من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) ... وقال عز وجل (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) . وقال تعالى ... (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) . والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فوصيتي لكم جميعاً ولنفسي تقوى الله في جميع الأحوال والصدق في متابعة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.. في أقواله وأفعاله لتفوزوا بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة.
حجاج بيت الله الحرام ... إن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الثامن من ذي الحجة توجه من مكة المكرمة إلى منى ملبياً، وأمر أصحابه رضي الله عنهم أن يهلوا بالحج من منازلهم ويتوجهوا إلى منى ولم يأمر بطواف الوداع، فدل ذلك على أن السنة لمن أراد الحج من أهل مكة وغيرهم من المقيمين فيها ومن المحلين من عمرتهم وغيرهم من الحجاج أن يتوجهوا إلى منى في اليوم الثامن ملبين بالحج، وليس عليهم أن يذهبوا إلى المسجد الحرام للطواف بالكعبة طواف الوداع.
ويستحب للمسلم عند إحرامه بالحج أن يفعل ما يفعله في الميقات عند الإحرام من الغسل والطيب والتنظف، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بذلك لما أرادت الإحرام بالحج وكانت قد أحرمت بالعمرة فأصابها الحيض عند دخول مكة، وتعذر عليها الطواف قبل خروجها إلى منى، فأمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتهل بالحج، ففعلت ذلك، فصارت قارنة بين الحج والعمرة..
وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم في منى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً دون جمع، وهذا هو السنة تأسياً به صلى الله عليه وسلم، ويسن للحجاج في هذه الرحلة أن يشتغلوا بالتلبية وبذكر الله عز وجل وقراءة القرآن وغير ذلك من وجوه الخير كالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى الفقراء.
فلما طلعت الشمس يوم عرفة توجه صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إلى عرفات منهم من يلبي ومنهم من يكبر، فلما وصل عرفات، نزل بقبة من شعر ضربت له هناك، واستظل بها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على جواز أن يستظل الحجاج بالخيام والشجر ونحوها.
لما زالت الشمس ركب دابته عليه الصلاة والسلام وخطب الناس وذكرهم وعلمهم مناسك حجهم، وحذرهم من الربا وأعمال الجاهلية، وأخبرهم أن دماءهم وأموالهم وأعراضهم عليهم حرام، وأمرهم بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وأخبرهم أنهم لن يضلوا ماداموا معتصمين بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.(2/174)
فالواجب على جميع المسلمين وغيرهم أن يلتزموا بهذه الوصية، وأن يستقيموا عليها أينما كانوا، ويجب على حكام المسلمين جميعاً أن يعتصموا بكتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وأن يحكموهما في جميع شؤونهم، وأن يلزموا شعوبهم بالتحاكم إليها، وذلك هو طريق العزة والكرامة والسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة. وفق الله الجميع لذلك، ثم إنه صلى الله عليه وسلم صلَّى بالناس الظهر والعصر قصراً وجمعاً جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين، ثم توجه إلى الموقف واستقبل القبلة وقف على دابته يذكر الله ويدعوه ويرفع يديه بالدعاء حتى غابت الشمس، وكان مفطراً ذلك اليوم فعلم بذلكأن المشروع للحاجاج أن يفعلوا كفعله صلى الله عليه وسلم في عرفات، وأن يشتغلوا بذكر الله والدعاء والتلبية إلى غروب الشمس، وأن يرفعوا أيديهم بالدعاء، وأن يكونوا مفطرين لا صائمين، وقد صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((ما من يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفه وإنه سبحانه ليدنوا فيباهي بهم ملائكته)) . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أن الله يقول يوم عرفة لملائكته ((انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً يرجون رحمتي أشهدكم أني قد غفرت لهم)) وصح عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف)) .
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الغروب توجه ملبياً إلى مزدلفة وصلى بها المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين، بآذان واحد وإقامتين، ثم بات بها وصلى بها الفجر مع سنتها بأذان وإقامة، ثم أتى المشعر فذكر الله عنده وكبره وهلله ودعا ورفع يديه وقال ((وقفت هاهنا وجمع كلها موقف)) . فدل ذلك على أن جميع مزدلفة موقف للحاجاج، يبيت كل حاج في مكانه، ويذكر الله ويستغفره في مكانه ولا حاجة إلى أن يتوجه إلى موقف النبي، صلى الله عليه وسلم، وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة للضعفة أن ينصرفوا إلى منى بليل فدل ذلك على أنه لا حرج على الضفعة من النساء والمرضى والشيوخ ومن تبعهم في التوجه من مزدلفة إلى منى في النصف الأخير من الليل عملاً بالرخصة، وحذراً من مشقة الزحمة، ويجز لهم أن يرموا الجمرة ليلاً كما ثبت عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها. وذكرت أساء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم، أذن للنساء بذلك، ثم إنه صلى الله عليه وسلم، بعدما أسفر جداً دفع إلى منى ملبياً فقصد جمرة العقبة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم نحر هديه، ثم حلق رأسه، ثم طيبته عائشة رضيالله عنها، ثم توجه إلى البيت فطاف به.. وسئل النبي صلى الله عليه وسلم في يوم النحر عمن ذبح قبل أن يرمي، ومن حلق قبل أن يذبح، ومن أفاض إلى البيت قبل أن يرمي فقال.. لا حرج.
قال الراوي فما سئل يومئذ عن شئ قدم ولا أخر إلا قال.. ((أفعل ولا حرج)) وسأله رجل فقال يا رسول الله سعيت قلل أن أطوف فقال.. ((لا حرج)) فعلم بهذا أن السنة للحجاج أن يبدءوا برمي الجمرة يوم العيد ثم ينحروا إذا كان عليهم هدي ثم يحلقوا أو يقصروا.(2/175)
والحلق أفضل من التقصير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات للمحلقين، ومرة واحجة للمقصرين.. وبذلك يحصل للحاج التحلل الأول فيلبس المخيط ويتطيب ويباح له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء ثم يذهب إلى البيت فيطوف به في يوم العيد أو بعده.. ويسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً وبذل يحل له كل شيء حرم عليه بالإحرام حتى النساء. أما إن كان الحاج مفرداً أو قارناً فإنه يكفيه السعي الأول الذي أتى به مع طواف القدوم. فإن لم يسع مع طواف القدوم وجب عليه أن يسعى مع طواف الإفاضة. ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى منى فأقام بها بقية يوم العيد واليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، يرمي الجمرات كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال يرمي كل جمرة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويدعو ويرفع يديه بعد الفراغ من الجمرة الأولى والثانية ويجعل الأولى عن يساره حين الدعاء، والثانية عن يمينه ولا يقف عن الثالثة.. ثم دفع صلى الله عليه وسلم في اليوم الثالث عشر بعد رمي الجمرات فنزل بالأبطح وصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
ثم نزل إلى مكة في آخر الليل وصلى الفجر بالناس عليه الصلاة والسلام وطاف للوداع ثم توجه بعد الصلاة إلى المدينة في صبيحة اليوم الرابع عشر عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
فعلم من ذلك أن السنة للحاج أن يفعل كفعله صلى الله عليه وسلم، في أيام منى فيرمي الجمار الثلاث بعد الزوال في كل يوم، كل واحدة بسبع حصيات، ويكبر مع كل حصاة، ويشرع له أن يقف بعد رمية الجمرة الأولى ويستقبل القبلة ويدعو، يرفع يديه، ويجعلها عن يساره، ويقف بعد رمي الثانية كذلك ويجعلها عن يمينه وهذا مستحب وليس بواجب، ولا يقف بعد رمي الثالثة.. فإن لم يتيسر له الرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس رمى في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل في أصح قولي العلماء رحمة من الله سبحانه بعباده وتوسعة عليهم، ومن شاء أن يتعجل في اليوم الثاني عشر بعد رمي الجمار فلا بأس، ومن أحب أن يتأخر حتى يرمي الجمار في اليوم الثالث عشر فهو أفضل لكونه موافقاً لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.. والسنة للحاج أن يبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر، وهذا المبيت واجب عن كثير من أهل العلم ويكفي أكثر الليل إذا تيسر ذلك ومن كان له عذر شرعي كالسعاة والراعة ونحوهم فلا مبيت عليه.. أما ليلة الثالث عشر فلا يجب على الحجاج أن يبيتوها بمنى إذا تعجلوا ونفروا من منى قبل الغروب.. أما من أدركه المبيت بمنى فإنه يبيت ليلة الثالث عشر ويرمي الجمار بعد الزوال يوم الثالث عشر، ثم ينفر وليس على أحد رمي بعد الثالث عشر ولو أقام بمنى.
ومتى أراد الحاج السفر إلى بلاده وجب عليه أن يطوف بالبيت للوادع سبعة اشواط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا ينفر أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) . إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما(2/176)
لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
ومن أخر طواف الإفاضة فطاف عند السفر أجزأه عن الوداع لعموم الحديثين المذكورين وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه وأن يتقبل منا ومنكم ويجعلنا وإياكم من العتقاء من النار إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كما وجه سماحته نصيحةأخرى إلى الحجاج هذا نصها
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين وفقهم الله لما فيه رضاه آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فقد أوجب الله عز وجل التعاون على البر والتقوى والنصحية لكل مسلم وقد أبلغني بعض الإخوان أنه يوجد من بعض الحجاج الموجودين في منى من يؤذي جيرانه بالتدخين والأغاني. ولا ريب أن إيذاء المسلمين من المحرامات المعلومة من الدين كما قال الله سبحانه (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا) .
وإذا كان الإيذاء التدخين أو بفتح الراديوا أو المسجلات على الأغاني، كان الأذى أكبر والإثم أعظم، لأن الغناء محرم، وهكذا التدخين من المحرمات المضرة بالدين والدنيا والصحة. وقد قال الله عز وجل (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله) الآية قال أكثر العلماء المراد بلهو الحديث الغناء وآلات اللهو.
وقال الله عز وجل (يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات) وقال في وصف نبيه، صلى الله عليه وسلم (ويحرم عليهم الخبائث) . فبين المولى سبحانه أنه لم يحل لعباده إلا الطيبات، وأن نبيه صلى الله عليه وسلم إنما أحل لأمته الطيبات، وهي الأشياء النافعة بلا مضرة، والدخان من الأشياء الضارة الخبيثة. وقد أجمع العارفون
به من الأطباء وغيرهم على أنه مضر بالصحة خبيث العاقبة خبيث الرائحة.
وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه وأعاذ الجميع من نزغات الشيطان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
***(2/177)
الحج واجب على الفور
س متى فرض الحج وما الدليل على وجوبه فوراً أو على التراخي؟.
ج فرض الحج على الصحيح سنة تسع من الهجرة، وهي سنة الوفود التي نزلت فيها سورة آل عمران وفيها قول الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) ، وهذه الآية دليل وجوبه على الفور فإن الأمر يقتضي المبادرة وقد روى أحمد وأهل السن عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال ((تعجلوا الحج ـ يعني الفريضة ـ فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له)) ، وفي رواية ((من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة)) . وذهب الشافعي إلى أنه على التراخي لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أخره إلى سنة عشر، لكن يجاب بأنه لم يؤخره سوى سنة واحدة وأراد أن يطهر البيت من المشركين وحج العراة والبدع، فلما طهر، حج في السنة التي بعدها، وعلى هذا فتجب المبادرة إلى الحج مخافة الموت، فيعد الإنسان مفرطاً بالتأخير وقد ورد في الحديث ((من ملك زاداً وراحلة فلم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً)) .
الشيخ ابن جبرين
***
شروط وجوب الحج
س ما شروط وجوب الحج؟.
ج شروط وجوبه خمسة وهي الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة فلا يصح من الكافر ولا يقبل حجة لفقد شرطه بل شرط جميع العبادات وهو الإسلام، ولا يلزم المجنون ولا يجزئه حجه، أما الصبي الذي دون البلوغ فيصح حجه ويثاب وليه فله أجر على ذلك، ولا يكفيه هذا الحج عن الفريضة فيلزمه بعد البلوغ أن يحج حجة الإسلام، أما المملوك فلا يلزمه الحج لأنه مشغول بخدمة سيده وإن حج الفريضة لكنها تعنعقد ويثاب عليها، فأما الاستطاعة فإن الله إنما أوجب الحج على من استطاع إليه سبيلاً، وفسرت الاستطاعة بأنها ملك الزاد والراحلة الصالحين لمثله بعد قضاء حوائجه الأصلية وحوائج أهله حتى يرجع من حجه، فهذه الشروط عامة، وهناك شرط سادس زاده بعضهم وهو أمن الطريق ولعله داخل في الاستطاعة، وشرط آخر خاص بالنساء وهو وجود محرم المرأة
الشيخ ابن جبرين
***(2/178)
ما يشرع لمن أراد الحج والعمرة
س ما الذي يشرع لمن أراد الحج والعمرة؟.
ج من عزم على سفر طويل لحج أو غيره فيشرع له قضاء ديونه الحالة أو استئذان أهلها أن عرف منهم الحرص وشدة الطلب، ثم يكتب وصاياه وما في ذمته وماله، أو عليه، ثم يصلي صلاة الاستخارة ويطلب من ربه أن يختار له الأصلح، ويمضي لما ينشرح له صدره، ويختار الرفقة الصالحين من أهل العلم والدين، ويستصحب معه من الكتب العلمية ما يستفيد منه في أعمال الحج أو غيرها ويفيد إخوته، ويكثر من النفقة والنقود والزاد حتى يغني نفسه أو إخوته عن الحاجة، ويودع أهله وأصحابه عند السفر ويقول كل منهم استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، ويحرص على أن يكون عمله خالصاً لا يريد بحجه وعمرته إلا وجه الله ولا يضره من مدحه ولا من ذمه، ثم يحرص على أن تكون نفقته من الكسب الحلال الطيب، ويحرص في سفره ذهاباً وإياباً على الإتيان بنوافل العبادات وواجبات الدين ويفيد إخوته ويستفيد من أهل العلم، ويحرص على تكميل واجبات الحج والعمرة وعلى ما يستطيعه من السنن والأعمال الصالحة رجاء مضاعفة الأعمال والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
ما يجب على المسلم في الحج
س ماذا يجب على المسلم أثناء تأدية فريضة الحج وهل يجوز له الانشغال بأمور أخرى خارجة عن نطاق العبادة؟.
ج يجب عليه العناية بما أوجب الله عليه من المحافضة على الصلوات بوقتها بجماعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله سبحانه بالحكمة والموعظة الحسنة والحذر مما حرم الله عليه لقول الله عز وجل (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) . الآية وقول النبي صلى الله عليه وسلم ((من حج فلم يرفث ولم فيسق رجع كيوم ولدته أمه) . والرفث الجماع في الإحرام ودواعيه من القول والفعل، والفسوق جميع المعاصي، ولأن الواجب على المسلم في كل زمان وما كان أن يتقي الله وأن يحافظ على ما أوجب الله عليه وأن يحذر ما حرم الله عليه. فإذا كان في بلد الله الحرام وفي أ'مال مناسك الحج كان الواجب عليه أعظم وأشد وكان إثمه في تعاطي ما حرم الله عليه أكبر وأغلظ، ويجوز له البيع والشراء وغير ذلك مما أباح الله له من الأقوال والأعمال لقول الله سبحانه (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) . قال ابن عباس رضي الله(2/179)
عنهما وغيره في تفسير الآية يعني في مواسم الحج. وهذا من فضل الله ورحمته، وتخفيفه على عباده وإحسانه إليهم فإن الحاج قد يحتاج إلى ذلك والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
معنى الرفث والفسوق والجدال في الحج
س يقول تعال (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) . الآية.
سماحة الشيخ ما المقصود بالرفث والفسوق والجدال الممنوع.. وهل من جادل أو بالغ بالعبث أثناء الحج يبطل حجه؟..
ج فسر أهل العلم رحمهم الله الرفث بالجماع وما يدعو إلى ذلك، والفسوق بالمعاصي، أما الجدال ففسروه بالنزاع والمخاصمة في غير فائدة، أو فيما أوضحه الله وبينه لعباده فلا وجه للجدال فيه ويدخل في الجدال المنهي عنه جميع المنازعات التي تؤذي الحجيج وتضرهم أو تخل بالأمن أو يراد منها الدعوة إلى الباطل أو التثبيط عن الحق، أما الجدال بالتي هي أحسن لإيضاح الق وإبطال الباطل فهو مشروع وليس داخلاً في الجدال المنهي عنه.
وجميع الأشياء الثلاثة لا تبطل الحج إلا الجماع فقط إذا وقع قبل التحلل الأول ولكنها تنقص الحج والأجر كما أنها تنقص الإيمان وتضعفه.
فالواجب على الحاج والمعتمر تجنب ذلك طاعة لله سبحانه ورغبة في إكمال حجه وعمرته.
الشيخ ابن باز
***
من ترك الرفث وجميع المعاصي في حجه غفرت ذنوبه
س ورد في الحديث ((من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)) . هل يعتبر الحج بالنظر إلى هذا الحديث مكفر لجميع الذنوب والآثام التي يرتكبها الشخص قبل الحج؟.
ج هذا الحديث من أصح الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه بشارة للمؤمن إذا أدى الحج على الصفة المذكورة فإن الله يغفر له ذنوبه جميعها لأنه إذا ترك الرفث والفسوق فقد تاب توبة نصوحاً والتائب موعود بالمغفرة، والرفث الجماع حال الإحرام وما يدعو إليه من قول أو فعل، والفسوق جميع المعاصي، فمن ترك الرفث وجميع المعاصي في حجه غفرت له ذنوبه، ومن الفسوق الإصرار على المعصية، فمن أصر على معصيته لم يكن تاركاً للفسوق، فلا يتم له هذا الوعد، وهذا(2/180)
الحديث مثل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الحديث الآخر ((والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) . والمبرور هو الذي استكمل أداء الواجبات وترك المعاصي وعدم الإصرار على شيء منها، فالواجب على المؤمن حاجاً أو غير حاج أن يحذر المعاصي كلها وأن يبادر بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى منها وتركها والعزم الصادق على إلا يعود إليها تعظيماً لله سبحانه ورغبتة فيما عنده.
ومن تمام التوبة إذا كانت من حق المخلوق أن يعطيه حقه أن يتحلله منه قال الله عز وجل (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) . وقال سبحانه (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار..) . الآية فمن تاب توبة نصوحاً أفلح وكفر الله سيئاته وأدخله الجنة، نسأل الله عز وجل أن يوفق المسلمين من الحجاج وغيرهم للتوبة النصوح والاستقامة على الحق أنه سميع قريب
الشيخ ابن باز
***
المزاحمة في الحج
س يتعمد الناس المزاحمة عند أداء بعض مشاعر الحج فهل حج هؤلاء صحيح أم باطل؟..
ج لا يبطل حجهم بالمزاحمة ولكنهم يأثمون إذا تعمدوها بغير موجب، لما فيها من الظلم والإيذاء للحجاج وتنفيرهم من الحج.
أما إذا ألجيء الإنسان من غير قصد بل بسبب زحام غيره له فلا حرج عليه إن شاء الله لقول الله عز وجل (فاتقوا الله ما استطعتم) . وقوله عز وجل (لا يكلف الله نفساً إ وسعها) . والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
الإشتراط سنة لمن خاف
س إذا خاف المحرم ألا يتمكن من أداء نسكه بسبب مرض أو خوف فماذا يفعل؟.
ج إذا أحرم يقول عند إحرامه (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) فإذا كان يخاف شيئاً من الموانع كالمرض فالسنة الاشتراط لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بذلك لما اشتكت إليه أنها مريضة.
الشيخ ابن باز
***(2/181)
(حج الصبي)
الإحرام بالصبي
س إذا كان الصغير يعجز عن الطواف بنفسه فهل يصح حمله والطواف به وهل على الصغير كفارة إذا أخل بشيء من شروط الحج؟.
ج حيث صح الإحرام بالصبي فإن الولي هو المسئول عنه، فيلبسه الثياب ويعقد عليه إحرامه وينوي عنه النسك ويلبي عنه ويمسك بيده في الطواف والسعي، فإن كان عاجزاً كصغير أو رضيع فلا بأس بحمله، ويكتفي بطواف واحد عن الحامل والمحمول على الصحيح، فإن فعل الصبي محظوراً عن جهل كلبس أوتغطية رأس فلا فدية لعدم القصد فإن كان عمداً كحاجة إلى اللباس لبرد ونحوه فدى عنه وليه.
الشيخ ابن جرين
… ***
إذا بلغ الصبي في الحج
س حججت مع أهلي وأنا صغير وفي اليوم الثامن من ذي الحجة احتلمت فاغتسلت ولبست إحرامي وأتممت حجي. ثم بعد سبع سنوات سألت عن حجتي هذه هل تجزيء أم لا؟ فسمعت أنها لا تجزيء وأنا أريد أن أحج عن والدتي التي توفيت ولم تحج إلا حجة واحدة. فهل يجزئها حجي عنها أم لا بد أن أحد أولاً عن نفسي ثم عنها؟.
ج متى بلغ الصبي في الحج بعرفة أو قبلها، وفي العمرة قبل طوافها أجزأه ذلك عن الفريضة فحيث أن السائل احتلم في اليوم الثامن وهو محرم ووقف بعرفة بعد ذلك فإن حجه يجزئه عن الفرض لحصوله بعرفة بعد البلوغ، فيعتد بتلك الحجة عن نفسه وله أن يحج عن والدته أو غيرها ويجزئه ذلك ولعله بعد إن شاء الله أن يكرر الحج عن نفسه وأبويه ومن أراد.
الشيخ ابن جبرين
***
(حج المرأة)
التي ليس لها محرم لا يجب عليها الحج
س امرأة من سبأ مشهورة بالصلاح وهي في أوسط عمرها أو أقرب إلى الشيخوخة وأردات حجة الإسلام ولكن ليس لها محرم ويوجد من أعيان البلد من يريد الحج مشهور بالصلاح ومعة نسوه(2/182)
من محارمه، فهل يصح لهذه المرأة أن تحج مع هذا الخيّر ونسوته تكون مع النسوة، والرجل مراقب عليها أم يسقط عنها الحج، لعدم وجود محرمها مع أنها مستطيعة من ناحية المال، أفتونا بارك الله فيكم، لأننا اختلفنا مع بعض الإخوان. . .؟.
ج المرأة التي لامحرم لها لا يجب عليها الحج، لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج، قال الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) . ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها، لما روى البخاري أنه، صلى الله عليه وسلم، قال ((لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم)) ولما رواه البخاري ومسلم أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال ((لا يخلو رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) . فقام رجل فقال يا رسول الله أن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال ((فانطلق فحج مع امرأتك)) ، وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي وهو الصحيح لا تفاقه مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا
زوج ومحرم وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه. قال ابن المنذر تركوا القول بظاهر الحديث، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللجنة الدائمة
***
حكم سفر المرأة للحج وحدها بدون محرم
س امرأة تقول والدتي في المغرب وأنا أعمل في السعودية وأنا أريد أن أرسل لها حتى تحضر لتقوم بأداء فريضة الحج وليس معها محرم لأن والدي متوفي وإخواني ليس عندهم القدرة على الذهاب لأداء فريضة الحج؟.
ج لا يجوز لها أن تأتي للحج وحدها لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)) ، قاله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يخطب الناس فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((انطلق فحج مع امرأتك)) .
والمرأة إذا لم يكن معها محرم فإن الحج لا يجب عليها إما أن الفريضة سقطت عنها لعدم القدرة على الوصول إلى مكة وعدم القدرة عجز شرعي، وإما أنه لا يجب عليها أداء، بمعنى أنا لو ماتت حج عنها من تركتها.
على كل حال إني أقول للسائلة لا يلحق المرأة إثم إذا ماتت ولم تحج بسبب عدم وجود المحرم(2/183)
ولا يضرها ذلك لأنها معذورة غير مستطيعة شرعاً، وقد قال الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) . [آل عمران 97] .
الشيخ ابن عثيمين
***
امرأة تريد الحج وزوجها يمنعها
س أنا امرأة كبيرة وغنية وعرضت الحج على زوجي أكثر من مرة فرفض أن أحج دونما سبب وعندي أخ كبير يريد الحج فهل أحج معه وإن لم يأذن لي زوجي أم أترك الحج وأمكث في بلدي طاعة لزوجي أفتونا جزاكم الله خيراً؟.
ج حيث أن الحج واجب على الفور بتمام شروطه وحيث وجد في هذه المرأة التكليف والقدرة والمحرم فإنَّه يجب عليها المبادرة إلى الحج ويحرم على زوجها منعها بدون سبب.
ويجوز لها والحال ما ذكر أن تحج مع أخيها ولو لم يوافق زوجها، لتعين الفرض كتعين الصلاة والصيام فحق الله أولى بالتقديم ولا أحقية لهذا الزوج الذي يمنع زوجته من أداء فريضة الحج بلا مبرر. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم حج الزوجة بدون إذن زوجها
س هل يصح حج الزوجة دون إذن زوجها وهل إذا أذن الزوج بحج زوجته، له أن يرجع في ذلك الإذن؟ وهل له أن يمنعها من الحج؟.
ج لا يجوز للرجل أن يمنع زوجته من حج الفريضة إذا تمت شروطه وتيسر لها فعله فإن الحج يجب على الفور ولا يجوز تأخيره مع القدرة ويستحب أن تستأذنه في ذلك، فإن أذن لها وإلا خرجت بغير إذنه، فإن أذن لها لم يجزله أن يرجع عن إذنه، فأما حج النفل فله منعها من ذلك ولا يجوز لها الحج تطوعاً إلا بإذنه لعدم تعينه والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم من حج بامرأة مع نسائه بدون محرم
س حججت بنسائي وانضمت إليهم عجوز لا محرم لها أنفقت عليها حتى أدت مناسك الحج ورجعت إلى بلدها مع نسائي هل يلحقني إثم في ذلك؟.(2/184)
ج حيث أن هذه المرأة طاعنة في السن وأن هذا السائل يذكر أن معه نساء صارت هذه العجوز منهن، وأنها انضمت إليهم لعدم من يؤويها، ولجهلها بمناسك الحج فهو محسن في عمله هذا، وما على المحسنين من سبيل وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
حكم استعمال المرأة لحبوب منع الحيض أيام الحج
س ما حكم استعمال المرأة لحبوب منع العادة الشهرية في أيام الحج؟.
ج لا حرج في ذلك لأن فيها فائدة ومصلحة حتى تطوف مع الناس وحتى لا تعطل رفقتها.
الشيخ ابن باز
***
(حج تارك الصلاة)
حكم حج من لا يصلي وهل يجزئه عن حجة الإسلام
س ما حكم من حج وهو تارك للصلاة سواء كان عامداً أو متهاوناً، وهل تجزئه عن حجة الإسلام؟.
ج من حج وهو تارك للصلاة فإن كان عن جحدٍ لوجوبها كفر إجماعاً ولا يصح حجة، أما إن كان تركها تساهلاً وتهاوناً فهذا فيه خلاف بين أهل العلم منهم من يرى صحة حجه، ومنهم من لا يرى صحة حجه والصواب أنه لا يصح حجة أيضاً لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) . وقوله صلَّى الله عليه وسلّ ((بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) . وهذا يعم من جحد وجوبها، ويعم من تركها تهاوناً، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم من حج وهو يصلي ثم ترك الصلاة بعد ذلك
س يا فضيلة الشيخ لظروف قاسية وبدون رغبة مني سافرت إلى بلد أجنبي في منتصف رمضان وقد كنت صائمة في النصف الأول منه في بلدي وعندما سافرت تركت الصيام معاً لمدة خمسة عشر يوماً وهي فترة بقائي في ذلك البلد وكنت أقول بأن هؤلاء قوم بهم نجاسة ولا يجوز استعمال حاجياتهم وكذلك لم أكن أعلم اتجاه القبلة ولم آكل أو أشرب من شرابهم وسؤالي هل(2/185)
تركي للصلاة والصوم يؤثر على فريضة الحج التي قد أديتها منذ بضع سنوات وهل هناك حكم أو دية ليغفر الله لي ذنوبي أفيدوني بارك الله فيكم؟.
ج تركك الصلاة هذه المدة والصيام لا يؤثر على فريضة الحج التي أديتها من قبل لأن الذي يبطل العمل الصالح السابق هو الردة إذا مات الإنسان عليها لقول الله تعالى (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) . أما المعاصي فإنها لا تبطل الأعمال الصالحة السابقة. ولكن ربما تحيط بها من جهات أخرى إذا كانت هذه المعاصي كثيرة ووزن بينها وبين الحسنات ورجحت كفة السيئات فإن الإنسان يعذب عليها، وبناء على ذلك فإن الواجب عليك قضاؤها على القول الراجح، وأما الصوم فتركك إياه جائز لأنك مسافرة والمسافر لا يلزمه أداء الصوم لقوله تعالى (ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر) . وأنما عليه قضاؤه وقولك في تعليل تركك الصلاة إنك لا تعرفين القبلة ولا تأكلين من طعامهم ولا شرابهم فقولك هذا ليس بصواب أي أن امتناعك عن أداء الصلاة لهذا السبب ليس بصواب فإن الواجب عليك أن تصلي بقدر المستطاع، وأن تأتي بما يجب عليك في صلاتك فيما استطعت منه لقول الله تعالى ((لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) . وقوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) . وقول النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، فالإنسان إذا كان في مكان ولا يعرف القبلة ولم يكن عنده من يخبره بها خبراً يوثق به فإنه يصلي بعد أن يتحرى إلى الجهة التي غلب على ظنه أنها القبلة ولا يلزمه الإعادة بعد ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
***
من مات وهو لا يصلي لا يحج عنه
س لي قريب توفى في شهر رمضان وكان قبل وفاته يتهاون في أداء الصلاة وفي إخراج الزكاة، ولم يحج في عمره قط هل يجوز الحج عنه وكذلك دفع الزكاة؟.
ج إذا كان يصلي تارة ويدع الصلاة تارة فإنه لا يحج عنه ولا تخرج الزكاة عنه ولا يرثه أقاربه المسلمون بل تكون تركته لبيت مال المسلمين لأن ترك الصلاة كفر أكبر لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) . خرّجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ولقوله، صلى الله عليه وسلم ((بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)) . خرّجه مسلم في صحيحه ولأدلة أخرى من الكتاب والسنة تدل على ما ذكرنا.(2/186)
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يوفقهم للمحافظة على الصلوات والاستقامة عليها والحذر من أسباب تركها إنه جواد كريم.
الشيخ ابن باز
***
(الاستطاعة في الحج)
معنى الاستطاعة للحج
س ما هي الاستطاعة بالنسبة للحج؟ وهل ثوابه أكبر عند توجهه إلى مكة المكرمة أم بعد عودته منها، أجره عند الله أكبر إذا عاد منها إلى وطنه؟ أم إلى هنا حيث عمله أولاً؟.
ج الاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن، وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة ذلك حسب حاله، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً، على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها في سفرها للحج أو العمرة.
وأما ثواب حجه فعلى قدر إخلاصه لله وما قام به من نسك وما تجنب من منافيات الكمال لحجه وما بذله من مال وتحمله من جهد، سواء رجع أو أقام أو مات قبل تمام حجه أو بعده، والله أعلم بحاله، وهو الذي يتولى جزاءه، وعلى المكلف أن يعمل ويُحكِم عمله، ويراعي فيه موافقته للشريعة الإسلامية ظاهراً وباطناً كأنه يرى ربه فإنه وإن لم يره فالله يراه ومطلع عليه ولا يبحث عما إلى الله، فإنه سبحانه رحيم بعباده، يضاعف لهم الحسنات ويعفو عن السيئات ولا يظلم ربك أحداً، فعليك بنفسك ودع مالله لله الحَكَم العدل الرؤوف الرحيم. والله الموفق.
اللجنة الدائمة
***
هذه هي الاستطاعة
س ما الاستطاعة في الحج وما شروطها؟.
ج فسرت الاستطاعة في الحديث بأن يجد زاداً وراحلة ولعلها أعم من ذلك فمن قدر على الوصول إلى مكة بأي وسيلة لزمه الحج والعمرة فإن قدر على المشي وحمل متاعه أو وجد من يحمله لزمه ذلك وإن وجد أجره أركاب في وسائل النقل الحديثة كالبواخر والسيارات والطائرات لزمه الحج، فإن وجد الزاد والراحلة ولكن لم يجد من يحفظ متاعه وأهله أو لم يجد ما ينفق على أهله مدة غيبته لم يلزمه الحج للمشقة وكذا إن كان الطريق مخوفاً أو يخشى من قطاع الطرق أو فرض الضرائب المالية المجحفة أو الوقت لا يتسع لوصوله إلى مكة أو لا يقدر على الركوب في وسائل النقل(2/187)
لمرض أو ضرر سقط عنه الحج ويلزمه أن ينيب من يحج عنه إن كان له قدرة مالية وإلا فلا حج عليه والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
هل يجوز للولد أن يحج فرضه من مال أبيه
س عندي ولد عمره حوالي عشرين سنة وعندي سيارة ولكني لا أعرف أسوق السيارة وهو الذي يسوق وأردت الحج في سيارتي وعلى أساس أن الولد يقضي فرضه والولد طالب بالمدرسة فسمع حجه وأنا بخير من فضل الله أفيدوني أثابكم الله؟.
ج إذا حج الولد فرضه من مال أبيه فحجه صحيح والأفضل له أن يبادر بالحج مع والده ويساعده في قيادة السيارة لأن هذا من البر بأبيه.
اللجنة الدائمة
***
عاهدت الله أن أحج كل عام والآن لا أستطيع
س إنني قد عاهدت الله أن أحج كل عام وكنت قبل ذلك ليس موظفاً ولكن أجبرتني الظروف وتوظفت عسكرياً ولم يسمح لي مرجعي أن أحج كل عام أرجو الإفادة هل عليَّ إثم أم لا؟.
ج إذا كان المانع الذي يمنعك عن الحج في بعض السنوات من الأمور القهرية التي لا تستطيع التغلب عليها فليس عليك إثم لقوله تعالى (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) .
وقوله (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) .
وبالله التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
حاجة العمل تبيح تأجيل الحج
س منذ ثلاثة أعوام وأنا أقدم التماساً لعملي لكي أؤدي فريضة الحج لكن الطلب يرفض نظراً لحاجة العمل إليَّ فهل عليَّ شيء في ذلك؟ وهل على شيء إذا حججت بدون علمهم أو موافقتهم؟(2/188)
ج نعم مادمت متقيداً بغيرك فإنه ليس لك حج إلا بعد موافقة ذلك الغير وإذا كانت الحاجة تتطلب أن تبقى فلا مانع حتى تزول الحاجة إما بالتناوب وإما بأسلوب آخر.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم حج العامل والشرطي دون إذن مرجعهما
س هل يجوز للشرطي أن يحج بدون إذن مرجعه؟.
ج ليس للعامل والشرطي الحج إلا بإذن مرجعهما مطلقاً، ولا يجوز لهما الحج بدون إذن مرجعهما، لأن أو قاتهما مستحقة لمرجعها، سواء أكان الحج فرضاً أم نفلاً، ولأن أعمال الحج قد تعوق العامل والشرطي عن بعض ما يلزمهما آداؤه في وقته.
الشيخ ابن باز
***
حكم حج الجندي بوالدته دون إذن مرجعه؟ .
س شخص يقول أنا جندي بالشرطة وأريد الحج بوالدتي ولم يرخص لي مرجعي فهل علي إثم إذا حججت بوالدتي بدون إذن من مرجعي؟.
ج أنت أجير في عملك تستلم مرتباً مقابل ما تؤديه من عمل وتركك العمل بدون إذن من مرجعك لتحج بوالدتك تصرَف في غير محله لأن ذمتك مشغولة بالعمل الوظيفي فلا تشغل هذه الذمة بما يتعارض مع ما هي مشغولة به سابقاً إلا بما له حق السبق على ذلك كما لو كنت أنت ما حججت فرضك فلا مانع أن تحج بدون إذن، لأن تعلق الحج في ذمتك سابق لشغل ذمتك بالعمل الحكومي وبهذا يعلم أنه لا يجوز لك أن تحج بأمك إلا بإذن، وأن الأحواط هو الاستئذان إذا كنت لم تحج فرضك ومن جهة أمك من الممكن أن يحج بها أحد من محارمها غيرك وتقوم أنت بدفع النفقة إذا أردت ذلك.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
(الدين والحج)
حكم من أراد الحج وعليه دين..
س هل يجوز لمن عليه دين أن يؤدي فريضة الحج إن لم يكن قد أداها من قبل أو أداها ولكنه يريد أن يتطوع؟.(2/189)
ج إذا كان على الإنسان دين يستغرق ما عنده من المال فإنه لا يجب عليه الحج لأن الله تعالى إنما أوجب الحج على المستطيع قال الله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) . ومن عليه دين يستغرق ما عنده مستطيعاً للحج، وعلى هذا فيوفي الدين ثم إذا تيسر له بعد ذلك فليحج، وأما إذا كان الدين أقل مما عنده بحيث يتوفر لديه ما يحج به من بعد أداء الدسن فإنه يقضي دينه ثم يحج جينئذ سواء كان فرضاً او تطوعاً لكن الفريضة يجب عليه أن يبادر بها وغير الفريضة عو بالخياؤ إن شاء تطوع ووإن شاءء فلا إثم عليه
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم الحج قبل قضاء الدين
س حضرت إلى المملكة بعقد عمل لمدة سنتين وعلي دين من أصدقاء لي ولم نحدد له ميعاداً معيناً على أن أقوم بسداده متى ما تيسر ذلك. وأنوي أن أحد هذا العام مع والدي وأمي، وأعرف مما درست سابقاً بأن قضاء الدين قبل الحد فهل يجوز لي الحج؟ وأقوم بعد رجوعي إلى وطني بسداد ((ديني)) .. أفيدوني.
ج يجوز أن تحج قبل قضاء الدين ويصح حجك حيث أن الدين غير محدد الوقت للقضاء بيمعاد معين. بل تقوم بقضائه متى تيسر ذلك، وحيث أن أهله ليسوا في هذه البلاد، وحيث أنهم أصدقاء لك، تعرف أنهم لو علموا بحجك لم يمنعوك وإنما يلزم الوفاء إذا تشدد أهل الدين في الطلب فقالوا أعطنا ما سوف تنفقه على الحج، فأما لو سمحوا واستطعت أن تقنعهم ووعدتهم بالوفاء بعد الرجوع فلا مانع من الحج إن شاء الله تعالى.
الشيخ ابن جبرين
***
حج وفي ذمته مال مسروق
س أخذت مبلغاً من المال من عمة والدي دون علمها وماتت قبل أن أرد المبلغ وقد حججت العام الماضي وهذا المبلغ في ذمتي سؤال هل حجي صحيح؟ وماذا أفعل بهذا المبلغ لأبرئ ذمتي علماً أنه لا يوجد لها من يرثها إلا والدي وإخوانه. أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً.؟.
ج الحج صحيح إن شاء الله إذا كنت أديت ما أوجب الله فيه وتركت ما يفسده، وعليك التوبة إلى الله سبحانه من أخذ المال من عمتك بغير حق، وعليك أيضاً تسليمه إلى أبيك إذا كان هو الوارث لها.
نسأل الله أن يعفو عنا وعنك وعن كل مسلم.
الشيخ ابن باز
***(2/190)
يريد الحج وعليه دين
س أنا رجل أريد أن أقضي فريضة الحج لهذا العام ولكنني استدنت مبلغاً من المال من البنك وأسدد المبلغ على أقساط شهرية ولا تنتهي مدة التسديد إلا بعد ستة أشهر من الآن
فهل يجب علي الحج وأداء الفريضة علماً بأنني اقترضت المبلغ قبل أن أفكر بأداء الفريضة ولغرض آخر؟.
ج إذا كنت تستطيع مرنة الحج وقضاء الدين في وقته وجب عليك الحج لعموم قوله سبحانه (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) . الآية. فإن كنت لا تستطيع مؤنة الحج مع قضاء الدين لم يجب عليك الحج للآية الكريمة وما جاء في معناها من الأحاديث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
الشيخ ابن باز
***
حكم الحج بالاقتراض
س أريد أن أحج إلى بيت الله الحرام، وليس معي ما يكفيني لذلك، وقد وافقت الجهة التي أعمل بها إقراضي تكاليف الحج، على أن يتم الخصم من مرتبي بعد ذلك فهل هذا مقبول؟.
ج مقبول أن تفعل هذا، إذا حججت بالمال الذي اقترضته فإنه مقبول ولكن الأفضل والأولى ألا تفعل، لأن الله إنما أو جب الحج على من استطاع إليه، سبيلاً وأنت الآن لا تستطيع السبيل إليه ولا ينبغي لك أن تقترض فأنت لا تدري ربما تقترض ويبقى الدين في ذمتك ثم لا تستطيع وفاءه فيما بعد إما أن تمرض، أو لا يتحقق العمل في الجهة التي أنت فيها، أو تموت، فلا ينبغي لك أن تقترض، ومتى أغناك الله عز وجل وحصلت مالاً تحج به فافعل وإلا فلا تفعل.
الشيخ ابن باز
***
(الحج عن الغير)
الحج عن الغير بأجرة
س من أخذ أجرة على حجة (مبلغ ثلاثة آلاف ريال من دون الهدي) وقام الذي أخذ الأجرة بأداء الحج على الوجه المطلوب هل له أجر حجة وهل للمتوفى فيه حجة وللذي دفع الأجرة حجة أم يكون الذي قام بالحج محروماً من ذلك حيث صار البعض يفتي بشيء لا نعرفه يقولون الذي(2/191)
حج ليس له أجر حجة وإنما اخذ الأجرة مقام حجته ونحن نبغي أن نعرف الصحيح من الاشتباه؟.
ج إذا كان أخذ الأجرة في الحج من أجل رغبته في الدنيا فهو على خطر عظيم من ذلك ويخشى ألا يقبل حجه لأنه آثر بذلك الدنيا على الآخرة، أما إن كان أخذ الأجرة رغبة فيما عند الله سبحانه ولينفع أخاه المسلم بأداء الحجة عنه، وليشارك المسلمين في مشاعر الحج، وفيما يحصل له من أجر الطواف والصلوات في المسجد الحرام وحضور حلقات العلم فهو على خير عظيم ويرجى له أن يحصل له من الأجر مثل أجر من حج عنه.
اللجنة الدائمة
***
حكم استنابة القادر
س تلقت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال التالي رجل صحيح الجسم ويريد أن يحجج عن نفسه فهل الحجة صحيحة؟.
ج لا تجوز استنابة القادر على الحج في حج واجب عليه بإجماع العلماء. قال ابن قدامة في المغني رحمه الله ((لا يجوز أن يستنيب في الحج من يقدر على الحج بنفسه إجماعاً)) . كما لا تجوز استنابته في حج نافلة على القول الصحيح لأن الحج عبادة والأصل في العبادات التوقيف، ولم يرد في الشرع فيما نعلم ما يدل على ذلك، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) . وفي لفظ ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) .
***
كما سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله
هل يجوز لمن أدى فريضة الحج أن ينيب من يحج عنه نفلاً مع قدرته على
الحج؟؟ .
فأجاب في هذه المسألة خلاف بين أهل العلم، والأظهر عدم الجواز لأن الرخصة إنما جاءت في الحج عن الميت وعن الشيخ الكبير العاجز عن الحج وفي حكمه المريض الذي لا يرجى برؤه والأصل عدم النيابة في العبادات فوجب البقاء عليه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
وحول هذا الموضوع سئل سماحة الشيخ محمد بن عثيمين حفظه الله
امرأة أرادت أن توكل إنساناً ليحج عنها لعلمه وثقتها فيه بأن يؤدي المناسك كاملة. ولقلة معرفتها بمناسك الحج، وأنها تخاف على نفسها من ظرف العادة وغيرها
ولكي تقوم بتربية أبنائها ومراعاتهم في البيت فهل يجوز شرعاً.؟..(2/192)
فأجاب توكيل الإنسان لمن يحج عنه لا يخلو من حالين
الحال الأولى أن يكون ذلك في فريضة.
الحال الثانية أن يكون ذلك في نافلة.
فإن كان ذلك في فريضة فإنه لا يجوز أن يوكل غيره ليحج عنه ويعتمر إلا إذا كان في حال لا يتمكن بنفسه من الوصول إلى البيت لمرض مستمر لا يرجى برؤه، أو لكبر ونحو ذلك. فإن كان يرجى برء هذا المرض فإنه ينتظر حتى يعافيه الله ويؤدي الحج بنفسه، وإن لم يكن لديه مانع من الحج بل كان قادراً على أن يحج بنفسه، فإنه لا يحل له أن يوكل غيره في أداء النسك عنه أنه هو المطالب به شخصياً قال الله تعالى ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً)) . فالعبادات يقصد بها أن يقوم الإنسان بنفسه فيها ليتم له التعبد والتذلل لله سبحانه وتعالى ومن المعلوم أن من وكل غيره فإنه لا يحصل على هذا المعنى العظيم الذي من أجله شرعت العبادات.
احال الثانية أن يكون في نافلة أي قد أدى الفريضة، وأراد أن يوكل عنه من يحج أو يعتمر، فإن في ذلك خلافاً بين أهل العلم، فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، والأقرب عندي المنع، وأنه لا يجوز لأحد أن يوكل أحداً يحج عنه أو يعتمر إذا كان ذلك نافلة، لأن الأصل في العبادات أن يقوم بها الإنسان بنفسه وكما أنه لا يوكل الإنسان أحداً يصوم عنه مع أنه لو مات وعليه صيام فرض صام عنه وليه، كذلك في الحج، والحج عبادة يقوم فيها الإنسان ببدنه، وليست مالية تقصد بها الغير وإذا كانت عبادة بدنية يقوم بها الإنسان ببدنه فإنها لا تصح من غيره عنه إلا فيما وردت به السنة، ولم ترد السنة في حج الإنسان عن غيره حج نفل وهذه إحدى الروايتين عن أحمد أعني أن الإنسان لا يصح أن يوكل غيره في نفل حج أو عمره سواء كان قادراً أو غير قادر. ونحن إذا قلنا بهذا القول صار في ذلك حيث على للأغنياء القادرين على الحد بأنفسهم لأن بعض الناس تمضي عليه السنوات الكثيرة ما ذهب إلى مكة اعتماداً على أنه يوكل من يحج عنه كل عام، فيفوته الحج على أساس أنه يوكل من يحج عنه. والله أعلم
الشيخ ابن عثيمين
***
حجوا عن والديكم.. ولكم الأجر
س توفي والدانا ولم يؤديا فريضة الحج ولم يوصيا بها هل نحج عنهما وكيف يكون ذلك؟.
ج إن كانا موسرين في حياتهما ويستطيعان الحج من أموالهما وجب عليكم أن تحجوا عنهما من ماليهما، وإن حججتم عنهما من غير ماليهما تبرعا منكم فلكم الأجر في ذلك.. أما إذا كانا(2/193)
معسرين فليس عليكم حج عنهما، أو كان أحدهما معسراً، فليس عليكم حج عن المعسر لكن إذا تبرعتم وحججتم فلكم أجر عظيم وهو من البر.
الشيخ ابن باز
***
حج عن والدته فنسي أن يلبي عنها عند الإحرام
س ما حكم من حج عن والدته وعند الميقات لبى بالحج ولم يلب عن والدته؟..
ج مادام قصده الحج عن والدته ولكن نسي فإن الحج يكون لوالدته، والنية أقوى لقوله، صلى الله صلى عليه، ((إنما الأعمال بالنّيات)) . فإذا كان القصد من مجيئه هو الحج عن أمه أو عن أبيه ثم نسي عند الإحرام فإن الحج يكون للذي نواه وقصده من أب أو أم أو غيرهما.
الشيخ ابن باز
***
النيابة في الحج
س رجل تصدق على كل من والده ووالدته بحجة فأعطى حجة أبيه لامرأة على أساس أنها تدفعها لزوجها ليحج بها وأعطى حجة أمه لهذه المرأة ويسأل عن حكم ذلك؟..
ج أما صدقتك على كل من والدك ووالدتك بحجة فهذا من باب البر والإحسان والله يجزل لك الأجر على هذا البر.
وأما تسليمك النقود التي تريد أن يُحَجَّ بها عن والدك لامرأة تدفعها لزوجها ليحج بها فهذا توكيل منك لهذه المرأة على وما صفت والتوكيل في هذا جائز والنيابة في الحج جائزة إذا كان النائب قد حج عن نفسه، وكذلك الحال فيما تدفعه للمرأة لتحج به عن أمك فإن نيابة المرأة في الحج عن المرأة وعن الرحل جائزة لورود الأدلة الثابتة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في ذلك لكن ينبغي لمن يريد أن ينيب في الحج أن يتحرى فيمن يستنيبه أن يكون من أهل الدين والأمانة حتى يطمئن إلى قيامه بالواجب وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
من مات ولم يحج ولم يوص بالحج
س ((إذا مات رجل لم يوص أحداً بالحج عنه، فهل تسقط عنه الفريضة إذا حج عنه ابنه؟)) . .
ج إذا حج عنه ابنه المسلم الذي قد حج عن نفسه سقطت عنه الفريضة بذلك وهكذا(2/194)
لو حج عنه غير ابنه من المسلمين الذين قد حجوا عن أنفسهم لما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة قالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع الحج ولا الظعن أفأحج عنه قال ((نعم حجي عنه)) وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ما ذكرنا.
الشيخ ابن باز
***
من مات ولم يحج يحج عنه من ماله
س رجل مات ولم يقض فريضة الحج وأوصى أن يحج من ماله ويسأل عنه صحة الحجة وهل حج الغير مثل حجه لنفسه؟.
ج إذا مات المسلم ولم يقض فريضة الحج وهو مستكمل لشروط وجوبها وجب أن يحج عنه من ماله الذي خلفه سواء أوصى بذلك أو لم يوص وإذا حج عنه غيره ممن يصح منه الحج وكان قد أدى فريضة الحج عن نفسه صح حجه عنه وأجزأ في سقوط الفرض عنه وأما تقويم حج المرء عن غيره هل هو كحجه عن نفسه أو أقل فضلاً أو أكثر فذلك راجع إلى الله سبحانه ولا شك أن الواجب عليه المبادرة بالحج إذا استطاع قبل أن يموت للأدلة الشرعية الدالة على ذلك ويخشى عليه من إثم التأجير.
اللجنة الدائمة
***
مات بعد البلوغ ولم يحج
س توفي ((ابني)) وعنده من العمر ((16)) سنة ولم يسبق له أن ((حج)) فهل يلزمني أن أحج عنه؟!.
ج إذا بلغ الغلام أو البنت الحلم أو تم له خمس عشرة سنة وجب عليه الحج إن كان مستطيعاً ولا يجزئه حجة قبل البلوغ فإن مات بعد البلوغ والاستطاعة حج عنه من ماله أو حج عنه وليه.
الشيخ ابن جبرين
***
والدتي لا تستطيع الحج أفأحج عنها
س رجل له والدة طاعنة في السن تبلغ من العمر حوالي سبعين سنة تقريباً ومن طبيعتها لا تستطيع السفر على السيارات ولو كانت المسافة قريبة حيث تتأثر بمرض يفقدها وعيها إذا(2/195)
ركبت السيارة ولم تؤد فريضة الحج. فهل يجوز لي أن أحج عنها بشيء من مالي علماً بأني ابنها الوحيد؟.
ج إذا كان الأمر كما ذكر، جاز لك أن تحج عن أمك أو تحج عنها بشيء من مالك بل يتأكد عليك ذلك براً بها وإحساناً إليها لأنها لا تستطيع الحج، والنيابة في الحج في هذه الحال جائزة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
هل أحج عن والدتي أم أستأجر
س توفيت والدتي وأنا صغير السن وقد أجَّرت على حجتها شخصاً موثوقاً به وأيضاً والدي توفي وأنا لا أعرف منهما أحداً وقد سمعت من بعض أقاربي أنه حج.
هل يجوز أن أؤجر على حجة والدتي أم يلزمني أن أحج عنها أنا بنفسي وأيضاً والدي هل أقوم بحجة له وأنا سمعت أنه قد حج؟ أرجو إفادتي وشكراً.
ج إن حججت عنهما بنفسك واجتهدت في إكمال حجك على الوجه الشرعي فهو الأفضل، وإن استأجرت من يحج عنهما من أهل الدين والأمانة فلا بأس.
والأفضل أن تؤدي عنهما حجاً وعمرة، وهكذا من تستنيبه في ذلك يشرع لك أن تأمره أن يحج عنهما ويعتمر وهذا من برك لهما وإحسانك إليهما تقبل الله منا ومنك.
الشيخ ابن باز
***
الحج عن الوالدين المتوفين
س هل أحج عن والديّ اللذين ماتا ولم يؤديا فريضة الحج لفقرهما وأريد الحج عنهما فما الحكم في ذلك؟.
ج يجوز لك أن تحج عن والديك بنفسك أو تنيب من يحج عنهما إذا كنت حججت عن نفسك أو كان الشخص الذي يحج عنهما قد حج عن نفسه لما روى أبو داود في سننه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة قال ((من شبرمة؟)) قال أخ لي أو قريب لي قال ((حججت عن نفسك؟)) قال لا، قال ((حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة)) ، وأخرجه ابن ماجه، قال البيهقي هذا إسناد صحيح ليس في الباب أصح منه.
اللجنة الدائمة
***(2/196)
يريد أن يحج عن أشخاص ولا يعرف أسماء بعضهم
س يوجد لدي حوالي أربعة أشخاص متوفين ما بين أعمام وأجداد ما بين رجال ونساء ولم أعرف أسماء البعض منهم وأريد أن أرسل لكل واحد منهم من يحج لهم على حسابي الخاص؟.
ج إذا كان الأمر كما ذكر، فمن عرفت اسمه من النساء والرجال فلا أشكال فيه ومن لم تعرف اسمه فلا يجوز لك أن تنوي عن الرجال والنساء من الأعمام والأخوال على حسب ترتيب أعمارهم وأوصافهم وتكفي النية في ذلك وإن لم تعرف الإسم وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
تغير النية في الحج
س رجل نوى الحج لنفسه وقد حج من قبل ثم بداله أن يغير النية لقريب له وهو في عرفة فما حكم ذلك وهل يجوز ذلك أم لا؟.
ج الإنسان إذا أحرم بالحج عن نفسه فليس له بعد ذلك أن يغير، لا في الطريق ولا في عرفة ولا غير ذلك بل يلزمه تكميله لنفسه ولا يغير لا لأبيه ولا لأمه ولا لغيرهما بل يتعين الحج له لقول الله سبحانه وتعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) .
فإذا أحرم لنفسه وجب أن يتمه لنفسه وإن أحرم به لغيره وجب أن يتمه لغيره ولا يغيره بعد الإحرام.
اللجنة الدائمة
***
من توكل في الحج عن غيره فعجز له أن يوكل غيره..
س قبل أربع سنوات تسلم أحد الأشخاص من أحد المطوفين بدلاً عن حاج في الخارج إلا أنه لم يقم بأداء فريضة الحج عن هذا الشخص نظراً لحاجته للمال ولتهاونه، والآن هذا الشخص يريد أن يؤدي فريضة الحج لأنها في ذمته إلا أنه لا يستطيع بسبب مرضه ولكنه مستعد أن يدفع ويُبريء ذمته. علماً بأن المطوف الذي وكله بأداء الحج غير موجود ولا يعلم مكانه.
ج إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فإنه يجزيء المذكور أن يدفع المال إلى شخص يطمئن إلى دينه وأمانته ليحج به عمن دفعه إليه لقول الله سبحانه (فاتقوا الله ما ستطعتم) .
وفق الله الجميع لما يرضيه والسلام.
الشيخ ابن باز
***(2/197)
النسك لا يقع عن اثنين..
س نذهب ولله الحمد كل سنة إلى مكة المكرمة للعمرة في رمضان المبارك وفي كل مرة أنوي العمرة لأبي ومرة أخرى أنويها لأمي ولكنني في آخر مرة نويتها لهما معاً وعندما سألت عن أمر هذه العمرة قيل لي إنها تحسب لك ليس لهما. هل هذا صحيح؟.
ج نعم هذا صحيح عند أهل العلم رحمهم الله، يقولون إن النسك لا يقع عن اثنين، النسك لا يقع إلا عن واحد، إما للإنسان أو لأبيه أو لأمه ولا يمكن أن يلبي عن شخصين اثنين فإن فعل لم يصح لهما وصار النسك له.
ولكني أقول ينبغي للإنسان أن يجعل العمل الصالح لنفسه من عمرة وحج وصدقة وصلاة وقراءة قرآن وغير ذلك لأن الإنسان محتاج إلى هذه الأعمال الصالحة، سيأتيه يوم يتمنى أن يكون في صحيفته حسنة واحدة، ولم يرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى أن يصرفوا الأعمال الصالحة إلى آبائهم وأمهاتهم لا أحيائهم ولا أمواتهم وإنما أرشد النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى الدعاء للأموات حيث قال، صلى الله عليه وسلم ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)) ، فتأمل قوله أو ولد صالح يدعو له، لم يقل أو ولد صالح يقرأ له القرآن أو يصلي له ركعتين أو يعتمر عنه أو يحج عنه أو يصوم عنه بل قال أو ولد صالح يدعو له مع أن السياق في العمل الصالح فدل هذا على أن الأفضل للإنسان أن يدعو لوالديه دون أن يعمل لهما عملاً صالحاً يجعله لهما.
ومع ذلك فإنه لا بأس أن يعمل عملاً صالحاً يجعله لوالديه أو أحدهما إلا أن الحج والعمرة لا يلبي بهما عن اثنين.
الشيخ ابن عثيمين
***
(المواقيت)
المواقيت الزمانية والمكانية
س ما المواقيت الزمنية والمكانية بالنسبة للحج والعمرة؟.
ج المواقيت الزمنية للحج هي شهر شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة فلا يحرم بالحج إلا فيهن قال تعالى (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق(2/198)
ولا جدال في الحج) ، فمن أحرم فيهن بالحج صح إحرامه لكن يبقى محرماً حتى يقف بعرفة في يوم عرفة أما العمرة فلا تختص بزمن بل تصح في كل السنة، والأفضل العمرة في رمضان فهي تعدل حجة، فأما المواقيت المكانية فأولها، ذو الحليفة لأهل المدينة وتبعد عنها نحو ستة أميال وعن مكة عشر مراحل على الإبل وسميها العامة أبيار علي، والثاني الجحفة وتبعد عن مكة ثلاث مراحل وقد خربت ويحرم الناس من رابغ قبلها بقليل وهي ميقات لأهل الشام ومصر والمغرب إذا لم يمروا بالمدينة، الثالث، قرن المنازل يبعد عن مكة مرحلتان ويعرف الآن بالسيل الكبير وأعلاه غرباً يعرف بوادي محرم وهو ميقات لأهل نجد والطائف ومن مر بذلك، والرابع يلملم وهي عن مكة مرحلتان أو أكثر وهي تعرف الآن بالسعدية ويحرم منها أهل اليمن ومن مر بها، ومن لم يكن في طريقه ميقات أحرم إذا حاذى أقربها إليه سواء كان طريقه براً أو بحراً أو جواً، ويحرم راكب الطائرة إذا
حاذى الميقات أو يحتاط قبله حتى لا يجاوزه قبل إحرامه فمن أحرم بعد ما جاوز الميقات فعليه دم جبران والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
وجوب الإحرام من الميقات
س في شهر رجب عام 1405هـ نويت العمرة وقد تجاوزت الميقات المسمى يلملم ميقات أهل اليمن دون إحرام وعندما قابلني أحد الإخوان أرشدني، جزاه الله خيراً، بأنه لا بد لي من العودة إلى الميقات لأحرم من هناك، وقال لا يجوز لك دخول مكة بثيابك العادية، فرجعت من مسافة تقدر بثلاثين كيلو، وأحرمت من الميقات، فأرجوا إفادتي هل لو دخلت مكة بدون إحرام عليَّ دم؟
وهل يجوز أن أحرم من المكان الذي قابلني فيه الأخ الذي أرشدني إلى العودة أو لا بد من العودة إلى الميقات؟.
ج الواجب على من قصد مكة للحج أو العمرة الإحرام من الميقات الذي يمر عليه ولا يجوز له تجاوزه بدون إحرام، لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، لما وقت المواقيت ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة يهلون من مكة)) . فإذا جاء اليمنى عن طريق ((يلملم)) وجب عليه الإحرام من يلملم، وهكذا إذا جاء من طريق المدينة وجب عليه الإحرام من ميقات المدينة وهكذا لو جاء من نجد وجب عليه الإحرام من ميقات نجد وهكذا، فلو جاوزه ولم يحرم وجب عليه الرجوع ليحرم منه. والذي أرشدك للرجوع إلى يلملم قد أحسن، وقد أصبت في رجوعك إلى الميقات والحمد لله، ولو أنك أحرمت من مكانك الذي أرشدك فيه للرجوع لوجب عليك دم لأنك جاوزت الميقات وأنت قد(2/199)
أردت العمرة. والدم هو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم جذع من الضأن أو ثنى من الماعز يذبح في مكة ويوزع بين فقراء الحرم جبراً للعمرة والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
ميقات المكي للعمرة؟
س أين ميقات المكي للعمرة؟.
ج ميقات العمرة لمن بمكة الحل، لأن عائشة رضي الله عنها لما ألحت على النبي، صلى الله عليه وسلم، أن تعتمر عمرة مفردة بعد أن حجت معه قارنة أمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه بالعمرة وهو أقرب ما يكون من الحل إلى مكة، وكان ذلك ليلاً، ولو كان الإحرام بالعمرة من مكة أو من أي مكان من الحرم جائزاً لما شق النبي، صلى الله عليه وسلم، على نفسه وعلى عائشة وأخيها. بأمره أخاها أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه بالعمرة. وقد كان ذلك ليلاً وهم على سفر ويحوجه ذلك إلى انتظارها. ولأذن لها أن تحرم من منزلها معه ببطحاء مكة عملاً بسماحة الشريعة ويسرها، ولأنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً أبعد الناس منه وحيث لم يأذن لها في الإحرام بالعمرة من بطحاة مكة دل ذلك على أن الحرم ليس ميقاتاً للإحرام بالعمرة وكان هذا مخصصاً لحديث ((وقت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم وقال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة يهلون من مكة)) .
اللجنة الدائمة
***
حكم من قصد مكة لغير حج ولا عمرة
س ما حكم الشرع فيمن خرج من الرياض إلى مكة ولم يقصد لا حجاً ولا عمرة ثم بعد وصوله مكة أراد الحج فأحرم من جدة قارناً فهل يجزئه الإحرام من جدة أم عليه دم ولا بد من ذهابه إلى أحد المواقيت المعلومة أفتونا مأجورين؟.
ج من خرج من الرياض أو غيرها قاصداً مكة ولم يرد حجاً ولا عمرة وإنما أراد عملاً آخر كالتجارة أو زيارة بعض الأقارب أو نحو ذلك ثم بدا له بعدما وصل مكة أن يحج فإنه يحرم من مكانه الذي هو فيه. إن كان في جدة أحرم من جدة وأن كان في مكة أحرم من مكة. وهكذا أي مكان يعزم على الحج أو العمرة وهو فيه يحرم منه للحج والعمرة إذا كان دون المواقيت ولا حرج عليه(2/200)
لأن ميقاته هو الذي نوى فيه الحج لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، لما وقت ((ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة يهلون من مكة)) .
اللجنة الدائمة
***
حكم مجاوزة الميقات بغير إحرام
س ما حكم من جاوز الميقات دون أن يحرم سواء كان لحج أو عمرة أو لغرض آخر؟.
ج من جاوز الميقات لحج أو عمرة ولم يحرم وجب عليه الرجوع والإحرام بالحج والعمرة من الميقات، لأن رسول الله، صلى عليه وسلم، أمر بذلك قال عليه الصلاة والسلام ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن ويهل أهل اليمن من يلملم)) .
هكذا جاء في الحديث الصحيح وقال ابن عباس ((وقت النبي، صلى الله عليه وسلم، لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الحجفة. ولأهل نجد قرناً ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غير يمر عليه، فإن كان من طريق المدينة أحرم من ذي الحليفة وإن كان من طريق الشام أو مصر أو المغرب أحرم من الجحفة من اربغ الآن، وإن كان من طريق اليمن أحرم من يلملم، وإن كان من طريق نجد أو الطائف أحرم من وادي قرن ويسمى قرناً ويسمى السيل الآن ويسميه بعض الناس وادي محرم، فيحرم من ذلك بحجه أو عمرته أو بهما جميعاً، والأفضل إذا كان في أشهر الحج أن يحرم بالعمرة فيطوف لها ويسعى ويقصر ويحل ثم يحرم بالحج في وقته، وإن كان مر على الميقات في غير أشهر الحج مثل رمضان أو شعبان أحرم بالعمرة فقط، هذا هو المشروع، أما إن كان قدم لغرض آخر لم يرد حجاً ولا عمرة إنما جاء لمكة للبيع والشراء أو الزيارة بعض أقاربه وأصدقائه أو لغرض آخر ولم يرد حجاً ولا عمرة فهذا ليس عليه إحرام على الصحيح وله أن يدخل بدون إحرام، هذا هو الراجح في قولي العلماء والأفضل أنه يحرم بالعمرة ليغتنم الفرصة.
الشيخ ابن باز
***
الذين يباح لهم مجاوزة الميقات بلا إحرام
س من الذي يجوز له تجاوز الميقات دون إحرام ومن الذي لا يجوز له ذلك وما الذي يلزم من تجاوز الميقات دون إحرام؟.
ج ورد في الصحيح عن ابن عباس قال وقت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأهل المدينة ذا الحليفة(2/201)
ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم وقال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة. الحديث وهو دليل على أن من مر بهذه المواقيت قاصداً مكة لأداء نسك حج أو عمرة لزمه الإحرام، فإن كان لا إرادة له ولا نية وإنما قصد مكة لزيارة قريب أو لأمر خاص جاز له التجاوز إذا كان ممن يتكرر مروره كالحطاب والبريد والأجير للسيارة ونحوههم وبكل حال فلا يلزم الإحرام إلا من مر على الميقات وهو قاصد مكة لحج أو عمرة، ومن تجاوز الميقات بغير إحرام فعليه أن يرجع إليه ليحرم من هناك فإذا نزل من الطائرة بجدة ركب سيارة إلى ميقات أهل نجد وأحرم منه فإن أحرم من جدة وهو عازم على الحج والعمرة لزمه دم جبران عن تجاوز الميقات.
الشيخ ابن جبرين
***
متى يحرم من قدم عن طريق الجو أو البحر ...
س متى يحرم الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو؟.
ج القادم عن طريق الجو أو البحر يحرم إذا حاذ الميقات مثل صاحب البر، إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة وسرعة السفينة أو الباخرة.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم الإحرام من جدة
ناقش المجمع الفقهي الوقر المنعقد في مكة المكرمة موضوع (حكم الإحرام من جدة وما يتعرض إليه الكثير من الوافدين إلى مكة المكرمة للحج والعمرة عن طريق الجو والبحر) لجهلهم عن محاذاة المواقيت التي وقتها النبي، صلى الله عليه وسلم، وأوجب الإحرام منها على أهلها ومن مر عليها من غيرهم ممن يريد الحج والعمرة.
وبعد التدارس واستعراض النصوص الشرعية في ذلك قرر المجلس ما يأتي
أولا إن المواقيت التي وقتها النبي، صلى الله عليه وسلم، وأوجب الإحرام منها على أهلها وعلى من مر عليها من غيرهم ممن يريد الحج والعمرة وهي ذو الحليفة لأهل المدينة ومن مر عليها من غيرهم وتسمى حالياً (أبيار علي) والجحفة وهي لأهل الشام ومصر ومن مر عليها ومن غيرهم وتسمى حالياً (رابغ) وقرن المنازل وهي لأهل نجد وممن مر عليها من غيرهم وتسمى حالياً (وادي محرم) وتسمى(2/202)
أيضاً (السيل) وذات عرق لأهل العراق وخراسان ومن مر عليها من غيرهم وتسمى (الضريبة) ، ويلملم لأهل اليمن ومن مر عليها من غيرهم.
وقرر أن الواجب عليهم أن يحرموا إذا حاذوا أقرب ميقات إليهم من هذه المواقيت الخمسة جواً أو بحراً، فإن اشتبه عليهم ذلك ولم يجدوا معهم من يرشدهم إلى المحاذاة وجب عليهم أن يحتاطوا وأن يحرموا قبل ذلك بوقت يعتقدون أو يغلب على ظنهم أنهم أحرموا قبل المحاذاة، لأن الإحرام قبل الميقات جائز مع الكراهة، ومنعقد، ومع التحري والاحتياط خوفاً من تجاوز الميقات بغير إحرام تزول الكراهة، لأنه لاكراهة في أداء الواجب، قد نص أهل العلم في جميع المذاهب الأربعة على ما ذكرنا، واحتجوا على ذلك بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في توقيت المواقيت للحجاج والعمار. واحتجوا أيضاً بما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قال له أهل العراق إن قرناً جور عن طريقنا؟ قال لهم رضي الله عنه أنظروا حذوها من طريقكم. قالوا ولأن الله سبحانه أوجب على عباده أن يتقوه ما استطاعوا، وهذا هو المستطاع في حق من لم يمر على نفس الميقات، إذا علم هذا فليس للحجاج والعمار والوافدين من طريق الجو والبحر ولا غيرهم أن يؤخروا الإحرام إلى وصولهم إلى جدة لأن جدة ليست من المواقيت التي وقتها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهكذا من لم يحمل معه ملابس الإحرام، فإنه ليس له أن يؤخر إحرامه إلى جدة، بل الواجب عليه أن يحرم في السروايل إذا كان ليس معه إزار، لقول النبي، صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ((من لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، وعليه كشف رأسه، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما سئل عما يلبس المحرم قال لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا لمن لم يجد النعلين)) . . الحديث متفق عليه.
فلا يجوز أن يكون على رأس المحرم عمامة ولا قلنسوة ولا غيرهما مما يلبس على الرأس. وإذا كان لديه عمامة ساترة يمكنه أن يجعلها إزاراً يأتزر بها. ولم يجز له لبس السراويل ويستبدلها بإزار إذا قدر على ذلك، فإن لم يكن عليه سراويل وليس لديه عمامة تصلح أن تكون إزاراً حين محاذاته للميقات في الطائرة أو الباخرة أو السفينة جاز له أن يحرم في قميصه الذي عليه مع كشف رأسه، فإذا وصل إلى جدة اشترى إزاراً وخلع القميص وعليه عن لبسه القميص كفارة وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز وغيرهما من قوت البلد، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة هو مخير بين هذه الثلاثة، كما خير النبي، صلى الله عليه وسلم، كعب بن عجرة لما أذن له في حلق رأسه وهو محرم للمرض الذي أصابه.
ثانياً يكلف المجلس الأمانة العامة للرابطة بالكتابة إلى شركات الطيران والبواخر بتنبيه الركاب قبل القرب من الميقات بأنهم سيمرون على الميقات قبل مسافة ممكنة(2/203)
ثالثاً خالف عضو مجلس المجمع الفقهي الإسلام معالي الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء في ذلك كما خالف فضيلة الشيخ أبو بكر محمود جومي عضو المجلس بالنسبة للقادمين من سواكن إلى جدة فقط وعلى هذا جرى التوقيع والله ولي التوفيق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
***
جدة ليست ميقاتا
س بعضهم يفتي للقادم للحج بطريق الجو بأن يحرم من جدة وآخرون ينكرون ذلك. فما هو وجه الصواب في هذه المسألة؟. أفتونا مأجورين؟.
ج الواجب على جميع الحجاج جواً وبحراً وبراً أن يحوموا من الميقات الذي يمرون عليه براً أو يحاذونه جواً وبحراً لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، لما وقت المواقيت ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)) . [الحديث متفق عليه] .
الشيخ ابن باز
***
حكم تأخير الإحرام إلى جدة
س رجل أراد الحج أو العمرة ولبس ثياب الإحرام بالطائرة. ثم هو مع ذلك لا يعرف مكان الميقات فهل له تأخير الإحرام إلى جدة أم لا؟.
ج إذا أراد الحج أو العمرة جواً فله أن يغتسل في بيته ويلبس الإزار والرادء إن شاء. فإذا بقي على الميقات شيء قليل أحرم بما يريد من حج أو عمرة وليس في ذلك مشقة.
وإذا كان لا يعرف الميقات فإنه يسأل قائد الطائرة أو أحد ملاحي الطائرة أو أحد الركاب ممن يثق به من أهل الخبرة بذلك وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
اللجنة الدائمة
***
حكم الإحرام من جدة لمن قدم بالطائرة
س ما حكم من نوى الحج قادماً من أحد البلدان وهبطت الطائرة في مطار جدة وهو لم يحرم فأحرم من جدة فماذا عليه؟.
ج إذا هبطت الطائرة في جدة وهو من أهل الشام أو مصر فإنه يحرم من رابغ، يذهب إلى رابغ في السيارة أو غيرها ويحرم من رابغ ولا يحرم من جدة، وهكذا لو جاء من نجد ولم يحرم حتى(2/204)
نزل إلى جدة يذهب إلى السيل وهو وادي قرن فيحرم منه، فإذا أحرم من جدة ولم يذهب فعليه دم شاة واحدة تجزيء في الأضحية يذبحها في مكة للفقراء أو سبع بدنة أو سبع بقرة جبراً لحجته أو عمرته. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم التردد بين الطائف وجدة للعمل بلا إحرام
س موظف قد عزم على الحج لكن له أعمال في الطائف يتردد من أجلها بين الطائف وجدة بغير إحرام؟.
ج لا حرج في ذلك لأنه حين تردده من الطائف إلى جدة لم يقصد حجاً ولا عمرة وإنما أراد قضاء حاجاته لكن من علم في الرجعة الأخيرة من الطائف أنه لا عودة له إلى الطائف قبل الحج فعليه أن يحرم من الميقات بالعمرة أو الحج. أما إذا لم يعلم ثم صادف وقت الحج وهو في جدة فإنه يحرم من جدة بالحج ولا شيء عليه. ويكون حكمه حكم المقيمين في جده الذين جاءوا إليها لبعض الأعمال ولم يريدوا حجاً ولا عمرة عند مرورهم بالميقات.
الشيخ ابن باز
***
حكم الإحرام من مدينة لأهل الطائف
س ما حكم من نزل من الطائف إلى جدة للإقامة بها إلى وقت الحج وهو حين النزول ينوي الحج من ذلك العام. وكان نزوله في أشهر الحج وأحرم من جدة بالحج أو العمرة؟.
ج ظاهر الأدلة الشرعية أن على هذا أن يرجع ويحرم من ميقات الطائف إذا أراد الحج أو العمرة لكونه جاوزه بدون إحرام وهو ناو للحج ومن لم يفعل وأحرم من جدة فعليه دم يذبح في مكة للفقراء.
أما إن كان حين جاوز الميقات ليس عنده جزم بحج ولا عمرة فلا حرج في إحرامه من جده بالحج أو العمرة لقول النبي، صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، فمن كان دون ذلك فمهله من أهله حتى أهل مكة من مكة))
الشيخ ابن باز
***(2/205)
أحرم من جدة قادما من المدينة ...
س يقول إنني طالب بالمدينة وأردت العمرة فلم أجد سيارة إلى مكة مباشرة وإنما ذهبت إلى جدة أولاً فأحرمت في جدة فما يجب عليَّ؟ وهل يصح أن أحرم من جدة؟.
ج إذا كان الواقع كما ذكرت من أنك أردت العمرة وأنت في المدينة وذهبت إلى جدة وأحرمت منها فقد أخطأت بتجاوزك لميقات أهل المدينة بدون إحرام وعليك أن تستغفر الله وألا تعود لمثلها وتجبر نقص إحرامك بتجاوزك الميقات بدون إحرام بذبح رأس من الغنم يجزيء في الأضحية في أي وقت في مكة المكرمة يوزع على فقراء الحرم ولا تأكل منه شيئاً. وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
(أنساك الحج)
حكم من نسي التلبية
س حاج أحرم من الميقات لكنة في التلبية نسي أن يقول لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج فهل يكمل نسكه متمتعاً وماذا عليه إذا تحلل من عمرته ثم أحرم بالحج من مكة؟.
ج إذا كان نوى العمرة عند إحرامه ولكن نسي التلبية وهو ناوٍ العمرة حكمه حكم من لبى، يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، وتشرع له التلبية في أثناء الطريق فلو لم يلب فلا شيء عليه، لأن التلبية سنة مؤكدة فيطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة لأنه ناوٍ عمرة، أما إن كان في الإحرام ناوياً حجاً والوقت واسع فإن الأفضل أن يفسخ حجه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل والحمد لله ويكون حكمه حكم المتمتعين.
الشيخ ابن باز
***(2/206)
حكم من اعتمر في رمضان وأراد الحج في العام نفسه وأنواع النسك
س فضيلة الشيخ ماذا ترون حول من أخذ عمرة بشهر رمضان المبارك وأراد الحج بنفس العام، فهل يلزمه الفدي، وما هي أفضل أنواع النسك؟؟!.
ج من أخذ عمرة في رمضان ثم أحرم بالحج مفرداً في ذلك العام، فإنه لا فدية عليه، لأن الفدية إنما تلزم من تمتع بالعمرة إلى الحج لقول الله سبحانه وتعالى ((فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمرةِ إلى الَحجَّ فَمَا اسْتَيَسرَ مِنَ الْهَدْيِ) والذي أتى بعمرة في رمضان ثم أحرم بالحج في أشهره لا يسمى متمتعاً، وإنما المتمتع من أحرم بالعمرة في أشهر الحج وهي شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة، ثم أحرم بالحج من عامة، أو قرن بين الحج والعمرة فهذا هو المتمتع وهو الذي عليه الفدية.
والأفضل لمن أراد الحج أن يأتي بعمرة مع حجته ويطوف لما ويسعى ويقصر ويحل ثم يحرم بالحج في عامه. والأفضل أن يكون إحرامه بالحج في اليوم الثامن من ذي الحجة، كما أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، أصحابه بذلك في حجة الوداع.
وعلى المتمتع أن يطوف ويسعى لحجه كما طاف وسعى للعمرة. ولا يجزئه سعي العمرة عن سعي الحج عند أكثر أهل العلم. وهو الصواب لدلالة الأحاديث الصحيحة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على ذلك.
الشيخ ابن باز
***
من اعتمر قبل أشهر الحج لا يكون متمتعا ...
س إذا قدم المسلم إلى مكة قبل أشهر الحج بنية الحج ثم اعتمر وبقي إلى الحج فحج فهل حجه يعتبر تمتعاً أو إفراداً؟.
ج حجه يعتبر إفراداً لأن التمتع هو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج من عامه إلاَّ إذا قرن بأن يحرم بالحج والعمرة جميعاً فيكون قارناً وإنما اختص التمتع بمن أحرم بالعمرة في أشهر الحج لأنه لما دخلت أشهر الحج كان الإحرام بالحج فيها أخص من الإحرام بالعمرة فخفف الله تعالى عن العباد وأذن لهم بل أحب أن يجعلوه عمرة ليتمتعوا بها إلى الحج فيفعلوا ما كان حراماً عليهم بالإحرام.
الشيخ ابن عثيمين
***
من اعتمر في شوال وعاد إلى أهله ثم حج مفردا هل يكون متمتعا؟
س أديت العمرة أواخر شهر شوال ثم عدت بنية الحج مفرداً فأرجو إفادتي عن وضعي هل أعتبر متمتعاً ويجب عليَّ الهدي أم لا؟.
ج إذا أدَّى الإنسان العمرة في شوال أو في ذي القعدة ثم رجع إلى أهله ثم أتى بالحج مفرداً فالجمهور على أنه ليس بمتمتع وليس عليه هدي لأنه ذهب إلى أهله ثم رجع بالحج مفرداً، وهذا(2/207)
هو المروي عن عمر وابنه رضي الله عنهما، وهو قول الجمهور، والمروي عن ابن عباس أنَّه يكون متمتعاً وأن عليه الهدي لأنه جمع بين الحج والعمرة في أشهر الحج في سنة واحدة، أما الجمهور فيقولون إذا رجع إلى أهله، وبعضهم يقول إذا سافر مسافة قصر، ثم جاء بحج مفرد فليس بتمتع. ويظهر والله أعلم أن الأرجح ما جاء عن عمر وابنه رضي الله عنهما، أنه إذا رجع إلى أهله فإنه ليس بمتمتع وأما من جاء للحج وأدى العمرة ثم بقي في جدة أو الطائف ثم أحرم بالحج فهذا متمتع، فخروجه إلى الطائف أو جدة أو المدينة لا يخرجه عن كونه متمتعاً لأنه جاء لأدائهما جميعاً وإنما سافر إلى جدة أو الطائف لحاجة وكذا من سافر إلى المدينة للزيارة كل ذلك لا يخرجه عن كونه متمتعاً في الأظهر والأرجح، فعليه الهدي، هدي المتمتع، وعليه أن يسعى لحجه كما سعى لعمرته.
اللجنة الدائمة
***
الأرجح أن عليه هدي التمتع
س في عام 1403هـ كنت مقيماً في الرياض وذهبت في شوال إلى جدة ومنها ذهبت لأداء العمرة ثم عدت إلى جدة وظللت بها إلى موسم الحج من نفس العام فذهبت وأديت الحج ثم عدت إلى الرياض بعد إتمام الحج والعمرة.
وفي هذا العام أخبرني أحد الإخوان أني أعتبر مقرناً بالحج والعمرة وعلى أن أذبح فهل هذا الكلام صحيح؟ أفتونا جزاكم الله خيراً؟.
ج كثير من أهل العلم يقولون أن المتمتع بالعمرة إلى الحج إذا سافر بينهما إلى جدة أو المدينة أو الطائف ثم أحرم بالحج من جدة أو من ميقات المدينة إن كان سافر إلى المدينة أو من ميقات الطائف إن كان سافر إلى الطائف سقط عنه دم التمتع. وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه لا يسقط عنه الدم ولا يزول عنه بهذا السفر وصف التمتع وعليه هدي التمتع وهذا هو الأرجح لعموم قوله الله ــ عز وجل ــ (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) . الآية،
ولعموم الأحاديث الواردة في ذلك. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
سفر المتمتع إلى جدة لا يقطع تمتعه
س أحرمت بالعمرة وقصدي التمتع ثم خرجت بعد العمرة إلى جدة فهل أعتبر متمتعاً إذا رجعت وأتممت حجي؟.(2/208)
ج الصواب أنه لا يخرج بهذا عن التمتع، فإذا دخل مكة متمتعاً بعد رمضان محرماً بعمرة وقصده الحج ثم بعد فراغه من العمرة خرج إلى الطائف أو جدة لبعض الحاجات فالصواب أنه يبقى على تمتعه.
وقال بعض أهل العلم أنه إذا خرج مسافة قصر ورجع للحج محرماً به فإنه يكون بذلك قد نقض تمتعه ويكون مفرداً. هذا قاله جماعة من أهل العلم. والأقرب إن شاء الله والأظهر أنه بهذه التصرفات بين الحج والعمرة لا يكون مفرداً بل يبقى على تمتعه إلا إذا رجع إلى بلاده ثم جاء بحج مُفَرد فإنه يكون مفرداً ولا دم عليه وهذا هو قول بعض أهل العلم وهو مروي عن عمر وابنه رضي الله عنهما وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
أحرم مفردا مع جماعة فذهبوا إلى المدينة فماذا يعمل
س جئت مع جماعة للحج وأحرمت مفرداً وجماعتي يريدون السفر إلى المدينة فهل لي أن أذهب إلى المدينة وأرجع لمكة لأداء العمرة بعد أيام قليلة؟.
ج إذا حج مع جماعة وقد أحرم بالحج مفرداً ثم سافر معهم للزيارة فإن المشروع له أن يجعل إحرامه عمرة ويطوف لها ويسعى ويقصر ثم يحل ثم يحرم بالحج في وقته ويكون بذلك متمتعاً وعليه هدي التمتع كما أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، بذلك أصحابه الذين ليس معهم هدي.
الشيخ ابن باز
***
المتمتع إذا رجع إلى بلده هل ينقطع تمتعه ...
س سمعت أن المتمتع إذا رجع إلى بلده انقطع تمتعه فهل يجوز له أن يحج مفرداً ولا دم عليه؟.
ج نعم إذا رجع المتمتع إلى بلده ثم أنشأ سفراً للحج من بلده فهو مفرد وذلك لانقطاع ما بين العمرة والحج برجوعه إلى أهله فإنشاؤه السفر معناه أنه أنشأ سفراً جديداً للحج وحينئذٍ يكون حجه إفراداً فلا يجب عليه هدي التمتع حينئذٍ، لكن لو فعل ذلك تحيلاً على إسقاطه فإنه لا يسقط عنه لأن التحيل على إسقاط الواجب لا يقتضي سقوطه، كما أن التحيل على المحرم لا يقتضى حله.
الشيخ ابن عثيمين
***(2/209)
من حج متمتعا وبعد العمرة نصحه الطبيب بعدم مواصلة الحج فعاد إلى بلده.
س ذهبت إلى الحج متمتعاً وبعد أن أديت العمرة للحج ذهبت إلى منى يوم 3ذي الحجة وبعد أن تحللت من العمرة أحسست بألم في ركبتي أقعدني عن المشي وقد ذهبت إلى طبيب فنصحني بعدم مواصلة الحج فرجعت إلى المدينة حيث أقيم فيها ولم أحج مع العلم أنني عندما نويت للعمرة لم أقل فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني والذي أريده من فضيلتكم هو هل علىَّ دم أم لا؟؟.
ج إذا كان الواقع ما ذكر من أنك تحللت من عمرتك وعدلت عن الحجة وعدت إلى بلدك قبل أن تحرم به فلا شيء عليك لأن العمرة انتهت بأدائها والتحلل منها والحج لم تحرم به بعد.
اللجنة الدائمة
***
وقت التمتع وحكم الإحرام بالحج قبل يوم التروية
س المتمتع هل له وقت محدود يتمتع فيه وهل له أن يحرم بالحج قبل يوم التروية؟.
ج نعم الإحرام بالتمتع له وقت محدود وهو شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة، هذه أشهر الحج، فليس له أن يحرم بالتمتع قبل شوال ولا بعد ليلة العيد، ولكن الأفضل أن يحرم بالعمرة وحدها فإذا فرغ منها أحرم بالحج وحده هذا هو التمتع الكامل وإن أحرم بهما جميعاً سمي متمتعاً وسمي قارناً وفي الحالتين جميعاً عليه دم يسمى دم التمتع وهو ذبيحة واحدة تجزيء في الأضحية أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة لقوله تعالى (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) . فإن عجز صام عشرة أيام، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله والمدة غير محددة كما تقدم.
فلو أحرم بالعمرة في أول شوال وحلَّ منها صارت المدة بين العمرة وبين الإحرام بالحج طويلة إلى ثامن ذي الحجة كما أحرم أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، بذلك بأمر النبي عليه الصلاة والسلام فإنه أمرهم أن يحلوا من إحرامهم لما قدموا مفردين بالحج وبعضهم قدم قارناً بين الحج والعمرة، فأمرهم النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يحلّوا إلا من كان معه الهدي، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا وصاروا متمتعين بذلك، فلما كان يوم التروية وهو اليوم الثامن، أمرهم أن يهلوا بالحج من منازلهم، وهذا هو الأفضل، ولو أهل بالحج قبل ذلك في أول ذي الحجة أو فبل ذلك أجزأه وصح ولكن الأفضل أن يكون إهلاله بالحج في اليوم الثامن كما فعله أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، بأمره عليه الصلاة والسلام.
الشيخ ابن باز
***(2/210)
المفرد ليس عليه إلا سعي واحد
س حججت مفرداً وقمت بالطواف والسعي قبل عرفة فهل يلزمني الطواف والسعي عند الإفاضة. أو مع طواف الإفاضة؟.
ج هذا الذي حج مفرداً وهكذا لو حج قارناً بالحج والعمرة جميعاً ثم قدم مكة وطاف وسعى وبقي على إحرامه لأنه مفرداً أو قارناً ولم يتحلل فإنه يجزؤه السعي ولا يلزمه سعي آخر، فإذا طاف يوم العيد كفاه طواف الإفاضة إذا كان لم يتحلل من إحرامه حتى يوم النحر أو كان معه الهدي فإنه لا يتحلل حتى يحل من حجه وعمرته جميعاً يوم النحر، والسعي الذي سعاه أولا مجزيء سواء كان معه هدي أو ليس معه هدي إن كان لم يتحلل إلا بعد ما نزل من عرفة يوم العيد فإن سعيه الأول يكفيه ولا يحتاج إلى سعي ثاني إذا كان قارناً بالحج والعمرة أو كان مفرداً للحج، وإنما السعي الثاني على المتمتع الذي أحرم بالعمرة وطاف وسعى لهذا، وتحلل ثم أحرم بالحج لهذا عليه سعي ثاني للحج غير سعي العمرة.
الشيخ ابن باز
***
حكم قلب النسك من القران إلى التمتع
س ما حكم من أحرم بالحج والعمرة قارناً وبعد العمرة حل الإحرام هل يعتبر متمتعاً؟.
ج نعم إذا أحرم بالحج والعمرة قارناً ثم طاف وسعي وقصر وجعلها عمرة يسمى متمتعاً وعليه دم التمتع.
الشيخ ابن باز
***
حكم من نوى الإفراد ثم أراد التمتع
س ما حكم من نوى الحج بالإفراد ثم بعد وصوله إلى مكة قَلَبَه تمتعاً فأتى بالعمرة ثم تحلل منها فماذا عليه ومتى يحرم بالحج ومن أين؟.
ج هذا هو الأفضل إذا قدم المحرم بالحج أو بالحج والعمرة جميعاً فإن الأفضل أن يجعلها عمرة وهو الذي أمر به النبي، صلى الله عليه وسلم، أصحابه لما قدموا، بعضهم قارن وبعضهم مفرد بالحج، وليس معهم هدي، أمرهم أن يجعلوها عمرة، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا إلا من كان معه الهدي فإنه يبقى على إحرامه حتى يحل منهما إن كان قارناً أو من الحج إن كان محرماً بالحج، يوم العيد.(2/211)
المقصود أن من جاء مكة محرماً بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعاً وليس معه هدي فإن السنة أن يفسخ إحرامه إلى عمرة فيطوف ويسعى ويقصر ويتحلل ثم يحرم بالحج في وقته ويكون متمتعاً وعليه دم التمتع.
الشيخ ابن باز
***
نسخ القران والإفراد
س يدعي بعض الناس أن القران والإفراد قد نسخا بأمر النبي، صلى الله عليه وسلم، للصحابة بأن يتمتعوا فما رأي سماحتكم في هذا القول؟.
ج هذا قول باطل لا أساس له من الصحة وقد أجمع العلماء على أن الأنساك ثلاثة الإفراد والقران والتمتع فمن أفرد الحج فإحرامه صحيح. وحجه صحيح ولا فدية عليه لكن إنْ فسخه إلى العمرة فهو أفضل في أصح أقوال أهل العلم لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أمر الذين أحرموا بالحج أو قرنوا بين الحج والعمرة وليس معهم هدي أن يجعلوا إحرامهم عمرة فيطوفوا ويسعوا ويقصروا ويحلوا وقد فعل الصحابة ذلك رضي الله عنهم وليس ذلك نسخاً لإفراد الحج وإنما هو إرشاد من النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى ما هو الأفضل والأكمل. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم من نوى التمتع ثم لبى مفردا
س ما حكم من نوى بالحج متمتعاً وبعد الميقات غير رأيه ولبى بالحج مفرداً هل عليه هدي؟.
ج هذا يختلف فإن كان قبل وصوله إلى الميقات نوى أنه يتمتع، وبعد وصوله إلى الميقات غير نيته وأحرم بالحج وحده فهذا لا حرج عليه ولا فدية، أما إن كان لبى بالعمرة والحج جميعاً من الميقات أو قبل الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً فليس له ذلك، ولكن لا مانع أن يجعله عمرة أما أن يجعله حجاً فلا، فالقران لا يفسخ إلى حج ولكن يفسخ إلى عمرة لأنه أرفق بالمؤمن ولأنها هي التي أمر بها النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام فإذا أحرم بهما جميعاً من الميقات ثم أراد أن يجعله حجاً مفرداً فليس له ذلك ولكن له أن يجعل ذلك عمرة مفردة وهو الأفضل له، فيطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بالحج بعد ذلك فيكون متمتعاً.
الشيخ ابن باز
***(2/212)
ضاعت نقوده فلم يستطع أن يفدي فقلب حجه إلى الإفراد
س ما حكم من أحرم بالحج والعمرة وبعد وصوله إلى مكة ضاعت نفقته ولم يستطع أن يفدي وغير نيته إلى مفرد هل يصح ذلك. وإذا كانت الحجة لغيره ومشترطاً عليه التمتع فماذا يفعل؟.
ج ليس له ذلك ولو ضاعت نفقته، إذا عجز يصوم عشرة أيام، والحمد لله، ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ويبقى على تمتعه، وعليه أن ينفذ الشرط بأن يحرم بالعمرة ويطوف ويسعى ويقصر ويحل ثم يلبي بالحج ويفدي، فإن عجز صام عشرة أيام ثلاثة في الحج قبل عرفه وسبعة إذا رجع إلى أهله لأن الأفضل أن يكون يوم عرفة مفطراً اقتداء بالنبي، صلى الله عليه وسلم، فإنه وقف بها مفطراً.
الشيخ ابن باز
***
حكم الانتقال من الإفراد إلى القران
س جاء في بعض كتب الحديث أن الحاج المفرد لا يجوز له أن ينتقل من الإفراد إلى القران فهل هذا صحيح؟.
ج الرسول، صلى الله عليه وسلم، أمر الحجاج المفردين والقارنين أن ينتقلوا من حجهم وقرانهم إلى العمرة وليس لأحد كلام مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فالرسول عليه الصلاة والسلام أمر أصحابه في حجة الوداع وكانوا على ثلاثة أقسام قسم منهم أحرموا بالقران أي لبوا بالحج والعمرة، وقسم لبوا بالحج مفرداً، وقسم لبوا بالعمرة. وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، قد لبي بالحج والعمرة جميعاً أي قارناً، لأنه قد ساق الهدي، فأمرهم عليه الصلاة والسلام لما دنوا من مكة أن يجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي فلما دخلوا مكة وطافوا وسعوا أكد عليهم أن يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي. فسمعوا وأطاعوا وقصروا وحلوا. هذا هو السنة لمن قدم مفرداً أو قارناً وليس معه هدي حتى يستريح ولا يتكلف، فإذا جاء اليوم الثامن أحرم بالحج. ولا يخفى ما في هذا من الخير العظيم لأن الحاج إذا بقي من أول ذي الحجة أو من نصف ذي القعدة وهو محرم لا يأتي ما نُهِى المحرم عن فعله ــ فإنه يشق عليه ذلك، فينبغي قبول هذا التيسير من الله سبحانه وتعالى.
والله ولي التوفيق
الشيخ ابن باز
***(2/213)
حكم من حج ولم يعتمر
س حججت حجة فرض ولم أعتمر معها فهل عليَّ شيء؟ ومن اعتمر مع حجه هل يلزمه الاعتمار مرة أخرى؟.
ج إذا حج الإنسان ولم يعتمر سابقاً في حياته بعد بلوغه فأنه يعتمر سواء كان قبل الحج أو بعده، أما إذا حج ولم يعتمر فإنه يعتمر بعد الحج إذا كان لم يعتمر سابقاً لأن الله أوجب الحج والعمرة، وقد دل على ذلك عدة أحاديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم فالواجب على المؤمن أن يؤديها، فإن قرن الحج والعمرة فلا بأس بأن أحرم بهما جميعاً، أو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج فلا بأس، ويكفيه ذلك، أما إن حج مفرداً بأن أحرم بالحج مفرداً من الميقات ثم بقي على إحرامه حتى أكمله فإنه يأتي بعمرة بعد ذلك من التنعيم أو من الجعرانة أي من الحل خارج الحرم فيحرم هناك ثم يدخل فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر هذه هي العمرة كما فعلت عائشة رضي الله عنها فإنها لما قدمت وهي محرمة بالعمرة أصابها الحيض قرب مكة فلم تتمكن من الطواف بالبيت وتكميل عمرتها فأمرها الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن تحرم بالحج وأن تكون قارنة ففعلت ذلك وكملت حجها ثم طلبت من النبي، صلى الله عليه وسلم، أن تعتمر لأن صواحباتها قد اعتمرن عمرة مفردة فأمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم فتحرم بالعمرة من هناك فذهبت إلى التنعيم وأحرمت بعمرة ودخلت وطافت وسعت وقصرت فهذا دليل على أن من لم يؤد العمرة في حجه يكفيه أن يحرم من التنعيم وأشباهه من الحل ولا يلزمه الخروج إلى الميقات، أما من اعتمر سابقاً وحج سابقاً ثم جاء ويسر الله له الحج فإنه لا تلزمه العمرة ويكتفي بالعمرة السابقة، لأن العمرة إنما تجب في العمرة مرة كالحج سواء فالحج مرة في العمر والعمرة كذلك.
الشيخ ابن باز
***
(الإحرام ونية النسك)
معنى الإحرام وما يسن له..
س ما معنى الإحرام وما الذي يسن للمحرم؟.
ج الإحرام هو نية النسك وهو عقد القلب على الدخول في نسك الحج أو العمرة بحيث إذا دخل فيها امتنع من المحظورات المحرمة على المحرم، وليس الإحرام مجرد اللباس، فقد يلبس الإزار والرداء وهو في بلده بغير نية ولا يسمى محرماً، وقد يحرم بقلبه ويترك عليه لباسه المعتاد(2/214)
كالقميص والعمامة ونحوهما ويفدي، ويسن عند الإحرام الاغتسال إن كان بعيد العهد بالنظافة ومدة إحرامه تطول فإن كان قد اغتسل وتنظف قبل يوم فلا حاجة إلى تجديد الاغتسال، ويسن له أن ينظف من الوسخ ونحوه ويقص شاربه إن كان طويلاً مخافة أن يطول بعد الإحرام ويتأذى به، ويسن أن يتطيب قبل النية حيث أنه ممنوع منه بعد النية حتى لا يتأذى بالعرق والوسخ فإن لم يخف من ذلك فلا بأس بتركه وهو الغالب في هذه الأزمنة لقصر مدة الإحرام سواء في الحج أو العمرة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
إحرام النبي، صلى الله عليه وسلم، وتلبيته وغسله للإحرام
س هل الرسول، صلى الله عليه وسلم، أحرم واغتسل من المدينة المنورة؟.
ج أحرم النبي، صلى الله عليه وسلم، من ذي الحليفة أي أهلَّ بالنسك ولبى به منها لا من المدينة، وذلك أن النبي، صلى الله عليه وسلم، وقَّت المواقيت المكانية لنسك الحج والعمرة فجعل ذا الحليفة ميقاتاً لأهل المدينة وما كان، صلى الله عليه وسلم، ليشرّع شيئاً ويخالفه. وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ((وقَّت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم وقال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة)) . رواه البخاري ومسلم.
وثبت عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أنه سمع أباه يقول ((ما أهلَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة)) . رواه البخاري ومسلم، واغتسل بذي الحليفة أيضاً لما روي عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه رأى النبي، صلى الله عليه وسلم، تجرد لإهلاله واغتسل)) رواه الترمذي وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
الأفضل أن يغتسل قبل الإحرام
س إذا نزل مريد الحج من مكة إلى منى في اليوم الثامن من ذي الحجة واغتسل من منى فهل يكفيه ذلك، وماذا عليه؟.
ج إذا اغتسل من منى فلا حرج عليه في ذلك، لكن الأفضل أن يغتسل قبل إحرامه في بيته أو في مكان في مكة ثم يحرم بالحج في منزله، ولا حاجة إلى دخوله إلى المسجد الحرام للطواف(2/215)
لأن الخارج إلى منى يوم التروية ليس عليه وداع، فإذا أحرم دون غسل فلا حرج وإذا اغتسل بعد ذلك في منى وهو محرم فلا بأس، لكن الأفضل والسنة أن يكون غسله قبل أن يحرم فإن لم يغتسل بل أحرم من دون غسل أو من وضوء فلا حرج في ذلك لأن الغسل سنة والوضوء سنة في هذا المقام.
الشيخ ابن باز
***
حكم التلفظ بالنية في الحج والعمرة
س هل يجوز التلفظ بالنية لأداء العمرة أو الحج أو الطواف والسعي بالبيت الحرام.. ومتى يجوز التلفظ بها؟.
ج التلفظ بالنية لم يرد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، لا في الصلاة ولا في الطهارة ولا في الصيام ولا في أي شيء من عباداته، صلى الله عليه وسلم، حتى في الحج والعمرة لم يكن، صلى الله عليه وسلم، يقول إذا أراد الحج أو العمرة. .
اللهم إني أريد كذا وكذا، ما ثبت عنه ذلك ولا أمر به أحداً من أصحابه، غاية ما ورد في هذا الأمر أن ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها شكت إليه أنها تريد الحج وهي شاكية ((مريضة)) فقال لها النبي، صلى الله عليه وسلم، ((حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني فإن لك على ربك ما استثنيت)) إنما كان الكلام هنا باللسان لأن عقد الحج بمنزلة النذر، والنذر يكون باللسان. لأن الإنسان لو نوى أن ينذر في قلبه لم يكن ذلك نذراً ولا تنعقد النذر، ولما كان الحج مثل النذر في لزوم الوفاء عند الشروع فيه أمرها النبي عليه الصلاة والسلام أن تشترط بلسانها وأن تقول ((إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني)) . وأما ما ثبت به الحديث عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من قوله إن جبريل أتاني وقال صلَّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة أو عمرة وحجة، فليس معنى ذلك أنه يتلفظ بالنية، ولكن معنى ذلك أنه يذكر نسكه في تلبيته، وإلا فالنبي، عليه الصلاة والسلام ما تلفظ بالنية.
الشيخ ابن عثيمين
***
النية محلها القلب ويستحب التلفظ بها في الحج
س هل نية الإحرام في التلفظ باللسان، وما صفتها إذا كان الحاج يحج عن شخص آخر؟.
ج النية محلها القلب وصفتها أن ينوي بقلبه أنه يحج عن فلان أو عن أخيه أو عن فلان(2/216)
ابن فلان هكذا تكون النية، ويستحب مع ذلك أن يتلفظ فيقول اللهم لبيك حجاً عن فلان أو لبيك عمرة عن فلان، (عن أبيه) أو عن فلان بن فلان حتى يؤكد ما في القلب باللفظ، لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، تلفظ بالحج وتلفظ بالعمرة فدل ذلك على شرعية التلفظ لما نواه تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا الصحابة تلفظوا بذلك كما علمهم نبيهم عليه الصلاة والسلام وكانوا يرفعون أصواتهم بذلك، هذا هو السنة، ولو لم يتلفظ واكتفى بالنية كفت النية وعمل في أعمال الحج مثل ما يفعل عن نفسه يلبي مطلقاً ويكرر التلبية مطلقاً من غير حاجة إلى ذكر فلان أو فلان كما يلبي عن نفسه كأنه حاج عن نفسه، لكن إذا عينه في النسك يكون أفضل في التلبية ثم يستمر في التلبية كسائر الحجاج والعمار لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك اللهم لبيك، لبيك إله الحق لبيك، المقصود أنه يلبي كما يلبي عن نفسه من غير ذكر أحد إلا في أول النسك يقول لبيك حجاً عن فلان أو عمرة عن فلان أو لبيك عمرة وحجاً عن فلان هذا هو الأفضل عند أول ما يحرم مع النية.
الشيخ ابن باز
***
الإحرام بحجتين لا يجوز؟ .
س هل يصح الإحرام بحجتين أو عمرتين؟ وما هي التلبية وشروطها وما حكمها؟ وما وقتها؟
ج لا يصح أن يحرم في عام واحد بحجتين، ولا يجوز إلا حجة واحدة كل عام، وكذا لا يجوز أن يحرم بعمرتين في وقت واحد، ولا يجعل الحجة الواحدة عن شخصين، ولا يحرم بعمرة واحدة عن اثنين، فلم يرد في الأدلة شيء من ذلك. وأما التلبية فهي إجابة لنداء الله ــ تعالى ــ في قوله (وأذَّن في الناس بالحج) . ولفظها لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. ويجوز الزيادة على ذلك بما تيسر كقولك لبيك وسعديك والخير كله بيديك والشر ليس إليك، لبيك والرغباء إليك والعمل لبيك حقاً حقاً، تعبداً ورقا، وحكم التلبية سنة مؤكدة وجعلها بعضهم ركناً حيث إنها شعار ظاهر للحاج والمعتمر ووقتها بعد النية عقب إحرامه وهو في مصلاه ويأتي بها إذا ركب وإذا نزل وكلما علا مرتفعاً أو هبط وادياً أو سمع ملبياً أو تلاقت الرفاق أو فعل محظوراً أو صلى مكتوبة أو أقبل ليل أو أقبل نهار ونحو ذلك من تغيرات الأحوال والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***(2/217)
أداء صلاة الإحرام ليس شرطا لانعقاده
س هل ينعقد إحرام المسلم للحج أو العمرة بدون أن يؤدي ركعتي الإحرام؟. وهل الجهر بالنية في الإحرام شرط لانعقاده أيضاً؟.
ج أداء الصلاة قبل الإحرام ليس شرطاً في الإحرام وإنما ذلك مستحب عند الأكثر، والمشروع له أن ينوي بقلبه ما أراج من حج أو عمرة ويتلفظ بذلك بقوله ((اللهم لبيك عمرة)) أو ((اللهم لبيك حجة)) أو بهما جميعاً إن أراد القران كما فعل النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم، وليس التلفظ شرطاً بل تكفي النية ثم يلبي التلبية الشرعية وهي ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)) .
وهذه هي تلبية النبي، صلى الله عليه وسلم، الثابتة عنه في الصحيحين وغيرهما.
الشيخ ابن باز
***
هل يشترط للإحرام ركعتان
س هل يشترط للإحرام ركعتان أم لا؟.
ج لا يشترط ذلك وإنما اختلف العلماء في استحبابها فذهب الجمهور إلى استحباب ركعتين، يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يلبي، واحتجوا على هذا بأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أحرم بعد الصلاة، أي أنه صلى الظهر ثم أحرم في حجة الوداع، وقال صلى الله عليه وسلم ((أتاني آت من ربي وقال صلَّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة)) . هذا يدل على شرعية صلاة الركعتين وهذا قول جمهور أهل العلم.
وقال آخرون ليس في هذا نص فإنَّ قول ((أتاني آت من ربي وقال صلَّ في هذا الوادي المبارك)) يحتمل أن المراد صلاة الفريضة في الصلوات الخمس، وليس بنص في ركعتي الإحرام، وكونه أحرم بعد الفريضة لا يدل على شرعية ركعتين خاصة بالإحرام وإنما يدل على أنه إذا أحرم بالعمرة أو بالحج بعد صلاة، يكون أفضل إذا تيسر ذلك.
الشيخ ابن باز
***
حكم الإحرام قبل الميقات
س ما حكم الإحرام قبل الميقات وهل ينعقد الإحرام بالحج قبل أشهر الحج؟.
ج لا بأس بالإحرام قبل الميقات المكاني كأن تحرم من الطائف بأن تتنظف وتلبس إحرامك(2/218)
وتنوي وتلبي، ويجوز لأهل المدينة الإحرام من بيوتهم، وكذا يجوز لأهل مصر إذا عزموا على السفر أن يحرم أحدهم حين يخرج من بيته أو حين يركب الطائرة متوجهاً إلى جدة أو نحو ذلك لكنه خلاف الأولى، فأما الإحرام بالحج قبل أشهره كأن يحرم بالحج في رمضان فمنعه بعض العلماء وجعلوه كالإحرام بالصلاة قبل دخول وقتها، ولعل الأقرب أن ينعقد، لأن التقديم لا يضر في نفس العمل لكنه يشق على المحرم لطول زمان الإحرام حيث يبقى محرماً إلى يوم عرفة ويوم النحر وفي ذلك مشقة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
من كان دون المواقيت يحرم من مكانه
س من كان سكنه دون المواقيت فمن أين يحرم؟.
ج من كان دون المواقيت أحرم من مكانه مثل أهل السلم وأهل بحرة يحرمون من مكانهم وأهل جدة يحرمون من بلدهم لقوله صلَّى الله عليه وسلّم في حديث ابن عباس ((ومن كان دون ذلك ــ أي دون المواقيت ــ فمهله من حيث أنشأ)) وفي لفظ آخر ((فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون منها)) .
الشيخ ابن باز
***
من كان في منى فإنه يحرم منها..
س ما حكم من كان في منى قبل يوم التروية هل يدخل ويحرم من مكة أو يحرم من منى؟.
ج الجالس في منى يشرع له أن يحرم من منى والحمد لله ولا حاجة إلى الدخول إلى مكة، بل يلبي من مكانة بالحج إذا جاء وقته.
الشيخ ابن باز
***
الإحرام يوم التروية
س من أي مكان يحرم الحاج يوم التروية؟.
ج يحرم من منزله كما أحرم أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، من منازلهم في الأبطح في حجة الوداع بأمر النبي، صلى الله عليه وسلم،(2/219)
وهكذا من كان في داخل مكة يحرم من منزله لحديث ابن عباس السابق وهو قوله، صلى الله عليه وسلم، ((ومن كان دون ذلك أي دون المواقيت فمهله من أهله حتى أهل مكة يهلون من مكة)) ، متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
***
متى يحرم القادم عن طريق الجو والبحر
س متى يحرم الحاج والمعتمر القادم عن طريق الجو؟.
ج القادم عن طريق الجو أو البحر يحرم إذا حاذى الميقات مثل صاحب البر، إذا حاذى الميقات أحرم في الجو أو في البحر أو قبله بيسير حتى يحتاط لسرعة الطائرة وسرعة السفينة وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم الإحرام من جدة
س بعضهم يفتي للقادم للحج بطريق الجو بأن يحرموا من جدة وآخرون ينكرون ذلك فما وجه الصواب في هذه المسألة أفتونا مأجورين؟.
ج الواجب على جميع الحجاج جواً وبحراً وبراً أن يحرموا من الميقات الذي يمرون عليه براً أو يحاذونه جواً وبحراً لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، لما وقَّت المواقيت ((هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)) . الحديث متفق عليه.
أما جدة فليست ميقاتاً للوافدين وإنما هي ميقات لأهلها ولمن وفدوا إليها غير مريدين للحج ولا للعمرة ثم أنشأوا إرادة الحج أو العمرة منها.
الشيخ ابن باز
***
أحرم للحج من مدينة جدة جاهلا
س رجل أحرم للحج من جدة ولما وصل المدينة بعد الحج قيل له عندك نقص ويسأل هل عليه دم أم لا؟.
ج على من أراد الحج أو العمرة أن يحرم من الميقات الذي يمر عليه أو يحاذيه، فإذا تجاوزه وأحرم من مكان أقرب منه إلى مكة فعليه دم عند أكثر أهل العلم ولا شك أن جدة داخل المواقيت، فمن أخّر إحرامه إليها فقد جاوز الميقات الشرعي، فيتعين عليه دم وهو جذع من الضأن أو ثني من(2/220)
المعز أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة يذبحه في الحرم ويوزعه على مساكينه لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ((من ترك منسكاً أو نسيه فليهرق دماً)) . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
من قدم إلى مكة لغير الحج ثم أراد الحج فما الحكم
س ما حكم من قدم إلى مكة في عمل أو مهمة ثم حصل له فرصة الحج هل يحرم من مكانه أو يخرج إلى الحل؟.
ج إذا قدم إلى مكة ولم ينو الحج ولا العمرة وإنما قدم لحاجة من الحاجات كزيارة قريب أو عيادة مريض أو تجارة، ما نوى حجاً ولا عمرة ثم بدا له أن يحج أو بدا له أن يعتمر فإنه يحرم من مكانه بالحج سواء كان في داخل مكة أو في ضواحي مكة. أما إذا كان أراد العمرة فإنه يخرج إلى الحل التنعيم أو الجعرانة أو غيرهما إذا كان أراد العمرة فإن السنة بل الواجب أن يخرج إلى الحل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة لما أرادت العمرة أن تخرج إلى التنعيم وأمر عبد الرحمن أخاها أن يخرج بها إلى الحل من الحرم يعني إلى التنعيم أو غيرة هذا هو الواجب في حق من أراد العمرة، أما من أراد الحج فإنه يلبي من مكانه سواء كان داخل الحرم أو خارج الحرم كما تقدم.
الشيخ ابن باز
***
هؤلاء يحرمون من مساكنهم
س ذهبت في العام الماضي إلى جدة لزيارة الأقارب وبعد إقامتي هناك عدة أيام نويت الحج فأحرمت من ميقات جدة وذهبت إلى الحج فأخبرني أحد الإخوان أني تجاوزت الميقات وعلي أن أذبح فهل هذا الكلام صحيح مع العلم أني ذهبت إلى جدة للزيارة ولم أنو الحج من الرياض أفتونا جزاكم الله خيراً؟.
ج إذا كنت لم تنو الحج حين مجيئك من الرياض وإنما أنشأت النية وأنت في جدة فإحرامك صحيح وليس عليك فدية لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة)) . متفق عليه.
فيدخل في هذا الحديث أهل جدة وأم السلم وبحرة ومن كان مثلهم من الساكنين خارج الحرم وداخل المواقيت فإنهم إذا أرادوا الحج أو العمرة يحرمون من مساكنهم. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/221)
حكم بقاء المحرم على إحرامه مدة طويلة
س ذهبت للعمرة في رمضان ومعي والدتي وأحرمت فوق أبيار علي بالطائرة ونزلنا بجدة وجلسنا فيها وعندما أفطرنا ذهبنا من المساء إلى مكة لقضاء العمرة ولم نخلع الإحرام حتى أنهيناها. فهل علينا شيء وقد جلسنا وقتا بجدة ونحن محرمون أفيدونا جزاكم الله خيراً؟.
ج إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فليس عليك ولا على أمك شيء بإقامتكما بجدة وأنتما محرمان، لأنه لا يجب على المحرم مواصلة السير في الطريق حتى يؤدي العمرة بل له أن يستريح في الطريق ويقيم فيما شاء من المنازل للحاجة التي تدعو إلى ذلك وهو على إحرامه. وفق الله الجميع.
الشيخ ابن باز
***
(لباس الإحرام)
لا يستطيع لبس الإحرام
س رجل يرغب في أداء العمرة في رمضان ولكن لا يستطيع لبس الإحرام لأنه معوق ومشلول فهل يستطيع العمرة بثيابة وهل عليه كفارة؟.
ج نعم إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يلبس ثياب الإحرام فإنه يلبس ما يناسبه من اللباس الآخر الجائز وعليه عند أهل العلم إما أن يذبح شاة يوزعها على الفقراء، أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، هكذا قال أهل العلم قياساً على ما جاء في حلق الرأس حيث قال الله تعالى (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) البقرة 196. . وقد بينّ النبي صلى الله عليه وسلم أن الصيام ثلاثة أيام، وأن الصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، وأن النسك ذبح شاة.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم وضع الطيب على لباس الإحرام
س ما حكم وضع الطيب على الإحرام قبل عقد النية والتلبية؟.
ج لا ينبغي وضع الطيب على الرداء والإزار، إنما السنة تطييب البدن كرأسه ولحيته وإبطيه ونحو(2/222)
ذلك، أما الملابس فلا يطيبها عند الإحرام، لقوله عليه الصلاة والسلام لا يلبس شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس. فالسنة أنه يتطيب في بدنه فقط أما ملابس الإحرام فلا يطيبها وإذا طيبها لم يلبسها حتى يغسلها أو يغيرها.
الشيخ ابن باز
***
كيفية لبس رداء الإحرام
س هل الأفضل للمحرم تغطية الكتفين أو الكشف عن أحدهما أثناء الإحرام؟.
ج السنة للمحرم أن يجعل الرداء على كتفيه جميعاً ويجعل طرفيه على صدره. هذا هو السنة، وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أراد أن يطوف طواف القدوم اضطبع فجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن وأطرافه على عاتقه الأيسر وكشف منكبه الأيمن، في حالة طواف القدوم خاصة، أي أول ما يقدم مكة للحج أو العمرة، فإذا انتهى من الطواف عدّل الرداء وجعله على منكبيه وصلى ركعتي الطواف، والذي يكشف منكبه دائماً هذا خلاف السنة، وكذلك كشف المنكبين، وإنما السنة أن يسترهما بالرداء حال كونه محرماً، ولو وضع الرداء ولم يسترهما في وقت جلوسه أو أكله أو تحدثه مع إخوانه لا بأس، لكن السنة إذا لبس الرداء أن يكون على كتفيه وأطرافه على صدره.
الشيخ ابن باز
***
حكم لبس الحزام أو الكمر أو الهميان للمحرم
س ما حكم لبس الهميان (الكمر) من قبل الحاج المحرم، ليحفظ فيه نقوده، هل يجوز له ذلك أم يعتبر مخيطاً لا يجوز لبسه؟.
ج لبس الكمر ونحوه لا حرج فيه، وكذلك الحزام أو المنديل لربط إزاره وحفظ حاجته من النقود وغيرها. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم تغيير لباس الإحرام
س هل يجوز تغيير لباس الإحرام لغسله؟.
ج لا بأس أن يغسل ملابس الإحرام، ولا بأس أن يغيرها ويستعمل غيرها بملابس جديدة أو مغسولة.
الشيخ ابن باز
***(2/223)
حكم الإحرام في الجوربين والقفازين
س ما حكم الإحرام في الجوربين والقفازين؟ وما الدليل على ذلك. .؟.
ج لا يجوز للرجل أن يحرم بالجورين ولا في الخفين إلا إذا لم يجد نعلين لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين، ومن لم يجد إزاراً فليلبس السروايل)) . متفق على صحته. أما المرأة فلا حرج عليها في لبس الخفين والجوربين في حال الإحرام لأنها عورة، ولبسهما أستر لها، فإن أرخت ثيابها حتى سترت قدميها بذلك، كفى ذلك عن الجوربين والخفين في الصلاة وغيرها، أما القفازان فليس للرجل ولا للمرأة لبسهما في حال الإحرام لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، في حق المحرمة ((لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)) . رواه البخاري في صحيحه، وإذا حرم ذلك على المرأة، فالرجل من باب أولى ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في حق الرجل الذي مات محرماً ((اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه ووجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً)) .
متفق على صحته واللفظ لمسلم، والحنوط هو الطيب، وعلى المرأة في الإحرام بدل النقاب أن تستر وجهها بخمار ونحوه عند الرجال لما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ((كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه)) . أخرجه أبو داود وابن ماجه وأخرج الدارقطني من حديث أم سلمة مثله.
الشيخ ابن باز
***
حكم إحرام المرأة في الجوربين والقفازين
س ما حكم إحرام المرأة في الشَّراب والقفازين، وهل يجوز لها خلع ما أحرمت فيه؟.
ج الأفضل لها إحرامها في الشراب أو في مداس هذا أفضل لها وأستر لها وإن كانت في ملابس ضافية كفى ذلك، وإن أحرمت في شراب ثم خلعته فلا بأس كالرجل يحرم في نعلين ثم يخلعهما إذا شاء لا يضره ذلك، لكن ليس لها أن تحرم في قفازين، لأن المحرمة منهية أن تلبس القفازين، وهكذا النقاب لا تلبسه على وجهها، ومثله البرقع ونحوه، لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، نهاها عن ذلك، لكن عليها أن تسدل خمارها أو جلبابها على وجهها، عند وجود رجال غير محارمها، وهكذا في الطواف والسعي لحديث عائشة رضي الله عنها قالت ((كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه)) ، أخرجه أبو داود وابن ماجه.
ويجوز للرجل لبس الخفين ولو غير مقطوعين على الصحيح، وقال الجمهور بقطعهما، والصواب(2/224)
أنه لا يلزم قطعهما عند فقد النعلين لأنه، صلى الله عليه وسلم، خطب الناس بعرفة فقال ((من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين)) . متفق على صحته ولم يأمر بقطعهما فدل ذلك على نسخ الأمر بالقطع، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم لباس المرأة للجوربين في الإحرام
س ألبس في الإحرام الجوارب السوداء حتى تستر قدمي وأطوف وأصلي بهن وقيل هذا يبطل الإحرام وعليك دم أرجو من سماحتكم إفادتي عن حكم لبسي لهن في الإحرام والطواف والصلاة جزاكم الله خيراً؟.
ج هذا عمل طيب تشكرين عليه لما فيه من ستر العورة والبعد عن أسباب الفتنة، والذي قال لك إن عليك دماً في ذلك قد أخطأ وغلط وإنما الممنوع في حق المحرمة لبس القفازين خاصة، أما لبس الجوربين في القدمين فلا بأس به في حق المرأة بل لا بد منه في الطواف والصلاة، ولا مانع أن تحتاط عن ذلك بالملابس الضافية التي تستر قدميها في الطوالاف والصلاة ولا يشترط أن تكون الجوارب سوداء بل لا مانع من لبس غير السود مع مراعاة أن تكون ساترة للقدمين، وفق الله الجميع لإصابة الحق إنه سميع مجيب.
الشيخ ابن باز
***
المرأة تحرم في أي الثياب شاءت
س هل يجوز للمرأة أن تحرم في أي الثياب شاءت؟.
ج نعم تحرم فيما شاءت، ليس لها ملابس مخصوصة في الإحرام كما يظن بعض العامة، لكن الأفضل أن يكون إحرامها في ملابس غير جميلة وغير لا فتة للنظر، لأنها تختلط بالناس، فينبغي أن تكون ملابسها غير لا فتة للنظر وغير جميلة بل عادية، ليس فيها فتنة.
أما الرجل فالأفضل أن يحرم في ثوبين أبيضين، إزار ورداء، وإن أ؛ رم في غير أبيضين فلا بأس. وقد ثبت عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه طاف ببرد أخضر وقد ثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه لبس العمامة السوداء فالحاصل أنه لا بأس أن يحرم في ثوب غير أبيض
الشيخ ابن باز
***(2/225)
(محظورات الاحرام)
محظورات الإحرام
س ما هي الأشياء التي يجب أن يجتنبها المحرم؟.
ج المحرم يجتنب تسعة محضورات بيَّنها العلماء وهي اجتناب قص الشعر والأظافر والطيب ولبس المخيط وتغطية الرأس وقتل الصيد والجماع وعقد النكاح ومباشرة النساء، كل هذه الأشياء يمنع منها المحرم حتى يتحلل، وفي التحلل الأول يباح له جميع هذه المحظورات ماعدا الجماع فإذا كمل الثاني حل الجماع.
الشيخ ابن باز
***
محظورات الإحرام وأقسامها
س ما محظورات الإحرام؟ وما أقسامها؟.
ج هي تسعة، الأول حلق الشعر من الرأس أو البدن، الثاني قص الأظافر من اليد أو الرجل، الثالث لبس المخيط للرجل وهو كل ما خيط على قدر جزء من البدن كالقميص والسراويل والتبان والجبة والفانيلة والقباء والعباءة ونحو ذلك. الرابع تغطية الرأس بملاصق كالعمامة والقلنسوة بخلاف المظلة والخيمة وحمل المتاع على الرأس فلا بأس به. الخامس استعمال الطيب وهو كل ماله رائحة عطرة بقصد استعماله في الثوب أو البدن من المسك والورد والريحان وسائر العطورات. السادس قصد اصطياد الصيد البري المتوحش من الطير كالحمام والحبارى والحجل والعصافير ونحوها أو الظباء والوعول وحمر الوحش والضب واليربوغ والوبر وما أشبهها. السابع عقد النكاح فلا يخطب المحرم ولا ينكح زوجة ولا يكون ولياً ونحو ذلك. الثامن الجماع في الفرج مع زوجته أو أمته، التاسع المباشرة دون الفرج والتقبيل واللمس لشهوة ونحو ذلك، وهي أربعة أقسام، الآول فيه فدية ولا يبطل النسك وهو الخمسة الأولى، والثاني فيه الجزاء مثله ونحوه وهو الصيد، الثالث يبطل النسك ولا فدية فيه وهو النكاح، الرابع لا يبطل النسك وفيه دم وهو المباشرة.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم من عمل محظورا جاهلا
س ما حكم من عمل محظوراً من محظورات الإحرام التسعة جاهلاً أو ناسياً؟.
ج من أخذ من شعره أو ظفره ناسياً فلا إثم عليه ولا فدية وهكذا من تطيب أو غطى رأسه أو(2/226)
لبس مخيطاً ناسياً فإن الله رفع المؤاخذة على ذلك في قوله ((ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)) . وفي الصحيح أن الله قال قد فعلت وقال ــ تعالىـ ((لا جناح عليكم فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم)) . وفي الحديث ((عفي أن أمتي الخطأ والنسيان)) . فأما قتل الصيد فالجمهور رضوان الله عليهم أجمعين حكموا فيه ولم يسألون هل أنت عامد أو مخطيء ولعل الصواب أنه لا إثم ولا فدية على الناس والجاهل لقوله تعالى (ومن قتله منكم متعمداً) الآية.
فأما عقد النكاح فلا يصح ولو جاهلاً ولا فدية فيه. فأما الوطء والمباشرة ففيه الفدية مع النسيان عند الجمهور لأنه أشهر المحظورات ولأنه يكون بين اثنين ويبعد وقوع النسيان منهما وهو الأحوط وبعضهم عذوره بالجهل والنسيان كغيره والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
أخذت من شعرها قبل عقد الإحرام
س أحرمت زوجتي للعمرة وقبل أن تخرج من الحمام وتلبس ثيابها قصت شيئاً من شعرها، ماذا يجب عليها؟.
ج لا حرج عليها في ذلك ولا فدية فإن المنع من أخذ الشعر إنما يكون بعد عقد نية الإحرام وهذه لم تكن قد عقدته ولا لبست ثيابها فلا بأس عليها مع أنها لو فعلته بعد الدخول في الإحرام عن جهل أو نسيان لم يكن عليها فدية للعذر بالجهل والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم من أخذ من شعره بعد الإحرام جاهلا
س رجل قام بالإحرام للعمرة وبعد ذلك تذكر أنه يجب أن يحلق شعر الإبط فقام بحلقها بعد الإحرام ثم توجه إلى العمرة نرجو توضيح الحكم ولكم الأجر
والثواب. .؟.
ج حلق الإبط لا يجب في الإحرام ولا نتفه وإنما يستحب نتفه أو إزالته بشيء من المزيلات الطاهرة قبل الإحرام كما يستحب قص الشارب وقلم الظفر وحلق العانة إذا كان كل منها قد تهيأ لذلك ولا يلزم أن يكون ذلك عند الإحرام بل إذا فعل ذلك قبل الإحرام في بيته أو في الطريق كفى ذلك.
وليس على من ذكرت شيء في حلقه إبطه لكونه جاهلاً بالحكم الشرعي ومثل ذلك لو فعل المحرم شيئاً مما ذكرنا بعد الإحرام ناسياً لقول الله ــ عز وجل ــ (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) . ولما ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أن الله سبحانه قد استجاب هذا الدعاء.
الشيخ ابن باز
***(2/227)
سقوط شعرة من رأس المحرم
س ماذا تفعل المرأة المحرمة إذا سقطت من رأسها شعرة رغماً عنها؟.
ج إذا سقط من رأس المحرم ــ ذكراً كان أو أنثى ــ شعر عند مسحه في الوضوء أو عند غسله لم يضره ذلك، وهكذا لو سقط من لحية الرجل أو من شاربه أو من أظافره شيء لا يضره إذا لم يتعمد ذلك إنما المحظور أن يتعمد قطع شيء من شعره أو أظافره وهو محرم وهكذا المرأة لا تتعمد قطع شيء أما شيء يسقط من غير تعمد فهذه شعرات ميتة تسقط عند الحركة فلا يضر سقوطها والله أعلم.
اللجنة الدائمة
***
لا فدية عليك إن شاء الله
س أديت فريضة الحج قبل سنتين وكان ذلك لأول مرة، وفي يوم عرفة وأنا أدعو ربي في ذلك اليوم العظيم؟.. وقد أحمرت عيناي وعندما انتهيت ومسحت بيدي على وجهي ودموعي، سقطت في يدي شعرتان من هدب العين ولم يكن ذلك قصداً فهل عليَّ شيء في ذلك؟
ج تقبل الله منا ومنك وضاعف أجرك وأثابك على حرصك وخشوعك وعملك الذي قصدت به وجه الله، فأما ما ذكرت من سقوط أهداب العين فلا فدية عليك إن شاء الله حيث أنك لم تقصد ذلك ولم يكن عن تعمد والله تعالى قد عفا عن الخطأ والنسيان وفقك الله.
الشيخ ابن جبرين
***
لا يؤاخذ المسلم بالنسيان
س مسلم أحرم بعمرة ومن عادته العبث بشعره أثناء تفكيره وقد فعل ذلك وهو محرم ناسياً وسقط بعض شعره فهل عليه كفارة؟.
ج ليس عليه شيء لقول الله ــ عز وجل ــ عن المؤمنين أنهم قالوا (ربنا لا تؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا) . وقد أجاب الله دعوتهم لأنه صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن الله سبحانه قال ((قد فعلت)) . رواه الإمام مسلم في صحيحه.
الشيخ ابن باز
***(2/228)
ما هو تحديد المخيط وما حكم لبس السراويل تحت الإحرام
س ما هو تحديد المخيط من اللباس، وهل يجوز لبس السراويل المستعملة الآن تحت الإحرام؟.
ج لا يجوز للمحرم بحج أو عمرة أن يلبس السراويل ولا غيرها من المخيط على البدن كله أو نصفه الأعلى كالفنيلة ونحوها أنصفه الأسفل كالسراويل لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، لما سئل عما يلبس المحرم قال ((لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويل ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فيلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين)) . متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وبهذا يعلم السائل ما هو المخيط الممنوع في حق المحرم.
ويتضح بالحديث المذكور أن المراد بالمخيط ما خيط أو نسج على قدر البدن كله كالقميص أو نصفه الأعلى كالفنيلة أو نصفه الأسفل كالسراويل ويلحق بذلك ما يخاط أو ينسج على قدر اليد كالقفاز، أو الرجل كالخف، لكن يجوز للرجل أن يلبس الخف عند عدم النعل ولا يلزمه القطع على الصحيح لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، خطب الناس بعرفات فقال ((من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين)) . متفق على صحته ولم يذكر القطع في هذا الحديث فدل على عدم وجوبه
ويكون القطع المذكور في الحديث الأول منسوخاً بحديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وهذا في حق الرجل، أما المرأة المحرمة بحج أو عمرة فيجوز لها لبس السراويل ولبس الخفين مطلقاً، وتنهى عن لبس النقاب والقفازين لأن النبي، صلى الله عليه وسلم نهاها، عن ذلك في الحديث ابن عمر رضي الله عنهما. . لكن تستر وجهها وكفيها بغير النقاب والقفازين عند الرجل الأجانب كالخمار ونحوه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
أحرم بسراويله جاهلا
س قبل عام ذهبت إلى العمرة وكنت جاهلاً في بعض الشروط، وعندما أحرمت من الميقات لبست تحت الإحرام سروالاً قصيراً، وكنت جاهلاً في هذا الأمر، وبعد ما عدت أخبرني بعض الناس أنه لا يجوز، وقمت بالعمرة هذا العام لما علمت أنه لا يجوز لبس المخيط، فهل عليَّ شيء في ذلك؟.
ج ليس عليك فدية حيث كنت جاهلاً بالحكم فالجهل عذر في فعل هذا المحظور وإنما الفدية(2/229)
على من فعل ذلك عالماً متعمداً، ولا يلزمك إعادة العمرة حيث لم تفعل ما يفسدها فتعتبر الثانية عمرة تطوع.
الشيخ ابن جبرين
***
أحرم بسراويله متعمدا
س عند الميقات نويت الإحرام بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج ولكنني لم أخلع الملابس الداخلية (السراويل) فقط. وذلك ناتج من شدة الحياء المصاحب لي في تلك الفترة وقد أديت العمرة محرماً وأنا لابس للسروال.
وعند لبس الإحرام للحج عرفت أنني مخطيء في لبس السروال فقمت بخلعه أثناء الإحرام لتأدية الحج.
وسؤالي هو هل عليَّ شيء حيث لم أخلع سروالي أثناء تأدية العمرة فقط علماً بأنني خلعته أثناء تأدية الحج.
مع معرفتي بأن المخيط من مبطلات الإحرام ولكن السبب كما ذكرت لك هو شدة الحياء حيث أنا أول مرة أعتمر وأحج. وحيث مضى على عمرتي وحجي عدة سنوات أرجو الإفادة.
ج تجب عليك الفدية عن تعمد إبقاء هذا اللباس مع علمك بأنه من محظورات الإحرام لا من مبطلاته، والفدية هي صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، فأيها فعلت أجزأ عنك، لكن الذبح أو الإطعام لا بد أن يكون بمكة لمساكين الحرم، فأما الصيام فيصح في كل مكان، ولا شيء عليك في التأخير إلا أنك فرَّطت حيث لم تسأل طوال هذه المدة.
الشيخ ابن جبرين
***
اعتمر في ثيابه العادية فماذا عليه
س أخذت عمرة في أول شهر رمضان هذا العام ومكثت مدة 15يوماً ورجعت آخذ عمرة بثوبي فأول ما وصلت الحرم صليت ركعتين ونويتها تحية المسجد وطفت سبعة أشواط على البيت وتحولت بعدها فصلت ركعتين عند مقام أبينا إبراهيم عليه السلام وتحولت إلى المسعى فسعيت سبعة أشواط وبعد ذلك قصرت من شعري فهل فعلي صحيح؟.
ج ما ذكرت في سؤالك أنَّك فعلت في عمرتك هو ما يجب لها ولا شيء عليك غيره إذا كنت أحرمت بها من الميقات اللازم لك إلا أن فعلك لصلاة ركعتين عند دخولك المسجد قبل الطواف تحية(2/230)
للمسجد خلاف السنة فالسنة لداخل الحرم ولاسيما الُمحْرِم البدء بالطواف إن تسير ذلك.
وما ذكرته من أنك أحرمت في ثوبك إن كان مرادك ثوبي الإحرام اللذين هما الإزار والرداء اللذين سبق استعمالك لهما في عمرة قبل عمرتك هذه فلا شيء في ذلك ولك استعمالهما مراراً في حجة أو في عمرة وإعطاؤهما من يستعملهما في ذلك، وإن كان مرادك أنك أحرمت بالعمرة في ملابسك العادية التي تلبسها في غير الإحرام فقد أخطأت في ذلك وارتكبت في عمرتك محظورين من محظورات الإحرام وهما لبس المخيط وتغطية الرأس وكل واحدة منهما ذبح شاة تجزيء في الأضحية، أو إطعام ستة مساكين كل مسكين نصف صاع من تمر أو غيره من قوت البلد أو صيام ثلاثة أيام، وتوزع الشاتين أو الإطعام على مساكين مكة ولا تأكل منهما ولا تهدي، وتقضي
الصيام في أي مكان وزمان، وإن كنت جاهلاً بذلك أو ناسياً للحكم الشرعي فلا فدية عليك وعليك في كلا الحالين التوبة والاستغفار وعدم العودة لمثل هذا العمل المنافي لما يتطلبه الإحرام. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد.
اللجنة الدائمة
***
المحرم إذا لبس النعلين أو الجوربين
س إذا لبس المحرم أو المحرمة نعلين أو شرَّاباً سواء كان جاهلاً أو عالماً أو ناسياً فهل يبطل إحرامه بشيء من ذلك؟.
ج السنة أن يحرم الذكر في نعلين لأنه جاء عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين)) . فالأفضل أن يحرم في نعلين حتى يتوقى الشوك والرمضاء والشيء البارد، فإن لم يحرم في نعلين فلا حرج عليه، فإن لم يجد نعلين جاز له أن يحرم في خفين وهل يقطعهما أم لا؟ على خلاف بين أهل العلم وقد ثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين)) . وجاء في خطبته في حجة الوداع في عرفات أنه أمر من لم يجد نعلين أن يلبس الخفين ولم يأمر بقطعهما فاختلف العلماء في ذلك فقال بعضهم أن الأمر الأول منسوخ فله أن يلبس من دون قطع وقال آخرون ليس بمنسوخ ولكنه للندب لا للوجوب بدليل سكوته عنه في عرفات.
والأرجح إن شاء الله أنَّ القطع منسوخ لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، خطب الناس في عرفات وقد حضر خطبته الجمع الغفير من الناس من الحاضرة والبادية ممن لم يحضر خطبته في المدينة التي أمر فيها بالقطع، فلو كان القطع واجباً أو مشروعاً لبينه للأمة، فلما سكت عن ذلك عرفات دل على أنه منسوخ، وأن الله جل وعلا عفا وسامح العباد عن القطع لم فيه من إفساد الخف والله أعلم.(2/231)
أما المرأة فلا حرج عليها إذا لبست الخفين أو الشُرَّاب لأنها عورة ولكن تمنع من شيئين من النقاب ومن القفازين لأنَّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، نهى عن ذلك فقال ((لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)) . والنقاب هو الشيء الذي يصنع للوجه كالبرقع فلا تلبسه وهي محرمة ولكن عليها أن تغطي وجهها بما تشاء عند وجود الرجال الأجانب سوى النقاب لأن وجهها عورة فإذا كانت بعيدة عن الرجال كشفت وجهها، ولا يجوز لها أن تضع عليه النقاب ولا البرقع ولا يجوز لها أن تلبس القفازين وهما غشاءان يصنعان لليدين فلا تلبسهما المحرمة ولكن تغطي يديها بشيء آخر.
الشيخ ابن باز
***
قبل وأنزل قبل طواف الإفاضة
س شخص حاج وقع في محذور وهو تقبيل زوجته وإنزاله خارج القبل بشهوة بعد رمي جمرة العقبة والحلق وقبل طواف الإفاضة وهي غير حاجة فماذا يجب عليه؟.
ج لا يجوز لمسلم أحرم لحج أو عمرة أو بهما أن يتعرض لما يفسد إحرامه أو ينتقص عمله، والقبلة حرام على من أحرم بالحج حتى يتحلل التحلل الكامل وذلك برمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة والسعي إن كان عليه سعي لأنه لا يزال في حكم الإحرام الذي يحرم عليه النساء ولا يفسد حج من قبَّل وأنزل بعد التحلل الأول وعليه أن يستغفر الله ولا يعود لمثل هذا العمل ويجبر ذلك بذبح رأس من الغنم يجزيء في الأضحية، يوزعه على فقراء الحرم المكي، والواجب المبادرة إلى ذلك حسب الإمكان والله ولي التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
حكم الجماع قبل التحلل الأول
س هل يجب إعادة الحج على من جامع قبل التحلل الأول مع العلم أن حجه حج تطوع؟.
ج إذا جامع قبل التحلل الأول يفسد حجه، وعليه أن يتمه وعليه أن يقضيه بعد ذلك ولو كان حج تطوع كما أفتى بذلك أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، وعليه بدنة يذبحها ويقسمها على الفقراء بمكة المكرمة والله المستعان.
الشيخ ابن باز
***(2/232)
إتيان النساء بعد طواف الإفاضة
س إذا طاف الحج طواف الإفاضة فهل يحل له النساء مدة أيام التشريق؟.
ج إذا طاف الحج طواف الإفاضة لم يحل له إتيان النساء إلا إذا كان قد استوفى الأمور الأخرى كرمي الجمرة والحلق أو التقصير وعند ذلك يباح له النساء وإلا فلا.
والطواف وحده لا يكفي بل لا بد من رمي الجمرة يوم العيد ولا بد من حلق أو تقصير، ولا بد إذا فعل اثنين من ثلاثة بأن رمى وحلق أو قصر فإنه يباح له اللبس والطيب ونحو ذلك ماعدا النكاح، وهكذا لو رمي وطاف، أو طاف وحلق، فإنه يحل له الطيب واللباس المخيط ومثله الصيد وقص الظفر وما أشبه ذلك، لكن لا يحل له جماع النساء إلا باجتماع الثلاثة أن يرمي جمرة العقبة ويحلق أو يقصر ويطوف طواف الإفاضة ويسعى إن كان عليه سعي كالمتمتع، وبعد هذا كله تحل له النساء والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***
حكم من احتلم وهو محرم
س عندما لبسنا الإحرام في اليوم الثامن وبتنا في منى احتلمت فاحترت لأني إن اغتسلت سقط من رأسي شعر وحللت إحرامي وبهذا أرتكب محظورين من محظورات الإحرام.
وإن تيممت لم أرتكبها ولكنني فضلت الغسل على التيمم فما الحكم في عملي هذا أفتونا مأجورين؟.
ج يجب الاغتسال على من احتلم ولا تصح الصلاة والطواف ولا القراءة قبل الاغتسال فيغتسل ولو كان محرماً، ولا يضره لو سقط من رأسه شعرات في حالة الإغتسال، فإن المحظور إنما هو إزالة الشعر عمداً بحلق أو قص أو نتف.
فأما الإغتسال من الإحتلام فهو واجب ويلزم معه غسل الرأس وتخليل الشعر ولكن لا يبالغ في الدلك بل يصب الماء على رأسه صباً مع تحريك الشعر بيديه حتى يصل الماء إلى بشرة رأسه فإن تحت كل شعرة جنابة. فأما حل الإحرام يعني خلعه الإزار فليس من محظورات الإحرام بل يجوز خلع الإزار عند الحاجة أو العمل.
ويجوز خلع الإزار عند قضاء الحاجة ويجوز إبدال الإزار أو الرداء بغيره وغسله إذا اتسخ ونحو ذلك وقد ثبت أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يغتسل وهو محرم وكذا الصحابة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***(2/233)
الاحتلام في الحج لا يبطله
س أديت فريضة الحج وفي ليلة وأنا في منى احتلمت ولم أتمكن من الغسل فهل عليَّ شيء؟.
ج الاحتلام ممن هو متلبس بإحرام حج أو عمرة لا يؤثر على حجه ولا على عمرته فلا تبطلان ومن حصل منه ذلك فإنه يغتسل غسل الجنابة بعد استيقاظه من النوم إن رأي منياً، ولا فدية عليك لأن الاحتلام ليس باختيارك.
اللجنة الدائمة
***
(الحائض والنفساء في الحج)
س ما حكم المرأة المسلمة التي حاضت في أيام حجها أيجزئها ذلك الحج؟.
ج إذا حاضت المرأة في أيام حجها فإنها تفعل ما يفعله الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت ولا تسعى بين الصفاء والمروة حتى تطهر فإذا طهرت واغتسلت طافت وسعت وإذا كان الحيض حصل لها ولم يبق عليها من أعمال الحج إلا طواف الوداع فإنها تسافر وليس عليها شيء لسقوطه عنها وحجها صحيح والأصل في ذلك ما رواه الترمذي وأبو داود عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال ((النفساء والحائض إذا أتتا على الميقات تغتسلان وتحرمان وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت)) . وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها حاضت قبل أداء مناسك العمرة فأمرها النبي، صلى الله عليه وسلم، أن تحرم بالحج غير أن لا تطوف بالبيت حتى تطهر وأن تفعل ما يفعله الحاج وتدخله على العمرة، وما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها ((أن صفية زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، حاضت فذكرت ذلك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال، صلى الله عليه وسلم، أحابستنا هي؟ قالوا إنها قد أفاضت قال فلا إذا)) . وفي رواية قالت حاضت صفية بعد ما أفاضت. قالت عائشة ذكرت حيضتها لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم، أحابستنا هي؟ قلت يا رسول الله إنها كانت أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلتنفر.
اللجنة الدائمة
***
الحائض تحرم من غير صلاة
س كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام؟.
ج الحائض لا تصلي ركعتي الإحرام بل تحرم من غير صلاة وركعتا الإحرام سنة عند الجمهور،(2/234)
وبعض أهل العلم لا يستحبها لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص، والجمهور استحبوها لما ورد في بعض الأحاديث أن النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول قال الله ــ جل وعلا ــ ((صلّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة)) . أي في وادي العقيق في حجة الوداع، وجاء عن أحد الصحابة أنه صلى ثم أحرم فاستحب الجمهور أن يكون الإحرام بعد صلاة إمَّا فريضة وإمَّا نافلة، يتوضأ ويصلي ركعتين، والحائض والنفساء ليستا من أهل الصلاة فتحرمان من دون صلاة ولا يشرع لهما قضاء هاتين الركعتين.
الشيخ ابن باز
***
إذا حاضت المرأة أو نفست بعد الإحرام
س إذا حاضت المرأة أو نفست بعد أحرمها هل يصح له أن تطوف بالبيت أو ماذا تفعل وهل عليها وداع؟.
ج إذا نفست أو حاضت حين قدومها للعمرة وقفت عن ذلك حتى تطهر، فإذا طهرت تطوف وتسعى وتقصر وتمت عمرتها، فإذا كان هذا بعد العمرة أو بعد ما أحرمت بالحج في اليوم الثامن فإنها تعمل أعمال الحج من الوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار وغير ذلك من التلبية والذكر، فإذا طهرت طافت وسعت لحجها، والحمد لله، فإن جاءها الحيض بعد الطواف والسعي وقبل الوداع سقط عنها الوداع، لأن الحائض والنفساء ليس عليهما وداع.
الشيخ ابن باز
***
ما تفعله الحائض بعد إحرامها بالعمرة
س المرأة المتمتعة إذا أحرمت ثم قبل وصولها البيت الحرام جاءها الحيض فماذا تفعل وهل تحج قبل أن تعتمر؟.
ج تبقى على إحرامها بالعمرة فإن طهرت قبل اليوم التاسع وأمكنها إتمام عمرتها أتمتها، ثم أحرمت بالحج وذهبت إلى عرفة لإكمال بقية المناسك، فإن لم تطهر قبل يوم عرفة فإنها تُدخل الحج على العمرة بقولها ((اللهم إني أحرمت بحج مع عمرتي)) . فتصير قارنة وتقف مع الناس وتكمل الأعمال ويكفيها إحرامها وطوافها يوم العيد أو بعده للزيارة وسعيها عن الحج والعمرة، وعليها هدي قِران كما على المتمتع.
الشيخ ابن جبرين
***(2/235)
إذا حاضت المرأة قبل طواف الإفاضة
س امرأة أصابها الحيض أو النفاس قبل أن تطوف طواف الإفاضة هل يلزمها البقاء في مكة حتى تطهر وتطوف أم يجوز لها السفر إلى جدة أو غيرها ثم ترجع وتطوف إذا طهرت؟.
ج إذا استطاعت أن تبقى في مكة وجب عليها البقاء في مكة حتى تطهر وتكمل حجها فإن لم تستطع فلا مانع من سفرها مع محرمها إلى جدة أو الطائف ونحوهما ثم ترجع مع محرمها بعد الطهر وتكمل مناسكها.
الشيخ ابن باز
***
حكم تأخير طواف الإفاضة للحائض والنفساء إلى ما بعد أشهر الحج
س إذا حاضت المرأة قبل أن تطوف طواف الإفاضة فما حكمها؟ علماً بأنها فعلت كل بقية المناسك، واستمر حيضها حتى بعد أيام التشريق؟
ج إذا حاضت المرأة قبل طواف الحج أو نفست فإنه يبقى عليها الطواف حتى تطهر فإذا طهرت تغتسل وتطوف لحجها ولو بعد الحج بأيام ولو في المحرم ولو في صفر حسب التيسير وليس له وقت محدود، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يجوز تأخيره عن ذي الحجة، ولكنه قول دليل عليه، بل الصواب جواز تأخيره، ولكن المبادرة به أولى مع القدرة فإن أخره عن ذي الحجة أجزأه ذلك ولا دم عليه.
والحائض والنفساء معذورتان فلا حرج عليهما لأنه لا حيلة لهما في ذلك. فإذا طهرتا طافتا سواء كان ذلك في الحجة أو في المحرم.
الشيخ ابن باز
***
حكم سفر الحائض إلى أهلها قبل الطواف وهل يجامعها زوجها
س إذا حاضت المرأة قبل أن تطوف طواف الإفاضة فهل لها أن تسافر إلى أهلها ثم ترجع بعد ذلك لطواف الإفاضة أم عليها الإنتظار حتى تطهر ثم تطوف؟.
ج إذا حاضت قبل طواف الإفاضة انتظرها محرمها حتى تطهر فإن لم يمكن ذلك فلها السفر فإذا طهرت عادت فقضت حجها وفي هذه الحالة لا يقربها زوجها فإن كان لا يمكنها الرجوع كما لو كانت في بلاد بعيدة فلها أن تتلجم وتطوف للضرورة.
الشيخ ابن عثيمين
***(2/236)
إذا حاضت المرأة قبل طواف الإفاضة ولا تستطيع البقاء حتى تطهر
س امرأة حاضت ولم تطف طواف الإفاضة وتسكن خارج المملكة وحان وقت مغادرتها المملكة ولا تستطيع التأخر ويستحيل عودتها للمملكة مرة أخرى فما الحكم؟.
ج إذا كان الأمر كما ذكر امرأة لم تطف طواف الإفاضة وحاضت ويتعذر أن تبقى في مكة أو أن ترجع إليها لو سافرت قبل أن تطوف، ففي هذه الحالة يجوز لها أن تستعمل واحداً من أمرين فإما أن تستعمل إبراً توقف هذا الدم وتطوف وإما أن تتلجم بلجام يمنع من سيلان الدم إلى المسجد وتطوف للضرورة وهذا القول الذي ذكرناه هو القول الراجح والذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وخلاف ذلك واحد من أمرين، إما أن تبقى على ما بقي من إحرامها بحيث لا تحل لزوجها ولا أن يعقد عليها إن كانت غير مزوجة، وإما أن تعتبر محضرة تذبح هدياً وتحل من إحرامها وفي هذه الحال لا تعتبر هذه الحجة لها، وكلا الأمرين أمر صعب فكان القول الراجح هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله في مثل هذه الحال للضرورة، وقد قال الله ــ تعالى ــ (ما جعل عليكم في الدين من حرج) . وقال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) . أما إذا كانت المرأة يمكنها أن تسافر ثم ترجع إذا طهرت فلا حرج عليها أن تسافر فإذا طهرت رجعت فطافت طواف الحج وفي هذه المدة لا تحل للأزواج لأنها لم تحل التحلل الثاني.
الشيخ ابن عثيمين
***
أحرمت بالحج وهي حائض ثم ذهبت إلى جدة
س امرأة أحرمت بالحج من السيل وهي حائض ولما وصلت مكة ذهبت إلى جدة لحاجة لها وطهرت في جدة فاغتسلت ومشطت شعرها ثم أتمت حجها فهل حجها صحيح وهل يلزمها شيء؟.
ج لا حرج في ذلك عليها، وسفرها إلى جدة وهي حائض لا يضر ذلك في حجها وليس عليها شيء، وهكذا امتشاطها إذا لم يكن في ذلك طيب ولا قص شعر، فإن كان في ذلك طيب أو قص شعر فلا شيء عليها إن كانت ناسية أو جاهلة، فإن كانت عامدة عالمة بالحكم الشرعي فعليها فدية عن الطيب، وعن قص الشعر وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد أو ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام عن كل واحد من القص والطيب.
الشيخ ابن باز
***(2/237)
حاضت قبل أن تعتمر ولا يمكنها البقاء حتى تطهر
س قدمت امرأة محرمة بعمرة، وبعد وصولها إلى مكة حاضت. ومحرمها مضطر إلى السفر فوراً وليس لها أحد بمكة، فما الحكم؟.
ج إذا كان الأمر كما ذكر من حيض المرأة قبل الطواف وهي محرمة، ومحرمها مضطر للسفر فوراً وليس لها محرم ولا زوج بمكة، سقط عنها شرط الطهارة من الحيض لدخول المسجد وللطواف للضرورة فتستثفر وتطوف وتسعى لعمرتها، إلا إنْ تيسر لها أن تسافر وتعود مع زوج أو محرم، لقرب المسافة ويسر المؤونة فتسافر وتعود فور انقطاع حيضها لتطوف طواف عمرتها وهي متطهرة، فإن الله تعالى يقول (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) . وقال (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) . وقال (وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ) . وقال (فاتقوا الله ما استطعتم) .
وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ((إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم)) ، الحديث، إلى غير ذلك من نصوص التيسير ورفع الحرج، وقد أفتى بما ذكرنا جماعة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما.
اللجنة الدائمة
***
حاضت أثناء طواف الإفاضة وأكملته حياء
س سافرت امرأة إلى الحج وجاءتها العادة الشهرية منذ خمسة أيام من تاريخ سفرها وبعد وصولها الميقات اغتسلت وعقدت الإحرام وهي لم تطهر من العادة وحين وصولها إلى مكة المكرمة ظلت خارج الحرم ولم تفعل شيئاً من شعائر الحج والعمرة ومكثت يومين في منى ثم طهرت واغتسلت وأدت جميع مناسك العمرة وهي طاهرة ثم عاد الدم إليها وهي في طواف الإفاضة للحج إلا أنها استحت وأكملت مناسك الحج ولم تخبر وليها إلا بعد وصولها إلى بلدهم فما حكم ذلك؟.
ج إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فعلى المرأة المذكورة أن تتوجه إلى مكة وتطوف بالبيت العتيق سبعة أشواط بنية الطواف عن حجها بدلاً من الطواف الذي حاضت فيه، وتصلي بعد الطواف ركعتين خلف المقام أو في أي مكان من الحرم وبذلك يتم حجها.
وعليها دم يذبح في مكة لفقرائها إن كان لها زوج قد جامعها بعد الحج لأن المحرمة لا يحل لزوجها جماعها إلا بعد طواف الإفاضة ورمي الجمرة يوم العيد والتقصير من رأسها.
وعليها السعي بين الصفا والمروة إن كانت لم تسع إذا كانت متمتعة بعمرة قبل الحج، أما إذا كانت قارنة أو مفردة فليس عليها سعي ثان إذا كانت قد سعت مع طواف القدوم.(2/238)
وعليها التوبة إلى الله سبحانه وتعالى مما فعلت من طوافها حين الحيض، ومن خروجها من مكة قبل الطواف، ومن تأخيرها الطواف هذه المدة الطويلة نسأل الله أن يتوب عليها.
الشيخ ابن باز
***
إذا نفست المرأة في يوم الثامن وطهرت بعد عشرة أيام
س المرأة النفساء إذا بدأ نفاسها يوم التروية وأكملت أركان الحج عدا الطواف والسعي إلا أنها لا حظت أنها طهرت مبدئياً بعد عشرة أيام فهل تتطهر وتغتسل وتؤدي الركن الباقي الذي هو طواف الحج؟.
ج نعم إذا نفست في اليوم الثامن مثلاً فلها أن تحج وتقف مع الناس في عرفات ومزدلفة ولها أن تعمل ما يعمل الناس من رمي الجمار والتقصير ونحر الهدي وغير ذلك ويبقي عليها الطواف والسعي تؤجلهما حتى تطهر فإذا طهرت بعد عشرة أيام أو أكثر أو أقل اغتسلت وصلت وصامت وطافت وسعت، وليس لأقل النفاس حد محدود فقد تطهر في عشرة أيام أو أقل من ذلك أو أكثر لكن نهايته أربعون يوماً فإذا تمت الأربعون ولم ينقطع الدم فإنها تعتبر نفسها في حكم الطاهرات، تغتسل وتصلي وتصوم وتعتبر الدم الذي بقي معها على الصحيح ــ دم فساد ــ تصلي معه وتصوم وتحل لزوجها لكنها تجتهد في التحفظ منه بقطن ونحوه وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء كما أوصى النبي، صلى الله عليه وسلم، حمنة بنت جحش بذلك.
الشيخ ابن باز
***
حكم جلوس الحائض في المسعى
س هل يجوز للمرأة الحائض أن تجلس في المسعى؟.
ج نعم يجوز للمرأة الحائض أن تجلس في المسعى. . لأن المسعى لا يعتبر من المسجد الحرام ولذلك لو أن المرأة حاضت بعد الطواف وقبل السعي فأنها تسعى ليس طوافاً.
ولا تشترط له الطهارة. . وعلى هذا فنقول إن المرأة الحائض لو جلست في المسعى تنتظر أهلها فلا حرج عليها في ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
***(2/239)
(التوكيل في الحج)
التوكيل في رمي الجمار
س متى يجوز التوكيل في رمي الجمرات وهل هناك أيام لا يجوز التوكيل فيها.؟
ج يجوز التوكيل في جميع الجمرات للمريض العاجز عن الرمي، والحامل التي تخاف على نفسها، والمرضع التي ليس عند أطفالها من يحفظهم، والشيخ الكبير والعجوز الكبير ونحوهم ممن يعجز عن الرمي وهكذا ولي الصبي والصبية يرمي عنهما. والوكيل يرمي عن نفسه وعن موكّله في موقف واحد عند كل جمرة، يبدأ بنفسه ثم يرمي عن موكله إلا أن يكون متنفلاً فلا يلزمه البدء بالرمي عن نفسه لكن لا يجوز أن يتولّى الرمي إلا من كان حاجاً أما الشخص الذي لم يحجّ فليس له أن يتوكل عن غيره في الرمي ولا يجزيء رميه عن غيره.
الشيخ ابن باز
***
حكم الاستنابة في الرمي للقادر؟
س هل يمكن توكيل شخص عني لرمي الجمرات ثاني أيام التشريق بسبب ظروف عائلية تستوجب عودتي إلى الرياض في هذا اليوم أو أن عليَّ في ذلك دم؟.
ج لا يجوز لأحد أن يستنيب ويسافر قبل إتمام الرمي، بل يجب عليه أن ينتظر فإن كان قادراً رمى بنفسه وأن كان عاجزاً انتظر ووكَّل من ينوب عنه، ولا يسافر الإنسان حتى ينتهي وكيله من رمي الجمار ثم يودع البيت هذا الموكل وبعد ذلك له السفر.
أما إذا كان صحيحاً فليس له التوكيل بل يجب عليه أن يرمي بنفسه لأنه لما أحرم بالحج وجب عليه إكماله كما قال الله ــ تعالى ــ (وَأتَّموا الحجَّ والعُمرةَ لله) . وهكذا العمرة كما في الآية الكريمة إذا شرع فيها وجب عليه الإتمام والإكمال. وليس له أن يوكل في بعض أعمال الحج على الصحيح ما دام قادراً على فعلها. فإن سافر قبل الرمي فعليه دم يطعمه فقراء مكة.
الشيخ ابن باز
***
التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي
س ما حكم التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي؟.(2/240)
ج لا بأس بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة كالحبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رمي الجمار فلا بأس بالتوكيل عنهم أما القوية النشيطة فإنها ترمي بنفسها، ومن عجز عنه نهاراً بعد الزوال رمي في الليل، ومن عجز يوم العيد رمي ليلة إحدى عشرة عن يوم العيد، ومن عجز يوم الحادي عشر، رمي ليلة اثنتي عشرة عن يوم الحادي عشر، ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرمي بعد الزوال رمي في الَّليلة الثالثة عشرة عن يوم الثاني عشر وينتهي الرمي بطلوع الفجر.
أما في النهار فلا يرمي إلا بعد الزوال في أيام التشريق.
الشيخ ابن باز
***
حكم التوكيل في الرمي من اجل الزحام وغيره
س هل يجوز أن توكل المرأة في رمي الجمرات خشية الزحام وحجها فريضة، أو ترمي بنفسها؟.
ج يجوز عند الزحام في رمي الجمرات أن توكل المرأة من يرمي عنها، ولم كانت حجتها حجة الفريضة وذلك من أجل مرضها أو ضعفها، والمحافظة على حملها إن كانت حاملاً، وعلى عرضها وحرمتها حتى لا تنتهك حرمتها.
اللجنة الدائمة
***
س امرأة أدت الحج وقامت بجميع مناسكه إلا رمي الجمار فقد وكلت من يرميه عنها لأن معها طفلاً صغيراً علماً أن هذا الحج هو حج الفريضة فما حكم ذلك؟ أفتونا مأجورين؟.
ج لا شيء عليها في ذلك ورمي الوكيل يجزيء عنها لما في الزحام وقت رمي الجمار من الخطر العظيم على النساء ولا سيما من معها طفل.
الشيخ ابن باز
***
حكم توكيل القادر من أجل زحام السيارات
س هل يجوز لم يقود سيارته وحبسه السير بالطريق حتى صلاة العصر أن يوكل عنه في رمي الجمرات؟.
ج يجب على من ذكر أن يرمي بنفسه مادام قادراً على ذلك، وهو الذي أقحم نفسه بني السيارات(2/241)
باختياره، وقد كان بوسعه أن يرمي ثم يقود سيارته، ومع ذلك فهذا القائد بقي له ما بين العصر والمغرب، وهو وقت واسع لتصريف أمره من أجل الرمي وصلاة العصر في وقتها.
اللجنة الدائمة
***
حكم التوكيل في الرمي وفي طواف الوداع
س ما حكم من وكل في رمي الجمرات في اليوم الثاني؟ وما حكم من وكل في طواف الوداع وذهب إلى بلده هل يجوز ذلك علماً بأن المتوكل شاب؟.
ج أولاً إذا كان الموكل عاجزاً عن الرمي بنفسه وكان وكيله حاجاً مكلفاً ويتحرى من يثق به في ذلك صح التوكيل في الرمي ولو كان الوكيل شاباً ثم يرمي الوكيل عن نفسه أولاً وعمن وكله ثانياً، أما إن كان الموكل قادراً على الرمي بنفسه أو كان الوكيل غير مكلف أو غير حاج فلا يصح توكيله في الرمي وعليه دم.
ثانياً لا يصح التوكيل في طواف الوداع ولا في طوافٍ آخر بالبيت، ومن وكل في طواف الوداع ولم يطفه بنفسه أثم ووجب عليه دم لتركه طواف الوداع يذبح بالحرم وليس للموكل أن ينفر حتى يرمي وكيله، ويطوف بنفسه طواف الوداع بعد الانتهاء من الرمي. .
اللجنة الدائمة
***
التوكيل في الطواف لا يجوز
س ذهبت والدتي مع والدي للحج وكان معهما ثلاثة رجال من الجماعة وكل منهم مصطحب زوجته معه كي يؤدوا فريضة الحج.
أدوا الفريضة وعند طواف الوداع كان الحرم مزدحماً بالحجيج وعند ذلك لم تستطع النساء اللاتي مع والدتي النزول إلى داخل الحرم فوكلن أزواجهن لكن والدتي نذرت بأن تطوف وفعلاً أوفت بنذرها، سؤالي هو ما حكم نذرها وهي داخل الحرم وهل يجوز الوكالة عند الطواف؟.
ج لا يجوز التوكيل في الطواف سواء كان طواف الزيارة أو طواف الوداع، فمن تركه لم يتم حجه لكن طواف الوداع يجبره بدم يذبح بمكة لمساكين الحرم، كما أن طواف الوداع يسقط عن المرأة الحائض أو النفساء إذا كانت قد طافت للزيارة، فأما هذا النذر فلا أهمية له والطواف الواجب لا يحتاج إلى نذر لأنه واجب بأصل الشرع فمن نذر طوافاً غير واجب عليه لزمه وصار واجباً بالنذر لقوله تعالى ((ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق)) .
الشيخ ابن جبرين
***(2/242)
من ناب عن غيره في الرمي إضافة إلى نفسه يبدأ بنفسه أولا
س إذا ناب المرء عن أبيه وأمه في رمي الجمار إضافة إلى نفسه فهل يلزمه ترتيب معين في الرمي أم أنه مخير في تقديم من يشاء؟.
ج إذا ناب الإنسان عن أمه وأبيه في الرمي لعجزهما أو مرضهما فإنه يرمي عن نفسه ثم يرمي عن والديه وإذا بدأ بالأم فهو أفضل لأن حقها أكبر ولو عكس فبدأ بالأب فلا حرج أما هو فيبدأ بنفسه ولا سيما إذا كان مفترضاً.
أما إذا كان متنفلاً فلا يضره سواء بدأ بنفسه أو بهما لكن إذا بدأ بنفسه هو الأفضل والأحسن ثم يرمي عن أمه ثم يرمي عن أبيه في موقف واحد في يوم العيد لكن في غير يوم العيد يكون الرمي بعد الزوال يرمي عن كل منهم إحدى وعشرين حصاة في كل جمرة ولو قدم بعضها على بعض فلا حرج ولو قدم رمي أبيه على أمه أو قدم رميهما على نفسه إذا كان متنفلاً أما إذا كان مفترضاً فيجب أن يبدأ بنفسه ثم يرمي عن والديه.
الشيخ ابن باز
***
حكم التوكيل في السعي
س ما حكم من عجز عن السعي في الحج أو العمرة وهل له أن ينيب من يسعى بدله أو يطوف مثلاً؟ وما الحكم إذا عوفي بعد فوات وقت الحج؟.
ج لا يصح أن يوكل من يطوف أو يسعى عنه بل يلزمه الطواف والسعي بنفسه ولو محمولاً على سرير أو على عربة فإن لم يستطع لقوة المرض بقيَ بإحرامه حتى يشفى ولو عدة أشهر إذا كان يرجى له الشفاء ولا يجوز له إلغاء الإحرام فإنه لا يبطل بالإبطال فإن أيس من زوال المرض فهو كالمحصر يذبح شاة ويطعمها مساكين الحرم ويتحلل لقوله تعالى (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) .
فإن لم يجد قيمة الشاة صام عشرة أيام ثم حل. فإن مرض قبل عرفة وفاته الوقوف فقد فاته الحج فعليه التحلل بعمرة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***(2/243)
(أعمال الحج)
أعمال يوم النحر وحكم التقديم والتأخير فيها
س ما هو الأفضل للحاج في أعمال يوم النحر وهل يجوز التقديم والتأخير؟.
ج السنة في يوم النحر أن يرمي الجمرات برمي جمرة العقبة وهي التي تلي مكة يرميها بسبع حصيات، كل حصاة على حده، يكبر مع كل حصاة، ثم ينحر هديه إن كان عنده هدي، ثم يحلق رأسه أو يقصره والحلق أفضل، ثم يطوف ويسعى إن كان عليه سعي هذا هو الأفضل كما فعله النبي، صلى الله عليه وسلم، فإنه رمى ثم نحر ثم حلق ثم ذهب إلى مكة فطاف عليه والصلاة والسلام. هذا الترتيب هو الأفضل الرمي ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف والسعي إن كان عليه سعي، فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج فلو نحر قبل أن يرمي أو أفاض قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يرمي أو حلق قبل أن يذبح كل هذا لا حرج فيه. والنبي، صلى الله عليه وسلم، سئل عن من قدم أو أخَّر فقال ((لا حرج لا حرج)) .
الشيخ ابن باز
***
معنى التحلل الأول والثاني
س ماذا يقصد بالتحلل الأول والتحلل الثاني؟.
ج يقصد بالتحلل الأول إذا فعل اثنين من ثلاثة، إذا رمى وحلق أو قصر، أو رمى وطاف، أو طاف وحلق أو قصر فهذا هو التحلل الأول وإذا فعل الثلاثة الرمي، والطواف، والحلق أو التقصير، فهذا هو التحلل الثاني، فإذا فعل اثنين فقط، لبس المخيط وتطيب وحل له كل ما حرم عليه ما عدا الجماع فإذا جاء بالثالث وكمل ما بقي عليه حل له الجماع، وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا رمى الجمرة يوم العيد يصح له التحلل الأول، وهو قول جيد، ولو فعله إنسان فلا حرج عليه إن شاء الله لكن الأولى والأحوط ألا يعجل حتى يفعل معه ثانياً بعده، الحلق أو التقصير أو يضيف إليه الطواف لحديث عائشة وإن كان في إسناده نظر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال ((إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء)) . ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، ولأنه، صلى الله عليه وسلم، لما رمى الجمرة يوم العيد ونحر هديه وحلق، طيبته عائشة وظاهر النص أنه لم يتطيب إلا بعد أن رمى(2/244)
ونحر وحلق، فالأفضل والأحوط أن لا يتحلل التحلل الأول إلا بعد أن يرمي وحتى يحلق أو يقصر وإن تيسر أيضاً أن ينحر الهدي بعد الرمي وقبل الحلق فهو أفضل وفيه جمع بين الأحاديث.
الشيخ ابن باز
***
(الطواف والسعي)
ركعتا الطواف تجزيء عن تحية المسجد
س إذا أردت العمرة أو الحج وأحرمت ودخلت المسجد الحرام، فهل أصلي ركعتين تحية المسجد، أم أدخل في الطواف مباشرة؟.
ج المشروع لمن دخل المسجد الحرام من الحجاج والعمار أن يبدأ بالطواف وتكفيه ركعتا الطواف عن تحية المسجد، إلا أن يكون هناك عذر شرعي يمنعه من الطواف حين دخول المسجد، فإنه يصلي ركعتي التحية ثم يطوف متى تيّسر له ذلك، وهكذا لو دخل المسجد وقد أُقيمت الصلاة، فإنه يصلي مع الناس ثم يطوف بعد ذلك. . والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
الطواف بعيدا عن الكعبة
س ما حكم الطواف وراء المقام أو وراء زمزم؟.
ج لا حرج في ذلك حتى ولو طاف في الأروقة أجزأه ذلك، ولكن كل مادنا من الكعبة كان أفضل وإذا كان هناك سعة وليس فيه زحمة فدنا من الكعبة فهو أفضل، وإن شق عليه ذلك طاف من بعيد ولا حرج في ذلك.
الشيخ ابن باز
***
حكم الطواف في الطابق العلوي للحرم
س لقد كنت حاجاً في العام الماضي ((سنة 1400هـ)) ولما رجعت في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد زوال الشمس مباشرة ذهبت إلى الطواف بالكعبة طواف الوداع وكان ذهابي من موقع خيامنا الكائن في آخر منى إلى المرجم إلى الحرم سيراً على الأقدام ولما وصلنا إلى الحرم وجدناه مكتظاً(2/245)
بالناس ويكادون أن يصلوا بطوافهم إلى الأروقة في المسجد وكان الوقت ظهراً وكنا متعبين من السير فقال لي صاحباي هلموا لنطوف في الطابق العلوي تفادياً للزحمة والشمس وطفنا وهبنا إلى بلدنا، ولما ذهبنا في هذا العام للحج سألت بعض شيوخ إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في منى فمنهم من قال لكثرة زحمة الناس وطوافهم تحت الأروقة فلا بأس أن يطوفوا فوق، ومنهم من قال لا يجوز لأن مستوى الطابق العلوي أعلى من مستوى الكعبة أرجو من سماحتكم بيان هذه النقطة؟.
ج إذا كان الواقع كما ذكر فلا حرج عليكم وطوافكم صحيح. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
الطواف يجزيء بنية الحامل والمحمول..
س إذا كان الساعي أو الطائف يحمل طفلاً صغيراً أو كان يحمل مريضاً فهل يجزيء السعي أو الطواف عن الكل الحامل والمحمول أم لا؟..
ج يجزيء عنهما بنية الحامل وبنية المحمول المميز في أصح قولي العلماء.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم،،،
اللجنة الدائمة
***
حكم الطواف داخل الحجر
س رجل طاف من داخل حجر إسماعيل وسعى وحل والإحرام ثم ذهب إلى داره وجامع زوجته هل عليه إثم في ذلك؟.
ج هذه العمرة فاسدة لأن طوافه غير صحيح فعليه أن يعيد الطواف والسعي ويقصر شعره وعليه دمٌ، شاة تذبح في مكة عن جماعه زوجته قبل إتمام عمرته لأن طوافه من داخل الحجر غير صحيح، لابد أن يطوف من رواء الحجر وبذلك تتم عمرته الفاسدة ثم يأتي بعمرة أخرى صحيحة يحرم بها منه الميقات الذي أحرم منه بالأولى. هذا هو الواجب عليه لإفساده عمرته بالجماع، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/246)
حكم الطواف داخل الحجر
س هل يصح للحاج أو المعتمر أثناء الطواف بالبيت أن يدخل من حجر إسماعيل أثناء الطواف؟.
ج لا يجوز لطائف بالبيت في حج أو عمرة أو طواف نفل أن يدخل من حجر إسماعيل ولا يجزئه ذلك لو فعله لأن الطواف بالبيت، والحجر من البيت لقول الله ــ سبحانه وتعالى ــ (ولْيطَّوَّفوا بالبيت العتيق) . ولما روى مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت سألت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن الحجر فقال هو من البيت وفي لفظ قالت إني نذرت أن أصلي في البيت قال صلي في الحجر فإن الحجر من البيت. . .
اللجنة الدائمة
***
حكم تقبيل الحجر الأسود للنساء في حال الزحام
س يقول السائل رأيت بعض الطائفين يدفع نساءه لتقبيل الحجر فأيهما أفضل تقبيل الحجر أو البعد عن مزاحمة الرجال؟.
ج إذا كان هذا السائل رأى هذا الأمر العجيب فأنا رأيت أمراً أعجب منه رأيت من يقول قبل أن يسلم من الصلاة المفروضة ليسعى بشدة إلى تقبيل الحجر فيبطل صلاته المفروضة التي هي أحد أركان الإسلام لأجل أن يفعل هذا الأمر الذي ليس بواجب وليس بمشروع أيضاً إلا إذا كان قرن بالطواف، وهذا من جهل الناس الجهل المطبق الذي يأسف الإنسان له فتقبيل الحجر واستلام الحجر ليس بسنة إلا في الطواف لأني لا أعلم أن استلامه مستقلاً عن الطواف من السنة وأنا أقول لا أعلم وأرجوا ممن عنده علم خلاف ما أعلم أن يبلغنا به جزاه الله خيراً، إذاً فهو من مسنونات الطواف، ثم إنه ليس بمسنون إلا حيث لا يكون في ذلك أذية لا على الطائف ولا على غيره فإن كان في ذلك أذية على الطائف أو على غيره فإننا ننتقل إلى المرتبة الثانية التي شرعها لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بحيث أن الإنسان يستلم الحجر بيده ويقبل يده فإن كانت هذه المرتبة لا تمكن أيضاً إلا بأذى أو مشقة فإننا ننتقل إلى المرتبة الثالثة التي شرعها لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهي الإشارة إليه فنشير إليه بيدنا لا بيدينا الثنتين ولكن بيدنا الواحدة اليمنى نشير إليه ولا نقبلها هكذا كانت سنة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الأمر أفظع وأشد كما يذكر السائل إنه كان يدفع بنسائه ربما تكون امرأته حاملاً أو عجوزاً أو فتاة لا تطيق أو صبياً يرفعه بيده ليقبل الحجر كل هذا من الأمور المنكرة لأنه(2/247)
يحصل بذلك ضرر على الأهل، ومضايقة ومزاحمة للرجال، وكل هذا مما يكون دائراً بين التحريم أو
الكراهية، فعلى المرء أن لا يفعل ذلك مادام الأمر ولله الحمد واسعاً فأوسع على نفسك ولا تشدد فيشدد الله عليك.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم استلام الركن اليماني والإشارة إليه
س ما حكم المسح أو الإشارة إلى الركن الجنوبي الغربي للكعبة المشرفة أثناء الطواف وكم عدد التكبيرات التي تقال عنده وعند الحجر الأسود أفيدونا؟.
ج يشرع للطائف أن يستلم الحجر الأسود والركن اليماني في كل شوط من أشواط الطواف، كما يستحب له تقبيل الحجر الأسود خاصة في كل شوط مع الاستلام حتى في الشوط الأخير إذا تيسر ذلك من دون مشقة أما مع المشقة فيكره الزحام، ويشرع أن يشير إلى الحجر الأسود بيده أو عصاه ويكبر. . . أما الركن اليماني فلم يرد فيما نعلم ما يدل على الإشارة إليه وإنما يستلمه بيمينه إذا استطاع من دون مشقة ولا يقبله ويقول باسم الله والله أكبر أو الله أكبر. . أما مع المشقة فلا يشرع له استلامه ويمضي في طوافه من دون إشارة أو تكبير لعدم ورود ذلك عن النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم ــ كما أو ضحت ذلك ــ في كتابي ((التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة)) .
أما التكبير فيكون مرة واحدة ولا أعلم ما يدل على شرعية التكرار، ويقول في طوافه كله ما تيسر من الدعوات والأذكار الشرعية ويختم كل شوط بما ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يختم به كل شوط وهو الدعاء المشهور ((ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)) .
وجميع الأذكار والدعوات في الطواف والسعي سنة وليست واجبة والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
هل تشترط الطهارة للطواف والسعي
س هل يلزم للطواف والسعي طهارة؟.
ج تلزم الطهارة في الطواف فقط، أما السعي فالأفضل أن يكون عن طهارة وإن سعى بدون طهارة أجزأ ذلك.
الشيخ ابن باز
***(2/248)
حكم من مس امرأة في الطواف
س رجل كان يطوف طواف الإفاضة في زحام شديد ولا مس جسم امرأة أجنبية عنه هل يبطل طوافه ويبدأه من جديد قياساً على الوضوء أم لا؟.
ج لمس الإنسان جسم المرأة حال طوافه أو حال الزحمة في أي مكان لا يضر طوافه ولا يضر وضوءه في أصح قولي العلماء وقد تنازع الناس في لمس المرأة هل ينقض الوضوء على أقوال قيل لا ينقض مطلقاً وقيل ينقض مطلقاً وأن الرجل إذا مس المرأة أو قبلها لا ينتقض وضوؤه في أصح الأقوال لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قبَّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، ولأن الأصل سلامة الوضوء وسلامة الطهارة فلا يجوز القول بأنها منتقضة بشيء إلا بحجة قائمة تدل على نقض الوضوء بلمس المرأة مطلقاً أما قوله ــ تعالى ــ (أو لامستم النساء) . فالصواب في تفسيرها أن المراد به الجماع وهكذا القراءة الأخرى (أو لمستم النساء) فالمراد بها الجماع كما قال ابن عباس وجماعة وليس المراد به مجرد مس المرأة كما يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه بل الصواب في ذلك هو الجماع كما يقوله الوضوء، ولو مس امرأته أو قبلها فوضوؤه صحيح ما لم يخرج منه شيء.
الشيخ ابن باز
***
رمى الجمرة الكبرى قبل منتصف الليل وطاف على غير طهارة
س أنا حاج رميت الجمرة الكبرى قبل منتصف الليل ثم توجهت من فوري إلى الحرام لطواف الإفاضة وأثناء ذلك انتفض وضوؤه فأكملت الطواف ونظراً لزجمة ما حول المقام لم أتمكن من تأدية ركعتي الطواف ثم غادرت حدود الحرم ومنى ولم أعد إلا بعد صلاة المغرب فهل أخللت بشيء من مناسك الحج علماً بأن حجي كان مفرداً؟.
ج رمي الجمرة قبل نصف الليل لا يجوز، فإن أول وقت لرمي الجمرة بعد نصف ليلة النحر عند جمع من أهل العلم فلا يجوز رميها قبل ذلك.
ثانياً طوافه إن كان قبل نصف الليل فكذلك لا يصح، وأن كان بعد نصف الليل لم يصح أيضاً لكونه طاف على غير طهارة وانتقض وضوؤه أثناء الطواف فهو على كل حال لم يطف على الصحيح، فعليه أن يعيد الرمي وعليه أن يعيد الطواف بعد ذلك بنية طواف الإفاضة وبنية رمي الجمرة يوم العيد، ولا يجزئه طوافه الذي أحدث فيه وإذا لم يتذكر ولم ينتبه إلا بعد مضي أوقات(2/249)
الرمي فعليه دم لأنه ما رمي في الحقيقة فعليه دم يذبحه بنية ترك الرمي، وعليه الطواف في أي وقت فيطوف ولو في آخر ذي الحجة وفي محرم متى ذكر حتى يكمل حجة، والدم يذبحه في مكة ويوزع بين فقراء الحرم. والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***
إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف
س ما الحكم إذا أقيمت الصلاة والحاج أو المعتمر لم ينته من إكمال الطواف أو السعي؟.
ج يصلي مع الناس ثم يكمل طوافه وسعيه من حيث انتهى، يبدأ من حيث انتهى.
الشيخ ابن باز
***
أقيمت الصلاة وهو في الطواف
س لو أن إنساناً بدأ بالطواف بالبيت العتيق ثم طاف ثلاثة أشواط أو أربعة وما تيسر ثم أقيمت الصلاة فماذا يفعل هل يقطع الطواف أم يكمل وإذا قطعه فهل يبني على ما طاف أولاً أم يبدأ من جديد؟.
ج إذا أقيمت الصلاة وهو في أثناء الطواف فإنه يصلي وبعد فراغه من صلاته يكمل ما بقي من طوافه ولكن لا يعتد بالشوط الأخير من الأشواط قبل الصلاة إذا كان هذا الشوط غير كامل والشوط الكامل هو ما كان من الحجر الأسود فإذا لم يكن كاملاً بدأ من الحجر الأسود وهذا فيه احتياط من الخلاف.
الشيخ ابن باز
***
من شك في عدد أشواط الطواف فإنه يبني علي اليقين
س في رمضان الفائت قمت بأداء مناسك العمرة ولكني في نهاية الطواف انتابني الشك في عدد الأشواط أهي ستة أم سبعة وخوفاً من النقص في عدد الأشواط وقطعاً للشك طفت زيادة شوط.
ولا أدري هل عملي هذا صحيح أم لا؟ وهل عليَّ شيء في ذلك؟.
ج قد أحسنت في ذلك وهذا هو الواجب عليك فإن الواجب على من شك في عدد أشواط الطواف أو السعي هو البناء على اليقين وهو الأقل كما لو شك في الصلاة هل صلى ثلاثاً أم أربعاً فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ويأتي بالرابعة ويسجد للسهو إن كان إماماً أو منفرداً أما إن كان(2/250)
مأموماً فهو تابع لإمام وهكذا الطواف والسعي إذا شك الطائف هل طاف هل ستة أو سبعة فإنه يبني على اليقين وهو الأقل ويأتي بالسابع ولا شيء عليه والله وفي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم ركعتي الطواف وأين تصلى؟
س هل ركعتا الطواف خلف المقام تلزم لكل طواف وما حكم من نسيها؟.
ج لا تلزم خلف المقام وإنما تجزيء الركعتان في كل مكان في الحرم ومن نسيها فلا
حرج عليه لأنها سنة وليست واجبة. والله الموفق.
الشيخ ابن باز
***
من لم يستطع طواف القدوم فماذا عليه.
س من لم يستطع طواف القدوم لأنه لم يصل إلى مكة إلا عصر يوم عرفة فهل يذهب لعرفة مباشرة دون المرور بالحرم وماذا عليه؟.
ج هو مخيّر إن شاء دخل مكة وطاف وسعى وبقي على إحرامه وخرج إلى عرفات ووقف بها ما شاء الله ولو في الليل ثم ينصرف إلى مزدلفة للمبيت بها. وإن شاء قصد عرفات ووقف بها حتى الغروب ثم نفر إلى مزدلفة مع الناس وصلى بها المغرب والعشاء وبات بها. ثم يطوف ويسعى بعد ذلك في يوم النحر أو بعده ولا حرج عليه في ذلك ولا دم عليه إذا قد احرم بالحج فقط أما إن كان أحرم بالحج والعمرة جميعاً فعليه هدي تمتع سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو ثني من المعز أو جذع من الضان يذبح في منى أو في مكة ويأكل منه ويتصدق لقول الله سبحانه (لِيَشْهَدُوا مَنافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) .
الشيخ ابن باز
***
مات قبل أن يطوف طواف الإفاضة
س حكم من أتم أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة، ثم توفي هل يطاف عنه أو لا؟.
ج من أتم أعمال الحج ماعدا طواف الإفاضة ثم مات قبل ذلك لايطاف عنه لقول ابن عباس رضي الله عنهما ((بينما رجل واقف مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ وقع عن راحلته فوقصته فمات، فذكر ذلك للنبي، صلى الله عليه وسلم، فقال ((اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه،(2/251)
فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبياً)) . . . رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن، فلم يأمر النبي، صلى الله عليه وسلم بالطواف عنه. بل أخبر بأن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً، لبقائه على إحرامه بحيث لم يطف ولم يُطَف عنه.
اللجنة الدائمة
***
حكم تأخير السعي عن الطواف
س ما حكم من طاف طواف الإفاضة ولم يسع حتى غربت الشمس بعد آخر أيام التشريق وما حكم السعي إذا سعى بعد غروب الشمس من ذلك اليوم وبعد أيام التشريق؟.
ج سعيك آخر أيام التشريق أو بعد التشريق صحيح ولا حرج عليك في تأخير لأنه ليس من شروط صحته أن يكون متصلاً بالطواف لكن من الكمال أن يكون بعد الطواف متصلاً به تأسياً بالنبي، صلى الله عليه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
حكم تقديم طواف الإفاضة قبل الرمي أو قبل الوقوف بعرفة
س هل يجوز تقديم طواف الإفاضة والسعي قبل رمي جمرة العقبة الكبرى أو قبل الوقوف بعرفة أفيدونا أفادكم الله؟.
ج يجوز تقديم الطواف والسعي للحج قبل الرمي لكن لا يجزيء طواف الحج قبل عرفات ولا قبل نصف الليل من ليلة النحر بل إذا انصرف منها ونزل من مزدلفة ليلة العيد يجوز له أن يطوف ويسعى في النصف الأخير من ليلة النحر وفي يوم النحر قبل أن يرمي ((سأل رجل النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال أفضت قبل أرمي قال لا حرج)) . فإذا نزل من مزدلفة صباح العيد أو في آخر الليل كالنساء وأمثالهم جازلهم البدء بالطواف لئلا تحيض المرأة وهكذا الرجل الضعيف يبدأ بالطواف ثم يرمي بعد ذلك لا حرج في ذلك ولكن الأفضل أنه يرمي ثم ينحر الهدي إن كان عنده هدي ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل ثم يطوف الطواف الأخير كما فعل الرسول، صلى الله عليه وسلم، حينما رمى الجمرة يوم العيد ثم نحر هديه ثم حلق رأسه ثم تطيب ثم ركب إلى البيت فطاف ولكن لو قدم بعضها على بعض بأن ينحر قبل أن يرمي أو حلق قبل أن ينحر، أو حلق قبل أن يرمي أو طاف قبل أن يرمي أو طاف قبل أن يذبح أو طاف قبل أن يحلق كل ذلك مجزيء بحمد الله لأن الرسول، عليه الصلاة والسلام، سئل عن التقديم والتأخير فقال ((لا حرج لا حرج)) .
الشيخ ابن باز
***(2/252)
حكم تأخير طواف الإفاضة
س طواف الإفاضة هل يجوز تأخيره مع طواف الوداع، وهل للحاج أن يفصل بين الأشواط السبعة يشرب ماء وغيره؟.
ج يجوز تأخير طواف الإفاضة خوف زحام ونحوه، فإذا طافه عند الخروج ونوى به الإفاضة والوداع كفى بذلك عن الإثنين فيخرج بعده حيث يصدق عليه أن آخر عهده بالبيت مع أن الأفضل كون طواف الإفاضة يوم العيد أو في أيام التشريق وله تأخيره عن ذلك.
أما الفصل بين الأشواط فيجوز إذا كان يسيراً كتجديد وضوء وشرب ماء وصلاة مكتوبة أو صلاة جنازة ونحو ذلك.
فأما الفصل الطويل بنصف ساعة أو أكثر فالصحيح أنه يبطل ما مضي فعليه بعد الفصل أن يستأنف الطواف من أوله وهكذا يقال في السعي بين الصفا والمروة والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
طواف الإفاضة يجزيء عن طواف الوداع
س ما حكم من أخَّر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وجعله طوافاً واحداً بنية طواف الإفاضة والوداع معاً، وهل يجوز أن يؤدي طواف الإفاضة ليلاً؟.
ج لا حرج في ذلك إذا طاف عند السفر بعد أعمال الحج فإن طوافه للإفاضة يكفيه عن طواف الوداع، سواء نوى طواف الوداع مع طواف الإفاضة أو لم ينو، المقصود
أن طواف الإفاضة يكفي وحده عن طواف الوداع إذا كان عند الخروج وإن نواهما جميعاً فلا حرج في ذلك.
ويجوز أن يؤدي طواف الإفاضة وطواف الوداع ليلاً أو نهاراً.
الشيخ ابن باز
***
الواجب بعد طواف الوداع
س ما الواجب على الحاج بعد طواف الوداع؟.
ج طواف الوداع هو آخر أعمال الحج فعليه بعده أن يحاول الوقوف بالملتزم ويدعو بما تيسر ويسأل ربه أن يرزقه العودة إلى البيت وأن يكون هذا آخر العهد به ثم يخرج على هيئته المعتادة ولا يشرع مشيه القهقرى بل يمشي ويجعل البيت خلفه كالمعتاد ثم يسافر بعده فإن أقام طويلاً كنصف يوم(2/253)
لغير ضرورة أعاد الوداع فإن اتجر أي باع واشترى أو عمل عملاً يدل على رغبة في الإقامة أعاد الوداع أما إن اشترى شيئاً لسفره أو لحاجة أهله فلا يلزمه الإعادة والله أعلم
الشيخ ابن جبرين
***
لم يتمكن من الخروج بعد طواف الوداع
س ردجل حج وأدى طواف الوداع بالليل ولم يتمكن من الخروج من مكة بعد الطواف وبات في مكة حتى الصباح ثم سافر فما الحكم؟.
ج المشروع أن يكون طواف الحاج للوداع عند مغادرته لمكة لحديث ابن عباس المتفق عليه ((أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض)) . وما دام طاف بنية الخروج بالليل ولم يتمكن من الخروج إلا في الصباح فلا شيء عليه في ذلك إن شاء الله ولو كان أعاد الطواف عند الخروج لكان أحوط.
اللجنة الدائمة
حكم تأخير طواف الوداع بسبب الزحام
س نحن من سكان جدة قدمنا العام الماضي للحج وأكملنا جميع المناسك ماعدا طواف الوداع فقد أجلناه إلى نهاية شهر ذي الحجة وبعد أن خف الزحام عدنا. فهل حجنا صحيح؟.
ج إذا حج الإنسان وأخر طواف الوداع إلى وقت آخر فحجه صحيح وعليه أن يطوف للوداع عند خروجه من مكة فإن كان في خارج مكة كأهل جدة وأهل الطائف والمدينة وأشباههم فليس له النفير حتى يودع البيت بطواف سبعة أشواط حول الكعبة فقط، ليس فيه سعي لأن الوداع ليس فيه سعي بل طواف فقط.
فإن خرج ولم يودع البيت فعليه دم عند جمهور أهل العلم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء والمساكين وحجه صحيح كما تقدم، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم.
فالحاصل أن طواف الوداع نسك واجب في أصح أقوال أهل العلم وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عن هما أنه قال ((من ترك نسكاً أو نسيه فليرق دماً)) وهذا نسك تركه الإنسان عمداً فعليه أن يريق دماً يذبحه في مكة للفقراء والمساكين، وكونه يرجع بعد ذلك لا يسقطه عنه، هذا هو المختار وهذا هو الأرجح عندي، والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***(2/254)
ليس على الحائض والنفساء طواف وداع
س هل الحائض والنفساء يلزمها طواف الوداع والعاجز والمريض مع العلم أنني سأل عندما حدث هذا في منى ولكن العلماء ما تطابقوا منهم من قال ما يلزمهن طواف الوداع ومنهم من قال يلزم أن يأتين بطواف الوداع؟.
ج ليس على الحائض ولا النفساء طواف وداع، وأما العاجز فيطاف به محمولاً وهكذا المريض لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) ولما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ((أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض)) . وجاء في حديث آخر ما يدل على أن النفساء مثل الحائض ليس عليها وداع.
اللجنة الدائمة
***
حكم من ترك شوطا من طواف الوداع لعذر
س حججت ومعي جماعة وأتممنا حجنا ولله الحمد إلا أنه في نهاية الشوط السادس من طواف الوداع أغمى على زوجتي فاضطررت إلى حملها خارج الحرم ولم نتمكن أنا وأخوها وهي من إتمام الشوط السابع فهل علينا شيء؟.
ج إذا كنتم لم تعيدوا طواف الوداع فعلى كل واحد منكم دم يذبح في مكة لفقراء الحرم لأن طواف الوداع واجب على كل حاج يريد الخروج من مكة، وفي تركه دم، والدم الواجب هو سبع بدنة أو سبع بقرة أو رأس من الغنم ثني من المعز أو جذع من الضأن سليم من العيوب كالضحية. مع التوبة والاستغفار لأن طواف الوداع لا يجوز
تركه لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) . خرجه مسلم في صحيحه ولقول ابن عباس رضي الله عنهما ((أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض)) . متفق عليه والنفساء حكمها حكم الحائض عند أهل العلم.
الشيخ ابن باز
***
حكم من ترك طواف الوداع من الحجاج
س حكم من ترك طواف الوداع من الحجاج؟.
ج قد صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((لا ينفر أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) .
أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وخرجه الشيخان من حديثه أيضاً(2/255)
قال ((أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض)) . وقد ودع عليه الصلاة والسلام البيت حين فرغ من أعماله في حجة الوداع وأراد السفر وقال خذوا عني مناسككم هذه الأحاديث، كلها تدل على وجوب طواف الوداع إلا على الحائض والنفساء، فمن تركه من الحجاج فعليه دم لكونه خالف السنة وترك نسكاً واجباً هذا هو الصحيح من أقوال العلماء. وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال (من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً) وهذا قول أكثر العلماء أما الحائض والنفساء فليس عليهما وداع لحديث ابن عباس المذكور وما جاء في معناه.
الشيخ ابن باز
***
طواف الوداع واجب من واجبات الحج
س أنا من سكان جدة وقد حججت سبع مرات إلا أنني لم أطف طواف الوداع لأن بعض الناس قال إن سكان جده ليس عليهم وداع هل حجي صحيح أم لا أفيدوني جزاكم الله خيراً؟.
ج الواجب على سكان جدة وأمثالهم ألا ينفروا من الحج إلا بعد طواف الوداع كأهل الطائف وأشباههم.
لعموم قوله، صلى الله عليه وسلم، يخاطب الحجيج ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) . خرّجه مسلم في صحيحه وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهم قال ((أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض)) . وعلى من ترك ذلك دم وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم ثني من الماعز أو جذع من الضأن يذبح في مكة ويوزع في فقراء الحرم.
مع التوبة والاستغفار والعزم الصادق على ألا يعود إلى مثل ذلك أما الحائض والنفساء فلا وداع عليهما، وهكذا المعتمر لا وداع عليه في أصح قولي العلماء وهو قول جمهور أهل العلم وحكماه ابن عبد البر إجماعاً لأدلة كثيرة منها أنه، صلى الله عليه وسلم، لم يأمر الذين حلوا عمرتهم في حجة الوداع بطواف الوداع إذا خرجوا من مكة.
ومنها أنه أمر المحلين بمكة في حجة الوداع أن يتوجهوا من منازلهم إلى منى ثم إلى عرفة ولم يأمرهم بطواف الوداع والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم السفر إلى جدة قبل طواف الوداع للحاج
س هل يجوز للحاج أن يسافر إلى جدة دون أن يطوف الوداع ومالذي يلزم من فعل ذلك؟.(2/256)
ج لا يجوز للحاج أن ينفر من مكة بعد الحج إلا بعد طواف الوداع لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) . رواه مسلم.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال ((أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض)) . فلا يجوز لأهل جدة ولا لأهل الطائف ولا غيرهم الخروج من مكة بعد الحج إلا بعد الوداع فمن سافر قبل الوداع فإن عليه دماً لكونه ترك واجباً.
وقال بعض أهل العلم لو رجع بنية طواف الوداع أجرأه ذلك سقط عنه الدم. ولكن هذا فيه نظر والأحواط للمؤمن مادام سافر مسافة قصر ولم يودع البيت فإن عليه دماً يجبر به حجه.
الشيخ ابن باز
***
حكم الطواف للوداع للمعتمر وحكم شراء شيء بعد طواف الوداع
س هل طواف الوداع واجب في العمرة، وهل يجوز شراء شيء من مكة بعد طواف الوداع سواء كان حجاً أو عمرة؟.
ج طواف الوداع ليس بواجب في العمرة ولكن فعله أفضل، فلو خرج ولم يودع فلا حرج أما في الحج فهو واجب لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، ((لا ينفرنَّ أحدكم منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) . وهذا كان خطاباً للحجاج.
وله أن يشتري ما يحتاج إليه بعد الوداع من جميع الحاجات حتى ولو اشترى شياً للتجارة مادامت المدة قصيرة لم تطل، أما إن طالت المدة فإنه يعيد الطواف، فإن لم تطل عرفاً فلا إعادة عليه مطلقاً.
الشيخ ابن باز
***
الطواف للوالدين والأقارب
س هل يجوز أن يطوف الإنسان عن والديه أو أحد أقاربه المتوفى؟.!.
ج لا بأس بأن يحج الرجل عن أحد والديه ويعتمر عنه أو عن قريبه، وكذا لا بأس إن شاء الله أن يطوف له سبعاً ينوي أجره لأحد أبويه أو أحد أقاربه.
الشيخ ابن جبرين
***(2/257)
الطواف أم صلاة التطوع
س هل الأفضل تكرار الطواف أم التطوع بصلاة؟.
ج في التفضيل بيهما خلاف لكن الأولى أن يجمع بن الأمرين فيكثر من الصلاة والطواف حتى يجمع بين الخيرين، وبعض العلماء فضل الطواف في حق الغرباء لأنهم لا يجدون الكعبة في بلدانهم فاستحب أن يكثروا من الطواف ماداموا بمكة، وقوم فضلوا الصلاة لأنها أفضل والأولى فيهما أرى أن يكثر من هذا ويكثر من هذا وإن كان غريباً حتى لا يفوته فضل أحدهما.
الشيخ ابن باز
***
حكم إهداء ثواب الأعمال كالطواف وغيره للأموات المسلمين
س امرأة تسأل فتقول عندما كنت في مكة المكرمة وصلني نبأ أن قريبتي قد توفيت فطفت لها سُبعاً حول الكعبة ونويتها لها. فهل يجوز ذلك؟.
ج نعم يجوز لك أن تطوفي سبعاً تجعلين ثوابه لمن شئت من المسلمين هذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن أي قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها لمسلم ميت أو حي فإن ذلك ينفعه سواء كانت هذه القربة عملاً بدنياً محضاً كالصلاة والطواف أم مالياً محضاً كالصدقة أم جامعاً بينهما كالأضحية.
ولكن ينبغي أن يعلم أن الأفضل للإنسان أن يجعل الأعمال الصالحة لنفسه وأن يخص من شاء من المسلمين بالدعاء له لأن هذا هو ما أرشد إليه النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)) .
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم دفع الرشوة لتقبيل الحجر
س رجل أتى بأمه لتقبل الحجر الأسود وهما حاجان وتعذر ذلك لكثرة الناس فأعطى الجندي الذي عند الحجر الأسود عشرة ريالات فأبعد الجندي الناس عن الحجر لهذا الرجل وأمه فقبلاه فهل هذا جائز أم لا؟. وهل حج أم لا؟.
ج إذا كان الأمر كما ذكر فهذا المبلغ الذي دفعه الرجل للجندي رشوة لا يجوز له أن يدفعه، وتقبيل الحجر الأسود سنة وليس من أركان الحج ولا من واجباته فمن استطاع أن يستلمه ويقبله بدون(2/258)
أن يؤدي أحداً استحب له ذلك فإن لم يتمكن من استلامه وتقبيله استلمه بعصا وقبلها وإن لم يتمكن من استلامه بيده أو بعصا أشار إليه عند محاذاته وكبر، وهذه هي السنة.
وأما بذل الرشوة في ذلك فلا يجوز لا للطائف ولا للجندي وعليهما جميعاً التوبة إلى الله من ذلك. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
صفة السعي ومن أين يبدأ.. وعدد أشواطه
س ما هي صفة السعي، ومن أي مكان يبدأ الساعي وما عدد أشواطه؟.
ج يبدأ من الصفا ويختم بالمروة والعدد، سبعة أشواط أولها يبدأ بالصفا وآخرها ينتهي بالمروة، يذكر الله فيها ويسبحه ويدعو، ويكرر الذكر والدعاء والتكبير على الصفا والمروة ثلاث مرات رافعاً يديه مستقبلاً القبلة لفعله، صلى الله عليه وسلم، ذلك.
الشيخ ابن باز
***
ما يقوله الساعي بداية سعيه
س في بداية كل شوط من السعي هل يجوز لي أن أقول ((بسم الله، نبدأ بما بدأ الله ورسوله به، إن الصفا والمروة من شعائر الله، أم أن هذا الأمر بدعة؟.
ج المشروع أن يقرأ في أول شوط من السعي ((إن الصفا والمروة من شعائر الله)) كما فعل النبي، صلى الله عليه وسلم، ذلك، أما تكرار ذلك فلا نعلم ما يدل على استحبابه، ويشرع للساعي في جميع الأشواط أن يكثر من ذكر الله والدعاء والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، وهكذا في الطواف لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((إنما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله)) . أخرجه أحمد وأبو داود بإسناد حسن.
الشيخ ابن باز
***
سعوا خمسة أشواط ثم ذهبوا إلى رحالهم
س جماعة سعوا بين الصفا والمروة فأتوا بخمسة أشواط ثم خرجوا من المسعى ولم يذكروا الشوطين الباقيين إلا بعد أن تحولوا إلى رحالهم فما الحكم؟.
ج هؤلاء الذين سعوا خمسة أشواط ثم ذهبوا إلى رحالهم ولم يتذكروا الشوطين الأخيرين، عليهم(2/259)
الرجوع حتى يكملوا الشوطين ولا حرج، وهذا هو الصواب لأن الموالاة بين أشواط السعي لا تشترط على الراجح، وإن أعادوه من أوله فلا بأس، لكن الصواب أنه يكفيهم أن يأتوا بالشوطين ويكملوا، هذا هو الأرجح من قولي العلماء في ذلك.
الشيخ ابن باز
***
حكم تقديم السعي على الطواف
س هل يجوز تقديم السعي على الطواف سواء كان في الحج أو في العمرة؟.
ج السنة أن يكون الطواف أولاً ثم السعي بعده، فإن سعى قبل الطواف جهلاً منه فلا حرج في ذلك وقد ثبت عنه صلَّى الله عليه وسلّم أنه سأله رجل فقال سعيت قبل أن أطواف. قال ((لا حرج)) فدل ذلك على أنه إن قدم السعي أجزأه، لكن السنة أن يطوف ثم يسعى هذا هو السنة في العمرة والحج جميعاً.
الشيخ ابن باز
***
حكم تقديم سعي الحج على طواف الإفاضة
س هل يجوز للحاج أن يقدم سعي الحج على طواف الإفاضة؟.
ج إن كان الحاج مفرداً أو قارناً فإنه يجوز أن يقدم السعي على طواف الإفاضة فيأتي به بعد طواف القدوم كما فعل النبي، صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين ساقوا الهدي.
أما إذا كان متمتعاً فإن عليه سعيين، الأول عند قدومه إلى مكة وهو للعمرة والثاني في الحج والأفضل أن يكون بعد طواف الإفاضة لأن السعي تابع للطواف، فإن قدمه على الطواف فلا حرج على القول الراجح لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، سئل فقيل له سعيت قبل أن أطوفَ قال لا حرج. فالحاج يفعل يوم العيد خمسة أنساك مرتبة رمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف بالبيت ثم السعي بين الصفا والمروة إلا أن يكون قارناً أو متمتعاً سعى بعد طواف القدوم، والأفضل أن يرتبها على ما ذكرنا وإن قدَّم بعضها على بعض لاسيما مع الحاجة فلا حرج وهذا من رحمة الله تعالى وتيسيره فلله الحمد رب العالمين.
الشيخ ابن عثيمين
***(2/260)
تقديم السعي على الطواف جائز في يوم العيد وغيره
س رجل سمع أنه يجوز السعي قبل الطواف فسعى ثم طاف في اليوم الثاني عشر أو الثالث عشر فقيل له إن ذلك خاص بيوم العيد فما الحكم؟.
ج الصواب أنه لا فرق بين يوم العيد وغيره في أنه يجوز تقديم السعي على الطواف حتى لو كان بعد يوم العيد لعموم الحديث، حيث قال رجل للنبي، صلى الله عليه وسلم، سعيت قبل أن أطوف قال ((لا حرج)) .
وإذا كان الحديث عاماً فإنه لا فرق بين أن يأتي ذلك في يوم العيد أو فيما بعده.
الشيخ ابن عثيمين
***
سعى في الحج قبل أن يطوف
س معتمر لم يدر فسعى قبل أن يطوف هل عليه بعد إعادة الطواف أن يسعى ثانية؟.
ج ليس عليه إعادة السعي لما روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح إلى أسامة بن شريك قال خرجت مع النبي، صلى الله عليه وسلم، حاجاً فكان الناس يأتون فمن قائل
يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو قدمت شيئاً وأخرت شيئاً فكان يقول لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك.
اللجنة الدائمة
***
حكم من طاف ولم يسع ...
س إذا طاف من عليه سعي ثم خرج ولم يسع وأُخبر بعد خمسة أيام بأن عليه سعياً فهل يجوز أن يسعى فقط ولا يطوف قبله؟.
ج إذا طاف الإنسان معتقداً أنه لا سعي عليه ثم بعد ذلك أُخبر بأن عليه سعياً فإنه يأتي بالسعي فقط ولا حاجة إلى إعادة الطواف وذلك لأنه لا يشترط الموالاة بين الطواف والسعي، حتى لو فرض أن الرجل ترك ذلك عمداً أي أخَّر السعي عن الطواف فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يكون السعي موالياً للطواف.
الشيخ ابن عثيمين
***(2/261)
بدأ بالمروة وقصر في الصفا
س أنا شيخ كبير طفت للعمرة ثم سعيت سبعة أشواط ولكني بدأت من المروة وقصرت في الصفا ولبست المخيط فما حكم ذلك؟.
ج هذا عليه أن يأتي بشوط آخر لأنه فأته شوط إذا كان سعى ثمانية أشواط فلا حرج، والشوط الأول يكون زائداً لا يضره،. المقصود أنه إذا كان بدأ بالمروة وختم بالصفا ثمانية أشواط يكون له منها سبعة أشواط كاملة، أما إن كانت سبعة فقد فأته شوط وعليه تكملته ويعيد تقصير رأسه حتى تتم عمرته والتقصير الأول لا يكفيه لأنه قصر قبل أن يكمل السعي، والشوط الأول الذي بدأه من المروة لا يعتبر.
الشيخ ابن باز
***
(الحلق والتقصير)
الحلق أفضل من التقصير
س أيهما أفضل الحلق أو التقصير بعد أداء النسك في العمرة أو الحج، وهل يجزيء تقصير بعض الرأس؟.
ج الأفضل الحلق في العمرة والحج جميعاً لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، دعا للمحلقين ثلاثاً بالمغفرة والرحمة، وللمقصرين واحدة، فالأفضل الحلق، لكن إذا كانت العمرة قرب الحج فالأفضل فيها التقصير حتى يتوفر الحلق في الحج لأن الحج أكمل من العمرة فيكون الأكمل للأكمل، أما إن كانت العمرة بعيدة عن الحج، مثلاً في شوال حيث يمكن لشعر الرأس أن يطول فإنه يحلق حتى يحوز فضل الحلق، ولا يجزيء تقصير بعض الرأس ولا حلق بعضه في اصح قول العلماء، بل الواجب حلق الرأس كله أو تقصيره كله. والأفضل أن يبدأ بالشق الأيمن في الحلق والتقصير.
الشيخ ابن باز
***
كيفية التقصير
س رأينا في الحج بعض الناس عند التقصير في حج أو عمرة يقصرون من أسفل الرأس فقط على شكل دائرة يمرون على أسفله من جميع الجهات أما الباقي فلا يأخذون منه شيئاً ولما قلنا لهم(2/262)
أن التقصير لا بد أن يكون بتعميم الرأس قالوا لنا هذا هو المطلوب فأي العمل هو الواجب.؟..
ج الواجب تعميم الرأس كله بالحلق أو التقصير في حج أو عمرة ولا يلزم أن يأخذ من كل شعرة بعينها، وما فعله مَنْ ذكرت لا يكفي في أصح أقوال العلماء وليس من سنة محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.
اللجنة الدائمة
***
إذا قصر الحاج ولم يعمم فما الحكم..؟
س إذا قصرّ الحاج والمعتمر من جانبي رأسه ثم حل إحرامه وهو لم يعمم الرأس فما الحكم؟.
ج الحكم إن كان في الحج وقد طاف ورمى فإنه يبقى في ثيابه ويكمل حلق رأسه أو تقصيره، وأن كان في عمرة فعليه أن يخلع ثيابه ويعود إلى الإحرام ثم يحلق أيقصر تقصيراً تاماً يعم جميع الرأس وهو محرم أي وهو لا بس ثياب الإحرام.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم من ترك الحلق أو التقصير جهلاً
س حاج قدم متمتعاً فلما طاف وسعى لبس ملابسه العادية ولم يقصر أو يحلق وسأل بعد الحج وأُخبر أنه أخطأ فيكف يفعل وقد ذهب الحج بعد وقت العمرة؟.
ج هذا الرجل يعتبر تاركاً لواجب من واجبات العمرة وهو الحلق أو التقصير. وعليه عند أهل العلم أن يذبح فدية في مكة ويوزعها على فقراء مكة وهو باق على تمتعه.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم من نسي الحلق أو التقصير
س ما حكم من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فلبس المخيط ثم ذكر أنه لم يقصر أو يحلق؟.
ج من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فطاف وسعى ثم لبس قبل أن يحلق أو يقصر فإنَّه ينزع ثيابه إذا ذكر ويحلق أو يقصر ثم يعيد لبسهما، فإنْ قصر أو حلق وثيابه عليه جهلاً منه أو نسياناً فلا شيء عليه وأجزأه ذلك ولا حاجة إلى الإعادة للتقصير أو الحلق، ولكن متى تنبه فإن الواجب عليه أن يخلع حتى يحلق أو يقصر وهو محرم.
اللجنة الدائمة
***(2/263)
لم تقصر شعرها نسيانا
س امرأة حجت وفعلت جميع أعمال الحج إلا أنها لم تقصر شعرها حتى الآن جهلاً أو نسياناً وقد وصلت إلى بلدها وفعلت كل الأمور المحظورة على المحرم وتسأل ماذا يلزمها وماذا يترتب عليه. . .؟.
ج إذا كان الأمر كما ذكره السائل من أنها فعلت كل شيء إلا التقصير نسياناً منها أو جهلاً فيلزمها أن تقصر رأسها في بلدها ولا شيء عليها لقاء تأخيره لجهلها أو نسياناً بنية إتمام الحج ونسأل الله للجميع التوفيق والقبول، وحيث ذكر في السؤال أن زوجها جامعها قبل التقصير فعليها دمٌ شاة أو سُبع بدنة تصلح أضحية، تذبح في مكة لمساكين الحرم إلا أن يكون الجماع بعد خروجه من الحرم في بلدها أو غيره فإنها تذبح في بلدها وتفرق على المساكين فيه.
اللجنة الدائمة
***
الحلق من محظورات الإحرام فكيف يبدأ به في التحلل
س معلوم أن حلق الرأس من محظورات الإحرام فكيف يجوز البدء به في التحلل يوم العيد، لأن العلماء يقولون إن التحلل بفعا اثنين من ثلاث ويذكرون منها الحلق وعلى هذا فإن الحاج يجوز أن يبدأ به؟.
ج نعم يجوز البدء به لأن حلقه عند الإحلال للنسك فيكون غير محرم بل يكون نسكاً مأموراً به، وإذا كان مأموراً به فإن فعله لا يعد إثماً ولا وقوعاً في محظور، وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه سئل عن الحلق قبل النحر وقبل الرمي فقال لا حرج. وكون الشيء مأموراً به أو محظوراً إنما يتلقى من الشرع ألا ترى إلى السجود لغير الله تعالى كان شركاً ولما أمر الله به الملائكة أن يسجدوا لآدم كان سجودهم له طاعة. ثم ألم تر إلى قتل النفس ولا سيما الأولاد كان من الكبائر العظيمة فلما أمر الله تعالى به نبيه إبراهيم أن يقتل ابنه إسماعيل كان طاعة نال بها إبراهيم مرتبة عظيمة، ولكن الله تعالى برحمته خفف عنه وعن ابنه فقال (فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين) .
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم الحلق أو التقصير بعد التحلل الثاني
س هل يجب الحلق أو التقصير في التحلل الأكبر بعد أن حلق أو قص شعره في التحلل الأصغر أي بعد انتهاء رمي الجمرات؟.(2/264)
ج لا يجب ولا يستحب الحلق أو التقصير بعد التحلل الأكبر بعد أن حلق أو قص شعره في التحلل الأصغر أي بعد انتهاء رمي الجمرات لأن ذلك نسك في الحج فهو عبادة والعبادات مبينة على التوقيف ولم يثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه حلق أو قصر بعد التحلل الأكبر بل فعل ذلك عند التحلل الأصغر فقط وثبت عنه أنه قال ((خذوا عني مناسككم)) .
اللجنة الدائمة
***
حكم الحلق أو التقصير في العمرة
س ما حكم الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة؟.
ج الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة واجب لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما قدم مكة حجة الوداع وطاف وسعى أمر كل من لم يسق الهدي أن يقصر ثم يحلق فلما أمرهم أن يقصروا والأصل في الأمر للوجوب د ل على أنه لابد من التقصير، ويدل لذلك أن النبي، عليه الصلاة والسلام أمرهم حين أُحصروا في غزوة الحديبية أمرهم أن يحلقوا حتى أنه صلى الله عليه وسلم غضب حين توانوا في ذلك، وأما هل الأفضل في العمرة التقصير أو الحلق، فالأفضل الحلق إلا للمتمتع الذي قدم متأخراً، فإن الأفضل في حقه التقصير من أجل أن يتوفر الحلق للحج.
الشيخ ابن عثيمين
***
(الوقوف بعرفة)
وقت النزول إلى عرفة والإنصراف منها
س متى يتوجه الحاج إلى عرفة ومتى ينصرف منها؟.
ج يشرع التوجه إليها بعد طلوع الشمس من يوم عرفة وهو اليوم التاسع ويصلي بها الظهر والعصر جمعاً وقصراً جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين تأسياً بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم ويبقى فيها إلى غروب الشمس مشتغلاً بالذكر والدعاء وقراءة القرآن والتلبية حتى تغيب الشمس، ويشرع الإكثار من قول ((لا أله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله)) . . ويرفع يديه بالدعاء ويحمد الله يصلي على النبي، صلى الله عليه وسلم، قبل الدعاء ويستقبل القبلة، وعرفة كلها موقف، فإذا غابت(2/265)
الشمس شرع للحجاج الانصراف إلى مزدلفة بسكينة ووقار مع الإكثار من التلبية، فإذا وصلوا مزدلفة صلوا المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين.
الشيخ ابن باز
***
انصرف من عرفة قبل الغروب
س ما حكم من حج وانصرف من عرفة قبل غروب الشمس لظروف عمله؟.
ج على من انصرف من عرفة قبل الغروب فديةٌ عند أكثر أهل العلم إلا أن يعود إليها ليلاً فتسقط عنه الفدية، وهي دم يوزع لمساكين الحرم.
الشيخ ابن باز
***
الوقوف خارج عرفة
س إذا وقف الحاج خارج حدود عرفة ــ قريباً منها ــ حتى غربت الشمس ثم انصرف فما حكم حجه؟.
ج إذا لم يقف الحاج في عرفة في وقت الوقوف فلا حج له لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((الحج عرفة، فمن أدرك عرفة بليل قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج)) . وزمن الوقوف، ما بعد الزوال من يوم عرفة إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا هو المجمع عليه بين أهل العلم.
أما ما قبل الزوال ففيه خلاف بين أهل العلم والأكثرون على أنه لا يجزيء الوقوف فيه إذا لم يقف بعد الزوال ولا في الليل، ومن وقف نهاراً بعد الزوال أو ليلاً أجزأه ذلك والأفضل أن يقف نهاراً بعد صلاة الظهر والعصر جمع تقديم إلى غروب الشمس، ولا يجوز الإنصراف قبل الغروب لمن وقف نهاراً، فإن فعل ذلك فعله دم عند أكثر أهل العلم لكونه ترك واجباً وهو الجمع في الوقوف بين الليل والنهار لمن وقف نهاراً.
الشيخ ابن باز
***
من فاته الوقوف بعرفة في النهار فهل له الوقوف في الليل
س شخص شارك في أعمال الحج ولم يمكنه عمله من الوقوف بعرفة في النهار فهل يجوز له أن يقف بعد انصراف الناس في الليل؟ وكم يكفيه في الوقوف؟ وهل لو مرّ بسيارته في عرفة يجز له ذلك؟(2/266)
ج يمتد زمن الوقوف بعرفة من طلوع فجر اليوم التاسع إلى طلوع الفجر يوم النحر، فإذا لم يتمكن الحاج من الوقوف في نهار اليوم التاسع فوقف في الليل بعد الانصراف كفاه ذلك حتى لو لم يقف بعرفة إلا آخر الليل قبيل الصبح. ويكفيه ولو بضع دقائق، وكذا لو مرّ في عرفات وهو سائر على سيارته أجزأه ذلك ولكن الأفضل له أن يحضر في الوقت الذي يقف فيه الناس ويشاركهم في الدعاء عشية عرفة ويظهر منه الخشوع وحضور القلب، ويرجو مثل ما يرجون من نزول الرحمة وحصول المغفرة، فإن فاته النهار فوقف بالليل فالأفضل له أن يبكر بالوقوف مهما استطاع فينزل بعرفة ولو قليلاً ويمد يديه إلى ربه ويتضرع إليه في السؤال، ثم يذهب معهم إلى مزدلفة ويمكث بها إلى آخر الليل حتى يتم حجه.
الشيخ ابن باز
***
حكم الدعاء الجماعي في عرفة وغيرها
س ما حكم الاجتماع في الدعاء في يوم عرفة سواء كان ذلك في عرفات أو غيرها وذلك بأن يدعو إنسان من الحجاج الدعاء الوارد في بعض كتب الأدعية المسمى بدعاء يوم عرفة أو غيره ثم يردد الحجاج ما يقول هذا الإنسان دون أن يقولوا آمين فهل يعتبر هذا الدعاء بدعة أم لا نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟.
ج الأفضل للحاج في هذا اليوم العظيم أن يجتهد في الدعاء والضراعة إلى الله سبحانه وتعالى ويرفع يديه لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، اجتهد في الدعاء والذكر في هذا اليوم حتى غربت الشمس وذلك بعد ما صلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً في وادي عرنة ثم توجه إلى الموقف فوقف هناك عند الصخرات وجبل الدعاء ويسمى جبل الآل واجتهد في الدعاء والذكر رافعاً يديه مستقبلاً القبلة وهو على ناقته، وقد شرع الله سبحانه لعباده الدعاء بتضرع وخفية وخشوع لله عز وجل ورغبة ورهبة، وهذا الوطن من أفضل مواطن الدعاء، قال الله تعالى (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنَّه لا يحب المتعدين) . وقال تعالى (واذكر رَّبَّك في نفسك) . الآية.
وفي الصحيحين (قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه رفع الناس أصواتهم بالدعاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً إن الذي تدعونه سميع قريب أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته)) . وقد أثنى الله جلا وعلا على زكريا عليه السلام في ذلك. قال تعالى (ذكر رحمت ربَّك عبده زكريَّا إذ نادى ربَّه ندآءً خفياً) . وقال عز وجل (وقال ربُكم ادعوني أستجب لكم) . الآية. والآيات والأحاديث في الحث على الذكر والدعاء كثيرة ويشرع في ذلك هذا الموطن بوجه خاص الإكثار من الذكر والدعاء بإخلاص وحضور(2/267)
قلب ورغبة ورهبة، ويشرع رفع الصوت به أو بالتلبية كما فعل ذلك النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم فيما علمت لكن لو دعا إنسان في جماعة وأمّنوا على دعائه فلا بأس في ذلك كما في دعاء القنوت ودعاء ختم القرآن الكريم ودعاء الاستسقاء ونحو ذلك.
أما التجمع في يوم عرفة في غير عرفة فلا أصل له عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وقد قال، صلى الله عليه وسلم، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) . أخرجه مسلم في صحيحه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
(المبيت بمزدلفة)
حكم الوقوف بمزدلفة؟ ومتى يبدأ الانصراف منها.
س ما حكم الوقوف بمزدلفة والمبيت فيها وما قدره. ومتى يبدأ الحاج الانصراف منها؟.
ج المبيت بمزدلفة واجب على الصحيح، وقال بعضهم إنه ركن، وقال بعضهم مستحب، والصواب من أقوال أهل العلم أنه واجب، من تركه فعليه دم، والسنة أن لا ينصرف منها إلا بعد صلاة الفجر وبعد الإسفار، يصلي فيها الفجر فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً والسنة أن يذكر الله بعد الصلاة ويدعو فإذا أسفر توجه إلى منى ملبياً.
ويجوز للضعفة من النساء والرجل والشيوخ الانصراف من مزدلفة في النصف الأخير الليل، رخص لهم النبي عليه الصلاة والسلام، أما الأقوياء فالسنة لهم أن يبقوا حتى يصلوا الفجر وحتى يذكروا الله كثيراً بعد الصلاة ثم ينصرفوا قبل أن تطلع الشمس، ويسنُّ رفع اليدين مع الدعاء في مزدلفة مستقبلاً القبلة كما فعل في عرفة، ومزدلفة كلها موقف.
الشيخ ابن باز
***
المبيت بمزدلفة
س ما حكم المبيت بالمزدلفة قبل نصف الليل؟.
ج يجب على الحاج المبيت بمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة إلى الفجر إلا لعذر من مرض ونحوه فيجوز له ولمن يقوم بشؤونه بعد نصف الليل أن يرحل إلى منى، لمبيت النبي، صلى الله عليه وسلم، بها في حجه إلى الفجر وترخيصه لأهل الأعذار في الانصراف من المزدلفة إلى منى بعد منتصف الليل.
الشيخ ابن باز
***(2/268)
ما ضابط المبيت بمزدلفة، وما الحكم إذا تعذر
س ما هو ضابط المبيت بمزدلفة وإذا تعذر المبيت واكتفى الحاج بالمرور بها فقط فما حكم حجة؟.
ج يجب على الحاج المبيت بمزدلفة إلى أن ينتصف الليل، وإن كمَّل المبيت وصلى بها الفجر وذكر الله بعد الصلاة واستغفره حتى يسفر كان أفضل وأكمل، ويجوز للضعفة من النساء والشيوخ ونحوهم يلزمهم الدفع في النصف الأخير من الليل لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، رخّص للضعفة من أهله في ذلك. أما هو، صلى الله عليه وسلم، فبات بها وصلّى بها الفجر وذكر الله بعد الصلاة وهلّله واستغفره، فلما أسفر جداً دفع إلى منى، والأكمل للحجاج التأسي به، صلى الله عليه وسلم، في ذلك، للضعفة الترخيص في الدفع قبل الصبح كما تقدم. ومن ترك المبيت في مزدلفة من غير عذر شرعي وجب عليه دم لكونه خالف السنة ولقول ابن عباس رضي الله عنهما ((من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً)) ولا شك أن المبيت في مزدلفة نسك عظيم حتى ذهب أهل العلم إلى أنه ركن من أركان الحج وذهب بعضهم إلى أنه سنة وأعدل والأقوال أنه واجب من الواجبات في الحج يجب بتركه دم مع التوبة والاستغفار ممن ترك ذلك عمداً من غير عذر شرعي.
الشيخ ابن باز
***
حكم من ترك المبيت بمزدلفة
س ما الحكم في ترك المبيت للحاج في مزدلفة ليلة العيد؟
ج المبيت بمزدلفة واجب، ويرخص للضعفة الدفع في آخر الليل، وفي تركه عمداً الإثم والفدية عند جمهور أهل العلم، ومع الجهل الفدية فقط. ومع العجز يسقط كسائر الواجبات، لكن من أردك صلاة الفجر في أول الوقت وبقي بعد الصلاة يذكر الله ثم دفع أجزأه ذلك؟.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم ترك المبيت بمزدلفة من أجل الزحام
س نرى في هذه الأيام عند النَّفرة من عرفات إلى مزدلفة الزَّحام الشديد بحيث أن الحاج إذا وصل إلى مزدلفة لا يستطيع المبيت فيها من شدة الزحام ويجد مشقة في ذلك فهل يجوز ترك المبيت بمزدلفة وهل على الحاج شيء إذا ترك المبيت بها، وهل تجزيء صلاة المغرب والعشاء عن الوقوف(2/269)
والمبيت في مزدلفة وذلك بأن يصلي الحاج صلاتي المغرب والعشاء في مزدلفة ثم يتجه فوراً إلى منى فهل يصيح الوقوف على هذا النحو نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟.
ج المبيت بمزدلفة من واجبات الحج، اقتداء بالنبي، صلى الله عليه وسلم فقد بات بها، صلى الله عليه وسلم، وصلى الفجر بها وأقام حتى أسفر جداً وقال ((خذوا عني مناسككم)) . ولا يعتبر الحاج قد أدى هذا الواجب إذا صلى المغرب والعشاء فيها جمعاً ثم انصرف لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يرخص إلا للضعفة آخر الليل. وإذا لم يبت في مزدلفة فعليه دم جبران لتركه الواجب والخلاف بين أهل العلم رحمهم الله في كون المبيت في مزدلفة ركناً أو واجباً أو سنة مشهور معلوم وأرجح الأقوال الثلاثة أنه واجب، على من تركه دم وحجه صحيح وهذا هو قول أكثر أهل العلم ولا يرخص في ترك المبيت إلى النصف الثاني من الليل إلا للضعفة، أما الأقوياء الذين ليس معهم ضعفة فالسنة لهم أن يبقوا في مزدلفة حتى يصلوا الفجر بها ذاكرين الله داعينه سبحانه حتى يسفروا ثم ينصرفوا قبل طلوع الشمس تأسياً برسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن لم يَصِلْهَا إلا في النصف الأخير من الضعفة كفاه أن يقيم بها بعض الوقت ثم ينصرف أخذاً بالرخصة والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم من صلى المغرب والعشاء قبل مزدلفة
س ما حكم من صلى صلاتي المغرب والعشاء قصراً وجمع تأخير قبل دخول مزدلفة وذلك لأسباب طارئة منها تعطل سيارته في الطريق إلى مزدلفة وخشية فوات وقت المغرب والعشاء حيث كان الوقت متأخراً جداً فصلى صلاتي المغرب والعشاء على حدود مزدلفة أي قبل مزدلفة بمسافة بسيطة ثم نام ريثما يتم إصلاح سيارته ثم صلى أيضاً صلاة الفجر وذلك بعد دخول وقت صلاة الفجر أيضاً صلاها على حدود مزدلفة حيث إنه لم يستطع دخول مزدلفة إلا في الصباح والشمس قد أشرقت فهل تصح صلاته هذه لكل من المغرب والعشاء والفجر على حدود مزدلفة فنرجو من سماحتكم توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟.
ج الصلاة تصح في كل مكان إلا ما استثناه الشارع كما قال، صلى الله عليه وسلم ((جُعِلَتْ لي الأرض مسجداً وطهوراً)) . ولكن المشروع للحاج أن يصلي المغرب والعشاء جمعاً في مزدلفة حيث أمكنه ذلك قبل نصف الليل فإن لم يتيسر له ذلك لزحام أو غيره صلاها بأي مكان كان ولم يجز له تأخيرهما إلى ما بعد نصف الليل لقوله تعالى ((إنَّ الصَّلوة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً)) . أي مفروضاً في الأوقات ولقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((وقت العشاء إلى نصف الليل)) . رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***(2/270)
من أدرك صلاة الفجر بمزدلفة فلا شيء عليه
س حملة خرجت من عرفة بعد الغروب فضلوا الطريق فتوجهوا إلى مكة ثم ردتهم الشرطة إلى عرفة فلما أقبلوا عليها توقفوا وصلوا المغرب والعشاء في الساعة الواحدة ليلاً، ثم دخلوا المزدلفة أذان الفجر فصلوا فيها الفجر ثم خرجوا فهل عليهم شيء في ذلك أم لا؟.
ج هؤلاء لا شيء عليهم لأنهم أدركوا صلاة الفجر في مزدلفة حين دخلوها وقت أذان الفجر وصلوا الفجر فيها بغلس وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)) ، لكن هؤلاء أخطؤوا حين أخروا الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل لأن وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي، صلى الله عليه وسلم.
الشيخ ابن عثيمين
***
لم يجد مكانا في مزدلفة
س إذا لم يجد الحاج مكاناً بمزدلفة ينزل به ليلة العيد فما الحكم؟.
ج من لم يمكنه النزول بمزدلفة فالظاهر أنه لا شيء عليه لأن الواجبات تسقط بالعجز عنها.
الشيخ ابن عثيمين
***
نزل بنمرة يظنها مزدلفة
س حاج نزل بنمره يظنها مزدلفة فما حكم حجه؟.
ج الذين نزلوا بنمرة يظنونها مزدلفة عليهم فدية لأنهم مفرطون حيث لم يسألوا وحجهم صحيح.
الشيخ ابن عثيمين
***
الوقوف عند المشعر الحرام ليس واجبا على الحاج
س أثناء حجي هذا العام وبعد عرفة ذهبت إلى مزدلفة فبت بها ولكن نسيت أن أذهب إلى المشعر الحرام فهل عليَّ إثم في هذا؟.
ج ليس عليك إثم إذا بت في مزدلفة في أي مكان فيها ولا ضرر إذا لم تذهب إلى المشعر الحرام فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، وقف في المشعر الحرام وقال ((وقفت هاهنا وجمع كلها موقف)) ((جمُع)) يعني(2/271)
مزدلفة في أي مكان وقفت فيه وبت فيه يكفي، والذي يظهر من قول النبي، صلى الله عليه وسلم، ((وقفت هاهنا وجمع كلها موقف)) أنه لا ينبغي للإنسان أن يتكلف ويحمل مشقة من أجل الوصول إلى المشعر بل يقف في مكانه الذي هو فيه إذا صلى الفجر فيدعو الله عز وجل ثم يدفع إلى منى. .
الشيخ ابن باز
***
حكم من خرج من مزدلفة في الساعة 40'11ورمى الجمرة في12
س خرجنا من مزدلفة الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة (40 11) وكان معنا أطفال علماً بأننا رجمنا الجمرة الساعة الثانية عشرة إلا عشر دقائق ((50'11)) ثم نزلنا إلى مكة فما الحكم؟.
ج ليس عليكم شيء لأن خروجكم من مزدلفة صادف وقت انتصاف الليل. ولو تأخرتم حتى يغيب القمر لكان أفضل وأحوط وفق الله الجميع لما فيه رضاه وتقبل منا ومنكم ومن جميع المسلمين.
الشيخ ابن باز
***
حكم الانصراف من مزدلفة قبل نصف الليل
س رجل مصري مقيم بالمملكة استقبل والدته بمطار جدة قادمة من مصر بنية الحج فلما وصلت ذهبوا وأدوا مناسك الحج فلما نفروا من عرفات إلى مزدلفة بمعية مطوف وعندما وصلوا إلى مزدلفة جمعوا صلاتي المغرب والعشاء ثم أجبرهم المطوف على أن يذهبوا إلى منى قبل منتصف الليل أي أنهم لم يبيتوا بمزدلفة ولم يجلسوا فيها إلا قبل منتصف الليل فذهبوا بالإكراه وقضوا حجهم فماذا عليهم.
مع العلم أن والدته سافرت لمصر ولا يمكن أن ترجع وهل يجوز حجها حيث أتت في الطائرة بدون محرم.
ج إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فحج المرأة المذكورة صحيح وليس عليها ولا على ولدها شيء عند انصرافهما من مزدلفة قبل نصف الليل لأنهما مكرهان على ذلك.
أما مجيئها من مصر بدون محرم فلا يجوز وعليها التوبة من ذلك ولكن ذلك لا يبطل حجها بل حجها صحيح والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/272)
(المبيت بمنى)
لم يجد مكانا في منى
س إذا لم يجد الحجاج مكاناً أيام التشريق في منى ولياليها فما الحكم؟.
ج إذا لم يجدوا مكاناً في منى نزلوا عند آخر خيمة من خيام الحجاج ولو خارج حدود منى لقوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم)
الشيخ ابن عثيمين
***
بات خارج منى بسبب الزحام
س إذا لم يجد الحاج مكاناً يبيت فيه بمنى فماذا يفعل وهل إذا بات خارج منى عليه شيء؟.
ج إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت ليالي منى فلم يجد شيئاً فلا حرج عليه أن ينزل في خارجها لقول الله ــ عز وجل ــ (فاتقوا الله ما استطعتم) . ولا فدية عليه من جهة ترك المنزل لعدم قدرته عليه.
الشيخ ابن باز
***
حكم من بات خارج من جاهلا
س إنني حججت وعائلتي لهذا العام وبتنا ثلاثة أيام وبسبب كثرة الحجيج اكتشفنا بعد مضي اليوم الثاني بأننا خارج منى لذا فإنني أرجو الإفادة بما يترتب عليَّ في ذلك؟.
ج إذا كنت لم تجد مكاناً فلا شيء عليك وإن كنت قد وجدت المكان وفرطت فعليك أن تتوب إلى الله ــ عز وجل ــ وإذا كنت لم تبت كل الليالي فإن أهل العلم يقولون أن
عليك فدية توزعها على الفقراء بمكة وإن كنت لم تبت ليلة واحدة وبت في الليلة الثانية فعليك
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم من بات خارج من جاهلا ولم يسأل
س رجل بات ليلتين قريباً من منى جداً ظناً منه أنه بات فيها ولكن تبين له بعد ذلك أنه قريب منها ولم يعلم بذلك إلا هذه الأيام منذ الحج الماضي. فماذا يعمل الآن؟.(2/273)
ج عليه دم يذبحه في مكة للفقراء لأنه ترك واجباً بدون عذر شرعي وكان الواجب عليه أن يسأل عن منى حتى يبيت بها.
والمذكور لم يقم بهذا الواجب فلهذا وجب عليه دم وهو جذع ضأن أو ثني معز يجزيء في الأضحية، أما من التمس مكاناً في منى فلم يقدر على ذلك فلا شيء عليه لقول الله ـ عز وجل ــ (فاتقوا الله ما استطعتم) . وقوله ــ سبحانه ــ (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) . وقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) . ويستثنى من ذلك أيضاً من له عذر شرعي منعه من المبيت في منى كالمريض والرعاة والسقاة فلا شيء عليهم. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
الأفضل المبيت بمنى الليل كله
س لقد وفقني الله وحججت مع زوجي وكنا في أيام التشريق الثلاثة لا نجلس في منى إلا إلى الساعة الواحدة ليلاً ونرجع نبيت بمكة لوجود بيت لنا هناك فهل هذا جائز؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. . .
ج المبيت بمنى أكثر الليل كاف والحمد لله وليس عليكما شيء ولكن لو بقيتم في منى الليل كله كان أفضل تأسياً بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
المبيت بمنى يشترط أن يكون معظم الليل ...
س ما حكم من بات في منى إلى الساعة الثانية عشرة ليلاً ثم دخل مكة ولم يَعُد حتى طلوع الفجر؟.
ج إذا كانت الساعة الثانية عشرة ليلاً هي منتصف الليل في منى فإنه لا بأس أن يخرج منها بعدها وإن كان الأفضل أن يبقى في منى ليلاً ونهاراً، وإن كانت الساعة الثانية عشرة قبل منتصف الليل فإنه لا يخرج لأن المبيت في منى يشترط أن يكون معظم الليل على ما ذكره فقهاؤنا رحمهم الله تعالى.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم مبيت الحاج أيام التشريق في مكة
س معلوم أن الحاج يلزمه المبيت في منى أيام التشريق، لكن إذا كان الإنسان لا يريد أن ينام في الليل، فهل له أن يخرج منى، ويبقى في الحرم لأداء المزيد من العبادة. وفقكم الله؟.(2/274)
ج المراد بقول أهل العلم أن المبيت بمنى في أيام التشريق واجب، المراد به أن يبقى في منى سواء كان نائماً أو مستيقظاً، وليس المراد أن يكون نائماً فحسب، فعلى هذا نقول للسائل لا يجوز لك أن تبقى في مكة المكرمة أيام التشريق، بل يجب عليك أن تكون في منى.
إلا أن أهل العلم يقولون إذا قضى معظم الليل في منى كفاه ذلك. وإذا لم يجد مكاناً في منى، فإنه يجب أن ينزل عند منتهى آخر خيمة وليس له أن يذهب إلى مكة المكرمة أيضاً. . بل نقول إنك إذا لم تستطع أن تكون في منى، فانظر آخر خيمة من خيام الحجاج، وكن إلى جنبهم لأن الواجب أن يكون الناس بعضهم مع بعض، كما نقول أيضاً إذا امتلأ المسجد بالناس فإنهم يصفون بعضهم إلى بعض. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
***
من لا يستطيع المبيت بمنى للعمل ...
س ما حكم من لم تسمح له ظروف عمله بالمبيت بمنى أيام التشريق.؟..
ج المبيت بمنى يسقط لأصحاب الأعذار، ولكن عليهم أن يغتنموا بقية الأوقات للمكث بمنى مع الحجاج ...
الشيخ ابن باز
***
حكم المبيت خارج منى أيام التشريق
س ما حكم المبيت خارج منى أيام التشريق سواء كان ذلك عمداً أو لتعذر وجود مكان فيها. ومتى يبدأ الحاج بالنفير من منى؟.
ج المبيت في منى واجب على الصحيح ليلة إحدى عشرة وليلة اثنتي عشرة هذا هو الذي رجحه المحققون من أهل العلم على الرجال والنساء من الحجاج فإن لم يجدوا مكاناً سقط عنهم ولا شيء عليهم ومن تركه بلا عذر فعليه دم.
ويبدأ الحاج بالنفير من منى إذا رمى الجمرات يوم الثاني عشر بعد الزوال فله الرخصة أن ينزل من منى وإن تأخر حتى يرمي الجمرات في اليوم الثالث عشر بعد الزوال فهو أفضل.
الشيخ ابن باز
***(2/275)
ترك المبيت بمنى أيام التشريق بدون عذر
س ما حكم من ترك المبيت في منى ثلاثة أيام أو اليومين المذكورين للمتعجل فهل يلزمه دم عن كل يوم فاته المبيت فيه في منى أم أنه عليه دم واحد فقط لكل الأيام الثلاثة التي لم يبت فيها بمنى نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟.
ج من ترك المبيت بمنى أيام التشريق بدون عذر فقد ترك نسكاً شرعه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بقوله وفعله وبدلالة ترخيصه لبعض أهل الأعذار مثل الرعاة وأهل السقاية، والرخصة لا تكون إلا مقابل العزيمة ولذلك اعتبر المبيت بمنى أيام التشريق من واجبات الحج في أصح قولي أهل العلم ومن تركه بدون عذر شرعي فعليه دم لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ((من ترك نسكاً أو نسيه فليرق دماً)) . ويكفيه دم واحد عن ترك المبيت أيام التشريق والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***
ترك المبيت بمنى لمرضه
س ما حكم من ترك المبيت في منى ليلة واحدة وهي ليلة الحادي عشر وذلك بأن كان الحاج مريضاً ولم يستطع المبيت في منى تلك الليلة. ولكنه رمى الجمار نهاراً بعد الزوال أي أنه رمى جمار يوم الحادي عشر من أيام التشريق مع جمار اليوم الثاني عشر في النهار بعد الزوال. فهل يلزمه دم في هذه الحالة حيث إنه ترك مبيت ليلة الحادي عشر بمنى مع العلم أنه بات ليلة الثاني عشر في منى ورمى الجمار بعد الزوال من ذلك اليوم ثم ارتحل عن منى إلى مكة نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟.
ج مادام ترك المبيت بمنى ليلة واحدة لعذر المرض فلا شيء عليه لقوله تعالى (فاتَّقوا الله ما استطعتم) . ولأن النبي، صلى الله عليه وسلم، رخص للساقة والرعاة المبيت بمنى من أجل السقي والرعي والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***
يوم العيد ليس من أيام التشريق
س بعض الناس يمكثون بمنى ليلة واحدة وهي ليلة الحادي عشر ويرمون الثاني عشر في يوم الحادي عشر ويظنون أنهم قد مكثوا يومين وذلك لأنهم يحسبون يوم العيد يوماً من أيام التشريق فيقولون نحن قد رمينا يوم العيد (يوم النحر) واليوم الثاني الذي بعده وهو يوم الحادي عشر(2/276)
ويقولون إن هذه يومان استناداً إلى الآية الكريمة في قوله تعالى (فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه) الآية وبذلك يغادرون منى يوم الحادي عشر في منى بعد أن يكونوا قد رموا اليوم الثاني عشر في يوم الحادي عشر ويتركون بيات يوم الثاني عشر في منى فهل هذا يجوز شرعاً وهل يصح للأنسان أن يحسب يوم العيد من اليومين أم أنهم قد رموا يوم الثاني عشر في يوم الحادي عشر ثم انصرفوا من منى نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟.
ج المراد باليومين اللذين أباح الله جل وعلا للمتعجل الانصراف من منى بعد انقضائهما. هما ثاني وثالث العيد. لأن يوم العيد هو يوم الحج الأكبر وأيام التشريق هي ثلاثة أيام تلي يوم العيد وهي محل رمي الجمرات وذكر الله جل وعلا فمن تعجل انصرف قبل غروب الشمس يوم الثاني عشر ومن غربت عليه الشمس في هذا اليوم وهو في منى لزمه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر.
وهذا هو الذي فعله النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، والمنصرف في اليوم الحادي عشر قد أخلَّ بما يجب عليه من الرمي فعليه دم يذبح في مكة للفقراء، أما تركه المبيت في منى ليلة الثاني عشر فعليه عن ذلك صدقة بما يتيسر، مع التوبة والاستغفار عما حصل منه من الخلل والتعجل في غير وقته.
الشيخ ابن باز
***
خرج من منى يوم 12 متعجلا ويريد العودة للعمل
س إذا خرج الحاج من منى قبل غروب الشمس يوم الثاني عشر بنية التعجل ولدية عمل في منى سيعود له بعد الغروب فهل يعتبر متعجلاً؟.
ج نعم يعتبر متعجلاً لأنه أنهى الحج ونية رجوعه إلى منى لعملة فيها لا يمنع التعجل لأنه إنما نوى الرجوع للعمل المنوط به لا للنسك.
الشيخ ابن عثيمين
***
(رمي الجمرات)
حصى الجمار
س من أين تؤخذ حصى الجمار وما صفته وما حكم غسله؟.
ج يؤخذ الحصى من منى وإذا أخذ حصى يوم العيد من المزدلفة فلا بأس وهي سبع يوم العيد ولا يشرع غسلها بل يأخذها من منى أو المزدلفة ويرمي بها أو من بقية الحرم يجزيء ذلك ولا حرج فيه وأيام التشريق يلقها من منى كل يوم واحدة وعشرين حصاة إن تعجل اثنين وأربعين لليوم(2/277)
الحادي عشر والثاني عشر وإن لم يتعجل ثلاثاً وستين وهي من الحصى الخذف تشبه بعر الغنم المتوسط فوق الحمص ودون البندق كما قال الفقهاء وتسمى حصى الخذف كما تقدم أقل من بعر الغنم قليلاً.
الشيخ ابن باز
***
حكم الرمي بالحصى الذي حول الجمار
س هل يجوز للحاج أن يرمي من الحصى الذي حول الجمار؟.
ج يجوز له ذلك لأن الأصل أنه لم يحصل به الرمي أما الذي في الحوض فلا يرمي بشيء منه.
الشيخ ابن باز
***
حكم الرمي بالحصى المستعمل
س يقال إنه لا يجوز الرمي بجمرة قد رمي بها فهل هذا صحيح ومال الدليل عليه؟.
ج هذا ليس بصحيح لأن الذين استدلوا بأنه لا يرمي بجمرة قد رمى بها، عللوا ذلك بعلل ثلاث قالوا إنها أي الجمرة التي رمى بها كالماء المستعمل في طهارة واجبة، والماء المستعمل في الطهارة الواجبة يكون طاهراً غير مطهر، وإنها كالعبد إذا أُعتق فإنه لا يعتق بعد ذلك في كفارة أو غيرها، وإنه يلزم من القول بالجواز أن يرمي جميع الحجيج بحجر وأحد، فترمي أنت هذا الحجر ثم تأخذه وترمي ثم تأخذه وترمي حتى تكمل السبع ثم يجيء الثاني فيأخذه فيرمي حتى يكمل السبع، فهذه ثلاث علل وكلها عند التأمل عليلة جداً أما التعليل الأول فإننا نقول بمنع الحكم في الأصل وهو أن الماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طاهراً غير مطهر، لأنه لا دليل على ذلك ولا يمكن نقل الماء عن وصفة الأصلي وهو الطهورية إلا بدليل وعلى هذا فالماء المستعمل في طهارة واجبة طهور مطهر فإذا انتفى حكم الأصل المقيس عليه انتفى حكم الفرع، وأما التعليل الثاني وهو قياس الحصاة المرمي بها على العبد المعتق فهو قياس مع الفارق فإن العبد إذا أُعتق كان حراً لا عبداً فلم يكن محلاً للعتق بخلاف الحجر إذا رمي به فإنه يبقى حجراً بعد الرمي به فلم ينتف المعنى الذي كان من أجله صالحاً للرمي به ولهذا لو أن هذا العبد الذي أعتق استرف مرة أخرى بسبب شرعي جاز أن يعتق مرة ثانية، وأما التعليل الثالث وهو أنه يلزم من ذلك أن يقتصر الحجاج على حصارة واحدة فنقول إن أمكن ذلك فليكن، ولكن هذا غير ممكن ولن يعدل إليه أحد مع توفر الحصا.(2/278)
وبناء على ذلك فإنه إذا سقط من يدك حصاة أو أكثر حول الجمرات فخذ بدلها مما عندك وارم به سواء غلب على ظنك أنه قد رمي بها أم لا.
الشيخ ابن عثيمين
***
بداية رمي الجمرات، وكيفيته، وعدد الحصى ...
س متى يبدأ الحاج رمي الجمرات؟ وما كيفية الرمي؟ وما عدد الحصى؟ وبأي الجمرات يبدأ الرمي ومتى ينتهي؟.
ج يرمي أول الجمار يوم العيد وهي الجمرة التي تلي مكة ويقال لها (جمرة العقبة) يرميها يوم العيد وإن رماها في النصف الأخير من ليلة النحر كفى ذلك، ولكن الأفضل أن يرميها ضحى ويستمر إلى غروب الشمس فإن فاته الرمي رماها بعد غروب الشمس ليلاً عن يوم العيد، يرمي واحدة بعد واحدة ويكبر مع كل حصاة، أما في أيام التشريق فيرميها بعد زوال الشمس يرمي الأولى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم الوسطي بسبع حصيات ثم الأخيرة بسبع حصيات في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل، والسنة أن يقف بعد الأولى وبعد الثاني، بعدما يرمي الأولى يقف مستقبلاً القبلة ويجعلها عن يساره ويدعو ربه طويلاً، وبعد الثانية يقف ويجعلها عن يمينه مستقبلاً القبلة ويدعو ربه طويلاً، في اليوم الحادي عشر والثاني عشر وفي اليوم الثالث عشر لمن لم يتعجل، أما الجمرة الأخيرة التي تلي مكة فهذه يرميها ولا يقف عندها لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، رماها ولم يقف عندها عليه الصلاة والسلام.
الشيخ ابن باز
***
وقت رمي الجمار، والرمي ليلا
س متى يبدأ وقت رمي الجمار جمار أيام التشريق الثلاثة وإلى متى ينتهي، وهل يصح أن يرمي الحاج ليلاً هذه الجمار خاصة هذه الأيام ونحن نرى الزحام الشديد والمشقة الصعبة في الرمي نهاراً وذلك لأن بعض الناس يستدلون بالحديث الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ((كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يسأل يوم النحر بمنى فيقول لا حرج فسأله رجل فقال حلقت قبل أن أذبح قال اذبح ولا حرج فقال رميت بعد ما أمسيت فقال لا حرج)) . فهم يقولون إنه إذا كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد أجاز للرجل الرمي ليلاً حيث إن الرمي في يوم النحر من أوجب الواجبات على كل حاج حتى يتحلل التحلل الأول فكيف ببقية أيام التشريق الثلاثة(2/279)
التي تقل وجوباً عن يوم النحر فهذا دليل على أن الرمي أيام التشريق الثلاثة جائز ليلاً فما حكم من رمى الجمار ليلاً هل عليه شيء أم لا؟ نرجو من سماحتكم توضيح هذه النقطة مع ذكر الليل؟.
ج وقت رمي الجمار أيام التشريق من زوال الشمس إلى غروبها لما روى مسلم في صحيحه أن جابراً رضي الله عنه قال ((رمى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم النحر ضحى ورمى بعد ذلك بعد الزوال)) . وما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن ذلك فقال ((كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا)) . وعليه جمهور العلماء لكن إذا اضطر إلى الرمي ليلاً فلا بأس بذلك ولكن الأحوط الرمي قبل الغروب لمن قدر على ذلك أخذاً بالسنة وخروجاً من الخلاف.
وأما حديث ابن عباس المذكور فليس دليلاً على الرمي بالليل لأن السائل سأل النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم النحر فقوله (بعد ما أمسيت) أي بعد الزوال ولكن يستدل على الرمي بالليل بأنه لم يرد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، نص صريح يدل على عدم جواز الرمي بالليل والأصل جوازه لكنه في النهار أفضل وأحوط ومتى دعت الحاجة إليه ليلاً فلا بأس به في رمي اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل أما اليوم المستقبل فلا يرمي عنه في الليلة السابقة له ماعدا ليلة النحر في حق الضعفة في النصف الأخير أما الأقوياء فالسنة لهم أن يكون رميهم جمرة العقبة بعد طلوع الشمس كما تقدم، جمعاً بين الأحاديث الواردة في ذلك والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***
وقت رمي جمرة العقبة أداءً وقضاء ...
س متى ينتهي رمي جمرة العقبة أداءً ومتى ينتهي قضاءً؟.
ج أما رمي جمرة العقبة يوم العيد فإنه ينتهي بطلوع الفجر من اليوم الحادي عشر ويبتديء من آخر الليل من ليلة النحر للضعفاء ونحوهم من الذين لا يستطيعون مزاحمة الناس وأما رميها في أيام التشريق فهي كرمي الجمرتين اللتين معهما، يبتديء الرمي من الزوال، وينتهي بطلوع الفجر، من الليلة التي تلي اليوم إلا إذا كان في آخر أيام التشريق انتهت بغروب شمسها، ومع ذلك الرمي في النهار أفضل إلا أنه في هذه الأوقات مع كثرة الحجيج وغشمهم وعدم مبالاة بعضهم ببعض، إذا خاف على نفسه من الهلاك أو الضرر أو المشقة الشديدة فإنه يرمي ليلاً ولا حرج عليه، كما أنه لو رمي ليلاً بدون أن يخاف هذا فلا حرج عليه، ولكن الأفضل أن يراعى الإحتياط في هذه المسألة ولا يرمي ليلاً إلا عند الحاجة إليه، وأما قوله قضاء فإنها تكون قضاء إذا طلع الفجر من اليوم التالي.
الشيخ ابن عثيمين
***(2/280)
لا يجوز رمي الجمرات أيام التشريق قبل الزوال
س حاج من خارج المملكة لا يعلم عن ظروف السفر وترتيبات التذاكر والطائرات وسأل في بلده هل يمكنه الحجز الساعة الرابعة عصراً (13 12 1405هـ) وقيل يمكن ذلك فحجز على هذا الموعد ثم أدركه المبيت بمنى ليلة ثلاث عشر، اثني عشر، فهل يجوز له أن يرمي صباحاً ثم ينفر علماً أنه لو تأخر بعد الزوال فات السفر وترتب عليه مشقة كبيرة ومخالفة لأولي الأمر؟.
ج لا يجوز له أن يرمي قبل الزوال ولكن يمكن أن نسقط عنه الرمي في هذه الحالة للضرورة ونقول له يلزمك فدية تذبحها في منى أو في مكة أو توكل من يذبحها عنك وتوزَّع على الفقراء وتطوف طواف الوداع وتمشي، ونقول أما قولك إذا كان الجواب بعد الجواز أليس هناك رأي يجيز الرمي قبل الزوال، الجواب هناك رأي يجيز الرمي قبل الزوال ولكنه ليس بصحيح والصواب أن الرمي قبل الزوال لا يجوز وذلك لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال خذوا عن مناسككم، ولم يرم، صلى الله عليه وسلم، إلا بعد الزوال، فإن قال قائل رمي النبي، صلى الله عليه وسلم، بعد الزوال مجرد فعل ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب قلنا هذا صحيح، إنه مجرد فعل، ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب أما كونه مجرد فعل فلأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يأمر بأن يكون الرمي بعد الزوال ولا نهى عن الرمي قبل الزوال، وأما كون الفعل لا يدل على الوجوب فنعم، لا يدل على الوجوب لأن الوجوب لا يكون إلا بأمر بالفعل أو نهي عن الترك، ولكن نقول هذا الفعل دلت القرينة على أنه للوجوب، ووجه ذلك أن يكون الرسول، صلى الله عليه وسلم، يؤخر الرمي حتى تزول الشمس يدل على الوجوب إذ لو كان الرمي قبل الزوال جائزاً لكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يفعله لأنه أيسر على العباد وأسهل، والنبي عليه الصلاة والسلام ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فكونه لم يختر الأيسر هنا وهو الرمي قبل الزوال يدل على أنه إثم والوجه الثاني مما يدل على أن هذا الفعل للوجوب كون الرسول عليه الصلاة والسلام يرمي فور زوال الشمس قبل يصلي الظهر فكأنه يترقب الزوال بفارغ الصبر ليبادر بالرمي، ولهذا أخّر صلاة الظهر مع أن الأفضل تقديمها في أول الوقت، كل ذلك من أجل أن يرمي بعد الزوال.
الشيخ ابن عثيمين
***
لا يجزى الرمي قبل الزوال
س إنني في آخر أيام الحج رميت الجمرات قبل أذان الظهر بربع ساعة فهل هذا وقت الزوال وهل عليَّ شيء إن كان لم يبدأ بعد؟.
ج عليك دم يذبح في مكة للفقراء لأن الجمار في أيام التشريق إنما يكون بعد الزوال(2/281)
ولا يجزيء قبله لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، رمى في أيام التشريق بعد الزوال وقال ((خذوا عني مناسككم)) .
فوجب على المسلمين اتباعه في ذلك عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم.
وعليك مع ذلك التوبة إلى الله سبحانه لأنك خالفت المشروع عفا الله عنا وعنك وعن كل مسلم.
الشيخ ابن باز
***
حكم رمي جمرة العقبة ليلاً.
س هل يجوز رمي جمرة العقبة ليلاً أي ليلة عيد الأضحى بعد الانصراف من مزدلفة إلى منى في الليل وما هو تعليق سماحتكم على الحديث الصحيح وهو قول النبي، صلى الله عليه وسلم، لغلمان بني عبد المطلب ((لا ترموا الجمرة تطلع الشمس)) .؟.
ج الأفضل للأقوياء رمي جمرة العقبة يوم العيد بعد طلوع الشمس اقتداء بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وعملاً بالحديث المذكور أما أهل الأعذار وهو الضعفة فإنه يجوز لهم في النصف الأخير من الليل لأحاديث وردت في ذلك منها حديث أم سلمة رضي الله عنها ((أنها رمت الجمرة قبل الفجر)) . رواه أبو داود بإسناد صحيح، ولما رواه البخاري رحمه الله عن عبد الله مولى أسماء ((أنها نزلت ليلة جمع في المزدلفة فقامت تصلي فصلت ساعة ثم قالت يا بني هل غاب القمر؟ قلت لا، فصلَّت ساعة ثم قالت هل غاب القمر؟ قلت نعم، قالت فارتحلوا فارتحلنا ومضينا حتى رمت جمرة العقبة ثم رجعت وصلت الصبح في منزلها فقلت لها ياهنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا ــ قالت يا بني إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذن للظعن)) أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الرمي بعد طلوع الشمس فقد ضعفه بعض أهل العلم لما في إسناده من الانقطاع وعلى فرض صحته فهو محمول على الندب والأفضلية جمعاً بين الأحاديث الواردة في ذلك كما نبه على ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله والله أعلم.
اللجنة الدائمة
***
حكم رمي جمرة العقبة في الليل
س جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنه قال إني رميت بعد ما أمسيت قال لا حرج صححه البيهقي فهل هذا صحيح وأنه يجوز رمي جمرة العقبة بعد غروب شمس يوم النحر؟.
ج جاء عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه سُئل يوم النحر وليس في أيام التشريق، حيث جاء في البخاري أن أحد الصحابة قال رميت بعدما أمسيت أي أنه رمي في آخر النهار وهذا مجزيء عند الجميع إذا(2/282)
رمي آخر النهار يوم العيد بعد الظهر أو بعد العصر فلا بأس وليس معناه أنه رمى في الليل، لأنه سأل النبي، صلى الله عليه وسلم، قبل أن يجيء الليل. أما الرمي بعد غروب الشمس فهو محل خلاف بين أهل العلم. منهم من قال أنه يجزيء وهو قول قوي، وقال آخرون إذا غربت الشمس لا يجزيء بل يؤجل ويرمي بعد زوال الشمس من اليوم الحادي عشر ولكن يرمي جمرة العقبة قبل أن يرمي جمرات اليوم الحادي عشر هذا هو المشروع عند العلماء. ولكن ينبغي للمسلم أن يجتهد حتى يرمي جمرة العقبة في النهار يوم العيد كما رمي النبي، صلى الله عليه وسلم، وكما رمى الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهكذا في الأيام التي أعدت للرمي بعد الزوال وقبل غروب الشمس، فإذا ضاقت عليه الأمور وغابت الشمس ولم يرم أجزأه الرمي بعد الغروب إلى آخر الليل على الصحيح والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم رمي الجمار ليلا، ومن دفع من مزدلفة مع النساء هل يجوز له الرمي قبل منتصف الليل
س هل يجوز رمي الجمرات الثلاث في أيام التشريق ليلاً لمن ليس لديه عذر؟ وهل يجوز لمن دفع مع النساء والضعفة ليلة النحر بعد منتصف الليل من مزدلفة أن يرمي جمرة العقبة أم لا؟.
ج يجوز الرمي بعد الغروب على الصحيح لكن السنة أن يرمي بعد الزوال قبل الغروب هذا هو الأفضل إذا تيسر وإذا لم يتيسر فله الرمي بعد الغروب على الصحيح. ومن دفع مع الضعفة والنساء من المحارم والسائقين وغيرهم فحكمه حكمهم يجزئه أن يرمي في آخر الليل مع النساء.
الشيخ ابن باز
***
حكم من شك في سقوط الحصى في الحوض
س ما حكم من حصل عنده شك بأن بعض الحصى لم يسقط في الحوض؟.
ج من شك فعليه التكميل، يأخذ من الحصى الذي عنده في منى من الأرض ويكمل بها.
الشيخ ابن باز
***
إذا لم يسقط الحصى في الحوض
س حاج رمى جمرة العقبة من جهة الشرق ولم يسقط الحجر في الحوض فما العمل وهو في اليوم الثالث عشر وهل يلزمه إعادة الرمي في أيام التشريق؟.(2/283)
ج لا يلزمه إعادة الرمي كله وإنما يلزمه إعادة الرمي الذي أخطأ فيه فقط وعلى هذا يعيد رمي جمرة العقبة فقط ويرميها على الصواب، ولا يجزئه الرمي الذي رماه من جهة الشرق لأنه في هذه الحال لا يسقط في الحوض الذي هو موضع الرمي ولهذا لو رماها من الجسر من الناحية الشرقية أجزأ لأنه يسقط في الحوض.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم من رمي ست حصوات فقط
س ماذا يجب على من رمى إحدى الحصوات وهي آخر ما كان معه فلم تقع في حوض الجمرة الكبرى من شدة الزحام الذي أنهك قوته؟.
ج إن أمكنه أن يرمي بدلها دون حرج رمى واحدة عنها وإلا أجزأ ما رمي ولا دم عليه ولا إطعام.
اللجنة الدائمة
***
من بقي عليه جمرة أو جمرتان
س إذا لم تصب جمرة من الجمار السبع المرمي أو جمرتان، ومضى يوم أو يومان فهل يلزمه إعادة هذه الجمرة أو الجمرتين، وإذا لزمه فهل يعيد ما بعدها من الرمي؟.
ج إذا بقي عليه رمي جمرة أو جمرتين من الجمرات أو على الأوضح حصاة أو حصاتين من أحدى الجمرات فإن الفقهاء يقولون إذا كان من آخر جمرة فإنه يكملها أي يكمل هذا الذي نقص فقط ولا يلزمه رمي ما قبلها، وإن كان من غير آخر جمرة فإنه يكمل الناقص ويرمي ما بعده، والصواب عندي أنه يكمل النقص مطلقاً ولا يلزمه إعادة رمي ما بعدها، وذلك لأن الترتيب يسقط بالجهل أو بالنسيان، وحينئذ نقول له ما نقص من الحصاة فارمه ولا يجب عليك رمي ما بعدها.
وقبل إنهاء الجواب أحب أن أنبه إلى أن المرمي مجتمع الحصا وليس العمود المنصوب للدلالة عليه فلو رمي في الحوض ولم يصب العمود بشيء من الحصيات فرميه صحيح. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم رمي الجمار كلها في يوم واحد
س هل يجوز للحاج رمي جمار أيام التشريق كلها في يوم واحد سواء كان ذلك اليوم هو أول يوم من أيام التشريق أو كان النحر مثلاً أو كان آخر يوم من أيام التشريق ثم يبيت في منى اليومين أو(2/284)
الأيام الثلاثة بدون رمي حيث إنه قد رمي جميع الجمار في يوم واحد فهل يصح رميه هذا أم أنه لا بد من ترتيب رمي الأيام كل يوم على حدة حتى ينتهي من رمي الأيام الثلاثة نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟.
ج رمي الجمار من واجبات الحج، ويجب في يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة لغير المتعجل، وفي اليومين الأولين من أيام التشريق للمتعجل ويرمي عن كل يوم بعد الزوال لفعل النبي، صلى الله عليه وسلم، وقوله ((خذوا عني مناسككم)) . ولا يجوز تقديم رميها قبل وقته، أما التأجير فيجوز عند الحاجة الشديدة كالزحام عند جمع من أهل العلم قياساً على الرعاة لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، رخص لهم بأن يجمعوا رمي يومين في اليوم الثاني منهما وهو الثاني عشر ويرتب ذلك بالنية، وألها يوم العيد ثم رمي اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث إن لم يتعجل ويكون طواف الوداع بعد ذلك والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***
حكم من رمى الجمار دفعة واحدة
س حججت مع والدي وعمري 17 عاماً الفريضة وأنا جاهلة ولا أعرف شيئاً عن الحج وذهبت مع والدي للرجم لرمي الجمرات فأخذها والدي ورماها كلها جميعاً فهل حجي صحيح أم لا؟.
أفيدوني أفادكم الله.
ج إذا كان والدك رمي الجمرات السبع دفعة واحدة فعليك دم وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم، جذع من الضأن أو ثني من الماعز، يذبح في مكة ويوزع بين فقراء الحرم لأن رمي الجمرات في الحج واجب من واجبات الحج والواجب أن ترمي الجمرات السبع واحدة بعد واحدة فإذا رماها الحاج رمية واحدة لم تجزيء إلا عن حصاة واحدة، وحجك صحيح وليس عليك إعادته ولكن حصل فيه نقص يجبر بالدم المذكور وإذا تيسر لك الحج مرة أخرى فذلك من باب التطوع، وفي الحج فرضاً وتطوعاً فضل عظيم وأجر كبير لمن تيسر له ذلك وأداه على الوجه الشرعي لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)) . والعاجز عن الرمي كالمريض والشيخ الكبير والمرأة التي لا تستطيع الوصول إلى الجمرة وأشباههم يجوز له التوكيل في رمي الجمار لقول الله عز وجل (فاتقوا الله ما استطعتم) .
والواجب على المسلمين جميعاً من الذكور والإناث التفقه في الدين ومعرفة أحكام ما أوجب الله عليهم من صلاة وزكاة وصوم وحج وغير ذلك، لأن الله خلق الثقلين لعبادته ولا سبيل إلى معرفتها إلا بالتعلم والتفقه في الدين وقد صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((من يرد الله به خيراً(2/285)
يفقهه في الدين)) .
وقال، صلى الله عليه وسلم، ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) ..
وفق الله المسلمين جميعاً للعلم النافع والعمل به إنَّه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
***
حكم من رمى قبل الزوال في اليوم الثاني
س ماذا يجب على من رمي الجمار ضحى ثاني يوم العيد، ثم علم بعد ذلك أن وقت الرمي هو بعد الظهر؟.
ج من رمي الجمار ثاني يوم العيد الأضحى قبل الزوال فعليه أن يعيد رميها بعد زوال ذلك اليوم فإن لم يعلم خطأه إلا في اليوم الثالث أو الرابع أعاد رميها بعد الزوال من اليوم الثالث أو الرابع بعد الزوال قبل أن يرمي لذلك اليوم الذي ذكر فيه فإن لم يعلم إلا بعد غروب الشمس لليوم الرابع لم يرم وعليه دم يذبح بالحرم ويطعمه الفقراء.
اللجنة الدائمة
***
حكم من عكس في رمي الجمار
س حضر قريب لي لتأدية فريضة الحج 1406هـ. وفي اليوم الأول لرمي الجمار. . بدل أن يرمي الأصغر فالأوسط فالأكبر عكس الرمي وعلم بهذا الخطأ في اليوم الثاني حيث صحح الرمي في اليومين الثاني والثالث ولم يرم عن الأول أو يكفّر. حتى أتم جميع المناسك وعاد إلى بلده.
وأرسل يسأل عما عليه تجاه هذا الخطأ حيث اختلفت أراء الذين سألهم.
ج عليه دم وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم يكون جذعاً من الضأن أو ثنياً من المعز يذبح في مكة ويوزع بين فقراء الحرم لكونه علم بالحكم في أيام الرمي فلم يُعِد الرمي على الوجه المشروع وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ((من ترك نسكاً أو نسيه فليهرق دماً)) .
وهذا له حكم الرفع لأنه لا يقال من جهة الرأي ولم يعرف له مخالف من الصحابة رضي الله عنهم. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/286)
من تأخر وجب عليه المبيت والرمي بعد الزوال
س ما حكم من مكث يومين بعد العيد وبات ليلة اليوم الثالث هل يجوز له أن يرمي بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس إذا بدت له ظروف قاسية؟.
ج من بقي في منى حتى أدركه الليل في الثالثة عشرة لزمه المبيت وأن يرمي بعد الزوال، ولا يجوز له الرمي قبل الزوال كاليومين السابقين، ليس له الرمي فيهما إلا بعد الزوال لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، بقي في منى اليوم الثالث عشر ولم يرم إلا بعد الزوال وقال ((خُذوا عَنَّى مناسككم)) .
الشيخ ابن باز
***
حكم من ترك الرمي في اليوم الثاني عشر ومبيت الليلة الثانية عشرة
س كنت مع زوجي في أداء فريضة الحج للمرة الثانية وكان أولادي في الرياض فبعد أن رمينا الجمرة الثانية نزلنا مكة وأكملنا حجنا وسافرنا للرياض لانشغال على الأطفال ووكلنا أحد أقاربنا برمي الجمرات عنا؟ فهل هذا جائز؟ وماذا يجب علينا؟.
ج عليكما التوبة إلى الله سبحانه لأنكما تركتما واجب الرمي في اليوم الثاني عشر ومبيت الليلة الثانية عشر وطواف الوداع في وقته لأن وقته بعد انتهاء الرمي، وعلى كل واحد منكما ذبيحتان تجزئان في الضحية، تذبحان في مكة وتوزعان بين فقراء الحرم عن ترك الرمي في اليوم الثاني وعن ترك طواف الوداع لأنه واجب وقد فعلتماه قبل وقته وعليكما صدقة بما يسرَّ الله عن ترك المبيت الليلة الثانية عشرة عفا الله عنا وعنكم.
الشيخ ابن باز
***
رمي في اليوم الحادي عشر ثم ودّع وسافر
س ما حكم من رمى في اليوم الحادي عشر ثم ودع البيت وسافر.
ج إذا رمي في اليوم الحادي عشر ثم ودع البيت وسافر فقد ترك واجبين هما رمي الجمرات في الثاني عشر والبيتوتة بمنى ليلته فعليه فديتان على ما قاله كثير من أهل العلم يذبحهما في مكة ويتصدق بهما هناك؟.
الشيخ ابن عثيمين
***(2/287)
كيفية رمي الجمار لمن أخرها إلى أخر أيام التشريق لمرض أو كبر
س إذا أخّر الحاج الرمي إلى آخر أيام التشريق لمرض أو كبر وخوف زحام فهل يرمي جمرة العقبة والجمرات الأخرى وهو في موقف واحد أم لا بد من الرمي عن كل يوم على حدة بمعنى أنه يرمي عن اليوم الأول ثم يبدأ من جديد لليوم الثاني وهكذا عن اليوم الثالث ولو كان في ذلك مشقة؟.
ج يرمي جمرة العقبة أولاً، ثم يرمي جمرات اليوم الحادي عشر ثم جمرات اليوم الثاني عشر لم الثالث عشر إن لم يتعجل والسنة أن كل يوم في وقته حسب الطاقة.
اللجنة الدائمة
***
يصح التوكيل لمسوغ شرعي
س إن والدتي وإخوتي الاثنتين قد وكلوني عنهم برمي الجمرات وذلك خوفاً من شدة الازدحام فهل يصح ذلك؟ جزاكم الله خير الجزاء.
ج يصح التوكيل إذا كن عاجزات عن الرمي لشدة الزحام أو لمرضهن أو مسوغ آخر من المسوغات الشرعية.
الشيخ ابن باز
***
(الفدية)
فدية فعل المحظور وأقسامها وتكرار المحظور
س ما الفدية في الحج؟ وما أقسامها؟ وما الحكم إذا كرر فعل محظور من جنس واحد؟.
ج الفدية هي فدية فعل المحظور من محظورات الإحرام وهي أقسام الأول التخيير بين ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام وهذا في حلق الشعر ولو ثلاث شعرات، وتقليم الأظافر ولبس المخيط واستعمال الطيب وتغطية الرأس فمن فدى بشيء من ذلك كفى، القسم الثاني جزاء الصيد، فيخير بين أن يذبح مثله من بهيمة الأنعام أو يقدر ثمنها طعاماً يتصدق به أو يصوم عدله أياماً عن كل مد يوماً، الثالث فدية التمتع والقران فيلزمه دم إن وجد فإن عدمه صام عشرة أيام ثلاثة بمكة وسبعة إذا رجع، القسم الرابع دم الجبران إذا ترك شيئاً من واجبات الحج كالمبيت بمزدلفة ورمى الجمار والحلق وطواف الوداع والإحرام من الميقات، فمن ترك شيئاً من ذلك(2/288)
فعليه دم لمساكين الحرم أما إذا كرر محظوراً من جنس فليس عليه إلا فدية واحدة كأن حلق كل يوم شعرات أو غطى رأسه عدة مرات لكن إن فدى عن الأول ثم عاد، لزمته فدية ثانية.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم من قطع شجرة في الحرم
س ما الذي يجب على من قطع شجرة الحرم وما هي حدود حرم مكة؟.
ج من قطع شجرة كبيرة في الحرم المكي فعليه دم بدنة وفي الشجرة الصغيرة شاة وفي الحشيش قيمته، ويجوز قطع الأغصان التي تمتد على الطريق وتؤذي المارة ويجوز قطع ما أنبته الآدمي، والحرم المكي له حدود معروفة قد نصب في نهايتها أعلام ظاهرة توجد في الطريق كالذي بين مزدلفة وعرفة وآخرى في طريق جدة قرب الشميسي وهو موضع الحديبية وغيرها.
الشيخ ابن جبرين
***
الدم لا يسقط عمن ترك واجبا ...
س هل يسقط الدم عن الجاهل الذي لا يعرف الحكم أو الناسي الذي ترك واجباً من واجبات الحج كالمبيت والرمي والحلق أم لا بد من الدم وكذلك الحال لمن ارتكب شيئاً من محظورات الإحرام؟.
ج يسقط عن الجاهل والناسي الذي ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام ولا يسقط عمن ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة جهلاً أو نسياناً، لقول ابن عباس رضي الله عنه من ترك نسكاً أو نسيه فعليه دم. ولحديث صاحب الجبة الذي تضمخ بالطيب وهو معتمر.
اللجنة الدائمة
***
(الاحصار)
أحرم من الميقات ثم حبسه حابس
س ما حكم من أحرم من الميقات للحج أو العمرة ثم حبسه حابس عن الطواف والسعي؟.
ج يبقى على إحرامه إذا كان يرجو زوال هذا الحابس قريباً كأن يكون المانع سيلاً أو عدواً يمكن التفاوض معه في الدخول وأداء الطواف والسعي ولا يعجل في التحلل. كما حدث للنبي، صلى الله عليه وسلم،(2/289)
وأصحابه حيث مكثوا مدة يوم الحديبية للمفاوضات مع أهل مكة لعلهم يسمحون لهم بالدخول لأداء العمرة بدون قتال، فلما لم يتيسر ذلك وصمموا على المنع إلا بالحرب أهدى النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وحلقوا وتحللوا.
هذا هو المشروع للمحصر، أن يتمهل فإن تيسر فك الحصار استمر على إحرامه وأدّى مناسكه، وإن لم يتيسر ذلك وشق عليه المقام تحلل من هذه العمرة أو الحج إن كان حاجاً، ولا شيء عليه سوى التحلل بإهراق دم وحلق الشعر أو التقصير كما فعل النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه يوم الحديبية وبذلك يتحلل كما قال ــ جل وعلا ــ (فإن أُحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) . فالحلق يكون بعد الذبح، ويقوم مقامه التقصير، فينحر أولاً ثم يحلق أو يقصر، ثم يتحلل ويعود إلى بلاده.
الشيخ ابن باز
***
حج ولم يشترط ثم عرض له عارض ...
س إذا تجاوز الميقات ملبياً بحج أو عمرة ولم يشترط وحصل له عارض كمرض ونحوه يمنعه من إتمام نسكه فماذا يلزمه أن يفعل؟.
ج هذا يكون محصراً، إذا كان لم يشترط ثم حصل عليه حادث يمنعه من التمام، إن أمكنه الصبر لعله يزول أثر الحادث ثم يكمل صبر، وإن لم يتمكن من ذلك فهو محصر على الصحيح والله قال في المحصر (فإن أُحصرتم فما استيسر من الهدي)
والصواب أن الإحصار يكون بالعدو ويكون بغير العدو فيهدي ويحلق أو يقصر ويتحلل هذا هو حكم المحصر، يذبح ذبيحة في محله الذي أحصر فيه. سواء كان في الحرم أو في الحل ويعطيها الفقراء في محله ولو كان خارج الحرم، فإن لم يتيسر حوله أحد نقلت إلى فقراء الحرم أو إلى من حوله من الفقراء أو إلى فقراء بعض القرى ثم يحلق أو يقصَّر ويتحلل، فإن لم يستطع الهدي صام عشرة أيام ثم حلق أو قصراً وتحلل.
الشيخ ابن باز
***
إذا أحصر الحاج بعد الإحرام
س إذا عزم المسلم على الحج وبعد الإحرام تعذّر حجه ماذا يلزمه؟.
ج إذا أحصر الإنسان عن الحج بعد ما أحرم، بمرض أو غيره جاز التحلل بعد أن ينحر هدياً ثم يحلق رأسه أو يقصّره لقول الله سبحانه (وَأَتُمِوا الَحجَّ والعُمْرَةَ لله فإنْ أُحْصِرْتُمْ فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ(2/290)
الهَدْي ولا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حتَّى يَبْلُغَ الهديُ مَحِلَّهُ) . ولأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما أحصر عن دخول مكة يوم الحديبية نحر هدية وحلق رأسه ثم حلّ وأمر أصحابه بذلك. لكن إذا كان المحصر قد قال في إحرامه فإن حبسني حابس فمحلّي حيث حبستني، وحل ولم يكن عليه شيء، لا هدي ولا غيره لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن ضباعة بنت الزبير ابن عبد المطلب رضي الله عنها قالت يا رسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية فقال لها النبي، صلى الله عليه وسلم ((حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني)) .
الشيخ ابن باز
***
حكم من صد عن الحج قبل الإحرام
س ما الحكم إذا خرج الإنسان حاجاً أو معتمراً ومنعه عن السير في طريق الحج عصابة أو خارجون على القانون مثلاً؟.
ج لا يخلو من صُدّ عن الحج أو قطاع طريق من أن يكون ذلك قبل الإحرام أو بعده فإذا خرج المسلم لأداء الحج أو العمرة فمنعه العدو من الوصول إلى مكة قبل أن يحرم رجع إلى أهله ولا شيء عليه ويثاب على نيته، وعليه أن يبادر إلى أداء فريضة الحج إذا أمن الطريق، فإذا خرج لأداء حج أو عمرة ثم وصل الميقات فأحرم ثم منعه الأعداء أو صدوه عن البيت فعليه أن يذبح شاة ثم يتحلل كالمحصر وهو المذكور في قوله تعالى (فإن إحصرتم فما استيسر من الهدي) . فإن لم يجد الشاة
بقي على إحرامه وصام عشرة أيام ثم حل فإن كان قد اشترط عند الإحرام بأن قال إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. فلا شيء عليه إذا حبس بل جاز له التحلل بالإحصار بدون هدي.
الشيخ ابن جبرين
***
أحرم بالحج ثم منع من دخول مكة
س من أحرم بالحج من الميقات ثم سار إلى أن قرب من مكة فمنعه مركز التفتيش لأنه لم يحمل بطاقة الحج فما الحكم؟.
ج الحكم في هذا الحال أنه يكون محصراً حين تعذر عليه الدخول فيذبح هدياً في مكان الإحصار ويحل ثم إن كانت هذه الحجة هي الفريضة أداها فيما بعد بالخطاب الأول لاقضاءً، وإن كانت غير الفريضة فإن لاشيء عليه، على القول الراجح، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يأمر الذين أحصروا في(2/291)
غزوة الحديبية أن يقضوا تلك العمرة التي أحصروا عنها، فليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وجوب القضاء على من أحصر قال (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) . ولم يذكر شيئاً سوى ذلك وعمرة القضاء سميت بذلك لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قاضى قريشاً أي عاهدهم عليها وليس من القضاء الذي هو استدارك ما فات والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم من وقع له حادث في طريقه إلى عرفات فقطع حجه وعاد إلى بلده
س توجهت في اليوم السابع إلى البيت الحرام وقضيت مناسك العمرة وتوجهت إلى منى وصلينا الخمسة فروض بها وبعد ذلك توجهنا إلى عرفات وانقلبت بنا السيارة وتأثرنا وكان برفقتي رجل يحج لأمي، توفي في الحادث وأنا رجعت من محل الحادث في ليلة التاسع من ذي الحجة، ما يلزم؟.
ج الواجب عليك وقد أحرمت بالحج أن تستمر فيه حتى تقضي المناسك جميعها ولا تتركه لحادث ــ أنجاك الله منه ــ ومثله لا يكون عذراً لك في ترك المواصلة في الحج وما دمت رجعت قبل أن تقف بعرفة وتطوف بالبيت وتؤدي ما أوجبه الله عليك فعليك أن تستغفر الله وتتوب إليه مما ارتكبته، وأن تذبح رأساً من الغنم يجزيء في الأضحية داخل مكة في أي وقت وتوزعه على الفقراء ولا تأكل منه ولا تهدي منه لقريب غني وأن تحج من قابل إن شاء الله وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
(أحكام الهدي)
س هل يجب الهدي على أهل مكة لمن أحرم منهم بالحج فقط وهل يصح في حقهم التمتع أم القران في الحج نرجو توضيح ذلك مع الدليل؟.
ج يصح التمتع والقران من أهل مكة وغيرهم، لكن ليس على أهل مكة هدي، وإنما الهدي على غيرهم من أهل الآفاق القادمين إلى مكة محرمين بالتمتع أو القران لقول الله تعالى (فمن تمتَّع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لَّم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم(2/292)
تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتَّقوا الله واعلموا أنَّ الله شديد العقاب) .
الشيخ ابن باز
***
القادر على الهدي هل يجوز له أن يتصدق بثمنه ويصوم
س هذا الهدي الذي يُهدى ولاُ يستفاد منه إلا قليلاً أليس من الأفضل أن يصوم الحاج القادر على الهدي، وعند عودته يُخرج قيمة الهدي لمساكين وطنه ثم يُتم صيام باقي العشرة أيام فما رأيكم أثابكم الله؟.
ج من المعلوم أم الشرائع تُتلقى عن الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، لا عن آراء الناس، والله ــ سبحانه وتعالى ــ شرع لنا في الحج إذا كان الحاج متمتعاً أو قارناً أن يهدي فإذا عجز عن الهدي صام عشرة أيام، ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وليس لنا أن نشرع شيئاً من قبل أنفسنا، بل الواجب أن يعدَّل ما يقع من الفساد في الهدي، بأن يُذكر ولاة الأمور لتصريف اللحوم وتوزيعها على الفقراء والمساكين والعناية بأماكن الذبح وتوسعتها للناس وتعدادها في الحرم حتى يتمكن الحجاج من الذبح في أوقات متسعة وفي أماكن متسعة وعلى ولاة الأمور أن ينقلوا اللحوم إلى المستحقين لها أو يضعوها في أماكن مبردة حتى توزع بعدُ على الفقراء في مكة وغيرهم، أما أن يُغير نظام الهدي بأن يصوم وهو قادر أو يشتري هدياً في بلاده للفقراء أو يوزع قيمته فهذا تشريع جديد لا يجوز للمسلم أن يفعله لأن المشرع هو الله ـ سبحانه وتعالى ـ، وليس لأحد تشريع ((أم لَهُمْ شُركاء شَرعُوا لَهُمْ مِن الدَّين مَا لم يأذن به الله) . فالواجب على المسلمين أن يخضعوا لشرع الله وأن ينفذوه، وإذا وقع خلل من الناس في تنفيذه وجب الإصلاح والعناية بذلك، مثل ما وقع في الهدي في ذبح بعض الهدايا وعدم وجود من يأكلها، وهذا خلل وخطأ يجب أن يعالج من جهة ولاة الأمور ومن جهة الناس فكل مسلم يعتني بهديه حتى يوزعه على المساكين أو يأكله أو يهديه إلى بعض إخوانه. وأما أن يدعه في أماكن لا يُستفاد منه فلا يجزئه ذلك.
وعلى ولاة الأمور أن يُعينوا على ذلك بأن ينقلوا اللحوم إلى الفقراء في وقتها، أو ينقلوها إلى أماكن مبردة يستفاد منها بعد ذلك ولا تفسد.
هذا هو الواجب على ولاة الأمور وهو إن شاء الله ساعون بهذا الشيء ولا يزال أهل العلم ينصحون بذلك، ويذكرون ولاة الأمور هذا الأمر.
ونسأل الله أن يعين الجميع على ما فيه المصلحة العامة للمسلمين في هذا الباب وغيره.
الشيخ ابن باز
***(2/293)
حكم من ذبح هديه ثم تركه
س ما الحكم فيمن ذبح الهدي ثم تركه هل يجزئه ذلك أو لا؟.
ج على من ذبح الهدي أن يوصله إلى مستحقيه ولا يجوز أن يذبحه ويدعه ولكن لو أخذ شيئاً قليلاً منه فأكل منه وتصدق أجزأه ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
***
ذبح هديه خارج الحرم
س ذبح حاج هديه في عرفات أيام التشريق ووزعها على من فيها فهل يجوز ذلك وماذا يجب عليه إذا كان جاهلاً الحكم أو عامداً؟. . وإذا ذبح هديه في عرفات ثم وزع لحمه داخل الحرم هل يجوز ذلك وما هو المكان الذي لا يجوز ذبح الهدي فيه. . ولكم الشكر؟.
ج هدي التمتع والقران لا يجوز ذبحه إلا في الحرم فإذا ذبحه في غير الحرم كعرفات وجدة وغيرهما فإنه لا يجزئه ولو وزع لحمه في الحرم. . . وعليه هدي آخر يذبحه في الحرم سواء كان جاهلاً أو عالماً.
لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، نحر هديه في الحرم وقال خذوا عني مناسككم، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم إنما نحروا هديهم في الحرم تأسياً به، صلى الله عليه وسلم.
الشيخ ابن باز
***
من ذبح هديه قبل يوم العيد جاهلاً
س أحرمنا ونحن جماعة متمتعين فأدينا العمرة وتحللنا، وأشار بعضهم بذبح الهدي وتوزيعه في مكة، وفعلاً تم الذبح في مكة، ثم علمنا بعد ذلك أن الذبح لا يكون إلا بعد رمي جمرة العقبة، وكنت أعلم بذلك وأشرت عليهم بتأجيل الذبح إلى يوم النحر أو بعده، ولكنهم أصرّوا على الذبح بعد وصولنا وأدائنا العمرة بيوم واحد، فما حكم ذلك وماذا يلزمنا في هذه الحالة؟.
ج من ذبح قبل العيد دم العمرة أو دم التمتع فإنه لا يجزئه لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه لم يذبحوا إلا في أيام النحر وقد قدموا وهم متمتعون في اليوم الرابع من ذي الحجة، وبقيت الغنم والإبل التي معهم موقوفة حتى جاء يوم النحر فلو كان ذبحها جائزاً قبل ذلك لبادر النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه إليه في الأيام الأربعة التي أقاموها قبل خروجهم إلى منى لأن الناس بحاجة إلى اللحوم في ذلك الوقت، فلما لم يذبح النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه حتى جاء يوم النحر، ودل ذلك على عدم الإجزاء، وأن(2/294)
الذي ذبح قبل يوم النحر خالف السنة وأتى بشرع جديد، فلا يجزيء كمن صلى أو صام قبل الوقت فلا يصح صوم رمضان قبل وقته ولا الصلاة قبل وقتها نحو ذلك.
فالحاصل أن هذه عبادة أداها قبل الوقت فلا يجزيء، فعليه أن يعيد هذا الذبح إن قدر، وإن عجز صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فتكون عشرة أيام بدلاً من الذبح.
الشيخ ابن باز
***
حكم من ذبح هدي التمتع والقران قبل العيد
س ما رأي فضيلتكم فيمن ذبحوا هدي التمتع أو القران قبل يوم العيد مستدلين بقول بعض أصحاب المذاهب بجواز ذلك؟.
ج الذين ذبحوا هدي التمتع أو القران قبل العيد تقليداً لمن قال ذلك ليس عليهم شيء لكن ينبهون عن ذلك في المستقبل.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم من ترك الهدي جاهلا
س رجل قرن الحج بالعمرة وفعل جميع مناسك الحج وفي أيام منى ذبح أضحية ولم يؤد الهدي لجهله حتى انتهت أيام منى فهل عليه الهدي؟.
ج إذا كان الواقع كما ذكرت وجب عليه أن يذبح هدياً عن القران بمكة وله أن يأكل منه وله أن يوكل أميناً يذبحه عنه بمكة المكرمة ولا يجزيء عنه ما ذبح بنية الأضحية.
اللجنة الدائمة
***
متمتع ضاعت نقوده ومعه زوجته
س لقد أحرمت الإحرام الذي يلزم معه الهدي، ولكن ضاعت نقودي وفقدت كلَّ مالي الذي معي فما حكمي في هذه الحالة، علماً بأن زوجتي ترافقني أيضاً؟.
ج إذا أحرم الإنسان بالعمرة في أيام الحج متمتعاً بها إلى الحج، أو بالحج والعمرة جميعاً قارناً فإنه يلزمه دم وهو رأس من الغنم ثنى معز أو جذع من الضأن أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة يذبحها في أيام النحر فيعطيها الفقراء والمساكين ويأكل منها ويتصدق. هذا هو الواجب عليه. فإذا عجز عن ذلك لذهاب نفقته أو لفقره وعسر وقلة النفقة، فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله كما أمر الله بذلك، ويجوز أن يصوم عن الثلاثة، اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث(2/295)
عشر وذلك مستثنى من النهي عن صيامها إلا في حق من فقد الهدي فإنه يصوم هذه الأيام الثلاثة وإن صام ذلك قبل يوم عرفة فهو أفضل إذا كان فَقْدُ النفقة متقدماً ويصوم السبعة عن أهله. والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***
حاج ضاعت نقوده ولم يستطع الصيام فماذا عليه
س ذهبت هذا العام لقضاء فريضة الحج بنية قارن حج وعمرة وبعد قضاء جميع المناسك الحج والعمرة حتى جاء ويوم الهدي فوجئت بضياع المبلغ هناك ولم أعرف هل هو طاح أم أحد سرقه والمبلغ هو 450ريالاً سعودياً فلذلك لم أتمكن من الذبح ورجعت إلى نية الصوم وبينما نويت الصوم اعتراني مرض الانفلونزا فذهبت إلى المستشفى بمكة ثم صُرفَ العلاج اللازم لي ولم أستطع الصوم ورجعت إلى مدينة الرياض مستقلاً سيارة جمس المدفوع أجرها مقدماً قبل الذهاب حسب الاتفاق والشروط وعند وصولي زاد مرضي وإعيائي فذهبت إلى مستوصف وتم الكشف عليَّ وتم صرف العلاج اللازم ولم أستطع الصوم فهل بعد تمام شفائي من المرض ينفع الصوم وماذا أفعل علماً بأني كانت نيتي الهدي ولكن هذا قضاء الله وقدره فأرجو من سماحتكم أن تفتوني في أمري جعلكم الله نصراً لدين الإسلام.
ج إذا كان الواقع كما ذكرت من أنك أحرمت بحج وعمرة قارناً وأديتها، وأن نقودك ضاعت ولم تجد ما تشتري به الهدي فعليك صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت إلى بلدك أو محل إقامتك وحيث ذكرت أنك استمر بك المرض حتى رجعت إلى الرياض ولم تستطع، فعليك صيام عشرة أيام في محل إقامتك بالرياض أو غيره عند قدرتك على ذلك ولا شيء عليك سوى هذا وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم،،.
اللجنة الدائمة
***
وقت انتهاء ذبح هدي التمتع في الحج
س متى ينتهي زمن ذبح هدي التمتع، وهل هناك خلاف وآراء في تحديد الزمن؟.
ج ينتهي زمن الذبح لهدي التمتع بغروب الشمس من اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ويبتديء إذا مضى قدر الصلاة من يوم العيد بعد ارتفاع الشمس قدر رمح، وأما هل هناك خلاف؟ فنعم فيه خلاف في ابتدائه وانتهائه ولكن الراجح ما ذكرناه والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
***(2/296)
هدي التمتع والقران
وقت الذبح ومكانه ـ وحكم الاستعاضة عنه بالتصدق بقيمته ـ وعلاج مشكلة اللحوم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد
بناء على ما تقرر في الدورة السابعة لهيئة كبار العلماء المنعقدة في الطائف في النصف الأول من شعبان عام 1395هـ من إدراج (هدي التمتع والقران) في جدول أعمال الدورة الثامنة وإعداد بحث في ذلك، فقد اطلعت الهيئة في الدورة الثامنة المنعقدة بمدينة الرياض في النصف الأول من شهر ربيع الثاني عام 1396هـ البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في وقت الذبح ومكانه وحكم الاستعاضة عن الهدي بالتصدق بقيمته وعلاج مشكله اللحوم.
وبعد تداول الرأي تقرر بالإجماع ما يلي
1ــ لا يجوز أن يستعاض عن ذبح هدي التمتع والقران بالتصدق بقيمته لدلالة الكتاب والسنة والإجماع على منع ذلك مع أن المقصود الأول من ذبح الهدي هو التقرب إلى تعالى بإراقة الدماء كما قال تعالى (لَنْ يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُها ولكن يَنالُه التقوَى مِنْكُم) . ولأن من القواعد المقررة في الشريعة سد الذرائع، والقول بإخراج القيمة يفضي إلى التلاعب بالشريعة فيقال ــ مثلاً ــ تخرج نفقة الحج بدلاً من الحج لصعوبته في هذا العصر، ولأن المصالح ثلاثة أقسام مصلحة معتبرة بالإجماع، ومصلحة ملغاة بالإجماع، ومصلحة مرسلة، والقول بإخراج القيمة مصلحة ملغاة لمعارضتها للأدلة، فلا يجوز اعتبارها.
2ــ قرر المجلس بالأكثرية أن أيام الذبح أربعة، يوم العيد وثلاثة أيام بعده ويجوز الذبح في ليالي أيام التشريق لقوله تعالى (لِيَشْهَدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير. ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) .
فإن قضاء التفث وطواف الزيارة لا يكون قبل يوم النحر، ولما رتب هذه الأفعال على ذبح الهدي دل على أنه هدي القران والتمتع لأن جميع الهدايا لا يترتب عليها هذه الأفعال.
ولأنه ثبت عنه ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنه ذبح هديه يوم العيد وكذلك ذبح هدي التمتع والقران عن نسائه يوم العيد ولم يثبت عنه ــ صلى الله عليه وسلم ــ ولا عن أحد من أصحابه أنه ذبح قبل يوم العيد ولا بعد أيام التشريق، ولما روى سليمان بن موسى عن ابن أبي حين عن جبير بن مطعم عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((كُلُّ عَرَفَات مَوْقِفٌ)) . الحديث إلى أن قال ــ ((كُلُّ أيَّام التَّشرِيقِ ذَبْحٌ)) .(2/297)
قال ابن القيم ــ رحمه الله تعالى ــ روي من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر، انتهى المقصود.
3ــ لا يخصص الذبح بمنى بل يجوز الذبح في مكة وفي أي موضع من الحرم لقوله، صلى الله عليه وسلم ((كُلُّ مِنَى منحرٌ وكُلُّ فجاجِ مكة طَرِبقٌ ومنحرٌ)) .
4ــ ما تُرِكَ من اللحوم في المجازر فإن على الحكومة حفظه على وجه يحفظ نفعه حتى يوزع بين فقراء الحرم.
5ــ يجوز للحكومة تنظيم الاستفادة من سواقط الهدي التي تترك في المجازر مثل الجلد والعظام والصوف ونحو ذلك بما ترى فيه المصلحة لفقراء الحرم مما يتركه أهلهل رغبة عنه.
6ــ ينبغي للحكومة ــ وفقها الله ــ أن تعني بتكثير المجازر في منى ومكة وبقية الحرم على وجه يمكَّن الحجاج من ذبح هداياهم بيسر وسهولة وأن يستفيدوا من لحومها ما شاءوا.
وبالله التوفيق، وصلى على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. . .
هيئة كبار العلماء
***
(أحكام العمرة)
العمرة من مال الزوجة
س تطوعت زوجة أن تدفع تكاليف العمرة لزوجها من مالها الخاص كهدية له. مع العلم أنه قادر على أداء العمرة من ماله الخاص. فهل في هذا العمل شيء من جهة الدين، أفتونا في ذلك مأجورين إن شاء الله؟.
ج لا بأس في ذلك وجزاها الله خيراً على فعلها، لأن ذلك من باب التعاون على البر والتقوى.
الشيخ ابن باز
***
من قدم إلى جدة لزيارة صديق ثم نوى العمرة فمن أين يحرم
س لقد سافرت إلى جدة لزيارة الأصدقاء هناك وبعد يوم من إقامتي فكرت أن آخذ عمرة فأحرمت في جدة وتوجهت إلى مكة المكرمة وأخذت عمرة، فقال لي بعض الأصدقاء إنَّ عليك دماً، فالواجب أن تحرم من وادي محرم أو بداخل الطائرة عند وصولك الميقات أرجو إفادتي ...
وفقكم الله؟.
ج إن كانت عازماً على العمرة وأنت في الرياض فيلزمك الإحرام من الميقات أو حذاءه في الطائرة(2/298)
فإن لم تفعل وأحرمت من جدة فعليك دم جبران أما إن كنت لم تفكر في العمرة حال السفر وإنما حملك على ذلك زيارة صديقك وإنما عزمت عليها بعد أن وصلت جدة فأنشات العمرة من حيث فكرت هناك فلا دم عليك ويكون ميقاتك من الموضع الذي عزمت فيه على العمرة وهو جدة كما ذكرت والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
المقيم في مكة إذا أراد العمرة يحرم من الحل
س من أراد العمرة من أهل مكة المقيمين فيها والوافدين إليها من أين يحرم؟ هل يحرم من مكة؟ أو من الحل؟ أو من ميقات بلده؟ أرجو احتساب الأجر في الإفادة مع بيان الدليل. . . .؟
ج من أراد العمرة من المقيمين في مكة سواء كان من المستقرين فيها أو الوافدين إليها فإن المشروع له الإحرام من الحل لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما رغبت عائشة، في العمرة وهي بمكة في حجة الوداع أمرها أن تخرج من الحرم وأرسل معها أخاها عبد الرحمن فأحرمت من التنعيم وهو المعروف اليوم بمساجد عائشة وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ليس لأهل مكة عمرة لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما افتتح مكة في رمضان لم يأخذ عمرة من خارج مكة، والصواب القول الأول وهو قول جمهور أهل العلم لما تقدم من حديث عائشة، ولأن ترك النبي، صلى الله عليه وسلم، الاعتمار من خارج مكة عام الفتح لا يدل على عدم شرعية ذلك لأنه، صلى الله عليه وسلم، قد يترك الشيء لأسباب كثيرة ويأمر به بعض أصحابه لتعلم الأمة شرعيته، كما أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصلاة الضحى وهو، صلى الله عليه وسلم، لم يكن يداوم عليها، وكما أخبر، صلى الله عليه وسلم، أن أفضل الصيام صوم داود وهو صوم يوم وفطر يوم ولم يكن يفعل ذلك عليه الصلاة والسلام لأسباب اقتضت ذلك لعل منها خوف المشقة على أمته أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما المتفق على صحته الدال على أنَّ من كان دون المواقيت يحرم بالحج والعمرة من حيث أنشأ فهو خاص بالحج في حق المقيمين بمكة، أما العمرة فالواجب الإحرام بها من الحل لحديث عائشة المتقدم جمعاً بين الحديثين. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم من أحرم بعمرة ثم فسخ إحرامه
س اتفقت أنا وأهلي للذهاب للعمرة وفي اليوم الذي اتفقنا على الذهاب فيه أحرمت بالعمرة ولكنهم تراجعوا وأجّلوا الموعد ليوم آخر فتحللت من الإحرام فهل عليَّ شيء في هذا؟.(2/299)
ج إذا كنت نويت الدخول في الإحرام بالعمرة فليس لك الرجوع عن ذلك وعليك إتمامها كالحج لقول الله سبحانه (وأتموا الحج والعمرة لله) . وهذا أمر مجمع عليه بين أهل العلم، فعليك والحال ما ذكر أن تعيد ملابس الإحرام وأن تذهب إلى مكة فتطوف وتسعى وتحلق أو تقصر وبذلك تمت العمرة ولا شيء عليك فيما فعلت من الطيب ولبس المخيط وغطاء الرأس ونحو ذلك إذا كنت جاهلاً أما أن كنت تعلم الحكم الشرعي وهو أنه لا يجوز لك التحلل بعد الدخول في العمرة حتى تؤديها ولكنك تساهلت في ذلك فعليك إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام عن غطاء الرأس ولبس المخيط والطيب ونحو ذلك كتقليم الأظفار وحلق الرأس، كل واحد من هذه الأشياء له كفارة مستقلة وهي إحدى الثلاث المذكورة وكلها تختص بالحرم المكي إلا الصوم فإنه يجزيء في كل مكان وأما الإطعام فلمساكين الحرم لكل واحد نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره وهكذا الذبح يكون لمساكين الحرم، فإني كنت جامعت زوجتك فسدت العمرة وعليك إتمامها ثم قضاؤها مرة أخرى من محل إحرامك بالأولى، وعليك دم وهو رأس من الغنم جذع ضأن أو ثني معز يذبح في مكة للفقراء ويجزيء عن ذلك سُبع بدنة أو سُبع بقرة، عليك التوبة مع ذلك إلى الله سبحانه عن تساهلك في هذا النسك العظيم وفقنا الله وإياك للتوبة النصوح وأعاذنا وإياك وجميع المسلمين من نزغات الشيطان.
الشيخ ابن باز
***
حكم من بدأ العمرة ولم يتمها
س قدّر الله أن أذهب لأداء العمرة في شهر رمضان المبارك الفائت ولما بدأت في الطواف ولشدة الزحام لم أكمله فخرجت من مكة وعدت إلى مدينتي وكان ذلك ليلة سبع وعشرين. وأسأل سماحة شيخنا حفظه الله عما يترتب عليَّ مع العلم أنني والحمد لله أتمتع بصحة جيدة أفيدونا أفادكم الله؟.
ج قد أخطأت فيما عملت عفا الله عنا وعنك وك ان الواجب عليك أن تكمل العمرة في وقت آخر غير وقت الزحام لقول الله سبحانه (وأتموا الحج والعمرة لله) . وقد أجمع العلماء على أنه يجب على من أحرم بحج أو عمرة أن يكمل ذلك وأن لا يتحلل فيهما إلا بعد الفراغ من أعمال العمرة ومن الأعمال التي تبيح له التحلل من أعمال الحج إلا المحصر والمشترط إذا تحقق شرطه. فعليك التوبة مما فعلت، وعليك مع ذلك أن تذهب إلى مكة لإكمال العمرة للطواف والسعي والحلق أو التقصير، وعليك مع ذلك دم وهو سُبع بدنة أو سُبع بقرة أو رأس من الغنم ثني معز أو جذع ضأن إن كنت جامعت امرأتك في المدة المذكورة مع التوبة مما فعلت كما تقدم وإن كنت تعلم الحكم وأنه(2/300)
لا يجوز لك هذا العمل فعليك إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من بر أو أرز أو غيرهما، أو ذبح شاة ثلاثة أيام عن لبس المخيط، ومثل ذلك عن تغطية الرأس ومثل ذلك عن الطيب ومثل ذلك عن قلم الأظفار ومثل ذلك عن حلق الشعر في المدة المذكورة، أما إن كنت جاهلاً فليس عليك شيء من الفدية المذكورة لقول الله سبحانه (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) . وقد صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن الله أجاب هذه الدعوة، ولأدلة أخرى في ذلك. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم من أحرمت بالعمرة وهي حائض
س امرأة تسأل وتقول كان عليها العذر أي حائض، وأراد أهلها الذهاب للعمرة حيث لا يبقى عندها أحد فيما لو تأخرت عنهم. . وذهبت معهم للعمرة وأكملت كل شروط العمرة من طواف وسعي كأن لم يكن عليها عذر وذلك جهلاً وخجلاً من أن تعلم وليها بذلك لاسيما أنها أمية لا تعرف القراءة والكتابة. . ماذا يجب عليها. .؟.
ج إذا كانت أحرمت معهم بالعمرة فعليها أن تعيد الطواف بعد الغسل وتعيد التقصير من الرأس، أما السعي فيجزئها في أصح قولي العلماء، وإن أعادت السعي بعد الطواف فهو أحسن وأحوط، وعليها التوبة إلى الله سبحانه من طوافها وصلاتها ركعتي الطواف وهي حائض.
وإن كان لها زوج لم يحل له وطؤها حتى تكمل عمرتها، فإن كان قد وطئها قبل أن تكمل عمرتها فسدت العمرة وعليها دم وهو رأس من الغنم، جذع ضأن أو ثني معز يذبح في مكة للفقراء، وعليها أن تكمل عمرتها كما ذكرنا آنفاً، وعليها أن تأتي بعمرة أخرى من الميقات الذي أحرمت منه بالعمرة الأولى بدلاً من عمرتها الفاسدة، أما إن كانت طافت معهم وسعت مجاملة وحياء وهي لم تحرم بالعمرة من الميقات فليس عليها سوى التوبة إلى الله سبحانه، لأن العمرة والحج لا يصحان بدون إحرام والإحرام هو نية العمرة أو الحج أو نيتهما جميعاً.
الشيخ ابن باز
***
حكم من اعتمر ولم يتم سعيه
س رجل أتى بعمرة وترك أربعة أشواط من السعي نسياناً أو جهلاً فماذا عليه؟.
ج عليه أن يكملها فيأتي بها حتى يتم سعيه سواء كان في الحج أو في العمرة وإن سافر إلى بلده(2/301)
يرجع إلى مكة ويكمل الأشواط التي تركها حتى تتم عمرته وهو في حكم الإحرام الذي يمنعه من أهله حتى يكمل عمرته.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم الحلق والتقصير في العمرة..
س ما حُكم الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة؟.
ج الحلق أو التقصير بالنسبة للعمرة واجب لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما قدم مكة حجة الوداع وطاف وسعى أمر كل من لم يسق الهدي أن يقصر ثم يحلق فلما أمرهم أن يقصروا والأصل في الأمر للوجوب دل على أنه لا بد من التقصير، ويدل لذلك أن النبي، عليه الصلاة والسلام، أمرهم حين أُحصروا في غزو الحديبية أمرهم أن يحلقوا حتى إنه صلى الله عليه وسلم غضب حين توانوا في ذلك، وأما هل الأفضل في العمرة التقصير أو الحلق، فالأفضل الحلق إلا للمتمتع الذي قدم متأخراً فإن الأفضل في حقه التقصير من أجل أن يتوفر الحلق للحج.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم التحلل قبل التقصير
س قمت في العام الماضي بأداء مناسك العمرة في شهر رمضان المبارك. وعندما عدنا إلى منزلنا حليت الإحرام دون أن أقص شعري لأنه لم يكن لديَّ علم بهذا وأهلي لم يعلموا أنني لا أعرف.
وعندما علموا أنني لم أقص شعري أخبروني بأن هذا ليس جائزاً فقمت في الحال وقصصت من شعري. هل عمرتي مقبولة؟ أم لا؟.
ج لا يجوز للمحرم بعمرة، التحلل حتى يحلق رأسه أو يقصر منه، فمن تحلل قبل التقصير فلبس الثوب وغطى رأسه وهو عالم بالحكم فعليه الفدية، فإن كان جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه لكن متى علم أو تذكَّر فعليه خلع اللباس في الحال وارتداء الإحرام والإشتغال بالحلق أو التقصير ويعذر بالجهل بهذه الأحكام.
الشيخ ابن جبرين
***
طواف الوداع لا يجب على المعتمر
س إذا أدى الحاج العمرة وخرج بعد ذلك لزيارة أقربائه خارج الحرم هل يلزمه طواف الوداع وهل عليه شيء في ذلك؟.(2/302)
ج ليس على المعتمر وداع إذا أراد الخروج خارج الحرم في ضواحي مكة وهكذا الحاج لكن متى أراد السفر إلى أهله غير أهله شرع له ألوداع ولا يجب عليه لعدم الدليل وقد خرج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم الذي حلوا من عمرتهم إلى منى وعرفات ولم يؤمروا بطواف الوداع، أما الحاج فيلزمه طواف الوداع عند مغادرته مكة مسافراً إلى أهله أو غير أهله لقول ابن عباس رضي الله عنهما ((أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض)) . متفق عليه وقوله أُمر الناس يعني بذلك أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أمرهم، ولهذا جاء في الرواية الأخرى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال ((لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت)) . رواه مسلم. . ومن هذا الحديث يعلم أن الحائض ليس عليها وداع لا في الحج ولا في العمرة، وهكذا النفساء لأنها مثلها في الحكم عند أهل العلم.
الشيخ ابن باز
***
المعتمر لا يجب عليه طواف الوداع
س أنا كنت ألزم المعتمرين بطواف الوداع عند خروجهم من البلد الحرام، وقد سمعت من سماحتكم في درسكم بالحرام أنه لا وداع لهم، فأرجو زيادة البيان في هذا الموضوع؟.
ج يجب طواف الوداع على من حج بيت الله الحرام عند سفره لقول ابن عباس رضي الله عنهما أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض.. متفق عليه ــ ولقوله كان الناس ينصرفون من كل جهة ــ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم ((لا ينصرف أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)) ــ رواه أحمد ومسلم، وهذا أمر للحجاج بقرينة الحال، فإنه، صلى الله عليه وسلم، قاله عند الفراغ من الحج إرشاداً للحجاج. أما المعتمر فلا يجب عليه طواف الوداع، لكن يسن له أن يطوفه عند سفره، لعدم الدليل على الوجوب، ولأنه، صلى الله عليه وسلم، لم يطف للوداع عند خروجه من مكة بعد عمرة القضاء فيما علمنا من سنته في ذلك.
اللجنة الدائمة
***
أفضل زمان تؤدي فيه العمرة رمضان
س هل ثبت فضل خاص للعمرة في أشهر الحج يختلف عن فضلها في غير تلك الأشهر؟..
ج أفضل زمان تؤدي فيه العمرة شهر رمضان لقوله النبي، صلى الله عليه وسلم ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) . متفق على صحته وفي رواية أخرى في البخاري ((تقضي حجة معي)) وفي مسلم تقضي حجة أو(2/303)
حجة معي)) ــ هكذا بالشك ــ يعني معه عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك العمرة في ذي القعدة لأن عمره كلها، صلى
الله عليه وسلم، وقعت في ذي القعدة وقد قال الله سبحانه (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) . وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
عمرة في رمضان تعدل حجة
س هل وردت أحاديث تدل على أن العمرة في رمضان تعدل حجة، أو أن فضلها كسائر الشهور؟.
ج نعم ورد في صحيح مسلم عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) فالعمرة في رمضان تعدل حجة كما جاء به الحديث ولكن ليس معنى ذلك أنها تجزيء عن الحجة بحيث لو اعتمر الإنسان في رمضان وهو لم يؤد فريضة الحج سقطت عنه الفريضة، لأنه لا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون مجزئاً عنه. .
فهذه سورة ((قل هو الله أحد)) تعدل ثلث القرآن ولكنها لا تجزيء عنه فلو أن أحداً في صلاته كرر سورة الإخلاص ثلاث مرات لم يكفه ذلك عن قراءة الفاتحة، وهذا قول الإنسان ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات يكون كمن أعتق أربع أنفس من ولد إسماعيل)) ومع ذلك لو قالها الإنسان وعليه عتق رقبة لم تجزيء عنها)) . وبه تعرف أنه لا يلزم من معادلة الشيء للشيء أن يكون مجزئاً عنه.
الشيخ ابن عثيمين
***
فضل العمرة في رمضان ليس محدد بأيام منه
س هل فضل العمرة في رمضان محدد بأول الشهر أو أوسطه أو آخره؟.
ج العمرة في رمضان ليست محددة بأوله ولا بوسطه ولا بآخره وهي عامة في أول الشهر وأوسطه وآخره لقول النبي، عليه الصلاة والسلام ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) .
ولم يقيدها عليه الصلاة والسلام، فإذا سافر الإنسان في رمضان وأدى فيه عمرة كان كمن أدى حجة، وهنا أقف لأنبه الإخوة الذين يذهبون إلى مكة لأداء العمرة فمنهم من يتقدم قبل رمضان بيوم أو يومين فيأتي بالعمرة قبل بداية الشهر فلا ينال الأجر الذي يحصل لمن أتى بالعمرة في رمضان.
فلو أخّر سفره حتى يكون يوم إحرامه بالعمرة في رمضان لكان أحسن وأولى.
كذلك نجد بعض الناس الذين يأتون في أول الشهر إذا كان في وسط الشهر خرجوا إلى(2/304)
التنعيم فأتوا بعمرة أخرى وفي آخر الشهر يخرجون أيضاً إلى التنعيم فيأتون بعمرة ثالثة وهذا العمل لاأصل له في الشرع فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، أقام بمكة عام الفتح تسعة عشر يوماً ولم يخرج إلى التنعيم ليأتي بعمرة مع أنه، صلى الله عليه وسلم، فتح مكة في رمضان ولم يخرج بعد انتهاء القتال إلى التنعيم ليأتي بعمرة بل أتى بعمرة في ذي القعدة حين رجع من غزوة الطائف ونزل الجعرانة وقسّم الغنائم هناك، دخل ذات ليلة إلى مكة وأتى بالعمرة من الجعرانة ثم خرج من ليلته عليه الصلاة والسلام.
وفي هذا دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يخرج من مكة من أجل أن يأتي بعمرة من التنعيم أو غيره من الحل لأن هذا لو كان من الخير لكان أول الناس وأولاهم به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأننا نعلم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحرص الناس على الخير ولأن النبي، صلى الله عليه وسلم، مشرع ومبلغ عن الله سبحانه وتعالى ولو كان هذا من الأمور المشروعة لبيّنة النبي، صلى الله عليه وسلم، لأمته إما بقوله وإما بفعله وإما بإقراره، وكل ذلك لم يكن، والاتباع إن قل خير من الابتداع قل أو كثر.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم تكرار العمرة في رمضان وغيره
س ما حكم الخروج من الحرم إلى الحل للإتيان بعمرة في رمضان وغيره؟..
ج ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يكره تكرارها والإكثار منها باتفاق السلف. . وسواء سلم هذا القول أو لم يسلم فإن خروج المعتمر الذي أتى بالعمرة من بلده، خروجه من الحرم إلى الحل ليأتي بعمرة ثانية وثالثة في رمضان أو غيره هو من الأمور المبتدعة التي لم تكن معروفة في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، ولم يعرف في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، من هذا النوع سوى قضية واحدة في مسألة خاصة وهي قضية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حينما أحرمت بالعمرة متمتعة بها إلى الحج فحاضت فدخل عليها النبي، صلى الله عليه وسلم، وهي تبكي وسألها عن سبب البكاء فأخبرته، فطمأنها بأن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ثم أمرها أن تحرم بالحج فأحرمت به وصارت قارنه ولكنها لما فرغت منه ألحت رضي الله عنها على النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يأتي بعمرة منفردة عن الحج فأذن لها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن يخرج بها إلى التنعيم فخرج بها واعتمرت ولو كان هذا من الأمور المشروعة على سبيل الإطلاق لكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يرشد إليه أصحابه بل لكان يحث عبد الرحمن بن أبي بكر الذي خرج مع أخته على أن يأتي بعمرة لأن فيها أجراً، ومن المعلوم للجميع أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أقام بمكة عام الفتح تسعة عشر يوماً ولم يأت بعمرة مع تيسر ذلك عليه، صلى الله عليه وسلم، ودل هذا على أن المعتمر إذا أتى بعمرة في رمضان أو في غيره فإنه لا يكررها بالخروج من الحرم إلى الحل لأن هذا ليس من هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي خلفائه الراشدين ولا من(2/305)
هدى أصحابه أجمعين. . أيضاً كثير من الناس يقول أنا أتيت للعمرة في هذا الشهر وأحب أن اعتمر لأمي أو لوالدي أو ما أشبه ذلك نقول أصل إهداء القرب إلى الأموات ليس من الأمور المشروعة يعني لا يطلب من المرء أن يعمل طاعة لأمه أو لأبيه أو لأخته ولكن لو فعل ذلك جائز لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أذن لسعد بن عبادة رضي الله عنه أن يتصدق في نخله لأمه واستأذنه رجل فقال يا رسول الله إن أمي افتُلتَتْ نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال نعم ومع ذلك لم يقل لأصحابه على سبيل العموم تصدقوا عن موتاكم أو عن آبائكم أو عن أمهاتكم. .
ويجب أن يعرف طالب العلم وغيره الفرق بين الأمر المشروع وبين الأمر الجائز. . فالأمر المشروع هو الذي يطلب من كل مسلم أن يفعله والأمر الجائز هو الذي تبيحه الشريعة ولكنها لا تطلبه من كل إنسان، وأضرب لكم مثلاً يتبين به الأمر في قصة الرجل الذي بعثه النبي، صلى الله عليه وسلم، في سرية فكان يقرأ لأصحابه. ويختم بقل هو الله أحد كلما صلّى بهم ختم بقل هو الله وأحد فلما رجعوا إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فأخبروه قال سلوه لأي شيء كان يصنع ذلك، فقال إنها صفة الرحمن وأنا أحب أن أقرأها فقال النبي، عليه الصلاة والسلام، أخبروه أن الله يحبه، ومع ذلك فلم يكن من هدى الرسول عليه الصلاة والسلام أن يختم قراءة الصلاة بقل هو الله وأحد ولا أرشد أمته لذلك. .
ففرق بين الأمر المأذون فيه وبين الأمر المشروع الذي يطلب من كل إنسان أن يفعله، فإذا أذن النبي، عليه الصلاة والسلام لسعد بن عبادة أن يتصدق ببستانه عن أمه وأذن لهذا السائل الذي افتُلتَتْ نفس أمه أن يتصدق عنها فليس معنى ذلك أنه يشرع لكل إنسان أن يتصدق عن أبيه وأمه ولكن لو تصدق لنفعه، إنما الذي نحن مأمورون به أن ندعو لآبائنا وأمهاتنا لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، ((إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقةٍ جاريةٍ أو علم ٍ ينتفع به أو ولد صالح يدعو له)) والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
***
(فتاوى متفرقة)
من حج وهو مصر على المعاصي
س ما حكم حج المصر على المعصية أو المستمر على ارتكاب صغيرة من الذنوب؟.
ج حجّه صحيح إذا كان مسلماً لكنه ناقص ويلزمه التوبة إلى الله سبحانه من جميع الذنوب ولاسيما في وقت الحج في هذا البلد الأمين، ومن تاب، تاب الله عليه لقول الله سبحانه وتعالى (وتوبوا إلى الله جميعاً أيُّه المؤمنون لعلَّكم تفلحون) وقوله سبحانه (ياأيُّها الذينَ ءامَنوا توبوَا(2/306)
إلى توبةً نَّصوحاً عسى ربُّكم أن يُكَفِّرَ سَيَِِّئاتِكُمْ ويُدْخِلَكُمْ جنَّاتٍ تجري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ) الآية.
والتوبة النصوح هي المشتملة على الإقلاع عن الذنوب والحذر منها تعظيماً لله سبحانه وخوفاً من عقابه مع الندم على ما مضى منها والعزم الصادق ألاّ يعود فيها. ومن تمام التوبة رد المظالم إلى أهلها إن كان هناك مظالم في نفس أو مال أو بشر أو عرض أو استحلال أهلها منها. وفق الله المسلمين لما فيه صلاح قلوبهم وأعمالهم، ومنَّ علينا وعليهم جميعاً بالتوبة النصوح من جميع الذنوب إنه جواد كريم.
الشيخ ابن باز
***
قصر الصلاة في الحج
س ما حكم قصر الصلاة للحاج خلال إقامته أكثر من أربعة أيام في مكة؟.
ج إذا كانت إقامة الحاج في مكة المكرمة أربعة أيام فأقل فالسنة له أن يصلي الرباعية ركعتين لفعل النبي، صلى الله عليه وسلم، في حجة الوداع أما إن كان قد عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فالأحوط أن يصليهما أربعاً وهو قول أكثر أهل العلم.
الشيخ ابن باز
***
لا يجب على الحاج أو المعتمر أن يصلي الفريضة في الحرم
س يعتقد بعض الناس أنهم إذا ذهبوا للعمرة فإنه يجب عليهم أن يصلوا صلاة مفروضة في الحرام ومن لا يفعل ذلك فعمرته باطلة. أرجو إفادتنا عن ذلك جزاكم الله خيراً؟.
ج هذا فهم لا أساس له من الصحة ولا يجب على الحاج ولا على المعتمر أن يصلي الفريضة في المسجد الحرام بل لو صلى في بقية مساجد مكة فلا حرج عليه، وليس في هذا خلاف بين أهل العلم بل هو محل إجماع والحمد لله.
وإنما الواجب على المعتمر أن يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر، وبذلك تتم عمرته، ولابد قبل ذلك من الإحرام من الميقات الذي يمر عليه حين قدومه إلى مكة إن كان خارج المواقيت. أما إن كان داخل المواقيت كأهل جدة وأم السلم وبحره ولزيمة والشرائع ونحوها، فإنه يلزمه الإحرام من محله الذي أنشأ فيه نية الدخول في الحج أو العمرة، لما ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم وقال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة يهلون من مكة. ولما أرادت عائشة رضي الله عنها العمرة في آخر أيام منى أمرها أن تهل بها من خارج الحرم فأهلَّت بها من التنعيم ثم دخلت مكة وطافت وسعت وقصرَّت من رأسها رضي الله عنها فدل هذا الحديث الصحيح على أن من أراد العمرة وهو في داخل الحرم أعني حرم مكة وجب عليه أن يخرج إلى الحل فيحرم منه بها، لأمر النبي، صلى الله عليه وسلم، عائشة بذلك. وبذلك يعتبر حديث عائشة المذكور مخصصاً لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، في حديث ابن عباس المذكور آنفاً ((حتى أهل مكة يهلون(2/307)
من مكة)) ويتضح من ذلك أن المراد منه الإهلال بالحج دون العمرة. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم حج من لم يصم شهر رمضان لعذر
س لقد أصبت بمرض في شهر رمضان المبارك ولم أستطع الصوم في ذلك الوقت فقررت أن أصوم في شهر آخر إن أمد الله في عمري وبعد ذلك أتى شهر الحج فأردت أن أحج هذا العام فهل يجوز لي ذلك الحج بدون الصيام؟.
ج يجوز لك الحج وإن كنت لم تقض ما عليك مما فاتك من صيام شهر رمضان لكن لا يجوز أن تؤخَّر القضاء حتى يدخل الذي بعده مادمت قادراً على القضاء، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
سبب تسمية الكعبة ((بيت الله))
س لماذا سميت الكعبة ((بيت الله الحرام)) ؟.
ج سميت الكعبة بيت الله لأنها محل تعظيم الله عز وجل، فإن الناس يقصدونها من كل مكان ليؤدوا الفريضة التي فرضها الله عليهم وهي الحج إلى بيته ولأن الناس يستقبلونها في صلواتهم في كل مكان ليفوا بشرط من شروط صحة الصلاة كما قال تعالى (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره)) .
وأضافها الله إلى اسمه تشريفاً وتعظيماً وتكريماً لها فإن المضاف إلى الله ينقسم إلى قسمين، إما أن يكون صفة من صفاته مثل سمع الله بصره وعلمه وقدرته وكلامه، أو يكون من مخلوقاته، ويضاف إليه تشريفاً مثل قوله ((وطهر بيتي للطائفين)) .
الشيخ ابن عثيمين
***(2/308)
هل تضاعف السيئة في مكة ولماذا
س هل تضاعف السيئة في مكة مثلما تضاعف الحسنة ولماذا تضاعف في مكة دون غيرها؟.
ج الأدلة الشرعية على أن الحسنات تُضاعف في الزمان الفاضل، والمكان الفاضل، مثل رمضان، وعشر ذي الحجة، والمكان الفاضل، كالحرمين فإن الحسنات تضاعف في مكة مضاعفة كبيرة.
وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في ما سواه إلاّ المسجد الحرم، وصلاةٌ في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في مسجدي هذا)) . رواه أحمد وابن حبان بإسناد صحيح.
فدل ذلك على أن الصلاة بالمسجد الحرام تُضاعف بمائة ألف صلاة في سوى المسجد النبوي، ويتضاعف بمائة صلاة مسجد النبي، صلى الله عليه وسلم، وبقية الأعمال الصالحة تضاعف ولكن لم يرد فيها حد محدود، إنما جاء الحد والبيان في الصلاة، أما بقية الأعمال كالصوم والأذكار وقراءة القرآن والصدقات فلا أعلم فيها نصاً ثابتاً يدل على تضعيف محدّد، وإنما فيها في الجملة ما يدل على مضاعفة الأجر وليس فيها حدّ محدود.
والحديث الذي فيه ((مَن صام في مكة كتب الله له مائة ألف رمضان)) . حديث ضعيف عند أهل العلم.
والحاصل أن المضاعفة في الحرم الشريف بمكة المكرمة لا شك فيها ((أعني مضاعفة الحسنات)) . ولكن ليس في النص فيما نعلم حد محدود ما عدا الصلاة فإن فيها نصاً يدل على أنها مضاعفة بمائة ألف صلاة كما سبق.
أما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنه لا تُضاعف من جهة العدد ولكن تُضاعف من جهة الكيفية، أما العدد فلا، لأن الله سبحانه وتعالى يقول (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلاّ مثلها)) . والسيئات لا تضاعف من جهة العدد لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيره، بل السيئة بواحدة دائماً وهذا من فضله سبحانه وتعالى وإحسانه.
ولكن سيئة الحرم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم إثماً من السيئة فيما سوى ذلك، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثماً من سيئة في جدة والطائف مثلاً، وسيئة في رمضان وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب أو شعبان ونحو ذلك.
فهي تضاعف من جهة الكيفية لا من جهة العدد، أما الحسنات فإنها تضاعف كيفية وعدداً بفضل الله سبحانه وتعالى، ومما يدل على شدة الوعيد في سيئات الحرم وأن سيئة الحرم عظيمة(2/309)
وشديدة قول الله تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم)) . فهذا يدل على أن السيئة في الحرم عظيمة حتى إن في الهم بالسيئة فيه، هذا الوعيد.
وإذا كان من هَمّ بالإلحاد في الحرم يكون له عذاب أليم فيكف بحال من فعل الإلحاد وفعل السيئات والمنكرات في الحرم فإن إثمه يكون أكبر من مجرد الهم وهذا كله يدلنا على أن السيئة في الحرم لها شأن خطر.
وكلمة إلحاد تعم كل ميل إلى باطل سواء كان في العقيدة أو غيرها لأن الله تعالى قال (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) . فنكَّر الجميع، فإذا ألحد إي إلحاد ــ والإلحاد هو الميل عن الحق ــ فإنه متوعَّد بهذا الوعيد.
وقد يكون الميل عن العقيدة إلى الكفر بالله فيكفر بذلك فيكون ذنبه أعظم وإلحاده أكبر. وقد يكون الميل إلى سيئة من السيئات كشرب الخمر والزنا وعقوق الوالدين أو أحدهما فتكون عقوبته أخف من عقوبته الكافر.
وإذا كان الإلحاد بظلم العباد بالقتل أو الضرب أو أخذ الأموال أو السب أو غير ذلك فهذا نوع آخر، وكله يسمى إلحاداً ظلماً، وصاحبه على خطر عظيم.
لكن الإلحاد الذي هو الكفر بالله والخروج عن دائرة الإسلام أشد من سائر المعاصي وأعظم منها، كما قال الله سبحانه وتعالى (إن الشرك لظلم عظيم) . والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***
ليس لحمام الحرم ميزة عن غيره
س أحد حجاج بيت الله الحرام يقول إنَّ أي حمامة بالمدينة المنورة إذا قرب أجل موتها تذهب إلى مكة المكرمة وتشق سماء الكعبة المشرفة كوداع لها ثم تموت بعد أن تطير مسافة من الأميال، فهل هذا صحيح أم لا؟. أفيدونا.
ج ليس لحمام المدينة ولا لحمام مكة المكرمة ميزة تخصها دون غيرها من الحمام سوى أنه لا يجوز صيده ولا تنفيره لمحرم بالحج أو العمرة أو غير محرم مادام في حرم مكة أو في حرم المدينة، فإذا خرج عنهما حل صيده لغير المحرم بالحج أو العمرة، لقوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) . ولعموم قوله، صلى الله عليه وسلم ((إن الله حرَّم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلي خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها..)) . الحديث رواه البخاري وقوله، صلى الله عليه وسلم، إن إبراهيم حرم مكة، إني حرمت المدينة ما بين لا بتيها، لا يقطع عضاها، ولا يصاد صيدها)) . رواه مسلم فمن ادَّعى أن أي حمامة بالمدينة المنورة إذا دنا أجلها طارت إلى مكة(2/310)
ومرت بهواء الكعبة فهو جاهل قد ادَّعى شيئاً لا أساس له من الصحة فإن الآجال لا يعلمها إلا الله، قال تعالى (وما تدري نفس بأي أرض تموت) . ووداع الكعبة إنَّما يكون بطواف من حج أو اعتمر حولها، فدعوى أن الحمام يعلم دنو أجله وأنه يودع الكعبة بالطيران فوقها دعوى كاذبة لا يجرأ عليها إلا جاهل يفتري الكذب على الله وعلى عباده والله المستعان. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
لقطة مكة لا تملك
س هل يجوز لي التقاط اللقطة من مكة المكرمة والذهاب بها وتعريفها في المنطقة التي أسكن بها. . أم أن الواجب عليَّ أن أعرفها على أبواب المساجد والأسواق وغيرها في مكة المكرمة. .؟.
ج لقطة مكة المكرمة تختص بأنها لا يحل لأحد أن يلتقطها إلا من أراد أن ينشدها دائماً أو يسلمها إلى ولي الأمر الذي يتسلم مثل هذه الأموال لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((ولا تحل لقطتها إلا لمنشد)) . . والحكمة من ذلك هي أن اللُقط إذا بقيت في أماكنها فإن أصحابها ربما يرجعون إليها فيجدونها، وعلى لهذا فإننا نقول لهذا الأخ يجب أن تنشدها في مكة المكرمة، في مكانها، وما حوله كأبواب المساجد والمجتمعات وإلا فسلمها إلى المختصين باستقبال هذه اللقطة وغيرها.
الشيخ ابن عثيمين
***
(أحكام الزيارة)
حكم زيارة المسجد النبوي والسفر لذلك
س شخص يريد أن يزور المسجد النبوي بالمدينة المنورة وهو بمكة، ويسأل هل ذلك جائز أو لاً؟.
ج يجوز للمسلم أن يسافر إلى المدينة للصلاة في المسجد النبوي بل يستحب، لأن الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرم، وإذا كان بمكة فصلاته في المسجد الحرام أفضل من سفره للصلاة في المسجد النبوي، لأن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما سواه، ولا يجوز له أن يسافر إلى المدينة من أجل زيارة قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أو قبور أخرى لما ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم قال ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد(2/311)
الأقصى)) . رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه ـ وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
زيارة المدينة ليس له علاقة بالعمرة
س زرت مكة المكرمة في شهر رمضان بنية العمرة ولكن بعد يوم من بقائي في مكة المكرمة مرضت ولم نستطع أن نكمل شعائر العمرة فقد قمنا بالطواف حول الكعبة 7 مرات والصفا والمروة ولم نستطع أن نذهب إلى المدينة المنورة لزيارة حرم رسول، صلى الله عليه وسلم، بسبب هذا المرض ورجعت إلى البلد، هل هذه الزيارة تعتبر لنا عمرة؟.
ج إذا قاموا بالطواف والسعي وقص الشعر فهذه عمرة كاملة ولها الأجر، أما زيارة المدينة فليست مكملة للعمرة وليس لها علاقة بالعمرة إنما زيارة المسجد النبوي سنة يفعلها المسلم متى تيسر له ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
***
زيارة المسجد النبوي ليست واجبة
س يعتقد بعض الحجاج أنه إذا لم يتمكن من زيارة المسجد النبوي فإن حجه ينقص فهل هذا صحيح؟.
ج الزيارة للمسجد النبوي سنة وليست واجبة وليس لها تعلق بالحج بل السنة أن يزار المسجد النبوي في جميع السنة ولا يختص ذلك بوقت الحج لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)) . متفق عليه وإذا زار المسجد النبوي شرع له أن يصلي في الروضة ركعتين ثم يسلم على النبي، صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. كما يشرع زيارة البقيع والشهداء للسلام على المدفونين هناك من الصحابة وغيرهم والدعاء لهم والترحم عليهم كما كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يزورهم وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنَّا إن شاء الله بكم لا حقون نسأل الله لنا ولكم العافية)) .
وفي رواية عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يقول إذا زار البقيع ((يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)) . ويشرع أيضاً لمن زار المسجد النبوي أن يزور مسجد قباء ويصلي(2/312)
فيه ركعتين لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يزوره كل سبت ويصلي في ركعتين وقال عليه الصلاة والسلام ((من تطَّهر في بيته فأحسن الطهور ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان كعمرة)) ، هذه هي المواضع التي تزار في المدينة المنورة، أما المساجد السبعة ومسجد القبلتين وغيرها من المواضع التي يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها فلا أصل لذلك ولا دليل عليه، والمشروع للمؤمن دائماً هو الاتباع دون الابتداع. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
الأحاديث الواردة في زيارة قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، كلها ضعيفة
س أرجو الإفادة عن صحة الأحاديث الآتية
الأول ((من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني)) .
الثاني ((من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي)) .
الثالث ((من زارني بالمدينة محتسباً كنت له شفيعاً شهيداً يوم القيامة)) .
لأنها وردت في بعض الكتب وحصل منها أشكال واختلف فيها على رأيين أحدهما يؤيد هذه الأحاديث. . والثاني لا يؤيدها؟
ج أما الحديث الأول فقد رواه ابن عدي والدارقطني من طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ــ عن النبي، صلى الله عليه وسلم، بلفظ ((من حج ولم يزرني فقد جفاني)) . وهو حديث ضعيف، بل قيل عنه إنه موضوع أي مكذوب، وذلك أن في سنده محمد بن النعمان بن شبل الباهلي عن أبيه وكلاهما ضعيف جداً، وقال الدارقطني الطعن في هذا الحديث على ابن النعمان لا على النعمان، وروى هذا الحديث البزار أيضاً وفي إسناده إبراهيم الغفاري وهو ضعيف، ورواه البيهقي عن عمر، وقال ((وإسناده مجهول)) .
أما الحديث الثاني فقد أخرجه الدارقطني عن رجل من آل حاطب عن النبي، صلى الله عليه وسلم، بهذا اللفظ، وفي إسناده الرجل المجهول، ورواه أبو يعلى في مسنده، وابن عدي في كامله، وفي إسناده حفص بن داود، وهو ضعيف الحديث.
أما الحديث الثالث فقد رواه ابن أبي مالك ــ رضي الله عنه ــ عن النبي، صلى الله عليه وسلم، عن سليمان ابن زيد الكعبي وهو ضعيف الحديث من طريق عمر، وفي إسناده مجهول.
وهذا وقد وردت أحاديث صحيحة للعبرة والاتعاظ والدعاء للميت.
أما الأحاديث الواردة في زيارة قبر النبي، صلى الله عليه وسلم، خاصة فكلها ضعيفة، بل قيل إنها موضوعة.(2/313)
فمن رغب في زيارة القبور، أو في زيارة قبر الرسول، صلى الله عليه وسلم، زيارة شرعية للعبرة والاتعاظ والدعاء للميت والصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم، والترضي عن صاحبيه دون يشد الرحال، أو ينشيء سفراً لذلك فزيارته مشروعة ويرجى له فيها الأجر.
ومن شد لها الرحال أو أنشأ لها سفراً فذلك لا يجوز لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)) . رواه البخاري ومسلم.
وحديث ((لا تتخذوا قبري عيداً ولا بيوتكم قبوراً وصلوا عليَّ فإنَّ تسليمكم يبلغني أينما كنتم)) . رواه محمد بن عبد الواحد موسي في المختارة. والله أعلم.
الشيخ ابن باز
***
(حج النافلة)
حج النافلة أم التبرع بنفقته للمجاهدين
س بالنسبة لمن أدى فريضة الحج وتيسر له أن يحج مرة أخرى هل يجوز له بدلاً من الحج للمرة الثانية تلك أن يتبرع بقيمة نفقات الحج إلى المجاهدين المسلمين في أفغانستان حيث أن الحج للمرة الثانية تطوع والتبرع للجهاد فرض. . أفيدونا جزاكم الله عن المسلمين خير الجزاء؟.
ج من حج الفريضة فالأفضل له أن يتبرع بنفقة الحج الثاني للمجاهدين في سبيل الله كالمجاهدين الأفغان والمهاجرين منهم اللاجئين في الباكستان لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، لما سئل أي العمل أفضل قال إيمان بالله ورسوله. . قال السائل ثم أي قال الجهاد في سبيل الله، قال السائل ثم أي قال حج مبرور، متفق على صحته فجعل الحج بعد الجهاد والمراد به حج النافلة لأن الحج المفروض ركن من أركان الإسلام مع الاستطاعة، وفي الصحيحين عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((من جهّزَ غازياً فقد غزى ومن خلفه في أهله بخير فقد غزى)) ، لا شك أن المجاهدين في سبيل الله في أشد الحاجة إلى المساعدة المادية من إخوانهم، والنفقة فيهم أفضل من النفقة في حج التطوع للحديثين المذكورين وغيرهما وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
أأحج ثانية أم أتصدق؟
س أديت فريضة الحج، ومقتدر، فهل أتصدق بقيمة الحج للمرة الثانية أم أحج؟(2/314)
ج إن كانت عندك سعة في المال وأمكنك أن تتصدق وتحج فهو أفضل لك، فإن لم تستطع وعندك فقراء …ذوو حاجة شديدة أو مشاريع خيرية بحاجة إلى المال فتدفعه إليهم أفضل من حج النافلة، فإن لم تكن هناك شدة حاجة فالحج أفضل.
الشيخ ابن جبرين
***
حج عن والده ولم ينشيء سفره من مسقط رأسه
س رجل حج هذا العام عن والده المتوفي ولم ينشيء سفر الحج من مسقط رأس والده ويسأل عن صحة ذلك الحج؟.
ج يظهر من سؤال السائل أنه متبرع بالحج عن والده فإذا كان كذلك فلا يظهر بأس في صحة حجه عنه وإن لم ينشيء سفر الحج من مسقط رأس والده.
اللجنة الدائمة
***
مساعدة المجاهدين
س حدث بيني وبين مجموعة من الزملاء جدال حيث أننا قد نوينا أن نعتمر في نهاية شهر رمضان مع العلم أنني وزميل آخر قد سبق وأن اعتمرنا عدة مرات وفي النهاية قرر هذا الزميل أن لا يعتمر وأن يتقدم بتكاليف هذه العمرة صدقة أو جهاداً في سبيل الله إلى المجاهدين الأفغان وقال إن هذا أفضل بكثير من كونه يعتمر بهذا المال.
نرجو من سماحة الشيخ إفادتنا هل من الأفضل أن يعتمر الشخص وإن سبق له واعتمر عدة مرات أم أن يقدم تكاليف هذه العمرة للمجاهدين الأفغان جهاداً في سبيل الله؟.
ج الأفضل لمن أدى فريضة الحج والعمرة أن ينفق ما يقابل حج التطوع وعمرة التطوع في مساعدة المجاهدين في سبيل الله كالمجاهدين الأفغان، لأن الجهاد الشرعي أفضل من حج التطوع وعمرة التطوع لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، لماَّ سئل أي العمل أفضل قال ((إيمان بالله ورسوله، قيل ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله، قيل ثم أي؟ قال حج مبرور)) . متفق على صحته، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/315)
(الأضحية)
حكم الأضحية والفرق بينها وبين الهدي
س ما حكم الأضحية، وعلى من تجب، وهل هناك فرق بين الأضحية والهدي، وهل الأضحية تجب على الحجاج أم لا، وكيف ومتى وأين ضحّى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كما نرجو من سماحتكم التعليق على ما روي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم ((من كان عنده سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا)) . أو كما قال، عليه والصلاة والسلام جزاكم الله خيراً.
ج الأضحية سنة مؤكدة في أصح قولي أهل العلم، وتتأكد على من عنده سعة من المال لأنها من آكد أنواع العبادات المشروعة يوم عيد الأضحى وأيام التشريق، وقد داوم عليها، النبي، صلى الله عليه وسلم، في المدينة فكان يُضَحّي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أنس ــ رضي الله عنه ــ والفرق بينها وبين الهدي أن هدي التمتع والقران واجب من واجبات الحج لقول الله تعالى (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) . أما الأضحية فلا تجب على الصحيح لعدم ورود نص صحيح صريح يفيد الوجوب، ومن الفرق أيضاً أن الهدي مشروع ذبحه في منى وبقية الحرم، أما الأضحية فتشرع في كل مكان. وما عدا ذلك فأحكامهما واحدة من حيث وقت الذبح والشروط المطلوبة للإجزاء والأكل منها والتصدق إلى غير ذلك، أما حديث ((من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا)) . فقال عنه الحافظ في البلوغ رواه أحمد وابن ماجه وصححه الحاكم ورجح الأئمة غيره وقفه، ومع ذلك فليس صريحاً في الإيجاب لو صح رفعه فقد صح عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((من أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربنَّ مصلانا)) . ولم ير أهل العلم أن ذلك يوجب تحريم الثوم والبصل وإنما احتجوا به على كراهة حضوره الصلاة مع المسلمين لما في ذلك من الأذية لهم بسبب الرائحة الكريهة، والله ولي التوفيق. .
الشيخ ابن باز
***
حكم أخذ الشعر لمن نوى أن يضحي
س ما حكم أخذ الإنسان شيء من شعره في عشر ذي الحجة وهو قد نوى أن يضحي، سواء أكان عامداً أم ناسياً، وإذا طهرت المرأة من الحيض في أثنائها وهي قد نوت أن تضحي، فهل يسرح شعرها أم لا؟ نرجو من فضليتكم الإفادة جزاكم الله عنَّا وعن المسلمين أحسن الجزاء؟.(2/316)
ج من أراد أن يضحي فليس له أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً إذا دخل ذو الحجة حتى يضحي لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها. وإذا طهرت الحائض والنفساء في عشر ذي الحجة وهما تريدان أن تضحيا فليس لهما أن تأخذا من شعرهما ولا من أظفارهما ولا من بشرتهما شيئاً كغيرهما من المسلمين العازمين على التضحية، ولكن لا حرج عليهما أن تقضا شعرهما وتسرحاه وقت الغسل، ولكن لا تتعمدا قطع شيء من شعرهما. أما ما سقط من الشعر حين النقض أو التسريح من غير قصد فإنه لا حرج عليهما في ذلك. وهكذا من أخذ شيئاً من شعره أو أظفاره أو بشرته في العشر ناسياً أو جاهلاً وهو عازم على التضحية فلا شيء عليه، لأن الله سبحانه قد وضع عن عباده الخطأ والنسيان في هذا الأمر وأشباهه، وأما من فعل ذلك عمداً فعليه التوبة إلى الله سبحانه ولا شيء عليه. وأما أهل المضحي فليس عليهم شيء، ولا ينهون عن أخذ شيء من الشعر والأظفار في أصح قولي العلماء، وإنما الحكم يختص بالمضحي خاصة الذي اشترى الضحية من ماله، وهكذا الوكلاء ليس عليهم شيء لأنهم ليسوا مضحين، وإنما المضحون هم الموكلون لهم. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل به.
الشيخ ابن باز
***
المضحي من ماله لا يأخذ من شعره شيئا
س من هو الشخص الذي يحرم عليه أخذ شيء من شعره أو أظفاره في عشر ذي الحجة. . هل هو الذابح للذبيحة أم المضحى عنه إن كان حياً سواء كان لوحده أو مع جماعة؟.
ج الذي يحرم عليه أخذ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته بعد دخول شهر ذي الحجة هو الذي يضحي من ماله لنفسه أو لغيره أو لنفسه وغيره جميعاً، لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً)) . أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها، إما من يُضحى عنه كأولاد المضحي وزوجته إذا ضحي عن نفسه وعن أهل بيته فإنهم لا يحرم عليهم أخذ شيء من شعرهم وأظفارهم لأنهم ليسوا مضحين وإنما المضحي هو الذي صرف ثمن الضحية من ماله في أصح قولي العلماء، وهكذا الوكيل لا حرج عليه في أخذ شيء من شعره وأظفاره لأنه ليس بمضحٍ والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/317)
المشتركون في شراء الأضحية لا يأخذون من شعرهم
س أنا أرملة ولي أبناء وبنت وكلنا نعيش في بيت واحد، كما أن حلالنا ومالنا واحد لم نقتسمه منذ وفاة زوجي، وإننا في كل عام أكلف أحد أبنائي بشراء أضحية لنا وذبحها، فمن هو الذي يلزمه عدم أخذ شيء من شعره وأظافره خلال عشر ذي الحجة وهل يلزمنا ذلك جميعاً؟..
ج إذا كان الواقع كما ذكر في السؤال من الاشتراك في المال والضحية فكلكم يعتبر مضحياً ولا يجوز له أخذ شيء من شعره أو من ظفره أو بشرته بعد دخول شهر ذي الحجة إلى أن تُذبح الضحية لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً)) . خرَّجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
إذا ضحى عنه أخر فهل يحلق هو أم لا
س شخص أراد أن يُضحي عنه رجل آخر ودخلت عشر ذي الحجة. فهل يجوز لأحد من هذين الشخصين أخذ شيء من شعرهما أو لا يجوز لواحد ولا يجوز للآخر أو لا يجوز لكليهما؟.
وما الحكم في شخص ضاعت منه شاته التي كان ينوي أن يضحي بها، ثم وجدها بعد انتهاء أيام الذبح؟.
ج ورد في الحديث الصحيح ((إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئاً)) . ولم يذكر من يضحي عنه غيره لكن بعض العلماء كره الأخذ أيضاً ممن يضحي عنه غيره مع أن من أخذ منهم شيئاً فلا فدية عليه ولا تبطل أضحيته ولا يترك التضحية وهي مقبولة منه إن شاء الله تعالى.
إذا عزم على الأضحية واشتراها لكن ضاعت منه ولم يجدها إلا بعد انقضاء أيام الذبح لم يلزمه ذبحها إلاَّ إن كانت واجبه في ذمته بنذر أو تعيين، فإن ذبحها مع ذلك وتصدق بلحمها كالأضحية فله أجر إن شاء الله فإن كان ذبح بدلها في أيام العيد فلا يلزمه ذبح أخرى.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم غسل الرأس وتمشيطه في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي
س هل يجوز للواحد أن يمشط شعره في العاشر من ذي الحجة؟.(2/318)
ج لا بأس بغسل الرأس في عشر ذي الحجة ومشط الرأس برفق، ولا يضر لو سقط منه شعر ولا ينقص أجر الأضحية إن شاء الله، وهكذا لو تعمد أخذ الشعر أو التقليم للأظافر فلا يترك بذلك الأضحية بل أجر الأضحية كامل إن شاء الله.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم تمشيط اللحية للمضحي
س أريد أن أضحي وأقوم بعد دخول عشر ذي الحجة بتمشيط شعر لحيتي ويتساقط منها بعض الشعر مع التمشيط فهل أمشطها أم لا؟.
ج ما يسقط من اللحية حال تسريحها من غير قصد يعفى عنه لأنه يعتبر شعراً ميتاً، وهكذا ما يسقط من رأس المحرم ولحيته وقت الوضوء والغسل من غير قصد يعفى عنه لكونه شعراً ميتاً وهكذا الحكم في حق من يريد التضحية بعد دخول العشر، وإنما المحرَّم تعمد قطع شيء من ذلك في الإحرام أو بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، وأما شعر اللحية فلا يجوز تعمد قطع شيء منه لا في الإحرام ولا في غيره لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((قصوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المشركين)) . متفق عليه. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حلق قبل صلاة العيد وهو يريد أن يضحي
س ما حكم من حلق يوم عيد الأضحي قبل ذهابه للصلاة علماً أنه نصح عن ذلك ولكن أصر على الحلاقة قبل الصلاة؟.
ج يحرم على من أراد أن يضحي حلق شعره أو قص أظفاره في أيام عشر ذي الحجة كلها حتى يضحي لكن لو حلق أو قلم فلا تبطل أضحيته وليس عليه فدية، وهو مخطيء في فعله، ولا يترك التضحية والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
***
أراد أن يضحي فأخذ من شعره
س ما حكم من أراد أن يضحي لنفسه ثم حلق شعره أو قلَّم أظفاره في الأيام العشر من شهر ذي الحجة بغير رضا منه؟.(2/319)
ج لا يجوز لمن كانت عنده ذبيحة جعلها أضحية ودخل شهر ذي الحجة، أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئاً حتى يضحي لما رواه مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم ((من كان له ذبح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذنًّ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي)) . فإن خالف وأخذ شيئاً من شعره أو أظفاره، استغفر الله تعالى ولا تلزمه فدية ولو فعل ذلك عمداً. .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم،،،
اللجنة الدائمة
***
الأفضل في الأضحية
س أيهما أفضل في الأضحية الكبش أو البقر؟
ج أفضل الأضاحي البدنة ثم البقرة ثم الشاة ثم شرك في بدنة ناقة أو بقرة لقوله، صلى الله عليه وسلم، في الجمعة من راح في الساعة الأولى فكأنما قرَّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرَّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرَّب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرَّب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة)) ..
ووجه الدلالة من ذلك وجود المفاضلة في التقرب إلى الله بين الإبل والبقر والغنم، ولا شك أن الأضحية من أعظم القرب إلى الله تعالى، والبدنة أكثر ثمناً ولحماً ونفعاً، وبهذا قال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعيُّ وأحمدُ، وقال مالك الأفضل. الجذعُ من الضأن ثم البقرة ثم البدنة لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، ضحّى بكبشين وهو، صلى الله عليه سلم، لا يفعل إلاَّ الأفضل. والجواب عن ذلك أن يقال أنه، صلى الله عليه وسلم، قد يختار غير الأولى رفقاً بالأمة لأنهم يتأسون به ولا يجب، صلى الله عليه وسلم، أن يشق عليهم وقد بيَّن فضل البدنة على البقر والغنم كما سبق، والله أعلم.
اللجنة الدائمة
***
حكم الأضحية عن الميت..!
س ما حكم الأضحية، وهل يجوز عن الميت؟.
ج الأضحية سنة مؤكدة في قول أكثر العلماء لأنه، صلى الله عليه وسلم، ضحّى، وحث أمته على الضحية، والأصل أنها مطلوبة في وقتها من الحي عن نفسه وأهل بيته، وله أن يشرك في ثوابها من شاء من الأحياء والأموات.(2/320)
أما الأضحية عن الميت فإن كان أوصى بها في ثلث ماله مثلاً، أو جعلها في وقف له وجب على القائم على الوقف أو الوصية تنفيذها، وإن لم يكن أوصى بها ولا جعلها وقفاً، وأحب إنسان أن يضحي عن أبيه أو أمه أو غيرهما فهو حسن، ويعتبر هذا من أنواع الصدقة عن الميت، والصدقة عنه مشروعة في قول أهل السنة والجماعة. .
وأما الصدقة بثمن الأضحية بناء على أنه أفضل من ذبحها، فإن كانت الأضحية منصوصاً عليها في الوقف أو الوصية لم يجز للوكيل العدول عن ذلك إلى الصدقة بثمنها، أما إن كانت تطوعاً عن غيره فالأمر في ذلك واسع، وأما الأضحية عن نفس المسلم الحي وعن أهل بيته فسنة مؤكدة للقادر عليها، وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها وبالله التوفيق. .
الشيخ ابن باز
***
الأضحية مشروعة عن الحي والميت
س هل يجوز الأضحية للميت أرجو توضيح الدليل وما حكم إخراج قيمتها والتصدق بها؟.
ج الأضحية مشروعة عن الحي والميت لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن آل بيته في المدينة وبعضهم متوفى كخديجة ــ رضي الله عنها ــ وبنتيه رقية وأم كلثوم، ولأنها صدقة وقربة فأشبهت بقية الصدقات، وهي عن الحي آكد لفعله، صلى الله عليه وسلم، وقوله، صلى الله عليه وسلم، ((إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره شيئاً)) . خرَّجه مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
أما ما ذكره بعض الفقهاء في هذه المسألة من النهي عن أخذ الشعر والظفر ممن يضحى عنه فلا أعلم له دليلاً يعتمد عليه وإنما المخاطب بهذا الأمر المضحي نفسه الذي ذبح الضحية من ماله أما زوجته وأولاده فلا ينهون عن أخذ الشعر والظفر لأنهم ليسوا مضحين وإنما ضحى عنهم عائلهم فهو المخاطب بهذا النهي.
وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها لما في ذلك من إحياء السنة وإظهارها، والتأسي بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/321)
حكم اهداء الأضحية للمتوفى
س هل يجوز اهداء أضحية للمتوفى؟.
ج الأضحية هي التقرب إلى الله ــ عز وجل ــ بذبح أو نحر بهيمة الأنعام في أيام عيد الأضحى في يوم العيد وفي ثلاثة أيام بعده للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى ــ وهي سنة في حق الحي يُضحي عنه وعن أهل بيته كما فعل النبي، صلى الله عليه وسلم، ذلك.
وإذا ضحّى الإنسان عنه وعن أهل بيته، ونوى أن يكون أجرها له ولأهل بيته الحي والميت فإن ذلك لا بأس به، وأما الأضحية الخاصة للميت فلها حالان
الحال الأولى أن يكون الميت قد أوصى بها، فإذا كان قد أوصى بها فإنها تفعل تنفيذاً للوصية لقوله ــ تعالى ــ حين ذكر الوصية (فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم* فمن خاف من وص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) . [سورة البقرة، الآيتان 181، 182] .
فإن هاتين الآيتين تدلان على أن وصية الميت تنفذ مالم تكن إثماً أو جنفاً.
الحال الثانية أن يضحي عن الميت ابتداء، فهذه قد اختلف فيها العلماء هل هي مشروعة أم غير مشروعة. فمنهم من قال إنها مشروعة لأن ذلك لم يرد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فقد مات للنبي، عليه الصلاة والسلام، من أقاربه من مات له بنات الثلاث وأبناؤه الثلاثة ولم يضح عن واحد منهم، واستشهد عمه حمزة رضي الله عنه في أحدٌ ولم يضح عنه، وماتت زوجتاه خديجة وزينب بنت خزيمة ولم يصح عنهما ,ولو كان هذا من الأمور المشروعة لفعله النبي، صلى الله عليه وسلم، ولكن أقول إن أردت أن تضحي عن الميت فضح عنك وعن أهل بيتك وانوِ أنها لك ولأقاربك الأحياء والأموات وفضل الله واسع.
الشيخ ابن عثيمين
***
يجوز للمرأة أن تتولى ذبح الأضحية عند الحاجة
س إذا جاء وقت الذبح ولم يوجد في البيت رجل. هل يجوز أن تقوم المرأة بذبح الأضحية؟.
ج نعم يجوز للمرأة أن تتولى ذبح الأضحية أو غيرها عند الحاجة متى تمت الشروط الأخرى للزكاة(2/322)
ويسن عند ذبح الأضحية تسمية من ينويها له من حي أو ميت، فإن لم يفعل اكتفى بالنية، فإن سمى غير صاحبها خطأ فلا يضر، فالله أعلم بالنيات والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
***
س هل للمضحي أن يفطر من لحم أضحيته؟.
ج يستحب لمن له أضحية ألا يأكل شيئاً حتى يصلي العيد، ثم يذبح أضحيته فيأكل أول ما يأكل منها إذا تيسر له ذلك وهذا قول أكثر أهل العلم منهم علي وابن عباس ومالك والشافعي وغيرهم. وروى الترمذي والأثرم عن بريدة قال كان النبي، صلى الله عليه وسلم، لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي.
وفي رواية الأثرم حتى يضحي. وقال افمام أحمد لا يأكل فيه حتى يرجع إذا كان له ذبح، لأن النبي، صلى الله عليهوسلم، أكل من ذبيحته. وإذا لم يكن له يبال أن يأكل ولا حرج عليه في الأكل قبل الصلاة وبعدها من غير أضحيته والله أعلم.
اللجنة الدائمة
***
لحوم الأضاحي تجوز للأغنياء والفقراء
س ما حكم من أخذ من اللحوم في اليوم العاشر من ذي الحجة وهو ميسور الحال لا يحتاج إلى ذلك؟.
ج يجوز له ذلك. فإن لحوم الهدي والأضاحي وهدي التمتع والقران ونحو ذلك مباحة لكل الحجاج من أغنياء وفقراء. لا سيما إذا كانت عرضة للفساد كالكثير من الذبائح التي يرمى وتحرق أو تدفن ولا ينتفع بها وقد قال ـ تعالى ـ (فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر) . يعني المتعفف والطالب لها.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم إهداء الكافر من لحم الأضحية
س أيجوز للمضحي أن يعطي الكافر من لحم أضحيته؟.(2/323)
ج يستحب في الأضحية تجزئة لحمها أثلاثاً ثلث لصاحبها، وثلث لصديقة، وثلث للمساكين، ويجوز أن يعطى الكافر منها لفقره أو قرابته أو جواره أو تأليف قلبه.
اللجنة الدائمة
***
(العقيقة وأحكام المولود)
س ما معنى عقيقة المولود، وهل هي فرض أم سنة؟.
ج عقيقة المولود هي الذبيحة التي تذبح تقرباً إلى الله ــ عز وجل ــ شكراً له على نعمة المولود في اليوم السابع من ولادته، وقد اختلف أهل العلم في كونها سنة أو واجبة، وأكثر أهل العلم على أنها سنة مؤكدة حتى أنَّ الإمام أحمد قال يقترض ويعق، يعني أن الذي ليس عنده مال يقترض ويعق ويخلف الله عليه لأنه يحيى سنة، والمراد بقوله ــ رحمه الله ــ يقترض من يرجو الوفاء في المستقبل أما الذي لا يرجوا الوفاء في المستقبل فلا ينبغي أن يقترض ليعق، وهذا من الإمام أحمد رضي الله عنه دليل على أنها سنة مؤكدة، وهو كذلك فينبغي أن يعق الإنسان اثنتين عن الذكر وعن الأنثى واحدة وتكون في اليوم السابع يأكل منها ويهدي ويتصدق، ولا حرج أنْ يتصدَّق منها وأن يجمع عليها الأقارب والجيران يأكلونها مطبوخة مع الطعام.
الشيخ ابن عثيمين
***
أحكام العقيقة وحكمها
س ما حكم ذبح العقيقة عن المولود سواء كان ذكراً أو أثنى؟.
وهل يجب ذبح شاتين عن المولود الذكر؟ وما ألحكم لو ذبحت واحدة ومضى مدة طويلة؟
وما الحكم في العقيقة لو ذبح الجد عن ابن ابنه؟ وما حكمها لو ساعده في ثمن شرائها؟.
وما الحكم في إقامة وليمة على العقيقة؟ وما الذي يجب فعله بها؟.
ج العقيقة هي النسيكة التي تذبح عن المولود وهي سنة مؤكدة، ويرى بعض العلماء وجوبها لقوله، صلى الله عليه وسلم ((كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح يوم سابعه ويسمى)) . لكن هذا الحديث يفيد آكديتها فالأصل عدم الوجوب، والسنة أن تذبح عن الذكر شاتين أو اثنتين من الغنم ولو من المعز، وعن(2/324)
الأنثى واحدة، فإن اقتصر على واحدة عن الذكر كفت إنْ شاء الله، وهكذا يجوز التفريق بينهما بأن يذبح الأولى بعد أسبوع والثانية بعد أسبوعين وهو خلاف الأولى، والأصل أنها على الوالد شكر لله ــ تعالى ــ الذي رزقه الولد، فإن ذبح عنه جده أو أخوه أو غيرهما أجزأت، وكذا لو دفع بعضهم شيئاً من ثمنها، والسنة أن يأكل الثلث ويهدي ثلثاً على أصدقائه ويتصدق بثلث على المسلمين، ويجوز أن يدعو عليها أصدقاءه وأقاربه أو يتصدق بجميعها.
الشيخ ابن جبرين
***
العقيقة شرعت للمولود وليس للميت
س والدتي توفيت وأريد أن أعمل لها ((عقيقة)) . . وعند الاستفسار من أحد الأئمة قال إن العقيقة تعمل للحي وليس للميت. . فما حكم الشرع في هذا؟.
ج العقيقة لا تشرع للميت وإنما تشرع في اليوم السابع من ولادة الإنسان إذ يشرع لأبيه أن يعق عن المولود بشاتين إذا كان ذكراً وشاة إذا كانت أثنى، وإذا كان الوالد غير واسع ذات اليد وعق عن الذكر بواحدة أجزأه ذلك.
وتذبح العقيقة في اليوم السابع ويؤكل منها ويتصدق ويهدي، ولا حرج أن يدعو المسلم أقاربه وجيرانه. . وقال العلماء إذا لم يتمكن في اليوم السابع ففي اليوم الرابع عشر فإن لم يتمكن ففي اليوم الحادي والعشرين فإن لم يتمكن ففي أي يوم يشاء.
وأما الميت فلا يعق عنه ولكن يدعى له بالمغفرة والرحمة والدعاء. . وإن أهدى إلى الميت ثواب عمل صالح كأن يتصدق عنه بشيء أو يصلي المسلم ركعتين أو يقرأ بعضاً من القرآن وينوي ثوابه له فلا حرج ولكن الدعاء أفضل من هذا كله لأنه هو الذي أرشد إليه، صلى الله عليه سلم.
الشيخ ابن عثيمين
***
تأخير العقيقة عن اليوم السابع خلاف السنة
س حصلت العقيقة بعد وفاة الطفلة وكان عمرها وقت الوفاة سنة ونصف هل أدى العقيقة على طبيعتها أم لا؟ وهل هذه الطفلة تنفع والديها في الآخرة أفيدونا عن ذلك؟.
ج نعم تجزيء ولكن تأخيرها عن اليوم السابع من الولادة خلاف السنة وكل طفل أو طفلة مات صغيراً ينفع الله به من صبر من والديه المؤمنين.
اللجنة الدائمة
***(2/325)
من عجز عن العقيقة سقطت عنه
س لم أقم بذبح تمائم لأولادي لعدم قدرتي المالية فما الحكم؟.
ج ما دمت لا تستطيع أن تقوم بهذا العمل فلا شيء عليك. . لأن الله ــ تعالى ــ يقول (فاتقوا الله ما استطعتم) .. ويقول أيضاً (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) .. وقال، صلى الله عليه وسلم، ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) .. فإذا كان الإنسان فقيراً عند ولادة أولاده فليس عليه تميمة لأنه عاجز والعبادات تسقط بالعجز عنها.
الشيخ ابن عثيمين
***
العقيقة عن السقط
س السقط المتبين أنه ذكر أو أنثى هل له عقيقة؟ ، وكذلك المولود إذا ولد ثم ما بعد أيام ولم يعق عنه في حياته هل يعق عنه بعد موته؟ وإذا مضى على المولود شهر أو شهران أو نصف سنة أو سنة أو كَبُر ولم يعق عنه هل يعق أمْ لا؟.
ج جمهور الفقهاء على أن العقيقة سنة لما رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن عن سلمان بن عامر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال ((مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى)) .
وما رواه الحسن عن سمرة أن النبي، صلى الله عليه سلم، قال ((كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه سابعه ويحلق ويسمى)) . رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي، وما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال ((من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل، عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة)) . رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد حسن.
ولا عقيقة عن السقط ولو تبين أنه ذكر أو أنثى إذا سقط قبل نفخ الروح فيه لأنه لا يسمى غلاماً ولا مولوداً، وتذبح العقيقة في اليوم السابع من الولادة.
وإذا ولد الجنين حياً ومات قبل اليوم السابع فيسن أن يعق عنه في اليوم السابع، وإذا مضى اليوم السابع ولم يعق عنه فرأى بعض الفقهاء أنه لا يسن أن يعق عنه بعده لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، وقّتَها باليوم السابع.
وذهب الحنابلة وجماعة من الفقهاء إلى أنه يسن أن يعق عنه ولو بعد شهر أو سنة أو أكثر من ولادته لعموم الأحاديث الثابتة، ولما أخرجه البيهقي عن أنس ــ رضي الله عنه ــ أن النبي، صلى الله عليه سلم، عق عن نفسه بعد البعثة وهو أحوط.
اللجنة الدائمة
***(2/326)
العقيقة عن السقط أيضا
س هل يلزم العقيقة للأجنة الثلاثة وهم كالتالي
الجنين الأول وضعته بعد حمل أربعة أشهر إلا ثلاثة أيام فقط.
الجنين الثاني وضعته بعد حمل ثلاثة أشهر و17يوماً فقط.
الجنين الثالث وضعته بعد حمل شهرين فقط.
والأجّنّة الثلاثة كانوا ذكوراً
والأجنّة الثلاثة يوم القيامة هل تعد أنهم أولادي وكم تكون أعمارهم وقت البعث يوم القيامة.
ج تسن العقيقة عن السقط إذا كان سقوطه بعد نفخ الروح فيه. وذلك إذا مضى على حمل أمه به أربعة أشهر وعلى هذا يكون لمن ذكرتهم في سؤالك عقيقة.
أما أعمارهم يوم يبعثون من قبورهم فعلمه إلى الله، والسؤال عن هذا مما لا يعني ومن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنية.
اللجنة الدائمة
***
يستحب ذبح العقيقة عنهما
س لقد وضعت زوجتي قبل عشرة أعوام توأمين ذكرين بعد حمل استمر ستة شهور. وبعد وضعهما توفيا خلال اليوم الأول.
هل يجوز ذبح عقيقة لهما مع ملاحظة أنه تم تسميتها؟. . .
ج يستحب ذبح العقيقة عنهما، عن كل واحد رأسان من الغنم يجزئان في الأضحية لعموم الأحاديث الثابتة عنه، صلى الله عليه وسلم في شرعية العقيقة ومنها حديث أم كرز الكعبية قالت ((أمر النبي، صلى الله عليه وسلم، أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة)) رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وأنت مخير بالصدقة بهما أو بعضهما وبين طبخهما ودعوة من ترى من أقاربك وجيرانك وإخوانك في الله وبعض الفقراء للأكل منهما.
الشيخ ابن باز
***
حكم الهدية للمولود
س ما رأي الشرع فيما تفعله بعض النساء حيث أنها إذا رزقت إحدى صديقاتها بمولود تقوم بإعطائها ما يسمى (بالحفالة) وهو عبارة عن مبلغ من المال، هل له أصل في الشرع؟.(2/327)
كتاب البيوع(2/329)
المعاملات الجائزة والمعاملات الربوية
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله ما حكم بيع كيس السكر ونحوه بمبلغ مائة وخمسين ريالاً إلى أجل وهو يساوي مبلغ مائة ريال نقداً؟
فأجاب أن هذه المعاملة لا بأس بها لأن بيع النقد غير التأجيل، ولم يزل المسلمون يستعملون مثل هذه المعاملة وهو كالإجماع منهم على جوازها، وقد شذ بعض أهل العلم فمنع الزيادة لأجْل الأَجَل وظن ذلك من الربا، وهو قول لا وجه له
وليس من الربا في شيء، لأن التاجر حين باع السلعة إلى أجل إنما وافق على التأجيل من أجل انتفاعه بالزيادة، والمشتري إنما رضي بالزيادة من أجل المهلة وعَجْزِه عن تسليم الثمن نقداً، فكلاهما منتفع بهذه المعاملة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جواز ذلك، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يجهز جيشاً فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل، ثم هذه المعاملة تدخل في عموم قول الله سبحانه (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدايَنتُم بِدَينٍ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكتُبُوهُ) . الآية.
وهذه المعاملة من المداينات الجائزة الداخلة في الآية المذكورة وهي من جنس معاملة بيع السلم، فإن البائع في السلم يبيع من ذمته حبوباً أو غيرها مما يصح السلم فيه، بثمن حاضر أقل من الثمن الذي يباع فيه الُمسْلَم فيه في وقت السلم، لكون الُمسْلَم فيه مؤجلاً والثمن معجلاً فهو عكس المسألة التى سألتم عنها، وهو جائز بالإجماع، وهو مثل البيع إلى أجل في المعنى، والحاجة إليه ماسة كالحاجة إلى السلم والزيادة في السلم مثل الزيادة في البيع إلى أجل، سببها فيهما تأخير تسليم المبيع في مسألة السلم وتأخير تسليم الثمن في مسألة البيع إلى أجل، لكن إذا كان مقصود المشتري لكيس السكر ونحوه بيعه والانتفاع بثمنه وليس مقصوده الانتفاع بالسلعة نفسها فهذه المعاملة تسمى مسألة (التورق) ويسميها بعض العامة (الوعده) وقد اختلف العلماء في جوازها على قولين، أحدهما أنها ممنوعة أو مكروهة، لأن المقصود منها شراء دراهم بدراهم وإنما السلعة المبيعة واسطة غير مقصودة. والقول الثاني للعلماء جواز هذه المعاملة لمسيس الحاجة إليها لأنه ليس كل أحد اشتدت حاجته إلى النقد يجد من يقرضه بدون ربا، ولدخولها في عموم قوله سبحانه (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيعَ) . وقوله تعالى (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدايَنتُم بِدَينٍ إلى أجَلٍ مُّسَمًّى فَاكتُبُوهُ) .
الآية.
ولأن الأصل في الشرع حل جميع المعاملات إلا ما قام الدليل على منعه، ولا نعلم حجة شرعية تمنع هذه المعاملة، وأما تعليل من منعها أو كرهها بكون المقصود منها هو النقد فليس ذلك موجباً لتحريمها ولا لكراهتها، لأن مقصود التجار غالباً في المعاملات هو تحصيل نقود أكثر بنقود أقل،(2/331)
والسلع المبيعة هي الواسطة في ذلك وإنما يمنع مثل هذا العقد إذا كان البيع والشراء من شخص واحد كمسألة العينة. فإن ذلك يتخذ حيلة على الربا، وصورة ذلك أن يشتري شخص سلعة من آخر بثمن في الذمة ثم يبيعها عليه بثمن أقل ينقده إياه فهذا ممنوع شرعاً لما فيه من الحيلة على الربا وتسمى هذه المسألة العينة وقد ورد فيها من حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهما ما يدل على منعها. أما مسألة التورق التي يسميها بعض الناس الوعده فهي معاملة أخرى ليست من جنس مسألة العينة لأن المشتري فيها اشتري السلعة من شخص إلى أجل وباعها من آخر نقداً من أجل حاجته للنقد ليس في ذلك حيلة على الربا لأن المشتري غير البائع، ولكن كثيراً من الناس لا يعلمون بما يقتضيه الشرع في هذه المعاملة فبعضهم يبيع مالا يملك ثم يشتري السلعة بعد ذلك ويسلمها للمشتري، وبعضهم إذا اشتراها يبيعها وهي في محل البائع قبل أن يقبضها القبض الشرعي، وكلا الأمرين غير جائز لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام ((لا تبع ما ليس عندك)) ، وقال عليه الصلاة والسلام ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك)) ، وقال عليه الصلاة والسلام ((من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)) قال ابن عمر رضي الله عنهما ((كنا نشتري الطعام جزافاً فيبعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ينهانا أن نبيعه حتى ننقله إلى رحالنا)) ، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً أنه نهى أن تباع السلعة حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
ومن هذه الأحاديث وما جاء في معناها يتضح لطالب الحق أنه لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة ليست في ملكه ثم يذهب فيشتريها، بل الواجب تأخير بيعها حتى يشتريها ويحوزها إلى ملكه، ويتضح أيضاً أن ما يفعله كثير من الناس من بيع السلعة وهي في محل البايع قبل نقلها إلى ملك المشتري أو إلى السوق أمر لا يجوز لما فيه من مخالفة سنة رسول صلى الله عليه وسلم، ولما فيه من التلاعب بالمعاملات وعدم التقيد فيها بالشرع المطهر، وفي ذلك من الفساد والشرور والعواقب الوخيمة ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق للتمسك بشرعه والحذر مما يخالفه. أما الزيادة التي تكون بها المعاملة من المعاملات الربوية فهي التي تبذل للدائن بعد حلول الأجل ليمهل المدين وينظره فهذه الزيادة هي التي كان يفعلها أهل الجاهلية ويقولون للمدين قولهم المشهور إما أن تقضي وإما تربي فمنع الإسلام ذلك وأنزل الله فيه قوله سبحانه ((وَإن كَانَ ذُو عُسْرَةٌ فَنَظرَةٌ إلى مَيْسرَةٍ)) الآية.
وأجمع العلماء على تحريم هذه الزيادة وعلى تحريم كل معاملة يتوسل بها إلى تحليل هذه الزيادة مثل أن يقول الدائن للمدين اشتر مني سلعة من سكر أو غيره إلى أجل ثم بعها بالنقد وأوفني حقي الأول، فإن هذه المعاملة حيلة ظاهرة على استحلال الزيادة الربوية التي يتعاطاها أهل الجاهلية(2/332)
لكن بطريق آخر غير طريقهم، فالواجب تركها والحذر منها وانظار المدين المعسر حتى يسهل الله له القضاء، كما أن الواجب على المدين المعسر أن يتقي الله ويعمل الأسباب الممكنة المباحة لتحصيل ما يقضي به الدين ويبريء به ذمته من حق الدائنين، وإذا تساهل في ذلك ولم يجتهد في أسباب قضاء ما عليه من الحقوق فهو ظالم لأهل الحق غير مؤد للأمانة فهو في حكم الغني المماطل وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ((مطل الغني ظلم)) ، وقال عليه الصلاة والسلام ((ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته)) والله المستعان.
ومن المعاملات الربوية أيضاً ما يفعله بعض البنوك وبعض التجار من الزيادة في القرض إما مطلقاً وإما في كل سنة شيئاً معلوماً، فالأول مثل أن يقرضه ألفاً على أن يرد إليه ألفاً ومائة، أو يسكنه داره أو دكانه أو يعيره سيارته أو دابته مدة معلومة أو ما أشبه ذلك من الزيادات.
وأما الثاني فهو أن يجعل له كل سنة أو كل شهر ربحاً معلوماً في مقابل استعماله المال الذي دفعه إليه المقرض سواء دفعه باسم القرض أم باسم الأمانة فإنه متى قبضه باسم الأمانة للتصرف فيه كان قرضاً مضموناً، ولا يجوز أن يدفع إلى صاحبه شيئاً من الربح إلاّ أن يتفق هو والبنك أو التاجر على استعمال ذلك المال على وجه المضاربة بجزء مشاع معلوم من الربح لأحدهما والباقي للآخر، وهذا القسط يسمى أيضاً القراض وهو جائز بالأجماع لأنهما قد اشتركا في الربح والخسران، والمال الأساسي في هذا العقد في حكم الأمانة في يد العامل إذا أُتلف من غير تعد ولا تفريط لم يضمنه وليس له عن عمله إلا الجزء المشاع المعلوم من الربح المتفق عليه في العقد.
وبهذا تتضح لك المعاملة الشرعية والمعاملة الربوية.
***
حكم البيع إلى أجل بالتقسيط
س ما حكم الزيادة في البيع نقداً بالأجل والتقسيط؟. .
ج البيع إلى أجلٍ معلوم جائز إذا اشتمل البيع على الشروط المعتبرة، وهكذا التقسيط في الثمن لا حرج فيه إذا كانت الأقساط معروفة والآجال معلومة لقول الله سبحانه (ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) . . . الآية. ولقول النبي (صلى الله عليه وسلم) ((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم)) ، ولقصة بريرة الثابتة في الصحيحين فإنها اشترت نفسها من سادتها بتسع أواق في كل عام أوقية وهذا هو بيع التقسيط ولم ينكر ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) بل أقره ولم ينه عنه ولا فرق في ذلك بين كون الثمن مماثلاً لما تباع به السلعة نقداً أو زائداً على ذلك بسبب الأجل والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/333)
حكم البيع إلى أجل والبيع قبل القبض
س إذا كان عند إنسان سلعة كالحبوب أو السكر أو الأدهان أو مواش تساوي قيمته حاضراً مائة ريال، ويريد أن يبيعها على المدين بمائة وثلاثين ريالاً مثلاً إلى أجل محدود، والمعتاد سنة كاملة وقد تمضي سنة أو سنتان ولا يسدد. .؟
وكذلك إذا اشتراها المدين من المخزن والدكان وعدها عليه صاحبها بأعيانها فهل يبيعها في محلها بعد عدها واستلامها. أو لا بد من أن يجوزها وينقلها إلى محل آخر؟. أفتونا مأجورين؟
ج يجوز للإنسان أن يبيع سلعة من الطعام أو غيره إلى أجل معلوم ولو زاد ثمن بيعها إلى أجل عن قيمتها وقت بيعها أو عن ثمن بيعها حالاً، وينبغي للمدين الوفاء بأداء الدين إلى صاحبه عند أجله لعموم قوله تعالى (فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اْؤتُمن أمانته وليتق الله ربه) .
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه. ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله)) .
وإذا اشتري إنسان سلعة من مخزن أو دكان مثلاً، وعدَّها عليه صاحبها بأعيانها، فلا يجوز للمشتري أن يبيعها في محلها بمجرد عدد أعيانها ولا يعتبر ذلك تسلماً بل لابد لجواز بيع المشتري لها من حوزه إياها إلى محل آخر لما رواه أحمد رحمه الله، عن حكيم بن حزام أنه قال قلت يا رسول الله إني اشتري بيوعاً، فما يحل لي منها وما يحرم عليَّ؟ قال ((إذا اشتريت شيئاً فلا تبعه حتى تقبضه)) ، ولما رواه أحمد وأبو داود عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم)) . ولما رواه أحمد ومسلم عن جابر رضي الله عنه أنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إذا ابتعت طعاماً فلا تبعه حتى تستوفيه)) . وفي رواية لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((من ابتاع طعاماً فلا يبيعه حتى يكتاله)) .
اللجنة الدائمة
***
حكم شراء السلعة بأكثر من ثمنها مؤجلا
س اشتريت داراً من الشركة التي أعمل بها بفائدة لأنى موظف ذو دخل بسيط فهل يعد ذلك من الربا الذي حرمه الله؟
ج لا يعد هذا من الربا الذى حرمه الله مادامت الشركة كانت تملك البيت قبل أن تتفق معه، والإنسان إذا اشترى شيئاً بثمن مؤجل أكثر من ثمنه في الوقت الحاضر فلا بأس به، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية اجماع المسلمين على جواز ذلك لأنه تقتضيه المصلحة للبائع والمشتري،(2/334)
البائع بزيادة الثمن له، والمشتري بتأجيل الدفع وليس هذا من الربا لأن الربا مخصوص بأشياء معينة وردت في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد)) ، فهذه الأشياء الستة وما شاركها في العلة ــ على اختلاف العلماء فيها ــ هي التي يجرى فيها الربا، ويشترط فيما بيع بجنسه شرطان
أحدهما التساوي وزناً فيما يوزن وكيلاً فيما يكال، والثاني التقابض من الطرفين قبل التفرق. وأما ما بيع بغير جنسه فإنه لا يشترط فيه التساوى، ولكن إن بيع بما يشاركه في العلة فلا بد فيه من التقابض قبل التفرق لقول النبي، صلى الله عليه وسلم ((فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) ، وما عدا هذه الأصناف وما يشاركها في العلة فليس فيه ربا كالحيوان والثياب.
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بتجهيز جيش فكان يأخذ البعير بالبعيرين والبعيرين بالثلاثة على إبل الصدقة ولكن إذا حلت الدراهم وأجلوا الدفع وأضافوا بسبب ذلك فائدة فهو حرام يدخل في الربا.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع السلعة إلى أجل بأكثر من سعرها الحاضر
س رجل يبيع سلعة بسعر فوري بمبلغ 10جنيه مثلاً وبالقسط على أقساط شهرية بمبلغ أكبر من هذا المبلغ فهل هذه الزيادة تعد ربا، أم لها نسبة يجب أن يلتزم بها البائع إن أراد البيع بالقسط؟
ج ــ إذا كان الواقع كما ذكر جاز بيع السلعة إلى أجل بأكثر من سعرها الحاضر سواء كان دفع الثمن أقساطاً أم مرة واحدة عند الأجل، لكن بشرط ألا يفترقا حتى يعينا نوع البيع، ويتفقا على كونه نقداً أو لأجل، وليست الزيادة ربا، وليس في الشرع نص على تحديد مقدار الزياده في البيع لأَجَل عن البيع نقداً، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على السماحة في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء.
اللجنة الدائمة
***
ليس للزيادة حد في بيع الأجل
س إذا كان عند رجل كيس من السكر يباع حالياً بثمانين ريالاً. وطلبه منه مشتر لأجل فباعه عليه بمائة وخمسين لأجل فهل للزيادة حد تقف عنده؟(2/335)
جـ البيع حالاً أو لأَجَل مشروع لا حظر فيه، والأصل في الأثمان عدم التحديد سواء أكانت في بيع حالٍ أو مؤجل فتترك لتأثير العرض والطلب، إلا أنه ينبغي للناس أن يتراحموا فيما بينهم، وأن تسود بينهم السماحة في البيع والشراء، وألا ينتهزوا الفرص لإدخال بعضهم الضيق في المعاملات على بعض. . . قال (صلى الله عليه وسلم) ((رحم الله أمراً سمحاً إذا باع وإذا اشترى)) . فإذا انتهز إنسان فرصة الضيق وشدة حاجة أخيه إلى ما بيده وهو لا يجده عند غيره أو يجده ولكن تواطأ من في السوق من التجار على رفع الأسعار طمعاً في زيادة الكسب وغلواً فيه، حَرُمَ على من بيده السلعة أن يبيعها على من اشتدت حاجته إليها بأكثر من ثمن مثلها حالاًّ في البيع الحال، وثمن مثله مؤجلاً في المؤجل، وعلى من حضر ذلك أن يساعد على العدل، ويمنع من الظلم، كلٌ على قدر حاله وفي درجته التي تليق به من درجات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والحال الراهنة وقت البيع والشراء هي التي تحدد ثمن المثل، فلكل سوق سعره، ولكل وقت سعره، ولكل حال من كثرة العرض وقلته وقلة الطلب وكثرته سعرها. .
اللجنة الدائمة
***
لابد من معرفة الثمن والحال
س ما رأيكم في بيع السيارة بعشرة آلاف نقداً أو بأثني عشر ألفاً تقسيطاً كما هو معروف الآن في معارض السيارات؟
جـ إذا باع إنسان لآخر سيارة أو غيرها بعشرة آلاف ريال مثلاً نقداً أو بإثني عشر ألف ريال إلى أجل وتفرقا من مجلس العقد دون أن يتفقا على أحد الأمرين ثمن الحلول أو ثمن الأجل لم يجز البيع ولم يصلح لجهالة الثمن والحال التي انتهى إليها البيع من حلول أو تأجيل، وقد استدل لهذا كثير من العلماء بنهي النبي (صلى الله عليه وسلم) عن بيعتين في بيعة رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه. . فإذا اتفق المتبايعان قبل أن يتفرقا من مجلس العقد على أحد الثمنين بأن عينا ثمن النقد أو ثمن التأجيل ثم تفرقا بعد التعيين فالبيع جائز صحيح للعلم بالثمن وحاله. . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
مسائل في البيع
س إذا جاء شخص إلى آخر يريد الأول من الثاني (بضاعة) ديناً فهل يجوز للثاني أن يشتري له بضاعة من السوق ويبيعها عليه، وإذا كان عنده بعض البضاعة فهل يأخذ غلاقه من السوق(2/336)
ويبيعها على المستدين، وإذا صارت البضاعة عند الثاني فهل يجوز أن يقيد على الأول الألف بألف وخمسمائة، وهل يصح أن يكون الثمن يدفع أقساطاً كل شهر، وهل يجوز أن يقول العشرة خمسة عشرة ـ مثلاً ـ انتهى؟
الجواب من وجوه الأول مجرد الاتفاق السابق للعقد ليس بملزم للطرفين ولا لأحدهما فكل منهما لو أراد الرجوع فله ذلك وعلى هذا الأساس فإذا اشترى الثاني المال أو غلاقه من السوق ثم قبضه ثم باعه على المستدين ثم قبضه المستدين صح البيع ولزم ولكن إذا كان المشتري لا يريد إلا الدراهم فيشتري السلعة بمائة مؤجلة ويبيعها في السوق بسبعين حالّة فهذا كما قال ابن عباس رضي الله عنهما دراهم بدراهم بينهما حريرة، وكرهه بعض أهل العلم منهم عمر بن عبد العزيز، فينبغي تجنب تعاطيه احتياطاً وبراءة للذمة وخروجاً من الخلاف. وممن أفتى في هذه المسألة من أئمة الدعوة الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ــ رحمه الله ــ قال ((وأما البيع إلى أجل ابتداء جاز إذا كان على الوجه المباح)) . وأما إذا كان مقصوده الدراهم فيشتريها بمائة مؤجلة ويبيعها في السوق بسبعين حالّة فهذا مذموم منهي عنه في أظهر قولي العلماء وهذا يسمى التورق، قال عمر بن عبد العزيز التورق وأخيه الربا.
الوجه الثاني إن كان مقصود السائل بقوله إذا صارت البضاعة عندي ويريد عوض ألف هل يصبح أقيد عليه الألف بألف وخمسمائة. إن كان مقصوده أن يبيعه على ما وصف في المسألة السابقة فقد تقدم حكمه وإن كان يريد أنهما يتفقان على أن البضاعة التي ثمنها ألف تكون بألف وخمسمائة فيستلم المشتري الألف ويقيد عليه البائع ألفاً وخمسمائة وتكون السلعة صورية، وفي الحقيقة لم يحصل سلعة تباع وتشتري فهذا ربا إشكال فيه فهو داخل في عموم الأدلة الدالة على تحريم الربا من الكتاب.
والسنة.
الوجه الثالث أنه لا مانع من كون الثمن كله مؤجلاً يحل في وقت واحد أو في أوقات مختلفة، بمعنى أنه يكون أقساطاً كل قسط يسلم بعد شهر أو شهرين مثلاً، والأصل في ذلك عموم آية الدين فإنه لم يحدد فيها أن يكون الأجل واحداً، أو متعدداً كل قسم من الثمن يكون له أجل.
الوجه الرابع يجوز للإنسان أن يقول العشرة خمسة عشر إذا كان المقصود ما ثمنه عشرة حالة يكون بخمسة عشر مؤجلاً وأما إذا كان المقصود هو أن عشرة ريالات تباع بخمسة عشر مثلاً فهذا لا يجوز وقد تقدم الكلام فيه.
الوجه الخامس أن المشروع في حق المسلم على المسلم إذا جاء ليستدين منه فإنَّه لا يلجئه إلى زيادة في الثمن تكون خارجة عما تعارف عليه عموم التعامل الذي يجري على سنن العدل فإن الله تعالى أمر بالعدل بقوله تعالى (إنَّ الله يَأمُرْ بالعَدْل والإحْسَانِ) الآية. والعدل في كل شيء(2/337)
بحسبه، ولهذا منعت الشريعة بيع المكره بغير حق، ومن تلقى الركبان، وبيع الحاضر للبادي إلا بشروط معلومة ونحو ذلك. فعلى المسلمين أن يتراحموا فيما بينهم فإن مر رَحِم رُحِم. .
اللجنة الدائمة
***
حكم الدينة
س أراد رجل الزواج وليس عنده ما يكفي مبلغ الصداق فذهب إلى صاحب تجارة ليستدين منه فقال له صاحب التجارة أبيعك سيارة بسبعة عشر ألف ريال سعودي ديناً تدفعها كاملة عند نهاية السنة. فهل هذا ربا؟ مع العلم أن قيمة السيارة نقداً عشرة آلاف وخمسمائة ريال سعودي فقط، وهذه السيارة هي التى اشترط عليها وهي محور الاشتراط ما بين هذا البائع ومن يريد الزواج.
ج إذا كان الواقع كما ذُكِر من شراء شخص من آخر سيارة لأجل بثمن أكثر مما تباع به نقداً عاجلاً ليبيعها المشتري إلى من شاء سوى من باعها عليه ومن في حكمه فليس ربا، بل هو عقد بيع صحيح جائز. أما إذا اشترى السيارة مثلاً من شخص لأجل على أن يردها عليه بثمن عاجل أقل مما اشتراها به فذلك بيع نقد بنقد مع التفاضل وهو الربا الذي حرمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والعقد على السيارة صوري قصد به الخداع والاحتيال على الربا وأكل الأموال بالباطل، وكذا لو باع المشتري السيارة على شخص عرف أنه تابع للبائع الأول في عمله أو شخص وسيط تواطأ معه لتعود السيارة في النهاية إلى البائع الأول فكل هذا من الخداع، والاحتيال على الربا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
***
مسألة التورق
س نسمع من الذين يذاكرون في المساجد أن البيع والشراء بالنسيئة حرام فما رأيكم فيمن اشترى مالاً ودفع قيمته وقبضه من صاحبه ثم أتى إليه رجل ثان واشتراه بأكثر من قيمته إلى الحول؟
ج بيع المال إلى أجل بثمن أكثر من ثمنه حالاًّ يعرف عند أهل العلم بمسألة التورق، والمقدم عند الحنابلة أنَّها جائزة قال شيخ الإسلام ابن تيمية (إذا لم يكن للمشتري إلى السلعة حاجة في الذهب والورق، يشتري السلعة لبيعها بالعين التي احتاج إليها، فإنْ أعاد السلعة إلى البائع فهو(2/338)
الذي لا يشك في تحريمه، وإن باعها لغيره بيعاً تاماً ولم تعد إلى الأول بحال فقد اختلف السلف في كراهته ويسمونه التورق وكان عمر بن عبد العزيز يكرهه، ويقول التورق أخيه الربا. . واياس بن معاوية يرخص فيه وعن الامام أحمد فيه روايتان منصوصتان) ، وقال أيضاً (من تدين من رجل ديناً ففيه ثلاثة أوجه
الأول أن يكون بينهم مواطأة لفظية أو عرفية على أن يشترى السلعة من رب الحانوت ثم يبيعها المشتري ثم تعاد إلى صاحب فلا يجوز ذلك.
الثاني أن يشتريها منه ثم يعيدها إليه فلا يجوز لحديث أم ولد زيد بن أرقم رضي الله عنه.
الثالث أن يشتري السلعة شراء ثابتاً ثم يبيعها للمستدين ثانياً ليبيعها أحدهما فهذه تسمى التورق لأن غرض المشتري هو الورق فيأخذ مائة ويبقى عليه مائة وعشرون مثلاً فقد تنازع في ذلك السلف، والأقوى أنه منهي عنه قال عمر بن عبد العزيز التورق ربا، فإنَّ الله حرم أخذ دَراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل لما في ذلك من ضرر المحتاج وأكل ماله بالباطل وهذا المعنى موجود في هذه الصورة وإنما الأعمال بالنيات والذي أباحه الله البيع والتجارة) ، انتهى كلام شيخ الإسلام.
وأما إذا كان مقصود المشتري هو استهلاك البضاعة التي اشتراها، أو أراد بها التجارة فيجوز بيعها عليه نسيئة بأكثر من ثمنها حالاً إذا كان ذلك بعد ما ملكها البائع، وبالله التوفيق. . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
حول مسألة التورق أيضا
س رجل استدان من رجل آخر مبلغ عشرة آلاف ريال على أن يردها بعد مضي سنة من العقد بزيادة ألفين ريال، والعملية كالآتي
اشترى صاحب الدين سلعة بمبلغ عشرة آلاف ريال وباعها على المدين باثني عشر ألف على أن يسددها كاملة بعد سنة من العقد والشخص الثاني باعها على صاحب المحل بتسعة آلاف وثمانمائة ريال. . علماً بأن الدائن استحوذ على البضاعة أولاً ثم اتفق مع المدين على سداد المبلغ السابق. هل تصح طريقة الدائن مع المدين؟ وهل تصح طريقة المدين مع صاحب المحل؟ هل هذه المسألة تسمى التورق؟ أم هي حيلة من حيل الربا أعاذنا الله وإياكم من شره. أفتونا جزاكم الله خير الجزاء. .
ج هذه المسألة تسمى عند أهل العلم مسألة التورق وهي أن يبيع الرجل غيره سلعة قد ملكها(2/339)
وحازها بثمن معلوم إلى أجل معلوم ثم يقبضها المشتري ويتصرف فيها بعد قبضه لها.
والغالب أن ذلك من أجل حاجته للنقود، وهذا البيع على هذا الوجه جائز شرعاً في أصح قولي العلماء، داخل في قوله تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) . وفي قوله سبحانه (ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى إجل مسمى فاكتبوه. .) الآية.
وليس للدائن أن يبيع على الراغب في الشراء سلعة عند التجار لم يشترها ولم يقبضها بل ذلك باطل لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك)) وقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام ((لا تبع ما ليس عندك)) وإنما يجوز البيع في هذه المسألة أعني مسألة التورق بشرط أن يكون المال موجوداً لدى البائع وفي حوزته ثم لا يجوز للمشتري أن يبيعه وهو عند الدائن حتى يجوزه إلى ملكه أو إلى السوق وليس له أن يبيعه على الدائن بأقل مما اشتراه منه لأن ذلك يتخذ حيلة للربا.
وبيعه على الدائن بأقل مما اشتراه به منه غير صحيح ويسمى هذا البيع بيع العينة وهو من بيوع الربا. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم البيع بالتقسيط
س شخص يقول أنا رجل أملك مبلغاً من المال واستثمره في شراء سيارات نقداً، ثمن السيارة تسعة آلاف ريال أبيع السيارة بالتقسيط لمدة سنة وسنتين بمبلغ
أربعة عشر ألفاً أو بعشرة آلاف ريال بعد أن آخذ مقدماً ألفي ريال أو ثلاثة آلاف ريال وأنا في شك هل هذا البيع صحيح أو ربا وما حكم ما سبق في هذا البيع علماً أن لي مدة سنتين بهذه الطريقة؟.
ج لقد أحل الله البيع وحرم الربا فقال تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) وكان مما أحله من البيع، البيع إلى أجل، يدل على مشروعية ذلك قوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله) الآية.
قال القرطبي في تفسيره ((هي تتناول جميع المداينات إجماعاً)) ، وثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة باعها أهلها بتسع أواق تسعة أقساط، في كل عام أوقية، فأقر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا يعلم جواز التعامل بالصورة التي سأل عنها السائل لدخولها في عموم الآية. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***(2/340)
البيع بالتقسيط أيضا
س ذهبت إلى إحدى الشركات التي تبيع سيارات بالتقسيط واشتريت منها سيارة أفادوني أنها نقداً بـ 50500ريال وتقسيطاً بـ54131أي بزيادة 14 على المتبقى من المبلغ دفعت لهم 10000 والباقي 44131 مقسطة على 12شهراً، استلمت السيارة وبعد مضي 4 شهور فكرت مصادفة في المبلغ الزائد، ذهبت أسألهم ما هي الـ14 أفادوني أنها مصاريف بنكية فبدأ الشك لديَّ فهل ما تم حرام أم حلال؟
ج إذا اتفق المشتري لأجَل مع شركة السيارات بأن المبلغ 54131كله ثمن للسيارة يدفع أقساطاً أو يدفع بعضه عاجلاً وبعضه آجلاً فالبيع جائز شرعاً ولو كان الثمن المؤجل أكثر من الثمن نقداً.
اللجنة الدائمة
***
البيع بالتقسيط لا حرج فيه
س السيارات التي تباع عن طريق التقسط يزاد في سعرها إذا اشتريتها عن طريق التقسيط، بحيث إذا كان سعر السيارة ((15)) ألف ريال نقداً تباع على الإنسان بأكثر من هذه القيمة عن طريق التقسيط. هل هذا البيع ربا؟.
ج البيع بالتقسيط لا حرج فيه إذا كانت الآجال معلومة والأقساط معلومة، ولو كان البيع بالتقسيط أكثر ثمناً من البيع نقداً، لأن البائع والمشتري كلاهما ينتفعان بالتقسيط، فالبائع ينتفع بالزيادة والمشتري ينتفع بالمهلة.
وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة رضي الله عنها باعها أهلها بالتقسيط تسع سنوات، لكل سنة أربعون درهما، فدل على جواز بيع التقسيط. ولأنه بيع لا غرر فيه ولا ربا ولا جهالة فكان جائزاً كسائر البيوع الشرعية.
الشيخ ابن باز
***
بيع السيارات بالتقسيط
س يسأل بعض الإخوان ممن يتاجرون في بيع وشراء السيارات بالأقساط، ويقول إنه يبيع السيارة على أساس أقساط شهرية، حيث يتفق مع الشخص الذي يريد شراء سيارة بالأقساط، وذلك لحاجته إلى ذلك، ويتفق معه على البيع قبل أن يشتري له السيارة ضامناً أرباحه أولاً. فما حكم ذلك.(2/341)
ج إذا كان بيع السيارة ونحوها على راغب الشراء بعدما ملكها البائع، وقيدت باسمه، وحازها فلا بأس. أما قبل ذلك فلا يجوز لقول النبي، صلى الله عليه وسلم، لحكيم بن حزام ((لا تبع ما ليس عندك)) ولقوله صلى الله عليه وسلم ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك)) وهما حديثان صحيحان، فوجب العملُ بهما والحذر مما يخالف ذلك. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم الشراء بالتقسيط
س هل الديَّن حرام أم لا؟ علماً بأن بعض الناس يفعل كالآتي يقوم الرجل فيشتري سيارة جديدة بقيمة حوالي ستة عشر ألف ريال ويقوم ببيعها إلى رجل آخر بقيمة حوالي أربعة وعشرون الف ريال حتى ((دور)) السنة أو يقوم بتقسيطها شهريا.
هل هذه الطريقة صحيحة أم لا؟
وهل الزيادة التي أخذها صاحب السيارة حلال؟
ج يجوز للرجل أن يستدين عند الحاجة سيارة أو نحوها فيشتريها بثمن مؤجل أكثر من الحال وتكون الزيادة مقابل الحلول لكن لا يجوز عقد البيع حتى يقبض السيارة مثلا ويسيرها من موضعها، فبعد ذلك يقول هذه السيارة اشتريتها لي بكذا، لكن لا ينبغي إضرار المستدين والزيادة الكثيرة عليه نظراً لحاجته، بل على صاحب المال أن يرفق به فلا يربح عليه إلا ربحاً يسيراً ولا يشدد في الاشتراط ولا يلح في الطلب.
الشيخ ابن جبرين
***
هذه حيلة
س أردت شراء سيارة وذهبت إلى معارض السيارات وعاينت السيارة التي أريدها وذهبت إلى إنسان بيني وبينه معرفة ويتاجر في شراء وبيع السيارات بالتقسيط وعرضت عليه الأمر فقال لي أنا أشترى لك السيارة التي تريدها وآخذ منك مبلغ عشرة آلاف ريال زيادة على سعرها مقابل التقسيط، فذهبت إلى المعرض ودفعت عربوناً مقداره خمسمائة ريال وحضر معي بعد ذلك إلى المعرض واشترى السيارة وأنهى مكاتبتها ودفع سعرها نقدا دون أن يراها، ولما خرجنا من المعرض سألني أين السيارة فأريته إياها، فقال مبارك عليك السيارة. وانصرف، فأخذت السيارة وهي باسمه وأصبحت بعد ذلك أدفع له أقساطاً شهرية تم الاتفاق عليها مسبقا، فهل هذا البيع جائز وإن كان غير جائز فما العمل والسيارة بحوزتي منذ عام تقريباً ولم يبد لي أي استعداد للتنازل عن الزيادة التي اشترطها. . أرشدوني جزاكم الله خيراً. .؟(2/342)
ج هذه المبايعة حرام وهي حيلة على الربا لأن حقيقة الأمر أن الرجل أقرضك قيمة السيارة بربا ولكنه اشتراها شراء صوريا غير مقصود، والحيل على محارم الله لا تقلبها حلالا، بل تزيدها خبثا إلى خبثها وقبحاً إلى قبحها وتلحق الرجل بمشابهة اليهود الذين يستحلون محارم الله بأدنى الحيل. . وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم، فيما صح عنه ((قاتل الله اليهود لَّما حُرمت عليهم شحومها أذابوها ــ أي أذابوا الشحوم ــ ثم باعوها وأكلوا ثمنها)) ، وقصة أصحاب السبت يقرؤها كل مؤمن في كتاب الله عز وجل.
فأهل القرية التي كانت حاضرة البحر حرم الله عليهم صيد الحيتان يوم السبت وابتلاهم بها فكانت الحيتان تأتي يوم السبت شُرَّعا على وجه الماء من كثرتها وفي غير يوم السبت لا تأتيهم، فلما طال عليهم الأمد ورأوا أنه لا بد لهم من صيد السمك تحايلوا على ذلك فوضعوا شباكا يوم الجمعة في الماء فإذا كانت يوم السبت وجاءت الحيتان وقعت في هذه الشباك ثم أتوا يوم الأحد وأخذوها من الشباك، فماذا كنت عقوبتهم..؟ قال الله عزّ وجل (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين. فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين) .
وانني بهذه المناسبة أنصح اخواني المسلمين عن التحايل على محارم الله وليعلموا أن العبرة في العقود بمقاصدها لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرىء ما نوى)) وإذا كان هذا الرجل صديقاً لصاحبه حقيقة فما أحسن أن يقرضه ثمنها قرضاً حسناً لا ربا فيه ويكون في ذلك من المحسنين والله تعالى يقول في كتابه (إن الله يحب المحسنين) .
وإني أنصح هذا الأخ الصديق الذي عامل هذه المعاملة أن يُسقط الربا الذي أضافه إلى قيمة السيارة وأن يقتصر على ثمنها الذي اشتريت به.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع السلع بالتقسيط لمن لا يملكها ملكا حقيقيا
س لقد لوحظ أن بعض الشركات يأتي إليها الشخص وهو بحاجة إلى شراء أثاث أو سيارة أو منزل أو غير ذلك ــ وهي غير مملوكة لدى الشركة ــ فتقوم الشركة بشراء هذه الحاجة ثم بيعها على هذا الشخص بالتقسيط مع أخذ الفوائد عليها. . أو تكلفه بشرائها ثم تقوم الشركة بتسديد المبلغ حسب الفواتير وتأخذ على هذا الشخص فائدة. . فما الحكم في ذلك؟
ج من المعلوم أن من استقرض مئة ألف ريال (100000) ليوفيها على أقساط مع زيادة8 لكل قسط وتزيد هذه النسبة كلما امتد الأجل أو لا تزيد، أن هذا من الربا ربا النسيئة والفضل.
وأنه يزداد قبحاً إذا كان كلما امتد الأجل ازدادت النسبة وهذا من ربا الجاهلية الذي قال الله فيه(2/343)
(ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) .
ومن المعلوم أن التحيل على هذه المعاملة تحيل على محارم الله ومكر وخداع لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.
ومن المعلوم أن التحيل على محارم الله لا يقلبها حلالاً بمجرد صورة ظاهرها الحلال ومقصودها الحرام. ومن المعلوم أن التحيل على محارم الله لا يزيدها إلا قبحاً لأن المتحيل عليها يقع في محذورين المحذور الأول الخداع والمكر والتلاعب بأحكام الله عز وجل. المحذور الثاني مفسدة ذلك المحرم الذي تحيل إلى الوصول إليه لأنها قد تحققت بتلك الحيلة.
ومن المعلوم أن تحيل على محارم الله تعالى وقوع فيما ارتكبه اليهود فيكون المتحيل مشابهاً لهم في ذلك وهذا جاء في الحديث ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل)) .
ومن المعلوم للمتأمل المتجرد عن الهوى أن من قال لشخص يريد سيارة. اذهب إلى المعرض وتختر السيارة التي تريد وأنا أشتريه من المعرض ثم أبيعها عليك مؤجلة بأقساط.
أو قال لشخص يريد أرضاً اذهب إلى المخطط وتخير الأرض التي تريد وأنا أشتريه من المخطط ثم أبيعها عليك مؤجلة بأقساط.
أو قال لشخص يريد أن يعمر عمارة ويحتاج إلى حديد اذهب إلى المتجر الفلاني وتخير الحديد يعجبك وأنا أشتريه ثم أبيعه عليك مؤجلاً بأقساط.
أو قال لشخص يريد أن يعمر عمارة ويحتاج إلى أسمنت اذهب إلى المتجر الفلاني وتخير الأسمنت الذي تريد وأنا أشتريه ثم أبيعه عليك مؤجلاً بأقساط.
أقول من المعلوم للمتأمل المنصف المتجرد عن هوى النفس أن التعامل على هذا الوجه من التحيل على الربا وذلك لأن التاجر الذي اشترى السلعة لم يقصد شراءها ولم يكن ذلك يدور في فكره ولم يكن اشتراها لطالبها من أجل الإحسان المحض إليه وإنما اشتراها من أجل الزيادة التي يحصل عليها منه في مقابلة التأجيل ولهذا كلما امتد الأجل كثرت الزيادة فهو في الحقيقة كقول القائل أقرضك ثمن هذه الأشياء بزيادة ربوية مقابل التأجيل ولكنه أدخل بينهما سلعة كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمئة ثم اشتراها بخمسين فقال دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة. قال ابن القيم رحمه الله 5 103 من تهذيب السنن وهذا الربا تحريمه تابع لمعناه وحقيقته فلا يزول بتبدل الاسم بصورة البيع اهـ.
وأنت لو قارنت مسألة العينة بهذه المسألة لوجدت هذه المسألة أقرب إلى التحيل على الربا من مسألة العينة في بعض صورها فإن العينة كما قال الفقهاء أن يبيع سلعة على شخص بثمن مؤجل(2/344)
ثم يشتريها منه نقداً بأقل مع أن البائع قد لا ينوى حين بيعها أن يشتريها ومع ذلك يحرم عليه.
ولا يبرر هذه المعاملة قول البائع المتحيل أنا لا أجبره على أخذ السلعة التي اشتريتها له.
وذلك لأنه من المعلوم أن المشتري لم يطلبها إلا لحاجته إليها وأنه لن يرجع عن شرائه. ولم نسمع أن أحداً من الناس الذين يشترون هذه السلع على هذا الوجه رجع عن شرائه لأن التاجر المتحيل قد احتاط لنفسه وهو يعلم أن المشتري لن يرجع اللهم إلا أن يجد في السلعة عيباً أو نقصاً في المواصفات.
فإن قيل إذا كانت هذه المعاملة من التحيل على الربا فهل من طريق تحصل به مصلحة هذه المعاملة بدون تحيل على الربا.
فالجواب أن الله تعالى بحكمته ورحمته لم يغلق عن عبادة أبواب المصالح فإنه إذا حرم عليهم شيئاً من أجل ضرره فتح لهم أبواباً تشتمل على المصالح بدون ضرر. والطريق للسلامة من هذه المعاملة أن تكون السلع موجودة عند التاجر فيبيعها على المشترين بثمن مؤجل ولو بزيادة على الثمن الحالّ ولا أظن التاجر الكبير يعجزه أن يشتري السلع التي يري إقبال الناس عليها كثيراً ليبيعها إياهم بالثمن الذي يختاره فيحصل له ما يريد من الربح مع السلامة من التحيل على الربا وربما يحصل له الثوب في الآخرة إذا قصد بذلك التيسير على العاجزين عن الثمن الحال فقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى)) .
وما ذكره السائل من كون الشركة تكلف المشترى بشراء السلعة التي يريدها فإن كانت تريد أن يكون وكيلاً عنها في ذلك فهذه هي المسألة التي تكلمنا عنها وإن كانت تريد أن يشتريها لنفسه فهذا قرض جر نفعاً ولا إشكال في أنه صريح. .
محمد الصالح العثيمين
***
من مسائل السلم الجائز
س إذا وجد محتاج وأخذ من أحد الناس مبلغاً من النقود على أن يعطيه به بعد مدة معينة مبلغاً من الآصع من البرد أو الذرة من الثمرة وذلك قبل بدو صلاحها؟.
ج إذا التزم له بالآصع المذكورة في ذمته فهذه المسألة تعتبر من مسائل السلم وهو نوع من البيع يصح بشروطه مع شروط سبعة
الأول أن يكون فيما يمكن ضبط صفته.
الثاني أن يصفه بما يختلف به الثمن ظاهراً.(2/345)
الثالث أن يذكر قدره بالكيل في المكيل وبالوزن في الموزون وبالذراع في المذروع.
الرابع أن يشترط لتسليمه المُسْلَم فيه أجلا معلوماً.
الخامس أن يكون المُسلَم فيه عام الوجود في محله.
السادس أن يقبض الثمن في مجلس العقد.
السابع أن يُسلِم في الذمة فإنْ أسلم في عين لم يصح والأصل في جواز السَلَم من القرآن قوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) . الآية. . قال ابن عباس رضي الله عنهما أشهد أن السلف المضمون إلى أجل قد أحله الله تعالى في كتابه وأذن فيه ثم قرأ الآية، رواه سعيد.
ومن السنة ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة السنة والسنتين فقال ((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم)) .
متفق عليه. . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
من مسائل السلم أيضا
س إذا أسلم رجل دراهم في تمر أوزان معلمومة فهل يسوغ أن يأخذ عن ذلك عدداً من النخيل خرصاً بقدر ماله من الأوزان عند بدء الصلاح، فهل يجوز أم لا؟
جـ حكم هذه المسألة فيه خلاف، فمن أهل العلم من أجازه ومنهمخ من منعه، والذين أجازوه قيدوه بما إذا كان الثمر المأخوذ دون مافي الذمة بيقين وتراضيا على ذلك ولم يكن بينهما شرط لذلك عند العقد واستدلوا بقصة جابر الثابتة في الصحيح وبأن باب الإبقاء أوسع من باب البيع ويفتقر فيه ما لا يفتقر في البيع وبأنه من باب أخذ بعض الحق والإبراء عما بقي وبأنه إرفاق بالمدين وإحسان إليه وسماحة بأخذ الحق ناقصاً.
والذين منعوه هم الجمهور وحجتهم حديث ابن عباس رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن بين معلوم إلى أجل معلوم)) . ومضمون هذا الحديث عام، وقد يقال بأن قضية جابر قضية عين لا عموم لها، ويترجح المنع بهذا سداً للذريعة، ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما المخرج في الصحيحين في النهي عن المزابنة وهي أ، يبيع ثمر حائطه إن كان نخلاً بثمر كيلا، وإن كان زرعاً بطعام كيلاً، وإن كان كرماً بزبيب كيلاً، والقول الأول أرجح لأن حديث جابر نص ظاهر في إباحة ذلك ولما تقدم من(2/346)
الوجوه المقتضية لحله وأما إذا كان يحتمل أنه دون حقه أو مثله أو فوقه فهذا متفق على منعه لعموم الحديث السابق عن ابن عمر.
اللجنة الدائمة
حكم بيع الحصة المشاع تملكها
س ما حكم بيع الحصة المشاع تملكها في قطعة أرض معروفة الحدود والمساحة والموقع والمملوكة بموجب سند يثبت المساهمة في تملكها ويعين مقدار هذه الحصة بالنسبة لكل الأرض.
جـ لا بأس بتداول الحصة المشاع تملكها في عقار معروف الحدود والمساحة والموقع إذا كانت نسبتها إليه معلومة كأن تكون ربعه أو ثمنه أو ربع عشره أو نحو ذلك لا بأس بتداولها بيعاً وشراء وهبة وإرثاً ورهناً وغير ذلك من حقوق التصرف الشرعية فيما يملكه المرء لا نتفاء المانع الشرعي في ذلك..
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
اللجنة الدائمة
***
حكم شراء ثمر النخيل ثم بيعه وهو على رؤوس النخل
س فيه أناس يشترون ثمار النخيل عند بدء الصلاح بقيمة معينة ثم يبيعونه بربح وهو باق على رؤوسه فهل هذا جائز أم لا؟
جـ هذا التصرف جائز لدخوله في عموم أدلة البيع من الكتاب والسنة ولا نعلم دليلاً يخرجه عن دخوله في هذا العموم ولأنه مقبوض بالتخلية.
اللجنة الدائمة
حكم الزيادة في الثمن مقابل الأتعاب
س هل يجوز أن أشري بعض السلع من مكان بعيد وأبيعها بسعر أعلى قليلاً نظير أنتقالي وتعبي وهل يعتبر هذا ربا؟
جـ لا بأس بذلك إن شاء الله إذا اشتريتها لنفسك وسلمت الثمن ثم حملتها إلى بلد آخر وبعتها بفائدة تقابل عملك وحملك لها وحبس دراهمك فيها، ونحو ذلك، كما يربح سائر الناس في السلع التي يشترونها، لكن إن اشتريتها لصديقك الذي وكلك ودفع لك دراهمه لتشتريها له ففعلت فلا تأخذ منه زيادة إلا ما وضعت من ثمن وأجرة حمل ونقل ونحو ذلك..
الشيخ ابن جبرين
***(2/347)
المسلمون على شروطهم
س إني منتسب في صنعة المساند التي تحشى بالنجارة وعندما أبيعها أفهم المشتري أن حشوها من النجارة فهل يجوز لي ذلك؟
جـ إذا كنت تخبر المشتري بأن حشو المساند بالنجارة وكان هذا النوع من النجارة متميزاً عن غيره تميزاً تاماً بحيث إذا أخبرت المشتري فكأنه يشاهده وأخبرت كل من يشتري منك بذلك فليس عليك في ذلك إثم لعموم قله صلى الله عليه وسلم ((المسلمون على شروطهم)) .
اللجنة الدائمة
حد الربح وحكم التسعير
س هل للتجارة حد في الربح وما حكم التسعيرة؟
جـ الربح ليس له حد فإنه من رزق الله عز وجل، فالله تعالى قد يسوق الرزق الكثير إلى الإنسان، فأحياناً يربح الإنسان العشرة مئة أو أكثر يكون قد اشترى بثمن رخيص ثم ترتفع الأسعار فيربح كثيراً كما أن الأمر يكون بالعكس قد يشتري السلعة في الغلاء وترخص رخصاً كبيراً فلا حد للربح الذي يجوز للإنسان أن يربحه.
نعم لو كان هذا الإنسان هو الذي يختص بهذه السلعة وتسويقها، وربح على الناس كثيراً فإنه لا يحل له ذلك، لأن هذا يشبه البيع على المضطر، لأن الناس إذا تعلقت حاجتهم بهذا الشيء ولم يكن موجوداً إلا عند شخص معين فإنهم بحاجة إلى الشراء منه. وسيشترون منه ولو زادت عليهم الأثمان ومثل هذا يجوز التسعير عليه وأن تتدخل الحكومة وولاة الأمر فيضربون له ربحاً مناسباً لا يضره نقصه ويمنعوه من الربح الزائد الذي يضر غيره.
ومن هنا نعرف أن التسعير ينقسم إلى قسمين
1ـ قسم يلجأ إليه ولاة الأمور لظلم الناس واحتكارهم وهذا لا بأس به لأنه من السياسة الحسنة وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه أنه قال ((لا يحتكر إلا خاطئ)) والخاطئ من ارتكب الخطأ العمل وإذا كان خاطئاً فإنه يجب أن يصحح مساره عن طريق ولاة الأمر. فإذا احتكر الإنسان سلعة ولم تكن عند غيره والناس في حاجة إليها فإن على ولاة الأمور أن يتدخلوا في هذا وأن يضربوا الربح الذي لا يتضرر به البائع وينتفع به المشتري.
2ـ أما إذا كان ارتفاع الأسعار ليس ناجماً عن ظلم بل هو من الله عز وجل إما لقلة الشيء أو لسبب من الأسباب التي تؤثر في الاقتصاد العام فإن هذا لا يحل التسعير فيه، لأن هذا ليس إزالة ظلم هذا الشخص الذي رفع السعر، فإن الأمور بيد الله عز وجل، ولهذا لما غلا السعر(2/348)
في المدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم جاءوا إلهي وقالوا يا رسول الله سعر لنا، فقال ((إنه تعالى هو المسعر القابض الباسط الرازق. وإني لأرجو أن ألقى الله عز وجل وما أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال)) فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من أن يسعر لهم لأن هذا الغلاء ليس من فعلهم وصنيعهم.
وبهذا نعرف أن التسعير على قسمين إن كان سببه إزالة الظلم فلا بأس به، وإن كان ظلماً هو بنفسه بحيث يكون الغلاء ليس من ظلم الإنسان، فإن التسعير هنا يكون ظلماً ولا يجوز.
الشيخ ابن عثيمين
***
ليس للربح حد محدود
س هل يجوز شراء سيارة تبلغ قيمتها في السوق 30000 ريال بثمن يقسط شهرياً ولكنه يبلغ في جملته 50000 ريال أي أن هناك فرقاً بين القيمة الأصلية والقيمة التي بعد التقسيط تبلغ 20000 ريال هل في هذا العمل شيء؟
جـ لا حرج في المعاملة المذكورة إذا كانت السيارة في ملك البائع وحوزته لعموم الأدلة وليس للربح حد محدود بل ذلك يختلف بحسب أحوال المشتري وبحسب طول الأجل وقصره. وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة رضي الله عنها اشترت نفسها من مالكها بتسع أواق في تسع سنين في كل عام أوقية ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأل عن قيمتها لو كان البيع نقداً. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
الربح الشرعي حسب عادة السوق
س يشتري أحد الأصدقاء سلعة بمبلغ 60 جنيهاً ويبيعها بـ 280 جنيهاً فما حكم الشرع في ذلك. وما الربح المسموح به شرعاً في التجارة؟
جـ على المسلم النصح للمسلمين عموماً، وعدم التفرقة بينهم، وعدم الإضرار بهم في المعاملات، فلا يجوز انتهاز جهالة الجاهل بمضاعفة الثمن عليه، وعلى البائع أن يقنع من الربح بما هو معتاد بين أهل الأسواق.
الشيخ ابن جبرين
***(2/349)
حكم الربح في السلعة بأكثر من النصف
س باع رجل من حاج بعيراً في اليوم الثامن بمنى ودفع له النقود على أن يستلمه في اليوم العاشر بمنى، ولكن المشتري لم يستلم البعير في موعده، وبعد انتهاء الموسم وعدم حضور المشتري وعدم معرفة عنوانه باع صاحب البعير بعيره تخلصاً منه واستلم القيمة فماذا يعمل بها هل يتصدق بها على نيته أو يشتري بدلاً منه؟ علماً بأنه لم يفوضه في الذبح أو التصرف؟
جـ إذا كان يعرف اسم صاحب البعير فالأولى أن يسلم ثمنه للمحكمة بمكة ويخبرها باسمه الكامل لعله يعرف فيعطى حقه، وإن لم يعرفه فالأولى أن يتصدق به على الفقراء أو يصرفه في تعمير المساجد بالنية صاحبه، وبذلك تبرأ ذمته وينتفع صاحبه بذلك، وإن سلمه للمحكمة برئ منه إن شاء الله.
الشيخ ابن باز
***
دفع المشتري الثمن ولم يأخذ المثمن
س باع رجل من حاج بعيراً في اليوم الثامن بمنى ودفع له النقود على أن يستلمه
في اليوم العاشر بمنى، ولكن المشتري لم يستلم البعير في موعده، وبعد انتهاء
الموسم وعدم حضور المشتري وعدم معرفة عنوانه باع صاحب البعير بعيره
تخلصاً منه واستلم القيمة فماذا يعمل بها هل يتصدق بها على نيته أو يشتري بدلاً منه؟ علماً بأنه لم يفوضه في الذبح أو التصرف؟
ج إذا كان يعرف اسم صاحب البعير فالأولى أن يسلم ثمنه للمحكمة بمكة ويخبرها باسمه الكامل لعله يُعرف فيُعطي حقه، وإن لم يعرفه فالأولى أن يتصدق به على الفقراء أو يصرفه في تعمير المساجد بالنية عن صاحبه، وبذلك تبرأ ذمته وينتفع صاحبه بذلك، وإن سلمه للمحكمة برىء منه إن شاء الله.
الشيخ ابن باز
***
لا يلزمك فسخ البيع إذا توفرت الشروط
س بعت سيارتي على أحد الأشخاص وتم الاتفاق على قيمتها ولكنه أعطاني مبلغ سبعمائة ريال على أن تبقى السيارة لدي حتى يدفع باقي الثمن وبعد حوالي نصف شهر جاءني طالباً فسخ البيع وإعادة الفلوس التي دفعها إلي مسبقاً إليه فرفضت ذلك فهل يحق له المطالبة بها وماذا يلزمني الآن؟.
ج إذا أجبته إلى طلبه ورددت عليه نقوده فهو أفضل، ولك عند الله أجر عظيم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((من أقال مسلماً بيعته أقال الله عثرته)) .
أما اللزوم فلا يلزمك إذا كان البيع قد استوفى شروطه المعتبرة شرعاً والله ولي التوفيق..
الشيخ ابن باز
***(2/350)
باع شيئا ثم تبين فساده
س أنا رجل قد قمت في يوم من الأيام بالبيع على رجل شيئاً ما وقد ظهر في الأخير أنه غير صالح لاستعماله وقام بإرجاعه لي ولم أقبله منه ثم رماه عليّ ومشي مع العلم أنه عندما بعته عليه كنت أظنه سليماً صالحاً للاستعمال ولم أدر أنه فاسد فالآن ما هو موقف الشريعة الإسلامية من هذه المعاملة وما هو موقفي أنا تجاه تلك السلعة. . أرجو إفادتي في ذلك ولكم مني جزيل الشكر.
ج أنت معذور إذا لم تعلم بفساده وقت العقد، فبعد أن رده علمت أن فساده قديم قبل بيعك، فعليك قبوله وإرجاع ثمنه إليه أو الصلح معه بابدالها بأخرى صالحة أو بإسقاط بعض الثمن كارش للعيب وبعد أن حصل الرد الآن فعليك أن تبحث عن ذلك المشتري وتصطلح معه على صفة ما ذكرنا فإن لم تعرفه فتصدق به على الفقراء وانو أجر الصدقة لصاحبها والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
***
(أحكام بيع الذهب وشرائه)
حكم المتاجرة بالذهب
س إنني أقوم ببيع وشراء الجنيهات السعودية الذهب والسبائك الذهبية. . فعند انخفاض سعر الذهب في السوق أذهب وأشتري جنيه الذهب مثلاً بـ300 ريال وعندما يرتفع سعره أبيعه بـ480ريالاً. . فهل في هذه العملية محذور شرعي. . علماً بأنني أشتري الجنيهات وأسلم المال لصاحب المصرف وآخذ الجنيهات وعكس ذلك في البيع.
ج لا حرج في المعاملة المذكورة إذا كان ذلك يداً بيد كما ذكرت في السؤال لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدا)) . . خرجه الإمام مسلم في صحيحه.
الشيخ ابن باز
***
حكم أخذ البضاعة على المشورة
س إنسان أخذ منى مصاغاً وقال سأريه أهلي هل يصلح لهم وإذا صلح جبت لك فلوسه فما الحكم؟.(2/351)
ج إذا لم يتم بينهما عقد لبيع وشراء قبل أخذه ليريه أهله وإنما أخذه فقط ليريه أهله فإن أعجبهم اشتراه وإلا رده جاز ويكون المصاغ بيد المشتري كأمانة حتى يتم العقد بعد رضا أهله به.
اللجنة الدائمة
***
اشترى منى ذهبا ثم رده
س إذا اشترى منى شخص ذهباً وسلم قيمته واستلم الذهب ثم جاء بعد مدة وأراد إعادة الذهب واستلام ما سلمه لي فهل يجوز لي ذلك أو لا بد أن أشتريه منه إن رغب بسعر السوق.
ج إن كان الأمر كما ذكرت جاز ذلك بطريق الإقالة والإستقالة.
اللجنة الدائمة
***
الطريقة الجائزة في بيع الذهب بالذهب
س ذهبت إلى بائع الذهب بمجموعة من الحلي القديمة ثم وزنها وقال إن ثمنها 1500ريال واشتريت منه حلي جديد بمبلغ 1800ريال هل يجوز أن أدفع له 300ريال فقط (الفرق) أم آخذ 1500ريال ثم أعطيه 1800ريال مجتمعة؟.
ج لا يجوز بيع الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل سواء بسواء وزناً بوزن يداً بيد بنص النبي، صلى الله عليه وسلم، كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة ولو اختلف نوع الذهب بالجدة والقدم أو غير ذلك من أنواع الإختلاف وهكذا الفضة بالفضة.
والطريقة الجائزة أن يبيع الراغب في شراء ذهب بذهب، ما لدية من الذهب بفضة أو بغيرها من العمل الورقية ويقبض الثمن ثم يشتري حاجته من الذهب بسعره من الفضة أو العملة الورقية يداً بيد لأن العملة الورقية مُنَزَّلة منزلة الذهب والفضة في جريان الربا في بيع بعضها ببعض وفي بيع الذهب والفضة بها.
أما إن باع الذهب أو الفضة بغير النقود كالسيارات والأمتعة والسكر ونحو ذلك فلا حرج في التفرق قبل القبض لعدم جريان الربا بين العملة الذهبية والفضية والورقية وبين وبين هذه الأشياء المذكورة وأشباهها.
ولا بد من إيضاح الأجل إذا كان البيع إلى أجل لقوله سبحانه (ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) . الآية.
الشيخ ابن باز
***(2/352)
معاملة جائزة
س يوجد عندي بعض المجوهرات القديمة ذهبت لبيعها في السوق وعرضتها على أحد التجار فأخذها وأعطاني بدلاً عنها مجوهرات أخرى دون أن يأخذ منى زيادة أو يعطيني زيادة، فظننت بأن هذا الشيء لا يجوز، فقال لي إن وزن م أخذ منى وما أعطاني متكافىء فصدقته في ذلك.
أرجو إفتائي في هذه المعاملة، علماً بأنه لا يمكنني الآن إعادة الذهب إليه، إذا كانت المعاملة غير جائزة.
ج إذا كانا قد تماثلا في الوزن مع التقابض في المجلس فلا حرج في ذلك، وإن كان أحدهما أجود من الآخر لعموم الأحاديث الصحيحة في ذلك. . وإن كان كاذباً فالاثم عليه.
الشيخ ابن باز
***
لا يجوز التأخير في بيع الذهب بالذهب أو بنقود
س إذا حضر شخص يريد أن يشتري بعض المجوهرات من الذهب ولما وزنت له ما يريد وجد أن المبلغ الذي معه لا يكفي قيمة للذهب فمعلوم في هذه الحالة أنه لا يجوز لي بيعه الذهب وتسليمه له وهو لم يسلمني إلا جزء من القيمة لكن إذا كنا في وقت الصباح مثلاً وقال لي أترك الذهب عندك حتى وقت العصر كي أحضر لك كامل الدراهم وأستلم الذهب الذي اشتريته منك ففي هذه الحالة هل يجوز لي أن أترك الذهب على كيسه وحسابه حتى يحضر لاستلامه أم يلزمني أن ألغي العقد وهو إن حضر فهو كسائر المشترين وإلا فلا شيء بيننا؟.
ج لا يجوز أن يبقي الذهب الذي اشتراه منك على حسابه حتى يأتي بالدراهم، بل لم يتم العقد تخلصاً من ربا النسيئة ويبقي الذهب لديك في ملكك فإذا حضر ببقية الدراهم ابتدأتما عقداً جديد يتم في مجلسه التقابض بينكما.
اللجنة الدائمة
***
حكم استبدال الذهب المستعمل بجديد مثلا بمثل مع أخذ أجرة التصنيع
س ما الحكم في أن كثيراً من أصحاب محلات الذهب يتعاملون بشراء الذهب المستعمل ((الكسر)) ثم يذهبون به إلى تاجر الذهب ويستبدلونه بذهب جديد مصنع وزن مقابل وزن تماماً ويأخذون عليه أجرة التصنيع للذهب الجديد؟.(2/353)
ج ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والتمر بالتمر والشعير بالشعير والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد)) . وثبت عنه أنه أُتي بتمر جيد فسأل عنه فقالوا كنا نأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، برد البيع وقال هذا عين الربا. ثم أرشدهم أن يبيعوا التمر الرديء بالدراهم ثم يشتروا بالدراهم تمراً جيداً.
ومن هذا الأحاديث تأخذ أن ما ذكره السائل من تبديل ذهب بذهب مع إضافة أجره التصنيع إلى أحدهما أنه أمر محرم لا يجوز وهو داخل في الربا الذي نهي النبي صلى الله عليه وسلم، عنه.
والطريق السليم في هذا أن يباع الذهب الكسر بثمن من غير موظأة ولا اتفاق وبعد أن يقبض صاحبه الثمن فإنه يشتري الشيء الجديد، والأفضل أن يبحث عن الشيء الجديد في مكان آخر فإذا لم يجده رجع إلى من باعه عليه واشترى بالدراهم وإذا زادها فلا حرج المهم أن لا تقع المبادلة بين ذهب وذهب مع دفع الفرق ولو كان ذلك من أجل الصناعة، هذا إذا كان التاجر تاجر بيع أما إذا كان التاجر صائغاً فله أن يقول خذ هذا الذهب اصنعه لي على ما يريد من الصناعة وأعطيك أجرته إذا أنتهت الصناعة وهذا لا بأس به.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم التوكيل لفظا بين أصحاب محلات الذهب
س هل يلزم أن يكون التوكيل لفظاً بين أصحاب محلات الذهب؟ أم يكفي بمثل أن يأخذه منه على ما اعتادوا بينهم من أنه سيبيعه بالسعر المعروف؟.
ج الوكالة عقد من العقود تنعقد بما دل عليها من قول أو فعل فإذا جرت العادة بين أهل الدكاكين أن السلعة التي لا توجد عند أحدهم إذا وقف عنده المشتري فذهب إلى جاره وأخذ منه السلعة على أنه يبيعها له وكان الثمن معلوماً عند هذا الذي أخذها وباعها لصاحبها بالثمن المعلوم بينهما فإن هذا لا بأس به لأن الوكالة كما قال أهل العلم تنعقد بما دل عليها من قول أو فعل.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم شراء الذهب بالأجل
س إن بعض أصحاب محلات الذهب يقومون بشراء الذهب بالأجل معتقدين أن هذا حلال وحجتهم أن هذا من عروض التجارة ولقد نوقش كبارهم على أن مثل هذا العمل لا يجوز فأجاب بأن أهل العلم ليس لهم معرفة بمثل هذا العمل؟.
ج إن هذا أعنى بيع الذهب بالدراهم إلى أجل حرام بالاجماع لأنه ربا نسيئه، وقد قال النبي(2/354)
صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت حين قال ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة. . .)) الخ. الحديث قال ((فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) . هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأما قوله أن أهل العلم لا يعلمون ذلك فهذا اتهام لأهل العلم في غير محله لأن أهل العلم كما وصفهم الرجل أهل علم والعلم ضده الجهل فلولا أنهم يعلمون ما صح أن يسميهم أهل العلم وهم يعلمون حدود ما أنزل الله على رسوله ويعلمون أن مثل هذا العمل عمل محرم لدلالة النص على تحريمه.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم من اشترى ذهبا على شرط أن يصلح لأهله
س ما الحكم فيما إذا أتى المشتري واشترى بضاعة الذهب ثم اشترط إذا لم تصلح بردها للمحل للاستبدال أو استرداد قيمتها، وما هي الطريقة المشروعة في مثل هذه الحالة حيث أن بعضهم قد يكون بعيد المسافة عن المدينة مما يستحيل العودة بنفسه إلى المحل في نفس اليوم أو اليوم الثاني؟.
ج الأفضل في مثل هذا والأحسن أن يأخذ السلعة الذهبية قبل أن يتم العقد ويذهب بها إلى أهله فإن صلحت رجع إلى صاحب الدكان وباع معه واشترى من جديد هذا هو الأفضل. أما إذا اشتراها منه وعقد العقد ثم اشترط الخيار له إن صلحت لأهله وإلا ردها فهذه محل خلاف بين أهل العلم فمنهم من أجاز ذلك وقال إن المسلمين على شروطهم، ومنهم من منع ذلك وقال إن هذا الشرط يحل حراماً وهو التفرق قبل تمام العقد على وجه لازم والأول ظاهر اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية والثاني هو
المشهور من المذهب وأن كل عقد يشترط فيه التقابض فإنه لا يصلح فيه شرط الخيار. وعلى هذا فإذا أراد الإنسان أن تبرأ ذمته ويسلم فليسلك الطريقة الأولى أن يأخذها ويشاور عليها قبل أن يتم العقد.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع الذهب المستعمل على أنه جديد
س ما الحكم في أن بعض أصحاب محلات الذهب يشتري ذهباً مستعملاً نظيفاً ثم يعرضه للبيع بسعر جديد. فهل يجوز مثل هذا أو يلزم تنبيه المشتري بأنه مستعمل أو لا يلزم حيث أن بعض المشترين لا يسأل هل هو جديد أم لا؟.
ج الواجب عليه النصيحة وأن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ومن المعلوم لو أن شخصاً باع عليك شيئاً مستعملاً استعمالاً خفيفاً لم يؤثر فيه وباعه عليك على أنه جديد لعددت ذلك غشاً منه وخديعة(2/355)
فإذا كنت لا ترضى أن يفعل بك الناس هذا فيكف تسوغ لنفسك أن تفعله بغيرك وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يفعل مثل هذا الفعل حتى يبين للمشتري ويقول له أن هذا قد استعمل استعمالاً خفيفاً أو ما أشبه ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم خلط الذهب بعضه مع بعض في المصنع عند الصهر
س ما الحكم في من سلم ذهبه لمصنع الذهب ليصنعه فربما اختلط ذهبه مع ذهب غيره حال صهر الذهب في المصنع ولكن عند استلامه من المصنع يستلمه بنفس الوزن الذي سلمه؟
ج يجب على المصنع ألا يخلط أموال الناس بعضها ببعض وأن يميز كل واحد على حدة وإذا كان عيار الذهب يختلف أما إذا كان عيار الذهب لا يختلف فلا حرج لأنه لا يضر.
س وهل يلزم تسديد أجرة الصنيع عند استلام الذهب أو نعتبره حساباً جارياً؟.
ج لا يلزم أن يسدد لأن هذه أجرة على عمل، فإن سلمها حال القبض فذاك وإلا متى سلمها صح.
الشيخ ابن عثيمين
***
إذا اشترط البائع على المشتري أن يشتري منه جديدا إذا باعه قديما
س ما الحكم في أن بعض أصحاب محلات الذهب يشترط على البائع للذهب المستعمل أن يشتري منه جديداً؟
ج هذا لا يجوز، لأن هذا حيلة على بيع الذهب بالذهب مع التفاضل والحيل ممنوعة في الشرع لأنها خداع وتلاعب بأحكام الله.
الشيخ ابن عثيمين
***
هذا العمل بأس به
س ما رأي فضيلتكم حيث أن بعض المشترين للذهب يسأل عن سعر الذهب الجديد ثم إذا علم بسعره قام وأخرج ذهباً مستعملاً معه وباعه استلامه الدراهم يقوم ويشتري بضاعة جديدة؟.
ج هذا لا بأس به إذا لم يكن هناك اتفاق ومواطأة من قبل، إلا أن الإمام أحمد ــ رحمة الله ــ يرى أنه في مثل هذه الحال أن يذهب ويطلب من جهة أخرى فيشتري منها فإن لم يتيسر ذلك رجع(2/356)
إلى الذي باع عليه أولاً واشترى منه حتى يكون ذلك أبعد عن الشبهة، شبهة الحيلة.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم من باع ذهبا مستعملا ولم يقبض الثمن ثم اشترى جديدا مع دفع الفرق
س ما الحكم في من باع ذهباً على صاحب المحل ثم يشتري ذهباً آخر من صاحب المحل بمبلغ مقارب للمبلغ الذي باع عليه به مثلاً ثم يسدد له قيمة الذهب الذي اشتراه من قيمة الذهب الذي باعه عليه وهو لم يستلمها؟.
ج هذا لا يجوز لأنه إذا باع شيئاًَ بثمن لم يقبض، واعتاض عن ثمنه ما لا يحل بيعه به نسيئه فقد صرح الفقهاء بأن هذا حرام لأنه قد يتخذ حيلة على بيع مالا يجوز فيه النسيئة بهذه الصيغة بدون قبض وإذا كان من جنسه صار حيلة على ربا الفضل وربا النسيئة.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم العمل عند أصحاب المحلات الذين يتعاملون بمعاملات محرمة
س ما حكم العمل عند أصحاب محلات الذهب الذين يتعاملون بمعاملات غير مشروعة سواء كانت ربوية أو حيلاً محرمة أو غشاً أو غير ذلك من المعاملات التي لا تشرع؟.
ج العمل عند هؤلاء الذين يتعاملون بالربا أو الغش أو نحو ذلك من الأشياء المحرمة العمل عند هؤلاء محرم لقول الله تعالى (ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) . ولقوله تعالى (وقد نزَّل عليكم في الكتب أن إذا سمعتم آيات الله يُكْفَر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضا في حديث غيره إنكم إذاُ مثلهم) .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه)) . والعامل عندهم لم يغير لا بيده ولا بلسانه ولا بقلبه فيكون عاصياً للرسول الله صلى الله عليه وسلم.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع الذهب قبل قبض الثمن
س ما حكم إخراج الذهب قبل إستلام ثمنه، وإذا كان لقريب يخشى من قطيعة رحمه مع علمي التام أنه سيسدد قيمتها ولو بعد حين؟.
ج يجب أن يعلم القاعدة العامة بأن بيع الذهب بدراهم لا يجوز أبداً إلا باستلام الثمن كاملاًًًً، ولا فرق بين القريب والبعيد لأن دين الله لا يحابى فيه أحد. وإذا غضب عليك القريب بطاعة الله عز وجل فليغضب فإنه هو الظالم الآثم الذي يريد منك أن تقع في معصية الله عز وجل(2/357)
وأنت في الحقيقة قد بررت حين منعته أن يتعامل معك المعاملة المحرمة فإذا غضب أو قاطعك لهذا السبب فهو الآثم وليس عليك من إثمه شيء.
الشيخ ابن عثيمين
***
اشترى ذهبا فحفظه حتى زاد ثمنه ثم باعه
س رجل اشترى قطعة ذهبية بمبلغ مائتي دينار واحتفظ بها مدة من الزمن إلى أن زادت قيمة الذهب أضعافاً فباعها بثلاثة آلاف دينار فما حكم هذه الزيادة؟
ج هذه الزيادة لا بأس بها ولا حرج ومازال المسلمون هكذا في بيعهم وشرائهم يشترون السلع وينتظرون زيادة القيمة وربما يشترونها لأنفسهم للاستعمال ثم إذا ارتفعت القيمة جداً ورأوا الفرصة في بيعها باعوها مع أنهم لم يكن عندهم نية في بيعها من قبل والمهم أن الزيادة متى كانت تبعاً للسوق فإنه لا حرج فيها ولو زادت أضعافاً مضاعفة.
لكن لو كانت الزيادة في ذهب بادل بها في ذهب آخر وأخذ زيادة في الذهب الآخر فهذا حرام.
لأن بيع الذهب بالذهب لا يجوز إلا وزناً بوزن ويداً بيد كما ثبت بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا بعت ذهباً بذهب ولو اختلفا في الطيب يعني أحدهما أطيب من الآخر فإنه لا يجوز إلا مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد فلو أخذت من الذهب عيار ((18)) مثقالين بمثقال ونصف من الذهب عيار ((24)) فإن هذا حرام ولا يجوز لأنه لابد من التساوي ولو أخذت مثقالين بمثقالين من الذهب ولكن تأخر القبض في أحدهما فإنه لا يجوز أيضاً لأنه لابد من القبض في مجلس العقد، ومثل ذلك أيضاً بيع الذهب بالأوراق النقدية المعروفة فإنه إذا اشترى الإنسان ذهباً من التاجر أو من الصائغ لا يجوز له أن يفارقه حتى يسلمه القيمة كاملة إذ أن هذه الأوراق النقدية بمنزلة الفضة وبيع الذهب بالفضة يجب فيه التقابض في مجلس العقد قبل التفرق ــ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام ((إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) .
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع خواتم الذهب للرجال إذا كانوا سيلبيسونها
س ما حكم بيع الخواتم المخصصة للبس الرجال إذا تيقن التاجر أن المشتري سيلبسها؟
ج بيع الخواتم من الذهب للرجال إذا علم البائع أن المشتري سوف يلبسها أو غلب على ظنه أنه يلبسها فإن بيعها عليه حرام لأن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة فإذا باعه من يعلم أو يغلب على ظنه أنه يلبسه فقد أعان على الآثم، وقد نهى الله عز وجل عن التعاون على الآثم(2/358)
والعدوان قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان) . ولا يحل للصائغ أن يصنع الخواتم الذهب ليلبسها الرجال.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم من أخذ ذهبا للمشورة ورهن ذهبا أخر حتى يعود
س ما حكم أخذ التاجر ذهباً مقابل ذهب يريد المشتري أن يشاور عليه، وهذا الذهب الذي أخذه التاجر رهناً إلى أن يرد المشتري ما أخذ منه مع العلم أنه لابد من اختلاف في الوزن بين ما أخذه وما رهن؟.
ج هذا لا بأس به، مادام أنه لم يبعه إياه وإنما قال خذ هذا الذهب رهناً عندك حتى أذهب وأشاور عليه ثم أعود إليك ونتبايع من جديد ثم إذا تبايها سلمه الثمن كاملاً وأخذ ذهبه الذي جعله رهناً عنده.
الشيخ ابن عثيمين
***
اشترى ذهبا فدفع بعض القيمة وذهب ليحضر الباقي من البنك
س ما الحكم في من اشترى ذهباً وتم البيع عليه ثم سدد القيمة وبقي عليه جزء من المبلغ فهل يجوز أن يذهب إلى أي مكان ليأتي بالباقي بعد قليل مثلاً من (السيارة أو البنك) . ولم يستلم الذهب إلا بعد أن أتى بالباقي فهل يصح هذا العمل. وإلا يلزم إعادة العقد بعد ما أتى بالباقي؟.
ج الأولى أن يعاد العقد بعد أن يأتي بالباقي وهذا لا يضر ما هو إلا إعادة الصيغة فقط وإن ترك العقد حتى يأتي بباقي الثمن كان أولى لأنه لا داعي للعقد قبل إحضار الثمن، والله الموفق.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم استبدال ذهب مستعمل صافي بجديد فيه فصوص
س هناك بعض أصحاب محلات الذهب ذهب إلى تاجر الذهب ويأخذ منه ذهباً جديداً بوزن كيلو مثلاً ويكون هذا الذهب مخلوطاً به فصوص سواء كانت من الأحجار الكريمة المسماة بالألماس أو الزاراكون أو غيرها ويعطيه المشتري مقابل هذا الكيلو ذهباً صافياً وزناً بوزن ولكنه ليس فيه فصوص ثم إن البائع يأخذ زيادة على ذلك تسمى أجرة التصنيع.
فيكون عند البائع زيادتان أولهما زيادة ذهب مقابل وزن الفصوص وثانيهما زيادة أجرة التصنيع لأنه تاجر ذهب وليس مصنع ذهب. فما حكم هذا العمل وفقكم الله؟.(2/359)
ج هذا العمل محرم لأنه مشتمل على الربا والربا فيه كما ذكر السائل من وجهين. الوجه الأول زيادة الذهب حيث جعل ما يقابل الفصوص وغيرها ذهباً وهو شبيه بالقلادة التى ذُكرت في حديث فضاله بن عبيد حيث إشترى قادة فيها ذهب وخرز باثني عشر ديناراً ففصلها فوجد فيها أكثر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تباع حتى تفصل.
أما الزيادة الثانية في زيادة أجرة التصنيع لأن الصحيح أن زيادة أجرة التصنيع لا يجوز لأن الصناعة وإن كانت من فعل الآدمي لكنها زيادة وصف في الربوى تشبه زيادة الوصف الذي من خلق الله عز وجل وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتري صاع التمر الطيب بصاعين من التمر الردئ والواجب على المسلم الحذر من الربا والبعد عنه لأنه من أعظم الذنوب.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع الذهب الذي فيه رسوم وصور
س ما حكم بيع الذهب الذي يكون فيه رسوم أو صور مثل فراشة أو رأس ثعبان وما شابه ذلك؟
ج الحلي الذهب والفضة المجعول على صورة حيوان حرام بيعه وحرام شراؤه وحرام لبسه.
وحرام اتخاذه وذلك لأن الصور يجب على المسلم أن يطمسها وأن يزيلها. كما في صحيح مسلم عن أبي الهياج أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال له ((ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)) . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة وعلى هذا فيجب على المسلمين أن يتجنبوا إستعمال هذا الحلي وبيعه وشراءه.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم التعامل بالشيكات في بيع الذهب
س ما حكم التعامل بالشيكات في بيع الذهب إذا كانت مستحقة السداد وقت البيع حيث أن بعض أصحاب الذهب يتعامل بالشيكات خشية على نفسه ودراهمه أن تسرق منه؟.
ج لا يجوز التعامل بالشيكات في بيع الذهب أو الفضة وذلك لأن الشيكات ليست قبضاً وإنما هي وثيقة حوالة فقط بدليل أن هذا الذي أخذ الشيك لو …ضاع منه لرجع على الذي أعطاه إياه ولو كان قبضاً لم يرجع عليه وبيان ذلك أن الرجل لو اشترى ذهباً بدراهم واستلم البائع الدراهم وذهب بها إلى محلة فضاعت منه لم يرجع على المشتري ولو أنه أخذ من المشتري شيكاً ثم ذهب به ليقبضه من البنك ثم ضاع منه فإنه يرجع على المشتري بالثمن وهذا دليل على أن الشيك ليس بقبض وإذا لم يكن قبضاً لم يصح البيع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ببيع الذهب والفضة أن يكون يداً بيد(2/360)
إلا إذا كان الشيك مصدقاً من قبل البنك واتصل البائع بالبنك وقال إبق الدراهم عندك وديعة لي فهذا قد يرخص فيه والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم حجز الذهب بدفع بعض القيمة
س ما حكم حجز الذهب وذلك بدفع بعض قيمته وتأمينه عند التاجر حتى تسدد القيمة كاملة؟
ج ذلك لا يجوز لأنه إذا باعها فإن مقتضى البيع أن ينتقل ملكها من البائع إلى المشتري وهذا حرام لا يجوز بل لا بد من أن يقبض الثمن كاملاً ثم إن شاء المشتري أبقاها عنده وإن شاء أخذها، نعم لو سامه منه ولم يبع عليه ثم ذهب وجاء بباقي الثمن ثم تم العقد والقبض بعد ذلك فهذا جائز لأن العقد لم يكن إلا بعد إحضار الثمن.
الشيخ ابن عثيمين
***
التأجيل في بيع الذهب
س ما حكم من اشترى ذهباً وبقى عليه من قيمته وقال آتى بها إليك متى تيسر؟.
ج لا يجوز هذا العمل وإذا فعل صح العقد فيما قبض عوضه وبطل فيما لم يقبض لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيع الذهب والفضة ((بيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) .
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع الذهب على شكل صور الحيوانات
س هل يجوز بيع الذهب على شكل صورة من صور الحيوان، وبيع العملة الذهبية التي فيها نصف صورة إنسان؟.
ج بيع صورة ذوات الأرواح وشراؤها محرم لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام)) . متفق عليه. ولما قد يسببه ذلك غلو في أهلها كما قد وقع ذلك في قوم نوح فقد جاء في صحيح الإمام البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً) . قال (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن(2/361)
انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ومسخ العلم عبدت) ولغير ذلك من النصوص الكثيرة التي وردت في تحريم التصوير واستعمال ذوات الأرواح. هذا بالنسبة لما هو على شكل صور ذي روح أما ما كان عليه صور شيء من ذوات الأرواح سواء كان عملة ذهبية أو فضية أو ورقية أو كان قماشاً أو آلة فإن كان تداوله بين الناس لتعليقه بالحيطان ونحوها مما لا يعتبر امتهاناً له فالتعامل فيه محرم لشموله بأدلة تحريم التصوير واستعمال صور ذوات الأرواح وإن كان ما عليه الصورة من ذلك يمتهن كآلة يقطع بها أو بساط يداس أو وسادة يرقد عليها ونحو ذلك فيجوز لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها نصبت ستراً وفيه تصاوير فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه، قالت ((فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليها)) ، وفي لفظ أحمد ((قطعته مرفقتين فلقد رأيته متكئاً على إحداهما وفيها صورة)) . مع العلم بأن تصوير ذوات الأرواح محرم لا يجوز فعله لا في العُمَل ولا في الملابس ولا غير ذلك لما تقدم من الأدلة في ذلك. وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
***
حكم بيع ساعات الذهب للرجال وكذلك الخواتم والأقلام
س هل يجوز بيع الساعات التي بها ذهب للرجال وكذلك ما حكم بيع الخواتم والأقلام التي بها ذهب؟ ومن باع منها شيئاً فما حكم المال الذي ربحه؟.
ج يجوز بيع الساعات والخواتم من الذهب والفضة للرجال والنساء جميعاً ولكن ليس للرجال أن يلبس ساعة الذهب ولا خاتم الذهب ولا المموه بذلك.
وهكذا ساعة الفضة وإنما ذلك للنساء أما خاتم الفضة فهو جائز للرجال والنساء وأما الأقلام من الذهب والفضة فلا يجوز استعمالها للرجال والنساء جميعاً لأنها ليست من الحلية وإنما هي أشبه بأواني الذهب والفضة والأواني من الذهب والفضة محرمة على الجميع. لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا (يعني الكفرة) ولكم في الآخرة)) . متفق علي صحته.
وقوله عليه الصلاة والسلام ((الذي يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)) . أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
ويلتحق بالأواني الملاعق وأكواب الشاي والقهوة ونحو ذلك.
نسأل الله لجميع المسلمين التوفيق لما فيه رضاه والسلامة من أسباب غضبه والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/362)
(أحكام بيع الأسهم وشرائها)
شراء أسهم البنوك وبيعها محرم وربا
س ما حكم شراء أسهم البنوك وبيعها بعد مدة، بحيث يصبح الألف بثلاثة آلف مثلاً، وهل يعتبر ذلك من الربا؟.
ج لا يجوز بيع أسهم البنوك ولا شراؤها لكونها بيع نقود بنقود بغير اشتراط التساوي والتقابض، ولأنها مؤسسات ربوية لا يجوز التعاون معها ببيع ولا شراء، لقول الله سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) . الآية.
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) . رواه الإمام مسلم في صحيحه.
وليس لك إلا رأس مالك، ووصيتي لك ولغيرك من المسلمين هي الحذر من جميع المعاملات الربوية والتحذير منها والتوبة إلى الله سبحانه مما سلف من ذلك، لأن المعاملات الربوية محاربة لله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أسباب غضب الله وعقابه، كما قال الله عز وجل (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) .
وقال عز وجل (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظْلِمون ولا تُظْلَمون) .
ولما تقدم من الحديث الشريف.
الشيخ ابن باز
***
حكم المتاجرة بأسهم الشركات
س ما الحكم الشرعي في أسهم الشركات المتداولة في الأسواق، هل يجوز المتاجرة فيها. .؟
ج لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال لأن الشركات الموجودة في الأسواق تختلف في معاملاتها بالربا، وإذا علمت أن هذه الشركة تتعامل بالربا وتوزع أرباح الربا على المشتركين فإنه لا يجوز أن تشترك فيها وإن كنت قد اشتركت ثم عرفت بعد ذلك أنها تتعامل بالربا فإنك تذهب(2/363)
إلى الادارة وتطلب فك اشتراكك، فإن لم تتمكن فإنك تبقى على الشركة ثم إذا قدمت الأرباح وكان الكشف قد بين فيه موارد تلك الأرباح فإنك تأخذ الأرباح الحلال وتتصدق بالأرباح الحرام تخلصاً منها، فإن كنت لا تعلم بذلك فإن الاحتياط أن تتصدق بنصف الربح تخلصاً منه والباقي لك لأن هذا ما في استطاعتك، وقد قال الله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) .
الشيخ ابن عثيمين
***
(تجارة العملة)
حكم تجارة العملة
س هل يصح للمسلم المتاجرة في العملة، وهل يتفق ذلك مع الإسلام، وما رأي الدين في ذلك؟.
ج لا بأس في التجارة في العملة وهو بيع نقد بنقد، ولكن بشرط التقابض قبل التفرق سواء سلم العين واستلم ما يقوم مقامها من الشيكات المصدقة الموثقة وسواء كان المتصارفان مالكين أو وكيلين، فإن كان العرف ليس على هذه الصفة فلا يجوز وفاعله عاص بفعله وناقص الإيمان ولا يخرجه ذلك إلى الكفر.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم بيع وشراء العملة
س هل يجوز للمسلم أن يشتري دولارات أو غيرها بثمن رخيص، وبعد ارتفاع سعرها يبيعها؟
ج لا حرج في ذلك، إذا اشترى دولارات أو أي عملة أخرى وحفظها عنده، ثم باعها بعد ذلك، إذا ارتفع سعرها، فلا بأس، لكن يشتريها يداً بيد لا نسيئه، يشتري دولارات بريالات سعودية أو بدنانير عراقية يداً بيد، العملة لابد أن تكون يداً بيد مثل الذهب مع الفضة يداً بيد والله المستعان.
الشيخ ابن باز
***(2/364)
حكم بيع الدولار الأمريكي لأجل
س ما حكم بيع الدولار الأمريكي لأجَلٍ يكسب به وما الذي يجب دفعه للبائع عند الأجل على تقدير أن البيع غير جائز وماذا يترتب على مثل هذا التعامل بالنسبة للمتعاملين به؟
ج الدولار الأميركي يعتبر نقداً فيجري في التعامل به ما يجري في التعامل بالنقود وعلى ذلك لا يجوز بيعه بجنسه مع كسب إلى أجل لما في ذلك من الربا الفضل والنسيئة، ولا يجوز بيعه بغير جنسه من النقود لأجَل، لما فيه من الصرف المؤخر وهو من ربا النسأ. . والعقد في الحالتين فاسد. .
وأما ما يدفع إلى البائع فهو أصل المبلغ دون ما زاد عليه من الكسب لقوله تعالى (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظْلِمون ولا تُظْلَمون) . . ويستحقه فوراً لفساد العقد، وأما ما يترتب على هذا التعاقد فهو قبول توبة من ازدجر عن هذا المنكر بعد البيان وتاب إلى الله تعالى، وتعزيز ولاة الأمور له بما يرونه زاجراً له إن تمادى ولم يتب من ذنبه. . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
(البيوع المحرمة)
حكم الجوائز المقدمة من المحلات التجارية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أما بعد فقد لوحظ قيام بعض المؤسسات والمحلات التجارية بنشر إعلانات في الصحف وغيرها عن تقديم جوائز لمن يشتري من بضائعهم المعروضة، مما يغري بعض الناس على الشراء من هذا المحل دون غيره أو يشترى سلعاً ليس له فيها حاجة طمعاً في الحصول على إحدى هذه الجوائز. وحيث أن هذا نوع من القمار المحرم شرعاً والمؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل ولما فيه من الاغراء والتسبب في ترويج سلعته وإكساد سلعة الآخرين المماثلة ممن لم يقامر مثل مقامرته لذلك أحببت تنبيه المسلمين على أن هذا العمل محرم، والجائزة التي تحصل عن طريقة محرمة لكونها من الميسر المحرم شرعاً وهو القمار فالواجب على أصحاب التجارة الحذر من هذه المقامرة وليسعهم ما يسع الناس وقد قال الله سبحانه (ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا(2/365)
أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيرا) . وهذه المقامرة ليست من التجارة التي تباح بالتراضى بل هي من الميسر الذي حرمه الله لما فيه من أكل المال بالباطل ولما فيه من إيقاع الشحناء والعداوة بين الناس كما قال الله سبحانه (ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) .
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر عباده وأن يعيذنا جميعاً من كل عمل يخالف شرعه إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد
***
حكم تقديم الهدايا للمشترين بثمن معين لجلب أكبر عدد من الزبائن
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم لرئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ونصه
((لدى محل في السوق لبيع العطورات والكماليات والشنط، وأردت تنمية مبيعات محلي بتقديم بعض الهدايا للمشترين، وتكون على النحو التالي إذا اشترى الزبون بما قيمته مائتا (200) ريال من المحال يسحب كارت ويحصل على هدية مكتوبة بداخل الكارت، وإذا اشترى بأربعمائة (400) ريال يحصل على كارتين وهديتين، وهكذا بالنسبة للهدايا، تتفاوت، منها ما هو ثمين، وهي نسبة قليلة، وما هو متوسط، وهي نسبة متوسطة، وما هو بواقع10% من قيمة المشترى، أي ما قيمته عشرون (20) ريالاً، فما فوق، وهي نسبة كبيرة، أي أن الزبون يحصل على هدية لابد داخل الكارت، ويختلف ثمن الهدية، إما أن يحصل على مسجل أو مكيف أو تليفزيون أو ولاعة أو زجاجة عطر، وهكذا، لذلك الحظ له دور كبير، وبالنسبة للبضاعة المباعة في أيام توزيع الهدايا تباع بأسعارها في الأيام العادية لا يزاد سعره، ولا يخصم من سعرها شيء، تكون الهدايا مقصورة على العملاء بالقطاعي، ولا يدخل فيها زبائن الجملة لأن المحل لديه عملاء قسم جملة.
لا يحق للموظفين بالمعرض سحب كارت من هذه الكروت، وكذلك من يشرف على تنظيمها لو أردنا الإعلان عنها في الصحف المحلية ووضع إعلان على باب المعرض ليجلب اهتمام الزبائن.(2/366)
أرجو من سماحتكم الإجابة على سؤالي هذا وإرشادي لما فيه مصلحة ديني ودنياي والله يحفظكم)) .
وأجابت بما يلي
إذا كان الواقع كما ذكر فجعل ما يعطي للمشترين باسم هدايا على هذا النظام حرام، لما فيه من المقامرة من أجل ترويج البضاعة وتنمية رأس المال بكثرة البيع، ولو كان ذلك بالأسعار التي تباع بها البضاعة عادة، ولما فيه من المضارة بالتجار الآخرين إلا إذا سلكوا نفس الطريقة فيكون في ذلك إغراء بالمقامرة من أجل رواج التجارة وزيادة الكسب ويتبع ذلك الشحناء وإيقاد نار العداوة والبغضاء وأكل المال بالباطل، إذ قد يشتري بعض الناس بمائتي ريال ويواتيه حظه في الكارت المسحوب بمسجل أو مكيف، ويشتري آخر بنفس القيمة ويكون حظه في الكارت المسحوب ولاعة أو زجاجة عطر قيمتها عشرة ريالات أو عشرون ريالاً مثلاً.
وصلى الله على نبينا محمد وآلة وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
هذه المعاملة من القمار
س في مدينتنا جمعية تعاونية قامت بعرض سيارة أمام مدخلها بحيث من يشتري منها بضائع بالسعر العادي بمائة درهم فأكثر تصرف له مجاناً قسيمة مرقمة مطبوعاً فيها ((قيمتها عشرة دراهم)) ويتم فيما بعد سحب يفوز فيه صاحب الحظ السعيد ((كما يقولون)) بتلك السيارة المعروضة وسؤالي هو
1ــ ما حكم الاشتراك في هذا السحب بتلك القسيمة المصروفة بدون مقابل ولا يخسر المشترك شيئاً في حالة عدم الفوز؟.
2ــ ما حكم الشراء من تلك الجمعية بغرض الحصول على القسيمة المذكورة للتمكن من الاشتراك في القرعة.
وبما أن الناس هنا بما فيهم المثقفون مترددون ومحتارون قبل هذا الأمر ــ أرجو من سماحتكم الإجابة على السؤالين مرفقه بما تيسر من الدليل ليكون المسلمون على بينة في دينهم. جزاكم الله خيراً. . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج هذه المعاملة تعتبر من القمار وهو الميسر الذي حرمه الله والمذكور في قوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) . فالواجب على ولاة الأمر وأهل العلم في مدينتكم وغيرها(2/367)
إنكار هذه المعاملة والتحذير منها لما في ذلك من مخالفة كتاب الله العزيز وأكل أموال الناس بالباطل، رزق الله الجميع الهداية والاستقامة على الحق.
الشيخ ابن باز
***
حكم بيع الدخان
س ما حكم شرب الدخان أو بيعه؟
ج شرب الدخان محرم وكذلك بيعه وشراؤه وتأجير المحلات لمن يبيعه لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ودليل تحريمه قوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً) . ووجه الدلالة من ذلك أن الله تعالى نهى عن أن نؤتى السفهاء أموالنا لأن السفيه يتصرف فيها بما لا ينفع، وبيّن سبحانه وتعالى أن هذه الأموال قيام للناس لمصالح دينهم ودنياهم، وصرفها في الدخان ليس من مصالح الدين ولا من مصالح الدنيا. فيكون صرفها في ذلك منافياً لما جعله الله تعالى لعباده، ومن أدلة تحريمه قوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) . ووجه الدلالة من الآية أنه قد ثبت في الطب أن شرب الدخان سبب لأمراض مستعصية يؤول بصاحبها إلى الموت مثل السرطان فيكون متناولها قد أتى سبباً لهلاكه ومن أدلة تحريمه قوله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) . ووجه الدلالة من هذه الآية أنه إذا كان الله قد نهى عن الإسراف في المباحات وهو مجاوزة الحد فيها فإن النهي عن صرف المال في أمر لا ينفع يكون من باب أولى. ومن أدلة تحريمه نهي النبي صلى الله عليه وسلم، عن إضاعة المال ولا شك أن صرف المال في شراء هذا الدخان إضاعة له لأنه إذا صرف المال في مالا فائدة منه فهذه إضاعة بلاشك. وهناك أدلة أخرى، والعاقل يكفيه دليل واحد من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما النظر الصحيح الدال على تحريمه فهو أن كل عاقل لا يمكنه أن يتناول شيئاً يكون سبباً لضرره ومرضه ويستلزم نفاد ماله في صرفه فيه، لأن العاقل لابد أن يحافظ على بدنه وعلى ماله، ولا يهمل ذلك إلا من كان ناقصاً في عقله وتفكيره. ومن الأدلة النظرية على تحريمه أيضاً أن شارب الدخان إذا فقده ضاق صدره وكثرت عليه البلابل والأفكار ولا ينشرح صدره إلا بالعودة إلى شربه، ومن الأدلة النظرية على تحريمه أيضاً أن شربه يستلزم ثقل العبادات على شاربه ولا سيما الصيام، فإن شارب الدخان يستثقل الصوم جداً لأنه حرمان له من شربه من بعد طلوع الفجر إلى غروب الشمس وهذا قد يكون في أيام الصيف الطويلة فيكون الصوم لديه مكروهاً، وحينئذ فإنني أوجه النصيحة لإخواني المسلمين عموماً والمبتلين به خصوصاً بالتحذير منه بيعاً وشرباً وتأجير المحلات من بيعه فيها ومعونة عليه من أي وجه كان.
الشيخ ابن عثيمين
***(2/368)
حكم تجارة الدخان والجراك والتصدق بثمنها
س ما حكم التجارة في الدخان والجراك وأمثالهما، وهل يجوز الصدقة، والحج، وأعمال البر من أثمانها، وأرباحها؟.
ج لا تحل التجارة في الدخان والجراك وسائر المحرمات لأنه من الخبائث ولما فيه من الضرر البدني والروحي والمالي، وإذا أراد الشخص أن يتصدق أو يحج أو ينفق في وجوه البر فينبغي له أن يتحرى الطيب من ماله ليتصدق به أو يحج به أو ينفقه في وجوه البر لعموم قوله تعالى (يايها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبت ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بأخذيه إلا أن تغمضوا فيه) .
وقوله صلى الله عليه وسلم ((إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. .)) . الحديث.
اللجنة الدائمة
***
حكم بيع التماثيل؟
س هل يصح للمسلم أن يبيع التماثيل ويجعلها بضاعة له ويعيش من ذلك؟
ج لا يجوز للمسلم أن يبيع التماثيل أو يتجر فيها لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من تحريم تصوير ذوات الأرواح وإقامة التماثيل لها مطلقاً والإبقاء عليها ولاشك أن في الاتجار فيها ترويجاً لها وإعانة على تصويرها وإقامتها بالبيوت والنوادي ونحوها.
وإذا كان ذلك محرماً فالكسب من إنشائها وبيعها حرام لا يجوز للمسلم أن يعيش منه بأكل أو كسوة. أو نحو ذلك عليه إن وقع في ذلك أن يتخلص منه ويتوب إلى الله تعالى عسى أن يتوب عليه قال تعالى (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) .
وقد صدرت فتوى من في تحريم ذوات الأرواح مطلقاً سواء المجسمة وغير المجسمة بنحت أو نسخ أو صبغ أو بآلة التصوير الحديثة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
حكم تجارة أشرطة الفيديو
س ما حكم تجارة أشرطة الفيديو. . التي أقل ما فيها أن تظهر فيها النساء سافرات. . وتُمثل فيها قصص الغرام والهيام؟(2/369)
وهل مال التاجر حرام؟ وماذا يجب عليه؟ وكيف يتخلص من هذه الأشرطة والأجهزة وجزاكم الله خيراً؟
ج هذه الأشرطة يحرم بيعها واقتناؤها وسماع ما فيها والنظر إليها لكونها تدعو إلى الفتنة والفساد والواجب إتلافها والإنكار على من تعاطاها حسما لمادة الفساد وصيانة المسلمين من أسباب الفتنة.
والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم المتاجرة بأشرطة الغناء المحرم؟ وحكم تأجير المحلات لمن يتاجر بهذه الأشرطة
س فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين. . حفظة الله. . تعلمون حفظكم الله ما عمت به البلوى في هذا الزمان من انتشار المحلات المتخصصة في بيع أشرطة الغناء بشتى أصنافها والمطلوب بيان.
ــ حكم المتاجرة بهذه الأشرطة، علماً بأنها تشتمل على مايلي
1ــ المعازف والمزامير بجميع أنواعها.
2ــ الدعوة إلى المجون والفساد ونشر الرذيلة بين الجنسين.
3ــ الكلام الساقط والغزل الفاحش غالباً.
ــ حكم شراء وسماع هذه الأشرطة.
ــ حكم المال العائد من بيع هذه الأشرطة والمتاجرة فيها.
ــ حكم تأجير المحلات لبائعي هذه النوعية من الأشرطة. وهل يتحمل مؤجر المحل والبائع فيه إثم المشترين لهذه الأشرطة. .؟ أفتونا مأجورين. .
ج إذا كانت هذه الأشرطة تشتمل على ما ذكرتموه من المعازف والمزامير بشتى أنواعها والدعوة(2/370)
إلى المجون والفساد والفسق ونشر الرذيلة بين الجنسين والكلام الساقط والغزل الفاحش فإنه لا يستريب عاقل فضلاً عن مؤمن بالله واليوم الآخر يخشى عقاب الله ويرجو ثوابه بأن شراء هذه الأشرطة وسماعها حرام منكر لأنها مدمرة للأخلاق والمجتمع معرضة للأمة أن تحل بها العقوبات العامة والخاصة. والواجب على من عنده شيء من هذه الأشرطة أن يتوب إلى الله تعالى وأن يمحو ما فيها من ذلك لينسخ فيها شيئاً مفيداً. أما المال العائد من بيعها والمتاجرة فيها فهو مال حرام لا يحل لصاحبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه)) . وأما تأجير المحلات لبائعي هذه النوعية من الأشرطة فهو حرام أيضاً والأجرة المأخوذة على ذلك حرام لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله ((ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)) . وأما إثم المشترين فعليهم ولا يبعد أن ينال البائع ومؤجر المحل شيء من إثمهم من غير أن ينقص من إثم المشترين شيئاً والله أعلم. .
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع الصحف والمحلات الساقطة
س لدينا مكتبة لبيع الأدوات المدرسية والقرطاسية كما تقوم المكتبة ببيع بعض الصحف والمجلات وبعض هذه المجلات والصحف تضع على غلافها أو بعض صفحاتها صورة فتيات ملونة قصد بها لفت نظر المشترين وقد تعرضنا لانتقادات من بعض الناس ويقولون إن بيعها حرام، فنرجو من شيخنا الجليل حفظة الله أن يفتينا في هذا الأمر جزاكم الله خيراً؟!
ج لا يجوز لكم ولا لغيركم بيع الصحف والمجلات المشتملة على الصور النسائية أو المقالات المخالفة للشرع المطهر لقول الله سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) .
الشيخ ابن باز
***
حكم بيع المجلات والصحف التي فيها صور
س إنا شاب عمري 21سنة توفي والدي وعندي خمسة إخوان ووالدتي وترك لنا محلات تجارية ومن بينها مكتبة لبيع الصحف والمجلات وكتب دينية ومصاحف. وفي المكتبة عامل غير مسلم وأخبرت أخي الكبير أنه لا يجوز لهذا العامل أن يمس المصاحف والكتب الدينية. كما لا يجوز بيع المجلات التي فيها صور ورفض ما قلت له. فماذا أفعل هل يجوز لي الجلوس مع إخوتي والأكل معهم. أفيدوني.(2/371)
ج نشكرك على ورعك وتحرجك عن الحرام أو عن المشتبه وننصحك بأن تحاول إبعاد هذا الكافر وستجدون مسلماً أميناً خيراً منه بكثير إن شاء الله. فأما المجلات فإذا كانت خليعة تدعو إلى التهتك والفجور فحرام بيعها وربحها وتعاطي التجارة فيها، فإن كانت الصور التي بها عادية وهي خالية عن الدعارة والفساد فلا بأس ببيعها ويكون البيع والثمن لما فيها من العلوم والفوائد والكلام المباح. وتكون الصور غير مقصودة لكم وننصحك بالإقامة مع إخوتك والأكل معهم ولا إثم عليك إن شاء الله.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم فتح محل للتصوير
س أنا هندي الجنسية مسلم الديانة ولله الحمد وأعمل هنا بالمملكة وأنوي بعد عودتي لبلادي فتح محل تصوير فوتوغرافي وتصوير مستندات لأكسب منه وأعيش أنا وأسرتي فهل هذا العمل حلال أم حرام؟
ج تصوير ذوات الأرواح لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون)) . متفق على صحته ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور. رواه البخاري في صحيحه.
فنوصيك بعدم فتح محل للتصوير وعليك أن تلتمس كسباً حلالاً والله سبحانه يقول (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) . ويقول عز وجل (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) . وفقك الله لكل خير.
الشيخ ابن باز
***
حكم بيع المسروق وشرائه
س عندما يسرق إنسان شيئاً ما ويبيعه لآخر يعلم أنه مسروق فهل هناك إثم على المشتري؟
ج من علم أن المبيع مسروق حرم عليه شراؤه ووجب عليه الإنكار على من فعل ذلك وأن ينصحه برده إلى صاحبه وأن يستعين على ذلك بأولي الأمر إن لم تنفع النصيحة.
الشيخ ابن باز
***
حكم بيع الحيوان الميت
س هل يجوز للشخص بيع حيوان ميت لشخص آخر وطلب المال؟(2/372)
ج الميتة محرمة بقوله تعالى (حرمت عليكم الميتة) . وإذا كانت محرمة فلا يجوز بيعها ولا شراؤها وثمنها حرام ولا يجوز للإنسان أن ياكل منها إلا في حالة الاضطرار فإنَّ الله لما ذكر المحرمات في سورة المائدة ومنها الميتة قال بعد ذلك (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) .
لكن بستثنى من ذلك ميتة الجراد والسمك فلا حرج في بيعها لأن الله أباح من السمك والجراد الحي والميت لقول الله تعالى (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة) . وقول النبي صلى الله وعليه وسلم في البحر ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) ، ولما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ((أحل لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالجراد والحوت، وأما الدمان فالكبد والطحال)) . .
اللجنة الدائمة
***
حكم بيع الدم
س ما حكم بيع الدم وهل يجوز أخذ العوض المبذول عنه أم لا؟
ج الدم نجس لا يجوز استعماله ولا تناوله لعلاج ولا لغيره سواء استعمل عن طريق الفم أو عن طريق الشرايين أو غير ذلك لعموم الأحاديث الواردة بالمنع من التداوي بالنجس والمحرم ومنه حديث أم الدرداء قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام)) . رواه أبو داود. . وقال ابن مسعود في المسكر ((إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم)) . ذكره البخاري لكن إذا وصل بالإنسان المرض إلى حالة الاضطرار وخشي على نفسه الهلاك إن لم يستعمل الدم فالضرورات تبيح المحظورات. . قال تعالى (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) . فإذا بلغ الحال بالمريض إلى خوف التلف على نفسه جاز نقل الدم له بل ربما يجب لإنقاذ النفس وأما أخذ العوض عن ذلك فلا يجوز لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه وروي أبو داود وابن أبي شيبة من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((لعن الله اليهود حرم الله عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا ثمنها)) . فإن تعذر حصوله على دم بلا عوض جاز له أخذه بعوض وحرم أخذ العوض على باذله، وعليه حصل التوقيع. .
اللجنة الدائمة
***
حكم شراء البضائع التي لا يعرف أصحابها والبضائع التي اختلط حلالها بحرامها
السؤال الأول شخص يقول هناك بضائع تدخل المزادات العلنية بحكم أنه لم يستدل على(2/373)
صاحبها كأن تكون نزلت في ميناء غير المقرر شحنها إليه أو وصلت غير مستكملة البيانات، كذلك قد تكون عند نزولها للميناء خزنت في مخزن غير المخزن المقرر تخزينها فيه أو غير ذلك من الأسباب التي تجعل من الصعب الاستدلال على صاحبها فهل شراء هذه البضائع حلال أم حرام؟
ج إذا كان الواقع كما ذكر من أنه لم يعرف أصحاب هذه البضائع لسبب ما فعرضت في المزاد وصعب الاستدلال عليها جاز الشراء منها والمسؤول عن أيصال ثمنها إلى صاحبها من تولى بيعها أو أمر به لأن في ترك الشراء ضرراً على أصحابها وضياعاً للمال.
السؤال الثاني إذا لم نتمكن من التمييز بين البضائع المصادرة لعدم تمكن صاحبها من سداد الجمارك والبضائع التي تدخل في المزاد لصعوبة الاستدلال على صاحبها فهل الشراء من المزاد جائز أم لا؟
ج من اختلط عليه أمر هذه البضائع ولم يتميز لديه حلالها من حرامها جاز له أن يشتري منها لعدم تعيين الحرام وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم. يشتري من اليهود والكفار عموماً ويقبل هداياهم مع علمه باختلاط حلالها بحرامها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. .
اللجنة الدائمة
***
بيع المعيب لا يجوز
س أنا تاجر خضرة لي شريك اشترى 40قنطاراً من الأجاص من مسافة 1000كم وعندما بيع هذا الأجاص إلى التجار الصغار وجد أنه فاسد حيث أنه يحتوي كله على الدود وغير صالح للأكل كله مع العلم أنني أنا الذي بعته إلى التجار الصغار ولا أعلم أن به الدود وغير صالح للأكل أما شريكي الذي أحضر هذا الأجاص فعلم بفساده عندما وصل إلى محله ولم يخبرني بفساد الأجاص كله غير أنه قال لي أن بعض الحبات بها الدود. . فما حكم الشرع في هذا البيع؟ وما الحكم في التجار الصغار الذين علموا بفساد الأجاص ثم باعوه؟..
ج بيع المعيب دون أن يبين عيبه لا يجوز لكونه ضرباً من ضروب الغش الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من غشنا فليس منا)) .
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) . وعلى من غش وباع معيباً بسعر السليم أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى ويندم على فعله ولا يعود لمثله وأن يستبيح من غشه ويصطلح معه في ردما يستحقه.
اللجنة الدائمة
***(2/374)
باع السيارة وبها خلل وهو يعلم
س اشتريت سيارة ووجدت بها خللاً بسيطاً فبعتها ولم أعلم المشتري بالخلل فهل يعتبر هذا غشاً أو لا؟.
ج نعم يعتبر هذا غشاً ومعلوم أن الغش حرام لما ثبت من قول النبي صلى الله عليه وسلم ((من غشنا فليس منا)) . وعليك أن تستغفر الله وتتوب إليه وتبادر إلى إبلاغ المشتري وإعلامه بما كان في السيارة من خلل إبراء لذمتك فإن تنازل عن حقه فالحمد لله وإلا فاتفق معه على دفع مقابل الخلل أو أخذ السيارة ورد الثمن وإن لم يتم التراضي فخصومة يفصل فيها قاضي جهتكم وإن لم يتيسر لك معرفته فتصدق عنه بما يقابل الخلل.
اللجنة الدائمة
***
هل هذا ربا؟
س رجل باع على رجل أكياس أرز إلى أجل معلوم فقبضهن المشتري من البائع وحرج عليهن الدلال بالسوق واشتراهن رجل آخر من الدلال وقال اقبضهن فلم يجد المشتري فلم يجد المشتري حاضراً فقال البائع الأول أنا وكيل أقبضهن له من الدلال فصاح الحاضرون وقالوا ربا، ربا أفتونا مأجورين؟.
ج إن كان من اشترى الأرز من الدلال إنما اشتراه لنفسه ولم يكن بينه وبين البائع الأول تواطؤ واتفاق على أن يشتريه له ولا هو عامل عنده يقوم بأعمال وكان قبض البائع الأول لأكياس الأرز إنما هو عن طريق الوكالة للمشتري من الدلال فالبيع صحيح وليس فيه ربا وإن كان هناك تواطؤ سابق بين البائع الأول ومشتري أكياس الأرز من الدلال على أن يتولى الشراء لتعود الأكياس إلى البائع الأول فهو من الربا والبيع غير صحيح، وما جرى بينهم مخادعة لا تخفى على الله، ولا تحل حراماً. .
اللجنة الدائمة
***
حكم من يشتري البضاعة ويبيعها هي في مكانها
س يشتري بعض التجار البضاعة ثم لا يستلمها ولا يعاينها بل يأخذ بها سند بيع وقبض للقيمة ويتركها في مستودعات التاجر الأول الذي اشتراها منه ثم يبيعها التاجر الثاني لغيره وهي في مستودعات التاجر الأول فما حكم ذلك؟.(2/375)
ج لا يجوز للمشتري بيع هذه البضاعة مادامت موجودة في ملك البائع حتى يتسلمها المشتري وينقلها إلى بيته أو إلى السوق لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث الصحيحة في ذلك منها قوله صلى الله عليه وسلم ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك)) . أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
ولقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام ((لا تبع ما ليس عندك)) . خرجه الخمسة إلا أبا داود بإسناد جيد ولما ثبت عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان والحاكم.
وهكذا من اشتراها من المشتري ليس له أن يبيعها حتى ينقلها إلى بيته أو إلى مكان آخر من السوق للأحاديث المذكورة ولأحاديث أخرى جاءت في المعنى. . والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
لا تبع ما لا تملك
س إذا كان عندي مبلغ من المال وجاءني شخص وقال أريدك أن تعطيني ألف ريال ديناً وقلت له أعطيك العشرة ثلاثة عشر ريالاً أعني بذلك أنني أكسب في كل عشر ثلاثة ريالات ثم قبل ذلك وذهبت معه إلى السوق واشتريت بضاعة قيمتها ألف ريال وبعتها على المستدين بألف وثلاثمائة ريال هل هي حلال أم حرام مع العلم أن عقد البيع قبل شرائي للبضاعة؟.
ج حيث ذكر السائل أنه باع مالاً على شخص قبل ملكه له بعد ما باعه عليه ذهب واشتراه من السوق فالعقد بهذه الصورة لا يصح لأنه باع ما لا يملك وقد قال صلى الله عليه وسلم ((لا تبع ما ليس عندك)) . أخرجه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وبالله التوفيق. . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
بيع العينة المحرم..
س إذا اشتريت سيارة لشخص بالتقسيط (علماً بأن التقسيط تكون قيمة السيارة زائدة) ثم طلب مني أن أشتريها منه بأقل مما شراها مني فما حكم ذلك.
ج هذه المسألة تسمى مسألة العينة وحكمها التحريم والأصل في ذلك ما ورد من الأدلة(2/376)
الشرعية الدالة على النهي عن ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
***
بيع السلعة قبل ملكها وحوزها.. لا يجوز
س تاجر يقوم بعرض عينات لبعض المنتجات مثل الثلاجات والغسالات وغيرها، وإذا أراد أحد عملائه أن يشتري منها شيئاً يتفق معه على السعر ومن ثم يتصل بالتاجر المورد ويشتري الكمية المطلوبة وينقلها بسيارته إلى مكان العميل ويقبض الثمن بعد ذلك. . فما حكم هذا البيع. .؟
ج لا يجوز هذا البيع لكونه بيعاً للسلعة قبل أن يملكها ويحوزها، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك)) . وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام ((لا تبع ما ليس عندك)) .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. . والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
لا تبع ما ليس عندك
س هناك شركة لها مندوبون لدى معارض السيارات فمن شراء سيارة بالتقسيط فإنه يتفق مع صاحب المعرض على القيمة ثم يتصل بمندوب هذه الشركة فتقوم الشركة بدفع كامل قيمة السيارة لمعرض السيارة ثم تقسط الشركة المبلغ على المشتري بأقساط شهرية بفوائد. نرجو إفادتنا عن جواز التعامل مع هذه الشركة بالنسبة لأصحاب معارض السيارات وبالنسبة للمشترين؟.
ج هذا العمل من الشركة التي أشرتم إليها مخالف للحكم الشرعي لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك)) . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام ((لا تبع ما ليس عندك)) . وثبت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم)) ، وهذا العمل من الشركة المذكورة مخالف لهذه الأحاديث كلها لأنها تبيع ما لا تملك ولا يجوز التعاون معها في ذلك لقوله(2/377)
سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ، والطريق الشرعي أن تشتري الشركة السيارات أو غيرها من السلع وتحوزها بمكان يخصها ثم تبيع على من يرغب الشراء منها نقداً أو مؤجلاً. وفق الله الجميع لما يرضيه.
الشيخ ابن باز
***
حكم التواطؤ لمنع زيادة سعر السلعة
س عندما يقام الحراج العلني في سلعة ما، ويحضر المشترون يحتالون بحيلة يتفادون فيها زيادة بعضهم وهي الاشتراك بطريقة لا يشعر بها البائع أو صاحب السلعة، بحيث يتوقف كل من له رغبة، لأنه شريك، والقصد عدم الزيادة في السلعة، أرجو التفضل عن حكم ذلك؟ وهل يصح البيع لأحد هؤلاء الشركاء إنْ وقع؟.
ج تواطؤ المشترين للسلعة في الحراج أو غيره على أن يقفوا بسعر السلعة عند حد معين واحتيالهم لمنع الزيادة فيها حرام لما في ذلك من الأثرة الممقوتة والإضرار بأرباب السلع، وكل الأثرة وإضرار الإنسان بغيره ممنوع وهو خلق ذميم لا يليق بالمسلمين ولا ترضاه الشريعة الإسلامية، وهو أيضاً في معنى التعسير لغير ضرورة، وفي معنى تلقي الركبان ونحوه مما فيه إضرار فرد أو جماعة بآخرين، وتوليد الضغائن والأحقاد، وأكل أموال الناس بالباطل وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن تلقي الركبان وبيع حاضر لباد، والتسعير لغير ضرورة، وسوم الرجل على سوم أخيه، وبيعه على بيع أخيه، وخطبته على خطبة أخيه، وما في معنى ذلك لما فيه من الظلم والإضرار، وتوليد الضغائن وعلى ذلك يكون للبائع المتواطىء على منع الزيادة في سلعته الخيار إن ظهر أنه مغبون في سلعته إن شاء طلب فسخ البيع، وإن شاء أمضاه. .
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. .
اللجنة الدائمة
***(2/378)
(الربا والقرض والعمل في البنوك)
من قرارات المجمع الفقهي حول العملة الورقية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي قد اطلع على البحث المقدم إليه في موضوع العملة الورقية، وأحكامها من الناحية الشرعية، وبعد المناقشة والمداولة بين أعضائه، قرر ما يلي
أولاً أنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة وبناء على أن علة جريان الربا فيهما هي مطلق الثمنية في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة.
وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة، وإن كان معدنهما هو الأصل.
وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمناً، وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها، وبها تقوم الأشياء في هذا العصر، لاختفاء التعامل بالذهب والفضة، وتطمئن النفوس بتمولها وادخارها ويحصل الوفاء والإبراء العام بها، رغم أن قيمتها ليست في ذاتها، وإنما في أمر خارج عنها، وهو حصول الثقة بها، كوسيط في التداول والتبادل، وذلك هو سر مناطها بالثمنية.
وحيث أن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية، وهي متحققة في العملة الورقية، لذلك كله، فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، يقرر أن العملة الورقية نقد قائم بذاته، له حكم النقدين من الذهب والفضة، فتجب الزكاة فيها، ويجري الربا عليها بنوعية، فضلاً ونسياً، كما يجري ذلك في النقدين من الذهب والفضة تماماً، باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسا عليهما، وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.
ثانياً يعتبر الورق النقدي نقداً قائماً بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، كما يعتبر الورق النقدي أجناساً مختلفة، تتعدد بتعدد جهات الاصدار في البلدان المختلفة، بمعني أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه فضلاً(2/379)
ونسياً كما يجري الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة وفي غيرها من الأثمان.
وهذا كله يقتضي ما يلي
(أ) لا يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى
من ذهب أو فضة أو غيرهما، نسيئة مطلقاً، فلا يجوز مثلاً بيع ريال سعودي
بعملة أخرى متفاضلاً نسيئة بدون تقابض.
(ب) لا يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقية بعضه ببعض متفاضلاً، سواء
كان ذلك نسيئة أو يداً بيد، فلا يجوز مثلاً بيع عشرة ريالات سعودية ورقاً، بأحد
عشر ريالاً سعودية ورقاً، نسيئة أو يداً بيد.
(ج) يجوز بيع بعضة ببعض من غير جنسه مطلقاً، إذا كان ذلك يداً بيد، فيجوز بيع
الليرة السورية أو اللبنانية، بريال سعودي ورقاً كان أو فضة، أو أقل من ذلك أو
أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاث ريالات سعودية أو أقل من ذلك أو أكثر إذا
كان ذلك يداً بيد، ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة، بثلاثة
ريالات سعودية ورق، أو أقل من ذلك أو أكثر، يداً بيد لأن ذلك يعتبر بيع جنس
بغير جنسه، ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة.
ثالثاً وجوب زكاة الأوراق النقدية إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة،
أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة.
رابعاً جواز جعل الأوراق النقدية رأس مال في بيع السلم، والشركات.
والله أعلم، وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
***(2/380)
كتابة المعاملات الربوية
س أنا محاسب لدى شركة تجارية، وتضطر هذه الشركة للاقتراض من البنك قرضاً ربوياً، ويأتيني صورة من عقد القرض لإثبات مديونية الشركة في دفاترها. . هل أعتبر كاتباً للربا ولا يجوز لي أن أعمل مع هذه الشركة، بمعنى هل أعتبر آثماً بقيد العقد دون إبرامه؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. .؟
ج لا يجوز التعاون مع الشركة المذكورة في المعاملات الربوية لأن النبي صلى الله عليه وسلم، لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) رواه مسلم ولعموم قوله سبحانه (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) .
اللجنة الدائمة
***
كتب شيكا ربويا جاهلا
س قال رجل في الشارع لأخي من فضلك أملأ هذا الشيك باسم فلان، وأخبره باسمه علماً بأن الرجل الذي يخاطب أخي أخبر أن هذا المبلغ سلف لوجه الله تعالى وبعد ذلك اكتشف أخي أن هذا المبلغ هو مبلغ ربا. فندم أخي على ما فعله، فنرجو من الله أن نلقى من سماحتكم الإفادة.
ج إذا كان الواقع ما ذكرت من أن أخاك وقت كتابة الشيك لا يعلم أن به ربا، فلا شيء عليه، ولا يدخل تحت الوعيد الوارد في لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.
اللجنة الدائمة
***
التحايل على الربا
س احتجت إلى مبلغ من المال لإكمال بناء منزلي في إحدى مدن المملكة وذهبت إلى شخص وطلبت منه أن يسلفني ما يستطيع من مال فقال أريد أن أعطيك سيارة ــ اسم أنني بعت عليك سيارة ــ فأعطاني (000'12) ريال وسجلها عنده بواحد وعشرين ألف ريال وحيث أنني لم أشاهد السيارة ولا أدري ما لونها، فقط سجلها بالورقة وقال تسدد كل شهر ألف ريال وحيث أنني رضيت بهذا العمل في نفس الوقت حين كنت مضطراً إلى المال وأنا الآن سددت (8500) ريال فقط وبقي (12500) فهل يلزمني تسديد المبلغ الزائد عن رأس ماله أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً..؟(2/381)
ج إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فهذه المعاملة باطلة وقد اجتمع فيها ربا الفضل وربا النسيئة، وليس للذي دفع لك الدراهم إلا رأس ماله وهو اثنا عشر ألف ريال فقط لأنه لم يعطك السيارة ولا باعها عليك حسب ما ذكرت وإنما أعطاك دراهم بدراهم وهذا منكر ظاهر وربا صريح فعليكما جميعاً التوبة إلى الله من ذلك وعدم العود إلى مثله. نسأل الله أن يتوب عليكما.
الشيخ ابن باز
***
التحايل على الربا أيضاً
س عندي كمية من أكياس الأرز وهو بمستودع لنا ويأتي إلي أناس يشترونه مني بقيمته في السوق ويدينونه على أناس آخرون فإذا صار على حظ المدين أخذته من بنازل ريال واحد من مشتراه مني ثم يأتي أناس مثلهم بعدما يصير على حظي ويشترونه مني وهكذا وهو في مكان واحد إلا أنهم يستلمونه عداً في محله فهل هذه الطريقة إثم أم لا أفيدونا جزاكم الله خيراً.؟
ج نعم هذه الطريقة حيلة على الربا. الربا المغلظ الجامع بين التأجير والفضل، أي بين ربا الفضل وربا النسيئة، وذلك لأن الدائن يتوصل بها إلى حصول اثني عشر مثلاً بعشرة. وأحياناً يتفق الدائن والمدين على هذا قبل أن يأتيا إلى صاحب الدكان على أنه يدينه كذا وكذا من الدراهم، العشرة اثني عشر أو أكثر أو أقل، ثم يأتيان إلى هذا ليجريا معه هذه الحيلة وقد سماها شيخ الإسلام ابن تيمية الحيلة الثلاثية، وهي بلاشك حيلة على الربا، ربا النسيئة وربا الفضل، فهي حرام ومن كبائر الذنوب، وذلك لأن المحرم لا ينقلب مباحاً بالتحايل عليه، بل إن التحايل عليه يزيده خبثاً ويزيده إثماً، ولهذا ذكر عن أيوب السختياني رحمه الله أنه قال في هؤلاء المتحايلين قال إنهم يخادعون الله كما يخادعون الصبيان فلو أنهم أتوا الأمر على وجهه لكان أهون، وصدق رحمه الله، فإن المتحيل بمنزلة المنافق يظهر أنه مؤمن وهو كافر وهذا متحيل على الربا ويظهر أن بيعه بيع صحيح وحلال.
الشيخ ابن عثيمين
***
باع السلعة بأكثر من ثمنها إلى أجل
س اشتريت سيارة بمبلغ اثني عشر ألفاً ومائة (12100) ريال وبعتها بمبلغ 14100ريال لمدة خمسة أشهر مهلة أرجو إفتائي هل هذه البيعة داخلة في حكم الربا أو خارجة عنه.
ج إذا كان الواقع كما ذكرت فبيعتك هذه جائزة إذا كان البيع وقع بعد قبضك السيارة ممن باعها(2/382)
عليك (ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) ، ولما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل ورهنه درعا من حديد. ولا ربا في ذلك إن شاء الله ولو زادت قيمة السلعة المبيعة عن قيمتها التي تساويها وقت البيع.
اللجنة الدائمة
***
حكم أخذ العامل نسبة من الربح
س لي صديق فتح منجرة صغيرة واستقدم عاملاً من خارج المملكة ليعمل بها واتفق معه على راتب شهري قدره ألف ريال وعند وصول العامل إلى المملكة ألغى الطرفان الإتفاق الأول واتفقا مرة ثانية على أن يقوم صاحب المنجرة بتجهيزها بالمعدات والأدوات وكل ما يلزمها على حسابه الخاص وأن يقوم العامل بالعمل فيها ويأخذ نصف الربح ويبقي رأس المال أي المحل بمعداته لصاحب العمل وقد ارتفع دخل العامل إلى ألف وخمسمائة ريال فهل هذا جائز شرعاً؟
ج لا حرج في هذا الاتفاق الأخير، وهو أن يأخذ العامل جزءاً مشاعاً معلوماً من الربح كالنصف ونحوه والباقي لمالك المنجرة مع الأصل.
الشيخ ابن باز
***
لا تبع ما ليس عندك
س ما حكم بيع المداينات بطريقة بيع وشراء البضائع وهي في مكانها وهذه الطريقة هي المتبعة عند البعض في مدايناتهم في الوقت الحاضر؟..
ج لا يجوز للمسلم أن يبيع سلعة بنقد أو نسيئة إلا إذا كان مالكاً لها وقد قبضها لقول النبي صلى الله عليه وسلم، لحكيم بن حزام ((لا تبع ما ليس عندك)) ، وقوله صلى الله عليه وسلم، في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ((لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك)) رواه الخمسة بإسناد صحيح، وهكذا الذي يشتريها، ليس له بيعها حتى يقبضها أيضاً للحديثين المذكورين.
ولما رواه الإمام أحمد وأبو داود، وصححه ابن حبان والحاكم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
وكما روى البخاري في صحيحة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال (لقد رأيت الناس في عهد(2/383)
رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون جزافاً ــ يعني الطعام ــ يُضْرَبون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. . .
الشيخ ابن باز
***
هذا العقد صحيح
س شخص أخذ من آخر مبلغ عشرة آلاف على أن يشتري له مقابلها سيارة وذلك بعد سنة من استلام عشرة الآلاف المذكورة، فهل هذا العقد جائز أم لا؟
ج إذا كان الواقع كما ذُكر، وكانت السيارة معلومة أوصافها، وكانت عشرة الآلاف كل الثمن، وكان الأجل معلوماً، فالعقد صحيح.
اللجنة الدائمة
***
حكم أخذ العربون
س ما حكم أخذ البائع للعربون إذا لم يتم البيع، وصورته أن يتبايع شخصان، فإن تم البيع أكمل له القيمة، وإن لم يتم البيع أخذ البائع العربون ولا يرده للمشتري.
ج لا حرج في أخذ العربون في أصح قولي العلماء إذا اتفق البائع والمشتري على ذلك ولم يتم البيع. .
الشيخ ابن باز
***
لاشيء عليك لجهلك بالحكم
س أعمل بالسعودية، وأقوم بتحويل مبالغ إلى بلدي السودان عن طريق شخص يسلمني ريالات سعودية، فأعطيه ورقة لعميلي في السودان ليعطيه مقابلها جنيهات سودانية، فيستفيد كلانا من فرق العملة، ثم أرسل الريالات إلى البنك الدولي في أمريكا، ونحولها بعد ذلك إلى السودان فيكون بذلك الدولار دولارين، ماذا أفعل بعد أن عرفت أن هذا حرام، خاصة وأنني تزوجت من هذه الأموال وعندي مشروعات وعقارات منها.
ج صحيح أن في هذه المعاملة شيء من المحظورات، منها أن من شرط الصرف أن يكون يداً(2/384)
بيد بحيث إذا أراد صرف ريالات سعودية بجنيهات سودانية ثم إرسال الجنيهات إلى السودان فإما أن تقبض الريالات وتسلم الجنيهات ثم ترسلها إلى العميل، أو ترسل الريالات إلى السودان وهناك تصرف بجنيه سوداني ويحصل التقابض، فأنت تقبض الريالات هنا وتسلم ورقة إلى العميل فيفوت التقابض، وقد يحصل تغير في السعر في هذه المدة، ومنها المعاملة الربوية مع بنك الولايات المتحدة الذي هو أحد البنوك الربوية بحيث تربح فيه الضعف كما في السؤال ولا شك أن هذه الزيادة من الربا الصريح المحرم، ولكن مع ذلك كله فالواجب التوبة من هذا العمل وتركه والاعتياض عنه بالمعاملات المباحة التي لا ريب فيها ولا شبهة، فأما المال الذي اكتسبته بهذه الطريقة وأنت جاهل بالحكم فلا مانع من اقتنائه وتملك ما حصل لك منه من العقار ودفع المهر والنفقات.
الشيخ ابن جبرين
***
ليس هذا المال من الربا
س نحن مجموعة حضرنا من السودان وتعاقدنا مع شركة في الخارج كعمال وعند وصولنا مقر الشركة وجدنا أن الشركة تعاقدت مع البنوك، والبنوك تتعامل بالربا مع الزبائن، واشتغلنا في الحراسة أي حراس لصالح الشركة التي هي أبرمت عقودات مع البنوك وهي تعطينا جزءاً يسيراً من المبلغ الذي تعاقدت معه مع البنوك، أحد زملائنا قال إن هذا ربا لأن المال يصلنا بواسطة وسيط هي الشركة. الرجاء أن تعرفونا هل هذا ربا؟.
ج لا أري بذلك بأساً حيث إن عملكم إنما هو مع الشركة ولا صلة لكم بالبنوك، فأنتم تشتغلون كحراس لصالح الشركة، وهي التي تصرف لكم الرواتب، أما عملها مع البنوك فالغالب أن الشركات كلها تتعامل مع البنوك في الإيداع والضمان والإيراد والاقتراض ونحو ذلك والإثم على أهل الشركة.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم شراء الدولارات بالتقسيط
س أريد أن أشتري عشرة آلاف دولار أمريكي من شخص معين بسعر 40ألف ريال سعودي وسيكون التسديد على أقساط شهرية، كل قسط ألف ريال، وأريد أن أبيع هذه الدولارات في السوق بسعر500'37ألف ريال، فما الحكم في ذلك علماً بأنني محتاج لهذه النقود؟
ج الحكم في هذا هو التحريم، فيحرم على الإنسان إذا صرف عملة أن يتفرق هو والبائع من(2/385)
مجلس العقد إلا بعد قبض العوضين، وهذا السؤال ليس فيه قبض العوض الثاني الذي هو قيمة الدولارات، وعلى هذا فيكون فاسداً وباطلاً.
فإذا كان قد نفذ الآن فإن الواجب على هذا الذي أخذ الدولارات أن يسددها دولارات ولا يجوز أن يبني على العقد الأول، لأنه فاسد.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق)) .
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع الطعام بجنسه متفاضلا كالحنطة ونحوها
س بلادنا تنتج الحب، والعملة عندنا بالحبوب لقلة النقود، فإذا جاء وقت البذر اشترينا من التجار الصاع بريال، فإذا جاء وقت الحصاد وصفيت الحبوب سلمنا للتجار عن كل ريال صاعين مثلاً لأن السعر في وقت الحصاد أرخص منه في وقت البذر، فهل يجوز هذه المعاملة؟
ج هذه المعاملة فيها خلاف بين العلماء وقد رأى كثير منهم أنها لا تجوز، لأنها وسيلة إلى بيع الحنطة ونحوها بجنسها متفاضلاً ونسيئة، وذلك عين الربا، من جهتين جهة التفاضل وجهة التأجيل، وذهب جماعة آخرون من أهل العلم إلى أن ذلك جائز إذا كان البائع والمشتري لم يتوطأ على تسليم الحنطة بدل النقود، ولم يشترطا ذلك عند العقد، هذا هو كلام أهل العلم في هذه المسألة، ومعاملتكم هذه يظهر منها التواطؤ على تسلمي حب أكثر بدل حب أقل، لأن النقود قليلة، وذلك لا يجوز، فالواجب على الزراع في مثل هذه الحالة أن يبيعوا الحبوب على غير التجار الذين اشتروا منهم البذر، ثم يوفوهم حقهم نقداً هذا هو طريق السلامة والاحتياط والبعد عن الربا، فإن وقع البيع بين التجار، وبين الزراع بالنقود، ثم حصل الوفاء من الزراع بالحبوب من غير تواطىء ولا شرط، فالأقرب صحة ذلك كما قاله جماعة من العلماء ولاسيما إذا كان الزراع فقيراً ويخشى التاجر أنه إن لم يأخذ منه حباً بالسعر بدل النقود التي في ذمته فات حقه ولم يحصل له شيء، لأن الزراع سوف يوفي به غيره ويتركه، أو يصرفه ــ أي الحب ــ في حاجات أخرى، وهذا يقع كثيراً من الزراع الفقراء، ويضيع حق التجار، أما إذا كان التجار والزراع قد تواطأوا على تسليم الحب بعد الحصاد بدلاً من النقود، فأن البيع الأول لا يصح من أجل التواطىء المذكور، وليس للتاجر إلا مثل الحب الذي سلم للزارع من غير زيادة، تنزيلا له منزلة القرض لعدم صحة البيع مع التواطىء على أخذ حب أكثر.
الشيخ ابن باز
***(2/386)
حكم بيع شاة حاضرة بشاتين أو ثلاث مؤجلة
س هل يجوز بيع شاة من الغنم بشاتين أو ثلاث مؤجلة لمدة عشرين عاماً مثلاً أو أكثر.
جـ يجوز في أصح قولي العلماء بيع الحيوان المعين الحاضر بحيوان واحد أو أكثر مؤجل إلى أجل معلوم قريب أو بعيد أو مقسط إذا ضبط الثمن بالصفات التي تميزة. . سواء كان ذلك الحيوان من جنس المبيع أو غيره، لنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اشترى البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة رواه الحاكم والبيهقي ورجاله ثقات.
الشيخ ابن باز
…***
حكم مبادلة المتر بمترين من الثياب
س هل يجوز مبادلة الثياب، متراً بمترين أو صنفاً بصنفين؟
جـ يجوز مبالدة الثياب بعضها ببعض مع التساوي أو زيادة بعضها على بعض، سواء كانت من جنس واحد أم أكثر، وسواء كان ذلك عاجلاً أو لإجل، لإن القماش ليس من الأجناس التي يدخلها الربا.
اللجنة الدائمة
***
كيف يكفر عن المرابي
س توفي قريب لي وهو يتعامل بالربا ونريد الآن أن نكفر عنه فما الطريق الشرعي لذلك؟
جـ يشرع للورثة أن يتحروا مقدار ما دخل عليه من الربا فيتصدقوا به عنه، ويدعوا له بالمغفرة والعفو. نسأل الله أن يعفو عنا وعنه وعن كل مسلم.
الشيخ ابن باز
***
حكم أكل الولد من مال أبيه المرابي
س هل يجوز للولد أن يأكل من مال أبيه المرابي؟
ج الربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع، وإذا كان والدك مرابياً، فالواجب عليك نصحه ببيان الربا وحكمه وما أعد الله لأهله من العذاب. ولا يجوز لك أن تأخذ من مال أبيك ما تعلم أنه ربا دخل إلى ملكة من طريق التعامل بالربا.(2/387)
وعليك أن تطلب الرزق من الله جل وعلا، وتبذل الأسباب الشرعية التي وضعها الله لطلب الرزق (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً* ويرزقه من حيث لا يحتسب) (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً) .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
(مسائل في بيع الذهب)
بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة يداً بيد سواء بسواء
س إني أبيع وأشتري بالذهب المصاغ، وأخبرني إنسان أن الذهب لا يجوز بيعه إلا نقداً يداً بيد، فقلت له إن هذا ليس بعملة مثل الجنية السعودي لأنه مصاغ على شكل حلي، وفيه عيار 21وعيار 18ومخلوط فيه نحاس لتحويله، وفضة إلى عيار21عيار 18وأن الفلوس التي أشتريته بها ورقاً وليس ذهباً وهذا ذهب مصاغ، فشككت في ذلك وأرسلت لكم لتفتونا جزأكم الله خيراً.
وإذا قلتم إنه لازم التقابض بالمجلس، فهل يكون ربا الذي قال الله فيهم (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يتخبطه الشيطان من المس) . الآية
ج لا يجوز بيع الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة إلا مثلاً بمثل يداً بيد، سواء كان العوضان من المصاغ أم من النقود، أم كان أحدهما مصاغاً والآخر من النقود، وسواء كان العوضان من ورق البنكنوت، أم كان أحدهما من ورق بنكنوت والآخر مصاغاً أم من النقود.
وإذا كان أحد العوضين ذهباً مصوغاً أو نقداً، وكان الآخر فضة مصوغاً أو نقداً، جاز التفاوت بينهما في القدر لكن مع التقابض قبل التفرق من مجلس العقد. وما خالف ذلك في هذه المسألة فهو ربا دخل فاعله في عموم قوله تعالى (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) الآية.
اللجنة الدائمة
***
لا بد من التقابض في بيع الذهب
س رجل يبيع ويشتري ((سبائك الذهب)) من خلال البنوك، ولكن دون أن يقبض هذا الذهب أو حتى يراه بعينه. . وعندما أخبرناه بأن هذا لا يجوز، قال إنه ليس لديه مكان أمين(2/388)
يحفظه فيه ويخشى عليه من السرقة. . فما الحكم في تجارته هذه؟
ج إذا كان لا يمكنه أن يقبض الذهب لعدم وجود مكان أمين، فإنه لا يجوز له التعامل بهذه المعاملة لأن الواجب اجتناب الحرام وهو قادر الآن على اجتنابه لأنه لم يلزم بأن يتجر هذا النوع من التجارة، فالواجب عليه إما أن يطبق ما تقتضيه الشريعة من التقابض، وإما أن يدع التجارة بهذا.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع الذهب المستعمل بذهب جديد مع دفع الفرق
س رجل يعمل ببيع وشراء المجوهرات، فيأتي إليه شخص معه ذهب مستعمل فيشتريه منه وتعرف قيمته بالريالات، وقبل دفع القيمة في المكان والزمان، ويشتري منه الذي باع له الذهب المستعمل ذهباً جديداً، وتعرف قيمته، ويدفع المشتري الباقي عليه، فهل هذا جائز أم أنه لا بد من تسليم قيمة الأول كاملة إلى البائع ثم يسلم البائع قيمة ما اشتراه من ذهب جديد من تلك النقود أو من غيرها؟
ج في مثل هذه الحالة يجب دفع قيمة الذهب المستعمل، ثم البائع بعد قبض القيمة بالخيار إن شاء الله يشتري ممن باع عليه ذهباً جديداً أو من غيره، وإن اشترى منه أعاد عليه نقوده أو غيرها قيمة للجديد حتى لا يقع المسلم في الربا المحرم من بيع رديء الجنس الربوي بجيدة متفاصلاً، لما روي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلاً على خيبر فجاءه بتمر جنيب (جيد) فقال أكل تمر خيبر هكذا)) ؟ قال لا، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال ((لا تفعل مع الجمع، بع التمر الذي أقل من ذلك بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيباً)) . ولأن المقاصة في مثل هذا البيع ولو كانت في زمان ومكان البيع، قد تؤدي إلى بيع الذهب بالذهب متفاضلاً وذلك محرم، لما روى مسلم رحمه الله تعالى عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) . وفي رواية عن ابن سعيد ((فمن زاد أو استزاد فقد أربا، الآخذ والمعطي سواء)) .
اللجنة الدائمة
***(2/389)
اشترى مصاغا وتسلف ثمنه من البائع
س إنسان أخذ مني مصاغ ذهب، وثمن المصاغ ألف ريال، وقلت له لا يجوز إلا نقداً، وقال سلفني ألف ريال، وسلفته الألف وأعطاني إياه هل هذا يجوز؟
ج لا يجوز لأنه احتيال على الربا، وجمع بين عقدين، عقد سلف وعقد بيع، وهو ممنوع أيضاً.
اللجنة الدائمة
***
حكم دفع الذهب الخام إلى الصائغ لتحويله إلى حلي
س رجل أعطى سبيكة من الذهب لصائغ وقال له اعمل لي هذه السبيكة أسورة، وقال أضف على السبيكة النحاس الذي يحول الذهب من عيار [24] إلى غيار [21] وأعطيك وزن النحاس والذهب أسورة مدقوقة، وأخذ قيمة العمل فهل هذا جائز أم لا؟
ج إذا كان يدفع له الذهب بوزن ليحوله حلياً أو غير ذلك ويعيده إليه فلا بأس بذلك إن شاء الله تعالى بالأجرة المتفق عليها، أما إن كان يأخذ السبيكة ويعطيه أسورة من ذهب آخر، فذلك لا يجوز إلا بشرط تماثل الذهب بالوزن والنحاس جميعاً، ولا بأس بأخذ الأجرة مقابل الصنعة.
اللجنة الدائمة
***
حكم المتاجرة بالذهب
س ما حكم من يتاجر بالذهب، أي يشتري ذهباً عندما ينخفض سعره، ويبيعه عندما يزداد، مثل أن يشتري أوقية ذهب بثلاثين ريالاً وعندما يزداد سعره يبيعها بخمسين ريالاً، أفيدوني عن الحكم الشرعي في ذلك، وهل هو في حكم بيع النقد بالنقد؟.
ج لا حرج في بيع الذهب بالذهب إذا كان مثلاً بمثل وزناً بوزن سواء بسواء يداً بيد، سواء كان الذهب جديداً أو عتيقاً، أو كان أحدهما جديداً والآخر عتيقاً.
كما أنه لا حرج في بيع الذهب بالفضة أو بالعملة الورقية إذا كان يداً بيد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، وزناً بوزن، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيده)) خرجه مسلم في صحيحة.(2/390)
ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد رضي الله عنه ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منهما غائباً بناجز)) متفق على صحته.
وهذا إن الحديثان الصحيحان يدلان على أنه لا فرق بين شراء الذهب بالذهب للقنية أو لقصد الربح بعد تغير الأسعار إذا كان البيع والشراء على الوجه المذكور في الحديثين. وبالله التوفيق. .
الشيخ ابن باز
***
(المساهمة في الشركات)
حكم المساهمة في الشركات التي تتعامل بالربا
لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله
الحمد لله، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد. .
فقد بلغني أن بعض الشركات تتعامل بالربا أخذاً، وعطاء، وكثر السائلون من المساهمين وغيرهم عن حكم الأرباح التي تحصل لهم نتيجة التعامل بالربا، ونظراً لما أوجب الله من النصيحة للمسلمين، ولوجوب التعاون على البر والتقوى، رأيت تنبيه من يفعل ذلك على أن ذلك محرم ومن جملة كبائر الذنوب كما قال الله عز وجل (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون* يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار إثيم) .
وقد جعل الله سبحانه ذلك محاربة له ولرسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) والآيات والأحاديث في التحذير من الربا وبيان عواقبه الوخيمة كثيرة جداً، فالواجب على كل من يتعاطى ذلك من الشركات وغيرها التوبة إلى الله من ذلك وترك المعاملة به مستقبلاً طاعة(2/391)
لله سبحانه وتعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحذرا من العقوبات المترتبة على ذلك، وابتعادا عن الوقوع فيما حرم الله عملاً بقوله سبحانه وتعالى (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) وقوله عز وجل (ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار) وأسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين للتوبة إليه من جميع الذنوب، وأن يعيذنا جميعاً من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يصلح أحوالنا جميعاً إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
***
حكم المساهمة في الشركات التجارية وشركات التأمين
س أنا من سكان الكويت، وعندنا شركات مساهمة خاصة بالأعمال التجارية والزراعية والبنوك وشركات التأمين والبترول، ويحق للموطن المساهمة هو وأفراد عائلته، فنرجو إفادتنا عن حكم الشرع في مثل هذه الشركات؟
ج يجوز للإنسان أن يساهم في هذه الشركات إذا كانت لا تتعامل بالربا، فإن كان تعاملها بالربا فلا يجوز، وذك لثبوت تحريم التعامل بالربا في الكتاب والسنة والإجماع، وكذلك لا يجوز للإنسان أن يساهم في شركات التأمين التجاري، لأن عقود التأمين مشتملة على الغرر والجهالة والربا، والعقود المشتملة على الغرر والجهالة والربا محرمة في الشريعة الإسلامية.
اللجنة الدائمة
***
حكم أخذ ما زاد على رأس المال في المساهمات العقارية
س اشترى رجل عدداً من الأسهم العقارية، ثم ذهب ليسترد ماله، فأعطاه صاحب الشركة ماله وزاد عليه 40% (أربعين في المائة) ، فهل يعد ذلك من الربا أم لا؟
ج إذا كان الواقع كما ذكر من أن صاحب الشركة أعطى المساهم رأس ماله وزاده نسبه في المائة من رأس المال، فالزيادة جائزة إذا قومت سهام الشركة يوم أعطاه وعرفت نسبة الربح لكل سهم فأعطاه صاحب الشركة من الربح بقدر ما يخص سهامه فكان أربعين في المائة (40%) من رأس ماله، فهذا جائز وليس ربا ولا جهالة فيه ولا غرر، وكذا تجوز هذه الزيادة إذا اشترى من صاحب الشركة سهامه من العقار وزاد أربعين في المائة ربحاً لسهامه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***(2/392)
(البنوك الربوية)
حكم التعامل معها، والعمل والإيداع والمساهمة فيها، وحكم فوائدها.
أولاً قرار المجمع الفقهي
إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمبني رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الفترة من يوم السبت12رجب عام1406هـ إلى يوم السبت 29رجب 1406هـ قد نظر في موضوع تفشي المصارف الربوية وتعامل الناس معها وعدم توافر البدائل عنها، وهو الذي أحاله إلى المجلس معالي الدكتور الأمين العام نائب رئيس المجلس.
وقد استمع المجلس إلى كلام السادة الأعضاء حول هذه القضية الخطيرة التي يقترف فيها محرم بين ثبت تحريمه بالكتاب والسنة والإجماع.
وقد اثبتت البحوث الإقتصادية الحديثة أن الربا خطر على اقتصاد العالم وسياسته وأخلاقياته وسلامته، وأنه وراء كثير من الأزمات التي يعانيها العالم، وأنه لا نجاة من ذلك إلا بإستئطال هذا الداء الخبيث الذي نهى الإسلام عنه منذ أربعة عشر قرناً.
ثم كانت الخطوة العملية المباركة وهي إقامة مصارف إسلامية خالية من الربا والمعاملات المحظورة شرعاً.
وبهذا كذبت دعوة العلمانيين وضحايا الغزو الثقافي الذين زعموا يوماً أن تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال الإقتصادي مستحيل، لأنه لا اقتصاد بغير بنوك، ولا بنوك بغير وفوائد، ومما جاء في القرار كذلك أنه
أولاً يجب على المسلمين كله أن ينتهوا عما نهى الله عنه من التعامل بالربا أخذاً وعطاء، والمعاونة عليه بأي صورة من الصور.
ثانياً ينظر المجلس بعين الارتياح إلى قيام المصارف الإسلامية بديلاً شرعياً للمصارف الربوية. ويرى المجلس ضرورة التوسع في إنشاء هذه المصارف في كل الأقصار الإسلامية وحيثما وجد للمسلمين تجمع خارج أقطاره، حتى تتكون من هذه المصارف شبكة قوية تهيء لاقتصاد إسلامي متكامل.
ثالثاً يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف(2/393)
الربوية في الداخل والخارج، إذا لا عذر له في التعامل معها بعد وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام.
رابعاً يدعو المجلس المسؤولين في البلاد الإسلامية والقائمين على المصارف الربوية فيها إلى المبادرة الجادة لتطهيرها من رجس الربا.
خامساً كل مال جاء عن طريق الفوائد الربوية هو مال حرام شرعا، لا يجوز أن ينتفع به المسلم (مودع المال) لنفسه أو لأحد مما يعوله في أي شأن من سؤونه، ويجب أن يصرف في المصالح العامة للمسلمين من مدارس ومستشفيات وغيرها، وليس هذا من باب الصدقة وإنما من باب التطهر من الحرام.
ولا يجوز بحال ترك هذه الفوائد للبنوك الربوية لتتقوي بها، ويزداد الإثم في ذلك بالنسبة للبنوك في الخارج، فإنها في العادة تصرفها إلى المؤسسات التنصيرية واليهودية، وبهذا تغدو أموال المسلمين أسلحة لحرب المسلمين وإضلال أبنائهم عن عقيدتهم، علماً بأنه لا يجوز الاستمرار في التعامل مع هذه البنوك الربوية بفائدة أو بغير فائدة.
كما يطالب المجلس القائمين على المصارف الإسلامية أن ينتقوا لها العناصر المسلمة الصالحة، وأن يوالوها بالتوعية والتفقيه بأحكام الإسلام وآدابه حتى تكون معاملاتهم وتصرفاتهم موافقة لها.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
مجلة الدعوة، 1037
***
(التعامل مع البنوك الربوية)
حكم التعامل مع البنوك الربوية
س ما الحكم الشرعي في كل من
ــ الذي يضع ماله في البنك فإذا حال عليه الحول أخذ الفائدة.
ــ المستقرض من البنك بفائدة إلى أجل.
ــ الذي يودع ماله في تلك البنوك ولا يأخذ فائدة.
ــ الموظف العامل في تلك البنوك سواء كان مديراً أو غيره؟
ــ صاحب العقار الذي يؤجر محلاته إلى تلك البنوك؟
ج لا يجوز الإيداع في البنوك للفائدة، ولا القرض بالفائدة، لأن كل ذلك من الربا الصريح.(2/394)
ولا يجوز أيضاً الإيداع في غير البنوك بالفائدة، وهكذا لا يجوز القرض من أي أحد بالفائدة بل ذلك محرم عند جميع أهل العلم لأن الله سبحانه يقول (وأحل الله البيع وحرم الربا) . ويقول سبحانه (يمحق الله الربا ويربي الصدقات) . . ويقول سبحانه (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) . . ثم يقول سبحانه بعد هذا كله (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) . . الآية. ينبه عباده بذلك على أنه لا يجوز مطالبة المعسر بما عليه من الدين ولا تحميله مزيداً من المال من أجل الإنظار بل يجب إنظاره إلى الميسرة بدون أي زيادة لعجزه عن التسديد، وذلك من رحمة الله سبحانه لعباده، ولطفه بهم، وحمايته لهم من الظلم والجشع الذي يضرهم ولا ينفعهم.
أما الإيداع في البنوك بدون فائدة فلا حرج منه إذا اضطر المسلم إليه، وأما العمل في البنوك الربوية فلا يجوز سواء كان مديراً أو كاتباً أو محاسباً أو غير ذلك لقول الله سبحانه وتعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله أن الله شديد العقاب) .
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) . أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
والآيات والأحاديث الدالة على تحريم التعاون على المعاصي كثيرة، وهكذا تأخير العقارات لأصحاب البنوك الربوية لا يجوز للأدلة المذكورة، ولما في ذلك من إعانتهم على أعمالهم الربوية. .
نسأل الله أن يمن على الجميع بالهداية وأن يوفق المسلمين جميعاً حكاماً ومحكومين لمحاربة الربا والحذر منه والاكتفاء بما أباح الله ورسوله من المعاملات الشرعية إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الشيخ ابن باز
***
حكم استثمار الأموال في البنوك بفائدة
س ما حكم استثمار الأموال في البنوك. علماً بأن هذه البنوك تعطي فائدة لوضع المال فيها؟
ج من المعلوم عند أهل العلم بالشريعة الإسلامية أن استثمار الأموال في البنوك بفائدة ربوية محرم شرعاً، وكبيرة من الكبائر، ومحاربة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) .(2/395)
وقال سبحانه (ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) .
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) أخرجه مسلم في صحيحه.
وخرج البخاري في الصحيح عن أبي حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ((لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور)) . وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((اجتنبوا السبع الموبقات)) .
قلنا ما هن يا رسول الله، قال ((الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) .
والآيات والأحاديث في هذا المعنى ــ وهو تحريم الربا والتحذير منه ــ كثيرة جداً. فالواجب على المسلمين جميعاً تركه والحذر منه والتواصي بتركه، والواجب علا ولاة الأمور من المسلمين منع القائمين على البنوك في بلادهم من ذلك، وإلزامهم بحكم الشرع المطهر تنفيذاً لحكم الله وحذراً من عقوبته، قال تعالى (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) .
وقال عز وجل (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) . الآية
وقال صلى الله عليه وسلم ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه)) . والآيات والأحاديث في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة ومعلومة فنسأل الله للمسلمين جميعاً حكاماً ومحكومين وعلماء وعامة التوفيق للتمسك بشريعته والاستقامة عليها، والحذر من كل ما يخالفها إنه خير مسئول.
الشيخ ابن باز
***(2/396)
حكم تحويل النقود عن طريق البنوك
س هل يحل للمسلم أن يتعامل مع البنوك الحالية التي تعطي زيادة على رأس المال أو تزود المقترض؟
ج لا يجوز للشخص أن يودع نقوده عند البنك يعطيه زيادة مضمونه سنوياً ــ مثلاً ــ، ولا يجوز أيضاً أن يقترض من البنك بشرط أن يدفع له زيادة في الوقت الذي يتفقان عليه لدفع المال المقترض كأن يدفع عند الوفاء زيادة خمسة في المائة، وهاتان الصورتان داخلتان في عموم أدلة تحريم الربا من الكتاب والسنة والإجماع، وهذا صريح بحمد الله.
وأما التعامل مع البنوك بتأمين النقود بدون ربح، وبالتحويلات، فأما بالنسبة لتأمين النقود بدون ربح فإن لم يضطر إلى وضعها في البنك فلا يجوز أن يضعها فيه لما في ذلك من إعانة أصحاب البنوك على استعمالها في الربا وقد قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) . وإن دعت إلى ذلك ضرورة فلا نعلم في ذلك بأساً إن شاء الله، وأما بالنسبة لتحويل النقود من بنك لآخر ولو بمقابل زائد يأخذه البنك المحول، فجائز، لأن الزيادة التي يأخذها البنك أجرة له مقابل عملية التحويل.
اللجنة الدائمة
***
هذه المعونة عين الربا
س أحد البنوك عرض على المسؤولين عن صندوق الطلبة حفظ أموال الصندوق مقابل ما يسميه البنك معونة وهي عبارة عن مبلغ من المال يتم إعطاؤه دون مقابل سوى حفظ المبلغ، ويقوم البنك بدوره بتشغيله واستثماره. فهل يجوز إيداع المبلغ في ذلك البنك؟
ج هذا العمل لا يجوز، لأنه عين الربا، وحقيقته أن البنك يتصرف في أموال الصندوق بفائدة معلومة يسلمها للصندوق، وإنما سماها البنك معونة تلبيساً وخداعاً وتغطية للربا.
والربا ربا وإن سماه الناس ما سموه. . والله المستعان.
الشيخ ابن باز
***
حكم بيع الكمبيالات للبنوك بفوائد
س اشترى رجل بضاعة من بائع، واتفق معه على مدة للأداء، شهر أو شهرين، ووقع المشتري للبائع ورقة تسمى كمبيالة يعين فيها ثمن الشراء ووقت الأداء واسم المشتري، وبعد(2/398)
ذلك يبيع البائع الكمبيالة للبنك، ويسدد البنك قيمة الكمبيالة مقابل ربح يأخذه من البائع، فهل هذا حلال أم حرام؟
ج شراء بضاعة لأجل معلوم بثمن معلوم جائز، وكتابة الثمن مطلوبة شرعاً، لعموم قوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه) الآية، أما بيع الكمبيالة للبنك مقابل تسديده المبلغ ويتولى البنك استيفاء ما في الكمبيالة من مشتري البضاعة، فحرام لأنه ربا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
(المساهمة في البنوك)
حكم المساهمة في البنوك الربوية
س هل تجوز المساهمة مع البنوك العاملة بالمملكة أمثال البنك السعودي الأمريكي، والبنك السعودي التجاري المتحد، التي مطروحة أسهمه الآن للاكتتاب العام وغيرها من البنوك، أفيدونا جزاكم الله عنا ألف خير.
ج لا يجوز المساهمة في البنوك الربوية، كما لا تجوز المعاملات الربوية مع البنوك وغيرها، لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان. والله سبحانه يقول (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) .
الشيخ ابن باز
***
حكم شراء أسهم البنوك
س ما حكم شراء أسهم البنوك وبيعها بعد مدة بحيث يصبح الألف بثلاثة آلاف مثلاً، وهل يعتبر ذلك من الربا؟
ج لا يجوز بيع أسهم البنوك ولا شراؤها لكونها بيع نقود بنقود بغير اشتراط التساوي والتقابض، ولأنها مؤسسات ربوية لا يجوز التعاون معها لا ببيع ولا شراء لقول الله سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) الآية.(2/399)
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) رواه الإمام مسلم في صحيحه. وليس لك إلا رأس مالك.
ووصيتي لك ولغيرك من المسلمين هي الحذر من جميع المعاملات الربوية، والتحذير منها، والتوبة إلى الله سبحانه مما سلف من ذلك، لأن المعاملات الربوية محاربة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ومن أسباب غضب الله وعقابه كما قال الله عز وجل (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) .
وقال عز وجل (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) ولما تقدم من الحديث الشريف.
الشيخ ابن باز
***
(العمل في البنوك)
حكم العمل في البنوك الربوية
س إنني على وشك التخرج وأنوي العمل في أحد البنوك الموجودة في مدينتي، ما رأي سماحة الشيخ في ذلك، وهل يدخل العمل في البنوك ضمن الحديث الشريف عن الربا؟
ج أنصحك بعدم العمل في البنوك الربوية لما في ذلك من إعانة القائمين عليها على ما حرم الله سبحانه من الربا، وقد قال الله عز وجل (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) .
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) أخرجه مسلم في صحيحة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وأسأل الله أن يوفق القائمين عليها للتمسك بالشريعة الإسلامية، وترك ما حرم الله عليهم من الربا، وأن يوفق ولاة الأمور لمنعهم من ذلك حتى يلتزموا بشرع الله سبحانه ويحذروا مخالفته إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
***(2/400)
العمل في بنوك الربا إعانة لها على الإثم
س لي ابن عم شغال في أحد البنوك كاتباً، وأفتاه بعض العلماء ألا يبقى فيه وأن يبحث عن وظيفة أخرى غير البنك أفيدونا عن ذلك جزاكم الله خيراً هل يجوز أم لا؟
ج قد أحسن الذي أفتاه بالفتوى المذكورة، لأن العمل في البنوك الربوية لا يجوز، لكون ذلك من إعانتها على الإثم والعدوان، والله سبحانه يقول (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) .
أخرجه مسلم في صحيحة.
الشيخ ابن باز
***
حكم العمل في المؤسسات الربوية
س هل يجوز العمل في مؤسسة ربوية كسائق أو حارس؟
ج لا يجوز العمل بالمؤسسات الربوية ولو كان الإنسان سائقاً أو حارساً. وذلك لأن دخوله في وظيفة عند مؤسسات ربوية يستلزم الرضي بها. لأن من ينكر الشيء لا يمكن أن يعمل لمصلحته. . فإذا عمل لمصلحته فإنه يكون راضياً به. . والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه. .
أما من كان يباشر القيد والكتابة والإرسال والإيداع وما أشبه ذلك فهو لاشك أنه مباشر للحرام. . وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال بل ثبت من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال ((هم سواء)) .
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم العمل في حراسة البنوك
س رجل يعمل في أحد البنوك من مدة عشر سنوات، ولقد علم أن العمل في البنوك غير جائز، وهو يعمل حارساً ليلياً وليس له علاقة في المعاملات، هل يستمر في العمل أو يتركه؟
ج البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز للمسلم أن يكون حارساً لها لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عنه بقوله تعالى (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) .(2/401)
وأغلب أحوال البنوك التعامل بالربا، وينبغي لك أن تبحث عن طريق حلال من طرق طلب الرزق غير هذا الطريق، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
***
حكم من عمل في البنوك جاهلاً ثم تاب، وحكم الرواتب التي أخذها منها
س أحيطكم علماً بأنني كنت أعمل في بنك من البنوك واسمه (البنك السعودي الهولندي) هو أحد البنوك المنتشرة في السعودية، وقد عملت به حال تخرجي من الثانوية بعام ولمدة 6أو 7شهور، وأخبرني أحد الزملاء بأن العمل بالبنك حرام حيث أنه يتعامل في بعض حساباته بالربا، فالتحقت بالخطوط السعودية كطالب وتركت البنك، وما أود أن أسأله هو هل الرواتب في السبعة شهور التي استلمتها تعتبر حراماً حيث أنني أعمل كموظف فقط أتقاضي راتباً على عملي وجهدي، وهل يلزم أن أتصدق بجميع ما تسلمته من قبل من رواتب ومبالغ، أو يكفي أنني تركت العمل بالبنك؟
ج إذا كان الواقع كما ذكرت بعد أن أخبرت أنه لا يجوز العمل في بنك، فلا حرج عليك فيما قبضته من البنك مقابل عملك لديه مدة الأشهر المذكورة، ولا يلزمك التصدق بها، وتكفي التوبة عن ذلك، عفا الله عنا وعنك. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
العمل في بنوك الربا لا يجوز
س كنت في مصر أعمل في أحد البنوك التابعة للحكومة، ومهمة هذا البنك إقراض الزراع وغيرهم بشروط ميسرة لمدة تتراوح ما بين عدة شهور إلى سنوات، وتصرف هذه السلف والقروض النقدية والعينية نظير فوائد وغرامات تأخير يحددها البنك عند صرف السلف والقروض مثل3%أو 7%أو أكثر من ذلك زيادة على أصل القرض، وعندما يحل موعد سداد القرض يسترد البنك أصل القرض زائداً الفوائد والغرامات نقداً، وإذا تأخر العميل عن السداد في الموعد المحدد يقوم البنك بتحصيل فوائد تأخير عن القرض مقابل كل يوم تأخير، زيادة عن السداد في الميعاد.
وعليه فإن إيرادات هذا البنك هي جملة فوائد على القروض، وغرامات تأخير لمن لم يلتزم بالسداد في المواعيد المحددة.
ومن هذه الإيرادات تصرف مرتبات الموظفين في البنك.(2/402)
ومنذ أكثر من عشرين عاماً، وأنا أعمل في هذا البنك، تزوجت من راتب البنك وأتعيش منه وأربي أولادي وأتصدق وليس لي عمل آخر، فما حكم الشرع في ذلك؟
ج عمل هذا البنك يأخذ الفوائد الأساسية والفوائد الأخر من أجل التأخير كلها ربا، ولا يجوز العمل في مثل هذا البنك لأن العمل فيه من التعاون على الإثم والعدوان وقد قال الله سبحانه وتعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) .
وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) . رواه مسلم. . أما الرواتب التي قبضتها فهي حل لك إن كنت جاهلاً بالحكم الشرعي لقول الله سبحانه (وأحل الله البيع وحرم الربا فمن حاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) ، أما إن كنت عالماً بأن هذا العمل لا يجوز لك فعليك أن تصرف مقابل ما قبضت من الرواتب في المشاريع الخيرية ومواساة الفقراء، مع التوبة إلى الله سبحانه، ومن تاب إلى الله توبة نصوحاً قبل الله توبته وغفر سيئاته كما قال الله سبحانه (ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار) الآية.
وقال تعالى (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) .
الشيخ ابن باز
***
رواتب موظفي البنوك
س هل الرواتب التي يتسلمها موظفو البنوك بصفة عامة والبنك العربي بصفة خاصة حلال أم حرام، حيث أنني سمعت أنها حرام لأن البنوك تتعامل بالربا في بعض معاملاتهم أرجو إفادتي حيث أنني أريد العمل في أحد البنوك؟
ج لا يجوز العمل في البنوك التي تتعامل بالربا لأن في ذلك إعانة لهم على الإثم والعدوان وقد قال الله سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) . وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) أخرجه مسلم في صحيحة.
الشيخ ابن باز
***(2/403)
(فوائد البنوك)
حكم الفوائد التي تدفعها البنوك
س بعض البنوك تعطى أرباحا بالمبالغ التي توضع لديها من قبل المودعين، ونحن لا ندري حكم هذه الفوائد هل هي ربا أم هي ربح جائز يجوز للمسلم أخذه. وهل يوجد في العالم العربي بنوك تتعامل مع الناس حسب الشريعة الإسلامية؟
ج أولا الأرباح التي يدفعها البنك للمودعين على المبالغ التي أودعوها فيه تعتبر ربا. ولا يحل له أن ينتفع بهذه الأرباح. وعليه أن يتوب إلى الله من الإيداع في البنوك الربوية، وأن يسحب المبلغ الذي أودعه وربحه فيحتفظ بأصل المبلغ وينفق ما زاد عليه في وجوه البر من فقراء ومساكين وإصلاح مرافق عامة ونحو ذلك.
ثانياً يبحث عن محل لا يتعامل بالربا ولو دكانا ويوضع المبلغ فيه على طريق التجارة، مضاربة، على أن يكون ذلك جزءاً مشاعاً معلوماً من الربح كالثلث مثلاً، أو بوضع المبلغ فيه أمانة بدون فائدة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
حكم أرباح البنوك
س هل الربح الذي تحدده البنوك لرؤوس الأموال حلال أم حرام، وهل نأخذ هذه الأرباحأم نرفضها؟
ج هذا الربح هو عين الربا لأنه دفع مال وأخذ أكثر منه من جنسه حيث إن البنوك لا تعرف مقداراً لربح هذا المال بعينه بل يخلطونه بغيره فقد يربح كثيراً وقد يخسر فهو ربا وغرر لكن أباح بعض العلماء أخذه وصرفه في وجوه البر على المساكين والمصالح النافعة ولا يبقى لمن يستعين به على المعصية.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم أخذ فوائد البنوك وصرفها في المشاريع الخيرية
س نحن عمال أتراك نعمل بالمملكة العربية السعودية، بلدنا ـ تركيا ـ كما لا يخفى عليكم، بلد تبنَّي العلمانية حكماً ونظاماً، والربا منتشر في البلاد بشكل غريب جداً حتى وصل إلى50% في(2/404)
العام الواحد. ونحن هنا مضطرون لأرسال النقود إلى أهلينا بتركيا بواسطة البنوك التي هي مصدر الربا ومولدتها. .
وكذلك نضع النقود في البنوك خوفاً من السرقة والضياع وبعض الخطورة الأخرى. بهذا الاعتبار نعرض لفضيلتكم سؤالين هامين بالنسبة لنا. . أفتونا في أمرنا هذا جزاكم الله عنا خير الجزاء.
أولا هل يجوز لنا أخذ الربا من تلك البنوك ونتصدق به على الفقراء وبناء دور الخير. . . بدل تركه لهم؟
ثانياً إذا كان هذا غير جائز فهل يجوز وضع النقود في تلك البنوك لعلة ضرورة حفظه من السرقة والضياع بدون استلام الربا مع العلم بأن البنك يُشغَله مادام فيه.
وسدد الله خطاكم ونفع بكم وتولاكم لما يحبه.
ج إذا دعت الضرورة إلى التحويل عن طريق البنوك الربوية فلا حرج في ذلك إنْ شاء الله لقول الله سبحانه (وقد فصَّل لكم ما حرَّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) .
ولا شك أن التحويل عن طريقها من الضرورات العامة في هذا العصر، وهكذا الايداع فيها للضرورة بدون اشتراط الفائدة، فإنْ دفعت إليه الفائدة من دون شرط ولا اتفاق فلا بأس بأخذها لصرفها في المشاريع الخيرية كمساعدة الفقراء والغرماء ونحو ذلك، لا ليتملكها أو ينتفع بها بل هي في حكم المال الذي يضر تركه بالمسلمين مع كونه من مكسب غير جائز، فصرفه فيما ينفع المسلمين أولى من تركه للكفار يستعينون به على ما حرم الله، فإنْ أمكن التحويل عن طريق البنوك الإسلامية، أو من طرق مباحة، لم يجز التحويل عن طريق البنوك الربوية، وهكذا الايداع إذا تيسر في بنوك إسلامية أو متاجر إسلامية لم يجز الايداع في البنوك الربوية لزوال الضرورة. . . والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حول أخذ الفوائد وصرفها في المشاريع الخيرية أيضا
س إننا في بلاد أهلها من غير المسلمين، ونحن في هذه البلاد قد أنعم الله علينا بوفرة المال الذي يتطلب منا حفظه في أحد البنوك الأميريكية، ونحن المسلمين نضع أموالنا في هذه البنوك دون أخذ أية ربوية، وهم مسرورون بذلك ويتهموننا بالغباء لأننا نترك لهم أموالاً قد تعينهم على نشر النصرانية بأموال المسلمين. . وسؤالي لماذا لا نستفيد من هذه الفوائد ونعين بها(2/405)
المسلمين الفقراء أو نبني بها مساجد ومدارس إسلامية، وهل يلام المسلم إذا أخذ هذه الفوائد، وصرفها في سبيل الله كالتبرع للمجاهدين وخلافه؟
ج لا يجوز وضع الأموال في البنوك الربوية سواء كان القائمون عليها مسلمين أو غيرهم لما في ذلك من إعانتهم على الاثم والعدوان، ولو كان ذلك بدون فوائد، لكن إذا اضطر إلى ذلك للحفظ بدون فائدة فلا حرج إن شاء الله لقول الله عز وجل (وقد فصَّل لكم ما حرَّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) أما مع شرط الفائدة فالاثم أكبر لأنَّ الربا من أكبر الكبائر وقد حرمه الله في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين، وأخبر أنه ممحوق، وأن من يتعاطاه قد حارب الله ورسوله، وفي إمكان أصحاب الأموال الانفاق منها في وجوه البر والاحسان، وفي مساعدة المجاهدين، والله يأجرهم على ذلك ويخلفه عليهم كما قال سبحانه (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وقال سبحانه (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) وهذا يعم الزكاة وغيرها، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ((ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه)) .
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه قال ((ما من يوم يصبح فيه الناس إلا وينزل فيه ملكان أحدهما يقول اللهم أعط منفقاً خلفاً والثاني يقول اللهم أعط ممسكاً تلفاً)) .
والآيات والأحاديث في فضل النفقة في وجوه الخير والصدقة على ذوي الحاجة كثيرة جداً. . لكن لو أخذ صاحب المال فائدة ربوية جهلاً منه أو تساهلاً ثم هداه الله إلى رشده فإنَّه ينفقها في وجوه الخير وأعمال البر ولا يبقيها في ماله، لأن الربا يمحق ما خالطه كما قال الله سبحانه (يمحق الله الربا ويربي الصدقات) الآية. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم من أخذ هذه الفوائد جهلا
س إذا كان لدي مبلغ من المال ووضعته في بنك وقد مضى على هذا المبلغ مدة من الزمن، عام أو أكثر، واستلمته بزيادة10 ولم أكن على علم بأن ذلك نوع من الربا أو التعامل غير المشروع وأضعت المبلغ كله أعني الزيادة التي حصلت عليها وبقي المودع لد البنك. فهل يمكن أن أخرج هذا المبلغ من أي مبلغ أملكه من كسبي الحلال، وهل يجوز أن أسافر لأعطيه إلى بنات عمي المتزوجات وهن محتاجات، مع العلم بأنهن يسكن في منطقة بعيدة عنا؟
ج عليك التوبة مما أكلته من ذلك الربا الذي إعطاك إياه البنك باسم الفائدة، وليس عليك أن تغرمه وتخرجه، بل هو مما يعفو الله عنه لقوله تعالى (فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما(2/406)
سلف وأمره إلى الله) فإن أخذت هذا الربا بعد ذلك فتصدق به على من يستحق الصدقة من قريب وبعيد لتسلم من إثم أكل الربا.
الشيخ ابن جبرين
***
كيفية التخلص من الفوائد الربوية
س إذا أخذت مالاً من البنك له مدة تزيد عن السنة وجاءني معه ربح، فهل يجوز التصدق به أو رده للبنك أم ماذا أفعل؟
ج يجب عليك إخراج زكاته كلما دارت عليه السنة سواء كان في البنك أو غيره إذا كان نصاباً.
أما ما أعطاك البنك من الربح فلا ترده على البنك ولا تأكله، بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء، وإصلاح دورات المياه، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم، ولا يجوز لك أن تعامل البنك بالربا ولا غير البنك، لأن الربا من أقبح الكبائر وقد قال الله سبحانه في كتابه العظيم (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم) إلى أن قال سبحانه (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أوالكم لا تظلمون ولا تظلمون) فهذه الآيات الكريمات كلها تدل على شدة تحريم الربا وأنه من كبائر الذنوب، فإن من أصر عليه فهو متوعد بالخلود في النار نسأل الله العافية، وهذا الخلود على ظاهره مثل خلود الكفار ليس له نهاية إذا كان مستحلاً للربا.
أما من يعلم أن الربا حرام ويعتقد ذلك ثم أصر عليه فإنه يعمه الوعيد المذكور، ولكن خلوده في النار إن دخلها ليس مثل خلود الكفار بل هو خلود له نهاية كما درج على ذلك سلف الأمة وأئمتها خلافا للخوارج والمعتزلة، وهكذا خلود قاتل نفسه، وقاتل غيره عمداً عدواناً، وخلود الزاني، كله من هذا الباب، من استحل منهم هذه المعاصي كفر وخلد في النار مثل خلود الكفار. نعوذ بالله من ذلك.
أما من لم يستحلها وإنما فعلها طاعة للهوى والشيطان، فإنه لا يخلد في النار ــ إن دخلها ــ مثل خلود الكفار، ولكنه يخلد فيها خلوداً له نهاية لأن العرب يعبرون في لغتهم عن الإقامة الطويلة بالخلود، والقرآن الكريم نزل بلغتهم، وهذه مسألة عظيمة يجب التنبه لها والتفريق ما بين خلود الكافرين وخلود العاصين، وبسبب الجهل بالفرق بين الخلودين وقعت الخوارج والمعتزلة في منكر(2/407)
عظيم واعتقاد فاسد، وهو حكمهم على العصاة بالخلود في النار أبد الآباد كخلود الكفار، وقد أنكر عليهم أهل السنة، وبينوا بطلان مذهبهم بالأدلة الواضحة من الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة. وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) .
رواه الامام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وروى البخاري في صحيحه عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ((لعن أكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور)) .
فالواجب على جميع المسلمين الحذر من المعاملات الربوية والتعاون مع أهلها في ذلك للحديثين المذكورين ولقوله سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه والسلامة من أسباب غضبه إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
***
حكم أخذ الفوائد الربوية والتصدق بها على الفقراء
س ما هي الكيفية في صرف أرباح الفوائد البنكية؟ هل يتركها للبنك؟ أم يأخذها ويتصدق بها خوفا من الناحية الربوية؟!
ج أنا أختار أخذها والصدقة بها على فقراء المسلمين ولا إثم عليه إن شاء الله إذا لم يأكلها، ولا تصير ربا على الفقراء. بل هو مال قد أخذه صاحبه بوجه محرم فعليه أن يتصدق به كالمسروق والمغصوب الذي لا يرجى معرفة صاحبه. وهكذا مصرف الأموال المحرمة عند التوبة منها كمهر البغي وثمن الكلب ونحوها.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم أخذ الفوائد ودفعها للمجاهدين
س هل جائز شرعا أن أودع مالي وأخذ فائدة عليه وأعطي الفائدة للمجاهدين مثلاً؟!
ج حيث عرف أن هذه البنوك تتعاطى الربا. فإن الإيداع عندها فيه إعانة لها على الاثم والعدوان. ننصح بعدم التعامل معها، لكن إن اضطر إلى ذلك ولم يجد مصرفاً أو بنكاً إسلامياً فلا بأس بالايداع عندها. ويجوز أخذ هذا الجعل الذي يدفعونه كربح أو فائدة لكن لا يُدخله في ماله(2/408)
بل يصرفه في وجوه الخير على الفقراء والمساكين والمجاهدين ونحوهم فهو أفضل من تركه لمن يصرفه على الكنائس والدعاة إلى الكفر والصد عن الإسلام.
الشيخ ابن جبرين
***
الفوائد الربوية تصرف في وجوه الخير
س كيف أتخلص من الفوائد الربوية شرعاً؟
ج أرى واستحسن أخذها من البنوك وصرفها في وجوه البر وفي الأعمال الخيرية من مساجد ومدارس خيرية في بلاد إسلامية محتاجة لذلك بدلاً من أن ياكلها أهل البنك وهو السبب، فيدخل في حديث لعن الله آكل الربا وموكله.
الشيخ ابن جبرين
***
تعقيب سماحة الشيخ على ما نشر في مجلة منار الإسلام من أن الفائدة البسيطة تجوز استثناء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلفه نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيلهم واتبع هداهم إلى يوم الدين أما بعد ــ
فقد اطلعت على ما نشرته (مجلة منار الإسلام) الصادرة في (أبو ظبي) عن وزارة العدل والشئون الدينية في عددها الثالث، الصادر في ربيع الأول من عام 1404هـ السنة التاسعة عن إعلان إحدى دوائر المحكمة الاتحادية العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة بعض المبادىء بخصوص الفوائد المصرفية، والتقاضي بشأنها أمام المحاكم، وما تضمنته من أن الفائدة البسيطة للقرض تجوز استثناءً من أصل تحريم الربا إذا دعت الحاجة إليها واقتضتها المصلحة، واعتبار أن البنوك في
حالتها الراهنة ووفقاً لأنظمتها العالمية تتطلبها حاجة العباد ولا تتم مصالح معاشهم إلا بها، وأن المحاكم لا تملك الامتناع من القضاء بالفوائد بمقولة إن الشريعة تحرم الفائدة، وأنه ليس للقاضي في حالة الفائدة الاتفاقية إلا أن يحكم بها، وأخيراً القول بجواز الفائدة البسيطة ما دامت في حدود12 في المسائل التجارية و9 في غيرها. واعتبارهم أن هذه الفوائد في تلك الحالات لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية التي تلتزم بها دولة الإمارات المسلمة.
وإنني أستغرب جداً هذه الخطوة الجريئة على إعلان هذه المبادىء الغريبة التي تحمل انتهاكاً لحرمات الله وتعاليم شريعته السمحة المعلومة في دين الإسلام من نصوص القرآن الصريحة،(2/409)
وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وخاصة أنها أُعلنت في ظل دولة إسلامية يراسها رجل مسلم، وفي هذه البادرة الخطيرة افتراء على الإسلام، وتحليل لما هو من أشد المحرمات في شريعة الله، كما أبان ذلك سماحة رئيس القضاء الشرعي في دولة الإمارات العربية في رده على هذه المبادىء وإبانته وجه الحق.
ومعلوم أن الله سبحانه وتعالى قد حرم الربا بجميع أشكاله وألوانه في كتابه العزيز في آيات كثيرة منها قوله تعالى (الَّذين يأكلون الرَّبا لا يقومون إلاَّ كما يقوم الَّذي يتخبطه الشَّيطان من المسَّ ذلك بأنَّهم قالواْ إنَّما البيع مثل الرَّبا وأحلَّ الله البيع وحرَّم الرَّبا، فمن جآءه موعظة مَّن رَّبَّه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النَّار هم فيها خالدون، يمحق الله الرَّبا ويربي الصدقات والله لا يحبُّ كلَّ كفَّار أثيم) وقال تعالى (يأيُّها الذين آمنوا لا تأكلوا الرَّبا أضعافاً مضاعفة واتَّقوا الله لعلَّكم تفلحون) وقال (وما ءاتيتم من رَّبا ليربوا في أموال النَّاس فلاْ يربوا عند الله) وقال تعالى (يَأيُّها الَّذين آمنوا اتَّقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءُوس أموالكم لا تَظْلِمون ولا تُظْلَمون) . وهذا الأسلوب الشديد يدل على أن الرَّبا من أكبر الجرائم وأفظعها، وأنه من أعظم الكبائر الموجبة لغضب الله، والمسببة لحلول العقوبات العاجلة والآجلة، قال سبحانه وتعالى (فليحذر الَّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وقال علي الصلاة والسلام ((اجتنبوا السبع الموبقات)) قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال ((الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس، التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الرَّبا وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) ومعني الموبقات المهلكات. وقال صلى الله عليه وسلم، ((الربا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان الرجل أمه)) وقد صح عنه النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال ((هم سواء)) وقال صلى الله عليه وسلم ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، الشعير بالشعير، والملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد، فمن زاد، أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي فيه سواء)) رواه مسلم. فهذه الآيات والأحاديث وغيرها تؤكد حرمة الربا قليلة وكثيرة، وتبين خطره على الفرد والمجتمع، وأن من تعامل به أو تعاطاه، فقد أصبح محارباً لله ورسوله، وليس بين جميع أهل العلم خلاف في تحريم ذلك لصراحة النصوص فيه.
وكيف يجيز المسلم الغيور على دينه، الذي يؤمن بأن هذا الإسلام العظيم جاء ديناً شاملاً كاملاً متضمناً جلب المصالح ودرء المفاسد، صالحاً للتطبيق في كل العصور والأمكنة، كيف يجيز لنفسه إباحة الربا والتعامل به.
وإن هذه المبادىء التي أعلنتها إحدى دوائر المحكمة الاتحادية العليا في دولة الإمارات لتحليل(2/410)
ما حرمه الله ورسوله، بحجة قيام الحاجة إليها، فيها جزأة على الله، ومحاده لأحكامه، وقول عليه بغير علم، وحاجة الناس إلى المصارف لا تكون إلا بسيرها على أسس من الشريعة الإسلامية، بإحلال ما أحله الله وتحريم ما حرمه، فإذا كانت خلاف ذلك فهي شر وفساد. وأحكام شريعة الله ثابتة وقطعية لأنها صدرت من عزيز حكيم يعلم شئون عباده وما يصلح أحوالهم، ولا يجوز لنا وامتثالاً لأمر الله ورسوله في وجوب التناصح بين المسلمين، وأداءً لما يجب على مثلي من البيان والتحذير عمَّا حرمه الله ورسوله، جرى تحرير هذه الكلمة الموجزة، وأسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه، والنصح لله ولعباده والحذر من كل ما يخالف شرعه المطهر، إنه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الرئيس العام
لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(القرض)
حكم البنوك التي تعطي قروضا بفوائد سنوية
الحمد لله وحده وبعد، فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء المحال من الأمانة العامة لهيئة كباء العلماء بخصوص سؤال السائل عن مسألتين إحداهما ما ذكره من أن بنكاً تأسس في بلادهم، وأنه يعطي المساهمين فيه قروضاً بفائدة سنوية مقدارها6 إلى أن يتم استيفاء القرض، ويسأل عن صحة ذلك. الثانية عن حكم ختان البنات هل هو مستحب أم مكروه.
وبدراسة اللجنة للإستفتاء أجابت عن السؤال الأول بأنَّ المعاملة بالبنك التي وردت في السؤال معاملة محرمة، وهي تجمع بين ربا الفضل وربا النسيئة، وربا الفضل في أنه يأخذ منه ألفاً مثلاً ويعطيه ألفاً وستين، وربا النسيئة في أنه يأخذ منه ألفاً اليوم ويعطيه ألفاً وستين مثلاً بعد سنة،
وذلك لما روى أحمد ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال ((الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فيبعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)) ووجه الاستدلال(2/411)
بذلك على حرمة هذه المعاملة، وأنها تجمع بين ربا الفضل وربا النسيئة، أن البنك أعطى المستقرض نوعاً من النقود وشرط عليه استردادها بعد زمن بزيادة تخضع للمدة التي تسبق سدادها، ورسوله الله صلى الله عليه وسلم يقول مثلاً بمثل يداً بيد، فهذه المعاملة مخالفة لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك، وذكر ابن المنذر رحمه الله إجماع من يحفظ عنه من أهل العلم على أن القرض إذا أقرض قرضاً وشرط على المقترض زيادة أو هدية، أن ذلك ضروب الربا.
وأجابت عن السؤال الثاني بأن ختان النساء مشروع في حقهن على سبيل الاستحباب لما روى الخلال بإسناده إلى شداد بن أوس رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم ((الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء)) . وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
حكم القرض بفائدة
س المعاملة مع البنك هل هي ربا أم جائزة، لأن فيه كثيراً من المواطنين يقترضون منها؟
ج يحرم على المسلم أن يقترض من أحد ذهباً أو فضة أو ورقا نقدياً على أن يرد أكثر منه، سواء كان المقرض بنكاً أم غيره لأنه ربا وهو من أكبر الكبائر، ومن تعامل هذا التعامل من البنوك فهو بنك ربوي. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
لا يجوز القرض بالفائدة
س أنا موظف مرتبي حوالي 3048ريالاً، ومتزوج منذ عام تقريباً، وعلي ديون تصل إلى 53ألف ريال، وكثيراً ما يحرجني أصحاب الديون ولا أجد ما أسدد لهم. .
فهل يجوز لي أن اقترض من أحد البنوك التي تقرض بأخذ فائدة، علماً بأن القرض لا يكفي نصف ديوني أفيدوني جزاكم الله خيرا. .
ج لا يجوز للمسلم أن يقترض من البنك ولا غيره قرضا بالفائدة لأن ذلك من أعظم الربا، وعليه أن يأخذ بالأسباب المباحة في طلب الرزق وقضاء الدين. .
وفيما أباح الله من المعاملات وأنواع الكسب ما يغني المسلم عما حرم الله عليه. .
والواجب على أصحاب الدين أن ينظروك إلى ميسرة إذا عرفوا إعسارك لقول الله سبحانه(2/412)
(وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) . . الآية من سورة البقرة. .
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال)) من أنظر معسراً أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) .
وقال صلى الله عليه وسلم ((من يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة)) والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
***
حكم الاقتراض من صندوق التنمية العقاري للغني
س إنسان اقتراض من صندوق التنمية العقارية لبناء فيلا وأحواله ــ ولله الحمد ــ جيدة، وبعد بنائها بقيت هكذا، وبعد مدة أجرتها على شخص وسؤال. . هل علي إثم فيما فعلت؟ وهل على الايجار زكاة؟!
ج حيث أن الحكومة وفقها الله فتحت هذا الصندوق العقاري فإن القصد منه حل أزمة السكن وما وقع في بعض الأزمنة من المضايقات، وقد سمحت لكل مواطن أن يقترض منه بالشروط المعروفة ولم يفرقوا بين غني وفقير، وسواء عمر المقترض للسكن أو للتأجير فلا بأس بذلك وتصرفه صحيح إن شاء الله. فأما الزكاة فلا تجب في عين الدور والعمارات وإنما تجب في الأجرة إذا بقيت عند المالك حتى تم الحول فإن أنفقها أو قضى بها ديناً فلا زكاة فيها.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم (جمعية) الموظفين
س جماعة من المدرسين يقومون في نهاية كل شهر بجمع مبلغ من المال من رواتبهم ويعطى لشخص معين منهم، وفي الشهر الثاني يعطى لشخص آخر وهكذا حتى يأخذ الجميع نصيبهم وتسمى عند البعض بالجمعية، فما حكم الشرع في ذلك؟.
ج ليس في ذلك بأس، وهو قرض ليس فيه اشتراط نفع زائد لأحد، وقد نظر في ذلك مجلس هيئة كبار العلماء فقرر بالأكثرية جواز ذلك لما فيه من المصلحة للجميع بدون مضرة. . والله ولي التوفيق. .
الشيخ ابن باز
***(2/413)
لا يجوز بيع القرض إلا بسعر المثل وقت التقاضي
س أقرضني أخي في الله (حسن ــ م) ألفي دينار تونسي. وكتبنا عقداً بذلك ذكرنا فيه قيمة المبلغ بالنقد الألماني، وبعد مرور مدة القرض ــ وهي سنة ــ ارتفع ثمن النقد الألماني، فأصبح إذا سلمته ما هو في العقد أكون أعطيته ثلاثمائة دينار تونسي زيادة على ما اقترضته.
فهل يجوز لمقرضي أن يأخذ الزيادة، أم أنها تعتبر ربا؟ لاسيما وأنه يرغب السداد بالنقد الألماني ليتمكن من شراء سيارة من ألمانية؟.
ج ليس للمقرض (حسن ــ م) سوى المبلغ الذي أقرضك وهو ألفا دينار تونسي، إلا أن تسمح بالزيادة فلا بأس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن خيار الناس أحسنهم قضاء)) رواه مسلم في صحيحه، وأخرجه البخاري بلفظ ((إن من خيار الناس أحسنهم قضاء)) .
أما العقد المذكور فلا عمل عليه ولا يلزم به شيء لكونه عقداً غير شرعي، وقد دلت النصوص الشرعية على أنه لا يجوز بيع القرض إلا بسعر المثل وقت التقاضي إلا أن يسمح من عليه القرض بالزيادة من باب الإحسان والمكافأة للحديث الصحيح المذكور آنفا.
الشيخ ابن باز
***
من اقترض بعملة هل يسدد بأخرى
س طلب مني أحد أقاربي المقيمين بالقاهرة قرضاً وقدره 2500جنيه مصري وقد أرسلت له مبلغ 2000دولار باعهم وحصل على مبلغ 2490جنيها مصريا، ويرغب حاليا في سداد الدين، علما بأننا لم نتفق على موعد وكيفية السداد، والسؤال هل أحصل منه على مبلغ 2490جنيهاً مصرياً وهو يساوي حاليا1800دولار أمريكي (أقل من المبلغ الذي دفعته له بالدولار) . . أم أحصل على مبلغ 2000دولار علماً بأنه سوف يترتب على ذلك أن يقوم هو بشراء (الدولارات) بحوالي 2800جنيه مصري (أي أكثر من المبلغ الذي حصل عليه فعلاً بأكثر من 300جنيه مصري) ؟
ج الواجب أن يرد عليك ما أقرضته دولارات لأن هذا هو القرض الذي حصل منك له. ولكن مع ذلك إذا اصطلحتما أن يسلم إليك جنيهات مصرية فلا حرج، قال ابن عمر رضي الله عنهما كنا نبيع الإبل بالبقيع أو بالنقيع بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، ونبيع بالدنانير فنأخذ عنها الدراهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء)) فهذا بيع نقد من غير جنسه فهو أشبه ما يكون ببيع الذهب بالفضة، فإذا اتفقت أنت وإياه على أن يعطيك(2/414)
عوضاً عن هذه الدولارات من الجنيهات المصرية بشرط ألا تأخذ منه جنيهات أكثر مما يساوي وقت اتفاقية التبديل، فإن هذا لا بأس به، فمثلاً إذا كانت 2000دولار تساوي الآن 2800جنيه لا يجوز أن تأخذ منه ثلاثة آلاف جنيه ولكن يجوز أن تأخذ 2800جنيه، ويجوز أن تأخذ منه 2000دولار فقط يعنى انك تأخذ بسعر اليوم أو بأنزل، أي لا تأخذ أكثر لأنك إذا أخذت أكثر فقد ربحت فيما لم يدخل في ضمانك، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ربح ما لم يضمن، وأما إذا أخذت بأقل فإن هذا يكون أخذاً ببعض حقك، وإبراء عن الباقي، وهذا لا بأس به.
الشيخ ابن عثيمين
***
كل قرض جر منفعة هو ربا
س رجل اقترض مالاً من رجل لكن المقرض اشترط أن يأخذ قطعة أرض زراعية من المقترض رهن بالمبلغ يقوم بزراعتها وأخذ غلتها كاملة أو نصفها، والنصف الآخر لصاحب الأرض حتى يرجع المدين المال كاملاً كما أخذه فيرجع له الدائن الأرض التي كانت تحت يده، ما حكم الشرع في نظركم في هذا القرض المشروط؟
ج إن القرض من عقود الإرفاق التي يقصد بها الرفق بالمقترض والإحسان إليه، وهو من الأمور المطلوبة المحبوبة إلى الله عز وجل لأنه إحسان إلى عباد الله وقد قال الله تعالى (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) [البقرة 195] فهو بالنسبة للمقرض مشروع مستحب، وبالنسبة للمقترض جائز مباح.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استسلف من رجل بكراً ورد خيراً منه، وإذا كان هذا العقد أي القرض من عقود الإرفاق والإحسان فإنه لا يجوز أن يحول إلى عقد معارضة وربح، أعني الربح المادي الدنيوي، لأنه بذلك يخرج من موضوعه إلى موضوع البيع والمعارضات، ولهذا تجد الفرق بين أن يقول رجل لآخر بعتك هذا الدينار بدينار آخر إلى سنة، أو بعتك هذا الدينار بدينار آخر ثم يتفرقا قبل القبض، فإنه في الصورتين يكون بيعاً حراماً ورباً، لكن لو أقرضه ديناراً قرضاً وأوفاه بعد شهر أو سنة كان ذلك جائزاً مع أن المقرض لم يأخذ العوض إلا بعد سنة أو أقل أو أكثر نظراً لتغليب جانب الإرفاق.
وبناء على ذلك فإن المقرض إذا اشترط على المقترض نفعاً مادياً فقد خرج بالقرض عن موضوع الإرفاق فيكون حراماً.
والقاعدة المعروفة عند أهل العلم أن كل قرض جر منفعة فهو ربا، وعلى هذا فلا يجوز للمقرض أن يشترط على المقترض أن يمنحه أرضاً ليزرعها حتى ولو أعطى المقترض سهماً من(2/415)
الزرع، لأن ذلك جر منفعة إلى المقرض تخرج القرض عن موضوعه الأصلي وهو الإرفاق والإحسان.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم الاقتراض من مال حرام
س هل يجوز أن أستلف من شخص تجارته معروفة بالحرام وأنه يتعاطى الحرام؟
ج لا ينبغي لك يا أخي أن تقترض من هذا أو أن تتعامل معه مادامت معاملاته بالحرام، ومعروف بالمعاملات المحرمة الربوية أو غيرها فليس لك أن تعامله، ولا أن تقترض منه بل يجب عليك التنزه عن ذلك والبعد عنه، لكن لو كان يتعامل بالحرام وبغير الحرام، يعني معاملته مخلوطة فيها الطيب والخبيث، فلا بأس، لكن تركه أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ((الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس)) .
فالمؤمن يبتعد عن المشتبهات، فإذا علمت أن كل معاملاته محرمة وأنه يتجر في الحرام فمثل هذا لا يعامل ولا يقترض منه.
الشيخ ابن باز
***
حكم بيع عملة بعملة أخرى نسيئة
س أفيدكم بأنني اقترضت مبلغاً من المال من شخص لا يدين بالإسلام وذلك لظروف أضطرارية على أن أرد له ما يساوي قيمة المبلغ بالعملة الحرة، أي بعملة غير عملة بلدي، وذلك حين عودتي لمكان عملي بالسعودية، ولما عدت بعد فترة، ارتفعت قيمة العملة الحرة وأصبحت تساوي ضعف المبلغ الذي استدنته، فهل إذا أرسلت له المبلغ بالعملة الحرة رغم فرق العملة جائز؟ أم أرسل له المبلغ الذي اقترضته فقط.
ج هذا القرض غير صحيح لأنه في الحقيقة بيع لعملة حاضرة بعملة أخرى نسيئة وهذه معاملة ربوية لأنه لا يجوز بيع عملة بعملة أخرى إلا يداً بيد، وعليك أن ترد إليه ما اقترضته منه فقط مع التوبة النصوح مما جرى من المعاملة الربوية. . وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
***(2/416)
اقترض مني مالا فاتجر به فهل أطالبه بزيادة
س اقترض رجل مني مبلغاً من المال حوالي خمسين ألف ريال قبل ثلاث سنوات على أن يدفعه لي خلال ستة أشهر، ولكنه أبقى المال عنده أكثر من ذلك وأخذ يتاجر فيه إلى الآن. فهل يجوز لي أن أطالبه بزيادة عن رأس مالي الأصلي أم لا؟
ج ليس لك إلا رأس مالك، ولا تجوز لك المطالبة بالزيادة، لأن ذلك من الربا لكن لو أعطاك مع حقك زيادة تبرعاً منه من غير طلب منك ولا إلزام فذلك أفضل له وأحسن في حقه عملاً بالحديث الصحيح وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن خيار الناس أحسنهم قضاء)) . ولأن في ذلك مكافأة لك على إحساك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه)) .
الشيخ ابن باز
***
حديث ((كل قرض جر نفعا فهو ربا))
س ما حكم الإقراض لشخص على أن يرد ذلك القرض في مدة معينة ويقرضني مثل هذا المبلغ لنفس المدة الأولى، وهل يدخل هذا تحت حديث ((كل قرض جر نفعا فهو ربا)) علماً بأن طلب الزيادة لم يشترط؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً. .
ج لا يجوز هذا القرض لكونه يتضمن اشتراط قرض مثله للمقرض وذلك يتضمن عقداً في عقد فهو في حكم بيعتين في بيعة، ولأنه يشترط فيه منفعة زائدة على مجرد القرض وهي أن يقرضه مثله وقد أجمع العلماء على أن كل قرض يتضمن شرط منفعة زائدة أو تواطؤا عليها فهو ربا.
أما حديث ((كل قرض جر منفعة فهو ربا)) فهو ضعيف، ولكن ورد عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ما يدل على معناه إذا كان ذلك النفع مشترطاً أو في حكم المشترط أو الدين.
الشيخ ابن باز
***(2/417)
(الدين)
مات وعليه دين فهل تبقي روحه مرهونة
س من مات وعليه دين لم يستطع أداءه لفقره هل تبقي روحه مرهونة معلقة؟
ج أخرج أحمد وابن ماجه والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ((نفس المؤمن معلقة بدينة حتى يُقضى عنه)) وهذا محمول على من ترك مالاً يقضي منه دينه، أما من لا مال له يقضى عنه فيرجى ألاً يتناوله هذا الحديث لقوله سبحانه وتعالى (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ، وقوله سبحانه (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) ، كما لا يتناول من بيَّت النية الحسنة بالأداء عند الاستدانة ومات لم يتمكن من الأداء، لما روى البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله)) .
اللجنة الدائمة
***
متى تبرأ ذمة الميت المدين من تبعة الدين
س من المعلوم أن صندوق التنمية العقارية يمنح المواطنين قروضاً طويلة الأجل لبناء مساكن لهم يتم سدادها على مدى خمسة وعشرين عاماً، فإذا توفي المقترض ولم يسدد من الأقساط المذكورة سوى قسطين فقط، وقام ورثته من بعد وفاته بالتسديد في المواعيد المحددة فهل تبرأ ذمة الميت حينئذ ولا يكون هذا داخلاً فيما ورد في الحديث ((نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه)) ، أو أنه مرتهن بهذا الدين حتى يتم سداد جميع الأقساط. . آمل إيضاح الموضوع من سماحتكم. .
ج إذا مات الإنسان وعليه دين مؤجل فإنه يبقى على أجله إذا التزم الورثة بتسديده واقتنع بهم صاحب الدين، أو قدموا ضمينا مليئاً أو رهناً يفي بالدين، وبذلك يسلم الميت من التبعة إن شاء الله.
الشيخ ابن باز
***(2/418)
لا يلزم تعجيل أقساط البنك العقاري إذا التزم ورثة الميت أو غيرهم بتسديدها
س والدي عليه دين من البنك العقاري وقد توفي ــ رحمه الله ــ فهل يجب علينا تسديد المبلغ كاملاً أو على حسب الأقساط التي أقرّها البنك وتبرأ ذمته بذلك؟
ج لا يلزم تعجيل قضائها إذا التزم الورثة أو غيرهم بتسديدها في أوقاتها على وجه لا خطر فيه على صاحب الحق، لأن الأجل من حقوق الميّت يرثه ورثته، وليس على الميّت حرج في ذلك إن شاء الله، لأن الدين المؤجل لا يجب قضاؤه إلا في وقته، والورثة يقومون مقام الميّت إذا التزموا بذلك أو التزم به غيرهم على وجه لا خطر فيه على صاحب الحق كما ذكرنا آنفا.
الشيخ ابن باز
***
مات ولم يخبر بدينه
س شخص توفي وعليه دين ولم يخبر أحداً بذلك فما الحكم؟.
ج إذا كان على الميت دين ولم يخبر به قبل وفاته وجب على ورثته أن يقضوه من التركة إذا ثبت بالبينة الشرعية مقدماً على الوصية والإرث.
وإن تنازع الورثة ومدعو الدين فالمرجع في ذلك إلى المحكمة الشرعية.
الشيخ ابن باز
***
إنظار المعسر مطلوب في جميع المعاملات
س هل فرّق الإسلام في ((نظرة الميسرة)) بين المعاملات المدينة والمعاملات التجارية.
ج قال الله تعالى (فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظْلموا ولا تُظْلَمون. وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) . وهذه الآيات في سياق أحكام الربا، أمر الله صاحب الربا الذي قد انقطع في ذمة الفقير وطالت مدته وهو في كل عام يزيده حتى صار أضعافاً مضاعفة، أمره الله أن يتوب من الربا، وأن يقتصر على طلب رأس ماله ولو كان قليلاً وبذلك يسلم من الظلم له أو عليه، وأمره إذا كان الغريم مفلساً فقيراً أن يقتصر على رأس ماله الأصلي ويمهل الفقير في ذلك ولا يشدّد عليه في الطلب حتى يوسر بذلك وهذا يعم كل مدين بدين تجارة أو بدين مداينة أو بحق من الحقوق المالية أو بأجرة في الذمة فيجب إمهاله لعسرته حتى يوسع الله عليه، ولا يجوز حبسه ولا التشديد عليه كما ذكر ذلك الفقهاء في باب الحجر وغيره.
الشيخ ابن جبرين
***(2/419)
حكم سجن المدين المعسر
س أنا رجل سجين عليَّ مبلغ من المال وصار لي في السجن أكثر من سنة ونصف، ولا يقبل خصمي كفيلاً وأنا معسر وصاحب عائلة فهل يجوز سجني؟!
ج ننصحك بالصبر على ما قسم الله وقدَّره وسوف يجعل الله لك مخرجاً، فأما السجن فإنه لا يجوز لمن تحقق أنه معسر ولا يقدر على وفاء دينه. . ولكن يوجد هناك أناس يدعون الأعسار ليعبثوا بحقوق الناس أو ليأكلوا أموالهم بالباطل فجاز السجن في الحقوق حتى يتبين من هو صادق في دعوى الاعسار ومن ليس كذلك.
الشيخ ابن جبرين
***
لم أجد صاحب الدين
س توفي أخي وعليه ديون كثيرة وتم تسديدها والحمد لله ولم يبق سوى 400 أربعمائة ريال فبحثت عن صاحبها ولم أجده فماذا أعمل بها. هل يتم توزيعها على الفقراء أو أودعها بيت مال المسلمين.
ج إذا كان الواقع ما ذكر من أنك بحثت عن صاحبها ولم تجده فتصدق بها بغية أن يكون الثواب لصاحبها، فإن جاء بعد ذلك فأخبره، فإن رضي فبها، وإن لم يرض فادفعها إليه ولك الأجر إن شاء الله، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
***
لم يجد صاحبه
س نويت الحج عام 1398هـ ونقصت فلوسي واقترضت من رجل مبلغاً من المال حتى عودتي إلى أهلي، ولما عدت من الحج سألت عن الرجل الذي اقترضت منه المال فقيل لي إنه مسافر ومنذ تلك المدة وحتى الآن لم يرجع ولا أعرف أين عنوانه وسألت عن أقاربه فلم أجد أحداً. فما رأي فضيلتكم هل أرسل المال إلى الجمعيات الخيرية بالمملكة أو احتفظ به حتى يرجع أو أوزعها على الضعفاء. فما رأي فضيلتكم.
ج عليك زيادة البحث عنه مهما استطعت واستعمل شتى الوسائل فاسأل عن قبيلته وبلده وشهرته فإذا انقطع الرجاء ويئست من العثور عليه جاز لك أن تتصدق بها على المساكين والضعفاء(2/420)
بنية الضمان فمتى وجدته لو بعد عشرين عاماً فأخبره بحقيقة الحال فإن سمح بها وله أجرها فذاك وإلا فاغرمها له لتسلم من العهدة ويكون الأجر لك والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
***
مات وعندي له ثلاثة آلاف ريال
س عندي رجل يمني دهَّان في منزلي، وقدر الله عليه وتوفي بحادث سيارة، وعندي له مبلغ ثلاثة آلاف ريال (3000) ولم يحضر له من أدفع له المبلغ، وقد طلبت من قاضي بلدنا استلام المبلغ ورفض بحجة إبقائه عندي حتى حضور وارثة، وقد مضى على وفاته أكثر من عام وسألت عنه بعض اليمنيين الذين كان يسكن معهم وقالوا إنَّ له أخاً سوف يحضر لاستلام ماله من حقوق ومضى مدة ولم يأت من يستلم ماله من حقوق، أرجو توجيهي أثابكم الله بالطريقة التي تبرىء ذمتي بها وأتخلص من هذا المبلغ الذي أثقل عاتقي حفظكم الله؟.
ج عليك أن تحفظ حق هذا العامل عندك حتى يحضر وارثه وتتأكد منه وتسلمه إياه مادمت قد عرفت أن له أخاً سيحضر لأخذ حق أخيه عندك ولو طالت المدة، وأن تنميه له في تجارة ونحوها فذلك خير، وإن أمكن تسليم ما لديك من حق لرئيس المحكمة التي بمنطقتكم كفاك ذلك وتأخذ منه سنداً بتسلمه ذلك منك فهو أحوط وأيسر لك. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***(2/421)
(الاجارة)
حكم عقد الأجرة على عمل من أعمال القربة كالصلاة ونحوها
س توفي رجل كان يتصف بالكرم وحسن الخلق ولكنه لم يصلي أو يصوم. وبعد وفاته دفع أهله مبلغاً من المال لشخص آخر لكي يصلي عنه ما فاته من صلوات ويصوم عنه فهل يصح ذلك شرعاً، وما حكم أخذ المال عن ذلك؟.
ج هذا الرجل الذي توفي وهو لا يصلي ولا يصوم، توفي العياذ بالله على الكفر، لأن القول الراجح من أقوال أهل العلم والذي تؤيده نصوص الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم، أن تارك الصلاة كافر، أما جاحد الصلاة فإنه كافر ولو كان يصلي، والنصوص الواردة إنما وردت في الترك لا في الجحود، فلا يمكن أن نلغي هذا الوصف الذي اعتبره الشرع، أو نحمله على الجحود كما فعله بعض أهل العلم، وحملوا النصوص الواردة في تكفير تاركها على من تركها جحوداً. فإن هذا الحمل يستلزم إلغاء الوصف الذي علق الشارع الحكم عليه، واعتبار وصف آخر لم يكن مذكوراً.
كما أن هذا الحمل متناقض! وذلك لأن الجاحد كافر ولو صلى، حتى ولو كان يصلي مع الجماعة ويذهب إلى المسجد، وهو يعتقد أن الصلوات الخمس غير مفروضة عليه، وإنما يفعلها على سبيل التطوع، فإنه كافر. فتبين من ذلك أن حمل النصوص الدالة على كفر تارك الصلاة على من تركها جحوداً حمل ليس بصحيح وليس في محله أما ما بذلوه لهذا الرجل فإن هذا ليس بصحيح. لأنه لا يصح عقد الإجارة على أي عمل من أعمال القربة، فلا يصلح أن يقول شخص لآخر أؤجرك على أن تصلي وتصوم عني، وإنما اختلف العلماء في الحج على خلاف ليس هذا موضع ذكره. وهذا المال الذي أخذه، أخذه بغير حق، فالواجب عليه أن يرده إلى أهله، لأنه أخذه بغير حق، والصلوات التي صلاها لا تنفع هذا الميت، لأنه غير مسلم، وغير المسلم لا ينفعه أي عمل من الأعمال حتى عمله هو بنفسه لا ينفعه لقوله تعالى (وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون) . ولقوله تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً) .
الشيخ ابن عثيمين
***(2/422)
حكم أيذاء المستاجر لكي يخرج..
س بعض مُلاّك العقارات يختلق بعض المبررات لإخراج المستأجر من عقاره، فمرة يمنع الحارس من تنظيف المنزل، ومرة يحبس عنه الماء ونحو ذلك من المضايقات، فهل يبيح له الشرع هذه الإضرار أم لا؟؟.
ج يجب على المالك أن يفي للمستأجر بما تعاقدا عليه من تسليم المنزل والقيام بمقتضى الشروط المشروعة التي اتفقوا عليها أو جرى فيها عرف، وذلك في المدة التي نص عليها في العقد لقوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) . وقوله صلى الله عليه وسلم ((المؤمنون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرَّم حلالاً) . فإذا انتهت مدة العقد ـ فإن تراضي الطرفان على تجديد المدة وجب على كل منهما الوفاء فيها لصاحبه على نحو ما تقدم، وإن أبى المالك تجديد المدة وجب على المستأجر أن يسلم له المنزل ولا يضاره بالبقاء فيه، فإنه لا يحل مال المسلم إلا بطيب نفسه.
اللجنة الدائمة
***
التأجير الحرام
س هل يجوز التأجير لمن يشتغل بحلال وحرام، وما حكم نقود الإيجار هل تكون كسباً حراماً؟.
ج لا يجوز ذلك، لما فيه من إقرار الحرام، ومن المعاونة للعصاة على المعاصي، وقد قال تعالى (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) . فكل من يبيع حراماً كآلات اللهو المحرمة، والأفلام الخليعة الماجنة، والصور الفاتنة، لا يجوز التأجير عليه بيتاً، ولا دكاناً، وكذا من يتعاطى المعاملات المحرمة من ربا وغش وسرقة وبخس في المكيال والميزان ونحوه، وكذا من يتخذ البيت معملاً للخمر ومأوى لأهل الملاهي أو الزنا أو الاجتماعات المذمومة التي ينتج عنها ترك الصلوات أو فعل المحرمات.
فأما الكسب والإيجار الذي يحصل منه فهو مشتبه مكروه وليس بحرام كله، والتنزه عن المشتبه واجب المسلم.
الشيخ ابن جبرين
***
حكم تأجير المحلات للبنوك الربوية
س أملك مبنى، وتقدم أحد البنوك لاستئجاره، وحيث إن هذا البنك من البنوك التي تتعامل بالربا فهل يجوز لي تأجير هذا البنك وأمثاله ممن يتعامل بالربا أم لا؟.(2/423)
ج لا يجوز ذلك، لكون البنك المذكور يستخدمها مقراً للتعامل بالربا المحرم، وتأجيرها عليه لهذا الغرض تعاون معه في عمل محرم، قال الله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
***
حكم تأجير المحلات لبيع أشرطة الغناء المحرم
س هل يجوز للرجل أن يؤجر دكانه إلى بائع الأشرطة الغنائية وآلات اللهو؟.
ج لا يجوز تأجير الدكان على من يستعمله في بيع ما حرم الله من آلات الملاهي أو الخمر أو الدخان أو نحو ذلك، لأن ذلك إعانة لهم على ما حرَّم الله، وقد قال الله سبحانه (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) .
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها. . . وما ذاك إلا لأن ساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها وبائعها كلهم معينون على الإثم والعدوان.
الشيخ ابن باز
***
حكم تأجير المحلات لبيع أشرطة الفيديو
س لدي بعض الدكاكين على شارع عام، أجرت بعضها وبقي البعض الآخر، وقبل أيام تقدم أحد المواطنين طالباً استئجار دكان واحد لافتتاح محل بيع أشرطة فيديو، لكني ترددت في تأجيره، هل يجوز لي أن أؤجر دكاكيني لأي محل يبيع شيئاً محرماً، وهل عليَّ إثم في ذلك؟.
ج لا يجوز تأجير الدكان ونحوه لمن يستأجره لبيع المحرمات أو فعلها كبيع الدخان والأفلام المحرمة وحلق اللحى ونحو ذلك، لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان وقد قال سبحانه (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) .
الشيخ ابن باز
***(2/424)
حكم تأجير المنازل والأحواش لمن يستعملها في الحرام وحكم ما يأخذه المكتب العقاري على ذلك
س ما حكم تأجير المحلات والمستودعات لمن يبيع الأشياء المحرمة مثل آلات اللهو، أو محلات الأغاني والبقالات التي تبيع الدخان والمجلات المخالفة لشرع الله، أو محلات الحلاقة المنتشرة؟.
وما حكم تأجير الأحواش والمنازل لمن يجتمعون فيها على آلات اللهو والتهاون في الصلاة أو تركها، وما حكم الأموال التي يأخذها المكتب العقاري مقابل تأجيرها؟.
ج تأجير المحلات المستودعات لمن يبيع فيها أو يودع الأشياء المحرمة حرام لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله تعالى عنه في قوله (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) . .
وكذلك تأجير المحلات لمن يحلقون اللحى، لأن حلق اللحى حرام، ففي تأجير المحلات له إعانة على المحرم، وتسهيل لطريقه.
وكذلك تأجير الأحواش والمنازل لمن يجتمعون فيها على فعل المحرم أو ترك الواجب، وأما تأجير البيوت للسكني إذا فعل الساكن فيها معصية، أو ترك واجباً. . فلا بأس به، لأن المؤجر لم يؤجرها لهذه المعصية أو ترك الواجب، وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امريء مانوى) .
ومتى حرم تأجير المحلات أو المستودعات أو الأحواش أو المنازل فإن الأجرة المأخوذة على ذلك حرام، وما يأخذه المكتب العقاري من السعي حرام أيضاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه)) .
أسأل الله تعالى أن يهدينا جميعاً صراطه المستقيم، ويطيب رزقنا، ويجعله عوناً لنا على طاعته.
الشيخ ابن عثيمين
***
(الشفعة)
الشفعة في المرافق الخاصة وفيما لا تمكن قسمته من العقار..
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد وعلى آله وصحبه وبعد
فبناء على ما تقرر في الدورة السابعة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في مدينة الطائف في النصف الأول من شهر شعبان عام1395هـ. من إدراج مسألة الشفعة بالمرافق الخاصة في جدول(2/425)
أعمال الدورة الثامنة، فقد جرى دراسة المسألة المذكورة في دورة المجلس الثامنة المنعقدة في النصف الأول من شهر ربيع الآخر في مدينة الرياض، كما جرى دراسة مسألة الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار.
وبعد الاطلاع على البحث المعد في ذلك من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
وبعد تداول الرأي والمناقشة من الأعضاء وتبادل وجهات النظر، قرر المجلس بالأكثرية أن الشفعة تثبت بالشركة في المرافق الخاصة كالبئر والطريق والمسيل ونحوها. كما ثبت الشفعة فيما لا تمكن قسمته من العقار كالبيت والحانوت الصغيرين ونحوهما لعموم الأدلة في ذلك، ولدخول ذلك تحت مناط الأخذ بالشفعة وهو دفع الضرر عن الشريك في المبيع وفي حق المبيع، ولأن النصوص الشرعية في مشروعية الشفعة تتناول ذلك. ومن ذلك ما رواه الترمذي بإسناده إلى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ((الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء)) . وفي رواية الطحاوي بإسناده إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي، صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة في كل شيء.
قال الحافظ ((حديث جابر لا بأس برواته)) . ولما رو الإمام أحمد والأربعة بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الجار أحق بشفعة جارة ينتظر بها وإن كان غائباً إذا كان طريقهما واحداً)) .
ولما روى البخاري في صحيحه، وأبو داود والترمذي في سننهما بإسنادهم إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصُرَّفت الطرق فلا شفعة. ووجه الاستدلال بذلك ما ذكره ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين إن الجار المشترك مع غيره في مرفق خاص ما، مثل أن يكون طريقهما واحداً، أو أن يشتركا في شرب أو مسيل أو نحو ذلك من المرافق الخاصة، لا يعتبر مقاسماً مقاسمة كلية، بل هو شريك لجاره في بعض حقوق ملكه، وإذا كان طريقهما واحداً لم تكن الحدود واقعة بل بعضها حاصل وبعضها منتف. إذ وقوع الحدود من كل وجه يستلزم أو يتضمن تصريف الطرق. اهـ.
وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. . .
رئيس الدورة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز(2/426)
{التأمين}
س - ما حكم التأمين سواء كان على الحياة أو على الممتلكات؟
ج - التأمين على الحياة والممتلكات محرَّم لا يجوز لما فيه من الغرر والرَّبا، وقد حرم الله - عز وجل - جميع المعاملات الربويَّة والمعاملات التي فيها الغرر رحمة للأمة وحماية لها مما يضرها، قال الله - سبحانه وتعالى - {وأحلَّ الله البيع وحرَّم الرَّبا} . وصح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن بيع الغرر، وبالله التوفيق.
الشيخ أبن باز
* * * *
حكم التأمين على السيارات
س - سائل يسأل عن حكم التأمين على السيارات حيث أن مكاتب تأجير السيارات اليومي في المطارات يؤمنون على سياراتهم فإذا استأجرها الإنسان منهم جفع ما يقارب ثلاثين ريالأ كتأمين عن السيارات فيما لو حدث على السيارة حادث فتتولى الشركة إصلاح ذلك إذا كان الخطأ من المستأجر، أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ج- التأمين في نظري نون من الضرب حيث أن الشركة قد تأخذ من بعض المؤمِّنين أموالاً كل سنة ولا تعمل معهم شيئاً ولا يحتاجون إليها في إصلاح ولا غيره، وقد تأخذ من البعض الآخر مالا قليلا وتخسر عليه الشيء الكثير، وهناك قسم من أهل السيارات قليل إيمانهم وخوفهم من الله تعالى، فمتى أمَّن أحدهم على سياراته فإنه لا يبالي بما حصل فيتعرض للأخطار ويتهور في سيره فيسبب حوادث ويتقل أنفسا مؤمنة ويتلف أموالاً محترمة ولا يهمه ذلك حيث عرف أن الشركة سوف تتحمل عنه ما ينتج من آثار ذلك فأنا أقول إن هذا التأمين لا يجوز بحال لهذه الأسباب وغيرها سواء على السيارات أو الأنفس أو الأموال أو غيرها.
الشيخ ابن جبرين(3/5)
حكم التأمين التجاري
س - إذا فتح التاجر اعتماداً على شركة بالخارج مثلاً في أرز أو سكر أو شاي يقوم التاجر بتأمين المال عند إحدى شركات التأمين ضد الغرق والحريق والتلف ويدفع للتأمين نسبة 2% على قيمة المال وإذا وصل وحصل فيه تلف طالب شركات التأمين ودفعوا له قيمة التلف حتى لو غرقت الباخرة تدفع له شركة التأمين قيمة التأمين كله. فما الحكم؟
ج - إذا كان الواقع كما ذُكر فذلك من التأمين التجاري المحرَّم لما فيه من الضرر الفاحش والمقامرة وكلاهما من كبائر الذنوب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
الفرق بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري
س - يوصف التأمين التعاوني أحياناً بأنه البديل الشرعي للتأمين التجاري فما هي أوجه الاختلاف بين هذين النوعين؟ وما الذي يجعل التأمين التجاري محرماً والتأمين التعاوني أمراً جائزاً؟
ج- التأمين التعاوني لا يقصد به المرابحة وإنما يقصد به التعاون على النكبات والحوادث. وأما التأمين التجاري فالغرض منه المرابحة وهو من الميسر الذي حرم الله - عز وجل - في كتابه وقرنه بالخمر والأنصاب (أي الأصنام) والاستقسام بالأزلام.
هذا هو الفرق ولذلك نجد الرجل لو أقرض شخصاً ديناراً ولم يسلمه المقتِرض إلا بعد سنة أو أقل أو أكثر كان هذا صحيحاً، ولو أعطاه ديناراً بدينار على سبيل المعاوضة كان هذا فاسداً حراماً.
فالنية لها أثر في تحويل المعاملات من حرام إلى حلال.
الشيخ ابن عثيمين(3/6)
{الوديعة}
س - شخص يقول لقد كنت في إحدى الدول وأعطاني أخ مبلغاً من المال أحتفظ به عندي كوديعة حتى يصل من سفره. وهو يعلم أن هذا المبلغ إذا ضبط معي في المطار سوف يؤخذ مني لأن الدولة لا تسمح بخروج هذا المبلغ لأنه زائد عن المبلغ الذي تسمح به. فتم ضبط هذا المبلغ معي وأخذ مني - علماً بأني وضعت بعض المال لي، وأخذ مالي أيضاً - فما حكم رد هذا المبلغ؟
ج - المودَع أمين وإذا هلك ما في يده بدون تعدَّ فلا ضمان عليه فإذا كان الأمر كما ذكرت فلا يجب عليك رد بدله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم التصرف في الوديعة واستثمارها
س - أودع عندي أحد الناس نقوداً فاستفدت من هذه النقود واستثمرتها وعندما جاءني صاحب المال رددت له مالا كاملاً ولم أخبره بما استفدته من ماله.. هل تصرفي جائز أم لا؟ .
ج - إذا أودع عندك أحد وديعة فليس لك التصرف فيها إلا بإذنه.. وعليك أن تحفظها فيما يحفظ فيه مثلها، فإذا تصرفت فيها بغير إذنه فعليك أن تستسمحه فإن سمح وإلا فأعطه ربح ماله أو اصطلح معه على النصف أو غيره والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرَّم حلالاً أو أحل حراماً.
الشيخ ابن باز(3/7)
اللقيط(3/8)
حكم إضافة اللقيط إلى من تبناه إضافة نسب
س - ورد إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد السؤال التالي
رجل يسأل فيقول نعرض لكم أن أحد أقاربنا قد تبنى له طفلاً ذكراً لقيطاً ورباه(3/12)
وعلمه وأحسن إليه، وبطريق الاجتهاد والعطف أسماه " يوسف " ثم توفي المتبني في الزبير وليس له أولاد يرثونه، والولد بلغ الرشد والتحق بمعهد الظهران الفني وقد تشاور الأقارب في تعديل اسم اللقيط فمنهم من رأي تعديل أسمه ومنهم من لم يعر ذلك اهتماماً، وخشية من وقوع اختلاط في النسب وخطأ في المواريث أرجو إفتائي بحكم الشرع في ذلك لنسير على ضوء الفتوى؟
ج - وقد أجابت بما يلي
لا يجوز شرعاً إضافة اللقيط إلى من تبناه إضافة نسب يسمى فيها الولد اللقيط باسم من تبناه وينسب إليه اللقيط نسبة الولد إلى أبيه وإلى قبيلته كما جاء في الاستفتاء، لما في ذلك من الكذب والزور واختلاط الأنساب والخطورة على الأعراض وتغيير مجرى المواريث بحرمان مستحق وإعطاء غير مستحق وإحلال الحرام وتحريم الحلال في الخلوة والنكاح وما إلى هذا من انتهاك الحرمات وتجاوز حدود الشريعة، لذلك حرم الله نسبة الولد إلى غير أبيه، ولعن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من انتسب إلى غير أبيه أو غير مواليه قال الله - تعالى " وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءكم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيما"
وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " ومن ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام ". رواه أحمد والبخاري ومسلم. وقال - صلى الله عليه وسلم - " من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة ". فاجتهاد المستفتي في التسمية المذكورة خطأ لا يجوز الاستمرار عليه ويجب العمل على التغيير والتعديل للنصوص الواردة في تحريم هذه التسمية وللحكم التي تقدم بيانها وأما العطف على اللقيط وتربيته والإحسان إليه فمن المعروف الذي رغبت فيه الشريعة الإسلامية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(3/13)
كتاب الوقف(3/15)
أوقف أرضه على أولاده وأولاد أولاده
س - رجل توفي عن خمسة ذكور وخمس بنات وأوقف أرضه الزراعية - عن البيع والشراء - لأولاده وأولاد أولاده وما تناسل منهما فقط فهل أولاد البنت من نسل أولاد الواقف يرثون أم لا؟ وكذلك أولاد بنات الواقف يرثون أم لا؟ أقيدوني جزاكم الله خيراً.
ج - هذا المسألة فيها خلاف بين أهل العلم يدخل أولاد البنات في أولاد على قولين وفيما تراه المحاكم الشرعية الكفاية إن شاء الله لأن هذه المسألة في الغالب من مسائل النزاع وطريق الحل هو المحكمة. وفق الله الجميع.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم نقل الوقف إذا تعطلت مصالحه
س - لوالدتي بيت وقف وقد مضى زمن طويل على هذا البيت حتى أصبح لا يصلح للسكن، وأود أن أنقل الوقف وأبيع البيت وأضع ثمنه في مسجد أو جمعية بر أو أي طريق من طرق الإحسان فهل يجوز لي ذلك؟
ج - لي لك التصرف في الوقف ولا نقله إلى غير ما عينه الواقف، وإذا تعطلت مصالحه جاز نقله في مثله أو فيما يقوم مقامه من أرض أو دكان أو نخل تصرف غلته مصرف غلة البيت المذكور على أن يكون ذلك بواسطة المحكمة في بلد الوقف.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم اقتسام الورثة وقف جدهم إذا تعطلت منافعه
س - شخص يدعى سعيد وقف قطعة ارض صغيرة وكان معتاداً هذه القطعة من الأرض صدقة من ثمارها ليلة 27 رمضان وبعد أن انتهى سعيد ورثه ابن سالم سعيد ومشى حسب(3/17)
العادة وبعد أن انتهي سالم سعيد خلف محمد سالم ومشى محمد سالم سعيد العادة حسب ما كان عليه أبوه وجده وبعد أن توفيا على محمد سالم سعيد وحيدر محمد سالم سعيد وخلف على محمد سالم ثلاثة أولاد وحيدر ثلاثة أولاد هل يجوز لأولاد على محمد سالم وحيدر محمد سالم أن يقتسموا هذه القطعة وتكون كميراث بينهم أم لا تزال وقفاً جيلا بعد جيل؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكر لم يجز للورثة أن يقتسموا عين الأرض الموقوفة بينهم ولو كان ما وقفت عليه قد عطل بل تبقى وقفاً وتصرف غلتها في وجوه البر التي تحتاج للنفقة ولا يوجد من ينفق عليها كإصلاح المساجد وترميمها أو بنائها أو إجراء الماء إليها أو فرشها وكالمرافق الأخرى التي يحتاج إليها أهل البلد وكالصدقة على الفقراء من أقارب الواقف وغيره وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
الوقف لا يورث
س - شخص يقول إن جده وقف أرضا قدرها إثنا عشر معاداً ونصف وثمن من معاد وكان وقفها على بئر ثم جده ثم والده ولم يخلف وراءه سوى ما ذكر والآن عطلت البئر واستغنى عنها من أجل إجراء الماء في أنابيب ارتوازية ونحن في أشد الحاجة إلى هذا الوقف فهل يجوز لنا هذا الوقف أم لا؟
ج - إذا كان الواقع كما ذكر من الوقف على البئر والاستغناء عنها وجب إبقاء عين الأرض وقفا وإنفاق غلتها في مرافق عامة لأهل الجهة التي فيها البئر من بناء مسجد أو ترميمه أو إنشاء مكتب لتحفيظ القرآن أو إعانة الفقراء والمساكين منها وأقارب صاحب الوقف الفقراء أولى من غيرهم بالأخذ من غلة هذا الوقف. وإن اقتضت المصلحة الشرعية بيعها لتعطل منافعها أو قلتها وصرف ثمنها في عقار آخر أكثر غلة فلا بأس بذلك بعد موافقة قاضي البلد على ذلك وتصرف غلة الأرض المشتراه فيما ذكرنا آنفا، أما ورثة الواقف فليس لهم حق فيها(3/18)
بصفة كونهم ورثة لأن الوقف ولكن لا مانع من إعطائهم من الغلة إذا كانوا فقراء كما تقدم، وبالله التوفيق، وصلى على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم التصرف بالوقف في غير ما أراد الواقف إذا تعذر ذلك
س - شخص يقول إن قطعة ارض زراعية جعل إنتاجها وقفاً على وجبة إفطار في رمضان فقط، ثم لم يبق ممن يتولى الوقف سواي وأنا موظف في منطقة بعيدة عن البلد، وليس بالبلد من يقوم عني بتجهيزه لمن يفطر ثم إن أهل بلادنا يشتغلون بالرعي في جهات يتعذر علي معرفتها ولا يجتمعون إلا يوم عيد أو جمعة، وعلى تقدير أني هيأته لا أجد من يأكله، فهل يجوز لي أن أوزعه على المستحقين أو بيعه وأشتري بثمنه تمراً لأوزعه على المستحقين؟
ج - إذا كان الواقع كما ذكرت من عدم وجود ولي لهذا الوقف سواك وأنك لا تقوى على مباشرة تجهيزه بنفسك ولا تجد من يقوم مقامك في ذلك، وأنه على تقدير تجهيزه لا يوجد من يأكله في تلك البلاد جاز لك أن توزعه حبوباً في رمضان على المستحقين في بلادكم إن أمكن، وإلا ففي أقرب البلاد إلى بلد الوقف وجاز لك أن تشتري بثمنه تمراً لتوزعه كذلك. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
القيم على الوقف لا يحل له من غلته شيء إذا كان غنيا
س - لجدتي - أم والدتي - بيت وكلت عليه أمي عند وفاتها في أضحية وفي حياة الوالدة أحياناً يضحى وأحيانا لا يضحي بسبب دماره فلما حضرت والدتي الوفاة أوصتني عليه أعمره واستأذنت ورثتها أن يسمحوا بالميراث ليوضع في عمار البيت وسمحوا عن ذلك وتركت ألف ومائتي ريال (1200) وقمت أنا في البيت بموجب وصية تركت لي وهي مقصودي وعمرته من مالي الخاص حتى طلع البيت مثل البيوت العامرة، والآن يدر غلة(3/19)
أكثر من الأضحية بكثير. سؤالي هل يحل لي بموجب أنني أحييت ميتا، أو لمن يحل ولها - أي لجدتي - بيت آخر دامر هل أجمع محصول هذا وأضعه فيه؟
ج- نظراً إلى أن أمك اوصتك تعمر هذا البيت الذي لجدتك وكانت قد وكلت أمك عليه في أضحية، وقمت بعد الاستئذان من الورثة وعمرت البيت بما تركته لهم من الميراث ومن مالك الخاص فما تبرع به الورثة فهو تبرع منهم لصاحبة البيت وما أنفقته أنت على البيت فهو تنفيذ لوصية أمك فتكون متبرعاً لجدتك وبناء على ذلك فغلة هذا البيت المقدم فيها إصلاحه ثم تنفيذ وصية الموصية وما بقى بعد ذلك ففي وجوه البر على نظر الوكيل الشرعي ومن وجوه البر أقاربتها الفقراء فهم أحق من غيرهم فإن حصل نزاع فمرجعه المحكمة الشرعية. أما البيت الآخر الذي ذكرت أنه لجدتك وأنه دامر فإن كان تابعاً للبيت فقد عرفناك بحكم ذلك، أما إن كان من التركة وليس من البيت الموقوف فهذا أمره إلى الورثة فإن سمحوا بجعله تبعا للبيت الموقوف فحكمه حكمه، وإن لم يسمحوا فهو بين الورثة على حكم الله. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
القبور وقف على من دفن بها
س - يوجد عندي قطعة أرض زراعية، وفي طرفها من الشرق قطعة أرض حرم لمزرعتي، يجد الحرم من الغرب مزرعتي، ومن الشرق سبيل، ومن الجنوب والشمال ملك لغيري، وقد أردت إصلاحها، وعندما حضرت أساس البناء وجدت بها بعض القبور البائدة، وليس يوجد بها إلا بقايا من العظام، ولحاجتي لهذه الأرض أرجو الاطلاع وإفتائي في ذلك؟
ج - تبين من كلامك أن الأرض التي سألت عنها مقبرة، وأن مزرعتك تحدها من الغرب، وليست من مزرعتك، وحيث وجدت بها عند حفرها قبوراً بائدة، وفي القبور عظام باعترافك فليست ملكاً لك ولا حرما لمزرعتك بل هي وقف على من دفن بها ولا يحل لك(3/20)
ولا لغيرك تملكها أو الانتفاع بأرضها في سكنى أو زراعة أو بناء أو نصب خيام أو نحو ذلك، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
أرض بها قبر قديم لا يعرف صاحبه
س - يوجد قبر في ناحية من أرضي، وصاحب هذا القبر مجهول، ووقف معي على هذا القبر قاضي البلدة ومعه ثلاثة من المسنين، فتبين أن القبر في الركن الجنوبي الشرقي من أرضي وأنه قديم جداً، والناحية التي يقع فيه القبر لا يعلم أنها كانت مقبرة، والأرض الواقعة جنوبا من أرضي كانت مقبرة، ولم يتوقف الدفن فيها إلا بعد أن كثرت السيارات، وصارت تطرق ما حولها؟
ج - ما دام الأمر كما ذكر من أن القبر قديم لا يعرف صاحبه ولا يعرف أحد من المسنين الذين وقفوا مع القاضي الوقت الذي قبر فيه صاحبه أو بجوار القبر من الجهة الجنوبية مقبرة ما توقف القبر فيها إلا بعد انتشار السيارات، فينبغي تسوير أرض هذا القبر وإخراجه عن محيط الأرض التي يملكها المستفتي - على حد قوله - وذلك لأن الأصل في الأرض أنها موات، التي هي جنوب الأرض التي فيها القبر فإن لم تكن محاطة بسور فيتعين على فضيلة القاضي أن يحددها ويرفع أمر تسويرها إلى الجهة المختصة بذلك، وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم أخذ شيء من المقبرة لمصلحة شارع عام
س - شارع يراد افتتاحه بمدينة الجبيل ويتعرض لمقبرة ليقتطع جزءاً منها، فهل يجوز أخذ شيء من المقبرة لمصلحة الشارع أم لا؟(3/21)
ج- لا يخفى أن للأموات حرمة كحرمة الأحياء وأن قبور الأموات هي مساكنهم وأنه يتعين على ولاة الأمور العناية بالمقابر من حيث صيانتها وحفظها عن الامتهان والتعرض لها بما لا يتفق مع حرمة ساكنيها، واقتطاع شيء منها يتعارض مع ما لها من حرمة ورعاية، وعليه فلا يجوز أخذ شيء منها إلا لمسوغ شرعي.
وما ذكر من أن التخطيط لبلدية تلك المدينة يقتضي استقامة الشارع بأخذ شيء من المقبرة لا يعتبر مسوغا شرعيا لذلك، لأمور
أحدهما ما في ذلك من انتهاك حرمة الأموات والاعتداء على مساكنهم.
الثاني أن البلد المذكور ليس فيها من حركة مرور السيارات والمشاة ما يمكن أن تثار به دعوى الاضطرار إلى ذلك.
الثالث أن الشارع المراد افتتاحه حسبما في الخارطة يبلغ عرضه ثلاثين متراً ونصف وهذا العرض يمكن اختصاره إلى مقدار يفي بالاحتياج ويبقى للمقبرة كرامة أهلها الأموات. وعليه فإن اللجنة تقرر عدم جواز أخذ شيء من المقبرة لاستقامة الشارع الواقع عنها جنوبا لما ظهر لها من أسباب عدم جواز ذلك وبالله التوفيق. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حرمة الميت من المسلمين كحرمته حيا
س - رجل أراد بناء بيت أو توسعته أو أي مباني أخرى في سعة عند مزرعته ووجد فيما يريد بناءه قبراً أو ثلاثة قبور أو أكثر فماذا يصنع؟
ج - الأصل أنهم قد قبروا في أرض موات ملكوها بقبرهم فيها فلا يجوز التعرض لها لا ينبش ولا باستطراق ولا بابتذال وينبغي أن تحاط بسور يمنع عنها الامتهان والابتذال ويحفظ لأصحابها كرامتهم لأن حرمة الميت من المسلمين كحرمته حيا. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(3/22)
حكم الرجوع في الوقف
س - شخص وقف أرضاً واسعة جداً في حال صحته لتكون مقبرة ولكن لم يقبر فيها أحد إلى الآن وقد أحيل الشخص الواقف على التقاعد عام 1386هـ وليس له أرضا غيرها سوى مسكن وله ولعياله فهل يجوز الرجوع فيها أو في بعضها أم لا؟
ج- لا يجوز الرجوع فيما وقف من الأرض، ولا في بعضه لأنها خرجت من ملك الواقف بالوقف إلا الانتفاع بها فيما جعلت له فإن احتيج إليها في تلك الجهة للدفن فيها وإلا بيعت وجعل ثمنها في مقبرة في جهة أخرى ولا يتصرف فيها إلا بمعرفة قاضي تلك الجهة التي فيها الأرض الموقوفة، وضعف حالك بعد إحتكاك على التقاعد لا يبرر لك الرجوع في الوقف والله سبحانه وتعالى يأجرك ويختلف عليك خيراً مما أنفقت. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
أوقف أرضا لتكون مسجدا ثم رجع عن ذلك
س - رجل وعد بمنح قطعة أرض ليقام عليها مدرسة، غير أن تنفيذ ذلك مشروط بجواز رجوعه عن وعد سابق بمنحها ليبنى عليها مسجد عيد، فهل يختار منحها لمسجد العيد وفاء بالوعد السابق أو منحها لوزارة المعارف لتقيم عليها مدرسة علماً بأن هناك مسجداً لصلاة العيد في المنطقة؟
ج - إن كان الرجل منح قطعة الأرض بالفعل ليقام عليها مسجد عيد فهي لمسجد العيد، وليس له أن يرجع في منحته، وإن كان الذي حصل منه مجرد وعد بمنح قطعة الأرض ليقام عليها المسجد فخير له أن ينفذ ما وعد به وفاء بالوعد. وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(3/23)
حكم الوقف على من لم يبلغ وضم الوقف إلى ثلث الواقف
س - توفى والدي - رحمه الله - ووجدت بين أوراقه وصية تنص على أنه وقف أثلة على بنت له توفيت وسنها لا يتجاوز ثلاثة عشرة سنة فهل يصح الوقف على من لم يبلغ وإذا صح فهل يجوز تمييزها من بين إخوتها الموجودين حال التوقيف؟ وإذا أجزتم صحة الوقف فهل يضم إلى ثلث والدي أم يجعل مستقلاً؟
ج- بالاطلاع على الوصية وجد فيها أن ما ذكره المستفتي من وقف الأثلة من والده على ابنته المذكورة صحيح. وبعد دراسة اللجنة للسؤال والوصية لم يتبين لها ما يوجب إبطالها وهذه الأمثلة تكون مستقلة ولا تضم إلى ثلث والدها كما ذكره السائل. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم نقل مال مسجد لآخر
س - يوجد مسجد في الولايات المتحدة الأمريكية جمع له مال وبُني، وبقى من المال كثير، ويوجد في منطقة أخرى مسجد وحلوه جالية إسلامية كبيرة ويتطلب بناء مكتبة ومدرسة وبعض الملاحق ويريد بعض القائمين عليه أخذ شيء من المال الموجود عند القائمين على المسجد الأول. ويمانع أصحاب المسجد الأول بحجة أن المال للمسجد الأول ويقولون إذا أفتى الشيخ عبد العزيز بن باز في نقل المال من ذاك إلى هذا فلا مانع لدينا من ذلك. نرجو الإفادة عن ذلك؟
ج- إذا كان المسجد الأول الذي جمع له المال قد كمل واستغنى عن المال فإن الفاضل من المال يصرف لتعمير مساجد أخرى مع ما يضاف إليها من مكتبات ودورات مياه ونحو ذلك كما نص على أهل العلم في كتاب الوقف، ولأنه من جنس المسجد الذي تُبرع له ومعلوم أن المتبرعين إنما قصدوا المساهمة في تعمير بيت من بيوت الله فما فضل عنه ينصرف في(3/24)
مثله فإن لم يوجد مسجد محتاج صرف الفاضل في المصالح العامة للمسلمين كالمدارس والأربطة والصدقات على الفقراء ونحو ذلك والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
الأولى أن يصرف الوقف فيما خصص له
س - رجل دفع مالاً للجنة قائمة على مسجد وقال هذا المال يصرف في إنشاء دورات مياه مثلاً ولكن اللجنة رأت فيما بعد الأغلبية أنهم بحاجة لصرفه في غير ما خصصه صاحب المال أو بغير حاجة فما الحكم؟
ج- الأولى والأحوط أن يصرف فيما خصصه له باذله إذا كان الموضوع أمرا مشروعاً كدورة المياه أو أمراً مباحاً، لكن إذا رأت اللجنة القائمة على تعمير المسجد أن الحاجة أو الضرورة تدعو إلى صرفه في تعمير المسجد فلا حرج في ذلك إن شاء الله، لأن تعمير المسجد أفضل وأعظم نفعاً من تعمير دورات المياه حول المساجد، وما ذاك إلا لأن تعمير المسجد هو المقصود الأول، أما تعمير الدورات فهو من باب الوسائل والاعانة على تسهيل أداء الصلاة وكثرة المصلين والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم وقف العمائر التي بنيت بقرض من الصندوق
س - هل يجوز وقف العمائر التي بنيت بقرض من صندوق التنمية العقاري وهي لا تزال مرهونة لدى الصندوق؟
ج - في هذه المسألة خلاف بين العلماء مبني على مسألة أخرى وهي هل يلزم الرهن بدون قبض أم لا؟ فمن قال لا يلزم بالقبض قال يصح الوقف وغيره من التصرفات التي تنقل الملك لكون الرهن لم يقبض. ومن قال أن الرهن يلزم ولو لم يقبض المرهون لم يصح الوقف(3/25)
ولا غيره من التصرفات الناقلة للملك، وبذلك يعلم أن الأحوط عدم وقفه حتى يسدد ما عليه للبنك خروجا من خلاف العلماء وعملاً بالحديث الشريف المسلمون على شروطهم.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم الوقف إذا تعطلت منافعه
س - تولى والدي سبالة أثلة على رحى ولما بطل استعمال الرحى وضعت في مجرشة ثم بطل استعمالها أيضاً وقد بقى من ثمن قطع الأثلة أربعمائة ريال بعد إصلاح الرحى وبيتها والمجرشة، ثم توفي والدي فماذا أصنع بالمال المتبقي؟
ج- يجعل المتبقي من قطعتها في مرفق من المرافق العامة التي يحتاج إليها الناس، وليس لها من ينشئها أو ينفق عليها مثل أواني الماء عند أبواب المساجد أو في الطريق العامة أو الإسهام بها في إنشاء بئر ارتوازي أو إصلاحه لينتفع الناس بمائه أو ترميم مسجد أو شراء فرش له، إذا لم يكن هناك من يتولى ذلك، أو كان ولم يمكن استخلاصه فإن لم يتيسر صرف الباقي أو ما يجد بعد ذلك من الغلة في مرفق عام لا قائم عليه، أو تصديق به على الفقراء. لكن ينبغي أن يرفع أمر السبالة إلى فضيلة قاضي البلد ليعين ناظراً أمينا عارفاً بمثل هذه الأمور على السبالة ليتولاها حفظاً وصرفاً. والله الموفق. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
باع بيتا ثم تبين أنه وقف
س - بعت بيتا لي مبنياً من الطين ورثته عن أبي وفيه وقف أضحية.. ووالدي ورثه عن أمه وأنا من بعده على أن تذبح الأضحية من إيجاره، وبعد بلوغي سن الرشد وجدت الوثيقة وتأسفت على البيع وأفهمت المشتري بأن يعيد البيت ويأخذ فلوسه. فرفض وإلا يقبل البيت بما فيه من وقف الأضحية وأكون أنا قد برأت ذمتي؟ فما هو جواب سماحتكم على هذه القضية الشرعية؟(3/26)
ج- نرى أن ترافع المشتري إلى المحكمة وتبين للقاضي ما حصل وأنك ما علمت بأن في البيت وصية ولم تدر إلا بعد البلوغ والرشد مع اللوم على البائع الذي تولي البيع وهو لم يتأكد من حريته فإن الوقف لا يباع إلا أن تتعطل منافعه وبكل حال فستجد عند القاضي الحل المناسب إن شاء الله تعالى.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
الوقف لا يباع
س - توفي والدي - رحمه الله - وقد ترك له والده بيتاً صغيراً خاصاً بهما وأوصياه أن يضحي لهما من إيجار هذا البيت طيلة حياته ثم يتولى ذلك من بعده أولاده وقد باع والدي هذا البيت وتوفي قبل أن يتصرف بقيمته ودخل ذلك في الميراث، ولدينا الآن بيت خاص بوالدي تركه لنا ولم يبع إلى الآن، والسؤال
كيف نتصرف في الوصية؟ علما أن قيمة البيت الخاص بوالد والدي لا تتجاوز الخمسين ألف ريال؟
وهل يجوز أن توضع لهم قيمة البيت في أعمال البر أو في مساهمة ببناء مسجد؟ جزاكم الله خيراً.
ج - الذي أرى أن يرجع في ذلك إلى المحكمة من أجل أن تقرر الأمر، لأن بيع الوقف لا يجوز هذا إذا كان الرجل قد وقفه وجعل هذه الأضحية. أما إذا لم يوقفه فإنه يبقى للورثة ولكن تكون فيه هذه الأضحية دائما فليرجع السائل إلى المحكمة في ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
وقف دار ليحرم ابن عمه من العصب
س - ورد إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد السؤال التالي(3/27)
رجل يسأل فيقول إن له زوجة وأما وأختا لأب وأبن عم هو عاصبه وأن أبن عمه متباعد عنه لا يواصله ولا يساعده وأنه يملك داراً ويريد أن يوقفها على أمه وزوجته وأخته ثم بعد وفاتهن تعود وقفية الدار إلى جهة خيرية ثابتة كالمسجد مثلا وأنه يقصد بهذا التصرف حرمان ابن عمه من العصب فقط ويسأل هل يجوز له هذا التصرف؟
ج- وقد أجابت عليه اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالجواب التالي
روى الشيخان في صحيحهما عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرىء ما نوى ". وقد صرح المستفتي أنه لا يريد من تصرفه هذا إلا حرمان ابن عمه من العصب فقط وعليه فإنه لا يظهر لنا جواز هذا التصرف والحال ما ذكر من النية، وإن كان ابن عمه غير وارث الآن لاستغراق الفروض المال فقد يكون وارثا في المستقبل وبالله التوفيق. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
الهبة العظية
يجوز للزوج أن يهب لزوجته ما يشاء
س - رجل يريد أن يقدم هدية لزوجته من ماله أو ما يملكه، قليلا أو كثيراً، نقودا أو عقارات، أو ذهبا فهل في تصرفه هذا ضرر على ورثته من بعده؟
وما هو المقدار الذي حدده الشرع للتصرف بذلك ولا يمكن تجاوزه هل هو ربع ما يملك أم الثلث.. وبالمقابل لو كان الذي سيقدم الهدية امرأة ومن مالها الخاص، فما هو المقدار المسموح لها بالتصرف فيه؟ أفيدونا وجزاكم الله خيراً؟
ج- يجوز للزوج في صحته وحياته أن يهدي لزوجته ما يشاء مقابل صبرها أو حسن خدمتها أو ما دخل عليه لها من مال أو صداق إذا لم يفعله إضرارا بالورثة الآخرين ولا يتحدد ذلك بربع المال ولا غيره. وهكذا بالنسبة للزوجة لها أن تعطي زوجها ما شاءت من مالها أو(3/28)
صداقها لقوله تعالى {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} . ولا يجوز ذلك من حال المرض لكونه يعتبر وصية لوارث.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
هبة الزوج
س - زوجتي عقيم وأنا كذلك وأهلي يكرهونها فعمدت فعمدت إلى بيعها ربع منزلي حتى لا يخرجونها بعد وفاتي، فإذا كان ذلك محرما فماذا أفعل للتكفير عن ذنبي؟
ج- إذا كانت قد دفعت لك الثمن الذي بعتها به ربع المنزل فلا مانع فيكون لها هذا الجزء بالملكية ويكون لها جزء بعد موتك بالإرث وحينئذ لا يستطعيون إخراجها، وإذا كان ذلك هبة منك لها بدون ثمن وهي تستحق ذلك لإحسانها معك ولصبرها عليك فلك ذلك أيضاً ولا يستطيع أهلك أن يخرجوها وقد وهبتها هذا المال أو هذا الجزء، وعلى كل حال لا بأس بذلك لهذه الأسباب ونحوها.
الشيخ ابن جبرين
هبة الأخت
س - أبي متوفي منذ مدة ويوجد لدينا بيت باسمه وقررنا بيعه وتقسيم التركة وتريد إحدى أخواتي التنازل عن حقها في الميراث لي لمساعدتي على الزواج علما أنها متزوجة وفي حالة ميسرة هي وزوجها فهل يجوز ذلك؟ أفيدوني أفادكم الله.
ج - لا حرج عليك في قبول هبة أختك لك نصبيها من البيت مساعدة لك في الزواج إذا كانت رشيدة، لأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد دلت على جواز تبرع المرأة بشيء من مالها لأقاربها وغيرهم.
كما يشرع لها الصدقة إذا كانت رشيدة، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *(3/29)
هذه الهبة جائزة
س - امرأة ورثت نصيبها من بعد أبيها المتوفي فأعطته لأخيها الشقيق علما بأن لها 8 أولاد بين ذكور وإناث فهل تجوز مثل هذه الهبة شرعا وما مقدار نصيب أولادهما؟
ج - إذا كانت هذه المرأة المعطية بكامل صحتها فهي جائزة ولها أن تتصرف بمالها كيفما تشاء، فالأولاد ليس لهم الحق في هذاالإرث ما دامت الأم على قيد الحياة، فإذا ماتت فإن إرثه مقسم على حسب ما تطلبه الشريعة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
التفضيل في العطية
س - هل يجوز لرب الأسرة أن يفضل بعض الورثة على البعض، نرجو من فضيلتكم الإفادة؟
ج- يجوز للإنسان أن يفضل بعض ورثته على بعض إذا كان هذا التفضيل في حالة صحته إلا في أولاده فإنه لا يجوز أن يفضل بعضهم على بعض إلا بين الذكر والأنثى، فإنه يعطي الذكر ضعف ما يعطي للأنثى لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " اتقوا الله واعدول بين اولادكم ". فإذا أعطى أحد أبنائه 100 درهم مثلا وجب عليه أن يعطي الآخرين على مئة درهم ويعطي البنات على 50 درهماً. أول يرد الدراهم التي أعطاها لأبنه الأول ويأخذها منه، نعم لو فرض أن أولاده كلهم من الذكور والبنات كانوا قد بلغوا الرشد وسمحوا له بالتفضيل فإن هذا لا بأس به وهذا الذي ذكرناه في غير النفقة الواجبة، أما النفقة الواجبة فيعطي كلا منهم ما يستحق فلو قدر أن أحد أبنائه احتاج إلى الزواج وزوجه ودفع المهر لأن الأبن لا يستطيع دفع المهر فإنه في هذا الحال لا يلزم أن يعطي الأخرين مثل ما أعطى لهذا الذي احتاج على الزواج ودفع له المهر لأن التزويج من النفقة وبهذه المناسبة أود أن أنبه على مسألة يفعلها بعض الناس جهلاً يكون عنده أولاد قد بلغوا النكاح فيزوجهم ويكون عنده أولاد آخرون صغار فيوصي لهم بعد موته بمثل ما زوج به البالغين وهذا حرام ولا يجوز، لأن هذه الوصية(3/30)
تكون وصية لوارث والوصية لوارث محرمة قال، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ". فإن قال أوصيت لهم بهذا المال لأني قد زوجتا إخوتهم بمثله فإننا نقول إن بلغ هؤلاء الصغار النكاح قبل أن تموت فزوجهم مثلما زوجت إخوتهم فإن لم يبلغوا فليس واجبا عليك أن تزوجهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
العائد من هبته كالكلب
س - لي أخ وأتى بقصد الزيارة وأنا كنت أشتغل في مدينة غير البلدة التي نحن وعائلتنا نعيش فيها وأعطيته مبلغاً من المال على سبيل الإحسان ولم أكن أقصد أنها سلف ولن أطالبه به في يوم من الأيام وهو كان يعرف ذلك وأخذ المال وعاد إلى بلدتنا حيث يقيم هو وأهلنا واستعان بهذا المبلغ على زواجه وعاشت زوجته معه مدة من الزمن وفيما بعد صار بينه وبينها زعل ونشزت الزوجة وبعد ذلك أوصى لي أخي بالمبلغ كدين عليه وأشهد على ذلك. وعاش بعد ذلك مدة من الزمن وتوفاه الله ولما عدت إلى بلدتي بعد وفاة أخي أبلغت بالوصية وطالبتني زوجة أخي بإبراز حصتها من تركة زوجها وطالبتها أنا بالوصية التي أوصى بها لي أخي وهو المبلغ الذي سبق وأن أعطيته على سبيل الإحسان، وفعلاً قامت بتسليم نصيبها من الوصية وهو الدين الذي أوصى به أخي لي واستوفيته منها واقتسمت هي حصتها من التركة بعد ذلك؟
ج- إذا كنت دفعتها له صدقة منك وقبلها وهو يعلم أنها صدقة فلا ينبغي أن تعود فيها لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ". متفق عليه، وبناء على ذلك فحكم هذا المبلغ حكم ما له وعليك رده ورثته وإن كنت وارثا فلك نصيبك منه بالإرث، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *(3/31)
كتاب الوصايا(3/33)
مقدار الوصية ووقتها
س - متى تُشرع الوصية؟ وهل حدد الشرع مبلغاً من المال في ذلك؟
ج- الوصية مشروعة دائما إذا كان للإنسان شيء يوصي فيه وينبغي له البدار بها، وذلك لما ثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ما حق امرىء مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ". رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، فهذا يدل على أنه يشرع البدار بالوصية إذا كان عنده شيء يحب أن يوصي فيه. وأكثر ما يجوز الثلث فقط، وإن أوصى بالربع أو بالخمس أو بأقل فلا بأس، لكن أكثر ما يجوز االثلث لقول النبي،، في حديث سعد - رضي الله عنه - " الثلث والثلث كثير "، وقال ابن عباس = رضي الله عنهما - لو شأن الناس غضوا من الثلث إلى الربع لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، قال " الثلث والثلث كثير "، وأوصى الصديق - رضي الله عنه - بالخمس، فإذا أوصى الإنسان بالربع أو بالخمس كان أفضل من الثلث ولا سيما إذا كان المال كثيراً، وإن أوصى بالثلث فلا حرج.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم الوصية ونصها الشرعي
س - هل كتابة الوصية واجبة؟ وهل يلزم لها شهود؟ وحيث أنني لا أعرف النص الشرعي أرجو إرشادي إليه جزاكم الله خيراً.
ج - تكتب الوصية حسب الصيغة التالي أنا الموصي أدناه بأنني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأ، الله يبعث من في القبور، أوصي من تركت من أهلي وذريتي وسائر أقارب بتقوى الله وإصلاح ذات البين وطاعة الله ورسوله والتواصي بالحق والصبر عليه، وأوصيهم بمثل ما أوصى به إبراهيم عليه السلام بنيه ويعقوب {يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون} . ثم يذكر ما يحب أن يوصى به من ثلث ماله أو أقل من ذلك أو مال معين لا(3/35)
يزيد على الثلث ويبين مصارفه الشرعية ويذكر الوكيل على ذلك. والوصية ليست واجبة بل مستحبة إذا أحب أن يوصى بشيء لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " وما حق امرىء مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ". لكن إذا كانت عليه ديون أو حقوق ليس عليها وثائق تثبتها لأهلها وجب عليه أن يوصي بها حتى لا تضيع حقوق الناس وينبغي أن يشهد على وصيته شاهدين عدلين وأن يحررها من يوثق بتحريره من أهل العلم حتى يعتمد عليها ولا ينبغي أن يكتفي بخطه فقط لأنه قد يشتبه على المسؤولين وقد لا يتيسر من يعرفه من الثقات. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
يجب التقيد بما أوصى به الموصي في وصيته
س - أوصى رجل قبل وفاته بربع ماله يقسم كما يلي
أضحية تذبح له كل عام - صدقات للفقراء والمساكين - أعمال بر ووجوه خير.. وماله الذي أوصى بربعه هو عبارة عن عقارات وأرصدة قليلة فى بعض البنوك. وسؤالي هل يجوز أن تصرف ما أوصى به في بناء مسجد فقط أم تتقيد بالأشياء التي حددها الموصي فقط؟
ج- الواجب في مثل هذه الوصية التقيد بما ذكره الموصي وهكذا جميع الوصايا الشرعية يجب التقيد فيها بما ذكره الموصي ذلك حسب الإمكان. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
يجب تنفيذ الوصية
س - توفي رجل قد أوصى بأن يصرف ربع (غلة) أحد بيوته في أضاح وحجة عنه كل سنة إن تيسرت أو سنه بعد سنة وإن زاد على ذلك يصرف في أعمال البر، والسؤال هل الحج الموصى به لازم التنفيذ مع توفر من ينوب في الحج لكن لا تطمئن إليه النفس حيث أنه لم(3/36)
يحج إلا لأجل العوض المادي.. أو ليس من الأفضل أن يصرف مقابل هذا المال في أعمال خيرية كبناء مساجد وما إلى ذلك أم لا؟
ج - الواجب تنفيذ ما أوصى به الموصي، لأن الحج من القربات وعلى الوكيل أن يجتهد ويستنيب من ظاهره الخير والصلاح والرغبة في الحج من أجل التقرب إلى الله سبحانه لا من أجل المال والله سبحانه هو الذي يتولى السرائر ويجازى عليها.
الشيخ ابن باز
* * * *
لا وصية لوارث
س - كتب والدي مزرعة يملكها باسم ابنه من بعده، علما بأن له أربع بنات غير هذا الابن، فهل يحوز ذلك؟ ولو قسمت هذه المزرعة على الابن والبنات الأربع كيف يكون التقسيم؟
ج - بين الله - عز وجل - في كتابه كيف يكون إرث الميت فقال " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ". وعلى هذا فإن وصية هذا الوالد لابنه وصية باطلة ولا يجوز تنفيذها. اللهم إلا أن يرضى الورثة كلهم بعد ذلك ويوافقوا على هذا فلا بأس. وإذا لم يوافقوا فإنه يجب أن تعاد هذه المزرعة في التركة وتقسم على الورثة كما فرض الله - عز وجل - فالتقسيم يكون على الورثة جميعاً. فإذا لم يكن له ورثة إلا هذا الأبن وهؤلاء البنات فإنه يقسم عليهم للذكر مثل حظ الأنثيين فيقسم ثمن هذه المزرعة وما خلفه الميت على أسهم لكل بنت سهم وللأبن سهمان.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم الوصية بأقل من الثلث
س - معلوم أنه يجوز للشخص أن يوصي بثلث ماله فهل تجوز الوصية بأقل من الثلث إذا كانت ثروة الشخص كبيرة؟ وما الوجوه التي يجب أن تصرف بها تلك الوصية؟(3/37)
وهل تعتبر الأضحية واجبا يجب أن تشتمل عليه الوصية؟
ج - ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - لما سأله سعد وهو مريض هل يتصدق بثلثي ماله؟ فقال له النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا " فقال سعد فالشطر، فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا "، فقال سعد فالثلث، فقال عليه الصلاة والسلام " الثلث والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ". الحديث متفق على صحته.
وثبت عن ابن عباس - رضى الله عنهما - أنه قال لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع، لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " الثلث والثلث كثير " وأوصى الصديق - رضى الله عنه - بالخمس فعلم مما ذكرنا أن الثلث هو الحد الأعلى للوصية والصدقة في المرض.
أما الوصية بأقل من ذلك فلا حد له فيجوز للموصي أن يوصي بما يرى من ماله بشرط أن لا يزيد عن الثلث وإذا أوصى بأقل من الثلث كالربع والخمس والسدس ونحو ذلك فهو أفضل ولاسيما إذا كان ماله كثيراً، والأفضل أن تكون الوصية في وجوه البر كالفقراء والمساكين وأبناء السبيل والمجاهدين في سبيل الله وتعمير المساجد والمدارس الإسلامية والصدقة على الأقارب ونحو ذلك من وجوه الخير وإذا عين أضحية له ولمن شاء من أهل بيته في وصيته فلا بأس بذلك لكونها من القربات الشرعية ومن ذلك الوصية بمساعدة المحتاجين للزواج العاجزين عن مؤونته والغارمين العاجزين عن قضاء ديونهم وما أشبه ذلك، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
حكم ذبح الأضحية عن الميت من وصيته كل عام
س - ما حكم ذبح الأضحية عن الميت من وصيته في كل عام؟ هل هو جائز أم لا؟
ج - ثبت شرعية وصية الميت بأن يخرج بعضا من ماله في الصدقات وأعمال الخير التي يصل ثوابها إلى الميت كالحج والجهاد والمساجد، وكتب العلم، وصلة الرحم، والضيافة، وعلى الفقير والمسكين والمدين، ونحوه، وقس على ذلك الأضحية فهي من الصدقات وفيها فضل(3/38)
كبير، ولكن في هذه الأزمنة قلت الحاجة إليها وتنافس الناس فيها فأصبحت لا تقع من الفقراء موقعاً، فأرى عدم التباهي بها والاقتصار على بعض ذلك في بعض الأزمات وصرف الباقي فيما سبق من وجوه الخير.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
وصية محرمة وباطلة
س - رجل أنجب ولدين أوصى بمنزل يملكه لأحدهما ثم تزوج بعد وفاة زوجته وأنجب ولداً فما نصيبه من الإرث؟
هذا الرجل الذي أنجب ولدين وأوصى بمنزل يملكه لأحدهما نقول إن وصيته هذه محرمة وباطلة، وذلك لأنها تخصيص لأحد الورثة بشيء من ماله، ولأن تفضيلاً لأحد أولاده على الآخر وكلاهما محرم. أما الأول فإن الوصية للوارث محرمة لما فيها من تعدي حدود الله - عز وجل - فإن الله - سبحانه وتعالى - قسم المواريث بمقتضى علمه وحكمته وقال في الآية الأولى من المواريث " آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما " وقال في الآية الثانية " تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعدَّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين ". وقال في الآية الثالثة " يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم ".
وأما الأمر الثاني وهو تفضيل بعض أولاده على بعض فإنه من الجور والظلم ففي الصحيحين من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - أن والده نحله نحلة فقال أمه (أي أم النعمان) لا أرضى حتى تشهد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، على ذلك.
قال النعمان بن بشير - رضي الله عنه - " فانطلق بن أبي يحملني إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله أشهد أني قد نحلت النعمان كذا وكذا من مالي، فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " أكل بنيك قد نحلت مثلما نحلت النعمان؟ " قال " لا ". قال أشهد على هذا غيري، ثم قال أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال بلى ". قال فلا إذن. وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -(3/39)
" اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ". وبهذا يتبين أنه لا يجوز لأحد أن يخصص أحد أولاده بشيء دون الآخرين لأن ذلك خلاف العدل.
أما قول السائل أن هذا الرجل تزوج بعد وفاة زوجته وأنجب ولداً فما نصيبه من الإرث. فإن هذا لا يمكن الجواب عليه حتى يحصر الورثة ويعمل من الوارث وماذا يستحق من التركة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
الفاضل من غلة الوصية يقسم على الورثة
س - رجل أوصى بربع ما يملك وجعل فيه أضحيتين والفاضل يقسم بين أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين، وقد اشترى القائم على الوصية من الربع دكاناً يشتري من إيجاره أضحيتين وقسم الباقي من الإيجار بين أولاد الموصي للذكر من حظ الأنثيين، كما هو نص الوصية، أما ما بقى من الرابع بعد شراء الدكان وقدره عشرون ألف ريال فقد تسبب فيه القائم على الوصية حتى حصل منه ربح كثير فهل يقسم الربح بين الورثة حسب ما في الوصية أو يكون تابعاً للربح ويقسم منه شيء على الورثة؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكر فكان ربح العشرين ألف ريال يعتبر فاضلاً من غلة الوصية فيقسم بين الورثة حسب نص الوصية فإن المقصود أن يضحي بأضحيتين من الربح كل سنة وما زاد على ذلك من الغلة يعتبر فاضلاً سواء أخرجت الأضحيتان سنوياً من إيجار الدكان أو ربح العشرين ألفاً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
أخذ مال زوجته فأوصى لها بعد موته
س - هذا الرجل في حياته يأخذ حقوق زوجته فيأكلها وعند موته أوصى لها بأذرع من الأرض التي يملكها مقابل ما أخذه في حياته فهل يجوز ذلك أم لا؟(3/40)
ج - إذا كانت حقوق الزوجة التي أخذها في حياته ثابتة في ذمته، فما أوصى به من أذرع أرض يملكها لزوجته مقابل ما أخذه منها في حياته فإنه جائز إذا كان القدر الذي أوصى به مساوياً للحق الذي ثبت في ذمته ويكون من أصل التركة لا من الثلث.
اللجنة الدائمة
* * * *
توفي ولم يوص
س - رجل ذو مال وعيال، وأولاده جميعهم قاصرون، وأكبرهم سناً عمره ثماني سنوات توفي فجأة، ولم يوص بشيء من ماله، علما أنه لو ذكر قبل موته الوصية وشأنها لأوصى، هل يخرج من ماله شيء أم يكتفي بأعمال البر كالحج والعمرة والأضحية وغيرها؟ أفيدونا.
ج- لا يلزم الورثة أن يخرجوا له شيئاً من ماله، ولكن متى فعلوا فأخرجوا له شيئاً مشاعاً معينا كالثلث، أو الربع، أو نحو ذلك، أو أخرجوا دراهم معلومة يتصدق بها عنه أو يشترى له بها العقار يكون وقفا لوجه الله - سبحانه وتعالى - تصرف غلته في وجوه البر وأعمال الخير، فهم مأجورون في ذلك، وهذا من البر بوالدهم، ولكن إنما يصح ذلك من المرشدين، أما القاصرون والبالغ غير الرشيد فلا يجوز لوليهم أن يخرج من نصيبهم شيئاً، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
أوصى بخمس ماله واستثنى بيتا له، ثم باعه واشترى غيره
س - رجل أوصى بخمس ما يخلفه واستثنى من ذلك بيتا سكنا لذرتيه حسب الإرث الشرعي ولكنه قبل وفاته تصرف في البيت فباعه واشترى غيره وباع الآخر واشترى ثالثا وهكذا ثم توفى ولديه بيت واحد هو سكن ذريته ويسأل هل يدخل البيت المذكور في الخمس ويكون حكمه حكم البيت الأول أم لا؟
ج - إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال فإن البيت الذي توفي وهو عنده يكون بدلاً عن البيت(3/41)
الذي استثناه في وصيته فلا يدخل في الخمس، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
يجب تنفيذ الوصية على وفق ما أوصى به الموصي في حدود الثلث
س - رجل يقول فرضت أملاك والدي على أخواتي في عام 1373هـ وأصبح قسم كل واحدة 7 قراريط وقد قامت واحدة منهن ونذرت بحصتها المذكورة على أولادي بيد أنها أوصت بوصية وهي اثنتان من البقر ينفق لحمهما على الفقراء والمساكين بعد وفاتها وقد كررت هذا النذر وهذه الوصية مراراً ثم إنها في عام 1394هـ قدمت إلى رحمة الله، أرجو إفادتي عن النذر وجواز الوصية؟
ج - أما ما يتعلق بنذرها حصتها من إرثها من أبيها لأولادك فيمكنك إثباته عن طريق قاضي البلد التي فيها الملك.
وأما ما أوصت به من ذبح اثنين من البقر ينفق لحمها على الفقراء والمساكين بعد وفاتها فحيث توفيت يجب تنفيذ وصيتها على وفق ما أوصت به كما ذكر في السؤال إذا كانت ثابتة بالبينة الشرعية ولم تزد قيمة البقرتين على ثلث مالها. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبة وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
ضاعت الوصية بعد موت الموصي ثم وجدت بعد تقسيم التركة
س - شخص يقول والدي مرض في عام 1391هـ وفي 29 من شهر ذي القعدة من هذه السنة كتب ثلث ماله وقفا وجعله بيدي أنا خوفاً من أن مرضه هذا مرض لن يقوم بعده من الفراش ولكن قدرة الله - سبحانه وتعالى - جعله يعيش بعد أن شفي من هذا المرض أربع سنوات بعد المرض حيث أن الله - سبحانه وتعالى - اختاره في عام 1395هـ، وأنا بعد كتابة الوصية وجعل الثلث بيدي وبعد أن شفى الله والدي اعتقدت أن الوصية قد التغت، وعند(3/42)
البحث عنها لم نجدها وعندما تعبنا بالبحث والتفتيش عنها ولم نجدها أهملنا الموضوع، حيث أن الموصي حي يرزق ومعافي ولكن قدر الله جعل المنية تأتيه بتاريخ 2 1 1395هـ بعد مرض وتوفي ولم يوص قبل مماته رحمه الله. وحيث أن المال الذي بعده يبلغ اثنين وثلاثين ألفا ومائة وثمانية وأربعين ريال (32148) ولقد تم توزيع التركة على الورثة زوجتين وابنتين وأربعة ذكور أولاد وانتهى المال بعد أن أخذ كل وارث نصيبه وفي تاريخ 10 8 1396هـ عثرنا على ورقة الوصية التي قد كتبت في عام 1396هـ خلال مرضه الأول والذي يوصي بأن يكون من ماله ثلث يكون بيدي أنا، ونحن الآن في حيرة من الأمر، المال قد وزع ولا ندري ماذا نصنع ونخشى الإثم علما أن المرحوم رزق بأبناء صالحين هدفهم البر بوالديهم فما الحكم؟
ج - إذا كان الأمر كما ذكر فإنه يسترد من الورثة من النقود التي استلموها ما يساوي ثلث أصل النقود ومقداره عشرة آلاف وسبعمائة وستة عشر ريالاً يؤخذ من كل واحد ثلث حصته ومجموع التحصيل هو ثلث الميت ويكون بيد وكيله الشرعي ينفذ على وفق وصيته الشرعية إذا كانت ثابتة بالبينة الشرعية أو بإقرار الورثة وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم المال الموصى به في أمر مبتدع
س - شخص يقول سمعت بعض طلبة العلم يقول في الحرم المدني أن استئجار من يدرس القرآن على نبية الميت ليس بمشروع. وبما أن هذا منتشر في بعض البلدان فكيف يعمل بالمال الذي أوصى به الميت في درس قرآن على نيته؟
ج - استئجار من يقرأ قرآناً على نية الميت تنفيذاً لوصيته التي أوصى بها من الأمور المبتدعة فلا يجوز ذلك ولا يصح لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". وقوله، عليه الصلاة والسلام " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ".
أما المال الذي أوصى به هذا الميت ليدفع أجرة لقارئ على نيته فتصرف غلته في(3/43)
وجوه الخير فإن كان له ذرية فقراء تصدق عليهم منه بقدر ما يدفع حاجتهم، وهكذا من يحتاج إلى المساعدة من متعلمي القرآن وطلبة العلم الشرعي، فإنهم جديرون بالمساعدة من هذا المال وهكذا بقية وجوه الخير وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الوصية بمنع بعض الأبناء من الإرث
س - رجل له ثمانية أولاد، ستة منهم طائعون لله ولوالدهم وإثنان عاصيان لله لا يصومان ولا يصليان وعاقان لوالديهما ومن أجل هذا كتب في وصيته أنهما لا يرثان مما خلفه إلا أن يتوبا قبل وفاته عنهم. فأرجو الإفادة عن صحة هذه الوصية؟
ج - لا تجوز هذه الوصية لمخالفتها لمقتضى الشرع والعدل الذي أمر الله به - خاصة بين الأولاد - لما روى أحمد وأبو داود - رحمهما الله - عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث ". ولما روى البخاري ومسلم - رحمهما الله - عن النعمان بن بشير - رضي الله تعالى عنه - أن أباه أتى به النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال إني نحلت أبني هذا غلاماً كان لي فقال عليه الصلاة والسلام " أكل ولدك نحتله مثل هذا؟ فقال لا قال فأرجعه ولفظ مسلم فقال " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم " فرجع أبي في تلك الصدقة.
فإن ثبت ثبوتاً شرعياً ما يوجب كفرهما كترك الصلاة حال وفاة الأب فإنه لا إرث لهما وإن لم يوص بذلك لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم - " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ". متفق على صحته، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الوصية بإقامة الولائم بعد الموت
س - يقيم بعض الناس ولائم وذبائح عند موت بعض أقاربهم وتصرف قيمة هذه الولائم(3/44)
من مال المتوفي ما حكم ذلك؟ وإذا أوصى الميت بإقامة مثل هذه الولائم بعد موته هل يلزم الشرع الورثة بإنفاذ هذه الوصية؟
ج - الوصية بإقامة الولائم بعد الموت بدعة ومن عمل الجاهلية، وهكذا عمل أهل الميت للولائم المذكورة ولو بدون وصية منكر لا يجوز لما ثبت عن جرير بن عبد الله اليجلي - رضى الله عنه - قال " كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة.
خرجه الإمام أحمد بإسناد حسن، ولأن ذلك خلاف ما شرعه الله من إسعاف أهل الميت بصنعه الطعام لهم لكونهم مشغولين بالمصيبة لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه لما بلغه استشهاد جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - في غزوة مؤتة قال لأهله " اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم ".
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم من أوصى بذبح ذبيحة بعد موته
س - شخص يقول إن أمه أوصت ابنها قبل وفاتها أن يذبح ذبيحة بعد وفاتها. يذبحها ويدعو لأكلها جيرانها وجماعتها ومن حضر جنازتها وساعد في حفر قبرها ودفنها فيه، فهل أقوم بتنفيذ وصيتها؟
ج - إذا لم يكن القصد من هذه الذبيحة إلا صلة جيرانها وأقاربها وجزاء لمن ساعد على تجهيزها فلا يظهر لنا بأس في إنفاذ وصيتها ولا حرج على من أكل منها وسواء نفذت وصيتها هذه من مالها أو من مال أبنها فلا يظهر فرق في جواز ذلك. أما إذا كان ذلك لعادة جارية كمن يعتاد ذبح ذبيحة لميته بعد أسبوع من وفاته أو أربعين يوماً أو سنة أو نحو ذلك أو لإقامة مأتم للوفاة فهذا غير جائز لما فيه من الابتداع والمخالفة الشرعية فلا ينبغي تنفيذ هذه الوصية والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللجنة الدائمة
* * * *(3/45)
إمام أوصى
أن يدفن في قبلة المسجد
س - جامع كان له إمام وأوصى قبل موته إذا مات أن يقبروه أمام قبلة الجامع فهل يصح هذا؟
ج - هذه الوصية باطلة لأنه لا يجوز أن يدفن في المساجد ولا في قبلتها فهذه وصية باطلة ويجب أن يدفن هذا الشخص في المقبرة مع الناس.
أما الدفن في المساجد فهذا قد نهى عنه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ونهى عن اتخاذ المساجد على القبور ولعن من اتخذ ذلك، وهو في سياق الموت يحذر أمته ويذكر، - صلى الله عليه وسلم -، أن هذا من فعل اليهود والنصارى، ولأن هذا وسيلة إلى الشرك بالله - عز وجل - في أصحاب هذه القبور فيعتقد الناس أن أصحاب هذه القبور المدفونين في المساجد أنهم ينفعون أو يضرون وأن لهم خاصية تستوجب أن يتقرب إليهم بالطاعات من دون الله - سبحانه وتعالى - فيجب على المسلمين أن يحذورا من هذه الظاهرة الخطيرة وأن تكون المساجد خالية من القبور مؤسسة على التوحيد والعقيدة الصحيحة. قال - تعالى " وأن المساجد لله فلا تدعوا من الله أحدا ". فيجب أن تكون المساجد لله - سبحانه وتعالى - خالية من مظاهر الشرك تؤدى فيها عبادة الله وحده لا شريك له، هذا هو واجب المسلمين. والله الموفق.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(3/46)
كتاب الفرائض(3/47)
قضاء الديون قبل قسمة الإرث
س - ورثت بعض المال عن قريب لي واشترك معي في الميراث بنت له وزوجتان، ثم تبين بعد فترة أن المتوفي عليه ديون كثيرة، وأبي بقية الورثة أن يساهموا في سداد ديونه، ورق قلبي للمتوفي ومسئولية ذلك أمام الله تعالى، فقررت أن أتاجر فيما معي من مال حتى أنميه وأسدد ما عليه من ديون نظراً لأن ديونه تفوق ما معي من مال، فما الحكم؟
ج - لا يحل لورثة الميت شيء من ميراثة إلا بعد قضاء ديونه، لأن الله تعالى لما ذكر الميراث قال " من بعد وصية يوصي بها أو دين ". وعلى هذا فلا حق للورثة في شيء من مال مورثهم إلا بعد قضاء دينه فإذا اقتسموا الميراث جاهلين بهذا الدين ثم تبينوا ذلك وجب على كل منهم أن يرد ما ورث في قضاء دينه، فإذا امتنع أحدهم عن ذلك فهو آثم ومعتد على الميت ومعتد على صاحب الدين، فإذا كنت قد تصرفت هذا التصرف بأن تأجرت بما قبضت من الميراث لتنميه حتى تسدد ما على الميت من الديون فهذا تصرف اجتهادي، وحيث وقع اجتهاداً منك فأرجو ألا يقع عليك فيه إثم وعليك أن تقضي الدين من أصل ما ورثت ومن ربحه، ولكن مثل هذا العمل الذي عملته ليس بجائز لأنه ليس لك الحق في أن تتصرف في مال لا تستحقه لكن نظراً لأن هذا وقع منك على سبيل الاجتهاد فأرجو ألا تكون آثما.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
امرأة توفيت قبل أن تحج
س - الحمد لله وحده، وبعد، فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد من المستفسر قاسم بن حمدان، والسؤال توفيت امرأة عن زوجها ووالدها وإخوتها ذكور وإناث بعد أن أنجبت بنتا توفيت قبل أمها المذكورة، وخلفت بعض النقود القليلة يرغب الورثة معرفة فرض كل منهم هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن المرأة المتوفية(3/49)
المذكورة لم تؤد فريضة الحج وبعض الورثة يفضل أن يكلف من يحج عنها قبل توزيع الفروض، والبعض مهم لا يوافق على ذلك إلا بعد الاستفتاء ومعرفة الوجه الشرعي ونحن في انتظار الإجابة.
وبعد دراسة اللجنة للسؤال أجابت بما يلي
ج - إذا كان الأمر كما ذكر فيدفع من تركتها ما يكفي للحج والعمرة لمن يحج عنها ويعتمر إذا كانت قاردة على الحج في حياتها، أما إن كانت فقيرة فلا حج عليها ولا عمرة. وما بقى بعد ذلك يقضي دينها منه إن كان عليها دين، ثم تنفذ وصيتها الشرعية إن كانت موصية وما بقى بعد ذلك فمسألته من اثنين للزوج النصف، والباقي للأب ولا شيء لإخوتها لأن الأب يسقطهم، وأما ابنتها التي توفيت قبلها فلا ترث من أمها لأن من شروط الإرث تحقق وجود الوارث حين موت المورث وهو مفقود هنا، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
لا يرث المسلم الكافر
س - أسرة تتكون من أب وأم ولهم ثمانية أشخاص أربعة رجال وأربع إناث، وكانوا جميعاً نصارى وقد أسلم منهم ثلاثة أولاد وبنت وتوفي والدهم وترك ثروة كبيرة تقدر بحوالي 18 مليون ريال سعودي، فهل الأبناء الذين أسلموا س 0 سس
لهم الحق أن يرثوا من والدهم الذي مات كافراً؟
ج - إذا كان الأمر كذلك فإن الأولاد المسلمين الذين مات أبوهم وهو على الكفر فإنهم لا يرثون، والأصل في ذلك ما رواه البخارث ومسلم عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال " لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم ". وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة(3/50)
الابن المسلم لا يرث من ماله أبيه المشرك
س - إذا كان الأب محافظاً على الصلوات الخمس، وأركان الإسلام، ولكنه يعتقد جواز النذر والذبح للمقبورين في الأضرحة والمشاهد، فهل لابنه أن يأخذ من ماله ما يبني به مستقبله، أو أن يرثه بعد موته أم لا؟
ج- من اعتقد من المكلفين المسلمين جواز النذر والذبح للمقبورين، فاعتقاده هذا شرك أكبر مخرج من الملة يستتاب صاحبه ثلاثة أيام ويضيق عليه فإن تاب وإلا قتل.
أما أخذ ابنه من ماله ما يبني به مستقبله وكونه يرث بعد موته في نفس المسألة المسؤول عنها، فإن هذا مبني على معرفة حقيقة واقع الأب ومعرفة الحال التي يموت عليها، فإذا كان أبوه مات على هذه العقيدة لا يعلم أنه تاب فإنه لا يرثه لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ". ويجوز لابنه أن يأخذ من ماله في حياته، ما طابت به نفسه له.
اللجنة الدائمة
* * * *
المشرك لا يرثه أولاده الموحدون
س - رجل يصلي ويصوم ويفعل جميع أركان الإسلام ومع ذلك كله يدعو غير الله حيث أنه يتوسل بالأولياء وينتصر بهم ويعتقد أنهم قادرون على جلب المنافع ودفع المضار، أخبرنا جزاكم الله خيراً هل يرثه أولاده الموحدون بالله الذين لا يشركون مع الله شيئاً، وأيضاً ما هو حكمهم؟
ج - من كان يصلي ويصوم ويأتي بأركان الإسلام إلا أنه يستغيث بالأموات والغائبين وبالملائكة ونحو ذلك فهو مشرك وإذا نُصح ولم يقبل وأصر على ذلك حتى موت فهو مشرك شركاً أكبر يخرجه من ملة الإسلام فلا يغسل ولا يصلى عليه صلاة الجنازة ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يدعي له بالمغفرة ولا يرثه أولاده ولا أبواه ولا إخوته الموحدون ولا نحوهم ممن هو مسلم لاختلافهم في الدين لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ". رواه البخاري ومسلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *(3/51)
حكم الصدقة عن الميراث دون علم الورثة
س - توفيت الدتي ولها عندي مبلغ 14000 أربعة عشر ألف ريال سلف لوجه الله، فأرجو إرشادي كيف أقوم بتصريفها وتقسيمها على الورثة عدد الأولاد 3 ذكور كل ولد من رجل (أب) وعدد البنات واحدة، وتوفيت وهي في ذمة زوج أي غير مطلقة فكيف أوزع المبلغ المذكور على الورثة وهم ما ذكر بعاليه، زوج وثلاثة أولاد وبنت، وهل أتصدق منه بشيء بدون رضاء الورثة أو علمهم. أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
ج - يجب عليك أن تدفعها للورثة وأنت واحد منهم، للزوج ربعها ثلاثة آلاف وخمسمائة والباقي بين الأولاد الثلاثة والبنت، للبنت ألف وخمسمائة ولكل ابن ثلاثة آلاف ولي لك أن تتصدق منها بشيء إلا برضا الورثة إلا أن تكون أمك أوصت بشيء، فالواجب تنفيذ وصيتها إذا شهد بها عدلان وكانت بقدر ثلث تركتها أو أقل، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
ميراث الزوجة غير المدخول بها
س - خطب شخص ما فتاة بكراً، وأتم العقد وقبل الدخول بها توفي هذا الرجل وخلف وراءة تركة وليس له أولاد ولا أقرباء ولا أحد من الورثة غير هذه الزوجة التي عقد عليها هل ترثه وهو لم يدخل بها؟
ج - نعم ترثه وإن كان لم يدخل بها وذلك لعموم قوله - تعالى " ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين ".
فالزوجة تكون زوجة بمجرد العقد الصحيح، فإذا تم العقد الصحيح ومات زوجها عنها ورثته ولزمتها عدة الوفاة، وإن لم يدخل بها ولها المهر كاملاً وما زاد على ميراثها من تركته فإنه يكون لأولى رجل ذكر وفي هذه المسألة التي سأل عنها السائل حيث لم يوجد لهذا الميت أحد من الورثة لا أصحاب الفروض ولا العصبات فإن ما زاد على نصيب المرأة يكون في(3/52)
بيت المال، لأن بيت المال جهة يؤول إليها كل مال ليس له مالك معين.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
ميراث المطلقة
س - هل ترث المرأة المطلقة التي توفي زوجها فجأة وكان قد طلقها وهي في فترة العدة أو بعد انقضاء العدة؟
ج - المرأة المطلقة إذا مات زوجها وهي في العدة فإما أن يكون الطلاق رجعياً أو غير رجعي
فإذا كان الطلاق رجعياً فهي في حكم الزوجة وتنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة والطلاق الرجعي هو أن تكون المرأة طلقت بعد الدخول بها بغير عوض وكان الطلاق لأول مرة أو ثاني مرة فإذا مات زوجها فإنها ترثه لقوله - تعالى - " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ". وقوله - تعالى - " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبنية وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ". فقد أمر الله - سبحانه وتعالى - الزوجة المطلقة أن تبقى في بيت زوجها في فترة العدة وقال " لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ". يعني به الرجعة. أما إذا كانت المطلقة التي مات زوجها فجأة مطلقة طلاقا بائناً مثل أن يكون الطلقة الثالثة، أو أعطت الزوج عوضا ليطلقها أو كانت في عدة فسخ لا عدة طلاق فإنها لا ترث ولا تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة. ولكن هناك حالة ترث فيها المطلقة طلاقا بائنا مثل إذا طلقها الزوج في مرض موته متهماً بقصد حرمانها فإنها في هذه الحالة ترث منه ولو انتهت العدة ما لم تتزوج فإن تزوجت فلا إرث لها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(3/53)
إرث المطلقة أيضا
س - هل ترث امرأة مطلقة من أموال زوجها الذي مات قبل أن تنتهي عدتها؟
ج - إذا كان الطلاق رجعياً ومات زوجها قبل خروجها من العدة فإنها ترث منه فرضها الشرعي أما إن كانت قد خرجت من العدة فلا إرث لها وهكذا إن كان الطلاق بائنا لا رجعة فيه كالمطلقة على مال والمطلقة آخر ثلاث ونحوهما من البائنات، فليس لهن إرث من مطلقهن لأنهن حين موته لسن بزوجات له لكن يستثنى من ذلك من طلقها زوجها في مرض موته متهماً بقصد حرمانها من الإرث فإنها ترث منه في العدة وبعدها ما لم تتزوج ولو كان الطلاق بائنا في أصح قولي العلماء معاملة له بنقيض قصده. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
ميراث المخنث
س - ما نصيب المخنت في الميراث أيأخذ نصيب الذكر أم نصيب الأنثى؟
ج - الخنثى هو الذي لم يتضح كونه ذكراً ولا أنثى فإذا مات صغيراً وبلغ وهو مشكل أعطى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى، وإلا أعطي اليقين من نصيبه وأخر حتى يبلغ رجاء أن يتضح أمره.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
ميراث المتوفي في حياة أبيه
س - ما حكم الشرع في منع الرجل المتوفي في حياة والده من الميراث حتى ولو كان له أولاد صغار فقراء؟ وهل يجوز أن نعطيهم شيئاً كرهاً عن الآخرين؟
ج - يشرع للرجل إذا مات أبنه في حياته وترك أولاداً أن يوصي لهم بشيء أقل من الثلث ولو كره أعمامهم فإن للرجل التصرف في الثلث بعد الموت، فإذا لم يرثه أولاد ابنه استحب(3/54)
أن يوصي لهم بإرث أبيهم إن كان ثلثاً أو أقل منه حسب اجتهاده فإن لم يفعل فلا شيء لهم إلا إذا سمح أعمامهم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
زوجة المتوفى لا ترث من مال أبيه
س - هل يجوز لزوجة الميت أن ترث في مال أبي المتوفى؟
ج - زوجة المتوفى لا ترث في مال أبيه إذا توفي وأبوه حي، أما إن كان أبوه توفي قبله فإنها ترث من زوجها مما ورثة هو من أبيه في حياته. وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * * *
أولاد الأبن لا يرثون من جدهم مع أعمامهم
س - هل يرث أولاد الأبن من جدهم مع أولاده؟
ج - لا يرث أولاد الأبن من جدهم مع أعمامهم لأنهم محجوبون بهم بإجماع أهل العلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
س - توفي رجل قبل ولده وله أولاد وإخوان وبعد ذلك توفي والده فهل يحق للأولاد أن يرثوا جدهم أم لا؟
ج - ليس للأولاد البنين إرث مع أعمامهم أبناء الميت بإجماع المسلمين لقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ". متفق على صحته.
ومعنى قوله " أولي رجل ذكر " أقرب ولا شك أن البنين أقرب إلى الميت من أولاد البنين إلا أن يوصي لهم بشيء بقدر الثلث فأقل فلا مانع من ذلك إذا ثبتت الوصية بالبينة الشرعية.
الشيخ ابن باز
* * * *(3/55)
مسائل فرضية
س - توفي رجل عن ابنين وبنتين وزوجة وأخ شقيق وأخت شقيقة فما نصيب كل واحد منهم؟
ج - المقدم في مال المتوفي وفاء دينه إن كان عليه دين ثم تنفيذ وصيته الشرعية إن كان(3/57)
موصياً، والباقي بعد ذلك تكون مسألة الورثة فيه من ثمانية وتصح من ثمانية وأربعين للزوجة الثمن ستة أسهم، ولكل أبن أربعة عشر سهماً، ولكل بنت سبعة أسهم، ولا شيء للأخ الشقيق والأخت الشقيقة لوجود الفرع من الذكور الوارث.
اللجنة الدائمة
* * * *
س - توفي شخص عن أب وأبنة وأخ وأخ شقيق وأخوان من الأب وأخت شقيقة فكيف يكون تقسيم ميراثه؟
ج - تقسم التركة نصفين أحدهما للبنت فرضاً، والثاني للأب فرضاً وتعصيباً، وليس للأخوة شيء لأن الأب يحجبهم بإجمال أهل العلم.
لكن إن كان عليه دين ثابت قضي من التركة مقدماً على الورثة فإن فضل شيء فهو للورثة على القسمة المذكورة وهكذا إن كانت للميت وصية شرعية ثابتة وجب إخراجها قبل قسمة التركة على الورثة في حدود الثلث فأقل وليس للميت أن يوصي بأكثر من الثلث فإن أوصى بأكثر من ذلك لم ينفذ الزائد إلا برضا الورثة المكلفين المرشدين والدليل على تقديم الدين والوصية على الورثة قوله - تعالى " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ". إلى أن قال - سبحانه وتعالى - " من بعد وصيةٍ يوصي بها أو دين ". الآية من سورة النساء.
الشيخ ابن باز
* * * *
س - توفيت امرأة عن أبناء أخ غير شقيق وأبناء عم فمن يرث ومن لا يرث وما نصيب كل منهم؟
ج - إذا كان أبناء أخيها الموجودون أبناء أخ من أب فهم العصبة وليس لأبناء عمها شيء، أما إن كانوا أبناء أخ من أم فقط فليس لهم شيء لأنهم من ذوي الأرحام والعصب يكون لبني عمها إذا كانوا أبناء عم شقيق أو أبناء عم لأب. فإن كان بعضهم أبناء عم شقيق(3/58)
والآخرون أبناء عم لأب فالعصب لأبناء العم الشقيق إذا كانوا في درجة واحدة. فإن كان بعضهم أقرب من بعض فالعصب للقريب فقط والبعيد لا شيء له سواء كان أبن عم شقيق أم أبن عم لأب لقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبة من كان ". ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر ". متفق على صحته ومعنى أولي " أقرب "، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
س - رجل توفي عن ابن وبنتين وأب وشقيقة وزوجة، فما نصيب كل واحد منهم؟
ج - المقدم في تركته وفاء دينه إن كان عليه دين ثم تنفيذ وصيته الشرعية وما بقى بعد ذلك تكون مسألة الورثة من أربعة وعشرين وتصح من ستة وتسعين للزوجة الثمن، اثنا عشر سهما من ستة وتسعين، وللأب السدس ستة عشر سهماً من ستة وتسعين سهماً، ولكل بنت سبعة عشر سهماً من ستة وتسعين سهماً، وللابن أربعة وثلاثون سهما من ستة وتسعين سهماً ولا شيء للأخت الشقيقة لوجود الفرع من الذكور الوارث وهو الابن ووجود الأصل من الذكور الوارث وهو الأب.
س - أب المتوفى المذكور آنفاً توفي عن ابنته وابن ابنته وبنتي ابنه وأخوين شقيقين فما نصيب كل واحد منهم؟
ج- المقدم وفاء دين المتوفى إذا كان عليه دين ثم تنفيذ وصيته الشرعية إذا كان موصياً فيما بقى بعد ذلك مسألة الورثة من اثنين وتصح من ثمانية للبنت النصف أربعة والباقي أربعة بين ابن الابن وبنتي الابن لابن الابن اثنان ولكل بنت ابن واحد ولا شيء للأخوين الشقيقين لوجود الفرع من الذكور الوارث وهو الابن. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
س - امرأة تقول توفيت أمي عني وعن أختها من أمها وأبيها وعن ثلاثة أبناء أخ لأمي من أبيها وأمها وأخت لهم. فما الحكم؟(3/59)
ج - إذا كان الواقع هو كما ذكرت فإن التركة التي خلفتها أمك رحمة الله تكون بينك وبين أختها نصفين ولي لأولاد أخيها شيء؛ لأن أختها في مثل هذه المسألة تحجب أبناء الأخ وإن كانت أمك أوصت بشيء فوصيتها مقدمة عليك وعلى أختها إذا كانت بالثلث أو أقل على وجه شرعي وإن كان عليها دين ثابت فابدئي بقضاء دينها قبل الوصية وقبل قسم الميراث بينك وبين أختها.
الشيخ ابن باز(3/60)
كتاب الرق(3/61)
الحكمة من مشروعية الاسترقاق
س - يقولون لماذا لا يحرم الإسلام الرقيق؟
ج - لله كمال العلم والحكمة واللطف والرحمة فهو عليم بشؤون خلقه رحيم بعباده، حكيم في خلقه وتشريعه. فشرع للناس ما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة، وما يكفل لهم السعادة الحقة والحرية والمساواة لكن في نطاق عادل وهدي شامل وفي حدود لا تضيع معها حقوق الله ولا حقوق العباد. وأرسل بهذا التشريع رسله مبشرين ومنذرين فمن اتبع سبيله واهتدى بهدى رسله كان أهلاً للكرامة ونال الفوز والسعادة، ومن أبى أن يسلك طريق الاستقامة نزل به ما يكره من قتل أو استرقاق، إقامة للعدل وتحقيقاً للأمن والسلام. ومحافظة على النفوس والأعراض والأموال من أجل ذلك شرع الجهاد أخذاً على يد العتاة وقضاء على عناصر الفساد، وتطهير الأرض من الظالمين ومن وقع منهم أسيراً في يد المسلمين كان الإمام مخيراً فيه بين القتل إن فحش شره ولم يرج صلاحه، وبين العفو عنه أو قبول الفدية منه إن كان المعروف يملكه. ويسهل به إلى خير، وبين العفو عنه أو قبول الفدية منه إن كان المعروف يملكه، ويسهل به إلى خير، وبين أن يسترقه إن رأى أن بقاءه بين أظهر المسلمين يصلح نفسه، ويقوم اعوجاجه ويكسب معرفة بطريق الهدى والرشاد وإيماناً بها واستسلاما لها. لما يراه من عدل المسلمين معه وحسن عشرتهم وجميل معاملتهم له. ولما يسمعه من نصوص التشريع في أحكام الإسلام وآدابه فينشرح صدره للإسلام ويحبب الله إليه الإيمان ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وعند ذلك يبدأ حياة جديدة مع المسلمين يكون بها أهلا لكسب الحرية بطريق الكتابة كما قال - تعالى - " والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ". أو بطريق العتق في كفارة يمين أو ظهار أو نذر ونحو ذلك أو بطريق العتق ابتغاء وجه الله ورجاء المثوبة يوم القيامة إلى غير ذلك من أنواع التحرير.
وبهذا يعلم أن أصل الاسترقاق إنما هو عن طريق الأسر أو السبي في جهاد الكافرين لإصلاح من استرقوا بعزلهم عن بيئة الشر وعيشتهم في مجتمع إسلامي يهديهم سبيل الخير(3/63)
وينقذهم من براثن الشر ويطهرهم من أدران الكفر والضلال ويجعلهم أهلاً لحياة حرة يتمتع فيها بالأمن والسلام، فالاسترقاق في حكم الإسلام كأنه مطهرة أو سوق حمام يدخله من استرقوا من باب ليغسلوا ما بها من أوساخ ثم يخرجوا من باب آخر في نقاء وطهارة وسلامة من الآفات.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم الاسترقاق اليوم
س - هل يجوز الاسترقاق اليوم وليس فيه حروب شرعية، أو هذا خاص بزمن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لوجود الحروب الشرعية، وما الدليل؟
ج - لا شك أن الحروب التي كانت بين النبي،، وبين الكفار كانت حروبا شرعية، وقد استرق بعض من أسر فيها من الكفار، وجرت حروب شرعية بين المسلمين والكفار زمن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم زمن القرون الثلاثة المشهود لها بالخير، وكان العمل عندهم من أسرى الكفار على ما كان عليه في زمن النبي،، من المنِّ على من أسر أو قبول الفداء أو الاسترقاق أو القتل حسب ما يراه الإمام مصلحة للمسلمين عملاً بالقرآن، واتباعا لسنة رسول الله،، بل جرى العمل في الأسرى بعده على ما كان عليه في زمنه بإجماع الأثمة، فإن وجدت اليوم حروب شرعية بين المسلمين والكفار، وكتب النصر فيها للمسلمين وأسروا بعض الكفار فلإمام المسلمين الحكم فيمن أسر بالمن أو بالفداء أو القتل أو الاسترقاق وابتداؤه، أما من ثبت رقه من قبل في حرب شرعية واستمر رقه بالتوالد والتوارث فهو على رقة حتى تتاح له فرصة التحرير، والله الموفق.
اللجنة الدائمة
* * * *(3/64)
كتاب النكاح(3/65)
أحكام النظر والخلوة والاختلاط
حكم النظر إلى وجه زوجة الأخ
س - هناك من دعاة التمدن من يجوز النظر إلى وجه زوجة الأخ ويستدلون ببعض الأدلة، ما مدى صحتها وكيف يرى سماحتكم الرد عليها والتصدي لها؟
ج - زوج الأخ كغيرها من النساء الأجنبيات لا يحل لأخيه النظر إليها كزوجة العم والخال ونحوهما ولا يجوز له الخلوة بواحدة منهن كسائر الأجنبيات، وليس لواحدة منهن أن تكشف لأخي زوجها أو عمه أو خاله أو يسافر أو يخلو بها لعموم قوله - سبحانه - " وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ". الآية وهي عامة لأزواج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وغيرهن في أصح قولي أهل العلم ولقوله - سبحانه وتعالى - " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبيدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آباءهن أو آباء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذي لم يظروا على عورات النساء ".
وقول الله - سبحانه وتعالى " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ".
وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ". متفق عليه، وقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ". ولما في كشفها لأخي زوجها ونحوه ونظره إلى وجهها من أسباب الفتنة والوقوع فيما حرم الله.(3/67)
وهذه الأمور والله أعلم هي الحكمة في وجوب الحجاب، وتحريم النظر والخلوة لأن الوجه هو مجمع المحاسن، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
حكم النظر إلى النساء
س - هل يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة الأجنبية أكثر من نظر الفجأة وإذا كان لا يجوز فهل يجوز للطلاب الرجال أن يحضروا محاضرة تلقيها امرأة متبرجة أو تلبس ملابس لصيقة على جسمها بحجة التعليم؟
ج - لا يجوز له النظر إليها أكثر من نظرة الفجأة إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك في حالة الإنقاذ من غرق أو حريق أو هدم أو نحو ذلك أو في حالة كشف طبي أو علاج مرض إذا لم يتيسر من يقوم بذلك من النساء، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
النظر إلى النساء في الحرم بغير شهوة
س - هل يؤاخذ المرء على النظر إلى النساء في الحرم مع أنه بغير شهوة ولا تمتع علماً بأن النساء هن اللواتي يجذبن إليهن النظر؟
ج- الحقيقة أن مشكلة النساء في الحرم مشكلة كبيرة لأن من النساء من يحضرن إلى هذه المكان الذي هو مكان عبادة وخضوع يحضرن على وجه يفتن من لا يُفْتن، فتأتي المرأة متبرجة متطيبة وربما من حركاتها أنها تغازل الرجال، وهذا أمر منكر في غير المسجد الحرام فكيف بالمسجد الحرام؟ ! ونصيحتي لمن يسمعن ويقرأن منهن أن يتقين الله - تعالى - في أنفسهن وأن يحترمن بيت الله - عز وجل - من وقوع المعاصي فيه، وعلى الرجال إذا رأوا امرأة(3/68)
على وجه غير سائغ، عليهم أن ينصحوها وينهروها أو يبلغوا عنها من يستطيع منعها ونهرها، والناس ولله الحمد فيهم الخير.
لكن مع هذا القول نقول إن الرجل يجب عليه أن يغض بصره بقدر ما يستطيع " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ". فعليه أن يغض بصره ما استطاع، لاسيما إذا رأى من نفسه تحركا لتمتع أو لذة، فإنه يجب عليه الغض أكثر وأكثر، والناس في هذا الباب يختلفون اختلافا كبيراً.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم تعمد النظر إلى النساء في الحرم
س - ما الحكم إذا خرج الرجل إلى الصلاة في المسجد الحرام " الجمعة " وصلاها قريبا من مكان النساء وحصل أن نظر إلى وجوههن عدة مرات؟
ج- ورد النهي عن قرب الرجال من النساء في الصلاة فخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها يعني لقربه من النساء وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها أي لقربه من الرجال، فيحرم على الرجل أن يقصد النظر إلى النساء في المسجد ويجب على المرأة في المسجد أن تحتجب وأن تدخل في موضع محجوب لا يدخله الرجال، هذا إن اختارت الصلاة في المسجد وخرجت تفلة وبيتها خير لها.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم سلام الطالب على الطالبة
س - أنا طالب جامعي، وفي بعض الأحيان أسلم على الفتيات، فهل سلام الطالب على زميلته في الكلية حلال أو حرام؟
ج- أولا لا يجوز الدراسة مع الفتيات في محل واحد وفي مدرسة واحدة وفي كراسي واحدة،(3/69)
بل هذا من أعظم أسباب الفتنة، فلا يجوز للطالب ولا للطالبة هذا الاشتراك لما فيه من التفن، أما السلام فلا بأس أن يسلم عليها سلاماً شرعياً ليس فيه تعرض لأسباب الفتنة، ولا حرج أن تسلم عليه أيضاً من دون مصافحة، لأن المصافحة لا تجوز للأجنبي، بل يكون السلام من بعيد مع الحجاب، ومع البعد عن أسباب الفتنة، ومع عدم الخلوة، فالسلام الشرعي الذي ليس فيه فتنه لا بأس به، أما إذا كان السلام عليها مما يسبب الفتنة أو سلامها عليه كذلك أي كونه عن شهوة وعن رغبة فيما حرم الله فهذا ممنوع شرعاً، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم مشاهدة النساء المتبرجات في التلفاز
س - تسأل عن حكم مشاهدة النساء المتبرجات في التلفاز؟
ج- لا يجوز مشاهدة النساء العاريات أو شبه العاريات أو السافرات، وكذلك الرجال الذين قد كشفوا عن أفخاذهم لا في التلفاز، ولا في الفيديو أو السينما، ولا في غيرها، بل يجب غض البصر والإعراض عن النظر؛ لأن هذا فتنة، ومن أسباب فساد القلوب وانحرافها عن الهدى لقول الله - تعالى " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ". وفي الحديث يقول المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، " النظر سهم من سهام إبليس ". فالنظر خطره عظيم فينبغي الحذر منه، وأن يصون الإنسان نفسه عن ذلك، وإنما يرى من التلفاز وغيره ما فيه مصلحة كمشاهدة الندوات الدينية، أو العلمية، أو الصناعية، أو غيرها مما ينفع المشاهد، أما كونه يشاهد أشياء محرمة فلا يجوز.
الشيخ ابن باز
* * * *(3/70)
حكم النظر إلى النساء في التلفاز
س - ما حكم النظر للمرأة الأجنبية بالنسبة للرجل والنظر للرجل بالنسبة للمرأة أثناء مشاهدة التلفزيون؟
ج- لا يجوز لأن الغالب على من يظهر في التليفزيون من النساء التبرج وكشف بعض العورة، ومن الرجال أن يكون مثال الزينة والجمال وذلك مثار فتنة وفساد غالباً.
اللجنة الدائمة
حكم النظر إلى صور النساء في المجلات
س - ما حكم النظر إلى صور النساء في الصحف والمجلات وغيرهما؟
ج - ليس للمسلم النظر إلى وجوه النساء، ولا إلى شيء من عوراتهن، لا في المجلات ولا في غيرها، لما في ذلك من أسباب الفتنة، بل يجب عليه غض بصره عن ذلك عملاً بعموم الأدلة الشرعية المانعة من ذلك وخوفا من الفتنة، كما يغض بصره عنهن في الطرقات وفي غيرها. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
هذه المسلسلات مشاهدتها حرام
س - ما حكم استماع الموسيقى والأغاني؟ وما حكم مشاهدة المسلسلات التي تتبرج فيها النساء؟
ج - حكم ذلك التحريم والمنع لما في ذلك من الصد عن سبيل الله ومرض القلوب وخطر الوقوع فيما حرم الله - عز وجل - من الفواش قال الله - عز وجل - " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين وإذا تتلى عليه آياتنا ولي مستكبراً كان لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم ".
ففي هاتين الآيتين الكريمتين الدلالة على أن استماع آلا اللهو والغناء من أسباب الضلال(3/71)
والضلال واتخاذ آيات الله هزوا والاستكبار عن سماع آيات الله.
وقد توعد الله من فعل ذلك بالعذاب المهين والعذاب الأليم، وقد فسر أكثر العلماء لهو الحديث في الآية بالغناء والمعازف وكل صوت يصد عن سبيل الله، ففي صحيح البخاري - رحمه الله - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ليكونن من أمتي أقوام سيتحلون الحر والحرير والخمر والمعازف " والحر بالحاء والراء المهملتني الفرج الحرام أي الزنا، والحرير معروف وهو محرم على الرجال، والخمر معروف وهو كل مسكر وهو محرم على الجميع، والمعازف هي آلات اللهو كالعود والطبل والطنبور ونحو ذلك كما في النهاية والقاموس، والعزف اللعب بها والعازف المغني واللاعب بها.
فالواجب على كل مسلم ومسلمة تجنب هذه المنكرات والحذر منها وهكذا مشاهدة المسلسلات المشتملة على تبرج النساء تحرم مشاهدتها لما في ذلك من الخطر العظيم على مشاهدتها من مرض قلبه وزوال غيرته، وقد يجره ذلك إلى الوقوع فيما حرم الله سواء كان المشاهد رجلا أو امرأة. وفق الله الجميع لما فيه رضاه والسلامة من أسباب غضبه.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم النظر إلى النساء في المجلات
س - هل يجوز للمسلم أن ينظر إلى صورة للنساء على المجلات؟ وهل الحرمة واحدة سواء نظر إليها مباشرة أم نظر إليها في المجلات؟ أفيدونا.
ج - لاشك أن النظر إلى النساء المتبرجات مما يسبب الفتنة ويدعو إلى فعل الفاحشة لذلك أمر الله النساء بالتستر بقوله - تعالى " وليضربن بخمرهن على جيوبهن ". ولا شك أن النظر إلى الصور العارية أو شبة العارية سبب أيضا للافتتان بها وعلى هذا فيحرم النظر إلى كل صورة تسبب الفساد أو تجر إليه في الأفلام والصحف والمجلات وغيرها.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(3/72)
حكم قراءة المجلات الخليعة
س - ما حكم قراءة المجلات التي تظهر صورة نساء شبه عاريات ورؤية تلك الصور؟
ج- ننصح كل مسلم البعد عن الفتن وأسبابها ليحفظ عليه دينه الذي هو عصمه أمره، ولا شك أن مشاهدة الصور شبة العارية لنساء جميلات من أقوى الدوافع إلى العهر ومقارفة الفواحس، فإنها تبعث الهمم والحوافز إلى محاولة الاتصال بأولئك أو بمن يشابههم وبذل كل وسيلة في سبيل الحصول على شيء من ذلك لقوة الدافع.
فالأليق بالمسلم الناصح لنفسه حمايتها وحفظها عن كل ما يقدح بسلوكه.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم النظر إلى صور النساء في الأفلام
س - هل يجوز مطالعة صورة عارية لامرأة في مجلة أو مشاهدتها في أحد الأفلام؟
ج - لا يجوز النظر إلى الصورة العارية للمرأة الأجنبية ولا يجوز شراء الأفلام أو المجلات التي توجد فيها هذه الصور بل يجب إحراقها حتى لا يشيع المنكر وتظهر الفاحشة بوجود أسبابها.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم اقتناء صور النساء
س - بعض الناس يقتني صور النساء الأجنبيات وينظر إليها ويمتع بذلك بحجة أن هذه صور وليس حقيقة، فما حكم الشرع في ذلك؟
ج - هذا تهاون خطير جداً وذلك أن الإنسان إذا نظر للمرأة سواء كان ذلك بواسطة وسائل الإعلام المرئية، أبو بواسطة الصحف أو غير ذلك، فإنه لابد أن يكون من ذلك فتنة على قلب الرجل، تجره إلى أن يتعمد النظر إلى المرأة مباشرة، وهذا شيء مُشاهد، ولقد بلغنا أن من الشباب من يقتني صور النساء الجميلات ليتلذذ بالنظر إليهن، أو يتمتع بالنظر إليهن،(3/73)
وهذا يدل على عظم الفتنة في مشاهدة هذه الصور، فلا يجب للإنسان أن يشاهد هذه الصور، سواء كانت في المجلات أو في الصحف أو غير ذلك، لأن في ذلك فتة تضره في دينه، ويتعلق قلبه بالنظر إلى النساء، فيبقى ينظر إليهن مباشرة، والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
النظر إلى النساء في وسائل الإعلام المتنوعة
س - ما حكم النظر من قبل الرجال في وجوه وأجسام النساء الممثلات أو المغنيات المعروضة على شاشات التليفزيون أو السينما أو الفيديو أو الصورة على الورق؟
ج - يحرم النظر إليها لما يترتب على ذلك من الفتنة بها والآية الكريمة من سور النور وهي قوله - تعالى - " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ". نعم النساء المصورات وغيرهن سواء كن في الأوراق أو في الشاشة التلفاز أو في غير ذلك.
الشيخ ابن باز
* * * *
العلة في تحريم مصافحة الأجنبيات
س - لماذا حرم الإسلام مصافحة النساء غير المحرم لهن؟ وهل ينتقض وضوء من صافح بغير شهوة؟
ج - حرم الإسلام ذلك لأنها فتنة من أعظم الفتن أن يمس الإنسان بشرة امرأة أجنبية منه وكل شيء كان وسيلة لفتن فإن المشرع منعها، ولهذا أمر بغض البصر درءًا لهذه المفسدة، وأما من مس امرأته فإنه لا ينقض الوضوء حتى ولا كان الشهوة إلا إذا حصل مذي أو مني فإنه يجب أن يغتسل إذا كان منياً، ويتوضأ إذا كان مذيا مع غسل الذكر والأنثيين.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(3/74)
حكم مصافحة زوجة الأخ
س - هل يجوز لإخوان الزوج أن يصافحوا زوجة أخيهم بدون خلوة وإنما بحضور الأخوات والوالدين وغالباً ما يكون ذلك في المناسبات كالأعياد ونحوها؟
ج - لا يجوز لإخوان الزوج أو أعمامه أو أخواله أو بني عمه أن يصافحوا زوجات إخوانهم أو زوجات أخوالهم أو أعمامهم كسائر الأجنبيات لأن الأخ ليس محرما لزوجه أخيه وهكذا العم ليس محرماً لزوجة أبن أخيه وهكذا الحال ليس محرما لزوجة أبن أخته وهكذا أبناء العم ليسوا محارم لزوجات بني عمهم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إني لا أصافح النساء ". وقالت عائشة - رضي الله عنها - " والله ما مست يد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يد امرأة قط ما كان يبايع النساء إلا بالكلام ". ولأن المصافحة للنساء الأجنبيات قد تكون وسيلة للفتنة بهن كالنظر أو أشد أما المحارم فلا بأس بمصافحتهن كالأخت والعمة وزوجة الأب والابن. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم مصافحة غير المحارم
س - يلجأ بعض الرجال إلى مصافحة بعض النساء القريبات وهن لسن محارم له ولكن عن طريق قرابة وجيران فما حكم ذلك؟ وهل يكفي لو تضع المرأة على يدها قطعة قماش لغرض التستر؟
ج - لا يجوز للرجل أن يصافح امرأة أجنبية منه ولو وضعت خرقة على يدها عند المصافحة، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * * *
حكم مصافحة المرأة الأجنبية من وراء حائل
س - هل يجوز لي أن أصافح المرأة الأجنبية إذا وضعت على يدها حائل مع بيان الأدلة مأجورين؟ وهل حكم المرأة التي تكبر في السن مثل حكم الصغيرة في السن؟(3/75)
ج- لا يجوز للإنسان أن يصافح المرأة الأجنبية التي ليست من محارمه سواء مباشرة أو بحائل لأن ذلك من الفتنة، وقد قال الله - تعالى - " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً ". وهذه الآية تدل على أنه يجب علينا أن ندع كل شيء يوصل إلى الزنا سواء كان زنا الفرج وهو الأعظم أو غيره، ولا ريب أن مس الإنسان ليد المرأة الأجنبية قد يثير الشهوة على أنه وردت الأحاديث فيها التشديد الوعيد على من صافح امرأة ليست من محارمه، ولا فرق في ذلك بين الشابة والعجوز، لأنه كما يقال لكل ساقطعة لاقطة، ثم حد الشابة من العجوز قد تختلف فيه الأفهام فيرى أحد أن هذه عجوز، ويرى آخر أن هذه شابة.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم مصافحة المرأة العجوز
س - ما حكم مصافحة المرأة الأجنبية إذا كانت عجوزاً؟ وكذلك يسال عن الحكم إذا كانت تضع على يدها حاجزاً من ثوب ونحوه؟
ج- لا تجوز مصافحة النساء غير المحارم مطلقاً سواء كن شابات أو عجائز، وسواء كان المصافح شابا أو شيخا كبيراً، لما في ذلك من خطر الفتنة لكل منهما. وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " إني لا أصافح النساء ". وقال عائشة - رضى الله عنها " ما مست يد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام ". ولا فرق بين كونها تصافحه بحائل أو بغير حائل، لعموم الأدلة ولسد الذرائع المفضية إلى الفتنة. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
حكم مصافحة وتقبيل غير المحارم من الأقارب وغيرهم
س - أزور كل حين وحين أهلي وعشيرتي بعد فراق يدوم أحياناً ستة شهور، وأحيانا سنة كاملة. وعندما أصل البيت تستقبلني النسوة " صغاراً وكباراً " فيقبلوني تفبيلاً محتشماً! َ!(3/76)
ومخجلاً.. والحق يقال أن هذه عادة متفشية جداً عندنا ولا تعني شيئاً عند عشيرتي إذ هي لا تمثل حسب رأيهم حراماً يرتكب.. لكني أنا الذي أكسب ثقافة إسلامية لا بأس بها والحمد لله بقيت في حيرة وذهول من هذا الأمر. والسؤال كيف يمكنني أن أتلافى تقبيل النسوة علماً بأن لو صافحتهن لغضبن مني شديد الغضب ولقلن هو لا يحترمنا ويكرهنا ولا يحبنا " الحب الذي يربط الأفراد لا الحب الذي يربط بين الفتى والفتاة ". وهل أكون ارتكتب مصية إذا قلبتهن؟ علماً بأني لا أملك نية خبيثة في ذلك؟
ج - لا يجوز للمسلم أن يصافح أو يقبل غير زوجته ومحارمه بل ذلك من المحرمات ومن أسباب الفتنة وظهور الفواحش، وقد ثبت عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " إني لا أصافح النساء ". وقال عائشة - رضى الله عنها " ما مست يد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام ". وأقبح من المصافحة للنساء غير المحارم تقبيلهن سواء كن من بنات العم أو بنات الخال أو من الجيران أو من سائر القبيلة كل ذلك محرم بإجماع المسلمين، ومن أعظم الوسائل لوقوع الفواحش المحرمة، فالواجب على المسلم الحذر من ذلك وإقناع جميع النساء المعتادات لذلك من الأقارب وغيرهم بأن ذلك محرم ولو اعتاده الناس، ولا يجوز للمسلم ولا للمسلمة فعله وإن اعتاده قرابتهم أو أهل بلدهم بل يجب إنكار ذلك وتحذير المجتمع منه ويكتفي بالكلام في السلام من غير مصافحة ولا تقبيل.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم مصافحة غير المحارم والجلوس معهم وتقبيلهم
س - أنا أسكن حالياً في مدينة الرياض ولي فيها أقارب صلة القرابة بيني وبينهم قريبة جداً، ومن بينهم (بنات خالتي وزوجات أعمامي، وبنات أعمامي) وعندما أزورهم أقوم بالسلام عليهن وتقبيلهن ويجلسن معي وهي كاشفات وأنا أتضايق من هذه الطريقة علماً أن هذه العادة منتشرة في أغلب مناطق الجنوب فما قولكم في هذه العادة وماذا أفعل أنا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
ج- هذه العادة سيئة منكرة مخالفة للشرع المطهر، ولا يجوز لك تقبيلهن ولا مصافحتهن؛(3/77)
لأن زوجات أعمامك وبنات عمك وبنات خالك ونحوهن ليسوا محارم لك فيجب عليهن أن يحتجبن عنك وأن لا يبدين زينتهن لك لقوله الله - سبحانه وتعالى " وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ". وهذه الآية تعم أزواج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وغيرهن في أصح قولي العلماء، ومن قال إنها خاصة بهن فقوله باطل لا دليل عليه. وقال - سبحانه وتعالى - في سورة النور في حق النساء " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن ". الآية.
ولست من هؤلاء المستثنين بل أنت أجنبي من بنات عمك وبنات خالك وزوجات هذه الفتوى حتى يعذرنك ويعلمن حكم الشرع في ذلك، ويكفي أن تسلم عليهن بالكلام من دون تقبيل أو مصافحة لما ذكرنا من الآيات.
ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لما أرادات امرأة أن تصافحه قال " إني لا أصافح النساء ". ولقول عشائة - رضي الله عنها " ما مست يد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام ". ولما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - في قصة الإفك أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل " خمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب ". فدل ذلك عن أن النساء كن يخمرن وجوهن بعد نزول آية الحجاب. أصح الله أحوال المسلمون ومنحهم الفقه في الدين. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
يجوز للرجل أن يقبل أبنته
س - هل يجوز للرجل أن يقبل ابنته إذا كبرت وتجاوزت سن البلوغ سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة وسواء كان التقبيل في خدها أو فمها أو نحوه، وإذا قبلته هي في تلك الأماكن فما الحكم؟
ج- لا حرج في تقبيل الرجل لابنته الكبيرة والصغيرة بدون شهوة على أن يكون ذلك في خدها إذا كانت كبيرة لما ثبت عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قبل ابنته عائشة(3/78)
- رضي الله عنها - في خدها.
ولأن التقبيل على الفم قد يفضي إلى تحريك الشهوة الجنسية فتركه أولي وأحوط وهكذا البنت لها أن تقبل أباها على أنفه أو رأسه من دون شهوة، أما مع الشهوة فيحرم ذلك على الجميع حسما لمادة الفتنة وسداً لذرائع الفاحشة.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم مكالمة المرأة في الهاتف
س - ما الحكم فيما لو قام شاب غير متزوج وتكلم من شابة غير متزوجة في التلفون؟
ج - لا يجوز التكلم مع المرأة الأجنبية بما يثير الشهوة كمغازلة وتغنج وخضوع في القول سواء كان في التليفون أو في غيره لقوله - تعالى - " ولا تخضعن بالقول فليطمع الذي في قلبه مرض ". فأما الكلام العارض لحاجة فلا بأس به إذا سلم من المفسدة ولكن بقدر الضرورة.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم المراسلة بين الجنسين
س - إذا كان الرجل يقوم بعمل المراسلة مع المرأة الأجنبية وأصبحا متحابين هل يعتبر حراماً هذا العمل؟
ج - لا يجوز هذا العمل فإنه يثير الشهوة بين الاثنين ويدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال وكثيراً ما تحدث تلك المغازلة والمراسلة فتنا وتغرس حب الزني في القلب مما يوقع في الفواحش أو يسببها فننصح من أراد مصلحة نفسه وحمايتها عن المراسلة والمكالمة ونحوها حفظاً للدين والعرض، والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(3/79)
الخلوة بالأجنبية محرمة
س - هناك تساهل من بعض الناس في الكلام مع المرأة الأجنبية، فمثلاً إذا جاء رجل إلى بيت صديقه ولم يجده تقوم الزوجة بالتكلم مع هذا الرجل القادم " صديق زوجها " وتفتح المجلس وتضع القهوة والشاي له، فهل هذا يجوز؟ علماً أنه لا يوجد في البيت سوى هذه الزوجة؟
ج - لا يجوز للمرأة أن تأذن لأجنبي في بيت زوجها حال غيبته ولو كان صديقا لزوجها ولو كان أمينا أو موثوقاً فإن في هذا خلوة بامرأة أجنبية وقد ورد في الحديث " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ". كما يحرم على الرجل أن يطلب من امرأة صديقه أن تدخله وأن تقوم بخدمته ولو وثق من نفسه بالأمانة والديانة مخافة أن يوسوس له الشيطان ويدخل بينهما.
ويجب على الزوج أن يحذر امرأته من إدخال أحد من الأجانب في البيت ولو كان من أقربه لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إياكم والدخول على النساء "، قالوا يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت ". والحمو هو أخو الزوج أو قريبه فغيره بطريق الأولى.
الشيخ ابن جبرين
حكم العلاقات قبل الزواج
س - ما حكم هذه العلاقات؟
ج - قول السائل قبل الزواج إن أراد قبل الدخول وبعد العقد فلا حرج، لأنها بالعقد تكون زوجته وإن لم تحصل مراسيم الدخول، وأما إن كان قبل العقد أثناء الخطوبة أو قبل ذلك فإنه محرم ولا يجوز فلا يجوز لإنسان أن يستمتع مع امرأة أجنبية منه لا بكلام ولا بنظر ولا بخلوة فقد ثبت عن النبي، عليه الصلاة والسلام أنه قال " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ". والحاصل أنه إذا كان هذا الاجتماع بعد(3/80)
العقد فلا حرج فيه وإن كان قبل العقد ولو بعد الخطبة والقبول فإنه لا يجوز وهو حرام عليها، لأنها أجنبية حتى يعقد له عليها.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم
س - ما حكم الشرع في مجيء الخادمة بدون محرم وهل المحظور مجيئها من بلدها بدون محرم أم وجودها بالبيت الذي تخدم فيه وحدها وليس معها محرم؟
ج - لا يجوز سفر المرأة بدون محرم سواء كانت خادمة أو غيرها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ". متفق عليه، أما وجودها في البيت إلى محرم لكن ليس للرجل الأجنبي من المرأة أن يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ". متفق عليه، وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان ". خرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر - رضي الله عنه.
الشيخ ابن باز
* * * *
حكم استقدام الخادمة من الخارج بدون محرم
س - ما حكم استقدام الخادمة من الخارج بغير محرم إذا كانت مسلمة حيث أن هذا الأمر حاصل عند كثير من الناس حتى ممن يعتبرون من طلاب العلم. ويحتجون بأنهم مضطرون إلى ذلك. وبعضهم يحتج بأن إثم سفرها بغير محرم عليها هي، أو على مكتب الإستقدام؟ أرجو تبين ذلك والله يحفظكم ويجزيكم خيراً؟
ج- استقدام الخادمة بدون محرم معصية لرسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإنه صح عنه أنه قال " لا تسافر امرأة إلا مع محرم ". ولأن قدومها بلا محرم قد يكون سببا للفتنة منها وبها وأسباب الفتنة ممنوعة، فإن ما أفضى إلى المحرم محرم.
وأما تساهل بعض الناس في ذلك فإنه من المصائب ولا حجة لهم في قولهم إنه ضرورة(3/81)
لأننا لو قدرنا الضرورة للخادمة فليس من الضرورة أن تأتي بلا محرم. كما أنه لا حجة لقول بعضهم إن إثم سفرها بلا محرم عليها هي أو على مكتب الاستقدام لأن من فتح الباب لفاعل المحرم كان شريكا له في الإثم لإعانته عليه، وقد قال الله - تعالى - " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ". وأمر الله - تعالى - ورسوله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستقدام الخادمة بلا محرم إقرار للمنكر لا إنكار له.
وأسال الله - تعالى - أن يهدينا جميعا صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبين والصديقين والشهداء والصالحين.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *
حكم إقامة المرأة في غير بلدها بدون محرم
س - سؤالي عن عمل المرأة وإقامتها بدون محرم في غير بلدها علما بأنني أعمل حالياً في المملكة وفي مكان كله نساء وأقيم في القسم الداخلي التابع للعمل، أو السكن وقد حاولت استقادم أخي كمحرم شرعي لي ولكن لم أوفق، فما حكم الشرع في وضعي الحالي وإقامتي هنا بدون محرم علما بأنني أولا استخرت الله - عز وجل - كثيراً قبل حضوري إلى هنا وأحسست أن الله يسر لي أمور كثيرة. ثانيا الوضع في بلدي من حيث الاختلاط وسوء الأخلاق في مجال العمل لا يشجع الإنسان المسلم الملتزم على الاستمرار فيه على ضوء ما ذكرت لكم فما رأيكم؟
ج - نسأل الله لنا ولك التوفيق وصلاح الحال، أما هذا الذي فعلت فلا بأس به، فإقامة المرأة في بلد بدون محرم لا ضرر فيه ولا حرج فيه، ولاسيما إذا كان ذلك لا خطر فيه طالما أن العمل بين النساء ومصون عن الرجال، مما أباح الله - عز وجل - أو في قسم داخلي بين النساء كل هذا لا حرج فيه، ولكن الممنوع السفر بمفردك فلا تسافري إلا بمحرم، ولا تقدمي إلا بمحرم، فإذا كنت قدمت من بلادك بدون محرم فعليك التوبة إلى الله والاستغفار وعدم العودة إلى هذا، وإذا أردت السفر فلابد لك من محرم فاصبري حتى يأتي المحرم لقول(3/82)
النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ". وإن تيسر المحرم من جهة الأقارب أو بالزواج فيكون لك زوجك محرما في السفر، فالأمر في يد الله وعليك أن تعملي ما تستطيعين عند السفر حتى يتوفر المحرم، وأما إقامتك الآن بين النساء وفي عمل مباح فلا حرج فيه والحمد لله.
ولا ريب أن سفر المرأة بدون محرم عمل خطير وفيه خطر وفتنة، ولهذا ننصح أخواتنا في الله الحذر من ذلك والا يسافرون إلا بمحارم وننصحهن أيضا بالحذر من الاختلاط مع الرجال أو العمل مع الرجال أو الخلوة بالرجال كل هذا يجب الحذ منه سواء كان في المستشفيات أو في غير ذلك. نصيحتي للجميع أن لا يستقدم امرأة إلا بمحرم ولا تسافر المرأة إلا بمحرم وألا تعمل مع الرجال ولا تخلو بأي رجل من غير محارمها، لأنه طريق للفتنة والرسول، - صلى الله عليه وسلم -، منع ذلك وحرمه وقال " لا يخلو رجال بامرأة فإن ثالثهما الشيطان ". والمقصود من هذا أن الواجب فلا بأس أن تعمل المرأة بين النساء في عمل مباح لا يضر دينها لا يسبب الفتنة مع الرجل.
الشيخ ابن باز
فتوى في حكم استخدام طالبات المدارس في استعراضات إيقاعية راقصة
في ما يسمى بالاحتفالات الوطنية ونحوها وهل يجوز إجبارهن على ذلك
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى سعادة الأخ المكرم رئيس مجلة المجتمع سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد(3/83)
فقد اطلعت على الأسئلة المقدمة منكم إلى وتم عرضها على اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فأصدرت بشأنها الفتوى رقم 3831 في 12 7 1401هـ المرفقة بهذا الخطاب، وفقنا الله وإياكم لخدمة دينه والذود عنه إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرئيس العام
لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الأسئلة المقدمة من مجلة المجتمع المجتمع الكويتية إلى سماحة الرئيس العام والمحالة إليها برقم 812 في 3 5 1401هـ وأجابت عن كل منها عقبه فيما يلي
س1 - هل يجوز استخدام طالبات مدارس المرحلة الثانوية والمتوسطة والابتدائية في استعراضات إيقاعية راقصة وبلباس سراويل ضيقة تبرز كل عضلات الجسم ومفاتنة وبثوب طوله شبران؟
ج - لا يجوز ذلك لما فيه من كشف عوارتهن وإبراز مفاتنهن بلبس الملابس القصيرة والضيقة ولما فيه من لهو الرقص والإيقاع وهما شر مستطير يثير شهوة من حضر الاستعراض ويحرك فيه دواعي الفحش والفساد، وانحراف الأخلاق، ولهذا الاستعارض سوابق ولواحق كريهة وله مقدمات هي تدريب الطالبات على الرقص والإيقاع بتلك الملابس الفتانة حتى يحكمن هذا الفن الممقوت تمهيداً للاستعراض، وضمانا للنجاح في مجال الشر بإعجاب الحاضرين وله توابع مرذولة قد ينتهي بهن أو بكثير منهن
إليها هي اتخاذ ما دربن عليه وبرزن فيه مهنة لهن يكسبن من حمأتها ما يشعن به في دنيا اللهو والمجون.
س2 - هل يأثم ولي أمر الطالبة بالسماح لها في المشاركة؟
ج- كل من استرعاه الله رعية فهو مسؤول عنها فولي أمر الطالبة من أب أو من ينوب عنه مسؤول عنها فإن أدبها بآداب الإسلام فأحسن تأديبها وصانها من مزالق الشر والفساد كتب(3/84)
الله له الأجر والثواب وحفظ له كرامته وصانه في عرضه. وإن أساء تربيتها أو أهمل في ذلك أو دفع به إلى مواطن الفتن ومهاوي اللهو أثم بجنايته على من استرعاه الله وساءت عاقبته فجنى ثمرة سوء تصرفه خيبة في دنياه وعذابا في أخراه إن لم يتغمده الله برحمته.
س3 - هل يحق للجهات الحكومية أن تجبر الطالبات على ذلك بدعوى الاحتفالات الوطنية؟
ج - لا سعادة للأمم ولا نهوض لها ولا انتظام لشؤونها ولا حفظ لكيانها إلا بولاة يسوسونها ويحسنون قيادتها على منهاج كتاب الله - تعالى - وهدي رسوله محمد، - صلى الله عليه وسلم -، عقيدة وقولاً وعملاً وفصلاً فيما شجر بينهم بتوفيق من الله سبحانه.
ولا قيام للحكام وولاة الأمور ولا اعتبار لهم ولا وجاهة إلا بأمم لها شأنها في جميع جوانب الحياة ديناً واستقامة وعلما وثقافة وصناعة وزراعة وقوة وسعة في كل ما تنهض به الأمم ويدعم أركانها حتى تكون مثلاً أعلى يرفع العقلاء إليها أبصارهم إعجابا بها ويهابها من يعلم حالها.
فبقدر ما يبذل ولاة الأمور من خير وحسن سياسة لأممهم وما يحققون لها من إصلاح يجنون ثمرته قوة وعزاً ووجاهة ورفعة شأن، وبقدر ما تستجيب الأمم لرعاتها المصلحين فيما يدعونها إليه من المعروف ويتعاونون معها على تحقيقه تجد سعادة ورخاء وراحة واطمئناناً.. إلخ.
فعل حكام المسلمين وولاة أمورهم أن يسوسوا أممهم سياسة إسلامية يحتذون فيها حذو رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ويهتدون بهديه ويقتفون فيها أثر خلفائه الراشدين ليسعدوا وتسعد أممهم ويحمدوا العاقبة في الأولى والآخر وليحذروا أن يخالفوا شريعة الإسلام ونهجها القويم فيلقوا بأيديهم إلى التهلكة اتباعاً لهواهم وتقليداً لدول الكفر في الحكم في رعيتهم وفي عاداتهم وانحرافهم في أخلاقهم وفي ثقافتهم بإدخالهم اللهو والمجون في دور التعليم وخلطهم الإناث بالذكور فيها إلى غير ذلك من ألوان الفساد والشر، فإنهم إن فعلوا ذلك انحلت عروتهم وضعفت شوكتهم وهانوا على الله فأهانهم وحقت عليهم كلمة العذاب وذلك جزاء المفسدين.(3/85)
وأخيراً لا يوجد في قول البشر أجمل ولا أكمل ولا أحكم ولا أشمل من وصية ونصيحة من أوتي جوامع الكلم، - صلى الله عليه وسلم -، إذ يقول " ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ".
ويقول " ما من عبد يسرعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة ". وفي رواية " ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة ".
فليتق الله كل ول فيمن استرعاه الله ولينصح لهم وليحكم فيهم بالحق فإنه مسؤول عنهم والله الموفق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العملية والإفتاء
* * * *
أخوات زوجتي يكشفن لي وأقوم بتوصيلهن في السيارة
س - أفيدكم أنني تزوجت من بنت ولها ثلاث أخوات يصغرنها سنا وأنا أسكن مع والد زوجتي من أجل مساعدته على أموره، ولكن المشكلة أنه كثيراً ما نختلط في البيت وعلى الوجبات ومعنا أخوات زوجتي ويكن مغطيات رؤوسن كاشفات الوجوه وأحيانا أقوم بتوصيل إحداهن للمدرسة أو الكلية أو المكتبة فما حكم الشرع في ذلك؟
ج- لا حرج عليك في السكن مع والد زوجتك للسبب المذكور وهو مساعدته بالأجرة أو لغير ذلك من الأسباب المباحة، ولكن يجب على أخوات زوجتك أن يتحجبن منك وأن يغطين وجوههن، لأن الوجه هو أعظم الزينة وقد قال - سبحانه وتعالى - في سورة النور " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن.. " الآية.
ولا يجوز لك الخلوة بواحدة منهن ولا الذهاب بها وحدها إلى المدرسة أو المكتبة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذي محرم ". وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، لا يخلون رجل(3/86)
بامرأة فإن ثالثهما الشيطان ".
فإذا أردت الذهاب بإحداهن إلى المدرسة فلابد أن يكون معكما ثالث تزول به الخلوة ويؤمن مع وجوده ما يحذر من نزعات الشيطان أعادنا الله وإياكم من نزعاته.
الشيخ ابن باز
* * * *
زوج الأخت ليس من المحارم
س - هل يجوز لأختي أن تحتجب عن ابن عمها الذي يكون نسيباً لنا أي أن ابنته سوف يزوجها لأخي علماً أن الزواج لم يتم حتى الآن أفيدونا؟
ج - يلزم أختك أن تحتجب عن ابن عمها الذي ليس من محارمها ولو كان نسيباً ولو زوج ابنته لأخيها فإن زوج الأخت أجنبي، وكذا والد زوجة الأخ ونحوهم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *
حكم جلوس المرأة المتحجبة مع الرجال
س - تقول إحدى صديقاتي أنها تضطر للجلوس مع بعض الرجال من جماعتها من غير محارمها وهي متحجبة حجاباً كاملاً، فيسلمون عليها وعلى أولادها وزوجها غائب، وهو يعلم بذلك لكنها غير راضية عن هذا الوضع ولكن الظروف أجبرتها؟
ج- ننصح تلك المرأة أن لا تجالس هؤلاء الرجال الأجانب حتى ولو كانوا من جماعتها وحتى لو كانت قد غطت الوجه وغيره لكن قد يغتفر إذا كان مجرد سلام من وراء جدار أو ساتر أو بين نسوة ثم لا يعتبر رضى الزوج مسوغاً لتلك المجالسة والمؤانسة ولكن الأمر أخف من الخلوة ومن المجالسة مع التبرج فالبعد أولى وخير ما للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يروها، والله المتسعان.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(3/87)
الحمو أشد خطرا
س - أنا وإخوتي نقطن في مسكن واحد، ونحن والحمد لله ممتثلون لأوامر الله ورسوله، ولكن نعاني من عادة بيننا ورثناها عن آبائنا وأجدادنا.. وهي أن الرجال يجلسون سوياً مع النساء أي الإخوان مع زوجاتهم جميعاً، ولقد قام بنصحنا بعض الغيورين على دين الله، ولكن لم نستجب له، لأنه جديد العهد بالدين، وقد كلمت والدي يوما من الأيام وقلت له يجب أن لا نكون قائمين على المنكر بل يجب أن نتركه فقال والدي والله لو عملتم هذا فإنني سوف أفارقكم ولن أجلس معكم، وكذلك يوجد من إخوتي من وافق الوالد على هذا الأمر فأرجو من فضيلتكم التوجيه والنصح، وهل أنا على حق في موقفي؟
ج- نعم أنت على حق في الامتناع عن هذه العادة السيئة المخالفة لما دلت عليه النصوص، فإن الواجب على الزوجات أن يحتجبن عن إخوان أزواجهن، ولا يحل لهن أن يكشفن وجوههن أمام إخوان أزواجهن كما يحل أن يكشفن وجهوهن عند الرجال الأجانب في السوق بل إن كشف وجهوهن عند إخوان أزواجهن أشد خطراً؛ لأن أخا الزوج يكون في البيت إما ساكنا وإما وافداً ضيفا أو ما شابه ذلك، وإذا دخل البيت لم يستنكر ولم يستغرب فيكون خطره أعظم.
ولهذا حذر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من الدخول على النساء فقال " إياكم والدخول على النساء ". قالوا يا رسول الله أرأيت الحمو قال " الحمو الموت " أي أنه ينبغي الفرار منه كما يفر الإنسان من الموت.
وهذه الكلمة أعنى قوله، - صلى الله عليه وسلم -، الحمو الموت من أعظم الكلمات التحذيرية لهذا أقول إن عملك صحيح أي امتناعك عن هذا العمل الذي اعتاده الناس، أما قول أبيك إن فعلتم ذلك أي قمتم بحجب النساء عن إخوان أزواجهن فإني لا أكون معكم. فإني أوجه إليه نصيحة وهي أن يكون مذعناً للحق غير مبال بالعادات التي تخالفه. وعليه أن يتقي الله - عز وجل - وأن يكون هو أول من يأمر بهذا العمل أعني أن يأمر باحتجاب النساء عن غير المحارم حتى يكون راعيا وقائما بالرعية خير قيام.. فإن الرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته.
الشيخ ابن عثيمين
* * * *(3/88)
حكم الاختلاط بالنساء بحجة سلامة النية
س - يوجد لدينا عادة سيئة وهي اختلاط الرجال بالنساء والسبب إننا نعمل معهن في كثير من الأعمال وننظر إليهن وهن يؤدين أعمالهن كاشفات الوجوه ونقول إن نياتنا سليمة والشخص فينا ينظر إلى زوجة شقيقه فيعتبرها في مكانة شقيقته في المحرم، ونساء جيرانه يعدهن في مكانة محارمه اللاتي يحرم الزواج منهم فالرجل فينا يسكن مع شقيقه وابن عمه والذي من جماعته ويأكلون ويشربون معاً الرجال والنساء فما هو الحكم؟
ج- هذه الأمور من عادات الجاهلية الأولى، والواجب شرعا عدم كشف المرأة وجهها إلا لذوي محرمها. كما أن الواجب على المرأة عدم الاختلاط بالأجانب وهي متكشفة ويجب عليها أيضا أن لا تخلو في مكان مع رجل أجنبي وهو الذي لا يكون محرما لها، ولا شك أن اختلاط الرجال بالنساء بالصورة التي ذكرت من الأمور المخالفة للشرع، لأنه يحدث بسبب ذلك من المفاسد ما لا حصر له. والله ولي التوفيق.
لشيخ ابن باز
* * * *
سائق العائلة والنساء
س - ما حكم اختلاط سائق العائلة بنساء وفتيات العائلة وخروجه معهن إلى الأسواق والمدارس؟
ج- ثبت في الحديث قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ". فالخلوة عامة في البيت والسيارة والسوق والمتجر ونحوه وذلك أنهما مع الخلوة لا يؤمن أن يكون حديثهما في العورات وما يثير الشهوة، ومع ما يوجد من بعض النساء أو الرجال من الورع والخوف من الله وكراهية المعصية والخيانة فإن الشيطان يتدخل بينهما ويهون عليهما أمر الذنب ويفتح لهما أبواب الحيل فالبعد عن ذلك أحفظ وأسلم.
الشيخ ابن جبرين
* * * *(3/89)
حكم الاختلاط في المستشفيات
س - أعمل في مستشفى وطبيعة عملي تقتضي الاختلاط الدائم مع النساء والتحدث معهن، فما حكم ذلك؟ وما حكم مصافحة المرأة الأجنبية خصوصاً في رمضان؟
ج- عليك أولا الحرص على البعد عن هذا المجتمع والاعتزال في ما يخص بالرجال ويبعدك عن الاختلاط وإذا شق ذلك فعليك الحرص على منع النساء ولو طبيبات عن مخالطة الرجال ولو كانوا زملاءهن ورفع ذلك إلى من له السلطة على المنع فإن لم تقدر فعليك الامتناع مهما استطعت من النظر والمصافحة وما أشبه ذلك، فهو من وسائل الحرام ولو مع حسن النية وصفاء القلب.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الاختلاط المحرم
س - هنا في بريطانيا يعقد اجتماع في بعض المدارس لأولياء أمور الطلبة فيحضره الرجال والنساء، فهل يجوز للمرأة المسلمة أن تحضر هذا الاجتماع بدون محرم مع وجود الرجال فيه، علما بأن أحد الأخوة أجاز ذلك واستدل بحديث أبي هريرة الوارد في صحيح البخاري ومسلم وفيه أن رجلا أتي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فطلب من يضيفه فاستضافة رجل من الأنصار وذكر أن الأنصاري وزجته جلسا مع الرجل وأظهر له أنهما يأكلان، نرجو توضيح هذه المسألة؟
ج- هذه المسألة يظهر من السؤال أن فيه اختلاطا بين الرجال والنساء، والاختلاط بين الرجال والنساء مؤدٍّ إلى الفتنة والشر وهو فيما أرى غير جائز، ولكن إذا دعت الحاجة إلى حضور النساء مع الرجال فإن الواجب أن يجعل النساء في جانب والرجال في جانب آخر، وأن يتم الحجاب الشرعي بالنسبة للنساء بحيث تكون المرأة ساترة لجميع بدنها حتى وجهها، وأما الحديث الذي أشار إليه السائل فليس فيه اختلاط وإنما الرجل مع زوجته في جانب بيته والضيف في مكان الضيافة على أن مسألة الحجاب كما هو معلوم لم تكن من المسائل المتقدمة بالنسبة للتشريع، فالحجاب إنما شرع بعد هجرة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بنحو خمس(3/90)
سنين أو ست وما ورد من الأحاديث مما ظاهره عدم الحجاب فإنه يحمل على أن ذلك كان قبل نزول آيات الحجاب.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم كشف الطبيب على المرأة الأجنبية
س - أنا رجل متزوج منذ أكثر من خمس سنوات ولم تنجب زوجتي وقررنا الذهاب إلى الدكتور فبدأ بالكشف والتحليل لي وكانت النتيجة أن سليم وبقيت زوجتي، فهل آثم إذا قدمتها للدكتور للكشف؟
ج- لا يجوز للرجل أن يكشف على المرأة فيما يتصل بالعورة إلا عند الضرورة وحالة الضيق، وههنا لا ضرورة ففي الإمكان تأخير الكشف حتى تجد امرأة عارفة بأمور النساء، وهن كثير في الداخل والخارج.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم الاختلاط في المواصلات
س - وسائل النقل في بلدنا جماعية ومختلطة وأحياناً يحدث ملامسة لبعض النساء دون قصد أو رغبة في ذلك ولكن نتيجة الزحام فهل نأثم على ذلك؟ وما العمل ونحن لا نملك إلا هذه الوسيلة ولا غنى لنا عنها؟
ج- الواجب على المرء أن يبتعد عن ملامسة النساء ومزاحمتهن بحيث يتصل بدنه ببدنهن ولو من وراء حائل، لأن هذه مدعاة للفتنة والإنسان ليس بمعصوم قد يرى من نفسه أنه يتحرز من هذا الأمر ولا يتأثر به ولكن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فربما يحصل منه حركة تفسد عليه أمره، فإذا اضطر الإنسان إلى ذلك اضطراراً لابد منه وحرص على أن لا يتأثر فأرجو ألا يكون عليه بأس. لكن في ظني أنه لا يمكن أن يضطر إلى ذلك اضطراراً لابد منه إذ من الممكن أن يطلب مكاناً لا يتصل بالمرأة حتى ولا بقى واقفاً، وبهذا يتخلص(3/91)
من هذا الأمر الذي يوجب الفتنة، والواجب على المرء أن يتقي الله تعالى ما استطاع وأن لا يتهاون بهذه الأمور.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم دخول الأسواق المختلطة
س - هلي يجوز للمسلم أن يدخل سوقاً تجارياً وهو يعلم أن في الأسواق نساء كاسيات عاريات وأن فيه اختلاطاً لا يرضاه الله - عز وجل -؟
ج- مثل هذه الأسواق لا ينبغي دخوله غلا لمن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر أو لحاجة شديدة مع غض البصر والحذر من أسباب الفتنة حرصاً على السلامة لعرضه ودينه وابتعاداً عن وسائل الشر لكن يجب على أهل الحسبة وعلى كل قادر أن يدخلوا مثل هذه الأسواق لإنكار ما فيها من المنكر عملاً بقول الله - سبحانه وتعالى - " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ". الآية، وقوله - سبحانه وتعالى " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ". والآيات في هذا المعنى كثيرة.
ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه ". رواه الإمام أحمد وبعض أهل السنن عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - بإسناد صحيح، ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ". رواه الإمام مسلم في صحيحه، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم الاختلاط بين الرجال والنساء في المصانع والمكاتب
س - ما حكم معاملة النساء كالرجال في المصانع أو في المكاتب غير الإسلامية؟ وما حكم النفس فيها التي تعرضت بالهلاك لمرض خطير يؤدي علاجه إلى تجريد المسلمة في هذه(3/92)
المذكورة ولو في دول إسلامية حيث الأطباء فيها كلهم رجال؟
ج- أما في حكم اختلاط النساء بالرجال في المصانع والمكاتب وهم كفار في بلاد كافرة فهو غير جائز، ولكن عندهم ما هو أبلغ منه وهو الكفر بالله - جل وعلا - فلا يستغرب أن يقع بينهم مثل هذا المنكر، وأما اختلاط النساء بالرجال في البلاد الإسلامية وهم مسلمون فحرام وواجب على مسئولي الجهة التي يوجد فيها هذا الاختلاط أن يعملوا على فصل النساء على حدة والرجال على حدة، لما في الاختلاط من المفاسد الأخلاقية التي لا تخفي على من له أدنى بصيرة. وأما تجريد الرجل للمرأة المسلمة من أجل علاجها فإذا دعت الضرورة إلى العلاج ولم يوجد من يعالجها سوى رجل فيجوز ذلك ولكن يكون بحضره زوجها إن أمكن، وإلا فيوجد نساء في محارمها ولا يجرد منها إلا ما تدعو الضرورة لكشفه من جسمها، والأصل في جواز ذلك أدلة يسر الشريعة ورفع الحرج عن الأمة عند الضرورة كقوله - تعالى - " ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ". وقوله - تعالى - " وما جعل عليكم في الدين من حرج ".
اللجنة الدائمة
* * *
حكم عمل المرأة في مكان مختلط
س - هل يجوز العمل للفتاة في مكان مختلط مع الرجال علماً بأنه يوجد غيرها من الفتيات في نفس المكان؟
ج- الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال النساء بعمل حكومي أو بعمل في قطاع خاص أو في مدارس حكومية أو أهلية. فإن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة، ولو لم يكن فيه إلا زوال الحياء للمرأة وزوال الهيبة من الرجال، لأنه إذا اختلط الرجال والنساء أصبح لا هيبة عند الرجال من النساء، ولا حياء عند النساء من الرجال، وهذا (أعني الاختلاط بين الرجال والنساء) خلاف ما تقتضيه الشريعة الإسلامية، وخلاف ما كان عليه السلف الصالح، ألم تعلم أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، جعل للنساء مكاناً خاصاً إذا خرجن إلى مصلى العيد، لا يختلطن بالرجال، كما في الحديث الصحيح أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، حين خطب في الرجال نزل(3/93)
وذهب للنساء فوعظهن وذكرهن وهذا يدل على أنهم لا يسمعن خطبة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، أو إن سمعن لم يستعوعبن ما سمعنه من رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ثم ألم تعلم أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ". وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف، وإذا كان في العبادة المشتركة فما بالك بغير العبادة، ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة، فالشيطان يجري من أبن آدم مجرى الدم، فلا يبعد أن تحصل فتنة وشر كبير في هذا الاختلاط، والذي أدعو إليه إخواننا أن يبتعدوا عن الاختلاط وأن يعلموا أنه من أضر ما يكون على الرجال كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ". فنحن والحمد لله - نحن المسلمين - لنا ميزة خاصة يجب أن نتميز بها عن غيرنا ويجب أن نحمد الله - سبحانه وتعالى - والبلاد ويجب أن نعلم أن من نفروا عن صراط الله - عز وجل - وعن شريعة الله فإنهم على ضلال وأمرهم صائر إلى الفساد، ولهذا نسمع أن الأمم التي كان يختلط نساؤها برجالها أنهم الأن يحاولون بقدر الإمكان أن يتخلصوا من هذا ولكن أنى لهم التناوش من مكان بعيد، نسال الله - تعالى - أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر وفتنة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم الاختلاط في التعليم
الحمد لله والسلام على رسول الله وبعد
فقد اطلعت عل ما نشرته جريدة السياسة الصادرة يوم 24 7 1404هـ بعددها 5644 منسوباً إلى مدير جامعة صنعاء عبد العزيز المقالح. الذي زعم فيه أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطالب مخالفة للشريعة، وقد استدل على جواز الاختلاط بأن المسلمين من عهد الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد، الرجل والمرأة وقال (ولذلك(3/94)
فإن التعليم لابد أن يكون في مكان واحد) ، وقد استغربت صدور هذا الكلام من مدير لجامعة إسلامية في بلد إسلامي يطلب منه أن يوجه شعبة من الرجال والنساء إلى ما فيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولا شك أن هذا الكلام فيه جناية عظيمة على الشريعة الإسلامية، لأن الشريعة لم تدعُ إلى الأختلاط حتى تكون المطالبة بمنعه مخالفه لها، بل هي تمنعه وتشدد في ذلك كما قال الله - تعالى - " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " الآية، وقال - تعالى - " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفور رحيما ". وقال - سبحانه - " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زيينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن " إلى أن قال - سبحانه - " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ".
وقال - تعالى - " وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن " الآية، وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على شريعة لزوم النساء لبيوتهن حذراً من الفتنة بهن، إلا من حاجة تدعو إلى الخروج، ثم حذرهن - سبحانه- من التبرج ترج الجاهلية، وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال، وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ". متفق عليه من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه - وخرجه مسلم في صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بين نفيل - رضي الله عنهما - جميعا، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " إن الدنيا حلوة خضرة وأن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ". ولقد صدق رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإن الفتنة بهن عظيمة، ولا سيما في هذا العصر الذي خلع أكثرهن الحجاب، وتبرجن فيه تبرج الجاهلية، وكثرت بسبب(3/95)
ذلك الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد، وقد بين الله - سبحانه - أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق، ومعلوم أن جلوس الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة من أعظم أسباب الفتنة، ومن أسباب ترك الحجاب الذي شرعه الله للمؤمنات ونهاهن عن أن يبيدي زينتهن لغير من بينهم الله - سبحانه - في الآية السابقة من سورة النور، ومن زعم أن الأمر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين فقد أبعد النجعة وخالف الأدلة الكثيرة الدالة على التعميم وخالف قوله - تعالى - " ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن "، فإنه لا يجوز أن يقال إن الحجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال الصحابة دون من بعدهم ولا شك أن من بعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين ورجال الصحابة - رضي الله عنهم - لما بينهم من الفرق العظيم في قوة الإيمان والبصيرة بالحق فإن الصحابة -رضي الله عنهم- رجالاً ونساء ومنهم أمهات المؤمنين هم خير الناس بعد الأنبياء وأفضل القرون بنص الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، المخرج في الصحيحين، فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فمن بعدهم أحوج إلى هذا الطهارة، وأشد افتقاراً إليها ممن قبلهم، ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يدل على التخصيص فهي عامة لجميع الأمة في عهده، - صلى الله عليه وسلم -، وبعده إلى يوم القيامة، لأنه - سبحانه - بعث رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال - عز وجل - " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ". وقال - سبحانه - " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ". وهكذا القرآن الكريم لم ينزل لأهل عصر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وإنما أنزل لهم ولمن بعدهم ممن يبلغه كتاب الله كما قال - تعالى - " هذا بلاع للناس وليبنذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب ". وقال - عز وجل " وأوحي إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ " الآية. وكان النساء في عهد المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه حذراً من فتنته، بل كان النساء
في مسجده، - صلى الله عليه وسلم -، يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال وكان يقول،(3/96)
- صلى الله عليه وسلم -، خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها. وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها. حذرا من افتنان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء وكان الرجال في عهده، - صلى الله عليه وسلم -، يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعاً رجالاً ونساء من الإيمان والتقوى فكيف بحال من بعدهم؟ ! وكانت النساء ينهين أن يتحققن الطريق ويؤمرن بلزوم حافات الطريق حذراً من الاحتكاك بالرجال، والفتنة بممارسة بعضهم بعضا عند السير في الطريق، وأمر الله - سبحانه - نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذراً من الفتنة بهن، ونهاهن - سبحانه - عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله - سبحانه - في كتابه العظيم حسما لأسباب الفتنة وترغيبا في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط، فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء هداه الله وألهمه رشده بعد هذا كله، أن يدعوا إلى الاختلاط ويزعم أن الإسلام دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد، وأن ساعات الدراسة كساعات الصلاة؟! ومعلوم أن الفرق عظيم، وما بين في كتاب العظيم من الأحكام في شأن الرجال والنساء، وكيف يجوز لمؤمن أن يقول إن جلوس الطالبة بحذاء الطالب في كرسي الدراسة مثل جلوسها مع أخواتها في صفوفهن خلف الرجال، هذا لا يقوله من له أدنى مسكة من إيمان وبصيرة يعقل ما يقول، هذا لو سلمنا وجود الحجاب الشرعي، فكيف إذا كان جلوسها مع الطالب في كرسي الدارسة، مع التبرج وإظهار المحاسن والنظرات الفاتنة والأحاديث التي تجر إلى الفتنة، فالله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله - عز وجل " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور ".
وأما قوله " والواقع أن المسلمين منذ عهد الرسول كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة، ولذلك فإن التعليم لابد أن يكون في مكان واحد " فالجواب عن ذلك أن يقال هذا صحيح، لكن كان النساء في مؤخرة المساجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة، والرجال في مقدم المسجد، فيسمعن المواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن، وكان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في يوم العيد يذهب إليهن(3/97)
بعد ما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته، وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج فيه وإنما الإشكال في قول مدير جامعة صنعاء هداه الله وأصلح قلبه وفقهه في دينه (ولذلك فإن التعليم لابد أن يكون في مكان واحد) فكيف يجوز له أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة النساء خلف الرجال في مسجد واحد، مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده، - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا دعا المصلحون إلى أفراد النساء عن الرجال في دور التعليم، وأن يكن على حدة والشباب على حدة، حتى يتمكن من تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة، لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة، ولأن تلقي العلوم في المدرسات في محل خاص أصول للجميع وأبعد لهن من أسباب الفتنة، وأسلم للشباب من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الاستماع إلى الاساتذة وتلقى العلم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والانشغال بهن، وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور.
وأما زعمه أصلحه الله أن الدعوة إلى عزل الطالبات عن الطلبة تزمت ومخالف للشريعة، فهي دعوى غير مسلمة، بل ذلك هو عين النصح لله ولعباده والحيطة لدينه والعمل بما سبق من الآيات القرآنية والحديثين الشريفين، ونصيحتي لمدير جامعة صنعاء أن يتقي الله - عز وجل - وأن يتوب إليه - سبحانه - مما صدر منه، وأن يرجع إلى الصواب والحق، فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل على تحري طالب العلم للحق والإنصاف، والله المسؤول - سبحانه - أن يهدينا جميعا سبيل الرشاد، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من القول عليه بغير علم، ومن مضلات الفتن ونزغات الشيطان، كما أسأله المعاش والمعاد، وأن يهدي الجميع صراطه المستقيم إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلي يوم الدين.
الشيخ عبد العزيز بن باز
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد
* * *(3/98)
خطر الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات
س - شاب يقول إنه من أسرة غنية يدرس في مدرسة مختلطة مما ساعدة على إقامة علاقات شائنة مع الجنس الآخر، وقد غرق في المعاصي، فماذا يفعل حتى يقلع عما هو فيه؟ وهل له من توبة؟ وما شروط هذه التوبة؟
ج- في هذا السؤال مسألتان
الأولى ما ينبغي أن نوجهه للمسؤولين في الدول الإسلامية حيث مكنوا شعوبهم من الدراسة في مدارس مختلطة، لأن هذا الوضع مخالف للشريعة الإسلامية وما ينبغي أن يكون عليه المسلمون.
وقد قال، - صلى الله عليه وسلم -، " خير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها ". وذلك لأن الصف الأول قريب من الرجال، والصف الأخير بعيد عنهم، فإذا كان التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم مرغبا فيه حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيداً عما يتعلق بالدنيا، فما بالك إذا كان الاختلاط في المدارس؟ أفلا يكون التباعد وترك الاختلاط أولى؟ إن اختلاط الرجال بالنساء لفتنة كبرى زينها أعداؤنا حتى وقع فيها الكثير منا.
وفي صحيح البخاري عن أم مسلمة - رضي الله عنها - قالت كان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إذا سلم قام النساء حين يقضي تسلميه وهو يمكث في مقامه يسيراً قبل أن يقوم. قالت نرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يردكهن الرجال.
إن على المسؤولين في الدول الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عنايتهم وأن يحملوا شعوبهم من أسباب الشر والفتنة، فإن الله - تعالى - سوف يسألهم عمن ولاهم عليه. وليعلموا أنهم سيجمع القلوب عليهم ويملؤها محبة ونصحا لهم، أمورهم وتدين لهم شعوبهم بالولاء والطاعة.
ولتفكر الأمة الإسلامية حكاماً ومحكومين بما حصل من الشر والفساد في ذلك(3/99)
الاختلاط وأجلي مثال لذلك وأكبر شاهد ما ذكره هذا السائل من العلاقات الشائنة التي يحاول الآن التخلص من آثارها وآثامها.
إن فتنة الاختلاط يمكن القضاء عليها بصدق النية والعزيمة الأكيدة على الإصلاح وذلك بإنشاء مدارس ومعاهد وكليات وجامعات تختص بالنساء ولا يشاركن فيها الرجال.
وإذا كان النساء شقائق الرجال فلهن الحق في تعليم ما ينفعهن كما للرجال لكن لهن علينا أن يكون حقل تعليمهن في منأى عن حقل تعليم الرجال، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال جاءت امرأة إلى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا فاجتمعن فأتاهن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فعلمهن مما علمه الله. الحديث. وهو ظاهر في إفراد النساء للتعليم في مكان خاص إذا لم يقل لهن ألا تحضرن مع الرجال. أسال الله - تعالى - أن يوفق المسلمين عموما للسير على ما كان عليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه لينالوا بذلك العزة والكرامة في الدنيا والآخرة.
أما المسألة الثانية فهي سؤال السائل الذي ذكر عن نفسه أنه غارق في المعاصي بإقامة العلاقات الشائنة بالجنس الآخر، ماذا يفعل وهل له من توبة وما شروطها، فإني أبشره أن باب التوبة مفتوح لكل تائب، وأن الله يحب التوابين ويغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها، قال الله - تعالى - " قُل يا عبادي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ".
فإذا تبت عن هذا العمل الذي جرى منك فإن الله - تعالى - يبدل سيئاتك حسنات، يقول الله - تعالى " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يتقلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً. ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً ".
أما شروط التوبة فهي خمسة
الشرط الأول أن تكون التوبة خالصة لله - عز وجل - لا رياء فيها ولا خشية أحد(3/100)
من المخلوقين، وإنما تكون ابتغاء مرضاة الله - تعالى - لأن كل عمل يتقرب به الإنسان إلى ربه غير مخلص له فيه فإنه حابط باطل، قال الله - تعالى - في الحديث القدسي " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه أحداً غيري تركته وشركه ".
والشرط الثاني أن يندم على ما فعله من الذنب ويتأثر، ويرى نفسه خاطئاً في ذلك حتى يشعر أنه محتاج لمغفرة الله وعفوة.
الشرط الثالث الإقلاع عن الذنب إن كان متلبسا به، لأنه لا توبة مع الإصرار على الذنب، فلو المذنب إني تائب من الذنب وهو يمارسه لعد ذلك من الاستهزاء بالله - عز وجل - إنك لو خاطبت أحداً من المخلوقين وقلت له إني نادم على ما بدر مني لك في سوء الأدب وأنت تمارس سوء الأدب معه فكأنك تستهزي به، والرب - عز وجل - أعظم وأجل من أن تدعى أنك تبت من معصيته، وأنت مصر عليها.
الشرط الرابع العزم على ألا يعود إلى المعصية في المستقبل.
الشرط الخامس أن تكون التوبة في وقتها الذي تقبل فيه التائب بأن تكون قبل أن يعاين الإنسان الموت وقبل أن تطلع الشمس من مغربها فإن كانت بعد طلوع الشمس من مغربيها لن تنفع لقوله - تعالى - " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا إنا منتظرون ". وهذا البعض هو طلوع الشمس من مغربها، كذلك عن حضور الموت لأن الله - تعالى - قال " وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً ".
هذه الشروط الخمسة إن تحققت فيك فإن توبتك مقبولة إن شاء الله.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/101)
حكم الدراسة في المدارس المختلطة
س - أنا طالب أدرس في الخارج والجامعة فيها اختلاط " ذكور وإناث " وسؤالي هلي يجوز أن أدرس في هذه الجامعة؟
ج - ننصح المسلم الذي يريد نجاة نفسه أن يبتعد عن أسباب الشر والفتنة، ولا شك أن الاختلاط مع الشابات في المدارس من أسباب وقوع الفساد وانتشار الزنى. ولو حاول الشخص أن يحفظ نفسه فلابد أن يجد صعوبة لكن إذا ابتلى الشخص بذلك فعليه التحفظ والاعتزال وغض البصر وحفظ الفرج وعدم القرب من النساء مهما استطاع، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
موقف الإسلام من التعليم المختلط
س - ما هو موقف الإسلام من التعليم في بعض الدول الإسلامية حيث يوجد بها من الفجور والفسق والكفر الكثير؛ ففيها الفتيات العاريات تماماً والشباب المنحل المنحرف الضال، والاختلاط العلني وبشكل فاضح وفاحش لا يرضاه الإسلام بل يشجع ذلك هيئة التدريس في الجامعات، وبعض الكليات في هذه الجامعات لا يوجد بها حتى المسجد لكي يسجد فيه لله وحده، وفرض الزي الرسمي وهو زي المشركين من أوروبا ولا يسمح لأي طالب بدخول الامتحان بدون هذا الزي مثل القميص والعمامة، لأن هذا عندهم تأخر وجهل فما الحكم؟
ج- أولا تعلم العلوم النافعة من فروض الكفاية، فيجب على الأمة وخاصة ولاة أمورها أن يهيئوا جماعة منها رجالاً ونساء لتعليم ما تحتاج إليه من أنواع العلوم، وتيسر لهم طريقة حتى تنهض بالأمة في المحافظة على ثقافتها وعلاج مرضاها، وتجنبها مواطن الخطر، فإن تم ذلك برئت الذمة، ورجي الثواب، وإلا خشي وقوع البلاء، وحقت كلمة العذاب.
ثانيا اختلاط الطلاب بالطالبات والمدرسين بالمدرسات في دور التعليم محرم لما يفضي إليه من الفتنة وإثارة الشهوة والوقوع في الفاحشة، ويتضاعف الإثم، وتعظم(3/102)
الجريمة، إذا كشفت المدرسات أو التلميذات شيئاً من عوارتهن، أو لبس ملابس شفافة تشف عما وراءها، أو لبس ملابس ضيقة تحدد أعضاءهن، أو داعبن الطلاب أو الأساتذة ومزحن معهم أو نحو ذلك مما يفضي إلى انتهاك الحرمات والفوضى في الأعراض.
فعلى ولاة الأمور أن يخصصوا للطلاب معاهد ومدارس وكليات وكذا الطالبات، محافظة على الدين، ومنعا لانتهاك الحرمات والأعراض والفوضى في الحياة الجنسية وبذلك يتمكن ذووا الغيرة والدين من الانتظام في سلك التعليم والتعلم دون حرج أو مضايقات. وإذا لم يقم ولاة الأمور بواجبهم، ولم يتم فصل الذكور عن الإناث في دور التعليم، ولا الأخذ على أيدي الكاسيات العاريات لم يجز الانضمام في سلك هؤلاء إلا إذا رأى الشخص من نفسه القدرة على تقليل المنكر، وتخفيف الشر ببذل النصح والتعاون في ذلك مع أمثاله من الزملاء والأساتذة، وأمن على نفسه من الفتنة.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم الدراسة في الجامعات المختلطة للدعوة إلى الله
س - هل يجوز للرجل أن يدرس في جامعة يختلط فيها الرجال والنساء في قاعة واحدة علماً بأن الطالب له دور في الدعوة إلى الله؟
ج - الذي أراه أنه لا يجوز للإنسان رجلاً كان أو امرأة أن يدرس بمدارس مختلطة وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته ونزاهته وأخلاقه فإن الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق والبراءة إذا كان إلى جانبه في الكرسي الذي هو فيه امرأة ولاسيما إذا كانت جميلة ومتبرجة لا يكاد يسلم من الفتنة والشر. وكل ما أدى إلى الفتنة والشر فإنه حرام ولا يجوز، فنسأل الله - سبحانه وتعالى - لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي لا تعود إلى شبابهم إلا بالشر والفتنة والفساد.. حتى وإن لم يجد إلا هذه الجامعة يترك الدراسة إلى بلد آخر ليس فيه هذا الاختلاط، فأنا لا أرى جواز هذا وربما غيري يرى شيئاً آخر.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/103)
حكم التدريس في المدارس المختلطة
س - هل الأستاذ الذي يدرس في قسم مختلط بنات وذكور أو بنات فقط ولكنهن في سن المراهقة يأثم إذا نظر إليهن؟
ج - يجب على الرجل أن يغض بصره عن النظر إلى النساء قال - تعالى " قُل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهن ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون". وأخرج الإمام مسلم وأبو داود وغيرهما عن جرير بن عبد الله قال سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجأة فقال " أصرف نظرك " واللفظ لأبى دواود ولا يجوز الاختلاط بين الذكور والإناث في التعليم لأن ذلك من وسائل وقوع الفاحشة بينهم.
* * *
خطورة تعليم النساء للأولاد في المرحلة الابتدائية
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
اطلعت على ما نشرته صحيفة المدينة عدد (3898) وتاريخ 30 2 1397هـ بقلم من سمت نفسها " نور بنت..... " تحت عنوان (وجها لوجه) وخلاصة القول أن نورة المذكورة ضمها مجلس مع جماعة من النساء بحضرة عميدة كلية التربية بجدة فائزة الدباغ ونسبت نورة المذكورة إلى فائزة استغرابها عدم قيام المعلمات بتعليم أولادنا الذكور في المرحلة الابتدائية ولو إلى الصف الخامس، وأيدتها نورة المذكورة للأسباب المنوه عنها في المقال، وإني مع شكري لفائزة ونورة وزميلاتها على اهتمامهن بموضوع تعليم أولادنا الصغار وحرصهن على مصلحتهم أرى من واجبي التنبيه على ما في هذا الاقتراح من الأضرار والعواقب الوخيمة.. وذلك أن تولي النساء لتعليم الصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي إلى اختلاطهن بالمراهقين والبالغين من الأولاد الذكور، لأن بعض الأولاد لا يلتحق بالمرحلة الابتدائية إلا وهو مراهق وقد يكون بعضهم بالغاً، إذا بلغ العشر يعتبر مراهقاً ويميل بطبعه إلى النساء، لأن مثله يمكن أن يتزوج ويفعل ما يفعله الرجال. وهناك أمر آخر وهو أن تعليم(3/104)
النساء للصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي إلى الاختلاط ثم يمتد ذلك إلى المراحل الأخرى، فهو فتح لباب الاختلاط في جميع المراحل بلا شك، ومعلوم ما يترتب على اختلاط التعليم من المفاسد الكثيرة والعواقب الوخيمة التي أدركها من فعل هذا النوع من التعليم في البلاد الأخرى. فكل من له أدنى علم بالأدلة الشرعية وبواقع الأمة في هذا العصر من ذوي البصيرة الإسلامية على بنينا وبناتنا يدرك ذلك بلا شك، وأعتقد أن هذا الاقتراح مما ألقاه الشيطان أو بعض نوابه على لسان فائزة ونورة المذكورتين وهو بلا شك مما يسر أعداءنا وأعداء الإسلام ومما يدعون إليه سراً وجهراً.
ولذا فإني أرى أن من الواجب قفل هذا الباب بغاية الإحكام وأن يبقى أولادنا الذكور تحت تعليم الرجال في جميع المراحل. كما يبقى تعليم بناتنا تحت تعليم المعلمات من النساء في جميع المراحل وبذلك نحتاط لديننا وبناتنا ونقطع خط الرجعة على أعدائنا وحسبنا من المعلمات المحترمات أن يبذلن وسعهن بكل إخلاص وصدق وصبر في تعليم بناتنا وعلى الرجال أن يقوموا بكل إخلاص وصدق وصبر على تعليم أبنائنا في جميع المراحل. ومن المعلوم أن الرجال أصبر على تعليم البنين وأقوى عليه وأفرغ له من المعلمات في جميع مراحل التعليم، كما أن من المعلوم أن البنين في المرحلة الابتدائية وما فوقها يهابون المعلم الذكر ويحترمونه ويصغون إلى ما يقول أكثر وأكمل مما لو كان القائم بالتعليم من النساء مع ما في ذلك كله من تربية البنين في هذه المرحلة على أخلاق الرجال وشهامتهم وصبرهم وقوتهم، وقد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع " وهذا الحديث الشريف يدل على ما ذكرناه من الخطر العظيم في اختلاط البنين والبنات في جميع المراحل. والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وواقع الأمة كثيرة لا نرى ذكرها هنا طلبا للاختصار. وفي علم حكومتنا وفقها الله وعلم معالي وزير المعارف وعلم سماحة الرئيس العام لتعليم البنات وحكمتهم جميعاً وفقهم الله ما يغني عن البسط في هذا المقام. وأسأل الله أن يوفقنا لكل ما فيه صلاح الأمة ونجاتها وصلاحنا،(3/105)
وصلاح شبابنا وفتياتنا وسعادتهم في الدنيا والآخرة إنه سميع قريب. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ ابن باز
* * *
طريق السلامة من فتنة النساء
س - أنا شاب في التاسعة عشرة من عمريه وغير متزود ومتأثر بجمال المرأة، ماذا أعمل حتى أبتعد عن المرأة لأنها هي التي تلفت انتباهي لها ما يجعلني أفكر فيها في كل وقت؟
ج - عليك أن تغض بصرك عن التطلع إلى النساء، وتقطع تفكيرك فيهن وأن تتذكر ما أعد الله لأهل التعفف والبعد عن الحرام، وعليك أيضاً أن تبادر إلى الزواج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فهناك ينقطع التفكير وتقتصر على المباح الحلال والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
أحكام متفرقة في النكاح
حكم العادة السرية
س - ما هو حكم العادة السرية؟
ج- العادة السرية وهي الاستنماء باليد محرمة ويجب على كل مسلم الحذر منها، لأن فعلها مخالف لقوله - عز وجل " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ".
ولما في هذه العادة السرية من الأضرار الكثيرة والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/106)
السن المناسب للزواج
س - ما هو السن المناسب للزواج بالنسبة للمرأة والرجل؟ لأن بعض الفتيات لا يقبلن الزواج ممن يكبرهن سناً، وكذلك بعض الرجال لا يتزوجون ممن يكبرهن في السن، نرجو الإجابة جزاكم الله خيراً؟
ج- أوصي الفتيات بألا يرفضن الرجل لكبر سنه، كأن يكون يكبرها بعشر سنين أو بعشرين سنة أو بثلاثين سنة ليس هذا بعذر فقد تزوج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عائشة وهو ابن ثلاث وخمسين سنة وهي بنت تسع سنين، فالكبر لا يضر، فلا حرج أن تكون المرأة أكبر، ولا حرج أن يكون الزوج أكبر، فقد تزوج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، خديجة وهي بنت أربعين وهو أبن خمس وعشرين قبل أن يوحي إليه عليه الصلاة والسلام، أي أنها تكبره بخمس عشرة سنة - رضي عنها وأرضاها - ثم تزوج عائشة - رضي الله عنها - وهي صغيرة بنت ست أو سبع سنين ودخل بها وهي بنت تسع سنين، وهو أبن ثلاث وخمسين سنة وكثير من هؤلاء الذين يتكلمون في المذياع أو التلفاز وينفرون من التفاوت بين سن الزوج والزوجة، كله غلط لا يجوز لهم هذا الكلام، الواجب أن المرأة تنظر في الزوج فإذا كان صالحاً ومناسباً فإنه ينبغي لها أن توافق ولو كان أكبر منها سنا، وهكذا الرجل ينبغي له أن يعتني بالمرأة الصالحة ذات الدين ولو كانت أكبر منه إذا كانت في سن الشباب وسن الإنجاب، فالحاصل أن السن لا ينبغي أن يكون عذراً ولا ينبغي أن يكون عيباً ما دام الرجل صالحاً والفتاة صالحة أصلح الله حال الجميع.
الشيخ ابن باز
* * *
الزواج من الأباعد أفضل
س - تقدم لي أحد الأقارب لكنني سمعت أن الزواج من الأباعد أفضل من حيث مستقبل الأطفال وغير ذلك فما رأيك في ذلك؟
ج- هذه القاعدة ذكرها بعض أهل العلم، وأشار إلى ما ذكرت من أن للوارثة تأثيراً، ولا(3/107)
ريب أن للوراثة تأثيراً في خلق الإنسان وفي خلقه، ولهذا جاء رجل إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلاماً أسود - يعرض بهذه المرأة كيف يكون الولد أسود وأبواه كل منهما أبيض - فقال له الرسول، عليه الصلاة والسلام، " هل لك من إبل "؟ قال " نعم " قال فما ألوانها؟ قال حٌمر. قال هل فيها من أوراق؟ قال نعم. قال فأنى لها ذلك؟ قال لعله نزعها عرق. فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " أبنك هذا لعله نزعه عرق ".
فدل هذا على أن للوراثة تأثيراً، ولا ريب في هذا، ولكن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " تنكح المرأة لأربع لمالها، وحسبها، وجمالها، ودينها، فأظفر بذات الدين تربت يداك ". فالمرجع في خطبة المرأة إلى الدين، فما كانت أدين وكلما كانت أجمل أولي سواء أكانت قريبة أم بعيدة، وذلك لأن الدينة تحفظه في ماله وفي ولده وفي بيته والجميلة تسد حاجته وتغض بصره ولا يلتفت معها إلى أحد. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
العقم نوعان
س - ما رأي فضيلتكم فيمن يقول إن العقم يمكن علاجه؟ والله يقول " ويجعل من يشاء عقيما " جزاكم الله خيراً؟
ج- رأينا أن العقم نوعان نوع عارض لسبب من الأسباب، فهذا يمكن علاجه، ونوع طُبع عليه الإنسان أي أن الله خلقه عقيما، فهذا لا يمكن علاجه، ولو عولج لم ينفع، لأن الله أراد يكون عقيماً ولا راد لقضائه.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
لا حاجة للكشف الطبي قبل الزواج
س - أرغب في الزواج من بنت عمي، ولكنها نصحتني وكذلك نصحني بعض المقربين يعمل كشف طبي قبل الزواج حتى نطمئن على جينات الوراثة، فهل هذا فيه تدخل في(3/108)
قضاء الله وقدره؟ وما حكم الدين في هذا الكشف وفقكم الله؟
ج- لا حاجة لهذا الكشف، وعليكما أن تحسنا الظن بالله، والله - سبحانه - يقول " أنا عند ظن عبدي بي " كما روى ذلك عنه نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، ولأن الكشف قد يعطي نتائج غير صحيحة، عافانا الله وإياكما من كل شر.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم تزويج من لا يصلي
س - لقد تقدم لابنتي أحد أقاربي وله فضل على ولكنه مدمن على شرب الخمر ويرافق أهل السوء وقليل الصلاة أو لا يصلي، ومدمن المشاهدة للفيديو والتلفاز وآلات اللهو وأنا في حرج منه أرجو توضيح حكم الإسلام في الأمر؟
ج- إذا كان الخاطب لابنتك بهذا الوصف فلا يجوز لك تزويجها إياه، لأنها أمانة لديك، فالواجب عليك أن تختار لها الأصلح في دينه وأخلاقه والذي لا يصلي لا يجوز أن يزوج بالمسلمة التي تصلي، لأنه ليس كفؤا لها، لأن ترك الصلاة كفر أكبر لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة ". خرجه الإمام مسلم في صحيحه.
وقوله عليه الصلاة والسلام " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ". أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، ولأدلة أخرى كثيرة من الكتاب والسنة تدل على كفر تارك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء. أما إن جحد وجوبها أو استهزأ بها فإنه يكفر كفراً أكبر بإجماع المسلمين.
أما من يتعاطى السكر وهو يصلي فإنه لا يكفر بذلك إذا لم يستحله ولكنه يكون قد أتى كبيرة من الكبائر ويفسق بذلك، فالمشروع لك ألا تزوجه ولو كان يصلي لفسقه، لأنه قد يجر زوجته وأولاده إلى هذه الجريمة العظيمة، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ويهديهم صراطه المستقيم ويعيذنا وإياهم من طاعة الهوى والشيطان إنه جواد كريم.
الشيخ ابن باز
* * *(3/109)
الزواج أولا
س - هناك عادة منتشرة وهي رفض الفتاة أو والدها من يخطبها لأجل أن تكمل تعليمها الثانوي أو الجامعي أو حتى لأجل أن تدرس لعدة سنوات فما حكم ذلك؟ وما نصيحتك لمن يفعله فربما بلغ بعض الفتيات سن الثلاثين أو أكثر بدون زواج؟
ج- نصيحتي لجميع الشباب والفتيات البدار بالزواج والمسارعة إليه إذ تيسرت أسبابه لقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " متفق على صحته. وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ". أخرجه الترمذي بسند حسن. وقوله، عليه الصلاة والسلام " تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ". خرجه الإمام أحمد وصححه ابن حبان، ولما في ذلك من المصالح الكثيرة التي نبه عليها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من غض البصر وحفظ الفرج وتكثير الأمة والسلامة من فساد كبير وعواقب وخيمة، وفق الله المسلمين جميعاً لما فيه صلاح أمر دينهم ودنياهم إنه سميع قريب.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم رفض تزويج الفتاة بحجة إكمال الدراسة
س - هناك عادة منتشرة وهي رفض الفتاة أو والدها الزواج ممن يخطبها لأجل أن تكمل تعليمها الثانوي أو الجامعي أو حتى لأجل أن تدرس لعدة سنوات، فما حكم ذلك وما نصيحتكم لمن يفعله؟ فربما بلغ بعض الفتيات سن الثلاثين أو أكثر بدون زواج؟
ج- حكم ذلك أنه خلاف أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فإن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ". وقال، - صلى الله عليه وسلم -، " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج". وعن الامتناع عن الزواج تفويت لمصالح الزواج، فالذي أنصح به إخواتي المسلمين من أولياء النساء وأخواتي المسلمات من النساء ألا(3/110)
يمتنعن من الزواج من أجل تكميل الدراسة أو التدريس، وبإمكان المرأة أن تشترط على الزوج أن تبقى في الدراسة حتى تنتهي دراستها وكذلك أن تبقى مدرسة لمدة سنة أو سنتين ما دامت غير مشغولة بأولادها وهذا لا بأس به على أن كون المرأة تترقي في العلوم الجامعية مما ليس لنا به حاجة أمر يحتاج إلى نظر، فالذي أراه أن المرأة إذا أنهت المرحلة الابتدائية وصارت تعرف القراءة الكتابة بحيث تنتفع بعلم هذا في قراءة كتاب الله وتفسيره وقراءة أحاديث النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وشرحها فإن ذلك كافي اللهم إلا أن تترقي لعلوم لابد للناس منها كعلم الطب وما أشبهه إذا لم يكن في دراسته شيء محذور من اختلاط أو غيره.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم رفض ولي الفتاة تزويجها
س - تقدم
شخص لخطبة فتاة فرف وليها تزويجها بقصد حرمانها من الزواج، فما حكم الإسلام في ذلك؟ أفتونا جزاكم الله خيراً؟
ج- الواجب على الأولياء البدار بتزويج مولياتهم إذا خطبهن الأكفاء ورضين بذلك، لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ". ولا يجوز عضلهن من أجل تزويجهن على من لا يريضين من أبناء عمهن أو غيرهم، ولا لطب المال الكثير ولا لغير ذلك من الأغراض التي لم يشرعها الله ورسوله، والواجب على ولاة الأمور من الأمراء والقضاة الأخذ على يد من عرف بالعضل والسماح لغيره من الأولياء بالتزويج لمولياتهم الأقرب فالأقرب منعاً للظلم وتنفيذاً للعدل وحماية للشباب والفتيات من الوقوع فيما حرم الله عليهم بأسباب عضل أوليائهم وظلمهم. نسأل الله لجميع الهداية وإيثار الحق على هوى النفس إنه سميع مجيب.
الشيخ ابن باز
* * *(3/111)
ركعتا الدخول على الزوجة
س - ما حكم صلاة الركعيتن ليلة الزواج عند الدخول على الزوجة؟
ج- الركعتان عند الدخول على الزوجة في أول ليلة فعلها بعض الصحابة، ولا أعرف في هذه سنة صحيحة عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ولكن المشروع أن يأخذ بناصية المرأة ويسأل الله خيرها وخير ما جبلت عليه، ويستعيذ بالله من شرها وشر ما جبلت عليه، وإذا كان يخشى في هذه الحال أن تنفر منه المرأة فليمسك بناصيتها كأنه يريد أن يدنو منها ويقبلها ويدعو بهذا الدعاء سراً بحيث لا تسمعه، لأن بعض النساء قد يخيل لها إذا قال أعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه، فتقول هل في شر؟
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم العزل
س - ما حكم العزل سواء كان لعذر أو لغير عذر؟
ج- العزل لعذر جائز وذلك كأن يكون في دار حرب فتدعو حاجته إلى الوطء فيها ويعزل أو تكون زوجته أمة فيخشى الرق على ولديه أو تكون له أمة فيحتاج إلى وطئها وإلى بيعها والأصل في ذلك ما أخرجه البخاري في الصحيح عن جابر - رضي الله عنها - قال كنا نعزل في عهد الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، والقرآن ينزل وأخرج أيضاً عن مالك بن أنس عن الزهري عن ابن محيزيز عن أبي سعيد الخذري قال أصبنا سبيا فكنا نعزل فسألنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال أو إنكم لتفعلون قالها ثلاثاً ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة. وأخرج أبو داود أيضاً أن رجلا قال يا رسول الله، إن لي جارية وأنا أعزل عنها وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدث أن العزل المؤودة الصغرى قال " كذبت اليهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن ترصفه.
وأما إذا كان العزل لغير عذر فيجوز عن أمته بغير إذنها، نصل عليها أحمد وهو قول مالك وإبي حنيفة والشافعي؛ لأنه لا حق لها في الوطء ولا في الولد وكذلك لم تملك المطالبة(3/112)
بالقسم ولا النفقة فلأ نها لا تملك المنع من العزل أولى.
أما زوجته الحرة فلا يعزل عنها إلا بإذنها والأصل في ذلك ما رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال نهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها، قال المجد - رحمه الله تعالى - وإسناده ليس بذاك انتهى. ولأن لها في الولد حقا وعليها في العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله تعالى مذهب الأثمة الأربعة أن يجوز بإذن المرأة.. انتهي.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم العزل وكيفيته
س - متى يجب العزل وما كيفيته؟
ج- روى الإمام أحمد وابن ماجه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال نهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها وأخرج عبد الرازق في مصنفع والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال " نهى عن عزل الحرة إلا بإذنها ". فهذا يدل على جواز العزل عن الحرة بإذنها ومنعه بدون إذنها وأن العزل عن الأمة لا يحتاج إلى إذنها. مع مراعاة عدم فعله إلا من حاجة شديدة أو ضرورة وصفة العزل النزع بعد الإيلاج لينزل خارج الفرج، وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
اللجنة الدائمة
* * *
حكم منع الحمل للضرورة والعزل
س - طبيب ماهر مسلم أخبر امرأة أنها لا يحل لها أن تحمل لأنها إن حملت ماتت وقد الولادة وليس لزوجها زوجة أخرى غيرها وهما في ريعان الشباب لا يستغنى أحدهما عن الآخر أيجوز لتلك المرأة استعمال دواء تمنع عنها الحمل أم يعزل عنها زوجها عند الجماع؟(3/113)
ج- أولا يختلف حكم تعاي حبوب منع الحمل باختلاف أحوال النساء وقد بحث هذا الموضوع في مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية وأصدروا قراراً يشتمل على ذلك
ثانيا ورد ما يدل على جواز الزل فروى جابر - رضي الله عنه - قال كنا نعزل على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، والقرآن ينزل. متفق عليه. ولمسلم كنا نعزل على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فبلغه ذلك فلم ينهنا.
ثالثا تعاطي حبوب منع الحمل والعزل لا يمنعان ما قدر الله خلقه من بين الإنسان، والأصل هي خادمتنا وسانيتنا في النخل وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل فقال " أعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها، رواه مسلم وأحمد وأبو داود. وما رواه أبو سعيد - رضي الله عنه، قال خرجنا مع رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في غزوة بن المصطلق فأصبنا سبيا من العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا الغربة وأحببنا العزل فسألنا عن ذلك رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال " ما عليكم ألا تفعلوا فإن الله عز وجل قد كتب ما هو خالق إلى يوم القيامة " متفق عليه.
فهذان الحديثان وما في معناهما دالة على جواز العزل، وتعاطي حبوب منع الحمل في معنى العزل.
رابعا ما ذكره هذا الطبيب الماهر المسلم من أن هذه المرأة إن حملت ماتت وقت الولادة فغير صحيح، لأن علم الآجال من الغيب الذي اختص الله به، قال - تعالى " إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت ". الآية.
اللجنة الدائمة
* * *(3/114)
الزوج عليه الإنفاق
س - إذا كانت الزوجة موظفة ولها مرتب جيد، فهل يجب على الزوج الإنفاق عليها؟ وما هو الحال إذا كان دخله قليلاً؟
ج - إن المرأة يجب على زوجها الإنفاق عليها وإن كان لها مرتب جيد؛ لأن إنفاقه عليها عوض عن الاستماع بها حتى ولو كان دخله قليلاً إلا إذا طابت نفس المرأة في التسامح عن زوجها فيما يتعلق بالإنفاق فالأمر إليها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
لا يجب على الزوج أجرة علاج زوجته
س - هل يجب على الزوج علاج زوجته شرعاً؟ وما حكم من رفض علاجها؟
ج- لا يجب على الزوج أجرة علاج زوجته ولا قيمة الأدوية ولا أجرة الطبيب لأن ذلك ليس من حاجاتها الضرورية المعتادة بل لعارض فلا يلزمه، هكذا ذكر الفقهاء ولكن قد يرجع في ذلك إلى الشروط العرفية حيث أن العادة في هذه الأزمنة أن يتولى ذلك فإذا فعل كالمعتاد فهو كرم وفضل وقيام بالحق عليه والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الرزق والزواج مكتوبان
س - هل الرزق والزواج مكتوبان في اللوح المحفوظ؟
ج- كل شيء منذ خلق الله القلم إلى يوم القيامة فإنه مكتوب في اللوح المحفوظ، لأن الله - سبحانه وتعالى - أو ما خلق القلم قال له " أكتب. قال " ربي وما أكتب؟ قال " أكتب ما هو كائن، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة ". وثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -،(3/115)
أن الجنين في بطن أمه إذا مضى عليه أربعة أشهر بعث الله إليه ملكا ينفخ فيه الروح ويكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد.
والرزق أيضا مكتوب لا يزيد ولا ينقص، فمن الأسباب التي يعملها الإنسان السعي لطلب الزرق كما قال الله - تعالى - " هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ".
ومن الأسباب أيضاً صلة الرحم من بر الوالدين، وصلة القرابات، فإن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ". ومن الأسباب تقوى الله - عز وجل - كما قال - تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ".
ولا تقل إن الرزق مكتوب ومحدد ولن أفعل الأسباب التي توصل إليه، فإن هذا من العجز، والكياسة والحزم أن تسعى لرزقك ولما ينفعك في دينك ودنياك، قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ". وكما أن الرزق مكتوب مقدر بأسبابه، فكذلك الزواج مكتوب مقدر، وقد كتب لكل من الزوجين أن يكون زوج الآخر بعينه، والله - تعالى - لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم العزوف عن الزواج بحجة التبتل
س - يعلل بعض الشباب عزوفهم عن الزواج بالانقطاع للعبادة والتبتل.. ما تعليقكم على هذا؟
ج- تعليقنا على هذا أن هذه العلة عليلة بل هي ميتة، لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، رد التبتل على من أراده من أصحابه، وقال " أنا أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ".(3/116)
وليعلم هؤلاء أن النكاح من العبادة بل هو من أفضل العبادات حتى صرح أهل العلم - رحمهم الله - بأن النكاح مع الشهوة أفضل من نوافل العبادة. وصرح كثير من أهل العلم بوجوبه - أي النكاح - ولا شك أن ثواب الواجب أكثر من ثواب المستحب ... والواجب أحب إلى الله من النافلة كما قال - تعالى - في الحديث القدسي " ما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه. ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه ".
ففي هذا الحديث دليل واضح على أن الله - تعالى - يحب الفرض أكثر مما يحب النفل.
فننصح هؤلاء الشباب الذين يتعللون بهذه العلة العليلة بل الميتة ننصحهم أن يتقوا الله - عز وجل - وأن يتزوجوا امتثالاً لأمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، واتباعاً لسنته ولسنة إخوانه من المرسلين عليهم الصلاة والسلام، ومن أجل أن يكثروا الأمة الإسلامية وينفعها الله بهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم الزواج بالمراسلة أو عبر الهاتف
س - هل الزواج عبر الهاتف أو عن طريق المراسلة يجب ويقبل؟ .. بمعنى أن الأب يزوج ابنته عن طريق الهاتف أو عن طريق خطاب معين؟
ج- الزواج لا ينعقد عبر الهاتف أو عن طريق المراسلة بل لابد من حضور الزوج والولي والشهود وهذا لا يتم عن طريق الهاتف أو طريق المراسلة، نعم ربما يكون عن طريق المراسلة ويتم إذا وكل العاقد من يعقد له إذا كان في بلد آخر، في هذه الحال يتطلب أن تكون وثيقة التوكيل وثيقة معترفاً بها ثابتة شرعاً.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/117)
الديوث من يرضى بالفاحشة في أهله
س - هل الديوث الذي يتكلم عما يجرى بينه وبين زوجته في الخلوة؟ أم من هو الديوث بالشكل الصحيح في نظر الدين الحنيف جزاكم الله خيراً؟
ج- الديوث هو الذي يرضى بالفاحشة في أهله، وذلك بأن يقرها على فعل الزنى ولا يمنعها من ذلك، ولا يغضب لله - سبحانه - لقلة غيرته وضعف إيمانه، أما من أنكر عليها وحال بينها وبين الفاحشة فهذا لا يسمى ديوثاً.
الشيخ ابن باز
* * *
يشك في زوجته لبعد شبه الأولاد
س - أنا رجل متزوج وقد أنجبت زوجتي ستة من الأطفال، ولكن بعد هذا أشك في حسن سلوكها نظراً لبعد الشبه بينه وبين بعض الأولاد، فهل هذا يعتبر داعياً للشك فيها أم لا؟ وماذا على أن أفعل؟
ج- عليك إذا جاءت امرأتك بولد يكون شبهه موجبا للشبهه، عليك ألا تلتفت إلى ذلك، لأنه ثبت في الصحيحين أن رجلا جاء إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال يا رسول الله، إنه امرأتي ولدت غلاما أسود وكان الرجل وامرأته بغير هذا اللون فهو يعرض ويبين ما في نفسه من الشبهة فقال النبي، عليه الصلاة والسلام " ألك إبل؟ " قال نعم، قال ما ألوانها؟ قال حمر. فقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، هل فيها من أوراق؟ قال نعم. فقال أني لها ذلك؟ فقال لعله نزعه عرق، قال وهذا عسى أن يكون نزعه عرق ". فأنت لا تدري فقد يكون من أجدادك أو أجداد امرأتك من هو بهذا الشبه الذي استغربته من بين أولادك، فلا تلتفت إلى هذا وتعوذ من الشيطان الرجيم، وما دامت زوجتك مستقيمة فلا يكن في نفسك شك منها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/118)
أقل مدة الحمل
س - لقد غبت عن زوجتي سنة كاملة ولم تدر أين مقري وبعد مدة طويلة عدت إليها وجلست معها ثمانية أشهر وخمسة وعشرين يوما ووضعت خلال هذه الفترة التي عشتها معها ولداً فشككت في خمسة الأيام الناقصة من الشهر التاسع. أفيدوني ماذا أفعل؟
ج- ليس في ولادة المرأة في أقل من تسعة أشهر ما يوجب الريبة وأقل مدة الحمل ستة أشهر كما قال الله - سبحانه - " وحمله وفصاله ثلاثون شهراً " وقال - عز وجل - " وفصاله في عامين ". فدل ذلك على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فإذا ولدت المرأة فس الشهر السابع أو ما بعده فليس في ذلك ريبة. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم من غاب عن زوجته أربع سنوات فولدت له ولدا
س - رجل غاب عن زوجته أربع سنوات ثم ولدت بعد المدة المذكورة، فهل يلحقه الولد علماً بأن زوجته حرة وليست مملوكة؟
ج- إذا كان قد دخل بها فالولد يلحق بالزوج في أصح أقوال أهل العلم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " الولد للفراش " متفق على صحته. وللزوج أن ينفيه إذا علم أنه ليس منه ويلاعنها على ذلك.
الشيخ ابن باز
* * *(3/119)
حكم الاستمناء باليد وفتوى الشيخ القرضاوي في إجازته
س - مسالة الاستمناء باليد يقول الشيخ القرضاوي (1) " وروي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه اعتبر المني فضلة من فضلات الجسم فجاز إخراجه كالفصد ". وهذا ما ذهب إليه وأيده ابن حزم، فهل صحيح أن الإمام أحمد أجاز الاستمناء عموما؟ وما دليله؟ ثم البلوى التي تشتكي إلى الله نحوها، هي أن الشباب ابتلوا بهذه الفعله ونسوا الصيام المأمور به عند الحالة، وأن بعضهم أخذ يخبرنا أن يصنع هيكلاً من القماش والقطن كهيئة قبل ودبر المرأة أو الفتاة وبهذا يطأ هذا الشباب هذا الهيكل بإيلاج ذكره فيه.. الخ؟
ج- الاستمناء باليد محرم في أصح أقوال أهل العلم، وهو قول جمهورهم لعموم قوله - تعالى - " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " (2) . فأثني - سبحانه وتعالى - على من حفظ فرجه فلم يقض وطره إلا مع زوجته أو أمته، وحكم من قضى وطره فيما وراء ذلك أيا كان فهو عاد متجاوز لما أحله الله له، ويدخل في عموم ذلك الاستمناء باليد، كما نبه على ذلك الحافظ أبن كثير وغيره، ولأن في استعماله مضار كثيرة وله عواقب وخيمة منها إنهاك القوى وضعف الأعصاب، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بمنع ما يضر الإنسان في دينه وبدنه وماله وعرضه.
قال الموفق ابن قدامة - رحمه الله - في كتابه المغني "ولو استمنى بيده فقد فعل محرماً ولا يفسد صومه به إلا أن ينزل فإن أنزل فسد صومه لأنه في معنى القبلة" أهـ ومراده أنه في معنى القبلة إذا أنزل بسببها، أما القبل بدون إنزال فلا تفسد الصوم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوي (3) " أما الاستمناء باليد فهو حرام عند جمهور العلماء وهو أصح القولين في مذهب أحمد ولذلك يعزر من فعله وفي القول لآخر هو مكروه غير محرم وأكثرهم لا يبيحونه لخوف العنت ولا غيره " أهـ.
_________
(1) الحلال والحرام ص 116 طبعة المكتب الإسلامي.
(2) سورة المؤمنون، الآيات: 5 - 7.
(3) مجموع الفتاوي ج 34، ص 328.(3/120)
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - في تفسيره أضواء البيان (1) ما نصه (المسألة الثالثة اعلم أنه لا شك في أن آية " قد أفلح المؤمنون " هذه التي هي " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " تدل بعمومها على منع الاستمناء باليد المعروف، بجلده عميرة ويقال له الخضخضة، لأن من تلذذ بيده حتى أنزل منيه بذلك قد ابتغى وراء ما أحله الله فهو من العادين بنص هذه الآية الكريمة المذكورة هنا وفي سورة سأل سائل، وقد ذكر ابن كثير أن الشافعي ومن تبعه استدلوا بهذه الآية على منع الاستمناء باليد.
وقال القرطبي قال محمد بن عبد الحكم سمعت حرملة بن عبد العزيز قال سألت مالكاً عن الرجل يجلد عميرة فتلا هذه الآية " والذين هم لفروجهم حافظون " إلى قوله " العادون " قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - الذي يظهر لي أن استدلال مالك والشافعي وغيرهما من أهل العلم بهذه الآية الكريمة على منع جلد عميرة الذي هو الاستمناء باليد استدلال صحيح بكتاب الله يدل عليه ظاهر القرآن. ولم يرد شيء يعارضه من كتاب ولا سنة وما روي عن الإمام أحمد مع علمه وجلالته وورعه من إباحة جلد عميرة مستدلاً على ذلك بالقياس قائلاً هو إخراج فضلة من البدن تدعو الضرورة إلى إخراجها فجاز قياساً على القصد والحجامة كما قال في ذلك بعض الشعراء.
إذا حللت يواد لا أنيس به ……فاجلد عميرة لا عار ولا حرج
فهو خلاف الصواب وإن كان قائلة في المنزلة المعروفة التي هو بها لأنه قياس يخالف ظاهر عموم القرآن، والقياس إن كان كذلك رد بالقادح المسمى فساد الاعتبار كما أوضحناه في هذا الكتاب المبارك مراراً، وذكرنا فيه قول صاحب مراقي السعود.
والخلف للنص أو إجماع دعا ……فساد الاعتبار كل من وعى
فالله - جل وعلا - قال " والذين هم لفروجهم حافظون " ولم يستثن من ذلك البتة إلا النوعين المذكورين في قوله - تعالى " إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " وصرح برفع الملامة في عدم حفظ الفرج عن الزوجة والمملوكة فقط، ثم جاء بصيغة عامة شاملة
_________
(1) أضواء البيان ج 5 ص 769.(3/121)
لغير النوعين المذكورين دالة على المنع هو قوله " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " وهذا العموم لاشك أنه يتناول بظاهرة ناكح يده، وظاهر عموم القرآن لا يجوز العدول عنه إلا الدليل من كتاب أو سنة يجب الرجوع إليه، أما القياس المخالف له فهو فاسد الاعتبار كما أوضحنا والعلم عند الله تعالى " أهـ.
وقال أبو الفضل عبد الله بن محمد بن الصديق الحسني الإدريسي في كتابه الاستقصاء لأدلة في تحريم الاستمناء أو العادة السرية من الناحيتين والشافعية والحنفية وجمهور العلماء إلى أن الاستمناء وبيان دليله ذهب المالكية والشافعية والحنفية وجمهور العلماء إلى أن الاستنماء حرام وهذا هو المذهب الصحيح الذي لا يجوز القول بغيره وعليه أدلة كما تبين بحول الله تعالى
الدليل الأول
قول الله تعالى - " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ". وجه الدلالة من عليهم هذه الأية الكريمة ظاهر، فإن الله - تعالى - مدح المؤمنين بحفظهم لفروجهم، مما حرم عليهم وأخبر برفع الحرج واللوم عنهم في قربانهم لأزواجهم وإمائهم المملوكات لهم مستثنياً ذلك من عموم حفظ الفرج الذي مدحهم به ثم عقب بقوله - تعالى " فمن ابتغى " أي طلب " وراء ذلك " أي سوى ذلك المذكور من الأزواج والإماء " فأولئك هم العادون " أي الظالمون المتجاوزون الحلال إلى الحرام لأن العادي هو الذي يتجاوز الحد ومتجاوز ما حده الله ظالم بدليل قوله - تعالى " ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون ". فكانت هذه الآية عامة في تحريم ما عدا صنفى الأزواج والإماء، ولا شك أن الاستمناء غيرهما فهو حرام ومبتغيه ظالم بنص القرآن، ثم استرسل في ذكر الأدلة إلى أن قال " الدليل السادس ثبت في علم الطب أن الاستمناء يوؤث عدة أمراض أنه يضعف البصر ويقلل من حدته المعتادة إلى حد بعيد، ومنها يضعف عضو التناسل ويحدث فيه ارتخاء جزئياً أو كلياً بحيث يصير فاعله أشبه بالمرأة لفقده أهم مميزات الرجولة التي فضل الله بها الرجل على المرأة فهو لا يستطيع الزواج وإن فرض أنه تزوج فلا يستطيع القيام بالوظيفة الزوجية على الوجه(3/122)
المطلوب، فلا بد أن تتطلع امرأته إلى غيره لأنه لا يستطيع إعفافها وفي ذلك مفاسد لا تخفى.
ومنها أنه يورث ضعفا في الأعصاب عامة نتيجة الإجهاد الذي يحصل من تلك العملية. ومنها أنه يورث اضطرابا في آلة الهضم فيضعف عملها ويختل نظامها. ومنها أنه يوقف نمو الأعضاء خصوصا الإحليل والخصيتين فلا تصل إلى حد نموها الطبيعي. ومنها أنه يورث التهاباً منوياً في الخصيتين فيصير صاحبه سريع الإنزال إلى حد بعيد حيث ينزل بمجرد احتكاك شيء بذكره أقل احتكاك.
ومنها أنه يورث ألما في فقار الظهر وهو الصلب الذي يخرج منه المني وينشأ عن هذا الألم تقويس في الظهر وانحناء.
ومنها أنه يحل ماء فاعله فبعد أن يكون منيه غليظاً ثخينا كما هو المعتاد في مني الرجل يصير بهذه العملية رقيقاً خاليا ً من الدودات المنوية وربما تبقى في دويدات ضئيلة لا تقوى على التلقيح فيتكون منها جنين ضعيف، ولهذا نجد ولد المستمني - إن ولد له - ضعيفاً بادي الأمراض ليس كغيره من الأولاد الذين تولدوا من مني طبيعي.
ومنها أنه يروث رعشة في بعض الأعضاء كالرجلين.
ومنها أنه يورث ضعفاً في الغدد المخية فتضاعف القوة المدركة ويقل فهم فاعله بعد أن يكون ذكياً، وربما ضعف الغدد المخية إلى حد معه خبل في العقل أهـ.
وبذلك يتضح للسائل تحريم الاستمناء بغير شك للأدلة والمضار التي سبق ذكرها، ويلحق بذلك استخراجه بما يصنع على هيئة الفرج من القطن ونحوه، والله أعلم.
الشيخ ابن باز
* * *(3/123)
أحكام الخاطب ورؤية المخطوبة
إذا مات الخاطب قبل العقد
س - خطب رجل امرأة ووافق أقاربها على ذلك واتفقوا معه على المهر ولكنه لم يدفعه ثم مات الخاطب فما حكم ذلك؟ وهل ترثه المرأة المذكورة وتحاد عليه.
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكرتم في السؤال ولم يجر عقد النكاح بينهما بالإيجاب من الولي والقبول من الزوج مع توفر الشروط المعتبرة وخلو الزوجين من الموانع فإن المرأة المذكورة لا ترث وليس عليها عدة ولا حداد، لأنها ليس زوجة لخاطبها بل هي أجنبية منه لكونه لم يتم له عقد النكاح الشرعي، وإنما حصلت منه الخطبة والأتفاق مع أقاربها على المهر فقط، وهذا وحده لا يعتبر نكاحاً وليس في هذا خلاف بين أهل العلم رحمهم الله وإن كان أهل المخطوبة قد قبضوا منه مالا فعليهم رده إلى ورثته.
الشيخ ابن باز
* * *
للخاطب أن يرى خطيبته
س - هل يجوز لأختي أن تحتجب عن ابن عمها الذي قد يكون في المستقبل زوجاً لها وهي الآن ليست زوجه له، ولكننا نريد أن نزوجها إياه على سنة الله ورسوله؟
ج- نعم يلزمها الاحتجاب عن ابن عمها كغيره من الأجانب ولو أنه قد خطبها أو عزمتهم على العقد له عليها، لكن لكل خاطب راغب في أي امرأة أن ينظر منها في غير خلوة إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فأما أن تجالسه وتتكشف أمامه دائماً ويخلو بها بحجة أنه قد وعد بها ونحو ذلك فلا يجوز حتى يتم العقد.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/124)
إذا أبت المخطوبة الالتزام بالأمر الشرعي
س - خطبت امرأة منذ ثلاث سنوات وخلال هذه الفترة كنت أكتب إليها بأنه إن شاء الله بعد الزواج لن أسمح لها بالعمل المختلط أو مصافحة غير المحارم وكنت أزودها بالآيات والأحاديث والفتاوى في هذه الموضوعات وغيرها وكان ردها في كل مرة أنها ستسلم على ابن عمها وابن خالها وابن الجيران وسوف تعمل في عمل مختلط بالرجال واعتبرت ذلك شرطاً حتى لا يحدث اختلاف بعد الزواج واعتبرت توجيهي لها فرض رأي عليها.. أرجو يا سماحة الشيخ توجيهي ونصحي ماذا أفعل؟
ج- قد أحسنت فيما شرطته عليها لأن الواجب على المرأة المسلمة التحجب عن كل رجل ليس محرما وعدم مصافحته لقول الله - عز وجل - " وإذا سألتموهن مناعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن ". الآية من سورة الأحزاب، والآية تعم أزواج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وغيرهم كما هو الأصل في خطاب الشارع؛ لأن الله بعث رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى الناس عامة فلا يجوز أن يخص أحد بحكم من الأحكام إلا بدليل خاص يدل على ذلك، ولأن العلة التي ذكرها الله - جل وعلا - وهي طهارة قلوب الجميع، كل مسلم ومسلمة في حاجة إليها.
ومن الأدلة على ذلك أيضاً قوله - عز وجل - " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ". وقوله - عز وجل - " في سورة النور " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن ". إلى أن قال - سبحانه - " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ".
والبعولة هم الأزواج والزينة تشمل الخلقية كالوجه والكفين والرأس والقدمين وغير ذلك من أجزاء بدنها وتشمل الزينة المكتسبة كالحلي كما أشار إلى ذلك في قوله - سبحانه - " ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ".(3/125)
والمراد بالزينة هنا الخلخال الذي يكون في الرجل ولأن إظهار الزينة الخلقية والمكتسبة من أسباب فتنة الرجال بها وهكذا خضوع القول منها للرجل من أسباب الفتنة بها وطمع مرضى القلوب من الرجال فيها كما قال - سبحانه - " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً ".
فنهاهن - سبحانه - عن الخضوع في القول وأمرهن بالقول المعروف وهو الوسط الذي ليس فيه خضوع ولا جفاء، وإذا نهى أزواج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن الخضوع بالقول ونهي الرجال أن يسألوهن إلا من وراء حجاب مع كونهن من أعف النساء وأتقاهن لله فغيرهن من باب أولى أن يخاف عليهن من الفتنة إذا خضعن بالقول أو أزلن الحجاب.
وهكذا مصافحة النساء للرجال غير المحارم لا تجوز لما في ذلك من أسباب الفتنة وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " إني لا أصافح النساء " وقالت عائشة - رضي الله عنها - " والله ما مست يد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام "، فالواجب على جميع المسلمات أن يلتزمن بشرع الله وأن يصن أنفسهم عما حرم الله عليهن وأن يحذرن أسباب الفتنة، والواجب على أوليائهن أن يلزموهن بذلك وأن يوجهوهن إلى أسباب النجاة والسعادة والعاقبة الحميدة لقول الله - سبحانه - " وتعاونوا على البر والتقوى " وقوله - عز وجل " والعصر، إن الإنسان لفي خُسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ".
وقوله - عز وجل - " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم.. " الآية. وقوله - سبحانه - " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم إلى إن الله عزيز حكيم ". فأوضح - سبحانه - في هذه الآيات وجوب التعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه وبين في سورة العصر أن الربح الكامل والسعادة الكاملة والسلامة من الخسارة لأهل الإيمان والعمل الصالح بالحق والصبر عليه، كما أوضح - سبحانه - في الآية الأخيرة وهي قوله - عز وجل " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ". أن الرحمة الكاملة إنما تحصل(3/126)
لمن استقام على دينه وطاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام.
فالواجب على المؤمنين والمؤمنات الالتزام بشرع الله والاستقامة عليه، والحذر مما يخالفه وبذلك يحصل للجميع الفوز بما وعد الله المؤمنين والمؤمنات في قوله - عز وجل - " وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ".
نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق والهداية والثبات على الحق.
ونوصيك أيها السائل بالتماس امرأة أخرى من المؤمنات الملتزمات بدلاً من مخطوبتك التي أبت أن تلتزم بالأمر الشرعي، وأبشر بالخير وحُسن العاقبة إذا صدقت في الطلب واتقيت الله في ذلك لقول الله - عز وجل - " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويزرقه من حيث لا يحتسب ". وقوله - سبحانه - " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ". وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " احفظ الله يحفظك "، يسر الله أمرك وقضى حاجتك وأحسن لنا ولك العاقبة وهدى مخطوبتك ووفقها للالتزام بالحق وأعاذها من شر نفسها والشيطان إنه سميع قريب.
الشيخ ابن باز
* * *
ما يباح للخاطب رؤيته من المخطوبة قبل الخطوبة
س - إذا تقدم شاب لخطبة فتاة هل يجب أن يراها؟ وأيضاً هل يصح أن تكشف الفتاة عن رأسها لتبين جمالها أكثر لخاطبها. أفيدونا أفادكم الله؟
ج- لا بأس ولكن لا يجب بل يستحب أن يراها وتراه، لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أمر من يخطب أن ينظر إليها لأن في ذلك أقرب إلى الوئام بينهما فإذا كشفت له وجهها ويديها ورأسها فلا بأس على الصحيح. وقال بعض أهل العلم يكفي الوجه والكفان ولكن الصحيح أنه لا بأس أن يرى منها رأسها ووجهها وكفيها وقدميها للحديث المذكور، ولا يجوز ذلك مع خلوة بها بل لابد أن يكون معها أبوها أو أخوها أو غيرهما لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ". متفق عليه. وقال أيضا، - صلى الله عليه وسلم -، " لا يخلون رجل بامرأة فإن(3/127)
الشيطان ثالثهما ". أخرجه الإمام مسلم من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
الشيخ ابن باز
* * *
النظر بدون علم الفتاة
س - يطلب بعض الراغبين في الزواج صورة الفتاة أو النظر إليها مباشرة أو يرتب له النظر لها في مناسبة وهي لا تعلم عنه. فهل يجوز ذلك؟
ج- لا يجوز للخاطب أن يعطي صورة الفتاة المخطوبة لما في ذلك من المحذور فإنه قد يتلاعب بهذه الصورة، ولأن الصورة لا تعطي حقيقة الأمر بالنسبة للمصور فكم من صورة يراها الإنسان وهي بعيدة عن المصور ولأن الصورة ربما تكون بها الفتاة المخطوبة وهي متجملة، متمكيجة أكثر مما هي عليه حقيقة فيغتر الزوج بها فإذا دخل عليها ولم يراها على الوجه الذي رآه في الصورة زهد فيها وكرهها فيكون هناك مردود عكسي على هذه الزوجة، أما النظر إليها مباشرة أو أن يرتب له النظر إليها في مناسبة وهي لا تعلم فهذا لا بأس به، بل هو من الأمور المطلوبة حتى يكون على بصيرة من أمره ولكن لابد في هذا من شروط
الأول أن لا يخلو بها. ,
الثاني أن يكون نظره نظر استعلام لا نظر استمتاع وتلذذ.
الثالث أن يغلب على ظنه الإجابة فيما لو أعجبته.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
كيف أتعرف على مخطوبتي؟
س - عندما أذهب لخطبة فتاة؟ كيف أحدثها لكي أعرف عقيدتها وتقواها وخلقها وأدبها؟
ج- يجوز للخاطب أن ينظر إلى خطيبته لكن من دون خلوة، لأن السنة قد صحت عن(3/128)
رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، بذلك، وله أن يسألها وأولياءها عما يهمه مما يكون له تعلق بمصلحة الزواج.
الشيخ بان باز
* * *
حكم إنكار الخاطب أنه متزوج بأخرى
س - هل يشترط لصحة الزواج أن يخبر الرجل من يريد الزواج منها بأنه متزوج من أخرى، إن لم يسأل عن ذلك، وهل يترتب شيء على إنكاره إن سئل؟
ج- لا يلزم الرجل إخبار الزوجة أو أهلها بأنه متزوج إن لم يسألوه لكن ذلك لا يخفي غالباً، فإن الزواج لا يتم إلا بعد مدة وبحث وسؤال عن كل من الزوجين وتحقق صلاحيتهما لكن لا يجوز كتمان شيء من الواقع فإن كذب من أحد الزوجين وبنى عليه الطرف الثاني فإنه يثبت الخيار فلو ذكر أنه غير متزوج وكذب في ذلك فلها الفسخ، ولو قالوا إنها بكر وهي ثيب فله الخيار أن يتم الزواج أو يتركها.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم لبس الدبلة
س - ما حكم لبس ما يسمى بالدبلة في اليد اليمنى للخاطب واليسرى للمتزوج علماً أن هذه الدبلة من غير الذهب؟
ج- لا نعلم لهذا العمل أصلاً في الشرع والأولى ترك ذلك سواء كانت الدبلة من فضة أو غيرها لكن إذا كانت من الذهب فهي حرام على الرجل لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى الرجال عن التختم بالذهب.
الشيخ ابن باز
* * *(3/129)
الرأي رأي المخطوبة
س - تقدم شخصان لخطبة فتاة.. رضيت هي وأمها بواحد ورضي الأب بالآخر.. وحصل خلاف بينهما فمن المقدم بالقبول؟
ج- المقدم بالقبول هو ما ارتضته الفتاة.. فإذا عينت المخطوبة شخصاً وعين أبوها أو أمها شخصاً آخر فإن القول قول المخطوبة لأنها هي التي سوف تعاشر الزوج وتشاركه حياته..
أما إذا فرض أنها اختارت من هو ليس كفؤاً في دينه وخلقه فلا يؤخذ برأيها حتى لو رفضت من اختاره الأب فتبقى بلا زواج لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ".
وإذا اختلف الأب والأم فاختارت الأم واحداً واختار الأب واحداً فإنه يرجع إلى البنت المخطوبة في هذا الأمر.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
المحرمات في النكاح
س - قال - تعالى - في سورة النساء " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً " إلى قوله - تعالى - " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيما " ما معنى ذلك؟
ج - في هذه الآية الكريمة بين الله - عز وجل - المحرمات في النكاح وأسباب التحريم يعود في هذه الآيات إلى ثلاثة أشياء
1- النسب. ……2- الرضاع. ……3- المصاهرة.
فقول تعالى " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف ". تفيد أنه لا يجوز للإنسان أن يتزوج من تزوجها أبوه أو جده وإن علا سواء كان الجد من قبل الأم أو من قبل الأب، وسواء دخل بالمرأة أم لم يدخل بها.
فإذا عقد الرجل على امرأة عقداً صحيحاً حرمت على أبنائه وأبناء أبنائه وأبناء بناته وإن نزلوا.(3/130)
وفي قوله - تعالى - " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ". هذا بيان ما يحرم بالنسب وهن سبع
الأمهات وإن علون من الجدات من قبل الأب أو من قبل الأم والبنات وإن نزلن من بنات الإبن وبنات البنات وإن نزلن، والأخوات سواء كن شقيقات أم لأب أم لأم والعمات وهن أخوات الآباء والأجداد وإن علوا سواء كن عمات شقيقات أو عمات لأب أو عمات لأم.
فالعمات الشقيقات أخوات أبيك من أمه وأبيه والعمات لأب أخواته من أبيه والعمات لأم أخواته من أمه.
والخالات هن أخوات الأم والجدة وإن علت سواء كن شقيقات أم لأب أم لأم.
فالخالات الشقيقات أخوات أمك من أمها وأبيها والخالات لأب أخواتها من أبيها والخالات لأم أخواتها من أهلها.
واعلم أن كل خالة لشخص أو عمة لشخص فهي خالة له ولمن تفرع منه، وعمة له ولمن تفرع منه، فعمة أبيك عمة لك، وخالة أبيك خالة لك، وكذلك عمة أمك عمة لك، وخالة أمك خالة لك. وكذلك عمات أجدادك أو جداتك عمات لك، وخالات أجدادك أو جداتك خالات لك.
وبنات الأخ وإن نزلن سواء كان الأخ شقيقاً أو لأب أو لأم فبنت أخيك الشقيق أو لأب أو لأم محرمة عليك وبنت بنتها حرام عليك، وبنت أبنها حرام عليك، وإن نزلن وكذلك نقول في بنات الأخت.
وهؤلاء سبع من النساء " حرمت عليكم أمهامتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ". وإن شئت حصرها فقل يحرم على الإنسان من النساء الاصول وإن علون والفروع وإن نزلن. وفروع الأب والأم وإن نزلن وفروع الجلد والجدة لصلبهم خاصة.
وفي قوله - تعالى " وأمهاتكم التي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ". إشارة إلى ما يرحم بالرضاعة، وقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فما يحرم من النسب يحرم نظيرهن من الرضاع، وهن الأمات والبنات والأخوات والعمات(3/131)
والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت. فنظير هؤلاء من الرضاع محرم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ".
وقوله - تعالى - " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحائل أبنائكم الذين من أصلابكم ". فهؤلاء الثلاث محرمات بالصهر فقوله أمهات نسائكم يعني أنه يحرم على الرجل أم زوجته وجدتها وإن علت سواء من قبل الأب أم من قبل الأم وتحرم عليه بمجرد العقد.
فإذا عقد الرجل على امرأة حرمت عليه أمها وصار من محارمها وإن لم يدخل بها يعني وإن لم يدخل بالبنت، فلو قدر أن البنت ماتت أو طلقها فإنه يكون محرما لأمها، ولو قدر أنه تأخر دخوله على المرأة التي تزوجها فإنه يكون محرما لأمها تكشف وجهها عنده ويسافر بها ويخلو بها ولا حرج عليه لأن أم الزوجة وجدتها يحرمن لمجرد العقد لعموم قوله - تعالى - " وأمهات نسائكم " والمرأة تكون من نساء الزوج بمجرد العقد.
وقوله " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن " المراد بذلك بنات الزوجة وبنات أولادها وإن نزلوا. فمتى تزوج الإنسان امرأة فإن بناتها من غيره حرام عليه ومن محارمه وكذلك بنات أولادها من ذكور وإناث فبنت ابنها وبنت بنتها كبنتها ولكن الله - عز وجل - اشترط هنا شرطين " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ".
فاشترط في تحريم الربيبة أن تكون في حجر الإنسان.
واشترط شرطاً آخر أن يكون دخل بأمها أي جامعها.
أما الشرط الأول فهو عند جمهور أهل العلم شرط أغلبي لا مفهوم له ولهذا قالوا إن بنت الزوجة المدخول بها حرام على زوجها الذي دخل بها وإن لم تكن في حجره.
وأما الشرط الثاني وهو قوله - تعالى - " اللاتي دخلتم بهن " فهو شرط مقصود ولهذا ذكر الله - تعالى - مفهومه ولم يذكر مفهوم قوله " اللاتي في حجوركم " فدل هذا على أن قوله " اللاتي في حجوركم " لا يعتبر مفهومه.(3/132)
أما قوله " اللاتي دخلتم بهن " فقد اعتبر الله مفهومه فقال " فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ".
أما قوله " وحائل أبنائكم الذين من أصلابكم " فالمراد بذلك زوجة الإبن وإن نزل حرام على أبيه بمجرد العقد وزوجة أبن الإبن حرام على جده بمجرد العقد ولهذا لو عقد شخص على امرأة عقداً صحيحاً ثم طلقها في الحال كانت محرمة على أبيه وجده وإن علا لعموم قوله - تعالى - " وحائل أبنائكم الذين من أصلابكم " والمرأة تكون حليلة لزوجها لمجرد العقد.
فهذه ثلاثة أسباب توجب التحريم، النسب، والرضاع والمضاهرة. والمحرمات بالنسب سبع، والمحرمات بالرضاع نظير المحرمات بالنسب لقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". والمرحمات بالصهر اربع في قوله - تعالى - " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء "، وقوله - تعالى - " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ".
والرابعة قوله -تعالى- " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ".
أما قوله - تعالى- " وأن تجمعوا بين الأختين " فهذا التحريم ليس تحريما مؤبداً، لأن التحريم هو الجمع فليس أخت الزوجة محرمة على الزوج لكن محرم عليه أن يجمع بينها وبين أختها. ولهذا قال - تعالى - " وأن تجمعوا بين الأختين " ولم يقل وأخوات نسائكم.
فإذا فارق الرجل امرأته فرقة بائنة بأن تمت العدة فله أن يتزوج أختها، لأن المحرم الجمع، وكما يحرم الجمع بين الأختين فإنه يحرم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، كما ثبت ذلك في الحديث عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فاللاتي يحرم الجمع بينهن ثلاث الأختان، والمرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وأما بنات العم وبنات الخال يعني أن تكون امرأة بنت عم لأخرى أو بنت خال لأخرى فإنه يجوز الجمع بينهما.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/133)
هذه المرأة أجنبية منك
س - أنا رجل أبلغ من العمر 48عاماً تعرضت لمرض ولم يوجد عندي أحد من أهلي ولي زميل في العمل وصديق مسلم وأنا بحاجة إلى المساعدة والرعاية فساعدني هذا الصديق ونقلني إلى بيته وزوجته مسلمة دينة قارئة للقرآن قامت على خدمتي أثناء مرضي وعندما شفيت وعافاني الله - سبحانه وتعالى - وله الحمد دائماً أحببت أن تكون زوجته أختا لي، وأنا ليس لي أخوات مطلقاً، ووضعنا كتاب الله بأيدينا وتعاهدنا على كتاب الله بأن هذه الإنسانة أختي ومحرمة على في جميع الحالات وحصل هذا بموافقة زوجها وأولادها وبناتها جميعاً وبوافقة أسرتي جميعاً، والآن اعتبرها شقيقتي حقاً، هل يحق أن ألمس يدها وهل يحق أن أكون لها محرما في الحج وأكثر عشيرتي وعشيرتها يعلمون هذا الأمر، أرجو الرد بما حكم الشرع الإسلامي؟
ج- مهما أسدى إليك صديقك من معروف وقدمت لك امرأته من خدمات فليست زوجته محرماً لك بذلك العمل، وهي أجنبية منك، وإنما يكون المحرم عن طريق قرابة نسب أو بسبب رضاع أو مصاهرة في حدود مبنية في نصوص الشريعة، ولا يجوز لك أن تلمسها بيدك أو بأي عضو من أعضائك ولا تصلح أن تكون محرماً لها في سفر الحج أو غيره. ويحرم عليك أن تخلو بها ولو رضيت ورضي زوجها وعشيرتها. وشأنك معها شأنك مع أي أجنبية منك وإنما لها ولزوجها ولأقاربها عليك أن تشكرهم وتكافئهم على ما قدموه لك من المعروف بمعونة بدنية لهم في علم أو بذل مال وحسن معاملة ونصح وإرشاد ونحو ذلك مما تحسنه وتقوى عليه وهم في حاجة إليه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
الدم لا يقاس على اللبن في نشر الحرمة
س - إذا احتاجت امرأة إلى دم.. وأخذ لها من شخص أجنبي عنها ثم عوفيت ورغب ذلك الشخص في التزوج بها.. فهل يجوز هذا؟
ج - نعم.. يجوز للإنسان أن يتزوج بامرأة أخذ لها من دمه.. لأن الدم ليس لبنا حتى(3/134)
نقول إنه يحرم. والمحرم هو اللبن بشرط أن يكون قبل الفطام في الحولين، وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ".
الشيخ ابن عثيمين
* * *
س- ورد إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد السؤال
التالي رجل يسأل فيقول إن زوجته مريضة وإنها بحال اضطرت إلى إسعافها بدم، وإن المستشفى سحب منه دماً لزوجته ويسأل هل يؤثر ذلك على حياته الزوجية معها؟
ج - وقد أجابت عليه اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بما يلي
لعل السائل وقع في نفسه قياس الدم على اللبن الناشر للحرمة وهو قياس غير صحيح لأمرين أحدهما أن الدم ليس مغذيا كاللبن، الثاني أن الذي تنتشر به الحرمة بموجب النص هو رضاع اللبن بشرطين أحدهما أن يبلغ الرضاع خمس رضعات فأكثر، الثاني أن يكون في الحولين وعليه فإنه لا أثر لهذا الدم المسحوب منك لزوجتك على حياتك الزوجية معها، وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم نكاح أخت الأخ الشقيق من الرضاع
س - أريد الزوج من أبنة عمتي مع العلم بأن أخي الأكبر مني سناً قد رضع من عمتي أكثر من مرة أما أنا فلم أرضع من عمتي مطلقاً وأبنة عمتي لم ترضع من أمي إطلاقاً، هل يجوز الزواج من أبنة عمتي أم أصبحت أخا لها؟
ج- الجواب على هذا السؤال يؤخذ من قوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " يعني أن الرضاع يحرم ما تحرمه القرابة لأن النسب هو القرابة. ولي تعليق على هذه الكلمة قريبا إن شاء الله تعالى. ففي هذا الحديث دليل على أنه يجوز أن تتزوج ابنة عمتك التي رضع أخوك من أمها لأنه ليس بينك وبينها صلة فأنت لست أخت لها. لأنك لم ترضع من أمها وهي لم ترضع من أمك فليست أختا لك، وإنما يقع التحريم على الراضع وذريته(3/135)
فقط. أعني أن الرضاع إنما يؤثر في الراضع وما تفرع منه من ذريته وأما من كان بمنزلته من الإخوة والأخوات أو كان أعلى منه من الأصول فإنه لا ينتشر التحريم إليه. وينتشر التحريم من جهة الراضع إليه وإلى ذريته من جهة المرضعة التي أرضعته ومن جهة من ينسب لبنها إليه أي أن التي ارضعته تكون أما له وتكون أمها جدة له، وأبوها جدا له، وإخوتها أخوالاً له، وأخواتها خالات له.
كذلك الذي ينسب لبن المرأة إليه وهو زوجها أو سيدها أو من وطئها بشبهة يكون كذلك أبا ويكون أولاده إخوة للمرتضع ويكون إخوانه أعماماً واخواته عمات.
كل هذا نأخذه من قول الني، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ".
والذي وعدت به قبل قليل بالنسبة لكلمة هو أن كثيراً من العامة لا يفهمون من كلمة الأنساب أو من كلمة الأرحام إلا أقارب الزوج والزوجة حتى الرجل يقول هؤلاء أنسابي أو أرحامي لأنه تزوج منهم وهذا خطأ على اللغة والشرع، فإن الأنساب هم القرابة من قبل الأب أو من قبل الأم والأرحام كذلك هم القرابة من قبل الأب أو من قبل الأم.
وأما أقارب الزوجين فإنهم يسمون أصهاراً لا أنساباً. قال الله - تعالى " وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً ". جعل الله - تعالى - الصلة بين البشر بهذين الأمرين النسب والصهر وهما قسمان أي أن بعضهما قسيم للآخر لا قسم منه.
أحببت أن أنبه على ذلك حتى يعلم الناس مدلولات الألفاظ الشرعية ولا يغلط فيها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
أجداد الزوج محارم لزوجته
س - هل جد الزوج لأمه (والد الأم) يعتبر محرماً للزوجة؟
ج- جميع أجداد الزوج من جهة أبيه محارم لزوجته لقول - سبحانه - في بيان المحرمات " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " والحلائل هم الزوجات وأولاد البنات الذكور يسمون أبناء لجدهم من جهة الأم، كما ثبت في الحديث الصحيح عن(3/136)
النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال للحسن بن علي " إن ابني هذا سيد " الحديث، وهو ابن بنته فاطمة عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنها وعن ابنيها الحسن والحسين.
وقد بين الله - جل وعلا - أن عيسى ابن مريم من ذرية نوح وإبراهيم في قوله-تعالى- في سورة الأنعام " ووهبنا له - يعني إبراهيم عليه الصلاة والسلام - إسحاق ويعقوب كلاً هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان " إلى أن قال " وزكريا ويحى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ".
ومعلوم أن عيسى عليه الصلاة والسلام ليس له أب بل هو ابن بنت وهو من ذرية آدم ومن ذرية نوح وإبراهيم عليهم الصلاة والسلام. أما قوله - سبحانه - " الذين من أصلابكم " فالمراد بذلك إخراج الأدعياء الذين كان أهل الجاهلية يتبنونهم فنهى الله عن ذلك في كتابه الكريم بقوله - سبحانه - في سورة الأحزاب " ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله " الآية.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم نكاح بنات زوجة الأب من رجل آخر
س - تزوج والدي امرأة أخرى وأنجب منها بنتاً ثم طلقها، وتزوجت برجل آخر وأنجبت منه بنين وبنات والسؤال هل يحل لي الزواج من إحدى بنات الرجل الآخر؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
ج- لا حرج في ذلك إذا لم يكن بينك وبينها رضاعة ولا قرابة تمنع ذلك، وإنما تحرم بناتها على أبيك لأنهن ربائب له لكونه قد دخل بأمهن. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم نكاح أخت الأخت من الرضاع
س - لي أبناء عم رضعت أختهم الكبرى من أمي ولي أخت تكبرني سناً رضعت من أمهم. ودارت الأيام وتقدمت لخطبة أبنة عمي الصغرى التي لم ترضع من والدتي فهل يجوز(3/137)
لي الاقتران بها علماً بأنني لم أرضع من زوجة عمي؟
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكرت في السؤال فلا حرج عليك في نكاح ابنة عمك التي لم ترضع من أمك وليس بينك وبينها رضاعة أخرى ولا قرابة تحرمها عليك، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم نكاح ابنة أخت الزوجة بعد وفاة الزوجة أو عمتها أو خالتها
س - هل يجوز لرجل توفيت زوجته أن يتزوج من أبنة أخيها أو عمتها أو خالتها أو بناتهن؟
ج- يجوز ذلك لفقد المحذور وهو الجمع بين الأقارب الذي يسبب قطع الأرحام، فإذا طلق الرجل زوجته أو ماتت حلت له أختها أو بنت أخيها أو بنت أختها أو عمتها أو خالتها أو بنات المذكورات.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الرضعة الواحدة لا تحرم
س - أريد الزواج من أبنة عمي ولكن قبل خطبتها قالت أختها إنها أرضعتني ولكنها لا تعلم عدد الرضعات وقالت والدتي إنها تتذكر أن أختها أرضعتني رضعة واحدة ولا تتذكر غيرها.. وبعد تأكدي من والدتي أنها رضعة واحدة خطبت ابنة عمي وحددت موعد الزواج والآن أنا في حيرة هل أتمم الزواج باعتبار أنه لم يثبت خمس رضعات معلومات أم أطلقها قبل الدخول بها؟
ج- لا تطلقها حيث لم يثبت الرضاع وهو خمس رضعات معلومات كل واحدة فيها إمساك الثدي والامتصاص ثم تركه فلو ثبت الرضاع المذكور لكانت هذه الزوجة خالتك أخت أمك من الرضاع ولما لم يثبت غير رضعة واحدة فإنها لا تحرم فأمسك عليك زوجك واتق الله وأبعد عن نفسك الحيرة والأوهام فالأصل الحل ولا دليل ينقل عنه.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/138)
حكم نكاح بنات ضرة الأخت
س - أختي زوجة لرجل معه زوجة غيرها وكل واحدة منهما أرضعت أولاد الأخرى والزوجة الأولى لديها بنات كبار لم يرضعن من أختي فهل يحق لي الزواج منهن أم لا؟
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكرت في السؤال فلا حرج عليك في تزوج إحدى بنات ضرة أختك إذا كانت أختك لم ترضعن وليس بينك وبينهن قرابة ولا رضاعة أخرى تحرمهن عليك. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
لا مانع من هذا النكاح
س - سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفيدكم أن أبن أختي عدنان يريد الزواج من إحدى بناتي ولكن هناك مشكلة تمنعني من ذلك وهي أن والدته (شقيقتي) أرضعت جميع إخواني الصغار الذين أتوا بعدي وفي نفس الوقت والدتي أرضعت أبناء شقيقتي الذين هم أكبر من عدنان (إخوانه) الأشقاء هذا وإنني مقلد فضيلتكم في إفتائي بالوجه الشرعي فيما إذا كان هناك حرمانية أم لا مع العلم أنه لم يرضع من والدتي كإخوانه.
ج- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد
إذا كان الواقع هو ما ذكرته في السؤال فلا حرج في تزوج عدنان المذكور إحدى بناتك لعدم وجود قرابة أو رضاعة تمنع ذلك وفق الله الجميع لما يرضيه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ ابن باز(3/139)
لا بأس بنكاح أخت أخيك من الرضاع
س - هل يجوز أن أتزوج بفتاة شقيقتها الكبرى أخت لأخي الأصغر من الرضاعة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
ج- لا بأس بنكاح أخت أخيك من الرضاع إذا كان أخوك هو الذي ارتضع من أمها وأنت لم ترضع وكذا إن كان الراضع هي أخت الفتاة رضعت من أمك فالفتاة حلال لك ولا يضرك رضاع أختها من أمك ولا رضاع أخيك من أمها. والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم نكاح بنت زوج الأخت
س - هل يجوز لي الزواج من فتاة أبوها زوج أختي وهي ليست بنت أختي بل بنت زوج أختي علماً أنها تقول لي أنت خالي وعمرها حوالي 18 سنة وأخاف أن أقول لها أنا لست خالك فهل يجوز لي مصارحتها بذلك والزواج منها أفيدونا افادكم الله؟
ج- نعم يحل لك نكاح هذه البنت حيث أنها لا تقرب منك فأبوها أجنبي ولو أنه زوج أختك وأمها أجنبية ولو كانت ضرة أختك فلست أنت خال هذه البنت فيحل لك نكاحها والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم نكاح بنات الزوجة من رجل آخر
س - رجل تزوج امرأة وأتت منه ببنات ثم طلقها وتزوجها آخر وأتت منه ببنات أيضاً، فهل بنات الرجل الثاني يتحجبن من الأول؟ وفي حالة التحجب هل له أن يتزوج منهن؟
ج - إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها حرم عليه تحريماً مؤبداً التزوج بأحدى بناتها أو بنات أولادها مهما نزلوا سواء كن من زوج سابق أو لا حق لقول الله - سبحانه وتعالى - " حرمت عليكم أمهاتكم " إلى قوله " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم(3/140)
بهن " والربيبة هنا بنت الزوجة، ويعتبر محرما لبنات من تزوجها ودخل بها، ولا يحتجبن عنه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم تزويج البنت خال الأب وحكم نكاح بنت العم التي رضعت معه يوما
س - هل يجوز أن يزوج بنته خاله أبيه وهل يجوز أن يتزوج بنت عمه التي رضعت معه يوماً أو بعضه؟
ج- بالنسبة للسؤال الأول فلا يجوز للسائل أن يزوج بنته خال أبيه لأن خال أبيه خال له ولذريته ما تناسلوا وتعاقبوا وذلك لعموم قوله - تعالى - " وبنات الأخت ". فالخال محرم لبنات الأخت مهما نزلت درجاتهم. وأما بالنسبة للسؤال الثاني فإذا بلغ الرضاع المذكور خمس رضعات فأكثر وكان في الحولين فهو رضاع ناشر للحرمة فلا يجوز للسائل أن يتزوج بنت عمه التي رضعت معه أو مع أحد إخوانه، أما إن كان أقل من خمس رضعات أو كان بعد الحولين فلا أثر له. والرضعة المعتبرة شرعاً أن يمتص الطفل اللبن من الثدي، فإذا تركه اعتبرت رضعه، فإذا عاد إليه صارت ثانية، وهكذا حتى يكمل خمساً، وبهذا يتضح أن المعتبر في الرضعة ما ذكر لا أن الرضعة يوم أو بعض يوم، إذ قد يكمل الطفل الرضاع المعتبر شرعاً في أقل من ساعة وقد لا يتم له الرضاع الناشر للحرمة إلا في خمس أيام فأكثر. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
ما يحرم من الرضاع
س - هل امرأتان الأولى عندها ولد، والثانية عندها بنت، والحاصل أنهم تراضعوا فمن من إخوان المتراضعين يحل الثاني؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا.
ج- إذا أرضعت امرأة طفلاً خمس رضعات معلومات في حولين أو أكثر من الخمس صار الرضيع ولداً لها ولزوجها صاحب اللبن وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن(3/141)
ومن غيره إخوة لهذا الرضيع وصار أولاد الزوج صاحب اللبن من المرضعة وغيرها أخوة للرضيع فصار إخوتها أخوالاً له وإخوة الزوج صاحب اللبن أعماماً له وصار أبو المرأة جداً لقول الله - جل وعلا - في المحرمات من سورة النساء " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". ولقوله عليه الصلاة والسلام " لا رضاع إلا في الحولين " ولما ثبت في صحيح مسلم - رحمه الله - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمهن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك. أخرجه الترمذي بهذا اللفظ وأصله في صحيح مسلم.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم نكاح زوجة العم والخال بعد الطلاق أو الوفاة
س - هل تحل زوجة العم (شقيق الأب) لابن أخيه بعد طلاقها؟ وهل تحل زوجة الخال (شقيق الأم) لابن أخته بعد طلاقها؟
ج - تحل للرجل زوجة عمه وخاله بعد طلاقها وكذا زوجة أخيه وابن أخيه إذا طلقها وانقضت عدتها ولا يحرم عليه إلا زوجة ابنه أو زوجه جده أو ابن ابنه فإنها محرمة عليه أبداً.
الشيخ ابن جبرين
* * *
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - أفيد سماحتكم أن والدتي كانت متزوجة من رجل قبل والدي وأنجبت منه ولداً وأرضعت مع هذا الولد أختا لها ودامت الرضاعة حوالي أسبوع ثم انفصلت والدتي عن هذا الرجل وأخذها والدي فهل يجوز لنا نحن أبناء الرجل الثاني أن نتزوج من بنات خالتنا التي رضعت من أمنا أم لا؟
ج- لا يجوز لكم أن تتزوجوا من بنات خالتكم المذكورة لأنها بالرضاع المذكور صارت أختاً(3/142)
لكم وصرتم أخوالاً لأولادها وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم نكاح زوجة أبي الزوجة
س - رجلان الأول تزوج ابنة الثاني ثم توفيت أم الأبنة زوجة الثاني فتزوج أخرى ثم توفى الرجل، والسؤال هل يصح للرجل الأول أن يتزوج زوجة أبي زوجته؟ وما الحكم في حالة تطليق البنت وإحلال زوجة أبيها محلها؟
ج- يجوز للرجل الأول أن يتزوج بزوجة أبي زوجته إذا لم تكن أما لزوجته، ولا حرج عليه أن يتزوج بها ولو كانت ابنة زوجها معه، لأنه لا صلة بين الزوجين، أي بين زوجته الأولى وبين زوجة إبيها، والذي يحرم الجمع بينهما هما الأختان والمرأة وخالتها والمرأة وعمتها وما عدا ذلك فإنه حلال لقوله الله - تعالى - بعد أن ذكر المحرمات في النكاح " وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم ".
وقد كره بعض السلف أن يجمع الرجل بين المرأة وزوجة ابيها، ولكن لا وجه لهذه الكراهية مع قول الله - تعالى - " وأحل لكم ما رواء ذلك ". وإذا كان يجوز للرجل أن يجمع بين المرأة وزوجة أبيها فإنه من باب أولى أن يتزوج زوجة أبيها بعد فراق زوجته.
وأما الأم وبنتها فإن كانت البنت هي الزوجة فإن أمها حرام عليه تحريماً مؤبداً بمجرد العقد وإن كانت الأم هي الزوجة، وقد دخل بها زوجها (أي جامعها) فإن البنت حرام عليه تحريماً مؤبداً، وإن لم يدخل بها كانت حراماً عليه حتى يفارق أمها لقوله - تعالى - في جملة المرحمات " وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم ". إلى قوله " وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف ". وصح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرا' وخالتها ".
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/143)
أبوه قد تزوج بأمها فهل تحل له
س - تزوج رجل امرأة ثم تزوجت برجل آخر فأنجبت له بنتاً، ثم توفيت الأم وبقيت البنت، ولكن الرجل الأول الذي قد تزوج أمها تزوج امرأة أخرى فأنجبت له ولداً والولد خطب تلك البنت - بنت المرأة التي قد تزوجها والده - فما حكم الزواج منها؟
ج- يجوز أن يتزوج الولد المذكور بالبنت المذكورة، وإن كان أبوه قد تزوج بأمها، لقول الله - تعالى - بعد أن ذكر المحرمات في النكاح " وأحل لكم ما وراء ذلكم " وليست البنت المذكورة من المحرمات المنصوص عليها في الآية ولا في شيء من السنة. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *
هذا الرضاع لا يمنع الزواج
س - أنا شاب في السادسة عشرة من عمري أريد الزواج من أبنة عمي ولكني اكتشفت أن أختها الصغيرة رضعت من أختي الكبرى فهل يجوز لي الزواج بها علماً أنها لم ترضع من والدتي؟
ج- لا بأس أن تتزوجها ولا يضرك رضاع أختها الصغيرة من أختك وذلك أنها تعتبر أجنبية حيث إنها لم ترضع من والدتك وأنت لم ترضع من أمها ولا من أحدى إخوانها فلا قرابة بينكما فأما أختها الصغيرة فإنها لا تحل لك ولا تحل لأحد من إخواتك حيث رضعت من والدتكم فأصبحت أختكم معاً.
الشيخ ابن جبرين
* * *
رضعت مع بنت خالي فهل أتزوج أخواتها
س - أنا شاب رضعت مع أكبر بنات خالي وقد جاء بعدها أخوات أخريات وهي الآن قج تزوجت هل يجوز لي أو لأحد من إخواني التقدم لطلب يد أحد أخواتها؟
ج- إذا كان رضاعك أيها السائل من زوجة خالك خمس رضعات أو أكثر حال كونك في(3/144)
الحولين فجميع بنات خالك يكن أخوات لك وليس لك أن تتزوج منهن أحداً، أما إخوتك الذين لم يرضعوا من زوجة خالك فليس عليهم حرج أن يتزوجوا من بنات خالك إذا كانت بنات خالك لم يرضعن من أم إخوتك ولا من زوجة أبيكم ولا من أخواتكم والخلاصة أنه لا حرج على إخوتك أن يتزوجوا من بنات خالهم إذا لم يكن بينهم رضاعة تمنع ذلك، أما رضاعك أيها السائل من زوجة خالك فإنه يختص بك ولا يوجب تحريم بنات خالك على إخوتك، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
المرأة المطلقة تكشف وجهها لوالد زوجها الأول
س - هل يجوز للمرأة المطلقة وقد تزوجت من رجل آخر أن تكشف وجهها لوالد زوجها الأول؟
ج- يجوز لها ذلك لكونه من محارمها، ولو كان ابنة قد طلقها أو مات عنها، وهكذا بنو زوجها من غيرها وبنو بنيه وإن نزلوا كلهم محارم لها. وإن كان أبوهم قد طلقها أو مات عنها سواء كانوا جميعاً من النسب أو الرضاع لقول الله - عز وجل - " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " الآية.
وقوله - سبحانه - في بيان المحرمات " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم " الآية.
وقوله من أصلابكم يخرج الأدعياء، وكان بعض العرب في الجاهلية يتبنى بعض الأولاد فأخرجهم الله بهذا القيد وأبطل التبني في الإسلام. أما الرضاع فحكمه حكم النسب لقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
* * *
القواعد هي العجائز ولسن القاعدات في المنازل
س - امرأة عمي قاعدة (أي لا تعمل وجالسة في البيت) فهل يحل أن تكشف لي؟
ج- يؤخذ جواب هذا السؤال من قوله - تعالى - " والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون(3/145)
نكاحا فليس عليهن جناح أو يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن ". المراد بالقواعد العجائز الكبيرات (اللاتي لا يرجون نكاحاً) أي لا تؤمل الواحدة منهن نكاحاً لكبرها، هذه ليس عليها جناح أن تضع ثوبها غير متبرجة بزينة، وأما القاعدة عن العمل وهي شابة فإنها لا تدخل في هذه الآية، والحكمة من ذلك ظاهرة، لأن القاعدة " العجوز " التي لا تؤمل النكاح لا يلتفت إليها ولا تتعلق الرغبة بها، فلا يحصل برؤيتها فتنة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الولاية في النكاح
س - أبلغ الأربعين، قبل عامين ونصف العام التزمت بالتعاليم الدينية خطبت إلى شاب، واستطاع بحيلة أن يختلي بي قائلاً أنت زوجتى والدليل أن بعض أهل العلم أباحوا الزواج بدون إشهار وأعلنوا الزواج فيما بعد، وأيضا اعتماداً على مذهب الإمام مالك الذي قال " لا يرجم من تزوج بدون إشهار " فما الحكم؟ خاصة وأني أقيم بمفردي وقد منعته من زيارتي لكنه يقول " أنت زوجتي كيف تمنعيني؟ وعندما طالبته بأحضار شهود ووالدي أدعى أنه يبحث عن شاهدين يكتمان الخبر حاليا حتى لا تعلم زوجته لأنه يود إخبارها بنفسه فيما بعد؟
ج- الزواج لا يصح إلا بولي ولاي مكن لأحد أن يتزوج امرأة بولي من عصباتها يقدم الأول فالأولى حسب الترتيب الشرعي، والزواج بغير ولي زواج فاسد غير صحيح، وذلك بدلالة الكتاب والسنة بقول الله - تعالى - " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " ففي الزوج قال لا تنكحوا المشركات، وفي الزوجة قال لا تنكحوا المشركين، فدل على أن الزوجة لا(3/146)
تستقل بنفسها في إنكاح نفسها.
وقال الله - تعالى - " وأنكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمانكم " فقال " وأنكحوا " ووجه الخطاب إلى الأولياء في تزويج الأيامي.
وقال الله -تعالى- " ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف " ولولا أن الولي شرط لم يكن لعضله أثر. وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا نكاح إلا بولي " وقال، - صلى الله عليه وسلم -، " لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن " وقالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال " أن تسكت ".
وعلى هذا فقول هذا الرجل الذي توصل بهذه الحيلة إلى الخلوة بالمرأة " أنت زوجتي " لا تكون بهذا القول زوجة له، بل لابد من الولي، وأما إشهار النكاح وإعلانه فقد اختلف فيه العلماء، فذهب بعض أهل العلم أنه لابد من الإعلان، وذهب آخرون إلى أن الإشهاد كاف عن الإعلان.
ومهما كان فإن دعوى هذا الرجل أن السائلة زوجته دعوى كاذبة لا أساس لها من الشرع، والواجب أن تتصل هذه المرأة بأوليائها حتى يمنعوه منها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
المرأة لا تزوج نفسها
س - حين كنت صغيرة ولم أتجاوز سن البلوغ زوجني جدى من أبن ابنه كرها مني وحين الزفاف رفضت الذهاب إليه وحدثت مشكلات ووصل الأمر إلى المحكمة فحكمت لي بفسخ هذا العقد، لكن عمي أبا هذا الشاب مصرّ على تزويجي لأبنه، وأنا أرفض ولا يستطيع أحد أن يتجرأ للتقدم لي خوفا من بطش عمي، هل أذهب إلى المحكمة لأعقد لنفسي على ما كان تقدم لي في حياة والدي؟ وهل يصح هذا الزواج بدون ولي لأنه لا ولي لي الآن سوى عمي هذا؟
ج- عليك التقدم إلى المحكمة التي فسخت النكاح الأول وإخبار القاضي بأن عمك قد عضلك ومنعك من الزواج بالأكفاء ضراراً وتحجراً حتى تقبلي ولده، فمتى ثبت عند القاضي(3/147)
العضل والإضرار مدة طويلة فإنه يخلع ولايته ويولي من بعده من الأولياء، أو يتولى العقد بنفسه، فالسلطان ولي من لا ولي له، ولا يجوز لك أن تعقدي لنفسك لحديث " لا تزوج المرأة المرأة "، " ولا تزوج المرأة نفسها " ولحديث " لا نكاح إلا بولي ".
الشيخ ابن جبرين
* * *
إذا منع الأب تزويج بناته للأكفاء
س - نحن مجموعة بنات أخوات نسكن في منزل واحد، طالما تردد علينا الخطاب من الشباب المتلزم؟ ووالدنا من مرض نفسي هل للقاضي في هذه الحالة أن يقدم بعقد الزواج لنا؟
ج- نعم إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأولى فالأولى، فأن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي ويزوج المرأة الحاكم الشرعي ويجب عليه إن وصلت القضية إليه وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها أن يزوجها لأن له ولاية عامة ما دامت لم تحصل الولاية الخاصة.
وقد ذكر الفقهاء - رحمهم الله - أن الولي إذا تكرر رده للخاطب الكفء فإنه بذلك يكون فاسقاً وتسقط عدالته وولايته بل إنه على المشهور من مذهب الإمام أحمد تسقط حتى إمامته فلا يصح أن يكون إماماً في صلاة الجماعة في المسلمين وهذا أمر خطير.
وبعض الناس - كما أشرنا إليه آنفا - يرد الخطاب الذين يتقدمون إلى من ولاه الله عليهن وهو أكفاء.. ولكن قد تستحي البنت من التقدم إلى القاضي لطلب التزويج. وهذا أمر واقع، لكن يجب عليها أن تقارن بين المصالح والمفاسد، أيها أشد مفسدة أن تبقى بلا زوج وأن يتحكم فيها هذا الولي على مزاجه وهواه فإن كبرت وبرد طالبها للنكاح زوجها، أو أن تتقدم إلى القاضي بطلب التزويج مع أن ذلك حق شرعي لها؟
لا شك أن البديل الثاني أولى وهو أن تتقدم إلى القاضي بطلب التزويج لأنها يحق لها ذلك ولأن في تقدمها للقاضي إياها مصلحة لغيرها فإن غيرها سوف يقدم(3/148)
كما أقدمت ولأن تقدمها إلى القاضي ردع لهؤلاء الظلمة الذين يظلمون من ولاهم الله عليهن لمنعهن من تزويج الأكفاء، أي أن في ذلك ثلاث مصالح
مصلحة للمرأة حتى لا تبقى بلا زواج.
مصلحة لغيرها إذ تفتح الباب لنساء ينتظرون من يتقدم ليتبعنه.
منع هؤلاء الأولياء الظلمة الذين يتحكمون في بناتهم أو فيمن ولاهم الله عليهن من نساء على مزاجهم وعلى ما يريدون.
وفيه أيضاً من المصلحة إقامة أمر الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ". كما أن فيه مصلحة خاصة وهي قضاء وطر المتقدمين إلى النساء الذين هم أكفاء في الدين والخلق.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الأب الكافر لا يكون وليا لإبنته في النكاح
س - شاب مسلم يريد الزواج من فتاة مسلمة ولكن أباها دائما يتعاطى السكر ومُلحد هل يجوز عقد ذلك الأب لابنته؟
ج- إذا كانت مسلمة فلا بأس أن يتزوج بها الشاب المسلم لكن لا يكون أبوها وليا لها إذا كان كافراً ولكن يزوجها أخوها إذا كان لها أخ طيب أو عمها أو ابن عماها أو ابن أخيها إذا كان له عصبة مسلمون، فيزوجها أقربهم إليها، فإن لم يوجد أحد غير الأب الكافر زوجها القاضي.
الشيخ ابن باز
* * *
الأحق بالولاية في تزويج البنت
س - أنا شاب في العقد الثالث من عمري يتيمة الوالدين وليس لي من القرابة سوى ما يلي(3/149)
1- ابن عم شقيق (زوج أختي) . …2- خال شقيق أمي. …
3- أبناء أخواتي، وهم بالغون. ……4- أباء عمومة لأبي. فمن يكون المحرم من هؤلاء ومن له الحق في تزويجي منهم؟
ج- الأحق بالولاية في تزويجك هو ابن عمك الشقيق لكونه أقرب عصبتك حسب ما ذكرت في السؤال، أما خالك وأبناء أخواتك فليسوا أولياء في الزواج، لأنهم ليسوا عصبة لكنهم محارم لك. أما أبناء عمومة أبيك فهم أولياء لك في النكاح بعد ابن العم الشقيق، ولكنهم ليسوا محارم لك. لأنهم يجوز لكل واحد منهم أن يتزوجك إذا لم يكن هناك مانع من رضاع أو مصاهرة.
الشيخ ابن باز
* * *
من يتولى نكاح اليتيمة
س - سماحة الشيخ من ذا الذي يتولى عقد نكاح البنت المتوفى والدها بالترتيب أثابكم الله؟
ج- إذا كان ليس لها والٍ، فجدها، والد أبيها إن كان حياً، فإن كان ليس لها جد فإخونها من الأولاد، الشقيق الذي من أبيها ثم أخوها من الأب، ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ من الأب، ثم العم الشقيق ثم العم من الأب، وهكذا.. أما إذا كان أبوها موجوداً فهو مقدم.
الشيخ ابن باز
* * *(3/150)
أحكام عقد النكاح
الوكالة في عقد النكاح جائزة
س - الإنسان يتزوج بنفسه، فهل يجوز له أن يوكل أحداً سواء في تزويجه؟ وهل يشترط تحديد الزوج في التوكيل؟ وما هي شروط التوكيل للتزويج إن كان ذلك جائزاً؟
ج- نعم يجوز للإنسان أن يوكل من يقبل له عقد النكاح فيقول وكلت فلاناً في قبول عقد نكاحي من فلانة ولابد أن يعني له المرأة التي يريد أن يتزوجها ولا يقول مثلاً وكلتك أن تطلب لي زوجة وتعقد عليها وذلك لأن هذا جهل يكون فيه الغرر، وربما يحدث الندم وربما يحدث التقاطع بين الزوجين، لأنه ليس كل من يروق للوكيل يروق للموكل فلابد إذن من تعيين الزوجة التي وكله في عقد النكاح عليها وكذلك يجوز لولي المرأة أن يوكل من يعقد النكاح على موليته بفلان، ولكن لابد أن يعين الزوج أيضاً ويكون الزوج معلوماً عند الولي وعند المرأة ومقبولاً فتبين بهذا أن الوكالة في عقد النكاح جائزة سواء كانت من الزوج يوكل له من يقبل له عقد نكاحه من فلانه أو كانت من ولي الزوجة يوكل من يزوج موليته بفلان.
وشروط التوكيل أن يكون الوكيل ممن تجوز وكالته في هذا العقد، فلو أنه وكل امرأة في ذلك فإنه لا يصح لأن المرأة لا يمكن أن تتولى عقد النكاح بنفسها فإذا وكل رجلاً عاقلاً فلا حرج عليه.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم عقد النكاح على الحائض
س - أنا فتاة كتب كتابي منذ فترة على شاب وقد صادف ذلك اليوم أن كانت الدورة الشهرية معي، ولكن لم أوافق إلا بعد سؤال المملك عن جواز الملك في هذه الظروف أم لا؟ فأجب المملك بأنها جائزة لكنني لم أقتنع بهذه الملكة، فأرجو منكم الإفادة إذا كانت هذه ملكة صحيحة أم لا؛ وهل يتحتم علي إعادتها في حالة عدم صلاحيتها أفيدونا مأجورين؟(3/151)
ج- إن عقد النكاح على المرأة وهي حائض عقد جائز صحيح، ولا بأس به وذلك لأن الأصل في العقود الحل والصحة إلا ما قام الدليل على تحريمه، ولم يقم دليل على تحريم النكاح في حال الحيض، وإذا كان كذلك فإن العقد المذكور يكون صحيحاً، ولا بأس به وهنا يجب أن تعرف الفرق بين عقد النكاح وبين الطلاق، فالطلاق لا يحل في حال الحيض بل هو حرام، وقد تغيظ فيه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، حين بلغه أن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - طلق امرأته وهي حائض، وأمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يراجعها وأن يدعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق، وذلك لقول الله - عز وجل " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن. وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ". فلا يحل للرجل أن يطلق زوجته وهي حائض ولا أن يطلقها في طهر جامعها فيه، إلا أن يتبين حملها فإذا تبين حملها فله أن يطلقها متى شاء، ويقع الطلاق.
ومن الغريب أنه قد اشتهر عند العامة أن طلاق الحامل لا يقع وهذا ليس بصحيح، فطلاق الحامل واقع، وهو أوسع ما يكون من الطلاق، ولهذا يحل للإنسان أن يطلق الحامل، وإن كان قد جامعها قريباً بخلاف غير الحامل فإنه إذا جامعها يجب عليه أن ينتظر حتى تحيض ثم تطهر، أو يتبين حملها، وقد قال - عز وجل - في سورة الطلاق " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ". وهذا دليل واضح على أن طلاق الحامل واقع. وفي بعض ألفاظ حديث ابن عمر " مُرهُ فليراجعها ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً " وإذا تبين أن عقد النكاح على المرأة وهي حائض عقد جائز صحيح فإني أرى ألا يدخل عليها حتى تطهر، ذلك أنه إذا دخل عليها قبل أن تطهر فإنه يخشى أن يقع في المحظور وقت الحيض لأنه قد لا يملك نفسه، ولا سيما إذا كان شاباً فلينتظر حتى تطهر فيدخل على أهله وهي في حال يتمكن فيها من أن يستمتع بها في الفرج. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/152)
حكم عقد الزواج على امرأة حبلى من الزنا
س - ما حكم عقد الزواج على امرأة ثيب حامل من الزنا في شهرها الثامن، هل يعتبر العقد باطلاً أو فاسداً أو صحيحاً "، فإنه قد تنازع في ذلك عندنا عالمان فأبطل أحدهما العقد وصححه الآخر الإ أنه حرم على من تزوجها الوطء حتى تضع الحمل؟
ج- إذا تزوج رجل امرأة حاملاً من الزنا فنكاحه باطل، فيحرم عليه وطؤها لعموم قوله - تعالى - " ولا تعزموا عقد النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله " وقوله - تعالى - " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ". وعموم قوله، - صلى الله عليه وسلم -، " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره ". رواه أبو داود وصححه الترمزي وابن حبان، ولعموم قوله، - صلى الله عليه وسلم -، " لا توطأ حامل حتى تضع ". رواه أبو داود وصححه الحاكم، وبذلك قال مالك وأحمد - رضى الله عنهما - وقال الشافعي وأبو حنيفة في رواية عنه يصح العقد غير أن أبا حنيفة حرم عليه وطأها حتى تضع الحمل للأحاديث المتقدمة، وأباح الشافعي له وطأها، لأن ماء الزنا لا حرمة له، ولا يلحق الولد بالزاني، لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " وللعاهر الحجر ". كما أنه لا يلحق بمن تزوجها، لأنها صارت فراشاً بعد الحمل، بهذا يتبين سبب الخلاف بين الشيخين وأن كلا منهما قال بالحكم الذي قال به من قلده، ولكن الصواب الأول؛ لعموم الآيتين والأحاديث الدالة على المنع.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم عقد النكاح عن طريق الهاتف
س - إذا توفرت أركان النكاح وشروطه إلا أن الولي والزوح كل منهما في بلد، فهل يجوز العقد هاتفياً أم لا؟
ج- نظراً إلى ما كثر في هذه الأيام من التغرير والخداع والمهارة في تقليد بعض الناس بعضاً في الكلام وإحكام محاكاة غيرهم في الأصوات حتى أن أحدهم يقوى على أن يمثل جماعة من الذكور والإناث صغاراً وكباراً ويحاكيهم في أصواتهم وفي لغاتهم المختلفة محاكاة تلقى في نفس السامع أن المتكلمين أشخاص وما هو إلا شخص واحد، ونظراً إلى عناية الشريعة(3/153)
الإسلامية بحفظ الفروج والأعراض والاحتياط لذلك أكثر من الاحتياط لغيره من عقود المعاملات، رأت اللجنة أنه ينبغي ألا يعتمد في عقود النكاح في الإيجاب والقبول والتوكيل على المحادثات الهاتفية تحقيقاً لمقاصد الشريعة ومزيد من عناية حفظ الفروج والأعراض حتى لا يعبث أهل الأهواء، ومن تحدثهم أنفسهم بالغش والخداع.
اللجنة الدائمة
* * *
عقد على زوجته باسم مستعار
س - عقدت على زوجتي باسم مستعار هو أسم شقيقتها المتوفاة نظراً لعدم تسجيل زوجتي بدفاتر المواليد وعدم معرفتنا بسنها فما الحكم في ذلك؟
ج- هذا العمل لا ينبغي لما فيه من الكذب فإنه سمى هذه المرأة باسم لأختها فهو كاذب في ذلك، أما من جهة العقد فإنه صحيح لأنه وقع على معينة معلومة بين المولي وبين الزوج والمعقود عليها، لكننا ننصح إخواننا ونحذرهم من الوصول إلى أغراضهم عن طريق الكذب والخداع فإن ذلك طريق المنافقين، وننصح بأن يذهب إلى مأذون الأنكحة ويعدل الاسم باسم المرأة الحقيقي. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
ما يحل للزوج بعد العقد وقبل الدخول
س - ما الذي يحل للزوج من زوجته بعد عقد القران وقبل البناء بها؟
ج- يحل له منها ما يحل للزوج من زوجته التي دخل بها من نظر وقبلة وخلوة وسفر بها وجماع.. إلخ.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة(3/154)
لا حاجة إلى التجديد
س - مات عنها زوجها بعد أن أنجب منها طفلين ثم تقدم لها رجل للزواج منها كانت تربطه بها صلة ولقاءات، فقرر عمها ووليها ألا يزوجها به ثم زوجها لأحد أقربائها الذي سارع بدفع المهر وتم العقد عليها رغماً عنها، ثم بعد الزواج بدأ الوفاق والوئام والرضا، فهل هناك إثم على شاهدي العقد بالإكراه؟ وهل يجوز تحديد العقد؟
ج- لا بأس بهذا العقد الذي تم بين الزوجين وكان عن تراض ووفاق وبتمام الشروط والأركان، ولكن أولياءها أخطأوا حيث تركوها قبل العقد مع ذلك الأجنبي كخليل ومؤنس بأجنبي وبكل حال فحيث تم العقد على قريبها ورضيت به ولو بعد العقد وحصل الوفاق فلا بأس ولا حاجة إلى التجديد، والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * *
ضرب الزوجة لا يبطل عقد النكاح
س - هل ضرب الزوجة يبطل عقد النكاح؟
ج- لا يبطله ولكنه ممنوع ضربها بغير سبب، أما إذا كان هناك سبب وهو خوف النشوز فالله - تعالى - يقول " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ". يقول العلماء أي ضربا غير مبرح، أي غير شديد، ضرب تأديب، فإذا ضربها والحال هذه فالنكاح باق لا يبطل لأنها أتت بسببه وهو النشوز.
الشيخ ابن جبرين
* * *
التحريم قبل العقد لا يؤثر في النكاح
س - خطب رجل امرأة ولم يعقد عليها، ولغضب بينه وبين والدها قال " هي محرمة علي مثل أمي وأختي " ثم تراضى هو ووالدها، وعقد له عليها بمهر معين عن رضا واختيار فهل(3/155)
يلزمه شيء من أجل التحريم الذي حصل منه قبل العقد؟
وإن كان كفارة فما نوعها؟
ج- لا تأثير لهذا التحريم في عقد الزواج لوقوعه قبله ولا تلزمه به كفارة ظهار لحصوله قبل أن تكون هذه البنت المخطوبة زوجة لمن حرمها على نفسه، وإنما تلزم به كفارة يمين لقوله - تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون. لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة إيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم ". وقوله - تعالى " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم ". فعلى من حصل منه ذلك التحريم أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله يعطي كل مساكين من العشرة نصف صاع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك، أو يكسوا عشرة مساكين أو يعتق رقبة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
الشروط والعيوب في النكاح
حكم منع المرأة من الذهاب مع زوجها
س - عندما يتقدم أحد الشباب إلى بعض الأسر للزواج منهم، يشترط والد البنت مهراً مرتفعاً، وعندما تتم الموفقة ويتزوج الشاب يرفض والد البنت أن ترافق البنت زوجها إلى بيته، وذلك من أجل أن تبقى تحت خدمته وتقع الزوجة في حرج شديد، هل تذهب إلى بيت زوجها أم تبقى في بيت والدها؟ وقد سبب ذلك مشكلات كثيرة، فأرجو من سماحتكم أن ترشدوا الناس إلى عمل الصواب نحو هذه الأمور؟(3/156)
ج- لقد شرع الله - سبحانه وتعالى - لعباده تخفيف المهور والاقتصاد فيها، وهكذا ولائم الزواج، ليتمكن كل واحد من الزواج بيسر وسهولة، وليحصل بذلك التعاون على الخير وبذل المستطاع في إعفاف الشباب والفتيات.
وقد كتبنا في هذا غير مرة أداء الواجب النصيحة والتواصي بالحق، وقد صدر من هيئة كبار العلماء قرارات وتوصيات في هذا الموضوع مضمونها الترغيب في تخفيف المهور وعدم التكلف في الولائم وترغيب المجتمع في كل ما يسهل على الشباب حصول النكاح وإني بهذه المناسبة أوصي جميع إخواني المسلمين بالتعاون في هذا الأمر والتواصي به حتى يكثر النكاح ويقل السفاح، ويتيسر للشباب والفتيات إحصان فروجهم وغض أبصارهم، ولا شك أن الزواج من أعظم الأسباب في ذلك كما قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطيع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ". متفق على صحته.
وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ". متفق عليه. وقال، - صلى الله عليه وسلم -، " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ".
خرجه مسلم في صحيحه.
وقد أمر الله - سباحه وتعالى - عباده بالتعاون على البر والتقوى، وأثنى على عباده المتواصلين بالحق والصبر، فقال - سبحانه - " والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصلوا بالحق وتواصلو بالصبر ".
ولا شك أن التعاون في تخفيف المهور والولائم والتواصي بذلك داخل في هذا الأمر. ومن القوائد في تخفيف المهور والولائم كثرة النكاح وقلة العزاب من الشباب والفتيات وإحصان الفروج وغض الأبصار وقلة الفواحش وتكثير الأمة كما قال النبي،، " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ". وأما منع والد المرأة أو أخيها لها من سفرها مع زوجها لتخدمه أو ترعى غنمه أو إبله فمنكر لا يجوز الواجب على ولي الأمر أن يساعد على جمع الشمل واجتماع الزوجين، كما يجب عليه أن يحذر ما يسبب فرقتهما من غير مسوغ شرعي، والذي أوصي به أولياء النساء أن يبادروا بتزويج مولياتهم على الأكفاء ولو كانوا فقراء وأن يعينوهم في ذلك عملاً بقول الله - سبحانه وتعالى " وأنكحوا الأيامى منكم(3/157)
والصالحين من عبادكم وإمانكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ". فأمر - سبحانه - في هذه الآية الكريمة بإنكاح الأيامي والصالحين من العباد والإماء وأخبر وهو الصادق في خبره أن ذلك من أسباب الفضل للفقراء حتى يطمئن الأزواج وأولياء النساء أن الفقر لا ينبغي أن يمنع الزواج بل هو من أسباب الرزق والغنى، نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل خير.
الشيخ ابن باز
* * *
الشرط في الزواج
س - يشترط بعض الأولياء على أزواج ضرورة مواصلة الدراسة للزوجة والعمل بعد التخرج عند عقد النكاح، فهل يجوز هذا الشرط؟ وما هو الحكم فيما لو لم يتم تنفيذه بعد الزواج؟
ج- إن الشرط الذي يشترط على الزوج إذا لم يكن محرماً شرعاً ورضي به فإنه يكون لازماً عليه، أي يلزمه أن ينفذه لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ". ولكن لا ينبغي للزوجة وأهلها أن يشترطوا مثل هذا الشرط المذكور في السؤال بل ينبغي أن يجعلوا الأمر راجعاً إلى اتفاق الزوجين فيما بعد العقد، ومن المعلوم أن الزوج إنما يتزوج المرأة من أجل أن تكون زوجة تربي أولاده وتصلح من حالة لا من أجل أن تكون عاملة لا يراها إلا في بعض الوقت، فالتيسير في مثل هذه الأمور وعدم اشتراط شيء من ذلك هو الأولى والأفضل.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الشروط الجائزة يجب الوفاء بها
س - إذا اشترطت الزوجة أن لا يمنعها من التدريس ووافق على الشرط وبعد موافقته على الشرط قبلت الزواج به لأنه وافق على شرطها فهل تلزمه النفقة عليها وعلى أولاده وهي موظفة وهل يحل له أن يأخذ شيئاً من راتبها بغير رضاها وإذا كانت المرأة متدينة(3/158)
ولا تريد أن تسمع الأغاني والموسيقى ولكن الزوج وأهله مصرون على سماع الأغاني ويقولون إن الذي لا يسمع الأغاني والموسيقى موسوس، فهل يحق للزوجة أن تبقى في بيت أهلها في هذه الحالة؟
ج- إذا اشترطت المرأة على خاطبها ألا يمنعها من التدريس أو من الدراسة فقبل ذلك وتزوجها على الشرط المذكور فهو شرط صحيح وليس له أن يمنعها من ذلك بعد الدخول بها لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إن أحق الشروط أن يوافق به ما استحللتم به الفروج ". متفق على صحته فإن منعها فلها الخيار إن شاءت بقيت معه وإن شاءت طلبت الفسخ من الحاكم الشرعي، أما استعمال الزوج وأهله الأغاني والموسيقى فلا يفسخ النكاح وعليها أن تنصحهم وتخبرهم بتحريم ذلك ولا تحضر معهم المنكر لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " الدين النصحية ". الحديث رواه مسلم في صحيحه ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ". خرجه الإمام مسلم في صحيحه، والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة وعلى الزوج أن ينفق عليها وعلى أولادها منه وليس له أن يأخذ من راتبها شيئاً إلا بإذنها ورضاها وليس لها الخروج من بيته إلى أهلها أو غيرها إلا بإذنه، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
لا يشترط خروج الدم عند فض البكارة
س - إذا تزوج الشخص بفتاة مسلمة تصلي، وعند ليلة الزفاف لم ينزل أي دم عند المباشرة، وقد سمعت رأيا طبياً يقول أن هناك حالات قليلة أو شاذة لا يحصل فيها نزف عند فض البكارة، وفي حالة عدم العذرية هل يجوز الاستمرار في الزواج أم يحبذ فك الرباط حتى لو كان يرجى منها إصلاح؟
ج- لا يلزم من المعاشرة الأولى خروج دم البكارة، فكثيراً ما تكون المرأة كبيرة أو يزول عنها ذلك بسبب جريان دم الحيض أو بؤثبة أو نحو ذلك فننصحك بإمساك زوجتك وإحسان الظن بها وحسن الصحبة سيما وأنت ترجو منها صلاحاً إن شاء الله.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/159)
البكارة قد تزول بغير الجماع!
س - شاب عقد قرانه على فتاة وعندما دخل بها وجد أنها ليت بكراً مع أنه متأكد أنها لم تتزوج وساورته الشكوك فيها، فماذا يصنع هل يطلقها؟ أم يصارحها بالأمر ويطلب الحقيقة أو بماذا تنصحونه؟
ج- نرى أن لا تهتم من ذلك، فإن البكارة قد تزول بغير الجماع كالوثبة وكثرة الحيض والأصبع ونحو ذلك ومع هذا فلا مانع من سؤال الفتاة عن سبب زوال البكارة فإن أدعت ممكنا ونفت الزنا فالقول قولها، وإن ادعت وطء شبهة أوإكراهاً فهي معذورة، وإن اعترفت بالزنا وأظهرت الندم والتوبة فالله يقبل التوبة عن عباده.
الشيخ ابن جبرين
* * *
تزوجها فاكتشف أنها دميمة
س - لم أر زوجتي إلا بعد الزواج؟ وبعد دخولي عليها اكتشفت أنها دميمة، وتخرج منها رائحة كريهة، هل على إثم إذا طلقتها وتزوجت غيرها لأنني لا أطيق الزواج باثنتين؟
ج- لا إثم عليك إن شاء الله في ذلك فأنت لا تجد ارتياحاً وسروراً مع إنسان تتقزز منه نفسك وتكره المقام معه، ولا شك أ، مثل هذه الرائحة تلحق بالعيوب التي يستحق بها الزوج الفسخ والرجوع بما أنفق لوجود النفرة والاشمئزاز من المكروه، وقد أباح الله الطلاق لوجود الأسباب الدافعة إليه، وبُينت صفة الطلاق السني في الكتاب والسنة ولم يذكر فيه إثم ولا حرج وإنما الإثم هنا على أولياء الزوجة الذين كتموا هذه العيوب فيها، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
العنين والنكاح
س - أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، مصاب بمرض " العنَّة " الضعف الجنسي وهو بنسبة 35% تقريباً، وبعد الفحوصات قرر لي بعض الأدوية المقوية وهي في الواقع مهيجة(3/160)
أحياناً، لهذا أسأل إن كان يصيبني ذنب في استعمال هذه الأدوية؟ وأسال أيضاً إن كان يصيبني ذنب عند زواجي من بنت الحلال؟
ج- عليك الرضا بما خلق الله - تعالى - وقدر فإن جنس البشر يوجد بينهم التفاوت الكبير في هذه الشهوة، فمنهم من هو شديد الغلمة قوي الشبق ومنهم من هو دون ذلك بكثير أو بقليل، وهناك من لا شهوة له أصلا، ولا أظن العلاجات والأدوية تعمل عملاً مستمراً طوال الحياة، وإنما تقوي الشهوة زمنا قصيراً، ثم تعود الحال كما كانت فإن كانت لك شهوة إلى النكاح، وإنما قليلة فذلك أن تتزوج ويكفي في ذلك أن تتمكن من الوطء، ولو في كل شهر مرة أو في كل شهرين.
الشيخ ابن جبرين
إخفاء الزوج ما فيه من عيوب غش وخداع
س - قدر الله - تعالى - على بمرض البهاق، ولطف بي إذ جعل أغلب ظهوره على الجلد في أماكن خفية من جسدي، وبدأ هذا المرض في الظهور في سن العشرين، وقد سعيت للعلاج ولكن لم يأذن الله لي بعد بالشفاء لحكمة يعلمها سبحانه، وبعدها بخمس عشرة سنة تقدمت للخطبة وكان في ذاك الوقت ظاهراً على ظاهر يدي اليمنى ثلاث بقع ملحوظة بالإضافة إلى غيرها في أجزاء خفية من سائر جسدي، وأثناء مدة الخطوبة التي دامت ستة أشهر لم أشا أن أصارح خطيبتي عن شيء من هذا المرض، ولها أهلها خشية العدول عن قبولي، واعتبرت أنا أن ظهوره بيدي اليمنى، ورؤيتهم لذلك طوال فترة الخطوبة يدلهم على احتمال وجوده في أجزاء أخرى في جسدي، وتم الزواج على ذلك، ولكن عندما انتقلت إلى بيت الزوجية ورأت زوجتي ما بجسدي من المرض ساءها ذلك وتمرددت بالحسرة والخسران في عقد هذا الزواج، وأشهد أنني قابلت تمردها ذاك بالقسوة والشدة أحياناً، وبالضرب أحياناً أخرى ولكنها لم تطلب مني الانفصال، وبعد مرور سنوات على العيش معي على مضض أعتادت بعدها ما قدره الله لي واستسلمت للأمر الواقع، والآن أنجبت ثلاثة أولاد(3/161)
ومر على زوجنا ثلاث عشرة سنة، ولكن كثيراً ما يلازمني الندم الشديد على أن الزواج تم على هذه الصورة لدرجة أنني وددت لو أنها طلبت مني الانفصال حتى لا أكون ظالماً لها، فهل كنت ظالماً بعدم المصارحة بما في جسدي رغم ظهور المرض نفسه على يدي أثناء فترة الخطوبة؟ وهل زواجي بهذا الشكل صحيح؟ أم يجب على شيء آخر أفعله الآن؟
ج- لا ريب أن عدم تصريحك لها بما حصل لك من المرض أو بما كان خفيا من المرض لا ريب أنه خداع وأنه غش، والبقعة التي ترى في يدك اليمنى لا نعلم هل هي بينة ظاهرة تدل على هذا المرض أو أنها صغيرة خفية لا تدل على المرض، أو أنها بصورة يظن أنها أثر احتراق أو ما أشبه ذلك، الحاصل أن تمام النصح أنك بينت لها ولأهلها ما خفي عليهم في هذا الأمر، وما عاملتها به بعد ذلك فإنك آثم به، ولكن الحق لها هي وحدها وليس لك الآن إلا أن تطلب منها السماح عما مضى من إخفاء ما فيك من هذا العيب، وعما حصل منك من القسوة عليها، فإذا عفت عن ذلك وسمحت ونرجو أن تعفو عن ذلك وتسمح فإن ذلك خير كثير لقوله - تعالى - " فمن عفا وأصلح فأجره على الله"
. وقال - تعالى - في وصف أهل الجنة " والعافين عن الناس " فالعفو مع الإصلاح خير وفيه ثواب عظيم عند الله - سبحانه وتعالى - فنصيحتي لك أن تتحلل من زوجتك وأن تطلب منها السماح. ونصحيتي لها أن تعفو عنك، لأنها أم أولادك بينكما شركة الآن، ونسأل الله - تعالى - أن يتوب على الجميع.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الكفاءة بين الزوجين
حول تزويج الشريفات بغير الأشراف
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه، أما بعد فإن من الأمور المنكرة أن بعض من يدعي أنه من بني هاشم يقولون إنه لا يكافئهم(3/162)
أحد، فهم لا يزوجون غيرهم ولا يتزوجون من غيرهم، وهذا خطأ عظيم وجهل كبير وظلم للمرأة وتشريع لم يشرعه الله ورسوله، قال الله - تعالى - " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ". وقال- سبحانه- " إنما المؤمنون إخوة ". وقال " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " وقال " فاستجاب لهم ربهم أن لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ". وقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب ". وقال، - صلى الله عليه وسلم -، " إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء إنما ولي الله وصالح المؤمنين ". متفق عليه. وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ". أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن، وقد زوج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، زينتب بنت جحش الأسدية من زيد بن حارثة مولاه، وزوج فاطمة بنت قيس القرشية من أسامة بن يزد وهو وأبوه عتيقان. وتزوج بلال بن رباح الحبشي بأخت عبد الرحمن بن عوف الزهرية القرشية. وزوج أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي أبنه أخيه الوليد سالماً مولاه وهو عتيق لامرأة من الأنصار، وقد قال الله - تعالى " الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ". وكذا زوج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ابنته رقية وأم كلثوم عثمان وزوج أبا العاص بن الربيع ابنته زينتب وهما من بني عبد شمس وليسا من بني هاشم. وزوج علي عمر بن الخطاب ابنته أم كلثوم وهو عدوي لا هاشمي، وتزوج عبد الله بن عمرو بن عثمان فاطمة بنت الحسين بن علي وهو أموي لا هاشمي، وتزوج مصعب بن الزبير أختها سكينة وليس هاشمياً بل أسدي من أسد قريش، وتزوج المقداد بن الأسود ضباعة ابنة الزبير بن عبد المطلب الهاشمية ابنه عم النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وهو كندي لا هاشمي، وهذا شيء كثير، والمقصود بيان بطلان ما يدعيه بعض الهاشميين من تحريم تزويج الهاشمية بغير الهاشمي أو كراهة ذلك وإنما الواجب في ذلك اعتبار كفاءته في الدين فالذي أبعد أبا طالب وأبا لهب عدم الإسلام، والذي قرب سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلالاً الحبشي إنما هو الإيمان والصلاح والتقوى واتباع الشرع والسير على النهج المستقيم، ومما ينجم عن هذا الجهل(3/163)
والتصرف الباطل حبس النساء الهاشميات وتعطيلهن من الزواج أو تأخيره فيحصل مالا نحمد عقباه من الفساد وتعطيل النسل أو تقليله، وقد قال - تعالى - " وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم ". فأمر بإنكاح الأيامى أمراً مطلقاً ليعم الغني والفقير وسائر أصناف المسلمين. وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد رغبت في الزواج وحثت عليه فإن على المسلمين أن يبادروا إلى امتثال أمر الله ورسوله حيث قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ". متفق على صحته فعلى الأولياء أن يبادروا إلى تزويج بناتهم وأخواتهم وأبنائهم حتى يؤدي كل دوره في هذه الحياة ويقل الفساد والجرائم، ومن المعلوم أن حبس النساء عن الزواج أو تأخيره سبب في فشوا الجرائم الأخلاقية وانتشارها التي هي من معاول الهدم والدمار فيا عباد الله اتقوا الله في أنفسكم وفيمن ولاكم الله عليهم من البنات والأخوات وغيرهن وفي إخواتكم المسلمين واسعوا جميعاً إلى تحقيق الخير والسعادة في المجتمع، وتيسير سبل نموه وتكاثره وإزالة أسباب انتشار الجرائم وأعملوا أنكم مسؤولون ومحاسبون ومجزيون على أعمالكم، قال الله - تعالى - " فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ". وقال - عز وجل - " والله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ". وبادروا إلى تزويج بناتكم وأبنائكم مقتدين بنبيكم، - صلى الله عليه وسلم -، وصحابته الكرام - رضي الله عنهم - والسائرين على هديهم وطريقتهم وأوصيكم بتقليل مؤن الزواج وعدم المغالات في المهور واقتصادوا في تكاليف الزواج والولائم واجتهدوا في اختيار الأزواج الصالحين الأنقياء ذوي الأمانة والعفة. رزق الله الجميع الفقه في الدين والثبات عليه وأعاذنا وإياكم وسائر المسلمين من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وجنبنا وإياكم مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، كما نسأله أن يصلح ولاة أمور المسلمين. ويصلح بهم إنه على ذلك
قدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الشيخ ابن باز
* * *(3/164)
القبيلي والخضيري وحكم الزواج بينهما
س - سائل يسأل عن معنى قولهم قبيلي وخضيري وحكم الزواج بينهما؟
ج- هذه مسألة جزئية وهي معروفة بين الناس، القبيلي هو الذي له قبيلة معروفة ينتمى إليها كقحطاني وسبيعي وتميمي وقرشي وهاشمي وما أشبه ذلك، هذا يسمى قبيلي لأنه ينتمي إلى قبيلة. ويقال قبلي على القاعدة مثل أن يقال حنفي وربعي وما أشبه ذلك نسبة إلى القبيلة التي ينتمي إليها. والخضيري في عرف الناس في نجد خاصة، ولا أعرفها إلا في نجد، فهو الذي ليس له قبيلة معروفة ينتمي إليها، وهو عربي ولكن ليس له قبيله معروفة، أي ليس معروفاً بأنه قحطاني أوتميمي، أو قرشي، لكنه عربي، ومن العرب وعاش بينهم، ولو كانت حمولته معروفة وجماعته معروفة، والمولي في عرف العرب هو الذي أصله عبد مملوك فأعتق. هؤلاء يقال لهم الموالي، والعجم هم الذين لا ينتسبون للعرب، يقال أعجمي فهم من أصول أعجمية وليسوا من أصول عربية، هؤلاء يقال لهم أعاجم، والحكم في دين الله أنه لا فضل لأحد منهم على أحد إلا بالتقوى، سواء سمي قبلياً أو خضرياً أو مولى أو أعجميا كلهم على حد سواء. لا فضل لهذا على هذا ولا هذا على هذا إلا بالتقوى كما قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى ". وكما قال الله - سبحانه - " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجلعناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ". لكن من عادة العرب قديماً أنهم يزوجون بناتهم للقبائل التي يعرفونها ويقف بعضهم ويزوج من ليس قبيلة يعرفها وهذا باق في الناس.
وقد يتسامح بعهضم ويزوج الخضيري والمولى والعجمي كما جرى في عهد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فإن النبي، عليه الصلاة والسلام، زوج أسامة بن زيد بن حارثة - رضي الله عنه - وهو مولاه وعتيقة زوجة فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - وهي قريشية وكذلك أوب حذيفة بن عتبة ولم يبال لكونه مولى عتيقا وهذا جار في الصحابة - رضي الله عنهم - وبعدهم كثير، ولكن الناس بعد ذلك خصوصا في نجد وفي بعض المواضع الأخرى قد يقفون عن هذا ويتشددون فيه على حسب ما ورثوه عن آباء وأسلاف، وربما خاف بعضهم من إيذاء(3/165)
بعض قبيلته إذا قالوا لم زوجت فلاناً، هذا قد يفضي إلى الإخلال بقبيلتنا وتختلط الأنساب وتضيع إلى غير ذلك؟ قد يعتذرون ببعض الأعذار التي لها وجهها في بعض الأحيان ولا يضر هذا وأمره سهل. المهم اختيار من يصلح للمصاهرة لدينه وخلقه، فإذا حصل هذا فهو الذي ينبغي سواء كان عربياً أو عجمياً أو مولى أو خضيرياً أو غير ذلك، وهو الأساس وإذا رغب بعض الناس ألا يزوج إلا فمن قبيلته فلا نعلم حرجاً في ذلك والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم إنكاح ولد الزنا
س - زوج رجل ابنته على آخر ثم تبين أن الزوج ولد زنا فما الحكم؟
ج- إذا كان مسلما فالنكاح صحيح، لأنه ليس عليه من ذنب أمه ومن زنا بها شيء لقول الله - سبحانه - " لا تزر وازرة وزر أخرى ". ولأنه لا عار عليه من عملها إذا استقام على دين الله وتخلق بالأخلاق المرضية لقول الله - عز وجل - " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ".
وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لما سئل عن أكرم الناس قال أتقاهم.. وقال عليه الصلاة والسلام " من يطأ به عمله لم يسرع به نسبه ". وروى عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض والسماء وفساد كبير ". خرجه الترمذي.
الشيخ ابن باز
* * *
زوجه على أنه شريف فتبين غير ذلك
س - خطب رجل من آخر موليته وزعم أنه شريف فزوجه ثم اتضح أنه ليس بشريف فما الحكم؟
ج- إذا كان الشروط متوفرة في العقد المذكور فالنكاح صحيح، وإذا كان ولي المرأة قد(3/166)
اشترط على الخاطب أنه شريف ثم اتضح خلاف ذلك فله الخيار إن شاء أبقى موليته عنده وإن شاء طالبه بالطلاق، وإذا كان قد دخل بها فلها المهر كله بما استحل من فرجها، وإن امتنع من طلاقها ترافعا إلى الحاكم الشرعي لينظر في أمرهما على ضوء الشريعة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحللتم به الفروج ". وإن كان لم يشترط ذلك وإنما صدقه في قوله ولم يعتبره شرطا في الموافقة على النكاح فليس له الخيار فيما أعلم من الشرع، لأنه لم يقع بينهما مشارطة والعرب بعضهم لبعض أكفاء سواء كانوا أشرافاً أم غير أشراف، وقال جماعة من العلماء المسلمون كلهم بعضهم لبعض أكفاء إذا استقام الدين ولو كان الزوج عرببياً وهي عجمية أو مولاة وهكذا العكس وهو قول قوي جداً لما تقدم من الأدلة الشرعية.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم نكاح العبد المملوك للحرة
س - تزوج رجل امرأة حرة على أنه حر ثم اتضح أنه عبد مملوك فما الحكم؟
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكر في السؤال فللمرأة الخيار إن شاءت البقاء معه فلها ذلك، وإن شاءت الفسخ فلها ذلك، لأن عليها ضرراً كبيراً في كونه مملوكاً، وقد غشها لعدم إظهار الحقيقة فوجب لها الخيار لما ثبت في الحديث الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - أن بريرة لما عتقت تحت زوجها مغيث وكان عبداً مملوكا خيرها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فاختارت نفسها، متفق على صحته، والمرأة المسؤول عنها أولى بالخيار لأنها مخدوعة لم تعلم أنه مملوك وقد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " المسلم أخ المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يكذبه ولا يخذله ". وقال عليه الصلاة والسلام " من غشنا فليس منا " وهذا قد غشها وكتم عليها أمره وكذب عليها بإظهاره ما يدل على أنه حر.
وإذا كان قد دخل بها فلها بما استحل من فرجها فإن تنازعا ترافعا إلى الحاكم الشرعي لينظر في أمرهما على مقتضى الشريعة المحمدية.
الشيخ ابن باز
* * *(3/167)
أحكام نكاح الكتابيات
حكم نكاح نساء أهل الكتاب
س - ما حكم نكاح نساء أهل الكتاب؟
ج- حكم ذلك الحل والإباحة عند جمهور أهل العلم لقول الله - سبحانه وتعالى - في سورة المائدة " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ". والمحصنة هي الحرة العفيفة في أصح أقوال علماء التفسير، قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية ما نصه
وقوله " والمحصنات من المؤمنات " أي وأحل لكم نكاح الحرائر العفائف من النساء المؤمنات وذكر هذا توطئة لما بعده وهو قوله - تعالى - " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ". فقيل أراد المحصنات الحرائر دون الإمام حكاه ابن جرير عن مجاهد وإنما قال مجاهد المحصنات الحرائر فيحتمل أن يكون أراد ما حكاه عنه ويحتمل أن يكون أراد بالحرة العفيفة كما في الرواية الأخرى عنه وهو قول الجمهور ههنا، وهو الأشبه لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة فيفسد حالها بالكلية ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل حشف وسوء كيل والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا كما قال - تعالى - في الآية الأخرى " محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان ". ثم اختلف المفسرون والعلماء في قوله والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم هل يعم كل كتابية عفيفة سواء كانت حرة أو أمة حكاه ابن جرير عن طائفة من السلف ممن فسر المحصنة بالعفيفة وقيل المراد أهل الكتاب ههنا الإسرائيليات وهو مذهب الشافعي وقيل المراد بذلك الذميات دون الحربيات لقوله - تعالى - " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر "، وقد كان عبد الله بن عمر لا يرى التزويج بالنصرانية ويقول لا أعلم شركاً أعظمن من أن تقول إن ربها عيسى وقد قال الله - تعالى - " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ". الآية. وقال ابن حاتم حدثنا أبي حدثنا بن حاتم بن سليمان المؤدب حدثنا القاسم بن مالك يعني المزني حدثنا إسماعيل بن سميع عن أبي مالك الغفاري قال نزلت هذه الآية " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " قال فحجز الناس عنهن حتى نزلت الآية التي بعدها " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " فنكح الناس نساء أهل الكتاب وقد تزوج جماعة من الصحابة من نساء النصاى ولم يروا بذلك بأساً أخذا بهذه الآية الكريمة " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ". فجعلوا هذه مخصصة للتي في سورة البقرة ولا تنكحوا المشركات(3/168)
حتى يؤمن إن قيل بدخول الكتابيات في عمومها وإلا فلا معارضة بينها وبينها لأهل الكتاب قد انفصلوا في ذكرهم عن المشركين في غير موضع كقوله - تعالى - " ولم يكن للذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين متفكين حتى تأتيهم البينة ". وكقوله " وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءأسلتمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا ". الآية. انتهي المقصود من كلام الحافظ بن كثير - رحمة الله - وقال أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة الحنبلي - رحمه الله - في كتابة المغنى ما نصه ليس بين أهل العلم بحمد لله اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب وممن روى عنه ذلك عمر وعثمان وطلحة وحذيفة وسلمان وجابر وغيرهم، قال ابن النذر ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك، وروى الخلال بإسناده أن حذيفة وطلحة والجارود بن المعلى وأذينة العبدي تزوجوا نساء من أهل الكتاب، وبه قال سائر أهل العلم وحرمته الإمامية تمسكا بقوله - تعالى - " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ". " ولا تمسكو بعصم الكوافر ". ولقول الله - تعالى - " اليوم أحل لكم الطيبات " إلى قوله " والمحصنات من الذين أوتو الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن ". وإجماع الصحابة، فأما قوله - سبحانه - " ولا تنكحوا المشركات ". فروي عن ابن عابس - رضي الله عنهما - أنها نسخت بالآية التي في المائدة متأخرة عنهما، وقال آخرون ليس هذا نسخا فإن لفظ المشركين بإطلاقه لا يتناول أهل الكتاب بدليل قوله - سبحانه - " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين متفكين ". وقال " إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ". وقال " ما يود الذين(3/169)
كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين ". وسائر القرآن يفصل بينهما فدل على أن لفظة المشركين بإطلاقها غير متناولة لأهل الكتاب، وهذا معنى قول سعيد بن جبير وقتادة، ولأن ما احتجوا به عام في كل كافرة وأيقنا خاصة في حل أهل الكتاب، والخاص يجب تقديمه، إذا ثبت هذا فالأولى أن لا يتزوج كتابية لأن عمر - رضي الله عنه - قال للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب طلقوهن فطلقوهن إلا حذيفة فقال له عمر طلقها، قال تشهد أنها حرمام؟ قال هي خمرة طلقها، قال تشهد أنها حرام؟ قال هي خمرة قال علمت أنها خمرة ولكنها إلى حلال، فلما كان بعد طلقها فقيل له ألا طلقتها حين أمرك عمر؟ قال كرهت أن يرى الناس أن ركبت أمراً لا ينغي لي؛ ولأنه ربما مال إليها قلبه فتفتنه وربما كان بينهما ولد فيميل إليها، انتهى كلام صاحب المغنى - رحمه الله -.
والخلاصة مما ذكره الحافظ ابن كثير وصاحب المغنى - رحمة الله عليهما - أنه لا تعارض بين قوله - سبحانه - في سورة البقرة " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " الآية، وبين قوله - عز وجل - في سورة المائدة " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ". الآية. لوجهين أحدهما أن أهل الكتاب غير داخلين في المشركين عند الإطلاق؛ لأن الله - سبحانه - فصل بينهم في آيات كثيرات مثل قوله - عز وجل - " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين ". الآية، وقوله - سبحانه - " إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها ". الآية وقوله - عز وجل - " ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم ". الآية، إلى غير ذلك من الآيات المفرقة بين أهل الكتاب والمشركين، وعلى هذا الوجه لا تكون المحصنات من أهل الكتاب داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن في سورة البقرة، فلا يبقى بين الآيتين تعارض وهذا القول فيه نظر، والأقرب أن أهل الكتاب داخلون في المشركين والمشركات عند الإطلاق رجالهم ونساؤهم لأنهم كفار مشركون بلا شك، ولهذا يمنعون من دخول المسجد الحرام لقوله - عز وجل - " يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ". الآية ولو كان أهل الكتاب(3/170)
لا يدخلون في اسم المشركين عند الإطلاق لم تشمهلم هذه الآية ولما ذكر - سبحانه - عقيدة اليهود والنصارى في سورة براءة قال بعد ذلك " وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ". فوصفهم جميعاً بالشرك لأن اليهود قالوا عزيز ابن الله، والنصارى قالوا المسيح ابن الله، ولأنهم جميعاً اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله وهذا كله من أقبح الشرك والآيات في هذا المعنى كثيرة، والوجه الثاني أن آية المائدة مخصصة لأيه البقرة والخاص يقضي على العام ويقدم عليه كما هو معروف في الأصل، وهو مجمع عليه في الجملة، وهذا هو الصواب، وبذلك يتضح أن المحصنات من أهل الكتاب حل للمسلمين غير داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن عند جمهور أهل العلم بل هو كالإجماع منهم لما تقدم في كلام صاحب المغني، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء عنهن بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل لما جاء في ذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وابنه عبد الله وجماعة من السلف الصالح - رضي الله عنهم - لأن نكاح نساء أهل الكتاب فيه خطر ولا سيما في هذا العصر الذي استحكمت فيه غربة الإسلام، وقل فيه الرجال الصالحون الفقهاء في الدين وكثر فيه الميل إلى النساء والسمع والطاعة لن في كل شيء إلا ما شاء اله فيخشى على الزوج أن تجره زوجته الكتابية إلى دينها وأخلاقها كما يُخشى على أولادهما من ذلك، والله المستعان فإن قيل فما وجه الحكمة في إباحة المحصنات من أهل الكتاب للمسلمين وعدم إباحة المسلمات للرجال من أهل الكتاب، فالجواب عن ذلك، والله أعلم أن يقال إن المسلمين لما آمنوا بالله وبرسله وما أنزل عليهم ومن جملتهم موسى بن عمران وعيسى بن مريم - عليهما الصلاة والسلام - ومن جملة ما أنزل على الرسل التوراة المنزلة على موسى والإنجيل المنزل على عيسى لما أمن المسلمون بهذا كله أباح الله لهم نساء أهل الكتاب المحصنات فضلاً منه عليهم وإكمالاً لإحسانه إليهم ولما كفر أهل الكتاب بمحمد، - صلى الله عليه وسلم -، وما أنزل عليه من الكتاب العظيم وهو القرآن حرم الله عليهم نساء المسلمين حتى يؤمنواً بنبيه ورسوله محمد، - صلى الله عليه وسلم -، خاتم الأنبياء والمرسلين فإذا آمنوا به حل لهم نساؤنا وصار لهم ما لنا وعليهم ما علينا والله - سبحانه - هو الحكم العدل البصير بأحوال عباده العليم بما يصلحهم الحكيم فيم كل شيء تعالى وتقدس وتنزه عن قول الضالين والكافرين(3/171)
وسائر المشركين. وهناك حكمة أخرى وهي أن المرأة ضعيفة سريعة الانقياد للزوج فلو أبيحت المسلمة لرجال أهل الكتاب لأفضى بها ذلك غالبا إلى دين زوجها فاقتضت حكمة الله - سبحانه - تحريم ذلك.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم الزواج من الكتابية
س - هل الإسلام يبيح الزواج من كتابية في حالة وجود الشخص المسلم في بلد نصراني ويحتاج إلى من يعينه في حياته وخوفاً من الانحراف؟
ج- يجوز التزويج من الكتابية إذا كانت محصنة ليس مسافحة؛ لأن الله اشترط في ذلك المحصنات، فإذا كانت الكتابية معروفة بالعفة والبعد عن وسائل الفواحش جاز، لأن الله أبح ذلك وأحل لنا نساءهم وطعامهم.
لكن في هذا العصر يُخشى على من تزوجهن شر كثير، وذلك لأنهن قد يدعونه إلى دينهن وقد يسبب ذلك تنصر أولاده، فالخطر كبير والأحوط للمؤمن ألا يتزوجها، ولأنها لا تؤمن في نفسها في الغالب من الوقوع في الفاحشة، وأن تُعلق عليه أولاداً من غيره. فالأحوط له وإن ظهر أنها غير مسافحة وأنها محصنة ألا يتزوجها وأن يجتهد في تزويج المسلمة المؤمنة حسب الطاقة. لكن إذا أحتاج إلى ذلك فلا بأس حتى يعف بها فرجه ويغض بها بصره ويجتهد في دعوتها إلى الإسلام، والحذر من شرها وأن تجره هي إلى الكفر أو تجر أولاده.
الشيخ ابن باز
* * *
شرطان للزواج من الكتابية
قال تعالى " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " الآية تصريح بصحة زواج الكتابية، فهل ينطبق ذلك على الكتابية الآن وهي تقول " ربي عيسى، أي أنها مشركة؟(3/172)
ج- ظاهر هذه الآية إباحة نساء أهل الكتاب من اليهود والنصارى بشرط الإحصان وهو التعفف عن الزنى ومقدماته، ومعلوم أن أهل الكتاب يدينون بكتبهم وإن كانت منسوخة بهذه الشريعة المحمدية، وتعتبر هذه الآية مخصصة لقوله - تعالى - " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ". وقوله " ولا تمسكوا بعصم الكوافر ". ومع ذكل فقد كره بعض الصحابة هذا النكاح، فنهى عنه عمر وقال أخاف أن يتعاطوا نكاح المومسات. ولكن الجمهور على الإباحة بشرط العفاف، وحفظ الفراش.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الزواج من الكتابية على وفق الشريعة
س - أتابع دراستي في فرنسا وأود الزواج من فتاة فرنسية نصرانية، فما شروط الزواج؟ وكيف يتم الصداق؟ وهل يصح بدونه؟ كما أريد معرفة الفروق بين الزواجد العرفي والزواج الشرعي؟ فأنا من المغرب وأعيش بفرنسا ولا أملك سوى المنحة الدراسية؟
ج- يجوز للمسلم أن يتزوج امرأة من أهل الكتاب من اليهود أو النصارى لقول الله - تعالى - " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخذان ". ولا بد أن يتم زواج المسلم بالكتابية على وفق الشريعة الإسلامية، لأن المسلم يجب عليه أن يتمشى على ما تقتضيه شريعة الإسلام، ولا يصح النكاح بدون صداق، لأن الله - سبحانه وتعالى - اشترط للإحلال أن يكون ذلك بالمال، فقال - تعالى - بعد أن ذكر المحرمات في النكاح " وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين ".
وأما طلب السائل أن يعرف الفرق بين الزواج العرفي والزواج الشرعي فإن الفرق بينهما أن الزواج الشرعي ما كان على وفق الشريعة الإسلامية بأن يكون قد تمت فيه الشروط وانتفت فيه الموانع.
وأما الزواج العرفي فهو ما كان على ما اصطلح عليه أهل العرف ولا يجوز للمسلم(3/173)
أن يعقد على امرأة إلا على وفق الزواج الشرعي، لأنه مسلم ملتزم بأحكام الإسلام، فلو تزوج على وفق الزواج العرفي ولم تقم فيه الشروط الشرعية وتنتفي الموانع كان هذا الزواج فاسداً لا تحل به المرأة لهذا الزوج ولا تترتب عليه أحكام النكاح الشرعي.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم إشهار الزواج في الكنيسية
س - هل يجوز للمؤمن إشهار زواجه من الكتابية في الكنيسة وعلى يد قسيس بعد الزواج بها على سنة الله ورسوله في مكاتب الزواج الإنكليزية؟
ج- لا يجو للمؤمن أن يشهر زواجه من مسلمة أو كتابية في الكنيسة ولا على يد قسيس ولو كان ذلك بعد الزواج بها على سنة الله ورسوله، لما في ذلك مشابهة النصارى في شعار زواجهم، وتعظيم مشاعرهم ومعابدهم، واحترام علمائهم وعبادهم وتوقيرهم لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من تشبه بقوم فهم منهم ". أخرجه الإمام أحمد بإسناد حسن.
اللجنة الدائمة
* * *
أحكام الصداق
المغالاة في المهور
س - بعض الناس هداهم الله يغالون في المهور ويطلبون عند تزويجهم بناتهم مبالغ كبيرة إضافة إلى بعض الشروط الأخرى فهل هذه الأموال التي تؤخذ حلال أم حرام؟
ج- المشروع تخفيف المهر وتقليله وعدم المنافسة في ذلك عملاً بالأحاديث الكثيرة الواردة في ذلك وتسهيلاً للزواج وحرصاً على عفة الشباب والفتيات ولا يوجد للأولياء اشتراط أموال لأنفسهم لأنه حق لهم في ذلك بل الحق للمرأة وحدها إلا الأب خاصة فله أن يشترط ما لا يضر بالبنت ولا يعوق تزويجها وإن ترك ذلك فهو خير وأفضل وقد قال الله - سبحانه(3/174)
وتعالى - " وأنكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ". وقال، - صلى الله عليه وسلم -، من حديث عقبه بن عامر - رضي الله عنه " خير الصداق أيسره ". أخرجه أبو داود وصححه الحاكم، وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لما أراد أن يزوج بعض أصحابه امرأة وهبت نفسها له عليه الصلاة والسلام " التمس ولو خاتماً من حديد ". فلما لم يجد زوجه إياها على أن يعلمها القرآن سوراً عدها للخاطب. وكان مهور نسائه، - صلى الله عليه وسلم -، خمسمائه درهم (تعادل اليوم مائة وثلاثين ريالاً تقريباً) . ومهور بناته أربعمائة درهم (تعادل مائة ريال تقريباً) وقد قال الله " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ". وكلما كانت التكاليف أقل وأيسر سهل إعفاف الرجل والنساء وقلت الفواحش والمنكرات وكثرت الأمة.
وكلما عظمت التكاليف وتنافس الناس في المهور قل الزواج وكثر السفاح وتعطل الشباب والفتيات إلا من شاء الله، فنصيحتي لجميع المسلمين في كل مكان تيسير النكاح وتسهيله والتعاون في ذلك والحذر من المطالبة بالمهور الكثيرة والحذر أيضاً من التكلف في الولائم والاكتفاء بالوليمة الشرعية التي لا تكلف الزوجين كثيراً.
أصلح الله حال المسلمين جميعاً ووفقهم للتمسك بالسنة في كل شيء.
الشيخ ابن باز
* * *
أعظم الزواج بركة أيسره مؤونة
س - ما رأيكم في غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج خاصة الإعداد لما يقال عنه " شهر العسل " بما فيه من تكاليف باهظة. هل الشرع يقر هذا؟
ج- إن المغالاة في المهور وفي الحفلات كل ذلك مخالف للشرع فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة وكلما قلت المؤونة عظمت البركة، وهذا أمر يرجع في أكثر الأحيان إلى النساء لأن النساء هن اللاتي يحملن أزواجهن على المغالاة في الحفلات مما نهى عنه الشرع وهو يدخل تحت قوله - سبحانه وتعالى - " ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ". وكثير من النساء يحملن(3/175)
أزواجهن على ذلك أيضاً، ويقلن إن حفل فلان حدث به كذا وكذا، ولكن الواجب في مثل هذا الأمر أن يكون الوجه المشروع ولا يتعدى فيه الإنسان حده ولا يسرف، لأن الله - سبحانه وتعالى - نهى عن الإسراف وقال " إنه لا يحب المسرفين ". أما ما يقال عن شهر العسل فهو أخبث وأبغض لأنه تقليد لغير المسلمين وفيه إضاعة أموال كثيرة، وفيه أيضا تضييع لكثير من أمور الدين خصوصاً إذا كان يقضى في بلاد غير إسلامية فإنهم يرجعون بعادات وتقاليد ضارة لهم ولمجتمعهم وهذه أمور يخشى منها على الأمة، أما لو سافر الإنسان بزوجته للعمرة أو لزيارة المدينة فهذا لا بأس به إن شاء الله.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الحل لمشكلة غلاء المهور
س - غلاء المهور مشكلة اجتماعية لابد من وضع حل لها، فما هو رأيكم في هذه المشكلة الخطيرة؟
ج- لا شك أن غلاء المهور مشكلة اجتماعية يجب التعاون بين الدولة والعلماء وأعيان البلاد في حلها وذلك بالتواصي بتخفيف المهور وبيان فوائد ذلك وفعل ذلك عمليا حتى يقتدي بمن فعل ذلك من الأمراء والعلماء والأعيان. وقد ثبت من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لم يصدق أحدا من نسائه أكثر من خمسمائة درهم، وهو،، القدوة في أقواله وأعماله وقد يروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " خير الصداق أيسره ". وقال عليه السلام " أبركهن أيسرهن مهوراً ". وقد زوج، - صلى الله عليه وسلم -، بعض أصحابه امرأة على أن يعاملها شيئاً من القرآن الكريم لما لم يجده عنده مالاً.
والأحاديث عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والآثار عن السلف الصالح كلها تدل على شريعة التسامح في المهور، وعدم التكلف في الولائم ولا شك أن التسابق في هذه الأمور مما يسبب مبادرة الشباب للزواج وإعفاف الكثير منهم ومن الفتيات، وحماية المجتمع من مكائد الشيطان ونزغاته لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج(3/176)
فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ". متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
شرط الصداق أحق الشروط
س - هل يصح تقسيط مؤخر الصداق لأني لا أملك المبلغ كاملاً؟
ج- يجوز للإنسان أن يتزوج المرأة على مهر بعينه سواء كان حالاً أم مؤجلاً، وله أن يتفق مع الزوجة على تأجيل الصداق كله أو تأجيل بعضه، وإذا اتفقا على ذلك وتعاقدا على ذلك فإنه يجب على كل منهما أن يوفي بما اشترط عليه لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إن أحق الشروط أن توفوا به ما أستحللتم به الفروج ".
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم مؤخر الصداق
س - ما حكم مؤخر الصداق للمرأة في الشرع؟ هل هو حرام أم حلال؟
ج- مؤخر الصداق لا بأس به، فإذا تم الاتفاق مثلاً على عشرة آلاف معجلة وعلى عشرة مؤخرة أو عشرين ألفاً، فالمسلمون عند شروطهم، يقول الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، " أحق ما أوفيتم من الشروط ما استحللتم به الفروج ". فإذا كان مهراً مؤخراً إلى أجل أو عند الطلاق أو الموت فيؤدى إليها، والله ولي التوفيق.
لشيخ ابن باز
* * *
تأخير الصداق جائز
س - هل المؤجل (المؤخر) في الزواج جائز أم لا؟
ج- يجوز تأخير بعض الصداق للمصلحة قليلاً كان أو كثيراً ويجوز تحديد الأجل الذي(3/177)
يدفعه الزوج فيه، وإذا لم يحدد فإنه يحل بالطلاق أو الوفاة.
الشيخ ابن جبرين
* * *
لابد من المال في النكاح
س - هل يجوز للمسلم أن يزوج ابنته لرجل لوجه الله تعالى ولا يأخذ مهراً في ذلك؟
ج- لابد في النكاح من وجود المال، لقوله - سبحانه وتعالى - " وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم " الآية، وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، في حديث سهل بن سعد المتفق على صحته للذي خطب المرأة التي وهبت نفسها للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، " التمس ولو خاتما من حديد ". ومتى تزوج إنسان على غير مهر وجب للمرأة مهر المثل ويجوز أن يتزوج على تعليم المرأة شيئاً من القرآن أو الحديث أو شيئاً معلوماً من العلوم النافعة، لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، زوج الخاطب المذور المرأة الواهبة على أن يعلمها من القرآن لما لم يجد مالاً. والمهر حق للمرأة فمتى تنازلت عنه بعد ذلك وهي رشيدة صح ذلك لقول الله - عز وجل " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ". الآية.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم الزواج من مال الأب المرابي
س - الحمد لله، فقد رزقني الهداية ومقبل على الزواج إن شاء الله في الوقت الحالي، والمشكلة أن والدي - هداه الله - يتعامل بالربا، وسوف يساعدني مادياً في أمر هذا الزواج. وإنني الآن في حيرة فأنا لا أمتلك قيمة المهر، وفي ذاته فإنني أخشى قبول مساعدة والدي من ماله الحرام، وهذا معناه أني سوف أظل دون شريكة حياة لسنوات قادمة، فماذا أفعل؟
ج- أحب أن أعطي الأخ السائل والقراء قاعدة مفيدة، وهي ما حُرمِّ لكسبه فهو حرام على الكاسب فقط، وأما ما حرم لعينه فهو حرام على الكاسب وغيره.
مثال على ذلك لو أن أحداً أخذ مال شخص بعينه وأراد أن يعطيه آخر لبيع أو هبة قلنا هذا حرام لأن هذا المال محرم بعينه.(3/178)
أما الكسب الذي يكون محرما كالكسب عن طريق الربا أو عن طريق الغش - أو ما أثبته ذلك - فهذا حرام على الكاسب وليس حرام على من أخذه بحق ودليل هذا أن النبي، عليه الصلاة والسلام، كان يقبل من اليهود ويجيب دعوتهم ويأكل من طعامهم ويشتري منهم، ومعلوم أن اليهود يتعاملون بالربا كما ذكر الله عنهم في القرآن.
وبناء على هذه القاعدة أقول لهذا السائل خذ جميع ما تحتاجه للزواج من مال أبيك فهو حلال لك وليس حرام، وإنما الإثم على أبيك واسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يمنِّ عليه بالهداية والتوبة والإقلاع عن الربا، وليعلم والدك أن الله - قال في كتابه الكريم " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ".
فماذا يتصورون معنى تلك الآية؟ يقول المفسرون عن معناها إن هؤلاء الذين يأكلون الربا إذا بعثوا يوم القيامة يقومون كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي من الجنون، وهذا أبلغ في العقوبة التي تخزيهم يوم القيامة أمام الناس.
وقال بعض العلماء المتأخرين إن معنى الآية أن الذين يأكلون الربا يمارسون هذه المعاملة كممارسة المجنون بحيث تذهب بعقولهم وأفكارهم وأبدانهم وينشغلون بها عن كل شيء، والآية إذا كانت تحتمل هذا المعنى فإن هذا المعنى لدينا هو المعنى الأول، الذي اتفق عليه جمهور العلماء والمفسرون، وأنهم معاقبون في الدنيا بهذا الجشع والشح ويعاملون في الآخرة بتلك العقوبة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
إذا توفي الزوج قبل الدخول فلزوجته جميع المهر
س - توفي زوج بعد أن عقد نكاحه وقبل أن يدخل على زوجته الدخول الشرعي، فهل يجوز لأهل الزوج أن يسترجعوا المهر الذي دفعوه لأهل الزوجة؟
ج- إذا توفي الزوج قبل أن يدخل بزوجته وجب لها جميع المهر المسمى بمجرد وفاة زوجها، لأن المهر يتم استحقاق الزوجة له كله بموت الزوج كما يتم بدخوله بها، سواء في ذلك ما(3/179)
دفع منه وما لم يدفع، وليس لوالد الزوج ولا لأمه استحقاق شيء من المهر، لا قليل، ولا كثير، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
* * *
دفع جزءا من المهر ثم تركه
س - تقدم أحد أقاربي لخطبة أختي، ودفع جزءاً من المهر وبعد سنة تركها وتزوج بأخرى، ما حكم هذا المبلغ الذي دفعه كجزء من المهر؟ وهل هو حق له أم لأختي؟
ج- هذا المبلغ دفعه إليكم باختياره ورضاء ثم تركه لكم بعد أن رغب الزواج لديكم، وذلك دليل على عفوه عنه فتستحقونه مقابل الخطبة والإجابة ومقابل حبسه لابنتكم هذه المدة، ولأنه قد تركه ولم يطالب بإعادته لكن إذا طلبه بعد ذلك فلكم رده أو بعضه حسب الاتفاق.
الشيخ ابن جبرين
* * *
وليمة العرس ومنكرات الأفراح
حكم كتابة البسملة على بطاقات الدعوة
س - ما حكم كتابة البسملة على بطاقات الزواج نظراً لأنها ترمي بعد ذلك في الشوارع أو في سلال المهملات؟
ج- يُشرع كتابة البسملة في البطاقات وغيرها من الرسائل لما روى عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بسم الله فهو أمر أبتر ". ولأنه، - صلى الله عليه وسلم -، كان يبدأ رسائله بالتسمية، ولا يجوز لمن يتسلم البطاقة أو الرسالة التي فيها ذكر الله أو آية من القرآن أن يلقبها في المزابل أو القمامات أو يجعلها في محل يرغب عنه، وهكذا الجرائد وأشباها لا يجوز امتهانها(3/180)
ولا إلقاؤها في القمامة ولا جعلها سفرة للطعام ولا ملفاً للحاجات، لما يكون فيها من ذكر الله - عز وجل - والإثم على من فعل ذلك، أما الكاتب فليس عليه إثم.
وفق الله المسلمين لكل خير.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم إقامة الأفراح في الفنادق
س - ما رأي سماحتكم في الحفلات التي تقام في الفنادق؟
ج- الحفلات التي تقام في الفنادق فيها أخطاء وفيها مؤاخذات متعددة منها أن بها في الغالب إسرافاً وزيادة لا حاجة إليها.
والأمر الثاني أن ذلك يفضي إلى التكاليف في اتخاذ الولائم في الفنادق والزيادة وحضور من لا حاجة إليه.
والأمر الثالث أنه قد يؤدي إلى الاختلاط بين الرجال والنساء من الفندق وغيرهم، فيكون هذا اختلاطاً مشيناً منكراً، ولهذا صدر من هيئة كبار العلماء قرار رفع إلى جلالة الملك مضمونة النصيحة بأن تمنع الولائم والأعراس في الفنادق وأن يصنع الناس ولائمهم في بيوتهم، وألا يتكلفوا في الفنادق. لما تقضي إليه تلك الولائم من الشرور وهكذا قصور الأفراح التي تستأجر بنقود كثيرة. كل هذا صدر في النصيحة بأن تمنع رفقاً بالناس وحرصاً على الاقتصاد وعدم الإسراف والتبذير وحتى يتمكن المتوسطون في الدخل من الزواج وعدم التكلف. لأنه إذا رأى ابن عمه أو قريبه يتكلف في الفنادق وفي الولائم الكبيرة إما أن يماثله ويشابهه فيتكلف الديون والنفقات الباهظة وإما أن يتأخر ويتقاعس عن الزواج خوفاً من هذه التكلفة.
فنصيحتي لجميع المسلمين ألا يقيموها في الفنادق وألا يقيموها في قصور الأفراح الغالية، إنما في قصر نفقته قليلة وعدم إقامتها في قصور الأفراح وإقامتها في البيت أولى، أو في بيت أقاربه إذا أمكن ذلك.
الشيخ ابن باز
* * *(3/181)
المغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواج
قرار رقم 52 وتاريخ 4 4 1397هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد
فإن مجلس هيئة كبار العلماء قد اطلع في دورته العاشرة المعقودة في مدينة الرياض فيما بين يوم 21 3 1397هـ و 1 4 1397هـ على البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة من هيئة كبار العلماء في موضوع تحديد مهور النساء بناءاً على ما قضى به أمر سمو نائب رئيس مجلس الوزراء من عرض هذا الموضوع على هيئة كبار العلماء لإفادة سموه بما يتقرر وجرى استعراض بعض ما رفع للجهات المسئولة عن تمادي الناس في المغالاة في المهور والتسابق في إظهار البذخ والإسراف في حفلات الزواج وبتجاوز الحد في الولائم وما يصحبها من إضاءات عظيمة خارجة عن حد الاعتدال ولهو وغناء بالآت طرب محرمة بأصوات عالية قد تستمر طوال الليل حتى تعلو في بعض الأحيان على أصوات المؤذنين في صلاة الصبح وما يسبق ذلك من ولائم الخطوبة وولائم عقد القرأن كما استعرض بعض ما ورد في الحث على تخفيف المهور والإعتدال في النفقات والبعد عن الإسراف والتبذير فمن ذلك قوله الله - تعالى - " ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً ". وقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيما رواه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال سألت عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، كم كان صداق رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قالت صداقة لأزواجه اثنيى عشرة أوقية ونشا قالت أتدري ما النشُّ قلت لا. قالت نصف أوقية فذلك خمسمائة درهم ". قال عمر - رضي الله عنه - " ما علمت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، نكح شيئاً من نسائه ولا أنكح شيئاً من بناته على أكثر من أثنيى عشرة أوقية ". قال الترمذي حديث حسن صحيح. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة - رضي الله عنهما - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، زوج امرأة رجلا بما معه من القرآن.
وروى الترمذي وصححه أن عمر - رضي الله عنه - قال " لا تغلوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عن الله كان أولاكم بها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ما أصدق رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية وإن(3/182)
كان الرجل ليبتلي بصدقة امرأته حتى يكون عداوة في نفسه وحتى يقول كلفت لك علق القربة " والأحاديث والآثار في الحض على الاعتدال في النفقات والنهي عن تجاوز الحاجة كثيرة معلومة وبناء على ذلك ولما يسببه هذا التمادي في المغالاة في المهور والمسابقة في التوسع في الولائم بتجاوز الحدود المعقولة وتعدادها قبل الزواج وبعده وما صاحب ذلك من أمور محرمة تدعو إلى تفسخ الأخلاق من غناء واختلاط الرجال بالنساء في بعض الأحيان ومباشرة الرجال لخدمة النساء في الفنادق إذا اقيمت الحفلات فيها مما يعد من أفحش المنكرات ولما يسببه الانزلاق في هذا الميدان من عجز الكثير من الناس عن نفقات الزواج فيجرهم ذلك إلى الزواج من مجتمع لا يتفق في أخلاقه وتقاليده مع مجتمعنا فيكثر الانحراف في العقيدة والأخلاق بل قد يجر هذا التوسع الفاحش إلى انحراف الشباب من بنين وبنات، ولذلك كله فإن مجلس هيئة كبار العلماء يرى ضرورة معالجة هذا الوضع معالجة جادة وحازمة بما يلي
يري المجلس منع الغناء الذي أحدث في حفلات الزواج بما يصحبه من آلات اللهو وما يستأجر له من مغنين ومغنيات وبالآت تكبير الصوت، لأن ذلك منكر محرم يجب منعه ومعاقبة فاعله.
منع اختلاط الرجال بالنساء في حفلات الزواج وغيرها ومنع دخول الزوج على زوجته بين النساء السافرات ومعاقبة من يحصل عندهم ذلك من زوج وأولياء الزوجة معاقبة تزجر عن مثل هذا من المنكر.
منع الإسراف وتجاوز الحد في ولائم الزواج وتحذير الناس من ذلك بواسطة مأذوني عقود الأنكحة وفي وسائل الإعلام وأن يرغب الناس في تخفيف المهور ويذم لهم الإسراف في ذلك على منابر المساجد وفي مجالس العلم وفي برامج التوعية التي تبث في أجهزة الإعلام.
يرى المجلس بالأكثرية معاقبة من أسرف في ولائم الأعراس إسرافا بيناً وأن يحال بواسطة أهل الحسبة إلى المحاكم ليعزر من يثبت مجاوزته الحد بما يراه الحاكم الشرعي(3/183)
من عقوبة رادعة زاجرة تكبح جماع الناس عن هذا الميدان المخيف، لأن من الناس من لا يمتنع إلا بعقوبة وولي الأمر وفقه الله عليه أن يعالج مشكلات الأمة بما يصلحها ويقضي على أسباب انحرافها وأن يوقع على كل مخالف من العقوبة ما يكفي لكفّه.
يرى المجلس الحث على تقليل المهور والترغيب في ذلك على منابر المساجد وفي وسائل الإعلام وذكر الأمثلة التي تكون قدوة في تسهيل الزواج إذا وجد من الناس من يرد بعض ما يدفع إليه من مهر أو اقتصر على حفلة متواضعة لما في القدوة من التأثير.
يرى المجلس أن من أنجح الوسائل في القضاء على السرف والإسراف أن يبدأ بذلك قادة الناس من الأمراء والعلماء وغيرهم من وجهاء الناس وأعيانهم وما لم يمتنع هؤلاء من الإسراف وإظهار البذخ والتبذير فإن عامة الناس لا يمتنعون من ذلك لأنهم تبع لرؤسائهم وأعيان مجتمعهم فعلى ولاة الأمر أن يبدأوا في ذلك بأنفسهم ويأمرون به ذوي خاصتهم قبل غيرهم ويؤكدوا على اقتداءاً برسول الله،، وصحابته - رضوان الله عليهم - واحتياطاً لمجتمعهم لئلا تتفشى في العزوبة التي تنتج عنها انحراف الأخلاق وشيوع الفساد، وولاة الأمر مسؤولون أمام الله عن هذه الأمة وواجب عليهم كفهم عن السوء ومنع أسبابه عنهم وعليهم تقصي الأسباب التي تثبط الشباب عن الزواج، ليعالجوها بما يقضي على هذا الظاهرة والحكومة أعانها الله ووفقها قادرة بما أعطاها الله من إمكانيات متوفرة ورغبة أكيدة في الإصلاح أن تقضي على كل ما يضر بهذا المجتمع أو يوجد فيه أي انحراف وفقها الله لنصرة دينه وإعلاء كلمته وإصلاح عباده وأثابها أجزل الثواب في الدنيا والآخرة، وصلى الله على محمد، وآله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
* * *
حكم الاغاني والربابة والدف والطبل في الزواج وغيره
س - ما حكم الأغاني؟ هل هي حرام أم لا رغم أنني أسمعها بقصد التسلية فقط وما حكم العزف على الربابة والأغاني القديمة؟ وهل القرغ على الطبل في الزواج حرام على الرغم من أنني سمعت أنها حلال ولا أدري؟
ج- الاستماع إلى الاغاني حرام ومنكر ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدها عن ذكر(3/184)
الله وعن الصلاة، وقد فسر أكثر من أهل العلم قوله - تعالى - " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " بالغناء وكان عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل - رضي الله عنه - يقسم على أن لهو الحديث هو الغناء، وإذا كان مع الغناء آلة كالربابة والعود والكمان والطبل صار التحريم أشد، وذكر بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو محرم إجماعاً فالواجب الحذر من ذلك، وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ". والحر هو الفرج الحرام يعني الزنا، والمعازف هي الأغاني وآلات الطرب، وأوصيك وغيرك من النساء والرجال بالإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله - عز وجل - كما أوصيك وغيرك بسماع إذاعة القرآن وبرامج نور على الدرب ففيهما فوائد عظيمة وشغل شاعل عن سماع الأغاني وآلات الطرب.
أما الزواج فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلى محرم ولا مدح لمحرم في وقت من الليل للنساء خاصة لإعلان النكاح والفرق بينه وبين السفاح كما صحت السنة بذلك عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -.
أما الطبل فلا يجوز ضربه في العرس بل يكتفي بالدف خاصة ولا يجوز استعمال مكبرات الصوت في إعلان النكاح وما يقال فيه من الأغاني المعتادة لما في ذلك من الفتنة العظيمة والعواقب الوخيمة وإيذاء المسلمين، ولا يجوز أيضاً إطالة الوقت في ذلك بل يكتفي بالوقت القليل الذي يحصل به إعلان النكاح، لأن إطالة الوقت تقضي إلى إضاعة صلاة الفجر والنوم عن أدائها في وقتها وذلك من أكبر المحرمات ومن أعمال المنافقين.
الشيخ ابن باز
* * *
بعض منكرات الأعراس
س - فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ، إنه في الآونة الأخيرة وبمناسبة بدء الإجازة الصيفية كثرت الأخطاء في مناسبات الزواج في المنازل أو قصور الأفراح وفي القصور أشد وأقبح مثل الضرب بمكبر الصوت والغناء من النساء والتصوير بالفيديو والأشد من ذلك الرجل المتزوج يقبل زوجته(3/185)
أمام النساء، فأين الحياء من الله؟ وعند إسداء النصح من الغيورين على محارم الله يجابهون بالقول الشيخ الفلاني أفتى بجواز الطبل فإذا كان هذا صحيحاً أليس لهذا الطبل ضوابط وحدود توضح للناس ليقف عندها هؤلاء المتهورين؟ نرجو من فضيلتكم إيضاح الحق للمسلمين وجزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ج- الحق في الدفّ أيام العرس أنه جائز أو سنة إذا كان في ذلك إعلان النكاح، ولكن بشروط
الشرط الأول أن يكون الضرب بالدف وهو ما يسمى عند بعض الناس - (الطار) وهو المختوم من وجه واحد، لأن المختوم من الوجهين يسمى (الطبل) وهو غير جائز، لأنه من آلات العزف، والمعازف كلها حرام إلا ما دل الدليل على حله وهو الدف حال أيام العرس.
الشرط الثاني أن لا يصحبه محرم كالغناء الهابط المثير للشهوة، فإن هذا ممنوع سواء كان معه دُف أم لا، وسواء كان في أيام العرس أم لا.
الشرط الثالث أن لا يحصل بذلك فتنة كظهور الأصوات الجميلة للرجال، فإن حصل بذلك فتنة كان ممنوعا.
الشرط الرابع أن لا يكون في ذلك أذية على أحد، فإن كان فيه أذية كان ممنوعاً مثل أن تظهر الأصوات عبر مكبرات الصوت، فإن في ذلك أذية على الجيران وغيرهم ممن ينزعج بهذه الأصوات ولا يخلو من فتة أيضاً، وقد نهى، - صلى الله عليه وسلم -، المصلين أن يجهر بعضهم على بعض في القراءة لما في ذلك من التشويش والإيذاء فكيف بأصوات الدفوف والغناء؟ !
وأما تصوير المشهد بآلة التصوير فلا يشك عاقل في قبحة ولا يرضى عاقل فضلاً عن مؤمن أن تلتقط صور محارمه من الأمهات والبنات والأخوات والزوجات وغيرهن لتكون سلعة تعرض لكل واحد، أو ألعوبة يتمتع بالنظر إليها كل فاسق.
وأقبح من ذلك تصوير المشهد بواسطة الفيديو لأنه يصور المشهد حياً بالمرأى والمسمع، وهو أمر ينكره كل ذي عقل سليم ودين مستقيم، ولا يتخيل أحد أن يستبيحه(3/186)
من عنده حياء وإيمان.
وأما الرقص من النساء فهو قبيح لا نفتي بجوازه لما بلغنا من الأحداث التي تقع بين النساء بسببه. وأما إن كان من الرجال فهو أقبح، وهو من تشبه الرجال بالنساء ولا يخفي ما فيه، وأما إن كان بين الرجال والنساء مختلطين كما يفعله بعض السفهاء فهو أعظم وأقبح لما فيه من الاختلاط والفتنة العظيمة لاسيما وأن المناسبة مناسبة نكاح ونشوة عرس.
وأما ما ذكره السائل من أن الزوج يحضر مجمع النساء ويقبل زوجته أمامهن فإن تعجب فعجب أن يحدث مثل هذا من رجل أنعم الله عليه بنعمة الزواج فقابلها بهذا الفعل المنكر شرعاً وعقلاً ومروءة. وكيف يبيح لنفسه أن يقوم بهذا الفعل أمام النساء وفي نشوة العرس الذي هو مثار الشهوة، ثم كيف يمكنه أهل الزوجة من ذلك أفلا يخافون أن يشاهد هذا الرجل في مجتمع هؤلاء النساء من هي أجمل من زوجته وأبهى فتسقط زوجته من عينه ويدور في رأسه من التفكير الشيء الكثير، وتكون العاقبة بينه وبين عرسه غير حميدة.
إنني في ختام جوابي هذا أنصح إخواتي المسلمين من القيام بمثل هذه الأعمال السيئة، وأدعوهم إلى القيام بشكر الله على هذه النعمة وغيرها، وأن يتبعوا طريق السلف الصالح فيقتصروا على ما جاءت به السنة، ولا يتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل، وأسال الله - تعالى - أن يوفقني وإخواني المسلمين لما يحبه ويرضاه، ويعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه قريب مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
كثرة الولائم والسهر أمر لا يحمد عقباه
س - المبالغة في حفلات الزواج والمهور وكثرة الولائم والسهر بالنسبة للنساء حتى قبيل الفجر سواء في قصور الأفراح أو الفنادق وما يصاحب ذلك من سماع الأغاني وغير ذلك، ما هي نصيحتكم للناس بصفة عامة، والنساء على وجه الخصوص لتجنب هذه الأمور الضارة؟ وهل يجوز تحديد المهور والولائم وتيسيرها؟
ج- إن المبالغة في حفلات الزواج والمهور بكثرة الولائم والسهر من الأمور التي لا تحمد عقباها فإن أعظم النكاح بكرة أيسره مؤونة وكلما قلت المؤونة بالنسبة للنكاح زادت بركته(3/187)
وسهل على الزوج أن يقوم بما يجب عليه لزوجته من العشرة بالمعروف، وأما ما يحصل في بعض الاجتماعات ليلة الزفاف من سماع الأغاني والكلمات النابية والاختلاط فإن هذا لا يحل، والواجب على الناس أن يكون اجتماعهم في مثل هذا الأمر اجتماعا موافقاً للشرع مطابقاً له حتى لا يكونوا ممن بدل نعمة الله كفراً، والذي ينبغي لإخواني المسلمين أن يجتمع الشرفاء والكبراء وأن يسنوا للناس سنة طيبة في هذه الأمور، في تيسير المهور، وعدم الإسراف في الولائم وعدم السهر إلى منتصف الليل أو أكثر وما أشبه ذلك مما يرجى لهم الخير إذا كانوا فيه قدوة صالحة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
جلوس العروسين بين النساء منكر
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز من الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروس بين النساء يجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات وربما حضر معه غيره من أقاربه أو أقاربها من الرجال.
ولا يخفي على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة النساء الفاتنات المتبرجات، وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة، فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسما لأسباب الفتنة وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر، وإني أنصح جميع إخواني المسلمين بأن يتقوا الله ويلتزموا شرعه في كل شيء، وأن يحذروا كل ما حرم الله عليهم، وأن يبتعدوا عن أسباب الشر والفساد في الأعراس وغيرها التماسا لرضي الله - سبحانه وتعالى - وتجنباً لأسباب سخطه وعقابه.
الشيخ ابن باز
* * *
لا يجوز (زف) العريس مع العروسة
س - هل يجوز زف العريس مع العروس بين النساء في الأفراح؟
ج- لا يجوز هذا الفعل فإنه دليل على نزع الحياة وتقليد لأهل الخنا والشر بل الأمر واضح فإن العروس تستحي أن تبرز أمام الناس، فكيف تزف أمام الأشهاد.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/188)
تحديد النسل وتنظيمه
حكم تحديد النسل وتنظيم
س - ورد إلى اللجنة الدائمة السؤال التالي هل يجوز للمسلم تنظيم أسرته باتباع الوسائل المختلفة في تحديد النسل؟
ج- لقد سبق أن بحث مجلس هيئة كبار العلماء هذه المسألة فأصدر قراراً مضمونة ما يأتي
نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة من الله بها على عباده فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها. ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب- تعالى - لعباده. ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها. وحيث أن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله - تعالى - وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق، لأن الله - تعالى - هو الرازق ذو القوة المتين " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ". أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان، فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة، وما روي عن جمع الصحابة - رضوان الله عليهم - من جواز العزل - وتمشياً مع ما صرح به الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *(3/189)
حكم تحديد النسل من أجل الفقر
س - دخلي محدود. ولدي أولاد كثيرون، فهل يجوز أن أحدد النسل؟
ج- لا يجوز تحديد النسل لقوله - تعالى - " نحن نرزقهم وإياكم ". وهناك طرق لتأخير الحمل منها إرضاع الطفل، فإن مع الرضاع عادة لا يحصل الحمل، ومنها تأخير الوطء بعد الطهر بأسبوع أو أسبوعين فإن العادة انعقاد الحمل بإذن الله بالوطء بعد الطهر من الحيض مباشرة، ومنها استعمال العزل وهو الإنزال خارج الفرج، ويجوز باتفاق الزوجين، ويجوز إسقاط النطفة قبل الأربعين بدواء مباح لغرض صحيح.
الشيخ ابن جبرين
* * *
ضوابط استخدام حبوب منع الحمل
س - متى يجوز للمرأة استخدام حبوب منع الحمل؟ ومتى يحرم عليها ذلك؟ وهل هناك نص صريح أو رأي فقهي بتحديد النسل؟ وهل يجوز للمسلم أن يعزل أثناء المجامعة بدون سبب؟
ج- الذي ينبغي للمسلمين أن يكثروا من النسل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً لأن ذلك هو الأمر الذي وجه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إليه في قوله " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم ". ولأن كثرة النسل كثرة للأمة وكثرة الأمة من عزتها كما قال - تعالى - ممتنا على بني إسرائيل بذلك " وجعلناكم أكثر نفيراً " وقال شعيب لقومه " اذكروا إذ كنتم قليلاً فكثركم ". ولا أحد ينكر أن كثرة الأمة سبب لعزتها وقوتها على عكس ما يتصوره أصحاب ظن السوء الذين يظنون أن كثرة الأمة سبب لفقرها وجوعها. إن الأمة إذا كثرت واعتمدت على الله - عز وجل - وآمنت بوعده في قوله " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ". فإن الله ييسر لها أمرها وبغنيها من فضله. بناء على ذلك تتبين إجابة السؤال فلا ينبغي للمرأة أن تستخدم حبوب منع الحمل إلا بشرطين
الشرط الأول أن تكون في حاجة لذلك مثل أن تكون مريضة لا تتحمل الحمل كل سنة أو نحيفة الجسم أو بها موانع أخرى تضرها أن تحمل كل سنة.(3/190)
والشرط الثاني أن يأذن لها الزوج لأن للزوج حقاً في الأولاد والإنجاب ولابد كذلك من مشاروة الطبيب في هذه الحبوب هل أخذها ضار أو ليس ضار، فإذا تم الشرطان السابقان فلا بأس باستخدام هذه الحبوب، لكن على ألا يكون ذلك على سبيل التأييد أي أنها لا تستعمل حبوباً تمنع الحمل منعاً دائماً، لأن في ذلك قطعاً للنسل.
وأما الفقرة الثانية من السؤال فالجواب عليها أن تحديد النسل أمر لا يمكن في الواقع ذلك أن الحمل وعدم الحمل كله بيد الله - عز وجل - ثم إن الإنسان إذا حدد عدداً معيناً فإن هذا العدد قد يصاب بآفة تهلكه في سنة واحدة ويبقى حينئذ لا أولاد له ولا نسل له، والتحديد أمر غير وارد بالنسبة للشريعة الإسلامية ولكن منع الحمل يتحدد بالضرورة على ما سبق في جواب الفقرة الأولى وأما الفقرة الثانية والخاصة بالعزل أثناء الجماع بدون سبب فالصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا بأس به لحديث جابر - رضي الله عنه - " كنا نعزل والقرآن ينزل ". يعني على عهد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان هذا الفعل حراماً لنهى الله عنه، ولكن أهل العلم يقولون إنه لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها أي لا يعزل عن زوجته الحرة إلا بإذنها، لأن لها حقا في الأولاد، ثم إنه في عزله بدون إذنها نقصاً في استمتاعها، فاستمتاع المرأة لا يتم إلا بعد الإنزال، وعلى هذا ففي عدم استئذانها تفويت لكمال استمتاعها وتفويت لما يكون من الأولاد ولهذا اشترطنا أن يكون بإذنها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
منع الحمل لا يجوز ألا في حالات فردية
س - رجل تزوج امرأة بعد زوجها الأول ومعها بنت رضيع فهل يجوز لها أكل الحبوب لمدة سنة كاملة لمنع الحمل من الزوج الثاني دون موافقته علماً بأنها بصحة جيدة لا تعوق الحمل فهل يجوز أم لا؟
ج- تحديد النسل محرم مطلقاً لما جاء في الشريعة الغراء من النهي عن التبتل والتشديد في ذلك والترغيب في التزويج بالولود الودود، فيكون تناول حبوب منع الحمل محرماً إلا في حالات فردية نادرة لا عموم لها، كما في الحالة التي تدعو الحامل إلى ولادة غير عادية،(3/191)
ويضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، وفي حالة ما إذا كان على المرأة خطر من الحمل لمرض ونحوه، وهذا لا ينطبق على حالة المرأة المذكورة في السؤال، فلا يجوز لها التسبب في منع الحمل. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم التعقيم وقطع النسل
س - ماذا يقول علماء الإسلام وفقهاء الدين في مسألة تحديد النسل والتعقيم البشري وقطع عروق التناسل والرجولية لذلك برضى أو إكراه؟ هل يجوز في دين الله؟ بينوا أثابكم الله الجواب الشافي على ضوء الكتاب والسنة؟ فإن علماء بلادنا الهند قد اختلفوا في هذه المسألة، فالبعض أحل والبعض حرم، والبعض سكت، فنحن مسلمو الهند حيارى في هذه المسألة لا ندري تمس ديننا أم لا؟
وهل يعتبر هذا العمل (أي عمل تحديد النسل) تدخلاً في دين المسلمون وديانتهم أم لا؟ وهل يجوز لأي حكومة تنادى بحرية الديانات وعدم التدخل في الشؤون الدينية أن تقوم بتحديد النسل على قدم وساق وتجهد المسلمين في ذلك بإرضاء أو إكراه؟ بينوا ووضحوا أجزل الباري ثوابكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج- الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، أما بعد
فمن المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن هذا العمل المذكور في السؤال منكر وظلم للشعوب بل ظلم للبشرية جمعاء، ولا يجوز لأية دولة إسلامية أو غيرها أن تقوم بذلك، لأن التعقيم للرجال أو النساء ظلم عظيم يترتب عليه فساد كبير، وعواقب وخيمة، وهو مخالف للأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، ومخالف للفطرة التي فطر الله عليها العباد، ومخالف لما تقتضيه العقول الصحيحة التي ينشد أربابها المصلحة العامة للبشرية وإذا كان ذلك مع المسلمين ففيه من المضار العظيمة تقليل عددهم ضد عدوهم ومخالفة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، التي أرشد فيها إلى الأخذ بأسباب كثرة النسل، وقال إنه(3/192)
مكاثر بأمته الأمم يوم القيامة، وفي ذلك من الفساد أيضا تقليل من يعبد الله وحده ويدعو إلى شرعه ويعين على إقامة العدل في الأرض وبالجملة فالتعقيم المذكور من أقبح الظلم وقد قال الله - عز وجل - في سورة الفرقان " ومن يظلم منكم نذقه عذاباً كبيراً ". وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ". والأدلة على تحريم هذا التعقيم وأنه من أنواع الظلم المحرم فعله من الكتاب والسنة كثيرة جداً، فنسأل الله أن يهدي من فعل هذا الفعل المنكر إلى الرجوع إلى الصواب. وأن يرفق المسلمين في كل مكان لما فيه عزهم وجمع كلمتهم على الحق ونصرهم على من خالف أمر ربهم إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، - صلى الله عليه وسلم -.
الشيخ ابن باز
حول تحديد النسل
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه.. أما بعد، فقد نشرت بعض الصحف المحلية منذ أمد قريب خبراً مفادة أن فضيلة المفتي العام في الأردن قد أفتى بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته لزم العمل به، واشتهر هذا الخبر بين الناس، وصار حديث المجالس لاستغرابه واستنكار المسلمين له، ومن أجل ذلك كثر السؤال عن حكم هذه المسألة، وهل هذه الفتوى صواب أم خطأ، فرأيت أن من الواجب على أمثالي بيان ما يدل عليه شرع الله - عز وجل - في هذه المسألة فأقول أعلم أيها القارئ وفقني الله وإياك لإصابة الحق أن اطلعت على الفتوى المذكورة وتأملت ما اعتمد عليه فضيلة المفتي العام في الأردن في إصداره هذه الفتوى المشتملة على القول بإباحة تحديد النسل وأن الحكومة إذا قررته كان العمل به لازماً فألفيته قد ركز فتواه على قوله - عز وجل - " وليسعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله ". وعلى قول النبي، - صلى الله عليه وسلم - " يا معشر الشاب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن(3/193)
لمن يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ". وعلى الأحاديث الدالة على إباحة العزل "(3/194)
ليس من نفس مخلوقة إلا الله خالقها ". وروى عنه، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ليس من كل الماء يكون الحمل ". فأي حجة في أحاديث العزل على تحديد النسل لمن تأمل المقام وأعطاء حقه من النظر وتجرد عن العوامل الأخرى نسأل الله لنا ولفضيلة المفتي العام في الأردن ولسائر إخواننا التوفيق لإصابة الحق والعافية من خطأ الفهم إنه خير مسؤول.
وأما قول المفتي في آخر الفتوى وإذا قررت الدولة ذلك يكون العمل به لازماً لأن من المتفق عيه أن ولي الأمر إذا أخذ بقول ضعيف يكون حتماً، فهذا القول في غاية السقوط بل هو ظاهر البطلان، لأن الحكومة إنما تطاع في المعروف لا فيما يضر الأمة، ويخالف الشرع المطهر، والقول بتحديد النسل مخالف للشرع ومصلحة الأمة فكيف تلزم طاعتها فيه؟ قال الله - عز وجل - في حق نبيه، - صلى الله عليه وسلم -، " ولا يعصينك في معروف " وهو، - صلى الله عليه وسلم -، لا يأمر إلا بالمعروف ولكن الله - عز وجل- أراد إعلام الأمة وإرشادها إلى أن طاعة ولاة الأمور إنما تكون في المعروف، وصح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " إنما الطاعة في المعروف ". وقال عليه الصلاة والسلام " لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق " والأحاديث في هذا المعنى بكثيرة وهذه كلمة موجزة أردنا بها إظهار الحق وكشف اللبس وإرشاد المسلمين إلى ما نعلمه من شرع الله - سبحانه - في هذه المسألة. ونسأل الله أن يوفقنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وأن يمن على الجميع بالفقه في دينه والثبات عليه وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن ونزعات الشيطان إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
الشيخ ابن باز
* * *(3/197)
حكم منع الحمل وتحديد النسل وتنظيمه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه وبعد
ففي الدورة الثامنة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة في النصف الأول من شهر ربيع الآخر عام 1396هـ بحث المجلس موضوع منع الحمل وتحديد النسل وتنظيمه، بناء على ما تقرر في الدورة السابعة للمجلس المنعقد في النصف الأول من شهر شعبان عام 1395هـ من إدراج موضوعها في جدول أعمال الدورة الثامنة، وقد أطلع المجلس على البحث المعد في ذلك من قبل اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، وبعد تداول الرأي والمناقشة بين الأعضاء(3/198)
والاستماع إلى وجهات النظر قرر المجلس ما يلي
" نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة من الله بها على عباده فقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله مما أوردته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في بحثها المعد للهيئة والمقدم لها. ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب - تعالى - لعباده. ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها. وحيث أن في الأخذ بذلك ضربا من أعمال الجاهلية وسوء ظن بالله - تعالى - وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق، لأن الله - تعالى - هو الرزاق ذو القوة المتين " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ". أما إذا كان منع الحمل لضرورة محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد، أو كان تأخيره لفترة ما لمصلحة يراها الزوجان، فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة، وما روي عن جمع من الصحابة - رضوان الله عليهم - من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة، وقد توقف فضيلة الشيخ عبد الله بن غديان في حكم الاستثناء، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في الحكم الشرعي في تحديد النسل
الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه.. وبعد(3/199)
فقد نظر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في موضوع تحديد النسل أو ما يسمى تضليلاً بـ (تنظيم النسل) .
وبعد المناقشة وتبادل الأراء في ذلك قرر المجلس بالإجماع ما يلي
نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية تحض على تكثير نسل المسلمين وانتشاره، وتعتبر النسل نعمة كبرى ومنة عظيمة من الله بها على عباده، وقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، ودلت على أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله - تعالى - لعباده، ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين لتقليل عددهم بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة والشعوب المستضعفة بصفة خاصة، حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعباد أهلها والتمتع بثروات البلاد الإسلامية، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء ظن الله - تعالى - وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها.
لذلك كله فإن المجمع الفقي الإسلامي يقرر بالإجماع أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً ن ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق، لأن الله - تعالى - هو الرزاق ذو القوة المتين، وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعاً. أما تعاطي أسباب منع الحمل أو تأخيره في حالات فردية لضرر محقق لكون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنينن فإنه لا مانع من ذلك شرعاً، وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أمة إذا كان يخشى على حياتها منه بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين.
أما الدعوة إلى تحديد النسل أو منع الحمل بصفة عامة فلا تجوز شرعاً للأسباب المتقدم ذكرها، وأشد من ذلك في الإثم والمنع إلزام الشعوب بذلك وفرضه عليها في الوقت(3/200)
الذي تنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العالمي للسيطرة والتدمير، بدلاً من إنفاقه في التنمية الاقتصادية والتعمير وحاجات الشعوب.
توقيع ………………… توقيع
نائب الرئيس ……………رئيس مجلس المجمع الفقهي
محمد على الحركان …………… عبد الله بن حميد
رحمه الله ………………… رحمه الله
* * *
إحكام التعدد
الأصل في الزواج شرعية التعدد
س - هل الأصل في الزواج التعدد أم الواحدة؟
ج- الأصل في ذلك شرعية التعدد لمن استطاع ذلك ولم يخف الجور لما في ذلك من المصالح الكثيرة في عفة فرجه وعفة من يتزوجهن والإحسان إليهن وتكثير النسل الذي به تكثر الأمة ويكثر من بعيد الله وحده، ويدل على ذلك قوله - تعالى - " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامي فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ". الآية، ولأنه، - صلى الله عليه وسلم -، تزوج أكثر من واحدة، وقد قال الله - سبحانه - " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ". الآية، وقال، - صلى الله عليه وسلم -، لما قال بعض الصحابة، أما أنا فلا آكل اللحم، وقال آخر أما أنا فأصلي ولا أنام، وقال آخر أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال آخر أما أنا فلا أتزوج النساء، فلما بلغ ذلك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال " إنه بلغني كذا وكذا ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وآكل اللحم، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ". وهذا اللفظ العظيم منه، - صلى الله عليه وسلم -، يعم الواحدة والعدد. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *(3/201)
حكم تعدد الزوجات
س - هل تعدد الزوجات مباح في الإسلام أو مسنون؟
ج- تعدد الزوجات مسنون مع القدرة لقوله - تعالى - " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا ". ولفعله عليه الصلاة والسلام، فإنه قد جمع تسع نسوة ونفع الله بهن الأمة، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، أما غيره فليس له أن يجمع أكثر من أربع، ولما في تعدد الزوجات من المصالح العظيمة للرجال والنساء وللأمة الإسلامية جمعاء، فإن تعدد الزوجات يحصل به للجميع غض الأبصار وحفظ الفروج، وكثرة النسل، وقيام الرجال على العدد الكثير من النساء بما يصلحهن ويحميهن من أسباب الشر والانحراف، أما من عجز عن ذلك وخاف ألا يعدل فإنه يكتفي بواحدة لقوله - سبحانه - " فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ".
وفق الله المسلمين جميعاً لما فيه صلاحهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة.
الشيخ ابن باز
* * *
إذا تزوج بأخرى فماذا يعطي الأولى
س - ورد إلى اللجنة السؤال التالي
شخص لديه زوجة وتزوج أخرى وطلبت الأولى أن يعطيها من الحلي مثلما يعطي الثانية فهل يلزمه أن يعطيها أم لا؟
ج- وأجابت بما يلي
لا يلزم من تزوج بامرأة أن يعطي زوجته الأولى مثلما يعطي الثانية من مهر أو حلي تابع للمهر عرفاً، وإن أعطاها ذلك تطبياً وجبراً لخاطرها فحسن، ولاسيما إذا كانت مصلحته في إرضائها ومعاشرتها له مستقبلاً بالحسنى، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *(3/202)
رضا الزوجة الأولى ليس شرطا
س - أنا رجل متزوج منذ سنين ولي عدد من الأولاد وسعيد في حياتي العائلية، ولكنني أشعر أني بحاجة إلى زوجة أخرى، لأنني أريد أن أكون مستقيماً، وزوجة واحدة لا تكفيني حيث لدى كرجل طاقة تزيد عن طاقة المرأة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فأنا أريد زوجة فيها شروط معينة ليست متوفرة في زوجتى التي معي، ولأنني لا أريد أن أقع في الحرم، وفي نفس الوقت أجد صعوبة في الزواج من امرأة أخرى بحكم العشرة، ولأن زوجتي التي لم أر منها مكروها ترفض الزوجة الثانية رفضاً مطلقاً، فماذا تنصحوني؟ وبماذا تنصحون زوجتي لكي تقتنع؟ وهل يحق لها أن ترفض رغبتي في الزواج، خاصة وأنني سوف أعطيها كامل حقوقها، ولدي مقدرة مالية والحمد لله على الزواج؟ أرجو الإجابة بالتفصيل لأن هذا الأمر يهم كثيراً من الناس؟
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكرته في السؤال فإنه يشرع لك أن تتزوج زوجة ثانية وثالثة ورابعة حسب قدرتك وحاجتك لإحصان فرجك وبصرك إذا كنت قادراً على العدل عملاً بقول الله - عز وجل - " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانحكوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ". الآية. وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ". متفق على صحته، ولما في ذلك من التسبب في كثرة النسل، والشريعة تهدف لكثرة النسل، وتدعو إلى ذلك لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة ". والمشروع للزوجة ألا تمانع في ذلك، وأن تسمح لك بالزواج، وعليك أن تحرص على تمام العدل والقيام بكل ما يلزم لهما جميعاً، وهذا كله من باب التعاون على البر والتقوى، وقد قال الله - سبحانه وتعالى - " وتعاونوا على البر والتقوى ". وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ". وأنت أخوها في الله وهي أختك في الله، والمشروع لكما جميعاً التعاون على الخير، وفي الحديث الصحيح المتفق عليه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ". ولكن ليس رضاها شرطا في جواز التعدد وإنما ذلك(3/203)
مطلوب منها لتستمر العشرة بينكما على خير وجه، أصلح الله حال الجميع وكتب لكما جميعاً ما تحمد عاقبته.
الشيخ ابن باز
* * *
لا يشترط رضا الزوجة الأولى لمن أراد الزواج بأخرى
س - مما لا شك فيه أن الإسلام أباح تعدد الزوجات، فهل على الزوج أن يطلب رضا زوجته الأولى قبل الزواج بالثانية؟
ج- ليس بفرض على الزوج إذا أراد أن يتزوج ثانية أن يرضي زوجته الأولى لكن من مكارم الأخلاق وحسن العشرة أن يطيب خاطرها بما يخفف عنها الآلام التي هي من طبيعة النساء في مثل هذا الأمر، وذلك بالبشاشة وحسن اللقاء وجميل القول وبما تيسر من المال إن احتاج الرضي إلى ذلك.
اللجنة الدائمة
* * *
مفهوم خاطئ حول التعدد
س - يقول بعض الناس إن الزوج بأكثر من واحدة لم يشرع إلا لمن كان تحت ولايته يتامى وخاف عدم العدل فيهم فإنه يتزوج الأم أو إحدى البنات. ويستدلون بقول الله - عز وجل - " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ". الآية. نرجو من فضيلتكم بيان الحقيقة في ذلك؟
ج- هذا قول باطل، ومعنى الآية الكريمة أنه إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف ألا يعطيها مهر مثلها فليعدل إلى ما سواها فإنهن كثيرات، ولم يضيق الله عليه، والآية تدل على شرعية التزوج باثنين أو ثلاث أو أربع لأن ذلك أكمل في الإحصان وفي غض البصر وإحصان الفرج، ولأن ذلك سبب لإكثار النسل وعفة الكثير من النساء والإحسان إليهن والإنفاق عليهن، ولا شك أن المرأة التي يكون لها نصف الرجل أو ثلثه أو ربعه خير من كونها بلا زوج، لكن بشرط العدل في ذلك والقدرة عليه، ومن خاف ألا يعدل اكتفى بواحدة مع ما ملكت يمنيه من السراري. ويدل على هذا ويؤكده فعل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قد توفي عليه الصلاة والسلام، وعنده من تسع من الزوجات، وقد قال الله - تعالى - " لقد(3/204)
كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ". وقد تبين، - صلى الله عليه وسلم -، للأمة أنه لا يجوز لأحد منهم أن يتزوج بأكثر من أربع فعلم بذلك أن التأسي به يكون بأربع فأقل، وما زاد عن ذلك فهو من خصائصه عليه الصلاة والسلام.
الشيخ ابن باز
* * *
الزواج بأكثر من واحدة مطلوب
س - الزواج بأكثر من واحدة يقوم به بعض الرجال من باب المفاخرة والتحدي. وليس من باب الحاجة الفعلية، فهل يجوز هذا الأمر؟ وما هي نصيحتكم للرجال والنساء الذين يمانعون من التعدد في حالة الحاجة إليه؟
ج- الزواج بأكثر من زوجة واحدة أمر مطلوب بشرط أن يكون الإنسان عنده قدره مالية وقدرة بدنية وقدرة على العدل بين الزوجات، فإن تعدد الزوجات يحصل به من الخير تحصين فروج النساء اللاتي تزوجهن وتوسيع اتصال الناس بعضهم ببعض، وكثرة الأولاد التي أشار النبي، عليه الصلاة والسلام إليها في قوله " تزوجوا الودود الولود ". وغير ذلك من المصالح الكثيرة، وأما أن يتزوج الإنسان أكثر من واحدة من باب المفاخرة والتحدي فإنه أمر داخل في الإسراف المنهي عنه، قال الله - تعالى - " ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ".
الشيخ ابن عثيمين
* * *
نصيحة للزوجة الأولى
س - أصيبت زوجتي بمرض جلدي شوه أجزاء جسدها - وهو غير معد - وأجمع الأطباء على عدم علاجه، والآن أحس بنفور شديد منها لاسيما عند الجماع وقد يئست من تكييف نفسي مع ظروفها، فكرت في الزواج فاستشرتها في ذلك فاشتاطت غضباً وعزمت على الطلاق إن فعلت ذلك، ماذا يقول الدين لي ولها؟
ج- أما بالنسبة لك فإنه لا حرج عليك أن تتزوج امرأة أخرى، لأن الله أباح لعباده أن يتزوج الرجل أربع نساء إلا أن يخاف ألا يعدل.
وأما بالنسبة لها فالذي أنصحها به ألا تغضب عند تفكيرك بالزواج، ولا عند زواجك(3/205)
أيضا لأن هذا مما أباحه الله لك، ولأن لك عذراً في هذا الحال، وهذه الحالة التي طرأت عليها هي من المصائب التي عليها أن تصبر نحوها، وتسأل الله المغفرة، وربما يكون سبباً في تكفير ورفع درجاتها عند الله تعالى. والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
لا يجوز للرجل أن يجمع أكثر من أربع
س - هل يجوز للرجل أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات أم لا؟ وما الدليل؟
ج- لا يجوز للرجل أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات لقوله - تعالى - " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ". وهذا في لغة العرب نظير قولهم سيروا مثنى وثلاث ورباع، بمعنى يسيروا صفوفاً في كل صف اثنان أو ثلاثة أو أربعة، وليس معناه في لغة العرب ولا في عرف الاستعمال أن يجتمع في الصف الواحد حين المسير تسعة منهم، فمعنى الآية فإن خفتم ألا تعدلوا إذا تزوجتم باليتامى فاعدلوا عنهن إلى التزويج بغيرهن، ولمن أراد التعدد منكم أن يتزوج اثنين أو ثلاثاً أو أربعاً، وحيث جعل الحد الأعلى في مقام الامتنان بالتعدد والترغيب في الصرف عن اليتامى إلى الزواج بغيرهن أربع زوجات دل ذلك على أنه لا يجوز الجمع بين ما زاد عليهن، وفي الحديث أو قيس بن الحارث أسلم وتحته ثمان زوجات، فأمره النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يختار منهن أربعاً، ويفارق باقيهن، رواه أبو داود وابن ماجه.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم نكاح الخامسة إذا كانت الرابعة مصابة بالجنون
س - المسلم إذا كان تحته وفي عصمته أربع نسوة فأصب أحداهن مرض الجنون أيحل له أن يتزوج امرأة أخرى والمريضة حية أم هي محرمة لكونها خامسة لهن؟
ج- لا يحل له أن يتزوج أكثر من أربع ولو كانت إحداهن مريضة بالجنون أو غيره، أو(3/206)
كلهن مريضات ما دام في عصمته أربع زوجات لعموم نصوص المنع من الجمع بين أكثر من أربع زوجات.
اللجنة الدائمة
* * *
للنبي صلى الله عليه وسلم خصائص في النكاح
س - كيف نرد على من احتج بزواج النبي، - صلى الله عليه وسلم -، من تسع نسوة؟
ج- أعطى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، خصائص في النكاح لم تكن لغيره، منها أن الله - سبحانه وتعالى - رخص له أن يتزوج من المرأة إذا وهبت نفسها له لقوله - تعالى - من جملة ما أجل الله له " وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من أولى بالمؤمنين من أنفسهم ". ومنها أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، له أن يتزوج من دون ولي لقوله - تعالى - " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ". وأما غيره فلا يجوز له أن يتزوج إلا بولي لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا نكاح إلا بولي ". ومنها أنه لا يجب عليه القسم بين الزوجات على أحد القولين لقوله - تعالى " تُرجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ". بخلاف غيره فيجب عليه القسم بين زوجاته، ولا يحل أن يفضل بعضهن على بعض لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ". ومنها هذه المسألة أن الله أحل له أن يتزوج أكثر من أربع لما في ذلك من المصالح العظيمة التي أوصها بعضهم إلى نيف وأربعين، وهي مذكورة في كتب أهل العلم التي تُعنى بهذه الأمور.
الشيخ ابن عثيمين
العدل في النفقة على الزوجتين
س - أرجو إفتائي في شأن من له زوجتان إحداهما بالرياض وأخرى بالسودان فيما يتعلق بالنفقة عليها حيث أن الأولى التي تقيم بالرياض النفقة عليها رغم قلة أولادها تساوي ثلاثة أضعاف ما تنفقه الزوجة الثانية مع أولادها الأكثر عدداً بالسودان، والسبب راجع(3/207)
إلى الحالة الاقتصادية ونظام العملة في كل بلد، فالمقيمة بالرياض النفقة عليها حوالي 1500ريال، والمقيمة في السودان 500 ريال. أفيدوني بكيفية العدل بينهما في النفقة وجزاكم الله خيراً؟
ج- يجب على الزوج أن ينفق على كل واحدة من زوجاته في محل إقامتها بكفايتها عرفاً من الطعام والشراب والكساء وتوابع ذلك. وإذا كان لإحداهن أولاد زاد في نفقتها بقدر ذلك مع تحري العدل في كل شيء لقول الله - سبحانه وتعالى - " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " الآية من سورة البقرة، وقوله النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في خطبته في حجة الوداع يخاب الأزواج، " ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ". والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
زوجته الأولى ناشز
س - أنا متزوج باثنتين إحداهما تحترمني وتلبي طلباتي وتطيعني، وتحب أولادي من الزوجة الأخرى، وكذا والدي وأقاربي، أما الثانية فعلى العكس تماماً من الأولى في كل شيء، هل يجوز لي أن أهجرها وأتجنبها؟
ج- هذه الزوجة التي تطيعك وتكرم أقاربك وأولادك من غيرها مأجورة ومشكورة، أما الزوجة الأخرى التي بخلاف ذلك فهي آثمة إن لم يكن لنشوزها سبب، وعليها أن تتوب إلى الله - عز وجل - وأن تعاشرك بالمعروف فإن لم تفعل فهي ناشز، وقد قال الله في كتابه العزيز " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً ". فاهجر تلك المرأة في المضجع حتى تستقيم وتقوم بواجبها الذي أوجبه الله عليها لكن لا تمتنع عن الحديث معها لأنه لا يحل لأحد من المؤمنين أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث كما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وخلاصة الأمر أن لك أن تهجرها في الكلام في حدود ثلاثة أيام فقط، أما في المضجع فاهجرها ما شئت حتى تقوم بواجباتها نحوك.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/208)
هجرها زوجها سنتين
س - ما حكم الزوجة التي هجرها زوجها لمدة سنتين مع العلم أنها تعيش معه في نفس المنزل ولديه غيرها زوجتان تعيشان في نفس المنزل أيضاً؟
ج- يحرم على الزوج الإضرار بزوجته بهجرها في الفراش أكثر من أربعة أشهر بدون رضاها لقوله - تعالى - " فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة " وقال - تعالى " ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن ". وعلى الزوج أن يقسم بين زوجاته ويعدل في المبيت والنفقة والكسوة وغيرها، فمن لم يفعل فقد ظلم زوجته وأساء عشرتها إلا أن كانت ناشزاً، فله هجرها بقدر الحاجة أو فراقها، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
كيفية القسمة أو القسم بين الزوجات
س - رجل تزوج بامرأة وسافر إلى بلد وجلس هناك حتى تزوج بامرأة أخرى أيضاً ولم يحضر عند المرأة الأولى ومكث عند الأخرى شهوراً، ثم جاء الأولى، هل الشهور التي أمضاها يقضيها الرجل للمرأة الأولى أم يبدأ بالقسمة؟
ج- السنة أن الرجل إذا تزوج زوجة مع وجود زوجة أخرى قبلها فإنه يقيم عند الزوجة الثانية ثلاثة أيام إن كانت ثيباً وسبعة أيام إن كانت بكراً، ثم بعد ذلك يبدأ بالقسمة، ويعدل بينهما ومتى غاب عن إحداهما قضى للأخرى مثلاً إذا تيسر ذلك، إلا أن تسمح صاحبة الحق عن حقها أو عن بعضه.
اللجنة الدائمة
* * *
لا حرج عليك إذا أحببت إحدى زوجاتك أكثر من الأخرى
س - أنا متزوج باثنتين والحمد لله، قائم بكل واجباتي تجاههما لكن إحداهما تطيعني(3/209)
وتحسن معاملتي أكثر من الأخرى مما خلق في نفسي ميلاً نحو الأولى، فهل على إثم في ذلك؟
ج- يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته في كل ما يستطيع، أما ما لا يستطيع فليس عليه فيه حرج لقوله - تعالى - " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " وقوله - تعالى - أيضا " فاتقوا الله ما استطعتم ". فإذا كان السائل يحب المرأة التي تقوم بواجبه أكثر من الأخرى التي تفرط في واجبه فلا حرج عليه في ذلك، ولكن لا يضيع حق الثانية بالنسبة للعدل الذي يمكنه القيام به.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
كيفية العدل في النفقة والعطية
س - لي بنت موظفة وتعطي أمها قسطا من الراتب وأنا مستغنى عن راتبه وهي تعطيني أكثر مما تعطي أمها، والثانية لها أبن يتسبب في مال لي ويربح ويعطي أمه من دخله، والثالثة لها أبناء صغار وليس لها دخل من أي جهة وعندما تطلبني نقوداً أعطيها أكثر من ضراتها لكونهن لهن أبناء يعطونهن وأنا أتاول الحديث " أنت ومالك لأبيك " فهل ما يعطين من عند أبنائهن هو لي وأعطي الثالثة مثله أم لا ". أرجو الإفادة؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكرت من أن ما تعطيه ابنتك لأمها من راتبها وما يعطيه ولدك لأمه من قسطه من الربح المذكور فلا يلزمك أن تعطي زوجتك الثالثة مثلما يعطي ضراتها من أولادهن لأن إعطاء البنت لأمها والأبن لأمه يعتبر براً من كل منهما فلا يلزمك أن تعطي الثالثة مقابل ذلك وإنما عليك أن تعطي كل واحدة من الزوجات ما يكفيها ويكفي أولادها بالمعروف.
اللجنة الدائمة
* * *(3/210)
عشرة النساء
كيفية تلافي الخلافات الزوجية
س - ما هي نصيحتكم للأزواج والزوجات حتى يتلافوا الخلافات الزوجية فيما بينهم؟ وما نصيحتكم لبعض الأولياء والنساء الذين يمانعون من تزويج مولياتهم بقصد الحصول على دخولهن؟
ج- إني أنصح كل واحد من الأزواج والزوجات بعدم إثارة الخلافات بينهم وأن يتغاضى كل واحد عن حقه كما أرشد إلى ذلك النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في قوله " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي منها خلقا آخر ". وأما الذين يمانعون من تزويج مولياتهم بقصد الحصول على ما يدخل عليهن من الوظيفة فإن هذا خيانة منهم لمولياتهم وهو حرام عليهم، وإذا حصل منهم ذلك فإن ولايتهم تسقط وتكون للولي الآخر الذي يلي هذا المانع فإن امتنع الثاني إلى من دونه وهكذا، فإن أبى الأولياء كلهم أن يزوجوها خوفاً من القطيعة مع وليها الأول فإن الأول يرفع إلى المحكمة ويزوجها القاضي.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم إفشاء الأسرار الزوجية
س - يغلب على بعض النساء نقل أحاديث المنزل وحياتهن الزوجية مع أزواجهن إلى أقاربهن وصديقاتهن، وبعض هذه الأحاديث أسرار منزلية لا يرغب الأزواج أن يعرفها أحد، فما هو الحكم على النساء اللاتي يقمن بإفشاء الأسرار ونقلها إلى خارج المنزل أو لبعض أفراد المنزل؟
ج- إن ما يفعله بعض النساء من نقل أحاديث المنزل والحياة الزوجية إلى الأقارب والصديقات أم مرحم ولا يحل لامرأة أن تفشي سر بيتها أو حالها مع زوجها إلى أحد من الناس، قال الله - تعالى - " فالصالحات قاتنات حافظات للغيب بما حفظ الله ". وأخبر(3/211)
النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الواجب على المرأة السمع والطاعة لزوجها
س - لي قريب أصيب بعدة أمراض مزمنة ولا يستطيع العمل وعنده أولاد منهم أربعة يعملون ويساعدون والدهم في معيشته، إلا أن زوجته تقول لزوجها لا يحق لك أن تأخذ من الأولاد شيئاً، وأن نفقتها تجب على الزوج، وتطلب من زوجها الخروج بدون إذنه وتعمل ما تشاء وسبق لها أن طلبت الطلاق، وقالت زوجها " أنه حرم عليها كما تحرم أمه عليه ".
ج- الواجب على الزوجة المذكورة السمع والطاعة لزوجها في المعروف وليس لها الخروج إلا بإذنه إذا كان قائماً بحقها من نفقة وكسوة وليس لها الاعتراض عليه فيما يأخذه من أبنائه، أما تحريما له فعليها في ذلك كفارة يمين مع التوبة إلى الله - سبحانه - وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم لكل واحد نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز وغيرها أو كسوة تجزئة في الصلاة. أما طلبها الطلاق فهذا ينظر في سببه والنظر في ذلك يكون للمحكمة وفيما تراه المحكمة الكفاية إن شاء الله، وفق الله الجميع لما يرضيه والسلام.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم الهدية بمناسبة ذكرى الزواج
س - هل يجوز للزوج أن يهدي زوجته هدية من ذكرى يوم زواجهما في كل سنة تجديداً للمودة والمحبة بينهما، علما أن الذكرى ستقصر فقط على الهدية ولن يقيم الزوجان احتفالاً بهذة المناسبة؟
ج- الذي أرى سد هذا الباب لأنها ستكون هذا العام هدية وفي العام الثاني قد يكون احتفالاً، ثم إن مجرد اعتياد هذه المناسبة بهذه الهدية يعتبر عيداً، لأن العيد كل ما يتكرر(3/212)
ويعود والمودة لا ينبغي أن تجدد كل عام بل ينبغي أن تكون متجددة كل وقت كلما رأت المرأة من زوجها ما يسرها، وكلما رأى الرجل من زوجته ما يسره فإنها سوف تتجدد المودة والمحبة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الواجب المعاشرة بالمعروف
س - بعض الشباب هداهم الله وهم ملتزمون بالدين لا يعاشرون زوجاتهم بالمعروف ويشغلون وقتهم بأعمال كثيرة لها علاقة بالدراسة والعمل ويتركون الزوجة وحدها أو مع أطفالها في المنزل ساعات طويلة بحجة العمل والدراسة، ما قول سماحتكم في ذلك وهل يكون العلم والعمل على حساب وقت الزوجة؟ أفيدوني أفادكم الله.
ج- لا ريب أن الواجب على الأزواج أن يعاشروا زوجاتهم بالمعروف لقول الله - عز وجل - " وعاشروهن بالمعروف ". وقوله - سبحانه - " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم ". ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - لما شغل وقته بقيام الليل وصيام النهار " صم وأفطر ونم وقم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها فإن لنفسك عليك حقا، ولزوجك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه ". متفق على صحته ولأحاديث أخرى وردت في ذلك، فالمشروع للشباب وغيرهم أن يعاشروا أزواجهم بالمعروف ويعطفوا عليهن ويؤانسوهن حسب الطاقة، وإذا أمكن أن تكون المطالعة وقضاء بعض الأعمال في البيت حيث أمكن ذلك فهو أولى لإيناس الأهل والأولاد.
وبكل حال فالمشروع أن يخصص الزوج لزوجته أوقاتاً يحصل لها الإيناس وحسن المعاشرة ولا سيما إذا كانت وحيدة في البيت ليس لديها إلا أطفالها، وليس لديها أحد، وقد قال عليه الصلاة والسلام " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ". وقال عليه الصلاة والسلام " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم ". والمشروع للزوجة أن تعين زوجها على مهماته الدراسية والوظيفية وأن تصبر على ما قد يقع من التقصير الذي لا حيلة فيه حتى يحصل التعاون بينهما عملاً بقوله - عز وجل " وتعاونوا على البر(3/213)
والتقوى ". وعموم قوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ". متفق على صحته، وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ". خرجه الإمام مسلم في صحيحه. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
المعاشرة بالمعروف
س - إنني متزوجة منذ حوالي (25 سنة) ولدي العديد من الأولاد والبنات، وأواجه كثيراً من المشكلات من قبل زوجي فهو يكثر من إهانتي أمام أولادي وأمام القريب والبعيد، ولا يقدرني أبداً من دون سبب ولا أرتاح إلا عندما يخرج من البيت، مع العلم أن هذا الرجل يصلي ويخاف الله، أرجو أن تدلوني على الطريق السليم جزاكم الله خيراً؟
ج- الواجب عليك الصبر ونصحيته بالتي هي أحسن وتذكيره بالله واليوم الآخر لعله يستجيب ويرجع إلى الحق ويدع أخلاقه السيئة، فإن لم يفعل فالإثم عليه ولك الأجر العظيم على صبرك وتحملك أذاه، ويشرع لك الدعاء له في صلاتك وغيرها بأن يهديه الله للصواب، وأن يمنحه الأخلاق الفاضلة، وأن يعيذك من شره وشر غيره، وعليك أن تحاسبي نفسك وأن تستقيمي في دينك وأن تنوبي إلى الله - سبحانه - مما قد صدر منك من سيئات وأخطاء في حق الله أو في حق زوجك أو في حق غيره، فلعله إنما سلط عليك لمعاصي اقترفتها، لأن الله - سبحانه - يقول " وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ". ولا مانع من أن تطلبي من أبيه أو أمه أو إخوته الكبار أومن يقدرهم من الأقارب والجيران أن ينصحوه ويوصوه بحسن المعاشرة عملاً بقول الله - سبحانه - " وعاشروهن بالمعروف ". وقوله - عز وجل - " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجل عليهن درجة ". الآية.
الشيخ ابن باز
* * *(3/214)
زوجي يكرهني بدون سبب
س - أبعث إليكم مشكلتي هذه راجية أن أرى حلها، تتلخص هذه المشكلة في أن زوجي - سامحه الله - رغم ما يلتزم به من الأخلاق الفاضلة والخشية من الله - لا يتهم بي إطلاقاً في البيت ويكون دائماً عابس الوجه ضيق الصدر - قد تقول إنني السبب، ولكن الله أعلم أنني ولله الحمد قائمة بحقه وأحاول أن أقدم له الراحة والاطمئنان وأبعد عنه كل ما يسوؤه وأصبر على تصرفاته تجاهي، وكلما سألته عن شيء أو كلمته في أي أمر غضب وثار وقال إنه كلام تافه وسخيف مع العلم أنه يكون بشوشاً مع أصحابه وزملائه، أما أنا فلا أرى منه إلا التوبيخ والمعاملة السيئة، وقد آلمني ذلك منه وعذبني كثيراً وترددت مرات في ترك البيت، وأنا ولله الحمد امرأة تعليمي متوسط وقائمة بما أوجب الله على، سماحة الشيخ هل إذا تركت البيت وقمت أنا بتربية أولادي وأتحمل لوحدي مشاق الحياة أكون آثمة، أم هل أبق معه على هذه الحال وأصوم عن الكلام والمشاركة والأحساس بمشاكله؟
ج- لا ريب أن الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف وتبادل وجوه المحبة والأخلاق الفاضلة مع حسن الخلق وطيب البشر لقول الله - عز وجل - " وعاشروهن بالمعروف" وقوله - سبحانه - " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة ". وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " البر حسن الخلق ". وقوله، عليه الصلاة والسلام " لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ". خرجهما مسلم في صحيحه. وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم وأنا خيركم لأهلي ". إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الدالة على الترغيب في حسن الخلق وطيب اللقاء وحسن المعاشرة بين المسلمين عموماً، فكيف بالزوجين والأقارب؟
ولقد أحسنت في صبرك وتحملك ما حصل من الجفاء وسوء الخلق من زوجك، وأوصيك بالمزيد من الصبر وعدم ترك البيت لما في ذلك إن شاء الله من الخير الكثير والعاقبة الحميدة لقوله - سبحانه " واصبروا إن الله مع الصابرين ". قوله - عز وجل - " إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ". وقوله - سبحانه - " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ". وقوله - عز وجل - " فاصبر إن العاقبة للمتقين ". ولا مانع من(3/215)
مداعبته ومخاطبته بالألفاظ التي تلين قلبه وتسبب انبساطه إليك وشعوره بحقك، واتركي طلب الحاجات الدنيوية ما دام قائماً بالأمور المهمة الواجبة حتى ينشرح قلبه ويتسع صدره لمطالبك الوجيهة وستحمدين العاقبة إن شاء الله وفقك الله للمزيد من كل خير، وأصلح حال زوجك وألهمه رشده ومنحه حسن الخلق وطيب البشر ورعاية الحقوق إنه خير مسؤول وهو الهادي إلى سواء السبيل.
الشيخ ابن باز
* * *
زوجي وأولاده لا يعاملونني بالمعروف
س - تزوجت برجل ماتت زوجته، وتركت له تسعة أولاد وكنت بمثابة الأم لأولاده، غير أنني لم ألق منهم إلا كل شقاء وعذاب، لدرجة أن ابنته الكبرى المتزوجة كانت تخرج من بيت زوجها دون إذنه لتفتعل الخلافات والمشكلات بيننا، ويحدث ذلك على مرأى ومسمع من أبيهم الذي يقف إلى جانبهم ظلما، حتى إن لوازم البيت كنت اشتريتها من مالي الخاص حتى بعث ما معي من حلي ولم يقابل ذلك بالجميل، ولما زاد الأمر سوءاً طلبت الطلاق فرفض، ماذا أفعل في رجل لا يعاملني بإحسان ولا يفارقني بإحسان، وبماذا تنصحون الزوج وأولاده؟
ج- الذي ننصح به الزوج وأولاده أن يتقوا الله في هذه المرأة إذا كان ما تقوله حقاً، وأن يعاشر هذا الرجل زوجته بالمعروف لقوله - تعالى " وعاشروهن بالمعروف ". ولقوله " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ". وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ". وكونه لا يعاشرها إلا بمثل هذا العشرة التي قالتها أمر منكر هو به آثم عند الله - عز وجل - وسوف تأخذ من حسناته يوم القيامة في يوم أشد ما يكون فيه حاجة إلى الحسنات.
وأما ما يتعلق بالزوجة وماذا عليها في هذه الحال فإني آمرها أن تصبر وتعظ الزوج بما يخوفه ويرقق قلبه، فإنه لم يجد شيئاً فإن الله - تعالى - يقول " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير ".(3/216)
فلتطلب تكوين جماعة من أهل الخير يتدخلون في الموضوع ويصلحون بينهما على ما يرونه من جمع أو تفريق بعوض أو دون عوض.
الشيخ ابن عثمين
* * *
حكم لعن الزوجة وهل تحرم بذلك؟
س - ما حكم لعن الزوج لزوجته عمداً؟ وهل تصبح الزوجة محرمة عليه بسبب لعنه لها؟ أم هل تصبح في حكم الطلاق؟ وما كفارة ذلك؟
ج- لعن الزوج لزوجته أمر منكر لا يجوز بل هو من كبائر الذنوب، لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " لعن المؤمن كقتله ". وقال عليه الصلاة والسلام " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ". متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام " إن اللعانين لا يكونوا شهداء ولا شفعهاء يوم القيامة ".
والواجب عليه التوبة من ذلك واستحلال زوجته من سبه لها ومن تاب توبة نصوحاً تاب الله عليه، وزوجته باقية في عصمته لا تحرم عليه بلعنه لها، والواجب عليه أن يعاشر بالمعروف وأن يحفظ لسانه من كل قول يغضب الله - سبحانه - وعلى الزوجة أيضاً أن تحسن عشرة زوجها وأن تحفظ لسانها مما يغضب الله - عز وجل - ومما يغضب زوجها إلا بحق، يقول الله - سبحانه - وعاشروهن بالمعروف ". ويقول -عز وجل- " وللرجال عليهن درجة. الآية. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
زوجي مدمن على التدخين
س - زوجي مدمن على التدخين، وهو يعاني من الربو، ووقعت بيننا مشكلات عدة من أجل الإقلاع عنه، وقبل خمسة أشهر صلى زوجي ركعتين لله وحلف بالأ يعود إلى التدخين، ولكنه عاد للتدخين بعد أسبوع من حلفه، وعادت المشكلات بيننا، وطلبت منه الطلاق، ولكنه وعدني بعدم العودة إليه وتركه للأبد، لكنني غير واثقة منه تماماً، فما رأيكم السديد؟(3/217)
وما كفارة حلفه؟ وبماذا تنصحونني جزاكم الله خيراً؟
ج- الدخان من الخبائث المحرمة، ومضاره كثيرة، وقد قال الله - سبحانه - في كتابه الكريم في سورة المائدة " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ". وقال في سورة الأعراف في وصف النبي محمد، عليه الصلاة والسلام " ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ". ولا شك أن الدخان من الخبائث، فالواجب على زوجك تركه والحذر منه طاعة لله - سبحانه - ولرسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وحذراً من أسباب غضب الله وحفاظاً على سلامة دينه وصحته وعلى حسن العشرة معك.
والواجب عليه عن حلفه كفارة يمين مع التوبة إلى الله - سبحانه - من عوده إليه، والكفارة هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، ويكفي في ذلك أن يعشيهم أو يعذبهم أو يعطي كل واحد نصف صاع من قوت البلد وهو كيف ونصف تقريباً.
ونوصيك بعدم مطالبته بالطلاق إذا كان يصلي وسيرته طيبة وترك التدخين، أما أن استمر على المعصية فلا مانع من طلب الطلاق، ونسأل الله له الهداية والتوفيق للتوبة النصوح.
الشيخ ابن باز
* * *
زوجتي تشرب الدخان
س - لي زوجة قائمة بواجباتها نحو الله مثل الصلاة والصوم إلخ، ومطيعة لحقوق الزوج، إلا أنها تشرب الدخان خفية عن زوجها ولما علمت بأمرها عاقبتها ونصحتها عن ممارسة الدخان إلا أنها تنتصح واستمرت عن فعلها فخلاصة الكلام ما هي الوسيلة التي أسير عليها نحو هذه الزوجة؟
أ- هل يجوز لي أن أصبر على فعلها لأن الراضي كالفاعل؟
ب- هل يلحقني ذنب من فعلها إذا استمرت وبقيت في بيتي؟
ج- هل يجوز لي أن أطلقها لكي أتجنب الإثم والذنب؟
أرجو من فضيلتكم حلاً مفصلاً عن مشكلتي جزاكم الله خير الجزاء وأدامكم لخير(3/218)
الإسلام والمسلمين؟
ج- الواجب نصيحتها وبيان مضار التدخين لها والاستمرار في ذلك وبذل المستطاع في الحيولة بينها وبين شرب الدخان، وأنت في ذلك مأجور ولا إثم عليك، لأنك لم ترض يفعلها بل أنكرت عليها ونصحتها فالواجب الاستمرار في ذلك ولو بتأديبها تأديباً يردعها عن ذلك إذا علمت أنها لم تدعه، ونسأل الله لها الهداية.
الشيخ ابن باز
* * *
زوجتي سيئة الخلق فهل أطلقها؟
س - زوجة عادتها تلعن وتسب أولادها تارة بالقول وتارة بالضرب على كل صغيرة وكبيرة، وقد نصحتها العديد من المرات للإقلاع عن هذه العادة فيكون ردها أنت دلعتهم وهم أشقياء حتى كانت النتيجة كرة الأولاد لها، وأصبحوا لا يهتمون بكلامها نهائياً وعرفوا آخر النهاية الشتم والضرب
فما رأي الدين تفصيلاً في موقفي من هذه الزوجة حتى تعتبر؟ هل ابتعد عنها بالطلاق ويصير الأولاد معها؟ أم ماذا أفعل؟ أفيدوني وفقكم الله؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج- لعن الأولاد من كبائر الذنوب وهكذا لعن غيرهم ممن لا يستحق اللعن، وقد صح عن النبي، عليه الصلاة والسلام، أنه قال " لعن المؤمن كقتله ". وقال عليه الصلاة والسلام " سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر ". وقال عليه الصلاة والسلام " إن اللعانين لا يكونوا شهداء ولا شفعاء يوم القيامة ". فالواجب عليها التوبة إلى الله - سبحانه - وحفظ لسانها من شتم أولادها ويشرع لها أن تكثر من الدعاء لهم بالهداية والصلاح والمشروع لك أيها الزوج نصيحتها دائماً وتحذيرها من سب أولادها وهجرها إن لم ينفع فيها النصح الهجر الذي تعتقد أنه مفيد فيها مع الصبر والاحتساب وعدم التعجل في الطلاق نسأل الله لنا ولك ولها الهداية.
الشيخ ابن باز
* * *(3/219)
يجب على الزوج حماية زوجته من أسباب الفساد
س - شاهدت زوجتي على غفلة وهي تقبل صورة لفنان على شاشة التلفزيون، فأثارني ذلك المشهد ومن وقتها قمت بهجرها وما زلت على ذلك الحال، فأرجو إفادتي عن حكم الشرع في ذلك التصرف الذي بدر منها ثم هجراني لها؟ وما هو حكم الشرع أيضاً في مسايرتي لها على هذا المنوال مع ظني بأنها يمكن أن تخوني في أي لحظة من اللحظات؟
ج- لا شك أن المرأة ضعيفة التحمل والصبر أمام أسباب الفتن، ولا شك أن نظهر إلى الرجال وسماع أصوات المغنين والفنانين من أكبر أسباب الفتنة للرجال والنساء، فنحن ننصحك أن تكون غيوراً على زوجتك وأن تحميها عن أسباب الفساد فلا تدخل عليها الصور الفاتنة في المجلات الخليعة والأفلام المليئة بالشرور وتمنعها من رؤية صور الرجال الذين يخاف برؤيتهم الافتنان لجمال الصورة أو الصوت ونحو ذلك فأما الهجران فهو من آثار الغيرة لكن لعلك أن تراجعها وتخبرها بسبب الهجران وتتأكد منها أنها لن تعود إلى التلذذ بالنظر إلى الرجال، وأن تقصر نظرها على زوجها وكذا أنت تقصر نظرك على زوجتك، والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * *
هل يوادع زوحته قبل السفر
س - سمعت أن كثيراً من المتزوجين إذا كان غالباً عن زوجته أو يقصد أن يسافر عنها فإنه لا يواجهها عند سفره أو مجيئه فهل لهذا أصل في الشرع؟
ج- ما ذكرت من أن كثيراً من الأزواج لا يواجه ولا يوادعها عند سفره ولا يواجهها عند عودته من سفره، هذا لا أصل في الشرع، والتزام هذه العادة واعتبارها ديناً من البدع التي ينبغي تركها، غير أنه ينبغي للإنسان إذا عاد من سفره الطويل ألا يطرق أهله ليلاً، ولا يفاجئ زوجته بدخول البيت على غرة لئلا يقع منها على ما يكره ويجد منها ما ينفره منها، بل يتمهل حتى تعلم بقدومه وتتأهب له، وهذا من حسن العشرة وآداب الحياة الزوجية وهو أحرى لبقائها والمحافظة عليها، وقد صح عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى أن يطرق الرجل أهله(3/220)
ليلاً فقال، - صلى الله عليه وسلم -، " وإذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً ". وروى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه- أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " إذا دخلت ليلا فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة وتمشط الشعشة ". فبين، - صلى الله عليه وسلم -، أن الحكمة في نهي من عاد من سفر طويل عن الدخول على زوجته البيت على غرة دون أن تتمكن من التأهب والتزين له، وألا يجد منها ما يكره أو تنفر منه نفسه، ولذلك لو كتب إلى أهله قبل عودته، وحدد لهم موعد حضوره إليهم من سفره كان له أن يدخل عليهم في أي ساعة شاء عند وصوله، حيث لا يعتبر مفاجئاً ولا داخلاً على غرة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
التسمية من حق الأب ومشاورة الأم مستحبة
س - لقد رزقني الله - سبحانه وتعالى - بأبنة وأردت تسميتها وأرادت زوجتي اسماً آخر فاقترحت عليها الاقتراع على الاسمين، وأسميناها حسب نتيجة الاقتراع، فهل هذا من الأزلام وإذا كان كذلك فكيف نفض هذا الخلاف؟ وهل التسمية من حق الوالد فقط؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ج- القرعة في مثل هذا الأمور الشرعية لما فيها من حل النزاع وتطبيب النفوس وقد استعملها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في أمور كثيرة، وكان عليه الصلاة والسلام، إذا أراد أن يسافر أقرع بين نسائه فأيتهن خرج السهم لها خرج بها ولما أوصى رجل بعتق أعبد له ستة ليس له غيرهم أقرع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة.
والتسمية من حق الأب ولكن تستحب مشاورة الأم فيها تطيباً للنفوس وتأليفاً للقلوب. ويشرع لهما جميعاً أن يختارا الأسماء الطيبة ويبتعدا عن الأسماء المكروهة ولا يجوز في التسمية التعبيد لغير الله كعبد النبي وعبد الكعبة وعبد الحسين ونحو ذلك لأن الجميع عبيد الله - سبحانه - فلا يجوز التعبيد لغيره.
وقد نقل العالم المشهور أبو محمد بن حزم اتفاق العلماء على تحريم التعبيد لغير الله ما(3/221)
عدا عبد المطلب، لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أقر هذا الاسم في بعض الصحابة - رضي الله عنهم جميعاً - وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم أخذ راتب الزوجة
س - إذا تزوجت من فتاة مدرسة، هل يحق أخذ راتبها برضاها للحاجة ولمصلحة الاثنين كبناء منزل مثلاً، ولا أعطيها سنداً بذلك على ما أخذته وهي لم تطلب ذلك مع العلم أنني موظف وأتقاضى راتباً شهرياً؟
ج- لا حرج عليك في أخذ راتب زوجتك برضاها إذا كانت رشيدة، وهكذا كل شيء تدفعه إليك من باب المساعدة لا حرج عليك في قبضه، إذا طابت نفسها بذلك وكانت رشيدة، لقوله الله - عز وجل - في أول سورة النساء " فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً ". ولو كان ذلك بدون سند، لكن إذا أعطتك سنداً بذلك فهو أحوط إذا كنت تخشى شيئاً من أهلها وقراباتها أو تخشى رجوعها.
الشيخ ابن باز
* * *
نشوز المرأة
س - يقول الله - تعالى - في محكم تنزيله " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير ".
السؤال هو هل يقع النشوز من قبل الزوجة؟ وما هو الحكم إذا أعرضت الزوجة عن زوجها بنفس الأسباب التي تدعو الرجل بالنشوز عن زوجته؟
ج- قد يقع النشوز من المرأة لأسباب تدعوها إلى ذلك، وقد بين الله حكم ذلك في كتابه العظيم حيث قال - سبحانه - في سورة النساء " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليا كبيراً ".
الشيخ ابن باز
* * *(3/222)
إذا نشزت المرأة وعصت زوجها
س - إذا كانت الزوجة تستعمل الكلونيا وأنواع العطور الأخرى المصنوعة بالسبرتو وتخرج بها وتشجع بناتها المتزوجات على استعمالها والخروج بها، رغم منع الزوج إياها وحلفه عليها ووعظه وتهديده وهجره وضربه إياها أحياناً.
وإذا كان تخرج من بيته بلا إذنه وتشجع بناتها المتزوجات وغير المتزوجات على الخروج بدون إذن من زوج أو أب التفية عن النفس أو لشراء أشياء غير ضرورية.
وإذا كانت تمتنع من فراش زوجها وتمتنع أيضاً من خدمته إلا نادراً واتكالاً على خدمة بناته له، فهل من كان شأنها ما ذكر تعتبر ناشزاً؟
ج- إذا كان حال الزوجة ما ذكر رغم الوعظ والنصح والهجر والتهديد والضرب فإنها تعتبر ناشزاً لشقها عصا الطاعة وتمردها على زوجها، وامتناعها من قضاء وطره وأداء حقوقه وعلى هذا يبعث حكم من أهل وحكم من أهلها للتأكد من ذلك ومعرفة أسبابه والسعي في الإصلاح بينهما فإن تم ذلك وحصل الوفاق وأداء كل ما عليه من حقوق فالحمد لله، وإن ثبت إساءتها وأصرت على عصيانه ومنع حقوقه فرق بينهما قاضي جهتهما وردت ما أخذت من الصداق ولا نفقة لها، وإن ثبت لدى الحكمين كذبه وعدوانه عليها نصحاه وأمراه بحسن عشرتها وأداء ما يجب على الزوج لزوجته.
اللجنة الدائمة
* * *
زوجتي لا تريدني
س - أنا شاب متزوج من فتاة قريبه لي، ولم يدم زواجنا أكثر من سنتين، حيث حدثت مشكلات ومناوشات عائلية من أهلها، ثم رجعت الأحوال على ما يرام فترة، ثم عادت كما كانت، ومع مرور تلك الأيام رزقنا الله بمولود وأنا غائب، وعند رجوعي لاسترجاعها رضي والدها وبعض من أهلها ووجدت زوجتي التي كنت أعهدها بتمام التصرف والحكمة قد تغيرت وهذا ناتج عن تأثير أهلها وتركتها أكثر من سنة لكي تثوب إلى رشدها مع تطرقي لعدة محاولات ولم تحصل نتيجة إيجابية، وأنا الآن أرى من الأفضل تركها نهائياً وعندما(3/223)
حاولت أن أقوم بإرسال ورقة طلاقها طلب مني عقد النكاح وهو لم يسجل رسمياً وقد فقد منذ سنتين وأنا الآن في حيرة فماذا أفعل؟ !
ج- ننصحك بتكرار محاولة الصلح والاجتماع وإدخال وسائط من أهليكم للصلح بينكما، ولكن متى يئست من الصلح ورأيت الفراق متحتماً فلا مانع من ذلك، ولا حاجة بك إلى وثيقة عقد النكاح بل أخبرهم أن ابنتهم قد طلقت منك ولهم أن يزوجها من أرادواً، والأفضل أن تكتب الطلاق لدى المحكمة الشرعية وترسل لهم صك الطلاق، فأما ورقة العقد التي فقدت فإن اضطررت إليها فتقدم إلى المحكمة القريبة لديك بطلب إثبات زوجية وأحضر شهوداً بذلك لعلك تحصل على صك بإثبات الزوجية، والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم استقلال المرأة عن زوجها عند النوم في غرفة واحدة
س - هل يجوز للمرأة أن تستقل في نومها بحجرة خاصة، مع أنها لا تمتنع عن إعطاء زوجها حقه الشرعي؟
ج- لا حرج في ذلك إذا رضي الزوج بهذا وكانت الحجرة أمينة، فإن لم يرض الزوج بذلك فليس لها الحق أن تنفرد لأن ذلك خلاف العرف، اللهم إلا أن تشترط ذلك عند العقد لكونها لا ترغب أحداً يبيت معها في الحجرة لسبب من الأسباب، فالمسلمون على شروطهم.
الشيخ ابن عثمين
* * *
زوجتي تؤذيني برائحتها
س - اعتادت زوجتي منذ فترة أن تستعمل نوعاً من الزيت الذي تعتقد أنه يمنع تساقط الشعر، ولكن رائحة هذا الزيت منفرة إلى حد ما، فطلبت منها أن لا تستعمل هذا الزيت، لأني لا أرتاح لتلك الرائحة لتلك الرائحة وأنه إذا كان لابد لها من استعمال شيء يمنع تساقط الشعر فلها أن تختار نوعا آخر من الشامبو أو الزيت تكون رائحته مقبولة، فغضبت زوجتي(3/224)
من هذا الكلام واعتبرته تجريحاً بها، وهجرتني في الفراش، وأصبحت تنام بمفردها في غرفة نوم أخرى، أرجو إفادتنا أفادكم الله؟
ج- يلزم المرأة أن تطيع زوجها فيما له فيه مصلحة ولا مضرة عليها فيه كما يلزمها أن تتجمل لزوجها بما يسبب الأنس والمودة بين الزوجين وأن تزيل ما ينفره عنها من رائحة كريهة ولباس مستقذر وغير ذلك كما يحرم عيها هجر فراش زوجها والامتناع من تمكينه من نفسها متى أراد إذا لم يكن هناك ضرر، وقد ورد الوعيد الشديد للمرأة التي يدعوها زوجها إلى فراشه فتأبى عليه فيبيت وهو ساخط عليها، فالواجب على كل من الزوجين السعي في جلب الخير والمودة المطلوبة من كل منهما لصاحبه , والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم منع أحد الزوجين الآخر حقه الشرعي
س - هل يجوز لأحد الزوجين أن يمنع الآخر من استيفاء حقه الطبيعي لفترة طويلة دون عذر شرعي مقبول؟
ج- لا شك أن الاتصال الجنسي بين الزوجين من الحاجات النفسية، وتختلف الرغبة في الجماع كثيراً بحسب قوة الشهوة أو ضعفها من الرجل أو المرأة، لكن الأغلب والأكثر قوة جانب الرجل، وكونه هو الراغب في إكثار المواقعة لذلك تشتكي الزوجات كثيراً من بعض أزواجهن مما يلاقينه من كثرة الجماع الذي أضر بهن، وقد نص الفقهاء - رحمهم الله - على أن الواجب على الزوجة تمكين زوجها من وقاعها كل وقت رغب ذلك ولو كانت على التنور، ما لم يضربها أو يشغلها عن فرض أو واجب، فأما الترك الطويل فلا يجوز الرجل وطء زوجته في كل ثلث سنة مرة إن قدر فعلى هذا ينبغي التمشي على رغبة الجميع، فإن كانت الرغبة من جانب المرأة وافق الرجل حسب القدرة، وامتنع مع المشقة، وعلى المرأة الموافقة حسب العادة بشرط عدم الضرر، والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/225)
اشترط عليها أن ليس لها إلا النفقة
س - امرأة لا هم لها إلا نقل الحديث من بيتها إلى أهلا وإلى جيرانها مفشية أسرار بيتها وزوجها، وقد خيرها زوجها بين بقائها مع وليس لها سوى نفقتها أو رحيلها عنه، فاختارت البقاء، فهل عليه واجبات أخرى تجاهها بعد هذا الشرط؟
ج- عمل هذه المرأة عمل محرم فإنه لا يجوز للمرأة أن تفشي من أسرار بيتها لا إلى أهلها ولا إلى غيرهم، لأن هذه أمانة يجب عليها حفظها وقد قال الله - تعالى " فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ". وإذا اصطلح الرجل مع هذه المرأة أن تبقى عنده وليس لها سوى نفقتها ووافقت على هذا فإنه ليس لها إلا النفقة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ". وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " وما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط ".
الشيخ ابن عثيمين
* * *
ما يباح للزوج النظر إليه من زوجه
س - هل يجوز شرعاً أن تنظر المرأة إلى جميع بدن زوجها وأن ينظر هو إليها بنية الاستمتاع بالحلال؟
ج- يجوز للمرأة أن تنظر إلى جميع بدن زوجها ويجوز للزوج أن ينظر إلى جميع بدن زوجته دون تفصيل لقوله - تعالى - " والذين هم لفرجهم حافظون إلا على أزواجهن أن ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ".
الشيخ ابن عثيمين
التعري أثناء الجماع
س - هل يجوز للرجل أن يجامع زوجته وهما عريانان؟ أم يجب عليهما أن يستتراً؟
ج- يجب على كل من الرجل والمرأة أن يحفظ عورته من الناس إلا لرجل مع زوجته وأمته(3/226)
والعكس، لما رواه أحمد وأبو داود والترمزي وابن ماجه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ". قلت قلت فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال " إن استطعت ألا يراها أحد فلا يرينها " قلت " فإذا كان أحدنا خالياً؟ قال " فالله أحق أن يستحيا منه "، فبين النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه ينبغي الاستثار حال الخلوة عموماً.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم ترك الزوجة مدة طويلة
س - ما هو الجواب شرعاً وحقا فيمن ترك زوجته سنة أو أكثر من ذلك، للعمل في تزويد عياله بما يكفيهم لمعيشتهم مع العلم أن هناك آخرين ليس غيابهم لذلك فقط بل يبنون به قصوراً ويشترون حافلات وما أشبه ذلك من زينة الحياة الدنيا، ولا شك أن هذا الغياب الطويل مما يؤدي إلى الزنا إما من الرجل، وإما من المرأة نسأل الله الهداية والتوفيق؟
ج- إذا تراضى الزوجان على الغيبة، طويلة كانت أم قصيرة - مع العفاف فلا حرج عليهما - وإن خاف أحدهما على نفسه من الغيبة - مع الحاجة إليها لكسب العيش - طلب من صاحبه حقه، بما يحقق الاجتماع، محافظة على العرض وتحقيقاً للعفة وتحصين الفروج، فإن أبى رفع المحتاج أمره إلى القاضي ليحكم بينهما بما شرع الله، علما بأنه ليس بلازم أن يقع في الزنا من ليس معه زوجته أو من ليس معها زوجها ولو طالت المدة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
لا تغيب عن زوجتك أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها
س - كم المدة الشرعية التي يجوز فيها الرجل أن يغيب عن زوجته وهو مسافر؟
ج- إذا غاب الزوج عن زوجته مدة طويلة ولم تسمح له بذلك فإن عليه أن يرجع إليها كلما مضت نصف سنة، إلا أن يكون معذوراً بمرض أو نحوه.(3/227)
أما إذا أذنت له بطول المدة فلا حرج عليه أن يتأخر المدة التي أذنت له بها ولو طالت لكن يجب عليه في هذه الحالة أن يقوم بواجب النفقة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حدود غيبة الرجل عن زوجته
س - أنا شاب متغرب ومتزوج والحمد لله، لكن البلد التي أعمل بها لا تسمح أنظمتها بقدوم الزوجة إلا لبعض الوظائف والرتب، علماً أن راتبي جيد جيداً وأتقاضي بدل سكن وعندي شهادات دبلوم، ولكن لا يسمح لي بقدوم الزوجة، فما حكم الدين الحنيف في ذلك حيث أن الإجازة تكون بعد كل سنة أو 14 شهر بالضبط؟
ج- قد حدد بعض الصحابة غيبة الزوج بأربعة أشهر وبعضهم بنصف سنة ولكن ذلك بعد طلب الزوجة قدوم زوجها فإذا مضى عليه نصف سنة وطلبت قدومه وتمكن لزمه ذلك، فإن امتنع فلها الرفع إلى القاضي ليفسخ النكاح، فأما إن سمحت له زوجته بالبقاء ولو طالت المدة وزادت عن السنة أو السنتين فلا بأس بذلك فإن الحق لها وقد أسقطته فليس لها طلب الفسخ ما دامت قد رضيت بغيابه وما دام قد أمن لها رزقها وكسوتها وما تحتاجه، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم الابتعاد عن الزوجة مدة أكثر من سنتين لطلب الرزق
س - هل يجوز للرجل مفارقة زوجته أكثر من سنتين علماً بأنه في غربة يطلب الرزق وما هي المدة الشرعية في نظركم التي ينبغي للزوج الرجوع فيها وما يجب عليه في هذه الحالة؟
ج- الواجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف لقول الله - تعالى " وعاشروهن بالمعروف "، وحق العشرة حق واجب على الزوج لزوجته وعلى الزوجة لزوجها ون المعاشرة بالمعروف أن لا يغيب الإنسان عن زوجته مدة طويلة، لأن من حقها أن تتمتع بمعاشرة زوجها كما يتمتع هو بمعاشرتها، ولكن إذا رضيت بغيبته ولو مدة طويلة فإن الحق(3/228)
لها ولا يلحق الزوج حرج، لكن بشرط أن يكون قد تركها في مكان آمن لا يخفا عليها، فإذا غاب الإنسان لطلب الرزق وزوجته راضية بذلك فلا حرج عليه وإن غاب مدة سنتين، أو أكثر، وأما إذا طالبت بحقها في حضوره فإن الأمر يرجع في ذلك إلى المحاكم الشرعية وما تقرره في هذا فإنه يعمل به.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
يجب على الزوج إيقاظ زوجته للصلاة
س - ما المسئولية المترتبة على الزوج إذا لم يوقظ زوجته لأداء صلاة الفجر؟ وهل المحاولات العديدة للإيقاظ تعذره؟ أو يكون مذنباً إذا صلتها متأخرة؟
ج- يعلم جواب هذا السؤال من قوله - تعالى " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ". ومن قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " الرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته ". فالواجب على الزوج إيقاظ زوجته للصلاة بأي وسيلة كانت إلا أن تكون تلك الوسيلة محرمة. وهو مسئول عنها أمام الله - عز وجل - لأن الله - تعالى - قال " يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ". كما أنه لو كان له شغل خاص في البيت فإنه يحاول أن يوقظها بكل وسيلة، فكذلك هذه المسألة بل هذه أولى لأنه في صلاحها سعادة الدنيا والآخرة.
الشيخ ابن عثمين
* * *
الأنكحة الفاسدة والمحرمة والمختلف فيها
حكم زواج المسلمة بنصراني
س - ما حكم زواج المسلمة من نصراني؟ وما حكم شرعية أبناء هذا الزواج، وما الحكم على المأذون الذي قام بإتمام هذا الزواج؟ وما حكم الزوجة لو كانت تعلم ببطلان هذا(3/229)
الزواج؟ وهل يقام عليها الحد الشرعي أم لا؟ وإذا أسلم الزوج فما حكم الزواج الأول؟ وكيف يتم النكاح الجديد؟
ج- يحرم على المسلمة نكاح النصراني وغيره من الكفار لقوله - تعالى " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ". وقوله " لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ". ومتى عقد له عليها وجب الفسخ فوراً فإن علمت بذلك الزوجة وعرفت الحكم استحقت التعزيز، وكذا يعزر الولي والشهود والمأذون إذا علموا ذلك، فإن ولد لهما أولاد تبعوا أمهم في الإسلام، فإن أسلم الزوج بعد العقد جدد له عقد النكاح، وذلك بعد التأكد من صحة إسلامه كيلا يكون حيلة فإن ارتد بعد ذلك ضربت عنقه لحديث " من بدل دينه فاقتلوه ".
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم زواج المسلمة بالكافر
س - تزوج رجل بامرأة مسلمة ثم ظهر أن الرجل كافر فما الحكم؟
ج- إذا ثبت أن الرجل المذكور حين عقد النكاح كان كافراً والمرأة مسلمة، فإن العقد يكون باطلاً، لأنه لا يجوز بإجماع المسلمين نكاح الكافر للمسلمة لقوله الله - سبحانه - " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " وقوله - عز وجل - " فإن علمتموهن مؤمنات
فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن " الآية.
الشيخ ابن باز
* * *
من قرارات المجمع الفقهي
القرار الثالث
حكم تزوج الكافر للمسلمة وتزوج المسلم للكافرة
إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي بعد أن اطلع على اعتراض الجمعيات الإسلامية في سنغافورة وهي
(أ) جمعية البعثات الإسلامية في سنغافورة.(3/230)
(ب) بيراينز.
(ج) المحمدية.
(د) بيرتاس.
(هـ) بيرتابيس.
على ما جاء في ميثاق حقوق المرأة من السماح للمسلم والمسلمة بالتزوج ممن ليس على الدين الإسلامي وما دار في ذلك. فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي
أولا إن تزويج الكافر بالمسلمة حرام لا يجوز باتفاق أهل العلم ولا شك في ذلك ملا تقتضيه نصوص الشريعة. قال - تعالى - " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنواً ". وقال - تعالى " فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعونهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ". والتكرير في قوله - تعالى " لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ". بالتأكيد والمبالغة بالحرمة وقطع العلاقة بين المؤمنة والمشرك. وقوله - تعالى - " وآتوهم ما أنفقوا " أمر أن يعطي الزوج الكافر ما أنفق على زوجته إذا أسلمت فلا يجمع عليه خسران الزوجية والمالية فإذا كانت المرأة المشركة تحت الزواج تحرم عليه بإسلامها ولا تحل له بعد ذلك. فكيف كانت المرأة المشركة تحت الزوج الكافر تحرم عليه بإسلامها ولا تحل له بعد ذلك. فكيف يقال بإباحة ابتداء عقد نكاح الكافر على المسلمة، بل أباح الله نكاح المرأة المشركة بعد ما تسلم وهي تحت رجل كافر لعدم إباحتها له بإسلامها فحينئذ يجوز للمسلم تزوجها بعد انقضاء عدتها كما نص عليه قوله- تعالى - " ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ".
ثانيا وكذلك المسلم لا يحل له نكاح مشركة لقوله - تعالى " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ولقوله - تعالى - " ولا تمسكوا بعصم الكوافر ". وقد طلق عمر - رضي الله عنه - امرأتين له كانتا مشركتين لما نزلت هذه الآية. وحكى ابن قدامة الحنبلي أنه لا خلاف في تحريم نساء الكفار غير أهل الكتاب على المسلم. أما النساء المحصنات من أهل الكتاب فيجوز للمسلم أن ينكحهن لم يختلف العلماء في ذلك إلا أن الأمامية قالوا بالتحريم. والأولى للمسلم عدم تزوجه من الكتابية مع وجود الحرة المسلمة. قال شيخ الإسلام ابن تيمة يكره تزوجهن مع وجود الحرائر المسلمات. قال في الاختيارات. وقاله(3/231)
القاضي وأكثر العلماء لقول عمر - رضي الله عنه - للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب طلقوهن فطلقوهن إلا حذيفة امتنع عن طلاقها ثم طلقها بعد، لأن المسلم متى تزوج كتابية ربما مال إليها قلبه ففتنته وربما كان بينهما ولد فيميل إليها والله أعلم بذلك.
* * *
الزواج العرفي
س - ما هو الزواج العرفي؟ وهل يختلف في شيء عن الزواج العادي المعروف؟
ج- الزواج العرفي يطلقه بعضهم على المؤقت وهو نكاح المتعة وهذا لا يجوز، وذلك إذا حددوا مدة وقت العقد بأن قالوا نزوجها لك لمدة سنة أو نصف سنة، وبعدها نخلعها منك أو نأخذها. فهذا هو نكاح المتعة وهو لا يجوز، وإنما يفعله الرافضة اعتماداً على أحاديث قديمة منسوخة، والحكم أنه محرم ومنسوخ فلا يجوز، أما النكاح العادي فهو الذي ينكحها نكاح رغبة فيدفع لها صداقها كاملاً ولو خلعها بعد ذلك أو طلقها بعد ذلك مباشرة فلا مانع من ذلك.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم الزواج العرفي
س - أنا شاب في الثالثة والعشرين من عمري ولقد ارتكبت معاصي كثيرة في حياتي الماضية لكني تبت الآن وأقلعت عن هذه المعاصي، وحاليا أواجه عدة مشكلات من بينها صراعي مع نفسي وكذلك محاولات بعض أصدقاء السوء بالعودة إلى المعاصي، لكن توبتي ومعرفتي بالله تمنعي من العودة إليها، ولأنني شاب في مقتبل العمر تسيطر على فكرة الزواج، لذلك حاولت عدة مرات لكي أتزوج لكني لم أوفق، مما أثر على صلاتي وعملي، ولخوفي الشديد من العودة لارتكاب المعاصي أرجو من سماحتكم توضيح هل يجوز لي الزواج العرفي وما يترتب عليه علماً بأن حالتي المادية ميسورة ولله الحمد، وكذلك حالتي الصحية(3/232)
والوظيفة جيدة ولله الحمد، والله يحفظكم؟
ج- لقد أنعم الله عليك نعمة عظيمة لما وفقك للتوبة مما اقترفته من المعاصي فاشكر الله على ذلك واستقم على التوبة وحذر نزعات الشيطان ونوابه من الإنس واستعن بالله على ذلك واسأله التوفيق والعافية من كل ما يغضبه واحذر جلساء السوء والزم صحبه الأخيار، وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال" المرء على دين خليله فينظر أحدكم من يخالل "
وبادر بالزواج الشرعي واستعن بالله على ذلك.
أما الزواج العرفي الذي لا يوافق الشرع المطهر فلا يجوز فعله ونذكرك بقول الله - سبحانه - " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ". وقوله - سبحانه - " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ".
وفقنا الله وإياك لما يرضيه وثبتنا وإياك على الحق.
الشيخ ابن باز
زواج المتعة حرام إلى يوم الدين
س - لماذا حرم الله زواج المتعة؟
ج- حرم الله زواج المتعة لأن المقصود بالزواج الألفة والاستقرار وبناء البيت والأسرة كما قال - تعالى - " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ". ولأن نكاح المتعة قد يؤدي إلى ضياع الأولاد الذين يأتون بالجماع في هذا النكاح، ولأنه يؤدي أيضاً إلى كثرة الفساد بين الأمة، من أجل هذا حرمه الله - عز وجل - وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " إنه حرام إلى يوم القيامة ". وهذا يدل على أنه لا يمكن نسخ هذا التحريم أبداً لأنه لو أمكن نسخه لأمكن أن يكون الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، كاذباً وهذا أمر مستحيل.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/233)
شبهة حول نكاح المتعة
س - قرأت في بعض الكتب أن المتعة حلال والدليل على ذلك قوله - تعالى - " فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن ". النساء. وإنما حرمت المتعة بعد وفاة النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وأغلب الظن أن عمر حرمها، وكان الخليفة الرابع على بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول " لولا أن عمر حرم المتعة ما زنا إلا شقي فما صحة هذا الخبر؟
ج- كانت حلالاً في أول الإسلام، لأنهم حديثوا عهد بكفر، فأبيحت لتأليفهم ثم حرمها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، زمن الفتح إلى يوم القيامة، وليس عمر هو الذي حرمها وإنما عمر نهى عن متعة الحج، فغلط عليه بعضهم فأما المنقول عن علي فإنما أشاعه الرافضة كذباً وزوراً، فأما الآية فهي في النكاح، والأجور هي المهور كقوله " وآتوا النساء صدقاتهن " الآية، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم الزواج بنية الطلاق
س - أريد السفر إلى الخارج بقصد الدراسة فهل يجوز أن أتزوج بنية الطلاق عند العودة دون أن أعلمهم بتلك النية؟
ج- لا حرج في ذلك إذا تزوج في محل السفر وفي نيته أنه يطلقها إذا أراد الرجوع عند جمهور أهل العلم. بعض العلماء قد توقف في هذا وخشي أن يكون من باب نكاح المتعة، ولكنه ليس كذلك، لأن نكاح المتعة يشرط فيه مدة معلومة، يتزوج على أنه يطلقها بعد شهر أو شهرين أي أنه لا نكاح بينهما بعد شهر أو شهرين، هذا هو نكاح المتعة. أما زواج مطلق ليس فيه شرط لكن في نيته أن يطلقها عند سفره من البلاد هذا لا يجعلها متعة لأنه قد يطلقها وقد يرغب فيها، فليس هذا من باب نكاح المتعة على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، والناس قد يحتاجون إلى هذا لأن الإنسان قد يخشى على نفسه الفتنة فيسهل(3/234)
الله له زوجة مناسبة ويتزوجها، وفي نيته أنه متى أراد العودة طلقها لأنها قد لا تناسب بلاده أو لأسباب أخرى، فهذا لا يمنع من صحة النكاح، ولأن هذه النية قد تنقلب بحيث يرغب فيها وينقلها إلى بلاده فلا تضره هذه النية. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
الزواج بنية الطلاق أيضاً
س - هل يجوز الزواج بنية الطلاق؟
ج- لا حرج في ذلك إذا كان بينه وبين ربه من دون شرط من المرأة أو أوليائها وترك ذلك أفضل، لأن ذلك أكمل في الرغبة، وهذا قول جمهور أهل العلم كما ذكر ذلك أبو محمد بن قدامة في المغنى - رحمه الله -.
الشيخ ابن باز
* * *
توضيح حول الزواج بنية الطلاق
س - يذكر أحد الأخوة أنه قرأ عن سماحتكم أنه يجوز الزواج بنية الطلاق بدون تحديد وقت الطلاق وأنكم تنصحون الشباب المغتربين بالزواج على هذه الصفة وأنه من الممكن أن تتولد بينهم المحبة أو يرزقهم الله بولد فيستمر فهل هذا صحيح أرجو التوضيح أثابكم الله؟
ج- قد صدرت هذه الفتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية، برئاستي واشتراكي وهذا هو قول جمهور أهل العلم كما ذكر ذلك موفق الدين ابن قدامة - رحمه الله - في كتابة المغنى على أن يكون ذلك بينه وبين الله - سبحانه - وليس ذلك من نكاح المتعة.
أما لو اتفق مع أهل المرأة على ذلك أو شرط ذلك لمدة معلومة فإن ذلك منكر لا يجوز(3/235)
ويعتبر النكاح نكاح متعة باطلاً لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عنه وأخبر أن الله قد حرمه إلى يوم القيامة، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
الفرق بينه وبين نكاح المتعة
س - سمعت لك فتوى على أحد الأشرطة بجواز الزواج في بلاد الغربة، وهو ينوي تركها بعد فترة معينة، كحين انتهاء الدورة أو الابتعاث، فما هو الفرق بين هذا الزواج وزواج المتعة؟
ج- نعم لقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة وأنا رئيسها بجواز النكاح بنية الطلاق إذا كان ذلك بين العبد وبين ربه، إذا تزوج في بلاد غربة ونيته أنه متى انتهى من دراسته، أو من كونه موظفاً وما أشبه ذلك أن يطلق فلا بأس بهذا عند جمهور العلماء، وهذه النية تكون بينه وبين الله - سبحانه - وليست شرطاً.
والفرق بينه وبين المتعة أن نكاح المتعة يكون فيه شرط مدة معلومة كشهر أو شهرين أو سنة أو سنتين ونحو ذلك فإذا انقضت المدة المذكورة انفسخ النكاح هذا هو نكاح المتعة الباطل، أما كونه تزوجها على سنة الله ورسوله ولكن في قلبه أنه متى انتهى من البلد سوف يطلقها، فهذا لا يضره وهذه النية قد تتغير وليست معلومة وليست شرطاً بل هي بينه وبين الله فلا يضره ذلك، وهذا من أسباب عفته عن الزنا والفواحش وهذا قول جمهور أهل العلم حكاه عنهم صاحب المغنى موفق الدين ابن قدامه - رحمه الله -.
الشيخ ابن باز
* * *
رأي فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في هذا النكاح
س - هذا شخص أراد أن يذهب إلى الخارج لأنه مبتعث، فأراد أن يحصن فرجه بأن يتزوج من هناك لمدة معينة ثم بعد ذلك يطلق هذه الزوجة دون أن يخبرها بأنه سوف يطلقها، فما حكم فعله هذا؟(3/236)
ج- هذا النكاح بنية الطلاق لا يخلو من حالين إما أن يشترط في العقد بأنه يتزوجها لمدة شهر أو سنة أو حتى تنتهي دراسته فهذا نكاح متعة وهو حرام. وإما أن ينوي ذلك بدون أن يشترطه، فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه حرام وأن العقد فاسد لأنهم يقولون إن المنوي كالمشروط لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ ما نوى " ولأن الرجل لو تزوج امرأة من شخص طلقها ثلاثاً من أجل أن يحلها له ثم يطلقها فإن النكاح فاسد، وإن كان ذلك بغير شرط، لأن المنوي كالمشروط فإذا كانت نية التحليل تفسد العقد فكذلك نية المتعة تفسد العقد. هذا هو قول الحنابلة. والقول الثاني لأهل العلم في هذه المسألة أن يصح أن يتزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها إذا فارق البلد كهؤلاء الغرباء الذين يذهبون إلى الدراسة ونحو ذلك، قالوا لأن هذا لم يشترط والفرق بينه وبين المتعة، أن المتعة إذا تم الأجل حصل الفراق شاء الزوج أم أبى بخلاف هذا فإنه يمكن أن يرغب في الزوجة وتبقى عنده، وهذا أحد القولين لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وعندي أنا هذا صحيح ليس بمتعة لأنه لا ينطبق عليه تعريف المتعة لكنه محرم من جهة أنه غش للزوجة وأهلا وقد حرم النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الغش والخداع، فإن الزوجة لو علمت بأن هذا الرجل لا يريد أن يتزوجها إلا لهذه المدة ما تزوجته وكذلك أهلها، كما أنه هو لا يرضى أن يتزوج ابنته شخص في نيته أن يطلقها إذا انتهت حاجته منها، فكيف يرضى لنفسه أن يعامل غيره بمثل ما لا يرضاه لنفسه، هذا خلاف الإيمان لقول النبي، عليه الصلاة والسلام، " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ".
ولأنني سمعت أن بعض الناس اتخذ من هذا القول ذريعة إلى أمر لا يقول به أحد وهو أنهم يذهبون إلى البلاد للزواج فقط يذهبون إلى هذه البلاد ليتزوجوا ثم يبقوا ما شاء الله مع هذه الزوجة التي نوى أن زواجه منها مؤقت ثم يرجع، فهذا أيضاً محظور عظيم في هذه المسألة فيكون سد الباب فيها أولى لما فيه من الغش والخداع والتغرير ولأنها تفتح مثل هذا الباب لأن الناس جهال وأكثر الناس لا يمنعهم الهوى من تعدي محارم الله.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/237)
حكم نكاح الشغار
س - رجل زوج ابنته لشخص آخر مقابل أن يتزوج ابنته أو أخته ولم يدفع كل منهم مهراً رمزياً للفتاة، هل يجوز تزويج الفتاة مقابل أخرى أم لابد من وضع مهر رمزي بين الاثنين؟
ج- لا يجوز لأحد أن يزوج ابنته أو أخته أو غيرها من مولياته على أن يزوجه الثاني أو يزوج ابنه أو غيره بنته أو أخته أو غيرهما من مولياته لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن ذلك وسماه الشغار ويسميه بعض الناس نكاح البدل سواء سمي في ذلك مهر أو لم يسم لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن هذا النكاح وسماه الشغار بقوله عليه الصلاة والسلام بأن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته ولم يذكر فدل ذلك على أن النهي عام للصورتين جميعاً وهذا هو الأصح من قولي العلماء، وفي المسند وسنن أبي داود بسند جيد عن معاوية - رضي الله عنه - أن أمير المدينة كتب إليه رجلين تزوجاً شغاراً وقد سميا مهراً فكتب معاوية - رضي الله عنه - إلى أميره في المدينة وأمره أن يفرق بينهما وقال هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ولأن هذا الشرط يفضي إلى ظلم النساء من أوليائهن وإجبارهن على من يكرهن واتخاذهن سلعاً يتصرف فيهن الأولياء حسب رغباتهم ومصالحهم كما هو الواقع ممن فعل ذلك إلا من شاء الله، أما ورد في حديث ابن عمر من تفسير الشغار بأن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق فهو من كلام نافع وليس من كلام النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وتفسير النبي، - صلى الله عليه وسلم -، للشغار مقدم على تفسير نافع، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
هذا من الشغار المحرم
س - سائل يقول حصل عندنا زواج بين رجل من أقاربي وشخص آخر ولكن يوجد شك في صحته فقد حصل أن اتفق هذا الرجل مع شخص آخر على أن يتزوج ابنته وهو يزوج اخته لابن ذلك الرجل واشترط كل واحد منهما أن يدفع إلى الآخر ما يلزم للفتاة من(3/238)
ملابس وحلي حسب ما يحدده هو فهل مثل هذا النكاح صحيح أم يدخل في الشغار المحرم؟
فإن كان كذلك فماذا عليهم أن يفعلوه الآن وإن لم يكن من قبيل الشغار فما الشغار إذن؟
ج- هذه الصورة التي ذكرتها لا شك أنا الشغار، لأنه لم يبد فيها من المهر إلا الملابس للمرأة وحلي وهذا ليس مهراً معتاداً في وقتنا هذا، فالمهر في وقتنا هذا لا يقتصر على الحلي والملابس للمرأة بل يكون معه نقود وعلى هذا فقد زوج كل منهما الآخر بمهر أقل من مهر المثل، وهذا شغار بلا شك وذلك لأنه أصبح المهر من شيئين من المال ومن الأبضاع، فكأن كل واحدة صار مهرها هذا المال الذي بذل لها وبضع الأخرى وهذا محرم ولا يجوز.
ولهذا قال الله - عز وجل - في القرآن الكريم " وأحل لكم ما وراء ذلك أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين ".
فجعل الله - سبحانه وتعالى - المهر مالاً فقط " أن تبتغوا بأمواكم ". وهذان الرجلان كان المهر بينهما مالاً وبضعاً وعلى هذا فهو حرام، ويكون داخلاً في الشغار، أما لو بذل كل منهما للمرأة مهر مثلما، وكان كل منهما كفئاً لمن تزوج بها، ورضيت كل منهما به، فهذا أحله بعض أهل العلم، وقال إنه لا يدخل في الشغار، وذهب بعض أهل العلم أنه من الشغار ولا ريب أنه المنع منه أولى، لأن الناس في زمننا هذا قلت أمانتهم وصار الواحد منهم لا يهمه مصلحة موليته، وإنما يهمه مصلحة نفسه فالذي ينبغي أن يمنع هذا مطلقاً سداً للذريعة ودفعاً للفساد.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الزواج على المشارطة شغار
س - تزوج رجل بامرأة على أن يتزوج أخو المرأة بأخت ذلك الرجل وهما الآن متزوجان ولهما أطفال، ويقال أنهما فرقا بينهما في المهر، وكذلك في وقت الزواج فما العمل؟ هل يجددان العقد أم ذلك الزواج شغار وما هي الطريقة؟
ج- إذا كانوا تزوجوا على المشارطة فهو شغار كأن يطلب الرجل من الآخر أن يزوجه مقابل أن يزوجه أخته فهذا هو الشغر الذي نهانا عنه النبي، عليه الصلاة والسلام، فعليهم أن(3/239)
يجددوا العقد دون الحاجة إلى الطلاق، إذا كان كل يرغب في زوجته وهي ترغب فيه، فعليهم أن يجددوا العقد دون شرط المرأة الأخرى، فيطلب الرجل ولي المرأة أو أقرب الناس إليها من العصب، ويزوجه بمهر جديد وعقد جديد وشاهدين عدلين يحضران. هذه هي الطريقة، والمرأة الثانية كذلك ولو بمهر قليل ولو كان ذلك في البيت دون الذهاب إلى المحكمة.
الشيخ ابن باز
حكم نكاح الشغار (البدل) بدون اتفاق
س - لقد اطلعت على جواب سماحتكم عن سؤال عن حكم نكاح الشغار يا سماحة الشيخ سبق أن تزوجت منذ عشر سنوات بفتاة بولاية أخيها الشقيق بصداق قدره 4500 ريال بالإضافة إلى الشروط الأخرى من ذهب وفضة وخلافهما، وأنا زوجته ابنتي، وذلك بصداق قدره 4000 ريال بالإضافة إلى الشروط الأخرى من ذهب وفضة وخلافهما، وأنا لم أكن أنوي أن يكون الزواج (بدلاً) أما هو فإنني لا أعرف نيته، والآن ولله الحمد، رزقني الله بنين وبنات، وهو كذلك، ولكني عندما أطلعت على جواب فضيلتكم أصبحت في شكوك، وأخشى العقاب من الله - تعالى - أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً؟
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكرتم وليس بينك وبين شقيق زوجتك مشارطة على أنك تزوجه ويزوجك فلا حرج من ذلك، وليس ذلك نكاح شغار، وفق الله الجميع لما يرضيه والسلام.
الشيخ ابن باز
* * *
ليس هذا شغارا
س - قبل خمس سنوات من الآن ذهب عمي لوالدي يطلب منه الموافقة على تزويج أختي " حصة " من ابنه " علي " فوافق الجميع بما فيهم أختي واتفقوا على المهر والشروط ولكن عمي قبل أن ينصرف من المجلس قال لوالدي (وترى يا أبو أحمد إذا كان ولدكم أحمد يرغب في الزواج من ابنتي " عائشة " فنحن موافقون) . يقصد بذلك موافقة جميع أسرته بما فيهم ابنته(3/240)
عائشة (هل نجد لابنتنا خيراً من أحمد) علما بأننا (أقصد أنا وأسرتي) لم نطلب منه ذلك أي إننا لم نقل له نزوجك بنتا بشرط أن تزوج أبنتك لأبننا أحمد ولكن عمي هو الذي تطرق إلى هذا الموضوع برغبته واختياره فما كان من والدي إلا أن سألني عن رأي في كلام عمي وهل أنا موافق من الزواج من ابنته عائشة فأجبت والدي نعم أنا موافق على الزواج من ابنة عمي وأريدها زوجة لي فتم زواجنا جميعاً في خلال شهر واحد والحمد لله أنا وزوجتي سعيدان وقد رزقنا الله بثلاثة أطفال، وكذلك أختي وزوجها سعيدان والحمد لله وقد رزقهم الله بطفلين. فسؤالي هو هل هذا الزواج صحيح أم يعتبر " شغاراً " علما بأن مهر وشروط أختي مقارب من مهر وشروط زوجتي إلا في أشياء طفيفة جداً، أفيدونا عن حكم ذلك أفادكم الله؟
ج- إذا كان الواقع هو ما تضمنه السؤال فليس هذا النكاح شغاراً ولا حرج فيه والحمد لله، لأن الشغار هو أن يقول الرجل للرجل زوجني أبنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي، أو نحو ذلك والنكاح الذي ذكرته في السؤال ليس فيه هذا الشرط فلا يكون شغاراً، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
هل هذا من الشغار؟
س - أحد أقاربي أريد أريد أن أتزوج بنته على سنة الله ورسوله ويوجد له ولد أريد أزوجه أختي على سنة الله ورسوله؟ هل ذلك يجوز أم لا مع العلم أن المهر لم يكن سواء والحق الخاص للفتاتين لم يكن سواء وهما رضيتان وليست إحدهما مكرهة على ذلك؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكرت من أن البنتين راضيتان وأنه سيدفع لكل منهما مهر قبلاً دون أي تحايل وأنه لا يوجد بينكما أي شرط قولي أو عرفي يقتضي بأنه سيزوجك بنته على أن تزوج ابنه اختك فلا بأس بذلك لعدم ما يمنع منه شرعاً، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *(3/241)
حكم جعل المرأة مهر للأخرى
س - خطب أحد الأشخاص أختي، ولكنه أبلغني أن أهله غير موافقين على زواجه من أختي ما لم أتزوج أنا أخته، إلا أنني لم أقدم مهراً لزوجتي ولكننا اتفقنا على مقدم ومؤخر وجهزت بيتي وأختي بينما جهز الشخص الآخر أخته وبيته، ما حكم هذا العقد، وهل يعبر الزواج شغاراً؟
ج- إن هذا العقد على خلاف نكاح الشغار، لأن نكاح الشغار أن يقول لا أزوجك أبنتي حتى تزوجني أبنتك، والسؤال الذي سأله السائل على العكس من نكاح الشغار، ومع هذا أقول إذا وقع ذلك على سبيل المبادلة بمعنى أن كل واحدة من المرأتين تكون مهراً للأخرى، فإن ذلك لا يجوز، لأن الله - تعالى - اشترط للحل أن يبذل المال، وأنت والرجل الآخر لم تبتغيا بأموالكما بل كل واحد منكما جعل المرأة مهراً للأخرى وهذا حرام ولا يصح أما إذا سميتما مهراً فإن بعض أهل العلم يقول في نكاح الشغار أنه إذا سمياً مهراً كاملاً ورضيت كل امرأة بالرجل الذي يتزوجها فإن النكاح حينئذ يكون صحيحاً، والذي أفتيكم به أن ترجعوا في هذا إلى المحكمة لديكم فإن أقرت النكاح الأول فعلى ما تراه المحكمة وإن لم تقره ورأى الحاكم الشرعي أنه لابد من إعادة النكاح فيعاد النكاح.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم عقد نكاح من لم يكن يصلي ثم هداه الله
س - إنني في أول عمري لم أكن أصلي ولقد تزوجت وأنا على هذه الحالة والحمد لله الآن لقد هداني الله - سبحانه وتعالى - فهل عقد النكاح صحيح؟
ج- إذا كانت زوجتك مثلك حين العقد لا تصلي فالعقد صحيح، أما إن كانت تصلي فالواجب تجديد النكاح لأنه لا يجوز للمسلمة أن تنكح لكافر لقول الله - عز وجل - " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنواً ". والمعنى لا تزوجهم المسلمات حتى يسلموا ولقوله - سبحانه - في سورة الممتحنة " فإن علمتوهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ". الآية.(3/242)
ومعلوم أن ترك الصلاة كفر أكبر وأن لم يجحد التارك وجوبها في أصح قولي العلماء لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ". رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربعة بإسناد صحيح ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ". خرجه الإمام مسلم في صحيحه وحكى التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي - رحمة الله - إجماع أصحاب النبي، - صلى الله عليه وسلم -، رضي الله عنهم - على كفر تارك الصلاة، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
تزوجها منذ زمن وهي لا تصلي وله منها أولاد
س - رجل متزوج من امرأة وله منها أربعة أولاد وهي الآن حامل بالخامس، لكن امرأته لا تصلي منذ أن تزوجها حتى الآن فبماذا تنصحون؟
ج- هذا منكر عظيم لأن الصلاة عمود الإسلام وهي أعظم الفرائض وأهمها بعد الشهادتين كما قال - جل وعلا - " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون ". وقال سبحانه وتعالى - " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ". وقال - سبحانه وتعالى - " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ". وقال - جلا وعلا - " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلو سبيلهم ". " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ".
ويدل ذلك على أن من لم يصل يقتل، فالواجب استتابة هذه الزوجة وتأديبها حتى تصلي ومن تاب تاب الله عليه، فإن أبت يرفع في أمرها إلى المحكمة حتى تستتيبها فإن تابت وإلا قتلت مرتدة عن الإسلام في أصح قولي العلماء لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " والعهد بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ". وقال جماعة من أهل العلم إنها تقتل حداً لا ردة، وفي كل حال فالواجب استتابتها، فإن تابت وإلا وجب على ولي الأمر والقاضي النائب عن ولي الأمر أن يأمرا بقتلها إذا لم تتب، وعلى الزوج أن يفارقها إذا لم تتب لأنها كافرة، والمسلم لا يتزوج كافرة وقال قوم إنه كفر دون كفر، ولكن الصواب أنه كفر أكبر، فلا ينبغي للزوج ولا يجوز(3/243)
له أن يبقى في حبال امرأة لا تصلي، بل يجاهدها ويؤدبها لعلها تتوب ولعلها تصلي فإن لم تفعل فارقها وسوف يعوضه الله خيراً منها، والواجب عليه أن يؤدبها هو وأبوها وأهلها حتى تصلي، فإن دعت الحاجة يرفع الأمر إلى المحكمة حتى تستتيبها فإن تابت وإلا قتلت مرتدة كافرة عند جمع من أهل العلم، أو حداً عند أخرين من أهل العلم، ولا شك أن الزوج مقصر وسكوته عليها منكر عظيم، والرسول، - صلى الله عليه وسلم -، قال " من رأي منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ". وهو قادر أن يغير بقلبه ولسانه ويده.
وقال - تعالى - " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ". نسأل الله الجميع الهداية.
الشيخ ابن باز
* * *
إذا تاب المرتد فما حكم زوجته؟ وهل أولاده شرعيون؟
س - إذا تاب المرتد ورجع إلى الإسلام خالص النية لله، فهل يحق له أن يعيد زوجته إلى بيته وهو ملتزم بكل أركان الإسلام عن أخلاص وإيمان وصدق وتوحيد؟ وما الكفارة التي يمكن أن يؤديها بعد أن أتاب؟ وهل أولاده قبل التوبة شرعيون؟
ج- إذا كان موجب الردة، قبل الدخول، والخلوة الموجبة للعدة، فإن النكاح ينفسخ وحينذاك لا تحل له زوجته إلا بعقد جديد، وإذا كان حدوث ذلك بعد الدخول أو الخلوة الموجبة للعدة، فإن الأمر يقف على انقضاء العدة، فإن حصلت له التوبة قبل انقضاء العدة فهي زوجته، وإن حصلت بعد انقضاء العدة فأكثر فإن أهل العلم يرون أنها لا تحل له إلا بعقد جديد، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تحل له إذا رجع إليها، وأن انقضاء العدة، يسقط سلطانه عليها ولا يحرمها عليه لو عاد إلى الإسلام، وبناء على هذين الحالين، تبين حكم هذا الرجل بالنسبة لرجوعه إلى زوجته.
أما بالنسبة لما مضى فإن التوبة الخالصة تجب ما قبلها لقوله - تعالى - " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ". الآية، وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لعمرو بن العاص(3/244)
" إن الإسلام يهدم ما قبله ".
وأما بالنسبة لأولاده فإن كان يعتقد أن النكاح باق، لكونه مقلداً لمن لا يرى الكفر يترك الصلاة أو كان لا يعلم أن تارك الصلاة يكفر، فإن أولاده يكونون له ويلحقون به، أما إذا كان يعلم أن ترك الصلاة كفر، وأن الزوجة لا تحل له مع ترك الصلاة، وأن وطأه لها وطء محرم فإن أولاده لا يلحقون به في هذه الحال، وبعد فإن المسألة من المسائل العظيمة الكبيرة التي ابتلى بها بعض الناس اليوم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
تزوج خامسة وأنجبت منه أولاداً فهل ينسبون إليه
س - إذا كان عند رجل أربع نسوة وتزوج خامسة وأنجبت منه ولداً فأكثر فهل ينسب ولدها إليه؟
ج- لا شك في بطلان نكاح الخامسة وهو كالإجماع من أهل العلم - رحمهم الله - وقد ذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره أن أهل العلم ماعداً الشيعة قد أجمعوا على تحريم نكاح الخامسة، وفي وجوب إقامة الحد على نكاحة الخامسة خلاف مشهور ذكره القرطبي - رحمه الله - في تفسيره وغيره من أهل العلم.
أما إلحاق الولد به ففيه تفصيل، فإن كان يعتقد حل هذا النكاح لجهل أو شبهة أو تقليد، لحق به وإلا لم يلحق به وقد ذكر صاحب المغنى وغيره هذا المعنى فيمن تزوج امرأة في عدتها، ومعلوم أن نكاح المرأة في عدتها باطل بإجماع أهل العلم ومع ذلك يلحق النسب بالنكاح إذا كان له شبهة كالجهل بكونها في العدة وكالجهل بتحريم نكاح المعتدة إذا كان مثله يجهل ذلك، فإذا لحق النسب في هذه المسألة بالنكاح إذا كان له شبهة فلحوقه بنكاح الخامسة أولى، لأن نكاح المعتدة لا خلاف في بطلانه بخلاف نكاح الخامسة، فقد خالف في تحريمه وبطلانه الشيعة وإن كان مثلهم لا ينبغي أن يعتد بخلاف وخالف فيه أيضاً بعض الظاهرية كما ذكر ذلك القرطبي في تفسيره، ولأن الأدلة الشرعية قد دلت على رغبة الشارع في حفظ الأنساب وعدم إضاعتها، فوجب أن يعتني بذلك، وأن لا يضاع أي نسب مهما(3/245)
وجد إلى ذلك سبيل شرعي، ولا شك أن الشبهة تدراً الحدود وتقتضي إلحاق النسب، وقد يدرأ الحد بالشبهة ولا يمنع ذلك تعزير المتهم بما دون الحد مع القول بالحوق النسب جمعاً بين المصالح الشرعية، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
الزواج من الزاني أو الزانية باطل
س - ما معنى الآية الكريمة " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ". وهل يرتفع الإيمان عن الإنسان إلى الشرك بارتكاب هذه الجريمة؟
ج- إذا قرأنا هذه الآية الكريمة التي ختمها الله بقوله " وحرم ذلك على المؤمنين ".
أخذنا من هذا حكما وهو تحريم نكاح الزانية وتحريم نكاح الزاني بمعنى أن الزانية لا يجوز للإنسان أن يتزوجها وأن الزاني لا يجوز للإنسان أن يزوجه ابنته، فإذا عرفنا ذلك " وحرم ذلك على المؤمنين " فإن من ارتكب هذا الجرم فلا يخلو إما أن يكون ملتزماً بالتحريم عالماً به ولكنه تزوج لمجرد الهوى والشهوة فحينئذ يكون زانياً، لأنه عقد عقداً محرماً يعتقده محرماً ملتزماً بتحريمه ومعلوم أن العقد المحرم لا يبيح الفرج ولا الاستمتاع به فيكون هذا الرجل باستحلاله بضع المرأة المعقود عليها وهي زانية وهو يعلم أن ذلك حرام وملتزم بذلك يكون فعله هذا زنى، والحالة الثانية ألا يلتزم بهذا الحكم وأن يقول أبداً هذا ليس بحرام بل هو حلال وحينئذ يكون مشركاً لأن من أحل ما حرم الله فقد جعل نفسه مشرعا مع الله مشركاً به - سبحانه وتعالى - ولهذا قال - سبحانه وتعالى " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الذي ما لم يأذن به الله " فجعل الله المشرعين لعباده دينا لم يأذن به جعلهم شركاء فهذا الذي شرع لنفسه حل الزانية ولم يلتزم بالحكم الشرعي يكون مشركاً، وخلاصة القول أن ناكح الزانية إما إن يكون معتقداً لتحريمها ملتزماً به حينئذ يكون زانياً، وإما أن يكون غير معتقد للتحريم ولا متلزماً به بل هو منكر للتحريم وحينئذ يكون مشركاً، لأنه أحل ما حرم الله ولهذا قال - عز وجل " لا ينكحها إلا زان أو مشرك ". فهو زان إن كان قد التزم(3/246)
بالتحريم واعتقده أو مشرك إذا لم يعتقد التحريم ولم يلتزم به، وهكذا نقول أيضاً فيمن زوج ابنته رجلاً زانياً، ولكن هذا الحكم يزول بالتوبة فإذا تاب الزاني من زناه وتابت الزانية من زناها فإنه يزول عنها هذا الوصف أي وصف الزاني، كما يزول وصف الفسق عن الفاسق إذا تاب فإنه يزول عنها هذا الوصف أي وصف الزاني، كما يزول وصف الفاسق عن الفاسق إذا تاب إلى الله - سبحانه وتعالى - وترك الفسق، فإذا تاب الزاني من زناه أو الزانية من زناها حل نكاحها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
زنى بامرأة ويريد أن يتزوجها
س - زنى رجل ببكر ويريد أن يتزوجها فهل يجوز له ذلك؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكر وجب على كل منهما أن يتوب إلى الله فيقلع عن هذه الجريمة، ويندم على ما حصل منه من فعل الفاحشة، ويعزم على ألا يعود إليها، ويكثر من الأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئائه حسنات، قال الله - تعالى - " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفور رحيما. ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً ". وإذا أراد أن يتزوجها وجب عليه أن يستبرئها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح، وإن تبين حملها لم يجز له العقد عليها إلا بعد أن تضع حلمها، عملاً بحديث النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يسقي الإنسان ماءه زرع غيره، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
امرأة فسخت النكاح دون علم زوجها وتزوجت بأخر
س - امرأة وكلت محامياً لأخذ حصتها من إرث والدها، وطلب منها مبلغاً ليس بحوزتها فطلب منها الزواج به نظير مرافعته نيابة عنها. وحيث أن هذه المرأة متزوجة ولكن زوجها ليس موجوداً حيث يعمل في خارج البلاد فقد وكلت هذه المرأة هذا المحامي لفسخها من(3/247)
زوجها وفعلاً ذلك دون أي اتصال بالزواج علماً بأن عنوانه كان لدى هذه الزوجة وكان يرسل نفقتها ونفقة ابنته التي تبلغ من العمر إحدى عشرة سنة وابنه الذي يبلغ الثامنة. ما الحكم في ذلك الزواج؟ ولمن له حق حضانة هذا الابن وهذه الأبنة؟
ج- لا شك أن هذا فعل محرم وجريمة شنيعة وحيلة باطلة حيث أنها في ذمة زوج، وأن زوجها يرسل إليها النفقة لها ولأولاده منها وحيث أن هذا المحامي سعى في فسخ نكاحها من زوجها الأول، لقصد نكاحها مع إمكان الاتصال بالزوج الأول والنظر في عذره وإمهاله المدة المعتبرة فعلى هذا فإن كل هذا الفسخ حصل بواسطة الحاكم الشرعي بعد وجود أسباب ومبررات له فإنها تنفسخ من الأول بفسخ الحاكم وإلا فهو حرام، وهي لا تزال في ذمة زوجها ونكاحها الثاني حرام، فأما الأولاد فمع أمهم فإن منعها الثاني انتقلت الحضانة إلى من يليها من قراباتها أو قرابات أبيهم، فإن رجع الأب سريعاً فله المطالبة حسب ما يراه.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم نكاح التحليل
س - ما رأي الشرع في نظركم في زواج التحليل؟
ج- ينبغي أولاً أن نبين ما هو زواج التحليل؟ زواج التحليل أن يعمد رجل إلى امرأة طلقها زوجها ثلاث تطليقات أي طلقها ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها ثم طلقها الثالثة فهذه المرأة لا تحل لزوجها الذي طلقها ثلاث تطليقات إلا إذا نكحت زوجاً آخر نكاح رغبة وجامعها ثم فارقها بموت أو طلاق أو فسخ فإنها تحل للزوج الأول. لقول الله - تعالى - " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " إلى قوله " فإن طلقها " أي الثالثة " فلا تحل له من بعد حتى تنكح غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله ".
فيعمد رجل من الناس إلى امرأة طلقها زوجها ثلاث تطليقات فيتزوجها بنيته أنه متى حللها للأول طلقها أي متى جامعها طلقها فتعد منه ثم تعود لزوجها الأول. وهذا النكاح نكاح فاسد فقد لعن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، المحلل والمحلل له وسى المحلل التيس المستعار لأنه(3/248)
كالتيس يستعيره صاحب الغنم لمدة معينة ثم يرده إلى مالكه، هذا الرجل كالتيس طلب منه الزواج من هذا المرأة ثم مفارقتها.
هذا هو نكاح التحليل ويقع على صورتين
الصورة الأولى أن يشترط ذلك على العقد فيقال للزوج تزوجك إبنتنا بشرط أن تجامعها ثم تطلقها.
الصورة الثانية أن يقع بدون شرط ولكن بينة والنية قد تكون من الزوج وقد تكون من الزوجة وأوليائها. فإذا كانت من الزوج فإن الزوج هو الذي بيده الفرق فلا تحل والمحبة وطلب العفة والأولاد وغير ذلك من مصالح النكاح فتكون نيته مخالفة للمقصود الأساس من النكاح فلا يكون النكاح صحيحاً.
وأما نية المرأة أو أوليائها فهذا محل خلاف بين العلماء ولم يتحرر عندي الآن أي القولين الأصح.
والخلاصة.. أن نكاح التحليل نكاح محرم ونكاح لا يفيد حلها للزوج الأول لأنه غير صحيح.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
زوجتان أختان من الرضاع
س - سائل يقول إذا صادف وتزوج رجل امرأتين وأنجب أطفالاً من كلتيهما وبعد فترة اكتشف بشهادة من بعض ذويهم أنها أختان من الرضاعة فماذا عليه أن يفعل في هذه الحالة؟
- في هذه الحالة إذا ثبت أن زوجته كانتا أختين من الرضاعة فإن نكاح الثانية منهما باطل أي الأخيرة يكون نكاحها باطلاً ويجب عليه أن يفارقها، وليس معنى قولي يفارقها أنه فراق بطلاق أو فسخ، بل إنه لا يجب أن يفارقها لأن النكاح قد تبين فساده، بل تبين بطلانه وأما الأولاد ولدوا له في هذه المدة فهم أولاد له شرعيون، لأنه في الواقع وطئها بشبهة.
الشيخ ابن عثمين
* * *(3/249)
تزوج أخته من الرضاع
س - ظهر لي بعد الدخول بزوجتي أنها أختي من الرضاع، لأني رضعت مع أختها، فهل تحرم علي في مثل هذه الحالة؟
ج- نعم، إذا كان الأمر كما قلت، وأنك رضعت مع أخت الزوجة من أمها بمعنى أنك رضعت من أم الزوجة أو من زوجة أبيها فإنك في هذه الحالة تكون أخا ويكون العقد باطلاً، لكن يجب أن تعرف أن الرضاع لا أثر له إلا أن يكون خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطام، فإذا كان أقل من ذلك فلا أثر له ولا يحصل به التحريم.
فإذا تيقنت أنك رضعت من المرأة التي تزوجتها خمس رضعات فأكثر في الحولين فإنه يجب الفراق بينكما لعدم صحة النكاح، وما حصل من الأولاد قبل العلم فإنهم ينسبون إليك شرعاً، لأن هؤلاء الأولاد خلقوا من ماء بوطء في شبهة والوطء بشبهة يلحق به النسب كما قال بذلك أهل العلم.
الشيخ ابن عثمين
* * *
الابن للزوج الثاني والخيار للزوج المفقود
س - تغيب رجل عن زوجته مدة طويلة حتى ظن أنه فقد، فتزوجت زوجته بآخر وأنجبت منه ولداً، وبعد سنوات عاد الزوج الأول فهل يستمر زواجها بالثاني أم ينفسخ؟
ج- هذه المسألة يعبر عنها بتزوج امرأة المفقود، فإذا فقد الزوج ومضت المدة التي بحث عنه فيها، ثم حكمه بموته واعتدت منه وتزوجت بآخر ثم قدم، فإن له الخيار بين أن يبقى الزواج بحالة وبين أن ترد زوجته الأولى. فإن أبقى الزواج بحالة فالأمر ظاهر والعقد صحيح، وإن لم يختر ذلك وأراد أن ترجع زوجته فإنها ترجع إليه، ولكنه لا يجامعها حتى تنتهي عدته من الثاني، ولا تحتاج إلى عقد بالنسبة للزوج الأول، لأن نكاحه الأول لم يوجد ما يبطله حتى تحتاجد إلى عقد جديد، وأما ولدها من الزوج الثاني فإنه ولد شرعي ينسب لوالده لأنه حصل من نكاح مأذون فيه.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/250)
إجبار الوالد ابنته على الزواج حرام
س - لي أخت من الأب وقد زوجها أبي من رجل دون رضاها ودون أخذ رأيها وهي تبلغ أحدى وعشرين سنة، وقد شهد الشهود زوراً على عقد النكاح أنها موافقة، ووقعت والدتها بدلاً عنها على وثيقة القعد، وهكذا تم الزواج وهي لا تزال رافضة هذه الزواج فما الحكم في هذا العقد وشهادة الشهود؟
ج- هذه الأخت إذا كانت بكراً وأجبرها أبوها على الزواج من هذا الرجل فقد ذهب بعض أهل العلم إلى صحة النكاح، ورأوا أن للأب أن يجبر ابنته على الزواج بمن لا تريد إذا كان كفئاً، ولكن القول الراجح في هذه المسألة أنه لا يحل للأب أو لغيره أن يجبر الفتاة على الزواج بمن لا تريد وإن كان كفئاً، لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " لا تنكح البكر حتى تستأذن " وهذا عام لا يستثنى منه أحد من الأولياء، بل قد ورد في صحيح مسلم " البكر يستأذنها أبوها "، فنص على البكر ونص على الأب، وهذا نص في محل النزاع فيجب المصير إليه.
وعلى هذا فيكون إجبار الرجل ابنته للزواج برجل لا تريد الزواج منه يكون محرما، والمحرم لا يكون صحيحاً ولا نافذاً، لأن إنقاذه وتصحيحه مضاد لما ورد فيه من النهي، وما نهى الشارع عنه فإنه يريد من الأمة ألا تتلبس به أو تفعله ونحن إذا صححناه فمعناه أننا تلبسنا به وفعلناه وجعلناه بمنزلة العقود التي أباحها الشارع، وهذا أمر لا يكون، وعلى هذا فالقول الراجح يكون تزويج والدك ابنته هذه بمن لا تريده يكون تزويجاً فاسداً، والعقد فاسد يجب النظر في ذلك من قبل المحكمة.
أما بالنسبة لشاهد الزور فقد فعل كبيرة من كبائر الذنوب كما ثبت على النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ألا أخيركم بأكبر الكبائر "؟ فذكرها وكان متكئاً فجلس ثم قال " ألا وقول الزور ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور ". فما زال يكررها حتى قالوا ليته سكت
فهؤلاء المزورون عليهم أن يتوبوا إلى الله - عز وجل - ويقولوا قوله الحق وأن يبينوا للحاكم الشرعي أنهم قد شهدوا زوراً، وأنهم راجعون عن شهادتهم هذه. وكذلك الأم حيث وقعت عن ابنتها كذباً فإنها آثمة بذلك وعليها أن تتوب إلى الله وألا تعود لمثل هذا.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/251)
مخالفات في النكاح
هذا العمل مخل بالعقيدة
س - أحد الأخوة يلبس دبلة من ذهب ويقول هذه الدبلة مكتوب فيها اسم امرأته، ولو فسخها " لزعلت " امرأته منه زعلاً شديداً ويمكن أن يؤدي " الزعل " إلى الفراق، فماذا يفعل نحو ذلك حتى يقنع امرأته؟
ج- الواجب عليه أن يتقي الله - عز وجل - وأن يخلع هذا الخاتم من الذهب وذلك لأن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة وقد رأى النبي، عليه الصلاة والسلام رجلاً وفي يده خاتم من ذهب فنزعه ورمى به وقال " يعمد أحدكم إلى جمرة من نار ". يعني فيلبسها ولما أنصرف النبي، عليه الصلاة والسلام، قيل للرجل خذ خاتم وانتفع به، قال والله لا أخذ خاتماً رمى به النبي، - صلى الله عليه وسلم -، هذا من حيث لباس الذهب، أما إذا صحبت ذلك عقيدة فاسدة وهي أن بعض النساء وربما بعض الرجال أيضاً يكتبون أسماء زوجاتهم بهذه الخواتم، والزوجات تكتب أسماء أزواجهن على خواتمهن معتقدين أن بقاء الخاتم في الأصبع وعليه الاسم سبب لبقاء الزوجين، فإن هذا مخل عقيدة فاسدة لا أصل لها في الشرع ولا في الواقع فكم من إنسان لبس الدبلة التي لبس الدبلة التي عليها اسم زوجته وفارقها بسرعة وحصل بينهما الخلاف والنزع والتشاجر كما هو معلوم، وكم من إنسان لا يعرف هذا أبداً وبينه وبين زوجته من الألفة والمحبة ما هو معلوم، وبناء على ذلك نقول لهذا الرجل اتق الله وأعلم أنك إذا خلعته لن تغضب زوجتك لأنك التمست رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله فإن الله يسخط عليه ويسخط عليه الناس. لهذا أكرر وأقول اخلع هذا الذهب ولا تلبسه ولا تلبس فضة أيضاً عليهم اسم زوجتك، وكذلك إن كان على زوجتك خاتم من ذهب عليه اسم فغيره وامح الاسم عنه وحينئذ سييسر الله أمرك ويجعل لك فرجاً ومخرجاً ويرضي عنك زوجتك من الغضب الذي تتوهمه أنت.
الشيخ ابن عثيمين(3/252)
حكم وضع قدم العروس في دم الخروف
س - من عاداتنا أن يقوم أهل الفتاة التي ستتزوج بوضع قدمها في دم خروف مذبوح ليلة عرسها، فما حكم الشرع في ذلك؟
ج- ليس لهذه العادة من أصل شرعي وهي عادة سيئة لأنها
أولا عقيدة فاسدة لا أساس لها من الشرع.
ثانيا إن تلوثها بالدم النجس سفه لأن النجاسة مأمور بإزالتها والبعد عنها.
وبهذه المناسبة أود أن أقول لإخواني المسلمين إن من المشروع أن الإنسان إذا أصابته النجاسة فليبادر بإزالتها وتطهيرها فإن هذا هو هدي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فإن الأعرابي لما بال في المسجد أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يراق على بوله ذنوباً من ماء وكذلك الصبي الذي بال في حجر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، دعا النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بماء فأتبعه إياه - أي أتبعه بول الصبي - وتأخير إزالة النجاسة سبب يؤدي إلى نسيان ذلك ثم يصلي الإنسان وهو على نجاسه وهذا وإن كان يعذر به على القول الراجح، وأنه لو صلى بنجاسة نسي أن يغسلها فصلاته صحيحة لكن ربما يتذكر في أثناء الصلاة وحينئذ إذا لم يمكنه أن يتخلص من النجاسة مع الاستمرار في صلاته فلازم ذلك أن سوف يقطع صلاته وينصرف ويبتذؤها من جديد.
على كل حال هذه العادة السيئة التي وقع السؤال عنها فيها تلوث المرأة بالنجاسة الذي هو من السفه فإن الشرع أمر بالتخلص من النجاسة وتطهيرها، ثم أنني أخشى أن يكون هناك عقيدة أخرى وهو أن يذبحوه إما لجن أو شياطين أو ما أشبه ذلك فيكون هذا نوعاً من الشرك ومعلوم أن الشرك لا يغفره الله - عز وجل - والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
هذا العمل منكر
س - ظاهرة منتشرة عند بعض الناس في المغرب العربي تتمثل في أن الأم تقوم بجرح أعلى ركبة ابنتها بموسى الحلاقة ثلاثة خطوط متجاورة وتضع على الدم النازف قطعة سكر وتأمر ابنتها بأكلها وقول بعض الكلمات مدعية هذه الأم أن هذه الفعلة تحفظ لابنتها بكارتها وتمنع(3/253)
وصول أي معتد إليها (وهناك طرق أخرى لهذه الفعله) فما حكم الشريعة الإسلامية في هذا العمل؟
ج- هذا العمل منكر وهو خرافة لا أصل لها ولا يجوز فعلها بل يجب تركها والحذر منها، والقول بأنها تحفظ على البنت بكارتها أمر باطل من وحي الشيطان لا أساس له في الشرع المطهر فيجب التواصي بتركه والحذر من فعله ويجب على أهم العلم بيان ذلك والتحذير منه لأنهم المبلغون عن الله - وعن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، والله المستعان.
الشيخ ابن باز
* * *
لا يجوز لمن تزوج بكراً أو ثيبا أن يتأخر عن صلاة الجماعة
س - يبقى العريس مع زوجه أسبوعاً مع البكر ومع الثيب ثلاثاً لا يخرج لصلاة الجماعة، أهو في السنة حتى عدم الخروج للصلاة؟
ج- إذا تزوج بكراً أقام عندها سبعاً ثم قسم وإن كانت ثيباً أقام عندها ثلاثاً، فإن أحبت أن يقيم عندها سبعاً فعل وقضاهن للبواقي، والأصل في ذلك ما روى أبو قلابة عن أنس - رضي الله عنه - قال من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعاً وقسم وإذا تزوج الثبت أقام عندها ثلاثاً ثم قسم، قال أبو قلابة لو شئت لقلت إن أنسا رفعه إلى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، متفق عليه. ولفظه للبخاري وما روته أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لما تزوجها أقام عندها ثلاثاً، وقال " إنه ليس بك هوان على أهلك فإن شئت سبعت لك وإن سبعت لك سبعت لنسائي ". رواه مسلم. ولا يجوز لمن تزوج بكراً أو ثيباً أن يتأخر عن صلاة الجماعة في المسجد بحجة أنه متزوج لعدم الدليل على ذلك وليس في الحديثين المذكورين ما يقتضي ذلك.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم إتيان الزوجة في دبرها
س - طلب رجل من زوجته قضاء حاجة له في دبرها فهل هذا التصرف سليم من وجهة(3/254)
نظر الدين؟
ج- هذا العمل منكر، فقد روى أبو داود والنسائي وغيرهما بإسناد جيد بأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " ملعون من أتى امرأته في دبرها ".
الشيخ ابن باز
* * *
حكم اتيان المرأة في الدبر أو في الحيض والنفاس
س - ما حكم إتيان المرأة في دبرها؟ أو إتيانها حال حيضها أو نفاسها؟
ج- لا يجوز جماع المرأة في دبرها ولا في حال الحيض والنفاس بل ذلك من كبائر الذنوب، لقول الله - سبحانه - " ويسئلونك عن الحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم ". الآية.
أوضح الله - سبحانه - في هذه الآية وجوب اعتزال النساء في حال الحيض، ونهى عن قربانهن بالغسل جاز للزوج إتيانها من حيث أمره الله وهو جماعهن في القبل وهو محل الحرث، أما لدبر فمحل الأذى والغائط وليس موضع الحرث، فلا يجوز جماع الزوجة في دبرها، بل ذلك من كبائر الذنوب ومن المعاصي المعلومة من الشرع المطهر، وقد روى أبو داود والنسائي عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ملعون من أتى امرأة في دبرها ".
وروى الترمذي والنسائي عن ابن عباس - رضي الله عنها - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " لا ينظر الله إلى رجل أني رجلاً أو امرأة في دبرها " وإسناده صحيح، وإتيان المرأة في دبرها من اللواط المحرم على الرجال والنساء جميعاً، لقول الله - سبحانه وتعالى - عن قوم لوط " إنكم لتأنون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ". وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لعن الله من عمل عمل قوم لوط " قالها ثلاثاً ". رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح.
فالواجب على جميع المسلمين الحذر من ذلك والابتعاد عن كل ما حرم الله. وعلى الأزواج جميعاً تجنب هذا المنكر وعلى الزوجات تجنب ذلك وعدم تمكين أزواجهن من هذا(3/255)
المنكر العظيم وهو الجماع في الحيض أو النفاس أو الدبر.
نسأل الله المسلمين العافية والسلامة من كل ما يخالف شرعه المطهر، إنه خير مسؤول.
الشيخ ابن باز
* * *
كفارة الوط في الدبر
س - ما حكم وطء المرأة في الدبر؟ وهل على من فعل ذلك كفارة؟
ج- وطء المرأة في الدبر من كبائر الذنوب ومع أقبح المعاصي لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ملعون من أتي امرأته في دبرها ". وقال، - صلى الله عليه وسلم -، " لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في دبرها ".
والواجب على من فعل ذلك البدار بالتوبة النصوح وهي الإقلاع عن الذنب وتركه تعظيماً لله وحذراً من عقابه والندم على ما قد وقع فيه من ذلك، والعزيمة الصادقة على ألا يعود إلى ذلك مع الاجتهاد في الأعمال الصالحة، ومن تاب توبة صادقة تاب الله عليه وغفر ذنبه كما قال - عز وجل " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ". سورة طه. قال - عز وجل - في سورة الفرقان " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاف له العذاب يوم القيامة ويخلد في مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله عفوراً رحيما ".
وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها ". والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وليس على من وطىء في الدبر كفارة في أصح قولي العلماء العظيم، بل يجب عليها الامتناع من ذلك والمطالبة بفسخ نكاحها منه إن لم يتب، نسأل الله العافية من ذلك.
الشيخ ابن باز
* * *(3/256)
الدف في العرس
س - ما حكم ضرب الدف في الزواج بعد اليوم السابع منه؟ وهل يجوز استخدام آلات أخرى غير الدف؟
ج- ضرب الدف في مناسبة العرس إنما يكون في ليلة الزفاف ولا ينبغي أن يمتد وقته إلى وقت آخر لأن ما أبيح لمناسبة فإنه يتقيد بقدرها والمقصود من الدف في أيام العرس إظهار الفرح والسرور من وجه وإظهار إعلان النكاح من وجه آخر، لأن إعلان النكاح من الأمور المشروعة، وأما الاستمرار فيه فلا أرى فيه رخصة. أما غير الدف من آلات اللهو فإنها باقية على الأصل أي على التحريم، لما ثبت في صحيح البخاري عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " ليكونن من أمتي أقوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ". يستحلون الحر أي الفرج يعني الزني والعياذ بالله، والحرير والخمر معروفان، والمعازف كل آلات اللهو ويستثنى منها ما ورد في السنة حله، فإنه يكون حلالاً ومنه ضرب الدف في مناسبة العرس.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
كراهة البنات من أمر الجاهلية
س - في هذا الزمان سمعنا من بعض الناس أشياء تثير الجدل والغرابة، ومن هذه الاشياء أن أناساً يقولون لا تحب أن تأتي زوجاتنا ببنات وبعضهم يقول لأمرأته والله لو أتيت ببنت فإنني أطلقك - نبرأ إلى الله من هؤلاء - وترى بعض النساء من هلع شديد من أمرها وكيف وماذا تصنع بما يقوله زوجها فهل لفضيلتكم من توجيه حول هذا؟
ج- أعتقد أن هذا الرأي قاله الأخ نادر جداً جداً ولا أظن أحداً يصل به الجهل إلى هذه الحال بحيث يهدد زوجته بالطلاق إن ولدت بنتاً، اللهم إلا أن يكون قد مل من زوجته ويريد أن يطلقها فجعل هذا وسيلة إلى طلاقها فإنه إذا كان كذلك ولم يستطع الصبر معها وحاول أن يبقى معها ولكنه لم يستطع فليطلقها طلاقاً منجزاً على غير هذا الوجه لأن الطلاق عند الحاجة إليه لا بأس به، ولكن مع ذلك نحن ننصح كل من وجد من زوجته ما يكره(3/257)
أن يصبر، كما قال الله - تعالى " فإن كرهتموهن فعسى أن تكوهواً شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ".
وأما كراهة البنات فلا شلك أنه من أمر الجاهلية وأن فيه نوعاً من التسخط من قضاء الله وقدره، والإنسان لا يدري فلعل البنت خير له من أولاد ذكور كثيرين، وكم من بنت صارت بركة على أبيها في حياته ومماته، وكم من أبن صار نقمة ومحنة على أبيه في حياته ولم ينفعه بعد مماته.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
التنبيه على مسائل في النكاح مخالفة للشرع
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يطلع عليه المسلمين وفقني الله وإياهم لمعرفة الحق واتباعه آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فالداعي لهذا الكتاب هو التنبية على مسائل النكاح مخالفة للشرع قد وقع فيها كثير من الناس، منها نكاح الشغار، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليه على أن يزوجه الآخر أو يزوج ابنه أو ابن أخيه ابنته أو أخته أو بنت أخيه أو نحو ذلك. وهذا العقد على هذا الوجه فاسد سواء ذكر فيه مهر أولا، لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن ذلك وحذر منه، وقد قال الله - تعالى " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو ". وفي الصحيحين عن ابن عمر أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن الشغار، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن الشغار قال " والشغار أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني أختك أزوجك أختي". وقال عليه الصلاة والسلام " لا شغار في الإسلام ". فهذه الأحاديث الصحيحة تدل على تحريم نكاح الشغار وفساده وأنه مخالف لشرع الله، ولم يفرق النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بين ما سمى فيه مهر وما لم يسم فيه شيء.
وأما ورد في حديث ابن عمر من تفسير الشغار بأن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه(3/258)
الآخر ابنته، وليس بينهما صداق، فهذا التفسير قد ذكر أهل العلم أنه من كلام نافع الراوي عن ابن عمر، وليس هو من كلام النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وقد فسره النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في حديث أبي هريرة بما تقدم، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أنه يزوجه الآخر ابنته أو أخته، ولم يقل وليس بينهما صداق فدل ذلك على أن تمسية الصداق أو عدمها لا أثر لها في ذلك، وإنما المقتضى للفساد هو اشتراط المبادلة.
وفي ذلك فساد كبير لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه إيثاراً لمصلحة الأولياء عن مصلحة النساء، وذكر منكر وظلم النساء، ولأن ذلك أيضاً يفضي إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن، كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر إلا من شاء الله، كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر إلا من شاء الله، كما أنه كثيراً ما يفضي إلى النزاع والخصومات بعد الزواج، وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع، وروي إلى النزاع والخصومات بعد الزواج، وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع، وروي أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن هرمز أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته وكانا جعلا صداقاً فكتب معاوية إلى أمير المدينة مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فهذه الحادثة التي وقعت في عهد أمير المؤمنين معاوية توضح لنا معنى الشغار الذي نهى عنه الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، في الأحاديث المتقدمة، وأن تسمية الصداق لا تصحح النكاح ولا تخرجه ولا تخرجه عن كونه شغاراً، لأن العباس بن عبد الله وعبد الرحمن بن الحكم قد سيما صداقاً ولكن لم يلتفت معاوية - رضي الله عنه - إلى هذه التسمية وأمر بالتفريق بينهما وقال هذا هو الشغار الذي نهى عنه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ومعاوية- رضي الله عنه - أعلم باللغة العربية وبمعاني أحاديث الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، من نافع مولى أبن عمر - رضي الله عن الجميع -.
ومن المسائل المنكرة في النكاح ما يفعله بعض الناس من إجبار ابنته أو أخته أو بنت أخيه على نكاح من لا ترضى بنكاحه، وذلك منكر ظاهر وظلم للنساء لا يجوز للاب ولا لغيره من الأولياء أن يتعاطاه لما في ذلك من ظلم النساء ومخالفة السنة الثابتة عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في النهي عن تزويج النساء إلا بإذنهن، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله،(3/259)
وكيف إذنها؟ قال أن تسكت ". وفي صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها ". والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ويستثنى من هذا تزويج الرجل ابنته التي لم تبلغ تسع سنين بالكفء، إذا رأى المصلحة لها في ذلك بغير إذنها لكونها لا تعرف مصالحها، ويدل لذلك تزويج الصديق ابنته عائشة أم المؤمنين للنبي، - صلى الله عليه وسلم -، وهي دون التاسعة بغير إذنها، فالواجب على كل من يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتقي الله في كل أموره وأن يحذر ما نهى الله عنه ورسوله في النكاح وغيره، وفي إتباع الشريعة والتمسك بهدى الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، خير الدنيا والآخرة والسعادة الأبدية. جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وكم جرى بسبب إجبار النساء على من لا يرضين به في النكاح من فتن ومشكلات وشحناء وخصومات، وذلك بعض ما يستحقه من خالف الشريعة المطهرة وتابع هواه. نسأل الله العافية مما يخالف رضاه.
ومن المسائل المنكرة في هذا ما يتعاطاه الكثير من البادية وبعض الحاضرة من حجر ابنه العم ومنعها من التزويج بغيره، وهذا منكر عظيم وسنة جاهلية وظلم للنساء، وقد وقع بسببه فتن كثيرة وشرور عظيمة من شحناء وقطيعة رحم وسفك دماء وغير ذلك. فالواجب على من يخالف الله أن يحذر ذلك ويحذره أقاربه، وقد أرشد الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، إلى استئذان النساء وأن لا يزوجن إلا برضاهن. فالواجب على الأولياء أن ينظروا في مصلحة النساء وأن لا يزوجوهن إلا بالأكفاء ديناً وخلقاً بعد إذنهن، وبذلك تبرأ الذمة ويسلم الأولياء من العهدة. والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين وأن يمن عليهم بالفقه في دينه والتواصي بطاعته وطاعة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وأن يصلح ولائهم ويمنحهم البطانة الصالحة، إنه على كل شيء قدير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
الشيخ ابن باز
* * *(3/260)
كتاب الطلاق(3/261)
كتاب الطلاق
متى تعتبر المرأة طالقاً؟
س - سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء متى تعتبر المرأة طالقاً؟ وما الحكمة من إباحة الطلاق؟
ج- تعتبر المرأة طالقاً إذا أوقع زوجها عليها الطلاق وهو مكلف مختار ليس بعد مانع من موانع الطلاق كالجنون والسكر ونحو ذلك، وكانت المرأة ظاهرة طهراً لم يجامعها فيه، أو حاملاً، أما إن كان الزوج مجنوناً أو مكرهاً أو سكراناً ولو آثم في أصح قولي أهل العلم، أو قد اشتد به الغضب شدة تمنع من التعقل لمضار الطلاق لأسباب واضحة تؤيد ما ادعاه من شدة الغضب مع تصديق المطلقة له في ذلك أو شهادة البينة المعتبرة بذلك، فإنه لا يقع طلاقه في هذه الصورة لقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " رفع القلم عن ثلاثة الصغير حتى يبلغ، والنائم حتى يستقيظ، والمجنون حتى يفيق ". ولقوله - عز وجل - " من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان " الآية.
فإذا كان المنكر على الكفر لا يكفر، إذا كان مطمئن القلب بالإيمان، فالمكره على الطلاق من باب أولى إذا لم يحمله على الطلاق سوى الإكراه. ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق ". أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم. وقد فسر جمع من أهل العلم منهم الإمام أحمد - رحمه الله - الإغلاق بالإكراه والغضب الشديد. وقد أفتى عثمان - رضي الله عنه - الخليفة الراشد وجمع من أهل العلم بعدم وقوع طلاق السكران الذي قد غير عقله السكر، وإن كان آثماً.
أما الحكمة من إباحة الطلاق فهي من أوضح الواضحات لأن الزوج قد لا تناسه المرأة وقد يبغضها كثيراً لأسباب متعددة كضعف العقل، وضعف الدين، وسوء الأدب، ونحو ذلك. فجعل الله فرجاً في طلاقها وإخراجها من عصمته حيث قال - سبحانه وتعالى " وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته " الآية.
الشيخ ابن باز(3/263)
الطلاق حق من حقوق الزوج
س - الثابت في الشريعة الإسلامية أن الطلاق حق من حقوق الزوج ولكن جمهوراً من العلماء ذهبوا مذاهب بين التفويض لتطلق الزوجة نفسها بنفسها والتوكيل كأن يفوض الزوج رجلاً ليطلق زوجته، سؤالي هو هل ثبت هذا الحكم عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -؟
ج- لا أعلم حديثاً عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في توكيل المرأة أو غيرها في الطلاق ولكن العلماء أخذوا ذلك مما دل على الكتاب والسنة من جواز توكيل الرجل الرشيد غيره في حقوقه المالية وأشباهها والطلاق من حقوق الزوج فإذا وكل المرأة في طلاق نفسها أو وكل غيرها بطلاقها ممن يصح إسناد الوكالة إليه فلا بأس بذلك عملاً بالقاعدة الشرعية في ذلك، لكن ليس له من باب أو لي لما روى النسائي بإسناد جيد عن محمود بن لبيد - رضي الله عنه - قال أخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن رجل طلق زوجته ثلاث تطليقات جميعاً، فغضب عليه الصلاة والسلام وقال " أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم " الحديث. وفي الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه قال لما سأله عن الطلاق " أما كنت طلقتها ثلاثاً فقد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك ".
الشيخ ابن باز
* * *
كثرة استعمال الطلاق
س - لقد كثر استعمال الناس للطلاق عند أدنى سبب، فما حكم الشرع في ذلك؟
ج- المشروع للمسلم اجتناب استعمال الطلاق فيما يكون بينه وبين أهله من النزاع أو فيما بينه وبين الناس لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " أبغض الحلال إلى الله الطلاق ". ولما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة.
وإنما يباح الطلاق عند الحاجة إليه وقد يستحب ذلك إذا ترتب عليه مصالح أو اشتد التضرر ببقاء المرأة لديه والسنة ألا يطلق عند الحاجة إلى الطلاق إلا طلقة واحدة حتى يتمكن من الرجعة إذا أراد ذلك ما دامت في العدة أو بعقد نكاح جديد بعد خروجها من(3/264)
العدة كما يشرع له أن يطلقها في حال كونها حاملاً أو في طهر لم يجامعها فيه، لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أمر ابن عمر - رضي الله عنهما - لما طلق امرأته وهي حائض أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلقها إن شاء قبل أن يمسها وقال له فتلك العادة التي أمر الله أن يطلق لها النساء، وفي لفظ آخر لمسلم " أن النبي،، قال لعمر " مره - يعني ابنه عبد الله - فليراجعها ثم يطلقها طاهراً أو حاملاً ".
ولا يجوز أن يطلق حال كون المرأة في الحيض والنفاس أو في طهر جامعها فيه لحديث ابن عمر المذكور وهو تفسير لقوله - تعالى - " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ". الآية.
ولا يجوز له أيضا أن يطلقها بالثلاث جميعاً بكلمة واحدة أو في مجلس واحد لما روى النسائي بسند حسن عن محمود بن لبيد أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بلغه أن رجلا طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً، فقام غضبان ثم قال " أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم " ولما في الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال لمن طلق زوجته ثلاث تطليقات جميعأً " لقد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك ". والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
من أسباب الطلاق
س - ما هي أسباب الطلاق من وجهة نظر سماحتكم؟
ج- للطلاق أسباب كثيرة منها عدم الوئام بين الزوجين بألا تحصل محبة من أحدهما للآخر، أو من كل منهما، ومنها سوء خلق المرأة، أو عدم السمع والطاعة لزوجها في المعروف، ومنها سوء خلق الزوج وظلمه للمرأة وعدم إنصافه لها، ومنها عجزه عن القيام بحقوقها أو عجزها عن القيام بحقوقه. ومنها وقوع المعاصي من أحدهما أو من كل واحد منهما فتسوء الحال بينهما بسبب ذلك، حتى تكون النتيجة الطلاق، ومن ذلك تعاطي الزوج المسكرات أو التدخين، أو تعاطي المرأة ذلك، ومنها سوء الحال بين المرأة ووالدي الزوج أو أحدهما، وعدم استعمال السياسة الحكيمة في معاملتها أو أحدهما. ومنها عدم عناية المرأة(3/265)
بالنظافة والتصنع للزوج باللباس الحسن والرائحة الطيبة والكلام الطيب والبشاشة الحسنة عند اللقاء والاجتماع.
الشيخ ابن باز
* * *
تحريم خروج المطلقة الرجعية من بيت زوجها
س - الملاحظ أن الزوج إذا طلق زوجته فإنها تخرج من البيت فوراً وتقضي عدتها في بيت(3/266)
أهلها، والذي نعرفه من الشرع هو أن تقضي الزوجة عدتها في بيت زوجها لعها يراجعها إما بقول أو نكاح، وبهذا يتم حفظ الأسرة وعدم وقوع الطلاق، فما رأي سماحتكم فيما يحدث الآن من ذهاب المرأة المطلقة وعلى الفور إلى بيت أهلها؟
ج- الواجب على المطلقة طلاقاً رجعياً وهي طلقة واحدة بعد الدخول أو الخلوة أو طلقتين أن تبقى في بيت زوجها لعله يراجعها ويستحب لها أن تتزين له ترغبياً له في مراجعتها، لقول الله - عز وجل - " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصلوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ". فهذه الآية الكريمة تدل على أنه لا يجوز خروجها، بل الواجب عليها البقاء في بيت الزوج وعدم الخروج منه لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً وهو المراجعة.
الشيخ ابن باز
* * *
طلاق السنة
س - شخص طلق زوجته طلقتين متتاليتين بسبب خلاف وقع بينهما، وفي اليوم الثاني تم الصلح بينهما بحضور شقيق الزوجة وبعض الأقرباء، فهل الطلاق يقع بينهما علماً بأن الرجل غضبان ومتوتر الأعصاب في نفس اللحظة التي وقع فيها الطلاق؟
ج- طلاق السنة أن يطلق زوجته عند الحاجة حال كونها طاهراً قبل أن يطأها في ذلك الطهر ويكون الطلاق واحدة فقط وتبقى معه في بيته زمن العدة لقوله - تعالى - " أسكنوهن من حيث سكنتم " فإذا انتهت العدة وهو لم يرجع احتجبت عنه وخرجت وحرمت عليه إلا برضاها، وعقد جديد، فالطلاق الثلاث بدعة ويقع عند الجمهور ولا تحل الزوجة إلا بعد نكاح زوج جديد، فأما الطلقتان فتحل بعدهما المراجعة زمن العدة كما تحل بعد الطلقة الواحدة، فأما الطلاق في الغضب فيقع عند الجمهور ما لم يغم عليه، وبعض العلماء لا يوقعه إذا كان شديداً وفيه تفصيل معروف.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/267)
حكم طلاق الحائض وهل يقع؟
س - أم لطفلين وقد طلقها زوجها ولكنها وقت الطلاق كانت غير طاهرة ولم تخبر زوجها بذلك حتى حينما ذهبوا إلى القاضي أخفت ذلك عنه إلا عن أمها التي قالت لها لا تخبري القاضي بذلك وإلا فلن تطلقي ثم ذهبت إلى أهلها ثم أرادت الرجوع إلى زوجها خوفاً على الأطفال من الضياع والإهمال فما حكم هذا الطلاق الذي حدث وعليها العادة الشهرية؟
ج- الطلاق الذي وقع وعلى المرأة العادة الشهرية اختلف فيه أهل العلم وطال فيه النقاش، أنه هل يكون طلاقاً ماضياً أم طلاقاً لاغياً؟ وجمهور أهل العلم على أن يكون الطلاق ماضياً، ويحسب على المرء طلقة ولكنه يؤمر بإعادتها وأن يتركها حتى تطهر من الحيض ثم تحيض مرة ثانية ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة الإمام أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة، ولكن الراجح عندنا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله عليه - أن الطلاق في الحيض لا يقع ولا يكون ماضياً ذلك لأنه خلاف أمر الله ورسوله، وقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد ". والدليل في ذلك في نفس المسألة الخاصة حديث رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وقال " مره فليراجعها ثم يتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق ". قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق عليها النساء ". فالعدة التي أمر الله بها أن تطلق عليها النساء أن يطلقها الإنسان طاهراً من غير جماع، وعلى هذا فإذا طلقها وهي حائض لم يطلقها على أمر الله فيكون مردوداً، فالطلاق الذي وقع على هذه المرأة نرى أنه طلاق غير ماض، وأن المرأة لا زالت في عصمة زوجها ولا عبرة في علم الرجل في تطليقه لها أنها طاهرة أو غير طاهرة، نعم لا عبرة بعلمه لكن إن كان يعلم صار عليه الإثم، وعدم الوقوع وإن كان لا يعلم فإنه ينتفي وقوع الطلاق ولا إثم على الزوج.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/268)
حكم طلاق الحامل
س - طلقت زوجتي وبعد زواجي من الثانية بخمسة أشهر علمت بأنه جاء لي " بنت " هل يجوز الطلاق أم لا؟ حيث أنني لم أعلم أنها كانت حاملاً؟ وهل يجوز لي إرجاعها أم لا؟ عند زيارتي لـ " ابنتي " رفض أب الزوجة المطلقة بقبول مبلغ محدد أدفعه كل شهر للبنت، علماً أنني عند زيارتي إليها كل مرة أحضر لها ملابس فقط فهل على أية مسؤولية أو ذنب؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
ج- يصح طلاق الحامل ويقع فهو من طلاق السنة بخلاف طلاق الحائض فهو بدعة، وكذلك طلاق غير الحامل إذا كان الزوج قد جامعها في ذلك الطهر وطلقها ولم يتبين حملها فهو طلاق بدعة وبكل حال فهذا الطلاق واقع وصحيح فإن كان الطلاق واحدة أو اثنين جاز الرجوع برضاها وبعقد جديد وصداق جديد، فإن كان ثلاثاً فلا تحل لك إلا بعد زوج.
تجب عليك نفقة زوجك مدة حملها فإن فات وأنت لم تنفق عليها حتى وضعت سقطت النفقة، فأما نفقة ابنتك فهي واجبة عليك ولكن إن تحملها أبو الأم سقطت وأن أعطيتهم ما تراضيتم عليه بدون تحديد فلا بأس وإن اختلفتم في التحديد فلكم الترافع إلى قاضي البلد ليقدر النفقة المستحقة لهذه الطفلة كل شهر، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
طلاق الحامل
س - هل يجوز تطليق الزوجة الحامل أم لا؟
ج- طلاق الحامل لا بأس به وقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لعبد الله بن عمر لما طلق امرأته وهي حائض " راجعها ثم امسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر ثم طلقها إن شئت طاهراً قبل أن تمسها أو حاملاً ".
الشيخ ابن باز
* * *(3/269)
الطلاق مكروه إلا عند الحاجة
س - أنا شاب مسلم متزوج ولي طفلان. تزوجت عام 1981م وكنت أحب وأحترم كل الحب والاحترام لزوجتي لكنها تكرهني وتسب والدي ووالدتي وحاولت أن أفهمها كل خطاياها لكنها تدعوني جاهلاً وغير مثقف حتى رفضت الصلاة؟ أو أن أطلق هذه الزوجة وأود أن أكون على الطريق الصحيح وخاصة في حقوقها وحقوق الطفلين، لذا أرجو إفادتكم أفادكم الله؟
ج- الطلاق مكروه إلا عند الحاجة إليه، فإذا كان الأمر كما ذكر وبالأخص رفضها للصلاة فإنه لا يجوز لك الإمساك لهذه المرأة فطلقها طلاق السنة بأن تطلقها طلقة واحدة في طهر لم تجامعها فيه واتركها في بيتها حتى تعتد وأعطها متاعاً نحو كسوة أو نفقة وأترك الطفلين معها حتى تتزوج ثم لك الحق في أخذها وعليك أن تنفق عليهما مادما بالقدر المعتاد من العسر أو اليسر " سيجعل الله بع العسر يسراً ". والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
مراهنة باطلة
س - ما حكم الشرع في رجل راهن رجلاً آخر على أن يتزوج كل واحد منهما خلال مدة معينة وإذا لم يتم زواج أي منهما فعليه أن يطلق زوجته شرط متفق عليه؟
ج- هذه المراهنة باطلة ولا يلزم من لم يوف بهذه المراهنة أن يطلق زوجته وعليه عن ذلك كفارة يمين. وهو قول جمع من السلف - رحمهم الله - واعتبروا هذا الكلام وأشباهه في حكم اليمين وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا كفارة عليه.
الشيخ ابن باز
* * *(3/270)
في ألفاظ الطلاق وما يقع به
حكم الطلاق ثلاثاً بكلمة واحدة
س - رجل طلق امرأته ثلاثاً بكلمة واحدة فما الحكم؟
ج- إذا طلق الرجل امرأته بالثلاث بكلمة واحدة كأن يقول لها أنت طالق بالثلاث أو مطلقة بالثلاث فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنها تقع بها الثلاث على المرأة وتحرم على المرأة وتحرم على زوجها بذلك حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ويطأها ثم يفارقها بموت أو طلاق، واحتجوا على ذلك بأن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمضاها على الناس، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنها تعتبر طلقة واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة فإن خرجت من العدة حلت له بنكاح جديد، واحتجوا على ذلك بما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال كان الطلاق على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وعهد أبي بكر - رضي الله عنهما - وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنه - طلاق الثلاث واحدة فقال عمر إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم، وفي رواية أخرى لمسلم أن أبا الصهباء قال لأبن عباس - رضي الله عنهما - ألم تكن الثلاث تجعل واحدة في عهد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وعهد أبي بكر - رضي الله عنه - وثلاث سنين من عهد عمر - رضي الله عنه -؟ قال بلى. واحتجوا أيضاً بما رواه الإمام أحمد في المسند بسند جيد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أبا ركانة طلق امرأته ثلاثاً فحزن عليها فردها عليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، وقال " إنها واحدة ". وحملوا هذا الحديث والذي قبله على الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة جمعا بين هذين الحديثين وبين قوله - تعالى " الطلاق مرتان " وقوله - عز وجل - " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ". الآية. وذهب إلى هذا القول ابن عباس - رضي الله عنهما - في رواية صحيحة عنه وذهب إلى قول الأكثرين في الرواية الأخرى عنه ويروى القول بجعلها واحدة عن علي وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام - رضي الله عنهما جمعياً - وبه قال جماعة من التابعين ومحمد بن إسحاق صاحب السيرة وجمع من أهل العلم من المتقدمين والمتأخيرن واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية(3/271)
وتلميذة العلامة ابن القيم - رحمة الله عليهما - وهو الذي أفتى به لما في ذلك من العمل بالنصوص كلها ولما في ذلك أيضاً من رحمة المسلمين والرفق بهم.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم إيقاع الطلاق الثلاث بألفاظ متعددة
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ الكريم م. ح. ص زاده الله من العلم والإيمان وجعله مباركاً أينما كان آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ 1 1 1395هـ وصلكم الله بهداه وسرني منه علم صحتكم الحمد لله على ذلك.
أما رغبتكم في الإفادة عما نرى حول خطة الدعوة فليس هناك أحسن مما وجه الله به الدعاه في قوله - سبحانه = " ومن أحسن قولاً ممن دعاً إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ". وفي قوله - سبحانه " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ". الآية. وقوله - عز وجل " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ". فنوصيكم بالسير على ضوء هذه الآيات مع الصبر والتحمل والحذر من العنف والشدة، لأن ذلك ينفر عن قبول الحق كما لا يخفي، ونسأل الله أن يعينكم ويبارك في جهودكم ويجعلنا جميعاً من دعاة الهدى وانصار الحق إنه خير مسؤول.
أما حكم إيقاع الطلاق الثلاث بالفاظ متعددة ففيه تفصيل حسب ما اتضح لي من الأدلة، وقد أوضح ذلك أهل العلم في باب ما يختلف به عدد الطلاق، وجمهور أهل العلم على أن الطلقات الثلاث تقع على الزوجة إذا كانت في العدة سواء أوقعها الزوج بكلمة أو كلمات إلا إذا ألقاها بكلمات تحتمل أنه أراد الكلمة الثانية وما بعدها ذلك التأكيد مثل قوله " أنت طالق طالق طالق " أو " أنت مطلقة مطلقة مطلقة " وما أشبه ذلك فإنه والحال ما ذكر لا يقع على زوجته بذلك إلا طلقة واحدة ويعتبر اللفظ الثاني وما بعده تأكيداً للفظ الأول إذا كان الزوج لم يرد بذلك إيقاع بل أراد التأكيد أو إفهام المرأة، أو لم يرد شيئاً بل(3/272)
كرر ذلك من أجل الغضب أو قصد آخر غير إيقاع الثلاث.
أما إن كان لفظه لا يحتمل التأكيد مثل أن يقول " طالق ثم طالق ثم طالق " أو " أنت طالق وطالق وطالق " وما أشبه ذلك فهذا يقع به الثلاث عند الجمهور وهكذا قوله " أنت طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة " فإنه يقع بها الثلاث عند الأكثار كالتي قبلها إلا إذا أراد التأكيد أو الإفهام في قوله " أن طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة ". واختار شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - رحمة الله - أنه لا يقع بهذه الألفاظ كلها إلا طلقة واحدة كما لو طلقها بالثلاث بكلمة واحدة واحتج على ذلك بحديث بن عباس - رضي الله عنهما - المخرج في صحيح مسلم ولفظه كان الطلاق على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنهما - طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر - رضي الله عنه - إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فول أمضيناه عليهم، فأمضاء عليهم، وله ألفاظ أخر عن مسلم وغيره، وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله عليه - حكم هذه المسألة في مؤلفاته ومن أجمع ذلك ما نقله عنه الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في مجموع الفتاوى ويرى - رحمه الله - أن الثانية لا تقع على المرأة إلا إذا كان إيقاعها بعد نكاح أو رجعة وهكذا الثالثة ولا أعلم له في ذلك دليلاً واضحاً يعتمد عليه إلا إطلاق حديث ابن عباس المذكور وحديثه الآخر في قصة أبي ركانة وليسا صريحين في الموضوع والذي أفتي به من نحو ثلاثين عاماً أو اكثر أن الثلاث لا يقع بها إلا واحدة إذا أوقعها الزوج بكلمة واحدة، لأن ذلك أضيق ما يحمل عليه حديثاً ابن عباس المذكوران آنفاً وهكذا الكنايات كلها لا يقع بها إلا واحدة في أصح الأقوال إذا أراد بها الزوج الطلاق لأنها أضعف من إيقاع الطلقات الثلاثة بلفظ واحد فإذا جاز اعتبار ذلك طلقة واحدة وجب أن تكون الكناية معتبرة طلقة واحدة من باب أولى ما لم يكررها.
وقد بسط الكلام في هذه المسألة أيضاً العلامة ابن القيم - رحمة الله - في إعلام الموقعين وزاد المعاد وإغاثة اللهفان، وهذا كله إذا كان الزوج حين إيقاع الطلاق عاقلاً مختاراً أما المكره وزائل العقل وشديد الغضب الذي قد غير الغضب شعوره فإن طلاقهم لا يقع(3/273)
كما هو معلوم.
أما إذا كان الغضب شديداً ولكنه لم يختل معه عقله ففي وقوع الطلاق منه والحال ما ذكر خلاف مشهور بين أهل العلم.
أما الغضب القليل فلا يمنع وقوع الطلاق بإجماع المسلمين وبذلك ينصح لك أن الغضب له أحول ثلاث إحداهما أن يزول معه العقل والشعور فهذا لا يقع معه الطلاق إجماعاً كطلاق المجنون والمعتوه وزائل العقل بأمر يعذر به وهكذا السكران الآثم في أصح قولي العلماء إذا علم أنه وقع الطلاق حال سكر، وتغير عقله، الحال الثاني أن يكون الغضب شديداً قد ألجاه إلى الطلاق لكن لم يتغير معه شعوره فهذا هو محل الخلاف والأظهر عدم وقوع الطلاق في هذه الحال، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتليمذه ابن القيم - رحمه الله عليهما - وقد ألف ابن القيم - رحمة الله - في هذا رسالة صغيرها سماها " إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان " أجاد فيها وأفاد.
والحال الثالث أن يكون الغضب خفيفاً فهذا لا يمنع وقع الطلاق بالإجماع والله - سبحانه وتعالى - أعلم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ ابن باز
* * *
قال لزوجته ما عادت تحل لي فهل تطلق؟
س - أنا شاب متزوج وصار بين والدتي وزوجتي خلاف فقلت لوالدتي اتركيها والله إنها ما عادت تحل لي بقصد الطلاق، فاستقتيت أحد العلماء قال إن يمنيك هذا بمنزلة الظهار ويجب عليك صيام شهرين فإن لم تستطيع فإطعام ستين مسكيناً، ونظراً لكون زوجتي برفتي في البيت وخشيت ألا أصبر عنها لمدة شهرين فقمت بأخذ ستين خبزة من أحد الخبازين وقمت بتوزيعها في إحدى الليالي على ستين مسكيناً، وكان ذلك قبل سنة تقريباً، فهل ذلك يجزي عن يميني؟
ج- إذا كان قصدك بذلك الطلاق فإنه يقع عليها بذلك طلقة واحدة وليس هذا بظهار(3/274)
وليس عليك كفارته بل هو طلاق، لأنك نويت به الطلاق في أصح أقوال أهل العلم يقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ".
الشيخ ان باز
* * *
قال لزوجته ما أنت بذمتي
س - ذات ليلة ذهبت إلى غرفة زوجتي، ووجدتها مغلقة الباب وطرقته ولكنها لم تفتح ورجعت ونمت في مجلس الرجال، وفي الصباح ذهبت إليها وقلت لها لماذا أغلقت الباب فردت على بعذر لم يكن مقنعاً، وكنت وقتها غضبان عليها فقلت لها " أنت من البارحة ما أنت بذمتي " ورجعت وخلال خمس دقائق تراجعت وقلت بالحرف الواحد استغفر الله العظيم ثلاث مرات متتالية، اللهم أغفر لي وسامحني، أرجو إفادتي ماذا علي حيال ذلك والله يحفظكم؟
ج- ننصحك يا أخي بالتحمل والصبر وعدم التسرع على الزوجة، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج فإن اسمتعت بها استمعت بها وبها عوج، وإذن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها، فعليك أن تتأنى ولا تتسرع في الطلاق ولا تغضب لأدنى سبب، وإذا غضبت فاملك نفسك حتى لا يصدر منك شيء تأسف عليه، وقد ورد في الحديث " إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ".
ثم إن هذه العبارة التي أطلقتها تعتبر طلاقاً صريحاً ليست كناية ولكن يرجع فيها إلى النية، فإن نويت بها ثلاث طلقات وقعت عند الجمهور، وإن لم تنو إلا واحدة وقعت واحدة ولك الرجعة حينئذ ما دامت في العدة، وإن أردت زيادة في الإيضاع فعليك الكتابة إلى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة البحوث العلمية والدعوة والإرشاد. والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
لعن الزوجة لا يعتبر طلاقا
س - ما حكم لعن الزوج لزوجته عمداً؟ وهل تصبح الزوجة محرمة عليه بسبب لعنه لها؟ أم هل تصبح في حكم الطلاق؟ وما كفارة ذلك؟
ج- لعن الزوج لزوجته أمر منكر لا يجوز بل هو من كبائر الذنوب، لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " لعن المؤمن كقتله ". وقال عليه الصلاة والسلام " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ". متفق عليه.
وقال عليه الصلاة والسلام " إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة ". والواجب عليه التوبة من ذلك واستحلال زوجته من سبه لها ون تاب توبة نصوحاً تاب الله عليه، وزوجته باقية في عصمته لا تحرم عليه بلعنه لها(3/275)
والواجب عليه أن يعاشر بالمعروف وأن يحفظ لسانه من كل قول يغضب الله - سبحانه - وعلى الزوجة أيضاً أن تحسن عشرة زوجها وأن تحفظ لسانها مما يغضب الله - عز وجل - ومما يغضب زوجها إلا بحق، يقول الله - سبحانه - " وعاشروهن بالمعروف ". ويقول - عز وجل - " وللرجال عليهن درجة ". الآية. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
طلاق الموسوس لا يقع!
س - رجل كثير الوسوسة في أمر طلاق زوجته، فكثيراً ما يتحدث معها في أمر ما ثم يجد نفسه يقول أن طالق في سره دون اللفظ بها، وقد جعله هذا يشك كثيراً في نفسه، ماذا يفعل؟
ج- قبل الإجابة عن هذا السؤال أود أن أبين لأخي صاحب السؤال ولغيره بأن الله -تعالى- يقول " إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ". فالشيطان هجمات على القلب يدخل فيها القلق على الإنسان والتعب النفسي حتى يكدر عليه حياته، واستمع إلى قول الله - تعالى - " إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا ولسن بضارهم شيئاً إلا بإذن الله ". تبين لك أن الشيطان حريص على ما يحزن المرء، كما أنه حريص على ما يفسد دينه، وطريق التخلص منه أن يلجأ الإنسان إلى ربه يصدق وإخلاص ويستعبذ بالله الرجيم لقوله - تعالى - " وإما(3/276)
ينزغنك من الشيطان نزغ فاستغذ بالله ". وليتحصن بالله - عز وجل - حتى يحميه من هذا الشيطان العدو له، وإذا استعاذ بالله منه ولجأ إلى ربه بصدق، وأعرض عن الشيطان بنفسه حتى كان شيئاً من هذه الوساوس لم يكن، فإن الله - سبحانه وتعالى - يذهب عنه.
ونصيحتي لهذا الأخ الذي ابتلى بهذا الوسواس في طلاق امراته ألا يلتفت إلى ذلك أبداً وأن يعرض عنه إعراضاً كلياً، فإذا أحس به في نفسه فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم حتى يذهب الله عنه، أما من الناحية الحكمية فإنه لا يقع الطلاق بهذه الوساوس لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم ". فما حدث الإنسان به نفسه فإنه لا يعتبر شيئاً، وإذا كان طلاقاً فإنه لا يعتبر حتى لو عزم على نفسه أن يطلق فلا يكون طلاقاً حتى ينطق به فيقول مثلاً زوجتي طالق، ثم إن المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به بلسانه إذا لم يكن عن قصد، لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة، بل هو مغلق عليه ومكره عليه لقوة الدافع وقلة المانع، وقد قال النبي، عليه الصلاة والسلام، " لا طلاق في إغلاق ". فلا يقع منه الطلاق إذا لم يرده إرادة حقيقة بطمأنينة، فهذا الشيء الذي يكون مرغماً عليه بغير قصد ولا اختيار فإنه لا يقع به طلاق.
وقد ذكر لي بعض الناس الذين ابتلوا بمثل هذا، قال لي مرة ما دمت في تعب وقلق سأطلق، فطلق بإرادة حقيقية تخلصاً من هذا الذي يجده في نفسه، وهذا خطأ عظيم، والشيطان لا يريد من ابن آدم إلا مثل هذا، أن يفرق بينه وبين أهله، ولا سيما إذا كان بينهما أولاد.
فالمهم أن كل هذه الشكوك التي ترد على ما هو حاصل وكائن يقيناً يجب على الإنسان أن يرفضها ولا يعتبر بها وليعرض عنها حتى تزول بإذن الله - عز وجل.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الطلاق بالكتابة
س - رجل كان جالسا مع أخته وزوجته فطلب من أخته أن تجيء بالقلم فكتب على ورقة(3/277)
طلاق طلاق بغير إضافة إلى أحد فغصبت أخته القلم ثم كتبت ثلاث مرات طلاق طلاق طلاق ثم ألقى الورقة إلى امرأته وقال لها أنظري هل صحيح ما كتب وهو لم يرد كتابة هذه الألفاظ لامرأته؟
ج- هذا الطلاق غير واقع على المرأة المذكورة إذا كان لم يقصد به طلاقها وإنما أراد مجرد الكتابة أو أراد شيئاً أخر غير الطلاق لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إنما الأعمال بالنيات ". الحديث. وهذا قول جمع كثير من أهل العلم وحكاه بعضهم قول الجمهور لأن الكتابة في معنى الكناية والكناية لا يقع بها الطلاق إلا مع النية في أصح قولي العلماء إلا يفترن بالكتابة ما يدل على قصد إيقاع الطلاق فيقع بها الطلاق والحادثة المذكورة ليس فيها ما يدل على قصد إيقاع الطلاق والأصل بقاء النكاح والعمل بالنية.
وأسأل الله أن يوفق الجميع للفقه في دينه والثبات عليه إنه جواد كريم.
الشيخ ابن باز
* * *
الطلاق بمجرد النية لا يقع
س - تشاجرت مع زوجتي وبعد المشاجرة قلت في نفسي أن أتلفظ لماذا لا أقول لها أنت طالق، سوف أقول لها أنت طالق هل يحلقني شيء من هذا مع العلم أنني لم أتلفظ بشيء، أفتوني جزاكم الله خيراً؟
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكر في السؤال فالطلاق المذكور غير واقع لأن الطلاق بمجرد النية لا يقع وإنما يقع باللفظ أو الكتابة لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم ". متفق على صحته من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
الشيخ ابن باز
* * *
الزاني لا تطلق زوجته
س - كثيراً ما نسمع أن بعض الشباب يسافرون خارج البلاد وهم متزوجون وبعضهم والعياذ بالله يرتكب جريمة الزنا فهل تطلق زوجاتهم أم لا؟(3/278)
ج- لا تطلق زوجة الرجل بوقوعه في الزنا، ولكن الواجب عليه الحذر من الأسفار والمخالطة التي تفضي إلى ذلك، ويجب عليه أن يتقي الله ويراقبه وأن يصون فرجه عما حرم الله عليه، لقوله الله - سبحانه - " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً ". وقوله - عز وجل - " والذين لا يدعون من الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يق أثاماً، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً، إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحاً ". الآية.
فهاتان الآيتان العظيمتان تدلان على تحريم قربان الزنا والأسباب المفضية إليه وتدل الآية الثانية على مضاعفة العذاب والخلود فيه لمن أشرك بالله أو قتل نفساً بغير حق أو زنا، وهذا وعيد عظيم يدل على أن الزنا من أكبر الكبائر الموجبة للنار والخلود فيها لكن خلود الزاني وقاتل النفس بغير حق في النار ليس مثل خلود الشرك فإن الشرك بالله خلوده لا ينتهي بل عذابه مستمر أبد الآبدين.
أما خلود الزاني والقاتل إذا لم يستحلا ذلك فهو خلود له نهاية عند أهل السنة والجماعة.
وصح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " لا يزاني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ". الحديث متفق عليه.
وهذا الحديث يدل على زوال إيمان الزاني والسارق وشارب الخمر حين يتعاطى هذه الفواحش، والمراد كمال إيمانه الواجب ولكن غيبة إيمانه الكامل وغيبة خوفه الكامل من الله - سبحانه - وعدم استحضاره لما يترتب على هذه الفواحش من العواقب الوخيمة هو الذي أوقعه فيها. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *(3/279)
الطلاق المعلق
قال لها إن خرجت مع هذا الباب فأنت طالق فخرجت من باب آخر
س - لقد وقع على طلاق لزوجتي بأن قلت لها إن خرجت من هذا الباب فأنت طالق ومحرمة على مثل أمي وأختي، وللأسف فقد خرجت ولكن ليس من الباب الذي أشرت إليه، ولأنها قد أنجبت ثلاث أطفال أسال عن الحكم فيما قلت، وماذا يجب علي لكي أسترجعها؟
ج- قبل الجواب على هذا السؤال أوجه النصيحة إلى الأخ السائل وإلى غيره بأن لا يتلاعبوا بالألفاظ هذا التلاعب، وفي إشكالات لا نهاية لها ومن كان يريد أن يحلف فليحلف بالله - عز وجل - مع أن الزوج الحازم لا يحتاج إلى مثل هذه الأمور، بل مجرد كلمة تدل على المنع يحصل بها الامتناع منه، أما الرجل الذي يتضاءل أمام أهله حتى يأتي على أهوائهم ولو كانت مخالف للحق فهذا عنده نقص في الحزم والرجولة، ولذلك ينبغي أن يكون الإنسان قوياً من غير عنف، ولينا من غير ضعف، وأن يجعل كلمته بين أهله لها وزنها ولها قيمته حتى يعيش فيهم عيشة حميدة، ولست أدعو في ذلك أن يكفرهم أمام أهله ويعبس ولا يربهم وجها طلقاً، بل أدعو إلى ضد ذلك، إلى أن يكون معهم هيناً خيراً، ولكن يكون في ذلك حازماً جاداً في أمره غير مغلوب عليه.
أما الجواب على هذا السؤال فإن الرجل إذا قال لزوجته إن خرجت من هذا الباب فأنت طالق ومحرمة علي كأمي وأختي فلا يخلو من حالتين
إحداهما أن يريد بذلك مجرد منعها لا طلاقها ولا تحريمها ولكنه نظراً لتأكيد ذلك عنده أراد أن يقرن هذا المنع بهذه الصورة، فإنه في هذه الحال يكون له حكم اليمين، على القول الراجح من أقوال أهل العلم، فإذا خرجت من الباب لا تطلق ولكن يجب عليه أن يكفر كفارة يمين، ولا فرق بين أن تخرج من الباب الذي عينه أو الباب الآخر من أبواب البيت، لأن الظاهر من قوله أنه يريد ألا تخرج من البيت، وليس يريد ألا تخرج من هذا(3/280)
الباب المعين، إلا أن يكون في هذا الباب المعين شيء يقتضي تخصيصه بالحكم فيرجع إلى ذلك.
الحالة الثانية أن ينوي بقوله إن خرجت من هذا الباب فأنت طالق ومحرمة علي كأمي وأختي " أن يريد بذلك وقوع الطلاق ووقوع التحريم عند وجود الشرط وحينئذ يكون شرطاً له حكم الشروط الأخرى، فإذا وجد الشرط وجد المشروط، فإذا خرجت من هذا الباب أو غيره من أبواب البيت فإنها تكون طالقاً ويكون مظاهراً، فإذا طلقت ولم يسبق هذا الطلاق طلقتان فإن له أن يراجعها ولكن لا يقربها حتى يفعل ما أمره الله به في كفارة الظهار؟ بأن يعتق رقبة فإن لم يجد فيصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطيع فإطعام ستين مسكيناً، ولا فرق بين أن تخرج من الباب الذي عينه أو من باب آخر من أبواب البيت، لأن الظاهر من لفظه ألا تخرج من البيت مطلقاً حتى ولو تسورت الجدار إلا أن يكون في هذا الباب المعين الذي عينه ما يقتضي الحكم به أو الشرط به فيكون خاصاً بهذا الباب، فإذا خرجت من غيره فإنها لا تطلق ولا يثبت الظهار.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
المشروط عند الطلاق تابع للشرط
س - رجل قال لزوجته - في حالة غضب - احسبي نفسك مطلقة اليوم أو غداً، ويقصد اليوم الذي سيقدم فيه قضية الطلاق مستقبلاً للمحكمة، ما الحكم؟
ج- الغضب حالة تعتري الإنسان إذا حصل له ما يهجه ويثير أعصابه، وقد أوصى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، رجلا قاله يا رسول الله أوصني، قال لا تغضب، فرددا مراراً قال لا تغضب.
واخبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم، وامتدح الإنسان الذي يملك نفسه عند الغضب حيث قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ".
وبناء على هذا، فإنه ينبغي للإنسان إذا أحس بالغضب أن يستعمل ما يهون عليه(3/281)
ذلك الغضب، مثل أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد روى البخاري ومسلم استب رجلان عند النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فيجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه، فنظر إليه النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال " إني لأعلم لو قالها لذهب عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال هل تدري ما قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، آنفا؟ قال لا. قال " إني أعوذ كلمة لو قالها لذهب عنه، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ". وعلى هذا فينبغي للإنسان أن يملك نفسه عند الغضب، وأن لا يتسرع فينفذ ما لا تحمد عقباه، وقد ذكر أهل العلم أنه للغضب ثلاث حالات
الحالة الأولى أن يذهب بصاحبه حتى لا يعرف ما يقول ولا يدري ما يقول. وفي هذه الحال لا حكم لأقواله سواء أكان ذلك طلاقاً أم ظهاراً أو إيلاء أم غير ذلك، لأنه في حكم فاقد الشعور والعقل.
الحالة الثانية أن يكون الغضب يسيراً يملك الإنسان فيه نفسه ويملك أن يتصرف كما يريد. وفي هذه الحال يكون ما يقوله نافذاً من طلاق وغيره.
الحالة الثالثة وسط بين هاتين الحالين، بحيث يدري الإنسان ما يقول ولكنه لقوة السيطرة الغضبية عليه لم يملك نفسه فتكلم بالطلاق أو بغيره كالظهار والإيلاء.
فمن أهل العلم من يرى أن قوله معتبر، وأنه إذا أوقع الطلاق في هذه الحال فطلاقه واقع نافذ، ومنهم من يرى أن قوله غير متعتبر وأن طلاقه لا ينفذ ولا يقع، وهذا القول أقرب إلى الصواب لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا طلاق في إغلاق ".
فإذا كان هذا السائل الذي قال لزوجته في حالة غضب ما يقتصي طلاقها فإن طلاقها لا يقع ما دام لا يملك نفسه حينئذ.
وأما قول السائل لها أحسبي نفسك مطلقة اليوم أو غداً، ويقصد اليوم الذي سيقدم فيه قضية طلاق مستقبلاً للمحكمة، فإنه إذا وقع ما رتب الطلاق عليه، وقع الطلاق، لأن المشروط تابع للشرط فإذا وجد الشرط وجد المشروط.
وأما إذا كان لا ينوي الشرط، وإنما نوى أن يطلقها في ذلك اليوم المستقبل فإن له أن يدع الطلاق، فإذا لم يطلقها فلا حرج عليه، ولا تطلق زوجته بذلك لأنه يفرق بين من نوى(3/282)
الطلاق، وبين من جعل الطلاق معلقاً على شرط فمن نوى الطلاق فإنها لا تطلق زوجته إلا بالتلفظ به أو بما يكون في حكمه، وأما إذا علقه على شرط فإنه متى وجد ذلك الشرط وقع الطلاق إلا أن يكون للطلاق حكم اليمين، فإن الطلاق لا يقع وتلزمه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم يجد ما يحصل به ذلك أو لم يجد المساكين أو الرقبة وجب عليه صيام ثلاثة أيام متتابعة لقوله - تعالى - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ". وإنما اشترط في الصوم التتابع لأن ابن مسعود - رضي الله عنه - قرأها " فصيام ثلاثة أيام متتابعة ".
ويكون للطلاق حكم اليمين إذا قصد بالشرط الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، على أننا ننصح إخواننا المسلمين بالبعد عن الحلف بالطلاق لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ". ولأن كثيراً من أهل العلم أو أكثرهم لا يرون للطلاق المعلق حكم اليمين بأي حال من الأحوال، ويقولون متى وجد الشرط المعلق عليه الطلاق وقع الطلاق سواء قصد بالشرط يميناً أم شرطاً محضا، والله المستعان.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم من علق الطلاق على شرط ثم رجع قبل حصوله
س - ما حكم الشريعة في الذي يقول لزوجته إذا أتاك الحيض ثم طهرت فأنت طالق؟
وفعلا قصد الطلاق ولكن ظهر له بعد ذلك، وقبل إتيان الحيض أن يمسكها فهل يعد ذلك طلقة أم لا؟ وهل يعد طلقة كذلك إذا لم يبد له إمساكها إلا بعد الطهر المعلق عليه؟
ج- هذا الطلاق معلق على شرط محض ولا يقصد به حث ولا منع فيقع الطلاق بوجود الشرط وهو الطهر بعد الحيض ورجوعه عن هذا التعليق بعد حصوله منه لا يصح.
اللجنة الدائمة
* * *(3/283)
الطلاق المعلق هل يعد حلفا بغير الله
س - هناك بعض الفتاوى عن الطلاق المعلق والذي اعتاد عليه للآسف بعض الناس، كأن يقول رجل لآخر إذا لم تزرني أو تأكل عندي فامرأتي طالق؟ ويذكر بعض العلماء أن ذلك الطلاق لا يقع وبعد يميناً يكفر عنها، هل يعد ذلك يميناً؟ علما بأنه لا يجوز الحلف بغير الله، بل يعد ذلك شركاً؟ وكيف يكفر عن يمين آثمة حلفت بغير الله؟
ج- الذين قالوا إن الطلاق المعلق بشرط إذا قصد منه المنع أو الحبس أو الألزام فإنه يمين يقولون في حكم اليمين وليس يميناً، لأن اليمين التي نهى أن تكون بغير الله هي اليمين التي تقع بصيغة القسم بالواو أو الياء أو التاء، مثل والله وبالله وتالله. وأما التحريم وتعليق الطلاق فإنه حكم اليمين وليس يميناً بالصيغة.
وقد قال الله - عز وجل - " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لتلك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رجيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ". فسمى الله التحريم يميناً، فإذا قيل هذا يمين فالمعنى أنه في حكم اليمين وليس هو اليمين الذي نهي عن الحلف بها إلا بالله - عز وجل -.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
هذا طلاق لا يقع
س - قلت لزوجتي إذا أعطيت الولد " أي ولدي " فلوساً من خالص مالي فأنت طالق وكان قصدي من ذلك حثها على عدم إعطاء الولد أي مبلغ، لأنه سوف يحضر به " دفافات " لزواجه وأنا أرفض ذلك بحكم حالتي المادية التي أعيشها ولقد ساعدته بقدر ما أملك في زواجه أما الأشياء الزائدة عن صلب الزواج أو مكملات الزواج فلا أستطيع عليها. ولم يكن قصدي من ذلك طلاق زوجتي أرجو إفتائي؟
ج- إذا كان المقصود منعها من إعطائه شيئاً من مالك ولم تقصد إيقاع الطلاق إن فعلت ذلك فعليك كفارة يمين إن أعطته شيئاً في أصح قولي العلماء، وعليها التوبة من ذلك لأنه(3/284)
ليس لها أن تخالف أمرك في مثل هذا الأمر بل الواجب عليها السمع والطاعة في المعروف ونوصيك بعدم العود إلى مثل هذا الطلاق. أصلح الله حالكما جميعاً.
الشيخ ابن باز
* * *
الحلف بالطلاق
لا ينبغي التساهل في إطلاق لفظ الطلاق
س - قلت لزوجتي " علي الطلاق لازم تخرجي من منزلي إلى منزل والدك وتنامي هناك" بسبب نزاع معها ثم خرجت فعلاً إلى منزل والدها ولكن الجيران أحضروها في نفس اليوم ولم تنم في منزل والدها، ونامت في منزلي تلك الليلة، فهل علي اليمين؟ وما المطلوب مني حتى لا أقع في يميني هذه؟
ج- قبل الإجابة على سؤالك أرجو من الإخوة القراء بل ومن جميع إخواني المسلمين أن يتجنبوا مثل هذه الكلمات وألا يتساهلوا في إطلاق الطلاق، لأن أمره خطير وعظيم، وإذا أرادوا أن يحلفوا فليحلفوا بالله - عز وجل - أو يصمتوا. والحلف بالطلاق سواء كان على الزوجة أو على غيرها اختلف في حكمه أهل العلم، فأكثرهم يرون أن طلاق وليس يمين، وأن الإنسان إذا حنث فيه وقع الطلاق على امرأته.
ورأى آخرون أن الحلف بالطلاق إن قصد به اليمين هو يمين، وإن قصد به الطلاق فهو طلاق، لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ". وهذا السائل الذي قال لزوجته علي الطلاق إن تخرجي إلى بيت أبيك وتنامي فيه، إذا كان غرضه بهذا إلزام المرأة والتأكيد عليها بالخروج فإنه لا يقع عليه الطلاق سواء خرجت أو لم تخرج، لكن إذا لم تخرج فعليه كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة.(3/285)
وإن قصد به الطلاق فإن خرجت تطلق وإن لم تخرج أو خرجت ثم عادت ولم تنم فإنها تطلق، وإذا كانت هذه آخر طلقة له فإنها لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم من حلف بالطلاق ليمنع نفسه من فعل شيء
س - أنا شاب قد تم عقد قراني على إحدى الفتيات ولم يتم الزواج حتى الآن، وقد كنت أقع في بعض الذنوب، ولكي أردع نفسي من الوقوع في تلك المعاصي كنت أحلف بيمين الطلاق ألا أفعل تلك الذنوب لأحث نفسي على تركها، ولم يكن قصدي أن أطلق زوجتي وقد تكرر مني هذا الحلف بالطلاق عدة مرات ولكن بدافع الشهوة وقلة الإرادة كنت أقع(3/286)
فيها غصباً عني، وأخيراً أعانني الله إلى التوبة، فما حكم ذلك؟ وهل قد وقع الطلاق؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ج- على من فعل ما ذكرت من أنواع الطلاق على فعل شيء أو ترك شيء ليمنع نفسه منه لا لإيقاع الطلاق، كفارة يمين عن كل فعل أو ترك مثل أن يقول عليه الطلاق إن شرب الدخان أو عليه الطلاق إن كلم فلاناً ومقصوده منع نفسه من ذلك لا إيقاع الطلاق.
والمشروع للمسلم ألا يستعمل مثل هذه الأنواع كثيراً من أهل العلم يرى وقوع الطلاق بذلك ولو لم يقصد إيقاعه.
وقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " الحلال بين الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبراً لدينه وعرضه ". الحديث متفق عليه. والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
الواجب على المرأة طاعة زوجها
س - قبل حوالي ثمانية أعوام وتلافياً للخلافات التي كانت تنشأ نتيجة لقاء واجتماع زوجتي مع زوجة أخي، فقد حلفت عليها بالطلاق إن هي ذهبت إلى منزل أخي، لقد كان هدفي من هذا التصرف هو زجرها وتخويفها ولم يكن هدفي القطيعة أبداً، واستمرت زوجتي ملتزمة بعدم الذهاب إلى أن حصل ما اضطرها إلى ذلك، فقد توفى والدي وأنا كنت خارج البلاد وكان بيت أخي هو مكان العزاء للنساء وقد وجدت زوجتي أنها لا تستطيع إلا أن تذهب بغض النظر عن أية مسألة أخرى. وعندما رجعت إلى البلاد أعلمتني بذلك وطلبت مني استفتاء العلماء في ذلك. وها أنذا أوجه سؤالي لسماحتكم راجياً بيان
1- هل عليها من إثم لذهابها في هذه الحالة؟
2- ماذا علي أنا أن أفعل وقد حلفت بالطلاق؟
3- ماذا عليها أن تفعل؟(3/287)
وأخيرا لكم تقديري واحترامي.
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكرته في السؤال فإنه لا يقع عليها الطلاق إذا كان قصدك بالطلاق منعها من الخروج إلى بيت أخيك وليس قصدك إيقاع الطلاق إذا خرجت في أصح قولي العلماء، وعليك كفارة يمين على ذلك، أما إن كنت قصدت إيقاع الطلاق إذا خرجت إلى بيت أخيك فإنه يقع عليها بذلك طلقة واحدة ولك مراجعتها ما دامت في العدة إذا كنت لم تطلقها قبل هذا الطلاق طلقتين فإن كانت قد خرجت من العدة لم تحل لك إلا بنكاح جديد بشروطه المعتبرة شرعاً إذا كانت لم تطلقها قبل ذلك طلقتين كما ذكرنا آنفاً. أما زوجتك فعليها التوبة من ذلك لكونها ذهبت إلى بيت أخيك بغير إذنك ونوصيك بعدم العجلة في إيقاع الطلاق لا معلقاً ولا منجزاً إلا بعد التثبت في الأمر وظهور المصلحة الشرعية في إيقاعه، أصلح الله حالكما جميعاً.
الشيخ ابن باز
* * *
الحلف بالطلاق لا يقع إذا كان بقصد التأكيد
س - ما رأي سماحتكم في رجل حلف يمين طلاق على أخ مسلم آخر ليعمل شيئاً ما، ولكن هذا الشيء، لم ينفذ، فهل اليمين تعتبر نافذة على امرأته؟ وما حكم الإسلام إذا لم ينفذ ذلك اليمين؟
ج- إذا حلف الإنسان بالطلاق بالثلاث على أن فلاناً يفعل كذا وكذا كأن يقول علي الطلاق بالثلاث إن تكلم فلان، أو على الطلاق بالثلاث أن تصنع الوليمة الفلانية، أو علي الطلاق بالثلاث أن تتزوج فلانة، هذا ينظر في قصده، فإن كان قصده التأكيد وليس قصده إيقاع الطلاق فهذا يكون حكمه اليمين فيه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقة مؤمنة. فإن عجز صام ثلاثة أيام، أما إن كان قصده إيقاع الطلاق فإنه يقع طلقة واحدة على الصحيح، ويراجع زوجته إذا لم يكن طلقها قبل هذه طلقتين.
الشيخ ابن باز
* * *(3/288)
فسخ النكاح
س - أنا من بلد غير إسلامي ولي أخت تركها زوجها من فترة طويلة ولم يطلقها خوفاً من الإجراءات التي من بينها دفع تعويضات مالية للحكومة، كذلك نحن لا نريد أن نرفع القضية للمحكمة لأنها غير إسلامية ولا تحفظ فيها كرامة المرأة. فهل إذا امتنع عن الطلاق يجوز لنا فسخ المرأة منه وتزويجها لرجل آخر؟
ج- أولا يحرم على الزوج أن يبقي المرأة معلقة لا منكوحة ولا مطلقة فالواجب عليه أن يطلق إذا التزم أهل الزوج له بألا يرفعوا الأمر إلى المحكمة، وأنه لا ضرر عليه في ذلك وحتى لو فرض أنهم رفعوا الأمر إلى المحكمة وألزموه بشيء من المال فإن عقده لنكاح هذه المرأة يعتبر التزاما منه بكل ما يلزم به الزوج، وإن كان بذلك مظلوماً فإن قام بالواجب عليه واتقى الله في هذه المرأة وطلقها باختياره فإن هذا هو المطلوب وإلا حق المطالبة بالترك لأنها مظلومة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
هذا فسخ وليس طلاقا
س - كنت امرأة متزوجة وأنجبت طفلين خلال ثلاث سنوات، بعد ذلك حصل بيننا سوء تفاهم وهجرني وحصل بيننا فصال، ولكن بدون طلاق وبقيت لمدة 6 سنوات دون أن يطلقني ورفعت عليه دعوى في المحكمة ولم يحضر هو وحضر والده وصدر الحكم بالتفريق بيننا وأسأل
1- هل هذا يعتبر طلاقاً شرعياً وتبدأ في العدة من تاريخ صدور الحكم أم ماذا؟
2- وهل تجب عليه النفقة خلال المدة المعلقة بيننا؟
ج- هذا الذي جرى من المحكمة لا يعتبر طلاقاً وإنما هو فسخ إلا إذا صدر من القاضي لفظ طلاق فهو طلاق، ويحكم بالعدة من صدور الحكم لا من علمه به أي علمه بهذه المفارقة، أما النفقة فهذا يرجع للمحكمة إذا شئت أن تطالبيه بذلك فعل المحكمة أن تفصل بينكما ولا يأثم الزوج بتركه كل هذه المدة إذا كان السبب من الزوجة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/289)
الرجعة
حكم الرجعة وشروطها
س - رجل طلق زوجته طلاق السنة ثم سلم ورقة الطلاق، ويريد مراجعتها، فهل المراجعة إجبارية على المرأة دون رضاها، أو تتوقف على رضاها، وهل هناك شروط للمراجعة أفتوني؟
ج- إن كان الواقع كما ذكر من طلاق المذكور زوجته طلاق السنة فله مراجعتها ما دامت في العدة؛ بشهادة عدلين سواء رضيت أم لم ترض إن لم يكن هذا الطلاق آخر ثلاث تطليقات أو على مرض؛ وإن خرجت من عدتها، أو كان على مرض ولم يكن آخر ثلاث تطليقات، فله الرجوع إليها بعقد ومهر جديدين برضاها، وفي الحالتين يعتبر ما حصل منه طلقة واحدة، وإن كان هذا الطلاق آخر ثلاث تطليقات فلا تحل له إلا بعد أن يتزوجها زوج آخر زواجاً شرعياً ويطأها؛ فإذا طلقها الثاني أو مات عنها حلت لمطلقها، بعد انتهاء عدتها، بعقد ومهر جديدين برضاها، وعدة الحامل وضع حملها، سواء كانت مطلقة أم متوفي عنها زوجها، وعدة غير الحامل المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشراً، أما إن كانت مطلقة فعدتها ثلاث حيض إن كانت ممن يحضن، وثلاثة أشهر إن كانت يائسة من الحيض أو صغيرة لم تحض، وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
كيفية الرجعة
س - ورد إلى الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء السؤال التالي رجل طلق زوجته طلقة واحدة أمام القاضي بالمحكمة الكبري بالرياض وراجعها بشهادة شاهدين، فهل رجعته صحيحة؟
ج- وأجابت بما يلي إذا كانت رجعتك المذكورة وقعت وهي لا تزال في العدة ولم يسبق طلاقك هذا أو يحلقه طلقتان منك عليها فيه في عصمتك وإن كانت قد خرجت من العدة(3/290)
قبل تاريخ رجعتك أو سبق طلاقك هذا أو لحقه طلقتان فقد خرجت بذلك من عصمتك ولا تحل لك إلا بعد زوج آخر، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصبحه.
اللجنة الدائمة
* * *
من السنة الإشهاد على المراجعة
س - غضبت غضباً شديداً على زوجتي لعمل بسيط قامت به وبد أن هدأ غضبي قالت لي زوجتي إني طلقتها أثناء غضبي طلقة واحدة. فجلست أتذكر هل صدر مني هذا الطلاق فتذكرت ذلك ولكني غير متأكد من ذلك تماماً، وليس لي نية أن أطلق زوجتي، ولكن زل بهذا لساني وغلبني الغضب دون قصد وحيث أني واثق من زوجتي أنها ما كذبت في كلامها، راجعتها في الحال ولكن لم أشهد على رجعتها بل قلت لها أنا راجعتك وعادت العشرة بيننا كما كانت، والآن وقد مضى وقت على ما ذكرته والوسواس والأفكار تراودني، فأرجو من سماحتكم إفتائي هل يقع الطلاق والحال كما ذكرت؟ وإذا كان الطلاق وقع فما حكم مراجعتي بهذه الطريقة وماذا يلزمني؟ علماً بأنها طلقة رجعية. ومدة العدة قد انتهت؟
ج- المراجعة صحيحة ما دامت وقعت في العدة وكانت السنة أن تشهد على ذلك شاهدين لقول الله - سبحانه وتعالى - " فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ". وهذه الآية الكريمة احتج بها أهل العلم على شرعية الإشهاد على الطلاق والرجعة والأحوط لك احتساب هذه الطلقة واعتبارها واقعة لما ذكرته في السؤال من تذكرك إياها وثقتك بقول زوجتك عملاً بقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ". وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ".
الشيخ ابن باز
* * *(3/291)
طلقها ثم راجعها دون إشهاد أو رجوع إلى المحكمة
س - طلقت زوجتي مرة واحدة ولم تغادر البيت مع بعض وذلك بدون الرجوع إلى أي من علماء الدين أو إلى المحكمة ولم يكن أيضاً على رجعتنا شاهد هل ما فعلناه صحيح؟
ج- نعم إذا راجع الرجع زوجته بجماع أو بقوله راجعتك أو أمسكتك. صحت الرجعة فإذا جامعها بنية الرجعة أو قال لها راجعتك حصل المقصود بذلك إذا كان الطلاق طلقة واحدة أو طلقتين فقط، أما إذا طلقها الأخيرة الثالثة حرمت عليه حتى تنكح غيره.
الشيخ ابن باز
* * *
الرجعة صحيحة دون الإشهاد
س - رجل تزوج امرأة وبعد مدة طلقها وبعد ذلك راجعها دون شهود لتلك المراجعة، وقد حذرته الزوجة من الاقتراب منها مخالفة الحرام، لكنه أخبرها أنه أشهد الله على ذلك، وكفى بالله شهيداً، فهل يجوز ذلك؟
ج- الرجل إذا طلق زوجته ثم راجعها قبل انقضاء عدتها فإن الرجعة تصح وتعود الزوجة إلى عصمته، والإشهاد على الرجعة اختلف فيه أهل العلم فمنهم من قال إنه واجب، ومنهم من قال إنه سنة، والذي يظهر أنه ليس بواجب، وإنما هو سنة وبناء على ذلك فإن الزوجة تعود إلى عصمة زوجها إذا راجعها في العدة سواء أشهد أم لم يشهد، لكن تمام مراجعته في الإشهاد، وأما تحذير المرأة لزوجها مخافة الحرام فإني أطمئنها أن ذلك ليس بحرام إن شاء الله، وأما قول الرجل إنه أشهد الله على ذلك فإن الله شهيد على كل شيء ولكن الإشهاد الذي أمرنا الله به أن تشهد ذوي عدل منا.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
المعيار في صحة المراجعة العدة وليس الزمن
س - طلقت زوجتي وبعد ثلاثة أشهر وعشرين يوماً أرجعتها، وبعد رجوعها لي حملت(3/292)
وأنجبت ولداً، ماذا يترتب علي من كفارة؟
ج- هذا العمل ليس فيه كفارة ولكن ينظر إن كانت هذه المراجعة قبل تمام العدة فهي صحيحة وذلك لأن المرأة قد مضى عليها ثلاثة أشهر وعشرة أيام أو أكثر وهي لا تزال في العدة، لأن عدة المرأة التي تحيض ثلاث حيضات، والثلاث حيضات ربما لا تأتي في ثلاثة أشهر فإن من النساء من لا يأتيها الحيض إلا بعد شهرين، فلا تتم عدتها إلا بمضي ستة أشهر.
وأما إذا كانت المراجعة بعد تمام العدة أو بعد أن حاضت ثلاث مرات، فإن هذه المراجعة ليست بصحيحة، لأن المرأة إذا تمت عدتها صارت أجنبية عن زوجها ولا تحل له إلا بعقد جديد، فإذا كان الأمر كذلك أي أن عدتها انتهت قبل أن يراجعها فعليه الآن أن يعقد عليها عقداً جديداً.
والمهم أنه إن كانت مراجعتك إياها بعد ثلاثة أشهر وعشرة أيام قبل أن تحيض ثلاث مرات فهي الآن زوجتك والمراجعة صحيحة، وإن كانت مراجعتك إياها بعد تمام عدتها فإن المراجعة غير صحيحة والمرأة ليست زوجة لك، وعليك أن تعقد عليها من جديد بشهود ومهر وولي.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
أرجعها بعقد جديد
س - لقد طلق والدي زوجته طلقة واحدة وهو غضبان لخلاف بينهما ومر على الطلاق عامان، فما الحكم إذا أراد إرجاعها؟
ج- ترجع إليه بعقد جديد إذا كان هذا الطلاق هو الأول ولم يسبقه طلاق، فله أن يخطبها من جديد ويعقد عليها عقداً جديداً ويدفع لها مهراً يتراضيان عنه وتحسب هذه الطلقة ويبقى له طلقتان.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/293)
المرأة تحرم على زوجها بالطلقة الثالثة
س - رجل طلق زوجته طلقة واحدة، ثم سافر عن البلد التي كانت فيها، ومكث حوالي سنة في الغربة ثم عاد وهي لم تتزوج فعقد عليها من جديد وعادت إليه، مع العلم أنه لم يراجعها خلال المدة.
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل، فالزواج صحيح إذا كان بولي وشاهدي عدل ورضا المرأة، لأن الطلقة الواحدة لا تحرم المرأة على زوجها، وهكذا الطلقتان، وإنما تحرم عليه بالطلقة الثالثة حتى تنكح زوجا غيره نكاحاً شرعياً ويدخل بها، أي يطأها، لقول الله - سبحانه وتعالى - " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ". إلى قوله - سبحانه - " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره ". الآية.
وهذا الطلاق الأخير المراد به الطلقة الثالثة عند جميع أهل العلم والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
لا يجوز حتى تتزوج هي بأخر
س - رجل طلق زوجته طلاقاً نهائياً، ومر على ذلك أربع سنوات ثم يريد مراجعتها بعقد جديد ومهر جديد دون محلل لها، هل يجوز له ذلك؟
ج- إذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً فقد بانت منه فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ولا فرق بين طول المدة وقصرها، فلو تراضيا على المراجعة بعد الطلاق بساعة أو بسنوات فإنها تحرم عليه لأنه طلق ما يملك فلابد أن ينكحها زوج بعد نكاح رغبة لا نكاح تحليل، فإذا طلقها الثاني اختياراً فلا جناح عليهما أن يتراجعا بعقد جديد ومهر جديد، فأما إن كان الطلاق رجعياً كواحدة أو اثنين فإنها تحل له ما دامت في العدة دون عقد، أما بعد العدة فلابد من التراضي وتجديد العقد والمهر، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/294)
كتاب الظّهار(3/295)
المظاهرة قبل العقد لا تؤثر
س - خطب رجل امرأة ولم يعقد عليها، ولغضب بينه وبين والدها قال " هي محرمة علي مثل أمي وأختي ". ثم تراضى هو ووالدها، وعقد له عليها بمهر معين عن رضا واختيار فهل يلزمه شيء من أجل التحريم الذي حصل منه قبل العقد، وإن كان كفارة فما نوعها؟
ج- لا تاثير لهذا التحريم على عقد الزواج لوقوعه قبله ولا تلزمه به كفارة ظهار لحصوله قبل أن تكون هذه البنت المخطوبة زوجة لمن حرمها على نفسه وإنما تلزم به كفارة يمين لقوله - تعالى - " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيباً واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون، لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم ". الآية، وقوله - تعالى- " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم ". فعلى من حصل منه ذلك التحريم أن يطعم عشرة مساكين من أوسط ما يطعم أهله يعطي كل مسكني من العشرة نصف صاع من بر أو تمر أو أرز أو نحو ذلك، أو يكسو عشرة مساكين أو يعتق رقة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعة، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
حرم زوجته على نفسه كأمة وأخته
س - زوجي رمى علي يمين الطلاق وقال أنت محرمة على كأمي وأختي وحصل نصيب ورجعنا لبعض مرة ثانية، وكنت حاملاً في الشهر السابع وأهلي حكموا عليه أن يطعم 30 مسكيناً قبل حالة الوضع، وأنا الآن وضعت ولي شهران وزوجي ظروفه صعبة وفي نيته أن يطعم 30 مسكينا ولم يطعم حتى الآن، وأنا مسلمة ومتدينة وأخاف الله جداً، وخائفة(3/297)
أن أكون عائشة مع زوجي في الحرام، أرجو الإفادة؟
ج- هذا اللفظ الذي أطلقته زوجتك عليك ليس هو طلاقاً، ولكنه ظهار، وزور، فعلى زوجك أن يتوب إلى الله مما وقع منه ولا يحل له أن يستمتع بك حتى يفعل ما أمره الله به، وقد قال - سبحانه وتعالى - في كفارة الظهار " والذي يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة منن قبل أن يتماساً ذلكم توعظون به الله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فيمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ".
فلا يحل له أن يقربك ويستمتع بك حتى يفعل ما أمره الله ولا يحل لك أنت أن تمكنيه من ذلك حتى يفعل ما أمره الله به، وقول أهلا له أن عليه أن يطعم رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستني مسكيناً وعتق الرقبة معناه أن يعتق العبد المملوك ويحرره من الرق، وصيام شهرين متتابعين معناه أن يصوم شهرين كاملين لا يفطر بينهما يوماً واحداً إلا أن يكون هناك عذر شرعي كمرض أو سفر، فوقول أهلا له أن عليه أن يطعم رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستني مسكيناً وعتق الرقبة معناه أن يعتق العبد المملوك ويحرره من الرق، وصيام شهرين متتابعين معناه أن يصوم شهرين كاملين لا يفطر بينهما يوماً واحداً إلا أن يكون هناك عذر شرعي كمرض أو سفر، فإنه إذا زال العذر بنى على ما مضي من صيامه وأتمه، وأما إطعام ستين مسكيناً فله كيفيتان، فإما أن يضع طعاماً يدعو إليه هؤلاء المساكين حتى يأكلوا، وإما أن يوزع عليهم رزاً أو نحوه مما يطعمه الناس لكل واحد مد من البر ونحوه ونصف صاع من غيره.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم الظهار لمدة شهر واحد فقط
س - رجل قال لزوجته أنت على كظهر أمي لمدة شهر فقضي الشهر وعاد إلى زوجته فهل تلزمه كفارة ظهار أم لا؟
ج- مثل هذا لا كفارة عليه إذا كان لم يطأها في الشهر المذكور في أصح أقوال العلماء، ويسمى هذا الظهار ظهاراً مؤقتاً وقد ذكر أهل العلم أن الظهار يكون منجزاً ومعلقاً ومؤقتاً فالأول مثل أن يقول (أنت على كظهر أمي) والثاني أن يقول (إذا دخل رمضان أو شعبان(3/298)
أو قدم فلان فأنت على كظهر أمي) ، والثالث مثل أن يقول (أنت على كظهر أمي شهر رمضان) فإذا خرج الشهر ولم يطأها فيه فلا كفارة عليه لكونه لم يعد إلى ما قال، وقد بين هذه الأقسام أبو محمد موفق الدين عبد الله بن قدامة - رحمة الله - في كتابه المغني وذكر كلام أهل العلم في ذلك كما ذكر غيره من أهل العلم، والله أعلم.
الشيخ ابن باز
* * *
قال لزوجته تراك محرمة على مدة عام
س - اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم المقدم ومضمونه أنه حصل بين زوجته وزوجة ولده مشاجرة فغضب وقال لزوجته تراك محرمة على مدة عام كامل، فصاح أولاده وبكوا فما الذي يلزمه.
ج- وقد أجابت اللجنة بما يلي
إذا كان الواقع كما ذكر فما حصل من هذا الزوج يعتبر ظهاراً وإن كان تحريمه مؤقتاً بعام وهو منكر من القول وزور فعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه من ارتكابه لهذا المنكر، قال الله - تعالى - " الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإن ليقولون منكراً من القول وزوراً وإن الله لعفو غفور ". ثم إن لم يطأها حتى انتهى العام فلا كفارة عليه، وإن وطئها أثناء مدة العام فعليه كفارة ظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة إن وجدها وإن لم يجدها صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد تمر أو أرز أو نحو ذلك، قال الله - تعالى - " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنواً بالله ورسوله وتلك حدود الله " الآية.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *(3/299)
أسئلة حول التكفارة
هل يجوز دفع الكفارة كاملة لمسكين واحد إذا لم يوجد ستون مسكيناً؟
هل يجوز أن يعطي هذا المسكين الكفارة الكاملة في يوم واحد أم كل يوم يعطي كفارة مسكين لمدة ستين يوماً؟
كم يكون مقدار الكفارة التي تدفع للمسكين الواحد سواء كانت نقوداً أو طعاما؟
هل يجوز استلاف الكفارة وإعطاؤها للمساكين أم لا؟
ج1- كفارة الظهار أو الوطء في نهار رمضان على الترتيب لا على التخيير فيعتق الرقبة فمن لم يجد انتقل إلى الصيام فإن عجز عنه انتقل إلى الطعام.
ج2- لابد من إطعام 60 مسكيناً إذا وجد العدد فإن لم يجدهم جاز إعطاؤها لمن وجده بأن يطعم ثلاثين مسكيناً يومين أو مسكيناً واحداً ستين يوماً، فإن شق عليه أعطاه الطعام دفعة واحدة وكفى.
ج3- له أن يغذيهم أو يعشيهم مرة واحدة أو يعطيهم ما يكفيهم قوت ليلة من طعامه المعتاد له ولأهله وقدر بنصف صاع لكل مسكين مع ما يصلحه من الإدام.
ج4 - لا بأس بالاستئناف إذا كان فقيراً أو وجد من يقرضه وهو واثق أنه سوف يجد ما يقضي ذلك القرض فله أن يستدين أو يستفرض فإن عجز عنه ولا يجد من يقرضه سقطت.
الشيخ ابن جبرين
* * *
لا يجوز مس المرأة قبل الكفارة
س - حدثت مشادة بيني وبين زوجتي أثناء وجودي بمصر، وقبل السفر للملكة حلفت عليها يمين الظهار وعلمت حضروي للملكة ومن مدة قريبة من خلال متابعتي لبرنامج " نور على الدرب " كفارة هذا وهي الصوم ستين يوماً متتابعة ولما كان شهر رمضان على الأبواب وبعد رمضان أسافر لمصر لقضاء شهر ونصف مع زوجتي لأنها لا تقيم معي بالمملكة مما يتعذر على صيام الشهرين أثناء وجودى معها بمصر. فهل يجوز لي معاشرتها قبل صيامي الشهرين ثم بعد حضوري للملكة اصوم أم ماذا أفعل؟(3/300)
ج- الواجب علي من ظاهر من امرأته أو حرمها أن يعتق رقبة مؤمنة قبل أن يمس زوجته فإن عجز صام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو أرز أو غيرها ومقداره بالوزن كيلو ونصف تقريباً لقوله - عز وجل - " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قولوا فتحرير رقة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعلمون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماساً فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ". الآية من سورة المجادلة. فلا يجوز لك أن تقربها حتى تؤدي هذه الكفارة على الترتيب المذكور وفقك الله ويسر أمرك.
الشيخ ابن باز
* * *
تحريم المرأة لزوجها ليس ظهارا
س - إذا قلت امرأة لزوجها إن فعلت كذا فأنت محرم علي كحرمة أبي علي، أو لعنته، أو استعاذ هو بالله منها، أو العكس، فما حكم ذلك؟
ج- تحريم المرأة لزوجها أو تشبيهها له بأحد محارمها حكمه حكم اليمين وليس حكمه حكم الظهار، لأن الظهار إنما يكون من الأزواج لنسائهم بنص القرآن الكريم.
وعلى المرأة في ذلك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد ومقداره كيلو ونصف تقريباً وإن غداهم أو عشاهم أو كساهم كسوة تجزئ في الصلاة كفى ذلك لقول الله - تعالى - " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم". الآية.
وتحريم المرأة لما أحل الله لها حكمه حكم اليمين وهكذا تحريم الرجل ما أحل الله سوى زوجته حكمه حكم اليمين لقول الله - سبحانه - " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضان أزواجك والله غفور رحيم. قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم ".(3/301)
أما تحريم الرجل لزوجته فحكمه حكم الظهار في أصح أقوال أهل العلم إذا كان تحريماً منجزاً أو معلقاً على شرط لا يقصد منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب مثل قوله أنت على حرام أو زوجتي على حرام أو محرمة إذا دخل رمضان ونحو ذلك فهذا حكمه حكم قوله أنت على كظهر أمي ونحوه في الأصح من أقوال أهل العلم كما سبق، وذلك محرم ومنكر من القول وزور، وعلى قائله التوبة إلى الله - سبحانه - وكفارة الظهار قبل أن يمس زوجته لقول النبي - عز وجل - في سورة المجادلة " الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً إن الله لعفو غفور ".
ثم قال - سبحانه - " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلك توعظون والله بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ". الآية.
والطعام الواجب نصف صاع من قوت البلد لكل واحد عند العجز عن العتق والصيام.
أما لعن المرأة زوجها أو تعوذها منه فذلك محرم عليها، وعليها التوبة من ذلك واستسماح زوجها ولا يحرم عليها زوجها بذلك، وليس عليها كفارة عن هذا الكلام، وهكذا لو لعنها أو تعوذ بالله منها لا تحرم عليه وعليه التوبة من هذا الكلام واستسماح زوجته من لعنه إياها، لأن لعن المسلم للمسلم أو المسلمة سواء كانت زوجته أو غيرها لا يجوز بل هو من كبائر الذنوب وهكذا لعن المرأة لزوجها أو غيره من المسلمين لا يجوز لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لعن المؤمن كقتله ". وقوله، - صلى الله عليه وسلم - " إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة ". وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ".
نسأل الله العافية والسلامة من كل ما يغضبه.
الشيخ ابن باز
* * *(3/302)
الحلف بالظهار
س - لي صديق يعمل بالمملكة وكانت عنده عادة سيئة، وكلما يحاول تركها لم يستطع ويرجع للعادة مرة أخرى، وفي يوم حلف بينه وبين نفسه بأن امرأته تحرم عليه مثل أمه وأخته (وزوجته لم يكن عندهم علم لأنها في بلدها) وعند عودته لعادته مرة أخرى هل تعتبر زوجته طالق ومحرمة عليه أو يمنه لم يقع لأن زوجته لم تعلم، ولم يكن لها سبب في الموضوع مع العلم بأن جامع زوجته عند عودته إلى بلده، ماذا يفعل أفادكم الله؟
ج- الجواب على هذا من وجهين
الوجه الأول هذه العادة التي كان يفعلها فهمت من السؤال أنها عادة محرمة، لا تليق بالمؤمن وعلى هذا فيجب أن يكون عند الإنسان تجاه هذه الأمور المحرمة وازع من الدين، قبل أن يكون عنده وازع من الإيمان، يكون عنده وازع من الدين، من تقوى الله - عز وجل - يمنعه أن يفعل هذه الأشياء المحرمة، والأنسان إذا صدق الله في النية وعزم واستعان بالله - سبحانه وتعالى - يسر له الأمر.
الوجه الثاني وهو ما حصل منه الآن فإننا نقول ما دامت أردت بتحريم زوجتك وأنها عليك مثل أمك ما دمت أردت اليمين وهو تأكيد الامتناع عن هذه المعصية، بمثل هذا الشرط فإن زوجتك لا تحرم عليك ولا يكون هذا طلاقاً ولا ظهاراً وإنما عليك أن تكفر كفارة اليمين، لأن هذا بمعنى اليمين تماماً، وقد قال الله - تعالى - " ولكن يؤاخدكم بما عقدتم الأيمان " فجعل المدار على عقد النية، وقال النبي، عليه الصلاة والسلام " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ".
فجعل الله - تعالى - اليمين تحريماً، المهم أنه ما دامت نيتك الامتناع، أو تأكيد الامتناع عن هذا الشيء، فإن فعلته فإن زوجتك لا تحرم عليك وإنما عليك أن تكفر كفارة يمين عن هذا الشيء فإن فعلته فإن زوجتك لا تحرم عليك وإنما عليك أن تكفر كفارة يمين، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/303)
قال لها إن ذهبت إلى كذا فأنت على كظهر أمي فذهبت
س - كنت قد حذرت زوجتي من الذهاب إلى مكان ما، فأصرت هي على الذهاب فغضبت منها غضباً شديداً وقلت لها، إن ذهبت إلى هذا المكان فأنت على كظهر أمي وأختي، ثم سافرت وبعد عودتي علمت أنها خالفتني وذهبت، فما الحكم في هذا؟ هل أكفر عن يميني؟ أم يكون ذلك بأن أطلق زوجتي؟ وهل هناك وقت محدد للتفكير؟
ج- أحب أن أنصح وجميع المسلمين بعدم الإقدام على هذا التصرف الأحمق، وهذا أمر لا ينبغي، فالظهار وصفة الله - تعالى - بأنه منكر وزور.
والجواب على هذا السؤال إن كان الرجل قد قصد بقوله " أنت علي كظهر أمي " تحريمها بهذا الصيغة فلا شك أنه مظاهر وأنه لا يجوز له أن يقربها حتى يفعل ما أمره الله به بقوله " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن تماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ". الآية.
فيجب عليه قبل أن يجامع زوجته أن يكفر بهذه الكفارة التي ذكرها الله - عز وجل - وأما إذا كان قد قصد به المنع أي منع الزوجة من هذا الفعل الذي نهاها عنه ولم يقصد تحريمها فإن هذا يكون يميناً حكمه حكم اليمين يكف كفارته وينحل بالكفارة، وإذا ظاهر الإنسان من زوجته فلها الحق أن تطالبه بحقوقها الخاصة، فإن أصر على الامتناع فإن مرجعهما إلى الحاكم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/304)
كتاب العدد(3/305)
أحكام العدة وأنواع المعتدات
المتوفي عنها زوجها بعد العقد وقبل الدخول تلزمها العدة
س - شخص عقد على امرأة وتوفي قبل الدخول بها فهل عليها الحداد؟
ج- المرأة التي توفى عنها زوجها بعد العقد وقبل الدخول تلزمها العدة والإحداد، لأنها بمجرد العقد تكون زوجة مشمولة بقول الله - تعالى - " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ". ولما روى البخاري ومسلم - رحمها الله تعالى - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال " لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ". ولما روى أحمد وأهل السنن أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قضى في بروع بنت واشق امرأة عقد عليها زوجها ومات قبل الدخول بها بأن عليها العدة ولها الميراث.
اللجنة الدائمة
* * *
المطلقة المدخول بها تلزمها العدة في كل الحالات
س - إذا طلقت المرأة طلقة بائنة أو ثلاث طلقات فهل عليها عدة؟ وهل تظل في بيت مطلقها طوال فترة العدة خاصة وأن لديها طفلين منه؟ وهل يتوقف زواجها من آخر على انقضاء فترة العدة؟
ج- إذا طلقت المرأة فعليها عدة سواء كان الطلاق بائناً أو رجعياً لعموم قوله - تعالى - " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " إلا إذا طلقت قبل الدخول والخلوة فليس عليها عدة لقوله - تعالى - " يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ".
أما بقاؤها في البيت إذا كان الطلاق رجعياً فإنها تبقى في البيت على ما هي مع زوجها فتتجمل وتكشف وجهها وغير ذلك إلا الجماع ومقدماته فإن هذا لا يكون إلا بعد الرجعة.
أما إذا كان الطلاق بائناً فإن كان في البيت أحد غيرهما فلا بأس أن تبقى لكنها(3/307)
تحتجب عن زوجها لأنه صار أجنبياً عنها، وإن لم يكن في البيت أحد فإنه لا يجوز لها أن تبقى فيه لأن في ذلك خلوة وزوجها أجنبي عنها، وقد نهى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن تخلو المرأة بأجنبي إلا في وجود محرم.
ويتوقف زواجها من زوج آخر على انتهاء العدة ولا يجوز لها أن تتزوج بأحد قبل انتهاء عدتها حتى ولو كان الطلاق بائناً.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
المرأة الكبيرة في السن يلزمها الإحداد
س - توفي رجل عن امرأة كبيرة السن يزيد عمرها عن سبعين سنة وقليلة الرأي والفكر وليست بخدمته، وتوفي وهي بذمته، فهل يلزمها الحداد كغيرها؟ وما هي الحكمة من مشروعيته إذا كانت كبيرة السن مثل غيرها؟ ولماذا كان حكم الحامل وضع الجنين فقط إذا كان مشروعية الحداد هو التأكد من خلو المرأة من الحمل أو وجوده، وكبيرة السن قد توقفت عن ذلك؟
ج- المرأة المذكورة في السن تعتد وتحد أربعة أشهر لدخولها في عموم قوله - تعالى - " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ".
ومن الحكم لمشروعية العدة والإحداد إذا كانت المرأة كبيرة السن ومتوقفة عن الحمل تعظيم خطر هذا العقد ورفع قدره وإظهار شرط وقضاء حق الزوج وإظهار تأثير فقده في المنع من التزين والتجميل، ولذلك شرع الحداد عليه أكثر من الإحداد على الوالد والولد.
وكان حكم الحامل وضع الجنين فقط لعموم قوله - تعالى " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ". وهذا الآية مخصصة لعموم قوله - تعالى " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهم أربعة أشهر وعشراً ".
ومن الحكم تعلق انتهاء العدة بوضع الحمل لأن الحمل حق للزوج الأول، فإذا تزوجت بعد الفراق بوفاة أو غيرها وهي حامل يكون الزوج الثاني قد سقى ماءه زرع غيره، و(3/308)
هذا لا يجوز لعموم قوله، - صلى الله عليه وسلم -، " لا يحل لامرئ مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره " رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان عن رويفع بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه -.
والواجب على المسلم أن يعمل بالأحكام الشرعية علم الحكمة أو لم يعلمها من الإيمان بأن الله - سبحانه - حكيم في كل شرعه وقدره لكن من يسر الله له معرفة الحكمة فذلك نور على نور وخير إلى خير، وبالله التوفيق.
اللجنة الدائمة
* * *
المرأة العجوز والصغيرة التي لم تبلغ تلزمها عدة الوفاة
س - هل على العجوز التي التي لا حادة لها إلى الرجال أو الصبية التي لم تبلغ سن الحلم عدة الوفاة من وفاة زوجها؟
ج- نعم على العجوز التي لا حاجة لها إلى الرجال عدة الوفاة وكذلك الصغيرة في السن التي لم تبلغ الحلم ولم تقارب ذلك عليها عدة الوفاة إذا مات زوجها حتى تضع حملها إن كانت حاملاً أو تمكث أربعة أشهر وعشراً إن لم تكن حاملاً لعموم قوله - تعالى - " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ". الآية. وعموم قوله - تعالى - " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ".
اللجنة الدائمة
* * *
عدة الحامل إذا مات عنها زوجها
س - يسأل السائل أن خالته (زوجة أبيه) حامل فهل تعتد لوفاة أبيه عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً أم تعتد حتى تضع حملها؟
ج- وبدراسة اللجنة له أجابت بأن عليها أن تعتد حتى تضع حملها، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *(3/309)
بيان عدة المطلقة وحكم خروج المطلقة الرجعية من بيتها
س - سائل يقول أرجو توضيح عدة المطلقة وهل المطلقة طلاقاً رجعياً تبقى في بيت زوجها أم تذهب إلى منزل والدها حتى يراجعها زوجها؟
ج- يجب على المرأة المطلقة طلاقاً رجعياً أن تبقى في بيت زوجها ويحرم على زوجها أن يخرجها منه لقوله - تعالى " لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ". وما كان الناس عليه الآن من كون المرأة إذا طلقت طلاقاً رجعياً تنصرف إلى بيت أهلها فوراً هذا خطأ ومحرم لأن الله قال " لا تخرجوهن - ولا يخرجن " ولم يستثن من ذلك إلا إذا أتين بفاحشة مبينة، ثم قال بعد ذلك " وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ". ثم بين الحكمة من وجوب بقائها في بيت زوجها بقوله " لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً ". فالواجب على المسلمين مراعاة حدود الله والتمسك بما أمرهم الله به وأن لا يتخذوا من العادات سبيلاً لمخالفة الأمور المشروعة، المهم أنه يجب علينا أن نراعي هذه المسألة وأن المطلفة الرجعية يجب أن تبقى في بيت زوجها حتى تنتهي عدتها وفي هذه الحال في بقائها في بيت زوجها لها أن تكشف له وأن تتزين وأن تتجمل وأن تتطب وأن تكلمه ويكلمها وتجلس معه وتفعل كل شيء ما عدا الاستمتاع بالجماع أو المباشرة فإن هذا إنما يكون عند الرجعة وله أن يرجعها بالقول فيقول راجعت زوجتى وله أن يراجعها بالفعل فيجامعها بنية المراجعة، أما بالنسبة لعدة المطلفة فنقول المطلقة إن طلقت قبل الدخول والخلوة أعنى قبل الجماع وقبل الخلوة بها والمباشرة فإنه لا عدة عليها إطلاقاً فبمجرد ما يطلقها تبين منه وتحل لغيره وأما إذا كان قد دخل عليها وخلا بها أو جامعها فإن عليها العدة وعدتها على الوجوه التالية
أولا إن كانت حاملاً فإلى وضع الحمل سواء طالت المدة أم قصرت، ربما يطلقها في الصباح وتضع الولد قبل الظهر فتنقضي عدتها وربما يطلقها في شهر محرم ولا تلد إلا في شهر ذي الحجة فتبقي في العدة إثني شهراً المهم أن الحامل عدتها وضع الحمل مطلقاً لقوله - تعالى - " وأولادت الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ".
ثانيا إذا كانت غير حامل وهي من ذوات الحيض فعدتها ثلاث حيض كاملة بعد(3/310)
الطلاق، بمعنى أن يأتيها الحيض وتطهر، وتظهر ثم يأتيها وتطهر ثم يأتيها وتطهر، هذه ثلاث حيض كاملة سواء طالبت المدة بينهن أم لم تطل وعلى هذا فإن طلقها وهي ترضع ولم يأتها الحيض إلى سنتين فإنها تبقى في العدة حتى يأتها الحيض ثلاث مرات فيكون مكثها على هذا سنتي أو أكثر، المهم أن من تحيض عدتها ثلاث حيض كاملة طالت المدة أم قصرت لقوله - تعالى - " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاث قروء ".
ثالثا التي لا تحيض إما لصغرها أو لكبرها قد أيست منه وانقطع عنها فهذه عدتها ثلاثة أشهر لقوله - تعالى " واللاتي يئسن من المحيض من نسائكم إن رأيتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللاتي لم يحضن ".
رابعا إذا كان ارتفع حيضها لسبب يعلم أنه لا يعود الحيض إليها مثل أن يستأصل رحمها فهذه كالآيسه تعتد بثلاثة أشهر.
خامسا إذا كان ارتفع حيضها وهي تعلم ما رفعه فقد قلنا إنها تنتظر حتى يزول هذا الرافع ويعود الحيض فتعتد به.
سادسا إذا ارتفع حيضها ولا تعلم ما الذي رفعه فإن العلماء يقولون تعتد بسنة كاملة تسعة أشهر للحمل وثلاثة أشهر للعدة هذه أقسام عدد المرأة المطلقة.
أما التي فسخ نكاحها بخلع أو غيره فإنه يكفيها حيضة واحدة فإذا خالع زوجته بأن فسخ نكاحها بعوض دفعته هي أو وليها على أن يفارقها الزوج ثم فارقها بناء على هذا العوض فإنه يكفيها حيضة واحدة، والله الموفق.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
عدة المختلعة وعدة المطلقة إذا طالت المدة
س - إذا طلقت المرأة بعد نشوز طالت مدتها إلى سنة أو سنتين أو أقل وإنما مضت مدة استبراء الرحم قبل الطلاق، فهل تلزمها العدة أم لا؟ أو يجوز أن تتزوج ولا عدة عليها وقد طلقها زوجها على عوض ولا يرغب الرجعة؟
ج- إذا طلقت المرأة وجبت عليها العدةن بعد الطلاق ولو طالت مدتها بعيدها عن زوجها(3/311)
لقوله الله - سبحانه - " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ". ولأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أمر زوجة ثابت بن قيس لما اختلعت منه أن تعتد بعد الخلع بحيضة والصواب أنه يكفي المختلعة حيضة واحدة بعد الطلاق لهذا الحديث الشريف وهو مخصص للآية الكريمة المذكورة آنفاً، فإن اعتدت المختلعة وهي المطلقة على مال بثلاث حيضان كان ذلك أكمل وأحوط خروجاً من خلاف بعض العلم القائلين بأنها تعتد بثلاث حيضات لعموم الآية المذكورة.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم تأخير العدة والإحداد لغير عذر شرعي
س - أبلغ من العمر 40 سنة متزوجة ولي 5 أطفال ولقد توفي زوجي في 12 5 1985م، ولكنني لم أقم عليه العدة بسبب الأعمال التي تخص زوجي وأطفالي ولكن بعد مرور أربعة أشهر أقمت عليه العدة أي بتاريخ 12 9 1985م وبعد أن أكملت شهراً منها حدث لي حادث اضطررت إلى الخروج فهل هذا الشهر محسوب ضمن العدة وهل إقامتي العدة بهذا التاريخ أي بعد الوفاة بأربعة أشهر صحيح أم لا؟ علما بأنني أخرج داخل إطار الدار لأقضي بعض الأعمال لأنني لدي شخص اعتمد عليه في أعمال البيت؟
ج- إن هذا العمل منك عمل محرم، لأن الواجب على المرأة أن تبدأ بالعدة والإحداد من حين علمها بوفاة زوجها، ولا يحل لها أن تتأخر عن ذلك لقوله - تعالى - " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ". وانتظارك إلى أن تمت الأربعة أشهر ثم شرعت في العدة إثم ومعصية لله - عز وجل - ولا يحسب لك من العدة إلا عشرة أيام فقط، وما زاد فإنك لست في عدة وعليك أن تتوبي إلى الله - عز وجل - وأن تكثري من العمل الصالح لعل الله يغفر لك والعدة بعد انتهاء وقتها لا تقضي.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/312)
أحكام المحادة
لبس السواد عند المصائب شعار باطل
س - هل يجوز لبس الثوب الأسود على المتوفي وخاصة إذا كان على الزوج؟
ج- لبس السواد عند المصائب شعار بال لا أصل له والإنسان عند المصيبة ينبغي أن يفعل ما جاء به الشرع فيقول " إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها ".
لأنه إذا قال ذلك بإيمان واحتساب فإن الله - سبحانه وتعالى - يأجره على ذلك ويبدله بخير منها، وقد جرى هذا لأم سلمة - رضي الله عنها - حيث مات زوجها وابن عمها وكان من أحب الناس إليها فقالت هذا. وقالت وكنت أقول في نفسي من خير من أبي من أبي سلمة؟ فلما انتهت عدتها خطبها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فكان النبي، - صلى الله عليه وسلم -، خيراً من أبي سلمة لها وهكذا كل من قال ذلك إيماناً واحتساباً فإن الله - تعالى - يأجره على مصيبته ويخلف له خيراً منها.
أما التربي يزي معين كالسواد وشبهه فإن هذا لا أصل له وهو أمر باطل ومذموم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم لبس السواد وأحكام المعتدة المتوفي عنها زوجها
س - هل يلزم المرأة المعتدة المتوفى عنها زوجها أن تلبس أسود؟ أم يجوز أي لون حيث تسمع أن المرأة التي في الحداد وخاصة العاميات تلبس أسود وتجلس على أسود وتصلي على أسود وهناك اعتقادات لديهن ما أنزل الله بها من سلطان نأمل توضيح ما يجب على المرأة المتوفي عنها زوجها من لباس وغيره؟
ج- المتوفي عنها زوجها يلزمها الإحداد مدة العدة، ومدة العدة محددة بالزمن ومحددة بالحال، فإن كانت المتوفي عنها زوجها حائضاً ليس فيها حمل فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام منذ مات سواء علمت بوفاته حين وفاته أو لم تعلم إلا بعد، فابتداء المدة من حين الموت فلو(3/313)
قدر أنه مات ولم تعلم بموته إلا بعد مضي شهرين فإنه لم يبق عليها من العدة والإحداد إلا شهران وعشرة أيام، فالحائض عدتها مؤقتة بزمن أو محددة بزمن وهو أربع شهور وعشرة أيام من موته، وأما الحامل فعدتها إلى أن تضع الحمل سواء طالت المدة أم قصرت، وربما تكون العدة ساعة أو ساعتين أو أقل ربما تكون سنة أو سنتين أو أكثر لقوله - تعالى - في الأولى " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً ". ولقوله - تعالى - في الثانية " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ". وقد ثبت في الصحيحين أن سبيعة الأسهمية - رضي الله عنها - وضعت بعد موت زوجها بليال فأذن لها الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، أن تتزوج، وفي عدة الموت يجب على المرأة أن تحد والإحداد يتضمن أموراً
الأول أن لا تخرج من البيت إلا لحاجة.
والثانية أن لا تتجمل بالثياب فلا تلبس ثياباً زينة، ولها أن تلبس ما تشاء من سواها فلها أنه تلبس الأسود والأحمر والأخضر وغير ذلك لبسه غير متقيدة بلون الأسود.
والثالث ألا تتجمل بالحلي بجميع أنواعه سواء كان أسورة أم فلائد أم خلاخيل أم غير ذلك يجب عليها أن تزيل الحلي فإن لم تتمكن من إزالته إلا بقصه وجب عليها قصه.
والرابع ألا تتزين بتجميل أو خد أو شقة فإنه لا يجوز لها أن تكتحل ولا أن تضع محمر الشفاه.
والخامس ألا تتطيب بأي نوع من أنواع الطيب سواء كان بخوراً أم دهناً إلا إذا طهرت من الحيض فلها أن تستعمل التطيب في المحل الذي فيه الرائحة المنتنة، أما ما يذكره بعض العامة من كونها لا تكلم أحداً ولا يشاهدها أحد ولا تخرج إلى حوش البيت ولا تخرج إلى السطح ولا تقابل القمر ولا تغتسل إلا يوم الجمعة ولا تؤخر الصلاة عن وقت الأذان بل تبادر بها من حين الأذان فكل هذه الأشياء ليس لها أصل في الشريعة فالمرأة المحادة في مكالمة الرجال كغير المحادة وكذلك في نظرها إلى الرجال إليها كغير المحادة يجب عليها أن تستر الوجه وما يكون سبباً للفتنة ويجوز لها أن تخاطب الرجل ولو من غير محارمها إذا لم يكن هناك فتنة ويمكنها أن ترد على الهاتف وباب البيت إذا قرع وما أشبه ذلك.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/314)
حكم انتقال المعتدة للوفاة من بيت زوجها المتوفي إلى بيت أهلها
س - تزوجت امرأة من رجل ثم توفي عنها وليس له منها أولاد ولا يوجد في بلد الزوج أقارب لها فهل يجوز لها أن تنتقل من بلد زوجها إلى بلد وليها لتقضي مدة الحداد عنده أم لا؟
ج- يجوز لهذه الزوجة أن تنتقل إلى بيت وليها أو إلى أي جهة أخرى تأمن على نفسها فيها لتقضي بقية مدة حدادها على زوجها إذا خافت على نفسها أو انتهاك حرمتها ولم يوجد عندها من يحافظ عليها، أما إذا كانت في أمن من الاعتداء عليها وإنما تريد أن تكون قريبة من أهلها فلا يجوز لها الانتقال بل عليها أن تمكث في مكانها حتى تقضي مدة حدادها، ثم تسافر مع محرمها إلى حيث تريد.
وصلي الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
ما يجب أن تجتنبه المحادة
س - ما هي الأحكام التي يجب أن تلتزم بها من مات عنها زوجها؟
ج- المحادة جاء في الأحاديث، ما ينبغي أن تمتنع عنه، وهي مطالبة بأمور خمسة
الأمر الأول لزوم بيتها الذي مات زوجها، وهي ساكنة فيه تقيم فيه حتى تنتهي العدة، وهي أربع أشهر وعشر، إلا أن تكون حبلى، فإنها تخرج من العدة بوضع الحمل، كما قال الله - سبحانه وتعالى " وأولات الأحمال أجعلهن أن يضعن حملهن ". ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة كمراجعة المستشفى عند المرض وشراء حاجتها من السوق كالطعام ونحو ذلك، إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك، وكذلك لو انهدم البيت، فإنها تخرج منه إلى غيره، أو إن لم يكن لديها من يؤنسها وتخشى على نفسها، لا بأس بذلك عند الحاجة.
الأمر الثاني ليس لها لبس الجميل من الثياب لا أصفر ولا أخضر ولا غيره، بل الثياب غير جميلة، هكذا أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -.(3/315)
الأمر الثالث تجنب الحلي من الذهب والفضة والماس واللؤلؤ وما أشبه ذلك سواء كان ذلك قلائد أو أساور أو خواتم، وما أشبه ذلك حتى تنتهي العدة.
الأمر الرابع تجنب الطيب، فلا تتطيب لا بالبخور ولا بغيره من الأطياب، إلا إذا طهرت من الحيض خاصة، فلا بأس أن تتبخر ببعض البخور.
الأمر الخامس تجنب الحلي، فليس لها أن تكتحل ولا ما يكون في معنى الكحل من التجميل للوجه، التجميل الخاص الذي قد يفتن الناس بها، أما التجميل العادي بالماء والصابون فلا بأس بذلك، لكن الكحل الذي يجمل العينين وما أشبه الكحل من الأشياء التي يفعلها بعض النساء في الوجه، فهذا لا تفعله.
فهذه الأمور الخمسة يجب أن تحفظ في أمر من مات عنها زوجها.
أما ما قد يظنه بعض العامة ويقترونه، من كونها لا تكلم أحداً، ومن كونها لا تكلم بالهاتف، ومن كونها لا تغتسل في الأسبوع إلا مرة، ومن كونها لا تمشي في بيتها حافية، ومن كونها لا تخرج في نور القمر، وما أشبه هذه الخرافات، فلا أصل لها بل لها أن تمشي في بيتها حافية ومنتعلة، تقضي حاجتها في البيت تطبخ طعامها وطعام ضيوفها، تمشي في ضوء القمر، في السطح وفي حديقة البيت، تغتسل متى شاءت، تكلم من شاءت كلاماً ليس فيه ريبه، تصافح النساء، وكذلك محارمها، أما غير المحارم فلا، ولها طرح خمارها عن رأسها إذا لم يكن عندها غير محرم، ولا تستعمل الحنا والزعفران ولا الطيب لا في الثيات ولا في القهوة، لأن الزعفران نوع من أنواع الطيب، ولا يجوز أن تخطب، ولكن لا بأس بالتعريض، أما التصريح بالخطبة فلا، والله الموفق
الشيخ ابن باز
* * *(3/316)
حكم غسل المحادة رأسها وما الذي تجتنبه
س - سماحة الشيخ هل هناك حدود لغسل المرأة المحادة - التي في الحداد - رأسها؟ وماذا عليها لو دهنت رأسها بمواد الدهون والكريمات المعطرة؟ جزاكم الله خيراً.
ج- لا حرج في غسل المحادة رأسها في أي وقت كان بالسدر أو غيره مما ليس فيه طيب، أما دهنه أو غسله بشيء فيه طيب فلا يجوز لان الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، نهى المحادة أن تمس الطيب إلا شيئاً من البخور عند غسلها من الحيض.
الشيخ ابن باز
المحادة لا تستعمل الطيب ولا تخطب إلا تعريضا
س - هل يجوز للمحادة على زوجها أن تغسل أولادها وتطيبهم؟ وهل تخطب للزوج وهي في العدة؟
ج- ليس للمحادة - وهي المتوفي عنها زوجها - في العدة أن تمس الطيب لنهي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن ذلك. ولكن لا مانع من تقديمه لأولادها أو ضيوفها من غير أن تشاركهم في ذلك، ولا يجوز أن تخطب خطبة صريحة حتى تخرج من العدة ولا مانع من التعريض لها من غير تصريح(3/317)
لقوله - تعالى - " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء ". فأباح - سبحانه - التعريض ولم يبح التصريح وله - سبحانه - الحكمة البالغة في ذلك.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم استعمال الهاتف ولبس الساعة للمحادة
س - هل يجوز للمرأة في فترة الحداد على الزوج الميت أن تستعمل التيلفون في مخاطبة النساء ومن هم محارم لها كابنها مثلاً؟
ج- نعم يجوز لها ذلك مع النساء ومحارمها من الرجال عملا بالأصل وهو الإباحة ويجوز أيضاً تكليم غير محارمها عن طريق الهاتف على وجه ليس فيه محذور شرعاً.
س - هل يجوز للمرأة في فترة الحداد لبس الساعة لضبط الوقت لا للتجميل؟
ج- نعم يجوز لها ذلك لأن الأمر يتبع القصد وتركها أولى، لأنها تشبه الحلي.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم رد المرأة على الهاتف زمن الحداد
س - المرأة المتوفى زوجها وهي في العدة لها أن ترد على الهاتف مع أنها لا تعلم أرجل هو أم امرأة؟ وماذا يجب على المرأة في العدة؟
ج- على المرأة زمن الحداد تجنب الزينة من لباس الشهرة والجمال ومن الحلي والخطاب والكحل للتجميل ونحو ذلك ولا تخرج من بيتها إلا لضرورة ولا تتطيب ولا تتعطر ولا تبرز أمام الرجال الأجانب، ويجوز لها أن تخرج لحاجتها محتشمة ومع محارمها ويجوز لها في دارها أن تمشي في داخل الدار وملحقاته وتصعد أعلاه ونحو ذلك، وإذا احتاجت إلى مكالمة في هاتف أو نحوه فلا بأس بذلك فإن عرفت أن ذلك المتكلم من أهل النساء والذين يريدون التعرف على من يناسبهم فعليها قطع المكالمة فوراً كما يلزم ذلك ويجوز لها أن تكلم أقاربها من غير المحارم من وراء حجاب أو في الهاتف ونحوه كما يجوز لها ذلك في غير زمن الحداد، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *(3/318)
حكم خروج المحادة إلى السوق
س - هل يجوز للمحادة أن تخرج إلى السوق لقضاء حاجاتها؟
ج- يجوز للمحادة أن تخرج إلى السوق لقضاء حاجتها وإلى المستشفى للعلاج، وهكذا يجوز لها الخروج للتدريس وطلب العلم، ونحو ذلك من أهم الحاجات مع تجنب الزينة والطيب والحلي من الذهب والفضة والماس ونحو ذلك وعلى المحادة أن تراعي خمسة أمور وهما
الأول بقاؤها في البيت الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه إذا تيسر ذلك.
الثاني اجتناب الملابس الجميلة.
الثالث اجتناب الطيب إلا إذا كانت تحيض فلها استعمال البخور عند طهرها من الحيض
الرابع عدم لبس الحلي من الذهب والفضة والماس ونحو ذلك.
الخامس عدم الكحل والحناء لأنه قد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ما يدل على ما ذكرنا.
والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
حكم ذهاب المعتدة إلى المدرسة
س - شخص يسأل قائلاً بأن ابنته توفي زوجها وتلزمها العدة وهي طالبة في المدرسة، فهل يجوز لها مواصلة الدراسة أم لا؟ وقال لعلها تلبس بعض ثيابها الخالية من الطيب والزينة.
ج- يجب على الزوجة المتوفي عنها زوجها أن تعتد في بيتها الذي مات زوجها وهي فيه أربعة أشهر وعشراً، وألا تبيت إلا فيه وعليها أن تجتنب ما يحسنها ويدعو إلى النظر إليها من الطيب والاكتحال بالإثمد وملابس الزينة وتزيين بدنها ونحو ذلك مما يجملها، ويجوز لها أن تخرج نهاراً لحاجة تدعو إلى ذلك، وعلى هذا للطالبة المسؤول عنها أن تذهب إلى المدرسة لحاجتها إلى تلقى الدروس وفهم المسائل وتحصيلها مع التزامها اجتناب ما يجب على المعتدة(3/319)
عدة الوفاة اجتنابه مما يغوي بها الرجال ويدعو إلى خطبتها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *
المرأة الموظفة كيف تعتد؟
س - إذا توفي عن المرأة المسلمة الموظفة زوجها وهي في دولة لا تعطي لأي إنسان توفي عنه قريبه إجازة أكثر من ثلاثة أيام فكيف تعتد في هذه الظروف، لأنها إن قررت أن تعتد المدة المشروعة تفصل من العمل فهل تترك الواجب الديني من أجل اكتساب المعيشة؟
ج- عليها أن تعتد العدة الشرعية وتلزم الإحداد الشرعي في جميع مدة العدة ولها الخروج نهاراً لعملها لأنه من جملة الحاجات المهمة وقد نص العلماء على جواز خروج المعتدة للوفاة في النهار لحاجتها والعمل من أهم الحاجات، وإن احتاجت لذلك ليلاً جاز لها الخروج من أجل الضرورة خشية أن تفصل ولا يخفي ما يترتب على الفصل من المضار إذا كانت محتاجة لهذا العمل وقد ذكر العلماء أسباباً كثيرة في جواز خروجها من منزل زوجها الذي وجب أن تعتد فيه، بعضها أسهل من خروجها إذا كانت مضطرة إلى ذلك العمل، والأصل في هذا قوله - سبحانه - " فاتقوا الله ما استطعتم ". وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ". متفق على صحته، والله - سبحانه وتعالى أعلم.
الشيخ ابن باز
* * *(3/320)
كتاب الرضاع(3/321)
أولاد أبيك من الرضاع من زوجته الثانية أخوة لك
س - رضعت من امرأة ثم تزوج زوجها من أخرى وأنجبت زوجته أبناء فهل هم إخوة لي؟
ج- إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر وكان البن منسوبا للزوج لكونها أنجبت منه فهم إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاع، وأما أولاده من الزوجة الثانية فهم أخوه لك من أبيك من الرضاع.
والرضعة هي أن يمسك الطفل الثدي ويمص اللبن حتى يصل إلى جوفه ثم يترك الثدي لأي سبب من الأسباب ثم يعود ويمص الثدي حتى يصل اللبن إلى جوفه ثم يترك الرضاع ثم يعود وهكذا حتى يكمل الخامس أو أكثر سواء كان ذلك في مجلس أو مجالس وسواء كان ذلك في يوم أو أيام بشرط أن يكون ذلك حال كونه الطفل في الحولين لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا رضاع إلا في الحولين ". ولقوله، - صلى الله عليه وسلم -، لسهلة بنت سهيل " أرضعي سالماً خمس رضعات تحرمي عليه ". ولما ثبت في صحيح مسلم وجامع الترمذي عن عائشة - رضي الله عنها - قال " كان فيما أنزل القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والامر على ذلك "، وهذا لفظ رواية الترميذي. وفق الله الجميع لما يرضيه.
* * *
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - ابني رضع من جدته لأمه وطبعاً صار أخاً من الرضاعة لخالاته وأخواله، فهل يجوز له أن يتزوج من بنات خالاته أو بنات أخواله؟
ج- إذا كان الطفل المذكور ارتضع من جدته لأمه خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين صار بذلك أخا لأخواله وخالاته وعما لأولاد أخواله وخالاً لأولاده خالاته فلا يجوز له(3/323)
أن يتزوج من بنات أخواله، لأنه صار عماً من الرضاع ولا من بنات خالاته لأنه صار خالاً لهن من الرضاع ما تناسلوا. وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
في الرضاع
س - لي زوجة ولي منها ثماني بنات، ولها أخت أصغر منها بخمس عشرة سنة وقد رضع من أمها شخص فصار أخا لها، ولكن مشكلتي أن بناتي يقلن إنه خالهن من الرضاع ويكشفن له الحجاب، وأنا أنهاهن عن ذلك وهين يرفضن، فأرجو الإفادة جزاكم الله خيراً؟
ج- إذا كان الرجل المذكور قد أرتضع من أم زوجتك أو من زوجة أبيها حال كونها في عصمة أبيها خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين، فإنه يكون خالاً لبناتك من الرضاعة، ويحل لهن الكشف له كسائر المحارم، والخلوة به، لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". متفق على صحته، وهذا ما لم تكن هناك ريبة تمنع من الخلوة بإحداهن.
الشيخ ابن باز
* * *
والد أخيك من الرضاع ليس محرما لك
س - أختي الصغرى رضعت من أختي الكبرى مع والدها وابني رضع من أختي الكبرى أيضاً، فهل يجوز لوالد ابني، أي زوجي - أن يكون محرماً لأختي الصغرى والكبرى وبالتالي يكشفان له؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
ج- ليس لأختك الصغرى والكبرى الكشف لزوجك من أجل رضاع ابنكما من أختك الكبرى، وإنما يكون زوج أختك الذي أرضعت ابنك من لبنها أباً له من الرضاع ومحرماً لزوجه هذا الولد لكونها زوجه ابنه من الرضاع، بشرط أن يكون الرضاع خمس رضعات أو أكثر في الحولين لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
* * *(3/324)
مسألة في الرضاعة
س - أريد الزواج من ابنة خالي، ولكن هناك شخص رضع مع خالي من جدتي، وأصبح خالي من الرضاعة، وابنة خالي هذه رضعت من أم هذا الشخص وأصبحت أخته من الرضاعة، فهل يجوز لي الزواج من ابنة خالي؟ علماً بأنه لا يوجد بيننا رضاعة لا من أمي ولا من أبيها؟
ج- قبل الجواب على هذا السؤال أود أن أبين أن الرضاع المحرم هو ما كان خمس رضعات معلومات في الحولين قبل الفطام، فما دون الخمس فلا أثر له.
فلو أن طفلاً ارتضع من امرأة أربع رضعات لم يكن أبنا لها، لأنه لابد من خمس رضعات كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها - وإذا تبين ذلك فإن هذا الرجل الذي رضع من جدتك لا يكون خالاً لك إذا تمت فيه شروط الرضاعة، وإذا كان خالاً فإن ابنه خالك التي تريد أن تتزوجها تحل لك ولو رضعت من أم هذا الرجل الذي رضع من خالك من جدتك، وذلك لأن الرضاع لا ينتشر فيه التحريم إلا إلى المرتضع وذريته فقط، وأما أقارب المرتضع من الأصول والحواشي فإن الرضاع لا ينتشر إليهم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الرضعة الواحدة لا تحرم
س - أخبرتني أمي أنني رضعت من امرأة اريد الزواج من ابنتها رضعة واحدة، فهل يجوز لي الزواج من هذه الابنة؟
ج- الرضاعات التي يحصل بها التحريم لابد أن تكون خمساً أو أكثر حال كون الطفل في الحولين، فإن كانت أقل من ذلك لم يحصل بها التحريم لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، لسهلة بنت سهيل " أرضعي سالماً خمس رضعات تحرمي عليه ". ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس(3/325)
معلومات، فتوفي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك ". أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي في جامعة وهذا لفظه، وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " لا رضاع إلا في الحولين ". وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
لا يحصل التحريم إلا بخمس رضعات
س - لقد رضعت من امرأة ثلاث رضعات كل يوم رضعة واحدة وفي مجالس مختلفة، هل أكون أخا لمن رضعت من أمه أم لا؟ أفيدونا أثابكم الله.
ج- هذه الرضعات الثلاث لا يحصل بها تحريم الرضاع، وإنما يحصل التحريم بخمس رضعات أو أكثر لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ". ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك ". خرجه الإمام مسلم في صحيحه والإمام الترمذي في جامعة وهذا لفظه.
والرضعة هي إمساك الثدي وابتلاع اللبن ولو لم يشع ولو طالت فإذا أطلقه فهذه رضعة، فإذا عاد وأمسك الثدي وامتص منه اللبن فهذه رضعة ثانية، وهكذا بشرط أن يكون الطفل في الحولين لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا رضاع إلا في الحولين ". وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " إنما الرضاعة من المجاعة ". وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
رضاع بنت العم من الأخ
س - لي بن عم أرغب الزواج بها، لكن اتضح لي أنها رضعت مع أخي الذي هو أصغر من الأخ الذي يليني وقد رضعت أكثر من خمس رضعات وهو كذلك فما حكم الدين في هذا الموضوع هل تحل لي أم لا؟
ج- إذا كانت البنت المذكورة رضعت من أمك خمس رضعات أو أكثر حال كونها في الحولين، فإنها أختا لك ولجميع إخوتك من أبيك وأمك إذا كان رضاعها حال كون(3/326)
أمك مع أبيك، فإن كانت تحت زوج آخر غير أبيك فهي تكون أختا لك من أمك من الرضاع ولجميع أولادها من جميع أزواجها لقول الله - سبحانه - في بيان المحرمات من سورة النساء " وأمهاتكم اللاتي أرضعتكم وأخواتكم من الرضاعة ". ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ". متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
* * *
صفة الرضعات الخمس
س - ما صفة الرضعات الخمس التي بها يكون الطفل أخاً لأبناء المرضعة؟
ج- القول الوسط أن الرضعة الواحدة هي أن يمسك الثدي بفمه ويمتص منه ثم يتركه سواء روي أم لا وسواء تركه من نفسه أو نزعته المرأة من فمه أو نقله إلى الثدي الثاني فالرضاعة هي إمساكه ثم تركه فمتى ذلك خمس مرات أصبح الطفل ابنا للمرضعة ولو لم يشبع من الخمس، ولو كانت كلها في مجلس واحد وقيل إن الرضعة هي الشبع والأول أشهر.
الشيخ ابن جبرين
* * *
أخته من الرضاع هل تكون أختا لجميع إخواته؟
س - شخص ترتيبه الثالث في إخوته ورضع مع بنت من أسرة أخرى، فهل هذه البنت تعتبر أختاً لجميع إخوته سواء الصغار منهم والكبار أم لا؟ وكذلك إخوتها من أم أخرى؟
ج- الرضاع الذي يحصل به التحريم هو ما بلغ خمس رضعات فأكثر، وكان في الحولين لقوله - تعالى - " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ".
ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات هي أن يمتص الطفل بخمس معلومات فتوفي رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك ". والرضاعة هي أن يمتص الطفل اللبن من الثدي ثم يتركه لتنفس أو انتقال ونحو ذلك، فإذا عاد فرضعه أخرى وهكذا، إذا ثبت أن الشخص رضع من أم البنت أو من لبن زوجة لأبيها(3/327)
ما سبق ذكره من الرضاع فإنه يكون أخاً لهذه البنت ولجميع إخوانها وأخواتها من أب وأم أو من أب أو من أم، أما إخوته فيجوز لأي واحد منهم أن يتزوج هذه البنت أو أي واحدة من أخواتها ولا أثر لهذا الرضاع على الزوج المذكور.
اللجنة الدائمة
* * *
الرضاعة بعد سن اليأس مثل الرضاعة قبله
س - ما حكم لبن المرأة التي بلغت سن اليأس إذا درت لينا على طفل فأرضعته خمس رضعات فأكثر في الحولين؟ وهل هذا اللبن يسبب الحرمة ومن سيكون أباه من الرضاعة فقد تكون المرضعة بلا زوج؟
ج- إن الرضاع محرم يثبت به من التحريم ما يثبت بالنسب، وعليه فإن الرضاع الذي أشير إليه كان خمس رضعات في الحولين وعلى هذا فتكون المرضعة أما لهذا الرضيع من الرضاع لعموم قوله - تعالى - " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ". حتى وإن كان اللبن قد در بعد أن بلغت سن اليأس ثم إن كانت ذات زوج فإن الولد الرضيع يكون ابنا لها وولداً لمن نسب لبنها إليه. وإن لم تكن ذات زوج بأن لم تتزوج ثم درت فإنها تكون أما لهذا الولد الذي أرضعته ولا يكون له أب من الرضاعة.
ولا يستغرب أن يكون للولد أما من الرضاع وليس له أب، ولا يستغرب أيضاً أن يكون له أب من الرضاعة وليس له أم ن ففي الصورة الأولى لو كان هناك امرأة أرضعت هذا الطفل رضعتين من لبن كان فيها من زوج ثم فارقها ذلك الزوج وتزوجت بعد انتهاء العدة بزوج آخر وحملت منه وأتت بولد فأرضعت بقية الرضاع للطفل السابق فإنها تكون أما له من الرضاع لأنه رضع منها خمس رضعات، ولا يكون له أب لأنها لم ترضع بلبن رجل خمس رضعات فأكثر أي لم ترضع بلبن رجل واحد خمس رضعات فأكثر، وأما المسألة الثانية وهي أن يكون للطفل أب من الرضاع وليس له أم مثل أن يكون رجل له زوجتان أرضعت إحداهما هذا الطفل رضعتين وأرضعته الأخرى تمام الرضعات، ففي هذا الحال يكون ولداً(3/328)
للزوج لأنه رضع من اللبن المنسوب إليه خمس رضعات ولا تكون له أم من الرضاع لأنه لم يرتضع من الأولى إلا رضعتين ومن الثانية ثلاثلا رضعات.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - أريد أن أتزوج إحدى الفتيات، ولكن هناك مشكلة أريد أن أعرف حكم الشرع فيها وهي أنني رضعت مع أبن أحدى الاسر، وهذه البنت رضعت من بنت هذه الأسرة أيضاً أي أنها رضعت مع أخت الأخ الذي رضعت معه، مع العلم أنني لم أرضع مع إحدى أخوات هذه الفتاة، وهي لم ترضع من أمي، فهل يحق لي أن أتزوجها؟
ج- إذا كنت رضعت من امرأة (زينتب مثلاً) وهي رضعت منها أيضاً مع ولد آخر أو مع بنت أخرى تكون أختاً لك، ولو قبلك أو بعدك، إذا كان الرضاع كاملاً تاماً خمس رضعات أو أكثر في الحولين.
الشيخ ابن باز
تزوج أخته من الرضاع جاهلا
س - ظهر لي بعد الدخول بزوجتي أنها أختي من الرضاع، لأني رضعت مع أختها، فهل تحرم علي في مثل هذا الحالة؟
ج- نعم.. إذا كان الأمر كما قلت، وأنك رضعت مع أخت الزوجة من أمها بمعنى أنك رضعت من أم الزوجة أو من زوجة أبيها فإنك في هذه الحالة تكون أخا ويكون العقد باطلاً، لكن يجب أن تعرف أن الرضاع لا أثر له إلا أن يكون خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطاك، فإذا كان أقل من ذلك فلا أثر له ولا يحصل به التحريم.
فإذا تيقنت أنك رضعت من أم المرأة التي تزوجتها خمس رضعات فأكثر في الحولين فإنه يجب الفراق بينكما لعدم صحة النكاح، وما حصل من الأولاد قبل العلم فإنهم ينسبون(3/329)
إليك شرعاً، لأن هؤلاء الأولاد خلقوا من ماء بوطء في شبهة والوطء بشبهة يلحق به النسب كما قال بذلك أهل العلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
تزوج أخته من الرضاعة
س - أنا شابة مغربية تزوجت من أبن عمتي منذ حوالي 4 سنوات، وقبل زواجي منه سألنا أحد العلماء بوطني، هل زواجي منه حلال أم لا؟ لأني رضعت من أمه مع أخيه الصغير والذي يقاربني سنا، وفارق السن بيني وبين زوجي خمسة عشر عاما، وهذا هو فارق السن بينه وبين أخيه، ومما قاله لنا ذلك العالم أنت حلال عليه، وقد تم الزواج على الوجه المطلوب، وبعد مضي سنتين من زواجنا كانت ندوة علمية في أحد البرامج التليفزيونية بالمغرب وأفتى العلماء حلال أم حرام؟ وهل أعتبر أختا لزوجي من الرضاعة أم أختا لأخيه الذي شاركته فيها فقط؟
ج- إذا كان رضاعك من أم زوجك خمس رضعات أو أكثر حال لكونك في الحولين فأنت أختك من الرضاعة، ولو كان رضاعك مع أخيه الصغير، لإجماع المسلمين، والذي أفتاك بأنك حل له قد غط في ذلك غلطاً عظيماً وأفتى بغير علم. وقد قال الله - سبحانه - في كتابه العظيم في بيان المحرمات من سورة النساء " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم " إلى قول - سحانه - " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة " الآية. وفي الصحيحين عن عائشة وأبن عباس - رضي الله عنهم - عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ".
والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه.
الشيخ ابن باز
* * *(3/330)
هذا الرضاع غير مؤثر
س - توفيت والدتي وعمري ستة أشهر وقامت على تربيتي جدتي وتعطيني من حليب البقر وأحياناً الثدى لأتلهى به ولا شيء فيه، فهل يحق لي أن أتزوج من بنات عمي أو عماتي؟
ج- حيث أن جدتك في ذلك الوقت كبيرة السن وقد أيست من الحيض والولادة وتحقق أن ثديها ناشف لا لبن فيه وأنها لم تدر عليك عندما تلقمك الثدي وأن ذلك لمجرد التلهي والتسكيت فإنه يجوز لك الزواج من بنات عمك فلا قرابة تمنع من ذلك ولا رضاع متحقق مؤثر.
الشيخ ابن جبرين
* * *
عمها رضع معي من والدتي فهل تحل لي؟
س - لي ابنة خال وأرغب الزواج منها، لكن هناك مشكلة رضاع بين عمها أخو أبيها وبيني حيث أن عمها رضع معي من والدتي التي هي بطبيعة الحال أخت عم البنت الذي هو أخي بالرضاع، وفي نفس الوقت خالي أخو والدتي علما بأنني لا نعلم عدد الرضعات، فهل تحل لي أم لا؟
ج- لا يضرك هذا الرضاع ما دامت البنت ما رضعت من أمك ولا رضع أبوها ولا أمها ولا رضعت أنت من أمها ولا من زوجة أبيها، فلا يضرك رضاع عمها بل ولا رضاع إخوتها فإن الحكم يتعلق بها وحدها ومن تفرعت عنه، فعلى هذا تحل لك إن شاء الله مع أن الرضاع مشكوك في عدده والأصل الإباحة، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
س - أنا شاب في العشرين من عمري وعندما فكرت في إكمال نصف ديني فكرت في إحدى الأسر من أقاربي وعندما سألت وتحريت عنهم علمت أني قد رضعت من والدة(3/331)
البنت التي أريد أن أخطبها من هذه الأسرة في صغري، ولا تدري والدة البنت كم رضعة أرضعتني مع العلم أنه حين رضاعتي لم يكن لديها سوى طفل واحد، وكانت أمي متوفية في ذلك الحين. فهل يجوز لي الزواج من ابنتها أم هو محرم علي لأنها تكون أختا لي من الرضاعة؟ أرجو إجابتي جزاكم الله خير الجزاء، ونفع بعلمكم وأثابكم؟
ج- إذا كان هناك رضاع محرم وهو خمس رضعات معلومات فإن هذه المرأة لا تحل لك فهي أختك وأمها أمك من الرضاعة، وإذا كانت الأم تشك في عدد الرضعات فالأولى لك طلب غيرها حيث أن التحريم مظنون فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك لاسيما وأمك قد ماتت وأنت رضيع فإن الغالب أنها سترضعك كثيراً، والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الرضاع المحرم
س - والدي عنده امرأة غير والدتي ولتلك أولاد من أبي، ولنا خالة هي أخت والدتي قد أرضعتني وإخوتي من أمي وهي لها أولاد ذكور وإناث، والسؤال هل يجوز لإخواني من أبي الجلوس والحديث مع بنات خالتي بدون حجاب؟ مع العلم أن إخواني من أبي لم تتم لهم رضاعة من خالتي التي هي أخت أمي، فهل يصير أبناء وبنات خالتي إخوة لنا جميعا؟
ج- لا يجوز لإخواتك الذين لم يرضعوا من خالتك أن يعتبروا أنفسهم محارم لبنات خالتك، لأنهم لم يرضعوا منها وإنما محارم بنات خالتك هم الذين رضعوا منها رضاعاً تاماً وهو خمس رضعات أو أكثر حال كونهم في الحولين، لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا رضاع إلا في الحولين ". ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرممن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك ". خرجه الإمام مسلم في صحيحة والترمذي في جامعه وهذا لفظه.
ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". متفق عليه.
الشيخ ابن باز
* * *(3/332)
الزوج هو صاحب اللبن
س - طفل تربى في بيت عمه، ورضع من زوجة عمة الأول، وبعد فترة تزوج عمه من زوجة ثانية وأنجبت منه طفلة فهل يجوز لهذا الطفل (عندما يكبر) أن يتزوج من بنت عمه من الزوجة التي لم يرضع منها؟
ج- إذا كان الطفل المذكور ارتضع من زوجة عمه خمس رضعات أو أكثر حال كوهنه في الحولين فإنه يكون بذلك ابن عمه من الرضاع ويكون جميع أولاده عمه من جميع زوجاته إخوة من الرضاع ذكورهم وإنائهم.
وبذلك تعلم أنه يحرم على الطفل المذكور نكاح الإبنة المذكورة لكونها أخته من أبيه من الرضاع إذا كان الواقع ما ذكرنا وقد قال الله - سبحانه - في كتابه المبين لما ذكر المحرمات " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخوانكم من الرضاعة ".
وقد قال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
* * *
حدود التحريم في الرضاع
س - هناك امرأتان الأولى عندها ولد، والثانية عندها بنت، والحاصل أنهم تراضعوا فمن من إخوان المتراضعين يحل الثاني؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
ج- إذا أرضعت امرأة طفلاً خمس رضعات معلومات في الحولين أو أكثر من الخمس صار الرضيع ولداً لها ولزوجها صاحب اللبن، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع وصار أولاد الزوج صاحب اللبن من المرضعة وغيرها إخوة للرضيع، فصار إخوتها أخوالاً له، وإخوه الزوج صاحب اللبن أعماماً له، وصار أبو المرأة جداً للرضيع، وأمها جدة للرضيع، وصار أبو الزوج صاحب اللبن جداً للرضيع، وأمة جدة للرضيع لقول الله - جل وعلا - في المحرمات من سورة النساء " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ". وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". ولقوله، عليه الصلاة والسلام " لا رضاع إلا في الحولين ". ولما ثبت في صحيح(3/333)
مسلم - رحمة الله - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك "، أخرجه الترمذي بهذا اللفظ وأصله في صحيح مسلم.
الشيخ ابن باز
* * *
بنت ابن عمتك الذي رضع مع أختك محرمة عليك
س - لي أبن عمة وله بنت، وابن عمته هذا رضع مع أختي الكبيرة التي تكبرني فهل يحل لي الزواج من ابنته أم هي محرمة علي لكونها أبيها رضع مع أختي الكبيرة. وأن أباها أخ لي؟
ج- إذا كان الواقع ما ذكره السائل وكان الرضيع المذكور قد ارتضع من أم السائل خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين فإنه لا يحل للسائل نكاح ابنته لأنه والحال ما ذكر صار عمها من الرضاع، وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". وقال عليه الصلاة والسلام " لا رضاع في الحولين" وقالت عائشة - رضي الله عنها - " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفى النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك ". أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي وهذا لفظه، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
رضاع أخيك من أخت زوجتك لا يؤثر في نكاحك
س - رجل رضع أخوه الأكبر مع أخت زوجته من أمها، فهل لهذا الرضاع أثر على استمرار بقاء أختها في عصمته؟
ج- رضاع الأخ الأكبر للسائل مع أخت زوجته من أمها لا أثر له على استمرار عصمة نكاح السائل لزوجته، لأن كون زوجته أختاً لأخيه من الرضاع لا يحرمها عليه، وإنما يحرمها على أخيه إذا كان خمس رضعات فأكثر، وكان في الحولين، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *(3/334)
الرضاع بعد من سن اليأس يحرم
س - ورد إلى الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد السؤال التالي " أن الحاجة مسعودة بعدما أنجبت ولدها عبد الرحمن انقطعت عن الإنجاب إذ بلغت سن اليأس ولما بلغ عبد الرحمن أربع سنوات من عمره ولد لأبنها الأكبر محمد ولد سماه المسعود ولما بلغ المسعود سنة وتسعة أشهر من عمره أعطته جدته الحاجة مسعودة ثديها وكان ابنها عبد الرحمن قد فطم ولا نعلم أكان فيها حليب أم لا؟ فهل يحق للمسعود أن يتزوج أبنة عمه المختار أم لا؟ وما حكم الدين في ذلك؟
ج- الرضاع الذي يحصل به التحريم ما كان خمس رضعات معلومات فأكثر في الحولين، لقوله - تعالى " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة". ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت " كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرممن ثم نسخن بخمس "، فإذا كان رضاع المسعود بن محمد ممن جدته مسعودة على الصفة المذكورة في الآية والحديث، وكان معلوماً بسؤال جدته مسعودة نزول لبن منها له لم يجز لمسعود أن يتزوج ابنه عمه المختار؛ لأنه والحال ما ذكر عمها، وإن شك في نزول لبن منها له أو كان الرضاع أقل من خمس رضعات جاز له أن يتزوجها، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
الدم لا تنتشر به الحرمة كالرضاع
س - إذا مرضت امرأة واحتاجت إلى دم وأخذ لها من شخص أجنبي لها دم، ثم عافاها الله - تعالى - ثم رغب ذلك الشخص في التزويج بها، هل يجوز أو لا؟
ج- ما ذكر من أخذ الدم من الرجل للمرأة وحقنها به للتقوية لا تنتشر به الحرمة ولو كثر كما تنتشر بالرضاع، وكذا الحكم لو حقن الرجل بدم امرأة، وعليه فيجوز لكل منها أن يتزوج بالآخر.
اللجنة الدائمة(3/335)
إذا رضعت من جدتك حرم عليك الزواج من ابنة خالك
س - إنني رضعت من جدتي أم والدتي فهل يجوز لي الزواج من ابنة خالي أخي والدتي من الأم والأب؟
ج- الرضاع الذي يحصل به التحريم هو ما كان خمس رضاعات فأكثر في الحولين والرضعة الواحدة هي أن يمسك الطفل الثدي ويمص منه لبناً ثم يتركه، فإن عاد إليه ومص منه لبنا اعتبرت رضعة ثانية وهكذا، فإذا كان رضاعك من جدتك خمس رضعات أو أكثر على النحو المذكور أصبحت أخا لخالك من الرضاع لقوله - سبحانه - " حرمت عليكم أمهاتكم إلى قوله وبنات الأخ وبنات الأخت ". وقوله " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ". ولما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال " تحرم الرضاعة ما تحرم الولادة ". ولما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن نسخت بخمس معلومات، فتوفي رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، والامر على ذلك ". وإن كان رضاعك من جدتك أقل من خمس رضعات على ما ذكر أو في غير الحولين جاز لك أن تتزوج ابنة خالك.
اللجنة الدائمة
* * *(3/336)
عمات أخواتك من الرضاع محرمات عليك
س - لي أخوات من الرضاع ولهن عمات، هل عمات أخواتي من الرضاع عمات لي أم لا؟ وهل يحرمن على مثل ما يحرمن على بالنسب؟ أفيدونا أفادكم الله؟
ج- إذا كنت أخا لهن من الأب أو من الأبوين من الرضاعة فعماتهن عمات لك لأنهن أخوات أبيك من الرضاعة، فلا يجوز لك نكاحهن كالعمات من النسب، لقول النبي،(3/337)
- صلى الله عليه وسلم -، " ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". إلا أن يكن عمات لأخواتك من أب لهن من الرضاع وليس أبا لك لأنهن أرتضعن من امرأة لم ترضع منها، فإنهن يكن أجنبيات منك ولا حرج في نكاحك إحداهن، لأنهن لسن عمات لك وإنما هن عمات لأخواتك لكونهن أخوات لأبيهن من الرضاع غير أبيك، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
رضاع الكبير لا يؤثر
س - سمعت من البعض أن رضاعة الرجل من زوجته ليس حراما، وهذا جعلني في قلق داخلي إذ كيف تكون زوجته أمه من الرضاعة وليس بحرام، أرجو التوضيح؟
ج- رضاع الكبير لا يؤثر لأن الرضاع المؤثر ما كان خمس رضعات فأكثر في الحولين قبل الفطام، وأما رضاع الكبير فلا يؤثر، وعلى هذا قدر أن أحداً رضع من زوجته أو شرب من لبنها فإنه لا يكون أبنا لها.
الشيخ ابن جبرين
مسألة في الرضاع
س - فيصل رضع مع محمد من أم محمد رضاعاً تاماً، فيصلاً له أخت أكبر منه، هل يكون محمد محرماً لها أم لا؟ وإذا كان الجواب بلا فهل يجوز أن يتزوجها محمد أم لا؟ أرجو الإفادة؟
ج- الرضاع المذكور يخص بفيصل المذكور إذا كان ارتضع من أم محمد خمس رضعات أو أكثر حال كونه في الحولين، ويكون بذلك أخا لأولادها من الذكور والإناث، أما إخواته من الذكور والإناث فلا تعلق لهم بالرضاع المذكور ولا يكونون إخوة لمحمد المذكور، ويجوز لمحمد أن يتزوج أخت فيصل إذا لم يكن بينهما رضاعة أخرى، ولا قرابة تحرم ذلك، وبالله التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *(3/338)
هل أخوك لك من الرضاع
س - أمي أرضعتها امرأة أخرى، ولهذه المرضعة " ضرات " فهل أولاد هؤلاء الضرات يعتبرون إخونات لي أيضاً أم لا؟
ج- هذه المرضعة تعتبر جدتك حيث أرضعت أمك ويعتبر زوجها أبا أمك وجدتك لأمك وتعتبر ضراتها زوجات جدك لأمك وأولادهن أخوالك وإخوة أمك، حيث أن أباهم هو جدك فهو أولاد جدك فيكونون أخوالاً لك من الرضاع.
الشيخ ابن جبرين
* * *
مجرد الشك في الرضاع لا يبطل النكاح
س - رجل تزوج من ابنة خاله وقد أنجب له خمس أطفال، بعد هذه المدة دار حديث بين الأسرة ووالدته فذكرت والدته أنها أرضعت زوجته يوم أن كان عمرها تسعة أشهر، وقالت في أول الأمر إنها أرضعتها مرة واحدة، وبعد الإلحاح عليها في التذكر والصدق قالت إنها لا تذكر هل مرة واحدة أم أكثر لطول المدة فقد مضي عليها عشرون عاماً، فماذا يفعل الزوج في هذه الحالة؟
ج- لا شيء على الزوج في هذه الحالة، وذلك لأن الرضاع لا يثبت إلا إذا كان خمس رضعات في الحولين وقبل الفطام، فما دون ذلك لا يحرم ولا يثبت به شيء من أحكام الرضاعة، ولكن إذا حصل شك في الرضاع هل بلغ الخمس أو دون الخمس فإن الأصل عدم ثبوت ذلك فلا تحريم حينئذ، لكن الاحتياط ألا يتزوجها مع الشك، أما وقد تم الزواج الآن والعقد على وجه صحيح، فإنه لا يلزمه أن يفارقها لعدم وجود المفسد المتيقن. فالعقد الآن ثابت متيقن، والمفسد غير متيقن، ولا يترك المتيقن لغير المتيقن، وحينئذ فيبقى مع زوجته هذه، ولا حرج عليه إلا أن تتذكر الأم فيما أنها أرضعت هذه الزوجة خمس مرات فأكثر في وقت الرضاع الذي يثبت به التحريم، فإنه حينئذ يتبين أن العقد فاسد وتجب عليه مفارقتها، والأولاد الذين حصلوا أولاد شرعيون لهذا الرجل، لأنهم خلقوا من ماء يعتقد صاحبه أن حصل بمقتضى الحكم الشرعي.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/339)
إذا فطم الصبي فرضاعه لا يؤثر
س - طفلة عمرها أربع سنوات؟ رضعت من أم لطفل عمره سنة، هل تكون أختا لهذه الولد الذي يصغرها بثلاث سنين؟
ج- هذا الرضاع لا يؤثر لأن أكثر أهل العلم يرون أن الطفل إذا تم له سنتان فرضاعته بعد السنتين لا أثر لها، ومنهم من يرى أن العبرة بالفطام فإذا فطم الصبي ولو قبل السنتين فإن رضاعه لا يؤثر، وإذا لم يفطم ولو بعد سنتين فإن رضاعه يؤثر. والغالب أن التي لها أربع سنين قد فطمت وحينئذ يكون رضاعها غير مؤثر.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الرضاع المحرم
س - الرضاع يحرم الزواج من المرتضعين، لكن هل يمنع الزواج من جميع الإخوة من الجهتين؟ نرجو الإيضاح جزاكم الله خيراً؟
ج- إذا ارتضع إنسان من امرأة رضاعاً شرعياً يحصل به التحريم وهو أن يكون خمس رضعات أو أكثر حال كون الرضيع في الحولين فإنها تحرم عليه المرضعة وأمهاتها وأخواتها وعماتها وخالاتها وبناتها وبنات بنيها وبنات بناتها وإن نزلن سواء كن من زوج أو أزواج لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ".
لكن لا يحرم على إخوته الذين لم يرتضعوا من المرأة التي أرضعته نكاح بناتها لأنها ليست أما لهم لكونها لم ترضعهم وإنما أرضعت أخاهم، ولا يحرم على أبنائها نكاح أخوات المرتضع منها لأنهن لسن بنات لها، ولسن أخوات لأبنائها لعدم الرضاعة، وجميع ما ذكرنا يتضح من قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب". متفق على صحته، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *(3/340)
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
س - رضعت من امرأة مع أحد أبنائها ثم توفي زوجها فأكملت العدة وتزوجت من رجل آخر وأنجبت منه أبناء فهل أبناؤها من الرجل الأخير إخوان لي؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكر في السؤال وكنت قد رضعت منها خمس رضعات أو أكثر حال كونك في الحولين فأولادها من الزوج الأول إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاعة، وأولادها من الزوج الثاني إخوة لك من الأم فقط من الرضاعة لقول الله - سبحانه - لما ذكر المحرمات في سورة النساء في قوله - سبحانه - " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم " ثم قال بعد ذلك " وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ". ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ". متفق على صحته.
الشيخ ابن باز
* * *
س - زوجتي وزوجة أخي أنجبتا أولاداً وكل منهما أرضعت أولاد الأخرى فهل يحل أن يتزوج أبناء أخي على بناتي أو العكس؟
ج- الرضاع محرم ما بلغ خمس رضعات فأكثر وكان في الحولين هذا هو الذي دلت عليه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، والرضعة هي أن يمسك الطفل الثدي ويرضع منه لبناً ثم يتركه للتنفس أو انتقال ونحو ذلك؛ فإذا عاد فرضعة أخرى وهكذا وبناء على ذلك فأي أبن من أبنائك رضع من زوجة أخيك ما سبق وصفه من الرضاع فلا يجوز له أن يتزوج من بنات أخيك لأنه يكون أخاً لهن من الرضاع، وقد قال الله - تعالى - " حرمت عليكم أمهاتكم إلى أن قال وأخواتكم من الرضاعة ". وهكذا الكلام في أبناء أخيك بالنسبة لبناتك، أما إذا كان الرضاع أقل من خمس وكان بعد الحولين فلا يكون هذا مانعاً من الزواج، وأي بنت من بناتك رضعت من زوجة أخيك ما سبق وصفه من الرضاع فلا يجوز لأي واحد من أبناء أخيك أن يتزوجها لأنها أخته من الرضاع، وكذلك من رضعن من بنات أخيك من زوجتك لا يجوز لأي واحد من أبنائك أن يتزوجها.
اللجنة الدائمة
* * *(3/341)
مسائل في الرضاع
س - هناك شخص رضع من امرأة خمس رضعات في الحولين ولزوج هذه المرأة "امرأة" أخرى لها أولاد، فهل أولاد المرأة الأخرى يصبحون إخوة له؟
س - طفلة رضعت من امرأة رضعات كثيرة في الحولين مع أحد أولادها من زوجها الأول، ثم تزوجت هذه المرأة رجلاً آخر، فأصبح لها أولاد من الرجل الثاني، فهل يعتبر أولاد المرأة من الرجل الثاني إخوة لهذه الطفلة التي رضعت من هذه المراة مع أولادها من زوجها الأول؟
ج- متى رضع من هذه المرأة رضاعاً محرماً وهو الخمس في الحولين فإنها تصبح أمه وزوجها يكون أباه وأولاد الزوج من المرأة الثانية إخوة له من أبيه وأولاد المرضعة من غير الزوج إخوته من أمه وأخواتها خالاته وأخوات الزوج عماته فيحرم بالرضاعة بالقرابة.
هذه الطفلة أصبحت بنتاً لهذة المرأة فيكون أولادها من الزوج إخوه لهذه الطفلة من أمها حيث رضعت من أمهم زوج المرأة الأولى إخوة للطفلة من الأب حيث رضعت من لبن أبيهم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
س- امرأة تسأل تقول إن أخاها الذي يصغرها بعامين رضع من زوجة خالها من أبنها "ابن زوجة خالها " فهل يجوز لها أن تكشف أمام أولاد خالها أي لا تحتجب أمامهم؟ وما حكم أخواتها اللاتي يصغرن أخاها الذي رضع من زوجة خالها؟
ج- إذا ثبت الرضاع المذكور وكان خمس رضعات أو أكثر حال كون الرضيع في الحولين صار أخوك المرتضع ابنا لخالك من الرضاعة وابنا لزوجته المرضعة من الرضاعة، وصار أولادهما إخوة له وصار إخوان خالك أعماماً له، وأخواته عمات له، وصار إخوان المرضعة أخوالاً له، وأخواتها خالات له، لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " متفق على صحته.(3/342)
أما أنت فلا تعلق لك بالرضاع المذكور ولا يجوز لك ولا لأخواتك أن تكشفن لأبناء خالكن بسبب رضاعة أخيكن من زوجة خالكن لأنهم بالنسبة إليكن ليسوا محارم لكن، وفق الله الجميع للفقة في الدين والثبات عليه.
الشيخ ابن باز
* * *
ادعت الرضاع ثم تراجعت
س - لي أخ أكبر مني ذهب لخطبة ابنة عمي فادعت أمها أنها أرضعته مع أولادها، وبعد مدة جاءت زوجة عمي لتخطب أختي لابنها، فاحترنا في الأمر، وذكرناها بما حدث منها - أي من إدعائها أن أخي رضع مع أولادها - فأقرت بذلك ولكنها عادت فقالت إنها لم ترضع أخي أبداً، فهل تعتمد على كلامها الأول أو على الثاني؟ وما رأي الشرع في ذلك؟
ج- دعوى المرأة المذكورة السابقة أنها أرضعت أخاك لا تمنع من تزويج أبنائها لأخواتك إذا كانت لم ترضع أخواتك وكان أبناؤها لم يرضعوا من أمك وليس هناك رضاع آخر يمنع تزويج أبنائها من أخواتك.
أما أخوك فلا مانع من تزوجه من بناتها ما دامت أكذبت نفسها في دعواها الأول. وإن ترك التزويج من بناتها احتياطاً فهو حسن لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ". وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، " من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ".
الشيخ ابن باز
* * *
إذا رضع من امرأة رجل حرم عليه بناته من الأخرى
س - رجل عنده بنتان من زوجتين وارتضعت أنا من إحداهما فهل يحل لي نكاح بنت الأخرى؟
ج- إذا كنت رضعت من أي زوجة من زوجتي هذا الرجل خمس رضعات فأكثر وكان ذلك في الحولين لم يجز أن تتزوج أي بنت من بناته سواء كن من هذه الزوجة التي رضعت منها أو من غيرها، لأنك أخ لهن من الرضاع، وقد قال - تعالى " حرمت عليكم أمهاتكم إلى(3/343)
أن قال " وأخواتكم من الرضاعة ". مع العلم أن الرضعة هي أن يمسك الطفل الثدي ويرضع منه لبنا ثم يتركه لتنفس أو انتقال ونحو ذلك فإذا عاد فرضعة أخرى وهكذا. أما إذا كان الرضاع أقل من خمس أو كان بعد الحولين جاز لك الزواج بأي بنت من بناته.
اللجنة الدائمة
* * *
اللبن منسوب للرجل
س - لقد حرم الله الأخت من الرضاعة فهل تحرم البنت على ولد المرضعة الذي ولد قبل البنت وأكبر منها سنا؟ وإذا كان الرجل له امرأتان ورضع ولد آخر من إحداهما هل تحرم عليه بنات الزوجين؟ وكم رضعة للطفل حتى تنتشر الحرمة؟
ج- إذا رضع إنسان من امرأة رضاعا طبيعياً محرماً فيعتبر ابنا لها من الرضاع وأخا لجميع أولادها الذكور والإناث سواء منهم من كان موجوداً وقت الرضاع أو ولد بعد رضاعه لعموم قوله - تعالى - " وأخواتكم من الرضاعة " وإذا رضع إنسان من إحدى زوجتي رجل رضاعاً محرماً فجميع أولاد ذلك الرجل إخوان من الرضاعة لهذا الراضع سواء كان رضاعه من إحدى زوجاته أو من جميعهن؛ لأن اللبن منسوب للرجل والرضاع المحرم ما كان خمس رضعات فأكثر، وكان في الحولين مع العلم أن الرضعة الواحدة هي أن يمتص الطفل الثدي ثم يتركه سواء أفرغ ما فيه أو اقتصر على مصة منه.
اللجنة الدائمة
* * *
الرضاعة المحرمة
س - أنا شاب رضعت مع أكبر بنات خالي وقد جاء بعدها أخوات أخريات وهي الآن قد تزوجت هل يجوز لي أو لأحد من إخواني التقدم لطلب يد أحد أخواتها؟
ج- إذا كان رضاعك أيها السائل من زوجة خالك خمس رضعات أو أكثر حال كونك في الحولين فجميع بنات خالك يكن أخوات لك وليس لك أن تتزوج منهن أحداً أما إخوتك الذين لم يرضعوا من زوجة خالك يكن أخوات لك وليس لك أن تتزوج منهن أحداً أما إخوتك الذين لم يرضعوا من زوجة فليس عليهم حرج أن يتزوجوا من بنات خالك إذا كان(3/344)
بنات خالك لم يرضعن من أم إخوتك ولا من زوجة أبيكم ولا من أخواتكم. والخلاصة أنه لا حرج على إخوتك أن يتزوجوا من بنات خالهم إذا لم يكن بينهم رضاعة تمنع ذلك أما رضاعك أيها السائل من زوجة خالك فإنه يختص بك ولا يوجب تحريم بنات خالك على إخوتك، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
زوجة رضعت من زوجة أبيه
س - لقد ملكت بنتي على ولد أخي وبعد عقد الملاك تأكدنا من امرأة والد الولد المتزوج بأنها أم الولد المزوج بل زوجة أبيه فهل تحل البنت لهذا الولد؟
ج- إذا كانت البنت المعقود له عليها قد رضعت من زوجة أبيه من لبنه وكان الرضاع خمس رضعات في الحولين فإن هذه البنت تكون أختاً له من الرضاع، وعليه فلا يجوز أن يتزوجها لقوله - تعالى - " حرمت عليكم أمهاتكم إلى أن قال " وأخواتكم من الرضاعة ". ولقول خمس رضعات وصار إلى خمس رضعات معلومات يحرمن فتوفي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، والأمر على ذلك ". رواه مسلم، ولقوله - تعالى - " والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ". ولقوله، عليه الصلاة والسلام " لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام ". قال الترمذي حسن صحيح. والرضعة هي أن يمتص الرضيع اللبن من الثدي ثم يقطعه لتنفس أو انتقال إلى ثدي آخر ونحوه، فهذه رضعة فإن عاد ولو قريباً فثنتان وهكذا. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
زوجة أخيك من الرضاع ليست من محارمك
س - هل يجوز لي أن أسلم على زوجة خالي (أخي والدتي) مع العلم أنني رضعت مع خالي(3/345)
من جدتي أم يحرم لكون أنها غير محرم لي؟
ج- لا يجوز لك أن تمس يدك زوجة خالك سواء ثبت رضاعك من جدتك أو لم يثبت. لأنك أجنبي أي ليست محرما لها، أما سلام السنة الذي باللسان فيجوز قالت عائشة - رضي الله عنها - في تفسير آية مبايعة قد بايعتك على ذلك، رواه البخاري، وعن أميمة بنت رقيقة - رضي الله عنها - قالت أتيت رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في نساء لنبايعه قلنا يا رسول الله ألا تصافحنا؟ قال " إني لا أصافح النساء، إنما قولي لامرأة واحدة قولي لمائة امرأة ". رواه أحمد بسند صحيح.
اللجنة الدائمة
* * *
أخوات أخيك من الرضاع لا يحرمن عليك
س - أنا لي ولد عم رضع معي وأنا صغير لمدة 10 أيام أو أكثر، وله شقيقتان أصغر منه فهل يصح لي أن أتزوج الصغيرة منهما؟
ج- إذا كان الواقع ما ذكر فإنه يجوز لك التزوج بإحدى أخوات ابن عمك المذكور إذا كنت لم يجمعك ومن تريد الزواج بها رضاع محرم، ولا أثر لرضاعة من أمك على زواجك بإحدى أخواته قل أو كثر، وبالله التوفيق، وصلي الله على عبده ورسوله محمد وآله وصبحه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
أمي من الرضاع أدعت أنها أرضعت زوجتي
س - تزوجت في السنة الماضية بابنه عمي، ومشكلتي وإياها أن أمي من الرضاعة والتي أرضعتني مع أبنها الكبير شهدت بأنها أرضعت كذلك زوجتي مع أبنها ولم تحدد لنا كفية الرضاع ولا عدد مراته ماذا أفعل والحال ما ذكر؟
ج- لا تحرم عليك زوجتك حتى تشهد المرأة المذكورة التي أرضعتك بأنها أرضعتها خمس(3/346)
رضعات أو أكثر حال كون الرضيعة في الحولين، ولابد من ذلك من إثبات كونها ثقة وننصحك بأن تحضرها عند فضيلة قاضي بلدك حتى يسألها عن ما لديها من الشهادة وحتى يكمل اللازم في الموضوع، وفق الله الجميع.
الشيخ ابن باز
* * *
في الرضاع المشكوك فيه
س - تقدمت لخطبة فتاة قبل أربع سنوات وتم عقد قراني عليها، ولكن لم أدخل بها الدخول الشرعي، وفي هذا العام أفادت إحدى أخواتي بأنها أرضعت هذه الفتاة، ولكنها لا تتذكر عدد تلك الرضعات لمضي مدة طويلة تقارب عشرين سنة، فهل يحل لي الزواج بهذه الفتاة؟
ج- إن عقد النكاح الذي تم على هذه المرأة عقد صحيح، ولا يرفع هذا العقد إلا ببينة متيقنة، والرضاع المشكوك فيه أو في عدده لا يؤثر شيئاً، لحديث عائشة - رضي الله عنها - " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخن بخمس رضعات " ولابد من العلم بعدد الرضاع أيضاً، وإذا شكت المرضعة هل شكلت المرضعة هل أرضعت هذه الطفلة أم لم ترضعها، أو شكلت هل تمت خمس أم لا، فإنه لا أثر لهذا الرضاع، وعلى هذا فالنكاح الذي جرى منها على هذه المرأة لا يضره ما حصل من قول أختك.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/347)
كتاب الجنايات(3/349)
قتل العمد
قتل عمدا ويريد أن يتوب
س - شاركت في جريمة قتل، ولم يقبض علي لإحكام الجريمة، وأريد أن أكفر عن ذنبي، هل يقبل الله توبتي دون أن أسلم نفسي للشرطة؟
ج- قتل العمد إذا كان المقتول مؤمناً فإنه أكبر الكبائر، قال - تعالى - " ومن قتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداًَ فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً ". وفي الحديث عن النبي، عليه الصلاة والسلام، أنه قال " لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً "، وأنت إذا قتلت مؤمناً عمداً تعلق في قتلك ثلاثة حقوق حق الله - عز وجل - وحق للمقتول، وحق لأولياء المقتول.
أما حق الله - سبحانه وتعالى - فإنك إذا تبت إلى ربك توبة نصوحاً فإن الله - تعالى - يقبل منك لقوله - تعالى - " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفهسم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ".
وأما حق المقتول فإنه أعني المقتول ليس حياً حتى يمكنك أن تتداركه فيبقى أمره إلى يوم القيامة يعني أن القصاص منك لهذا المقتول يكون يوم القيامة، ولكن أرجو إذا صحت توبتك وكانت مقبولة عند الله، أن الله - سبحانه وتعالى - يرضي هذا المقتول بما شاء من فضله وتبقى بريئاً منه، أما أولياء المقتول، وهو الحق الثالث، فإنه لا تتم براءتك منه حتى تسلم نفسك لهم، وعلى هذا فالواجب عليك أن تسلم نفسك إلى أولياء المقتول، وتقول لهم إنك الذي قتله ثم هم بالخيار إن شاءوا اقتصوا منك إذا تمت شروط القصاص، وإن شاءوا أخذوا الدية وإن شاءوا عفوا مجاناً.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/351)
من قتل مسلما متعمدا
س - قال الله - تعالى - " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم ". الآية. ذكر الله من قتل مؤمناً ولم يذكر من قتل مسلماً فهل إذا قتل شخص مسلماً يكون جزاؤه جهنم أو لا؟
ج- نعم من قتل مسلماً فجزاؤه جهنم، لأن باطل القتيل إذا كان موافقا لظاهرة كان مؤمناً أيضاً فقتاله مستحق للوعيد الأخروي، بنص الآية، وإن كان باطنة مخالفاً لظاهرة فعلينا أن نعامله بمقتضى ظاهرة وليس لنا أن ننقب عن باطنة وعلى هذا فدمه معصوم لا يجوز الاعتداء عليه، ولما ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ". رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن وثبت عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أنه قال بعثنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا فملا غشيناه قال لا إله إلا الله، فكف الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتله، فلما قدمنا بلغ النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فقال " يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قلت كان متعوذا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ". رواه البخاري ومسلم، فلم يعتبر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، ما ظنه أسامة - رضي الله عنه - في قتيله من عدم الصدق في الإيمان مانعاً من التشديد في الإنكار عليه حتى بلغ الإنكار من نفس أسامة مبلغاً عظيماً فقال تمنيت إني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم، فدل ذلك على أن أحكام الدنيا تجري عل الظواهر وأن من قتل مسلماً متعمداً فو آثم مرتكب لكبيرة مستحق لعذاب النار، إلا إذا كان قتله إياه لما ثبت من إباحة دمه بأحد الأمرو الثلاثة التي ذكرها النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بقوله " لا يحل امرئ إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس، " والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة ".
اللجنة الدائمة
* * *
عقوبة قتل الغيلة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد.(3/352)
فبناء على ما تقرر في الدورة (السادسة) لهيئة كبار العلماء، بأن تعد اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثاً في الغيلة وقد أعدته وأدرج في جدول أعمال الهيئة في الدورة السابعة المنعقدة في الطائف من 2 8 1395هـ إلى 11 8 1395هـ وقد عرض البحث على الهيئة وبعد قراءته في المجلس ومناقشة المجلس لكلام أهل العلم في تعريف الغيلة في اللغة وعند الفقهاء، وما ذكر من المذاهب والأدلة والمناقشة في عقوبة القاتل قتل غيلة هل هو القصاص أو الحد، وتداول الرأي، وحيث أن أهل العلم ذكروا أن قتل الغيلة ما كان عمداً عدواناً على وجه الحيلة والخداع أو على وجه يأمن معه المقتول من غاثلة القاتل سواء كان على ماله أو لانتهاك عرض أو خوف فضيحة وإفشاء سرها أو نحو ذلك، كأن يخدع إنسان شخصاً حتى يأمن منه ويأخذه إلى مكان لا يراه فيه أحد، ثم يقتله، وكأن يأخذ مال رجل بالقهر ثم يقتله خوفاً من أن يطالبه بما أخذ، وكأن يقتله لأخذ زوجته أو ابنته، وكأن تقتل الزوجة زوجها في مخدعه أو منامه - مثلا - للتخلص منه - أو العكس ونحو ذلك.
لذا قرر المجلس بالإجماع ما عدا الشيخ صالح بن غصون أن القاتل قتل غيلة يقتل حداً لا قصاصاً فلا يقبل ولا يصح فيه العفو من أحد، والأصل في ذلك الكتاب والسنة والأثر والمعنى.
أما الكتاب فقوله - تعالى - " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا ". الآية، وقتل الغيلة نوع من الحرابة فوجب قتله حداً لا قوداً، وأما السنة فما ثبت في الصحيحين عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن يهودياً رض رأس جارية بين حجرين على أوضاح لها أو حلي فأخذ واعترف، فأمر رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أن يرض رأسه بين حجرين.
فأمر، - صلى الله عليه وسلم -، بقتل اليهودي ولم يرد الأمر إلى أولياء الجاري، ولو كان القتل قصاصاً لرد الأمر إليهم لأنهم أهل الحق فدل أن قتله حداً لا قوداً.
اما الأثر فما ثبت عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قتل نفراً خمسة أو سبعة برجل واحدا قتلوه غيله، وقال لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً، فهذا حكم الخليفة(3/353)
الراشد في قتل الغيلة ولا نعلم نقلاً يدل على أنه رد الأمر إلى الأولياء، ولو كان الحق لهم لرد الأمر إليهم على أن يقتل حداً لا قوداً.
وأما المعنى، فإن قتل الغيلة حق الله، وكل حق يتعلق به حق الله - تعالى - فلا عفو فيه لأحد كالزكان وغيرها، ولأنه يتعذر الاحتراز منه كالقتل مكابرة، وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة السابعة
عبد الله بن محمد بن حميد
عبد الرازق عفيفي ……عبد الله خياط ……عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عبد المجيد حسن……عبد العزيز بن صالح …محمد الحركان
إبراهيم بن محمد آل الشيخ…سليمان بن عبيد ……صالح بن غصون (له وجهة نظر)
عبد الله بن غديان ……راشد بن خنين……محمد بن جبير
صالح بن لحيدان ……عبد الله بن منيع
* * *
الوالد لا يقتل بولده
س - هل يقتل الرجل إذا قتل ابنه؟ سمعنا من بعض الفقهاء أنه لا يقتل إذا قتل ابه بل تجب عليه الدية؟
ج- جمهور أهل العلم لا يرون أن الوالد يقتل بولده إذا قتله عمداً، واستدلوا لذلك بدليل وتعليل. أما الدليل فالحديث المشهور " لا يقتل والد بولده ". وأما التعليل فقالوا إن الوالد هو السبب في إيجاد الولد فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه.
وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم أي أن الوالد لا يقتل بولده.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الوالد يقتل بولده إذا علمنا يقينياً أنه تعمد قتله.
وذلك لعموم الأدلة على وجوب القصاص في قتل النفس مثل قوله - تعالى - " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ". ومثل قوله - تعالى - " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ". إلخ، ومثل قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك الجماعة".(3/354)
ومثل قوله، - صلى الله عليه وسلم -، " المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ".
قالوا فهذه العمومات تقتضي أن الوالد إذا علم أنه قصد قتل ابنه عمداً يقتل بولده، وأما الحديث المشهور " لا يقتل والد بوالده ". فهو ضعيف عندهم. وأما التعليل فهو غير صحيح، لأن قتل الوالد بولده ليس بسبب من الولد، وإنما السبب من الوالد فهو الذي جنى على نفسه في الحقيقة، لأن هو السبب في قتل نفسه حيث قتل نفساً محرمة. قالوا ولنا أن نقلب الدليل فنقول إن قتل الوالد بولده من أعظم القطيعة وأنكر القتلة إذ أنه لا يجرؤ والد على قتل ولده حتى البهائم العجم ترفع البهيمة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه. فكيف يكون جزاء هذا الرجل الذي قطع رحمه بقتل ولده أن نرفع عنه القتل؟ وعلى كل حال فهذه المسألة ترجع إلى المحاكم الشرعية ليحكم الحاكم بما يرى أنه أقرب إلى الصواب من أقوال أهل العلم وليرجع الإنسان إلى ربه - عز وجل - عند تعارض الأدلة أو الآراء يبنغي الهداية إلى الصراط المستقيم وليقل اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحمل بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما أختلف فيه من الحق بإذنك فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، وليستغفر الله - عز وجل - من ذنوبه فإن الذنوب تحول بين الإنسان وبين الوصول إلى الصواب، وقد استنبط بعض العلماء ذلك من قوله - تعالى - " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً. واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيما ".
الشيخ ابن عثيمين
* * *
قتل الخطأ
عقوبة قتل الخطأ
س - رجل يسأل يقول إنه سبق أن صدم بسيارته امرأة تركية في مكة المكرمة فتوفيت ودفع دينها لبيت المال، ثم أنه في عودته إلى مقر عمله انقلبت سيارته في ملف الأحساء فتوفيت زوجته ويسأل ما الذي يترتب عليه تجاه حق الله - تعالى - في ذلك؟
ج- يجب على السائل تجاه صدامة المرأة التركية في مكة المكرمة ووفاتها إثر ذلك كفارة القتل عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لقوله - تعالى - " ومن قتل مؤمناً خطأ(3/355)
فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا إلى قوله - تعالى " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً ".
وأما بالنسبة لوفاة زوجة السائل إثر انقلاب سيارته وهو يقودها فإن كان مفرطاً في سيره أو له سبب في حصول الحادث ضمن مخالفة للسير أو سرعة أو نعاس ونحو ذلك أو إهمال للسيارة وضرورة تفقد أسباب سلامتها فعليه كفارة القتل عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله أما إذا لم يكن له تسبب بوجه ما في وقوع الحادث فلا شيء عليه تجاه وفاة زوجته، وصلى الله علي نبينا وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *
لا كفارة عليه
س - وقع لوالدي وكان يقود سيارة تصادم مع سيارة أخرى وقد توفي سائق السيارة الأخرى (رحمه الله) وقرر المرور بأن نسبة الخطأ كاملة على المتوفي وقد سمح أهل المتوفي بالدية جزاهم الله خيراً. وأسأل الآن هل علي والدي كفارة صيام شهرين متتابعين أم لا؟
ج- إذا كان الواقع هو كما ذكرته أيها السائل فليس على أبيك كفارة لأن الخطأ من غيره عليه فلا يسمى قاتلاً، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
لابد من التحقق من سبب الحادث
س - في حادث مروري انقلب سيارتي وتوفي والدي الذي كان يركب معي، وقد أفادني أحد الإخوان أنه يجب علي أن أصوم أو أعتق رقبة، هل هذا صحيح؟
ج- يجب أن ينظر في سبب الحادث فإن كان تعدياً أو تفريطاً من السائق فإنه مسؤول عما تسبب عن الحادث وعليه الكفارة إن مات أحد.(3/356)
أما إذا كان الحادث بغير تعد ولا تفريط فإنه لا شيء عليه ولا ضمان ولا كفارة مثل أن يكون الحادث بسبب انفجار العجلة بقضاء الله وقدره ومثل انقلاب السيارة حين تفادى ضرر يخشى منه.
المهم أنه يجب التحقق من سبب الحادث فإن كان بتفريط أو تعد من السائق فعليه الضمان والكفارة وإن لم يكن بتعد منه ولا تفريط فليس عليه شيء.
والواجب في كفارة القتل أن يعتق رقبة فإن لم يجب فصيام شهرين متتاليين، وليس هناك فرق بين الوالد وغيره فكلهما نفس مؤمنة.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
تسبب في وفاة شخصين
س - وقع علينا حادث اصطدام بسيارة وتوفي نتيجة هذا الحادث شخصان وكانت نسبة الخطأ بتقرير المرور 35% علي و65% على صاحب السيارة الأخرى، وتنازل عنا أهل أحد المتوفين ولزمت دية الآخر، وتم دفعها وحكم علينا القضاي بصيام شهرين متتابعين كفارة لذلك ولقد استفسرت من أحد العلماء وفادني بأنه يلزمني صيام أربعة شهور، أرجو إفادتي بما يلزمني فعلاً، وهل صيام ما يلزمني متتابع أو غير ذلك؟ وهل نسبة الخطأ لها علاقة بالصيام أم لا؟
ج- إذا كان الواقع ما ذكر من مشاركتم في التسبب في وفاة الشخصين فإنه يلزمك كفارة قتل الخطأ عن كل واحد منهما وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين لا يجزئك غير ذلك لقول - سبحانه - " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ". إلى قوله - سبحانه - " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حكيماً ". ولا تأثير لمشاركة عدد من سبب الوفاة على وجوب(3/357)
الكفارة كاملة على كل مشارك ولا بأس أن يأخذ راحة بعد صيام شهرين متتابعين عن كفارة واحدة ثم تشرع في صيام شهرين متتابعين كفارة عن الآخر.
اللجنة الدائمة
* * *
حفر بئرا فسقطت فيه طفلة
س - عملت خزاناً للماء للانتفاع به بداخل المنزل ولمن ينتفع به من الغير. وكان ذلك منذ مدة ليست بالقليلة ثماني سنوات أو أكثر، وكان يسقي منه أهل البيت وغيرهم طيلة هذه المدة، هذا ولقضاء الله وقدره وكانت ابنة لنا في الخامسة من عمرها تستقي منها كعادتها لأنها كانت دائماً تأخذ منه الماء لأهلها في كل وقت وحين، ولقضاء الله وقدره في 17 12 1401هـ ذهبت لتأخذ منه الماء كعادتها فسقطت في هذا الخزان وماتت إلى رحمة الله عز وجل، لذلك أستفتي سماحتكم في أمري هل علي شيء تجاهها؟ لأنني أنا المتسبب في حفر الخزان وانشائه وما الذي يترتب علي لخوفي من الله العلي القدير؟ أفتونا في أمري أثابكم الله.
ج- إذا كان الواقع من حالك وحال البنت ما ذكرت فليس عليك دية ولا كفارة ومجرد أنك حفرت البئر لا يعتبر سبباً للإثم أو إدانتك بشيء من ذلك، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
هل علي كفارة في هذا الحادث؟
س - إن الله - سبحانه وتعالى - قدر علي بحغادث انقلاب سيارة كنت أقودها بنفسي، وكانت عائلتي معي في السيارة، وتوفيت زوجتي على إثر انقلاب السيارة، وأنا حدث لي كسور بليغتة، أرجو إفادتي هل علي كفارة صيام أو صدقة أو خلاف ذلك لقاء وفاة زوجتي(3/358)
في هذا الحادث؟
ج- إذا كنت ما فرطت في سيرك، ولا في شيء من متطلبات سيارتك، وأن الحادث حصل ووضع سيارتك وسيرك وصحتك عادي، فلا شيء عليك لعدم ثبوت تسببك في الحادذ، وأما إذا كان الواقع تسبب عن شيء مما ذكر فعليك الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين لقوله - سبحانه وتعالى " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسملة إلى أهله أن يصدقوا إلى قوله " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليماً حيكماً ". ولا يجزىء في ذلك الإطعام. وبالله التوفيق، وصلي الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ ابن باز
قتل ابنته خطأ
س - حدث لي قضاءا وقدراً وكان كما يلي
عندما كنت عائدا من عملي ذهبت لأدوس زرعاً لي، وعندما تحركت سيارتي إذا ببنتي الصغيرة البالغة من العمر 3 سنوات دهست وماتت وذلك دون أن أرى أنها كانت وراء السيارة. أرجو من فضيلتكم التكرم بإفتائي عما يجب علي شرعا من فدية علما بأني مزارع أعمل طيلة النهار والصيام صعب علي؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكرت فقتلك إياها خطأ لتفريضط في تفقد ما حول سيارتك، وعليك ديتها لورثتها إلا أن يتنازلوا عنها، ولا ترث أنت منها وعليك أيضا كفارة القتل خطأ وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين، ولا يكفي عن ذلك أن تطعم مساكين أو تدفع نقوداً، لأن الله لم يذكر غير العتق والصيام في كفارة القتل خطأ، وما كان ربك نسياً، قال الله - تعالى - " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ". إلى أن قال " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة إلى الله وكان الله عليماً حكيماً ". وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *(3/359)
إذا اشترك اثنان فأكثر في قتل الخطأ
س - وقع حادث اصطدام بين سيارتين وكان في السيارة المقابلة شخصان توفي أحدهما ونسبة الخطأ حسب تقرير الشرطة والمرور على صاحب السيارة الأولى 30% بالمئة وعلىصاحب السيارة الأخرى 70% بالمائة، فبالنسبة للكفارة هل يصوم صاحب السيارة الأولى شهرين كاملين أم حسب نسبة الخطأ كما هو الحال في الدية؟
ج- إذا اشترك إثنان فأكثر في قتل الخطأ فعلى كل واحد كفارة مستقلة، لأن الكفارات لا تتوزع كما نص عليه أهل العلم.
الشيخ ابن باز
* * *
كفارة قتل الخطأ
س - كنت أسير بسيارتي وفجأ خرج علي رجل وقطع الطريق على ولم أستطع التصرف تفادياً لسلامته لأنه فاجأني والسيارة تسير فحدث دهس نتج عنه وفاة المذكور ساعة الحادث رغم أن السير كان عاديا وخاليا من السرعة غير أن المذكور كان مخالفا "، ولذا فقد قرر المرور ما نسبته 50% خطأ من قبله ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونظراً إلى أي حكم علي صلحاً بما نسبته 70% وبقي ما يلزم من كفارة، فإني أتقدم مستقتياً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟
ج- إذا كان الواقع كما ذكر فعليك كفارة قتل خطأ وهي عتق رقبة مؤمنة فإن لم تجد فصم شهرين متتابعين لا يجزئك غير ذلك لقوله - تعالى - " ومن قتل مؤمناً خطأ فصيام شهرين مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقواً ". إلى قوله " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة إلى اله وكان الله عليما حكيماً ". وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
غفلت عن ابنتها الصغيرة فتسببت في قتل نفسها
س - امرأة معها ابنة تبلغ من العمر سنتين وجلستا وابنتها وعندها بالمجلس دلة قهوة(3/360)
وإبريق شاي وذهبت الابنة تلعب والتفت والدتها إلى جهة غير الجهة التي ذهبت لها، وذلك لأنها تغسل الفتاجيل وفجأة جاءت الابنة الصغيرة إلى الدلة وأمسكت بها وسقطت عليها وكانت القهوة ساخنة جداً، فعندما سقطت الابنة دخلت القهوة في أحشائها الداخلية وبعد أربع وعشرين ساعة ماتت الابنة، وتسأل المرأة تقول هل عليها كفارة أم لا؟ وما كفارة ذلك؟
ج- السائلة هي أدري بالظروف والملابسات المحيطة بهذه المسألة، فإن غلب على ظنها أنها مفرطة في ترك البنت حتى حصل عليها ما حصل، وكانت الأم سببا في ذلك فعليها الكفارة، والكفارة عتق رقبة، فإن لم تستطع فإنها تصوم شهرين متتابعين.
اللجنة الدائمة
* * *
قتل الخطأ لابد فيه من الكفارة
س - قتلت لي نفسا ومجبورة على قتلها وليس بإرادتي واليوم أنا مريضة ولا أستطيع الصيام، فماذا أفعل جزاكم الله خيراً؟
ج- حيث كان القتل خطأ فلابد فيه من الكفارة وهي عتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ولا إطعام فيها حيث لم يذكر في الآية إطعام فيبقى الكفارة في ذمة العاجز حتى يستطيع.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الكفارة على الداهس
س - امرأة لها ابن عمره سنتان وخرج من المنزل إلى الشارع فصدمته سيارة أحد أقاربه من غير قصد، فهل يلزم أمه شيء علماً أنها بعد هذه الحادثة متألمة من ذلك الحادث جداً؟
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكرت في السؤال فليس على أم الطفل شيء، وإنما الدية والكفارة على الذي دهس الطفل، ونسأل الله أن يعوض والديه خيراً ويجبر مصيبتهما وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الشيخ ابن باز
* * *(3/361)
لا كفارة عليها
س - لدي طفلة رضيعة وضتها أمها في فراشها وذهبت للأطفال الآخرين وجسلت عندهم حتى ناموا وغلبها النوم هنامت معهم وعند مجيئي واستيقاظها وجدت أن الطفلة قد بكت كثيراً وظهر أثر البكاء عليها فرقدت في المستشفى عدة أيام وتوفيت بسبب ذلك
السؤال هل على الأم كفارة؟ ما هي أثابكم الله؟
ج- إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فليس على أم الطفللة شيء لكونها لم تفعل ما يسبب موتها. والله الموفق.
الشيخ ابن باز
* * *
الاحتياط أولى
س - كانت والدتي تعمل بالمزرعة وذلك قبل ثلاثين عاماً، وبعد يوم شاق متعب أوت ليلاً، وعند النوم وهي ترضع لها طفلة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر نامت وبجانبها طفلتها وعند الصباح الباكر وجدت طفلتها قد توفيت علماً بأنها لا تعلم ما سبب موتها هل انقلبت عليها أثناء النوم أم مالت عليها والثدي في فمها لا تعلم عن أسباب موتها؟ فماذا على الأم؟
ج- الاحتياط لها أن تكمل صيامها ستين يوماً متتابعة لأن الظاهر من الحال أنها ماتت بسببها إذا لم تعلم سبباً آخر ومن القواعد الشرعية العمل بالاحتياط عند الاشتباه حرصاً على براءة الذمة من حق الله وحق عباده أعانها الله على الإكمال.
الشيخ ابن باز
* * *
لا شيء عليك لأنك لم تتعمدي قتله
س - أسأل عن حادث مررت به قبل سنة ونصف وهو كنت أحب والدي ولكن أصبح بيني وبينه ظروف عائلية، ورغم الظروف فأنا أحبه ويحبني ولكن الظروف جعلتني ووالدي دائماً على خلاف مستمر يومياً، وذات يوم مرض والدي ودخل المستشفى وبعد خروجه منه(3/362)
أخبر الطبيب أمي بأنه لا يطلع على أي مشكلة لأنها تؤثر على شعوره، فيموت، ولأنه لا يتحمل أي صدمة ومرت ثلاثة أشهر على خروجه وأمي لم تخبرنا بذلك، فصادقت مشكلة بيني وبينه جعلته ينزعج مني وحدثت له صدمة في نفس اليوم من بعض المشكلات الأخرى، ثم أدخل المستشفى ومات، والآن هل أنا متسببة في ذلك؟ وماذا يلزمني شرعا ً؟
ج- لا يلزمك شيء لأنك لم تتعمدي إيذاءه ولم تعلمي عن المشكلات التي نصح بألا يتعرض لها فأنت إن شاء الله لا حرج عليك، والمشكلات تقع بين الناس دائماً ولا يمكن التحرز منها، فأنت في هذا مثل غيرك من الناس لا شيء عليك إن شاء الله، ولا يكون عليك في هذا لا فدية ولا كفارة لأن هذه أمور عادية بين الناس تقع بين الوالد وابنه وبين الأخ وأخيه وبين الرجل وزوجته فلا يكون في هذا شيء إن شاء الله.
الشيخ ابن باز
* * *
من وجبت عليه الدية في قتل خطأ وجبت عليه الكفارة
س - لقد حصل لي حادث طريق ونتج من هذا الحادث وفاة رجلين من أهل السيارة الثانية، وأنا أصبت بكسر خفيف في الحنك، وأخي أصيب بكسر في ظهره، حكمت المحكمة بأن الخطأ مشترك بين وبين السيارة الثانية بمعدل 3 - 4 وقد دفعت 150 ألف ريال دية الرجلين، وأسأل فضيلة الشيخ هل علي صيام وهل الصيام شهران أم أربعة شهور؟
ج- بالمناسبة يجب على الذي يقودون السيارات ولاسيما في الطرق الطويلة أن يتقوا الله - عز وجل - وأن يعلموا أنهم يحملون أنفسا معصومة فعليهم أن يتقوا الله وأن يقودوا السيارات برفق وتعقل وفي حال مناسبة ويحرم على من لا يحسن القيادة أولا يستطيعها لنوم أو غيره أو خلل في السيارة أن يقود السيارة في مثل هذه الطرق وفي مثل هذه الحالات، لأن هذا خطر على نفسه وخطر على غيره من المسلمين وكم ذهب في هذه الطرق من الأنفس البريئة بسبب تهور السائقين وتساهلهم في هذا الأمر، أما ما سأل عنه السائل من أنه حصل(3/363)
له حادث وذهب فيه وفيات وألزم بدفع للأشخاص المتوفين بحكم شرعي من القاضي فهذا تجب عليه الكفارة، لأنه إذا وجبت عليه الدية وجبت عليه الكفارة حتى ولو كان الخطأ مشتركاً بينه وبين غيره، فإنه يجب على المشتركين كفارات لقوله - تعالى- " وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ". إلى قوله - تعالى - " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما ".
فيجب عليك أيها السائل كفارة عن كل نفس توفيت في هذا الحادث وقد ذكرت أنه توفي شخصان فعليك كفارتان والكفارة عتق رقبة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين عن كل رقبة فعليك كفارتان، إما بالعتق إذا قدرت عليه، بأن تعتق رقبتين أو صيام شهرين متتابعين عن كل نفس ولا تكفي كفارة واحدة عن الاثنين عليك أن تصوم شهرين متتابعين عن شخص ثم تصوم شهرين متتابعين آخرين عن الشخص الآخر إذا لم تقدر على العتق، وهذا مما يدل على تعظيم دماء المسلمين واحترام الأنفس البرئية.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
إذا عفى الدية في قتل الخطأ فهل تلزم الكفارة؟
س - إذا قتل سائق سيارة إنساناً خطأ وعفا أولياء الدم عن الدية فهل يلزمه صيام شهرين أو أقل، لأنه ضعيف ولم يقصد ضرر هذا القتيل أو يعفي عنه؟
ج- إذا ثبت أن القتل خطأ وجبت الدية والكفارة ولو لم يقصد السائق إلى ضرر قتيلة وإذا سمح من له حق في الدية عن حقه سقطت الدية وبقيت الكفارة فيجب عليه أن يصوم شهرين متتابيعن لتعذر التكفير بالعتق الآن، فإن عجز عن تتابع الصيام في الحال وغلب على ظنه التمكن ليأتي به على الصفة المطلوبة، وإن يئس من التمكن من ذلك في المستقبل سقط ما عجز عنه من التتابع وصام شهرين على أي حال قدر الطاقة قال الله - تعالى - " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ". وقال - تعالى - " وما جعل عليكم في الدين من حرج ". وقال - تعالى - " فاتقوا الله ما استطعتم ". وقال النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه(3/364)
ما استطعتم ". ونظير هذا مما دخل في عموم النصوص وجوب الصلاة بلا طهارة على من فقد الظهور من الماء والتراب ووجوب الصلاة على المكلف مع ترك ما عجز عنه من أركانها فهذا وأمثاله يشمله عموم نصوص رفع الحرج ويسر الشريعة.
اللجنة الدائمة
* * *
معنى تحرير رقبة
س - تحرير الرقبة موضع إشكال لبعض الناس فهم لا يعلمون معناه، ربما لأنهم لم يروا ذلك على الطبيعة وهنا أخ يسأل عن تحرير الرقبة خاصة وإننا نسمع عن كثير من الكفارات تقول بتحرير رقبة ولا ندري ما هي الرقبة؟ هل هي إنسان محكوم عليه بالقتيل ثم يعفي عنه؟ أو أنه من الحيوانات؟
ج- تحرير الرقبة المراد به عتق المملوك من الذكور والإناث فقد شرع الله - سبحانه وتعالى - لعباده إذا جاهدوا أعداء الإسلام وغلبوهم أن تكون ذرياتهم ونساؤهم أرقاء مماليك للمسلمين، يستخدمونهم وينتفعون بهم ويبيعونهم وينصرفون فيهم وكذلك الأسري إذا أسروا منهم أسرى، وولي الأمر له الخيار، إن شاء قتل الأسرى وإن شاء إعتق الأسرى، وإذا رأي منهم أسرى، وولي الأمر له الخيار، إن شاء قتل الأسرى وإن شاء أعتق الأسرى، وإذا راي مصلحة في ذلك أطلقهم، وإن شاء استرقهم فجعلهم غنيمة وإن شاء قتلهم إذا رأى مصلحة في القتل وإن شاء يقدي بهم إذا كان عند الكفار أسرى للمسلمين فيأخذ من المشركين الأسرى المسلمين ويعطيهم أسراهم أي تبادل الأسرى أو يأخذ منهم أموالا لفك أسراهم كما فعل الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، يوم بدر، فقد كان عنده، - صلى الله عليه وسلم -، أسرى قتل بعضهم وفدى بعضهم وكان من جملتهم النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط فقتلهما بعد انتهاء الوقعة والبقية فدى بهم وأمر المسلمين أن يفدوا بهم ويأخذوا الفدو من المشركين في مقابل ترك أسراهم ومنهم من عفا عنه الصلاة والسلام، فالعفو جائز لولي الأمر إذا رأي مصلحة وجائز له القتل إذا رأى مصلحة وجائز له الاسترقاق إذا رأي مصلحة وجائز له الفدو.
هذه هي الرقاب المملوكة التي يمكلها المسلمون عند غلبتهم لعدوهم، هؤلاء يكونون أرقام للمسلمين وبعد ذلك يكون لصاحب المسترق الخيار إن شاء استخدمه(3/365)
بحاجاته وإن شاء باعه بثمنه، وإن شاء أعتقه لوجه الله - عز وجل - وهو عمل تطوعي أو أعتقه بكفارة ككفارة القتل أو كفارة الوطء في رمضان، أو كفارة الظهار أو كفارة اليمين، ويقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " أي امرئ مسلم أعتق امرءاً مسلماً اعتق الله بكل عضو منه عضواً من النار ".
* * *
القسامة
هل الورثة هم الذين يحلفون إيمان القسامة؟
الحمد لله وحدة والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وآله وصحبه، وبعد
ففي الدورة الثامنة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الرياض في النصف الأول من شهر ربيع الآخر عام 1396هـ اطلع المجلس على ما سبق أن أجله من الدورة السابعة إلى الدورة الثامنة من بحث القسامة، هل الورثة هم الذين يحلفون أيمان القسامة أو أن العصبة بالنفس هم الذين يحلفون ولو كانوا غير وراثين إذا كانوا ذكوراً بالغين عقلاء؟
وبعد استماع المجلس ما سبق أن أعد في ذلك من أقوال أهل العلم وأدلتهم ومناقشتها وتداول الرأي، قرر المجلس بالأكثرية أن الذي يحلف من الورثة هم الذكور البالغون العقلاء ولو واحداً سواء كانوا عصبة أو لا، لما ثبت في الصحيحين من حديث سهل بن أبي حثمة في قصة قتل اليهود لعبد الله بن سهل أن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، قال لحويصة ومحيصة وعبد الرحن بن سهل " تحلفون وتستحقون دم صاحبكم "؟ قالوا لا. وفي رواية " يقسم منكم خمسون رجلاً ". ولأنها يمين في دعوى حق فلا تشرع في حق غير المتداعين كسائر الأيمان. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
* * *(3/366)
كتاب الحدود(3/367)
حد الزنا
لا يشترط في الراجم شروط
س - حكمت إحدى المحاكم الشرعية في مدينة تعز بالجمهورية العربية اليمني برجم امرأة بسبب الزنا، فكان بعض الناس يتردد بالرجم وحجتهم أنهم يقولون أنه يتوجب على الراجم شروط أن يكون الراجم بدون خطيئة وكلام كثير قيل في هذا، أفيدونا عن ذلك جزاكم الله خيراً؟
ج- لقد سرني كثيراً حكم المحكمة بتعز برجم الزانية المحصنة لما في ذلك من إقامة حد الله الذي أهملته غالب الدول الإسلامية فجزى الله حكما خيراً ووفق حكومة اليمن وسائر الحكومات الإسلامية للحكم بشريعة الله بين عباده في الحدود وغيرها، ولا شك أن في حكمهم بشريعة الله صلاح أمرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة، وينبغي للمسلمين التعاون في هذا، ومن شارك في رجم الزاني المحصن فهو مأجور ولا ينبغي لأحد التحرج في ذلك إذا صدر الحكم الشرعي بالرجم، وقد أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، الصحابة برجم ماعز الأسلمي واليهوديين والغامدية وغيرهم، فبادر الصحابة إلى ذلك - رضي الله عنهم - ووفق المسلمين السير على منهاجهم في الحدود وغيرها.
ولا يشترط في المشارك في الرجم أن يكون معصوماً أو سليما من السيئات، لأن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، لم يشترط ذلك ولا يجوز لأحد من الناس أن يشترط شرطاً لا دليل عليه من كتاب الله - سبحانه - ولا من سنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، والله الموفق.
الشيخ ابن باز
* * *
زواج الزاني من الزانية هل يعفي من الحد؟
س - هل يعد زواج الزاني من الزانية التي زنى بها كفارة لذنبهما؟ وهل يعفي الزواج من أقامة الحد؟
ج- لا يعد تزويج الزاني بمن زني بها كفارة، وإنما كفارة الزاني بأمرين إما أن يقام عليه(3/369)
الحد إذا بلغ السلطان، وإما أن يتوب إلى الله - عز وجل - من هذا الزنى ويصلح عمله ويبعد عن مواطن الفتن والفاحشة، أما بالنسبة لزواجه من هذه المرأة فإنه يرجم عليه أن يتزوج منها ويحرم عليها أن تتزوج منه لأن الله يقول " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ". إلا إذا تابا إلى الله توبة نصوحاً وندما على ما مضى وأصلحا العمل فإنه لا بأس أن يتزوجها، كما يتزوجها غيره، وأما الولد الذي يحصل من الزنا يكون ولداً لأمه وليس ولداً لابيه لعموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام " الولد للفراش وللعاهر الحجر " العاهر الزاني، يعني ليس له ولد هذا معنى الحديث، ولو تزوجها بعد التوبة فإن الولد المخلوق من الماء الأول لا يكون ولداً له ولا يرث من هذا الذي حصل منه الزنا، ولو أدعى أنه ابنه ليس ولداً شرعياً.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
التوبة كافية
وردت إلى الرئاسة العامة لإدارة البحوث العلمية والإفتاء السؤال التالي
س - أنا متزوج وزوجتي في لبنان وأنا أعمل في البرازيل من أجل المعيشة وتعليم أولادي ولكني أقترفت هنا جريمة الزنا وقد ندمت وتبت إلى الله فهل يكفي ذلك أو لابد معه من إقامة الحد؟ أفتوني رحمكم الله.
ج- وأجبات بما يلي
لا شك أن الزنا من كبائر الذنوب وأن من وسائلة عري النساء واختلاط الرجال بالنساء الأجنبيات وانحلال الأخلاق وفساد البيئة على العموم، فإذا كنت قد زنيت لبعدك عن زوجتك واختلاطك بأهل الشر والفساد ثم ندمت على جريمتك وتبت إلى الله توبة صادقة فنرجو أن يتقبل الله توبتك ويغفر ذنبك لقوله - تعالى - " والذين لا يدعوة مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً ". وقد ثبت عن عبادة بن(3/370)
الصامت - رضي الله عنه - في حديث بيعة النساء أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، قال " فمن وفي منكن فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب فهو كفارة له ومن أصاب منها شيئاً من ذلك فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ".
لكن يجب عليك أن تهاجر عن البيئة الفاسدة التي تغريك بالمعاصي وطلب المعيشة في غيرها من البلاد التي هي أقل شراً منها محافظة على دينك فإن أرض الله واسعة ولن يعدم الإنسان أرضاً يكسب فيها ما كتب الله له من الأرزاق " ومن يتق الله يجل له مخرجاً يرزقه من حيث لا يحتسب ". وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *
الزاني لا تحرم عليه امرأته
س - إذا ارتكب رجل الزنا وهو متزوج هل تحرم عليه زوجته وكذلك المرأة؟
ج- لا يحرم كل منهما على الآخر وعليهما جميعاً التوبة إلى الله - سبحانه وتعالى - التوبة النصوح واتباع ذلك بالإيمان الصادق والعمل الصالح وإنما تكون التوبة نصوحاً إذا أقلع التائب عن الذنب وندم على ما مضي من ذلك وعزم عزماً صادقاً على أن لا يعود في ذلك خوفا من الله - سبحانه - وتعظيماً له ورجاء ثوابه وحذر عقابه، قال الله - سبحانه - " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ". وقال - سبحانه - " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً ".
وقال - عز وجل - " وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ". والزنا من أعظم الحرام وأكبر الكبائر وقد توعد الله المشركين والقتلة بغير حق والزناة بمضاعفة العذاب يوم القيامة والخلود فيه صاغرين مهانين لعظم جريمتهم وقبح فعلهم.
كما قال الله - سبحانه وتعالى - " والذين لا يدعوة مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً ". الآية.
فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن يحذر هذه الفاحشة العظيمة ووسائلها غاية(3/371)
الحذر وأن يبادر بالتوبة الصادقة مما سلف من ذلك، والله - سبحانه - يتوب على التائبين الصادقين، ويغفر لهم، والله ولي التوفيق.
الشيخ ابن باز
* * *
الزاني السكران يقام عليه الحد
س - رجل اغتصب شقيقة زوجته وهو سكران، فما العقاب الشرعي له؟ وهل لهذه الفتاة المغتصبة حق عليه؟ كما أسأل عما يجب أن أفعله مع هذه الفتاة بعد أن عقدت عليها وأخبرتني بهذه الواقعة بعد ثلاثة أشهر وأنا أعلم أنها برئية؟
ج- عقوبة هذا الرجل الذي اغتصب شقيقة زوجته وهو سكران أن يقام عليه حد الزاني الصاحي على المشهور من مذهب الإمام أحمد، فإذا كان لهذا الرجل قد جمع زوجته في نكاح صحيح وهما بالغان عاقلان حران فإنه يجب أن يرجم بالحجارة حتى يموت، لأن هذه عقوبة الزاني المحصن كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني في قصة الأجير الذي زني امرأة من استأجره حيث أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أن ترجم المرأة، كما ثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه خطب وقال فيما قاله إن الرجم حق في كتاب الله على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحَبَل أو الاعتراف.
أما الفتاة المغتصبة فإن لها حقا عليه حسب ما يراه الحاكم الشرعي في ذلك.
وأما ما يفعله هذا الرجل الذي تزوج هذه الفتاة وأخبرته بهذه الواقعة بعد ثلاثة أشهر وهو يعلم أنها بريئة، فإنه إذا كان يرى من زوجته الصلاح والاستقامة فليمسك بها وهذا الذي وقع عليها من الاغتصاب لا يضرها شيئاً لأنه بغير اختيارها.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
صلاة الزاني
س - هل تبطل صلاة الزاني هذا علماً بأن لا أستطيع الزواج لظروف مادية؟(3/372)
ج- قال الله - تعالى - " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً ". وقد أجمعت الأمة على أن الزنا من الفواحش ومن أكبر الكبائر، وأنه لا يباح بحال، وقد مدح الله المؤمنين المفلحين بقوله " والذين هم لفروجهم حافظون ". فواجب على المسلم حفظ فرجه عن القبيحة الخليعة وعليه أيضاً أن يسعى في إعفاف نفسه بالزواج الحلال فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء كما ورد في الحديث، ومتى سولت له نفسه فوقع في الزنا فعليه التوبة والندم ولكن لا يبطل الصلاة ولا الأعمال الصالحة، والله الموفق.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم عمل قوم لوط وعقوبته
س - ما حكم اللواط في الإسلام؟ وما هي عقوبته؟
ج- فاحشة اللواط من أشنع الفواحش والعياذ بالله، وقد أهلك بسببها قوم لوط وعاقبهم عقوبة عظيمة فقلب ديارهم وجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم حجارة من سجيل منضود مسمومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد، وقد ورد عن الصحابة عقوبة من فعل ذلك أو فعل به بالقتل أو التحريق أو الرجم أو إلقائه من أعلى شاهق، ثم إتباعه بالحجارة وذلك لما فيها من الفساد في الاجتماع في الأخلاق والطباع ومن المخالفة للفطرة، ومن انصراف أهلها على الزواج الشرعي وصيروه المفعول به أقل حالة من الأنثى وغير ذلك.
الشيخ ان جبرين
* * *
بشاعة عمل قوم لوط
س - ما حكم اللواط في الدين؟ وهل صحيح أن عرش الرحمن يهتز لذلك؟ أرجو من سماحتكم إجابتي على هذا الموضوع إجابة كاملة ومعززة بالأدلة الوافية والرادعة لي ولغيري وجزاكم الله كل خير.(3/373)
ج- اللواط هو إتيان الذكران وفعل الفاحشة مع الرجل في الأدبار ومنه إتيان المرأة في دبرها، وهو الذنب الذي فعله قوم لوط كما قال - تعالى - " أتأتون الذكران من العالمين". وقال - تعالى - " أئنكم لتأتون الرجال شهوةة من دون النساء ". وقد عاقبهم على ذلك فقلب ديارهم وأرسل عليهم حجارة من السماء قال - تعالى - " فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ". فحرى بمن فعل كفعلهم أن يعاقب بنحو ذلك، وقد أفتى بعض الصحابة أن يحرق من فعل ذلك وقال بعضهم بل يلقى من أعلى شاهق ثم يرجم بالحجارة، ووردت أحاديث فيها قول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ". ولعل القارئ أن يرجع إلى كتاب (الجواب الكافي) فقد أورد فيه من الأدلة على بشاعة هذه الجريمة الشيء الكثير، والله أعلم.
الشيخ ابن جبرين
* * *
عقوبة من وطىء بهيمة ونحوها
س - هل يقام الحد على شاة إذا واقعها الإنسان؟
ج- أحل الله للإنسان أن يستمتع بزوجته وأمته وأن يقضي وطره منهما إلا في الحالات التي حرم الاستمتاع بالزوجة والأمة فيها كحال الحيض، وحرم عليه قضاء وطره بالجماع ونحوه في غيرهما وجعله اعتداء على حدوده قال - تعالى - " والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ". وعلى هذا فوقاع الإنسان للشاة ونحوها من الحيوانات محرم واعتداء على حدود الله، لكنه لا يوجب الحد كما يوجبه الزنا بامرأة بل يوجب التعزير للإنسان فقط على ما يراه الحاكم.
أما الشاة فلا حد ولا تعزير بالنسبة لها لأنها غير مكلفة بأحكام الشريعة ولكن يستحق إبعادها عن الجهة التي وقعت فيها الجريمة، إما ببيعها ونقلها إلى جهة أخرى، وإما بذبحها عسى أن تنسى الجريمة وينقطع حديث الناس فيها ولا يعتبر ذلك حداً أو تعزيراً فإن مالكها(3/374)
أن يذبحها وأن يبعها دون أن يعتدي عليها أحد هذا الاعتداء، وقد روي عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه أمر بقتل الدابة الموطوءة.
وعلى هذا فذبحها أولى إذا كانت مأكولة اللحم كالشاة ونحوها عملاً بهذا الحديث وإمانة لخيرها.
اللجنة الدائمة
* * *
حد المسكر
على المسلم الابتعاد عن الخمر بيعا وتحاولا وحملا وشربا
س - إنسان يشرب الخمر نوى الإقلاع والتوبة من الأردن إلى مكة بالسيارة ليحج ويتوب، وفي الطريق راودته نفسه فشرب الخمر وقال " إنها المرة الأخيرة فما الحكم؟
ج- شرب الخمر محرم بالكتاب والسنة والإجماع من المسلمين، يقول - تعالى - " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفحلون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون. وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين ".
وثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " كل مسكر خمر وكل مسكر حرام " وأجمع المسملون على تحريم الخمر وذكر العلماء أن من أنكر تحريم الخمر فهو كافر مرتد ولكن لو كان حديث عهد الإسلام وجهل تحريم الخمر فإنه كافر مرتد ولكن لو كان حديث عهد الإسلام وجهل تحريم الخمر فإنه يعرف الحكم فإن أبى كان مرتداً والواجب على المسلم البعد عنها بيعاً وشراءاً وحملاً وتناولاً وشرباً وغير ذلك.
وإن من يرى عواقبها الوخيمة على الإنسان في بدنه وعقله ويرى عواقبها على المجتمع يتبين له الحكمة من تحريمها، إذن فالحكمة والعقل يقتضيان تحريمها كما جاء به الشرع وهذا السائل الذي شرب الخمر لآخر مرة كما يقول كما يقول وهو الطريق إلى الحج غا كانت توبته صحيحة فإنه الله - تعالى - يتوب عليه ويقبل توبته مهما عظم ذنبه.
الشيخ ابن عثيمين
* * *(3/375)
حكم التبليغ عن شاب المسكر
س - هل يجوز التبليغ عن قريب أو صديق يفعل حراماً كشرب الخمر مثلاً بعد أن نصحته مرات عديدة، أم أن ذلك يعتبر فضيحة له مع أن الساكت عن الحق شيطان أخرس؟
ج- واجب المسلم على أخيه أن ينصح له إذا رآه على فعل محرم وأن يحذره من التمادي في معصية الله - تعالى - وأن يبين له عقوبة الذنوب وآثارها السيئة على القارب والنفس والجوارح وعلى الفرد والمجتمع ولعله بكثرة المناصحة يرتدع إلى رشده فإذا لم ينفع معه ذلك فإن عليه أن يسلك أقرب طريق إلى تخليصه من هذه المعصية سواء أبلغ الجهات المسؤولة أو أبلغ أحداً آخر يكون تعظيمه عند هذا العاصي أكثر من تعظيم الناصح، المهم أن يسلك أقرب الطرق التي يحصل بها المقصود حتى لو بلغ الأمر إلى أن يبلغ أولي الأمر في شأنه حتى يقوموا بردعه.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم استعمال الكحول مع الدواء
س - يدخل في بعض الأحيان الكحول في تركيب الأدوية والعقاقير فإذا ثبت دخول الكحول في تركيب دواء ما هل يجوز استعماله وإن كان موصوفاً لعلاج ما؟
ج- إذا كان الكحول قليلا ينغمر في الدواء وكان ضرورياً لحفظ مادته جاز استعمال الدواء معه، فإن كان كثيراً وليس ضرورياً فلا يجوز مهما كان العلاج.
الشيخ ابن جبرين
* * *
الخمر لا يكون شفاء
س - ما حكم النفس التي كادت أن تهلك ولا يمكن استشفاؤها بشيء سوى الخمر؟
ج- التداوي من الأمور المشروعة، ولكن يكون بما شرعه الله - جل وعلا - وبما شرعه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فإن هذا هو الذي يمكن فيه الشفاء، أما ما حرمه الله فلا شفاء(3/376)
فيه، ومما يدل على تحريم التداوي بالأدوية المحرمة عامة وبالخمر خاصة ما رواه البخاري في صحيحه معلقاً عن ابن مسعود - رضي الله عنه - " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم ". وقد وصله الطبراني بإسناد رجاله رجال الصحيح وأخرجه أحمد وابن حبان في صحيحه، والبزار وأبو عيلي والطيراني ورجال أبي يعلى ثقاب عن أم سلمة.
وما راوه أبو داود في سنته من حديث أبي الدرداء قال قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام ". وفي صحيح مسلم عن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن الخمر فنهاه وكره أن يصنعها فقال إنما أصنعها للدواء فقال إنه ليس ولكنه داء. ومما يحسن التنبيه عليه أن الله إذا أمر بشيء فهو إما لمصلحة محضة أو راجحة على مفسدته، وإذا نهى عن شيء فهو إما لمفسدة محضة أو أن مفسدته أرجح من مصلحته والله - جل وعلا - حكيم عليم، وتصور أن هذا المرض لا يشفى إلا بشرب الخمر أمر موهوم، فالأدوية كثيرة من دينية وطبيعية، ثم إن الدواء لا يشفى المرض، وإنما يحصل الشفاء من الله - جل وعلا - عند استعمال الدواء، فإن تعاطي الاسباب الشرعية ققد يكون مصحوباً بالاعتماد عليها، وقد يكون مصحوباً بجعلها سبباً مع الاعتماد على الله - جل وعلا - واعتقاد أنها قد تنفع وقد لا تنفع فهذا هو المطلوب شرعاً، أما الاعتماد عليها اعتماداً كلياً فهذا شرك.
وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم التداوي بالخمر
س - هل يجوز لشخص مؤمن أن يشرب الخمر بدعوى علاجه من بعض الألم؟
ج- الخمر حرام لا يجوز التداوي بها، يقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " عباد الله تداوا ولا تتداووا بحرام، فإن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها ".
اللجنة الدائمة
* * *(3/377)
حكم عبادة شارب الخمر
س - من كان يشرب الخمر ويزني دائماً بالصلاة وخلافها من الأركان ولكن لم يترك شرب الخمر والزنا فهل تصح العبادة؟
ج- من شرب الخمر أو زنى أو فعل شيئاً من المعاصي مستحلاً لها فقد كفر ولا يصح مع الكفر عمل، ومن كان يفعل المعصية وهو مقر بتحريمها ولكن تغلبه نفسه ويرجو الله أن يعصمه منها فهذا مؤمن بإيمانه فاسق بمعصية والواجب على العبد إذا اقترف شيئاً من المعاصي أن يتوب ويرجع إلى الله - جل وعلا - ويعترف بذنبه ويعزم على ألا يعود إليه، إليه ويندم على فعله ولا يتلاعب في دين الله ويغتر بستر الله عليه أو إمهاله فإن الله - جل وعز - أخرج إبليس من رحمته وطرده مؤبداً وجعله شيطاناً رجيماً بسبب ذنب واحد أمره الله بالسجود لأدم فامتنع، وأهبط الله أدم من الجنة بسبب أن عصى الله - جل وعلا - معصية واحدة، ولكن آدم تاب فتاب الله عليه، وهداه إلى صراط مستقيم فلا يجوز للعبد أن يكون مسلكه مع ربه مسلك المخادع الماكر بل الواجب عليه أن يقف مع الله موقف الخائف يفعل ما أمره به ويترك ما نهاه عنه.
* * *
حكم العمل في مصانع الخمور
س - ما حكم عمل المسلم المستخدم في مصانع لا يصنع فيها إلا عصير الخمر والمسكرات؟
ج- الخمر وسائر المسكرات محرمة، وتأسيس المصانع لها والاستخدام بها كل ذلك حرام، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال سمعنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، يقول " أتاني جبريل عليه السلام فقال يا محمد إن الله عز وجل لعن الخمر وعاصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومسقاها ". أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات، ورواه أبو داود والحاكم وفي زيادة (ومعتصرها) فهذا الشخص المستخدم في المصانع التي تصنع فيها الخمور لا يجوز له البقاء فيها لهذا الحديث(3/378)
الذي سبق وهو دال على أنه ملعون ولأنه من التعاون على الإثم والعدوان وقد قال - تعالى " وتعاونوا على البر والتقوي ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ".
أما ما مضي من الاستخدام وهو يجهل الحكم فهو معذور في ذلك لعمم قوله - تعالى - " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ". والرسول ينزل عليه الوحي من الله ويبلغه الأمة فالعبد لا يكون مكلفاً إلا بعد أن يبلغه كما كلف به.
اللجنة الدائمة
* * *
القتل لمهربي المخدرات والتعزير لمروجيها
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد
فإن مجلس هيئة كبار العلماء في دورته التاسعة والعشرين المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 9 6 1407هـ وحتى 20 6 1407هـ وقد اطلع على برقية خادم الحرمين الشريفيين الملك فهد بن عبد العزيز - حفظه الله - ذات الرقم س 8033 وتاريخ 11 6 1407هـ والتي جاء فيها (نظراً لما للمخدات من آثار سيئة وحيث لاحظنا كثرة انتشارها في الآونة الأخيرة ولأن المصلحة العامة تقتضي إيجاد عقوبة رادعة لمن يقوم بنشرها وإشاعتها سواء عن طريق التهريب أو الترويج، نرغب إليكم عرض الموضوع على مجلس هيئة كبار العلماء بصفة عاجلة وموافاتنا بما يتقرر) .
وقد درس المجلس الموضع وناقشة من جميع جوانبه في أكثر من جلسة وبعد المناقشة والتداول في الرأي واستعراض نتائج انتشار هذا الوباء الخبيث القتال تهريباً واتجاراً وترويجاً واستعمالاً المتمثلة في الآثار السيئة على نفوس متعاطيها وحملها إياهم على ارتكاب جرائم الفتك وحوادث السيارات والجري وراء أوها تؤدي إلى ذلك وما تسببه من إيجاد طبقة من المجرمين شأنهم العدوان وطبيعتهم الشراسة وانتهاك الحرمات، وتجاوز الأنظمة وإشاعة الفوضى لما تؤدي إليه بمتعاطيها من حالة من المرح والتهيج واعتقاد أنه قادر على كل شيء فضلاً عن اتجاهه إلى اختراع أفكار وهمية تحمله على ارتكاب الجريمة، كما أن لها آثاراً ضارة بالصحة العامة وقد تؤدي إلى الخلل في العقل والجنون، نسأل الله العافية والسلامة لهذا(3/379)
كله، فإن المجلس يقرر بالإجماع ما يلي
أولا بالنسبة للمهرب للمخدرات فإن عقوبته القتل لما يسببه تهريب المخدرات وإدخالها البلاد من فساد عظيم لا يقتصر على المهرب نفسه وأضرار جسيمة وأخطار بليغة على الأمة بمجموعها ويلحق بالمهرب الشخص الذي يستورد أو يتلقى المخدارت من الخارج فيمون بها المروجين.
ثانيا أما بالنسبة لمروج المخدرات فإن ما أصدره بشأنه في قراره رقم (85) وتاريخ 11 11 1401هـ كاف في الموضوع ونصه كما يلي (الثاني من يروجها سواء كان ذلك بطريق التصنيع أو الاستيراد بيعا وشراء أو إهداء ونحو ذلك من ضروب إشاعتها ونشرها، فإن كان ذلك للمرة الأولى فيعزر تعزيراً بليغاً بالحبس أو الجلد أو الغرامة المالية أو بهما جميعا حسبما يقتضيه النظر القضائي، وإن تكرر منه ذلك فيعزز بما يقطع شره عن المجتمع ولو كان ذلك بالقتل، لأنه يفعله هذا يعتبر من المفسدين في الأرض وممن تأصل الإجرام في نفوسهم، وقد قرر المحققون من أهل العلم أن القتل ضرب من التعزير، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - " ومن لم يندفع فساده في الأرض إلا بالقتل مثل قتل المفرق لجماعة المسلمين الداعي للبدع في الدين ". إلى أن قال " وأمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بقتل رجل تعمد الكذب عليه، وسأله ابن الديلمي عن من لم ينته عن شرب الخمر فقال من لم ينته عنها فاقتلوه ". وفي موضع آخر قال - رحمه الله - في تعليل القتل تعزيراً ما نصه " وهذا لأن المفسد كالصائل وإذا لم يندفع الصائل إلا بالقتل قتل " أ. هـ.
ثالثا يرى المجلس أنه لابد قبل إيقاع أي من تلك العقوبات المشار إليها في فقرتي (أولا) و (ثانيا) من هذه القرار استكمال الإجراءات الثبوتية اللازمة من جهة المحاكم الشرعية وهيئات التمييز ومجلس القضاء الأعلى براءة للذمة واحتياطاً للأنفس.
رابعا لابد من إعلان هذه العقوبات عن طريق وسائل الإعلان قبل تنفيذها إعذاراً وإنذاراً. هذا وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
* * *(3/380)
حكم المرتد
المرتد إذا تاب لا يقام عليه الحد
س - هل يجب إقامة الحد على المرتد باثر رجعي أعني إذا ارتكب المسلم ذنباً أوجب ردته في زمن سابق ثم تاب من بعد ذلك ورجع لله - تعالى - هل يجب أن يقام عليه الحد بسبب الردة التي حدثت في ذلك الوقت علما أن الردة حدثت في بلد لا تطبق فيه شريعة الله، أم أن التوبة كافية لمحو ذنب الردة وبالتالية عدم إقامة الحد؟
ج- من ارتد عن دين الإسلام ورجع إليه تائباً نادماً فلا يجوز أن يقام عليه الحد لأن الحد يقام على المصر المستمر على ردته أما التائب فإن توبته تجب ما قبلها، كما قد دل ذلك الكتاب والسنة، وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
المصر على سب الدين حده القتل
س - ما حكم من يسب الدين والله؟ وما كفارته؟ علما بأن الرجل متزوج، وهل تحرم عليه زوجته أو تطلق؟
ج- لاشك أن هذه ردة عن الإسلام وكفر الله يستحق فاعله القتل إلا أن يتوب وتطلق منه زوجته وتنقطع صلته بأقاربه فلا يرث منهم ولا يرثون منه، لكن إذا تاب وندم واستغفر واعترف بخطيئته تاب الله عليه وله أن يراجع زوجته إن لم تخرج من العدة فإن خرجت ملكت نفسها فلم تحل إلا برضاها.
الشيخ ابن جبرين(3/381)
كتاب الأطعمة(3/383)
ما يحل أكله من الحيوانات وما يحرم
قاعدة فيما يحرم من الحيوانات وما يحل
س - هناك قاعدة شرعية يعتمد عليها في تحريم وتحليل أكل الحيوانات؟ فالقران والسنة لم يوضحا كل الحيوانات، فهناك حيوانات أليفة محرمة وبعضها حلال وكذلك الوحشية فإن كان هناك قاعدة أو صفات للمحرمات والحلال فأرجو شرحها حتى نكون على بصيرة، وهل للقياس بالشبه اعتبار في ذلك أم لا؟
ج- الحقيقة أن هناك السؤال وقوله أن الكتاب والسنة لم يبينا ذلك هذا غلط منه، وإنما الصواب أنه لم يتبين له ذلك من الكتاب والسنة، أما الكتاب والسنة فإن الله بين فيهما كل شيء، فالقرآن الكريم كما قال الله عنه " تبياناً لكل شيء ".
والسنة الإيمان بها وتنفيذ أحاكها من الإيمان بالقرآن فهي متممة ومكملة ومفصلة لما أجمل ومفسرة لما أبهم ففي القرآن والسنة الشفاء والنور والهداية والاستقامة لمن تمسك بهما ولا يوجد مسألة من المسائل التي تحدث إلا وفي القرآن والسنة حلها وبيانها لكن منها ما هو مبين على سبيل التعيين، ومنها ما هو مبين على سبيل القواعد والضوابط العامة، ثم الناس يختلفون في هذا اختلافاً عظيماً، يختلفون في العلم، ويختلوفن في الفهم، كما يختلف أيضا إدراكهم لما في القرآن والسنة بحسب ما معهم الإيمان والتقوى فإنه كلما قوي الإيمان بالله - عز وجل - وقبول ما جاء به في القرآن والسنة وتقوى الله - عز وجل - في طاعته قوي العلم بما في القرآن والنسة من الأحكام.
وإني أقول إن القرآن والسنة فيهما الهدى والعلم والنور وحل جميع المشكلات وإن نظامها ومنهاجهما أكمل نظام وأنفعه وأصلحه للعباد، وأنه يغلط غلطاً بينا من يرجع إلى النظم والقوانين الوضعية البشرية التي تخطيء كثيراً، وإذا وفقت للصواب فإنما تكون صواباً بما وافقت به الكتاب والسنة، وأقول لهذا الأخ إن هناك ضوابط بما يحرم فأقول الأصل في كل ما خلق الله - تعالي - في هذه الأرض أنه حلال لنا من حيوان وجماد، لقوله - تعالي - " هو الذي الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ". فهذا عام خلقه لنا لمنافعنا أكلا وشرابا وانتفاعا(3/385)
على الحدود التي خدها الله ورسوله،.
هذه قاعدة عامة جامعة مأخوذة من الكتاب وكذلك من السنة حيث قال رسول الله، عليه الصلاة والسلام، " وما سكت عنه فهو عفو ".
وعلى هذا فلننظر الآن في المحرمات فمنها الميتة لقوله - تعالى - " إنما حرم عليكم الميتة ".
ومنها الدم المسفوح لقوله - تعالى - " قل لا أجد فيما أوحي إلى محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتاً أو دماً مسفوحاً ".
ومنها لحم الخنزير لقوله - تعال - في هذه الآية " أو لحم خنزير ".
وإنما حرمت هذه الثلاثة لأنها رجس فإن قوله " فإنه " أي هذا المحرم الذي وجده الرسول، عليه الصلاة والسلام (رجس) وليس الضمير عائداً إلى لحم الخنزير فقط كما قاله بعض أهل العلم، لأن الاستثناء (إلا أن يكون) أي ذلك المطعوم " ميتة أو دما مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه ". أي ذلك المطعوم من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير (رجس) .
ومنها الحمر الأهلية، ثبت ذلك في الصحيحين عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه أمر أبا طلحة فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن الحمر الأهلية فإنها رجس.
ومنها كل ذي ناب من السباع، يعني كل ما له ناب السباع يتفرس به مثل الذئب والكلب ونحوها فإنه محرم، ومنها كل ذي مخلب من الطير كالصقر والعقاب والبازي وما أشبه ذلك ومنها ما تولد من المأكول وغيره كالبغال فإن البغل متولد من الحمار إذا نزا على أنثنى الخيل، والخيل مباحة والحمر فلما تولد من المأكول وغيره غلب التحريم فكان حراماً.
وهذه المسائل موجودة والحمد لله في السنة مفصلة وكذلك في كلام أهل العلم والأمر بين إذا أشكل عليك الأمر فارجع إلى القاعدة الأساسية التي ذكرناها من قبل وهو أن الأصل الحل لقوله - تعالى- " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ".
وأما الشبة فهذا لجأ إليه بعض أهل العلم وقال إنه إذا لم نعلم حكم هذا الحيوان هل هومحرم أم لا؟ فإننا نلحقه حكما بما أشبهه ولكن ظاهر الأدلة يدل على أن المحرم معلوم(3/386)
بنوعه أو بالضوابط التي اشرنا، كما حرم النبي، عليه الصلاة والسلام " كل ذي ناب من السباب وكل ذي مخالب من الطير ".
الشيخ ابن عثمين
* * *
ما يدل أكله من الحيوانات البرية والبحرية
س - أريد معرفة الحيوانات البرية والبحرية التي يحرم أكلها فقد سمعت أنه يجوز أكل السلحفاة مثلا والحمام والضفادع؟
ج- أولا يجب أن تعلم kأن الأصل في الأطعمة والأشربة الحل، إلا ما قام الدليل على تحريمه وإذا شككنا في شيء ما هل حلال أو حرام فإنه حلال حتى نتبين أن محرم. دليل ذلك قوله - تعالى " هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ". فإن قوله خلق لكم ما في الأرض جميعاً يشمل كل شيء في الأرض من حيوان ونبات وغير ذلك وقال - تعالى- " وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه ". وقال النبي، عليه الصلاة والسلام " ما سكت الله عنه فهو عفو ".
وقال، - صلى الله عليه وسلم -، " إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ".
وعلى هذا فالأصل في جميع الحيوانات الحل حتى يقوم دليل التحريم. فمن الأشياء المحرمة الحمر الإنسية لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال " أمر النبي،، أبا طلحة يوم خيبر أن ينادي إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس.
ومن ذلك كل ما له ناب من السباع يفترس به كالذئب والأسد والفيل ونحوه، ومن ذلك أيضاً كل ما له مخلب من الطير يصيد به كالعقاب والبازي والصقر والشاهدين والحدأة وما أشبه ذلك.
لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهي عن كل ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ومن ذلك أيضا ما أمر الشرع بقتله أو نهى عن قتله، أما ما أمر الشرع بقتله فلا يؤكل لأن ما أمر الشرع بقتله مؤذ بطبيعته فإذا تغذي به الإنسان فقد يكسب من طبيعة لحمه ما فيه من(3/387)
الأذى فيكون ميالاً إلى أذية الناس، وأما ما نهى الشارع عن قتله فلأجل احترامه حيث نهى الشارع عن قتله، فمما أمر بقتله الغراب والحدأة وما نهى عن قتله النملة والنحلة والهدهد والصرد ومن ذلك أيضا ما تولد من مأكول وغيره كالبغل لأنه اجتمع فيه مبيح وحاظر فغلب فيه جانب الخطر إذ لا يمكن ترك المحظور هنا إلا بتجنب المأمور فيجب العدول عنه.
ومن ذلك أيضا ما يأكل الجيف كالنسر والرخم وما أشبه ذلك.
هذه سبعة أنواع مما ورد الشرع بتحريمه على أن في بعضها خلافاً بين أهل العلم فترد الأشياء إلى أصولها.
وأما الحيوانات البحرية فكلها حلال صغيرها وكبيرها لعموم قوله - تعالى - " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة ". فصيده ما أخذ وطعامه ما وجد ميتاً، هكذا جاء تفسيرها عن أبي عباس وغيره، ولقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في البحر " الطهور ماؤه الحل ميته ".
ولا يستثنى مما في البحر شيء فكل ما فيه حلال لعموم الآية والحديث، واستثنى بعض العلماء الضفدع والتمساح والحية، والراجح أن كل ما لا يعيش إلا في البحر حلال، والله أعلم.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
حكم أكل السلحفاة والتمساح والقنفد
س - هل يحل أكل الحيوانات الآتية السلحفاة، فرس البحر، التمساح، القنفذاء أم هي حرام أكلها؟
ج- أما القنفذ فحلال أكله لعموم آية " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحاً أو لحم الخنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به ". ولأن الأصل الجواز حتى يثبت ما ينقل عنه. وأما السلحفاة فقال جماعة من العلماء يجوز أكلها ولو لم يذبح لعموم قوله - تعالى - " أحل لكم صيد البحر وطعامه" وقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، " هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". لكن الأحوط ذبحها خروجاً من(3/388)
الخلاف، أما التمساح فقيل يؤكل كالسمك لعموم ما تقدم من الآية والحديث، وقيل " لا يؤكل لكونه من ذوات الأنياب من السباع، والراجح الأول. وأما فرس البحر فيؤكل لما تقدم من عموم الآية والحديث، وعدم وجود المعارض، ولأن فرس البر حلال بالنص ففرس البحر أولى بالحل.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم أكل القنفذ
س - القنفذ هل أكله حلال أم حرام؟
ج- القنفذ المسمى بالنيص دويبة ذات شواك تلتف على نفسها، أكله حلال، لكونه ليس ذا ناب ولا يأكل الجيف وإنما يعيش على الحشائش كالأرنب ونحوها، والأصل في مثل هذا الحل والأباحة حتى يثبت ما يرفع ذلك، أما الحديث الذي رواه أبو داود عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال في القنفذ إنها خبيثة من الخبائث فضعيف عند أهل العلم. وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم النيص
س - حكم النيص الحيوان المعروف؟
ج- قد اختلف العلماء - رحمهم الله - في حكمه فمنهم من أحله ومنهم من حرمه، وأصح القولين أنه حلال، لأن الأصل في الحيوانات الحل فلا يحرم منها إلا ما حرمه الشرع ولم يرد في الشرع ما يدل على تحريم هذا الحيوان وهو يتغدي بالنبات كالأرنب والغزال وليس من ذوات الناب المفترسة، فلم يبق وجه لتحريمه، والحيوان المذكور نوع من القنافذ ويسمى الدلدل ويعلو جلده شوك طوزيل وقد سئل ابن عمر - رضي الله عنه - عن القنفذ فقرأ قوله - تعالى - " لا أجد فيما أوحى إلى محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحاً أو لحم خنزير ". الأية. فقال شيخ عنده إن أبا هريرة روى عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنا قال(3/389)
" إنه خبيثة من الخبائث " فقال ابن عمر إن كان رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال ذلك، فهو كما قال.
فاتضح من كلامه - رضى الله عنه - أنه لا يعلم أن الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، قال في شأن القنفذ شيئاً، كما اتضح من كلامه أيضا عدم تصديقه الشيخ المذكور، والحديث المذكور ضعفه البيهقي وغيره من أهل العلم بجهالة الشيخ المذكور فعلم مما ذكرنا صحة القول بحله وضعف القول بتحريمه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم أكل الضبع
س - ما حكم شرب الدخان وأكل الضبع؟
ج- شرب الدخان حرام، لأنه خبيث مستقذر من ذوي النفوس، والعقول الطيبة السليمة، والله - سبحانه وتعالى - يقول " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. وبقول - سبحانه وتعالي " يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات ". الآية. ولأنه مفتر، وقد نهى رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فيما رواه أحمد وأبو داود عن أم سلمة عن كل مسكر ومفتر، ولثبوت اضراره طبيا بالصحة، ومعلوم أن ما ثبت ضررة حرم استعماله، ولأن الإنفاق والحال ما ذكر يعتبر إضاعة للمال، وقد نهى الرسول، - صلى الله عليه وسلم -، من إضاعة المال، فقد روي البخاري ومسلم - رضي الله عنهما - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، قال " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ". والكراهة هنا كراهة تحريم.
أما أكل الضبع فحلال لما روي الإمام أحمد وأصحاب السنن عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمارة قال قلت لجابر الضبع أصيد هي؟ قال نعم، قلت آكلها؟ قال نعم. قلت أقالة رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -،؟ قال نعم. والله الموفق، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
اللجنة الدائمة
* * *(3/390)
حكم قتل الضفادع وأكلها
س - هل يجوز قتل الضفدع؟ وهل يعتبر الضفدع من الحيوانات البرية والبحرية، إن يكن برياً فهل يجوز أكله بدون الذبح والناس لا يذبحونه، ولا يمكن ذبحه لأنه معلوم العنق وإنما يقطعون منه الرجل للأكل ويرمون الباقثي، وإن يكن بحرياً فما المانع من أن يكون داخلاً في صيد البحر الذي أحله الله؟
يقول بعض أهل العلم أن جميع الأحاديث التي وردت في النهي عن قتل الضفدع ضعيفة ولم يصح منها شيء فماذا تقولون؟
ج- اختلف أهل العلم في حكم أكل الضفدع فمنهم من أجاز أكله، ومنهم منعه، وممن أجاز أكله مالك بن أنس، ومن وافه من أهل العلم، وممن منع أكله الإمام أحمد ومن وافقه من أهل العلم، والذين أجازوه استدلوا بعموم قوله - تعالى - " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة ". وقوله، - صلى الله عليه وسلم -، في البحر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته ". وهذا العموم يتناول الضفدع لأنه من صيد البحر.
والذين منعوا أكله استدلوا بما أخرجه أبو داود في الطب، وفي الأدب، والنسائي في الصيد عن أبن أبي ذبن عن سعيد بن خالد بن سعيد بن المسبب، عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي أن طبيباً سأل رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، عن الضفدع يجلعها في دواء فنهى عن قتلها انتهى.
ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي في مسانديهم والحاكم في المستدرك في الفضائل عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي وأعاده في الطب، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال البيهقي هو أقوى ما ورد في الضفدع.
ففي هذا الحديث دليل على تحريم أكل الضفدع لأن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن قتله والنهي عن قتل الحيوان، إما لحمته كالآدمي، وإما لتحريم أكله كالضفدع، فإنه ليس بمحرم فنصرف النهي إلى أكله.
وهذا الحديث معلول بأن فيه سعيد بن خالد، ضعفه النسائي وأجيب عنه بأنه وثقة ابن حبان، وقال الدارقطني مدني يحتج به، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
اللجنة الدائمة
* * *(3/391)
حكم أكل الحلزون والتمساح
س - هل يجوز أكل الحلزون والتمساح؟
ج- أجاز مالك وجماعة والشافعي أكل الحلزون والتمساح لأنهما من صيد البحر فيدخلان في عموم قوله - تعالى - " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة ". ومنع ذلك أبو حنيفة وجماعة لأنهما من السباع فيدخلان في عموم نهيه، - صلى الله عليه وسلم -، عن أكل كل ذي ناب من السباع والمسألة اجتهادية والأمر فيها واسع والأحوط ترك أكله مراعاة للخلاف وتغليبيا لجانب الخطر.
اللجنة الدائمة
* * *
لحم الخنزير وشحمه حرام
س - يقول - سبحانه وتعالى - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير " الآية، هل أفهم من ذلك أن غير لحم الخنزير حلال كدهنه وشحمه مثلاً؟ ثم إذا كان شحمه ودهنه حراماً فما هو تفسر قوله - تعالى - " ولحم الخنزير " ولم يقل والخنزير؟
ج- قد أجمع العلماء - رحمهم الله - على تحريم الخنزير كله لحمه وشحمه وأحتجوا بهذه الآية الكريمة وما جاء في معناها.
وقالوا إنما حرم لخبثه والخبث يعم اللحم والشحم لكن الله - سبحانه - ذكر اللحم لأنه المقصود والباقي تبع واحتجوا على ذلك أيضا بما ثبت في الصحيحين عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال يوم الفتح " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ". فنص على الخنزير ولم يذكر اللحم فدل ذلك على تعميم التحريم.
الشيخ ابن باز
* * *
الحكمة في تحريم لحم الخنزير
س - ما الحكمة من تحريم أكل لحم الخنزير؟
ج- إن الله أحاط بكل شيء علماً، ووسع كل شيء رحمة وحكمة وعدلاً، فهو - سبحانه -(3/392)
عليم بمصالح عباده رحيم بهم حكيم في خلقه وتدبيره وشرعه فأمرهم بما يسعدهم في الدنيا والأخوة، وأحل لهم ما ينفعهم من الطيبات وحرم عليهم ما يضرهم من الخبائث وقد حرم الله أكل الخنزير وأخبر بأنه رجس، قال - تعالى - " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به ". الآية. فهو إن من الحديث وقد قال - تعالى - " ويحرم عليهم الخبائث ". وقد ثبت بالمشاهدة أن غذاءه القاذورات والنجاسات وأنها أشهى طعام إليه يتتبعها ويغشى أماكنها وقد ذكر أهل الخبرة أن أكله يولد الدود في الجوف وأن له تأثيراً فى إضعاف الغيرة والقضاء على العفة، وأن له مضار أخرى كعسر الهضم ومنع بعض الأجهزة من إفراز عصاراتها لتساعد على هضم الطعام، فإن صح ما ذكروا فهو من الضرر والخبث الذي حرم من أجله، وإن لم يصح فعلى العاقل أن يثق بخبر الله وحكمه فيه بأنه رجس ويؤمن بتحريم أكله ويسلم الحكم لله فيه فأنه - سبحانه - هو الذي خلقه وهو أعلم بما أودعه فيه " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ". وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة
* * *
الخنزير ودهنه
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
س - الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد
قد أطلعت أخياً على كلمة بعنوان " الخنزير ودهنه " بقلم عصام عبد البديع قال فيها وفقه الله (قضية تشغل بال كل مسلم يتوجه إلى أوربا وأمريكا لأي غرض وهو كيف يتسنى له أن يعرف الطعام الذي يقدم له أو يشربه يجب أن يكون خالياً من دهن الخنزير الذي يستخدم بكثرة في المجتمعات الغربية كيف يضمن أن ما يأكله هو حسب الشريعة الإسلامية والسنة المحمدية) . وقال (إذا ماذا يمكن أن تتصرف الأغلبية في هذه الظروف هذا سؤال يهم عدداً كبيراً من تضطرهم الظروف إلى الحياة في المجتمعات الغربية سواء(3/393)
للعمل أو التعليم ونتوجه بهذا السؤال إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله باز رئيس هيئة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ليريح الكثيرون من أبنائنا المبتعثين إلى الخارج والذين كثرت تساؤلاتهم حول هذا الموضوع حتى أن البعض ذهب إلى أن حالتهم هذه حالة ضرورة وأن الضرورات تبيح المحظورات. أم أن ذلك أمراً لا تبيحه الشريعة الإسلامية وأن هناك حلولاً أخرى غير النزول على حكم الضرورة؟
وإني أشكر للأخ الكاتب اهتمامه بهذه المشكلة وبحثه عن حلها وأود أن أجيب عن تساؤله في كلمة موجزة وأسال الله أن ينفع بها فأقول
أولا لا شك أن الطالب المبتعث إلى الخارج يواجه مشكلات عديدة في مطعمه ومشربه ودخوله وخروجه وأدائه للعبادات التي افترضها الله عليه، وهو فوق ذلك محفوف بمخاطر عظيمة إذ يتعرض الشاب للفتن ودعاة الضلال وأرباب المجون وجنود المنظمات الغربية والشرفية ولا عاصم من ذلك إلا من رحم الله، ولهذا فلا ينبغي للطالب المسلم أن يترك الدراسة في بلده ويسافر إلى الخارج فيعرض نفسه لهذه الأخطار العظيمة والفتن الكبيرة.
أما إذا اضطرت البلاد إلى سفر أناس معينين لدراسة علوم خاصة لا توجد في المملكة ولا غيرها من بلاد المسلمين، فعند ذلك ينبغي أن يختار طائفة من أرباب العقل والدين والهفم لأحكام الإسلام ثم يتلقون تلك العلوم في أماكن وجودها مع الحيطة والحذر وشدة المراقبة والمتابعة وبعد نهاية هذه الدراسة يعودون فوراً إلى بلادهم.
ثانيا إن الله - سبحانه وتعالى - عليم بأحوال عباده خبير بما ينفعهم وما يضرهم وقد أنزل على عبده ورسوله محمد، - صلى الله عليه وسلم -، شريعة الإسلام التي جاءت بكل خير وحذرت من كل شيء، وأنه - سبحانه - حرم المحرمات للضرر الموجود فيها على العباد مما علموه وما لم يعلموه، وإن من تلك المحرمات لحم الخنزير لاذي قد دل على تحريمه الكتاب والسنة وإجماع علماء المسلمين، قال - تعالى - " إنما حرم عليكم الميتة ولحم الخنزير ". وقال - تعالى - " قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحاً أو لحم خنزير ". وفي الحديث المتفق عليه " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير(3/394)
والأصنام ". فدل القرآن والسنة على تحريم لحم الخنزير، وعلى ذلك أجمع العلماء. قال بعض العلماء - رحمهم الله تعالى - " وأما الخنزير فقد أجمعت الأمة على تحريم جميع أجزائه " أ. هـ. والله - تعالى - إنما حرم الخبائث لحكم عظيمة يعلمها هو وإن خفيت على غيره ولو أتضح لبعض الخلق بعض الأسرار والحكم من تحريم الله لبعض الأشياء، فإن ما يخفى عليهم أكثر والحكمة في تحريم الخنزير والله أعلم ما يتصف به من القذارة التي تصاحبها الأضرار والأمراض المادية والمعنوية ولذلك أشهى غذائه القاذورات والنجاسات وهو ضار في جميع الأقاليم، ولا سيما الحارة كما ثبت بالتجربة، وأكل لحمه من أسباب وجود الدودة الوحيدة القتالة. ويقال إن له تأثيراً سيئاً في العفة والغيرة ويشهد لهذه حال أهل البلاد الذين يأكلونه. وقد وصل الطب الحديث إلى كثير من الحقائق التي تثبت إصابة كثير من متناولي لحم الخنزير بأمراض يتعذر علاجها ومع أن الطب الحديث المتطور توصل إلى تشخيص أضرار أكل لحم الخنزير فقد يكون ما خفي فيه من الأضرار ولم يصل إليه الطب أضعاف أضعافها.
ثالثا إن للأكل من الحلال والطيب من المطاعم أثراً عظيماً في صفاء القلب واستجابة الدعاء وقبول العبادة كما أن الأكل من الحرام يمنع قبولها، قال - تعالى - عن اليهود " أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم سماعون للكذب أكالون للسحت ". أي الحرام، ومن كانت هذه صفته كيف يطهر الله قلبه وأنى يستجيب له؟ قال، - صلى الله عليه وسلم -، " أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال - تعالى - " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً " وقال - تعالى - " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات من رزقناكم " ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول يارب يا رب ومعطعمه حرام ومشربه حرام وملسه حرام وغذي بالحرام فأني يستجاب له.
رابعا إذا علم ما تقدم فإن الواجب على المسلم أن يتقي الله - سبحانه وتعالى - ويكف عن المحرمات وأن لا يضع نفسه موضعاً لا يستطيع فيه أن يطيع الله ويلتزم أحكامه ولا ينبغي للمسلم أن يضع نفسه هذا الموضع ثم يلتفت إلى العلماء ويقول أريد حلاً من الإسلام لهذه المشكلة، ذلك أن المشكلة إنما تحل بأخذ رأي الإسلام في جميع جوانبها، أما(3/395)
إهمال جانب أو التساهل فيه ومحاولة الأخذ بجانب واحد فقط فإنه لا يجدي شيئاً.
خامسا لا يجوز للطالب المنبعث أن يأكل شيئاً من لحم الخنزير أو سائر أجزائه مدعياً أن حالته حالة ضرورة والضرورات تبيح المحظورات، فإن هذا زعم خاطئي، فالمبعث لم يلجأ إلى الابتعاث والاستمرار فيه ولن يهلك إذا لم يأكل لحم الخنزير، أما الحلول الأخرى التي يطلبها صاحب الكلمة المشار إليها فإنها بالإضافة إلى ما تقدم تنبعث من تقوي الله - سبحانه وتعالى - وهو يقول " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ". ويرى الشاهد ما لايرى الغائب، وما أرخص الدهون في بلاد المسلمين ويستطيع المنبعث نقل حاجته معه منها أو أو ترسل إليه، أو أن تجتمع جماعة من المبتعثين ويهيئوا لأنفسهم المآكل المناسب المباحة شرعاً كالأسماك ونحوها، ولو احتاج الأمر أن يذبحوا لأنفسهم وما يحصل في ذلك من المشقة ينبغي تحمله في سبيل مرضاة الله وعدم الوقوع فيما حرم.
وختاماً أكرر شكري للأخ عصام عبد البديع الذي طرح هذه المشكلة، وأسال الله أن يوفق أبناء المسلمين لطاعة ربهم والتزام شريعته والعلم بأحكامه والحذر من مكائد أعدائه إنه سميع قريب وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.
وصلي الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.
الرئيس العام لإدارات البحثو العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
* * *
الحكمة من تحريم لحم الخنزير
س - أنا اقيم في السويد ويعرض في المطاعم لحم الخنزير، ولقد تعرض بالسؤال من قبل بعض الأشخاص وهو لم حرم لحم الخنزير؟ وما هو السبب؟ وما هو الدليل على هذا؟ أرجو الإجابة الوافية على هذا.
ج- لحم الخنزير حرمه الله - سبحانه وتعالى - في كتابه في عدة مواضع وأجمع المسلمين على(3/396)
تحريمه، وبين الله - سبحانه وتعالى - الحكمة من تحريمه بقول " قل لا أجد في ما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً أو لحم خنزير فإنه رجس ". وبدنه، والرب - عز وجل - هو الخالق وهو العالم بما في مخلوقاته من أضرار ومنافع، فإذا قال لنا - عز وجل - أنه حرم الخنزير لأنه رجس علمنا بأن هذه الرجسية ضارة لنا في ديننا وأبداننا وحينئذ نقول لكل إنسان سأل عن الحكمة في تحريم لحم الخنزير أنه رجس أي نجس ضار بالنسبة للبدن وبالنسبة للدين.
وقد قيل إن من خلق هذا الحيوان النجس قلة الغيرة، فإذا تغذى الإنسان به فقد تسلب منه الغيرة على محارمه وأهله لأن الإنسان قد يتأثر بما يتغذي به، أفلم تر إلى نهي النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن أكل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخالب من الطير، لأن هذه السباع وهذه الطيور من طبيعتها العدوان والافتراس فيخشى إذا تغذى بها الإنسان أن ينال من هذا الطبع لأن الإنسان يتأثر بما يتغذى به، فهذه هي الحكمة من تحريم لحم الخنزير.
وهذا القول حينما نقوله لإنسان لا يؤمن بالقرآن ولا بأحكام الله وقد نقوله لإنسان يؤمن بذلك ولكن ليطئمن قلبه ويزداد ثباتاً. والمؤمن بمجرد أن يقال هذا حكم الله ورسوله فهو عنده حكمة الحكم كما قال الله - تعال - " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ". وقال - تعالى - " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون. ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ".
لما سئلت عائشة - رضي الله عنها - ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ذكرت أن العلة في ذلك أمر الله ورسوله، فقالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة.
فالمؤمن يقتنع بالحكم الشرعي بمجرد ثبوته حكماً من الله ورسوله، ويستسلم لذلك ويرضى به.
لكن إذا كنا نخاطب شخصا ضعيف الإيمان أو شخصاً لا يؤمن بالله ورسوله فحينئذ(3/397)
يتعين علينا أن نتطلب الحكمة وأن نبينها.
ولهذا ينبغي لطالب العلم في هذا الوقت الذي ضعف فيه اليقين وكثر فيه الجدل أن يكون لديه علم في الحكم الشرعية التي تبني عليها الأحكام ليكون مقنعا لمن بحاجة بالدليل والتعليل حتى لا تبقى شبهة لمعارض أو مشاغب والله المستعان.
الشيخ ابن عثيمين
* * *
الخنزير دابة مستقذرة
س - لماذا حرم لحم الخنزير على المسلم؟
ج- الخنزير دابة مستقذرة تألف النجاسات وتحرص على أكل العذرة ورجيع الناس والدواب، فيكسب ذلك نجاسة في لحمها وينتج من ذلك سوء التغذية، وحيث أن هذا طبعها فلا فرق بين ما غذيت بالدم والعذرة وما غذيت بغيرها.
الشيخ ابن جبرين
* * *
حكم أكل الدجاج الذي يتغذى على لحم الخنزير
س - فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من الشباب المسلم بيح بني مراد إلى سماحة الرئيس العام والمحال إليها برقم 286 في 10 2 1401هـ ونصه (أن الدجاج يغذونه بمأكولات مختلفة ومن بين هذه المأكولات طحين لحوم الحيوانات الميتة وفيها لحم الخنزير، فهل هذا الدجاج المغذى بهذا اللحم حلال أم حرام؟ وإذا كان حراماً فما حكم بيضه؟
ج- وأجابت بما يلي
إذا كان الواقع كما ذكر من التغذية ففي أكل لحمه وبيضه خلاف بين العلماء، فقال مالك وجماعة إن أكل لحمه وبيضه مباح، لأن الأغذية النجسة طهرت باستحالتها إلى لحم وبيض، وذهب جماعة منهم الثوري والشافعي وأحمد إلى تحريم أكلها بيضها وشرب لبنها، وقيل إن كان أكثر علفها النجاسة فهي جلالة فلا تؤكل، وإن كان أكثر علفها طاهراً(3/398)
أكلت، وقال جماعة بالتحريم لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي عن أبن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن شرب لبن الجلالة، وصححه الترمذي وابن دقيق العيد ولما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، نهى عن أكل الجلالة وألبانها. والجلالة هي التي تأكل العذرة وسائر النجاسات والراجح القول بالتفصيل وهو الثاني فيما تقدم. وصلى الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ ابن باز
* * *
حكم أكل الميتة
س - سائل يسأل عن جواز أكل الميتة في صحراء خالية، وقد انقطع الأكل من الطعام فقط منذ مدة طويلة، مع العلم أن معه الماء الكفاي لوصوله إلى مناطق مأهولة؟
ج- إذا اضطر إلى ذلك وخاف على نفسه الموت إن لم يأكل جاز له ذلك لقوله - سبحانه - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقيموا بالأزلام ذلكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً. فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فان الله غفور رحيم ".
الشيخ ابن باز
* * *(3/399)
أحكام الذبائح
ذبائح أهل الكتاب
ذبائح أهل الكتاب حلال ولو كانوا منحرفين عن دينهم والذبح بالآلآت جائز بشروط
س - نستورد بلدنا (مصر) اللحوم من البلدان النصرانية واليهودية وأحياناً من البلدان الشيوعية، ولقد وصلتنا أخبار بأن معظم هذه البلدان لا تذبح وفقا للطريقة الإسلامية، بالإضافة إلى ذلك يقول بعض الناس أن النصارى الموجودين اليوم كفرة بدينهم وبالإنجيل الذي بين أيديهم وأن أكثرهم قد ألحد وترك دينه ومنهم من تمسك بما يسمى بالكتاب المقدس الذي هو عبارة عن كتاب وضعه كبار القساوسة آخذين ما فيه من عدة أناجيل ولذلك يعتبرون كفرة بالإنجيل الذي كان على عهد رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه كان إنجيلاً محرفا.
ويقول البعض أن طريقة الذبح بالمجزر الآلي حتى ولو كانت وفقاً للإسلام فلابد من أن يكون الموظف المختص الذي يضغط على الزرار (مفتاح التشغيل) أن يكون من المسلمين أو الكتابيين وعلى قوله السابق لا يوجد كتابيون الآن، ويقولون إننا لو اعتبرنا أن المجزر الآلي هو الذي يذبح دون اعتبار للموظف الذي يقوم بتشغيله فإن الذبيحة تعتبر قتلاً كالذي وقعت عليه سكين فمات.
لو افترضنا أن البلد المصدر شيوعي ولكنهم يذبحون بالمجزر الآلي حسب الشريعة الإسلامية فما حكم هذا النوع من الذبح؟
أرجو من حضراتكم النظر في جميع أجزاء هذه الاستفتاءات والإجابة عليها بالتفصيل لأن هذه الموضوعات مسببة لكثير من المسلمين مشكلات ونحن لا نأكل هذه اللحوم منذ حوالي عام؟
ج- أولا كان اليهود والنصارى كافرين بكثير من أصول الإيمان التي جاءت في التوراة والإنجيل فكان الهيود كافرين بنبوة بعض الأنبياء كعيس ومحمد عليهما الصلاة والسلام،(3/400)
ويقتلون الأنبياء بغير حق وحرقوا كثيراً من أحكام التوراة. وكان جماعة منهم يقولون إن عزيزاً ابن الله.. الخ وكان النصارى يقولون إن الله ثالث ثلاثة، وإن المسيح ابن الله، ويكفرون بنبوءة محمد، - صلى الله عليه وسلم -، ... الخ ومع هذا سماهم الله أهل الكتاب، وأحل ذبائحهم ونكاح نسائهم المحصنات للمسلمين ولم يكن كفهرم وشركهم وتحريفهم لكتبهم مانعاً من إجراء أحكام أهل الكتاب عليهم في عهد النبي، - صلى الله عليه وسلم -، فلا يكون مانعاً من إجراء عليهم إلى يوم القيامة.
ثانيا الذبح بالآلات التي تقطع ما شرع قطعة من الحيوانات المأكولة اللحم على الطريقة الشرعية لا يختلف عن الذبح بالسكين فإذا قصد الذبح من حرك الآلة بأي وسيلة وذكر أسم الله وحده حين ذاك أكلت ذبيحته إذا كان مسلماً أو يهودياً أو نصرانياً، لأن كل ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فهو حلال أكله إلا السن والظفر.
اللجنة الدائمة
* * *
حكم أكل ذبائح النصارى
س - هل يحل أكل ذبائح النصارى في زمننا الحاضر؟ علماً بتعدد طرق الذبح لديهم كاستخدام الماكينات والمواد المخدرة في عملية الذبح؟
ج- يجوز أكل ذبائحهم ما لم يعلم أنها ذبحت بغير الوجه الشرعي، لأن الأصل حلها كذبيحة المسلم لقول الله - تعالى - " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ".
الشيخ ابن باز
* * *
حكم ذبائح النصارى التي ذبحت بالصعق الكهربائي أو قطف الرقبة وحكم شحم الخنزير
س - ف. ت. من ألمانيا يسأل عن مسألتين الأولى يقول فيها إن المجازر النصرانية في معظم البلاد الأوربية والأمريكية درجت على ذبح الخرفان بواسطة الصرع الكهربائي وعلى(3/401)
ذبح الدجاج بواسطة قصف الرقبة. فما حكم ذلك؟
والثانية يسأل فيها عن حكم شحم الخنزير، وأنه بلغه عن بعض علماء العصر حل ذلك؟
ج- الجواب على المسألة الأولى أن يقال قد دل كتاب الله العزيز والسنة المطهرة وإجماع المسلمين على حل طعام أهل الكتاب بقول الله - سبحانه - " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم ". الآية من سورة المائدة، هذه الآية الكريمة قد دلت على حل طعام أهل الكتاب والمراد من ذلك ذبائحهم وهم بذلك ليسوا أعلى من المسلمين بل هم في هذا الكتاب كالمسلمين فإذا علم أنهم يذبحون ذبحاً يجعل البهيمة في حكم الميتة حرمت كما لو فعل ذلك المسلم لقول الله - عز وجل - " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة " الآية. فكل ذبح من مسلم أو كتابي يجعل الذبيحة في حكم المنخفنقة أو الموقودة أو المتردية أو النطيحة فهو ذبح يحرم البهيمة ويجعلها في عداد الميتات لهذه الآية الكريمة، وهذه الآية يخص بها عموم قوله - سبحانه - " وطعام الذي أوتوا الكتاب حل لكم ". كما يخص بها الأدلة الدالة على حل ذبيحة المسلم إذا وقع منه الذبح على وجه يجعل ذبيحته في حكم الميتة، أما قولكم أن المجازر النصرانية درجت على ذبح الخرفان بواسطة الصرع الكهربائي وفي ذبح الدجاج بواسطة قصف الرقبة فقد سألت بعض أهل الخبرة عن معنى الصرع والقصف لأنكم لم توضحوا معناهما فأجابنا المسؤول بأن الصرع هو إزهاق الروح بواسطة الكهرباء من غير ذبح شرعي، وأما القصف فهو قصف الرقبة مرة واحدة فإن كان هذا هو المراد من الصرع والقصف فالذبيحة بالصرع ميتة لكونها لم تذبح الذبح الشرعي الذي يتضمن قطع الحلقوم والمرئ وإساله الدم، وقد صح عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل ليس السن والظفر ". وأما القصف بالمعنى المتقدم فهو يحل الذبيحة لأنه مشتمل على الذبح الشرعي وهو قطع الحلقوم والمرئ والودجين وفي ذلك إنهار الدم مع قطع ما ينبغي قطعه، أما إن كان المراد بالصرع والقصف لديكم غير ما ذكرنا فنرجو الإفادة عنه حتى يكون الجواب على ضوء ذلك، وفق الله الجميع لإصابة الحق.
أما المسألة الثانية وهي شحم الخنزير فالجواب عن ذلك أن الذي عليه الائمة(3/402)