الأربعة وخاصة أهل العلم هو تحريم شحمه تبعاً للحمه وحكاه الإمام القرطبي والعلامة الشوكاني إجماع الأمة الإسلامية لأنه إذا بنص على تحريم الأشرف فالأدنى أولي بالتحريم، ولأن الشحم تابع للحم عند الإطلاق فيعمه النهي والتحريم، ولأنه متصل به اتصال خلقه فيحصل به من الضرر ما يحصل بملاصقة وهو اللحم، ولأنه قد ورد في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ما يدل على تحريم الخنزير بجميع أجزائه والسنة تفسر القرآن وتوضع معناه، ولم يخالف فيه هذا أحد فيما نعلم ولو فرضنا وجود خلاف لبعض الناس فهو خلاف شاذ مخالف للأدلة والإجماع الذي يقبله فلا يتلفت إليه، ومما ورد من السنة في ذلك ما رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، خطب الناس يوم الفتح فقال " إن الله ورسوله حرم عليكم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ". الحديث. فجعل الخنزير قرين الخمر والميتة ولم يستثن شحمه بل أطلق تحريم بيعه كما أطلق تحريم بيع الخمر والميتة وذلك نص ظاهر في تحريمه كله والأحاديث في ذلك كثيرة.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم الحيوان المذبوح بالصعق الكهربائي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد
فقد اطلعت على الفتوى التي نشرت في جريدة المسلمون بالعدد 14 في 21 8 1405هـ لفضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، وقد جاء فيها ما نصه (اللحوم المستوردة من عند أهل الكتاب كالدجاج ولحوم البقر المحفوظ مما قد تكون تذكيته بالصعق الكهربائي ونحوه حل لنا ما داموا يعتبرون هذا حلالاً مذكي.. إلخ) أ. هـ.
وأقول هذه الفتوى فيها تفصيل مع العلم بأن الكتاب والسنة قد دلاً على حل ذبيحة أهل الكتاب، وعلى تحريم ذبائح غيرهم من الكفار قال - تعالى - " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ". فهذه الآية نص صريح في حل طعام أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى وطعامهم ذبائحهم، وهي دالة(3/403)
بمفهومها على تحريم ذبائح غيرهم من الكفار، ويستثنى من ذلك عند أهل العلم ما علم أنه أهل به لغير الله، لأن ما أهل به لغير الله منصوص على تحريمه مطلقاً لقوله - تعالى- " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ". وأما ما ذبح على غير الوجه الشرعي كالحيوان الذي علمنا أنه مات بالصعق أو بالخنق ونحوهما فهو يعتبر من الموقوذة أو المنخنقة حسب الواقع سواء كان ذلك من عمل أهل الكتاب أو عمل المسلمين، أو ضرب وإدراك حيا وذكى على الكيفية الشرعية فهو حلال، قال الله - تعالى - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم، وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق ". فدلت الآية على تحريم الموقودة والمنخنقة وفي حكمهما المصعوقة إذا ماتت قبل إدراك ذبحها، وهكذا التي تضرب في رأسها أو غيره فتموت قبل إدراك ذبحها يحرم أكلها للآية الكريمة المذكورة.
وبما ذكرنا يتضح ما في جواب الشيخ يوسف - وفقه الله - من الإجمال، أما كون اليهود أو النصارى يستجيزون المقتولة بالخنق أو الصعق فليس ذلك يحيز لنا أكلهما كما لو استجازه بعض المسلمين، وإنما الاعتبار بما أحله الشرع المطهر أو حرمه، وكون الآية الكريمة قد جملت طعامهم لا يجوز أن يؤخذ من ذلك حل ما نصت الآية الأخرى على تحريمه من المنخنقة والموقوذة ونحوهما بل يجب حمل المجمل على المبين كما هي القاعدة الشرعية المقررة في الأصول.
أما حديث عائشة الذي أشار إليه الشيخ يوسف، فهو في أناس مسلمين حدثاء عهد بالإسلام، وليسوا كفاراً فلا يجوز أن يحتج به على حل ذبائح الكفار التي دل الشرع على تحريمها وهذا نصه " عن عائشة - رضي الله عنها - أن قوماً قالوا للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، إن قوما يأتونا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا، فقال سموا عليه أنتم وكلوه قالت وكانوا حديثي عهد بالكفر ". رواه البخاري.
ولواجب النصح والبيان والتعاون على البر والتقوى جرى تحريره، وأسأل الله أن يوفقنا(3/404)
وفضيلة الشيخ يوسف وسائر المسلمين لإصابة الحق في القول والعمل إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الشيخ ابن باز
* * *
ذبائح المشركين والكفار
حكم ذبائح الوثنيين
س - هل يجوز أكل اللحوم المستوردة من الدول التي لا تدين غالبيتها بالإسلام أو النصرانية أو اليهودية كالهند واليابان والصين أو غيرهما؟
ج- إذا كانت اللحوم واردة من بلاد وثنية أو شيوعية فإنها لا يحل أكلها، لأن ذبائحهم محرمة وإنما أباح الله للمسلمين طعام أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى في قوله - عز وجل - " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ". الآية. وهذا ما لم يعلم المسلم أنها ذبحت على غير الوجه الشرعي، كالخنق والصعق ونحوهما، فإن علم ذلك لم تحل له ذبيحتهم لقول الله - سبحانه - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ". الآية.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم ذبائح المشركين المنتسبين إلى الإسلام
س - ما حكم الذبائح التي تباع في الأسواق من البلاد التي لا يسلم أهلها من الشرك مع دعوهم الإسلام لغلبة الجهل والطرق البدعية عليهم كالتيجانية؟
ج- إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال، من أن الذابح يدعي الإسلام، وعرف عنه أنه من جماعة تبيح الاستعانة بغير الله، فيما لا يقدر على دفعه إلا الله، وتستعين بالأموات من الأنبياء، ومن تعتقد فيه الولاية مثلاً، فذبيحته كذبيحة المشركين الوثنيين عباد اللات والعزي ومناة وود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، لا يحل للمسلم الحقيقي أكلها لأنها ميتة،(3/405)
بل حاله أنه من حال هؤلاء، لأنه مرتد عن الإسلام الذي يزعمه، من أجل لجئه إلى غير الله، فيما لا يقدر عليه إلا الله توفيق ضال وشفاء مريض وأمثال ذلك، مما تنتسب فيه الآثار إلى ما وراء الأسباب المادية، من أسرار الأموات، وبركاتهم، ومن في حكم الأموات، من الغائبين الذين يناديهم الجهلة لاعتقادهم فيهم البركة، وأن لهم من الخواص ما يمكنهم من سماع دعاء من استغاث بهم، لكشف ضر أو جلب نفع، وإن كان الداعي في أقصى المشرق، والمدعو في أقصى المغرب.
وعلى ما يعيش في بلادهم من أهل السنة أن ينصحوهم، ويرشدوهم إلى التوحيد الخالص، فإن استجابوا فالحمد لله، وإن لم يستجيبوا بعد البيان فلا عذر لهم.
أما إن لم يعرف حال الذابح، لكن غلب من يدعي الإسلام في بلاده أنهم ممن يستغيثون بالأموات، ويضرعون إليهم، فيحكم لذبيحته بحكم الغالب، فلا يحل أكلها.
اللجنة الدائمة
* * *
الذبح لغير الله شرك
س - إذا ذبح الرجل خروفاً وقال اللهم اجعل ثوابه في صحيفة الشيخ فلان، فهل في ذلك شيء من البدع؟
ج- إذا ذبح الإنسان خروفاً أو غيره من بهيمة الأنعام وتصدق به عن شخص ميت فهذا لا بأس به، وإن ذبح ذلك تعظيماً لهذا الميت وتقرباً إلى هذا الميت كان مشركاً شركاً أكبر، وذلك لأن الذبح عبادة وقربة والعبادة والقربة لا تكون إلا الله كما قال الله - تعالى - " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ".
فيجب التفريق بين القصدين، فإذا قصد الذابح أن يتصدق بلحمه ليكون ثواباً لهذا الميت فهذا لا بأس به، وإن كان الأولى والأحسن أن يدعو للميت إذا كان أهلاً للدعاء بأن كان مسلماً وتكون الصدقة للإنسان نفسه لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لم يرشد أمته إلى أن يتصدقوا عن أمواتهم بشيء وإنما قال " إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ". ولم يقل يتصدق عنه أو يصوم عنه أو يصلي عنه،(3/406)
فدل هذا على أن الدعاء أفضل وأحسن، وأنت أيها الحي محتاج إلى العمل فاجعل العمل لك واجعل لأخيك الميت الدعاء، وأما إذا كان قصده بالذبح لفلان التقرب إليه وتعظيمه فهو شرك، شرك أكبر، لأنه صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله - تعالى.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
ذبائح الكفار من غير أهل الكتاب
س - إنني طالب صومالي أدرس في الصين وأوجه صعوبات كثيرة في الطعام عامة واللحوم بصفة خاصة والمشكلات هي
1- إنني أسمع قبل مجيئ للصين أن الحيوانات التي ذبحتها الملحدون أو بالأحرى قتلوها لا يجوز للمسلم أكلها، وعندنا في الجامعة معطم صغير للمسلمين وتوجد فيه لحوم غير أنني لست على يقين أنها مذبوحة على الطريقة الإسلامية ومتشكك في ذلك مع العلم أن زملائي غير متشككين مثلي ويأكلون منها أهم على حق أم يأكلون حراماً؟
2- بالنسبة لأواني الطعام ليس هناك تمييز بين أواني المسلمين وغيرهم ماذا ينبغي علي أن أفعل حيال هذه الأمور؟
ج- لا يجوز أكل ذبائح الكفار غير أهل الكتاب من اليهود والنصارى سواء كان مجوساً أو وثنيين أو شيوعيين أو غيرهم من أنواع الكفر، ولا ما خالط ذبائحهم من المرق وغيره، لأن الله - سبحانه - لم يبح لنا من أطعمة الكفار إلا طعام أهل الكتاب في قوله - عز وجل- " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ". الآية من سورة المائدة، وطعامهم هو ذبائحهم كما قال ابن عباس وغيره، أما الفواكة ونحوها فلا حرج فيها لأنها غير داخلة في الطعام المحرم، أما طعام المسلمين فهو حل للمسلمين وغيرهم إذا كانوا مسلمين حقا لا يعبدون إلا الله ولا يدعون معه غيره من الأنبياء والأولياء وأصحاب القبور وغيرهم مما يعبده الكفرة.
أما الأواني فالواجب على المسلمين أن يكون لهم أوان غير أواني الكفرة التي يستعمل فيها طعامهم وخمرهم ونحو ذلك فإن لم يجدوا وجب على طباخ المسلمين أن يغسل الأواني التي يستعملها الكار ثم يضع فيها طعام المسلمين لما ثبت في الصحيحين عن أبي ثعلبة(3/407)
الخشني - رضي الله عنه - أنه سأل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن الأكل في أواني المشركين فقال له النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلو فيها ".
الشيخ ابن باز
* * *(3/408)
حكم ذبيحة تارك الصلاة
س - إذا ذبح الذبيحة فرد تارك الصلاة، هل يجوز للمصلي أن يأكل من تلك الذبيحة؟
ج- الصلاة أكبر الأركان الخمسة بعد الشهادتين، فمن تركها جاحداً لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، ومن تركها تهاوناً وكسلاً، فالصحيح من أقوال العلماء أنه يكفر، والأصل في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " بين العبد وبين الكفر والشرك ترك الصلاة ". وما رواه الإمام أحمد في المسند، وأهل السنن بإسناد صحيح، عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ". وعلى هذا فإن كان من سألت عنه تاركاً للصلاة جاحداً لها لم تؤكل ذبيحته إجماعاً، وإن تركها تهاوناً بها أو كسلاً، فعلى القول بكفره وهو الأظهر، لا يجوز الأكل مما تولى ذبحه بيده، لأنه مرتد، والمرتد لا تؤكل ذبيحته. كما صرح بذلك العلماء - رحمهم الله - والله الموفق، وصلى الله عليى محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
في حكم ذبيحة تارك الصلاة أيضا
س - هل تؤكل ذبيحة تارك الصلاة؟
ج- إذا ذبح من لا يصلي ذبيحة فإنها لا تحل - أي لا يحل أكلها - لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة.. وإذا كان كذلك فإن ذبيحته لا تحل لأن الذبيحة لا تحل إلا إذا كان الذابح مسلماً أو كتابياً - وهو اليهودي والنصراني - لقوله - تعالى " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم(3/411)
حل لهم ". وطعام الذين أوتوا الكتاب هو ذبائحهم كما فسره أبن عباس -رضي الله عنه- وأما سائر الكفار - غير اليهود والنصارى - فإن ذبيحتهم لا تحل.. والمسلم والكتابي إذا ذبح الذبيحة تحل وإن كنا لا ندري هل ذكر اسم الله عليها أم لا.
ففي صحيح البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - أن قوما جاءوا إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا يا رسول الله إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، سموا أنتم وكلوا " قلت وكانوا حديثي عهد بكفر ".
فهنا أحل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ذبيحة هؤلاء الذين لا ندري أذكروا اسم الله على ذبائحهم أم لا، لأن فعل الغير إذا كان صادراً من أهله فإنه لا يسأل عن كيفية فعله ولا عن شروطه ولا عن موانعه، والأصل هو الصحة إي أن يقوم دليل الفساد، وكذلك أيضا لا نسأل عن ذبيحة المسلم واليهودي والنصراني كيف ذبحها؟ وهل سمى أم لا؟ لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أكل من ذبائح اليهود ولم يسألهم كيف ذبحوا.
والقاعدة التي أشرنا إليها مفيدة جداً، وهي أن الأصل في فعل من هو أهل للفعل الصحة حتى يقوم دليل على الفساد، ولو أننا ألزمنا المسلمين بأن يسألوا عن فعل الفاعل هل تمت شروطه وانتقت موانعه لألحقنا حرجاً كثيراً بالمسلمين مخالفين لهدي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه.
والخلاصة أن ذبيحة من لا يصلي حرام ولا يحل أكلها لا للمصلين ولا لغير المصلين، وكذلك إذا كان جاحداً لفريضة الصلاة، لأنه كافر إلا إذا كان حديث عهد بالإسلام لا يدري هل الصلاة واجبة أو غير واجبة، فإن هذا لا يكفر بجحده الوجوب حتى يبين له الحق فإذا جحده بعد أن يبين له الحق حكم عليه بما يقتضيه ذلك الجحد.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم الذبائح للأولياء المزعومين وغيرهم
س - ما حكم الذبح للميت الذي يدعي أنه ولي لله ويبني عليه الجدران؟
ج- الذبح لمن ذكرت من الميت الذي يدعي أنه ولي الله نوع من أنواع الشرك وذابحها(3/412)
للولي مشرك ملعون وهي ميتة يحرم على المسلم الأكل منها، لقوله - تعالى - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب ". ولما ثبت عن علي - رضي الله عنه - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال " لعن الله من ذبح لغير الله ". وصلى الله على نبنيا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الذبائح التي تذبح عند القبور
س - هناك أناس يذبحون على قبر من مات في بلادهم في الزمن القديم، ويقولون بزعمهم ولي الله فلان ابن فلان وقد يجعلون لهؤلاء نصيباً في مواشيهم وحرثهم قاصدين في ذلك التماس البركة وإبعاد البلاء عن عيالهم وما ينتفعون به في معيشتهم؟
ج- الذبح عند القبور وتخصيص شيء من المواضع ليذبح عندها والزروع ليطعم عندها من الأعمال التي حرمها الإسلام وتعتبر شركاً أكبر إذا قصد بها التقرب إلى الولي أو غيره من المخلوقات رجاء جلب نفع ضر أو رجاء شفاعته عند الله أو نحو ذلك مما يقصده عباد القبور.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الجدف
س - بعض الناس من أهل الميت يسوقون ما يسموننه بالجدف على الميت إلى المقابر ليذبح ويقسم على حاضري القبر ويذبح على بعد 100 متر عن المقبرة وهذا الجدف قد يكون من الغنم أو الإبل أو البقر، أرجو الإفادة من فضيلتكم وفقكم الله؟
ج- يحرم الذبح عند القبر والمسمى بالجدف لما فيه من قصد التقرب والعبادة وقد لعن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من ذبح لغير الله ". رواه مسلم، وأما صناعة أهل الميت الطعام للحاضرين(3/413)
فليس من السنة وإنما السنة أن يصنع لهم الطعام لما ثبت من أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يصنع الطعام لآل جعفر لما أتي نعيه حين قتل - رضي الله عنه - وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
اللجنة الدائمة
* * *
الذبائح المستوردة والمجهولة
حكم اللحوم المستوردة
س - ما حكم أكل اللحوم المجمدة التي تأتينا من الخارج وبصفة خاصة لحم الدجاج؟
ج- اللحوم التي تأتي من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى الأصل فيها الحل، كما أن اللحوم التي تأتي من البلاد الإسلامية الاصل فيها الحل أيضاً، وإن كنا لا ندري كيف ذبحوها ولا ندري هل سموا الله عليها ام لا، لأن الأصل فيها الحل أيضاً، وإن كنا لا ندري كيف ذبحوها ولا ندري هل سموا الله عليها أم لا، لأن الأصل في الفعل الواقع من أهله أن يكون واقعاً على السلامة والصواب، حتى يتبين أنه على غير وجه السلامة والصواب.
ودليل هذا الأصل ما ثبت في صحيح البخاري من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت " إن قوما قالوا يا رسول الله إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " سموا أنتم وكلوا " قلت وكانوا حديثي عهد بكفر ".
ففي هذا الحديث دليل على أن الفعل إذا وقع من أهله فإنه لا يلزمنا أن نسأل هل أتى به على الوجه الصحيح أم لا؟
وبناء على هذا الأصل فإن هذه اللحوم التي تردنا من ذبائح أهل الكتاب حلال ولا يلزمنا أن نسأل عنها ولا أن نبحث، لكن لو تبين لنا أن هذه اللحوم الواردة بعينها تذبح على غير الوجه الصحيح، فإننا لا نأكلها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " ما أنهر الذم وذكر اسم الله عليه فكل إلا السن والظفر، فإن السن عظم والظفر مدي الحبشة ".
ولا ينبغي للإنسان أن يتنطع في دينه فيبحث عن أشياء لا يلزمه البحث عنها، ولكن إذا بان له الفساد وتيقنه فإن الواجب عليه اجتنابه، فإن شك وتردد هل تذبح على طريق سليم أم لا، فإن لدينا أصلين
الأصل الأول السلامة.(3/414)
الأصل الثاني الورع، فإذا تورع الإنسان منها وتركها فلا حرج عليه وإن أكلها فلا حرج عليه.
وعلى هذا فالمقام لا يخلو من ثلاث حالات إما أن نعلم أن هذا يذبح على طريق سليم أو نعلم أنه يذبح على غير طريق سليم، وهاتان الحالتان حكمهما معلوم.
الحالة الثالثة أن تشك فلا ندري أذبح على وجه سليم أم لا، والحكم في هذا الحال أن الذبيحة حلال ولا يجب أن نسأل أو نبحث كيف ذبح، وهل سمى أم لم يسم، بل أن ظاهر السنة يدل على أن الأفضل عدم السؤال وعدم البحث.
ولهذا كما قالوا للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا ندري أذكر اسم الله أم لا "، لم يقل اسألوهم، هل سموا الله أم لم يسموا، بل قال " سموا أنتم وكلوا ". وهذه التسمية التي أمر الله بها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ليست تسمية للذبح لأن الذبح قد انتهى وفرغ منه، ولكنها تسمية الأكل، فإن المشروع للأكل أن يسمى الله - عز وجل - عند أكله، بل القول الراجح أن التسمية عند الأكل واجبة لأمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بها، ولأن الإنسان لو لم يسم لشاركه الشيطان في أكله وشرابه.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم اللحوم المعلبة
س - ما حكم أكل لحوم المعلبات التي تأتي من البلدان الأجنبية، ومكتوب عليها " ذبح على الطريقة الإسلامية "؟
ج- يكره أكل اللحوم المستوردة من البلاد الأجنبية للشك في حلها ولو كان فيهم مسلمون أو كتابيون، فإن ذبحهم غالباً ليس شرعياً، فقد يذبحون الواب من أقفيتها بقطع رؤوسها وقد تدخل الماكينات الكبيرة فتموت قبل الذبح ثم تقطع رؤوسها حفاظاً على دمها، ليزيد في وزنها، وقد تموت بغمسها في الماء الحار لتمزيق ريشها أو شعرها وغالبا يتولى ذبحها من ليسوا بمسلمين حقيقين ولا كتابيين مقيمين للتوراة والإنجيل فيعتبرون مرتدين ولا يذكرون اسم الله عند الذبح وهو شرط في حل الذبيحة.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/415)
حكم الدجاج المستورد
س - ما حكم لحم الدجاج المستورد الذي يأتي من الخارجد مذبوحاً ومصيراً؟
ج- إذا كان الدجاج الذي يذبح في الخارج وغيره من اللحوم التي ترد مصبرة يرد من بلاد أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فهو حلال لأن طعام أهل الكتاب حل لنا بنص القرآن الكريم ما لم يعلم بسبب يحرمه مثل كونه مما أهل به لغير الله أو ذبح بغير قطع الرأس، أما إن كان ذلك يرد من بلاد المجوس أو الشيوعيين والاشتراكيين أو غيرهم من الوثنيين فهو حرام لا يجوز أكله.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم الدجاج المجمد
س - ما حكم اللحوم المستوردة من الخارج وكذلك الدجاج المثلج الذي لا نعلم عن ذبحها حيث أن بعض العلماء لا يؤيدون شراءها؟
ج- إذا كان اللحوم المذكورة مستوردة من بلاد أهل الكتاب حل أكلها ما لم تعلم ما يدل على حرمتها لقول الله - سبحانه وتعالى - " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ". الآية.
وكون بعض المجازر في بعض بلاد أهل الكتاب تذبح ذبحاً غير شرعي لا يوجب ذلك تحريم الذبائح المستوردة من بلاد أهل الكتاب حتى تعلم أن تلك الذبيحة المعينة من المجزرة التي تذبح ذبحاً غير شرعي، لأن الأصل الحل والسلامة حتى يعلم ما يتقضي خلاف ذلك.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم اللحوم المستوردة التي في الأسواق
س - ما حكم اللحوم الذي يوجد في الأسواق وقد ذبح في الخارج هل يجوز الأكل منه أو لا؟(3/416)
ج- إذا كان مذكي الأنعام أو الطيور غير كتابي ككفار روسيا وبلغاريا وما شابهها في الإلحاد ونبذ الديانات فلا تؤكل ذبيحته سواء ذكر اسم الله عليها أم لا، لأن الأصل حل ذبائح المسلمين فقط، واستثنى ذبائح أهل الكتاب بالنص وإن كان من ذكاها من أهل الكتاب اليهود أو النصارى فإن كانت تذكيته إياها بذبح رقبتها أونحر في لبتها وهي حية وذكر اسم الله عليها أكلت اتفاقاً، لقوله - تعالى " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ". وإن لم يذكر اسم الله عليها عمداً ولا اسم غيره ففي جواز أكلها خلاف، وإن ذكر اسم غير الله عليها لم تؤكل، وهي ميتة لقوله - تعالى - " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ". وإن ضربها في رأسها بمسدس أو سلط عليها تياراً كهربائياً مثلا فماتت من ذلك فهي موقوذة ولو قطع رقبتها بعد ذلك، وقد حرمها الله في قوله - تعالى " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة " الآية، إلا إذا أدركت حية بعد ضرب رأسها قبلاً وذكيت فتؤكل، لقول - تعالى - في آخر الآية " والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ". فاستثنى - سبحانه - من المحرمات ما ذكي منها إذا أدرك حياً، لأن التذكية لا تأثير لها في الميتة.
أما ما خنق منها مات أو سلط عليها تيار كهربائي حتى مات فلا يؤكل باتفاق، وإن ذكر اسم الله عليه حين خنقه أو تسليط الكهرباء عليه أو عند أكله، أما قول رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " سموا الله وكلوا " فإنما كان في ذبائح ذبحها قوم اسملوا لكنهم حديثوا عهد بجاهلية، ولم يدر أذكروا باسم الله عليها أم لا، فأمر المسلمين الذين شكوا في تسمية هؤلاء على ذبائحهم أن يفعلوا ما عليهم وهو التسمية عند الأكل، وأن يحملوا أمر هؤلاء الذابحين علا ما عهد في المسلمين من التسمية عند الذبح.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم ذبيحة مجهول العقيدة والجاهل بالشرك
س - هل نؤكل ذبيحة من لا نعرف عقيدته ومن يستسهل المعاصي وهو يعلم أنها حرام، ومن يعرف عنه دعاء الجن بدون قصد؟(3/417)
ج- إذا كان لا يعرف بالشرك فذبيحته حلال إذا كان مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ولا يعرف عنه ما يتقضي كفره فإن ذبيحته تكون حلالاً، إلا إذا عرف عنه أنه قد أتى بشيء من الشرك كدعاء الجن أو دعاء الأموات، والاستعانة بهم، فهذا نوع من الشرك الأكبر، ومثل هذا لا تؤكل ذبيحته، ومن أمثلة دعاء الجن أن يقول افعلوا كذا أو افعلوا كذا أو أعطوني كذا أو أفعلوا بفلان كذا، وهكذا من يدعو أصحاب القبور أو يدعو الملائكة ويستغيث بهم أو ينذر لهم فهذا كله من الشرك الأكبر، نسأل الله السلامة والعافية.
أما المعاصي فهي لا تمنع من أكل ذبيحة من يتعاطى شيئاً منها إذا لم يستحلها، بل هي حلال إذا ذبحها على الوجه الشرعي، أما من يستحل المعاصي فهذا يعتبر كافراً، كأن يستحل الزنا، أو الخمر، أو الربا، أو عقوق الوالدين، أو شهادة الزور، ونحو ذلك من المحرمات المجمع عليها بين المسلمين، نسأل الله العافية من كل ما يغضبه.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم اللحوم المجهولة في بلاد الكفار
س - يباع هنا في أمريكا لحوم مثلجة ومبردة ولا ندري من ذبحها ولا كيف ذبحت، فهل نأكل منها؟
ج- إذا كانت المنطقة التي فيها اللحوم المذكورة ليس فيها إلا أهل الكتاب من اليهود والنصارى فذبيحتهم حلال، ولو لم تعلم كيف ذبوحها، لأن الأصل حل ذبائحهم لقول الله - عز وجل - " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب وحل لكم وطعامكم حل لهم ". الآية، فإن كان في المنطقة غيرهم من الكفار فلا تأكل، لاشتباه الحلال بالحرام، وهكذا إن علمت أن الذين يبيعون هذه اللحوم يذبحون على غير الوجه الشرعي كالخنق والصعق فلا تأكل سواه كان الذابح مسلماً أو كافراً لقوله الله - تعالى - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم " الآية. وفق الله المسلمين للفقه في الدين إنه سميع قريب.
الشيخ ابن باز
* * *(3/418)
من قدم له لحم لا يدري أذكر اسم الله عليه أم لا
س - ماذا نفعل إذا قدم لنا لحم للطعام ولا نعرف هل ذكر اسم الله عليه أم لا؟
ج- ثبت في صحيح البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - أن قوما قالوا يا رسول الله إن قوما يأتوننا باللحم ولا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا، فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " سموا أنتم وكلوا " قالت وكانوا حديثي عهد الكفر، يعني أنهم جديدو الإسلام، ومثل هؤلاء قد تخفى عليهم الأحكام الفرعية والدقيقة التي لا يعلمها إلا من عاش بين المسلمين، ومع هذا أرشد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، هؤلاء السائلين إلى أن يعتنوا بفعلهم هم بأنفسهم فقال " سموا أنتم وكلوا " أي سموا على الأكل وكلوا.
وأما ما فعله غيركم ممن تصرفه صحيح فإنه يحمل على الصحة ولا ينبغي السؤال عنه، لأن ذلك من التعنت والتنطح ولو ذهبنا نلزم أنفسنا في السؤال عن مثل ذلك لأتعبنا أنفسنا إتعاباً كثيراً لاحتمال أن يكون كل طعام قدم إلينا غير مباح فإن من دعاك إلى طعام وقدمه إليك فإنه من الجائز أن يكون هذا الطعام مغصوباً أو مسروقا ومن الجائز أن يكون ثمنه حراماً، ومن الجائز أن يكون اللحم الذي فيه لم يذكر اسم الله عليه وما أشبه ذلك، ومن رحمة الله بعباده أن الفعل إذا كان قد صدر من أهله فإن الظاهر أنه فعل على وجه تبرأ به الذمة ولا يلحق الإنسان فيه حرج.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الذبائح التي تذبح في المناسبات ونحوها
حكم الذبح لإكرام الضيف والقريب
س - الذبح لغير الله حرام وشرك، ما حكم الشريعة في الذبح للضيوف أو للقريب أرجو الإفادة؟(3/419)
ج- الذبح للتقرب للمذبوح له لجلب نفع أو دفع ضر شرك، وقد لعن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من ذبح لغير الله.
وأما الذبح على اسم الله - تعالى - لإطعام الضيف أو القريب فلا حرج في ذلك.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
* * *
حكم الذبح للضيف والتوسعة على الأهل
س - يقول - صلى الله عليه وسلم - " لعن الله من ذبح لغير الله، ما هو المقصود من ذلك ونحن في الجنوب إذا ذبح شخص لضيف أو لأهل بيته يقول بسم الله وعلى ملة رسول الله صدقة لوجه الله اللهم اجعل ثوابها لي ولأهل بيتي؟
ج- المقصود من الحديث تحريم الذبح لمن مات من الأنبياء والأولياء رجاء بركتهم والذبح للجن إرضاء لهم، ورجاء قضائهم للحاجات أو دفعا لشرهم، فإن هذا شرك أكبر يستحق فاعله لعنه الله وغضبه، أما الذبح للضيوف إكراماً لهم أو للأهل توسعه عليهم، والذبح تقرباً إلى الله من أجل تجعل صدقة على الأموات يرجى ثوابها من الله للحي والميت فهذا جائز، بل هو إحسان يرجي ثوابه من الله، وهكذا الضحايا يوم النحر عن الأموات والأحياء. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الذبيحة للضيف
س - ما حكم ذبح الذبيحة للضيف مع أن الله يقول " وما أهل به لغير الله "؟
ج- يجوز ذبح الذبيحة للضيف ويذكر اسم الله عليها عند الذبح وليس ذلك داخلاً في عموم قوله - تعالى - " وما أهل لغير الله به " بل المقصود في الآية ما ذبح لغير الله كالذبح(3/420)
للأموات ونحوهم تقرباً إليهم، أما الذبح للضيف فالمقصود به إكرامه لا عبادته، لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أمر بإكرام الضيف، وبالله التوفيق، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الذبيحة لمناسبة مشروعة
س - ما حكم الصدقة التي أذبحها وأقول في نفسي أو على من عندي هذه صدقة لله تعالى بمناسبة نجاح ولدي أو بمناسبة سلامته من حادث السيارة؟ أو بمناسبة أي فرح كان؟ فضيلة الشيخ هل يجوز لي أن آكل من هذه الصدقة أم لا؟ علما بأني لا أحلف بالله ولا أنذر أني أفعل كذا وكذا، ولكن عندما يحصل هذا الفرح أقول هذه صدقة لله تعالى. أرشدونا أثابكم الله حول ما ذكرت وما ذكرت وما هي الطريقة السليمة التي نسلكها؟
- الاصل في الأعمال أن تبنى على النية، والنية شرط للإثابة على العمل فينبغي للمسلم في كل نفقة أن ينوى بها التقرب إلى الله - عز وجل - فإذا حصل مناسبة مشروعة كقدوم ضيف أو تشجيع ابن ونحو ذلك ونوى بذلك التقرب إلى الله فلا حرج أن يأكل منها، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الذبيحة لتعظيم شخص أو إكرام له
س - جرت عادة بعض العرب على استرضاء بعضهم بعضا عند الحاجة، فأحياناً يأتي المسترضي بشاة ولا يدخل من الباب إلا بعد ذبحها باسم الله. وأحيانا إذا أقبل المسترضي بالشاة (العقيرة) أخذها المقبل عليه وقال العقيرة حرام ورفعها لنفسه، وذبح للمسترضي غيرها إكراماً له. فهل يجوز أكل لحم الشاتين أو إحداهما أو لا يجوز؟(3/421)
ج- ذبح الإنسان شاة أو نحوها لغيره، قد يكون القصد منه إكراماً، بتقديم الذبيحة إليه طعاماً يأكل منه هو ورفقاؤه، ومن دعى إلى الاكل معهم، فهذا جائز، بل حثت عليه الأحاديث الصحية، ورغبت فيه، فقد ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فيلكرم ضيفه ". وثبت في حديث أبي شريح الكعبي عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "، جائزته يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام. فما بعد ذلك فهو صدقة. ولا يحل له أن ينوي عنده حتى يحرجه ".
وقد يكون القصد من الذبح مجرد إعظامه وتكريمه. سواء قدمت الذبيحة بعد ذلك طعاماً لأكله أم لا، فذلك غير جائز، بل هو شرك يوجب اللعنة، لدخوله في عموم الذبح لغير الله، وقد ثبت عن علي - رضي الله عنه - أنه قال حدثني رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بأربع كلمات " لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الارض ". وعلى هذا لا يجوز الأكل من هذه الذبيحة، ولو ذكر الذابح عليها اسم الله، لان الأعمال بالنيات، وهذه قصد بها تقديم عقيرة تحية لغير الله إعظاماً، ومجرد تكريم له، لا أكله منها.
أما إن قدمها حية فأخذها المسترضى وذبحها للضيوف، أو ذبح غيرها للضيوف فيجوز الأكل من كل منهما لكونهما لم تذبح لإعظامه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم البرهة أو العتامة
س - في حالة وقوع خصام أو مشاجرة بين اثنين أو ثلاثة أو أكثر على أي شيء يكون فإن كبار القرية أو شيخ القبيلة يحضر للنظر فيما بين المتخاصمين، وبعد استكمال جوانب(3/422)
القضية ومعرفة محور النزاع والمخطئ من خلافه فإنهم يفرضون على صاحب الخطأ الأكبر ذبيحتين أو ثلاثاً أو أكثر في بعض الأحيان وعلى الآخر صاحب الخطأ الأقل ذبيحة واحدة بالإضافة إلا بعض الاشياء التي قد يحصلون عليها من المتخاصمين ويقوم كل واحد منهم بذبح الذبائح التي توجبت عليه ويحضر أكلها الجماعة والعدول الذي حكموا في القضية وسواء كان المتخاصمون فقراء أو أغنياء فلا مناص لهم من هذه الأحكام، وتسمى هذه العادة البرهة أو العتامة، كما يقولون وهم في معظم القضايا لا يتصلون بالدوائر الحكومية هناك لفض نزاعاتهم، والأمر الذي يهمني معرفته هو الحكم في مثل هذه العادات من ناحية الجواز من عدمه، وهل فاعل مثل هذه الأفعال يدخل تحت قوله، - صلى الله عليه وسلم -، " لعن الله من ذبح لغير الله " أم لا؟ مع العلم أنه يذبح ويسفك الدم في رضا شخص أو أشخاص وفي رضا رئيس أو رؤساء القبيلة؟ أرجو توجيهي بذلك.
ج- التحكيم في الخصومات لإظهار خطأ المخطئ، والانتصار للمعتدي عليه وإصلاح ذات البيت والفصل في المنازعات بالحق الذي جاءت به شريعة الإسلام حق مشروع بالكتاب والسنة، قال الله - تعالى - " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ". وقال " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً ".
أما الذباح التي يذبحها الطرفان المختصمن قليلة أو كثيرة عقب الانتهاء من الخصومة بالصلح فإن كانت تبرعاً ممن ذبحها شكراً لله على الخلاص من الخصومة بسلام وعلى الرجوع إلى ما كان قبل من الصفاء والإخاء فهو أحسن رغب فيه الشرع وشمله عموم نصوص الحث على فعل الخير وشكر النعم وعمل به الصحابة، مثل كعب بن مالك ما لم يتخذ ذلك عادة ويلتزم به التزام الواجبات المؤقتة بأوقاتها وأساليبها أو يتجاوز بها الإنسان طاقته المادية ويشق بها على نفسه وإلا كانت ممنوعة، وإن ألزم بها من قام بالتحقيق والصلاح كلاً من الطرفين إلزاما لا مناص لهم منه بحيث إذا تخلف من ألزم بها عن تنفيذها عد ذلك(3/423)
عيبا وعاراً وربما فشل في الصلح وانتقض الحكم وعادت الخصومة كما كانت أو أشد فهذا تشريع لم يأذن به الله، اللهم إلا أن يكون ذلك تعزيزاً للمعتدي أو المخطئ فقط بقدر ما ارتبكه من الاعتداء أو الخطأ تأديباً له وتطييباً لخاطر المعتدي عليهم فيجوز على قول من يجوز التعزير بالمال من الفقهاء ويوضع مال التعزير حيث يرى الحكمان شرعا في بيت المال أو في وجه من وجوه البر والمعروف دون التزام ذبحها للحكمين ومن حضر مجلس الصلح، وليس حكم هذه الذبائح حكم القرابين التي تذبح لغير الله من الأصنام وعند مقابر الصالحين أو تذبح للجن تقرباً إليهم أو رجاء قضاء حاجة او دفع ضر أو جلب نفع وإنما هي في حالة المنع من الابتداع والعمل بتشريع لم يأذن الله فهي إلى الدخول في معنى قوله - تعالى - " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله " أقرب منها إلى الدخول في معنى الحديث " لعن الله من ذبح لغير الله ". وإن كان كل من العملين ضلالاً وزوراً، وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
للجنة الدائمة
* * *
حكم الذبيحة للإصلاح بين المتخاصمين
س - إذا حصل بين قبلتين تشاجر وخيف عليهم أن يذبح بعضهم بعضاً فإنها تدخل بينهم قبيلة أخرى وتذبح عند أحدهم ذبيحة يجتمعون عليها للإصلاح بين المتخاصمين ما حكم هذه الذبيحة؟
ج- إذا لم يكن هناك غرض لذبح الذبيحة عند أحد المتخاصمين إلا الحضور لإجراء الصلح بينهما ثم الاجتماع على أكلها فهي عون على إجراء الصلح الذي أمر الله - تعالى- به في قوله - تعالى - " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله". وعلى جمع الكلمة وإزالة ما في النفوس وإكراماً لمن حضر الصلح، وعليه فلا يظهر لنا بأس في ذلك.
اللجنة الدائمة
* * *(3/424)
أحكام الذكاة
الرفق بالحيوان
س - الدكتور ت. عبد الهادي اسكينر من استراليا وجه سؤالا حول نقل الحيوان من استراليا إلى الشرق الأوسط، وما يتعرض له من ظروف الشحن السيئة طالباً من فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز أن يجيبه على سؤاله، وكان جواب فضيلة الشيخ كما يلي
ج- من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى جناب الأخ المكرم الدكتور ت. ج. عبد الهادي اسكينر وفقنا الله وإياه.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد
فقد اطلعت على رسالتكم بخصوص ما رغبتم في كتباته منا في موضوع نقل الحيوان من بلادكم باستراليا إلى الشرق الأوسط وما يتعرض له من ظروف الشحن السيئة وأحوال السفن التي ينقل عليها وما ينتج من الزحام وما إلى ذلك، وإذ تدعو الله أن يسلك بنا وبكم وإخوننا المسلمين صراطه المستقيم لنشكركم على اهتمامكم بهذا الجانب المهم، كما تسرنا إجابتكم على ضوء نصوص الكتاب الكريم والسنة المطهرة الواردة بالحث على الإحسان الشامل للحيوان مأكول اللحم وغير مأكوله مع طائفة من الأحاديث مما صح في الوعيد لمعذبه سواء كان ذلك نتيجة تجويع أو إهمال في حالة نقل أو سواء.
فمما جاء في الحث على الإحسان الشامل للحيوان وسواه قوله - تعالى - " وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ". وقوله - تعالى - " إن الله يأمر بالعدل والإحسان ". الآية، وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيما رواه مسلم وأصحاب السنن " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته فليرح ذبيحته " وفي رواية " فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ".
وفي إغاثة الملهوف منه صح الخبر بعظيم الأجر لمغيثة وغفران ذنبه وشكر صنيعه، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال " بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من(3/425)
العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ من فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، فقالوا يا رسول الله إن لنا في البهائم لأجراً؟ فقال في كل كبد رطبة أجر ".
وعنه قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بينما كلب بطيف بركبه قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فسقته إياه فغر لها به " رواه مسلم في صحيحه، وكما حث الإسلام على الإحسان وأوجبه لمن يستحقه نهى عن خلافه من الظلم والتعدي، فقال - تعالى - " ولا تعتوا إن الله لا يحب المعتدين " - وقال - تعالى " ومن يظلم منكم تذقه عذابا كبيراً ". وفي صحيح مسلم أن ابن عمر - رضي الله عنهما - مر بنفر قد نصبوا دجاجة يترامونها فلما رأوا ابن عمر تفرقوا عنها فقال ابن عمر " من فعل هذا؟ إن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لعن من فعل هذا، وفيه عن أنس - رضي الله عنه - " نهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن تصبر البهائم - أي أن تحبس حتى الموت - وفي رواية عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " لا تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضا". وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن قتل أربع من الدواب النحلة والنملة والهدهد والصرد. رواه أبو داود بإسناد صحيح. وفي صحيح مسلم أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال " عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لا هي أطعمتها وسقتها إن هي حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ". وفي سنن أبي داود عن أبي واقد قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة ". وأخرج الترمذي " ما قطع من الحي فهو ميت ".
وعن ابي مسعود قال كنا مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة تعرض فجاء النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال " من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها ". ورأي قرية نمل قد حرقناها قال " من حرق هذا؟ قلنا نحن. قال " لا ينبغي أن يعذب بالناب إلا رب النار. أبي داود ص419-420 المجلد (5) .
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال " ما من إنسان قتل(3/426)
عصفوراً فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله - عز وجل - عنها قيل يا رسول الله، وما حقها؟ قال أن يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمى بها ". رواه النسائي والحاكم وصححه وهذا موجب لترك ذلك وهو عين الرحمة بهذه الأنعام وغيرها.
وعن أبي عباس - رضي الله عنهما - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، مر على حمار قد وسم وجهه فقال " لعن الله الذي وسمه ". رواه مسلم، وفي رواية له نهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه. وهذا شامل للإنسان وللحيوان.
فهذه النصوص وما جاء في معناها دالة على تحريم تعذيب الحيوان بجميع أنواعه حتى ما ورد الشرع بقتله كالخمس الفواسق (الغراب والعقرب والفارة والحدأة والكلب العقور) وعند البخاري والحية، ومنطوق هذا ومفهومه الإسلام بالحيوان سواء ما يجلب له النفع أو يدرأ عنه الأذى. فالواجب جعل ما ورد من ترغيب في العناية به وما ورد من ترهيب في تعذيبه في أي جانب يتصل به أن يكون نصب الأعين وموضع الاهتمام ولا سيما النوع المشار إليه من الأنعام لكونه محترماً في حد ذاته أكلاً ومالية ويتعلق به أحكام شرعية في وجوه الطاعات والقريات من وجهة، ومن أخرى لكونه عرضه لأنواع كثيرة من المتاعب عند شحنه ونقله بكميات كبيرة خلال مسافات طويلة ربما ينتج عنها تزاحم مهلك لضعيفها وجوع وعطش وتفشي أمراض فيما بينهما وحالات أخرى مضرة تستوجب النظر السريع والدراسة الجادة من أولياء الأمور بوضع ترتيبات مريحة شاملة لوسائل النقل والترحيب والإعاشة من الطعام والسقي وغير ذلك من تهوية وعلاج وفصل الضعيف عن القوي الخطر والسقيم عن الصحيح في كل المراحل حتى تسويقها قدر المستطاع وهو اليوم شيء ممكن للمؤسسات المستثمرة والأفراد والشركات المصدرة والمستوردة وهو من واجب نفقتها على ملاكها ومن هي تحت يده بالمعروف.(3/427)
وبناء على النصوص الشرعية ومقتضياتها بوب فقهاء التشريع الإسلامي ما يجب ويتسحب أو يحرم ويكره بخصوص الحيوان بوجه عام وبما يتعلق بالذكاة لمباح الأكل بوجه تفصيلي خاص نسوق طائفة مما يتعلق بجانب الإحسان إليه عند تذكيته ومنه المستجبات الآتية
عرض الماء على ما يراد ذبحه للحديث السابق " إن الله كتب الإحسان على كل شيء. الحديث.
أن تكون آلة الذبح حادة وجيدة وأن يمرها الذابح على محل الذكاة بقوة وسرعة ومحله اللبة من الإبل والحلق من غيرها من المقدور على تذكيته.
أن تنحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى إن تيسر موجهة إلى القبلة.
وذبح غير الإبل مضجعة على جنبها الأيسر إن كان أيسر للذابح ويضع رجله على صفحه عنقها غير مشدودة الأيدي أو الأرجل وبدون لي شيء منها أو كسره قبل زهوق روحها وسكون حركتها ويكره خلع رقبتها كذلك أو أن تذبح وأخرى تنظر.
هذه المذكورات مما يستحب عند التذكية للحيوان رحمة به وإحساناً إليه ويكره خافها مما لا إحسان فيه كجره برجله فقد روى عبد الرازق موقوفاً أن ابن عمر رأي رجلا يجر شاة برجلها ليذبحها فقال له ويلك قدها إلى الموت قوداً جميلاً.
أو أن يجد الشفرنة والحيوان يصره وقت الذبح لما ثبت في مسند الإمام أحمد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أمر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن تحد الشفار وأن توارى عن البهائم، وما ثبت في معجمي الطبراني الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح عن عبد الله بن عباس(3/428)
- رضي الله عنهما - قال مر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على رجل واضع رجله على صفحة شاء وهو يجد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها قال " أفلا قبل هذا؟ أتريد أن تميتها موتتين ".
أما غير المقدور على تذكيته كالصيد الوحشي أو المتوحش أو وكالبعير بند فلم يقدر عليه فيجوز رميه بسهم أو نحوه بعد التسمية عليه مما يسيل الدم غير عظم وظفر، ومتى قتله السهم جاز أكله لأن قتله بذلك في حكم تذكية المقدور عليه تذكية شرعية ما لم يحتمل مونه يغير السهم أو معه.
وهذا جرى ذكره منا على سبيل الإفادة بمناسبة طلبكم لا على سبيل الحصر لما ورد وصح نقله بشأن الحيوان على اختلاف أنواعه، فالإسلام دين الرحمة وشريعة الإحسان ومنهاج الحياة المتكامل والطريق الموصلة إلى الله ودار كرامته، فالواجب الدعوة له والتحاكم إليه والسعي في نشره بين من لا يعرفه وتذكير عامة للمسلمين بما يجهلون من أحكامه ومقاصده ابتغاء وجه الله، فمقاصد التشريع الإسلامي في غاية العدل والحكمة فلا حرمان من كل نافع خلافاً لما عليه البوذيون ولا إباحة لكل ضار منه خلافاً لما عليه الخبائث من الخنزير والسباع المفترسة وما في حكمها ولا ظلم ولا إهدار لحرمه كل محترم من نفس أو مال أو عرض فنشكر الله على نعمه التي أجلها نعمة الإسلام مع الابتهال إليه، ينصر دينه، ويعلي كلمته وأن لا يجعلنا يسبب تقصيرنا فتنة للقوم الكافرين، وصلى الله وسلم وعلى نبينا محمد المبلغ البلاغ وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ ابن باز
* * *
الطريقة الشرعية لذبح الحيوانات
س - ما هي الطريقة الإسلامية الصحيحة لذبح الحيوانات؟
ج- لقد ورد سؤال مثله إلى هذه الرئاسة فأجاب عنه سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - جوابا شافيا هذا نصه
يرى إلى هذه الدار أسئلة عن الصفة المشروعة في الذبح والنحر ويذكر من سأل عن(3/429)
ذلك أن شاهد وعلم ما لا ينفق من كتبا الله وسنة، - صلى الله عليه وسلم -، ونظراً إلى أن هذا يشترك فيه الخالص والعام رأينا أن تكون الإجابة خارجة مخرج التبليغ للعموم أداء للإمانة ونصحاً للأمة فنقول أعلم وفقنا الله وإياك أن الذكاة المشروعة لها شروط وسنن ونقدم لذلك حديثاً عاما ثم نذكر بعده الشروط ثم السنن أما الحديث فروى مسلم وأصحاب السنن عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " أن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وغذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " وأما الشروط فأربعة.
الأول أهلية المذكي بأن يكون عاقلاً ولو مميزاً مسلماً أو كتابياً أبواه كتابيان والأصل في هذا ما ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " الحديث، وما ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " مروا أبناءكم بالصلاة لسبع وأضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ". فكل من البالغ والمميز يوصف بالعقل ولهذا يصح من المميز قصد العبادة، وقوله تعالى - " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ". وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه فسر طعامهم بذبائحهم.
الثاني الآلة فيباح بكل ما نهر الدم بحده إلا السن والظفر والأصل في هذا ما أخرجه البخاري في صحيحه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ما أنهر الدم فكل ليس السن والظفر".
الثالث قطع الحلقوم وهو مجرى التنفس، والمرئ وهو مجرى الطعام والودجين والأصل في هذا ما ثبت في سنن أبي داود عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال نهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيقطع الجلد ولا تقري الأوداج، ومعلوم أن النهي في الأصل يقتضي التحريم. وفي سنن سعيد بن منصور عن ابي عباس - رضي الله عنهما - قال إذا أهريق الدم وقطع الودج فكل. إسناده حسن. ومحل قطع ما ذكر الحلق واللبة وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر ولا يجوز في غير ذلك بالإجمال. قال عمر(3/430)
النحر في اللبة والحلق، وثبت في سنن الدارقطني عن أبي هريرة - رضي الله عنهما - بعث النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بديل بن ورقاء يصيح في فجاج مني ألا أن الذكاة في الحلق واللبة.
الرابع التسمية فيقول الذابح عن حركة يده بالذبح بسم الله، والاصل في هذا قوله - تعالى - " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ". وقال - تعالى - " فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ". فالله - جل وعلا - غاير بين الحالتين وفرق بين الحكمين لكن إن ترك التسمية نسياناً حلت ذبيحته لما رواه سعيد بن منصور في سنته عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " ذبيحة المسلم حلال وإن لم يسم إذا لم يتعمد ". فإن اختل شرط من هذه الشروط فإن الذبيحة لا تحل وأما السنن فهي ما يلي
1، 2 أن يكون الآلة حادة وأن يحمل عليها بقوة لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ".
3-4 حد الآلة والحيوان الذي يراد ذبحه لا يبصره، ومواراة الذبيحة عن البهائم وقت الذبح لما ثبت في مسند الإمام أحمد عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أن تحد الشفار وأن توارى عن البهائم، وما ثبت في معجمي الطبراني الكبير والأوسط ورجاله رجال الصحيح عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال مر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على رجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها قال " أفلا قبل هذا أو تريد أن تميتها موتتين ".
5- توجيهها إلى القبلة، لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، ما ذبح ذبيحة أو نحر هديا إلا وجهه إلى القبلة وتكون الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى والغنم والبقر على جنبها الأيسر.
6- تأخير كسر عنقه وسلخه حتى يبرد أي بعد خروج روحه لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بعث النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أوراق يصبح في فجاج مني بكلمات منها لا تعجلوا الأنفاس قبل أن نزهق. رواه الدارقطني
* * *
التذكية الشرعية
س - بعض الناس عند الذبح يقطع رقبة ذبحه على فترتين أي أنه يجرى السكين على(3/431)
حلقها حتى يصل إلى الوريد، ثم ينتظر قليلاً، بعد ذلك يقطع الوريد الذي تموت بعده الذبيحة، وهم بذلك يقولون أنه لا ينبغي أن يقطع رقبتها مرة واجدة، بينما هناك من يفعل ذلك ويرون أن فيه راحة لها، والرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أمر بحد الشفرة وإراحة الذبيحة كما في الحديث. بماذا تنصحون الجميع فيما يتعلق بهذا الموضوع؟
ج- يفضل أن يقطع أولا الحنجرة والمرئ والودجين وهما عرقان بجانب المرئ، ثم يتركها حتى يخرج جميع الدم فإن بقاءه في العروق قد يفسد اللحم، فإذا توقف جريان الدم فله بعد ذلك قطع الرقبة، فإن قطع الرأس من البداية أو قطع العظم فلا مانع من ذلك.
والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الاقتصار في التسوية على ما ورد أفضل
س - سائل يقول عند بعض الناس والمعروفين بالسادة - الدراويش - وعامة الناس إذا ذبح أحدهم شاة قال بسم الله الله أكبر، ويعتقدون أنه إذا قال أحدهم عند ذبح الذبيحة بسم الله الرحمن الرحيم يجب أن يترك الشاة ولا يذبحها، لأنه جاء اسم الرحمن الرحيم في التسمية فيجب أن يرحم الشاة ولا يذبحها، فما حكم الإسلام في هذا؟ وما رأيكم في قولهم؟
ج- لا يترك ذبح الشاة من أجل ذلك، بل يتم ذبحها، ويعلم الذابح الاقتصار في التسمية على ما ورد عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أن يقول عند الذبح بسم الله الله أكبر.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الذبيحة التي لا تتحرك عند الذبح
س - هل صحيح أنه إذا لم تتحرك الذبيحة المذبوحة بعد جزرها بالسكين لا يحل أكلها وتعتبر ميتة؟
ج- هذا الحكم فيما إذا كانت مريضة واشرفت على الموت فذبحت في تلك الحال ولم(3/432)
يتحرك منها عند حز الرقبة شيء من أعضائها ولو ذنبها، فأمر غير المريضة فإنها غالباً عند الذبح تتحرك ولابد وتضطرب، أما بعد انتهاء الحز والذبح فلا يلزم أن تدوم الحركة بل لو قطع الراس بسرعة فماتت حلت.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم تذكية المرأة
س - هل يجوز للمرأة أن تذبح الذبيحة؟ وهل يجوز الأكل منها؟
ج- يجوز للمرأة أن تذبح الذبيحة كالرجل كما صحت بذلك السنة عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ويجوز الأكل من ذبيحتها إذا كانت مسلمة أو كتابية وبحت الذبح الشرعي ولو وجد رجل يقوم مقامها في ذلك فليس من شرط حل ذبيحتها عدم وجود الرجل.
الشيخ ابن باز
* * *
س - هل يجوز أن يأكل الرجل من لحم ما تذكيه المرأة؟
ج- نعم. يجوز أن يأكل المسلم من لحم ما تذكيه المرأة مما أبيح أكله في الشرع تمشياً مع أصل الإباحة ولما روى البخاري - رحمه الله - عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أن امرأة ذبحت شاة بحجر فسئل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن ذلك فأمر بأكلها.
اللجنة الدائمة
* * *
س - هل يجوز للمرأة أن تذبح أي ذبيحة أو لا تجوز ذبيحة المرأة؟
ج- الأصل في أحكام الشريعة اشتراك الرجال والنساء فيها إلا إذا دل دليل على الخصوصية والذبح من الأحكام المشتركة، ولا نعلم دليلاً يدل على خصوصيته بالرجل والأدلة العامة الدالة على مشروعية الذبح يدخل فيها الرجال والنساء.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة(3/433)
الذبح بالصعق بالكهرباء
س - ما حكم أكل لحوم الذبائح التي تذبحها الدول المسلمة بطريق الآله الكهربائية علماً بأن البهيمة تسلط عليها الآلة الكهربائية حتى تسقط في الأرض، ثم يتولى الجزار ذبحها فور سقوطها على الأرض؟
ج- إذا كان الأمر كما ذكر من ذبح الجزار بهيمة الأنعام فور سقوطها على الأرض من تسليط الآلة الكهربائية عليها فإذا كان ذبحه إياها وفيها حياة جاز أكلها وإن كان ذبحه إياها بعد موتها لم يجز أكلها وذلك لأنها في حكم الموقودة، وقد حرمها الله إلا إذا ذكيت، والذكاة لا أثر لها إلا فيما ثبتت حياته بتحريك رجل أو يد أو تدفق الدم ونحو ذلك ما يدل على استمرار الحياة حتى انتهى الذبح، قال الله - تعالى - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمتخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم " إلخ، فأباح ما أصيب من بهيمه الأنعام بخطر بشرط تذكيته، وإلا فلا يحل أكلها.
اللجنة الدائمة
* * *
إذا ذبح الكتابي ولم يذكر اسم الله عليها
س - إذا قام الكتابي بتذكية الشاة كما يفعل المسلم ولم يذكر اسم الله عليها لأنهم يؤمنون بالتثليث فهل يجوز الأكل من هذه الذبيحة؟
ج- إذا ذبح الكتابي الذبيحة وعلمنا أنه ذكر اسم الله عليها فإنه يحل أكلها لدخول ذلك في عموم قوله - تعالى - " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ". وإن علمنا أنه ذكر اسم غير الله فإنه لا يحل أكلها لدخول ذلك في عموم قوله - تعالى " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق ". وفي قوله " وما أهل به لغير الله " وإن جهلنا أنه ذكر مية أو تركها جاز الأكل منها، لأن الاصل حل ذبائحهم لعموم قوله - تعالى - " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ".
اللجنة الدائمة
* * *(3/434)
دهس شاة فذكاها قبل أن تموت
س - دهست سيارة شاة، فكسرت ظهرها ورجلها، فأسرعت إليها وهي حية وذبحتها وهي تمشي وتتعثر، وبعدما ذبحتها وفسخت جلدها قيل لي إن هذه الشاة حرام، فتركتها، أرجو الإجابة فما حكم هذه الذبيحة؟
ج- إذا كان الأمر كما ذكرت فهذه الذبيحة حلال، لأنك ذبحتها وهي لا تزال حية، لقوله- تعالى " حرمت عليكم الميتة والدم إلى أن قال وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ". وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم أكل ما قتل بقطع النخاع
س - ورد إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد السؤال التالي ما حكم أكل الثور إذا قتل بقطع النخاع وانتشار المخ قبل قتله بسكين؟ هل يحل أم هو في حكم الميتة؟
ج- وأجابت بما يلي
هذا السؤال فيه إجمال فإن كان الثور ونحوه قد دق عنقه ورأسه حتى انقطع نخاعه وانتشر المخ ومات قبل أن يذكي فإنه والحال ما ذكر في حكم الميتة لكونه لم يذبح الذبح الشرعي، أما إن ذكى التذكية الشرعية بعد أن عمل به ما ذكر قبل أن يموت فإنه بذلك يكون حلالاً لقول الله - عز وجل - بعد ذكر المنخنقة والموقوذة وما بعدهما " إلا ما ذكيتم ". مع العلم بأنه لا يجوز للمسلم أن يضرب الحيوان قبل الذبح بضرب الرأس أو العنق أو غيرها بقصد سقوط الحيوان والقدرة على ذبحه ويمكن أن يستعان على ذبحه بغير هذا العمل المنكر بتقييده بالحبال ونحوها حتى يتمكن الذابح مع ذبحه. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *(3/435)
حكم أكل البعير الهائج إذا ذبح في غير مذبحه
س - الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وسلم وبعد
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفسار المرسل من أحد السالين وهو بعير هائج أراد أن يأكل صاحبه فقتله بسهم أو غيره، في غير مذبحه فهل يحل أكله؟
ج- التسمية على الذبيحة مشروعة قال - تعالى - " فكلوا مما ذكر اسم الله عليه ". وقال - تعالى - " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ". وفي الصحيحين أنه، - صلى الله عليه وسلم -، قال " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ". قال شيخ الإسلام ابن تيمية " التسمية عليه واجبة بالكتاب والسنة وهو قول جمهور العلماء " انتهى. وعلى هذا فالصورة المسؤول عنها إذا لم يمكن الوصول إلى المذبح فيجرح حيث أمكن، مثل الطعن في الفخذ أو غيره، كما يفعل الصيد الممتنع ويباح بذلك عند جمهور العلماء، والأصل في هذا ما ثبت في الصحيحين عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - أنه ندّ على الناس بعير في عهد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فرماه رجل بسهم فقتله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إن لهذهالبهائم أوابد كأوابد الوحش فما ند عليكم منها فاصنعوا به هكذا ".
لكن لو أدركه حيا فإنه ينحره مع المذبح حيث أماكن ذلك، لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في الصيد " فإن أدركته حيا فاذبحه " الحديث.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم قتل الحيوانات بالصعق الكهربائي
س - تلقت اللجنة الدائمة للإقتاء خطابا من الأخ سيد عزيز باشا السكرتير العام لاتحاد الجمعيات الإسلامية في لندن يفيد فيه بأنه تلقى رسالة من الجمعية الملكية البريطانية لمنع القيوة على الحيوان ترجوا منه فيها إقناع الجماعات الإسلامية المستوطنة في بريطانيا، بقبول أكل لحوم الحيوانات التي يتم صعقها قبل ذبحها وذكر أن هذه الجمعية أشارات في رسالتها(3/436)
إلى أن القاضي الكبر في تنزانيا، كان قد خطب في الناس بأنه ليس هناك نص في القرآن يحرم أكل اللحوم التي تم صعق بهائمها أو حيونات قبل ذبحها. وقد طلب المذكور الفتوى الصحيحة في ذلك. نرجو من سماحتكم التفضل بإصدار فتوى حول هذا الموضوع. وموافاتنا بها حتى يتسنى لنا إجابة المذكور باللازم؟
ج- وقد أجابت اللجنة بما يلي
أولا إن كان صعقها بضرب رأسها أو تسليط تيار كهربائي عليها مثلا فماتت من ذلك قبل أن تذكى فهي موقوذة لا تؤكل، ولوقطع رقبتها أو نحرها في لبتها بعد ذلك. وقد حرمها الله - تعالى - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وماأهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة ". وقد أجمع علماء الإسلام على تحريم مثل هذه الذبيحة. وإن أذركت حية بعد صعقها بما ذكر ونحوه وذبحت أو نحرت جاز أكلها لقوله - تعالى - في آخر هذه الآية بالنسبة للمنخنقة " والموقوذة والمتردية والنطيحة وما آكل السبع إلا ما ذكيتم ". فاستثنى - سبحانه - من هذه الآية المحرمات وما أدرك منها حيا وذكي فيؤكل، لتأثير التذكية فيه.
بخلاف ما مات منها بالصعق قبل البح أو النحر، فإن التذكية لا تأثير لها في حله، وبهذا يعلم أن القرآن حرم ما يصعق منالحيوانات إذا بالصعق قبل تذكيته. لأن المصعوقة موقوذة، وقد بين الله في لآية المائدة تحريمها، إلا إذا أدركت حية وذكيت بذبح أو نحر.
ثانيا يحرم صعق الحيوان بضرب، أو تسليط كهرباء أو نحوها عليه، لما فيه من تعذيبه، وقد نهى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن إيذائه وتعذيبه، ومر بالرفق والإحسان مطلقا. وفي تعذيبه، وقد نهى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن إيذائه وتعذيبه، وأمر بالرفق والإحسان مطلقا. وفي الذبح خاصة، فقد روى مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " لا تتخذوا شيئا في الروح غرضا ". وروى مسلم أيضا عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ". فإن كان لا يتيسر ذبح الحيوان أو نحره إلا بعد صعقة صعقاً لا يقضي عليه قبل ذبحه أو نحره جاز صعقه ثم تذكيته حال حياته للضرورة، وإن كان لا تتيسر تذكيته(3/437)
إلا بما يقضي على حياته، كان حكمها حكم الصيد، يرمي بما ينفذ فيه من سهم أو رصاص ونحوهما، لا يختق ولا بكهرباء أو نحوهما فإن أدرك حياً ذكي وإلا إصابته بما رمي به ذكاه له، روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن عن الخذف وقال " إنها تصيد صيداً ولا تنكحا عدواً، ولكنها تكسر السن وتفقأ العين ".
وروى البخاري عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه - قال سألت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن صيد المعترض فقال " إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل ".
فينبغي للقائمين على الجمعية الملكية البريطانية لمنع القسوة على الحيوان أن يرفقوا بالحيوانات، حتى التي يراد ذبحها فلا يضربوها في رأسها ولا يسلطوا عليها تياراً كهربائياً مثلاً، ولا يسمحوا لأحد أن يفعل ذلك بالحيوانات عند تذكيتها بذبح أو نحر إلا إذا لم يكن تذكيتها إلا رمياً يضبطه، ويمكن من تذكيته كربطه بحبال ونحوها، فإن لم يمكن ذلك طعن(3/438)
أو ريم بما ينفذ فيه لكونه ذكاه له، إذا لم يدرك حياً بعد رميه أو طعنه لما سبق من الأحاديث، ولقوله - تعالى - " فاتقوا الله ما استطعتم ". وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
* * *
الأطعمة المشتبه فيها والمحرمة
ليس من الورع السؤال عن مصدر الطعام
س - علمت بعض الشيء عن ورع الأئمة في مسألة الطعام مثل الإمام الشافعي والإمام أحمد الذي امتنع عن أخذ مال ولده الذي اشتغل بالقضاء لأنه شك في المال الذي سيتقاضاه ولده من الدولة منذ أن علمت ذلك امتنعت عن تناول أي طعام غير الطعام الذي أتناوله في بيتي من مال والدي أو الذي أعرف مصدره، وقد سبب لي ذلك بعض المشاق وأغضب كثيراً من الأخوة الذين عزموا على بتناول حتى ولو تمرة، فكثيراً ما يأتي بيتنا ضيوف وهم يضعون الفاكهة أو أي شيء يؤكل وأمتنع عن تناوله وامتناعي عن تناوله ليس لثقتي في أن مصدره حرام ولكن لعدم معرفة الحكم الشرعي فهل من الشرع أن أسأل إذا دعيت إلى طعام عن مصدر المال الذي جيء به هذا الطعام؟ وإذا سافرت إلى بلد عند قريب أو صديق فهل أسأله عن مصدر هذه الطعام الذي أتناوله عنده؟ والهدية إذا كانت طعاماً هل أسأل عن مصدر المال الذي اشتراه به أم لا؟
ج- ليس السؤال عن ذلك من هدي محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، ولا من هدى خلفائه وصحابته الكرام - رضوان الله عليهم أجمعين - ولأن السؤال عن ذلك قد يورث جفوة أو ضغينة أو قطيعة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *
الأصل في جميع الأطعمة الحل
س - تثار شبهات حول بعض الأطعمة كالسمن الهولندي وغير ذلك كالأطعمة المستوردة فهل الأشياء في حرمة هذه الأطعمة يجعل الأفضل في حق المشبته فيها أن لا يأكلها؟(3/439)
ج- الأصل حل تناول ما ذكر أكلاً وشرباً حتى يثبت ما يوجب حرمته من خلط السمن ونحوه بشحم الخنزير أو ميتة مثلا أو بذبح الطيور أو الأنعام على غير الطريقة الشرعية من صحق أو خنق أو غير ذلك، وبالله التوفيق، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الأيس كريم والجبن ومعجون الأسنان والصابون ونحوها
س - هل يجوز استعمال العطورات ومزيل رائحة الإبط ومعجون الأسنان والأيس كريم والشامبو لاحتوائها على الكحول والصابون الذي فيه دهن خنزير؟ وهل الخمر نجسة كنجاسة البول واللحم إذا اختلط بدهن أم دم خنزير ولو بنسبة بسيطة جداً والجبن؟ أرجو افتائي لأنني منبعث للدراسة في أمريكا وقد حذرنا من ذلك طالب مسلم أمريكي؟
ج- الأصل في الأشياء الحل والطهارة فلا يجوز أن يحكم الشخص على شيء بأنه محرم ونجس إلا بدليل شرعي ومتى تيقنت وغلب على ظنك اختلاط اللحم المباح بدهن أو دم خنزير وكذلك الجبن إذا خلط بدهن أو دم خنزير فلا يجوز لك تناوله وقد دل القرآن والسنة والإجماع على تحريم لحم الخنزير وأجمع العلماء على أن شحمه له حكم اللحم، أما إذا كنت لا تعلم فيجوز الأكل منه لما سبق من أن الأصل في الأشياء الحل حتى يقوم الدليل على التحريم.
والعطورات ونحوهما التي مزجت بها الكحول حتى بلغت مبلغ الإسكار القول بنجاستها وطهارتها مبني على القول بنجاسة الخمر وطهارتها والجمهور على القول بنجاستها، وعليه فينبغي تجنبها إذا بلغت مبلغ الإسكار بسبب ما خلط بها من الكحول. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الجيلاتين
س - هل الجيلاتين حرام؟
ج- الجيلاتين إذا كان محضراً من شيء محرم كالخنزير أو بعض أجزائه كجلده وعظامه(3/440)
ونحوهما فهو حرام قال - تعالى - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ". وقد أجمع العلماء على أن شحم الخنزير داخل في التحريم، وإن لم يكن داخل في تكوين الجيلاتين ومادته شيء من المحرمات فلا بأس به، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
هل الشاي من الخمور
س - يقول البعض إن الشاي هو من الخمور، لأن تحضيره يتم عن طريق تخمير أوارق نبات الشاي الأخضر لتصبح سوداء؟
ج- لا أصل لهذا القول فيما نعلم.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم شرب البيرة ونحوها
س - ما حكم شرب البيرة؟ وكذا شابها من المشروبات؟
ج- إذا كانت البيرة سليمة مما يسكر فلا بأس، أما إذا كانت مشتملة على شيء من مادة السكر فلا يجوز شربها، وهكذا بقية المسكرات سواء كانت مشروبة أو مأكولة يجب الحذر منها، ولا يجوز شرب شيء منها ولا أكله لقول الله - سبحانه - " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ". ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ". خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها، كما صح عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " كل شراب أسكر فهو حرام ". كما صح عنه أيضاً أنه نهى عن كل مسكر ومفتر.(3/441)
فالواجب على جميع المسلمين الحذر من جميع المسكرات والتحذير منها، وعلى من فعل شيئاً من ذلك أن يتركه وأن يبادر بالتوبة إلى الله - سبحانه - من ذلك، كما قال - عز وجل " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ". وقال - سبحانه - " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً ". الآية.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم المر الذي يوجد عند العطارين
س - هل المر الذي يوجد في دكاكين العطارين يؤخذ لعلاج بعض الأمراض حلال أم حرام، مع العلم أن بعض الناس يقول البيت الذي يوجد فيه المر لا تدخله الملائكة؟
ج- المر الذي في الدكاكين بعض العطارين حلال لأن الأصل حله ولا نعلم دليلاً يحرمه، وهذا القول الذي حكيته عن بعض الناس أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه مر لا نعلم له أصلا بل هو باطل.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم شرب الدخان والاتجار فيه
س - ما حكم شرب الدخان؟
ج- الدخان محرم لكونه خبيثاً ومشتملاً على أضرار كثيرة والله - سبحانه وتعالى- إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وغيرها، وحرم عليها الخبائث - قول الله - سبحانه وتعالى " يسألونك ماذا أحل قل أحل لكم الطيبات ". وقال سبحانه - في وصف نبيه محمد، - صلى الله عليه وسلم -، في سورة الأعراف " يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ". والدخان بانواعه كلها ليس من الطيبات بل هو من الخبائث، وهكذا جميع المسكرات كلها من الخبائث، والدخان لا يجوز شربه ولا بيعه ولا التجارة فيه كالخمر، والواجب على من كل يشربه أو يتجر فيه المبادرة بالتوبة والإنابة إلى الله - سبحانه - والندم على ما مضي، والعزم على ألا يعود إلى ذلك، ومن تاب صادقاً تاب الله(3/442)
عليه، كما قال الله - عز وجل - " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ". وقال - سبحانه وتعالى - " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ". والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
الشيشة والدخان حرام
س - ما حكم شرب الشيشة؟ وهل حكمها حكم الدخان؟ وهل تعتبر الشيشة والدخان من المخدرات المحرمة؟
ج- شرب الشيشة والدخان بأنواعه من جملة المحرمات لما فيها من الأضرار الكثيرة وقد يضرهم الأطباء العارفون بذلك كثرة أضرارهما وقد حرم الله على المسلمين أن يستعملوا ما يضرهم فالواجب على كل من يتعاطاهما تركهما والحذر منهما لقول الله - عز وجل - في سورة المائدة يخاطب نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات "
وقوله - سبحانه - في سورة الأعراف في وصف نبيه محمد، - صلى الله عليه وسلم -، " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ". الآية.
وجميع أنواع التدخين والشيشة من جملة الخبائث الضارة بالإنسان فتكون جميع أنواعهما محرمة بنص هاتين الآيتين وما جاء في معناها ونسأل الله أن يهدي المسلمين لما فيه صلاحهم ونجاتهم وأن يعيذهم مما يضرهم في الدنيا والآخرة إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * *
أدلة تحريم الدخان والشيشة
س - أرجو من سماحتكم بيان لحكم شرب الدخان والشيشة مع ذكر الأدلة على ذلك؟
ج- شرب الدخان محرم وكذلك الشيشة والدليل على ذلك قوله - تعالى - " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ". وقوله - تعالى - " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ".
وقد ثبت في الطب أن تناول هذه الأشياء مضر، وإذا كان مضراً كان حراماً، ودليل آخر قوله -(3/443)
تعالى - " ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً ". فنهى عن إتيان السفهاء أموالنا لأنهم يبذرونها ويفسدونها ولا ريب أن بذل الأموال في شراء الدخان والشيشة أنه تبذير وإفساد لها فيكون منهياً عنه بدلالة هذه الآية، ومن السنة أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن إضاعة المال، وبذل الأموال في هذه المشروبات من إضاعة المال، ولأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " لا ضرر ولا ضرار ". وتناول هذه الأشياء موجب للضرر، ولأن هذه الأشياء توجب للإنسان أن يتعلق بها فإذا فقدها ضاق صدره وضاقت عليه الدنيا، فأدخل على نفسه أشياء هو في غنى عنها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم القات والدخان وصحبة من يتناولها
س - ما الحكم في القات والدخان اللذين انتشروا بين بعض المسلمين؟ وما حكم صحبة من يتناول أحدهما أو كلاهما؟ وماذا يجب على رائد الأسرة نحو ابنه أو أخيه إن كان يتعاطى شيئاً من هذين الصنفين؟
ج- لا ريب في تحريم القات والدخان لمضارها الكثيرة وتخديرهما في بعض الأحيان، وإسكارهما في بعض الأحيان كما صرح بذلك الثقات العارفون بهما، وقد ألف العلماء في تحريمهما مؤلفات كثيرة ومنهم شيخنا العلامة الشيخ محمد إبراهيم آل الشيخ مفتي البلاد السعودية سابقاً - رحمه الله.
فالواجب على كل مسلم تركهما والحذر منهما ولا يجوز بيعهما ولا شراؤهما ولا التجارة فيهما وثمنهما حرام وسحت، نسأل الله المسلمين العافية منهما.
ولا تجوز صحبة من يتناولهما أو غيرهما من أنواع المسكرات، لأن ذلك من أسباب وقوعه فيهما، والواجب على المسلم أينما كان صحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار، وقد شبه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الجليس الصالح بحامل السلك، قال " إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ". وشبه الصاحب الخبيث بنافع الكير وأنه " إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ". وقد قال، - صلى الله عليه وسلم -، " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم(3/444)
من يخالل ".
والواجب على رب الأسرة أن يأخذ على يد من يتعاطي شيئاً من هذه الأمور المنكرة ويمنعه منها ولو بالضرب والتأديب أو إخراجه من البيت حتى يتوب. وقد قال الله - سبحانه - " فاتقوا الله ما استطعتم ". وقال - عز وجل - " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ". أصلح الله أحوال المسلمين ووفقهم لكل ما فيه صلاحهم وصلاح أسرهم، إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * *
القات محرم وليس بنجس
س - الكثير من مدمني أكل القات عند حضور الصلاة يخرجه من فمه في كيس بلاستيك ثم يصلي وبعد الصلاة يضعه مرة أخرى في فمكه فهل القات نجس؟ وما حكم من صلى به وهو في فيه؟ وهل يجوز لمن هو في فمه تأخير الصلاة حتى يفرغ ويجمع الفوائت من الصلاة؟
ج- لا أعلم ما يدل على نجاسته لكونه شجرة معروفة والأصل في الشجر وأنواع النبات الطهارة، ولكن استعماله محرم في أصح قولي العلماء لما فيه من الضار الكثيرة، وينبغي لمتعاطيه ألا يستعملها وقت الصلاة ولا يجوز تأخير الصلاة من أجله بل يجب على المسلم أداء الصلاة في وقتها في الجماعة مع إخوانه المسلمين في المساجد، لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " خرجه ابن ماجه والدارقطني والحاكم بإسناد صحيح.
وقد سئل ابن عباس - رضي الله عنهما - عن العذر فقال خوف أو مرض وليس استعمال القاتا عذراً شرعياً بل هو منكر، وإذا آخر مستعمله عن الصلاة في وقتها أو في المسجد مع الجماعة كان ذلك أشد في الإثم.
وليس لمستعمله الجمع بين الصلاتين، لأن استعماله ليس من الأعذار الشرعية التي تسوغ الجمع بين الصلاتين وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه لما علم أصحابه أوقات الصلاة(3/445)
وأوضح لهم أولها وآخرها قال الصلاة بين هذيه الوقتين، وثبت في صحيح مسلم أن رجلاً أعمى قال يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال، - صلى الله عليه وسلم -، " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال نعم. قال فأجب. وفي رواية لغير مسلم سندها صحيح قال له، - صلى الله عليه وسلم -، " لا أجد لك رخصة ".
فهذه الأحاديث الصحيحة وما جاء في معناها كلها تدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة في وقتها في بيوت الله - عز وجل - وتحريم التأخر عنها أو الجمع بين الصلاتين بغير عذر شرعي، ونصحيتي لأصحاب القات والتدخين وسائر المسكرات والمخدارت أن يحذروها غاية الحذر وأن يتقوا الله في ذلك لما في استعمالها من المعصية لله - سبحانه - ولرسوله، - صلى الله عليه وسلم -، ولما فيه من الأضرار العظيمة والعواقب الوخيمة والصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فنسأل الله أن يهدى المسلمين لكل ما فيه رضاه وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم ويعيذهم من جلساء السوء الذين يصدونهم عن الخير إنه جواد كريم. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم الشمة
س - ما الحكم الشرعي للدخان؟ والشيشة؟ وما حكم شربهما أو تعاطيهما؟ وكيف يتصرف من كأن أحد أقاربه مبتلي بهما؟
ج- لا شك أن الدخان والنارجيلة والشمة ونحوها محرمة لأنها خبيثة كلها، وقد قال - تعالى - " يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ". ولأنها مضرة بالصحة وجالبة لأمراض خبيثة تسبب الموت أو مقدماته وقد قال - تعالى - " ولا تقتلوا أنفسكم ". وقال " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ". ولأنها إسراف وإفساد للمال المحترم في غير فائدة، والمبذرون كانوا إخوان الشياطين وننصح من ابتلى بشيء منها بالتوبة والإقلاع فوراً والعزم على أن لا يعود والاستعانة بالله على تركها والصبر أياماً قليلة حتى يتخلى عنها ويشفى من آلامها والله الشافي.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/446)
الخمر حرام وشاربها اثم
س - ما حكم في المسلم الذي يشرب الخمر ولا يقبل النصح، ويعلل ذلك بقوله إن الله هو الوحيد الذي يحاسبه، ولا تسمح لأحد ان يتدخل في شؤونه، فهل يجوز للمسلمين أن يتعاونوا معه أم لا؟
ج- يجب على من عرف الحق من المسلمين أن يبلغه قدر طاقته، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب استطاعته، فإن قبلت نصحيته فالحمد لله، وإلا رفع أمر من ارتكب المنكر أو فرط في الواجبات إلى ولي الأمر العام أو الخاص، ليأخذ على يد المسيء حتى يرتدع.
ودعوى من يشرب الخمر، ويصر على ذلك أنه لا يحاسبه أحد على شربها، ولا يسمح لأحد أن يتدخل في شؤونه غير صحيحة إذا كان يشربها علناً، فإن من يراه يشربها مكلف بالإنكالر عليه حسب استطاعته، فإن لم يقم بالواجب عليه نحو من يرتكب النكر عوقب على تفريطه في واجب البلاغ والإنكار، فليس شرب إنسان الخمر علنا مما يختص جرمه بالشارب، بل يعود ضرره على المجتمع في الدنيا، وخطره يوم القيامة على الشارب والمفرط في الإنكار عليه، وفي الأخذ علي يده، وعلى عرف من المسلمين حال المجرم أن يهجره في المعاملات، وألا يخالطه إلا بقدر ما ينصح له، وما يضطره إليه فيه، وليجتهد ما استطاع في إبلاغ ذلك إلى ولاة الأمر، ليقيموا عليه الحد ردعاً له ولغيره، وقطعاً لدابر الشر والفساد وتطهير المجتمع من ذلك الوباء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الجلوس على موائد الخمر
س - أدرس في إحدى جامعات اليابان وتعقد في هذه الجامعة عدة اجتماعات وندوات وحفلات يكون الخمر موجوداً بها. فهل على إثم لوجودي في مكان به خمرة مع العلم أنني أحرص على عدم الجلوس بجانبها ولا أشربها بحمد الله؟
ج- لا يجوز الجلوس مع قوم يشربون الخمر إلا أن تنكر عليهم فإن قبلوا وإلا فارقتهم،(3/447)
لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر ". خرجه الإمام أحمد والترمذي بإسناد حسن، ولأن الجلوس معهم وسيلة إلى مشاركتهم في عملهم السيء، أو الرضا به، وقد قال الله - عز وجل - في سورة الأنعام " وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ". وقوله - عز وجل- " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ". الآية ممن سورة النساء، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
حكم التداوي بشرب الخمر
س - ما حكم شرب الخمر عند الضرورة بأن يكون الطبيب أمره بشربها؟
ج- يحرم التداوي بشرب الخمر وأي شيء مما حرمه الله من الخبائث عند جمهور العلماء، روى وائل بن حجر أن طارق بن سويد الجعفي سأل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن الخمر فنهاه عنها قال أنا أصنعها للدواء، فقال " إنه ليس بدواء ولكنه داء ". رواه الإمام أحمد ومسلم. وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الله تعالى أنزل الدواء، وأنزل الداء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداوو بحرام". رواه أبو داود. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال نهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن الدواء بالخبيث، وفي لفظ يعني السم، رواه أحمد والترمذي، وابن ماجه، وذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ". وقد رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه مرفوعاً إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فهذه النصوص وأمثالها صريحة في النهي عن التداوي بالخبائث مصرحة بتحريم التداوي بالخمر إذ هي أم الخبائث، وجماع الإثم، ومن أباح التداوي بالخمر من علماء الكوفة فقد قاسه على إباحة أكل الميتة والدم للمضطر وهو مع معارضيته للنص ضعيف، لأنه قياس مع الفارق إذ أكل الميتة والدم تزول بها الضرورة ويحفظ الرمق وقد تعين طريقاً لذلك، أما شرب الخمر للتداوي فلا يتعين إزالة المرض به(3/448)
بل أخبر، - صلى الله عليه وسلم -، بأنه داء وليس بدواء ولم يتعين طريقاً للعلاج.
ورحم الله مسلما استغنى في علاج مرضه بما أباح الله من الطيبات، واكتفى به عما حرمه - سبحانه - من الخبائث والمحرمات، وصلى اله عليى نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم التداوي بالمحرمات
س - أنا طبيب ومهنتي تقتضي التداوي بالمخدارت أحياناً مثل المورفين والكوكايين والفاليوم فما حكم الإسلام في ذلك؟
ج- لا يجوز التداوي بالمحرمات لثبوت الأدلة الشرعية الدالة على التحريم ومن ذلك ما رواه أبو داود فس سننه من حديث أبي داود قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تتداووا بالمحرم ". وذكر البخاري في صحيحه عن ابن مسعود " أن الله يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ". وفي المسند عن أبي هريرة قال " نهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن الدواء الخبيث " وفي صحيح مسلم عن طارق بن سويد " إنها داء وليست بداوء ". رواه أبو داود والترمذي وفي صحيح مسلم عن طارق بن سويد الحضرمي قال قلت يا رسول الله، إن بأرضنا أعشاباً نعتصرها فنشرب منها قال " لا "، فراجعته قلت إنا نستشفي للمريض بها قال " إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء ".
اللجنة الدائمة
* * *
حكم العمل في محلات تقدم الخمور ولحوم الخنزير
س - نحن هنا في هولنده شباب مسلم متمسك والحمد لله بدينه، ولكن الأعمال المتوافرة هنا كلها الخمر والمطاعم التي تقدم لحوم الخنزير إلى جانب اللحوم الأخرى، هل يجوز العمل في غسل الأواني التي يعد فيها لحم الخنزير كعمل لكسب الرزق؟ أفيدونا أفادكم(3/449)
الله وفقنا الله وإياكم وجزاكم الله خيراً؟
ج- لا يجوز لك أن تعمل في محلات تبيع الخمور أو تقدمها للشاربين ولا أن تعمل في المطاعم التي تقدم لحم الخنزير للآكلين أو تبيعه على من يشتريه ولو كان مع ذلك لحوم أو أطعمة أخرى سواء كان عملك في ذلك بيعاً أو تقديماً لها أو كان غسلاً لأوانيها. لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان. ولا ضرورة تضطرك إلى ذلك فإن أرض الله واسعة وبلاد المسلمين كثيرة أيضاً. فكن مع جماعة المسلمين في بلد يتيسر فيها العمل الجائز قال الله - تعالى - " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على اله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً ". وقال - سبحانه - " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ". وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم لحوم الحيوانات غير المذبوحة
س - هل يجوز للمسلم أن يأكل اللحم غير المذبوح، الذي يبيعه الأوربيون وهو ميته مع أن في استطاعتنا أن نشتري الدجاج والأرانب والغنم، ولدينا القدرة على ذبحها؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكرت من أن لحوم الدجاج، والأرانب، والشياه ونحوها لديكم، لحوم حيوانات غير مذبوحة، وأنها ميتة فلا يجوز لكم معشر المسلمين أن تأكلوا منها، إلا في حالة الضرورة التي تبيح أكل الميتة، وقد ذكرت في سؤالك أن في استطاعتكم أن تذبحوا ما تحتاجونه، ذبحاً شرعياً، فاذبحوا لأنفسكم على الصفة الشرعية، واجتنبوا ما كان من اللحوم على الصفة التي ذكرت في السؤال فإنها رجس.
اللجنة الدائمة
* * *(3/450)
الأكل من الكسب الحرام
الأكل من الكسب الحرام
س - أنا شاب مسلم بدون عمل عائلتي تصرف على في المأكل والمشرب من مصدر حرام هل تجوز صلاتي؟
ج- لا يجوز لك أن تأكل أو أن تلبس أو أن تنفق مما بذل لك من الكسب الحرام ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب لكن لا تأثير لذلك على صلاتك، بل هي صحيحه، وبالله التوفيق، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم أكل الطعام المسروق
س - والدي يعمل في مطعم وصاحب هذا المطعم بخيل لذلك والدي بالاشتراك مع عمال المطعم يأخذون بعض الطعام بدون علم صاحب المحل، ويأتي والدي بمقدار 3 كيلو من اللحم أسبوعياً بدون علم صاحب المحل، فقلت لماذا تفعل ذلك يا والدي؟ قال لي لأن صاحب المحل بخيل ولا يعطف علينا بشيء، وأنا طالب مازلت أدرس فهل آكل من هذا الطعام؟ أم هو حرام؟ علماً بأن هذا الطعام يبقى بالمنزل حوالي 4أيام ولا نأكل غيره؟
ج- لا يجوز لك أن تأكل من هذا الطعام الذي يأخذه والدك من المطعم خفية بدونة علم صاحب المطعم ولو كان صاحب المطعم بخيلاً، لأن العامل ليس له إلا حقه من الأجر ونحوه مما اشترط حين العقد، وعلى هذا فلا يجوز لك أن تأكل مما سرقه والدك من المطعم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه ". رواه مسلم في صحيحه، وصلي الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
* * *
تجنبوا هذا الكسب
س - إذا كان والدي مكسبه حراماً فهل يجوز لنا أن نأكل مما يحضره لنا؟ وإذا كان لا يجوز فم العمل؟(3/451)
ج- إذا كان مكسب الوالد حراماً فإن الواجب نصحه، فإما أن تقوموا بنصحه بأنفسكم إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً، أو تستعينون بأهل العلم ممن يمكنهم إقناعه أو تستعينون بأصحابه لعلهم يقنعونه حتى يتجنب هذا المكسب الحرام، فإذا لم يتسر ذلك فلكم أن تأكلوا منه بقدر الحاجة ولا إثم عليكم في هذه الحالة لكن لا ينبغي أن تأخذوا أكثر من حاجتكم للشبهة في جواز الأكل ممن كسبه حرام.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم مخالطة أكل الحرام وأكل طعامه
س - بعض المسلمين عندنا في بريطانيا جمعوا أموالهم من الحلال والحرام، وذلك أنهم تجار ومما يتجرون فيه الخمور ولحوم الخنازير وهم على درجات متفاوتة في ذلك، فمنهم من أكثر ماله من الحرام، ومنهم من كسبه من الحرام قليل، فهل يجوز لنا نحن المسلمين مخالطتهم وأكل طعامهم إذا دعونا؟ وهل يحل لنا قبول تبرعاتهم من هذا المال لصالح المسجد؟
ج- أولا عليك أن تنصح لهم وتحذرهم سوء عاقبة الاتجار في المحرمات وكسب المال من الحرام، وتتعاون مع إخواتك من أهل الخير على تذكيرهم وإنذارهم بأس الله وشديد عقابه على من عصاه، وحاربه بارتكاب المنكرات وتعريفهم أن متاع الدنيا قليل، وأن الأخرة خير وأبقى، فإن استجابوا فالحمد لله وهم بذلك إخوان لكم من الله، ثم انصحوهم برد المظالم إلى أهلها إن عرفوهم، وأن يتبعوا السيئة الحسنة عسى الله أن يتوب عليهم ويبدل سيئاتهم حسنات، وحينئذ يجوز مخالطتهم مخالطة الإخوة والأكل من طعامهم وقبول تبرعاتهم في وجوه البر من بناء مساجد وفراشها ونحو ذلك، لأنهم بالتوبة ورد المظالم إلى أهلها حسب الإمكان يغفر لهم ما قد سلف لقول الله - عز وجل - في المرابين " فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله " الآية.
ثانيا إن أبوا بعد النصحية والتذكير إلا الإصرار على ما هو فيه من المحرمات فإنه ينبغي أن تهاجروهم في الله، وألا تستجيبوا لدعوتهم وإلا تقبلوا تبرعاتهم زجراً لهم وإنكاراً(3/452)
لباطلهم، ورجاء أن يرتدعوا ويرجعوا عما هم عليه من المنكرات.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
الإثم على الكاسب لا على الآكل
س - أنا خادم في متجر، يرسل جار لنا الطعام لكن المعروف أن هذا الجار يعمل في مكان فيه رشوة؟ فهل هذا الطعام حلال أم حرام؟
ج- يسن التورع عن أكل الحرام الذي كسبه الغير من وجه لا يحل أو من وجه فيه شبة مع أن الإثم على الكاسب لا على الأكل، وقد يجوز لك الأكل من طعام هذا الجار الذي يأخذ الرشوة فالله هو الذي يحاسبه ويجزيه على عمله، فأما الآكل فلم يعمل إثما وقد أل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من طعام اليهودي وقبل الشاة التي أهديت له بخيبر من اليهودية مع أن اليهود يأكلون الربا والرشوة ومع ذلك فتركه أفضل وأبعد عن مشاركة أهل الذنوب أو إقرارهم على ما فعلوا، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الصيد
التسمية عند الرمي
س - هل يكفي أن أقول باسم الله والله أكبر عندما أدخل الطلقة في البندقية عند الصيد أم يجب ذكر اسم الله عند إطلاق زناد البدقية؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
ج- الواجب ذكر اسم الله عند الرمي ولا يكفي ذكر ذلك عند إدخال الطلقة في البندقية، لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إذا أرسلت سهمك فاذكر اسم الله ". متفق علي صحته من الحديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه -.
الشيخ ابن باز
* * *(3/453)
حكم اقتناء الكلاب لغير الصيد وحكم صيدها إذا صادت
س - عندي كلاب أربيها وهي ليست من كلاب الصيد المعروفة فهل صيدها (عندما تصيد) حلال أم حرام؟ وما حكم تربية مثل هذه الحيوانات؟
ج- لا يحل لإنسان أن يقتني كلباً إلا أن يكون كلب صيد أو حرث أو ماشية، كما ثبت بذلك عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -،.
وهذه الكلاب التي أشار إليها السائل إن كان يقتنيها ليمرنها على الصيد حتى تصطاد فإنه لا حرج عليه في ذلك لقوله - تعالى - " وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب ".
وأما إذا كان يقتنيها لمجرد هوايته لها فإن هذا حرام عليه ولا يجوز وينتقص من أجره كل يوم قيراط.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه على ما يفعله كثير من المترفين كاقتناء الكلاب في بيوتهم بل ربما يشترونها بأثمان باهظة مع أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن ثمن الكلاب، يفعلون ذلك تقليداً لغير المسلمين ومن المعلوم أن تقليد غير المسلمين في ما كان محرما أو في ما كان من خصائصهم أمر لا يجوز، لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من تشبه بقوم فهو منهم ". ونصيحتي لهؤلاء الإخوة أن يتقوا الله عز وجل وأن يحفظوا فلوسهم وأن يحفظوا أجورهم وثوابهم من النقص، وأن يدعوا هذه الكلاب ويتوبوا إلى الله - سبحانه وتعالى - ومن تاب، تاب الله عليه.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الصيد حلال لغير المحرم
س - لقد سبق لي أن اشتريت من منطقة جيزان ظبياً رضيعا وأحضرته إلى مكة في مقر سكني والآن كبر وتأذينا منه فهل يجوز لي أن أنقله من مكة إلى الطائف أو جدة وأبيعه أو أخرج به إلى الحل وأذبحه وأستفيد من لحمه؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكرت فلك أن تذبح الظبي بمكة أو تبيعه فيها وأن تخرج به إلى(3/454)
الطائف أو جدة أو غيرهما من الحل لتذبحه أو تبيعه بالحل على الصحيح من أقوال العلماء في ذلك، لأن النص إنما ورد في تحريم الصيد على المحرم ولو كان في غير الحرم وتحريم الصيد على من في الحرم ولو كان غير محرم وما سألت عنه ليس من هذين الأمرين ولا في معناهما فيبقى ما ذكرت على الأصل من الإباحة اقتناء وذبحاً لأنك ملكته خارج الحرم وأنت حلال قال الله - تعالى - " يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم. يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ". إلى أن قال " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً واتقوا الله الذي إليه تحشرون ".
وثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " إن الله حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار لا يختلي خلالها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها". الحديث رواه البخاري ومسلم، وثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابنتها لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها ". رواه البخاري ومسلم، وعلى هذا فكل ما صاده غير المحرم في الحل ودخل به الحرم أو أخذه منه محرم بشراء أو هبة أو إرث فحلال للمحرم ولمن في الحرم تملكه وذبحه وأكله في الحل والحرم ومن أحرم وبيده صيد أو في منزله أو في قفص عنده وقد ملكه قبل ذلك فحلال له كما كان من قبل فله ذبحه وأكله وبيعه وإنما يحرم على المحرم ومن في الحرم ابتداء تصيده للصيد وأخذه ما صيد من أجله فقط فإن فعل فلا يملكه، وإن ذبحه فهو ميتة لما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، رأي في يد أبي عمير الأنصاري طائراً يقال له النغير فقال له " يا أبا عمير ما فعل النغير ". ولم يأمر بإطلاقه وكان ذلك في حرم المدينة. وقال هشام بن عروة وكان أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بمكة سنين يراها في الأققاص وأصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقدمون بها القماري واليعاقيب لا ينهون عن ذلك، وروى ابن حزم عن مجاهد لا بأس أن يدخل الصيد في الحرم حيا ثم يذبحه وروى أيضاً أن صالح بن كيسان قال رأيت الصيد يباع بمكة حياً في إمارة ابن الزبير، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *(3/455)
أحكام متفرقة
حكم الدسم الذي في الأيدي والأواني
س - هل يجوز لصاحب البيت أو العمارة أن يجعل لبيته بيارة واحدة جميع التغسيل يذهب إليها بما في ذلك تغسيل أواني الطعام وتغسيل اليدين بعد الانتهاء من الأكل؟
ج- لا حرج في جعل بيارة لغسل الأواني والأيدي من الطعام مع الفضلات الأخرى، لأن الدسم في الأيدي والأواني ليس بطعام، أما الخبز واللحوم وأنواع الأطعمة فلا يجوز طرحها في البيارات بل يجب دفعها إلى ما يحتاج إليها أو وضعها في مكان بارز لا يمتهن رجاء أن يأخذها من يحتاجها إلى دوابه أو يأكلها بعض الدواب والطيور.
ولا يجوز وضعها في القمامة ولا في المواضع القذرة ولا في الطريق لما في ذلك من الامتهان لها ولما في وضعها في الطريق من الامتهان وإيذاء من يسلك الطريق.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم وضع بقايا الطعام في النفايات واستخدام الجرائد سفرة
س1- هل يجوز استخدام الجرائد كسفر للأكل عليها وإذا كان لا يجوز فما العمل فيها بعد قراءتها؟
س2- بالنسبة لبقايا الطعام يضعه بعض الناس في كرتون ونحوه ويوضع في الشارع لتأكله البهائم ولكن يأتي عمال النظافة ويضعونه مع بقية النفايات، والسؤال هل يجوز وضع الطعام مع النفايت الأخرى؟
ج1- لا يجوز استعمال الجرائد سفرة للأكل عليها ولا جعلها ملفا للحوائج ولا امتهانها بسائر أنواع الامتهان إذا كان فيها شيء من الآيات القرآنية أو من ذكر الله - عز وجل - والواجب إذا كان الحال ما ذكرنا حفظها في محل مناسب أو إحراقها أو دفنها في أرض طيبة.
ج2- الواجب تسليمه لمن يأكله من الفقراء إن وجد، فإن لم يوجد من يأكله من الفقراء(3/456)
وجب جعله في مكان بعيد عن الامتهان حتى تأكله البهائم، فإن لم يتيسر ذلك وجب حفظه في كراتين أو أكياس باغة أو غيرها وعلى البلديات في كل بلد أن تعمد المسؤولين لديها أن يضعوه في أماكن نظيفة حتى تألكه البهائم أو يأخذه الناس لبهائمه صيانة للطعام عن الإهانة والإضاعة.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم استعمال الشمال في مسك الطعام والأكل والشرب
س - هل يجوز مسك الخبز باليد اليسرى أم لا يجوز؟ إنني أشاهد نحو تسعين في المائة مازالوا يأخذون الخبز باليد اليسرى لكي يقطع الخبز باليد اليمنى أو يمسك بها علماً أن الخبز لين ولا يستطيع تناوله باليد اليمنى دون اليد اليسرى، فأرجو الإفادة عن ذلك؟
ج- يجوز مسك الخبز باليد اليسرى، وأما الأخذ والإعطاء للغير فباليد اليمنى مراعاة للأدب، وأمل الأكل فلا يجوز باليد اليسرى مع القدرة على الأكل باليمنى.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *
مقدار صاع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بالحفنات
س - صاع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ما مقداره بالحفنات؟
ج- إن الذي تحرر لنا في مقدار الصاع النبوي أنه قدر أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل في الخلقة إذا كانتا مملوءتين وهذا هو الذي ذكره بعض أهل العلم كصاحب النهاية والقاموس، وأما الآصع الموجودة في الأسواق فيختلف بعضها عن بعض وعليه فإن العمدة في التقدير ما ذكره العلماء بالتقدير بحفنة يدي الرجل المعتدل خلقة والله أعلم.
اللجنة الدائمة
* * *(3/457)
حكم إهدار الكفار من لحم الأضاحي
س - ما حكم إهداء شيء إلى من ليس من أهل الإسلام من لحوم الضحايا؟ والعلماء عندنا أيضا منهم من أجله ومن دون ذلك ونحن فى بلادنا معشر المسلمين بجوار أناس من الكفار في الحارة ولا ندري ما حكم ذلك هل نعطيهم شيئاً من لحم ضحاينانا أم لا؟ ومن كل صدقاتنا؟
ج- يجوز أن يهدي المسلم لقريبه ولجاره أو غيرهما من الكفار شيئا من الطعام أو الثياب أو نحوهما، ولو من الأضحية وأن يصدق عليهم تطوعاً إن كانوا فقراء صلة الرحم، وأداء لحق الجوار وتأليفاً للقلوب. قال الله - تعالى - " وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ". وقال " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ". وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أمر أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهم - أن تصل أمها وقد كانت كافرة حينئذ، وأهدى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حلة لقريب له كافر، ولم يثبت في الشريعة ما يمنع من ذلك، والأصل الإباحة، لكن لا يعطي الكفار من الزكاة إلا المؤلفة قلوبهم.
اللجنة الدائمة(3/458)
كتاب الأيمان(3/459)
ألفاظ اليمين
ألفاظ القسم، واليمين المغلظة
س - هل يعتبر لفظ (يمين الله) حلفا، وكذلك عندما تقول المرأة الأخرى على الحرام أن تفعلي كذا أو تأخذي كذا؟ وماهو اليمين المغلظ؟ أفيدونا بارك الله فيكم؟
ج- إذا قال الإنسان يمين الله أو ما أشبه ذلك فإن ذلك يعد قسما ويثيت له ما يثبت للقسم الصريح المصدر بالواو أو الباء أو التاء، وكذلك إذا حرم الإنسان شيئاً فإن هذا التحريم له حكم اليمين لقول الله - تعالى - " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ". ولقوله - تعالى- " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ". ولقوله - تعالى - " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون. لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانك ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ".
فذكر الله كفارة بعد النهي عن تحريم طيبات ما أحل لنا، فإذا حرم الإنسان شيئاً فهو كما لو كان أقسم ألا يفعله فإذا قال حرام علي أن أدخل دار فلان كان ذلك بمنزلة قوله والله لا أدخل دار فلان، وإذا قال حرام علي أن أبيع هذا الشيء فإنه بمنزلة قوله والله لا أبيع هذا الشيء، ولا فرق في ذلك لى القول الراجح بين تحريم المرأة أي الزوجة وغيرها لعموم الأدلة الدالة على ذلك أي على أن التحريم بمنزلة اليمين، أما اليمين المغلظة فهي ما يكون تغليظها من وجوه الأول من جهة الصيغة كان الصيغة مقرونة بأسماء الله - عز وجل - الدالة على العقوبة لمن خالفها مثل والله العظيم الذي لا إله إلا هو القهار وما أشبه ذلك من الأسماء التي تدل على القهر والعقوبة. وتكون مغلظة بالزمان مثل أن يكون ذلك بعد العصر كما قال - تبارك وتعالى - " تحبسونها من بعد الصلاة فيقسمان بالله ". قال العلماء وتكون مغلظة بالمكان مثل أن يكون الإنسان عند منبر الجمعة. وتكون مغلظة بالهيئة كأن يكون الإنسان قائماً. هكذا ذكر بعض أهل العلم - رحمهم الله - وقد تكون اليمين مغلظة من جهة ما يترتب عليها كما لو كان من أجل اقتطاع مال امرئ مسلم فإن(3/461)
هذه تكون مغلظة وهي اليمين الغموس، لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من حلف على يمين هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان ". وليس من اليمين المغلظة الحلف على المصحف فهو ليس مشروعاً، بل من البدع المحدثة
الشيخ ابن عثيمين
* * *
قولهم حلفت عليك هل هي يمين؟
س - إنني كثيراً ما أتعرض لمثل هذا القول وهو " حلفت عليك " أن تفعل كذا وحيث إنني أحياناً لم أنفذه فهل على إثم؟ وهل وقع اليمين؟ أفيدونا أثابكم الله.
ج- يظهر أن هذه اللفظة لا تعطي حكم اليمين فإن الحلف هو القسم باسم من أسماء الله - تعالى - أو صفة من صفاته كقولك والله رب العزة، وجلالة الله وكبريائة وكقولك حلفت بالله ونحو ذلك، فأما حلفت على كذا فلا كفارة فيه ولكن الأولى حفظ الأيمان وما يشبهها.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم القسم بالنبي - صلى الله عليه وسلم -
س - القسم بالنبي،، هل هو يمين له كفارة؟ وإذا لم يكن كذلك فما جزاء الحانث في هذا اليمين؟
ج- لا يجوز الحلف بغير الله - سبحانه وتعالى - لا بالنبي ولا غيره، ولا تنعقد اليمين بغير الله ولا يحب بها كفارة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" متفق عليه، ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ". خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي بإسناد صحيح.
وعلى الحالف بغير الله أن يتوب إلى الله من ذلك توبة نصوحاً، وذلك بالإقلاع عن الحلف بغير الله، والندم على ما مضى من ذلك والعزيمة الصادقة أن لا يعود إلى الحلف(3/462)
بغير الله لقوله - سبحانه - " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً ". الآية، وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
من قرارات المجمع الفقهي
حكم وضع اليد على التوراة أو الإنجيل أو كليهما حين أداء اليمين أمام القضاء
الحمد لله وحدة والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على السؤال الوارد حول حكم وضع المسلم يده على التوراة أو الإنجيل أو كليهما عند أداء اليمين القضائية أمام المحاكم في البلاد غير الإسلامية إذا كان النظام القضائي فيها يوجب ذلك على الحالف.
واستعرض المجلس آراء فقهاء المذاهب حول ما يجوز الحلف به، وما لا يجوز في القسم بوجه عام، وفي اليمين القضائية أمام القاضي، وانتهى المجلس إلى القرار التالي
1- لا يجوز الحلف إلا بالله - تعالى - دون شيء آخر لقول الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ".
2- وضع الحلف يده عند القسم على المصحف أو التوراة أو الإنجيل أو غيرهما ليس بلازم لصحة القسم لكن يجوز إذا رآه الحاكم لتغليظ اليمين ليتهيب الحالف من الكذب.
3- لا يجوز لمسلم أن يضع يده عند الحلف على التوراة أو الإنجيل لأن النسخ المتداولة منهما الآن محرفة، وليست الأصل المنزل على موسى وعيسى عليهما السلام، ولأن الشريعة التي بعث الله - تعالى - بها نبيه محمداً، - صلى الله عليه وسلم -، قد نسخت ما قبلها من الشرائع.
4- إذا كان القضاء في بلد ما حكمه غير إسلامي يوجب على من توجهت عليه اليمين(3/463)
وضع يده على التوراة، أو الإنجيل أو كليهما فعلى المسلم أن يطلب من المحكمة وضع يده على القرآن، فإن لم يستجب لطلبه يعتبر مكرهاً، ولا بأس عليه في أن يضع يده عليهما أو على أحدهما دون أن ينوي بذلك تعظيماً.
والله ولي التوفيق، وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
* * *
أحكام اليمين والحنث فيها وما يلحق بها
اللغو في اليمين
س - أردد في كثير من الأحيان وأنا أتكلم كلمة (والله) فهل يعتبر هذا يميناً؟ وكيف أكفر عنه إذا حنثت؟
ج- إذا كرر المسلم المكلف أو المسلمة المكلفة كلمة (والله) على فعل شيء أو ترك شيء عن قصد وعقد مثل أن يقول والله لا أزور فلانا أو يقول والله لا أزور فلانا أو يقول والله أزور فلاناً مرتين أو أكثر أو يقول والله لأزورن فلاناً وما أشبه ذلك فإنه متى حنث، بأن لم يفعل ما حلف على فعله أو فعل ما حلف على تركه فإن عليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة والواجب في الإطعام نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز غيرهما وهو كيلو ونصف تقريباً، والكسوة هي ما يجزئ في الصلاة كالقميص أو الإزار والرداء فإن لم يستطع واحدة من هذه الثلاث وجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام لقول الله - سبحانه - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم" الآية. أما إن جرت اليمين على لسانه بغير قصد ولا عقد فإنها تعتبر لاغية ولا كفارة عليه في ذلك الآية الكريمة وهي قوله - سبحانه - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ".
وإنما تجزئه كفارة واحدة عن الأيمان المكررة إذا كانت على فعل واحد كما ذكرنا آنفا.(3/464)
أما إن كانت على أفعال فإنه يجب عليه عن كل يمين كفارة مثل أن يقول والله لأزورن فلاناً والله لا أكلم فلانا والله لأضربن فلاناً وما أشبه ذلك فمتى حنث في واحدة من هذه الأيمان وأشباهها وجب عليه كفارتها فإن حنث جميعاً وجب عليه عن كل يمين كفارة والله ولي التوفيق.
االشيخ ابن باز
* * *
تعليق اليمين بالمشيئة
س - ما معنى حديث ابن عمر أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال " من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه "؟
ج- معنى هذا الحديث أن الإنسان إذا حلف على شيء فقال إن شاء الله ثم حالف ما حلف عليه فإنه لا كفارة عليه مثل أن يقول والله إن شاء الله لأفعلن كذا ثم لا يفعله. أو والله إن شاء الله لا أفعلن كذا وكذا ثم يفعله فإنه في هذه الحال ليس عليه كفارة، لأنه قال إن شاء الله.
وعلى هذا ينبغي لمن حلف على شيء أن يقرن حلفه بقول إن شاء الله حتى إذا لم يتيسر له البر بيبمنه لم يكن عليه كفارة.
وفي قول الحالف إن شاء الله في يمينه فائدة أخرى وهي تسهيل ما حلف عليه، وذلك لأنه فوض الأمر إلى الله - تعالى- وقد قال الله - عز وجل - " ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً ".
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حلف على ترك شيء فلم يتركه
س - حلفت بالله ثم حرمت زوجتي إن هي علمت كذا وقد تأسفت لهذا الدَّين والتحريم فما هو الحكم في هذا؟ علما بأنني استغفرت الله وعملت العمل المحلوف من أجله؟
ج- عليك كفارة اليمين حيث حلفت على ترك شيء فلم تتركه أو حلفت على زوجتك أن لا تفعله ففعتله، فأما التحريم فإن كنت تنوي به تأكيد الحلف فلعه يكفيك كفارة اليمين،(3/465)
وإن كنت تنوي تحريم الزوجة زيادة على اليمين فعليك كفارة الظهار، وهي المذكورة في أول سورة " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ".
الشيخ ابن جبرين
* * *
حلف ألا يفعل شيئاً ففعله
س - لي خال يتكلم على وأمام الناس يسب ويلعنني على الرغم من أنني لم أعمل شيئاً يدعوه إلى هذا كله، فحلفت أن لا أكلمه ولا أدخل منزله، ولكنني دختله بعد مرور الأيام فماذا أفعل؟
ج- عليك كفارة يمين عن حلفك ثم حنثك وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تأكل أنت وأهلك قوت يوم عشاء أو غداء أو كسوتهم كسوة تجزئ في الصلاة فإن كنت فقيراً لا تقدر على ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام متتابعة وعليك الحرص على الصلح بينك وبين خالك وإزالة ما في نفسه والاعتذار عن الأسباب التي يسبك لأجلها فإن ذلك من صلة الرحم ولا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حلف ألا يفعل شيئا ويخشى أن يفعله
س - شخص أقسم ألا يفعل شيئاً معينا، وإن فعله ليصوم شهرين متتابعين وهو الآن يخشى على نفسه من الوقوع في هذا الفعل فما الحكم؟
ج- هذا الرجل يريد ان يمتنع من فعل شيء معين، فأقسم أنه إن فعله ليصوم شهرين متتابعين، وغرضه بذلك أن يذكر سببا قويا للمنع في نفسه، وهو صيام شهرين متتابعين فمثل هذا يلحق النذر، والنذر الذي يقصد منه الحث، أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب حكمه عند أهل العلم حكم اليمين، وعلى هذا فنقول لهذا الرجل إن فعلت ذلك وجب عليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/466)
حلف ألا يفعل شيئاً ففعله ناسيا
س - ورد إلى اللجنة السؤال التالي
رجل حلف بالله ألا يصافح الحريم بيده وبعد مدة دخل مجلساً فيه حريم جيران لهم وصافحهم وهو ناسي يمنيه السابق، ويسأل ماذا يترتب عليه؟
ج- وبدراسة اللجنة لاستفتاء أجابت بما يلي
إذا كان الأمر كما ذكره السائل من أنه صافح بيده الحريم بعد حلفه اليمين لعدم مصافحتهن وأن ذلك كان منه على سبيل النسيان فلا حرج عليه لقوله - تعالى - " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأناً ". الآية، وصح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " عفى من أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ". وإن حصل منه شيء مستقبلاً وهو ذاكر عامد لزمته كفارة اليمين مع العلم أنه لا يجوز له شرعات مصافحة النساء إلا أن يكن من محارمه كأمه وأخته وبنته ونحوهن، وصلى الله على نبينا محمد.
اللجنة الدائمة
حرم عليه شيئا وهو يريد الآن أن يفعله
س - إن لي أخا أكبر مني في العمر وكنت في عام 1967م لم أقدر أجيب القوت الضروري وكان أخي إذا حصلت وجبة أكل يكسر بخاطري من أجل ذلك قمت وحرمت وجبة الشاهي مثل ما حرمت على أمي منذ عام 1967م إلى هذا الوقت لم أشرب ذلك، أرجومن سيادتكم الكريمة أن تعرفنا صفة التحريم هذا هل يجوز أن أشرب الشاهي أم لا؟
ج- لا يجوز أن تحرم ما أحل الله لك، لأن التحليل والتحريم إلى الله وحده، ففيما حصل منك من التحريم اعتداء على حق الله، وتضييق على نفسك فتب إلى الله واستغفره على ما حصل منك من التحريم، وعليك كفارة يمين إذا شربت الشاهي، قال الله - تعالى - " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحله أيمانك والله مولاكم وهو العليم الحكيم ". قال " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم(3/467)
الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانك إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون ". فيجزئك أن تطعم عشرة مساكين خمسة أصواع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك مما تأكلون منه تعطي كل مسكين من العشرة نصف صاع فإن لم تستطع فصم ثلاثة أيام. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حلف ألا يفعل شيئاً ففعله مرغما
س - ذهبت إلى بعض أصدقائ وألزموني بالبقاء عندهم، وحرمت كل خسارة يخسرونها لي وراحوا وذبحوا لي خروفا وأرغموني على الأكل منه فجبرت خواطرهم وأكلت فما الذي يلزمني؟
ج- يلزمك عن حنثك في التحريم كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أهلك من بر أو تمر أو نحو ذلك لكل مسكين نصف صاع، أو كسوة عشرة مساكين أو تحرير رقبة فإن لم تستطيع فصم ثلاثة أيام اتباعا لقوله - تعالى - " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ".
وقوله " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ". ثم بين خصال الكفارة بقوله " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام كفارة أيمانكم إذا حلفتم ".
اللجنة الدائمة
* * *
حلف ألا يفعل فاضطر إلى الفعل
س - أقسمت على المصحف ألا أفعل شيئاً معيناً ولكن الظروف اضطرتني لنقض هذا القسم، وأريد أن أكفر عن هذا الذنب فما الطريق؟
ج- عليك كافرة يمين إذا ما فعلت ما حلفت على تركه سواء أكان قسمك على المصحف(3/468)
أم لا، لقول الله - جل وعلا - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانك ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم "
فإذا غديت المساكين العشرة أو عشيتهم أو كسوتهم حصلت على الكفارة بذلك، وإن أعطيت كل واحد نصف صاع من التمر أو البر أو الأرز كفي ذلك، فإن كان الذي حلفت عليه معصية لله كالتدخين وشرب المسكر ونحو ذلك حرم عليك فعله ولو لم تحلف على تركه فاتق الله واحذر ما حرم الله عليك.
الشيخ ابن باز
اليمين حسب نية الحالف
س - جلس أصدقائي عند الباب فدعوتهم للدخول فاعتذروا وقلت لهم والله العظيم لابد تدخلون ما تفقون، فأقنعوني بانشغالهم وذهبوا، أرجو منكم إيضاحاً حول ما يلزمني عن حلفي هذا جزاكم الله الأجر والثواب؟
ج- من حقوق المسلم على المسلم إبرار قسمه، وحيث حلفت عليهم أن لا يقفوا عند الباب فإن كنت تنوي الإطالة والاستمرار وهم ذهبوا بعد حلفك فقد بر قسمك حيث ذهبوا ولم يقفوا فإن كنتم تنوي مجرد وقوف ولو يسيراً ثم إنهم وقفوا بعد حلفك وخالفوا ما أقسمت عليه فإن عليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعم أهلك أو كسوتهم أو عتق رقبة فإن لم تجد الثلاثة فصم ثلاثة أيام متتابعة.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم اليمين على لهو
س - إذا حلف الإنسان في لهو مثلا قال والله لا ألعب الورقة للتسلية ولعب، هل ينعقد عليه اليمين؟
ج- نعم، اليمين ينعقد كلما عقده الإنسان بقلبه لقوله - تعالى - " لا يؤاخذكم الله(3/469)
باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ". الآية.
فمتى حلف الإنسان حلفاً مقصودا ًبالقلب فإن يمينه تنعقد سواء كانت على شيء مباح أو على شيء واجب أو على شيء محرم وإذا انعقدت اليمين فإنه ينظر أن كان عقدها على خير فليستمر عليها، وإن كانت على خلافه فقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من حلف على يمين فرأي غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير ". فإذا حلف مثلاً ألا يلعب الورقة فإنه يبقى على يمنه ولا يحنث، لا يلعب الورقة، وإذا أراد أن يلعب الورقة قلنا له لا تبقى على يمنك بل دعها وكفر عن يمينك، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتالية.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
من حنث في يمينه وجب عليه الكفارة
س - في أحد الأيام قام أحد الأشخاص المقربين إلى باستفزازي بقوله (إنك ستأخذ من بنات فلان) فقلت (والله لو ما بقى في الدنيا إلا بنات فلان فلن أتزوج منهن) . ومرت السنوات وتزوجت إحداهن، وأنا الآن ولله الحمد عائش في حياة سعيدة أرجو إرشادي لما أفعله تجاه يمين السابق؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكرته في السؤال فالواجب عليك كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، والواجب في الإطعام نصف صاع من قوت البلد من تمر أو بر أو غيرهما ومقداره كيلو ونصف تقريبا ومن الكسوة ما يجزئ في الصلاة كالقميص أو الإزار والرداء فإن عجز عن الطعام والكسوة والعتق صام ثلاثة أيام لقول الله - سبحانه - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم ". الآية من سورة المائدة.
الشيخ ابن باز
* * *(3/470)
امرأة تحلف على أولادها فيخالفونها
س - لدي أولاد وكثيراً ما أحلف عليهم بأن لا يعملوا كذا ولكنهم لا يستجيبون لأمري فهل على كفارة في هذه الحال؟
ج- إذا حلفت على أولادك أو غيرهم حلفاً مقصوداً أن يفعلوا شيئاً أو ألا يفعلوه فخالفوك فعليك كافرة يمين لقول الله - سبحانه - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم " الآية من سورة المائدة رقم (89) .
وهكذا لو حلفت على فعل شيء أو تركه ثم رأيت أن المصلحة في خلاف ذلك فلا بأس بأن تخشى في يمينك وتؤدى الكفارة المذكورة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير ". متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
* * *
امرأة حلفت ألا تدخل بيت ابنها وتريد شراء البيت
س - امراة حلفت على ألا تدخل بيت ابنها من بعد وفاة والده وأرادت الأم شراء البيت والابن موافق فهل للأم شراء البيت والسكن فيه؟ وإن كان لا يجوز فهل هناك كفارة؟
ج- لا مانع من شراءها البيت إذا سمح مالكوه بالبيع وإذا دخلته بعد الشراء فليس عليها كفارة لأنه صار بيتها وليس بيت والدها فإذا دخلت بيت ولدها الذي يسكن فيه فعليها كفارة يمين سواء كان بيتا بالملك أو بالأجرة وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام كما نص الله - سبحانه - على ذلك في سورة المائدة، والذي يعطاه المسكين الواحد نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما ومقداره كيلو ونصف تقريبا وإن غداهم أو عشاهم أو كسا كل واحد منهم كسوة تجزئه في الصلاة كفى ذلك، وإذا كان ولدها ساكناً في البيت بعد الشراء ودخلت عليه قبل أن ينتقل فعليها الكفارة المذكورة، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *(3/471)
حكم الحلف بالطلاق والحرام
س - يكثر بين الناس عندنا الحلف بالطلاق والحرام، فما حكم ذلك؟
ج- أما الحلف بالطلاق فهو مكروه لا ينبغي فعله لأنه وسيلة إلى فراق الأهل - عند بعض أهل العلم - لأن الطلاق أبغض الحلال إلى الله، فينبغي للمسلم حفظ لسانه من ذلك إلا عند الحاجة إلى الطلاق، والعزم عليه في غير حال الغضب، والأولى الاكتفاء باليمين بالله - سبحانه - إذا أحب الإنسان أن يؤكد على أحد من أصحابه أو ضيوفه للنزول عنده للضيافة أو غيرها، أما في حال الغضب فينبغي له أن يتعوذ بالله من الشيطان، وأن يحفظ لسانه وجوارحه عما لا ينبغي، أما التحريم فلا يجوز سواء كان بصيغة اليمين أو غيرها لقول الله - سبحانه - " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك "، الآية. ولأدلة أخرى معروفة، ولأنه ليس للمسلم أن يحرم ما أحل الله له، أعاذ الله الجميع من نزعات الشيطان.
الشيخ ابن باز
* * *
حلف بالطلاق ثلاثا للتلزيم
س - ما رأيكم في رجل حلف يمين طلاق واحد بالثلاث على أخ مسلم ليعملن كذا فلم يعمل فهل اليمين تعتبر نافذة في حد ذاتها على امرأته؟ وما حكم الإسلام إذا لم ينفذ تلك اليمين؟ أفيدونا أفادكم الله؟
ج- إذا حلف الإنسان بالطلاق الثلاث على أن فلانا يفعل كذا أو لا يفعل بفعل كذا أو قال علي الطلاق بالثلاث أن أضع الوليمة لفلان أو لا أكلم فلانا ونحو ذلك فهذا فيه تفصيل فإن كان القصد التلزيم والتأكيد وليس قصده إيقاع الطلاق فهذا حكمه حكم اليمين فيه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن عجز صام ثلاثة أيام.
أما أن كان قصده إيقاع الطلاق إن لم ينفذ هذا الشيء فإنه يقع على زوجته طلقة واحدة ولو بلفظ الثلاث على الصحيح وله مراجعتها وله مراجعتها مادامت في العدة فإن خرجت من العدة(3/472)
قبل المراجعة لم تحل له إلا بنكاح جديد بشروطه المعتبرة، لأنه قد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ما يدل على أن التطليق بالثلاث بكلمة واحدة يعتبر طلقة واحدة. أخرجه مسلم من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
الشيخ ابن باز
* * *
حلف بالطلاق في ثورة غضب
س - حلفت بالطلاق في ثورة غضب مني على أن لا آتي عملاً من الأعمال، ثم ندمت أشد الندم على ما طلقت من أجله لأن في مباشرتي لهذا العمل عيشاً لي ولأبنائي فما حكم الشرع(3/473)
في ذلك؟
ما حكم من أنكر الجن؟ وهل يجوز الزواج بجنية؟
ج- حيث أن الحلف المذكور وقع في ساعة غضب شديد وأن المتبادر أن القصد منه منع النفس من ذلك العمل وأن الحالف لا يريد فراق زوجته، فأرى أن عليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله أو كسوتهم.. الخ.
ويزاول ذلك العمل الذي فيه له منفعة فمن حلف علي يمين ورأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير.
نؤمن بأن الله خلق الجن لعبادته كالإنس لكن قد حجبهم عن أعين النسا، كما حجب الملائكة والشياطين، قال - تعالى - " إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " حيث إنهم أرواح بلا أجساد كروح الآدمي الذي يموت بخروجها من جسده، ونؤمن بأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وكذا الجن تتمكن من الدخول في جسد الإنس وتتغلب عليه، ولكن لم يؤثر تزوج الإنس بجنية والعكس، ولعل القارئ يرجع إلى رسالة إيضاح الدلالة لابن تيمية.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حلف بالطلاق ناسيا
س - حلف رجل وهو ناس لحداثة زواجه قائلاً على الطلاق السنة القادمة أشتري كذا. وإذا لم يشتر هل زوجته طالق؟ وإذا لم يشتر ماذا عليه؟ علما بأنه لم تكن عادته الحلف بالطلاق لدرجة - أنه استغفر الله -.
ج- مثل هذا الكلام يختلف حكمه بحسب نية الزوج فإن كان قصده حمل نفسه على الشراء وتحريضها عليه ولم يقصد فراق زوجته إن لم يشتر الحاجة التي ذكرها في طلاقة فإن هذا الطلاق يكون في حكم اليمين في أصح أقوال أهل العلم وعليه كفارتها وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره ومقداره كيلو ونصف تقريباً وإن عشى العشرة أو غداهم أو كساهم كسوة تجزئهم في الصلاة أجزأه ذلك. أما إذا(3/474)
كان قصده إيقاع الطلاق بزوجته إن لم يشتر الحاجة فإنه يقع عليها الطلاق، وينبغي للمؤمن تجنب استعمال الطلاق في مثل هذا التعليقات لأن كثيراً من أهل العلم يوقع عليه الطلاق بذلك مطلقاً، وقد أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من أتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ". متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
* * *
قال لامرأته إن خرجت فلا ترجعي يريد منعها
س - قلت لزوجتي إذا خرجت من البيت دون إذني فلا ترجعي، وكنت أقصد بذلك منعها من الخروج ولم أفكر حينها بطلاق أو نحوه، والآن أخشى أن تضطر زوجتي للخروج وقد لا أعلم بخروجها فهل ما جرى هو يمين وأستطيع تكفيرها الآن؟ أم ماذا يلزمني؟ أفيدوني أفادكم الله.
ج- هذا الكلام في حكم اليمين ومتى خرجت فعليك كفارة يمين ولا يقع عليها طلاق بذلك، وإن كنت قد نويت حين صدور هذا الكلام إلا بإذنك فإنه لا كفارة عليك إذا أذنت لها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إنما الأعمال بالنيات ". وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " المسلمون على شروطهم ".
الشيخ ابن باز
* * *
قال لها إن فعلت كذا فأنت محرمة ناسية
س - اشترى رجل جهاز تليفزيون وقال لزوجته إذا فتحت التليفزيون على أي برنامج غير ديني فأنت محرمة على ثم دخل فوجد التلفزيون يعرض تمثيلية، فسألها عن ذلك فقالت نسيت إغلاقه بعد البرنامج الديني، فما الحكم؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكر من أنها نسيت إغلاقة بعد البرنامج الديني فلا يحنث الزوج لكن قوله لزوجته إبتداء إن فتحت.. فأنت محرمة علي لا يجوز بل هو اعتداء على حق الله لأن التحريم والتحليل إلى الله وحده، قال - تعالى - " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات(3/475)
ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ". وقال " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم ". وعلى الزوجة أن لا تفتح التلفزيون على غير البرامج الدينية وأن تنتبه لإغلاقه إذا انتهى البرنامج الديني وعلى الزوج كفارة يمين إذا فتحته متعمدة على بعض البرامج التي أراد الزوج منعها منها، لأن هذا الكلام في حكم اليمين في أصح أقوال العلماء، والواجب على جميع المسلمين عدم فتح التلفزيون على البرامج المحرمة من الأغاني والآت الطرب والتمثيليات المنكرة وغير ذلك مما حرمه الله. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
حكم التحريم بالقلب دون اللسان بقصد المنع
س - أنا إنسان اشرب الدخان ولقد قلت في قلبي إذا شربت الدخان مرة ثانية تحرم علي زوجتي ونسيت ثم شربته وتذكرت إنني قلت تحرم علي زوجتي، فماذا يلزمني في هذه الحالة؟
ج- ما دمت على هذا الجانب الكبير من الحرص على ترك الدخان فإني أسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يعنيك على تركه وأن يرزقك العزيمة الصادقة والثبات والصبر حتى توفق لما تصبو إليه، وأما سؤالك عن التحريم الذي قلته، إن كنت قلت ذلك بقلبك بدون لسانك فلا حكم له ولا أثر وإن كنت قتله بلسانك وأنت تقصد بذلك التوكيد على نفسك بترك الدخان فإن هذا حكمه حكم اليمين فإن شربت الدخان متعمداً ذاكراً فعليك كفارة يمين وإن كنت ناسياً فلا شيء، عليك لكن لا تعود إليه بعد ذلك وأنت ذاكر فإن عدت إليه بعد ذلك وأنت ذاكر وجبت عليك كفارة أعنى كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، أنت مخير في هذه الثلاثة وكيفية الإطعام إما أن تغذيهم أو تعشيهم، وإما أن تدفع إليهم رزاً مصحوباً بلحم يكفيه مقداره ستة كيلوات للعشرة جميعاً سواء كانوا في بيت واحد أو في بيوت متعددة فإن لم تجد فقراء تدفع إليهم ذلك فإنك تصوم ثلاثة أيام متتابعة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/476)
تحريم الحلال لا يصيره حراما
س - أنا شاب أردت الزواج من ابنة خالي، ولكن والدتي أخبرتني بأنها حرمت هذه الفتاة على جميع إخوتي، والآن والدتي نادمة كل الندم واريد الزواج من ابنة خالي، وسؤالي هو ما حكم الشرع في ذلك؟ وهل يحل لي الزواج أم لا؟ وما هي كفارة ذلك؟
ج- تحريم الحلال لا يصيره حراماً وإنما يكون بمنزلة اليمين فإن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال ذات يوم " هذا العسل علي حرام " فأنزل الله عليه قوله " لم تحرم ما أحل الله لك ". ثم قال " قد فرض الله لكم تحلة أيمانك " أي قد بين لكم كفارة اليمين التي تستحلون بها ما حلفتم عليه أي في قوله - تعالى - " فكفارته إطعام عشرة مساكين " الآية. وعلى هذا فهذه البنت لا تحرم عليك بكلام أمك عليها كفارة يمين تحلة ما قالت، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
أحكام الكفارة
كفارة اليمين
س - ما كفارة الحلف؟
ج- بين الله - تعالى - كفارة الحف في القرآن الكريم فقال - تعالى - في سورة المائدة " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم " واللغو هو ما يجري على اللسان في أثناء الكلام من قول الإنسان لا والله وبلى والله من غير عزم، ولا كفارة فيه، وإنما تجب فيما عزم عليه بقلبه فيخير بين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يأكل هو وأهله طعام ليلة، ويكفي أن يغذيهم أو يعشيهم أو يعطيهم ما يكفيهم أو كسوتهم كسوة تستر في الصلاة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعة.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/477)
مقدار الإطعام في كفارة اليمين
س - نعلم أن كفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين، السؤال ما مقدار إطعام كل مسكين؟ وما نوعه؟
ج- كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات، فالإطعام يكون من أوسط ما يطعم الحالف أهله بأن يأكلوا عنده غداء أو عشاء حتى يشبعوا أو يعطيهم ما يكفيهم قوت ليلة وبقدر ذلك بنصف صاع من الأرز أو نحوه، أما الكسوة فما يجزيهم في الصلاة.
الشيخ ابن جبرين
* * *
كيفية إخراج كفارة اليمين
س - كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، فهل إطعامهم مرة واحدة يجزي؟ وهل يجوز إعطاؤهم طعاماً قبل طهيه وما مقداره؟
ج- إطعامهم مرة واحدة كاف إن شاء الله والقدر المجزئ أن يطعمهم بأن يغذيهم أو يعيشهم حتى يشبعوا، وإن أعطاهم طعاماً غير مطبوخ فقدره لكل مسكين كيلو ونصف الكيلو من الأرز، والأفضل أن يعطيهم معه ما يصلحه كما يفعل ذلك مع أهله لقوله - تعالى - " فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم ". أي من الطعام المعتاد الذي تأكله أنت وأهلك.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الأفضل تقديم الكفارة قبل الحنث
س - حلفت بالله على عدم الذهاب إلى أخي وأن أقاطعه وبعد ذلك سمعت ما يتعلق بصلة الرحم، والآن أريد أن أذهب إليه، فهل علي في ذلك شيء؟ وإذا كان علي كفارة يمين، فهل أكفر قبل الذهاب إليه أو بعده؟(3/478)
ج- لا يجوز لك التمادي على الهجران وقطيعة الرحم ولو حلفت على ذكل فإن من حلف علي يمين فرأي غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه والأفضل تقديم الكفارة إذا عزم على الحنث وإن آخرها حتى يحنث ثم كفر أجزأه ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * *
لا يجوز البدء بالصيام قبل الإطعام
س - إذا حلفت على شيء ألا أفعله فجاء يوم وفعله فهل لي أن أصوم ثلاثة أيام ثم أكمل هذا الشي؟ أو أني أتوقف عنه؟
ج- إذا حلف الإناسن على شيء أن لا يفعله ثم فعله فعليه كافرة يمين كما لو قال والله لا أكلم فلاناً أو لا آكل طعامه ثم كله أو أكل طعامه فإن عليه كفارة يمين لقول الله - سبحانه - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشركرون ". أوضح - سبحانه - في هذه الآية كفارة اليمين وبين، عز وجل - أن الصيام إنما يكون ف حق من عجز عن الإطعام والكسوة والعتق، وقد اختلف أهل العلم في مقدار الواجب من الطعام لكل مسكين والأصح أنه نصف صاع من جميع الأصناف التي يطعمها الإنسان أهله من الرز والتمر وغيرهما، ومقدار ذلك بالوزن كيلو ونصف تقريباً، وإن غدى المساكين العشرة أو عشاهم أو كساهم كسوة تجزئهم في الصلاة كفى ذلك، وإن أعتق رقبة مؤمنة من ذكر أو أنثى كفى ذلك، فإن عجز عن الجميع صام ثلاثة أيام. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
إذا تعددت الأيمان فهل تكفي كفارة واحدة؟
س - إذا حلف الإنسان أكثر من حلف فهل عليه كفارة يمين واحدة؟ أم يجعل كل حلف كفارة خاصة به؟(3/479)
ج- إذا كان الحلف على أفعال مختلفة فلكل يمين كفارة إذا لم ينفذها، أما إذا كانت الأيمان على فعل فعليه كفارة واحدة، لأنه فعل واحد.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم الأيمان المتكررة على فعل شيء واحد
س - أنا شاب حلفت بالله أكثر من ثلاث مرات على أن أتوب من فعل محرم، سؤالي هل على كفارة واحدة أم ثلاث وما هي كفارتي؟
ج- عليك كفارة واحدة وهي اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام لقول الله - سبحانه - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم" الآية من سورة المائدة. وهكذا كل يمين على فعل واحد أو ترك شيء واحد ولو تكررت ليس فيها إلا كفارة واحدة إذا كان لم يكفر عن الأولى منهما، أما إذا كفر عن الأولى ثم أعاد اليمين فعليه كفارة ثانية إذا حنث وهكذا لو أعادها ثالثة وقد كفر عن الثانية فعليه كفارة ثانية.
أما إذا كرر الأيمان على أفعال متعددة أو ترك أفعال متعددة فإن عليه عن كل يمين كفارة كما لو قال والله لا أكلم فلاناً، والله لا آكل طعامه، والله لا أسافر إلى كذا، أو قال والله لأكلمن فلاناً، والله لأضربنه واشباه ذلك، والواجب في الإطعام لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريبا.
وفي الكسوة ما يجزئه في الصلاة كالقميص أو إزار ورداء وإن عشاهم أو غداهم كفيى ذلك لعموم الآية الكريمة المذكورة آنفاً. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *(3/480)
الإيمان المتعدد كيف تكفر إذا لم يعرف عددها؟
س - كنت في السابق أحلف اليمين لعمل كذا وكذا ولا أنفق ذلك وأريد أن أعمل كفارة لذلك فهل تكفي كفارة واحدة علماً بأنني حلفت عدة مرات ولكنني لا أتذكر عددها؟
ج- اجتهد في تقدير عدد أيمانك التي حنثت فيها تقديراً تقريبياً ثم أخرج كفارات على عددها التقريبي إذا كانت على أمور مختلفة وما كان منها على شيء واحد مثل والله لا أزور زيداً، والله لا أزور زيداً فكفارة واحدة.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم دفع كفارة اليمين للمجاهدين
س - لقد كفرت عن يمين بـ 100 ريال وضعتها في حساب مساعدة المجاهدين الأفغان، فهل تكفي عن إطعام 10 مساكين أفتونا جزاكم الله خيراً؟
ج- لا يكفي إخراج المبلغ المذكور في كفارة اليمين، لأن ذلك خلاف النص في قوله - عز وجل - في سورة المائدة " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم " الآية، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم إخراج كفارة اليمين نقوداً
س - والدتي عليها كفارة يمين فهل لي أن أخرج عنها ما قيمته إطعام عشرة مساكين بالريال السعودي ودفعه إلى جمعية خيرية؟ وكم تساوي قيمة الإطعام إذا صح إخراجها بالريال السعودي؟ أفيدوني أثابكم الله.
ج- إذا كانت والدتك ميتة أو حية وسمحت لك بإخراج الكفارة عنها فلا حرج في إخراجك الكفارة عنها على أن تكون الكفارة طعاماً لا نقوداً، لأن ذلك هو الذي جاء به(3/481)
القرآن الكريم والسنة المطهرة، والواجب في ذكل نصف صاع من قوت البلد من تمر أو بر أو غيرهما ومقداره كيلو ونصف تقريباً، وإن غديتهم أو عشيتهم أو كسوتهم كسوة تجزئهم في الصلاة كفى ذلك وهي قميص أو إزار ورداء.
الشيخ ابن باز
* * *(3/482)
حكم من حلف على المصحف كاذبا وهو صغير
س - شخص حلف على المصحف كذباً في أيام الطفولة أي كان يبلغ 15 سنة ولكنه ندم على هذا بعد بلوغه سن الرشد وعرف أن هذا حرام شرعاً فهل عليه إثم أو كفارة؟
ج- هذا السؤال يتضمن مسألتين
المسالة الأولى الحلف على المصحف لتأكيد اليمين وهذه صيغتة لا أعلم لها أصلاً من السنة فليست بمشروعه.
وأما المسالة الثانية فهو حلفه على الكذب وهو عالم بذلك وهذا إثم عظيم يجب عليه أن يتوب إلى الله منه حتى أن بعض أهل العلم يقول إن هذا من اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم تغمسه في النار، فإذا كانت هذه اليمين قد وقعت منه بعد بلوغه فإنه يكون بذلك آثما عليه أن يتوب إلى الله وليس علي كفارة، لأن الكفارة إنما تكون في الأيمان على الأشياء المستقبلة، وأما الأشياء الماضية فليس لها كفارة بل الإنسان دائر فيها بين أن يكون آثما فيها أم غير آثم، فإذا حلف على شيء يعلم أنه كذب فهو آثم، وإن حلف علي شيء يعلم أنه صادق أو يغلب على ظنه أنه صادق فليس بآثم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
باب النذر
حكم النذر في الإسلام
س - ما حكم النذر في الإسلام حيث أن بعض الناس متمسكون به سيراً على عادة آبائهم وأجدادهم، يذبحون ذبيحة فيقولون إنها على نيه محمد، - صلى الله عليه وسلم -، علما أنها يضعون هذا النذبر في أوقات معينة من السنة، والأكثر منهم يضعونه في شهر رمضان المبارك فما حكم هذا في الإسلام هل يجوز أم لا؟
ج- نذر القربات من ذبائح وصلاة نفل وصيام تطوع ونحو ذلك عبادة فمن نذر ذلك الله لزمه الوفاء، لقوله - تعالى - " وما أنفقتم من نفقة أو نذرهم من نذر فإن الله يعلمه "(3/483)
وقوله " يوفون بالنذر " فمدح - سبحانه - الموفين بالنذر. ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيع الله فليطعه ". ومن نذر ذلك لغير الله من نبي أو ملك أو ولي فشرك، لصرفه قربة وعبادة لغير الله فيجب عليه التوبة إلى الله والاستغفار مما حصل منه من الشرك.
ثانيا الذبح للرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أو لغيره من الخلق تقرباً إليه وتعظيماً له شرك، لما فيه من عبادة غير الله فتجب التوبة من ذلك والاستغفار.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم تغيير جهة النذر
س - هل يجوز للإنسان أن يغير جهة نذره إذا وجد جهة أكثر استحقاقاً بعد تحرير النذر وتحديد جهته؟
ج- أقدم قبل الجواب على هذا بمقدمة وهي أنه لا ينبغي للإنسان أن ينذر فإن النذر مكروه أو محرم، لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عنه وقال " إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل ". فالخير الذي تتوقعه من النذر ليس النذر سببا له، وكثير من الناس إذا مرض نذر إذا شفاه الله - تعالى - أن يفعل كذا وكذا وإذا ضاع له شيء نذر أن يفعل كذا وكذا إن وجده، ثم إذا شفي أو وجد الضائع ليس معناه أن النذر هو الذي أتي به، بل إن ذلك من عند الله - عز وجل - والله أكرم من أن يحتاج إلى شرط فيما سئل. فعليك أن تسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يشفى هذا المريض أو أن يأتي بهذا الضائع، أما النذر فلا وجه له، وكثير من الذين نذروا إذا حصل لهم ما نذروا عليه فإنهم يتكاسلوا فيما نذروه، وربما يدعونه، وهذا خطر عظيم، واستمع إلى قوله الله - تعالى - " ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لتصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون " وعلى هذا لا ينبغي للمؤمن أن ينذر، وأما الجواب على هذا السؤال فنقول إذا نذر الإنسان شيئاً في محل ورأى أن غيره أفضل منه وأقرب إلى الله وأنفع لعباد الله فإنه لا حرج عليه أن يغير وجهة النذر إلى الموقع الفاضل، ودليل ذلك أن رجلا جاء إلى النبي،(3/484)
- صلى الله عليه وسلم -، فقال يا رسول الله، أني نذرت إن افتح الله عليك مكة أن أصلى في بيت المقدس، فقال صل ها هنا ثم أعاد الرجل فقال صل هنا، ثم عاد فقال شأنك إذن ". فدل هذا على أن الإنسان إذا انتقل من نذره المفضول إلى ما هو أفضل فإن ذلك جائز.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
هل يجوز للناذر أن يأكل من نذره؟
س - إذا نذر الرجل وأوفى نذره هل يأكل منه أم لا؟
ج- الأصل أن المنذور به إذا كان من الأمور المشروعة فإنه يصرف في الجهة التي عينها الناذر، وإذا لم يعين جهة فهو صدقة من الصدقات يصرف في الجهات التي تصرف فيها الصدقات كالفقراء والمساكين، وأما أكله منه فإذا كانت العادة جارية في بلد الناذر أن الشخص نذر شيئاً مما يؤكل أكل منه جاز له أن يأكل منه بناء على العرف والعادة في ذلك، وهكذا إذا نوى الأكل منه ويكون العرف مخصصاً للجزء الذي يأكله فلا يكون داخلاً في المنذور به وقد صدر من اللجنة فنوى في ذلك هذا نصها مصرف نذر الطاعة على ما نواه به صاحبه في حدود الشريعة المطهرة فإن نوى باللحم الذي نذره للفقراء فلا يجوز له أن يأكل منه وإهن نوى بنذره أهل بيته أو الرفقة التي هو أحدهم جاز له أن يأكل كواحد منهم لقوله، عليه الصلاة والسلام، " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ". وهكذا لو شرط ذلك في نذره أو كان ذلك هو عرف بلاده ".
اللجنة الدائمة
* * *
النذر مكروه والوفاء به لازم
س - ما هو الحكم الشرعي للنذر؟
وهل لعدم الوفاء بالنذر عقوبة؟
وهل يجوز تحويل قيمة النذر للمساهمة في أي عمل خيري؟(3/485)
ج- حكم النذر شرعاً أنه مكروه فقد ثبت أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن النذر وقال " إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل ". وذلك أن بعض الناس إذا مرض أو خسر أو أذي ينذر صدقة أو ذبحاً أو مالاً إذا زال عنه المرض أو الخسران ويعتقد أن الله لا يشفيه إو يربحه إلا إذا نذر هذا النذر، فأخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " أن الله لا يغير به شيئاً مما قدره وقضاه ولكنه - أي الناذر - بخيل لا ينفق إلا بعد عقد النذر.
- يلزم الوفاء بالنذر إن كان عبادة كنذر صلاة أو صوم أو صدقة أو اعتكاف، ولا يجوز إن كان معصية كقتل وزنا وشرب خمر، وأخذ مال ظلماً ونحوه وعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين.. إلخ.
ويخير إذا كان النذر مباحاً كأكل وشرب ولباس وسفر وكلام عادي ونحوه بين الوفاء به أو كفارة يمين.
- إذا كان نذر طاعة لله صرف للمساكين والمستضعفين كطعام وذبح كبش أو نحوه فيصرف للمساكين والمستضعفين فإن كان عملاً صالحاً بدنياً أو مالياً كجهاد وحج وعمرة لزم الوفاء به فإن خصصه بجهة اختص بها كالمساجد والكتب والمشروعات الخيرية ولم يجز صرفه لغير ما عينة فيه.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم النذر لغير الله وهل هو شرك أم لا؟
س1- ما حكم النذر لغير الله؟
ج1- النذر لغير الله شرك، لكونه متضمنا التعظيم للمنذور له والتقرب إليه بذلك ولكون الوفاء به له عبادة إذا كان المنذور طاعة والعبادة يجب أن تكون لله وحده بأدلة كثير، منها قوله - تعالى - " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ". فصرفها لغير الله شرك.
س2- في النذر لغير الله - تعالى - فطائفة تقول " لا نذر إلا لله - تعالى - وهو لغير الله - تعالى - كفر وشرك لأنه عباده وهي لغيره - تعالى - كفر، وطائفه أخرى تقول النذر لهم(3/486)
عمل صالح يوجب الأجر والمثوبة لفاعله، فما هو الحق في ذلك؟
ج2- النذر نوع من أنواع العبادة التي هي حق لله وحده لا يجوز صرف شيء منها لغيره فمن نذر لغيره فقد صرف نوعا من العبادة التي هي حق الله - تعالى - لمن نذر له، ومن صرف نوعا من أنواع العبادة نذراً أو ذبحاً أو غير ذلك لغير الله يعتبر مشركاً مع الله غيره داخلاً تحت عموم قول الله - سبحانه وتعالى " إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ". وكل من اعتقد من المكلفين المسلمين جواز النذر والذبح للمقبورين، فأعتقد هذا شرك أكبر مخرج من الملة يستتاب صاحبه ثلاثة أيام ويضيق عليه فإن تاب وإلا قتل. أما أخذ ابنه من ماله ما يبني به مستقبله وكونه يرثه بعد موته في نفس المسألة عنها فإن هذا مبني على معرفة حقيقة واقع الأب ومعرفة الحال التي يموت عليها، فإذا كان أبوه مات على هذه العقيدة لا يعلم أنه تاب فإنه لا يرثه لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ". ويجوز لابنه أن يأخذ من ماله في حياته ما طابت به نفسه له وهكذا يجوز له أن يأخذ ما يحتاجه من مال ابنه بالمعروف بغير علمه إذا كان فقيراً عاجزاً عن الأسباب التي تغنيه عن ذلك لحديث عائشة في قصة هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان لما أشتكت إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنا أبا سفيان لا يعطيها ما يكفيها ويكفي بنيها فقال " خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي نبيك (1) ". وبهذا يتبين أن الحق مع الفرقة الأولى التي قالت لا نذر إلا لله - تعالى - وهو لغير الله - تعالى - كفر وشرك. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
_________
(1) البخاري 6/193 ومسلم 12/7 شرح النووي أبو داود 3/804، ابن ماجه 2/769.(3/487)
النذر لغير الله شرك وهو باطل لا ينعقد والذبيحه المنذورة ميتة
س - النذر لغير الله باطل لا ينعقد فإذا نذر إنسان غنماً للشيخ محي الدين أو عبد القادر الجيلاني مثلاً لإنافق لحومها للفقراء ووصول ثوابه إلى روح الشيخ ومن ذلك يحصل البركة إلى الناذر من عند الشيخ في اعتقادهم وهل ينعقد مثل هذه النذور؟ فإن لم ينعقد هل يحل أكل لحم هذه الغنم المنذورة؟ وهل يدخل هذا المنذور في ضمن قوله - تعالى - " وما أهل لغير الله ". لأن الحيوان المنذور حيوان طاهر؟ وهل يحرم هذا بسبب نذر باطل؟
ج- أولا النذر لغير الله والذبح لله عبادة من العبادات لا يجوز صرف شيء منها لغيره - سبحانه - فمن نذر لغير الله أو ذبح لغير الله فقد أشرك مع الله في عبادته غيره ويعظم إثم ذلك الشرك في إلهيه.
ثانيا - النذر لغي الله لا ينعقد بل هو باطل وما نذر لغير اله من أطعمة مباحة أو حيوان مباح الأكل ولم يتم ذبحه فهو لصاحبه فإن ذبحه لغير الله صار ميتة وحرام عليه وعلى غيره أكله وهو داخل في عموم الآية المذكورة.
اللجنة الدائمة
* * *
نذر أن يذبح شاة فباعها
س - نذرت ذبيحة لله واحتجت قيمتها وبعتها قبل أن أذبحها وقد كان ذلك منذ أربع سنوات، والآن أريد الوفاء بنذري فهل أشتري ذبيحة بنفس القيمة التي كانت للذبيحة الأولى؟
ج- هذا الشاة التي نذرت لله - عز وجل - أن تذبحها إذا كان نذرك هذا نذر طاعة فإنه قد وجب عليك الوفاء به وتعينت هذه الشاة للذبح وبيعك إياها بعد ذلك غلط منك ومحرم عليك، وعليك أن تضمنها الآن بمثلها أو بما هو خير منها، وأن تتوب إلى الله - سبحانه -(3/488)
وتعالى - مما صنعت فاذبح بدلها تقرباً إلى الله - عز وجل - ووزعها على الفقراء ما دامت نويت أنها صدقة لله - تعالى - وليكن ما تذبحه مثل الذي نذرت أو أحسن منها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم من نذر ولم يف
س - إذا حلف الإنسان قائلاً على عهد الله أن أفعل كذا، أو يقول على نذر الله أن أفعل كذا، ثم حنث ولم يف بهذا اليمين فما الحكم في ذلك؟
ج- قبل الإجابة أود أن أنبه إخواتي إلى أن النذر الذي يلتزم به الإنسان مكروه لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عنه وقال " إنه لا يأتي بخير وإنما يُستخرج به من البخيل ". حتى إن من أهل العلم من قال إن الذر محرم، لأن الإنسان يلزم نفسه بما لا يلزمه، فيشق على نفسه وربما يتأخر على إيفائه فيعرض نفسه للعقاب العظيم الذي ذكره الله - تعالى - وأشار إلى كراهة النذر وإلزام الإنسان نفسه فقال - تعالى - " وأقسموا بالله جهد أيمانكم لأن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة ".
ثم إننا نسمع دائما عن أناس نذروا نذوراً معلقة على شرط من الشروط كأن يقول إن شفي الله مريضاً فله على نذر أن أصوم كذا وأن أتصدق بكذا وغير ذلك، وفي هذا كما أشرت إليه آنفا تعريض للإنسان أن يقع في هذه العقوبة العظيمة.
وإذا ابتلى الإنسان فإن النذر نذر طاعة فإنه يجب يجب عليه الوفاء به ولا يحل له أن يدعه لقول، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيع الله فليطعه ". ولا فرق بين أن يكون نذر طاعة واجبة كأن يقول الإنسان مثلاً لله علي نذر أن أؤدي زكاتي، أو نذر طاعة مستحبه كأن يقول لله علي نذر أن أصلي ركعتين، ولا فرق بين أن يكون هذا النذر مطلقاً غير معلق بشيء أو يكون معلقاً بشيء.
وعلى كل حال، كل نذر طاعة فإنه يجب عليه الوفاء به ولا يحل له أن يدعه ويكفر ولو فعل كان آثما، أما إذا كان نذر معصية فإنه لا يجوز الوفاء به لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن(3/489)
يعصي فلا يعصه ". ولكن يجب عليه كافرة يمين لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين ". وهذا علم فكل نذر لا تفي به عليك كفارة يمين.
وبناء على القاعدة يلزم السائل أن يكفر كفارة يمين.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الوفاء بالنذر على حسب النية
س - لقد نذرت لو أن الله أعطاني من فضله من المال بكد عرقي وجهدي لخصصت مبلغاً مما أعطاني الله لبناء جامع، وخصصت لذلك بيني وبين نفسي مبلغاً كان باعتقادي يوم أن نذرت نذري أنه يكفي لبناء الجامع، ومرت السنون والأيام وحقق الله ما طمحت به وأريد أن أوفي بنذري.
والذي حدث أن المبلغ الذي طمحت لتحقيقه سابقاً عل العملة التي ببلدي بجملته اليوم بعد أن خفضت قيمتها لا تكفي لبناء مسجد، والمبلغ الذي خصصته بالطبع لا يؤثث جامعاً ولا يؤسه بسبب تدني قيمة العملة، أفكر لو تصدقت بهذا المبلغ على المحتاجين والمساكين والفقراء من ذوي القربى أو غيرهم، أو أعطيه لجمعية خيرية تقوم ببناء مساجد لم تكتمل بعد، هلي يجوز ذلك؟ أفيدوني أفادكم الله.
ج- الواجب عليك الوفاء بالنذر وذلك بتعمير مسجد حسب طاقتك وإذا كنت أردت جامعا تقام فيه صلاة الجمعة وجب عليك ذلك لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ". رواه البخاري في صحيحه.
وعليك أن تجتهد حتى توفي بنذرك وفاء كاملاً، لكن إذا كنت نوبت بنذرك مبلغاً معينا فليس عليك إلا ذلك لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إنما الأعمال بالنيات "، وإنما لكل امرئ ما نوى فإن لم يحصل به بناء المسجد فساهم به في مسجد مع غيرك لقول الله - سبحانه - " فاتقوا الله ما استطعتم " يسر الله أمرك وأبرأ ذمتك.
الشيخ ابن باز
* * *(3/490)
النذر لا يريد من قدر الله شيئا
س - زوجتي نذرت على نفسها أن تصوم ستة أيام من كل شهر إذا حصل ابنها على الشهادة الابتدائية وقد حصل على تلك الشهادة منذ سنة تقريباً، وبدأت الصيام من ذلك التاريخ ولكنها أحست بالندم على ذلك وشعرت بالإرهاق نظراً لانشغالها بتربية أبنائها وشؤون بيتها وخصوصاً أيام الصيف.
فما رأي فضيلتكم في هذا النذر؟ وهل تستمر في الصوم؟ أو تستغفر الله وتتوب إليه؟
علما أنها نذرت أن تصوم ستة أيام شهرياً مدى الحياة؟
ج- عليك أن توفي بنذرها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيع الله فليطعمه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصمه ". خرجه الإمام البخاري في صيححه وقد مدح الله الموفين بالنذر في قوله - سبحانه - " يوفون بالنذر ويخافون يما كان شره مستطيراً ". ولا حرج عليها أن نصومها متفرقة إذا كانت لم تنوا التتابع فإن كانت قد نوت التتابع فعليها أن تصومها متتابعة. ونسال الله أن يعينها على ذلك ويعظم أجرها ونوصيها وغيرهما من المسلمين بألا تعود إلى النذر لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا تتذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله نبينا شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل ". متفق على صحته، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
الواجب الوفاء بالنذر كما هو
س - نذرت لله تعالى إن شفى الله ابنتي المريضة أن أذبح لله تعالى شاة، والآن شفيت ولله الحمد، هل يجوز لي أن أتصدق بثمن الذبيحة أم لا؟ لأن الفقير يفضل المال على اللحم أفيدوني أفادكم الله.
ج- الواجب عليك أن توفي بنذرك وذلك بذبح الشاة التي نذرتها والصدقة بها على الفقراء تقرباً إلى الله - سبحانه - وطاعة له ووفاء بنذرك لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ". خرجه البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ولا يجزئ عنك الصدقة بالثمن بل الواجب ذبح الشاة كما نذرت(3/491)
ذلك وإن كنت نوبت أن تأكلها وأهلك أو تدعو إليها جيرانك وأقاربك فلك ما نوبت ولا يلزم توزيعها بين الفقراء لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ". متفق على صحته، ونوصيك بعدم العودة إلى النذر لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل ". متفق على صحته حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما.
الشيخ ابن باز
* * *
النذر المعلق
س - نذرت أن أصوم يوماً لأخي المريض وحالت ظروف بين ذلك حتى مات أخي، فهل أصوم هذا اليوم بعد موته؟ وهل أصومه يوماً أو يومين، ثم إني زرت قبر أخي الميت مرتين فهل يجيز لي الإسلام ذلك؟ وهل حقيقة أن الميت يشعر بزيارة الأحياء له؟
ج- إذا كان نذرك أن تصوم يوماً مشروطاً بأن يشفي الله مريضك ولكن هذا المريض توفي قبل هذا الشفاء فإنه لا يلزمك صومه، وهذا هو الظاهر من سؤال السائل.
ويجوز لك أن تزور قبر أخيك الميت مرة أو مرتين أو أكثر وليس معنى هذا أن تزوره دائماً لأن هذا ليس من المشروع، ولكن تزوره وتدعو الله له أحياناً.
وأما كونه يعرف من زاره فقد ورد عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " أنا من رجل مسلم يسلم على أخيه الذي كان يعرفه في الدنيا إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام ". وهذا الحديث صححه ابن عبد البر ونقله عنه ابن القيم في كتابه الروح وأقره.
ولكن يجب أن تعلم أن زيارة القبور لمصلحة الأموات واتعاط الأحياء وليس المقصود بها أن يدعو الإنسان هؤلاء الأموات، لأن دعاء غير الله شرك أكبر مخرج عن المللة.
وليس المراد بها أن يتحري الإنسان الدعاء عندها فإن الدعاء في المساجد أفضل من الدعاء هناك، بل إن قصد الدعاء عند القبور بدعة وقد يكون وسيلة إلى الشرك.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/492)
عليك أن توفي بنذرك
س - لي أخت متزوجة ولديها ثلاثة أطفال وهي على خلاف دائم مع زوجها، وكانت أيضاً على خلاف مع والدها والسبب زوجها الذي كان يعاملها معاملة قاسية جداً مما اضطرها إلى ترك البيت وذهبت إلى بيت أمها المطلفة والمتزوجة من إنسان آخر، وزوج أمها يعاملها هو الآخر معاملة سيئة، فقمت أنا - أخوها - وأخذت لها شقة لتسكن فيها معي وكانت كثيراً ما تذهب إلى أمها ومرة أجبرها زوج أمها أن تذهب وترمي أولادها عند زوجها ففعلت ذلك إرضاء لأمها. وقد أحد الأيام حصل خلاف بينها وبين زوج أمها وخرجت إلى شقتها متأثرة جداً بما مر بها من مصائب وبعد أولادها عنها، فقامت وأخذت حبوباً من الثلاجة وأكلتها جميعاً، تريد أن تقضي على حياتها، فأخذتها إلى المستشفى وأعطيت العلاج اللازم، وقبل وفاتها أحست أنها في أيامها الأخيرة، فتابت وأخذت تستغفر كثيراً عما فعلته، وكانت تطلب منا أن تدعو لها بالمغفرة، وأرد الله وتوفيت، فماذا يكون حالها بعد ذلك؟ وهل يجوز لي أن تدعو لها بالمغفرة، وأراد الله وتوفيت، فماذا يكون حالها بعد ذلك؟ وهل يجوز لي أن أقوم بالصدقة والحج عنها عما أنني نذرت أن أقوم بهذه الأعمال طيلة حياتي إن شاء الله؟
ج- ما دامت أختك المذكورة قد تابت إلى الله - سبحانه - وندمت على ما فعلته من أسباب الانتحار فإنه يرجى لها المغفرة، والتوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له كما صحت بذلك الأحاديث عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " وإذا تصدقت عنها أو استغفرت لها ودعوت لها يكون ذلك حسنا، وذلك ينفعها وتؤجر عليه أنت ".
وما نذرته من الطاعات فعليك أن توفي به لأن الله - سبحانه - مدح الموفين بالنذور في قوله - عز وجل - في مدح الإبرار " يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً" وقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" رواه الإمام البخاري في صحيحه، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *(3/493)
حكم التصديق بقيمة المنذور
س - نذرت أن أحفر بئراً في سبيل الله ولم أوفق، والآن أردت أن أغير نيتي لأتصدق بما كنت نذرت به لوجه الله، فهل أكون قد وفيت بنذري أم لا؟
ج- يلزم الوفاء بالنذر إذا كان طاعة لله وقدر الناذر على الوفاء بنذره، لأن الله - تعالى - أمر بالوفاء بالنذر، وأثاب على ذلك، قال - تعالى - " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذرهم وقال - تعالى - " يوفون بالنذر ". وقال، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ". فهذا الرجل عليه الوفاء بحفر البئر التي نذرها وتكون مسبلة للمسلمين، فإذا لم يستطع أو لم يجد موضعا لائقاً أو منعته الدولة أو الرؤساء أو الأهالي جاز له العدول عن ذلك إلى أقرب ما يشابهه فإن لم يقدر لزمه التصدق بمبلغ تكاليف حفر البئر وما يلحق به وتكون الصدقة على المجاهدين والمساكين وذوي الحاجة، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
نذر الإنسان بينه وبين نفسه ليس ملزما
س - منذ حوالي سنة كنت أمر بمشكلة صعبة جداً، وعاهدت الله بيني وبين نفسي إن انتهت المشكلة أن أحفظ القرآن كله عن ظهر قلب، والحمد لله انتهت المشكلة على أكل وجه، فبدأت أحفظ القرآن، ولكن لم أتمكن إلا من حفظ جزأين فقط، وأخشى أن لا أقدر على حفظه وقد عاهدت الله - عز وجل - سؤالي هل علي شيء لو لم أقدر على حفظ القرآن كله، وأنا أعلم أن لا دين لمن لا عهد له؟
ج- حيث أن هذه المعاهدة سرية بينك وبين نفسك فإنها لا تعطي حكم النذر الذي يلزم الوفاء به، لكن ننصحك بأن تحاول إكمال حفظ القرآن الذي بدأت فيه وأن تكرس جهدك وتكرر القراءة وتخصص لها زمناً كافياً ومن جد وجد ومن زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل، والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/494)
نذر أن يذبح إذا نجح فنجح في الدور الثاني
س - لقد نذرت يوما من الأيام قبل الاخبار إذا نجحت من الصف السادس إلى الصف الأول المتوسط أن أذبح ذبيحة وقد نجحت في الدور الثاني وليس في الدور الأول، هل أذبح ذبيحة أم لا؟ هذا وقد مضي عليه أربع سنوات ولم أوف بالنذر، علما أنني نذرت مثل هذا النذر إذا نجحت من الصف الثالث متوسط إلى الأول ثانوي، هل يجوز لي أن أذبح واحدة أم اثنين إذا نجحت من الصف إلى الصف الأول الثانوي؟
ج- إذا كنت أطلقت النذر ولم تنو النجاح في الدور الأول فعليك أن توفي بنذرك وأن تذبح الذبيحة لوجه الله وتوزعها على الفقراء ولا تأكل منها شيئاً أنت ولا أهل بيتك لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطبع الله فليطعه ومن نذر من يعصي الله فلا يعصه ". أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عائشة - رضي الله عنها - أما إن كنت نوبت بالنذر النجاح في الدور الأول ولم تنجح إلا في الدور الثاني فليس عليك شيء لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ". متفق علي صحته. من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وهكذا نذرك إذا نجحت من المتوسط للثانوي عليك أن توفي به إذا نجحت، لحديث عائشة المتقدم فإن كنت نويت بنذرك الأول أو الثاني أن تذبح الذبيحة لأهل بيتك وأقاربك وجيرانك فأنت على ما نويت لحديث عمر المذكور آنفا.
وينبغي لك يا أخي ألا تعود إلى النذر أنه لا يرد من قدر الله شيئاً وليس هو من أسباب النجاح، وقد نهى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن النذر وقال " إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل ". كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - نسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
ذبحت نذري فأكلت منه
س - عندما نجحت من السنة الثانية إلى السنة الثالثة متوسط نذرت إذا نجحت أذبح خروفاً فنجحت والحمد لله وذبحت الخروف، فهل يجوز لي أن آكل منه وأنا وأصولي(3/495)
وفروعي؟ فإذا أكلنا منه ماذا علينا وأنا ناذره صدقة لوجه الله؟
ج- هذا نذر تبرر معلق على شيء وقد وقع فوجب الوفاء به لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطبع الله فليطعه "، رواه البخاري وحيث ذكر السائل أنه نذره صدقة فيصرف إلى من يجوز صرف الزكاة إليه من الفقراء ونحوهم، ولا يأكل منه الناذر ولا أحد من أصوله أو فروعه، لأنهم ليسوا من مصارف زكاه ماله، فلا يكونون مصرفاً للمنذور به فإن كان هذا الناذر قد فعل فأكله هو أو أصوله أو فروعه فإنه يذبح بدلاً عنه مثل المذبوح سابقاً أو أفضل منه إذا كان السابق مجزئاً ويصرفه على الفقراء إلا أن تكون هناك نية من الناذر عند عقد النذر أن يأكل هو وأهله منه أو شرط لفظي أو عرف مطرد في ذلك فيصار إليه، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
نذرت أن تصوم فعجزت
س - امرأة نذرت أن تصوم سنة إن ولدت سليمة وسلم الحمل لمدة سنة، وأنها بالفعل ولدت وسلم الحمل لأكثر من سنة وتذكر أنها عاجزة عن الصوم؟
ج- لا شك أن نذر الطاعة عبادة من العبادات، وقد مدح الله - تعالى - الموفين به فقال - تعالى - " يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً ". وثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ". ونذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانه فأتي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فسأل، - صلى الله عليه وسلم -، هل فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ فقيل له لا. فقال وهل فيهغ عيد من أعيادهم؟ قيل لا. فقال أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم.
وحيث أن المستفتية ذكرت أنها نذرت أن تصوم سنة "، وصيام سنة متواصلة من قبيل صيام الدهر، وصيام الدهر مكروه لما ثبت في الصحيح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " من صام الدهر فلا صام ولا أفطر ". ولا شك أن العبادة المكروهة معصية لله فلا وفاء بالنذر بها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لو نذر عبادة مكروهة مثل قيام الليل كله(3/496)
وصيام النهار كله لم يجب الوفاء بهذا النذر.
وعليه فيلزم السائلة كفارة اليمين، إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو غيره من غالب قوت البلد، فإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام متتابعة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم من نذر أن يذبح عند القبور والإضرحة
س - شخص نذر أن يذبح نعجة عند أحد الأضرحة، فهل يجب عليه الوفاء بالنذر؟ أم يذبح النعجة في أي مكان؟
ج- الذبح عند القبور بدعة ووسيلة من وسائل الشرك الأكبر، فلا يجوز لمن نذر أن يذبح عند قبر أن يفي بنذره لأن نذره نذر معصية ونذر المعصية لا يجوز الوفاء به لما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ". رواه البخاري، ولما روى أبو داود - رحمه الله - بسند صحيح عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - قال نذر رجل أن ينحر إبلاًَ ببوانه فسأل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ وقالوا لا. قال فهل كان فيها عيد من أعيادهم "؟ قالوا لا. فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما يملك ابن آدم ". أما إن كانت الذبيحة لصاحب القبر فإن ذلك من الشرك الأكبر لقوله - سبحانه - " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ". وصح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه لعن من ذبح لغير الله. رواه مسلم في صحيحه من حديث علي - رضي الله عنه -.
اللجنة الدائمة
حكم من نذر ولم يف
س - رجل كان مع جماعة يمزح معهم وعنده ولد عمره سنة فقال لهم إن عاش هالولد(3/497)
إني إشبع أهل الحارة، وإن الولد كبر وصار رجلاً ولم يصنع شيئاً، ويسأل عما يترتب عليه علماً أن أهل الحارة كانوا قليلين ولا يوجد سكانها الآن أحد؟
ج- إن كان ما صدر من السائل على سبيل النذر تعين عليه أن يفي بنذره بإشباع مجموعة من الجيران مع مراعاة ألا ينقص عددهم عن عدد سكان الحراة وقت النذر، لأن إطعام الطعام من القرب إلى الله - تعالى - وقد قال، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيح الله فليطعه ". ومدح الله - تعالى - الموفين بنذورهم فقال " يوقون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيراً ". ونذر رجل على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن يذبح إبلاً ببوانه فسال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " هل فيها وثن من أوثان الجاهلية يبعد؟ فقيل له لا فقال وهل فيها عيد من أعيادهم؟ فقيل له لا فقال " أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم ". أما إذا لم يكن على سبيل النذر وإنما كان وعداً بإطعامهم إذا كبر ولده فينبغي للسائل الوفاء بوعده ولا يلزمه ذلك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
هل يأكل الرجل من لحم نذره أم لا؟
س - هل يجوز للرجل أن يأكل من لحم النذر الذي هو ناذره على نفسه أو على أحد أفراد عائلته؟
ج- مصرف نذر الطاعة على ما نواه به صاحبه في حدود الشريعة المطهرة، فإن نوى باللحم الذي نذره الفقراء فلا يجوز له أن يأكل منه، وإن نوى بنذره أهل بيته أو الرفقة الذي هو أحدهم جاز له أن يأكل كواحد منهم، لقوله، عليه الصلاة والسلام " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " وهكذا لو شرط ذلك في نذره أو كان هو عرف بلاده.
اللجنة الدائمة
* * *
نذر أن يصلي 10 ركعات فهل يصليها في يوم واحد؟
س - لقد نذرت الله - سبحانه وتعالى - نذراً وهو أن أصلى 10 ركعات إذا خفت رجلي من(3/498)
الألم، والآن لا أدري أيجوز أن أصلي العشر ركعات كل يوم ركعتين إلى أن أتمها فيصبح إتمامهم بخمسة أيام؟ أم يجب أن أصلي العشر في وقت واحد بمعنى في يوم واحد؟ أفيدوني أفادكم الله.
ج- إذا وجد الشرط المذكور وهو فخة الألم فالواجب عليك الوفاء بالنذر فوراً فتصلي عشر ركعات في غير وقت النهي، تسلم من كل ركعتين لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، صلاة الليل والنهار مثني، ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيع الله فليطعمه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ". رواه البخاري في صحيحه.
الشيخ ابن باز
* * *
نذرت أن تذبح ناقة ولا تأكل منها فأكلت
س - امرأة أصابها مرض مع أولادها وتوفي واحد منهم، وكانت في المستشفى وهي بين المرض والذعر حيث لا تعلم عن أولادها الذين في البيت أهم أحياء أو أموات، وفي هذه الحالة قالت يا ربي إن لقيت أولادي الذي في البيت أحياء فسوف أذبح فاطر "ناقة" ولا آكل من لحمها شيئاً، وأصوم لك شهراً، وفعلا صامت الشهر وذبحت الناقة لكن حصل أن أكلت من اللحم، والسؤال هنا هل تجزئ الناقة التي ذاقت من لحمها؟ أم يزمها ذبح ناقة أخرى؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
ج- حيث نذرت هذا النحر صدقة لوجه الله وحيث لزمها الوفاء به لكونه نذر طاعة فإنها تخرج هذه الناقة كلها لوجه الله وحيث ذكرت أنها أكلت من لحمها فلا تلزمها الإعادة لكن يلزمها شراء لحم بقدر ما أكلت والصدقة به على المساكين.
وبه تبرأ من هذا النذر إن شاء الله تعالى.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم تأخير الوفاء بالنذر
س - ما حكم من يتأخر في تنفيذ ما نذر به بعد أن تحقق له الشرط الذي علق عليه النذر،(3/499)
كمن يقول نذرت لله صوماً خمسة أيام إذا شفيت من مرضي وتحقق له الشفاء وتأخر في صيام تلك الأيام مع العلم أنه لم يحددها بوقت معين؟ وهل عليه صوم الأيام الخمسة متتابعة؟ وهل تلزمه كفارة على تأخير الوفاء بنذره مع أنه لا ينوي جحود ذلك النذر؟
ج- يجب الوفاء بنذر الطاعة كالصيام والصدقة والاكتفا والحج والقراءة، فإذا كان النذر معلقاً على شرط كالشفاء من مرض أو القدوم من سفر فعليه المبادرة بالوفاء فإن أخره ثم فعله فلا إثم عليه بالتأخير، وإن مات وهو عليه قام به وارثه من بعده لكن الإسراع والفورية لازمة حتى يخرج المسلم من عهدة الواجبات.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم من علق النذر على شيء مستقبل فلم يحصل
س - إنسان نذر على شيء محرم إذا حصل يدفع راتب شهر لشخص ما، علما بأن هذا المحرم لم يحصل، السؤال هل عليه كفارة أم يدفع راتب الشهر؟ وهل الكفارة تدفع نقداً عن كل مسكين عشرين ريالاً؟
ج- من علق النذر على حصول شيء مستقبل فلم يحصل فلا حنث عليه ولا كفارة، ولا يلزمه الوفاء بالنذر فمتى حصل المعلق فإن كان النذر على طاعة وجب عليه الوفاء، كقوله إن حصل لي ربح فلله على أن تصدق على المساكين براتب شهر، فإن كان على معصية كقوله إن حصل كذا وكذا فعلي أن أشرب كأس خمر ونحوه حرم الوفاء به، وعليه كفارة يمين، فإن كان النذر على مباح كقوله علي أن اشتري ثوب كذا أو سيارة من نوع كذا جاز له الوفاء بالنذر أو كفارة يمني، وهي إطعام عشرة مساكين وجبة واحدة من أوسط ما يطعم أهله أو كسوتهم أو عتق رقبة فإن عجز عن ذلك فعليه صيام ثلاثة أيام متتابعة ولا تكفي القيمة في الإطعام.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/500)
الوفاء بالنذر واجب
س - لقد قلت مرة لله على نذر إن أنجابي من هذا الذنب أن أدفع لحماتي طقم بناجر من الذهب علما بأن حماتي لم تعلم بذلك؟
هل أدفع البناجر لحماتي أم أكفر كفارة يمين؟
ج- الواجب عليك الوفاء بالنذر إذا حصل الشرط المذكور لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ". رواه الإمام البخاري في صحيحه لكن إن سامحتك حماتك فلا بأس، لأن الحق لها في ذلك، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
النذر الذي يقصد به الامتناع في حكم اليمين
س - أنا شاب كنت مسرفا فهداني الله، ولكني لم أزل ارتكب ذنبا وحاولت أن أتوب ممنه مراراً فلم استطع فقلت في نفسي نذر على إن عدت إلى هذا الذنب أن أصوم شهرين متتابعين، ولكن الشيطان زين لي وقلت إن النذر في هذه الحالة يكون كاليمين وله كفارة وعدت إلى هذا الذنب، فماذا أفعل جزاكم الله خيراً؟ هل يجوز لي أن أطعم ستين مسكيناً لأنه أخف علي من الصيام؟ علما بأن الله قد من علي بالتوبة من هذا الذنب الآن؟
ج- أولا ينبغي أن يكون الإنسان ذا عزيمة صادقة قوية فيدع المحرم بدون قسم وبدون نذر ويقوم بالواجب بدون قسم وبدون نذر، قال الله - تبارك وتعالى - " وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعلمون " ولكن قد يكون بعض الناس عاجزاً عن كبح جماح نفسه فيلجأ إلى النذر أو إلى اليمين للقيام بالواجب، أو في ترك المحرم قد ذكر العلماء - رحمهم الله - أن النذر الذي يقصد به الامتناع أو الإقدام يكون حكمه حكم اليمين، ولهذا يجب على هذا يجب على هذا الأخ السائل أن يكفر عن نذره كفارة يمين وذلك بأن يطعم عشرة مساكين كل مسكين مد من الأرز أو من البر، والصاع الموجود في عرفنا هنا خمسة أمداد بالمد بالنبوي أو يكسو عشرة مساكين، أو يعتق رقبة، وهو على الخيار في هذه الثلاثة، فإن لم يجد صام ثلاثة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعة لقول الله، تبارك(3/501)
وتعالى - في سورة المائدة " لا يواخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لمن يجد فصيام ثلاثة أيام ".
ويجوز في الإطعام أن يصنع طعاماً غداء أو عشاء ويدعو إليه عشرة مساكين.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
ليس هذا نذار
س - سمعت امرأة طفلاً يقرأ القرآن في المذياع بصوت جيد أعجبها، وكانت حاملاً فقالت إن جاءني ولد سوف أعلمه على أن يقرأ مثل هذا الطفل، وفعلاً رزقت بولد والحمد لله. والسؤال هل يعتبر تمنيها هذا نذراً أم لا؟ أفيدونها جزاكم الله خيراً.
ج- ليس هذا بنذر ولا يلزمها أن تعلمه أن يقرأ كقراءة هذا الطفل، ويكفي تعليمه كما يتعلم غيره من المسلمين لكتاب الله - عز وجل - وسائر العلوم الشرعية وغيرهما من العلوم النافعة التي يتعلمها أبناء المسلمين في هذه المملكة.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم الوفاء بالنذر من مال الغير
س - نذرب بذبح ثلاثة خراف إذا رزقت بولد، وقد أعطاني أحد الأشخاص المحسنين ألف ريال مساعدة، فهل يجوز أن أشتري بها الخراف الثلاثة لأوفي بنذري حيث أنها لم تكن من مالي الخاص، بل مساعدة من ذلك الرجل؟ جزاكم الله خيراً.
ج- لا بأس من ذلك، فعندما أعطاك وقبلت صارت من مالك، وإذا اشتريت بها الخرفان فقد أجزأت والحمد لله، ولكن نوصيك بعدم النذر، فالنذر لا ينبغي، يقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا تتذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل ".
الشيخ ابن باز
* * *(3/502)
كتاب القضاء ومايتعلق به(3/503)
حكم تولي القضاء في بلد لا يحكم بالشريعة
س-هل يجوز لمسلم أن يكون قاضياً في بلد تحكم بغير ما أنزل الله من قرآن أو حديث؟
ج- لا يجوز.
وصلي الله عليى نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم المحاماة
س - ما حكم الشريعة الإسلامية في حرفة المحاماة؟ وما رأي سماحتكم فيما ذهب إليه الإمام العلامة أو الأعلى المودودي - رحمه الله - بخصوص هذه الحرفة في آخر كتابه القانون الإسلامي وطرق تنفيذه؟ أفيدونا أفادكم الله.
ج- لا أعلم حرجاً في المحاماة، لأنها وكالة في الدعوى والإجابة إذا تحرى المحامي الحق، ولم يتعمد الكذب كسائر الوكلاء.
أما كلام الشيخ أبي الأعلى المودودي - رحمه الله - المشار إليه فلم أطلع عليه.
الشيخ ابن باز
* * *
شرط العمل في المحاماة
س - العمل بالمحاماة قد يعرض الإنسان لمناصرة الشر والدفاع عنه، لأن المحامي يريد البراءة مثلا للمذنب الذي يدفع عنه، فهل مكسب المحامي من ذلك حرام؟ وهل هناك شروط إسلامية لعمل الإنسان محامياً؟
ج- المحاماة مفاعلة من الحماية، والحماية إن كانت حماية الشر ودفاع عنه فلا شك أنها محرمة، لأنه وقوع فيما نهى الله عنه في قوله " ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ". وإن كانت المحاماة لحماية الخير عنه فإنها حماية محمودة مأمور بها في قوله - تعالى- " وتعاونوا(3/505)
على البر والتقوى ". وعلى هذا فإن من أعد نفسه لذلك يجب عليه قبل أن يدخل في القضية ويدرسها فإن كان الحق مع طالب المحاماة دخل في المحاماة وانتصر للحق ونصر صاحبه، وإن كان الحق في غير جانب من طلب المحاماة فإنه يدخل في المحاماة أيضا لكن المحاماة هنا تكون عكس ما يريد الطالب، بمعنى أنه يحامي عن هذا الطالب حتى لا يدخل فيما حرم الله عليه، وفي دعوى ما ليس له أو إنكار ما هو عليه، وذلك لأن النبي،، قال " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله هذا المظلوم فكيف ننصره إذا كان ظالماً؟ قال تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه ". فإذا علم أن طالب المحاماة ليس له حق في دعواه فإن الواجب أن ينصحه وأن يحذره وأن يخوفه من الدخول في هذه القضية، وأن يبين له وجه بطلان دعواه حتى يدعها مقتنعاً بها
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم ضرب المتهم أثناء التحقيق
س - هل يجوز شرعاً ضرب المتهم أثناء التحقيق حتى يعترف؟ وهل الإسلام أقر مهمة المحاماة؟ وهل يجوز الدفاع عن مجرم؟
ج- يجوز الضرب إن قويت التهمة وبدت لها أمارات، فأما مطلق التهمة فلا يحل الضرب ولا التعذيب، ومن اعترف تحت العذاب والإكراه لم يعتبر إقراره موجباً للحد ولا لأخذ الحق الذي أقر به، فإن قامت قرائن ظاهرة فللحاكم العمل بها وتطبيق ما يراه، فأما المحاماة فهي وكالة على خصومة في حق خاص، فيجوز لصاحبه أن يؤكل من يخاصم عنه لعجزه أو جهله أو نحو ذلك، لكن يلزم الوكيل أو المستأجر أن ينصح له وبخبره بما له أو عليه قبل التوكيل حسب ما يعرفه، فإن عرف أنه ظالم أو مجرم حرم عليه الدفاع عنه، ولو دفع له أجرة كثيرة لما في ذلك من نصرة الباطل وإقرار الظالم وإعانته على ظلمه، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/506)
حكم من كتم شهادة الحق
س - رجل يعمل عند شخص آخر ولكن صاحب العمل أنكر عمل هذا العامل بقصد حرمانه من أجرته، فتقدم العامل بشكوى إلى الجهة المسؤولة فطلب منه إحضار شهود على عمله، ولكن الأشخاص الذين يعرفون عمله هم إما جيران لصاحب العمل، أو عمال عنده، والجميع يجاملونه فرفضوا بإدلاء الشهادة، فما الحكم في هؤلاء الأشخاص الذين كتموا شهادة الحق؟
ج- أما الذين كتموا شهادة الحق سواء في هذا السؤال الذي سأل عنه مقدمة أو في غيره كل من كتم بشهادة يعلم بها فإن الله يقول في حقه " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ". وإثم القلب يؤدي إلى انحراف البدن، لقول النبي،، " إن في الجسد مضغة إذا صحلت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ".
الشيخ ابن عثيمين
لا يجوز للإنسان أن يشهد إلا بما يعلم
س - اعتاد الناس في الحصول على جواز السفر الشهادة بأن فلان مولود في البحرين مثلاً تيقنوا بذلك أم لا؟ هل هذا من الشهادة الزور؟
ج- لا يجوز أن يشهد الإنسان إلا بما يعلمه برؤية أو سماع لقوله - تعالى - " إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ". وقوله - تعالى - " ولا تقف ما ليس لك به علم ". الآية وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال سئل رسول الله،، عن الشهادة قال " هل ترى الشمس؟ " قال " نعم ". قال " على مثلها فاشهد أو دع ". رواه الخلال.
وبناء على ماسبق لا يجوز لشخص أن يشهد بأن فلاناً مولود في البحرين إلا إذا كان يعلم ذلك ومن يشهد أن فلاناً مولود في البحرين وهو يعلم من نفسه أنه كاذب من نفسه أنه كاذب فهذه شهادة الزور ويتناوله الوعيد الذي ثبت في القرآن الكريم والسنة.
اللجنة الدائمة
* * *(3/507)
القرآن الكريم(4/5)
{حرمة القرآن الكريم}
س - نأمل من سماحتكم، توجيه النصيحة لنا ولإخواننا المسلمين عن مكانة القرآن الكريم؟
ج - القرآن كلام الله تعالى أنزله على عبده ورسوله محمد، - صلى الله عليه وسلم -، ليكون هدي ونورا للعالمين إلى يوم القيامة، وقد أكرم الله صدر هذه الأمة وغيره بحفظه في الصدور، والعمل به في جميع شؤون الحياة، والتحاكم إليه في القليل والكثير ولا يزال فضل الله سبحانه ينزل على بعض عباده، فيعطون القرآن حقه من التعظيم والتكريم حسناً ومعنى، ولكن هناك طوائف كبيرة وأعداداً عظيمة ممن ينتسب إلى الإسلام حرمت من القيام بحق القرآن العظيم وما جاء عن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، وأخشى أن ينطبق على كثير منهم قوله تعالى {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} إذا أصبح القرآن لدى كثير منهم مهجوراً، هجروا تلاوته وهجروا تدبره والعمل به فلا حول ولا قوة إلا بالله، ولقد غفل كثير منهم عما يجب من التعظيم والتكريم لكلام رب العالمين، ولقد عمت بلاد المسلمين المنشورات والصحف والمجلات وكثيرا ما تشتمل على آيات من القرآن الكريم في غلافها أو داخلها، ولكن قسما كبيرا من المسلمين حينما يقرأون تلك الصحف يلقونها فتجمع مع القمائم وتوطأ بالأقدام بل قد يستعملها بعضهم لأغراض أخرى حتى تصيبها النجاسات والقاذورات، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم {إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين} . والآيات دليل على أنه لا يجوز مس القرآن إلا إذا كان المسلم على طهارة كما هو رأي الجمهور من أهل العلم وفي حديث عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله {أن لا يمس القرآن إلا طاهر} ويروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر} . وعن سعد أنه أمر ابنه بالوضوء لمس المصحف، فإذا كان هذه في مس القرآن العزيز فكيف بمن يضع الصحف التي تشمل على آيات من القرآن العزيز موائد لطعامه(4/7)
ثم يرمي بها في النفايات مع النجاسات والقاذورات، لا شك أن هذه امتهان لكتاب الله العزيز وكلامه المبين فالواجب على كل مسلم وسلمه أن يحافظوا على المصحف والكتب وغيرها مما فيه آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو كلام فيه ذكر الله أو بعض أسمائه سبحانه فيحفظها في مكان طاهر وإذا استغنى عنها دفنها في أرض طاهرة أو أحرقها ولا يجوز التساهل في ذلك حيث إن الكثير من الناس في غفلة عن هذه الأمر وقد يقع في المحظور جهلا منه بالحكم، هذا ما يجب على المسلمين العمل به تجاه كتاب الله وأسمائه وصفاته وأحاديث رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وعدم الوقوع فيما يغضب الله ويتنافى مع مقام كلام رب العالمين والله سبحانه المسؤول أن يفقنا والمسلمين لما يحبه ويرضاه أن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأن يمنحنا جميعا تعظيم كتابه وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، والعمل بهما وصيانتهما عن كل ما يسئ إليهما من قول أو فعل إنه ولي ذل والقادر عليه.
الشيخ ابن باز
* * * *
أيهما أفضل قراءة القرآن من المصحف أو عن ظهر قلب
س - هل القراءة من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر قلب. نرجو الإفادة؟
ج - أما من جهة قراءة القرآن في غير الصلاة فالقراءة من المصحف أولى لأنه أقرب إلى الضبط وإلى الحفظ إلا إذا كانت قراءته عن ظهر قلب أحفظ لقلبه وأخشع له فليقرأ عن ظهر قلب.
أما في الصلاة، فالأفضل أن يقرأ عن ظهر قلب وذلك لأنه إذ قرأ من المصحف فإنه يحصل له عمل متكرر في حمل المصحف وإلقائه وفي تقليب الورق وفي النظر إلى حروفه وكذلك يفوته وضع اليد اليمنى على اليسرعلى الصدر في حال القيام وربما يفوته التجافي في الركوع والسجاد إذا جعل المصحف في إبطنه ومن ثم رجحنا قراءة المصلي عن ظهر قل على قراءته من المصحف.
هذه وبعض المأمومين نشاهدهم خلف الإمام يحملون المصحف يتابعون قراءة الإمام وهذا أمر لا ينبغي لما فيه من الأمور التي ذكرناها ولأنه لا حاجة لهم إلا أن يتابعوا الإمام.(4/8)
نعم لو فرض أن الإمام ليس يجيد الحفظ وقال لأحد المأمومين صل ورائي وتابعني في المصحف إذا أخطأت فغن هذه لا بأس به.
* * * *
لماذا أية الكرسي أعظم آية
س - لماذا كانت آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله تعالى؟!
ج - أية الكرسي تشتمل على التوسع في صفات الله تعالى وتوحيده وإثبات ما يليق به وما ينزه عنه من صفات النقص ولا يوجد ذلك مجمتمعا في مثلها فلذلك ورد في فضلها أحاديث، وفي قراءتها بعد الصلوات وعند النوم ونحو ذلك. وأنها تطرد من الشيطان، وفي قراءتها فضل كبير.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
كيف تحفظ القرآن
س - هل هناك حديث بين كيفية حفظ القرآن الكريم، وما حكم من صلى وعليه ثوب نجس ولم يتذكر إلا وهو في الصلاة؟ وثل هناك أحاديث واردة عن فضل سورة {الكافرون} ؟
ج - ورد لحديث في سنن الترمذي برقم 3641 في باب دعاء الحفظ في قصة علي بن أبي طالب عندما اشتكى سوء حفظه فعلمه دعاء طويلا يدعو به ليلة الجمعة بعد أن يصلي أربع ركعات لكنه حديث ضعيف لا يثبت مثله لكن جنس الدعاء مرغوب فيه لحفظ القرآن وغيره وقد يسر الله القرآن الكريم للحفظ والفهم كما قال تعالى {فإنما يرناه بلسانك} وقد ذكر العلماء من أمثل الطرق لحفظ القرآن الفهم لمعانيه ثم تكراره وإدامه قراءته شيئا فشيئا ثم تعاهده كل يوم وكل أسبوع حتى يرسخ في الذهن وقد جاء في الحديث {تعاهدوا القرآن فلهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها} فمن داوم عليه ولم يتغافل عنه بقى في ذاكرته إلى الموت.(4/9)
أما صلى وعليه نجاسة في ثوبه أو بدنه أو بقعته ولم يتذكر إلا بعد الفراغ فإنه لا يعيد للعذر بالخطأ والنسيان فإن تذكر في نفس الصلاة لزمه الإنصراف وغسلها وأستأنف الصلاة لأنه إذا بطل بعضها لزمت إعادتها.
فأما سورة {الكافرون} ففي الترمذي عن ابن عباس مرفوعا أنها تعدل ربع القرآن وقد كان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يقرأ بها مع سورة {قل هو الله أحد} في سنة الفجر وركعتي الطواف وغير ذلك وأمر بقراءتها عند النوم وأخير بأنها براءة من الشرك وهي تتضمن النوحيد العملي القصدي الإرادي وهو توحيد العبادة ولكن لابد من فهمها ومعرفة مدلولها.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم الإستلقاء أثناء قراءة القرآن الكريم
س - قراءة القرآن الكريم بالمصحف مستلقيا على الجنب أو الظهر هل فيها شيئ؟
ج - يجوز أن يقرأ القرآن جالسا وقائما وماشيا وساعيا وراكبا ومضجعا ومستلقيا ونحو ذلك لكن الأفضل أن يجلس متطهرا مستقبل القبلة بقبلة وقالبة على ما يقرأه متدبرا متعقلا حتى تم الإستفادة.
* * * *
لا حرج في الإجتماع على تلاوة القرآن
س - أقوم وزملائي في العمل بالإجتماع ليلة في الأسبوع تتلو فيها آيات محدودة من كتاب الله لتعلم وإجادة القرآن ثم نتحدث بعد ذلك في أمور عديدة.
وقد سمعنا أنه لا يجوز الإجتماع من أجل التلاوة ويجوز من أجل الحفظ فهل هذه صحيح؟
ج - لا حرج في الإجتماع من أجل التلاوة ومدارسة القرآن وحفظه والتفقه في الدين لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله(4/10)
ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وقد ذكرهم الله فيمن عنده} رواه مسلم في صحيحه وثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان يعرض القرآن على جبرائيل عليه السلام ويدارسه إياه كل ليلة في رمضان وكان، - صلى الله عليه وسلم -، يجلس مع أصحاب كثيراً يقرأ عليهم القرآن ويذكرهم باله عز وجل وربما أمر بعض أصحابه أن يقرأ عليه بعض القرآن.
وفيما ذكرناه كله دلالة صريحة على شعرية الإجتماع لسماع القرآن ومدارسته والمذاكرة فيه ومدارسة العلم. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم قراءة القرآن بشكل جماعي
س - ما حكم قراءة القرآن في المسجد جماعة؟
ج- السؤال فيه إجمال. فإذا كان المقصود أنهم يقرؤون جميع ابصوت واحد ومواقف ومقاطع واحدة فهذه غير مشروع وأقل جواله الكراهة لأنه لم يؤثر عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وعن الصحابة رضي الله عنهم لكن إذا كان ذلك من أجل التعليم فنرجو أن يكون ذلك لا بأس به وإن كان المقصود أنهم يجتمعون على قراءة القرآن لتحفظه أو تعلمه ويقرأ أحمدهم وهم يستمعون أو يقرأ كل منهم لنفسه غير ملتق بصوته ولا بموافقة مع الآخرين فذلك مشروع لما ثبت عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وحفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده} رواه مسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/11)
الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية عند ختم القرآن
س - هل داء ختم القرآن لشيخ الإسلام ابن تيمية به بأس وما الواجب عمله في السنة عند ختم القرآن الكريم؟
ج- الدعاء المنسوب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية عند ختم القرآن لا نعلم صحته عنه ولم نقف عليه بشيئ من التفسير. لكن قد اشتهرت نسبته إليه ولا نعلم فيه بأسا وإذا دعاه الإنسان بدعوات أخرى فلا بأس بذلك لعدم الدليل على تعين دعاء معين، والله الموفق وصلى الله عليه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الإجتماع في دعاء ختم القرآن
س - ما حكم الإجتماع في دعاء ختم القرآن العظيم وذلك بأن يختم الإنسان القرآن الكريم ثم يدعو بقية أهله أو غيرهم إلى الدعاء جماعيا لختم القرآن العظيم حتى ينالهم ثواب ختم القرآن الكريم الوارد عن شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - رحمه الله أو غيره من الأدعية المكتوبة في نهاية المصاحف المساة بدعاة ختم القرآن العظيم فهل يجوز الإجتماع على دعاء ختم القرآن العظيم سواء كان ذلك في نهاية شهر رمضان المبارك أو غيره من المناسبات وهل يعد هذه الإجتماع بدعة أم لا، وهل ورد عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، دعاء مخسس لختم القرآن العظيم؟
ج - لم يرد دليل على تعيين دعاء معين - فيما نعلم - ولذلك يجوز للإنسان أن يدعو بما شاء من الفتن وطلب التوفيق لفهم القرآن الكريم على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى والعمل به وحفظه ونحو ذلك لأنه ثبت عن أنس رضي الله عنه أنه كان يجتمع أهله عند ختم القرآن ويدعو، أما النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فلم يرد شيئ في ذلك فيما أعلم.(4/12)
أما الدعاء المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فلا أعلم صحة هذه النسبة إليه ولكنها مشهورة بين مشايخنا وغيرهم لكنني لم أقف على ذلك في شيئ من كتبه والله وأعلم.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/13)
قراءة القرآن بدون نقط أو حركات كانت بالتلقي
س - إنني أقرأ القرآن كثيراً وكنني لا أجيد أحكامه وأخطأ كثيراً في التلاوة فهل علي إثم في ذلك؟
ج - الواجب على المرء المسلم أن يتعلم تلاوة القرآن لفظا حتى يجيدها ويقرأها كما جاء عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وكما أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله، ويكون ذلك منه على قدر الإستطاعة وإذا كان يمكن أن يتأنى ويردد الكلمة مرة بعد أخرى حتى يقيمها منه على قدر الإستطاعة وإذا كان يمكن أن يتخلى حتى يقيمها على الصواب كان له في ذلك أجران كما أخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بقوله {الذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران} فأنت يا أخي اصبر وتأن وردد الكلمة مرة بعد أخرى حتى تقيمها على الوجه الذي جاءت عليه ولو كان في ذل كمشقة عليك فإن ذلك أعظم لأجرك وإياك أن تسرع وتهذ القرآن على وجه لا تبالي فيه خطأ كان أم صوابا فإن ذلك من الإستهانة بكلام الله - الله - عز وجل - ونحن نعلم أن هذا القرآن كلام الله - عز وجل - تكلم به سبحانه وتعالى كما نتلوه بهذه الحرف وبهذه الحركات وتلقاه جبريل عليه الصلاة والسلام من الله تعالى ثم ألقاه على قلب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كما تلقاه من الله.
كما قال تعالى {وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين، على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين}
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/14)
حكم وضع المصحف على الأرض
س - ما حكم وضع المصحف على الأرض الطاهرة أو السجادة؟
ج - الأولى أن يوضع على مكان مرتفع حتى يتحقق رفعه حسا ومعنى قال الله تعالى {مرفوعة مطهرة} فإذا احتجت إلى وضعه فضعه على مكان مرتفع ولو قليلا، فإذا لم يتيسر جاز وضعه على الأرض على فراش طاهر ونحوه ون ينزه المصحف بأن يوضع على مكان منخفض أو على مكان متنجس أو على التراب لما فيه من الإحتقار له، وإذا احتيج إلى وضعه على فراش طاهر فلا بأس بذلك مع الحرص على رفعه حسا ومعنى.
الشيخ ان جبرين
* * * *
حكم الترتيل في القراءة
س - هل يصح للمرأة قراءة القرآن الكريم قراءة صامته؟ أم الواجب عليها الترتيل في القراءة؟
ج - الترتيل في القراءة ليس بواجب لا على المرأة ولا على الرجل لكنه من آداب القراءة.. ومن حسن القراءة أن يترتل الإنسان ويتدبر المعنى ويتفهمه.. وله أن يقرآ قراءة سريعة بشرط ألا يكون فيها حذف للحروف أو بعضها..
أما الجهر بالقراءة أو الإسرار بها فهذا على حسب حال الإنسان إن كان إذا جهر يكون أنشط وأخشع فليجهر ما لم يؤذ أحدا.. وإن كان إذا أسر صار أخشع فليكن سرا..
وأن تساوي الأمران فهو مخير..
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/15)
الأفضل أن لا يختم القرآن في أقل من ثلاث
س - ما نصيحة الشيخ للذين يمضي عليهم الشهر والشهور الطويلة ولا يمسون كتاب الله الكريم بدون عذر وتجد أحدهم يتابع المجلات غير المفيدة؟
ج - يسن للمؤمن والمؤمنة الإكثار من قراءة كتاب الله مع التدبر والتعقل سواء كان ذلك من المصحف أو عن ظهر قلب لقول الله سبحانه {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب} وقوله {إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور. ليوفيهم أجورهم ويزيدهم ممن فضله إنه غفور شكور} . والتلاوة المذكور تشمل القراءة والإتباع. والقراءة بالتدبر والتعقل والإخلاص لله وسيلة للإتباع وفيها أجر عظيم كما قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إقرؤوا القرآن فإنه يأتي شفيعا لأصحابه يوم القيامة} خرجه البخار في صحيحه وقال، - صلى الله عليه وسلم -، وسلم {من قرآ حرفا من القرآن فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول [ألم] حرف. ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف} وثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص {إقرأ القرآن في كل شهر فقال إني أطيق أكثر من ذلك فقال إقرأه في سبع} وكان أصحاب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يختمونه في كل سبع.
ووصيتي لجميع قراء القرآن الإكثار من قراءته بالتدبر والتعقل واللإخلاص لله مع قصد الفائدة والعلم. وأن يختمه في كل شهر فإن تيسير أقل من ذلك فلذلك خير عظيم وله أن يختمه في أقل من سبع والأفضل ألا يختمه في أقل من ثلاث لأن ذلك هو أقل ما أرشد إله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عبد الله بن عمرو بن العاص ولن قراءته في أقل من ثلاث قد تفضي إلى العجلة وعدم التدبر ولا يجوز أن يقرأه من المصحف إلا على طهارة أما إن كان يقرأه عن ظهر قلب فلا حرج عليه أن يقرأه وهو على غير وضوء أما الجنب فليس له قراءته من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل لما روى الإمام أحمد وأهل السنن بإسناده(4/16)
حسن عن علي رضي الله عنه أنه قال {كان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لا يحجزه شيئ عن القرآن سوى الجنابة} ولالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم قول (صدق الله العظيم) بعد القراءة
س - ما حكم قول {صدق الله العظيم {بعد قراءة القرآن؟
ج- قول {صدق الله العظيم {بعد قراءة القرآن الكريم لا أصل له من السنة ولا من عمل الصحابة رضي الله عنهم، وإنما حدث أخيرا ولا ريب أن قول القائل {صدق الله العظيم} . ثناء على الله عز وجل فهو عبادة وإذا كان عبادة فإنهن لا يجوز أن نتعبد لله له وإلا مسنون فلا يسن للإنسان عند إنتهاء القرآن الكريم أن يقول {صدق الله العظيم} .
فإن قال قائل أفليس الله يقول {قل صدق الله} .
فالجواب بلى قد قال الله ذلك ونحن نقول صدق الله لكن هل قال الله ورسوله، - صلى الله عليه وسلم -، إذا أنهيتم القراءة فقولوا صدق الله العظيم. وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه كان يقرأ ولم ينقل عنه أنه كان يقول صدق الله العظيم. وقرأ عليه ابن مسعود رضي الله عنه من سورة النساء حتى بلغ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} النساء فقا لالنبي عليه الصلاة والسلام {حسبك} ولم يقل قل صدق الله العظيم ولا قاله ابن مسعود أيضا، وهذه دليل على أقول القائل عند إنتهاء القراءة {صدق الله العظيم ليس بمشروع} .
نعم لو فرض أن شيئا وقع مما أخبر الله به ورسوله فقلت صدق الله واستشهدت بآية من القرآن الكريم هذا لا بأس به لأن هذه من باب التصديق لكلام الله - عز وجل - كما لو رأيت شخصا منشغلا بأولاده عن طاعة ربه فقلت صدق الله العظيم {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} وما أشبه ذلك مما يستشهد به، فهذا لا بأس به.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/17)
أساب ترك البسملة في سورة التوبة
س - لماذا لم تبدأ سورة التوبة بالبسملة كغيرها من السور فإننا إذا أردنا قراءتها نقول قبل البدء فيها أعوذ بالله من النار ومن شر الكفار ومن غضب الجبار والعزة لله ولرسوله ثم نبدأ في السورة فهل هذا مشروع أم مخالف؟
ج- هذا الدعاء الذي ذكرته عن بدابة سورة براءة دعاء مبتدع لا أصل له، ولا يجوز للإنسان أن يبدأ به السورة وقد رأيت وأنا صغير رأيت هذا مكتوبا على هامش بعض المصاحف والواجب لمن أطلع عليه أن يطمسه وأن يزيله لأن هذا من البدع ولم يرد عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وأما بالنسبة لشق السؤال الأول وهو أنها لم تبدأ بالبسملة فلا نازلة أمام هذا السورة لكانت باقية بلا شك. لأن الله يقول {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وعلى هذا فلا يشرع للإنسان إذا ابتدأ بسورة {براءة} أن يقول {بسم الله الرحمن الرحيم} .
الشيخ ابن باز
* * * *
معنى التغني بالقرآن
س - ما معنى التغني بالقرآن يا سماحة الشيخ؟
ج- جاء في السنة الصحيحة الحث على التغني بالقرآن، يعني تحسني الصوت به وليس معناه أن يأتي به كالغناء. وإنما المعنى تحسين الصوت بالتلاوة ومنه الحديث الصحيح {ما(4/18)
أذن الله لشيئ كإذنه لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به} وحديث {ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به} ومعناه تحسن الصوت كما تقدم. ومعنى الحديث المتقدم {ما أن الله} أي ما استمتع الله {كإذنه} أي كستماعه، وهذا استماع يليق بالله لا يشابه صفات خلقه اللائق بالله عز وجل {ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير} والتغني الجهر به مع تحسين الصوت والخشوع فيه حتى يحرك القلوب لأن المقصود تحريك القلوب بهذا القرآن حتى تخشع وحتى تطمئن وحتى تستفيد، ومن هذا قصة أبي موسى الأشعري رضي الله لما مر عليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وهو يقرأ فجعل يستمع له عليه الصلاة والسلام بذلك قال أبو موسى لو علمت يا رسول الله أنك تستمتع إلى لحبرته لك تحبيراً. ولم ينكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام ذلك فدل على أن تحبير الصوت وتحسين الصوت والعناية بالقراءة أمر مطلوب ليخشع القارئ والمستمع ويستفيد هذا وهذا.
الشيخ ابن باز
* * * *
تقبيل المصحف
س - نلاحظ أن بعض الإخوان عندما يقوم بقراءة القرآن الكريم يقوم بتقبيل المصحف ويمسح به على عينيه ووجهه، هل هذا وارد في الشريعة؟
ج- لا نعلم لذلك أصلا في الشرع المطهر.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/19)
حكم ترجمة القرآن إلى غير اللغة العربية ومس الكافر
س - هل يمكن أن يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية مثلا ويقرؤه الكفار، والله تعالى يقول {إنهن لقرآن كريم، في كتاب مكنون، لا يمسه إلا المطهرون} ومكتوب على عنوان هذا الكتاب {ولله ما في السموات وما في لأرض وكان الله بكل شيئ محيطا، ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن} ؟
ج- لا يمكن ترجمة القرآن ترجمة تماثله في دقة تعبيره وعلو أسلوبه وجمال سبكه وإحكام نظمه وتقوم مقامه في إعجازه وتحقيق جميع مقاصده من إقادة الأحكام والداب والإبانة عن العبر والمعاني الأصلية والثانوية ونحو ذلك مما هو من خواص مزاياه المستمدة من كمال بلاغته وفصاحته ومن حاول ذلك فمثله كمثل من يحاول أن يصعد إلى السماء بلا أجهزة ولا سلم أو يحاول أن يطير في الجو بلا أجنحة ولا آلات.
ويمكن أن يعبر العالم عما فهمه من معاني القرآن حسب وسعه وطاقته بلغة أخرى ليبين لأهلها ما أدركه فكره من هداية القرى، وما استنبطه من أحكامه أو وقف عليه من عبره ومواعظه لكن لا يعتبر شرحه لتك غير اللغة العربية قرأنا ولا ينزل منزلته من جميع النواحي بل هو نظير تفسير القرآن باللغة العربية قرآنا ولا ينزل منزلته من جميع النواحي بل هو نظير تفسير القرآن بلاغة العربية في تقريب المعاني والمساعدة على الإعتبار واستنباط الأحكام، ولا يسمى ذلك التفسير قرآنا، وعلى هذا يجوز للجنب والكفار مس ترجمة معاني القرآن بغير اللغة العربية، كما يجوز مسهم تفسيره باللغة العربية.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم قراءة القرآن
س - ما حكم قراءة القرآن للناس بأجرة؟ افيدونا جزاكم الله خيرا.
ج- إن كان المقصود تعليم القرآن للناس وتحفيظهم إياه فلا حرج أخذ الأجرة على ذلك في أصح قولي العلماء للحديث الصحيح في القراءة على اللديغ بشرط أجرة معلومة ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، في الحديث نفسه {إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله} أخرجه(4/20)
البخاري- رحمه الله- في صحيحه أما إن كان المراد أخذ الأجرة على مجرد التلاوة في أي مناسبة فهذا لا يجوز أخذا الأجر عليه.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه لا يعلم نزاعا بين أهل العلمي في تحريم ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *
من حفظ شيئا من القرآن ثم نسيه
س - سمعت حديثا عن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، ما معناه أن من حفظ سورة القرآن أو آية من القرآن الكريم ونسي بعد ذل فقد ارتكب ذنبا، ما مدى صحة هذا الحديث؟
ج- هذا الحديث روي عليه الصلاة والسلام، من الوعيد الشديد على من حفظ آية من كتاب الله - عز وجل ثم نسيها وهذا الحديث إن صح فالمراد به من نسي الآية تهاونا وإعراضا عن كتاب الله - عز وجل - وعدم مبالاة به، وأما من نسيها بمقتضى الطبيعة أو بانشغاله بما يجب عليه من شؤون حياته وحياة أهله فإنه لا إثم عليه.
وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام سمع رجلا يقرأ فقال رحم الله فلانا لقد أذكرني آية كنت أنسيتها والنسيان من طبيعة البشر فقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون} .
والعجيب أن بعض الناس لتهيبه من عقوبة الله - عز وجل - يذهب به الهوى حتى يقول لن أحفظ شيئا من كتاب الله أخشى أن أحفظ شيئا فأنساه، فمنع نفسه من الخير بهذه الحجة التي لا أساس لها من الصحة. ونحن نقول احفظ كتاب الله - عز وجل - وتعاهده ما استطعت كما أمر بذلك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فإنه أمر بتعهد القرآن وقال {إنه أشد تفلتا من الإبل في عقلها} .
فأنت احفظ القرآن وتعهده وإذا نسيت شيئا بمقتضى الطبيعة لا للإعراض عن كتاب الله ولا للتهاون به فإن ذلك لا يضرك وليس عليك إثم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/21)
حكم ترجمة القرآن إلى اللغات الخرى
س - هل يجوز ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو العبرية؟
ج- أما ترجمة الفاظ القرآن الكريم فهذا لا يمكن وهو من المستحيل لأنه لا يمكن أن يأتي بلفظ يماثل اللفظ القرآني لأن اللفظ القرآني معجز في ألفاظه وتراكيبه وإنما تجوز ترجمة معاني القرآن الكريم أي ترجمة تفسير القرآن الكريم باللغات المختلفة للحاجة إلى ذلك بأن يختار تفسير من التفاسير المؤثوقة من تفاسير السلف الصالح المعتمدة أو التفاسير التي تتمشى على مذهب السلف وتترجم للمحتاجين إليها ببعض اللغات الأخرى غير العربية ليعرفوا معاني القرآن الكريم بلغتهم مع أن الواجب على المسلم تعلم اللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم والشريعة الإسلامية حتى يستطيع فهم دينه وكلام به وسنة نبيه على الوجه الصحيح.
الشيخ ابن عثمين
* * * *
حكم قراءة القرآن في منزل فيه كلب
س - ما حكم قراءة القرآن في منزل فيه كلب؟
ج- لا حرج في ذلك والواجب إخراج الكلب وعدم إبقائه في المنزل إلا إذا كان لأحد ثلاثة أمور وهي الصيد والحرث والماشية لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان} متفق عليه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/22)
الأطفال ومس المصحف
س - ما حكم مس الأطفال للمصحف الشريف؟
ج- اختلف العلماء - رحمهم الله - في جواز مس المصحف للمحدث فمن أهل العلم من يقول أن مس المصحف لمحدث حائز وذلك لعدم الدليل الصحيح الصريح في منع المحدث من مس المصحف والأصل براءة الذمة وعدم الالتزام.. ومن العلماء من قال إنه لا يحل مس المصحف إلا على طهارة لأن في حديث عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم {إلا يمس القرآن إلا طاهر} والطاهر هنا هو الطاهر من الحدث.
وهذا القول أصح من القول الأول، لأن كلمة طاهر وإن كانت مشتركة بين الطهارة المعنوية والطهارة الحسية لكن المعهود من خطاب الشارع إلا يعبر بكلمة طاهر لمن كان طاهراً طهارة معنوية والطاهر طهارة معنوية هو المسلم ويبقى النظر هل يشمل الحكم الصغار الذي يتعلمون القرآن؟ فيلزمهم الوضوء؟ أو لا يشملهم لأنهم غير مكلفين؟ في هذا خلاف بين العلماء.. فمنهم من قال أن الصغير لا يلزمه أن يتوضأ لمس المصحف، لأنه غير مكلف، ومنهم من قال أنه يلزمه، فيلزم بأن يتوضأ وهذا لا شك أن أحوط وفيه من المصلحة أننا نغرس في قلوبهم إكرام كلام الله - عز وجل - فإذا كان في الزامهم صعوبة فإنه من الممكن أن يمس المصحف من وراء حائل فإن مس المصحف من وراء حائل جائز للمحدث وغير المحدث.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لا يمس القرآن إلا طاهر
س - ما حكم مس المصحف بدون وضوء أو نقله أو تحريكه.. من مكان إلى آخر علماً بأن الذي مسه طاهر في جسمه؟
ج- مس المصحف على غير وضوء لا يجوز عند جمهور أهل العلم والذي عليه الأئمة الأربعة - رحمه الله عليهم - وهو الذي كان يفتي به أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام،(4/23)
أنه مس القرآن إلا طاهر، وقد ورد في ذلك حديث صحيح لا بأس به من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كتب إلى أهل اليمن أن لا يمس القرآن إلا طاهر.
وهو حديث جيد له طرق يشد بعضها بعضا، هذا هو الواجب، وكذلك نقل المصحف أو تحريكه من مكان إلى مكان، لا ينقله إلا من كان طاهراً أو إذا تم ذلك بواسطة كأن يأخذه في لفافة أو يكون المصحف في لفافة فيأخذه بالعلاقة، أما أخذه مباشرة بيديه وهو على غير طهارة فلا يجوز على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، وأما القراءة فلا بأس أن يقرأ وهو محدث عن ظهر قلب، أو يقرأ ويمسك عليه القرآن من يرد عليه.. ويفتح عليه فلا بأس، لكن الجٌنب لا يقرأ، لأنه ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه لا يحجزه شيء عن القرأءة إلا الجنابة، فروى أحمد بإسناد جيد عن عائشة رضي الله عنها أن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج من الغائط وتلا شيئاً من القرآن وقال هذا لمن ليس به جنب أما الجنب فلا ولا آيه ".
المقصود أن من عليه الجنابة لا يقرأ لا من المصحف ولا عن ظهر قلب، حتى يغتسل، وأما من عليه الحدث الأصغر وليس بجنب فهذا يقرأ عن ظهر قلب، ولا يمس المصحف، وهنا مسألة تتعلق بهذا وهي الحائض والنفساء وهل تقرآن أم لا تقرآن؟ في ذلك خلاف بين بأهل العلم، فمنهم من قال لا تقرآن، ومنهم من قال تقرآن عن ظهر قلب دون مس المصحف لأن مدتها تطول أي مدة الحيض والنفاس وليس مثل الجنب حيث يغتسل في الحال ويقرأ، لكن فترة الحيض قد تطول وتصل إلى عشرة أيام أو نحوها والنفساء كذلك تطول فترتها أكثر فالصواب لا مانع من قراءتهما عن ظهر قلب وهذا هو الأرجح فقد ثبت في الصحيحيحن عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال لعائشة لما حاضت في الحج، {أفعلى ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري} .
والحاج يقرأ القرآن ولم يستثنه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على جواز القرآءة لها وهكذا قال لأسماء بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر في الميقات في حجة الوداع، هذا يدل على أنها تقرأ ولكن دون مس المصحف.. وأما حديث ابن عمر عن النبي،(4/24)
- صلى الله عليه وسلم -، قال {لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن} فهو حديث ضعيف في إسناده موسى بن عتبة وفي إسناده ابن عياش عن موسى بن عتبة وأهل العلم بالأحاديث يضعفون رواية موسى ويقولون إنه جيد في روايته عن أهل الشام بلاده ولكنه ضعيف في روايته عن أهل الحجاز وهذا الحديث من روايته عن أهل الحجار فيكون ضعيفاً.
الشيخ ابن باز
* * * *
بعض الفراغ من الصحف والأوراق التي بها اسم الله تحرق أو تدفن
س - إننا نجد بعض آيات القرآن الكريم في بعض الصحف والمذكرات كما أننا نجد " بسم الله الرحمن الرحيم " في بداية بعض الأوراق والرسائل فماذا نصنع بهذه الآيات بعد أن نفرغ من قراءة الصحيفة أو المستند أو الرسالة.. هل نقوم بتمزيقها أم حرقها أم ماذا نصنع بها؟
ج- الواجب بعد الفراغ من الصحف والأوراق المذكورة حفظها أو إحراقها أو دفنها في القمامات ولا طرحها في الأسواق ولا اتخاذها ملفات للحاجات ولا فراشا للطعام ونحو ذلك لما في هذا العمل من الامتهان لها وعدم الصيانة. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
الشرع لا يمانع في قراءة الحائض للقرآن
س - هل يجوز للحائض قراءة كتب الأديعة يوم عرفة على الرغم من أن بها آيات قرآنية؟
ج- لا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء الأدعية المكتوبة في مناسك الحج ولا بأس أن تقرأ القرآن على الصحيح أيضاً لأنه لم يرد نص صحيح صريح يمنع الحائض والنفساء من قراءة القرآن إنما ورد في الجنب خاصة بأن لا يقرأ القرآن وهو جنب لحديث على رضي الله عنه وأرضاه أما الحائض والنفساء فورد فيهما حديث ابن عمر {لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن} ولكنه ضعيف لأن الحديث من رواية اسماعيل بن عياش عن الحجازيين وهو ضعيف في روايته عنهم، ولكنها تقرأ بدون مس المصحف عن ظهر قلب أما الجنب فلا يجوز(4/25)
له أن يقرأ القرآن لا عن ظهر قلب ولا من المصحف حتى يغتسل والفرق بينهما أن الجنب وقته يسير وفي إمكانه أن يغتسل في الحال من حين يفرغ من اتيانه أهله فمدته لا تطول والأمر في يده متى شاء اغتسل وإن عجز عن الماء تيمم وصلى وقرأ أما الحائض والنفساء فليس بيدهما وإنما هو بيد الله عز وجل، فمتى طهرت من حيضها أو نفاسها اغتسلت، والحيض يحتاج إلى أيام والنفاس كذلك، ولهذا أبيح لهما قراءة القرآن لئلا تنسيانه ولئلا يفوتهما فضل القرأءة وتعلم الأحكام الشرعية من كتاب الله فمن باب أولى أن تقرأ الكتب التي فيها الأدعية المخلوطة من الأحاديث والآيات إلى غير ذلك هذا هو الصواب وهو أصح قولى العلماء رحمهم الله في ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *
طهارة قارئ القرآن
س - هل المدرس الذي يدرس تلاميذه القرآن من المصحف الشريف يجب عليه أن يكون طاهراً أم لا يشترط طهارته؟
ج- المدرس وغيره في هذا الباب سواء ليس له أن يمس المصحف وهو على غير طهارة عند جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة رحمة الله عليهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم {لا يمس القرآن إلا طاهر} وهو حديث جيد الإسناد رواه أبو داود وغيره متصلاً ومرسلاً وله طرق تدل على صحته واتصاله وبذلك أفتى أصحاب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ورضي الله عنهم والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
لماذا أكثر القرآن الكريم من ذكر موسى وقومه
س - لماذا أكثر القرآن من ذكر بين إسرائيل، والاستشهاد بقصة موسى في أكثر السور؟
ج- لأن موسى من أولى العزم، وقد كلمه الله تكليماً وفضله بأنواع من المعجزات الشيء الكثير وأرسله إلى فرعون وأهلك عدوه المكذب للرسل، ثم من على بني إسرائيل ونجاهم(4/26)
من عدوهم وأسمعهم كلامه وأراهم المعجزات وفضلهم على أهل ومانهم، ومع ذلك كله كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم، وهو يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فالقرآن يوبخهم حيث علموا ولم يعملوا وعرفوا الحق ولم يقبلوه لذلك أكثر من ذكرهم.
الشيخ ابن جبرين
حكم قرأة القرأن للحائض والنفساء
س - اعتدت يا سماحة الشيخ أن أقرأ بعض السور من القرآن قبل النوم، ولكن هناك أياماً لا يمكنني أن أقرأ فيها بسبب الدورة الشهرية، فهل يجوز أن أكتب السور في ورقة وأقرأها أيام الدورة الشهرية؟
ج- يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن في أصح قولي العلماء لعدم ثبوت ما يدل على النهي عن ذلك بدون مس المصحف، ولهما أن يمسكاه بحائل كثوب طاهر ونحوه، وهكذا الورقة التي كتب فيها القرآن عند الحاجة إلى ذلك، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم مس القرآن لغير الطاهر
س - لوحظ كثر من طلاب المدارس داخل المملكة وغيرها أنهم يمسون القرآن الكريم من غير طهور من البول، وهذا عادة منتشرة بكثرة في المدارس وقد قال تعالى {لا يمسه إلا المطهرون} وقال صلى الله عليه وسلم {لا يسم القرآن إلا طاهر} . فما الحكمة من ذلك وهل من عمل ذلك يؤثم؟
ج- يلزم ولاة أمور الطلاب أن يعلموهم بالفعل ما يجب لكل عبادة ومن ذلك قرأة القرآن في المصحف وأن ذلك يتوقف على الطهارة الكاملة وهكذا على المدرسين لمادة القرآن أن ينبهوا على ذلك في بدء كل درس ويلزموا كل من أحدث أن يجدد الوضوء فالمياه متوافرة بحمد الله في كل مدرسة ليلاً ونهاراً وصفة الوضوء معروفة للطفل منذ التحاقه بالمدرسة والأدلة التي ذكرها السائل كافية في لزوم الطهارة لمس المصحف الذي هو تنزيل من رب العالمين أي(4/27)
مشتمل ومحتو على الكلام المنزل من الله تعالى فإن الله لما وصفه بأنه لا يمسه إلا المطهرون اتبع ذلك بأنه تنزيل منه وهذا الوصف يرجع أن السياق في هذا القرآن الموجود في المصاحف وأن المراد المطهرون من الكفر والشرك ومن الحدثين الأصغر والأكبر لعموم الدليل وإذا كان المراد الكتاب المكنون الذي لا يقربه إلا الملائكة فإن القرآن فرع منه فلا يمسه إلا من هو طاهر باطناً وظاهراً والله أعلم
الشيخ ابن جبرين
* * * *
صاحب الحدث الأصغر لا يمس المصحف
س - نرجو إفادتنا عن حكم قراءة القرآن لمن كان عليه حدث أصغر؟
ج- قراءة القرآن الكريم لمن عليه حدث أصغر لا بأس بها إذا لم يمس المصحف، لأنه ليس من شرط جواز القراءة أن يكون الإنسان على طهارة، وأما إذا كان عليه جنابة فإنه لا يقرأ مطلقاً حتى يغتسل، ولكن لا بأس أن يقرأ ذكراً من القرآن مثل أن يقول {بسم الله الرحمن الرحيم} ، أو يصاب بمصيبة فيقول {إن لله وإنا إليه راجعون} أو نحو ذلك من الأذكار المأخوذة من القرآن الكريم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الأشرطة ليست كالورق
س - هل يجوز رمي الأشرطة التي تحتوى على تسجيلات للآيات القرآنية وبعض الأحاديث الشريفة في سلة المهملات؟
ج- هذ الأشرطة التي تتضمن شيئاً من الأحاديث النبوية أو الآيات الكريمة لا يظهر فيها أثر بالنسبة للآيات أو الأحاديث وإنما هي حبيبات أو نبرات إذا مرت بالبكرات التي في جهاز التسجيل حصل منها هذا الصوت فلا تشتملها أحكام الورق الذي يكتب فيه شيء من القرآن أو الأحاديث فإذا رماها الإنسان في أي مكان بشرط ألا يقصد اهانتها فإنه لا حرج(4/28)
عليه في ذلك كما أنه لو دخل بها مكان قضاء الحاجة فإنه ليس في ذلك بأس لأن الآيات أو الأحاديث لا تظهر في الأشرطة.
الشيخ ابن عثمين
* * * *
وضع المصحف في السيارة وغيرها بقصد التبرك
س - يعلق بعض الناس آيات قرآنية وأحاديث نبوية في غرف المنازل أو في المطاعم أو المكاتب، وكذلك في المستشفيات والمستوصفات يعلقون قوله تعالى {وإذا مرضت فهو يشفيه} . وغير ذلك.. فهل تعليق ذلك يعتبر من التمائم المنهي عنها شرعاً، علما بأن مقصودهم استنزال البركات وطرد الشياطين، وقد يقصد من ذلك أيضاً تذكير الناسي وتنبيه الغافل.. وهل من التمائم وضع المصحف في السيارة بحجة التبرك به؟
ج- إذا كان المقصود بما ذكره السائل تذكره الناس وتعلميهم ما يتفعهم فلا حرج في ذلك، أما إذا كان المقصود اعتبارها حرزاً من الشياطين أو الجن فلا أعلم لهذا أصلا وهكذا وضع المصحف في السيارة للتبرك بذلك ليس له أصل وليس بمشروع، أما إذا وضعه في السيارة ليقرأ فيه بعض الأحيان أو ليقرأ فيه بعض الركاب فهذا طيب ولا بأس.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
تعليق الآيات في المكاتب.. لا بأس به
س - هل يجوز تعليق الآيات القرآنية في المكاتب؟ وهل صحيح أن حكمها حكم الصور المعلقة؟
ج- تعليق الصور لا يجوز، أما تعليق الآيات والأحاديث في المكاتب للتذكير فلا نعلم بأسا بذلك.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/29)
حكم قراءة القرآن بصوت مرتفع عند من يصلي
س - هل تجوز تلاوة القرآن بصوت مرتفع بالمسجد علماً بوجود من يتنفل في تلك اللحظات بالمسجد من المصلين؟
ج- لا ينبغي رفع الصوت بالقراءة في المسجد إذا كان حوله من يتشوش بذلك من المصلين والقراءة وهكذا إذا كان القارئ في أي مكان حوله مصلون أو قراء فإن السنة أن لا يرفع صوته عليهم لما ثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه خرج ذات يوم على أناس يصلون في المسجد ويجهورن بالقراءة فقال عليه الصلاة والسلام كلكم يناجي الله فلا يؤذي بعضكم بعضاً.
الشيخ ابن باز
* * * *
لا يجهر بعضكم على بعض القرآن
س - هل يبيح الإسلام لمسلم أو جماعة من المسلمين أن يرفعوا أصواتهم بتلاوة القرآن الكريم أو أي شيء آخر والناس يؤدون الصلاة؟
ج- لا يبيح الإسلام رفع الصوت في المساجد بتلاوة القرآن أو أذكار أخرى أو حديث دنيوي أو نحو ذلك حين يصلي الناس لما فيه من التشويش على المسلمين وتشويش بعضهم على بعذ وقد ثبت في الحديث لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن ثم إذا كانت الصلاة القائمة هي المكتوبة ولم يدخل من يجهر بالتلاوة أو الذكر مع الإمام فقد ارتكب معصية التخلف على الجماعة وهو في المسجد إلى جانب معصية رفع الصوت بالتلاوة أو الذكر والتشويش على المسلمين.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/30)
حكم الاستماع إلى القرآن من المذياع
س - ما حكم الاستماع إلى القرآن المذياع من الراديو؟
ج- الراديو آله لا حكم لها في نفسها وإنما الحكم لما يذاع بها فإن أذيع من الراديو قرآن أو بيان حق لشرائع الله أو مواعظ ترفق القلوب أو أخبار سياسة عادلة يعرف منها الناس أحوال العباد والبلاد ليكونوا على بينة من أمرهم، وما يراد بهم وليتخذوا لأنفسهم موقفاً سليماً ناجحاً ممن يواليهم ويعاديهم أو أذيع منه أخبار تجارية يعرف بها الناس ما ينفعهم في حياتهم وفي معاشهم إلى غير هذا من المصالح كان السماع خيراً وقد يكون واجباً أحياناً وإن أذيع منه غناء ماجن فيه تخنث أو استهتار أو أذيع منه أخبار سياسية كاذبة هوجاء سداها قلب الحقائق والتلبيس على الناس ولحمتها بهرج التهريج وإثارة العواطف بقول الزور والاثم والبهتان إلى مثل هذا من الرذائل كان ما أذيع باطلاً لا يليق بالمسلمين السكوت عنه ولا الاستماع له اللهم إلا أن يكون من يستمع للأخبار الكاذبة أو الآراء المغرضة والأقوال المنحرفة ممن عندهم وعي ولهم في الأمة شأن ليقوموا بكشف زائفها وبيان وقاية الأمة من غائلتها وصيانة لمن يخشى عليه أن ينخدع بزخرفها.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
ترتيب النزول
س - كيف تم ترتيب آيات وسور القرآن الكريم وما آخر أية نزلت منه؟
ج- ترتيب القرآن الكريم بالنسبة للآيات كان بتوقيف من الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، فكان يقول ضعوا آيه كذا في سورة كذا أما ترتيب السور فبعضه توقيفي وبعضه اجتهادي فما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه رتبه فهو توقيفي كما في سورة البقرة وآل عمران، فإن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كان يقرن بينهما دائماً وذلك لفضلهما وكذلك(4/31)
سورتا سبح والغاشية والجمعة والمنافقون المهم أن ماثبت أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، رتبه فهو توقيفي وما لم يثبت فهو من اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم، ومع ذلك فلا يبنغي لنا أن نعدل عما اتفقوا عليه بل تمشي على ما هو موجود في المصحف الكريم، أما آخر أية نزلت فقد اختلفوا في ذلك فبعضهم قال أنها آية الربا وبعضهم قال إنها {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
مخرج الضاد والصلاة خلف من لا يخرجه من مخرجه
س - ما مخرج حرف الضاد وبأي صوت يظهر يؤدي من مخرجه الأصلي؟ بعض الناس في بلادنا باكستان والهند يقرؤونه غدواد أو داود أو شبيها بالدال المفخمة فيظهر صوت الحرف في قوله تعالى {ولا الضالين} . ولا غد والين أو ولا الدولين أو ولا الدولين على الترتيب. والآخرون منهم يقرءونه مشابهة للطاء المعجمة إلا أن الفرق يظهر واضحاً بين تلفظ الضاد والطاء على حسب المخرج، فافتى الفريق الأول بعدم جواز الصلاة خلف الفريق الثاني أو بتقليل الأجر والثواب على الأقل فيا معشر علماء الحق أوضحوا مخرج حرف الضاد والفرق بينه وبين حرف الظاء المعجمة وأيضاً فصلو المسألة من حيث الشرع حاكمين بين الفريقين المذكورين؟
ج-
أولا مخرج الضاد من إحدى حافي اللسان اليمنى أو اليسرى بعد مخرج الياء وقبل مخرج اللام ما يلي الأضراس، وتخرج الضاد من أقرب حافة اللسان إلى مقدم الفم وصوت الضاد بين صوت الدال المفخمة والطاء المعجمة تقريباً والنطق بالضاد كما ذكر في السؤال خطأ.
ثانيا من قدر على أن يجود حرف الضاد حتى مخرجه الصحيح وجب عليه ذلك ومن عجز عن تقويم لسانه في حرف الضاد أو غيره كان معذوراً وصحت صلاته ولا يصلي إماماً إلا بمثله أو من دونه لكن يغتفر في أمر الضاد والظاء ما لا يغتفر في غيرهما،(4/32)
لقرب مخرجها وصعوبة التمييز بينهما في المنطق كما نص عليه جمع من أهل العلم منهم الحافظ ابن كثير في تفسير القاتحة.
اللجنة الدائمة
* * * *
السور المنجيات
س - جاءني بعض طلبة دار الحديث بالمدينة المنورة بنسخة تسمى السور المنجيات فيها سورة الكهف والسجده ويس وفصلت والدخان والواقعة والحشر والملك، وذكر أنها وزع منها الكثير في حرم مكة والمدينة وغيرهما فهل هناك دليل على تخصيصها بهذا الوصف وتسميتها بهذا الاسم؟
ج- القرآن كله سورة وآياته شفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين، ونجاة لمن اعتصم به واهتدى بهداه من الكفر والضلال والعذاب الأليم، وبين رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بقوله وعمله وتقريره جواز الرقية، ولم يثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه خص هذه السور الثمان بأنها توصف أو تسمى بالمنجيات بل ثبت أنه كان يعوذ نفسه بالمعوذات الثلاث {قل هو الله أحد} ، {وقل أعوذ برب الفلق} ، {وقل أعوذ برب الناس} يقرؤهن ثلاث مرات وينفث في كفيه عقب كل مرة ويمسح بها وجهه وما استطاع من جسده، ورقى أبو سعيد بفاتحة الكتاب سيد حي من الكفار قد لدغ فبرأ بإذن الله وأقره النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على ذلك، وقرر قراءة آية الكرسي عند النوم، وأن من قرأها لم يقربه شيطان تلك الليلة، فمن خص السور المذكورة في السؤال بالمنجيات فهو جاهل مبتدع، ومن جمعها على هذا الترتيب مستقلة عما سواها من سور القرآن رجاء النجاة أو الحفظ أو التبرك بها فقد أساء في ذلك وعصى لمخالفته لترتيب المصحف العثماني الذي أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم ولهجره أكثر القرآن وتخصيصه بعضه بما لم يخصه به رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولا أحد من أصحابه وعلى هذا فيجب منع هذا العمل والقضاء على ما طبع من هذه النسخ انكاراً للمنكر وإزالة له.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/33)
من قرارات المجمع الفقهي بمكة المكرمة
حكم تغيير رسم المصحف العثماني
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.. أما بعد -
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد أطلع على خطاب الشيخ هاشم وهبة عبد العال من جدة الذي ذكر فيه موضوع {تغيير رسم المصحف العثماني إلى الرسم الاملائي} وبعد مناقشة هذه الموضوع من قبل المجلس واستعراض قرار هيئة كبار العلماء بالرياض رقم (71) وتاريخ 21 10 1399هـ. الصادر في هذا الشأن وما جاء فيه من ذكر الأسباب المقتضية بقاء كتابة المصحف بالرسم العثماني وهي
1- ثبت أن كتابة المصحف بالرسم العثماني كانت في عهد عثمان رضي الله عنه وأنه أمر كتبة المصحف أن يكتبوه على رسم معين، ووافقه الصحابة، وتابعهم التابعون، ومن بعدهم إلى عصرنا هذا. وثبت أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي} ، فالمحافظة على كتابة المصحف بهذا الرسم هو المتعين اقتداء بعثمان وعلي وسائر الصحابة، وعملاً باجماعهم.
2- أن العدول عن الرسم العثماني إلى الرسم الاملائي الموجود حالياً بقصد تسهيل القراءة يفضي إلى تغيير آخر إذا تغير الاصطلاح في الكتابة لأن الرسم الإملائي نوع من الاصطلاح قابل للتغير باصطلاح آخر. وقد يؤدي ذلك إلى تحريف القرآن بتبديل بعض الحروف أو زيادتها أو نقصها فيقع الاختلاف بين المصاحف على مر سنين ويجد أعداء الإسلام مجالا للطعن في القرآن الكريم، وقد جاء الإسلام بصد ذرائع الشر ومنع أسباب الفتن.
3- ما يخشى من أنه إذا لم يلتزم الرسم العثماني في كتابة القرآن أن يصير كتاب الله العوبة بأيدي الناس كلما عنت لانسان فكرة في كتابته اقترح تطبيقها فيقترح بعضهم كتابته باللاتينية أو غيرها هذا ما فيه من الخطر ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح.(4/34)
…وبعد اطلاع مجلس المجمع الفقهي الإسلامي على ذلك كله قرر بالاجماع تأييد ما جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية من عدم جواز تغيير رسم المصحف العثماني، ووجوب بقاء رسم المصحف العثماني على ما هو عليه ليكون حجة خالدة على عدم تسرب أي تغيير أو تحريف في النص القرآني، واتباعاً لما كان عليه الصحابة وأثمة السلف رضوان الله عليهم أجمعين. أما الحاجة إلى تعليم القرآن وتسهيل قراءته على الناشئة التي اعتادت الرسم الاملائي الدارج، فإنها تتحقق عن طريق تلقين المعلمين، إذا لا يستغنى تعليم القرآن في جميع الأحوال عن معلم، فهو يتولى تعليم الناشئين قراءة الكلمات التي يختلف رسمها في قواعد الاملاء الدارجة، ولا سيما إذا لوحظ أن تلك الكلمات عددها قليل وتكرار ورودها في القرآن كثير ككلمة {الصلوة} و {السموات} ونحوهما، فمتى تعلم الناشئ الكلمة بالرسم العثماني سهل عليه قراءتها كلما تكررت في المصحف، كما يجرى مثل ذلك تماماً في رسم كلمة {هذا} و {ذلك} في قواعد الاملاء الدارجة أيضاً.
والله ولي التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
التوقيع ... التوقيع
نائب الرئيس ... رئيس مجلس المجمع الفقهي
د. عبد الله عمر نصيف ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
………………
…………(4/35)
حكم قول صدق الله العظيم بعد قراءة القرآن
س - ما حكم قول صدق الله العظيم بعد الفراغ من قراءة القرآن الكريم؟
ج- هذه كلمة شاعت بين الناس وكثرت وليس لها أصل عند أهل العلم في هذا المقام، فينبغي عدم اعتيادها، فهي داخلة في قوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} فهي أشبه بالبدعة، فإن لم تقل بدعة، فإن لم تقل بدعة فهي أشبه بها، حيث ملازمتها في كل قراءة، حتى إن بعضهم صار يقرؤها في الصلاة واعتادها.
فلم يؤثر عن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، ولا عن سلف الأمة، أنهم كانوا إذا فرغوا من القراءة قالوا صدق الله العظيم، أما كونها شاعت بين الناس وانتشرت واستحسنتها بعض العقول، فهذا لا يكفي في شرعيتها أو استحسانها أو لزومها. لو فعلها الإنسان بعض الأحيان تعظيماً لكتاب الله عندما يقرأ شيئاً يتعجب منه، ويظهر له ما به من الخير العظيم، يقول صدق الله العظيم الله ما أعظم هذا.. من باب التعجب ومن باب إظهار عظمة كتاب الله فلا بأس، أما اعتياد ذلك عند كل تلاوة فليس لهذا أصل مما علمنا بعد العناية وبعد التتبع المذاكرة مع أهل العلم.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم التكبير بعد قراءة سورة الضحى وما بعدها
س - سمعت بعض {القراء} في الإذاعة يكبر بعد سورة الضحى فهل هذا مشروع وهل ذلك عام في كل سورة غيرها؟ وهل يجوز التكبير في الصلاة بعد قراءتها؟
ج- ورد التكبير في قراءة عبد الله بن كثير قارئ مكة وهو أحد القراء السبعة وذكر أنه روى ذلك عن مشائخة إلى الصحابة وأنه من سورة الضحى إلى سورة الناس ولم ينقل هذا التكبير أهل الحديث فالظاهر أنه لم يثبت مرفوعاً ومع هذا لم يذكره أحد من القراء سوى ابن كثير فمن قرأ بقراءته كبر ولا ينكر على من كبر أو ترك والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين(4/36)
قراءة القرآن للنائم على السرير
س - هل يجوز للإنسان أن يقرأ القرآن وهو نائم على السرير؟
ج- نعم يجوز له أن يقرأ القرآن وهو نائم على السرير إلا إذا كان جنباً فإنه لا يقرأ القرآن حتى يغتسل.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
المقصود من قراءة القرأن التدبر والعمل
س - شخص يجيد القرأءة ولله الحمد فهل الأفضل في حقه الاكثار من تلاوة القرآن الكريم في المصحف أم الاستماع إلى أحد القراء عبر الأشرطة المسجلة؟
ج- الأفضل أن يعمل بما هو أصلح لقلبه وأكثر تأثيراً فيه من القراءة أو الاستماع لأن المقصود من القراءة هو التدبر والفهم للمعنى والعمل بما يدل عليه كتاب الله - عز وجل - كما قال الله سبحانه {كتاب أنزلناه إليك مبارك لديربروا وآياته وليتذكر أولو الألباب" وقال - عز وجل - {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} .. الآية. وقال سبحانه {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء..} الآية.
الشيخ ابن باز
* * * *
قرار المجمع الفقهي حول توزيع نسخ القرآن في غرف الفنادق
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً - أما بعد -
فإن مجلس المجمع الفهقي الإسلامي قد اطلع في جلسته السابعة، على خطاب معالي اللواء محمود شيت خطاب عضو مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بشأن توزيع نسخ من القرآن الكريم في غرف الفنادق وأن معاليه لا يرى ذلك مناسابً خشية امتهان المصحف.(4/37)
وبعد مناقشة الموضوع وتبادل الآراء فيه قرر المجلس أن المصلحة ظاهرة في جعله في غرف الفنادق لنعم منه الفائدة ولعله ينتفع به من لم يكن قرأ القرآن أو رآه.
كما أوصى الأمانة العامة للرابطة بارسال خطاب إلا معالي اللواء محمود شيت خطاب تشكره فيه على غيرته الدينية نحو كتاب الله عز وجل وتخبره برأي المجلس.
والله ولي التوفيق، وصلى الله على خير خلقه سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
* * * *
حكم التكلم بالقرآن بين الناس
س - هل يجوز التكلم بالقرآن فمثلاً إذا سلم بعض الناس بقوله {سلام قولاً من رب رحيم} ، كما فعلت المرأة في القصة التي حاكها عبد الله بن المبارك؟
ج- المعروف عند أهل العلم أنه لا ينبغي إتخاذ القرآن بدلاً من الكلام، بل الكلام له شأن والقرآن له شأن وأقل أحواله الكراهة. وعليه أن يسلم السلام العادي، هكذا كان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يفعل وأصحابه رضي الله عنهم يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وهكذا يستعمل العبارات المعتادة في تحية إخوانه.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم قول {صدق الله العظيم} بعد قراءة القرآن الكريم
س - ما حكم قول الإنسان {صدق الله العظيم} بعد قراءة القرآن؟
ج- قول الإنسان {صدق الله العظيم} كلمة تعتبر ثناء على الله - عز وجل- وكلمة الثناء على الله من العبادات لأنه يؤجر عليها الإنسان، ولهذا فإنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد بعبادة - أي عبادة كانت - إلا إذا شرعها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وقول " صدق الله العظيم " عند نهاية تلاوة القرآن ليست مشروعة ولم ترد عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيما نعلم ولا عن أصحابه، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام أمر ابن(4/38)
مسعود رضي الله عنه أن يقرأ عليه من سورة النساء حتى إذا بلغ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} قال صلى الله عليه وسلم حسبك. فتوقف ابن مسعود.
ولم يرد عنه، - صلى الله عليه وسلم -، في هذه الآية ولا غيرها أنه قال {صدق الله العظيم} ولا أمر به وعلى هذا فلا ينبغي للمء أن يقولها.
ويظن بعض الناس أن قولها مأخوذ من قوله تعالى {قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً} وهذا ليس بصحيح بل إن هذا أمر من الله تبارك وتعالى للنبي عليه الصلاة والسلام أن يبلغ المكذبين لله ورسوله بأنه تعالى صادق فيما أوحى به من وحيه على رسله.
ونحن لا نقول لك أيها المسلم لا تقل {صدق الله العظيم} بل قلها بقلبك ولسانك لكن لا تقيدها بهذه الحال، أي حال انتهاء القراءة لأن ذلك لم يرد.
ومن المعلوم أنه يجب أن يقول الإنسان بقلبه ولسانه {صدق الله العظيم} وأن يعتقد أنه لا أحد أصدق من الله حديثاً كما قال تعالى {ومن صدق من الله حديثاً} والمهم أنه ليس في هذه الآية دليل عى ما يقوله بعض الناس بقول اللسان صدق الله العظيم عند انتهاء القراءة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لا حرج في تفضيل قراءة أحدى سور القرآن
س - ما حكم تفضيل سورة على أخرى وخاصة أنني أحب أن أقرأ سورة مريم مثلاً أحياناً لأنني أحس براحة واستمتاع عند قراءتها؟
ج- لا حرج أن يفضل الإنسان سورة من القرآن على سورة أخرى لأي سبب من الأسباب وإلا فالكل كلام الله - عز وجل - فالقرآن من حيث المتكلم به وهو الله سبحانه وتعالى لا يتفاضل أما من حيث ما يشتمل عليه من المعاني الجليلة العظيمة فإنه يتفاضل ولهذا ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن أعظم سورة في كتاب الله سورة الفاتحة وإن أعظم آية في كتاب الله آيه الكرسي} .(4/39)
وكان أحد الصحابة قد بعثه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في سرية فكان يقرأ القرآن لأصحابه ويختتم بسورة الاخلاص. فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {سلوه لأي شيء كان يصنع ذلك} فقال لأنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها.
فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أخبروه أن الله يحبه} . وثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن سورة الإخلاص تعادل ثلث القرآن} فإذا كان هذا السائل يجب قراءة سورة مريم لما فيه من القصص العظيمة النافعة ولما فيها من ذكر الجزاء في اليوم الآخر والانكار على من كذب بآيات الله وكفر بها وأعجب بما أعطاه الله من المال وما إلى ذلك من المعاني فإن هذا لا بأس به ولا حرج عليه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
المسر بالقرآن.. كالمسر بالصدقة
س - أنا والحمد لله أقرأ القرآن جيداً بدرجة أقرب إلى الحفظ ولكن مشكلتي إذا جهرت في القراءة بدون مصحف كثيراً ما أغلط فهل قراءتي إذا قرأت في السر على جرم أو ينقص ذلك من ثوابي؟
ج- السر أفضل كما أوضح الحديث الذي رواه جماعة بإسناد حسن عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {المسر في القرآن كالمسر بالصدقة والجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة} .
هذا يدل على أن السر أفضل كما أن الصدقة في السر أفضل إلا إذا دعت الحاجة والمصلحة إلى الجهر كالامام الذي يصلي بالناس والخطيب الذي يخطب بالناس، فإذا كان السر أنفع لك فهو أفضل إلا إذا احتاج إليك إخوانك لتسمعهم فأسمعهم من المصحف حتى لا يصدر عنك خطأ أو يكون فيهم من يحفظ فيفتح عليك.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/40)
حكم مس النصراني للمصحف
س - ما حكم مس النصراني للمصحف وكذلك مسه لترجمة معاني القرآن الكريم؟
ج- هذا فيه نزاع بين أهل العلم، والمعروف عند أهل العلم منع النصراني واليهودي وسائر الكفرة، لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، قال {لئلا تناله أيديهم} ، فدل ذلك على أنهم لا يمكنون منه وإنما يمكنون من السماع قال تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} . الآية. يعني يتلى عليهم حتى يسمعوه ولكن لا يدفع إليهم القرآن. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك إذا رجى إسلام الكافر واحتجوا على هذا بأنه، - صلى الله عليه وسلم -، كتب إلى هرقل عظيم الروم قوله - جل وعلا - {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} الآية، قالوا هذه الآية العظيمة آية من كتاب الله وقد كتبها على هرقل، والصواب أنه ليس بحجة، وإنما يدل على جواز الكتابة للآية والآيتين من كتاب الله. أما تسليم المصحف فليس بثابت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أما بالنسبة لكتاب ترجمة معاني القرآن فلا حرج في أن يمسه الكافر لأن المترجم معناه أنه كتاب تفسير وليس بقرآن، أي أن الترجمة تفسير لمعاني القرآن، فإذا مسه الكافر أو من ليس على طهارة فلا حرج لأنه ليس له حكم القرآن، وحكم القرآن يختص بما إذا كان مكتوباً بالعربية وحدها وليس فيه تفسير، أما إذا كان معه الترجمة فحكمه حكم التفسير.
والتفسير يجوز أن يحمله المحدث والمسلم والكافر لأنه ليس كتاب القرآن ولكنه يعتبر من كتب التفسير.
الشيخ ابن باز(4/41)
المحكم والمتشابهه في القرآن الكريم
س - ما هو " المحكم والمتشابه " في القرآن الكريم، ولِمَ لم يكن القرآن كله محكماً حتى لا يتأول الناس منه إلا الحق؟
ج- اعلم أن القرآن وصفه الله - عز وجل - بثلاثة أوصاف فوصفه بأنه محكم كله كما في قوله " تلك آيات الكتاب الحكيم " وفي قوله {كتاب أحكمت آياته} ووصفه بأنه متشابه في قوله تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها} وهذا عام لكل القرآن فالحكم العام لكل القرآن معناه أن القرآن محكم متقن في أخباره وأحكامه وألفاظه وغير ذلك مما يتعلق به. ومعنى كونه مشتابها أن بعضه يشبه بعضا في الكمال والجودة والتصديق والموافقة فلا نجد في القرآن أحكاما متناقضة أو أخباراً متناقضة بل كله يشهد بعضه لبعض ويصدق بعضه بعضاً، لكن يحتاج إلى تدبر وتأمل في الآيات التي قد يكون فيما يبدو للإنسان فيها تعارض ولهذا قال الله عز وجل {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً} أما الوصف الثالث للقرآن أن بعضه محكم وبعضه متشابه كما في قوله تعالى {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات} والمحكم هنا ما كان معناه بينا ظاهراً لأن الله تعالى قابله بقوله {وآخر متشابهات} وتفسير الكلمة قد يظهر معناها بما قوبلت به. وأنظر إلى قوله تعالى " فانفروا ثبات أو انفروا جميعاً " فإن كلمة ثبات قد تبدو مشكلة للإنسان ولكن عندما يضمها إلى ما ذكر مقابلاً لها يتبين له معناها فإن معنى قوله {فانفروا ثبات} أي متفرقين فرادي. {وانفروا جيمعاً} أي مجتمعين هكذا قوله تعالى {منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات} نقول إن المحكم في هذه الآية هو الذي كان معناه واضحاً غير مشتبه بحيث يعلمه عامة الناس وخاصتهم مثل قوله تعالى
{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} وما أشبه ذلك من الأمور الظاهرة المعنى.
ومنه آيات متشابهات، متشابهات يخفي معناها على كثير من الناس لا يعلمها إلا الله(4/42)
والراسخون في العلم كما قال تعالى {واخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} على قراءة من قراءة بالوصل وللسلف فيها قولان معروفان، أحدهما الوقف على قوله {إلا الله} والثاني الصول. ولكن قراءة وجه. وأما قول السائل ما الحكمة في أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل القرآن كله محكما بل جعل منه شيئاً متشابها فالجواب عليه من وجهين
أولا أن القرآن كله محكم بالمعنى العام كما ذكرنا في أول الجواب وحتى فيما يتعلق بهذه الآية الكريمة فإننا إذا رددنا المتشابهه إلى المحكم صار معناه واضحاً بيناً وصار الجميع كله محكما.
أما الوجه الثاني فإننا نقول إن الله سبحانه وتعالى أنزل المتشابه الذي يحتاج إلى تدبر وتأمل وإرجاع إلى المحكم أنزله لحكمه وهي الابتلاء والامتحان والاختبار حيث أن بعض الناس يأخذ من هذه الآيات المتشابهات طريقاً إلى الفتنة وإلى الطعن في القرآن والتشكيك فيه ويكون بهذا ابتلاء وامتحان من الله سبحانه وتعالى له وهذا كما يكون في أحكام الله الشرعية أو آياته الشرعية كالقرآن يكون كذلك في الآيات الكونية القدرية فإن الله تعالى قد يقدر بعض الأشياء امتحاناً للإنسان يبلوه في تطبيق شريعته وانظر إلى ما ابتلى به الله أهل السبت حين حرم عليهم الحيتان في يوم السبت ابتلاهم الله عز وجل بأن تأتي الحيتان شرعاً على ظهر الماء في يوم السبت وفي غير يوم السبت لا تأتيهم لكنهم لم يصبروا على هذه المحنة فتحيلوا بالحيلة المعروفة حيث وضعوا شركا في يوم الجمعة لتقع فيه الحيتان فيأخذوا يوم الأحد فعاقبهم الله عز وجل على هذه الحيلة. وأنظر كذلك إلى ما ابتلى الله به الصحابة رضي الله عنهم في قوله {يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب} فابتلاهم الله بسهولة تناول الصيد وهم محرمون وصبروا رضي الله عنهم فلو يفعلوا شيئاً مما حرم الله عليهم، هكذا أيضاً الآيات الشرعية يكون فيها الأشياء المتشابهة التي قد يكون ظاهرها التعارض ومناقضة بعضها بعضاً لكن الراسخون في العلم يعرفون كيف يجمعون بينها وكيف يؤلفون بين الآيات، وأما أهل الفتنة(4/43)
والشر فإنهم يجعلون من هذا طريقاً إلى إظهار القرآن وكأنه متعارض ومتناقض {فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم توسد القرآن
س - ما حكم توسد القرآن؟
ج- لا شك أن توسد القرآن حرام وذنب كبير فيلزم المسلمين صيانة المصاحف عن الابتذال وحفظها عن عبث العابثين كما يلزم حفظ المساجد عن هؤلاء المفسدين بإغلاقها أو حراستها أو حفظ المصاحف ورفعها في مكان بعيد عن هؤلاء الجهلة العاصين.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
استئجار من يقرأ القرآن
س - ما حكم استئجار من يقرأ القرآن؟
ج- لا يجوز استئجار من يقرأ القرآن ويهديه على روح الميت فإن من قرأ بأجرة فقد تعجل ثوابه وبطل أجره فلم يبقى به شيء يهديه إلى الميت، ثم أن هذا العمل غير مشروع وهو الاجتماع بعد الموت للقراءة والاهداء ولو كان خيراً لفعله السلف.
فأما قراءتك وأنت غير حافظ ووقوعك في أخطاء فإن عليك الحرص على تقويم قراءتك والتحفظ عن الخطأ فإن وقع شيء من غير قصد فهو مما يعفي عنه.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
له أجران!!
س - لي قريب يحب قراءة القرآن الكريم غير أنه لا يجيد قواعد اللغة العربية التلاوة، فماذا يفعل؟
ج- عليه أن يجتهد في قراءة القرآن ويتبر ولا يعجل ويقرأ على من هو أعلم منه حتى(4/44)
يعلمه ما يجهل ولا ييأس وله أجر عظيم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {خيركم من تعلم القرآن وعلمه} أخرجه البخاري في صحيحه وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه له أجران} متفق عليه
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم ترجمة معاني القرآن
وردت إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد السؤال التالي
قرأت في مجلة العربي العدد 237 شهر شعبان لعام 1398هـ مقالاً حول موضوع دراسات قرآنية طرح جديد لمواقف المعارضة للدكتور محمد أحمد خلف الله.
الرجاء الاطلاع على المقال المذكور وخاصة ترجمة القرآن والتي يريد منها حسب ظاهر كلامه الترجمة الحرفية وما رأيكم في الأسباب التي أوردها ضمن مقاله في تبريره لترجمة القرآن أفيدونا جزاكم الله خيراً وجعلكم من الذائدين عن شرعه ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم؟
ج- وأجاببت بما يلي يتضح من مقال الدكتور المذكور أنه يريد ترجمة معاني القرآن والتعبير عنها باللغات الأخرى غير العربية وترجمة معاني القرآن جائزة إذا فهم المعنى فهما صحيحا وعبر عنه من عالم بما يحيل المعاني باللغات الأخرى تعبيراً دقيقاً يفيد المعنى المقصود من نصوص القرآن وذلك أداة لواجب البلاغ لمن لا يعرف اللغة العربية قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - رحمه الله - وأما مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه إذا احتيج إلى ذلك وكانت المعاني صحيحة كمخاطب العجم من الروم والفرس والترك بلغتهم وعرفهم فإن هذا جائز حسن للحاجة وإنما كرهه الأئمة إذا لم يحتج إليه ولهذا قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لأم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص وكانت صغيرة فولدت بأرض الحبشة لأن أباها كان المهاجرين إليها قال لها " يا أم خالد " هذا سنا والسنا(4/45)
بلسان الحبشة الحسن لأنها كانت من أهل هذه اللغة ولذلك يترجم القرآن الكريم والحديث لمن يحتاج إلى تفهمه إياه بالترجمة وكذلك يقرأ المعلم ما يحتاج إليه من كتب الأمم وكلامهم بلغتهم ويترجم بالعربية كما أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، زيد بن ثابت " أن يتعلم كتاب اليهود ليقرأ له ويكتب له ذلك حيث لم يأتمن اليهود عليه.
أما الترجمة الصوتية فهي غير جائزة وسبق أن أصدر مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية قرراً في ذلك نرفق لك صورته لمزيد من الفائدة وبالله التوفيق وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
هل في القرآن مجاز..؟
س - كثيراً ما أقرأ في كتب التفاسير وغيرها بأن هذا الحرف زائد كما في قوله تعالى {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فيقولون بأن (الكاف) في " كمثله " زائدة، وقد قال لي أحد المدرسين بأنه ليس في القرآن شيء اسمه زائد أو ناقص أو مجاز، فإذا كان الأمر كذلك فما القول في قوله تعالى {واسأل القرية} وقوله تعالى {وأشربوا في قلوبهم العجل..} .
ج- الصحيح الذي عليه المحققون أنه ليس في القرآن مجاز على الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة وكل ما فيه فهو حقيقة في محله.
ومعنى قول بعض المفسرين أن هذا الحرف زائد يعني من جهة قواعد الاعراب وليس زائداً من جهة المعنى بل له معناه المعروف عند المتخاطبين باللغة العربية لأن القرآن الكريم نزل بلغتهم كقوله سبحانه {ليس كمثله شيء} يفيد المبالغة في نفي المثل وهو أبلغ من قولك ليس مثله شيء وهكذا قوله سبحانه واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها..، فإن المراد بذلك سكان القرية وأصحاب العير وعادة العرب تطلق القرية على أهلها والعير على أصحابها وذلك من سعة اللغة العربية وكثرة صيغها في الكلام وليس من باب المجاز المعروف فى اصطلاح أهل البلاغة ولكن ذذك في مجاز أي مما يجوز فيها ولا يمتنع(4/46)
وهكذا قوله سبحانه {وأشربوا في قلوبهم العجل..} يعني حيه وأطلق ذلك لأن هذا اللفظ يفيد هذا المعنى عند أهل اللغة المتخاطبين بها وهو من باب الايجاز والاختصار لظهور المعنى والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
ليس في القرآن مجاز..
س - يذكرون في كتب البلاغة أن في القرآن مجازاً ولديهم بعض الشبهات كقوله تعالى " فتحرير رقة مؤمنة " فيسمون هذا مجازاً لأن التحرير للعبد وذكرت الرقبة لتدل على العبد " الجزء يدل على الكل " فهل يصح تسمية هذا مجازاً، وكقوله - عز وجل - " يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم " القول باللسان وذكر الفم ليدل عليه " الكل يدل على الجزء " وقوله {ألم نشرح لك صدرك} . الإنشراح للقلب وذكر الصدر مجازاً ليدل عليه. وكقوله {يجعلون أصابعهم في آذانهم} يقولون إن يضع طرف الأصبع وليس الأصبع كله ولكن ذكرت الأصابع مجازاً، وغير ذلك كثير من الآيات على هذه الشاكلة فهل يصح قولهم بأن في القرآن مجازاً وما الدليل وهل في الحديث مجازاً؟
ج- إن ما يقوله علماء البلاغة في المجاز باصطلاحهم لا صحة له في الكتاب ولا في السنة ولا في لغة العرب بل كل تعبير جاء في الكتاب العزيز أو في السنة المطهرة أو في لغة العرب فهو حقيقة في محله وقد بسط الكلام في ذلك أبو العباس ابن تيمية في كتاب {الإيمان} ونقله الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في مجموع الفتاوي كما بسط ذلك أيضاً العلامة ابن القيم في كتابه الصواعق المرسلة.
اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز
* * * *(4/47)
حكم وضع المصحف خلف المصلي
س - ما حكم وضع المصاحف على الحامل بين الصفوف خلف ظهور المصلين؟
ج- لا نعلم بأسا في ذلك للضرورة.
الشيخ ابن باز
* * * *
{الله أكبر} هل تغني عن البسملة؟
س - بعض قراء القرآن يفضلون بين السورة والأخرى بقول {الله أكبر} دون بسملة، هل يجوز ذلك، وهل له دليل؟
ج- هذا خلاف ما فعل الصحابة رضي الله عنهم من فصلهم بين كل سورة وأخرى ببسم الله الرحمن الرحيم وخلاف ما كان عليه أهل العلم من أنه لا يفصل بالتكبير في جميع سور القرآن، غاية ما هناك أن بعض القراء استحب أن يكبر الإنسان عند ختم كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن مع البسملة بين كل سورتين، والصواب أنه ليس بسنة، لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالمشروع أن تفصل بين كل سورة وأخرى بالبسملة {بسم الله الرحمن الرحيم} إلا في سورة براءة. فإنه ليس بينها وبين الأنفال بسملة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
تعدد القراءات في القرآن
س - يقولون إن تعدد القراءات في القرآن معناه اختلاف في القرآن حيث يؤدي إلى معان ثابتة مثل آية الإسراء " ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشوراً " عند يلقاه منشوراً؟
ج- ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن القرآن نزل من عند الله على سبعة أحرف أي لغات من لغات العرب ولهجاتها تيسيراً لتلاوتها عليهم، ورحمة من الله بهم ونقل ذلك نقلاً متواتراً وصدق ذلك واقع القرآن وما وجد فيه من القراءات فهي كلها تنزيل من حكيم(4/48)
وليس تعددها من تحريف أو تبديل ولا لبس في معانيها ولا تناقض في مقاصدها ولا اضطراب بل بعضها بصدق بعضا ويبين مغزاه، وقد تتنوع معاني بعض القراءات فيقيد كل منها حكماً يحقق مقصداً من مقاصد الشرع ومصلحة من مصالح العباد مع انساق معانيها وائتلاف مراسيلها وانتظامها في وحدة تشريع محكمة كاملة لا تعارض بينها ولا تضارب فيها.
فمن ذلك ورد من القراءات في الآية التي ذكرها السائل وهي قوله تعالى {وكل إنسان الزمناه طائره في عتقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشوراً} . فقد قرئ " ونخرج " بضم النون وكسر الراء وقرئ " يلقاه " بتفح الياء والقاف مخففة، والمعنى ونحن نخرج للإنسان يوم القيامة كتاباً هو صحيفة علمه، يصل إلى حال كونه مفتوحاً فيأخذه بيمنه إن كان سعيداً أو بشماله غلن كان شقياً، وقرئ " يلقاه منشوراً " بضم الياء وتشديد القاف. والمعنى ونحن نخرج للإنسان يوم القيامة كتابا - هو صحيفة علمه - يعطي الإنسان ذلك الكتاب حال كونه مفتوحاً فمعنى كل من القراءتين يتفق في النهاية مع الآخر فإن من يلقى إليه الكتاب حال كونه مفتوحاً فمعنى كل من القراءتين يتف في النهاية في النهاية مع الآخر فإن من يلقى إليه الكتاب فقد وصل إليه ومن وصل إليه الكتاب فقد ألقى إليه.
ومن ذلك قوله تعالى {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} قرئ {يكذبون} بفتح الياء وسكون الكاف وكسر الذال بمعنى يخبرون بالأخبار الكاذبة عن الله والمؤمنين وقرئ {يكذبون} بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال المكسورة بمعنى يكذبون الرسل فيما جاءوا به من عند الله من الوحي فمعنى كل من القراءتين لا يعارض الآخر ولا يناقضه بل كل منها ذكر وصفا من أوصاف المنافقين، وصفتهم الأولى بالكذب في الخبر عن الله ورسله وعن الناس، ووصفتهم الثانية بتكذبيهم رسل الله فيما أوحى إليهم من التشريع وكل حق فإن المنافقين جمعوا بين الكذب والتكذيب. ومن ذكل يتبين أن تعدد القراءات كان بوحي من الله لحكمه، لا عن تحريف وتبديل وأنه لا يترتب عليه أمور شائنة ولا تناقض أو اضطراب بل معانيها ومقاصدها متفقة والله الموفق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/49)
حكم من حفظ القرآن ثم نسيه
س - هل يأثم من حفظ القرآن ثم نسيه بعد ذلك لانشغاله بأمور حياته؟
ج- الصحيح أنه لا يأثم بذلك ولكن يشرع بعد للمسلم العناية بمحفوظة من القرآن وتعاهده حتى لا ينساه عملا قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفسي بيده إنه لأشد تفلتا من الإبل في عقلها} . وإنما المهم الأعظم العناية بتدبر معانيه والعمل به. فمن عمل به فهو حجة له ومن ضيعه فهو حاجة عليه لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {والقرآن حجة لك أو عليك} رواه مسلم، في صحيحه من حديث الحارث الأشعري في حديث طويل.
الشيخ ابن باز
حكم قراءة القرآن بأجرة للميت
س - حافظ القرآن يصلي بالناس أو يقرأ للميت بأجرة يستوفيها قبل القراءة فهل يجوز ذلك؟
ج- تلاوة القرآن من أفضل العبادات، والأصل في العبادات أن تكون خالصة لوجه الله لا يقصد بها سواه من دنيا يصيبها أو وجاهة يحظى بها، إنما يرجي بها الله ويخشى عذابه قال الله تعالى {فاعبد الله مخلصا له الدين ألا الله الدين الخالص} سورة الزمر، وقال {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} سورة لابينة، وفي الحديث عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول {إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه} ، رواه البخاري ومسلم، فلا يجوز لقارئ القرآن أن يأخذ على قراءته أجرا يستوفيه قبل القراءة أو بعدها سواء أكانت هذه القراءة في الصلاة أم كانت على الميت، ولذا لم يرخص أحد من العلماء في الاستئجار على تلاوة القرآن وليس من هذا أخذ أثمة المساجد والمؤذنين(4/50)
أجراً من بيت مال المسلمين فإنه ليس على التلاوة ولا على نفس الصلاة، إنما يأخذه مقابل تفرغه عن شغله الخاص بواجب كفائي عن المسلمين، ونظيره أخذ خليفة المسلمين من بيت المال لاشتغاله بواجب أعمال الخلافة الإسلامية عن عمله الخاص الذي يكسب منه لنفسه، وكان عمر رضي الله عنه يعطي المجاهدين ومن لهم قدم صدق في الإسلام من بين المال كل على قدر سابقته وما قدمه لجماعة المسملين من نفع عميم، وآكد من هذا أن الله جعل للعاملين على الزكاة الجابين لها نصيباً في الزكاة ولو كانوا أغنياء لقيامهم بواجب إسلامي للجماعة غنيهم وفقيرهم واشتغالهم بهذا مدة عن الكسب لأنفسهم. والله الموفق.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم تجزئة القرآن وقراءته للميت
س - هل يجوز تجزئة القرآن الكريم إلى ثلاثين جزءاً مجلداً بصورة مستقلة بحيث يكون قسم من الآية الكريمة في جزء مجلد والقسم الآخر منها في جزء آخر وبيد شخص آخر فيقرؤه في نصف ساعة مثلاً مجموعة من المسلمين الحاضرين في هذا الحفل ثم يقال هذه ختمة كاملة للقرآن الكريم عن روح المتوفي؟
ج- أولا كان أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يجزئون القرآن بالسور لا بالآيات ولا بعدد الحروف وكانوا يجعلونه سبعة أحزاب وكان كل منهم في الغالب يختم القرآن في سبع ليال، روى أحمد وأبو داود عن أوس بي أبي أوس قال سألت أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كيف تجزئون القرآن.. قالوا ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشر وثلاثة عشرة وحزب المفصل وحده أما تجزئته ثلاثين جزءاً أو تحزيبه ستين حزباً مراعى في ذلك عدد الحروف فقد بدأ في العراق زمن الحجاج بأمره ثم انتشر من العراق في بلاد الإسلام والتخزيب الأول أولى لأنه هو المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم واتباعهم فيما كانوا عليه أضبط وأسلم ولأنه يتحقق معه تمام المعنى وانتهاء القصة بنهاية الحزب بخلاف التجزئة أو التحزيب الحادث بأمر الحجاج الثقفي فإن الجزء أو الحزب ينتهي أحياناً قبل تمام المعنى أو القصة.(4/51)
أما ما ذكرت من أن قسما من الآية في جزء مجلد والقسم الآخر منها يكون في جزء آخر وبيد شخص آخر فهذا لم يحصل في التجزئة التي ذكرتها ولا يجوز لمسلم أن يفعله.
ثانيا لم يكن الصحابة يقسمون القرآن بينهم كل منهم يقرأ ما تيسر له من القرآن أو يقرؤه كله في عدد ليال أو أيام حتى يختمه حرصا على الاستفادة منه ورجاء الثواب من الله لنفسه ولم يعرف عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان يقرأ القرآن على روح الأموات ولا أنه وهب ثواب قراءته للأموات، والخير كل الخير في أتباعه والتمسك بسنته وهديه وهدي الخفاء الراشدين. وصلى الله علي محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
حكم التهليل بدل سجود التلاوة
س - عندما تقرأ في كتاب الله وتمر علينا سجدة، ونحن في مكان غير المسجد والمصلى، كالمدرسة وغيرها نقول {لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} أربع مرات، فهل يجوز ذلك أم لا؟ وإذا كان لا يجوز فماذا نفعل؟ أفتونا رحمكم الله؟
ج- إذا مر القارئ بآية سجدة، فإن كان في محل يمكنه فيه السجود فليسجد استحباباً ولا يحجب السجود على القول الراجح لأنه ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قرأ وهو يخطب يوم الجمعة آية السجدة فنزل وسجد ثم قرأها في الجمة الثانية فلم يسجد وقال أن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء، وإذا لم يسجد فإنه لا يقول شيئاً بدل السجود، لأن ذلك بدعة، ودليله أن زيد بن ثابت قرأ عند النبي، - صلى الله عليه وسلم -، سورة النجم فلم يسجد فيها ولم يعلمه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، شيئاً يقوله بدلاً عن السجود.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/52)
حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام
س - ما حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام؟
ج- أهل العلم يقولون لا يجوز للإنسان أن يدخل به إلى الحمام لأن المصحف كما هو معلوم له من الكرامة والتعظيم ما لا يليق به أن يدخل به إلى هذا المكان.
س - ما حكم الدخول إلى الحمام بأوراق فيها اسم الله؟
ج- يجوز دخول الحمام بأوراق فيها اسم الله ما دامت في الجيب ليست ظاهرة بل هي خفية ومستورة ولا تخلو الأسماء غالبا من ذكر الله عن وجل كعبد الله وعبد العزيز وما أشبهها.
الشيخ ابن عثيمين(4/53)
كتاب التفسير(4/55)
{التفسير}
من قرارات المجمع الفقهي بمكة المكرمة حول تفسير خاطئ لسورة الإخلاص
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسلمياً كثيراً - أما بعده
فالمجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع في جلسته الثانية صباح يوم الاثنين 10 4 1403هـ. على ما نشرته جريدة السياسة الكويتية في عددها ذي الرقم (4776) الصادر يوم الخميس 17 ذي الحجة 1401هـ. 15 10 1981م. من كلام غريب مستنكر تحت عنوان بارز خادع جاء فيه (معنى التوحيد تفسير منطوق لسورة الإخلاص وترجمته الإنجليزية (موقع باسم شخص سمى محمد أحمد الشمالي، يجتزئ فيه على التلاعب بمعاني القرآن الكريم ويأتي فيه بلون عجيب من الخلط والأوهام والجهل والتصورات الخيالية المتفككة الملتبكة لا تدل على شيء سوى الاختلاط العقلي، ويعلن على المسلمين أنه تفسير لسورة الإخلاص!!
وقد استهل هذا التفسير الجديد تفسيره هذا لسورة الاخلاص بقوله قل خبر مقدم بمعنى فرد لا أحد له فيقال مثلا رجل قل!!
هو ضمير مبتدأ مؤخر خبره (قل) وهو أيضاً في مقام مفعول به للجملة الفعلية التي تليه!! الله أحد أي أن الله أحده، بمعنى جعله واحدا، أو بمعنى جعله حدا، أو بمعنى جعله حاد!!
وهكذا يسير هذا الرجل المختلط في تفسير بقيه آيات سورة الإخلاص إلى أن يقول ولم يكن له كفوا أحد ما كان لهذا الشخص أكفاء في الماضي، ولكن هذا لا يمنع ظهور(4/57)
أكفاء له فيما بعد، وإلا لتعذر عليه ذاته الظهور ثانية على وجه الأرض بعد المرة الأولى، وانقطعت رسله!!
هذا، ويرى المجمع الفقهي أنه ليس مستغرباً أن يوجد في المختلين عقليا من يتصور نفسه عالما محققا متعمقا، أو فليسوفا، فهذا مرض من الأمراض، ولكن الغريب كل الغريب أن تنتشر صحيفة عربية مشهورة في بلد عربي إسلامي مثل هذا الهذيان الذي لا يبلغه هذيان المحمومين تحت عنوان بارز بأن هذا هو معنى التوحيد المستفاد من سورة الإخلاص، تلك السورة القصيرة العظيمة التي عبرت عن حقيقة التوحيد بكلمات قليلة محكمة كانت وستبقى على مدى الحياة أعظم من الجبال الشامخة بلاغة ورسوخاً، وتحدياً لعواصف الأفكار والتيارات الزائفة، والشرك والألحاد الذين هما ضلال وانحطاط في بعض العقول البشرية بعومل مختلفة.
فإذا كان ذلك الهذيان تفسيراً منطوقاً لسورة الإخلاص العظيمة، فماذا ترك صاحبه للفرق الباطنية الهدامة التي تتلاعب بآيات الله في كتابه العربي المبين كما تشاء لها غاياتها الخبيثة ضلالاً وتضليلاً؟
فمثل هذا العمل هو إجرام وعبث بآيات الله، وردة عن الإسلام.
فكيف يسوغ لصحيفة عربية صاحبها ينتسب للإسلام في بلد إسلامي أن تجعل من صفحاتها منبراً لأمثال ذلك؟ وكيف تنجو هي والكاتب المستهزئ بآيات القرآن العظيم من المسئولية التي تقتضيها نصوص الدساستير وقوانين العقوبات والمطبوعات في بلدها وسائر البلاد العربية؟
لذلك ولخطورة هذا السلوك غير المسئول في الصحافة والنشر فيما يجترأ به على العقائد والمقدسات الإسلامية. قرر مجلس المجمع الفقهي لفت أنظار المسئولين الذين تقع على عاتق سلطانهم حماية جميع تلك المقدسات من العبث بها، وإحالة هذا القرار إلى الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي لتقوم بإرساله إلى المسئولين في دولة الكويت وسواها ليقوما بواجبهم فيما يوجبه دينهم وحقوق شعوبهم عليهم نحو كتاب ربهم وسنة رسولهم، - صلى الله عليه وسلم -، من صيانة وحمايتها من أن تكون ألعوبة في يد من يشأ تضليل(4/58)
الأفكار، وتزييغ الناشئة بسوء استعمال حرية النشر.
والله ولي التوفيق، وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آلخ وصحبه وسلم.
توقيع
نائب الرئيس
محمد على الحركان ... توقيع
نائب الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* * * *
معنى قوله تعالى {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر..}
س - الحمد لله وبعد فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء على السؤال المقدم من سليمان بن عثمان جويوبو ونصه فسروا لنا هذه الآية {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله..} إلى آخر السورة، لأن بعض الناس يكفر بعضهم بعضا حتى آباءهم وامهاتهم وإخوانهم وأخواتهم ولو كانوا يصلون ويصومون ويكفيرون غيرهم، فبينوا لنا معنى هذه الآية. وقد أجابت اللجنة بما يلي
ج- يخبر الله جل شأنه رسوله محمد، - صلى الله عليه وسلم -، بأنه لا يجد ممن أمن بالله واليوم الآخر وأخلصوا قلوبهم لله واسلموا وعدلوا عما جاء به، - صلى الله عليه وسلم -، من عند الله من الهدى والنور مهما طال الزمن وقلبت فيهم البصر وامعنت النظر فسوف لا تجد من المخلصين الصادقين في إيمانهم من يحب قلبه هؤلاء الكفار ولو كانوا من أقرب الناس إليهم نسباً من آبائهم وأبنائهم وأخوانهم وعشيرتهم الأقربين وفي هذا ثناء جميل من الله سبحانه وتعالى لهم في الثبات على ذلك والازدياد منه وأمر للناس أن يسيروا سيرتهم وينهجوا نهجهم في الإخلاص وصدق الإيمان وتحذير من صنيع المنافين الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم من اليهود ويحلفون لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أيمانا كاذبة ليرضوه ويقولون {نشهد إنك(4/59)
لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} .
فتضمنت هذه الجملة الثناء على المؤمنين الصادقين بالبراءة من الكافرين والتحذير من حبهم ومودتهم والنهي عن ذلك كما في قوله تعالى {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة} وكما في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانك أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولاهم منكم فأولئك هم الظالمون، قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين} وكما في قوله تعالى {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذا قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده، إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير} إلى غير هذه الآيات من نصوص الكتاب والسنة التي نهت عن إتخاذ اليهود والنصارى أولياء وغيرهم من الكفار وحذرت من تولي من غضب الله عليهم ومن اتخذوا دين الله هزوا من الذين أوتوا الكتاب وسائر الكفار.
هذا بيان من الله تعالى لحكم أعمال القلوب من محبة ووداد وبراء من الكافرين وبغضهم وبغض ما ارتكسوا فيه من غي وضلال أما المعاملات الدنوية من بيع وشراء وسائر تبادل المنافع فتابع للسياسة الشرعية والنواحي الاقتصادية فمن كان بيننا وبينهم موادعة جاز أن نتبادل معهم المنافع من بيع وإجارة كراء وقبول الهدايا والهبات والمكافأة عليها بالمعروف والإحسان إقامة للعدل ومراعاة لمكارم الأخلاق على أن يعارض ذلك أصلا شرعياً ولا يخرج عن سنن المعاملات التي أحلها الإسلام قال تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} .
ومن كان بيننا وبينهم حرب أو اعتدوا علينا فلا يجوز أن نتولاهم في المعاملات الدنيوية بل يحرم ذلك كما حرم توليهم بالمحبة والاخاء قال الله تعالى {إنما ينهاكم الله عن(4/60)
الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون} وقد بين النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ذلك بياناً عملياً في السلم والحرب مع اليهود بالمدينة وخيبر ومع النصارى وغيرهم من الكفار، ثم بين الله تعالى السبب الذي كان عنه بغضهم للكافرين فقال {أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه} أن هؤلاء الذين صدقوا الله ورسوله هم الذين قرر الله في قلوبهم الايمان وثبته في نفوسهم وقواهم ببرهان منه ونور وهدى فوالوا أولياء وعادوا أعداءه وساروا على الشريعة التي رضيها الله تعالى لهم دينا ثم بين جزاءهم بقوله {ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه} أي يتفضل الله عليهم بمنة وكرمه فيدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيمنعهم بذلك النعيم أولئك المخلصون الأطهار مقيمين فيها أبد الأباد لا يفنى نعيمها ولا يزول وما هم منها بمخرجين رضي الله عنهم بما حققوه من إيمان صادق وعمل صالح ورضوا عن قضائه وتشريعه وجزامئه وأثنوا عليه بما هو أهله ثم ختم السورة بقوله {أولئك حزب الله، ألا إن حزب الله هو المفلحون} فأخبر تعالى بأنهم جنده الذين تولوه بالطاعة فتولاهم بنصره وفضله وإحسانه في الدنيا والآخره وكانوا هم الفائزين دون من خادع الله ورسوله وتولى الكافرين ومن ذلك يتبين ما يأتي
أولا أن من أحب الكفار ووادهم فهو كافر كفر يخرج من ملة الإسلام.
ثانيا من أبغضهم بقلبه وتبادل معهم المنافع من بيع وشراء وإجارة وكراء في حدود ما شرع الله فلا حرج عليه.
ثالثا من أبغضهم في الله ولكن عاشرهم وعاش بين أظهرهم لمصلحة دنيوية وآثر ذلك على الحياة مع المسلمين في ديارهم فهو آثم في ذلك من تكثير سوادهم والتعاون معهم دون المسلمين ولأنه عرض نفسه للفتن وحرمها من التعاون مع المسلمين على أداء شعائر الإسلام وحضور مشاهده والتناصح والتشاور بين المسلمين فيما يعود على الأمة الإسلامية بالقوة والنهوض إلى ما تسعد به في الدنيا والآخرة إلا إذا كان عالما يأمن على نفسه الفتنة(4/61)
ويرجو من إقامته بينهم أن ينفع الله به في الدعوة إلى الإسلام ونشره بينهم، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
مسجد الضرار
س - ما معنى قوله تعالى {لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم} وما المقصود بالبنيان؟
ج- هذه الآية يشير الله تعالى فيها إلى مسجد الضرار الذي بناه المنافقون قريباً من مسجد قباء وذكره الله تعالى في قوله {والذين إتخذوا مسجداً ضراراً وكفراًَ وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حرب الله ورسوله من قبل وليحلفن أن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} .
ويقول الله تعالى لنبيه، - صلى الله عليه وسلم -، {لا تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين، أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فإنهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين، لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم} .
فالمراد بالبينان هذا المسجد الذي بنوه للأغراض السابقة التي ذكرها الله ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاد لمن حارب الله ورسوله من قبل.
وفي قوله تعالى {لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم} أي شك وقلق، لأنه بناء معصية فصار له هذا التأثير البالغ في قلوب هؤلاء، " فقلوبهم في قلق وريب وحزن وهم وغم فلا يزال بنيانهم هذا ريبة في قلوبهم، إلا أن تقطع قلوبهم، يعني إلا أن يموتوا وينتهوا بالموت فيزول هذا القلق، ولكن إلى عذاب أشد والعياذ بالله، والله عليم حكيم، أي موصوف بالعلم والحكمة اللذين تضمنهما هذان الاسمان الكريمان، فإن أسماء الله عز وجل تتضمن الدلالة على ذات الله سبحانه وتعالى، وعلى ما تشتمل عليه من الصفات على سبيل(4/62)
المطابقة أو التضمن أو الالتزام، فالعليم هو الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء، أحاط بكل شيء علماً سابقاً ولا حقاً أزلا وأبداً لم يسبقه جهل ولا يلحقه نسيان، والحكيم أي بالحكمة البالغة وهي وضع الأمور في مواضعها وهو أيضاً من الحكم فإن الله تعالى له الحكم في الدنيا والآخرة، والحكم الكوني والحكم الشرعي، وكلاهما مشتمل على الحكمة في حاله وغايته، والله عليم حكيم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الأعراب أشد كفرا
س - أختلفنا نحن وبعض الأصدقاء حول معنى الآية الكريمة {الأعراب أشد كفراً ونفاقاً..} فما المعنى الحقيقي لهذه الآية، ولماذا وصفهم القرآن بذلك؟ وما المناسبة التي نزلت فيها؟
ج- الأعراب هم سكان البوادي الذين ينتقلون من موضع إلى موضع يتبعون مواضع القطر والمطر لمواشيهم التي منها معاشهم فلا يأتون المدن والقرى إلا قليلاً وحيث إن الجهل يغلب عليهم فإن الإيمان ضعيف في قلوبهم فهم أشد كفراً ونفاقاً من أهل المدن كما قال الله سبحانه وتعالى {قالت الأعراب أمناً قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} ولكن قد أخبر الله تعالى أن بعضهم " يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول، وهم أيضاً أبعد عن الشبهات والشهوات الفانية التي تكثر في المدن والقرى والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين(4/63)
معنى الحياة الطيبة
س - ما هو الجمع بين قول الله - عز وجل - {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} وقول الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، {أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل} . وقوله عليه الصلاة والسلام {يبتلى الرجل على قدر دينه} فكيف يجمع بين الحياة الطيبة والبلاء في حياة المؤمن؟
ج- الحياة الطيبة ليست - كما يفهمه بعض الناس - هي السلامة من الآفات من فقر ومرض وكدر. لا، بل الحياة الطيبة أن يكون الإنسانن طيب القلب منشرح الصدر مطمئناً بقضاء الله وقدره إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، هذه هي الحياة الطيبة وهي راحة القلب، أما كثرة الأموال وصحة الأبدان فقد تكون شقاء على الإنسان وتعباً، وحينئذ لا يكون هناك منافاة بين الآية الكريمة وبين ما ذكره السائل من الحديثين فإن الإنسان قد يبتلي بالبلايا العظيمة ولكن قلبه مطمئن وراضٍ بقضاء الله وقدره سبحانه وتعالى ومنشرح الصدر لذلك، فلا تؤثر عليه هذه البلايا شيئاً.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
زواج نبي الله يوسف عليه السلام
س - ما اسم زوجة سيدنا يوسف عليه السلام؟ وهل تزوج بامرأة العزيز التي حكى عنها القرآن؟ وهل دعاء بعض العلماء عند عقد النكاح {اللهم ألف بينهما كما الفت بين يوسف وزينما} صحيح؟
ج- ذكر في كتب القصص والتفاسير التي تنقل عن كتب بني إسرائيل أن أمرأة العزيز اسمها {زليخا} وقيل غير ذلك، وذكروا أيضا أن يوسف عليه السلام تزوجها بعد أن خرج من السجن، وبعد أن طلقها العزيز أو مات عنها، وكل ذلك مأخوذ عن الاسرائيليات فأما(4/64)
الدعاء المذكور فلا أعرفه مأثوراً ويمكن أن الذي أنشأه قلد تلك النقول عن بعض المفسرين والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الأولون والآخرون
س - ما المقصود بالأولين والآخرون في الآية الكريمة " ثلثة من الأولين وثلة من الآخرين "؟
ج- لقد ذهب بعض العلماء إلى أن الأولين والآخرين كلهم من هذه الأمة والصحيح أن الأولين الأمم السابقة والآخرين أمة محمد، - صلى الله عليه وسلم -، وبكل حال فإن الأمم السابقة لا يحصى عددها إلا الله وفي الحديث {ما أنت في الأمم قبلكم إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود..} الخ، ومع ذلك فقد ورد ما يدل على أن هذه الأمة تمثل نصف أهل الجنة أو ثلثيهم وذلك خير كثير والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
معنى الخنس والكنس
س - ما تفسير الآيات الكريمات (15 - 16) من سورة التكوير {فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس} ؟
ج- هذا قسم من الله تعالى وهو يقسم بما شاء من مخلوقاته لما فيها من العبر والآيات وقد فسر الخنس بأنها النجوم كلها تخنس بالنهار وتظهر بالليل والمراد أنه تعالى أقسم بالنجوم تخنس أي تختفي في النهار وتكنس أي تسير بالليل وتجري على مرأى من الناس فجريانها طلوعها ثم مسيرها، وكنوسها أن تغيب من مغاربها والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين(4/65)
لماذا قدم الله المال على الأولاد في القرآن
س - أخ يسأل فيقول دائماً يرد ذكر المال مقدماً على الأولاد في القرآن الكريم رغم أن الأولاد أغلى لدى الأب من ماله. فما هي الحكمة من ذلك؟
ج- الفتنة بالمال أكثر يعين على تحصيل الشهوات المحرمة، بخلاف الأولاد فإن الإنسان قد يفتن بهم ويعصي الله من أجلهم، ولكن الفتنة بمال أكثر واشد. يقول الله تعالى {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى} الآية ويقول سبحانه {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} الآية ويقول {لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله} الآية، فالفتنة بالمال أكثر وأشد.
الشيخ ابن باز
* * * *
المراجعة بين الله وعيسى ستكون يوم القيامة
س - في القرآن الكريم مراجعة بين الله سبحانه وتعالى وعيسى بن مريم عندما سأله جل شأنه {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله} الآية.
هل هذه المراجعة حدثت في الحياة الدنيا قبل أن يرفع الله عيسى بن مريم أم ستحدث يوم القيامة؟
ج- الظاهر من سياق الآيات أن هذه المراجعة يوم القيامة كما قال الله تعالى {وإذ قال الله يا عيسى بن مريم، أأنت قلت للناس إتخذوني وأمي إلهين من دون الله، قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق، إن كنت قلته فقد علمته، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، إنك أنت علام الغيوب..} إلى قوله تعالى {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} .
والسياق يدل - كما قلت - على أن هذه المراجعة بين الله وعيسى بن مريم ستكون في الآخرة.
الشيخ ابن عثيمين(4/66)
ما يحكيه الله عمن سبق بالمعنى
س - الحوار الذي يرد في القرآن الكريم ويكون أحد طرفيه إنسان.. هل يكون كلام الإنسان قد ورد على لسانه لفظاً ومعنى أم أن المعنى منه واللفظ من عند الله سبحانه وتعالى؟
ج- الذي يظهر لي أن ما يحكيه الله - عز وجل - عمن سبق من الأمم إنما يحكيه الله بالمعنى ويأتي باللفظ من عنده. ذلك لأن هذا القرآن نزل بلسان عربي مبين ومن المعلوم أن من يحكى الله عنهم أقوالهم ممن سبقوا ليسوا من أهل اللغة العربية وكانت لهم لغات أخرى ومع ذلك يحكى الله قولهم باللغة العربية وهذا دليل على أن الله تعالى يحكي ما يقولون بمعنى ما يقولون لا باللفظ الذي يقولونه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الصلاة الوسطى هي صلاة العصر
س - ما هي الصلاة الوسطى؟
ج- الصلاة الوسطى صلاة العصر وقد ثبت في الصحيح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال يوم الخندق شغلونا عن الصلاة الوسطى وهي صلاة العصر بلا ريب ومعنى الوسطى من متوسط العدد والمراد بها الفضلى.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
جهل الخلق بالأمور الغيبية
س - أرجو شرح هذه الآية شرحاً وافياً، وهذه الآية وردت في سورة النمل قال تعالى {بل ادرك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون} ؟
ج- هذه الآية الكريمة تدل على جهل الخلق بالأمور الغيبية وعجزهم عن علم ما حُجب عنهم من علوم الآخرة إلا ما أطلعهم الله عليه ومعنى {بل إدرك علمهم في الآخرة} أي إضمحل وتلاشى وقصر علمهم فيما يتلعق بالآخرة من وقتها وصفتها وما يحدث(4/67)
فيها فلا علم عندهم بشيء من ذلك إلا ما أخبرهم به الله تعالى على ألسن رسله {بل هم شك منها} يعني أنهم لا يزال الشك يخامر عقولهم ولا يزالون في ريبهم يترددون رغم ما أقيم عليهم من الحجج والبراهين وما جاءهم من علم اليقين فهم مع ذلك في شك من البعث والنشور والجزاء في الآخرة {بل هم منها عمون} أي صادون معرضون كالأعمى الذي لا يدري ما أمامه أو متعامون عن العلم الذي جاءهم فيما يتعلق بالآخرة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
تفسير قوله تعالى.. {وما هي دابة في الأرض إلا على الله رزقها}
س - قال الله تعالى {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها} وهذا يعني أنه سبحانه ألزم نفسه بنفسه إطعام كل ما يدب على هذه الأرض من إنسان، أو حيوان، أو حشرات..إلخ. فماذا نفسر المجاعة التي تجتاح بلدان قارة إفريقيا؟
ج- الآية على ظاهرها وما يقدر الله سبحانه من الكوارث والمجاعات لا تضر إلا من تم أجله وانقطع رزقه، أما من كان قد بقى له حياة أو رزق فإن الله يسوق له رزقه من طرق كثيرة قد يعلمها وقد لا يعلمها لقوله سبحانه {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} وقوله {وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم} وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها} . وفق الله الجميع.
الشيخ ابن باز
* * * *
إن الدين عند الله الإسلام
س - ما سبب نزول هاتين الآيتين {إن الدين عند الله الإسلام} .. والآية الأخرى {ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم للخير معتد أثيم، عتل بعد ذلك زينم أن كان ذا مال وبنين} وما معناها؟
ج- الآية الأولى وهي قوله تعالى {إن الدين عند الله الإسلام} معناها إن الدين المقبول(4/68)
عند الله هو دين الإسلام، واعلم أن الدين تارة يراد به العمل، وتارة يراد به الجزاء على العمل.. فمثال أن الدين يراد به العمل قوله تعالى {ورضيت لكم الإسلام دينا} وقوله {إن الدين عند الله الإسلام} .
ومثال أن الدين يراد به الجزاء على العمل قوله تعالى {مالك يوم الدين} وقوله {كلا بل تكذبون بالدين} وقوله {ويل يؤمئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين} .
فالعمل المقبول عند الله هو الإسلام وهو الاستسلام لله تعالى ظاهراً وباطناً وهذا يشمل الإسلام الخاص الذي هو دين محمد، - صلى الله عليه وسلم -، وآمته والإسلام بالمعنى العام الذي هو دين جميع الأنبياء، لأن كل دين قائم هو دين الله وهو دين الإسلام حتى تأتي شريعة تنسخه، صارت الشريعة الناسخة هي دين الإسلام عند الله وهي المقبولة.
وقوله {إن الدين عند الله الإسلام} كما يشمل أصول الدين وفروعه على سبيل العموم يشمل أيضاً جزئياته فالعمل المقبول عند الله تعالى هو ما وافق الإسلام كما ثبت بالحديث الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} .
وفي هذه الآية دليل واضح على أن الديانات التي سوى دين الإسلام غير مقبولة عند الله مهما عمل عاملوها سواء كانت من دين اليهود أو من دين النصارى أو من أي دين آخر فإنها لا تقبل عند الله لأنها ليست الإسلام الذي شرعه الله لعباده، ومن ساوى بين دين الإسلام وبين الديانات الأخرى وقال أنها كلها مرضية عند الله ومقبولة عنده فهو كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل وذلك لأن جميع الأديان السابقة منسوخة بالدين الذي بعث الله به محمد، - صلى الله عليه وسلم -، ولن يرضى الله سبحانه وتعالى سوى هذا الدين الذي بعث به محمد، - صلى الله عليه وسلم -، ولقوله تعالى {ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} .
وأما الآية الأخرى التي ذكرها السائل وهي قوله تعالى {ولا تطلع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم} حيث سأل نزولها فلا أعلم أنها نزلت لسبب خاص لكن فيها(4/69)
أن الله تعالى نهى نبيه محمد، - صلى الله عليه وسلم -، عن طاعة من وصف بهذه الصفات، {كل حلاف مهين} يعني كثير الحلف على ما يقول لأنه مهين في نفسه ذليل في نفسه لا يصدق بما يقول إلا إذا حلف عليه. {هماز مشاء بنميم} .. هماز أي كثير الغيبة يغتاب الناس، مشاء بنميم أي كثير النميمة بين الناس، والفرق بين الغيبة والنميمية أن الغيبة ذكر الإنسان بما يكره وهو غائب، وأما النميمة فهي التحريش بين الناس والسعي بينهم بالافساد، ومثل أن يقول شخص لشخص آخر أن فلانا يقول فيك كذا وكذا، يسبك ويقدح فيك ويعيبك وذلك ليقلى العداوة بينهما، وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {لا يدخل الجنة نمام} . نسأل الله العافية.. {مناع للخير معتد أثيم} يعني أنه لا خير فيه بل أنه يحاول أن يمنع الخير عن غيره، {معتد} يعني يعتدي على الخلق فقد جمع والعياذ بالله بين منع الخير عن الخلق والاعتداء عليهم، وهذا غاية ما يكون من الظلم ولهذا قال معتد أثيم أي كثير الإثم بسبب معاصيه العدوانية، ومنع للخير {عتل بعد ذلك زنيم} العتل معناه الغليظ الجافي المتكبر، والزنيم هو الذي عرف بشره لأنه اشتهر بين الناس ومنها الزنمة وهي العلامة التي تكون في رقبة البهيمة " أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ".
أي أن هذا الرجل كان عنده مال وبنون فاعتز بما عنده من المال وطغى وبغى وصار إذا تتلي عليه آيات الله عز وجل قال إنها أساطير الأولين، لأن قلبه لم ينفتح لما يشتمل عليه القرآن من الحسن والمعاني العظيمة والآداب العالية والأخلاق الفاضلة والقصص النافعة والأخبار الصادقة فقال إن هذا أساطير الأولين، والأساطير جمع أسطورة، وهي ما يتحدث الناس فيب بالسواليف، وإن لم تكن لها حقيقة وأعلم أن من رانت المعاصي على قلبه فإنه قد يحجب عنه نور الحق ونور الهداية وما في القرآن العظيم من الشفاء والنور كما قال تعالى {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدارك ما سجين كتاب مرقوم ويل يؤمئذ للمكذبين الذين يكذبون به إلإ كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} .
فهو لم يقل أساطير الأولين إلا لأن ما فيها من النور والشفاء، والهدى لم يصل إلى قلبه(4/70)
لأنه ران عليه ما كان يعمل من الذنوب والمعاصي، وكلما اهتدى الإنسان بآيات الله ازداد هدى ونوراً كما قال الله تعالى {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم " وقال الله تعالى {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
ما يقع في النفس من الهم ببعض السيئات معفوا عنه
س - تحدثني نفسي أحياناً بفعل منكر أو قول سوء ولكني في أحيان كثيرة لا أظهر القول أو الفعل، فهل على إثم في ذلك وما المقصود بقوله عز وجل {لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ... } . الآية؟
ج- هذه الآية الكريمة نسخها الله سبحانه بقوله {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تواخذنا إن نسينا أو أخطأنا} الآية. وصح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن الله - عز وجل - قال {قد فعلت} خرجه مسلم في صحيحه وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسنا ما لم تعمل أو تتكلم} متفق على صحته.
وبذلك يعلم أن ما يقع في النفس من الوساوس والهم ببعض السيئات معفو عنه ما لم يتكلم به صاحبه أو يعمل به ومتى ترك ذلك خوفا من الله سبحانه كتب الله له بذلك حسنة لأنه قد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ما يدل على ذلك والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
قراءة كتب التفسير للحائض
س - هل يجوز لي أن أقرأ في كتب دينية ككتب التفسير وغيرها وأنا على جنابة - أو في وقت العادة الشهرية؟
ج- يجوز قراءة الجنب والحائض في كتب التفسير وكتب الفقه والأدب الديني والحديث(4/71)
والتوحيد ونحوها وإنما منع من قراءة القرآن على وجه التلاوة لا على وجه الدعاء أو الاستدلال ونحو ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
عمارة المساجد تكون بالصلاة
س - يقول تعالى {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} ما معنى كلمة {يعمر} وهلي يجوز للكفار المساعدة في بناء مسجد؟ وهل يجوز أن يشارك عمال نصارى في البناء؟
ج- عمارة المساجد في الحقيقة بالصلاة والطاعة والاعتكاف فيها وسائر العبادات البدنية والقولية فالآية في مدح من يتعبد في المساجد بأنواع القربات والشهادات لهم بالإيمان وقد روى في حديث حسنه الترمذي مرفوعاً {إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان} . واستدل بهذه الآية، ولهذا نفي عن المشركين عمارتهم بقوله {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله} .
وقد يدخل في ذلك بناؤها من كسب طيب لاحتساب الأجر فقد ورد ما يدل على فضل بناء المساجد لحبوط أعمالهم بالشرك، ولكن لو عمروه من مالهم تبرعاً أو ساهموا فيه جازت الصلاة فيه.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/72)
قال تعالى " ولكم فيها جمال حين ... "
س - قال تعالى {ولكم فيها جمال حين تربحون وحين تسرحون} هل المقصود بالآية هنا {الدنيا} ؟
ج- هذه الآية في أول سورة النحل والمراد بها الإبل التي سخرها الله لنا وذللها وجعل فيها جمالاً وزينة يفتخر بها أهلها ومالاً وذخيرة يتنافسون في اقتنائها فذكر الله أن لهم فيها جمال حين يريحون أي يمشون آخر النهار وحين النهار وحين يسرحون أي يغذون بها إلى الرعي أو النهار.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
هلاك القرى
س - قال تعالى في سورة {الإسراء " {وإن من قرية إلا نحن مهلوكها قبل يوم القيامة أو معذوبها عذاباً شديداً كان ذلك في الكتاب مسطوراً} هل هذا العذاب لا محالة حال بالقرى التي يؤمن أهلها أم الذين فسقوا وعصوا عن أمر ربهم أم ما المقصود بذلك؟
ج- هذه الآية صريحة الدلالة بأن الله تعالى حكم على كل قرية بالعذاب مستقبلاً وهو خبر يقيني والمعنى أن كل قرية لابد أن يقع منها كفر ومعاصي تستوجب العذاب والإهلاك ولا يظلم ربك أحداً وهو عالم لكل بلد، فمن ذلك ما قد وقع ومنه مالم يقع لكنه لابد أن يقع والعذاب قد يكون بالأمراض وبالفقر أوالجوع أو بالغنى وتسليط الأعداء.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
معنى قوله تعالى {وفتحت السماء. فكانت أبوابا..}
س - ما معنى قوله تعالى {وفتحت السماء فكانت أبوابا} ؟
ج- هذه الآية الكريمة تشير لمشهد من مشاهد يوم القيامة، ذلك أنه في يوم القيامة تفتح أبواب السماء من جميع الجهات، أبواباً كثيرة لنزول الملائكة الكرام عليهم الصلاة والسلام، ذلك النزول الذي أشار اله إليه في قوله تعالى {ويوم تشقق السماء بالغمام ونُزل الملائكة(4/73)
تنزيلاً الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً} .
وهذه الآية تشير إلى ذلك التفتح، وقد قرنت على وجهين، أي قراءتين سبعيتين إحداهما {وفتِحت السماء فكانت أبوابا} بكسر التاء الأولى.
والقراءة الثانية {وفتِحت السماء فكانت أبواب} بكسر التاء الأولى مع التشديد في نفس الكلمة.. والثانية أبلغ لأنها شددت وهي تدل على المبالغة والكثرة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
معنى قوله تعالى {وإذا رأوا تجارة أو لهو إنفضوا إليها..}
س - ما معنى قوله تعالى {وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً، قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين} ؟
ج- الآية الكريمة نزلت في حالة خاصة وقعت للصحابة رضي الله عنهم عندما أصابهم ضيق في الحال وشطف في العيش لعدم كثرة الطعام عندهم ولقلته بين أيديهم وفي ذات يوم والنبي، - صلى الله عليه وسلم -، قائم يخطب بهم في صلاة الجمعة أقبلت عير من الشام وكان من عادة صاحب هذه العير أن يضرب بين يديها بالدف لينتبه الناس فيأتوا إليها ويشتروا منها.
ولما سمع الصحابة رضي الله عنهم صوت الدفوف خرجو من المسجد لأنهم في ضيق وحاجة ماسة إلى الطعام ليشتروا من هذا الطعام كفايتهم وللاتجار به، وتركوا النبي،، قائماً يخطب ولم يبق منهم سوى إثنى عشر رجلاً فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عهما فأنزل الله هذه الآية {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو والتجارة والله خير الرازقين} .
أى ما عند الله - عز وجل - من الرزق وما عنده من الثواب بالآخرة خير من اللهو ومن التجارة، والمراد باللهو هو هذه الدفوف التي تضرب بين يدي القادمين بالتجارة، وفي قوله تعالى {إنفضوا إليها} أي إلى التجارة فقط ولم يقل {أنضوا إليهما} أي إلى اللهو والتجارة وهذا دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم ما خرجوا من أجل اللهو بهذه(4/74)
الدفوف، وإنما خروجوا للغاية المباحة وهي التجارتة، وقوله " والله خير الرازقين ".
يعني أنه أخيرهم - عز وجل - لكثرة ما يرزق وكثرة من يرزق، قال الله تعالى {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} .
وقال الله - تعالى - {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين} .
ولكنه جل وعلا يعطي لحكمه ويمنع لحكمة، فهو تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، فمن الناس من يبسط له في الرزق ويوسع عليه ليبلوه أيشكر أم يكفر؟ والله - عز وجل - له الحكمة فيما أعطى وفيما منع وقد قيل إن خطبة الجمعة كانت حين نزول الآية بعد الصلاة وليست قبلها والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
معنى الأمانة..
س - ما معنى الآية الكريمة {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً} ؟
ج- يراد الأمانة التكاليف وذلك أن الله تعالى عرض التكاليف والأوامر والنواهي والثواب والعقاب على هذه المخلوقات فأشفقت وخافت أن تعجز ولا تستطيع التحمل لعقاب الرب تعالى. فرضيت أن تكون جماداً ولو قبلت لأصبحت مكلفة بالأفعال التي كلف بها الإنسان.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
معنى {صم بكم عمي فهم لا يرجعون}
س - ما معنى قوله تعالى {صم بكم عمي فهم لا يرجعون} .
ج- هذه الأوصاف الثلاثة وصف الله با المنافين، وصفهم بأنهم صم لا يسمعون الحق ولا يستمعون إليه، وأنهم بكم لا ينطقون به، وأنهم عمى لا يبصرون به، ومن أجل إنسداد أبواب العلم على هؤلاء بسبب فقدهم السمع النافع والنطق بالحق والرؤية للحق فهم لا(4/75)
يرجعون عن غيهم وعن نفاقهم لأنهم اغتروا بما هم عليه إما خطأ أو عناداً فهم صم بكم عمى فهم لا يرجعون.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
معنى القرء
س - قال الله تعالى {يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} ما المراد هنا بقروء؟ !
ج- ورد القرء في اللغة يراد به الطهر وورد يراد به الحيض، ولكن الصحيح في الآية أنه هو الحيض وهو أكثر في استعمال الشارع وقول جهور الصحابة.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
معنى الولاية
ما معنى قوله تعالى {لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم} وما معنى الولاية معهم. وهل تكون الولاية أن تذهب إليهم وتحدثهم وتكلمهم وتضحك معهم؟
ج- نهى الله تعالى المؤمنين أن يوالوا اليهود وأشباههم من الكفار ولاء ود ومحبة وإخاء ونصرة وأن يتخذوهم بطانة ولو كانوا غير محاربين للمسلمين قال تعالى {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا أباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه " الآية، وقال {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون. ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم..} الآية وما في معناها من نصوص، الكتاب والسنة، ولم ينه الله تعالى المؤمنين عن مقابلة معروف غير الحربيين بالمعروف أو تبادل المنافع المباحة معهم من بيع وشراء وقبول الهدايا والهبات، قال تعالى {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم(4/76)
الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون} .
اللجنة الدائمة
* * * *
المقصود بصحف إبراهيم وموسى
س - لقد كنا في مجلس نتذاكر فيه الحديث عن الآيتين الكريميتن رقم (18) و (19) من سورة الأعلى - لماذا الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين {إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} ما هو سبب نزول هذه السورة؟ ولماذا ذكر الله صحف إبراهيم وموسى ولم يجئ قوله سبحانه وتعالى كتب إبراهيم وموسى؟
ج- ذكر بعض المؤرخين أن الله تعالى أنزل على إبراهيم صحفا وهي جمع صحيفة فيها كتابة حكم ومواعظ وأحكام وكذا أنزل على موسى قبل التوارة صحفا قد اختلف في عددها، وقد ذكر الله هذه الصحف في سورة النجم فقال تعالى {أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى} وحيث أن واحدها صحيفة وهي الوجه من الورقة ونحوها يكتب فيه الكلام فقد يكون المراد بها كل ما أنزل على إبراهيم وموسى كالتوارة وقد وصف الله هذا القرآن بأنه {في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة} وذلك قبل أن يكتب كله أو قبل تكامل نزوله فلعله إخبار بما سيكون عليه فالصحف أخص من الكتب وقد يترادفان والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
رؤية السوءة كانت وسوسة
س - قال تعالى عن آدم وحواء {فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما..} فما حقيقة هذه الوسوسة، وهل كانت كلاماً مباشراً من الشيطان إلى آدم وحواء؟ وهل الإنسان المصاب بمرض الوسوسة يرفع عنه القلم باعتبارها نوعاً من الجنون؟
ج- قول تعالى {فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما} يعني ألقى في قلوبهمم تلك الوسسوة وقال لهما نطقا {ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا(4/77)
ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إن لكما لمن الناصحين} هذا كلام حقيقة ووسوسة ألقاها الشيطان في قلوبهم. وأما الوساوس التي تعتري بني آدم فإنها لا تؤثر عليه ما دام يدافعها أشد المدافعة ولو سئل عنها وقيل له هل أنت تعتقد هذا لأنكر ذلك إنكاراً بليغاً. وقد اشتكى الصحابة رضي الله عنهم مثل هذه الوسوسة إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فأمرهم أن يستعيذوا بالله وينتهوا عنها فإذا فعل الإنسان ذلك فإنه لا يضره ماحصل من الوسواس الطارئ الخاطر على القلب بدون ركون إليه ولا طمأنينه به.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
كتاب التفسير لا يتساوى مع المصحف
س - لماذا لم يكتب على كتب التفسير الآية الكريمة {لا يمسه إلا المطهرون} ؟
ج- لما كانت كتب التفسير تحتوي على كلام المفسرين وأقوالهم كانت كسائر الكتب الشرعية يجوز للمحدث أن يمسها ولو كان القرآن أو كثير منه موجوداً فيها وإنما المنهى عن مس المصحف الذي فيه القرآن كاملا أو أغلبه.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
تفسير هندي قاصر
س - تفسر جماعة إسلامية في الهند الآية الكريمة {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا} بمعنى العبادة لله ولا دخل لكم بتنظيم المجتمع على النحو الذي ينادي به الإسلام في المعاملات والشئون التي تخص شئون الحاكم والمحكومين، غير أن الشيخ المودودي وضح معنى العبادة وقال إنها لها عدة معان وأن الدين يشمل هذه الأشياء جميعا بالإضافة إلى الطاعة، غير أن هذه الجماعة تعترض على ذلك بقوله لو أعطينا معنى العبادة للطاعة لأصبحت {وأطيعوا الرسول} أي اعبدوه وهذا شرك بالله، فما الرأي الواضح في ذلك؟
ج- تفسير هذه الجماعة تفسير قاصر بلا شك فإن العبادة هي التذلل له عز وجل بطاعته وامتثال أمره سواء كان ذلك في معاملة الله أو في معاملة الخلق، ويدل على أن معاملة(4/78)
المخلوقين داخلة في دين الله عز وجل ان الله ذكر المعاملة بين الناس في أطول آية في القرآن الكريم وهي آية الدين {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه} .. إلى أن قال {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه} الآية.
والإنسان الذي يحكم شرع الله - عز وجل - في العبادات دون المعاملات هو في الحقيقة كافر بالشرع كله، ذلك لأن الشرع كله من الله - عز وجل - فإذا آمن ببعض وكفر ببعض كان كافراً بالجميع.. قال تعالى منكرا على بني إسرائيل {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} .
فالذي يؤمن ببعض الرسل دون بعض أو ببعض شريعة رسول الله دون بعض هو في الحقيقة كافر متبع لهواه، وأما رد هؤلاء على من يقول إن الدين يشمل هذه الأشياء جميعاً فهذا ليس بصواب، لأن طاعة الرسول من طاعة الله سبحانه وتعالى ومعنى طاعة الرسول أن نمتثل أمره فيما أمرنا به وأن نجتنتب نهيه فيما نهانا عنه، كما أن هذا هو تفسير الطاعة بالنسبة لله تعالى ومما أمرنا به الله تعالى ورسوله أن نلخص العبادة لله وحدة ولا نشرك به شيئاً.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الإيمان باله منع " يوسف " من فعل ماهم به
س - في سورة يوسف يقول تعالى {لولا أن رأى برهان ربه} .. ما معنى البرهان؟ وما المقصود به؟
ج- يقول تعالى {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} برهان ربه - الذي حال بينه وبين تنفيذ ما حصل فيه الهم - هو الإيمان والخشية والخوف من الله - عز وجل - فإن إيمان الإنسان بالله يحميه من أن يقع في أمر حرمه الله.. وكلما كان أعلم بالله كان منه أخوف وأشد خشية. قال تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} ويوسف عليه السلام رأي برهان الله - عز وجل - وهو النور الذي قذفه الله في قلبه وكان نابعاً من الإيمان والخشية ومنعه ذلك من حصول ما كان فيه الهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/79)
معنى قوله تعالى {إلا اللمم}
س - ما تفسير قوله تعالى {إلا اللمم} ؟
ج- تفسير قوله تعالى في سورة النجم {ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة} الآية.
ومحل السؤال هنا هو قوله تعالى {إلا اللمم} ونفيذ بأن علماء التفسير - رحمهم الله - اختلفوا في تفسير ذلك، وذكروا أقوالا في معناه أحسنها قولان
أحدهما أن المراد به ما يلم به الإنسان من صغائر الذنوب كالنظرة والاستماع لبعض ما لا يجوز من محقرات الذنوب وصغائرها ونحو ذلك.
وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما من السلف. واحتجوا على ذلك بقوله سبحانه في سورة النساء {إن تجتنبوا كبائر الله تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما} .
قالوا فالمراد بالسيئات المذكورة في هذه الآية هي صغائر الذنوب وهي اللهمم، لأن كل إنسان يصعب عليه التحرز من ذلك.
فمن رحمة الله سبحانه أن وعد المؤمنين بغفران ذلك لهم إذا اجتنبوا الكبائر، ولم يصروا على الصغائر. وأحسن ما قيل في تعريف الكبائر أنها المعاصي التي فيها حد في الدنيا كالسرقة الزنا والقذف وشرب السكر والسب والشتم، ومما يدل على غفران الصغائر، واجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الله كتب عن ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر، وزنا اللسان الكلام، وزنا الأذن الاستماع، وزنا اليد البطش، وزنا الرجل الخطى، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه} .
ومن الأدلة على وجوب الحذر من الصغائر والكبائر جميعاً، وعدم الإصرار عليها قوله سبحانه {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن(4/80)
يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوه وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} .
القول الثاني أن المراد باللمم هو ما يلم به الإنسان من المعاصي ثم يتوب إلى الله من ذلك كما في الآية السابقة وهي قوله تعالى {والذين إذا فعلوا فاحشة} وقوله سبحانه {وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون} . وما جاء في معنى ذلك من الآيات الكريمات وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون} .
ولأن كل إنسان معرض للخطأ، والتوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب، وهي المشتملة على الندم على ما وقع من المعصية والإقلاع منها، والعزيمة الصادقة على ألا يعود إليها خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له، ورجاء مغفرته.
ومن تمام التوبة إذا كانت المعصية تتعلق بحق الآدميين كالسرقة والغضب والقذف والضرب، والسب والغيبة ونحو ذلك، أن يعطيهم حقوقهم أو يستحلهم منها إلا إذا كانت المعصية غيبة وهي الكلام في العرض، ولم يتيسر استحلال صاحبها حذراً من وقوع شر أكثر، فأنه يكفي في ذلك أن يدعو له بظهر الغيب، وأن يذكره بما يعلم من صفاته الطيبة، وأعماله الحسنة في الأماكن التي اغتابه فيها، ولا حاجة إلى إخباره بغيبته إذا كان يخشى الوقوع في شر أكثر.
وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يحفظنا وإياكم من كل سوء، وأن يمن علينا جميعاً بالاستقامة على دينه والسلامة من أسباب غضبه والتوبة إليه سبحانه من جميع ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم.
الرئيس العام
لادرارت البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* * * *(4/81)
المستهزئون
س - ما بيان هذه الآية {ولئن سألتهم ليقولون إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله..} إلى آخر الآية وعلى من نزلت؟
ج- هذه الآية أو هذه الآيات نزلت في قوم من المنافقين كانوا يتحدثون فيما بينهم حديث الركب ليقطعوا الطريق وينسوا مشقته.. فكانوا والعياذ بالله يقولون ما رأينا مثل قرائنا الركب ليقطعوا الطريق وينسوا مشقته.. فكانوا والعياذ بالله يقولون ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا لا أجبن عند اللقاء.. يعنون أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وكذب المنافقون في ذلك فهم أرغب الناس بطونا يعني أوسعهم بطونا وأحبهم للأكل وأكذب ألسناً وأجبنهم عند اللقاء.. بل إنهم بعد أن خرجوا للقتال في أحد رجعوا مما يدل على جبنهم وخورهم لأنه ليس عندهم إيمان ولا عقيدة والعياذ بالله فهؤلاء كانوا يتحدثون بهذا الحديث فانزل الله تعالى فيهم هاتي الآيتين فجاءوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وسألهم فقالوا يا رسول الله إنما كنا نخوض ونعلب.. نتحدث حديث الركب لنقطع به عنا الطريق.. قال الله تعالى {أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم..} وفي هذا دليل على أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر مخرج عن الملة لقول تعالى {قد كفرتم بعد أيمانكم} .
س - وهل تنطبق هذه الآية على الذين يسخرون ويستهزئون ويضحكون ممن يعفون لحاهم ويقصرون ثيابهم ويلتزمون بسنة النبي، - صلى الله عليه وسلم -،؟
ج- هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله إذا كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة.. والاستهزاء بالشريعة كفر.. أما إذا كان يستهزئون بهم.. يعنون أشخاصهم بغض النظر عما هم عليه من اتباع السنة في الثياب واللحية فإنهم لا يكفرون بذلك لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه بغض النظر عن عمله وفعله.. فإذا كانوا يستهزئون بهم من أجل هذا الفعل ويجعلون الاستهزاء منصباً على الفعل فهذا كفر لأنه استهزاء بشريعة الله عز وجل.. أما إذا كان يستهزئ به أي بهذا الشخص نفسه ولم يخطر بباله الاستهزاء بدين الله فليس(4/82)
هذا بكفر.. لكن يجب عل كل إنسان أن يحذر من الاستهزاء بأهل العلم أو الاستهزاء بأهل الدين الذين تمسكوا بما دل عليه كتاب الله وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
قوله تعالى {وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى} وقوله {وجاء رجل من أقصا المدينة} .
س - ما هو تفسير هذه الآية بقول الله تعالى في الآية (20) من سورة يس {وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين} وفي الآية (20) أيضا من سورة القصص {وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج أني لك من الناصحين} السؤال من الرجلان وما تفسير هاتين الآيتين؟
ج- قبل الإجابة على السؤال ينبغي أن نعلم أنه إذا جاء المسمى مبهما في القرآن وفي السنة فإن الواجب إبقاؤه على إبهامه وألا تتكلف في البحث عن تعيينه لأن المهم هو القصة، والأمر الذي صيغ من أجله الكلام للاعتبار والاتعاظ وكونه فلانا أو فلانا لا يهم، المهم الأمر الذي صيغ من أجله الكلام للاعتبار والاتعاظ وكونه فلانا أو فلانا لا يهم، المهم الأمر الواقع فالقرآن الكريم لم يبين الله تعالى فيه هذا الرجل في الآيتين الكريمتين بل قال في سورة القصص {وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى} وفي سورة يس قال {وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى} فقدم الرجل في سورة القصص وآخره في سورة يس. ولم يبين ذلك ومحاولة الوصول إلى تعيينه ليس وراءهما فائدة تذكر وعلى هذا فلا ينبغي أن يشغل الإنسان نفسه بتعين مثل هذه المسميات بل تبقى الآيات والأحاديث على إبهامها ويوجه المخاطب إلى أن المقصود الاعتبار بما في القصة من أحكام ومواعظ.
أما تفسير الآيتين ففي سورة القصص قيض الله لموسى رجلا ناصحا جاء من أقصى المدينة يخبر موسى عليه الصلاة والسلام بأن الملأ وهم الأشراف والأكابر في المدينة يتشاورون ماذا يصعنون به.. وموسى عليه السلام الذي قتل أحدهم - أي أحد الأقباط - وكان هذا من تيسير الله - عز وجل - لموسى ولهذا أرشده الرجل إلى أن يخرج {فاخرج أني لك من الناصحين} فخرج منها خائفاً يترقب وذكر الله تمام القصة.. أما في سورة يس فإن الله تعالى أرسل إلى أهل القرية رسولين فكذبوهما وانكروا رسالتهما فأرسل الله تعالى رسولاً ثالثاً(4/83)
وعززهما به أي يقويهما به ولكن مع ذلك أصروا على الإنكار وجرى بينهم وبين أهل هذه القرية ما جرى فجاء من أقصى المدينة وهنا قدم الأقصا - أقصا المدينة للاهتمام بهذا الأمر فمع بعده جاء إلى قومه {قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون} سورة يس الآيات 20-22 إلى تمام القصة فكان هذا ناصحاً لقومه مرشداً لهم وكان عاقبته أن قيل له {قبل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} سورة يس الآيتان 26-27.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
قوله تعالى {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر..}
س - ما معنى قوله تعالى {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا ما اختلط بعظم ذلك جزئناهم ببغيهم وأنا لصادقون} ؟
ج- معنى هذه الآية أن الله يخبر بأنه حرم على الذين هادوا وهم اليهود حرم عليهم كل ذي ظفر من البهائم.. وذو الظفر قال أهل العلم هو الذي ليس فيه شق في يديه ولا في رجليه تكون يداه ورجلاه طبقة واحدة بمعنى أن يكون كخف البعير مثلا غير مشقوق لأن الأرجل في البهائم منها ما هو مشقوق كالماعز والغنم شحومهما إلا ما استثنى {إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم} فإنه حلال لهم.
وبين الله سبحانه وتعالى أن هذا التحريم إنما هو ببغي وعدوان وأنهم لما بغوا واعتدوا حرم عليهم بعض الطيبات كما قال تعالى في آية أخرى {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً} سورة النساء الآية 16. وهو نوع من العقاب لهم في الدنيا قال تعالى {ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} سورة الأنعام، الآية 146. الضمير هنا يعود إلى الله - عز وجل - وإنما جاء بصيغة الجمع للتعظيم وهو سبحانه وتعالى أصدق القائلين وأعدل الحاكمين ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن الإنسان بمعصيته(4/84)
لربه وبغيه قد يحرم بعض الطيبات إما شرعاً كما حصل لليهود وإما قدراً فإن الإنسان قد يصاب بآفات تمنعه من تناول الطيبات بسبب عدوانه وبغيه وكذلك أيضاً يبتليهم الله تعالى بالجدب والقحط وقلة الثمار بسبب المعاصي والذنوب فرزق الله -عز وجل - والطيبات التي أحلها للعباد إذا بغوا أو اعتدا فقد يحرمون منها إما شرعاً وإما شرعاً وإما كوناً وقدراً لكن إذا اتقى الناس التزموا ما أمر الله به ورسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وقاموا بطاعة ربهم فإن الله تعالى يقول {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} سورة الأعراف، الآية 96. نسأل الله تعالى أن يحقق للمسلمين الإيمان والتقوى.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
معنى قوله {ولا تشتروا باياتي ثمنا قليلا}
س - ما معنى تفسير قوله تعالى {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلاً} ؟
ج- معنى هذه الآية الكريمة أن من الناس الذي آتاهم الله العلم بآياته من يشتري ثمناً قليلاً بهذه الآيات بأن يحابى الناس بدين الله من أجل الدنيا أو يحافظ على بقاه جاهه أو منصبه من أجل الدنيا ويدع دين الله فمثلاً يكون هناك عالم يعلم أن هذا الشيء حرام، لكن لا يقول إنه حرام يخشى أن العامة تنصرف عنه وتقول إنه مشدد أو يخشى أن السلطان ينقصه من راتبه او ينحيه عن منصبه حيث قال إن هذه حرام فيذهب ويقول إنه حلال ليشتري به جاها عند العامة أو البقاء في منصب عند السلطان (المهم أن الآية معناها العام أن من الناس من يدع دين الله لشيء من أمور الدنيا) والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/85)
المراد بالأمانة في قوله تعالى {إنا عرضنا الأمانة..} الآية
س - يقول الله سبحانه وتعالى في آخر سورة الأحزاب بسم الله الرحمن الرحيم {إنا عرضنا الأمانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً} . ما المقصود بالامانة هنا.. هل هي أمانة العقل أو ما أؤتمن عليه الإنسان؟
ج- المراد بالأمانة هنا كل ما كلف به الإنسان من العبادات والمعاملات فإنها أمانة لأنه مؤتمن عليها وواجب عليه أداؤها، فالصلاة من الأمانة والزكاة من الأمانة والصيام من الأمانة والحج من الأمانة والجهاد من الأمانة وبر الوالدين من الأمانة والوفاء بالعقود من الأمانة.. وجميع ما كلف به الإنسان فهو داخل في الأمانة وهذا الالتزام لا يكون إلا بالعقل ولهذا كان الإنسان حاملاً للأمانة لما عنده من العقل وليست البهائم ونحوها حاملة للأمانة لأنه ليس لديها عقل فهي غير مكلفة.
فالله - عز وجل - عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال فابين أن يحملنها وأشفقن منها، وهذا المخلوقات العظيمة أبت أن تحمل الأمانة وأشفقت منها وخافت فإن حمل الإنسان لها دليل على ظلمه وجهله ولكن المرفق الذي يقوم بهذه الأمانة فيمتثل ما أمر الله بها على الوجه الذي طلب منه فكان له فضل الحمل أولا ثم فضل الأداء ثانيا. أما إذا لم يحمل هذه الأمانة ولم يقم بواجبها فإن الله تعالى يقول {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً} سورة الجمعة الآية 5، ويقول عز وجل {إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون} سورة الأنفال، الآية 55.
فالإنسان الذي لم يقم بواجب الأمانة هو شر الدواب عند الله وهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً وإنما يشبه بالحمار لبلادته وعدم تقديره للأمور حتى يقوم بما يناسبها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/86)
خشية الله
س - {إنما يخشى الله من عباده العلماء} الآية.. ما معنى هذه الآية الكريمة؟
ج- معنى هذه الآية الكريمة أن الذي يخشى الله - عز وجل - تمام الخشية هم العلماء.. ولكن العلماء بماذا؟ العلماء بالله - عز وجل - وبشرعه وبآياته وليس المراد بالعلماء بالصناعة وما شابهها مما لا يستفيد به المرء فيما يتعلق بالله وذلك أن العلماء الذين على علم بالله وآياته الكونية والشرعية هم الذين يقدورن الله حق قدره ويعرفون ما لله من العظمة والجلال فيخشون الله عن علم وبصيرة خلاف الجاهلين بالله فإنهم لا يخشون الله. وكلما كان الإنسان بالله أعلم كان له أخشى وبدينه أقوم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
أسرار البسملة ومعنى كلمة " حطة "
س - أود الاستفسار عن أسرار البسملة وآثارها في محكم كتاب الله؟
ج- شرع الله ذكره عند كل أمر ذي أهمية للتبرك باسمه وجلب الخير وكف الشر، قال تعالى {إقرأ باسم ربك} وقال أيضاً {واذكر اسم ربك} فشرعت التسمية عند الأكل والشرب والجماع ودخول المنزل والنوم والركوب والنزول والقراءة والكتابة ونحوها. فإن اسم الله تعالى يجلب الخيرات ويدفع المكاره والمهالك وبآثاره يحصل الرزق والنصر والظفر بالمطلوب. فما ذكر في قليل إلا كثره ولا في خوف إلا أزاله لكنه يستدعي الاخلاص واليقين من الذاكر الذي يقول باسم الله استعين واسترحم وأبدأ في أعمالي.. الخ
هذه الكلمة خاطب الله بها اليهود عند الدخول إلى بيت المقدس ومعناها، حط عنا خطاينانا واغفر لنا ذنوبنا فبدلوها. فقالوا حنطة.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/87)
معنى قوله تعالى {رب المشرقين وربن المغربين} وقوله {ذلك تقدير العزيز العليم}
س - ما تفسير الآية الكريمة {رب المشرقين ورب المغربين} والآية الأخرى {ذلك تقدير العزيز العليم} ؟
ج- يخبر الله سبحانه وتعالى في الآية الأولى عن نفسه بأنه رب المشرقين ورب المغربين، والمراد بهما مشرقا الصيف والشتاء، مشرق الصيف حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الشمال ومشرق الشتاء حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الجنوب، ونص الله على تمام قدرة الله سبحانه وتعالى وكمال رحمته وحكمته إذ لا أحد يقدر على أن يصرف الشمس من مشرق إلى مشرق ومن مغرب إلى مغرب إلا الله - عز وجل - ولهذا قال {رب المشرقين ورب المغربين، فبأي آلاء تكذبان} سورة الرحمن الآية 17 فأشار في تعقيبه بهذه الآية السابقة إلى أن هذا من آلاء الله ونعمه العظيمة على عباده.
إذن فالمراد بالمشرقين والمغربين مشرقا الشمس في الصيف والشتاء ومغرباها في الصيف والشتاء.
وقد قال تعالى في آية أخرى {فلا أقسم برب المشارق والمغارب} سورة المعارج الآية 40 فجمع المشرق والمغرب.
وقال تعالى في آية ثالثة {رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً} سورة المزمل الآية 9 ولا تناقض بين هذه الآيات الكريمة.
فالمراد بآية التثنية من أسلفناه، والمراد بآية الجمع إما مشارق الشمس ومغاربها باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم. لأن كل يوم لها مشرق ومغرب غير مشرقها ومغربها بالأمس..، أو أن المشارق والمغارب مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر.
وأما قوله تعالى {رب المشرق والمغرب} فالمراد بها الناحية أي أنه مالك كل شيء ورب كل شيء، سواء كان ذلك لشيء في المشرق أو في المغرب، وليعلم أن كتاب الله وما صح من سنة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لا يمكن أن يكون فيه تناقض لا في ما بين النصوص ولا فيما بينها وبين الواقع توهم التناقض والتعارض فذلك إما لقصور(4/88)
في علمه أو نقص في فهمه أو تقصير في تدبره وتأمله وإلا فإن الحقيقة الواقعة أنه ليس بين نصوص الكتاب والسنة تناقض ولا بينها وبين المنافع أيضاً.
وأما قوله تعالى {والشمس تجري لمستقر لها} سورة يس الآية 38 وهو الشطر الثاني من السؤال فمعناه أن هذه الشمس تجري بإذن الله أي تسير لمستقر لها أي لغاية حددها الله سبحانه وتعالى بعلمه، ولهذا قال {ذلك تقدير العزيز العليم} فهو لعزته تبارك وتعالى وقهره خلق هذه الشمس العظيمة وسخرها تجري بأمره وبمقتضى علمه وحكمته إلى حيث أراد الله عز وجل والمستقر هو مستقرها تحت العرش حيث أنها تذهب كل يوم إذا غربت وتسجد تحت العرش، عرش الرحمن جل وعلا وتستأذن فإن أذن لها وإلا رجعت من حيث جاءت وخرجت من مغربها وهذا هو ما يشير إليه قوله تعالى {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً} سورة الأنعام، الآية 158 فإن الناس إذا رأوها خرجت من المغرب آمنوا أجمعون ولكن لا ينفع نفساً إيمانهم لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً.
كذلك تجري لمستقر آخر وهو منتهاها يوم القيامة الدال عليه قوله تعالى {إذا الشمس كروت} سورة التكوير، الآية 1 وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الشمس تدور على الأرض وهو الذي يدل عليه ظاهر القرآن وهو الذي نعتقده وندين الله به حتى يأتينا دليل محسوس ظاهر يسوغ لنا أن نؤول ظاهر الآية إلى ما يقال الآن بأن اختلاف الليل والنهار وطلوع الشمس وغروبها إنما هو بسبب دوران الأرض فإنه لا يحل لأحد أن يعدل عن ظاهر الكتاب والسنة إلا بدليل يكون حجة له أمام الله عز وجل يوم القيامة، يسوغ له أن يصرف ظاهر القرآن والسنة إلى ما يطابق ذلك الشيء المدعى.
وما دمنا لم نر شيئاً محسوساً تطمئن إليه نفوسنا ونراه مسوغاً لنا جواز صرف القرآن عن ظاهره فإن الواجب علينا معشر المؤمنين أن نؤمن بظاهر القرآن والسنة وألا نلتفت إلى قول أحد خالفهما كائناً من كان.
وإلى الآن لم يتبين لي صحة ما ذهب إليه هؤلاء من أن اختلاف الليل والنهار في الشروق والغروب كان بسبب دوران الأرض.(4/89)
وعليه فإن عقيدتي التي أدين الله بها أن الشمس هي التي يحصل بها اختلاف الليل والنهار وهي التي تدور على الأرض والله على كل شيء قدير، ألم تر إلى قوله تعالى {وترى الشمس إذا طلعت تزوار عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال} سورة الكهف الآية 17، وقوله تعالى {إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب} سورة ص، الآية 32.
وقوله تعالى {حتى إذا بلغ مغرب الشمس} .
ففي هذه الآيات المتعددة إضافة الطلوع والغروب وإضافة التزاور وإضافة المغرب إلى الشمس وإضافة التواري إلى الشمس.
فما بالنا نصرف هذه الأفعال المسندة إلى الشمس عن ظاهرها إلى قول لم يتبين لنا أنه واقع حساً. إن هذا لا يجوز أبداً.
فيجب علينا أن نعقتد ما دل عليه ظاهر الكتاب والسنة إلا بدليل محسوس يستطيع الإنسان أن يواجه الله به يوم القيامة، ويقول يا رب إني رأيت الأمر المحسوس يخالف ظاهر ما خاطبنتنا به وأنت أعلم وأحكم وكتابك منزّه عن أن يناقض الواقع المحسوس، فإذا تبين بالحس الواضح أن اختلاف الليل والنهار ثبت بدوران الأرض فإن فهمي يكون خطئاً، وأما ما دام الأمر هكذا مجرد أقاويل فإني أعتقد أنه لا يجوز لأحد أن يخالف ظاهر الكتاب والسنة في مثل هذه الأمور.
وخلاصة القول أن معنى قوله تعالى {والشمس تجري لمستقر لها} أن الله يخبر بأن الشمس تسير بإذن الله - عز وجل - ولمستقر لها لغاية تنتهي إليها يومياً وهو سجودها تحت العرش كما صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من حديث أبي ذر الذي رواه البخاري وغيره.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/90)
قصة ذي القرنين
س - ما معنى الآية الكريمة {ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكراً} ؟
ج- قوله تعالى {ويسئلونك عن ذي القرنين " سورة الكهف، الآية 83 السائل هنا قريش سألوا النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن ذي القرنين وقصته مشهورة ولا سيما عند أهل الكتاب وهو مالك صالح كان على عهد الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ويقال إنه طاف معه بالبيت والله أعلم.
هذا الرجل الصالح مكن الله له في الأرض وآتاه من أسباب المالك كل سبب يتوصل به إلى الانتصار وقهر أعدائه فأتبع سبباً يعني سلك طريقاً يوصله إلى مقصوده {حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوما} سورة الكف، الآية86 فاستولى عليهم وخيره الله فيهم {قلنا يذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا} فحكم بينهم بالعدل {قال أما من ظلم سوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا، وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يسراً} سورة الكهف، الآيتان 87-88.
ثم سار متجها نحو مطلع الشمس {حتى إذا بلغ ملطع الشمس وجدها تطلع على قوم} سورة الكهف، الآية 90 ليس لهم ستر يحول بينهم وبين حرها ليس عندهم بناء ولا أشجار وإنما يعيشون في النهار في السراديب والكهوف ثم في الليل يخرجون يلتمسون العيش.
وكان الله - عز وجل - في جميع أحوال هذا الرجل عالماً به يسير بعلم من الله - عز وجل - وهداية كما قال الله تعالى {وقد أحطنا بما لديه خبراً} سورة الكهف، الآية91.
ثم مضى {حتى بلغ بين السدين وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً} سورة الكهف، الآية 93 لأنهم كانوا أعاجم لا تفهم لغتهم ولا يفهمون لغة غيرهم ولكنهم اشتكوا إلى هذا الملك الصالح ذي القرنين بأن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض وهما أمتان من بين آدم كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح.(4/91)
وتذكر روايات وأخبار إسرائيلية في هاتين الأمتين أعني يأجوج ومأجوج كلها لا أصل لها من الصحة وإنما يأجوج ومأجوج من بين آدم وعلى شكل بني آدم كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال {يقول الله تعالى يوم القيامة يا آدم فيقول لبيك وسعديك فيقول أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار قال يا ربي وما بعث في النار قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون كلهم في النار إلا واحداً من الألف} فكبر ذلك على الصحابة، وقالوا يا رسول الله أينا ذلك الواحد فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أبشروا فإنكم في أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج} . وهذا دليل واضح وصريح على أن يأجوج ومأجوج من بني آدم فيكون شكلهم وأحوالهم كأحوال بني آدم تماماً لكنهم من قوم طبعوا على الفساد في الأرض وتدمير مصالح الخلق وقتلهم وغير ذلك مما يكون فساداً في أرض الله - عز وجل -.
قالوا له {فهل نجعل لك خرجا} أي مالا {على أن تجعل بيننا وبينهم سداً} فأخبرهم بأن الله سبحانه وتعالى أعطاه من الملك والتمكين ما هو خير من المال الذي يعطونه إياه {قال ما مكنى في ربي خير فأعينوني بقوة} أي بقوة عملية من مال وأدوات وما أشبه ذلك {أجعل بينكم وبينهم ردماً} ثم طلب مهم زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا " فاوقدوا عليه النار ونفخوها حتى صار الحديد ناراً ملتهباً فافبرغ عليه قطراً أي نحاساً مذاباً حتى تماسكت هذه القطع من الحديد وصارت جداراً حديدياً صلباً " فما اسطاعوا أن يظهروه يعني يصعدوا فوقه {وما استطاعوا له نقبا} أي أن ينقبوه من أسفل فكان ردماً بين يأجوج ومأجوج وبين هؤلاء القوم وقصته معروفة مشهورة ذكرها الله تعالى في آخر سورة الكهف فمن أراد أن يزيد من علمها فليقرأ ما كتبه أهل التفسير الموثوق بهم في هذه القصة العظيمة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/92)
معنى الورود في قوله تعالى {وإن منكم إلا واردها..}
س - لقد قرآن آية من سورة مريم وهي الآية (71-72) التي تقول بسم الله الرحمن الرحيم {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا. ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} أنا أريد أن أعرف معنى هذه الآية الكريمة وخاصة معنى الورود فقد قرأت في كتاب التخويف من النار لابن رجب الحنبلي يقول إن الأئمة قد اختلفوا في تفسير معنى الورود فهل معناها الدخول في النار أي أن المؤمنين والكافرين يدخلون النار ثم ينجي الله المؤمنين من النار أم المقصود منها السير على الصراط الذ هو حد السيف فتمر الطائفة الأولى كالبرق والثانية كالريح والثالثة كأجود الخيل الرابعة كأجود الابل والبهائم ثم يمرون والملائكة يقولون - رب سلم سلم؟
ج- قد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على أن المراد بالورود هو المرور فوق الصراط وهو منصوب على متن جهنم أعاذنا الله والمسلمين منها والناس يمرون عليه على قدر أعمالهم كما ذكر في الأحاديث.
الشيخ ابن باز
* * * *
ما تفسير قوله تعالى {وأن منكم إلا واردها} ؟
ج- قد فسر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الورود في الآية بأنه المرور على متن جهنم لأن الصراط منصوب على متنها فالمتقومن يمرون وينجيهم الله من شرها والكافرون يسقطون فيها، والعاصي على خطر من ذلك نسأل الله العافية قال الله سبحانه {وأن منكم ألا واردها كان على ربك حتما مقضيا. ثم ننجي الذي اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} .
الشيخ ابن باز
* * * *(4/93)
وأنها لكبيرة إلا ...
س - قال الله تعالى {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} أرجو تفسير هذه الآية الكريمة؟
ج- هذه الآية في سياق الأمر بالاستعانة بالصلاة ويعني المحافظة عليها ودوام فعلها والحرص على إكمال واجباتها وأركانها وأوقاتها والحفاظ على ما يصير سبباً في قبولها والاستعانة بذلك على أمور الدنيا والدين. ثم أخبر بأنها كبيرة إلا على الخاشعين والمعنى أن المحافظة عليها وإكمالها حتى يترتب على ذلك تأثيرها وحصول الاعانة بها ونحو ذلك ثقيل وعظيم وشاق على النفوس الضعيفة لكنه سهل على الخاشعين وهم أهل الذل والخوف والمراقبة لله تعالى. فالاستعانة بالصلاة هينة خفيفة عليهم وكبيرة ثقيلة على غيرهم من أهل الكسل وضعاف البصيرة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/94)
الأفراد والجمع في السموات والأرض
س - يرد في كثير من آيات القرآن الكريم لفظ السماوات جمعا وكلمة الأرض مفردة فهل في حال الأفراد تدل على معنى الجمع؟ وما تفسير قوله تعالى {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولاخلق أنفسهم} ؟
ج- أما ما ذكره من الآيات الكثيرة التي فيها جمع السماوات وإفراد الأرض فهو كما ذكر الله تعالى بذكر السموات بلفظ الجمع تارة وبالأفراد تارة أخرى قال تعالى {إن الله لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء} ويقول تعالى {يعلم ما في السماوات والأرض} . ولكن الأرض لم تأت مجموعة في القرآن أبداً بل هي مفردة دائماً.
ولكنها أتت بالجمع إشارة في قوله تعالى {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن} لأن المثلية هنا ليست في الصفات والكيفية للفرق العظيم بين السماء والأرض ولكنها مثلية في العدد وقد فسرت السنة الكريمة ذلك قال صلى الله عليه وسلم {من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه يوم القيامة من سبع أرضين} وعلى هذا فلفظ الأرض ورد في القرآن مفرداً ولكن يراد به الجنس الذي يصدق على المفرد والمتعدد وأما قوله تعالى {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم} فالمعنى أن الله تعالى لم يشهد أحدا من الخلق خلق السموات والأرض ولذا لا يصح أن يعبدوا من دون الله وكذلك لم يشهد أحداً خلق نفسه وإذا لم يشهد خلق نفسه فيكف يعبد غيره، فأنت لا تعرف عن نفسك ولا عن غيرك شيئاً ولا تستطيع أن تخلق شيئاً مما خلقه الله لا من السموات ولا من الأرض ولهذا قال تعالى في سورة الطور {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون} .
فذكر الله سبحانه وتعالى خلق أنفسهم وخلق السموات والأرض وحينئذ يتبين أن الخالق هو الله وإنه هو المستحق للعبادة وحدة لأن هؤلاء المعبودين لم يشاركوا الله في الخلق بل لم يشاهدوا خلقه فكيف تجعلونهم شركاء في العبادة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/95)
كتاب الحديث الشريف(4/97)
حديث الذبابة صحيح.. لكن لست مأموراً بشرب ما تعافه
س - ما مدى صحة هذا الحديث الذي يقول {إن في أحد جناحي الذبابة دواء وفي الآخر الداء} ؟
ج- هذا حديث صحيح ثبت في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه زاد أبو داود {وأنه يتقي بجناحه الذي فيه الدواء} والطب شاهد به الآن.
ولكن بعض الناس إذا غمسه لا يشتهي الشراب بعده فإذا لم يشته الشراب فإنه لا يلزم بشربه لأن الإنسان لا يؤمر بأكل ما تعافه نفسه ولا بشرب ما تعافه نفسه كما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه أباح أكل الضب ولم يأكله وقال {إنه ليس بأرض قومي فأجدني أعافه} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
معنى {تلد الأمة ربتها}
س - جاء في حديث عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، رواه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه {أنه من أشراط الساعة أن تلد الأمة ربتها} أرجو من سماحتكم شرح وبيان معنى ان تلد الأمة ربتها؟
ج- المعنى أن من أشراط الساعة أن تكثر السراري بين الناس حتى تلد المملوكة سيدتها أي تحمل من سيدها وتلد سيدتها لأن بنت السيد سيدة وإبن السيد سيد.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/99)
الحديث الصحيح والحسن
س - ما الحديث الصحيح والحديث الحسن؟ وهل يمكن الأخذ بهذا الحديث؟
ج- الفرق بينهما أن الحديث الصحيح ما رواه عدل تام الضبط، بسند متصل، وسلم من الشذوذ ومن العلة القادحة، والحديث الحسن هو ما رواه عدل متصف بهذه الأوصاف إلا تمام الضبط فإنه لا يشترط في الحديث الحسن، ولهذا نقول في تعريفه ما رواه عدل خفيف الضبط، بسند متصل، وسلم من الشذوذ ومن العلة القادحة. وكل من القسمين الصحيح والحسن حجة يؤخذ به ويعمل بما جاء فيه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الأحاديث الواردة في زيارة قبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كلها ضعيفة أو موضوعة
س - أرجو الإفادة عن صحة الأحاديث الآتية
الأول {من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني} ؟ الثاني {من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي} . الثالث {من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شفيعاً شهيداً يوم القيامة} . لأنها وردت في بعض الكتب وحصل منها إشكال واختلف فيها على رأيين أحدهما يؤيد هذه الأحاديث.. والثاني لا يؤيدها؟
ج- أما الحديث الأول فقد رواه ابن عدى قطني من طريق عبد الله بن عمر رضي اله عنهما - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بلفظ {من حج ولم يزرني فقد جفاني} ، وهو حديث ضعيف، بل قيل عنه إنه موضوع أي مكذوب، وذلك أن في سنده محمد بن النعمان بن شبل الباهلي عن أبيه وكلاهما ضعيف جداً، وقال الدارقطني الطعن في هذا الحديث على ابن النعمان لا على النعمان، وروى هذا الحديث البزار أيضاً وفي إسناده إبراهيم الغفاري وهو ضعيف، ورواه البيهقي عن عمر، وقال وإسناده مجهول.
أما الحديث الثاني فقد أخرجه الدارقطني عن رجل من آل حاطب عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بهذا اللفظ، وفي إسناده الرجل المجهول، ورواه أبو يعلى في منسده، وابن(4/100)
عدى في كامله، وفي إسناده حفص بن داود، وهو ضعيف الحديث.
أما الحديث الثالث فقد رواه ابن أبي مالك - رضي الله عنه - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن سليمان بن زيد الكعبي وهو ضعيف الحديث من طريق عمر، وفي إسناده مجهول.
هذا وقد وردت أحاديث صحيحة للعبرة والاتعاظ والدعاء للميت.
أما الأحاديث الواردة في زيارة قبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، خاصة فكلها ضعيفة، بل قيل إنها موضوعة.
فمن رغب في زيارة القبور أو في زيارة قبر الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، زيارة شرعية للعبرة والاتعاظ دون أن يشد الرحال، أو ينشء سفراً لذلك فزيارته مشروعة ويرجى له فيها الأجر.
ومن شد الرحال أو أنشأ لها سفراً فذلك لا يجوز لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى} رواه البخاري ومسلم.
وحديث {لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي فإن تسلميكم يبلغني أينما كنتم " رواه محمد بن عبد الواحد المقدسي في المختارة والله أعلم.
الشيخ ابن باز
* * * *
تقديم العشاء على العشاء صحيح
س - هل صحيح كما يقولون {إذا حضر العشاء والعِشاء فقدم العَشَاء على العِشاء} ، فهذه الكلمة أخذها جميع الناس ولا أدري هل هي صحيحة أم لا؟
ج- هذا صحيح، فقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {إذا قدم العَشاء فابدأوا به قبل أن تصلوا المغرب} فإذا حضر العَشَاء والإنساء يشتهيه فإنه يأكل قبل أن يذهب إلى الصلاة وذلك لأن الإنسان إذا قدم العشاء قبل الصلاة أصبح مشغولاً به(4/101)
فتنقص صلاته بسبب انشغاله به ولهذا قال، - صلى الله عليه وسلم -، {لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان} ولكن هها أمر يجب التنبه له وهو أن يحذر من جعل وقت العشاء في وقت الصلاة دائماً فيتخلف عن الصلاة مع الجماعة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
نبي ضيعه قومة!!
س - قرأت في حديث شريف {ذلك نبي ضيعه قومه..} من ذلك النبي؟ وما قصته؟
وما مدى صحة هذا الحديث؟
ج- ذكر هذا الحديث ابن كثير في البداية والنهاية في الجزء الثاني ص211 في ترجمة خالد بن سنان العيسي الذي كان في زمن الفترة وقد زعم بعضهم أن كان نبينا وذكر عن الطبراني بسنده إلى أن عباس قال جاءت بنت خالد بن سنان إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فبسط لها ثوبه وقال {بنت نبي ضيعه قومه} ثم ذكر الحديث عن البزار بسنده عن ابن عباس قال ذُكِرَ خالد بن سنان عند رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال {ذالك نبي ضيعه قومه} لكنه ضعف إسناده، ثم ذكر له قصة طويلة مع قومه لكنها لا تصلح مرفوعة ورجع أنه رجل صالح في زمن الفترة ولا يصح كونه نبيا والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حديث {من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شفيعا..}
س - سائل يسأل عن صحة حديث {من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شفيعاً شهيداً يوم القيامة} ؟
ج- هذا الحديث رواه ابن أبي الدنيا عن طريق أنس بن مالك عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بهذا اللفظ، وفي إسناده سليمان بن زيد الكعبي وهو ضعيف الحديث، وراوه أبو داود الطيالسي عن طريق عمر وفي إسناده مجهول. هذا وقد وردت أحاديث صحيحة في(4/102)
الحث على زيارة القبور عامة للعبرة والاتعاظ والدعاء للميت أما الأحاديث الواردة في زيارة قبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، خاصة فكلها ضعيفة، بل قيل إنها موضوعة، فمن رغب في زيارة القبور أو في زيارة الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، زيارة شرعية للعبرة والاتعاظ والدعاء للأموات، والصلاة على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والترضي عن صاحبيه دون أن يشد الرحال أو ينشئ سفراً لذلك فزيارته مشروعة ويرجى له فيها الأجر، ومن شد لها الرحال أو أنشأ لها سفراً أو زار يرجو البركة والانتفاع به أو جعل لزيارته مواعيد خاصة فزيارته مبتدعة لم يصح فيها نص ولم تعرف عن سلف هذه الأمة، بل وردت النصوص بالنهي لحديث {لا تشد الرحال إلا ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى} رواه البخاري ومسلم، وحديث {لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً وصلوا علي فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم} وراه محمد بن عبد الواحد المقدسي في المختارة.
الشيخ ابن باز
* * * *
حديث {من يرغب عن سنتي}
س - ما معنى هذا الحديث {فمن رغب عن سنتي فليس مني} ، وهل يدخل في هذا ترك صلاة السنة قبل وبعد الصلاة المكتوبة؟
ج- قوله عليه الصلاة والسلام {من رغب عن سنتي فليس مني} . معناه من رغب عن طريقي الذي أنا عليه فليس مني لأنه رغب طريقاً آخر غير الطريق التي كان عليها رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأما ترك النوافل والتطوع فليس من هذا الباب لأن تاركها لا يقصد بهذا الرغبة عن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنه لما كانت هذه النوافل غير واجبة عليه تركها لأنها داخلة في رخصة الله عز وجل. وفرق بين من يترك هدى النبي عليه الصلاة والسلام رغبة عنه وبين من يتركه تكاسلاً وأخذا برخصة الله سبحانه وتعالى.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/103)
حديث التكبر على المتكبر!
س - لاحظت على أحد الأصدقاء أنه لا يرد السلام على أحد الناس وهو ينظر إليه بعين التكبر ولما سألته عن ذلك أخبرني أن ذلك الشخص متكبر، والحديث يقول {التكبر على المتكبر صدقة} هل هذا الحديث صحيح، وهل يجوز ذلك الفعل؟
ج- التكبر على عباد الله من كبائر الذنوب ولا يحل أن يتكبر على أحد، حتى وإن تكبر، ودواء هذا التكبر الواقع من بعض الناس ليس بأن يتكبر عليه ولكن دواؤه بأن يُنصح ويخوف من الله - عز وجل - ويقال له أتق الله فإن الكبر من كبائر الذنوب. وأما الحديث الذي ذكره السائل فهو حديث باطل لا يصح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لا تناقض بين الحديث والآية
س - هل الحديث القائل {أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله..} صحيح، وألا متناقضا مع الآية الكريمة {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} ؟
ج- هذا الحديث صحيح وفي الباب أحاديث كثيرة بهذا المعنى ولا تناقض الآية الكريمة، فقوله تعالى {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} يعني الكفار والمشركين، فإنهم لم يقولوا لا إله إلا الله ولم يعملوا بها، فقتالهم جهاد في سبيل الله وهكذا قتال من قال لا إله إلا الله ولم يعمل بحقها فترك بعض أركان الدين أو استحل بعض المحرمات وأصر على ذلك فقتاله جهاد في سبيل الله لقوله.. {إلا بحقها} .
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/104)
حديث {جار المسجد..}
س - {لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد} هو حديث صحيح أم قول مأثور. وهو قول فيه تشدد فالدين يسر وليس بعسر فما قول سماحتكم؟
ج- {لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد} هذا حديث رواه الامام أحمد والدارقطني والحاكم والطبراني والديملي كلهم بأسانيد ضعيفة قال الحافظ ابن حجر {ليس له إسناد ثابت وإن اشتهر بين الناس} فهو حديث ضعيف عند أهل العلم.. وعلى فرض صحته فمعناه محمول على أنه لا صلاة كاملة لجار المسجد إلا في المسجد لأن الأحاديث الصحيحة قد دلت على صحة صلاة المنفرد لكن مع الإثم إن لم يكن له عذر شرعي لأن الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين واجبة لأحاديث أخرى غير الحديث المسؤول عنه مثل قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر} خرجه ابن ماجه والدارقطني وابن حبان والحاكم وإسناده على شرط مسلم ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، لأعمى الذي استأذنه أن يصلي في بيته واعتذر بأنه ليس له قائد يلازمه قال له هل تسمع النداء بالصلاة قال نعم قال فأجبه. خرجه مسلم في صحيحه.
الشيخ ابن باز
* * * *
معنى حديث {لو أنكم تتوكلون ... }
س - أريد شرحاً وافياً لهذا الحديث حتى نفهمه الصحيح {لو تتوكلون على الله حق تولكه لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطاناً} ؟
ج- الحديث عن عمر رضي الله عنها عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا} رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال الترمذي حسن صحيح.(4/105)
وحقيقة التوكل هو صدق اعتماد القلب على الله - عز وجل - في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة، ومعنى الحديث أن الناس لو حققوا التوكل على الله بقلوبهم واعتمدوا عليه إعتماداً كلياً في جلب ما ينفعهم ودفع ما يضرهم وأخذوا بالأسباب المفيدة لساق إليهم أرزاقهم مع أدنى سبب كما يسوق إلى الطير أرزاقها بمجرد الغدو والرواح وهو نوع من الطلب ولكنه سعي يسير، وتحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدر الله سبحانه وتعالى المقدرات بها وجرت سنته في خلقه بذلك فإن اله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة، والتوكل بالقلب عليه إيمان به قال تعالى {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} فجعل التوكل مع التقوى التي هي القيام بالأسباب المأمور بها والتوكل، بدون القيام بالأسباب المأمور بها عجز مخص وإن كان مشوباً بنوع من التوكل فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكله عجزاً، ولا عجزه توكلاً، وإن كان توكله من جملة الأسباب التي لا يتم المقصود إلا بها كلها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
* * * *
أحاديث في رؤية النبي، - صلى الله عليه وسلم -
س - ما صحة الحديث المروى عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، الذي معناه {من رآني فقد رآني} والحديث الآخر الذي معناه " من رأي فقد حرمت عليه النار وما معنى الذي يدلان عليه؟
ج- الحديث الأول وهو قوله صلى الله عليه وسلم {من رأني فقد رآني حقاً} ، فهذا حديث صحيح وله ألفاظ منها قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي..} .. ومنها قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {من رآني في المنام فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتمثل بي} .. في عدة الفاظ وردت عنه عليه الصلاة والسلام، وقد دلت كلها على أن عدو الله الشيطان قد حيل بينه وبين أن يتمثل في صورة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فمن رأي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في المنام فقد رأى الحقيقة.(4/106)
وصورته عليه الصلاة والسلام معروفة عند أهل العلم فهو ربعة من الرجال، حسن الصورة مشرب بحمرة، كت اللحية أسودها، وفي آخر حيانه حصل فيها شعيرات قليلة من الشيب عليه الصلاة والسلام، فمن رآه على صورته الحقيقية فقد رآه فإن الشيطان لا يتمثل به عليه الصلاة والسلام.
وأما الحديث الثاني {من رآني فقد حرمت عليه النار} لا اصل له وليس بصحيح
الشيخ ابن باز
* * * *
غربة الإسلام
س -ما معنى هذا الحديث {بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء} ؟
ج- معناه أن الإسلام بدأ غريباً كما كان الحال في مكة وفي المدينة في أول الهجرة لا يعرفه غريبا فى آخر الزمان كما بدأ لا يعرفه حق المعرفة إلا القليل من الناس، ولا يعمل به على الوجه المشروع إلا القليل من الناس وهم الغرباء وتمام الحديث قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {فطوبى للغرباء} رواه مسلم في صحيحه وفي رواية لغير مسلم قيل يا رسول الله ومن الغرباء فقال {الذين يصلحون إذا فسد الناس} وفي لفظ آخر {هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي} .
نسأل الله أن يجعلنا وسائر إخواننا المسلمين منهم إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * * *
حديث {لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه..}
س - ما مدى صحة الحديث {لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به} ؟
ج- الحديث هذا صححته جماعة وأضعفته جماعة. ومما قال صاحب الحجة لا يؤمن المؤمن إيماناً كاملاً حتى يكون هواه تبعا لما جاء به النبي، - صلى الله عليه وسلم -،. أما إذا كان يهوى الزنى ويفعل المعاصي يكون إيمانه ناقصاً، وكذلك إن كان يهوى الغيبة أو النميمية،(4/107)
أو يفعلها يكون إيمانه ناقصاً.. فلا يكون إيمانه كاملاً حتى يكون هواه وميله تبعاً لما جاء به، - صلى الله عليه وسلم -، وإذا تابع هواه وأطاع الشيطان فهذا نقص في الإيمان، وهذا النقص قد يرتقي به إلى الكفر، فإذا وافق هواه في عباده غير الله، وفي الاستهزاء بالدين أو سبه، أو استحل ما حرم الله، انتقل إلى الكفر وصار مرتداً عن الإسلام نسأل الله السلامة.
الشيخ ابن باز
* * * *
حديث {اختلاف أمتي رحمة}
س - ما مدى صحة حديث {اختلاف أمتي رحمه؟}
ج- ليس بصحيح هذا أنكره بعض السلف وليس بحديث.
الشيخ ابن باز
* * * *
حديث {أنت ومالك لأبيك.}
س - سمعت حديثاً عن المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، يقول " إنت ومالك لأبيك " وقد سمعت أن في هذا الحديث ضعفاً. ما صحة هذا يا فضيلة الشيخ؟
ج- هذا الحديث ليس بضعيف لشواهده، ومعنى ذلك أن الإنسان إذا كان له مال فإن لابيه أن يتبسط بهذا المال وأن يأخذ من هذا المال ما يشاء لكن بشرط بل بشروط
الشرط الأول ألا يكطون في أخذه ضرر على الإبن، فإن كان في أخذه ضرر كما لو أخذ غطاءه الذي يتغطى به من البرد أو أخذ طعامه الذي يدفع به جوعه فإن ذلك لا يجوز للأب.
الشرط الثاني أن لا تتعلق به حاجة للإبن، فلو كان عن الإبن أمة يتسراها فإنه لا يجوز للأب أن يأخذها لتعلق حاجة الإبن بها وكذلك لو كان للإبن سيارة يحتاجها في ذهابه وإيابه وليس لديه من الدراهم ما يمكنه أن يشتري بدلها فليس له أن يأخذها بأي حال.
الشرط الثالث أن لا يأخذ المال من أحد أبنائه ليعطيه لإبن آخر لأن في ذلك إلقاء(4/108)
للعداوة بين الأبناء ولأن فيه تفضيلاً لبعض الأبناء على بعض إذا لم يكن الثاني محتاجاً فإن كان محتاجاً فإن إعطاء الأب أحد الأبناء لحاجة دون إخوته الذين لا يحتاجون ليس فيه تفضيل بل هو واجب عليه.
على كل حال هذا الحديث حجة أخذ به العلماء واحتجوا به ولكنه مشروط بما ذكرنا، فإن الأب ليس له أن يأخذ من مال أبنه ما يضره، وليس له أن يأخذ من مال ولده ما يحتاجه الإبن، وليس له أن يأخذ من مال ولده ليعيطي ولداً آخر. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
معنى {حديث موضوع " أو {مرفوع..} وقولهم {حديث حسن غريب} ونحو ذلك
س - ماذا يقصد بقولهم أن الحديث مرفوع أو موضوع وأحياناً في نهاية الحديث نجد هذه العبارة قال فلان - كالترمذي على سبيل المثال أو النسائي - حديث حسن غريب أو منكر " وذلك في الأحاديث النبوية أو القدسية؟ !
ج- الحديث المرفوع هو الذي أضيف إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من قوله أو فعله، فإن كان من كلام الصحابي سموه موقوفاً، أو من كلام التابعي فهو مقطوع، أما الحديث الموضوع فهو المكذوب الذي يتحقق أنه كذب على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فلا تجوز روايته إلا مع التعريف به. فأما الحديث الغريب فهو الذي لم يروا إلا من طرق واحد، أي لم يروه من الصحابة سوى شخص واحد ولم ينقله عن الصحابي إلى روا واحد وهكذا، والمنكر إن أريد به الحديث فهو المخالف للأحاديث الثابتة إذا رواه أحد الضعفاء وإن أريد الرواي فهو ضعيف الرواية. وعلى السائل أن يقرأ في كتب مصطلح الحديث. وعلى العلماء العارفين بذكل الزيادة في التوضيح.
الشيخ ابن جبرين(4/109)
حديث {لعن الله الشارب قبل الطالب}
س - لعن الله الشارب قبل الطالب " هل هذا حديث صحيح خاصة وأنه يتردد على ألسنة كثير من الناس؟
ج- هذا الحديث لم يصح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه من الأحاديث التي اشتهرت على ألسنة الناس وليس لها أصل.. والواجب على الإنسان أن يتحرى عما ينسبه إلى الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، من قول أو فعل لأن الكذب عليه، - صلى الله عليه وسلم -، ليس بالكذب على أحد منا، لأنه كذب على شريعة الله سبحانه وتعالى.
ومن الأحاديث المشهورة والتي ليس لها أصل قولهم {حب الوطن من الإيمان} وقولهم {خير الأسماء ما حُمد وعُبد} . وقولهم {المعدة بيت الداء والحمية راس الدواء} وأمثال ذلك كثير.
والمهم انه يجب على الإنسان أن يتحرز فيما بنسبه إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، حتى لا يقع في الوعيد الشديد الذي قال، - صلى الله عليه وسلم -، {من كذب علي معتمداً فليبتبوأ مقعده من النار} .. وقال {من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الأحاديث الضعيفة
س - أفيدوني إلى كتاب فيه كثير من الأحاديث الضعيفة والمنكرة وغيرها حتى أتجنبها ولا أقع فيها؟
ج- نرشدك إلى أن تبتعد عن قراءة الأحاديث الضعيفة والمنكرة وإنما يقرأ هذه الأحاديث أهل العلم الذين يميزون بين الضعيف والصحيح. أما أنت فأنصحك برياض الصالحين.. فهو كتاب ثمين يعتني مؤلفه - رحمه الله - بالأحاديث الصحيحة والحسان وتجنب الضعيفة وما في حكمها.. وصدر غالب أبوابه بآيات من الكتاب العزيز.. فهو كتاب مفيد والبادي في طلب العلم والمبتدئ فيه لا يتتبع أنواع الكتب خشية أن لا يستوعب(4/110)
فهمه ما فيها فتولد له شكوكاً وتوقعه في مشاكل.. فاقتصر على قراءة ما صح وأن أردت أن تقرأ فكتاب اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم ففيه أصح ما ورد عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، هو كتاب عظيم مفيد.. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حديث الوصية
س - أهدى إلى أحد الأصدقاء قصاصة تحمل وصية تشير إلى أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال للإمام على رضي الله تعالى عنه ما نصه {يا علي لا تنم إلا أن تأتي بخمسة أشياء وهي قراءة القرآن كله التصدق بأربعة آلاف درهم، زيارة الكعبة، حفظ مكانك بالجنة، إرضاء الخصوم " قال علي وكيف ذلك يا رسول الله فقال، - صلى الله عليه وسلم -، أما تعلم أنك إذا قرأت قل هو الله أحد ثلاث مرات فقد قرآن القرآن كله. وإذا قرأت الفاتحة أربعة مرات فقد تصدقت بأربعة آلاف درهم. وإذا قلت لا إله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات فقد زرت الكعبة. وإذا قلت لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم عشر مرات فقد حفظت مكانك في الجنة. وإذا قلت استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه عشر مرات فقد أرضيت الخصوم} .
السؤال هو ما مدى صحة هذه الأقوال والذي أعلمه أن سورة الإخلاص قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن فما هو رأي الشرع في ذلك؟
ج- هذا الحديث الذي ذكره أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أوصى علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذه الوصايا كذب موضوع عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لا يصح أن ينسب إلى الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز أن ينقل عن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، لأن من حدث عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ومن كذب على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، متعمداً فليتبوأ مقعدة من النار إلا إذا ذكره ليبين أنه(4/111)
موضوع ويحذر الناس منه فهذا مأجور عليه والمهم أن هذا الحديث كذب على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وعلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وهنا نقطة عبر بها السائل بقوله الإمام علي بن أبي طالب ولا ريب أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إمام من الأئمة كغيره من الخلفاء الراشدين فأبو بكر رضي الله عنه إمام وعمر رضي الله عنه إمام وعثمان بن عفان رضي الله عنه إمام عوعلي إمام لأنهم من الخفاء الراشدين حيث قال صلي الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وهذا وصف ينطبق على أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
فليست الإمامة خاصة يعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بل هي وقف على من يفتدي به ولهذا يقال للإمام في الصلاة إمام الجماعة أنه إمام ويقال لمن يؤم أمور المسلمين لأنه محل قدوة يقتدى به وإن بعض الناس قد يقصد من كلمة إمام أنه معصوم من الخطأ وهذه خطأ منهم وذلك أنه ليس أحد من الخلق معصوم إلا من عصمة الله - عز وجل - والأولياء كغيرهم يخطئون ويتوبون إلى الله - عز وجل - من خطئهم فإن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
أحاديث في الصلاة على النبي
س - قرأت في بعض الكتاب الدينية الأحاديث الشريفة الآتية {من صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة} و {من صلى على ألف مرة حرم الله جسده على النار} . هل هذه الأحاديث صحيحة؟ وما الدليل على ذلك؟
ج- هذه الأحاديث ضعيفة، أو موضوعة وتغني عنها الأحاديث الصحيحة التي ذكرها ابن كثير في تفسيره عند قول الله تعالى في سورة الأحزاب {إن الله وملائكته يصلون على النبي} الآية فعليك بمراجتها وكذا في كتاب ابن القيم " جلاء الافهام " وغير ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/112)
رواية دعاء الرسول على الغراب مختلفة
س - سمعت من أحد الأفراد أن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، دعا على الغراب يوم الهجرة بقوله {سود الله وجهك} فما مدى صحة هذه الرواية؟ وإذا كانت صحيحة فلماذا دعا الرسول على الغراب؟ !
ج- هذه رواية مكذوبة على الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، لأنه لم يدع على الغراب فيما أعلم في الهجرة ولا في غيرها وإنما ذكره النبي، - صلى الله عليه وسلم -، مع الفواسق التي تقتل في الحال والحرم حيث قال عليه الصلاة والسلام {خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحال والحرم، الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور} .
الشيخ اين عثيمين
* * * *
حديث السبعة هل هو خاص بالرجال
س - هل حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله بالذكور أم أن من عمل هؤلاء من النساء يحصل على الأجر المذكور في الحديث؟
ج- ليس هذا الفضل المذكور في هذا الحديث خاص بالرجال، بل يعم الرجال والنساء، فالشابة التي نشأت في عبادة الله داخلة في ذكل، وهكذا المتحابات في الله من النساء داخلات في ذلك، وهكذا كل امرأة دعاها ذو منصب وجمال إلى الفاحشة فقالت إني أخاف الله داخلة في ذلك، وهكذا من تصدقت بصدقة من كسب طيب لا تعلم شمالها ما تنفق يمينها داخلة في ذلك، وهكذا من ذكر الله خاليا من النساء داخل في ذلك كالرجال، أما الإمامة فهي من خصائص الرجال، وهكذا صلاة الجماعة في المساجد تختص بالرجال، وصلاة المراة في بيتها أفضل لها كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/113)
النبي نبيل!!
س - قرأت في كتاب {أنساب العرب} صفحة 125، يقول رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام لأبي ذر الغفاري الأنبياء كلهم عجم إلا أربعة هو وصالح وشعيب ونبيل. فمن هو المقصود بنبيل ولماذا لم يرد اسم النبي ضمن الأسماء الأربعة؟
ج- وقع خطأ في هذه النسخة، خطأ مطبعي، وهو قوله " ونبيل " باللام، فليس هناك نبي بهذا الأسم لا من العرب ولا من العجم وإنما صواب الكلمة {ونبيك يا أبا ذر} بالكاف لا باللام، وعنى به نفسه، - صلى الله عليه وسلم -، فهو من العرب ونزل عليه القرآن بلسان عربي مبين.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حديث {أسماء} في الحجاب
س - جاء في حديث الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أن المرأة إذا بلغت المحيض لا يجوز أن يظهر منها إلا الكفان والوجه فهذا هو الحجاب فهل هناك أحاديث تدل على النقاب؟
ج- هذا الحديث رواه أبو داود في باب فيما تبدي المرأة من زينتها من سنته قال حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني قالا حدثنا الوليد عن سعيد بن بشير عن قنادة عن خالد (قال يعقوب ابن دريك) عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها دخلت على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وقال {يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه} وهو حديث مرسل لأن خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها وفي سنده سعيد بن بشير الأزدي ويقال البصري أيضا لأن أصله من البصرة وثقة بعض علماء الحديث وضعفه أحمد ابن معين وابن المديني والنسائي والحاكم أبو أحمد وأبو داود وقال محمد بن عبد الله بن نمير منكر الحديث ليس بشيء، وليس(4/114)
بقوي الحديث يروي عن قتادة المنكرات وقال ابن حبان كان ردئ الحفظ فاحش الغلط يروي عن قتادة مالا يتابع عليه وقال الساجي حدث عن قتادة بمناكير وقد روى هذا الحديث عن قتادة ثم إن قتادة مدلس وقد روي هذا الحديث عن خالد بن دريك يعني وفيه الوليد وهو ابن مسلم وكان يدلس تدليس التسوية وكان رفاعا، بذلك يتضح ضعف هذا الحديث من وجوه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وأله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء
* * * *
حديث {من استمع إلى قينة صب في أذنيه..} وحديث {الغناء ينبت النافق في القلب}
س - قرأت وسمعت حديث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - {من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك - أي الرصاص المذاب - يوم القيامة. فهل هذا الحديث صحيح كما قرأت وسمعت حديث {الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب} فهل هذا الحديث صحيح. وما حكم من استمع لهذه الأغاني المشتملة على جميع أنواع الطرب إذا كان استماعها في غير منزله كالسيارات والمجالس التي لا يستيطع التحكم فيها؟
ج- الاستماع للصوت يتضمن معنى الميل له والإصغاء إليه فاستماع الاغاني فيه معنى الميل لها والإصغاء إليها أما السماع فقد يكون عن قصد وإصغاء فيسمى استماعاً أيضاً ويأخذ حكمه وقد يكون عن غير قصد ولا إصغاء للصوت فلا يسمى استماعاً ولا يحكم له بحكمه وعلى ذلك فالاستماع إلى ما ذكر السائل من الأغاني المشتملة على جميع أنواع الطرب محرم على كل من أصغى إليها رجلاً كان أم إمرأة في بيته أو في غير بيته كالسيارات والمجالس العامة والخاصة لما له في ذلك من الاختيار والميل إلى المشاركة فيما حرمته الشريعة. قال الله تعالى {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} وما ذكر السائل من الغناء هو من لهو الحديث فإنه فتنة للقلب يستهويه إلى الشر ويصرفه عن الخير ويضيع على الإنسان وقته دون جدوى فيدخل في عموم لهو الحديث ويدخل من غنى ومن استمع إلى تلك الأغاني في عموم من اشترى لهو الحديث(4/115)
ليصرف نفسه أو غيره عن سبيل الله، وقد نهى عن ذلك وتوعد من فعله بالعذاب المهين وكما دل القرآن بعمومه على تحريم الغناء والاستماع إليه دلت السنة عليه، من ذلك قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولون ارجع إلينا غدا فيسلبهم الله ويضع العلم ويسمخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة} رواه البخاري وغيره من أثمة الحديث، المعازف اللهو وآلاته ومن ذلك الغناء والاستماع إليه فذم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من يستحلون الزنا ولبس الرجال الحرير وشرب الخمر وآلات اللهو والاستماع فها وقرن المعازف بما قبلها من الكبائر وتوعد في نهاية الحديث من فعل ذلك إصغاء كسماع من يشمي في الطريق غناء آلات اللهو والاستماع إليها أما السماع دون قصد ولا إصغاء كسماع من يمشي في الطريق غناء آلات اللهو في الدكاكين أو ما يمر به من السيارات ومن يأتيه وهو في بيته صوت الغناء من بيوت جيرانه دون أن يستهويه ذلك - فهذا مغلوب على أمره لا إثم عليه وعليه أن ينصح وينهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ويسعى في التخلص مما يمكنه منه وسعه وفي حدود طاقته فإن الله لا يكلف نفساً إلى وسعها. وقد جرى جماعة من العلماء على أن يستدلوا على مطلوبهم بالأدلة الصحيحة ثم يتبعوا ذلك بأحاديث فيها بشيء من الضعف في سندها أو في وجه دلالتها على دعواهم وهذا لا يضرهم في ثبوت أصل مطلوبهم فإنهم ذكروا ذلك على سبيل الاستئناس والاستشهاد لا على سبيل الاحتجاج والاعتماد من ذلك ما يذكره بعض العلماء من الأحاديث في مقام تحريم الغناء والاستماع إليه بعد إثباته بالأدلة الصحيحة فلا يضر الطعن فيما ذكره تبعاً في ثبوت التحري بما استدلوا به أولاً وأصالة من الأدلة الصحيحة فمن ذلك - ما رواه الحكيم الترمذي عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال {من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يستمع الروحانيين في الجنة} والثاني ما رواه ابن عساكر عن أنس أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {من استمع إلى قينة صب في أذنيه الآنك يوم القيامة} وما رواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن ابن مسعود من قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل وما رواه البيهقي عن جابر من قول رسول الله،(4/116)
- صلى الله عليه وسلم -، {الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينتب الماء الزرع} . فهذه الأحاديث ضعيفة لكن لا يؤثر ضعفها في تحريم الغناء والاستماع إليه لثبوت التحريم بأدلة أخرى صحيحة من الكتاب والسنة، والله الموفق.
اللجنة الدائمة
* * * *
حديث {كسر عظم المسلم ميتا ككسره حيا}
س - هل صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، القول من كسر عظم رجل مسلم ميت فكأنما كسر عظم رجل مسلم حي؟
ج- حديث كر عظم الميت ككسره حيا حديث ثابت جاء مرفوعاً وموقوفاً أما الرواية المرفوعة فهي عند عبد الرزاق في مصنفه وأبي داود وابن ماجه في سننهما وابن حبان في صحيحه بأسانديهم عن عمرة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {كسر عظم الميت ككسره حيا} وقد ترجم له عبد الرزاق بقوله باب كسر عظم الميت ثم أورد الحديث باسناده، وترجم له أبو داود بقول باب في الحفار يجد العظم هل يتنكب ذلك المكان، ثم أورد الحديث بإسناده وترجم له ابن ماجه بقوله باب في النهي عن كسر عظام الميت ثم أرود الحديث بإسناده وترجم له الحافظ الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان بقوله باب فيمن آذى ميتا وساق الحديث بإسناده.
وأما الرواية الموقوفة فذكرها الإمام مالك في الموطأ في ما جاء في الاختفاء بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول كسر عظم المسلم ميتا ككسره وهو حي تعني في الإثم وذكرها الإمام الشافعي في الدفن في باب ما يكون بعد الدفن عن الإمام مالك أنه بلغه أن عائشة رضي الله عنها قالت كسر عظم المسلم ميتا ككسره وهي حي.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/117)
حديث في ماء زمزم..؟
س - هل هناك حديث صحيح عن فائدة ماء زمزم؟
ج- ماء زمزم قد دلت الأحاديث الصحيحة على أنه ماء شريف وماء مبارك وقد ثبت في الصحيح أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال في زمزم {إنها مباركة، إنها طعام طعم} وزاد في رواية عن أبي داود بسند جيد {وشفاء سقم} . فهذا الحديث يدل على فضلها، وأنها طعام طعم وشفاء سقم وأنها مباركة.
والسنة الشرب منه كما شرب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولما فيه من البركة وهي طعام طيب، مبارك، يشرع التناول منه إذا تيسر، كما فعله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ويجوز له الوضوء منها، ويجوز أيضا الاستنجاء منها والغسل من الجنابة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وقد ثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه نبع الماء من بين أصبعه ثم أخذ الناس حاجتهم من هذا الماء ليشربوا وليتوضئوا وليغسلوا ثيابهم وليستنجوا كل هذا واقع، وماء زمزم إن لم يكن مثل الماء الذي نبع من بين أصابع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لم يكن فوق ذلك فكلاهما ماء(4/119)
شريف، فإذا جاز الوضوء والاغتسال والاستنجاء وغسل الثياب من الماء الذي نبع من بين أصابعه، - صلى الله عليه وسلم -، فهكذا يجوز من ماء زمزم.
الشيخ ابن باز
* * * *
ما صحة هذا الحديث؟
س - ما درجة صحة هذا الحديث {لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس إلا بمكة.. إلا بمكة.. إلا بمكة..} .
ج- هذا الحديث بهذه الزيادة {إلا بمكة} ضعيف.
أما أصل الحديث فهو ثابت في الصحيحين وغيرهما عن جماعة الصحابة رضي الله عنهم عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس} لكن هذا العموم يستثنى منه الصلاة ذات السبب في أصح قولي العلماء كصلاة الكسوف وصلاة الطواف وتحية المسجد فإن هذا الصلوات يشرع فعلها ولو في وقت النهي لأحاديث صحيحة وردت في ذلك تدل على استثنائها من العموم والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
ما درجة صحة هذه الأحاديث
س - ما درجة صحة هذه الأحاديث " 1 " تهادوا تحابو. " 2 " لو علم العباد ما في رمضان لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها؟ !
ج- " 1 " هذا الحديث رواه البخاري في الأدب المفرد موصولاً، ورواه مالك في الموطأ مرسلا وله طرق يقوي بعضها بعضا فهو لا يقصر عن درجة الحسن. وقد ثبت أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كان يقبل الهدية ويثيب عليها.(4/120)
" 2 " هذا الحديث رواه ابن أبي الدنيا وغيره كما في لطائف المعارف ولكنه ضعيف من جميع طرقه. وقد ورد في فضل رمضان أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حديث {من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد..}
س - يقول صلى الله عليه وسلم {من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعداً} فهل حالق لحيته تقبل صلاته أولاً؟
ج- هذا الحديث روي من طرق عدة بألفاظ مختلفة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت عن طريق صحيح وروى عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وجماعة، والموقوف هو الصحيح، قال ابن كثير بعد أن ذكر هذا الحديث مرفوعاً إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وموقوفاً والأصح الموقوفات على ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والأعمش وغيرهم.
وذكر بعض العلماء أن معناه فاسد لمنافاته النصوص الصحيحة الدالة على أن الصلوات تمحو الذنوب وتذهب السيئات.
وعلى هذا يتبين أن حلق المصلي لحيته لا يمنع صحة صلاته ولا من قبولها بل له من ثواب صلاته بقدر ما أتى به منها على وجهه الشرعي وعليه إثم حلق لحيته ويكون مؤمناً بما فيه من إيمان وعمل صالح، وفاسقاً بما فيه من المعاصي، ويعلم من ذلك أن الصلاة إنما تنهي عن الفحشاء والمنكر وإذا أقيمت كما شرع الله في الكتاب والسنة.
اللجنة الدائمة
* * * *
حديث حول الطيرة
س - ما التوفيق بين قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {لا طيرة ولا هامة} وقوله {إن كانت الطيرة ففي البيت والمرأة والفرس} .. أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
ج- الطيرة نوعان الاول من الشرك وهي التشاؤم من المرئيات أو المسموعات فهذه يقال(4/121)
لها طيرة وهي من الشرك ولا تجوز، الثاني مستثناة وهذا ليس من الطيرة الممنوعة ولهذا في الحديث الصحيح {الشؤم في ثلاث} ، في المرأة وفي الدار وفي الدابة} وهذه هي المستثناة وليست من الطيرة الممنوعة لأن بعضهم يقول أن بعض النساء أو الدواب فيهن شؤم وشر بإذن الله وهو شر قدري فإذا ترك البيت الذي لم يناسبه أو طلق المرأة التي لم تناسبه أو الدابة أيضا التي لم تناسبه فلا بأس فليس هذا من الطيرة.
الشيخ ابن باز
* * * *
هذا رأي في الشيخ الألباني
س - لدينا شيخ رزقه الله علما، لكنه يسب المشايخ الذين يخالفونه القول، ويخص بالذكر الشيخ ناصر الدين الألباني، حيث يحذر منه كل ليلة تقريباً في أحاديثه، في شهر رمضان ويدعي بأن هذا رأي كل الأفاضل في الألباني، وأنه مجرد تاجر كتب، فما جوابكم ورأيكم يا سماحة الشيخ في الألباني لتطلعه عليه، ونطلع عليه رواد الدرس الكثر؟
ج- الشيخ ناصر الدين الألباني من خواص إخواننا الثقات المعروفين بالعلم والفضل والعناية بالحديث الشريف تصحيحاً وتضعيفا، وليس معصوما بل قد يخطئ في بعض التصحيح والتضعيف، ولكن لا يجوز سبه ولا ذمه ولا غيبته، بل المشروع الدعاء له بالمزيد من التوفيق وصلاح النية والعمل، ومن وجد له غلطا واضحاً بالدليل فعليه أن يناصحه ويكتب له في ذلك عملاً بقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الدين النصحية} الحديث رواه مسلم، ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه} الحديث.
وقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه " بايعت النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم " متفق على صحتهما. ومعلوم أن المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ولا سيما أهل العلم لقول الله سبحانه {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} . فالواجب على الجميع(4/122)
التناصح والتواصي بالحق، وتنبيه المخطئ إلى خطئه وإرشاده إلى الصواب حسب الأدلة الشرعية، وفق الله الجميع.
الشيخ ابن باز
* * * *
الفاعل والمفعول به
س - هل الحديث الذي يلعن الفاعل والمفعول به - يعني الفاحشة - صحيح لقد قرأت ذلك الحديث في كتاب الحافظ شمس الدين الذهبي ص 57؟
ج- وردت أحاديث في التفسير من عمل قوم لوط كلعن الفاعل والمفعول به والوعيد على هذا الفعل الشنيع كما ورد في أحاديث الأمر بقتلهما. ففي الحديث اقتلوا الفاعل والمفعول به ولكن تلك الاحاديث لا تخلو من مقال وإنما الثابت منها عن الصحابة حيث اتفقوا على أنهما يقتلان، ويكفي في ذلك أن الله تعالى عذب قوم لوط على هذا الفعل المنكر بأشد عذاب فذلك دليل على تحريمه وقبحه عقلا وفطرة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
ما درجة هذه الأحاديث
س - ما هي صحة هذه الأحاديث
1- {أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار} .
2- {مكة رباط وجدة جهاد} .
3- {رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر} .
ج- 1 - هذا لفظ الحديث رواه الدارمي في سنته صفحة 57 من الجزء الأول عن عبد الله بن أبي جعفر مرسلاً وهو ضعيف لإرساله فالأقرب أنه موقوف ولم أقف عليه مسندا.
2- لا أعرفه حديثا بهذا اللفظ.(4/123)
3- هذا لفظ مشهور على الألسن متداول في المجالس والصحف ولكنه لم يثبت حديثاً مرفوعاً ولا يغتر بكثرة من ينقله.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حديث لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا
س - يقال أن علامات يوم القيامة تحول أرض الجزيرة العربية إلى أرض خصبة تجري فيها الأنهار فما مدى صحة ذلك؟
ج- هذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح يقول عليه السلام {لا تقوم الساعة حتى يخرج الإنسان بصدقته من الذهب والفضة حتى لا يجد من يأخذها منه ولا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً} وما هذا الاستغناء عن الصدقة إلا لكثرة الأموال وانتشارها وقرب الساعة وزهد الناس في الدنيا، والمقصود بأرض العرب الجزيرة العربية، والمروج الأرض الخضراء من نبات، والأنهار المياه الجارية بسبب كثرة الأمطار.
الشيخ ابن باز
حديث {العلم علمان..}
س - ما صحة هذا الحديث إن كان حديثا " العلم علمان علم أبدان وعلم أديان " وما ردكم على ما ينتقص العلم الشرعي وراه أقل درجة من العلم الدنيوي؟
ج- لا أصل لهذا الحديث بل العلم واحد يعم مصالح العباد في أبدانهم وأديانهم وأموالهم ولم يترك شيئاً إلا بين حكمه، ومن تنقص العلم الشرعي فهو زنديق فإن تاب وإلا قتل.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/124)
حديث {عبدي أطعني..}
س - وردت إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد السؤال التالي سمعت من بعض الناس يقول حديثاً قدسياً عبارته عبدي أطعني تكن عبداً ربانياً يقول للشيء كن فيكون هل هذا حديث قدسي صحيح أم غير صحيح؟
ج- وأجابت بما يلي هذا الحديث لم تعثر عليه في شيء من كتب السنة ومعناه يدل على أنه موضوع إذ أنه ينزل العبد المخلوق الضعيف منزلة الخالق القوي سبحانه وتعالى أو يجعله شريكاً له، تعالى أن يكمون له شريك في ملكه واعتقاد ذلك كفر لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقول للشيء كن فيكون كما في قوله - عز وجل {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} . وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
* * * *
حديث {ابن الزنا تحرم عليه الجنة}
ابن الزنا قد يكون تقيا
س - سمعت أن هناك حديثاً شريفاً يقول ما معناه {إن ابن الزنا تحرم عليه الجنة} فهل هذا الحديث صحيح وإن كان صحيحاً ما ذنب هذا الطفل الذي سوف يتحمل غلطة والديه وذنبهما؟
ج- ورد في الحديث عن ابي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {ولد الزنا شر الثلاثة} رواه أحمد وأبو داود قال بعض العلماء معناه أنه شر الثلاثة أصلاً وعنصراً ونسباً ومولداً وذلك لأنه خلق من ماء الزاني والزانية وهو ماء خبيث والعرق دساس فلا يؤمن أن يؤثر ذلك الخبث فيه فيتحمله على الشر وقد نفى الله السوء عن مريم بقوله {ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا} ومع ذلك فإنه لا يؤاخذ بذنب أبويه لقوله تعالى " لا تزر وازرة وزر أخرى "، وبكل حال فإثم الزنا وعقوبته في الدنيا والآخرة إنما هي على أبويه ولكن لا يؤمن أن يؤثر فيه ويحمله على الخبث والفساد وليس ذلك بمطرد(4/125)
فقد يصلحه الله ويكون عالما أو تقياً ورعا فيكون خير الثلاثة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حديث {إذا تحيرتم في الأمور..}
س - يقول بعض الناس إن الطلب إلى الميت في القبر جائز بدليل {إذا تحيرتم في الأمور فاستعينوا بأهل القبول} . فهل هذا الحديث صحيح أم لا؟
ج- هذا الحديث من الأحاديث المكذوبة على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كما نبه على ذلك غير واحد من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله عليه - حيث قال رحمه الله في مجموع الفتاوي الجزء الأول صفحة 356 بعدما ذكره ما نصه هذا الحديث كذب مفتري على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بإجماع العارفين بحديثه لم يروه أحد من العلماء بذلك ولا يوجد في شيء من كتب الحديث المعتمدة، انتهى كلامه رحمه الله.
وهذا المكذوب على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مضاد لما جاء به الكتاب والسنة من وجوب إخلاص العبادة لله وحده وتحريم الإشراك به، ولا ريب أن دعاء الأموات والاستغاثة بهم والفزع إليهم في النائبات والكروب من أعظم الشرك بالله - عز وجل - كما أن دعاءهم في الرخاء شرك بالله سبحانه.
وقد كان المشركون الألون إذا اشتدت بهم الكروب أخلصوا لله العبادة وإذا زالت الشدائد أشركوا بالله كما قال الله - سبحانه وتعالى - {فإذا ركبوا في الفلك دعو الله مخلصين له الدين فلو نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} . والآيات في هذا المعنى كثيرة أما المشركون يبين أن كفرهم أعظم وأشد من كفر الأولين من هذه الناحية وقد قال الله - عز وجل - {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء..} وقال سبحانه {فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون} ، وقال - عز وجل - {فاعبد الله مخلصا له الدين إلا لله الدين الخالص} .(4/126)
وقال سبحانه {ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبؤك مثل خبير} . وهذا الآية تعم جميع من يعبد من دون الله من الأنبياء والصالحين، وغيرهم وقد أوضح سبحانه أن دعاء المشركين لهم شرك به سبحانه كما بين أن ذلك كفر به سبحانه في قوله تعالى {ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه أنه لا يفلح الكافرون} .
الشيخ ابن باز
* * * *
حديث {من حلل حراما أو حرم حلالا..}
س - حصل نزاع بين إخواننا المسلمين في تركيا في هذا الحديث {من حلل حراما أو حرم حلالا فقد كفر} .. هل يعد من حلل حراما أو حرم حلالا من الكافرين أو من المذنبين وما معنى قوله (كفر) في الحديث أو ليس بينه وبين كلمة (كامفر) فرق. نرجو من سماحتكم جوابا مقنعا كافيا شافيا في هذا الحديث؟
ج- أولا هذا الحديث لا نعلم له أصلا ولا نعلم أحداً من الأئمة المعتبرين أخرجه بإسناد صحيح ولا ضعيف فلا يعومل عليه والحال ما ذكر.
ثانيا إذا خالف المسلم حكما ثابتا بنصح صريح من الكتاب والسنة لا يقبل التأويل ولا مجال فيه للاجتهاد أو خالف إجماعاً قطعياً ثابتاً، بين له الصواب في الحكم فإن قبل فالحمد لله، وأن أبي عبد البيان وإقامة الحجة، وأصر على تغيير حكم الله، حُكِمَ بكفره وعومل معاملة المرتد عن دين الإسلام، مثال ذلك من أنكر الصلوات الخمس أو إحداها أو فريضة الصيام أو الزكاة أو الحج، وتأول ما دل عليها من نصوص الكتاب والسنة ولم يعبأ باجماع الأمة، وإذا خالف خلاف في مسألة أجتهادية، فلا يكفر بل يعذر في ذلك من أخطأ ويؤجر على اجتهاده، ويحمد من أصاب الحق ويؤجر أجرين؛ أجر على اجتهاده وأجر على(4/127)
إصابته، مثال ذلك من أنكر وجوب قراءة الفاتحة على المأمور، ومن قال بوجوب قراءتها عليه، ومن خالف في حكم صنع أهل الميت الطعام وجمع الناس عليه فقال إنه مستحب، ولا تمتنع مناكحته، ولا يحرم الأكل من ذبيحته بل تحب مناصحته، ومذاكرته في ذلك على ضوء الأدلة الشرعية، لأنه أخ مسلم له حقوق المسلمين. والخلاف في هذه المسألة خلاف في مسألة فرعية اجتهادية، جرى مثلها في عهد الصحابة رضي الله عنهم وأثمة السلف، ولم يكفر بعضهم بعضا ولم يهجر بعضهم بعضا.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
هذا الحديث منكر
س - ما رأي فضيلتكم بهذا الحديث؟ وهل هو صحيح أم ضعيف أم موضوع؟ وما حكم العمل به لو كان هذا الحديث ضعيفاً؟
قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إثنتى عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار، وتتشهد بين كل ركعتين، فإذا تشهدت في آخر صلاتك فأثن على الله - عز وجل - وصل على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، واقرأ وأنت ساجد (فاتحة الكتبا) سبع مرات - (وآيه الكرسي) سبع مرات وقل {لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير} عشر مرات - ثم قل {اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، واسمك الأعظم، وجدك الأعلى، وكلماتك التامة، ثم سل حاجتك، ثم ارفع رأسك ثم سلم يمنياً وشمالاً. ولا تعلموها السفهاء، فيدعون بها فيستجابون} رواه الحاكم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - جزاكم الله خيراً.
ج- هذا الحديث منكر، ولم يثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بل إن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {إلا وإني نهيت أن اقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً} . فلا يحسن للإنسان أن يقرأ القرآن وهو ساجد إلا إذا دعا بما يوافق القرآن فلا بأس كأن يقول {ربنا لا تزغ(4/128)
قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} . {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} وأما أن يقرأ القرآن وهو راكع أو هو ساجد فذلك منهي عنه، قال بعض أهل العلم إن صلاته تبطل إذا قرأ القرآن وهو راكع أو ساجد.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
جريان الشيطان حسي
س - يقول رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم} ، هل الجريان هنا حسي أم معنوي؟
ج- الجريان حسي لكننا لا نراه ولا نعلم كيفيته إنما هي مخالطة، يخالط الإنسي جني يدخل في جسمه، ويظهر أثر هذا على تصرفات الإنسي، قد يتكلم الإنسي بكلام أو يعمل عملاً بغير اختياره، وإنما هذا يكون من مس الجن بتغطيتهم على عقله وإراداته، فهذا من عجائب قدرة الله سبحانه وتعالى حيث خلق هذا الخلق وأعطاه هذه القدرة على مماسة الانس وهم لا يشعرون به ولا يرونه مع ملابسته لهم..
ثم إذا قرئ عليه القرآن وعُوِّذ فإنه يخرج بإذن الله تعالى ويعود الإنسي سليما كما كان.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
معنى قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان..}
س - ما معنى قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه؟
ج- هذا الحديث رواه ابن ماجه عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ورواه الطيراني في الكبير والحاكم في المستدرك كلاهما عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وقال الحاكم صحيح على شرطهما، وقال أبو حاتم لا يثبت نقله عنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، ورواه الطبراني في الكبير عن ثوبان رضي الله عنه مولى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لكن بسند ضعيف كما قال الهيثمي في مجمع(4/129)
الزوائد. والخطأ هنا ضد العمد، والنسيان ضد الذكر والحفظ، ومعناه أن الله تعالى أكرم نبيه محمداً، - صلى الله عليه وسلم -، في أمته بأن لا يؤاخذ أحداً منهم ارتكب محظوراً أو ترك واجبا خطأ أو نسياناً ولا يكون بذلك في حكمه تعالى آثما.
أما بالنسبة لاستدراك ما أخطأ فيه من الواجبات أو نسيه، وما يلزمه من أجل فعل المحظورات فذلك يرجع إلى الأدلة التفصيلية، فقد يلزمه كالديه والكفارة في القتل خطأ، واستدراك ما نسيه أو أخطأ فيه كالسجود السهو وقضاء الصلاة المنسية وجزاء الصيد في الحرم أو كفارته، وقد لا يلزمه شيء كقضاء الصوم إذا أفطر المكلف ناسيا، وكافرة الحنث في اليمين إذا حنث ناسياً.
وكذا المكره الذي لا قدرة له على التخلص إلا بفعل ما أكره عليه من المحظورات فلا إثم عليه في فعل ما أكره ما دام قلبه مطمئاً بالإيمان مستنكراً لما أكره عليه غير مستحل له إلا الاكراه بالقتل على القتل فيأثم بقتل من أكره على قتله لما في ذلك من جعل قتله لغيره فداء لنفسه.
أما الاكراه على ترك واجب فلا إثم عليه في تركه لكن عليه أن يؤديه بعد زوال المانع أن تيسر.
اللجنة الدائمة
* * * *
حديث {لزوال الدنيا بأسرها..}
س - هل صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قوله {لزوال الدنيا بأسرها عند الله أهون من قتل رجل مسلم} .
ج- أخرجه مسلم في صحيحه والنسائي في السنن والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم} ولكن ليس في الطرق التي أطلعنا عليها كلمة بأسرها - وأخرج ابن(4/130)
ماجه في سنته عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق} .
اللجنة الدائمة
* * * *
ما هي محدثات الأمور
س - ما هي محدثات الأمور وما معناها؟
ج- المراد بذلك في قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {إياكم ومحدثات الأمور} كل ما أحدثه الناس في دين الإسلام من البدع في العقائد والعبادات ونحوها مما لم يأت به كتاب ولا سنة ثابتة عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، واتخذوه دينا يعتقدونه، ويتعبدون الله به زعما منهم أنه مشروع وليس كذلك بل هو مبتدع ممنوع كدعاء من مات من الصالحين أو الغائبين منهم واتخاذ القبور مساجد، والطواف حول القبول، والاستنجاد بأهلها زعما منهم أنهم شفعاء لهم عند الله ووسطاء في قضاء الحاجات وتفريج الكربات، واتخاذ أيام موالد الأنبياء والصالحين أعياداً يحتلفون فيها ويعملون ما يزعمومنه قربات تخص ليلة المولد أو يومه أو شهره إلى أمثال ذلك مما لا يكاد يحصى من البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان ولا ثبت في سنة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، منها ويتضح مما ذكرنا أن بعض المحدثات يكون شركاً وأن بعضها يكون بدعة فقط ولم تبلغ أن تكون شركا كالبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها ما لم يغلوا في ذلك مما يجعله شركا.
اللجنة الدائمة
* * * *
هذا الحديث يقصد به العموم
س - عند بداية العام الهجري الجديد تذكرت الحديث {ما من زمان يأتي إلا وهو أسوأ أو شر مما قبله} هكذا يفهم من جملة الأحاديث ولكن ماذا يقال عن أن هناك أزمنة انتشر فيها الشرك والبدع والجهل ثم أتى زمن بعدها كان خيراً منها حيث محي الشرك أو تقلص وزالت البدع وانتشر العلم ومن أمثلة ذلك الفترة التي سبقت دعوة الشيخ محمد بن(4/131)
عبد الوهاب - رحمه الله - ثم الفترة التي رافقت دعوته. أفتونا مأجورين؟
ج- لهذا الحديث قاله أنس بن مالك - رضي الله عنه - حين شكا الناس إليه ما يجدون من الحجاج الثقفي فحدثهم بهذا الحديث عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إنه لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده شر منه حتى تلقوا ربكم} والإنسان لا ينظر إلى جهة من الأرض أو إلى جيل من الناس، وإنما النظر للعموم، فإذا قدر أن هذه الجهة من الأرض زال عنها الشرك والفتن بعد أن كان حالا فيها فلا يعني ذلك أنه رفع عن جميع الأرض أو خف في جميع الأرض وهذا النص يقصد به العموم لاكل طائفة أو كل جهة من الأرض بعينها، وقد يقال إن هذا الحديث بناء على الأغلب، فما وقع من خير بعد الشر ولو كان عاماً فإنه يكون مخصصا لهذا الحديث.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم من أنكر الأحاديث الصحيحة
س - من ينكر بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في الصحيحين مثل حديث عذاب القبر ونعيمه والمعراج والسحر والشفاعة والخروج من النار. ما الحكم فيهم هل يصلى وراءهم أو يتبادل معهم السلام أو يعتزلوا؟
ج- الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد
يبحث معهم أهل العلم بالحديث رواية ودراية ليعرفوهم بصحتها وبمعانيها فإن أصروا على رأيهم الباطل فهم فسقة ويجب اعتزالهم وعدم مخالطتهم اتقاءً لشرهم، إلا إذا كان الاتصال بهم من أجل النصح لهم وإرشادهم، أما الصلاة وراءهم فحكمها حكم الصلاة وراء الفاسق والأحوط عدم الصلاة خلفهم لأن بعض أهل العلم كفرهم.
وبالله التوفيق وصلى الله عليى نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/132)
حديث مكذوب.. في عقوبة تارك الصلاة
س - ما هو رأيك يا شيخ في حديث مكذوب.. في عقوبة تارك الصلاة؟
ج- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه أجمعين.. أما بعد
فقد اطلعت على نشرة بعنوان عقوبة تارك الصلاة جاء فيها ما نصه {روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة} ثم عددها وجاء في آخرها " كل من يتفضل بقراءة هذه النسخة الرجاء نسخها وتوزيعها على المسلمين جميعا ثم قال {الفاتحة لفاعل الخير} كما أطلعت على نشره أخرى صدرت بثلاث آيات من القرآن الكريم التي أولها قوله {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين} ثم ذكر بعدها أنها تجلب الخير بعد أربعة أيام وطلب إرسال خمس وعشرين نسخة منها إلى من هو في حاجة واتبع ذلك بذكر عقوبات يزعم وقوعها بمن أهملها.
وحيث أن هاتين النشرتين من الباطل والمنكرات رأيت التنبيه على ذلك حتى لا يغتر بها من تخفى عليهم أحكام الشرع المطهر فاقول وبالله التوفيق
لا شك أن هذه الطريقة من الأمور المبتدعة في الدين ومن القول على الله بلا علم وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أن ذلك من أعظم الذنوب فقال تعالى {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون} . فليتق الله عبد يسلك هذه الطريقة المنكرة وينسب إلى الله وإلى رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، ما لم يصدر عنهما فإن تحديد العقوبات وتعيين الجزاءات على الأعمال إنما هو من علم الغيب ولا علم لأحد به إلا من طريق الوحي عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرد في الكتاب والسنة شيء من ذلك ألبتة.
أما الحديث الذي نسبه صاحب النشرة إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في عقوبة تارك الصلاة وأنه يعاقب بخمس عشرة عقوبة.. إلخ. فإنه من الأحاديث الباطلة المكذوبة على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كما بين ذلك الحفاظ من العلماء - رحمهم الله - كالحافظ الذهبي في الميزان والحافظ ابن حجر وغيرهما.(4/133)
قال أبن حجر في كتابه لسان الميزان في ترجمة محمد بن على بن العباس البغدادي العطار إنه رَكَّبَ على أبي بكر بن زياد النيسابوري حديثاً باطلاً في تارك الصلاة، روى عنه محمد بن على الموازيني شيخ لأبي النرسي زعم المذكور أن ابن زياد أخذه عن الربيع عن الشافعي عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ورفعه {من تهاون بصلاته عاقبه الله بخمس عشرة خصلة..} " الحديث وهو ظاهر البطلان من أحاديث الطرقية أ. هـ.
وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء فتوى ببطلان ذلك الحديث بتاريخ 10 6 1401هـ فكيف يرضي عاقل لنفسه بترويج حديث موضوع وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من روى عني حديثاً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين} ، وإن فيما جاء عن الله وعن رسوله في شأن الصلاة وعقوبة تاركها ما يكفي ويشفي. قال تعالى {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} وقال تعالى عن أهل النار {" ما سلككم في سفر قالوا لم نَكُ من المصلين} الآيات. فذكر من صفاتهم ترك الصلاة وقال سبحانه {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون} وقال، - صلى الله عليه وسلم -، {بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً} وقال، - صلى الله عليه وسلم -، {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر} والآيات والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة معلومة.
وأما النشرة الثانية التي صدرت بالآيات التي أولها قوله {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين} وذكر كاتبها أن من وزعها يحصل له كذا من الخير ومن أهملها يعاقب بكذا من العقاب. فإنها أبطل الباطل وأعظم الكذب وإنها من أعمال الجهلة والمبتدعة الذين يريدون إشغال العامة بالحكايات والخرافات والأقاويل الباطلة ويصرفونهم عن الحق الواضح البين الذي جاء في كتاب الله وسنة رسوله وأن ما يحدث للناس من خير أو شر هو من الله سبحانه وتعالى وهو العالم به وحده، قال سبحانه {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} ولم يرد عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه من كتب ثلاث آيات أو أكثر منها يكون له كذا ومن تركها يصيبه كذا. وادعاء هذا كذب وبهتان، إذا علم هذا فإنه(4/134)
لا يجوز كتابة النشرتين ولا توزيعهما ولا المشاركة في ترويجها بأي وجه من الوجوه وعلى من سبق له شيء من ذلك أن يتوب إلى الله سحانه ويندم على ما حصل منه، ويعزم على عدم العودة إلى ذلك مطلقاً، والله المسؤول سبحانه أن يرينا جيمعا الحق حقا ويزرقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويزرقنا اجتنابه، وأن يعيدنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* * * *
حديث {النساء شقائق الرجال}
س - {النساء شقائق الرجال} هل هذا الحديث صحيح، وما معنى شقائق الرجال؟
ج- نعم هذا حديث صحيح، والمعنى والله أعلم إنهن مثيلات الرجال إلا ما استثناه الشارع كالإرث والشهادة وغيرها مما جاءت به الأدلة.
الشيخ ابن باز
* * * *
حديث الثوم والبصل
س - هناك حديث عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من أكل بصلا أو ثوما أو كراثا فلا يقربن مساجدنا ثلاثة أيام فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم} أو كما قال عليه الصلاة والسلام هل معنى ذلك أن الأكل لأي من هذه الأشياء لا تجوز له الصلاة في المسجد حتى تمضي عليه تلك المدة أم يعتبر أكلها غير جائز لمن تلزمه صلاة الجماعة؟
ج- هذا الحديث وما معناه من الأحاديث الصحيحة يدل على كراهة حضور المسلم لصلاة الجماعة ما دامت الرائحة توجد منه ظاهرة تؤذي حوله سواء كان ذلك من أجل الثوم أو البصل الكراث أو غيرها من الأشياء المكروهة الرائحة كالدخان حتى تذهب الرائحة..
أما التحديد بثلاثة أيام فلا أعلم له أصلا..
الشيخ ابن باز
* * * *(4/135)
حديث صلاة التسبيح
س - صلاة التسبيح هل هي ثابتة عن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أم أنها بدعة لا يجوز فعلها، وهل ورد فيها شيء من الأحاديث؟
ج- ورد في صلاة التسبيح حديث ضعيف جداً ولم يصححه أحد من العلماء المعتبرين ولم يعرف هذه الصلاة الأئمة الثلاثة ولا سمعوا بها فدل على أن الحديث غير ثابت فلا يعمل.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حديث دعاء النظر إلى النجوم
س -سمعت حديثا يقول فيما سمعناه أنه من نظر إلى النجوم وقال ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار كتب له حسنات بعدد النجوم فهل هذا الحديث صحيح أم لا؟
ج- لا أعرف هذا الحديث ولا أذكر دعاء يقول عند النظر إلى النجوم خاصة، ولكن العبد مأمور بالتفكير والاعتبار بمخلوقات الله كلها من النجوم وغيرها، وعليك أن تقرأ تفسير هذه الآية من آخر سورة آل عمران في التفسير ابن كثير حيث ذكر هناك أحاديث ومواعظ بليغة.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الجمع بين حديث غربة الدين والطائفة المنصورة
س - ما الجمع بين حديث {بدأ الإسلام غريب} وحديث {لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق} ؟
ج- لا منافاة بينهما فالأول ظاهر من الواقع. وتمامه {فسيعود غريباً كما بدأ فطوبي للغرباء} وفي رواية لغير مسلم {يحبون ما أمات الناس من سنتي} وفي رواية أخرى {الذين(4/136)
يصلحون ما أفسد الناس} . والحديث الثاني يدل على بقاء الإصلاح والدعوة والعلم والتعليم، وفيه بشارة أن هناك طائفة لا تزال ظاهرة على الحق، فالغربة لا تنافي الطائفة، ولا يلزم أن تكون في مكان واحد، والحق لابد من بقائه حتى يخرج الدجال، وحتى تأتي الريح. ثم أن هذه الغربة قد تزداد في مصر من الأمطار وتقل في مصر آخر، وقد تكون الغربة ذات معان متعددة في كثرة البدع أو في إنكار صلاة الجماعة أو عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أعظمها، غربة أهل التوحيد وظهور الشرك نسأل الله العافية. وقد يظهر الإسلام في ناحية ويكون فيها أحسن مما قبل كما هو الواقع، وقد يكون في زمان أفضل من زمان آخر.
أما حديث {لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه} فهو محمول على الأغلب فلا يمنع أن يكون في بعض الزمان أحسن مما قبله كما جرى في زمان عمر بن العزيز فإن زملائه أحسن من زمان سليمان والوليد.. وكما حصل في زمان شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من ظهور السنة والرد على المبتدعة.. وكما جرى في الجزيرة بعد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
الشيخ ابن باز
* * * *
حديث {أعقلها وتوكل}
س - إن جماعة من طلبة العلم مر عليهم في قراءتهم في حديث أن أعرابياً جاء إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال {أعقل وإلا أتوكل، قال اعقل ناقتك وتوكل على الله} ، لكن قال الناس إن هذا الحديث ليس بثابت، أرجو الإفادة هل هو صحيح أم لا؟
ج- الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وبعد
روى الترمذي في سنته من طريق أنس رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله أعقلها وأتوكل أو أطلقها وأتوكل، قال، - صلى الله عليه وسلم -، {إعقليها وتوكل} ثم ذكر الترمذي عن يحي بن سعيد القطان أنه قال وهذا عندي حديث منكر، ثم قال الترمذي وهذا غريب من حديث أنس لا نعرفه إلا من هذا الوجه، قال الترمذي وقد روي عن(4/137)
عمرو بن أمية الضمري عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نحو هذا، وقد ذكر الحافظ الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد في الجزء العاشر منه تحت عنوان - باب قيدها وتوكل - الحديث الذي أشار إليه الترمذي فقال عن عمرو بن أمية أنه قال يا رسول الله أرسل راحلتي وأتوكل، فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بل قيدها وتوكل رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما عمرو بن عبد الله بن أمية الضمري، ولم أعرفه، وبقية رجال ثقات. وذكر في الجزء العاشر أيضا تحت ترجمة - باب التوكل وقيدها وتوكل - ما يأتي
عن عمرو بن أمية الضمري أنه قال يا رسول الله أرسل راحلتي وأتوكل فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بل قيدها وتوكل. رواه الطبراني من طرق، ورجال أحدها رجال الثصحيح غير يعقوب بن عبد الله بن عمرو بن أمية وهو ثقة.
وذكر السيوطي في حرف الهمزة من كتابه الجامع الصغير - الحديث رواه الترمذي ورمز له بعلامة الضعف.
وخلاصة القول أن في الحديث مقالا ولكن معناه صحيح لأنه قد ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة الحث على الأخذ - بالأسباب مع التوكل على الله، فمن أخذ بالأسباب واعتمدها فقط وألغى التوكل على الله فهو مشرك، ومن توكل على الله وألغى الاسباب فهو جاهل مفرط مخطئ، والمطلوب شرعا هو الجمع بينهما.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
في الاجتهاد والفتيا
س - هل يعتبر باب الاجتهاد في الأحكام الإسلامية مفتوحا لكل إنسان، أو هناك شروط لابد أن تتوفر في المجتهد، وهل يجوز لأي إنسان أن يفتي برأية دون معرفته بالدليل الواضح، وما درجة الحديث القائل {اجرؤكم على الفتيا اجرؤكم على النار} أو ما في معناه؟
ج- باب الاجتهاد في معرفة الأحكام الشرعية لا يزال مفتوحاً لمن كان أهلا لذلك بأن(4/138)
يكون عالما بما يحتاجه في مسألته التي يجتهد فيها من الآيات والأحاديث، قادراً على فهمها والاستدلال بهما على مطلوبه، عالما بدرجة ما يستدل به من الأحاديث وبمواضع الاجماع في المسائل التي يبحثها حتى لا يخرج على اجماع المسلمين في حكمه فيها، عارفاًَ من اللغة العربية القدر الذي يتمكن به من فهم النصوص ليتأتي له الاستدلال بها والاستنباط منها، وليس للإنسان أن يقول في الدين برأيه، أو يفتي النس بغير علم، بل عليه أن يسترشد بالدليل الشرعي ثم بأقوال أهل العلم ونظرهم في الأدلة وطريقتهم في الاستدلال بها والاستبناط، ثم يتكلم أو يفتي بما اقتنع به ورضيه لنفسه دينا.
أما حديث {اجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار} فقد رواه عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في سنته عن عبد الله بن أبي جعفر المصري مرسلاً. وصلى الله نبيا محمد وآله وسلم.
اللجنة الدائمة(4/139)
التوبة وأحكامها(4/141)
التوبة وأحكامها
التوبة هي الرجوع من معصية الله تعالى إلى طاعته.
التوبة محبوبة إلى الله عز وجل {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} .
التوبة واجبة على كل مؤمن {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً} .
التوبة من أسباب الفلاح {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنين لعلكم تفلحون} .
والفلاح أن يحصل للإنسان مطلوبة وينجو مرهوبه.
التوبة النصوح يغفر الله بها الذنوب مهما عظمت ومهما كثرت {قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقتطنوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} .
لا تقنط يا أخي المذنب من رحمة ربك فباب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها. قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها} رواه مسلم.
وكم من تائب عن ذنوب كثيرة عظيمة تاب الله عليه قال الله تعالى {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً. إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً} .
التوبة النصوح هي التي اجتمع فيها خمس شروط
الأول الإخلاص لله تعالى بأن يقصد بها وجه الله تعالى وثوابه والنجاه من عذابه.
الثاني الندم على فعل المعصية بحيث يحزن على فعلها ويتمنى إنه لم يفعلها.(4/143)
الثالث الاقلاع عن المعصية فوراً فإن كان في حق الله تعالى تركها إن كانت في فعل محرم وبادر بفعلها إن كانت ترك واجب.
وإن كانت في حق مخلوق بادر بالتخلص منها إما يردها إليه، أو طلب السماح له وتحليله منها.
الرابع العزم على أن لا يعود إلى تلك المعصية في المستقبل.
الخامس أن لا تكون التوبة قبل فوات قبولها إما بحضور الأجل أو بطلوع الشمس ممن مغربها قال الله تعالى {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ممن تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه} . رواه مسلم.
اللهم وفقنا للتوبة النصوح وتقبل منا إنك أنت السميع العليم.
كتبه محمد الصالح العثيمين
في 17 4 1406هـ
* * * *(4/144)
كيفية التخلص من الحرام
س - رجل شريك في دكان لآلات التصوير وقد تاب فكيف ينهي شراكته فيه بحيث لا يخسر، وما حكم ما يأتي من كسب من هذا الدكان؟
ج- ينهي الشراكة بالتقويم أو بالصلح بالقيمة التي يرضاها الشريكان وما دخل عليه من ذلك فهو مباح له إلا إذا كان هذا الدخل من تصوير ذوات الأرواح فيتأمل ويقدر قسطها ويتصدق به للفقراء، أي قسط ما صور به ذوات الأرواح فيقدرها؛ الربع أو الثلث أو أكثر أو أقل مما دخل عليه منها فيتصدق به في وجوه الخير براءة للذهمة وبعداً عن الحرام.
الشيخ ابن باز
* * * *
التوبة تمحو ما قبلها
س - أنا شاب كنت فيما مضى من عمري غير مهتم بأمر الصلاة والدين لدرجة أنه كانت تمر أيام بل أسابيع وأنا لم أصلِ ولكن الله هداني على يد أحد زملائي والآن أنا محافظ على الصلاة وقائم بحق الله فما حكم ما مضى من تقصيري في حق الصلاة؟
- عليك أن تشكر الله على ما أنعم عليك وتحمده على ما منَّ به من التوبة، ولا شيء عليك من القضاء لأن التوبة تمحو ما قبلها كما قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فعليك بالتوبة الصادقة ولزوم التوبة والاستقامة، وسؤال الله التوفيق والهداية، والإكثار من الأعمال الصالحة، وأبشر بالخير إن شاء الله. أما ما مضى فإنه يُمحى بالتوبة الصادقة النصوح والتي مضمونها الندم على ما مضى، والإقلاع عن المعاصي، والعزم الصادق على ألا تعود فيها. هذا هو الواجب عليك والحمد لله.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/145)
حكم التائب من كبائر الذنوب
س - إنسان مدرس في شبابه بعض الكبائر التي تستحق اللعنة من الله عز وجل، وقد تاب الآن، وله عدة نقاط يستفسر عنها
1- خوفه من جريرة الذنب أن تصيبه ولو بعد فترة.
2- خوفه من تأثيرها على توبته وثباته.
3- هل يحاسب على تلك الأفعال رغم أنه تاب عنها؟
4- هل يقع العن في وقت المعصية؟ !
5- فعل تلك الأشياء جاهلاً بعقوبتها فهل يعفى ذلك المرء لجهله بعظمة إثمها رغم ممارسته لها في السر؟
ج- يجب أن يعلم السائل وغيره أن كل من تاب من ذنب فإن الله يتوب عليه ولو عظم ذلك الذنب، قال الله تعالى {قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} . وهذه للتأئبين وقال الله تعالى {" والذين لا يدعوة مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفور رحيماً}
وثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن التوبة تهدم ما قبلها، وفي قصة الرجل الذي كان من قبلنا والذي قتل تسعاً وتسعين نفساً وسأل عابداً هل له من توبة؟ فقال لا أعلم لك توبة. فقتله وأتم به المائة، فسأل فقال له ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ولكنه دله على قرية أهله صالحون وأمره أن يهاجر إليها، وفي أثناء الطريق أتاة الموت فتنازعت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأرسل الله إليهم ملكاً ليفصل بينهم فقال قيسوا ما بين القريتين فإليى أيهما كان أقرب كان من أهلها، فقاسوه فإذا هو أقرب إلى القرية الصالحة، فأخذته ملائكة الرحمة. وهذا الرجل الذي ذكر أنه فعل ذنوباً تستوجب اللعنة ولكنه تاب منها أقول له أبشر فإن الله سبحانه وتعالى إذا علم منك التوبة النصوح فإنه يتوب(4/146)
عليك كما فعل تعالى {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم} . والمراد بقوله {ثم يتوبون من قريب} أي قبل الموت والدليل قوله بعدها {وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن} وليستمر على توبته وليثبت عليها ولا يوسوس له الشيطان بأن توبته غير مقبوله أو أنه محاسب على ذنبه الذي تاب منه لكن إذا كانت التوبة تتعلق بحقوق المخلوقين فإنه يجب عليه ردها إلى أهلها أو استحلالهم منها فإن كان لا يعلم أهلها ولا ورثتهم إن كانوا قد ماتوا فإنه يتصدق بهم عنهم تخلصاً منها، مثال ذلك إذا كان ذنبه أخذ مال للغير ثم تاب، فإنه يجب عليه أن يرد هذا المال لصاحبه إن كان حياً وإلى ورثته إن كان ميتاً فإن لم يعلمه أو نسيه فإنه يتصدق بذلك ناوياً بالصدقة أن تكون عمن أخذ ماله وإن شاء يقول عمن له المال لأنه يحتمل أنه مات فينتقل إلى ورثته، فينوي بالصدقة أن تكون عمن له هذا المال والله سبحانه وتعالى يعلم به وسيوصله إلى مستحقه.
أما قوله أنه يخاف أن توثر على توبته فلا خوف لأن الذنوب السابقة على التوبة تهدمها التوبة هدماً ولا يكون لها تأثير إطلاقاً، وربما يكون الإنسان بعد التوبة خيراً منه قبل التوبة، لأنه إذا حصل له بتوبته إنابة إلى الله سبحانه وتعالى وهيبة منه فربما يحدث له من الأحوال القلبية والأعمال البدنية وما يرقيه إلى مرتبة فوق مرتبته الأولى، ألم تر إلى قول الله تبارك وتعالى عن آدم {وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} أما قوله هل يقع اللعن وقت وقع المعصية فنقول إن اللعن قد يقع وقت وقوع المعصية وقد يتأخر موجب اللعنة حسب ما تقتضيه إرادة الله وحكمته ولكن إذا مّن الله عليه بالتوبة علمنا أن هذا اللعن انتفى، لأن اللعن معناه الطرد والابعاد عن رحمة الله، ومن تاب إلى الله فهو في رحمة الله.
وأما قوله إن كان جاهلاً بعقوبة هذه الأشياء، فالجهل بالعقوبة مع العلم بالتحريم لا يرفع العقوبة سواء كانت دنيوية أو أخروية، وإذا كان الإنسان يقول في نفسه لو علمت أن هذه العقوبة ما فعلت فإن هذا ليس عذراً، لأن الانتهاك للحرمات حصل بفعله المحرم الذي يعلم أنه محرم، ولهذا لو أن شخصاً زنى وهو يعلم تحريم الزنى (وكل مسلم(4/147)
عاقل فإنه يعرف تحريم الزنى) ولكنه يجهل العقوبة المترتبة عليه مثل أن يكون محصناً ومعلوم أن حد المحصن الرجم، فيزنى ولم يخطر بباله أن عقوبته الرجم فهنا يرجم وإن كان يجهل عقوبة الرجم، وكذلك لو أن أحداً جامع زوجته في نهار رمضان وهو صائم، والصوم واجب عليه، ثم قال أنا لا أعلم أن كفارة الجماع هي الكفارة المغلظة، وهى عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن هذا الجهل بالكفارة لا ينفى وجوبها عليه بل تجب عليه ولو كان لا يدري، ودليل ذلك أن الرجل الذي سأل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن جماعه زوجته في نهار رمضان وهو لا يدري ماذا يجب عليه فأفتاه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بأنه يجب عليه عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع، فإطعام ستين مسكيناً، المهم أن الجهل بالعقوبة لا يرفعها عمن علم بتحريم سببها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
من قال {استغفر الله} بنية خالصة غفر الله له
س - هل صحيح أن كل شخص يقول استغفر الله يغفر له؟
ج- إذا قال الإنسان استغفر الله بنية خالصة وصدق في طلب المغفرة وتمت شروط التوبة في حقه فإن الله سبحانه وتعالى يتوب عليه بل يحب ذلك منه كما قال تعالى {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} سورة البقرة. الآية 222 وأخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن فرح الله بتوبة عبده كفرح الإنسان بوجود ناقته التي ضلت عنه وعليها طعامه وشرابه فالتمسها فلم يجدها فاضطجع تحت الشجرة ينتظر الموت فإذا بخطام ناقته متعلقاً بالشجرة فأخذ بخطام الناقة وقال اللهم أنت عبدي وأنا وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح ولا أحد يقدر قدر هذا الفرح إلا من اصيب بمثل هذه المصيبة.
فالله تعالى يحب من عبده أن يتوب إليه ويحب من عبده أن يستغفره وقد أمر الله تعالى بالاستغفار في كتابه في عدة آيات، والاستغفار هو طلب المغفرة، والمغفرة هي ستر الذنب والتجاوز عنه لأنها مأخوذة من المغفر يغطى به الإنسان رأسه في القتال يتقي به السهام(4/148)
ففيه ستر ووقاية وهكذا ستر الذنوب ووقاية من عقوبتاتها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
التوبة وصحبة الأخيار
س - أنا شاب أبلغ من العمر 21 سنة وتعرفت منذ أربع سنوات على بعض الشباب المتدينين وهداني الله على أيديهم والحمد لله، واستمرت أخوتي لهم حوالي العام والنصف، أصبحت خلالها أتحلى بالأخلاق الإسلامية الحميدة، واجهتني خلال هذه المدة بعض السخريات والاحباطات من الأهل والأقرباء، وتحملت كل هذا وبعد فترة من الزمن تركت هؤلاء الشباب ورجعت إلى ما كنت عليه في السابق وأخذت أتهاون في حقوق الله وأعمل المنكرات ولعل الندم أخذ مني مأخذاً كبيراً على فعل تلك الكبائر وتركي لإخواني في الله وأنا الآن أعيش في حسرة وندم.
أرجو من سماحتكم أن تبينوا لي سبيل الخروج مما أنا فيه وما الكتب التي تنصحوني بقراءتها؟
ج- الواجب عليك التوبة إلى الله سبحانه وحقيقتها الندم من سلف منك من المعاصي والإقلاع منها والحذر منها والعزيمة الصادقة ألا تعود إليها خوفاً من الله سبحانه ورغبة في ثوابه.
ويشرع لك الاستكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة مع وجوب المحافظة على ما أوجب اله وترك ما حرم الله.
ومن تمام التوبة رد المظالم إلى أهلها إن كان عندك لأحد مظلمة أو حق. لقول الله سبحانه {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " وقوله سبحانه " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكطم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار} الآية. وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه(4/149)
فحمل عليه} رواه البخاري في صحيحه، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
ونوصيك بصحبه الأخيار وملازمتهم والحذر من صحبة الأشرار كما أوصيك بالعناية بكتاب الله القرآن الكريم والعمل به والإكثار من تلاوته والتدبر والتعقل لآياته فهو أشرف كتاب وأعظم كتاب وأصدق كتاب فهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وهو أنفع الكتب وأكملها في علاج أمراض القلوب والمجتمعات كما قال الله عز وجل {إن هذا القرآن يهدي للتي هو أقوم} وقال تعالى {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} وقال سبحانه {كتاب انزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألبات}
وأوصيك أيضا بالعناية بكتب أهل السنة ومن ذلك كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، والعقيدة الواسطة لشيخ الإسلام ابن تيمية، وإغاثة اللهفان للعلامة ابن القيم، والأربعين النووية وتتمتها للحافظ ابن رجب، وعمدة الحديث للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، وبلوغ المرام للحافظ ابن حجر، فهذه الكتب من أنفع الكتب للطلبة وغيرها من كتب أهل السنة في العقيدة والحديث والفقه.
ثبتك الله على الحق ومنحك العلم النافع والعمل به أنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * * *
الخوف من عدم قبول التوبة
س - رجل ارتكب معصية وقد تاب إلى الله ولكنه يشعر في قرارة نفسه أن الله لن يغفر له فيم تنصحونه؟
ج- هذا من الدلائل على شدة خوفك من الله عز وجل وتعظيمك لحرماته فأنت على خير إن شاء الله، وعليك أن تبتعد عن هذا الخوف الذي لا وجه له لأنه من الشيطان ليتعبك ويغلقك ويضيق عليك حياتك، فاعرف أنه من عدو لما رأي منك المحبة للخير، ورأى منك الغيرة لله والمبادرة إلى الخيرات، أراد أن يتعبك فاعصه وابتعد عما ارداه منك، واطمئن إلى(4/150)
ربك وأعلم أن التوبة كافية وإن كان الذنب أعظم من كل عظيم فتوبة الله فوق ذلك، وليس هناك ذنب أعظم من الشرك، والمشرك متى تاب تاب الله عليه وغفر له، فأنت عليك التوبة مما قد عملت وبعد التوبة ينتهي كل شيء، ولا ينبغي لك أن توسوس أو تطيع عدو الله في الخوف الذي قد يضرك، ولكن أعلم أنك بحمد الله قد فزت فوزاً عظيماً بالتوبة الصادقة النصوح كما قال المولي سبحانه {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} .
وهناك آية أعظم في المعنى وهي أن العبد متى تاب وأتبع التوبة بالإيمان والعمل الصالح أبدل الله تلك السيئة حسنة، أي جعل مكان كل سيئة حسنة كما قال سبحانه في سورة الفرقان والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاماً يضاعف الله له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان بسبب توبتهم الصادقة وإيمانهم وعملهم الصالح، فأنت بذكرك ذنبك الذي أشرت إليه وتوبتك منه ومتابعتك ما جرى منك بالأعمال الصالحة وبالإيمان والتصديق والرغبة فيما عند الله سبحانه، يبدللك بدل تلك السيئة حسنة وهكذا جميع السيئات التي يتوب منها العبد ويتبعها بالإيمان والعمل الصالح، الله يبدلها له حسنات سبحانك وتعالى فضلاً منه وأحساناً.
الشيخ ابن باز
* * * *
عليك بالتوبة
س - تركت الصلاة ثلاثة أيام متتالية، وبعدها هداني الله، وعاودت الحرص على الصلاة ولم اتخلف عنها، وبقيت هذه الثلاثة أيام في ذمتي أقضيها أو من ترك الصلاة عامداً لا قضاء عليه؟ أفيدوني؟
ج- لا يلزمك قضاؤها وإنما عليك صدق التوبة والحرص على الصلاة والمحافظة على سنتها(4/151)
والاكثار من نوافل الصلوات والله يعفو عن السيئات.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
كفارة فعل الفاحشة
س - رجل يصلي ويفعل الخيرات، ولكنه وقع في الفاحشة، ثم ندم على ذلك وتاب، هل عليه كفارة يفعلها حتى يستريح ضميره من الندم الملازم له؟
ج- ليس عليه كفارة فإن التوبة النصوح تجب ما قبلها قال الله تعالى {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس لا حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب وآمن وعملا عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً} .
فالتوبة والحمد لله تجب ما قبلها، ونسأل الله الجميع الثبات على الحق.
الشيخ ابن عثمين
* * * *
تصدق بالمسروقات إذا جهلت أصحابها
س - لا أستطيع رد حقوق الناس التي سلبتها أيام جاهليتي لأني لا أعرفهم، وهذا من شروط التوبة، فما العمل؟
ج- إذا كنت لا تعرف هؤلاء الذين أخذت أموالهم بسرقة أو غيرها ولا تعرف أحداً من ورثتهم فتصدق بها عنهم ناوياً التخلص منها. والله سبحانه وتعالى يعلم من هي له ويأجرهم عليها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/152)
طريق التوبة إلى الله
س - أنا شاب في التاسعة عشرة من عمري وقد أسرفت على نفسي في المعاصي كثيراً حتى أننى لا أصلى كثيراً في المسجد ولم أصم رمضان كاملاً في حياتي وأعمال قبيحة أخرى وكثيراً ما عاهدت نفسي على التوبة ولكني أعود للمعصية وأنا أصاحب شباب في حارتنا ليسوا مستقيمين تماماً كما أصدقاء إخواني كثيراً ما يأتوتنا في البيت وهم أيضاً ليسوا صالحين.. ويعلم الله أني أسرفت على نفسي كثيراً من المعاصي وعملت أعمالاً شنيعة ولكنني كلما عزمت على التوبة أعود مرة ثانية كما كنت.. أرجو أن تدلوني على طريق يقربني إلى ربي ويبعدني من هذه الأعمال السيئة؟
ج- يقول الله عز وجل {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} .
أجمع العلماء على أن هذه الآية الكريمة نزلت في شأن التائبين فمن تاب من ذنوبه توبة نصوحاً غفر الله له ذنوبه جميعاً لهذه الآية الكريمة ولقوله سبحانه {يا أيها آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلون جنات تجري من تحتها الآنهار} . الآية.
فعلق سبحانه تكفير السيئات ودخول الجنات في هذه الآية بالتوبة النصوح وهي التي اشتملت على ترك الذنوب والحذر منها والندم على ما سلف منها والعزم الصادبق على أن لا يعود فيها تعظيماً لله سبحانه ورغبة في ثوابه وحذراً على ما سلف منها والعزم الصادق على أن لا يعود فيها تعظيماً لله سبحانه ورغبة في ثوابه وحذراً من عقابه.. ومن شرائط التوبة النصوح رد المظالم إلى أهلها أو تحللهم منها إذا كانت المعصية في دم أو مال أو عرض، وإذا لم يتيسر استحلال أخيه من عرضه دعا له كثيراً وذكره في أحسن أعماله التي يعملها عنه في المواضع التي اغتابه فيها لأن الحسنات تكفر السيئات وقال سبحانه {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} فعلق عز وجل في هذه الآية الفلاح بالتوبة فدل ذلك على أن التائب مفلح سعيد وإذا أتبع التائب توبته بالإيمان والعمل الصالح محى الله سيئاته وأبدلها حسنات كما قال سبحانه في سورة الفرقان لما ذكر الشرك والقتل بغير حق والزنا(4/153)
{ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا، إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما} . ومن أسباب التوبة الضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله الهداية والتوفيق وأن يمن عليه بالتوبة وهو القائل سبحانه {أدعوني أستجب لكم} وهو القائل عز وجل {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} الآية. ومن أسباب التوبة أيضاً والاستقامة عليها صحبه الأشرار وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخلل} وقال عليه الصلاة السلام {مثل الجليس الصالح كصاحب المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد ريحا طيبة ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ليه ريحاً خبيثة} .
اللجنة الدائمة
* * * *
التوبة تجب ما قبلها
س - أنا شاب ولدت مسلماً وكنت لا أترك الصلاة ولك (شاءت الأقدار) أن أسافر خارج بلادي لفترة مع عائلتي ومن ثم بدونهم وتركت الصلاة لفترة أكثر من أربع سنين وفعلت كثيراً من الفواحش ولم أصم رمضان لمدة اربعة أشهر وجامعت زوجتي في شهر رمضان وكل ذلك بسبب جلاء السوء.. والآن أنا تائب إلى ربي ونادم على فعلي واحافظ على الصلاة بمفردي أو في الجماعة أفيدوني عن ماذا يجب علي؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكتر فالتوبة النصوح كافية وهي تجب ما قبلها وليس عليك قضاء شيء من الصلاة والصوم ولا شيء من الكفارات لأن ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء! أما أن جحد وجوبها كفر إجماعا والكافر إذا أسلم لا يقضي شيئاً من الواجبات المتعلقة بحق الله سبحانه لقول الله عز وجل {قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها} ونوصيك بالاستقامة على التوبة والإكثار من الاستغفار والعمل الصالح وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة إذا استقمت على التوبة والإصلاح لقوله الله(4/154)
سبحانه {وإني لغفور لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} رزقنا الله وإياك الثبات على الحق إنه خير مسؤول.
وقد وقع في سؤالك كلمة يجب التنبيه عليها وهي قولك شاءت الأقدار.. والأقدار لا مشيئة لها والصواب أن يقال شاء الله وحده أو شاء سبحانه ونحو ذلك ... وفقنا الله وإياك للفقه في الدين والاستقامة عليه.
الشيخ ابن باز
* * * *
التوبة كافية
س - عمري الآن 29 سنة وقد بدأت أصلي منذ سن الرابعة والعشرين ومازلت ولله الحمد وأشركه على أن هداني ولقد بادرت بقضاء ما علي من صلوات منذ أن كان عمري خمسة عشرا حسب طاقتي، ولكن اختلف رأي العلماء فمنهم من يقول لا يلزمك القضاء والتوبة كافية، ومنهم من يقول يلزمك القضاء.. أرجو بيان الصواب؟
ج- الصواب أنه لا يلزمك القضاء، والتوبة النصوح كافية في ذلك وهي المشتملة على الندم على ما وقع منك والاستقامة على الصلاة والعزم الصادق ألا يعود إلى تركها لقول الله عز وجل {قُل للذين كفروا أن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف} الآية. وقوله سبحانه {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " وقوله سبحانه {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى توبة نصوحاً} . وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها} . وقوله عليه الصلاة والسلام {التائب من الذنب كمن لا ذنب له} الآيات والأحاديث في هذه المعنى كثيرة.
ونسأل الله عز وجل أن يمنحك الفقه في الدين والثبات على الحق ونوصيك بصحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار، تقبل الله توبتك وأحسن لنا ولك الختام.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/155)
كيف يتوب الزاني
س - لقد أغواني الشيطان وفعلت فاحشة الزنا، وأنا أعلم أنها فاحشة كبيرة، وأريد أن أتوب.. فهل لي من توبة؟ أفتونا جزاكم الله خيراً؟
ج- التوبة بابها مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها، فمن تاب إلى الله توبة نصوحاً من الشرك فما دونه تاب الله عليه. والتوبة النصوح هي المشتملة على الإقلاع عن الذنوب والندم على ما فات منها والعزم الصادق على ألا يعود فيها خوفاً من الله سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً} وقال سبحانه وتعالى {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " وقال عز وجل {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} .
وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية نزلت في التائبين، ويزداد على الشروط الثلاثة المذكورة في صحة التوبة شرط رابع فيما إذا كانت الحقوق لأدميين، وهو أن يؤدي إليهم حقوقهم من مال أو غيره أو يستحلهم منها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من كان عنده لأخيه مظلمة من عرض أو شيء فليتحلله اليوم ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فُحمل عليه} . أخرجه البخاري في صحيحه.
والواجب على المسلم أن يحذر الشرك ووسائله وجميع المعاصي، لأنه قد يبتلى بشيء من ذلك ثم لا يوفق للتوبة، فتعين عليه أن يحذر كل ما حرم الله عليه وأن يسأل ربه العافية من ذلك وألا يتساهل مع الشيطان فيقدم على المعاصي بدعوى أنه سيتوب منها، وقد يعاقب العبد فيحال بينه وبين ذلك فيندم غاية الندامة وتعظم حسرته حين لا ينفعه الندم. وقد قال سبحانه {وإياي فارهبون} وقال سبحانه {ويحذركم الله نفسه} وقال عز وجل {يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور إن الشيطان(4/156)
لكم عدوا فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} والآيات في هذا المعنى كثيرة.
الشيخ ابن باز
* * * *
أوتمن على مال فأخذه
س - وثق بي أهل الخير فجعلوني أميناً لصندوق تبرعات لبناء مدرسة ثانوية وأثناء البناء احتجت للمبلغ المذكور لبناء بيت خاص بي فأخذته.
وقبل نهاية مشروع بناء المدرسة قدمت المبلغ الذي عندي إلى اللجنة الخاصة بالمدرسة وقلت إن هذا المال من محسنة لا تحب ذكر اسمها ولكن الحقيقة هي أن المبلغ هو الذي في ذمتي ولكنني خجلت من إظهار الحقيقة.
فهل على إثم فى أخذ المبلغ علماً أنني سددته؟
وما السبيل إلى التوبة أفيدوني يرحكم الله.
ج- لا يجوز لمن أؤتمن - على أي مال لأي مشروع أن يتصرف فهي لنفسه بل يجب أن يحفظه ويصونه حتى يصرف في مصرفه، وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، ومن الكذب الذي أقدمت عليه بسبب خيانتك الأمانة، ومن تاب توبة نصوحاً تاب الله عليه لقوله الله سبحانه {يا أيها الناس آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً} الآية. وقوله عز وجل {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} والتوبة النصوح هي المشتملة على الندم على ما سلف من الذنوب والإقلاع منها خوفاً من الله سبحانه وتعظيماً له، والعزم الصادق على عدم العودة فيها مع رد المظالم إن كان عند التائب مظالم للناس في دم أو مال أو عرض أو استحلالهم منها.. ومن كان ظلمه للناس من جهة الغيبة وخشي إن أخبرهم أن يحدث ما هو أكبر من الضرر لم يخبرهم ودعا لهم واستغفر لهم وأظهر ما يعلم من محاسنهم في مقابل إساءته لهم بالغيبة والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز(4/157)
إذا ارتد ثم تاب هل يحد؟
س - هل يجب إقامة الحد على المرتد بأثر رجعي أعني إذا ارتكب المسلم ذنبا أوجب ردته في زمن سابق ثم تاب من بعد ذلك ورجع لله تعالى هل يجب أن يقام عليه الحد بسبب الردة التي حدثت في الوقت علماً أن الردة حدثت في بلد لا تطبق فيه شريعة الله. أم أن التوبة كافية لمحو ذنب الردة وبتالي عدم إقامة الحد؟
ج- من ارتد عن دين الإسلام ورجع إليه تائباً نادماً فلا يجوز أن يقام عليه الحد لأن الحد يقام على المصر المستمر على ردته أما التائب فإن توبته تجب ما قبلها كما قد دل على ذلك الكتاب والسنة وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
التائب من الذنب كمن لا ذنب له ...
س - كنت أنقطع عن الصلاة شهوراً طويلة ولكني تبت توبة نصوحاً أودي الصلوات جميعاً وأحافظ عليها محافظة تامة في أوقاتها والحمد لله كما أني لم أكن أصوم رمضان من قبل وكنت أدخن كثيراً فتبت عن جميع تلك المعاصي والحمد لله هل يلزمني قضاء الصلاة التي تركتها من قبل؟
ج- أولا أهنئ هذا الأخ الذي من الله عليه بالتوبة والقيام بما أوجب الله عليه من فرض الصلاة والصيام وأسأل الله سبحانه وتعالى له الثبات على ذلك وأن يزيد من خيره من فضله وأن يتوفانا وإياه على الإيمان ويحشرنا في زمن خير الأنام محمد، - صلى الله عليه وسلم -،.
ثم إني أقول له إن توبتك من الذنوب تجب ما قبلها من ترك الصلاة والصيام تجب ما قبلها ويعفو الله سبحانه وتعالى عنك بهذه التوبة لقول الله تبارك وتعالى {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم} سورة الزمر، الآية 53.
ولقوله تعالى في وصف المتقين {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم(4/159)
ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} سورة آل عمران، الآيتان 135-136.
وبناء على ذلك فإنه لا يلزمه قضاء ما تركه من الصلاة والصيام في ما مضى ولكن يكثر من العمل الصالح والاستغفار والتوبة ويتوب الله على من تاب.
الشيخ ابن عثمين
حلف بالله كاذبا ثم تاب
س - شخص حلف على المصحف كذبا في أيام الطفولة أي كان يبلغ 15 سنة ولكنه ندم على هذا بعد بلوغه سن الرشد وعرف أن هذا حرام شرعاً فهل عليه إثم أو كفارة؟
ج- هذا السؤال يتضمن مسألتين المسالة الأولى الحلف على المصحف لتأكيد اليمين وهذه صيغة لا أعلم لها أصلاً من السنة فليست بمشروعة.
وأما المسألة الثانية فهنو حلفه على الكذب وهو عالم بذلك وهذا إثم عظيم يجب عليه أن يتوب إلى الله منه حتى أن بعض أهل العلم يقول أن هذا من اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم ثم تغمسه في النار.
فإذا كانت هذه اليمين قد وقعت منه بعد بلوغه فإنه يكون بذلك آثماً، عليه أن يتوب إلى الله وليس عليه كفارة لآن الكفارة إنما تكون في الأيمان على الأشياء المستقبلية، وأما الأشياء الماضية فليس فيها كفارة بل الإنسان دائرة فيها بين أن يكون آثما فيها أم غير آثم فإذا حلف على شيء يعلم أنه كذب فهو آثم وأن حلف على شيء يعلم أنه صادق أو يغلب على ظنه أنه صادق فليس آثم.
الشيخ ابن عثيمين(4/160)
التوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب
س - لي بعض من الصور عند أصدقائي وطلبت منهم هذه الصور لكي أمزقها خوفاً من عذاب الله، بعضهم أعطاني والبعض رفضوا بحجة أن الآثم علهيم وليس على شيء. فهل هذا صحيح أرجو أن تفيدوني؟
ج- التوبة النصوح من الذنوب يمحو الله بها الذنوب كما قال الله سبحانه " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الإسلام يهدم ما قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها} وعليك إتلاف ما لديك من الصور لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته} خرجه الإمام مسلم في صحيحه أما صورك التي عند الناس إذا طلبتها منهم وامتنعوا من تسليمها لك فقد برئت منها، وتعمها التوبة، والإثم على من اقتناها. أصلح الله الجميع.
الشيخ ابن باز
* * * *
إمرأة أهدي إليه اسواء من ذهب في مجتمع مختلط فتابت
س - تقول كنت في مجتع يختلط الرجال بالنساء وقد أهدى لي رجل هدية تعبيراً عن هوى شيطاني وهو سوار ثمين، والحمد لله قد خرجت من هذا المجتمع وعرفت طريق الحق وندمت على ما فعلت فهل هذه الهدية من حقي ويجوز أن أتزين بها أو أتصدق بها أو ماذا أفعل بها. وأنا لا أستطيع أن أرجعها إلى صاحبها لكراهتي لهذا المجتمع؟
ج- إحمدي الله على السلامة وما دفع لك هدية فلا تردية إلى صاحبه بل تصدقي به.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/161)
سرق ثم تاب
س - أنا طالب في المرحلة الثانوية غير أني كنت قد سرقت بعض الكتب والأدوات المدرسية وأنا في المرحلة الابتدائية والثانوية وقد هداني الله. فماذا على أن أفعل الآن جزاكم الله خيراً؟
ج- الله - عز وجل - ما أنزل داء إلا وأنزل له دواء.. وهذا الداء الذي يحصل لكثير من الناس في حالة الصغر وفي حال الشباب له دواء.. فإذا سرقت من شخص أو من جهة ما سرقة فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه وتبلغه وتقول أن عندي لكم كذا وكذا ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه. لكن قد يرى الإنسان أن هذا أمر شاق عليه وأنه لا يمكن أن يذهب مثلاً إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا وكذا وأخذت منك كذا وكذا ففي هذه الحال يمكن أن توصل إليه هذه الدراهم مثلاً عن طريق آخر غير مباشر مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له ويقول هذه لفلان ويحكى له قصته ويقول أنا الآن تبت إلى الله - عز وجل - فأرجو أن توصلها إليه.. وإذا فعل ذلك فإن الله يقول {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً..} ، {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً..} فييسير الأمر.. فإذا قدر لأنه أنك سرقت من شخص بنية أنه لصاحبه وحيئنذ تبرأ منه.
إن هذه القصة التي ذكرها السائل توجب الإنسان أن يبتعد عن مثل هذا الأمر لأنه قد يكون في حال طيش وسفه فيسرق ولا يتهم بالسرقة ثم إذا من الله عليه بالهداية يتعب في التخلص من ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/162)
عود نفسك على الطاعة
س - كيف أبدأ حياة نظيفة، وما هي عقوبة تارك الصلاة؟
ج- عليك أولا إصلاح النية والقصد والعزم والتصميم على فعل الخير والإقلاع عن السيئات وثانيا عليك بمجالسة الصالحين واختيار الشباب الطبيب وصحبتهم ليلاً ونهاراً وفي أوقات الفراغ وفي المكتبات الخيرية وأوقات المذاكرة والرحلات ونحو ذلك.
وثالثا عليك بتعويد نفسك المحافظة على الصلوات في الجماعة والتقدم إلى المساجد والإكثار من نوافل الصلاة قبل الفريضة وبعدها والاشتغال بالذكر والدعاء.
ورابعاً عليك الانقطاع عن السفهاء والأشرار وأهل اللعب والمعاصي، وهجرهم والبعد عنهم، والله الموفق.
أما ترك الصلاة فلا شك أنه كفر كما ورد في الحديث وأن كان هناك من فرق بين الجاحد والمتكاسل لكن النصوص صريحة في التفكير والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
تاب ولكنه لا يستطيع رد المظالم إلى أهلها
س - يقول الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، {المفلس هو الذي يأتي يوم القيامة وقد ظلم هذا وشتم هذا.. الخ} فما حكم الله فيمن تاب ولكنه لا يستطيع رد المظالم إلى أهلا لفقره؟
ج- الأصل في حقوق العباد فميا بينهم أنها مبنية على المشاحة فلا تسقط بمجرد التوبة منها فقط وإنما يردها إلى أصحابها أو استحلالهم منها وإذا تاب إلى الله سبحانه توبة نصوحاً من حقوق المخلوقين وعجز عن إيصالها إليهم لفقره أو جهله بهم فإن الله سبحانه يتوب عليه ويرضيهم عنه يوم القيامة بما يشاء سبحانه.. ومتى استطاع في الدنيا إيصالها إليهم أو استحلالهم منها وجب عليه ذكل ولا تتم توبته إلا بما ذكر لقول الله - عز وجل - {وتوبوا(4/163)
إلى جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون..} وقوله - عز وجل - {فاتقوا الله ما أستطعتم} .
اللجنة الدائمة
أخذ مال غيره بغير أذنه بنيه رده إليه
س - كنت أعمل محصلاً في وظيفة واضطررت إلى أخذ مبلغ مما تحت يدي بقصد السلف وأرده من راتبي لكن الطع صاحب المال على ذلك وطلب رده فرددته إليه دون نزاع والآن ضميري يؤنبي على ما فعلت فما أصنع حتى يستريح قلبي؟
ج- أخذك المال من مال غيرك دون إذنه يعتبر خيانة له ولو حسن قصدك وعزمت على تسديده من راتبك أو غيره، ويعتبر تعطيلاً لجزء من مال غيرك عن استغلال صاحبه له فيما يعود عليه بالربح كما ان فيه عاراً عليك وجرحاً لكرامتك، وحيث رددت المبلغ لصاحبه حينما علم وطلبه، وندمت على ما حصل منك فعليك أن تضم إلى ذلك العزم على ألا تعود إلى مثل ذلك وتستمح صاح المال حتى يطيب نفسه وتحسن التوبة وتكثر من الأعمال الصالحة عملاً بحديث {أتبع السيئة الحسنة تمحها} .. ونرجو الله أن يتوب عليك ويغفر لك ويحفظك من المعاصي والمنكرات.
اللجنة الدائمة
* * * *
أخذ مال غيره بغير حق
س - الحمد لله وحده وبعد فقد اطعلت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء على الاستفتاء المرسل بخصوص مسألتين الأولى منها أنه اشترك فيما مضى مع مجموعة من الجنود للقبض على عبد اشتبه في أمره وبعد القبض عليه وكتفه تحسس ملابسه فوجد معه مبلغ خمسة وثمانين (85ريالاً) فضة فأخذها وصرفها في شؤون بيته لجهله وفقره ويسأل كيف يفعل الآن لبراءة ذمته؟(4/164)
ج- إن كان يعرف العبد أو يعرف من يعرفه فيتعين عليه البحث عنه ليسلم له نقوده فضة أو ما يعادلها أو ما يتفق معه عليه، وإن كان يجهله وييأس من العثور عليه فيتصدق بها أو بما يعادلها من الورق النقدي عن صاحبها، فإن عثر عليه بعد ذلك فيخيره بما فعل فإن أجازه فيها ونعمت، وإن عارضه في تصرفه وطالبه بنقوده ضمنها له وصارت له الصدقة وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه ويدعو لصاحبها.
اللجنة الدائمة
* * * *
التائب من الذنب
س - ما يقول شيخنا الجليل فيمن لا يصلي ولا يصوم عمداً وبعد أن هداه الله وأتاب إليه وبكى على إسرافه على نفسه، رجع يصلي ويصوم ويقوم بجميع العبادات هل يؤمر بقضاء الصلاة والصوم أم تكفيه الإثابة والتوبة؟
ج- من ترك الصلاة والصيام ثم تاب إلى الله توبة نصوحاً لم يلزمه قضاء ما ترك لأن ترك الصلاة كفر أكبر يخرج من المللة وإن لم يجحد التارك وجوبها في أصح قولي العلماء وقد قال الله سبحانه وتعالى {قل للذين كفروا وإن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} الآية.
وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الإسلام يهدم ما كان قبله، والتوبة تجب ما كان قبلها} والأدلة في هذا كثيرة ومنها قوله سبحانه {إني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} والأدلة في هذا كثير ومنها قوله سبحانه {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار} الآية
ومنها قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {التائب من الذنب كمن لا ذنب له} والمشروع للتائب أن يكثر بعد التوبة من الأعمال الصالحات وأن يكثر من سؤال الله سبحانه الثبات على الحق وحسن الخاتمة.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/165)
يرتكب بعض المعاصي
س - شاب يقيم أركان الإسلام الخمسة كما شرعها ولكنه يركتب بعض المعاصي أي يجمع بين الواجبات والمنهيات ما حكم الإسلام في ذلك؟
ج- باب التوبة مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها كل كافر أوعاص أن يتوب إلى الله توبة نصوحا وذلك بالندم على ما مضى من الكفر والمعاصي، والإقلاع من ذلك وتركه خوفا من الله وتعظيما له، والعزم الصادق على عدم العود في ذلك، ومتى تاب العبد هذه التوبة محا الله عنه ما سلف من سيئائته كما قال جل وعلا {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} .. وقال سبحانه {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} .
وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الإسلام يهدم ما كان قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها} ومن تمام التوبة في حق المسلم رد المظالم إلى أهلها أو تحللهم منها كما قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ومن كان عنده لأخيه مظلمة فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه} رواه البخاري والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
الشيخ ابن باز
* * * *
سرق ثم تاب
عندما كنت صغيراً في الرابعة عشر منن عمري كان يزور والدي (رحمه الله) قريب له من دولة أخرى وكنت أقوم بسرقة بعض نقوده من عمله بلاده وأقوم بصرفها من مؤسسات الصرافة ثم أتصرف بها ولكني بعدما كبرت ندمت على عملي غاية الندم فعزمت على التوبة. ولكن ماذا يلزمني هل أعيد ما سرقت من نقود إلى صاحبها أم يجوز لي أن أتصدق بها في وجوه الخير وأنوي ثوابها إليه مع العلم أنه لا يزال على قيد الحياة؟(4/166)
ج- يجب عليك أن تردها إلى صاحبها بأي طريقة يوصلها إليه وليس تلك التصرف فيها وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم من يتوب ثم يعود لفعل المعصية
س - ما حكم توبة من تاب من ذنب ثم رجع إلى ذلك الذنب مرات عديدة ثم تاب كذلك مرات عديدة، وبعد ذلك من الله عليه بالتوبة الصالحة ولم يرجع إلى هذا الذنب؟ أفتونا وفقكم الله؟
ج- هذا المذنب صحيح التوبة، التوبات الأولي والتوبات الأخيرة كلها صحيحة، لأنه كلما أذنب ذنبا ثم تاب إلى الله منه واستكمل شروط التوبة حق على الله أن يقبل توبته، فإذا دعته نفسه مرة أخرى وفعل فليتب ثانية، وثالثا ورابعا لقول الله تعالى {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقطنوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً} .
ولكن المهم أن تكون التوبة صادقة، وأن يكون عازماً على ألا يعود إلى هذا الذنب، وليست التوبة مترددة بأن يتوب وهو في قلبه نية العودة إلى الذنب، فإن هذه التوبة ليست صحيحة. لكن إذا كانت توبة صحيحة وكان حين فعل الذنب عازماً على ألا يعود إليه، فإنه إذا عاد إليه مرة ثانية، لا تنهدم توبته الأولى، بل توبته الأولى صحيحة وكلما أذنب وتاب تاب الله عليه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/167)
أحكام الدعاء وآدابه
{أحكام الدعاء وآدابه}(4/169)
شروط وأداب الدعاء
س - ما هي موانع الإجابة في الدعاء؟ وما هي أوقات الإجابة؟
ج- أولا يجب أن يعلم أن الدعاء نفسه عباده وتحصل به القربى إلى الله - عز وجل - لأن الإنسان عندما يدعو ربه يعترف لنفسه بالقصور ولربه بالكمال ولهذا توجه إليه سبحانه وتعالى بالدعاء وفيه تعظيم لله - عز وجل - وتعظيم الله عباده.
وقد جاء عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن الدعاء عبادة وإذا كان الأمر كذلك فإن الإنسان يحصل له التقرب إلى الله بمجرد دعائه.. ثم إنه عندما يدعو الله - بجانب التقرب إلى الله - إما أن يستجاب له الدعاء ويتحقق مقصوده، وإما أن يكف عنه من الشر ما هو أعظم من النفع الحاصل بمطلوبه، وإما أن يدخر الله له أجره عنده يوم القيامة.
وكل من دعا الله سبحانه وتعالى فإنه لا يخيب أبداً ولكن للدعاء شروط بل وله آداب، منها أن يعتقد الإنسان حين الدعاء أنه في حاجة إلى ربه، وأنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله.. ومنها أن يعتقد كمال ربه، عز وجل، وكمال رحمته وأحسانه وفضله وقدرته، ومنها أن يكون مؤملاً وراجياً الإجابة لا يدعو وهو يشك هل يحصل هذا الشيء أو لا يحصل بل يدعو وهو مؤمن بالفائدة.. ومنها ألا يعتدى بدعائه وذلك بأن يسأل الله مالا يجوز شرعا.
ومن آداب الدعاء ألا يدعو بما لا يحل شرعاً فلا يدعو باثم ولا بقطيعة رحم.. ومنها أيضاً ألا يكون مطعمه وملبسه من الحرام فإن الحرام يمنع إجابة الدعاء كما قال صلى الله عليه وسلم {إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً} .
ومن الأوقات التي ترجى فيه الإجابة آخر الليل الثالث أو الأخير منه وما بين الآذان والإقامة.. ومن الأحوال التي ترجى فيها الإجابة أن يكون الإنسان ساجداً، فإن الدعاء(4/171)
في حال السجود أقرب ما يكون للإجابة، إذا قال عليه الصلاة والسلام {أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم مسح الوجه بعد الدعاء
س - ما حكم مسح الوده بعد دعاء الوتر؟
ج- مسح الوجه بعد الدعاء باليدين في قنوت الوتر وفي غيره فيه أحاديث ضعيفة قال شيخ الإسلام ابن تيمية لا تقوم بها حجة. وإذا كانت ضعيفة فلا يجوز أن يثبت بها حكم شرعي.. وعلى هذا فالأفضل ألا تسمح وجهك بعد الدعاء في الوتر أو غيره.. وقال بعض العلماء هذه الأحاديث الضعيفة بمجموعها تكون في درجة الحسن لغيره فتكون هذه سنة، والراجح عندى أنه لا يمسح، لأن الأحاديث في ذلك لا ترفع إلى درجة الحسن
الشيخ ابن عثمين
* * * *
قول إن شاء الله عند الدعاء
س - ماذا عن قول الإنسان في دعائه {إن شاء الله} ؟
ج- لا ينبغي للإنسان إذا دعا الله سبحانه وتعالى أن يقول " إن شاء الله " في دعائه بل يعزم المسألة ويعظم الرغبة فإن الله سبحانه وتعالى لا مكره له وقد قال سبحانه وتعالى " ادعوني أستجب لكم " فوعد بالاستجابة وحينئذ لا حاجة إلى أن يقال إن شاء الله لأن الله سبحانه وتعالى إذا وفق العبد للدعاء فإنه يجيبه إما بمسألته، أو بأن يرد عنه شراً أو يدخرها له يوم القيامة، وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة وليعظم الرغبة فإن الله تعالى لا مكره له} .
فإن قال قائل ألم يثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان يقول للمريض لا بأس طهور إن شاء الله؟(4/172)
فنقول بل ولكن هذا يظهر أنه ليس من باب الدعاء وإنما هو من باب الخير والرجاء وليس دعاء فإن الدعاء من آدابه يجزم به المرء.
الشيخ ابن عثيمن
* * * *
الدعاء يرد القدر
س - هل الدعاء يرد القضاء؟
ج- شرع الله سبحانه وتعالى الدعاء وأمر به فقال {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} .
وقال {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} فإذا فعل العبد السبب المشروع ودعا فإن ذلك من القضاء فهو رد القضاء بقضاء إذا أراد الله ذلك، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر} رواه الإمام أحمد واللفظ له 5 277 و 280 و 282 والترمذي 4 448 وابن ماجه 1 35.
اللجنة الدائمة
* * * *
الاستثناء في الدعاء
س - ما حكم القول {في الجنة نلتقي إن شاء الله} ؟ جزاكم الله خيراً؟
ج- هذا القول طيب ولا بأس به، نسأل الله أن يجمعنا بإخواننا في الجنة وأن نلتقي في الجنة، لكن لا يقول {إن شاء الله} فلا يستثني، بل يقول {نسال الله أن نلتقي في الجنة بفضله، والله يجمعنا في الجنة} فلا يقول إن شاء الله، ولا يستثني في الدعاء.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/173)
رفع اليدين في الدعاء
س - أرى بعض الناس يرفع يديه في دعاء خطبة الجمعة والبعض لا يفعل ذلك كما أن من الناس من يرفع يديه بالدعاء بعد سنة الراتبة وبعضهم يرفع في دعاء القنوت في الوتر وبعضهم لا يفعل شيئاً من ذلك.
أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً عن السنة في رفع اليدين في الدعاء؟
ج- السنة رفع اليدين في الدعاء وهو من أسباب الإجابة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن ربكم حي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً} أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم.
ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، فيما رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال سبحانه {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون} . وقال {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأني يسجاب لذلك " وقد صح عنه، - صلى الله عليه وسلم -، في أحاديث كثيرة أن رفع يديه في الدعاء في خطبة الاستسقاء وعند الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق في حجة الوداع وفي مواضع كثيرة ولكن كل عبادة وجدت في عهده، - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرفع فيها يديه فإنه لا يشرع لنا أن نرفع أيدينا فيها تأسيا به، - صلى الله عليه وسلم -، كخطبة الجمعة وخطبة العيد والدعاء بين السجدتين والدعاء في آخر الصلاة والدعاء أدبار الصلوات الخمس المفروضة لأن ذلك لم يثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، والمشروع لنا التأسي به، - صلى الله عليه وسلم -، في الفعل والترك كما قال الله عزو جل {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} . الآية. الله ولي التوفيق
الشيخ ابن باز(4/174)
لا حرج في الدعاء على غير وضوء
س - في بعض الليالي أقوم من النوم الساعة الثانية ليلاً وأدعو الله بما في نفسي دون أن أتوضاً.. ولم أصل ناقلة فهل هذا جائز أم لابد من الوضوء والصلاة معا؟
ج- لا حرج في الدعاء ولو على غير وضوء بل ولو كنت جنبا لأن الدعاء لا تشترط له الطهارة وهذا من رحمة الله سبحانه لأن العبد محتاج للدعاء في كل وقت ولكن حصوله مع الطهارة والصلاة أقرب إلى الإجابة ولاسيما في السجود لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء} خرجه الإمام مسلم في صحيحه وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
معنى {وهب المسيئين منا للمحسنين} ؟
س - ما معنى هذا الدعاء {وهب المسيئين منا للمحسنين} ؟
ج- معناه الطلب من الله سبحانه وتعالى أن يعفو عن المسيئيني من المسلمين بأساب المحسنين مهم، ولا حرج في ذلك لأن صحبة الأخيار ومجالستهم من أسباب العفو عن المسيء، فهو القوم لا يشفى بهم جليسهم، وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {مثل الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما إن تجد منه ريحا طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة} ولكن لا يجوز للمسلم أن يعتمد على مثل هذه الأمور لتكفير سيئاته، بل يجب عليه أن يلزم التوبة دائماً من سائر الذنوب وأن يحاسب نفسه ويجاهدها في الله حتى يؤدي ما أوجب الله عليه ويحذر ما حرم الله عليه، ويرجو مع ذلك من الله سبحانه العفو والغفران، وأن لا يكله إلى نفسه ولا إلى عمله، ولهذا صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال {سددوا وقاربوا وأبشروا واعملوا أنه لن يدخل الجنة أحد منكم بعمله} قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ .. قال {ولا أنا إلا أن يتغمدني في الله برحمه منه وفضل} وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز(4/175)
التوسل إلى الله باسمائه الحسنى
س - إذا بدأ الإنسان دعاءه بالآتي أسالك يا الله بأسمائك الحسنى وصفاتك أن تجعل لي كذا وكذا ويكمل طلبه - هل دعاؤه في هذه الصفة صحيح؟
ج- من السنة أن يتوسل الداعي إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا وأن يتوسل إلى الله بالأعمال الصالحة ومحبة الصالحين وذلك من أسباب قبوله ويجوز تقديم ذلك قبل الدعاء وتأخيره ولا يجوز التوسل بذوات الأشخاص فلا يقول أتوسل إليك بفلان وفلانه فهو من وسائل الشرك.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
جواز قراءة الدعاء من الورقة
س - إنني لا أحفظ من الأدعية إلا القليل فهل يجوز أن أكتب بعض الأدعية في ورقة وأقرأها خارج الصلاة وأثناءها؟
ج- لا مانع أن يقرأ الإنسان الدعاء من الورقة إذا كان لا يحفظ كتب الدعاء في ورقة وقرأه في الأوقات التي يجب أن يدعو فيها مثل آخر الليل أو غيرها من الأوقات ولكن لو تيسر حفظ ذلك وأن يقرأه عن حضور قلب وعن خشوع كان ذلك أكمل، أما في الصلاة فالأولى أن يكون عن ظهر قلب وأن تكون دعوات مختصرة موجزة ولو قرئت من ورقة في التشهد مثلاً أو بين السجدتين فلا حرج في ذلك لكن كون الداعي يحفظ الدعاء فإنه يكون أقرب إلى الخشوع.
والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
الدعاء للمتصدق
س - بعض الأشخاص الذين يجتمعون عند الصدقة التي يراد تفريقها عليهم يضعون أيديهم عليها ويدعو أحدهم للمتصدق ويؤمن الباقون بأصوات مرتفعة. فما حكم ذلك؟(4/176)
ج- لا ينبغي هذه الكيفية لأنها بدعة، أما الدعاء للمتصدق من غير وضع الأيدي على المال المتصدق به، ومن دون اجتماع على رفع الأصوات على الكيفية المذكورة فهو مشروع لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنك قد كافأتموه} رواه أبو داود والنسائي باسناد صحيح.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم رفع اليدين في دعاء الخطبة
س - ما حكم رفع اليدين عند دعاء الإمام في خطبة الجمعة، حيث كنت أفعل ذلك ونهاني عنه أحدهم بعد الصلاة ولكنه لم يقدم دليلاً على قوله؟
ج- رفع اليدين في دعاء الخطبة غير مشروع ولهذا أنكر الصحابة رضي الله عنهم على بشر بن مروان حين رفع يديه في خطبة الجمعة، ويشرع هذا في حالين الاستسقاء وهو طلب نزول الماء، وكذلك طلب رفع المطر، ودليل ذلك ما رواه أنس من حديث الرجل الذي دخل والنبي، - صلى الله عليه وسلم -، يخطب فقال هلكت الأموا.. الخ. فرفع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ودعا. وذكر أنس أن الرجل في الجمعة التي بعدها وقال يا رسول الله غرق المال ... الخ. فرفع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يديه وقال اللهم حوالينا لا علينا.. الخ الحديث الذي رواه مسلم في كتاب الاستسقاء.
فالخطيب لا يرفع يديه إلا في هذه الموضعين والناس لا يرفعون أيديهم إلا إذا رفع الخطيب يده لأن الصحابة رفعوا أيديهم حين رفع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يده.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/177)
حكم الدعاء الجماعي بعد كل درس..
س - ما حكم الدعاء بصورة جماعية بعد قراءة القرآن مباشرة، يدعو شخص والباقون يؤمنون على دعائه وهكذا في كل درس بدون انقطاع وعند تذكيرهم ومطالبتهم بالدليل استدلوا بقوله تعالى {وقال ربكم ادعوني استجب لكم..} الآية؟
ج- الأصل في الأذكار والعبادات التوقيف وألا يعبد الله بما شرع وكذلك إطلاقها أو توقيتها وبيان كيفياتها وتحديد عددها فيما شرعه الله من الأذكار والأدعية وسائر العبادات مطلقا عن التقييد بوقت أو عدد أو مكان أو كيفية لا يجوز لنا أن نلتزم فيه بكيفية أو وقت أو عدد بل نعبده به مطلقاً كما ورد. وما ثبت بالأدلة القولية أو العملية تقييده بوقت أو عدد أو تحديد مكان له أو كيفية، عبدنا الله به على ما ثبت من الشرع له، ولم يثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قولا أو فعلاً أو تقريراً الدعاء الجماعي عقب الصلوات أو قراءة القرآن مباشرة أو عقب كل درس، سواء كان ذلك بدعاء الإمام وتأمين المأمومين على دعائه أو كان بدعائهم كلهم جماعة ولم يعرف ذلك أيضاً عن الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة رضي الله عنهم فمن التزم بالدعاء الجماعي عقب الصلوات أو بعد كل قراءة للقرآن أو بعد كل درس فقد ابتدع في الدين وأحدث فيه مالي منه وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد} وقال {من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد} .
وأما الاستدلال من ذكرتم فأبوا بقوله تعالى {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم..} الآية فلا حجة لهم في ذلك لأنه استدلال بنص مطلق ليس فيه تعيين بالكيفية التي التزمها من سألت عن دعائهم والمطلق ينبغي أن يراعي في العمل به إطلاقه دون التزام بحالة خاصة ولو كان التزام كيفية معينة مشروعا لحافظ عليها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وخلفاؤه من بعده وقد تقدم أنه لم يثبت ذلك عنه ولا عن أصحابه رضي الله عنه والخير كل الخير في اتباع هديه، - صلى الله عليه وسلم -، وهدي خلفائه الراشدين رضي الله عنهم، والشر كل الشر في مخالفة هديتهم واتباع المحدثات التي حذر منها الرسول، - صلى الله عليه وسلم -،(4/178)
بقوله {إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة} وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
الامام يدعو بعد الصلاة والمأمومون يؤمنون
س - فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء على ما ورد من المستفتي عبد الرحمن المظهري..
والسؤال نرى في بعض المناطق أن الامام يرفع يديه بعد الصلوات المكتوبة والمأمومون كذلك.. يدعو الامام ويؤمن المأمومون على دعائه فارجو إثباته أو نفيه بالدلائل؟
ج- العبادات مبنية على التوقيف فلا يجوز أن يقال أن هذه العبادة مشروعة من جهة أصلها أو عددها أو هيأتها أو مكانها إلا بدليل شرعي يدل على ذلك ولا نعلم سنة في ذلك عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وهديه، - صلى الله عليه وسلم -، في هذا الباب ثابت بالأدلة الدالة على ما كان يفعله، - صلى الله عليه وسلم -، بعد السلام وقد جرى خلفاؤه وصحابته من بعده ومن بعدهم التابعون لهم باحسان، ومن أحدث خلاف هدى، - صلى الله عليه وسلم -، فهو مردود عليه قال، - صلى الله عليه وسلم -، {من عملا عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} فالامام الذي يدعو بعد السلام ويؤمن المأمومون على دعائه والكل رافع يديه يطالب بالدليل المثبت لعمله وإلا فهو مردود عليه.
إذا علم ذلك فإننا نبين نبذة من هديه، - صلى الله عليه وسلم -، فمن ذلك أنه إذا سلم استغفر الله ثلاثاً ويقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. قيل للأوزاعي كيف الاستغفار. قال يقول استغفر. قال يقول استغفر الله استغفر الله. هذه رواية مسلم والترمذي والنسائي إلا أن النسائي قال إن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كان إذا انصرف من صلاته، وذكر الحديث وفي روايه أبي داود أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كان إذا(4/179)
اراد أن ينصرف من صلاته استغفر الله ثلاث مرات ثم قال اللهم أن السلام وفي رواية أبي داود والنسائي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كان إذا سلم قال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام.. وفي روايه مسلم عن وراد مولى المغيره ابن شعبه قال أملى على المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وفي روايه لمسلم أيضاً عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبده إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كفره الكافرون.. وقال كان رسول الله،، يهلل بهن دبر كل صلاة، وفي رواية لمسلم أيضا قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {من سبح دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسع وتسعون، ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفر له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر} ومن أراد المزيد من الاطلاع على الأدعية فعليه بالرجوع إلى كتاب الأدعية من كتب الجوامع مثل جامع الأصول ومجمع الزوائد، والمطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية وغيرها.
وبالله التوفيق. صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا وصحبه أجمعين.
اللجنة الدائمة
* * * *
دعاء الله وسؤاله بالقرآن
س - هل يجوز للإنسان أن يقول في دعائه أسألك بكل أسم هو لك سميت به نفسك أو ذكرته في كتابه إلى آخر هذا الدعاء ثم يضيف وأن تجعل لي بالقرآن سعة بعد ضيق وفرج بعد كرب ومخرج من شدة؟(4/180)
ج- لا بأس بهذا الدعاء فقد ورد في حديث صحيح عن أحمد وغيره ولا بأس بما ذكر بعده فالقرآن هو كلام الله وقد جعله الله شفاء وهدى ورحمة.. الخ.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم رفع اليدين في الدعاء.. والتوجه إلى القبلة
س - هل من شروط قبول الدعاء رفع اليدين أثناء الدعاء وسؤال الله وأيضاً هل لابد أن يكون المتوجه بالدعاء متوجهاً إلى القبلة؟
ج- رفيع اليدين عند الدعاء سنة مؤكدة وكذا استقبال القبلة لأنها أشرف الجهات ولكنه ليس شرطاً لقبول الدعاء. فقد يقبل الله الدعاء من المسلم المخلص إذا دعاه ولو لم يرفع يديه ولم يستقبل القبلة ولا يلزم ممن دعا رفع يديه أن يقبل الله دعاءه فقد يكون هناك موانع من القبول ولو رفع فيه يديه.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الدعاء على الأبناء
س - كثير من الآباء والأمهات يدعون على أبنائهم عند الزلل والخطأ.. نرجو منكم كلمة توجيهية لهم بهذا الخصوص؟ !
ج- ننصح الوالدين بالصفح والتغاضي عن تقصير الأولاد حال الصغر وبالصبر على ما نالهم من كلام أو أذى حيث أن الأطفال لم تتكامل عقولهم فيقع منهم الخطأ في القول والفعل، فمتى كان الوالد حليما عفا عن ذلك، وعلم الولد بلطف ولين ورفق به ونصحه حتى يكون ادعى إلى قبوله وتأدبه. لكن بعض الوالدين يقع في الخطأ الأكبر وهو الدعاء على الأولاد بالموت والمرض والعاهات والمصائب ويتمادى في هذا الدعاء ويكثر منه فبعد ما يسكت غضبه يتأسف ويرى أنه أخطأ ويعترف بأنه لا يحب وقوع تلك الدعوات ولا يريدها لما جبل عليه الوالد من العطف والحنان، وإنما حمله على تلك الدعوات شدة الغضب فالله سبحانه يعفو عنه قال تعالى {ولو يعجل الله للناس استعجالهم بالخير لقضي إليهم(4/181)
أجلهم} فالواجب على الوالدين الصبر والتحمل والتأديب بالضرب الزاجر فإن الطفل يتأثر بالضرب أكثر من التأديب والتعليم. فأما الدعاء عليه فلا يفيده ولا يدري ماذا يقال عنه فيكتب على الوالد ما قال ولا يحصل للولد انتفاع والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
دعوت فلم يستجب لي
س - لقد ظلت اكثر من عشر سنوات أدعو الله بين فترة وأخرى أن يرزقني الله زوجا صالحاً وذرية صالحة.. ولكن شيئاً من هذا لم يحدث وهذا إرادة الله عز وجل ولا راد لقضائه وسؤالي هو إنني توقفت عن الدعاء منذ فترة قريبة لا يأسا من استجابة الله لدعوتي ولكن أخذت أفكر أن هذا الموضوع ليس في صالحي نظراً لعدم استجابة الله لي.
فقررت أن أتوقف عن الدعاء لأن الله عز وجل أعلم بما ينفعني رغم رغبتي الشديدة والملحة في تحقيق واستجابة دعوتي.. فما الذي يجب على في هذا الموقف؟
هل استمر في الدعاء أم أقتنع أن هذا الموضوع ليس في صالحي وأتوقف عن الدعاء؟
ج- ورد في الأحاديث أنه يسجاب للعبد دعاؤه مالم يستعجل وفسر الاستعجال بأن يستبطئ الإجابة فيتحسر عند ذلك ويدع الدعاء ويقول قد دعوت ودعوت فلم يستجب لي. ذلك أن الله تعالى قد يؤخر إجابة الدعاء لأسباب خاصة أو عامة وفي الحديث أن في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من الشر بقدره، فعليك أيتها الأخت أن لا تستعجلي وأن تستمري في الدعاء دائماً ولو عدة سنوات، كما أن عليك أن لا تردي الأكفاء إذا تقدموا ولو من كبار الأسنان ولو متزوجين فعسى الله أن يجعل في ذلك خيراً كثيراً.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/182)
حكم الدعاء بأمور دنيونية بحتة في الصلاة
س - هل يجوز التوجه إلى الله بالدعاء بأمور دنيونية بحتة أثناء الصلاة؟ فكيف يكون ذلك؟ وهل الأفضل أن يدعو الإنسان بعد انتهاء الصلاة أو بعد التشهد الأول أو أثناء السجود؟
ج- لا يجوز الدعاء في الصلاة بالأمور الدنيوية كالشهوات المحضة وكثرة المال والزوجة الجميلة ونحو ذلك.. لكن إن احتاج إلى أمور ضرورية في الحياة ليستعين بها على أمور دينه جاز الدعاء بها في الصلاة وخارجها كالعفاف والحفظ والإغناء عن الناس وصيانة الوجه والعرض.. الخ ويسن بعد الفريضة الإتيان بالأذكار الواردة ولا بأس بعدها بالدعاء بما تيسر ويسن الدعاء بعد التشهد الأخير وأثناء السجود وذلك من أماكن رجاء الإجابة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
هذا الدعاء غير مقبول..
س - أصوم صيام التطوع ليكفر الله عني من زلات وهفوات قد تصدر دون علم مني ومتمسكة بديني ولله الحمد ولكن والدتي تدعو الله ألا يقبل صيامى هذا دون معرفة الأسباب مع أن صيامي لا يؤثر على الأعمال المنزلية وهي لا تحتاج لي وأنا محتارة وقلقة من أن الله قد لا يقبل عملي هذا وصيامي لان الدعاء الوالدين مقبول - فما رأي سماحتكم؟
ج- نشكرك على الاهتمام بالعبادات ونوافل الطاعات فعليك القيام بذلك حسب الطاقة واعتذري من الوالدة بأن هذا عمل صالح وأن حق الوالدة موثوق بأدائه حيث أن الصيام لا يعوق عن برها وخدمتها والقيام بحقوقها وأن الواجب عليها أن تحثك على ذلك وأن تقتدي بك فهي أحوج إلى نوافل الصلاة والصوم والعبادة لرفع الدرجات وتفكير الخطايا فأما دعاؤها عليك فإنه لا يُقبل إن شاء الله لاسيما والعمل خير والصالح وأنها ما قصدت إلا الرحمة والشفقة.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/183)
حكم مسح الوجه بعد الدعاء
س - يسأل سؤالين الأول عن حكم مسح الوجه بعد الدعاء، والثاني عن حكم مصافحة المرأة للرجل؟
ج- المسح للوجه لم يرد فيه أحاديث صحيحة وإنما ورد فيه أحاديث لا تخلو من ضعف فلهذا الأرجح والأصح أنه لا يمسح وجه بيديه. وذكر بعض أهل العلم أنه لا بأس بذلك لأن فيه أحاديث يشد بعضها بعضاً وإن كانت ضعيفة، لكن قد يقوي بضعها بعضا فتكون من قبيل الحسن لغيره كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في كتابه بلوغ المرام في الباب الأخير.
فالمقصود أن المسح ليس فيه أحاديث صحيحة فلم يفعله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في صلاة الاستسقاء ولا في غيرها من المواقف التي رفع فيها يديه كموقفه عند الصفا والمروة وفي عرفات وفي مزدلفة وعند الجمار لم يذكروا أنه مسح وجهه بيديه لما دعا فدل ذلك على أن الأفضل ترك ذلك وبالله التوفيق.
أما إجابة السؤال الثاني فإنه ليس للمسلم أن يصافح المرأة الأجنبية عنه ولو مدت يدها إليه، ويخبرها أن المصافحة لا تجوز للرجال الأجانب وإنما هي جائزة من المحارم كأخيها وعمها ونحو ذلك أما الأجنبي فليس لها أن تصافحه وليس له أن يصافحها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إني لا أصافح النساء} ولقول عائشة رضي الله عنها في الحديث الصحيح {ما مست يد رسول الله يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام} ولقوله عز وجل {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} .
الشيخ ابن باز
* * * *
دعاء جلب الرزق
س - ما هو دعاء جلب الرزق وجلب البركة فيه؟
ج- لا أعلم دعاء خاصا لجلب الزرق، ولكن تقوى الله - عز وجل - من أقوى أسباب جلب الرزق قال الله تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويزرقه من حيث لا يحتسب} .(4/184)
وكذلك الدعاء بأن تدعو الله تعالى أن يرزقك حلالاً طيباً مباركاً، فإن الله تعالى يحب الملحين في الدعاء.
وقد قال تعالى {ادعوني أستجب لكم} .. وقال تعالى {وإذا سألك عبادي عن فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " فتقوى الله ودعاؤه من أسباب جلب الرزق.
الشيخ ابن عثمين
* * * *
دعاء ضيق الصدر
س - ما أنجح دعاء يدعو الإنسان به ربه لكي يتخلص من ضيق الصدر؟
ج- كشف الغمة وتفريج الكربة وشرح الصدور بيد الله وحده فإذا أصيب بكرب وضيق صدر فافزع إلى الله وحده واطلب منه أن يكشف ما نزل بك وافعل ما كان يفعل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان إذا حزنه أمر واشتد به الكرب فزع إلى الصلاة وعلمنا أن نقول عند الكرب {لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش الكريم} .
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الدعوة للكافر والدعاء عليه
س - هل يدعي على المرتد والكافر بالموت والهلاك والعذاب.. أم يدعى له بالهداية.. ومتى يدعى له.. ومتى يدعى عليه؟
ج- إذا كان هذا المرتد مؤذياً لعباد الله مجرما في حقهم فلا حرج من الدعاء عليه بالهلاك اتقاء لشره، وإن لم يكن كذلك فالأحسن أن يدعي له بالهداية بدلا من أن يدعى عليه بالهلاك، مع أن الواجب على ولاة الأمر تجاه المرتدين أن يدعوهم إلى الإسلام، وأن ينذروهم مهلة لا تزيد على ثلاثة أيام ولهم الخيار أن يدعوا هذه المهلة إذا رأوا المصلحة في تنجيز قتله ثم إذا مضت المهلة وأصر المرتد على ما هو عليه من الردة فيجب قتله لقول النبي،(4/185)
- صلى الله عليه وسلم -، {من بدل دينه فاقتلوه} والكافر في حالة الدعاء عليه أو الدعاء له بالهداية كالمرتد.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/186)
البر والصلة
{البر والصلة}(4/187)
واجب الولد نحو والديه
س - لي جدة انتقلت إلى - رحمة الله - وهي غالية عندي ولن أنساها أبداً فما الواجب علي أن أعمله تجاهها لأحس بأنني أديت جزءاً بسيطا مما يجب علي نحوها؟
ج- يشرع لك الدعاء لها والاستغفار لها والصدقة عنها والحج والعمرة كل هذا ينفعها..
تقبل الله منك وأثابك.. ومن حقها عليك إنفاذ وصيتها إن كان لها وصية شرعية قد أوصتك بها، وإكرام أصدقائها وصلة رحمك التي من جهتها كأخوالك وخالاتك وأولادهم لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أن رجلا قال له، - صلى الله عليه وسلم -، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما فقال، - صلى الله عليه وسلم -، نعم.. الصلاة عليهما والاستغفار لهما وانفاذ عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما} . والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
تب إلى الله
س - غضبت ذات مرة من والدتي فقلت أمام أخي الأكبر مني والله لو لم تكن أمي لأحرقتها فهل على ذنب فيما قلت مع أنني ندمت على ما قلت؟
ج- لا شك أن هذه الكلمة بشعة تكسب ذنبا كبيراً لما فيها من الحلف على الأمر العظيم الذي لا يجوز حتى على الكفار وهو الإحراق وكذا ما فيه من الإنكار على الوالدة مع عظم حقها وكان واجبك أن تتحمل ما يصدر منها وأن تقابل غضبها بالرضاء واللين واستعمال الكلمات اللطيفة فعلى هذا يجب عليك أن تتوب إلى الله وتندم على ما حصل منك وتطلب(4/189)
من والدتك العفو والصفح والمسامحة والله يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
طالبته والدته بطلاق زوجته
س - رجل تزوج امرأة وأنجبت منه أولاداً، ثم طالبته والدته بطلاق زوجته دون سبب أو عيب في دينها، بل ذلك لحاجة شخصية، وحاولت أخته وبعض أهل الخير إقناعها فلم تقتنع إلا بطلاقها، وخرجت من البيت وسكنت مع إحدى بناتها، فوقع في حرج من خروجها لكن زوجته غالية عنده ولم يعرف عنها إلا الخير فماذا يصنع أفتوني؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكر السائل من أن أحوال زوجته مستقيمة، وأنه يحبها، وغالية عنده، وأنها لم تسئ إلى أمه، وإنما كرهتها لحاجة شخصية، وأمسك زوجته وأبقى على الحياة الزوجية معها، فلا يلزمه طلاقها طاعة لأمه، لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {إنما الطاعة في المعروف} وعليه أن يبر أمه ويصلها بزيارتها والتلطف معها والإنفاق عليه ومواستها بما تحتاجه وينشرح به صدرها ويرضيها بما يقوى عليه سوى طلاق زوجته، والله المستعان، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
استئذنهما قبل الخروج
س - هل طاعة الوالدين تتمثل في كل شيء؟ مثل استئذانهما عند الخروج أو الذهاب إلى أي مكان أو القيام بعمل؟
ج- تجب طاعة الأوبين في غير معصية الله أو في غير ذلك الطاعة الواجبة لله لقوله تعالى " ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا " ولقوله تعالى {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} ويتمثل البر في خدمتهما وتنفيذ أمرهما حسب القدرة والشفقة والرحمة بهما ومن ذلك استئذانهما عند الخروج لسفر غير واجب كالجهاد تطوعا(4/190)
والسفر لتجارة أو سياحة فإن كان كالقتال للدفاع وحج الفرض عند تمام شروطه والخروج لطلب العلم الواجب ونحو ذلك جاز الخروج بدون إذنهما مع أن الأولى اقناعهما وبيان المصلحة والحكم حتى يحصل الرضى فقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، رضى الرب في رضى الوالدين وسخط الرب من سخط الوالدين والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
للأم ثلاثة حقوق وللأب حق واحد
س - لماذا فضل الله الأم على الأب وقد خص الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، ثلاث مرات والأب واحدة؟
ج- ثبت في الصحيح عن أبي هريرة أن رجلاً قال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك وفي رواية قال {أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك} وفي هذا عظم حق الأم على الوالد حيث جعل لها ثلاثة حقوق وسبب ذلك أنها صبر على المشقة والتعب ولاقت من الصعوبات في الحمل والوضع والفصال والحضانة والتربية الخاصة ما لم يفعله الأب وجعل للأب حقا واحداً مقابل نفقته وتربيته وتعليمه وما يتصل بذلك والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
أريد أن أتزوج امرأة ووالدتي غير راضية
س - أريد أن أتزوج ثيباً ووالدي موافق على ذلك والبنت وأهلها موافقون أيضاً على زواجي منها إلا أن والدتي غير موافقة ولا ترضى بذلك.. هل أتزوج هذه المرأة دون النظر إلى رضاء أمي أم لا..؟ وهل إذا تزوجتها أكون عاقا لوالدتي؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
ج- حق الوالدة عظيم وبرها من أهم الواجبات فالذي أنصحك به أن لا تتزوج امرأة لا(4/191)
ترضاها والدتك، لأن الوالدة من أنصح الناس لك ولعلها تعلم منها أخلاقاً تضرك..
والنساء سواها كثير وقد قال الله سبحانه {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} .
ولا شك أن بر الوالدة من التقوى إلا أن تكون الوالدة ليست من أهل الدين والمخطوبة من أهل الدين والتقوى فإن كان الواقع هو ما ذكرنا فلا تلزمك طاعة أمك في ذلك لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إنما الطاعة في المعروف} .
وفق الله الجميع لما فيه رضاه ويسر لك ما فيه صلاحك وسلامة دينك ودنياك.
الشيخ ابن باز
* * * *
ضرب والده السكران
س - والده يتعاطى المسكرات وأثناء سكره قام بضرب زوجته أم السائل فقام هو بضرب أبيه وتخليص أمه منه فطردهما من البيت فما حكم الشرع في ضربي لوالدي في هذه الحالة وهل يعاقبني الله؟
ج- جوابي على هذا السؤال جزء منه موجه إلى الوالد وجزء إلى الولد، أما الوالد فأقول له احذر شرب الخمر لأنه كبيرة من الكبائر والرسول، - صلى الله عليه وسلم -، شاربه وأخبر أن شربه حرام والله سبحانه وتعالى يقول {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون، وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا إنما على رسولنا البلاغ المبين} وفيها مضار بدنية وعقلية.
لذا أنصح ذلك الوالد بأن يتوب إلى الله ويتخلص من شرب الخمر قبل أن يأتي أجله ويحل به الموت فيندم ولات ساعة مندم.
أما نصحيتى إلى الأبن فأقول إن عمله مع أبيه في سبيل تخليص أمه لا شيء فيه، ولكن إن كان يمكنه تخليصها دون ضرب أبيه فليس له أن يضربه لأن منع أبيه من ضرب(4/192)
أمه من باب دفع الصائل فيرد بالأسهل فإن أمكن دون ضرب إن كان الضرب لا حاجة له وإن لم يمكن إلا به فلا مفر منه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
أريد أن أتزوج فتاة ووالدي لا يريدها..
س - لقد اخترت فتاة على خلق ودين لتكون زوجة لي ولكني عندما أخبرت والدي بذلك رفض وحاولت أقناعه ولكنه أصر.. وأردت أن أعرف السبب فقال ليس هناك من سبب وأنا حائر بين طاعة والدى أو صرف النظر عن هذه الفتاة التي اخترتها رغم ما يسببه لي من أسرتها من آلام نفسية.. فأرجو النصيحة إلى الطريق الصحيح جزاكم الله خيراً؟
ج- هذا السؤال يقتضى أن نوجه نصيحتين النصحية الأولى لوالدك حيث أصر على منعك من الزواج بهذه المرأة التي وصفتها بأنها ذات خلق ودين فإن الواجب عليه أن يأذن لك في تزوجها إلا أن يكون لديه سبب شرعي يعلمه ويبينه حتى تقتنع أنت وتطمئن نفسك وعليه أن يقدر هذا الأمر في نفسه لو كان أبوه منعه من أن يتزوج امرأة أعجبته في دينها وأخلاقها أفلا يرى أن ذلك فيه شيء من الغضاضة عليه وكبت حريته، فإذا كان هو لا يرضى أن يقع من والده عليه مثل هذا فكيف يرضى أن يقع منه على ولده مثل هذا وقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه} .
فلا يحل لأبيك أن يمنعك من التزوج بهذه المرأة بدون سبب شرعي وإذا كان هناك سبب شرعي فليبينه لك حتى تكون على بصيرة أما النصيحة التي أوجهها إليك أيها السائل فأنا أقول إذا كان يمكنك أن تعدل عن هذه المرأة إلى امرأة أخرى فإرضاء لأبيك وحثا على لم الشعث وعدم الفرقة فافعل.
وإذا كان لا يمكنك بحيث يكون قلبك متعلقا بها وتخشى أيضاً أنك لو حظيت امرأة أخرى أن يمنعك أخوك من زواجك بها أيضا لأن بعض الناس قد يكون في قلبه غيرة أو حسد ولو لأبنائه، فيمنعهم مما يريدون.. أقول إذا كنت تخشى هذا ولا تتمكن من الصبر عن هذه المرأة التي تعلق بها قلبك فلا حرج عليك أن تتزوجها ولو كره والدك ولعله بعد(4/193)
الزواج يقتنع بما حصل ويزول ما في قلبه ونسأل الله أن يقدر لك ما فيه من خير الأمرين.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
من بر الوالدة تعليمها الواجبات الشرعية
س - والدتي مقيمة معنا في البيت بعد وفاة الوالد، وهي أميه ولا تستعوعب أو تفهم إذا خفظناها أذكاراً أو سوراً قصاراً ومع هذا فهي محافظة على صلاتها وصومها فرضاً وتطوعاً.. فما هي أنجح السبل للتعامل معها والفوز ببرها ورضا الله عنا.. أفيدونا مأجورين؟
ج- الواجب عليكم نحو أمكم أن تقوموا ببرها شرعاً وعرفاً، ومن برها شرعاً أن تعلموها ما أوجب الله عليها من عباداتها القولية والفعلين، وأن يكون ذلك برفق، وأن تقبلوا منها بعض التقصير الذي لا يخل أحياناً، وأن تتحملوا غضبها وضجرها منكم، وألا تطلبوا الكمال في أقل من وقته، ومن أراد الكمال فليصبر ولينتظر وليجعل الوقت أمامه متسعاً حتى يحصل له الكمال بإذن الله.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الواجب بر الوالدين والإحسان إليهما
س - يا سماحة الشيخ أولادي يعصونني فلا يقومون بأدنى واجب تجاهي أو تجاه أمهم مع العلم بأنها كبيرة في السن وكفيفة البصر. أرجو من سماحتكم أثابكم الله النصحية وتبيان حق الوالدين؟
ج- الواجب على الأولاد طاعة والديهم في المعروف ويرهما والإحسان إليهما والحذر من معصيتهما فيما لا يخالف الشرع المطهر لقول الله عز وجل {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} وقوله عز وجل {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير} . وقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -،(4/194)
لما سئل أي العمل أفضل قال {الصلاة على وقتها، قيل ثم أي؟ قال بر الوالدين قبل ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله} متفق على صحته، وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {ألا أثبتكم بأكبر الكبائر قلنا بلى يا رسول الله، قال الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور} خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين.
والآيات والأحاديث في الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما وتحريم عقوقهما كثيرة جداً.
فالواجب على كل ولد من ذكر وأثنى أن يحسن إلى والديه وأن يبرهما وأن يحذر الإساءة إليهما بقول أو فعل، وأن يطعيهما في المعروف للآيات والأحاديث المذكورة وغيرهما، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
الأرحام الذين تجب صلتهم
س - من هم الأرحام وذو القربى حيث يقول البعض إن أقارب الزوجة ليسوا من الأرحام؟
ج- الأرحام هم الأقارب من النسب من جهة أمك وأبيك وهم المعنيون بقوله الله سبحانه في سورة الأنفقال والأحزاب {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} . وأقربهم الآباء والأمهات والأجداد والأولاد وأولادهم ما تناسلوا ثم الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم، والأعمام والعمات وأولادهم، والأخوال والخالات وأولادهم، وقد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال لما سأله سائل قائلاً {من أبر يا رسول الله؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أباك. ثم الأقرب فالأقرب} خرجه الإمام مسلم في صحيحه والأحاديث في ذلك كثيرة.
أما أقارب الزوجة فليسوا أرحاماً لزوجها إذا لم يكونوا من قرابته ولكنهم أرحام لأولاده منها..
وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/195)
والداي متخاصمان. إن برتت أحدهما غضب الآخر
س - شاب يبلغ الخامسة والعشرين من العمر والدي ووالدتي في خصام مستمر طول أيهامهما إن بررت بالأول غضب ونفر الثاني إن بررت الثاني غضب الأول واتهمني بالعقوق ماذا أفعل يا فضيلة الشيخ لكي أبرهما؟ وهل أعتبر عاقا بالنسبة لأمي بمجرد أنني بررت بأبي أو العكس؟
نرجو بذلك إجابة مأجورين؟
ج- الإجابة على هذا أن نقول أن بر الوالدين من أوجب الواجبات التي تجب للبشر على البشر لقول الله تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} .. وقوله تعالى " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} .. وقوله تعالى {إن اشرك لي ولوالديك إلى المصير ".. والأحاديث فى هذا كثيرة جداً والواجب على المرء أن يبر والديه كليهما الأم والأب، يبرهما بالمال والبدن والجاه وبكل ما يستطيع من البر حتى أن الله تعالى قال
{ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً} فأمر بمصاحبة هذه الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد في أمر أبنهما في أمر ولدهما بالشرك ومع ذلك أمر الله أن يصاحبهما في الدنيا معروفاً، وإذا كان ذلك كذلك فالواجب عليك نحو والديك اللذين ذكرت أنهما في خصام دائم وأن كل واحد منهما يغضب عليك إذا بررت الآخر الواجب عليك أمران الأول بالنسبة للخصام الواقع بينهما أن تحاول الإصلاح بينهما ما استطعت حتى يزول ما بينهما من الخصام والعداوة والبغضاء لأن كل واحد من الزوجين يجب عليه للآخر حقوق لابد أن يقوم بها، ومن بر والديك أن تحاول إزالة هذه الخصومات حتى يبقى الجو صافياً وتكون الحياة سعيدة، وأما الأمر الثاني فالواجب عليك نحوهما أن تقوم ببر كل واحد منهما، وبإمكانك أن تتلافى غضب الآخر إذا بررت صاحبه بإخفاء البر عنه، وتبر أمك بأمر لا يطلع عليه والدك، وتبر والدك بأمر لا تطلع عليه أمك وبهذا يحصل المطلوب ولا ينبغي أن ترضى ببقاء والديك على هذا النزاع وهذه الخصومة ولا على هذا الغضب إذا بررت الآخر، والواجب عليك أن تبين(4/196)
لكل واحد منهما أن بر صاحبه لا يعنى قطيعته أى قطيعة الآخر بل كل واحد منهما له من البر ما أمر الله به.
الشيخ ابن عثيمين
طاعة الله مقدمة على صلة الرحم
س - نويت الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة ولكن قيل لي عند الذهاب إلى مكة لابد من زيارة أقاربي حتى لا يقطع الرحم فرفضت الذهاب للعمرة ابتغاء لوجه الله - عز وجل - حتى لا أقابل أخا زوجي الذي اضطر إلى مقابلته بواسطة أقاربي واضطر كذلك إلى كشف وجهي أمامه فهل هذا صحيح أم لا؟ وبماذا تنصحونني؟
ج- قال الله تبارك وتعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطعيوا الرسول وأولى الأمر منكم} فجعل طاعة أولياء الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله فإذا تعارضت طاعة الله ورسوله مع طاعة أولى الأمر فالمقدم طاعة الله ورسوله.. ولهذا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولا يحل لك كشف الوجه أمام أي زوجك وأنت تعلمين أنه حرام، فالواجب عليك ستره حتى لو أدى إلى قطيعة بينك وبين أقاربك لأنهم هم الذين قطعوا، وهم ليس لهم طاعة في معصية الله عز وجل، فعليك أن تؤدي ما أوجب عليك واعملي أنك منصورة عليهم إذا قطعوك من أجل إقامتك لحدود الله عز وجل، والواجب عليهم أن يقولوا في أحكام الله سمعنا وأطعنا.. وألا يغلبوا العادات على شريعة الله، لأن الشريعة هي الحاكمة وليست محكوماً عليها والعادات محكوم عليها وليست حاكمة.
وليعلم أن من أخطر الأشياء على المرأة أقارب الزوج فقد يكونون أخطر عليها من الأجانب لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، حين نهى عن الدخول على النساء وحذر منه فقال {إياكم والدخول على النساء قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال الحو الموت} يعنى أنه هو الشر الذي يجب الفرار منه أي من الخلوة به، وكذلك لأن {الحمو} وهو قريب الزوج يدخل على بيت قريبه دون أن ينكر عليه أحد لكونه قريباً ويدخل وهو يعتقد أن البيت(4/197)
بيته ولا يبالي، فيجرى الشيطان منه مجرى الدم، ويوسوس له في الفتنة حتى تحصل الفتنة، وكم من قتيل للشيطان في هذه المسألة لهذا يجب الحذر وغاية الحذر من التعرض للفتنة في أقارب الزوج.
وخلاص الجواب
أنه يجب على المرأة السائلة أن تغطي وجهها عن أخي زوجها ولو أدى ذلك إلى غضبهم وإلى هجرهم لكن هي عليها أن تقوم بالواجب من صلة الرحم، وإذا قصروا فالإثم عليهم.
الشيخ ابن عثيمين
تركت زيارة أقاربي خوف الفتنة
س - لي أقارب أود زيارتهم كما أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولكن عند زيارتي لهم يأتي النساء منهم ويصافحني وهن محرمات على ولا يعلمن أن مصافحة الرجال للنساء محرمة. ولهذا السبب انقطعت عن زيارتهم، فهل على في ذلك شيء، مع العلم بأنني لا أستطيع أن أخبرهن بأن ذلك أمر محرم؟
ج- بل يجب عليك ان تخبرهن وأن تخبر أزواجهن بأن هذا محرم وتبين لهم أنه لا يجوز لهن مصافحة من ليس بمحرم فلا تنقطع عن زيارتهم، ومتى أتى هؤلاء النساء اللاتي لسن بمحارم لك فمدت إحداهن يدها فلا تمد يدك ولا تصافحها وأمرهن كلهن بأن يحتجبن ويغطين وجوهن وشعورهن ولا يصافحن إلا محارمهن، وبذلك تكون قد أتيت بصلة الرحم وبالأمر بالخير والتعليم وأظهرت الحق علنا رجاء أن ينفعك الله وينفع بك. وأما كونك تنقطع عن الزيارة التي هي من صلة الرحم لأجل هذا المنكر فما أراه. وبكل حال اجمع بين الأمرين الزيارة وكذلك الإظهار للخير والدعوة إليه.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/198)
غير المجاهر كيف ينكر عليه
س - رجل من جيرانا يعمل منكرات في بيته لكنه لا يظهرها للناس، فهل يجب علينا الإنكار عليه رغم عدم مجاهرته.. ولكننا علمنا بطريقتنا الخاصة؟
ج- المشروع لكن مناصحته بينكم وبينه سراً والدعاء له بالهداية وعدم غيبته لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة} .
الشيخ ابن باز
* * * *
لا يجوز الاعانة في المعصية
س - أبي يشرب الدخان وهو يأمرني أن أذهب إلى السوق لأشتري له دخاناً فهل أطيعه؟ وإذا أطعته فهل علي إثم عليما أنني إذا لم أطعه قد تحصل مشاكل أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
ج- الواجب على أبيك ترك الدخان لما فيه من المضار الكثيرة وهو من الخبائث التي حرمها الله سبحانه وتعالى في قوله عز وجل عن نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} والله عز وجل إنما أحل لعباده الطيبات كما في هذه الآية الكريمة من سورة الأعراف وكما في قوله في سورة المائدة {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات} فأوضح سبحانه أنه لم يحل لعباده إلا الطيبات، والدخان ليس من الطيبات بل هو من الخبائث الضارة، فالواجب على أبيك وعلى غيره ممن يتعاطى التدخين التوبة إلى الله سبحانه من ذلك وعدم مجالسة من يتعاطها ولا يجوز لك أن تعينه في ذلك ولا في غيره من المعاصي لقول الله سبحانه {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب}
وعليك وعلى أخوانك وأعمامك إن كان لك إخوان وأعمام مناصحته وتحذيره من تعاطيه عملا بالآية المذكورة وبقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم} خرجه الإمام مسلم في صحيحه.(4/199)
وأسال الله أن يوفق أباك للخير وأن يعينه على التوبة من هذه المعصية وغيرها وأن يجعلك من أعوانه على الخير أنه سميع قريب.
الشيخ ابن باز
* * * *
ليس لك السفر للجهاد إلا بأذن والديك
س - أنا شاب أبلغ من عمري أريد الذهاب إلى الجهاد في سبيل الله حيث أن نفسي تواقة إلى الموت في سبيل الله في أفغانستان إن شاء الله. ولكن وللأسف قوبلت بالرفض من والدي دون أن يبديا لي الأسباب علما بأنه يوجد غيري اثنان من إخوتي أكبر مني سنا يستطيعان أن يتكفلا بالأهل من دوني فماذا أفعل لإرضاء والدي للسماح لي بالذهاب. أفيدونا أفادكم الله؟
ج- ليس لك السفر للجهاد إلا بإذن والديك لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أمر باستئذانهما في ذلك على خير في برك بوالديك والسمع والطاعة لهما في المعروف ونرجو لك أجر المجاهدين.
الشيخ ابن باز
* * * *
جهادك مقرون برضا الوالدين!
س - أنا طالب علم عمري ثمانية عشر عاماً، هل يجوز لي الجهاد في سبيل الله دون علم والدي وإخوتي الأكبر مني سناً؟ علما بأنني اعتمرت من قبل؟
ج- في هذه البلاد نرى أن الجهاد لم يصل حتى الآن إلى فرض العين، وعلى هذا فلابد فيه من رضا الوالدين، وأما الحج فالمبادرة إليه واجبة ولكن إن تعين الجهاد جاز تأخير الحج.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/200)
أقنع والدك أولا.. ثم تزوجها
س - أنا شاب مقبل على الزواج في البادية أفكر في التقدم للزواج من فتاة مسلمة اخترتها لدينها وعلمها ولكن والدي يرفض أي زواج من هذا النوع نظراً للعرف السائد عندنا، إذ أن الفتاة لا تتحدث لهجتنا المحلية، فهل إذا خالفته وتزوجت هذه الفتاة أكون عاقا له؟
ج- عليك أولا أن تقنع والدك بصلاح هذه الزوجة وملاءمتها لك بصلاح هذه الزوجة وملاءمتها لك وتبين رغبتك الشديدة والمصالح التي تترتب على الزواج ومتى لم يقتنع ووجدت غيرها ممن يرضى بها الوالد فاعدل عنها إذا كانت صالحة ذات دين وعلم فإن تعطلت وتحسرت ولم تجد فلك الزواج من هذه الفتاة.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم ترك السنن والواجبات طاعة للوالدين
س - هل يجوز للإنسان أن يترك سنة في سبيل طاعة الوالدين مثل أن يطلب منه والده عدم ارتداء القميص وهل هناك فرق في هذا الأمر بين السنة المستحبة والسنة الواجبة وهل فعل أي سنة يعتبر معروفاً؟
ج- إذا كانت طاعة الوالد تخالف أمراً من أوامر الله أو توجب ارتكاب ما نهى الله عنه فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فلا يجوز لك أن توافقي والدك على ما فيه طاعة له وهو معصية لله.
الجنة الدائمة
* * * *
علاقة الأباء بأبنائهم بعد الزواج
س - ما العلاقة التي حددها الإسلام بين الوالدين وأبنائهم بعد الزواج، نريد توضيح ذلك لأن تدخل الوالدين في شئون أسر أبنائهم كثيراً ما يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه؟
ج- العلاقة التي تكون بين الوالدين وأبنائهم بعد الزواج هي علاقة بر وصلة، والواجب(4/201)
على الأبن أن يكون باراً بوالديه قبل الزواج وبعد الزواج، والواجب كذلك على الوالدين أن يصلا أبناءهما لأن أبناءهما من أرحامهما وصلة الأرحام واجبة. فلا يحل لأحد من الوالدين أن يؤذى أحداً من أولاده بعد زواجه أو ينكد عليه حياته مع زوجته. وإذا رأى ذلك منهما ورأى أنه لا تستقيم الحال إذا عاش بينهما - أي بين والديه - فلا حرج عليه في هذه الحال أن ينفرد عنهما بمسكن آخر مع قيامه بما يجب عليه من برهما.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
عليكم أن تصبروا وتصلوا أمكم
س - إنني أطرح مشكلتي وإخوتي مع والدتي على فضيلتكم حيث إنها تدفعنا كثيراً بكثرة تعبيرها وسوء تصرفاتها إلى أن تخطئ عليها وهذا ما نخاف الله فيه ولا نريد أن نكون حقا من العاقين أو نخسر دنيانا وآخرتنا بسبب هذه التدابير الشيطانية علما بأنها كثيراً ما تعيرنا بالتزامنا وتسمينا " المطاوعة " رغم أنها تحفظ من الآيات جزء عم، وتحافظ على صيام الاثنين والخميس وثلاثاء أيام من كل شهر وغيرهما من صلاة النوافل وصيام التطوع، حتى أننا حججنا مع أخينا وقبل أن نعزم على السفر عادت إلى تهجمها وشتامها وضربها لنا، حتى أنها تسبنا في شرفنا وعرضنا وتدعو علينا بدعوات لا تدعوها أم على أبنائها. على أننا نتمنى مفارقتها أو موتا لنا حتى نرتاح من شرها. والحال لازلت من سيء إلى أسوأ.. فضيلة الشيخ ماذا نفعل مع أمنا وكيف نعدل من سلوكها وحياتنا؟
ج- الجواب على هذا السؤال من شقين
الشق الأول أوجه النصيحة لهذه الأم إذا كان ما ذكر عنها صحيحاً بأن تتقي الله في نفسها وأن تعلم أنها إذا أساءت لبناتها أو أبنائها كان ذلك من قطيعة الرحم التي هي من كبائر الذنوب لقوله تعالى {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوزا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} . ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا يدخل الجنة قاطع} ، يعني قاطع رحم. ولأن هذا العمل منها ظلم لأبنائها وبناتها والظلم محرم وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم عن معاذ ابن جبل رضي الله عنه(4/202)
أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال قيما يرويه عن ربه {يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا} والظلم ظلمات يوم القيامة، والظلم بحق غير الله - عز وجل - لا يغفر لأنه حق العباد، وحق العباد لابد من استيفائه وقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لأصحابه ذات يوم {من تعدون المفلس فيكم؟ قالو المفلس من لا درهم عنده ولا متاع} قال، - صلى الله عليه وسلم -، {المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فيأتي وقد ظلم هذا وضرب هذا وشتم هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن بقى من حسناته شيء والا أخذ من سيئاته وطرح عليه ثم طرح في النار} ، أي أن هذا العمل منها يؤدي إلى أن يعقها ابناؤها من بنين وبنات لأن النفوس لا تتحمل الضيم في غالب الأحيان فتكون سبباً للوقوع من قبل بناتها وأبنائها في العقوق، ولأن هذا يؤدي أن تعيش عيشة سعيدة مع أبنائها وبناتها بل تبقى دائما معهم في شقاق ونزاع ومشاكل.. فنصيحتي لهذه الأم أن تصحح ما قيل عنها وأن تتقي الله -عز وجل- في نفسها وفي أولادها، وأن تعدل من سيرها معهم، وأن تعاشرهم بالمعروف حتى يقوموا بحقها الذي أوجب الله عليهم.
أما الشق الثاني فهو موجه لهؤلاء الأبناء والبنات، عليهم أن يصبروا ويحتسبوا الأجر عند الله - عز وجل - ويقوموا ببرها ما استطاعوا وهم إذا قاموا ببرها مع قطيعتها لهم فإنهم غانمون وهي الخاسرة فليصبروا وليحتسبوا، وقد ذكر رجل للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن له أقارب يصلهم ويقطعونه ويحسن إليهم ويسيئون إليه ويحلم عليهم، ويجهلون عليه، فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن كان كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك} . والمل هو الرماد الحار، يعني أن هذا غنم لك وغرم عليهم لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها} ، فنصيحتي لهؤلاء الأبناء والبنات أن يقوموا ببر هذه الأم ما استطاعوا وأن يصبروا على ما يحصل منها من جفاء وغلظة وأن ينتظروا من الله الفرج، وقد قال الله سبحانه وتعالى {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} وقال سبحانه وتعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/203)
حكم السكن مع الوالد إذا كان يسب الدين ويأخذ الرشوة ويستهزئ بالحجاب..
س - شخص يقول والدي في وظيفة ويأخذ الرشوة ويسب آيات القرآن والأحاديث ويدعي أن الحجاب تعصب ويصلي أحياناً في المسجد وأحياناً في غره وقد يجمع بين الصلوات أما والدته فيقول بأنها لا تصلي وله أخوات يصلين ويسأل هل يحق له أن يعيش معهم وما حكم الأكل من مال الوالد؟
ج- أولا سب آيات القرآن والأحاديث الثابتة كفر يخرج من الإسلام وترك الصلاة عمدا كفر أيضاً، وأخذ الرشوة من كبائر الذنوب، فعليك أولا أن تنصح لوالديك في أداء الصلوات الخمس في أوقاتها، وأن تنصح الوالد في ضبط لسانه عن السب عامة وعن سب القرآن والأحاديث والاستهتار بالحجاب خاصة وبترك الرشوة فإن استجاب والداك للنصيحة فالحمد لله، وإلا فاهجرهما هجراً جميلاً ولا تخالطهما مخالطة تضرك في دينك ولا تؤذهما بل صاحبهما في الدنيا بالمعروف وتابع النصيحة لأخواتك خشية أن يصيبهن فتنة بمعاشرتهما.(4/204)
ثانيا إن لم يكن لوالدك دخل إلا الكسب الحرام فلا تأكل منه، وإن كان ماله خليطا من الحرام والحلال جاز لك أن تأكل منه على الصحيح من أقوال العلماء، وإن أمكن أن تستعف عنه فهو خير لك، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
خمسة أمور لبر الوالدين
س - كيف يكون البر بالوالدين وهل تجوز العمرة عن أحدهما رغم أنه أداها من قبل؟
ج- إن بر الوالدين يعني الأحسان إليهما بالمال والجاه والنفع البدني وهو واجب. وعقوق الوالدين من كبائر الذنوب وهو منع حقهما والإحسان إليهما في حياتهما معروف، وكما ذكرنا آنفا يكون بالمال والجاه والبدن وأما بعد موتهما فيكون برهما بالدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ وصيتهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا صلة لك بها إلا بهما، هذه خمسة أشياء من بر الوالدين بعد الموت.
أما الصدقة عنهما فهي جائزة ولكن لا يقال للولد تصدق، بل يقال إن تصدقت فهو جائز وإن لم تتصدق فالدعاء لهما أفضل لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية وعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له} فذكر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الدعاء بمقام التحدث عن العمل فكان هذا دليلاً على أن الدعاء للوالدين بعد موتهما أفضل من الصدقة عنهما وأفضل من العمرة لهما وأفضل من قراءة القرآن لهما وأفضل من الصلاة لهما لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لا يمكن أن يعدل عن الأفضل إلى المفضول بل لابد يبين عليه الصلاة والسلام ما هو الأفضل ويبين جواز المفضول وقد بين في هذا الحديث ما هو الأفضل أما بيان جواز المفضول فإنه جاء في حديث سعد بن عبادة حين استأذن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يتصدق عن أمه فأذن له وكذلك الرجل الذي قال يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها (أي ماتت بغتة) وأظنها لو تكلمت لتصدقت فهل أتصدق عنها، قال نعم.
المهم أنني أشير على الأخ أن يكثر من الدعاء لهما بدلاً عن أداء العمرة أو الصدقة أو(4/205)
ما أشبه ذلك لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ومع هذا لا تنكر عليه إن تصدق أو اعتمر أو صلى أو قرأ القرآن وجعل ذلك لوالديه أو أحدهما، أما لو كانا لم يؤديا العمرة أو الحج فإنه قد يقال إن أداء الفريضة عنهما أفضل من الدعاء والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم طاعة الوالدين في ترك مصاحبة الأخيار
س - إذا أمرين والدي أن أترك أصحاباً طيبين، وزملاء أخياراً، وألا أسافر معهم لأقضي عمرة مع العلم بأني في طريقي إلى الالتزام، فهل تجب على طاعتهما في هذه الحالة؟
ج- ليس عليك طاعتهما في معصية الله، ولا فيما يضرك لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إنما الطاعة في المعروف} وقوله صلى الله عليه وسلم {لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق} . فالذي ينهاك عن صحبة الأخيار لا تطعه، لا الوالدين ولا غيرهما. ولا تطع أحداً في مصاحبة الأشرار أيضاً، لكن تخاطب والديك بالكلام الطيب، وبالتي هي أحسن، كأن تقول يا والدي كذا، ويا أمي كذا هؤلاء طيبون، وهؤلاء أستفيد منهم، وأنتفع بهم، ويلين قلبي معهم، وأتعلم العلم وأستفيد، فترد عليهما بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، لا بالعنف والشدة، وإذا منعاك فلا تخبرهما أنك تتبع الأخيار، وتتتصل بهم، ولا تخبرهما أنك ذهبت مع أولئك إذا كانا لا يرضياك بذلك، ولكن عليك ألا تطعهما إلا في الطاعة والمعروف وإذا أمراك بمصاحبة الأشرار، أو أمرالك بالتدخين أو شرب الخمر أو بالزنى أو بغير ذلك من المعاصي فلا تطعهما، ولا غيرهما في ذلك، للحديثين المذكورين آنفاً. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/206)
لا تجوز طاعة الوالدين في صحبة الأشرار
س - إنني أصاحب نخبة طيبة من الشباب الملتزم ولكن أهلي لا يودون ذلك وكثيراً ما يعاتبوننني ويضربونني أحيانا فهل يحوز طاعة أهلي في ذلك؟
ج- صحبة الأخيار من أفضل القربات ومن أعظم أسباب السعادة..
أما صحبة الأشرار من الكفار والمجاهرين بالمعاصي فلا تجوز وهي من أسباب سوء الخاتمة.. ومن أسباب الوقوع في مثل أخلاقهم وأعمالهم.
وقد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه مثل الجليس الصالح بحامل المسك الذي إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة..
ومثل جليس السوء بنافخ الكير وقال إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة.. فالواجب على المؤمن أن يجتهد في صحبة الأخيار ويحذر صحبة الأشرار ولا تجوز طاعة الوالدين ولا غيرهم في صحبة الأشرار ولا في ترك صحبة الأخيار لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إنما الطاعة في المعروف} وقوله عليه الصلاة والسلام {لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق} .
والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
ضرب أمه خطأ
س - بسبب مشكلة عائلية انزلقت قدم الأخ المتوتر الأعصاب فأصابت أمه في ظهرها مما سبب لها آلاما شديدة شفيت بعدها على يد الطبيب، وبالرغم من عفو الأم عنه ومسامحتها له إلا أن ذلك يؤرق ضميره ويؤنبه ويسأل ماذا يفعل حتى يريح ضميره ولا يحس بأنه من العاقين؟
ج- نرى أنه معذور ولا إثم عليه في هذا الانزلاق حيث لم يتعمده وحيث إنه بسبب المشكلة العائلية وتوتر الأعصاب وحيث إن أمه قد عفت عنه وسامحته وعذرته بما وقع منه(4/207)
خطأ فعليه أن يريح ضميره ويحسن صحبة والدته ويبرها ويحرص على إزالة المشاكل ونحوها. والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
هجر المسلم حرام
س - ما حكم من هجر أخاه مدة كثيرة وأبوه يمنعه من أن يصاحبه؟
ج - يحرم على المسلم بدون سبب ديني ولا يطع أباه ولا غيره في هجر مسلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
للضرورة أحكام
س - أنا شاب ينفق علي والدي وعلى إخوتي مع العلم أن الوالد يتعامل مع البنوك الربوية. هل يجوز لي أن أعيش من مال أبي حيث أنني طالب؟ وهل يجوز الزواج من ذلك المال وشراء الكتب الدينية من ذلك المال؟
ج- عليك أن تتأكد من صفة تعامل أبيك مع هذه البنوك فإن كان مجرد إيداع بدون أكل الزيادة الربوية فذلك جائز للحاجة، فإن كان يشتغل معهم أو يقترض منهم بفائدة ونحو ذلك فهذا عين الربا فعليك أولا أن تنصحه عن هذه المعاملة وتحذره من سوء عاقبة الرباء ومحقه للبركات فمتى رجع وتاب فله ما سلف وأمره إلى الله، فإن أصر وامتنع أو ادعى أنه ليس بربا أو أنه لا يجد عملاً أو نحو ذلك فحاول الأكل من غير كسبه الربوي، أو حاول البعد والانفصال عنه إن استطعت إلى ذلك سبيلاً فإن عجزت واضطرت إلى الإقامة والأكل من ذلك فلا بأس أن تبقى مع كراهة ذلك في نفسك، وحرصك على التماس المخرج، وكذا إن اضطررت إلى الزواج منه أو شراء الكتب فللضرورة أحكام تخصصها والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/208)
يعطي أمه ولا يعطي أباه
س - أنا موظف في السلك العسكري وأستلم راتبا لا بأس به وأقدم جزءاً منه إلى أمي تقديراً لها على تحمل نفقتي في السابق ولا أعطى الوالد منه شيئاً. لأنني لم أتلق منه أية مصروفات حتى وأنا صغير فهل على إثم في ذلك؟
ج- بر الوالدين من أهم الواجبات وإن كانا لم ينفقا عليك في الصغر لقول الله سبحانه {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} وقوله سبحانه {إن اشكر لي ولوالديك إلى المصير}
ويجب عليك أن تبر أباك وتحسن إليه في الفعل والقول وإذا كان ذا حاجة فعليك أن تواسيه من مرتبك على وجه لا يضرك ولا يضر عائلتك لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا ضرر ولا ضرار} وله أن يطالبك بما يحتاج إليه من المال إذا كان عندك فضل لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم} فنوصيك به خيراً وبأمك وأن تجتهد في برهما والإحسان إليهما والحرص على كسب رضاهما لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {رضا الله في رضا الوالدين وسخطه في سخط الوالدين} . وفق الله الجميع.
الشيخ ابن باز
* * * *
ليس لك أمتلاك ما يفضل من مال أبيك
س - إذا أرسلني والدتي لشراء بعض الأشياء، وبقى معي مبلغ من المال فائض من شرائي، فهل يجوز لي امتلاك هذا المبلغ دون علم والدي؟
- عندما يموت شخص مسلم ولكنه فاسق في حياته فهل يجوز الترحم عليه؟
ج- ليس لك امتلاك ما يفضل من المال الذي سلمه لك والدك لشراء بعض الحاجات بل يجب رده إلى والدك لأن ذلك من أداء الأمانة المأمور بها في قوله سبحانه {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها..} الآية.(4/209)
- نعم يجوز الترحم عليه والدعاء له بالعفو والمغفرة، كما يصلى عليه صلاة الجنازة إذا كان فاسقاً لا كافراً.
الشيخ ابن باز
* * * *
إذن الوالدين.. شرط للخروج في جهاد التطوع
س - هل يشترط للخروج إلى الجهاد مع المجاهدين الأفغان الحصول على موافقة الوالدين؟
ج- إذا كان الجهاد فرض عين فإن العلماء يقولون إنه لا يشترط إذن الوالدين نظراً لأنه إذا قدر أن الوالدين لم يأذنا فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق أما إذا كان الجهاد تطوعاً كما لو كان هناك من المجاهدين من يقوم به فرض الكفاية فإنه لابد من استئذانهما فإذا لم يأذنا فإنه لا يتطوع في الجهاد على ما هو معروف عند أهل العلم.
وبناء على هذه القاعدة ينظر إلى الجهاد في أفغانستان إذا كان فرض عين فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وإذا كان تطوعا فإنه لا يتطوع إلا بإذن والديه.
الشيخ ابن عثمين
* * * *
لا طاعة لأبيك في فراق زوجتك
س - حدث خلاف بين زوجتي وأبي مما جعل أبي يطالب مني وبإصرار أن أطلق زوجتي وإلا فإنه برئ مني إلى يوم القيامة، هل أنفذ له رغبته وأطلق زوجتي دون ذنب وقع منها أو تقصير في حقي؟
ج- هذا الفعل يحدث كثيراً ثم يحصل بعده الصلح ويتراضى الطرفان ويندم كل منهما على ما فعل بعد فوات الأوان، فأنت لا تعجل بالطلاق ولك أن ترسل زوجتك عند أهلها كتأديب لها على إساءتها لأبيك ثم عليك أن تسعى في إقناع أبيك والاعتذار له وترغيبه في(4/210)
العفو والصفح رجاء أن يرجع وليس لك أن تطيعه في فراقها دون ذنب أو تقصير والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم من غير اسم أبيه جهلا لمصلحة دنيونية..
س - ما حكم من غير اسم أبيه لمصلحة دنيوية؟
ج- تغيير الإنسان اسم أبيه لمصلحة دنيوية لا يجوز لأن ما ظنه مصلحة إما كان يكون لكسب وجاهة بمن انتسب إليه وترفعاً عن الإنتساب لأبيه وذلك كبيرة من الكبائر لما فيه من الكذب والزور واحتقار أبيه وازدرائه بالإعراض عن الإنتساب إليه، وإما أن يكون لكسب مال من إرث أو حكومة أو غير ذلك وهو كبيرة من الكبائر أيضا لما فيه من الكذب والخداع والتغرير بالناس وأكل الأموال بالباطل ثم فيه تغيير الأنساب أو يفضي إلى تغيير الأنساب والتلبيس فيها ويترتب عليه تحريم ما أحل الله وإحلال ما حرم الله من النكاح والأموال وغيرها وذلك فيه فساد كبير فقد ثبت عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر} وثبت عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام} وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كافر} رواه البخاري ومسلم. فتوعد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من أنسب إلى غير أبيه وشدد في ذلك حتى حكم عليه بالكفر وحرم عليه الجنة فعلى من حصل منه ذلك أن يقلع عنه ويتوب منه إلى الله ويستغفره مما فرط منه.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/211)
حكم المفاضلة بين الأولاد..
س - هل يجوز للمرأة، أن تخص أحد أبنائها على الآخر من ناحية الاستقبال والترحيب وهم في المعاملة لها سواء وكذلك أبناء أبنائها وهم سواء في معاملتها والسلام عليها أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
ج- يلزم الوالد أن يعدل بين أولاده ولا يفضل بعضهم على بعض في العطاء والمنح والهدايا ونحوها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم} ولقوله {أتحب أن يكونوا لك في البر سواء فسو بينهم} وقد كان أكابر العلماء يستحبون التسوية بين الأبناء حتى في التقبيل والبشاشة والترحيب لظاهر الأمر بالعدل بين الأولاد ولكن قد يعفى عن بعض ذلك أحياناً فإن الوالد قد يفضل الصغير والمريض ونحوهما من باب الشفقة، وإلا فالأصل المساواة في جميع أنواع المعاملة سيما إذا كانوا جميعا سواء في البر والصلة والطاعة ونحو ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الرحم لا تقطع مراعاة للناس!
س - لي أختان متزوجتان من ابنى عمهما، وقد حدثت خلافات بين الأسرتين أوجبت منع الزيارة، وامتنع أخي عن زيارة أختيه وكذلك فعلت والدتي مجاملة له حتى لا يغضب منها، فما الحكم؟
ج- نعم عليهم في ذلك إثم قطيعة الرحم محرمة وهي من كبائر الذنوب، والمراد بالرحم القرابة، وكلما قربت القرابة كانت صلتها أوجب وأوكد، ولا يجوز أن يقطع رحمه مجاملة لأحد، بل عليه أن يصل رحمه وأن يقوم بما أوجب الله عليه، ثم إن رضي أحد بذلك فقد رضي بما أوجب الله وهو خير له، وأن لم يرض فإنه لا عيرة بسخطه، وصلة الرحم واجبة لا ينبغي أن تقطع مراعاة للناس أو محاباة لأحد.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/212)
صل أمك
س - أنا شاب أبلغ من العمر 18 عاما أؤدي الصلاة وأعمل لنيل رضا والدي وطاعته ولكن منذ ولادتي وحتى الآن لم أر والدتي ولكني أعلم أين تقيم الآن وهي بعيدة عني والحقيقة بينها لي والدي حيث أنه طلقها وأنا أريد رؤيتها لأنها أمي وسيحاسبني الله عليها إن لم أزرها مع العلم بأني لم أذكر لأبي بأنني أريد أن أراها أخاف أن أبين له هذا ويغضب على خاصة وأنه متزوج من امرأة ثانية ولديه منها عدة أطفال فما حكم الشرع في حالتي هذه؟
ج- الذي نرى أنه يجب عليك أن تزور أمك وأن تصحبها بالمعروف وأن تبرها بما يجب عليك برها به لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، سئل من أحق الناس بحسن صحابتي {قال أمك قيل ثم من؟ قال أمك قيل ثم من؟ قال أمك قيل ثم من؟ قال أبوك} فلا يحل لك أن تقاطع أمك هذه المقاطعة بل صلها وزرها ولك في هذه الحال أن تداري والدك بحيث لا يعلم بزيارتك لأمك ومواصلتك إياها وبرك بها فتكون بذلك قائماً بحق الأم متلافياً غضب والدك.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الواجب الاجتهاد في بر الوالدين
س - لي صديقة تقول أن والدتها سريعة الغضب وأنها كثيرة الدعاء عليها وعلى إخوتها وخاصة عند إيقاظهم من النوم وأحياناً تدعو عليها في أوقات مستجابة، وهي تحاول البر بوالدتها، إلا أن معاملة أمها القاسية تجعلها أحياناً تعق والدتها. فهل البنت آثمة مع أن الأم تعرضها لعقها وهل دعاء الأم مستجاب إذا دعت على أولادها وحتى بدون سبب، أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً؟
ج- الواجب على الأولاد - ذكوراً كانوا أو إناثاً - البر بوالديهم والاجتهاد في عدم إغضابهما(4/213)
وإلجائهما إلى الدعاء عليهم لأن حق الوالدين عظيم وقد أوصى الله بهما كثيراً كما في قوله عز وجل {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} الآية وقوله سبحانه {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهنٍ وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلى المصير} والأيات في هذا المعنى كثيرة.
وثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه لما سئل أي العمل أفضل قال {الصلاة على وقتها قبل ثم أي قال بر الوالدين قبل ثم أي قال الجهاد في سبيل الله} متفق على صحته والأحاديث في برهما كثيرة فالواجب على الأولاد من البنين والبنات الاجتهاد في بر والديهم، والبعد عن أسباب إغضابهما، والسمع والطاعة لهما في المعروف، ولا يجوز لهم عقوقهما وإن باءت أخلاق الوالدين، والواجب على الوالدين الرفق بالأولاد ومعاملتهم بالتي هي أحسن، وعدم إلجائهم إلى العقوق، قال الله عز وجل {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب} والمشروع للوالدين الدعاء للأولاد ذكورهم وإناثهم بالهداية والصلاح ولا سيما في أوقات الإجابة، والحذر من الدعاء عليهم لأن دعاء الوالدين على أولادهما فيه خطر عظيم وقد يصادف ساعة إجابة فيستجاب.. والله الموفق.
الشيخ ابن باز
* * * *
والدي يأمرني بشراء الدخان
س - ليس لوالدي غيري ويطلب مني إحضار الدخان له وإن لم أطعه يغضب ويضيق صدره علي وأنا أكره إحضار الدخان لعلمي بتحريمه. أفتوني مأجورين؟
ج- الدخان من الخبائث، وهي محرمة، فيكون محرماً، وشربه معصية لله، وإحضاره لمن يشربه وسيله لشربه، والوسائل لها حكم الغايات. فإذا كانت الغاية محرمة، فكذلك الوسيلة الموصلة إليها، وطاعة الوالدين مشروعة فيما هو طاعة لله وما هو مباح، أما طاعتهما في معصية الله، فغير جائزة، لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {" لا طاعة لأحد في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف} رواه النسائي وابن ماجه، عن علي رضي الله عنه، وقوله، - صلى الله(4/214)
عليه وسلم -، {لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق} رواه الإمام أحمد في المسند، والحاكم في المستدرك، عن عمران والحكم بن عمرو الغفاري، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم خروج الرجل إلى الصلاة.. وأولاده في البيت
س - هل يجوز أن يخرج الرجل إلى الصلاة وأولاده بالمنزل؟
ج- يجب على المرء أن يقوم بأمر الله - عز وجل - في قوله {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} يجب على المرء أن يأمر أهله بالصلاة كما أمر بذلك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في قوله - صلى الله عليه وسلم - {مروا أبنائكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع} ، وكما ذكر الله تعالى عن إسماعيل أبي العرب أنه كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عنده ربه مرضياً ولا يحل له أن يبقي أولاده نائمين دون أن يوقظهم للصلاة ويتابعهم، ولا يكفي الإيقاظ فقط بل لابد من المتابعة لأنه ربما يوقظهم ثم يرجعون فينامون، وأما كونه يخرج إلى الصلاة وهم في البيت فإن خشي فوات الصلاة مع حرصه على إيقاظ أولاده ومتابعتهم فإنه يخرج إلى الصلاة ثم يرجع إليهم، أما أن كان مهملاً ولا يوقظهم إلا عند انصرافه للصلاة فإذا تلكم مرة أو مرتين خرج إلى الصلاة وقال أنا أخشى أن يفوتني فإن هذا تفريط منه بل الذي يجب عليه أن يكون إيقاظه لهم بحسب حالهم إن كانواً بطيئين في الاستيقاظ فليقدم لإيقاظهم وإن كانوا غير بطيئين فعلى حسب حالهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/215)
الجيران والتفضيل بينهم
س - هل للجار مني بني جنسي التفضيل وهم يسكنون بعيدين عنا على غيرهم من المسلمين في نفس الحي الذي نسكن فيه؟
ج- التفضيل بالقرابة والإسلام والجيران ثلاثة
جار له ثلاث حقوق وهو الجار المسلم ذو الرحم فله حق الإسلام وحق الجوار وحق القرابة.
وجار له حقان وهو الجار المسلم فله حق الإسلام وحق الجوار.
وجار له حق واحد وهو الجار الكافر فله حق الجوار فقط.
الشيخ ابن باز
* * * *
الموقف من الأقارب المتهاونين بالشعائر الدينية
س - ما هو موقفي من والدي وأقربائي وجيراني وزملائي إذا كانوا متهاونين في بعض الشعائر الدينية أو تاركين لها بالكلية مع العلم إني أنصحهم وما طريقة معاملتهم؟
ج- السؤال مجمل بالنسبة لبعض الشعائر التي تهانوا بها أحيانا أو تركها بالكلية، فقد تكون الشعيرة أصل الإسلام وقد تكون ركنا من أركانه وقد تكون سنة من سنته وموقفك منهم يختلف باختلاف ذلك شدة ولينا كما يختلف باختلاف من سألت عن موقفك منهم، وعلى كل حال فالوالدان يجب عليك أن تتابع نصحهم ودعوتهم إلى القيام بما تهاونوا به أو تركوه من الشعائر بالحكمة والمعروف كدعوة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام أباه إلى التوحيد ولا تطعهما في معصية، وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أتاب إلى الله..
وأما غيرها من الاقرباء والجيران والزملاء فتابع نصحهم أيضاً بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.. فمن استجاب فهو أخوك في الإسلام ومن أبى فاهجره إن كان تاركاً لأصل الإسلام أو ركن من أركانه أو فرض من الفروض المتفق عليها ولا تركن إليه، وإن كان الذي تهاون فيه أو تركه من سنن الإسلام ومستحابه فذلك لا يسلم منه(4/216)
أحد إلا من عصمه الله فلا تهجره بل تعاون معه على الخير واجتهد في نصحه على أن يأتي بما ترك.
اللجنة الدائمة
* * * *
كيفية معاملة الجد سيء الخلق
س - جدي يسكن معنا وهو لا يدعنا أبداً.. يبحث عن أي فرصة لضربنا والتكلم علينا، هل يجوز الدعاء أو رفع الصوت عليه؟
ج- عليك الرفق بهذا الشيخ والصبر على ما ينالك منه فإن عادة الإنسان كلما كبر يكثر ضجره ويتضرر برفع الصوت أو بمخالفة الأمر فلا يستطيع التحمل فعليك أن تتحمل ما تسمع أو ترى مع إرشاده إلى عدم اقترافك ما يسبب دعاءه أو ضربه رجاء أن يخفف حدة ما يجد والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
والدتي تحبني كثيراً وتعاملني كأني طفلة
س - والدتي تحبني حباً عظيماً وتشفق علي كثيراً ولعل ذلك مرده إلى ضعفي ومرضي ولكن محبتها تلك تجاوزت الحدود، فأنا الآن في الحاديثة والعشرين ومع ذلك لا تزال والدتي تعاملني كما لو كنت ابنة العاشرة ولو بدالها لأطعمتني بيدها وأنا والحمد لله رقيقة الكلام لها بارة بها؟
ج- هكذا يكون الوالد غالبا يحب أولاده ويحنو عليهم وقد يتفاوت هذا الأثر في قلب الوالدين أو أحداهما بسب أو بغير سبب ولعل من أسبابه تمام البر والطاعة لهما أو مرض أو ضعف يحملهما على الرحمة بذلك الضعيف. وحيث أن أثر هذه الشفقة قد يصل إلى ضرر كما ذكر في السؤال فإن على الوالد أن يعتذر إلى والدته أو أبيه عما فيه ضرر. ويبين أن لا داعي إلى هذه المراقبة والحرص، كما أن على الوالدين التسوية بين أولادهم في المحبة والشفقة وآثار(4/217)
ذلك حتى أن بعض السلف بينهم في التقبيل ونحوه حرصا على العدل الذي ورد في قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم} .
الشيخ ابن جبرين
* * * *
توفيت والدتي وهي غاضبة علي
س - توفيت والدتي منذ ست سنوات تقريباً في رمضان وكنت دائماً في صغري أتشاجر معها وأرد عليها فماتت وهي غاضبة علي وبعد أن كبرت كبر عقلي وأنا الآن نادمة على كل ما حصل مني ولا أستطيع فعل شيء سوؤ الاستغفار والندم والتوبة إلى الله والدعوة لها بالرحمة والغفران فهل هذا يكفي ليغفر الله لي ذنبي ويرحمني يوم لقياه على عملي هذا؟
ثانيا نحن لم نقم بالصيام عنها فهل علينا ذنب وهل يجوز أن نصوم عنها بعد ذلك مع العلم أننا لا نعرف عن هذا الأمر إلا قبل فترة؟
ج- لعلك في حياة والدتك كنت صغيرة مع الجهل والسفه فأنت معذورة بما صدر منك في تلك الحال وبالجملة فحيث قد ندمت بعد الإدراك والعقل وتبت إلى الله واستغفرت من ذلك الذنب فإنه يمحى ما حصل إن شاء الله فإن التوبة تهدم ما قبلها، وهكذا ما تقومين به من الدعاء لها والترحم والاستغفار لها والصدقة عنها ونحو ذلك مما يكفر الله به الخطايا، فأما الصوم الذي تركته وأفطرته أيام مرضها فهي معذورة للمرض الذي ألم بها ولم تقدر على القضاء.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/218)
يسكن مع أخيه في بيت ملئ بالمنكرات
س - أنا متزوج وأسكن مع والدتي وأخي الأكبر وزوجته وأختي.. وأخي لا يصلي، وفي بيننا أمور كثيرة مخالفة للشرع كمشاهدة الأفلام وسماع الأغاني وجلب الأفلام وتعليق صور الأطفال على الجدران وغيرها.. ولا يتقبل أخي النصح.. فهل أترك المنزل - علما بأنني مقتدر والحمد لله - وهل يجوز لوالدتي البقاء معه أم الخروج معي.. أرجو توجيهي وبيان الحكم الشرعي في ذلك..؟
ج- إذا كان لا يمكنك إصلاح الوضع وإزالة المنكر فإن الواجب عليك أن تخرج ما دمت قادراً على الخروج ويجب على والدتك أيضا أن تخرج معك لأنه لا يجوز لشخص أن يبقى مع فاعل المنكر مع قدرته على المغادرة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لا يجوز الركوع والسجود لغير الله
س - هل يجوز الركوع لأحد مثل الوالدين؟
ج- لا يجوز بل ذلك شرك لأن الركوع عبادة لله سبحانه كالسجود فلا يجوز فعلهما لغير الله سبحانه. وبالله التوفيق وصىل الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
مسلم يرفض الصلاة
س - إنسان متعلم أبا وأما ولكنه يرفض الصلاة والصيام وغير ذلك من شعائر الله، هل يجوز معاملته معاملة المسلمين كأن يأكل معه المسلم وغير ذلك؟
ج- إذا كان حال هذا الشخص ما ذكرت من رفض الصلاة والصيام وغيرها من شعائر الإسلام فهو كافر كفراً يخرج من الإسلام على الصحيح من قولي العلماء يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب فالحمد لله وإلا نفذ فيه ولي أمر المسلمين ما يوجبه الشرع من قتل المرتدين ولا يجوز(4/219)
للمسلمين موالاته ولا زيارته ونحو ذلك إلا لنصحه وإرشاده ووعظه عسى أن يتوب إلى الله سبحانه.
اللجنة الدائمة
* * * *
الأفضل الدعاء لوالديك
س - إذا تصدقت من مالي بالنية لأمي فهل يجوز ذلك..؟ وهل يصل ثواب هذا التصدق لها رحمها الله..؟
ج- نعم يجوز أن يتصدق الإنسان عن أمه أو عن أبيه الميت ويصل الثواب لمن تصدق عنه ودليل ذلك ما ثبت في صحيح البخاري أن رجلاً أتى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال إن أمي قد أفتلتت نفسها وأنها لو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها قال (نعم) وكذلك أذن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لسعد بن عبادة أن يجعل مخرافه في المدينة أي نخله صدقة لأمه بعد وفاتها، ولكن ينبغي أن يعلم أن الأفضل للإنسان أن يدعو لأبيه وأمه وأن يجعل ثواب الأعمال الصالحة لنفسه لأن هذا هو المعروف عن السلف. بل هذه هو الذي دل عليه قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم يتنفع به أو ولد صالح يدعو له} .
لكن لا حرجن أن يفعل الإنسان شيئاً من الأعمال الصالحة بنية أنه لأبيه وأمه بعد موتهما.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/220)
استقل بزوجتك ولا تقاطع أهلك
س - متزوج من ابنة عمي منذ 4 شهور ونسكن في بيت أسرتي، وقد حدث ذات يوم سوء تفاهم بينهما وبينهم، فذهبت إلى بيت أبيها، وطلبت أن تستقل بمسكن خاص بها للابتعاد عن المشاكل أو نسكن في بيت أهلا، بشرط ألا تنقطع صلتي بأهلي أبداً وأن أسأل عنهم دائما. ولما عرضت الأمر على أهلي رفضوا وأصروا على أن نسكن عندهم، فهل أكون أثما إذا خالفتهم على إصرارهم وسكنت أنا وزوجتي في شقة في بيت أبيها؟
ج- هذه المشكلة تقع كثيراً بين أهل الرجل وزوجته، والذي ينبغي في مثل هذه الحال أن يحاول الرجل التوفيق بين زوجته وأهله والائتلاف بقدر الإمكان وأن يؤنب من كل منهم ظالما معتديا على حق أيه وعلى وجه ليق ولين حتى تحصل الألفة والاجتماع. فإن الاجتماع والألفة كلها خير. فإذا لم يكن الإصلاح والالتئام فلا حرج عليه أن ينعزل في مسكن وحده، بل قد يكون ذلك أصلح وأنفع للجميع حتى يزول ما في قلوب بعضهم على بعض. وفي هذه الحال لا يقاطع أهله بل يتصل بهم. ويحسن أن يكون البيت الذي ينفرد به هو وزوجته قريبا من بيت أهله حتى تسهل مراجعتهم ومواصلتهم، فإذا قام بما يجب عليه نحو أهله ونحو زوجته مع انفراده مع زوجته في مسكن واحد بحيث تعذر أن يسكن الجميع في محل واحد فإن هذا خير وأولى.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
كيفية معاملة الأخ المستهزئ
س - لي أخ أكبر مني وكثير الاستهزاء بي فيقول عني أني منافق وأني إذا بقيت وحدي في الغرفة فإن أسمع الغناء وبعد فترة سأبتعد عن هذا الدين وأني سأصاب بالوسوسة.
ولطالما نصحته ولكن لا يحب الناصحين فماذا أفعل معه أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
ج- الواجب عليك ألا تيأس من صلاحه فإن كثيرا ًمن الناس كانوا على غير صواب في أعمالهم ثم هداهم الله سبحانه وتعالى، فأكثر من نصحه وأهد إليه بعض الأشرطة(4/221)
والكتيبات التي فيها الموعظة ولعل الله أن يهديه على يدك وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال لعلي بن أبي طالب {لأن يهدي الله بك رجلا ًواحداً خير لك من حُمر النعم} فكرر النصحية له وأصبر على ما يصيبك منه من الأذى كما قال لقمان لأبنه " يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر وأصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ".
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
تارك الصلاة لا يقبل منه صيام ولا حج..
س - توفيت والدتي فترة ولم تصم رمضان قط، كما لم تكن تصلي إلاى في آخر سنة من حياتها، ونوت أن تحج إلى بيت الله الرحام ولكن قضاء الله حديث قبل موسم الحج.
فهل يجوز لي أن أصوم عنها الأشهر التي لم تصمها، علماً بأنها قبل وفاتها بدأت تصلي وكذلك هل لي أن أحج عنها؟ أرجو الإجابة.. وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. وهل هناك طرق أو عبادات أقدر أن أقوم بها وأهب ثوابها إلى والدتي؟
ج- ليس عليك قضاء الصيام الذي تركته والدتك مع تركها الصلاة لأن ترك الصلاة كفر يحبط العمل لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر} رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه بإسناد صحيح. وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ذلك.
أما إن كانت تركت شيئاً من الصوم بعد أن هداها الله لأداء الصلاة فيشرع لك قضاؤه لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من مات وعليه صيام صام عنه وليه} متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها.
فإن لم تصم ولم يقم بذلك أحد من أقاربها أو غيرهم فأطعم عنها عن كل يوم مسكيناً نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرهما.
ويشرع لك الإكثار من الدعاء لها والصدقة عنها رجاء أن ينفعها الله بذلك إذا لم تعلم أنه حدث منها شيء قبل وفاتها يوجب ردتها عن الإسلام.(4/222)
ويشرع لك أن تحج عنها، وإن كانت غنية في حياتها وجب عليك أن تحجج عنها من مالها.
وفقك الله وأعانك على كل خير.
الشيخ ابن باز
* * * *
هذه الهبة جائزة
س - لي والدة وقد ورثت نصيبها من بعد أبيها المتوفي فاعطته لأخيها الشقيق علما أن لها ثمانية أولاد بين ذكور وأناث فهل تجوز مثل هذه الهبة شرعاً وما مقدار ونصيب أولادها من إرثها؟
ج- هذه المرأة كما قال السائل ورثت من أبيها ثم أعطت أخاها جميع ما ورثته من أبيها، واحد أبنائها يسأل هل هذه العطية جائزة؟ فنقول إذا كانت هذه العطية في حال صحتها فإنها جائزة ولها أن تتصرف في مالها بما شاءت غير أنها لا تفضل أحداً من أولادها على أحد، أما أن تعطي أخاها أو أحداً من أقاربها سوى أولادها فلها الحق في ذلك ولا أحد يمنعها منه، وأما سؤاله ما نصيبهم من إرثها؟ فإن أراد ما نصيبه من إرثها من أبيها فليس لهم حق فيه مادامت الأم على قيد الحياة وإذا ماتت فإن إرثها يقسم على حسب ما تقتضيه في وقت موتها، ولا يمكن الحكم عليه الآن، أما إذا كانت أعطت أخاها الميراث الذي ورثته من أبيها في مرض موتها المخوف أو ما في حكمه فإنه ليس لها أن تتصرف فيما زاد على الثلث فإن كان إرثها من أبيها أكثر من ثلث مالها فإنه يتوقف على إجازة الورثة، وأما إذا كان أقل من ثلث مالها عند موتها فإن عطيتها كاملة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/223)
أخت زوجته تحقد عليه!
س - رجل تزوج من فتاة لها أخت تكرهه وتحقد عليه وحاولت ألا يتم زواجهما بشتى الصور، ولكن قدر الله لهذا الزواج أن يتك وطلب الرجل من زوجته عدم الاتصال بأختها تجنباً منه للمشاكل والخلافات التي قد تثار بسببها. لكن الزوجة أصرت ألا تقطع علاقتها بأختها بحجة أنها لو فعلت ذلك لقطعت صلة الرحم وبهذا تكون قد خالفت الشرع والدين. علما بأن الزوج يصر على هذه المقاطعة من قبل زوجته. أفيدونا ولكم خير الجزاء؟
ج- على الرجل أولا أن يصلح نيته وقصده وعمله فيحافظ على العبادات ويبتعد عن المحرمات ويجتنب ما يجلب له سوء السمعة وما يدقح به في عدالته، وعليه ثانيا أن يحسن صحبة زوجته ويعاشرها بالمعروف ويجلب لها أسباب الراحة ومتطلبات الحياة الطيبة ويبتعد عن أسباب النزاع والشقاق وما يثير الغضب ويوقع في الأحقاد والضغائن والبغضاء فمتى فعل ذلك فإن زوجته سترغب في صحبته وتحمد العاقبة وتجد الراحة في حياتها وسوف ترد بقوة على من يطعن فيه ويرميه بما يشينه ويقول فيه ما هو برئ منه إفكا وبهتاناً سواء أختها أو غير أختها فعلى هذا لا يمنعها من زيارة أختها ولا يخشى عليها إحداث فرقة أو بغضاء بل عليهم أن تصل أقاربها ولا تجهرهم لما في القطيعة من الوعيد ولعلها تذهب ما في قلب أختها على الزوج من الشنآن والكراهية وتحثها على التوبة وحسن الظن وتذكر لها حسن خلقه وما يعاملها به من الأخلاق الشريفة والقيم الرفعية والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم القيام للقادم
س - يسأل عن حكم القيام، حيث يقول دخل رجل وأنا في مجلس فقام له الحاضرون، ولكني لم أقم، فهل يلزمني القيام ن وهل على القائمين إثم؟
ج- لا يلزم القيام للقادم، وإنما هو من مكارم الأخلاق، من قام إليه ليصاحفه ويأخذ(4/224)
بيده، ولا سيما صاحب البيت والأعيان، فهذا من مكارم الأخلاق، وقد قام النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لفاطمة، وقامت له رضي الله عنها، وقام الصحابة رضي الله عنهم بأمره لسعد بن معاذ رضي الله عنه، لما قام ليحكم بني قريظة، وقام طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه من بين يدي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لما جاء كعب رضي الله عنه، قد تاب الله عليه، حيث قام إليه وصافحه وهنأه، ثم جلس. هذا من باب مكارم الأخلاق والأمر فيه واسع.
المنكر أن يقوم واقفاً للتعظيم، أما كونه يقوم ليقابل الضيف لإكرامه أو مصافحته أو تحيته فهذا أمر مشروع، وأما كونه يقف والناس جلوس للتعظيم، أو يقف عند الدخول من دون مقابلة أو مصافحة، فهذا ما ينبغي، وأشد من ذلك الوقوف تعظيماً له وهو قاعد لا من أجل الحراسة بل من أجل التعظيم فقط، والقيام ثلاثة أقسام كما قال العلماء
القسم الأول أن يقوم عليه وهو جالس للتعظيم، كما تعظم العجم ملوكها وعظماءها، كما بينه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فهذا لا يجوز، ولهذا أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يجلسوا لما صلى بهم قاعداً، أمرهم أن يجلسوا ويصلوا معه قعوداً، ولما قاموا قالا كدتم أن تعظموني كما تُعظم الأعاجم رؤساءها.
القسم الثاني أن يقوم لغيره واقفا لدخوله أو خروجه من دون مقابل ولا مصافحة، بل لمجرد التعظيم، هذا أقل أحواله أنه مكروه، وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يقومون للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، إذا دخل عليهم، لما يراوا من كراهيته لذلك عليه الصلاة والسلام.
القسم الثالث أن يقوم مقابلاً للقادم ليصافحه أو يأخذ بيده ليضعه في مكان أو ليجلسه في مكانه، أو ما أشبه ذلك، هذا لا بأس به وهو من السنة بالنسبة إلى الأعيان والذين يُحتاج لقيامهم لمقابلة الضيف والله الموفق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/225)
من لم يستطيع تغيير المنكر فليقاطعه
س - في مجالسنا التي تجمع الأسرة تكون فيها غيبة ودخان ولعب للورق ومشاهدة مسلسلات، وأنا لا أستطيع الإنكار عليهم خوفاً من تماديهم ووقوعهم في أعراض الدعاة والعلماء كعادتهم في بعض المجالس.. فهل أترك مجالستهم وأقاطعهم.. أم ماذا افعل..؟
وجهوني جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؟
ج- الواجب عليك إذا كنت لا تستطيع تغيير المنكر الذي وقع فيه هؤلاء أن تقاطع مجالستهم لأن من جالس فاعل المنكر كان له مثل إثمه لقول الله تبارك وتعالى {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم} ولا يضر أنهم قاطعوك وقطعوا الصلة بينك وبينهم في المستبقبل بناء على مقاطعة مجالسهم التي تشتمل على المنكر، وإذا قاطعوك وقطعوا صلتك في هذه الحال فصلهم بما تستيطع ويكون عليهم إثم القطيعة ولك أجر الصلة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
جماعتي فاكهة مجالسهم الغيبة..
س - جماعةن فاكهة مجالسهم الغيبة والنميمة ولعب الورقة وغيرها، السؤال هل تجوز مجالستهم مع العلم أنهم جماعتي وتربطني بأكثرهم علاقة أخوية ونسب وصداقة وغيرهما؟
ج- هؤلاء الجماعة الذين فاكهة مجالسهم أكل لحوم إخوانهم ميتين، هؤلاء في الحقيقة سفهاء لأن الله يقول في القرآن {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم آخيه ميتا فكرهتموه} فهؤلاء الذي يأكلون لحوم الناس والعياذ بالله في مجالسهم قد فعلوا كبيرة من كبائر الذنوب والواجب عليك نصيحتهم فإن امتثلوا وتركوا ما هم فيه فذاك وإلا يجب عليك أن تقوم عنهم لقوله تعالى {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً} .(4/226)
فلما جعل القاعدين مع هؤلاء الذين يسموعن آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها، لما جعلهم في حكمهم مع أن هذا أمر عظيم يخرج من الملة فإن من شارك العصاة فيما دون ذلك مثل هؤلاء الذين شاركوا هؤلاء العصاة الذين كفروا بآيات الله واستهتروا بها فيكون الجالس في مكان الغيبة كالمغتاب في الإثم فعليك أن تفارق مجالسهم وأن لا تجلس معهم وكونك تربطك بهم رابطة قوية هذا لا ينفعك يوم القيامة ولا ينفعك إذا انفردت في قبرك فعما قريب سوف تفارقهم أو يفارقونك ثم ينفرد كل منكم بما عمل وقد قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم {الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
كيفية معاملة الصديق الذي لا يصلي؟
س - لي صديق عزيز علي، وهو على خلق عال جداً، لكن مشكلته أنه لا يصلي وأنا أحب هذا الصديق لأخلاقه العالية، كما قلت، ولا أدري ماذا أفعل من ناحية استمرار صداقتي له، بودي يا سماحة الشيخ أن أعرف كيف أقنعه بأداء الصلاة، وإذا استمر على تركها فهل يلزمني ترك صداقته؟
ج- الصلاة عمود الإسلام، وأعظم أركانه بعد الشهادتين، فمن حفظها فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر} خرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح. وعن جابر رضي الله عنه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة} . خرجه مسلم في صحيحه، وقال عبد الله بن شقيق العقيلي أحد ثقات التابعين، كان أصحاب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، ولهذا ذهب جمع من أهل العلم إلى كفر تاركها كفراً أكبر، وإن لم يجحد وجوبها لهذه الأحاديث وما جاء في معناها، وهو الحق الذي لا ريب فيه. وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن يكون كافراً كفراً أصغر، ولكن جريمته عظيمة(4/227)
أعظم من جريمة الزنا والسرقة ونحوها، أما إن جحد وجوبها كفر بالإجماع.
وبهذا تعلم أيها السائل أن الواجب عليك نصح من ذكرت وتحذيره من ترك الصلاة، فإن تاب فالحمد لله، وإلا وجب عليك بغضه لله والبراءة منه وترك مصادقته حتى يتوب إلى الله عن كفره، قال الله عز وجل {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذا قالوا لقومهم إنا برآه منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده} وهذا هو الواجب على كل مسلم مع سائر الكفرة، سواء كان الكفر بترك الصلاة أو جحد وجوبها، أو سب دين الإسلام أو الاستهزاء به، أو غير ذلك من أنواع الكفر. نسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين العافية من كل ما يغضبه. إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * * *
طلب الرزق أمر مطلوب شرعاً..
س - أنا شاب أبلغ من العمر (25 عاماً) وملتزم بأوامر الله ولي إخوة أيتام نعيش في الغالب على تبرعات المحسنين وقد ذهبت للجهاد في أفغانستان ومكثت ثلاث أعوام وعدت ونصحت بالعمل في إحدى الوظائف ولكنيي لا أجد في نفسي الدافع ولا أحب التقيد بالأوامر.. فهل علي إثم إذا لم أعمل؟ وهل لي أن آخذ من مصروف ودخل إخواني واضيف منه زملائي؟ .. أرجو إجابة شافية ولعل مشكلتي غيري من الشباب والله يرعاكم..؟
ج- الذي ينبغي لك أن تلتمس الرزق وأن تقوم بما يلزمك لنفسك ولإخوانك إذا كانوا قاصيرين في طلب الرزق وفي الحديث عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله} أو قال {كالصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر} ولا يحل لك أن تأخذ من مال إخوتك شيئاً لإنفاقه على نفسك وضيوفك(4/228)
إلا إذا كنت عاجزاً لا تستطيع أن تحصل على كسب أو إذا كان إخوتك كباراً مرشدين وأذنوا لك في ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
والدي مكسبه حرام
س - إذا كان والدي مكسبه حرام، فهل يجوز لنا أن نأكل مما يحضره لنا وإذا كان لا يجوز، فما العمل؟
ج- إذا كان مكسب الوالد حراماً فإن الواجب نصحه، فإما أن تقوموا بنصحه بأنفسكم إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً، أو تستعينوا بأهل العلم ممن يمكنهم إقناعه، أو تستعينوا بأصحابه لعلهم يقنعونه حتى يتجنب هذا الكسب الحرام، فإذا لم يتيسر ذلك، فلكم أن تأكلوا منه بقدر الحاجة، ولا إثم عليكم في هذه الحالة، لكن لا ينبغي أن تأخذوا أكثر من حاجتكم للشبهة في جواز الأكل ممن كسبه حرام.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
أريد أن أتعلم العلوم الشرعية ووالدي يرفض
س - أريد أن أتعلم العلوم الشرعية، ووالدي يصر على بتعلم العلوم العصرية فماذا يجب علي؟ جزاكم الله خيراً؟
ج- عليك أن تتعلم العلوم الشرعية وأن تجهتد، وتقتنع والدك بأن هذا هو الواجب عليك، وأن الواجب أن تتعلم دينك وأن تتفقه فيه عند علماء الشرع وأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، يقول {إنما الطاعة في المعروف} ، {ولا طاعة لمخلقو في معصية الخالق} ، فالأب والأم لا يطاعان في معاصي الله وخلاف الحق، وإنما يطاع الوالد والوالدة في الخير لا في الشر.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/229)
قاطعنه لمنعه حقهن
س - لي عمات شقيقات والدي وعددهن ثلاث، الكبيرة منهن في البيت التابع لنا والثانية مع زوج ابنتها والثالثة مع زوجها، وقد أجمعن كلهن على مقاطعتي بسبب إرث مشترك بيننا أردن بيعه بدون إذن مني لكوني شريكاً لهن في ذلك الإرث ودون أن يعرف أحد منا حقه، وفعلاً منعت المشتري وأرجعت له ماله الذي دفعه لهن وأنا لا أستفيد من ثمن هذه الأملاك ولا أنتفع بأي شيء منها، وقد تركتها لهن وسافرت وأريد أن يعشن فيما تنتجه المزارع ويسكن البيت على شرط أن لا يتصرفن في شيء، وأنا بعد أن قاطعنني عزلت نفسي عنهن وبقين لوحدي وأنا أخاف من قطع الرحم حيث أكون معرضاً لقوبة قاطع الرحم، فما الحكم؟
ج- منعك لعماتك أن يبعن حقهن من ميراثهن من أبيهن ظلم وعدوان منك فإن لكل واحدة منهن حق التصرف شرعاً فيما تملكه وليس لأحد أن يمنعها من ذلك ما دامت أهلا للتصرف شرعاً، وأما المقاطعة التي حصلت بينك وبينهن فأنت السبب فيها، فعليك أن تستغفر الله وتتوب إليه من هذا الذنب العظيم وأن تستمحهن وتزورهن فإن الله جل وعلا أمر بصلة الرحم، فقال تعالى {واتقوا الله الذي تساؤالون به والأرحام} ، وقوله تعالى {وءاتِ ذات القربى حقه} .
وأجمع العلماء على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة، وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه} الحديث.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/230)
غضبها هنا في غير محله!
س - لدي طفل وزوجتي حامل وقد دعوت والدتي للإقامة معنا فحضرت ومعها ثلاثة من أولاد أخي مما أرهق ميزانيتنا وجعلني أستدين، فهل إذا اكتفيت بمطالب والدتي وأرجعت أولاد أخي أكون عاقا. علما بأنها تطالبني بإرضاء أحفادها؟ وما صحة القول المنسوب لسيدنا علي {من أغضب والديه فهو عاق} ؟
ج- إذا كانت ميزانيتك قليلة لا تحتمل الإنفاق على أولاد أخيك، فإنه لا يجب عليك الإنفاق عليهم، وبإمكانك أن تقنع والدتك في هذا الأمر، وتبين لها أنك معذور إذا لم تنفق عليهم، لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يكلف الله نفساً إلا ما أتاها، وفي هذه الحال لا أعتقد أن أمك سوف تغضب عليك لأن غضبها عليك مع هذا العذر الذي تعتذر به غضب في غير محله، ولن يحلقك فيه إثم، وإما الأثر المنسوب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه {من أغضب والديه فهو عاق} فلا أعلم صحته عنه لكن معناه صحيح فإن الإنسان إذا أغضب والديه بغير عذر شرعي فإنه عاق لهما - إذ من البر بالوالدين أن ترضيهما وتحسن صحبتهما.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/231)
اللباس والزينة
{اللباس والزينة}(4/233)
حكم الإسبال في الثباب
قال الشيخ العلامة محمد الصالح العثيمين
إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لا ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم، وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذب ما نزل من الكعبين بالنار لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب} وقال {من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة} فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء، وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {ما أسفل الكعبين من الازار ففي النار} . ولم يقيد ذلك بالخبلاء، ولا يصح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {إزره المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج أو قال لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة} رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه.
ذكره في كتاب الترغيب والترهيب في الترغيب في القميص ص 88 ج 3.
ولأن العملين مختلفان والعقوبتين مختلفتان ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد لما يلزم على ذلك من التناقض، وأما من احتج بحديث أبي بكر فتقول له ليس لك حجة فيه من وجهين الأول أن أبا بكر رضي الله عنه قال إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فهو رضي الله عنه لم يرخ ثوبه اختيالا منه بل كان ذلك يسترخي ومع ذلك فهو يتعاهده، والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد فنقول لهم إن قصدتم إنوال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد(4/235)
الخيلاء عذبتم على ما نزل فقط بالنار، وأن جررتم ثيابكم خيلاء عذبتم بما هو أعظم من ذلك لا يكلمكم الله يوم القيامة ولا ينظر إليكم ولا يزكيكم ولكم عذاب إليم.
الوجه الثاني أن أبا بكر رضي الله عنه زكاه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وشهد له أنه ليس ممن يصنع ذلك خيلاء فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة؟ ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس اتباع المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرز لهم ما كانوا يعملون والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم نسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية.
قال ذلك كاتبه محمد الصالح العثيمين في 29 6 1399هـ.
* * * *
حدود جر الثوب
س - ما هي الحدود في جر الإزار وأين آخر جر الإزرار؟
ج- جر الإزار حرام على الرجال ويعزر من يجر إزاره إذا لم يرتدع عن ذلك، وإزار المؤمن إلى نصف ساقيه، وما كان منه بين الساقين والكعبين فجائز، وما كان منه تحت الكعبين فحرام يستحق فاعله العذاب في الآخرة والتعزير في الدنيا. لما رواه البخاري ومسلم أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار} ولغير ذلك من الأحاديث الصحيحة.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/236)
حكم الإسبال إذا كان عادة وليس خيلاء
س - في الحديث أن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، قال ما معناه أن الذي يسبل ثيابه في النار، فنحن ثيابنا تحت الكعبين وليس قصدنا التكبر ولا الافتحار وإنما هي عادة اعتدنا عليها فهل فعلنا هذا حرام. وهل الذي يسبل ثيابه وهو مؤمن بالله يكون في النار. أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً؟
ج- لقد ثبت عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار} رواه الإمام البخاري في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام {ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب} أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي تدل على تحريم الإسبال مطلقاً ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر والخيلاء لأن ذلك وسيلة للتكبر، ولما في ذلك من الإسراف وتعريض الملابس إلى النجسات والأوساخ، أما أن قصد بذلك التكبر فالأمر أشد والإثم أكبر لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة} والحد في ذلك هو الكعبان فلا يجوز للمسلم الذكر أن تزل ملابسه عن الكعبين للأحاديث المذكورة، أما الأنثى فيشرع لها أن تكون ملابسها ضافية تغطي قدميها، وأما ما ثبت عن الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، إن إزاري يرتخي إلا أن أتعاهده فقال له النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إنك لست ممن يفعله خيلاء} فالمراد بذلك أن من ارتخى إزاره بغير قصد وتعاهده وحرص على رفعه لم يدخل في الوعيد لكونه لم يتعمد ذلك ولم يقصد الخيلاء وهذا بخلاف من تعمد إرخاءه فإنه متهم بقصد الخيلاء وعمله وسيلة إلى ذلك والله سبحانه هو الذي يعلمما في القلوب، والنبي، - صلى الله عليه وسلم -، أطلق الأحاديث في التحذير من الإسبال وشدد في ذلك ولم يقل فيها إلا من أرخاها بغير خيلاء، فالواجب على المسلم أن يحذر مما حرم الله عليه وأن يبتعد عن أسباب غضب الله وأن يقف عند حدود الله يرجو ثوابه ويخشى عقابه عملاً بقول الله سبحانه وتعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا(4/237)
واتقوا الله إن الله شديد العقاب} وقوله عز وجل {تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين} وفق الله المسلمين لكل ما فيه رضاه وصلاح أمرهم في دينهم ودنياهم إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم إسبال الملابس لغير الخيلاء
س - هل إسبال الملابس لغير الخيلاء محرم أم لا؟
ج- إسبال الملابس للرجال محرم سواء كان الخيلاء أو لغير الخيلاء، ولكن إذا كان للخيلاء فإن عقوبته أشد وأعظم لحديث أبي ذر الثابت في صحيح مسلم أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال أبو ذر من هم يار سول الله خابوا وخسروا، قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب} ، وهذا الحديث مطلق لكنه مقيد بحديث ابن عمر رض الله عنهما عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه} ويكون الإطلاق في حديث أبي ذر مقيداً بحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وإذا كان خيلاء فإن الله لا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم وهذه العقوبة أعظم من العقوبة التي وردت في من نزل إزاره إلى ما تحت الكعبين لغير خيلاء فإن هذا قال فيه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار} فلما اختلفت العقوبتان امتنع أن يحمل المطلق على المقيد لأن قاعدة حمل المطلق على المقيد من شرطها اتفاق النصين في الحكم، أما إذا اختلف الحكم فإنه لا يقيد أحدهما بالآخر ولهذا لم نقيد آية التيمم التي قال الله تعالى فيها {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} لم تقيدها بآية الوضوء التي قال الله تعالى عنها {فاغسلوا وجوهكم وأيدكم إلى المرافق} فلا يكون التيمم إلى المرافق، ويدل ذلك ما رواه مالك وغيره من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {إزره المؤمن إلى نصف ساقه، وما أسفل من الكعبين ففي النار، ومن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه} فذكر(4/238)
النبي، - صلى الله عليه وسلم -، مثالين في حديث واحد وبين اختلاف حكمهما لاختلاف عقوبتهما فهما مختلفان في الفعل ومختلفان في الحكم والعقوبة، وبهذا يتبين خطأ من قيد قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {من أسفل من الكعبين ففي النار} بقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه} ثم أن بعض الناس إذا أنكر عليه الإسبال قال إنني لم أفعله خيلاء، فنقول له الإسبال نوعان، نوع عقوبته أن يعذب الإنسان عليه في موضع المخالفة فقط وهو ما أسفل الكعبين بدون خيلاء فهذا يعاقب عليه في موضع المخالفة فقط بأن يعذب بالنار مقابل ما فيه المخالف وهو ما نزل عن الكعبين ولا يعاقب فاعله بأن الله لا ينظر إليه ولا يزكيه، ونوع عقوبته أن الله لا يكلمه ولا ينظر إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم وهذا فيمن جره خيلاء، هكذا نقول له.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم الإسبال لغير خيلاء.. وإذا أجبر الإنسان على ذلك
س - ما حكم الثوب إن كان للخيلاء أو لغير الخيلاء، وما الحكم إذا اضطر الإنسان إلى ذلك سواء إجباراً من أهله إن كان صغيراً أو جرت العادة على ذلك؟
ج- حكمه التحريم في حق الرجال لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار} رواه البخاري في صحيحه، وروي مسلم في الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - {ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب} وهذا الحديثان وما في معناهما يعمان من أسبل ثيابه تكبراً أو لغير ذلك من الأسباب لأنه صلى الله عليه وسلم عمم وأطلق ولم يقيد، وإذا كان الإسبال من أجل الخيلاء صار الإثم أكبر والوعيد أشد لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة} ولا يجوز أن يظن أن المنع من الإسبال مقيد بقصد الخيلاء لأن الرسول لم يقيد ذلك عليه الصلاة والسلام في الحديثين المذكورين آنفاً، كما أنه لم يقيد ذلك في الحديث الآخر وهو قوله، - صلى الله عليه وسلم -، لبعض أصحابه {إياك والإسبال فإنه(4/239)
من المخيلة} فجعل الإسبال كله من المخيلة لأنه في الغالب لا يكون إلا كذلك، ومن لم يسبل للخيلاء فعمله وسيلة لذلك، والوسائل لها حكم الغايات، ولأن ذلك إسراف وتعريض لملابسه للنجاسة والوسخ، ولهذا ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه لما رأى شاباً يمس ثوبه الأرض قال له إرفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأتقى لثوبك.
أما قوله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر الصديق رضي الله عنه لما قال يا رسول الله، إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له صلى الله عليه وسلم {إنك لست ممن يفعله خيلاء} فمراده صلى الله عليه وسلم أن من يتعاهد ملابسه إذا استرخت حتى يرفعها لا يعد ممن يجر ثيابه خيلاء لكونه لم يسبلها، وإنما قد تسترخي عليها فيرفعها ويتعاهدها ولا شك أن هذا معذور أما من يتعمد إرخاءها سواء كانت بشتا أو سراويل أو إزارا أو قميصاً فهو داخل في الوعيد وليس معذوراً في إسباله ملابسه لأنه الأحاديث الصحيحة المانعة من الإسبال تعمه بمنطوقها وبمعناها ومقاصدها فالواجب على كل مسلم أن يحذر الإسبال وأن يتقي الله في ذلك وألا تنزل ملابسه عن كعبه عملاً بهذه الأحاديث الصحيحة وحذراً من غضب الله وعقابه، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
تقصير الثياب واسبال السراويل
س - بعض الناس يقومون بتقصير ثيابهم إلى ما فوق الكعب ولكن السراويل تبقى طويلة فما حكم ذلك؟
ج- الإسبال حرام ومنكر سواء كان ذلك في القميص أو الإزار أو السراويل أو البشت وهو ما تجاوز الكعبين لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار} رواه البخاري.
وقال، - صلى الله عليه وسلم -، {ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب إليم المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب} خرجه مسلم في صحيحه وقال، - صلى الله عليه وسلم -، لبعض أصحابه {إياك(4/240)
والإسبال فإنه من المخيلتة} وهذه الأحاديث تدل على أن الإسبال من كبائر الذنوب، ولو زعم فاعله أنه لم يرد الخيلاء لعمومها وإطلاقها.. أما من أراد الخيلاء بذلك فإثمه أكبر وذنبه أعظم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة} ولانه بذلك جمع بين الإسبال والكبر نسأل الله العافية من ذلك.
وأما ما يفعله بعض الناس من إرخاء السراويل تحت الكعب فهذا لا يجوز، والسنة أن يكون القميص ونحوه ما بين نصف السابق إلى الكعب عملاً بالأحاديث كلها.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
هل في " الكم " إسبال..
س - إذا أسبل الرجل ثوبه دون أن يكون قصده الكبر والخيلاء فهل يحرم عليه ذلك، وهل يكون في (الكم) إسبال؟
ج- لا يجوز إسبال الملابس مطلقاً لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار} . رواه البخاري في صحيحه ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، في حديث جابر بن سليم {إياك والإسبال فإنه من المخيلة} . ولما روى مسلم عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب إليم المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحف الكاذب} ولا فرق بين كونه يريد الخيلاء بذلك أم لم يرد ذلك لعموم الأحاديث، ولأنه في الغالب إنما أسبل تكبراً وخيلاء، فإن لم يقصد ذلك ففعله وسيلة للكبر والخيلاء، ولما في ذلك من التشبه بالنساء وتعريض الثياب للوسخ والنجاسة، ولما في ذلك أيضاً من الإسراف.(4/241)
ومن قصد الخيلاء كان إثمه أكبر لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة} . أما قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لأبي بكر الصديق رضي الله عنه لما قال له إن أزاري يرتخي إلا أن أتعاهده.. {إنك لست ممن يفعله خيلاء} .. فهو دليل على أن من يعرض له مثل ما يعرض للصديق فلا حرج عليه إذا تعاهده ولم يتعمد تركه.
وأما الكم فالسنة إلا يتجاوز الرسغ وهو مفصل الذراع من الكف.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
الثياب الخفيفة
س - كثرت الملابس الخفيفة وانتشرت بين عامة المسلمين وخاصة في فصل الصيف ونلاحظ دائماً أن الكثير من المصلين يرتدونها، ويرتدون تحتها ملابس داخلية قصيرة إلى نصف الفخذ أو ثلثه، كما أن البعض يلبس فنائل قصيرة بحيث يشف الثوب عن ما تحت السرة، وكما يعلم فضيلتكم أن سرت العورة شرط من شروط صحة الصلاة. ولأهمية الصلاة ولكونها عمود الدين نأمل من فضيلتكم إعطاء توجيهاتكم لأئمة وخطباء الجمعة في المساجد لتوجيه المصلين لهذه الظاهرة المنتشرة بين الغالبية من المصلين؟
ج- نشكركم على شعوركم واهتمامكم بأمر الصلاة التي هي أهم العبادات البدنية وسوف نحاول نشر هذه المسألة حسب القدرة، كما أننا نعتقد أن الثياب الخفيفة ساترة إن شاء الله للبدن فإن المشروط أن تصف البشرة أي لا يمكن وصف البشرة تحتها ببياض وسواد ونحوهما ومع ذلك فالاحتياط أولى والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/242)
الثوب الشفاف هل يستر العورة
س - هل ثوب السلك الشبه شفاف يستر العورة أم لا؟ وهل تصح الصلاة والمسلم لابسه؟
ج- إذا كان الثوب المذكور لا يستر البشرة لكونه شفافاً أو رقيقاً فإنه لا تصح الصلاة فيه من الرجل إلا أن يكون تحته سراويل أو إزار يستر ما بين السرة والركبة.. وأما المرأة فلا تصح صلاتها في مثل هذا الثوب إلا أن يكون تحته ما يستر بدنها كلها.. أما السراويل القصيرة تحت الثوب المذكور فلا تكفي.. وينبغي للرجل إذا صلى في مثل هذا الثوب أن تكون عليه فنيلة أو شيء آخر يستر المنكبين أو أحدهما لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه من شيء.. متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
* * * *
ترك الاهتمام باللباس بحجة الزهد
س - نرى بعض الشباب لا يحرص على الاهتمام بمظهره بحجة أن ذلك من الزهد وعدم المبالاة بلباس الدنيا. وأن الاهتمام بها مشغلة للوقت، ويرد عليهم بعض الشباب بأن ذلك يعارض حديث " إن الله جميل يحب الجمال " فاعطونا رأيكم في هذه المسألة جزاكم الله خيراً؟
ج- ورد في الحديث أن الله إذا أنعم على عبد أحب أن يرى أثر نعمته على عبده، فحقيقة الزهد الممدوح بقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {ازهد في الدنيا يحبك الله} هو عدم الحرص على الجمع وطلب التكاثر من المال الذي يشغل عن الآخرة، فأما إذا رزق الله العبد مالاً حلالاً وتمت عليه النعمة فإن من حق النعمة شكرها وصرفها في ما يحبه الله، وحيث إن الله أباح الطيبات من الرزق وأمر بأخذ الزينة وهي اللباس، فإن عدم المباهاة بالمظهر، والبرونز في صورة دنيئة تلفت الأنظار مما يستنكر، فالأولى التوسط في اللباس فلا إسراف وتبذير ولا بخل وتقتير.
والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/243)
حكم الثياب التي تشبه الحرير
س - هل ينطبق حكم تحريم ثياب الحرير على الثياب المصنوعة من القماش المصنوع من الألياف الصناعية ناعمة الملمس في حق الرجال؟
ج- حكم الحرير يخضه ولا يتعداه إلى غيره من القماش الذي ليس بحرير وإن كان ناعم الملمس - لكن استعمال الملابس البعيدة عن مشابهة الحرير أليق بالرجل وأبعد عن مشابهة النساء والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم المعاطف المصنوعة من جلود الخنازير
س - تعرضنا - في الآونة الأخيرة - إلى نقاش حاد في قضية لبس المعاطف الجلدية. ومن الإخوان من يرتى أن هذه المعاطف تصنع - عادة - من جلود الخنازير. وإذا كانت كذلك، فما رأيكم في لباسها، وهل يجوز لنا ذلك ديننا، علما أن بعض الكتب الدينية، كالحلال والحرام للقرضاوي، والدين على المذاهب الأربعة، قد تطرقا إلى هذه القضية إلا أن إشارتهما كانت عرضية إلى المشكلة. ولم يوضحا ذلك بجلاء؟
ج- قد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إذا دبغ الإهاب فقد طهر} . وقال {دباغ جلود الميتة طهورها} . واختلف العلماء في ذلك. هل يعم هذه الحديث جميع الجلود أم يختص بجلود الميتة التي تحل بالذكاة ولا شك أن ما دبغ من جلود الميتة التي تحل بالذكاة كالإبل والبقر والغنم.. طهور يجوز استعماله في كل شيء في أصح أقوال أهل العلم.. أما جلد الخنزير والكلب ونحوهما مما لا يحل بالذكاة ففي طهارته بالدباغ خلاف بين أهل العلم. والأحوط ترك استعماله عملاً بقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه} وقوله عليه الصلاة والسلام {دع ما يريبك إلا ما لا يريبك} .
الشيخ ابن باز
* * * *(4/244)
حكم استعمال الملابس القصيرة وقت السباحة وغيرها
س - الحمد لله وحده وبعد.. فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم إلى سماحة الرئيس العام ونصه " حيث إن كثيراً من القطاعات ومنها القطاعات العسكرية يرتدي أفرادها لباسا للرياضة يكشف عن جزء مما تحت السره وحوالي نصف الفخذ أو أكثر في بعض الأوقات. ونظراً لانتشار هذا اللباس فإننا نأمل من سماحتكم إيناسنا برأيكم حول هذا الموضوع وبيان الحكم الشرعي فيه حيث أنه بتداوله خلال الفترات الطويلة أصبح في حكم المتعارف عليه وأنه مباح للناس جزاكم الله خيراً؟
ج- ستر العورة واجب باجماع المسلمين والمرأة كلها عورة والقبل والدبر من الرجل عورة بإجماع. والصحيح من أقوال العلماء أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة، لما روى عن علي رضي الله عنه أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {لا تبرز فخذاك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت} رواه أبو داود وابن ماجه، وما روي عن محمد ابن جحش قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم، على معمر وفخذاه مكشوفتان فقال {يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة} رواه أحمد في مسنده، والبخاري في صحيحه تعليقاً والحاكم في مستدركه، وما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {الفخذ عورة} رواه الترمذي وأحمد ولفظه مر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، على رجل وفخذه خارجة فقال له {غط فخذيك فإن فخذ الرجل عورة} وما روى عن جرهد الأسلمي قال مر رسول، - صلى الله عليه وسلم -، وعلي بردة وقد انكشف فخذي فقال {غط فخذك فإن الفخذ عورة} رواه مالك في الموطأ وأحمد , أبو داود والترمذي وقال حسن. وهذه الأحاديث يشد بعضها بعضا فتنهض للاحتجاج بها وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/245)
حكم لبس السروايل القصيرة
س - ما حكم لبس السروال القصير مثلاً في المبارة الرياضية خارج أوقات الصلاة وكان هذا لا يؤدي إلى الفتنة. أرجو من سعادتكم الإجابة على هذا السؤال مع ذكر بعض الأدلة على ذلك. أفيدوني أفادكم الله؟
ج- نرى أنه لا يجوز لبس السراويل القصير، كالتبان الذي يستر العورة المغلظة فقط وتبدو معه الفخذان أو أكثرهما سواء كان في اللعب في مبارة أو في الأٍسواق أو غير ذلك ولو في غير الصلاة، وقد يعفى عن ذلك داخل البيت إذا كان الإنسان في مهمته الخاصة بحيث لا يطلع عليه الناس، والدليل أنه، - صلى الله عليه وسلم -، رأى جرهد الأسلمي وقد انحسر إزاره عن بعض فخذه فقال {غط فخذك فإن الفخذ عورة} والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم لباس العقال
س - ما حكم لبس العقال حيث إني أرى الأئمة والمؤذنين لا يلبسونه؟
- لبس العقال لا بأس به لأن الأصل في الملبوسات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه. وقد أنكر الله عز وجل على من يحرمون شيئاً من اللباس أو من الطعام بلا دليل شرعي قال الله تعالى {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} . أما إذا دل دليل على تحريم هذا اللباس سواء كان محرما لعينة كالحرير للرجل وما فيه صور للرجل أو المرأة، أو كان محرما لجنسه كما لو كان هذا اللباس من لباس الكفار الخاص بهم فإنه يكون حراماً وإلا فالأصل الحل.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/246)
حكم لبس القلادة التي كتب عليها لفظ الجلالة
س - الحمد لله وحده وبعد فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء المقدم من محمد عبد العزيز ونصه " ترفق نساؤنا لفضيلتكم مع خطابنا حلية ذهب مكتوب عليها لفظ الجلالة (الله) وهذه الحلية تستعملها نساؤنا نحن المسلمين حلية وزينة فقط ومن مدة أشعرنا الإخوان في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن استعمال هذه الحلية حرام حيث أنه مكتوب عليها لقظ الجلالة. ونحيطكم علما بأن هذه الحلية لا يستعلمها إلا المسلمات تبرجا وزينة ومخالفة لنساء النصارى واليهود حيث أن النصارى يلبسون حلية مرسوما عليه الصليب وصور الأصنام، واليهود يلبسون حلية رسمت عليها نجمة داود - فنأمل من فضيلتكم النظر في موضوعها؟
ج- نظراً لأن هذه الحلية كتب عليها لفظ الجلالة لغرض تعليق نساء المسلمين لها على الصدر كما يعلق نساء النصارى حلية رسم عليها الصليب، ونساء اليهود حلية رسمت عليها نجمة داود - ونظراً لأن ما فيه رسم الله قد يعلق به في دفع ضرر أو جلب نفع وقد يعلق لغير ذلك، ويفضي تعليقه إلى امتهانه كأن ينام عليه أو يدخل به في الأماكن يُكره دخولها بشيء فيه كلام الله أو كتب عليه اسم الله.
ترى اللجنة أنه لا يجوز استعمال هذه الحلية التي كتب عليها اسم الجلالة ابتعاداً عن التشبه بالنصارى واليهود الذين نهى المسلمون عن التشبه بهم وسداً للذريعة. وحفاظاً على اسم الله من الامتهان ولعموم النهي عن تعليق التمائم.
وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/247)
حكم استعمال الذهب للرجال
س - الحمد لله وبعد فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء المقدم من على بين عبد الله ونصه حصل مناقشة دينية بين زملائنا حول لبس الذهب للرجال مثل الخاتم واستيك الساعة وكبك الثوب وما أشبه ذلك والبعض منا حرم ذلك والبعض الآخر احتج بتركيب الأسنان بيقول لو كان حراما ما ركب فئة من الناس أسنان ذهب وكيف تكون الأسنان حلالاً واللبس حراماً ما ركب فئة من الناس أسنان ذهب وكيف تكون الأسنان حلالاً واللبس حراما واشتهب علينا ذلك. نرجو إعطائنا إفتاءاً بذلك يبين لنا الحلال من الحرام جزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير؟
ج- وأجابت بما يلي استعمال الذهب لبسا للرجال حرام ساء كان خاتما أو استيك ساعة أو كبك أو سنا أو نحو ذلك لما روى الشيخان في صحيحهما عن البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال أمرنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بسبع ونهانا عن سبع.. قال ونهانا عن خواتيم أو عن تختم بالذهب، وعن شرب بالفضة.. الحديث. وما روى أحمد والترمذي والنسائي من حديث أبى موسى الأشعري أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال {أحل الذهب والحرير لإنثا أمتي، وحرم على ذكورها} أنتهى. وما جاء في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول {لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة} وما جاء في صحيح مسلم عن أم مسلمة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - {الذي يشرب في إناء الفضة والذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم} . لكن عند الضرورة يجوز استعمال الذهب سنا أو آنفا أو نحو ذلك إذا لم يقم غيره مقامه أما استعماله خاتماً أو كبكاً أو استيكا للساعة فلا يجوز لعدم الضرورة إلى ذلك، وهكذا اتخاذ الساعة من الذهب والأقلام ونحوها للرجال. وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/248)
لبس الذهب للرجال ودبلة الخطوبة
س - ما حكم لبس الذهب للرجال من أي نوع؟ هناك معتقد بأنه إذا فسخت ما تسمى دبلة الخطوبة التي هي من ذهب تنفسخ معها الزوجة.
ج- لبس الذهب للرجال لا يجوز وهو من المنكرات سواء كان الملبوس خاتماً أو ساعة أو سلسلة لعموم قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها} ولانه صلى الله عليه وسلم {نهى الرجال عن التختم بالذهب} رواه الشيخان في من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه ولما رأى صلى الله عليه وسلم رجلاً في يده خاتم من ذهب نزعه وطرحه في الأرض وقال {يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده} خرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والدبلة من الذهب مثل غيرها من خواتم الذهب يجب نزعها إذا كانت من الذهب، ولا أثر لنزعها في النكاح، ومن اعتقد أن ذلك يؤثر فقد غلط مع أن استعمال الدبلة من المستحدثات التي لا أصل لها، والذي ينبغي للمسلمين تركها، وأقل ما في ذلك الكراهة. نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والعافية من كل ما يخالف شرعه المطهر.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم لبس خاتم الذهب للرجال
س - ما حكم لبس خاتم الذهب للرجال وهو ما يسمى بخاتم الزواج؟
ج- لا يجوز لبس الرجال للخاتم من الذهب لا قبل الزواج ولا بعده، لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن التختم بالذهب في الأحاديث الصحيحة، ولما رأى خاتماً من ذهب في يد رجل نزعه وطرحه وقال {يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده} رواه مسلم في الصحيح، فهذا يدل على تحرم التختم بالذهب للرجال وأنه لا يجوز مطلقاً، ولو كان الزواج.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/249)
حكم لبس الدبلة
س - ما حكم لبس ما يسمى بالدبلة في اليد اليمنى للخاطب واليسرى للمتزوج علما أن هذه الدبلة من غير الذهب؟
ج- لا نعلم لهذا العمل أصلاً في الشرع والأولى ترك ذلك سواء كانت الدبلة من فضة أو غيرها، لكن إذا كانت من الذهب فهي حرام على الرجل لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى الرجال عن التختم بالذهب.
الشيخ ابن باز
* * * *
دبلة الزواج
س - ما حكم لبس الدبلة الفضية للرجال (أي لبسها في الأصبع) ؟
ج- لبس الدبلة للرجال أو النساء من الأمور المبتدعة وربما تكون من الأمور المحرمة ذلك لأن بعض الناس يعتقدون أن الدبلة سبب لقاء المودة بين الزوج والزوجة ولهذا يذكر لنا أن بعضهم يكتب على دبلته اسم زوجته وتكتب على دبلتها اسم زوجها وكأنهما بذلك يريدان دوام العلاقة بينهما وهذا نوع من الشرك لأنهما اعتقداً سبباً لم يجعله الله سببا ً لا قدراً ولا شرعاً، فما علاقة هذه الدبلة بالمودة أو المحبة، وكم من زوجين بدون دبلة وهما على أقوى ما يكون من المودة والمحبة، وكم من زوجين بينهما دبلة وهما في شقاء وعناء وتعب.
فهي بهذه العقيدة الفاسدة نوع من الشرك، وبغير هذه العقيدة تشبه بغير المسلمين لأن هذه الدبلة متلقاة من النصارى، وعلى هذا فالواجب على المؤمن أن يبتعد عن كل شيء يخل بدينه.
أما لبس خاتم الفضة للرجل من حيث هو خاتم لا باعتقاد أنه دبلة تربط بين الزوج وزوجته فإن هذا لا بأس به لأن الخاتم من الفضة للرجال جائز والخاتم من الذهب محرم(4/250)
على الرجال لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، رأى خاتما في يد أحد الصحابة رضي الله عنهم فطرحه وقال " يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده ".
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الحكمة في تحريم لبس الذهب على الرجال
س - ما هي العلة في تحريم لبس الذهب على الرجال لأننا نعلم أن دين الإسلام لا يحرم على المسلم إلا كل شيء فيه مضرة عليه فما هي المضرة المترتبة على التحلي بالذهب للرجال؟
ج- اعلم أيها السائل أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن هي قول الله ورسوله، لقوله تعالى {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} فأي واحد يسألنا عن إيجاب شيء أو تحريم شيء ندله على حكمة الكتاب والسنة، فإننا نقول العلة في ذلك قول الله تعالى وقول رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وهذه العلة كافية لكل مؤمن، ولهذا لما سئلت عائشة ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت {كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة} لأن النص من كتاب الله أو من سنة رسوله عله، موجبة لكل مؤمن، ولكن لا بأس أن يتطلب الإنسان الحكمة، وأن يلتمس الحكمة من أحكام الله لأن ذلك يزيده طمأنية ويبين سمو الشريعة الإسلامية حيث تقرن الأحكام بعللها، ولأنه يتمكن به من القياس إذا كانت علة هذا الحكم المنصوص عليه ثابتة في أمر آخر لم ينص عليه، فالعلم بالحكمة الشرعية له هذه الفوائد الثلاث ونقول بعد ذلك في الجواب على سؤال الأخ إنه ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، تحريم لباس الذهب على الذكور دون الإناث ووجه ذلك أن الذهب من أعلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية والرجل ليس مقصودا ً لهذا الأمر أي ليس إنساناً يكمل بغيره بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرجولة ولأنه ليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر لتتعلق به رغبته، بخلاف المرأة فإنها بحاجة إلى التجمل بأعلى أنواع الحلى حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها، فلهذا أبيح للمرأة أن تتحلى بالذهب دون الرجل قال تعالى في وصف(4/251)
المرأة {أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} وبهذا يتبين حكمة الشرع في تحريم لباس الذهب على الرجال، وبهذه المناسبة أوجه نصيحة إلى هؤلاء الذين ابتلوا من الرجال بالتحلي بالذهب فإنهم بذلك قد عصوا الله ورسوله وألحقوا أنفسهم لحاق الإناث وصاروا يضعون في أيديهم جمرة من النار يتحلون بها كما ثبت ذلك عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فعليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى وإن شاءوا أن يتحلوا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذكل وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل إلى حد السرف أو الفتنة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم لبس خاتم الفضة وفي أي يد تلبس
س - ماحكم لبس خاتم الفضة وإذا كان جائزاً هل يلبس في اليمنى أو اليسرى؟
ج- لا حرج في لبس الخاتم من الفضة للرجال والنساء ويجوز لبسه في اليمنى واليسرى واليمنى أفضل لأنها أشرف لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، تختم في اليمنى تارة وفي اليسرى تارة هو القدوة والأسوة عليه الصلاة والسلام.
أما خاتم الذهب وساعة الذهب فلا يجوز لبسهما للرجال، وإنما ذلك للنساء خاصة لما ورد من الأحاديث الصحيحة عن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، الدالة على تحريم لبس الذهب والحرير على الذكور وحله للإناث.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/252)
حكم استعمال الساعة والأقلام المطلية بالذهب للرجال
س - اشتريت ساعة مطلية بالذهب عيار 18 بمبلغ 750 ريال، وعند مناقشتي لصاحب المحل بأن لبس ساعات الذهب غير جائز للرجال أفادني بأن هذه لا يطلق عليها ساعة ذهب، ولو كانت ساعة ذهب لما كانت بهذا المبلغ بل كانت بأكثر منه. ولكن معظم الساعات تطلى بماء الذهب لحمايتها من الصدأ.
فهل يجوز لي لبس هذه الساعة أم لا، وإذا لم يكن جائزاً فماذا أفعل بها. وكذلك ما حكم استعمال أقلام الحبر ذات الريشة المطلية بماء الذهب؟
ج- ليس لك لبسها لأن الساعة من الذهب محرمة، وهكذا المطلية بالذهب، وهكذا الخاتم من الذهب، كل ذلك محرم على الذكر، ولك أن تعطيها لزوجتك أو من ترى من محارمك النساء للبس، ولك ان تبيعها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها} . ولأنه، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن التختم بالذهب، والساعة من الذهب أشد من الخاتم، أما الأقلام المطلية ريشتها بالذهب فالأحوط للمؤمن الذكر تركها، لأنها لها شبه بالخاتم من بعض الوجوه. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم لبس الساعة المطلية بالذهب
س - لدي ساعة يدوية مطلية بماء الذهب فهل يجوز لي لبسها أو استعمالها؟
ج- من المعلوم أن لبس الذهب حرام على الرجال لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، رأى رجلاً وفي يده خاتم من الذهب فنزعه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من يده وطرحه وقال {يعمد أحدكم إلى جمرة من نار ويضعها في يده} .
فلما انصرف النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قيل للرجل خذ خاتم وانتفع به. قال والله لا أخذ خاتماً طرحه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الذهب والحرير {هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها} فلا يجوز للرجل أن يلبس(4/253)
أي شيء من الذهب لا خاتماً ولا زراراً ولا غيره، والساعة من هذه النوع إذا كان ذهباً، أما إذا كانت طلاء أو كانت عقاربها من ذهب أو فيها حبات من ذهب يسيرة، فإن ذلك جائز لكن مع هذا لا تشير على الرجل أن يلبسها - أعني الساعة المطلية بالذهب، لأن الناس يجهلون أن هذا طلاء أو أن يكون خلطا في مادة هذه الساعة، ويسيئون الظن بهذا الإنسان وقد يقتدون به إذا كان من الناس الذين يقتدي بهم فيلبسون الذهب الخالص أو المخالط ونصيحتي الذي لا لبس فيه غنية عن هذا فقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه} ولكن إذا كان الطلاء خلطا من الذهب لا مجرد لون فالأقرب التحريم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم اتخاذ سن من ذهب أو تغليفه
س - قيل إن ربط سن الرجل بالذهب أو الفضة جائز، فما حكم تبديل السن أو تغليفها بالذهب أو الفضة مع الدليل من الكتاب والسنة على الجواز أو المنع؟
ج- الأصل الثابت قولاً وعملاً تحريم الذهب والفضة على الرجال شرباً في أوانيهما أو لبسا لما صنع منهما أو لما نسج أو طلي بهما أو نحو ذلك إلا ما دل الدليل على جوازه كخاتم الفضة وتضبيب إناء بهما، وليس جعل السن أو الأنف منهما أو من أحدهما ولا تغليف السن بهما مما دل الدليل على استثنائه من المنع، فبقى على أصل التحريم إلا إذا دعت الضرورة إلى اتخاذ أنف أو سن منهما أو تغليفهما بهما أو بأحدهما فيجوز للضرورة. وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/254)
حكم لبس الساعة في اليد
س - ما حكم لبس الساعة في اليد حيث إن البعض ينكر علينا محتجين أن في ذلك تشبهاً بالنساء؟
ج- لا نعلم حرجاً في ذلك وليس فيه تشبه بالنساء لأن ساعات النساء تخصهن وساعات الرجال تخصهم.
ولو تساوت فلا حرج، كالخاتم من الفضة فإنه مشترك وليس المقصود من الساعة الزينة والتحلي وإنما المقصود منها معرفة الأوقات. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
ما حكم لبس الساعة والخاتم من الحديد
س - هل لبس الساعة يعتبر مثل لبس الحديد المنهي عنه، وما حكم لبسها في اليد اليمنى؟
ج- لا حرج في لبس الساعة في اليد اليمنى أو اليسرى كالخاتم وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه لبس الخاتم في اليمنى وفي اليسرى، ولا حرج في لبس الحديد من الساعة والخاتم لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في الصحيحين أنه قال للخاطب {التمس ولو خاتماً من حديد} أما ما يروى عنه، - صلى الله عليه وسلم -، في التنفير من ذلك فشاذ مخالف لهذا الحديث الصحيح.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/255)
حكم لبس السلاسل للرجال
س - ما الحكم فيما يفعله بعض الرجال من لبس السلاسل؟
ج- اتخاذ السلاسل للتجميل بها محرم لأن ذلك من شيم النساء، وهو تشبه بالمرأة وقد لعن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، المتشبهين من الرجال بالنساء، ويزداد تحريما وإثماً إذا كان من الذهب، فإنه حرام عل الرجل من الوجهين جميعا، من جهة أنه ذهب ومن جهة أنه تشبه بالمرأة ويزداد قبحاً إذا كان فيه صورة حيوان أو إنسان، وأعظم من ذلك وأخبث إذا كان فيه صليب، فإن هذا حرام حتى على المرأة أن تلبس حُليا فيه صورة سواء كان صورة إنسان أو حيوان أو طائر أو كان فيه صورة صليب وهذا - أعنى ما فيه صور - حرام على الرجال والنساء فلا يجوز لأي منهما أن يلبس ما فيه صورة إنسان أو حيوان أو صليب. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم لبس ميدالية من ذهب
س - شاركت في بعض البطولات وأهديت لي ميدالية ذهب - وساعة ذهب وقلم ذهب فما حكم استعمال هذه الأشياء، وكيف أتصرف فيها، وهل تجب فيها زكاة وما مقدارها؟ مع إنني لا أعلم مقدار ما فيها من ذهب وجزاكم الله خيرا ً.
ج- لا يجوز للرجال لبس ميدالية الذهب وساعة الذهب ولا استعمال قلم الذهب بل إنما يجوز للنساء التحلي بالذهب فلك أن تهبها لإحدى النساء من أقاربك، أو أن تزيل ما بها من الذهب قبل لبسها فأما الزكاة ففي قيمتها ربع العشر كغيرها من الحلي.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/256)
الجهاد والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
{الجهاد والدعوة}
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(4/257)
دفاع المسلمين عن بلادهم من الجهاد
س - أبناؤكم المرابطون على الجبهة يسألون سماحتكم عما إذا كان لهم أجر المرابط في سبيل الله. وأنتم تعلمون أنهم يواجهون عدوا ثبت من سلوكياته أنه لا يرعى عهداً ولا يحفظ حقاً..؟ ويسألون أيضاً هل يدخل في الجهاد الدفاع عن الوطن والعرض والممتلكات؟ كما يأملون توجيه نصيحة لهم..؟
ج- قد دلّ الكتاب والسنة الصحيحة على أن الرباط في الثغور من الجهاد في سبيل الله لمن أصلح الله نيته لقول الله جل وعلا {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه} وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه، وأمن الفتان، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها} .
وفي صحيح البخاري - رحمه الله - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من أغبّرت من قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار} .
ولاشك أن الدفاع عن الدين والنفس والأهل والمال والبلاد وأهلها من الجهاد المشروع، ومن يُقتل في بلادهم وهو مسلم يعتبر شهيداً لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من(4/259)
قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد} .
ونوصيك - أيها المرابطون في الجبهة - بتقوى الله والإخلاص لله في جميع أعمالكم والمحافة على الصلوات الخمس في الجماعة، والإكثار من ذكر الله عز وجل، والاستقامة على طاعة الله ورسوله، والحرص على اتفاق الكلمة، وعدم التنازع، والصبر والمصابرة في ذلك بنفس مطمئنة، وحسن الظن بالله، والحذر من جميع معاصيه.
ومن أجمع الآيات فيما ذكرنا قوله - عز وجل - في سورة الأنفال {يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا وأذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون. وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} .
سدد الله خطاكم وثبتكم على دينه، ونصر بكم وبمن معكم الحق، وخذل بكم الباطل وأهله، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الشيخ ابن باز
* * * *
متى تشرع صلاة الخوف
س - هل يشرع لبعض الجنود الذين يعملون على بعض الأسلحة في الجبهة أن يصلوا صلاة الخوف.. وكيف يكون ذلك رغم عدم قيام الحرب..؟
ج- ليس لهم صلاة الخوف إلا إذا كانوا مصافين العدو أو يخافون هجومه.. لقول الله سبحانه {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة..} سورة النساء، الآية 102
وفي الصحيحين عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة من أصحابه، - صلى الله عليه وسلم -، صفت معه وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه(4/260)
العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم.. وهذا لفظ مسلم
وفي الصحيحين أيضاً عن ابن عمر قال {غزوت مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قبل نجد فوازينا العدو فصاففناهم فقام رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فصلى بنا، فقامت طائفة معه وأقبلت طائفة على العدو، وركع بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاؤوه فركع بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين} .. وهذا اللفظ للبخاري.
وعن جابر قال {شهدت مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، صلاة الخوف فصففنا صفين، صف خلف رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، والعدو بيننا وبين القبلة فكبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وكبرنا جميعاً ثم ركع وركعنا جميعاً ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم ثم ركع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وركعنا جميعا ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخراً في الركعة الأولى وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فملا قضى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، السجود والصف الذي يليه انحدر الصف المؤجر بالسجود فسجدوا ثم سلم النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وسلمنا جميعاً} رواه مسلم في صحيحه.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
أعظم الجهاد
س - هل الجهاد في سبيل الله على درجة واحدة سواء كان بالنفس أو بالمال أو بالدعاء مع القدرة على الجهاد بالنفس؟
ج- الجهاد أقسام، بالنفس والمال والدعاء، والتوجيه والإرشاد، والإعانة على الخير من أي(4/261)
طريق، وأعظم جهاد بالنفس، ثم الجهاد بالمال والجهاد بالرأي والتوجيه، والدعوة كذلك من الجهاد، فالجهاد بالنفس أعلاها.
الشيخ ابن باز
* * * *
المرحوم والشهيد
س - لقد عرفت أن لفظ المرحوم والشهيد لا يجوز إطلاقهما على الميت، فما هو البديل الذي يمكن أن يستخدمه رجال الصحافة والإعلام والمتحدثون بصفة عامة؟
ج- أما اللفظ الأول وهو (المرحوم) فإذا قصد به الإنسان خبراً فإنه لا يجوز لأنه لا يعلم هل رحم أم لا، وإن قصد به الدعاء فإنه لا بأس به، كما لو قلت فلان رحمه الله وفلان غفر الله له فإن هذا لا بأس به.
وأما الشهيد فالشهيد إثبات حكم الشهادة لهذا الميت، وهو لا يجوز لأن الشهادة لشخص بأنه شهيد إثبات حكم الشهادة له بأنه من أهل الجنة، كما قال الله تعالى {والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم} وقال تعالى {ولا تسحبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يرزقون} ، وهذا لا يجزم به لأحد إلا بنص أو إجماع من المسلمين، وقد بوب البخاري - رحمه الله - على هذا بقوله {باب لا يقال فلان شهيد} ولكن إذا مات الإناسن موتا حكم الشارع على أن من مات به فهو شهيد فإنه يقال على سبيل العموم إن من مات بهذا السبب فهو شهيد ويرجى أن يكون هذا الرجل المعين من الشهداء على سبيل الرجاء.
وأما ما ينشر في الصحف وما أشبه ذلك من مثل هذه الألقاب التي قد تقال لمن يجزم الإنسان بأنه ليس من المؤمنين فضلاً عن الشهداء فإن الواجب أن يتحرى الإنسان فيما يقول سواء كان صحفياً أم غير صحفي لأنه سيسأل عما قال كما قال الله تعالى {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} وإذا تحدث عن شخص مات بسبب يظن أنه يكون به شهيداً(4/262)
فليقل وقد جاء في الحديث أن من مات بهذا السبب يعتبر شهيداً ولا يجزم لهذا الشخص المعين.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
من قتل في سبيل مكافحة المخدرات فهو شهيد
س - لا شك أن إدارة مكافحة المخدرات تسعى جاهدة لسد المنافذ التي من طريقها تتسلل تلك السموم من المخدرات إلى هذا البلد الطاهر..
وقد نشط مروجو هذه السموم ولكن بعون الله ثم بقوة وعزيمة رجال مكافحة المخدرات أصبت جهود أولئك المروجين بالشلل.. وسؤال يا سماحة الشيخ هو هل يعتبر شهيداً من قتل من رجال مكافحة المخدرات عند مداهمة أوكار متعاطي المخدرات ومروجيها؟ ثم ما حكم من يدلي بمعلومات تساعد رجال المكافحة للوصول إلى تلك الأوكار..؟ أفتونا مأجورين
ج- لا ريب أن مكافحة المسكرات والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله. ومن أهم الواجبات التعاون بين أفراد المجتمع في مكافحة ذلك لأن مكافحتها في مصلحة الجميع ولأن فشوها ورواجها مضرة على الجميع، ومن قتل في سبيل مكافحة هذا الشر وهو حسن النية فهو من الشهداء، ومن أعان على فضح هذه الأوكار وبيانها للمسؤولين فهو مأجور وبذلك يعتبر مجاهداً في سبيل الحق وفي مصلحة المسلمين وحماية مجتمعهم مما يضر بهم فنسأل الله أن يهدي أولئك المروجين وأن يردهم إلى رشدهم وأن يعيذهم من شرور أنفسهم ومكائد عدوهم الشطيان. وأن يوفق المكافحين لهم لإصابة الحق وأن يعينهم على أداء واجبهم ويسدد خطاهم وينصرهم على حزب الشيطان إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/263)
كفالة أيتام المجاهدين
س - ما هو الأجر المترتب على كفالة اليتيم، وهل في كفالة أيتام المجاهدين الأفغان أجر أم لا؟ !
ج- قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى} وكفالته يعني حضانته وتربيته والنفقه عليه والسعي في إصلاحه ويدخل في ذلك أيتام مجاهدي الأفغان وغيرهم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
جهاد المنافقين ليس كجهاد الكافر
س - ما السبيل الأرشد لمواجهة الحرب التي تُشن على الإسلام من بعض أبناء المسلمين أنفسهم سواء كانوا من العلمانيين أو من غيرهم؟
ج- الواجب على الأمة الإسلامية أن تقابل كل سلاح يصوب نحو الإسلام بما يناسبه، فالذين يحاربون الإسلام بالأفكار والأقوال يجب أن يبين بطلان ما هو عليه بالأدلة النظرية العقلية إضافة إلى الأدلة الشرعين حتى يتبين بطلان ما هو عليه، والذين يحاربون الإسلام من الناحية الاقتصادية يجب أن يدافعوا بل أن يهاجموا إذا أمكن بمثل ما يحاربون به الإسلام ويبين أن أفضل طريقة لتقويم الاقتصاد على وجه عادل هي طريقة الإسلام، والذين يحاربون الإسلام بالأسلحة يجب أن يقاوموا بما يناسب تلك الأسلحة، ولهذا قال الله تعالى {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير} .
ومن المعلوم أن جهاد المنافقين ليس كجهاد الكفار لأن جهاد المنافقين يكون بالعلم والبيان وجهاد الكفار يكون بالسيف والسهام.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/265)
نصيحة لشباب الصحوة الإسلامية..
س - ما هي نصيحتكم عموماً لتيار الصحوة الإسلامية الشبابية المتعالية الآن في العالم الإسلامي؟
ج- هذه الصحوة التي تسر كل مؤمن ويصح أن تسمى حركة إسلامية وتجديداً إسلامياً ونشاطاً يجب أن تشجع وأن توجه إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، وأن يجذر قادتها وأفرادها من الغلو والإفراط عملاً بقول الله - سبحانه وتعالى - {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم} ، وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين} ، قوله صلى الله عليه وسلم، {هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون} . ويجب عليهم أن يتوجهوا إلى الله دائماً بطلب التوفيق وصلاح القلوب والأعمال، والثبات على الحق، وأن يعنوا عناية تامة بالقرآن الكريم تلاوة وتدبراً وتعقلاً، وعملاً بالسنة المطهرة لأنها الأصل الثاني، ولأنها المفسرة لكتاب الله كما قال الله، عز وجل {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلكم يتفكرون} . وقال عز وجل {وما أنزل عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذين اختلفوا فيه هدى ورحمة لقوم يؤمنون} .
كما يجب على الدعاة إلى الله أن يستغلوا هذه الحركة الإسلامية بالتعاون مع القائمين عليها والمذاكرة معهم والحرص على إزالة الشبه التي قد تعرض لبعضهم عملاً بقول الله - سبحانه وجل {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونو على الإثم والعدوان} .
الشيخ ابن باز
* * * *
على من تجب الدعوة إلى الله؟
س - هل الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم ومسلمة أم تقتصر على العلماء وطلاب العلم فقط؟
ج- إذا كان الإنسان على بصيرة فيما يدعوا إليه فلا فرق بين أن يكون عالماً كبيراً يشار إليه(4/266)
أو طالب علم مجد في طلبه أو عامياً لكنه علم المسألة علماً يقينياً.. فإن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، يقول {بلغوا عني ولو آية} .. ولا يشترط في الداعية أن يبلغ مبلغاً كبيراً في العلم، لكن يشترط أن يكون عالماً بما يدعو إليه، أما أن يقوم عن جهل ويدعو بناءً على عاطفة عنده فإن هذا لا يجوز.
ولهذا نجد عند الإخوة الذين يدعون إلى الله وليس عندهم من العلم إلا القليل.. نجدهم لقوة عاطفتهم يحرمون ما لم يحرمه الله، ويوجبون ما لم يوجبه الله على عباده، وهذا أمر خطيرً جداً.. لأن التحريم ما أحل الله كتحليل ما حرم الله.. فهم مثلاً إذا أنكروا على غيرهم تحليل هذا الشيء فغيرهم ينكر عليهم تحريمه أيضاً لأن الله جعل الأمرين سواء. فقال {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام، لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم} .
الشيخ ابن عثمين
* * * *
الطرق الناجحة للدعوة إلى الله سبحانه
س - ما هي الطرق الناجحة في نظركم للقيام بالدعوة إلى الله في هذا العصر؟
ج- أنجح الطرق في هذا العصر وأنفعها استعمال وسائل الإعلام لأنها ناجحة وهي سلاح ذو حدين، فإذا استعملت هذه الوسائل في الدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى ما جاء به الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، من طريق الإذاعة والصحافة والتلفاز فهذا شيء كبير ينفع الله به الأمر أينما كانت وينفع الله به غير المسلمين أيضاً حتى يفهوا الإسلام وحتى يعقوله ويعرفوا محاسنه ويعرفوا أنه طريق النجاح في الدنيا والأخرة.
والواجب على الدعاء وعلى حكام المسلمين أن يساهموا في هذا بكل ما يستطعون من طريق الإذاعة ومن طريق الصحافة ومن طريق التلفاز ومن طريق الخطابة في المحافل ومن طريق الخطابة في الجمعة وغير الجمعة وغير ذلك من الطرق التي يمكن إيصال الحق بها إلى الناس وبجميع اللغات المستعملة حتى تصل الدعوة والنصيحة إلى جميع العالم بلغاتهم. هذا هو الواجب على جميع القادرين من العلماء وحكام المسلمين والدعاة إلى الله - عز وجل -(4/267)
حتى يصل البلاغ إلى كافة العالم في جميع أنحاء المعمورة باللغات التي يستعلمها الناس. وهذا هو البلاغ الذي أمر الله به، قال سبحانه وتعالى لنبيه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} فالرسول صلى الله عليه وسلم عليه البلاغ وهكذا الرسل جميعاً عليهم البلاغ صلوات الله وسلامة عليهم، وعلى أتباع الرسل أن يبلغوا. قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {بلغوا عني ولو آية} ، وكان إذا خطب الناس يقول {فليبلغ الشاهد الغائب، قرب مبلغ} أوعى من سامع. فعلى جميع الأمة حكاماً وعلماء وتجاراً وغيرهم أن يبلغوا عن الله وعن رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، هذا الدين، وأن يشرحوه للناس بشتى اللغات الحية المستعملة في أساليب واضحة، وأن يشرحوا محاسن الإسلام وحكمه وفوائده وحقيقته حتى يعرفه أعداؤه وحتى يعرفه الجاهلون به وحتى يعرفه الراغبون فيه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
شروط الدعوة الناجحة.. والكتب التي تتحدث عن ذلك
س - ما هي الدعوة الناجحة ومن أين تستنبط وما هي الشروط التي يجب أن تتوافر في الداعية إلى الله مع ذكر بعض الكتب التي تتحدث عن هذا المجال؟
ج- أولا الدعوة الناجحة هي الدعوة إلى الله تعالى على علم وبصيرة قال سبحانه {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} وقال تعالى {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني} الآية.
ثانيا تستنبط الدعوة الناجحة من كتاب الله وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وتطبيق الصحابة، والتابعين واتباعهم لذلك على الوجه الصحيح.
ثالثا من الشروط التي يجب أن تتوافر في الداعية إلى الله ما جاء ذكرهم في قصة شعيب، قال الله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام {قال يا قوم أرءيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني حسناً وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا(4/268)
الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنبت} ففي هذه الآية بيان شروط العلم والكسب الحلال امتثاله لما يدعو إليه فيجتنب ما نهى الله عنه ويمتثل ما أمر الله به والنية الحسنة وتفويض الأمر إلى الله تعالى والتوكل عليه وأنه هو الذي بيده التوفيق والإلهام.
ومن الشروط أيضا ما ذكره الله تعالى بقوله {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} ومنها التحلي بالصبر قال تعالى {واصبروا وما صبرك إلا بالله} وقال تعالى {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغذوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفنلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا} .
رابعا الكتب التي تتحدث عن هذا المجال القرآن الكريم فعليك حفظه والإكثار من تلاوته وتدبره والعناية بالعمل به والدعوة إليه، وتضم إليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإنها تفسر القرآن وتبينه ومن كتب السنة الصحيحان للبخاري ومسلم. وموطأ مالك ومسند الإمام أحمد وسنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن النسائي وسنن الإمام ابن ماجه وغيرها من كتب السنة وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وكتب أئمة الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه.
اللجنة الدائمة
* * * *
الخلاف ليس رحمة
س - قلتم في كتابكم زاد الداعية إلى الله - عز وجل - ما نصه.. {أما التفرق والتحزب فإن هذا لا تقر به عين أحد إلا من كان عدواً للإسلام وللمسلمين} .. والنبي، - صلى الله عليه وسلم -، يقول اختلاف أمتي رحمة، فما المراد بهذا الخلاف هو الرحمة.. وما التفرق المقصود في كلامكم حفظكم الله؟
ج- أما الحديث الذي ذكره السائل فهو حديث ضعيف ولا يصح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لأن الله يقول {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك، ولذلك خلقتهم..}(4/269)
الآية. فجعل الله تعالى الاختلاف من صفة غير المرحومين، فالأمة لا يمكن أن تختلف.. بل رحمة بها ألا تختلف.. لا أقول لا تختلف أقوالها، فإن الأقوال قد تختلف ولكن لا تختلف قلوبها.
وعلى تقدير أن يكون الحديث صحيحاً أو حجة فإن معناه أن الخلاف الواقع بين الأمة في آرثهم داخل تحت رحمة الله.. أي أن الله تعالى يرحم المجتهد منهم. وإن وقع بينهم خلاف في اجتهادهم، بمعنى أن الله تعالى لا يعاقب من جانب الصواب وقد اجتهد فيه، خلاف في اجتهادهم، بمعنى أن الله تعالى لا يعاقب من جانب الصواب وقد اجتهد فيه، كما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {إذا حكم الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر} .. هذا معنى الحديث إن كان حجة وإلا فالصحيح أن الحديث ضعيف.. وليس ثابتا عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وبناء على ذلك لا يقع خلاف بين ما ذكر في " زاد الداعية " وبين هذا الذي قيل إنه حديث.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/270)
نصائح لشباب الدعوة.. في كيفية طلب العلم والرد على أهل البدع
س - الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
إننا في قرية نعيش فترة من القلق بسبب ابتداع أمور ليست في الدين نريد منكم جواباً شافياً على ما ابتدع حتى لا نتخبط ونطبق مبادئ الإسلام على صح ونبذ المبتدعات ونزجرهم ثم ما هي الكتب الدالة على ذلك هداننا الله وإياكم إلى ما فيه من الخير والهدى.
ثانيا إننا شباب مقبل على دينه برغم ما يلقاه من تعنت وعسف الآباء الذين طغت عليهم المادية وأهملوا أمور دينهم فما هي الكتب الصالحة الخالية من المبتدعات والإسهاب والهادية على طريق الصواب مع أن الآباء يحرموننا حتى من المصروف بسبب إقبالنا على ديننا(4/271)
وإنكارنا للجهل والتخريف في الدين المبتدع فتزيد منكم قائمة لذلك إن أمكننا أن نشتري بعضها لنبعد الله على علم وهل صحيح توجد أحاديث موضوعة وضيعيفة وكيف نعرفها وخصوصاً ما أثر ما نجدها متداولة على ألسنة بعض الأئمة. ثالثا ما هي حقيقة هذه الطرق الكثيرة عندنا مثل الشاذلية والأحمدية والسعدية والبرهانية وغيرها وكيف نرد عليهم وما الكتب الشافية في ذلك وهل هم على حق كما يزعمون هم بذلك. رابعا نرى أئمة كل على مذهب يخالف الآخر وغالباً ما ينتهي الموضوع كله إلى معركة بينهم تؤدي إلى أن بعض المصلين يتركون الصلاة فنريد جوابا شافياً وكافياً في هذا الموضوع وهل نتبع مذهبا واحداً وكيف نوفق بين المذاهب حتى يستقر الأمر. خامسا قد يتطاول البعض على كتاب الله فيجعلون تفسير الآيات حسب أهوائهم ليضلوا الناس عن ذلك مثال ذلك في سورة آل عمران قوله تعالى {الذين يذكرون الله فيما وقعوداً وعلى جنوبهم} . فيفسرون ذلك على الرقص في الأذكار والهيمنة ويتمتم بكلمات غير مفهومةى ويميل يميناً ويساراً وهو يقول الله حي، الله حي، وهكذا وأمور أخرى فيحللون تحديد النسل والغناء للنساء والمدح للرسول، - صلى الله عليه وسلم -، ويستعملون في ذلك الآت الغناء والمجون فنريد منكم التبصير بأمور ديننا وفهمها على حق والرد على المبتدعين على الدين والكتب الشافية بذلك.
ج- أولا لم تذكر البدع التي تريد الجواب عنها حتى نذكر لك الجواب ولكن نحب أن ننبهك إلى أصل عظيم وهو أن الأصل في باب العبادات المنع حتى يرد الدليل عليها شرعاً فلا يقال أن هذه العبادة مشروعة من أصلها أو من جهة عددها أو هيئتها إلا بدليل شرعي فمن ابتدع في دين الله ما لم يشرعه فما صدر منه مردود عليه قال صلى الله عليه وسلم {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} وفي راوية {من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} .
ثانيا ننصحك بتعلم كتاب الله وكثرة تلاوته وتدبره والعمل به والدعوة إليه وتتعلم من سنة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ما تدعو الحاجة إليه فتقرأ صحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما من كتب السنة وتسأل أهل العلم عما أشكل عليك.
ثالثا طريقة الشاذلية والأحمدية والبرهانية ونحوها من الطرق طرق ضلال(4/272)
لا يجوز للمسلم أن يتبع واحدة منها بل الواجب عليه أن يتبع طريقة الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، وخلفائه وصحابته من بعده الذين أخذوا بسنته وكذا من أخذ بها بعدهم قال صلى الله عليه وسلم {لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله} وقال، - صلى الله عليه وسلم -، {خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم} وقال صلى الله عليه وسلم {افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على ثنين وسبعين فرقة وسنفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة " قال ومن هي يا رسول الله قال " من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي} .
أما الرد عليهم فيحتاج إلى أن تعرف أنت تفاصيل عقائدهم وبدعهم وشبههم وتعرض ذلك على الكتاب والسنة وترى أن تستعين بالكتب المؤلفة في ذلك كالسنن والمبتدعات. ومصرع النصوف لعبد الرحمن الوكيل والاعتصام للشاطبي والإبداع في مضار الابتداع للشيخ على محفوظ وإغاثة اللهفان من مكائد الشيطان للعلاامة ابن القيم وأمثال هذه الكتب.
رابعا الخلاف الموجود في الفروع الفقهية بين أئمة المذاهب الأربعة يرجع إلى الأسباب التي نشأ عنها ككون الحديث يصح عند بعضهم دون بعض أو بلوغ الحديث لواحد دون الآخر إلى غير ذلك من أسباب الخلاف فيجب على المسلم أن يحسن الظن بهم فكل واحد منهم مجتهد فيما صدر منه من الفقه، طالب للحق، فإن كان مصيباً فله أجران أجر اجتهاده وأجر إصابته، وإن كان مخطئا فله أجر اجتهاده، وخطؤه معفو عنه، وأما التقليد لهؤلاء الأئمة الأربعة فمن تمكن أن يأخذ الحق بدليله وجب عليه الأخذ بالدليل، وإن لم يتمكن فإنه يقلد من وثق به من أهل العلم عنده حسب إمكانه، وهذا الاختلاف في الفروع لا يترتب عليه منع المختلفثين أن يصلي بعضهم خلف بعض بل الواجب هو أن يصلي بعضهم خلف بعض فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يختلفون في المسائل الفرعية ويصلي بعضهم خلف بعض وهكذا التابعون وأتباعهم.
خامسا الطريقة السليمة لتفسير القرآن هي أن يفسر بالقرآن وسنة الرسول صلى الله(4/273)
عليه وسلم، وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان والاستعانة على ذلك بأساليب اللغة ومقاصد التشريع وأما التفسير الذي ذكرته لقوله تعالى {يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم} وأن بعض الناس يفسره بالرقص والأذكار والهمهمة ويتيم بكلمات غير مقصوده ويميل يمينا ويساراً وهو يقول الله حي - ما سيق ذكره في السؤال - فهذا تفسير باطل ليس له أصل مطلقاً ونوصيك بمراجعة تفسير ابن جرير وابن كثير والبغوي وأشباهها في تفسير هذه الآية المذكورة في السؤال وأشباهها لتعرف الحق في ذلك من كلام أهل التفسير المأمونين.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
صفات الداعية
س - الداعية إلى الله جل وعلا فيم تكمن صفاته من وجهة نظركم؟
ج- حرصه على العلم، واجتهاده في معرفة الأدلة الشرعية، وبذل المستطاع في دعوة الناس إلى توحيد الله واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه مع البداءة بنفسه واجتهاده في تطبيق أحكام الشريعة عليها حتى يكون من الدعاة إلى الله سبحانه بأقواله وأعماله وسيرته وأخلاقه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
شروط الداعية المسلم
س - ما الشروط الواجب توافرها في الداعية المسلم؟ وهل بإمكاني أن أكون داعية إلى الله تعالى وأنا لم أحفظ القرآن كله؟
ج- يجب أن يكون عالماً بما يأمر به عالما بما يدعو إليه، وأن يكون حليما متأنيا ولا يلزم أن يكون حافظاً للقرآن ولا لبقية العلوم وإنما عليه أن يتعلم الواجبات الدينية التي يدعو إليها(4/274)
وكذا المحرمات ثم يحفظ من الأدلة ما يقنع به المدعوين، وأن يتعلم طريقة الإلقاء والأساليب التي يحصل بها فهم السامعين لما يدعو إليه والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم الخروج للدعوة إذا رفض الأهل
س - هل يجوز لي أن أخرج للدعوة في سبيل الله إذا رفض أهلي؟ أرجو دعم الجواب بحديث شريف؟
ج- مجال الدعوة إلى الله تعالى واسع وطاعة الوالدين واجبة على الإنسان وحيث إن الدعوة من نوافل العبادات في هذه الأزمنة لوجود من يحصل به البلاغ والبيان فعليك طاعة أبويك والمقام معهما وخدمتهما حسب الطاقة، كما أن عليك الدعوة إلى الله في بلادك مع الأفراد والجماعات فتحصل على أجر الدعوة وأنت بين أبويك، ولكن لابد أن تكون في نفسك متمسكاً بالشرع قدوة في الخير بعيداً عن الذنوب والمعاصي حتى ينفع الله بدعوتك ويهدي الله على يديك من أراد الله به خيراً والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
خذ علمه ودع عمله
س - ما هو رأيكم في بعض الدعاة إلى الله الذين يظهر الصدق في تصرفاتهم وعملهم لكنهم يرتكبون بعض المعاصي والمخالفات؟ وهل يمنع هذا من الاستفادة منهم ومن علمهم ودعوته إلى الله؟
ج- ليس بشرط أن يكون المعلم أو الداعية كاملاً لكي نستمع إليه بل ينبغي أن يستفاد منه ولو كان عنده بعض النقص في أخلاقه لكن هذا لا يمنع من نصيحته وإرشاده إلى الخير بالكلام الطيب وبالأسلوب الحسن..،. فقد يكون المعلم متكاسلاً عن الصلاة مع الجماعة فينصح، وقد يكون ممن يسلبون ملابسهم فينصح، وقد يكون ممن يحلقون لحيتهم فينصح(4/275)
ويبين له قول الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، قصوا الشوارب وأعفوا اللحى وخالفوا المشركين ".
الشيخ ابن باز
* * * *
المقاطعة أم الدعوة!
س - من المعلوم وجوب مقاطعة صاحب المعصية، ولكن إذا أردنا دعوته فماذا نفعل هل نتودد إليه ونجالسه، أم ماذا نفعل؟ أفتونا مأجورين..
ج- مقاطعة صاحب المعصية ليس معلومة - كما قال السائل - ولكن مقاطعة المعصية هي المعلومة، وصاحب المعصية إذا لم يكن على معصية فإنه لا يقاطع ولا يهجر إلا أن يكون في ذلك فائدة بحيث يرتدع إذا رأي الناس قد قاطعوه فإن مقاطعته في هذه الحالة تكون مطلوبة، وإلا فلا ينبغي مقاطعته، وأما الجلوس والتحدث إليه للتأليف والدعوة إلى الهدى والتقى فإن هذه أمر مطلوب، وأما مجالسته والتحدث إليه مداهنة وعدم مبالاة بما فعل من المعاصي فإن هذا لا يجوز لأن لكل مقام مقالاً.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
بماذا يبدأ من أراد الدعوة؟
س - إذا أراد إنسان أن يدعو إنساناً آخر كيف يبدأ معه وبماذا يكلمه؟
ج- كأن السائل يريد أن يدعو إلى الله، والدعوة إلى الله لابد أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة ولين الجانب وعدم التعنيف واللوم والتوبيخ. ويبدأ بالأهم فالأهم. كما كان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إذا بعث رسله إلى الأفاق أمرهم أن يبدءوا بالأهم فالأهم وقد قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن {ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض علهيم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم} فيبدأ بالأهم فالأهم ويتحين الفرص والوقت المناسب وإيجاد المكان المناسب(4/276)
لدعوتهم. فقد يكون من المناسب أن يدعوه إلى بيته ويتكلم معه، وقد يكون من المناسب أن يذهب إلى بيت الرجل ليدعوه.
ثم قد يكون من المناسب أن يدعوه في وقت دون وقت. فعلى كل حال المسلم العاقل البصير يعرف كيف يتصرف في دعوة الناس إلى الحق.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
تجريح العلماء
س - ما رأي فضيلة الشيخ في بعض الشباب ومنهم بعض طلبة العلم الذين صار ديدنهم التجريح في بعضهم البعض وتنفير الناس عنهم والتحذير منهم، هل هذا عمل شرعي يثاب عليه أو يعاقب عليه؟
ج- الذي أراد أن هذا عمل محرم، فإذا كان لا يجوز لإنسان أن يغتاب أخاه المؤمن. وإن لم يكن عالماً فكيف يسوغ له أن يغتاب إخوانه العلماء من المؤمنين، والواجب على الإنسان المؤمن أن يكف لسانه عن الغيبة في إخوانه المؤمنين. قال الله تعالى {يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم، ولا تحتسبوا ولا يغتب بعضكم بعضاً، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه. واتقوا الله..} الآية، وليعلم هذا الذي ابتلى بهذه البلوى أنه إذا جرح العالم فسيكون سبباً في رد ما يقوله هذا العالم من الحق. فيكون وبال رد الحق وإثمه على هذا الذي جرح العالم لأن جرح العالم في الواقع ليس جرحاً شخصياً بل هو جرح لإرث محمد صلى الله عليه وسلم.
فإن العلماء ورثة الأنبياء فإذا جرح العلماء وقدح فيهم لم يثق الناس بالعلم الذي عندهم وهو مورث عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وحينئذ لا يثقون بشيء من الشريعة التي يأتي بها هذا العالم الذي جرح، ولست أقول إن كل عالم معصوم، بل كل إنسان معرض للخطأ، وأنت إذا رأيت من عالم خطأ فيما تعتقده، فاتصل به وتفاهم معه، فإن تبين لك أن الحق معه وجب عليك اتباعه، وإن لم يتبين لك ولكن وجد لقوله مساغاً وجب عليك(4/277)
الكف، وإن لم تجد لقوله مساغاً فاحذر من قوله لأن الإقرار على الخطأ لا يجوز.. لكن لا تجرحه وهو عالم معروف مثلاً بحسن النية، ولو أردنا أن نجرح العلماء المعروفين بحسن النية لخطأ وقعوا فيه من مسائل الفقه، لجرحنا علماء كباراً، ولكن الواجب هو ما ذكرت، وإذا رأيت من عالم خطأ فناقشه وتكلم معه، فإما أن يتبين لك أن الصواب معه فتتبعه أو يكون الصواب معك فيتبعك.. أو لا يتبي الأمر ويكون الخلاف بينكما من الخلاف السائغ وحينئذ يجب عليك الكف عنه وليقل هو ما يقول ولتقل أنت ما تقول..
والحمد لله.. الخلاف ليس في هذا العصر فقط.. الخلاف من عهد الصحابة إلى يومنا، وأما إذا تبين الخطأ ولكنه أصر انتصاراً لقوله وجب عليك أن تبين الخطأ وتنفر منه، لكن لا على أساس القدح في هذا الرجل وإرادة الانتقام منه، لأنه هذا الرجل قد يقول قولاً حقاً في غير ما جادلته فيه.
فالمهم أنني أحذر إخواني من هذا البلاء وهذا المرض وأسأل الله لي ولهم الشفاء من كل ما يعيبنا أو يضرنا في ديننا ودنيانا.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
تعدد الجماعات واختلافها
س - نشاهد في هذا الوقت كثرة الحديث عن الجماعات الإسلامية التي تدعو إلى اله - عز وجل - فأي هذه الجماعات نتبعها؟ وما موقف المسلم من اختلاف الجماعات؟
ج- موقفي من هذا أنه أمر مؤلم ومؤسف، ويخشى أن هذه النهضة والصحوة الإسلامية تعود فتحمد، وتتحطم وتشل، لأن الناس إذا تفرقوا، كانوا كما قال الله - عز وجل - {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} . إذا تفرقوا وتنازعوا فشلوا أو خسروا، وذهب ريحهم، ولن يكون لهم وزن. أعداء الإسلام - ممن يتسمون ظاهراً، أو ممن هم أعداء له ظاهراً، أو ممن هم أعداء له ظاهراً وباطناً - يفرحون بهذه التفرقة، وهم يوقدون نارها، ويأتون إلى هذا ويقولون هذا كذا وهذا فيه كذا، يلقون العداوة والبغضاء بين هؤلاء الإخوة الدعاء إلى الله عز وجل.(4/278)
فالواجب علينا أن نقف ضد كيد هؤلاء المعادين لله، ولرسوله، ولدينه، وأن نكون أمة واحدة، وأن يجتمع بعضنا إلى بعض، ويستفيد بعضنا من بعض، وأن نجعل أنفسنا كداع واحد، وطريق ذلك أن يجتمع في كل بلد الزعماء الذين لهم كلمة في إخوانهم، ويتدارسون الوضع، ويجتمعون على خطة تكون جامعة للجميع، حتى وإن اختلف منهاج الدعوة إلى الله - عز وجل - فلا يهم. المهم أن نكون إخوة متألفين على الحق متحابين.
وأما قوله أي هذه الطوائف أفضل؟ فأنا إذا قلت إن الطائفة الفلانية أفضل فهذا إقرار لهذا التفرق، وأنا لا أقره، وأرى أن الواجب أن ننظر في أمرنا نظرة صدق وإخلاص لله - عز وجل - ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم، وأن نكون يداً واحدة، والحق والحمد لله بين. الحق لا يخفي إلا على أحد رجلين، إما معرض، وإما مستكبر، أما من أقبل على الحق بإذعان وانقياد فإنه لا شك سيوفق له.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لا مانع من تحذير الناس من أهل الضلال
س - هل يجوز ذكر أسماء الأشخاص والتعرض لهم حينما يريد الإنسان أن يتقدهم وينقد فكرهم؟
ج- إذا كان الشخص قد كتب شيئاً يخالف الشرع المطهر ونشره بين الناس أو أعلنه في وسائل الإعلام وجب الرد عليه وبيان بطلان ما قال ولا مانع من ذكر اسمه ليحذره الناس كدعاة البدع والشرك، وكالدعاة إلى ما حرم الله من المعاصي ولم يزل أهل العلم والإيمان من دعاة الحق وحملة الشريعة يقومون بهذا الواجب نصحاً لله ولعباده وإنكاراً للمنكر ودعوة إلى الحق وتحذير للناس من أن يغتروا بدعاة الباطل والأفكار الهدامة.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/279)
الشريط الإسلامي، مطلوب
س - ما رأيكم في بيع وتداول الشريط الإسلامي الذي يشمل محاضرات وندوات؟ وما رأيكم - أيضاً - في النشيد الإسلامي الذي يردده الشباب؟
ج- الشريط الإسلامي الذي يحتوي على محاضرات وندوات وأناشيد هادفة لا بأس به.
وهذا هو المطلوب.
الشيخ ابن باز
* * * *
المسلم يدعو إلى الله حسب علمه..
س - نتيجة لدراستنا في أمريكا تطرح علينا مواضيع عن الدين النصراني والدين اليهودي فهل يجوز لنا الحديث عنهما؟
ج- نعم يجوز لكم الكلام في ذلك بحسب علمكم ولا يجوز الكلام فيها ولا في غيرها بغير علم، ومعلوم أن شريعة التوارة والإنجيل من جملة الشرائع التي أنزلها الله على رسله على حسب ما يليق بأهلها في زمانهم وظروفهم والله سبحانه هو الحكيم العليم في كل ما يشرعه وبقدره كما قال سبحانه {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} وذلك بعدما ذكر إنزاله التوراة والإنجيل والقرآن في سورة المائدة وقال سبحانه {إن ربك حكيم عليم} ثم إن اليهود والنصارى حرفوا وبدلوا وأدخلوا في شرائعهم ما ليس منها ثم بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم برسالة عامة لجميع أهل الأرض من جن وإنس وشرع له شريعة عامة وبذلك نسخ بها شريعة التوراة والإنجيل، وأوجب على جميع أهل الأرض أن يتحاكموا إلى الشريعة التي بعث الله بها محمد، - صلى الله عليه وسلم -، وأن يأخذوا بها دون كل ما سواها كما قال - عز وجل - يخاطب نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، في سورة المائدة {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكلٍ جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} الآية. وقال سبحانه(4/280)
{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} وقال سبحانه {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} .
والآيات في هذا كثيرة ومن تدبر القرآن الكريم وأكثر من تلاوته لقصد الاستفادة والعمل هداه الله إلى سبيل الحق كما قال سبحانه {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} الآية من سورة سبحان.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم من يدعو إلى شيء لا يستطيع عمله..
س - الداعية يدعو إلى شيء لا يستطيع تطبيقه بعد المحاولة على ذلك ويرى أن هذا المدعو سوف يقدر على القيام به، فهل يدعو إليه؟
ج- إذا كان هذا الداعي الذي يدعو إلى الخير لا يستطيع أن يفعله بنفسه فعليه أن يدعو غيره إليه. ولنفرض لذلك أن رجلاً يدعو إلى قيام الليل ولكنه لا يستطيع أن يقوم الليل.. رجل يدعو إلى الصدقة، وهو لا يستطيع ولا يملك أن يتصدق نقول أدع، وأما شيء يدعو إليه وهو يستطيعه فلا شك أنه سفه في العقل وضلال في الدين.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الداعية لابد أن يكون لينا طليق الوجه
س - بعض الذين نحسبهم من الملتزمين بالدين يعاملون الناس بشيء من الغلظة والجفاء ويبدو بعضهم مكفهر الوجه دائماً.. فما نصيحتكم لهؤلاء.. وما واجب المسلم تجاه أخيه وبخاصة إذا كان عنده قصور في الالتزام؟
ج- الذي تدل عليه السنة المطهرة، سنة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن الواجب على الإنسان أن يدعو إلى الله تعالى بالحكمة وباللين وبالتيسير فقد قال الله تعالى لنبيه محمد، - صلى الله عليه وسلم -، {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي(4/281)
أحسن} ، قال الله تعالى له {فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا تفضلوا من حولك فاعف عنهم واستغفر له..} وقال الله تعالى حين أرسل موسى وهارون إلى فرعون {فقولا قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} ، وأخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الله يعطي بالرفق مالا يُعطي بالعنف} .. وكان يقول إذا بعث بعثاً {يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين}
وهكذا ينبغي على الداعية أن يكون لينا طليق الوجه منشرح الصدر حتى يكون ذلك أدعى لقبول صاحبه الذي يدعوه إلى الله، ويجب أن تكون دعوته إلى الله - عز وجل - لا إلى نفسه، لأنه إذا دعا إلى الله وحده صار بذلك مخلصا ويسر الله له الأمر وهدى على يده من شاء من عباده، لكن إذا كان يدعوا لنفسه كأنه يريد أن ينتصر لها وكأنه يشعر بأن هذا عدو له يريد أن ينتقم منه فإن الدعوة ستكون ناقصة وربما تنزع بركتها.. فنصيحتي لإخواني الدعاة أن يشعروا هذا الشعور، أي أنهم يدعون الخلق رحمة بالخلق وتعظيماً لدين الله - عز وجل - ونصرة له.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
أوليات الدعوة وأصولها لا تتغير
س - أوليات الدعوة الإسلامية، هل تتغير من عصر إلى عصر ومن مجتمع إلى آخر؟ وهل ما بدأ به رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من دعوة إلى العقيدة يطالب به الدعاة في كل عصر؟
ج- لا شك أن الدعوة الإسلامية منذ بعث الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، إلى أن تقوم الساعة أولياتها وأصولها واحدة لا تتغير بتغير الزمان لكن قد تكون بعض الأصول محققة عند قوم وليس فيها ما ينقضها أو ينقصها فيعمل الداعية إلى النظر في أمور أخرى يكون فيها من يدعوهم مقصرين، لكن باعتبار الأصول في الدعوة إلى الإسلام لا تتغير أبداً فقول الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى أهل اليمن فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلإ الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض(4/282)
عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم.. هذه هي أصول الدعوة التي يجب أن نرتبها هكذا إذا كنا ندعو قوماً كافرين، لكن إذا كنا ندعو قوماً مسلمين قد عرفوا الأصل الأول وهو التوحيد ولم ينقصوه أو ينقضوه دعوناهم إلى ما بعده كما هو بين من هذا الحديث.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لابد من العلم والبصيرة في النصيحة
س - سائلة تقول أحياناً أرى بعض الناس على خطأ، وعندما أبدي لهم النصيحة ينتابين شعور هو أنني ربما أكون مثلهم يوما من الأيام لأن هناك قولاً معناه " لا تعب على أخيك فيعافيه الله ويبتليك "؟
ج- هذا لأمر الذي ينتابك من مكائد الشيطان ليثبطك بذلك عن النصحية، فاتقى الله ولا تطيعي عدو الله واستمري في النصيحة لمن ترينه عل عمل أو قول يخالف الشرع المطهر إذا كنت على علم وبصيرة في ذلك عملاً بقول الله سبحانه {قُل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني..} الآية.
وقول عز وجل {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} الآية.. وقول سبحانه {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف ونيهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق والعافية من وساوس الشيطان إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/283)
الله تكفل بنصر دينه.. لكن لابد من الأسباب
س - يثير البعض قضية إن الله - عز وجل - قد تكفل بحفظ هذا الدين، ومن ثم فإنه العمل الذي يؤديه الدعاة في سبيل خدمة الإسلام عبث لا داعي له، فكيف الرد على هؤلاء؟
ج- الرد على هؤلاء بسيط لأن نزعتهم نزعة من ينكر الأسباب، ولا ريب أن إنكار الأسباب من الضلال في الدين والسفه في العقل، إن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ هذا الدين لكن بأسباب، وذلك بما يقوم به الدعاة إلى هذا الدين من نشره وبيانه للناس والدعوة إليه.. وما هذا القول إلا بمنزلة من يقول لا تتزوج فإن قدر لك ولد فسيأتيك. أولا تسعى في الرزق فإن قدر لك رزق فسيأتيك. فنحن نعلم أن الله سبحانه وتعالى إذا كان يقول {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} فإنما يقول ذلك لعلمه بأنه سبحانه وتعالى حيكم لا تكون الأشياء إلا بأسباب، فيقدر الله تعالى لحفظ هذا الدين من الأسباب ما يكون به الحفظ.
ولهذا نجد علماء السلف حينما حفظ الله بهم دينه من البدع العقدية والعملية صاروا يتكلمون ويكتبون ويبينون الناس. فلابد أن نقوم بما أوجبه الله علينا من الدفاع عن الدين وحمايته ونشره بين العباد.. وبذلك يتحقق الحفظ المطلوب.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
نشر الكتب والأشرطة النافعة من الدعوة إلى الله
س - أنا شاب أريد أن أكون داعية، ولكن لا يوجد لدي الأسلوب المناسب، هل الشريط الإسلامي والكتاب الإسلامي المفيد يكفي بأن أقوم بنشره أو توزيعه.. أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
ج- نعم، لا شك أن الإنسان قد لا يتمكن من الدعوة بنفسه، ولكنه يتمكن من الدعوة بنشر الكتب النافعة والأشرطة النافعة، ولكن بناء على أنه لا يستطيع الدعوة بنفسه فإنه لا(4/284)
ينشر هذه الكتب ولا هذه الأشرطة إلا بعد عرضها على طالب علم ليعرف ما فيها من خطأ حتى لا يوزع هذا الرجل ما كان خطأ وهو لا يشعر به.. وله أيضاً من أساليب الدعوة أن يتفق مع طالب علم بأن يكتب طالب العلم ما فيه الدعوة إلى الخير ويكون تمول هذا على هذا الرجل الذي لا يستطيع الدعوة بنفسه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
بكاؤك. فضل من الله
س - عندما أقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمام الناس أشعر بخشوع غير طبيعي خاصة عندما أكون مع الذين وعظتهم، وأحيانا أبكي من خشية الله، بخلاف ذلك عندما أكون وحدي. فهل هذا يعتبر من الرياء والنفاق؟ وهل لي أن أترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوف الرياء وأحباط العمل؟
ج- عليك ان تجتهد في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن لا تدع ذلك، فإن الشيطان يحب أن تدع ذلك، وقد يزين لك أن عملك هذا من أجل أن يمدحك الناس، فاتق الله، وادع إلى الله واجتهد في الإخلاص، وسل ربك يعينك وقل اللهم أعني على ذكرك وشكرك، ولا تطع الشيطان في ذلك، وخشوعك وبكاؤك إن كان من غير قصد أو هدف ليمدحك الناس، فهذا فضل من الله.
الشيخ ابن باز
* * * *
حول قراءة كتب السلف وكتب المعاصرين
س - ما رأي فضيلتكم فيمن ينفر من قراءة كتب الدعاة المعاصرين ويرى الاقتصار على كتب السلف الأخيار وأخذ المنهج منها ثم ما هي النظرة الصحيحة أو الجامعة لكتب السلف - رحمهم الله - وكتب الدعاة المعاصرين والمفكرين؟
ج- أرى أن أخذ الدعوة من كتاب الله وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، فوق كل شيء..(4/285)
وهذا رأينا جميعاً بلا شك.. ثم يلي ذلك ما ورد عن الخلفاء الراشدين وعن الصحابة وعن أئمة الإسلام فيمن سلف..
أما ما يتكلم به المتأخرون والمعاصرون، فإنه يتناول أشياء حديث هم بها أدرى، فإذا اتخذ الإنسان من كتبهم ما ينتفع به في هذه الناحية فقد أخذ بحظ وافر ونحن نعلم أن المعاصرين إنما أخذوا ما أخذوا من العلم ممن سبق فلنأخذ نحن مما أخذوا منه.. ولكن أموراً قد استجابت هم بها أبصر منا، ثم إنها لم تكن معلومة لدى السلف بأعيانها، ولهذا أرى أن يجمع الإنسان بين الحسنيين، فيعتمد أولا على كتاب الله وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وثانيا على كلام السلف الصالح من الخلفاء والصحابة وأئمة المسلمين، ثم على ما كتبه المعاصرون الذين يكتبون عن أشياء حديث في زمانهم لم تكن معلومة بأعيانها عند السلف.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
التغيير باليد لوالي الأمر
س - هناك من الناس من لا يرتدع إلا بالعنف، فما العمل معه؟
ج- هناك من الناس من لا يرتدع إلا بالعنف.. ولكن العنف الذي لا يخدم المصلحة، ولا يحصل به إلا ما هو أشر لا يجوز استعماله، لأن الواجب اتباع الحكمة.. والعنف الذي منه الضرب والتأديب والحبس، إنما يكون لولاة الأمور، وأما عامة الناس فعليهم بيان الحق وإنكار المنكر، وأما تغيير المنكر ولا سيما باليد فإن هذا موكول إلى ولاة الأمور.. وهم الذين يجب عليهم أن يُغيروا المنكر بقدر ما يستطعيون لأنهم هم المسؤولون عن هذا الأمر.
ولو أراد الإنسان أن يغير المنكر بيده كلما رأيى منكراً لنتجت عن هذا مفسدة قد تكون أشد من المنكر الذي أراد أن يغيره بيده، فلهذا يجب إتباع الحكمة في هذا الأمر، إنك تستطيع أن تغير المنكر في البيت الذي ترعاه بيدك، لكن تغير المنكر بيدك في السوق قد(4/286)
تكون نتيجته أسوأ من بقاء هذا المنكر، ولكن يجب عليك أن تبلغ من يملك تغيير هذا المنكر في السوق.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
اختلاف طرق الدعاة نعمة
س - من الدعاة من ينتهج أسلوب التربية والتعليم للمدعوين، ومنهم من ينتهج أسلوب الوعظ والتذكير في الأماكن العامة التي يجتمع فيها الناس، فما رأي فضيلتكم في هذا وأي الأساليب أنجح؟
ج- الذي أرى أن هذه من نعمة الله سبحانه وتعاللاى على العباد.. أن جعلهم يختلفون في الطريق أو الوسيلة في الدعوة إلى الله. فهذا رجل واعظ أعطاه الله سبحانه وتعالى بياناً وقدرة على الكلام وتأثيراً.. فهذا يعتبر الوعظ أحسن بالنسبه له.. وهذا آخر أعطاه الله تعالى لينا ورفقاً ولطفاً يدخل به إلى قلوب الناس، ومثل هذا الداعية صاحب أسلوب أفضل من الأول، ولاسيما إذا كان لا يحسن الحديث لأن بعض الدعاة يملك العلم، لكنه لا يحسن مخاطبة الآخرين.
إن فضل الله سبحانه وتعالى مُوزع بين عبادت وهو قد رفع بعضهم فوق بعض درجات.. فالذي أراه أن على الإنسان أن يستعمل الأسلوب الذي يعتقد أن أنفع وأجدى وأنه به أقوم ولا يدخل نفسه في أمر يعجز عنه بل عليهخ أن يكون واثقاً من نفسه مستعيناً بالله - عز وجل - حتى إذا وردت عليه الآيرادات تخلص منها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/287)
الواجب على المسلمين تبليغ دين الله..
س - ألسنا نحن المسلمين مسؤولين أمام الله - عز وجل - عن مال ومصير غير المسلمين ف العالم كله حيث تقع علينا مسؤولية دعوته لدين الله ودين الحق وإبراز السبيل السوي السليم من حكمة الله في الخلق، فما هو موقفنا إذا قالوا عند الحساب يوم القيامة لم يأتنا نذير ولا دعوة؟
ج- لا شك أن الواجب على المسلمين أن يبلغوا دين الله إلى جميع الناس ولكن من الذي يقدر على ذلك، إنه لابد أن يكون هناك قدرة، لأن جميع الواجبات التي أوجبها الله على عباده مشروطة بالقدرة عليها لقول الله تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم} ، وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم} ، فيجب علينا نحن المسلمين أن نبلغ دين الله وشريعته لجميع الخلق، ولكن بقدر الاستطاعة، فمن الذي يستطيع أن يبلغ جميع الخلق شريعة الله، إن الذي يستطيع ذلك هو الذي يجب عليه، وأما من لا يستطيع فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم من يرى المنكر معروفا والمعروف منكرا
س - ما هو رأيك فيمن تغيرت لديهم المفاهيم وصار عندهم المعروف منكراً والمنكر معروفاً؟
ج- رأيي في هؤلاء الذين تغيرت عندهم المفاهيم حتى رأوا المعروف منكراً والمنكر معروفاً وصاروا لا ينكرون من المنكر شيئاً ولا يقرون من المعروف شيئاً، رأيي أن هؤلاء انسلخوا من الدين - والعياذ بالله - وذلك لأن من جعل المعروف الذي من شريعة الله عز وجل منكراً فقد كفر بالشريعة وكذلك من جعل المنكر معروفاً فقد آمن بالطاغوت، والإيمان لا يتم إلا بالكفر بالطاغوت والإيمان بالله، فعلى هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم ويفكروا في أمرهم ويعرفوا(4/288)
أصلهم ومنتهى أمرهم فإن أصلهم العدو ومنتهى أمرهم الفناء من الدنيا، قال تعالى {هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً} وقال تعالى {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} وقال تعالى {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة} عليهم أن يفكروا أدنى تفكير فإن لم يفد فعليهم أن يفكروا التفكير العميق في الأمر وهم يشاهدون الناس يذهبون ويجيئون هذا يولد وهذا يموت وهذا يمرض وهذا يصح وهذا يصاب بماله وهذا يصاب بأهله، ويعلمون أنه لا بقاء لأحد في هذه الدنيا فليرجعوا إلى الله تعالى وليعرفوا المعروف وينكروا المنكر ومن تاب تاب الله عليه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
السكوت عن المنكر
س - عرض علي أن أخطب الجمعة بشرط ألا أتكلم في الربا والحجاب والتبرج والسفور فهل أقبل ذلك؟
ج- إذا كانت هذه المنكرات فاشية ومنتشرة في المجتمع الذي أنت فيه فلا تقبل السكوت عنها، فإن السكوت عنها يعتبر إقراراً لها والواجب إنكار المنكر، ولا شك أن هذه من المنكرات التي حرمها الشرع ولو أقرتها دولة من الدول واعتبرتها مباحة فلا يجوز السكوت للأفراد الذين يعرفون أنها منكر بل يلزم إنكارها، ومتى تمكن الخطيب من أن ينكرها في الخطبة ويبين بشاعتها وشناعتها، ويستدل على ذلك بالنصوص كقوله تعالى {وأحل الله البيع وحرم الربا} وكذلك قوله {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} وما أشبهها من الأدلة، فلا يستطيع أحد أن يرد الأدلة التي دلاتها واضحة من كتاب الله وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، أما إذا لم تكن هذه الأشياء موجود في الأسواق وفي المجتمع الذي أنت فيه فلا حاجة إلى ذكرها على الناس.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/289)
كيفية انكار المنكر بالقلب
س - حديث {تغيير المنكر} هل المقصود لكي يتغير المنكر أن نترك المكان الذي به منكر أم نظل ونكرهه وننكره بقلبوبنا؟
ج- المسلمون في إنكار المنكر درجات، منهم من يجب عليه إنكار المنكر بيده كولي الأمر ومن يتوب عنه ممن أعى صلاحية لذلك، وكالوالد مع ولده والسيد مع عبده، والزوج مع زوجته إن لم يكف مرتكب المنكر إلا بذلك، ومنهم من يجب عليه إنكاره بالنصح والإرشاد والنهي والزجر والدعوة بالتي هي أحسن دون اليد والتسلط بالقوة خشية إثارة الفتن وانتشار الفوضى. ومنهم من يجب عليه الإنكار بالقلب، لضعفه نفوذا ولساناً، وهذا أضعف الإيمان، وقد بين النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ذلك في قوله {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان} وإذا كانت المصلحة في بقائه في الوسط الذي فشا فيه المنكر أرجح من المفسدة ولم يخش عليه نفسه الفتنة بقي بين من يرتكبون المنكر مع إنكاره حسب درجته، وإلا هجرهم محافظة على دينه.
وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
عبد الله بن قعود ... عضو
عبد الله بن غديان ... نائب رئيس اللجنة
عبد الرازق عفيفي ... الرئيس
عبد العزيز ابن باز
* * * *(4/290)
الطريقة المثلى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
س - سائل يسأل عن مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن بعض الناس يقول إن ذلك ربما تؤدي إلى منكر أكبر، وهل يدعو إلى الله في المقاهي وغيرها، وما هي الطريقة المثلى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
ج- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أبان الله حكمه في كتابه سبحانه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وذلك في قوله عز وجل {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} . وفي قوله سبحانه {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم " وفي قوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان} والآيات والأحاديث في هذه المعنى كثيرة والواجب في ذلك الرفق واستعمال الأسلوب الحسن كما قال الله عز وجل {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} ، ويجب أن يكون الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر على بصيرة بما يأمر به وينهى عنه كما قال سبحانه {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} ، وعليه الصبر والاحتساب والإخلاص لله في ذلك والحذر من الرياء والسمعة والمقاصد الأخرى التي تنافي الإخلاص كما قال عز وجل {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين} وقال سبحانه {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} وقال عز وجل عن لقمان الحكيم في وصيته لإبنه {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} ونوصيك وغيرك بعدم طاعة المخذلين والمرجفين ما دمت تتحلى بالصبر والرفق والعلم بما تأمر به وتنهى عنه، وفقك الله ونفع بك عباده ومنحك الصبر والإخلاص والبصيرة إنه جواد كريم، والمشروع للداعي إلى الله والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يتحرى الأماكن التي يظهر فيها المنكر حتى يوجههم إلى الله ويرشدهم إلى الحق بالحكمة(4/291)
والأسلوب الحسن والرفق ولا فرق بين المقاهي والأسواق وغير ذلك من الأماكن التي تظهر فيها المنكرات.
الشيخ ابن باز
* * * *
حول وسائل الدعوة وما جد منها
س - إن مما فيه الخلاف بين الدعاة إلى عز وجل أمر وسائل الدعوة، فمنهم من يجعلها عبادة توقيفية وبالتالي ينكر على من يقيمون الأنشطة المتنوعة الثقافية أو الرياضية أو المسرحية كوسائل لحذب الشباب ودعوتهم.. ومنهم من يرى أن الوسائل تتجدد بتجدد الزمان، وللدعاة أن يستخدموا كل وسيلة مباحة في الدعوة إلى الله عز وجل، نرجو من فضيلتكم بيان الصواب في ذلك؟
ج- الحمد لله رب العالمين، لا شك أن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى عبادة كما أمر الله بها في قوله {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} والإنسان الداعي إلى الله يشعر وهو يدعو إلى الله عز وجل إنه ممتثل لأمر الله متقرب إليه به، ولا شك أيضاً أن أحسن ما يدعى به كتاب الله وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، فإن كتاب الله سبحانه وتعالى هو أعظم للبشرية {يا أيها الناس قد جائتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} .
والنبي، - صلى الله عليه وسلم -، كذلك يقول أبلغ الأقوال موعظة فقد كان يعظ أصحابه أحياناً موعظة يصفونها بأنها وجلت منها القلوب وذرقت منها العيون.. فإذا تمكن الإنسان من أن تكون عظته بهذه الوسيلة فلا شك أن هذه خير وسيلة، أي كتاب الله وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -.. وإذا رأي أن يضيف إلى ذلك أحياناً وسائل مما أباحه الله فلا بأس بهذه.. ولكن بشرط ألا تشتمل هذه الوسائل على شيء محرم كالكذب أو تمثيل دور الكافر مثلاً في تمثيليات أو تمثيل الصحابة - رضي الله عنهم - أو الأئمة.. أئمة المسلمين من بعد الصحابة او ما أشبه ذلك مما يخشى منه أن يزدري أحد من الناس هؤلاء الأئمة الفضلاء..(4/292)
ومنها أيضاً ألا تشمل التمثيلية على تشبه رجل بأمراة أو العكس لأن هذا مما ثبت فيه اللعن عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء.
المهم أنه إذا أخذ بشيء من هذه الوسائل أحياناً من أجل التاليف ولم يشتمل هذا على شيء محرم فلا أرى به بأساً، أما الإكثار منها وجعلها هي الوسيلة للدعوة إلى الله والإعراض عن الدعوة بكتاب الله وسنة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بحيث لا يتأثر المدعو إلا بمثل هذه الوسائل فلا أرى ذلك، بل أرى إنه محرم، لأن توجيه الناس إلى غير الكتاب والسنة فيما يتعلق بالدعوة إلى الله أمر منكر، لكن فعل ذلك أحياناً لا أرى فيه بأسا إذا لم يشتمل على شيء محرم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الحياء الذي يمنع من قول الحق ضعف وعجز
س - أشكو من الخوف والهيبة عن إنكار المنكر أو السؤال عن العلم، فما علاج ذلك؟ وفقكم الله لكل خير.
ج- هذا الخوف والهيبة إنما هو تخذيل من الشيطان، فلتحذر ذلك، وكن قويا، ولا تستحي، إن الله لا يستحي من الحق، وعليك أن تسأل ولا تحسي، وأن تنكر المنكر ولا تستحي إذا كان لديك العلم والبصرة، فعليك أن تدعو إلى الله وأن تأمر بالمعروف وأن تنهي عن المنكر بالأسلوب الحسن، وليس في هذا حياء، فالحياء الذي يمنع بالمعروف وأن تنهي عن المنكر بالأسلوب الحسن، وليس في هذا حياء، فالحياة الذي يمنع من الحق إنما هون ضعف وعجز، وليس بحياء، وإنما الحياء الشرعي الذي يمنعك من الباطل، الذي قال فيه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الحياء من الإيمان} ، {الحياة خير كله} ، هذا الحياء الذي يمنعك من الباطل؛ فيمنعك من الزنى ويمنعك من الخمر ويمنعك من مجالسة الأعداء ويمنعك من كل شر، هذا هو الحياء الشرعي.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/293)
حكم ترك السنن من أجل الدعوة
س - هل يؤخذ من الآية {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم} .. هل يؤخذ منها أنه يجب على الداعية أن يترك السنة إذا كان يترتب على تطبيقها أن تسب هذه السنة، كتقصير الثياب وغيرها؟
ج- ترك السنة ليس فيه سب للآخرين، فلا تنطبق عليها الآية، ولكن ربما يؤخذ ترك السنة من دليل آخر من السنة نفسها.. وهو ترك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بناء البيت " الكعبة " على قواعد إبراهيم خوفاً من افتتان الناس لأنهم كانوا حديثي عهد بالكفر.
فمثلاً إذا كانت السنة من الأمور المستغربة عند العامة والتي يتهمون الإنسان فيها بما ليس فيه فإن الأولى والأفضل أن يمهد الإنسان لهذه السنة بالقول قبل أن يتخذها بالفعل، فيبين للناس في المجالس والمساجد وفي أي فرصة مناسبة وجه الحق، حتى إذا قام بفعله كان الناس قد اطمأنوا وفهموا وعرفواً، وأنا أجزم أن العامة قد يكرهون السنة لأن هذا الرجل هو الذي فعلها ولا يكرهونها لأن الرجل الآخر فعلها.. لو أن أحداً من أهل العلم المعتبرين عند العامة رفع ثوبه لم يكن استنكار لهذا العمل كاستنكارهم له إذا وقع من شخص آخر لا يعتبرونه عالماً ولا يثقفون به، وهذا أمر معلوم وإذا كان الأمر كذلك فإن الأولى أن نتدرج بالعامة حتى إذا فعلنا فعلاً يستنكرونه كان لديهم علم مسبق به فيرد على قلوبهم وهي غير فارغة من العلم به.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم التبليغ عن مروجي المخدارت لمن خاف على نفسه
س - شخص يعرف بعض مروجي المخدرات.. لكنه لا يستطيع أن يبلغ عنهم لخوفه على نفسه منهم أو لوجود صلة قرابة تربطه بهم.. ما هو الحكم لو أبلغ عنهم وتعرض للضرب أو للقتل.. وهل يكون ذلك في سبيل الله؟
ج- الإجابة على ذلك أولا إنه يلزم أن يعلم هؤلاء بالتبليغ لأن الواجب على الجهات(4/294)
المبلغة أن لا تخبر بمن بلغ بل إن وثقت به عملت بمقتضى هذه الثقة وإن لم تثق به لم تلتفت إلى قوله ولو إننا فتحنا الباب للإعلان عن اسم كل ما جاء ليخبر عن منكر لم يأت أحد ليبلغ السلطات ألا يعلنوا عن اسم من أبلغهم، وكما قلت إن وثقوا بقوله عملوا بمقتضى هذه الوثيقة، وإن لم يثقوا فإنهم لا يلتفتون إلى هذا القول.. ولا شك إنه لو أخبر عن هذا المبلغ فإنه ينال في الغالب أذية أما بالقول أو بالفعل أو ما أشبه ذلك وفي هذا ضرر عليه وإذا لم يكن هناك إيمان قوي في النفوس قد يمنعها الخوف من أن تقوم بواجب التبليغ ولكنه يزول بكتمان المبلغ ما يجب عليه من الكتمان.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حول وسائل الدعوة
س - هل تعتبر وسائل الدعوة إلى الله عز وجل وسائل توقيفية، بمعنى أنه لا يجوز الاستفادة من الوسائل الحديثة في الدعوة كوسائل الإعلام وغيرها وإنما ينبغي الاقتصار على الوسائل التي استخدمت في عهد الرسول، - صلى الله عليه وسلم -؟
ج- يجب أن نعرف قاعدة وهي أن الوسائل بحسب المقاصد كما هو مقرر عند أهل العلم أن الوسيلة لها أحكام المقصد ما لم تكن هذه الوسيلة محرمة فإن كانت محرمة فلا خير فيها.
وأما إذا كانت مباحة وكانت توصل إلى ثمرة مقصودة شرعاً فإنه لا بأس بها ولكن لا يعني ذلك أن نعدل عن كتاب الله وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وما فيهما من مواعظ إلا ما نرى أنه وسيلة في الدعوة إلى الله وقد نرى أن هذا وسيلة ويرى غيرنا أنه ليس بوسيلة ولهذا ينبغي للإنسان في الدعوة إلى الله أن يستعمل الوسيلة التي يتفق الناس عليها حتى لا تخدش دعوته إلى الله بما فيه الخلاف بين الناس.
ولكن يجب أن نعلم الفرق بين التأليف وبين الدعوة.. فقد يكون من المصلحة أن نؤلف الشباب الذي ينضمون إلى الدعوة بعد دعوتهم إلى الكتاب والسنة بأشياء من الأمور(4/295)
المباحة التي لا تضرنا في الدين ولا تضر الدعوة تأليفاً لهم ولئلا ينفروا لو رأوا الأمر كله جداً.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الدعوة بالأشرطة لا تكون إلا عند الضرورة
س - أعلم أننا مطالبون بالدعوة إلى الله، فهل أكتفي بإهداء شريط إلى من أريد دعوته خاصة وأني لا أملك الأسلوب المناسب في الدعوة أو الانكار..؟
ج- لا شك أن الدعوة والإنكار مشافهة أبلغ بكثير من إهداء الرسائل أو الأشرطة لأن إهداء الرسائل أو الأشرطة قد يفيد وقد لا يفيد.
قد يفيد إذا قرأها المهدى إليه بصدق وعزيمة في طلب الحق وقد لا يفيد إذا قرأها كالمكره عليها وربما يدعها ولا يقرؤها ولا يسمعها فإهداء الأشرطة والرسائل في الدعوة يكون عند الضرورة إذا لم يستطع الإنسان أن يدعو الغير مشافهة أو ينكر عليه مشافهة إما لضيق الوقت أو لعلو منزلة المدعو وكون الداعي لا يستطيع مجابهته أو لغير ذلك من الأسباب.
المهم أن الدعوة بواسطة الرسائل أو الأشرطة لا يلجأ إليها إلا عند الضرورة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/296)
فتاوى للموظفين والعمال
{فتاوى للموظفين والعمال}(4/297)
هل هناك حرف غير شريفة
س - يعتقد بعض الناس أن هناك حرف غير شريفة ويوبخون من يعمل بها.. كالطباخة والحلاقة وصناعة الأحذية والعمل في النظافة وغيرها.
فهل هناك دليل شرعي يثبت صحة هذا الاعتقاد وهل مثل هذه الحرف ترفضها العادات والطبائع العربية، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
ج- لا نعلم حرجاً في هذه الحرف وأشباهها من الحرف المباحة إذا اتقى صاحبها ربه ونصح ولم يغش معامليه لعموم الأدلة الشرعية في ذلك.
مثل قوله، - صلى الله عليه وسلم -، لما سئل أي الكسب أطيب قال {عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور} رواه البزار وصححه الحاكم وقوله، - صلى الله عليه وسلم - {ما أكل أحد طعاما قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وكان نبي الله داود يأكل من عمل يده} رواه البخاري في صحيحه.
ولأن الناس في حاجة إلى هذه الحرف وأشباهها فتعطيلها والتنزه عنها يضر المسلمين ويحوجهم إلى أن يقوم بها أعداؤهم.
وعلى من يعمل في النظافة أن يجتهد في سلامة بدنه وثيابه من النجاسة والعناية بتطهير ما أصابه شيء منها ولي ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/299)
حكم الواسطة
س - ما حكم الواسطة وهل هي حرام؟ مثلاً إذا أردت أن أتوظف أوأدخل في مدرسة أو نحو ذلك واستخدمت الواسطة فما حكمها؟
ج- أولا إذا ترتب على توسط من شفع لك في الوظيفة حرمان من هو أولى وأحق بالتعيين فيها من جهة الكفاية العلمية التي تتعلق بها والقدرة على تحمل أعبائها والنهوض بأعمالها مع الدقة في ذلك فالشفاعة محرمة، لأنها ظلم لمن هو أحق بها وظلم لأولي الأمر وذلك بحرمانها من عمل الأكفاء وخدمته لهم ومعونته إياهم على النهوض بمرفق من مرافق الحياة، واعتداء على الأمة بحرمانها ممن ينجز أعمالها ويقوم بشئونها في هذا الجانب على خير حال ثم هي مع ذلك تولد الضغائن وظنون السوء، ومفسدة للمجتمع وإذا لم يترتب على الوساطة ضياع حق لأحد أو نقصانه فهي جائزة بل مرغب فيها شرعاً ويؤجر عليها الشفيع إن شاء الله، ثبت أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء} .
ثانيا المدارس والمعاهد والجامعات مرافق عامة للأمة يتعلمون فيها ما ينفعهم في دنيهم ودنياهم ولا فضل لأحد من الأمة على أحد منها إلا بمبرات أخرى غير الشفاعة فإذا علم الشافع أنه يترتب على الشفاعة حرمان من هو أولى من جهة الأهلية أو السن أو الأسبقية في التقديم أو نحو ذلك كانت الوساطة ممنوعة لما يترتب عليها من الظلم لمن حرم أو اضطر إلى مدرسة أبعد فناله تعب ليستريح غيره، ولما ينشأ عن ذلك من الضغائن وفساد المجتمع وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/300)
حكم عمل من حصل على الشهادة بالغش
س - طالب حصل على الشهادة الجامعية وكان خلال المراحل التي اجتازها من مراحل التعليم يتطرق أحياناً إلى الغش من مذكرات يحملها أو من زملائه، وقد كان ذلك عوناً له للوصول إلى ما وصل إليه من حصوله على الشهادة الجامعية، وبعد تخرجه تم تعيينه في إحدى المصالح حسب الشهادة التي يحملها وأصبح يأخذ مقابل ذلك راتباً شهرياً، فهل هذا الراتب حلال أم حرام، علماً بأنه يؤدي المهام الوظيفية المناطة به خير تأدية، بل يزيد على ذلك في أوقاته الخاصة، وإذا كان هذا الشيء الحاصل حراماً فما هو المخرج أفتونا مأجورين؟
ج- عليه التوبة إلى الله مما فعل والندم، وأما الوظيفة فصحيحه وما أخذه صحيح ما دام يؤدي المهمة التي أسندت إليه ويقوم بها والحمد لله، ولكن كما قلنا عليه التوبة إلى الله من هذا العمل السيء المنكر والتوبة تجب ما قبلها.
الشيخ ابن باز
* * * *
هذا غش وتدليس
س - أنا موظف في إحدى الدوائر الحكومية، وقد أعطوني الأوارق الخاصة بالكشف الطبي، وقد أتممت الفحوصات الطبية عدا النظر فقد اختبره عني أحد الأقارب، وقد مضى علي في الخدمة عشر سنوات، أفيدوني ماذا أفعل جزاكم الله خيراً؟
ج- لا يجوز لك التدليس أو الغش في العين أو في غير العين، كأن تستعمل أحداً ينوب عنك في الاختبار، وعليك بإخبار الجهة عن ذلك وإن كنت قمت بالواجب فالحمد لله عما مضى، ولكن عليك ألا تعود لمثل هذا، وأن تستغفر الله عما حصل من الغش.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/301)
حكم دفع الرشوة للتوصل إلى حق
س - أعمل مع تاجر لا يسير عملاً سوى بالرشاوي.. إنني أدير حساباته وأراقب العمل وأتقاضي على ذلك أجراً منه.. فهل على إثم في العمل أم لا؟
ج- أولا يجب أن تعلم أن الرشوة المحرمة هي التي يتوصل بها الإنسان إلى باطل كأن يرشي القاضي مثلاً ليحكم له بالباطل أو يرشي الموظف ليسامحه على أمر لا تسمح به الدولة أو ما أشبه ذلك.. هذا هو المحرم.
أما الرشوة التي يتوصل بها الإنسان إلى حقه.. كأن لا يمكنه الحصول على حقه إلا بشيء من المال - فإن هذه حرام على الآخذ وليس حراماً على المعطى.. لأن المعطي إنما أعطى من أجل الوصول إلى حقه لكن الأخذ الذي أخذ تلك الرشوة هو الآثم لأنه أخذ مالا يستحق.
وأنني بهذه المناسبة أحذر من هذا العمل المهين المحرم شرعاً والذي لا يرضاه العقل..
فإن البعض - نسأل الله لهم الهداية - لا يمكن أن يقوموا بالواجب عليهم من حقوق الناس في تسيير أمورهم إلا ببذل شيء من المال لهم وهذا حرام عليهم وخيانة للدولة وللأمة وأكل المال بالباطل وظلم لإخوانهم فعليهم أن يتقوا الله - عز وجل - ويقوموا بالأمانة التي حملوها.
أما بالنسبة للعمل مع هذا التاجر الذي يتقاضى رشاوي فإنه ينبني على ما ذكرناه..
فالعمل عند هذا الشخص حرام لأن العمل عند فاعل حرام إعانه له على حرامه فالإعانة على الحرام مشاركة للفاعل على الآثم.
وعليك أن تنظر إذا كان هذا الرجل يبلذ من مال من أجل الحصول على الحق الذي يستحقه.. وهنا ليس عليك إثم ولا حرج في البقاء عنده.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/302)
اشترى سيارة للعمل باسمه
س - يوجد رجل يعطي شخصا آخر مبلغاً من المال ليصرفه على مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، وهذا الشخص جمع مبلغاً من هذا المال واشترى سيارة كبيرة يقول أنها للتحفيظ ولكنه سجلها باسمه، فما حكم هذا العمل؟
ج- هذا العمل يحتاج إلى تفصيل أولا كتابة السيارة باسمه غلط كبير، وجناية على مدرسة تحفيظ القرآن الكريم لأنه يترتب على ذلك الفعل أن تكون له ظاهراً فيما لو حصل اختلاف بينه وبين مدرسة تحفيظ القرآن، ثم تتوصل إلى المحكمة فإن الحكم سوف يقضي بالسيارة لمن كتب باسمه، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان الذي اشتري سيارة أو غير سيارة لجهة ما أن يكتبها باسمه مهما كان الأمر إلا إذا قيد ذلك باعتباره وليا على هذه الجهة أو وكيلاً لرئيسها أو ما أشبه ذلك المهم أن يثبت أن هذه السيارة ليست له حقيقة.
ثانيا ما يختص بصرف المال الذي أعطيه، فإن كان لمصلحة المدرسة عامة فلا بأس أن يشتري سيارة لمصلحة المدرسة، فإن كان معيناً للمعلمين والطلبة فإنه لا يجوز صرفه لغيرهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الجلوس مع العصاة مشاركة لهم
س - زملاء لي بمكتب واحد ودائماً من يوم أن عرفتهم وهو يتحدثون عن الجنس والمجلات الخليعة وأنا لا أرضى بهذا الشيء ولكن بحكم ظروف العمل مرغم للجلوس معهم وفي بعض الأحيان أخرج من المكتب منكراً ذلك عليهم ولكني أتحرج بسبب أنه إذا جاء رئيس العمل ولم يجدني على مكتبي فإنه يلومني علماً لو وجدهم يتحدثون لشاركهم في ذلك دون حياء ولا خجل. وهذا قد حصل.. فماذا أعمل؟
ج- إذا كان هؤلاء الذين يتحدثون حديثاً محرما لا يمكن إصلاحهم بنصح، فإن الواجب عليك أن تخرج من هذه الوظيفة إلى وظيفة أخرى، لأن الجلوس مع العصاة مع القدرة على(4/303)
مفارفتهم، مشاركة لهم في الإثم كما قال الله تعالى {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستتهزأ بها فلا تقعدون معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم} .
فالواجب عليك إذا لم يحصل تغير في أحوالهم، أن تطلب وظيفة أخرى حتى لا تشاركهم في الإثم وإذا علم الله من نيتك أنك تحاول الهروب من هذا المحرم يسر الله لك الأمر لقوله تعالى {من يتق الله يجعل له من أمره يسراً} .
وقوله {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
هذا العمل لا يجوز
س - أعرف قريباً لي يعمل بأحد أقسام السنترال ويحول لي بعض المكالمات الدولية دون علم أصحابها بالمجان. فهل على في هذا العمل بشيء رغم أن صاحب الهاتف ناس مقتدرون؟
ج- هذا العمل لا يجوز إلا باذنهم وهو خيانة من قريبك نسأل الله لنا وبكم وله الهداية.
الشيخ ابن باز
* * * *
طرد الموظف الذي لا يصلي
س - هل أسعى لطرد الموظف الذي لا يصلي وهو مسلم - إذا كان تحتد إدارتي - أفتونا مأجورين؟
ج- الواجب عليك نصحة أولا أن يهديه، فإن لم يُفد ذلك تلغى عقده، لأنه إذا كان لا يصلي فهو كافر مرتد.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/304)
التفريق في العمل
س - يوجد في العمل الذي أعمل به أناس يفرقون في عملهم ونصحتهم لكنهم جاهلون لذلك الفعل ماذا أعمل وهل يجوز ذلك؟
ج- يظهر أن المراد بالتفريق في العمل كونهم يقدمون شخصاً وهذا فيه ظلم وجود لواجب التسوية بين المراجعين وأهل الأعمال وذلك بحسب الأولية فإن كان المراد بالتفريق كونهم يخصلون وينصحون إذا كان هناك من يراقبهم أو ينظر اليهم فإذا انفردوا تكاسلوا وتساهلوا فهذا حرام وخيانة في الأعمال التي تسند إلى الإنسان ويكون مأمونا عليها والواجب تكرار نصحهم غلن لم ينتهوا رفع أمرهم إلى رؤسائهم براءة للذمة. واله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
عليك أن تتبين الأمر
س - أنا شخص أسكن مع زملائي، وفجأة ظهر على أحد منهم الثراء السريع، حيث لا يتناسب دخله مع مصاريفه، وقد دخل في نفسي الشك فهل استمر معه في المعيشة أم انعزل عنه؟
ج- الواجب عليك أن تسأل هذا الزميل عن سبب هذا الثراء الذي حصل مفاجأة، فقد تكون هبة من بعض الناس، وقد تكون من عمل خاص يعمله هو بيده، وقد يكون من ميراث فعليك أن تسأله أولا حتى يتبين لك الأمر، فإن تبين أن هذه الثرونة قد جاءت من طريق مباح زال الأشكال، وأن تبين أنها جاءت من طريق غير مباح، فالواجب عليك أن تنصحه، فإن لم يستجب ففارقه لئلا تشاركه في أكل الحرام.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/305)
حكم استعمال الأغراض الحكومية في الأمور الشخصية
س - ما حكم استعمال بعض الأغراض الحكومية الصغيرة بالمكتب استعمالاً شخصياً كالقلم والظرف والمسطرة ونحو ذلك للموظف جزاكم الله خيراً؟
ج- استعمال الأدوات الحكومية التي تكون في المكاتب لأعال خاصة حرام لأن ذلك مخالف للأمانة التي أوجب الله المحافظة عليها إلا بالشيء الذي لا يضر كاستعمال المسطرة فهو لا يؤثر ولا يضر، أما استعمال القلم والأوراق وآلة التصوير فإن استعمالها للأغراض الخاصة وهي حكومية لا يجوز.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم استعمال سيارة العمل في الحاجات الشخصية
س - هل يجوز للمسلم الموظف في دائرة حكومية أن يستخدم سيارة العمل علماً أن لديه سيارة يملكها؟
ج- الموظف عند الدولة يعتبر كالعامل بالأجرة فهو مؤتمن على ذلك العمل الذي نيط به وفوض إليه، ومؤتمن على ما أعطيه من الأدوات والآلات التي يتم بها العمل الذي فوض إليه فلا يستعمل شيئاً منها إلا في العمل الحكومي أو ما يتعلق به فلا يركب فلا يركب السيارة المذكورة في حاجاته الشخصية ولا يستخدم الهاتف ونحوه في مصلحة خاصة وكذا الدفاتر والأوراق والأقلام ونحوه فالتورع عنها وعدم استعمالها لنفسه من تمام وقد قال تعالى {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/306)
صلاة الحارس
س - جندي مكلف بحراسة أحد الأماكن وحان وقت صلاة العصر ولم يصلها إلا بعد صلاة المغرب، لأنه لم يجد من ينيبه للقيام بخفارته، هل عليه إثم في تأخيرها وماذا يفعل من هو على تلك الحال؟
ج- لا يجوز للحارس وغيره أن يؤخر الصلاة عن وقتها لقوله تعالى {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} أي مفروضة في الأوقات. ولأدلة من الكتاب والسنة، وعليه أن يصلي الصلاة في وقتها مع قيامه بالحراسة، كما صلى المسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف وهم مصافون للعدو والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم تعليق الآيات في المكاتب
س - هل يجوز تعليق بعض الآيات القرآنية في المكاتب، وهل صحيح أن حكمها حكم الصور المعلقة؟
ج- تعليق الصور لا يجوز أما تعليق الآيات والأحاديث في المكاتب للتذكير فلا نعلم بأساً بذلك. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
هل يجوز هذا العمل
س - إني شاب لم أحصل على حفظية نفوس وأنا مؤذن مسجد فقال لي إمام المسجد أريد أن أكتبك في الأوقاف لكي تستلم راتب فنكتب الأذان باسم ثان والأذان لك أنت مع استلام الرابت.. هل يجوز أخذ الراتب والأذان بغير اسمي وهل هو زور أم لا وإذا أخذت الراتب وهو زور ماذا أعمل به أأتصدق به أم ماذا أفعل به؟
ج- هذا منكر وزور ولا يجوز، وعليك رد المال إلى الأوقاف، فإن لم يتسير ذلك فتصدق(4/307)
به على الفقراء ونحوهم لأن مال أخذ بغير حق ولم يتيسر صرفه إلى أهله فوجب صرفه في جهة بر كالفقراء وإصلاح دوارت المياه ونحو ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم العمل في المطاعم التي تقدم الخمور ولحم الخنزير
س - الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من نبيل بن عبد الله شاهين إلى سماحة الرئيس العام والمحالة إليها برقم 204 في 9 2 1402 هـ ونصه " نحن هنا في هولندا شباب مسلم متمسك والحمد لله بدينة ولكن الأعمال المتوافرة هنا كلها في الخمر والمطاعم التي تقدم لحوم الخنزير إلى جانب اللحوم الأخرى هل يجوز العمل في غسل الأواني التي يعد فيها لحم الخنزير كعمل لكسب الرزق أفيدونا أفادكم الله وفقنا الله وإياكم وجزاكم الله خيراً "؟
ج- وأجابت بما يلي لا يجوز لك أن تعمل في محلات تبيع الخمور أو تقدمها للشاربين ولا أن تعمل في المطاعم التي تقدم لحم الخنزير للآكلين أو تبيعه على من يشتريه ولو كان مع ذلك لحوم أو أطعمة أخرى سواء كان عملك في ذلك بيعا أو تقديما لها أم كان غسلا لأوانيها. لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان وقد نهى الله عن ذلك بقوله {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} ولا ضرورة تضطرك إلى ذلك فإن أرض الله واسعة، وبلاد المسلمين كثيرة أيضاً فكن مع جماعة المسلمين في بلد يتيسر فيها العمل الجائز قال الله تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدير} وقال سبحانه {ومن يتق الله يجعل له من أرمه يسراً} . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/308)
حكم العمل في مصانع الخمور
س - ما حكم المسلم الذي يبيع الخمر أو المخدرات وهل نسميه مسلماً أم لا؟ وما حكم المسلم الذي يعمل في مصنع الخمر وهل يجب عليه ترك عمله إذا لم يجد سواه؟
ج- بيع الخمر وسائر المحرمات من المنكرات العظيمة، وهكذا العمل في مصانع الخمر من المحرمات والمنكرات لقول الله - عز وجل - {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} ولا شك أن بيع الخمر والمخدرات والدخان من التعاون على الإثم والعدوان، وهكذا العمل في مصانع الخمر من الإعانة على الإثم والعدوان وقد قال الله - عز وجل - {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذلك وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} .
وصح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها.
وصح عنه أيضا ًًًًًً عليه الصلاة والسلام أنه قال {إن على الله عهداً لمن مات وهو يشرب الخمر أن يسقيه من طيئة الخبال} قيل يا رسول وما طينة الخبال قال {عصارة أهل النار أو قال عرق أهل النار} .
أما حكمه فهو عاص وفاسق بذلك وناقص الإيمان، وهو يوم القيامة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وعفا عنه، وإن شاء عاقبة إذا مات قبل التوبة عند أهل السنة والجماعة لقوله سبحانه {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء..} .
وهذا الحكم إذا لم يستحلها، أما إن استحلها فإنه يكفر ولا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات على استحلالها عند جميع العلماء لأنه بذلك يكون مكذب الله - عز وجل - ولرسوله عليه الصلاة والسلام.
وهكذا الحكم فيمن استحل الزنا أو اللواط أو الربا أو غير ذلك من المحرمات المجمع عليها كعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وقتل النفس بغير حق.(4/309)
أما من فعلها أو شيئاً منها وهو يعلم أنها حرام، ويعلم أنه عاص لله بذلك فهذا لا يكون كافراً بل هو فاسق تحت مشيئة الله سبحانه في الآخرة إلا لم يتب قبل الموت كما تقدم في حكم شارب الخمر والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
فتوى في حكم المضطر
س - نشرت " المسلمون " فتوى للشيخ أحمد الكتابي من المغرب بجواز عمل رجل في مقهى يقدم الخمر لأنه في حكم المضطر، فأي اضطرار هذا؟ أريد توضيحاً أكثر حول هذا الموضوع لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، لعن كل من يعمل في الخمر؟
ج- صحيح أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لعن الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحولة إليه وعاصرها ومعتصرها، فهذا العامل إن كان له عمل فيما يتعلق بالخمر كما ذكر في هذا الحديث حرم علمه في هذا المقهى، فإن كان يعمل في جانب آخر كإصلاح طعام أو قهوة أو غسل أواني القهوة ونحو ذلك ولا صلة له بالخمر ولا بمن يتعاطاها فلا إثم عليه، مع أن البعد عنهم أفضل وإنما أبيح له للضرورة إذا لم يجد حرفة ووجها آخر لكسب المعيشة الحلال والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم العمل في الشركات التي تصنع المحرمات كالدخان وغيره..؟
س - إنني كنت أعمل عملاً شاقاً جداً ولم أستطيع أن أستمر فيه فبدأت أبحث عن عمل آخر أخف مشقة ولم أجد إلا عمل في شركة لصنع الدخان والسجاير وأنا الآن أعمل بها منذ بضع شهور مع العلم بأنني لا أشرب السجاير ولا أي نوع من أنواع الدخان والسؤال ما حكم الأجر الذي أتقضاه مقابل هذا العمل هل هوحلال أم حرام مع العلم أني مخلص في عملي والحمد لله؟
ج- لا يحل لك أن أن تعمل في هذه الشركة التي تصنع السجاير وذلك لأن صنع السجاير(4/310)
والاتجار بها بيعا وشراء محرم، والعمل في الشركة التي تصنع إعانه على هذا الحرام وقد قال الله تعالى في كتابه {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} سورة المائدة، الآية 2.
فبقاؤك في هذه الشركة محرم، والأجرة التي تكسبها بعملك محرمة أيضاً وعليك أن تتوب إلى الله وأن تدع العمل في هذه الشركة، والأجرة اليسيرة الحلال خير من الأجرة الكثيرة الحرام لأن الرجل إذا اكتسب مالاً حراماً لم يبارك الله له فيه، وإن تصدق به لم يقبله الله منه، وإن خلفه بعده كان عليه غرمة ولورثته من بعده غنمه. وأعلم أنه قد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً} وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم} سورة المؤمنون، الآية 51، وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون} سورة البقرة، الآية 172 وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام قال النبي عليه الصلاة والسلام {فأني يستجاب لذلك} .
فاستبعد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يستجاب لهذا الرجل الذي قام بأسباب إجابة الدعاء وذلك لأن مطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فإذا كان هذا الداعي مع وجود أسباب إجابة الدعوة يبعد أن يستجيب الله له لكون هذه الأمور حراماً في حقه فإنه يجب على الإنسان الحذر من أكل الحرام والبعد عنه {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} سورة الطلاق، الآية 3، {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} سورة الطلاق، الآية 4.
فنصيحتي لك أيها الأخ أن تتقي الله - عز وجل - وأن تخرج من هذه الشركة وأن تطلب رزقاً حلالاً ليبارك الله لك فيه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/311)
حكم أخذ مرتب " خارج دوام " دون عمل
س - أنا موظف أعمل في أحدي الدوائر الحكومية وأحياناً يصرف لنا بدل خارج وقت الدوام من إدارتنا بدون تكليفنا بالعمل خارج وقت الدوام وبدون حصورنا للإدارة ويعتبرونه مكافأة للموظفين بين الحين والآخر مع العلم أن رئيس الإدارة يعلم عنه ويقره. أفيدونا جزاكم الله خيراً.. هل يجوز أخذ هذا المال؟ وإذا كان يجوز فكيف أعمل فيما استملته من أموال في السابق مع العلم أني قد تصرفت فيها جزاكم الله خيراً؟
ج- إذا كان الواقع ما ذكرت فذلك منكر لا يجوز بل هو من الخيانة، والواجب رد ما قبضت من هذا السبيل إلى خزينة الدولة، فإن لم تستطع فعليك الصدقة به في فقراء المسلمين وفي المشاريع الخيرية مع التوبة إلى الله سبحانه والعزم الصادق ألا تعود في ذفك لأنه لا يجوز للمسلم أن يأخذ شيئاً من بين مال المسلمين إلا بالطرق الشرعية التي تعلمها الدولة وتقرها والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
س - إحدى الشركات يبقى من ميزانيتها مبالغ كبيرة تصرفها للعاملين لديها على أنها مكافأة عمل خارج وقت الدوام الرسمي، ويوقع الموظفين على ذلك ويستلمونها بالتناوب كل سنة وهم
لم يعملوا خارج الدوام، فهل يجوز أخذ هذه الأموال؟
ج- على المسؤولين في هذه الإدارة ألا يتلاعبوا بهذه الأموال وأن يردوا ما فضل منها إلى الخزينة، وذلك لأنها صرفت لجهات فإذا لم تستغرقها تلك الجهات، فلا يجوز لهم أن يعطوها لمن لم يعمل بل عليهم أن يردوها ولو لم تخرج لهم في السنة القادمة أو في السنوات الأخرى وذلك لأنهم مؤتمنون عليها، والمؤتمن عليه أن يؤدي أمانته التي أؤتمن عليها، وإذا احتاجوا إلى خارج دوام ضروري، عملوا بذلك وصرفوا قدر ما يستحقون وأما الموظفون فإذا عملت تلك الدائرة بهذا التنظيم، وصرف لهم فلهم أخذه، عملاً بما ورد في الحديث من قوله، -(4/312)
صلى الله عليه وسلم -، لعمر رضي الله عنه {ما أتاك من هذا المال وأنت غير مشرف فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك} .
الشيخ ابن جبرين
* * * *
هل يجوز لي أخذ هذا المال
س - أعمل في إدارة حكومية معينة وجرى انتدابي إلى مدينة معينة لمدة عشرين يوماً وقد أنهيت ما كلفت به في خلال سبعة أيام ورجعت إلى عملي في إداريت وبعد مدة صرف لي بدل انتداب لعشرين يوماً فهل يجوز لي ذلك المبلغ مع العلم أن إدارتي بمن فيها المدير يعلمون بذلك وهو من صلاحية المدير وإذا كان لا يجوز لي ذلك المبلغ فماذا أعلم به؟
ج- إذا كان العمل الذي انتدبت له كثيراً وشاقاً لا يمكن الانتهاء منه عادة إلا في عشرين يوما لكنك حملت على نفسك وواصلت الشغل أكثر من المعتاد حتى أنهيت العمل الكثير في هذه المدة فإنك تستحق ما قدر للمدة الكثيرة سيما والإدارة والمسؤلون على علم بذلك كما ذكرت والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الأوراق التي فيها ذكر الله
س - تقع تحت يدي بحكم عملي أوراق ومعاملات يذكر فيها اسم الله. ما الواجب اتباعه نحو تلك الأوراق؟
ج- هذه الأوارق التي فيها ذكر الله يجب الاحتفاظ بها وصيانتها عن الابتذال والامتهان حتى يفرغ منها، فإذا فرغ منها ولم يبق لها حاجة وجب دفنها في محل طاهر أو إحراقها أو حفظها في محل يصونها عن الابتذال كالدواليب والرفوف ونحو ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/313)
الشروط الشرعية للعلاوة التشجيعية
س - هل المكافأة التي يعطيها الرئيس في العمل نظير الجهد المخلص للعامل تعتبر رشوة لأنها فوق الراتب الأصلي؟
ج- لا. هذه ليست رشوة ما دام المقصود منها التشجيع على العمل إلا إذا كان هذا العامل لا يقوم بما يجب عليه إلا بهذه المكافأة، فإنه في هذه الحال يكون رشوة ويكون حراماً عليه لأن هذه المكافأة التي بذلت له في مقابل قيامه بواجب عليه، والقيام بالواجب لا يجوز لأحد أن يأخذ عليه مكافأة، لأن ذلك في صميم عمله، فهناك فرق بين أن يعطي الإنسان المكافأة تشجعياً له على القيام بالواجب وبين أن يعطي المكافأة ليقوم بالواجب، لأن القيام بالواجب أمر واجب عليه سواء كوفىء أو لم يكافأ، وأما التشجيع على القيام بالواجب بعد فعله فلا يدخل في الرشوة فهو مباح إلا أن يفضى إلى محذور في المستقبل بحيث يكون العامل متشوفا له، فإن لم يحصل قصر في عمله ففي هذه الحال لا يعطي شيئاً لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
الشيخ ابن عثيمين
مصاريف العلاج تخصم من راتبك
س - وقعت لي حادثة خارج العمل، ولما عجزت عن تحمل مصاريف العلاج جعلتها حادثة عمل، ودفعت الشركة مصروفات العلاج، وأنا نادم الآن. فهل ما فعلت حراماً؟
ج- يلزمك أن تخبر أهل الشركة بحقيقة الحال وتعرض عليهم ردك ما صرفوا عليك من أجرة العلاج أو خصمها من راتبك، فإن عفوا عنك إن لهم الصلاحية سقط العزم وإلا فلا تبرأ ذمتك إلا باستباحتهم أو رد المصاريف إليهم، واستغفر ربك عن الكذب والظلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/314)
خذ المكافأة وارفض البدلات التي لا تحق لك
س - نظراً لمسئوليتي في عملي، فإنه يصرف لي بدلات دون الخروج إلى الأماكن التي أخذ عليه هذه البدلات وقد وافق رئيس المصلحة على ذلك، فهل يجوز؟
ج- من أنيط به عمل وأعطى مالاً على مباشرته لم يحل له المال حتى يقوم بذلك العمل كما ينبغي وبالأخص إذا كان تابعاً لمصالح الدولة وهي التي تبذل المال ولو رضي رئيس المصلحة، لكن في الإماكن تعويض المسئول وكبير القسم عن هذا الانتداب بمكافأة أو ترقية ونحو ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
هذا المال لا تستحقه
س - انتدبت أنا وزميلي إلى أحدى المناطق لمدة أربعة أيام إلا أنني لم أذهب مع زميلي وبقيت على رأس عملي وبعد فترة استلمت ذلك الانتداب فهل يجوز لي استهلاكه أم لا وإذا كان لا يحل لي أخذه فهل يجوز صرفه في مستلزمات المكتب الذي أعمل فيه؟
ج- الواجب عليك رده لأنك لا تستحقه لعدم قيامك بالانتداب، فإن لم يتيسر ذلك وجب صرفه في بعض جهات الخير كالصدقة على الفقراء والمساهمة به في بعض المشاريع الخيرية مع التوبة والاستغفار والحذر من العودة إلى مثل ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/315)
أعطى انتدابا ولم ينتدب
س - أعطيت مبلغا من المال بصفة انتداب علما بأنني لم أذهب خارج عملي، والانتداب عادة لا يصرف إلا لمن يغادر في مهمة خارج البلاد. فماذا أفعل بهذا المال وهل يمكن وضعه في مسجد يراد بناؤه أم ماذا؟
ج- أنا أرى في مثل هذه المسائل أنه إذا أعطى الإنسان انتداباً وهو لم ينتدب أرى أن يبلغ المسئول الذي يرأس رئيسه ويقول إنه أعطاني انتدابا دون أن ينتدبين من أجل أن يتبين للمسئول الكبير خيانة هذا المسئول الثاني حتى يجرى معه ما يجب معه ما يجب إجراؤه على الخونة، لأن المديرين أيضاً ومن دون المديرين ومن فوقهم إذا كانوا يعودون على مثل هذه الحيل التي تفسد المجتمع والأمانة ويحل بنا البلاء، فالذي أرى أن الطريق السليم أن يبلغ عن هذا المدير المباشر من فوقه ويعيد الدراهم للدولة ليسلم من شرها، وهذا من البلاء الذي حل بالبعض وهي المحاباة في أكل مال الدولة بغير حق. فما الذي يحل لك أن تأخذ مالاً من مال الدولة وأنت لم تقم بهذا العمل ثم كيف يحل لهذا المسئول أن يفعل ذلك.
وقد قيل لي إننا نفعل هذا لأن الرجل المنتدب ينتج وليس عندنا بنود للمكافأة فنتحايل على ذلك بأن نعطيه انتدابا دون أن يذهب فهذه الملاحظة غير صحيحة لأن من ينتج ويقوم بعمله يكون قد حلل مشربه ومأكله وجزاه الله خيراً وإذا كان يقوم بأكثر مما كلف به فلا حرج وأن يكتب له شكر وتقدم له ورقة شرف تبقى معه أو يكتسب للمسئول الأعلى وتطلب مكافأة له لعمله أكثر مما يجب عليه، أما أن نخدع الرجل وأنفسنا ودولتنا فهذا ليس بجائز.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/316)
حكم الاشتغال بمهنة الحلاقة وحلق شعر الرأس
س - ما حكم الذي يحلق اللحي وشعر الرأس، وما حكم الحلاق الذي يحلق اللحى؟
ج- حلق اللحية حرام، واتخاذه مهنة حرام لأنه تعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه يقوله {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} .
وأما حلق الرأس فمشروع ولا إثم على من حلق رأس غيره أو أتخذ حلقه حرفة يتكسب منها وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
عليكم بالكلام الطيب لمديرك
س - هل من يتقرب لمديره بالكلمة الطيبة والهدية ويظهر الاحترام له وهو لا يرغب فيه ويتمنى لو يستبدل لغيره، فهل هذا من النفاق؟ علماً أن المدير يتصف بالصفات الحميدة؟
ج- بسم الله والحمد لله.. فالواجب عليه أن ينصحه لله ويدعو له في ظاهر الغيب أن يهديه الله ويوفقه ويترك عنه الهداية، فلا يهدي في هذا الموضع فقد تكون رشوة. ولكن عليه بالنصح والدعاء له في سجوده وآخر صلاته بأن يوفقه الله ويعنيه على أداء الأمانة، فالمؤمن مرآة أخيه. وإياك والنفاق والرشوة. وأما الكلام الطيب فمطلوب مثل السلام عليكم.. كيف حالك، كيف أهلك وغير ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/317)
إنما الأعمال بالنيات
س - تبرعت لمشروع خيري خوفاً وخجلاً من الرئيس المباشر في العمل ولو ترك المجال لي لم أتبرع ولو بنصف قرش، فهل لي ثواب كامل على عملي هذا كما لو كنت قد تبرعت لهذا المشروع من حسن خاطر واختيار مني مع الدليل؟
ج- إذا كان الأمر كما ذكرت فأنت لا تؤجر على هذا المبلغ لأنك لم تقصد به وجه الله وإنما قدمته لوجه صاحبك خوفاً منه وقد ثبت عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى} الحديث.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم مقابلة الأساءة بالاساءة
س - كذب أحد الموظفين على زميله بالعمل عن طريق الوشاية فألحق به ضرراً، فقام المكذوب عليه بنفس الفعله فألحق بصاحبه ضرراً. فما الحكم؟
ج- كل واحد منهما قد أساه بما فعل وعلى كل واحد منهما أن يستبيح صاحبه من مظلمته له وإن لم يحصل ذلك فالله هو الذي يقضي بين عباده يوم القيامة مع وجوب المبادرة بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى من كل واحد منهما.
اللجنة الدائمة
* * * *
لا تقبل المال الإضافي
س - أعمل في احدى شركات الصيانة براتب شهري محدد، لكني أذهب إلى المنازل لإصلاح بعض الآلات يصر بعض أصحابها على منحني مبلغاً إضافياً وأنا أرفض ذلك لكنهم يصرون فماذا أفعل؟!
ج- الورع ألا تقبل هذا الشيء وأن تدعه لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بعث عاملاً على(4/318)
الصدقة يقال له عبد الله ابن اللتبية فلما رجع بالصدقة، قال هذا لكم وهذا أهدى إلي، فخطب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وأنكر ذلك وقال {هلا جلس في بيته أبيه وأمه حتى ينظر أيهدي له أم لا} .. فدل ذلك التعبير وهو هلا جلس في بيت أبيه وأمه، على السبب الذي من أجله حذر أصحاب الأعمال العامة من قبول ما يهدى إليهم، فلو بقيت في منزلك لما أهدى إليك هؤلاء شيئاً.. والأسلم والأورع ألا تقبل شيئاً غير راتبك.. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
عدم امتثال قرار ولي الأمر في ترك التدخين.. من الخيانة
س - أصدر أوالو الأمر قراراًَ حكيماً يمنع التدخين في المؤسسات الحكومية، وبعض المسئوولين ملتزمون بهذا القرار وحريصون على تنفيذه وبعض آخر ليس ملتزماً.. فهل هؤلاء الذين لم يلتزموا به يعتبرون في عداد الخائنين للأمانة التي أسندها لهم ولي الأمر؟
ج- هؤلاء الذين لم يمثلوا الأمر يعتبرون قد خانوا الأمانة وارتكبوا معصيتين إحداهما، تعاطي التدخين وهو محرم ومنكر لما فيه من المضار العظيمة والإسكار في بعض الأحيان.
والثانية عصيانهم لولي الأمر فيما أمرهم به من ترك هذه المعصية ومنع الموظفين منها وقد قال الله - عز وجل {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم..} الآية.
وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ومن عصى الأمير فقد عصاني} متفق عليه واللفظ لمسلم.
والمراد بذلك طاعة الأمير في المعروف لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إنما الطاعة في المعروف} وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/319)
من تولى أمرا فهو مسؤول عمن تحت يده من الموظفين
س - هل يجب على من تولى أمراً من الأمور ومعه موظفون تحت سطلته أن يأمر المقصر منهم في الصلاة بأدائها وهكذا غيرها من أمور الشرع، وهل يدخل ذلك في حديث " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته؟
ج- يلزم كل مسؤول أن يأمر من تحت يديه من الموظفين بما أوجب الله عليهم كأداة الصلاة في الجماعة وأداء الأمانة في الوظيفة وترك ما حرم الله عليهم من الغش والخيانة وإيذاء المراجعين وظلمهم وغير ذلك.. وهو داخل في قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته} أخرجه البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
الشيخ ابن باز
* * * *
اترك عملك ولا تحلق لحيتك
س - إذا اردت أن أعمل بعمل يقتضي مني حلق اللحية فماذا أعمل؟
ج- يقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في الحديث الصحيح {إنما الطاعة في المعروف} . ويقول عليه الصلاة والسلام {لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق} .
فعليك أن تتقي الله وأن لا توافق على هذا الشرط، وأبواب الرزق كثيرة بحمد الله وليست مغلقة بل مفتوحة والله سبحانه وتعالى يقول {ومن يتق الله يجعل له مخرجا} وأي عمل يشترط فيه معصية الله فلا توافق عليه وسواء كان هذا العمل في الجندية أو في غير ذلك من الأعمال فاترك ذلك العمل والتمس عملاً آخر بما أباحة الله - عز وجل - ولا تتعاون على الإثم والعدوان لأن الله يقول {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} .
نتمنى لك ولنا التوفيق بإذن الله.
والواجب عل ولاة الأمور وعلى جميع المسؤولين في الدول الإسلامية أن يتقوا الله وأن(4/320)
لا يلزموا الناس بما حرم الله عليهم وأن يحكموا شريعة الله في كل ما يأتونه ويأمرون به لأن الله يقول سبحانه {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فميا شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} .
ويقول الله سبحانه وتعالى {أفحكم الجاهليم يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} .
ويقول جلا وعلا {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً} .
فالواجب طاعة الله ورسوله، وما أشكل من أمور الناس يرد إلى الله ورسوله، فما ذكر الله في كتابه وفي جميع الأمور، عليهم أن يحكموا شرع الله، وذلك - والله - هو طريق عزهم وطريق نجاتهم وهو طريق سلامتهم في الدنيا والآخرة ولن يبلغوا العز الكامل ورضاه الله التام إلا بطاعته سبحانه وتعالى واتباع شريعته. نسأل الله لنا ولهم التوفيق لما يرضيه.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم ما يسمى بـ " وعد الكشافة "
س - إن معهد البريد الثانوي بالرياض قد لاحظ العبارة التالية " وعد الكشافة أعد بشرفي أن أبذل جهدي لأن أقوم بواجبي نحو الوطن والملك وأن أساعد الناس في كل حين وأن أعمل بقانون الكشافة " وذكل في كتيب الكشافة الذي يصدر عن الأمانة العامة للجنة الكشفية العربية وقد أرفقنا لسماحتكم صورة من الغلاف والمقدمة وصفحة (23) والمدون بها العبارة المذكورة أعلاه، نأمل التلطف بالإطلاع ومن ثم التكرم بافتائنا عن مدى صحة هذا القسم الكشافي لنتمكن من إقراره أو تعديله حسب الفتوى الشرعية؟(4/321)
ج- أولا يحرم القسم بغير الله من أب وزعيم وشرف وجاه ووجيه ونحو ذلك لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت} متفق عليه، وقال {من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله} رواه النسائي، {من حلف بغير الله فقد أشرك} .
ثانيا إنه لا ينبغي للمسلم أن يسوي بين الله وغيره كالوطن والملك والزعيم في أخذ العهد على نفسه بالعمل بها، بل يقول على عهد الله أن أبذل كل جهدي في القيام بواجبي لله وحده ثم أخدم وطني وأساعد المسلمين، وأن أعمل بنظام الكشافة الذي لا يخالف شرعية الله تعالى.
ثالثا يجب أن يكون عمل الإنسان وفق شريعة الله تعالى فلا يجوز له أن يأخذ على نفسه عهداً أن يعمل بقانون دولة أو طائفة أو فئة ما من البشر بإطلاق.
وصلى الله على نبينا محمد وإله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم تعليق الصور
س - ما حكم تعليق الصور؟
ج- لا يجوز تعليق الصور في الجدران ولا في المكاتب ولا غيرها مطلقاً بل الواجب طمسها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا تدع صورة إلا طمستها} ولأن تعليقها يفضي لتعظيمها وعبادتها من دون الله إذا كانت من صور المعظمين كالملوك والزعماء، وإن كانت من صور النساء والمرادان فتعليقها من أسباب الفتنة بها.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/322)
على المسلم أن يؤدي الأمانة
س - بعض الموظفين والعاملين لا يعطون عملهم الحماسة اللازمة، فنجد بعضهم يمر عليه عام فأكثر وهو لا يأمر بخير ولا ينهي عن شر ويتأخر عن العمل ويقول أنا مأذون من رئيسي فلا على شيء. فمن كانت هذه حالة فهل عليه شيء في دينه ما دام على هذه الحال؟
أفتونا جزاكم الله خيراً؟
ج- أولا المشروع لكل مسلم ومسلمة التبليغ عن الله سبحانه وتعالى لما في سمع من الخير كما دل على ذلك قول الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، {نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها} وقال عليه الصلاة والسلام {بلغوا عني ولو آيه} وكان إذا خطب الناس وذكرهم يقول {فليبالغ الشاهد الغائب قرب مبلغ أوعى من سامع} فأنا أوصيكم جميعاً أن تبلغوا ما سمعتم من الخير عن بصيرة وتثبيت. فكل من سمع علماً وحفظه يبلغ أهل بيته وإخوانه ومجالسيه ما يرى فيه الخير من ذلك مع العناية بضبط ذلك وعدم التكلم بشيء لم يحفظه حتى يكون من المتواصين بالحق ومن الدعاة إلى الخير.
أما الموظفون الذين لا يؤدون أعمالهم أو لا ينصحون فيها فقد سمعتم أن من خصال الإيامن أداء الأمانة ورعايتها كما قال الله سبحانه وتعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فالأمانة من أعظم خصال الإيمان، والخيانة من أعظم خصال النفاق. كما قال سبحانه وتعالى في وصف المؤمنين {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون} وقال سبحانه {يا أيها الذين آمنا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنت تعلمون} .
فالواجب على الموظف أن يؤدي الأمانة بصدق وإخلاص وعناية وحفظاً للوقت حتى تبرأ الذمة ويطيب الكسب ويرضي ربه وينصح لدولته في هذا الأمر أو للشركة التي هو فيها أو لأي جهة يعمل فيها، هذا هو الواجب على الموظف أن يتقي الله وأن يؤدي الأمانة بغاية الإتقان وغاية النصح يرجو ثواب الله ويخشى عقابه ويعمل بقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} .
ومن خصال أهل النفاق الخيانة في الأمانات كما قال النبي عليه الصلاة والسلام(4/323)
{آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان} متفق عليه، فلا يجوز للمسلم أن يشتبه بأهل النفاق بل يجب عليه أن يبتعد عن صفاتهم وأن يحافظ على أمانته وأن يؤدي عمله بغاية العناية ويحفظ وقته ولو تساهل رئيسه ولو لم يأمره رئيسه فلا يقعد عن العمل أو يستاهل فيه بل ينبغي أن يجتهد حتى يكون خيراً من رئيسه في أداء العمل والنصح في الأمانة وحتى يكون قدوة حسنة لغيره.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/324)
فتاوى للمدرسين والطلاب
{فتاوى للمدرسين والطلاب}(4/325)
حكم إعادة أسئلة الأختبار
س - يقوم بعض المدرسين عندنا بإعادة أسئلة الاختبار التي اختبر فيها الطلاب الذين في الشعبة السابقة، وربما علم الطلاب بالأسئلة فهل في هذا الشيء؟ مع العلم أنه ربما اشتهر عن هذا المدرس استعماله لهذه الطريقة.. وجزاكم الله خيرا؟
ج- لا يجوز ذلك فإن الاختبارات تجري لأجل معرفة مهارات الطلاب وحفظهم وذكائهم ومتابعتهم ولا يحل للمدرس أن يظهرها أو يشير إليها فإن هذه الأسئلة أمانة عنده ولا يجوز له إطلاع أحد عليها فذلك من الخيانة والغش المحرم فليعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم تأخر المدرس عن الدرس
س - نحن بعض المدرسات، نلاحظ على كثير من المدرسات، أنهن يتأخرن عن الحضور في قاعة الدراسة " الفصل " في الوقت المحدد. فتتأخر المدرسة بعض الوقت، وتكون جالسة مع المدرسات في غرفتهن وليس هناك ضرورة لذلك. فما حكم ذلك؟ مع أننا سمعنا نفس المشكلة عند المدرسين؟
ج- هذا حرام عليهن فلا يحل للمعلم ولا للمعلمة التأخر عن دخول الفصل " قاعة التدريس " من حين إعلان دخول الحصة لقول تعالى {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} وقوله {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا} وقوله {وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} أي اعدلوا وليس من العدل أن يأخذ الموظف من معلم أو معلمة أو غيرهما راتبه كاملاً ويستاهل في أداء وظيفته التي جعل له الراتب في مقابلة القيام بها، فإن حصل ذلك(4/327)
منه فليتحمل الوعيد المذكور في قوله {ويل للمطففين الذين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} . وفق الله الجميع للخيرات وأداء الأمانات.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم غيبة الطالبات والمعلمات
س - يوجد معي زميلات في العمل أغلب كلامهن عن الطالبات والمدرسات.. فقدمت لهن النصح أكثر من مرة وكانت نصائحي إيجابية ولكن ما يلبئن أن يعدن إلى هذا الفعل فماذا علي أن أفعل وهل أكون آثمة معهن؟
ج- ما دمت تقدمين لهن النصيحة عن الكلام الذي لا يحل ولا يجوز في المدرسات والطالبات فأنت على خير وأن امتثلن صار الخير لهن أيضاً وان لم يمتثلن فأنت على خير وهن اللاتي أسأن وأذنين ولكن مع ذلك استمري في نصيحتي حتى ولو عدن إلى ما كن عليه لأنه من كثرة النصيحة والدعوة إلى الله ربما يحصل الإقلاع التام والواجب عليهن وعلى غيرهن أن يحفظن ألسنتهن من القول المحرم وأن يعلمن أنهن لا يتكلمون بأحد بما يكره إلا كان غيبة تجازى الواحدة منهن عليها يوم القيامة فيؤخذ من حسناتهم وتضاف إلى حسنات اللاتي أغتبن.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
أسأل فهل أجيب
س - أنا مدرسة دين متخرجة من الكلية المتوسطة قسم دراسات إسلامية وقد اطلعت على مجموعة من الكتب الفقهية. فما هو الحكم حين أسأل من قبل الطالبات فأجاوبهن عى حسب معرفتي أى عن طري القياس والاجتهاد دون التدخل في أحكام الحرام والحلال؟
ج- عليك مراجعة الكتب والاجتهاد ثم الإجابة بما غلب على ظنك أنه الصواب ولا حرج عليك في ذلك، أما إذا شككت في الجواب ولم يتبين لك الصواب فقولي لا أدري وعديهن(4/328)
بالبحث ثم أجبيهن بعد المراجعة أو سؤال أهل العلم للاهتداء إلى الصواب.
الشيخ ابن باز
* * * *
من أخطاء الطلبة
س - نلاحظ أن بعض الطلبة في مطاعم الجامعة يأخذون أكثر مما هو محدد لهم في الوجبة كأن يأخذ خمسة أصناف والمحدد هو أربعة دون أن يدفعوا الفرق. كذلك نلاحظ أن بعض الطلبة يستحوذون على الصحف والمجلات في الصالة العامة ويأخذونها لغرفهم مع أنها وضعت للجميع فما حكم هذا؟
ج- لا يجوز الأمران كلاهما، أما الأول فلأن الصنف الذي أخذه زائد عما حدد محرم عليه لأنه أكل للمال بالباطل إلا أن يدفع قيمته أو أن يأذن من تكفل بإطعام الطلب، أو أن يرضي بذلك بعد أخباره لأن الحق له , وأما المسألة الثانية وهي استئثاره بما هو له ولغيره فإن هذا لا يجوز إلا إذا كان هناك ترتيب كما لو استعار كتاباً من مكتبة ليقرأ فيه لمدة أيام ثم يعيده فهذا لا بأس به لأنه أخذه على الوجه المشروع.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
تحضير الغائب لا يجوز
س - أحيانا يطلب مني زميلي في المحاضرة أن أقوم بتحضيره مع أنه غائب حيث تمر ورقة التحضير فأكتب اسمه. فهل هذه الخدمة إنسانية، أم أنه نوع من الغش والخداع؟
ج- هي خدمة ولكنها خدمة شيطانية يمليها الشيطان على هذا الذي فعل وحضر من ليس بحاضر وفي ذلك ثلاثة محاذير
المحذور الأول الكذب، والمحذور الثاني خيانة المسئولية في هذه المصلحة، والمحذور الثالث أنه يجعل هذا الغائب مستحقاً للراتب المرتب على الحضور، فيأخذه ويأكله بالباطل، وواحد من هذه المحاذير يكفي بالقول في تحريم هذا التصرف الذي ظاهر سؤال السائل أنه من الأمور الإنسانية، والأمور الإنسانية ليست محمودة على الإطلاق بل ما وافق(4/329)
الشرع منها فهو محمود وما خالف الشرع فهو مذموم، والحقيقة أن ما خالف الشرع مما يقال عنه عمل إنساني فإنه اسم على خير مسماه، لأن ما خالف الشرع فهو عمل بهيمي، ولهذا وصف الله الكفار والمشركين بأنهم كالأنعام {يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام، والنار مثوى لهم} وقال {إن هم إلا كالأنعام. بل هم أضل سبيلاً} فكل ما خالف الشرع فهو عمل بهيمي لا إنساني.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم الغش في الامتحان..
س - ما حكم الغش في أوقات الامتحان علماً بأني أرى كثيراً من الطلبة يغشون وأنصح لهم لكنهم يقولون ليس في ذلك شيء، أفيدوني جزاكم الله خيراً.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟
ج- الغش في الامتحان وفي العبادات والمعاملات محرم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من غشنا فليس منا} ولما يترتب عليه من الأضرار الكثيرة في الدنيا والآخرة فالواجب الحذبر منه والتواصي بتركه.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم الغش في مادة الانجليزي
س - أنا طالب في إحدى الكليات في مدينة الرياض وأللاحظ بعض الطلبة يغشون في الامتحانات وخاصة بعض المواد؟، منها مثلاً مادة اللغة الانجليزية، وعندما أناقشهم في ذلك يقولون أن الغش في مادة اللغة الانجليزية ليس حراماً، وقد أفتى بذلك بعض المشائخ، أرجو إفادتي في هذا العمل وهذه الفتوى؟
ج- قد ثبت عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من غشنا فليس منا} .. وهذا يعم الغش في المعاملات والغش في الامتحان ويعم اللغة الانجليزية وغيرها، فلا يجوز(4/330)
للطلبة والطالبات الغش في جميع المواد لعموم هذه الحديث وما جاء في معناه.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/331)
حكم التصفيق لملاعبة التلاميذ وتشجيعهم
س - هل يجوز التصفيق من الرجل لمداعبة طفله أو أن يطلب من التلاميذ في الفصل التصيفق لتلميذ آخر وذلك لتشجيعه؟
ج- لا ينبغي هذا التصفيق، وأقل أحواله الكراهة الشديدة لكونه من خصال الجاهلية ولأنه أيضاً من خصائص النساء للتنبيه في الصلاة عند السهو، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
حفظ الكتاب والمجلات والجرائد التي فيها صور
س - أنا طالب بالمرحلة الثانوية وهوايتي القراءة والاطلاع مما دفعني إلى الاشتراك في كثير من المجلات الإسلامية والثقافية والعسكرية ولكن البعض من هذه المجلات بل والأغلب لا يخلو من صور الأشخاص مع أنني احتفظ بالمجلات بمكتبة خاصة بي والصور فيها ونحن نعلم ما قيل في المصورين وما قيل من عدم دخول الملائكة البيت الذي فيه كلب أو صورة من الأحاديث النبوية.. أرجو توضيح هذه المسألة توضيحاً يكشف الغموض ويكون جامعاً مانعا؟
ج- لا مانع من حفظ الكتب والصحف والمجلات المفيدة وإن كان فيها بعض الصور لكن إذا كانت الصور نسائية فالواجب طمسها، أما إن كانت من صور الرجال فيكفي طمس الرأس عملاً بالأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/332)
الصور لغرض الذكرى
س - عندما نقوم برحلة مع بعض الطلبة والأصدقاء نلتقظ بعض الصور بقصد الذكرى فقط فما حكم الصور في هذه الحالة؟
ج- حكمها التحريم إذا كان المصور من ذوات الأرواح لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون} ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن المصورون، أما تصوير غير ذات الأرواح كالسيارة والطائرة والنخلة ونحو ذلك فلا حرج فيه، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم التصفيق والتصفير..!
س - ما هو حكم فيما يفعله الناس في الحفلات من التصفيق والصفير؟
ج- الحكم في هذا أنه متلقى من غير المسلمون فيما يظهر فلذلك لا ينبغي للمسلم أن يستعمله وإنما إذا أعجبه شيء يكبر أو يسبح الله - عز وجل- وليس أيضاً على سبيل التكبير الجماعي كما يفعله بعض الناس إنما يسبح الإنسان بينه وبين نفسه، وأما التكبير الجماعي أو التسبيح الجماعي عندما يأتي شيء يدعو للعجب فهذا لا أعلم له أصلا.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم التصفيق في الحفلات
س - ما حكم التصفيق للرجال في المناسبات والاحتفالات؟
ج- التصفيق في الحفلات من أعمال الجاهلية وأقل ما يقال فيه الكراهة، والأظهر في الدليل تحريمه، لأن المسلمين منهيون عن التشبه بالكفرة. وقد قال سبحانه في وصف الكفار من أهل مكة {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصديه} قال العلماء المكاء الصفير والتصدية التصفيق. والسنة للمؤمن إذا رأي أو سمع ما يعجبه أو ما ينكره أن يقول(4/333)
سبحان الله أو يقول الله أكبر كما صح ذلك عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في أحاديث كثيرة، ويشرع التصفيق للنساء خاصة، إذا نابهن شيء في الصلاة أو كن مع الرجال فسها الإمام في الصلاة فإنه يشرع لهن التنبيه بالتصفيق، أما الرجال فينهونه بالتسبيح كما صحت بذلك السنة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا يعلم أن التصفيق من الرجال فيه تشبه بالكفرة والنساء وكل ذلك منهي عنه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم قيام الطالبات للمدرسة
س - ما حكم قيام الطالبات للمدرسة احتراماً لها؟
ج- إن قيام البنات للمدرسة والبنين للمدرس أمر لا ينبغي وأقل ما فيه الكراهة الشديدة لقول أنس رضي الله عنه لم يكن أحد أحب إليهم (يعني الصحابة رضي الله عنه) من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يقومون له إذا دخل عليهم لما يعلمون من كراهته لذلك، وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار} .
وحكم النساء حكم الرجال في هذا الأمر، وفق الله الجميع لما يرضيه وجنبنا جميعاً مساخطه ومناهيه ومنح الجميع العلم النافع والعمل به إنه جواد كريم.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم ضرب الطالبات
س - ما حكم ضرب الطالبات اللاتي يحتجن إلى توجيه سواء في أدب أو علم؟
ج- يحسن الرفق ولين الجانب من المدرس والمعلم للصغار والكبار ولكن إذا استدعى الحال تعزيراً أو ضرباً غير مباح جاز ذلك فإن من عادة السفهاء سوء المعاملة وعدم الاحترام فتدعو الحاجة إلى شدة وقونة تؤثر أكثر من اللطف واللين.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/334)
حكم دراسة النساء للهندسة والكيمياء
س - هل يجوز للفتاة أن تدرس في بعض تخصصات العلوم الطبيعية مثل الكيمياء والفيزياء وغيرها؟
ج- ليس للمرأة التخصص فيما ليس من ششأنها، وأمامها الكثير من المجالات التي تتناسب معها مثل الدراسات الإسلامية وقواعد اللغة العربية، أما تخصصات الكيمياء والهندسة والعمارة والفلك والجغرافيا فلا تناسبها، وينبغي أن تختار ما ينفعها وينفع مجتمعها، كما أن الرجال يعدون لها ما يخصها مثل الطب النسائي والولادة وغيرها.
الشيخ ابن باز(4/335)
الرؤى والأحلام
{الرؤى والأحلام}(4/337)
ما يفعله من رأي في منامه ما يكرهه..
س - لقد كان لي عم يكرهني في حياته ولا يطيقني وكان يضربني وقد توفاه الله، وفي هذه الأيام أحلم أحلاماً مزعجة.. أراه يلاحقني أنا وأبنتي الصغيرة لكني أهرب عنه ولا يستطيع الإمساك بي أرجو إرشادي إلى ما يريحني؟
ج- هذه الرؤيا وأشباهها من المرائي المكروهة من الشيطان والمشروع للمسلم إذا رأي ما يكره أن ينفث عن يساره ثلاثة مرات وأن يتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأي ثلاث مرات ثم ينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحد لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في الحديث الصحيح {الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات ثم لينقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحداً وإذا رأى ما يحب فليحمد الله وليخبر بها من يحب} .
الشيخ ابن باز
* * * *
أرى رؤيا فتتحقق..
س - أنا فتاة أبلغ الثامنة عشر من عمري وأحمد الله أنني مستقيمة في حياتي وملتزمة بديني.. وكثيراً ما أرى في منامي رؤيا غالبا ما تكون هذه الرؤيا مزعجة ولا يمضي عليها إلا أيام معدودة ثم تتحقق وتأتي كفلق الصبح وتنزل المصائب على أهلي وأسرتي. وإذا رأيت هذه الرؤيا فإنني أخبر بها أهلي ويستعيذوا بالله منها.. أرجو إفتائي في أمر يذهب عني هذه المصائب؟(4/339)
ج- المشروع لمن رأى في منامه شيئاً يكرهه أن ينفث عن يساره ثلاث مرات وليتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات ثم لينقلب على جنبه الآخر.. فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحداً لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أمر من رأي في منامه شيئاً يكرهه أن يفعل ما ذكر.. أما أن رأى في منامه ما يسره فإنه يحمد الله على ذلك ولا يخبر به إلا من يحب كما صح بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشيخ ابن باز
* * * *
يراودني حلم مزعج ومتكرر
س - يراودني حلم مخيف مزعج ومتكرر وهو أني وأنا نائم أحلم وكأن شيئاً في فمي يشبه العجين ويضايقني في التنفس والكلام وكلما حاولت نزعه باليد أو الأخذ منه يتجدد غيره وهكذا حتى أصحو من النوم. وأنا خائف جداًَ من هذا الحلم. وقد عكر على حياتي وأصبحت أفكر فيه دائماً، ولا أدري ما سبب ذلك علماً أني أصلي وأصوم وقد قمت بالحج، وأنا استغفر الله دائماً وأتوب إليه ولكنه يتكرر على من شهرين إلى أربعة أو خمس ويعاودني، أسأل الله تعالى أن أجد لديكم تفسيراً لهذا الحلم المخيف والله أسأل أن يوفقكم لما فيه خيري الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه؟
ج- هذا الحلم من الشيطان والمشروع لك ولكل مسلم ومسلمة إذا رأى ما يكره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات وأن يتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاثا ثم ينقلب على جنبه الآخر فإنه لا يضره ولا يخبر بذلك أحداً لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأي أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاثا وليتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاثاً، ثم انقلب على جنبه الآخر فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحداً} فهذا الحديث الصحيح فيه راحة للمؤمن إذا راى ما يكره وهكذا المؤمنة إذا رأت ما تكره وهو بحمد الله دواء عظيم ميسر فعليك يا أخي أن تعمل بذلك وعليك أن تطمئن وتربح قلبك ونفسك بهذا الدواء النبوي العظيم وفق الله الجميع.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/340)
رؤية الأرز الأبيض
س - أحلم كثيراً برؤية الأرز الأبيض.. فما تفسير ذلك؟
ج- أنا لا أعرف تفسير الرؤيا.. وبسبب كثرة عن المرائي- أقول لإخواني إن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أرشد إلى أنه إذا رأى الإنسان في منامه ما يكره، عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويتفلب عن يساره ثلاثا ويقول {أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت} ولا يحدث به أحداً، وينقلب عن جنبه الذي كان نائماً عليه إلى الجانب الآخر وإن قام وتوضأ ثم صلى ركعتين فهذا أفضل.. وحينئذ لا تضره تلك الرؤيا مهما عظم إزعاجها ويسلم الإنسان من هموم كثيرة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
تفسير رؤية المتوفي في المنام..
س - ما تفسير رؤية المتوفي في الحلم وفي كل مرة؟
ج- رؤية المتوفي في المنام إن كانت على وجه طيب فإنه يرجى له الخير وإن كانت على غير ذلك فقط يكون هذا من ضرب الأمثال من الشيطان لأن الشيطان قد يضرب المثل بشخص على وجه مكروه ليحزن الحي، ذلك أن الشيطان حريض على كل ما يدخل الحزن والهم والغم على المؤمنين لقول الله تعالى {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله} سورة المجادلة، الآية 10، وعلى هذا فالإنسان إن رأى ما يكره في منامنه بالنسبة للميت فإنه ينبغي له أن يتعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأى وألا يحدث أحداً بما رأه في هذا الميت وحيئنذ لا يضر الميت شيئاً. وهكذا كل من رأى في منامه ما يكره فإن المشروع له أن يتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى وأن ينقل عن شماله ثلاث مرات وأن ينقلب من جنبه الذي كان نائماً عليه إلى الجنب الآخر، وإن توضأ وصلى فهو أطيب وأفضل ولا يحدث أحداً بما رأى وحينئذ لا يضره ما رأى.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/341)
رؤية الأموات
س - هل أحلام الموت ورؤية الأموات تدل على أن الشخص سوف يموت وماذا يصنع الإنسان لكي تذهب عنه هذه الأحلام؟
ج- هذه الأحلام مما يروع الإنسان في المننام ويفزعه من الشيطان لأن الشيطان حريص على إدخال الحزن والترويع على كل مسلم، قال تعالى {إنما النجوى من الشطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله} . وهكذا الأحلام الرديئة التي تحزن المرء وتروعه إنما هي من الشيطان ولهذا أمر عليه الصلاة والسلام من رأى ما يكره أن ينقل عن يساره ثلاث مرات ويقول {أعوذ من شر الشيطان ومن شر ما رأيت} ثم ينام على الجنب الآخر ولا يحدث أحداً بما رأى.
فإذا رأيت ما تكره من الموت أو غيره فاعمل كما أمر، - صلى الله عليه وسلم -، اتفل على يسارك ثلاث مرات وقل أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت، وعد إذا أردت أن تنام ونم على الجانب الثاني.. وإذا قمت لا تحدث أحداً بما رأيت فإن ذلك لا يضرك.
وعلى هذا فإذا رأى الإنسان في منامه من أمر الموت فإن هذا ليس دليلاً على أنه سيموت قريباً بل هذا من الشيطان من أجل إدخال الحزن عليه، والخوف فليستعذ بالله منه ولا يحدث به أحداً.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
أطير في الفضاء
س - أرى في منامي أحياناً أنني أطير في الفضاء كالطيور، وأرى أحيانا بعض الرؤى التي قد يتحقق بعضها، وكذلك بعض الأشخاص فأراهم مثلا، وهذا الأمر يحيرني على الرغم من سروري به، فما تفسير ذلك؟
ج- لا تخف من آثار هذه الأحلام ولا تحرص على تعبيرها فإن الرؤيا على جناح طائر حتى(4/342)
تعبر، فإذا عبرت وقعت، من أن أكثر الأحلام إنما هي من آثار ما تحدث به نفسك في اليقظة وتكثر الاهتمام به فيتمثل ذلك في المنام، والأولى التوقف عن الجزم بالتعبير بشيء معين والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/343)
{الرشوة واثارها}
الرشوة من كبائر الذنوب
س - من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه أو يسمعه من إخواني المسلمين سلك الله بي وبهم صراطه المستقيم ووقائي وإياهم عذاب الجحيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فإن مما حرصه الإسلام وغلظ في تحريمه الرشوة. وهي دفع المال في مقابل قضاء مصلحة يجب على المسئول عنها قضاؤها بدونه. ويشتد التحريم إن كان الغرض من دفع هذا المال إبطال حق أو إحقاق باطل أو ظلما لأحد.
وقد ذكر ابن عابدين - رحمه الله - في حاشيته أن الرشوة هي ما يعطيه الشخص لحاكم أو غيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد، وأوضح من هذه التعريف أن الرشوة أعم من أن تكون مالا أو منفعة يمكنه منها أو يقضيها له. والمراد بالحاكم القاضي وبغيره كل من يرجى عنده قضاء مصلحة الراشي سواء كان من ولاة الدولة وموظفيها أو القائمين بأعمال خاصة كوكلاء التجار والشركات وأصحاب العقارات ونحوهم، والمراد بالحكم للراشي وحمل المرتشي على ما يريده الراشي تحقيق رغبة الراشي ومقصده سواء كان ذلك حقا أو باطلاً.
والرشوة أيها الأخوة في الله من كبائر الذنوب التي حرمها الله على عباده، ولعن رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، من فعلها فالواجب اجتنابها والحذر منها. وتحذير الناس من تعاطيها لما فيها من الفساد العظيم والإثم الكبير. والعواقب الوخيمة وهي من الإثم والعدوان اللذين نهى الله سبحانه وتعالى عن التعاون عليهما في قوله عز من قائل {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} .
وقد نهى - عز وجل - عن أكل أموال الناس بالباطل فقال سبحانه {يا أيها الذين(4/344)
آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم..} وقال سبحانه {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون..} والرشوة من أشد أنواع أكل الأموال بالباطل لأنها دفع المال إلى الغير لقصد إحالته عن الحق، وقد شمل التحريم في الرشوة أركانها الثلاثة وهم الراشي والمرتشي والرائش وهو الوسيط بينهما. فقد قال، - صلى الله عليه وسلم -، {لعن الله الراشي والمرتشي والرائش} .. رواه أحمد والطبراني.
واللعن من الله هو الطرد والإبعاد عن مظان رحمته نعوذ بالله من ذلك وهو لا يكون إلا في كبيرة، كما أن الرشوة من أنواع السحت المحرم بالقرآن والسنة فقد ذم الله اليهود وشنع عليهم لأكلهم السحت في قوله سبحانه {سماعمون للكذب أكالون للسحت} كما قال تعالى عنهم.. {وترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون، لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون} وقال تعالى {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل} .
وقد وردت أحاديث كثيرة في التحذير من هذا المحرم وبيان عقابة مرتكبيه منها ما رواه ابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به} قيل.. وما السحت؟ .. قال {الرشوة في الحكم} وروى الإمام أحمد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال سمعت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول " ما من قوم يظهر فيها الربا إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب " وروى الطبراني عن ابن مسعود قال السحت الرشوة في الدين وقال أبو محمد موفق الدين ابن قدامه - رحمه الله - في المغنى. قال الحسن وسعيد بن جبير في تفسير قوله تعالي أكالون للسحت هو الرشوة، وقال إذا قبل القاضي الرشوة بلغت به الكفر لأنه مستعد للحكم بغير ما أنزل الله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون.
روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال.. قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين} فقال تعالى(4/345)
{يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا صالحا} وقال تعالى {يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم..} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له.
فاتقوا الله أيها المسلمون واحذروا سخطه أسباب غضبه فإنه جل وعلا غيور إذا انتهكت محارمه وقد ورد في الحديث الصحيح {لا أحد أغير من الله} وجنبوا أنفسكم وأهليكم المال الحرام والأكل الحرام نجاة بأنفسكم وأهليكم من النار التي جعلها الله أولى بكل لحم نبت من الحرام كما أن المأكل الحرام سبب لحجب الدعاء وعدم الإجابة لما مر من حديث أبي هريرة عن مسلم ولما رواه الطبراني عن أبن عباس رضي الله عنهما قال تليت عند رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، هذه الآية {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيباً} فقام سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يقبل الله منه عملا أربعين يوماً، وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به} ذكر ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم من رواية الطيراني- رحمه الله - فدل ذلك على أن عدم إطابة المطعم وحلية المأكل مانع من استجابة الدعاء، حأجب عن رفعه إلى الله وكفى بذلك وبالا وخسرانا على صحابه نعوذ بالله من ذلك وقد دعاكم الله إلى وقاية أنفسكم وأهليكم من النار والنجاة بها من عذاب الله وأليم عقابة حيث قال سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا قد أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} فاستجيبوا أيها المسلمون لنداء ربكم وأطيعوا أمره واجتنبوا نهيه واحذروا أسباب غضبه تسعدوا في الدنيا والآخرة قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعملوا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون واتقوا فتنة لا تصبين الذين ظلموا منكم خاصة واعملوا أن الله شديد العقاب} والله المسؤول أن يجعلنا وإياكم ممن يستعون القول فيتبعون أحسنة ومن المتعاونين على البر والتقوى الملتزمين بكتاب الله وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -،. وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا(4/346)
وأن ينصر دينه ويعلى كلمته ويوفق ولاة أمرنا لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد إنه ولي ذلك والقادر عليه.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد العزيز ابن باز
* * * *
هل هذه رشوة
س - اعمل بمؤسسة للتقليات " مبرد " وأقوم بنقل الفواكة والخضروات من المدينة إلى جدة أو مكة أو الرياض وحال وصولي يقوم صاحب الخضار فيعطيني مبلغاً وقدرة 100 أو 200 ريال. تقديراً لإيصالي الخضار إليه في وقت سريع علماً أن صاحب المؤسسة له علم بذلك.
سؤالي هذه الريالات أو الإكرامية كما يقولون حلال أم حرام أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
ج- نرى أنه لا بأس عليك في أخذ النقود التي دفعها لك صاحب الخضار وعلم بذلك صاحب المؤسسة وقصده بذلك تشجيعك على مواصلة السير والمحافظة على الخضار قبل فسادها. فحيث كنت مستحقا لها بتعبك وحفاظك على المال وحيث طابت بها نفس الدافع والمالك فلا مانع من أخذها ولو كانت زائدة على مرتبك الذي أنت تعمل به فالقصد بذلك تشجعيك على المواصلة وترغيبك فيما فيه مصلحتهم والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم الرشوة وآثارها
س - ما حكم الشرع في الرشوة؟
ج- الرشوة حرام بالنص والاجماع وهي ما يبذل للحاكم وغيره ليميل عن الحق ويحكم لصاحبها بما يوافق هواه، وقد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه لعن الراشي والمرتشي وروي عنه،، أنه لعن الرائش أيضاً وهو الواسطة بينهما ولا شك أنه آثم ومستحق للذم والعيب والعقوبة لكونه معيناً على الإثم والعدوان وقد قال الله سبحانه(4/347)
{وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب} .
س - ما هي آثار الرشوة على عقيدة المسلم؟
ج- الرشوة وغيرها من المعاصي تضعف الإيمان وتغضب الرب - عز وجل - وتسبب تسليط الشيطان على العبد في إيقاعه في معاصي أخرى فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الرشوة ومن سائر المعاصي والتوبة إلى الله سبحانه مما سلف من ذلك.
اللجنة الدائمة
* * * *
آثار الرشوة في المجتمع الإسلامي
س - ما آذار الرشوة على إفساد مصالح المسلمين وسلوكهم وتعاملهم؟
ج- يتضح جواب هذا السؤال من جواب السؤال قبله ومن آثار الرشوة أيضاً على مصالح المسلمين ظلم الضعفاء وهضم حقوقهم أو إضاعتها أو تأخير حصولها بغير حق بل من أجل الرشوة ومن آثارها أيضاً فساد الأخلاق من يأخذها من قاض وموظف وغيرهما وانتصاره لهواه وهضم حق من لم يدفع الرشوة أو إضاعتها بالكلية من ضعف إيمان آخذها وتعرضه لغضب الله وشدة العقوبة في الدنيا والآخرة فإن الله سبحانه يمهل ولا يغفل وقد يعاجل الظالم بالعقوبة في الدنيا قبل الآخرة.. كما في الحديث الصحيح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ما من ذنب أجدر عند الله من أن يجعل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة، من البغي وقطعية الرحم} .
ولا شك أن الرشوة وسائر أنواع الظلم من البغي الذي حرمه وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/348)
دفع مال لتقبيل الحجر الأسود
س - رجل أتى بأمه لتقبل الحجر الأسود وهما حاجان وتعذر ذلك لكثرة الناس فأعطى شخصاً عند الحجر الأسود عشرة ريالات فأبعد ذلك الشخص الناس، وخلا الحجر لهذا الرجل وأمه فقبلاه فهل هذا جائز أم لا؟ وهل له حج أم لا؟
ج- إذا كان الأمر كما ذكر فهذا المبلغ الذي دفعه الرجل للشخص رشوة ولا يجوز له أن يستلمه ويقبله بدون أن يؤدي أحداً استجب له ذلك فإن لم يتمكن من استلامه وتقبيله استلمه بعصا وقبلها. وإن لم يتمكن من استلامه بيده أو بعصا أشار إليه عند محاذاته وكبر، وهذه هي السنة.
وأما بذل الرشوة في ذلك فلا يجوز لا للطائف ولا لغيره، وعلى الجميع التوبة إلى الله من ذلك وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم دفع مبلغ مقابل عقد
س - لي أخ يرغب في العمل في المملكة وهو الحمد لله (ولا نزكى على الله أحد) يسير على هدى المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، ووجد من الفتن والخروج عن حدود الله كثيراً وذلك في عمله في الشركة التي يعمل بها وقد أرسل لي بشهادة تخرجه وهي من كلية التجارية جامعة الإسكندرية عام 1974م قسم الاقتصاد ووجدت عرضا من أحد السعودين معنا أن أعطيه مبلغ 5000 ريال مقابل عقد عمل في الخطوط السعودية وأسأل هل ذلك يوافق الشرع أفتونا في ذلك؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكرت مع دفع مبلغ مقابل عقد العمل في الخطوط السعودية أو نحوها فذلك من كبائر الذنوب كما أن قبول ذلك المبلغ محرم أيضاً لأنه رشوة وقد ثبت أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {لعن الراشي والمرتشي..} الحديث.(4/349)
فعليك اجتناب ذلك وطلب الرزق عن طريق حلال فأبواب الكسب الحلال كثيرة واتق الله وتوكل عليه فإنه {من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
هذه الهدايا في حكم الرشوة
س - أنا مدير إدارة يقوم بعض الناس بعد إنهاء معاملاتهم بإهدائي بعض الهدايا علما أنهم لا يستغنون عن إدارتي وسيراجعونها في يوم من الأيام فهل أقبلها عن حسن نية أم تعتبر من الرشوة والسحت؟ !
ج- الواجب عليك عدم قبول هذه الهدايا لأنها في حكم الرشوة ولأنها قد تحملك على تقديم معاملاتهم على غيرهم طمعا في هداياهم أو حياء منهم وقد ورد في السنة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ما يدل على منع مثل هذه الهدايا.
فالواجب عليك وعلى أمثالك الإخلاص لله في العمل والنصح لجميع المراجعين والحرص على قضاء جميع حاجتهم الأول فالأول والأهم فالأهم وألا يكون للهوى والصداقة أو القرابة أثر في ظلم غيرهم وتأخير معاملاتهم عملاً بقول الله - سبحانه وتعالى - {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها..} وقوله سبحانه في وصف أهل الفلاح {والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون} . والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/350)
{مال اليتيم}
التصرف في مال اليتيم
س - إذا كان عند رجل يتيم وله مال والرجل قائم بمصالح اليتيم فهل يجوز له التصرف في ماله مع العلم أن رأس مال اليتيم محفوظ وسيرجع إليه؟
ج- قد أمر الله سبحانه وتعالى بالإصلاح لليتامي ونهى عن قربان أموالهم إلا بالتي هم أحسن فقال تعالى {يسألونك عن اليتامي قل إصلاح لهم خير وإن تخالظوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح} .
وقال تعالى {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده} فالواجب على وإلى اليتيم أن يعمل بمقتضى هاتين الآيتين وذلك هو الإصلاح في أموال اليتامى وبذل الجهد في تنميتها وتكثيرها وحفظها إما بالتجارة فيها، أو بدفعها إلى ثقة يتجر فيها بجزء مشاع من الربح كالنصف ونحوه حسب المتعارف عليه في بلد المعاملة، وإذا تبرع بجميع الربح لليتيم فذلك خير وأفضل، أما تصرف ولي اليتيم في أموال اليتيم في مصلحة الولي وقضاء حاجاته وتنمية تجارته ونحو ذلك فالظاهر أن ذلك لا يجوز لأن ذلك ليس من الإصلاح لليتيم وليس من قربانها بالتي هي أحسن، أما إذا انفقها ليحفظها لليتيم بنية القرض لكونه يخاف عليها إذا بقيت من التلف أو السرقة ونحو ذلك ولم يجد ثقة يعمل في مال اليتيم فهذا والحالة هذه يعتبر من الإصلاح والحفظ لمال اليتيم إذا كان الولي مليئا ليس على مال اليتيم خطر في بقائه في ذمته والخلاصة أن الواجب على ولي اليتيم هو عمل الأصلح لليتيم. والله سبحانه هو الذي يعلم المفسد من المصلح يجازي كل عامل بعمله إن خيراً فخبر وإن شراً فشر ونسأله أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه.
شيخ ابن باز
* * * *(4/351)
س - يتيم توفي أهله وقمنا برعايته وحفظه وحيث له أعمام ومن يريد الخير ويعطونه فلوسا وممكن تدخل علينا مع العلم بأن الذي يدخل عليه أكثر من ذلك ومعتبربينه واحداً من عيالنا، أفيدونا عن ذلك، جزاكم الله خيراً؟
ج- لا حرج عليكم في أخذ ما يدفع إليه من الصدقات إذا كانت مثل نفقتكم عليه أو أقل أما ما زاد على ذلك فعليك أن تحفظوه له.
وأبشروا بالأجر الجزيل على حضانته والإحسان إليه.
الشيخ ابن باز
* * * *
س - هل يجوز أن يتصرف بمال الأيتام وهم قاصرون؟
ج- نعم يجوز أن يتصرف ولي اليتيم في ماله بما ينفع لليتيم وغبطة له. قال الله سبحانه وتعالى {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده} .
فولي اليتيم يتصرف في مال اليتيم بما ينميه وما هو من مصلحته أما أن يتصرف فيه بما ينقصه أو بما يضره فهذا لا يجوز.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
س - لقد توفي والدي وقد ترك بيتا يسكن فيه إخوتي بمدينة جدة ومبلغاً من المال يقدر بحالي مائة ألف ريال فقط. وطلب والدتي وإخوتي مني أن أبني بيتاً أكبر منه من مال التركة
إلا أن أحد إخوتي لا يزال قاصراً ولا يعلم شيئاً عن ذلك إلا أن فيه مصلحة ظاهرة له. فهل يجوز أن نعمر البيت من ذلك المال مع العلم أن للقصار فيه نصيباً؟
ج- إذا كنت أنت وليا على هذا القاصر ورأيت أن في ذلك مصلحة فلا حرج عليك لقول الله تعالى {ولا تقربوا اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/352)
التصوير ووسائل الإعلام والغناء والموسيقى
{التصوير ووسائل الإعلام والغناء والموسيقى}(4/353)
حكم التصوير
س - ما حكم التصوير؟ وما هي الأحاديث التي جاءت في ذلك وهل هناك فرق بين الصور التي لها ظل والتي لا ظل لها على الراجح من قول العلماء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟
ج- التصوير هو عمل صورة للحيوان الحي المتحرك باختياره كالإنسان والدابة والطير ونحو ذلك وحكمه أنه محرم شرعاً والدليل عليه ما ورد من الأحاديث الكثيرة في ذلك ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون} وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم} متفق عليه. ولهما عن ابن عباس عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ} وروى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس نفس يعذب بها في جهنم} وعن أبي طلحة مرفوعاً {لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو تماثيل} رواه مسلم. وهذه الأحاديث ونحوها عامة في كل صورة سواء لها ظل أي مجسدة أو لا ظل له وهي المنقوشة في حائط أو ورق أو ثوب أو نحو ذلك وقد ثبت أنه، - صلى الله عليه وسلم -، دخل الكعبة وفيها صور فدعا بدلو من ماء فجعل يمحوها ويقول {قاتل الله قوما يصورون مالا يخلقون} وقد يستثنى في هذه الأزمنة الأوراق النقدية التي(4/355)
فيها صور الملوك وكذا الجوازات وحفائظ النفوس للحاجة والضرورة إلى حملها ولكن يقتصر على قدر الحاجة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
صور جميع الأحياء محرمة إلا للضرورة
س - لقد بلغنا من بعض الناس أن الصور حرام وأن الملائكة لا تدخل البيت الذي توجد به الصور هل هذا صحيح وهل القصد من هذه الصور المحرمة المصورة كهيئة الآدمي أو الحيوان يعني المجسمة أم هي تشمل جميع التصاوير كالصورة الموجودة في حفيظة النفوس والموجودة في الفلوس، إذا كان التحريم يشمل هذا كله فما هو الحل من إخلاء البيت من هذه كلها أفيدونا؟
ج- نعم إن الصور جميع الأحياء من آدمي أو حيوان سواء كانت مجسمة أم رسوما وألوانا في ورق ونحوه أم نسيجا في قماش أو صوراً شمسية، وأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة لعموم الأحاديث الصحيحة التي دلت على ذلك، ويرخص فيما دعت إليه الضرورة كصور المجرمين والمشبوهين لضبطهم، والصور التي في جوازات السفر وحفائظ النفوس ونرجو ألا تكون هذه وأمثالها مانعة من دخول الملائكة البيت لضرورة حفظها وحملها، والله المستعان وهكذا الصور التي تمتهن كالتي في الفراش والوسائد. ومن الأحاديث الواردة في ذلك قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم} رواه البخاري، وروى أيضاً عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لعن أكل الربا وموكله ولعن المصور.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/356)
حكم التصوير " الفوتوغرافي "
س - هل التصوير الفوتوغرافي يدخل في حكم التصوير باليد والتصوير المحسوس أم لا..؟
ج- القول الصحيح الذي دلت عليه الأدلة الشرعية وعليه جماهير العلماء أن أدلة تحريم تصوير ذوات الأرواح تضم التصوير الفتوغرافي واليدوي مجسماً أو غير مجسم لعموم الأدلة وسبق أن أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في هذه الرئاسة فتوى في الموضوع ترسل لك صورتها لمزيد الفائدة وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم التصوير الشمسي
س - ما حكم تصوير الصورة الشمسية للحاجة أو للزينة؟
ج- تصوير الأحياء محرم إلا ما دعت إليه الضرورة كالتصوير من أجل التابعية وجواز السفر وتصوير المجرمين لضبطهم ومعرفتهم ليقبض عليهم إذا أحدثوا جريمة ولجؤوا إلى الفرار، ونحو هذا مما لابد منه.
اللجنة برئاسة ابن باز
* * * *
حكم الصورة للضرورة
س - يقول ما حكم الصورة إجمالاً؟ أي للضرورة وغير الضرورة؟
ج- تصوير ذوات الأرواح حرام سواء كان فوتوغرافيا أو نقشا ببيد أو آلة ونحو ذلك واقتناء الصور حرا وإذا اضطر الإنسان إلى شيء من ذلك بدون محض اختياره كأن يطلب منه صورة لجواز سفر أو لمنحه التابعية ونحوه جاز له ذلك مع كراهة قلبه للتصوير.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/357)
تحنيط الحيوانات والطيور لا يجوز
س - ما حكم تحنيط الحيوانات والطيور وهل يعتبر هذا من صنع التماثيل؟
ج- سئلنا عن هذا في لجنة البحوث العلمية والإفتاء واجتمع رأينا أنه لا يجوز لأمرين أو أكثر.
1- أنه نوع من العبث وإضاعة المال.
2- أنه يفضي إلى تعليق الصور تشبها بأنها من جنس المحنطات أو يلبس بها فيقول هذه محنطة وليست صورة فتكثر الصور والتماثيل فرأينا أن التحنيط لا يجوز.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/358)
حكم العمل في وظيفة مصور
س - إني أعمل في إحدى الدوائر الحكومية في وظيفة مصور وأقوم بالتصوير في المناسبات وذلك عن طريق آلة الكمرة وعلمت أن التصوير حرام وهو تصوير الإنسان أرجو إفتائي في هذا لأتبعد عما يغضب الله تعالى حفظكم الله ووفقكم لما فيه الخير؟
ج- تصوير كل ما فيه روح من إنسان أو حيوان حرام سواء كان التصوير بالرسم أو النسيج أو الصبغ أو الكمرة أم غير ذلك وسواء كان مجسماً أم غير مجسم لعموم الأحاديث الثابتة الدالة على تحريمه. وقد صدر في ذلك فتوى من اللجنة الدائمة مفصلة بالأدلة فنرسل لك صورتها زيادة في الفائدة وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم المصورين
س - ورد لعن المصورين - بالكسر - فهل يشمل المصورين - بالفتح - وهل ورد فيهم دليل خاص؟
ج- كما أن الأدلة وردت في لعن المصورين وتوعدهم بالنار في الدار الآخرة فكذلك الذي يقدم نفسه من أجل أخذ صورة له داخل في ذلك، قال تعالى {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم " وقال تعالى في قصة ثمود {كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها فدمام عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها} قال عبد الواحد بن زيد قلت للحسمن يا أبا سعيد أخبرني عن رجل لم يشهد فتنة ابن اللهب إلا أنه رضي بقلبه قال يا ابن أخي كم يد عقرت الناقة قال فعلت يد واحدة قال أليس قد هلك القوم جميعاً برضاهم وتساليهم. رواه الإمام أحمد في(4/359)
الزهد، فهاتان الآيتان تدلان على أن الراضي بالفعل كالفاعل، ولا يدخل في ذلك من اقتضت الصورة أن يأخذ صورة له.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم تعليق الصور
س - حكم تعليق الصور في المنازل وفي غيرها؟
ج- حكم ذلك التحريم إذا كانت الصور من ذوات الأرواح من بني آدم أو غيرهم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لعلي رضي الله عنه " ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته " رواه مسلم في صحيحه، ولما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها علقت على سهوة لها ستراً فيه تصاوير فلما رآه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، هتكه وتغير وجهه صلى الله عليه وسلم وقال يا عائشة {إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم} أخرجه مسلم وغيره، لكن إذا كانت الصورة في بساط يمتهن أو وسادة يرتفق بها فلا حرج في ذلك لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان على موعد مع جبرائيل فلما جاء جبرائيل امتنع عن دخول البيت فسأله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال إن في البيت تمثالاً وستراً فيه تصاوير وكلبا فمر برأس التمثال أن يقطع وبالستر أن يتخذ منه وسادتان منتبذتان توطآن ومر بالكلب أن يخرج ففعل ذلك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فدخل جبرائيل عليه السلام. أخرجه النسائي وغيره بإسناد جيد، وفي الحديث المذكور أن الكلب كان جروا للحسن أو الحسين تحت نضد في البيت وقد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {لا تدخل الملائكة بيتا فيه صور ولا كلب} متفق عليه، وقصة جبريل هذه تدل على أن الصورة في البساط ونحوه لاتمنع من دخول الملائكة، ومثل ذلك ما ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها أخذت من الستر المذكور وسادة يرتفق بها النبي، - صلى الله عليه وسلم -،.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/360)
حكم التصوير للذكرى
س - هل يجوز لإنسان تصوير نفسه وإرسال الصورة إلى أهله في أوقات عيد ونحوها؟
ج- قد تكاثرت الأحاديث عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في النهي عن التصوير ولعن المصورين ووعيدهم بأنواع الوعيد، فلا يجوز للمسلم أن يصور نفسه ولا أن يصور غيره من ذوات الأرواح إلا عند الضرورة كالجواز وحفيظة النفوس ونحو ذلك، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يوفق ولاة الأمر للتمسك بشريعته والحذر مما خالقها إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * * *
جمع الصور للذكرى
س - هل يجوز جمع الصور بقصد الذكرى أم.. لا..؟
ج- لا يجوز لأي مسلم ذكراً أم أنثى جمع الصور للذكرى أعنىن صور ذوات الأرواح من بني آدم وغيرهم بل يجب إتلافها لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال لعلي رضي الله عنه لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن الصورة في البيت، ولما دخل الكعبة عليه الصلاة والسلام يوم الفتح رأى في جدرانها صوراً فطلب ماء وثوبا ثم مسحها، أما صور الجمادات كالجبل والشجر ونحو ذلك فلا بأس به..
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم الاحتفاظ بالصور
س - هل يجوز الاحتفاظ بالصور الصغيرة. والصور مصورة نصف الجسم وبعضها كامل الجسم للاحتفاظ بها في (البوم) فقط وليس الاحتفاظ بقصد التعليق على جدران المنزل أفيدونا بذلك؟
ج- لا يجوز الاحتفاظ بالصور ولو غير معلقة على الجدران أو غيرها إلا في تابعية أو جواز(4/361)
سفر أو نقود أو نحو ذلك مما تدعو إليه الحاجة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لعلي رضي الله عنه لا تدع صورة إلا طمستها.
اللجنة الدائمة
* * * *
س - ما حكم جمع الصور للذكرى؟
ج- جمع الصور للذكرى محرم، ولا يجوز للإنسان أن يقتني صورة إلا إذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى ذلك كصور رخص القيادة وصور الإقامة وبطاقة إثبات الشخصية وبطاقة جواز السفر، وأما ما ليس له حاجة وإنما هو للذكرى فإن اقتناؤه حرام لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم الرسم الكاريكاتوري
س - ما حكم الرسم (الكاريكاتيري) والذي يشاهد في بعض الصحف والمجلات ويتضمن رسم أشخاص؟
ج- الرسم المذكور لا يجوز وهو من المنكرات الشائعة التي يجب تركها لعموم الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم تصوير كل ذي روح سواء كان ذلك بالآلة أو باليد أو بغيرهما.
ومن ذلك مارواه البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لعن آكل الربا وموكله، ولعن الصور} ومن ذلك أيضاً ماثبت في الصحيحين عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون} وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم} . إلى غير ذلك الأحاديث الكثيرة في هذا الموضوع ولا(4/362)
يستثنى من ذلك إلا من تدعو الضرورة إلى تصويره لقول الله عز وجل " وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه " الآية.
أسأل الله أن يوفق المسلمين للتمسك بشريعة ربهم والاعتصام بسنة نبيهم صلي الله عليه وسلم والحذر مما يخالف ذلك أنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم الصور والمجلات والتلفاز ووضعها في المصلى
س - اختلفنا في موضوع التصوير الفوتوغرافي والشمسي الذي لم تذكروه في رسالتكم، ما حكم التصوير وهل هو داخل في حكم التصوير اليدوي أم أنه خارج عنه؟ وقد أدعى بعضهم أنه جائز لأنه ليس تصويراً يدوياً وإنما هو عبارة عن التقاط صورة لخيال الإنسان مع عدم بذل أي جهد سوى الضغط على الزر لتخرج الصورة مطابقة للخيال، وقد أراني أحد أصدقائي صورة فوتوغرافية لفضيلتكم في مجلتي المجتمع الكويتية والاعتصام المصرية مع فتواكم في أحكام الصورة في شهر رمضان المبارك فهل ظهور صورتكم في المجلة دليل على جواز ذلك أم أن هذا الشيء حصل من غير علمكم؟
وإن كان التصوير الفوتوغرافي غير جائز فم حكم شراء المجلات والجرائد المليئة بالصور مع ما فيها من أخبار مهمة وغير ذلك من المعلومات الغث منها والسمين. أفيدونا في هذا؟
وهل يجوز وضع هذه المجلات في المصلى حتى ولو مغطاة بثوب ونحوه، أم يجب اتلافها بعد قراءتها، وما حكم النظر إلى الصور المتحركة مثل التي في التلفاز وهل يجوز تشغيل التلفاز في المصلى؟
أفيدونا في أحكام هذه الأشياء أفادكم الله؟
ج- وأجبات بما يلي
أولا التصوير الفوتوغرافي الشمسي من أنواع التصوير المحرم، فهو والتصوير عن طريق النسيج والصبغ بالألوان والصور المجسمة سواء في الحكم والاختلاف في وسيلة التصوير وآلته لا يقتضي أختلافاً في الحكم، وكذا لا أثر للاختلاف فيما يبذل من جهد في التصوير(4/363)
صعوبة وسهولة في الحكم أيضاً، وإنما المعتبر الصورة فهي محرمة وإن اختلفت وسيلتها وما بذل فيها من جهد.
ثانيا ظهور صورتي في مجلتي المجتمع والاعتصام مع فتواي في أحكام الصيام في شهر رمضان ليس دليلاً على إجازتي التصوير، ولا على رضاي به، فإني لم أعلم بتصويرهم إياي.
ثالثا المجلات والجرائد التي بها أخبار مهمة ومسائل علمية نافعة وبها صور لذوات الأرواح يجوز شراؤها والانتفاع بما فيها من علم وأخبار مهمة لأن المقصود منها ما فيها من العلم والأخبار، والصور تابعة، والحكم يتبع الأصل المقصود إليه دون التابع، ويجوز وضعها في المصلى مع إخفاء ما فيها من الصور بأي شكل لينتفع بما فيها من مقالات أو طمس رؤوس الصور بما يذهب بمعالمها.
رابعا لا يجوز وضع التلفاز في المصلى لما فيه من اللهو الباطل، ولا يجوز النظر إلى ما فيه من الصور العارية أو الخليعة وقد صدرت فتوى في حكم التلفاز وما يتعلق به من سماع، ونظر إلى ما فيه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
توضيح حول فتوى الشيخ ابن عثيمين في الصور
س - فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
لقد كثر عرض الصور الكبيرة والصغيرة في المحلات التجارية وهي صور إما لممثلين عالميين أو ناس مشهورين. وذلك للتعريف بنوع أو أصناف من البضائع كالعطورات وغيرها. وعند إنكارنا لهذا المنكر. يجبينا أصحاب المحالات بأن هذه الصور غير مجسمة وهذا يعني أنها ليست محرمة وهي ليست تقليداً لخلق الله باعتبارها بدون ظل ويقولون إنهم قد اطلعوا على فتوى لفضيلتكم بجريدة (المسلمون) مفادها أن التصوير المجسم هو الحرام وغير ذلك فلا.(4/364)
نرجو من فضيلتكم توضيح ذلك. وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج- بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
من نسب إلينا أن المحرم من الصور هو المجسم وأن ذلك غير حرام فقد كذب علينا ونحن نرى أنه لا يجوز ليس ما فيه صورة سواء كان من لباس الصغار أو من لباس الكبار وأنه لا يجوز اقتناء الصور للذكرى أو غيرها إلا ما دعت الضرورة أو الحاجة إليه مثل التابعية والرخصة. والله الموفق.
الشيخ محمد الصالح العثيمين في 11 6 1412هـ
* * * *
الكلمة التي وجهها سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز لطلاب قسم الاعلام بكلية اللغة وأسئلتهم التي أجاب عليها
قال سماحته بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله
تعلمون أن المستقبل خطير بالنظر إلى دعاة الهدم وكثرة المنحرفين عن الصراط المستقيم في العالم.. ورجال الإعلام واجبهم لا يخفى على أمثالكم.. واجبهم عظيم في توجيه الناس إلى الخير.. وفي تثبيتهم على الحق.. وفي تحذيرهم من الباطل.. وفي شرح عواقب الأعمال السيئة.. وعواقب الأعمال الحسنة، وفي بيان حال الماضين.. ومن عمل أعمالاً صالحة فصارت له العاقبة الحميدة.. ومن كان بضد ذلك فكانت له العاقبة الوخيمة والكلام إذا صدر من إنسان يعقل ما يقول بما يقول صارت له آثاره الطيبة في المجتمع.. وإذا صدرت التوجيهات والنصائح من إنسان لا يمثل قوله عمله ولا ترى عليه آثار ما يدعو إليه في الغالب أن نصائحه وتوجيهاته لا يكون لها أثرها المطلوب.. ولو كان صادقاً في قوله لتأثر بما قال.
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله دائماً وأن تهتموا بالعمل بما تعلمون أنه خير، وأن تكونوا من أسبق الناس إلى كل ما تعتقدون أن صلاح وأنه ينبغي أن يدعي إليه. وأن تظهر عليكم(4/365)
آثار ذلك في الأقوال والأعمال والسيرة الظاهرتة والباطنة وفي كل شأن من شئون حياتكم، وأن تكونوا من أبعد الناس عما تحذورن الناس منه، وبذلك تكونون أمثلة صالحة وكريمة.
ورجال الأعلام شأنهم كبير وعظيم، ومسئووليتهم عظيمة، وعواقبها خطيرة، فالوصية تقوى الله أينما كنتم وأن تكون عندكم بطانة صالحة ونية طيبة لنصح المسلمين يعلمها الله منكم، وأن تكونوا على ضوئها في أعمالكم وأقوالكم في الدراسة وبعد الدراسة.. وفي أي عمل تتولونه سواء كان ذلك في الإعلام أو في أعمال أخرى قد تتولونها. وأن تكونوا دعاة وأمثلة حية في النصح والصدق.. وأن تكونوا صبراً في مواطن الصبر.. فلا تمثلوا ولا تضعفوا.. ولا تكسلوا.. تصيرون على الحق وتثبتون عليه عند الزعازع وعند الفتن والمصائب.. وتتحملون مسئولية الحق أينما كنتم.
أسأل الله سبحانه أن يبلغنا وإياكم كل ما نرجو من الخير.. وأن يمنحنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح وأن يزودنا من التقوى إنه خير مسؤول. والله ولي التوفيق.
وبعد هذه الكلمة التوجيهية فتح فضيلته المجال لأسئلة الطلاب فكان منها ما يلي
س - أصبحت الصورة الحية الآن من ضروريات الإعلام.. وباتت تستخدم في تحقيق بعض المآرب الي يريدها أهل الإعلام، كما يوجد هذا أيضاً في الأفلام التليفزيونية فما رأي سماحتكم في ذلك؟
ج- هذا محل نظر.. وما زال عندي توقف عن الظهور في التلفاز من أجل التصوير، ولكني قد بحثت مع كثير من إخواني المشايخ.. وقلت لهم.. الذي يرى منكم أن ظهوره في التلفاز فيه مصلحة للعامة.. ولإفادة الناس، ودعوتهم إلى الخير، ولئلا ينفرد أهل الانحراف بالظهور، في التلفاز فلا مانع إن شاء الله فيما أرى.
فالذي خرج من المشايخ والعلماء في التلفاز لهم هذا القصد، أي نفع المسلمين وإجابة السائلين، والرد على المبطلين، والدعوة إلى الله عز وجل فلهم بهذا القصد أجر عظيم، وأسأل الله أن يعفو عما يحصل من آثار التصوير.
* * * *(4/366)
س - ما حكم تصوير وقائع الاحتفالات والمؤتمرات والندوات بالفيديو؟
ج- مثل ما تفدم في السؤال الأول، عند رجاء المصلحة العامة في تصوير الحفلة أو الندوة أو المجتمع الإسلامي الذي فيه الدعوة إلى الله، إذا رؤى في هذا أن المصلحة أكثر، وأن هذا التصوير يترتب عليه الخير ونفع الناس.. وإنتفاعهم بهذا الحفل أو هذه الندوة فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
* * * *
س - هناك مادة للتدريب التلفيزيوني حتى يقتن الطالب فن التصوير.. فهل يأثم في استعماله آله التصوير؟
ج- إذا كان لأجل المصلحة (التي تقدمت) وهي النية الصالحة وأن يقصد بعمله هذا وجه الله لا لقصد مكاسب الدنيا فلا بأس.
* * * *
س - هل يأثم المصِّور والمصوّر، أم المصِّور فقط؟
ج- كلاهما إذا لم يكن التصوير مسوغ شرعي.
* * * *
س - أصبح الآن من ضروريات الإخراج التلفزيوني (الماكياج) للرجال فهل هو جائز أم لا؟
ج- إذا كان لا يضر البشرة بعد إزالته من الوجه فلا بأس في ذلك، أما إذا كان يضر بشرة الوجه ويكون له تأثيرا عليها بعد غسله فلا يجوز.
* * * *
س - هل يجوز أن يكون هناك ما يسمى بـ " حرية الرأي ".. أي يفتح المجال لأهل الخير وأهل الشر كل يدلي بدلوه في المجتمع؟
ج- هذا باطل لا أصل له في الإسلام - بل يجب أن يمنع الباطل ويسمح للحق - ولا يجوز أن يسمح لأحد يدعو إلي الشيوعية أو الوثنية أو يدعو إلى الزنا أو القمار، أو غير ذلك(4/367)
سواء بالأسلوب المباشر أم غير المباشر، بل يمنع ويؤدب، بل إن هذه هي الإباحية المحرمة.
* * * *
س - قد يضطر رجل الإعلام المسلم لحضور بعض الحفلات أو المسرحيات فيجلس رغم وجود الموسيقى ورغم المشاهد المؤذية، وذلك حتى يبين ضررها على المجتمع فهل يأثم في ذلك؟
ج- إذا كان المقصود المصلحة العامة وليس التمتع، وأنه قصد من حضوره أن يحذر من الشر.. فدخل في هذه المعمعة أو في هذا المجتمع الذي فيه ما يذم ليعرف شره.. ويبين عيوبه.. بقصد صالح فلا بأس. أما إن دخله لقصد التمتع أو الشر فلا.
قال تعالى
* * * *
س - قال تعالى {إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره} الآية، وقال صلى الله عليه وسلم {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر} . فجعل الله الذين يجلسون مع الخائضين ولم ينكروا عليهم مثلهم.
* * * *
س - يلزم بعض المدرسين الطلاب برؤية برنامج معين في التلفاز - وذلك لغرض تحليل هذا البرنامج - أي ليعود عليهم بالفائدة.. فما حكم رؤية التفاز في هذه الحالة؟
ج- إذا كان من باب امتحان الفهم لدى الطالب في غير محرم فلا شيء في ذلك.
* * * *
س - ما حكم الاستماع لصوت النساء في المذياع إذا كان البرنامج يعود عل الشخص بالفائدة سواء في دينه أو في أخلاقه؟
ج- إذا لم يخش الفتنة فلا بأس.. أما إذا خشي الفتنة فلا ينبغي له بل يمسك عن الإستماع.
* * * *(4/368)
س - هل تجوز مراقبة المجلات الفاسدة.. وأشرطة الفيديو لكشف زيفها وبطلانها والتحذير منها؟
ج- نعم.. يجب أن يعتني بالأشرطة الفاسدة.. والأفلام التي يخشى منها، وتجميع ما يخشى منه سواء في التلفاز أم في المجلات أم في الإذاعة والصحافة، والفيديو، وغير ذلك..
يجب أن يكون هناك من يشرف على هذه الأشياء ليمنع الشر ويسمح بالخير ولو بأجرة، وأجرته حلال إذا كان المقصود أن يعرف الخير فيأذن فيه، ومن فعله بأجر دنيوي مع الإحتساب فله أجر وأجره جميعاً.
وهذا أيضا ينطلبق على عامة الناس الذين يريدون أن يشاهدوا ذلك ليبلغوا المسؤولين حتى يحذروا الناس منها.
* * * *
س - هناك بعض البرامج يقدمها رجل وتشارك معه امرأة، وهذه الظاهرة موجودة في أغلب الإذاعات - فما رأي سماحتكم في ذلك؟
ج- أنا لا أرى أن تشارك المرأة الرجل في الإذاعة لأن صوتها الرخيم يسبب الفتنة بها.. ولأن ذلك يؤدي إلى اختلاطها بالرجال أثناء تسجيل البرنامج وخلوتها بهم.. وذلك يجر إلى الفتنة.. والغالب في النساء قلة التحرز من أسباب الفتنة.. والله سبحانه وتعالى يقول {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول} ويقول تعالى {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} قال العلماء التبرج هو التكسر والتغنج وإظهار المفاتن.
فالمذيعة سوف تفعل كل ما تستطيع لتحسين صوتها، لعلها تؤثر على المستعمين.. فلا ينبغي أن تكون المرأة مذيعة أبداً.. وينبغي أن تطهر الإذاعة من الجنس النسائي حذراً من الفتنة، ولهن أعمال أخرى. كالتدريس والخياطة وغير ذلك.
* * * *(4/369)
س - ما حكم الاسم المستعار في الصحافة.. كأن يكتب الشخص مقالاً بغير اسمه الحقيقي؟
ج- إذا كان فيه مصلحة فلا بأس.. وتكون الأسماء صادقة.. كأن يكتب {مسلم بن عبد الله} أو {عبد الله بن عبد الرحمن} وهكذا.
* * * *
حكم التلفاز
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه الله تعالى
أما التلفزيون فهو آله خطيرة واضرارها كالسينما أو أشد وقد علمنا عنه من وسائل المؤلفة في شأنه ومن كلام العارفين به في البلاد العربية وغيرها ما يدل على خطورته وكثرة أضراره بالعقيدة والأخلاق وأحوال المجتمع، وما ذلك إلا لما يبث فيه من تمثيل الأخلاق السافلة والمرائي الفاتنة والصورة الخليعة، وشبه العاريات والخطب الهدامة، والمقالات الكفرية والترغيب في مشابهة الكافر في أخلاقهم وأزيائهم وتعظيم كبرائهم وزعمائهم والزهد في أخلاق المسلمين وأزيائهم والاحتقار لعلماء المسلمين وأبطال الإسلام وتمثيلهم بالصورة المنفرة منهم والمقتضية لاحتقارهم والإعراض عن سيرتهم وبيان طرق المكر والاحتيال والسلب والنهب والسرقة وحياكة المؤتمرات والعدوان على الناس.. إلخ.
ولا شك أن ما كان بهذه المثابة وترتيب عليه هذه المفاسد يجب منعه والحذر منه وسد الأبواب المفضية إليه، فإذا أنكره الإخوان المتطوعون وحذروا منه فلا لوم عليهم في ذلك لأن ذلك من النصح لله وعباده، ومن ظن أن هذه الآلة تسلم من هذه الشرور ولا يبث فيها إلا الصالح العام إذا روقبت فقد أبعد النجعة وغلط غلطاً كبيراً، لأن الرقيب يغفل، لأن الغالب على الناس هو التقليد للخارج والتأسي بما يفعل فيه، ولأنه قل أن توجد رقابة تؤدي ما أسند إليها، ولا سيما في هذا العصر الذي مال فيه أكثر الناس إلى اللهو والباطل، وإلى ما يصد عن الهدى، والواقع شاهد بذلك كما في الإذاعة والتليفزيون في بعض الجهات فكلاهما لم يراقب الرقابة المانعة من أضرارها، ونسال الله أن يوفق حكومتنا لما فيه صلاح الأمة ونجاتها وسعادتها في الدنيا والآخرة، وأن يصلح لها البطانة، وأن يعينها على(4/370)
إحكام الرقابة في هذه المسائل حتى لا يبث منها إلا ما ينفع الناس في دينهم وديناهم.. إنه جواد كريم.
* * * *
س - فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين حفظه الله.. إن مما عمت به البلوى هذا التلفاز الذي لا يكاد يخلو منه بيت في بر أو بحر مع العلم أنه يعرض فيه ما يلي
(1) الغناء بميوعته والموسيقى بمختلف آلاتها.
(2) المسلسلاى البوليسية الإجرامية.
(3) الروايات الخرافية والخيالية.
(4) التمثيل المختلط بين الجنسين.
(5) تشويه تاريخ الإسلام والمسلمين والصالحين حيث تمثل نساؤهم معهم سافرات وهذا يشاهد في المسرحيات التاريخية.
(6) يعرض في بعض التمثيليات خيانات زوجية والعياذ بالله.
(7) ظهور المرأة فيه سافرة أو متبرجة أو مغنية أو ممثلة أو غير ذلك.
(8) وفي وسط ما سبق أو قبله أو بعده يتلى القرآن الكريم والأحاديث النبوية والتوجيهات الدينية.
(9) تمثيل الصحابة - رضي الله عنهم - وإذا علم أن إذاعة القرآن الكريم تقدم برامج دينية تفوق ما يعرض في التلفاز حتى الأخبار المحلية والعالمية.
فإذا علمنا ذلك فهل يجوز إدخاله حتى تصل إليه أيدي ضعفاء الإدراك من النساء والأطفال فينظرون إلى ما فيه فيختلط عليهم الحق بالباطل.
وهل يجوز النظر إلى المرأة فيه وإلى المردان والذين يظهرون بشكل يتنافى مع الرجولة في بعض الأحيان.
وماذا يجب على من أصر على إدخاله أو قال لا أستطيع إخراجه.
وهل يجوز إدخاله لمن يقول إنه يصعب عليه قفله أمام الغناء والموسيقى التي تكتنف برامجه ونحو ذلك.
وهل برامجه السابقة تتفق مع الشريعة الإسلامية.
وهل يجوز للرجال والنساء عامة النظر إلى البرامج السابقة ونحوها. وفقكم الله للجواب الصحيح الشافي.(4/371)
ج- لا شك أن الفقرات التي صدرتم بها كلامكم عن التليفزيون فقرات محرمة لا يترتب في تحريمها من عرف مصادر الشريعة الإسلامية ومواردها لما تتضمنه من المفاسد الدينية والأخلاقية والأمنية والاجتماعية فنسأل الله تعالى أن يوفق القائمين عليه لاجتنابها والبعد عنها حتى يحصل الخير والفلاح والبعد عن أسباب الشر والفتنة. كما أن إحاطة القرآن والبرامج الدينية بمثل هذه الأمور جمع بين الضدين ولاشك أن اقتناءه لمن يستعمله فيما ذكر محرم لأن مشاهدة الحرام حرام وعلى هذا فمن اقتناه وهو يعلم أو يغلب على ظنه أنه لا يتمكن من اجتناب البرامج المذكورة فقد أصر على محرم وكذلك من اقتناه لأهله وأولاده الذين لا يتحاشون من ذلك وإن كان هو لا يشاهده فإنه قد اقترف إثما لكونه أعان على محرم وهو من سوء التربية التي سيحاسب عليها المرء يوم القيامة. وأما مشاهدة التليفزيون بدون اقتناء فإنها على ثلاث أقسام
(1) مشاهدة ما فيه منفعة دينية أو دنيوية فهذا لا بأس بها إلا أن يتوصل بها المشاهد إلى شيء مرحم مثل أن تتمتع المرأة بالنظر إلى مقدم البرامج فيكون بذلك فتنة.
(2) مشاهدة ما فيه مضرة في الدين فهذا حرام لأن الواجب على المؤمن أن يحمي دينه عما يضره.
(3) مشاهدة ما لا ينفع ولا ضرر من اللغو الذي لا يليق بالمؤمن الحازم أن يضيع وقته بمثلها.
والله أسأل أن يصلح أمر المسلمين ويقيهم السوء في الدنيا والآخرة.
الشيخ محمد الصالح العثيمين
* * * *
حكم مشاهدة التلفاز
س - هل يجوز التصوير بالكاميرا " ألة التصوير " وهل يجوز التصوير بالتليفزيون، وهل يجوز مشاهدة التليفزيون وخاصة في الأخبار؟
ج- لا يجوز تصوير ذات الأرواح بالكاميراً أو غيرها من آلات التصوير، ولا اقتناء صور ذوات الأرواح ولا الإبقاء عليها إلا لضرورة كالصور التي تكون بالتابعية أو جواز السفر،(4/372)
فيجوز تصويرها والإبقاء عليها للضرورة إليها، وأما التليفزيون فآلة لا يتعلق بها في نفسها حكم وإنما يتعلق الحكم باستعمالها، فإن استعملت في محرم كالغناء الماجن وإظهار صور فاتنة وتهريج وكذب وافتراء وإلحاد وقلب الحقائق وإثارة الفتن إلى أمثال ذلك فذلك حرام، وإن استعمال في الخير كقراءة القرآن وإبانة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى أمثال ذلك فذلك جائز وإن استعمل فيها فالحكم التحريم أن تساوى الأمران أو غلب جانب الشرفية وقد صدر فتوى في حكم التصوير وأخرى في حكم مشاهدة التليفزيون مفصلتين نرسل لك صورة من كل منهما مع الإجابة عن بقية الأسئلة زيادة في الفائدة.. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم المسجل والمذياع
س - ما حكم المسجل في الشريعة هل يجوز استعماله لقراءة القرآن وغيره مما لا يعارض الشريعة، وما حكم المذياع الذي ينقل الأخبار من جهة إلى جهة في الشريعة وما الفرق بينه وبين المسجل؟
ج- المسجل إن سجل به قرآن أو محاضرات علمية أو مقالات إسلامية نافعة أو نحو ذلك فاستعماله في تسجيل ذلك خير، وإذاعته عن طريقه خير، وإن سجل به غناء ماجن أو محاضرات إلحادية أو مقالات سيئة أو دعايات كاذبة أو نحو ذلك، فذلك شر، وإن أغلب شره على خيره حرم استعماله. وكذا الحكم فيما يذاع بالمذياع فخيره وشره محرم دون فرق بينهما في ذلك.
اللجنة الدائمة
* * * *
الاستماع إلى الراديو
س - ما حكم السماع إلى الراديو ونحوه إذا كان ما تسمعه أو تشاهده ليس فيه أمر محرم؟
ج- لا حرج في سماع ما يذاع من المذياع من القرآن والأحاديث المفيدة أو الأخبار المهمة.(4/373)
وهكذا لا حرج فيما يسجل من القرآن الكريم أو الأحاديث المفيدة والنصائح ونحو ذلك.
وأنصح بالعناية بسماع إذاعة القرآن الكريم وبرنامج نور على الدرب لما في ذلك من الفوائد العظيمة.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم تجارة أشرطة الفيديو
س - سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه الله -
ما حكم تجارة أشرطة الفيديو.. التي أقل ما فيها أن تظهر فيها النساء سافرات، وتمثل فيها قصص الغرام والهيام.
وهل مال التاجر حرام، وماذا يجب عليه، وكيف يتخلص من هذه الأشرطة والأجهزة، وجزاكم الله خيراً.
ج- فأجاب الشيخ حفظه الله
هذه الأشرطة يحرم بيعها واقتناؤها وسماع ما فيها والنظر إليها لكونها تدعو إلى الفتنة والفساد. والواجب إتلافها والإنكار على من تعاطاها حسما لمادة الفساد، وصيانة للمسلمين من أسباب الفتنة.
والله ولي التوفيق.
* * * *
حكم بيع وتأجير أفلام الفيديو
الحمد لله وحدة والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.. وبعد
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي عبد الله الغامدي والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 5123 في 14 5 1411هـ وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه (أنا رجل أملك محلا فيديو لبيع وتأجير الأفلام الغربية والهندية والعربية وجميع تلك الأفلام تتضمن مشاهد فيها ظهور النساء سافرات وبعضهن شبه عاريات وكذلك الاختلاط بالرجال وربما قبل الرجل(4/374)
المرأة وكذلك يوجد بها موسيقى وأغاني ورقص النساء إلى غير ذلك من أفلام العنف والجريمة التي لا تخلو من ذلك. وذات مرة دخل إلى المحل أحد الشباب المستقيمين وأخبرني أن عملي هذا لا يجوز ومحرم وأني بهذا أدمر الدين والعقيدة وأن الكسب منه محرم وقال لي يجب أن تتخلص من هذا. ثم أنصرف وعند عودتي إلى المنزل قررت الكتابة إليكم فأنتم خير من أثق فيه ولعلمي من الناس جميعاً أنك أعلم الأئمة في هذا العصر لذا أرجو أن تفتوني سريعاً فإني في قلق مستمر.. حفظكم الله ورعاكم.
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن ما ذكره الأخ الناصح صحيح ويجب عليك التخلص من جميع ما حرم الله تعالى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
عضو
عبد الله بن عديان ... نائب رئيس المجلس
عبد الرزاق عفيفي ... الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* * * *
حكم ما يسمى بـ (الدش)
س - من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين، وفقني الله وإياهم لما فيه رضاه وأعاذني وإياهم من أسباب الفتنة وعقابه آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فقد شاع في هذه الأيام بين الناس ما يسمي (الدش) أو بأسماء أخرى، وأنه ينقل جميع ما يبث في العالم من أنواع الفتن والفساد والعقائد الباطلة والدعوة إلى أنواع الكفر والإلحاد مع ما يبثه من الصور النسائية ومجالس الخمر والفساد وسائر أنواع الشر الموجودة في الخارج بواسطة التلفاز. وثبت لدى أنه قد استعمله الكثير من الناس، وأن آلاته تباع وتصنع في البلاد، فلهذا وجب علي التنبية على خطورته ووجوب محاربته والحذر منه وتحريم استعماله في البيوت وغيرها وتحريم بيعه وشرائه وصنعته أيضاً لما في ذلك من الضرر العظيم والفساد(4/375)
الكبير والتعاون على الإثم والعدوان ونشر الكفر والفساد بين المسلمين والدعوة إلى ذلك بالقول والعمل. فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من ذلك والتواصي بتركه. والتناصح في ذلك عملاً بقول الله عز وجل {وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الآثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب} ويقول سبحانه {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} وقوله عز وجل {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصلوا بالحق وتواصوا بالصبر} وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {الدين النصيحة الدين النصحية قيل لمن يا رسول الله. قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمه المسلمين وعامتهم} وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه} وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال " بايعت النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على إقامة الصلاة وآيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم ".
والآيات والأحاديث عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في وجوب التناصح والتواصي بالحق والتعاون على الخير كثيرة جداً فالواجب على جميع المسلمين حكومات وشعوباً العلم بها والتناصح فيها بينهم والتواصي بالحق، والصبر عليه والحذر من جميع أنواع الفساد والتحذير من ذلك رغبة فميا عند الله وامتثالاً لأوامره وحذارً من سخطه وعقابه، والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يرضيه وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً وأن يوفق ولاة أمرنا لمنع هذا البلاء والقضاء عليه وحماية المسلمين من شره وأن يعينهم على كل ما فيه صلاح العباد والبلاد ويصلح لهم البطانة وينصر بهم الحق وأن يوفق جميع ولاة أمور المسلمين في كل مكان لما فيه رضاه وأن ينصر بهم الحق ويوفقهم لتحيكم شريعته والالتزام بها والحذر مما يخالفها وأن يصلح أحوال المسلمين جميعاً ويمنحهم الفقه في الدين والثبات عليه والحذر مما يخالفه إنه ولي ذلك والقادر عليه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* * * *(4/376)
هل الدش (الصحن) حرام أم حلال؟
س - انتشر في الآونة الأخيرة ما يسمي (الدش) الصحن الهوائي حيث ينقل القنوات الخارجية الكافرة وغيرها التي يعرض فيها أفلام خليعة يظهر فيها التقبيل واضحاً والرقص الشبه عاري والكلام الساقط والبرامج التي تدعو إلى التنصير، فهل يجوز اقتناء مثل هذه الأجهزة والدعاية لها والتجارة فيها وتأجير المحلات لهم. علما أن البعض يدعي أنه يشتريها لغرض مشاهدة الأخبار العالمية؟
ج- قد كثر السؤال عن هذه الآلة التي تلتقط موجات محطات التليفزيون الخارجي وتسمى (الدش) ولا شك أن الدول الكافرة لا تألوا جهداً في إلحاق الضرر بالمسلمين عقيدة وعبادة وخلقاً وآداباً وأمنا وإذا كان كذلك فلا يبعد أن تبث من هذه المحطات ما يحقق لها مرادها وإن كانت قد تدس في ضمن ذلك ما يكون مفيداً من أجل التلبيس والترويج لأن النفوس لا تقبل - بمقتضى الفطرة - ما كان ضرراً محضاً ولكن المؤمن حازم فطن علمه الله تعالى كيف يقارن بين المصالح والمفاسد، وبين المنافع والمضار وعنده من القوة والشجاعة ما يستطيع به التخلص من أوضار هذه المفساد والمضار، وإذا كان أمر هذه الدشوش ما ذكر في السؤال فإنه لا يجوز اقتناؤها ولا الدعاية لها ولا بيعها وشراؤها لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه بقول الله تعالى {ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} فنسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا صراطه المستقيم وأن يجنبنا صراط أصحاب الجحيم من المغضوب عليهم والضالين.
الشيخ محمد الصالح العثيمين
* * * *(4/377)
حكم الدش
س - فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله - بدأ يظهر في الأونة الأخيرة جهاز استقبال تلفزيوني يستطيع الإنسان من خلاله استقبال بث محطات التليفزيون العاليمة، ولا يخفى عليكم ما تبثه تلك المحطات من سموم وحرب لدين الله، حيث أن القائمين عليها من أعداء الإسلام، ويعرف هذا الجهاز في أوساط الناس باسم (الدش) ، فما رأي فضيلتكم في بيع هذا الجهاز أو شرائه، أو الدعاية له، مع توجيه النصيحة للمسلمين، أفتونا جزاكم الله خيراً؟
ج- هذا الجهاز إذا حصل به استقبال ما تبثه الدول الكافرة كاليهود والنصارى والرافضة وحصل بسبب بثة فتنة وشك وميل إلى الحرام وفعل الجرائم من الزنا ونحوه ومن السرقة والاختلاس ومن افساد المال في سبيل الحصول على الحرام من المسكرات والمخدرات ومن الشكوك في العقائد الإسلامية ونشر الشبهات التي توقع المسلم في حيرة من دينه ومن تعظيم دين الكفار وتمجيد أفعالهم وإنتاجهم ونحو ذلك من المفاسد فإنه حرام بيعه وشراؤه والدعاية له وإبراده ونشره لدخول ذلك في التعاون على الإثم والعدوان، ولكونه يتعاطى فعلاً يجره إلى الفساد.
فنهيب بكل مسلم أن يبتعد عن الشرور وأسبابها وينجو بنفسه، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/378)
{المجلات الساقطة}
خطرها على المسلمين - حكم اقتنائها وحكم بيعها وحكم شرائها - وحكم الاعانة على نشرها
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - حفظه الله -
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على محجة بيضاء ليلها كنهارها فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى واحذروا الفتن ما ظهر منها وما بطن، احذروا كل ما يفتنكم عن عبادة الله التي من أجلها خلقتم، احذروا كل ما يفتنكم عن شرفكم وأخلاقكم التي هي قوام مجتمعكم
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت …فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
احذروا الفتن فإنها تسري إلى القلوب فتصدها عن ذكر الله وعن الصلاة، إنها تسرى إلى القلوب التي تلين إلى ذكر الله وتخشع لعظمته فتكسبها قسوة واستكباراً، إن الفتن تدب في القلوب فتفتك بها كما يفتك السم في الجسم حتى يهلكه، أيها الناس احذروا الفتن كلها، اجتنبوا أسبابها لا يقل أحدكم أنا مؤمن أنا مستقيم لن تؤثر على هذه الفتن لا يقل أحدكم هكذا فيقرب من أسباب الفتن مؤملاً العصمة فإن سهام إبليس نافذة والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم كما قال ذلك رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {من سمع بالدجال فلينأ عنه - أي فليبعد عنه - فو الله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات} أخرجه أبو داود.(4/379)
أيها المسلمون المؤمنون بالله ورسوله إن هذا الحديث لعلم نصبه لنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، نهتدي به في كل مواقع الفتن لنبتعد عنها وإن كانا نزن أن نخرج منها بسلام وإن الرجل أمام الفتنة لا يضمن نفسه العصمه ولا يأمن على نفسه من شرك تلك الفتنة، أيها الناس أيها الأخوة، إننا في عصر كثرت فيه أسباب الفتن وتنوعت أساليبها وانفتحت أبوابها من كل وجه، فتحت الدنيا علينا فتنافسها أقوام فأهلكتهم، وبدأت تدب شبهات البدع إلى قلوب السذج من الناس فأردتهم وكثرت الفتاوي والنشرات الخالية من التحقيق فذبذبت أفكار الناس وأقلقتهم وانفتحت طامة كبرى وبلية عظمى تلك الصحف والمجلات الداعية إلى المجون والفسوق والخلاعة في عصر فيه الفراغ الجسمي والفكري وسيطرت الفطرة البهيمية على عقول كثيرة من الناس فعكفوا على هذه الصحف والمجلات فأضاعوا بذلك مصالح دينهم ودنياهم وصاروا فريسة لذلك الداء العضال نسأل اله لنا ولهم السلامة.
أيها الناس إن من المؤسف المحزن والمخيف والمروع أن يكون بين أيدي شبابنا وكهولنا وشيوخنا من ذكور وإناث مثل هذه الصحف والمجلات التي تدعو كتابة وتصويراً إلى التحلل من الفضيلة والتردي في أسافل الأخلاق ولقد كنت أسمع كثيراً عن مجلات معينة لا أذكرها باسمها لأن الحصر قد يفهم منه بعض الناس أن ما سواها طيب ولكني أقولها بالصفة، إنها مجلات تنشر الخلاعة والبذاءة والسفول وكنت أقدم رجلاً وأأخر أخرى عن أضاعة الوقت في النظر في مثل هذه المجلات حتى طلب مني بعض الطيبين أن أنظر ولو بلمحة عابرة سريعة إلى بعض هذه المجلات، وبعث إلى ببعض منها حتى يمكن الحكم عليها بما تقتضيه حالها إذ لا يمكن اتقاء الشيء والحكم عليه إلا بمعرفته. فوجدت هذه المجلات وجدتها والله، وأقسم بالله في هذا المكان وأنتم تشهدون، والله من فوقنا شهيد على ما أقول وعلى ما تسمعون، وجدت هذه المجلات هدامة للأخلاق مفسدة للأمة لا يشك عاقل فاحص ماذا يريده مروجوها بمجتمع إسلامي محافظ، وجدت النظر شراً من المسمع، وجدت أقوالاً ساقطة ماجنة(4/380)
يمجها كل ذي خلق مستقيم، رأيت صوراً من النساء على أغلفة المجلات وفي باطنها صوراً فاتنة في أزايء منحطة عن الفضيلة، منغمسة في الرذيلة، تحرك من لا شهوة له، وجدت كلمات تدعو إلى الموسيقى والعزف المحرم، وجدت صور علب الدخان للدعاية له إلى غير ذلك من المنكرات العظيمة الفاحشة هذا وما لم يصل إلى أكثر وقد يكون أفظع.
أيها الناس ماذا أقول وماذا يقول غيري من المحبين للإصلاح، وأسأل الله أن نكون من المحبين للإصلاح ويجعلنا من المصلحين، ماذا أقول حيال هذه الصحف والمجلات؟ ومن أخاب أأخاطب المسؤولين في الدولة. إن مخاطبة المسؤولين في الدولة من مثل هذا المنبر لا يقتضيه العقل ولا يأمر به الشرع لأنه ليس من الخير أن نخاطهبم من مثل هذا المنبر. وإذا لم يكن من الخير، فقد قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت} هل أخاطب المسؤولين عن هذه الصحف. إنه لا يمكن أن أخاطبهم لأنهم ليسوا أمامي ولكن أقول لعله يبلغهم بإذن الله، أقول للمسؤولين عن هذه الصحف أنهم مسؤولون أمام الله - عز وجل - حينما يقفون بين يديه عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، إن هؤلاء الذين ينشرون هذه المنكرات إنهم مسؤولون عن أي نتيجة تحدث من جراء ما نشروه، إن المجتمع إذا صار مجتمعاً بهيمياً فإنه لا يمكن أن يحق حقا ولا ينكر باطلاً، لا يمكن أن يخضع لأوامر الله فضلا عن أوامر عباد الله - عز وجل - وبهذا تكون الفوضى التي لا حدود لها.
أيها الناس إذا لم يمكنني أو أوجه خطابي إلى هؤلاء فإنه يمكنني أن أوجه خطابي إليكم معشر المواطنين، إنني أدعوكم أية المؤمنون بوصفكم مؤمنين، وإنني أدعوكم أيها الشرفاء بوصفكم شرفاء، إنني أدعوكم أيها الغيورون بوصف الغيرة، إنني أدعوكم أيها الآباء بوصف الأبوة، إنني إدعوكم أيها الأولياء بوصف الولاية، إنني أدعوكم إلى المحافظة على دينكم وأخلاقكم، أدعوكم إلى البعد عن الفتن ما ظهر منها ومن بطن، أحذركم من أن تتسرب هذه الصحف والمجلات المملوءة بالصور الفاتنة والأقوال المضلة والأزياء المنحرفة إلى بيوتكم فتقع في أيدي أهليكم فتهلكهم وتطيح بأخلاقهم وقيمهم إن كل شيء يعرض في هذه الصحف والمجلات سوف يؤثر على من يقتنيها مقتنعاً بها وبما ينشر فيها من أفكار(4/381)
ومظاهر. أيها المؤمنون إن وجود هذه المجلات والصحف في البيوت مانع من دخول الملائكة إليها لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، وما ظنك ببيت لا تدخله الملائكة، فاقتناء مثل هذه المجلات حرام، وشراؤها حرام، وبيعها حرام، ومكسبها حرام، وقبولها هدية حرام، وكل ما يعين على نشرها بين المسلمين حرام لأنه من التعاون على الآثم والعدوان وقد قال الله عز وجل {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} . فاتقوا الله عباد الله واحذروا أن تبقى هذه الصحف والمجلات في أيديكم وأحرقوها فإنها قد قامت عليكم الحجة بما سمعتم، أحرقوا هذه المجلات، أتلفوها لا تبقى في أيدي أهلكم، لا في أيد البنين ولا في أيدي البنات وإياكم أن تبذلوا الأموال في شرائها أو المساهمة فيها فإن في ذلك مفاسد كثيرة، من هذه المفاسد إضاعة المال الذي جعله الله قياماً للناس تقوم به مصالح دينهم ودنياهم وإضاعة المال صرفه فيما لا ينفع فيه أو فيما فيه ضرر، وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن إضاعة المال. ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات أنها إضاعة للوقت الذي هو عند العقلاء أثمن من المال لأن الحياة هي الوقت، وإضاعته خسران للحياة وكل إنسان مسؤول عنه كما يسال عن المال ولو أمضى الإنسان عمره في قراءة ما ينفعه من كتاب الله وسنة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وما يعين على فهمهما من التفسير وسيرة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وخلفائه الراشدين لحصل له بذلك خير كثير.
ومن مفاسد هذه الصحف والمجالات ما يحصل للقلب من هيام في الحب وإغراق في الخيال الذي لا حقيقة له فهو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب.
ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات أنها تؤثر على الأخلاق والعادات بما يشاهد فيها من صور وأزياء فينقلب المجتمع إلى مجتمع مطابق لتلك المجتمعات الفاسدة. فيا أيها المؤمنون قاطعوا هذه الصحف والمجلاات لا تعينوا ناشريها على إثمهم فإن شراءكم إياها إثراءً لهم وتقوية لرصيدهم المالي وإغراء لهم في نشرها وعلى ما هو أفظع من ذلك فيكون المشترك والمشتري والقابل لها معيناً على الإثم والعدوان، وتذكروا يا أيها المؤمنون تذكروا قول الله عز(4/382)
وجل {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم من ناراً وقودها الناس والحجار عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت الهم هل بلغت، اللهم أشهد علي بما أقول، وأشهد على هؤلاء بما يسمعون، وإنه يجب عليكم وأقولها وأكررها يجب عليكم أن تقاطعوا هذه الصحف والمجلات وأن تحرقوها ما كان موجوداً منها بين أيديكم حتى تسلموا من إثمها، اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيء الأخلاق والأعمال لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يارب العالمين، اللهم اقطع دابر المفسدين ودابر الفاسقين ودابر المنحرفين. اللهم اخذلهم وأذلهم، اللهم اكبتهم، اللهم انزل بهم الخسائر المالية حتى يتوبوا إليك ويرجعوا إلى رشدهم وإلى إصلاح أمتهم يارب العالمين، اللهم سلط عليهم من يمنعهم من شرهم الذي أفضى بكثير من الناس إلى الخلاعة والمجون والفسق إنك على كل شيء قدير.
اللهم تقبل منا تقبل منا اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
المجلات التي عليها صور النساء يجب منعها
س - ما رأيكم في المجلات التي تباع في الأسواق وعليها صور النساء متبرجات فاتنات؟ وهل يجوز بيعها؟
ج- جميع المجلات والصحف يجب أن تمنع إذا كات تشتمل على صور النساء لأنها فتنة. ووافقت الدولة والحمد لله على ذلك وكذا وزير الإعلام قد صدر منه الأمر يمنع ذلك. فالواجب على الجميع التعاون لحماية المسلمين من هذه المجلات والصحافة التي تنشر الرذائل والصور الخليعة سواء كانت داخلية أو خارجية لأن ذلك منكر يجب القضاء عليه بواسطة المسؤولين عن ذلك. والواجب على وزارة الإعلام والمراقبة الدينية متابعة ذلك وعمل ما يلزم للقضاء عليه. سداد الله خطاهم ووفقهم لكل من فيه صلاح العباد والبلاد إنه سميع قريب.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/383)
حكم إصدار المجلات الخليعة
س - ما هو حكم إصدار مجلات تظهر فيها النساء سافرات وبطريقة مغرية.. وتهتم بأخبار الممثلين والممثلات؟ وما حكم من يعمل في هذه المجلة ومن يساعد على توزيعها.. ومن يشتريها؟
ج- لا يجوز إصدار المجلات التي تشتمل على نشر الصور النسائية أو الدعاية إلى الزنا والفواحش أو اللواط أو شرب المسكرات أو نحو ذلك مما يدعو إلى الباطل ويعين عليه ولا يجوز العمل في مثل هذه المجلات لا بالكتابة ولا بالترويج، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ونشر الفساد في الأرض والدعوة إلى إفساد المجتمع ونشر الرذائل وقد قال الله - عز وجل - في كتابه المبين {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب} .
وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً} خرجه مسلم في صحيحه.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً {صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخث المائلة لا يدخلون الجنة ولا يجدن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا} مسلم في صحيحه أيضاً.
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة نسأل الله أن يوفق المسلمين لما فيه صلاحهم ونجاتهم وأن يهدي القائمين على وسائل الأعلام وعلى شؤون الصحافة لكل ما فيه سلامة المجتمع ونجاته وأن يعيذهم من شرور أنفسهم ومن مكائد الشيطان إنه جواد كريم.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/384)
حكم المجلات الخليعة
س - ما حكم إصدار المجلات التي تحمل الصور النسائية، والأفكار المخالفة للشرع، والمقابلات مع الفاتنات والمتبرجات بتبرج الجاهلية المعاصرة؟ وما حكم توزيعها وبيعها في المحلات التجارية والمكتبات؟ وما حكم شرائها واقتنائها أو إهدائها؟ وما حكم المال العائد من بيعها؟ وما حكم المشاركة في تحريرها وكتابة مقالاتها؟ وهل يمكن أن تعد مجلة " سيدتي " داخلة في حكم ما مضى من الأسئلة؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله عن أمة محمد خير الجزاء؟
ج- وردت السنة المتواترة بتحريم التصوير مطلقاً ولعن المصورين وأن كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم وأن المصورين أشد الناس عذاباً، وأنه يكلف أن ينفخ فيها الروح، وأنهم يعذبون ويقال لهم أحيوا ما خلقتم. ثم إن التحريم يتضاعف إذا كان هذا التصوير ويسبب فتنة كصور النساء العاريات، وصور الرجال أمام النساء وإذا كان ذلك حراماً فإن الصحف والمجلات التي تنشر ذلك قد دعت إلى الفتنة والفساد والدعارة وما هو وسيلة إلى فعل الجرائم والمنكرات، فمن أصدر هذه المجلات بهذه الصفة أو باعها أو أهداها إذا اشتراها واقتناها فقد شارك في الآثم فقد لعن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وبائعها ومشتريها وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وكذلك هذه المجلات فإن مفسدتها على الأخلاق والعفاف والأديان أعظم من مفسدة الخمر أحياناً سيما إذا اشتملت على الأفكار المنحرفة والإعلان عن الفنانات والمتبرجات تبرج الجاهلية فنشرها على هذه الصحفة وكتابة مقالاتها واستيرادها والترغيب فيها مشاركة في الفساد وإشاعة الفاحشة ونشر الرذيلة ودعوة إلى الخلاعة والتفسخ والانحلال من الأخلاق والحياء ولا شك أن مجلة (سيدتهم) كما يقال من أفسد المجلات وأرذلها ففيها من الصور الفاضحة والدعوة إلى العهر ما لا يخفي على ذي بصيرة فنصيحتي لمن أراد النجاة أن يبتعد عن هذه الصحف ولا يشارك فيهن أدنى مشاركة رجاء أن ينجو بنفسه ويستبرئ لدينه وعرضه والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/385)
حكم ما ينشر في المجلات والصحف من الاعتقاد بالبروج
س - فضيلة الشيخ نأمل توضيح حكم الشرع فيما يعرض في بعض المجلات الساقطة بما يسمى بالبروج كبرج الثور وبرج العقرب وغيرها، ويزعمون بأن من ولد في برج الثور مثلاً سيحدث له كذا.. ويسافر إلى بلاد.. ونحوه مما فيه إدعاء علم الغيب، وكل برج له أحوال خاصة يتحدث بأصحابه؟ وجزاكم الله خيراً.
ج- البروج هي منازل الشمس وهي إثنا عشر برجا أقسم الله بقوله {والسماء ذات البروج} وهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت وهي أشهر عادية ولا يعلم ما يحدث فيها إلا الله تعالى فمن ادعى أنه يحدث في برج الثور كذا أو في برج العقرب كذا فهو ممن يدعي علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى ولا يجوز التخرص بالنظر في الأنواء أو في البروج والمنازل إلا بما يفيد الإنسان إيماناً وإسلاماً والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم قراءة المجلات المنحرفة
س - ما حكم النساء اللواتي يطلعن على هذه المجلات؟
ج- يحرم على كل مكلف ذكراً أو أنثى أن يقرأ في كتب البدع والضلال والمجلات التي تنشر الخرافات وتقوم بالدعايات الكاذبة وتدعو إلى الإنحراف عن الأخلاق الفاضلة إلا إذا كان من يقرأها يقوم بالرد على ما فيها من إلحاد وانحراف، وينصح أهلها بالاستقامة وينكر عليهم صنيعهم ويحذر الناس من شرهم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/386)
حكم من يسمح بدخول المجلات الماجنة إلى بيته
س - ما حكم من يسمح بدخول المجلات التي فيها صور ومقالات محرمة شرعاً إلى بيته وإلى أهله؟
ج- لا يجوز للمسلم أن يدخل في بيته مجلات أو روايات فيها مقالات إلحادية أو مقالات تدعو إلى البدع والضلال أو تدعو إلى المجون والخلاعة فإنها مفسدة للعقيدة والأخلاق، وكبير الأسرة مسئول عن أسرته لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الرجل راع في بيته وهو مسئول عن رعيته} .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الاحتفاظ بالمجلات التي فيها صور
س - أنا طالب بالمرحلة الثانوية، وهوايتي القراءة والإطلاع، مما دفعني إلى الاشتراك في كثير من المجلات الإسلامية والثقافية والعسكرية، ولكن البعض من هذه المجلات بل الأغلب لا يخلو من صورة الأشخاص مع أنني أحتفظ بالمجلات بمكتبة خاصة؟
ج- لا مانع من حفظ الكتب والصحف والمجلات المفيدة وإن كان فيها بعض الصور، لكن إن كانت الصورة نسائية فالواجب طمسها، أما إن كانت من صور الرجال أو سائر الحيوانات، فيكفي طمس الرأس عملاً بالأحاديث الواردة في ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *
المجلات النافعة والصور
س - أحرص كثيراً على قراءة المجلات النافعة. وأستفيد منها في حياتي، غير أنني أعاني من مشكلة الصور التي فيها، فهل علي من بأس إذا اشتريتها؟ وماذا أفعل بها بعد ذلك هل أحفظها عندي مع أني في حاجة لها، أو أحرقها؟(4/387)
ج- لك أن تقرأ المجلات والصحف المفيدة وتستفيد منها فوائد دينية وأدبية وأخلاقية فأما الصور فاطمسها بحبر ونحوه يزيل أثرها أو صورة الوجه أو تركها مغطاة أو مغلقا عليها في دولاب أو صندوق وأن استغنيت عنها فاحرقها.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم بيع وشراء جريدة " الشرق الأوسط "
س - تمارس جريدة الشرق الأوسط دوراً سيئاً في تشويه أخبار المسلمين والكتم على قضاياهم وتشويه صورة الإسلام والنيل من قضايا الإسلام ومعالجتها بطريقة لا أعلم المصلحة الإسلامية بحال من الأحوال، كما أنها تتابع أخبار الفنانين والفنانات من الكفغار وغيرهم وتبرز صورهم؟، فما رأيكم في هذه الجريدة وما حكم بيعها وشرائها وتوزيعها واقتنائها؟
ج- إذا كان الأمر كما ذكر أعلاه فإن التعامل معها طريق لتشجيعها وترويجها وتمكينها مع ما فيها، وما تحدثه من الأضرار في المعتقد لذلك أرى النهي عن اقتنائها وشرائها وتوزيعها، وأشير على كل ناصح أن يجتنب المساهمة فيها أو النشر فيها فإن ذلك ذريعة على إمانتها وإخماذ ذكرها حتى تتغير عن هذا الأسلوب وتستبدل خيراً من هذه الطريقة.
قاله وكتبه عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (عضو الافتاء) وصلى الله على محمد وآله وسلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم الاستماع إلى الأغاني
س - ما حكم الاستماع إلى الأغاني؟
ج- الاستماع إلى الأغاني المشتملة على شيء من أنواع الطرب محرم على كل من أصغى إليها رجلاً كان أو امرأة في بيته أو في غير بيته كالسيارات والمجالس العامة والخاصة لما له(4/388)
في ذلك من الاختيار والميل إلى المشاركة فيما حرمته الشريعة. قال الله تعالى {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} . وما ذكر السائل من الغناء هو من لهو الحديث فإنه فتنة للقلب يستهويه إلى الشر ويصرفه عن الخير ويضيع على الإنسان وقته دون جدوى فيدخل في عموم لهو الحديث ويدخل من غنى ومن استمع إلى تلك الأغاني في عموم من اشترى لهو الحديث ليصرف نفسه أو غيره عن سبيل الله.
وقد ذم الله ذلك وتوعد من فعله بالعذاب المهين، وكما دل القرآن بعمومه على تحريم الغناء والاستمتاع إليه، دلت السنة عليه، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم {ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة يأتيهم - يعني الفقير - لحاجة فيقولون ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة} رواه البخاري وغيره من أئمة الحديث. والمعازف وآلاته ومن ذلك الغناء والاستماع إليه، فذم الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، من يستحلون الزنا ولبس الرجال للحرير وشرب الخمر وآلات اللهو والاستماع لها، وقرن المعازف بما قبلها من الكبائر وتوعد في نهاية الحديث من فعل ذلك بالعذاب فدل على تحريم العزف وآلات اللهو والاستماع إليه، أما السماع دون قصد ولا إصغاء كسماع من يمشي في الطريق غناء آلات اللهو في الدكاكين أو ما يمر به من السيارات، ومن يأتيه وهو في بيته صوت الغناء من بيوت جيرانه دون أن يستهويه ذلك فهذا مغلوب على أمره لا إثم عليه، وعليه أن ينصح وينهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة ويسعى في التخلص مما يمكنه التخلص منه وسعه وفي حدود طاقته فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
الشيخ عبد العزيز ابن باز
* * * *(4/389)
حكم الأغاني الدينية والوطنية وأغاني الأطفال وأعياد الميلاد
س - سبق أن استفسرنا من فضيلكتم عن سماع الأغاني واجبتونا بأن الأغاني الماجنة حرام سماعها لهذا ما حكم سماع الأغاني الدينية والوطنية وأغاني الأطفال وأعياد الميلاد علما بأنها تكون دائما مصحوبة بعزف سواء في الراديو أو في التليفزيون؟
ج- العزف حرام مطلقاً والأغاني الدينية والوطنية وأغاني الأطفال إذا كانت مصحوبة بالعزف فهي محرمة وأما أعياد الميلاد فهي بدعة ويحرم حضورها والمشاركة فيها.
ومن الأدلة على الأغاني والأناشيد المشتملة على العزف قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحمر والحرير والخمر والمعازف} رواه البخاري في صحيحه مع أحاديث أخرى وردت في هذا الباب.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الطبول مع الأناشيد
س - إننا في بعض المناسبات وغيرها نستعمل الطبول مع الأناشيد ونمضي بعض الليالي بذلك ولكن أنكر علينا مرة أحد الناس.. هل عملنا هذا منكر.. أعني استعمالنا للطبول والأناشيد.. علماً أن الأناشيد التي نرددها ليست من الكلام الفاحش أفتوني جزاكم الله خيراً؟
ج- لا تعلم شيئاً يبيح استعمال الطبول بل ظاهر الأحاديث الصحيحة يدل على تحريم استعمالها كسائر الآت الملاهي من العود والكمان وغيرهما، ومن ذلك ما ثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ليكون من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} ولفظ المعازف يشمل الأغاني وجميع الآت اللهو.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/390)
حكم استماع البرامج التي تتخللها الموسيقى
س - ما حكم استماع بعض البرامج المفيدة كاقوال الصحف ونحوها التي تتخللها الموسيقي؟
ج- لا حرج في استماعها والاستفادة منها مع قفل المذياع عند بدء الموسيقى حتى تنتهي لأن الموسيقى من جملة آلات اللهو يسر الله تركها والعافية من شرها.
الشيخ ابن باز
* * * *
الموسيقى التي تذاع في التلفاز
س - هل يجوز للمسلم أن يستمع للغناء والموسيقي بحجة أنها تذاع في الإذاعة والتلفاز؟
ج- لا يجوز استماع الأغاني والآت الملاهي لما في ذلك من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة ولأن استماعها بمرض القلوب ويقسيها.. وقد دل كتاب الله المبين وسنة رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم على تحريم ذلك.. أما الكتاب فقوله تعالى " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم " الآية وقد فسر أكثر العلماء من المفسرين وغيرهم لهو الحديث بأنه الغناء وآلات اللهو.
وروي البخاري - رحمه الله - في صحيحه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} الحيدث. والحر هو الفرج الحرام، والحرير معروف وهو حرام على الذكور والخمر معروف وهو كل مسكر وهو حرام على جميع المسلمين من الذكور والآناث والصغار والكبار.. وهو من كبائر الذنوب.. والمعازف تشمل الغناء وآلات اللهو كالموسيقى والكمان والعود والرباب وأشباه ذلك.. وفي الباب آيات وأحاديث أخرى غير ما ذكرنا ذكرها العلامة ابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان.
ونسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق.. والعافية من أسباب غضبه.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/391)
حكم الغناء وآلات الطرب..؟ وحكم من أباح ذلك..؟
س - ما حكم ما يتعاطاه بعض الناس من الاجتماع على آلات الملاهي كالعود والكمان والطبل وأشباه ذلك وما تضاف إلى ذلك الأغاني ويزعم أن ذلك مباح؟
ج- قد دلت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على ذم الأغاني وآلات الملاهي والتحذير منها وأرشد القرآن الكريم إلى أن استعمالها من أسباب الضلال واتخذا آيات الله هزوا كما قال تعالى {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين} . وقد فسر أكثر العلماء لهو الحديث بالأغاني وآلات الطرب وكل صوت يصد عن الحق، وصح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} . والمعزف هو الأغاني وآلات الملاهي، أخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه يأتي آخر الزمان قوم يستحلونها كما يستلحون الخمر والزنا والحرير وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك وقع كله، والحديث يدل على تحريمها وذم من استحلها كما يذم من استحل الخمر والزنا والآيات والأحاديث في التحذير من الأغاني وآلات اللهو كثيرة جداً. ومن مزاعم أن الله أباح الأغاني وآلات الماهي فقد كذب وأتي منكراً عظيماً نسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان، وأعظم من ذلك وأقبح وأشد جريمة من قال أها مستحبة ولا شك أن هذا من الجهل بالله والجهل بدينه بل من الجرأة على الله والكذب على شريعته وإنما يسحب ضرب الدفء في النكاح للنساء خاصة لإعلانه والتمييز بينه وبين السفاح ولا بأس بأغاني النساء فيما بينهن مع الدف إذا كانت تلك الأغاني ليس فيها تشجيع على منكر ولا تثبيط عن واجب، ويشترط أن يكون ذلك فيما بينهن من غير مخالطة للرجال لا إعلان يؤذي الجيران ويشق عليهم، وما يفعله بعض الناس من إعلان ذلك بواسطة المكبر فهو منكر لما في ذلك من إيذاء المسلمين من الجيران وغيرهم ولا يجوز للنساء في الأعراس ولا غيرها أن يستعملن غير الدفء من الآت الطرب كالعود والكمان والرباب وشبه ذلك بل ذلك منكر، وإنما الرخصة لهن في استعمال الدف خاصة، أما الرجال فلا يجوز لهم استعمال شيء من ذلك في الأعراس ولا في غيرها وإنما شرع الله للرجال التدرب على آلات الحرب كالرمي وركوب الخيل والمسابقة بها وغير ذلك من أدوات الحرب(4/393)
كالتدرب عل استعمال الرماح والدرق والدبابات والطائرات وغير ذلك كالرمي بالمدافع والرشاش والقنابل وكل ما يعين على الجهاد في سبيل الله، وأسال الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يوفقهم للفقه في دينه وتعلم ما ينفعهم في جهاد عدوهم والدفاع عن دينيهم وأوطانهم إنه سميع مجيب.
الشيخ ابن باز
* * * *
الغناء محرم عند جماهير أهل العلم..
س - قرأت في صحيفة عكاظ في العدد 6101 السبت 29 ربيع الثاني 1403هـ في خبر مفاده أن هناك مطرباً سعودياً اعتزل الغناء وفي إحدى الرحلات الجوية بين القاهرة وباريس التقى هذا المطرب بأحد علماء الدين وتجاذب معه أطراف الحديث حول الغناء ومشروعيته ولم ينزل المطرب من الطائرة إلا قود أقنعه رجل الدين بمشروعية الغناء بالأدلة والبراهين وعاد وقام بعدة أغاني تعتبر باكورة انتاجه.
هل الغناء مشروع في الإسلام وبالأدلة والبراهين أيضاً خصوصاً هذا النوع الخليع في الوقت الحاضر والمصحوب الموسيقى؟
ج- الغناء محرم عند أهل العلم وإذا كان معه آلة كالموسيقى والعود والرباب ونحو ذلك حرم بإجماع المسلمين، ومن أدلة ذلك قول الله سبحانه {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} .. الآية، فسره جمهور المفسرين بالغناء وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقسم على ذلك ويقول " إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل " وفي الحديث الصحيح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} والمعازف هي الغناء وآلات اللهو وبهذا يعلم أن هذا الذي أفتي {إن صح النقل} بمشروعية الغناء قد قال على الله بغير علم وأفتى فتوى باطلة سوف يسأل عنها يوم القيامة والله المستعان.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/394)
هذا العمل معصية
س - هناك أناس يسمعون الأغاني وإذا قيل لهم إن ذلك محرم ادعوا أنهم لا يلقون لها بالا، ومنهم من يقول إننا نسمع الكلام ولا نهتم بالموسيقى فكيف نرد عليهم؟
ج- لا شك أن هذا خطأ وذلك لأن سماع الأغاني معصية كما أن المغنى نفسه عاص فكذلك المستمع له، وقد ذم الله من يفضلها بقوله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} وغيرها من الأدلة، وهؤلاء الذين يميلون إلى سماعها ولو لم يكونوا يتلذذون بالموسيقى ونحوها نعيبهم على فعلهم ونقول قد أخطأوا في هذا الفعل والأولى لهم التوبة والبعد عن هذه الأغاني والملاهي ونحوها، والاشتغال بالقراءة والذكر والدعاء والكلام المفيد عوضاً عن هذا اللهو الباطل.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الأدلة قائمة على تحريم الغناء
س - هناك من يقول أن الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه {ليكونن أقوام من أمتي يستلحون الحر والحرير والخمر والمعازف} لا يستدل به على تحريم الغناء لأن التحريم هنا إنما يكون إذا اجتمعت المذكورة كلها مع بعض.. نرجو توجيه هذا القول جزاكم الله خيراً؟
ج- هذا القول ضعيف ودليل ذلك أن الحر وهو الفرج أي الزنا محرم بالإجماع ولوانفرد وحده، وكذلك الحرير بالنسبة للرجل وكذلك الخمر محرم بالإجماع، ولو كان وحده وكذلك المعازف لأن ذلك دليل يخرجها من هذا الحكم، ثم يقال إن الشيء إذا جاء معينا مع أفراد فالاصل أن الحكم ثابت لكل فرد حتى يقوم دليل على أن المراد مجموع هذه الأفراد ولا دليل هنا على ذلك، وهناك أدلة بعضها حسان تدل على تحريم المعازف على وجه الانفراد.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/395)
حكم تأجير المحلات لمن يبيع الغناء
س - ورد إلى اللجنة هذا السؤال لقد تم إيجار محل من والدي لرجل وهذا الرجل قام بإيجاره من شخص يبيع الأغاني والموسيقى وقلت لوالدي هذا حرام ويجب أن تخرجه لكن الأمر الذي حصل أن الرجل استأجر المحل من والدي هو الذي قام بإيجار الدكان من صاحب الأغاني ثم قرأت كتاباً فيه أنه حرام الرجل من أصحاب الأغاني وقلت لوالدي هذا الشيء الخطير وطلب والدي مني الدليل على أن إيجار الدكان من صاحب الأغاني حرام؟
ج- وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه لا يجوز تأجير المحل لمن يبيع آلات الأغاني والموسيقى وأشرطتها لما في ذلك من إعانتم على المحرم وتمكينهم من ترويج باطلهم قال تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
س - فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين - حفظه الله تعالى -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - وبعد
تعلمون حفظكم الله ما عمت به البلوى في هذا الزمان من انتشار المحلات المتخصصة في بيع أشرطة الغناء بشتى أصنافها، والمطلوب بيان
* حكم المتاجرة بهذه الأشرطة علما بأنها تشتمل على ما يلي
1- المعازف والمزامير بشتي أنواعها.
2- الدعوة إلى المجون والفساد والفسق ونشر الرذيلة بين الجنسين.
3- الكلام الساقط، والعزل الفاحش.
* وما حكم شراء وسماع هذه الأشرطة؟
* وما حكم المال العائد من بيع هذه الأشرطتة والمتاجرة فيها؟(4/396)
* وما حكم تأجير المحلات لبائعي هذه النوعية من الأشرطة؟
وهل يتحمل مؤجر المحل والبائع فيه إثم المشترين لهذه الأشرطة أم لا؟
أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خير الجزاء.
ج- بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إذا كانت هذه الأشرطة تشتمل على ما ذكرتموه من المعازف والمزامير بشتى أنواعها والدعوة إلى المجون والفساد والفسق ونشر الرذيلة بين الجنسين والكلام الساقط والعزل الفاحش فإنه لا يستريب عاقل فضلاً عن مؤمن بالله واليوم الآخر يخشى عقاب الله ويرجو ثوابه بأن شراء هذه الأشرطة وسماعها حرام منكر لأنها مدمرة للأخلاق معرضة للأمة أن تحل بها العقوبات العامة والخاصة. والواجب على من عنده شيء من هذه الأشرطة أن يتوب إلى الله تعالى وأن يمحو ما فيها من ذلك لينسخ فيها شيئاً مفيداً. أما المال العائد من بيعها والمتاجرة فيها فهو مال حرام لا يحل لصاحبه لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وأما تأجير المحلات لبائعي هذه النوعية من الأشرطة فهو حرام أيضاً والأجرة المأخوذة على ذلك حرام لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهي الله عنه بقوله {ولا تعانوا على الإثم والعدوان} . وأما إثم المشترين فعليهم ولا يبعد أن ينال البائع ومؤجر المحل شيء من إثمهم من غير أن ينقص من إثم المشترين شيئاً والله أعلم.
كتبه محمد الصالح العثيمين في 9 9 1408هـ
* * * *(4/397)
كتاب جامع(4/399)
{الأسماء والكنى والألقاب}
حكم التسمي بمحسن
س - أسمي محسن وهو من أسماء الله الحسنى وكل من يعرفني يناديني يا محسن ولم أستطع تغييره لأنه مسجل بأوارق رسمية فهل هذا حرام أم مكروه وعلى من يقع الذنب في هذا على من سماني بهذا الأسم أم علي أفيدوني أفادكم الله.
ج- المحسن من صفات الله سبحانه وتعالى، ولا أعلم أنه ورد من أسمائه فالإحسان صفة من فعل الله سبحانه وتعالى وبحمده ولا يحرم التسمي به ما دام الإنسان قصد مجرد العلمية فإن من أصحاب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من يعرف بحكيم، وحكيم اسم من أسماء الله ومع ذلك ما غيره النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان هذا الاسم الذي تسمى به مجرد علم فلا حرج عليك في الاستمرار بالتسميه به.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم التسمي بعبد القوي
س - إن لقبي عبد القوي فما حكمه في الإسلام وهل يجوز القول تولكت على الله ثم عليك أو أرجو منك يا أخي؟
ج- يجوز أن يقول الشخص توكلت على الله ثم عليك فإن التوكل على الله هو تفويض الأمر إليه والاعتماد عليه فهو جل وعلا المتصرف في هذا الكون، والتوكل على لعبد بعد التوكل على الله جل وعلا تفويض العبد فيما يقدر عليه، فالله له مشيئة، والعبد له مشيئة،(4/401)
ومشيئة العبد تابعة لمشيئة الله تعالى، قال تعالى {لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن الله رب العالمين} وقال تعالى {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ على ربه سبيلا وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله عليماً حكيماً} وقد أرشد النبي إلى أصل ذلك فروي النسائي وصححه عن قتيلة أن يهودياً أتي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال إنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت وتقولون والكعبة فأمرهم النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة وأن يقولوا ما شاء الله ثم شئت، وصح عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان ولكن قولوا ما شاء الله ثم ما شاء فلان} ، أما التلقيب بعد القوي وهكذا التسمي بهذا الاسم فلا بأس لأن التقوى من أسماء الله عز وجل.
* * * *
حكم التسمي بعاشق الله
س - إن كثيراً من الناس يسمون عاشق الله ومحمد الله ومحب اللبه فهل يجوز التسمية به1ذه الأسماء أم لا؟
ج- في التسمية بعاشق الله سوء أدب، ولا بأس بالتسمي بمحمد الله ومحب الله، والأولى ترك ذلك والتسمية بالعتبيد لله أو نحو محمد وصالح وأحمد ونحو ذلك.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم التسمي بهذه الأسماء
س - هل يجوز للمسلم أن يسمي بهذه الأسماء، طه، ياسين، خباب، عبد المطلب، الحباب، قارون، الوليد، وهل طه وياسين من أسماء النبي، محمد، - صلى الله عليه وسلم -، أم لا؟
ج- يجوز التسمي بهذه الأسماء لعدم الدليل على ما يمنع منها، لكن الأفضل للمؤمن أن يختار أحسن الأسماء المعبدة لله مثل عبد الله وعبد الرحمن وعبد الملك ونحوها، والأسماء المشهورة كصالح ومحمد ونحو ذلك بدلاً من قارون وأشباهه، أما عبد المطلب فالتسمي به(4/402)
جائز بصفة استثئائية لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أقر بعض الصحابة على هذا الأسم.
ولا يجوز التعبيد لغير الله كائناً من كان كعبد النبي وعبد الحسين وعبد الكعبة ونحو ذلك، وقد حكى أبو محمد وياسين من أسماء النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في أصح قولي العلماء، بل هما من الحروف المقطعة في أوائل السور مثل ص وق ون ونحوها، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم تصغير بعض الأسماء كعبد الله وعبد الرحمن ...
س - كثيراً ما نسمع من عامي ومتعلم تصغير الأسماء المعبدة أو قلبها إلى أسماء تنافي الاسم الأول فهل فيه بأس؟ وذلك نحو عبد الله ونحو عبد الله تجعل " عبيد " و " عبود " والعبدي " وبكسر العين وسكون الباء، وفي عبد الرحمن " دحيم " بالتخفيف والتشديد وفي عبد العزيز " عزيز" و" عزوز " والعزي" وما أشبه ذلك. أما في محمد " محيميد - و - حمداً والحمدي وما أشبه.
ج- لا بأس بالتصغير في الأسماء المعبدة وغيرها ولا أعلم أن أحداً من أهل العلم منعه وهو كثير في الأحاديث والآثار كأنيس وحميد وعبيد وأشباه ذلك لكن إذا فعل ذلك مع من يكره فالأظهر تحريم ذلك لأنه حينئذ من جنس التنابز بالألقاب الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم إلا إن يكون لا يعرف إلا بذلك فلا بأس كما صرح به أئمة الحديث في رجال كالأعمش والأعرج ونحوهما.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/403)
حكم تغيير الاسم بعد الإسلام
س - هل يلزم من أعلن إسلامه أن يغير أسمه السابق مثل جورج وجوزيف وغيرهما؟
ج- لا يلزمه تغير اسمه إلا إن كان معبداً لغير الله، ولكن تحسينه مشروع، فكونه يحسن اسمه من أسماء اعجمية إلى أسماء إسلامية هذا طيب أما الواجب فلا. فإذا كان اسمه عبد المسيح وأشباهه يغير، إما إذا كان لم يعبد لغير الله مثل جورج وبوليس وغيرهما فلا يلزمه تغييره لأن هذه أسماء مشتركة تكون للنصارى وتكون لغيرهم وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
الكنية للأكبر من الأولاد
س - هل يجوز أن تطلق على شخص اسمه " محمد " مثلا " يا أبو محمد " رغم أنه ليس له أولاد، وليس بمتزوج؟
ج- تجوز كنية الرجل أو المرأة بغير الولد، بل أدنى ملابسة، ككنية أبي هريرة لهرة حملها معه، كما يجوز أن يكني الشاب الذي لم يتزوج باسم أبيه أو غيره، والأولى تحري الصدق واختيار الأكبر من الأولاد للتكني به، وكذا يقال في حق المرأة، فقد كنى النبي، صلى الله عليه وسلم، عائشة بأم عبد الله، وهو ابن أختها عبد الله بن الزبير، ونحو ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
قول فلان الأعرج
س - هل يجوز للإنسان أن يقول عن إنسان آخر فلان الأعرج أو الأعور؟
ج- إذا كان ذلك من باب التعريف فلا بأس حيث ورد في بعض الروايات فان الأعمش أو الأعرج، أما إن كان من باب الطعن والغيبة فلا يجوز.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/404)
ألقاب إسلامية
س - نقول الرسول (محمد) ، - صلى الله عليه وسلم -، ونقول الرسول (موسى أو عيسى) عليه السلام ونقول (أبو بكر الصديق أو الخلفاء أو الصحابة) رضي الله عنهم وكذلك (علي بن أبي طالب) كرم الله وجهه. ونقول (في التشهد الأول) السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ماحكم الالتزام بنص الصيغ الدعائية الآنفة الذكر عند ذكر الأسماء الواردة أيضاً سابقاً؟ وهل يصح أن نقول (عند ذكر المسلم الصالح) رضي الله عنه أم لا؟ ولماذا؟
ج- ورد الأمر بالصلاة والسلام على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فلنا أن نطبق ذلك بهذه العبارة وتجوز أيضا في حق سائر الرسل، كما يجوز الاقتصار على السلام، وكذا في حق الملائكة وفي حق البشر لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، اللهم صل على آل أبي أوفى، لكن لا يتخذ ذلك عادة، ويجوز الترضى عن الصالحين من البشر غير الصحابة كالأئمة ونحوهم وكل ذلك من باب الدعاء لهم أم تخصيص على بقول {كرم الله وجهه} فلا أصل له إلا عن الرافضة لكن تجوز هذه العبارة في حق غيره والأفضل الترضي عنه كبقية الصحابة رضي الله عنهم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الرمز بـ (ص) في الصلاة على النبي، - صلى الله عليه وسلم -،
س - هل الرمز للصلاة والسلام على رسوله الله، - صلى الله عليه وسلم -، عند الكتابة بحرف ص أو صلعم - فيه شيء؟
ج- هذا الرمز خطأ في الاستعمال رغم كثرته في كتب المتأخرين فالصواب ذكر الصلاة والسلام عليه، - صلى الله عليه وسلم -، كاملة بحروفها ليقرأها القارئ فيكتسب الكاتب أجراً بذلك وكذا القارئ، بخلاف الرمز فإن القارئ قد يتركها أو يقرأها رمزاً.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/405)
{التحية والسلام}
السلام بالإشارة
س - ما حكم السلام بالإشارة باليد؟
ج- لا يجوز السلام بالإشارة، وإنما السنة السلام بالكلام بدءاً ورداً.
أما السلام بالإشارة فلا يجوز لأنه تشبه ببعض الكفرة في ذلك ولأنه خلاف ما شرعه الله، لكن لو أشار بيده إلى المسلم عليه ليفهمه السلام لبعده مع تكلمه بالسلام فلا حرج في ذلك لأنه قد ورد ما يدل عليه، وهكذا لو كان المسلم عليه مشغولاً بالصلاة فإنه يرد بالإشارة كما صحت بذلك السنة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -،.
الشيخ ابن باز
* * * *
الزيادة في السلام
س - إن من سلم وقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يزيد السلام على ذلك أم لا؟
ج- لا يزيد في البدء بالسلام على جملة " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " لعموم ثبوت ما يدل على ذلك فيما نعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
" مساك الله بالخير " لا تغني عن " السلام عليكم "
س - يشيع كثيراً على الألسنة عند أداء التحية عبارتت {مساك الله بالخير} {وصبحكم الله بالخير} {أو مساء الخير} أو {صباح الخير} ، وما شابه ذلك بدلاً من لفظ التحية الواردة؟
ج- السلام الوارد هو أن يقول الإنسان {السلام عليكم} ، أو سلام عليك " ثم يقول(4/406)
بعد ذلك ما شاء من أنواع التحيات، وأما " مساك الله بالخير " و " صبحك الله بالخير " وما أشبه ذلك فهو تقال بعد السلام المشروع.
وأما تبديل السلام المشرع بهذا فهو خطأ.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
المصافحة باليدين
س - هل تجوز المصافحة باليدين؟
ج- مصافحة الرجل المسلم لأخيه المسلم باليد مشروعة لما ورد في ذلك من الأدلة، ومصافحة الرجل باليد للمرأة التي ليس هو لها محرم لا تجوز، أما المصافحة باليدين جميعاً فلا نعلم فيه شيئاً ولكنه لا ينبغي فالأولى أن يكون بواحدة.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم رد السلام بعد الصلاة
س - ما حكم تسليم الجماعة بعضهم على بعض بعد صلاة الفجر خاصة ولقد سمعت من يقول إنه بدعة ومن يقول ليس فيه شي.. فما القول الصحيح في ذلك.. أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ج- لا نعلم حرجاً في ذلك وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه رد السلام على الأعرابي الذي دخل المسجد فلم يتم صلاته فقال له النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ارجع فصل فأنك لم تصل فرجع فصلى ثم جاء فسلم على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فرد عليه السلام ثم قال له ارجع فصل فإنك لم تصل..} الحديث.. وهو في الصحيحين فلم ينكر عليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، تسليمه الثاني والثالث بل أقره ورد عليه السلام وهو يصلي حوله ولم يغب عنه ولأن في تبادل السلام بين الجماعة تأليف للقلوب وتثبيت للمودة..
الشيخ ابن باز
* * * *(4/407)
حكم تقبيل اليد ووضعها على الصدر بعد السلام
س - أرى بعض الناس بعد مصافحتهم يقبلون أيديهم أو يضعونها على صدورهم زيادة في التودد فهل ذلك جائز؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً..؟
ج- ليس لهذا العمل أصل فيما نعلم من الشريعة الإسلامية ولا يشرع تقبيل اليد أو وضعها على الصدر بعد المصافحة بل هو بدعة إذا اعتقد صاحبه التقرب به إلى الله سبحانه.
الشيخ ابن باز
* * * *
لا تجوز التحية بالأنحاء ولو بالرأس في الكارتية وغيرها
س - أشخاص التحقوا في نادي من نوادي الكارتية بأمريكا وقال المدرب إنه يجب أن تنحنى عندما ينحني لك فرفضنا وشرحنا له ذلك في ديننا فوافق ولكن على أن نحني الرأس لأنه هو يبدأ بالانحناء فلابد أن ترد تحيته فما الحكم؟
ج- لا يجوز الإنحناء تحية للمسلم ولا للكافر لا بالجزء الأعلى من البدن ولا بالرأس لأن الانحناء تحية عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله وحده. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء
* * * *
حكم الوقوف للداخل وتقبيله
س - ما حكم الوقوف للداخل وتقبيله؟
ج- أولا بالنسبة للوقوف للداخل فقد أجاب عنه شيخ الإسلام ابن تيمية إجابة مفصلة مبنية على الأدلة الشرعية رأينا ذكرها لوفائها بالمقصود قال رحمه الله تعالى " لم تكن عادة السلف على عهد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وخلفائه الراشدين أن يعتادوا القيام كلما(4/408)
يرونه عليه الصلاة والسلام كما يفعله كثير من الناس، بل قال أنس بن مالك {لم يكن شخص أحب إليهم من النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهته لذلك} ولكن ربما قاموا للقادم من مغيبة تلقياً له كما روي عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قام لعكرمة، وقال للأنصار لما قدم سعد بن معاذ قوموا على سيدكم، وكان قد قدم ليحيك في بني قريظة لأنهم نزلوا على حكمه.
والذي ينبغي للناس أن يعتادوا اتباع السلف على ما كانوا عليه على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإنهم خير القرون، وخير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد، - صلى الله عليه وسلم -، فلا يعدل شأحد عن هدي خير الورى وهدي خير القرون إلى ما هو دونه. وينبغي للمطاع أن لا يقر ذلك مع أصحابه بحيث إذا رأوه لم يقوموا له إلا في اللقاء المعتاد.
وأما القيام لمن يقدم من سفر ونحو ذلك تلقياً له فحسن، وإذا كان من عادة الناس إكرام الجائي بالقيام ولو ترك لاعتقد أن ذلك لترك حقه أو قصد خفضه ولم يعلم العادة الموافقة للسنة فالأصلح أن يقام له لأن ذلك أصلح لذات البين وإزالة التباغض والشحناء، وأما من عرف عادة القوم الموافقة للسنة فليس في ترك ذلك إيذاء له، وليس هذا القيام المذكور في قوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من سره أن يتمثل له الرجال قياماً ليتبوأ مقعده من النار " فإن ذلك أن يقوموا له وهو قاعد ليس هو أن يقوموا لمجيئة إذا جاء، ولهذا فرقوا بين أن يقال قمت إليه وقمت له، والقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف القائم للقاعد، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لما صلى بهم قاعداً من مرضه وصلوا قياما أمرهم بالقعود وقال " لا تعظموني كما يعظم الأعاجم بعضها بعضاً " وقد نهاهم عن القيام في الصلاة وهو قاعد لئلا يتشبه بالأعاجم الذين يقومون لعظمائهم وهم قعود، وجماع ذلك كله الذي يصلح اتباع عادات السلف وأخلاقهم والاجتهاد عليه بحسب الإمكان. فمن لم يعتقد ذلك ولم يعرف أنه العادة، وكان في ترك معاملته بما اعتاد من الناس من الاحترام مفسدة راجحة فإنه يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، كما يجب فعل أعظم الصلاحين بتقويت أدناهما ". انتهى كلام شيخ الإسلام، ومما يزيد ما ذكره أيضاحاً ما ثبت في(4/409)
الصحيحين في قصة كعب بن مالك لما تاب عليه وعلى صاحبيه - رضي الله عنهم، جمعياً وفيه أن كعبا لما دخل المسجد قام إليه طلحة بن عبيد الله يهرول فسلم عليه وهنأه بالتوبة ولم ينكر ذلك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على جواز القيام لمقابلة الداخل ومصافحته والسلام عليه ومن ذلك ما ثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان إذا دخل على ابنته فاطمة قامت إليه وأخذته بيده وأجلسته مكانها، وإذا دخلت عليه قام إليها وأخذ بيدها وأجسلها مكانه، حسنه الترمذي.
ثانيا وأما التقبيل فقد ورد عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ما يدل على مشروعيته، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عرياناً يجر ثوبه وإني ما رأيته عرياناً قبله ولا بعده، فاعتنقة وقبله. رواه الترمذي وقال حديث حسن، ومعنى عرياناً أي ليس عليه سوء الإزار، فهذا الحديث يدل على مشروعية فعل ذلك مع القادم، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قبل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الحسن بن علي فقال الأقرع بن جالس إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من لا يرحم لا يرحم} متفق عليه.
فهذا الحديث يدل على مشروعيته التقبيل إذا كان من باب الشفقة والرحمة. وأما التقبيل عند اللقاء العادي فقد جاء ما يدل على عدم مشروعيته بل يكتفي بالمصافحة، فعن قتادة - رضي الله عنه - قال قلت لأنس أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال نعم. رواه البخاري وعن أنس - رضي الله عنه - قال لما جاء أهل اليمن قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {قد جاء أهل اليمن وهم أول من جاء بالمصافحة} رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {ما من مسلمين يتلقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا} رواه أبو داود ورواه أحمد والترمذي وصححه. وعن أنس - رضي الله عنه - قال قال رجل يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه وصديقه أينحني له قال لا. قال " أفيلتزمه ويقبله قال لا. قال فيأخذ(4/410)
بيده ويصافحه قال نعم. رواه الترمذي وقال حديث حسن. كذا قال وإسناده ضعيف لأن فيه حنظلة السدوسي وهو ضعيف عند أهل العلم لكن لعل الترمذي حسنه لوجود ما يشهد له في الأحاديث الأخرى، وروى أحمد والنسائي والترمذي وغيرهم بأسنيد صحيحة، وصححه الترمذي عن صفوان بن عسال أن يهوديين سألا النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن تسع آيات بينات فلما أجابنهما عن سؤالهما قبلا يديه ورجليه وقال نشهد إنك نبي. حديث.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
عبد الله بن غديان ... نائب رئيس اللجنة
عبد الرزاق عفيفي ... الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* * * *
عدم القيام أولى
س - ما الحكم في الوقوف للشخص الداخل احتراماً له ولشأنه؟
ج- القيام للشخص احتراماً له ولشأنه جائز بشرط أن يكون هذا الداخل أهلا للاكرام والاحترام.. أما إذا لم يكن أهلا فلا يجوز أن يقام له.
ثم إننا إذا قلنا بالجواز فليس معنى ذلك أن القيام وعدمه سواء بل عدم القيام أولى.. وسير الناس على عدم القيام أولى وأفضل لأن هذا هو المعروف في عهد النبي، - صلى الله عليه وسلم -،.
ومع ذلك فإنه كان إذا دخل على أصحابه لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك.. وقد قام صلى الله عليه وسلم، لوفد ثقيف حيث قدموا عليه.. وهذا يدل على أن القيام في موضعه لا بأس به وأما بدون سبب فالأولى تركه.. ولو اعتاد الناس عدم القيام فهو أفضل لكن لما ابتلى الناس الآن بالقيام وصار الداخل إذا لم يقوموا له وهو أهل لأن يقام له فقد يقع في نفسه أن هؤلاء انتقصوا حقه فلا بأس بالقيام حينئذ.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/411)
التجميل ونقل الأعضاء والتبرع بالدم
حكم عمليات التجميل لإزالة التشوه
س - ما الحكم في إجراء عمليات التجميل..؟ وما حكم تعلم علم التجميل؟
ج- التجميل نوعان تجميل لإزالة العيب الناتج عن حادث أو غيره.. وهذا لا بأس به، ولا حرج فيه لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أذن لرجل قطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفاً من ذهب.
والنوع الثاني هو التجميل الزائد وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن.
وهو محرم ولا يجوز.. لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة.. لما في ذلك إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيب.
أما بالنسبة للطالب الذي يقرر علم جراحة التجميل ضمن مناهج دراسته فلا حرج عليه أن يتعلمه ولكن لا ينفذه في الحالات المحرمة.. بل ينصح من يطلب ذلك بتجنبه لأنه حرام وربما لو جاءت النصيحة على لسان طبيب كانت أوقع في أنفس الناس.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
عملية التجميل للرجل
س - أنا شاب أبلغ من العمر ثماني عشر سنة وقبل أربع سنوات حدث لي بروز الثديين وكان مصاحباً لذلك البروز بعض الألم. وبعد فترة زال الألم والحمد لله وبقى البروز علي حاله. وبروز الثديين هذا واضح حتى من تحت الملابس وقد سألت الطبيب المختص عن ذلك فقال إنه يمكن إزالة هذه البروز بسهول وذلك عن طريق عملية جراحية تجميلية فهل يجوز إجراء مثل هذه العملية علماً أن هذا البروز يسبب لي الإحراج أمام الآخرين؟(4/412)
ج- يجوز لك أجراء عملية التجميل لإزالة هذا البروز إذا غلب على الظن نجاح العملية ولم ينشأ ضرر يزيد على فائدتها أو يساويه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
تحويل الذكر إلى أنثى والعكس
س - نشاهد ونقرأ في بعض الصحف العربية عن عمليات يقوم بها بعض الأطباء في أوروبا يتحول بها الذكر إلى أنثى والأنثى إلى ذكر فهل ذلك صحيح، ألا يعتبر ذلك تدخلاً في شؤون الخالق الذي انفرد بالخلق والتصوير وما رأي الإسلام في ذلك؟
ج- لا يقدر أحد من المخلوقين أن يحول الذكر إلى أنثى ولا أنثى إلى ذكر وليس ذلك من شؤونهم ولا في حدود طاقتهم مهما بلغوا من العلم بالمادة ومعرفة خواصها، إنما ذلك إلى الله وحده قال تعالى {لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء ويهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور او يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير} فأخبر سبحانه في صدر الآية بأنه وحده هو الذي يملك ذلك ويختص به. وختم الآية ببيان أصل ذلك الاختصاص وهو كمال علمه وقدرته ولكن قد يشتبه أمر المولود فلا يدري أذكر هو أم أنثى وقد يظهر في بادئي الأمر أنثى وهو في الحقيقة ذكر أو بالعكس.. ويزول الإشكال في الغالب وتبدو الحقيقة واضحة عند البلوغ فيعمل له الأطباء عملية جراحية تتناسب مع واقعه من ذكورة أم أونثة وقد لا يحتاج إلى شق ولا جراحة فما يقوم به الأطباء في هذه الأحوال إنما هو كشف عن واقع حال المولود بما يجرونه من عمليات جراحية لا تحويل الذكر إلى أنثى ولا الأنثى إلى ذكر وبهذا يعرف أنهم لم يدخلوا فيما هو من شأن الله إنما كشفوا للناس عما هو من خلق الله. والله أعلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
* * * *(4/413)
حكم زراعة الشعر
س - في أمريكا تتم زراعة شعر المصاب بالصلع وذلك بأخذ شعر من خلف الرأس وزرعه في المكان المصاب فهل يجوز ذلك؟
ج- نعم يجوز لأن هذا من باب رد ما خلق الله عز وجل ومن باب إزالة الشعر وليس هو من باب التجميل أو الزيادة على ماخلق الله عز وجل فلا يكون من باب تغيير خلق الله.
بل هو من رد ما نقص وإزالة العيب، ولا يخفي ما في قصة الثلاثة النفر الذي كان أحدهم أقرع وأخبر أنه يحب أن يرد الله عز وجل عليه شعره فمسحه الملك فرد الله عليه شعره فأعطى شعراً حسناً.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
نقل القرنية من عين إنسان إلى آخر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. وبعد
ففي الدورة الثالثة عشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الطائف في النصف الأخير من شهر شوال عام 1398هـ. أطلع المجلس على بحث نقل القرنية من عين إنسان إلى آخر الذي أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، بناء على اقتراح سماحة الرئيس العام لإدارة البحوث في كتابه رقم 4572 2 1 د واطلع على ما ذكره جماعة من المختصين في أمراض العيون وعلاجها عن نجاح هذه العملية، وأن النجاح يتراوح بين 50% إلى 95% تبعاً لاختلاف الظروف والأحوال.
وبعد الدراسة والمناقشة، وتبادل وجهات النظر قرر المجلس بالأكثرية ما يلي
أولا جواز نقل قرنية عين من إنسان بعد التأكد من موته وزرعها في عين إنسان مسلم مضطر إليها وغلب على الظن نجاح عملية الزراعة ما لم يمنع أولياؤه، وذلك بناءً عن قاعدة تحقيق أعلى المصلحتين وارتكاب أخف الضررين وإيثار مصلحة الحي على مصلحة(4/414)
الميت فإنه يرجي الإبصار بعد عدمه والانتفاع بذلك في نفسه ونفع الأمة به، ولا يفوت على الميت الذي أخذت قرنية عينه شيء، فإن عينة إلى الدمار والتحول إلى رفات، وليس في أخذ قرينته عينة مثلة ظاهرة، فإن عينه قد أغمضت، وطبق جفناها أعلاهما على الأسفل.
ثانيا جواز نقل قرنية سليمة من عين قرر طبيباً نزعها من إنسان لتوقع خطر عليه من بقائها، وزرعها في عين مسلم آخر مضطر إليها، فإن نزعها إنما محافظة على صحة صاحبها أصالة، ولا ضرر يلحقه من نقلها إلى غيره، وفي زرعها في عين آخر منفعة له، فكان ذلك مقتضى الشرع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
* * * *
نقل الدم مع اختلاف الدين
س - هل يجوز نقل الدم من إنسان إلى آخر وإن اختلف دينهما؟
ج- إذا مرض أنسان واشتد ضعفه ولا سبيل لتقويته أو علاجه إلا بنقل دم غيره إليه وتعين ذلك طريقاً لإنقاذه، وغلب على ظن أهل المعرفة انتفاعه بذلك فلا بأس بعلاجه بنقل دم غيره إليه ولو اختلف دينهما، فينقل الدم من كافر ولو حربيا لمسلم، وينقل من مسلم لكافر غير حربي.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
هل يجوز الاستفادة من دم الكافر.. إذا تبرع به لمسلم؟
س - ما حكم تبرع إنسان بالدم لآخر وما حكم تبرع غير المسلم بدمه للمسلمين؟
ج- يجوز التبرع بالدم لمسلم سواء كان المتبرع مسلماً أو كافراً، كتابياً أو وثنيا إذا أمن من(4/415)
حصول ضرر على المتبرع به وكان المتبرع له في ضرورة إليه.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم التبرع بالمني..
س - هل يجوز التبرع بالحيوانات المنوية من الرجل أو التبرع بالبويضات من المرأة؟
ج- لا يجوز التبرع بذلك فيما يظهر لما يسلتزمه من مس العورات واستعمال الأشياء القذرة وملامسة النجاسة مع أنه غير متحقق الثبوت والله تعالى هو الخالق المتصرف {يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيماً} وليس هناك ضرورات إن شاء الله، وعلى المرء أن يرضى بما خلق الله وأعطاه.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم التربع بالدم..
س - رجل مصاب بفقر الدم وطلب المستشفى له دماً ومعروف لدينا أن الدم نجس. فهل هناك رخصة لمن يريد أن يتبرع بدمه لهذا المريض المضطر إلى ذلك؟
ج- الأصل في التداوي أن يكون بما أبيح شرعاً لكن إذا كان المريض لا سبيل إلى تقويته أو علاجه إلا بدم غيره وتعين هذا طريقاً للإنقاذ من المرض أو الضعف وغلب على ظن أهل المعرفة انتفاعه بذلك فلا بأس بعلاجه به وتخليصه من مرضه وضعفه، بدم غيره لقوله تعالى {إنما حرم عليك الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم} وقوله سبحانه {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه} .
اللجنة الدائمة
* * * *(4/416)
حكم استبدال عضو من الجسم بأخر من كافر
س - ما الحكم.. إنسان مسلم قام بعمل " عملية " في الخارج لاستبدال عضو من أعضاء بطنه التالفة بأخرى سليمة وهي من تبرع غير مسلم؟ !
ج- لا بأس عليه إن شاء الله ولو كانت من غير مسلم، فإن الإنسان إنما كلف بعقله وروحه ففي يوم القيامة تعاد الأعضاء إلى أربابها وتنال الثواب والعقاب.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم التبرع بالكلية
س - لدي زميلي تبرعت بكليتها لأخيها وهي راضية بذلك، لأن أخاها كان يعاني من فشل كلوي وقيل لها إن هذا التبرع حرام لأن النفس أمانة وسوف نسأل عن ذلك يوم القيامة.
ج- لا حرج في التبرع بالكلية إذا دعت الحاجة إلى ذلك وقرر الأطباء المختصون أنه لا خطر عليها في نزعها وأنها صالحة لمن نزعنت من أجله، وهي مأجورة إن شاء الله، لأن هذا من باب الإحسان والمساعدة لإنقاذ نفس مما أصابها من الضرر والخطر والله سبحانه يقول {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} ويقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه} والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/417)
{فتاوي في اللحية}
حكم حلقها، حلق بعضها، تقصيرها، الاستهزاء بها،
صبغها بالسواد وحكم إعفاء الشارب وحلقه
حدود اللحية الشرعية
س - أرجو من فضيلتكم بيان حكم حلق اللحية، أو أخذ شيء منها، وما هي حدود اللحية الشرعية.
ج- حلق اللحية محرم لأنه معصية لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {أعفوا اللحى وحفوا الشوارب} ولأنه خروج عن هدى المرسلين إلى هدلاى المجوس والمشركين، وحد اللحة كما ذكره أهل اللغة هي شعر الوجه واللحيين والخدين، بمعنى أن كل ما على الخدين وعلى اللحيين والذقن فهو من اللحية، وأخذ شيء منها داخل المعصية أيضا لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال {أعفوا اللحى..} {وأروخوا اللحى..} {ووفروا اللحى..} {وأوفوا اللحى..} وهذا يدل على أنه لا يجوز أخذ شيء منها، لكن المعصاي تتفاوت، فالحلق أعظم من أخذ شيء منها، لأنه أعظم وأبين مخالفة من أخذ شيء منها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/418)
حكم حلق اللحية!!
س - ما حكم حلق اللحية؟ !
ج- قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {حفوا الشوارب وأعفوا اللحى} وعد من خصال الفطرة العشر قص الشارب وإعفاء اللحية. وكأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كث اللحية وقال تعالى عن هارون {يا بن أدم لا تاخذ بلحيتي ولا برأسي} واللحة هي الشعر النابت على اللحيين والذقن.
فاللحيتان هي منبت الأسنان السفلي، والذبن هومجوع اللحيين، وحيث جاءت هذه الأوامر الصحيحة فإن من واجب المسلم طاعة الله ورسوله ولا تتم الطاعة إلا بتمام الامتثال، فمن حلق اللحية فقد عصى قوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أعفوا اللحى} - أوفو اللحى - وفروا اللحى - أرخو اللحى فالحلق لها أو المقصر قد أخل بالطاعة ووقع في معصية فعليه التوبة والندم والله يتوب على من تاب والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
عليك إعفاؤها وهم اثمون
س - أعفيت لحيتي والحمد لله، والآن كلما واجهني أحد من أهلي أو معارفي استنكروا لحيتي ورموني بكلمات جارحة وطلبوا مني تقصيرها، وأنا مصمم على إعفائها. هل يجوز تقصيرها أم أواظب على إعفائها وأضبرب بكلامهم عرض الحائط؟
ج- الواجب عليك أن تستمر في إعفائها وإرخائها طاعة لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وامتثالاً لأمره، وأن تضرب بكلامهم عرض الحائط، وأن تنكر عليهم كلامهم وتذكرهم بالله وأن هذا لايجوز لهم بل عملهم هذا في الحقيقة نيابة عن الشيطان، لأنهم بهذا صاروا نواباً له يدعون إلى معاصي الله. نسأل الله العافية، والرسول، - صلى الله عليه وسلم -، يقول {قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفا المشركين} ويقول {جزوا الشوارب وأرخو اللحى خالفوا المجوس} ويقول {وفروا اللحى} فالواجب إرخاؤها وإعفائها(4/419)
وتوفير وعدم طاعة الفسقة الذين يدعون إلى قصها أو حلقها. نسأل الله السلامة. وهذا مصداق الحديث أنه يأتي في آخر الزمان شياطين يدعون إلى عصيان الله وإلى ارتكاب محارم الله، وكذلك كما في حديث حذيفة لما سأله حذيفة - رضي الله عنه - عن الشر الذي يقع بعده، - صلى الله عليه وسلم -، ذكر أنه يقع بعد ذلك في آخر الأمة دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها، قلت يا رسول الله صهفم لنا قال هم من جلدتنا ويتكلمون بألستنا نسأل الله العافية. فهؤلاء وأضرابهم من جنس من ذكرهم النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من دعاة النار، فلا يجوز للمؤمن أن يقبل كلامهم، ولا أن يميل إليهم، بل يعصهم ويخالفهم في طاعة الله ورسوله والله المتسعان.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم حلق اللحية والاستهزاء بها وإنكارها
س - اللحية سنة من سنن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وهناك أناس كثيرة منهم من يحلقها ومنههم من ينتفها ومنهم من يقصر منها ومنهم من يجحدها ومنهم من يقول إنها سنة يؤجر فاعلها ولا يعاقب تاركها ومن السفهاء من يقولون لو أن اللحية فيها خير ما طلعت في مكان العانة قبحهم الله فما حكم كل واحد من هؤلاء المختلفين وما حكم من أنكر سنة من سنن النبي، - صلى الله عليه وسلم -،
ج- قد دلت سنة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، الصحيحة على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها وعلى تحريم حلقها وقصها كما في الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين} وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال {جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس} وهذان الحديثان وما جاء في معناهما من الأحاديث كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وتحريم حلقها وقصها كما ذكرنا ومن زعم أن أعفاءها سنة يثاب فاعلها ولا يستحق العقاب تاركها فقد غلط وخالف الأحاديث الصحيحة لأن الأصل في الأوامر الوجوب، وفي النهي التحريم ولا يجوز لأحد أن يخالف(4/420)
ظاهر الأحاديث الصحيحة إلا بحجة تدل على صرفها عن مظاهرها، وليس هناك حجة تصرف هذه الأحاديث عن ظاهرها.
وأما ما رواه الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها فهو حديث باطل لا صحة له عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لأن في إسناده رواياً متهماً بالكذب.
أما من استهزأ بها وشبهها بالعانة فهذا قد أتى منكراً عظيماً يوجب ردته عن الإسلام لأن السخرية بشيء مما دل عليه كتاب الله أو سنة رسوله محمد، - صلى الله عليه وسلم -، تعتبر كفراً وردة عن الإسلام لقول الله عز وجل {قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} الآية. ونسأل الله لنا ولكم ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق والعافية من مضلات الفتن.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
حلق اللحية من تغيير خلق الله
س - هل قوله {ولآمرنهم فليغيرن خلق الله} يدل على حلق اللحية؟
ج- نعم حلق اللحية يدخل في عموم ما ذكره الله تعالى في كتابه عن إغواء الشيطان كثيراً من الناس، فإن حلقها تغيير لخلق الله، وقد أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بإعفاء اللحية وإحفاء الشوارب.. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حالق اللحية يتسحق التعزير
س - هل يؤأخذ الله سبحانه عز وجل حالق اللحية ويعاقبه لمخالفة الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، لقوله {خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب} هل اللحية شرط في الإيمان الكامل للمسلم يؤاخذ الله عليها ويعاقب حالقها؟(4/421)
ج- حلق اللحية حرام وهو ينافي كمال الإيمان الواجب، وحالقها يستحق التعزير في الدنيا والعذاب يوم القيامة إلا أن يتوب قبل موته فإن تاب توبة صادقة وأعفى لحيته تاب الله عليه لقول تعالى {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} وإن أصر على حلقها حتى توفي استحق العقاب وهو في مشيئة الله تعالى إن مات على الإيمان إن شاء الله عفا عنه وإن شاء عاقبه وقد صدرت فتوى في تحريم حلقها مع الدليل.
اللجة الدائمة
* * * *
حكم حلق العارضين
س - ما حكم حلق اللحية، وحكم حلق العارضين وترك اللحية والشارب؟
ج- حلق اللحية لا يجوز لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في الحديث الصحيح {قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين} متفق على صحته.
وقوله، - صلى الله عليه وسلم - {جزوا الشوارب وأرخو اللحى، خالفوا المجوس} خرجه مسلم في صحيحه.
واللحية هي ما نبت على الخدين والذقن كما أوضح ذلك صاحب القاموس فالواجب ترك الشعر النابت على الخدين والذقن وعدم حلقه أو قصه.
أصلح الله حال المسلمين جميعاً.
الشيخ ابن باز
* * * *
الاستهزاء باللحية جريمة عظيمة
س - ما حكم الصلاة خلف حالق اللحية بل ويهزأ ممن ترك لحيته ويأمره بحلقها؟
ج- الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد لا يجوز الاستهزاء بمن أعفى لحيته لأنه أعفاها تنفيذاً لأمر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وينبغي نصح المستهزئ وإرشاده وبيان أن استهزاءه ممن أعفى لحيته جريمة عظيمة يخشى على صاحبها من الردة عن الإسلام لقوله سبحانه وتعالى {قل أبا لله وآياته ورسوله كنتم(4/422)
تستهزءون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} الآية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم تخفيف اللحية
س - ما حكم قص اللحية أو تخفيفها؟
ج- يحرم حلق اللحية أو تقصيرها أو أخذ شيء من جوانبها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {قصوا الشوارب ووفروا اللحى} .
واللحة اسم للشعر النابت على اللحيين والذقن دون ما نبت تحت الحنك أو على الوجنتين ونحو ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم صبغ اللحية بالسواد
س - ما حكم من صبغ لحيته بأشد صبغ أسود، وهل يأثم من فعل ذلك أو لا، وما الفرق بين حلقها وتسويدها؟
ج- تغيير الشيب بصبغ شعر الرأس واللحية بالحناء والكتم ونحوها جائز، وتغييره بالصبغ الأسود لا يجوز وقد ورد بهذا الأحاديث الصحيحة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال جئ بأبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وكأن رأسه ثغامة فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {أذهبوا به إلى بعض نسائه فتغيره بشيء (وجنبوه السواد) } رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وفي رواية لأحمد قال، - صلى الله عليه وسلم -، " لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه " تكرمه لأبي بكر فأسلم ولحيته ورأسه كالثغامة بياضاً فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {غيروها وجنوبه السواد} ، وقال، - صلى الله عليه وسلم -، {أن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم} ، رواه أحمد وأبو دواود النسائي والترمذي وابن ماجه وصححه الترمذي، وأما الفرق بين حلق(4/423)
اللحية وصبغ شيبها بالسواد فكلاهما ممنوع إلا أن حلق اللحية أشد منعاً من صبغها بالسواد.
والله الموفق، وصلى الله علية محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
صبغ اللحية بالسواد لا يجوز
س - ما حكم صبغ اللحية باللون الأسود، وما حكم من يفعل ذلك؟
ج- لا يجوز صبغ اللشيب، سواء في الرأس أو اللحية، بالصبغ الأسود لأنه ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في الأحاديث الصحيحة النهي عن ذلك، ويشرع تغييره بغير الأسود كالاحمر والاصفر، وكالحناء والكتم مخلوطين لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد} رواه مسلم في صحيحه وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم} متفق على صحته من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/424)
حكم حلق الشارب
س - أرجو ذكر أحاديث قال فيها رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن من حلق اللحية فهو فاسق وهل يجوز حلق الشارب نهائياً؟
ج- حلق اللحية حرام وفاعله فاسق لمخالفته للأحاديث الأمرة بتوفيرها وإعفائها وسبق أن ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء سؤال مماثل لهذا السؤال أجابت عنه بالفتوى الآتي نصها
حلق اللحية حرام لما رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم عن ابي عمر رضي الله عنهما عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {خالفوا المشركين، وفروا اللحى وأحفووا الشوارب} ولما رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس} والإصرار على حلقها من الكبائر، فيجب نصح حالقها والإنكار عليه، ويتأكد ذلك إذا كان في مركز قيادي ديني.
وأما حلق الشارب فلم يثبت عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من أصحابه فيما نعلم، إنما ثبت عنهم الحث على قصه وإحفائه، وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمي والافتاء فتوى في ذلك رقم 1954.
اللجنة الدائمة
* * * *
تنبيه حول حكم حالق اللحية والشارب
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم رئيس تحرير جريدة عرب نيوز.. وفقه الله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد
فقد اطلعت على ترجمة ما جاء في جريدتكم عدد يوم الجمعة الموافق 24 2 1984م صفحة 7 في الصفحة المخصصة للديانة جواب السؤال التالي الذي وردكم من س. رخان ص. ب 7125 جدة وهذا نص السؤال {ما حكم الإسلام عن اللحية والشارب} هل(4/425)
يوجد عقاب معين بعد الوفاة للذي يحلق اللحية؟ هل حالق اللحية يفقد ثواب عبادته والأعمال الصالحة التي يأتي بها في حياته؟
فرأيت الجواب الذي نشرته الجريدة قاصراً وليس وافياً بالمطلوب، والجواب الصحيح أن يقال إن إعفاء اللحية وقص الشوارب أمر مفترض من الشارع صلى الله عليه وسلم حيث قال فيما صح عنه {قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين} متفق على صحته. وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {جزوا الشوارب وأرخو اللحى، خالفوا المجوس} وهذان الحديثان الصحيحان وما جاء في معناهما كلها تدل على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها وعدم التعرض لها بقص أو حلق، وعلى وجوب قص الشارب، ولم يرد في ذلك عقوبة معينة، ولكن الواجب على المسلم أن يمتثل أمر الله سبحانه وأمر رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وأن ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله ولو لم يرد في ذلك عقاب معين، ويجوز لولي الأمر أن يعاقب من خالف الأوامر والنواهي بما يراه من العقوبات الرادعة فيما دون عقوبات الحدود ردعاً للناس عن ارتكاب محارم الله والتعدي على حدوده، وقد ثبت عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال {إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن} . ومن مات على ذلك فهو تحت مشيئة الله كسائر المعاصي، إن شاء غفر له وإن شاء سبحانه عاقبه بما يستحق على ما فعله من المعاصي، ومن جملة ذلك حلق اللحى وإطالة الشوارب، قال الله تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقد دلت هذه الآية الكريمة على أن جميع الذنوب التي دون الشرك تحت مسئولية الله سبحانه، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة خلافاًً للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهما من أهل البدع، وبذلك يعلم أن حلق اللحى وإطالة الشوارب وغيرها من المعاصي التي دون الشرط لا تحيط الأعمال الصالحة ولا تبطل ثوابها وإنما تحبط الأعمال بالشرك وأنواع الكفر الأكبر لا بالمعاصي كما قال الله سبحانه وتعالى {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} وقال عز وجل {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} . والآيات في هذا المعنى كثيرة.(4/426)
ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
* * * *
رداً على مقال نشرته جريدة السياسة الكويتية في لمز الملتحين
ما هكذا الدعوة إلى إصلاح الأواضع يا حمد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فقد اطلعت على ما نشر في جريدة السياسة بعددها 668 في 19 8 1404هـ لكاتبه أحمد السعيدانه وقد نسب إلى هداه الله كلاما عن حلق اللحية تجرأ فيه بشيء لم أقله، ومما ذكر أني قلت أي فتوى تصدر باسمي يجب أن تكون ممهورة بخاتمي ومصدقة من وزارة الأوقاف الإسلامية على ما يصدر مني من الفتاوي. ثم استرسل في الكلام عن حلق اللحية وغيرها وزعم أن قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {خالفوا المشركين، أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى} يقتضي بهذا العصر أن نحلق اللحى لأن المجوس والمشركين واليهود والسيخ وغيرهم يطلقون اللحى، وقال " عليه يجب مخالفة هذه الفئات نحلق لحانا، وقد قام رجال الأزهر بتطبيق هذا الحديث وهو مخالفة المشركين وغيرهم وحلقوا لحاهم " إلى آخر ما قال، ولا شك أن هذه جرأة من الكاتب وسوء أدب منه مع سنة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فبيانه، - صلى الله عليه وسلم -، أوضح وأمره واجب الامتثال والتنفيذ ويخشى على مخالفة من العاقبة السيئة كما قال الله تعالى {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} وأمره صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية واضح وتنفيذه واجب إلى قيام الساعة سواء وفر الكفار أم حلقوها، وموافقتهم لنا في شيء من شرعنا كإعفاء اللحية لا يقتضي أن نخالف شرعنا كما أن دخولهم في الإسلام أمر واجب عليهم ومحبوب لنا ونحن مأمورين بدعوتهم إلى ذلك ولا يقتضي ذلك خروجنا من الإسلام إذا دخلوا فيه حتى(4/427)
نخالفهم بل علينا أن ندعوهم إلى دين الله وألا نتشبه بهم فيما خلفوا فيه شرع الله وهذا أمر معلوم عند جميع أهل العلم.
وهذه الجرأة من الكتاب في حمل الحديث الشريف على وجوب حلقها لأن المشركين وغيرهم تركوا حلقها جرأة شنيعة في نشر الباطل والدعوة إليه، ثم هي مخالفة للواقع فليس كل الكفار قد وفروا لحاهم بل فيهم من يعفيها وفيهم من يحلقها، ولو فرضنا أنهم كلهم أعفوا لم يجز لنا أن نخالف أمر الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، فنحلقها لمخالفتهم وهذا لا يقوله من له أدنى علم وبصيرة بشرع الله عز وجل، ويلزم عليه لوازم باطلة ومنكرات كثيرة، وأما ما ذكره عن شيوخ الأزهر من كونهم حلقال لحاهم لما رأووا بعض الكفار قد أعفاها فهذا لو سلمنا صحته لا حجة فيه فإن مخالفة بعض المسلمين لما شرعه الله لا يحتج بها على ترك الشرع المطهر بل الواجب الإنكار على من خالف الشرع والتحذير من الإقتداء به لا أن يحتج بعمله على مخالفة الشرع، وكثير من العلماء قد خالفوا الشرع المطهر في مسائل كثيرة إما لجهل بالدليل وإما لأسباب أخرى ولا يجوز أن يكونا حجة في جواز مخالفة ما علم من الشرع لكونهم لم يأخذوا به بل غاية ما هناك أن يعتذر عنهم بأن الشرع لم يبلغهم أو بلغهم من وجه لم يثبت لديهم أو لأعذار أخرى، كما بسط ذلك الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه الجليل " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " وقد أجاد فيه وأفاد وأوضح أعذار أهل العلم فيما خالفوا من الشرع فليراجع فإنه مفيد جداً لطالب الحق، وإني أنصح الكاتب (أحمد) بأن يتقي الله ويحذر لمز الملتحين وسوء الظن بهم، كما أنصحه بأن يحسن الظن بجميع إخوانه المسلمين الذي يحرصون على تطبيق الشريعة ويتتبعون سنة الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، ويتأسون به في أقواله وأعماله، وأن يحملهم على أحسن المحامل عملاً بقول الله - عز وجل - في سورة الحجرات {يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونواً خيراًَ منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} .
ومعنى قوله {ولا تلمزوا أنفسكم} أي لا يلمز بعضكم بعضاً، واللمز العيب، ثم قال الله سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن آثم} الآية(4/428)
فأمر سبحانه وتعالى باجتناب كثير من الظن، وأخبر أن بعضه إثم وهو الظن الذي لا دليل عليه ولا أمارة شرعية ترشد إليه، ولهذا ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي،، أنه قال {إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث} وهذا كله لا يمنع من نصيحة من أخطأ من أهل العلم أو الدعاء إلى الله في شيء من عمله أو دعوته أو سيرته بل يجب أن يوجه إلى الخير ويرشد إلى الحق بأسلوب حسن لا باللمز وسوء الظن والأسلوب العنيف فإن ذلك ينفر من الحق أكثر مما يدعو إليه، ولهذا قال عز وجل لرسوليه موسى وهارون لما بعثهما إلى أكفر الخلق في زمانه {فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى} وأخبر الله عن نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، بما جبله عليه من الرفق والحكمة واللين اللطف في الدعوة فقال سبحانه " فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك " الآية، وأمره سبحانه أن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة فقال - عز وجل - {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} وهذا الأمر ليس خاصاً به، - صلى الله عليه وسلم -، بل هو موجه إليه وإلى جميع علماء الأمة وإلى كل داع يدعو إلى حق، لأن أوامر الله سبحانه وتعالى لنبيه، - صلى الله عليه وسلم -، لا تخصه بل تعم الأمة جميعاً، إلا ما قام الدليل على أنه خاص به، ولقوله الله سبحانه {لقد كانو لكم في رسول الله أسوة حسنة} الآية ولقوله عز وجل {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} وقول سبحانه {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم} وصحح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {من يحرم الرفق يحرم الخير كله} وقال عليه السلام {إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شأنه} وقال أيضا عليه الصلاة والسلام {إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف} في أحاديث كثيرة تدل على أن الواجب على الدعاة إلى الله سبحانه والناصحين لعباده أن يتخيروا الأساليب المفيدة والعبارات التي ليس فيها عنف ولا تنفير من الحق والتي يرجى من ورائها انصياع من خالف الحق إلى قبوله والرضى به وإيثاره والرجوع عما هو عليه من الباطل، وأن لا يسلك في دعوته المسالك التي تنفر من(4/429)
الحق وتدعو على رده وعدم قبوله، وأسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين للفقه في دنيه، والثبات عليه، والدعوة إليه على بصيرة، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، ومن القول عليه سبحانه وعلى رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، بغير علم إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه ومن أهتدى بهداه إلى يوم الدين.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* * * *(4/430)
{فتاوى في الألعاب الرياضية وغيرها}
حكم ممارسة الرياضة بلباس قصير لا يستر
س - ما حكم ممارسة الرياضة بالسراويل القصيرة وما حكم مشاهدة من يعمل ذلك؟
ج- ممارسة الرياضة جائزة إذا لم تله عن شيء واجب فإن ألهت عن شيء واجب فإنها تكون حراماً، وإن كانت ديدن الإنسان بحيث تكون غالب وقته فإنها مضيعة للوقت وأقل أحوالها في هذه الحال الكراهة. أما إذا كان الممارس للرياضة ليس عليه إلا سروال قصير يبدو منه فخذه أو أكثره فإنه لا يجوز فإن الصحيح أنه يجب على الشباب ستر أفخاذهم وأنه لا يجوز مشاهدة اللاعبين وهم بهذه الحالة من الكشف عن أفخاذهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لا يجوز لبس السراويل القصيرة
س - ما حكم لبس السروال القصير مثلاً في المباراة الرياضية خارج أوقات الصلاة وكان هذا لا يؤدي إلى الفتنة. أرجو من سعادتكم الإجابة على هذا السؤال مع ذكر بعض الأدلة على ذلك. أفيدونا أفادكم الله؟
ج- نرى أنه لا يجوز لبس السراويل القصيرة، كالتبان الذي يستر العورة المغلظة فقط وتبدو معه الفخذان أو أكثرهما سواء كان في اللعب في مبارة أو في الأسواق أو غير ذكل ولو في غير الصلاة، وقد يعفى عن ذلك داخل البيت إذا كان الإنسان في مهنته الخاصة بحيث لا يطلع عليه الناس، والدليل أنه، - صلى الله عليه وسلم -، رأى جرهم الأسلمي وقد انحسر(4/431)
إزاره عن بعض فخذه فقال {غط فخذاك فإن الفخذ عورة} والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم الدخول إلى الملاعب لحضور المباريات؟
س - ما هو الحكم في الدخول إلى ملعب كرة القدم لمشاهدة إحدى المباريات؟
ج- الدخول في الملعب لمشاهدة مباريات لكرة القدم إن كان لا يترتب عليه ترك واجب كالصلاة وليس فيه رؤية عورة، ولا يترتب عليه شحناء وعداوة، فلا شيء فيه والأفضل ترك ذلك لأنه لهو، والغالب أن حضوره يجر إلى تفويت واجب وفعل محرم، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم لبس السلاسل للرجال
س - ما الحكم فيما يفعله بعض الرجال من لبس السلاسل؟
ج- اتخاذ السلاسل للتجمل بها محرم لأن ذلك من شيم النساء، وهو تشبه بالمرأة وقد لعن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، المتشبهين من الرجال بالنساء، ويزداد تحريما وإثما إذا كان من الذهب فإنه حرام على الرجل من الوجهين جميعاً، من جهة أنه ذهب، ومن جهة إنه تشبه بالمرأة، ويزداد قبحاً إلا كان فيه صورة حيوان أو إنسان، وأعظم من ذلك وأخبث إذا كان فيه صليب، فإن هذا حرام حتى على المرأة أن تلبس حلياً فيه صورة سواء كانت صورة إنسان أو حيوان، طائر أو غير طائر أو كان فيه صورة صليب وهذا - أعنى ما فيه صورة حرام على الرجال والنساء فلا يجوز لأي منهما أن يلبس ما فيه صورة إنسان أو حيوان أو صليب والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/432)
حكم لبس ميدالية من ذهب
س - شاركت في بعض البطولات وأهديت لي ميدالية ذهب - وساعة ذهب وقلم ذهب ما حكم استعمال هذه الأشياء وكيف اتصرف فيها، وهل تجب فيه زكاة وما مقدارها؟ مع أنني لا أعلم مقدار ما فيها من ذهب وجزاكم الله خيراً؟
ج- لا يجوز للرجل لبس ميدالية الذهب وساعة الذهب ولا استعمال قلم الذهب بل إنما يجوز للنساء التحلي بالذهب فلك أن تهبها لإحدى النساء من أقاربك أو أن تزيل ما بها من الذهب قبل لبسها، فاما الزكاة ففي قيمتها ربع العشر كغيرها من الحلي.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم الجوائز التي تدفع في بعض الألعاب الرياضية في " دوريات الحواري "
س - يلاحظ في هذه الأيام إستعداد كثير من الشباب للقيام بعمل دورات رياضية في الألعاب المختلفة وذلك تبعاً لأحد الأندية أو على مستوى الحواري وذلك عن طريق مساهمة كل فريق بمقدار معين من المال مع العلم بأن أحد الفرق لا يدفع شيئاً ويقوم الفريق المنظم بشراء الكأس والجوائز، وتقوم بقية الفرق باللعب على هذه الجوائز، والفريق الفائز يحصل على الكأس وتوزع بقية الجوائز على المراكز الأول وغيره. أفيدونا وجزاكم الله خيراً؟
ج- إذا كان دفع الجائزة ممن لا يشارك بالمسابقة مثل أن يدفع شخص ليس من جملة المتسابقين مبلغا من المال للغالب من هذه الفرق، فلا يدخل هذا في الميسر المحرم. أما إذا كان دفع الجائزة من الفريقين المتسابقين مثل أن يدفع كل فريق شيئاً من المال ومن سبق من الفريقين كان له، فهذا من الميسر المحرم لقول تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} وكذلك لو كانت الفرق ثلاثاً فدفع الفريقان ولم يدفع الثالث أخذ الجائزة من سبق فهو حرام أيضاً لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر} فالنصل المسابقة في السهام أي الرمي بالسهام والخف المسابقة في الإبل، والحافر المسابقة في الخيل، والسبق(4/433)
بفتح الباء العوض المجهول في المسابقة لمن سبق وقد بين النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن ذلك لا يجوز إلا في هذه الثلاثة وذلك لأنها مما يتعلق بالجهاد في سبيل الله. والله والموفق.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم المراهنة
س - ما الحكم فيما يفعله بعض الناس من المراهنة والذي يدعون أنه حق؟
ج- المراهنة معلومة عند كثير من الناس وهي أن يختلف اثنان في شيء فيقول أحدهما إن كان الأمر ما أقول فعليك كذا وكذا مما يسمونه، وإن كان الأمر على ما تقول أنت فعلي كذا وكذا مما يسمونه، وهذا محرم لأنه من الميسر الذي قرئه الله - عز وجل - بالخمر قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} وعلى هذا فهذه المقامرة حرام، وتسمية بعض الناس لها حقاً لا يزيدها إلا قبحاً لأنه جعل الباطل حقاً وسماه بغير اسمه وأصبغ عليه صبغة الجل، فيكون كاذباً فيما ادعاه، مخادعاً فيما أظهره نسأل الله السلامة والعافية.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لعب الورق والألعاب الملهية
س - يوجد بعض من الناس يلعبون ورق اللعب وبعض الألعاب ويشترطون أن على المهزوم أن يدفع مالاً أو يشتري مثلاً عصيراً؟ أو ما شابه ذلك فهل هذا يجوز. أفتونا مأجورين؟ مع نصح من وقع في هذه الألعاب؟
ج- هذا العمل عمل محرم فلا يجوز لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يقول {لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر} وهو من الميسر الذي حرمه الله في القرآن وقرنه بالخمر وعبادة الأصنام فقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من(4/434)
عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} فعلى هؤلاء أن يتوبوا إلى الله - عز وجل - وأن يستغفروه وألا يعودوا إلى مثل ذلك. وما كسبوا من هذا الشيء فإنه حرام عليهم ولا يحل لهم.
ثم إن هذه الألعاب التي تلهي عن الخير خسارة على الإنسان في الواقع لأنه يضيع بها أوقاتاً ثمينة جداً، وإذا كان الإنسان العاقل لا يضيع ماله بدون فائدة فإن عدم إضاعة الوقت أولى وأحرى، لأن الوقت أثمن من المال، ولأن إضاعة الشباب وغير الشباب لأوقاتهم بمثل هذه الألعاب التي لا تفيدهم شيئاً هو من الأمور التي تحزن ويؤسف لها، ولهذا ذهب كثير من أهل العلم إلى تحريم هذه الألعاب وإن كانت بغير عوض، أما إذا كانت بعوض فلا ريب في تحريمها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم لعب الورق بدون عوض
س - لعب الورق إذا كان لا يلهي عن الصلاة ومن دون فلوس هل هو حرام أم لا؟
ج- اللعب بالورق لا يحوز ولو كان بدون عوض لأن الشأن فيه أنه يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة وإن زعم أنه لا يصد عن ذلك ثم هو ذريعة إلى الميسر المحرم بنص القرآن، قال تعالى {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم لعب البلوت وآثرها على المجتمع
س - ما الحكم في نوع من الألعاب يطلق عليه " البلوت " إذا جلس أهلها يلعبونها وارتفع صوت الأذان لا يتابعونه ولا يذكرون الله عند الانتهاء، ولا يدعون بالدعاء الوارد عند سماعه، ويذهب الناس إلى المساجد للصلااة ولا يحضرها هؤلاء الناس، وبعد العودة من المسجد يدخل عليهم الناس ويسلمون عليهم ولا يردون عليهم السلام لكون أفكارهم(4/435)
وقلوبهم مشغولة ولا يستطيع الإنسان الجلوس في البيت من ريح الدخان وضجيج الأصوات المزعجة والضحك واللعن والإيمان (الحلف) بعضها بالله وبعضها بغيره، فما حكم هذه اللعبة وما يحلق لاعبها منها وأما أثرها على المجتمع؟
ج- اللعب بالأوراق على ما وصفه السائل يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويحدث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين وقد يكون على مال يدفعه المغلوب للغالب وهو مصحوباً بتبادل اللعن وإيقاع الأيمان الفاجرة، فإذا ترتب عليه هذه الأمور وما في معناها أو بعضها فإنه حرام لقوله تعالي {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} .
وأما ما يلحق لاعبيها فإنهم قد ارتكبوا أمراً محرماً وهو آثمون في ارتكاب ذلك وما يقترن به من ترك واجب كترك الصلاة جماعة، أو فعل محرم كاللعن والأيمان الكاذبة والحلف بغير الله وشرب الدخان.
وأما أثر هذه اللعبة على المجتمع فإن روابط المجتمع السليم تتحقق بأمرين اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه، ويتفكك المجتمع بترك شيء من الواجبات أو فعل شيء من المحرمات، وهذه اللعبة من العوامل التي تؤثر على المجتمع، فهي سبب في ترك الصلاة جماعة، وينشأ عنها التباعد والتقطاع والشحناء والتساهل في ارتكاب المحرمات كما أنها مورثة للكسل عن طلب الرزق، هذا إذا لم تكن على عوض، فإن كانت على عوض فالمال الذي يحصل بسبب هذا اللعب هو مال حرام وقد سبق دليل ذلك في أول الجواب، هذا وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/436)
حكم لعب الورق والشطرنج
س - هل يجوز لعب الورق (البلوت) وما حكم لعب الشطرنج مع العلم أنهما لا يلهيان عند الصلاة؟
ج- لا تجوز هاتان اللعبتان وما أشبههما لكونهما من آلات اللهو، ولما فيهما من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة وإضاعة الأوقات في غير حق، ولما قد تفضي إليه من الشحناء والعداوة، هذا إذا كانت هذه اللعبة ليس فيها عوض، أما إن كان فيها عوض مالي فإن التحريم يكون أشد لأنها بذلك تكون من أنواع القمار الذي لا شك في تحريمه ولا خلاف فيه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم اللعب بالورقة والشطرنج أيضاً
س - ما حكم اللعب بالورقة والشطرنج؟
ج- قد نص أهل العلم رحمهم الله أن اللعب بهما حرام كما ذكر ذلك مشايخنا وذلك لما فيهما من الإلهاء الكثير والصد عن ذكر الله سبحانه وتعالى، ولأنهما ربما يؤديان إلى العداوة والبغضاء بين اللاعبين، وكثيراً ما يكون اللعب على عوض، ومعلوم أن العوض لا يجوز بين المتسابقين إلا فيما نص عليه الشرع وهي ثلاثة أشياء النصل والخف والحافر ومن تأمل أحوالل لاعبي الشطرنج والورقة تبين أنه قد ضاع عليهم أوقات كثيرة يمضونها في غير طاعة الله وفي غير الفائدة التي تعود علهيم في أمر دنايهم. يقول بعض الناس أن لعب الورقة والشطرنج يفتح الذهن وينمي الذكاء ولكن الواقع خلاف ما يدعيه هؤلاء بل إنه يبلد الذهن ويجعل الذهن مقصوراً على هذا النوع من الذكاء بحيث لو أن الإنسان استععمل فكره في غير هذه الطريقة ما وجد شيئاً وعلى هذا فإن تبليد الفكر وقصره على هذا النوع من الذكاء يوجب للإنسان العاقل أن يبتعد عن فعلهما.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/437)
حكم لعب الشطرنج في غير أوقات الصلاة
س - هل يجوز لعب الشطرنج تحت الشروط الآتية
- ليس باستمرار بل في بعض الأحيان وعدم التلفظ بألفاظ بذيئة أثناء اللعب.
- عدم تضييع أوقات الصلوات المفروضة.
أرجو بهذا إفادة؟
ج- القول الراجح أن اللعب بالشطرنج محرم، أولا لانه لا يخلو غالبا من صور تمثالية مجسمة ومعلوم أن استصحاب الصور محرم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة} .
وثانيا لأنه غالبا ما يلهي عن ذكر الله - عز وجل - وما ألهى كثيراً عن ذكر الله فإنه يكون حراماً لقول الله تعالى في بيان حكمه تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} سورة المائدة، الآية 91.
ولأن الغالب في اللاعبين بهذه اللعبة الغالب عليهم التنازع والتنافر والكلمات النابية التي لا ينبغي أن تقع من مسلم لأخيه، ولأن انحصار الذهن على هذا النوع من الذكاء في هذا النوع من الأنواع ويكون فميا عداه بليداً كما حدثني بذلك من أثق به قال إنن المنهمكين في لعب الشطرنج نجدهم إذا خرجوا عن ميدانه مما يتطلب ذكاء وفطنة نجدهم من أبله الناس وأبلدهم، لهذه الأسباب كانت لعبة الشطرنج حراماً.
هذا إذا سلمت مما ذكره السائل وسلمت من الميسر وهو جعل عوض على المغلوب فإن اقترنت بما ذكره السائل أو جعل فيها ميسر - وهو العوض - على المغلوب صارت أخبث وأشر.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/438)
ما حكم هذه اللعبة
س - ما حكم هذه اللعبة التي ظهرت في الأسواق، ويلعبها الأطفال والشبان، وهي مركبة من منضدة فيها تماثيل لاعبي كرة القدم، ويوضع فيها كرة صغيرة تحرك بالأيدي، فمن غلب يرفع أجرة اللعة إلى صاحبها، والغالب لا يدفع شيئاً، فهل يجوز هذا وأمثاله في الشريعة الإسلامية؟
ج- إذا كان حال هذه اللعبة ما ذكرت من وجود تماثيل بالمنضدة التي يلعب عليها ودفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة لصاحبها فهي محرمة لأمور
أولا أن الاشتغال بهذه اللعبة من اللهو الذي يقطع على اللاعب بها فراغه ويضيع عليه الكثير من مصالح دينه ودنياه، وقد يصير اللعب بها عادة له، وذريعة إلى ما هو أشد من ذلك من أنواع المقامرة وكل ما كان كذلك فهو باطل محرم شرعاً.
ثانيا صنع التماثيل والصور واقتناؤها من كبائر الذنوب، للأحاديث الصحيحة التي توعد الله تعالى وتوعد رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، من فعل ذلك بالنار والعذاب الأليم.
ثالثا دفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة محرم، لأن إسراف وإضاعة للمال بانفاقه في لعب ولهو، وإيجار اللعبة عقد باطل، وكسب صاحبها منها سحت وأكل المال بالباطل فكان ذلك من الكبائر والقمار المحرم.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/439)
حكم العرضان في الأعياد وغيرها
س - ما حكم العرضات التي تحدث في الأعياد وغيرها من المناسبات؟
ج- شرعت الأعياد لإظهار شكر الله تعالى على إتمام العبادة ويتمثل الشرك في التكبير والذكر وصلاة العيد، لكن يباح فيه شيء من الترفيه لإظهار الفرح كلعب الحبشة في المسجد النبوي ومثله العرضات التي قصد فيها إظهار القوة في المسلمين والتدريب على الكر والفر في الجهاد على أن تخلوا من النساء أو المفاخرة أو ما يحدث الشقاق والنزاع ونحوه.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/440)
اليانصيب ونحوه
حكم اليانصيب.. وإنفاق الأرباح في مشاريع إسلامية
س - ما حكم الإشتراك باليانصيب.. والاشتراك هو أن يدفع الشخص تذكره ثم إذا حالفه الحظ حصل على مبلغ كبير علماً بأن هذا الشخص ينوي أن يقيم بهذا المبلغ مشاريع إسلامية ويساعد بذلك المجاهدين حتى يستفيدوا من ذلك؟
ج- هذه الصورة التي ذكرها السائل أن يشتري تذكرة ثم قد يحالفه الحظ كما يقول فيربح ربحاً كثيراً هذه داخلة في الميسر الذي قال الله تعالى فيه {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلوات فهل أنتم منتهون، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين} سورة المائدة، الآيات 90-92.
فهذا الميسر - وهو كل معاملة دائرة بين الغرم والغنم - لا يدري فيها المعامل هل يكون غانماً أو يكون غارما كله محرم بل هو من كبائر الذنوب ولا يخفي على الإنسان قبحه إذا رأى أن الله تعالى قرنه بعباده الأصنام وبالخمر والأزلام، وما نتوقع فيه من منافع فإنه مغمور بجانب المضار. قول تعالى {يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيها آثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعها} سورة البقرة، الآية 219.
وتأمل هذه الآية حيث ذكر المنافع بصيغة الجمع وذكر الإثم بصيغة المفرد فلم يقل فيها آثام كبيرة ومنافع للناس بل قال إثم كبير إشارة إلى أن المنافع مهما كثرت ومهما تعددت فإنها مغمورة بجانب هذا الإثم الكبير. والإثم الكبير راجح بها، فإثمهما أكبر من نفعها مهما كان فيهما من النفع الحاصل بهما.
إذن لا يجوز للإنسان أن يتعامل باليانصيب وإن كان غرضه أن ما يحصله سوف يضعه في منافع عامة كإصلاح الطرق وبناء المساجد وإعانة المجاهدين وما أشبه ذلك. بل(4/441)
إنه إذا صرف هذه الأموال المحرمة التي اكتسبها بطريق محرم في هذه الأشياء يريد التقرب بها إلى الله لا فإن الله لا يقبلها منه ويبقى عليه الإثم ويحرم من الأجر لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً وإن صرفها في هذه المصالح والمنافع كبناء المساجد تخلصا منها فهذا من السفه إذ كيف يكتسب الإنسان الخطيئة ثم يحاول التخلص منها، والعقل كل العقل الذي يؤيده الشرع إن يدع الخطيئة أصلاً دون أن يتلطخ بها ثم يحاول أن يتخلص منها.
وعلى هذا فإنه لا يجوز للإنسان أن يكتسب هذا المال المحرم لأجل أن يقيم عليه أشياء يريد أن يتقرب بها إلى الله، ولا أن يكتسبه وهو ينوي أنه إذا حصله تخلص منه يصرفه فيما ينفع العباد بل الواجب على المؤمن أن يدع المحرم أصلاً ولا يتلطخ به.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
" اليانصيب " من أعمال القمار المحرمة
س - عمليات اليانصيب التي تنظمها بعض الهيئات الخيرية لتمويل أوجه نشاطها في المجالات التعليمية والعلاجية والخدمات الأجتماعية هل هي جائزة شرعاً؟
ج- عمليات اليانصيب عنوانها لعب القمار وهو الميسر وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع كما قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} .
ولا يحل لجميع المسلمين اللعب بالقمار مطلقاً سواء كان ذلك المال الذي يحصل بالقمار يصرف في جهات بر أو في غير ذلك لكونه خبيثاً محرماً لعموم الأدلة، ولأن الكسب الحاصل بالقمار من الكسب المحرم الذي يجب تركه والحذر منه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/442)
حكم شهادة الاستثمار التي تصدرها البنوك
س - يصدر بعض البنوك في بعض الدول شهادات استثمار وهي عبارة عن شهادات تشتري من البنك ويجرى السحب عليها (الشهادات المشتراه) شهرياً والشهادة التي تفوز تربح مبلغاً كبيراً من المال. مع الاحتفاظ صاحب الشهادة برد الشهادة إلى البنك وأخذ قيمتها في أي وقت شاء. فما حكم الشرع في هذا المبلغ الطائل من المال الذي يفوز به صاحب الشهادة الرابحة؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكر فهذه المعاملة من الميسر - القمار - وهو من كبائر الذنوب، لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} فعل من يتعامل به أن يتوب إلى الله ويستغفره ويجتنب التعامل به وعليه أن يتلخص مما كسبه منه عسى الله أن يتوب عليه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الجوائز التي تقدم من المؤسسات والمحلات التجارية
س - ما حكم الجوائز التي تقدم من المؤسسات والمحلات التجارية؟
ج- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد
فقد لاحظ قيام بعض المؤسسات والمحلات التجارية بنشر إعلانات في الصحف وغيرها عن تقيدم جوائز لمن يشتري من بضاعهم المعروضة. مما يغري بعض الناس على الشراء من هذا المحل دون غيره أو يشتري سلعاً ليس له فيها حاجة طمعا في الحصول على إحدى هذه الجوائز، وحيث أن هذا النوع من القمار محرم شرعا والمؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل، ولما فيه من الإغراء والتسبب في ترويج سلعته وإكساد سلع الآخرين المماثلة ممن(4/443)
لم يقامر مثل مقامرته لذلك أحببت تنبيه القراء على أن هذا العمل محرم، والجائزة التي تحصل من طريقه محرمة لكونها من الميسر المحرم شرعاً وهو القمار فالواجب على أصحاب التجارية الحذر من هذه المقامرة وليسعهم ما بيسع الناس وقد قال سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله لا كان بكم رحيماً ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً} وهذه المقامرة، ليست من التجارة التي تباح بالتراضي بل هي من الميسر الذي حرمه الله لما فيه من أكل المال بالباطل ولما فيه من إيقاع الشحناء والعداوة بين المسلمين كما قال الله سبحانه {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} .
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر عباده وأن يعيدنا جميعاً من كل عمل يخالف شرعه إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبيا محمد وآله وصحبه.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/444)
{في أحكام بعض الحيوانات والطيور وسائر الدواب}
المواشي إذا دخلت المزارع فأفسدتها
س - هل حديث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في الحكم بين أصحاب الإبل والمزارع يشمل جميع المواشي مثل الأغنام والأبقار التي يجب أن تحفظ براع يرعاها ويحفظها عن المزارع والسباع أو أنه يختص بالإبل التي قل ما ترعى بالنهار وتحفظ بالليل؟
ج- أولا الحديث الذي ورد في هذا الموضوع رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والنسائي وابن ماجه في سننهم، وغيرهم بألفاظ متقاربة، ولفظه عند أبي داود، عن حرام بن محيصة عن البراء بن عازب أنه كانت له ناقة ضاربة، فدخلت حائطاً فافسدت فيه فكلم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقضى أن حفظ الحوائط بالنهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها، وأن أهل الماشية ما أصابت ماشيتهم بالليل، وروى أبو داود أيضاً من طريق آخر، عن حرام بن محيصة عن أبيه أن ناقة البراء دخلت حائط رجل فأفسدته من طريق آخر، فقضى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن أهل الأموال حفظها بالنهار وعلى أهل المواشي حفظها بالليل.
ثانيا هذا الحديث ورد عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن سبب خاص وهو إفساد ناقة البراء مزرعة لغيره ولكن لفظه عام، لأن عبر باللفظ الماشية، حيث قال إن حفظ الماشية بالليل على أهلها وإن على أهل الماشية ما أصابت، والعبرة بعموم لفظ الحديث لا بخصوص سببه، فيشمل لفظ الماشية فيه الأغنام والأبقار.
ثالثا كثير من العلماء صحح هذا الحديث وعمل به كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم، فقالوا يضمن مالك البهيمة ما أصابته ليلاً، ولا يضمن ما أصابته نهاراً، قال الشافعي أخذنا بهذا الحديث لثبوته واتصاله ومعرفة رجال، وجعله هؤلاء مخصصاً لعموم(4/445)
حديث {العجماء جبار} ومن العلماء من قال بالضمان مطلقاً، ومنهم من قال بعدم الضمان مطلقاً والمختار الأول لما فيه من الجمع بين الحديثين العام والخاص، وعلى من يريد أن يتزود من العلم أن يرجع إلى قول العلماء في ذلك وإلى أدلتهم في مظانها، وعلى من كانت له قضية أن يرفعها للقاضي فما حكم به من أقوال العلماء المعتبرين نفذ حكمه ورفع الخلاف فيه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم وسم أذن الدابة أو حرقها أو قرضها..؟
س - أفتانا شيخ بأن وسم إذن الدابة أو خرقها أو قرضها جزئياً أو كليا هو أمر من الشيطان وهو يسبب لعنة الله على فاعل هذا الشيء فهل هذا صحيح أم لا؟
ج- الأصل في الإسلام احترام بهيمة الأنعام وعدم إيذائها بوسم إذنها أو خرقها أو قرضها جزئياً أو كلياً أو بغير ذلك إلا إذا كان لحاجة ظاهرة كأن يريد تعليمها بشيء تعرف به له أو لغيره من وسم بنار في غير الوجه، أو شق سنام الإبل التي تساق هدياً، فلا بأس بذلك ما دام ذلك في حدود الحاجة ولغرض صحيح، فقد ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال غدوت إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بعبد الله بن أبي طلحة ليحنكه فوافيته وفي يده الميسم يسم إبل الصدقة - ولأحمد وابن ماجه دخلت على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وهو يسم غنما في آذانها، وثبت في صحيح البخاري عن المسور بن مخرمة ومروان قالا خرج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في بضع عشرة أمانة من أصحابه حتى إذا كانوا بذى الحليفة قلد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الهدي وأشعره - والإشعار هو أن يخرج سنام البدنه حتى يسيل دم ثم يسلته فيكون ذلك علامة على كونه هدياً. أما الوسم في الوجه فلا يجوز لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن ذلك ولعن من فعله.
وبالله التوفيق - وصلى اله وسلم على عبده ورسوله محمد وصحبه وسلم..
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
* * * *(4/446)
حكم اقتناء الكلب في البيت
س - إن لدينا في البيت كلبا - أنثى - جلبناه وكنا لا نعرف حكم اقتناء الكلاب بدون حادة وبعد أن عرفنا الحكم طردنا الكب ولم يذهب لأن ألف البيت ولا أريد قلته، فما هو الحل؟
ج- مما لا شك فيه أنه يحرم على الإنسان اقتناء الكلب إلا في الأمور التي نص الشرع على جواز اقتنائه فيها فإن من اقتنى كلباً - إلا كلب صيد أو ماشية أو حرث - انتقص من أجره كل يوم قيراط وإذا كان ينتقص من أجره قيراط فإنه يإثم بذلك لأن فوات الأجر كحصول الإثم كلاهما يدل على التحريم أي على ما رتب عليه ذلك.
وبهذه المناسبة فإني أنصح كل أولئك المغرورين الذين اغتروا بما فعله الكفار من اقتناء الكلاب وهي خبيثة ونجاستها أعظم نجاسات الحيوانات فإن نجاسة الكلاب لا تطهر إلا بسبع غسلات إحداهما بالتراب. حتى الخنزير الذي نص الله في القرآن أنه محرم وأنه رجس فنجاسته لا تبلغ هذا الحد.
فالكلاب نجس خبيث ولكن مع الأسف الشديد نجد أن بعض الناس اغتروا بالكفار الذين يألفون الخبائث فصاروا يقتنون هذه الكلاب بدون حاجة وبدون ضرورة. يقتنونها ويربونها وينظفونها مع أنها لا تنظف أبداً ولو نظفت بالبحر ما نظفت لأن نجاستها عينية، ثم هم يخسرون أموالاً كثيرة فيضيعون بذلك أموالهم وقد نهى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن إضاعة المال.
فأنصح هؤلاء المغترين أن يتوبوا إلى الله - عز وجل - وأن يخرجوا الكلاب من بيوتهم، أما من احتياج إليها لصيد أو حرث أو ماشية فإنه لا بأس بذلك لإذن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بذلك.
بقى الجواب على سؤال نقول له أنت إذا أخرجت هذه الكلبة من بيتك وطردتها فأنت لست مسئولاً عنها، لا تبقها عندك ولا تؤويها ولعلها إذا بقيت هكذا خلف الباب لعلها تذهب وتخرج خارج البلد وتأكل من رزق الله تعالى كما يأتي غيرها من الكلاب.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/447)
حكم وسم البهائم أو الدواب للتمييز بينها
س - توجد أدلة في الفقة على تحريم وسم البهائم أو الدواب في وجهها ونحن معشر البادية نضطر إلى وسم الدواب للتمييز بين الدواب حيث تختلط في المراعي مع داب الغير وحيث تمنع السارق ويصعب عليه بيعها فهل يجوز لنا ذلك؟
ج- نعم يجوز ذلك للغرض المذكور في السؤال إذا كان في غير الوجه لما روى الشيخان - رحمهما الله - في صحيحهما عن أنس رضي الله عنه قال غدوت إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة، وفي لفظ لأحمد وابن ماده رحمهما الله عنه دخلت على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وهو يسم غنما في آذانها. أما الوسم في الوجه فلا يجوز لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، زجر عن ذلك.
اللجنة الدائمة
* * * *
قطع الغريزة الجنسية عند القطط
س - في الغرب يقومون بقطع الغريزة الجنسية عند القطط بدعوى الإيذاء فما حكم ذلك؟
ج- إذا كانت القطط كثيرة مؤذية وكانت العملية لا تؤذيها فلا حرج لأن هذا أولى من قتلها بعد خلقها.. وأما إذا كانت قططا معتادة ولا تؤذي فلعل في بقائها تتنامي خيراً.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
وضع الطيور والأسماك للزنية
س - هل يجوز اتخاذ الطيور مثل الببغاء وغيرها داخل قفص داخل البيوت لغرض الزينة أو وضع البلابل داخل حوص فيه ماء؟
ج- ليس في ذلك حرج إذا لم تُظلم. وأحسن إليها في طعامها وشرابها سواء كانت ببغاء(4/448)
أو حماماً أو دجاجاً أو غير ذلك بشرط الإحسان إليها وعدم ظلمها، وسواء كانت في حوض أو أقفاص أو أحواض ماء كالسمك. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم حبس الطيور في الأقفاص
س - هل يجوز حبس بعض الطيور في الأقفاص لغرض الزينة في البيوت والحدائق؟
ج- لا حرج في ذلك إذا قام حابسها بما يلزم لها من الطعام والماء.
لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ذكر أن امرأة عذبت في النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض} متفق على صحته فدل ذلك على أنها لو أطعمتها وسقتها مع حبسها لها لم تعذب. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
الحكم فيمن يجمع الطيور ويضعها في قفص
وسئل سماحة الشيخ أيضاً
س - ما الحكم فيمن يجمع الطيور ويضعها في قفص وذلك لكي يتسلى بها أولاده؟
ج- لا حرج في ذلك إذا أعد لها ما يلزم من الطعام والشراب، لأن الأصل في مثل هذا الأمر الحل ولا دليل يدل على خلاف فيما نعلم. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
لا إثم عليكم
س - عندنا طيور زينة في أقفاص وكنا نضع لها طعامها وماءها وكل يوم نخرجها في الصباح للخارج حتى يأتيها هواء بارد وذات يوم نسيناها حتى أتت الشمس إلى مكانها وتسببت في موتها. وقد ندمنا على حسبها. أفتونا جزاكم الله خيراً هل علينا كفارة بسبب حبسنا لها أم لا؟(4/449)
ج- إذا كان الواقع كما ذكر السائل فليس عليكم إثم لقول الله سبحانه " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " الآية.
وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، - عز وجل - قال {قد فعلت} أخرجه مسلم في صحيحه وهذا يدل على أنه سبحانه أجاب دعوة المؤمنين. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم قتل الحشرات المؤذية
س - سائل يقول انتشر النمل في بلدنا بصورة مذهلة حيث لا يترك لنا طعاماً ولا لباساً إلا أتلفه بالإضافة إلى أنه يؤذينا في أجسامنا فهل يجوز لنا قتله، وبأي وسيلة نقتله، وهل هذا بلاء لنا؟ وكيف ندفعه عنا؟
ج- إذا كان الواقع ما ذكر جاز لكم قتل المؤذي منه بأي وسيلة ما عدا النار، ولا شك أن ذلك من الابتلاء الامتحان الذي يدعو للاعتبار التوبة إلى الله سبحانه وتعالى.
اللجنة الدائمة
* * * *
الفواسق الخمس
س - سمعت عن لفظة " الفواسق الخمس " فما معناها وهل نحن مأمورون بقتلها حتى في الحرم؟
ج- الفواسق الخمس هي الفارة، والعقرب، والكلب العقور، والغراب، والحداة. هذه هي خمس التي قال فيها النبي، - صلى الله عليه وسلم - {خمس كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم} ، فيسن للإنسان أن يقتل هذ الفواسق الخمس وهو محرم ومحل داخل أميال الحرم أو خارج أميال الحرم، لما فيها من الأذى والضرر في بعض الأحيان، ويقاس على هذه الخمس ما كان مثلها أو أشد منها إلا أن الحيات التي في البيوت لا تقتل إلا بعد أن يخرج عليها ثلاثاً لأنه يخشى أن تكون من الجن، إلا الأبتر وذا الطفيتين فإنه يقتل ولو في البيوت،(4/450)
لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن قتل ذلك إلا الأبتر وذا الطفيتين والأبتر يعني قصير الذنب وذو الطفيتين، هما خطان أسودان على ظهره. فهذان النوعان يقتلان مطلقاً، وما عداهما لا يقتل ولكن يخرج عليه ثلاث مرات بأن يقول لها أحرج عليك أن تكونى في بيتي أو كلمة نحوها يدل على أنه ينذرها ولا يسمح لها بالبقاء في بيته، فإن بقيت بعد ذلك فإنها ليس بجن، أولو كانت جنا فقد أهدرت حرمتها، فحينئذ يقتلها، ولكن لو اعتدت عليه في هذه الحال فله أن يدافعها ولو لأول مرة، يدافعها فإن أدت المدافعة إلى قتلها أو لم يندفع أذاها إلا بقتلها فله أن يقتلها حينئذ لأن ذلك من باب الدفاع عن النفس.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم قتل الحشرات التي في البيوت
س - الحشرات التي توجد في المنزل مثل النمل والصراصير وما أشبه ذلك هل يجوز قتلها بالحرق وإن لم يجز فماذا نفعل؟
ج- هذه الحشرات إذا حصل منها الأذى تقتل بالمبيدات الحشرية ولا تقتل بالنار، يقول الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، {خمس من الدواب كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والفأرة والكلب العقور والعقرب} وفي لفظ آخر الحيه (سادسة) هذه أخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن أذاها وأنها فواسق وقد خرجت عن طبيعة غيرها من عدم الأذى، ولهذا قال يقتلن في الحل والحرام، وهكذا إذا وجد الأذى من غيرها كالنمل أو الصراصير او الخنافس أو غيرها مما يؤذي فإنها تقتل بالمبيدات الحشرية وليس بالنار والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/451)
{في الغيبة والنميمة وأحكام المجالس}
الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة
س - بعض الناس - هداهم الله - لا يرون الغيبة أمراًَ منكراً أو حراماً والعض يقول إذا كان في الإنسان ما تقول فغيبته ليست حراماً متجاهلين أحاديث المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -،. أرجو من سماحة الشيخ توضيح ذلك جزاه الله خيراً؟
ج- الغيبة محرمة ومن الكبائر سواء كان العيب موجوداً في الشخص أم غير موجود لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال لما سئل عن الغيبة قال ذكرك أخاك بما يكره قيل يا رسول الله أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال {إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته} وثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه رأي ليلة أسرى به قوما لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فسأل عنهم فقيل له هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أغراضهم.
وقد قال الله سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه وأتقوا الله إن الله تواب رحيم} فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الغيبة، والتواصي بتركها طاعة الله سبحانه ولرسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وحرصا من المسلم على ستر إخوانه وعدم أظهار عوراتهم، ولأن الغيبة من أسباب الشحناء والعداوة وتفريق المجتمع، وفق الله المسلمين لكل خير.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/452)
هجر المغتاب
س - لي صديق كثيراً ما يتحدث عن أعراض الناس وقد نصحته ولكن دون جدوى ويبدو أنها أصبحت عادة عنده، وأحياناً يكون كلامه في الناس عن حسن نية فهل يجوز هجره؟
ج- الكلام في أعراض المسلمين بما يكرهون منكر عظيم ومن الغيبة المحرمة بل من كبائر الذنوب لقول الله سبحانه {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} .
ولما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " أتدرون ما الغيبة؟ " فقالوا الله ورسوله أعلم فقال " ذكرك أخاك بما يكره " قيل يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته " وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما عرج به مر قوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال يا جبريل من هؤلاء فقال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد جيد عن أنس رضي الله عنه، وقال العلامة ابن مفلح إسناده صحيح، قال وخرج أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة مرفوعاً من الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق.
والواجب عليك وعلى غيرك من المسلمين عدم مجالسة من يغتاب المسلمين مع نصيحته والإنكار عليه لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من رأي منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الآيمان} . رواهما مسلم في صحيحه.
فإن لم يمتثل فاترك مجالسته لأن ذلك من تمام الإنكار عليه.
أصلح الله حال المسلمين ووفقهم لما فيه من سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/453)
حكم غيبة الفاسق..
س - شخص يقول إذا كان بعض الناس لا يصلي ولا يذكر الله بل يعمل فوق ذلك أعمالاً سيئة تغضب الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام من كل النواحي فهل يجوز أن يغتاب ليعرف الناس به أم لا؟
ج- يجب نصح هذا وأمثاله بفعل ما أمر الله به، وينكر عليه فعل ما نهى الله عنه فإن امتثل ولو شيئاً فشيئاً فيسمتر معه في النصيحة حسب الوسع وإلا فيجتنب قدر الطاقة اتقاءاً وبعداً عن المنكر ثم يذكر بما هو فيه من التفريط في الواجبات وفعل المنكرات عند وجود الدواعي قصداً للتعرف به وحفظاً للناس من شره، وقد يجب عليك ذلك إذا استنصحك أحد في مصاهرته أو مشاركته أو استخدامه مثلاً أو خفت على شخص أن يقع في حباله ويصاب بشره فيجب عليك بيان حالة إنقاذاً لأهل الخير من شره وأملاً في ازدجاره إذا عرف كف الناس عنه وتجنبهم إياه، وليس لك أن تتخذ من ذكر سيرته السيئة تسلية لك وللناس وفكاهه تتفكه بها في المجالس فإن ذلك من إشاعة الشر وبه تتبلد النفوس ويذهب إحساسها باستشياع المنكرات أو بضعفها، وليس لك أن تفتري عليه منكرات لم يفعلها رغبة في زيادة تشويه حالة والتشنيع عليه فإن هذا كذب وبهتان وقد نهى عنه النبي، - صلى الله عليه وسلم -،.
اللجنة الدائمة
* * * *
إذا كان المقصود النصيحة فليس بغيبة
س - رجل أراد أن يكلف أحد الناس بعمل من الأعمال وأنا أعرف أن هذا الشخص لا يصلح لهذا العمل لعدم أهليته من عده نواح. فهل يجوز لي أن أخبر ذلك الرجل عن بعض عيوب ذلك الشخص وهل يتعتبر ذلك غيبة؟
ج- إذا كان المقصود النصيحة فليس بغيبة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {الدين النصيحة} قيل لمن يا رسول الله قال {لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم} رواه(4/454)
مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عه قال بايعت النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على إقامة الصلاة وإيتاء الزكا والنصح لكل مسلم والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
الكذب محظور.. مزحا أو جدا
س - في كلام البعض - وحين مزاحهم مع الأصدقاء - يدخل شيء من الكذب للضحك.. فهل هذا محظور على الإسلام؟
ج- نعم.. هو محظور في الإسلام لأن الكذب كله محظور ويجب الحذر منه.. قال عليه الصلاة والسلام {عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عن الله صديقا.. وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب لمن كذب ليضحك به القوم.. ويل له ثم ويل له} .. وعلى هذا فيجب الحذر من الكذب كله سواء من أجل أن يضحك به القوم أو مازحاً أو جادا.. وإذا عود الإنسان نفسه على الصدق وتحريه صار صادقاً في ظاهره وباطنه.. ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام {ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً} ولا يخفى علينا جميعاً ما يحدث للصدق وما يحدث نتيجة الكذب.
الشيخ ابن باز
* * * *
لا بأس بالفكاهة إذا كانت صدقا
س - ماحكم الفكاهة {النكت} في دينا الإسلامي وهل هي من لهو الحديث علماً بأنها ليست استهزاء بالدين أفتونا مأجورين؟
ج- التفكه بالكلام والتنكيت إذا كان بحق. وصدق فلا بأس به ولا سيما مع عدم الإكثار(4/455)
من ذلك، وقد كان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يمزح ولا يقول إلا حقا، - صلى الله عليه وسلم -، أما ما كان بالكذب فلا يجوز لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له} أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
التجمع لآكل لحوم البشر
س - تكثر بين أوساط الشباب بقربتنا المجالس النمامة حيث يتجمع بعض الشباب ليسامروا أنفسهم بالغيبة والنميمة، فهل يجوز لي مجالستهم؟
ج- هؤلاء الجماعة الذين يتسامرون في آكل لحوم أخوانهم، هؤلاء في الحقيقة سفهاء لأن الله تعالى يقول {ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه} فهؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس في مجالسهم قد فعلوا كبيرة من الكبائر، والواجب عليك نصحيتهم فإن امتثلوا وتركوا ما هم فيه فذاك، وإلا يجب عليك أن تقوم عنهم لقوله تعالى {وقد نزل عليكم في الكتاب في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً} .
فلما جعل القاعدين مع هؤلاء الذين يسمعون آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها جعلهم في حكمهم مع أن هذا أمر عظيم يخرج من الملة، فإن من شارك العصاة فيما دون ذلك مثل هؤلاء العصاة الذين كفروا بآيات الله واستهتروا بها، فيكون الجالس في مكان الغيبة كالمغتاب في الآثم.
فعليك أن تفارق مجالسهم وألا تجلس معهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/456)
حكم القعود مع الفسقة المعلنين بالمعاصي
س - رجل يجتمع مع أصدقائه وفي أثناء الجلسة يشربون المسكر، فهل اجتماع هذا الرجل مع أصدقائه وهم يشربون الخمر حرام عليه؟ !
ج- لا يجوز القعود مع الفسقة المعلنين بالمعاصي الخمور واستعمالات اللهو والأغاني المحرمة والمزامير والطبول ونحوهما، وعلى الإنسان أن ينصح أصدقاءه عن هذه المعاصي ويحذرهم من العقوبة عليها وآثارها السيئة فإن لم يقبلوا فليبتعد عنهم حتى لا يشقى معهم.
الشيخ الن جبرين
* * * *
ترك مجالسة المدخنين سبب في الإقلاع عن التدخين
س - إنني بحمد الله حريص على أداء الصلاة في المسجد مع الجماعة وقمت بتطهير بيتي من أجهزة الفيديو وأحرقت أفلامهما كما أحرقت الصور الموجودة عندي وسجلت على أشرطة الأغاني أشرطة إسلامية كما أطلقت لحيتي وقصرت ثوبي اتباعاً للسنة المحمدية لكن هناك شيء واحد يكدر علي حياتي هو الدخان لقد، حاولت وأحاول تركه فلم أستطع فماذا أفعل جزاك الله خيراً وبماذا تنصحني كما أرجو أن تدعو الله لي بأن يعصمني منه؟
ج- الحمد لله الذي هداك للحق وأعانك على التمسك به وترك ما خالفه ونسال الله لك الثبات على الحق مع الفقه في الدين.
أما الدخان فالواجب عليك تركه والحذر منه لمضاره الكثيرة ومتى صدقت في ذلك وتركت مجالسة المدخنين أعانك الله على تركه والسلامة من شره.
فنوصيك بالعزم الصادق والقوة في ذلك وسؤال الله الإعانة على تركه في سجودك وفي غير من الأوقات مع ترك مجالسة أصحابه وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة.(4/457)
واذكر قوله سبحانه {ادعوني أستجب لكم} . وقوله عز وجل {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} وفقك الله وأعانك على ترك التدخين وثبتك على الحق إنه سمع قريب.
الشيخ ابن باز
* * * *
شر الناس ذو الوجهين
س - أنا أشاهد أناساً يتكلمون بالوجهين لي ولغيري أسكت على ذلك أم أخبرهم؟
ج- لا يجوز الكلام بوجهين لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه} ومعنى ذلك أن يمدح الإنسان في وجهه ويبالغ في ذلك لقصد دنيوي ثم في غيبته بذمه عند الناس ويعيبه وهكذا يفعل مع أغلب من لا يناسبه، فالواجب على من عرفه بذلك أن ينصحهم ويحذرهم من هذا الفعل الذي هو من خصال المنافقين وأن الناس ولابد سيعرفون هذا الإنسان بهذه الصفة الذميمة فيمقتونه ويأخذون منه الحذر ويبتعدون عن صحته فلا تحصل له مقاصده، أما إذا لم يستفيد من النصح فإن الواجب التحذير منه ومن فعله ولو في غيبته ففي الحديث " اذكروا الفاسق بما فيه كي يحذره الناس ".
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/458)
{العادة السرية} الاستمناء
حكم العادة السرية
س - أرجو من فضيلتكم إفادتي عن حكم العادة السرية وما هو السبيل للخلاص منها؟
ج- العادة السرية وهي الاستمناء باليد محرمة. ومضارها عظيمة وعواقبها وخيمة كما قرر ذلك الأطباء العارفون بها. وقد قال - عز وجل - في وصف أهل الإيمان {والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} وهذه العادة تخالف ما وصف الله به أهل الإيمان، فهي من العدوان والظلم للنفس، فالواجب تركها والحذر منها واستعمال ما شرعه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء} وبهذا العلاج النبوي يقضي إن شاء الله على هذه العادة الخبيثة المحرمة. ولا مانع من مراجعة الطبيب لأخذ ما يرشد إليه من العلاج في حق من لم يستطع الصوم أو لم يستطع القضاء على هذه العادة الخبيثة فقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله} وقال صلى الله عليه وسلم {عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام} نسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين العافية من كل سوء.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/459)
حكم العادة السرية باليد أو بغيرها
س - وسئل فضيلة الشيخ محمد بن عثمين عن حكم هذه العادة؟ فأجاب
ج- استعمال العادة السرية وهي الاستمناء أو بغيرها، محرم بدلالة الكتاب والسنة والنظر الصحيح، أما الكتاب فقوله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملمومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} . ومن طلب نيل شهوته بغير زوجته ومملوكته فقد ابتغى وراء ذلك ويكون عادياً بمتقضى هذه الآية الكريمة، وأما السنة ففي قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء} فأمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من لا يستطيع أن أن يتزوج بالصوم، ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إليه، فلما لم يرشد إليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، مع يسره علم أنه ليس بجائز، وأما النظر الصحيح فو ما يترتب على هذا الفعل من مضار كثيرة ذكرها أهل الطب بأن فيه مضار تعود على البدن وعلى الغريزة الجنسية وعلى الفكر أيضاً والتدبير وربما تعيقه عن النكاح الحقيقي لأن الإنسان إذا أشبع رغبته بمثل هذا الأمر قد لا يلتف إلى الزواج.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
تحريم الاستمناء باليد
س - هل العادة السرية حرام؟
ج- الصحيح من أقوال العلماء في الاستمناء باليد المعروف بالعادة السرية التحريم لعموم قوله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} .
فأثنى سبحانه على من حفظ فرجه فلم يقض وطره إلا مع زوجته أو أمته، وحكم(4/460)
بأن من قضى وطره فيما وراء ذلك أيا كان فهو عاد متجاوز لما أحله له.
اللجنة الدائمة
* * * *
الدليل تحريم العادة السرية
س - ما حكم ممارسة العادة السرية، وهل ورد دليل يدل على تحريمها من الكتاب والسنة؟
ج- يحرم تعاطي الاستمناء الذي هو العادة السرية حيث أنه مضر بالصحة ومفاسده كثيرة وقد استلوا على تحريمه بقوله تعالى في سورة المؤمنون {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} أي من طلب وراء الزوجة والمملوكة فهو من العادين، وقد استدل بها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره " أضواء البيان " وقد روى في بعض العلماء إذا خاف الشاب على نفسه الوقوع في فاحشة الزنا ورأى أنه لا يكفه إلا التخفيف بفعل هذه العادة ولكن عليه أولا بمحاولة الزواج للتعفف، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له رجاء والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم الاستمناء بغير اليد
س - ما حكم العادة السرية، وهل لهم الحكم نفسه فيما إذا كانت بطريقة غير استخدام اليد؟
ج- العادة السرية وهي الاستنماء باليد أو بما يصنع على هيئة الفرج من القطن ونحوه محرمة، ويجب على كل مسلم الحذر منها، لأن فعلها مخالف لقوله عز وجل {والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} ولما فيه من الأضرار الصحية الكثيرة. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/461)
كيف أترك العادة السرية
س - إنني أزاول العادة السرية مع أنني أخاف عقاب الله وأعلم أنها محرمة وحاولت تركها ولكني أعود لها أحياناً. أرجو إفادتي إلى طريقة تقطع هذه العادة؟
ج- العادة السرية وهي الاستمناع باليد محرمة ومضارها عظيمة وعواقبها وخيمة كما قرر ذلك الأطباء العارفون بها وقد قال الله عز وجل في وصف أهل الإيمان {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} . وهذه العادة تخالف ما وصف الله به أهل الإيمان فهي من العدوان والظلم للنفس فالواجب تركها والحذر منها واستعمال ما شرعه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، للعزاب من الصوم حيث قال، - صلى الله عليه وسلم -، {يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجاء} وبهذا العلاج النبوي بقضى إن شاء الله على هذه العادة الخبيثة المحرمة ولا مانع من مراجعة الطبيب لأخذ ما يرشد إليه من العلاج في حق من لم يستطع الصوم أو لم يستطع القضاء على هذه العادة الخبيثة فقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء علمه وجهله من جهله} وقال، - صلى الله عليه وسلم -، " عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام " نسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين العافية من كل سوء.
الشيخ ابن باز
* * * *
العادة السيئة ومضارها عند الزواج
س - أمارس العادة السرية التي يزينها الشيطان للكثير من الشباب مع علمي بأنها تستنزف صحتي وفكري، بماذا ينصحني الدين حتى أقلع عنها مع أنني أصلي وأقرأ القرآن؟
ج- هذه العادة السيئة يظهر لي أنها هي التي تعرف عند الناس بالعادة السرية وهي محاولة استخراج المني بالعبث بالذكر أو بغير ذلك من الأشياء التي توجب هيجان الشهوة وإنزال(4/462)
المني وهذه محرمة لقوله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} .
ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء} ولو كانت هذه العادة مباحة لأرشد إليها، - صلى الله عليه وسلم -، لأنها أهون على المكلف ولأن فيها شيئاً من متعة، ويدل على تحريمها أيضاً إنها تستنزف صحة الإسنان وفكره، وتتعبه، وهي أيضا مضرة بالمادة الجنسية التي يحتاج إليها إذا كبر وتزوج.
ونصيحتي لإخواني الشباب أن يتصبروا ويصبروا ويسألوا الله تعالى من فضله، كما أمر الله تعالى بذلك حيث قال " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ".
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
استعمل العادة السرية وأحياناً لا أغتسل
س - أفيدوني أنني شاب أبلغ من العمر ثماني عشرة ومنذ ثلاثة سنوات بدأت استعمل العادة السرية لأني أجد فيها أحياناً راحة للنفس وكثيراً ما أشعر بالندم وتأنيب الضمير، وبعد استعمال هذه العادة السيئة أقوم بالاغتسال وأحيانا لا أقوم بذلك وخاصة في أيام الشتاء حين البرد وأنا لا أعرف عدد الأوقات التي صليتها دون اغتسال، وفي سنة 1402هـ في شهر رمضان كنت أستعمل هذه العادة في النهار وأنا صائم.. فهل في ذلك تأثير على الصيام والصلاة؟ وهل المني طاهر؟ .. فقد سمعت حديثاً جاء فيه " أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، كان قائماً يصلي الفجر وكانت عائشة رضي الله عنها تفرك المني من ثوبه ".. أفيدوني وفقكم الله؟
ج- العادة السرية وهي الاستمناء باليد من العادات المنكرة وقد نص أهل العلم على تحريمها، واستدلوا بقوله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما(4/463)
ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} . ولما فيها من المضار الكثيرة على ما يتعاطاها، فالواجب عليك التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من العودة إليها، وعليك قضاء الأيام التي باشرت هذه العادة السيئة فيها أعني أيام صوم رمضان، وعليك قضاء الصلوات التي أديتها وأنت لم تغتسل من الجنابة وإذا لم تحفظها كفى غالب الظن، أما المنى فهو طاهر على الصحيح من قولي العلماء، ويستحب غسل ما أصاب الثياب منه أو حكه حتى تزول أثره، والغسل أفضل.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/464)
{الأمراض النفسية ووساوس الشيطان}
المؤمن والأمراض النفسية..
س - هل المؤمن بمرض نفسياً؟ وما هو علاجه في الشرع، علما بأن الطب الحديث يعالج هذه الأمراض بالأدوية العصرية فقط؟
ج- لاشك أن الإنسان يصاب بالأمراض النفسية بالهم للمستقبل والحزن على الماضي، وتفعل الأمراض النفسية بالبدن أكثر مما تفعله الحسية البدنية، ودواء هذه الأمراض بالأمور الشرعية - أي الرقية - أنجح من علاجها بالأدوية الحسية كما هو معروف.
ومن أدويتها الحديث الصحيح عن أبن مسعود رضي الله عنه أنه قال {أنه ما من مؤمن يصيبه هم أو غم أو حزن فيقول اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاءك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا فرج الله عنه} فهذا من الأدوية الشرعية، وكذلك أيضا يقول الإنسان " لا إله إلا أنت سبحانك إن كنت من الظالمين} ومن أراد مزيداً من ذلك فليرجع إلى ما كتبه العلماء في باب الأذكار كالوابل الصيب لابن القيم، والكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، والكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، والأذكار للنووي، وكذلك زاد المعاد لابن القيم.
لكن لما ضعف الإيمان ضعف قبول النفس للأدوية الشرعية، وصار الناس الآن يعتمدون على الأدوية الحسية أكثر من اعتمادهم على الأدوية الشرعية أو لما كان الإيمان قوياً كانت الأدوية الشرعية مؤثرة تماماً، بل إن تأثيرها أسرع من الأدوية الحسية، ولا تخفي علينا جميعاً قصة الرجل الذي بعثه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في سرية فنزلوا على قوم من العرب،(4/465)
ولكن هؤلاء القوم الذين نزلوا بهم لم يضيفوهم فشاء الله - عز وجل - أن لدغ سيدهم لدغته حية - فقال بعضهم لبعض أذهبوا إلى هؤلاء القوم الذين نزلوا لعلكم تجدون عندهم راقياً، فقال الصحابة لهم لا ترقي على سيدهم إلا إذا أعطيتمونا كذا وكذا من الغنم، فقالوا لا بأس، فذهب أحد الصحابة يقرأ على هذا الذي لدغ، فقرأ سورة الفاتحة فقط، فقام هذا اللديغ كأنما نشط عن عقال، وهكذا أثرت قراءة الفاتحة على هذا الرجل لأنها صدرت من قلب مملوء إيماناً، فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بعد أن رجعوا إليه {وما يدريك أنها رقية} ؟
لكن في زمننا هذا ضعف الدين والإيمان، وصار الناس يعتمدون على الأمور الحسية الظاهرة وابتلوا فيها في الواقع، ولكن ظهر في مقابل هؤلاء القوم أهل شعوذة ولعب بعقول الناس ومقدراتهم وأقوالهم يزعمون أنهم قراء بررة، ولكنهم أكله ماله بالباطل، والناس بين طرفي نقيض منهم من تطرف ولم ير للقرأءة أثراً إطلاقاً، ومنهم من تطرف ولعب بعقول الناس بالقراءات الكاذبة الخادعة ومنهم الوسط.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
مريض الأعصاب..
س - شخص مصاب بمرض أعصاب مزمن حسب كلام الطبيب، وسبب له هذا المرض كثيراً من المشاكل، منها رفع الصوت على الوالدين وقطيعة الرحم ووجود القلق والخجل والخوف، فهل ترفع عنه التكاليف الشرعية، وهل عليه شيء في أعماله تلك، وبماذا تنصحونهه جزاكم الله خيراً؟
ج- لا ترفع عنه الأحكام الشرعية ما دام عقله باقياً، أما لو فقد عقله ولم يستطع السيطرة على عقله حينئذ يكون معذوراً، والذي أنصحه به أن يكثر من الدعاء ومن ذكر الله - عز وجل - ومن الاستغفار ومن الاستعانة بالله من الشيطان الرجيم عندما يثور غضبه لعل الله أن يشكف عنه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/466)
كيف تعالج همومك؟
س - كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الهموم والمشاكل والقلاقل التي تهز الإنسان وتصيبه من الزمن، فما الأشياء التي تزيل الهموم والغموم التي تصيب المسلم وهل يشرع أن يرقي الإنسان نفسه؟
ج- أولا يجب أن نعلم أن الهموم والغموم التي تصيب المرء هي من جملة ما يكفر عنه بها ويخفف عنه من ذنوبه، فإذا صبر واحتسب أثيب على ذلك، ومع هذا فإنه لا حرج على الإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة لزوال الهم والغم كحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - الذي أخرجه أهل السنن بسند صحيح " اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن امتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك الله بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حوني وذهاب همي وغمي " فإن هذا من أسباب فرج الهم والغم.
وكذلك قوله تعالى {لا إله إلا أنت سبحانك إن كنت من الظالمين} فإن يونس عليه الصلاة والسلام قالها قال الله تعالى {فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك تنجي المؤمنين} .
ولا حرج أن يرقي الإنسان نفسه فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يرقي نفسه بالمعوذات عند منامه ينفث بيديه، فيمسح بهما وجه وما استطاع من جسده.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/467)
مرض فقالوا بسبب الدين
س - شخص في مدينتنا متمسك بالدين أصب بمرض نفسي فقال بعض الناس أنه أصيب بهذا المرض بسبب الدين ومن جزاء كلام الناس حلق لحيته ولم يعد يحافظ على الصلاة كما كان.. فهل يجوز أن يقال أنه مرض بسبب تمسكه والتزامه بأحكام الدين وهل يكفر من قال مثل الكلام؟
ج- التمسك بالدين ليس سبباً للمرض بل هو سبب لكل خير في الدنيا والآخرة، ولا يجوز للمسلم أن يطيع السفهاء إذا قالوا مثل هذا الكلام، فلا يجوز له أن يحلق لحيته ولا أن ينقصها ولا أن يتخلف عن صلاة الجماعة، بل الواجب عليه أن يستقيم على الحق، وأن يحذر كل ما نهى الله عنه طاعة لله سبحانه ولرسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وحذرا من غضب الله وعقابه قال سبحانه {ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين} .
وقال - عز وجل - {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} .
وقال سبحانه {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وأما القائل أن المرض الذي أصاب المتمسك بالدين أنه بسبب الدين فهو جاهل يجب أن ينكر عليه ويعلم أن التمسك بالدين لا يأتي إلا بالخير، وأن ما أصاب المسلم مما يكره فهوة تكفير للسيئات وحط من الخطايا.
أما تكفيره ففيه تفصيل يعلم من باب حكم المرتد في كتبه الفقه الإسلامي، والله والي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/468)
وساوس الشيطان
س - كيف يذهب المسلم عن نفسه وساوس الشيطان التي قد تضر كثيراً بالدين؟ !
ج- الوساوس تارة تكون في الطهارة أو في الصلاة وهي من الشيطان ليفسد عليه عقله فعليه أن يستعيذ من الشيطان ويبني على الأصل وهو الطهارة ويبعد عن ما يلقيه الشيطان من أنه لم ينطق بكذا أو يتوضأ.. الخ.
وتارة تكون الوساوس في العقيدة والإيمان بالغيب وصفات الرب والبعث والرسالة وهذه أشد خطراً، والعلاج أن يزيلها من نفسه ويتحدث بما يثبت إيمانه وينظر في الآيات والدلالات ويتفكر في المخلوقات ويؤمن بالغيب إجمالاً وتفصيلاً كما بلغه، ويبعد عن التفكر في كيفية الصفات أو الذات الربانية أو سائر أمور الغيب حتى يثبت إيمانه والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الوساوس لا تؤثر
س - أحيانا يوسوس لي الشيطان فيسألني من خلق هذا؟ ! إلى أن يقول ومن خلق الله تعالى.. ماذا أصنع بهذا الوسواس؟
ج- هذا الوسواس لا يؤثر عليك، وقد أخبر به النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن الشيطان يأتي إلى الإنسان فيقول له من خلق كذا من خلق كذا.. إلى أن يقول له من خلق الله.. وأعلمنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بالدواء الناجح وهو أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وننتهي عن هذا، فإذا طرأ عليك هذا الشيء وخطر ببالك فقال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وانته عنه، وأعرض إعراضا كليا وسيزول بإذن الله.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/469)
لا تلتف إلى وساوس الشيطان
س - أنا شاب مسلم ومتدين ولكني كثير الشك فعندما أتوضأ أشك أنني لم أحسن الوضوء فأعيده مرة ثانية وحين أكون في الصلاة أشك وأنا ساجد أنه قد خرجت مني غازات فأقطع الصلاة وأعيد الوضوء، وعندما كنت في الخارج لم أتناول اللحوم لشكي أنها قد تكون ذبحت على غير الطريقة الإسلامية، وأيضاً لم أتناول فطائر أو بسكويتات لشكي أن يكون قد دخل في صناعتها شيء محرم من سمنم البقر الذي لم يذبح على الطريقة الإسلامية، هذه الشكوك هي التي تراودني وقد نصحني أخي الأكبر بالبعد عن الشكوك، ولكن لم أجد النصحية فماذا أفعل؟ وإذا نمت فلا آبه بالصلاة؟
ج- الشكوك التي ترد على العقول في العبادات والمعتقدات وغيرها وحتى في ذات الله تعالى كلها من الشيطان، ولذا لما شكا الصحابة رضي الله عنهم إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ما يجدون في نفوسهم مما يتعاظمون أن يتكلموا به أخبرهم، - صلى الله عليه وسلم -، أن ذلك من صريح الإيمان أى خالصه.
وذلك لأن الشيطان إنما يورد مثل هذه الشبهات في قلب ليس عنده شبهة حتى يطيعه في الشبهة، وأما من كان قلبه مملوءاً بالشبهات أو منسلخاً من الديانات فإن الشيطان لا يعرض عليه مثل هذه الأمور لأنه قد فرغ منه.
ونقول لهذا الشاب أن الواجب عليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ولا يلتفت إلى الوساوس التي ترد على ذهنه لا في الوضوء ولا في الصلاة ولا في غيرها. وهذا الشك دليل على خلوص الإيمان ولكنه في نفس الوقت إذا استرسل معه كان دليلاً على ضعف العزيمة.
ونقول له لا وجه لهذا الشك فأنت مثلاً حين تذهب إلى السوق لبيع أو شراء هل تشك فيما أتيت به من السوق والجواب لا، ذلك لأن الشيطان لا يوسوس للإنسان في مثل هذه الأمور. ولكنه يوسوس له في العبادات ليفسدها عليه فإذا كثرت الشكوك فلا تلتفت إليها.
وكذلك إذا كان الشك بعد الفراغ من العبادة فلا تلتفت إليه إلا أن تتيقن الخلل.(4/470)
والشك بعد الفعل لا يؤثر ……وهكذا إذا الشكوك تكثر
أما شكك في المطعومات التي أصلها الحل فلا عيرة به فقد أهدت امرأة يهودية في خيبر شاة إلى الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، وأكل منها، ودعاه يهودي وقدم له خبز شعير وإهاله سنخة فأكل من ذلك.
وفي صحيح البخاري أن قوماً كانوا حديثي عهد الإسلام أهدوا لجماعة من المسلمين لحما فقالوا يا رسول الله إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال لهم، - صلى الله عليه وسلم -، {سموا أنتم وكلوا} فالأصل في ذبيحة من تحل ذبيحته الحل حتى يقوم دليل على التحريم. ومنع ما حلله الله تضيق لا وجه له.
أما قول السائل إنه إذا نام لا يأبه بالصلاة فذلك أيضاً من الشيطان ففي صحيح البخاري أنه ذكر لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، رجل نام حتى أصبح ولم يقم إلى الصلاة فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {ذاك رجل بال الشيطان في أذنه} .
فالشيطان قد يلقى على النائم النوم الثقيل فلا يستيقظ لصلاة الصبح أو غيرها من الصلوات ويمكن علاج هذه الحالة بأن يتخذ منبها يوقظه أو يوكل شخصاً آخر بإيقاظه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
علاج الوساوس الشيطانية
س - توجد لدي مشكلة أرجو من فضيلتكم إرشادي إلى الطريق الصحيح لتجنبها وهي أنني دائماً يدخلني الشيطان وخصوصا أثناء تأدية الفراض كالصلاة وتلاوة القرآن الكريم وأيضا عند الوضوء فتجدني دائماً أتكلم بكلام لا يرضي الله - عز وجل- ولكني لا أتلفظ به بلساني فقط في نفسي ويزداد هذا الأمر عندما أؤدي الصلاة منفرداً وأحاول أن أتجنب هذا الشيء ولكني لا أستطيع فهل علي إثم بذلك كما أرجو من فضيلتكم أرشادي إلى الطريق الصحيح لتجنب هذا الأمر؟(4/471)
ج- عليك أولا بالإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، واستحضار معنى الاستعاذة، واعتقاد أن الشيطان هو الذي يوقع الأوهام والوساوس في النفس ليبعد الإنسان عن الصراط السوي، واعتقاد أن الله تعالى هو الذي يجير العبد ويحميه ويحفظه من كيد الشيطان وضرره، وعليك ثانيا الإكثار من الأذكار والأدعية والأوراد وقراءة القرآن والأعمال الصالحة التي يكون بها الحفظ والحماية للعبد، وعليك استحضار أن هذا الوساوس من الشيطان يريد إشغال قلبك وتنكد عيشك وإضرارك في حياتك سيما في أداء العبادة حتى تمل وتضجر فلا يضرك هذا ولا يشغل باللك والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
مداخل الشيطان على الإنسان..
س - ما الطريق التي يدخل بها الشيطان على الإنسان؟
ج- الطرق التي يدخل فيها الشيطان على الإنسان كثيرة، منها أن يأتيه من جهة شهوة فرجه فيغريه بالزنا ويسول له من الخلوة بالنساء الأجنبيات، والنظر إليهن، ومخالطتهن، وسماع غنائهن، ونحو ذلك، ولا يزال يفتنه حتى يقع في الفاحشة. ومنها أن يأتيه من جهة شهوة بطنه، فيغريه بأكل الحرام وشرب الخمر وتناول المخدارت ونحو ذلك. ومنها أن يأتيه عن طريق غريزة حب التملك، والميل إلى الغنى والثراء فيغريه بالتوسع في أسباب الكسب حلاله وحرامه، فلا يبالي بأكل أموال الناس بالباطل من ربا وسرقة وغصب واختلاس وغش ونحو ذلك، ومنها أن يأتيه من جهة غريزة حب التسلط والتعالي والتعاظم فيستكبر ويتجبر على الناس ويحقرهم ويسخر منهم إلى غير ذلك من المداخل الكثيرة.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/472)
{العين ومس الجن}
الإصابة بالعين
س - هل العين تصيب الإنسان؟ وكيف تعالج؟ وهل التحرز منها ينافي التوكل؟
ج- رأينا في العين أنها حق ثابت شرعاً وحساً قال الله تعالى {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} . قال ابن عباس وغيره في تفسيرها أي يعينوك بأبصارهم، ويقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا} رواه مسلم، ومن ذلك ما رواه النسائي وابن ماجه أن عامر بن ربيعة مر بسهل بن حنيف وهو يغتسل فقال لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة، فما لبث أن لبط به فأتي به رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقيل له أدرك سهلاً صريعاً فقال من تتهمون؟ قالوا عامر بن ربيعة فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {علام يقتل أحدكم أخاه؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة} ثم دعا بماء فأمر عامراً أن يتوضاً فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخله إزاره، وأمره أن يصب عليه وفي يكفأ الإناء من خلفه " والواقع شاهد بذلك ولا يمكن إنكاره.
وفي حال وقوعها تستعمل العلاجات الشرعية وهي
1- القراءة فقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {لا رقية إلا من عين أو حمة} وقد كان جبريل يرقي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيقول {باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك} .
2- الاستغسال كما أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بن ربيعة في الحديث السابق ثم يصب على المصاب.
أما الأخذ من فضلاته العائدة من بوله أوغائطه فليس له أصل، وكذلك الأخذ من أثره وإنما الوارد ما سبق من غسل أعضائه وداخلة إزاره، ولعل مثلها داخلة غترته وطاقيته وثوبه والله أعلم.(4/473)
والتحرز من العين مقدماً لا بأس به، ولا ينافي التوكل، بل هو التوكل، لأن التوكل الاعتماد على الله سبحانه وتعالى مع فعل الأسباب التي أباحها أو أمر بها وقد كان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يعوذ الحسن والحسين ويقول {أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة} ، ويقول هكذا كان إبراهيم يعوذ أسحاق وإسماعيل عليهما السلام. رواه البخاري.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
" العين " حق!
س - هل صحيح أن الكافر لا يصيب المسلم بالعين وما هو الدليل؟
عند قراءة آية فيها سجدة.. هل أسجد على هيئتي التي أنا عليها.. أي بدون تغطية الرأس والجسم؟ !
ج- ليس بصحيح، بل الكافر كغيره قد يصيب بالعين، فإن العين حق.
لا بأس بالسجود على أي حال ولو مع كشف الرأس ونحوه حيث أن الأرجح أن هذه السجدة ليس لها حكم الصلاة.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
تأثير الجن. والوقاية منهم
س - هل للجن تأثير على الإنس وما طريق الوقاية منهم؟
ج- لا شك أن الجن لهم تأثير على الإنس بالأذية التي قد تصل إلى القتل، وربما يؤذونه برمي الحجارة، وربما يروعون الإنسان إلى غير ذلك من الأشياء التي ثبتت بها السنة ودل عليها الواقع، فقد ثبت أن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أذن لبعض أصحابه أن يذهب إلى أهله في إحدى الغزوات وكان شاباً حديث عهد بعرس، فلما وصل إلى بتيه وجد امرأته على الباب فأنكر عليها ذلك، فقالت له ادخل فإذا حية ملتوية على الفراش، وكان(4/474)
معه رمح فوخزها بالرمح حتى ماتت، وفي الحال - أي الزمن الذي ماتت فيه الحية - مات الرجل فلا يدري أيهما أسبق موتاً الحية أم الرجل، فلما بلغ ذلك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين.
وهذا دليل على أن الجن قد يعتدون على الإنس وأنهم يؤذونهم، كما أن الواقع شاهد بذلك فقد تواترت الأخبار واستفاضت بأن الإنسان قد يأتي إلى الخربة فيرمي بالحجارة وهو لا يرى أحداً من الإنس في هذه الخربة وقد سمع أصواتاً وقد سمع حفيفاً كخفيف الأشجار وما أشبه ذلك مما يستوحش به أو يتأذى به وكذلك أيضاً قد يدخل الجني إلى جسد الأدمي إما بعشق أو لقصد الإيذاء أو لسبب آخر من الأسباب ويشير إلى هذا قوله تعالى {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشطيان من المس} وفي هذا النوع قد يتحدث الجني من باطن الانسي نفسه ويخاطب من يقرأ عليه آيات القرآن الكريم وربما يأخذ القارئ عليه عهداً ألا يعود إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة التي استفاضت بها الأخبار وانتشرت بين الناس وعلى هذا فإن الوقاية المانعة من شر الجن أن يقرأ الإنسان ما جاءت به النسة مما يحصن به منهم مثل آية الكرسي فإن آية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل علهي من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح. والله الحافظ.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
تأثير الجن على الإنس.. وتأثير العين
س - ما هو تأثير الجن على الإنس أو الإنس على الجن وما هو تأثير عين حاسد في المحسود؟
ج- تأثير الجن على الإنس والإنس على الجن وتأثير عين الحاسد في المحسود كل ذلك واقع ومعروف لكن ذلك كله بإذن الله سبحانه وتعالى الكوني القدري لا إذنه الشرعي، وأما ما يتعلق بتأثير عين الحاسد في المحسود فهو ثابت فعلا وواقع في الناس وقد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {العين حق، ولو أن شيئاً سبق القضاء لسبقته العين} وقال،(4/475)
- صلى الله عليه وسلم -، {لا رقية إلا من عين أو حمه} في هذا كثيرة نسأل الله العافية والثبات على الحق.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم إخراج الجن من المصروع بحرقه بالنار
س - يوجد إمرأة مصروعة وعليها امرأة من الجن وعندما تضرب امرأة الجن لا تستجب للخروج من المرأة المسلمة. فهل يجوز في هذا الحال حرقها بالنار حتى تخرج من المرأة المسلمة؟
ج- يحرم إحراقها بالنار مطلقاً لأن النار لا يعذب بها إلا الله، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
الدليل على دخول الجن في الإنس
س - هل هناك دليل على أن الجن يدخلون الإنس؟
ج- نعم هناك دليل من الكتاب والسنة على أن الجن يدخلون الإنس، فمن القرآن الكريم قوله تعالى {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كنا يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} قال ابن كثير - يرحمه الله - لا يقومون من قبورهم يوم القيامة إلا كما يوقم المصروع حال مصرعه وتخبط الشيطان له. ومن السنة قوله، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم} .
وقال الأشعري في مقالات أهل السنة والجماعة أنهم أي أهل السنة يقولون أن الجن يدخل في بدن المصروع واستدل بالآية السابقة، وقال عبد الله بن الإمام أحمد قلت لأبي إني قوما يزعمون أن الجن لا يدخل في بدن الإنس فقال يا بني يكذبون ها هوا ذا يتكلم على لسانه.
وقد جاءت أحاديث عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، رواه الإمام أحمد والبيهقي(4/476)
أنه أتى بصبي مجنون فجعل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يقول {أخرج عدو الله أخرج عدو الله} وفي بعض ألفاظه {أخرج عدو الله أنا رسول الله} فبرأ الصبي فأنت ترى أن في هذه المسألة دليلاً من القرآن الكريم ودليلين من السنة وأنه قول أهل السنة والجماعة وقول أئمة السلف والواقع يشهد به، ومع هذا لا ننكر أن يكون للجنون سبب آخر من توتر الأعصاب واختلال المخ وغير ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
كيف يسلم الإنسان من أذى الجن وشرورهم..
س - شخص يقول أنا كفيف البصر وساكن في بيت وهذا البيت كل ليلة يجيئني جن وأتخوف منهم والآن عندي مصحف إذا جعلته على وجهه ذهبوا عني وقال بعض الناس ما يصح أن تجعل المصحف على وجهه، آمل منكم إفادتي؟
ج- ينبغي لك أن تكثر من ذكر الله عند النوم وأن تقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين وأن تستعيذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحاً ومساءاً وتقول باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحاً ومساءاً. وتسلم إن شاء الله من شر الجن وغيرهم ولا ينبغي لك استعمال المصحف في هذا الأمر على الوجه المذكور لما في ذلك من الإهانة لكتاب الله وإرضاء الشياطين بذلك. ونسأل الله أن يعافيك وأن يعيذنا جميعاً من الشياطين وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/477)
{في بعض الكلمات والألفاظ}
التهنئة بكلمة مبروك
س - ما حكم القول عند التهنئة " مبروك " مع ما يقال إنها مأخوذة من البروك كأن تقول برك الجمل وليست بمعنى مبارك الذي هو من البركة؟
ج- اللفظة صالحة بأن تكون من البركة لأنه يقال هذا مبارك من الفعل الرباعي بارك ويقول هذا مبروك من برك ولكن العامة لا يريدون به إلا البركة وهو بمعنى مبارك في اللغة العرفية. ولا أظنه من حيث القواعد الصرفية يصح أن المشتق من برك مبروك لأن برك فعل لازم والفعل اللازم لا يصاغ منه اسم المفعول إلا معدى بحرف الجر، ولهذا يقال بركت الناقة فهي باركة ولا يقال مبروكة، ويقال برك ناقته فهي مبركة لا مبروكة فصيغة مفعول من برك اللازم لا تصح من حيث اللغة إلا معداة بحرف جر. وهي تستعمل بغير حرف الجر، كما هو معروف عند العامة، وإذا كانت مادة الاشتقاق موجودة وهي (الياء والراء والكاف) التي هي أصل حروف البركة فلا أرى مانعاً أن يقول القائل مبروك بمعنى مبارك.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
إطلاق كلمة " حرام "
س - درج كثير من الناس على اطلاق لفط " حرام " على الإنسان الذي يفعل شيئاً غير معتاد أو مغاير شرعا لما هو معلوم من الدين.. فهل عليهم في هذا إثم هو من لفظ اقول الذي لا تؤاخذه عليه؟
ج- هذا الذي وصفوه بالتحريم إما أن يكون مما حرمة الله كما لو قالوا حرام أن يقع الزنى من هذا الرجل، حرام أن يكذب اللسان وما أشبه ذلك، فإن وصف هذا الشيء بالحرام صحيح مطابق لما جاء به الشرع، وأما إن كان الشيء غير محرم فإنه لا يجوز أن يوصف(4/478)
بالتحريم ولو لفظاً، لأن ذلك قد يوهم تحريم ما أحل الله - عز وجل - أو يوهم الحجر على الله - عز وجل - في قضائه وقدره، حيث يقصدون بالتحريم التحريم القدري، لأن التحريم يكون قدريا ويكون شرعياً، فما يتعلق بفعل الله - عز وجل - فإنه يكون تحريماً قدرياً، وما يتعلق بشرعه فإنه يكون تحريما شرعياً، وعلى هذا فينهي هؤلاء عن إطلاق مثل هذه الكلمة ولو كانوا لا يردون بها التحريم الشرعي، لأن التحريم القدري ليس إليه هو، بل إلى الله - عز وجل - هو الذي يفعل ما يشاء فيحدث ما شاء الله أن يحدثه، ويمنع ما شاء الله أن يمنعه، والذي أرى أن يتنزهوا عن هذه الكلمة وأن يبتعدوا عنها، وإن ان قصدهم بذلك شيئاً صحيحاً حيث يقصدون فيما أظن أن هذا الشيء بعيد أن يقع أو بعيد ألا يقع ولكن مع ذلك أرى أن يتنزهوا عن هذه الكلمة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم تعليق لفظ الجلالة مقرونا به اسم النبي، - صلى الله عليه وسلم -،
س - ما رأيكم في البطاقات واللوحات سواء الورقية أو المصنوعة من الخيوط والتي يكتب عليها لفظ الجلالة مقروا باسم النبي عليه الصلاة والسلام " الله محمد "؟
ج- هذه المسألة كثرت في الناس على أوجه متعددة، ووضع لفظ الجلالة وبجانبه اسم الرسول عليه الصلاة والسلام لا يجوز، وقد قال رجل للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، " ما شاء الله وشئت " فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أجعلني لله ندا بل ما شاء الله وحده} .
وإذا كان الهدف من تعليق لوحه عليها اسم النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من قبيل التبرك فهذا غير جائز أيضاً، لأن التبرك إنما يكون بالتزام سنة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والاهتداء بهديه.
وكذلك بالنسبة لتعليق اللوحات المكتوب عليها آيات من القرآن الكريم في المنازل، إذا لم يرد في ذلك عن السلف الصالح - رحمهم الله - ولا عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أًصحابه التابيعن، ولا أدري من أين جاءت هذه البدعة، فهي في الحقيقية بدعة لأن القرآن إنما نزل ليتلى لا ليعلق على الجدران.(4/479)
ثم أن في تعليقه على الجدران مفسدة، لأن من يفعلومن ذلك قد يعتقدون أنه حرز لهم، فيستغنون بذلك عن الحرز الصحيح وهو التلاوة باللسان، كما قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن آية الكرسي، {من قرآها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح} .
أيضا قد لا تخلو المجالس غالباً من الأقوال المحرمة وربما كان فيها شيء من آلات اللهو، ولا يجوز أن يجتمع كلام الله في أماكن كهذه لذلك ننصح إخواننا المسلمين بعدم تعليق لوحات تحمل آيات الله أو لفظ الجلالة أو أسم النبي عليه الصلاة والسلام.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم قول فلان واثق من نفسه
س - ما حكم قول فلان واثق من نفسه " أو " فلان عنده ثقة بنفسه؟ وهل هذا يعارض الدعاء الوارد ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين؟
ج- لا حرج في هذا لأن مراد القائل فلان واثق من نفسه التأكيد يعني أنه متأكد من هذا الشيء وجازم به، ولا ريب أن الإنسان يكون نسبة الأشياء إليه أحياناً على سبيل اليقين وأحياناً على سبيل الظن العالب وأحيانا على وجه الشك والتردد وأحياناً على وجه المرجوح إذا قال أنا واثق من كذاة أو أنا واثق من نفسي أو فلان واثق من نفسه أو واثق مما يقول المراد به أنه متيقن من هذا ولا حرج فيه، ولا يعارض هذا الدعاء المشهور {ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين} لأن الإنسان يثق من نفسه بالله وبما أعطاه الله - عز وجل - من علم أو قدرة أو ما أشبه ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/480)
قول بعض الناس العادات والتقاليد
س - هناك كلمات تقال في المجتمعات الإسلامية في مجال إبراز النهج الذي تسير عليه هذه المجتمعات وفق التعاليم الإسلامية وهي قولهم " وتمشياً مع العادات والتقاليد الإسلامية " نهجنا كذا إلى آخر ونظرا لاختلاف بعض العلماء المعاصرين في جواز استعمالها من عدمه ففئة ترى منع استعمالها لأن الإسلام يختلف ويغاير للعادات والتقاليد وأكثر والكلام عنها، ومن ضمن كلام بعضهم أن هذه الكلمة مدسوسة من قبل أعداء الإسلام، وفئة ترى ألا باس باستعمالها لأن ذلك يدل على خضوع المسلم واستسلامه لما يأمره به ربه - عز وجل - ولما يأمره به الرسول - عليه الصلاة والسلام - دون النظر إلى أي أمر آخر؟ وهذا هو غاية العبادة وذلك استمداداً من التقليد الذي عرفه العلماء في كتب العلم، لهذا الاختلاف. أرجو إيضاح ملابسات هذه الكلمة ثم حكم استعمالها جوازاً أو منعاً مع الأدلة؟
ج- إن الإسلام نفسه ليس عادات ولا تقاليد وإنما هو وحي أوحى الله به إلى رسوله وأنزل به كتبه فإذا تقلده المسلمون ودأبوا على العمل به صار خلقاً لهم وشأنا من شئونهم وكل مسلم يعلم أن الإسلام ليس نظماً مستقاة من عادات وتقاليد ضرورة إيمانه بالله ورسوله وسائر أصول التشريع الإسلامي، لكن غلبت عليهم الكلمات الدارجة في الإذاعة والصحف والمجلات وفي وضع النظم واللوائح مثل ما سئل عنه من قولهم {وتمشياً مع العادات والتقاليد} فاستعملوها بحسن نية قاصدين منها الاستسلام للدين الإسلامي وأحكامه وهذا قصد سليم يحمدون عليه غير أنهم ينبغي لهم أن يتحروا في التعبير عن قصدهم عبارة واضحة الدلالة على ما قصدوا إليه غير موهمة أن الإسلام جملة عادات وتقاليد سرنا عليها أو ورثناها عن أسلافنا المسلمين فيقال مثلاً {وتمشياً مع شريعة الإسلام وأحكامه العادلة} بدلاً من هذه الكلمة التي درج الكثير على استعمالها في مجال إبراز النهج الذي تسير عليه هذه المجتمعات.. الخ ولا يكفي المسلم حسن النية حتى يضم إلى ذلك سلامة العبارة ووضوحها وعلى ذلك لا ينبغي للمسلم أن يستعمل هذه العبارة وأمثالها من العبارات الموهمة للخطأ باعتبار التشريع الإسلامي عادات وتقاليد، ولا يعفيه حسن نيته من تبعات الألفاظ(4/481)
الموهمة لمثل هذا الخطأ مع إمكانه أن يسلك سبيلاً آخر أحفظ للسانه وأبعد عن المآخذ والإيهام. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/482)
{بعض الاعتقادات الخاطئة}
الأعراض عن سؤال العلماء خشية الفتوى بتحريم العمل..
س - لي صديق عزيز يتعاطي التدخين دائما وأنصحه ليكف عن هذه العادة السيئة كثيراً ولكنه لم يستجيب، وعندما أقوم له بعض الفتاوي أو نصائح العلماء يرفض قراءتها قائلاً إنني لو قرأتها فسوف تقوم على الحجة بحكم التدخين وسأكون آثما لعدم استجابتي. فما نصحيتكم لنا نحوه إذا كان هذا ما يقول؟
ج- الواجب عليه قبول النصحية وترك التدخين لأنه محرم لمضاره الكثيرة للدين. والبدن والمال.. ولأنه قد يسكر في بعض الأحيان فالواجب تركه والتوبة إلى الله من ذلك.
والواجب على من أشكل عليه تحريمه أو تحريم غيره أن يسأل أهل العلم ليكون على بصيرة لقول الله - عز وجل - {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} . ولا يجوز له الإعراض عن السؤال خشبية إن يفتى بتحريم ما هو مقيم عليه من قول أو عمل لأن ذلك مخالف لأمر الله سبحانه في الآية الكريمة، ومخالف لما صحت به السنة عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من شرعية التعلم والتفقه في الدين وذم من أعرض عن ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *
الأكل وقت الكسوف؟ !
س - سمعت كثيراً من الآباء والأمهات يقولون أن الأكل والشرب أثناء الكسوف أو الخسوف مضر للمعدة وأنه حرام حتى ينتهي الكسوف والخسوف فهل هذا قول صحيح أم غير ذلك؟
ج- يجوز الأكل والشرب وقت الكسوف وليس في ذلك مضرة خاصة، وما قيل في ذلك لا(4/483)
أصل له، فالأصل الجواز حتى يدل على المنع ولكن ذلك الوقت يشتغل المسلمون بالصلاة والذكر حتى ينجلي.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
علامة السجود
س - هل ورد أن العلامة التي يحدثها السجود في الجبهة من علامات الصالحين؟
ج- ليس هذا من علامات الصالحين ولكن العلامة هي النور الذي يكون فيه الوجه وانشراح الصدر، وحسن الخلق وما أشبه ذلك، أما الأثر الذي يسببه السجود في الوجه فقد يظهر في وجوه من لا يصلون إلا الفرائض لرقة الجلد وحساسيته عندهم، وقد لا تظهر في وجه من يصلي كثيراً ويطيل السجود.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
البشرة السوداء
س - قرأت في بعض الكتب الإسلامية بأن أصل ذوي البشرة السوداء يرجع إلى أحد أبناء سيدنا والذي كما يقال الكتاب رأى عورة أبيه على حين غفله منه؟ فدعا نوح عليه السلام بأن يسود وجهه ومنذ ذلك التاريخ جاءت سلالته سوداء؟
ج- هكذا ذكر في بعض الكتب التي تعتمد على الأخبار الإسرائيلية، وفي بعضها أسباب أخرى والظاهر أنها غير صحيحة وأن هذا السواد ونحوه من خلق الله وتصرفه في عباده حيث جعل منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، كما جعل منهم الطويل والقصير والكامل والناقص والعاقل والمجنون وغير ذلك في هذا التفاوت عبرة لأولى الألباب مع أنهم من ذرية آدم وكل منهم خلق من ذكر وأنثى ذلك تقدير العزيز العليم. وهو القائل تبارك أسمه {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم} .
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/484)
صخرة بيت المقدس
س - صخرة المقدس التي ركب المعراج عليها يوم يعرج النبي،، قالوا لنا إنها معلقة بالقدرة أفتنونا جزاكم الله خيراً؟
ج- كل شيء قائم في مقره بإذن الله سواء في ذلك السموات وما فيها والأرضون وما فيهن حتى الصخرة المسؤول عنها قال الله تعالى {إن الله يمسك السماوات والأرض أن نزولا ولئن زالتنا إن أمسكهما من أحد من بعده} وقال سبحانه {ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره} .
وليست صخرة بيت المقدس معلقة في الفضاء وحولها هواء من جميع نواحيها بل لا تزال متصلة من جانب بالجبل التي هي جزء منه متماسكة معه، وهي وجبلها قائمان في مقرهما للأسباب الكونية العادية المفهومة، شأنهما في ذلك شأن غيرهما من الكائنات، ولا ننكر قدرة الله على أن يمسك جزءاً من الكونياتى في الفضاء فمجموع المخلوقات كلها قائمة في الفضاء بقدرة الله كما تقدم، وقد رفع الله الطور فوق قوم موسى حينما امتنعوا من العمل بما أتاهم به موسى من الشرائع وكان محمولاً بقدرة الله، قال تعالى {وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما أتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون} . وقال {وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون} . ولكن القصد بيان الواقع، وأن الصخرة التي في بيت المقدس ليست معلقة في الفضاء من جميع جوانبها منفصلة علن الجبل انفصالاً كلياً بل هي متصلة به متماسكة معه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/485)
المشرع أن تحمد الله
س - عندما يحصل لي توفيق في أمر من أمور الدنيا أو ييسره الله لي أظن أنني قد أذنبت ذنبا وأحسب ذلك استدراجا فما صحة ظني على هذا؟
ج- المشرع لك في هذه الحال أن تحمد الله سبحانه وتشكره على ما من به عليك، وأن تستعين بنعمة على طاعته وتحسن الظن به سبحانه مع الحذر من مقته وغضبه، والحرص على أداء حقه والاستقامة في ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *
إسعاف غير المسلم
س - هل يصبح رجل أسعف رجلا غير مسلم أخاً له؟
ج- إسعاف المسلم لغيره من المسلمين والكفار غير الحربيين لا يكون بذلك أخا له ولا محرماً لها إن كان المسعف امرأة ولكنه يؤجر على ذلك لما فيه من الإحسان. ولو كان المسعف كافراً لقول الله عز وجل {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} وقوله عز وجل {لا ينهاكم الله عن الذين لا يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} . ولقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه} وقول، - صلى الله عليه وسلم -، {من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته} وهذان الحديثان في حق المسلم، وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أذن لها أن تصل أمها وكانت كافرة وذلك في وقت الهدنة التي وقعت بين النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وأهل مكة، أما الكفار الحربيون فلا تجوز مساعدتهم بشيء بل مساعدتهم على المسلمين من نواقض الإسلام لقول الله - عز وجل - {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} .. الآية.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/486)
هارون الرشيد من خيرة الخلفاء
س - ذكرت بعض كتب التاريخ ولاسيما كتاب " ألف ليلة وليلة " عن خليفة المسلمين هارون الرشيد أنه لا يعرف إلا اللهو وأنه يشرب الخمور ويراقص الغانيات ويقربهن منه. أرجو أن تخبروني هل ما قيل عن هذا الرجل البطل " هارون الرشيد " صحيح أم لا؟
ج- هذا كذب صريح وظلم قبيح فإن هذا الخليفة من خيرة الخلفاء وكان يحج عاماً ويغزو عاماً وقد فتح الله في زمنه الكثير من البلدان، واتسعت رقعة الإسلام واستتب الأمن وعم الرخاء وكثر الخير بما لا نظير له ثم أن هذا الخليفة كان حسن السيرة والسريرة، يجالس العلماء ويأخذ منهم ويسمع المواعظ ويبكي ويخشع ويكثر العبادة والتهجد والقراءة والذكر كما ذكر في سيرته المشهورة التي أفردت بالتأليف، فأما هذا الكتاب فإنه أكاذيب مختلفة لا حقيقة لها وإنما لفقه شخص لا أمانه له وأراد بذلك شغل الأمة عن واجباتها وإضاعة الأوقات في قراءة أو سماع تلك الخرافات فلا يغتر به والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(4/487)
{في الحضانة وبعض أحكام المولود}
الحيوانات المنوية هل هي حية أم لا روح فيها
س - هل نفهم من نفخ الروح في الجنين بعد أربعة أشهر أن الحيوان المنوي المتحد ببيضة المرأة؟ والذي تكون الجنين منه لا روح فيه أم ماذا؟
ج- لكل من الحيوان المنوي وبويضة المرأة حياة تناسبه إذا سلم من الآفات تهيئ كلا منهما بإذن الله وتقديره للاتحاد بالآخر، وعند ذلك يتكون الجنين إن شاء الله ذلك ويكون حياً أيضاً حياة تناسبه، حياة النمو والتنقل في الأطوار المعروفة فإذا نفخ فيه الروح سرت فيه حياة أخرى بإذن الله اللطيف الخبير، ومهما بذل الإنسان وسعه ولو كان طبيباً ماهراً فلن يحيط علماً بأسرار الحمل وأسبابه وأطواره إنما يعرف عنه بما أوتى من علم وفحص وتجارب بعض الأعارض والأحوال، قال الله تعالى {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال} وقال {إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام} .
اللجنة الدائمة
* * * *
حول المدة المشروعة للعقيقة؟
س - هل مدة العقيقة أسبوع أم أسبوعان أو واحد وعشرون يوماً كما يقل؟ وهل يصح أن تذبح العقيقة في اليوم التاسع أو العاشر مثلاً؟
ج- الأفضل أن تكون في اليوم السابع كما جاء به الحديث، فإن فات فقد ذكر أهل العلم أن يكون في اليوم الرابع عشر، فإن فات ففي اليوم الحادي والعشرين ثم لا تعتبر الأسابيع بعد ذلك وهذا على سبيل الأفضلية ففط فلو ذبحها في اليوم السادس أو الخامس أو العاشر أو الخامس عشر فلا حرج عليه.(4/488)
س - وهل إذا ذبحت في اليوم الحادي والعشرين تعتبر عقيقة؟ ؟
ج- نعم تعتبر عقيقة حيث قلبت لا حرج عليه في ذلك ولكن المدة المحددة على سبيل الأفضلية.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
إذا ولد الطفل في الشهر الثامن
س - ولد لي طفل في الشهر السابع وثمانية أيام بولادة غير طبيعة هل ينطبق عليه حكم المولود الكامل؟
ج- نعم الصحيح أن المولود إذا ولد بعد أربعة أشهر فإن حكمه حكم المولود حيا بل هو حي لأنه إذا تم له أربعة أشهر تنفخ فيه الروح، فإذا سقط بعدها فإنه يغسل ويكفن ويصلي عليها بدفن في مقابر المسلمين، قال أهل العلم وينبغي أن يسمى، وإن كان قد علم أنه ذكر سمي باسمه ذكر، وإن علم أنه أنثى سمي باسم أنثى، وإن لم يعرف سمى باسم صالح لهما مثل هبة الله وما أشبه ذلك، وبناء على هذا فإنه يعق عنه لأنه سوف يحشر يوم القيامة..
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
وقت تسمية المولود
س - أي يوم أفضل في تسمية المولود بعد ولادتنه أم يوم السابع من ولادته؟ وهل يحق الاحتفال فيه مع الأحباب والأصدقاء والجيران؟
ج- أما وقت تسمية فقيه سعة فإن سماه يوم ولادته أو في اليوم السابع فقد ورد ما يدل على ذلك فروى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي قال أتى بالمنذر بن أسيد إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، حين ولد فوضعه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على فخذه وأبو أسيد جالس فلها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بشيء بين يديه فأمر(4/489)
أبو أسيد بانبه فاحتمل من على فخذ النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أين الصبي؟ فقال أبو أسيدج قلبناه يا رسول اله فقال ما أسمه قال فلان قال لا ولكنه اسمه المنذر.
وفي صحيح مسلم من حديث سلميان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولد في الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم " الحديث " وروى أحمد وأهل السن عن سمرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه} قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الأحتفال لتسمية المولود
س - هل يجوز اجتماع الأحباب والجيران والأصدقاء في تسمية المولود أم أن ذلك الاحتفال بدعة وكفر؟
ج- لم يكن الاحتفال لتسمية المولود من سنة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولم يحصل من أصحابه في عهده، فمن فعله على أنه سنة إسلامية فقد أحدث في الدين ما ليس منه، وكان ذلك منه بدعتة مردودة لقول رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد} ولكنه ليس كفراً، أما من فعله على سبيل الفرح والسرور أو من أجل تناول طعام العقيقة لا على أنه سنة فلا بأس، وقد ثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، ما يدل على مشروعية ذبح العقيقة في اليوم السابع وتسمية المولود.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/490)
في الحضانة
س - سبق أن تزوجت من قريبة لي وأنجبت ولداً، لكن الحياة بيننا لم تستمر وانتهت بالطلاق ولا داعي لذكر الأسباب، والمشكلة أن ولدي منها قد بلغ السنة التاسعة من عرمه وأنا أعلم حقها الشرعي في حضانة الولد لسبع سنوات، ويخبر بعد ذلك، وبعد سن السابعة تقدمت بطلب استلام ولدي للمحكمة الشرعية لكن المحكمة الشرعية أبلغتني أن الحضانة حسب قانون جديد صدر في الأردن أصبحت (15) خمسة عشر عاماً. وأنا أعيش هنا في المملكة وفي الإجازة أحاول رؤية ولدي لكن الولد قد شبعت وسممت أفكاره فإذا قابلني في الطريق يهرب مني بل ويشتمني ولا يتورع عن رمي الحجار علي. وقد حاولت أن أحضره لأراه وأطمئن على أحواله لكن أمه رفضت فأبلغت المحكمة لكن المحكمة أبلغتني أنه لا يجوز لي رؤيته إلا مدة ساعة في الأسبوع وفي بت المختار (الشيخ) أو في المحكمة. وسؤالي هنا أليس من حقي رؤية وتربية ولدي تربية صالحة وهل الشرع يرضى بهذا لقد عجزت من المحاكم ومن المحامين فأرجو أن يكون لديكم الحل لكي أرى ولدي وأطمئن عليه وأن أوجهه وأربيه تربية صالحة؟
ج- مسائل الحضانة من مسائل النزاع وهي تتعلق بالمحاكم ولكن نوصيك بالمعاملة الطيبة مع أولياء المرأة وتوسيط الأصدقاء الطيبين بينك وبين ولي المرأة لحل المشاكل بينكما وبذل المستطاع من المعروف للمرأة ووليها حتى تنتهي المشكلة ويحصل الاتفاق بينكما إن شاء الله عى ما فيه راحة الجميع ومصلحة ابنك في دينه ودنياه.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/491)
الأصم الأبكم.. هل هو مكلف؟ !
س - الولد الأصم الأبكم، هل يعتبر مكلفاً شرعا بالعبادات كالصلاة أم هو معذور؟
ج- الولد الأبكم الأصم إذا كان قد بلغ الحلم يعتبر مكلفاً بأنواع التكاليف من الصلاة وغيرها ويعلم ما يلزمه بالكتابة والإشارة لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب التكاليف على من يبلغ الحلم وهو عاقل، والبلوغ يحصل بإكمال خمسة عشر عاما، أو بإنزال عن شهوة فى الاحتلام أو غيره، وبإنبات الشعر الخشن حول الفرج وتزيد المرأة أمراً رابعاً وهو الحيض، وعلى وليه أن يؤدي عنه ما يلزمه من زكاة وغيرها من الحقوق المالية، وعليه أن يعلمه ما يخفى عليه بالطرق الممكنة حتى يفهم ما أوجب الله عليه وما حرم عليه، والله سبحانه وتعالى يقول {فاتقوا الله ما استطعتم} ، ويقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم} .
فالمكلف الذي لا يسمع أو لا ينطق أو قد أصيب بالصمم والبكم جميعاً عليه أن يتقى الله ما استطاع بفعل الواجبات وترك المحرمات وعليه أن يتفقه في الدين حسب قدرته بالمشاهدة والكتابة والإشارة حتى يفهم المطلوب.. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
تنبيه على مسائل في الختان
الختان
الختان من سنن الفطرة ومن شعار المسلمين لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، {الفطرة خمس - الختان - والاستحداد وقص الشارب - وتقليم الأظافر - ونتف الأبط} فبدأ، - صلى الله عليه وسلم -، بالختان وأخبر أنه من سنن الفطرة.
والختان الشرعي
هو قطع القلفة الساترة لحشفة الذكر فقط. أما من يسلخ الجلد الذي يحيط بالذكر(4/492)
أو يسلخ الذكر كله كما في بعض البلدان المتوحشة ويزعمون جهلاً منهم أن هذا هو الختان المشروع وما هو إلا تشريع من الشيطان زينة للجهال، وتعذيب للمختون، ومخالفة للسنة المحمدية والشريعة الإسلامية التي جاءت باليسر والسهولة والمحافظة على النفس، وهو محرم لعدة وجوه منها
أن السنة وردت بقطع القلفة السائرة لحشفة الذكر فقط.
أن هذا تعذيب للنفس وتمثيل بها وقد نهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن المثلة وعن صبر البهائم والعبث بها أو تقطيع اطرافها، فالتعذيب لنبي آدم من باب أولى وهو أشد إثما.
أن هذا مخالف للإحسان والرفق الذي حث عليه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الله كتب الإحسان على كل شيء " الحديث.
أن هذا قد يؤدي إلى السرابة وموت المختون وذلك لا يجوز لقوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} وقوله سبحانه {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} ولهذا نض العلماء على أنه لا يجب الختان الشرعي على الكبير إذ خيف عليه من ذلك.
أما التجمع رجالاً ونساء في يوم معلوم لحضور الختان وإيقاف الولد متكشفاً أمامهم فهذا حرام لما فيه من كشف العورة التي أمر الدين الإسلامي بسترها ونهى لا عن كشفها.
وهكذا الاختلاط بين الرجال والنساء بهذه المناسبة لا يجوز لما فيه من الفتنة ومخالفة الشرع المطهر.
الشيخ عبد العزيز بن باز
* * * *(4/493)
{نصائح وتوجيهات للشباب}
نصائح وتوجيهات لشاب في العشرين
س - كيف يسلم المسلم وماذا يعمل المسلم في هذه الحياة المادية التي طغت فيها المادة على الناس طغياناً شديداً حتى قست قلوبهم والعياذ بالله من ذلك؟
- ماهي نصائحكم وتوجيهاتكم لي كشاب في سن العشرين مقبل على الدنيا وماهي الكتب التي تنصحوننا بقراءتها؟
ج- عليك بتقوى الله وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم , والاعتصام بكتابه تعالى وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وإلتزام مايعنيك واجتناب مالا يعنيك والبعد عن الفتن وملازمة الأخيار ومجانبة الأشرار والإكثار من تلاوة القرآن مع تدبر معانيه والمحافظة على الأذكار الصحيحة الثابتة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، مع تذلل وحضور قلب، والقراءة في الكتب التي تكثر فيها الحكم والمواعظ مثل كتاب الفوائد وكتاب الداء والدواء كلاهما لابن القيم، وادع الله في سجودك بما ورد في السنة من الأدعية مع تضرع وخشوع عسى أن يهديك ويشرح صدرك للخير ويدفع عنك الفتن ما ظهر منها وما بطن، ومن الكتب المفيدة زاد المعاد في هذى خير العباد. وإغاثة اللهفان كلاهما لابن القيم - رحمه الله - وفتح المجيد بشرح كتاب التوحيد مع العناية بالصحيحين وتفسير ابن كثير وصلى الله على نبينا محمد وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/494)
تقوية الإيمان
س - كيف يكون المرء قوى الإيمان مطبقاً لأوامر الله خالقاً من عقابه؟
ج- يكون ذلك بتلاوة كتاب الله ودراسته وتدبر معانيه وأحكامه وبدراسة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ومعرفة تفاصيل الشريعة منها والعمل بمقتضى ذلك والتزامه عقيدة وفعلاً وقولاً، ومراقبة الله وإشعار القلب عظمته، وتذكر اليوم الآخر وما فيه من حساب وثواب وعقاب وشدة وأهوال، وبمخالطة من يعرف من الصالحين ومجانية أهل الشر والفساد وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
توجيهات للشباب
س - كشاب ماهي توجيهاتكم لي؟
ج- ننصحك بتحقيق صفة الإسلام الظاهرة والباطنة وإظهار شعائره وبغشيان مجالس العلماء والاستفادة منهم واختيار الأصحاب والرفقاء الصالحين الناصحين من الشباب الطيب وهجر جلساء السوء الذين يرغبون في المعاصي ويكسلون عن الطاعة ويهونون أمر العبادة. وننصحك بقراءة كتب السلف الصالح.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الله مع الصابرين
س - كثيراً ما أحدث نفسي على أن أكون إنساناً قوي الإيمان ثابتاً في عقيدته متمسكا بدينه يحب الله ورسوله، - صلى الله عليه وسلم -، ولكنني بعد فترة أجد فتوراً في ذلك، ثم يرجع إلي ذلك العزم، وهكذا.. حتى أصبحت متضايقاً جداً أرجو يا شيخنا أن تدلني على الطريق الصحيح الذي أسلكه ليكون إيماني ثابتاً؟(4/495)
ج- الطريق الصحيح هو أن تبقى على ما يحدث لك من صفاء القلب ومحبة الخير، وهذا الذي يعتريك يعتري غيرك أيضاً، فبعض الناس يعتريهم هذا فيصيرون ويصابرون ويعينهم الله على أنفسهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الاستغراق في الملذات
س - إنني شاب ملتزم بالإسلام ولكن في الفترة الأخيرة لاحظت أن إيماني ضعيف، بدليل ارتكاب بعض المعاصي مثل تفويت وتأخير الصلاة والاستماع إلى اللغو من القول والاستغراق في الملذات، وقد حاولت إنقاذ نفسي مما أنا فيه ولكن لم أستطع. فهل ترشدني فضيلتكم على الطريق السوي الذي أنجو به من شر نفسي الأمارة بالسوء؟
ج- نسأل الله لنا ولك الهداية، والطريق إلى هذا، الحرص على قراءة القرآن وتدبره فإن القرآن يقول الله فيه {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين} ثم مراجعة ما أمكن من سيرة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وسنته فإنها منار الطريق لمن أراد الوصول إلى الله عز وجل، وثالثا الحرص على مصاحبه أهل الصلاح والتقوى من العلماء الربانيين والأصدقاء المتقين، ورابعا البعد، بقدر الإمكان، عن جلساء السوء الذين قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام، {مثل جليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرقك أو قال يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة} ثم تأنيب نفسك دائما على ما حدث لك من هذا التغير حتى تعود إلى ما كنت عليه سابقاً. سادسا أن لا يدخلك الإعجاب فيما قمت به من عمل صالح فإن الإعجاب قد يبطل العمل كما قال الله عز وجل {يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله بمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين} .
ولكن أنظر إلى أعمالك الصالحة وكأنك مقصر دائماً حتى تلجأ إلى الاستغفار والتوبة إلى الله - عز وجل - مع حسن الظن بالله سبحانه وتعالى لأن الإنسان إذا أعجب بعمله، ورأى لنفسه حقا على ربه كان ذلك أمراً خطيراً قد يحبط به العمل. نسأل الله السلامة والعافية.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/496)
هكذا يعالج الغضب
س - أنا شاب سريع الغضب وقد حاولت أن أملك أعصابي عند الغضب ولكن وجدت أنني أغضب بدون أن أشعر. أرجو من سماحتكم توجيهي إلى العلاج؟
ج- عليك أن تكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وأن تتوضأ الوضوء الشرعي إذا وجدت ذلك لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أرشد من اشتد غضبه إلى هذين الأمرين مع الحذر من أسباب الغضب حسب الطاقة والله سبحانه يقول {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} .
الشيخ ابن باز
* * * *
التبني وأحكامه
س - الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه وبعد
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء المقدم من السكرتير التنفيذي لمجلس البنجاب لرفاهية الطفل إلى صاحب الفضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والمحال إليها من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 86 2 وتاريخ 15 1 1392هـ والذي يطلب تزويده بالأنظمة والقواعد المتعلقة بأحقية الطفل المتبني في الوراثة؟
ج- وأجابت بما يلي
1- كان التبني معروفاً أيام الجاهلية قبل رسالة نبينا محمد، - صلى الله عليه وسلم -، وكان من تبنى غير ولده ينسب إليه ويرثه ويخلو بزوجته وبناته، ويحرم على المتبنى زوجة متبناه، وبالجملة كان شأن الولد المتبنى شأن الولد الحقيقي في جميع الأمور، وقد تبنى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي قبل الرسالة فكان يدعى زيد بن محمد، واستمر العمل بالتبني على ما كان عليه زمن الجاهلية إلى السنة الثالثة أو الخامسة من الهجرة.(4/497)
2- ثم أمر الله بنسبة الأولاد المتبين إلى آبائهم الذين تولدوا من أصلابهم إن كانوا معروفين، فإن لم يعرف آباؤهم الذين هم من أصلابهم فهم أخوة في الدين، وموال لمن تبناهم ولغيرهم، وحرم سبحانه أن ينسب الولد إلى ما تبناه نسبة حقيقة بل حرم على الولد نفسه أن ينتسب إلى غير أبيه الحقيقي إلا إذا سبق هذا إلى اللسان خطأ فلا حرج فيه، وبين سبحانه أن هذا الحكم هو محض العدالة لما فيه من الصدق في القول، وحفظ الأنساب والأعراض، وحفظ الحقوق المالية لمن هو أولى بها، قال تعالى {وما جعل أدعياءكم أبناءكم، ذلك قولكم بأفواهم والله يقول الحق وهو يهدي إلى السبيل، ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيما} وقال صلى الله عليه وسلم {من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة} رواه أبو داود.
3- وبقضائه سبحانه وتعالى على التبني {أي البنوة الادعائية التي لا حقيقة لها} قضى على ما كان له من أحكام زمن الجاهلية، واستمرت في صدر الإسلام.
أ) فقضى على التوارث بين المتبني ومتبناه بهذه البنوة التي لا حقيقة لها. وجعل لكل منهما أن يبر الآخر في حياته بالمعروف، وأن يبره بوصية يستحقها بعد وفاة الموصى على ألا تتجاوز ثلث مال الموصي، وبينت الشريعة أحكام الموارث ومستحقيها تفصيلاً، وليس المتبني ولا متبناه من بين المستحقين للإرث في هذا التفاصيل، وبين تعالى إجمالاً أيضاً المواريث البر والمعروف فقال تعالى {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين، ألا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً} .
ب) وأباح الله للمتبني أن يتزوج زوجة متبناه بعد فراقه إياها، وقد كان محرما في زمن الجاهلية وبدأ في ذلك برسوله، - صلى الله عليه وسلم -، ليكون أقوى في الحل، وأشد في القضاء على عادة أهل الجاهلية في تحريم ذلك قال تعالى {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا، وكان أمر الله مفعولا} فتزوج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، زينب بنت جحش بأمر الله بعد أن طلقها زوجها.(4/498)
4- تبين مما تقدم أن القضاء على التبني ليس معناه القضاء على المعاني الإنسانية والحقوق الإسلامية من الإخاه والوداد والصلات والإحسان وكل ما يتصل بمعاني الأمور ويوحي بفعل المعروف.
أ) فللإنسان أن ينادى من هو أصغر بقول يا بني على سبيل التلطف معه، والعطف عليه وإشعاره بالحنان ليأنس به ويسمع نصحيته أو يقضي له حاجته، وله أن يدعو من هو أكبر منه سنا بقوله يا أبي تكريما له واستعطافا لينال بره ونصحه وليكون عونا له وليسود الأدب في المجتمع وتقوي الروابط بين أفراده وليحس الجميع بالأخوة الصادقة في الدين.
ب) لقد حثت الشريعة على التعاون على البر والتقوى وندبت الناس جميعاً إلى الوداد والإحسان قال الله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " وقال، - صلى الله عليه وسلم -، {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر} رواه أحمد ومسلم وقال {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا} رواه البخاري ومسلم الترمذي والنسائي، ومن ذلك - تولى اليتامي والمساكين والعجزة عن المكسب لا يعرف لهم آباء بالقيام عليهم وتربيتهم والإحسان إليهم حتى لا يكون في المجتمع بائس ولا مهمل خشية أن تصاب الأمة بغائلة سوء تربيته أو تمرده لما أحس به من قسوة المجتمع عليه وإهماله، وعلى الحكومات الإسلامية إنشاء دور للعجزة واليتامي واللقطاء ومن لا عائل له ومن حكمهم فإن لم يفت بيت المال بحاجةن أولئك استعانت بالموسرين من الأمة قال، - صلى الله عليه وسلم -، {أيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، وإن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه} رواه البخاري. وعلى هذا حصل التوقيع وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/499)
{فتاوى متنوعة}
لماذا سمى الدين الإسلامي بالإسلام
س - لماذا سمى الدين الإسلامي (بالإسلام) ؟
ج- لأن من دخل فيه أسلم وجهه لله واستسلم وانقاد لكل ما جاء عن الله وعن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، من الأحكام قال تعالى {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه} إلى قوله {إذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين} وقال {من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه} .
اللجنة الدائمة
* * * *
الوصية المنسوبة إلى حامل مفاتيح الحرم
س - جاء إلى أحد الأخوة وأعطاني وصية منسوبة إلى شخص يدعى أحمد حامل مفاتيح حرم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى المسلمين من مشارق الأرض إلى مغاربها، فلما قرأتها وجدتها تنافي العقيدة الإسلامية، ولما ناقشته فيها لم يستمع إلى نصحي وقرر توزيع أكبر عدد من تلك الوصية، فما رأى فضيلتكم في هذه المسألة جزاكم الله خيراً؟
ج- هذه النشرة وما يترتب عليها من الفوائد بزعم من كتبها وما يترتب على إهمالها من الخطر كذب لا أساس له من الصحة، بل هي من مفتريات الكذابين، ولا يجوز توزيعها لا في الداخل ولا في الخارج، بل ذلك منكر يأثم من فعله، ويستحق عليه العقوبة العاجلة والآجلة لأن البدع شرها عظيم وعواقبها وخيمة، وهذه النشرة على هذا الوجه من البدع المنكرة، ومن الكذب على الله سبحانه وتعالى وقد قال الله - عز وجل - {إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك بآيات الله وأولئك هم الكاذبون} وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من أحدث(4/500)
في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام {من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد} رواه مسلم في صحيحه، فالوجب على جميع المسلمين الذين تقع في أيديهم أمثال هذه النشرة تمزيقها وإتلافها وتحذير الناس منها وقد أهملناها وأهلمها غيرنا من أهل الإيمان فما رأينا إلا خيراً. وإن من كتبها ومن وزعها ومن دعا إليها ومن زوجها بين الناس فإنه يأثم لأن ذلك كله من باب التعاون على الإثم والعدوان، ومن باب ترويج البدع والترغيب في الأخذ بها. نسأل الله لنا وللمسلمين العافية من كل شر وحسبنا الله على من وضعها، ونسأل الله أن يعامله بما يستحق لكذبه على الله وترويجه الكذب وإشغاله الناس بما يضرهم ولا ينفعهم وصلى اله على نبينا محمد وآله وصحبه.
الشيخ ابن باز
* * * *
رسالة مجهولة
س - وصلتني رسالة من شخص مجهول على عنواني وتجدونها رفق رسالتي هذه - وكما ترون هذه الرسالة تشتمل على أربع آيات كريمات من كتاب الله العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وذلك في المقدمة. وبعد ذلك شرع مرسلها ببيان ميزات عديدة وكبيرة لمن يقوم بطبعها وإرسالها تصل إلى حد الخيال وفي حدود أربعة أيام. وضرب عدة أمثلة من الخير حصلت لأناس طبقوا ذلك كما قام بضرب عدة أمثلة أخرى لمن يقوم باهمالها من المصائب التي تحصل لمن لم يهتم بها. صاحب الفضيلة إنني علم بأن القرآن الكريم يجب علينا المحافظة عليه والعمل به على كل الأحوال ولكن الذي أشغل بالي هو هذه الطريقة التي سردها مرسل الرسالة من الخير العظيم لمن يقوم بتوزيع الرسالة والشر الكبير لمن لا يهتم لها وأنا أعلم بأن الخير والشر بيد الله ولا يصيبكم إلا ما كتب الله لكم. وإنني أتذكر قبل عدة سنوات قام بعض الناس بتداول رسالة مشابهة يزعمون أنها من الشيخ أحمد أحد بوابي مسجد الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، وقمتم بإيضاح الحقيقة في الصحف وبينتم حكمها، لذا أبعث لكم هذه الرسالة راجياً إيضاح ما ترونه نحوها وإفادتي جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء؟(4/501)
ج- تحديد ما يترتب على كتابة آيات من القرآن أو قراءتها من جزاء، ثواباً أو عقاباً، عاجلا أو آجلاً من الأمور التي اختص الله بعلمها لأنها من الأسرار الغيبية التي استأثثر الله بعلمها فلا يجوز لأحد أن يتكلم فيها إلا بتوقيف من الله وبيان منه بالوحي إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في الآيات المذكورة - في السؤال - حث على كتابتها خاصة ولا على إرسالها وتداولها بخصوصها ولا بتحديد جزاء من كتبها وإرسالها إلى غيره بأجر وثواب أخروي ولا جزاء دنيوي من حفظ وغنى وتيسير أمر وكشف كربة، كما لم يرد عنه فيها جزاء لمن لم يكتبها من موت أو قفز أو إصابة بحادث أو آفة أو نحو ذلك. فمن حدد جزاء لمن كتبها وأرسلها وحدد زمنا لذلك فقد تكلم رجماً بالغيب وقال على الله بغير علم وقد نهى الله سبحانه عن ذلك فقال تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً} وقال تعالى {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} وبذلك يعلم أن الدعوة إلى هذه النشرة وتحديد الثواب والعقاب عليها أمر منكر يستحق من فعله العقوبة من الله - عز وجل - كما يستحق العقوبة من ولاة الأمر منعاً له من الإحداث في الدين ما لم يأذن به الله وردعا له ولغيره وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
نشر مقاطع من التوراة والإنجيل
س - كثيراً ما نلاحظ بعض المقاطع من التوراة في بعض المجلات فهل يجوز لنا قراءة تلك المقاطع وفي نهي الرسول عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عن قراءتها دليل على تحريمها؟
ج- الواقع أن المجلات لا ينبغي أن تنقل شيئاً لا من التوراة ولا من الإنجيل، اللهم أن يكون ذلك في إثبات صحة رسالة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، تكذيبا لإنكارهم إياها فهذا(4/502)
طيب. وأما أن ينقل منها شيء يهتدي به ويتقدي به فإن هذا محرم لأن هذا القرآن مغن عما سواء من الكتب التي أنزلها الله عز وجل.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم اقتناء الأنجيل والتوارة
س - هل يصح لي أن أقتني نسخة من الأنجيل لأعرف كلام الله لسيدنا عيسى وهل الإنجيل الموجود الآن صحيح؟ حيث أن سمعت أن الإنجيل الصحيح غرق في الفرات؟
ج- لا يجوز اقتناء شي من الكتب السابقة على القرآن من إنجيل أو توراة أو غيرهما لسببين
1- أن كل ما كان نافعا فيها فقد بينه الله سبحانه وتعالى في القرآن.
2- أن في القرآن ما يغني عن كل هذه الكتب لقول تعالى {نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه} .
فكل ما في الكتب السابقة من خير موجود في القرآن، أما قول السائل أنه يريد أن يعرف كلام الله لعبده ورسوله عيسى فإن النافع منه لنا موجود في القرآن فلا حاجة للبحث عنه من غيره.
وأيضا فالانجيل الموجود الآن محرف، والدليل على ذلك أنه أربعة أناجيل يخالف بعضها بعضا وليست إنجيلاً واحداً، إذن فلا يعتمد عليها.
أما طالب العلم الذي لديه علم يتمكن به من معرفة الحق من الباطل فلا مانع من دراسته لها لرد ما فيها من الباطل وإقامة الحجة على معتنقيها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/503)
حكم الإستهزاء بالصالحين؟
س - ما حكم الإستهزاء بالملتزمين بأوامر الله ورسوله؟
ج- الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله ورسوله لكونهم التزموا بذلك محرم وخطير جداً على المرء، لأنه يخشى أن تكون كراهته لهم لكراهة ما هو عليه من الاستقامة على دين الله وحينئذ يكون استهزاؤه بطريقهم الذي هم عليه فيشبهون من قال الله عنهم {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} فإنها نزلت في قوم من المنافقين قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء (يعنون رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه) ، أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء فأنزل الله فيهم هذه الآية، فليحذر الذين يسخرون من أهل الحق لكونهم من أهل الدين فإن الله سبحانه وتعالى يقول {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مروا بهم يتغامزون، وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون، وما أرسلوا عليهم حافظين، فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون. على الآرائك ينظرون، هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون} .
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الواجب عدم الالتفات إلى قول الساخرين والمستهزئين
س - بعض من يدعي الإسلام إذا رأى شخصا ملتزما بسنة نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، تقصير ثوبه وإطاله لحيته والجلوس في المساجد تجده يقول هذا دين خرافة أو يقول كلاما يغضب الله، أرجو نصيحة هؤلاء أثابكم الله؟
ج- الواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة امتثال أمر الله ورسوله وترك ما نهى الله عنه ورسوله والتواصي بذلك والتعاون عليه وعدم الالتفات إلى قول الساخرين والمستهزئين عملا بقول الله - عز وجل - {وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون} وقوله سبحانه {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإن ما عليه ما حُمل وعليكم ما حُملتم وإن تطيعوه(4/504)
تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} وقوله سبحانه وتعالى {تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين} والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى} قيل يا رسول الله ومن يأبي، قال {من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى} ومن طاعة الله ورسوله المحافظة على الصلوات في أوقاتها من الرجال والنساء وأداؤها في المساجد مع المسلمين في حق الرجال، ومن اعة الله ورسوله أداء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت مع الاستطاعة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وحفظ اللسان والجوارح عما حرم الله عز وجل، والتناصح والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن طاعة الله ورسوله في حق الرجل قص الشارب وإعفاء اللحية وتوفيرها، والحذر من إسبال الملابس تحت الكعبين لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، قال {قصوا الشوارب وأعفو اللحى، خالفوا المشركين} متفق على صحته وقال عليه الصلاة والسلام {ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار} خرجه الإمام البخاري في صحيحه، ويلحق بالإزار جميع الملابس من السراويل والقميص والبشت ونحو ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام {ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب} خرجه الإمام مسلم في صحيحه. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم دخول الخلاء بما فيه ذكر ودعاء
س - عندي كتيب صغيراً أحفظه في جيبي فيه من الذكر والدعاء ما ينفعني في ديني ودنياي ولكني أدخل المرحاض للوضوء وقضاء الحاجة وهو في جيبي فهل على إثم في ذلك؟
ج- الأفضل لك عدم دخول الخلاء بالكتيب المذكور ويكره لك ذلك عند أجمع من أهل(4/505)
العلم إذا أمكنك عدم الدخول به، أما إن لم تستطع تركه خارج الحمام فلا حرج عليك ولا كراهة والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم ذكر الله في الحمامات
س - هل يجوز للمسلم أن يدخل الحمام ويذكر اسم الله - عز وجل - أو أنه بمجرد أن يدخل يتوقف عن ذكر الله؟
ج- من آداب الإسلام أن يذكر الإنسان ربه حينما يريد أن يدخل بيت الخلاء أو الحمام بأن يقول قبل الدخول {اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث} ولا يذكر الله بعد دخوله بل يسكت عن ذكره بمجرد الدخول.
اللجنة الدائمة
* * * *
الطريقة السليمة لاتلاف الأوراق الكريمة..
س - يكاد لا يخلو من جريدة أو مجلة وبالطبع تحتوي هذه المجلات الجرائد على بعض الآيات القرآنية واسم الله - عز وجل- والصور. ما هي الطريقة السليمة لحفظها مثلا للضرورة أو إتلافها؟
ج- ما يوجد في الجرائد من صور الأحياء ومن أسماء أو آيات القرآن هو من الأمور التي عمت بها البلوى وينبغي للإنسان أن يصون ما به الآيات أو ذكر الله وأن يتخلص من هذه الجرائد إما بتحريقها أو دفنها أو طمس معالم ما فيها من صور أو بيعها على أرباب مصانع الورق ليعيدوها ورقاً آخر أو غير ذلك مما يصون الآيات ونحوها ويقضى على الصور والله المستعان.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/506)
لا يجوز القاء شيء فيه " آيات الله "
س - نحن نستعمل الجرائد والصحف والمجلات التي فيها اسم الله ثم نرميها في القمامة وهل يجوز الصلاة في السروايل التي فوق الركبة؟
ج- لا يجوز إلقاء شيء فيه آيات الله أو أحاديث الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، في مكان تمتهن فيه كلام الله عظيم يجب احترامه ولذا لا يقرأه الجنب، ولا يمس المصحف إلا المتوضي على رأي كثير من أهل العلم، بل أكثرهم. ولكن ينبغي أحراقها إحراقاً كاملا أو تمزيقها بالآلات الحديثة التي لا تبقى شيئاً.
أما صلاة الرجل في السراويل القصيرة التي تستر ما بين السرة والركبة فذلك لا يجوز إلا إذا كانت فوقها ثياب طويلة ساترة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
كتابة البسملة على البطاقات مشروعة
س - هل يجوز كتابة البسملة على بطاقات الزواج نظراً لأنها ترمي بعد ذلك في الشوارع أو في سلال المهملات؟
ج- يشرع كتابة البسملة في البطاقات وغيرها من الرسائل لما روي عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أمر أبتر} ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ رسائله بالتسميه، ولا يجوز لمن يستلم البطاقة التي فيها ذكر الله أو آية من القرآن أن يلقيها في المزابل أو القمامات أو يجعلها في محل يرغب عنه، وهكذا الجرائد وأشباهها لا يجوز امتهانها ولا إلقاؤها في القمامات، ولا جعلها سفرة للطعام ولا ملفا للحاجات لما يكون فيها من ذكر الله - عز وجل - والإثم على من فعل ذلك، أما الكاتب فليس عليه إثم.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/507)
التسبيح بالمسبحة
س - ما حكم التسبيح بالمسبحة؟
ج- لا نعلم أصلاً في الشرع المطهر للتسبيح بالمسبحة فالأولى عدم التسبيح بها والاقتصار على المشروع في ذلك وهو التسبيح بالأنامل.
الشيخ ابن باز
* * * *
استعمال الأصابع أفضل من استعمال السبحة
س - ما حكم استعمال المسبحة لذكر الله أو لغير ذلك من الأعمال. أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
ج- استعمال الأصابع أفضل منها كما كان، - صلى الله عليه وسلم -، يفعل ذلك وكره كثير من أهل العلم استعمال السبحة لأنها خلاف عمله، - صلى الله عليه وسلم -، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/508)
الأفضل التسبيح باليمين..
س - هل التسبيح والتحميد والتكبير بعد كل فريضة يكون أفضل بأصابع اليد اليمنى؟
ج- الأفضل أن يكون ذلك باليمينى لأنه ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان يعدهن باليمنى، ولقول عائشة - رضي الله عنها - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله، ويجوز عقدهن بالأصابع كلها لأنه ورد في بعض الأحاديث ما يدل على ذلك عنه الصلاة والسلام وقال {إنهن مسؤولات مستنطقات} وبذلك يعلم التوسعة في هذا الأمر وأنه لا ينبغي فيه التشديد ولا التنازع.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/509)
قراءة الورد بصورة جماعية
س - إذا خرج بعض الإخوان لرحلة أو لعمرة أو نحوهما، فيأمرون أحدهم أو بعضهم يومياً صباحاً ومساءاً بقراءة ورد الصباح والمساء الوارد عن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، وبقية الجماعة يستمعون إليه فما حكم ذلك؟
ج- كان لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أذكار وأدعية يذكر الله ويدعوه بها، صباحا ومساء في نفسه، وسمعها منه أصحابه وتعلموها، وذكروا الله ودعوة بها صباحا ومساء، كل منهم في نفسه منفرداً، اقتداء برسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينقل عنه، " - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم - فيما نعلم - أنهم كانوا يقولون تلك الأذكار والأدعية مجتمعين، يقرؤونها جميعاً أو يقرؤها بعضهم ويستمع الآخرون، فينبغي للمسلم أن يهندي بهدي الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه رضي الله عنهم في ذكره ودعائه وكيفية ذلك وكيفية ذلك وفي سائر ما شرعه عليه الصلاة والسلام فإن الخير كل الخير في اتباعه، والشر كل الشر في مخالفته، والاجتماع لذلك واتخاذه طريقة وعادة من البدع المحدثة وقد قال، - صلى الله عليه وسلم -، {من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد} وقال، - صلى الله عليه وسلم -، {إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة} ومما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من أذكار وأدعية الصبح والمساء ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يدع هذه الكلمات حين يمسى وحين يصبح، اللهم أسألك العافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، وأحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يمين وعن شمالي ومن فوق، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي - أخرجه النسائي وابن ماجه وصححه الحاكم. ومنها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال كان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إذا أصبح يقول {اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور، وإذا أمسى قال منثل ذلك إلا أنه قال وإليك المصير} أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه، وبالله التوفيق - وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/510)
ليلة النصف من شعبان
س - سائل يسأل عن ليل النصف من شعبان وهل لها صلاة خاصة؟
ج- ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح، كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها، وهي ليلة ليس لها خصوصية لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة، وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية فهو قول ضعيف فلا يجوز أن تخص بشيء هذا هو الصواب. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم الاحتفال ببعض المناسبات
كالعيدين وليلة الأسراء والنصف من شعبان
س - لدينا بعض العادات التي درجنا عليها وتوارثناها في بعض المناسبات.. مثل علم الكعك والبسكويت في عيد الفطر.. وإعداد موائد اللحوم والفاكهة في ليلة السابع والعشرين من رجب وفي ليله النصف من شعبان، وأنواع خاصة من الحلوى لابد من إعدادها في يوم عاشوراء.. ما حكم الشرع في ذلك؟
ج- إما أظهار الفرح والسرور في أيام عيد الفطر وعيد الأضحى فإنه لا بأس به إذا كان في الحدود الشرعية.. ومن ذلك أن يأتي الناس بالأكل والشرب وما شابه ذلك.. وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال {أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل} . ويعني بذلك أيام الثلاة التي تلي عيد الأضحى حيث يضجي الناس ويأكلون من ضحاياهم ويتمتعون بنعم الله عليهم.. وكذلك في عيد الفطر لا بأس بإظهار الفرح والسرور ما لم يتجاوز الحد الشرعي.
أما أظهار الفرح بليلة السابع والعشرين من رجب أو في ليلة النصف من شعبان أو يوم عاشوراء فإنه لا اصل له بل هو منهي عنه ولا يحضر المسلم إذا دعي لمثل هذه(4/511)
الاحتفالات. فقد قال صلى الله عليه وسلم {أياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة} .
وليلة السابع والعشرين من ربج يدعى بعض أنها ليلة المعراج التى عرج فيها الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، إلى الله عز وجل.. وهذا لم يثبت من الناحية التاريخية، وكل شيء لم يثبت فهو باطل، والمبنى على الباطل باطل.. وحتى لو افترضنا أن ذلك قد حدث في تلك الليلة فإنه لا يجوز لنا أن نحدث فيها شيئاً من شعائر الأعياد أو العبادات لأن ذلك لم يثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت عن أصحابه الذين هم أولى الناس به وهم أشد الناس حرصا على سنته واتباع شريعته فكيف يجوز لنا أن نحدث ما لم يكن في عهد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولا في عهد أصحابه.
وحتى ليلة النصف من شعبان لم يثبت عن الرسول شيء من تعظيمها أو إحيائها.. وإنما أحياها بعض التابعين بالصلاة والذكر لا بالأكل والفرح وظهور شعائر الأعياد.
أما يوم عاشوراء فإن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، سئل عن صومه فقال يكفر السنة الماضية - أي التي قبلها - ولا يجوز في هذا اليوم شيء من شعائر الأعياد أو من شعائر الأحزان.. إذا أن كلا من إظهار الفرح أو إظهار الحزن في هذا اليوم خلاف للسنة ولم يرد عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه أمر أن نصوم يوما قبله أو يوماً بعده حتى نخالف اليهود الذين كانوا يصمونه وحده.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لا يجوز للمسلم أن يكره ما لم يكره الله
س - ترك المباح تقرباً إلى الله - عز وجل - هل يعتبر من البدع التركية أم لا؟
حيث يوجد أناس يلتزمون ذلك ويرون أنه من الورع وقد يطلقون التحريم أو الكراهة على بعض الأشياء المابحة بلا دليل ولا برهان ومن ثم يجتنبوها وقد يعادون ويخاصمون من أجل ذلك. أرجو التوضيح بارك الله فيكم؟(4/512)
ج- لا يجوز للمسلم أن يحرم ما أحل الله ولا أن يكره ما لم يكره الله ولا أن يحل ما حرم الله لقول الله سبحانه وتعالى {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب} الآية.
وقال سبحانه {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقوموا على الله ما لا تعلمون} . فجعل سبحانه في هذه الآية الكريمة القول عليه بغير علم فوق مرتبة الشرك لما يترتب عليه من الفساد العظيم.
وأخبر سبحانه في آية أخرى من سورة البقرة أن ذلك من أمر الشيطان حيث قال سبحانه {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان أنه لكم عدو مبين. إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} .
أما ترك المباحات تقربا إلى الله سبحانه ليستعين بذلك على طاعة الله ورسوله من غير أن يحرم ذلك على نفسه أو على الناس كترك الملابس الرفعية بعض الأحيان تواضعا وحذرا من الكبر وكسراً للنفس عما يخشى عليها من الفخر والخيلا، والتكبر على الناس فهذا شيء لا بأس به ويؤجر عليه إن شاء الله.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم تعليق الآيات والأحاديث
س - هناك من يقول أن تعليق السور القرآنية أو الآيات على الحائط حرام مع العلم أن هذه الآيات أو السور لم توضع إلا لفضائلها مثل سورة يس وآية الكرسي وغيرها. نأمل من سماحتكم بيان حكم ذلك، وجزاكم الله خيراً؟
ج- تعليق الآيات والسور على الجدران في المكتب أو المجلس للتذكير والعظة لا بأس بذلك على الصحيح، ولقد كره بعض علماء العصر وغيرهم تعليقها ولكن لا حرج فيه إذا كان ذلك للتذكير والعظة وكان المكان محترماً كالمجلس والمكتب ونحو ذلك أو يعلق حديثاً عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كل ذلك فيه مواعظ وذكرى. أما إذا كان القصد غير ذلك(4/513)
كأن يعتقد أنها تحفظه من الجن أو العين أو هكذا فلا يجوز بهذا القصد وهذا الاعتقاد لأن هذا لم يرد في الشرع وليس له أصل يعتمد عليه. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
من هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة كاملة
س - تراودين نفسي في عمل منكر أو قول سوء لكنني في أحايين كثيرة لا أظهر القول أو الفعل هل آثم بذلك؟
ج- إذا راودت الإنسان نفسه على عمل محرم سواء كان ذلك ترك واجب أو فعل محرم ولكنه ترك هذه المراودة وقام بما يجب عليه وترك ما يحرم عليه فإنه يؤجر على هذا الترك الذي حصل، منه لأن تركه هذا لله عز وجل، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن من هم بسيئة فلم يعملها كتب حسنة كاملة لأنه تركها لله - عز وجل - وهنا ينبغي أن نفصل لمن ترك المحرم هل يؤجر أو لا يؤجر فنقول
لا يخلو تارك المحرم من إحدى ثلاث حالات
1- إما أن يتركه عجزاً عنه مع فعل الأسباب التي تؤدي إليه فهذا يكتب له وزر فاعله لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار} ، قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول، قال {إنه كان حريصا على قتل صاحبه} .
2- أن يترك المحرم لأنه لم يطرأ على بال ولم يهم به أًصلاً فهذا لا له ولا عليه، أي ليس له أجر ولي عليه وزر.
وهناك حال أربعة وهي أن يدع المحرم لعجزه عنه لكن لم يفعل الأسباب التي توصله إليه وإنما ينوي ويتمنى فهذا عليه الوز بقدر نيته وليس كالذي قام بفعل الأسباب وحرص ولكن لم يتمكن بل هذا دون الأول الذي أشرنا إليه.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/514)
حكم التفكير في الحرام دون عمل
س - ما حكم التفكير بفعل الأشياء المحرمة.. كان يفكر شخص أن يسرق مثلاً أو يفكر أن يزنى وهو يعلم من ذات حاله أنه لن يفعل ذلك لو تيسرت له السبل؟
ج- ما يقع في نفس الإنسان من الأفكار السيئة كأن يفكر في الزنا أو السرقة أو شرب المسكر أو نحو ذلك، ولا يفعل شيئا من ذكل فإنه يعفى عنه ولا يلحقه بذلك ذنب لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم} متفق على صحته.
وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {من هم بسيئة فلم يفعلها لم تكتب عليه} وفي لفظ {كتبت له حسنة لأنه تركها من جرائي} متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما والمعنى أنه من ترك السيئة التي هم بها من أجل الله كتبها الله له حسنة، وإن تركها لأسباب أخرى لم تكتب عليه سيئة ولم تكتب له حسنة، وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى لعباده فله الحمد والشكر لا إله غيره ولا رب سواه.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم تقصير الحواجب للرجال
س - إذا كان شعر الحواجب كثيفاً فهل يجوز تقصيره قليلا بدون قصد التشبه بالنساء أو تغيير بخلقه الله؟
ج- لا أرى جواز نتف هذا الشعر ولا تقصيره ولا حلقه، ذلك لإن الله تعالى أنبته للجمال والزنية وفيه حماية وصيانة للعيون، فإزالته من الرجل أو المرأة تغيير لخلق الله، ولكن حيث(4/515)
كان أكثر ما يوجد في النساء ورد الوعيد بلعنهن على ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
يجمع كتبا ولا يقرأ؟
س - أنا رجل ولله الحمد لدي العديد من الكتب النافعة والمفيدة والمراجع لكنني لا أقراها بل أختار منها البعض.. هل يلحقني إثم في جمع هذه الكتب عندي في البيت مع العلم أن بعض الناس يأخذون من عندي بعض الكتب يستفيدو منها ثم يرجعونها؟
ج- ليس على المسلم حرج في جمع الكتب المفيدة وحفظها لديه في مكتبة لمراجعتها والاستفادة منها ولتقديمها لمن يزوره من أهل العلم ليستفيدوا منها، ولا حرج عليه إذا لم يراجع الكثير منها، أما إعارتها إلى الثقات الذين يستفيدون منها فذكل مشروع وقربى إلى الله سبحانه وتعالى لما فيه من الإعانة على تحصيل العلم، ولأن ذلك داخل في قوله سبحانه {وتعاونوا على البر والتقوى} وفي قوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه} .
الشيخ ابن باز
* * * *
دخله من مال أخويه الحرام
س - أنا طالب علم، ليس في دخل سوى ما يرسله لي أخواي اللذان يعملان في مطعم يملكه أحدهما في المانيا، وقد علمت أن هذا المطعم تباع فيه الخمور ولحم الخنزير وبعض الأطعمة المحرمة. فهل على حرج في الاستفادة من أموالهما، وما العمل فيما أملكه من الأشياء التي وهباني إياها من قبل.. وما الحل بصفة عامة. علما بأنه لا دخل لي في عملهما؟
ج- لا يجوز قبول ما يعطونك أو يهدون لك من هذا المسكب الخبيث، وعليك قبل ذلك نصح أخوانك عن بيع هذه المحرمات حيث كانا مسلمين ولو بترك هذا المطعم كلياً، أو إبداله بصنعه أو حرفة خير منه، أو الانتقال من هذه الدولة إلى دولة أخرى وفتح مطاعم(4/516)
إسلامية {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً} فأما الأشياء التي قد وهباك إياها فلا مانع من تملكها ولكن لا تقبل منها في المستقبل، واكتسب لنفك والله يرزق من يشاء بغير حساب.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
لا يجوز الجماع إلا بعد انقطاع الدم
س - هل يجوز للرجل أن يجامع زوجته بعد ما تضع حملها بثلاثين يوماً أو بعد خمسة وعشرين يوماً أو ما يجوز إلا بعد أربعين يوماً؟
ج- لا يجوز للرجل أن يجامع زوجته بعد ولادتها أيام نفاسها حتى يمضي عليها أربعون يوما من تاريخ الولادة إلا إذا انقطع دم النفاس قبل الأربعين فيحوز له أن يجامعها مدة انقطاعه بعد اغتسالها، فإذا عاد إليها الدم قبل الأربعين حرم عليه جماعها وقته.
وإذا استمر الدم بعد الأربعين فليس دم نفاس بل دم استحاضة فيجب عليها أن تصلي وتتوضأ لكل صلاة ولوزجها أن يجامعها.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم اتخاذ مكان خاص في المسجد
س - بعض كبار السن عندما يحضرون إلى المسجد ويجدون أحداً جالساً في المكان الذي اعتادوا الصلاة فيه يغضبون فما حكم ذلك؟
ج- لا يجوز لهم ذلك، والسابق أحق منهم، وليس لهم الغضب وليس لهم الحق في هذا.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/517)
هل يحرم هذا؟
س - الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه. وبعد
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء عل الاستفتاء المقدم لسماحة الرئيس العام المحال من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 2225 2 ونصه " صار أناس أجانب مظاهرات وقبض عليهم من قبل الجهات المختصة وأمرت جهات الاختصاص بهدم محلاتهم وانتشر شيء من عفشهم وأمتعتم وصار الناس يتخطفون من تلك الأمتعة وذلك العفش، فهل على أخذ من ذلك شيئاً إثم؟ وهل يحرم ذلك؟ وإذا كان أحد أخذ من ذلك وهو محرم ويريد التحلل من ذلك فماذا يفعل ليتحلل من ذلك، أفتونا مشكورين؟
ج- الأصل أن المسلم معصوم الدم والمال والعرض لا يجوز لأحد أن يتعدى عليه في شيء من ذلك بغبير حق لقوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع وهو يخطب {إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا} وقوله في المال {لا يحل مال أمرئ مسلم إلا عن طيبة من نفسه} وقوله {كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه} والحالة التي ذكرتها من تظاهر بعض الناس وهدم المسئولين لمحلاتهم لا تبيح للناس أخذ شيء من أمتعتهم، ومن أخذ شيئاً يعبتر ظالماً متعدياً عاصياً بأخذه لذكل المتاع يجب عليه المبادرة بالتوبة والاستغفار ورد ما أخذ إلى صاحب البيت الذي انتشر منه ذلك المتاع لقوله صلى الله عليه وسلم، {من كانت عند لأخيه مظلمة فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينا ولا درهم فإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإذا لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه} . وفي حالة تعذر الرد بعد البحث والعناية والسؤال يتصدق به أو بقيمته عنه، فإن عرفه بعد أخره بالواقع فإن رضى فذاك وإن لم يرض غرمه له.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/518)
لا يجوز أخذ هذا المال
س - والدي كبير بالسن وكفيف ولديه دكان صغير جداً وقد تقدم هو ووالدتي إلى الشئون الاجتماعية وحصلا على المعونة السنوية وقد قامت والدتي بتوكيل والدي باستلام ما تستحقه وفعلاً قام والدي بالاستلام إلا أن والدتي قد توفاها الله " ماتت قبل أربع سنوات " ولكن والدي مستمر باستلام حقها بموجب الوكالة.
لذا أرجو من إفادتي هل يلحق والدي ذنب وهل استلامه حق والدتي حلال؟
ج- في هذه الحالة لا يحق لهذا الرجل أن يقبض ما يصرف باسم زوجته بعد موتها من هذه الإعاشة. حيث أنها تصربف باسم هذه المرأة كنفقة لها وقد ماتت فعليه أن يخبر بحقيقة الحال فإن كان له زوجة أخرى مستحقة طالب بصرفه باسم جديد أو غير ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم الانتحار
س - ما حكم الانتحار؟
ج- الانتحار هو قتل المرء نفسه عمدا بأي سبب كان وهو محرم ومن كبائر الذنوب وهو داخل في عموم قوله تعالى {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيماً} .
وثبت في السنة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
والمنتجر في الحقيقة غالبا ما ينتحر لضائقة قد أصابته ساء كانت من فعل الله أم من فعل الخلق، فنجده لا يتحمل ما نزل به وهو في الحقيقية كالمستجير من الرمضاء بالنار فهو قد انتقل من سيء إلى أسوأ ولو صبر لأعانه الله على تحمل تلك المصيبة وكما قيل دوام الحال من المحال.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/519)
هجر أصحاب الكبائر
س - ما القول في معاملة أصحاب الكبائر كاللواط والزنا وغيرها من الذنوب التي جاءت النصوص بالوعيد الشديد لمن يقترفها.. هل يجوز الكلام مع أصحاب هذه الجرائم؟ وهل يجوز إلقاء السلام عليهم؟ وهل تجوزمصاحبتهم بقصد تذكيرهم بوعيد الله وأليم عقابه إذا كان فيهم بوادر التوبة؟
ج- من يتهم بهذه المعاصي تجب نصحيته وتحذيره منها ومن عواقب السيئة التي من أسباب مرض القلوب وقسوتها وموتها، أما من أظهرها وجاهر بها فالواجب أن يقام عليه حدها وأن يرفع أمره إلى ولاه الأمور، ولا تجوز صحبتهم ولا مجالستهم بل يجب هجرهم لعل الله يهديهم ويمن عليهم بالتوبة إلا أن يكون الهجر يزيدهم شراً فالواجب الإنكار عليهم دائماً بالأسلوب الحسن والنصائح المستمرة حتى يهديهم الله، ولا يجوز اتخاذهم أصحاباً بل يجب أن يستمر في الإنار عليهم وتحذيرهم من أعمالهم القبيحة، ويجب على ولاة الأمور في البلاد الإسلامية أن يأخذوا عليى أيديهم وأن يقيمو عليهم الحدود الشرعية، ويجب على من يعرف أحوالهم أن يساعد الدولة في ذلك لقول الله سبحانه " وتعاونوا على البر والتقوى " وقوله - عز وجل - {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} . الآية.
وقوله سبحانه وتعالى {والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنا وعملوا الصالحات وتواصو بالحق وتواصو بالصبر} .
وقولي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان} رواه الإمام مسلم في صحيحه وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، {الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم} أخرجه مسلم أيضاً. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يوفقهم للتواصي بالحق والصبر(4/520)
عليه. وأن يجمع كلمتهم على الهدى ويصلح ولاة أمرهم إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم بيع التماثيل والصور
س - هل يصح للمسلم أن يبيع التماثيل ويجعلها بضاعة له ويعيش من ذلك؟
ج- لا يجوز للمسلم أن يبيع التماثيل أو يتجر فيها لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من تحريم تصوير ذوات الأرواح وإقامة التماثيل لها مطلقاً والإبقاء عليها، ولا شك في الأتجار فيها ترويجا لها وإعانة على تصويرها وإقامتها بالبيوت والنوادي ونحوها.
وإذا كان ذلك محرما فللكسب من إنشائها وبيعها حرام، ولا يحوز للمسلم أن يعيش منه بأكل وكسوة أو نحو ذلك، وعليه إن وقع ذلك أن يتخلص منه ويتوب إلى الله تعالى عسى أن يتوب عليه قال تعالى {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} .
وقد صدرت فتوى منا في تحريم ذوات الأرواح مطلقاً سواء المجسمة وغير مجسمة بحنت أو نسخ أو صبغ أو بآلة التصوير الحديثة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم تأجير المحلات لمن يستعملها في الحرام
س - ما حكم تأجير المحلات التجارية على من بيع الدخان والغناء وأشرطة الفيديو غير الطيبة والبنوك الربوية؟
ج- حكم إيجار هذه المحلات يعلم من قوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} وعلى هذا فتأجير المحلات للأغراض المذكورة في السؤال حرام لأنه من التعاون على الإثم والعدوان.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/521)
حكم ولد الزنا..
س - هل يدخل ولد الزنا الجنة إن أطاع الله أولا - وهل عليه إثم أو لا؟
ج- ولد الزنا لا يلحقه إثم من جراء زنا والديه وما ارتكبا من جريمة الزنا، لأن ذلك ليس من كسبه، بل إثمهما على أنفسهما، لقوله تعالى {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} وقوله {ولا تزر وارزة وزر أخرى} وشأنه في مصيره شأن غيره، فإن أطاع الله وعمل الصالحات ومات على الإسلام فله الجنة، وإن عصى الله ومات على الكفر فهو من أهل النار، وإن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً ومات مسلما فأمره إلى الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عاقبه ومآله إلى الجنة من الله ورحمة، وأما الحديث الوارد في أنه لا يدخل الجنة ولد زنا فموضوع. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
هذا جائز شرعا
س - إذا أخذت من شخص مالك قطعة أرض على أن ازرعها بدون مقابل إلا أنه أخذ مني مبلغاً كرهن في حالة تسليمي أرضه يعيد لي ذلك المبلغ دون أن يشاركني فيما أحصل منها فهل هذا جائز شرعاً؟
ج- نعم هو جائز شرعاً أن يمنحك أرضا تزرع عليها ويكون الزرع لك فهذا يكون محسن إليك بهذه المنحة، أما أخذ رهائن من أجل أن تعيدها عليه فهو أيضاً لا بأس به على القول الراجح، لأن هذا توثيق له وإن كان في الواقع ليس في ذمتك دين له لكن في يدك عين وهي هذه الأرض، وعندي أنه لا يحتاج إلى هذا الرهن يكفي بدلاً عنه أن يكتب وثيقة بينكما بأن هذه الأرض منحة لك لمدة سنة أو سنتين حسب ما يريد أن يمنحها لك أمر الرهن فلا داعي له حينئذ إنما لو فعلت لا بأس به.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/522)
لا ضرر ولا ضرار..
س - إذا كان هناك مرايع تكثير فيها الحشائش حول بلد ولكن أهل البلد تضرروا من احتشاش الناس للمراعي الذي بديارهم وبيعه مما يؤدي إلى ضرر على المواشي السائمة، وقد ثبت عند القاضي أن جميع هذه الضواحي مجدية جداً وأن السوائم هلكت من الجوع مما جعل أهلها يفدون إلى الأرض التي يكثر فيها الربيع ولا شك أن احتشاش المرعى وبيعه واختصاص من يحش ويبيع فيه ضرر وتضييق على أرباب السوائم. فما الحكم؟
ج- إذا ثبت لدى الجهة المسؤولة أن احتشاش المرعى وبيعه واختصاص من يحش ويبيع فيه ضرر وتضييق على أرباب السوائم فإنه الأمر كذلك يمنع من يحش ويبيع، ويترك الحشيش للسوائم ترعاه، وهذا من باب تقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة، وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " لا ضرر ولا ضرار ".
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
المرض يكفر الذنوب
س - هل المرض يكفر الذنوب؟
ج- لقد ثبت عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن الأمراض يمحو الله بها الخطايا قال، - صلى الله عليه وسلم -، {ما أصاب المسلم من هم ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا أذى حتى الشوكة إلا كفر الله بها الخطايا} . والمرض من أعظم المصائب فالله جل وعلا يكفر به السيئات. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/523)
الغرقد من أشجار اليهود..
س - ما هو شجر الغرقد؟
ج- هذا شجر معروف في المدينة أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن المسلمين إذا قاتلوا اليهود ولاذ اليهود منهم بشجرة فإن الشجرة تخبر به غلا الغرقد فإنه كان من أشجارهم أي من أشجار اليهود لا يخبر بمن أختبأ به منهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
أقل مدة الحمل ستة أشهر
س - لقد غبتت عن زوجتي سنة كاملة ولم تدر أين مقري وبعد مدة طويلة عدت إليها وجلست معها ثمانية أشهر وخمسة وعشرين يوما ووضعت خلال هذه الفترة التي عشتها معها ولداً فشككت في الخمسة أيام الناقصة من الشهر التاسع. أفيدوني ماذا أفعل؟
ج- ليس في ولادة المرأة في أقل من تسعة أشهر ما يوجب الريبة واقل مدة الحمل ستة أشهر كما قال الله سبحانه، {وحمله وفصاله ثلاثون شهراً} وقال عز وجل {وفصاله في عامين} فدل ذلك على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر فإذا ولدت المرأة في الشهر السابع أو ما بعده فليس في ذلك ريبة وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/524)
أعمال الطفل الذي لم يبلغ لمن تكتب
س - هل أعمال الطفل الذي لم يبلغ - من صلاة وحج وتلاوة كلها لوالديه أم تحسب له هو؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟
ج- أعمال الصبي الذي لم يبلغ - أعنى أعماله الصالحة - أجرها له هو لا لوالده ولا لغيره ولكن يؤجر والده على تعليمه إياه وتوجيهه إلى الخير وإعانته عليه لما في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفعت صبيا إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في حجة الوداع فقالت يا رسول الله الهذا حج قال نعم، ولك أجر ".
وأخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن الحج للصبي، وأن أمه مأجورة على حجها به.
وهكذا غير الوالد له أجر على ما يفعله من الخير كتعليم من لديه من الأيتام والأقارب والخدم وغيرهم من الناس لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {من دل على خير فله مثل أجر فاعله} رواه مسلم في صحيحه.. ولأن ذلك من التعاون على البر والتقوى والله سبحانه يثبت على ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/526)
حكم نوم الجنب شرعا
س - هل يجوز النوم على جُنُب؟
ج- يجوز أن ينام الإنسان وهو جنب إلا أن الأولى والأفضل ألا ينام الجنب إلا بعد أن يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة لما روى الجماعة رحمهم الله عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة.
اللجنة الدائمة
* * * *(4/527)
{من قرارات المجمع الفقهي بمكة المكرمة}
القرار الثالث
في عدم جواز استبدال رسم الأرقام العربية برسم الأرقام المستعملة في أوروبا
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً - أما بعد
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد نظر في الكتاب الوارد إلى الأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي من معالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في الأردن الاستاذ كامل الشريف، والبحث المقدم من معاليه إلى مجلس الوزراء الأردني بعنوان " الأرقام العربية من الناحية التاريخية " والمتضمن أن هناك تشيع بين بعض المثقفين، مفادها أن الأرقام العربية في رسمها الراهن (1، 2، 3، 4 الخ) هي أرقام هندية، وأن الأرقام الأوربية (1 , 2 , 3 , 4 etc) هي الأرقام العربية الأصلية، ويقودهم هذا الاستنتاج إلى خطوة أخرى هي الدعوة إلى اعتماد الأرقام في رسمها الأوروبي في البلاد العربية، داعمين هذا المطلب بأن الأرقام الأوروبية أصبحت وسيلة للتعامل الحسابي مع الدول والمؤسسات الأجنبية التي باتت تملك نفوذاً واسعاً في المجالات الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية، وأن ظهور أنواع الآلات الحسابية والكمبيوتر التي لا تستخدم إلا هذه الأرقام يجعل اعتماد رسم الأرقام الأوروبي في البلاد العربية أمراً مرغوباً فيه إن لم يكن شيئاً محتوماً لا يمكن تفاديه.
ونظرا أيضاً فيما تضمنه البحث المذكور من بيان للجذور التاريخية لرسم الأرقام العربية الأوروبية.
واطلع المجلس أيضاً على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته الحادية والعشريةن المنعقدة في مدينة الرياض ما بين 17 - 28 من شهر ربيع الآخر(4/528)
عام 1403هـ في هذا الموضوع، والمتضمن أنه لا يجوز تغيير رسم الأرقام العربية المستعلمة حالياً إلى رسم الأرقام المستعملة في العالم الغربي للأسباب التالية
أولا أنه لم يثبت ما ذكره دعاة التغيير من أن الأرقام المستعملة في الغرب هي الأرقام العربية، بل أن المعروف غير ذلك، والواقع يشهد له، كما أن مضى القرون الطويلة على استعمال الأرقام الحالية في مختلف الأحوال والمجالات يجعلها أرقاماً عربية، وقد وردت في اللغة العربية كلمات لم تكن في أصولها عربية وباستعمالها أصبحت من اللغة العربية، حتى أنه وجد شيء منها في كلمات القرآن الكريم " وهي التي توصف بأنها كلمات معربة ".
ثانيا أن الفكرة لها نتائج سيئة، وآثار ضارة، فهي خطوة من خطوات التغريب للمجتمع الإسلامي تدريجياً، يدل لذلك ما ورد في الفقرة الرابعة من التقرير المرفق بالمعاملة ونصها " صدرت وثيقة من وزراء الإعلام في الكويت تفيد بضرورة تعميم الأرقام المستخدمة في أوروبا لأسباب وجوب التركيز على دواعي الوحدة الثقافية والعلمية وحتى السياحية على الصعيد العالمي ".
ثالثا أنها " أي هذه الفكرة " ستكون ممهدة لتغيير الحروف العربية واستعمال الحروف اللاتينية بدل العربية ولو على المدى البعيد.
رابعا أنها " أيضا " مظهر من مظاهر التقليد للغرب واستحسان طرائفه.
خامسا أن جميع المصاحف والتفاسير، والمعاجم، والكتب المؤلفة كلها تستعمل الأرقام الحالية في ترقيمها في الإشارة إلى المراجع، وهي ثروة عظيمة هائلة، وفي استعمال الأرقام الافرنجية الحالية (عوضاً عنها) ما يجعل الأجيال القادمة لا تستفيد من ذلك التراث بسهولة ويسر.
سادسا ليس من الضرورى متابعة بعض البلاد العربية التي درجت على استعمال رسم الأرقام الأوروبية، فإن كثيراً من تلك البلاد قد عطلت ما هو أعظم من هذا وأهم وهو تحكيم شريعنة الله كلها مصدر العز والسيادة والسعادة في الدنيا والآخرة، فليس عملها حجة.
وفي ضوء ما تقدم يقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي ما يلي(4/529)
أولا التأكيد على مضمون القرار الصادر عن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في هذا الموضوع والمذكور آنفاً، والمتضمن عدم جواز تغيير رسم الأرقام العربية المستعملة حالياً برسم الأرقام الأوروبية المستعملة في العالم الغربية للأسباب المبينة في القرار المذكور.
ثانيا عدم جواز قبول الرأي القائل بتعميم رسم الأرقام المستخدمة في أوروبا بالحجة التي استند إليها من قال ذلك، وذلك أن الأمة لا ينبغي أن تدع ما اصطلحت عليه قرونا طويلة لمصلحة ظاهرة وتتخلى عنه تبعا لغيرها.
ثالثا تنبيه ولاه الأمور في البلاد العربية إلى خطورة هذا الأمر، والحيلولة دون الوقوع في شرك هذه الفكرة الخطيرة العواقب على التراث العربي والإسلامي.
والله ولي التوفيق وصلى الله على نبينا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
الفرق بين الصدقة والهدية
س -من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم (ف. ن. م) وفقه الله لكل خير آمين
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد كتابكم وصل وصلكم الله بهداه، وما تصمنه من الإفادة أنكم علمتم أن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، يقبل الهدية، ولا يقبل الصدقة، وسؤالكم الصدقة، وسؤالكم عن الفرق بين الصدقة وبين الهدية، والإعانات والهبات، وهل يشمل تحريم الصدقة أهل بيت الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، وهل يشمل ذلك نسل فاطمة ابنته، وما هو طريق ثبوت النسب الشريف إن كان معلوماً؟
ج- الفرق بين الهدية والصدقة، أن الهدية تحفة لا يدفع إليها إلا المحبة والتقدير، بخلاف الصدقة التي إنما يكون الدافع إليها العطف والأحسان وطلب الثواب من الله سبحانه، ولهذا أحلت الهدية له، - صلى الله عليه وسلم -، وحرمت عليه الصدقة، وهكذا أهل(4/530)
بيته تبع له في ذفلك ومنهم نسل فاطمة ابنته رضي الله عنهما، أما الإعانات والهبات فحكمها حكم الصدقة لا الهدية إن كان صاحبها أراد بها المواساة وطلب الثواب من الله سبحانه، أما أن كان أراد بها التودد إلى لمعان والموهوب، أو طلب المكافأة منه فهذه في حكم الهدية لأن المهدي إليه يشرع له مكافأة المهدي أو الدعاء له عند العجز عن المكافأة، أما صاحب الصدقة فليس قصده إلا الثواب من الله سبحانه وليس قصده المكافأة المالية أو التودد والتحبب إلى المهدي إليه، وأما طريق ثبوت النسب الشريف، فذلك يعرف من أمور كثيرة، أحدهما النص من المؤرخين الثقات أن البيت الفلاني أو آل فلان من أهل البيت ويعرف أن الشخص الذي يشته فيه من أهل ذلك البيت المنصوص عليه من المؤرخين الثقات، ومنها أن يكون بيد من يدعي أنه من أهل البيت وثيقة شرعية من بعض القضاة المعتبرين العلماء الثقات أنه من أهل البيت، ومنها الاستفاضة عند أهل البلد أن آل فلان من أهل البيت، ومنها وجود بينة عادلة لا تنقض عن اثنين تشهد بذلك، مستندة في شهادتها إلى ما يحسن الاعتماد عليه من تاريخ موثوق أو وثائق معتبرة أو نقل عن أشخاص معتبرين، وأما مجرد الدعوى التي ليس لها مبرر فلا ينبغي الاعتماد عليها لا في هذا ولا في غيره، لكن الشخص الذي يدعي ذلك وهو يعلم أنه صادق بحسب ما قام لديه من الأدلة، فإن عليه أن يمتنع من أخذ الزكالة عملاً باعتقاده، ولا يجوز لغيره من العارفين بدعواه أن يدفع إليه الزكاة معاملة له بمقتضى إقراره لكونه بمقتضى إقراره ليس من أهل الزكاة.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الصدقة على غير المسلمين
س - هل الصدقة على غير المسلمين بها أجر إذا كان في أشد الحاجة إليها؟
ج- الصدقة على غير المسلم جائزة وفيها أجر إذا كان محتاجاً لها لكن لا تحصل له الصدقة الواجبة أي الزكاة إلا أن يكون من المؤلفة قلوبهم.. ويشترط للتصديق عليه إلا يكون ممن يقاتل المسلمين أو يخرجهم من ديارهم لأن الصدقة في هذه الحالة تعني إعانته في حريه على المسلمين.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(4/531)
حكم التصرف بمال الصديق دون علمه..
س - هل يجوز لي أن أقضي حاجتي من مال أخي المسلم دون علمه إذا كانت متيقنا من أنه سيكون راضياً تمام الرضا لو كان موجودا أو علم ذلك فيما بعد؟
ج- الأولى أن تحترم مال إخواتك حتى لو وثقت من أنهم راضون بما تتصرف به في أموالهم لأن الأصل في مال المسلم الحرمة ولكن إذا دعت الحاجة إلى أن تتصرف في ماله وأنت عالم برضاه وواثق منه مثل لو نزل بك ضيف وعند صديقتك الغنم تريد أن تأخذ منها شاة لتكرم به الضيف وأنت واثق من رضى صاحبه فإن هذا لا بأس به لداعي الحاجة إليه، وأما ما عدا الحاجة فالأولى بك الكف عن مال أخيك لأنه مهما كان راضيا بذلك فإنه يجد في نفسه حرجاً مما صنعت.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
فتوى في حكم الأناشيد الإسلامية
س - إننا نعلم حرمة الأغاني المعروفة بشكلها الحالي لما فيها من كلام بذئ وساقط وغير ذلك من الطربق واللهو بالكلام الذي ليس فيه فائدة مرجوة ونحن شباب الإسلام الذين أنار الله قلوبهم بالحق لابد لنا من بديل وقد أخترنا الأناشيد الإسلامية التي فيها الحماس والعاطفة وغير ذلك من تلكل الألوان، والأناشيد عبارة عن أبيات شعرية قالها دعاة الإسلام (قواهم الله) وصيغت بشكل لحن كمثل قصيدة (أخي) لسيد قطب - رحمه الله تعالى - فما الحكم في أناشيد إسلامية بحتة فيها الكلام الحماسي والعاطفي الذي قاله دعاة الإسلام في العصر الحاضر وغير الحاضر وفيها الكلمات الصادقة التي تعبر عن الإسلام وتدعو إليه. ولما كان ضمن هذه الأناشيد صوت الطبل (الدف) فهل يجوز الاستماع إليها، وكما أعلم(4/532)
وعلمي محدود بأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، قد أباح الطبل ليلة الزفاف والطبل هو أهون الآلات الموسيقية مثله مثل الضرب على أي شيء سواه - أفيدونا وفقكم الله لما يحبه وبرضاه؟
ج- أجابت اللجنة بما يلي (صدقت في حكمك بالتحريم على الأغاني بشكلها الحالي من أجل اشتمالها على كلام بذئ ساقط واشتمالها على ما لا خير فيه بل على ما فيه لهو وإثارة للهوى والغريزة الجنسية وعى مجون وتكسر يغري سامعه البشر - وفقنا الله وإياكم لما فيه رضاه - ويجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية فيها هو الحكم والمواعظ والعبر ما يثير الحماس والغيرة على الدين ويهز العواطف الإسلامية وينفر من الشر ودواعيه لتبعث نفس من يشندها ومن يسمعها إلى طاعة الله وينفر من معصيته تعالى وتعدي حدوده إلى الاحتماء بحمى شرعه والجهاد في سبيله، لكن لا يتخذ من ذلك ورداً لنفسه يلتزمه، وعادة يستمر عليها، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة عند وجود مناسبات ودواعي تدعو إليه كالأعراس والأسفار للجهاد ونحوه، وعند فتور الهمم لإثارة النفس والنهوض بل إلى فعل الخير وعند نزوع النفس إلى الشر وجموحها لردعها وجموحها لردعها عنه وتنفيرها منه، وخير من ذلك أن يتخذ لنفسه حرباً من القرآن يتلوه، وورداً من الأذكار النبوية الثابتة فإن ذلك أزكى للنفس وأطهر وأقوى في شرح الصدر وطمأنية القلب، قال الله تعالى {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله. ذكر هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد} وقال سبحانه {الذين آمنوال وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب} وقد كان ديدن الصحابة وشأنهم رضي الله عنهم العناية بالكتاب والسنة حفظاً ودراسة وعملاً ومع ذلك كانت لهم أناشيد وحداء يترنمون به في مثل حفر الخندق وبناء المساجد وفي سيرهم إلى الجهاد ونحو ذلك من المناسبات دون أن يجعلوه شعارهم ويعيروه جل همهم وعنايتهم لكنه مما يروحون به عن أنفسهم ويهيجون به مشاعرهم، أما الطبل ونحوه من آلات الطرب فلا يجوز استعماله مع هذه الأناشيد لأن النبي،(4/533)
- صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا والله الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على نبنيا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
المعاصي خطرها عظيم
س - رزقني الله ثلاث بنات وحمدته كثيراً على ذلك ثم دعوته أن يرزقني ولداً ذكراً وتعبيراً عن الامتنان قلت وأنا أدعوه سبحانه وتعالى لو حقق الله لي هذا الأمل فسوف أحرص على صلاة الفجر يوميا بالمسجد، مع العلم بأني أودي جميع الصلوات في مواعيدها " الفروض والسنة " إلا صلاة الفجر أؤديها صباحا عند الاستيقاظ وفي المنزل لا في المسجد.
وقد استجاب الله دعائي ورزقني الولد الذكر فحمدته أكثر إلا أنني لم أوظب تماماً على صلاة الفجر أصليها صباحاً قبل توجهي لعلمي الذي يبدأ من الساعة السابعة صباحاً.
رجاء إفادتي هل ارتكتب إثما لأنني لم أف بالعهد الذي قطعته وأنا أدعوه سبحانه وتعالى أن يرزقني ولدا.. وما الذي يجب علي فعله؟ وهل عدم الوفاء قد يسبب للطفل المرض أو أية أشياء أخرى غير محببة.. أفيدوني أفادكم الله؟
ج- أداء الصلاة المفروضة في الجماعة مع المسلمين من أهم الواجبات، والتخلف عنها وصلاتها في البيت معصية لله سبحانه ومن التشبه بالمنافقين الذين قال الله فيهم سبحانه " إن المنافقين يخادعون الله وهم خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى " الآية. وقال فيهم سبحانه أيضاً {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً} وقال فيهم النبي، - صلى الله عليه وسلم -، {أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيها لأتوهما ولو حبوا} متفق عليه، وصلاة الفجر في الجماعة من أكد الصلوات الخمس ومن أهمها فالواجب عليك المحافظة عليها في الجماعة مع بقية الصلوات الخمس.
ولا يجوز لك تأخيرها عن وقتها ولا أداؤهال في البيت ويخشى عليك إن فعلت ذلك من(4/534)
غضب الله وعقابه في نفسك وأهلك وولدك ومالك لأن المعاصي خطرها عظيم وعواقبها وخيمة، والتخلف عن الصلاة في الجماعة من أقبح المعاصي ومن التخلق بصفات أهل النفاق كما تقدم، وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال "من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر " ولما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن العذر قال خوف أو مرض، وفي صحيح مسلم عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه سأله رجل أعمى فقال {يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي فقال له، - صلى الله عليه وسلم -، " هل تسمع النداء بالصلاة قال نعم قال فأجب} وفي لفظ آخر قال له عليه الصلاة والسلام " لا أجد لك رخصة " وقد عاهدت الله - عز وجل - على المحافظة على الصلاة الفجر في المسجد إن أعطاك الولد الذ1كر وقد حقق الله رغبتك فاتق الله وبادر إلى أداء حقه واشكره على فضله تحصل لك الزيادة من الخير كما قال عز وجل {وإذ تأذن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم} وقال سبحانه {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} وقال عز وجل {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور} وفقنا الله وإياك وسائر المسلمين لشكره والقيام بحقه. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
تحديد وقت الثلث الأخير من الليل بالساعات
س - أريد أن أعرف ثلث الليل الأخير أي وقت بالساعات؟
ج- لا يمكن تقدير ذلك بساعة محددة معينة ولكن يمكن لكل إنسان معرفته بحيث يقسم الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر ثلاثة أقسام فإذا مضى القسمان الأولان وهما ثلثا الليل فإن القسم الثالث هو الثلث الأخير وقد ثبت في الصحيحين، من حديث أبي هريرة {أن الله - عز وجل - ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له} فينبغي للإنسان المؤمن(4/535)
أن يغتنم ولو حزءاً يسيراً من هذا الوقت لعله يدرك هذا الفضل العظيم، لعله يدرك نفحة من نفحات المولى جل وعلا فيسجيب الله له ما دعا به.
نسأل الله التوفيق للجميع.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم مخالفة أنظمة المرور
س - ما حكم الإسلام في الشخص الذي يخالف أنظمة المرور كأن يتجاوز الإشارة مثلا وهي مضيئة اللون الأحمر؟
ج- لا يجوز لأي مسلم أو غير مسلم أن يخالف أنظمة الدولة في شأن المرور لما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى غيره، والدولة وفقها الله إنما وضعت ذلك حرصا منها على مصلحة الجميع ودفع الضرر عن المسلمين.
فلا يجوز لأي أحد أن يخالف ذلك، وللمسؤولين عقوبة من فعل ذلك بما يردعه، وأمثاله، لأن الله سبحانه يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وأكثر الخلق لا يردعهم وازع القرآن والسنة، وإنما يردعهم وازع السلطان بأنواع العقوبات وما ذاك إلا لقلة الإيمان بالله واليوم الآخر، أو عدم ذلك بالنسبة إلى أكثر الخلق كما قال سبحانه {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
علامات الساعة وأشراطها وكيفية الوقاية والحذر منها
س - أرجو التكرم ببيان علامات الساعة وأشراطها وكيفية الوقاية والحذر منها وماذا يعلم من صادفه مثل هذه الفتن جزاكم الله خيراً الجزاء؟
ج- أشراط الساعة كثيرة، منها من أجاب به النبي، - صلى الله عليه وسلم -، جبريل عليه السلام من قوله له {إذا ولدت الأمة ربتها، وإذا تطاول رعاة الإبل البهم في البنيان} ومنها خروج المسيح الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام من السماء وطلوع الشمس من(4/536)
مغربها وخروج دابة الأرض ومنها استفاضة المال حتى يعطى الرجل الكثير من المال فيظل ساخطا ومنها كثرة الفتن حتى لا يبقى بين من بيوت العرب إلا دخلته. وعليك بقراءة كتاب النهاية لابن كثير - رحمه الله - ففيه شرح الكثير منها وفيه عظات وعبر وبيان ما يقي الإنسان به نفسه من الفتن.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم ظنه السوء بمسلم ظاهرة العدالة؟
س - هل الظن السيء حرام كله؟ أرجو بهذا الافادة جزاكم الله خيراً؟
ج- قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن أن بعض الظن إثم} وليس كل الظن إثما، فالظن المبني على قرائن تكاد تكون كاليقين لا بأس به، وأما الظن الذي بمجرد الوهم فإن ذلك لا يجوز، فلو فرضنا أن رجلا رأى مع رجل آخر امرأة، والرجل هذا ظاهره العدالة، فإنه لا يحل له أن يتهمه بأن هذا المرأة أجنبية منه، لأن هذا من الظن الذي يأثم به الإنسان.
أما إذا كان لهذا الظن سبب شرعي فإنه لا بأس به ولا حرج على الإنسان أن يظنه..
والعلماء قالوا {يحرم ظن السوء بمسلم ظاهرة العدالة} والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم التهمة بمجرد الظن
س - إذا قيل على رجل بأنه يشرب الخمر أو ما شابه ذلك والقائل عنه يعرف بأنه لم يتعاط هذا الشيء المحرم بل يريد أن تشوه سمعته في المجتمع فقط.. ما الحكم في هذا؟
ج- هنا نقول أن الجواب يتوجه على القائل وعلى المقول له.. أما القائل فإنه لا يحل لأحد أن يتكلم في أخيه لمجرد يتوجه على القائل وعلى المقول له.. أما القائل فإنه لا يحل لأحد أن يتكلم في أخيه لمجرد التهمة ويلطخ عرضه ويسيء سمعته قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا} . سورة الحجرات، الآية 12.
وكون الإنسان يرمي غيره بالعيوب والذنوب والفسوق لمجرد تهمة طرأت على خاطره(4/537)
أو قرينة ضعيفة لا تستلزم هذا الظن هو أمر محرم عليه وداخل فيما نهى الله عنه في قوله {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن} الآية وليعلم الإنسان أنه لا يلفظ كلمة واحدة إلا كانت مكتوبة لقوله تعالى {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} .. هذا بالنسبة للنقل عن الغير، أما بالنسبة للمنقول إليه فإنه لا يجوز له قبول خبر من يتهمه لحقد أو عداوة.. لقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} ، سورة الحجرات، الآية 6. فإذا حدثك أحد عن شخص بسوء فتثبت إذا كان غير عدل عندك فإن من الناس من يكون سريعاً بنقل الشيء بلا ترو ولا تثبت، ومن الناس من يكون فاسقاً يحب أن يرمي العداوة بين المسلمين والبغضاء.. ومن الناس من يكون عدواً لشخص معين يحب أن يسقطه وينتهك عرضه حتى يبتعد الناس عنه فهذا ما أحب أن أوجهه تعليقاً على هذا السؤال.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الفرق بين خمر الدنيا وخمر الآخرة
س - كلنا نعلم تحريم الخمر في الدنيا وأنه يسكر وأنه يخامر العقل ولهذا فهو رجس من عمل الشيطان. وأنه أم الخبائث كما قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والسؤال يا سماحة الشيخ لماذا الخمر في الدنيا حرام وفي الآخرة حلال؟
ج- خمر الأخرة طيب ليس فيه إسكار ولا مضرة ولا أذى. أما خمر الدنيا فقيه المضرة والإسكار والأذى. أي أن خمر الآخرة ليس فيه غول ولا ينزف صاحبه وليس فيه ما يغتال العقول ولا ما يضر الأبدان. أما خمر الدنيا فيضر العقول والأبدان جميعاً، فكل الأضرار التي في خمر الدنيا منتفية عن خمر الآخرة.
الشيخ ابن باز
* * * *(4/538)