|
إعداد دكتور محاسب: محمد البلتاجي
مدير برامج المصارف المتوافقة مع الشريعة
المعهد المصرفي - مؤسسة النقد العربي السعودي
المملكة الأردنية الهاشمية - عمان
29 - 31/5/2005م
تم استيراده من نسخة : المكتبة الشاملة المكية
المؤتمر السنوي الثاني عشر
للأكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية
تحت عنوان:
دور المصارف والمؤسسات المالية والاقتصادية
في ترويج وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة
المملكة الأردنية الهاشمية – عمان
29 – 31/5/2005م
بحث
صيغ مقترحة لتمويل المنشآت الصغيرة
والمعالجة المحاسبية لصيغة المشاركة المنتهية بالتملك
إعداد دكتور محاسب / محمد البلتاجي
مدير برامج المصارف المتوافقة مع الشريعة
المعهد المصرفي – مؤسسة النقد العربي السعودي
بحث
صيغ مقترحة لتمويل المنشآت الصغيرة
والمعالجة المحاسبية لصيغة المشاركة المنتهية بالتملك
إعداد دكتور محاسب / محمد البلتاجي
مدير برامج المصارف المتوافقة مع الشريعة
المعهد المصرفي – مؤسسة النقد العربي السعودي
مايو 2005م
صيغ مقترحة لتمويل المنشآت الصغيرة
والمعالجة المحاسبية لصيغة المشاركة المنتهية بالتملك
? تمهيد :
تشكل المنشآت الصغيرة جزءاً كبيراً من الاقتصاد القومي لغالبية الدول، حيث بلغت على سبيل المثال نسبة 90% من المنشآت الاقتصادية في السوق السعودي، ونسبة 96% في جمهورية مصر العربية، ونسبة 97% في الهند، ونسبة 90% في أمريكا، وما بين 85 – 90% في أوروبا، ونسبة 71% في اليابان(1).
وقد تزايد الاهتمام بشكل كبير في الآونة الأخيرة بالعمل على تنمية تلك المنشآت في معظم الدول حيث تعد النواة الأساسية للمنشآت العملاقة، ولقد تبين من الدراسات الميدانية أن المنشآت الكبيرة انطلقت من المنشآت الصغيرة، كما تساهم تلك المنشآت في عملية التنمية الاقتصادية.
? هدف البحث :
يهدف هذا البحث إلي تحقيق مجموعة من المقاصد الأساسية من أهمها ما يلي :.
__________
(1) د/ عماد شبلاق، المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مدينة الرياض بين الضمور والاستمرار، ورقة عمل مقدمة إلى ندوة واقع ومشكلات المنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل دعمها وتنميتها، الرياض 28 – 29 ديسمبر 2002 ، ص 2.
(1/1)
- بيان طبيعة ومفهوم المنشآت الصغيرة ومقومات نجاحها .
- تقويم الصيغ التمويلية للمنشآت الصغيرة القائمة علي الائتمان بفائدة وأثر ذلك علي الربحية .
- عرض مفهوم وخصائص صيغ التمويل الإسلامي ومدي ملائمتها للمنشآت الصغيرة .
- نماذج لتمويل المنشآت الصغيرة من خلال المصارف الإسلامية .
- بيان المعالجة المحاسبية لصيغة المشاركة المنتهية بالتملك .
? خطة البحث :
لقد خطط هذا البحث ليقع في أربعة مباحث نظمت علي النحو التالي:-
المبحث الأول : طبيعة المنشآت الصغيرة ومعايير نجاحها في تحقيق التنمية .
المبحث الثاني : تقويم صيغ التمويل التقليدية القائمة علي الائتمان بفائدة للمنشآت الصغيرة.
المبحث الثالث : الإطار المقترح لتمويل المنشآت الصغيرة من خلال المصارف الإسلامية .
المبحث الرابع : المعالجة المحاسبية لتمويل المشروعات الصغيرة بصيغة المشاركة المنتهية بالتملك كما تقوم بها المصارف الإسلامية .
ولقد أوردنا في نهاية البحث الخلاصة وأهم التوصيات وقائمة بأهم المراجع ، وقائمة الاستبيان التي تم استخدامها في الدراسة الميدانية .
المبحث الأول
طبيعة المنشآت الصغيرة وتمويلها
ومعايير نجاحها في تحقيق التنمية
? تمهيد
يختص هذا المبحث ببيان طبيعة المنشآت الصغيرة وخصائصها وحاجتها إلى التمويل ومعايير نجاحها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
? مفهوم ومعايير طبيعة المنشآت الصغيرة
لا يوجد تعريف علمي دقيق متفق عليه عالمياً حول مفهوم المنشآت الصغيرة ولكن هناك مجموعة من المعايير المتفق عليها والتي على أساسها يمكن تصنيف تلك المنشآت بالصغيرة ومن أهمها :-
- معيار عدد العمالة في المنشأة.
- معيار حجم رأس مال المنشأة.
- معيار قيمة المبيعات السنوية للمنشأة.
- معيار نوعية التكنولوجيا المستخدمة.
- المعيار القانوني.
وفيما يلي دراسة مختصرة لهذه المعايير لبيان طبيعة تلك المنشآت وكذلك طبيعة تمويلها.
(1/2)
? معيار عدد العمالة في المنشأة
تتفق العديد من الدول على تصنيف المنشآت الصغيرة وفقاً لعدد العمالة فيها ومن ذلك على سبيل المثال (1):-
- في الهند يتم تصنيف المنشآت الصغيرة في حالة عدم تجاوز عدد العمال فيها عن خمسين عاملاً في حالة استخدام الطاقة ، ومائة عامل في حالة عدم استخدام الطاقة.
- وفي اليابان وكوريا حدد عدد العاملين بثلاثين عاملاً.
- وفي السودان حدد عدد العاملين بـ 25 عاملاً فأقل.
- وفي السعودية حدد عدد العاملين في المنشآت الصغيرة بأقل من 25 عاملاً، وأقل من 125 في المنشآت المتوسطة.
يتضح مما سبق أن المنشآت الصغيرة هي التي يبلغ عدد العاملين بها في المتوسط 25 عاملاً ، مع استثناء الهند نظرا لحجم السكان.
? معيار حجم رأس مال المنشأة
يعد رأس المال المستثمر في المنشأة من المعايير الكمية المستخدمة في تحديد وتصنيف المنشآت الصغيرة والمتوسطة إضافة إلى قيمة الأصول الثابتة للمنشأة ، ويختلف تحديد رأس مال المنشأة الصغيرة من دولة لأخرى حسب القوة الاقتصادية لكل دولة، فعلي سبيل المثال يتم تصنيف المنشآت الصغيرة بالسعودية إذا كان رأس مال تلك المنشآت في حدود 10 مليون ريال.(2)
وفي مصر تصنف المنشآت الصناعية الصغيرة جداً والتي لا تزيد أصولها الثابتة (بدون الأراضي والمباني) عن 700 ألف جنيه) والمنشآت الصناعية الصغيرة والتي لا يزيد حجم أصولها عن 1.4 مليون جنيه، وتصنف الهيئة العامة للتصنيع في مصر المنشآت الصغيرة بالتي يبلغ تكاليفها الاستثمارية مليون جنيه.(3).
__________
(1) د. أحمد جبريل، دور المصارف الإسلامية في تمويل الصناعات الصغيرة بالتطبيق على بنك فيصل الإسلامي السوداني، مؤتمر دور المؤسسات المصرفية الإسلامية في الاستثمار والتنمية، الشارقة 7-9/5/2002م، ص 3.
(2) د. عماد شبلاق، مرجع سابق، ص 5
(3) أ. محمد عبد الحميد ، المنشآت الصغيرة والمتوسطة مواجهة التحديات التمويلية، ندوة الرياض 2002، ص 6.
(1/3)
ويري الباحث أن هذا المعيار متغير ولا يمكن وضع حدود وضوابط دقيقة له.
? معيار قيمة المبيعات السنوية للمنشأة
يستخدم البعض معيار قيمة المبيعات للمنشآت التي تتسم بانخفاض حجم إنتاجها من حيث الكمية والقيمة، كما أنها ترتبط بالأسواق المحلية وعدم قدرتها على تسويق منتجاتها بالأسواق الدولية، وتختلف الدول في تقدير حجم المبيعات التي تصنف على أساسها المنشآت الصغيرة، ففي السعودية يتم تصنيف الشركات التي مبيعاتها السنوية أقل من 3 مليون ريال بالصغيرة ، ومن 3- 10 مليون بالمتوسطة(1).
وفي أمريكا تصنف المنشآت التي تبلغ مبيعاتها أقل من مليون دولار بالصغيرة (2).
ويتضح من ذلك الهوة الواسعة بين الدول بعضها البعض ، ولذلك يترك تحديد هذا المعيار لظروف كل دولة .
? معيار نوعية التكنولوجيا المستخدمة
يعتمد هذا المعيار في تعريف المنشآت الصغيرة على نوعية التكنولوجيا المستخدمة في العمليات الإنتاجية ومن ثم تختلف قيمة رأس المال المستثمر والعمالة المستخدمة، فاستخدام التكنولوجيا المتقدمة قد يؤدي إلى تخفيض العمالة (3) ، بمعني أن المنشآت الصغيرة بصفة عامة تستخدم تكنولوجيا متواضعة وفقا لرأسمالها المستثمر .
? المعيار القانوني
يتوقف الشكل القانوني للمنشاة على طبيعة وحجم رأس المال المستثمر فيه وطريقة تمويله، فشركات الأموال غالباً ما يكون رأس مالها كبيرا مقارنة بالمنشآت الفردية ، ووفقاً لهذا المعيار تقع المنشآت الصغيرة في نطاق منشآت الأفراد وشركات الأشخاص العائلية والتضامنية وشركات التوصية البسيطة والتوصية بالأسهم والمحاصة (4).
? تعقيب الباحث
__________
(1) د. عماد شبلاق ، مرجع سابق ص 5.
(2) د. خالد السهلاوي ، دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص عمل جديدة، ندوة الرياض 2002 ص 6.
(3) أ/ محمد عبد الحميد مرجع سابق، ص 5
(4) د. خالد السهلاوي مرجع سابق، ص 8
(1/4)
يرى الباحث أن من الأفضل عدم التقيد بمعيار محدد للمنشآت الصغيرة وإنما وضع مجموعة من المعايير والمؤشرات التي تختار لتتناسب مع طبيعة اقتصاد كل دولة وعلى أساسها يتم تصنيف المنشآت الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة ومن ثم يتم الاهتمام بها والعمل علي تمويلها وتنميتها.
وبصفة عامة يمكن القول بأنها: منشآت شابة ناشئة صغيرة نسبياً، تعتمد على المهارة والحرفية وعلى الموارد المحلية في أنشطتها، وتهدف إلى تحقيق الربحية والنمو والتطور، لتساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
? أهمية المنشآت الصغيرة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية
لقد تناول العديد من المهتمين بالمنشآت الصغيرة ايضاح أهمية المنشآت الصغيرة والدور الهام الذي تلعبه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتتضح أهمية تلك المنشآت فيما يلي :-
أ. قدرة المنشآت الصغيرة على توفير فرص العمل (1):- تشير التقديرات إلى أن تكلفة فرصة العمل الدائمة في الصناعات الكبيرة تتكلف حوالي 15 ألف دولار، في حين أنه في المنشآت الصغيرة تتكلف بين 900 – 3000 دولار ، وتساهم تلك المنشآت في استيعاب التخصصات المختلفة وتساهم في علاج مشكلة البطالة.
ب. دعم الناتج المحلي:- تلعب المنشآت الصغيرة دوراً مؤثراً في دعم الناتج المحلي لكونها أداة فاعلة في توسيع القاعدة الإنتاجية عند تطبيق استراتيجيات دعم الصادرات وإحلال الواردات(2) مما يساهم في علاج الاختلالات الهيكلية لموازين المدفوعات وخاصة في الدول النامية.
ج. تساهم المنشآت الصغيرة في توزيع الثروة وتحقيق العدالة وتقريب الهوة بين الفقراء والأغنياء وهو مبدأ حث عليه الإسلام.
__________
(1) م/ محمد عبد الحميد ، مرجع سابق، ص 10
(2) د. خالد السهلاوي، مرجع سابق ، ص 13.
(1/5)
د. تعد المنشآت الصغيرة روافد لتغذية الصناعات الكبيرة بمستلزمات الإنتاج، وتعتمد الشركات الدولية حالياً على الاستفادة من الصناعات الصغيرة في إنتاج المكونات الرئيسية لخطوط إنتاجها، والتي تشكل في بعض الصناعات أكثر من 75% من المكون الرئيسي، وبذلك تساهم المنشآت الصغيرة في تحقيق التنمية.
هـ. تشكل المنشآت الصغيرة النواة الرئيسية للمنشآت الكبيرة مستقبلاً، حيث تتطور وتنمو بمعدلات مرتفعة.
و. تساعد المنشآت الصغيرة على الإبداع والابتكار في مجال العمل وذلك نتيجة عدم وجود معوقات بيروقراطية في اتخاذ القرار.
ز. تساهم المنشآت الصغيرة في تلبية احتياجات وطلبات المستهلكين عن طريق تنويع المنتجات بما يتناسب مع تلك الاحتياجات وأذواق المستهلكين.
? حاجة المنشآت الصغيرة إلى التمويل
من المعالم الأساسية للمنشآت الصغيرة الحاجة إلى التمويل من الغير حيث من الصعوبة الاعتماد على التمويل الذاتي، وهذه المسألة من المعوقات الأساسية التي تواجهها وتحد من نجاحها، ولاسيما في المراحل الأولى من حياتها حيث الربحية القليلة والأعباء الثابتة. وهذه القضية هي محور هذا البحث وسوف نتناولها تفصيلا في المباحث التالية.
? خلاصة
يتضح مما سبق الدور الفعال الذي تساهم به المنشآت الصغيرة في تحقيق التنمية الاقتصادية الفعالة وكذلك التنمية الاجتماعية وهذا بدوره يدعم الاقتصاد القومي ويزيد من معدل دخل الفرد.
ولكن لم تهتم بعض البلاد بتمويل تلك المشروعات وتركتها لمنظمات المجتمع المدني، وهذا يتطلب دراسة وتحليل وتقويم صيغ تمويلها وتطويرها إلى الأفضل، وهذا ما سوف نتناوله في المباحث التالية.
المبحث الثاني
تقويم صيغ التمويل التقليدية ( القائمة علي الائتمان بفائدة )
للمنشآت الصغيرة
? تمهيد
(1/6)
تعاني معظم المنشآت الصغيرة من صعوبات في الحصول على تمويل لإنشاء أو تطوير أو توسعة منشآتها ، حيث تفضل غالبية البنوك تمويل المنشآت الكبيرة ذات الأصول الرأسمالية الجيدة والتي يتسم التعامل معها بالأكثر ربحية والأقل مخاطرة، كما تحجم العديد من المصارف عن منح تمويل للمنشآت الصغيرة ، وإن تم تمويلها في بعض الأحيان يكون علي أساس الإقراض بفائدة وهذا سبب العديد من المعوقات وهذا ما سوف نتناوله بشيء من التفصيل في هذا المبحث.
? أسباب إحجام البنوك التقليدية عن تمويل المنشآت الصغيرة
- من أهم أسباب إحجام البنوك التقليدية عن تمويل المنشآت الصغيرة ما يلي:
1- عدم ملائمة معايير الإقراض للمنشآت الصغيرة: حيث تضع البنوك العديد من المعايير والشروط التي يجب توافرها في المنشآت التي يمكن أن تحصل على تمويل ولا تتناسب هذه المعايير والشروط غالباً مع طبيعة وخصائص المنشآت الصغيرة.
2- ضعف الهياكل التمويلية للمنشآت الصغيرة (1): حيث تضع البنوك العديد من النسب والمؤشرات المالية المستخرجة من المراكز المالية للمنشآت مثل نسب الرافعة التشغيلية ونسبة المصروفات للإيرادات ومعدلات الربحية إلى غير ذلك من المؤشرات الائتمانية وهو ما لا يمكن توفره غالباً في تلك المنشآت لتحديد الجدارة الائتمانية ومن ثم عزوف تلك البنوك عن تمويل تلك المنشآت.
__________
(1) سمير باعامر، معوقات تمويل المنشآت الصغيرة غير الحرفية من وجهة نظر مصرفية، ندوة الرياض ، 2002 ، ص 6 .
(1/7)
3- ضعف الضمانات(1):-تعد الضمانات من أهم عناصر منح الائتمان في البنوك، وفي الواقع العملي لا تتوافر لدى المنشآت الصغيرة الضمانات اللازمة للتمويل، ومن ثم تحجم البنوك عن تمويل تلك المنشآت نتيجة عدم توافر الضمانات الكافية لمنح التمويل، وقد تبين ذلك من الدراسة الميدانية التي قام بها الباحث واستقرأ منها، أن عدم توافر الضمانات من أهم أسباب إحجام البنوك عن تمويل المنشآت الصغيرة .
4- عدم انتظام السجلات المحاسبية : تعتمد البنوك في منح الائتمان على دراسة السجلات المالية والحسابات الختامية المنتظمة والمعتمدة من مراجعي الحسابات المعتمدين وهو ما لا يتوافر في غالبية المنشآت الصغيرة والتي يفضل غالبية أصحابها عدم إمساك دفاتر منتظمة لضعف الإمكانات وانخفاض حجم النشاط ، ويكتفي أصحابها بإمساك سجلات إحصائية شخصية ، كما أن البعض يتجنب المشكلات الضريبية .
5- عدم القدرة على إعداد ملف ائتماني: تفتقد العديد من المنشآت الصغيرة للخبرة المصرفية والقدرة على إعداد ملف ائتماني يمكن تقديمه إلى البنوك للحصول على التمويل اللازم، حيث يعد إعداد ذلك الملف وفقاً للأعراف المصرفية الصحيحة من المعايير الهامة للحصول على التمويل.
6- عدم وجود دراسات جدوى سليمة وموضوعية: من أهم متطلبات البنوك لمنح الائتمان وجود دراسة جدوى للمنشأة المطلوب تمويلها وغالباً لا توجد لدى المنشآت الصغيرة دراسات جدوى بالمستوى المطلوب وذلك نظراً لارتفاع تكلفة إعدادها والتي تصل في بعض الأحيان إلى أرقام عالية لا يستطيع أصحاب المنشآت الصغيرة تقديمها ، وقد تبين من الدراسة الميدانية التي قام بها الباحث أهمية وجود جهة معتمدة لإعداد دراسات الجدوى لتلك المنشآت يمكن أن تحظي بثقة البنوك وأن تكون تكلفتها منخفضة أو بدون تكلفة.
__________
(1) سمير باعامر، مرجع سابق ص 8
(1/8)
7- ارتفاع درجة المخاطرة : تتسم غالبية المنشآت الصغيرة بارتفاع درجة المخاطر نظراً لطبيعة تكوينها والتي تعتمد في الغالبية على شخص واحد أو عائلة واحدة إضافة إلى ضعف المراكز المالية مما يشكل عائقا أمام قيام البنوك بتمويل تلك المنشآت حيث تهتم البنوك دائماً بتمويل المنشآت ذات المخاطر المنخفضة ، وقد تبين من الدراسة الميدانية أن مخاطر المنشآت الصغيرة تتراوح بين متوسطة ومرتفعة المخاطر.
8- عدم وجود جهات داعمة لتلك المنشآت: تتسم غالبية المنشآت الصغيرة بالفردية وعدم وجود جهات تدعم تلك المنشآت، وتقوم بالعمل على تنظيم أعمالها وتطويرها ، وقد تبين من الدراسة الميدانية أهمية وجود جهات داعمة لتلك المنشآت سواء كانت جهات رسمية أو جهات تابعة لها مثل صندوق الضمان الاجتماعي بمصر وصندوق التنمية الصناعي بالسعودية .
9- ارتفاع أسعار الفائدة علي القروض (1): تعد أسعار الفائدة وشروط سداد القروض من المعوقات الرئيسية لإقبال المنشآت الصغيرة على الحصول على تمويل من البنوك ، ولاسيما وأنها في السنوات الأولي يكون هامش الربحية قليلاً مما يتعذر معه سداد أقساط القرض وكذلك فوائده ، وهذا يقود إلي العديد من المشكلات .
10- عدم ملائمة صيغ التمويل البنكية التقليدية للمنشآت الصغيرة: تحتاج غالبية المنشآت الصغيرة إلى تمويل متوسط وطويل الأجل لأغراض الإنشاء والاستثمار وهو ما لا يتوافق مع معايير منح التمويل بالبنوك والتي تفضل دائماً منح قروض قصيرة الأجل والتي تتناسب مع طبيعة غالبية الموارد المالية بالبنوك والتي تتسم بأنها قصيرة الأجل.
11- ضعف الخبرات المتراكمة لأصحاب المنشآت الصغيرة: تبين من الدراسة الميدانية أن من أهم معوقات منح تمويل للمنشآت الصغيرة أن القائمين عليها يفتقدون إلي الخبرة العملية لإدارة تلك المنشآت والتعامل مع معطيات السوق المتغيرة مما يعرض تلك المنشآت للمخاطر.
__________
(1) أ. محمد عبد الحميد، مرجع سابق ص 19
(1/9)
تقويم سياسة تمويل المنشآت الصغيرة من البنوك التقليدية :
يري الباحث أن صيغ التمويل القائمة علي الإقراض بفائدة لا تناسب المنشآت الصغيرة لعدة أسباب:
1. ارتفاع تكلفة التمويل بالمقارنة مع متوسط العائد علي المال المستثمر من المشروع، وهذا يقود إلي الخسارة أو التوقف.
2. تواضع الخبرة في إدارة المنشآت الصغيرة، فأحيانا تتعرض لمخاطر شتي منها فنية وتسويقية يصعب التأمين ضدها.
3. صعوبة تقديم الضمانات الكافية لسداد القرض وفائدته من ملاك المشروعات الصغيرة لأن معظمهم من الشباب ومن الفقراء.
4. يضاف إلي ما سبق إرغام البنوك التقليدية في معظم الأحيان تقديم التمويل المدعم ( تكلفة التمويل المنخفضة ) للمنشآت الصغيرة.
? خلاصة
يتضح من التحليل السابق معوقات تمويل المنشآت الصغيرة من قبل البنوك التقليدية، كما أن نظام الفائدة سبب العديد من المشكلات العملية حيث في كثير من الأحيان يتعثر الشاب عن سداد الأقساط في مواعيدها.
وهذه الخلاصة تقودنا إلى دراسة ما تستطيع أن تقدمه المصرفية الإسلامية من دور في دعم وتشجيع وتمويل المنشآت الصغيرة وهذا ما سوف نتناوله في المبحث التالي.
المبحث الثالث
الإطار المقترح لتمويل المنشآت الصغيرة
من خلال المصارف الإسلامية
? تمهيد
يختص هذا المبحث ببيان مفهوم التمويل المصرفي الإسلامي وطبيعته المتميزة ومدي ملائمته للمنشآت الصغيرة ، مع عرض أهم الصيغ المناسبة لتلك المنشآت لدعمها لتقوم بدورها المنشود في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، ومقومات نجاح المصارف الإسلامية لتمويل المنشآت الصغيرة.
? مفهوم التمويل في الفكر الاقتصادي الإسلامي:
مفهوم مصطلح التمويل لغة:
(1/10)
في النظر إلى التعريف اللغوي لكلمة تمويل نجد أنها مشتقة من المال نفسه، وعلى هذا فإن التعريف اللغوي المجرد للتمويل من جهة الممول (المعطي) هو بذل المال، ومن جهة المتمول (الآخذ) هو الحصول على المال (1) . والتمويل لغة مصدر "مول" أي قدم له ما يحتاج من مال، والممول أن يتفق على عمل ما، وتمولت كثر مالك(2) .
مفهوم التمويل في المصرفية الإسلامي :
هناك تعريفات متعددة للتمويل الإسلامي نعرض أهمها علي النحو التالي :
- يعرفه أحد الباحثين علي أنه الثقة التي يوليها المصرف الإسلامي للمتعامل معه لإتاحة مبلغ معين من المال لاستخدامه وفق صيغة شرعية محددة في غرض محدد خلال فترة معينة ويتم التعامل فيه بشروط محددة مقابل عائد مادي متفق عليه (3).
ويرى الباحث أن هذا التعريف حدد الائتمان المصرفي الإسلامي فقط في مجرد إتاحة مبلغ من المال للاستخدام وهو ما يتنافى مع طبيعة عمل المصارف الإسلامية التي يمكن لها أن تتملك بضائع ثم تعيد بيعها للعميل (مرابحة) أو القيام بإنشاء وتصنيع منتج (استصناع) أو تملك وتأجير أصل للعميل عن طريق الإجارة.
- كما ينظر إليه أحد الباحثين علي أنه "تملك موضوع التمويل ثم إعادة تمليكه إلى المستفيد حالاً أو مؤجلاً بعوض معلوم وشروط معينة تتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية(4)"
__________
(1) د. رياض الخليفي، التمويل الإسلامي مفهومة وضوابطه، بحث غير منشور ، الكويت 2005، ص 18
(2) ابن منظور لسان العرب، باب الميم ، دار الحديث ، القاهرة، ، 2003 ، ص 403 .
(3) د. عبد الفتاح محمد فرح ، مرجع سابق ص7 .
(4) د. رياض الخليفي، مرجع سابق، ص 19
(1/11)
ويري الباحث أن هذا التعريف قد حدد التمويل الإسلامي فقط في عمليات الشراء والبيع عن طريق تملك المصارف الإسلامية لسلعة ثم إعادة بيعها للعميل بربحية حالاً أو مؤجلاً ، أي ركز علي صيغة المرابحة لأجل للآمر بالشراء ، وقد أهمل هذا التعريف باقي صيغ التمويل الإسلامية مثل المشاركة والسلم والإستصناع والإجارة.
- ويري أحد الباحثين أن التمويل الإسلامي هو "تقديم ثروة عينية أو نقدية بقصد الاسترباح من مالكها إلى شخص آخر يديرها ويتصرف فيها لقاء عائد تبيحه الأحكام الشرعية"(1).
ويرى الباحث أن هذا التعريف اقتصر فقط على مجرد تقديم المال بغرض الربح الشرعي دون النظر إلى الجوانب التنموية أو إلى أسلوب تقديم هذا التمويل.
- وينظر أحد الباحثين إلي التمويل الإسلامي علي أنه "إعطاء المال من خلال إحدى صيغ الاستثمار الإسلامية من مشاركة أو مضاربه أو نحوها"(2).
ويرى الباحث أن هذا التعريف يحد من عمل المصارف الإسلامية في مجرد إعطاء المال من خلال صيغة تمويل فقط دون النظر إلى العوائد التنموية الاستثمارية لتمويل الأنشطة.
* يخلص الباحث من التعاريف السابقة إلي أن معني التمويل الإسلامي يدور حول :
تقديم تمويل عيني أو معنوي إلي المنشآت المختلفة بالصيغ التي تتفق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ووفق معايير وضوابط شرعية وفنية لتساهم بدور فعال في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
? ضوابط استثمار المال في الشريعة:-
تضمنت الشريعة الإسلامية العديد من الضوابط الشرعية التي تكفل حسن استثمار المال وتنميته من أهمها ما يلي:-
1. ضابط المشروعية الحلال :
__________
(1) د. منذر قحف ، مفهوم التمويل في الاقتصاد الإسلامي، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية ، بحث 13 ، ط 2004 ، ص 12 .
(2) د. علي محي الدين القرة داغي ، طرق بديلة لتمويل رأس المال العامل،ندوة البركة 25 ، أكتوبر 2004 جدة ، ص 61 .
(1/12)
ويعني ذلك أن يكون مجال المشروع الصغير حلالاً طيباً ودليل ذلك من القرآن قول الله عز وجل "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم" النساء آية 29.
وقوله تبارك وتعالى "وأحل الله البيع وحرم الربا" البقرة 276.
لذلك يجب التأكد من أن نشاط المشروع الصغير حلالاً طيباً.
2. ضابط تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية:
يقصد بالمقاصد الشرعية بأنها "المعاني والحكم التي أرادها الشارع من تشريعاته لتحقيق مصالح الخلق في الدنيا والآخرة (1). ولقد حدد أبو حامد الغزالي مقاصد الشريعة في خمس هي: أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم" وهي المسماة بالضروريات(2).
ويعني ذلك أن ترتبط المشروعات الصغيرة بهذه المقاصد .
3. ضابط المحافظة علي المال وحمايته من المخاطر :
لقد أمرنا الإسلام بالمحافظة على المال وعدم تعريضه للهلاك والضياع ولا نعطيه للسفهاء، فقال تبارك وتعالي:" ولا تؤتوا السفهاء أموالكم " النساء آية 5. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مات دون ماله فهو شهيد". كما أمرنا بأن نستثمر المال وننميه حتى مال اليتيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من ولى يتما فليتجر له في ماله ولا يتركه حتى تأكله الصدقة" رواه البيهقي.
4. ضابط الالتزام بالأولويات الإسلامية:
لقد تضمنت الشريعة الإسلامية أولويات الاستثمار ورتبها الإمام الشاطبي في ثلاث مراتب هي "الضروريات والحاجيات والتحسينات".
ولذلك لا يجوز إعطاء مشروعات الكماليات الأولوية قبل استيفاء الضروريات والحاجيات.
5. ضابط تنمية المال بالتقليب وعدم الاكتناز :
__________
(1) د. رياض الخليفي، مرجع سابق، ص 22 جدة أكتوبر 2004، ص 16
(2) د. رياض الخليفي، المقاصد الشرعية وأثرها في فقه المعاملات المالية، مجلة جامعة الملك عبدالعزيز، الاقتصاد الإسلامي، مجلد 17 عدد 1/1425 ص 10
(1/13)
لقد أمرنا الله عز وجل بتجنب اكتناز المال، فقال تبارك وتعالى "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم" التوبة آية 34 .
وكان لنظام زكاة المال دور هام في منع الاكتناز، وأمر الوصي على مال اليتيم باستثماره حتى لا تأكله الصدقة على النحو السابق بيانه.
6. ضابط التدوين المحاسبي لحفظ الحقوق :
لقد أمرنا الله عز وجل بتدوين المعاملات فقال تبارك وتعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه..." البقرة آية 282. كما اهتم فقهاء الإسلام بفقه الكتابة، ولقد احتوى التراث الإسلامي علي قرائن لإثبات ذلك.
7. ضابط التوثيق لحفظ الحقوق :
لقد أمرنا الله عز وجل بتوثيق العقود والإشهاد عليها، فقال عز وجل " وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد " البقرة آية 282.
وقال تعالى "وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة" البقرة آية 282.
وتأسيساً على ذلك يجب أن تكتب وتوثق العقود والمعاملات.
8. ضابط أداء حق الله في المال وهو الزكاة :
تعد زكاة المال فريضة شرعية، ومن أهم مقومات النظام الاقتصادي الإسلامي ، ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون " النور آية 56 .
وتعد هذه الضوابط من موجبات التمويل الفعال الهادف الذي يحقق التنمية الشاملة، كما أنها من أساسيات نجاح المنشآت الصغيرة.
? الصيغ المقترحة لتمويل المنشآت الصغيرة من خلال المصارف الإسلامية:-
يعد المصرف الإسلامي مصرفاً استثمارياً يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة من خلال الوساطة المالية الفعالة بين أصحاب الأموال وبين أصحاب المشروعات، ومنهم المشروعات الصغيرة، هذا بخلاف البنوك التقليدية التي تقوم علي نظام آلية سعر الفائدة.
(1/14)
ولقد تبين من الدراسة الميدانية أن هناك العديد من الصيغ التمويلية المستخدمة بالمصارف الإسلامية المتوافقة مع أحكام الشريعة ومنها (المرابحة، والمشاركة، والمضاربة، والاستصناع، والسلم، والإجارة ، والبيع بالتقسيط، والبيع بالوكالة، والبيع بالعمولة، وغيرها.) ولكل صيغة من تلك الصيغ طبيعة تختلف عن الصيغ الأخرى، لذلك يجب دراسة هذه الصيغ وبيان دور المصرف الإسلامي في تمويل المنشآت الصغيرة .
? الصيغ التمويلية المقترحة لتمويل المنشآت الصغيرة:
وتنقسم صيغ التمويل المستخدمة إلي صيغ تمويل البيوع والمشاركات وصيغة التأجير وهذه الصيغ تناسب المشروعات الصغيرة، وسوف تعرض في البنود الآتية : .
أولاً: صيغة التمويل بالإجارة مع الوعد بالتملك :
يعرف التأجير بأنه بيع منفعة لمدة معلومة بعوض معلوم . وقد أصدرت هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في أبريل عام 2000 فتوى بعدم جواز صيغة التأجير المنتهى بالتملك حيث تعد بيعتين في بيعة واحدة ثم صدرت فتوى مجمع الفقه الإسلامي في سبتمبر من نفس العام بجواز التأجير ولكن بصيغة التأجير مع الوعد بالتمليك.
وتعد صيغة التمويل بالإجارة مع الوعد بالتمليك من الصيغ التي يمكن استخدامها في تمويل المنشآت الصغيرة للعديد من الأسباب من أهمها:-
1- أن المصرف يستطيع توفير وشراء أي وحدة إنتاجية لأي من المنشآت وتملكها ثم يعيد تأجيرها إلى تلك المنشآت مع احتفاظه بملكيتها وفي حالة تأخر تلك الوحدات عن السداد يمكن له أن يسترد الوحدة الإنتاجية ، ويعد تملك المصرف للوحدة الإنتاجية أحد أشكال الضمانات الهامة للمصرف ، وهو ما يعد تغلب علي أهم معوقات تمويل المنشآت الصغيرة التي لا يتوافر لديها ضمانات.
2- يمكن للمصرف أن يقوم بالتأمين التعاوني على تلك الوحدات الإنتاجية ضد المخاطر الجسيمة .
(1/15)
3- يمثل القسط الإيجاري لتلك الوحدات الإنتاجية بالنسبة للمنشآت الصغيرة مصروفاً دورياً يمكن للوحدة تحمله شهرياً.
4- يمكن للمصرف أن يستأجر تلك المعدات ثم يعيد تأجيرها للمنشآت الصغيرة.
وتناسب صيغة التمويل عن طريق التأجير مع الوعد بالتملك المنشآت الإنتاجية الصغيرة والتي تحتاج إلى خطوط إنتاج مثل المطابع ومصانع التعبئة والتغليف ، وكذلك المنشآت التي تحتاج إلي الأجهزة والمعدات مثل المعامل الطبية.
... ثانياً: صيغة بيع السلم:
تعد صيغة بيع السلم من الصيغ التمويلية البديلة للإقراض بفائدة من خلال نظام الجاري المدين بفائدة، حيث يتم توفير سيولة نقدية للعملاء مقابل شراء منتجاتهم ودفع ثمنها حالاً ، ويكون الاستلام فيما بعد لأجل معلوم.
وتلائم هذه الصيغة المشروعات الزراعية لصغار الفلاحين حيث تقوم بشراء المحصول مقدما، كما تلائم المنشآت الإنتاجية التي تقوم بإنتاج وحدات إنتاجية كمنتج نهائي أو وحدات تستخدم في مراحل إنتاجية أخرى لشركات كبيرة مثل إنتاج بعض مكونات السيارات..
ويمكن للمصرف الإسلامي أن يقوم بتمويل تلك المنشآت الصغيرة بصيغة السلم عن طريق ما يلي:-
1- يقوم المصرف الإسلامي بشراء إنتاج المنشآت الصغيرة بعقد السلم الأصلي (دفع نقدي واستلام مؤجل) مما يوفر سيولة نقدية لتلك المنشآت.
2- عقد اتفاقيات مع الشركات الكبيرة التي تستخدم إنتاج المنشآت الصغيرة كمكونات لمنتجها النهائي على بيعها لهم عن طريق عقد (السلم الموازي).
3- في حالة قيام المنشآت الصغيرة بإنتاج منتج نهائي تقوم المصارف الإسلامية بالاتفاق مع بعض عملائها (الموزعين) على بيع تلك المنتجات لهم أما سلم موازي أو مرابحة.
(1/16)
ويمكن استخدام صيغة التمويل عن طريق بيع السلم لتمويل المنشآت الإنتاجية الصغيرة والتي تحتاج إلى تمويل رأس المال العامل (مواد خام ، رواتب ، مصروفات تشغيلية ) سواء كانت تقوم بإنتاج منتج نهائي (استخدام نهائي) أو منتجات وسيطة تستخدم كمكونات لمنتجات أخرى وكذلك في تمويل المشروعات الزراعية.
ثالثا: صيغة التمويل عن طريق المرابحة للآمر بالشراء:
تعرف صيغة المرابحة لأجل للآمر بالشراء بأنها / بيع بمثل الثمن الأول مع زيادة ربح ، حيث يقوم المصرف الإسلامي بشراء السلعة بناء علي طلب العميل ثم بيعها له بالأجل ، وتتميز صيغة المرابحة لأجل للآمر بالشراء بإمكانية توفير ما يحتاجه العملاء من معدات أو مواد خام عن طريق قيام المصرف بتلبية احتياجات العميل بشراء ما يحتاجه وتملكه ثم بيعه له مرابحة، وحتى تحقق المرابحة الهدف المطلوب منها وهو المساهمة في تنمية المنشآت الصغيرة يجب أن تهتم بتمويل شراء الوحدات الإنتاجية ( خطوط الإنتاج ) أو شراء المواد الخام ومستلزمات التشغيل التي تستخدم في صناعة المنتجات النهائية.
وتتمثل مخاطر تلك الصيغة في تملك المنشأة الصغيرة للوحدة الإنتاجية أو استخدامها النهائي للمواد الخام ، حيث تمثل عملية المرابحة بيع وشراء وتملك، ثم تعثر سداد الأقساط في آجالها.
ويمكن التغلب علي تلك المخاطر عن طريق الحصول علي ضمانات من جهات حكومية (طرف ثالث) مثل صندوق التنمية الصناعي بالمملكة العربية السعودية ، والذي يقدم ضمانات في حدود 75% من التمويل الممنوح للمنشآت الصغيرة وذلك ضمن برنامج " كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة " والصادر بالقرار الوزاري رقم 1166 لعام 1425 ه من قبل معالي وزير المالية .
رابعاً: صيغة التمويل عن طريق بيع الاستصناع:
يقصد ببيع الاستصناع قيام المصرف بتصنيع ما يرغبه العميل من وحدات إنتاجية أو عقارية(عن طريق المصنعين) ثم تقسيط المبلغ علي دفعات مع الحصول علي ربحية .
(1/17)
وتعد صيغة الاستصناع من الصيغ التمويلية التنموية حيث تساهم في إنشاء وحدات جديدة لم تكن موجودة مثل تصنيع خطوط إنتاج جديدة أو إنشاء مباني سكنية إلى غير ذلك ، وتناسب صيغة التمويل عن طريق البيع بالاستصناع المنشآت الصغيرة القائمة والتي تريد التوسع في حجم أعمالها عن طريق زيادة خطوط الإنتاج الحالية أو إنشاء وحدات عقارية لوحدات التجميع إلى غير ذلك من أساليب التوسع في المنشآت الصغيرة.
وتمكن هذه الصيغة المصرف من الحصول على قدر كبير من قيمة التمويل خلال مرحلة الإنشاء عن طريق الدفعات المقدمة أو الأقساط الدورية خلال مرحلة التنفيذ، ولا تختلف مخاطر صيغة الاستصناع عن صيغة بيع السلم السابق بيانها والتي يمكن التأمين ضدها.
خامساً: صيغة التمويل عن طريق البيع بالعمولة:
يمكن للمصرف استخدام هذه الصيغة لتمويل العملاء الذين لديهم القدرة على تسويق المنتجات والمعرفة بسوق المنتجات ويمتلكون منافذ للتوزيع ولكن ليس لديهم إمكانات لشراء بضائع لتصريفها.
ويقوم المصرف بشراء تلك البضائع وإعطائها للعملاء على سبيل الأمانة لبيعها مقابل نسبة من الأرباح المحققة، وتناسب هذه الصيغة المنشآت الصغيرة ولا سيما فئة الشباب حيث تقدم السلع لهم لبيعها وتوريد ثمنها بعد البيع.
سادساً: صيغة التمويل بالمشاركة:
تعد صيغة المشاركة من أهم الصيغ التمويلية في المجتمع الاقتصادي حيث يشارك المصرف العميل في رأس المال والعمل، وإن كانت صيغة المشاركة أقل الصيغ حظاً في الاستخدام الآن في المصرفية الإسلامية نظراً لما يعتقد البعض من كونها عالية المخاطر، حيث تتطلب وجود شريك يلتزم بالقيم الأخلاقية مثل الأمانة والصدق، وكفاءة فنية في إدارة المشروعات.
(1/18)
ويحث أحد الخبراء المصارف الإسلامية على الاستثمار في المشاريع الإنتاجية التي ترتبط بإنتاج سلع وخدمات ضرورية في مجال الغذاء والكساء والإسكان والتعليم والصحة على النحو الذي يعد محققاً لهدف الانسجام مع أولويات المصلحة الاجتماعية بمنظورها الإسلامي، بنظام المشاركة حيث يقوم على تطبيق قاعدة "الغنم بالغرم " وأفضل من الاستثمار بفائدة.
وتلائم صيغة التمويل بالمشاركة المنشآت الصغيرة للمبررات الآتية:-
1- مرونة أسلوب المشاركة في إمكانية تمويل أي مشروع سواء أكان صغيرا أو متوسطاً ولا سيما المشاركة المنتهية بالتمليك حيث تمكن الشريك من تملك المشروع بعد تخارج المصرف الإسلامي.
2- إمكانية استفادة تلك المنشآت وخاصة الإنتاجية من استخدام اسم المصرف عند تسويق منتجاتها.
3- مساهمة صاحب المنشأة في حصة من التمويل يجعله حريصاُ على نجاح المنشأة.
4- زيادة ربحية المصرف مع زيادة نمو نشاط المنشأة.
5- مساهمة المشاركة بطريق مباشر في التنمية الاقتصادية وزيادة القيمة المضافة للدخل القومي.
ويمكن استخدام صيغة المشاركة في تمويل صادرات المنشآت الصغيرة عن طريق فتح اعتماد مستندي لتوريد منتجات العميل التي تحتاج إلي تمويل نقدي لإنتاجها ثم تصديرها.
سابعاً: صيغة التمويل عن طريق المزارعة:
وهي عبارة عن " مشاركة بين طرفين أحدهما يقوم بتوفير الأرض والآخر يزرعها والناتج مناصفة بين صاحب الأرض ومن زرعها، ولذلك فهي نوع من أنواع المشاركة الإسلامية.
وتعد صيغة التمويل عن طريق المزارعة من أهم الصيغ التي يمكن استخدامها لتمويل القطاع الزراعي خاصة إذا علمنا أن الوطن العربي يستورد 75% من احتياجاته الغذائية من الخارج رغم توافر مساحات شاسعة قابلة للزراعة، ولقد نجح تطبيق هذه الصيغة في السودان وباكستان وأحدثت تنمية زراعية فعالة.
ويمكن للمصرف أن يستخدم صيغة المزارعة على النحو التالي:-
(1/19)
1- أن يقوم بشراء أراضي زراعية ثم يدفعها للمزارعين لزراعتها مقابل حصة من المحصول .
2- أن يقوم المصرف بتوفير البذور والسماد عن طريق بيعها لأصحاب الأراضي الزراعية مقابل حصة من المحصول أو سداد ثمنها نقدا عند جني المحصول .
3- شراء المصرف للمحصول عن طريق بيع السلم .
4- توفير آلات زراعية (محاريث) للمزارعين وتقديمها لهم إما عن طريق التأجير أو المشاركة.
تعقيب الباحث:
ويرى الباحث أن هذه الصيغ البديلة تناسب معظم المنشآت الصغيرة حيث يختار صاحب كل منشأة الصيغة التي تناسبه وتتفق مع ظروفه وإمكاناته وهذا أفضل وأجدى من نظام التمويل القائم على الفائدة والذي ثبت فشله في تمويل معظم المشروعات الصغيرة.
? مقومات نجاح المصارف الإسلامية لتمويل المنشآت الصغيرة:
يرى الباحث ومن خلال الدراسة الميدانية أنه لابد من وجود بعض المقومات لنجاح تمويل المنشآت الصغيرة بالمصارف الإسلامية ومن أهم تلك المقومات ما يلي :-
1- وجود دليل شرعي لتمويل المنشآت الصغيرة.
2- وجود معايير لاختيار المنشآت الصغيرة وأصحابها الذين سوف يقومون بتشغيلها.
3- وجود نظام للمتابعة والرقابة علي المنشآت الصغيرة.
4- وجود معايير لتقويم ومتابعة المنشآت الصغيرة خلال التشغيل.
5- تحديد جهة موثوق بها للقيام بإعداد دراسات الجدوي لكافة المنشآت الصغيرة .
6- تقديم ما يتاح من ضمانات من العملاء ، مع قبول مبدأ الكفالة الشخصية .
7- إعطاء دورات لأصحاب المنشآت الصغيرة على كيفية التعامل مع البنوك وخاصة في مجال إعداد الملفات الائتمانية .
8 - القيام بعمل تأمين تعاوني إسلامي على عمليات التمويل من قبل طرف ثالث.
9 – توفير بيانات ومعلومات مالية عن المنشآت الصغيرة للبنوك مما يمكنها من اتخاذ قرارات التمويل بثقة ومرونة.
10- توافر الخبرة المهنية لأصحاب المنشآت الصغيرة وخاصة المنشآت الصناعية منها.
?
معايير اختيار عملاء لتمويل مشروعاتهم الصغيرة بالصيغ الإسلامية :
...
(1/20)
يجب أن يتوافر في العميل (الشاب) المتقدم للحصول على تمويل من المصرف الإسلامي لمشروعه الصغير مجموعة من المواصفات والاشتراطات لتأمين نجاح المشروع، منها على سبيل المثال ما يلي:-
- معيار التكوين الشخصي من حيث القيم والمثل الأخلاقية والسلوك الطيب لتجنب عمليات الغرر والتدليس والكذب ونحو ذلك، ويمكن التحقق من ذلك من خلال المقابلة الشخصية ومن قبل شخصان من ذوي السمعة الطيبة.
- معيار التخصص: أن يتفق طبيعة نشاط المشروع الصغير مع التأهيل العلمي والخبرة العملية للعميل بهدف الاطمئنان على قدرته على التشغيل بكفاءة.
- معيار الحنكة والبصيرة: أن يكون لدى العميل حنكة وبصيرة في إدارة المشروع وقيادة العاملين معه، وهذه قدرات قد تتوافر في بعض الناس ولا تتوافر في البعض الآخر.
- معيار العلاقات مع الغير: أن يكون للعميل مجموعة من العلاقات العامة والعلاقات المتخصصة بما تسهل له تشغيل مشروعه وتسوية منتجاته وتذليل المشكلات التي قد تقف حجر عثرة في أعماله.
? المعايير العامة لقبول مشروع صغير للتمويل من المصرف الإسلامي :
وجوب وجود مجموعة من المعايير لدى المصرف الإسلامي في ضوئها يتم قبول تمويل مشروع صغير بأحد الصيغ الإسلامية ومن هذه المعايير العامة على سبيل المثال:-
- معيار المشروعية: بمعنى أن يكون نشاط المشروع الصغير حلالاً طيباً يتوافق مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
- معيار الربحية: بمعنى أن يحقق هذا المشروع أرباحاً حتى يمكن العميل من سداد الالتزامات عليه حسب الوارد بدراسة الجدوى وكشف التدفقات النقدية.
- معيار المخاطر: أن تكون المخاطر المرتبطة بتنفيذ المشروع مقبولة في ضوء الأعراف ويمكن درأها أو التحقق من حدتها بأي أسلوب من أساليب التأمين المشروعة.
- معيار الضمان ضد التقصير والإهمال: بمعنى أن يقوم العميل بعض الضمانات الممكنة ضد إهماله وتقصيره وتعديه على التمويل وضياع الأموال.
(1/21)
- معيار حق المصرف من المتابعة والرقابة على المشروع: يجب أن يكون هناك اتفاق بين المصرف والعميل على حق الأول في إرسال ممثلين له لمتابعة سير تشغيل المشروع وإعداد التقارير اللازمة.
- معيار الكفاءة الفنية: بمدلول أن يتوافر في العميل شروط الخبرة والقدرة على تنفيذ المشروع حسب المتعارف عليه بالإضافة إلى توافر القيم الإيمانية والمثل الأخلاقية والمعلومات الطيبة عن العميل.
- معيار الخطة الاستثمارية: أن يتفق المشروع مع خطة المصرف الإسلامي الإستراتيجية في الاستثمار ولاسيما من منظور التنمية الاقتصادية.
- المعيار القانوني: أن يكون للعميل كيان قانوني وأهلية للتعاقد.
معايير أخرى حسب طبيعة كل مشروع.
المبحث الرابع
المعالجة المحاسبية لتمويل المشروعات الصغيرة بصيغة
المشاركة المنتهية بالتملك كما تقوم بها المصارف الإسلامية
تمهيد:
يختص هذا المبحث بتناول الجوانب المحاسبية التطبيقية لمعيار تمويل المشاركة المنتهية بالتمليك الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية مع التطبيق على مشروع صغير كنموذج يسترشد به في بقية صيغ التمويل الإسلامية ، إضافة الي مجموعة من التجارب العملية التي قامت بها بعض المصارف الإسلامية لتمويل المنشآت الصغيرة وتقويمها للاستفادة منها في مصارف إسلامية أخري ..
أولاً: المعالجة المحاسبية للمشاركة المنتهية بالتملك :
الإجراءات التنفيذية للتمويل بالمشاركة المنتهية بالتملك تتمثل في الآتي:-
1- يقدم العميل إلى المصرف الإسلامي طلباً يرغب فيه تمويل شراء آلات ومعدات حرفية لمشروع صغير، مرفقاً به الأوراق والوثائق المطلوبة ومنها دراسة الجدوى المبسطة للمشروع.
2- يقوم المصرف ببحث الطلب بصفة عامة، ودراسة الجدوى بصفة خاصة للتأكد من توافر المعايير الواجب توافرها في المشروع والواجب توافرها في العميل.
(1/22)
3- في حالة القبول يتم وضع خطة وبرنامج تمويل المشروع بالمشاركة وإبرام العقود والحصول على الضمانات والكفالات إن تطلب الأمر.
4- متابعة إنشاء وتشغيل المشروع من خلال نظام تقارير المتابعة والرقابة وتقويم الأداء.
5- يقوم العميل بشراء حصة من رأس مال المصرف في المشروع حسب الوارد بالعقد حتى يتخارج المصرف وتنتقل الملكية إلى العميل.
حالة تطبيقية رقمية على التمويل بالمشاركة المنتهية بالتمليك لمشروع صغير
تقدم أحد العملاء من الشباب الذي لديه خبرة في تصنيع البلاستيك إلى أحد المصارف الإسلامية بطلب تمويل بالمشاركة المتناقصة لشراء آلة تقدر بمبلغ 1.200.000 ريال، سوف يساهم العميل بمبلغ 200.000 ريال، ويساهم المصرف بمبلغ 1.000.000 ريال، رأس مال المشاركة 1.200.000 ريال تقسم إلى حصص قيمة الحصة 1000 ريال وأتفق على أن يقوم العميل بشراء 20% من حصص المصرف سنوياً. كما اتفق على توزيع الأرباح الصافية سنوياً على النحو التالي:
25% من صفي الأرباح للعميل نظير الإدارة.
75% من صافي الأرباح لرأس المال يوزع بينهما بنسبة حصص كل منهما.
وفيما يلي ملخص عمليات السنة الأولى:
1- القيمة الاسمية للحصة المباعة 100.000 وقيمتها السوقية 115.000.
2- صافي الأرباح 400.000 ريال.
أسس القياس المحاسبي لمعاملات السنة الأولى:
1- يقوم المصرف بفتح حساب المشاركة المنتهية بالتمليك ويجعله مدين بمقدار مساهمته وهو مبلغ 1.000.000 ريال.
المعالجة المحاسبية:
1.000.000 من ح/ الاستثمار بالمشاركة
... ... ... 1.000.000 إلى ح/ الخزينة
2- يقوم المصرف بإثبات بيع 20% من حصته بالقيمة السوقية.
القيمة الاسمية 100.000
القيمة السوقية 115.000
ربح رأس المال 15.000
ويكون المعالجة المحاسبية كما يلي:
115.000 من ح/ الخزينة
... ... ... إلى مذكورين
... ... 100.000 ح/ الاستثمار بالمشاركة
... ... 15.000 ح/ أرباح رأسمالية استثمار ...
3- إثبات حصة المصرف في أرباح المشاركة
(1/23)
مشروع توزيع أرباح المشاركة:
صافي الأرباح ... ... ... ... ... ... 400.000 ...
يخصم
حصة العميل نظير الإدارة 25% ... ... ... 100.000
الباقي يوزع حسب الحصة في رأس المال ... ... 300.000
1.000.000: 200.000
5 : 1
حصة المصرف من الأرباح نظير رأس المال
300 x 5 ÷ 6 = 250.000
حصة العميل من الأرباح نظير رأس المال
300 x 1 ÷ 6 = 50.000
العرض والإفصاح المحاسبي للمشاركة المنتهية بالتمليك:
- قائمة المركز المالي
يظهر بها في بند الاستثمارات
1.000.000 استثمار بالمشاركة المنتهية بالتمليك.
- قائمة الدخل
يظهر بها ضمن الإيرادات
15.000 أرباح رأسمالية.
250.000 أرباح جارية
ثانيا : تجارب عملية للمصارف الإسلامية :
مجموعة من التجارب العملية التي قامت بها بعض المصارف الإسلامية لتمويل المنشآت الصغيرة :
1: تجربة بنك فيصل الإسلامي السوداني (1):-
تتضمن إستراتيجية بنك فيصل الإسلامي السوداني الاستثمارية العمل على توزيع التمويل على القطاعات الاقتصادية تحقيقاً للبعد التنموي للمصارف الإسلامية وتقليلاً للمخاطر وتوزيعها إضافة إلى تطبيق صيغ الاستثمار الإسلامي وتكثيف البحث عن صيغ إسلامية جديدة تحقيقاً لمتطلبات العملاء ونشر الوعي المصرفي الإسلامي إلى جانب ربط التنمية الاقتصادية مع التنمية الاجتماعية.
ويستخدم بنك فيصل العديد من صيغ التمويل لتمويل المنشآت الصغيرة منها صيغة المرابحة والمشاركة، بالإضافة إلى صيغ أخرى مثل المضاربة والسلم والمزارعة والإجارة. وقد قام البنك بتخصيص فرع لتمويل المنشآت الصغيرة ، مع منح بعض الامتيازات مثل الإعفاء من هامش الجدية وقبول الضمانات الشخصية.
ولقد ساهمت هذه التجربة (كما تبين من الدراسة الميدانية) في التنمية الزراعية والصناعية كما حقق البنك الإسلامي منها نجاحاً وعائداً مرتفعاً.
__________
(1) د. أحمد جبريل ، مرجع سابق ص 14
(1/24)
وقد بلغ معدل العائد الفعلي لتمويل المنشآت الصغيرة نسبة 16% خلال الفترة من عام 96- 2000 في حين أن متوسط عائد البنك الصافي 12%.
2- تجربة بنك التمويل المصري السعودي في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة (1):-
يعد بنك التمويل المصري السعودي أحد المصارف الإسلامية بجمهورية مصر العربية وقد قام البنك وبالتنسيق مع صندوق الضمان الإجتماعي بمصر بنشاط لتمويل المنشآت الصغيرة وذلك من خلال:-
أ. تخصيص بعض فروعه لتمويل تلك المنشآت الصغيرة.
ب. استخدام صيغة المشاركة المتناقصة والمنتهية بالتمليك لتمويل تلك المنشآت.
ج. استخدام صيغة التأجير مع الوعد بالتمليك لتمويل تلك المنشآت.
د. إعداد دليل إجراءات لتمويل المنشآت الصغيرة.
ولقد تبين من الدراسة الميدانية تحول العديد من العملاء من نظام التمويل بالفائدة من البنوك التقليدية إلى هذه الفروع لمناسبة هذه الصيغ مع مشروعاتهم الصغيرة.
3- برنامج كفالة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالسعودية:
وهو برنامج تم إصداره بموجب القرار الوزاري رقم 1166 لعام 1425 هـ، ويتولي إدارته صندوق التنمية الصناعي السعودي بالتعاون مع البنوك السعودية لإنشاء صندوق بمبلغ 200 مليون ريال مناصفة بين الصندوق والبنوك من أجل ضمان تمويل المنشآت الصغيرة.
وبموجب هذا البرنامج يقوم الصندوق بكفالة مخاطر تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة طبقا لمجموعة من الشروط والضوابط المحددة بملف الإجراءات والتعليمات المنظمة للكفالة.
وتسعى المصارف والفروع الإسلامية بالبنوك التقليدية بالمملكة لتمويل المشروعات الصغيرة بالصيغ الإسلامية.
الخلاصة والتوصيات
__________
(1) د. حسين شحاتة ، مستشار بنك التمويل المصري السعودي ، قائمة الاستبيان .
(1/25)
لقد تناول الباحث في الصفحات السابقة المنهج المصرفي الإسلامي في تمويل المشروعات الصغيرة مع التركيز علي صيغ التمويل التي أجازتها الشريعة الإسلامية ، وخلص الباحث إلي مجموعة من النتائج والتوصيات على النحو التالي.
أولاً: الخلاصة:
? أهمية المنشآت الصغيرة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبصفة خاصة علاج مشكلة البطالة .
? هناك انتقادات إلي المنهج المصرفي التقليدي في إحجامه عن تمويل المنشآت الصغيرة .
? يعد التمويل عن طريق الاقتراض بفائدة غير مناسب لتمويل المنشآت الصغيرة، حيث يسبب الكثير من المخاطر والمشكلات نتيجة التزام المنشأة بضرورة دفع القرض مع فوائدة حتى لو حققت أرباحاً أقل من أسعار الفائدة أو حققت خسائر .
? يعد التمويل عن طريق صيغ التمويل الإسلامي مناسب لتمويل المنشآت الصغيرة، حيث يقوم علي صيغة البيوع ومبدأ المشاركة في الربح والخسارة .
? يقدم المنهج الإسلامي منظومة من صيغ التمويل الإسلامي التي تناسب ظروف المنشآت الصغيرة ، مثل الإجارة والمشاركة والسلم والإستصناع والمرابحة والبيع الآجل.
? لقد استطاعت المصارف الإسلامية في الوقت المعاصر تمويل العديد من المنشآت الصغيرة مثل بنك التمويل المصري السعودي وبنك فيصل الإسلامي السوداني وثبت نجاحها .
ثانياً: التوصيات:-
في ضوء ما أسفرت عنه الدراسة، يوصي الباحث بالآتي:-
1- إنشاء إدارات متخصصة لتمويل المنشآت الصغيرة في المصارف الإسلامية وإعداد كفاءات مصرفية متخصصة في مجال تمويل المنشآت الصغيرة.
2- تخفيض معدلات هامش ربحية المصارف في تمويل المنشآت الصغيرة من باب المسئولية الاجتماعية.
3- قيام المصرف بتمويل تلك المنشآت عن طريق تخصيص مبالغ من موارده الذاتية لتمويل تلك المنشآت، أو نسبة من الحسابات الجارية حيث لا تحمل المصارف تكاليف إضافية .
4- إنشاء صناديق استثمار إسلامية متخصصة لتمويل المنشآت الصغيرة منبثقة من المصارف الإسلامية.
(1/26)
5- إنشاء نظام معلومات متكامل للمنشآت الصغيرة على مستوى القطاع المصرفي يقدم المعلومات المطلوبة للمصارف الإسلامية التي تمول المشروعات الصغيرة.
6- تشجيع المصارف الإسلامية علي تمويل المنشآت الصغيرة عن طريق إصدار قوانين منظمة لذلك من البنوك المركزية ومؤسسات النقد .
7- دعوة الفقهاء والعلماء والخبراء إلي ابتكار صيغ تمويلية إسلامية غير تقليدية تتناسب مع التغيرات المعاصرة في نشاط المنشآت الصغيرة .
قائمة المراجع التي اعتمد عليها الباحث
1- أحمد جبريل، "دور المصارف الإسلامية في تمويل الصناعات الصغيرة بالتطبيق على بنك فيصل الإسلامي السوداني"، بحث مقدم إلى مؤتمر دور المؤسسات المصرفية الإسلامية في الاستثمار والتنمية، جامعة الشارقة، الشارقة، مايو 2002.
2- خالد السهلاوي، "دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص عمل جديدة"، بحث مقدم إلى ندوة واقع ومشكلات المنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل دعمها وتنميتها، الرياض 2002.
3- رياض الخليفي، "التمويل الإسلامي مضمونه وضوابطه" ، بحث غير منشور الكويت 2005.
4- رياض الخليفي، "المقاصد الشرعية وأثرها في فقه المعاملات المالية"، مجلة جامعة الملك عبد العزيز ، الاقتصاد الإسلامي م 17، 2004.
5- سمير باعامر، "معوقات تمويل المنشآت الصغيرة من وجهة نظر مصرفية"، بحث مقدم إلى ندوة واقع ومشكلات المنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل دعمها وتنميتها، الرياض 2002.
6- طارق الله خان – حبيب أحمد ، إدارة المخاطر تحليل قضايا في الصناعة المالية الإسلامية ، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية ، ورقة مناسبات رقم ( 5 ) ، 2003 .
7- عبد الفتاح محمد، "الاستثمار في النظام المصرفي الإسلامي" بحث مقدم إلى مؤتمر دور المؤسسات المصرفية الإسلامية في الاستثمار والتنمية، جامعة الشارقة، الشارقة، مايو 2002.
(1/27)
8- علي أحمد الندوي ، "جمهرة القواعد الفقهية في المعاملات المالية " ، المجموعة الشرعية شركة الراجحي المصرفية للاستثمار، 1421 هـ .
9- على القرة داغي ، "طرق بديلة لتمويل رأس المال العامل" ، بحث مقدم إلى ندوة البركة الخامس والعشرين للاقتصاد الإسلامي، جدة 2004.
10- عماد شبلاق، "المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مدينة الرياض بين الضمور والتطور"، بحث مقدم إلى ندوة واقع ومشكلات المنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل دعمها وتنميتها، الرياض 2002.
11- الغريب ناصر ، أصول المصرفية الإسلامية وقضايا التشغيل ، مطابع المنار العربي، القاهرة ، طـ 2 ، 2000م.
12- محارب عبد الله، "واقع الصناعات الصغيرة والمتوسطة الأردنية في ظل المستجدات الحديثة"، بحث مقدم إلى ندوة واقع ومشكلات المنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل دعمها وتنميتها، الرياض 2002.
13- محمد بصل، "المنشآت الصغيرة والمتوسطة (الواقع والتحديات)" بحث مقدم إلى ندوة واقع ومشكلات المنشآت الصغيرة والمتوسطة وسبل دعمها وتنميتها، الرياض 2002.
14- معايير المحاسبة والمراجعة والضوابط للمؤسسات المالية الإسلامية، هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، البحرين 2003.
15- منذر قحف، "مفهوم التمويل في الاقتصاد الإسلامي"، من مطبوعات المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية بحث 13 ط 3 ، 2004
16- نزيه حماد، "دور المؤسسات المصرفية الإسلامية في التنمية الاقتصادية ، مؤتمر دور المؤسسات المصرفية الإسلامية في الاستثمار والتنمية"، جامعة الشارقة، الشارقة، مايو 2002.
17- هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، " مجلد المعايير الشرعية"، البحرين، مايو 2002 .
(1/28)