جمع وتحقيق الفقير إلى الله تعالى
الشيخ عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله
غفر الله له ولوالديه
ولجميع المسلمين
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن الحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله.
وقد اختلف العلماء قديمًا وحديثًا في حكم زكاة الحلي الملبوس وألفت فيه مؤلفات عديدة وقد قال الله تعالى: { فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ } [النساء: 59] أي إلى الكتاب العزيز والسنة المطهرة، وإذا رددنا هذا الحكم إلى الكتاب والسنة وجدنا نصوصًا كثيرة تدل على وجوب الزكاة فيه، نصوصًا عامة تدل على وجوب الزكاة في الذهب والفضة عمومًا ونصوصًا خاصة تدل على وجوب الزكاة في الحلي وهي صحيحة. وليس لها معارض صحيح، وإنما استدل من لا يرى الزكاة فيها بأقوال وأفعال بعض الصحابة وهي معارضة بمثلها.
وأما أقوال من بعدهم فليس فيها حجة، وأما قياسهم الحلي بالثياب والأواني فهو قياس في مقابلة النص ولا قياس مع النص كما هو مقرر في علم الأصول، قد رأيت لعلمائنا الأفاضل مؤلفات وفتاوى مؤيدة بالأدلة الصحيحة الدالة على وجوب الزكاة في الحلي إذا بلغ نصابًا وحال عليه الحول فجمعتها في هذا الرسالة، وأسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عبد الله الجار الله
وجوب زكاة الحلي
الحمد الله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. وبعد:(1/1)
فقد كتب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، كلمة في وجوب زكاة الحلي نشرت في العددين العاشر والحادي عشر من مجلة راية الإسلام في السنة الأولى من صدورها عام 1380 هـ ضمنها سماحته الأدلة من الكتاب والسنة، على وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة كما طبع للشيخ محمد الصالح العثيمين رسالة مستقلة في هذا الموضوع عام 1382 هـ ذكر فيها ما ذكره الشيخ من الأدلة العامة والخاصة على وجوب الزكاة في الحلي وزاد بذكر أدلة من لا يرى الزكاة فيها والإجابة عنها:
وأحب أن ألخص في هذه الكلمة ما كتبه الشيخان ليقف من اشتبه عليه الأمر في هذه المسألة على الحقيقة.
وقد دل الكتاب والسنة دلالة ظاهرة على وجوب الزكاة في حلي النساء من الذهب والفضة وإن كان معدًا للاستعمال أو الإعارة سواء كانت قلائد أو أسورة أو خواتم أو غيرها .. من أنواع الذهب والفضة، إذا بلغ نصابا كل عام أو كان عند مالكه من الذهب أو الفضة أو عروض التجارة ما يكمل النصاب، وهذا القول هو أصح أقوال أهل العلم في هذه المسألة لدلالة الكتاب والسنة والآثار عليها فمن أدلة القرآن الكريم قول الله تعالى: { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ } [التوبة: 34، 35].
والمراد بكنز الذهب والفضة عدم إخراج ما يجب فيهما من زكاة وغيرها من الحقوق، والآية عامة في جميع الذهب والفضة لم تخصص شيئًا دون شيء فمن ادعى خروج الحلي المباح من هذا العموم فعليه الدليل وأما السنة فمن أدلتها ما يلي.(1/2)
1- ما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فاحمي عليها في نار جهنم فيكوي بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة».
والمتحلي بالذهب والفضة صاحب ذهب وفضة ولا دليل على إخراجه من العموم وحق الذهب والفضة من أعظمه وأوجبه حق الزكاة، فهذان النصان العظيمان من الكتاب والسنة يعمان جميع أنواع الذهب والفضة ويدخل في ذلك أنواع الحلي، ومن الأدلة الخاصة على وجوب زكاة الحلي.
2- ما رواه الترمذي وأبو داود واللفظ له عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان (1) غليظتان من ذهب فقال لها أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار».
قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت هما لله ولرسوله قال في بلوغ المرام وإسناده قوي.
3- ما رواه أبو داود عن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال دخلنا على عائشة رضي الله عنها فقالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى في يدي فتخات من ورق فقال: «ما هذا يا عائشة؟» فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، فقال: «أتؤدين زكاتهن؟» قلت: لا، قال: «هو حسبك من النار» قيل لسفيان كيف تزكيه؟ قال: تضمه إلى غيره وهذا الحديث صححه الحاكم.
4- ما رواه أبو داود عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحا (2) من ذهب فقلت يا رسول الله أكنز هو؟ فقال: «ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز» صححه الحاكم والذهبي .
ففي هذا الحديث فائدتان جليلتان:
إحداهما: اشتراط النصاب وإن لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيه، ولا يدخل في الكنز المتوعد عليه بالعذاب.
__________
(1) بفتح الميم والسين وهي الأسورة والخلاخيل.
(2) الأوضاح نوع من الحلي سميت بذلك لبياضها.(1/3)
والفائدة الثانية، أن كل مال وجبت فيه الزكاة فلم يزك فهو من الكنز المتوعد عليه بالعذاب.
وفيه أيضا فائدة ثالثة: وهي المقصود من ذكره، وهي الدلالة على وجوب الزكاة في الحلي.. فإن قيل لعل هذا حين كان التحلي ممنوعًا كما قاله مسقطو الزكاة في الحلي.
فالجواب: أن هذا لا يستقيم فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمنع من التحلي به بل أقره مع الوعيد على ترك الزكاة ولو كان التحلي ممنوعا لأمر بخلعه وتوعد على لبسه.
فإن قيل ما الجواب عن ما احتج به من لا يرى الزكاة في الحلي وهو ما رواه ابن الجوزي بسنده في التحقيق عن عافية بن أيوب عن الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس في الحلي زكاة» ورواه البيهقي في معرفة السنن والآثار.
قيل الجواب على هذا من ثلاثة أوجه:
الأول: أن البيهقي قال فيه أنه باطل لا أصل له، وإنما يروى عن جابر من قوله وعافية بن أيوب مجهول.
الثاني: أننا إذا فرضنا توثيق عافية كما نقله ابن أبي حاتم عن أبي زرعة فإنه لا يعارض أحاديث الوجوب ولا يقابل بها لصحتها ونهاية ضعفه.
الثالث: إنا إذا فرضنا أنه مساو لها ويمكن معارضتها به فإن الأخذ بها أحوط وما كان أحوط فهو أولى بالاتباع فقد دلت الآية المتقدمة، والأحاديث الأربعة السابقة دلالة ظاهرة على وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة، وإن أعدت للاستعمال أو العارية.
وأما الآثار فمنها ما روي عن عمر وابن مسعود وابن عباس وعائشة وعبد الله بن عمرو بن العاص أنهم رأوا الزكاة في الحلي.(1/4)
فإن قيل ما الجواب عما استدل به مسقطوا الزكاة فيما نقله الأثرم قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة، أنس بن مالك، وجابر، وابن عمر، وعائشة، وأسماء فالجواب أن بعض هؤلاء روي عنهم الوجوب، وإذا فرضنا أن لجميعهم قولا واحدا أو أن المتأخر عنهم هو القول بعدم الوجوب فقد خالفهم من خالفهم من الصحابة، وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة وفيهما ما يدل على الوجوب كما سبق.
فإن قيل قد ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن» وهذا دليل على عدم وجوب الزكاة في الحلي إذا لو كانت واجبة في الحلي لما جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مضربا لصدقة التطوع.
فالجواب: على هذا أن الأمر بالصدقة ليس فيه إثبات وجوب الزكاة فيه ولا نفيه عنه وإن ما فيه الأمر بالصدقة حتى من حاجيات الإنسان ونظير هذا أن يقال تصدق ولو من دراهم نفقتك ونفقة عيالك فإن هذا لا يدل على انتفاء وجوب الزكاة في هذه الدراهم.
فإن قيل ما الفرق بين الحلي المباح وبين الثياب المباحة إذا قلنا بوجوب الزكاة في الأول دون الثاني، فالجواب أن الشارع فرق بينهما، حيث أوجبها في الذهب والفضة من غير استثناء بل وردت نصوص خاصة في وجوبها في الحلي المباح المستعمل كما سبق وأما الثياب فهي بمنزلة الفرس وعبد الخدمة اللذين قال فيهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة» (1) فإذا كانت الثياب للبس فلا زكاة فيها وإن كانت للتجارة ففيها زكاة التجارة.
فإن قيل هل يصح قياس الحلي المباح المعد للاستعمال على الثياب المباحة المعدة للاستعمال كما قاله من لا يوجبون الزكاة في الحلي؟
فالجواب لا يصح القياس لوجوه:
منها أنه قياس في مقابلة النص وكل قياس في مقابلة النص قياس فاسد.
__________
(1) رواه البخاري.(1/5)
الثاني: أن الثياب لم تجب فيها الزكاة أصلا فكان مقتضى القياس أن يكون حكم الحلي واحدا وهو وجوب الزكاة سواء أعده للبس أو لغيره كما أن الثياب حكمها واحد لا زكاة فيها سواء أعدها للبس أو لغيره، ولا يرد على ذلك وجوب الزكاة فيها إذا كانت عروضا لأن الزكاة حينئذ في قيمتها، فإذا كان الحلي المباح مفارق للثياب المعدة للبس في هذه الأحكام فكيف نوجب أن نجوز إلحاقه بها في حكم دل النص على افتراقهما فيه، إذا تبين ذلك ، فإن الزكاة لا تجب في الحلي حتى يبلغ نصابا، فنصاب الذهب عشرون دينار ونصاب الفضة مائتا درهم ومقدار ذلك من العملة من الذهب الموجود حاليا هو أحد عشر جنيها سعوديا وثلاثة أسباع جنيه.
ومقدار ذلك من العملة الفضية الحالية ستة وخمسون ريالا سعوديا، فمن ملك المبلغ المذكور من الذهب والفضة أو ملك من النقود الورقية أو عروض التجارة ما يساوي المبلغ المذكور من الذهب والفضة فعليه الزكاة إذا حال عليها الحول وما كان دون ذلك فليس فيه زكاة، ونسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم.
ملاحظة: الواجب في زكاة الذهب والفضة والأوراق النقدية ربع العشر أي 2.5 % وكذلك الحكم في زكاة العروض من قيمتها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
هل تجب الزكاة في الذهب الذي
تقتنيه المرأة للزينة
س: هل تجب الزكاة في الذهب الذي تقتنيه المرأة للزينة والاستعمال فقط وليس للتجارة؟
ج: في وجوب الزكاة في حلي النساء إذا بلغت النصاب ولم تكن للتجارة خلاف بين أهل العلم .. والصحيح أنها تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب ولو كانت لمجرد اللبس والزينة.(1/6)
ونصاب الذهب عشرون مثقالا ومقداره أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع الجنية السعودي، فإن كان الحلي أقل من ذلك فليس فيها زكاة إلا أن تكون للتجارة ففيها الزكاة مطلقا إذا بلغت قيمتها من الذهب أو الفضة نصابا، أما نصاب الفضة فهو مائة وأربعون مثقالا ومقداره من الدراهم ستة وخمسون ريالا فإن كان الحلي من الفضة أقل من ذلك فليس فيها زكاة إلا أن تكون للتجارة ففيها الزكاة مطلقا إذا بلغت قيمتها نصابا من الذهب أو الفضة.
والدليل على وجوب الزكاة في الحلي من الذهب والفضة المعدة للبس عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوي بها جنبه وجبينه وظهره» الحديث رواه مسلم وغيره.
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن امرأة دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يد ابنتها مسكتتان من ذهب فقال: «أتعطين زكاة هذا؟» قالت: لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار» .. فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله، رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن.
وحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحا من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - «ما بلغ أن يزكي فزكى فليس بكنز» رواه أبو داود والدارقطني وصححه الحاكم.
ولم يقل لها - صلى الله عليه وسلم - ليس في الحلي زكاة، وما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ليس في الحلي زكاة» فهو حديث ضعيف لا يجوز أن يعارض به الأصل، ولا الأحاديث الصحيحة، والله ولي التوفيق (1).
سائل يقول: عند زوجتي ذهب تلبسه فهل فيه زكاة؟
س: عند زوجتي ذهب تلبسه يبلغ النصاب فهل فيه زكاة؟ وهل دفع زكاته واجب علي أم على زوجتي؟ وهل تخرج الزكاة منه أم يقوم بما يساوي القيمة ويزكي بموجبه؟
__________
(1) كتاب الدعوى فتاوى مجلة الدعوة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 99، 100.(1/7)
ج: الزكاة واجبة في الحلي من الذهب والفضة إذا بلغ وزنها النصاب وهو عشرون مثقالا من الذهب أو مائة وأربعون مثقالا من الفضة، ومقدار نصاب الذهب بالعملة الحالية أحد عشر جنيها سعوديا وثلاثة أسباع الجنية، فإذا بلغ الحي من الذهب هذا المقدار أو أكثر وجبت فيه الزكاة ولو كان يلبس في أصح قولي العلماء.
ومقدار النصاب الفضة بالريال السعودي ستة وخمسون ريالا، فإذا بلغ الحلي من الفضة هذا المقدار أو أكثر وجبت فيه الزكاة والزكاة ربع العشر من الذهب والفضة وعروض التجارة وهو اثنان ونصف من المائة وخمسة وعشرون من الألف، وهذا ما زاد على ذلك.
والزكاة علي مالكة الحلي، وإذا أداها زوجها أو غيره عنها بإذنها فلا بأس، ولا يجب إخراج الزكاة منه بل يجزئ إخراجها من قيمته كلما حال عليها الحول حسب قيمة الذهب والفضة في السوق عند تمام الحول...والله ولي التوفيق (1).
وجوب الزكاة في حلي النساء إذا بلغت النصاب
ولم تكن للتجارة
س: هل تجب الزكاة في الذهب الذي تقتنيه المرأة للزينة والاستعمال فقط وليس للتجارة؟
ج: في وجوب الزكاة في حلي النساء إذا بلغت النصاب ولم تكن للتجارة خلاف بين أهل العلم. والصحيح أنها تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب ولو كانت لمجرد اللبس والزينة.
ونصاب الذهب عشرون مثقالا ومقداره أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع الجنية السعودي، فإن كان الحلي أقل من ذلك فليس فيها زكاة إلا أن تكون للتجارة ففيها الزكاة مطلقا إذا بلغت قيمتها من الذهب أو الفضة نصابا، أما نصاب الفضة فهو مائة وأربعون مثقالا ومقداره من الدراهم ستة وخمسون ريالا فإن كان الحلي من الفضة أقل من ذلك فليس فيها زكاة إلا أن تكون للتجارة ففيها الزكاة مطلقا إذا بلغت قيمتها نصابا من الذهب أو الفضة.
__________
(1) المصدر السابق 100، 101.(1/8)
والدليل على وجوب الزكاة في الحلي من الذهب والفضة المعدة للبس عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره» الحديث.
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن امرأة دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب فقال: «أتعطين زكاة هذا؟» قالت: لا قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار» فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن.
وحديث أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحا من ذهب فقالت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - «ما بلغ أن يزكي فزكى فليس بكنز» رواه أبو داود والدارقطني وصححه الحاكم.
ولم يقل لها - صلى الله عليه وسلم - ليس في الحلي زكاة، وما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ليس في الحلي زكاة» فهو حديث ضعيف لا يجوز أن يعارض به الأصل، ولا الأحاديث الصحيحة، والله ولي التوفيق.
تجب الزكاة في حلي المرأة التي تتزين به أو تعيره
ذهبا كان أم فضة
س: هل تجب الزكاة في الذهب الذي تستعمله المرأة أو تعيره وإذا وجبت فكيف تزكي؟
ج: تجب الزكاة في حلي المرأة التي تتزين به أو تعيره ذهبا كان أم فضة لدخول ذلك في عموم أدلة الكتاب والسنة التي دلت على وجوب الزكاة في الذهب والفضة مثل قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ } [التوبة: 34، 35](1/9)
وما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من صاحب ذهب أو فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت عليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» رواه مسلم .
ولما ثبت من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن امرأة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها: «أتعطين زكاة هذا؟» قالت: لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار» قال: فخلعتهما وألقتهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت: هما لله - عز وجل - ولرسوله.
زكاة الحلي من الفضة
س: لدي فضة عبارة عن حلي للرقبة واليدين والرأس وحزام، وقد طلبت من زوجي مرارا بأن يبيعها ويزكي عنها فيقول إنها لم تبلغ النصاب، ومر عليها الآن 23 سنة تقريبا ولم أزك عنها فماذا يلزمني الآن؟(1/10)
ج: إذا كانت لم تبلغ النصاب فلا زكاة فيها مع العلم بأن النصاب من الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومقدارها ستة وخمسون ريال فضة، فإذا بلغ الحلي من الفضة هذا المقدار وجبت فيها الزكاة في أصح قولي العلماء كلما حال عليها الحول، والواجب ربع العشر وهو ريالان ونصف من كل مائة وخمسون وعشرون من كل ألف، أما الذهب فنصابه عشرون مثقالا، ومقدارها أحد عشر جنيها، ونصف بالجنيه السعودي بالغرام اثنان وتسعون غراما فإذا حال الحول على الحلي من الذهب البالغ هذا المقدار أو ما هو أكثر منه وجبت فيها الزكاة في أصح قولي العلماء وهي ربع العشر ومقدار ذلك جنيهان ونصف من كل مائة جنيه أو قيمتها من العملة الورقية أو الفضة، وما زاد فبحساب ذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جبهته وجنبه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» الحديث أخرجه مسلم في صحيحه.
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال لامرأة دخلت عليه - صلى الله عليه وسلم - وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب: «أتعطين زكاة هذا؟» قالت: لا قال لها - صلى الله عليه وسلم - «أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟» فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله، أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والله ولي التوفيق.
سائلة تقول
عندي حلي ولم أزكه منذ 24 عاما(1/11)
س: أنا امرأة متزوجة وعمري ما يقارب 30 عاما ومنذ حوالي أربعة وعشرين عاما يوجد عندي قطع من الذهب لم تعد من التجارة وإنما أعدت للزينة وأحيانا أقوم ببيعها ثم أضيف عليها بعض المال وأشتري أحسن منها، والآن يوجد عندي بعض الحلي، وقد سمعت بوجوب الزكاة في الذهب المعد للزينة فأرجو إيضاح الأمر لي، وإذا كانت الزكاة واجبة علي فما الحكم في المدة الماضية التي لم أزك فيها مع العلم أنني لا أستطيع أن أقدر ما عندي من ذهب طوال تلك السنين؟
ج: يجب عليك الزكاة من حين علمت وجوبها في الحلي، وأما ما مضى قبل ذلك من الأعوام قبل علمك فليس عليك فيها زكاة، لأن الأحكام الشرعية إنما تلزم بعد العلم، والواجب ربع العشر إذا بلغت الحلي النصاب وهو عشرون مثقالاً, مقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيها ونصف الجنيه، فإذا بلغت الحلي من الذهب هذا المقدار أو ما هو أكثر منه ففيها الزكاة في كل ألف خمسة وعشرون، وأما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالا ومقدارها من الفضة ستة وخمسون ريالا أو ما يعادلها من العملة الورقية، والواجب في ذلك ربع العشر كالذهب.
وأما الماس والأحجار الأخرى فليس فيها زكاة إذا كانت للبس، أما إن كانت للتجارة ففيها الزكاة على حسب قيمتها من الذهب والفضة إذا بلغ النصاب والله ولي التوفيق.
حكم من تجهل وجوب زكاة الحلي فيما مضى
الأخ فهد الحمالي من المزاحمية بعث سؤالاً يقول فيه:
س: امرأة عندها ذهب يبلغ النصاب ولم تعلم بأنه تجب فيه الزكاة إلا بعد مضي حوالي خمس سنوات عليه عندها فلما علمت بذلك أرادت أن تزكيه ولا يوجد عندها غير هذا الذهب شيء فماذا تفعل من أجل تزكيته بالنسبة للسنوات الخمس الماضية؟ هل تبيع جزءا منه أم ماذا تفعل؟ وكيف تفعل بالنسبة للسنوات القادمة، علما أنها إن أرادت أن تزكي دفعة واحدة لا تستطيع إلا أن تبيع بعضه كل سنة حيث لا يوجد لديها دخل لا قليل ولا كثير؟(1/12)
ج: عليها أن تخرج الزكاة مستقبلا عن حليها كل سنة إذا بلغ النصاب وهو عشرون مثقالا ومقدارها بالجنية السعودي أحد عشر جنيها وثلاثة أسباع الجنية وبالغرام اثنان وتسعون غراما، ولو بيع بعض الذهب أو غيره من أملاكها فإن أداها عنها زوجها أو أبوها أو غيرهما بإذنها فلا بأس وإلا فإن الزكاة تبقى دينا في ذمتها حتى تؤديها، وأما السنوات الماضية قبل علمها بوجوب الزكاة في الحلي فلا شيء عليها عنها لجهلها وللشبهة في ذلك لأن بعض أهل العلم لا يرى وجوب الزكاة في الحلي التي تلبس أو المعدة لذلك ولكن الأرجح وجوب الزكاة فيها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول لقيام الدليل من الكتاب والسنة على ذلك، والله ولي التوفيق.
هل تجمع المرأة حلي بناتها عند إخراج الزكاة مع حليها؟
س: يقول السائل هل ذهب المرأة الذي للزينة عليها زكاة أم لا؟
ج: نعم ذهب المرأة عليه زكاة إذا كان يبلغ النصاب والنصاب عشرون مثقالاً وقدرها خمسة وثمانون غراماً فإذا بلغ هذا النصاب وجب عليها زكاته سواء ما تلبس أو الذي لا تلبسه إلا أحيانا إذا كان ما عندها يبلغ النصاب فإنها تزكيه لكن لو فرض امرأة عندها حلي يبلغ النصاب ولها بنات لكل بنت حلي لا يبلغ النصاب فإن حلي البنات ليس فيه زكاة لأن حلي كل بنت ملك لها وهو لا يبلغ النصاب، أي لا نجمع حلي البنات بعضه إلى بعض ونزكيه فإن كل بنت مستقل ملكها عن البنت الأخرى.
ما مقدار زكاة الذهب والفضة وكيفية إخراجها؟
س: تقول السائلة وزن زوجي ما أملك من الحلي فكان حوالي تسعا وأربعون جنيه سعودي فما مقدار زكاته وهل هي في الذهب أم بالريالات؟(1/13)
ج: مقدار زكاة الذهب والفضة وعروض التجارة كلها مقدارها ربع العشر وكيفية ذلك أن تقسم الحاصل على أربعين فالخارج بالقسمة هو الزكاة فهذا الذهب الذي ذكرت السائلة نقول ننظر في قيمته فأي مبلغ بلغت يقسم على أربعين والحاصل في القسمة هو مقدار الزكاة وسؤالها هل يجب أن يخرج من الذهب أو من القيمة؟ نرى أنه لا بأس أن يخرج من القيمة ولا يجب أن يخرج من الذهب، وذلك لأن مصلحة أهل الزكاة في إخراجها من القيمة، فإن الفقير لو أعطيته سواراً من الذهب أو أعطيته قيمة هذا السوار لكان قيمة السوار أحب إليه وأنفع له (1).
ما حكم زكاة الذهب المعد للاستعمال؟
س: يقول السائل هل يزكى الذهب الذي تلبسه المرأة في الحفلات؟
ج: الصحيح أن الذهب الذي تلبسه المرأة تجب فيه الزكاة وذلك لعموم قول الله تعالى: { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [التوبة: 34]
ولعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبو هريرة وهو في صحيح مسلم «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيحمى عليها في نار جهنم ثم يكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» .
وللأحاديث الخاصة في الحلي مثل ما أخرجه الثلاثة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في قصة امرأة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب يعني سوارين غليظين فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - «أتؤدين زكاة هذا؟» قالت لا، قال:«أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار» .
__________
(1) من فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين من الأحكام الفقهية في الفتاوى النسائي 17، 23.(1/14)
قال ابن حجر في بلوغ المرام إن إسناده قوي وذكر له شواهد، وبهذا نعرف أن القول الراجح وجوب زكاة الحلي إذا كان من ذهب أو فضة لكن بشرط أن يبلغ النصاب وقد حررنا النصاب فإذا هو في الذهب خمسة وثمانون غراما وأما في الفضة فهو ما يزن ستة وخمسين ريالا عربيا سعوديا، وإذا ملكت المرأة حلي ذهب يبلغ خمسة وثمانين غراما، وجبت زكاته سواء كانت تلبسه دائما أو تلبسه في المناسبات (1).
ما حكم زكاة الحلي الملبوس
س: هل يجب أن تزكي المرأة على الذهب الذي تلبسه إذا كان كثيرا والعكس؟
ج: لقد كثر الخلاف والكلام حول زكاة الحلي الذي تلبسه النساء من الذهب والفضة ونحوهما، فالجمهور على أنه لا زكاة فيه، حيث أنه معد للاستعمال ولا نماء فيه، وقيل زكاته عاريته والراجح من حيث الدليل أن يزكي كل عام فيقدر بقيمته الحالية ويخرج عنها ولا ينظر إلى رأس المال، والدليل حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص في المرأة التي في يد ابنتها مسكتان من ذهب فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - «أتعطين زكاة هذا؟» قالت لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار» إلخ وغيره من الأحاديث والله أعلم.
المراجع والمصادر
1- رسالة في زكاة الحلي للشيخ محمد الصالح العثيمين.
2- من الأحكام الفقهية في الفتاوى النسائية له.
3- كتاب الدعوة فتاوى مجلة الدعوة للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
4- الثمار اليانعة من الكلمات الجامعة للمؤلف.
5- مجلة الدعوة السعودية.
6- مجلة راية الإسلام.
7- مجلة الجندي المسلم.
8- فتاوى إسلامية لجماعة من العلماء الأفاضل.
الفهرس
الموضوع ... الصفحة
مقدمة............................................... ... 2
__________
(1) المصدر السابق 18، 19 وانظر كتاب دروس وفتاوى في الحرم المكي للشيخ محمد الصالح العثيمين 109 فقد ذكر جوابا تفصيليا في وجوب الزكاة في الحلي الملبوس ورد على شبهات من قال بعدم وجوب الزكاة فيه بما فيه كفاية.(1/15)
وجوب زكاة الحلي.................................. ... 4
هل تجب الزكاة في الذهب الذي تقتنيه المرأة للزينة...... ... 11
سائل يقول عند زوجتي ذهب تلبسه فهل فيه زكاة...... ... 12
وجوب الزكاة في حلي النساء إذا بلغت النصاب ولم تكن للتجارة........................................ ... 14
تجب الزكاة في حلي المرأة التي تتزين به أو تعيره ذهبا كان أم فضة......................................... ... 16
زكاة الحلي من الفضة................................ ... 17
سائلة تقول: عندي حلي ولم أزكه منذ 24 عاما....... ... 18
حكم من تجهل وجوب زكاة الحلي فيما مضى......... ... 19
هل تجمع المرأة حلي بناتها عند إخراج الزكاة مع حليها.. ... 20
ما مقدار زكاة الذهب والفضة وكيفية إخراجها........ ... 21
ما حكم زكاة الذهب المعد للاستعمال................. ... 22
ما حكم زكاة الحلي الملبوس.......................... ... 23
المراجع.............................................. ... 24
الفهرس............................................. ... 25(1/16)