الرد على سير الأوزاعى لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري
____________________
(1/1)
بسم الله الرحمن الرحيم باب قسمة الغنائم
عن أبي يوسف قال قال أبو حنيفة رضي الله عنهما إذا غنم جند من المسلمين غنيمة في أرض العدو من المشركين فلا يقتسمونها حتى يخرجوها إلى دار الإسلام ويحرزوها
وقال الأوزاعي لم يقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة أصاب فيها مغنما إلا خمسه وقسمه قبل أن يقفل من ذلك غزوة بني المصطلق وهوازن ويوم حنين وخيبر وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر حين افتتحها صفية رضي الله عنها وقتل كنانة بن الربيع وأعطى أخته دحية ثم لم يزل المسلمون على ذلك بعده وغلته جيوشهم
____________________
(1/1)
في أرض الروم في خلافة عمر بن الخطاب وخلافة عثمان رضي الله عنهما في البر والبحر ثم هلم جرا وفي أرض الشرك حتى هاجت الفتنة وقتل الوليد بن يزيد لم يخرج جيش منهم من أرض الروم إلا بعد ما يفرغون من قسم غنائمهم
قال أبو يوسف رضي الله عنه أما غزوة بني المصطلق فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح بلادهم وظهر عليهم فصارت بلادهم دار الإسلام وبعث الوليد بن عقبة يأخذ صدقاتهم وعلى هذه الحال كانت خيبر حين
____________________
(1/2)
افتتحها وصارت دار الإسلام وعاملهم على النخل وعلى هذا كانت حنين وهوازن ولم يقسم فيء حنين إلا بعد منصرفه عن الطائف حين
____________________
(1/3)
سأله الناس وهم بالجعرانة أن يقسمه بينهم فإذا ظهر الإمام على دار وأثخن أهلها فيجري حكمه عليها فلا بأس أن يقسم الغنيمة فيها قبل
____________________
(1/4)
أن يخرج وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه أيضا وإن كان مغيرا فيها لم يظهر عليها ولم يجر حكمه فإنا نكره أن يقسم فيها غنيمة أو فيئا من قبل أنه لم يحرزه ومن قبل أنه لو دخل جيش من جيوش المسلمين مددا لهم شركوهم في تلك الغنيمة ومن قبل أن المشركين لو استنقذوا ما في أيديهم ثم غنمه جيش آخر من جيوش المسلمين بعد ذلك لم يرد على الأولين منه شيء وأما ذكر عن المسلمين أنهم لم يزالوا يقسمون مغانمهم في خلافة عمر وعثمان رضي الله عنهما في أرض الحرب فإن هذا ليس يقبل إلا عن الرجال الثقات فعمن هذا الحديث وعمن ذكره وشهده وعمن روي ونقول أيضا إذا قسم الإمام في دار الحرب فقسمه جائز فإن لم يكن معه حمولة يحمل عليها المغنم أو احتاج المسلمون إليها أو كانت علة فقسم لها المغنم ورأى أن ذلك أفضل فهو مستقيم جائز غير أن أحب ذلك إلينا وأفضله ألا يقسم شيئا من ذلك إذا لم يكن به إليه حاجة حتى يخرجه إلى دار الإسلام
قال أبو يوسف حدثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي عن عمر رضي الله
____________________
(1/5)
عنه أنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص إني قد أمددتك بقوم فمن أتاك منهم قبل أن تتفقا القتلى فاشركه في الغنيمة
قال أبو يوسف وهذا يعلم أنهم لم يحرزوا ذلك في أرض الحرب
____________________
(1/6)
قال أبو يوسف ثنا محمد بن إسحاق سئل عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال فينا أصحاب محمد وأنزلت يسألونك عن الأنفال الآية انتزعه الله منا حين اختلفنا وساءت أخلافنا فجعله الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم يجعله حيث شاء
قال أبو يوسف وذلك عندنا لأنهم لم يحرزوه ويخرجون إلى دار الإسلام
____________________
(1/7)
حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس
____________________
(1/8)
رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقسم غنائم بدر إلا من بعد مقدمه المدينة
والدليل على ذلك أنه ضرب لعثمان وطلحة رضي الله عنهما في ذلك بسهم سهم فقالا وأجرنا فقال وأجركما ولم يشهدا وقعة بدر
____________________
(1/9)
حدثنا أشياخنا عن الزهري ومكحول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يقسم غنيمة في دار الحرب
____________________
(1/10)
قال أبو يوسف وأهل الحجاز يقضون بالقضاء فيقال لهم عمن فيقولون بهذا جرت السنة وعسى أن يكون قضى به عامل السوق أو عامل ما من الجهات وقول الأوزاعي رحمه الله على هذا كانت المقاسم في زمان عمر وعثمان رضي الله عنهما وهلم جرا غير مقبول عندنا
حدثنا الكلبي من حديث رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بعث عبد الله بن جحش رضي الله عنه إلى بطن نخلة فأصاب هنالك عمرو بن الحضرمي وأصاب أسيرا أو اثنين وأصاب ما كان معهم من أدم وزيت وتجارة من تجارة أهل الطائف فقدم بذلك على رسول الله
____________________
(1/11)
صلى الله عليه وسلم ولم يقسم ذلك عبد الله بن جحش حتى قدم المدينة وأنزل الله عز وجل في ذلك يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير حتى فرغ من الآية فقبض رسول الله المغنم وخمسه
حدثنا محمد بن إسحاق بن مكحول عن الحارث بن معاوية قال قيل لمعاذ بن حنبل رضي الله عنه إن شرحبيل بن حسنة باع غنما وبقرا أصابها بقنسرين نحلها الناس وقد كان الناس يأكلون ما أصابوا من المغنم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يبيعونه فقال معاذ لم يسيء شرحبيل إذا لم يكن المسلمون محتاجين إلى لحومها فقووا على خلتها فليبيعوها فليكن ثمنها في الغنيمة والخمس وإن كان المسلمون محتاجين إلى لحومها فلنقسم عليهم فيأكلونها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب أموال أهل خيبر وفيها الغنم والبقر فقسمها وأخذ الخمس وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطعم الناس ما أصابوا من الغنم والبقر إذا كانوا محتاجين
____________________
(1/12)
باب أخذ السلاح
قال أبو حنيفة رضي الله عنه لا بأس أن يأخذ الرجل السلاح من الغنيمة إذا احتاج إليه بغير إذن الإمام فيقاتل به حتى يفرغ من الحرب ثم يرده في المغنم
وقال الأوزاعي يقاتل به ما كان الناس في معمعة القتال ثم يرده في مقاسمهم ولا ينتظر برده الفراغ من الحرب فيعرضه للهلاك وانكسار
____________________
(1/13)
سنه من طول مكنه في دار الحرب وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياك وربا الغلول أن تركب الدابة حتى تحسر قبل أن تؤدي إلى المغنم وتلبس الثوب حتى يخلق قبل أن ترده إلى المغنم
قال أبو يوسف قد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال الأوزاعي ولحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم معان ووجوه وتفسير لا يفهمه ولا يبصره إلا من أعانه الله تعالى فهذا الحديث
____________________
(1/14)
عندنا على من يفعل ذلك وهو عنه غني يبقى بذلك على دابته وعلى ثوبه أو يأخذ ذلك يريد به الخيانة فاما رجل مسلم في دار الحرب ليس معه دابة وليس مع المسلمين فضل يحملونه إلا دواب الغنيمة ولا يستطيع أن يمشي فإذا كان هذا فلا يحل للمسلمين تركه ولا بأس بتركيبه إن شاءوا وإن كرهوا وكذلك هذه الحال في الثياب وكذلك هذه الحال في السلاح والحال في السلاح أبين وأوضح ألا ترى أن قوما من المسلمين لو تكسرت سيوفهم أو ذهبت ولهم عناء في المسلمين أنه لا بأس أن يأخذوا سيوفا من الغنيمة فيقاتلوا بها ما داموا في دار الحرب أرأيت إن لم يحتاجوا إليها في معمعة القتال واحتاجوا إليها بعد ذلك بيومين أغار عليهم العدو أيقومون هكذا فى وجه العدو بغير سلاح أرأيت لو كان المسلمون كلهم على حالهم كيف يصنعون أيستأسرون هذا الرأي فيه توهين لمكيدة المسلمين ولجنودهم وكيف يحل هذا ما دام في المعمعة ويحرم بعد ذلك وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثقات حديث
____________________
(1/15)
مسند عن الرجال المعروفين بالفقه المأمونين عليه أنه كان يغنم الغنيمة فيها الطعام فيأكل أصحابه منها إذا احتاج الرجل شيئا يأخذه وحاجة الناس إلى السلاح في دار الحرب وإلى الدواب وإلى الثياب أشد من حاجتهم إلى الطعام
حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن أبي المجالد عن عبد الله ابن أبي أوفي رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر يأتي أحدنا إلى الطعام من الغنيمة فيأخذ منه حاجته
____________________
(1/16)
باب سهم الفارس والراجل وتفضيل الخيل
قال أبو حنيفة رضي الله عنه يضرب للفارس بسهمين سهم له وسهم لفرسه ويضرب للراجل بسهم
وقال الأوزاعي أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للفرس بسهمين ولصاحبه بسهم وأخذ المسلمون بعده إلى اليوم لا يختطفون فيه
____________________
(1/17)
باب سهم الفارس والراجل وتفضيل الخيل
قال أبو حنيفة رضي الله عنه يضرب للفارس بسهمين سهم له وسهم لفرسه ويضرب للراجل بسهم
وقال الأوزاعي أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للفرس بسهمين ولصاحبه بسهم وأخذ المسلمون بعده إلى اليوم لا يختطفون فيه
____________________
(1/18)
وقال أبو حنيفة الفرس والبرذون سواء
____________________
(1/19)
وقال الأوزاعي كان أئمة المسلمين فيما سلف حتى هاجت الفتة من بعد قتل الوليد بن يزيد لا يسهمون للبراذين
____________________
(1/20)
قال أبو يوسف كان أبو حنيفة رضي الله عنه يكره أن تفضل بهيمة على رجل مسلم ويجعل سهمها في القسم أكثر من سهمه فأما البراذين فما كنت أحسب أحدا يجهل هذا ولا يميز بين الفرس والبرذون ومن كلام العرب المعروف الذي لا تختلف فيه العرب أن تقول هذه الخيل ولعلها براذين كلها أو جلها ويكون فيها المقاريف أيضا ومما نعرف نحن في الحرب أن البراذين أوفق لكثير من الفرسان من الخيل في لين عطفها وقودها وجودتها مما لم يبطل الغاية وأما قول الأوزاعي على هذا كانت أئمة المسلمين فيما سلف فهذا كما وصف من أهل الحجاز أو رأى بعض مشائخ الشام ممن لا يحسن الوضوء ولا التشهد ولا أصول الفقه صنع هذا فقال الأوزاعي بهذا مضت السنة
وقال أبو يوسف بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن غيره من أصحابه أنه أسهم للفارس بثلاثة أسهم وللراجل بسهم وبهذا نأخذ
____________________
(1/21)
وقال أبو حنيفة إذا كان الرجل في الديوان راجلا ودخل أرض العدو غازيا راجلا ثم ابتاع فرسا يقاتل عليه وأحرزت الغنيمة وهو فارس أنه لا يضرب له إلا سهم راجل
وقال الأوزاعي لم يكن للمسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ديوان وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسهم للخيل وتتابع على ذلك أئمة المسلمين
وقال أبو يوسف ليس فيها ذكر الأوزاعي رحمه الله حجة ونحن أيضا نسهم للفارس كما قال فهل عنده أثر مسند عن الثقات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم سهم فارس لرجل غزا معه راجلا ثم استعار أو اشترى فرسا فقاتل عليه عند القتال ويفسرها هكذا وعليه في هذا
____________________
(1/22)
أشياء أرأيت لو قاتل عليه بعض يوم ثم باعه من آخر فقاتل عليه ساعة أكل هؤلاء يضرب لهم بسهم فرس وإنما هو فرس واحد هذا لا يستقيم وإنما توضع الأمور على ما يدخل عليه الجند فمن دخل فارسا أرض الحرب فهو فارس ومن دخل راجلا فهو راجل على ما عليه الدواوين منذ زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى يومك هذا
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه في الرجل يموت في دار الحرب أو يقتل إنه لا يضرب له بسهم في الغنيمة
وقال الأوزاعي رحمه الله أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من المسلمين قتل بخيبر فأجمعت أئمة الهدى على الإسهام لمن مات أو قتل
وقال أبو يوسف حدثنا بعض أشياخنا عن الزهري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يضرب لأحد ممن استشهد معه بسهم في شيء
____________________
(1/23)
من المغانم قط وأنه لم يضرب لعبيدة بن الحارث رضى الله عنه في غنيمة بدر ومات بالصفراء قبل أن يدخل المدينة
وقال أبو يوسف رضى الله عنه ما قاله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال ولرسول الله صلى الله عليه وسلم في الفئ وغيره حال ليست لغيره وقد أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان بن عفان رضي الله عنه في بدر ولم يشهدها فقال وأجرى يارسول الله قال وأجرك قال وأسهم أيضا لطلحة بن عبيد الله في بدر ولم يشهدها فقال وأجرى قال وأجرك ولو أن إماما من أئمة المسلمين أشرك قوما لم يغزوا مع الجند لم يتسع ذلك له وكان مسيئا فيه وليس للأئمة في هذا ما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لأحد من الغنيمة ممن قتل يوم بدر ولا يوم حنين ولا يوم خيبر وقد قتل بها رهط معروفون فما نعلم أنه أسهم لأحد منهم وهذا ما لا يختلف فيه فعليك من الحديث بما تعرف العامة وإياك والشاذ منه فإنه حدثنا ابن أبي كريمة
____________________
(1/24)
عن أبي جعفر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا اليهود فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه الصلاة والسلام فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فخطب الناس فقال إن الحديث سيشفو عني فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني
____________________
(1/25)
عن أبي جعفر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا اليهود فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه الصلاة والسلام فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فخطب الناس فقال إن الحديث سيشفو عني فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني
____________________
(1/26)
عن أبي جعفر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا اليهود فسألهم فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه الصلاة والسلام فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فخطب الناس فقال إن الحديث سيشفو عني فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني
____________________
(1/27)
حدثني مسعر بن كدام والحسن بن عمارة عن عمرو بن
____________________
(1/28)
مرة عن أبي البحتري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال إذا أتاكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظنوا أنه الذي هو أهدى والذي وهو أتقى والذي هو أحيا
حدثنا أشعت بن سوار وإسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي
____________________
(1/29)
عن قرظة بن كعب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال أقبلت في رهط من الأنصار إلى الكوفة فشيعنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمشي حتى انتهينا إلى مكان قد سماه ثم قال هل تدرون لم مشيت معكم يا معشر الأنصار قالوا نعم لحقنا قال إن لكم الحق ولكنكم تأتون قوما لهم دوي بالقرآن كدوي النحل فأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم فقال قرظة لا أحدث حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا
كان عمر رضي الله عنه فيما بلغنا لا يقبل الحديث عن رسول الله
____________________
(1/30)
صلى الله عليه وسلم إلا بشاهين ولولا طول الكتاب لأسندت الحديث لك وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه لا يقبل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرواية تزداد كثرة ويخرج منها ما لا يعرف ولا يعرفه أهل الفقه ولا يوافق الكتاب ولا السنة فإياك وشاذ الحديث وعليك بما علية الجماعة من الحديث وما يعرفه الفقهاء وما يوافق الكتاب والسنة فقس الأشياء على ذلك فما خالف القرآن فليس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن جاءت به الرواية
حدثنا الثقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرضه الذي مات فيه إني لأحرم ما حرم القرآن والله لا يمسكون على بشيء
____________________
(1/31)
فأجعل القرآن والسنة المعروفة لك إماما قائدا واتبع ذلك وقس عليه ما يرد عليك مما لم يوضح لك في القرآن والسنة
حدثنا الثقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قسمة هوازن أن وفد هوازن سألوه فقال أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وأسأل لكم الناس إذا صليت الظهر فقوموا وقولوا إنا نتشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين وبالمسلمين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاموا ففعلوا ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم فقال المهاجرون وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت الأنصار مثل ذلك وقال عباس بن مرداس أما ما كان لي ولبني سليم فلا وقالت بنو سليم أما ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الأقرع بن حابس أما ما كان لي ولبني تميم فلا
____________________
(1/32)
وقال عيينة أما ما كان لي ولبني فزارة فلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تمسك بحصته من هذا السبي فله بكل رأس ست فرائض من أول فيء نصيبه فردوا إلى الناس أبناءهم ونساءهم فرد الناس ما كان في أيديهم
____________________
(1/33)
ولرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا حال لا تشبه حال الناس ولو أن إماما أمر جندا أن يدفعوا ما في أيديهم من السبي إلى أصحاب السبي بست فرائض كل رأس لم يجز ذلك له ولم ينفذ ولم يستقم ولا تشبه الأئمة في هذا والناس النبي صلى الله عليه وسلم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا قد نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وهذا حيوان بعينه بحيوان بغير عينه
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا دخل الجيش أرض الحرب فغنموا غنيمة ثم لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام مددا لهم ولم يلقوا عدوا حتى خرجوا بها إلى دار الإسلام فهم شركاء فيها
وقال الأوزاعي رحمه الله قد كانت تجتمع الطائفتان من المسلمين بأرض
____________________
(1/34)
الروم ولا تشارك واحدة منهما صاحبتها في شيء أصابته من الغنيمة لا ينكر ذلك منهم والي جماعة ولا عالم
وقال أبو يوسف رحمه الله حدثنا الكلبي وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه بعث أبا عامر الأشعري رضي الله عنه يوم حنين إلى أوطاس فقاتل من بها ممن هرب من حنين وأصاب المسلمون يؤمئذ سبايا وغنائم فلم يبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قسم من غنائم أهل حنين أنه فرق بين أهل أوطاس وأهل حنين ولا نعلم إلا أنه جعل ذلك غنيمة واحدة وفيئا واحدا
وحدثنا مجالد عن عامر الشعبي وزياد بن علاقة الثعلبي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما قد أمددتك بقوم فمن أتاك منهم قبل أن تتفقا القتلى فأشركه في الغنيمة
____________________
(1/35)
حدثني محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعث عكرمة رضي الله عنه ابن أبي جهل في خمسمائة من المسلمين مددا لزياد بن لبيد وللمهاجر بن أبي أمية رضي الله عنهما فوافقوا الجند قد افتتح النجير من اليمن فأشركهم زياد بن لبيد وهو ممن شهد بدرا في الغنيمة
وقال أبو يوسف رحمه الله فما كنت أحسب أحد يعرف السنة
____________________
(1/36)
والسيرة يجهل هذا ألا ترى أنه لو غزا أرض الروم جند فدخل فأقام في بعض بلادهم ثم فرق السرايا وترك الجند ردا لهم لولا هؤلاء ما قترب السرايا أن يبلغوا حيث بلغوا وما أظنه كان للمسلمين جند عظيم في طائفة أخطأهم أن يكون مثل هذا فيهم وما سمعنا أحد منهم قسط الغنائم مفترقة على كل سرية أصابت شيئا ما أصابت
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في المرأة تداوي الجرحى وتنفع الناس لا يسهم لها ويرضخ لها
وقال الأوزاعي رحمه الله أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء بخيبر وأخذ المسلمون بذلك بعده
____________________
(1/37)
قال أبو يوسف رحمه الله ما كنت أحسب أحدا يعقل الفقه يجهل هذا ما نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء في شيء من غزوة وما جاء في هذا من الأحاديث كثير لولا طول ذلك لكتبت لك من ذلك شيئا كثيرا
حدثنا محمد بن إسحاق وإسماعيل بن أمية عن ابن هرمز قال كتب نجدة إلى ابن عباس رضي الله عنها كان النساء يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه ابن عباس رضي الله عنه كان النساء يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يرضخ لهن من الغنيمة ولم يكن يضرب لهن بسهم
والحديث في هذا كثير والسنة في هذا معروفة
____________________
(1/38)
وقال أبو حنيفة رضى الله عنه فيمن يستعين به المسلمون من أهل الذمة فيقاتل معهم العدو لا يسهم لهم ولكن يرضخ لهم
وقال الاوزاعى أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الله لمن غزا معه من يهود وأسهم ولاة المسلمين بعده لمن استعانوا على عدوهم من أهل الكتاب والمجوس
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى عليه ما كنت أحسب أحدا من أهل الفقه يجهل هذا ولا يشك
____________________
(1/39)
حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهود قنيقاع فرضخ لهم ولم يسهم لهم
والحديث في هذا معروف مشهور والسنة فيه معروفة باب سهمان الخيل
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في الرجل يكون معه فرسان لا يسهم له إلا لواحد
____________________
(1/40)
وقال الأوزاعي رحمه الله يسهم للفرسين ولا يسهم لأكثر من ذلك وعلى ذلك أهل العلم وبه عملت الأئمة
قال أبو يوسف لم يبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه أسهم للفرسين إلا حديث واحد وكان الواحد عندنا شاذا لا نأخذ به وأما قوله بذلك عملت الأئمة وعليه أهل العلم فهذا مثل قول أهل الحجاز وبذلك مضت السنة وليس يقبل هذا ولا يحمل هذا عن الجهال فمن الإمام الذي عمل بهذا والعالم الذي أخذ به حتى
____________________
(1/41)
ننظر أهو أهل لأن يحمل عنه مأمون هو على العلم أولا وكيف يقسم للفرسين ولا يقسم لثلاثة من قبل ماذا وكيف يقسم للفرس المربوط في منزلة لم يقاتل عليه وإنما قاتل على غيره فتفهم في الذي ذكرنا وفيما قال الأوزاعي وتدبره
قال أبو حنيفة رضي الله عنه لا يسهم لصبي في الغنيمة
وقال الأوزاعي يسهم لهم وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم بخيبر لصبي في الغنيمة وأسهم أئمة المسلمين لكل مولود ولد في أرض الحرب
____________________
(1/42)
وقال أبو يوسف ما سمعنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم لصبي وإن هذا لغير معروف عن أهل العلم ولو كان هذا في شيء من المغازي ما خفي علينا
حدثنا محمد بن إسحاق وإسماعيل بن أمية عن رجل أن ابن عباس رضي الله عنهما كتب إلى نجدة في جواب كتابه كتبت تسألني عن الصبي متى يخرج من اليتم ومتى يضرب له بسهم فإنه يخرج من اليتم إذا احتلم ويضرب له بسهم
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في رجل من المشركين يسلم ثم يلحق بعسكر المسلمين في دار الحرب إنه لا يضرب له بسهم إلا أن يلقى المسلمون قتالا فيقاتل معهم
وقال الأوزاعي رحمه الله من أسلم في دار الشرك ثم رجع إلى الله وإلى أهل الإسلام قبل أن يقتسموا غنائمهم فحق على المسلمين إسهامه
وقال أبو يوسف فكر في قول الأوزاعي ألا ترى أنه أفتى في جيش من المسلمين دخل في دار الحرب مددا للجيش الذي فيها أنهم لا يشركون
____________________
(1/43)
في المغانم وقال في هذا أشركه وإنما أسلم بعد ماغنموا والجيش المسلمون المدد الذين شددوا ظهورهم وقووا من ضعفهم وكانوا ردا لهم وعونا لا يشركونهم ويشرك الذي قاتلهم ودفعهم عن الغنيمة بجهده وقوته حتى أعان الله عليه فلما رأى ذلك أسلم فأخذ نصيبه سبحان الله ما أشد هذا الحكم والقول وما نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحدا من السلف أنه أسهم لمثل هذا وبلغنا أن رهطا أسلموا من بني قريظة فحقنوا دماءهم وأموالهم ولم يبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أسهم لأحد منهم في الغنيمة
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في التاجر يكون في أرض الحرب وهو مسلم ويكون فيها الرجل من أهل الحرب قد أسلم فيلحقان جميعا بالمسلمين بعد ما يصيبون الغنيمة إنه لا يسهم لهما إذ لم يلق المسلمون قتالا بعد لحاقهما
وقال الأوزاعي رحمه الله يسهم لهما
____________________
(1/44)
وقال أبو يوسف وكيف يسهم لهذين ولا يسهم للجند الذين هم ردا لهم ومعونة ما أشد اختلاف هذا القول وعلم الله أنه لم يبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف أنه أسهم لهؤلاء وليسوا عندنا ممن يسهم لهم
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في الرجل يقتل الرجل ويأخذ سلبه لا ينبغي للإمام أن ينفله أياه لأنه صار من الغنيمة
____________________
(1/45)
قال الأوزاعي رحمه الله مضت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل علجا فله سلبه وعملت بن أئمة المسلمين بعده إلى اليوم
وقال أبو يوسف حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه
____________________
(1/46)
قال إذا نفل الإمام أصحابه فقال من قتل قتيلا فله سلبه فهو مستقيم جائز وهذا النفل
وإما إن لم ينفل الإمام شيئا من هذا فلا ينفل أحد دون أحد والغنيمة كلها بين الجند على ما وقعت عليه المقاسم وهذا أوضح وأبين من أن يشك فيه أحد من أهل العلم
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه في الرجل يأخذ العلف فيفضل معه شيء بعد ما يخرج إلى بلاد الإسلام فان كانت الغنيمة لم تقسم أعاده فيها وإن كانت قد قسمت باعه فتصدق بثمنه
وقال الأوزاعي كان المسلمون يخرجون من أرض الحرب بفضل العلف والطعام إلى دار الإسلام ويقدمون به على أهليهم وبالقديد ويهدي بعض إلى بعض لا ينكره إمام ولا يعيبه عالم وإن كان أحد منهم باع شيئا منه قبل أن تقسم الغنائم ألقى ثمنه في الغنيمة وإن باعه بعد القسمة بتصدق به عن ذلك الجيش
وقال أبو يوسف أبا عمرو ما أشد اختلاف قولك تشدد فيما احتاج المسلمون إليه في دار الحرب من السلاح والدواب والثياب
____________________
(1/47)
إذا كان من الغنيمة وتنهى عن السلاح إلا في معمعة القتال وترخص في أن يخرج بالطعام والعلف من الغنيمة إلى دار الإسلام ثم يهديه إلى صاحبه هذا مختلف فكيف ضاق الأول مع حاجة المسلمين إليه واتسع هذا لهم وهم في بيوتهم والقليل من هذا والكثير مكروه ينهى عنه أشد النهي بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يحل لي من فيئكم ولا هذه وأخذ وبرة من سنام البعير إلا الخمس والخمس مردود فيكم فأدوا الخيط والمخيط فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة فقام إليه رجل بكبة من شعر فقال هب هذا لي خيط برذعة بعير لي أدبر فقال أما نصيبي منه فهو لك فقال إذا بلغت هذا فلا حاجة لي فيها
____________________
(1/48)
وقد بلغنا نحو من هذا من الآثار والسنة المحفوظة المعروفة وكيف يرخص أبو عمرو في الطعام والعلف ينتفع به
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه في الرجل يقع على الجارية من الغنيمة أنه يدرأ عنه الحد ويأخذ منه العقر والجارية وولدها من الغنيمة ولا يثبت نسب الولد
وقال الأوزاعي رحمه الله وكان من سلف من علمائنا يقولون عليه أدنى الحدين مائة جلدة ومهر قيمة عدل ويلحقونها وولدها به لمكانه الذي له فيها من الشرك
قال أبو يوسف إن كان له فيها نصيب على ما قال الأوزاعي فلا حد عليه وفيها العقر بلغنا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في جارية بين اثنين وطئها أحدهما أنه قال لا حد عليه وعليه العقر
____________________
(1/49)
حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة فإذا وجدتم لمسلم مخرجا فادرءوا عنه الحد قال أبو حنيفة وبلغنا نحو من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان هذا الرجل زانيا فعليه الرجم إن كان محصنا والجلد إن كان غير محصن ولا يلحق الولد به لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الولد للفراش وللعاهر
____________________
(1/50)
الحجر والعاهر الزاني ولا يثبت نسب الزاني أبدا ولا يكون عليه المهر وهو زان أرأيت رجلا زنى بإمرأة وشهدت عليه الشهود بذلك وأمضى عليه الإمام الحد أيكون عليه مهر وهل يثبت نسب الولد منه وقد بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رجم غير واحد وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والسلف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم أقاموا الحدود على الزناة ولم يبلغنا عن أحد منهم أنه قضى مع ذلك بمهر ولا أثبت منه نسب الولد حدثنا أبو حنيفة عن حماد
____________________
(1/51)
عن إبراهيم أنه قال لا يجتمع الحد والصداق درء الحد وبلغنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما في غير حديث في المرأة يؤتى بها وقد فجرت فتقول جعت فاعطاني وتقول الأخرى عطشت فسقاني كل واحدة منهما تقول هذا وإن كان هذا الذي وطئ الجارية له نصيب
____________________
(1/52)
فيها فذلك أحرى أن يدرأ عنه الحد أرأيت هذا الذي وطئ الجارية له فيها نصيب لو أعتق جميع السبى أكان يجوز عتقه ولا يكون للمسلمين عليهم سبيل فإن كان عتقه يجوز في جماعتهم فقد أخطأ السنة جيث جعل غنيمة المسلمين مولى لرجل واحد باب في المرأة تسبى ثم يسبى زوجها
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في المرأة إذا سبيت ثم سبى زوجها بعدها بيوم وهما في دار الحرب أنهما على النكاح
وقال الأوزاعي رحمه الله ما كانا في المقاسم فهما على النكاح وإن اشتراهما رجل فشاء أن يجمع بينهما جمع وإن شاء فرق بينهما وأخذها لنفسه أو زوجها لغيره بعد ما يستبرئها بحيضة على ذلك مضى المسلمون ونزل به القرآن
وقال أبو يوسف إنما بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم أصابوا سبايا وأزواجهم في دار الحرب وأحرزوهم
____________________
(1/53)
دون ازواجهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا توطأ الحبالى من الفئ حتى يضعن وغير الحبالى حتى يستبرئن بحيضة حيضة وأما
____________________
(1/54)
المراة إذا سبيت هي وزوجها وصارا مملوكين قبل أن تخرج الغنيمة إلى دار الإسلام فهما على النكاح وكيف يجمع المولى بينهما إن شاء في قول الأوزاعي على ذلك النكاح فهو إذا كان صحيحا فلا يستطيع أن يزوجها أحدا غيره ولا يطأها هو وإن كان النكاح قد انتقض فليس يستطيع أن يجمع بينهما إلا بنكاح مستقبل
قال أبو حنيفة رضي الله عنه وإن سبى أحدهما فأخرج إلى دار الإسلام ثم أخرج الآخر بعده فلا نكاح بينهما
وقال الأوزاعي رضي الله عنه إن أدركها زوجها في العدة وقد استردها زوجها وهي في عدتها جمع بينهما فإنه قد كان قدم على النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين نسوة ثم اتبعهن أزواجهن قبل أن تمضي العدة فردهن رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم
قال أبو يوسف قول الأوزاعي هذا ينقض قوله الأول زعم في القول الأول إن شاء ردها إلى زوجها وإن شاء زوجها غيره وإن شاء وطئها وهي في دار الحرب بعد وزعم أنهم إذا خرجوا إلى دار الإسلام فهي مردودة على زوجها وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك فكيف استحل أن يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقع السباء وأخرج بهن إلى دار الإسلام فقد انقطعت العصمة أمر رسول الله
____________________
(1/55)
صلى الله عليه وسلم الناس في السبايا أن لا توطأ الحبالى حتى يضعن والحيال حتى يستبرئن بحيضة ولو كان عليهن عدة كان أزواجهن أحق بهن فيها إن جاؤا ولم يأمر بوطئهن في عدة والعدة أكثر من ذلك ولكن ليس عليهن عدة ولا حق لأزواجهن فيهن إلا أن المسلمين يستبرؤنهن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا بين واضح ليس فيه اختلاف
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه في العبد المسلم يأبق إلى دار الحرب فأصابه المسلمون فأدركه سيده في الغنيمة بعد القسمة أو قبلها أنه يأخذه بغير قيمة وإن كان المشركون أسروه فأصابه سيده قبل القسمة أخذه بغير شيء وإن أصابه بعد القسمة أخذه بالقيمة
____________________
(1/56)
وقال الأوزاعي رضي الله عنه إن كان أبق منهم وهو مسلم استتيب فإن رجع إلى الإسلام رده إلى سيده وإن أبى قتل وإن أبق وهو كافر خرج من سيده ما كان يملكه وأمره إلى الإمام إن شاء قتله وإن شاء صلبه ولو كان أخذ أسيرا لم يحل قتله ورد على صاحبه بالقيمة إن شاء
وقال أبو يوسف رضي الله عنه لم يرجع هذا العبد عن الإسلام في شيء من الوجوه ولم تكن المسألة على ذلك وإنما كان وجه المسألة أن يجوز المشركون العبد الذي اشتروه وأما قوله في الصلب فلم تمض بهذا سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه فيما نعلم ولم يبلغنا ذلك في مثل هذا وإنما الصلب في قطع الطريق إذا قتل وأخذ المال
قال حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد وبعير أحرزهما العدو ثم ظفر بهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبهما إن أصبتهما قبل القسمة فهما لك بغير شيء وإن أصبتهما بعد القسمة فهما لك بالقيمة
____________________
(1/57)
قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما
____________________
(1/58)
في عبد أحرزه العدو فظفر به المسلمون فرده على صاحبه
قال وحدثنا الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن عبد الله
____________________
(1/59)
ابن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويعقد عليهم
____________________
(1/60)
أولاهم ويرد عليهم لقطاءهم قال أبو يوسف فهذا عندنا على العبد الآبق وشبهه وقوله ويرد متسريهم على قاعدهم فهذا عندنا في الجيش إذا غنمت السرية رد الجيش على الفقراء القعد فيهم بهذا الحديث وقال أبو يوسف الذي يأسره العدو وقد أحرزوه وملكوه فإذا أصابه المسلمون فالقول فيه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا أبق إليهم فهذا مما لايجوز ألا ترى أن عبيد المسلمن لو حاربوا المسلمين وهم على الإسلام لم يلحقوا بالعدو فقاتلوا وهم مقرون بالإسلام فظهر المسلمون عليهم فاخذوهم أنهم يردون إلى مواليهم فأما الصلب فليس دخل فيما ها هنا
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا كان السبى رجالا ونساء وأخرجوا إلى دار الإسلام فإني أكره أن يباعوا من أهل الحرب فيتقووا
قال الأوزاعي رضي الله عنه كان المسلمون لا يرون بيع السبايا بأسا
____________________
(1/61)
وكانوا يكرهون بيع الرجال إلا أن يفادى بهم أسارى المسلمين
وقال أبو يوسف لا ينبغي أن يباع منهم رجل ولا صبي ولا امرأة لأنهم قد خرجوا إلى دار الإسلام فأكره أن يردوا إلى دار الحرب ألا ترى أنه لو مات من الصبيان صبي ليس معه أبواه ولا أحدهما صليت عليه لأنه في أيدي المسلمين وفي دارهم وأما الرجال والنساء فقد صاروا فيئا للمسلمين فأكره أن يردوا إلى دار الحرب أرأيت تاجرا مسلما أراد أن يدخل دار الحرب برقيق للمسلمين كفارا أو رقيق من رقيق أهل الذمة رجالا ونساءا أكنت تدعه وذلك ألا ترى أن هذا مما يتكثرون به وتعمر بلادهم ألا ترى أني لا أترك تاجرا يدخل إليهم بشيء من السلاح والحديد وشيء من الكراع مما يتقوون به في القتال ألا ترى أن هؤلاء قد صاروا مع المسلمين ولهم في ملكهم ولا ينبغي أن يفتنوا ولا يصنع بهم ما يقرب إلى الفتنة وأما مفاداة المسلم بهم فلا بأس بذلك
____________________
(1/62)
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا أصاب المسلمون أسرى فأخرجوهم إلى دار الإسلام رجالا ونساءا وصبيانا وصاروا في الغنيمة فقال رجل من المسلمين أو اثنان قد كنا أمناهم قبل أن يؤخذوا أنهم لا يصدقون على ذلك لأنهم أخبروا عن فعل أنفسهم
وقال الأوزاعي رحمه الله هم مصدقون على ذلك وأمانهم جائز على جميع المسلمين لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يعقد على المسلمين أولاهم ويسعى بذمتهم أدناهم ولم يقل إن جاء على ذلك ببينة وإلا فلا أمان لهم
قال أبو يوسف لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم معان ووجوه لا يبصرها إلا من أعانه الله تعالى عليها وهذا من ذلك إنما معنى الحديث عندنا يعقد على المسلمين أولاهم ويسعى بذمتم أدناهم القوم يغزون قوما فيلتقون فيؤمن رجل من المسلمين المشركين أو يصالحهم على أن يكونوا ذمة فهذا جائز على المسلمين كما أمنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها أبا العاص وأجاز ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما غنيمة أحرزها المسلمون فقال رجل منهم قد كنت
____________________
(1/63)
أمنتهم قبل الغنيمة فإنه لا يصدق ولا يقبل قوله أرأيت إن كان إذا غزا فاسقا غير مأمون على قوله أرأيت إن كانت امرأة فقالت ذلك تصدق أرأيت إن قال ذلك عبد أو صبي أرأيت إن قال ذلك رجل من أهل الذمة استعان به المسلمون في حربهم له فيهم أقرباء أيصدق أو كان مسلما له فيهم قرابات أيصدق فليس يصدق واحد من هؤلاء وهل جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يعقد لهم أدناهم في مثل هذا مفسرا هكذا قد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخالفا لهذا عن الثقة ادعي رجل وهو في أساري بدر أنه كان مسلما فلم يقبل ذلك منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرى عليه الفداء وأخذ ما كان معه في الغنيمة ولم يحسب له من الفداء وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أعلم بذلك أما ما ظهر من أمرك فكان علينا
____________________
(1/64)
باب حال المسلمين يقاتلون العدو وفيهم أطفالهم
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا حاصر المسلمون عدوهم فقام العدو على سورهم معهم أطفال المسلمين يتترسون بهم قال يرمونهم بالنبل
____________________
(1/65)
والمنجنيق يعمدون بذلك أهل الحرب ولا يتعمدون بذلك أطفال المسلمين
قال الأوزاعي رحمه الله تعالى يكف المسلمون عن رميهم فإن برز أحد منهم رموه فإن الله عز وجل يقول { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات } حتى فرغ من الآية فكيف يرمي المسلمون من لا يرونه من المشركين
قال أبو يوسف تأول الأوزاعي هذه الآية في غير موضعها ولو كان يحرم رمي المشركين وقتالهم إذا كان معهم أطفال المسلمين لحرم ذلك أيضا منهم إذا كان معهم أطفالهم ونساؤهم فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والأطفال والصبيان وقد حاصر رسول الله
____________________
(1/66)
صلى الله عليه وسلم أهل الطائف وأهل خيبر وقريظة والنضير وأجلب المسلمون عليهم فيما بلغنا أشد ما قدروا عليه وبلغنا أنه نصيب على أهل الطائف المنجنيق فلو كان يجب على المسلمين الكف عن المشركين إذا كان في ميدانهم الأطفال لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتلهم لم يقاتلوا لأن مدائنهم وحصونهم لا تخلو من الأطفال والنساء والشيخ الكبير الفاني والصغير والأسير والتاجر وهذا من أمر الطائف وغيرها محفوظ مشهور من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته ثم لم يزل المسلمون والسلف الصالح من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في حصون
____________________
(1/67)
الأعاجم قبلنا على ذلك لم يبلغنا عن أحد منهم أنه كف عن حصن برمي ولا غيره من القوة لمكان النساء والصبيان ولمكان من لا يحل قتله لمن ظهر منهم باب ما جاء في أمان العبد مع مولاه
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا كان العبد يقاتل مع مولاه جاز أمانه وإلا فأمانه باطل
وقال الأوزاعي رحمه الله أمانه جائز أجازه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم ينظر كان يقاتل أم لا
وقال أبو يوسف في العبد ما قال أبوحنيفة ليس لعبد أمان ولا شهادة في قليل ولا كثير ألا ترى أنه لا يملك نفسه ولا يملك أن يشتري شيئا ولا يملك أن يتزوج فكيف يكون له أمان يجوز على جميع المسلمين وفعله لا يجوز على نفسه أرأيت لو كان عبد كافرا ومولاه مسلم هل يجوز أمانه أرأيت إن كان عبد لأهل الحرب فخرج إلى ديار الإسلام بأمان وأسلم ثم أمن أهل الحرب جميعا هل يجوز ذلك أرأيت إن كان عبدا مسلما ومولاه ذمي فأمن أهل الحرب هل يجوز أمانه ذلك
حدثنا عاصم بن سليمان عن الفضيل بن زيد قال كنا محاصري
____________________
(1/68)
حصن قوم فعمد عبد لبعضهم فرمى بسهم فيه أمان فأجاز ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه
فهذا عندنا مقاتل على ذلك يقع الحديث وفي النفس من إجازة أمانه إن كان يقاتل ما فيها لولا هذا الأثر ما كان له عندنا أمان قاتل أو لم يقاتل ألا ترى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهو عندنا في الدية
____________________
(1/69)
إنما هم سواء ودية العبد ليست دية الحر وربما كانت ديته لا تبلغ مائة درهم فهذا الحديث عندنا إنما هو على الأحرار ولا تتكافأ دماؤهم مع دماء الأحرار ولو أن المسلمين سبوا سبيا فأمن صبي منهم بعد ما تكلم بالإسلام وهو في دار الحرب أهل الشرك جاز ذلك على المسلمين فهذا لا يجوز ولا يستقيم باب وطء السبايا بالملك
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا كان الإمام قد قال من أصاب شيئا فهو له فأصاب رجل جارية لا يطؤها ما كان في دار الحرب
وقال الأوزاعي رحمه الله تعالى له أن يطأها وهذا حلال من الله عز وجل بأن المسلمين وطئوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصابوا من السبايا في غزاة بني المصطلق قبل أن يقفلوا ولا يصلح للإمام أن
____________________
(1/70)
ينفل سرية ما أصابت ولا ينفل سوى ذلك إلا بعد الخمس فإن في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة كان ينفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلت
____________________
(1/71)
قال أبو يوسف ما أعظم قول الأوزاعي في قوله هذا حلال من الله أدركت مشائخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير
حدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم وكان من أفضل التابعين
____________________
(1/72)
أنه قال إياكم أن يقول الرجل إن الله أحل هذا أو رضيه فيقول الله له لم أحل هذا ولم أرضه ويقول إن الله حرم هذا فيقول الله كذبت لم أحرم هذا ولم أنه عنه
وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه قالوا هذا مكروه وهذا لا بأس به فأما نقول هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا
قال أبو يوسف وأما ما ذكر الأوزاعي من الوطء فهو مكروه بغير خصلة يكره أن يطأ في دار الحرب ويكره أن يطأ من السبي شيئا قبل أن يخرجوه إلى دار الإسلام
أخبرنا بعض أشياخنا عن مكحول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه نهى أن يوطأ السبي من الفيء في دار الحرب
أخبرنا بعض أصحابنا عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل سعد بن معاذ يوم بني قريظة سيف ابن أبي الحقيق قبل القسمة والخمس
____________________
(1/73)
وقال أبو يوسف أرأيت رجلا أغار وحده فأرق جارية أيرخص له في وطئها قبل أن يخرج إلى دار الإسلام ولم يحرزها فكذلك الباب الأول وأما النفل الذي ذكر أنه بعد الخمس فقد نقضه بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان ينفل في البدأة الربع والرجعة الثلث ولم يذكر أن هذا بعد الخمس وصدق وقد بلغنا هذا وليس فيه
____________________
(1/74)
الخمس فأما النفل قبل الخمس فقد نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة بدر فيما بلغنا قبل أن تخمس باب بيع السبي في دار الحرب
قال أبو حنيفة رضي الله عنه أكره أن يبيعها حتى يخرجها إلى دار الإسلام
____________________
(1/75)
قال الأوزاعي لم يزل المسلمون يتبايعون السبايا في أرض الحرب ولم يختلف في ذلك اثنان حتى قتل الوليد
قال أبو يوسف ليس يؤخذ في الحكم في الحلال والحرام بمثل هذا أن يقول لم يزل الناس على هذا فأكثر ما لم يزل الناس عليه مما لا يحل ولا ينبغي مما لو فسرته لك لعرفته وأبصرته عليه العامة ما قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يؤخذ في هذا بالسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن السلف من أصحابه ومن قوم فقهاء وإذا كان وطؤها مكروها فكذلك بيعها لأنه لم يحرزها بعد باب الرجل يغنم وحده
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا خرج الرجل والرجلان من المدينة أو من المصر فأغارا في أرض الحرب فما أصابا بها فهو لهما ولا يخمس
قال الأوزاعي رحمه الله إذا خرجا بغير إذن الإمام فإن شاء عاقبهما
____________________
(1/76)
وحرمهما وإن شاء عفا عنهما وخمس ما أصابا ثم قسمة بينهما وقد كان هرب نفر من أهل المدينة كانوا أسارى في أرض الحرب بطائفة من أموالهم فنفلهم عمر بن عبد العزيز ما خرجوا به بعد الخمس
وقال أبو يوسف قول الأوزاعي يناقض بعضه بعضا ذكر في أول هذا الكتاب أن من قتل قتيلا فله سلبه وأن السنة جاءت بذلك وهو مع الجند ولا جيش إنما قوى على قتله بهم وهذا الواحد الذي ليس معه جند ولا جيش إنما هو لص أغار يخمس ما أصاب فالأول أحرى أن يخمس وكيف يخمس فيئا مع هذا ولم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب وقد قال الله عز وجل في كتابه { وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } وقال { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول } فجعل الفيء في هذه الأية لهؤلاء دون المسلمين وكذلك هذا الذي ذهب وحده حتى أصاب فهو له ليس معه فيه شريك ولا خمس وقد خالف قوله عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه هؤلاء الأسرى أرأيت قوما من المسلمين خرجوا بغير أمر الإمام فأغاروا في دار الحرب ثم انفلتوا من أيديهم وخرجوا بغنيمة فهل يسلم ذلك لهم أرأيت إن خرج قوم من المسلمين يحتطبون أو يتصيدون أو لعلف أو لحاجة فأسرهم أهل الحرب ثم انفلتوا من أيديهم بغنيمة هل تسلم لهم
____________________
(1/77)
وإن ظفروا بتلك الغنيمة قبل أن يأسرهم أهل الحرب هل تسلم لهم فإن قال به فقد نقض قوله وإن قال لا فقد خالف عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
____________________
(1/78)
باب في الرجلين يخرجان من العسكر فيصيبان جارية فيتبايعانها
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا خرج رجلان متطوعان من عسكر فأصابا جارية والعسكر في دار الحرب فاشترى أحدهما حصة الآخر منه أنه لا يجوز ولا يطؤها المشتري
وقال الأوزاعي ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله فإن وطأه إياها مما أحل الله له كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده وإن المسلمين غدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفية إلى جانبه فقالوا يا رسول الله هل في بنت حي من بيع فقال إنها قد أصبحت كنتكم فاستدار المسلمون حتى ولوا ظهورهم
____________________
(1/79)
وقال أبو يوسف إن خيبر كانت دار إسلام فظهر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرى عليها حكمه وعاملهم على الأموال فليس بشبيه خيبر ما يذكر الأوزاعي وما يعنى به وقد نقض قوله في هذين الرجلين قوله الأول حيث زعم في الأول أنهم يعاقبون ويؤخذ مما معهم ثم زعم ها هنا أنه جائز في الرجلين باب إقامة الحدود في دار الحرب
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذ غزا الجند أرض الحرب وعليهم أمير فإنه لا يقيم الحدود في عسكره إلا أن يكون إمام مصر والشام والعراق أو ما أشبهه فيقيم الحدود في عسكره
وقال الأوزاعي رحمه الله من على جيش وإن لم يكن أمير مصر من الأمصار أقام الحدود في عسكره غير القطع حتى يقفل من الدرب فإذ قفل قطع
وقال أبو يوسف ولم يقيم الحدود غير القطع وما للقطع من بين الحدود إذا خرج من الدرب فقد انقطعت ولايته عنهم لأنه ليس بأمير مصر ولا مدينة إنما كان أمير الجند في غزوهم فلما خرجوا إلى دار الإسلام انقطعت العصمة عنهم
____________________
(1/80)
أخبرنا بعض أشياخنا عن مكحول عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال لا تقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو والحدود في هذا كله سواء
حدثنا بعض أشياخنا عن ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عمير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه وإلى عماله ألا يقيموا حدا على أحد من المسلمين في أرض الحرب حتى يخرجوا
____________________
(1/81)
إلى أرض المصالحة وكيف يقيم أمير سرية حدا وليس هو بقاض ولا
____________________
(1/82)
أمير يجوز حكمه أو رأيت القواد الذين على الخيول أو أمراء الأجناد يقيمون الحدود في دار الإسلام فكذلك هم إذا دخلوا دار الحرب باب ما عجز الجيش عن حمله من الغنائم
قال أبو حنيفة رضي الله عنه وإذا أصاب المسلمون غنائم من متاع أو غنم فعجزوا عن حمله ذبحوا الغنم وحرقوا المتاع وحرقوا لحوم الغنم كراهية أن ينتفع أهل الشرك
وقال الأوزاعي رحمه الله نهى أبو بكر رضي الله عنه أن تعقر بهيمة إلا لمأكلة واخذ بذلك أئمة المسلمين وجماعتهم حتى إن كان علماؤهم
____________________
(1/83)
ليكرهون للرجل ذبح الشاة والبقرة ليأكل طائفة منها ويدع سائرها وبلغنا أنه من قتل نحلا ذهب ربع أجره ومن عقر جواد ذهب ربع أجره
وقال أبو يوسف قول الله في كتابه أحق أن يتبع قال الله تعالى { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين } واللينة فيما بلغنا النخلة وكل ما قطع من شجرهم وحرق من نخلهم ومتاعهم فهو من العون عليهم والقوة وقال الله عز وجل { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } وإنما كره المسلمون أن يحرقوا النخل والشجر لأن الصائفة كانت تغزوا كل عام عدوهم ولو حرقوا
____________________
(1/84)
ذلك خافوا أن لا تحملهم البلاد والذي في تخريب ذلك من خزي العدو ونكايتهم أنفع للمسلمين وأبلغ ما يتقوى به الجند في القتال
حدثنا بعض مشائخنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حين حاصر الطائف أمر بكرم لبني الأسود بن مسعود أن يقطع حتى طلب بنو الأسود إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه وسلم أن يطلبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذها لنفسه ولا يقلعها فكف عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم باب قطع أشجار العدو
قال أبو حنيفة رضي الله عنه لا بأس بقطع شجر المشركين وتخيلهم وتحريق ذلك لأن الله عز وجل { ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله }
وقال الأوزاعي رحمه الله أبو بكر رضي الله عنه يتأول هذه الآية وقد نهى عن ذلك وعمل به أئمة المسلمين
____________________
(1/85)
وقال أبو يوسف أخبرنا الثقة من أصحابنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا وهم محاصرو بني قريظة إذا غلبوا على دار من دورهم أحرقوها فكان بنو قريظة يخرجون فينقضونها ويأخذون حجارتها ليرموها بها المسلمين وقطع المسلمون نخلا من نخلهم فانزل الله عز وجل { يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين } وأنزل الله عز وجل { ما قطعتم من لينة أو تركتموها }
قال وأخبرنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قا لما بعث أبو بكر رضي الله عنه خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى طليحة وبني تميم قال أي واد أو دار عشيتها فأمسك عنها إن سمعت أذانا حتى تسألهم ما يريدون وما ينقمون وأي دار غشيتها فلم تسمع أذانا فشن عليهم الغارة واقتل وحرق
____________________
(1/86)
ولا نرى أن أبا بكر رضي الله عنه نهى عن ذلك بالشام إلا لعلمه بأن السلمين سيظهرون عليها ويبقى ذلك لهم فنهى عنه لذلك فيما نرى لا أن تخريب ذلك وتحريفه لا يحل ولكل من مثل هذا توجيه
____________________
(1/87)
حدثنا بعض أشياخنا عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم أنه قيل لمعاذ بن جبل رضي الله عنه إن الروم يأخذون ما حسر من
____________________
(1/88)
خيلنا فيستلقحونها ويقاتلون عليها أفنعقر ما حسر من خيلنا قال لا ليسوا بأهل أن ينقضوا منكم إنما هم غدا رقيقكم وأهل ذمتكم
قال أبو يوسف إنما الكراهية عندنا لأنهم كانوا لا يشكون في الظفر عليهم وأن الأمر في أيديهم لما رأوا من الفتح فأما إذا اشتدت شوكتهم وامتنعوا فإنا نأمر بحسير الخيل أن يذبح ثم يحرق لحمه بالنار حتى لا ينتفعون به ولا يتقوون منه بشيء وأكره أن نعذبه أو نعقره لأن ذلك مثله والله أعلم باب ما جاء في صلاة الحرس
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا كان الحرس يحرسون دار الإسلام أن يدخلها العدو فكان في الحرس من يكتفي به فالصلاة أحب إلي
قال الأوزاعي رحمه الله أن حارس الحرس يصبح وقد أوجب في ما لم يمض في هذا المصلى مثل هذا الفضل
قال أبو يوسف إذا احتاج المسلمون إلى حرس فالحرس أفضل من الصلاة فإذا كان في الحرس من يكفيه ويستغني به فالصلاة أفضل
____________________
(1/89)
لأنه قد يحرس أيضا وهو في الصلاة حتى لا يغفل عن كثير مما يجب عليه من ذلك فيجمع أجرهما جميعا أفضل
أخبرنا محمد بن إسحاق والكلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل واديا فقال من يحرسنا في هذا الوادي الليلة فقال رجلان نحن فأتيا رأس الوادي وهما مهاجري وأنصارى فقال أحدهما لصاحبه أي الليل أحب إليك فاختار أحدهما أوله والآخر آخره فنام أحدهما وقام الحارس يصلي باب خراج الأرض
قال أبو يوسف وسئل أبو حنيفة رضي الله عنه أيكره أن
____________________
(1/90)
يؤدي الرجل الجزية على خراج الأرض فقال لا إنما الصغار خراج الأعناق
وقال الأوزاعي رحمه الله بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أقر بذل طائعا فليس منا وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وهو المرتد على عقبيه وأجمعت العامة من أهل العلم على الكراهية لها
وقال أبو يوسف القول ما قال أبو حنيفة لأنه كان لعبد الله بن مسعود ولخباب بن الأرت وللحسين بن علي ولشريح رضي الله عنهم أرض خراج
____________________
(1/91)
حدثنا المجالد عن عامر الشعبي عن عتبة بن فرقد السلمي أنه قال لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه إني اشتريت أرضا من أرض السواد فقال عمر أكل أصحابها أرضيت قال لا قال فأنت فيها مثل صاحبها
____________________
(1/92)
حدثنا ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة أن دهاقين السواد من عظمائهم أسلموا في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ففرض عمر على الذين أسلموا في زمانه ألفين ألفين
____________________
(1/93)
وقال أبو يوسف ولم يبلغنا عن أحد منهم أنه أخرج هؤلاء من أرضهم وكيف الحكم في أرض هؤلاء أيكون الحكم لهم أم لغيرهم باب شراء أرض الجزية
قال أبو يوسف رضي الله عنه وسئل أبو حنيفة رضي الله عنه عن الرجل المسلم يشتري أرضا من أرض الجزية فقال هو جائز
وقال الأوزاعي لم تزل أئمة المسلمين ينهون عن ذلك ويكتبون فيه ويكرهه علماؤهم
وقال أبو يوسف القول ما قال أبو حنيفة رضي الله عنه باب المستأمن في دار الإسلام
قال أبو يوسف وسئل أبو حنيفة رضي الله عنه عن قوم من أهل الحرب خرجوا مستأمنين للتجارة فزنى بعضهم في دار الإسلام أو سرق هل يحد قال لاحد عليه ويضمن السرقة لأنه لم يصالح ولم تكن له ذمة
قال الأوزاعي رحمه الله تقام عليه الحدود
____________________
(1/94)
وقال أبو يوسف القول ما قال أبو حنيفة رضي الله عنه ليس تقام عليهم الحدود لأنهم ليسوا بأهل ذمة لأن الحكم لا يحرى عليهم أرأيت إن كان رسولا لملكهم فزنى أترجمه أرأيت إن زنى رجل بإمرأة منهم مستأمنة أترجمها أرأيت إن لم أرجمها حتى عادا إلى دار الحرب ثم خرجا بأمان ثانية أمضى عليهما ذلك الحد أرأيت إن سبيا أيمضي عليهما حد الحر أم حد العبد وهما رقيق لرجل من المسلمين أرأيت إن لم يخرجا ثانية
____________________
(1/95)
فأسلم اهل تلك الدار وأسلما هما أو صارا ذمة أيؤخذان وإن أخذوا بذلك في دار الحرب ثم خرجوا إلينا أنقيم عليهم الحد باب بيع الدرهم بالدرهمين في أرض الحرب بأمان
قال أبو حنيفة رضي الله عنه لو أن مسلما دخل أرض الحرب بأمان فباعهم الدرهم بالدرهمين لم يكن بذلك بأس لأن أحكام المسلمين لا تجري عليهم فبأي وجه أخذ أموالهم برضا منهم فهو جائز
قال الأوزاعي رحمه الله تعالى الربا عليه حرام في أرض الحرب وغيرها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وضع من ربا أهل الجاهلية ما أدركه الإسلام من ذلك وكان أول ربا وضعه ربا العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فكيف يستحل المسلم أكل الربا في قوم قد حرم الله عليه دماءهم وأموالهم وقد كان المسلم يبايع الكافر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يستحل ذلك
____________________
(1/96)
وقال أبو يوسف القول ما قال الأوزاعي لا يحل هذا ولا يجوز وقد بلغتنا الاثار التي ذكر الأوزاعي في الربا وإنما احل أبو حنيفة هذا لأن بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا ربا بين اهل الحرب وقال أبو يوسف وأهل الإسلام
____________________
(1/97)
في قولهم إنهم لو لم يتقابضوا ذلك حتى يخرجوا إلى دار الإسلام أبطله ولكنه كان يقول إذا تقابضوا في دار الحرب قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام فهو مستقيم والله أعلم باب في ام ولد الحربي تسلم وتخرج إلى دار الإسلام
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في أم ولد أسلمت في دار الحرب ثم
____________________
(1/98)
خرجت إلى دار الإسلام وليس بها حمل إنها تزوج إن شاءت ولا عدة عليها
وقال الأوزاعي رحمه الله أي امرأة هاجرت إلى الله بدينها فحالها كحال المهاجرات لا تزوج حتى تنقضي عدتها المرأة تسلم في أرض الحرب
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في امراة أسلمت من أهل الحرب وخرجت إلى دار الإسلام وليست بحبلى إنه لا عدة عليها ولو أن زوجها طلقها لم يقع عليها طلاقه
____________________
(1/99)
قال الأوزاعي بلغنا أن المهاجرات قدمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجهن بمكة مشركون فمن أسلم منهم فأدرك امرأته في عدتها ردها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال أبو يوسف على أم الولد العدة وعلى المرأة الحرة العدة كل واحد منهن ثلاث حيض لا يتزوجن حتى تنقضي عددهن ولا سبيل لزواجهن ولا للموالي عليهن آخر الأبد
أخبرنا الحجاج بن أرطاةعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد زينب إلى زوجها بنكاح جديد
____________________
(1/100)
وإنما قال أبو حنيفة رضي الله عنه ولا عدة عليهن لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبايا يوطأن إذا استبرئن بحيضة فقال السباء والإسلام سواء
قال أبو يوسف حدثنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عبدين خرجا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف فأعتقهما
____________________
(1/101)
وحدثنا بعض أشياخنا أن أهل الطائف خاصموا في عبيد خرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك عتقاء الله
____________________
(1/102)
باب الحربية تسلم فتزوج وهي حامل
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا كانت المراة المسلمة التي جاءت من دار الحرب حاملا فتزوجت فنكاحها فاسد
وقال الأوزاعي رحمه الله ذلك في السبايا فأما المسلمات فقد مضت السنة أن أزواجهن أحق بهن إذا أسلموا في العدة
وقال أبو يوسف إن تزوجهن فاسد وإنما قاس أبو حنيفة رضي الله عنه هذا على السبايا على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا توطأ الحبالى من الفئ حتى يضعن قال فكذلك المسلمات باب في الحربي يسلم وعنده خمس نسوة
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في رجل من أهل دار الحرب تزوج خمس نسوة في عقدة ثم أسلم هو وهن جميعا وخرجوا إلى دار الإسلام إنه يفرق بينه وبينهن
____________________
(1/103)
وقال الأوزاعي رحمه الله بلغنا أنه قال أيتهن شاء
____________________
(1/104)
وقال أبو يوسف ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال وقد بلغنا من هذا ما قال الأوزاعي وهو عندنا شاذ والشاذ من الحديث لا يؤخذ به لأن الله تبارك وتعالى لم يحل إلا نكاح الأربع فما كان من فوق ذلك كله فحرام من الله في كتابه فالخامسة ونكاح الأم والأخت سواء في ذلك كله حرام فلو أن حربيا تزوج أما وابنتها أكنت أدعهما علىالنكاح أو تزوج أختين في عقدة ثم أسلموا أكنت أدعهما على النكاح وقد دخل بالأم والبنت أو بالأختين فكذلك الخمس في عقدة ولو كن في عقد متفرقات جاز الأربع وفارق الآخرة
____________________
(1/105)
وقال أبو يوسف ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قال وقد بلغنا من هذا ما قال الأوزاعي وهو عندنا شاذ والشاذ من الحديث لا يؤخذ به لأن الله تبارك وتعالى لم يحل إلا نكاح الأربع فما كان من فوق ذلك كله فحرام من الله في كتابه فالخامسة ونكاح الأم والأخت سواء في ذلك كله حرام فلو أن حربيا تزوج أما وابنتها أكنت أدعهما علىالنكاح أو تزوج أختين في عقدة ثم أسلموا أكنت أدعهما على النكاح وقد دخل بالأم والبنت أو بالأختين فكذلك الخمس في عقدة ولو كن في عقد متفرقات جاز الأربع وفارق الآخرة
____________________
(1/106)
أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم أنه قال في ذلك نثبت الأربع الأول ونفرق بينه وبين الخامسة باب في المسلم يدخل دار الحرب بأمان فيشترى دارا أو غيرها
قال أبو يوسف سئل أبو حنيفة رضي الله عنه عن رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان فاشترى دارا أو أرضا أو رقيقا أو ثيابا فظهر عليه المسلمون قال أما الدور والأرضون فهي فئ للمسلمين وأما الرقيق والمتاع فهو للرجل الذي اشتراه
وقال الأوزاعي رحمه الله فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عنوة فخلى بين المهاجرين وأرضيهم ودورهم بمكة ولم يجعلها فيئا
قال أبو يوسف إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عفا عن مكة
____________________
(1/107)
وأهلها وقال من أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ونهى عن القتل إلا نفرا قد سماهم إلا أن يقاتل أحد فيقتل وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد ما ترون أني صانع بكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فانتم الطلقاء ولم يجعل شيئا قليلا ولا كثير من متاعهم فيئا وقد أخبرتك
____________________
(1/108)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في هذا كغيره فهذا من ذلك وتفهم فيما أتاك عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن لذلك وجوها ومعاني فأما الرجل الذي دخل دار الحرب فالقول فيه كما قال أبو حنيفة رضي الله
____________________
(1/109)
عنه المتاع والثياب والرقيق الذي اشترى والدور والأرضون فئ لأن الدور والأرضين لا تحول ولا يحرزها المسلم والمتاع والثياب تحرز وتحول
____________________
(1/110)
باب اكتساب المرتد المال في ردته
قال أبو يوسف سئل أبو حنيفة رضي الله عنه عن المرتد عن الإسلام إذا اكتسب مالا في ردته ثم قتل على الردة فقال ما اكتسب في بيت المال لأن دمه حلال فحل ماله
وقال أبو يوسف مال المرتد الذي كان في الإسلام والذي اكتسب في الردة ميراث بين ورثته المسلمين وبلغنا عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أنهم قالوا ميراث المرتد لورثته المسلمين
____________________
(1/111)
وقال أبو حنيفة إنما هذا فيما له قبل الردة
وقال أبو يوسف هما سواء ما اكتسب المرتد في الردة وقبل ذلك لا يكون فيئا
وقال أبو حنيفة يكون ميراث المرتد لورثته من المسلمين
____________________
(1/112)
وقال أبو حنيفة إنما هذا فيما له قبل الردة
وقال أبو يوسف هما سواء ما اكتسب المرتد في الردة وقبل ذلك لا يكون فيئا
وقال أبو حنيفة يكون ميراث المرتد لورثته من المسلمين
____________________
(1/113)
وقال أبو حنيفة إنما هذا فيما له قبل الردة
وقال أبو يوسف هما سواء ما اكتسب المرتد في الردة وقبل ذلك لا يكون فيئا
وقال أبو حنيفة يكون ميراث المرتد لورثته من المسلمين
____________________
(1/114)
باب ذبيحة المرتد
قال أبو حنيفة رضي الله عنه لا تؤكل ذبيحة المرتد وإن كان يهوديا اونصرانيا لأنه ليس بمنزلته لا يترك المرتد حتى يقتل أو يسلم
____________________
(1/115)
وقال الأوزاعي رحمه الله معنى قول الفقهاء أن من تولى قوما فهو منهم وكان المسلمون إذا دخلوا أرض الحرب أكلوا ما وجدوا في بيوتهم من اللحم وغيره ودماؤهم حلال
وقال أبو يوسف طعام أهل الكتاب وأهل الذمة سواء لا بأس بذبائحهم وطعامهم كله فأما المرتد فليس يشبه أهل الكتاب في هذا وإن والاهم ألا ترى أني أقبل من أهل الكتاب جميعا ومن أهل الشرك الجزية ولا أقبل من المرتد الجزية والسنة في المرتد مخالفة للسنة في المشركين والحكم فيه مخالف للحكم فيهم ألا ترى أن امرأة لو ارتدت عن الإسلام إلى النصرانية فتزوجها مسلم لم يجز ذلك وكذلك لو تزوجها نصراني لم يجز ذلك أيضا ولو تزوج مسلم نصرانية جاز ذلك
أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن ابن عباس عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن ذبائح أهل الكتاب ومناكحتهم فكره نكاح نسائهم وقال لا بأس بأكل ذبائحهم
وقال أبو يوسف فالمرتد أشد من ذلك
____________________
(1/116)
باب العبد يسرق من الغنيمة
قال أبو يوسف سئل أبو حنيفة رضي الله عنه عن العبد يسرق من الغنيمة وسيده في ذلك الجيش أيقطع قال لا
وقال الأوزاعي رحمه الله يقطع لأن العبد ليس له من الغنيمة شيء ولن سيده لو أعتق شيئا من ذلك السبى وله فيهم نصيب كان عتقه باطلا وقد بلغنا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قطع رقيقا سرقوا من دار الإمارة
وقال أبو يوسف لا يقطع في ذلك
____________________
(1/117)
حدثنا بعض أشياخنا عن ميمون بن مهران عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عبدا من الخمس سرق من الخمس فلم يقطعه وقال مال الله بعضه في بعض
حدثنا بعض أشياخنا عن سماك بن حرب عن النابغة عن
____________________
(1/118)
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رجلا سرق مغفرا من المغنم فلم يقطعه
____________________
(1/119)
وقال أبو يوسف وعلى هذا جماعة فقهائنا لا يختلفون فيه أما قوله لا حق له في المغنم فقد حدثنا بعض أشياخنا عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رضخ للعبيد في المغنم ولم يضرب لهم بسهم
حدثنا بعض أشياخنا عن عمير مولى آبي اللحم أنا العبد الذي أتى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر يسأله قال فقال لي تقلد هذا السيف فتقلدته فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرثي المتاع
____________________
(1/120)
باب الرجل يسرق من الغنيمة لأبيه فيها سهم
قال أبو يوسف سئل أبو حنيفة رضي الله عنه عن الرجل يسرق من الغنيمة وقد كان أبوه في ذلك الجند أو أخوه أو ذو رحم محرم أو امرأة سرقت من ذلك وزوجها في الجند فقال لا يقطع واحد من هؤلاء
وقال الأوزاعي رحمه الله تعالى يقطعون ولا يبطل الحد عنهم
وقال أبو يوسف لا يقطعون وهؤلاء والعبيد في ذلك سواء أرأيت رجلا سرق من أبيه أو أخيه أو امرأته والمرأة من زوجها هل يقطع واحد من هؤلاء ليس يقطع واحد من هؤلاء وقد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انت مالك لأبيك فكيف يقطع هذا باب الصبي يسبى ثم يموت
قال أبو يوسف سئل ابو حنيفة رضي الله عنه عن الصبي يسبى وأبوه كافر وقعا في سهم رجل ثم مات أبوه وهو كافر ثم مات الغلام قبل أن
____________________
(1/121)
أن يتكلم بالإسلام فقال لا يصلي عليه وهو على دين أبيه لأنه لم يقر بالإسلام
وقال الأوزاعي رحمه الله مولاه أولى من أبيه يصلي عليه وقال لو لم يكن معه أبوه وخرج أبوه مستأمنا أكان لمولاه أن يبيعه من أبيه
وقال أبو يوسف إذا لم يسب معه أبوه كان مسلما ليس لمولاه أن يبيعه من أبيه إذا دخل بأمان وهو ينقض قول الأوزاعي إنه لا بأس أن يباع السبي ويرد إلى دار الحرب في مسألة قبل هذا فالقول في هذا ما قاله أبو حنيفة رضي الله عنه إذا كان معه أبواه او أحدهما فهو على دينه حتى يقر بالإسلام وإذا لم يكن معه أبواه أو أحدهما فهو مسلم والله أعلم
____________________
(1/122)
أن يتكلم بالإسلام فقال لا يصلي عليه وهو على دين أبيه لأنه لم يقر بالإسلام
وقال الأوزاعي رحمه الله مولاه أولى من أبيه يصلي عليه وقال لو لم يكن معه أبوه وخرج أبوه مستأمنا أكان لمولاه أن يبيعه من أبيه
وقال أبو يوسف إذا لم يسب معه أبوه كان مسلما ليس لمولاه أن يبيعه من أبيه إذا دخل بأمان وهو ينقض قول الأوزاعي إنه لا بأس أن يباع السبي ويرد إلى دار الحرب في مسألة قبل هذا فالقول في هذا ما قاله أبو حنيفة رضي الله عنه إذا كان معه أبواه او أحدهما فهو على دينه حتى يقر بالإسلام وإذا لم يكن معه أبواه أو أحدهما فهو مسلم والله أعلم
____________________
(1/123)
باب المدبرة وأم الولد تسبيان هل يطؤهما سيدهما إذا دخل بأمان
قال أبو يوسف سئل أبو حنيفة رضي الله عنه عن المدبرة أسرها العدو وأم الولد فدخل سيدهما بأمان فقال إنه لا بأس أن يطأهما إن لقيهما لأنهما له ولأنهم لم يحرزوهما
وقال الأوزاعي رحمه الله لا يحل له أن يطأ فرجا يطؤه المولى سرا والزوج الكافر علانية ولو لقيها وليس لها زوج ما كان له أن يطأها حتى يخلو بينها وبينه ويخرج بها ولو كان له ولد منها كانوا أملك به منه
وقال أبو يوسف قول الأوزاعي هذا ينقض بعضه بعضا قال الأوزاعي في غير هذه المسألة لا بأس أن يطأ السبي في دار الحرب وكره أن يطأ أم الولد التي لا شأن له في ملكها كيف هذا
قال أبو يوسف كان أبو حنيفة يكره أن يطأ الرجل امرأته أو مدبرته أو أمنه في دار الحرب لأنها ليست بدار مقام وكره له المقام فيها وكره له
____________________
(1/124)
أن يكون فيها نسل على قياس ما قال في مناكحتهم ولكنه كان يقول أم الولد والمدبرة ليس يملكها العدو وكان يقول إن وطئهما في دار الحرب فقد وطئ ما يملك ولم يكن يقول إن كان لها زوج هنالك يطؤها أن لمولاها أن يطأها
____________________
(1/125)
باب الرجل يشتري أنته بعد ما يحرزها العدو
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إذا اشترى الرجل أمته فليس له أن يطأها
وقال الأوزاعي رحمه الله يطؤها
وقال أبو يوسف قال أبو حنيفة لا يطؤها وكان ينهى عن هذا أشد النهي ويقول قد أحرزها أهل الشرك ولو أعتقوها جاز عتقهم فكيف يطؤها مولاها وليست هذه كالمدبرة وأم الولد لأن اهل الشرك يملكون الأمة ولا يملكون أم الولد ولا المذكرة باب الحربي يسلم في دار الحرب وله بها مال
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في الرجل من أهل الحرب يسلم في دار الحرب وله بها مال ثم يظهر المسلمون على تلك الدار إنه يترك له ما كان
____________________
(1/126)
في يده من ماله ورقيقه ومتاعه وولده الصغار وما كان من أرض أو دار فهو فئ وامرأته إذا كانت كافرة فإذا كانت حبلى فما في بطنها فئ
وقال الأوزاعي رحمه الله كانت مكة دار حرب ظهر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وفيها رجال مسلمون فلم يقبض لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دارا ولا أرضا ولا امراة وآمن الناس وعفا عنهم
____________________
(1/127)
في يده من ماله ورقيقه ومتاعه وولده الصغار وما كان من أرض أو دار فهو فئ وامرأته إذا كانت كافرة فإذا كانت حبلى فما في بطنها فئ
وقال الأوزاعي رحمه الله كانت مكة دار حرب ظهر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وفيها رجال مسلمون فلم يقبض لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دارا ولا أرضا ولا امراة وآمن الناس وعفا عنهم
____________________
(1/128)
قال أبو يوسف قد نقض الأوزاعي حجته هذه ألا ترى أنه قد عفا عن الناس كلهم وآمنهم الكافر منهم والمؤمن ولم يكن في مكة غنيمة ولا فيء فهذه لا تشبه الدار التي تكون فيئا يقتسمها المسلمون بما فيها باب الحربي المستأمن يسلم في دار الإسلام
قال أبو حنيفة رضي الله عنه في الرجل من أهل الحرب يخرج مستامنا إلى دار الإسلام فيسلم فيها ثم يظهر المسلمون على الدار التي فيها أهله وعياله هم فئ أجمعون
وقال الأوزاعي رحمه الله يترك له اهله وعياله كما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه من المسلمين أهله وعياله حين ظهر على مكة
____________________
(1/129)
قال أبو يوسف ليس في هذا حجة على أبي حنيفة وقد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الشرك ممن أهله بمكة أموالهم وعيالهم وعفا عنهم جميعا
قال أبو حنيفة رضي الله عنه لو كان هذا الرجل أسلم في دار الحرب كان له ولده الصغار لأنهم مسلمون على دينه وما سوى ذلك من أهله وماله فهو فيء
وقال الأوزاعي رحمه الله حال هذا كحال المهاجرين من مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد إليه أهله وماله كما رده لأولئك
قال أبو يوسف قد فرغنا من القول في هذا والقول فيه كما قال أبو حنيفة رضي الله عنه
____________________
(1/130)
باب المستأمن يسلم ويخرج إلى دار الإسلام وقد استودع ماله
قال أبو حنيفة رضي الله عنه لو كان أخذ من ماله شيئا فاستودعه رجلا من أهل الحرب كان فيئا أيضا
وقال الأوزاعي لا واحتج في ذلك بصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقال احق من اقتدى به وتمسك بسنته رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال شريح إن السنة سبقت قياسكم هذا فاتبعوا ولا تبتدعوا فإنكم لن تضلوا ما أخذتم بالأثر
وقال أبو يوسف ليس يشبه الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشبه الحكم في الأعاجم وأهل الكتاب الحكم في العرب ألا ترى أن مشركي العرب من غير أهل الكتاب لا ينبغي أن تؤخذ منهم جزية ولا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل وأن الجزية تقبل من مشركي الأعاجم
____________________
(1/131)
باب المستأمن يسلم ويخرج إلى دار الإسلام وقد استودع ماله
قال أبو حنيفة رضي الله عنه لو كان أخذ من ماله شيئا فاستودعه رجلا من أهل الحرب كان فيئا أيضا
وقال الأوزاعي لا واحتج في ذلك بصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقال احق من اقتدى به وتمسك بسنته رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال شريح إن السنة سبقت قياسكم هذا فاتبعوا ولا تبتدعوا فإنكم لن تضلوا ما أخذتم بالأثر
وقال أبو يوسف ليس يشبه الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشبه الحكم في الأعاجم وأهل الكتاب الحكم في العرب ألا ترى أن مشركي العرب من غير أهل الكتاب لا ينبغي أن تؤخذ منهم جزية ولا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل وأن الجزية تقبل من مشركي الأعاجم
____________________
(1/132)
باب المستأمن يسلم ويخرج إلى دار الإسلام وقد استودع ماله
قال أبو حنيفة رضي الله عنه لو كان أخذ من ماله شيئا فاستودعه رجلا من أهل الحرب كان فيئا أيضا
وقال الأوزاعي لا واحتج في ذلك بصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقال احق من اقتدى به وتمسك بسنته رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال شريح إن السنة سبقت قياسكم هذا فاتبعوا ولا تبتدعوا فإنكم لن تضلوا ما أخذتم بالأثر
وقال أبو يوسف ليس يشبه الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يشبه الحكم في الأعاجم وأهل الكتاب الحكم في العرب ألا ترى أن مشركي العرب من غير أهل الكتاب لا ينبغي أن تؤخذ منهم جزية ولا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتل وأن الجزية تقبل من مشركي الأعاجم
____________________
(1/133)
الله تبارك وتعالى رضي الله عنهن الرب عز وجل وإن إماما لو ظهر على مدينة من مدائن الروم أو غيرها من أهل الشرك حتى تصير فيئا أو غنيمة في يده لم يكن له أن يفتك منها شيئا ولا يصرفها على الذين افتتحوها يخمسها ويقسمها بينهم وأن السنة هكذا كان الإسلام على وليس هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله حرمها فلم تحل لأحد فبلي ولا تحل لأحد بعدي وقد سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي هوزان وسبي يوم بني مصطلق ويوم خيبر في غزوات من غزواته ظهر على أهلها وسبى ولم يصنع في شيء من ذلك ما صنع في مكة لو كان الأمر على ما صنع في مكة ما جاز لأحد من الناس أن يسبى أحدا أبدا ولا كانت غنيمة ولا فئ ولكن الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة على غير
____________________
(1/134)
ما عليه المقاسم والمغانم فتفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يغنم من مكة غنيمة من كافر ولا مسلم ولا سبى منها لا من عيال مسلم ولا من عيال كافر وعفا عنهم جميعا وقد جاءته هوزان فكانت سنته ما أخبرت به
وفدى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تمسك بحقه من السبي كل رأس بستة فرائض فكان القول في هذا غير القول في أهل مكة وما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حق كما صنع ليس لأحد بعده في مثل هذا ماله والله أعلم بالصواب
____________________
(1/135)