مقابلة لجريدة الشرق الأوسط بتاريخ 31/1/2003م مع أ. د. وهبة الزحيلي (عضو المجامع الفقهية)
النظام العالمي الجديد والعولمة
بيان مخاطر العولمة وضرورة الصمود في وجه التحديات، الأوجه التي تقوم عليها الجسور المشتركة بين المسلمين وغيرهم لتأصيل العلاقة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، وتمكين العالم من الاستفادة من منطلقات الإسلام الخيرة والسلمية، والترفع عن استنزاف خيرات الشعوب والأمم الأخرى، وربط العولمة بأساس سليم من الوازع الديني الصحيح والقيم الإسلامية العليا، وكل ذلك لوضع تصور صحيح عن التعايش السلمي والحضاري الذي ينبغي أن يسود العالم لا على أساس ما تحضنه العولمة على أساس من صراع الحضارات وبسط النفوذ والهيمنة الدولية لأميركا وأتباعها على الشعوب الضعيفة، وهذا ينذر بأوخم العواقب ويعيدنا إلى نقطة الصفر في إيجاد أنواع مختلفة من الاستفزازات، وإيقاد نيران الفتنة وإبقاء الصراع بين العدل والظلم والحق والباطل، وعدم إشعار العالم بحقيقة المساواة التي يحتضنها التشريع الإسلامي ورسالته الخالدة القائمة على أساس من التعاون والتكافل والتراحم وإنقاذ المستضعفين، والتمكين لحرية التدين على نطاق واسع، لا فرض مفهوم الحرية الدينية بسيادة المسيحية المتعصبة، والصهيونية المعتدية، وغطرسة الرأسمالية الجائرة، والاستكبار العالمي المعتمد على قوة الثروة المادية والعسكرية والنفوذ المؤقت في الوقت الحاضر.
فوائد البنوك بين العلماء والفقهاء والخبراء
يقول الله سبحانه وتعالى «وما اختلفتم فيه من شيء فردوه إلى الله والرسول»، وقوله تعالى «ولو ردوه إلى الرسول لعلمه الذين يستنبطونه منهم»، وبناء على هذا فقد فرغ العلماء الثقات والحكماء الموضوعيون في العالم إلى أن حسم الخلاف يكون في ضوء الأسس الآتية:(1/1)
1. الاعتماد على الدليل الراجح، ومن الأدلة الراجحة إجماع الأمة على مدى القرون الخمسة عشر، منذ بزوغ فجر الإسلام إلى يومنا هذا.
2. ملازمة الاحتكام إلى طبيعة اللغة العربية وعاء التشريع ومقاصد الشريعة العامة وتوجهاتها الكبرى في حماية نظام الأمة من كل ألوان التعسف والاستغلال والظلم والمساس بحقوق الضعفاء.
3. لا بد من ملازمة المجتهدين مبدأ الورع وتقوى الله عز وجل، وعدم التجرؤ على اختراق حاجز المحرمات الذي يكون من ورائه الوقوع في المظالم والانتكاسات والأزمات.
وبناء على ذلك فإن ما يشاع من وجود خلاف حول الفوائد الربوية المصرفية، لا يصح أن يقال بوجود اختلاف في هذا الموضوع، لأن نصوص القرآن التي جاءت من أجل حماية المجتمع من الأزمات الاقتصادية، ومنها التضخم النقدي الذي منشأه الأخذ بنظام الفائدة، ويتجه العالم الآن بدءاً بما أقره العالم الاقتصادي المشهور (كينز) ووافقه على ذلك النظام الاشتراكي، إلى ضرورة جعل الفائدة صفراً لأن ذلك هو الطريق لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وإشاعة الرفاه والرخاء في هذا العالم، ثم إن إجماع العلماء على مدى خمسة عشر قرناً، لا يسمح بظهور بعض الآراء الشاذة كالقول بحل الفوائد الربوية، فمن شذ شذ إلى النار، ويد الله مع الجماعة، كما أن البراهين العلمية التي يعتمد عليها هؤلاء لا ترقى على الإطلاق إلى درجة التأمل فيها، فهي إما باطلة وإما معتمدة على أخطاء في الفهم وتكييف الوقائع وإدراك لحقيقة المعاملات البنكية، مما أوقع هؤلاء الشذاذ في فخ الشذوذ ومصادمة أصول الشريعة ومصلحة المسلمين العامة.(1/2)