من صيغ الاستثمار الإسلامية المرابحة الداخلية في البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار
والملاحظات عليها وكيفية تجنبها ضمن الاقتصاد الإسلامي
د. محمود إبراهيم مصطفى الخطيب
أستاذ الفقه والاقتصاد الإسلامي المساعد
رئيس مركز البحوث بكلية المعلمين بمحافظة القنفذة
(طبعة تمهيدية)
تمهيد:
الحمد لله المتفضل بمنه وجوده، والشكر له تعالت أسماؤه على ما يسر من نعمة القيام بكتابة هذا البحث ، وقد تأذن جل وعلا الزيادة لمن شكر والإعانة لمن صبر، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن اهتدى بهداه إلى يوم نلقاه، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
فقد مر أكثر من أربعة عقود على أول تجربة إسلامية (1) لممارسة العمليات المصرفية بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، إلا أن التجربة حديثة العهد إذا قيست بعمر البنوك الربوية، لذا كان من الضرورة بمكان متابعة عمليات البنوك الإسلامية(2)، لتكون أكثر انضباطاً مع المفاهيم الإسلامية، حيث إن كثيراً من العمليات التي تقوم بها البنوك الإسلامية لم تكن معروفة في عصر الاجتهاد الأول، مثل الاعتمادات المستندية، وبعض هذه العمليات إن وجدت كانت بصورة مبسطة، ومن ذلك بيع المرابحة .
لذا رأيت الكتابة في موضوع يعتبر من الركائز المهمة التي تعتمد عليها البنوك الإسلامية بعامة، والبنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار بخاصة ، وهو بيع المرابحة الداخلية .
__________
(1) الهوامش
) أول تجربة كانت في ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر عام 1963م ، واستمرت التجربة حتى منتصف عام 1967م، النجار ،197.
(2) صقر ،27.(1/1)
وقد أحسنت جامعة أم القرى بدعوتها لعقد المؤتمر الثالث للاقتصاد الإسلامي برعاية كريمة من كلية الشريعة، التي كان لها شرف عظيم في عقد هذا المؤتمر، في وقت التكتلات الاقتصادية العالمية القارية والإقليمية، بعد أن طال الأمد بين المؤتمر الثاني والثالث، والله أسأل التوفيق للقائمين عليه، ولكل من ساهم فيه .
أهمية الموضوع :ـ
يعتبر هذا البحث من الدراسات المهمة حيث توسع البنك الإسلامي الأردني في استخدام صيغة بيع المرابحة للآمر بالشراء كأسلوب سهل لاستثمار الأموال المتجمعة لديه، حيث يلبي حاجات التمويل العاجل (1)، لدرجة أنها ( المرابحة ) غطت 60% من عمليات البنك الإسلامي الأردني، كما-شكلت أكثر من 80% من عوائده عام 1991م ، وفي الأعوام من 1997م ـ 1999م غطت عمليات الاستثمار في المرابحة أكثر من 46%، وفي الأعوام 2000م ـ 2002م لم تنزل النسبة عن 40%،حيث كانت بين
40ـ 46 % من عمليات الاستثمار في البنك. (2)
وقد ارتفع الاستثمار في المرابحة للآمر بالشراء من163 مليون عام 2001م إلى 180 مليون دينار أردني عام 2002م. وقد أدى هذا إلى زيادة الإيرادات من 18 مليون دينار إلى 25،5مليون دينار .
قال بكر ريحان من البنك الإسلامي الأردني في بحث قدم لمؤتمر العولمة وأبعادها الاقتصادية الذي عقد في جامعة الزرقاء في المملكة الأردنية الهاشمية: " إن معظم المصارف الإسلامية عمدت إلى تكثيف استخداماتها للأموال على شكل بيع مرابحة، وخاصة في الخارج، فيما يسمى بالمرابحات الدولية حيث يقوم المصرف عن طريق وسطاء في الأسواق المالية والدولية، بشراء وبيع السلع (commditieso)، من وإلى شركات أجنبية." (3)
__________
(1) الأنصاري ،60، العبادي ، 5.
(2) راجع تقارير البنك الإسلامي الأردني 1991م ، 1997 ـ 2001م.
(3) ريحان ،232 ـ 233.(1/2)
وقد تعرض هذا الأسلوب ( الصيغة ) لكثير من الانتقادات وأثير حوله العديد من الشبهات، والكثير من الجدل، حيث كثر الحديث عن عدم وجود اختلاف بين البنوك الإسلامية والبنوك التجارية الربوية،وقيل :" إن صيغة المرابحة التي تجريها البنوك الإسلامية لا تختلف في شىء عن الإقراض الربوي من ناحية الدور الاقتصادي، وإن اختلفت عنها في الشكل القانوني " (1)،وفي جواب عن سؤال عن الشراء من البنوك بالتقسيط مقابل الزيادة في سعر المبيع (كبيع المرابحة المعمول به في البنوك الإسلامية) أجابت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية بفتوى رقم 21286 تاريخ 18/1/1421هـ: " بأنه لا يجوز التعامل بالمعاملة المذكورة، لأن حقيقتها قرض بزيادة مشروطة عند الوفاء، والصورة المذكورة ما هي إلا حيلة للتوصل إلى الربا المحرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، فالواجب ترك التعامل بها طاعة لله ولرسوله " .(2)
وسبق أن قال أحمد النجار : " المرابحة أسوأ أسلوب لعمل البنك الإسلامي لأنها تعطي الفرصة للتحايل، وتدل على عجز القائمين على البنوك من ولوج نشاط المشاركة، وهو الأساس السليم " .(3)
ولأهمية معاملات البنوك الإسلامية وبخاصة المرابحة كتبت الكتب والمقالات، وأعدت الرسائل الجامعية على مستوى الماجستير والدكتوراه،كل ذلك من باب الحرص على تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل واضح وسليم، في معاملات البنوك الإسلامية، وصيغ الاستثمار فيها – بما يتفق مع الاقتصاد الإسلامي -.
فنحن نشد من عضد البنوك الإسلامية،لتكون البديل الفاعل للبنوك التجارية الربوية، لا أن تكون صورة للبنوك الربوية تحت عباءة الإسلام .
__________
(1) حرك ،103.
(2) مجلة الجندي المسلم،143 ـ144
(3) النجار ، مجلة الشريعة ،34.(1/3)
وسيبين البحث بعض الأمور المتعلقة بالمرابحة، مركزاً على أهم الملاحظات على المرابحة الداخلية كصيغة استثمارية وما يحدث من مخالفات أثناء تطبيقها سواء أكان من قبل البنك الإسلامي أم من قبل عملائه، والصعوبات التي تعترض هذه الصيغة، وكيفية حلها بما يتفق مع أصول الاقتصاد الإسلامي.
منهج البحث :
رغم أن المرابحة قد تناولها الباحثون القدماء والمحدثون وبينوا مشروعيتها وشروطها وأحكامها، ولم يتركوا لمستزيد فيها، إلا أنني أردت من بحثي تتبع الجانب التطبيقي لعقد بيع المرابحة القائم على الوعد الملزم في البنك الإسلامي الأردني، من خلال الاستقصاء الميداني لمعرفة المخالفات والوقوف على الواقع العملي لهذا العقد، والعمل على تطهير التطبيق الفعلي (1) من هذه المخالفات، فكان البحث ميدانياً شمل مقابلة ومناقشة العديد ممن تعاملوا مع البنك،وممن عملوا في البنك، وصفياً ليكون بيع المرابحة منضبطاً مع الشريعة الإسلامية،والنقد الذاتي سبيل للوصول للأفضل .
وستكون معالجة الموضوع في مطلبين وخاتمة .
المطلب الأول: تعريف المرابحة، وحكمها، وشروطها، وخطوات إتمام عقد المرابحة الداخلية، وأهمية بيع المرابحة .
المطلب الثاني : ملاحظات على المرابحة كما يجريها البنك الإسلامي الأردني .والصعوبات التي تواجه البنك الإسلامي الأردني.
خاتمة : التوصيات .
* * *
المطلب الأول : تعريف المرابحة، وحكمها، وشروطها، وخطوات إتمام عقد المرابحة، وأهمية بيع المرابحة
أولا : تعريف عقد بيع المرابحة:
المقصود بالعقد : هو ما يتم به ارتباط إرادتين من الكلام وغيره، ويترتب عليه التزام بين طرفيه كالبيع، أو الالتزام فيه بإرادة واحدة من غير توقف على شيء كالطلاق والعتق (2) .
__________
(1) من صور عقد المرابحة شراء مواد البناء ، وتمويل تشطيب الأبنية ، والتجهيزات المنزلية ، والأثاث ...الخ .
(2) الحصري ، 338.(1/4)
أما الببع : فهو عقد تمليك مال بمال على وجه التراضي،وينعقد بكل لفظ يدل على معنى الببع إذا استوفى الإيجاب والقبول الشرعيين (1) .
هذا وقد تعددت تعريفات عقد بيع المرابحة عند الفقهاء، ويمكن أن نستنتح منها أن بيع المرابحة يدور حول مفهوم واحد؛ هو بيع بالثمن الأول وزيادة معلومة لطرفي العقد .هذا ما جاء في كتب الفقه المختلفة؛ كبدائع الصنائع وبداية المجتهد وحاشية ابن عابدين، وحاشية الدسوقي،والمغني، ومنتهى الإرادات، وروضة الطالبين، ومغني المحتاج ومواهب الجليل، ومثال ذلك ؛ ما جاء في شرح الزرقاني على مختصر خليل الذي عرف المرابحة : " بيع السلعة بالثمن الذي اشتراها به، وزيادة ربح معلوم يتفقان عليه "(2)، وهذا التعريف جاء مثله في معجم لغة الفقهاء .(3)
وقد عرف قانون البنك الإسلامي الأردني بيع المرابحة للآمر بالشراء بما يلي :" قيام المصرف بتنفيذ طلب المتعاقد معه على أساس شراء الأول ما يطلبه الثاني بالنقد الذي يدفعه المصرف كلياً أو جزئياً وذلك في مقابل التزام الطالب بشراء ما أمر به، وحسب الربح المتفق عليه عند الابتداء "(4) .
وحسب قول البنك: إنه لا يبيع الراغب في الشراء حتى يملك السلعة ثم يجري عقد البيع، ومن المهم الإشارة إلى أن البنك يشتري ويصبح مالكاً للسلعة ويتحمل البنك تبعة هلاكها قبل تسليمها للمشتري .(5)
ثانياً : حكم بيع المرابحة :
__________
(1) راجع كتب الفقه المختلفة : كالمغني لابن قدامة ، والأم للشافعي ، وبدائع الصنائع للكاساني ، ومن الكتب الحديثة المبسطة فقه السنة لسيد سابق.
(2) الزرقاني ،3/173.
(3) قلعه جي ،389.
(4) البنك الإسلامي الأردني، قانون البنك الأردني ،2.
(5) البنك الإسلامي الأردني ، تجربة البنك الإسلامي الأردني ،17.(1/5)
المرابحة صورة من صور البيع، والبيع جائز بالكتاب والسنة وإجماع والمعقول (1)، قال تعالى : { وأحل الله البيع وحرم الربا } (2) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما "(3) .
وقد استدل الفقهاء على جوازها بعموم الأدلة على جواز البيع (4)، وتعامل الناس بها في مختلف الأقطار والعصور،ولحاجة الناس إلى هذا النوع من البيع، وكرهه أحمد(5)، وقد رويت كراهيته عن ابن عمر وابن عباس ومسروق والحسن وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء بن يسار وغيرهم، لأن فيه نوعاً من الجهالة، والتحرز عنها أولى، وهذه الكراهة تنزيهية والبيع صحيح(6).
فقد جاء في موسوعة فقه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما :" ونهى أن يأتي الرجل فيقول : اشتر كذا وكذا وأنا أشتريه منك بربح كذا وكذا (7)، وهي المسألة المعروفة اليوم بالآمر بالشراء، الواسعة التطبيق في البنوك الإسلامية، فهذا وعد بالشراء وليس بشراء ولذلك نهى ابن عمر أن يكون شراء " (8)، وقال ابن حزم في المحلى : " البيع على أن تربحني كذا شرط ليس في كتاب الله تعالى، فهو باطل والعقد باطل، وأيضاً فإنه بيع بثمن مجهول لأنهما إنما تعاقدا البيع على أن يربح معه للدينار درهماً فإن كان شراؤه ديناراً غير ربع كان الشراء بذلك والربح درهماً غير ربع فهذا بيع الغرر الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم والبيع بثمن لا يدرى مقداره، فإن سلم البيع من هذا الشرط فقد وقع صحيحاً كما أمر الله " (9).
__________
(1) الصاوي ، 200.
(2) سورة البقرة ، آية 275.
(3) البخاري ،3/72 ـ 73.
(4) الصاوي ، المرجع السابق والصفحة نفسها.
(5) ابن عبيدان ، 4/199.
(6) ابن قدامة ، 4/199.
(7) البيهقي ،5/317.
(8) قلعه جي ،181.
(9) ابن حزم ،9/14.(1/6)
وقال إسحاق لا يجوز لأن الثمن مجهول حال العقد . وأجازه سعيد بن المسيب وابن سيرين وشريح والنخعي والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر وغيرهم .(1)
وجاء في الكافي لابن عبد البر : بيع المرابحة يجوز على ربح معلوم بعد أن يعرف رأس المال،ويبلغه، وإن تغيرت السلعة بنقص أو زيادة لم يبعها مرابحة حتى يبين .(2)
والخلاف في المرابحة لا يرجع إلى أصل البيع وإنما في بعض صورها لما يصاحبها ويلحق بها، والجهالة اليسيرة لا تمنعها، حيث إن بيع المرابحة بيع أمانة واسترسال من المشتري ويحتاج إلى بيان يخلو من الهوى(3) .
وفي الوقت الحاضر أجاز بيع المرابحة للآمر بالشراء على أساس الوعد الملزم عدد من العلماء (4)، معتمدين على رأي الإمام الشافعي في إباحة بيع المرابحة كما جاء في كتاب الأم : "وإذا أرى الرجلُ الرجلَ فقال اشتر هذه، وأربحك فيها كذا، فاشترها ا لرجل فالشراء جائز، والذي قال أربحك فيها بالخيار، إن شاء أحدث فيها بيعاً، وإن شاء تركه، وهكذا إن قال : اشتر لي متاعاً، ووصفه له، أو متاعاً أي متاع شئت، وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء يجوز البيع الأول، ويكون هذا فيما أعطى نفسه بالخيار"(5).
كما اعتمدوا على رأي ابن شبرمة فيما يتعلق بالإلزام، كما جاء في كتاب المحلى لابن حزم :" .. .وقال ابن شبرمة : الوعد كله لازم ويقضى به على الواعد ويجبر "(6).
__________
(1) ابن قدامة، 4/199.
(2) ابن عبد البر ، 2/705.
(3) البعلي ، 35 ـ 37.
(4) من هؤلاء : الشيخ يوسف القرضاوي ، والدكتور سامي حسن حمود ، والدكتور عبد الحميد البعلي ، والشيخ عبد الله بن سليمان المنيع ...وغيرهم .
(5) الشافعي ، 3/39.
(6) ابن حزم ، 8/28 ، مسألة 1125.(1/7)
وهناك من عارض (1) إجازة بيع المرابحة للآمر بالشراء على أساس الوعد الملزم لما فيه من ربا، وبيعتين في بيعة، وبيع ما لا يملك . ..الخ، ورغم كل ما قيل في المرابحة فهي جائزة بشروطها الشرعية، لأنها تأخذ مشروعيتها من مشروعية البيع .
ثالثاً:ـ شروط بيع المرابحة:-
يشترط في بيع المرابحة ما يشترط في البيوع بصورة عامة وينعقد بالقول الدال على البيع والشراء، وهو الإيجاب والقبول بشروط يجب أن تتوفر في عقد البيع :-
1- رضا المتعاقدين فلا يصح بيع المكره بغير حق .
2- أن يكون العاقد عاقلا ً مميزاً، جائز التصرف .
3- أن يكون المبيع مملوكاً له وفي حوزته، ومنتفعاً به، وله حق الولاية عليه فإن باع ملك غيره بغير إذنه لم يصح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" لاتبع ما ليس عندك "(2)
4- أن يكون المبيع مباحاً متقوماً فلا يجوز بيع الخمر، نافعاً، غير معدوم، ولا غائب ولا مغصوب .
5- أن يقدر البائع على تسليم المبيع منجزاً لا معلقاً .
6- تحديد ثمن المبيع بأشياء معلومة .
وهناك شروط خاصة ببيع المرابحة بالإضافة لما ذكر :-
7- أن يكون الثمن الأول معلوماً للمشتري الثاني، بما في ذلك المصروفات، ويشمل ذلك ما يتحمله البائع للحصول على السلعة، وما يزيد في قيمتها، لأن العلم بالثمن شرط في صحة البيوع، لأن المرابحة بيع بالثمن الأول مع زيادة ربح
8- أن يكون الربح معلوماً للبائع والمشتري محدداً بالمقدار أو بالنسبة إلى ثمن الشراء .
9- أن يكون المبيع عرضاً مقابل نقود ولا يكون مقابلاً بجنسه من أموال الربا، لأن المرابحة بيع بالثمن الأول وزيادة وإذا حصلت الزيادة في الأموال الربوية تكون رباً لا ربحاً .
__________
(1) من هؤلاء الدكتور محمد سليمان الأشقر ، والدكتور رفيق يونس المصري ، والدكتور جمال الدين عطية ، والدكتور حمد الكبيسي ، والدكتور علي السالوس ، والدكتور إبراهيم دابو ، والدكتور حسن عبد الله الأمين ...وغيرهم .
(2) الألباني ،2/13.(1/8)
10- أن يكون العقد الأول صحيحاً، فإذا كان العقد الأول فاسداً كانت المرابحة غير جائزة، وربح بيع المرابحة مرتبط به .
11- أن يكون رأس المال من ذوات الأمثال؛ كالموزونات والمعدودات، وهو شرط جواز المرابحة على الإطلاق، فإن كان قيمياً كالعروض لا يجوز بيع المرابحة، كما إذا اشترى عرض بعرض ثم أراد أن يبيعه مرابحة لا يجوز .
12- وجوب صيانته عن الخيانة،وشبهة الخيانة، والتهمة، لأن أصل البيع بيع أمانة.
13- تبيين ما يكره في ذات البيع أو وصفه .
14- بيان الأجل الذي اشترى إليه لأن له حصته في الثمن، وبيان نقصه إن نقص، وبيان رخصه وغلاه إذا اشتراه غالياً وصار رخيصاً .
15- بيان طول مكثه عنده ولو عقاراً، لأن الناس يرغبون في الذي لم يتقادم عهده في أيدي مالكه ا لأول (1) .
رابعا : خطوات إتمام عملية المرابحة الداخلية في البنك الإسلامي الأردني
يمكن تلخيص الخطوات التي تمر بها المرابحة الداخلية بما يلي : -
أ - ... استقبال العميل من قبل القسم المختص، ومعرفة نوع البضاعة التي يحتاجها العميل، والتي يمكن شراءها من قبل البنك .
ب- يطلب البنك من العميل تقديم طلب يبين فيه رغبته في شراء البضاعة عن طريق البنك، ولحسابه وعلى مسؤوليته، مع تحديد أوصاف البضاعة، أو يمكن تحديدها، ومكان وجودها .
جـ- يلتزم العميل بأن يشتري البضاعة بربح يحدده البنك بنسبة معينة، يختلف مقدارها باختلاف المدة، حيث يحدد العميل مدة التسديد مع تقديم الضمانات التي يطلبها البنك ،من تحويل راتبه للبنك إذا كان موظفاً، وتقديم كفلاء مقبولين لدى البنك، على أن تكون رواتبهم لدى البنك .
د - يطلب البنك فاتورة عرض من التاجر أو صاحب البضاعة التي يرغب العميل في شرائها، وتكون الفاتورة موجهة للبنك الإسلامي الأردني محدد فيها ثمن البضاعة .
__________
(1) الكاساني ، 5/220 ـ225، الجزيري ، 2/178 ـ 282، عبد البر ، 466، البعلي ، 57 ، ملحم ، 36، الصاوي ، 205.(1/9)
هـ - يُدرس طلب العميل من قبل أربعة أقسام ( قسم التسهيلات، وقسم الودائع، وقسم الكمبيالات، ومراقب الفرع )، ثم يتخذ مدير الفرع قراره.
و - بعد الموافقة على تمويل العملية، يُوقِع العميل عقود المرابحة، والكمبيالات، ويتم التوقيع أيضاً من قبل الكفلاء والبنك، ويقسط المبلغ ( ثمن البضاعة ) مضافاً إليه الأرباح على أقساط شهرية حسب الاتفاق المبرم.
ز - بعد ذلك يتم شراء البضاعة المطلوبة من التاجر وتسليمها للعميل وفق الخطاب الصادر من البنك بالموافقة على الشراء مع مندوب من قبل البنك ليشرف على عملية التسليم .
خامساً: أهمية بيع المرابحة :
... يعتر البيع بصورة عامة العمود الفقري للمعاملات الاقتصادية، وبخاصة التجارة، والمرء في حاجة إلى ما عند غيره،وبخاصة فيما يتعلق بالمواد الضرورية للإبقاء على حياته من طعام وغيره .
... وقد شرعه المولى عز وجل توسعة على عباده في أمور معاشهم، وفضاً للمنازعات التي ربما تحدث بسبب النزاع على الملكية،ولأن الإنسان لا يبذل ما لديه مجاناً، لذا شرع الله البيع تيسيراً لتبادل الحاجات والمنافع، وتحقيقاً لمبدأ التعاون، وهنا يبرز البيع من بين عقود المعاوضات باعتباره أكمل وأفضل وسيلة لتبادل الأموال .(1)
... وقد اهتم الفقهاء بدراسة ( البيع) قواعده وأصوله وأنواعه، ومن ذلك بيع المرابحة، الذي يحقق وظائف اقتصادية هامة، إذا طُبِقَ حسب الأصول الشرعية، ومن ذلك :
1 إشباع حاجات الأفراد من السلع وغيرها من الحاجيات، حيث يتمكن المتعاملون بالمرابحة الحصول على السلع التي يحتاجونها، والتي لا يتوافر ثمنها لديهم، وبالمواصفات التي يحددونها دون أن تدخل في ضمانهم إلا بعد تسلمها، والاستفادة من التسهيلات التي يقدمها البنك الإسلامي، وذلك بدفع ثمنها على شكل أقساط مؤجلة حسب إمكاناتهم .
__________
(1) سابق ،3/247.(1/10)
2 فتح أبواب ملائمة للاستثمار، حيث يمكن أن يستثمر البنك الإسلامي أمواله وودائع عملائه في هذه الصيغة ( المرابحة) مما يزيد من عوائده وأرباح عملائه، ولكن بشكل منضبط ودون توسع في هذه الوسيلة، فقد حذر مجلس الفكر الإسلامي (الباكستاني ) ـ في تقريره حول إلغاء الربا من الاقتصاد الوطني ـ من استخدام هذه الوسيلة على نطاق واسع لأنها قد تمهد الطريق أمام التعامل بالربا، لذا يحتاج الأمر إلى ابتكار أنواع من التدابير الوقائية لكي يقتصر استخدام هذا النمط من التمويل على الحالات التي لا مفر من استخدامه فيها .(1)
3 تنشيط التجارة الداخلية على أساس شرعي، وبخاصة فيما يتعلق بمواد البناء مما يدعم الحركة العمرانية ويساعد في حل الكثير من مشاكل السكن التي تعاني منها معظم الدول الإسلامية بعامة، والأردن بخاصة .
4 دعم الصناعة الوطنية والقطاعات الاقتصادية المختلفة من زراعة وخدمات ...الخ، حيث يمكن للبنك الإسلامي تمويل آلات العمل والمعدات الصناعية والزراعية التي تشترى بقصد الأعمال الإنتاجية، وكذلك المعدات الطبية، وما إلى ذلك من مجالات يمكن أن تقع ضمن دائرة بيع المرابحة، إذا لم يكن تمويلها عن طريق المشاركة أو المضاربة.
... ومن الملاحظ أن البنك الإسلامي الأردني قد توسع في بداية عمله في الاعتماد على بيع المرابحة،(2) وبخاصة فيما يتعلق بتنشيط التجارة، وهذا التوسع كان على حساب القطاعات الاقتصادية الأخرى، ونأمل أن يساهم البنك الإسلامي الأردني في تطهير الاقتصاد من رجس الربا،وأن يكون وجوده دافعاً لكل قطاعات الاقتصاد، بما يتفق مع الشريعة الإسلامية .
__________
(1) مجلس الفكر الإسلامي : تقرير بشان إلغاء الفائدة من اقتصاد باكستان ، تعريب : عبد العليم السيد والدكتور حسين عمر إبراهيم ،المركز إسلامي لأبحاث الاقتصاد الإسلامي ، 33. والمنصوري ،
(2) راجع تقارير البنك قبل عام 1991م ، ومقدمة هذا البحث .(1/11)
المطلب الثاني: ملاحظات على المرابحة الداخلية كما يجريها البنك الإسلامي الأردني وأهم الصعوبات التي تواجه البنك الإسلامي الأردني .
أولاً: ملاحظات على المرابحة الداخلية كما يجريها البنك الإسلامي الأردني
من خلال متابعة عمليات المرابحة الداخلية ميدانياً، كانت هناك عدة ملاحظات، يمكن البنك الإسلامي الأردني أخذها بعين الاعتبار حتى تكون عملياته في الميدان متمشية مع الشريعة الإسلامية،وأهم هذه الملاحظات:
1: مخالفة البنك الإسلامي الأردني لشروط المرابحة(1) وبخاصة البند (8) :
حيث إن المرابحة بيع بالثمن مع زيادة في الربح، والبنك الإسلامي الأردني يأخذ عربوناً من العميل بنسبة معينة، حيث يدفع العميل مبلغاً من المال، والبنك يأخذ ربحه على أساس المبلغ المتبقي في ذمة العميل، والأصل في بيع المرابحة يكون الربح فيه على أساس إجمالي التكاليف بغض النظر عن دفع دفعة أولى .
وهذا يُخرج المرابحة كما يجريها البنك الإسلامي الأردني من دائرة المرابحة المعلومة في الفقه الإسلامي التي أباحها الشرع. (2)
وقد ذكر عبد اللطيف بن عبد الله في بيانه لبيع المرابحة :".... على أن لا يدفع مالاً مقدماً للمصرف لقاء شراء تلك السلعة، أو يدفع جزءاً من المبلغ،على أن يدفع إلى المصرف كامل قيمة شراء السلعة بعد انتهاء المدة المحددة مضافاً إليه أجراً معيناً مقابل قيام المصرف بهذا العمل ...". (3)
وبهذا لا يجوز للبنك الإسلامي أخذ أي مبلغ مقدماً، إذا أراد أن يكون العقد عقداً شرعياً .
2: عدم تحمل البنك الإسلامي الأردني المسؤولية الكاملة تجاه البضاعة في كثير من الأحيان .
__________
(1) ارجع لشروط المرابحة في البحث .
(2) عيد،51 ـ 52.
(3) العبد اللطيف ،128.(1/12)
إن البنك الإسلامي الأردني لا يتحمل أية مسؤولية تجاه البضاعة التي يشتريها على حساب الآمر بالشراء،في كثير من الأحيان، ويظهر ذلك جلياً من خلال دراسة عقد المرابحة، فقد جاء فيه ما نصه( العقد القديم ) : ( يقر الفريق الثاني ـ الآمر بالشراء، أنه قد كلف الفريق الأول ـ البنك ـ أن يشتري له، ولحسابه، وعلى مسؤوليته البضاعة المبينة أدناه ... .) ورغم تعديل هذه الفقرة في العقد الجديد إلى: 0 يقر الفريق الثاني أنه قد طلب من الفريق الأول أن يشتري البضاعة المبينة أدناه ليبيعها له بالمرابحة بعد تملك الفريق الأول لها ) ولكن الأمر صوري فقط .ـ ومع الأسف الشديد إن بعض موظفي البنك الإسلامي الأردني يتكتمون عن إظهار عقوده، حتى للباحثين، إلا بشق الأنفس إن حصل ذلك ـ حيث إن البنك لا يتملك البضاعة تملكاً فعلياً قبل توقيع العقد الأول، وربما يُحمِّل البنك المشتري تكاليف يجب أن يتحملها البنك قبل العقد الأول،لأن البنك لا يدفع من حقيبته شيئاً ، إلا ثمن البضاعة ؛ومن ذلك أن البنك يتبع أسلوباً في بيع السيارات حيث يُحمِّل المشتري تكاليف نقل الملكية مرتين عند الشراء من المالك الأصلي وعند نقل الملكية للمشتري،فهذه العملية تعطي الباحث شبهة حول بيع المرابحة، وحقيقة التملك .(1/13)
فهذا الأمر مخالف للقاعدة الشرعية التي تنص على أن " الخراج بالضمان " "والغرم بالغنم" (1)، حيث إن مسؤولية البنك تنحصر فقط في إتمام إجراءات العقد بكل شروطه وضماناته، بغض النظر عن حالة البضاعة المشتراة، حتى أنه لو تبين مستقبلاً، ولو بعد مدة وجيزة عيب في البضاعة المشتراة من قبل البنك ـ كعيب في سيارة اشتراها البنك لعميلٍ، مرابحة ـ فإن البنك لا يتحمل أية مسؤولية، ولو أراد المشتري إرجاع السيارة بسبب العيب لرفض البنك ذلك، ولأجبره على إتمام العقد، مع كامل المبالغ المطلوبة منه، لأنه يعتمد على تقرير من مختص أو مختصين، وربما يكون ذلك مخالفاً للواقع، وهذا ما حدث مع بعض العملاء المعروفين من خلال الاستقصاء الميداني (2) .
إن عمل البنك الإسلامي الأردني مناف أيضاً لما جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الخامس في الكويت عام 1988 م، حيث جاء في البند التالي:
أولا : ( أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعاً، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعه الرد الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه )(3) .
وتظهر عدم مسؤولية البنك تجاه العميل في حالة عدم قيام المالك الأصلي بتنفيذ تسليم البضاعة، أو السيارة، قبل توقيع العقد معه، وبعد توقيع العقد مع العميل، لما استطاع البنك إتمام العملية ودون أية مسؤولية .فيجب على البنك تحمل المسؤولية كاملة، تجاه البضاعة وتجاه توفيرها للعميل.
__________
(1) الندوي ، 369 ، 374.
(2) يمكن العميل مقاضاة البائع والرد بخيار العيب ، إذا لم يكن على علم بالعيب وقت عقد العقد.
(3) مقررات محمع الفقه الإسلامي (جده) في مؤتمره الخامس بالكويت الذي عقد من 1 ـ 6/5/1409هـ الموافق من 10 ـ 15/ 12/ 1988م ، قرار رقم 2،3.(1/14)
ورغم ذلك فالبنك يعمل بكل وسائله ليضمن حقه، من ذلك ما جاء في عقد المرابحة للآمر بالشراء،(7- يدفع الفريق الثاني للفريق الأول مقدماً وعند تكليفه بشراء البضاعة وفتح الاعتماد مبلغاً بنسبة (-) بالمائة ليكون بمثابة تأمين نقدي ولضمان إتمام الصفقة في الموعد المحدد، ومن حق الفريق الأول (البنك) أن يقتطع من هذا التأمين ما يتحقق له تجاه الفريق الثاني (الآمر بالشراء) من مطالب ناشئة عن شروط هذا العقد، وذلك دون حاجة إلى إنذار أو تنبيه أو مراجعة قضائية )(1) .وأكرر هذا مخالف للبند (8) من شروط بيع المرابحة .
وهذا يؤكد أن عملية البيع ليست عمليتين منفصلتين بل هما عملية واحدة، وواقع عقد بيع المرابحة في البنك الإسلامي الأردني يؤكد ذلك لاعتماده على عقد للمواعدة والمرابحة بشكل صوري، ولترتب الشراء على قيام الوعد الملزم وبالضمانات الكافية، والمعجزة - أحيانا - للعملاء، ومن ذلك وجود كفلاء لهم رواتب محولة للبنك، وهذا يعني أن العملية مضمونة الربح، ودون أية مسؤولية .
ولحفظ حقوقه قد أحدث البنك الإسلامي الأردني عام 1994م ما يسمى صندوق التأمين التبادلي لمديني البنك، وفي الحقيقة هو تأمين لحقه،حيث إن البنك يقتطع أقساطه بعد حلولها من رواتب الكفلاء، ولا ينظر إلى حال المدين .إلا في حال الوفاة أو العجز الدائم، حيث بلغ مجموع عدد هذه الحالات لعام 1999م، 129 حالة وفاة و (5) حالات عجز جسدي دائم، بلغ مجموع التعويضات المدفوعة عنها 165209 دينار أردني، وقد بلغ رصيد الصندوق (5022274) أي أكثر من خمسة ملايين دينار أردني في نهاية عام 1999م .(2)
__________
(1) راجع عقد المرابحة المعمول به في البنك الإسلامي الأردني ، ص 2.
(2) البنك الإسلامي الأردني، التقرير السنوي الحادي والعشرون ، 1420هـ ـ 1999م ،
ص 28 ، 78.(1/15)
في حين بلغ مجموع حالات التعويض عام 2002م (61) حالة بلغ مجموع التعويضات المدفوعة عنها 134.300دينار أردني، أما إجمالي عدد حالات التعويض منذ تأسيس الصندوق حتى نهاية عام 2002 م (1423 هـ) فقد بلغت (451) حاله، وبلغت التعويضات المدفوعة عنها حوالي (872) ألف دينار. وقد ارتفع رصيد الصندوق إلى 8،5 مليون ديناراً أردنياً .(1)
سؤال يطرح نفسه لصالح مَنْ هذا الرصيد ؟ وإذا استثمر لصالح مَنْ الأرباح ؟ الجواب الصريح: لصالح البنك الإسلامي الأردني، لتأمين أمواله أولاًَ وآخراً.والواجب أن تستثمر الأموال لصالح العملاء،وأن لا يتمادى البنك في زيادة هذه الأرصدة المثيرة للشبهات،وأن تعاد نسبة من الأموال التي تؤخذ من كل عميل حال الانتهاء من تسديد أقساطه،بحسب ما بقي بعد التعويضات المدفوعة.هذه هي البنوك، إسلامية كانت أم غير إسلامية.
3 : البنك الإسلامي الأردني يبيع ما لا يملك .
إن البنك الإسلامي الأردني يقوم ببيع السلع والبضائع، دون أن يكون مالكاً لها بصورة حقيقة في كثير من الأحيان، وهذا يدخله في باب بيع ما لا يملك، فهو يتصرف كمن يملك البضاعة، ويحدد الأرباح والمبالغ التي ستدفع بعملية حسابية بسيطة وهذا مخالف للقاعدة التي تقول : ( لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير بلا إذن أو إباحة من الشرع أو بولاية )(2)، وفي بعض الحالات يكتفي مندوب البنك بفاتورة العرض ولا يكلف نفسه أية مشقة،مما يقلب المعاملة إلى تمويل مضمون الربح.
__________
(1) البنك الإسلامي الأردني، التقرير السنوي الرابع والعشرون 1423هـ / 2002م ، ص 23 .
(2) الندوي ، 123.(1/16)
فالبنك الإسلامي الأردني يبيع قبل أن يملك،وهذا مخالف لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن حكيم بن حزام، قال : ( قلت يا رسول الله الرجل يسألني البيع وليس عندي، فأبيعه ؟ قال : لا تبع ما ليس عندك ) (1)، وفي حديث آخر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال : قال صلى الله عليه وسلم :
(لا يحل بيع ما ليس عندك، ولا ربح ما لا يضمن )(2) .
فالبنك الإسلامي الأردني يبيع ما ليس عنده ويحدد الربح، وما إلى ذلك من أمور قبل أن ينقل المبيع من ضمان البائع الأول إلى ضمان البنك، حيث يعتبر العقد منعقداً وملزماً بمجرد الوعد بالشراء، وهذا مخالف صراحة لتوصيات المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي، فقد أصدر المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي بالكويت 1983م توصيات منها : ( 8- يقرر المؤتمر أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بشرائها بعد تمليك السلعة المشتراة وحيازتها ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الوعد السابق جائز شرعاً ......)(3) .
كما خالف البنك الإسلامي الأردني أيضا لجنة الفتوى في المملكة الأردنية الهاشمية عند إقرار بيع المرابحة للآمر بالشراء التي اعتمدت الأسس التالية :-
? إن السلعة المأمور بشرائها يجب أن تدخل في ملك البنك وضمانه .
? إن عقد شراء العميل من البنك يجب أن يكون بعد استقرار ملك البنك للسلعة ..... فلا يبيع حتى يملك السلعة ومن حق العميل أن يتأكد أنها مطابقة لمواصفات ما طلب، وإلا فله أن يردها على البنك .... )(4) .
__________
(1) البخاري ،4/349.
(2) الحديثان، 46،47، وردا في صحيح سنن ابن ماجة للألباني ، 2/13.
(3) مجلة الاقتصاد الإسلامي ، مجلد 2 ، عدد 20، ص322.
(4) العبادي ، 2.(1/17)
فالبنك الإسلامي الأردني وقع في المحظور حيث يبيع ما ليس عنده - لكثير من السلع - باتفاقه مع الآمر بالشراء على شراء السلع المطلوبة، مع التعهد المكتوب الموقع عليه بالالتزام بالشراء، كما في عقد بيع المرابحة للآمر بالشراء المعمول به في البنك الإسلامي الأردني .
ورغم أن الأسلوب الذي يعتمده البنك الإسلامي الأردني يتضمن عقدين للمواعدة والمرابحة إلا أن المسألة صورية، كما سبق القول، وهذا يجعل العملية فاسدة، حيث يحصل التبايع قبل أن يملك البنك السلعة بصورة فعلية(1)، وهذا لا يجوز، حيث جاء في كتاب المغني : ( ولا يجوز أن يبيع عيناً لا يملكها ليمضى ويشتريها، ويسلمها رواية واحدة، وهو قول الشافعي ولا نعلم فيه مخالفاً )(2) .ولحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه( السابق) قال :" قلت يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني البيع ليس عندي، أبيعه منه ثم ابتاعه له من السوق ؟ فقال :رسول الله صلى الله عليه وسلم : لاتبع ما ليس عندك " .(3)
وجاء في الاختيارات الفقهية : ومن اشترى شيئاً لم يبعه قبل قبضه، سواء المكيل والموزون وغيرهما، لأن البائع قد يسلمه، وقد لا يسلمه . (4)
__________
(1) ملحم ، 241،245.
(2) ابن قدامة ، 4/228..
(3) البخاري ،4/349. أبو داود ،3/769 أخرجه الترمذي في البيوع وكذلك النسائي ، وابن ماجه .
(4) البعلي الدمشقي ،223.(1/18)
لذا يجب على البنك الإسلامي الأردني أن لا يقوم ببيع السلع والبضائع إلا بعد قبضها وحيازتها بصورة فعلية وضمانها، قبل أن تباع للعميل، ولا بأس بأن يؤسس البنك شركات لبيع السلع التي يكثر الطلب عليها، أو أن يكون شريكاً فعلياً لمثل هذه الشركات، وذلك خوفاً من الوقوع في المخالفات الشرعية أو الشبهات التي تثار حول البنك الإسلامي الأردني . كما جاء في توصيات الندوة التي عقدت بجدة بالسعودية، في 4 ـ 7/9/1414هـ برعاية دلة البركة " ثامناً/أ/1: تولي المصرف شراء السلع بنفسه أو وكيل عنه غير الآمر بالشراء، ودفع ثمن الشراء مباشرة من البائع دون توسط الآمر بالشراء ".(1)
كذلك يجب على البنك الإسلامي الأردني أن يعتمد في تنفيذ عمليات بيع المرابحة على عقدين حقيقيين عقد للمواعدة وعقد للبيع .
4 : بيع المرابحة للآمر بالشراء كما يطبقه البنك الإسلامي الأردني بيعتان في بيعة .
أن عقد المرابحة للآمر بالشراء ( المرابحة الداخلية ) كما يطبعه البنك هو بيعتين في بيعه المنهى عنها، فقد روي الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة، وروي أنه بلغه أن رجلاً قال لرجل أبتع لي هذا البعير بنقد حتى أبتاعه منك إلى أجل فسأل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه(2) .
__________
(1) الأشقر ،86.(1995م)
(2) مالك ، 2/74 ،75.(1/19)
فلو كانت العملية بيعتين كل واحدة منها مستقلة عن الأخرى فإنها لا تدخل في ذلك النهى(1)، ولكن البنك الإسلامي الأردني عندما يكلَّف بعملية البيع للآمر بالشراء فإنه يأخذ عربوناً، وبهذا يتصرف تصرف البائع، ويلزم الآمر بالشراء بتنفيذ العقد، وهذا يؤكد ما قال به الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق : ( ولا شك أن الشراء الأول للبنك ثم البيع ما هما إلا عمليتين اثنتين في صفقة واحدة .... )(2) وهذا ما يقوم به البنك الإسلامي الأردني، حيث إن عملية بيع المرابحة للآمر بالشراء ليست عمليتين منفصلتين بل هما عملية واحدة لترتب الشراء على قيام الوعد الملزم ومع أخذ الضمانات الكافية .
ويمكن التخلص من الوقوع في مسألة بيعتين في بيعة بالعمل حسب المبدأ التي تعمل به كثير من البنوك الإسلامية، مثل بنك فيصل الإسلامي السوداني،بأن يكون مالكاً للسلع قبل طلبها، وبخاصة أن السلع التي يتعامل بها البنك الإسلامي الأردني في عمليات المرابحة الداخلية موجودة في الأسواق بصورة دائمة ولا يتحمل البنك أية خسائر من جراء عدم تنفيذ العقد، لأن البنك بصورة عامة يتعامل مع تجار معروفبن، فإن لم يُنفذ هذا العقد، نفذ البنك غيره . والبنك الإسلامي الأردني يسعى لإيجاد مراكز لبيع السلع المطلوبة مرابحة .
5: رغم جدية البنك الإسلامي الأردني في تدعيم الرقابة الشرعية على بيع المرابحة،وبخاصة على العملاء، إلا أن بيع المرابحة وسيلة يفعلها بعض العملاء لأكل الربا، وبيع العينة والتورق الذي انتشر هذه الأيام.
من خلال المتابعة الميدانية وجد أن هذا البيع ( أحياناً ) ليس بيعاً ولا شراء بصورة حقيقية، وإنما وسيلة للحصول على النقد اللازم
__________
(1) المصري ،185 .
(2) عبد الخالق ، 102.(1/20)
والتصرف به في أمور غير التي عقد عليها بيع المرابحة، كما يفعله بعض العملاء سواء علم البنك الإسلامي بذلك أم لم يعلم، وذلك إيهاماً من العميل بأنه لا يتعامل بالربا وظناً منه أن بفعلته تلك يخرج من أثم الربا، حيث يتفق مع التاجر على تمكينه من الحصول على فاتورة عرض يوهم البنك بأنه بحاجة للمواد المذكورة فيها، مع وضع أسعار مبالغ فيها أحياناً، وإذا ما تسلم العميل تلك المواد أو السلع بشكل أو بآخر أمام مندوب البنك، إذا حصل التسليم الفعلي، فإنه حقيقة لا يتسلمها بل يتسلم ثمن البضاعة مطروحاً منها عمولة يتلقاها التاجر، وفي الحالات التي يشك فيها البنك أرى أن يتأكد البنك أن الفاتورة ليست فاتورة مجاملة صورية، والمواد المطلوبة والمذكورة في الفاتورة مواد ستستعمل فعلاً، والأسعار أسعار حقيقية، كما أن الفاتورة صادرة عن تاجر ثقة حتى لا يكون البنك الإسلامية مصدر إقراض مشبوه .والبنك الإسلامي الأردني يحاول أن لا يقع في مثل هذه الشبهة كما قيل لنا،رغم أن البنك يخرج على البيوت ويتأكد من خلوها من الأثاث في حالة بيع الأثاث مرابحة، وغير ذلك من وسائل يتبعها البنك حسب كل حالة ينفذها، ولكن الناس أحياناً يرجعون البضاعة، أو يتصرفون بها للحصول على النقد، وهذا يدخل ضمن مسألة التورق التي سنبينها .
إن تواطأ التاجر مع العميل يدخل المسألة باب الربا حيث إن الفاتورة في الواقع تمثل نقداً حصل بموجبها العميل على نقد عاجل أقل مما هو مثبت في الفاتورة، وهذا الأسلوب يشبه خصم الأوراق التجارية، بيع نقد بنقد، التاجر يستفيد من العميل عمولة حرام، والبنك الإسلامي يستفيد ربحاً، فهذا قرض ربا من جانب العميل .
ويقع في هذه المعاملة بهذه الصورة الربا بنوعيه النسيئة والفضل(1)،
__________
(1) ربا لنسيئة : هو البيع للمطعومين أو للنقدين المتفقي الجنس أو المختلفة لأجل ولو للحظة وإن استويا وتقابضا في المجلس .
... أما ربا الفضل : فهو البيع مع زيادة أحد العوضين المتفقي الجنس على الآخر .( الهيثمي ،1/221.(1/21)
حيث إن المقصود الذي شرع الله تعالى له البيع وأحله لأجله هو أن يحصل ملك الثمن للبائع ويحصل ملك المبيع للمشتري، فيكون كل منها قد حصل على مقصودة بالبيع، هذا ينتفع بالثمن وهذا بالسلعة(1)، وإنما قصد هنا تمليك المثمن بالثمن فعاد الثمن إلى المشتري(2)، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيع النقد بالنقد، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورِقَ بالورِقَ إلا مثلا ًبمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائباً بناجزٍ "(3) .
وربما لا يقبل التاجر التعامل على أساس إعطاء فاتورة مجاملة للعميل لتمكينه من الحصول على النقود مباشرة، بل يقوم العميل ببيع السلعة التي اشتراها له البنك الإسلامي للتاجر نفسه، أو لغيره، وبثمن نقدي أقل من الثمن الذي دفعه البنك، وهذا يجعل العملية تأخذ صورة بيع العينة(4)، أو تقع العملية تحت باب التورق، لأن الحقيقة أن الآمر بالشراء هو الذي يشتري ويبحث عن السلعة ويفاوض البائع على ثمنها ...الخ والبنك يقوم فقط بالتمويل وفي بعض العمليات لا يصل مندوب البنك لمكان وجود البضاعة .
__________
(1) ابن قيم الجوزية ، 3/239.
(2) المرجع السابق ،3/ 242،243.
(3) البخاري ، 44/380.
(4) الحقيقة أن الآمر بالشراء هو الذي يشتري لأنه يبحث عن السلعة ويفاوض البائع على ثمنها ويشتري على مسؤوليته..الخ حتى تتم عملية الشراء ، وأما البنك فيتولى التمويل ، وفي بعض العمليات لا يصل مندوب البنك لمكان وجود البضاعة ، والعملية تتم بين البائع والآمر بالشراء .(1/22)
والعينة على أشهر الأقوال :" أن يبيعه سلعة إلى أجل ثم يبتاعها منه بأقل من ذلك فهذا التواطؤ يبطل البيعتين لأنها حيلة(1)، فعن يونس بن أبي اسحاق عن أمه العالية ( وقد وثقها ابن القيم ) قالت :" خرجت أنا وأم محبة إلى مكة فدخلنا على عائشة فسلمنا عليها، فقالت لنا من أنتن ؟ فقلنا من أهل الكوفة قالت : فكأنها أعرضت عنا، فقالت لها أم محبة : يا أم المؤمنين كانت لي جارية وإني بعتها من زيد بن أرقم الأنصاري بثمانمائة درهم إلى عطائه وأنه أراد بيعها فابتعتها منه بستمائة درهم نقداً، قالت : فأقبلت علينا فقالت بئسما شريت وبئسما اشتريت فأبلغي زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب، فقالت لها : أرأيت إن آخذ منه إلا رأس مالي قالت : { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف } "(2) (3)
وجاء في كتاب المغني ما يؤكد حديث العالية، " ومن باع سلعة بنسيئة لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها به"(4)، وقد اعتبر الإمام الشوكاني أن مثل هذه الحالة من الربا المحرم لا ينفع في تحليله الحيل الباطلة "(5) وفي بعض البنوك يضمن البنك بيع السلعة المشتراة، كما كان يفعل يهود بتوسيط أممي بين اليهودي واليهودي ليستحلوا الربا فيما بينهم لأن الربا محرم في شريعة اليهود بين اليهودي واليهودي .
__________
(1) ابن تيمية ،29/30.
(2) سورة البقرة ، آية 275.
(3) ... الدارقطني، 3/52. قال صاحب التعليق المغني : أخرجه البيهقي وعبد الرزاق .وروى مثله الإمام أحمد ، وعمل به، وهذا حديث فيه شعبة ، وإذا كان شعبة في حديث فاشدد يدك به فمن جعل شعبة بينه وبين الله فقد استوثق لدينه . ( ابن قيم الجوزية ،3/176) .انظر توثيق العالية في الجزء نفسه والصفحة.
(4) ابن قدامة ،4/193.
(5) الشوكاني ، 5/206.(1/23)
وقد ثبت عن ابن عباس رضى الله عنهما، أنه سئل عن رجل باع رجل حريرة بمائة، ثم إن اشتراها بخمسين ؟ فقال: دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينها حريرة(1) .
وبيع العينة وسيلة إلى الربا بل هو من أهم الوسائل إليه، والوسيلة إلى الحرام حرام، لأن للوسيلة حكم الغاية، قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ( فلو لم يأت في هذه المسألة أثر لكان محض القياس ومصالح العباد، وحكمة التشريع تحرمها أعظم من تحريم الربا، فإنها ربا مستحل بأدنى الحيل " وهنا قد عاد البيع إلى الثاني وأفضى إلى ربا الفضل والنساء (2)عن طريق بيع العينة (3) .
أما مسألة التورق فصيغته : هو أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد من يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه .(4)
وقد اختلف العلماء في حكم التورق(5)، قيل حرام وقيل إنه جائز، وقد أجازه الشيخ محمد بن صالح العثيمين بشروط :
1. أن يكون محتاجا ًإلى الدراهم .
2. أن لا يتمكن من الحصول على المال بطرق أخرى مباحة كالقرض والسلم .
3. أن لا يشمل العقد على ما يشبه صورة الربا مثل أن يقول بعتك إياها العشرة أحد عشرة أو نحو ذلك .
4. أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها(6) .
__________
(1) ابن قيم الجوزية ، 3/178.
(2) المرجع السابق ،3/79 ،243.
(3) الطريقي ، 261 ـ 294. وقد رجح الطريقي تحريم بيع العينة ، كما هو قول جمهور الفقهاء والصحابة والتابعين.
(4) وهذا ما تفعله بعض البنوك التي تدعي قيامها بعمليات شرعية عن طريق بيع سيارة لشخص بثمن مؤجل ، ثم إيجاد من يشتري هذه السيارة بثمن عاجل ، وبعد إتمام العملية تعود السيارة للبنك ويعطي البنك الوسيط مبلغاً من المال عمولة . ، وهذا عين الربا.
(5) قال أحمد : يكره ، (ابن تيمية ،29/30) قال ابن تيمية : يحرم ( الفتاوى 9/430)، وقال المرداوي : جائز( الإنصاف 4/337).
(6) ابن عثيمين ، 88،98.(1/24)
ولكننا إذا نظرنا إلى بعض عمليات بيع المرابحة الداخلية وكيفية تصرف بعض العملاء نجد أن العميل لا يقبض السلعة ولا يحوزها، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، المهم عنده الحصول على النقد، وعلى كل فالأمور بمقاصدها، والحكم الذي يترتب على أمر يكون على مقتضى ما هو المقصود من ذلك .
إن من واجب البنك الإسلامي الأردني وغيره من البنوك الإسلامية تدعيم الرقابة الشرعية على تنفيذ عقد المرابحة في جميع مراحله بحيث يسد الطريق أمام ضعفاء النفوس، وعدم الاكتفاء بالفاتورة، دون تسليم البضاعة للعميل بصورة فعلية، كل ذلك لإبعاد البنك عن الشبهات والشكوك في شرعية بيع المرابحة .
وذُكِرَ أن البنك الإسلامي الأردني كشف الكثير من الأخطاء التي وقع فيها العملاء والموظفون، حيث قام بإلغاء طلب الآمر بالشراء ووضع اسم التاجر على اللائحة السوداء وعمم على جميع فروعه عدم التعامل معه.وأما الموظف المتواطئ فيصرف عن العمل .
6: رضا المتعاقدين، وإلزام الآمر بالشراء بتنفيذ العقد .
من شروط البيع رضا المتعاقدين، فإذا نظرنا إلى عقد بيع المرابحة للآمر بالشراء كما هو مطبق في البنك الإسلامي الأردني وغيره من البنوك التي أخذت بإلزام الآمر بالشراء بتنفيذ العقد، إنه يلزم الفريق الثاني بأن يشتري البضاعة بالربح المتفق عليه، وهنا ندخل في مسألة الإلزام بالوعد السابق وتحقق رضا المتعاقدين .
إن الوعد مجرد الإعلان عن الرغبة في فعل أمر في المستقبل يعود بالفائدة على الموعود(1)، ولم يقل بوجوب الوفاء بالوعد إلا المالكية في بعض الحالات الخاصة بالمعروف، ولا خلاف بين الفقهاء في استحباب الوفاء بالوعد وإنما الخلاف بينهم في وجوب الوفاء به قضاء(2) .
__________
(1) أبو العينين ، 367، حماد ،18.
(2) النووي ، 271 ، حماد ،19.(1/25)
وقد أجاز بيع المرابحة للآمر بالشراء على أساس الوعد الملزم عدد من العلماء، وقال بعدم الإلزام عدد آخر ذكرت بعض أسمائهم في حكم المرابحة .
وبناء على هذا الاختلاف نجد من البنوك الإسلامية من تبنت إلزام الواعد بالشراء بتنفيذ العقد، ومثال ذلك بنك دبي الإسلامي، والبنك الإسلامي الأردني، ومن البنوك التي لم تلزم الآمر بالشراء بتنفيذ العقد بنك فيصل الإسلامي السوداني .
والذين اعتمدوا على إلزامية الوعد بالشراء قسموا العقد إلى قسمين، وعد بالشراء وبيع، إذ أُخِذَت إباحة بيع المرابحة من رأي الإمام الشافعي رضي الله عنه، أورده كاملاً هنا كما جاء في كتاب الأم ( وإذا أرى الرجلُ الرجلَ فقال اشتر هذه، وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل فالشراء جائز، والذي قال أربحك فيها بالخيار، إن شاء أحدث فيها بيعاً، وإن شاء تركه، وهكذا إن قال : اشتر لي متاعاً، ووصفه له، أو متاعاً أي متاع شئت، وأنا أربحك فيه، فكل هذا سواء يجوز البيع الأول، ويكون هذا فيما أعطى نفسه بالخيار، وسواء في هذا ما وصفت، إن كان قال : ابتاعه واشتر به منك بنقد أو دين، يجوز البيع الأول، ويكونان بالخيار في البيع الآخر، فإن جدداه جاز، وأن تبايعا به على أن ألزم أنفسهما الأمر الأول، فهو مفسوخ من قبل شيئين أحدهما أنه تبايعاه قبل - أن - يملكه البائع، والثاني أنه على مخاطرة أنك أن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا ... )(1) .
__________
(1) الشافعي ، 3/36.(1/26)
أما فيما يتعلق بالإلزام بالوعد فقد اعتمدوا على رأي ابن شبرمة، كما جاء في كتاب المحلى لابن حزم الأندلسي : ( ومن وعد آخر بأن يعطيه مالاً معيناً، أو غير معين، أو بأن يعينه في عمل ما، حلف له على ذلك، أو لم يحلف، لم يلزمه الوفاء به ويكره له ذلك، وكان الأفضل لو وفى به، وسواء أدخله في نفقة أو لم يدخله كمن قال : تزوج فلانة، وأنا أعينك في صداقها بكذا وكذا، أو نحو هذا، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأبي سليمان، وقال مالك لا يلزمه شىء من ذلك إلا يدخله بوعده ذلك في كلفة فيلزمه ويقضى عليه، وقال ابن شبرمة : الوعد كله لازم ويقضى به على الواعد ويجبر )(1) .
فكلام الإمام الشافعي رضي الله عنه له يجيز بيع المرابحة، ولا يلزم الواعد بتنفيذ ما وعد به، ويترك له الخيار، وأما الإلزام فلا يجوز، وما ورد في المحلى فلا إلزام للواعد بتنفيذ ما وعد به عند العديد من العلماء في أي حال من الأحوال، إلا الإمام مالك رحمه الله الذي قال بإلزامه إذا أدخل الموعود في كلفة، وأما ابن شبرمة فهو الذي قال بأن الوعد كله لازم .
وقد رجح الدكتور الفاضل الشيخ يوسف القرضاوي الإلزام بالوعد استناداً إلى الأدلة الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية، قال تعالى : { يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } (2)، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضى الله عنه " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان "(3)، ونقل الشيخ القرضاوي أدلة أخرى من القرآن الكريم والحديث الشريف وأقوال العلماء .
__________
(1) ابن حزم ،8/28، وقد أوردت النص كاملاً لأهمية معرفة مدى إلزام الأئمة بالوعد.
(2) سورة الصف ، الآيتان 2،3.
(3) البخاري، الإيمان ،1/89 ،5/289 ،مسلم ، الإيمان، 2/46 ( دار الفكر ).(1/27)
فهذه الأدلة التي اعتمد عليها الشيخ القرضاوي لا يعقل أن تغيب عن بال أئمة عظام أمثال الإمام الشافعي وابن القيم وغيرها، وبناء عليها يعتمدوا إلزامية الوعد ؛ولكنهم قالوا بعدم الإلزام .
وقد قال الدكتور محمد سليمان الأشقر : ( أما العمل على أساس الإلزام بالوعد السابق فإنه يربط الواعد ويوثقه، ويعدمه الرضا حال عقد الشراء اللاحق من البنك، فيكون العقد صورياً، ويخرج عن كونه ( تجارة عن تراض منكم ) إلى كونه ( قرضاً بفائدة ) لأن الوعد الملزم يكون قد ربط ربطاً محكماً بين دفع البنك الثمن عند شرائه للبضاعة وبين أخذ العميل لها بثمن آجل زائد، فتحققت صورة القرض ولا ينفعهم أن يسموه ( وعداً ببيع المرابحة ) لأنه قد علم أن شروط العقود الرضا التام حين التعاقد، وبذلك التراضي يحل لكل من الطرفين ما يأخذه من مال الآخر )(1) .
أما مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني المنعقد بالكويت عام 1983م، فقد أصدر عدة توصيات منها ما ورد نصه في التوصية الثامنة : ( وأما بالنسبة للوعد وكونه ملزماً للآمر أو المصرف أو كليهما، فإن الأخذ بالإلزام هو الأحفظ لمصلحة التعامل واستقرار المعاملات، وفيه مراعاة لمصلحة المصرف والعميل، وأن الأخذ بالإلزام أمر مقبول شرعاً، وكل مصرف مخير في الأخذ بما يراه في مسألة القول بالإلزام حسب ما تراه هيئة الرقابة الشرعية لديه )(2) .
__________
(1) الأشقر ،47،48.
(2) مجلة الاقتصاد الإسلامي العدد 20/322.(1/28)
وبعد استعراض الآراء السابقة بمسألة الإلزام بالوعد يمكن التفريق بين عقد المرابحة الداخلية والذي يعتمد على السوق المحلي، وعقد المرابحة الخارجية والذي يعتمد على الاستيراد، فيمكن الأخذ بالإلزام في المرابحة الخارجية وذلك لضبط المعاملات بصورة دقيقة، ولأن البنك الإسلامي يتحمل كلفة ومسؤولية تجاه المصدرين والبنوك الأجنبية، وكذلك لوجاهة الأدلة التي أوردها القائلون بالإلزام ولا مجال لذكر المزيد منها لأن المسألة أشبعت بحثاً، وأما المرابحة الداخلية فيمكن الأخذ بعدم الإلزام لأن السلع والمواد موضوع العقد تكون متوافرة في السوق المحلي، وما على البنك الإسلامي الأردني إلا التأكد من جدية العميل بشتى الطرق الممكنة، وذلك اعتماداً على رأي الإمام الشافعي وغيره، ولأن البنك في الغالب لا يتحمل نفقة من جراء التمهيد لإبرام العقد .
ثانياً: الصعوبات التي تواجه البنك الإسلامي الأردني بصورة عامة والمرابحة بخاصة :
من خلال النشرات التي يوزعها البنك والتي لا يجددها إلا نادراً، (1) ومن واقع التطبيق العملي، يواجه البنك الإسلامي الأردني بعض الصعوبات :
1- قصور بعض القوانين الأردنية عن معالجة تسهيل مهمة البنك في تحقيق متطلبات عملائه حيث إن بعض هذه القوانين قد صيغ لمعالجة الإقراض الربوي دون حل مشكلة التمويل اللاربوي، وأمثلة ذلك اضطرار البنك عند تمويل شقة لعميل أو سيارة إلى دفع رسوم متكررة تصل في تمويل العقارات إلى 16% من تكلفة التمويل مما يثقل كاهل العملاء. والبنك أساساً لا يتحمل ولا يدفع أي مبلغ من جيبه .
2- منح ميزة للبنوك الربوية على البنك الإسلامي في مجال استفادته من تعليمات تشجيع التصدير بسعر خصم مخفض، مما يجعل تكلفة عملاء البنك الإسلامي أعلى من تكلفة عملاء البنوك الأخرى بسبب هذا الامتياز.
__________
(1) بالإضافة إلى ما لاحظه الباحث من خلال معايشته لعمل البنك.(1/29)
3- اضطرار البنك الإسلامي ـ بسبب عدم إمكان الإفادة من تسهيلات البنك المركزي ـ كملجأ أخير ـ اضطرار البنك إلى ما يلي :
? جعل مدة التمويل لعملائه قصيرة الأجل أو متوسطة الأجل .
? الاحتفاظ بسيولة مرتفعة لمواجهة أي طوارئ قد تحصل ـ لا سمح الله ـ مما يعيق استثمار الأموال ويخفض عوائد المودعين .
? اعتماد البنك الإسلامي على تدفق الودائع عند اتخاذ خطة توزيع وتنويع استثمارات وتجديد مدد التمويل اللازمة .
? توجيه أغلب استثماراته إلى المرابحة، بدل توجيهها إلى المساهمات والمشاركات، لسرعة تسييلها ووضوح التدفق النقدي ووضوح العائد.
... ويظهر ذلك واضحاً من خلال التقارير السنوية للبنك.
4. نقص الأدوات المالية ( سندات المقارضة ) التي بمقتضاها سرعة تدوير الأموال وإيجاد مصادر للسيولة السريعة للبنك مما يشكل باعثاً على الاستثمار الأطول أجلاً، ولهذا لجأ البنك لبيع المرابحة. وذلك بسبب ضعف السوق المالي .
5. اضطرار البنك إلى التشدد في الحصول على الضمانات بسبب مماطلة بعض العملاء في السداد ولجوئهم إلى الاستفادة من قوانين المحاكمات اعتماداً على أن البنك لا يتقاضى عوائد عن أمواله المستحقة خلال سنوات المحاكمة.
والبنك حقيقة يتشدد في قبول الكفلاء في بيع المرابحة، ويخصم أقساطه من رواتب الكفلاء التي تحول رأساً للبنك .
6. لقد أدى ارتباط العديد من الناس بأعمال البنوك الربوية لمدة طويلة إلى تركز أذهانهم بأن أية نسبة مئوية يتقاضاها البنك مرابحة إنما هي من أعمال الفائدة دون تفهم لطبيعة عملية المرابحة .لأن البنك أساساً يحسب ذلك أمام العميل، ولا يأخذ بعين الاعتبار الشروط الشرعية في حساب ربح بيع المرابحة .
7. اعتراض بعضهم على قيام البنك بتأمين البضائع التي يمولها من خلال شركات التأمين القائمة . وهذه المسألة حرام للفتاوى التي صدرت عن هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية والمجمع الفقهي وكبار علماء الأمة .(1/30)
8. ضعف الأجهزة الوظيفية، ولا سيما في بداية عمل البنك، وعدم قدرتها على تفهم الأمور الشرعية بدقة. وبخاصة ما يتعلق بكيفية إتمام صيغة المرابحة على الوجه الشرعي بسبب توظيف البنك لمن لا يعرف الأمور الشرعية المهم أن يكون عاملاً في البنوك ربوية كانت أم غير ربوية، ويندرج هذا على أعلى المستويات حتى الأن ".(1)
__________
(1) شحادة ،27 ، 28.
المصادر والمراجع
القرآن الكريم
1) ... أبو العينين: بدران أبو العينين ( الشريعة الإسلامية، تاريخها ونظرية الملكية والعقود، الإسكندرية، مؤسسة شباب الجامعة، 1986م ) .
2) ... أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني و(سنن أبي داود، دار الحديث للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ).
3) ... الأشقر: محمد سليمان الأشقر، ( بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية، الكويت، مكتبة الفلاح، 1404هـ - 1984م ).
4) ... الألباني:محمد ناصر الدين الألباني، ( صحيح سنن ابن ماجه، ط3، الرياض، مكتب التربية العربي، 1408هـ - 1988م) .
5) ... الأنصاري: محمود الأنصاري واسماعيل حسن وسمير مصطفى متولي، ( البنوك الإسلامية، القاهرة، الأهرام، 1988م )
6) ... ابن تيميه: احمد بن تيميه،(مجموع فتاوي شيخ الإسلام،الرياض،الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين ).
7) ... ابن حزم، ( المحلي، بيروت : دار الفكر ).
8) ... ابن عبد البر : يوسف بن عبد الله بن عبد البر،الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، مكتبة الرياض الحديثة و الرياض، 1400هـ ـ 1980م.
9) ... ابن عبيدان: عبد الرحمن بن عبيدان ( زوائد الكافي والمحرر على المقنع، ط2، الرياض : المؤسسة السعيدية، 1401 هـ )
10) ... ابن قدامة، ( المغني، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض ).
11) ... ابن قيم الجوزية،(أعلام الموقعين من رب العالمين،الرياض،مكتبة الرياض الحديثة)
12) ... البخاري، محمد بن اسماعيل البخاري ( فتح الباري شرح صحيح البخاري، الرياض، مكتبة الرياض الحديثة ) .
13) ... البعلي :عبد الحميد محمود البعلي، ( فقه المرابحة في التطبيق الاقتصاد المعاصر، القاهرة : السلام العالمية للطبع والنشر والتوزيع ) .
14) ... البعلي الدمشقي : علي محمد عباس البعلي الدمشقي، الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، المؤسسة السعيدية، الرياض .
15) ... البنك الإسلامي الأردني: تقارير البنك الإسلامي الأردني لعام 1991م،1997 ـ2002م.
: عقد المرابحة المعمول به في البنك الإسلامي الأردني.
: قانون البنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار من منشورات البنك، 1985.
16) ... الجزيري :عبد الرحمن الجزيري، ( كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، ط8، بيروت : دار أحياء التراث العربي ).
17) ... حرك، أبو المجد حرك، البنوك الإسلامية، ما لها وما عليها، القاهرة، دار الصحوة للنشر ، 1988م.
18) ... الحصري: أحمد الحصري، ( السياسة الاقتصاد والنظم المالية في الفقه الإسلامي، مكتبات الكليات الأزهرية، 1984م ).
19) ... حماد: نزيه حماد، ( الحيازة في العقود في الفقه الإسلامي، دمشق : دار البيان، 1978م ).
20) ... الدار قطني: علي بن عمر الدار قطني،(التعليق المغني على سنن الدار قطني، نشاط اباد فيصل اباد-باكستان - حديث أبادي ).
21) ... ريحان : بكر ريحان، دور المصارف الإسلامية في الحد من الآثار السلبية للعولمة، (من أبحاث العولمة وأبعادها الاقتصادية،الذي عقد بجامعة الزرقاء في الأردن،8 ـ10/5/1421هـ، 8 ـ10/8/2000م.)جامعة الزرقاء، الرزقاء،1421هـ ـ 2001م.
22) ... الزرقاني، شرح الزرقاني على مختصر خليل.
23) ... سابق: سيد سابق،( فقه السنة، بيروت، دار الكتب العربي، 1405هـ - 1985م).
24) ... الشافعي :الإمام الشافعي، ( الأم، بيروت : دار المعرفة ) .
25) ... شحادة : موسى عبد العزيز شحادة، تجربة البنك الإسلامي الأردني بحث مقدم لندوة خطة الاستثمار في البنوك الإسلامية، التي عقدت في مؤسسة آل البيت،22 25 شوال 1407هـ، 18 ـ 21 حزيران 1987م .
26) ... الشوكاني: محمد بن علي الشوكاني،(نيل الأوطار،القاهرة :دار الحديث).
27) ... الصاوي :محمد صلاح محمد الصاوي، ( مشكلة الاستثمارات في البنوك الإسلامية وكيف عالجها الإسلام، المنصورة : دار المجتمع - دار الوفاء، 1990م )
28) ... صقر: محمد أحمد صقر، ( الاقتصاد الإسلامي في مجتمع معاصر - البعد التعليمي، عمان : جمعية البحوث والدراسات الإسلامية، 1981م ).
29) ... الطريقي:عبد الله بن محمد الطريقي،(حكم بيع العينة مقال في مجلة البحوث الإسلامية،العدد 14،الرياض، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، 1405هـ ) .
30) ... العبادي :عبد السلام العبادي، ( نظرة شمولية لتطبيق بيع المرابحة للآمر بالشراء )
31) ... عبد البر: محمد زكي عبد البر، ( أحكام المعاملات المالية في المذهب الحنفي، الدوحة: دار الثقافة ) .
32) ... عبد الخالق :عبد الرحمن عبد الخالق،(مشروعية المعاملات التي تقوم بها البنوك الإسلامية المعاصرة،مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة،العدد59/1403هـ).
33) ... العبد اللطيف :عبد الطيف بن عبد الله، الإيجاز في مبادئ الاقتصاد الإسلامي،دار ابن حزم ـ المكتبة المكية، 1418هـ ـ1997م.
34) ... العثيمين: محمد بن صالح العثيمين، ( مجموعة رسائل مفيدة، الرياض : الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفناء والدعوة والإرشاد، 1409هـ - 1988م ) .
35) ... عيد :يحيى إسماعيل عيد،بيع المرابحة،1418هـ ـ1997م.
36) ... الكاساني، ( بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط2، بيروت : دار الكتاب العربي ) .
37) ... مالك: الإمام مالك، ( تنوير الحوالك شرح موطأ مالك، دار الفكر ) .
38) ... مجلة الاقتصاد الإسلامي، مجلد2، عدد20 دبي، بنك دبي الإسلامي، رجب 1403هـ - شهر 4،5/83م.
39) ... مجلة الجندي المسلم، بيع التقسيط،دار ابن خزيمة،الرياض،1423هـ.
40) ... مجمع الفقه الإسلامي :مقررات مجمع الفقه الإسلامي ( جدة ) في مؤتمره الخامس بالكويت الذي عقد من 1-6/5 /1409هـ- من 10 - 15/12/1988م، قرار رقم 2، 3 .
41) ... المرداوي: علي بن سليمان المرداوي ( الإنصاف، ط2، بيروت : إحياء التراث العربي، 1400هـ - 1980م ) .
42) ... مسلم :الحجاج بن مسلم النيسابوري،
43) ... المصري: رفيق المصري،(كشف الغطاء عن بيع المرابحة للآمر بالشراء، ( مقال)، مجلة المسلم المعاصر، العدد 32/ 1402هـ- 1982م).
44) ... ملحم أحمد سالم عبد الله ملحم ( بيع المرابحة وتطبيقاتها في المصارف الإسلامية، عمان : مكتبة الرسالة، 1410هـ - 1989م).
45) ... المنصوري : محمد طاهر المنصوري، ( عمليات الاستثمار والتمويل في المصارف الباكستانية وموقف الشريعة منها، مجلة الإيضاح، العدد الأول، مركز الشيخ زايد للدراسات الإسلامية، باكستان، 1993م).
46) ... النجار: أحمد النجار ( المدخل إلى النظرية الاقتصاد، بيروت : دار الفكر، 1393هـ – 1973م ). مقال في مجلة الشريعة، عمان عدد 339/ آذار، 1984م .بعنوان " المرابحة أسوأ أسلوب لعمل البنوك الإسلامية ".
47) ... الندوي: أحمد علي الندوي، ( القواعد الفقهية، دمشق : دار القلم، 1986م ).
48) ... النووي: محي الدين بن شرف النووي، (الأذكار، الرياض : مكتبة الرياض الحديثة). وكتاب (رياض الصالحين، القاهرة، دار الريان للتراث، 1987م ) .
49) ... الهيثمي: أحمد بن علي بن حجر الهيثمي،(الزواجر عن اقتراف الكبائر،بيروت:
دار المعرفة).(1/31)
9. إلغاء القانون الخاص الذي أسس بموجبه البنك فأصبح بمقدور أي إنسان تأسيس بنك إسلامي، حيث أسس البنك الإسلامي العربي في عمان، وذلك لامتصاص السيولة النقدية في السوق،مما أوجد منافساً جديداً للبنك،وهذه خطة من البنك العربي بسبب تمسك المجتمع الأردني بالعقيدة الإسلامية وإقبال الناس على البنك الإسلامي الأردني.
10. زيادة الاحتياطي الإجباري لدى البنك المركزي الأردني مما يقلل السيولة النقدية المتاحة للبنك،مما يقلل قدرت على الدخول في استثمارات أخرى .ويمكن التغلب على ذلك بتحديد قطاع معين يستثمر فيه البنك هذا الرصيد تحت رقابة البنك المركزي، كما يفعل ذلك بنك فيصل الإسلامي المصري .
11. تحديد نسبة المرابحة حسب التكلفة، وتدخل البنك المركزي في تحديد ذلك في كثير من الأحيان، والأولى أن تحدد نسبة المرابحة حسب القطاعات الاقتصادية لاختلاف قدرة هذه القطاعات على إيجاد الإيرادات .
هذا وقد لجأ البنك لمواجهة هذه الصعوبات إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي تكفل حقه ولا يتعرض لخسارة بل تزيد من سيولته، فقد أحدث البنك الإسلامي الأردني عام 1994م ما يسمى صندوق التأمين التبادلي لمديني البنك. كما أنشأ شركة تأمين إسلامية، رغم ما تتعرض له من انتقادات، لأنها تعيد التأمين لدى شركات ربوية عالمية .
وقد عمل البنك عدة دورات وابتعث عدداً من الموظفين لتأهيلهم التأهيل الشرعي المصرفي،ولا يزال البنك يتشدد اتجاه عملائه ويتولى الخصم المباشر من الكفلاء إذا تأخر العميل عن السداد، كما يسبب البنك بعض المشاكل لعملائه مع مكفوليهم بسبب قصور آلية التسديد الفوري في حساب العميل إذا تأخر عن السداد،مما يؤدي إلى الخصم من حساب الكفيل،رغم تسديد العميل للقسط المترتب عليه . ونأمل أن تحل جميع صعوبات البنك الإسلامي بالطرق الشرعية .(1/32)
وفي ختام البحث يمكن القول: إن البنك الإسلامي الأردني صرح إسلامي يجب مساندته، ويمكن الاعتماد عليه في تطهير معاملتنا من الربا، إذا التزم بالأصول الشرعية، وعلى ما يبدو من تصرفات البنك في الآونة الأخيرة أنه يعمل على الأخذ بالتوصيات الشرعية، ولكن يؤخذ عليه أن أبواب كبار موظفيه مغلقة أمام النقد البناء.
وملاحظاتنا على البنك حتى لا يقع في المحظورات ومن ذلك : بيع ما ليس عنده، وبيع الشيء قبل قبضه، وبيعتين في بيعة، وإعطاء العميل فرصة الخيار والرضا وعدم الإلزام وبخاصة في بيع المرابحة الداخلية قبل التوقيع على العقد الثاني ......الخ.
وبالإضافة إلى ما تم ذكره في البحث يمكن الأخذ بالتوصيات التالية المذكورة في الخاتمة لتكون عملية المرابحة الداخلية متفقة مع الشريعة الإسلامية .
خاتمة (التوصيات)
في ضوء ما تم بحثه، يمكن تطهير عملية تطبيق عقد بيع المرابحة الداخلية من الشبهات التي تثار حوله، سواء أكان خاصاً بممارسات البنك، أم ممارسات بعض العملاء إما لجهلهم أو تحايلهم،بالأخذ بالتوصيات التالية :-
1- أن يتحمل البنك الإسلامي الأردني مسؤولية البضاعة حتى تسليمها للمشتري، وأن لا يسلم البضاعة، أو يوافق عليها لعقد بيع المرابحة إلا بعد الكشف عليها، والتأكد من صلاحيتها لما اشتريت من أجله، على أن يلتزم البنك برد البضاعة بالعيب غير الظاهر،ولا يعتمد على تقارير صلاحية البضاعة التي يحضرها العميل .(1/33)
2- لا يتم بيع البضاعة إلا بعد قبضها وضمانها قبل أن تباع للعميل، مع إيصالها لمكان سكن العميل للتأكد من استعمالها لما بيعت له، ولا بأس أن يؤسس البنك الإسلامي الأردني محلات لبيع السلع التي يكثر الطلب عليها،في حميع المدن التي يوجد فيها فرع للبنك، وذلك خوفاً من الوقوع في الشبهات التي تثار حول البنك الإسلامي الأردني بأنه واسطة لبيع العينة والوقوع في آثام الربا، والعمل على سد الثغرات أمام المتلاعبين بأحكام الله للسعي للكسب المادي والتحايل الربوي .
4- إذا لم يقم البنك الإسلامي الأردني ببيع السلع مباشرة عن طريق محلاته التجارية، فيجب أن يتولى شراء السلع المطلوبة بصورة مباشرة وعن طريقه، لا أن يوكل كل عملياته للعملاء يجرون البحث والاتفاق، مع المبالغة أحياناً في قيمة المواد بهدف الحصول على أكبر قدر من المال .
5- العمل على إيجاد وسائل للرقابة الشرعية أكثر فاعلية على تنفيذ عقد المرابحة في جميع مراحله، ولا بأس بعمل رقابة تفتيشية بعد مدة من إجراء العقود للتأكد من تنفيذ العملية حسب الأصول الشرعية .وتأكد هيئة الرقابة من امتلاك البنك للسلعة ودخولها في ضمانه قبل بيعها للآمر بالشراء، بحيث لا يصبح حيلة لأكل الربا، تمويل بلا مخاطرة، مع الاهتمام بوضع قواعد تفصيلية لآليات العمل في شعب تطبيق عقد المرابحة لمراعاة الأحكام الشرعية العامة والخاصة لهذا العقد .
6- عدم إلزام أي طرف من أطراف العقد في إتمام البيع، فلا يقيد أحد الأطراف بكفالة، وكتابة موقعة أو عربون، أو غير ذلك قبل إتمام البيع، فالجميع أحرار في تنفيذ البيع، ليتم البيع برضا المتعاقدين، إلا في الحالات التي يتكبد فيها البنك تكاليف من جراء العقد لا يمكن تعويضها .وهذا يتطلب إعادة النظر في إلزام الآمر بالشراء بتنفيذ العقد.(1/34)
7- الاهتمام بتأهيل القيادات والعاملين في البنك بالخبرات الوظيفية الواعية وتوظيف ذوي المظاهر الإسلامية،والملتزمين بالآداب الإسلامية، مع التنبيه على البنوك الإسلامية بإقامة الشعائر الدينية في نفس موقع العمل،وبخاصة صلاة الظهر،وتوفير البرامج التدريبية المناسبة بالتعاون مع كليات الشرعية وأقسام الاقتصاد الإسلامي .
8- التقليل من الاعتماد على عمليات بيع المرابحة، والعمل على إيجاد آليات أخرى، إلا في الحالات التي لا بد من المرابحة،وذلك بالدخول في المشاريع التنموية الزراعية والصناعية والتجارية والإسكان، والاستثمار فيها استثماراً مباشراً من خلال صيغ المشاركة والمضاربة والمزارعة والسلم والاستصناع والتأجير،مما يسهم في تقدم المجتمع وتنميته.
9- على جهات الدولة المعنية بالأمور الشرعية وبخاصة وزارة الأوقاف تبصير الناس بأصول المعاملات الإسلامية ومنها المرابحة، وحث خطباء المساجد على تخصيص خطب لبيان ذلك.وعلى وزارة التربية والتعليم الاهتمام في مناهجها بالمستجدات المالية وبخاصة ما يتعلق بالمعاملات المصرفية وبيان الحكم الشرعي فيها، وكيفية إجرائها حسب الأصول الشرعية. وعلى وزارة الإعلام تبصير الناس بالمؤسسات المالية الموجودة في الساحة ومنها البنوك الإسلامية، واستضافة المعنيين بذلك من حين لآخر لبيان ما يتعلق بها من معلومات وكيفية التعامل معها .
10- يجب على الجامعات أن تقوم بدورها العلمي ولا سيما كليات الشريعة وأصول الدين والاقتصاد ـ ليس من باب الدعاية للمؤسسات الإسلامية ـ بتضمين مناهجها مقررات تتعلق بالمعاملات المالية الإسلامية، ومن ذلك البنوك الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية، وبيان الحكم الشرعي في المستجدات المالية والاقتصادية، وما يتعلق بالنواحي المادية في الساحة العملية التطبيقية، وذلك لخلق جيل مثقف أمور الاقتصاد من وجهة نظر إسلامية، لمواجهة العولمة بروح إسلامية.(1/35)
11- العمل على إيجاد وسائل شرعية خالصة لضمان عمليات البنك من الشبهات التي تثار عليه، وذلك بعقد مؤتمر علمي دوري لذوي الاختصاص في الشريعة والاقتصاد بعيداً عن التمثيل الرسمي، مع تشجيع الشباب على الاشتراك في هذا المؤتمر،مع قبول النقد البناء .
وفي الختام لا أقول إن البحث قد احتوى كل ما يتعلق بجوانب الموضوع، ولكن هذا جهد متواضع لبعض المسائل، فإن أصبت فمن توفيق المولى وإن أخطأت فمن نفسي، والله الموفق .(1/36)