هجرة رؤوس الأموال الإسلامية
إلى الخارج في ظل العولمة
( الحالة العربية )
بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي الثالث للاقتصاد الإسلامي
كلية الشريعة ـ جامعة أم القرى
دكتور / عادل حميد يعقوب عبد العال
أستاذ الاقتصاد المشارك ـ قسم العلوم الإدارية
كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية والإدارية - جامعة الملك خالد
(طبعة تمهيدية)
ملخص البحث
تناول هذا البحث موضوع " هجرة رؤوس الأموال الإسلامية بالخارج في ظل العولمة الحالة العربية " وذلك بدراسة مشكلة الفجوة التمويلية في العالم العربي وهي عدم قدرة الموارد المالية بهذه الدول على تمويل الاستثمار التنموي الضروري لها حيث وصلت هذه الفجوة إلى حوالي 70% يتم تغطيتها من خلال التمويل الاقتراضي والاعانات وقد ترتب على هذه الفجوة زيادة حدة بعض المشكلات الاقتصادية في العالم العربي كالبطالة وارتفاع الأسعار وضعف الإنتاج كما لم تستطع الاستثمارات البينية العربية وكذلك الأجنبية من سد هذه الفجوة التمويلية نتيجة لضعف حجم هذه الاستثمارات في الوقت الذي تصل فيه حجم الأموال والاستثمارات العربية بالخارج من 800 ـ 2400 مليار دولار طبقاً للدراسات المختلفة 0 ثم تم دراسة الجوانب النظرية لهجرة رؤوس الأموال العربية بالخارج حيث أنه اتضح أن التطبيق العملي للنظرية الاقتصادية كان في الاتجاه المضاد ثم كيف أن الفرصة البديلة للاستثمار بالعالم الخارجي لم تكن افضل من الاستثمار في العالم العربي من جميع الوجوه، وبالإضافة إلى دراسة النظرية الاقتصادية لهجرة الأموال العربية للخارج يرى المتخصصين في مجال الاقتصاد الإسلامي أن الاستثمار العربي بالخارج يعتبر نوعاً من التعديات الاقتصادية ( في الظروف الحالية ) التي تلحق الضرر بالمصالح الاقتصادية بالمسلمين بالإضافة إلى ما تحققه هذه الاستثمارات من منافع اقتصادية واجتماعية للدول الأجنبية وبعضها تمارس سياسات منحازة ضد المصالح الإسلامية والعربية وفي(1/1)
مقدمتها القضية الفلسطينية كما أن هناك فتاوي بتحريم إيداع الأموال في بنوك هذه الدول 0
ثم تناولت الدراسة أسباب ودوافع هجرة رؤوس الأموال العربية للخارج والتي شملت العوامل الجاذبة من البلدان الأجنبية وهي المحافظة على الأموال وضمانها وكذلك الربحية ثم القدرة على استرجاع هذه الأموال والأرباح بدون قيود وكذلك دراسة العوامل الطاردة من داخل البلدان العربية مع التحليل الاقتصادي لهذه العوامل وبيان أوزانها الترجيحية مع توضيح كامل لأهم المخاطر التي واجهت هذه الأموال في الخارج وكذلك ما يمكن أن تواجهه مستقبلاً ثم دراسة الأولويات لعودة رؤوس الأموال بالخارج والتي شملت توفير المناخ الاقتصادي العام وتفعيل دور السياسة المالية والنقدية وكذلك الإصلاح السياسي والتشريعي 0
وأخيراً دراسة بعض الآليات المقترحة للحد من هجرة رؤوس الأموال العربية وإعادة توطينها والتي شملت التخصيصية بالاستفادة بالتجربة الألمانية، وكذلك إنشاء صناديق استثمارية كبيرة كمشروعات مدروسة الجدوى ومحددة من أهمها مشروعات الصناعات الذكية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ـ تحلية المياه البتروكيماويات بالإضافة إلى تفعيل بعض الآليات الموجودة فعلاً والمقترحة من قبل دراسات سابقة في هذا المجال 0
Islamic Capital Flight In The Context Of Globalization
With Special Reference To Arab Countries
Abstract
This study comprises the following: the theoretical approach of Arab capital flight in the setting situation of globalization A discussion of the most the internal and the external factors encountering the capital flight .
Further more , the study gives an economic analysis to explain the different motivations which led to the flight of capital and the different risks facing these capitals.(1/2)
The study ends up by giving some suggestions, recommendations and special mechanisms which can help Restricting capital flight .
المقدمة
1ـ أهمية البحث :
تمثل قضية توطين الأموال العربية للخارج، والحد من هجرتها في الظروف الراهنة إحدى الأولويات الإستراتيجية للعالم العربي وذلك لإحداث نوع من التوازن بين الموارد الاقتصادية العربية بما فيها رأس المال وبين المردود الاقتصادي والاجتماعي لهذه الموارد في ظل فجوة مالية كبيرة تعاني منها معظم البلدان العربية، هناك فجوة كبيرة في تمويل الاستثمارات تصل في بعض الدول العربية إلى 70% يتم تغطيتها من خلال التمويل الاقتراضي والإعانات الخارجية " وكذلك في ظل عولمة اقتصادية ومالية متمثلة في التقدم الهائل في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، اتفاقية الجات، برامج الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي المدعومة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ظاهرة اندماج المؤسسات العالمية والشركات الكبرى، عالمية أسواق المال، وفي ظل مشاكل اقتصادية ومالية متعددة تعاني منها معظم البلدان العربية 0(1/3)
ففي الوقت الذي تعمل فيه الدول العربية جاهدةً على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية بالداخل بالرغم من منافسة جميع دول العالم لها، وضآلة حجم المتوقع قدومه منها، والتحفظات الكثيرة عليها من قبل بعض الأكاديميين والسياسيين ورجال الأعمال على هذه النوعية من الاستثمارات تبرز قضية في غاية الأهمية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وهي قضية الحد من هجرة الأموال العربية للخارج، وإعادة توطينها في البلدان العربية خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها هذه الأموال بالخارج بعد أحداث 11 سبتمبر والمتمثلة في التجميد والمصادرة في أحيان كثيرة، بحجج، يغلب عليها الطابع السياسي في معظم الأحوال، هذا ويلاحظ أن السياسات العدائية من جانب الدول الأجنبية للأموال العربية بالخارج لم تفرق في معظم الحالات بين الأموال الحكومية والأموال الخاصة
إن الدراسة العلمية الجادة والتحليلية المتعمقة لهذه المشكلة من مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والشرعية والاجتماعية، وكذلك دراسة توفير المناخ المناسب للحد من هجرة هذه الأموال وعودتها ووضع آليات جديدة لتفعيل ذلك لتتناسب مع ظروف العولمة الاقتصادية والمالية بخصوصية إسلامية وعربية جدير بالاهتمام 0
2ـ أهداف البحث :
يهدف هذا البحث إلى مناقشة ظاهرة هجرة رؤوس الأموال العربية بالخارج في ظل متغيرات دولية فرضتها الظروف الاقتصادية والسياسية التي يمر بها العالم العربي، كما تهدف هذه الدراسة إلى التحليل الاقتصادي لأسباب ودوافع هجرة هذه الأموال للخارج وكذلك اقتراح أهم السياسات والآليات الاقتصادية للحد من هجرة هذه الأموال بل والعمل على إعادة توطينها في العالم العربي 0
3ـ حدود البحث :(1/4)
حُدد نطاق البحث بدراسة " هجرة رؤوس الأموال الإسلامية للخارج في ظل العولمه " الحالة العربية " وذلك بدراسة هجرة الأموال العربية المشروعة ولا ينظر البحث إلى هجرة الأموال غير المشروعة كالأموال الناتجة عن غسيل الأموال أو تجارة المخدرات أو الرشاوي أوالعمولات والتربح وما شابه ذلك 0 كما يركز البحث على هجرة الأموال العربية إلى الولايات المتحدة الأمريكية على اعتبار أنها تمثل أكبر تجمع لهجرة رؤوس الأموال العربية (الحكومية والخاصة)0
4ـ خطة البحث ومنهجه :
في ضوء ما تقدم ستتم دراسة هذا الموضوع باتباع الأسلوب التحليلي المقارن وكذلك الأسلوب التاريخي من خلال المباحث الثلاث التالية :ـ
المبحث الأول : الجوانب النظرية لهجرة رؤوس الأموال العربية للخارج 0
المبحث الثاني : هجرة رؤوس الأموال العربية للخارج (الأسباب ـ المخاطر ) رؤية اقتصادية 0
المبحث الثالث : الآليات المقترضة لتوطين وعودة الأموال العربية ( بالخارج ) والحد من هجرتها 0
الخاتمة ـ النتائج 0
* * *
المبحث الأول
الجوانب النظرية لهجرة رؤوس الأموال العربية للخارج
1ـ الفجوة التمويلية في العالم العربي :
اكتسبت الدعوة إلى الحد من ظاهرة هجرة رؤوس الأموال العربية للخارج وإيجاد السبل والوسائل لتهيئة الظروف المناسبة لتوطين هذه الأموال بالبلدان العربية وكذلك دراسة المردود الاقتصادي والمالي الذي يمكن أن تحققه هذه الأموال في حالة توطنها ولو جزئياً أهمية متزايدة في الفترة القليلة الماضية وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية التي فرضتها المتغيرات الدولية الحديثة في المنطقة ولا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر والحرب المحتملة على العراق والتهديد بتجميد بعض الأرصدة والاستثمارات لمستثمرين وحكومات عربية وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوربية 0(1/5)
ففي الوقت الذي(1) حققت فيه العديد من الدول العربية نتائج إيجابية في إطار برامجها الإصلاحية تمثلت في إزالة التشوهات السعرية وانخفاض ملحوظ للعجز الكلي في الموازنات وإجراء تغيرات نوعية في حجم وهيكل الصادرات وارتفاع الاحتياطات الخارجية فإنها لم تستطع الحد من تنامي ظاهرة هجرة الأموال العربية للخارج في الوقت الذي بدأت فيه بعض المشاكل الاقتصادية تهدد الاستقرار الاقتصادي العربي وخاصة مشكلة البطالة (2) حيث بلغ معدل البطالة في العالم العربي عام 1999 حوالي 14% وقد بلغ عدد العاطلين حوالي 12.5 مليون عاطل يزيدون كل عام 2.5 مليون عاطل عن العمل 0
وكذلك(3) ارتفاع معدل التضخم في بعض البلدان العربية(1) (من هذه الدول مصر والسودان وسوريه ولبنان والعراق) وانخفاض قيمة العملة المحلية بنسبة كبيرة مما أثر بالسلب على مستويات الدخول بهذه الدول
وغير ذلك من المشاكل وقد ارتبط التصدي لهذه المشكلات بضرورة تحقيق معدلات متزايدة من النمو الاقتصادي وزيادة حجم الاستثمارات ( والغير متوافرة لدى الكثير من الحكومات العربية ) مما عزز الدعوة بإيجاد بيئة أكثر استقراراً على مستوى الاقتصاد الكلي لإيجاد بيئة صالحة لتدفق الاستثمارات لهذه الدول سواءً الاستثمارات العربية أو الأجنبية 0
أما بالنسبة للاستثمارات العربية البينية فإن حجم هذه الاستثمارات لا تتناسب مطلقاً والطموحات التنموية كما يتضح من الجدول رقم (1) 0
جدول رقم (1)
الاستثمارات العربية البينية في الفترة من 1990 ـ وحتى 1997بالمليون دولار
المصدر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وآخرون، التقرير العربي الاقتصادي الموحد سبتمبر 1998،
أبو ظبي ص152 0
__________
(1) …من بين هذه البلدان مصر والسودان وسورية ولبنان والعراق.(1/6)
أما بالنسبة للاستثمارات الأجنبية في البلدان العربية(4) فلم تكن أيٍ من الدول العشر الأولى المتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة دولة عربية خلال النصف الأول من التسعينات 0 كما يتضح من جدول رقم (2) 0
جدول رقم (2)
العشر دول الأولى المتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة
خلال النصف الأول من التسعينات
الدولة ... القيمة
الصين ... 19295
سنغافورة ... 6587
الأرجنتين ... 5558
المكسيك ... 5381
ماليزيا ... 4634
اندونسيا ... 2066
هونج كونج ... 1564
تايلاند ... 1440
البرازيل ... 1399
نيجيريا ... 1228
النسبة إلى كل الاستثمارات الأجنبية في الدول النامية ... 88.2%
المصدر : UNIDO, Industrial Development : Global Report 1996
وقد بلغت نسبة(5) الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إجمالي رأس المال المحلي في عام 1995 في بعض البلدان العربية على النحو التالي :
في سوريه 0.6% وفي قطر 3.2% وفي الأردن 2% وفي الكويت 0.5% وفي لبنان 1.9% وفي دولة الإمارات العربية المتحدة 1.3% وفي اليمن 8.7% وفي السعودية 7.6% 0
أما عن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة للبلدان العربية فقد انخفضت في التسعينات عنها في الثمانينيات، فقد بلغ(6) المتوسط السنوي لهذا التدفق على المستوى العالمي 93.710 مليار دولار كان نصيب العالم العربي نحو 3 مليار دولار بنسبة 3.3% من الإجمالي 0
وفي عام 1991 بلغ إجمالي التدفق العالمي حوالي 199.288 مليار دولار خص العالم العربي منه 1.429 مليار دولار بنسبة 9,% وفي عام 1994 بلغ إجمالي التدفق 222.254 مليار دولار خص العالم العربي منه 1722 مليون دولار بنسبة 8,% فقط 0(1/7)
وقد أدت ضعف المعدلات الاستثمارية سواء العربية البينيه أو الاستثمارات الأجنبية إلى وجود فجوة كبيرة في تمويل الاستثمارات المرتبطة بعملية التنمية الاقتصادية وصلت في بعض الدول العربية إلى حوالي 70% مما اضطر هذه الدول إلى الاقتراض الخارجي بشروطه الصعبة وكذلك قبول الإعانات والتي غالباً ما ترتبط بنواحي سياسية خاصة الإعانات غير العربية 0
الجوانب النظرية للدراسة :
من المعروف أن النظرية الاقتصادية تركز على انتقال رؤوس الأموال من بلدان الفائض إلى بلدان العجز، والواقع أن التطبيق العملي قد أثبت إلى جانب ذلك، انتقال رؤوس الأموال في الاتجاه المضاد أي من بلدان العجز إلى بلدان الفائض0 فيكفي أن نشير إلى أن حجم الأموال العربية المستثمرة في الخارج، قد بلغت حوالي(7) 800 ـ 2400 مليار دولار ويلاحظ أن نسبة كبيرة من هذه الأموال لبلدان(1) عربية تعاني من قصور في موارد التمويل وكذلك مشكلة المديونية الخارجية وارتفاع نسبة البطالة والتضخم 0
ولم تقتصر هذه الظاهرة على البلدان العربية فقد أدت ظروف الحرب والفساد في روسيا إلى هروب حوالي(8) 130ـ140 مليار دولار إلى الخارج ولا يزال هروب رأس المال في روسيا يتراوح ما بين مليار إلى مليارين من الدولارات شهرياً طبقاً لتقديرات المسئولين الروس، وخلال هذه الفترة لم تتجاوز الاستثمارات الأجنبية في روسيا الـ 10 مليار دولار وفي كولومبيا(9) بلغت الأموال الهاربة للخارج في عام 1985 حوالي 800 مليون دولار 0
وكذلك انتشرت هذه الظاهرة في كثير من دول العالم الثالث في افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بالرغم من حاجتها الماسة لهذه الأموال 0
__________
(1) …من بين هذه البلدان مصر وسورية والجزائر، وقد بلغ إجمالي الديون لهذه الدول عام 1997م، 28.179 ، 20.865 ، 30.21 مليار دولار على التوالي.(1/8)
وبتحليل ظاهرة انتقال رؤوس الأموال العربية في الاتجاه المضاد، نطرح السؤال التالي ؟ هل استطاعت هذه الأموال أن تضحي بالاستثمار في الدول العربية مقابل فرصة بديلة أفضل في بلدان الفائض والواقع العملي أيضا يشير إلى أن الفرصة البديلة أي الاستثمار في البلدان الأجنبية لم تكن هي الأفضل حيث انتفاء(10) الميزة النسبية للمستثمر العربي في هذه البلدان، حيث أن حجم الاستثمارات، وتوافر الأموال هناك والتي تبحث عن الفرص الجيدة، ووجود المؤسسات المتطورة والقادرة على اقتناص الفرص لا تدع مجالاً للمستثمر العربي في الحصول على الفرص الجيدة، لهذا نشطت المحافظ المالية على مستوى العالم والتي تقوم بتجميع المدخرات والقيام بالعمليات الاستثمارية نيابة عن المدخرين إلا أن العوائد على مثل هذه المحافظ محدودة حيث يذهب جزء كبير من الأرباح مقابل الإدارة والاستشارات والضرائب 0 ويلاحظ أن سبب الالتجاء لمثل هذا الأسلوب هو عجز المستثمر على الاستثمار المباشر في هذه البلدان 0
ومن وجهة نظر الاقتصاد(11) الإسلامي فإن هجرة رؤوس الأموال بالخارج واستثمارها هناك ( في الظروف الحالية) تعتبر نوعاً من التعديات الاقتصادية والتي هي " كل سلوك أو تصرف بالفعل أو الترك فيه تجاوز لما ألزم به الشارع أمراً أو نهياً في أيٍ من المجالات الاقتصادية وكل ما أدى إلى إلحاق الضرر بالمصالح الاقتصادية المتعلقة بالفرد أو الجماعة " 0
ولا شك أن استثمار الأموال العربية بالخارج يضر بمصلحة المسلمين فبالإضافة لما تحققه هذه الاستثمارات من منافع اقتصادية واجتماعية للدول الأجنبية فإن بعض هذه الدول تمارس سياسات منحازة ضد المصالح العربية وفي مقدمتها " القضية الفلسطينية " كما أن عدم استثمار هذه الأموال في مواطنها الأصلية يلحق الضرر بالمجتمع ويعرقل جهود التنمية ويساعد في زيادة حدة المشكلات التي تعاني منها 0(1/9)
ولذلك كانت هناك(12) بعض الفتاوى بتحريم إيداع الأموال في البنوك الأمريكية حيث أنه يعتبر نوع من الإعانة على الإثم والعدوان نتيجة للسياسات المنحازة ضد العالم الإسلامي 0 وإذا كانت هذه الجوانب النظرية للدراسة فإننا سنحاول أن نبحث في المبحث التالي التحليل الاقتصادي لأسباب ودوافع هجرة رؤوس الأموال العربية للخارج مع توضيح أهم المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها خاصة في الظروف الحالية 0
المبحث الثاني
هجرة رؤوس الأموال العربية للخارج ( الأسباب ـ المخاطر ) رؤية اقتصادية
بالرغم من عدم وجود أرقام دقيقة ومحددة لحجم الأموال العربية المهاجرة للخارج فإن معظم الدراسات التقديرية تقدر حجم هذه الأموال بما يتراوح ما بين 800 إلى 2400مليار دولار(13) وهي مملوكة لحكومات ومستثمرين وأفراد من البلدان العربية(1) يتركز معظمها في الولايات المتحدة الأمريكية والباقي يتوزع ما بين الدول الأوربية والآسيوية وتقدر إحدى الدراسات الأصول الأجنبية الممتلكة لدى القطاع العربي الخاص في الخارج بـ 850 إلى 900 مليار دولار(14) يتركز منها حوالي 43% من قطاع المصارف والبورصات الأمريكية والأوربية والآسيوية 0 وقد أصيبت هذه الأموال بخسائر كبيرة نتيجة للأزمات الاقتصادية التي عصفت بهذه البورصات خلال السنوات الماضية0
__________
(1) …تقدر إحدى الدراسات أن استثمارات الحكومة الكويتية بالخارج حوالي 76مليار دولار، أما استثمار دولة الإمارات العربية المتحدة بالخارج فهي حوالي 300مليار دولا.(1/10)
أما بالنسبة لتوزيع استثمارات الأموال العربية بالخارج قطاعياً ومكانياً فإن أغلب هذه الاستثمارات تتجه (15) نحو المحافظ الاستثمارية المدارة من قبل البنوك الأمريكية، والمشكلة في وسائل الدفع والأوراق المالية والأسهم، التي لا تعطي حاملها حق الإدارة، كما يتجه البعض منها إلى مجال الودائع المصرفية في البنوك أو شراء أوراق الشركات وحصص الملكية، في حين تتجه بعض الاستثمارات الخاصة نحو الملكية العقارية 0
ويرى بعض المتخصصين (16) أن قوة اتجاه الأموال العربية نحو التوظف في الأسواق الأمريكية بصفة خاصة وبعض الدول الأوربية ( إنجلترا) قد جاء نتيجة للروابط التي ربطت لسنين طويلة بعض الدول المنتجة للبترول وهاتين الدولتين وكذلك علاقات التشابك الاقتصادية الكثيرة والمتمثلة في البترول والتجارة الخارجية والبنوك فضلاً عن اتساع وتنظيم أسواق نيويورك ولندن النقدية والمالية والتجارية0
أسباب هروب رؤوس الأموال العربية للخارج :
هذا وقد أسهمت العديد من العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية في هجرة الأموال العربية للخارج كان من بينها عوامل جاذبة من البلدان الأجنبية المستقبلة للأموال وعوامل طاردة من داخل البلدان العربية وبتحليل أهم أسباب ودوافع هروب الأموال العربية للخارج يتضح الآتي :ـ
أولاً : الأسباب الخارجية 0
يمكن إيجاز أهم الأسباب الخارجية على النحو التالي :ـ
(1) المحافظة على الأموال وكون هذه الاستثمارات مضمونه :
حيث تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول أوربا الغربية من وجهة نظر الأموال العربية المهاجرة المكان والملاذ الآمن للحفاظ على قيمة هذه الأموال نتيجة لقوة الأداء الاقتصادي بهذه الدول والمتزامن مع القوة السياسية والعسكرية في ظل حرية اقتصادية تمنع الاقتراب من التعدي على هذه الأموال 0(1/11)
وبتحليل أوضاع هذه الدول من الناحية الاقتصادية ( حالة الولايات المتحدة الأمريكية على اعتبار أنها أكبر متلقي لهذه الأموال وعلى اعتبار أنها القوة الاقتصادية الأولى في العالم ) 0 يلاحظ الآتي :
ـيشير الواقع العملي إلى أن تجميد الأرصدة الإيرانية والعراقية والليبية قد زعزع من مصداقية ( الضمان والمحافظة على الأموال العربية ) بعد أزمة الرهائن وحرب الخليج الثانية وأزمة لوكيربي وقد استمر هذا التزعزع بعد أحداث 11 سبتمبر نتيجة للتهديد المستمر بتجميد بعض الأرصدة والحسابات لمستثمرين وأفراد وحكومات عربية بل أن الحكومة الأمريكية قد قامت فعلاً بتجميد بعض الحسابات لجمعيات خيرية ومستثمرين عرب بحجة أن هذه الحسابات لها صلة بأنشطة إرهابية ومن المعروف اقتصادياً أن الاستثمارات والأموال شديدة الحساسية بالنسبة لمثل هذه الأمور 0بل إن الخبراء الأمريكيين أنفسهم ونتيجة للأزمات والمشاكل المتتالية التي أصابت الاقتصاد الأمريكي بداية من عقد التسعينات في القرن الماضي وحتى الآن فقد توقع(17) هؤلاء الخبراء أن تصل معدلات العجز الفيدرالية في الفترة من عام 1980 ـ 2000 حوالي 33 مرة كما أن الديون الفيدرالية ستتضاعف حوالي 14 مرة في الفترة نفسها أما فوائد الديون فستبلغ 29 مرة وهم يتوقعون إنهيار اقتصادي كبير للولايات المتحدة الأمريكية نتيجة للأداء الاقتصادي والسياسي السيئ للسياسة الأمريكية 0
جدول رقم (3)
معدلات العجز والديون الفيدرالية ونسب الفوائد المتوقعة للفترة
ما بين عامي 1980 ـ 2000 ( ببلايين الدولارات)
السنة ... معدلات العجز ... الديون ... فوائد الديون
1980
1983
1985
1990
1995
2000
معدل تضاعف الأرقام
في عام 2000 عما كان
عليه في عام 1980 ... 59.60
195.4
202.8
386.7
850
1966.0
33 مرة ... 914.3
1381.9
1823.1
3211
6560
13020.9
14 مرة_ ... 52.5
87.8
179
252.3
619.1
1520.7
29 مرة__(1/12)
SOURCE :Harry E. Figgie , Gerald Swanson , BANKRUPTCY 199 ? The coming Collapse of America and How to stop It, Washington D C 1995 p13 .
- من المؤشرات الهامة التي تؤكد استمرار الأداء الاقتصادي السيء للاقتصاد الأمريكي ما يلي :ـ
*انهيار الكثير من الشركات الأمريكية العملاقة بعد فضائح مالية بدأت بشركة (انرون للطاقة )(1) ثم (ورلدكوم) العملاقة للاتصالات وشركة (زيوركس) وشركة (الخطوط الجوية الأمريكية) والتي انخفضت قيمة أسهمها إلى النصف بالإضافة إلى فضائح شركة أرثر اندرسن للمحاسبة والخاصة بتضخيم حجم الأرباح واعتماد البيانات الكاذبة عن الشركات التي تقدم لها استشارات في المجالات المحاسبية والمالية ولا شك أن انهيار هذه الشركات سيتبعه بالتأكيد انهيار شركات أصغر تتشابك مع هذه الشركات في علاقات اقتصادية من الخلف والأمام كما سيعمق انهيار هذه الشركات من مشاكل الميزانية الفيدرالية نتيجة للضرائب الضخمة التي كانت ستحصل عليها من هذه الشركات 0
*أوضحت (18) دراسة لإحدى الشركات العاملة في مجال بيانات وأبحاث صناديق الاستثمار بالولايات المتحدة الأمريكية أن حجم المسحوبات خلال شهر يوليو 2002 قد بلغ 49 مليار دولار من صناديق الاستثمار في الأسهم الأمريكية " نتيجة توقع الخسائر " وهو رقم قياسي بعد أن تهاوت كل مؤشرات الأسهم الرئيسية وخسرت صناديق الاستثمار ما متوسطة 10% تقريباً ولا شك أن خسارة هذه الصناديق ستزيد من خسائر المستثمرين العرب بها 0
__________
(1) …أعلنت شركة الراجحي المصرفية للاستثمار أن خسائرها الأولية المحتملة غير المضمونة لدى شركة (انورن) الأمريكية للطاقة تبلغ حوالي 101.3 مليون دولار مشكوك في قدرة (انرون) على سدادها نتيجة لانهيارها.(1/13)
* من المتوقع أن يؤدي هبوط أداء الأسواق المالية الأمريكية إلى هروب الاستثمارات الأوربية واليابانية وغيرها من منطقة الدولار إلى مناطق أخرى بالعالم وقد تزامن هذا (19) مع انخفاض قيمة الدولار أمام اليورو بحوالي 12% من بداية العام الجاري وحتى شهر أغسطس 2002 0
كما يتوقع مراقبون اقتصاديون انخفاض(20) حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في عام 2001 لتصل إلى 124 مليار دولار بعد أن كانت 301 مليار دولار عام 2000 بل إن هناك دراسات تشير إلى احتمالات هروب رؤوس الأموال الأمريكية فضلاً عن الأجنبية من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأسواق الآمنة في أوربا وآسيا 0
* توقع الخبراء(21) بمؤسسة جولدمان ساكس بإنخفاض الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بمقدار 3.5% في الربع الأخير من عام 2001 وبمقدار 1% سنوياً من الربع الأول من عام 2002 0
* بالرغم من (22) قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بإجراءات توسعية في السياسة النقدية تمثلت في خفض أسعار الفائدة عدة مرات عام 2001 لتبلغ أقل معدل لها منذ سنوات قليلة فقد أوضحت البيانات ارتفاع معدل البطالة الأمريكي خلال شهر أغسطس بمقدار 4,% مقارنة بشهر يوليو حيث بلغ معدل البطالة أعلى معدل له منذ أربعة أعوام كاملة كما أنه زاد بمقدار 1% على المعدل المسجل في شهر نوفمبر من عام 2000 وكانت النتيجة الفورية لهذا الارتفاع في معدل البطالة إلى ما يشبه الأنهيار في مؤشرات أداء بورصة (وول ستريت) الأمريكية حيث إن ارتفاع معدل البطالة يعني المزيد من تدهور الاقتصاد وتوقع زيادة الانخفاض في انفاق المستهلكين وخفض معدلات الإنفاق الاستثماري 0 مما يدفع نحو المزيد من التباطؤ في النشاط الاقتصادي، إذ يبلغ إنفاق المستهلكين الأمريكيين نحو 65% من حجم الناتج المحلي الأمريكي 0
(2) الربحية :(1/14)
تعتبر عنصر الربحية من العناصر المهمة والمحددة لتحركات رؤوس الأموال وهجرتها، بل انه يمثل في معظم الحالات العنصر الأهم ومن المعروف اقتصادياً أنه كلما زادت درجة نضج الاقتصاد وتطوره قلت فرص الاستثمار المربح في هذا الاقتصاد وتصبح بالتالي فرص الاستثمار في البلدان الأقل تطوراً مثل البلدان العربية أكثر ربحية منها في الدول المتقدمة وهو ما يفسر لنا أن أغلب (23) الاستثمارات الأجنبية المباشرة تتم في بلدان مثل الصين وبعض دول جنوب شرق آسيا التي ما زالت أرضاً بكراً للاستثمار المربح علاوة على توافر بعض الشروط الضرورية الأخرى للقيام بهذا الاستثمار وتتعلق هذه الشروط الضرورية بما يسمى بتهيئة مناخ الاستثمار في أي بلد من بلدان العالم 0 وهو ما يقدم دائماً على أنه السبب الرئيسي وراء أحجام الأموال العربية(1) عن التوطن والاستثمار في العالم العربي وبتطبيق معيار( درجة نضج الاقتصاد وتطوره ) على الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا الغربية يلاحظ تدني نسبة الربحية بها مقارنة بمعدل الربحية في دول جنوب شرق آسيا ففي الوقت الذي تصل فيه معدل(24) الربحية من 13 ـ 14% في مجموعة دول جنوب شرق آسيا يصل فيه معدل الربحية إلى حوالي 4.3% في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا الغربية 0
وعلى ذلك لا تعتبر عنصر الربحية من العناصر قوية التأثير على هجرة رؤوس الأموال العربية للخارج(25) وتتفق مع ذلك كثير من الدراسات التي تمت بهذا الخصوص 0
(3) قدرة المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال على استرجاع ودائعهم وتحويل أرباحهم في أي وقت بدون عوائق 0
__________
(1) …أعلنت شركة الراجحي المصرفية للاستثمار أن خسائرها الأولية المحتملة غير المضمونة لدى شركة (انرون) الأمريكية للطاقة تبلغ حوالي 101.3 مليون دولار مشكوك في قدرة (أنرون) على سدادها نتيجة لانهيارها 0(1/15)
تتسابق دول العالم في سن التشريعات الخاصة بتحويل الأرباح أو استرجاع الأموال في أي وقت بالنسبة للاستثمارات الأجنبية ومع ذلك فإن الولايات(26) المتحدة الأمريكية حتى الآن هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تعلن في قوانينها موقفاً من تحرك رؤوس الأموال الوطنية أو الأجنبية دخولاً أو خروجاً وإن كان هذا لا يعني عدم وجود سياسات تحد من مثل هذه التحركات 0
ولا شك أن حرية تحركات الاستثمارات الأجنبية الكبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية وبصفة خاصة الأموال والاستثمارات العربية ليست بالسهولة كالمطبقة في كثير من دول العالم بل إنها تخضع لاعتبارات سياسية واقتصادية تحددها مصلحة المؤسسات والشركات والبنوك والأسواق الأمريكية بالرغم من زعامة الولايات المتحدة الأمريكية لسياسات الحرية والتحرر الاقتصادي والغير مطبقة على أرض الواقع أو المطبقة بعدة مكاييل 0
هذه هي أهم الأسباب لهجرة رؤوس الأموال العربية للخارج بالإضافة إلى بعض العوامل الأخرى مثل التقدم والتطور في البنية التحتية والفوقية للاستثمار في هذه الدول 0
وبعد هذا العرض والتحليل نستطيع أن نحدد أوزاناً ترجيحية للأسباب الخارجية لهجرة الأموال العربية للخارج على النحو التالي : المحافظة على الأموال والضمان 60%، الربحية 20%، القدرة على استرجاع الأموال والأرباح بدون قيود 20%
ثانياً : الأسباب الداخلية ( الطاردة ) لهجرة رؤوس الأموال العربية بالخارج :
أما عن الأسباب الداخلية لهجرة الأموال العربية بالخارج فيمكن توضيح أهمها :
(1) ضعف المقدرة الاستيعابية للاقتصاديات العربية :(1/16)
وتتمثل ضعف المقدرة الاستيعابية لاقتصاديات العالم العربي في عدم استطاعة هذه الاقتصاديات استغلال الموارد المتوافرة لديها استغلالاً كاملاً في تحقيق مستوى من التنمية تتناسب مع مستوى هذه الموارد ومن الأمثلة على ذلك عدم مقدرة البنوك والشركات والمؤسسات المالية العربية على استثمار ما لديها من فوائض مالية بالرغم من توافر الكثير من الفرص الاستثمارية ذات الجدوى في المجالات المتعددة مما يؤدي إلى تدني مستوى العوائد المتحققة 0
(2) بالرغم من الإصلاحات الإدارية والقانونية التي تمت في معظم البلدان العربية فلا زالت هناك كثير من المشاكل التي يتعرض لها المستثمرين العرب داخل البلدان العربية فلا زالت المزاجية(27) وشيوع الروتين والفساد الإداري والمالي وغياب الشفافية والتسهيلات تمثل حاجزاً كبيراً لانسياب رؤوس الأموال بين الدول العربية وهروبها للخارج 0
(3) شيوع عقلية الربح الكبير والسريع والخوف من المخاطرة لدى قطاع كبير مما يطلق عليه رجال الأعمال تجاوزاً (28) ( كما يطلق عليه البعض ) وتحقيق أرباح قدرية بفعل المضاربات وتسكين الأموال في صورة التفضيل الريعي والتطفل المالي في الخارج 0
(4)غياب التطبيق العملي على أرض الواقع للإصلاحات الإدارية والتنظيمية وكذلك التشريعات الخاصة لجذب الاستثمارات العربية في البلدان العربية 0
(5) الصراع العربي الإسرائيلي وعدم الاستقرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط يجعلها من وجهة نظر الكثيرين منطقة غير آمنة للاستثمار 0
(6)عدم كفاءة أوعية جذب الاستثمارات العربية 0
لما كانت الدول العربية تعاني من ضعف المؤسسات المالية كما أن النشاط الاقتصادي والاستثماري والمالي عادة ما تهيمن عليه الأجهزة الحكومية أو المختلطة مع سيطرة واضحة للقرار الحكومي لذا يجد المستثمر العربي صعوبة كبيرة في توجيه استثماراته 0(1/17)
(7) المعاناة الكبيرة في مراكز الحدود العربية الجوية والبحرية منها والبرية وسوء المعاملة في بعض الأحيان يجعل المستثمرين يحجمون عن العمل بهذه الدول 0
هذا بالإضافة إلى بعض الأسباب الأخرى والمتمثلة في ضعف مرافق البنية الأساسية في بعض الدول العربية والمبالغة في الرسوم والضرائب في بعض الأحيان 000 وغيرها 0 وإذا كانت هذه هي الأسباب فما هي الآليات المقترحة لتوطين الأموال العربية المهاجرة 0
المبحث الثالث
الآليات المقترحة لتوطين وعودة الأموال العربية بالخارج والحد من هجرتها(1/18)
يكاد يتفق جميع الاقتصاديين إلى أن عودة جميع الأموال والاستثمارات العربية المهاجرة من الدول الأجنبية بشكل سريع وتلقائي، هو نوع من الخيال، كما أن مقاطعة الاستثمار في جميع دول العالم خارج الوطن العربي يعتبر مستحيلاً من الناحية العملية، فكبر حجم الأموال المهاجرة، وتنوع الاستثمارات بين قصيرة الأجل ومتوسطة وطويلة الأجل والقيود التي تضعها الدول الأجنبية على تحركات هذه الأموال، والمصالح المشتركة والتشابكات الاقتصادية بين البلدان العربية والبلدان الأجنبية والظروف السياسية أحياناً تحتم وضع استراتيجية لعودة الأموال والاستثمارات المهاجرة إلى بلدانها العربية بشكل منظم وتدريجي وتبعاً للتقدم الذي يتم إحرازه في مجال إيجاد آليات مناسبة لجذب هذه الأموال(29)0 ويرى البعض أن الاستثمار في بعض البلدان الأجنبية قد يعتبر ضرورياً في بعض الأوقات إذا كان الغرض منه تحقيق بعض السيطرة على القطاعات الأمامية المرتبطة بقطاع النفط وكذلك فإن الاستثمار في مشروعات المصافي أو البتروكيمياويات يحقق درجة عالية من الاستقرار المطلوب في الأسواق الخارجية ( خاصة بالنسبة للدول العربية النفطية ) كما أن الاستثمار في بعض المجالات المحتكرة من بعض الدول الأجنبية قد يكون مفيداً لنقل هذه المجالات للدول العربية مستقبلاً 0 بالإضافة إلى الاستفادة من الخبرات الفنية والإدارية والتنظيمية بهذه الشركات، وبالرغم من الجهود المبذولة من جانب البلدان العربية والمتمثلة في إزالة القيود والروتين وتحسين البيئة الاقتصادية والمالية والقانونية لتوطن الاستثمارات العربية فإننا نرى أن تستمر الدول العربية في بذل مزيدٍ من الجهد والعمل لتفعيل ذلك من خلال ما يلي :ـ
توفير المناخ المناسب للاستثمار 0
ويشمل المناخ المناسب للاستثمار ما يلي :ـ
أولاً : المناخ الاقتصادي العام في البلدان العربية 0(1/19)
والذي يجب أن يركز على تحسين معدلات النمو الاقتصادي وذلك من خلال رفع مستوى الكفاءة بالنسبة للإدارة الاقتصادية لجميع فروع النشاط الاقتصادي وتنوع الإنتاج والاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية، المتوافرة مع وضع سياسة واضحة المعالم بالنسبة لأولويات تخصيص الموارد، وترشيد استخدامها 0 مع أهمية الالتزام بالمواصفات الدولية في الإنتاج وهذا سيؤدي إلى خفض التكاليف التي ستخفض مع الإنتاج الكبير، مع الأخذ في الاعتبار تلبية احتياجات السوق العربي، خاصة وأن حجم التجارة البينية بين الدول العربية لا يزيد حتى الآن عن(30) 8% بينما تبلغ التجارة البينية للسوق الأوربية 75% والمجموعة الآسيوية 45% وأي تكتل تجاري آخر لا تقل تجارته عن 30% 0
كما تبلغ صادرات العالم العربي غير البترولية(31) حوالي 14 مليار دولار ووارداته حوالي 150 مليار دولار وهو ما يعني وجود فجوه في غير صالح العالم العربي مقدارها 135 مليار دولار وهذا ما يؤكد أهمية العودة بالاستثمارات المهاجرة لاستغلال الطاقات الكبيرة غير المستغلة 0
(1) تفعيل دور السياسة المالية في الحد من عجوزات الموازنة العامة عن طريق الترشيد الأمثل للإنفاق وليس تقليله والحد من ظاهرة المبالغة في فرض الضرائب كما هو الحال في بعض البلدان العربية 0 مع مراعاة أن خفض حجم النفقات العامة لتخفيض عجز الموازنة قد يؤدي إلى التأثير بالسلب على حجم الاستثمار الخاص خاصة إذا كانت العلاقة بين الاستثمار والإنفاق العام علاقة تكاملية وليست تنافسية وبصفة عامة إذا تم خفض حجم النفقات العام في مجالات البنية الأساسية فإن ذلك يؤدي إلى خفض حجم الاستثمار الخاص بينما يؤدي خفض حجم الإنفاق العام على القطاعات العامة الإنتاجية على المساهمة والمساعدة في تنشيط الاستثمار الخاص 0
__________
(1) …تعاني بعض البنوك والمصارف العربية من أزمة في السيولة وزيادة نسبة الديون المشكوك في تحصيلها نتيجة للإفراط في التمويل العقاري 0(1/20)
السياسة النقدية :(1)
يمثل الأداء القوي للبنوك والمؤسسات المالية في أي دولة الواجهة والحافز لتوطن الأموال والاستثمارات بهذه الدولة 0
-ولذلك يجب أن تركز السياسة النقدية في الدول العربية على المساهمة في الاستقرار الاقتصادي وأن تمارس البنوك المركزية في البلدان العربية دوراً رقابياً أكثر صرامة على البنوك والمؤسسات المالية والتي تشمل مراقبة الحد الأدنى لكفاية رؤوس الأموال بالبنوك ومعالجة التركز الأئتماني ووضع حدود لإقراض المساهمين وتحديد نسبة السيولة وتطبيق معايير المحاسبة الدولية ووضع قواعد للتعاون في مجال مكافحة غسيل الأموال 0
-إعطاء البنوك الإسلامية دفعة للأمام عن طريق الإصلاح الإداري للعلاقة التنظيمية بين البنوك المركزية والبنوك الإسلامية مع الحفاظ على خصوصيتها مما يساهم في خلق بيئة مناسبة لزيادة ثقة العملاء بها أسوة بما هو معمول بين البنوك المركزية والبنوك الأخرى 0
- تشجيع زيادة الاندماجات والتحالفات الإستراتيجية بين البنوك العربية وذلك لمواجهة اتفاقية الجات لتحرير الخدمات المالية والتي تنص على حرية البنوك والمؤسسات المالية للدول الموقعة على الاتفاقية بفتح فروع لها في جميع الدول الموقعة على الاتفاقية 0
ومما لا شك فيه أن البنوك والمؤسسات المالية للدول المتقدمة الموقعة على الاتفاقية والتي تشمل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوربا الغربية واليابان هي
__________
(1) **)…يرى بعض(32) الاقتصاديين أن المؤسسات المالية الموجودة بالعالم العربي لا زالت ضعيفة وليست في مستوى كفاءة المؤسسات المالية في الدول المتقدمة كما أن العلاقة بين نمو القطاع المالي وانتقاله إلى الاقتصاد الحقيقي لم يعد واضحاً كما كان في الفكر الاقتصادي وذلك بسبب المضاربات والذي أدى إلى تسعير الأصول بأعلى من قيمتها الحقيقية 0(1/21)
بنوك ومؤسسات مالية عملاقة يصعب مقارنتها من حيث حجم رؤوس الأموال والتقنية المصرفية التي تستخدمها وتمتعها بالمزايا المتعلقة بتحقيق الوفرات من الإنتاج الكبير للخدمات بمؤسسات وبنوك الدول العربية الضعيفة ويزيد من قدرة وقوة البنوك والمؤسسات المالية في الدول المتقدمة الاندماجات الكبيرة التي شهدتها هذه الدول بين كبريات البنوك والمؤسسات المالية ولا شك أن اندماج البنوك (33) العربية أصبح ضرورة ملحة لمواجهة العولمة المالية وعدم تهميش المؤسسات والبنوك العربية عالمياً كما أنه مهم للمشاركة في توطين وجذب الاستثمارات العربية بالخارج.
ثانياً : الجوانب المكملة للمناخ الاقتصادي العام :
وتشمل هذه الجوانب السياسية، والتشريعية، المعلوماتية وخلافه 0
- فلا شك أن المزيد من الإصلاحات السياسية والتشاور مع المواطنين سيشكل أرضية صلبة لعودة الأموال المهاجرة من الخارج وكذلك الحرية المنضبطة للفكر وحرية الإعلام والصحافة وحرية الرأي الآخر وكذلك في المزيد من الإصلاحات القانونية والتشريعية واتفاقيات منع الازدواج الضريبي في البلدان العربية وتطبيق هذه الإصلاحات على أرض الواقع سيكون له مردود إيجابي 0
-الاهتمام بوجود قاعدة بيانات دقيقة يستطيع المستثمر الاعتماد والاسترشاد بها 0
-دعم المؤسسات والهيئات غير الحكومية من قبل الحكومات العربية لدعم الاستثمار مثل الغرف التجارية والصناعية، جمعيات رجال الأعمال، المنتديات الفكرية والعلمية وغيرها 0
بعض الآليات المفترضة لتوطين الاستثمارات العربية الهاربة :
من أهم الآليات التي نعتقد بجدواها وخصوصاً مع توجه الدول العربية نحوها بل أن بعض الدول العربية قد قطعت شوطاً كبيراً فيها وهي :
(1) التخصيصية :(1/22)
تلعب التخصيصية دوراً كبيراً في حفز الاستثمارات العربية وتوطين بعض الأموال المهاجرة وذلك بما تتضمنه من خلق فرص واسعة للاستثمار في مجالات وقطاعات متنوعة تتناسب مع إمكانيات وخبرات المستثمرين كما أن الاستثمار (الفرصة البديلة ) في هذا المجال أفضل بكثير من الاستثمار بالخارج من ناحية الربحية والضمان وخلافه 0
ولكن حتى تحقق التخصيصية في العالم العربي تنمية حقيقية وحتى تحقق المشروعات أقصى كفاءة ممكنة وأن تنافس هذه المشروعات، المشروعات المماثلة لها ولو جزئياً في أوربا واليابان وأمريكا ودول العالم المختلفة فيمكن وضع بعض القواعد المهمة لعملية التخصيصية استرشاداً بالتجربة الألمانية وهي تجربة رائدة حققت نجاحات كبيرة تستحق الإشادة ونقلها إلى العالم العربي أما هذه القواعد فهي(34) :ـ
(أ)أن لا يكون البيع في كثير من المشروعات على أساس السعر الأعلى وإنما يكون البيع لمستثمرين أو أفراد أو شركات متخصصة تستطيع أن تدخل تكنولوجيا أعلى في مجال الشركة المباعة 0
يضم العالم العربي نخبة متميزة من الخبرات والمستثمرين في القطاعات المختلفة بالخارج " 0
(ب) أن تعطى الأولوية للمستثمرين العرب 0
(جـ)أن تعاد هيكلة بعض الشركات المرشحة للتخصيصية قبل التصرف فيها حتى تستطيع أن تقف أمام منافسة الشركات الأخرى عن طريق إنشاء هيئة تضم المتخصصين من الفنيين والاقتصاديين والماليين ورجال الأعمال وأن تكون ميزانية هذه الهيئة من الدولة وأن تكون مستقلة في اتخاذ القرار المناسب بعيداً عن التدخل الحكومي 0
ولا شك أن هذه القواعد يمكن أن تكون حافزاً كبيراً لتوطين بعض الاستثمارات والأموال المهاجرة 0
(2) إنشاء صناديق استثمارية كبيرة وتسويقها :
وتختص هذه الصناديق بالاستثمار في مشروعات مدروسة ومحددة بالعالم العربي ومن أهم هذه الحالات :ـ(1/23)
الصناعات الذكية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات حيث أن مجال الاتصالات يمثل صناعة مهمة لها تأثير مباشر على الصناعات والخدمات الأخرى كما أنه يمثل محوراً أساسياً للتنمية في الاقتصاديات الحديثة 0
وتشير إحدى الدراسات إلى(35) أن التطور التكنولوجي في مجال المعلومات لا يتم بشكل متوازن بين دول العالم وأن الفجوة تتسع بشكل مطرد لغير صالح الدول النامية ( من بينها الدول العربية ) وأن حجم التجارة الإلكترونية تقدر حالياً بنحو 1.3 تريليون دولار ومن المتوقع أن تتضاعف خلال العام 2003 ويمكن أن تصل إلى حوالي 70% من جملة حجم التبادل التجاري العالم بحلول عام 2010 وتشير الدراسة إلى أن هذه الفجوة الرقمية قد أدت إلى ظهور ما يسمى بالاقتصاد الجديد المرتبط بالمعرفة العلمية والتكنولوجية وهي موارد ذات قيمة مضافة عالية قد تصل إلى حوالي 80% من اقتصاديات بعض الدول مثل أمريكا واليابان وسنغافورة وأخيراً ترى هذه الدراسة أن مشكلة الفجوة الرقمية تمثل مجالاً استثمارياً عالية الجدوى حيث أن أسواق الدول النامية الأقل استخداماً لتكنولوجيا المعلومات ستكون هي أسواقاً للتوسع المستقبلي 0 ويمكن لهذه الصناعات أن تجذب بجانب الأموال العربية الكفاءة والخبرات العربية بالخارج والمتميزة في هذا المجال شركات متخصصة في مجال تكنولوجيا وتحلية المياه وخاصة في ظل الفقر المائي الذي تعيشه يعطي الدول العربية 0
ـشركات متخصصة في مجال صناعة البتروكيماويات 0
وكذلك بعض المجالات الأخرى والتي تتوافر فيها المزايا النسبية والتنافسية من خلال الموارد الاقتصادية المتوافرة بالعالم العربي 0
كما يقترح أن يتم إنشاء شركات تسويقية متخصصة بجانب الصناديق الاستثمارية 0
(3) تفعيل دور بعض الآليات الموجودة فعلاً 0(1/24)
ومن أهم هذه الآليات أسواق المال العربية وكذلك الأوعية الاستثمارية الموجودة بالبنوك وخاصة البنوك الإسلامية وذلك بتطوير هذه الآليات وتخطي حاجز المشكلات التي تعترضها 0
الخاتمة والنتائج
تناول هذا البحث موضوع " هجرة رؤوس الأموال الإسلامية بالخارج في ظل العولمة" الحالة العربية " وذلك بدراسة مشكلة الفجوة التمويلية في العالم العربي وهي عدم قدرة الموارد المالية بهذه الدول على تمويل الاستثمار التنموي الضروري لها حيث وصلت هذه الفجوة إلى حوالي 70% يتم تغطيتها من خلال التمويل الاقتراضي والإعانات وقد ترتب على هذه الفجوة زيادة حدة بعض المشكلات الاقتصادية في العالم العربي كالبطالة وارتفاع الأسعار وضعف الإنتاج كما لم تستطع الاستثمارات البينية العربية وكذلك الأجنبية من سد هذه الفجوة التمويلية نتيجة لضعف حجم هذه الاستثمارات في الوقت الذي تصل فيه حجم الأموال والاستثمارات العربية بالخارج من 800 ـ 2400 مليار دولار طبقاً للدراسات المختلفة 0 ثم تم دراسة الجوانب النظرية لهجرة رؤوس الأموال العربية بالخارج حيث إنه اتضح أن التطبيق العملي للنظرية الاقتصادية كان في الاتجاه المضاد ثم كيف أن الفرصة البديلة للاستثمار بالعالم الخارجي لم تكن افضل من الاستثمار في العالم العربي من جميع الوجوه، وبالإضافة إلى دراسة النظرية الاقتصادية لهجرة الأموال العربية للخارج ( في الظروف الحالية ) يرى المتخصصين في مجال الاقتصاد الإسلامي أن الاستثمار العربي بالخارج يعتبر نوعاً من التعديات الاقتصادية التي تلحق الضرر بالمصالح الاقتصادية بالمسلمين بالإضافة إلى ما تحققه هذه الاستثمارات من منافع اقتصادية واجتماعية للدول الأجنبية وبعضها تمارس سياسات منحازة ضد المصالح الإسلامية والعربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية كما أن هناك فتاوي بتحريم إيداع الأموال في بنوك هذه الدول 0(1/25)
ثم تناولت الدراسة أسباب ودوافع هجرة رؤوس الأموال العربية للخارج والتي شملت العوامل الجاذبة من البلدان الأجنبية وهي المحافظة على الأموال وضمانها وكذلك الربحية ثم القدرة على استرجاع هذه الأموال والأرباح بدون قيود وكذلك دراسة العوامل الطاردة من داخل البلدان العربية مع التحليل الاقتصادي لهذه العوامل وبيان أوزانها الترجيحية مع توضيح كامل لأهم المخاطر التي واجهت هذه الأموال في الخارج وكذلك ما يمكن أن تواجهه مستقبلاً ثم دراسة الأولويات لعودة رؤوس الأموال بالخارج والتي شملت توفير المناخ الاقتصادي العام وتفعيل دور السياسة المالية والنقدية وكذلك الإصلاح السياسي والتشريعي 0
وأخيراً دراسة بعض الآليات المقترحة للحد من هجرة رؤوس الأموال العربية وإعادة توطينها والتي شملت التخصيصية بالاستفادة من التجربة الألمانية، وكذلك إنشاء صناديق استمثارية كبيرة لمشروعات مدروسة الجدوى ومحددة من أهمها مشروعات الصناعات الذكية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ـ تحلية المياه، البتروكيماويات بالإضافة إلى تفعيل بعض الآليات الموجودة فعلاً والمقترحة من قبل دراسات سابقة في هذا المجال 0
وسنتناول فيما يلي أهم نتائج هذا البحث :ـ
1ـ هناك فجوة تمويلية كبيرة في العالم العربي تصل في بعض الدول إلى حوالي 70% لتمويل الاستثمارات كما أن ضعف الاستثمار البيني العربي وكذلك الأجنبي بالدول العربية يتطلب تضافر جميع الجهود للحد من هجرة الأموال العربية للخارج والعمل على توطينها وإعطاء هذا الموضوع من قبل الحكومات والمراكز البحثية والجهات غير الحكومية أوليات الاهتمام 0
2ـهجرة رؤوس الأموال هي عكس منطوق النظريات الاقتصادية وهي نوعٌ من التعديات الاقتصادية التي تضر بمصلحة المسلمين خاصة في الظروف الحالية 0(1/26)
3ـيعتبر عنصر الضمان والمحافظة على الأموال وكذلك الربحية وقدرة المستثمرين على استرجاع ودائعهم وأرباحهم أهم العوامل الخارجية لهجرة هذه الأموال غير أن واقع التطبيق العملي لما واجه الأموال العربية بالخارج قد زعزع الثقة بكل هذه العوامل ( التهديد بتجميد الأموال والمصادرة، ضعف معدلات الربحية، استرداد الودائع والأرباح يخضع لبعض النواحي السياسية في كثير من الأحيان)0
3ـ من العوامل الداخلية المهمة لهجرة رؤوس الأموال ضعف الطاقة الاستيعابية بالاقتصاديات العربية والخوف من المخاطرة والاعتماد على الغير وشيوع الروتين والفساد الإداري والمالي وغياب الشفافية وعدم كفاءة أوعية جذب الاستثمار من الخارج والمعاناة الكبيرة في المراكز الحدودية ( البرية والبحرية والجوية ) 0
4ـ من أوليات عودة رؤوس الأموال العربية بالخارج المزيد من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية والقانونية وتهيئة المناخ الاقتصادي العام وتفعيل دور السياسة المالية والنقدية نحو الاستقرار الاقتصادي والاهتمام بمرافق البنية الأساسية0
5 ـ من أهم الآليات المقترحة لتوطين رؤوس الأموال العربية بالخارج :
(1) التخصيصية ولكن بالاسترشاد بالتجربة الألمانية لتكون حافزاً أمام توطين الاستثمارات المهاجرة 0
(2) إنشاء الصناديق الاستثمارية للاستثمار في مشروعات مدروسة ومحددة تتماشى مع التطور الاقتصادي في العالم ومن أهم هذه المشروعات الصناعات الذكية ومشروعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ـ تحلية المياه ـ البتروكيماويات 0
(3) تفعيل بعض الآليات الموجودة فعلاً والمقترحة من قبل دراسات سابقة وذلك بالتغلب على المشاكل التي تواجهها ودعمها 0
مراجع البحث
1ـ… عبداللطيف يوسف الحمد (دكتور)، التنمية الاقتصادية في مواجهة التحولات الاقتصادية العربية، العربي، العدد 482، الكويت يناير 1999 من ص1 ـ ص20 0
وكذلك The WORLD Bank , WORLD
Development Report, Washington DC 1998 .(1/27)
وكذلك الامانة العامة لجامعة الدول العربية وآخرون، التقرير الاقتصادي العربي الموحد،
أبو ظبي 1998 0
2ـHanley, Delinda C., ISSUES IN THE NEWS,Washington Report on Middle East Apr2000, Vol. 19, Issue3 Database:Academic Search Premier
3ـ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وآخرون، مرجع سبق ذكره، ص78 ـ ص92 0
4ـ UNI DO , Industrial Development : Global Report, 1996
5ـUNCTAD, International Investment Directory, Genva, 1997, PP 238-325 .
6ـUnited Nations, world Investment Report 1995, Transnational Corporations and competitiveness unctad, Geneva 1995, p p 391-405
7ـ تقرير مركز الدراسات الخليجية، المملكة المتحدة، لندن 2001م 0
8ـ عبدالكريم حمودي، الاقتصاد الروسي بين العبد الأجير والروس الجدد، اسلام اون لاين نت من ص1 إلى ص3 0
9ـ Gunter, Frank R., COLOMBIAN CAPITAL, Flight Journal of Interamerican Studies & World , Spring 91 , Vol. 33, Issue 1
10ـ عبدالعزيز سعود البابطين، الاستثمار العربي : الواقع والطموح ندوة الاستثمار العربي والقرن الحادي والعشرين، الاهرام، القاهرة يناير 1995ص96 0
11ـ محمد علي سعيد الغامدي (دكتور)، التعديات الاقتصادية وآثارها الاقتصادية والاجتماعية وكيفية مواجهتها في الاقتصاد الإسلامي، رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة أم القرى المملكة العربية السعودية 1422هـ 0
12ـ الشيخ يوسف القرضاوي (دكتور)، فتاوي وأحكام إيداع الأموال في البنوك الأمريكية الراية القطرية، الدوحة 22 أغسطس 2002 0
13ـ تقرير مركز الدراسات الخليجية، المملكة المتحدة، لندن 2001م 0
14ـ محمد جميل الشبشيري (دكتور)، مركز المعلومات، بيت التمويل الكويتي، الأزمة الآسيوية وصعود الاقتصاد المالي الرمزي (2)، مجلة النور العدد 158، الكويت ابريل 1998 ص31 0(1/28)
15ـ سليمان المنذري ( دكتور)، الاستثمار بين ضمانات التوطين ومخاطر الإغتراب، ندوة الاستثمار العربي والقرن الحادي والعشرين، الأهرام، القاهرة يناير 1995 ص131 0
16ـ المرجع السابق ص129 0
17ـHarry E. Figgie , Gerald Swanson , BANKRUPTCY 199 ? The coming Collapse of America and How to stop It, Washington D C 1995 p13 .
18ـArab Financial Markets Net Work, 27-7 - 1423 pp 1-519ـI bid , p4
20ـEconmist, April 2002
21ـ الأهرام الاقتصادي، انفجار سبتمبر (2)، القاهرة 2 فبراير 2002 من ص2 ـ إلى ص13 0
22ـ المرجع السابق، ص2 0
23ـ إبراهيم نافع، عودة الاستثمارات العربية ومناخ الاستثمار في مصر، الأهرام، القاهرة العدد
(126) 1 نوفمبر 2002 0
24ـ مركز المعلومات، بيت التمويل الكويتي، الأزمة الآسيوية وصعود الاقتصاد المالي (1) مجلة النور، العدد 157، الكويت، مارس 1998، ص23 0
25ـ سليمان المندري (دكتور)، مرجع سبق ذكره ن ص129 0
26ـ المرجع السابق، ص130 0
27ـ عبدالواحد الحميد ( دكتور)، المال العربي والحاجة إلى الإصلاح، منتدى الكتاب المملكة العربية السعودية 27ـ 7ـ 1423، ص1-2 0
28ـ محمد حسن الزهراني، الاقتصاد المعياري وسياسة توطين رؤوس الأموال المهجرة، جريدة الوطن، أبها العدد 631، 22 يونيو 2002 0
29ـ إبراهيم نافع، مرجع سبق ذكره، ص4 0
30ـ هذه البيانات مأخوذة من تقارير صندوق النقد العربي أعداد مختلفة 0 وكذلك تصريحات الدكتور أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية للأهرام بتاريخ 8 أكتوبر 2001 0
31ـ المصدر السابق 0
32ـ محمود عبدالفضيل ( دكتور)، تعقيب على مخاطر تحرير القطاع المالي، مؤتمر التنمية والنمو، كلية الاقتصادي والعلوم السياسية، جامعة القاهرة 1998 0
33ـKAHN-SHARON, THE FUTURE OF GLOBAL BANKS . GLOBAL-FINANCE. MAY 1998; V12N5, PP. 28,30(1/29)
34ـRainer Mauer , Brigit Sander und Klause Dieter schmitt, Die Welt Wirt schfat Berlin , 1991 , Hefl (1).
35ـ حسن خضر ( دكتور )، تأثيرات كبيرة لاحداث 11 سبتمبر على الاقتصاد العالمي والعرب مطالبون بوضع استراتيجية لتجاوز الأزمة في دولهم، كلمة القاها في المؤتمر التاسع للمستثمرين العرب، دبي 11 نوفمبر 2002 0(1/30)