، وقد اختلف أهل العلم في الزينة الظاهرة على أقوال:
(1) هي الثياب الظاهرة، يروى عن ابن مسعود – رضي الله عنه-.
(2) هي الوجه والكحل والخاتم والسواران، يروى عن ابن عباس، وعائشة – رضي الله عنهم-, ومن التابعين سعيد ومجاهد وعطاء.
(3) هي الوجه والثياب، يروى عن الحسن البصري، فصارت الأقوال إلى قولين: الثياب والوجه والكفان.
والقول الثاني هو المشهور عند الجمهور كما يقول ابن كثير، قال ابن جرير: (وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: عني بذلك الوجه والكفان، قال: المرداوي في الإنصاف
((1/56)
8/27) وهذا الذي لا يسع الناس غيره، خصوصاً للجيران والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم)، ولكل من القولين استدلالات ليس هذا موضع بسطها، لكن الذي أريد قوله أن الخلاف في هذه المسألة قديم ومعروف ولا يجوز تجاهله، وهو من مسائل الاجتهاد لا من مسائل القطع، كما لا يجوز أن تكون هذه المسألة سبباً للتفرق والخلاف المذموم والحط والتنقص من أقدار العلماء،كما أنبه على أن صواب القول ورجحانه لا يكتسب ذلك من موافقته للعادات والتقاليد، بقي أن نعلم: أنه وحتى على قول القائلين بجواز كشف الوجه واليدين فيجب سترهما عند الفتنة خوفاً أو تحققاً، حيث يكون الستر لأمر خارج وهو الفتنة، كما أن الفقهاء القائلين بوجوب ستر الوجه واليدين يقولون بتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان، والأحوال والأشخاص، وبالتالي فإذا كانت المرأة في بلد أو زمن أو حال لا تستطيع ستر وجهها وكفيها لأسباب اجتماعية، أو سياسية، أو أمنية، وتتعرض لأذى أو تفوتها مصلحة أعظم جاز لها كشف الوجه واليدين، وكذلك حال التي ابتليت ووقعت بالسفور والخلاعة و.. تريد أن تتوب ويكون إلزامها بستر وجهها وكفيها مما يعوقها عن التوبة فلا يجوز والحالة هذه إلزامها بذلك، ومن ألزمها بذلك فقد غلط، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- (ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتلطف بالناس في التوبة بكل طريق)، وليعلم أن التضييق والتعسير ليس من الفقه في شيء، وما أوقع الناس في الحيل والمحرمات إلا التضييق، ألا ترى أن بعض النساء في بعض المجتمعات تلجأ إلى إظهار العينين الفاتنتين ممن لو رأيت وجهها لوليت مدبراً ولم تعقب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (لقد تأملت غالب ما أوقع الناس في الحيل فوجدته شيئين:إما ذنوب جوزوا عليها بتضييق في أمورهم فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل فلم تزدهم الحيل إلا بلاء..(1/57)
وإما مبالغة في التشديد لما اعتقدوه من تحريم الشارع فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل، وهذا من خطأ الاجتهاد)، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
سئل الشيخ د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي لا ترتدي إلاالقميص والبنطال الفضفاض؟
الجواب :
الواجب على المرأة المسلمة ارتداء اللباس الضافي في كل وقت لأن المرأة الحرة كلها عورة ويجب عليها الحجاب لقوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن" [الأحزاب: 59]وقوله تعالى: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" [النور:31].
والمرأة المسلمة إذا سترت جميع بدنها وشعرها في الصلاة ولم تظهر إلا وجهها وكفيها صحت صلاتها، وإذا ظهر شيء من بدنها غير الوجه والكفين لم تجزئ صلاتها، وكون المرأة تصلي في قميص وبنطال فضفاض إذا كان ساتراً لجميع بدنها فصلاتها صحيحة، ولا ينبغي للمرأة المسلمة أن تصلي في مثل هذا اللباس إلا أن يكون عليها لباس خارجي كالشرشف والعباءة ونحو ذلك، ويلاحظ هنا أن ستر شعر المرأة واجب عليها سواء كانت في الصلاة أوغيرها، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل عورة الأمة من السرة إلى الركبتين؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فتختلف العورة في مسألة النظر عن العورة في الصلاة، وذلك أن الموضع المعين من البدن قد يكون عورة في الصلاة ولا يكون عورة خارجها؛ كرأس المرأة الذي يجب عليها ستره في الصلاة ولا يجب خارج الصلاة أمام محارمها، وكوجه المرأة الذي تستره أمام الأجانب وتكشفه في صلاتها.(1/58)
والمرأة لا تصلي إلا مستورة جميع البدن عدا الوجه، ولو لم يكن عندها إلا زوجها لأن ستر الصلاة لحق الله، وستر العورة خارجها لمنع الفتنة والفساد.
والأمة في الصلاة - عند عامة أهل العلم- يجوز لها أن تصلي مكشوفة الرأس.
وقيل عورتها في الصلاة كعورة الرجل من السرة إلى الركبة، وهو قول مشهور في مذهب الإمام أحمد والشافعي (المغني 2/332).
وإنما حجتهم الحديث الذي رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً:"إذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته، فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة" سنن أبي داود (496) سنن الدارقطني (1/230) بإسناد حسن.
وهذا ضعيف في الدلالة؛ لأنه في النظر لا في الصلاة، ثم الظاهر أن المراد منه أن من زوج أمته التي يباح له وطؤها؛ فليس له أن ينظر إلى تلك العورة؛ لئلا تباح لرجلين.
فإن الحديث علق عدم الرؤية على الزواج فمفهومه الإذن له بالرؤية قبله فتأمل، وقد حمله البيهقي على عورة الرجل مع طعنه في صحته (السنن الكبرى 2/83)، والظاهر أن عورة الأمة ما دون رأسها وذراعيها وساقيها مما يظهر غالباً.
لأن الأمر بالحجاب أمر عام والأصل في التشريع أنه عام، لا يختص إلا بدليل، وقد ورد أن عمر كان ينهى الإماء عن التقنع (وهو تغطية الرأس) ويقول: إنما القناع للحرائر، وضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة، وقال: اكشفي رأسك ولا تشبهي بالحرائر. (سنن البيهقي 3305) وصححه.
وهذا اشتهر في الصحابة ولم ينكر، كما أن ذلك يظهر عادة عن الخدمة والتقليب للشراء، وأما في خارج الصلاة فإن خشيت الفتنة بهن كالإماء الحسان؛ فيجب عليهن ستر جميع بدنهن فإن المقصود من الحجاب هو ستر ما يخاف منه الفتنة بخلاف الصلاة.(1/59)
وإن لم تخش الفتنة كما كان الإماء في الصدر الأول، وفي عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- فليس عليهن حجاب كحجاب الحرائر، وهن كالقواعد من النساء قال تعالى فيهن:"ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة" [النور:60]، هذا هو الظاهر لي، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.
سئل الشيخ سليمان بن عبدالله الماجد القاضي بالمحكمة الكبرى في الأحساء السؤال: أرجو إفادتي في أمر النقاب . هل هو فرض أم فضل ، ولم اختلف الأئمة في هذا الأمر، وقد قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم" ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاقٍ بعيد" صدق الله العظيم . وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
الحمد لله وحده أما بعد:
أصح أقوال أهل العلم أن تغطية الوجه واجبة على جميع النساء، فهي فرض، وفضل، وليست فضلاً فقط .
وهناك من أهل العلم من يقول: إن هذا مستحب وليس واجباً ، ولكل فريق دليله ، والصحيح ما ذكرناه من وجوب تغطية الوجه.
وأما الاختلاف المذكور في الآية فليس كما ظنت الأخت السائلة أن المقصود به اختلاف الفهم بين الفقهاء في المسائل الاجتهادية كمسألة الحجاب ، وهذا الاختلاف المذموم الوارد في الآية يحتمل عند المفسرين احتمالات منها:
1-أن هذا الاختلاف هو حال من يأخذ ببعض الكتاب ولا يأخذ ببعضه الآخر.
2-أن المقصود بهذا الاختلاف هو اختلاف مشركي مكة في القرآن ؛ فمنهم من يقول: هو سحر، ومنهم من يقول: هو شعر، ومنهم من يقول: هو كهانة ، ومنهم من يقول: هو أساطير الأولين.
3-أنه اختلاف اليهود والنصارى في ورود صفة محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- في كتبهم ؛ فمنهم من يقول: وردت، ومنهم من يقول: لم ترد؛ فهذا اختلافهم في الكتاب.
فليس المقصود بالاختلاف في الآية خلاف الفقهاء في المسائل الاجتهادية .
وأما سبب خلاف الفقهاء في هذه المسائل وأمثالها فله أسباب منها:
1-عدم اطلاع العالم على دليل العالم الآخر.(1/60)
2-عدم معرفته بصحة دليل الآخر.
3-تفاوت درجات الفهم بين العلماء.
4-غلبة التقليد ومتابعة المألوف عند البعض.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هل من حق الزوجة على زوجها ألا يشاهد النساء إذا كان نظر الزوج للنساء يؤذي الزوجة نفسياً؟ هل نظره للنساء يعني أنه أخطأ في حقها، وبالتالي تتقاضى منه يوم القيامة؟ علماً أنها تقول له دائماً: أنا لا أسامحك على النظر ؟
الجواب :
الحمد لله وبعد : لا يجوز للزوج ولا غيره من الرجال النظر إلى النساء الأجنبيات سواء كان النظر في صورة أو حقيقة، ولأجل ذلك جاءت النصوص الشرعية الكثيرة في إيجاب احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب – أي غير المحارم – ومن ذلك قوله - تعالى -:" يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً " [الأحزاب: 59] .
وقال - تعالى -: " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ....." [الأحزاب: 53]
وقال - تعالى -: " وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... " الآية بطولها من سورة [النور :31] " والخمار في الآية هو ما تجعله المرأة على رأسها فينحدر على وجهها وجيبها، ويراد به: نحرها، فالجيوب هي: النحور والصدور، فإذا وضعت المرأة خمارها على رأسها، وسترت به نحرها وصدرها استلزم ذلك ستر الوجه؛ لأنه بين الرأس والنحر، ومن الأدلة الصحيحة الواردة في السنة ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عائشة – رضي الله عنها - في قصة الإفك حين أقبل إليها صفوان بن المعطل السلمي – رضي الله عنه – قالت: " فخمرت وجهي ..." أخرجه البخاري (4141)، ومسلم (2770)(1/61)
ومنها ما في الصحيحين من حديث عائشة في نظرها إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد يوم العيد ..." فأقامني وراءه خدي على خده " أخرجه البخاري (2907)، ومسلم (892) فكان يسترها خلفه – عليه الصلاة والسلام - وهي تنظر ولا ينظرون إليها .
ومنها ما في البخاري (1838) :" لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين " فدل مع احتجابها بالنقاب – إن احتاجت إليه – في غير حال الإحرام، وبالإضافة إلى ما ذكرنا من الأدلة – على وجه الاختصار – فإن النظر الصحيح يدل على تحريم النظر إلى النساء الأجنبيات، ووجه ذلك أن النظر سبب الزنى، فإن مَنْ أكثر النظر إلى جمال امرأة مثلاً قد يتمكن بسببه حبها من قلبه تمكناً يكون سبب هلاكه – والعياذ بالله - .
قال الوليد بن مسلم الأنصاري :
كسبتْ لقلبي نظرةً لتسرّهُ ... عيني فكانت شقوة ووبالا
ما مر بي شيٌء أشد من الهوى ... سبحان من خلق الهوى وتعالى
وخلاصة الأمر أن الزوج وغيره من الرجال ممنوعون من النظر إلى النساء الأجنبيات حتى لو رضيت الزوجة ولم تمانع أن ينظر زوجها إليهن، ذلك أن تحريم النظر المذكور هو تشريع إلهي محض، وحكم رباني خالص ، وهدي نبوي صارم، وليس مجرد حق شخصي للزوجة أو غيرها من النساء ، ومع ذلك نقول: إنَّ نظر الزوج إلى المرأة الأجنبية فيه إيذاء بلا ريب لزوجته، وإساءة لعشرتها، وجرح لمشاعرها يعرضه لعقوبة الله وسخطه – عياذاً بالله – قال الله - جل شأنه -: " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً ...".[الأحزاب : 58].
ومما يجدر ذكره في هذا المقام أنَّ على الزوجة أن تجتهد في إعفاف زوجها بحسن التبعل له، وإطابة العشرة معه، وإدامة التزين والتجمل بحضرته حتى تقر عينه، وتسعد نفسه، ويهنأ قلبه، ويعف فرجه عن الحرام وأسبابه .(1/62)
وعلى الزوجة كذلك أن تجتهد في تطهير بيتها من أسباب الفتنة ووسائل الإفساد من الدشوش والمجلات ونحوها ولو بالتدريج، وسياسة الخطوة خطوة ...، حتى ينعم الزوجان ببيت خالٍ من أسباب الشر ومزالق الفتنة .
أما أن ترضى الزوجة بوجود التلفاز في كل حجرة من البيت، والمجلة الهابطة في كل زاوية من زواياه، وتظل الساعات الطوال قابعة أمام القنوات العارضات لكل قبيح ورديء وفاحش، ثم تنقم على زوجها أن يشاركها الإثم، ويقاسمها الخطيئة فهذا عجيب ومريب.
فاحرصن معاشر الزوجات على إرضاء خالقكن، والتزام أوامره – سبحانه - في كل صغيرة وكبيرة من حياتكن، حينها ستجدن أثر الطاعة ونتيجة الاستجابة في أخلاق أزواجكن وسائر أموركن، قال – جل شأنه- :" من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة " [النحل : 97] والله المسؤول أن يصلح مجتمعات المسلمين وبيوتهم ورجالهم ونسائهم وذرياتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
سئل الشيخ د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعدما رأيت من مخالفات شرعية لنساء يعددن أنفسهن من نساء الحركة الإسلامية، وهن لاجئات من أجل ذلك، أوجه لكم السؤال التالي (من شقين):
(1) ما شروط وصفات اللباس الشرعي؟
(2) هل هو قطعتان أم قطعة واحدة؟ وما هو الجلباب؟
وشكراً جزيلاً.
الجواب :
الحمد لله وبعد، وعليكم السلام ورحمة الله وبعد:
أخي في الله يشترط في الحجاب الشرعي:
1. أن يكون ساتراً للجسد كله.
2. أن يكون واسعاً، لا يجسد بدن المرأة، أو يظهر تقاسيم جسمها.
3. ألاً يكون زينة في ذاته، بمعنى أن يخلو من الألوان والأشكال والزخارف المثيرة.
4. ألا يكون مُعطراً أو مبخراً.
5. أن يكون ملائماً للعرف السائد في البلد من حيث لونه وشكله.(1/63)
وأما هل يكون قطعة أو قطعتين؟ فالأمر في هذا واسع، فإن كانت عادة نساء البلد لبس قطعة واحدة فلا بأس، وإن كانت عادتهن لبس قطعتين فلا بأس، شريطة التقيد بالشروط المذكورة أعلاه، والله أعلم.
سئل الشيخ د. عبد الله بن فهد الحيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود هل يجوز للمرأة أن تصلي بالبنطلون الفضفاض أو الضيق أو السراويل الضيقة، أو ما يسمونه في مجتمعنا (الفيزون)؟ وأرجو من فضيلتكم بيان الزي الواجب على المرأة في الصلاة مع ذكر الأدلة؟ وهل ما روي عن أمهات المؤمنين والصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين -رحمهم الله- من ذكر الدرع والخمار هو أقل الزي المجزئ في الصلاة؟
الجواب :
اللباس الواجب على المرأة في الصلاة هو اللباس الساتر لجميع بدنها ما عدا الوجه والكفين إلا إذا كانت تصلي بحضرة رجل أجنبي فيجب عليها حينئذ أن تستر وجهها وكفيها أيضاً؛ لأنه صح عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" رواه أحمد (25167) وأصحاب السنن (الترمذي (377) أبو داود (641) ابن ماجة (655) إلا النسائي.
والمراد بالحائض: البالغة؛ ولأن المرأة عورة، كما في الحديث: "المرأة عورة" (رواه الترمذي وابن حبان).
وقد سألت أم سلمة –رضي الله عنها- النبي –صلى الله عليه وسلم- عن المرأة تصلي في درع وخمار بغير إزار، فقال: "إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها" رواه أبو داود (640) مرفوعاً، وصحح الأئمة وقفه على أم سلمة، كما ذكره ابن حجر في بلوغ المرام).
وينبغي أن يكون اللباس ساتراً وواسعاً غير شفاف ولا ضيق؛ لما ثبت في (صحيح مسلم 2128) أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما –وذكر منهما- ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها..." قال العلماء: الكاسية العارية، هي: التي تلبس ثياباً تصف الجسم ولا تستر.(1/64)
وإذا صلت المرأة وقد ظهر شيء من عورتها كالساق، أو الذراع، أو الرأس، أو النحر، أو كان اللباس شفافاً لم تصح صلاتها.
فينبغي على الرجال وعلى النساء وأولياء أمورهن الحرص على أداء الصلاة والعناية بشروطها، والحذر مما يبطلها، فإن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين.
أما لبس المرأة البنطلون، فقد قال العلماء: إنه لا يجوز؛ لأن فيه تشبهاً بالرجال وتشبه النساء بالرجال منهي عنه؛ لما ثبت من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال..." رواه أحمد (3151)، وأبو داود (4097)، والترمذي (2784)، وابن ماجة (1904).
وأنصح الأخ السائل بالرجوع إلى ما كتبه العلماء في لباس المرأة وهو كثير، وفق الله جميع المسلمين إلى الفقه في الدين.
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى هل يجوز أن تصلي المرأة في بيتها بدون قفازين وجوارب وفي المسجد أيضاً؟
الجواب :
يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها وقدميها في الصلاة إذا لم تكن في حضرة أجانب، إذ ليس لمن قال بوجوب تغطية الكفين والقدمين دليل واضح على ما يذكره، وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في مساجلة مع أحد المشككين في حجاب المرأة وأنه فرض من الله -سبحانه وتعالى-، أرجع فرضه إلى التمييز بين الحرائر والإماء، واستدل من ذلك على أنه حيث لا توجد الآن إماء فلا داعي للحجاب وإرسال الجلابيب.(1/65)
كان ردي عليه عبر الإنترنت الآتي: أن المرجع في حالة التنازع كما وجهنا الإسلام هو إلى الله -سبحانه وتعالى- ورسوله – عليه الصلاة والسلام - فقط، "وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول..." ولا توجد آية واحدة أو حديث واحد من قول الرسول -عليه الصلاة والسلام- يربط الحجاب بالحرائر والإماء، والآية لم تفرق بين الحرائر والإماء، فهل من المعقول أن يكون هناك تمييز لتعرف الحرائر فلا يؤذين وتعرف الإماء فيؤذين؟ وهل هي دعوة للمنافقين ليفعلوا بالإماء ما يشاؤون؟ وهل هذه هي روح الإسلام ومفاهيمه؟ إذا كان هناك من فهم هذا فهو شيء خاص به، وليس حجة على الإسلام.
أما موضوع فلا يؤذين، فقد أشرت إلى بقية الآيات التالية، وهي واضحة أنه قد صارت دولة لها كيانها في المدينة لها تشريعاتها وقوانينها الرادعة لحماية نسائها سواء كن حرائر أم إماء، من المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً*لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً*مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً"، غير أني صعقت حينما أخذت أقلب في التفاسير وفي بعض الأحاديث، حيث وجدت إصراراً على ذكر هذا المعنى الذي لم ينطق به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولا يوجد حديث واحد من قوله -عليه الصلاة والسلام-، والأحاديث الموجودة هي فهم من الصحابة، فهل من المعقول أن تميز الإماء وهن من نساء المؤمنين ليكن عرضة للإيذاء؟ والله أنا في أشد الحيرة من أمري، أفيدوني، جزاكم الله خيراً.
الجواب :(1/66)
أعانك الله على مجاهدة أعدائه، وثبتنا وإياك على طاعته، وزادنا وإياك بصيرةً في دينه.
ليس صحيحاً أن علّة إيجاب الحجاب هي لأجل التفريق بين الحرة والأمة، ولكن يمكن اعتبار هذا التفريق الحاصل بين الحرائر والإماء فائدة من فوائد الحجاب، فإن الحجاب مختص بالحرائر دون الإماء.
وإنما علة إيجاب الحجاب هو خشية أن يفتتن الرجال بهن ودرءاً لذرائع الفاحشة، ويدل لذلك الأمور التالية:
أولاً: يدل لهذا قوله -تعالى-:"وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب" [الأحزاب: 53]، ثم قال:- تعليلاً لهذا الأمر-:"ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب: 53].
ثانياً: كما يدل على أن علة إيجاب الحجاب هو هذا أمرُه –سبحانه- للمؤمنين أن "يغضوا من أبصارهم" [النور: 30] وأمرُه للنساء بقوله:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن..." [النور: 31] ثم قال:"ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن" [النور: 31]، فإذا نُهيت المرأة عن ضرب رجلها لئلا يُعلم ما تخفي من زينتها، فكيف يسوغ لها أن تبدي مفاتنها مما أمر بستره عن الرجال؟
ثالثاً: ترخيصه عز وجل للقواعد من النساء أن يضعن ثيابهن، كما في قوله –تعالى-:"والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة"[النور: 60].
والمقصود بالثياب التي رخص الله لهن أن يضعنها الجلباب والرداء، كما فسّر ذلك ابن عباس وابن عمر ومجاهد وابن جبير والنخعي والحسن البصري وقتادة والزهري والأوزاعي وغيرهم، فدل على أن غير العجائز مأمورات بالحجاب؛ لتحقق الفتنة بهن.
ثم لو كان الحجاب لأجل التمييز بين الحرة والأمة فحسب، فما معنى أن يُرخَّص للعجائز أن يضعن ثيابهن؟(1/67)
رابعاً: إجماع الأمة من لدن عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا على أن الحجاب واجب على كل بالغة من النساء الحرائر، ولم ينقل عن أحدٍ القول بأن العلة هي تمييز الحرة من الأمة.
خامساً: أن الأَمَةَ إذا خيفت الفتنة بها كان عليها أن تحتجب كالحرة، لأنه تتحقق من عدم احتجابها المفسدة ذاتها التي خافها الشرع من تكشّف الحرائر؛ فإذا استُثنيت القواعد من النساء من وجوب الحجاب لزوال المفسدة الموجودة في غيرهن، فمن باب أولى أن تستثنى بعض الإماء من الترخيص بإباحة كشف الرأس والوجه واليدين إلى إيجاب الحجاب عليها درءاً للفتنة بذلك.
سادساً: الذي يظهر أن المقصود بقوله –تعالى-:"ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين" [الأحزاب: 59] أي يُعرفن بالعفة والحياء والحشمة والستر؛ فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، بخلاف السافرات المتبرجات المتبذِّلات، وهذا ما يشهد له الواقع، فإن المرأة إذا خرجت متسترة متحجبة الحجاب الشرعي الكامل ولم تصدر منها حركة ريبة كانت في مأمنٍ -غالباً- من أذية ومضايقة أهل الأهواء والشهوات، إما إذا خرجت متبرجة متزينة –ولو لم تقصد بذلك الفاحشة أو إغواء الرجال- فإنها تكون عُرضةً لأذية ومضايقة أصحاب القلوب المريضة، ويكون طمعهم فيها أشد، ورجاؤهم في استجابتها لهم أقوى وأقرب، والله المستعان.
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى هل للمرأة أن تلبس الملابس القصيرة, والتي تبدي ذراعيها وكتفيها وأجزاء من صدرها وظهرها أمام إخوانها ومحارمها ؟
الجواب :(1/68)
اللباس مشروع للتجمل، كما أنه مشروع أيضاً لستر العورات، وهذا هو المقصد الأعظم منه، ولذلك قدّمه الله – تبارك وتعالى – على غيره بأن ذكره أولاً، حيث قال – جل ذكره - : " يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ..." الآية [الأعراف:16] وستر العورات فيه مصلحة للإنسان المستتر نفسه؛ لأنه يأمن به من اطلاع غيره على عورته، وفيه أيضاً جانب آخر في غاية الأهمية، وهو درء المفسدة التي تثور بانكشاف العورات المؤدي إلى تحريك الشهوات، والوقوع في الفواحش، وقد أمر الله النساء المسلمات -على وجه الخصوص- بالحجاب الذي يستر زينتهن، وعلل ذلك بدفع الأذى عنهن من أصحاب السوء، فقال مخاطباً نبيه – عليه الصلاة والسلام - : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" [الأحزاب:59] ومع ذلك فإن هذه الشريعة المطهرة شريعة واقعية تراعي رفع الحرج ودفع العنت عن المكلفين في أحكامها "وما جعل عليكم في الدين من حرج" [الحج:78] ولهذا خففتْ حكم الحجاب بالنسبة للمرأة مع محارمها؛ نظراً لكثرة المخالطة وحرمة النكاح، والأمن من الفتنة غالباً، فلا حرج عليها في إبداء وجهها وكفيها ورأسها ورقبتها وقدميها وبعض ساقيها للحاجة للحركة والخدمة، وما في حكمها، وهذا كافٍ في رفع الحرج ودفع المشقة . قال – تعالى - :"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء..." الآية [النور:31].(1/69)
أما صدر المرأة وظهرها وبطنها وفخذها ونحوه، فهذا لا يجوز كشفه إلا للزوج أو في حال التداوي بشرطه. وجواز إبداء الزينة لمن ذكر مشروط بالأمن من الفتنة، إذ الغالب على الإنسان السوي ألا ينظر إلى محرمته نظر الريبة والشهوة، فإذا لم تؤمن الفتنة حرم على المرأة أن تبدي هذه الزينة للمحرم، وعلى المرأة المسلمة أن تتجمل بالحياء والستر في كل حال؛ لأنه أبعد عن الشبه والريب، حتى في الأحوال التي يباح لها فيها كشف بعض زينتها، ولنتأمل ما في التوجيه الإلهي للنساء الكبيرات اللاتي لا رغبة لهن في النكاح ولا يرغب فيهن الرجال، فإنه من أقوى الأدلة على أهمية الاحتشام، يقول الحق – تبارك وتعالى - : " والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خيرٌ لهن والله سميع عليم " [النور:60].
سئل الشيخ د. رياض بن محمد المسيميري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .(1/70)
أما بعد: فقد كثر الكلام في موضوع الحجاب، وهل تغطية الوجه سنة أم واجبة؟ وهذا الكلام يدور بين من تربت في الجزيرة العربية وبين أهل الشام ومصر والعجم، والقضية تدور حول الاجتهاد الفقهي في هذه المسألة، فالمصلحات ممن تربين خارج بلاد الحرمين أثبتن للعوام والمتبرجات بأن تغطية الوجه سنة، وأن العلماء اتفقوا على تغطية القدمين وسائر البدن بلبس فضفاض خال من الزينة، ولكن بما أن تغطية الوجه مختلف فيها، والراجح عندهم أنها سنة، فلا يعتبر كشف الوجه من التبرج، وإحدى المصلحات اطلعت على أدلة المبيحين وأدلة المحرمين في مصر، فغلبت أدلة المبيحين على أدلة المحرمين لكشف الوجه، والشاهد يحفظك الله، أني أريد جواباً كافياً شافياً لهذه المسألة من كل الجهات، لأني أخاطب قوماً حجتهم قوية، وبعضهم عنده داء الجاهلية والعصبية لبعض شيوخهم، وأنا حجتي ضعيفة وغريبة في وسطهم، فهم كثير في ديار الغربة، ولا أجد من أهل العلم من يساعدني في هذا البلد، لا من العرب ولا العجم، وهناك بعض النقاط أتمنى توضيحها؛ وهي: هل حقا هناك خلاف في مسألة الحجاب بين ابن عباس وابن مسعود – رضي الله عنهم -؟ ثم هل كان مجرد خلاف نظري بين الأئمة الأربعة إلى أن قامت الثورة في مصر؟ وما حكم الاستناد إلى حديث عائشة – رضي الله عنها - في قصة دخول أسماء – رضي الله عنها - على الرسول – صلى الله عليه وسلم - بثياب شفافة؟ ويا ليتك عرضت لهم أدلة المبيحين والمحرمين بالتفصيل؛ لأن هنا من لا يقتنع بسهولة لغلبة المتفلسفين في هذا الموضوع، أما المتبرجات بالكلية ممن يرتدين البناطيل ويلبسن المسفع تهاونا وقلة دين فيا ليتكم تبعثون إليهن بموعظة تهز قلوبهن وتخوفهن من الله – سبحانه-، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
الجواب :
الحمد لله، وبعد:
أخي في الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:(1/71)
فإن مسألة الحجاب – بحمد لله – من المسائل التي قد وضحت في مشروعيتها الحجج والأدلة، وظهرت أحكامها، وتبينت عللها.
وخلاصة الأمر أن العلماء متفقون على وجوب تغطية المرأة لسائر جسدها، إلا أنهم اختلفوا في الوجه والكفين وعند التحقيق تبين لكل منصف كثرة أدلة القائلين بوجوب تغطية المرأة وجهها وكفيها ورحجانها، وهذه بعض أدلتهم:
أولاً: من القرآن الكريم:
(1) قوله تعالى :"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59].
(2) قوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" الآية،[الأحزاب: 53].
(3) قوله تعالى: "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللآتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" [النور:60].
ووجه الدلالة من الدليل الأول:
أن الله تعالى قد أمر نبيه عليه السلام أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بالحجاب الشرعي الذي هو تغطية الوجه، لأن ما عداه من الشعر والذراعين والساقين وغيرها لم يكن من عادتهن كشفه أصلاً، فلا وجه لحمل الآية على شيء مما ذكر إلا على الوجه الذي كان من عادتهن كشفه وإظهاره قبل نزول الحجاب.
وجه الدلالة من الدليل الثاني:(1/72)
أن الله أمر عباده المؤمنين من صحابة نبيه الكريم - عليه السلام- ألا يسألوا أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم - إلا من وراء حجاب، وبين علة التوجيه بأنه لضمان بقاء قلوب الجميع على الطهر والصفاء والبعد عن الريبة والشهوة، ومعلوم أن أقصر طريق لحدوث الفتنة، ووقوع القلب في شرك العشق والشهوة هو تبادل النظرات بين الجنسين، وتأمل العيون والخدود والشفاه والثغور – نسأل الله العافية – فلا مناص عن حمل الآية على الوجه مكمن الزينة ومحل الفتنة.
وأما وجه الاستدلال من الآية الثالثة:
فإن الله أباح للقواعد من النساء وهن العجائز الكبيرات اللائي قعدن عن النكاح والولد – أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، ومعلوم أن الثياب المباح وضعها في الآية هي ما يستر بها الوجه، إذ لا أحد يزعم أن المراد وضع الثياب عن الذراعين أو الساقين أو النحر أو شعر الرأس أو غيرها، فوجب حمل الآية على ثياب الوجه ومع ذلك اشترط الله عليهن ألا يتبرجن بزينة، وأرشدهن إلى أن الاستعفاف والإبقاء على غطاء الوجه خير لهن.
وأما الأدلة من السنة فكثيرة جداً منها:
(1) حديث عائشة - رضي الله عنها – المتفق عليه في البخاري (4141)، ومسلم (2770)، في قصة الإفك، وهو حديث طويل والشاهد منه قولها حين قدم عليها صفوان بن المعطل – رضي الله عنه- قالت: "فخمرت وجهي بجلبابي" وهذا صريح في تغطية الوجه.
(2) جاء في صحيح البخاري (1838) من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما- قوله - عليه السلام-: "ولا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين" فدل على أن غير المحرمة يلزمها ذلك، وأن ذلك من عادتهن.
(3) ما ثبت عن عائشة – رضي الله عنها – بسند صحيح عند ابن خزيمة في صحيحه (2691)، والدار قطني في سننه (2/294)، وغيرهما أنها قالت: "كنا مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ونحن محرمات، فإذا مر بنا الركب سدلنا الثوب على وجوهنا سدلاً".(1/73)
قلت: وذلك في الحج، فكن يكشفن عن وجوههن إذا كن خاليات بعيدات عن الرجال، لأن المحرمة لا تغطي وجهها، فإذا مر بهن الرجال غطين وجوههن.
وأما أدلة القائلين بكشف الوجه فأبرزها حديث عائشة – رضي الله عنها – الذي ذكرته السائلة وهو حديث ضعيف سنداً منكر متناً، وضعفه أبو داود نفسه في روايته له برقم (4104).
ففي سنده سعيد بن بشر وهو ضعيف، وقتادة وهو مدلس وقد عنعن الحديث، وخالد بن دريك وهو لم يدرك عائشة – رضي الله عنها- فالسند بينهما منقطع.
وباقي ما استدلوا به، إما منسوخ بأدلة الحجاب، أو غير صريح في جواز كشف الوجه، كحديث الخثعمية الذي رواه البخاري (1854)، ومسلم (1334)، عن ابن عباس – رضي الله عنهما- أو مؤول ، كحديث سفعاء الخدين الذي رواه البخاري (978)، ومسلم (885)، واللفظ له عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه- والله أعلم.
وبناء على ما تقدم يجب على كل منصف أن يتبع الحق، ويتخلى عن التقليد الأعمى، ويتجنب دواعي الهوى، وعلى كل امرأة أن تتقي الله في نفسها، فتدع التبرج والسفور، وتقليد الفاسقات والكافرات ممن استحوذ عليهن الشيطان فأوقعهن في مستنقع التقليد الأعمى، لبسن الضيق من الملابس والشفاف، أو البناطيل المجسدة للعورات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله على محمد.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شيخنا الفاضل: سجلت امرأتي في مدرسة للتجميل النسائي، وبعد تخرجها اشتريت لها محلاً جعلته صالونا للتجميل، وندمت على كل هذا. حيث تكونت لدي مجموعة من التساؤلات؛ منها:
ما هو الراجح في عورة المرأة مع المرأة؟ وما هو حكم تدليك المرأة للمرأة؟ وما هو حكم أجرة التدليك؟ وما هو الراجح في النمص؟ وما هو حكم الأجرة المأخوذة عليه؟ وهل عمل المجملة جائز أصلاً في شرعنا الحنيف؟
الجواب :(1/74)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أما عورة المرأة أمام المرأة المسلمة فهي من السرة إلى الركبة، ويجوز لها أن تنظر إلى ما عدا ذلك، ولها أن تدلكه لها كذلك.
لكن ليس للمرأة أن تكشف في مجتمع النساء العام إلا ما جرت العادة بكشفه مثل الشعر والنحر والساق والعضد ونحو ذلك، سداً لذريعة الفتنة، ولمنافاته للحياء والحشمة التي تمتاز بها المؤمنات العفيفات الغافلات، ولما في ذلك من التشبه بالكافرات، وكشف مثل هذه المواطن من البدن – وإن لم تكن عورة – قد يكون فيه تشبه بصنف من نساء أهل النار، كما في قوله – صلى الله عليه وسلم – "صنفان من أهل النار لم أرهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) أخرجه مسلم (2128).
وتدليك غير العورة يجوز ما لم يكن فيه إثارة للفتنة، وأما تدليك العورة فلا يجوز حتى ولو من وراء حائل؛ لأن العورة لا يجوز مسها ولا النظر إليها، والدلك لها أشد إثماً من النظر، وامتهان هذا العمل لا يجوز لما فيه من الاطلاع على العورات التي يجب سترها وصيانتها.
أما إذا تقرر عند الأطباء الثقات ضرورة التدليك لعلاج مرض من الأمراض فحينئذ يجوز التدليك، ولكن الحاجة والضرورة تقدر بقدرها، فإذا تأتى التدليك من وراء حائل فلا يجوز أن تكشف العورة، وإذا كانت الحاجة تقتضي التدليك مباشرة من غير حائل فلا يجوز أن يكشف من العورة إلا ما تقتضيه الحاجة والضرورة.
والراجح في مسألة النمص أنها خاصة بشعر الحاجبين، وأما نتف ما عداه من شعر الجسم فلا يعمه الوعيد الوارد في الحديث؛ لأن النمص في اللغة خاص بنزع شعر الحاجب، فيبقى ما عداه على الأصل وهو الإباحة.(1/75)
والوعيد عام لمن قامت بعمل النتف، ولمن طلبت من غيرها أن تنتف لها حاجبها، لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: "لعن الله النامصة – وهي التي تنتف شعر الحاجب سواء كان حاجبها هي أو غيرها – والمتنمصة – وهي التي تطلب من غيرها نتف حاجبها، انظر: البخاري (4886)، ومسلم (2125).
وعلى هذا، فالمال الذي تأخذه النامصة على النمص حرام، فإن كانت جاهلة بالحكم فلا يلزمها أن تتخلص مما كسبته بهذا العمل في السابق؛ لقوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" [البقرة: 275].
أما عملها في تجميل النساء فالأصل فيه الجواز، لكن إن كان يغلب على ظنها أو كان الغالب على النساء الخروج بزينتهن متبرجات، أو يقصدن بهذا التجمل حضور الحفلات المختلطة، فالأظهر أنه لا يجوز لما فيه من الإعانة على الإثم.
أما إذا غلب على ظن المجملة أن طالبة التجميل إنما تطلبه لأجل التجمل لزوجها أو لحضور الحفلات النسائية الخاصة فلا بأس بذلك.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أنا فتاة أريد التحجب، لكن البلاد التي أقطن فيها تمنع منعاً باتاً ارتداء الحجاب، وهو بند من بنود دستور دولتي، ومن لا يطبق هذا البند جزاؤه التشريد والطرد، وأنا أريد بكل ما أوتيت من إيمان أن أرتدي الحجاب، ولكن لا أخاف من مصيري بل من مصير أبي وأمي وكل عائلتي.
الجواب :(1/76)
ارتداء المسلمة للحجاب أمر واجب عليها؛ لقوله –تعالى-: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن...الآية" [الأحزاب:59]، وقوله:" وليضربن بخمرهن على جيوبهن.."الآية [النور:31]، وما أمر به المسلم في الشريعة يجب عليه الإتيان به على قدر استطاعته؛ لقوله –عليه السلام-:"ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم" رواه البخاري (7288) ومسلم (1337) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-.
وإذا كانت السائلة تخشى من مفسدة محققة عليها أو على أسرتها، فإن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولكن الضرورة تقدر بقدرها، ولا يجوز فعل ما لا تدعو إليه الضرورة أو ترهق له الحاجة الشديدة، والواجب في هذه الحال الصبر، والإنكار بالقلب، ودعاء الله وسؤاله، أن يفرج عن المسلمين.
سئل الشيخ د. عبدالله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء ما حكم لبس المرأة الملابس الضيقة والبناطيل القصيرة إلى نصف الساق وبيجامات النوم الضيقة أمام الخادمة، مع العلم بأن الخادمة مسلمة ؟
الجواب :
لبس المرأة الملابس الضيقة أو البناطيل أو الملابس الشفافة التي تصف الزينة الداخلية أمام النساء محرّم والأدلة في هذا كثيرة وعليه فلا يجوز للمرأة أن تلبس أمام نسائها أو محارمها إلا الملابس التي لا تصف عظامها ولا عجيزتها وصفاً ظاهراً وكذا الملابس التي تخرج عضدي المرأة بما يسميه النساء ( الكتَّ) ومن الأدلة على ذلك :(1/77)
01 قوله تعالى : " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت إيمانهن ... الآية " [ النور رقم : 30] . قال ابن عباس في تفسيره لهذه الآية:" الزينة التي تبديها لهؤلاء قرطها وقلادها وسوارها – فأما خلخالها وعضدها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها، فهذا يدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تُظْهر من زينتها إلا ما يظهر غالباً حين عملها وطبخها .(1/78)
02 وقد روى الإمام أحمد (21786) وابن سعد في الطبقات (4/64-65) والضياء المقدسي في المختارة (1366) وابن أبي شيبة (كما في إتحاف الخيرة (4022)) وغيرهم من طريق عبد الله بن عقيل عن ابن أسامه بن زيد عن أبيه أسامه – رضي الله عنه – قال : " كساني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قُبْطيّة كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " مالك لم تلبس القبطية؟ قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال – صلى الله عليه وسلم-:" مُرها فلتجعل تحتها غِلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها" والحديث حسن – إن شاء الله – ولا عتب فيه إلا حال عبد الله بن عقيل وهو حسن الحديث ما لم يخالف أو أتى بما ينكر وقد جاء عند البيهقي (2/234-235) عن عبد الله بن أبي سلمة أن عمر – رضي الله عنه – كسا الناس القباطي ثم قال: لا تدرعها نساؤكم، فقال رجل: يا أمير المؤمنين ألبستها امرأتي فأقبلت في البيت وأدبرت فلم أره يشفُّ فقال عمر: إن لم يكن يشفُّ فإنه يصف " والحديث إسناده إلى عبد الله بن أبي سلمة حسن وعبد الله ثقة غير أنه لم يدرك عمر فهو مرسل صحيح وهو شاهد لحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، فالآية والحديث الآن يفيدان أنه لا يجوز للمرأة لبس الملابس الضيقة أو الشفافة أو القصيرة أمام النساء بما في ذلك الخدم والمحارم إلا للزوج خاصة، والله أعلم .
سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أفيدونا مأجورين، ما الذي يباح للمرأة النظر إليه من جسم المرأة؟ سواء كانت مسلمة قريبة أو أجنبية، وذلك بشكل عام وما هو لبس (العروس) في الفرح بشكل خاص؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:-(1/79)
فقد كانت نساء المؤمنين في صدر الإسلام قد بلغن الغاية في الطهر والعفة، والحياء والحشمة، ببركة الإيمان بالله ورسوله – عليه الصلاة والسلام -، واتباع القرآن والسنة، وكانت النساء في ذلك العهد يلبسن الثياب الساترة، ولا يعرف عنهن التكشف والتبذل عند اجتماعهن ببعضهن أو بمحارمهن، وعلى هذه السنة القويمة جرى عمل نساء الأمة – ولله الحمد – قرناً بعد قرن إلى عهد قريب، فدخل على كثير من النساء ما دخل من فساد في اللباس والأخلاق لأسباب عديدة، ليس هذا موضع بسطها.
ونظراً لكثرة الاستفتاءات الواردة إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حدود نظر المرأة إلى المرأة، وما يلزمها من اللباس، فإن اللجنة تبين لعموم نساء المسلمين أنه يجب على المرأة أن تتخلق بخلق الحياء، الذي جعله النبي – صلى الله عليه وسلم – من الإيمان، وشعبة من شعبه، ومن الحياء المأمور به شرعاً وعرفاً: تستر المرأة واحتشامها وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتنة ومواضع الريبة.(1/80)
وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها، مما جرت العادة بكشفه في البيت، وحال المهنة، كما قال تعالى: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ" الآية،[النور: 31] وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلت عليه السنة، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، ونساء الصحابة – رضوان الله عليهن - ، ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا، وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية الكريمة هو ما يظهر من المرأة غالباً في البيت، وحال المهنة، ويشق عليها التحرز منه؛ كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل -من كتاب أو سنة – فهو أيضاً طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها، وهذا موجود بينهن، وفيه أيضاً قدوة سيئة لمن تقتدي بها من النساء، كما أن فيه تشبهاً بالكافرات والبغايا الماجنات في لباسهن، وقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" أخرجه الإمام أحمد (5114) وأبو داود (4031)، وفي صحيح مسلم (2077) عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن النبي – صلى الله عليه وسلم – رأى عليه ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها"، وفي صحيح مسلم (2128) أيضاً أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"، ومعنى: "كاسيات عاريات" هو أن تكتسي المرأة بما لا يسترها فهي(1/81)
كاسية، وهي في الحقيقة عارية، مثل من تلبس الثوب الرقيق الذي يشف عن بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها، أو الثوب القصير الذي لا يستر بعض أعضائها.
فالمتعين على نساء المسلمين: التزام الهدي الذي كان عليه أمهات المؤمنين ونساء الصحابة – رضي الله عنهن – ومن اتبعهن بإحسان من نساء هذه الأمة، والحرص على التستر والاحتشام، فذلك أبعد عن أسباب الفتنة، وأدعى لصيانة النفس عما تثيره دواعي الهوى الموقع في الفواحش.
كما يجب على نساء المسلمين الحذر من الوقوع فيما حرمه الله ورسوله – عليه الصلاة والسلام - من الألبسة التي فيها تشبه بالكافرات والعاهرات؛ طاعة لله ورسوله – عليه الصلاة والسلام - ، ورجاءً لثواب الله، وخوفاً من عقابه.
كما يجب على كل مسلم أن يتقي الله فيمن تحت ولايته من النساء، فلا يتركهن يلبسن ما حرمه الله ورسوله – عليه الصلاة والسلام - من الألبسة الخالعة، والكاشفة والفاتنة، وليعلم أنه راع ومسئول عن رعيته يوم القيامة.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يهدينا جميعاً سواء السبيل، إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[مجموع فتاوى اللجنة الدائمة (17/290)].
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ما الحكم التفصيلي في لبس البنطلون للنساء؟
الجواب :(1/82)
اللباس مشروع في الإسلام لحكم عظيمة، أهمها: الستر، والزينة، وقد امتن الله على بني آدم بما خلقه لهم من اللباس، فقال – جل ذكره -: "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير" [الأعراف:26] وأمر به في قوله: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" ... الآية [الأعراف:31] أي ما يستركم... ولم تشترط الشريعة لباساً معيناً، ولكنها وضعت له شروطاً عامة متى تحققت فيه كان الملبوس جائزاً في الشرع، أهمها: أن يكون طاهراً، غير مغصوب، ساتراً لما يجب ستره من البدن، وألا يكون شفافاً رقيقاً يظهر ما تحته، ولا ضيقاً بحيث يصف ويبرز حجم العورة، وألا يكون ذهباً أو حريراً بالنسبة للرجال خاصة، إضافة إلى شرط عام في اللباس وفي غيره، وهو ألا يكون فيه تشبه من الرجال بالنساء أو العكس، أو بأهل الفسق والكفر .. لقوله – عليه الصلاة والسلام – "لعن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" رواه البخاري (5885)، من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما -، وقوله – صلى الله عليه وسلم – "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031)، من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما -، وبناءً على ما تقدم فإن البنطلون يسري عليه ما يسري على أنواع اللباس الأخرى من الحل أو الحرمة بحسب وصف، وبالله التوفيق.
سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عندي طفل عمره 11 شهراً، وأحياناً أبدل ملابسي أمامه، فهل يجوز ذلك؟ وكم يجب أن يكون عمر الطفل الذي لا يجوز أن أخلع ملابسي أمامه؟ وكذلك لبس القصير في البيت مع زوجي أمامه، أفيدوني أفادكم الله.
الجواب :(1/83)
الطفل إذا كان يعقل العورة، فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف عورتها أمامه، أما إذا كان لا يعقل لصغره، فإن هذا جائز، ويظهر لي أن من عمره أحد عشر شهراً لا يعقل، لكن الطفل إذا كان له أربع سنوات أو خمس سنوات فإنه قد يعقل هذه المعاني، فالمهم أن العبرة في ذلك أنه إذا كان يعقل ويستقر في ذهنه مثل هذه الأعمال فلا يجوز للمرأة أن تكشف العورة المغلظة أمامه.
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ما هي عورة زوجة الأب أمام أبناء زوجها الشباب؟
الجواب :
ينبغي للمرأة المسلمة أن تلبس لغير الزوج من المحارم الملابس الساترة لجميع جسدها سوى الوجه واليدين والرجلين، بحيث لا تبدي مفاتنها بكشف، أو تلبس ملابس ضيقة تحجم عورتها، وكثيراً ما يقع التساهل في هذا الأمر، وتقع الفتنة والبلاء والشر، وفي الجملة إن كانت زوجة الأب أو غيرها من المحارم كبيرة السن، فلا بأس بخروج نحو ساق أو ذراع أو بعض الصدر إن كانت ترضع، وإن كانت شابة أو مراهقة فالأمر كما ذكر أولاً من التحفظ وتجنب كل ما يوجب الافتتان بها، وعدم التساهل، فكم جرَّ التساهل من مصائب ومحن في كثير من البيوت كان أهلها في غنى عن ذلك.
سئل الشيخ عبد الحكيم محمد أرزقي بلمهدي كلية الشريعة/ جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للحصول على بطاقة تعريف وجواز سفر يجب على المرأة أن تصور وهي بادية الوجه يطَّلع عليها المصوَّر وأعوان الأمن، وعند أخذ البصمات تقع عملية مسك اليد من طرف العون فما حكم ذلك؟هل يسقط عنها الحج والعمرة في هذه الظروف؟ أفادكم الله و جزاكم عنَّا كل خير.
الجواب :(1/84)
الحمد لله، وبعد: إن ما وقع عليه السؤال مما ابتلي به المؤمنون في كثير من بلاد المسلمين، حيث تشترط بعض الدول على من يرغب في الحصول على وثيقة رسمية - مهما كان نوعها ودرجة أهميتها - أن يضع صورة شخصية تبرز معالم الرأس من الوجه والشعر والأذنين، دون تفريق بين الرجال والنساء، ودون اعتبار لمدى الحاجة إلى مثل هذه القرارات وما تؤدي إليه من حمل الناس على ارتكاب المحظور.
ولا شك أن من يحمل الناس على مثل هذا الفعل فهو آثم، وأن عمله هذا باطل منكر محاسب عليه عند الله تعالى، وأن من استطاع تجنُّب ذلك فهو أولى؛ لأن العلماء لم يختلفوا في أن شعر المرأة من جملة الواجب عليها ستره من بدنها.
ومع ذلك أقول إن كان هذا الأمر عاماً وهو مما ابتلي به الناس في بلد ما، ومصالحهم مرتبطة به، بحيث لا تستطيع المرأة الدراسة مثلاً أو العلاج أو العمل في حق من احتاجت إليه، أو السفر إلا بمثل هذه الوثائق فإنه لا حرج عليها، لأن هذا ينزل منزلة الحاجات التي ترتبط بها مصالح الناس الدينية والدنيوية، والقاعدة الفقهية تقول: (الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة)، وعلى المرأة أن تحرص على أخذ الصورة في مكان تعمل فيه النساء إن استطاعت، وأن يكون معها محرمها إن لم تجد ذلك إلا عند رجل، ومثله إذا دخلت الجهة المعنية بالبصمات، فإن النساء يشغلن مناصب في مراكز الشرطة وغيرها في الدول التي تفرض مثل هذه القيود على الناس، ولتفعل ذلك وهي له كارهة.
وأما من لم تطب نفسها للرخصة، وامتنعت من استخراج هذه الوثائق، وأدَّى ذلك إلى منعها من السفر لأداء فريضة الحج مع قدرتها المادية، فأرجو ألاَّ يكون عليها حرج في ذلك، وهي في حكم المحصور أو المقيد، والشرع قد أسقط الحج عن المرأة المقتدرة إذا لم تجد محرماً، والله أعلم.(1/85)
سئل الشيخ د. فيحان بن شالي المطيري عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية ما حكم الشرع في الملابس الضيقة الخاصة بالأخوات، وما حكم الناهي عنها إذا لم يستطع إقناع من يعولهن بالتخلي عنها؟
الجواب :
الملابس الضيقة التي تستعملها بعض النساء لا يخلو حالها من أحد أمرين؛ أحدهما أن يكون ذلك مع النساء كما في سؤال السائل، وهذا لا بأس به، لأن المرأة مع جنسها يختلف حالها مع الرجال، لكن ينبغي للمرأة المسلمة أن تلبس ملابس ساترة لا تصف مقاطع الجسم حتى مع النساء سداً لذريعة المفسدة.
الأمر الثاني: أن يكون لبس المرأة للملابس الضيقة بحضرة الرجال الأجانب، وهذا غير جائز، لأنها مأمورة بالستر والحشمة، وهذا اللباس ينافي ذلك.
ومعلوم أن الولي المسؤول عن النساء في هذا الباب عليه البيان والتوجيه؛ لأن ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا شك أن مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التغيير باليد، فإن لم يستطع فباللسان، فإن لم يستطع فبالقلب، فإذا تعذر ذلك كله فالله يعذره، والله الموفق.(1/86)
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبيرالقاضي بالمحكمة الكبرى بجدة نحن في بلدة ريفية أقيم عندنا حفل تكريمي لدعم الفقراء والمعوزين في المديرية تبنته مدرسة للبنات في ظل معرض خيري للمشغولات اليدوية النسائية دعما للأيتام والمحتاجين، وقد تخلل هذا الحفل بعض المسرحيات الهادفة إلى التعريف بحال اليتيم، الأمر الذي أدى إلى تعاطف الحاضرين وتفاعلهم، وقاموا بالدعم السخي والغير متوقع لولا مثل تلكم المسرحيات الهادفة، لكن هذه المسرحيات قامت بها فتيات واحدة منهن بعمر الخامسة عشر أمام الجمع من الحاضرين من المسؤولين والمواطنين، وقد قامت هذه الفتاة بدور الأم مرتدية الزي الإسلامي الساتر لجميع بدنها، أضيف إلى ذلك أنها كانت ترتدي فوق الزي الإسلامي عباءة فضفاضة تبين أنها أم كبيرة في السن، فما الحكم الشرعي في قيام الفتيات بالتمثيل أمام الناس؟ كما نود أن توجهوا نصيحة إلى القائمات على مثل هذه الأعمال؟ وبالمناسبة لم نذكر كل هذه التفاصيل إلا لأن الأمر قد أشكل على بعض الإخوة مما حدا بهم إلى الهجوم الشديد على مثل هذه الأعمال مما جعل الأمر في أخذ ورد. أفيدونا جزاكم الله خيراً، وبارك الله في علمكم .
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فلا شك أن كل مخلص غيور يفرح بحصول الخير وإقبال الدعم على المشاريع الخيرية، ويجب كل عمل يكون سبيلاً لهذا، لكن المسلم يربأ عن مشابهة من يجعل الغاية تبرر الوسيلة؛ بل يضبط كل وسيلة بالضوابط الشرعية.
فمتى كانت الوسيلة التي توصل للمطلوب الحسن مخالفة للأدلة الشرعية أو القواعد الكلية، فإنها تكون ممنوعة غير مباحة، وليس نبل المقصد وحسن الهدف مسوغاً لمعصية الله ورسوله – صلى الله عليه وسلم-، ومخالفة قواعد الشريعة، فإن ما خالفها ضرر ولا يترتب عليه مصلحة: "ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبيناً" [الأحزاب: 36].(1/87)
وفي السنن بسند صحيح أنه لما كثر الناس في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم- أرادوا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يجمعهم لها، فقالوا: لو اتخذنا ناقوساً فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "ذاك للنصارى، فقالوا: لو اتخذنا بوقاً، قال – صلى الله عليه وسلم- ذاك لليهود، ثم أمر المسلمون بالنداء بالأذان" سنن أبي داود(499)، الترمذي(189)، وصححه من حديث عبد الله بن زيد – رضي الله عنه -.
فتأمل أن النبي عليه الصلاة والسلام كره استعمال الناقوس للإعلام بدخول وقت الصلاة لما فيه من مشابهة النصارى مع كون الهدف هو الدعوة إلى العبادة والاجتماع لها.
وإذا قامت الفتيات البالغات بالتمثيل أمام الناس فإنهن يكن قد خالفن أمراً شرعيًّا وهو الأصل في المسلمات، وذلك هو القرار في البيوت والابتعاد عن التعرض للرجال، وما دام الأمر تمثيلاً فيمكن أن يقوم به غير الفتيات البالغات.
وإذا مثلت الفتاة انفتح باب من الفساد أمر الله تعالى بسده طهارة للقلوب كما قال: "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن" [الأحزاب:52].
ونظر الرجال إليها حال تمثيلها مخالفة لأمر الشرع بغض البصر: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم" [النور:30].
ولذا فإنه لا يظهر لي جواز قيام الفتيات البالغات بالتمثيل أمام الرجال، أما الصغيرات من البنات فالأمر فيهن أيسر.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
سئل الشيخ د.أحمد بن محمد الخليل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حكم لبس القفازين؟
الجواب :(1/88)
لبس القفازين اللذين يستران اليدين والجوارب الساترة للقدمين أمر واجب؛ لما يسببه ظهورهما من فتنة وفساد معلوم كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59]، وقال تعالى: "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" [النور: 31] فلا يجوز إظهار شيء من البدن إلا ما ظهر من الزينة، والمقصود بها ما لا بد من ظهوره كالرداء الخارجي، وبناءً عليه فلا يجوز إظهار اليدين والقدمين.
إلا أنه لا يجوز لبس القفازين في إحرام الحج والعمرة لقوله – صلى الله عليه وسلم –: "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" رواه البخاري (1838). والله أعلم.
سئل الشيخ د.علي بن عبدالله الجمعة رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هل قدم المرأة في الصلاة عورة؟ هل يجوز للمرأة أن تصلي بالبنطلون والبلوزة مع تغطية الشعر وليس هناك ساتر على البنطلون؟
الجواب :
بسم الله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(1/89)
فأقول وبالله التوفيق: إن ستر قدمي المرأة في الصلاة واجب تبطل صلاتها إذا صلت وهما مكشوفان وهو مذهب أحمد ومالك والشافعي وخالفهم في ذلك أبو حنيفة –رحمه الله- وقال: سترهما ليس بواجب فلا تبطل صلاتها لو صلت وهما مكشوفان واحتج بقياسهما على الكفين ولأنهما يغسلان في الوضوء ويظهران غالباً، واحتج أحمد ومالك والشافعي بحديث أم سلمة الذي أخرجه أبو داود باب: كم تصلي المرأة من كتاب الصلاة سنن أبي داود (640) المجلد الأول صـ (149) ونصه قالت أم سلمة: يا رسول الله أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ فقال: نعم إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها" وبما روى ابن عمر أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال:"لا ينظر الله لمن جر ثوبه خيلاء" فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال:"يرخين شبراً" فقالت: إذاً تتكشف أقدامهن، قال:"فيرخين ذراعاً لا يزدن عليه" رواه الترمذي (1731) في باب ما جاء في جر ذيول النساء من أبواب اللباس، قلت: ومن خلال هذين الحديثين يتجلى أن الصواب مع من قال بوجوب سترهما وأنهما عورة في الصلاة وخارجها وأما ما احتج به أبو حنيفة فالدلالة به على المراد غير ظاهرة لأن قياس القدمين على الكفين قياس على شيء غير متفق عليه، فالقول إن الكفين ليسا من العورة قول انفرد به ابن عباس –رضي الله عنهما-، خالف في ذلك جمهور الصحابة منهم ابن مسعود –رضي الله عنه- وكذا جمهور المفسرين وكذا فقهاء أهل الحديث وأما القول بأنهما يغسلان في الوضوء فيقال ليس كل ما يغسل في الوضوء يجوز كشفه في الصلاة وهو منقوض بأن الذراعين يغسلان ويمسح الرأس في الوضوء ولم يقل أحد بجواز كشفهما بل يجب ستر ذلك بالإجماع.
أما الجواب حول حكم صلاة المرأة بالبنطلون مع البلوزة مع تغطية الشعر(1/90)
فأقول لا يجوز للمرأة أن تصلي بالكساء المذكور لأنه لا يستر المرأة ستراً ضافياً حيث يبدو منها تقاطيع جسمها وذراعيها وعضداها وقد سبق لنا الجواب على السؤال الأول أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف سوى وجهها في الصلاة بالإضافة إلى أنه ليس كساء حشمة وهو أيضاً كساء غربي وتشبه بمن لا خلاق لهن، فينبغي أن تتنزه المرأة عنه في صلاتها فتختار لصلاتها كساء فضفاضاً ساتراً أو تلف على نفسها رداء يحيط بجسمها يستر ذلك اللباس المذكور أو عباءة واسعة ضافية يضفي عليها الهيبة والوقار، ينعكس من ورائها الخشوع والتذلل لله عز وجل. ولعل فيما ذكرته من الأدلة على السؤال الأول ما يكون مؤكداً لما قلته هنا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية توجد في الأسواق أشرطة خاصة بالنساء أصدرتها بعض التسجيلات وبصوت امرأة، وقد صغِّر صوتها ليكون صوت طفلة مصحوباً بالدف والتصفيق، وكلماتها عادية وليست مما يتداوله المغنون والمغنيات فما الحكم؟.
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإذا كان صوت المرأة بعد التصغير يصبح كصوت طفلة صغيرة، بحيث تذهب عنه رخامة الصوت الأنثوي وإغراؤه فلا أرى حرجاً أن تباع الأناشيد المسجلة بهذه الطريقة ولو كان مصحوباً بالدف؛ لأنه يباع غالباً بقصد إذاعته في حفلات الزواج النسائية.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما هي حدود خروج المرأة من البيت؟ وهل هناك استثناءات مثل خروجها لشراء متطلبات منزلية لمسافة قريبة جداً من البيت؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :(1/91)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: الأصل أن المرأة لا تخرج من البيت إلا بإذن زوجها؛ لقول الله – عز وجل -: "وألفيا سيدها لدى الباب" [يوسف:25] فسمى الزوج سيداً، وأيضاً قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "فإنما هن عوانٌ عندكم" رواه الترمذي (1163) وابن ماجة (1851) من حديث عمرو بن الأحوص – رضي الله عنه - يعني: أسيرات، فلا تخرج المرأة إلا بإذن زوجها، إلا إذا كان هناك إذن لفظي أو إذن عرفي؛ يعني تعارف الناس أن المرأة لها أن تخرج إلى الأشياء القريبة ونحو ذلك والزوج يرضى بذلك فهذا لا بأس به ، أما إذا لم يكن هناك إذن لفظي ولا إذن عرفي فإنه لا يجوز للمرأة أن تخرج إلا بإذن زوجها، ويدل لهذا أيضاً حديث عائشة – رضي الله عنها – في استئذان أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف انظر ما رواه البخاري (2033)،ومسلم (1173). فهذا يدل على أن المرأة لا تخرج إلا بإذن زوجها.
سئل الشيخ أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً سؤالي: إن كانت تغطية الكفين واجبةً حقّاً، فكيف عرف الرسول -صلى الله عليه وسلم- حقيقة إحدى الصحابيات من الحناء في يدها(أي ميزها عن الرجل؟).
الجواب :(1/92)
إن الحديث الذي تشير إليه السائلة هو حديث عائشة – رضي الله عنها- قالت: مدت امرأة من وراء الستر بيدها كتاباً إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فقبض النبي – صلى الله عليه وسلم- يده وقال: ما أدري أيد رجل أو يد امرأة؟ فقالت: بل امرأة فقال: "لو كنت امرأة غيرت أظفارك بالحناء" روى هذا أبو داود (4166)، والنسائي في السنن الصغرى(5089)، والطبراني في الأوسط (6706)، والبيهقي في شعب الإيمان(6419) والإمام أحمد في مسنده(25726)، وهو ضعيف عند هؤلاء كلهم، فإن في سنده (مطيع بن ميمون) ضعيف لا يحتج به لضعفه وجهالة حاله. نص على ذلك الذهبي في الكاشف والميزان، والحافظ ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب، وذكر هذا الحديث العقيلي في كتابه "الضعفاء"، ثم لو فرض أنه صحيح لا يمنع من تفسير الحجاب للمرأة بتغطية الوجه واليدين عند من يقول بذلك من السلف والخلف، فيحمل على أنه قبل الأمر بالحجاب ولا أعرف أحداً من العلماء القائلين بجواز كشف الوجه واليدين استدل بهذا الحديث وإنما استدلوا بأحاديث أخرى كحديث عائشة – رضي الله عنها- عند أبي داود(4104) واعتمدوا عليه: لما دخلت أسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنهما- على النبي –صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا، وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه وهذا الحديث ضعيف من أربعة أوجه: الأول: أن في إسناده انقطاع؛ فإن خالد بن دريك لم يدرك عائشة – رضي الله عنها-. والثاني: خالد بن دريك هذا مجهول الحال. والثالث: في إسناده أيضاً (سعيد بن بشير البصري)، ضعيف منكر الحديث ضعفه النسائي وأبو زرعة، وقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء.(1/93)
الرابع: في إسناده اضطراب فمرة يُروى عن عائشة –رضي الله عنها- ومرة عن أم سلمة –رضي الله عنها- ثم هذا الحديث على فرض صحته تعارضه النصوص الصحيحة من القرآن والسنة الدالة على وجوب ستر الوجه والكفين، ثم أيضاً القائلون بجواز كشف الوجه واليدين من علماء السلف والخلف يجمعون على أن الجواز عند أمن الفتنة، فهل الفتنة مأمونة في هذا العصر؟! لا. ثم إن وجه المرأة أجمل ما فيها بل فيه جماع محاسنها، وليس المقام مقام ترجيح قول على قول، وإنما هو بيان ضعف استدلال بحديث لم يصح. وفق الله الجميع إلى كل خير.
7- عمل المرأة
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة ما حكم العمل في سلك المحاماة وخاصة بالنسبة للنساء؟
الجواب : الحمد لله وحده وبعد:
فيجوز للمسلم أن يعمل في سلك المحاماة إذا التزم بشرائع الإسلام في هذا العمل وعلى هذا جماهير أهل العلم المعاصرين، ويمكن أن يستشهد على ذلك بقوله تعالى عن موسى: "قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ" الآية [القصص:33 – 35].
فموسى – عليه السلام – طلب من ربه أن يشد عضده بأخيه، لأنه أفصح لساناً، وأكثر قدرة على استعمال الحجج والبراهين، وفي قوله – تعالى - (والعاملين عليها) الآية، [التوبة: 60]. دليل على جواز الوكالة عن المستحقين في تحصيل حقوقهم، وهذا من عمل المحامي، وهو داخل في التعاون على البر والتقوى؛ إذ فيه تحصيل للحقوق وحفظ لها، وقد وكل النبي – صلى الله عليه وسلم – في قضاء الدين واستيفاء الحقوق وحفظ الزكاة وغيرها، والمحاماة نوع من الوكالة.(1/94)
وقد وكّل علي بن أبي طالب عقيلاً ثم عبد الله بن جعفر – رضي الله عنهم – وقال: ما قضي لهم فلي، وما قضي عليهم فعلي [الأم للشافعي 3/237]، والبيهقي في سننه وعلى جوازها مضى الأمر بين المسلمين قديماً وحديثاً، قال السرخسي: (قد جرى الرسم على التوكيل على أبواب القضاة من لدن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى يومنا هذا من غير نكر منكر ولا زجر زاجز). المبسوط (19/4).
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما مدى حق البنت التي تسكن مع أبيها في العمل، وما ضوابط ذلك؟
الجواب :
نفقة البنت على أبيها الغني القادر على الإنفاق، ولكن من حقها أن تعمل في المنزل عملاً يدوياً أو فكرياً من غزل، أو نسيج، أو صناعة، أو رسم، أو تحرير الأوراق وكتابة الأبحاث، ولها العمل خارج المنزل أيضاً على أن يتفق هذا العمل مع طبيعتها و أنوثتها، ويتلاءم مع قدراتها، ولا يترتب عليه اختلاط بالرجال، أو تعريض لحيائها وعفافها، وأن يكون هذا العمل نهاراً لا ليلاً.
سئل الشيخ أ.د. محمد بن أحمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية خطبت فتاة منذ سنوات وعقدت عليها، ولكن لم نتزوج إلى الآن، ولا زالت في بيت أبيها، سافرت أنا إلى خارج بلدي، وسوف أرجع – إن شاء الله – قريباً حيث إني أتعافى من عملية جراحية، زوجتي طلبت مني أن تبدأ في العمل وأبوها سمح لها بذلك، وأنا أقسمت لها بالله إن ذهبت فإن كل شيء بيننا سينتهي، وقررت الذهاب وذهبت فعلاً، ولكن لغرض وضع ملف للتعيين، وأنا حلفت لها على العمل فما حكم يميني، وهل يعتبر الآن طلاقاً؟
ثانياً: هل من حق أبيها أن يأمرها بالذهاب للعمل، أم أن كل شيء بيدي أنا؟ وهل هي آثمة إن أخذت بأمر أبيها وتركت أمري، علماً أني أصرف عليها؟
ثالثاً: هل يجوز لها أن تخرج من بيتهم إلى أي مكان، دون علمي حتى وأنا بعيد؟(1/95)
رابعاً: هل يجوز لها أن تخبر أمها وقريباتها بكل ما يدور بيننا من كلام حتى عبر الهاتف وهل تأثم على ذلك؟ وأخيراً أريد منك نصيحة لنا أنا وهي، وجزاكم الله ألف خير.
الجواب :
تقوم الزوجية بإبرام عقد الزواج المستوفي للشروط والأركان، فإذا تم هذا العقد أصبحت المرأة زوجة لها حقوق الزوجية، وأصبح الرجل زوجاً له حقوق الزوج، فلا يسوغ التعبير بعد حصول الزواج بعدم إبرام العقد، وتترتب على عقد الزواج حقوق للزوجة وحقوق للزوج وحقوق مشتركة؛ فحقوق الزوجة في المهر والنفقة وحسن المعاملة أي العشرة بالمعروف، والحق في العدل.
وحقوق الزوج في الانتقال بها إلى بيته، والسفر معه، وله عليها حق الطاعة، والقرار في المنزل، فلا تخرج إلا بإذنه أو للحاجة أو الضرورة، ولا تأذن بدخول أحد بيته دون موافقته، ولا تنفق من ماله إلا برضاه، وعقد الزواج يرتب حقوقاً مشتركة بين الزوجين وهي:
(1) حق الاستمتاع (ممارسة الحياة الزوجية).
(2) حق التوارث (أي كل منهما يرث الآخر إذا سبقه إلى الوفاة).
(3) حرمة المصاهرة، حيث يحرم عليه الزواج من أمهاتها والزواج من بناتها، كما يحرم على الزوجة الزواج من أبيه أو من أبنائه.
(4) حق المعاشرة بالمعروف، لقوله تعالى: "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" [البقرة: من الآية228].
ومن حق الزوج منع زوجته من العمل، إلا إذا كانت قد اشترطت عليه ذلك، وكان عملاً لا يخل بالشرف، ولا يتنافى مع الآداب العامة، ويمينك هذا لا يعد طلاقاً وعليك كفارة اليمين.
وليس لها ولا لأبيها ممارسة عمل يتنافى مع حقوق الزوجية أو ينقصها، إلا إذا كان هناك شرط عند العقد.
ويتعين على الزوجة عدم الخروج من البيت إلا بإذن زوجها إلا للحاجة أو الضرورة، ويجب على كل من الزوجين المحافظة على سر الآخر، وعدم التحدث بما يجري بينهما فيما هو من شؤونهما الخاصة.(1/96)
وأنصح كلاً منكما أن يتقي الله في الآخر، وأن يبذل قصارى جهده في القيام بحقوق الزوجية والصدق والأمانة، ويعمل على تحقيق قول الله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [الروم:21]، فالزواج في الخلق آية، وهو من الله نعمة، ويفتح أبواب الرزق، ويحفظ الله به نصف الدين، وعقده ميثاق غليظ، وهو يحفظ الشرف ويمنع ابتذال الجنس، ويحقق المصالح لكل من الرجل والمرأة من غض البصر وتحصين الفرج وسرور النفس وراحة البال وحفظ الصحة ووجود الذرية: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج..." الحديث رواه البخاري (5066)، ومسلم (1400) من حديث عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- وأرجو لكما التوفيق.
سئل الشيخ د.طارق بن عبد الرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية هل العمل في وظيفة سكرتيرة (في مكتب مبيعات فندق) حرام؟ مع الأخذ في الاعتبار بأنني ملتزمة جداً في لبسي (عباءة وطرحة طويلة)، ولا أضع المكياج، وهل هذا العمل يؤثر على الأعمال التي أقوم بها للتقرب إلى الله من صلاة وقراءة قرآن؟ أرجو الإفادة.
الجواب :
الأخت الفاضلة: سلمها الله
السلام عليكم، وبعد:(1/97)
فنشكر لك مواصلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله لك الثبات على الحق وما يرضي الله عز وجل، ثم اعلمي أن من أفضل الأعمال وأشرفها وأعلاها عند الله تعالى في الإسلام أن تعمل المرأة في تربية أولادها تربية صالحة، فتجعل منهم رجالاً ونساء صالحين يبنون لهذا الأمة مجدها، وفي إعداد أسرة دافئة صالحة مستقرة لأبيهم ولهم حتى ينشأوا نشأة صحية تحميهم من الانحراف والضياع، قال تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" [الروم:21]، ومعلوم أن سكن الزوج إلى الزوجة إنما يتحقق بأن تؤدي الزوجة وظيفتها الفطرية في توفير البيت الدافئ المستقر وهذا هو معنى السكن، أما إذا قضت نهارها في العمل وليلها في الراحة من عناء العمل وزوجها وأولادها في ضياع فلم تحقق كونها سكنا لزوجها وأولادها، بل هي من أسباب شقائهم وهذا معلوم للعيان لا يحتاج إلى دليل وبرهان؛ لأن الأسرة قد تحتاج أحيانا لعمل المرأة أن تكون غير متزوجة، غير أن الإسلام لا يحرم عمل المرأة خارج بيتها، ولكن يشترط لذلك شروطاً:-
الأول : أن يكون عملها مما يباح للمرأة أن تعمل فيه، فلا يجوز أن تعمل في السينما أو الغناء على سبيل المثال.
الثاني : ألاَّ يكون عملها في وسط مثير للفتنة، فلا يجوز أن تعمل بين الرجال الأجانب في جو مختلط مخالف لآداب الإسلام .
الثالث: أن تكون بكامل حجابها الساتر لجميع جسدها ومواطن الفتنة فيها.
الرابع: أن يتناسب العمل مع طبيعتها كامرأة ويتوافق مع فطرتها.(1/98)
الخامس: أن لا يترتب على عملها تضييع لأولادها وحقوق زوجها.وتذكري قول الله: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا" [الطلاق:2]، وقوله صلى الله عليه وسلم : "من ترك شيئا لله عوَّضه الله خيرا منه" أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/196) وعنه الديلمي (4/27) الغرائب الملتقطة، وقال الألباني: إن إسناده موضوع، انظر الضعيفة (1/61/ح5)، واجعلي ثقتك في الله عظيمة، والله أسال أن يحفظك وأن يوفقك في حياتك العلمية والعملية، والله أعلم.
سئل الشيخ أحمد بن موسى السهلي رئيس الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف أنا موظفة براتب مرتفع، و زوجي يعتبر هذا الراتب من حقه و ليس لي حرية التصرف به، وعندما أخبره أنه من حقي يغضب جداً ويقول لا تعملي، مع العلم إنه لا يمكننا أن نعيش براتبه وحده؛ لأنه يعطيه كله لأهله، وأنا المسؤولة عن البيت ومصروفه أيضا، أريد أن أعرف ما رأي الشرع في هذا الوضع؟.
جزاكم الله خيراً.
الجواب :
الشريعة الإسلامية قامت على العدل والإنصاف في كل شيء، ومن ذلك الحقوق الزوجية، ولا سيما الحقوق المالية فإنها بنيت على المشاحة والمطالبة في الدنيا والآخرة، فقد جعلت نفقة الزوجة المطيعة لزوجها واجبة على الزوج، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، وهي مقدرة شرعاً حسب يسر الزوج وإعساره، قال تعالى: "لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا" [الطلاق: 7].
وقال – صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف" أخرجه مسلم (1218) من حديث جابر – رضي الله عنه - .
وقال – صلى الله عليه وسلم -: "استوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوان عندكم" أخرجه الترمذي (1163).(1/99)
وقول الرسول – صلى الله عليه وسلم- لهند بنت عتبة: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" رواه الجماعة على اختلاف في الألفاظ انظر صحيح البخاري (2211)، وصحيح مسلم (1714).
وقوله تعالى: "أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى" [الطلاق: 6]، أي على قدر ما يجد أحدكم.
وعلى هذا يجب على زوجك أن ينفق عليك بشرط أن تتفرغي لمتعته والقيام بحقوقه الزوجية، وعدم خروجك للعمل ما لم تشترطي عليه في العقد.
وإذا لم يحصل بينك وبينه شرط للخروج للعمل، فهذا لا يعني أن سكوته ملزم له، لأن النفقة على الزوجة بشرط حبسها نفسها على متعته وخدمته، والحديث يقول: "الخراج بالضمان" انظر مسند الطيالسي (1567)، وجامع الترمذي (1285)، أما كون المرأة تعمل في النهار وتفوت على زوجها حقوقه فلا يلزم بالنفقة عليها ما لم تكن اشترطت عليه عند عقد الزواج أن تعمل، ووافق على الشرط ورضي به، فلا يجوز له أن يمنعها من العمل شريطة أن يكون عملها ملتزماً بالضوابط الشرعية من حجاب وعدم اختلاط بالرجال..إلخ.
أما أنه ملزم بالنفقة عليك فلما ذكر من النصوص السابقة الذكر، ولقول الله تعالى" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيرا" [النساء: 34].
وعلى كل لا تجب النفقة عليك، بل يجب عليه هو أن ينفق عليك إذا أنت قمت بالحقوق الزوجية، لكن أقول لك: من باب التعاون مع الزوج، وقد أذن لك في العمل، إن كنت اشترطت عليه فحبذا لو كان هناك شيء من المساعدة تقديراً لموقفه وتعاونه معك.(1/100)
أما إذا كان الزوج شرط عليك عند العقد أن يسمح لك بالعمل خارج المنزل بشرط أن تعطيه مثلاً ربع الراتب أو ثلثه، أو أن تدفعي راتب الخادمة وما شابه ذلك من أجل تفويتك عليه شيء من حقوق الاستمتاع في النهار والقيام بأعمال المنزل، ورضيت بذلك الشرط، فالمسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً، وهذا الشرط ليس من ذلك في شيء، كما أنه يجب على الزوج أن يتقي الله ولا يضايق زوجته ويسيء عشرتها من أجل أن تنفق عليه أو تعطيه راتبها أو شيئاً منه، فهذه خسة في الطبع ، ودناءة في الخلق، فليس ذلك من خلق المسلم الحقيقي الإسلام ؛ بل يجب عليه أن يترفع عن ذلك.
هذا والله أعلم. وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سئل الشيخ د. سليمان بن وائل التويجري عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أنا طالبة في الجامعة، وأود الاستفسار عن مشروعية العمل في مجموعة واحدة لا سيما في المشاريع مع بنات غير مسلمات، سواء كتابيات أو غير ذلك. أفيدوني أفادكم الله.
الجواب :
إذا كان هذا العمل لا تترتب عليه موالاة ومودة فلا بأس به، خاصة إذا كان هذا مما يفيد في العملية التعليمية، والطالبة مع زميلاتها يستدعي العمل أن تشاركهن في مشروع تعليمي ونحو ذلك، أما إذا كان هناك غيرهن من المسلمات فالأولى أن تكون معهن، وينبغي إذا لم تجد غير هؤلاء الكافرات أن تعمل معهن من منطلق التعاون على التحصيل العلمي دون أن تترتب على ذلك موالاة ولا مودة، لأن الله جل وعلا يقول:"يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم" [المائدة:51] هذا ونسأل الله جل وعلا للجميع التوفيق والهداية، والله أعلم.
8- محرم المرأة
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى(1/101)
ما الحكم لو نزلت المرأة مع أختها فقط إلى السوق لشراء بعض الأغراض وهي قد وصلت إلى السوق عن طريق زوجها أو أخيها ؟
الجواب :
لا بأس بذلك على أن تحرص على الحجاب الشرعي ، وتلتزم بآداب الخروج .
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
إذا تزوج رجل بامرأة مطلقة ولها بنات بالغات فهل يعتبر محرماً لهن ، وهل يجوز لهم السكن مع والدتهم وزوجها في نفس البيت ؟
الجواب :
إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها ولها بنات من غيره فهو محرم لهنّ ؛ لأنهن محرمات عليه بسبب زواج أمهن ، ولهن في هذه الحال السفر معه والسكن في بيته .
سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
هل يُعدُّ ولدي البالغ من العمر عشر سنوات ونصف مَحْرماً؟
الجواب :
المحرم الشرعي هو من جَمَع صفاتٍ هي:
الذكورة، والبلوغ، والأمانة، والقوة على حفظ المرأة؛ لقوله تعالى: (( إنَّ خيرَ من استأجرتَ القويُّ الأمين)) . وغير البالغ بحاجة إلى من ينظر له، فلا ينظر لغيره، وفاقد الشيء لا يعطيه .
وليُعلمْ أنَّ المحْرم شرطٌ حالَ السفر فقط؛ لحديث ابن عباس: أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: (( لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم )) فاشتراط المحرم إنما ورد في السفر فقط.
أما في غير السفر فيشترط عدم خلوِّ الرجل بالمرأة الأجنبية .
سئل الشيخ د. شرف بن علي الشريف عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى والدتي كبيرة في السن ولديها خادمة، وترغب الصيام بمكة المكرمة فهل يجوز الذهاب بوالدتي وبصحبتها الخادمة؟ وهل هناك فرق في السفر بهما بين الطائرة والسيارة؟
الجواب :
أخي بارك الله فيك، الواجب أنها لا تسافر من بلدها إلا بمحرم، وإذا كان محرم الخادمة موجود فلا يجوز أن تسافر إلا معه، أما إذا لم يكن لها محرم فتعتبر أمانة عند كفيلها؛ فيجب عليه أن يحافظ عليها، كما يحافظ على أهله وبناته.(1/102)
وهذه الخادمة - المسؤول عن السفر بها إلى مكة- انظر ما هو الأحفظ لها، وفي ظني أن والدتك بحاجة إلى خدمتها في مكة، والسفر عبادة، فلا مانع من السفر بها مع والدتك إلى مكة، سواء بالسيارة أو الطائرة، والله أعلم.
سئل الشيخ د.محمد العروسي عبدالقادر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى لي خال وله زوجة تبلغ من العمر ستين سنة أو أكثر – للأسف- أني كل ما ذهبت لزيارة خالي أو جدتي؛ لأنها تسكن معه دخلت زوجة خالي عندما أكون جالساً معهما، وبعض الأحيان تصافحني ، فهل أقطع زيارة جدتي وخالي؟ علماً أني لو امتنعت عن مصافحتها والدخول عليها لحصلت مشكلة كبيرة، وعلماً أنها لا تملك جمالاً يجعلني افتتن بها، وأثر كبر السن يظهر عليها، أفتوني في هذه المشكلة التي أصبحت تؤرقني وتجعلني أمتنع عن زيارة جدتي وخالي، وأخشى أن أصبح قاطع رحم.
الجواب :
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وسلم. أما بعد:
فإن امتناعك عن مصافحة المرأة الأجنبية ومن لست محرماً لها هو الحق ، وهو المطلوب من كل مسلم.
وأنت إذا أخلصت النية، وقصدت امتثال حكم الله في امتناعك عن مصافحتها، كفاك الله ما يصدر منها أو من حاشيتها ؛ لأنه – سبحانه- مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، ومن كان الله معه فإنه سيكفيه مؤنة من يكيد له، أو يمكر به، أو يؤذيه.
ثم يجب أن تستعمل الحكمة في الكف عن مد يدك للمصافحة، كأن تسأل عن صحة أهل البيت ، أو تصطحب معك هدية، أو تفعل شيئاً مما يسرون به، فإن هذا التصرف –بعد الاستعانة بالله – سبحانه- والتوكل عليه، مع صدق العبد فيما يفعل- إذا وافق كفك عن المصافحة، هوّن وقع ذلك في قلبها، والله – سبحانه- ولي التوفيق.(1/103)
سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - رحمه الله - عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء متى يكون الطفل محرماً للمرأة؟ أرجو توضيح، هل الضابط البلوغ أم التمييز أم السن؟ وجزاك الله خيراً.
الجواب :
سئل فضيلة الشيخ: محمد العثيمين –رحمه الله- عن شروط المحرم، فقال:"ذكر أهل العلم أن من شرط المحرم أن يكون بالغاً عاقلاً، فإذا بلغ الرجل خمسة عشر عاماً أو نبت له شعر العانة أو أنزل المني باحتلام أو غيره فقد بلغ وصح أن يكون محرماً إذا كان عاقلاً، وعلى هذا فيكون من بلغ خمسة عشر عاماً محرماً لأخته وأمه". انتهى بلفظه.
[الفتاوى لفضيلة الشيخ: محمد العثيمين –رحمه الله- الجزء الأول من سلسلة كتاب الدعوة صـ (122-123)].
سئل الشيخ د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
تزوجت من امرأة وهذه المرأة لها أولاد كبار متزوجون، ولها بنت متزوجة، فهل أنا محرم لبنت زوجتي؟
الجواب :
أما بنت الزوجة – وتسمى الربيبة – فتحرم على زوج أمها ولو لم تتربَّ في حجره، في قول الأئمة الأربعة والفقهاء والسبعة وجماهير السلف والخلف، ولم يشذ عن ذلك إلا الظاهرية فيمن لم تترب في الحجر ، وأما زوجة ابن الزوجة فلا تحرم ، لأنها ليست ممن ذُكر في قول الله تعالى: "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم" إلى قوله : "وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" [النساء: 23].
وعلى ذلك فأنت محرم لبنت زوجتك، ولست محرماً لزوجة ابن زوجتك, والله تعالى أعلم.
9- الخلوة مع غير المحرم(1/104)
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أنا معلمة لا يوجد من يوصلني للمدرسة سوى سائق سعودي برفقة زميلاتي، ولكن تحدث خلوة لمدة خمس دقائق ؛ وذلك لأنني آخر مدرّسة تنزل، فما حكم ذلك ؟
الجواب :
إذا كان السائق كبيراً في السن، مأموناً ، وكانت المسافة قريبة، وفي داخل العمران، وكان الجلوس في الخلف فلا بأس .
وإذا كان السائق ليس كبيراً فعليكن بالاتفاق مع سائق تكون معه زوجته، أو إحدى محارمه، أو وضع حاجز فاصل بينكم وبينه كالخشب، أو الزجاج السميك ونحوه .
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية طبيب يعمل بالمستشفي بالعيادة الخارجية ومعه ممرضة، ويغلقان عليهما الباب ولكن بدون مفتاح، بحيث لو حضر مريض فيمكن أن يدفع الباب ويدخل أو أي مسؤول بالمستشفي أو عامل، فهل هذه هي الخلوة التي حذر منها رسول الله -صلي الله عليه وسلم-؟ وإذا كانت خلوة فما الحل؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالمقصود بالخلوة المنهي عنها في الحديث المشهور هي أن يخلو الرجل بالمرأة بحيث تحتجب أشخاصهما عن الناس ولو لم يُغلقا الباب، فضلاً عن أن يقفل بالمفتاح.
فاختلاء الطبيب بالمريضة أو الممرضة بحيث لا يراهما الناس يعد خلوة محرمة ولو كان الباب مفتوحاً.
وإغلاق الباب عليهما خلوة محرمة من باب أولى...ولو لم يقفل بالمفتاح.
فليست العبرة ألا يدخل عليهما أحد، إنما العبرة ألا يراهما أحد.
فعلى الطبيب إذا دخلت امرأة أجنبية عيادته أن يترك الباب مفتوحاً، وأن يكون في عيادته بحيث يراه الناس، أي قبالة الباب، فإن شق عليه ذلك، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، والأمر ـ كما قرَّر الفقهاء ـ إذا ضاق اتسع، والمشقة تجلب التيسير.(1/105)
ولأن الخلوة حرّمت لكونها ذريعة إلى الفتنة والفاحشة، وما حرم سداً للذريعة فإنه يباح عند المصلحة الراجحة، ولكن الحاجة تقدر بقدرها.
وأرجو ألا تفهم من هذا تسويغ التساهل والتوسع من غير حاجة مُلحّة. إنما قصدتُ أنك إذا لم تستطع أن تتحاشى الخلوة بالممرضة كليةً، فعليك أن تضيقها في أضيق نطاق "فاتقوا الله ما استطعتم"[التغابن: 16].
وعليك أن تدرأ عن نفسك هذه الخلوة المحرمة قدر الإمكان.
وفقك الله وسددك، واحتسب الأجر على الله؛ فأنت على ثغر، وفي عملك مصلحة عامة، وقضاء لحوائج الناس.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
10- مسائل متفرقة في المرأة
سئل الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم الشبل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
هل يجوز للمرأة إن تزوجت أن تأخذ اسم عشيرة الزوج؟ مع العلم أن القانون الألماني يخيرك: إما أن تبقى المرأة على اسم عشيرتها، أو تأخذ اسم عشيرة الرجل, علماً أن الوضع يكون أسهل وبدون مشاكل إذا أخذت الزوجة اسم عشيرة زوجها, ففي بعض الأحيان يتصور الموظفون في الدوائر الحكومية أننا غير متزوجين حتى نريهم عقد الزواج. فما هو الصواب؟. وجزاكم الله كل خير.
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
لا يجوز للمرأة أن تنتسب لأسرة زوجها بعد الزواج؛ وذلك للأمور التالية:
الأول: ما ثبت في البخاري (3508)، ومسلم(61) عن أبي ذر – رضي الله عنه- أنه سمع النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم (في بعض النسخ له فيهم نسب) فليتبوأ مقعده من النار"، وغيره من الأحاديث الدالة على تحريم الانتساب لغير الأب، أو العشيرة، أو الموالي.
الثاني: أن في ذلك مشابهة للكفار فيما هو من خصائصهم، وفي الحديث: "من تشبه بقوم فهو منهم.(1/106)
الثالث: أن في هذا الفعل إسقاط لحق من حقوق المرأة، فمن حقوقها: الانتساب لأبيها وعشيرتها لا إلى عشيرة الزوج، كما أن فيه إسقاط لحق الأب والعشيرة في انتساب المرأة لهم لا لغيرهم، وكنت – وما زلت- أعجب من رضا كثير من الغربيات بذلك.
الرابع: أن مثل هذه الأفعال تؤدي إلى إذابة الهوية الإسلامية على المدى القريب والبعيد، ومن المعلوم أن من خصائص الهوية الإسلامية في قضايا الأسرة أن انتساب الزوجة يكون إلى أبيها لا إلى غيره، ومن المفترض أن يتمسَّك المسلم بهذا الأمر، ويعتزَّ به، وينشر ويبين للناس أنه من حفاظ الإسلام على حقوق المرأة، أما ما ورد في السؤال من كون هذا الأمر يؤدي إلى بعض المشاكل، فهذه مشقة يسيرة، لا يُترك من أجلها الحكم الشرعي.
ملحوظة: الكفر الوارد في الحديث لا يراد به الكفر المخرج من الملة، بل هو كفر أصغر، أو كفر النعمة، أو أن هذا الكفر لمن استحلَّ هذا الفعل مع علمه بتحريمه، أو يقال: إنه من نصوص الوعيد التي تمر، كما جاءت، ولكننا لا نكفر أحداً من أهل القبلة بفعله للكبيرة، وبسط ذلك في غير هذا الموضع. وفقني الله وإياك إلى كل خير،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سئل الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز المجيدل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أنا أمارس العادة السرية، ولكن عندما علمت بحرمتها نويت التوبة، وأصبحت أشعر بالإثارة من أي شيء حتى وأنا أصلي، وعلى الدوام، فهل يجب عليَّ الغسل لكل صلاة؟ مع العلم أن الغسل يتعبني كثيراً، وفيه حرج كبير علي ويضرني لأن شعري بدأ يتساقط بكثرة، فماذا يجب أن أفعل؟.
الجواب :(1/107)
الأخت الكريمة شكراً على هذا العزم وحسن المآب، أسأل الله لك الثبات، اعلمي - وفقك الله - أنك أثرت أعضائك فيما مضى، فأصبحت تستجيب لأقل مثير، فقومي بتثبيط عنصر الاستثارة في نفسك وأعصابك، وذلك بالتمرين على أن المثير متى ما وقع امتنع ترك الاستجابة له، سواء كان ذلك المثير جاء مصادفة بدون قصد منك، أو أنك عملت له استدعاء من أجل تمرين نفسك على ترك الاستجابة، وهذا التثبيط للمشاعر والغريزة يتكون بالتدريب.
أما بخصوص السؤال فإن الحكم مرتبط بالإنزال، فمتى حصل وجب الغسل، فالإثارة بدون الرعشة التي تدل على الإنزال عند بعض النساء، وعند أخريات يكون الإنزال خارج الفرج وهذا واضح فالغسل واجب، أما مجرد حصول اللذة فلا يوجب الغسل، واسألي نفسك هل يمكن أن تعفيها بالزواج بعد أن تتجاوزي مجموعة من الأوهام يسميها البعض ظروفاً وأسباباً وعادات لبعض المجتمعات، فإذا قوبلت بالصراحة والوضوح وحسن التأمل لم تتجاوز أسباباً بسيطة يمكن حلها أو تجاوزها أو تأجيلها. أعانك الله على العفاف وحسن الانتظار فهو أعظم وسام تتوشح به المرأة، وليكن لك في الصالحات الصابرات من المؤمنات القدوة والأسوة؛ مريم بنت عمران، فاطمة بنت محمد – صلى الله عليه وسلم- وغيرهن ممن أمضين شبابهن في صبر وتحد عظيم لجميع المغريات وحماهن الله من السقوط، والإعجاب بالساقطات، واحرصي على المباعدة عن أسباب الإثارة بالكلمة والصورة وغيرها، وحاولي مسح ما في ذاكرتك من المواقف التي تضعف من توبتك، واعلمي أن من سقطن في أتون الشهوة كثر، ومن صابر وصبر فاز باللذة فيما بعد، فقد أصبح للمؤمنين إماماً، واكتسب قوة نفسية لا يعدلها مال ولا شهوة عابرة، وتلك والله الدرجات التي يتفاوت فيها الخلق في الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد.(1/108)
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى أفيدوني –رفع الله قدركم- عن نظر المرأة إلى بعض البرامج الإسلامية التي يكون فيها رجال، جعلكم الله من حماة دينه وحراس عقيدته؟
الجواب :
نظر المرأة إلى الرجال الأجانب ليس ممنوعاً في كل حال، بل يباح في أحوال كثيرة، كرؤية المصلين، ورؤية الحجاج في عرفة... وغير ذلك، وقد كان الحبشة على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يلعبون بحرابهم في المسجد وأم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها- تنظر إليهم، انظر ما أخرجه البخاري (454)، ومسلم (892)، ومثل هذا نظر المرأة إلى البرامج المفيدة، والممنوع إنما هو اختلاطها بالرجال، واطلاعها على المناظر الخليعة التي تخدش الحياء، وتثير الشهوات في البرامج الإعلامية أو غيرها.
سئل الشيخ د. محمد بن سليمان المنيعي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ما حكم السلام على النساء المسلمات بالصوت فقط؟ وهل هو مستحب بهدف إفشاء السلام كما في الحديث الوارد؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب :
الأصل أن السلام من السنة، وإفشاؤه من الدين، غير أن وقوعه من الشاب ونحوه على النساء، أو العكس في الأسواق، والطرقات، والأماكن العامة مما هو مظنة للفتنة، يمنع والحالة هذه درءاً لوقوع مفسدة، ودرء المفاسد في الشريعة مقدم على جلب المصالح، لكن وقوعه من الكبير، وما لا فتنة فيه أو كان له سبب كاتصال بالهاتف لأمر يقتضيه فالظاهر أن لا بأس والحالة هذه.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حكم سفر الفتاة خارج الدولة ( إيرلندا ) أو ما شابهها، علماً بأن الذي سوف يسافر معها محرم لإيصالها فقط ، وأنه يوجد هناك مبنى توجد فيه فتيات وتحت مسؤولية سفارتنا بتلك الدولة؟.
الجواب :(1/109)
النهي إنما جاء عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم- عن سفر المرأة بدون محرم ، أما بقاؤها بدون محرم فإني أرى أنه لا ينبغي، لأن بقاء المرأة بعيدة عن محارمها وبلدها فيه خطر عظيم؛ لأن المحرم إنما شرع لصيانتها وحفظها .
هذا ولا شك أن الأمر أخف إذا كانت بين فتيات وتحت مسؤولية السفارة، لكنني مع ذلك أكره بقاءها وحدها لما تقدَّم .
سئل الشيخ د. الشريف حمزة بن حسين الفعر عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى ما حكم السباحة للنساء ولبس ثوب السباحة ؟
الجواب :
سباحة المرأة إمّا أن تكون مع الرجال، وإما أن تكون مع النساء، فإن كانت مع الرجال فلا تجوز؛ لما في ذلك من الاختلاط، وانكشاف ما لا يجوز كشفه من جسدها أمام الرجال الأجانب، وإن كانت سباحتها مع نساء فلا حرج عليها فيها إذا كانت ملابسها ساترة شرعاً لما يجب ستره عن النساء، وعلى المسلمة أن تبتعد عن مخالطة النساء اللاتي لا يلقين بالاً للدين والخلق، فتسبح إحداهن وهي شبه عارية ومبرزة لمفاتنها، وما أوجب الله ستره منها. وبالله التوفيق.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أريد أن أسأل إذا كانت المرأة حاملاً وهي متزوجة، ولكنها زنت وليست متأكدة من الطفل أنه ابن زوجها، فهل إذا أجهضت يكون حراماً؟ أما إذا بقيت على الحمل وهي لا تعرف ممن فهل هذا إثم أكبر؟.
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالجواب أن الإجهاض لا يجوز بأي حال من الأحوال ولو كان الحمل من الزنا، هذا والولد يلحق بالزوج، لما جاء في الصحيحين البخاري (6818)، ومسلم (1458)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" ، أي الولد للزوج وللزاني الرجم.(1/110)
هذا وليعلم أن المسألة ليست مقتصرة على ما نصت عليه السائلة من حكم الإجهاض، إذ على كل من الزاني والزانية إذا ثبت زناهما بشهادة أو إقرار حد الزنا، الذي هو للمتزوج الرجم حتى الموت، وللبكر غير المتزوج جلد مائة وتغريب عام، ثم إن على زوج هذه المرأة التي لا تمتنع عن الزنا أن يفارقها، قال تعالى: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" [النور:3]، والله أعلم.
سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم النظر للرجال في التلفاز إذا كانت العورة مستورة؟ وهل هناك علماء أحلوا ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب :
النظر للرجال من قبل المرأة لا بأس به ما لم تكن فيه فتنة، أو تحريك شهوة، فإذا أدى إلى شيء من ذلك فإنه يجب عليها أن تغض بصرها؛ لقول الله -عز وجل-:"وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن" [النور:31].
سئل الشيخ د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، أما بعد: أنا طبيب أسنان تخرجت منذ سنة تقريبا، وأريد أن أعرف شرعية التعامل مع المرضى من النساء؛ مثلا: من تود من أهلي التعالج عندي، ماذا أفعل معها؟ علما بأني ولله الحمد متفوق في عملي (بفضل الله عز وجل)، فإذا لم أعالجها عالجها غيري من الرجال الذين قد لا يتقنون التعامل بمقاييس شرعية، وقد يتعاملون مع المرضى وكأنهم يتاجرون فيهم، فأريد وضع ضوابط للتعامل مع النساء في عملنا، (خصوصا أنه ليس من السهل أن يتعامل المرء مع طبيب ثم يكتشف أنه لا يتقن المهنة، فهو قد يعرض نفسه وبدنه للأذى).. أرجو التفصيل في الجواب..شاكراً لكم حسن تعاونكم.
الجواب :(1/111)
الأصل في التطبيب أن يعالج كل جنس جنسه، فالنساء يعالجن النساء، والرجال يعالجون الرجال، ويجب على أهل الشأن وكل من لديه قدرة على تغيير الواقع أن يسعى إلى ذلك.
فإن لم يمكن وجود المثيل من الجنس جاز التداوي عند الجنس الآخر بشروط أهمها.
(1) أن يكون التداوي بالنسبة للمرأة بوجود محرم لها، أو امرأة ثقة، والمقصود عدم الخلوة عموماً، بالنسبة للرجال أو النساء.
(2) الاقتصار من النظر على القدر اللازم.
(3) الأمن من الفتنة.
وبالنسبة لك كطبيب أسنان، فإذا كانت المرأة التي تريد العلاج من محارمك ويباح لك النظر لها والخلوة بها، فتداويها عندك باعتبارك محرماً لها وهذا هو الصحيح، وكذلك لم يوجد غيرك من محارمها، بشرط أن تكون صاحب كفاءة في أمر المعالجة المقصودة، والله أعلم.
سئل الشيخ محمد بن سليمان المسعود القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة كنت قد طرحت سؤالاً بخصوص زوجتي وأريد أن أستشيركم في شيء آخر، أعيش الآن في كندا، وزوجتي في بلاد المغرب وهي تقطن مع محارمها، غير أنها تريد أن تشتري بيتاً وحدها؛ لتعيش فيه لحين عودتي العام القادم إن شاء الله، وذلك لأنها لم تعد تحتمل بقاءها مع عائلتها بعد زواجنا لظروف نفسية خاصة بها، هل آذن لها بذلك؟ أم أن الشرع يوجب العكس؟ وبهذا أرفض هذا الطلب الذي تلح عليه بكثرة، فهل أسمح لها أن تسكن وحدها إلى حين عودتي؟.
الجواب :(1/112)
الحمد لله تعالى وحده، وبعد: فقد ذكر السائل رغبة زوجته في السكن المستقل، وذلك لكونها لم تعد تتحمل بقاءها مع عائلتها بعد زواجها لظروف نفسية خاصة، وهل يأذن لها بذلك أم لا؟ وأقول ينبغي أن تراعي بين المصالح والمفاسد، فإن طلبها السكن المستقل لا مانع فيه، ولكن ينبغي أن تنظر إن كان ليس هناك عليها أي مضرة في دينها أو غير ذلك، وإن كان ذلك لا تحصل معه أي مشاكل أو إيذاء أو تعرض من أهل الفساد والريب، وإن كان سكنها سبباً في استقرارها واستقرار راحتها النفسية؛ فهذا طيب وخير لك ولها إن شاء الله، وأما إذا كان في سكناها لوحدها مفاسد كثيرة فلا، واجتهد في إفهامها بذلك بالتي هي أحسن، واستعمل الحكمة والرفق، فإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه، والله هو الموفق وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
سئل الشيخ نزار بن صالح الشعيبي القاضي بمحكمة الشقيق هل يجب أن يكون الشهود رجالاً في حالة الشهادة على عقد النكاح؟ وهل يجوز أن تكون المرأة شاهدة؟ وهل يجوز للرجل في حالة إذا أراد التعدد أن يشترط على زوجته الثانية أنه لن يجلس معها إلا ثلاثة أشهر في السنة مثلا؟ أو أنه لا يريد أن يعلم أهله بموضوع زواجه؟ وإذا علموا فأنه سوف يطلقها، هل يجوز له أن يشترط مثل هذه الشروط؟ أم أن هذه الأمور تكون من عدم العدل ويأثم عليها؟
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أخي السائل تضمن سؤالك أربع فقرات :
فأما ما يخص الفقرة الأولى والثانية فنقول مستعينين بالله : أن المشهود به ينقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: الحدود: فهنا اشترط جمهور العلماء كون الشاهد ذكراً، لأن الحدود مما يحتاط لدرئه وإسقاطه، ولهذا تدرء الحدود بالشبهات، ولأن الحاجة لا تدعو إلى إثباته كحقوق الآدميين (فكأنهم غلبوا مصلحة الجاني).(1/113)
القسم الثاني: المشهود به ليس مالاً ولا يقصد به المال، ويطَّلع عليه الرجال في غالب الأحوال "كالنكاح – والطلاق – والرجعة" ، فالراجح عندي قبول شهادة المرأة مع ملاحظة أن شهادتها على النصف من شهادة الرجل، لأن هذا المشهود به هنا لا يسقط بالشبهة.
القسم الثالث: إذا كان المشهود به مالاً أو يقصد به المال كالبيع والرهن وغير ذلك.
فتقبل في هذه الحالة شهادة النساء مع ملاحظة أن شهادتها على النصف من شهادة الرجل.
القسم الرابع: ما لا يطَّلع عليه الرجال - كعيوب النساء تحت الثياب والرضاع والاستهلال والبكارة - تقبل هنا شهادة امرأة واحدة ثقة.
وكل موضع قلنا فيه إن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل فهذا بناء على الأصل في شهادتها، وللقاضي جعل شهادتها بشهادة رجل عندما يثق بشهادتها، لأن العلة في ذلك قوله تعالى: "أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة: من الآية282]، والحكم يدور مع علته وجوداً أو عدماً، فلو أمن القاضي خطأها فله أن يقبل شهادتها، خصوصاً إذا احتفت مع شهادتها قرائن تشهد بصحة ما تقول، أو وجدت حاجة لقبول شهادتها، ولهذا قال المرداوي في الإنصاف (فائدة: ومما يقبل فيه امرأة واحدة الجراحة وغيرها في الحمام والعرس ونحوهما مما لا يحضره رجال) (30/35) طبعة هجر.(1/114)
أما الفقرة الثالثة والرابعة من السؤال والتي تضمنت السؤال عن حكم اشتراط الزوج على زوجته بقاءه معها مدة معينة في السنة فقط أو غير ذلك فلا أرى في ذلك حرجاً إن وافقت المرأة على هذا الشرط، لأنها رضيت بإسقاط حقها، والرضا يرفع الظلم، وقد ثبت في البخاري (5212)، ومسلم (1463) من حديث عائشة – رضي الله عنها - أن سودة – رضي الله عنها - زوج النبي – صلى الله عليه وسلم – وهبت يومها لعائشة – رضي الله عنها - وعند أبي داود (2135) من حديث عائشة – رضي الله عنها – ما يدل على أنها فعلت ذلك عندما شعرت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – سيطلقها، والعكس أخي السائل صحيح، فللمرأة أيضاً أن تشترط ما شاءت من الشروط على الخاطب، مع ملاحظة ألا تتضمن هذه الشروط على الخاطب فعل محرم أو ترك واجب أو مناقضة أصل عقد الزوجية، كاشتراط الرجل أو المرأة عدم الجماع ونحوه.
سئل الشيخ د. سليمان بن قاسم العيد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود توجد الآن ظاهرة بين الفتيات في سن الزواج ، وحتى بين المنتقبات الملتزمات، هذه الظاهرة هي رفض الزواج بحجة أن الحياة هكذا أفضل ، أو حتى أتعلم ديني أكثر، أما الأغرب في الرفض لأن العريس مثلاً لباسه به إسبال قليلاً فترفض ؛لأن هذا الشاب وإن كان متديناً أو يحاول لن يساعدها في دينها ، وهكذا تقول ويمضي العمر ، ويصبح الطرفان بدون زواج، وأنا كأم لشاب مستقيم ، ويخشى الله ، ولكن يحاول يرتقي في دينه ولكن الهوينى، حزينة فعلاً؛ لأننا كلما أردنا التقدم لفتاة ويكون أهلها موافقين تعتذر هذه الفتاة أو تلك، حتى قبل رؤية ابني بحجة أنها لا تريد الزواج، وللعلم منهم المتنقبة وقريبة لنا، وتقسم أن ابني ليس به عيب، ولكنها تفضل عدم الزواج . أرجو توجيه كلمة لمثل هذا النوع من الفتيات.
الجواب :(1/115)
لقد جاء الدين الحنيف شاملاً كاملاً لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، ففيه الخير للرجل والمرأة والصغير والكبير ، ومن خيرية هذا الدين عنايته بالمرأة المسلمة متزوجة كانت أو غير متزوجة ، ومن عنايته بالفتاة المسلمة غير المتزوجة ما جاء في وصية رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لوليها يقول : " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض " أخرجه الترمذي (1084)، وابن ماجة (1967) من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-، واللفظ له . فهذا أمر من النبي الكريم لأولياء الفتاة بالمبادرة إلى تزويجها إذا تقدم لهم الكفء صاحب الخلق والدين ، وتحذير منه - صلى الله عليه وسلم- من الإعراض عن ذلك بالفتنة التي تلحق بالرجال والنساء إذا أعرض الناس عن العمل بهذا الحديث ، فقد قال بعض أهل العلم : " إن لم تزوجوها إلا من ذي مال أو جاه ربما يبقى أكثر نسائكم بلا أزواج ، وأكثر رجالكم بلا نساء ، فيكثر الافتتان بالزنا ، وربما يلحق الأولياء عار ، فتهيج الفتن والفساد ، ويترتب عليه قطع النسب ، وقلة الصلاح والعفة " ، وقال آخر : " إن تعظيم الجاه والمال وإيثاره على الدين يؤدي إلى الفتنة " .
وهذا الأمر النبوي الكريم ليس خاصاً بولي المرأة فحسب ، بل هو موجه لها أيضاً ؛ لأن لها حقاً في قبول الزوج أو رفضه ، فيجب عليها أن تكون معينة لولي أمرها على تنفيذ هذا الأمر النبوي الكريم ، وإلا فإنها هي المعرضة للفتنة أكثر من غيرها .(1/116)
إن اعتذار بعض الفتيات بتأخير الزواج بحجة الدراسة ، أو العمل ، أو غير ذلك فإنه من أسباب الفتنة ومن تلاعب الشيطان بهن – نسأل الله العافية لهن – ، وكم من الفتيات حصل منهن ذلك فندمن على هذا أشد الندم ، فهذه إحداهن تصرخ ، وتقول :" خذوا شهاداتي، وأعطوني زوجاً " فإن المرأة يمكن أن تعيش سعيدة بدون شهادات ولا عمل ، وما أكثرهن ، ولكن كيف تعيش سعيدة بدون زواج ؟ وكذا فإن المرأة التي تطلب زوجاً لا عيب فيه ستبقى من دون زوج ؛ لأنها لن تجد من المتقدمين لها من لا عيب فيه .
لذا فعلى المرأة أن تتقي الله في نفسها ، وعلى وليها أن يتقي الله – سبحانه وتعالى – فيها، فلا يمنعها من الزواج لمصلحة دنيوية له أو لها ، وليعلم الولي ، ولتعلم المرأة أيضاً أن زواجها حسب المعيار الذي حدده رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لذلك في إعانة للمرأة على تحقيق ما ينفعها في الدنيا والآخرة.
سئل الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية انتشرت في السنوات الأخيرة أحذية نسائية – أكرمكم الله – تشبه في تفصيلها أحذية الرجال، أي أن إصبع الإبهام له مكان مخصص، وإن اختلفت الموديلات والأشكال، بحيث يتم إضفاء شيء من الأنوثة عليها، ولكننا اعتدنا أن هذا الشكل خاص بأحذية الرجال، فهل لبس المرأة لها يعتبر تشبهاً؟ وهل تأثم الأم إذا قامت بشرائها لبناتها الصغيرات؟ جزاكم الله خيراً.
الجواب :
لا شك أن من المحرمات تشبه النساء بالرجال، والمراد بذلك فعل النساء لفعل يختص به الرجال، ولا يظهر أن وضع مكان مخصص للإبهام في الحذاء من خصائص الرجال، ولذلك فلا يظهر المنع من الأحذية المذكورة ما دام قد أضفيَ عليها شيء من الأنوثة.
سئل الشيخ يوسف أبرام مدير المركز الإسلامي بزيورخ في سويسرا وعضو المجلس الأوروبي للافتاء السلام عليكم ورحمة الله.(1/117)
نحن هنا في بلاد الغربة، زوجي مشغول عنا، كل وقته للعمل والدراسة، وبعض الوقت للأصدقاء، المشكلة أنه يدفعني إلى قيادة السيارة بحجة أنه مشغول، وأنا لا أطيعه في هذا الأمر؛ لمعرفتي بحكم قيادة السيارة، ماذا أفعل؟ فهو يقول: إذا أردت أي شيء تعلمي قيادة السيارة، واذهبي إلى أي مكان، وأيضاً هناك مشكلة اللغة حيث إن كل التعليم مختلط، وزوجي يقول نحن في حاجة إلى التعليم هل هذا صحيح؟ أفيدوني أرجوكم بالتفصيل، وشكراً.
الجواب :
الأخت السائلة: - زادك الله حرصاً على دينك- وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
القيادة أمر مباح ولكنه إذا أفضى أو سيفضي إلى محرم؛ فإنه سيحرم للسبب المفضي إليه، وعليه فإذا ما تيسر لك أن تتعلمي القيادة في مدرسة بدون اختلاط، وفي جو محترم، وحبذا برفقة أخت مسلمة، ثم بعد الحصول على الرخصة استعملت السيارة لما ينفعك وينفع الأسرة؛ فأرى أنه لا مانع من ذلك، وعلى الزوج الكريم أن يساعدك في الوقت المتيسر في تعلم قيادة السيارة، وعليه كذلك أن يخصص بعض الوقت لك وللبيت، والأولاد، فإن الله سائله عنكم أحفظ أم ضيع.
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة هل هناك ما يسوغ كون شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين من النساء؟.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد فقد جعل الله تعالى شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، قال تعالى: "فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة: من الآية282].
ففي هذه الآية أن شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد، وما أمر الله تعالى به وشرعه ففيه الحكمة العظيمة، فهو سبحانه خالق البشر فهو أعلم بما يصلحهم، كما قال تعالى: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" [الملك:14]، وأعظم مبرر لهذه الحكم أنه اتباع لأمر الله تعالى.(1/118)
وقد نصَّت الآية على تعليل لهذا الحكم، وهو أن المرأة الواحدة قد تنسى فتذكرها الأخرى، خاصة أن الغالب عدم عناية النساء بضبط الشهادات وحفظ الأحداث.
وفي الدراسات المستجدة وجد مصداق ذلك، إذ توصَّل علماء الطب إلى أن الدماغ البشري ينقسم إلى قسم أيمن وقسم أيسر، فالقسم الأيمن أقوى لدى الرجل منه لدى المرأة، والشطر الأيمن من الدماغ تتركز فيه المناطق الخاصة بالإحساس السمعي وفهم الرسوم وشمول الرؤية، فهذا التشريع ينسجم مع وظيفة عقل المرأة، والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما حكم خروج الزوجة مع أخيها أو أمها إلى أقاربها بدون علم الزوج ثلاث مرات وبضغط من أمها أو أخيها؛ كي لا تغضبهم، وبعدها تدعي أنها اتصلت وهي لم تتصل؟ علماً أنها تكون عند أهلها طوال هذه الثلاث مرات.
الجواب :
الحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الأصل أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها ولو إلى بيت أبيها أو عيادته في المستشفى إلا بإذن الزوج، فإن منعها من الخروج لم يجز لها أن تخرج، فإن خرجت فهي آثمة.
وإذا أطلق الزوج لها الإذن بالخروج مع أهلها إلى حيث يشاؤون، فلها أن تخرج معهم ولو بغير علمه؛ لأنه قد أطلق لها الإذن، ولا حاجة إلى أن تستأذنه ـ بعد ذلك ـ في كل خروج ما دام قد أعطاها الإذن المطلق.
وإذا كان قد أذن لها بالخروج إلى أهلها، أو أوصلها إليهم، فهذا لا يعني أنه قد أذن لها أن تخرج معهم، فإذنه بالخروج إلى أهلها ليس إذناً بالخروج إلى غيرهم، فلا يجوز لها أن تخرج معهم من بيتهم حتى تستأذنه، فإن أذن لها وإلا فلا.(1/119)
على أنه ينبغي للزوج ألا يمنع زوجته من الخروج إلى أهلها، وألا يمنعها من الخروج معهم إلى ما فيه قضاء مصالحها والتنفيس عليها، ومن المحزن أن يمنع بعض الأزواج زوجاتهم من الخروج لغير سبب سوى التضييق عليها، ومضارتها وإغاظتها، مع أنه يعلم أنها ملتزمة بالحجاب الشرعي متخلقة بآداب الإسلام في الخروج، فليس هذا من أخلاق الكرام، والرسول – صلى الله عليه وسلم- قال: "خيركم خيركم لأهله". والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ أ.د. سليمان بن فهد العيسى أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قرأت عبارة في كتاب يستند على صحيح الإمام مسلم يبدو أنها تخالف العلم وهي:
عن أنس – رضي الله عنه- أن أم سلمة – رضي الله عنها- حدثت أنها سألت النبي – صلى الله عليه وسلم- عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأت المرأة فلتغتسل، فقالت أم سلمة – رضي الله عنها-: واستحييت من ذلك، قالت: وهل يكون هذا؟ فقال النبي – صلى الله عليه وسلم-: نعم، فمن أين يكون الشبه؟ إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه".
وأنا لا أعرف أن المرأة تنزل ماءً مثل الرجل، وكذلك فمن المعلوم أن شبه الولد لأبيه أو أمه يكون بناء على التركيب الجيني، وليس على الزوج أو الزوجة أيهما أنزل ماءه أولاً. أرجو توضيح المسألة.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:(1/120)
فالسؤال هام ويحتاج إلى التفصيل، فنقول وبالله التوفيق السؤال يشتمل على فقرتين: الفقرة الأولى قول السائل: إنه لا يعرف أن المرأة تنزل ماءً مثل الرجل، والجواب عن هذا أن نقول إذا صح الحديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فإنه حق يجب قبوله، فقد صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الذي ذكره السائل، والذي رواه مسلم (311) وغيره أن للمرأة ماء وأنه رقيق أصفر، وهو – صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، قال تعالى: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" [النجم:3-4] قال الدكتور محمد علي البار في كتابه (خلق الإنسان بين الطب والقرآن) ص(149) ما نصه (هل للمرأة ماء) وقع النزاع قديماً حول هذه النقطة، كما يقول الفخر الرازي في كتابه الممتع (المباحث الشرقية)، وقد نفى أرسطو أن يكون للمرأة مني.
وجالينوس (أشهر أطباء اليونان القديمة) قد أكثر من التشنيع عليه في ذلك، وأثبت أن للمرأة منياً وإن كان يختلف عن مني الرجل في طبيعته، وأنه لا ينقذف ولا يندفع،وإنما يسيل على العضو المخصوص، وأنه رطوبة بيضاء... إلى أن قال: "وقد جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم إذا رأت الماء" أخرجه البخاري (130) ومسلم (313).
وخروج الماء من فرج المرأة أمر طبيعي عند الجماع أو الاحتلام، وهو موجب للغسل، إلى أن قال: وعند الجماع يختلط هذا الماء بمني الرجل ...إلخ، هذا وذكر الدكتور محمد البار في ص (150) أن للمرأة نوعين من الماء، أولهما: ماء لزج يسيل ولا يتدفق،وهو ماء المهبل،وليس له علاقة في تكوين الجنين.
وثانيهما: ماء يتدفق وهو يخرج مرة واحدة من حويصلة جراف بالمبيض عندما تقترب هذه الحويصلة المليئة بالماء الأصفر، وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان: (أن ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر).(1/121)
أما الفقرة الثانية من السؤال فهي عن شبه الجنين بأبيه أو أمه ....إلخ، فالجواب أن الشبه جاءت به الأحاديث النبوية أيضاً، فقد يشبه الولد أباه، وقد يشبه أمه أو أخواله، وقد يشبه أحد أجداده، وقد لا يشبه أياً من آبائه، قال الدكتور محمد البار في المرجع السباق ص(164) والخلاصة: أن عوامل الشبه لأحد الوالدين أو للأسلاف، أو بظهور صفات جديدة كما حدث للفزاري الذي جاءته امرأته بولد أسود دون أن يكون أحد والديه أسود، أمر بالغ التعقيد،وتعمل فيه الجينات بصورة خفية ومعقدة، وبعضها يتبع قوانين مندل حسب الصفة: سائدة (DOMINANL)، أو منتحية (RECESSIVE)، وبعضها يتبعها وحتى تلك التي تعتبر خاضعة لقوانين الوراثة قد تتختلف عن تلك القوانين، ويعتبر الجنين عندئذ كامل التعبير أو ناقص التعبير..
ولا يزال العلم الحديث يجهل الكثير الكثير من الحقائق التي تحدد الشبه في الولد، ولا ندري إلى الآن ما هو دور السبق في ماء الرجل أو ماء المرأة في الشبه من الناحية العلمية، وحتى يتسع مدى العلم في هذا الباب فإننا نقبل الحديث الشريف بقلوب مطمئنة واثقة بصدق المصطفى صلوات الله عليه الذي لا ينطق عن الهوى، والذي لا يقول إلا حقاً، وينبغي أن يحفز ذلك العلماء المختصين في هذا الباب لدراسته، فقد تنفتح لهم أبواب وتكشف لهم كشوفات، وهذا معلم من معالم البحث التي ينبغي أن يدرسها العلماء المسلمون المختصون في هذا الفرع من العلم، انتهى محل الغرض منه، هذا وقد نقلت للسائل والمطلع على هذا السؤال والإجابة عليه كلام الدكتور محمد البار لعظيم فائدته وكونه في نظري كافياً في الإجابة عن استشكالات السائل، وعلينا جميعاً التسليم بما جاء عن الله، وعن رسوله – صلى الله عليه وسلم- والإيمان بأنه الحق لأنه من عند الحكيم العليم، وصدق الله حيث يقول: "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً"[الإسراء: من الآية85].(1/122)
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.(1/123)
مسائل متفرقة في فقه الأسرة
سئل الشيخ د. عبد العزيز بن أحمد البجادي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
متزوج ولي ثلاثة أطفال، تشاجرت مع زوجتي في السيارة ونحن ذاهبان إلى بيت أهلها فقلت لها :اخرجي واذهبي.
ولكنها أصرت على العناد ومواصلة الشجار. فما كان مني إلا أن هددتها بالطلاق. فقلت لها بالحرف الواحد: إذا لم تنزلي الآن فأنت طالق. فاستمرت في عنادها وفي ذلك الوقت قمت من مكاني وأخرجتها بالقوة وليس في نيتي أن يتم الطلاق.
هل يعد هذا طلاقاً ؟ علماً بأنها المرة الأولى وجزاكم الله ألف خير.
الجواب :
إن كنت تقصد تخويفها لكي تحملها على النزول من السيارة ، فهو يمين باتفاق العلماء، وإن كنت تقصد أنها إن بقيت في السيارة فلا تصلح زوجةً لك فيجب أن تفارقها فهو طلاق، فعلى الأول يلزمك كفارة يمين، وعلى الثاني تطلق منك طلقةً واحدة ولك مراجعتها، لأنها في الحقيقة لم يحصل منها نزول، وإنما أنزلت قهراً، إلا أن تكون نويت مُطْلَق الخروج من السيارة فلا شيء عليك حينئذ، لأنها في واقع الأمر صارت خارج السيارة، وفقنا الله وإياكم للتبصر في دينه.
سئل الشيخ د. خالد بن علي المشيقح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
ما الحكم في الشخص غير المتأكد هل طلق زوجته مرتين أو ثلاث فماذا عليه أن يعمل في هذه الحال؟
الجواب :
إذا شك الزوج في وقوع أصل الطلاق أو شك في عدده فليبن على اليقين وعلى هذا إذا شك هل طلق أولا، فالاصل عدم وقوع الطلاق لأن النكاح أمر متيقن والطلاق مشكوك فيه ومن القواعد المقررة : أن اليقين لا يزول بالشك وإذا شك هل طلق واحدة أو اثنتين فليجعلها واحدة لأن هذا هو المتيقن.
سئل الشيخ سامي بن عبد العزيز الماجد عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:(1/1)
تعلمت العلم في السعودية وأتبع أقوال أهل العلم هناك، وفي بلدنا تختلف الفتاوى، وفيه كثير من البدع، وزوجتي صوفية ومعجبة بمشايخ الصوفية، وهي دائماً تنكر انتقادي للصوفية (الذين لا يوجد عندهم شطحات على حد زعمها) وهي تقول:لا يوجد في الأعمال بدع مثل الذكر الجماعي وحلقات الذكر، كما أنها لا تقتنع بفتاوى السعوديين وتصفهم بالمتشددين رغم بياني بالأدلة أن هذا ليس تشدداً وإنما عض على السنة بالنواجذ، وهي تنكر تكفير ابن عربي وهي تقول عنه إنه من أهل التقوى وهي مقتنعة بأن الصوفيين لديهم أدلتهم من الكتاب والسنة، وقد جاءت لي بكتاب عن حقائق التصوف وفيه أن السلف كانوا صوفيين، وأن الحاسدين دسوا في الصوفية ما ليس منها، وأن الصوفية منهج لحب الله وتوحيده.
هل أتركها على رأيها أم ماذا أفعل (وهي ترتدي الجلباب على الكتف ولا تقتنع بالعباءة على الرأس لأنهم في بلدنا لا يلبسونها وهي من لباس أهل الخليج فهل أتركها حيث إن بعضاً من لباسها على الموضة الرائجة في بلادنا؟ وقصة شعرها فيها تشبه بالكفار وبالرجال وهي لا تقصد التشبه، وهي تضع الخمار على وجهها ويرى كامل عينيها مع شيء من الجبين، وكذلك فإن المعطف الذي تلبسه مرتفع 5 سم عن الأرض حتى تستطيع السير به، ويظهر من تحته الحذاء وهي تعلق الشنطة على الكتف وقد قرأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأمر النساء بإرخاء الجلباب شبراً حتى لا تنكشف القدمان. وهي تعتقد أن تلك الأمور معقودة على النية فليست في نيتها الفعل ونيتها حسنة، وهي تتبع المذهب الشافعي ولا تأخذ بغيره. وكذلك فأنا راع ومسؤول أمام الله عنها وأريد أن أطبق على بيتنا العلم الذي تعلمته في السعودية. فما العمل؟ هل الواجب على المرأة أن تتبع مذهب زوجها؟ وهل يجوز لي أن آخذ من كتب الصوفية ما كان فيه دليل صحيح أم الأفضل عدم قراءة كتب المبتدعة لمن علمه قليل؟(1/2)
أطلب من زوجتي أن تغض النظر عن الرجال وعن التلفاز، ولكنها تقول إن النظر بدون شهوة، فهناك من يبيح النظر من الرجال للنساء والنساء للرجال إذا لم يكن هناك شهوة.
وقد قرأت حديثاً فيه أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تشاهد ما يفعله الحبشة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يسترها. وقرأت حديثاً آخر أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أمر بعض أزواجه بغض النظر عن الأعمى فقال:" أعمياوان أنتما أفلا تريانه". فما الصواب؟
أحياناً أذهب لحضور مجلس علم مع زوجتي لأحد المشايخ وهو صوفي ولكننا لا نسمع منه شيئاً عن الطرق الصوفية، بل يذكر الدليل من الكتاب والسنة، فهل نتابع حضور المجلس؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فاعلم أن قِوام الدعوة والإصلاح: الصبرُ والحلمُ والأناة وحسن الخلق، وأن أسرع وأشد ما ينفّر من الداعية ويبعث على الاستيحاش منه أو معاندته لهو سوء الخلق والغلظة والفظاظة، وإليك جملة من النصوص التي يجب علينا جميعاً أن نتحلى بها في دعوتنا:
"فبما رحمةٍ من الله لنتَ لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" [آل عمران: 159].
"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" [النحل: 125].
"ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين، ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظٍ عظيم" [فصلت: 33-35].
وقال –صلى الله عليه وسلم-:"ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه" مسلم (2594).
أخي: لا بد أن تدرك جيداً أن هذا الخطأ الذي تراه في زوجتك ليس وليد يومٍ أو ساعة حتى تظن أن التغيير والإصلاح يتحقق في أقصر وقت، كلا! يجب أن تُدرك أن الأمر يحتاج صبراً جميلاً وحلماً واسعاً وحكمةً وتعقلاً.(1/3)
إنّ هذه المظاهر الصوفية التي تراها في زوجتك هي نتاج نشأة طويلة في بيئةٍ تعزّزت فيها مظاهر الصوفية وطرقها، ومن ثَمَّ فلا عجب أن ترى في زوجتك بعض مظاهرها، وأن تجد منها محبةً وعصبيةً لها.
لا أقول هذا تسويغاً لواقعها ولا تهويناً لخطئها، كلا! ولكن حتى تكون واقعياً في دعوتها، ومن الواقعية: أن تأخذ المسألة بظروفها وأسبابها وما يحتفّ بها من مؤثرات ودعوات.
وهذه الواقعية تقتضي مراعاة الأمور التالية:
أولاً: اعلم أنه لا مندوحة لك عن التدرج في إصلاحها، فابدأ بالأهم فالأهم، فلا تُشغلك مسألة صغرى عن عظمى، فمثلاً: بدعة الذكر الجماعي ليست كبدعة المولد وما يلقى فيه من قصائد شركية، وتحلّ بالصبر والحلم والأناة، فالنجاح في التغيير مرهون بذلك.
ثانياً: اجتنب وأنت في بداية دعوتك لها مجابهتَها بسبِّ الصوفية - وإن كنا نعتقد ضلالها ونتعبد الله ببغضها-؛ ولكن على غرار قوله -تعالى-:"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم" [الأنعام: 108]. فزوجتك متعلقة بها محبِةٌ لها، والإنسان يتعصب بداهةً لما نشأ عليه، فهو ابن بيئته، وهو عدوٌ لما جهل، واجتناب سب الصوفية في هذه المرحلة ليس ضرباً من السكوت عن الباطل أو مهادنته، وإنما لأجل ترويض نفسها على قبول الحق والانصياع إليه.
وأعرِضْ عن مسألة التكفير؛ فتغيير واقع زوجتك وإصلاح حالها لا يتوقف على تكفير الجماعات الضالة، وجنوحك إلى مثل هذه الأفعال في البداية يقطع عليك طريق هدايتها والتأثير فيها، بل ربما دفعها إلى معاندتك والإصرار على ما هي عليه.
ولا تشتغل بقضية التفضيل بين رموز الصوفية وعلماء السنة؛ فهذا يجعلها تراك خصماً لا حكماً، ومعارضاً لا مصلحاً، ويجعلها تراك واقعاً فيما حذَّرْتها منه، وهو التعصب للشيوخ والرموز، وفي ذلك مجلبة للضغينة والمشاتمة، ومشغلة بالحواشي عن الأصول والقشور عن اللباب.(1/4)
ولتعلم أن التدرج في تربيتها على أصول السنة ومنهجها ضمين لك أن يجعل منها امرأة صالحة قادرة على تمييز الخبيث من الطيب، والسنة من البدعة، والحق من الضلال.
ثالثاً: ثمَّة أرض مشتركة بينكما ينبغي لك أن تستثمرها لاستمالة قلبها وتهيئتها لقبول ما لديك من الحق، ومن الخطأ أن تتجاوزها بحجة الاتفاق عليها والتسليم بها، فأنت في ساحة دعوة ولست في أرض معركة، ولا في مقارعة خصم.
من جملة هذه القضايا مثلاً:
محبة الرسول –صلى الله عليه وسلم- وتوقيره وتعظيم سنته، والحرص على التأسي به، وفضل ذكر الله سبحانه واستغفاره.
وأنت بإثارتك لمثل هذه القضايا المسلَّمَة تستطيع أن تستميل قلبها إليك، وأن تنفي عنك تلك التهمة الملفّقة على الوهابية والسلفية، وهي: الجفاء في حق المصطفى –صلى الله عليه وسلم-، وإهمال الجانب الروحي، والغفلة عن الأذكار والأوراد...إلخ
فأَعْظِمْ في قلبها محبة النبي –صلى الله عليه وسلم- وتوقير سنته والتمسك بها.
اعلِمْها أن حب النبي لا ينحصر في همهمات الصلاة عليه إذا ذُكِرَ فحسب، وأن ذكر الله ليست فضيلته في كثرة لهج اللسان به، ما لم يكن صحيح المعنى، موافقاً لهدي النبي –صلى الله عليه وسلم-، وبقلب حاضر خاشع.
رابعاً: اعلِمْها أن من مقتضى محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم الغيرةَ على سنته، ومن الغيرة على سنَّته ألاّ يُنسب إليه حديثٌ إلا بعد التثبت من صحته، وهذا يستدعيك إشعارَها بأنه بكثرة الكذب على النبي –صلى الله عليه وسلم-، فليس كل ما يُروى عنه يعتبر صحيحاً، وكم من حديث يعمل به كثيرون ولا يُعرف له أصل.
إن أخذها على هذا المنهج، وتربيتها على هذا التوثق والتبين فيما يروى عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- وتنبيهَها إلى كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة سوف يُغنيك ـ بإذن الله ـ عن أن تحتجَّ بفتاوى علماءٍ لم يعد في قلبها محل لقبول فتاويهم.(1/5)
خامساً: عليك أن تربي أهلك على المسارعة إلى الرد لله ورسوله –صلى الله عليه وسلم- عند الاختلاف عملاً بقوله –جل جلاله-:"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً" [النساء: 59].
ولا أرى من الحكمة في شيء أن تدعوها تحت غطاء الوهابية أو السلفية مثلاً، أو بنقل فتاوى علماء السعودية، فالأفضل والأبلغ والأدعى لقبولها أن تنقل لها فحوى تلك الفتاوى وما تضمنته من آيات بينات وأحاديث صحاح؛ فأنت بذلك تجعلها أمام أدلة شرعية صريحة صحيحة تحتم عليها الإذعان والتسليم، لا أمام فتاوى علماء لا تجد حرجاً أن تقدح في علمهم ومنهجهم.
وذكِّرْها بأن العصمة لا تكون إلا لله ولكتابه ولرسوله –صلى الله عليه وسلم-، وأن غيرهم يخطئ ويصيب.
وأنت من خلال هذا تستطيع أن تزعزع في قلبها ثقتها العمياء بعلماء الصوفية ـ الذين تكن لهم عظيم التوقير والإجلال ـ دون أن تجابهها بسبهم أو لمزهم بالبدعة والضلالة (وهو حق لو قلته، ولكن من الحكمة السكوت عن بعض الأخطاء حتى تتهيَّأ فرصتها)، فأنت ما زلت في أول طريق دعوتها وتصحيح منهجها.
ولك أن تتودد إلى قلبها بالقراءة عليها من صحيح سيرة المصطفى –صلى الله عليه وسلم-، وأحسب ذلك كفيلاً بأن يرفع ما قد يكون في نفسها من الوحشة والريبة فيما أتيتها به من منهجٍ متّهمٍ بعدم توقير النبي صلى الله عليه وسلم التوقير الواجب..منهجٍ سمعَتْ عنه أباطيل كثيرة شوَّهت صورته ونفَّرتْ عنه.
سادساً: بالنسبة لحجابها، لا أرى وجهاً لإلزامها بلبس العباءة على الرأس، ما دامت تضع على رأسها خماراً يستر وجهها ورأسها ونحرها، ويغطي منطقة الصدر الذي تحجِّمه عباءة الكتف. فإذا كان حجابها على هذا النحو فلا بأس.
وأما كون حجابها لا يغطي قدميها، فلا بأس أيضاً بشرط أن تسترهما بالخفين أو الجوربين.(1/6)
وأما تنقبها فجائز بلا شك، ولكن ينبغي ألاّ يزيد عن قدر الحاجة، وهو إظهار العينين، أما الجبين فيجب ستره على القول الراجح.
وأما مسألة قص الشعر فلا بأس به إذا كانت تقصد به التزين للزوج ما لم يصل إلى درجة الحلق أو التشبه بالرجال.
وعليك في كل مخالفة تراها فيها: أن تنكر عليها بالرفق واللين وسياسة النفس الطويل والصبر الجميل.
سابعاً: لا يجب عليها غض بصرها عن الرجال إلا إذا خشيت الفتنة بهم، وتقدير هذا راجع إليها هي، لا إلى ظنونك التي قد تسرع إليها الاحتمالات السيئة، ويدل للجواز حديث عائشة الذي ذكرته، وكذلك أحاديث كثيرة غيره.
أما حديث (أفعمياوان أنتما) فهو ضعيف لا تقوم بمثله حجة.
ثامناً: أما سؤالك عن القراءة في كتب الصوفية، فلا أرى من حاجة داعية إلى ذلك، حتى ولو كان فيها حق كثير؛ فما في كتب أهل السنة من السلف الصالح وتابعيهم ما يغنيك عن كتب أولئك، لا سيما أن فيها من المزالق والضلالات ما قد تحسبه خيراً وسنة، فما أغناك عنها، وما أحوجك إلى كتب أهل السنة.
تاسعاً: بالنسبة لحضورك مجلس عالم من علماء الصوفية، فلا أستطيع أن أعطيك فيه جواباً قاطعاً؛ لأن التصوف دركات، والمنتسبون أو المنسوبون إليها مختلفون في تصوفهم متفاوتون.
ومجرد كونه لا يخرج عن أدلة الكتاب والسنة لا يكفي؛ لأنه قد يستدل بدليل من الكتاب بتأويل وتعسُّف لا يحتمله لفظ الآية، وقد يستدل بأحاديث واهية أو ضعيفة، حتى ولو أسندها؛ لأن كثيراً من الأحاديث مسندة مروية، ومع ذلك فمنها الواهي والمنكر والضعيف، ولكن القاعدة في ذلك أن يُتثبَّت من صحة تلك الأحاديث ومعرفة من خرَّجها من أهل السنن والآثار المعتبرين من جملة السلف الصالح.
وفقك الله لكل خير، وأعانك على إصلاح حالك وإصلاح زوجك، وأسأله أن يهب لك من زوجك وذريتك قرة أعين، وأن يجعلك للمتقين إماماً.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .(1/7)
سئل الشيخ د. عبد الله بن عبد العزيز الزايدي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ما الأشياء التي تكون المرأة فيها بنصف الرجل؟ ولماذا خصصت هذه الأشياء فقط؟
الجواب :
الأمور التي يكون للمرأة فيها نصف ما للرجل ثلاثة: 1- بعض حالات الإرث. 2- الشهادة. 3- الدية.
(1) الإرث:
أعطى الإسلام المرأة حق الإرث ولم يحرمها كما هو الحال عند بعض الأمم والشعوب قبله، بل أثبت حقها ونصيبها في أحوالها المختلفة أماً وأختاً وبنتاً وزوجة، فهي في بعض الحالات قد تأخذ أكثر من نصيب الرجل كما لو مات رجل عن بنت وزوجة وأم وأب، فالبنت ترث النصف، والأم السدس، والزوجة الثمن، وللأب السدس والباقي، والمسألة من أربعة وعشرين للبنت اثنا عشر، والأم أربعة، وللزوجة ثلاثة، وللأب خمسة.
الحالة التي ترث فيها المرأة نصف ميراث الرجل، فهي البنت وبنت الابن مع إخوانها الذكور، وكذلك الأخت الشقيقة والأخت لأب مع إخوانها الذكور، فهي ترث في هذه الحالة نصف ما يرث الذكر، قال –تعالى-:"وإن كانوا إخوة رجالاً ونساءً فللذكر مثل حظ الأنثيين" [النساء:176] والله –عز وجل- حينما شرع ذلك وفرضه بعلمه وعدله حقق به العدل بين الرجل والمرأة وأعطاها ما يتناسب مع ما شرعه لها من حقوق أخرى حيث كلف الرجل بالإنفاق عليها بنتاً كانت أو زوجة.
فالرجل هو الذي يدفع المهر عند الزواج، وهو الذي يؤسس بيت الزوجية شراء أو إيجاراً أو بناءً ثم تأثيثاً وتجهيزاً، وهو المكلف بالإنفاق على الزوجة والأبناء.
أما المرأة فهي التي تأخذ المهر، ولا تنفق على نفسها وأولادها ولو كانت غنية، فلا يجب عليها ذلك.
فقد أكرمها الله أيما كرامة حينما أعفاها من الإنفاق وأوجبه على الرجل وأعطاها نصف إرث الرجل أيضاً.
(2) الشهادة:(1/8)
شهادة المرأة في عقد المداينة والتعامل المالي على النصف من شهادة الرجل، وقد جاء بيان السبب مذكوراً في الآية التي بينت الحكم وهي آية المداينة أو الدين، قال –تعالى-:" وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة:282] فالسبب هو: أن تضل إحداهما، ومعنى أن تضل: أنَّ الضلال ينشأ من أسباب كثيرة، فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه وملابساته، ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء، فتذكرها الأخرى بالتعاون معها على تذكر ملابسات الموضوع كله، وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية، فإن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلاً نفسياً في المرأة حتماً، إذ تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية الانفعالية لتلبية مطالب نفسها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء، وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة، وهذه الطبيعة لا تتجزأ، فالمرأة شخصية موحدة هذا طابعها حين تكون امرأة سوية، بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال، ووقوف عند الوقائع بلا تأثر ولا إيحاء، ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى إذا انحرفت مع أي انفعال فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة.
(3) الدية.(1/9)
دية المرأة على النصف من دية الرجل في حال ما إذا قُتلت خطأ أو عمداً وقبل ورثتها الدية، حيث إنه إذا قَتل رجلٌ امرأةً عمداً ولم يقبل ورثتها الدية فَيقُتل الرجل قصاصاً، وقد اتفق الفقهاء على ذلك عدا النادر منهم، على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل عملاً بالمنقول من الأحاديث النبوية، ومنها: ما أخرجه البيهقي (8/95) عن معاذ بن جبل –رضي الله عنه- مرفوعاً قال:"دية المرأة نصف دية الرجل" لماذا أو ما الحكمة؟ يقال في ذلك: إن القتل الخطأ يوجب التعويض المالي ويجب أن يراعى في التعويض المالي مقدار الخسارة المالية وتفاوتها عند الأسرة إذا فقدت الرجل أو المرأة.
فإن الأولاد الذين قُتل أبوهم خطأ، والزوجة التي قُتل زوجها خطأ فقدوا معيلهم الذي كان ينفق عليهم ويسعى لأجلهم، أما الأولاد الذين قتلت أمهم خطأ والزوج الذي قُتلت زوجته خطأ إنما فقدوا الناحية النفسية والمعنوية التي لا يمكن أن يكون المال تعويضاً عنها، فالدية في الإسلام ليست تقديراً لقيمة الإنسانية في القتيل، لكنها تقدير لقيمة الخسارة المادية التي لحقت أسرته بفقده، وإلا فإن قتل المرأة باعتبارها نفساً كأنه قتل للناس جميعاً، "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً" [المائدة:32].
سئل الشيخ هاني بن عبدالله الجبير القاضي بالمحكمة الكبرى بجدة بسم الله الرحمن الرحيم.
قام والدي بشراء قطعة أرض ومنحها لي ولأخي دون أخت لي متزوجة وأخرى متخلفة عقلياً، وقد سبق وأن قام أبي بتوزيع جزء كبير من أمواله علينا للمساهمة في تكاليف زواجنا جميعاً مع تمييز الذكور نظراً للتكاليف المطالبين بها التي تفوق كثيراً الإناث. كما منح أبي أمي بعضاً من هذه الأموال، والسؤال:(1/10)
أختي تطالب بنصيبها من ثمن بيع الأرض التي بيعت منذ ثلاث سنوات وقرر أبي أن نعطيها حصة عبارة عن سبع قيمة الأرض على أساس أن الأموال تقسم على 7 حصص (2 ذكور + 2 إناث + أمي) وللذكر مثل حظ الأنثيين. فهل هذا يجوز؟ أم يجب التسوية بين الأبناء في العطية؟ علماً بأن شقيقتنا متزوجة من رجل ثري وليست مطالبة بتحمل تكاليف الحياة مثلنا؟ ولكم جزيل الشكر.
الجواب :
الحمد لله وحده، وبعد:
فللزوج أن يهب زوجته من ماله ما شاء، ولا يلزمه إذا أعطاها شيئاً أن يهب لغيرها من ورثته.
أما الأولاد فإنه يلزم العدل بينهم في العطية بقدر إرثهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن فضل بعضهم فأعطاه ومنع غيره أو أعطاه أكثر وجب عليه أن يرجع أو يزيد المفضول ليحصل العدل لقول النبي – صلى الله عليه وسلم –: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" البخاري
(2587) ومسلم (1623)متفق عليه وعليه فإن الظاهر أن ما قرره والدكم هو الواجب، فتقسم قيمة الأرض، أما نفقة زواجكم فإن كان ذلك لعجزكم عن تحملها فلا يجب عليه أن يعطي أختكم مثل ما أعطاكم لأن ذلك من النفقة الواجبة عليه، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
سئل الشيخ د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد أعطت جدتي لأمي جميع مالها وهي على قيد الحياة، وكانت أمي تنوي أن تعطي إخوتها أسهمهم من هذا المال بعد وفاة أمها، لكن أمي توفيت قبل جدتي وورثتُ المال من أمي مع إخوتي.
وفي ذلك الوقت عرضنا على إخوة أمي أن نعطيهم من المال لكنهم رفضوه. والآن بعد ثماني سنوات من وفاة أمي يطلبون المال.
ما حكم طلبهم هذا في شريعة الإسلام؟
هل تتحمل أمي مسؤولية خطأ جدتي؟
هل ينبغي أن نعطي إخوة أمي سهمهم من المال الآن؟
الجواب :
الحمد لله وبعد:(1/11)
فقد ثبت في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير في قصته؛ أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم"، وفي بعض الروايات لما أراد والد النعمان أن يشهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أعطيته للنعمان دون سائر ولده قال: "لا تشهدني على جور"، فسماه جوراً وظلماً، وقد ألحق كثير من العلماء الأم بالأب في وجوب العدل ومنع التفضيل بينهم، لأن العلة واحدة. فالجدة قد ارتكبت خطأً حين خصت أمك بهذا المال دون غيرها من أولادها.
وإذا كان الذي أعطته من المال هو جميع ما تملك فهذا أشد في الخطأ.
وكان على أمك ألا تقبل اختصاصها بذلك، أو تعطي بقية إخوتها من المال.
وقد أحسنتم حين عرضتم على إخوتها حقهم، ولكن إذا ثبت حقاً أنهم قد تنازلوا كلهم عن هذا المال فقد سقط حقهم، وليس لهم الرجوع مرة أخرى فيما تنازلوا عنه.
ولكن لابد من التأكد من حقيقة تنازلهم، وكذلك من تنازل منهم ممن لم يتنازل فيقبض حقه.
وهذا كله فيما يلزم شرعاً وقضاءً، وأما من حيث الإحسان فلا شك أن تطييب خواطرهم بما يتيسر أولى؛ وهو من صلة الرحم التي لا يخفى فضلها وثوابها.
وفق الله الجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
سئل الشيخ د. محمد بن إبراهيم الغامدي عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فضيلة الشيخ: زوجان مسلمان يعيشان مع بعضهما فترة من الزمان، ثم ظهر في أحدهما مرض من الأمراض المعدية المهلكة، مثل إيدز وما شابهه، فما الحل بينهما؟ هل يلزمهما الفراق؟ أو يحق للمرأة طلب الفراق؟ وإذا بقيا مع البعض، هل يأثمان أم لا؟ أفتونا –مأجورين، وجزاكم الله خيراً-، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.(1/12)
فإن الأمراض المعدية التي تظهر بأحد الزوجين بعد أن عاشا مع بعض فترة من الزمن لا يخلو من أحد حالين:
الحالة الأولى: أن يكون ذلك المرض من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بأخذ التطعيمات التي تقي – بإذن الله عز وجل- من ذلك المرض، فهذا النوع لا تأثير له، ويمكن أن يعيش الزوجان معاً، ويستمتع كل منهما بالآخر، كما كانا قبل ذلك المرض.
الحالة الثانية: أن يكون من الأمراض التي لا يمكن الوقاية منه، وتنتقل عن طريق المعاشرة الزوجية كالإيدز – عافانا الله، وإخواننا المسلمين- فهذا النوع لا يحل لأحد الزوجين كتمانه عن الآخر؛ لأن ذلك يفضي إلى الإضرار بالآخر، بل لو تعمد أحدهما نقله إلى الآخر كان هذا جريمة قتل عمد، ولو أنه لا يقتل في الحال لكنه يفضي به إلى الهلاك، ولا يحل للزوجة إذا كان الزوج هو المصاب أن تمكنه من نفسها، وكذا الحال بالنسبة للزوج؛ لأنه لا يحل لأحد أن يلحق الضرر بنفسه، ولا بغيره، وقد قال –تعالى- : "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة من الآية: 195]، وقال – عز وجل-: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" [النساء من الآية: 29]، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم-: "لا ضرر ولا ضرار". والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(1/13)