أسئلةٌ وأجوبةٌ في المعاشرةِ الزوجيةِ
السؤال :
ارجوا توضيح الغسل من الجنابة كيفيته ومتى وحكمه بارك الله فيك وهل حديث تحت كل شعره جنابة صحيح ............؟
الجواب :
إن للغسل من الجنابة صفتين :
أ ) صفة للغسل الواجب الذي من أتى به أجزأه ، وارتفع حدثه فطهر .
وهو ما جمع شيئين :
الأول : النية .
وهي أن يغتسل بنية رفع الحدث .
والثاني : تعميم الجسد بالماء .
ب ) صفة الغسل الكامل .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي خَالَتِي مَيْمُونَةُ قَالَتْ : أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلَهُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الْأَرْضَ فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ . رواه البخاري ومسلم .
أما الحديث الذي ذكرته فإليك نصه :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ وَأَنْقُوا الْبَشَرَ .
قال الترمذي عقب الحديث : حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ وَجِيهٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِهِ وَهُوَ شَيْخٌ لَيْسَ بِذَاكَ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ .
قال المباركفوري تعليقا على كلام الترمذي :(1/1)
قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ الْحَارِثِ بْنِ وَجِيهٍ غَرِيبٌ إِلَخْ ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : مَدَارُهُ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ وَجِيهٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ : الْحَارِثُ حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : الْحَدِيثُ لَيْسَ بِثَابِتٍ .
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ : أَنْكَرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَأَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُمَا اِنْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ .
---
السؤال :
هل في الاستمتاع في ما دون ا لوطء غسل مع التفصيل في الاختلافات والادلة إن وجد
الجواب :
ليس في الاستمتاع في ما دون الوطء غسل ، ولكن إذا أمذي أثناء الجماع فإنه يوجب الوضوء فقط .
ودليل ذلك ما رواه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كنت رجلا مذّاء فأمرت المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال : " فيه الوضوء " رواه البخاري (132) ، ومسلم (303) . واللفظ للبخاري .
قال ابن قدامة في المغني (1/168) : قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن خروج الغائط من الدبر وخروج البول من ذكر الرجل وقُبل المرأة وخروج المذي وخروج الريح من الدبر أحداث ينقض كل واحد منها الطهارة .ا.هـ.
ويجب الغسل على الرجل والمرأة على حد سواء عند حصول أحد أمرين :
أولاً : التقاء الختانين ، أي الإيلاج وهو حصول الجماع ، ولو لم يُنزلا .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ، ثُمَّ جَهَدَهَا ، فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ . البخاري (291) ، ومسلم (348) .
وزاد مسلم : " وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ " .(1/2)
قال الإمام النووي : وَمَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ إِيجَاب الْغُسْل لَا يَتَوَقَّف عَلَى نُزُول الْمَنِيّ بَلْ مَتَى غَابَتْ الْحَشَفَة فِي الْفَرْج وَجَبَ الْغُسْل عَلَى الرَّجُل وَالْمَرْأَة , وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ الْيَوْم , وَقَدْ كَانَ فِيهِ خِلَاف لِبَعْضِ الصَّحَابَة وَمَنْ بَعْدهمْ , ثُمَّ اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاع عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ .ا.هـ.
وقال أيضا : وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى خِتَانهَا وَلَمْ يُولِجْهُ لَمْ يَجِب الْغُسْل , لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا .ا.هـ.
ثانيا : الإنزال ولو بدون التقاء الختانين ، ولو كان بسبب الاستمتاع باليد ونحوها .
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@69.4GAPejxeeRI.10@.1dd2e195
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ لِلَمُقْبِلِ عَلَى الزَّوَاجِ
المراسل الخفي
إليك أخي بعض الروابط لأسئلة وأجوبة شرعية بخصوص ما أنت مقدم عليه وهذا أفضل ما أهديه لك قبل ليلة الدخول بزوجتك .
فاحرص على العمل بما في الأسئلة والأجوبة الشرعية .
أسأل الله أن ينفعك بها .
محبك في الله : عبد الله زُقَيْل
1 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=854&dgn=3
ماذا يفعل المسلم إذا أراد الدخول بزوجته ؟
2 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=5560&dgn=3
آداب الجماع
3 - http://63.175.194.25/index.php?formtrans=dgn%3D3%7C&ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=1103
حكم وطء المرأة في دبرها
4 - http://63.175.194.25/index.php?formtrans=dgn%3D3%7C&ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=6792
هل الوطء في الدّبر يُلغي عقد النّكاح
5 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=11446&dgn=3
كيف تكون حفلة الزفاف إسلامية
6 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=5196&dgn=3
استعمال حبوب منع الحمل ابتداء خوفا من فشل النكاح
7 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=7838&dgn=3
زوجها يرغمها على الجماع وقت الحيض
8 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=8866&dgn=3
هل يكره الجماع تجاه القبلة
9 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=1202&dgn=3
ماذا يُقال عند الجماع
10 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=1696&dgn=3
ماذا يقول الرجل إذا دخل على زوجته
11 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=36864&dgn=3
الاستمتاع بالحائض
12 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=20846&dgn=3
متى يحرم الجماع(1/1)
13 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=33597&dgn=3
إجبار الزوج زوجته على الجماع
14 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=36740&dgn=3
لا يستطيع أن يصبر عن زوجته في فترة الحيض
15 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=20597&dgn=3
يعزل عن زوجته حتى لا تحمل وهي في الدراسة
16 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=21195&dgn=3
حكم الجماع في دورة المياه
17 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=13621&dgn=3
ذكر ألفاظ حسّاسة بين الزوجين في الفراش
18 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=21745&dgn=3
هل يجوز أن يجامع زوجته في الحمام
19 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=21676&dgn=3
مداعبة الزوجة بالأصبع
20 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=12662&dgn=3
طريقة التوبة من جماع الزوجة بعد انتهاء الحيض وقبل الاغتسال
21 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=13698&dgn=3
هل يجوز أن يمشي في الغرفة المغلقة بعد الجماع عارياً
22 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=13486&dgn=3
هل يجوز للزوجين التَّجرّد من الثياب حال النوم وما أثر ذلك في الطهارة
23 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=21725&dgn=3
ما حكم جماع الرجل زوجته الحامل
24 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=9021&dgn=3
ما العمل إذا امتنع الرجل عن حقّ زوجته في الفراش
25 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=1078&dgn=3
هل يوجد في الشريعة عدد أو مدّة معيّنة في وطء الزّوجة
26 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=5287&dgn=3(1/2)
هل النوم بجانب الزوجة في الفراش يتعارض مع الطّهارة المشروعة قبل النوم
27 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=5372&dgn=3
عند المداعبة يقول لها تشبيهات غريبة
28 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=826&dgn=3
الاستمناء بيد الزوجة
29 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=3801&dgn=3
اغتسال الزوجين معا ونظر كل منهما إلى عورة الآخر
30 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=37679&dgn=3
إذا سمع أذان الفجر وهو يجامع زوجته
31 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=11963&dgn=3
جامعها زوجها ثم أتتها الدورة فمتى تغتسل
32 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=30784&dgn=3
نوم الجنب قبل أن يغتسل
33 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=10319&dgn=3
لا يجب الغسل من الجنابة عند الأكل
34 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=14043&dgn=3
جامعها زوجها وهو لا يعلم بأنها حائض
35 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=3963&dgn=3
هل يجب على الزوجين أن يغتسلا مباشرة بعد الجماع ؟
36 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=4536&dgn=3
هل جماع الزوجة يعدل صلاة سبعين نافلة
37 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=2648&dgn=3
هل يجب غسل الشعر في غسل الجماع
38 - http://islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=11443&word=الجماع
حكم المني الخارج بعد الغسل من الجماع
39 - http://islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=8582&word=الجماع
هذا الأمر لا يسوغ لما قد يترتب عليه من مفاسد مستقبلية
40 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=1046(1/3)
تفقه في أحكام الزواج قبل الإقدام عليه
41 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=1974
هل يجوز مص صدر المرأة عند الجماع؟
44 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=2146
حكم مص الأعضاء التناسلية بين الزوجين
45 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=2620
مداعبة الزوجة في دبرها دون إيلاج
46 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=2886
لا بأس بمداعبة الزوجة بين الإليتين من غير إيلاج
47 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=3768
آداب الجماع
48 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=3794
لكل من الزوجين أن يرى جميع جسد الآخر
49 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=3811
قراءة القرآن أثناء الجماع لا يجوز
50 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=7231
مداعبة الزوجة قبل الجماع
51 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=14340
52 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=13726
قراءة الكتب الجنسية ... رؤية شرعية
53 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=16196
قضى الرجل حاجته ولم تقض حاجتها فلا يعجلها
54 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=16248
كثرة الجماع ممدوحةٌ
نكتفي بهذا القدر وإلا الموضوع طويل ولكني حرصت على الأسئلة المهمة التي لها علاقة بك .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@249.QMk9dmvoZ6x.10@.1dd30371/8
---
http://saaid.net/mktarat/alzawaj/index.htm
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
" أسئلة وأجوبة من موقع طريق الإسلام - رمضان1423هـ "
السؤال:
هل من الأفضل قراءة القرآن أم الإستماع إلى المصحف المرتل و خاصة إذا كان الشخص لا يجيد التجويد و هل أجرهما واحد؟
شيخ الدين إسماعيل من السو
الجواب:
الحمد لله وبعد ؛
لا شك أن القراءة من المصحف أفضل من استماعه و أكثر ثوابا فقد ورد عن عبد الله بن مسعود قال : إن هذا القرآن مأدبة الله ، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم ، إن هذا القرآن هو حبل الله الذي أمر به ، وهو النور البين ، والشفاء النافع ، عصمة لمن اعتصم به ، ونجاة لمن تمسك به لا يعوج فيقوم ولا يزوغ فيستعتب ولا تنقضى عجائبه ولا يخلق عن رد اتلوه فإن الله عز وجل يأجركم بكل حرف منه عشر حسنات لم أقل لكم (ألم) حرف ، ولكن (ألف) حرف (ولام) حرف (وميم) حرف
رواه عبد الرزاق (6017) ، والطبراني في الكبير (8646) ، وسنده صحيح . وقد روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح ، وآخره وردعند الترمذي (2910)
عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ
أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ : (الم) حَرْفٌ ، وَلَكِنْ (أَلِفٌ) حَرْفٌ (وَلَام)ٌ حَرْفٌ (وَمِيم) حَرْفٌ . »
قال الترمذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الأمرين أي القراءة من المصحف والسماع له(1/1)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : « قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْرَأْ عَلَيَّ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ . قَالَ : نَعَمْ فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ : " فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا " [ النساء : 41 ] قَالَ : حَسْبُكَ الْآنَ فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ »
رواه البخاري (4306) ، ومسلم (800) .
ويختص السماع بوجوب الإنصات له كما قال تعالى : { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [الأعراف : 204] , وهذا يشمل السماع لمن يقرأ بصوت مسجل أو بحضرته ، وكذلك المستمع يشارك القارىء في وجوب إخلاص النية والتدبر ، والتخلق بأخلاق القرآن , و الخشوع عند استماعه ، وغير ذلك من آداب القرآن .
فالجمع بين قراءة القرآن وسماعه أمر مطلوب من المسلم ، وينبغي له أن يكون أكثر حاله القراءة لأن ذلك الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حيث إن القراءة تشغل اللسان والقلب والعين . والله أعلم
---
السؤال:
لقد أديت العمرة والحج أكثر من مره وأود القيام بالعمرة لوالدي معا أي بنية واحده (لبيك اللهم عمره لوالدي) فهل يجوز ذلك ؟
أبو محمد من مصر
الجواب:
الحمد لله وبعد ؛
نعم ، يجوز لك أن تؤدي العمرة عن والديك و كذلك الحج ، والعمرة جزء من الحج ، و جاء حديث في ذلك عَنْ أَبِي رَزِين - قَالَ حَفْصٌ فِي حَدِيثِهِ - رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أَنْهِ قَال يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ وَلَا الظَّعْنَ قَالَ : «احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ»(1/2)
رواه أبو داود (1810) ، والترمذي (930) وقال : حَسَن صَحِيح . ورواه النسائي(5/117) ، وابن ماجه (2906) ، وأحمد (4/10،11،12) وقال المنذري : وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : لَا أَعْلَم فِي إِيجَاب الْعُمْرَة حَدِيثًا أَجْوَد مِنْ هَذَا وَلَا أَصَحّ مِنْهُ .
فبما أنك قد أديت العمرة عن نفسك فيجوز لك أن تؤديها عن والديك ، وهذا من البر بوالديك ، وتؤجر على هذا الفعل ، ولكن لا يجوز التشريك في النية للعمرة هذه ، أي أن العمرة تكون النية فيها للوالد أو الوالدة فقط ودليل ذلك:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ : لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ . قَالَ : مَنْ شُبْرُمَةُ . قَالَ : أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي . قَالَ : حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ »
رواه أبو داود (1811) ، وابن ماجه (2903) ، وروي مرفوعا وموقوفا ، قَالَ أَحْمَد : رَفْعُهُ خَطَأٌ .
و َقَدْ رَجَّحَ الطَّحَاوِيّ أَنَّهُ مَوْقُوف . وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر : لَا يَثْبُت رَفْعه .
وتلبيتك عن والدك صحيحة . والله أعلم
---
السؤال:
هل المسواك يفطر في رمضان و خصوصا ذو النكهة؟
فلقد تناقشنا نحن الشباب في هذا الموضوع , و أنا أجد أن المسواك ذو النكهة يحتوي على مواد النكهة و التي قد تستخدم في بعض الأغذية.
أبو محمد من الأردن
الجواب:
الحمد لله وبعد
جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : « لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة » رواه البخاري (887) ، ومسلم (252) .(1/3)
وقال الإمام ابن القيم في " زاد المعاد " (4/323) : ويستحب - يعني السواك - للمفطر والصائم في كل وقت لعموم الأحاديث فيه ولحاجة الصائم إليه ، و لأنه مرضاة للرب ، ومرضاته في مطلوبة في الصوم أشد من طلبها في الفطر ولأنه مطهرة للفم والطهور للصائم من أفضل أعمال...
و قال البخاري : قال ابن عمر : يستاك أول النهار وآخره .ا.هـ.
و قال في تعليقه على سنن أبي داود (6/491 - عون المعبود ) : و لو احتج عليه بعموم قوله : « لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة » , لكانت حجة , و بقوله : « السواك مطهرة للفم مرضاة للرب » , و سائر الأحاديث المرغبة في السواك من غير تفصيل.
و لم يجيء في منع الصائم منه حديث صحيح .
فالسواك في الصيام وغيره مستحب ، وقد ورد حديث بالنهي عنه حال الصيام بعد الزوال ونصه :« إذا صمتم فاستاكوا بالغداة , و لا تستاكوا بالعشي فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كانتا نورا بين عينيه يوم القيامة »
رواه الدارقطني (2/204) ، والبيهقي (4/274) . في سنده كيسان أبو عمر ليس بالقوي، وضعفه الدارقطني فقال : كيسان ليس بالقوي ، وذكره الذهبي في الميزان (3/417)
و قال : ضعفه يحيى بن معين . وقال عبد الله بن أحمد : سألت أبي عن كيسان أبي عمر , فقال : ضعيف الحديث
وذكر الذهبي هذا الحديث مما استنكر عليه
وقد جاء عن عدد من الصحابة بجواز السواك في الصوم فمن ذلك :
1- عن زياد بن حُدَير : « ما رأيت أحدا أدأب سواكا و هو صائم من عمر , أراه قال : بعود قد ذوي »
رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/201) ، وهو صحيح
2- عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه لم يكن يرى بأسا بالسواك للصائم
رواه ابن أبي شيبة (9149) ، وسنده صحيح
3 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يستاك إذا أراد أن يروح إلى الظهر وهو صائم
رواه ابن أبي شيبة (9157) ، وسنده صحيح(1/4)
4 - عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل أأتسوك وأنا صائم ؟ قال: نعم ، قلت : أي النهار ؟ قال غدوة أو عشية . قلت إن الناس يكرهونه عشية و يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك» .
قال : سبحان الله !! لقد أمرهم بالسواك وما كان بالذي يأمرهم أن ييبسوا أفواهم عمدا ما في ذلك من الخير شيء بل فيه شر
رواه الطبراني وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/202) : إسناده جيد
فالخلاصة : أن السواك مستحب للصائم سواء كان قبل الزوال أو بعد الزوال .
والله أعلم
أما السواك الذي له نكهة النعناع والليمون وغيرها فقد قال الشيخ محمد المنجد :
ويجتنب ما له مادة تتحلل كالسواك الأخضر وما أضيف إليه طعم خارج عنه كالليمون والنعناع.
---
السؤال:
أريد ان اعرف كيفية المضمضة في الصوم ؟
رضا محمد من مصر
الجواب:
الحمد لله وبعد ؛
المضمضة في الصوم كالمضمضة في غير الصيام ولكن يبتعد عن المبالغة في ذلك لورود النص بذلك .
عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ ؟ قَالَ : « أَسْبِغْ الْوُضُوءَ ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَن تَكُونَ صَائِمًا »
رواه أبو داود (142، 143) ، والترمذي (38) ، والنسائي (1/66، 69) ، وابن ماجه (448) من طريق عاصم بن لقيط بن صبرة به . قال الترمذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وقد جاء النهي عن المبالغة في المضمضة في رواية أخرى ذكرها الدولابي كما ذكر ذلك الزيلعي في " نصب الراية " (1/16) فقال :
"ورواه أبو البشر الدولابي في "جزء جمعه من أحاديث سفيان الثوري" فذكر فيه المضمضة والاستنشاق ، فقال : حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن ابن مهدي ثنا سفيان الثوري عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير بن - هكذا في المطبوع والصواب عن(1/5)
كما سيأتي عند ابن القطان - عاصم بن لقيط عن أبيه لقيط بن صبرة مرفوعاً : « أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في المضمضة والاستنشاق ، إلا أن تكون صائما »، انتهى.
وذكره ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام" بسنده المذكور ، ثم قال : وهذا سند صحيح . وابن مهدي أحفظ من وكيع ، فإن وكيعاً رواه عن الثوري ، لم يذكر فيه المضمضة ، انتهى كلامه .ا.هـ. كلام الزيلعي .
وقال ابن القطان في " بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام " (5/592 -593 رقم 2810) قال :
" وذكر من طريق النسائي عن لقيط بن صبرة قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن الوضوء؟ قال : « أسبغ الوضوء ، وبالغ في الاستنشاق ، إلا أن تكون صائما »
وهو صحيح ، وترك منه زيادة ذكرها الثوري في رواية عبد الرحمن بن مهدي ، عنه ، وهي الأمر بالمبالغة أيضا في المضمضة .
ولفظ النسائي ، هو من رواية وكيع عن الثوري .
وابن مهدي أحفظ من وكيع ، وأجل قدرا .
قال أبو بشر الدولابي - فيما جمع من حديث الثوري - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن أبي هاشم عن عاصم بن لقيط ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في المضمضة والاستنشاق ، إلا أن تكون صائما » . وهذا صحيح .ا.هـ.
قال صاحب عون المعبود (6/492) : واعلم أنه يكره للصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق لحديث الأمر بالمبالغة في ذلك إلا أن يكون صائما .
وَاخْتُلِفَ إِذَا دَخَلَ مِنْ مَاء الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق إِلَى جَوْفه خَطَأ , فَقَالَتْ الْحَنَفِيَّة وَمَالِك وَالشَّافِعِيّ فِي أَحَد قَوْلَيْهِ وَالْمُزَنِيّ إِنَّهُ يُفْسِد الصَّوْم وَقَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَاب الشَّافِعِيّ إِنَّهُ لَا يُفْسِد الصَّوْم كَالنَّاسِي .ا.هـ.
والصحيح أنه لا يفسد صومه إن كان خطأ
والله أعلم
---
السؤال:(1/6)
في الأيام الأخيرة بدأت الدورة الشهرية لا تتأخر كثيراً، فمثلا تبدأ بإفرازات غير الدم وذلك قد يصل إلى ثلاث أو أربعة أيام ثم بعدها ينزل الدم، فهل أصوم في أيام هذه الافرازات أم أفطر، واليوم بدأت معي هذه الافرازات وأنا صائمة لم افطر فماذا افعل ؟
خديجة من ليبيا
الجواب:
الحمد لله وبعد ؛
الإفرزات التي تأتي المرأة على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ما كان قبل الحيض:
قال عبد الرزاق في المصنف (1/302) : أخبرنا ابن جريج قال : قلت لعطاء : ترى أيام حيضتها ومع حيضتها صفرة تسبق الدم ، أو ماءً ، أحيضة ذلك ؟ قال : لا ، ولا تضع الصلاة حتى ترى الدم - أي دم الحيض - ، أخشى أن تكون من الشيطان ليمنعها من الصلاة .
وسنده صحيح إلى عطاء
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين سؤالا نصه :
سئل : عن حكم السائل الأصفر الذي ينزل من المرأة قبل الحيض بيومين ؟
فأجاب فضيلته - رحمه الله - بقوله : إذا كان هذا السائل أصفرا قبل أن يأتي الحيض فإنه ليس بشيء لقول أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ : كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ شَيْئًا . أخرجه البخاري ، وفي رواية لأبي داود : " كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا " . فإذا كانت هذه الصفرة قبل الحيض ثم تنفصل بالحيض فإنها ليست بشيء ، أما إذا علمت المرأة أن هذه الصفرة هي مقدمة الحيض فإنها تجلس حتى تطهر .ا.هـ.
مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين (11/280).
القسم الثاني : نوع يخرج من مخرج البول وهو نجس .(1/7)
القسم الثالث : نوع يخرج من الرحم وهو المسمى بالإفرازات المهبلية، وقد اختلف الفقهاء في حكمه، فذهب الحنفية والحنابلة وهو وجه عند الشافعية إلى القول بطهارتها، مستدلين بحديث عائشة في الصحيحين حيث كانت تفرك المني من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه، ومنيه صلى الله عليه وسلم من جماع، وهذا المني يلاقي رطوبة فرج المرأة، فلو كانت الإفرازات نجسة لحكمنا بنجاسة مني الرجل ومني المرأة، لأنهما يلاقيان هذه الرطوبة ويختلطان بها.
وذهب المالكية والشافعية وهو وجه عند الحنابلة إلى أنها نجسة، مستدلين بأن الأصل في الخارج من السبيلين النجاسة، وإنما استثنى المني - عند من يقول بعدم نجاسته - بالدليل الوارد.
والظاهر أن الأحوط هو الأخذ بالقول الأخير . والله أعلم
---
السؤال:
جامعت زوجتي على أساس أنها قد طهرت و أن فترة الحيض قد انتهت، ولكن فوجئت زوجتي بنزول الحيض في اليوم التالي و بانها لم تطهر بعد، فهل علي أثم في ذلك، واذا كان فما الواجب فعله ؟
أبو حسن من اليمن
الجواب:
أولا : المعتاد أن الزوجة تعرف أيام عادتها وبناء على ذلك لا يكون الجماع إلا بعد أن تنتهي أيام العادة ، ثم تغتسل المرأة ، ثم يحصل الجماع بعد ذلك لقول الله تعالى : " وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [ البقرة : 222] .
قال ابن كثير في تفسيره : " وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْمَرْأَة إِذَا اِنْقَطَعَ حَيْضهَا لَا تَحِلّ حَتَّى تَغْتَسِل بِالْمَاءِ أَوْتَتَيَمَّم إِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِشَرْطِهِ " .(1/8)
أما ما يتعلق بسؤالك فإن كانت متأكدة من أيام عادتها ، ثم بعد ذلك جاء الحيض مرة أخرى لسبب مثل اضطراب العادة ، وأنت قد جامعتها في الطهر فلا شيء عليك .
وإن كانت تعلم ولكنها فعلت ذلك رغبة في إرضائك فإنها تأثم بهذا الفعل وعليها التوبة إلى الله فقط . والله أعلم
http://alsaha.fares.net/sahat?14@2.EtpncjlrQvq%5e0@.ef3aaf3رابط الموضوع
http://www.islamway.com/ramadan1423/index.php?pagee=askimam.php
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/9)
أين موضع صلوا في رحالكم ؟
أين يقول المؤذن (صلوا في رحالكم) عند شدة المطر؟أفيدوني أحسن الله إليكم.
الجواب :
لقد جاءت الأحاديث والتي ظاهرها التعارض في مكان النداء للصلاة في الرحال :
1 - عن نَافِعٌ قَالَ : أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ ، ثُمَّ قَالَ : صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ : " أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ " فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ . رواه البخاري (616) ، ومسلم (699) .
فهذا الحديث ظاهر أن قول : " أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ " يكون بعد الفراغ من الأذان ، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " : صَرِيح فِي أَنَّ الْقَوْل الْمَذْكُور كَانَ بَعْدَ فَرَاغ الْأَذَان .ا.هـ.
2 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ : إِذَا قُلْتَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَلَا تَقُلْ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، قُلْ : صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ ، قَالَ : فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَاكَ فَقَالَ : أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا ، قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، إِنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكُمْ فَتَمْشُوا فِي الطِّينِ وَالدَّحْضِ . رواه البخاري (632) ، ومسلم (697) واللفظ له .
ولفظ الحديث ظاهر في أن المؤذن يقول : " صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ " مكان " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " .(1/1)
3 - عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ يَقُولُ : أَنْبَأَنَا رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ فِي السَّفَرِ - يَقُولُ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ .
رواه عبد الرزاق في " المصنف " (1925) ، والنسائي (2/14) ، وأحمد (5/373) .
- الجمع بين هذه الأحاديث :
قال الإمام النووي في " شرح صحيح مسلم " (5/207) : وَفِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنْ يَقُول : أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالكُمْ فِي نَفْس الْأَذَان , وَفِي حَدِيث اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ فِي آخِر نِدَائِهِ . وَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - فِي الْأُمّ فِي كِتَاب الْأَذَان , وَتَابَعَهُ جُمْهُور أَصْحَابنَا فِي ذَلِكَ , فَيَجُوز بَعْد الْأَذَان , وَفِي أَثْنَائِهِ لِثُبُوتِ السُّنَّة فِيهِمَا , لَكِنَّ قَوْله بَعْده أَحْسَن لِيَبْقَى نَظْم الْأَذَان عَلَى وَضْعه , وَمِنْ أَصْحَابنَا مَنْ قَالَ : لَا يَقُولهُ إِلَّا بَعْد الْفَرَاغ , وَهَذَا ضَعِيف مُخَالِف لِصَرِيحِ حَدِيث اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا , وَلَا مُنَافَاة بَيْنه وَبَيْن الْحَدِيث الْأَوَّل حَدِيث اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ; لِأَنَّ هَذَا جَرَى فِي وَقْت وَذَلِكَ فِي وَقْت , وَكِلَاهُمَا صَحِيح .ا.هـ.
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=8300
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
إذا سلم الإمام بعد ثلاث تكبيرات أثناء الصلاة على الجنازة
السؤال:
اذا سلم الامام بعد ثلاث تكبيرات أثناء الصلاة على الجنازة سهوا فماذا عليه ؟
الجواب:
الجواب فيه تفصيل :
أولا : إن فعل ذلك متعمدا فلا شك في بطلان الصلاة .
ثانيا : الحالات :
1 - إن كان قبل أن تدفن الجنازة أتم التكبيرة التي نسيها .
2 - إن طال الفصل استأنف الصلاة من أولها .
3 - إذا تذكر بعد دفن الميت ولم يكن صلى على الميت إلا تلك الصلاة فإنه يصلي على قبره لأنه بمنزلة من لم يصل .
ولا يشرع لها في الحالات المذكورة سجود سهو .
والمأمومون في ذلك حكمهم حكم الإمام.
قال ابن قدامة في " المغني " : فَإِنْ نَقَصَ مِنْهَا تَكْبِيرَةً عَامِدًا بَطَلَتْ ، كَمَا لَوْ تَرَكَ رَكْعَةً عَمْدًا ، وَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا احْتَمَلَ أَنْ يُعِيدَهَا ، كَمَا فَعَلَ أَنَسٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُكَبِّرَهَا ، مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ ، كَمَا لَوْ نَسِيَ رَكْعَةً ، وَلَا يُشْرَعُ لَهَا سُجُودُ سَهْوٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=8f210d680d7be4b56df6aa7b2f5bd1c4&threadid=8997
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
بَابٌ هَلْ يُقَالُ : " إِنَّنِي أَعْشَقُ اللهَ أَو أَعْشَقُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ؟
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ؛
هذا بحثٌ عن حُكمِ إطلاقِ لفظِ العشقِ أو العاشقِ في حقِ اللهِ والنبي صلى اللهُ عليه وسلم ، فيقولُ أحدهم : " إِنَّنِي أَعْشَقُ اللهَ أَو أَعْشَقُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَو يقولُ : " إِنِّيْ عَاشقٌ للهِ أَو عَاشقٌ لِلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .
ومدارُ البحثِ سيكونُ في ثلاثِ نقاطٍ :
النقطة الأولى :
الحرصُ على استخدامِ الألفاظِ الشرعيةِ الواردةِ في الكتابِ والسنةِ ، وذلك أن اللفظَ الشرعي أقوى وأعمقُ وأدلُ على مقصودهِ مما سواهُ ، ولو نظرنا إلى نصوصِ الكتابِ والسنةِ لم نجد لفظَ العشقِ فيهما ، ولم يرد هذا اللفظُ في شيءٍ من نصوصِ الوحي ، ولا على لسانِ أحدٍ من الصحابةٍ رضوان اللهِ عليهم ، وإنما جاء بلفظ المحبة ، قالَ تعالى : " وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه " [ البقرة : 165 ] ، وقال تعالى : " فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه " [ المائدة : 54 ]
وَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ " .
أخرجهُ البخاري (21) ، ومسلم (43) .
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ " .(1/1)
أخرجهُ البخاريُّ (15) ، ومسلمٌ (44) .
والنصوصُ في هذا البابِ كثيرةٌ جداً ، ذكرنا بعضاً منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر .
قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ – رحمهُ اللهُ – في " مجموعِ الفتاوى " (19/235 – 236) : " الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّقَ اللَّهُ بِهَا الْأَحْكَامَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ : مِنْهَا مَا يُعْرَفُ حَدُّهُ وَمُسَمَّاهُ بِالشَّرْعِ فَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ : كَاسْمِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ ؛ وَالْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ ؛ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ .
وَمِنْهُ مَا يُعْرَفُ حَدُّهُ بِاللُّغَةِ ؛ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ؛ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ؛ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ .
وَمِنْهُ مَا يَرْجِعُ حَدُّهُ إلَى عَادَةِ النَّاسِ وَعُرْفِهِمْ فَيَتَنَوَّعُ بِحَسَبِ عَادَتِهِمْ ؛ كَاسْمِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْقَبْضِ وَالدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ ؛ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَمْ يَحُدَّهَا الشَّارِعُ بِحَدِّ ؛ وَلَا لَهَا حَدٌّ وَاحِدٌ يَشْتَرِكُ فِيهِ جَمِيعُ أَهْلِ اللُّغَةِ بَلْ يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ النَّاسِ .
فَمَا كَانَ مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ فَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا كَانَ مِنْ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ الْمُخَاطَبُونَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَدْ عَرَفُوا الْمُرَادَ بِهِ ؛ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِمُسَمَّاهُ الْمَحْدُودِ فِي اللُّغَةِ أَوْ الْمُطْلَقِ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَتُهُمْ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ شَرْعِيٍّ وَلَا لُغَوِيٍّ وَبِهَذَا يَحْصُلُ التَّفَقُّهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .(1/2)
وَالِاسْمُ إذَا بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ مُسَمَّاهُ لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَلَهُ عَنْ اللُّغَةِ أَوْ زَادَ فِيهِ بَلْ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ عَرَفَ مُرَادَهُ بِتَعْرِيفِهِ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَمَا كَانَ الْأَمْرُ ؛ فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ " .ا.هـ.
النقطةُ الثانيةُ :
بعد التقرير الذي جاء في النقطةِ الأولى ، نأتي على نقطةٍ أرى أنها من الأهميةِ بمكانٍ ، ولها صلةٌ بإطلاقِ لفظِ " العاشقِ " على النبي صلى اللهُ عليه وسلم وهي : قولُ القائلِ : " إني أعشقُ اللهَ " أو " قلبي عاشقٌ للهِ " ، بمعنى إطلاقُ لفظِ العشقِ في حقِ اللهِ .
لقد تكلم علماءُ الأمةِ على هذهِ المسألةِ ، وبينوا حكمها ، وسأكتفي بنقلِ نصوصهم فيها .
قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ – رحمهُ اللهُ – في " مجموعِ الفتاوى " (10/130 – 131) : " وَالنَّاسُ فِي الْعِشْقِ عَلَى قَوْلَيْنِ : قِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِرَادَاتِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ : مِنْ بَابِ التَّصَوُّرَاتِ ، وَأَنَّهُ فَسَادٌ فِي التَّخْيِيلِ ، حَيْثُ يَتَصَوَّرُ الْمَعْشُوقُ عَلَى مَا هُوَ بِهِ ، قَالَ هَؤُلَاءِ : وَلِهَذَا لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِالْعِشْقِ وَلَا أَنَّهُ يَعْشَقُ ؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يُحْمَدُ مَنْ يَتَخَيَّلُ فِيهِ خَيَالًا فَاسِدًا .
وَأَمَّا الْأَوَّلُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يُوصَفُ بِالْعِشْقِ فَإِنَّهُ الْمَحَبَّةُ التَّامَّةُ ؛ وَاَللَّهُ يُحَبُّ وَيُحِبُّ ، وَرُوِيَ فِي أَثَرٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ : " لَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ يَعْشَقُنِي وَأَعْشَقُهُ " ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ الصُّوفِيَّةِ .(1/3)
وَالْجُمْهُورُ لَا يُطْلِقُونَ هَذَا اللَّفْظَ فِي حَقِّ اللَّهِ ؛ لِأَنَّ الْعِشْقَ هُوَ الْمَحَبَّةُ الْمُفْرِطَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْحَدِّ الَّذِي يَنْبَغِي ، وَاَللَّهُ تَعَالَى مَحَبَّتُهُ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَلَيْسَتْ تَنْتَهِي إلَى حَدٍّ لَا تَنْبَغِي مُجَاوَزَتُهُ " .ا.هـ.
والأثرُ الذي أوردهُ شيخُ الإسلامِ سيذكر ابنُ القيمِ الحكمَ عليه عند النقلِ من " روضةِ المحبين " .
ونقلَ في " الفتوى الحمويةِ الكبرى " – وهي ضمن مجموع الفتاوى (5/80) – عن أبي عبدِ اللهِ محمدِ بنِ خفيفٍ في كتابهِ الذي سماه " اعتقاد التوحيد بإثباتِ الأسماءِ والصفاتِ " ما نصه : " وَإِنَّ مِمَّا نَعْتَقِدُهُ تَرْكُ إطْلَاقِ تَسْمِيَةِ " الْعِشْقِ " عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِاشْتِقَاقِهِ وَلِعَدَمِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ . وَقَالَ : أَدْنَى مَا فِيهِ إنَّهُ بِدْعَةٌ وَضَلَالَةٌ وَفِيمَا نَصَّ اللَّهُ مِنْ ذِكْرِ الْمَحَبَّةِ كِفَايَةٌ " .ا.هـ.
وقالَ الإمامُ ابنُ القيم – رحمهُ اللهُ – في " إغاثةِ اللهفان " (2/133) : " ولما كانتِ المحبةُ جنساً تحتهُ أنواعٌ متفاوتةٌ في القدرِ والوصفِ ، كان أغلبُ ما يُذكرُ فيها في حقِ اللهِ تعالى : ما يختصُ بهِ ويليقُ بهِ ، كالعبادةِ والإنابةِ والإخباتِ ، ولهذا لا يذكرُ فيها لفظُ العشقِ والغرامِ والصبابةِ والشغفِ والهوى ، وقد يذكر لها لفظُ المحبةِ كقوله : " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [ المائدة : 54 ] ، وقولهِ : " قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ " [ آل عمران : 31 ] ، وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه " [ البقرة : 165 ] " .ا.هـ.(1/4)
وقالَ ابنُ القيمِ أيضاً في " طريقِ الهجرتين " ( ص 537 ) في فصلٍ لهُ عن جوازِ إطلاقِ الشوقِ على اللهِ : " والصوابُ أنهُ يقالُ : إطلاقهُ – أي الشوق – متوقفٌ على السمعِ ، و لم يرد به ؛ فلا ينبغي إطلاقهُ ، وهذا كلفظِ العشقِ أيضاً ، فإنهُ لم يرد به سمعٌ ، فإنهُ يمتنعُ إطلاقهُ عليهِ سبحانهُ ، واللفظُ الذي أطلقهُ سبحانهُ على نفسهِ وأخبر بهِ عنها أتمُ من هذا و أجلُ شأناً ، هو لفظُ المحبةِ ... وهكذا المحبةُ وصف نفسهُ منها بأعلاها وأشرفها فقال : " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [ المائدة : 54 ] ، " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ " [ البقرة : 222 ] ، " يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ البقرة : 195 ] ، و " يُحِبُّ الصَّابِرِينَ " [ آل عمران : 146 ] ، ولم يصف نفسهُ بغيرها من العلاقةِ والميلِ والصبابةِ والعشقِ والغرامِ ونحوها ، فإن مسمى المحبةِ أشرفُ وأكملُ من هذه المسمياتِ ، فجاء في حقهِ إطلاقه دونها " .ا.هـ.(1/5)
وقالَ في " روضةِ المحبين " ( ص 28 – 29 ) بعد تعريفهِ " للعشقِ " : " وقد اختلف الناسُ هل يطلقُ هذا الاسم في حقِ اللهِ تعالى ؟ فقالت طائفةٌ من الصوفيةِ : لا بأس بإطلاقهِ ، وذكروا فيه أثراً لا يثبتُ وفيه : " فإذا فعل ذلك عشقني وعشقته ، " وقال جمهورُ الناسِ : لا يطلقُ ذلك في حقهِ سبحانهُ وتعالى ، فلا يقالُ : " إنهُ يعشقُ " ، ولا يقالُ : " عشقهُ عبدهُ " ، ثم اختلفوا في سببِ المنعِ على ثلاثةِ أقوالٍ ، أحدها : عدم التوقيف – أي : عدمُ ورودِ النصِ - بخلافِ المحبةِ ، الثاني : أن العشقَ إفراطُ المحبةِ ، ولا يمكنُ ذلك في حقِ الربِ تعالى ، فإن اللهَ تعالى لا يوصفُ بالإفراطِ في الشيءِ ، ولا يبلغُ عبدهُ ما يستحقهُ من حبهِ فضلاً أن يقالَ : " أفرطَ في حبهِ " ، الثالث : أنه مأخوذٌ من التغيرِ كما يقالُ للشجرةِ المذكورةِ : " عَشَقةٌ " ، ولا يطلقُ ذلك على اللهِ سبحانه وتعالى " .اهـ.
وقالَ أبو الفرجِ ابنُ الجوزي في " تلبيسِ إبليس " (3/1011 – 1013) عند سياق ما يروى عن الصوفيةِ من سوء الاعتقادِ : " قال السراجُ : " وبلغني أن أبا الحسين النوري شهد عليه غلامُ الخليلِ أنه سمعهُ يقولُ : " أنا أعشقُ اللهَ وهو يعشقني " ، فقال النوري : " سمعتُ اللهَ يقولُ : " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [ المائدة : 54 ] ، وليس العشقُ بأكثر من المحبةِ .
قال القاضي أبو يعلى : " وقد ذهبت الحلوليةُ إلى أن اللهَ تعالى يُعشقُ " . [ قال محققُ الكتابِ في الحاشيةِ : " كتابُ المعتمدِ في أصولِ الدينِ ( ص 76 ) وعبارتهُ : " وذاتُ الباري لا يجوزُ أن تُعشَقَ ، خلافاً للحلوليةِ في قولهم : " إنها تُعشقُ " ] .(1/6)
قالَ المصنفُ ( أي : ابن الجوزي ) : قلتُ : وهذا جهلٌ من ثلاثةِ أوجهٍ : أحدها : من حيث الاسم ، فإن العشق عند أهلِ اللغة لا يكونُ إلا لما ينكحُ ، والثاني : أن صفاتِ اللهِ منقولةٌ ، وهو يُحِبُّ ولا يقالُ : " يَعْشَقُ " ، ويُحَبُّ ولا يقالُ : " يُعشقُ ... والثالث : من أين لهُ أن اللهَ يحبهُ ؟ وهذه دعوى بلا دليل ... " .ا.هـ.
وقالَ ابنُ أبي العزِ شارحُ الطحاوية (1/166) عند ذكرهِ لمراتبِ المحبةِ : " السابعةُ : العشق : وهو الحبُّ المُفرطُ الذي يُخافُ على صاحبهِ منه ، ولكن لا يُوصفُ به الربُّ تعالى ، ولا العبدُ في محبةِ ربهِ ، وإن قد أطلقهُ بعضهم . واختُلِفَ في سببِ المنعِ ، فقيل : عدمُ التوقيفِ ، وقيل غيرُ ذلك ، ولعل امتناعَ إطلاقهِ أن العشقَ محبةٌ مع شهوةٍ " .ا.هـ.
وقال الشيخُ الدكتورُ بكرٌ أبو زيد في " معجمِ المناهي اللفظيةِ " ( ص 368 ) : " عاشقُ اللهِ : هذا مما يتسمى به الأعاجم من الهنودِ ، وغيرهم ، وهي تسميةٌ لا تجوزُ ، لما فيها من سوءِ الأدبِ مع اللهِ تعالى ، فلفظُ : " العشق " لا يطلقُ على المخلوقِ للخالقِ بمعنى : محبة اللهِ ، ولا يوصفُ به اللهُ – سبحانهُ – " .ا.هـ.
وقال أيضاً ( ص 392 ) : " العشقُ : فيه أمران : 1 – منعُ إطلاقهِ على اللهِ تعالى : ذكر ابنُ القيمِ – رحمه اللهُ – خلافَ طائفةِ من الصوفيةِ في جوازِ إطلاقِ هذا الاسمِ في حقِ اللهِ تعالى ، وذكروا فيه أثراً لا يثبتُ ، وأن جمهورَ الناسِ على المنعِ ، فلا يقالُ : " إن اللهَ يعشقُ ، ولا عشقهُ عبدهُ ، وذكر الخلافَ في علةِ المنعِ ... " .ا.هـ.
وبعد عرض هذه النصوصِ من علماءِ الأمةِ ، يظهرُ جلياً حكمُ إطلاقِ العشقِ على اللهِ .
النقطةُ الثالثةُ :
بعد النقولِ السابقةِ في إطلاقِ العشقِ على اللهِ ، نأتي على إطلاقهِ على النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، وهل يقالُُ عنه : " عاشقٌ " ؟(1/7)
إن المتتبعَ لنصوصِ السنةِ ، وأقوالِ الصحابةِ الذين نزل القرآنُ بلغتهم ، وهم أهلُ اللغةِ الأقحاحِ ، لن يجد هذا اللفظ في حق النبي صلى اللهُ عليه ، فلم يقولوا : " نحن نعشقُ الرسولَ صلى الله عليه وسلم " ، بل كانوا يطلقون لفظ : " المحبة " ، وقد نقلتُ من النصوصِ ما يثبتُ ذلك في النقطةِ الأولى ، فيمنعُ من إطلاقِ العشق في حقِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم .
وأكتفي بما ذكرهُ العلامةُ الشيخُ بكر أبو زيد في " معجمِ المناهي اللفظية " ( ص 392 ) فقال : " 2 – امتناعُ إطلاقهِ في حق النبي صلى اللهُ عليه وسلم كما في اعتراضاتِ ابنِ أبي العزِ الحنفي على قصيدةِ ابم أيبك ، لأن العشقَ هو الميلُ مع الشهوةِ ، وواجبٌ تنزيهُ النبي صلى اللهُ عليه وسلم إذ الأصلُ عصمتهُ صلى اللهُ عليه وسلم " .ا.هـ.
واللهُ أعلم .
---
السؤال :
ماحكم التسمى بهذه الأسماء المستعارة عبر المنتديات :
عاشق الشهادة/عاشق الجنة/ عاشق الرسول / عاشق النبي / عاشق القرآن/ عاشق المدينة / عاشق مكة/ عاشق قطر/ عاشق الكويت / عاشق المجد / عاشق الرياضيات / عاشق العلم/ عاشق الإسلام/عاشق الشهادة
أي كل مايتعلق بكلمة عاشق وعشق ؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعشق هو إلافراط في الحب، ويكون في عفاف الحب ودعارته، والأصل فيه الرجل يعشق المرأة.
قال ابن القيم: العشق والشرك متلازمان وإنما حكاه الله عن المشركين من قوم لوط، وعن امرأة العزيز ، وذكر الشيخ بكر أبو زيد عن أكثر أهل العلم المنع من إطلاقه على الله أو على رسوله خلا فا للصوفية ( راجع معجم المناهي اللفظية ) ، أما حب البلدان وغيرها فالأولى التعبير عنه بالحب لا العشق ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حق مكة: ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ) رواه الترمذي وصححه الألباني . وقوله: أحد جبل يحبنا ونحبه. رواه البخاري.
والله أعلم.(1/8)
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Istisharat/ShowFatwa.php?lang=A&Id=52194&Option=FatwaId
السؤال
هل يجوز إطلاق العشق في حق الله ؟ كقول بعضهم "إني أعشق الله" أو "قلبي عاشق لله"
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي إطلاق لفظ العشق في حق الله تعالى، لأن الألفاظ الشرعية ينبغي أن يقتصر فيها على ما جاء في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يرد هذا اللفظ في شيء من نصوص الوحي ولا على لسان أحد من الصحابة رضوان الله عليهم .
وإنما جاء بلفظ المحبة، كقوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه [البقرة: ة165] .
وقوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [المائدة: 54] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما... الحديث رواه البخاري ومسلم .
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان : ولما كانت المحبة جنسا تحته أنواع متفاوتة في القدر والوصف، كان أغلب ما يذكر فيها في حق الله تعالى ما يختص به ويليق به، كالعبادة والإنابة والإخبات، ولهذا لا يذكر فيها العشق والغرام والصبابة والشغف والهوى.. وقد يذكر لفظ المحبة كقوله تعالى: يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه [المائدة: 54] .
والحاصل، أن المسلم ينبغي له أن يتقيد بالألفاظ الشرعية ولا يجوز له أن يطلق ألفاظا في حق الله تعالى لم ترد في الكتاب ولا في السنة.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 22296.
والله أعلم.
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د . عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Istisharat/ShowFatwa.php?lang=A&Id=38249&Option=FatwaId
فتوى(1/9)
س 1 : إن كثيراً من الناس يسمون : عاشق الله ، ومحمد الله ، ومحب الله ، فهل يجوز التسمية بهذه الأسماء أم لا ؟
ج 1 : في التسمية بعاشق الله سوء أدب .
ولا بأس بالتسمية بمحمد الله ، ومحب الله ، والأولى ترك ذلك ، والتسمية بالتعبيد لله أو نحو محمد وصالح وأحمد ونحو ذلك ، من غير إضافة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نائب رئيس اللجنة : عبدالرزاق عفيفي
عضو : عبدالله بن قعود
عضو : عبدالله بن غديان
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/10)
الإجابة على مجموعة من الأسئلة
LANA
1- هل صحيح انه لا يجوز الكلام اثناء الوضوء ???????
الجواب :
اختلف أهل العلم في الكلام حال الوضوء على قولين :
القول الأول : أنه مكروه وإلى هذا ذهب المالكية والحنابلة .
القول الثاني : أنه خلاف الأولى ، وإليه ذهب الحنفية والشافعية .
قال صاحب كتاب " مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى " :
وَكُرِهَ كَلَامٌ حَالَةَ وُضُوءٍ ) , قَالَهُ جَمَاعَةٌ . قَالَ فِي " الْفُرُوعِ : " وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ , كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ . ( وَالْمُرَادُ ) بِالْكَرَاهَةِ هُنَا : ( تَرْكُ الْأَوْلَى ) , وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ .ا.هـ.
ولم يذكر دليلا ، وكما هو معلوم أن الكراهة حكم شرعي ، فالذي يظهر والله أعلم أن الكلام حال الوضوء جائز ولا شيء فيه .
---
2 - معروف انه يجب ان يكرر الإنسان ما يقوله المؤذن فإذا كان الصوت لا يصل بوضوح وتتداخل أصوات المؤذنين أثناء الأذان فلا أستطيع ان أميز مع من كنت اردد هل يجوز لي ان اردد الأذان لوحدي وبعده أقول الدعاء المعروف ام يجب ان يكون حصريا الترديد وراء المؤذن ???????
الجواب :
لا شك أن الترديد مع المؤذن مما جاءت النصوص بالترغيب فيه ومن ذلك :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ . رواه مسلم (577) .(1/1)
وقد اختلف أهل العلم في الترديد مع المؤذن هل هو للوجوب أم أنه سنة مؤكدة ، ليس هذا موطن بسط المسألة .
أما الجواب على السؤال :
ذكر الإمام النووي رحمه الله هذه المسألة في "المجموع شرح المهذب ، كتاب الصلاة ، باب الأذان ، مستحبات الأذان وفيه مسائل ، فرع متابعة المصلي المؤذن في الصلاة " فقال :
إذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا بَعْدَ مُؤَذِّنٍ , هَلْ يَخْتَصُّ اسْتِحْبَابُ الْمُتَابَعَةِ بِالْأَوَّلِ ؟ أَمْ يُسْتَحَبُّ مُتَابَعَةُ كُلِّ مُؤَذِّنٍ ؟
فِيهِ خِلَافٌ لِلسَّلَفِ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ , وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا لِأَصْحَابِنَا , وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمِلَةٌ , وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُقَالَ : الْمُتَابَعَةُ سُنَّةٌ مُتَأَكِّدَةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا لِصَرِيحِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِالْأَمْرِ بِهَا , وَهَذَا يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ , وَأَمَّا أَصْلُ الْفَضِيلَةِ وَالثَّوَابِ فِي الْمُتَابَعَةِ فَلَا يَخْتَصُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين في " مجموع فتاويه " (12/196 - 197) :
هل يلزم متابعة كل مؤذن في البلد أو يكتفى بالأول ؟
فأجاب :
إجابة المؤذن ليست بلازمة لا في أول مؤذن ولا في آخر مؤذن .(1/2)
لكن هل يشرع ويستحب فأنا أقول : الفقهاء - رحمهم الله - يقولون : إنه يجيب المؤذن لكما سمعه واستدلوا بعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ " . وهذ عام إلا أنهم استثنوا إذا صلى فإنه لا يجيب المؤذن ، يعني لو فرضنا أن أحد من المؤذنين تأخر ولم يؤذن إلا بعد أن صليت قالوا : فهنا لا يجيب المؤذن ، وعللوا ذلك بأنه غير مدعو بهذا الأذان ، لأن المؤذن هذا يقول : حي على الصلاة ، وأنت قد صليت . فلا تُجيبه في هذه الحال ، لكن لو أجبته فأنت على خير أخذا بالعموم : " إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ " .ا.هـ.
فكما نرى أن الشيخ لا يرى بوجوب الترديد مع المؤذن حال الأذان بناء على أنه سنة وليس بواجب .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^43@.ef17f73/1
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
التحقيق في مسألة القيام للداخل
السؤال:
ما هو التحقيق في مسألة القيام للداخل ؟هل كما قال شيخ الإسلام أن مرجعها للعرف ؟أم التحريم لحالة خاصه ؟نود الجمع بين الأدله
الجواب :
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في " فتاوى ومقالات متنوعة " (4/394) في أنواع القيام :
والقيام ثلاثة أقسام كما قال العلماء :
القسم الأول : أن يقوم عليه وهو جالس للتعظيم ، كما تعظم العجم ملوكها وعظماءها ، كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا لا يجوز ، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلسوا لما صلى بهم قاعدا ، أمرهم أن يجلسوا ويصلوا معه قعودا ، ولما قاموا قال : كدتم أن تعظموني كما تعظم الأعاجم رؤساءها .
القسم الثاني : أن يقوم لغيره واقفا لدخوله أو خروجه من دون مقابلة ولا مصافحة ، بل لمجرد التعظيم ، فهذا أقل أحواله أنه مكروه ، وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يقومون للنبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليهم ، لما يعلمون من كراهيته لذلك عليه الصلاة والسلام .
القسم الثالث : أن يقوم مقابلا للقادم ليصافحه أو يأخذ بيده ليضعه في مكان أو ليجلسه في مكانه ، أو ما أشبه ذلك ، فهذا لا بأس به ، بل هو من السنة كما تقدم .
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=10058
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
التورقُ كما تجريهِ بعضُ المصارفِ في الوقتِ الحاضرِ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
كنتُ أبحثُ في محركاتِ البحثِ عن موضوعٍ معينٍ ، ومن بين المقالاتِ التي وقعت يدي عليها خبرٌ نشر في جريدةِ " الرياض " بتاريخِ الخميس 24 شوال 1424 هـ - العدد 12963 - السنة 39 ،وعنوانُ المقالِ :
المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي يدعو رجال الفقه والقانون والسياسة في العالم للاتفاق على تعريف محدد للإرهاب
وقد أخذ القرارُ عن الإرهابِ نصيب الأسد ، من تلك الدورةِ .
ومن ضمن القراراتِ المهمةِ للمجمعِ الفقهي الإسلامي في تلك الدورةِ ، والتي لم تكنْ بذاتِ أهميةٍ بسبب أن القرارَ الذي أخذ نصيباً كبيراً هو ما سبق والمتعلق بـ " الإرهاب " ، قرارٌ يهمُ شريحة كبيرة من الناسِ ممن لهم اهتمامٌ بالتعاملِ مع المصارفِ في مسألةِ " التورق " ، وعنوانُ القرارِ :
التورقُ كما تجريهِ بعضُ المصارفِ في الوقتِ الحاضرِ
والمقصودُ بالمصارفِ هي التي فتحت فرعاً إسلامياً داخل البنكِ الربوي ، فيدخلُ الداخل إلى البنكِ الربوي والإسلامي من بابٍ واحدٍ ، كما تصبُ اموالُ الربوي والإسلامي لذلك البنكِ في خزينةٍ واحدةٍ .
وقد انتشرت في هذه المصارفِ معاملةٌ يطلقُ عليها " التورق " ، وهي أيضاً يطلقُ عليها " التورق المصرفي " ، وفرقٌ بين " التورق " الفقهي الذي أجازه جمهورُ أهلِ العلمِ ، وبين " التورق المصرفي " الذي أشار إليه قرارُ المجمعِ الفقهي الإسلامي .
والفرقُ بين التورقِ الفقهي الجائزِ والتورقِ المصرفي أن التورقَ الفقهي يحققُ حاجةَ السيولةِ النقديةِ للمتورقِ ، وهي حاجةٌ جائزةٌ كما ذهب لذلك الأغلبية ، ولكن البنك في التورق المصرفي إنما يدخل في تيسيير عملية التورق فقط بحاجة تنمية أمواله فهو يريد أن يحقق عوائد على رأسماله وشراؤه للسلعة نقدا لكي يبيعها بالأجلِ .(1/1)
إن البنكَ في عملياتِ المرابحةِ إنما يحققُ مقصداً شرعياً مقبولاً وهو التيسيرُ على العملاءِ للحصولِ على السلعِ التي لا يستطيعون دفع ثمنها نقدا ، فيشتريها ويبيعها لهم بالمرابحةِ ويحققِ أرباحاً مشروعةً من هذا التداول المفيد للسلع ، أما مقصدُ البنكِ في عملياتِ التورقِ فهو ليس التوسط الاستثماري لمساعدةِ العملاءِ في الحصولِ على السلعِ وإنما مقصدهُ الأساسي هو توفيرُ السيولةُ النقديةُ لهم وتحقيقُ المكاسبِ من خلالِ ذلك، فشتان بين هذا المقصد وذاك. عميل البنك المشتري بالمرابحة من حقه أن يبيع السلعة إذا احتاج للنقد، وهذا هو التورق الفقهي أو الفردي المشروع، أما أن يتدخل البنك ليتاجر بحاجة الناس للسيولة ويحقق عوائد له عبر آليات شكلية وهمية فهذا هو الذي يكون محل نظر .
وقد أصدر المجمعُ الفقهي الإسلامي قراراً سابقاً بجوازِ بيعِ التورقِ ونصه :
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لانبي بعده ، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة التي بدأت يوم السبت 11 رجب 1419 هـ الموافق 31 /10 / 1998 م قد نظر في موضوع حكم بيع التورُّق .
وبعد التداول والمناقشة ، والرجوع إلى الأدلة ، والقواعد الشرعية ، وكلام العلماء في هذه المسألة قرر المجلس مايأتي :
أولاً : أن بيع التورُّق : هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه، بثمن مؤجل ، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع ، للحصول على النقد ( الورق ) .
ثانياً : أن بيع التورق هذا جائز شرعاً ، وبه قال جمهور العلماء ، لأن الأصل في البيوع الإباحة ، لقول الله تعالى : " وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا " [ البقرة : 275 ] ولم يظهر في هذا البيع رباً لاقصداً ولا صورة ، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين ، أو زواج أو غيرهما .(1/2)
ثالثاً : جواز هذا البيع مشروط، بأن لايبيع المشتري السلعة بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الأول ، لا مبارشة ولا بالواسطة ، فإن فعل فقد وقعا في بيع العينة ، المحرم شرعاً ، لاشتماله على حيلة الربا فصار عقداً محرماً .
رابعاً : إن المجلس : - وهو يقرر ذلك - يوصي المسلمين بالعمل بما شرعه الله سبحانه لعباده من القرض الحسن من طيب أموالهم ، طيبة به نفوسهم ، ابتغاء مرضاة الله ، لايتبعه منّ ولا أذى وهو من أجل أنواع الإنفاق في سبيل الله تعالى، لما فيه من التعاون والتعاطف ، والتراحم بين المسلمين ، وتفريج كرباتهم ، وسد حاجاتهم ، وإنقاذهم من الإثقال بالديون ، والوقوع في المعاملات المحرمة ، وأن النصوص الشرعية في ثواب الإقراض الحسن ، والحث عليه كثيرة لاتخفى كما يتعين على المستقرض التحلي بالوفاء ، وحسن القضاء وعدم المماطلة .
وصلى الله على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه سلم تسليماً كثيراً ، والحمد لله رب العالمين .
ثم جاء القرارُ الجديدُ من المجمعِ الفقهي الإسلامي ليس ناسخاً للقرارِ السابقِ ، وإنما تحذيراً وتنبيهاً للمصارفِ من استغلالِ هذه المعاملةِ في غيرِ وجهها الشرعي ، ونصُ القرارِ ما يلي :
القرار الثاني بشأن موضوع :
التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه . أما بعد :
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة ، في المدة من 19-23 / 10 / 1424 هـ الذي يوافقه 13-17 / 12 / 2003 م ، قد نظر في موضوع :
( التورق كما تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر )
وبعد الاستماع إلى الأبحاث المقدمة حول الموضوع ، والمناقشات التي دارت حوله ، تبين للمجلس أن التورق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر هو :(1/3)
قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة ( ليست من الذهب أو الفضة ) من أسواق السلع العالمية أو غيرها ، على المستورق بثمن آجل ، على ان يلتزم المصرف - إما بشرط في العقد أو بحكم العرف والعادة - بأن ينوب عنه في بيعها على مشتر آخر بثمن حاضر ، وتسليم ثمنها للمستورق .
وبعد النظر والدراسة، قرر مجلس المجمع ما يلي :
أولاً : عدم جواز التورق الذي سبق توصيفه في التمهيد للأمور الآتية :
1 ) أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر أو ترتيب من يشترطها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعاً، سواء أكان الالتزام مشروطاً صراحة أم بحكم العرف والعادة المتبعة .
2 ) أن هذه المعاملة تؤدي في كثير من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.
3 ) أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة لما سمي بالمستورق فيها من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري منه والتي هي صورية في معظم أحوالها، هدف البنك من اجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل.. وهذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء ، وقد سبق للمجمع في دورته الخامسة عشرة أن قال بجوازه بمعاملات حقيقية وشروط محددة بينها قراره.. وذلك لما بينهما من فروق عديدة فصلت القول فيها البحوث المقدمة.. فالتورق الحقيقي يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل تدخل في ملك المشتري ويقبضها قبضاً حقيقياً وتقع في ضمانه ، ثم يقوم ببيعها هو بثمن حال لحاجته إليه ، قد يتمكن من الحصول عليه وقد لا يتمكن ، والفرق بين الثمنين الآجل والحال لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على المعاملة لغرض تبرير الحصول على زيادة لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظم أحوالها ، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبينة التي تجريها بعض المصارف .(1/4)
ثانياً : يوصي مجلس المجمع جميع المصارف بتجنب المعاملات المحرمة، امتثالاً لأمر الله تعالى .
كما أن المجلس إذ يقدر جهود المصارف الإسلامية في إنقاذ الأمة الإسلامية من بلوى الربا ، فإنه يوصي بأن تستخدم لذلك المعاملات الحقيقية المشروعة دون اللجوء إلى معاملات صورية تؤول إلى كونها تمويلاً محضاً بزيادة ترجع إلى الممول .
وأترككم مع تفصيلِ الشيخِ محمدِ صالح المنجد لقرارِ المجمعِ الفقهي بصوتهِ لإيضاحِ ما قد يشكلُ على البعضِ
http://liveislam.com/iqa/av/jummaah001/twrog/tawarog.rm
للتحميل : حفظٌ باسم
نسألُ اللهَ أن يكونَ في هذا التنبيهِ الكفايةُ لمن كان لهُ قلبٌ .
---
التورق نافذة الربا في المعاملات المصرفية
د.محمد بن عبد الله الشباني
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
ورد بحثٌ في مجلةِ " البيان " في عددها الأخيرِ بعنوانِ " التورُّق نافذةُ الربا في المعاملاتِ المصرفيةِ " بقلمِ " د . محمد بن عبد الله الشباني " ، ونقلت المقالَ ووضعتهُ هنا لعلاقتهِ بالقرارِ الصادرِ من المجمع الفقهي .
? مقدمة:
الواقع المعاصر للمعاملات المالية يتسم بالولوغ في الربا، فلم يقتصر الأمر على الربا الصريح الذي تمارسه البنوك التجارية وغيرها من المؤسسات المالية، ولكن الأمر تعدى ذلك إلى توسيع نطاق الربا تحت مسمى المعاملات الإسلامية. فدخل التعامل الربوي حياة فئات كثيرة من الناس كانت تتحرج من الاقتراض والإقراض الربوي، ولكن وقعوا فيه من خلال ما تم طرحه من فتاوى صادرة من اللجان الشرعية لهذه البنوك تجيز الحصول على المال منها، حيث تتسم تلك الفتاوى بانتهاج أسلوب البحث عن مخارج شرعية لتحليل الربا بإضفاء صيغة البيع على الاقتراض والإقراض الربوي .(1/5)
وظهرت مسمّيات تزعم بأنها معاملات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وذلك بالاتكاء على الفتاوى الصادرة من اللجان الشرعية لتلك البنوك، وأصبح يُطلق على كثير من عمليات التحايل على التمويل الربوي مسميات مضللة؛ مثل «التورق المبارك»، و «التمويل المبارك»، و «تمويل الخير»، و «التيسير»، و «تورق الخير» و «برنامج أتقى وأنقى»، كبديل لما يعرف في البنوك التجارية بالودائع الآجلة، وكل هذه البرامج من الإقراض والاقتراض تحت تلك المسميات ما هي إلا أكل للربا وتأكيله.
ولقد تحقق ما أشار إليه الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليأتين على الناس زمان لا يبقى منهم أحد إلا أكل الربا، فإن لم يأكله أصابه من غباره)، وفي رواية لأحمد عن أبي هريرة قال: (يأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا فمن لم يأكله ناله من غباره)، وقد ورد في هذا المعنى حديث رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال؛ أم من حلال أم من حرام).(1/6)
هذه الظاهرة بدأت في التجذر والاتساع في المعاملات المصرفية لتوسيع نطاق الربا باستخدام ما يعرف في الفقه الإسلامي بصيغة «التورق» في شراء السلع وبيعها، وإدخالها في جميع المعاملات المصرفية ذات الطابع الإقراضي والاقتراضي باعتباره مخرجاً من الربا، سواء فيما يتعلق بتمويل الأفراد والمؤسسات، أو بإعطاء الفائدة للمودعين فيما يُعرف في المصطلح البنكي بالفائدة على الودائع لأجل، واستُخدمت صيغة التورق أداة ومخرجاً للإقراض والاقتراض من قِبَل المصارف، ولهذا فإن من الواجب الشرعي مناقشة حقيقة هذه الصيغة وما ينتج عنها من عقود يتم التعامل بها من قِبَل البنوك التجارية؛ بدارسة كيفية منحها التمويل من خلال بيع المرابحة باستخدام صيغة التورق كحيلة لاستحلال الربا، وهذا ما سنعرضه من خلال الجوانب الآتية:
أولاً: الحيل الفقهية وتعارضها مع مقاصد الشريعة.
ثانياً: بيع التورق وعلاقته بالحيل الفقهية.
ثالثاً: ماهية الربا وحقيقته.
رابعاً: عقود التورق كما تُمارس من قِبَل البنوك.
خامساً: ربوية صيغة التورق كما تتم في البنوك.
? أولاً: الحيل الفقهية وتعارضها مع مقاصد الشريعة:
الحيل الفقهية أسلوب من الأساليب التي تُتبع؛ إما للوصول إلى ما حرّمه الله تحت غطاء الشرع، وإما للبحث عن مخارج تحل بعض القضايا التي قد تتعارض في ظاهرها مع القواعد والعلل التي يستند إليها الفقهاء في تحديد الحكم الشرعي لأي قضية من القضايا.(1/7)
المعنى اللغوي للحيل ـ والتي مفردها حيلة ـ: عرفت في المعجم الوسيط بـ (تحيل كان حاذقاً جيد النظر قديراً على دقة التعرف في الأمور)(1)، وقد استعرض صاحب كتاب الحيل الفقهية في المعاملات المالية المفهوم الخاص بالحيل، ووصل في تحليله لمفهوم الحيل إلى القول (بأن الحيلة تطلق ويراد بها عدة معان، فيراد بها التحول والانتقال من حالة إلى أخرى ومن شيء إلى آخر، أو بمعنى الحيلولة والحجز بين الشيئين أو الإنسان والشيء، أو بمعنى عدم الحمل بالنسبة لكل أنثى، وبمعنى طلب الحيلة؛ أي الاحتيال، وبمعنى الصفة)(2).(1/8)
أما المعنى الفقهي فيقول ابن القيم: (فالحيلة هي نوع مخصوص من التصرف والعمل الذي يتحول به فاعله من حال إلى حال، ثم غلب عليها بالعرف استعمالها في سلوك الطرق الخفية التي يتوصل بها الرجل إلى حصول غرضه؛ بحيث لا يُفطن له إلا بنوع من الذكاء والفطنة، فهذا أخص من موضوعها في اللغة، وسواء كان المقصود أمراً جائزاً أو محرماً. وأخص من هذا استعمالها في الغرض الممنوع شرعاً أو عقلاً أو عادة، فهذا هو الغالب عليها في عرف الناس)(3). ومن هنا فإن الحيل لا تعتبر جميعها محرمة، وإنما المحرم ما كان وسيلة إلى الوصول إلى ما حرم أخذه أو فعله. ولذا لا بد من معرفة الفرق بين الحيل المحرمة والحيل الجائزة، يقول الشاطبي: (الحيل التي تقدم إبطالها وذمها والنهي عنها ما هدم أصلاً شرعياً وناقض مصلحة شرعية، فإن فُرض أن الحيلة لا تهدم أصلاً شرعياً ولا تناقض مصلحة شهد الشرع باعتبارها فغير داخلة في النهي)(4)، وقد وضع الإمام الشاطبي ـ رحمه الله ـ مقياساً يتبين به المتأمل نوع الحيلة، ومدى قبولها من رفضها، يقول: (فإذا تسبب المكلف في إسقاط ذلك الوجوب عن نفسه أو في إباحة ذلك المحرم عليه بوجه من وجوه التسبب؛ حتى يصير ذلك الواجب غير واجب في الظاهر أو المحرم حلالاً في الظاهر أيضاً؛ فهذا التسبب يُسمّى حيلة وتحيّلاً)(5). ومن هنا يتضح أن أي أسلوب يُتخذ أو يُتبع يؤدي إلى إسقاط الواجب أو تحليل المحرم في الظاهر؛ فإنه يُسمّى حيلة عند الفقهاء.(1/9)
إن التحايل على الأحكام الشرعية بقصد إرضاء النفس والتحايل لأكل الحرام وفعله؛ من الأمور التي حرمها الله ـ تعالى ـ في كتابه، وأجمع على تحريمها سلف هذه الأمة، ومن أجاز صوراً من العقود البيعية للبنوك (والتي سنناقشها لاحقاً)؛ بقصد توفير احتياجات الناس للمال بدون إيقاعهم في الربا ظاهراً، وبقصد إخراجهم من الضيق والحرج والتوسعة عليهم بحكم أن الشريعة دائرة أحكامها على التخفيف واليسر والأخذ بالرخص؛ فهذا أمر غير مسوَّغ شرعاً، فإن من الأمور التي يأمر بها الشرع تقوية الخوف من الله، وهذا من مقاصد الشرع، ولهذا نجد في كثير من الأمور أن الشريعة حرّمت كثيراً من البيوع سداً لذريعة الربا، كما نهت عن ممارسة كثير من الأمور المشتبهات بقصد تقوية الخوف من الله حذراً من الوقوع فيما حرمه، ولهذا فلا ينبغي تتبع حيل المذاهب من أجل تلبية رغبة الناس وإرضائهم، ومن الأمور المؤسفة تتبع الآراء الشاذة والحيل التي وضعها بعض الفقهاء للابتعاد عن تنفيذ أحكام الله وعن مقاصد الشريعة التي من أجلها جاءت الشريعة، وخاصة فيما يتعلق بالمعاملات المالية، كما هو حاصل الآن من إجازة عقود تتعارض مع مقاصد الشريعة تلبية لرغبات الناس، ومن الأمور المقررة شرعاً أن هناك تلازماً بين مقاصد الشريعة والنية والعمل، يقول ابن القيم: (فالنية روح العمل ولبّه وقوامه، وهو تابع لها يصح بصحتها ويفسد بفسادها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال كلمتين كفتا وشفتا وتحتهما كنوز العلم، وهو قوله: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى)، فيبين في الجملة الثانية أن العامل ليس له من عمله إلا ما نواه، وهذا يعم العبادات والمعاملات والأيمان والنذور وسائر العقود والأفعال، وهذا دليل على أن من نوى بالبيع عقد الربا حصل له ولا يعصمه من ذلك صورة البيع)(6).(1/10)
وقد استشهد ـ رحمه الله ـ لما توصل إليه من ارتباط المقاصد بالأفعال بقصة أصحاب الجنة؛ (بأن حرمهم ثمارها لما توصلوا بجذاذها مصبحين إلى إسقاط نصيب المساكين، وكذا اليهود لما أكلوا ثمن ما حرم الله عليهم أكله، ولم يعصمهم التوسل إلى ذلك بصورة البيع، فلم ينفعهم إزالة اسم الشحوم عنها بإذابتها، فإنها بعد الإذابة يفارقها الاسم، وتنتقل إلى اسم الودك، فلما تحيلوا على استحلالها بإزالة الاسم لم ينفعهم ذلك... وهذا معنى حديث ابن عباس الذي رواه أبو داود وصححه الحاكم وغيره: (لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرّم على قوم أكل شيء حرّم عليهم ثمنه)، يعني ثمنه المقابل لمنفعة الأكل، فإذا كان فيه منفعة أخرى، وكان الثمن في مقابلتها؟ لم يدخل في هذا. إذا تبين هذا؛ فمعلوم أنه لو كان التحريم معلقاً بمجرد اللفظ وبظاهر من القول دون مراعاة المقصود للشيء المحرم ومعناه وكيفيته؛ لم يستحقوا اللعنة لوجهين:
أحدهما: أن الشحم خرج بجمله (إذابته) عن أن يكون شحماً وصار ودكاً، كما يخرج الربا بالاحتيال فيه عن لفظ الربا إلى أن يصير بيعاً عند من يستحل ذلك، فإن من أراد أن يبيع مائة بمائة وعشرين إلى أجل فأعطى سلعة بالثمن المؤجل ثم اشتراه بالثمن الحال ولا غرض لواحد منهما في السلعة بوجه ما، وإنما هي كما قال فقيه الأمة: «دراهم بدراهم دخلت بينهما حريرة»؛ فلا فرق بين ذلك وبين مائة بمائة وعشرين درهماً بلا حيلة البتة، لا في شرع ولا في عقل ولا عرف، بل المفسدة التي لأجلها حرم الربا بعينها قائمة مع الاحتيال وأزيد منها.
الوجه الثاني: أن اليهود لم ينتفعوا بعين الشحم، وإنما انتفعوا بثمنه.
ويلزم من راعي الصور والظواهر والألفاظ دون الحقائق والمقاصد أن لا يحرم ذلك، فلما لُعنوا على استحلال الثمن وإن لم ينص لهم على تحريمه؛ علم أن الواجب النظر إلى الحقيقة والمقصود لا إلى مجرد الصورة)(1).(1/11)
? ثانياً: بيع التورق وعلاقته بالحيل:
التورُّق نوع من البيوع اختُلف في جوازه، فقد منعه كثير من العلماء، كما أجازه بعضهم مع تحفظ وشروط لا بد من توفرها عند التعامل بها، ومن أهمها توفر صيغة البيع الشرعي الصحيح، والبيع ـ كما عرفه الجصاص ـ هو: (تمليك المال بإيجاب وقبول عن تراض بينهما)، ومن هذا التعريف فالبيع الصحيح هو ما تم فيه نقل الملك، وتم فيه القبض، باستثناء بيوع الآجال المرخص فيها، وكان ذلك بعوض على وجه جائز شرعاً(2).(1/12)
والحيل في البيوع تأتي بفقدان عنصر من عناصر صحة البيع؛ إما بفقد التقابض أو التراضي الصحيح، أو عدم الجواز الشرعي في الثمن أو المثمن، ومن هنا تأتي الحيل لتصحيح المعاملة لتأخذ الشكل المباح. يقول ابن قدامة في المغني: (والحيل كلها محرمة غير جائزة في شيء من الدين، وهو أن يظهر عقداً مباحاً يريد به محرماً؛ مخادعة وتوسلاً إلى فعل ما حرم الله واستباحة محظوراته أو إسقاط واجب)(3). ويعرّف مجلس المجمع الفقهي الإسلامي ـ برابطة العالم الإسلامي في دورته الخامسة عشرة بتاريخ 11 رجب عام 1419هـ ـ التورق بأنه (شراء سلعة في حوزة البائع وملكه بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع للحصول على النقد)، ومن هذا التعريف ندرك شرط تملُّك السلعة وحيازتها بعينها لدى البائع قبل البيع، مع عدم شرائه لها مرة أخرى بأي أسلوب. وهذا البيع نوع من أنواع بيوع المضطر، وقد ورد في مسند الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه، كما نقله ابن القيم في كتابه (أعلام الموقعين)، قال: (سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه ولم يؤثر بذلك، قال الله ـ تعالى ـ: {وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]، ... ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع المضطر، وعن بيع الغرر، وبيع الثمر قبل أن يطعم). وقد علق ابن القيم على هذا الحديث بقوله: (فإن عامة العينة إنما تقع من رجل مضطر إلى نفقة؛ يضن بها عليه الموسر بالقرض حتى يربح عليه في المائة ما حب، وهذا المضطر إن أعاد السلعة إلى بائعها فهي العينة، وإن باعها لغيره فهو التورق، وإن رجعت إلى ثالث يدخل بينهما فهو محلل الربا.(1/13)
والأقسام الثلاثة يعتمدها المرابون وأخفها التورق، وقد كرهه عمر بن عبد العزيز وقال هو آخية الربا ـ بوزن قضية، تربط إلى وتد مدقوق تشد بها الدابة ـ، وعن أحمد فيه روايتان، وأشار في رواية الكراهة إلى أنه مضطر، وهذا من فقهه رضي الله عنه، قال: فإن هذا لا يدخل فيه إلا مضطر. وكان شيخنا ـ رحمه الله ـ يمنع من مسألة التورق وروجع فيها مراراً وأنا حاضر فلم يرخِّص فيها، وقال المعنى الذي لأجله حرم الربا موجود فيها بعينه، مع زيادة الكلفة بشراء السلعة وبيعها والخسارة فيها، فالشريعة لا تحرم الضرر الأدنى وتبيح ما هو أعلى منه)(4).
والتورق صورة من صور بيوع العينة، فبيع العينة كما عرّفه الفيومي في المصباح بقوله: (العينة بالكسر السلف، واعنان الرجل اشترى الشيء بالشيء بنسيئة، والاسم العينة بالكسر، وفسّرها الفقهاء بأنها بيع الرجل متاعه إلى أجل ثم يشتريه في المجلس بثمن حال ليسلم له، وقيل لهذه البيع عينة؛ لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عيناً؛ أي نقداً حاضراً)(5)، وقد عرف الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ العينة بقوله: (العينة في الأصل السلف، والسلف يتم بتعجيل الثمن وتعجيل المثمن وهو الغالب هنا، يقال اعنان الرجل وتعين إذا اشترى الشيء بنسيئة، كأنها مأخوذة من العين (الدنانير والدراهم) وهو المعجل، وصيغت على «فعلة» لأنها نوع من ذلك، وقال أبو إسحاق الجوزجاني: إنها من العين؛ لحاجة الرجل إلى العين من الذهب والورق)(6).(1/14)
وهذا التعريف للعينة، والتي قد أجمع علماء المسلمين على تحريمها، ينطبق على بيع التورق، حيث إن القصد من بيع التورق هو الحصول على النقد، فيتم شراء سلعة مؤجلة السداد لبيعها بقصد الحصول على النقد، والإمام أحمد ـ رحمه الله ـ عندما أجاز التورق في إحدى روايتيه إنما أجازه مع الكراهة، يقول ابن القيم: (وعن أحمد فيه (التورق) روايتان الحرمة والكراهة)، وأشار في رواية الكراهة إلى أنه (المتعامل في التورق) مضطر. وبالتالي فإن للاضطرار أحكامه، فليس كل من رغب في المال لشراء ما تشتهيه نفسه أو يتوسع في تجارته يعتبر مضطراً، فيتم التعامل بصيغة التورق ليصبح الأمر حلالاً صرفاً، كما يتم الإعلان عنه في الصحف من قِبَل البنوك التي تدعو الناس إلى الاقتراض بأسلوب صيغة التورق، مع عدم الالتزام بقواعد التعامل في التورق وفق ما تمت إجازته من قِبَل أعضاء مجلس مجمع الفقه الإسلامي، حيث اشترط التملك والحيازة لبائع السلعة لمشتريها من البنك، فهذا الشرط مفقود في التعامل الذي تمارسه البنوك كما سوف نناقشه لاحقاً.
? ثالثاً: ماهية الربا وحقيقته:
لإدراك علاقة بيع التورق بالربا المعاصر، وأنه وسيلة من وسائل استحلال الربا؛ فإن من الضروري تحديد ماهية الربا وحقيقته؛ حتى يمكن فهم حقيقة اندفاع البنوك لتبني هذا النوع من حيل لاستحلال الربا، وإشاعته، وتيسير أكله وتأكيله ضمن غطاء الإباحة الشرعية، وأنه تعامل تجيزه الشريعة وفق ما أفتت به اللجان الشرعية التي كونتها هذه البنوك. فهذه الصيغة من التحايل لا تختلف عن حقيقة ما تمارسه من تعامل ربوي صرف.(1/15)
إن مادة كلمة الربا تعني الزيادة والنمو، فقد جاء في لسان العرب بأن الأصل فيه هو الزيادة من ربا المال إذا زاد، فالمعنى اللغوي المجرد يعتبر زيادة في ذات الشيء، وهذا المعنى قد ورد في القرآن الكريم عند الحديث عن الربا في قوله ـ تعالى ـ: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278 - 279]، وقوله ـ تعالى ـ: {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ} [الروم: 39].
والزيادة على المال المقرض إنما هو من أجل التأجيل كما أشار إليه أبو بكر الجصّاص في كتابه (أحكام القرآن)، يقول: (معلوم أن ربا الجاهلية إنما هو قرض مؤجل بزيادة مشروطة، وكانت الزيادة بدلاً من الأجل، فأبطله الله تعالى)(1). وهذا المفهوم يؤكده الإمام الرازي في تفسيره بقوله: (إن ربا النسيئة ـ التأجيل ـ هو الذي كان مشهوراً في الجاهلية؛ لأن الواحد منهم كان يدفع ماله لغيره إلى أجل على أن يأخذ منه كل شهر قدراً معيناً ورأس المال باق بحاله، فإذا حلَّ طالبه برأس ماله، فإن تعذر عليه الأداء زاده في الحق والأجل)(2).(1/16)
وهذا المفهوم هو المتعارف عليه في العمل المصرفي، فالسلعة التي يتعامل بها البنك هي النقد، فهو يتجر في النقد، وبالتالي فإن النقد هو السلعة بدلاً من أن تكون مقياساً لأقيام السلع فيما بينها، فأصبح سلعة بذاته، فخرج النقد عن الوظيفة التي من أجلها تم قبوله بين الناس، ولهذا فإن وحدات النقد التي تضاف إلى نفس النقد إنما تتحدد بنسبة من هذه الوحدات مربوطة بالزمن الذي يبقى في ذمة المقترض، وبالتالي فإن مكونات الربا تتمثل في ثلاثة عناصر، هي زيادة على كمية النقد المقدم، وهذه الزيادة تحدد بالمدة، وهذه النسبة من الزيادة شرط في المعاملة، وبالتالي فأي تعامل تتوافر فيه هذه الصفات؛ فهو في حقيقته تعامل ربوي حتى لو سمّي بغير ذلك.
وقد أشار الإمام محمد بن رشد القرطبي في كتابه (بداية المجتهد) إلى أن أصول الربا خمسة، هي:
أنظرني أزدك، والتفاضل، والنسأ، وضع وتعجل، وبيع الطعام قبل قبضه.
وعندما ناقش موضوع ضع وتعجل، أشار إلى حجة من لم يجز ضع وتعجل، والتي تؤكد حقيقة الربا، بقوله: (وعمدة من لم يجز «ضع وتعجل» أنه نسيئة بالزيادة مع النظرة المجتمع على تحريمها، ووجه شبهه أنه هل للزمان مقدار من الثمن بدلاً منه في الموضعين جميعاً، وذلك أنه هنالك لما زاد له في الزمان زاد له عرضه ثمناً، وهنا لما حط عنه الزمان حط عنه في مقابلته ثمناً)(3). والشاهد من هذا أن الربا يرتبط بالزمن، فالقيمة المضافة على رأس المال ابتداء أو بعد انتهاء مدة القرض مربوطة بالزمن، فالزمن هو مقياس تحديد قيمة النقد باعتباره سلعة يتم بيعها وشراؤها، وهذا هو حقيقة الربا، وسوف نلاحظ عند مناقشة صيغ عقود التورق التي تجريها البنوك لاستحلال أخذ الربا ومنحه؛ أن تلك العقود ما هي إلا وسيلة لأخذ الربا وأكله.
? رابعاً: عقود التورق كما تُمارس من قِبَل البنوك :(1/17)
الصيغ التي تتبعها البنوك لتوفير المال للمحتاجين إليه من الأفراد والشركات والمؤسسات، أو لجذب المال لها كبديل للودائع الآجلة التي تمنح عليها فوائد وفق ما يطلق عليه الصيغة الإسلامية للتعامل؛ تفاوتت فيها المسميات التي أطلقتها تلك البنوك مثل «تيسير الأهلي»، و «تورق الخير»، و «برنامج نقاء»، و «التورق المبارك».. وغير ذلك من أساليب الدعاية التي تضلل المتلقي لهذه الإعلانات بما توجهه له من أن ما يتم ممارسته لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية. وأن صيغة العمل والمرتكز الذي تدور عليه عملية التمويل واحدة، وهو ما أطلق عليه صيغة التورق، والتي تأخذ شكلية شراء السلع وبيعها من خلال بورصة البضائع العالمية، أو من خلال الاتفاقيات مع عدد من نقاط البيع بالنسبة لما يطلق عليه بطاقة الخير الائتمانية وشبيهاتها من بطاقات الائتمان.
لقد تم التوسع باستخدام صيغة بيع التورق من قِبَل مختلف البنوك، حيث يوفر لها وسيلة جذب لإغراق الناس في الاقتراض والإقراض، وهذا يستدعي مناقشة العقود التي أمكنني الاطلاع على بعضها حتى يمكن التعرف على كيفية التعامل مع صيغة التورق التي تمارس من قِبَل هذه البنوك؛ حتى نتمكن من الحكم على مدى حرمة هذا التعامل، وسيتم مناقشة عقد التورق من جانبين:
الأول: جانب أن يكون البائع للسلعة هو البنك؛ أي أن البنك يقوم بتوفير السيولة النقدية من خلال صيغة التورق تحت مسمى عقد بيع بالتقسيط وبيع المرابحة.
والثاني: أن يكون البائع هو المودع الذي يرغب في إيداع أمواله في البنك وأخذ فوائد عليها، واستخدام صيغة التورق لأخذ الفائدة على المال المودع لأجل.
وفي كلا الحالتين فما يُتبع هو استخدام صيغة التورق من خلال شكلية بيع المرابحة بالأجل لسداد الثمن للبائع سواء للبنك أو للمودع لدى البنك.(1/18)
أما في حالة قيام البنك بتوفير السيولة للمقترض من خلال بيع المرابحة المقسط ضمن صيغة التورق؛ فإن الإجراءات التي يتم اتباعها لتنفيذ هذه الصيغة من البيع تتمثل في الآتي:
1 - يتقدم طالب التمويل إلى البنك بطلب شراء سلعة بالتقسيط من السلع التي تعرض في سوق البورصة العالمية، والتي قد تم شراؤها من قِبَل البنك وفق آلية السوق المالية للسلع (البورصة)، وفي هذا الطلب يتم الحصول على معلومات عن طالب المال من حيث إمكانياته المالية؛ أي قدرته على السداد من حيث مقدار راتبه الذي سوف يكون المرتكز عليه في تحديد حجم المبلغ الذي سيتم دفعه له ضمن صيغة التورق التي يمارسها البنك بجانب معرفة تعاملاته مع البنوك الأخرى (أي مقدار الالتزامات التي عليه تجاهها) مع تحديد نوع السلع التي يتعامل البنك فيها في سوق البورصة، والتي يتم تداولها يومياً في أسواق البورصة العالمية، ويرفق بالطلب المستندات الثبوتية التي تساعد البنك على تحديد قدرة الطالب على السداد.
2 - وبعد دراسة الطلب يقوم البنك بتحديد عدد وحدات السلعة المباعة عليه ومواصفاتها، وثمن بيعها، ويرتبط تحديد عدد الوحدات التي سوف تباع عليه بقدرته على السداد، وإذا قبل العميل بما عرضه البنك من مقدار التمويل الذي يمكن للبنك منحه إياه؛ يتم توقيع عقد بيع سلعة بالتقسيط وفق ما تطلق عليه البنوك «بيع المرابحة».
3 - يقوم العميل بتوكيل البنك لبيع وحداته التي اشتراها وفق نموذج وكالة؛ يتم بموجبها تفويض البنك في بيع هذه الوحدات المباعة عليه في السوق الدولي، وإيداع المبلغ في حسابه مع تحمله لكل ما يترتب على التغير في السعر وما ينتج عن ذلك من خسارة، وإيداع المبلغ في حسابه لدى البنك.(1/19)
هذه هي العملية التي يقوم بها البنك من شراء لوحدات في سوق العقود المستقبلية للبضائع (البورصة)، ثم بيعها مرابحة على العميل طالب التمويل، ثم بيعها في سوق السلع الدولية (البورصة) لصالح العميل (المشتري) مع تحمله لتقلبات الأسعار. وفي بعض عقود البيع بالتقسيط لدى بعض البنوك يجمع عقد البيع بالتقسيط مع عقد الوكالة بالبيع في عقد واحد.
بدراسة هذه العقود التي يتم بموجبها توفير النقد للأفراد والمؤسسات؛ وجد في بعضها أن البيع يتم على تملك السلعة المباعة على العميل بموجب ما يسمّى بشهادة التخزين، والتي يشار فيها إلى أن السلعة موجودة في البلد الذي يوجد فيه عادة سوق البورصة الذي يتعامل معها البنك، ويذكر في العقد إجمالي السلع ولا يشار إلى مقدار الربح بل يدخل ضمن مبلغ البيع مع الإشارة إلى أن البيع تم وفق بيع المرابحة. أما بعض العقود فيشار في طلب الحصول على المال حسب صيغة التورق أنه عند الموافقة على طلبه فيتم تحديد مقدار الربح وتكلفة السلعة مع التزامه بتحديد دفعة أولى لضمان جدية الشراء، والتزامه أيضاً بدفع رسوم إدارية لعملاء البنك؛ أي للمودعين. كما أن من ضمن الشروط في بعضها في حالة التأخر في سداد الأقساط؛ التزام المشتري بتعويض البنك عن الأضرار الناتجة عن التأخير، وفي بعضها يتم فرض غرامات عليه يتم احتسابها على أساس نسبة من المبالغ المستحقة مع مدة المطل، ويقوم البنك بصرفها في أوجه البر والخير.
وأما الحالة الثانية؛ فهي حالة معكوسة:(1/20)
يقوم عميل البنك ببيع سلعة من السلع التي يتم تداولها في سوق البورصة على البنك بأسلوب ما يطلق عليه «بيع المرابحة»، ويتم سداد المبلغ من قِبَل البنك عند حلول الأجل (رأس المال مع الربح) في الحساب الجاري للعميل، ويشترط في العقدين نماذج عرض بيع سلعة، وطلب شراء سلعة، وطلب تعجيل، ووكالة شراء السلعة، وتفويض البنك ببيع السلعة جزء من العقد. وهذه النماذج تحدد الخطوات العملية التي يتم بموجبها قيام العميل بإيداع المبلغ والمبالغ التي يتم بموجبها قيام عميل البنك الذي يتوفر لديه سيولة نقدية ويرغب في إيداعها لأَجَل وأخذ فائدة عليها، ولكن بأسلوب ما أطلق عليه أسلوب التورق بادعاء تجنب الربا.
والإجراءات التي يتم اتباعها في هذه الحالة تتمثل في الآتي:
1 - يوقع العميل على اتفاقية ما يطلق عليه «برنامج نقاء».
2 - يطلب العميل عرض أسعار، ويقدم البنك عرض الأسعار مع تحديد نوع السلعة والعملة والأجل.
3 - يطلب العميل شراء السلعة بعد الموافقة على العرض مع تحديد المبلغ والعملة والأجل.
4 - يقوم البنك نيابة عن العميل بإتمام عملية شراء السلعة من سوق تبادل المعادن الدولي لصالح العميل مع إصدار البنك إيجاباً بشراء السلعة من العميل.
5 - يوافق العميل على بيع السلعة المملوكة له للبنك، ويتم سداده عند الأجل المحدد (المبلغ مع ربحه).
6 - في حالة التعجيل بسداد المبلغ؛ يتم ذلك من خلال نموذج عقد تعجيل سداد بعد أن يتم خصم جزء من أو كل هامش الربح مقابل السداد المبكر. أما التملك فهو يتم من خلال تملك المستندات فقط دون الحاجة إلى أن يتم تملكها عيناً، وهذا في جميع عمليات البيع والشراء التي يتم التعامل بها على صيغة التورق في البنوك.(1/21)
إن جوهر عملية التمويل فيما يعرف بصيغة التورق التي يتم ممارستها من قِبَل البنوك، والتي يتم فيها تداول السلع شراء وبيعاً؛ إنما هي سلع وفق ما يُعرف بسوق المعادن والبضائع الدولي (البورصة)، أو ما يطلق عليه بأسواق العقود المستقبلية؛ أي الاتجار في أوراق ومستندات غير مبنية على أساس الشراء والبيع القائم على أساس الاستلام والتسليم للسلع المباعة؛ أي لا يوجد حيازة تملُّك ولا قبض للسلع المشتراة والمباعة، وإنما يتم التداول حسب وثائق يتم تبادلها ضمن آلية معينة تتولاها بيوت السمسرة، ولهذا نجد أن البنوك التي تستخدم صيغة بيع التورق تحدد السلع في أنواع؛ هي الزنك والبرونز والحديد والصفيح والنحاس والألمنيوم، فالتعامل في البورصة إنما يتم على أساس التعامل في العقود المستقبلية، وما يتم من تداول للسلع إنما يتم على أساس بيع العقود في أسواق عقود السلع، وهي أسواق متخصصة تتعامل في عقود يتم تداولها فيما يعرف بالعقود المستقبلية، وهي عقود تعطي لحاملها الحق في شراء وبيع كمية من أصل معين محدد السعر مسبقاً على أن يتم الدفع والتسليم في المستقبل.
والبورصة العالمية للبضائع قد أبطلت ما كان يُعرف بالسوق الحاضرة؛ أي بالسوق النقدية، حيث يتم فيها استلام السلعة ودفع قيمتها نقداً فور التعاقد، وقد تحوّلت السوق الحاضرة إلى سوق للعقود المستقبلية منذ عام 6681م وحلّت محله السوق المستقبلية.(1/22)
أما ما يُطلق عليه «شهادة التخزين»، والذي يشار إليها في بعض عقود صيغ التورق بأنها تمثل حصة محجوزة قيمة وكمية خاصة بسلعة لصالح البنك عن طريق السمسار لغرض التصرف فيها مستقبلاً، فهي لا تمثل شهادة من وكيل البنك تثبت فيها وجود سلع تم استلامها من المنتجين وتم تخزينها في مستودعات خاصة بالبنك أو مخازن مؤجرة لصالح البنك تحدد أن هذه السلع خاصة بالبنك، وما هذه الشهادة إلا شهادة يصدرها المنتجون لهذه السلع لبيوت السمسرة الذين يمارسون عمليات إنشاء وتداول العقود في سوق المعادن العالمي (البورصة)، حيث يحدد فيها مواصفات هذه السلع وكمياتها وتاريخ تسليمها، ويتم على ضوء هذه الشهادة تداول العقود بيعاً وشراء، ومن ثم فلا يوجد مجال للتعامل مع السلعة نفسها داخل سوق العقود.
? خامساً: ربوية بيوع التورق كما تجريها المصارف:
من خلال الاستعراض السابق لطبيعة صيغ التورق التي تمارسها البنوك حالياً، والتي أخذت في الانتشار وأصبحت وسيلة لجذب أعداد كبيرة من الناس للاقتراض من البنوك بمختلف الأساليب، سواء فيما يعرف بالتمويل للمتاجرة في سوق الأسهم المحلية، أو العالمية، أو ما يسمونه بتمويل المتاجرة بالأسهم بالمرابحة أو بالسلع، وكلها بيوع يتم فيها البيع بالأجل، وتوفير المال لمن يحتاج إليه، أو حصول البنك على المال من المودعين فيما يطلق عليه بالمضاربة الشرعية في السلع الدولية بالمرابحة، وكذا ما أطلق عليه «برنامج نقاء»؛ إنما هي عقود ووسائل لتحليل الربا ودفع الناس للاقتراض من البنوك، وإيداع أموالهم وأخذ فوائد عليها، وقد أطلقت مسميات توحي بأن هذا التعامل حلال ولا شبهة فيه، مثل «التورق المبارك»، و «التمويل المبارك»، و «الحساب المبارك»، و «بطاقة الخير الائتمانية»، أو «تيسير الأهلي»، وكل هذه الصيغ اتخذت من صيغة التورق نافذة للإقراض والاقتراض بفائدة، وإدخال الناس في دوامة الربا.(1/23)
وحسب ما تمت مناقشته سابقاً حول علاقة بيع التورق بالحيل الفقهية لتحليل أنواع من البيوع توصلاً لتحليل ما حرم الله، وكذلك مناقشة صيغ العقود المستخدمة من قِبَل البنوك فيما يعرف بصيغة التورق من خلال التعامل مع البورصة العالمية للسلع والأوراق المالية؛ فإن جميع هذه الصيغ من التمويل التي تمارسها البنوك ضمن صيغة التورق؛ إنما هي صيغ محرمة لا يجوز التعامل بها؛ لأنها نوع من أنواع بيع العينة المحرم.
وذلك للأمور التالية:(1/24)
أولاً: إن عقد التورق الذي أجازه المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي قد وضع قيوداً على هذا البيع، حيث عرف بيع التورق بأنه «شراء سلعة في حوزة البائع وملكه...»، وما يتم من قِبَل البنوك التي تقوم ببيع سلع يتم تداولها في سوق السلع (المعادن) العالمي (البورصة) لا يتوفر فيها هذا الشرط، فنصوص عقود البيع التي تجريها هذه البنوك تشير إلى أن هذه السلع لا توجد لدى البنك، وأن ما يطلق عليه «شهادة التخزين» لا تمثل حيازة للسلعة ولا شهادة تملُّك، فمن المعروف والمتعارف عليه في سوق البضائع العالمي (البورصة) أن التعامل فيه يتم من خلال بيت السمسرة، والذي يدير عمليات تداول عقود بيع سلع تم شراؤها بسعر متفق عليه مسبقاً مع المنتج؛ على أن يتم التسليم في تاريخ لاحق يناسب توقيت الحاجة إلى السلعة، وعند حلول الأجل يقوم بيت السمسرة بشراء السلعة محل التعاقد من السوق الحاضر وتسليمها للمشتري. وهذا ما يؤكد أنه لا يوجد مجال للتعامل على السلعة نفسها، ولكون هذا التداول إنما يتم على أوراق، وليس حيازة وتملكاً للسلع، فإن بعض تلك البنوك أشارت في عقودها إلى أن ما يتم يكون على أوراق وليس حيازة وتملكاً للسلع. أما بعض البنوك فقد أشارت إلى أن حيازتها وتملكها للسلع إنما هو بموجب «شهادة التخزين»، حيث يشار في العقد إلى أن السلعة توجد في بلاد أخرى غير البلد الذي يتم فيه تحرير العقد، ولتجنب الإلزام ومن أجل ترسيخ التحايل؛ لم يشر إلى الوكالة وضرورة تفويض البنك بالبيع نيابة عنه، وإنما أشير إلى ذلك في نص الوكالة، حيث أوضحت الوكالة أن السلع المشتراة من البنك هي سلع يتم تداولها في سوق السلع (البورصة)، بخلاف بنوك أخرى جعلت نماذج التفويض والوكالة جزءاً من العقد، وهذا الأسلوب هو نوع من التهرب والتضليل ومحاولة إضفاء نوع من صحة البيع، وأنه لا يوجد فيه شروط فاسده تفسد البيع. ولكن هذا الأسلوب من التحايل لا يغير من حقيقة الأمر.(1/25)
ثانياً: إن من أجاز بيع التورق من العلماء السابقين، ومنهم الإمام أحمد رحمه الله، فقد أجازه مع الكراهة، وأشير في رواية الكراهة إلى إنه مضطر(1) (أي المتعامل بالتورق). أما الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فقد وافق الإمام أحمد في الرواية الثانية بالحرمة، يقول ابن القيم: (وكان شيخنا ـ رحمه الله ـ يمنع من مسألة التورق، وروجع فيها مراراً وأنا حاضر فلم يرخّص فيها، وقال: المعنى الذي لأجله حرم الربا موجود فيها بعينه، مع زيادة الكلفة بشراء سلعة وبيعها والخسارة منها، فالشريعة لا تحرم الضرر الأول وتبيح ما هو أعلى منه.... ودليل المنع قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع»، وقوله: «من باع بيعتين فله أوكسهما أو الربا» رواه أبو داود، وذلك لا يمكن وقوعه إلا على العينة)(2).
ولا شك أن أسلوب التورق المتبع من قِبَل هذه البنوك هو بيع العينة بعيَنْه، حيث يتولى البائع (البنك) شراء السلعة من السوق (البورصة)، ثم بيعها على المشتري، ثم بيعها مرة ثانية في سوق البورصة بقصد توفير المال الذي من أجله تمت صياغة هذا العقد، وهذا ما حرّمه ابن عباس، فقد نقل ابن القيم عن محمد بن عبد الله الحافظ المعروف بحطين في كتابه (البيوع) عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: «اتقوا هذه العينة؛ لا تبع دراهم بدراهم وبينهما حريرة»، وفي رواية «أن رجلاً باع من رجل حريرة بمائة ثم اشترها بخمسين». قال ابن عباس عن ذلك: «دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة»، وسئل ابن عباس عن العينة ـ يعني بيع الحريرة ـ فقال: «إن الله لا يُخدع، هذا مما حرم الله ورسوله». وقد روى ابن بطة باسناده إلى الأوزاعي قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع»(3).(1/26)
فواقع عقود التورق ينطبق على ما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنه، حيث إن بيع المرابحة تحت مسمى التورق إنما هو بيع ريالات بريالات بينهما بيع مستندي لسلع لم يتم استلامها ولا تملُّكها، وإنما هي بيوعات مستقبلية في سوق بورصة البضائع، لا يتم فيها قبض للسلع ولا تسليم، وإنما هي بيوع آجلة يتم المضاربة فيها، فهي أشبه بالحريرة كما قال ابن عباس رضي الله عنه.(1/27)
ثالثاً: بجانب ما روي عن الإمام أحمد في إحدى روايتيه بتحريم مسألة التورق باعتبارها صورة من صور بيع العينة، فقد روي عن الإمام مالك ـ رحمه الله ـ منع العينة بناء على عدم القبض من البيعة الأولى أو القبض الصوري الذي يُتخذ وسيلة وذريعة إلى الربا(4). وتحريم الوسائل من الأمور التي جاء الشرع بها وقال بها الأئمة، فمن ذلك أن الشافعي ـ رحمه الله ـ يحرم مسألة «مد عجوة (نوع من التمر)»، و «درهم بمد ودرهم»، وبالغ في التحريم خوفاً من أن يتخذ حيلة على نوع من ربا الفضل، فالتحريم للحيل الصريحة التي يتوصل بها إلى ربا النسيئة أولى من تحريم «مد عجوة» بكثير، فإن التحيل بمد ودرهم من الطرفين على ربا الفضل؛ أخف من التحيل بالعينة على ربا النساء(5) الذي هو الغاية التي تسعى إليها البنوك في تعاملها من خلال التعامل في شراء وبيع السلع في سوق السلع العالمي (البورصة) المستقبلية، فإن مفسدة ربا الفضل في مسألة «مد عجوة» أقل من مفسدة استخدام التورق لاستحلال ربا النسيئة. فلا يتعامل بالتورق إلا مضطر إلى الاقتراض، فالمستغني عنه لا يثقل ذمته بزيادة في شراء السلع مؤجلاً ثم بيعها بخسارة بدون ضرورة وحاجة، وقد روى أبو داود من حديث علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع المضطر، وبيع الغرر، وبيع الثمر قبل أن تدرك». وقد أوضح ابن القيم أن شراء المضطر للسلعة ثم بيعها لبائعها بأنها العينة، وإن باعها لغيره فهو التورق، وإن رجعت إلى ثالث يدخل بين البائع والمشتري، فهو محلل الربا. والأقسام الثلاثة يعتمدها المرابون وأخفها التورق، وقد كرهه عمر ابن عبد العزيز وقال هو آخية الربا(6)، وتشبيه عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بأن التورق هو للربا بمثابة الحبل الموثق إلى وتد تُربط به الدابة، فالدابة لا يمكن لها الفكاك من هذا الرباط، وكذلك التورق هو مربوط بالربا.(1/28)
رابعاً: إن استخدام صيغة التورق بالشراء والبيع في سوق البورصة، مع استخدام أسلوب المرابحة في تحديد مقدار الربا الذي سوف يؤخذ على المال الذي سوف يتم إقراضه للأفراد والمؤسسات والشركات، أو اقتراضه من المودعين؛ إنما هو حيلة لأخذ الربا وإعطائه، وتجويز ذلك يتناقض مع ما ورد من النهي عن الحيل لاستحلال الحرام، وهذا التحايل الذي تمارسه البنوك فتح الطريق لأكل الربا وتوسيع نطاقه بين المسلمين، ومعلوم أن الحيل تتناقض مع القاعدة الشرعية، وهو ما يعرف بـ «سد الذرائع»، فالشارع يسد الطريق إلى المفاسد بكل وسيلة ممكنة، والمحتال يفتح الطريق بالحيل، واستخدام صيغة التورق في التعامل مع البنوك من خلال البيع والشراء للسلع في سوق البورصة قد أدى إلى الوقوع في الحرام، يقول ابن القيم: (ومن تأمل أحاديث اللعن وجد عامتها لمن استحل محارم الله وأسقط فرائضه بالحيل كقوله: (لعن الله المحلل والمحلل له)، و (لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا ثمنها)، (لعن الله الراشي والمرتشي)، (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده)، ومعلوم أن الكاتب والشاهد إنما يكتب ويشهد على الربا المحتال عليه ليتمكن من الكتابة والشهادة بخلاف ربا المجاهرة الظاهرة.... وآكل الربا مستحله بالتدليس والمخادعة، فيظهر من عقد التبايع ما ليس له حقيقة، فهذا يشمل الربا بالبيع، وذلك يستحل الزنا باسم النكاح، فهذا يفسد الأموال وذاك يفسد الأنساب)(1)، وهذه العقود التي تمارسها البنوك لا تعدو في واقع الأمر بأنها حيلة لاستحلال الاقتراض والإقراض بالربا باسم البيع والشراء.(1/29)
خامساً: من القواعد التي يقوم عليها التشريع الإسلامي: أن العبر بالمقاصد والنيات، بدليل حديث عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ المشهور: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» الحديث، ولهذا لا بد من النظر إلى المقصد والغاية من صيغة التورق في تعامل هذه البنوك في حقيقة أمرها، وبموجب التنظيمات التي تحكمها، وبموجب عقود تأسيسها، فإنها مبنية على أساس أن النقود هي مجال عملها، فهي تتاجر في النقود وليست تتاجر بالنقود، كما يمارس من قِبَل الأنشطة الاقتصادية الأخرى، فهذه البنوك تخضع في أعمالها لأنظمة ومعايير البنوك المركزية، ومن تلك البنوك مؤسسة النقد التي تشرف على أعمال البنوك وفق المعايير الدولية، ومن مجالات الأعمال التي تمارسها هذه البنوك والمبنية على أسس ربوية: المتاجرة بالاستثمارات المالية في الأسواق الدولية، ومن ضمنها المضاربة في سوق السلع المستقبلية (بورصة البضائع)، حيث يتم احتساب أرباح المعاملات التي تمارسها وفق ما أطلق عليه المرابحة في سوق السلع المستقبلية وفق المعادلة الربوية في احتساب الأرباح، والمتمثلة في احتساب الربح على أساس القيمة، والمدة الزمنية للتمويل، ومعدل الربح (نسبة الفائدة).(1/30)
ومن هنا نلاحظ أن صيغة التورق المعمول بها من قِبَل البنوك في توفير التمويل لمن يحتاج إليه؛ إنما هي وسيلة لإيجاد المخرج لاستحلال الربا تحت مسمى الشراء والبيع في السوق الدولية للسلع، فالقصد من بيع المرابحة للسلع التي يتم التعامل بها في سوق المعادن الدولي (البورصة)، ومن ثم بيعها لصالح المشتري من البنك إنما قصد من ذلك استحلال الإقراض أو الاقتراض، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ فيما يتعلق بارتباط المقاصد بالأعمال: (ولعن اليهود إذ توسلوا بصورة عقد البيع على ما حرمه عليهم إلى أكل ثمنه، وجعل أكل ثمنه لما كان هو المقصود بمنزلة أكله في نفسه..... فعلم أن الاعتبار في العقود والأفعال بحقائقها ومقاصدها دون ظواهر ألفاظها وأفعالها، ومن لم يراع القصود في العقود وجرى مع ظواهرها يلزمه أن لا يلعن العاصر (أي عاصر الخمر)، وأن يجوز له عصر العنب لكل أحد، وإن ظهر له أن قصده الخمر....(1/31)
وقاعدة الشريعة التي لا يجوز هدمها أن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعبارات؛ كما هي معتبرة في التقربات والعبادات، فالقصد والنية والاعتقاد يجعل الشيء حلالاً أو حراماً، وصحيحاً أو فاسداً، وطاعة أو معصية، كما أن القصد في العبادة يجعلها واجبة أو مستحبة أو محرمة، أو صحيحة أو فاسدة)(2)، وقال في موضع آخر: (ولهذا مسخ الله اليهود قردة لما تحيّلوا على فعل ما حرمه الله، ولم يعصمهم من عقوبته إظهار الفعل المباح لما توسلوا به إلى ارتكاب محارمه، ولهذا عاقب أصحاب الجنة بأن حرمهم ثمارها لما توسلوا بجذاذها مصبحين إلى إسقاط نصيب المساكين، ولهذا لعن اليهود لما أكلوا ثمن ما حرم الله عليهم أكله ولم يعصمهم التوسل إلى ذلك بصورة البيع، وأيضاً فإن اليهود لم ينفعهم إزالة اسم الشحوم عنها بإذابتها، فإنها بعد الإذابة يفارقها الاسم وتنتقل إلى اسم «الودك»، فلما تحيلوا على استحلالها بإزالة الاسم لم ينفعهم ذلك)(3)، وهذا هو واقع ممارسة البنوك لصيغة التورق بالشراء والبيع، وتغير مسمى الربا (الفائدة) باسم الربح في المعاملات التي تجريها البنوك لا ينزع عنها صفة الربا، وأن ما يؤخذ من ربح هو ربا على المال المقرض، وكذا ما يعطى على المال المقترض؛ وإن تغيرت المسميات، وإن عمل عقود باسم بيوع التقسيط أو المرابحة أو شراء السلع وبيعها في سوق السلع المستقبلية (البورصة) لا يغير من طبيعة التعامل ومقصده وغايته.(1/32)
إن النتيجة التي يمكن التوصل إليها في نهاية هذه الدراسة هو أن ما يتم من استحلال للربا وتصويره للناس بأنه تورق جائز شرعاً، وأن ما يؤخذ من ربا تحت مسمى المرابحة أو بيوع التقسيط وإطلاق المسميات كالتورق المبارك، وتيسير التمويل، وبرنامج نقاء، وغير ذلك من المسميات؛ لا يغير من حقيقة هذه الصيغ من أن التعامل هو تعامل ربوي محرم لا يجوز للمسلم التعامل به؛ بأي صورة من صور التعامل التي تسعى البنوك إلى تصويرها للناس بأنها صيغ تتوافق مع الشريعة الإسلامية، حتى لو تم الادعاء بأنها قد أجيزت من اللجان الشرعية التي شكلتها تلك البنوك.
-----------------------------------------
(1) المعجم الوسيط، الجزء الأول، ص 802.
(2) الحيل الفقهية في المعاملات المالية محمد بن إبراهيم، ص 32، الناشر الدار العربية للكتاب 1983م، وهي رسالة علمية قدمها صاحبها للجامعة التونسية عام 8791م.
(3) أعلام الموقعين، الجزء الثالث، ص 252، المكتبة العصرية.
(4) الموافقات، للشاطبي، الجزء الثالث، ص 582.
(5) المرجع السابق، الجزء الثاني، ص 082.
(6) أعلام الموقعين، لابن القيم، الجزء الثالث، ص 321.
(1) أعلام الموقعين، الجزء الثالث، ص 421 ـ 621.
(2) الحيل الفقهية، مرجع سابق، ص 331.
(3) المغني، لابن قدامة، الجزء الرابع، ص 26.
(4) أعلام الموقعين، الجزء الثالث، ص 281.
(5) الحيل الفقهية، مرجع سابق، ص 431.
(6) الفتاوى، الجزء 3، ص 431، طبعة عام 1386 هـ.
(1) أحكام القرآن، الجزء الأول، ص 481.
(2) تفسير الرازي، الجزء الرابع، ص 58.
(3) بداية المجتهد ونهاية المقتصد، لابن رشد، الجزء الثاني، ص 441.
(1) أعلام الموقعين، الجزء الثالث، ص 281.
(2) المرجع السابق، الجزء الثالث، ص 281 ـ 381.
(3) المرجع السابق، الجزء الثالث، ص 871.
(4) الحيل الفقهية، مرجع سابق، ص 641.
(5) الحيل الفقهية، مرجع سابق، ص 741.
((1/33)
6) أعلام الموقعين، لابن القيم، مرجع سابق، الجزء الثالث، ص 381.
(1) أعلام الموقعين، لابن القيم، مرجع سابق، الجزء الثالث، ص 271.
(2) أعلام الموقعين، لابن القيم، الجزء الثالث، ص 701 ـ 801.
(3) المرجع السابق، الجزء الثالث، ص 421.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/34)
الجوائزُ التّرويجيّةُ في ميزانِ الشريعةِ ... صورها وأحكامها ( 1 )
الحمد لله وبعد .
إن مما لا شك فيه أن الواحد منا إذا ذهب إلى أماكن التسوق فإنه يرى من صور العقود التي لا بد من معرفة أحكامها لئلا يقع الواحد فيما يكون سببا في الوقوع في المحرم ولهذا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : لَا يَبِعْ فِي سُوقِنَا إِلَّا مَنْ قَدْ تَفَقَّهَ فِي الدِّينِ .
رواه الترمذي (449) وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ .
ومن أحكام السوق التي لا بد من معرفتها ما يُقدم للناس في الأسواق من جوائز ترويجية الغرض منها الترغيب في سلعهم أو خدماتهم وكذلك جذب المستهلكين إليها .
ومع الأسف فإن كثيرا من المسلمين يقبِلون على الجوائز الترويجية من غير معرفة الجائز منها وغير الجائز !!!
وفي هذا الموضوع سنقف مع صور عدة لأحكام الجوائز الترويجية بيانا للأمة ما يجوز منها وتحذيرا لها من صورها المحرمة .
مقدمةٌ :
صدرت مؤلفات في بيان حكم هذه الجوائز الترويجية ومن أشهرها - حسب علمي - كتابان :
1 - الحوافز التجارية التسويقية وأحكامها في الفقه الإسلامي تأليف خالد بن عبد الله المصلح . وأصل الكتاب رسالة ماجستير . وهو من أفضل ما كتب في الموضوع
2 - أحكام الإعلانات التجارية والجوائز الترويجية تأليف محمد بن علي الكاملي .
وقد لخصت من هذاين الكتابين مسائل الجوائز الترويجية وهذا لا يعني أنه لا توجد مؤلفات أفضل منهما ولكن هذا ما وقعت يدي عليه .
قبل أن نشرع في إيضاح الصور لا بد لنا في هذه المقدمة من بيان أن غالب الجوائز الترويجية دائرة بين صور القمار أو الميسر أو الغرر فيكون حكمها حكم ما أخذت صورته .
تعريف القمار والميسر والغرر :
ينبغي أن نعرّف القمار والميسر والغرر بتعريف بسيط لكي تتضح الصورة التي نريد الكلام فيها .
- تعريف القمار والميسر :(1/1)
لم يفرق كثير من أهل العلم بين تعريف القمار والميسر وممن ذهب إلى عدم التفريق مجاهد حيث قال : كل شيء فيه قمار فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز .
وعرفه العلماء بعدة تعاريف منها تعريف الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله - فقال : هو جميع المغالبات التي فيها عوض من الجانبين كالمراهنة ونحوها .
- تعريف الغرر :
نقل الشيخ خالد المصلح في كتابه " الحوافز التجارية " ( ص 31 - 32 ) عدة تعريفات ثم خلص إلى تعريفه فقال : ما لا يعلم حصوله أو لا تعرف حقيقته ومقداره .
والغرر ممنوع في الشريعة كما جاء بذلك الخبر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر . رواه مسلم (1513) .
وصور بيع الغرر كثيرة ولكن مع ملاحظة أن هناك أوصافا للغرر المؤثر ذكرها الشيخ خالد المصلح ( ص 33 - 38 ) وألخصها فيما يلي :
1 - أن يكون الغرر كثيرا غالبا على العقد . فقد أجمع العلماء على أن يسير الغرر لا يمنع صحة العقود .
2 - أن يمكن التحرز من الغرر دون حرج ومشقة .
3 - ألا تدعو إلى الغرر حاجة عامة .
4 - أن يكون الغرر أصلا غير تابع .
5 - أن يكون الغرر في عقود المعاوضات وما فيه شائبة معاوضة كالنكاح .
واختلف العلماء في عقود التبرعات كالصدقة والهبة والإبراء على قولين الصحيح أنه لا يمنع الغرر في عقود التبرعات .
وأكتفي بهذه المقدمة وندخل في صور وأحكام الجوائز الترويجية .
يتبع
http://saaid.net/Doat/Zugail/70.htm
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@152.YaWhaQl4ZJb^3@.ef0c02b
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
الجوائزُ التّرويجيّةُ في ميزانِ الشريعةِ ... صورها وأحكامها ( 2 )
صورُ وأحكامُ الجوائزِ والهدايا الترويجيةِ :
تتنوع صور الجوائز والهدايا الترويجية والحكم عليها يكون بحسب كل حالة على حدة .
وقد قسم الشيخ خالد المصلح في كتابه " الحوافز التجارية التسويقية " الهدايا الترويجية إلى قسمين :
القسم الأول : أن تكون الهدية سلعة :
وتحت هذا القسم ثلاثة فروع سواء كانت السلعة من جنس المبيع أم من غير جنسه .
الفرع الأول : أن يكون المشتري موعودا بالهدية قبل الشراء .
ولهذه الحالة صورتان .
- الصورة الأولى :
أن يعلن صاحب السلعة أن كل من يشتري سلعة معينة فله هدية مجانية أو موصوفة وصفا مميزا .
- الصورة الثانية :
أن من اشترى عدد كذا من سلعة معينة فله هدية مجانية أو يقول : من جمع كذا قطعة من سلعة معينة فله هدية مجانا .
ومن ذلك قول بعض الباعة : من اشترى بمبلغ كذا فله هدية معينة مجانا .
- حكمها :
وبعد أن ناقش التخريجات الفقهية لهاتين الصورتين رجح أنها هبة مطلقة .
وقد أفتى بجواز مثل هذه الهدايا الترويجية اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة فقد سئلت اللجنة سؤالا نصه :
رأت شركة بترومين لزيوت التشحيم ( بترو لوب ) مؤخرا وبإيعاز وتوصية من إدارة التسويق وتنفيذ من إدارة الإنتاج بالتنسيق مع إدارة العقود بعمل ( كوبونات ) تلصق بالكراتين عن طريق عمال الإنتاج وتكون موجودة أصلا في الكرتون حتى إذا ما أتم العميل جمع عدد معين من هذه ( الكوبونات ) حصل على جائزة معينة بحسب عدد ( الكوبونات ) التي جمعها والسؤال هنا : ما حكم هذا العمل ؟ وهل هو من القمار والميسر ؟
الجواب :
بعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت :
بأن الأصل في المعاملات الجواز ولم يظهر لنا ما يوجب منع هذه المعاملة المسؤول عنها .ا.هـ.
وذهب الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - إلى جواز هذا النوع من الهدايا فقال :(1/1)
إذا كانت السلع التي يبيعها هذا التاجر الذي جعل جائزة لمن تجاوزت قيمة مشترياته كذا وكذا إذا كانت السلع تباع بقيمة المثل في الأسواق فإن هذا لا بأس به .ا.هـ.
الفرع الثاني : ألا يكون المشتري موعودا بالهدية قبل الشراء .
- صورتها :
ما يقوم به كثير التجار وأصحاب السلع من إعطاء المشترين سلعة زائدة على ما اشتروه بدون وعد سابق أو إخبار متقدم على العقد وذلك إكراما لمشترين ومكافأة لهم على شرائهم وترغيبا في استمرار التعامل .
- حكمها :
رجح الشيخ خالد المصلح أن هذا النوع من الهدايا الترويجية هبة محضة .
الفرع الثالث : أن يكون الحصول على الهدية مشروطاً بجمع أجزاء مفرقة في أفراد سلعة معينة .
- صورتها :
ما تقوم به بعض الشركات من وضع ملصقات مجزأة في أفراد سلعة معينة غالبا ما تكوّن هذه الأجزاء شكلا معينا .
ومن صور هذه الحال ما تقوم به بعض محلات المواد الغذائية والاستهلاكية الكبيرة ( السوبر ماركت ) من إعطاء من بلغ حدا معينا من الشراء بطاقة فيها جزء من جهاز على أنه إذا كرر الشراء ثانية وبلغ ذلك الحد فإنه يعطى بطاقة أخرى فإذا كمّل الجزء الآخر يكون ذلك الجهاز هدية مجانية لصاحب البطاقة .
- حكمها :
هذه الصورة محرمة لسببين :
1 - أن هذا النوع من الهدايا الترويجية يفضي إلى حمل الناس على شراء ما لا حاجة لهم فيه من السلع طمعا في تكميل هذه الأجزاء المفرقة وهذا من الإسراف والتبذير .
2 - أن هذا النوع من الهدايا قمارا وميسرا وذلك أن مشتري هذه السلع والخدمات يبذل مالا في شرائها فقد يحصّل الجزء المطلوب فيغنم وقد لا يحصّله فيغرم .
وقد أفتى بتحريم هذه الصورة من الهدايا الترويجية العلامة الشيخ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله - حيث قال في إجابة له عن سؤال حول هذه الهدايا :(1/2)
أما الصورة الثانية : فهي جعل صورة سيارة نصفها في كارت ونصفها الثاني في كارت آخر مثلا ولا تدري عن هذا النصف الآخر هل هو موجود أو غير موجود ؟ وعلى فرض أنه موجود فهو حرام بلا شك لأن الإنسان إذا اشترى كرتونا يكفيه وعائلته ووجد فيه كارت السيارة فإنه سوف يشتري عشرات الكراتين أو مئات الكراتين رجاء أن يحصل على النصف الثاني ليحصل على السيارة فيخسر مئات الدراهم والنهاية أنه لا شيء فقد تحصل لغيره فيكون في هذا إضاعة مال وخطر فلا يجوز استعمال هذه الأساليب .ا.هـ.
القسم الثاني : أن تكون الهدية خدمة :
وتحت هذا القسم فرعان :
الفرع الأول : أن يكون المشتري موعودا بالمنفعة ( الخدمة ) قبل العقد .
- صورتها :
ما تعلن عنه كثير من محطات قوقد السيارات أو تغيير الزيت أو غسيل السيارات من أن من جمع عددا محددا من البطاقات التي تثبت أنه اشترى منهم وقودا أو غيّر عندهم الزيت أو غسّل السيارة فله غسلة مجانية ونحو ذلك من الخدمات .
ومما يدخل في هذه الحال ما تقوم به بعض الشركات أو أصحاب السلع أن مَنْ اشترى منهم سلعة أو خدمة فإن له هدية تذكرة سفر مجانية إلى بلد معين .
- حكمها :
هذا النوع من الهدايا الترويجية جائز .
وقد أفتى بجواز هذه الصورة اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة ففي جوابها على السؤال التالي :
لدي محطة محروقات وعملت كروتا توزع على المواطنين أي بمعنى أنه عندما يكمل السائق ألف لتر يحق له غسيل سيارته محانا وأرفق لكم صورة من هذا الكرت فهل يجوز لنا الاستمرار فيه وتوزيعه أو نتوقف عنه نهائيا ؟
علما بأننا الآن أوقفنا التوزيع .
أجابت اللجنة :
إذا كان الأمر كما ذكر جاز ذلك البيع ونرفق لكم صورة في مسألة تشبه مسألتك . وبالله التوفيق .ا.هـ.
وكذلك أفتى فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله - ففي جواب له على السؤال التالي :(1/3)
يوجد لدينا بنشر ومغسلة طبعنا كروتا كتب عليها اجمع أربع كروت من غيار زيت وغسيل واحصل على غسلة لسيارتك مجانا هل في عملنا هذا شيء محذور ؟ ولعلكم تضعون قاعدة في مسألة المسابقات وغيرها ؟
أجاب - رحمه الله - :
أقول : ليس في هذا محذور ما دامت القيمة لم تزد عن الجائزة من أجل الجائزة والقاعدة هي : أن العقد إذا كان الإنسان فيه سالما أو غانما فهذا لا بأس به أما إذا كان إما غانما وإما غارما فإن هذا لا يجوز هذه القاعدة ....ا.هـ.
الفرع الثاني : ألاّ يكون المشتري موعودا بالمنفعة قبل العقد .
- صورتها :
ما تقدمه بعض محطات وقود السيارات من خدمات لمن يشتري منها وقودا كتمسيح زجاج السيارة مثلا ونحو ذلك من الخدمات .
- حكمها :
هذا النوع من الهدايا الترويجية جائز أيضا لأنها هبة محضة للمنفعة ( الخدمة ) مكافأة على التعامل وتشجيعا عليه .
يتبع
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@152.YaWhaQl4ZJb^0@.ef0c523
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
الحَذَرَ الحَذَرَ مِنْ هَذِهِ البِطاقاتِ
الحَمْدُ للهِ وَبَعَدُ ؛
عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : " لَا يَبِعْ فِي سُوقِنَا إِلَّا مَنْ قَدْ تَفَقَّهَ فِي الدِّينِ " .
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (487) وَقَالَ : " حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ " .
قَالَ العَلاَّمَةُ أَحْمَدُ شَاكِر فِي تَعليقِهِ عَلَى " جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ " (2/357) : " نَعَمْ ؛ حَتَّى يَعْرِفَ مَا يَأْخُذُ وَمَا يَدَعُ ، وَحَتَّى يَعْرِفَ الحَلاَلَ وَالحَرَامَ ، وَلاَ يُفْسِد عَلَى النَّاسِ بَيْعَهُم وَشِراءَهُم بِالأَبَاطيلِ وَالأَكَاذيبِ ، وَحَتَّى لاَ يَدْخُلُ الرِّبَا عَلَيْهِمُ مِنْ أَبْوَابٍ قَدْ لاَ يَعرِفُهَا المُشْتَرِي ، وَبِالجُمْلَةِ : لِتَكُوْنَ التِّجَارَةُ تِجَارَةً إِسْلامِيَّةً صَحِيْحَةً خَالصَةً يَطْمئنُّ إِلَيْهَا المُسَلَّمُ وَغَيْرُ المُسَلَّمِ ، لاَ غِشَّ فِيْهَا وَلاَ خِداعَ " .ا.هـ.
ظَهَرَتْ فِي الأَسْوَاقِ بِطَاقَةٌ يُطْلقُ عَلَيْهَا " جُوكي " ، يَشْتَرِيهَا الوَاحِدُ بِمَبْلَغٍ ، ثُمّ يَقْشِطُ ثَلاَثَ مُرَبَّعَاتٍ لِيَرْبَحَ الذَّهَبَ - زَعَمُوا - .
وَهَذَا العَقْدُ لاَ شكَ فِي تَحْرِيْمِهِ لأَنَّهُ نوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ المَيْسِرِ .
قَالَ تَعَالَى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ " [ المَائِدَةُ : 90 - 91 ] .(1/1)
وَقَالَ الشَّيْخُ ابنُ عُثَيْمِين : " فهذا الميسر - وهو كل معاملة دائرة بين الغُنم والغُرم - : لا يدري فيها المعامِل هل يكون غانماً أو يكون غارماً ، كله محرَّم ، بل هو من كبائر الذنوب ... " .
وَقَالَ أَيْضَاً : " والميسر كل معاملة على المغالبة ، إما غانم وإما غارم ، هذه القاعدة الشرعية في الميسر " .
فَالحَذَرَ الحَذَرَ أَيُّهَا المُسْلِمُوْنَ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/2)
الزَّائِرُ الَّذِي لَا بُدَ أَنْ يَزُورَكَ..هَلْ تَعْرِفْهُ ؟
الحمد لله وبعد ؛
فإن من الأمور الواضحات الجليات ، في دين رب الأرض والسماوات ، الإيمان بملائكته الكرام ، وهذا معلوم من الدين بالضرورة فلا يكمل إيمان عبدٍ حتى يؤمن بهم ويقر بوجودهم ، وهذا العالم هو من الأمور الغيبيات التي يطلع الله من شاء من عباده عن ماهيتها ، فلذلك يحرم القول عليهم بغير برهان بين ودليل عين .
ونسمع بعض العوام يقولون : الله يجعل عزرائيل يقبض روحك ، أو غيرها من العبارات التي توحي أن اسم ملك الموت مستقرٌ عندهم بهذا الاسم " عزرائيل " .
فما صحة نسبة اسم ملك الموت بـ " عزرائيل " ؟ وهل ورد فيه نص ؟
أولاً : ما معنى اسم عِزْرَائِيل ؟
ذكر القرطبي في " أحكام القرآن " (14/62 – 63) معنى اسم " عزرائيل " فقال : واسمه عزرائيل ومعناه عبد الله .ا.هـ.
ويقال أن معناه : عبد الجبار .
والإمام القرطبي يقر بأن اسم ملك الموت هو عزرائيل .
ثانيا : ما ورد في القرآن عن ملك الموت :
جاءت نصوص القرآن بذكر ملك الموت من غير تحديد اسم له فقال تعالى : " قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ " [ السجدة : 11 ] .
قال ابن كثير في تفسيره (6/360 – 361) : الظَّاهِر مِنْ هَذِهِ الْآيَة أَنَّ مَلَك الْمَوْت شَخْص مُعَيَّن مِنْ الْمَلَائِكَة كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَر .ا.هـ.
وجاء في آيات أخرى أن الناس تتوفاهم ملائكة وليس ملك فقال تعالى : " وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ " [ الأنعام : 61 ] .
وقال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ " [ النساء : 97 ] .(1/1)
وقال تعالى : " الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ " [ النحل : 28 ] .
فهذه الآيات تبين أن الذي يقوم بقبض أرواح الناس هم ملائكة ، وفي الآية الأخرى سماه الله تعالى : ملك الموت ، فما هو الجمع بين هذه الآيات ؟
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان (6/504) :
فتحصل أن إسناد التوفي إلى ملك الموت في قوله تعالى : " قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ " [ السجدة : 11 ] ، لأنه هو المأمور بقبض الأرواح . وأن إسناده للملائكة في قوله : " فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ " [ محمد : 27 ] ، ونحوها من الآيات لأن لملك الموت أعوانا يعملون بأمره . وأن إسناده إلى الله في قوله تعالى : " اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا " [ الزمر : 42 ] ، لأن كل شيء كائنا ما كان لا يكون إلا بقضاء الله وقدره والعلم عند الله .ا.هـ.
فالظاهر من هذه النصوص أن الله لم يسمِ الملك الذي يقبض أرواح الناس باسم معين .
ثالثاً : ما ورد في السنة :
لم يرد في حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن اسم ملك الموت هو " عزرائيل " ، ولكن وردت آثار نوردها :(1/2)
1 - عن وهب بن منبه قال : إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل : يا إسرافيل هات ما وكلتك به . فيقول : نعم يا رب في الصور كذا وكذا ثقبة ، وكذا روح للإنس منها كذا وكذا ، وللجن منها كذا وكذا ، وللشياطين منها كذا وكذا ، وللوحوش منها كذا وكذا، وللطير منها كذا وكذا ، وللبهائم منها كذا وكذا ، وللهوام منها كذا وكذا ، وللحيتان منها كذا وكذا ، فيقول الله عز وجل : خذه من اللوح . فإذا هو مثلا بمثل لا يزيد ولا ينقص ، ثم يقول عز وجل : هات ما وكلتك يا ميكائيل . فيقول : نعم يا رب أنزلت من السماء كذا وكذا كيلة ، وزنة كذا وكذا مثقالا ، وزنة كذا وكذا قيراطا، وزنة كذا وكذا خردلة ، وزنة كذا وكذا درة ، أنزلت في سنة كذا وكذا كذا وكذا ، وفي شهر كذا وكذا كذا وكذا ، وفي جمعة كذا وكذا كذا وكذا ، وفي يوم كذا وكذا كذا وكذا ، وفي ساعة كذا وكذا كذا وكذا أنزلت للزرع منه كذا وكذا ، وأنزلت للشياطين منه كذا وكذا ، وأنزلت للإنس منه كذا وكذا ، وأنزلت للبهائم كذا وكذا ، وأنزلت للوحوش كذا وكذا، وللطير كذا وكذا ، وللحيتان كذا وكذا ، وللهوام كذا وكذا . فذلك كله كذا وكذا ، فيقول : خذه من اللوح . فإذا هو مثلا بمثل لا يزيد ولا ينقص ، ثم يقول : يا جبريل هات ما وكلتك به . فيقول : نعم يا رب أنزلت على نبيك فلان كذا وكذا آية في شهر كذا وكذا ، في جمعة كذا وكذا ، في يوم كذا وكذا ، وأنزلت على نبيك فلان كذا وكذا آية ، وكذا وكذا سورة ، فيها كذا وكذا آية . فذلك كذا وكذا آية ، فذلك كذا وكذا حرفا ، وأهلكت كذا وكذا مدينة ، وخسفت بكذا وكذا . فيقول : خذه من اللوح . فإذا هو مثلا بمثل لا يزيد ولا ينقص . ثم يقول : هات ما وكلتك به يا عزرائيل .(1/3)
فيقول : نعم يا رب فبضت روح كذا وكذا إنسي ، وكذا وكذا جني ، وكذا وكذا شيطان ، وكذا وكذا غريق ، وكذا وكذا حريق ، وكذا وكذا كافر ، وكذا وكذا شهيد ، وكذا وكذا هديم ، وكذا وكذا لديغ ، وكذا وكذا في سهل ، وكذا وكذا في جبل ، وكذا وكذا طير ، وكذا وكذا هوام ، وكذا وكذا وحش . فذلك كذا وكذا جملته كذا وكذا ، فيقول : خذه من اللوح . فإذا مثلا بمثل لا يزيد ولا ينقص ، فالله تبارك وتعالى علم قبل أن يكتب وأحكم ، فذلك قول الله عز وجل : " هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [ الحديد : 3 ] .
أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في " العَظَمة " (394) .
قال المحقق لكتاب العظمة في الحاشية : وإسناده ضعيف لأن فيه محمد بن إبراهيم بن العلاء منكر الحديث . ولا يخلو أن يكون الأثر من الإسرائيليات التي اشتهر بروايتها وهب بن منبه .ا.هـ.
2 - عن أشعث بن شعيب رضي الله عنه قال : سأل إبراهيم عليه السلام ملك الموت واسمه عزرائيل وله عينان في وجهه ، وعين في قفاه فقال : يا ملك الموت ما تصنع إذا كانت نفس بالمشرق ونفس بالمغرب ، ووضع الوباء بأرض ، والتقى الزحفان كيف تصنع ؟ قال أدعو الارواح بإذن الله فتكون بين أصبعي هاتين ، قال : ودحيت له الأرض فتركت مثل الطست يتناول منها حيث شاء ، قال : وهو الذي بشره بأنه خليل الله عز وجل .
أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في " العَظَمة " (443) .
قال المحقق لكتاب العظمة : إسناده مقطوع ، ورجاله ثقات سوى حكام فإنه صدوق له غرائب ، والخبر من الإسرائيليات .ا.هـ.
وقد وجدت بعضا من القصص ورد فيها ذكر " عزرائيل " على أنه ملك الموت ، ولكني أعرضت عنها بسبب غرابتها ونكارتها الواضحة .
رابعا : كلام أهل العلم في المسألة :(1/4)
قال ابن كثير في البداية والنهاية (1/42) : وأما ملك الموت فليس بمصرح باسمه في القرآن ، ولا في الأحاديث الصحاح ، وقد جاء تسميته في بعض الآثار بعزرائيل .ا.هـ.
وقال السيوطي في حاشيته على سنن النسائي : لَمْ يَرِدْ تَسْمِيَته فِي حَدِيث مَرْفُوع وَوَرَدَ عَنْ وَهْب بْن مُنَبِّه أَنَّ اِسْمه عِزْرَائِيل رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخ فِي الْعَظَمَة .ا.هـ.
وقال أيضا في " الإتقان " ( ص 539 ) :
( ملك الموت ) اشتهر على الألسن أن اسمه عزرائيل ورواه أبو الشيخ ابن حبان عن وهب .ا.هـ.
وقال أيضا في " مفحمات الأقران في مبهمات القرآن " ( ص 45 ) :
( ملك الموت ) أخرج أبو الشيخ عن وهب أن اسمه " عزرائيل " .ا.هـ.
وقال الشيخ الدكتور محمد بن عبد الوهاب العقيل في كتابه " معتقد فرق المسلمين واليهود والنصارى والفلاسفة والوثنين في الملائكة المقربين " ( ص 55 ) :
عزرائيل : المشهور عند كثير من الناس أن هذا الاسم لملك الموت . وهذا الاسم لم يرد في الكتاب ولا في السنة الصحيحة وإنما ورد في بعض الآثار والمقطوعات التي لا يجوز الاحتجاج بها فلا ينبغي تسمية ملك الموت بهذا الاسم لعدم ثبوته ، والله أعلم .ا.هـ.
وقال الشيخ بكر أبو زيد في " معجم المناهي اللفظية " ( ص 390 ) :
عزرائيل : خلاصة كلام أهل العلم في هذا : أنه لا يصح في تسمية ملك الموت بعزرائيل – ولا غيره – حديث والله أعلم .ا.هـ.
وقد ذهب بعض العلماء إلى تسمية ملك الموت بـ " عزرائيل " استنادا على الآثار الواردة آنفا ومنهم :
شيخ الإسلام ابن تيمية فقد قال في الفتاوى (16/34) : الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ أَنَّ جَمِيعَ الْخَلْقِ يَمُوتُونَ حَتَّى الْمَلَائِكَةُ وَحَتَّى عِزْرَائِيلُ مَلَكُ الْمَوْتِ .ا.هـ.(1/5)
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في الأضواء (6/504) : ظاهر هذه الآية الكريمة أن الذي يقبض أرواح الناس ملك واحد ، وهذا هو المشهور وقد جاء في بعض الآثار أن اسمه عزرائيل .ا.هـ.
خامسا : فوائد ذات صلة :
الفائدة الأولى :
جاء في كتاب " فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك " في مسائل الردة سؤال نصه :
مَا قَوْلُكُمْ فِيمَنْ سَبَّ عَزْرَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يَعْتَقِدْ مَلَكِيَّتَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَ حُرْمَتِهِ وَسَمَّاهُ إزْرَائِينَ أَوْ إزْرَائِيلَ أَوْ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَسَمَّاهُمَا نَكِيرًا وَمَنْكُورًا فَهَلْ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ أَمْ لَا ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ وَيُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : وَإِنْ عَابَ مَلَكًا أَوْ نَبِيًّا وَلَوْ فِي بَدَنِهِ قُتِلَ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَزَلَلِ لِسَانٍ أَوْ سُكْرٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .ا.هـ.
وجاء أيضا في " مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل " في باب الردة ما نصه :
((1/6)
مَسَائِلُ ) مِنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ وَالشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّافِعِيِّ تَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ رَجُلٍ أَمْسَكَ غَرِيمًا لَهُ وَقَالَ : لَوْ وَقَفَ عِزْرَائِيلُ قَابِضُ الْأَرْوَاحِ مَا سَيَّبْته إلَّا بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَأَجَابَ إذَا كَانَ مُرَادُهُ لَوْ وَقَفَ لِقَبْضِ رُوحِي مَا سَيَّبْته فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَدَرَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَمَعْنَى لَا أُسَيِّبُهُ وَلَوْ فِي ذَلِكَ ذَهَابُ الرُّوحِ وَهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَلَكِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
( قُلْت ) وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ الِاسْتِخْفَافَ بِذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الشِّفَاءِ وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ : لَوْ سَبَّنِي مَلَكٌ لَسَبَبْتُهُ .ا.هـ.
وجاء في كتاب " مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبهر " في باب المرتد ما نصه :
وَمَنْ قَالَ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ آدَم الْحِنْطَةَ مَا وَقَعْنَا فِي هَذَا الْبَلَاءِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ وَلَوْ قَالَ مَا صِرْنَا أَشْقِيَاءَ يَكْفُرْ . وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ : إنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَسَجَ الْكِرْبَاسَ فَقَالَ آخَرُ : نَحْنُ إذًا أَوْلَادُ الْحَائِكِ يَكْفُرُ قَالَ لِقَاؤُك عَلَيَّ كَلِقَاءِ مَلَكِ الْمَوْتِ إنْ قَالَهُ لِكَرَاهَةِ الْمَوْتِ لَا يَكْفُرْ وَإِنْ قَالَهُ إهَانَةً لِمَلَكِ الْمَوْتِ يَكْفُرْ وَيَكْفُرُ بِتَعْيِيبِهِ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ بِالِاسْتِخْفَافِ بِهِ وَبِقَوْلِهِ : إنَّ عِزْرَائِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ غَلِطَ فِي قَبْضِ رُوحِ فُلَانٍ .ا.هـ.
الفائدة الثانية :(1/7)
وردت أحاديث في اسم ملك يقال له : " عِمارة " يسعر الأسعار فما صحة هذه الأحاديث ؟
الحديث ورد عن علي بن أبي طالب ، وأنس بن مالك .
أما حديث علي بن أبي طالب :
عن علي قال : غلا السعر بالمدينة فذهب أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا : يا رسول اللّه غلا السعر فسعر لنا فقال : إن اللّه عز وجل هو المعطي ، وهو المانع ، وإن للّه ملكاً اسمه عمارة على فرس من حجارة الياقوت طوله مد بصره ، يدور في الأمصار ويقف في الأسواق فينادي : ألا ليغل كذا وكذا ألا ليرخص كذا وكذا .
أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1211) وقال : أما حديث علي فانفرد به ابن أبي علاج ، وهو عبد الله بن أيوب بن أبي علاج الموصلي . قال ابن عدي : له أحاديث مناكير . وقال ابن حبان : يروى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، فلا يشك السامع أنه كان يضعها .ا.هـ.
وقال العقيلي (3/363) : إن هذا الحديث باطل لا أصل له .
وقد تعقب الحافظ ابن حجر ابنَ الجوزي في حكمه لهذا الحديث بالوضع فقال في التلخيص الحبير (3/14) :
وَأَغْرَبَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَأَخْرَجَهُ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ , فَقَالَ : إنَّهُ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ .ا.هـ.
وذكر الطرق التي ثبت فيها بداية الحديث وهو : غلا السعر بالمدينة فذهب أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا : يا رسول اللّه غلا السعر فسعر لنا فقال : إن اللّه عز وجل هو المعطي ، وهو المانع .
رواه أبو داود (3451) ، والترمذي (1314) ، وابن ماجه (2200) ، وأحمد (2/337 ، 3/85) .
قال صبغة الله المدارس في " ذيل القول المسدد " ( ص 113) :
قلت : الجملة الأخيرة التي وقعت في حديث علي وأنس اتفق الحفاظ على وضعها ، أما الجملة الأولى فهي صحيحة ثابتة فتساهل ابن الجوزي في الحكم على الجميع بالوضه فتنبه ! .ا.هـ.
وأما حديث أنس بن مالك :(1/8)
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لله ملكا من حجارة يقال له : عمارة ينزل كل يوم على حِمار من حجارة فيسعر الأسعار ثم يعرج .
أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1212 ، 1213 ، 1214 ، 1215) من أربعة طرق . وأعلها ابن الجوزي فقال :
ففي الطريق الأول : الزهري سرق حديث علي وجعل له إسنادا آخر . قال أبو بكر الخطيب : كان الزهري كذابا . وهذا الحديث موضوع .
وأما الطريق الثاني ففيه ابن أبي علاج وقد تقدم جرحه . وفيه حماد بن عمرو قال يحيى : كان يكذب ويضع الحديث . وقال النسائي والفلاس : متروك الحديث .
وأما الطريق الثالث ففيه السري البغدادي . قال عبد الرحمن بن خراش كان يكذب . وقال ابن عدي : كان يسرق الحديث .
وأما الرابع ففيه العباس ين بكار . قال الدارقطني : هو كذاب . وعبد الله بن المثنى ضعيف عندهم .ا.هـ.
وأورد الإمام ابن القيم هذين الحديثين في كتاب " المنار المنيف " ( ص 100 – 101) تحت فصل قال فيه :
ومنها : ركاكة ألفاظ الحديث وسماجتها ، بحيث يمجها السمع ، ويدفعها الطبع ، ويسمج معناها للفطن .ا.هـ.
وأشار إلى ذلك الشيخ بكر أبو زيد في " التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث " ( ص 173) .
الفائدة الثالثة :
سمعت ملفاً صوتيا يتكلم عن ملك يدعى " فُطرس " ، والذي يحكي قصة هذا الملك رجل رافضي يدعى جاسم الكربلائي ، وذكر كلاما عجيبا في قصة هذا الملك ، ولا أدري من أين يأتون بمثل هذه القصص ؟؟!!!
وبعد الرجوع إلى كتب اللغة عن معنى " فُطرس " وجدت ما يلي :
قال الفيروزبادي في القاموس المحيط " باب السين " " فصل الفاء " :
فُطْرُسٌ ، بالضم : رجلٌ ، ومنه : نَهْرُ فُطْرُسٍ ، ويُقال : أبي فُطْرُسٍ ، قربَ الرَّمْلَةِ ، مَخْرَجُهُ من جبلٍ قربَ نابُلُسَ .ا.هـ.
وهذا نهاية هذا البحث أسأل الله أن ينفع به .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@7.wruoc2gBtCA^0@.ef33a40
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل(1/9)
zugailam@yahoo.com(1/10)
الزواج بنية الطلاق
قال الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - :
هذا وإن تشديد علماء السلف والخلف في منع " المتعة " يقتضي منع النكاح بنية الطلاق ، وإن كان الفقهاء يقولون إن عقد النكاح يكون صحيحاً إذا نوى الزوج التوقيت ولم يشترطه في صيغة العقد ، ولكن كتمانه إياه يعد خداعاً وغشّاً ، وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون بالتراضي بين الزوج والمرأة ووليها ، ولا يكون فيه من المفسدة إلا العبث بهذه الرابطة العظيمة التي هي أعظم الروابط البشرية ، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات بين الذواقين والذواقات ، وما يترتب على ذلك من المنكرات ، وما لا يشترط فيه ذلك يكون على اشتماله على ذلك غشّاً وخداعاً تترتب عليه مفاسدَ أخرى من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذين يريدون بالزواج حقيقته وهو إحصان كل من الزوجين للآخر وإخلاصه له ، وتعاونهما على تأسيس بيت صالح من بيوت الأمة.
نقلاً عن " فقه السنَّة " للسيد سابق ( 2 / 39 ) .
وللشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – كلام مشابه في تحريم هذا الزواج .
قال – رحمه الله - :
ثم إن هذا القول – أي : القول بالجواز - قد يستغله ضعفاء الإيمان لأغراض سيئة كما سمعنا أن بعض الناس صاروا يذهبون في العطلة أي في الإجازة من الدروس إلى بلاد أخرى ليتزوجوا فقط بنية الطلاق ، وحكي لي أن بعضهم يتزوج عدة زواجات في هذه الإجازة فقط ، فكأنهم ذهبوا ليقضوا وطرهم الذي يشبه أن يكون زنى والعياذ بالله .(1/1)
ومن أجل هذا نرى أنه حتى لو قيل بالجواز فإنه لا ينبغي أن يفتح الباب لأنه صار ذريعة إلى ما ذكرت لك. أما رأيي في ذلك فإني أقول : عقد النكاح من حيث هو عقد صحيح ، لكن فيه غش وخداع ، فهو يحرم من هذه الناحية . والغش والخداع هو أن الزوجة ووليها لو علما بنية هذا الزوج ، وأن من نيته أن يستمتع بها ثم يطلقها ما زوَّجوه ، فيكون في هذا غش وخداع لهم . فإن بيَّن لهم أنه يريد أن تبقى معه مدة بقائه في هذا البلد ، واتفقوا على ذلك : صار نكاحه متعة .
لذلك أرى أنه حرام ، لكن لو أن أحداً تجرَّأ ففعل : فإن النكاح صحيح مع الإثم .
" لقاء الباب المفتوح " ( سؤال 1391 ) .
http://islamway.com/bindex.php?section=fatawa&fatwa_id=2667
---
وهذا رأي الشيخ سلمان العلوان في المسألة :
http://www.3lwan.org/dalel/pafiledb.php?action=download&id=218
---
فتوى اللجنة الدائمة :
الفتوى رقم: (21140):
س: انتشر بين أوساط الشباب السفر خارج البلاد للزواج بنية الطلاق، والزواج هو الهدف في السفر استنادا على فتوى بهذا الخصوص، وقد فهم الكثير من الناس الفتوى خطأ، فما حكم هذا؟
ج: الزواج بنية الطلاق زواج مؤقت، والزواج المؤقت زواج باطل؛ لأنه متعة، والمتعة محرمة بالإجماع، والزواج الصحيح: أن يتزوج بنية بقاء الزوجية والاستمرار فيها، فإن صلحت له الزوجة وناسبت له وإلا طلقها، قال تعالى: ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان).
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو: بكر أبو زيد.
عضو: صالح الفوزان.
عضو: عبد الله بن غديان.
الرئيس: عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
الطواف من داخل الحجر
نص السؤال :
برجاء من سيادتكم توضيح حكم من ترك الطواف من وراء حجر إسماعيل فى الحج .
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فمن طاف من داخل الحجر فإنه لا يعتد بهذا الشوط لأن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت جميعه، قال تعالى: ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) [الحج:59] وقد قال صلى الله عليه وسلم لعائشة لما نذرت أن تصلي بالبيت " صلي في الحجر فإن الحجر من البيت " رواه مسلم .
وبهذا قال مالك وعطاء والشافعي وأحمد وغيرهم . وكذا لو طاف على جدار الحجر أو شاذروان الكعبة فلا يعتد بهذا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف من وراء ذلك كله . فإن كان الذي ترك هو طواف الإفاضه فلايتم الحج إلا به وعليه فيلزمه إعادة الطواف ولوعاد إلى بلاده فيلزمه الرجوع لاداء الطواف ويحرم عليه وطء زوجته وإذا وطئها فإنه يلزمه فدية : بدنة مع إعادة الطواف ، أماإذا كان طواف الوداع فإن كان بمكة فيلزمه أداؤه وإن كان قد سافر إلى بلاده فعليه فديه : دم وهي ( شاة) فقط إلا إن كان ترك الطواف بسبب الحيض أوالنفاس فلا يجب عليها طواف الوداع أصلاً . وإن كان طواف العمرة فلاتتم إلا به ويبقي محرماً فإن كان قد حلق أوقصر لزمه فدية : دم للحلق أوالتقصير مع إعادة العمرة بالتريتب الطواف ثم السعى ثم الحلق والتقصير وكذلك يلزمه فدية للبسه المخيط إن لبسه ، ولمسه الطيب إن مسه وكذلك في صيد البر إن صاد لأنه لايزال محرماً ، أما إذا كان قد وطيء زوجته فإن عمرته قد فسدت ويلزمة الاستمرار فيها ويجب عليه قضاءها وعليه فدية : بدنة لوطئه زوجته. والله أعلم .
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showsearchSingleFatwa?FatwaId=6684&word=الحجر
---
نص السؤال :
العمرة وأثناء الشوط السابع صلت زوجتي داخل حجر إسماعيل ثم استكملت الطواف من الداخل عن جهل هل تحتسب العمرة ؟ و هل هناك دم مطلوب ؟
الجواب :(1/1)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فالطواف بالكعبة ركن من أركان العمرة ، وفرضه سبعة أشواط عند جماهير العلماء ، واشترط الفقهاء أن يكون الطواف حول البيت كله ، لأن الله عز وجل يقول : (وليطوفوا بالبيت العتيق)[الحج:29] وذلك يشمل الحجر ، ويشمل الشاذروان وهو الجزء السفلي الخارج عن جدار البيت مرتفعاً على وجه الأرض .
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : (ولا يجوز للطائف بالبيت في حج أو عمرة أو طواف نفل أن يدخل من حجر إسماعيل ، ولا يجزئه ذلك لو فعله، لأن الطواف بالبيت ، والحجر من البيت ، لقول الله سبحانه: (وليطوفوا بالبيت العتيق) ولما روى مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجر ؟ فقال: " هو من البيت " وفي لفظ قالت : إني نذرت أن أصلي في البيت قال : " صلي في الحجر " قالت : الحجر من البيت وبالله التوفيق .
وعلى هذا فعلى زوجتك أن تمتنع عن جميع محظورات الإحرام، ومنها الجماع ، وأن ترجع إلى مكة فتطوف بالبيت سبعاً، وتسعى بين الصفا والمروة سبعا،ً ثم تقصر من شعرها .
وما يمكن أن تكون قد ارتكبته من محظورات الإحرام قبل أن تعلم بهذا الحكم فإنها معذورة فيه بجهلها إن شاء الله تعالى .
والله أعلم
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showsearchSingleFatwa?FatwaId=14427&word=الحجر
---
تنبيهٌ :
قال الشيخ بكر أبو زيد في " معجم المناهي اللفظية " ( ص 226) :
حِجْرُ إسْمَاعِيل :
ذكر المؤرخون والإخباريون أن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام مدفونٌ في " الحِجْر " من البيت العتيق وقل أن يخلو من هذا كتاب من كتب التاريخ العامة وتواريخ مكة " زادها الله شرفا " لذا أضيف الحجر إليه لكن لا يثبت في هذا كبير شيء ولذا فقُلِ : " الحِجْر " ولا تقل : " حِجْرُ إسْمَاعِيل " والله أعلم .ا.هـ.
رابط الموضوع(1/2)
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^28@.ef1236d/1
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
الفتاوى المتعلقة بموضوع الفيزا كارت
الأخ جودر بن عمر .
إليك بعض الفتاوى المتعلقة بموضوع الفيزا كارت ، ومنها ما يتعلق بسؤالك ، وأرجو أن يكون فيها الكفاية إن شاء الله تعالى .
محبك : عبد الله زقيل
---
السؤال :
تقوم البنوك بمنح عملائها بطاقة تسمى ( الفيزا ) ، حيث تمكنه من سحب مبالغ نقدية من البنك ولو لم يكن في حسابه تلك اللحظة أي مبلغ ، على ان يقوم بردها للبنك بعد فترة زمنية محددة ، وإذا لم يتم التسديد قبل انقضاء تلك الفترة فإن البنك يطلب زيادة أكثر مما سحب العميل ، مع العلم أن العميل يقوم بدفع مبلغ سنوي للبنك مقابل استخدامه لتلك البطاقة ، أرجو بيان حكم استخدام هذه البطاقة . وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
الحمد لله
هذه المعاملة محرمة ، وذلك لأن الداخل فيها التزم بإعطاء الربا إذا لم يسدد في الوقت المحدد ، وهذا التزام باطل ، ولو كان الإنسان يعتقد او يغلب على ظنه أنه موف قبل تمام الأجل المحدد لأن الأمور قد تختلف فلا يستطيع الوفاء وهذا أمر مستقبل والإنسان لا يدري ما يحدث له في المستقبل ، فالمعاملة على هذا الوجه محرمة . والله أعلم .
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله مجلة الدعوة العدد 1754 ص 37. (www.islam-qa.com)
---
السؤال : من شروط استئجار السيارات أن يكون عندنا بطاقات ائتمان. ليس من الواجب أن ندفع أي شيء من خلال البطاقة وإنما يجب إبراز البطاقة للضمان فقط. عند إرجاع السيارة ندفع نقدا ولا نستعمل البطاقة مطلقا.
فهل يجوز لي أن استخرج بطاقة ائتمان لهذا الغرض ؟
الجواب:
الحمد لله
الأصل أن المعاملات الربويّة محرمة ولا يجوز الدّخول فيها ومن ذلك الشّروط الرّبوية الموجودة في عقود البطاقات الائتمانية ، وفي بعض البلدان يكثر الاعتماد على هذه البطاقات حتى لا يكاد الشّخص ينفكّ عن استعمالها وقد عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :(1/1)
بطاقة الفيزا تشتمل على شرط ربوي إذا تأخرت عن التسديد جعلوا عليّ غرامة لكن المكان الذي أقيم فيه في أمريكا لا يمكن لي أن أستأجر سيارة ولا محلا وكثير من الخدمات العامة لا تمكن إلا ببطاقة الفيزا وإذا لم أتعامل بها أقع في حرج كبير لا أطيقه ، فهل التزامي بالتسديد في وقت معين حتى لا يصبح عليّ ربا يبيح لي التعامل بهذه البطاقة في وضع الحرج الذي أعيش فيه ؟
فأجاب - حفظه الله - بما يلي :
إذا كان الحرج متيقنا واحتمال التأخير عن التسديد ضعيف ، فأرجو أن لا يكون فيها بأس .
سؤال :
هل الشرط الربوي الفاسد يُبطل العقد أم لا ؟
الجواب :
وإن كان في العقد شرط باطل فإنه لا يُبطل العقد لأمور :
(1) الضرورة ،
(2) ولأنه لا يتحقق لأن الرجل غالب على ظنه أنه سيوفي ، فمن أجل أنه غالب على ظنه أنه سيوفي والشرط غير متحقق ومن أجل الضرورة - وهذه هي النقطة الأخيرة والمهمة - فأرجو أن لا يكون في هذا بأس ؛ لأن عندنا أمرا متحققا وهو الضرورة وعندنا أمر مشكوك فيه وهو التأخر ، فمراعاة المتيقن أولى .
والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين (www.islam-qa.com)
---
السؤال :
أنا أود أن اقدم طلب لبطاقة الفيزا من بنك الراجحي ,,, وللحصول عليها لابد أن تدفع مبلغ سنوي يسمى مبلغ رسوم البطاقة . لأستخدمها في عملية الشراء سواء عن طريق الانترنت أو عن طريق المحلات التجارية ,,, وقد ابلغني البنك بأنه لايأخذ أي عمولة بمعنى أن المبلغ الذي اشتريت به هو الذي سوف تدفعه للبنك بعد تسعين يوما من عملية الشراء . فهل يجوز لي اقتناء هذه البطاقة واستخدامها في غير الأصناف الستة المذكورة في حديث المصطفى صلى الله علية وسلم وهي الذهب والفضة ...الخ . أرجو افادتي في سؤالي وجزاكم الله خيرا.
الإجابة :(1/2)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا حرج في استخراج هذه البطاقات والتعامل بها، وما يأخذه البنك رسما لإصدار البطاقة لا حرج فيه كذلك. ويجوز لك أن تشتري بهذه البطاقة ما شئت من الأمتعة والأعيان. وإذا كان المبلغ المستحق يدخل في حساب البائع مباشرة عقب إتمام المعاملة أو يسجل في ورقة مشتملة على بيانات صاحب البطاقة تكون بمثابة الشيك المصدق الذي يستطيع البائع استحقاق مقابله في أي وقت شاء: جاز لك شراء الذهب والفضة وغيرهما من الأصناف الربوية بهذه البطاقة لوجود صورة القبض المعتبرة شرعاً، والله أعلم
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showsearchSingleFatwa?FatwaId=665&word=فيزا
---
السؤال :
اشترى أحدهم مواداً للأكل مستخدماً فيزا كارت وعلى حسب قوله إن هذه الشركة (التي حصل على الكارت منها) لا تقاضيه ربا أو زيادة على ما يسحبه من نقود لمدة ثلاثة أشهر ولكن بعد الثلاثة الأشهر سوف يكون هناك زيادة... فما حكم الأكل الذي اشتراه في هذه الحالة (حلال أم لا)؟ وما هو حكم الأكل إذا كان في الحقيقة زيادة (ربا) على ما دفعه قيمةً للأكل؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً وجزى خيراً من أسس وأعان على تحسين هذا العمل.
وهذا الموقع واعذروني إن أطلت عليكم والسلام عليكم ورحمة الله .
الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم أما بعد:
المشتري الذي استعمل "الفيزاكارت" ينظر في حاله : فإن كان استعماله لهذه البطاقة مجانياً فيسوغ له ولغيره استعمالها.
وإن كانت الجهة التي صرفت له هذه البطاقة تتقاضى على ذلك فائدة (غير ثمن استخراج البطاقة) فلا يجوز استعمالها ولا الأكل مما اشترى بها ، إذا علم أنه اشترى هذا الاكل بعينه بها ـ لأن هذا الطعام مشترى بمال ربا محض ، فلا يجوز أكله لأنه عوض عن مال خبيث، أشبه ما لو اشترى طعاما بخمر. وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى ـ وبه قال الحنابلة .(1/3)
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً .
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showsearchSingleFatwa?FatwaId=2709&word=فيزا
---
نص السؤال :
ما حكم الفيزا كارت؟ ونظائرها من فيزا ماستر وغيرها. وما حكم استخدامي للبطاقة الائتمانية في المشتريات فقط دون أن أسحب بها مبلغاً نقدياً لعلمي أن عليه فوائد، لكن أحياناً أشتري من محل بالبطاقة، ثم أقوم بإرجاع المشتريات ويعطونني بدلها بدلاً نقدياً، فهل هذا حرام؟
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :
فإن كثيرا من بطاقات الفيزا تشتمل على محظورين:
الأول : التوقيع في العقد على الإقرار بالربا، وأنه إذا تأخر العميل عن السداد في مدة محددة لزمه دفع مبلغ نظير التأخير. وهذا إقرار للتعامل الربوي المحرم .
الثاني : احتمال الوقوع في الربا، إذا تأخر عن السداد في الوقت المحدد. فمتى سلمت المعاملة من هذين المحظورين فلا إشكال ، فمن استطاع أن يحذف الشرط المذكور في العقد ، وحرص على السداد في الوقت جاز له التعامل بهذه البطاقات. وقد أصدرت البنوك الإسلامية نوعا من هذه البطاقات ولله الحمد.
وننبه إلى أنه لا فرق في الحكم بين أن تسحب بهذه البطاقة مبالغ نقدية أو تقتصر على استخدامها في المشتريات فقط، فالعبرة بأساس هذه البطاقة هل هو سالم من المحذورين أو لا ؟
فإذا وجد أحدهما أو كلاهما فلا يجوز استخدامها ولا إصدارها أصلاً ، والبدل النقدي عن البضائع المسترجعة يأخذ حكم البضائع من حيث الحل أو الحرمة ، ونظراً لأن البطاقة التي تتعامل بها إذا سحبت بها مالاً أخذ البنك عليه فائدة ربوية، فلا يجوز التعامل بها.
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showsearchSingleFatwa?FatwaId=2834&word=فيزا
---
نص السؤال :
بطاقة الفيزا أو الماستر كارد من البنوك التجارية ما حكمها بشكل عام و بشكل خاص ما حكم سحب نقد منها مقابل عمولة محددة مقدارها 3 .(1/4)
2- ما حكم سحب نقد من بطاقة فيزا صادرة من بنوك إسلامية علما أنهم يتقاضون عمولة مقطوعة مقدارها 3.5 دينار عن كل عملية سحب .
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز التعامل مع البنوك التجارية القائمة على الربا، بأي شكل من أشكال التعامل حتى ولو لم تكن تلك المعاملة مشتملة على الربا، لأن ذلك من باب التعاون معهم على الإثم والعدوان . قال تعالى: " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " [المائدة: 2] .
إلا ما دعت إليه الحاجة مثل : التحويل من مكان إلى آخر ، حيث لا يتوفر التحويل عن طريق بنك إسلامي .
وأما حكم إصدار بطاقة الائتمان (الفيزا) ، فلا حرج فيه إذا خلت من الموانع الشرعية ، كالتوقيع في العقد أنه في حالة التأخير في السداد فإنه يدفع قدراً من المال زيادة على المبلغ المستخدم . لأن ذلك ربا صريح وكل قرض جر نفعاً فهو ربا ، وقد أصدر المجمع الفقهي قراره رقم: 108 (2/12) بشأن بطاقة الائتمان غير المغطاة ، وحكم العمولة التي يأخذها البنك .
وإليك نص القرار :
(إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23-28 سبتمبر 2000) .
بناء على قرار المجلس رقم 5/6/1/7 ف ي موضوع الأسواق المالية بخصوص بطاقة الائتمان ، حيث قرر البت في التكييف الشرعي لهذه البطاقة وحكمها إلى دورة قادمة .
وإشارة إلى قرار المجلس في دورته العاشرة رقم 102/4/10، موضوع (بطاقات الائتمان غير المغطاة) .(1/5)
وبعد استماعه إلى المناقشات التي درات حوله من الفقهاء والاقتصاديين ، ورجوعه إلى تعريف بطاقة الائتمان في قراره رقم 63/1/7 الذي يستفاد منه تعريف بطاقة الائتمان غير المغطاة بأنه : " مستند يعطيه مصدره (البنك المصدر) لشخص طبيعي أو اعتباري (حامل البطاقة) بناء على عقد بينهما يمكنه من شراء السلع ، أو الخدمات ، ممن يعتمد المستند (التاجر) دون دفع الثمن حالاً لتضمنه التزام المصدر بالدفع ، ويكون الدفع من حساب المصدر ، ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية ، وبعضها يفرض فوائد ربوية على مجموع الرصيد غير المدفوع بعد فترة محددة من تاريخ المطالبة ، وبعضها لا يفرض فوائد .
قرر ما يلي :
أولاً : لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة ولا التعامل بها ، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية ، حتى ولو كان طالب البطاقة عازماً على السداد ضمن فترة السماح المجاني .
ثانياً : يجوز إصدار البطاقة غير المغطاة إذا لم تتضمن شروط زيادة ربو ية على أصل الدين .
ويتفرع على ذلك :
أ ) جواز أخذ مصدرها من العميل رسوماً مقطوعة عند الإصدار أو التجديد بصفتها أجرا فعليا على قدر الخدمات المقدمة على ذلك .
ب ) جواز أخذ البنك المصدر من التاجر عمولة على مشتريات العميل منه ، شريطة أن يكون بيع التاجر بالبطاقة بمثل السعر الذي يبيع به بالنقد .
ثالثاً: السحب النقدي من قبل حامل البطاقة اقتراضا من مصدرها ، ولا حرج فيه شرعاً إذا لم يترتب عليه زيادة ربوية ، ولا يعد من قبيلها الرسوم المقطوعة التي لا ترتبط بمبلغ القرض أو مدته مقابل هذه الخدمة .
وكل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة لأنها من الربا المحرم شرعاً ، كما نص على ذلك المجمع في قراره رقم 13 (10/2) و 13 (1/3) .
رابعاً: لا يجوز شراء الذهب والفضة وكذا العملات النقدية بالبطاقة غير المغطاة. ) . انتهى نص قرار المجمع ، والله أعلم .(1/6)
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showsearchSingleFatwa?FatwaId=6275&word=فيزا
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@112.uX0mbiVxxz7^15@.ef130ef/0
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/7)
الفروقُ بين صلاةِ الجمعةِ وصلاةِ الظهرِ
فصلٌ
قال فضيلةُ الشيخِ جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء : الفروقُ بين صلاةِ الجمعةِ وصلاةِ الظهرِ :
1 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تنعقدُ إلا بجمعٍ على خلافٍ بين العلماءِ في عددهِ .
وصلاةُ الظهرِ تصحُ من الواحدِ والجماعةِ .
2 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تقامُ إلا في القرى والأمصارِ .
وصلاةُ الظهرِ في كلِ مكانٍ .
3 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تقامُ في الأسفارِ فلو مر جماعةٌ مسافرون ببلد قد صلوا الجمعةَ لم يكن لهؤلاءِ الجماعةِ أن يقيموها .
وصلاةُ الظهرِ تقامُ في السفرِ والحضرِ .
4 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تقامُ إلا في مسجدٍ واحدٍ في البلدِ إلا لحاجةٍ .
وصلاةُ الظهرِ تقامُ في كلِ مسجدٍ .
5 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تقضى إذا فاتَ وقتُها ، وإنما تصلى ظهراً ؛ لأن من شرطها الوقت .
وصلاةُ الظهرِ تقضى إذا فات وقتها لعذرٍ .
6 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تلزمُ النساء ، بل هي من خصائصِ الرجالِ .
وصلاةُ الظهرِ تلزمُ الرجالَ والنساءَ .
7 ـ صلاةُ الجمعةِ لا تلزمُ الأرقاءَ ، على خلافٍ في ذلك وتفصيلٍ .
وصلاةُ الظهرِ تلزمُ الأحرارَ والعبيدَ .
8 ـ صلاةُ الجمعةِ تلزمُ من لم يستطع الوصولَ إليها إلا راكباً .
وصلاةُ الظهرِ لا تلزمُ من لا يستطيعُ الوصولَ إليها إلا راكباً .
9 ـ صلاةُ الجمعةِ لها شعائرٌ قبلها كالغسلِ ، والطيبِ ، ولبسِ أحسنِ الثيابِ ونحو ذلك .
وصلاةُ الظهرِ ليست كذلك .
10 ـ صلاةُ الجمعةِ إذا فاتت الواحدَ قضاها ظهراً لا جمعةً .
وصلاةُ الظهرِ إذا فاتت الواحدَ قضاها كما صلاها الإمامُ إلا من له القصرُ .
11 ـ صلاةُ الجمعةِ يمكن فعلها قبل الزوالِ على قول كثيرٍ من العلماءِ .
وصلاةُ الظهرِ لا يجوزُ فعلها قبل الزوالِ بالاتفاقِ .
12 ـ صلاةُ الجمعةِ تسنُ القراءةُ فيها جهراً .
وصلاةُ الظهرِ تسنُ القراءةُ فيها سرًّا .(1/1)
13 ـ صلاةُ الجمعةِ تسنُ القراءةُ فيها بسورةٍ معينةٍ ، إما " سبح والغاشية" ، وإما " الجمعة والمنافقون " .
وصلاةُ الظهرِ ليس لها سورٌ معينةٌ .
14 ـ صلاةُ الجمعةِ ورد في فعلها من الثوابِ ، وفي تركها من العقابِ ما هو معلومٌ .
وصلاةُ الظهرِ لم يرد فيها مثلُ ذلك .
15 ـ صلاةُ الجمعةِ ليس لها راتبةٌ قبلها ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من صلاها أن يصلي بعدها أربعاً .
وصلاةُ الظهرِ لها راتبةٌ قبلها ، ولم يأتِ الأمرُ بصلاةِ بعدها ، لكن لها راتبةٌ بعدها .
16 ـ صلاةُ الجمعةِ تسبقها خطبتان .
وصلاةُ الظهرِ ليس لها خطبةٌ .
17 ـ صلاةُ الجمعةِ لا يصحُ البيعُ والشراءُ بعد ندائها الثاني ممن تلزمه .
وصلاةُ الظهرِ يصحُ البيعُ والشراءُ بعد ندائها ممن تلزمه .
18 ـ صلاةُ الجمعةِ إذا فاتت في مسجدٍ لا تعادُ فيه ولا في غيرهِ .
وصلاةُ الظهرِ إذا فاتت في مسجدٍ أعيدت فيه وفي غيرهِ .
19 ـ صلاةُ الجمعةِ يشترطُ لصحتها إذنُ الإمامِ على قولِ بعضِ أهلِ العلمِ .
وصلاةُ الظهرِ لا يشترطُ لها ذلك بالاتفاقِ .
20 ـ صلاةُ الجمعةِ رتب في السبقِ إليها ثوابٌ خاصٌ مختلفٌ باختلافِ السبقِ ، والملائكةُ على أبوابِ المسجدِ يكتبون الأولَ فالأول .
وصلاةُ الظهرِ لم يرد فيها مثلُ ذلك .
21 ـ صلاةُ الجمعةِ لا إبراد فيها في شدةِ الحرِ .
وصلاةُ الظهرِ يسنُ فيها الإبرادُ في شدةِ الحرِ .
22 ـ صلاةُ الجمعةِ لا يصحُ جمعُ العصرِ إليها في الحالِ التي يجوزُ فيها جمعُ العصرِ إلى الظهرِ .
وصلاةُ الظهرِ يصحُ جمعُ العصرِ إليها حالَ وجودِ العذرِ المبيحِ .
هذا وقد عدها بعضهم إلى أكثرِ من ثلاثين حكماً ، لكن بعضها أي الزائد عما ذكرنا فيه نظرٌ ، أو داخلٌ في بعضِ ما ذكرناهُ .
كتبه محمد الصالح العثيمين وتم ذلك في 15/6/1419 هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
القولُ المبينُ في حكمِ التحريقِ والمُثْلةِ بالكفارِ المعتدين
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
كثرَ الكلامُ والأخذُ والردُ فيما حصل في " الفلوجة " من سحبٍ وتعليقٍ لجثثِ بعضِ العلوجِ الذين قتلوا من قِبلِ المقاومةِ العراقيةِ ، وقرأتُ كثيراً من الردودِ وكثيرٌ منها تكلمت بطريقةٍ عاطفيةٍ غيرِ تأصليةٍ شرعيةٍ ، وكانت بعضُ الردودِ علميةً ولكنها لم تفِ بالمقصودِ ولم تعطِ الموضوعَ حقهُ من البحثِ .
ورأيتُ أنهُ لا بد من الكتابةِ في هذا الأمرِ بشيءٍ من التفصيلِ والتأصيلِ لكي يكون الأمرُ مبنياً على قال اللهُ وقال الرسولُ ، وليس مجرد عواطف لا تقدمُ ولا تؤخرُ .
وسيكونُ لنا وقفاتٌ مع البحثِ :
الوقفةُ الأولى : تعريفُ المثلةِ :
قال ابنُ فارس في " معجم المقاييس في اللغة " ( ص 974 ) عند مادة " مثل " : الميمُ والثاءُ واللامُ أصلٌ صحيحٌ يدلُ على مناظرةِ الشيءِ للشيءِ ... وقولهم : " مَثَّل به " إذا نَكَّل ، هو من هذا أيضاً ، لأن المعنى فيه أنه إذا نُكِّل بهِ جُعل ذلك مثالاً لكل من صنع ذلك الصنيعَ أو أراد صنعه ، ويقولون : " مَثَل بالقتيلِ " جَدَعه " .ا.هـ.
وقال ابنُ الأثير في " النهاية " : " يقال : مَثَلْتُ بالحيوان أمْثُل به مَثْلاً ، إذا قَطَعْتَ أطرافه وشَوّهْتَ به ، ومَثَلْت بالقَتيل ، إذا جَدَعْت أنفه ، أو أذُنَه ، أو مَذاكِيرَه ، أو شيئاً من أطرافِه . والاسم : المُثْلة . فأمَّا مَثَّل ، بالتشديد ، فهو للمبالَغة . ومنه الحديث " نَهى أن يُمَثّلَ بالدَّواب " أي تُنْصَب فترْمَى ، أو تُقْطَع أطرافُها وهي حَيَّة " .ا.هـ.
فالمُثْلةُ فصلُ أي عضوٍ من الجثةِ ويدخل في ذلك فصلُ رؤوسِ بعضِ القتلى ، وإرسالها أو العبث بها .(1/1)
وبعد هذا التعريفِ المختصرِ من بعضِ كتب اللغةِ يتبينُ أن ما قام به أهلُ الفلوجةِ لا ينطبقُ على التعريفِ اللغوي ، فهم لم يمثلوا بجثث الكفرةِ ، وإنما أخذوها وقد حُرقت وطافوا بها في الشوارعِ ، فلا يقالُ أنهم مثلوا بهم ، واللهُ أعلم .
وأما التحريقُ سنأتي عليه إن شاء اللهُ تعالى .
الوقفةُ الثانيةُ : حكمُ المُثْلةِ :
جاءت نصوصٌ تتعلقُ بالمُثْلةِ والتمثيلِ بالجثثِ ، ومن خلالِ هذه النصوصِ اختلف أهلُ العلمِ في حكمِ المُثْلةِ على ثلاثةِ أقوالٍ :
القولُ الأولُ :
أن المُثْلةَ حرامٌ بعد القدرةِ عليهم سواءٌ بالحي أو الميتِ ، أما قبل القدرةِ فلا بأس به ، بل ذهب بعضهم إلى أنهُ لا خلاف في تحريمهِ كالزمخشري في تفسيره (2/503) فقال : " لا خلاف في تحريمِ المُثْلةِ " ، وحكى الصنعاني الإجماعَ في " سبل السلامِ " (4/200) فقال : " ثُمَّ يُخْبِرُهُ بِتَحْرِيمِ الْغُلُولِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَتَحْرِيمِ الْغَدْرِ وَتَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ وَتَحْرِيمِ قَتْلِ صِبْيَانِ الْمُشْرِكِينَ وَهَذِهِ مُحَرَّمَاتٌ بِالْإِجْمَاعِ " .ا.هـ.
ولا يُسلمُ للإمامِ الصنعاني بالإجماعِ لأن المسألةَ خلافيةٌ كما سيأتي .
واستدل أصحاب هذا القول بما يلي :
1 - عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا . ثُمَّ قَالَ : اُغْزُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ ، اُغْزُوا ، وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا ، وَلَا تُمَثِّلُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا ... الحديث " .
رواهُ مسلم (1731) .(1/2)
قال الإمام الترمذي : وَكَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْمُثْلَةَ .
وعلق المباركفوري على عبارةِ الترمذي فقال : " أَيْ حَرَّمُوهَا فَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ وَقَدْ عَرَفْت فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ السَّلَفَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ يُطْلِقُونَ الْكَرَاهَةَ وَيُرِيدُونَ بِهَا الْحُرْمَةَ " .ا.هـ.
قال الإمامُ الشوكاني في " النيل " (8/263) : قَوْلُهُ : " وَلَا تُمَثِّلُوا " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ .ا.هـ. 2 - عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ النُّهْبَةِ ، وَالْمُثْلَةِ .
رواهُ البخاري (2474) .
النُّهْبَى : أَيْ أَخْذ مَال الْمُسْلِم قَهْرًا جَهْرًا .
القولُ الثاني :
أن المُثْلةَ مكروهةٌ .
واستدل أصحابُ بما استدل به أصحابُ القولِ الأولِ ولكنهم حملوا حديثَ بُرَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ الآنف على الكراهةِ وليس على التحريمِ .
قال الإمامُ النووي في " شرح مسلم " (7/177) : " قال بعضُهم : النهي عن المثلةِ نهي تنزيهٍ ، وليس بحرامٍ " .ا.هـ.
وقال ابنُ قدامةَ في " المغني " (10/565) : " يُكْرَهُ نَقْل رُءُوسِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ ، وَالْمُثْلَةُ بِقَتْلَاهُمْ وَتَعْذِيبُهُمْ " .ا.هـ.
القولُ الثالثُ :
يمثلُ بالكفارِ إذا مثلوا بالمسلمين معاملةً بالمثلِ .
واستدلوا بقولهِ تعالى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ " [ النحل : 126 ] .(1/3)
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في " الفتاوى " (28/314) : " فَأَمَّا التَّمْثِيلُ فِي الْقَتْلِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ وَقَدْ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ حَتَّى الْكُفَّارُ إذَا قَتَلْنَاهُمْ فَإِنَّا لَا نُمَثِّلُ بِهِمْ بَعْدَ الْقَتْلِ وَلَا نَجْدَعُ آذَانَهُمْ وَأُنُوفَهُمْ وَلَا نَبْقُرُ بُطُونَهُمْ إلَّا إنْ يَكُونُوا فَعَلُوا ذَلِكَ بِنَا فَنَفْعَلُ بِهِمْ مِثْلَ مَا فَعَلُوا " . وَالتَّرْكُ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ . وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إلَّا بِاللَّهِ " .ا.هـ.(1/4)
وقال ابنُ مفلح في " الفروعِ " (6/218) : " وَيُكْرَهُ نَقْلُ رَأْسٍ ، وَرَمْيُهُ بِمَنْجَنِيقٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِي رَمْيِهِ : لَا يَفْعَلُ وَلَا يُحَرِّقُهُ . قَالَ أَحْمَدُ : وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبُوهُ ، وَعَنْهُ إنْ مَثَّلُوا مُثِّلَ بِهِمْ ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ . قَالَ شَيْخُنَا " يعني ابنَ تيميةَ " : الْمُثْلَةُ حَقٌّ لَهُمْ ، فَلَهُمْ فِعْلُهَا لِلِاسْتِيفَاءِ وَأَخْذِ الثَّأْرِ ، وَلَهُمْ تَرْكُهَا وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ ، وَهَذَا حَيْثُ لَا يَكُونُ فِي التَّمْثِيلِ بِهِمْ زِيَادَةٌ فِي الْجِهَادِ ، وَلَا يَكُونُ نَكَالًا لَهُمْ عَنْ نَظِيرِهَا ، فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي التَّمْثِيلِ الشَّائِعِ دُعَاءٌ لَهُمْ إلَى الْإِيمَانِ ، أَوْ زَجْرٌ لَهُمْ عَنْ الْعُدْوَانِ ، فَإِنَّهُ هُنَا مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ ، وَالْجِهَادِ الْمَشْرُوعِ ، وَلَمْ تَكُنْ الْقِصَّةُ فِي أُحُدٍ كَذَلِكَ ، فَلِهَذَا كَانَ الصَّبْرُ أَفْضَلَ ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُغَلَّبُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فَالصَّبْرُ هُنَاكَ وَاجِبٌ ، كَمَا يَجِبُ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِصَارُ ، وَيَحْرُمُ الْجَزَعُ ، هَذَا كَلَامُهُ وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ : إنْ مَثَّلَ الْكَافِرُ بِالْمَقْتُولِ جَازَ أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ . وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْإِجْمَاعِ قَبْلَ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ : اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ خِصَاءَ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ وَالتَّمْثِيلَ بِهِمْ حَرَامٌ " .ا.هـ.(1/5)
وقال الإمامُ ابنُ القيمِ في حاشيته على سنن أبي داود (12/278) : وَقَدْ أَبَاحَ اللَّه تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُمَثِّلُوا بِالْكَفَّارِ إِذَا مَثَّلُوا بِهِمْ , وَإِنْ كَانَتْ الْمُثْلَة مَنْهِيًّا عَنْهَا . فَقَالَ تَعَالَى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ " [ النحل : 126 ] وَهَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْعُقُوبَة بِجَدْعِ الْأَنْف وَقَطْع الْأُذُن , وَبَقْر الْبَطْن وَنَحْو ذَلِكَ هِيَ عُقُوبَة بِالْمِثْلِ لَيْسَتْ بِعُدْوَانٍ , وَالْمِثْل هُوَ الْعَدْل " .ا.هـ.
قال الشيخ أبو عمر محمد السيف -حفظه الله- في (هداية الحيارى في قتل الأسارى ) : "وقد وصلنا عندما كنا في أفغانستان فتوى لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله مفادها ، عندما سئل عن التمثيل بجثث العدو ، فقال إذا كانوا يمثلون بقتلاكم فمثلوا بقتلاهم لا سيما إذا كان ذلك يوقع الرعب في قلوبهم ويردعهم والله تعالى يقول : " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " . اهـ
وقد جاء في سببِ نزولِ قولهِ تعالى : "
عَنْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ : " لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أُصِيبَ مِنْ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ رَجُلًا ، وَمِنْ الْمُهَاجِرِينَ سِتَّةٌ فِيهِمْ : حَمْزَةُ ؛ فَمَثَّلُوا بِهِمْ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ : " لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا مِثْلَ هَذَا لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ ، قَالَ : فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : " وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ " فَقَالَ رَجُلٌ : " لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ " ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُفُّوا عَنْ الْقَوْمِ إِلَّا أَرْبَعَةً " .(1/6)
رواه الترمذي (3129) وقال : " حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ " ، وأحمد (5/135) من زوائدِ عبد الله ، وأوردهُ الشيخُ مقبل الوادعي في " الصحيحِ المسندِ من أسبابِ النزول " ( ص 91 ) .
الترجيح :
وبعد عرضِ الأقوالِ في المسألةِ ، الذي تميلُ إليهِ النفس – واللهُ أعلم – ما قررهُ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ ، وتلميذهُ ابنُ القيم ، والشيخُ ابنُ عثيمين رحمهم الله .
وقفاتٌ مهمةٌ :
الوقفةُ الأولى :
تبقى المسألةُ مجردَ أقوالٍ سردتها وجمعتها يُرجعُ الأخذُ بأيها إلى علماءِ العراقِ ومن يعايشون واقعَ الأحداثِ وذلك لأن تقريرَ المسألةِ يختلفُ عن تنزيلها في الواقعِ ، إلى جانبِ إعمالِ المصالحِ والمفاسدِ ، وكذلك القواعدُ الكليةُ في الشريعةِ ، هذا إذا سلمنا أنهم مثلوا بجثثِ العلوجِ ، ولكن الواقع لا يدلُ على ذلك وعلى أقلِ تقديرٍ فيما ظهر لي .
الوقفةُ الثانيةُ :
لا ينبغي الإنكارُ على من ترجح لهُ أحدُ الأقوالِ ، أو رميهُ بالتهمِ ، فليستِ المسألةُ مسألةَ عواطفٍ ، وإنما هو دينٌ ، فلا بد أن نزنَ أمورنا بميزان الشرعِ لا بالعاطفةِ ، وفي المقابلِ يرفعُ بعضُ المساكين عقيرتهم إذا قام أهلُ الإسلامِ بمثل هذه الأفعالِ ، ولكنك لا تجده يرفعها إذا قتل مسلمٌ واحدٌ بدمٍ باردٍ في أي بلدٍ من بلادِ العالم ، والله المستعان .
الوقفةُ الثالثةُ :(1/7)
وهناك أمرٌ مهمٌ جداً ؛ ففيما قام به أهلُ الفلوجةِ بجثثِ العلوجِ وظهورهُ في وسائلِ الإعلام العالميةِ قد يكونُ لفعلهم تأثيرٌ على شعوبِ الدولِ المعتديةِ على العراقِ وعلى رأسهم أمريكا - دولة عاد – للضغطِ على حكوماتهم والإسراعِ بالرحيل والانسحابِ منها كما حصل في الصومال ، وكما تعلمون ويعلمُ الجميعُ أن لوسائلِ الإعلامِ في تلك البلادِ أثرٌ عظيمٌ على الرأي العامِ ، وهذا بحدِ ذاته سلاحٌ يخدم القضية ولا شك ، ولعله في هذا المقام يستأنس بقولِ اللهِ تعالى : " فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " [ الأنفال : 57 ] .
قال ابنُ كثيرٍ عند تفسيرِ الآيةِ : " " فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْب " أَيْ تَغْلِبهُمْ وَتَظْفَر بِهِمْ فِي حَرْب " فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ " أَيْ نَكِّلْ بِهِمْ . قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَالضَّحَّاك وَالسُّدِّيّ وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَابْن عُيَيْنَةَ وَمَعْنَاهُ غَلِّظْ عُقُوبَتهمْ وَأَثْخِنْهُمْ قَتْلًا لِيَخَافَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْأَعْدَاء مِنْ الْعَرَب وَغَيْرهمْ وَيَصِيرُوا لَهُمْ عِبْرَة " لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " .ا.هـ.
فيكون هذا من بابِ التنكيلِ بهم الذي يخدمُ القضيةَ إعلامياً ، والله أعلم .
وللموضوعِ بقيةٌ إن شاء الله تعالى ...
----------
14 صفر 1425 هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/8)
القولُ المبينُ في شَرِكاتِ التأمينِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وعلى آله وصحبه ... أما بعد :
فإنه سبق أن صدر من هيئة كبار العلماء قرار بتحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه لما فيه من الضرر والمخاطر العظيمة وأكل لأموال الناس بالباطل وهي أمور يحرمها الشرع المطهر وينهى عنها أشد النهي .
كما صدر من هيئة كبار العلماء بجواز التأمين التعاوني وهو الذي يتكون من تبرعات المحسنين ويقصد به مساعدة المحتاج والمنكوب ولا يعود منه شيء للمشتركين - لا رؤوس أموال ولا أرباح ولا أي عائد استثماري - لأن قصد المشترك ثواب الله سبحانه وتعالى بمساعدة المحتاج ولم يقصد عائدا دنيويا وذلك داخل في قوله تعالى : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" . وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : " وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ " وهذا واضح لا إشكال فيه .
ولكن ظهر في الآونة الأخيرة من بعض المؤسسات والشركات تلبيس على الناس وقلب للحقائق حيث سمّو التأمين التجاري المحرم تأميناً تعاونياً ونسبوا القول بإباحته إلى هيئة كبار العلماء من أجل التغرير على الناس والدعاية لشركاتهم وهيئة كبار العلماء بريئة من هذا العمل كل البراءة لأن قرارها واضح في التفريق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني وتغيير الاسم لا يغير الحقيقة .
ولأجل البيان للناس وكشف التلبيس ودحض الكذب والافتراء در هذا البيان .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
المفتي العام للمملكة العربية السعودية .
رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
التاريخ : 22 - 2 - 1417 هـ
صورة الفتوى
http://saaid.net/Doat/Zugail/83.jpg
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@148.AcYObhXEgLl^3@.ef14983
---(1/1)
حكم التأمين التجاري والصحي
http://saaid.net/Doat/Zugail/97.htm
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
القولُ المبينُ من فتاوى العصرِ في حُكمِ التأمينِ
الحمد لله وبعد ؛
لقد ابتليت الأمة الإسلامية بأن وجد فيها من يستورد زبالات الغرب ، ويجعلها في بلاد المسلمين ، وهذا مصداق حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ؟ قَالَ : فَمَنْ . رواه البخاري (3456) ،
قال الحافظ ابن حجر : وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ التَّخْصِيص إِنَّمَا وَقَعَ لِجُحْرِ الضَّبّ لِشِدَّةِ ضِيقه وَرَدَاءَته , وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لِاقْتِفَائِهِمْ آثَارهمْ وَاتِّبَاعهمْ طَرَائِقهمْ لَوْ دَخَلُوا فِي مِثْل هَذَا الضَّيِّق الرَّدِيء لَتَبِعُوهُمْ .ا.هـ.
ومن هذه الزبالات " عقد التأمين " ، والذي جاء من بلاد الكفر ، وفرض على الشعوب الإسلامية .
ومن باب تحذير الأمة منه جعلت هذا المقال جمعا لكل ما ورد عن موضوع التأمين من فتاوى أهل العلم ، وخاصة من بعض المواقع في " الشبكة العنكبوتية " ، والتي تهتم بالفتاوى المبنية على الكتاب والسنة وفهم السلف ، وسبب هذا الجمع أن تكون المادةُ مجموعةً في موطن واحد أي فتاوى التأمين ، ولكي يسهل الرجوع إليها حال الحاجة لها .
وما يؤسف له أننا بدأنا نسمع عن أناس ممن ينتسبون إلى العلم رفعوا عقيرتهم بجواز عقد التأمين بالرغم من إجماع المجامع الفقهية ، والهيئات العلمية على تحريمه ، بل أصبح القائلون بجواز هذا العقد يقدّمون ويبرزون في وسائل الإعلام ، والله المستعان .
1 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=9348&dgn=3
يعمل في شركة تتعامل بالتأمين(1/1)
2 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=30740&dgn=3
الاقتراض ممن يشترط ( التأمين على الحياة )
3 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=21559&dgn=3
هل يستقيد الورثة من تعويض تأمين السيارة
4 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=21262&dgn=3
هل يوكل محامياً كافراً لاستحصال ماله من شركة التأمين
5 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=10805&dgn=3
التأمين على الحياة
6 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=11361&dgn=3
هل يجوز التأمين لدفع تكاليف الجنازة
7 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=8889&dgn=3
حقيقة التأمين وحكمه
8 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=2352&dgn=3
ماذا يأخذ صاحب عقد التأمين عند تعويضات الكوارث ?
9 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=5392&dgn=3
إخفاء قيمة السيارة الحقيقية عند عقد التأمين
10 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=4210&dgn=3
يخشى إذا لم يتعامل بالتأمين الصحّي أن يفلس
11 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=3104&dgn=3
ادّعى كذبا أن الحادثة إصابة عمل ليحصل على التأمين
12 - http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=13715&dgn=3
حكم العمل كخبير في شؤون التأمين
13 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=472
حكم نظام التأمين وحكم التأمين على الصحة
14 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=1182
الصناديق التعاونية تغني عن التأمين الصحي
15 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=20227
التأمين على الحياة فيه زيادة مفسدة فوق الحرمة(1/2)
16 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=2593
المجامع الفقهية مجمعة على عدم جواز التأمين التجاري
17 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=3281
التأمين الصحي للإنسان كغيره من التأمين
18 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=3304
هل تأمين السيارة تأميناً شاملاً حرام أم حلال ؟
19 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=3319
يجوز التعامل مع التأمين التجاري ولا شراء أسهم في شركاته
20 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=3479
التأمين الصوري يعتبر شهادة زور
21 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=6212
العمل في شركات التأمين
22 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=7394
قرار المجمع الفقهي بشأن التأمين بجميع أنواعه
23 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=7449
التأمين على الحياة لا يجوز
24 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=7899
التأمين الإجباري... حكمه... وحكم أخذ المتضرر عوضاً عما لحقه من ضرر من شركة التأمين
25 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=8308
عقد التأمين على الحياة باطل
26 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=8660
حكم وثيقة التأمين التي تطلبها وزارة الحج من مكاتب السياحة
27 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=9316
لا يختلف حكم التأمين باختلاف المكان
28 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=9532
حكم الاستفادة من التأمينات الاجتماعية
29 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=9531
صندوق التكافل : ضوابط الجواز والمنع(1/3)
30 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=10046
علة تحريم التأمين على الحياة
31 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=10437
حكم التأمين على المنازل
32 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=10664
حكم الاشتراك في الضمان الاجتماعي
33 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=1106
حكم ما تدفعه شركة التأمين تعويضاً عن حادث
34 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=12291
التأمين التجاري قمار
35 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=14041
طاعة الوالد للعمل في مجال التأمين التجاري غير واجبة
36 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=14377
حكم صندوق التأمين
37 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=15066
حكم العمل في شركات الضمان الاجتماعي
38 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=15657
صندوق التأمين: حكم ما أضافته الشركة للعامل منه
39 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=16282
التأمين التعاوني والتجاري
40 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=18538
انتفع من شركة التأمين بقدر ما أخذ منك
41 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=19513
العلة في بطلان عقد التأمين
42 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=24473
التحري عن شركات التأمين الإسلامية مطلوب
43 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=19831
توظيف مازاد عن منح المتقاعدين في مشروع خيري لا بأس به
44 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=19918
يُستفاد من التأمين بقدر ما أُخِذ(1/4)
45 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=18387
التأمين المباح.. والتأمين الحرام
46 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=17615
التأمين على الحياة يشتمل عدة محاذير
47 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=21272
حكم القرض الحسن بشرط التأمين على الحياة
48 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=22427
التأمين باب من أبواب الميسر
49 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=22473
حكم إصلاح السيارة عن طريق شركة التأمين
50 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=22859
المجامع الفقهية اتفقت على تحريم التأمين
51 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=24415
بين التأمين التعاوني والتأمين التجاري
52 - http://islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=25022
حكم التأمين الإجباري
53 - http://www.saaid.net/arabic/ar63.htm
حقيقة شركات التأمين .. د. سليمان بن إبراهيم بن ثنيان
عضو هيئة التدريس في فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم ، وهو أستاذ متخصص في التأمين.
54 - http://www.alfjr.com/showthread.php?s=&threadid=113259
التأمين حكمه وأضراره من خطبة الشيخ الهبدان
55 - http://d1d.net/net/tamen/ftaoa.htm
صفحة عن التأمين
56 - http://www.islamway.com/bindex.php?section=lessons&lesson_id=8437&scholar_id=325
التأمين حقيقته وحكمه
- يوسف الشبيلي
من إنتاج : مسجد السنة بمونتريال .
المحاضر تكلم عن " عقد التأمين " بتفصيل رائع ، يُنصح بسماعه .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@87.BLU8cbPO05d.45907@.ef3bcf5
---
... ... القولُ المبينُ في شَرِكاتِ التأمينِ
http://saaid.net/Doat/Zugail/83.htm
حكم التأمين التجاري والصحي(1/5)
http://saaid.net/Doat/Zugail/97.htm
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/6)
القول المُصيب في حكم زواج المسلمة من عابد الصليب
مقدمة
الحمد لله ، وبعد :
لقد سمعنا ورأينا عن طريق وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة قصة زواج الشابة البحرانبة من ذلك الكافر عابد الصليب ، وقد أصابت الدهشة الناس من هذا الخبر ، وأصبحت القصة فاكهة المجالس ، والعجيب أن وسائل الإعلام الأمريكية - كما هي عادتها - جعلت هذا الموضوع حديث غالب شبكاتها الإعلامية ، وأثارت الموضوع بشكل ملفت للنظر .
ولست بصدد التحدث عن وقائع تلك القصة فهذا أمر ننزه أسماعنا عنه ، وإنما نريد أن نقف مع حكم شرعي من خلال هذه الحادثة ألا وهو حكم زواج المسلمة من الكافر ، وذلك من خلال نصوص الوحيين ، وكلام العلماء .
أدلة تحريم زواج المسلمة من الكافر :
الأدلة من القران الكريم :
1 - قال تعالى : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " [البقرة :221]
ذكر الله تعالى في هذه الآية حكمين :
الحكم الأول : زواج المسلم من المشركة ، والمقصود بالمشركة هنا الوثنية التي لم ينزل عليها كتاب من الكتب السماوية .
روى الإمام ابن جرير الطبري – رحمه الله - في تفسيره (4/363) بإسناد حسن عن قتادة أنه قال في قوله تعالى : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " : يعني مشركات العرب اللاتي ليس فيهن كتاب يقرأنه .
وقد استثنى الله من هؤلاء المشركات اللاتي ليس لهن دين سماوي نساء أهل الكتاب قال تعالى : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " [المائدة :5] .(1/1)
قال ابن جرير - رحمه الله – بعد ذكر الأقوال في مسألة نكاح المشركة (4/365) : وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية ما قاله قتادة من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات وأن الآية عام على ظاهرها خاص باطنها ، لم ينسخ منها شيء وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها . وذلك أن الله تعالى ذكره أحل بقوله : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " للمؤمنين من نكاح محصناتهن ، مثل الذي أباح لهم من نساء المؤمنات .ا.هـ.
وقال ابن كثير في تفسيره (1/474) : هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عومها مراداً وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ " . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب . وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم . وقيل : بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يُرد أهل الكتاب بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم .ا.هـ.
الحكم الثاني : حكم نكاح المسلمة من الكافر – وهو ما يهمنا – فالآية صريحة في تحريم نكاح المسلمة من الكافر سواء كان وثنيا أو يهوديا أو نصرانيا .(1/2)
قال أبو جعفر الطبري – رحمه الله - في تفسيره (4/370) : يعني تعالى ذكره بذلك ، أن الله حرَّم على المؤمنات أن ينكحن مشركا كائنا من كان المشرك ، ومن أي أصناف الشرك كان ، قلا تنكحوهن أيها المؤمنون منهم ، فإن ذلك حرام عليكم ، ولأن تزوجوهن من عبد مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله ، خير لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك ، ولو شرُف نسبه وكرم أصله ، وإن أعجبكم حسبه ونسبه .ا.هـ.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي – رحمه الله – في تيسير الكريم المنان (ص99) : " وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا " وهذا عام لا تخصيص فيه .ا.هـ.
2 – قال تعالى : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " [ الممتحنة : 11]
قال ابن كثير في تفسيره (8/93) : وقوله : " لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " هذه الآية حَرّمَت المسلمات على المشركين ، وقد كان جائزا في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة .ا.هـ. فهذان دليلان من كتاب الله صريحان في تحريم زواج الكافر من المسلمة .
الأدلة من السنة :
أما الأدلة من السنة فلا يكاد يثبت حديث في هذه المسألة ، وإنما الوارد في ذلك أحاديث معلولة وهي :
1 – عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع ، وكانت هجرتها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول ، ولم يحدث شهادة ولا صداقا .
رواه الإمام أخمد (1/261) ، وأبو داود (2240) ، والترمذي (1143) ، وابن ماجة (2009) .(1/3)
والحديث من رواية داود بن الحصين عن عكرمة ، وقد قال عنها أبو داود : أحاديثه – أي داود بن الحصين – عن عكرمة مناكير ، وأحاديثه عن شيوخه مستقيمة .
قال الحافظ في التقريب : ثقة إلا في عكرمة .
2 - روى الإمام مالك في الموطأ (2/543) فقال : حدثني مالك عن بن شهاب انه بلغه ان نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار منهن بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان بن أمية ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وان يقدم عليه فإن رضى أمرا قبله وإلا سيره شهرين فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ناداه على رؤوس الناس فقال يا محمد إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك وزعم انك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمرا قبلته وإلا سيرتني شهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل أبا وهب فقال لا والله لا أنزل حتى تبين لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لك تسير أربعة أشهر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحا عنده فقال صفوان أطوعا أم كرها فقال بل طوعا فأعاره الأداة والسلاح التي عنده ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر فشهد حنينا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته حتى اسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح .
قال ابن عبد البر في التمهيد (12/19) : هذا الحديث لا أعلمه يتصل من وجه صحيح ، وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير وابن شهاب إمام أهل السير وعالمهم وكذلك الشعبي ، وشهرة هذا لحديث أقوى من إسناده إن شاء الله .ا.هـ.(1/4)
3 – عن جابر – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا .
وهذا الحديث فيه ثلاث علل :
- شريك بن عبدالله النخعي قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : صدوق ، يخطىء كثيرا ، تغير حفظه منذ ولي القضاء في الكوفة .
- أشعث بن سوار الكندي ، قال الحافظ ابن حجر في التقريب : ضعيف .
- الانقطاع بين الحسن البصري وجابر – رضي الله عنه - . قال علي بن المديني : الحسن لم يسمع من جابر بن عبد الله شيئا .
والصحيح أن الحديث موقوف على جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما - ، كما رواه البيهقي في الكبرى (7/172) .
أما آثار الصحابة :
1 – روى ابن جرير الطبري في تفسيره (4/366) بإسناده عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قال : المسلم يتزوج النصرانية ، ولا يتزوج النصراني المسلمة .
والأثر في إسناده يزيد بن أبي زياد الهاشمي ، قال الحافظ ابن حجر في التقريب : ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعيا .
الأدلة من الإجماع :
قال ابن عبد البر في التمهيد (12/21) : ومما يدل على أن قصة أبي العاص منسوخة بقوله : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " إلى قوله : " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " إجماع العلماء على أن أبا العاص بن الربيع كان كافرا وأن المسلمة لا يحل أن تكون زوجة لكافر .ا.هـ.
وقال القرطبي في " جامع أحكام القرآن " (3/72) : الأولى : قوله تعالى : " وَلَا تُنكِحُوا " أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك ، وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام .(1/5)
لماذا حلت الكافرة من أهل الكتاب للمسلم ، ولم تحل المسلمة للكافر من أهل الكتاب ؟
طرح الشيخ عطية محمد سالم في إكماله لأضواء البيان (8/164-165) فقال في جوابه عنه :
والجواب من جانبين :
الأول : أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه والقوامة في الزواج للزوج قطعا لجانب الرجولة ، وإن تعادلا في الحلية بالعقد ، لأن التعادل لا يلغي الفوارق كما في ملك اليمين ، فإذا امتلك رجل امرأة حلَّ له أن يستمتع منها بملك اليمين ، والمرأة إذا امتلكت عبدا لا يحل لها أن تستمتع منه بملك اليمين ، ولقوامة الرجل على المرأة وعلى أولادها وهو كافر لا يسلم لها دينها ، ولا لأولادها .
والجانب الثاني : شمول الإسلام وقصور غيره ، وينبني عليه أمر اجتماعي له مساس بكيان الأسرة وحسن العشرة ، وذلك أن المسلم إذا تزوج كتابية ، فهو يؤمن بكتابها ورسولها ، فسيكون معها على مبدأ من يحترم دينها لإيمانه به في الجملة ، فسيكون هناك مجال للتفاهم ، وقد يحصل التوصل إلى إسلامها بموجب كتابها ، أما الكتابي إذا تزوج مسلمة ، فهو لا يؤمن بدينها ، فلا تجد منه احتراما لمبدئها ودينها ، ولا مجال للمفاهمة معه في أمر لا يؤمن به كلية ، وبالتالي فلا مجال للتفاهم ولا للوئام ، وإذا فلا جدوى من هذا الزواج بالكلية ، فمنع منه ابتداءً .ا.هـ.
وبعد هذا البيان لهذه المسألة يظهر أن زواج الكافر من المسلمة محرم ، ولا يشك في هذا الأمر إلا مكابر معاند .
فتاوى العلماء في حكم هذا النكاح :
سئل الشيخ صالح بن فوازان بن عبد الله الفوزان – حفظه الله - : ما موقف الإسلام من امرأة مسلمة تزوجت من رجل غير مسلم حيث إنها كانت في حاجة إلى ذلك ، أي : مجبرة لهذا الزواج ؟
فأجاب : لا يجوز زواج المسلمة بالكافر ، ولا يصح النكاح .(1/6)
قال تعالى :" وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا " وقال تعالى :" فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " .
وإجبارها على ذلك لا يسوغ لها الخضوع والاستسلام لهذا التزويج . قال صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . ويعتبر هذا النكاح باطلا ، والوطء به زنى .
فتوى المرأة المسلمة (2/696) .
وسئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين – حفظه الله - : ما حكم زواج المسلمة من المسيحي ، وما حجم شرعية أبناء هذا الزواج ، وما الحكم على المأذون الذي قام بإتمام هذا الزواج ، وما حكم الزوجة لو كانت تعلم ببطلان هذا الزواج ، وهل يقام عليها الحد الشرعي أم لا ؟
وإذا أسلم الزوج فما حكم الزواج الأول وكيف يتم النكاح الجديد ؟
فأجاب : يحرم على المسلمة نكاح النصراني وغيره من الكفار لقوله تعالى : " وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا " وقوله : " لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " ومتى عقد له عليها وجب الفسخ فورا فإن علمت بذلك الزوجة وعرفت الحكم استحقت التعزير وكذا يعزر الوالي والشهود والمأذون إذا علموا ذلك ، لإغن ولد لهما أولاد تبعوا أمهم في الإسلام فإن أسلم الزوج بعد العقد جدد له عقد النكاح وذلك بعد التأكد من صحة إسلامه كيلا يكون حيلة فإن ارتد بعد ذلك ضربت عنقه لحديث : من بدل دينه فاقتلوه .
فتوى المرأة المسلمة (2/697) .
وسئل أيضا : هل يجوز للفتاة المسلمة أن تتزوج من رجل مسيحي قرر الإسلام لأجلها الإسلامي حيث أنه طلب الزواج منها وأخبره بأنه سوف يترك دينه ويتحول إلى الدين الإسلامي أفيدوني ، فأنا أعلم أنني سبب لإسلام هذا الشخص ؟(1/7)
فأجاب : لا يجوز للمسلمة أن تتزوج بكافر أصلا لقوله تعالى : " لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ " وقال تعالى : " وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ " فإن أسلم وحسن إسلامه جاز ذلك ولكن لا بد من اختباره قبل النكاح بمحافظته على الصلاة والصوم وسائر العبادات وتعلمه القرآن والأحكام وتركه الشرك والخمر وجميع المحرمات وتبديل الديانة في إقامته وجوازه وهويته الشخصية والانتظار بعد إسلامه مدة يتحقق بها كونه مسلما حقا لئلا يتخذ الإسلام حيلة إلى الزواج ثم يرتد على عقبيه فإن فعل وجب قتله لقوله صلى الله عليه وسلم : من بدل دينه فاقتلوه .
فتوى المرأة المسلمة (2/697) .
انتهى ،،،
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/8)
النوم بإتجاه القبلة
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما كنا نخرج مع بعض الاخوة في رحلات بقصد التجمع والتدارس وعندما يحين موعد النوم كان بعض الاخوة وهو من الاحناف ينصحوننا بعدم النوم وأقدامنا بإتجاه القبلة ، وذلك لمخالفة هذا الفعل هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، بل العكس بأن تكون رؤوسنا بإتجاه القبلة ، وكذلك نفس الشيء عند قرآة القرآن والجلوس في المسجد فقد كانوا لا يحبذون مد القدمين بإتجاه القبلة ، فهل لهذه الاقوال دليل من الكتاب والسنة ، علماً بأنهم دائماً يقولون بأن هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب:
الحمد لله وبعد .
روى أبو يعلى في مسنده (8/210) فقال :
حدثنا عقبة ، حدثنا يونس ، حدثنا السري بن إسماعيل ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بفراشه فيفرش له ، فيستقبل القبلة ، فإذا أوى إليه توسد كفه اليمنى ، ثم همس ما ندري ما يقول ، فإذا كان في آخر الليل رفع صوته فقال : " اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم ، إله - أو رب - كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان ، فالق الحب والنوى ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته .
اللهم أنت الأول الذي ليس قبلك شيء ، وأنت الآخر الذي ليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر الذي ليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اقض عنا الدين ، وأغننا من الفقر .
وهذا حديث ضعيف في إسناده السري بن إسماعيل الهمداني .
قال يحيى بن سعيد : استبان لي كذبه في مجلس .
وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل : ترك الناس حديثه .
وقال أبو حاتم : ذاهب .
وقال أبو داود : ضعيف متروك الحديث .
وقال النسائي : متروك الحديث .
وقال ابن عدي : وأحاديثه التي يرويها لا يتابعه أحد عليها .
وقال ابن حبان في المجروحين : كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل .(1/1)
وأعله ابن كثير به في تفسيره (8/7) وقال : السري بن إسماعيل هذا ابن عم الشعبي ، وهو ضعيف جدا .
وقال الهيثمي في المجمع (10/121) : رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه السري بن إسماعيل ، وهو متروك .
وقد جعل السفاريني في غذاء الألباب (2/385) استقبال القبلة حال النوم من الآداب واستدل بهذا الحديث فقال :
ومنها استحباب استقبال النائم بوجهه القبلة ، ووضع يده اليمنى تحت خده اليمين ، فإن ذلك من سنة خاتم المرسلين ، وسيد الأولين والآخرين ، فقد روى أبو يعلى عن عائشة رضي الله عنها ... فذكر الحديث .ا.هـ.
وبهذا يُعلم أن استقبال القبلة حال النوم فيه هذا الحديث الضعيف فلا يعمل بهذا الأدب من آداب النوم .
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/72.htm
وسئل الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله عن وضع الرجلين تجاه القبلة فأجاب :
لا مانع منه ، إلا أن بعض العلماء يكره أن يمد رجليه نحو الكعبة ، إذا كان قريباً منها ، فكره ذلك كراهة تنزيهية . أما مثل وجود مسجد في مكان آخر وفيه مسلم يوجه رجليه نحو القبلة ، فهذا لا بأس به ، ولا محظور فيه إن شاء الله ، كما قرره أهل العلم . والله أعلم . انظر فتاوى الشيخ ابن حميد ص/144
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن وضع الرجلين باتجاه القبلة عند النوم فقال :
ليس على الإنسان حرج إذا نام ورجلاه في اتجاه القبلة . فتاوى الشيخ ابن عثيمين 2/ 976
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=4aba8e3e7d929f7c96ac3ecaa7f11142&threadid=9139
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
بَذْلُ المَجْهُودِ بِتَلْخِيصِ أَحْكَامِ المَوْلُودِ (1)
الحمد لله وبعد .
فإن من نعم الله على العبد نعمة الولد ، وهذا الولد وضعت له الشريعة أحكاما عند ولادته ، وهي أحكام كثيرة نريد أن نقف معها ونجعلها طريقا يسلكه لمن أراد السير على هدي هذه الأحكام .
وقد جمعت هذه الأحكام من عدة كتب ، ولكن المرجع الأساسي لكل من كتب في هذا الموضوع - أي أحكام المولود - هو كتاب الإمام ابن القيم " تحفةُ المودودِ بأحكامِ المولودِ "
وقبل البدء بكتابة الأحكام المتعلقة بالمولود أذكر سبب تأليف الإمام ابن القيم لكتابه " تحفة المودود بأحكام المولود " .
قال الشيخ بكر أبو زيد في كتابه " ابن قيم الجوزية ، حياته ، آثاره ، موارده " :
وقد ذكر الأستاذ عبد القادر في مقدمته سبب تصنيف المؤلف لهذا الكتاب إذ وجد تحت عنوان الأصل ما نصه : هو أن الله رزق ابن المصنف برهان الدين مولودا ولم يكن عند والده في ذلك الوقت ما يقدمه لولده من متاع الدنيا ، فصنف هذا الكتاب وأعطاه إياه وقال له : أتحفك بهذا الكتاب إذ لم عندي شيء من الدنيا أعطيك .ا.هـ.
وبعد ذكر سبب تأليف ابن القيم لكتابه المذكور نبدأ بذكر أحكام المولود نسأل الله العون والسداد .
1 – صراخ الطفل عند خروجه من بطن أمه :
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه . ثم قال أبو هريرة : إقرؤا إن شئتم : " وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " [آل عمران :36] .
رواه البخاري ومسلم .
قال ابن كثير في تفسيره :
وقوله إخبارا عن أم مريم أنها قالت : " وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم " أي عوذتها بالله عز وجل من شر الشيطان وعوذت ذريتها وهو ولدها عيسى عليه السلام فاستجاب الله لها ذلك .ا.هـ.
وقال القرطبي في تفسيره :(1/1)
قال علماؤنا : فأفاد هذا الحديث أن الله تعالى استجاب دعاء أم مريم فإن الشيطان ينخس جميع ولد آدم حتى الأنبياء والأولياء إلا مريم وابنها .ا.هـ.
2 – إعاذته وذريته من الشيطان الرجيم :
وذلك كما فعلت امرأة عمران عندما قالت : " فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " [ آل عمران : 36]
3 – الاستبشار والبشارة بالمولود :
لقد قص الله علينا في كتابه قصة بشارة إبراهيم بإسحاق .
قال تعالى : " وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ . فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ . وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ " [ هود : 69-71] .
وقصة بشارة زكريا بيحيى .
قال تعالى : " يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا " [ مريم : 7]
ومن عادات الجاهلية التي ذكرها القرآن مما يتعلق بالبشارة ، الاستبشار بالذكر ، والسخط بالأنثى .
قال تعالى : " وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ " [ النحل : 58] .
ومع الأسف انتقلت هذه العادة الجاهلية إلى كثير من المسلمين من التسخط بالأنثى . فعلى العبد أن يكون راضيا بما رزقه الله سواء كان المولود ذكرا أم أنثى .(1/2)
قال تعالى : " لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ . أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ " [ الشورى : 49-50] .
فائدة : يشرع للمُبشَّرِ أن يهدي شيئا للمُبَشِّر ، كما أهدى كعب بن مالك للرجل الذي بشره بالتوبة رداءه .
قال كعب بن مالك في قصة توبته : فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت له ثوبي فكسوته إياه ببشراه ، والله ما أملك غيرها يومئذ ، واستعرت ثوبين فلبستهما .. الحديث .
رواه البخاري ومسلم .
وللموضوع بقية ....
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
تقبيل رأس الأم والأب والشيخ والمعلم بدعة أم سنة؟!
الأخ ..
إليك بعض الفتاوى المتعلقة بتقبيل الوالدين والعالم :
السؤال :
حكم تقبيل قدم أحد الوالدين براً بهما أو طاعة لهما ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس بتقبيل يد الوالد ورجله ورأسه إكراما له وبراً به، ومثل ذلك أهل العلم والفضل، ومما يدل على ذلك :
- حديث زراع بن عامر، وكان في وفد عبد القيس قال: "فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبّل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله". رواه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد. قال في الفواكه الدواني: وهو صحيح .
- وحديث صفوان بن عسّال قال: قال يهودي لصاحبه اذهب بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألا عن تسع آيات بينات، وذكر الحديث إلى قوله: فقبلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي:حسن صحيح، وقال النووي في المجموع: بإسناد صحيح، واستنكره النسائي، قال المنذري: لأن عبد الله بن مسلمة فيه مقال .
- وحديث بريدة بن الحصين: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرني شيئاً أزدد به يقيناً، فقال: اذهب إلى تلك الشجرة فادعها، فذهب إليها فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك، فجاءت حتى سلمت على النبي صلى الله عليه، ثم قال لها: "ارجعي" فرجعت، قال: ثم أذن له فقبل رأسه ورجليه. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، لكن تعقبه الذهبي فقال: صالح بن حبان متروك. ورواه ابن حبان والبزار.
- وحديث كعب بن مالك قال: لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقبلت يده وركبتيه. رواه ابن حبان في صحيحه.(1/1)
- وحديث معاوية السلمي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، وذكر الحديث إلى أن قال: "أحيةٌ أمك؟". قال: نعم. قال: "الزم رجلها فثم الجنة" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. قال في رد المحتار: لعل المراد - والله أعلم - تقبيل رجلها.
- وذكر ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: أن عليا رضي الله عنه قبل يد العباس ورجله، وقال: أي عم ارض عني.
- وذكر ابن مفلح في الآداب الشرعية أن أبا عبيدة تناول يد عمر ليقبلها فقبضها عمر، فتناول رجله، فقال عمر: ما رضيت منك بتلك، فكيف بهذه؟!! ففعل أبي عبيدة يدل على الجواز، وإنما منع عمر من ذلك لأنه لا يحب أن يفعل به، وذلك تواضعاً منه رضي الله عنه.
- وذكر ابن مفلح أيضاً أن سفيان بن عيينة، والفضيل بن عياض قبلا الحسين بن علي الجعفي، أحدهما قبل يده والآخر رجله.
- وقال النووي في المجموع: يستحب تقبيل يد الرجل الصالح والزاهد والعالم، ونحوه من أهل الآخرة ... وتقبيل رأسه ورجله كيده.
- وقال ابن مفلح في الآداب بعد ذكر تقبيل الرأس واليد: وكذا عند الشافعية تقبيل رجله. انتهى. والله أعلم.
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=13930&word=تقبيل
---
السؤال:
ماحكم تقبيل يد الشيخ وهل من حرج إذا كانت بنية الاحترام والتقدير والتواضع للشيخ ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فتقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية قد اختلف فيه أهل العلم ، فمنهم من قال : لا يكره بل يستحب ، ومنهم من منعه . فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فلا ينبغي أن يختلف في منعه . والله تعالى أعلم
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=906&word=تقبيل
---(1/2)
السؤال:
هل يجوز للرجل أن يقبل ابنته إذا كبرت وتجاوزت سن البلوغ سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة وسواء كان التقبيل في خدها أو فمها أو نحوه ، وإذا قبلته فما الحكم ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج في تقبيل الرجل لابنته الكبيرة والصغيرة بدون شهوة على أن يكون ذلك في خدها إذا كانت كبيرة لما ثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قبّل ابنته عائشة رضي الله عنها في خدها .
ولأن التقبيل على الفم قد يفضي إلى تحريك الشهوة الجنسية فتركه أولى وأحوط وهكذا البنت لها أن تقبّل أباها على أنفه أو رأسه من دون شهوة ، أما مع الشهوة فيحرم ذلك على الجميع حسماً لمادة الفتنة وسداً لذرائع الفاحشة ... والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز في فتاوى المرأة المسلمة/2 ص 547. (www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=10142&dgn=3
---
السؤال:
ما هو حكم السلام وتقبيل أم الزوجة من خديها وعنقها في الشرع مع ذكر الأدلة على ذلك من القرأن و السنة ؟.
الجواب:
الحمد لله
" أما كشف وجهها له فجائز بلا خلاف . وأما تقبيلها فلا يجوز أن يقبلها مع فمها لما فيه من محذور ثوران الشهوة ، وإن قبّل رأسها أو جبهتها احتراماً لها عند مناسبة قدوم من سفر ونحوه مع أمن ثوران الشهوة فلا بأس . والله أعلم .
فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم .
من كتاب فتاوى المرأة المسلمة ج/2 ص/721 (www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=23347&dgn=3
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
حكمُ استخدامِ بعضِ الأطعمةِ في تجميلِ البشرةِ أو الشعرِ
هل يجوز استعمال الحنة مع صفار البيض لتسريح الشعر؟.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج في ذلك إذا كان فيه فائدة استعمال الحنة مع صفار البيض أو غيره من الأمور المباحة - لا بأس إذا كان فيه فائدة للشعر بتطويله أو تمليسه أو غيرها من مصالحه أو بقاءه وعدم سقوطه .
الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله . (www.islam-qa.com)
__________________________________________________
سئل ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة تقول : ( بعض صديقاتي يستعملن البيض والعسل واللبن في علاج النمش والكلف الذي يظهر في الوجه، فهل يجوز لهن ذلك ؟؟)
فأجاب : ( من المعلوم أن هذه الأشياء من الأطعمة التي خلقها الله -عز وجل- لغذاء البدن، فإذا احتاج الإنسان إلى استعمالها في شيء آخر ليس بنجس كالعلاج، فإن هذا لا بأس به، لقوله تعالى: ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ) فقوله تعالى " لكم" يشمل عموم الانتفاع إذا لم يكن ما يدل على التحريم، وأما استعمالها للتجميل فهناك مواد أخرى يحصل التجميل بها سوى هذه فاستعمالها أولى.. وليعلم أن التجميل لا بأس به، بل إن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، لكن الإسراف فيه حتى يكون أكبر هم الإنسان بحيث لا يهتم إلا به ويغفل كثيراً من مصالح دينه ودنياه من أجله، فهذا الأمر لا ينبغي لأنه داخل في الإسراف، والإسراف لا يحبه الله عز وجل انتهى
انظر فتاوى المرأة ص 238 جمع وترتيب محمد المسند.
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7388
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
حكم استقبال القبلة أثناء الجماع
السؤال :
ما صحة هذا القول :
لا يجامع أهله وهما مُستقبلان القبلة بل ينحرفان عنها إكراماً لها .
قلت : لنهيه صلى الله عليه وسلم أن يجامع الرجل امرأته مستقبل القبلة ، ونهى صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة ببول أو غائط ذكره ابن النحاس وغيره .
الجواب:
لا دليل على هذا القول ، والنص جاء المنع فيه عن استقبال القبلة حال البول والغائط . والله أعلم .
وهذه بعض الأجوبة عن هذه المسألة :
هل يكره الجماع مستقبل القبلة في الصحراء ، أو في البنيان ، وهل فيه خلاف لأحد من العلماء ؟.
الجواب :
الحمد لله
لا يكره ذلك ؛ لا في الصحراء ؛ ولا البنيان ؛ هذا مذهب الشافعي والعلماء كافة ، إلا بعض أصحاب مالك . والله أعلم .
فتاوى الإمام النووي ص 190. (www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=8866&dgn=3
__________________________________________________
السؤال :
1- ما حكم من يجامع زوجته وهما متجهان نحو القبلة ؟
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج على الرجل أن يجامع أهله وهما متجهان نحو القبلة، لعدم ورود الدليل المانع من ذلك، والأصل الجواز، وإنما ورد النهي عن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة، والجمهور على أن ذلك ممنوع في الخلاء فقط. أما داخل البنيان فلا. والله أعلم.
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=14351&word=استقبال
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=8f210d680d7be4b56df6aa7b2f5bd1c4&threadid=8740
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
حكم التأمين التجاري والصحي
السؤال :
ما حكم التأمين التجاري المنتشر اليوم ؟ .
الجواب :
الحمد لله
1) جميع أنواع التأمين التجاري ربا صريح دون شك ، فهي بيع نقود بنقود أقل منها أو أكثر مع تأجيل أحد النقدين ، ففيها ربا الفضل وفيها ربا النسأ ، لأن أصحاب التأمين يأخذون نقود الناس ويعدونهم بإعطائهم نقودا أقل أو أكثر متى وقع الحادث المعين المؤمن ضده . وهذا هو الربا ، والربا محرم بنص القرآن في آيات كثيرة .
2) جميع أنواع التأمين التجاري لا تقوم إلا على القمار ( الميسر ) المحرم بنص القرآن : " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "
فالتأمين بجميع صوره لعب بالحظوظ ، يقولون لك ادفع كذا فإن وقع لك كذا أعطيناك كذا ، وهذا هو عين القمار ، وإن التفرقة بين التأمين والقمار مكابرة لا يقبلها عقل سليم ، بل إن أصحاب التأمين أنفسهم يعترفون بأن التأمين قمار .
3) جميع أنواع التأمين التجاري غرر ، والغرر محرم بأحاديث كثيرة صحيحة ، من ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة ، وعن بيع الغرر " رواه مسلم .
إن التأمين التجاري بجميع صوره يعتمد على الغرر ، بل على الغرر الفاحش ، فجميع شركات التأمين ، وكل من يبيع التأمين يمنع منعا باتا التأمين ضد أي خطر غير احتمالي ، أي أن الخطر لا بد أن يكون محتمل الوقوع وعدم الوقوع حتى يكون قابلا للتأمين ، وكذلك يمنع العلم بوقت الوقوع ومقداره ، وبهذا تجتمع في التأمين أنواع الغرر الثلاثة الفاحشة .
4) التأمين التجاري بجميع صوره أكل لأموال الناس بالباطل ، وهو محرم بنص القرآن : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " .(1/1)
فالتأمين التجاري بجميع أنواعه وصوره عملية احتيالية لأكل أموال الناس بالباطل ، وقد أثبتت إحدى الإحصائيات الدقيقة لأحد الخبراء الألمان أن نسبة ما يعاد إلى الناس إلى ما أخذ منهم لا يساوي إلا 2.9% .
فالتأمين خسارة عظيمة على الأمة ، ولا حجة بفعل الكفار الذين تقطعت أواصرهم واضطروا إلى التأمين اضطرارا ، وهم يكرهونه كراهية الموت .
هذا طرف من المخالفات الشرعية العظيمة التي لا يقوم التأمين إلا عليها ، وهناك مخالفات عديدة أخرى لا يتسع المقام لذكرها ، ولا حاجة لذكرها فإن مخالفة واحدة مما سبق ذكره كافية لجعله أعظم المحرمات والمنكرات في شرع الله .
وإن مما يؤسف له أن بعض الناس ينخدع بما يزينه لهم ويلبسه عليهم دعاة التأمين كتسميته بالتعاوني أو التكافلي أو الإسلامي أو غير ذلك من المسميات التي لا تغير من حقيقته الباطلة شيئا .
وأما ما يدعيه دعاة التأمين من أن العلماء قد أفتوا في حل ما يسمى بالتأمين التعاوني فهو كذب وبهتان ، وسبب اللبس في ذلك أنه قد تقدم بعض دعاة التأمين إلى العلماء بعرض مزيف لا علاقة له بشيء من أنواع التأمين وقالوا إن هذا نوع من أنواع التأمين وأسموه بالتأمين التعاوني ( تزيينا له وتلبيسا على الناس ) وقالوا إنه من باب التبرع المحض وأنه من التعاون الذي أمر الله به في قوله تعالى : " وتعاونوا على البر والتقوى " ، وأن القصد منه التعاون على تخفيف الكوارث الماحقة التي تحل بالناس ، والصحيح أن ما يسمونه بالتأمين التعاوني هو كغيره من أنواع التأمين ، والاختلاف إنما هو في الشكل دون الحقيقة والجوهر ، وهو أبعد ما يكون عن التبرع المحض وأبعد ما يكون عن التعاون على البر والتقوى حيث أنه تعاون على الإثم والعدوان دون شك ، ولم يقصد به تخفيف الكوارث وترميمها وإنما قصد به سلب الناس أموالهم بالباطل ، فهو محرم قطعا كغيره من أنواع التأمين ، لذا فإن ما قدموه إلى العلماء لا يمت إلى التأمين بصله .(1/2)
وأما يدعيه البعض من إعادة بعض الفائض ، فإن هذا لا يغير شيئا ، ولا ينقذ التأمين من الربا والقمار والغرر وأكل أموال الناس بالباطل ومنافاة التوكل على الله تعالى ، وغير ذلك من المحرمات ، وإنما هي المخادعة والتلبيس ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى رسالة ( التأمين وأحكامه ) وإنني لأدعو كل مسلم غيور على دينه يرجو الله واليوم الآخر أن يتقي الله في نفسه ، ويتجنب كل التأمينات مهما ألبست من حلل البراءة وزينت بالأثواب البراقة فإنها سحت ولا شك ، وبذلك يحفظ دينه وماله ، وينعم بالأمن من مالك الأمن سبحانه .
وفقني الله وإياكم إلى البصيرة في الدين والعمل بما يرضي رب العالمين .
المرجع : خلاصة في حكم التأمين للشيخ الدكتور سليمان بن إبراهيم الثنيان عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالقصيم . (www.islam-qa.com)
---
نص السؤال :
ما حكم الدين في التأمين الصحي وهو أن يدفع الشخص أقساطاً إلى شركة التأمين مقابل قيامها بدفع تكاليف العلاج ؟
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فالتأمين الصحي كغيره من أقسام التأمين ، ولا يخفى أنها ليست من الإسلام في شيء ، لما تشتمل عليه من الغرر وأكل أموال الناس بالباطل فمثلاً هب أنك أخذت منك هذه الأقساط سنوات طويلة ولم تحتج إلى علاج فبأي وجه أخذ هذا المال ؟
أو أنّك أصبت فور انبرام عقد التأمين بمرض عضال يكلف علاجه أقساط عشر سنين ، وقام المؤمِّنُ بدفع تكاليف العلاج أليس هذا هو القمار المحرم ؟
فعلى السائل الكريم أن يبتعد عن مثل هذه العقود المحرمة، وأن يسأل الله تعالى العافية .
تنبيه :
لنا بعض الاستدراك على الصيغة التي طرح بها السؤال وهي : ( ما حكم الدين ) ؟(1/3)
فلا ينبغي أن يوجه للشخص مثل هذا السؤال لأن الواحد من الناس لا يعبر عن الدين إذ قد يخطيء وقد يصيب ، ونحن إذا قلنا إنه يعبر عن الإسلام فمعناه أنه لا يخطيء لأن الإسلام لا خطأ فيه فالأولى في مثل هذا التعبير أن يقال :
ما ترى في حكم كذا أو ما ترى في من فعل كذا؟
والعلم عند الله .
مركز الفتوى بإشراف د . عبدالله الفقيه
---
نص السؤال :
فضيلة الشيخ في موقع وزارة الأوقاف في قطر وإن أمكن فالشيخ علي السالوس ...نفع الله بعلمكم الإسلام والمسلمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...................أما بعد:
فسؤالي عن التأمين الصحي وسبق أن إطلعت على فتاوى كثير من العلماء في بيان حرمته وأنه من الميسر وأفتى المجمع الفقهي بذلك........؟
ولكن الوضع هنا في أمريكا يختلف عن الوضع في البلاد الإسلامية ،حيث أن العلاج فيها مرتفع الثمن ولا يستطيع آحاد الناس دفع كافة التكاليف وبخاصة العمليات الجراحية وعمليات الولادة فقد تكلف عملية الولادة على سبيل المثال مابين 5000 إلى 8000 دولارأوأكثرهذة الولادة الطبيعية..؟ أما العملية القيصرية فقد تتجاوز 12000 دولار وقس علىذلك بقية العلاجات فيندر أن تكون هناك كشفية لطبيب بأقل من 50دولار فإن استدعى الأمر إلى تحاليل أو أشعة أو....إرتفع السعر أكثر فأكثر،لذا تجد أن دخل الطبيب من أعلىالدخول في أمريكا بل يكاد يكون على مستوى العالم. فإن كان الحال ما ذكر فهل يجوز للمقيمين فى هذا البلد من المسلمين سواء كانت الإقامة للدراسة أو للعمل أو ..أو..الحصول على التأمين الصحي من باب الإضطرار والحاجة كما قال تعالى"فمن أضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه.."
أرجو منكم ياشيخنا الفاضل بيان الحكم فى هذة المسألة المعضلة خصوصا لأهل الدخل المحدود....وجزاكم الله خير وأحسن إليكم .
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :(1/4)
نود أن يعرف السائل أن المجمع الفقهي لا يصدر قراراته بالنظر إلى بلد معين أو حالة مخصوصة ، وإنما يراعي اختلاف البيئات ، وتنوع الأحوال وينص على ذلك .
وما قرره المجمع في تحريم ذلك التأمين هو الصواب .
وعلى المسلم أن يتوكل الله ويعتمد عليه ويفوض الأمر إليه ، وعلى المسلمين أن يسعوا لإنشاء صناديق تعاونية لدفع الأخطار ، ومواجهة الأزمات ، والله أعلم .
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
---
نص السؤال :
هل بالإمكان تزويدي بفتوى المجمع الفقهي عن التأمين الصحي وجزاكم الله خيرا .
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فلم نقف على قرار للمجمع الفقهي بخصوص التأمين الصحي ، لكن صدر للمجمع قراران بشأن التأمين عموما، ومنه يعلم حكم التأمين الصحي . وإليك نص القرارين :
قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة
القرار الخامس :
التأمين بشتى صوره وأشكاله .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فإن مجمع الفقه الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة، بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضاً على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/ 1397هـ من التحريم للتأمين بأنواعه .
وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك، قرر المجلس بالأكثرية: تحريم التأمين بجميع أنواعه سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك من الأموال .
كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري المحرم، والمنوه عنه آنفاً، وعهد بصياغة القرار إلى لجنة خاصة .
تقرير اللجنة المكلفة بإعداد قرار مجلس المجمع حول التأمين :(1/5)
بناء على قرار مجلس المجمع المتخذ بجلسة الأربعاء 14 شعبان 1398هـ المتضمن تكليف كل من أصحاب الفضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن باز ، والشيخ/ محمد محمود الصواف ، والشيخ/ محمد بن عبد الله السبيل بصياغة قرار مجلس المجمع حول التأمين بشتى أنواعه وأشكاله .
وعليه فقد حضرت اللجنة المشار إليها وبعد المداولة أقرت ما يلي :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فإن مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة، بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضاً على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/ 1397هـ بقراره رقم (55) من التحريم للتأمين التجاري بأنواعه .
وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر مجلس المجمع الفقهي بالإجماع عدا فضيلة الشيخ/ مصطفى الزرقاء تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك للأدلة الآتية :
الأول :
عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً، أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمِن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمِن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر .
الثاني :(1/6)
عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل، أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: (يآ أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) الآية والتي بعدها .
الثالث :
عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ، فإن الشركة إ ذا دفعت للمستأمن، أو لورثته، أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة، فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع .
الرابع :
عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل" وليس التأمين من ذلك، ولا شبيهاً به فكان محرماً .
الخامس :
عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ المال بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم، لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) .
السادس :(1/7)
في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، و المؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً .
وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً، أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي :
1 / الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح ، فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام :
قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة .
وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين .
والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه .
وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا، فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة .
2 / الإباحة الأصلية لا تصلح دليلاً هنا ، لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة .
والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها، وقد وجد فبطل الاستدلال بها .
3 / " الضرورات تبيح المحظورات " لا يصح الاستدلال به هنا ، فإن ما أباحه الله من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافاً مضاعفة مما حرمه عليهم ، فليس هناك ضرورة معتبرة شرعاً تلجئ إلى ما حرمته الشريعة من التأمين .
4 / لا يصح الاستدلال بالعرف فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام ، وإنما يبنى عليه في تطبيق الأحكام وفهم المراد من ألفاظ النص وص ، ومن عبارات الناس في إيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديد المقصود منه من الأفعال والأقوال ، فلا تأثير له فيما تبين أمره وتعين المقصود منه ، وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها .(1/8)
5 / الاستدلال بأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة ، أو في معناه غير صحيح ، فإن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه ، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة حسبما يقضي به نظام التأمين ، وأن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه عند موته ، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاماً مبلغ التأمين ، ولو لم يدفع مورثهم إلا قسطاً واحداً، وقد لا يستحقون شيئاً إذا جعل المستفيد سوى المستأمن وورثته ، وأن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسباً مئوية بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة، وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين ، أو مبلغ غير محدد .
6 / قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح ، فإنه قياس مع الفارق ، ومن الفروق بينهما أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر وبالقمار وفاحش الجهالة ، بخلاف عقد ولاء الموالاة ، فالقصد الأول فيه التآخي ف ي الإسلام والتناصر ، والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال ، وما يكون من كسب مادي ، فالقصد إليه بالتبع .
7 / قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عند من يقول به لا يصح ، لأنه قياس مع الفارق ومن الفروق ، أن الوعد بقرض ، أو إعارة ، أو تحمل خسارة مثلاً من باب المعروف المحض ، فكان الوفاء به واجباً ، أو من مكارم الأخلاق بخلاف عقود التأمين ، فإنها معاوضة تجارية باعثها الربح المادي ، فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر .
8 / قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول ، وضمان ما لم يجب قياس غير صحيح لأنه قياس مع الفارق أيضاً، ومن الفروق أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض بخلاف التأمين، فإنه عقد معاوضة تجارية يقصد منها أولاً الكسب المادي، فإن ترتب عليه معروف، فهو تابع غير مقصود إليه، والأحكام يراعى فيها الأصل لا التابع ما دام تابعاً غير مقصود إليه.(1/9)
9 / قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق لا يصح فإنه قياس مع الفارق كما سبق في الدليل قبله .
10 / قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح ، فإنه قياس مع الفارق أيضاً ، لأن ما يعطى من التقاعد حق التزم به ولي الأ مر باعتباره مسئولاً عن رعيته ، وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة ، ووضع له نظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف ، ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم ، فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها ، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين ، والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة .
لأن ما يعطى في حالة التقاعد يعتبر حقاً التزم به من حكومات مسئولة عن رعيتها ، وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة كفاء لمعروفه ، وتعاوناً معه جزاء تعاونه ببدنه ، وفكره وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة .
11 / قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة لا يصح ، فإنه قياس مع الفارق ، ومن الفروق أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينها وبين القاتل خطأ ، أو شبه العمد من الرحم والقرابة التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف ، ولو دون مقابل ، وعقود التأمين التجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة لا تمت إلى عاطفة الإحسان ، وبواعث المعروف بصلة .
12 / قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحرا سة غير صحيح ، لأنه قياس مع الفارق أيضاً .
ومن الفروق أن الأمان ليس محلاً للعقد في المسألتين ، وإنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين ، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس ، أما الأمان فغاية ونتيجة ، وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس .(1/10)
13 / قياس التأمين على الإيداع لا يصح لأنه قياس مع الفارق أيضاً ، فإن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بحفظ شيء في حوزته يحوطه بخلاف التأمين ، فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمن ، ويعود إلى المستأمن بمنفعة إنما هو ضمان الأمن والطمأنينة ، وشرط العوض عن الضمان لا يصح ، بل هو مفسد للعقد وإن جعل مبلغ التأمين في مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جعل فيها مبلغ التأمين، أو زمنه ، فاختلف في عقد الإيداع بأجر .
14 / قياس التأمين على ما عرف بقضية تجار البز مع الحاكة لا يصح . والفرق بينهما أن المقيس عليه من التأمين التعاوني ، وهو تعاون محض والمقيس تأمين تجاري وهو معاوضات تجارية فلا يصح القياس .
كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (51) وتاريخ 4/4/ 1397 ه من جواز التأمين التعاوني بدلاً عن التأ مين التجاري المحرم والمنوه عنه آنفاً للأدلة الآتية.
الأول :
أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار ، والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث ، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر ، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ، ولا ربحاً من أموال غيرهم ، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر .
الثاني :
خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه: ربا الفضل، وربا النسأ، فليست عقود المساهمين ربوية، ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية .
الثالث :
أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع، لأنهم متبرعون، فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة بخلاف التأمين التجاري ، فإنه عقد معاوضة مالية تجارية .
الرابع :(1/11)
قيام جماعة من المساهمين ، أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون ، سواء كان القيام بذلك تبرعاً، أو مقابل أجر معين .
ورأى المجلس أن يكون التأمين التعاوني على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة للأمور الآتية :
أولاً :
الالتزام بالفكر الاقتصادي ا لإسلامي الذي يترك للأفراد مسئولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية، ولا يأتي دور الدولة إلا كعنصر مكمل لما عجز الأفراد عن القيام به، وكدور موجه ورقيب لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها .
ثانياً :
الالتزام بالفكر التعاوني التأميني الذي بمقتضاه يستقل المتعاونون بالمشروع كله من حيث تشغيله، ومن حيث الجهاز التنفيذي ومسئولية إدارة المشروع .
ثالثاً :
تدريب الأهالي على مباشرة التأمين التعاوني وإيجاد المبادرات الفردية والاستفادة من البواعث الشخصية، فلا شك أن مشاركة الأهالي في الإدارة تجعلهم أكثر حرصاً ويقظة على تجنب وقوع المخاطر التي يدفعون مجتمعين تكلفة تعويضها مما يحقق بالتالي مصلحة لهم في إنجاح التأمين التعاوني، إذ أن تجنب المخاطر يعود عليهم بأقساط أقل في المستقبل، كما أن وقوعها قد يحملهم أقساطاً أكبر في المستقبل .
رابعاً :
صورة الشركة المختلطة لا يجعل التأمين كما لو كان هبة، أو منحة من الدولة للمستفيدين منه ، بل بمشاركة منها معهم فقط لحمايتهم ومساندتهم باعتبارهم هم أصحاب المصلحة الفعلية ، وهذا موقف أكثر إيجابية ليشعر معه المتعاونون بدور الدولة ، ولا يعفيهم في نفس الوقت من المسئولية .
ويرى المجلس أن يراعى في وضع المواد التفصيلية للعمل بالتأمين التعاوني الأسس الآتية :
الأول :(1/12)
أن يكون لمنظمة التأمين التعاوني مركز له فروع في كافة المدن، وأن يكون بالمنظمة أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها، وبحسب مختلف فئات، ومهن المتعاونين، كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحي، وثان للتأمين ضد العجز والشيخوخة.. الخ .
أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين، وآخر للتجار، وثالث للطلبة، ورابع لأصحاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء المحامين..الخ. الثاني :
أن تكون منظمة التأمين التعاوني على درجة كبيرة من المرونة، والبعد عن الأساليب المعقدة .
الثالث :
أن يكون للمنظمة مجلس أعلى يقرر خطط العمل، ويقترح ما يلزمها من لوائح وقرارات تكون نافذة إذا اتفقت مع قواعد الشريعة .
الرابع :
يمثل الحكومة في هذا المجلس من تختاره من الأعضاء، ويمثل المساهمين من يختارونه ليكونوا أعضاء في المجلس ليساعد ذلك على إشراف الحكومة عليها، أو اطمئنانها على سلامة سيرها ، وحفظها من التلاعب والفشل .
الخامس :
إذا تجاوزت المخاطر موارد الصندوق بما قد يستلزم زيادة الأقساط، تقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة .
ويؤيد مجلس المجمع الفقهي ما اقترحه مجلس هيئة كبار العلماء في قراره المذكور بأن يتولى وضع المواد التفصيلية لهذه الشركة التعاونية جماعة من الخبراء المختصين في هذا الشأن .
والله ولي التوفيق . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
نائب الرئيس الرئيس
محمد علي الحركان ، عبد الله بن حميد
الأمين العام رئيس مجلس القضاء الأعلى لرابطة العالم الإسلام في المملكة العربية السعودية
الأعضاء :
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام للإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية .
محمد محمود الصواف ، صالح بن عثيمين ، محمد بن عبد الله السبيل ، محمد رشيد قباني ، مصطفى الزرقاء ، محمد رشيدي ، عبد القودس الهاشمي الندوي ، أبو بكر جومي .
قرار رقم 2
بشأن التأمين وإعادة التأمين :
أما بعد :(1/13)
فإن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 - 16 ربيع الثاني 1406هـ/22-28 ديسمبر 1985م .
بعد أن تابع العروض المقدمة من العلماء المشاركين في الدورة حول موضوع " التأمين وإعادة التامين".
وبعد أن ناقش الدراسات المقدمة .
وبعد تعمق البحث في سائر صوره وأنواعه ، وا لمبادئ التي يقوم عليها ، والغايات التي يهدف إليها .
وبعد النظر فيما صدر من المجامع الفقهية والهيئات العلمية بهذا الشأن .
قرر :
1 - أن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً .
2 - أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون . وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني .
3 - دعوة الدول الإسلامية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني وكذلك مؤسسات تعاونية لإعادة التأمين، حتى يتحرر الاقتصاد الإسلامي من الاستغلال، ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه الأمة. والله أعلم .
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
---
السؤال :
ماذا حكم الإسلام في الحصول على تأمين صحي في بلد مثل الولايات المتحدة ؟
العلاج الصحي غالي جدا وإذا لم أحصل على التأمين الصحي فلن يعالجوني وإذا أردت أن ادفع لعلاجي فإنني سوف أفلس .
الجواب :
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
العلاج الصحي في الولايات المتحدة حيث أقيم مرتفع جدا وإذا لم أحصل على التأمين الصحي فلن يعالجوني ، وإذا أردت أن أدفع علاجي فسوف أفلس وربما أسجن ، فهل هذا يعتبر عذرا في الدخول في التأمين الصحي الذي هو نوع من الميسر نظرا لأنه لا يوجد تأمين شرعي ولا قدرة لي على معالجة نفسي وأولادي وزوجتي في الحالة الاعتيادية الموجودة في بعض البلدان؟(1/14)
فأجاب - حفظه الله - بما يلي :
مادام الرجل يعلم أن هذا من الميسر فإنه لا يحل لأنه من عمل الشيطان فليعتمد على الله ويتوكل عليه فإن من يتوكل على الله فهو حسبه ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ، فلا يجوز له أن يدخل في التأمين . انتهى كلامه حفظه الله .
وقد سبق بيان أنّ وجه كون التأمين الصحّي من الميسر أنّ الشّخص يدفع مبلغا من المال تمتلكه شركة التأمين فإذا مرض أو حصل له حادث استفاد وإلاّ ذهب ماله ثمّ قد تكون الاستفادة بمثل أو أقلّ أو أكثر مما دفع وفي هذا من الجهالة والغرر وأكل المال بغير حقّ أو الخسارة لأحد الطّرفين ما لا يخفى .
وليت بعض المسلمين أو العقلاء يقومون بإنشاء مؤسسات تأمين تعاونية تقرّها الشّريعة الإسلامية ، تكون فكرتها الأساسية أن يتضامن دافعوا الأموال لصندوق معيّن ( لا يمتلكه طرف آخر ) أنّه إذا حصل لأحدهم مرض أو حادث أنْ يعوّض برضاهم ، ثمّ لا بأس أن يُعطى القائمون على هذا الصّندوق من الموظّفين رواتب ، ولا بأس أن تستثمر الأموال شركة أخرى بنسبة معينة من الأرباح ، والله الموفّق .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@112.uX0mbiVxxz7^10@.ef1452f/0
القولُ المبينُ في شَرِكاتِ التأمينِ
http://saaid.net/Doat/Zugail/83.htm
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/15)
حكم التجسس
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا " [ الحجرات : 12 ] .
قال الطبري : وَقَوْله : " وَلَا تَجَسَّسُوا " يَقُول : وَلَا يَتَتَبَّع بَعْضكُمْ عَوْرَة بَعْض , وَلَا يَبْحَث عَنْ سَرَائِره , لَا عَلَى مَا لَا تَعْلَمُونَهُ مِنْ سَرَائِره .
قال ابن كثير في تفسير الآية : " وَلَا تَجَسَّسُوا " أَيْ عَلَى بَعْضكُمْ بَعْضًا وَالتَّجَسُّس غَالِبًا يُطْلَق فِي الشَّرّ ، وَمِنْهُ الْجَاسُوس ، وَأَمَّا التَّحَسُّس فَيَكُون غَالِبًا فِي الْخَيْر كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ إِخْبَارًا عَنْ يَعْقُوب أَنَّهُ قَالَ " يَا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُف وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْح اللَّه " ، وَقَدْ يُسْتَعْمَل كُلّ مِنْهُمَا فِي الشَّرّ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَاد اللَّه إِخْوَانًا " .ا.هـ.
وقال القرطبي : وَمَعْنَى الْآيَة : خُذُوا مَا ظَهَرَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَات الْمُسْلِمِينَ , أَيْ لَا يَبْحَث أَحَدكُمْ عَنْ عَيْب أَخِيهِ حَتَّى يَطَّلِع عَلَيْهِ بَعْد أَنْ سَتَرَهُ اللَّه .ا.هـ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِيَّاكُمْ وَالظَّنّ فَإِنَّ الظَّنّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَنَافَسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَاد اللَّه إِخْوَانًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (6064) ، وَمُسْلِم (2563) .(1/1)
نقل الحافظ ابن حجر عن القرطبي ما نصه : وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمُرَاد بِالظَّنِّ هُنَا التُّهْمَة الَّتِي لَا سَبَب لَهَا كَمَنْ يَتَّهِم رَجُلًا بِالْفَاحِشَةِ مِنْ غَيْر أَنْ يَظْهَر عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِيهَا , وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله " وَلَا تَجَسَّسُوا " وَذَلِكَ أَنَّ الشَّخْص يَقَع لَهُ خَاطِر التُّهْمَة فَيُرِيد أَنْ يَتَحَقَّق فَيَتَجَسَّس وَيَبْحَث وَيَسْتَمِع , فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ , وَهَذَا الْحَدِيث يُوَافِق قَوْله تَعَالَى : " اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ , إِنَّ بَعْض الظَّنّ إِثْم , وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا " فَدَلَّ سِيَاق الْآيَة عَلَى الْأَمْر بِصَوْنِ عِرْض الْمُسْلِم غَايَة الصِّيَانَة لِتَقَدُّمِ النَّهْي عَنْ الْخَوْض فِيهِ بِالظَّنِّ , فَإِنْ قَالَ الظَّانّ أَبْحَثُ لِأَتَحَقَّق , قِيلَ لَهُ : " وَلَا تَجَسَّسُوا " فَإِنْ قَالَ : تَحَقَّقْت مِنْ غَيْر تَجَسُّس ، قِيلَ لَهُ : " وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا " .ا.هـ.
* عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ ، وَمَنْ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ ، وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا وَلَيْسَ بِنَافِخٍ . رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (7042) .
قال الحافظ ابن حجر : وَأَمَّا الْوَعِيد عَلَى ذَلِكَ بِصَبِّ الْآنُك فِي أُذُنه فَمِنْ الْجَزَاء مِنْ جِنْس الْعَمَل . وَالْآنُك بِالْمَدِّ وَضَمّ النُّون بَعْدَهَا كَاف الرَّصَاص الْمُذَاب , وَقِيلَ هُوَ الْخَالِص الرَّصَاص .ا.هـ.(1/2)
ونقل الحافظ عن اِبْنِ أَبِي جَمْرَة ما نصه : وَقَالَ فِي مُسْتَمِع حَدِيث مَنْ يَكْرَه اِسْتِمَاعه : يَدْخُل فِيهِ مَنْ دَخَلَ مَنْزِله وَأَغْلَقَ بَابه وَتَحَدَّثَ مَعَ غَيْره فَإِنَّ قَرِينَة حَاله تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرِيد لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَمِع حَدِيثه فَمَنْ يَسْتَمِع إِلَيْهِ يَدْخُل فِي هَذَا الْوَعِيد , وَهُوَ كَمَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ مِنْ خَلَل الْبَاب فَقَدْ وَرَدَ الْوَعِيد فِيهِ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ فَقَئُوا عَيْنَهُ لَكَانَتْ هَدَرًا
قَالَ : وَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُوم مَنْ يَكْرَه اِسْتِمَاع حَدِيثه مَنْ تَحَدَّثَ مَعَ غَيْره جَهْرًا وَهُنَاكَ مَنْ يَكْرَه أَنْ يَسْمَعهُ فَلَا يَدْخُل الْمُسْتَمِع فِي هَذَا الْوَعِيد لِأَنَّ قَرِينَة الْحَال وَهِيَ الْجَهْر تَقْتَضِي عَدَم الْكَرَاهَة فَيَسُوغ الِاسْتِمَاع .ا.هـ.
عَنْ مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " إِنَّك إِنْ اِتَّبَعْت عَوْرَات النَّاس أَفْسَدْتهمْ أَوْ كِدْت أَنْ تُفْسِدهُمْ " فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَلِمَة سَمِعَهَا مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَعَهُ اللَّه تَعَالَى بِهَا . رواه أبو داود (4888) ، وإسناده صحيح .(1/3)
وأورد القرطبي قصةً فقال : وَقَالَ عَمْرو بْن دِينَار : كَانَ رَجُل مِنْ أَهْل الْمَدِينَة لَهُ أُخْت فَاشْتَكَتْ , فَكَانَ يَعُودهَا فَمَاتَتْ فَدَفَنَهَا . فَكَانَ هُوَ الَّذِي نَزَلَ فِي قَبْرهَا , فَسَقَطَ مِنْ كُمّه كِيس فِيهِ دَنَانِير , فَاسْتَعَانَ بِبَعْضِ أَهْله فَنَبَشُوا قَبْرهَا فَأَخَذَ الْكِيس ثُمَّ قَالَ : لَأَكْشِفَنَّ حَتَّى أَنْظُر مَا آلَ حَال أُخْتِي إِلَيْهِ , فَكَشَفَ عَنْهَا فَإِذَا الْقَبْر مُشْتَعِل نَارًا , فَجَاءَ إِلَى أُمّه فَقَالَ : أَخْبِرِينِي مَا كَانَ عَمَل أُخْتِي ؟ فَقَالَتْ : قَدْ مَاتَتْ أُخْتك فَمَا سُؤَالك عَنْ عَمَلهَا ! فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَالَتْ لَهُ : كَانَ مِنْ عَمَلهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَخِّر الصَّلَاة عَنْ مَوَاقِيتهَا , وَكَانَتْ إِذَا نَامَ الْجِيرَان قَامَتْ إِلَى بُيُوتهمْ فَأَلْقَمَتْ أُذُنهَا أَبْوَابهمْ , فَتَجَسَّس عَلَيْهِمْ وَتُخْرِج أَسْرَارهمْ , فَقَالَ : بِهَذَا هَلَكَتْ !
وقد تستثنى بعض الأمور من النهي عن التجسس ، قال الحافظ في " الفتح " : وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْي عَنْ التَّجَسُّس مَا لَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى إِنْقَاذ نَفْس مِنْ الْهَلَاك مَثَلًا كَأَنْ يُخْبِر ثِقَة بِأَنَّ فُلَانًا خَلَا بِشَخْصٍ لِيَقْتُلهُ ظُلْمًا , أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا , فَيُشْرَع فِي هَذِهِ الصُّورَة التَّجَسُّس وَالْبَحْث عَنْ ذَلِكَ حَذَرًا مِنْ فَوَات اِسْتِدْرَاكه , نَقَلَهُ النَّوَوِيّ عَنْ " الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة " لِلْمَاوَرْدِيِّ وَاسْتَجَادَهُ , وَأَنَّ كَلَامه : لَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَث عَمَّا لَمْ يَظْهَر مِنْ الْمُحَرَّمَات وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنّ اِسْتِسْرَار أَهْلهَا بِهَا إِلَّا هَذِهِ الصُّورَة .ا.هـ.
وكذلك في الحرب :(1/4)
عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ : مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيَّ ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ . رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (4113) ، وَمُسْلِم (2414) .
وكذلك أهل الشر والفساد وأصحاب المخدرات ، وغير ذلك من أنواع الفساد في المجتمع .
نسأل الله السلامة والعافية .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@208.O9OIeByuwXn.13@.1dd3439f/0
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/5)
حُكْمُ التَطَوُعِ بَيْنَ أَذَانِ الصُّبْحِ وإِقَامَتِه
المنتفض .
جوابا على سؤالك :
أولا : ما ورد من الأحاديث المرفوعة :
وردت أحاديث عن النبي في النهي عن التطوع بين الأذان والإقامة في صلاة الفجر إلا ركعتي الفجر ، والحديث ورد عن عددٍ من الصحابة ، وإليك هذه الأحاديث :
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر .
أخرجه الطبراني في الأوسط (1060 - مجمع البحرين ) ، وقال : لم يروه عن يحيى إلا إسماعيل تفرد به أحمد بن عبد الصمد .
قال الهيثمي في المجمع (2/218) : رواه الطبراني في الأوسط وفيه إسماعيل بن قيس وهو ضعيف .ا.هـ.
2 - عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ : رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، فَقَالَ : يَا يَسَارُ ؛ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّيةَ فَقَالَ : لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ ، لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا سَجْدَتَيْنِ أخرجه أبو داود (1278) ، والترمذي (419) ، وأحمد (2/23 ، 104) .
قال الترمذي عقب الحديث : حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى ، وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَا
3 - عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر .
أخرجه البيهقي (2/466) ، وقال : الأفريقي غير محتج به ، وله شاهد من ابن المسيب مرسلا .
وقال الهيثمي في المجمع (2/218) : رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم واختلف في الاحتجاج به .ا.هـ.
4 - عن ابن المسيب مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
أخرجه البيهقي (2/466)
قال العلامة الألباني في الإرواء (2/233) : بإسناد صحيح .(1/1)
وقد حكم على هذه الأحاديث كلها ابن حزم في المحلى (3/54) بالضعف ، بل حكم بأن روايات الحديث ساقطة ، مكذوبة كلها .
ورد عليه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المحلى ، وناقشه ورجح صحة الحديث .
وأيضا صححه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المسند (5881 ، 4756) ، وجامع الترمذي (2/280) .
وتعقب العلامة الألباني الشيخَ أحمد شاكر في الإرواء (2/236) فقال : ومنه تعلم أن قول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى في تعليقه على الترمذي أنه إسناد صحيح ، غير صحيح ، ولو أنه قال : حديث صحيح بالنظر إلى مجموع هذه الطرق لما أبعد ، على أنه لا يفوتنا التنبيه إلى أن بعض هذه الطرق لا يستشهد بها لشدة ضعفها ، فالاعتماد على سائر الطرق التي خلت من متهم أو واهٍ جدا .ا.هـ.
ورواه ابن المنذر في الأوسط (2/399) موقوفا ، وهو ضعيف لأن في سنده الأفريقي .
ومن أراد التوسع في تخريج الحديث فليرجع إلى تخريج العلامة الألباني في الإرواء (478)
والذي يظهر - والله أعلم - أن العمدة في هذه المسألة حديث حفصة .
5 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ .
أخرجه البخاري (618) ، ومسلم (723) .
ثانيا : ما ورد من أثار عن الصحابة والتابعين :
1– عن القاسم بن محمد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل المسجد يوما فرأى الناس يركعون بعد الفجر ، فقال : إنما هما ركعتان خفيفتان من بعد الفجر قبل الصلاة ، ولو كنت تقدمت في ذلك لكان مني غير .
ذكره المقريزي في مختصر قيام الليل ( ص 316) .
2 – عن ابن المسيب أنه رأى رجلا يكرر الركوع بعد طلوع الفجر ، فنهاه فقال : يا أبا محمد أيعذبني الله على الصلاة ؟ قال : لا ، ولكن يعذبك على خلاف السنة .
أخرجه عبد الرزاق (4755) ، والبيهقي (2/466) .(1/2)
وصحح سندها العلامة الألباني في الإرواء (2/236) ، وقال : وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى ، وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع باسم أنها ذكر وصلاة ، ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم ، ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة ، وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك .ا.هـ.
3 - عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ : رَآنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَنَا أُصَلِّي بَعْضَ مَا فَاتَنِي مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ بَعْدَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَالَ : أَمَا عَلِمْت أَنَّ الصَّلَاةَ تُكْرَهُ هَذِهِ السَّاعَةَ إلَّا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ .
أخرجه ابن أبي شيبة في كتاب الصلاة ، كتاب صلاة التطوع والإمامة وأبواب متفرقة ، من كره إذا طلع الفجر أن يصلي أكثر من ركعتين (2/355) . وسنده حسن .
4 - عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ أَنْ يُصَلُّوا إلَّا رَكْعَتَيْنِ . أخرجه ابن أبي شيبة (2/355) .
5 - عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ الصَّلَاةَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ حَتَّى يُصَلُّوا الْمَكْتُوبَةَ . أخرجه ابن أبي شيبة (2/355) .
وفي إسنادهما ( 4 ، 5 ) المغيرة بن مقسم قال الحافظ في التقريب : ثقة متقن إلا أنه كان يدلس ، ولا سيما عن إبراهيم .
ثالثا : الخلاف في المسألة :
حكى الإمام الترمذي الإجماع على أنه لا نافلة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر الراتبة فقال :
وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ كَرِهُوا أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ .ا.هـ.(1/3)
ورد الحافظ ابن حجر على هذا الإجماع في التلخيص الحبير (1/191) فقال : دَعْوَى التِّرْمِذِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ عَجِيبٌ , فَإِنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مَشْهُورٌ حَكَاهُ اِبْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنْ يَفْعَلَهُ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ . وَقَدْ أَطْنَبَ فِي ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ .ا.هـ.
وأما الخلاف في المسألة فقد حكاه ابن المنذر في الأوسط (2/399) فقال :
واختلفوا في التطوع بعد طلوع الفجر سوى ركعتي الفجر ، فكرهت طائفة ذلك ، وممن روي عنه أنه كره ذلك عبد الله بن عمرو ، وابن عمر ، وفي إسنادهما مقال ...
وكره ذلك الحسن البصري ، وقال : ما سمعت فيه بشيء ، وقال النخعي : كانوا يكرهون ذلك ، وكره ذلك سعيد بن المسيب ، والعلاء بن زياد ، وحميد بن عبد الرحمن ، وأصحاب الرأي .
ورخصت طائفة في ذلك ، وممن قال : لا بأس أن يتطوع الرجل بعد طلوع الفجر الحسن البصري ، وكان مالك يرى أن يفعل ذلك من فاتته صلاته بالليل ، وروينا عن بلال أنه لم ينه عن الصلاة إلا عند طلوع الشمس ، فإنها تطلع بين قرني شيطان ...ا.هـ.
وممن فصل في المسألة الإمام النووي في شرحه لمسلم (6/2 ، 3) فقال عند شرحه لحديث حفصة رضي الله عنها :
قَوْله : " كَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْر لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ "
قَدْ يَسْتَدِلّ بِهِ مَنْ يَقُول : تُكْرَه الصَّلَاة مِنْ طُلُوع الْفَجْر إِلَّا سُنَّة الصُّبْح , وَمَا لَهُ سَبَبٌ , وَلِأَصْحَابِنَا فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة أَوْجُه :
أَحَدهَا : هَذَا , وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ مَالِك وَالْجُمْهُور .
وَالثَّانِي : لَا تَدْخُل الْكَرَاهَة حَتَّى يُصَلِّي سُنَّة الصُّبْح .(1/4)
وَالثَّالِث : لَا تَدْخُل الْكَرَاهَة حَتَّى يُصَلِّي فَرِيضَة الصُّبْح , وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا , وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل ظَاهِر عَلَى الْكَرَاهَة إِنَّمَا فِيهِ الْإِخْبَار بِأَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي غَيْر رَكْعَتَيْ السُّنَّة وَلَمْ يَنْهَ عَنْ غَيْرهَا .ا.هـ.
فالإمام النووي يرجح أنه لا كراهة في التنفل بين الأذان والإقامة من صلاة الفجر .
وممن ذهب إلى جواز التنفل بين الأذان والإقامة من صلاة الفجر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (23/205) ولكن لا يتخذ سنة ، فقال :
فَهَذَا فِيهِ إبَاحَةُ الصَّلَاةِ بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ أَذَانَيْ الْمَغْرِبِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَاهُمْ وَيُقِرُّهُمْ عَلَى ذَلِك ، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ بَيْنَ أَذَانَيْ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ كَذَلِكَ بَيْنَ أَذَانَيْ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ ، لَكِنْ بَيْنَ أَذَانَيْ الْفَجْرِ الرَّكْعَتَانِ سُنَّةٌ بِلَا رَيْبٍ ، وَمَا سِوَاهَا يُفْعَلُ ، وَلَا يُتَّخَذُ سُنَّةً ؛ فَلَا يُدَاوِمُ عَلَيْهِ ، وَيُؤْمَرُ بِهِ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا هُوَ حَالُ السُّنَّةِ فَإِنَّ السُّنَّةَ تَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ ، وَيُدَاوِمُ عَلَيْهَا كَمَا أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ مَسْنُونٌ لَهُمْ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا .(1/5)
فَإِذَا قِيلَ : لَا سُنَّةَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَانِ فَهَذَا صَحِيحٌ وَأَمَّا النَّهْيُ الْعَامُّ فَلَا . وَالْإِنْسَانُ قَدْ لَا يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ فَيُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذَا الْوَقْتِ ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ السَّلَفُ لَهُ قَضَاءَ وِتْرِهِ بَلْ وَقِيَامَهُ مِنْ اللَّيْلِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَذَلِكَ عِنْدَهُمْ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى الضُّحَى.ا.هـ.
وأكتفي بهذا القدر ، ومن كان عنده إضافة ، أو تعليق ، أو تعقيب فجزاه الله خيرا .
http://www.baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&postid=12748#post12748
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@16.KQ29b7OW9FE^0@.ef2ad2a
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
حكم التهنئة بدخول شهر رمضان
عمر بن عبد الله المقبل
هذا بحث مختصر حول: (حكم التهنئة بدخول شهر رمضان)، حاولت أن أجمع فيه أطرافه، ملتمساً في ذلك طلب الحق ـ إن شاء الله (تعالى) ـ.
قبل البدء بذكر حكم المسألة لا بد من تأصيل موضوع (التهنئة) .
فيقال: التهاني ـ من حيث الأصل ـ من باب العادات، والتي الأصل فيها الإباحة، حتى يأتي دليل يخصها، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر .
قال الشيخ العلامة (عبد الرحمن بن سعدي) (رحمه الله تعالى) في منظومة القواعد .
والأصلُ في عاداتنا الإباحةْ حتى يجيءَ صارفُ الإباحةْ
وليس مشروعاً من الأمور غير الذي في شرعنا مذكور(1)
ثم قال (رحمه الله) معلقاً على ذلك:
(وهذان الأصلان العظيمان ذكرهما شيخ الإسلام (رحمه الله) في كتبه، وذكر أن الأصل الذي بنى عليه الإمام أحمد مذهبه: أن العادات الأصل فيها الإباحة، فلا يحرم منها إلاّ ما ورد تحريمه... إلى أن قال: فالعادات هي ما اعتاد الناس من المآكل والمشارب، وأصناف الملابس والذهاب والمجيء، وسائر التصرفات المعتادة، فلا يحرم منها إلاّ ما حرّمه الله ورسوله، إما نصّاً صريحاً، أو يدخل في عموم، أو قياسٍ صحيح، وإلاّ فسائر العادات حلال، والدليل على حلها قوله (تعالى): ((هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً)) [البقرة: 29]، فهذا يدل على أنه خلق لنا ما في الأرض جميعه لننتفع به على أيّ وجهٍ من وجوه الانتفاع) (2) .
وإذا كانت التهاني من باب العادات، فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع، ولذا: مرّر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب، بل رغب في بعضها، وحرّم بعضها، كالسجود للتحية .
حكم التهنئة بدخول الشهر الكريم:(1/1)
روى ابن خزيمة (رحمه الله) في صحيحه (3/191) عن سلمان (رضي الله عنه) قال: خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان، فقال: (أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة،....) الحديث .
قال ابن رجب (رحمه الله): (... هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً في شهر رمضان)(3) .
وإنما تأخر الاستدلال به على مسألتنا لأنه لم يثبت، بل هو حديث منكر كما قال الإمام أبو حاتم الرازي (4)، ولذا: بوّب عليه الإمام ابن خزيمة في صحيحه بقوله: (باب فضائل شهر رمضان، إن صحّ الخبر) (5) .
وفي سنده (علي بن زيد بن جُدْعان) وهو (ضعيف) (6) .
وذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها، وفيها أربع روايات عن الإمام أحمد (رحمه الله) ، ذكرها ابن مفلح (رحمه الله) في (الآداب الشرعية) ، وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه (7) .
(قال الإمام أحمد (رحمه الله) : ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد: تقبّل الله منا ومنك .
وقال حرب: سئل أحمد عن قول الناس: تقبل الله منا ومنكم؟ قال: لا بأس، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، قيل: وواثلة بن الأسقع؟، قال: نعم، قيل: فلا تكره أن يقال: (هذا يوم العيد) ؟، قال: لا....) (8) .
فيقال: إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات، وتنزل الرحمات، ومضاعفة الحسنات، والتجارة مع الله.. من باب أولى ، والله أعلم .
تحقيق بعض العلماء في المسألة:
ومما يُستدَل به على جواز ذلك أيضاً : قصة كعب بن مالك (رضي الله عنه) الثابتة في الصحيحين من البشارة له ولصاحبه بتوبة الله عليهما، وقيام طلحة (رضي الله تعالى عنه) إليه .
قال ابن القيم (رحمه الله) ضمن سياقه لفوائد تلك القصة :
((1/2)
وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية، والقيام إليه إذا أقبل، ومصافحته، فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية، وأن الأَوْلى أن يقال: يهنك بما أعطاك الله، وما منّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام، فإن فيه تولية النعمة ربّها، والدعاء لمن نالها بالتهني بها) (9) .
ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكه نعمةٌ دينية، فهي أولى وأحرى بأن يُهنّأ المسلم على بلوغها، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله (عز وجل) ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول ؟ ، ونحن نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر .
وقال الحافظ ابن حجر (رحمه الله): (ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة، أو يندفع من نقمة: بمشروعية سجود الشكر، والتعزية (10)، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك ...)(11) .
ونقل القليوبي عن ابن حجر أن التهنئة بالأعياد والشهور والأعوام مندوبة .
وقد ذكر الحافظ المنذري أن الحافظ أبي الحسن المقدسي سُئِل عن التهنئة في أوائل الشهور والسنين : أهو بدعة أم لا ؟ ، فأجاب : بأن الناس لم يزالوا مختلفين في ذلك، قال: والذي أراه أنه مباح، ليس بسنة ولا بدعة (12) .
خلاصة المسألة :
وبعد هذا العرض الموجز يظهر أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر، لا يُمنع منها، ولا ينكر على من تركها، والله أعلم .
هذا، وقد سألت شيخنا العلامة (محمد بن صالح العثيمين) عن التهنئة بدخول شهر رمضان، فقال: (طيبة جدّاً)، وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ ، حال بحثي في هذه المسألة ، والتي أسأل الله (عز وجل) أن أكون قد وفقت فيها للصواب ، فإن كان كذلك فمن الله وحده ، وإن كان ما قلته خطأً فأنا أهلٌ له ، والله ورسوله منه بريئان، وأستغفر الله العظيم .
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
-----------------------------------------
الهوامش :(1/3)
1) المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي، 1/143 .
2) انظر (الموافقات) للإمام الشاطبي، 2/212 ـ 246، ففيه بحوث موسعة حول العادات وحكمها في الشريعة .
3) لطائف المعارف، ص 279، ط. دار ابن كثير .
4) علل الحديث للرازي، 1/249 .
5) صحيح ابن خزيمة، 3/191 .
6) تقريب التهذيب، رقم الترجمة (4734) .
7) الآداب الشرعية، 3/219 .
8) المغني لابن قدامة ، 3/294 .
9) زاد المعاد ، 3/585 .
10) كذا في الموسوعة الفقهية التي نقلت عنها .
11) الموسوعة الفقهية الكويتية، 14/99ـ100 ، وانظر، وصول الأماني ، للسيوطي وقد بحثت عن كلام الحافظ في مظنته ولم اهتد إليه .
12) وصول الأماني ، 1/83 (ضمن الحاوي للفتاوي) .
المصدر : مجلة البيان - العدد : 109 - رمضان 1417
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/4)
حُكمُ العَزلِ في السنةِ النبويةِ
ما يتعلق بموضوع " العزل " فإليك أحاديث هذا الباب من السنة النبوية :
1 - قال الإمام البخاري في كتاب النكاح . باب العزل :
عَنْ جَابِرٍ قَالَ : كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
و عَنْ جَابِرٍ قَالَ : كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ .
وزاد مسلم :
زَادَ إِسْحَقُ قَالَ سُفْيَانُ : لَوْ كَانَ شَيْئًا يُنْهَى عَنْهُ لَنَهَانَا عَنْهُ الْقُرْآنُ .
قال الحافظ في الفتح عن هذه الزيادة :
فهذا ظاهر في أن سفيان قاله استنباطا وأوهم كلام صاحب " العمدة " ومن تبعه أن هذه الزيادة من نفس الحديث فأدرجها وليس الأمر كذلك فإني تتبعته من المسانيد فوجدت أكثر رواته عن سفيان لا يذكرون هذه الزيادة .ا.هـ.
ومعنى قول جابر : كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ . بينه الحافظ ابن حجر بقوله : فكأنه يقول : فعلناه في زمن التشريع ولو كان حراما لم نقر عليه وإلى ذلك يشير قول ابن عمر " كُنَّا نَتَّقِي الْكَلَام وَالِانْبِسَاط إِلَى نِسَائِنَا هَيْبَة أَنْ يَنْزِل فِينَا شَيْء عَلَى عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا مَاتَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمْنَا وَانْبَسَطْنَا " أخرجه البخاري .ا.هـ.
عرف الحافظ ابن حجر العزل بقوله : أي النزع بعد الإيلاج لينزل خارج الفرج .
2 - هل العزل يمنع من تقدير الله لحمل الولد ؟(1/1)
- عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّهُ قَالَ : دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ الْعَزْلِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ وَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ . رواه البخاري (3823) .
وجاء عند مسلم بلفظ :
- عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّهُ قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو صِرْمَةَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَسَأَلَهُ أَبُو صِرْمَةَ فَقَالَ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْعَزْلَ ، فَقَالَ : نَعَمْ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ بَلْمُصْطَلِقِ ، فَسَبَيْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ ، فَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ ، وَنَعْزِلَ ، فَقُلْنَا : نَفْعَلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، لَا نَسْأَلُهُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا سَتَكُونُ .(1/2)
- عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمُنَا وَسَانِيَتُنَا ، وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ فَقَالَ : اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا ، فَلَبِثَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ : إِنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ حَبِلَتْ ، فَقَالَ : قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا . رواه مسلم (2606) .
ومعنى قول النبي صلى الله عليه : وسانيتنا ، قال النووي : أي التي تسقي لنا شبهها بالبعير في ذلك .
3 - دعوى كاذبة لليهود في العزل :
- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارِيَةً وَأَنَا أَعْزِلُ عَنْهَا وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ وَأَنَا أُرِيدُ مَا يُرِيدُ الرِّجَالُ وَإِنَّ الْيَهُودَ تُحَدِّثُ أَنَّ الْعَزْلَ مَوْءُودَةُ الصُّغْرَى قَالَ : كَذَبَتْ يَهُودُ ، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصْرِفَهُ . رواه أوبو داود (1856) .
وقد صحح الحديث العلامة الألباني - رحمه الله - في " آداب الزفاف " ( ص 131) .
قال الإمام ابن القيم في تهذيب السنن :
فاليهود ظنت أن العزل بمنزلة الوأد في إعدام ما انعقد بسبب خلقه ، فكذبهم في ذلك . وأخبر أنه لو أراد الله خلقه ما صرفه أحد .
وأما تسميته وأدا خفيا فلأن الرجل إنما يعزل عن امرأته هربا من الولد وحرصا على أن لا يكون . فجرى قصده ونيته وحرصه على ذلك مجرى من أعدم الولد بوأده ، لكن ذاك وأد ظاهر من العبد فعلا وقصدا . وهذا وأد خفي له ، إنما أراده ونواه عزما ونية ، فكان خفيا .ا.هـ.
4 - العزل هو " الوأد الخفي " :(1/3)
- عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أُخْتِ عُكَّاشَةَ قَالَتْ : حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ وَهُوَ يَقُولُ : لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا ، ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنْ الْعَزْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ .
زَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ الْمُقْرِئِ وَهِيَ : " وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ " . رواه مسلم (2613) .
قال أهل اللغة : ( الغيلة ) هنا بكسر الغين ويقال لها : الغيل بفتح الغين مع حذف الهاء ( والغيال ) بكسر الغين كما ذكره مسلم في الرواية الأخيرة .
وقال جماعة من أهل اللغة : ( الغيلة ) بفتح المرة الواحدة وأما بالكسر فهي الاسم من الغيل . وقيل : إن أريد بها وطء المرضع جاز الغيلة والغيلة بالكسر والفتح ، واختلف العلماء في المراد بالغيلة في هذا الحديث وهي الغيل ، فقال مالك في الموطأ والأصمعي وغيره من أهل اللغة أن يجامع امرأته وهي مرضع يقال منه : أغال الرجل وأغيل ، إذا فعل ذلك وقال ابن السكيت : هو أن ترضع المرأة وهي حامل يقال منه : غالت وأغيلت .ا.هـ.
- بعض الإشكالات في حديث جذامة وغيرها من الأحاديث ورد العلماء لها :
لقد أشكل حديث جذامة على بعض العلماء من جهة أن ظاهره المنع من العزل في حين جاءت أحاديث أخرى بجواز العزل فرد عليهم علماء آخرون بدفع هذه الإشكالات وهي :
1 - تفرد سعيد بن أبي أيوب بهذا الحديث :
وممن قال بتفرد سعيد بن أبي أيوب الإمام الشوكاني ورد العلامة الألباني هذا القول في " آداب الزفاف " ( ص 133 - 134) بقوله :(1/4)
واعلم أن قول الشوكاني : إن هذا الحديث تفرد به سعيد بن أبي أيوب ؛ وهم فاحش فقد تابعه حيوة بن شريح ويحيى بن أيوب عند الطحاوي ، وابن لهيعة عند أحمد ، ثلاثتهم عن أبي الأسود ، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح : والحديث صحيح لا ريب فيه .ا.هـ
2 - أنه حديث منسوخ :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : ومنهم من ادعى أنه منسوخ ، ورد بعدم معرفة التاريخ .ا.هـ
3 - موافقة اليهود في أول الأمر ثم نُهي صلى الله عليه وسلم عن ذلك :
وممن ذهب إلى هذا الطحاوي ورد ابن رشد ثم ابن العربي عليه ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
وقال الطحاوي : يحتمل أن يكون حديث جذامة على وفق ما كان عليه الأمر أولا من موافقة أهل الكتاب ، وكان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه ، ثم أعلمه الله بالحكم فكذب اليهود فيما كانوا يقولونه .
وتعقبه ابن رشد ثم ابن العربي بأنه لا يجزم بشيء تبعا لليهود ثم يصرح بتكذيبهم فيه .ا.هـ
4 - تصحيح حديث جذامة وتضعيف ما عداها من الأحاديث :
وذهب بعض أهل العلم إلى الأخذ بحديث جذانة وتضعيف غيرها بحكم أن حديث جذامة في الصحيح ولكن رد هذا القول الحافظ ابن حجر في الفتح فقال :
ومنهم من رجح حديث جذامة بثبوته في الصحيح , وضعف مقابله بأنه حديث واحد اختلف في إسناده فاضطرب ، ورد بأن الاختلاف إنما يقدح حيث لا يقوى بعض الوجوه فمتى قوي بعضها عمل به .ا.هـ
5 - رأي ابن حزم في المسألة :
نقل الحافظ ابن حجر رأي ابن حزم فقال :
ورجح ابن حزم العمل بحديث جذامة بأن أحاديث غيرها توافق أصل الإباحة وحديثها يدل على المنع قال : فمن ادعى أنه أبيح بعد أن منع فعليه البيان .
وتعقب بأن حديثها ليس صريحا في المنع إذ لا يلزم من تسميته وأدا خفيا على طريق التشبيه أن يكون حراما .ا.هـ .
6 - الجمع بين حديث جذامة وغيرها من الأحاديث الواردة :(1/5)
جمع بعض أهل العلم بين حديث جذامة وغيرها من الأحاديث والتي ظاهرها التعارض ومنهم ابن القيم وقد نقلت كلامه آنفا وكذلك الحافظ ابن حجر فقال :
وجمعوا أيضا بين تكذيب اليهود في قولهم الموءودة الصغرى وبين إثبات كونه وأدا خفيا في حديث جذامة بأن قولهم : الموءودة الصغرى يقتضي أنه وأد ظاهر ، لكنه صغير بالنسبة إلى دفن المولود بعد وضعه حيا ، فلا يعارض قوله إن العزل وأد خفي فإنه يدل على أنه ليس في حكم الظاهر أصلا فلا يترتب عليه حكم ، وإنما جعله وأدا من جهة اشتراكهما في قطع الولادة .
وقال بعضهم : قوله الوأد الخفي ورد على طريق التشبيه لأنه قطع طريق الولادة قبل مجيئه فأشبه قتل الولد بعد مجيئه .ا.هـ .
وهذا جمع طيب من الحافظ وقبله ابن القيم لهذا التعارض الظاهر بين الأحاديث والله أعلم .
5 - الأولى ترك العزل :
جاء في حديث أبي سعيد الخدري في سبايا بني المصطلق عند مسلم والمذكور آنفا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم : وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ، وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ، وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ .
قال الحافظ ابن حجر :
فأشار إلى أنه لم يصرح لهم بالنهي ، وإنما أشار أن الأولى ترك ذلك ، لأن العزل إنما كان خشية حصول الولد فلا فائدة في ذلك ، لأن الله إن كان قدر خلق الولد لم يمنع العزل ذلك فقد يسبق الماء ولا يشعر العازل فيحصل العلوق ويلحقه الولد ولا راد لما قضى الله .ا.هـ .
قال العلامة الألباني في آداب الزفاف ( ص 136 ) تعليقا على كلام الحافظ ابن حجر الآنف :
قلت : وهذه الإشارة إنما هي بالنظر إلى العزل المعروف يومئذ وأما في هذا العصر فقد وجدت وسائل يستطيع الرجل بها أن يمنع الماء عن زوجته منعا باتا مثل ما يسمى اليوم بربط المواسير وكيس الكاوتشوك الذي يوضع على العضو عند الجماع ونحوه فلا يرد عليه حينئذ هذا الحديث وما في معناه .ا.هـ
- الأسباب في أن ترك العزل هو الأولى :
1 - لما فيه من تفويت لذة المرأة :(1/6)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : واختلفوا في علة النهي عن العزل : فقيل : لتفويت حق المرأة .ا.هـ
2 - تفويت مقصد عظيم من مقاصد النكاح وهو تكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء بذلك الحديث " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة " رواه أبو داود (1754) ، والنسائي (3175) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " آداب الزفاف " ( ص 132 ) .
3 - أنه لا يرد القدر إذا قدر الله الولد :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وقيل : لمعاندة القدر ، وهذا ... هو الذي يقتضيه معظم الأخبار الواردة في ذلك .ا.هـ
6 - كلام نفيس للعلامة الألباني - رحمه الله - في هذه المسألة لا بد من ذكره :
قال العلامة الألباني في آداب الزفاف ( ص 136 ) :
وعلى كل حال فالكراهة عندي فيما إذا لم يقترن مع الأمرين أو أحدهما شيء آخر من مقاصد أهل الكفر في العزل مثل خوف الفقر من كثر الأولاد وتكلف الإنفاق عليهم وتربيتهم ففي هذه الحالة ترتفع الكراهية إلى درجة التحريم لالتقاء العازل في نيته مع الكفار الذين كانوا يقتلون أولادهم خشية الإملاق والفقر كما هو معروف . بخلاف ما إذا كانت المرأة مريضة يخشى الطبيب أن يزداد مرضها بسبب الحمل فيجوز لها أن تتخذ المانع مؤقتا أما إذا كان مرضها خطيرا يخشى عليها الموت ففي هذه الحالة فقط يجوز بل يجب ربط المواسير منها محافظة على حياتها . والله أعلم .ا.هـ.
وهذا آخر البحث .
أرجو أن أكون قد أحطت بمعظم ما جاء في مسألة العزل .
والله تعالى أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/7)
حكم اللعب بالشطرنجِ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
كما هو معلومٌ أن كثيراً من المسلمين قد انشغلوا بكثيرٍ من الملهياتِ وخاصةً في العصورِ المتأخرةِ بشكلٍ لا يخفى على كل ذي لبٍ ، ولو أحصيناها لم انتهينا من عدها ، ومن هذه الملهياتِ لعبةٌ معروفةٌ منذُ القدمِ ألا وهي " الشطرنج " ، وقد افتُتن بهذهِ اللعبةِ حتى بعضُ أهلِ الصلاحِ والاستقامةِ ، وكنتُ مرةٍ في إحدى غرف ما يسمى بـ " البال توك " [ حديث الأصدقاء ] وفُتح نقاشٌ بخصوصِ حكمِ الشرعِ في هذه اللعبةِ ، وكان أحدُ المناقشين قد نسب إلى عددٍ من الصحابةِ أنهم كانوا يلعبون بها كأبي هريرةَ ، والحسنِ بنِ علي وغيرهِما ، إلى جانبِ أنها لعبةٌ تنمي الذكاء ، وتعينُ على معرفةِ خططِ الحربِ وغير ذلك من المبرراتِ كما زعم .
وفي هذا البحثِ لستُ بصددِ سردِ تاريخِ " الشطرنج " ، أو التعرضِ لقانونِ اللعبةِ ، أو غيرِ ذلك من الأمور ، وإنما انصب البحث على صحةِ نسبةِ ما قيل عن الصحابة أنهم لعبوا بها ، وكذلك حكمُ الشرعِ فيها ، ونقلُ أقوالِ السلفِ بخصوصها ، وتقريراتُ شيخِ الإسلامِ وتلميذهِ ابنِ القيمِ بخصوص " الشطرنج " .
الشطرنجُ في القرآنِ :
عند الرجوعِ إلى كتبِ التفسيرِ نجدُ أن بعضَ العلماءِ فسروا الأزلامَ في قولهِ تعالى : " وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ " [ المائدة : 3 ] بـ " الشطرنج " ، وقد نقل هذا القولَ الطبريُّ في " جامع البيان " (9/511) فقال : " قَالَ أَبُو جَعْفَر : قَالَ لَنَا سُفْيَانُ بْن وَكِيع : هُوَ الشِّطْرَنْج .
قال المحدثُ أحمدُ شاكر تعليقاً على ذلك في تفسير الطبري : هذا قولٌ في غايةِ الغرابةِ !! كأنهُ كان يجهلُ ما الشطرنج = أو كأنه كان يرى أنهم يفعلون ذلك بقطع الشطرنج ، دون أن يكونَ هذا الفعلُ هو اللعبُ بالشطرنجِ .ا.هـ.
هل يثبتُ حديثٌ عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم في الشطرنجِ ؟(1/1)
جاءت أحاديث مرفوعة عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم في الترهيبِ من لعبِ الشطرنجِ .
1 - عن واثلةَ بنِ الأسقعِ عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : " إن للّهِ عز وجل في كلِ يومٍ ثلاثَ مئة وستين نظرةً ، لا ينظرُ فيها إلى صاحب الشاهِ " - يعني الشطرنج - .
أورده العلامة الألباني – رحمه الله - في " الضعيفة " (4048) .
2 - عن أبي هريرة ، قال : مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقوم يلعبون بالشطرنج ، فقال : ما هذه الكوبةُ ؟ ألم أنه عنها ؟! لعن اللّه من يلعب بها .
أورده العقيلي في " الضعفاء " (4/261) ، وابن حبان في " المجروحين " (2/365) عند ترجمة مُطَهَّر بن الهيثم .
قال العقيلي : وشبل ، وعبد الرحمن مجهولان .ا.هـ.
وقال ابن حبان : شيخٌ يروي عن موسى بن علي بن رباح ، روى عنه أبو همام الوليد بن شجاع ، منكرُ الحديثِ ، يأتي عن موسى بن علي بما لا يتابعُ عليه ، وعن غيرهِ من الثقاتِ ما لا يشبه حديث الأثبات .ا.هـ.
وأورد له هذا الخبر بلفظ : ما هذه الكُرْبَةُ ؟ وليس الكوبة .
3 – عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا مررتم بهؤلاء الذين يلعبون الأزلام : الشطرنج و النرد و ما كان من اللهو ، فلا تسلموا عليهم ، فإن سلموا عليكم فلا تردوا عليهم ، فإنهم إذا اجتمعوا و أكبو عليها ، جاء إبليس أخزاه الله بجنوده فأحدق بهم ، كلما ذهب رجل يصرف بصره عن الشطرنج لكز في ثغره ، و جاءت الملائكة من وراء ذلك فأحدقوا بهم ، و لم يدنو منهم، فما يزالون يلعنونهم حتى يتفرقوا عنها حين يتفرقوا عنها حين يتفرقون كالكلاب اجتمعت على جيفة ، فأكلت منها ، حتى ملأت بطونها ثم تفرقت .
أورد العلامة الألباني – رحمه الله – في " الضعيفة " (1146) وقال : موضوع .
4 – عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ملعون من لعب بالشطرنج .(1/2)
وفي لفظ عن حبة بن مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ملعون من لعب بالشطرنج ، والناظر إليها كآكل لحم الخنزير .
أوردهما العلامة الألباني – رحمه الله – في " الضعيفة " (1145) وقال : موضوع .
5 - عن أنس " من لعب بالشطرنج فقد قارف شركا ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء " .
أورده الفَتّنِي في " تذكرة الموضوعات " وقال : فيه أبو عصمة الكذاب .ا.هـ.
6 - " من لعب بالشطرنج ، والنردشير، فكأنما غمس يده في دم خنزير " .
قال الزيلعي في " نصب الراية " (4/274) : غريب بهذا اللفظ ، والحديث في " مسلم " ، وليس فيه ذكر الشطرنج .ا.هـ.
قال الشيخ بكر أبو زيد في كتاب " التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث " ( ص 182) :
تنبيه :
في " صحيح مسلم " (2260) مرفوعا : " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ " . وليس فيه ذكر الشطرنج كما يذكره بعض الفقهاء .ا.هـ.
الخلاصة :
بعد ذكر الأحاديث الواردة في الباب ، وبيان ضعفها ، وكلام أهل الفن عليها ، لم يثبت في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .
1 - قال أبو حفص عمر بن بدر الموصلي في كتاب " المغني عن الحفظ والكتاب " ( ص 505) : باب تحريم اللعب بالشطرنج .
قال المصنف : لا يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.
قال المحقق الشيخ أبو إسحاق الحويني : قلت : وهو كما قال ، وانظر " الواهيات " لابن الجوزي (2/782 – 783)
2 - وقال الإمام ابن القيم في " المنار المنيف " ( ص 134) : ومن ذلك : أحاديث اللعب بالشطرنج - إباحة وتحريما - كلها كذب على رسول اله صلى اله عليه وسلم ، وإنما يثبتُ فيه المنع عن الصحابة .ا.هـ.
3 - ونقل الشيخ بكر أبو زيد في كتاب " التحديث بما قيل : لا يصح فيه حديث " ( ص 182) كلام الموصلي وابن القيم .(1/3)
4 – وقال الحافظ المنذري في " الترغيب والترهيب " (3/181 صحيح الترغيب ) : وقد ورد ذكر الشطرنج في أحاديث لا أعلم لشيء منها إسنادا صحيحا ولا حسنا . والله أعلم .ا.هـ.
5 – وقال الفَتّنِي في " تذكرة الموضوعات " ، كتاب العلم ، باب اللعب بالشطرنج والكعاب وبصورة البنت : في المقاصد " من لعب الشطرنج فهو ملعون " بل لم يثبت من هذا الباب شيء .ا.هـ.
6 – ونقل الشوكاني في " نيل الأوطار " عن ابن كثير أنه قال : والأحاديث المروية فيه لا يصح منها شيء ويؤيد هذا ما تقدم من أن ظهوره كان في أيام الصحابة .ا.هـ.
الآثارُ الواردةُ عن الصحابةِ وغيرهم :
1 - عن ميسرة النهدي قال : مر علي ابن أبي طالب رضي الله عنه بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : " ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون " .
ورواه ابن أبي شيبة (5/287) ، والآجري في كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " ، وابن أبي الدنيا في كتاب " ذم الملاهي " (92) ، والبيهقي في السنن (10/212)
وميسرةُ هو بنُ حبيب النهدي أبو حازم الكوفي لم يدرك عليا ، فالأثر منقطع .
وقد حكم العلامة الألباني - رحمه الله - على الأثر بالانقطاع .
قال في الإرواء (8/288 ح 2672) : قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير عمر وهو ابن محمد بن بكار ، ترجمه الخطيب وقال : " وكان ثقة . مات سنة تمان وثلاث مئة " .
قلت : لكنه منقطع ، لأن ميسرة بن حبيب إنما يروي عن التابعين مثل أبي إسحاق السبيعي وغيره .ا.هـ.
2 - وعن الأصبغ بن نباتة ، عن علي : أنه مر على قوم يلعبون بالشطرنج ، فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ، لأن يمس أحدكم جمرا حتى يطفأ خير له من أن يمسها .
قال العلامة الألباني في الموضع الآنف : وقال السخاوي : " وهذا السند ضعيف ، لضعف الأصبع ، والراوي " .
قلت : بل هو ضعيف جدا ، فإن سعدا وشيخه كلاهما متروكان رافضيان ، ورماه ابن حبان بالوضع .(1/4)
وله طريق ثالث : أخرجه السحاوي من طريق أبي إسحاق يعني السبيعي قال : فذكره . وقال : " وسنده حسن ، إلا أن أبا إسحاق قيل : غنه لم يسمع من علي ، مع أنه رآه " .
قلت : وهب أنه سمع منه ، فلا يثبت الاتصال بذلك حتى يصرح بالسماع منه لأنه معروف بالتدليس ، ثم هو إلى ذلك كان اختلط .
وجملة القول أن هذا الأثر لا يثبت عن علي ، لأن خير أسانيده هذا والأول ، وكلاهما منقطع ، ومن المحتمل أن يعود إلى تابعي كبير ، وهو مجهول .
بل من المحتمل أن يعود الأول إلى الآخر ، فيصير طريقا واحدا ، وذلك لأن ميسرة من شيوخه أبو إسحاق السبيعي كما سبقت الإشارة إلى ذلك . والله أعلم .ا.هـ.
3 – عن الخصيب مولى سليمان بن يسار قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بنا ونحن نلعب بالشطرنج فيسلم علينا ولا ينهانا .
قال محقق كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " للآجري ( ص 73) : وهذا أثر باطل ، لأن الخصيب قال عنه السخاوي : هو ابن جحدر ، متروك .ا.هـ.
4 – عن أبي رشدين أو أبي راشد قال : رأيت أبا هريرة يدعو غلاما فلاعبه بالشطرنج . واشار إليه الماوردي وصاحب المهذب والرافعي كما في العمدة .
قال محقق كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " للآجري ( ص 73) : وروى الحديث محمد بن يحيى الصولي وهو المشهور بالشطرنج لاشتهاره به ، وكان من أبرع الناس لعبا بالشطرنج . قلت : ولا أبرئه من أنه قد يكون وضع هذا الأثر حجة له ، ولما تهواه نفسه . والله أعلم .ا.هـ.
5 – عن الضحاك بن مزاحم قال : رأيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما مر بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : ارفع ذا وضع ذا .
قال محقق كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " للآجري ( ص 73) : قال السخاوي : والضحاك وإن وثق فروايته عن الصحابة تُكلم فيها ، وقال ابن حبان : لقي جماعة من التابعين ولم يشافه أحدا من الصحابة . ثم قال : ومن زعم أنه لقي ابن عباس فقد وهم . وكان معلم الصبيان .(1/5)
وقال ابن عدي : عرف بالتفسير ، فأما روايته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنه ففي ذلك نظر . وإنما اشتهر بالتفسير .ا.هـ.
6 – عن مسلم بن النضر قال : كان أبو اليسر يمر بنا ونحن نلعب بالشطرنج فلا ينهانا .
قال محقق كتاب " تحريم النرد والشطرنج والملاهي " للآجري ( ص 73) : وفيه مسلم بن النضر . قال الذهبي في الميزان (4/107) : وما أدري من هو ؟ سئل عنه ابن خزيمة فما عرفه .ا.هـ.
الخلاصةُ :
لا يثبتُ شيءٌ عن الصحابةِ وغيرهم في اللعب بالشطرنجِ .
كلامُ أهلِ العلمِ على الآثارِ الآنفةِ :
قال الإمام ابن القيم في كتاب " الفروسية " ( ص 311) : ولا يُعلم أحدٌ من الصحابةِ أحلها ، ولا لعب بها ، وقد أعاذهم الله من ذلك ، وكل ما نُسب إلي أحد منهم أنه لعب بها كأبي هريرة فافتراءٌ وبَهت على الصحابة ، ينكره كل عالم بأحوال الصحابة ، وكل عارف بالآثار .ا.هـ.
وقال الإمام ابن القيم في أيضا " الفروسية " ( ص 313) : وقد صح النهي عن عبد الله بن عباس ، وعن عبد الله بن عمر ، ولا يعلم لهما في الصحابة مخالف في ذلك البتة .ا.هـ.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ (4/357) : وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْعَبُونَ بِالنَّرْدِ ، وَأَنَّ الشَّعْبِيَّ كَانَ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ غَيْرُ ثَابِتٍ , وَلَوْ ثَبَتَ لَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا النَّهْيَ وَأَغْفَلُوا النَّظَرَ وَأَخْطَئُوا فِيهِ .
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ شِهَابِ إجَازَةُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ عَمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَإِنَّمَا هِيَ أَخْبَارٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا أَهْلُ الْبَطَالَةِ حِرْصًا عَلَى تَخْفِيفِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْبَاطِلِ , وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .ا.هـ.
الآثارُ الواردةُ عن السلفِ في النهي عن اللعبِ بالشطرنجِ :(1/6)
وردت جملةٌ من الآثارِ في كتاب " ذم الملاهي " لابن أبي الدنيا في النهي عن لعب الشطرنج ، أذكر منها ما صححه المحقق عمرو عبد المنعم سليم للكتاب ، واكتفي بذكر الأثر من غير السند :
1 - عن إسماعيل قال : سئل أبو جعفر عن الشطرنج ، فقال : دعونا من هذه المجوسية .
قال المحقق : إسناده حسن . أبوشهاب هو عبد ربه بن نافع ، وفي حفظه ضعف ، وإسماعيل هو ابن أبي خالد .
والأثر أخرجه البيهقي في الكبرى (10/212) من طريق المصنف .
2 - عن عقبة بن صالح قال : قلت لإبراهيم : ما تقول في اللعب بالشطرنج فإني أحب اللعب بها ؟
قال : إنها ملعونة ، فلا تلعب بها . قال : قلت : إني لا أصبر عنها . قال : فاحلف لا تلعب بها سنة . قال : فحلفت ، فصبرت عنها .
قال المحقق : إسناده صحيح .
3 - عن عبيد الله بن عمر قال : قيل للقاسم : هذه النردة تكرهونها ، فما بال الشطرنج ؟ ! قال : كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو من الميسر .
قال المحقق : إسناده صحيح .
4 - عن طلحة بن مصرف قال : كان إبراهيم وأصحابنا لا يسلمون على أحد إذا مروا به من أصحاب هذه اللعبة .
قال المحقق : إسناده صحيح .
5 - قال مالك بن أنس : الشطرنج من النرد . بلغنا عن ابن عباس أنه ولي مال يتيم ، فأحرقها .
قال المحقق : إسناده صحيح .
والأثر أخرجه البيهقي في الكبرى (10/212) من طريق المصنف .
6 - عن عبيد الله بن عمر : سُئِل ابن عمر عن الشطرنج فقال : هي شر من النرد .
قال المحقق : إسناده حسن .
وبعد هذه الآثارِ فقد رد القرافي في " الذخيرة " (13/283) على من زعم أن بعضَ التابعين لعب بها ، بأن ذلك لا يصحُ عنهم .
تأصيلاتٌ قويةٌ لشيخِ الإسلامِ وابنِ القيمِ في تحريمِ اللعبِ بالشطرنجِ :
أصل كلٌ من شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ وتلميذهِ ابنِ القيم مسألةَ تحريمِ اللعبِ بالشطرنجِ تأصيلا قويا نقسمه بما يلي :
المسألةُ الأولى :
هل قال أحدٌ بإباحةِ اللعبِ بالشطرنجِ ؟(1/7)
سئل شيخ الإسلام في الفتاوى (32/216) سؤالا نصه :
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ اللَّعِب بِالشِّطْرَنْجِ : أَحَرَامٌ هُوَ ؟ أَمْ مَكْرُوهٌ ؟ أَمْ مُبَاحٌ ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ : حَرَامٌ ; فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِهِ ؟ وَإِنْ قُلْتُمْ : مَكْرُوهٌ ; فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى كَرَاهَتِهِ ؟ أَوْ مُبَاحٌ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى إبَاحَتِهِ ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . اللَّعِبُ بِهَا : مِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ مُتَّفَقٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ : وَمِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ; وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ ; وَلَيْسَ مِنْ اللَّعِبِ بِهَا مَا هُوَ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ .ا.هـ.
شيخ الإسلام يقرر مسألة مهمة هنا وهي : أنه لم يقل أحدٌ من الأئمةِ بإباحةِ الشطرنجِ .
فالخلاف بين العلماء دائر بين التحريم - وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة - ، والكراهة - وهو قول الشافعي - .
ولهذا رد الإمام ابن القيم في الفروسية ( ص 313) قول من قال : أن مذهب الشافعي الإباحة بقوله :
وقد اتفق على تحريمها الأئمة الثلاثة وأتباعهم ، والشافعي لم يجزم بإباحتها ، فلا يجوز أن يقال : مذهب الشافعي إباحتها ؛ فإن هذا كذب عليه ، بل قال : " وأما الشطرنج فلم يتبين لي تحريمها " . فتوقف رضي الله عنه في التحريم ولم يفت بالإباحة .ا.هـ.
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية معنى الكراهة عند السلف فقال في الفتاوى (32/241) :
قَالَ البيهقي : رَوَيْنَا فِي كَرَاهِيَةِ اللَّعِبِ بِهَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، وَمُحَمَّدِ ابْنِ سيرين ، وَإِبْرَاهِيمَ ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ .(1/8)
قُلْت : " وَالْكَرَاهِيَةُ " فِي كَلَامِ السَّلَفِ كَثِيرًا وَغَالِبًا يُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ وَقَدْ صَرَّحَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ .ا.هـ.
وقال أيضا (32/219) :
وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَد وَأَصْحَابِهِ " تَحْرِيمُهَا " .
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ : أَكْرَهُ اللَّعِبَ بِهَا ; لِلْخَبَرِ ; وَاللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالْحَمَامِ بِغَيْرِ قِمَارٍ وَإِنْ كَرِهْنَاهُ أَخَفُّ حَالًا مِنْ النَّرْدِ ، وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْهُ غَيْرُ هَذَا اللَّفْظِ مِمَّا مَضْمُونُهُ : أَنَّهُ يَكْرَهُهَا وَيَرَاهَا دُونَ النَّرْدِ ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَرَاهَتَهُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ ; فَإِنَّهُ قَالَ : لِلْخَبَرِ . وَلَفْظِ الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ هُوَ عَنْ مَالِكٍ " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ " فَإِذًا كَرِهَ الشِّطْرَنْجَ وَإِنْ كَانَتْ أَخَفَّ مِنْ النَّرْدِ .ا.هـ.
المسألةُ الثانيةُ :
هل قال أحد بإباحة اللعب بالشطرنج ؟
الإجماعُ منعقدٌ بين الأئمةِ أن الشطرنجَ إذا كان بعوضٍ فإنهُ محرمٌ .
نقل شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في الفتاوى (23/216) الإجماعَ عن ابنِ عبدِ البر فقال : فَإِنْ اشْتَمَلَ اللَّعِبُ بِهَا عَلَى الْعِوَضِ كَانَ حَرَامًا بِالِاتِّفَاقِ ; قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إمَامُ الْمَغْرِبِ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ اللَّعِبَ بِهَا عَلَى الْعِوَضِ قِمَارٌ لَا يَجُوزُ .ا.هـ.
وأما إن كان بغير عوض فقد ذكرنا الخلاف آنفا .
المسألةُ الثالثةُ :
أيهما أشد : النرد أم الشطرنج ؟
فصل شيخ الإسلام في هذه المسألة تفصيلا جيدا فقال في الفتاوى (32/242) : وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعِوَضِ .(1/9)
وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُمَا : إنَّ الشِّطْرَنْجَ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ : النردشير شَرٌّ مِنْ الشِّطْرَنْجِ .
وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ ; فَإِنَّ النَّرْدَ إذَا كَانَ بِعِوَضِ وَالشِّطْرَنْجَ بِغَيْرِ عِوَضٍ : فَالنَّرْدُ شَرٌّ مِنْهُ وَهُوَ حَرَامٌ حِينَئِذٍ بِالْإِجْمَاعِ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ كِلَاهُمَا بِعِوَضِ أَوْ كِلَاهُمَا بِلَا عِوَضٍ فَالشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ ; لِأَنَّ الشِّطْرَنْجَ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَيَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ النَّرْدِ .
وَلِهَذَا قِيلَ : الشِّطْرَنْجُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ ، وَالنَّرْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ .ا.هـ.
ومقصود شيخ الإسلام بالعبارة الأخيرة وهي : " وَلِهَذَا قِيلَ : الشِّطْرَنْجُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ ، وَالنَّرْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ " أن صاحب النرد يرمي ويحسب بعد ذلك ، وأما صاحب الشطرنج فإنه يقدَّر ويفكر ويحسب حسابات النقلات قبل النقل .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/10)
حكم بنوك الحليب
السؤال:
يوجد في أمريكا بنوك أسمها بنوك الحليب ، يشترون الحليب من الأمهات الحوامل ثم يبيعونها على النساء اللواتي يحتجن إلى إرضاع الأولاد أو حليبها ناقص أو مريضة أو مشغولة بالعمل .. إلخ ، فما حكم شراء الحليب من هذه البنوك ؟
الجواب:
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله :
حرام ، ولا يجوز أن يوضع بنك على هذا الوجه ما دام أنه حليب آدميات ؛ لأنه ستختلط الأمهات ، ولا يدرى من الأم ، والشريعة الإسلامية يحرم فيها بالرضاع ما يحرم بالنسب ، أما إذا كان اللبن من غير الآدميات فلا بأس .
والله أعلم .
الشيخ محمد بن صالح العثيمين (www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?ln=a...e&QR=4049&dgn=3
_________________________________________________
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 - 16 ربيع الثاني 1406هـ/22 - 28 ديسمبر 1985م.
بعد أن عرض على المجمع دراسة فقهية، ودراسة طبية حول بنوك الحليب.
وبعد التأمل فيما جاء في الدراستين ومناقشة كل منهما مناقشة مستفيضة شملت مختلف جوانب الموضوع تبين :
1- أن بنوك الحليب تجربة قامت بها الأمم الغربية. ثم ظهرت مع التجربة بعض السلبيات الفنية والعلمية فيها فانكمشت وقل الاهتمام بها.
2- أن الإسلام يعتبر الرضاع لُحمة كلحمة النسب، يحرم به ما يحرم من النسب بإجماع المسلمين. ومن مقاصد الشريعة الكلية المحافظة على النسب، وبنوك الحليب مؤدية إلى الاختلاط أو الريبة.
3- أن العلاقات الاجتماعية في العالم الإسلامي توفر للمولود الخداج - إلقاء المرأة ولدها قبل أوانه لغير تمام الأيام، وإن كان تام الخلق - أو ناقصي الوزن أو المحتاج إلى اللبن البشري في الحالات الخاصة ما يحتاج إليه من الاسترضاع الطبيعي، الأمر الذي يغني عن بنوك الحليب.
وبناء على ذلك قرر :(1/1)
أولاً : منع إنشاء بنوك حليب الأمهات في العالم الإسلامي.
ثانياً : حرمة الرضاع منها.
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=9213
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
حكم تغطية الرأس حال قضاء الحاجة
الحمد لله وبعد ؛
جاء في المجموع للنووي ما نصه :
الثامنة : قال إمام الحرمين والغزالي والبغوي وآخرون : يستحب أن لا يدخل الخلاء مكشوف الرأس قال بعض أصحابنا فإن لم يجد شيئا وضع كمه على رأسه ويستحب أن لا يدخل الخلاء حافيا ذكره جماعة منهم أبو العباس بن سريج في كتاب الأقسام
وروى البيهقي بإسناده حديثا مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء لبس حذاءه وغطى رأسه " وروى البيهقي أيضا عن عائشة " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه وإذا أتى أهله غطى رأسه " لكن قال البيهقي : وروي في تغطية الرأس عند دخول الخلاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو صحيح عنه .
قلت : وقد اتفق العلماء على أن الحديث المرسل والضعيف والموقوف يتسامح به في فضائل الأعمال ويعمل بمقتضاه وهذا منها . ا.
وقال صاحب كتاب الإنصاف : فائدة : يستحب تغطية رأسه حال التخلي . ذكره جماعة من الأصحاب .
وقال ابن مفلح في الفروع : ( و ) يسن أن ( يغطي رأسه ) لحديث عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه وإذا أتى أهله غطى رأسه . رواه البيهقي من رواية محمد بن يونس الكديمي وكان يتهم بوضع الحد
و جاء في الموسوعة الفقهية عند مادة رأس : يستحب أن لا يدخل الخلاء حاسر الرأس لخبر : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء لبس حذاءه وغطى رأسه . ا.هـ.
أما حديث : كان إذا دخل الخلاء لبس حذاءه وغطى رأسه .
قال عنه المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير :
((1/1)
عن) أبي موسى حبيب بن صالح ويقال ابن أبي موسى الحمصي الطائي (مرسلاً) ظاهر صنيعه أنه لا علة له غير الإرسال والأمر بخلافه فقد قال الذهبي : أبو بكر ضعيف وظاهره أيضاً أنه لم يره مخرجاً لغير ابن سعد ممن هو أشهر وأحق بالعزو إليه وهو عجب عجاب فقد رواه البيهقي عن حبيب المذكور ورواه أبو داود موصولاً مسنداً عن عائشة بزيادة ولفظه كان إذا دخل الخلاء غطى رأسه وإذا أتى أهله غطى رأسه لكن الظاهر أن المصنف لم يغفل هذا الموصول عن ذهول بل لعلمه أن فيه محمد بن يونس الكديمي متهم بالوضع . ا.هـ
وقال صاحب حلية الأولياء عن الحديث بعد أن ذكر له طريقين تلتقيان عند سفيان الثوري عن هشام عن أبيه عن عائشة : تفرد به عن الثوري خالد وعلي بن حيان المخزومي .
أما ما يتعلق بأثر أبي بكر الصديق ، والذي أشار إليه البيهقي بقوله : وروي في تغطية الرأس عند دخول الخلاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو صحيح عنه .
رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (1/203 رقم 1130) قال : حدثنا ابن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، قال : أخبرني عروة ، عن أبيه أن أبا بكر الصديق قال وهو يخطب الناس : يا معشر المسلمين ، استحيوا من الله ؛ فوالذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب إلى الغائط في الفضاء مغطي رأسي استحياء من ربي .
وبوب عليه في كتاب الطهراة ، باب من كره أن تُرى عورته .
وقال محققا المصنف الجُمعة واللحيدان :
سنده صحيح وابن المبارك هو عبد الله وعروة هو ابن الزبير . ويونس هو ابن عبيد وصف بالتدليس إلا أنه معدود في الطبقة الثانية من المدلسين وتدليسهم مغتفر .ا.هـ.
وورد أيضا في مصنف ابن أبي شيبة قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن طاوس قال : أمرني أبي إذا دخلت الخلاء أن أقنع رأسي ، قلت : لِلَ أمرك بذلك ؟ قال : لا أدري .
قال محققا المصنف : سنده صحيح .
علة تغطية الرأس عند دخول الخلاء :(1/2)
قال المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير في سبب تغطية الرأس حال قضاء الحاجة :
(وغطى رأسه) حياء من ربه تعالى ولأن تغطية الرأس حال قضاء الحاجة أجمع لمسام البدن وأسرع لخروج الفضلات ولاحتمال أن يصل شعره ريح الخلاء فيعلق به .ا.هـ.
وقال دبيان الدبيان في أحكام الطهارة ، آداب الخلاء ( ص109 - 110) :
ذكر بعض الفقهاء جملة من التعاليل لاستحباب تغطية الرأس عند دخول الخلاء فقالوا منها :
يغطي رأسه حياء من الله سبحانه وتعالى .
ومنها : أنه أجمع لمسام البدن ، وأسرع لخروج الفضلات !!
ولأنه قد يصل إلى شعره ريح الخلاء فيعلق به .
وقال الحطاب : إن كشف الرأس حال قضاء الحاجة يصيبه مرض يقال له : اللوي يمنع الخارج !!
والذي صح من التعليلات ما ذكره الصديق رضي الله عنه وهو الحياء من الله سبحانه وتعالى ..
ولولا ما صح عن الصديق رضي الله عنه لقلت : في استحباب هذا نظر ؛ لأن العورة وهي العورة يباح للإنسان إذا أراد الاغتسال أن يغتسل وهو عريان ، وإن كان الستر أفضل ، كما فعله موسى عليه السلام وأيوب .......
ومع ذلك يكفي في الاستحباب ما جاء عن أبي بكر الصديق ، فينبغي تعظيم ما يروى عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لمنزلتهم عند الله ، وصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجهادهم في نشر الدين والعلم ، وهذا من آحادهم ، فكيف إذا كان هذا عن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن له سنة متبعة ن فلا يعظم صحابة رسول الله إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق .ا.هـ.
فالخلاصة : أن تغطية الرأس عند قضاء الحاجة لم يرد فيه نص عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو من فعل أبي بكر الصديق رضي الله عنه
والله أعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com
.(1/3)
حكم تقبيل القرآن الكريم
فتوى لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله من فتاوى مجلة الدعوة العدد:1643
هل يجوز تقبيل القران؟
الجواب: لا حرج في ذلك لكن تركه أفضل لعدم الدليل، وان قبله فلا بأس. وقد روي عن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنة أنه كان يقبله ويقول. هذا كلام ربي "، لكن هذا لا يحفظ عن غيره من الصحابة ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي روايته نظر، لكن لو قبله من باب التعظيم والمحبة لا بأس، ولكن ترك ذلك أولى.
---
مسألة تقبيل المصحف أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء عن سؤال وُجّه إليها حول الموضوع بالفتوى التالية : لا نعلم لتقبيل الرجل القرآن أصلا . وفي جواب آخر : لا نعلم دليلا على مشروعية تقبيل القرآن الكريم وهو أنزل لتلاوته وتدبره وتعظيمه والعمل به . فتاوى اللجنة الدائمة (رقم4172) .
---
وجاء في الآداب الشرعية ( 2/273 ط. الرسالة ) لابن مفلح ما نصه :
وعنه ( أي جاء عن الإمام أحمد ) التوقف فيه (أي في تقبيل المصحف) وفي جَعْلِه على عينيه . قال القاضي في الجامع الكبير : إنما توقف عن ذلك وإن كان فيه رفعة وإكرام لأن ما طريقه القُرَب إذا لم يكن للقياس فيه مدخل لا يُستحب فعله وإن كان فيه تعظيم إلا بتوقيف ألا ترى أن عمر لما رأى الحجر قال : لا تضر ولا تنفع ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّلك ما قبَّلتُك .ا.هـ. رواه البخاري (1597) ومسلم (1270).
---
ما حكم تقبيل المصحف ؟ للعلامة الألباني رحمه الله
سؤال8 : ما حكم تقبيل المصحف ؟(1/1)
الجواب : هذا مما يدخل – في اعتقادنا – في عموم الأحاديث التي منها ( إياكم ومحدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة )(1) , وفي حديث آخر ( كل ضلالة في النار )(2) , فكثير من الناس لهم موقف خاص من مثل هذه الجزئية , يقولون : وماذا في ذلك ؟! ما هو إلا إظهار تبجيل وتعظيم القران , ونحن نقول صدقتم ليس فيه إلا تبجيل وتعظيم القران الكريم ! ولكن تُرى هل هذا التبجيل والتعظيم كان خافياً على الجيل الأول -وهم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم- وكذلك أتباعهم وكذلك أتباع التابعين من بعدهم ؟ لا شك أن الجواب سيكون كمال قال علماء السلف : لو كان خيراُ لسبقونا إليه .
هذا شيء , والشيء الآخر : هل الأصل في تقبيل شيء ما الجواز أم الأصل المنع ؟
هنا لا بد من إيراد الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحهما ليتذكر من شاء أن يتذكر , ويعرف بُعد المسلمين اليوم عن سلفهم الصالح , وعن فقههم , وعن معالجتهم للأمور التي قد تحدث لهم .
ذاك الحديث هو : عن عباس بن ربيعة قال : رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُقبل الحجر ( يعني : الأسود ) ويقول ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع , فلولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبلك ما قبلتُك )(3) , وما معنى هذا الكلام من هذا الفاروق : لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبلك ما قبلتك ؟! .(1/2)
إذاً , لماذا قبل عمرُ الحجر الأسود , وهو كما جاء في الحديث الصحيح ( الحجر الأسود من الجنة )(4) ؟! فهل قبله بفلسفة صادرة منه , ليقول كما قال القائل بالنسبة لمسألة السائل : إن هذا كلام الله ونحن نقبله ؟! هل يقول عمر : هذا حجر أثر من آثار الجنة التي وُعد المتقون فأنا أُقبله , ولست بحاجة إلى نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبين لي مشروعية تقبيله ؟! أم يعاملُ هذه المسألة الجزئية كما يريد أن يقول بعض الناس اليوم بالمنطق الذي نحن ندعو إليه , ونسميه بالمنطق السلفي , وهو الإخلاص في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام , ومن استن بسنته إلى يوم القيامة ؟ هكذا كان موقف عمر , فيقول : لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبلك لما قبلتك .
إذاُ الأصل في هذا التقبيل أن نجري فيه على سنة ماضية , لا أن نحكم على الأمور – كما أشرنا آنفا – فنقول : هذا حسن , وماذا في ذلك ؟! اذكروا معي موقف زيد بن ثابت كيف تجاه عرض أبي بكر وعمر عليه] في[(5) جمع القران لحفظ القران من الضياع , لقد قال : كيف تفعلون شيئاً ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! فليس عند المسلمين اليوم هذا الفقه في الدين إطلاقاً .
إذا قيل للمقبل للمصحف : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! واجهك بأجوبة غريبة عجيبة جداً , منها : يا أخي ! وماذا في ذلك ؟! هذا فيه تعظيم للقران ! فقل له : يا أخي ! هذا الكلامُ يعاد عليك : وهل الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يُعظم القران ؟ لا شك أنه كان يعظم القران , ومع ذلك لم يُقبله , أو يقولون : أنت تنكر علينا تقبيل المصحف ! و ها أنت تركب السيارة , وتسافر بالطيارة وهذه أشياء من البدعة ؟! يأتي الرد على ما سمعتم أن البدعة التي هي ضلالة , إنما ما كان منها في الدين .(1/3)
أما في الدنيا , فكما ألمحنا آنفا أنه قد تكون جائزة , وقد تكون محرمة إلى آخره , وهذا الشيء معروف , ولا يحتاج إلى مثال .
فالرجل يركب الطيارة ليسافر إلى بيت الله الحرام للحج , لا شك أنه جائز , والرجل الذي يركب الطيارة ليسافر إلى بلاد الغرب ويحُج إليه , لا شك أن هذه معصية , وهكذا .
أما الأمور التعبدية التي سئُل عنها السائل : لماذا تفعل ]هذا[(6) ؟ قال التقرب إلى الله !
فأقول : لا سبيل إلى التقرب إلى الله تبارك وتعالى إلا بما شرع الله , ولكني أريد أن أُذكر بشيء وهو – في اعتقادي – مهم جدا لتأسيس ودعم هذه القاعدة ( كل بدعة ضلالة ) , لا مجال لاستحسان عقلي بتاتاً .
يقول بعض السلف : ما أُحدثت بدعة إلا و أُميتت سنةٌ .
وأنا ألمس هذه الحقيقة لمس اليد بسبب تتبعي للمحدثات من الأمور , وكيف أنها تخالف ما جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام في كثير من الأحيان .
وأهل العلم والفضل حقاً إذا أخذ أحدهم المصحف ليقرأ فيه , لا تراهم يُقبلونه , وإنما يعملون بما فيه , وأما الناس – الذين ليس بلعواطفهم ضوابط – فيقولون : وماذا في ذلك ؟! ولا يعلمون بما فيه ! فنقول : ما أحدثت بدعة إلا وأميتت سنة .
ومثل هذه البدعة بدعة أخرى : نرى الناس – حتى الفُساق منهم الذين لا زال في قلوبهم بقية إيمان- إذا سمعوا المؤذن قاموا قياماً ! وإذا سألتهم : ما هذا القيام ؟! يقولون : تعظيما لله عزوجل ! ولا يذهبون إلى المسجد , يظلون يلعبون بالنرد والشطرنج ونحو ذلك , ولكنهم يعتقدون أنهم يعظمون ربنا بهذا القيام ! من أين جاء هذا القيام ؟! جاء طبعاً من حديث موضوع لا أصل له وهو ( إذا سمعتم الأذان فقوموا )(7) .(1/4)
هذا الحديث له أصل , لكنه حُرف من بعض الضعفاء أو الكذابين , فقال ( قوموا ) بدل ( قولوا ) واختصر الحديث الصحيح ( إذا سمعتم الأذان , فقولوا مثل ما يقول , ثم صلوا علي .. )(8) الخ الحديث , فانظروا كيف أن الشيطان يُزين للإنسان بدعة ]بدعته[(9) , ويقنعه في نفسه بأنه مؤمن يُعظم شعائر الله , والدليل أنه إذا أخذ المصحف يُقبله , وإذا سمع الأذان يقوم له ؟!
لكن هل هو يعمل بالقران ؟ لا يعمل بالقران ! مثلاً قد يُصلي , لكن هل لا يأكل الحرام ؟ هل لا يأكل الربا ؟ هل لا يُطعم الربا ؟ هل لا يُشيع بين الناس الوسائل التي يزدادون بها معصية لله ؟ هل ؟ هل ؟ أسئلة لا نهاية لها , لذلك نحن نقف فيما شرع الله لنا من طاعات وعبادات , ولا نزيد عليها حرفاً واحداً , لأنه كما قال عليه الصلاة والسلام ( ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به )(10) , وهذا الشيء الذي أنت تعمله , هل تتقرب به إلى الله ؟ وإذا كان الجواب : نعم . فهات النص عن الرسول عليه الصلاة والسلام . الجواب : ليس هناك نص . إذا هذه بدعة , ولكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
ولا يُشْكلن على أحد فيقول : إن هذه المسألة بهذه الدرجة من البساطة , مع ذلك فهي ضلالة وصاحبها في النار ؟!
أجاب عن هذه القضية الإمام الشاطبي بقوله ( كل بدعة مهما كانت صغيرة فهي ضلالة ) .
ولا يُنظر في هذا الحكم – على أنها ضلالة – إلى ذات البدعة , وإنما يُنظر في هذا الحكم إلى المكان الذي وضعت فيه هذه البدعة , ما هو هذا المكان ؟ إن هذا المكان هو شريعةُ الإسلام التي تمتْ وكملتْ , فلا مجال لأحد للاستدراك ببدعة صغيرة أو كبيرة , من هنا تأتي ضلالةُ البدعة , لا لمجرد إحداثه إياها , وإنما لأنه يعطي معنى للاستدراك على ربنا تبارك وتعالى وعلى نبينا صلى الله عليه وسلم .
من كتاب كيف يجيب علينا أن نفسر القرآن
ــــــــــــــ
1- صحيح الترغيب والترهيب1/92/34
2- صلاة التراويح ص75(1/5)
3- صحيح الترغيب والترهيب1/94/41
4- صحيح الجامع3174
5- ( في ) هي إضافة من عندي
6- نفس الشيء أضفت ( هذا )
7- الضعيفة711
8- مسلم384
9- وقد تكون الكلمة الصحيحة بدعته لكي تطابق الجملة
10- الصحيحة1803
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/6)
حكم حلق شعر المولود الأنثى
اختلف الفقهاء في حلق شعر المولود الأنثى فذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا فرق بين الذكر والأنثى لما جاء عن محمد بن علي بن الحسين أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وتصدقت بزنة ذلك فضة .
والحديث رواه مالك في الموطأ (2/501) ورواه أبو داود في المراسيل ( ص279 ح 380) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (9/304) والحديث مرسل والمرسل من أقسام الضعيف .
ولأن هذا حلق فيه مصلحة من حيث التصدق ومن حيث حسن الشعر بعده وعلة الكراهة من تشويه الخلق غير موجود .
وأما الحنابلة فيرون عدم حلق شعر المولود الأنثى لحديث سمرة بن جندب مرفوعا : كل غلام رهينة بعقيقته تذبح يوم السابع ويحلق رأسه . وهذا الحديث صححه الألباني - رحمه الله - في الإرواء (4/385ح1165) .
واستدلوا أيضا بما رواه أبو رافع قال : لما وَلَدَت فاطمة حسنا ، قالت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعُقُّ عن ابني بدم ؟ قال : لا ، ولكن احلقِي شعره ، وتصدقي بوزن شعره من فضة على المساكين والأوفاض . وكان الأوفاض ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجين في المسجد أو في الصُفة .
وهذا الحديث رواه أحمد (6/390 ،392) بإسنادين الأول فيه شريك القاضي وهو سيء الحفظ .
قال المرداوي في الإنصاف ، كتاب المناسك ، باب الهدي والأضاحي :
تنبيه :
الظاهر : أن مراده بالحلق : الذكر . وهو الصحيح من المذهب . وعليه الأكثر . وقدمه في الفروع . وقال الأزجي في نهايته : لا فرق في استحباب الحلق بين الذكور وللإناث . قال : ولعله يختص بالذكور إلا الإناث يكره في حقهن الحلق قال ابن حجر في شرح البخاري : وعن بعض الحنابلة يحلق .
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ، كتاب العقيقة ، باب إماطة الأذى عن الصبي في العقيقة :
وحكى الماوردي كراهة حلق رأس الجارية , وعن بعض الحنابلة يحلق .(1/1)
وقال النووي في المجموع ، باب العقيقة :
يستحب حلق رأس المولود يوم سابعه , قال أصحابنا : ويستحب أن يتصدق بوزن شعره ذهبا , فإن لم يفعل ففضة , سواء فيه الذكر والأنثى , هكذا قاله أصحابنا , واستدلوا بحديث رواه مالك والبيهقي وغيرهما مرسلا عن محمد بن علي بن الحسين قال : " وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم فتصدقت بزنة ذلك فضة " . ورواه البيهقي مرفوعا من رواية علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة أن تتصدق بزنة شعر الحسين فضة . وفي إسناده ضعف , وفي رواية أخرى ضعيفة : تصدقوا بزنته فضة فكان وزنه درهما أو بعض درهم .
وجاء في مطالب أولي النهى :
( ويحلق فيه ) أي : السابع ( رأس مولود ذكر ويتصدق بوزنه ورقا ) لحديث سمرة بن جندب مرفوعا : " كل غلام رهينته بعقيقته تذبح يوم سابعه , ويسمى ويحلق رأسه " رواه الأثرم وأبو داود . وعن أبي هريرة مثله , قال : إسناده جيد . وقال صلى الله عليه وسلم لفاطمة لما ولدت الحسن : " احلقي رأسه , وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين والأوقاص " يعني : أهل الصفة .
وقال ابن قدامة في المغني :
فصل : ويستحب أن يحلق رأس الصبي يوم السابع , ويسمى ; لحديث سمرة . وإن تصدق بزنة شعره فضة فحسن ; لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة , لما ولدت الحسن : احلقي رأسه , وتصدقي بزنة شعره فضة على المساكين والأفاوض . يعني أهل الصفة . رواه الإمام أحمد . وروى سعيد , في سننه , عن محمد بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين بكبش كبش , وأنه تصدق بوزن شعورهما ورقا , وأن فاطمة كانت إذا ولدت ولدا , حلقت شعره , وتصدقت بوزنه ورقا .
للفائدة انظر هذا الموضوع
http://saaid.net/Doat/ehsan/113.htm
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@210.ujiUbj5ugbz^0@.ef14e3b
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
حكم دفن المسلمين في مقابر الكفار والعكس
ورد إلى اللجنة الدائمة سؤال هذا نصه :
هل يجوز دفن المسلمين في مقابر غير المسلمين حيث أن المسلمين يسكنون في بلاد بعيدة عن مقابرهم ويحتاج دفنهم فيها أن يسافروا بالميت أكثر من أسبوع علما بأن من السنة التعجيل بدفن الميت ؟
الجواب :
لا يجوز للمسلمين أن يدفنوا مسلما في مقابر الكافرين لأن عمل أهل الإسلام من عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ومن بعدهم مستمر على إفراد مقابر المسلمين عن مقابر الكافرين وعدم دفن مسلم مع مشرك فكان هذا إجماعا عمليا على إفراد مقابر المسلمين عن مقابر الكافرين ولِما رواه النسائي عن بشير بن الخصاصية قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر على قبور المسلمين فقال : لقد سبق هؤلاء شرا كثيرا ، ثم مر على قبور المشركين فقال : سبق هؤلاء خيرا كثيرا ، فدل هذا على التفريق بين قبور المسلمين وقبور المشركين .
وعلى كل مسلم ألا يستوطن بلدا غير إسلامي وألا يقيم بين أظهر الكافرين بل عليه أن ينتقل إلى بلد إسلامي فرارا بدينه من الفتن ليتمكن من إقامة شعائر دينه ويتعاون مع إخوانه المسلمين على البر والتقوى ويكثر سواد المسلمين إلا من أقام بينهم لنشر الإسلام وكان أهلا لذلك قادرا عليه وكان ممن يعهد فيه أن يؤثر في غيره ولا يُغْلَب على أمره فله ذلك وكذا من اضطر إلى الإقامة بين أظهرهم وعلى هؤلاء أن يتعاونوا ويتناصروا وأن يتخذوا لأنفسهم مقابر خاصة يدفنون فيها موتاهم . فتاوى إسلامية (2/36)
وسئلت اللجنة أيضا سؤالا نصه :
هل يجوز دفن ولد كافر في مقابر المسلمين إذا أخذه المسلم متبنيا له ثم مات قيل أن يبلغ ؟
الجواب :(1/1)
لا يجوز دفن كافر في مقابر المسلمين سواء كان متبنى لمسلم أم لا وسواء بلغ أم لم يبلغ لكن إذا وجد منه ما يدل على إسلامه دفن في مقابر المسلمين علما بأنه يحرم التبني في الإسلام لقوله نعالى : " ادعوهم لآبائهم " فتاوى إسلامية (2/36-37)
وجاء في الموسوعة الفقهية (21/19) ما نصه :
اتفق الفقهاء على أنه يحرم دفن مسلم في مقبرة الكفار وعكسه إلا لضرورة .
أما لو جعلت مقبرة الكفار المندرسة مقبرة للمسلمين بعد نقل عظامها إن كانت جاز ، كجعلها مسجدا ، لعدم احترامهم .
والدفن في غير مقبرة الكفار المندرسة أولى إن أمكن ، تباعدا عن مواضع العذاب .
ولا يجوز العكس بأن تجعل مقبرة المسلمين المندرسة مقبرة للكفار ، ولا نقل عظام المسلمين لتدفن في موضع آخر ، لاحترامها .
أما المرتد فقد ذكر الأسنوي نقلا عن الماوردي أنه لا يدفن في مقابر المسلمين لخروجه بالردة عنهم ولا في مقابر المشركين لما تقدم له من حرمة الإسلام .ا.هـ.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (24/295) سؤالا نصه :
عن امرأة نصرانية بعلها مسلم توفيت وفى بطنها جنين له سبعة أشهر فهل تدفن مع المسلمين أو مع النصارى ؟
فأجاب : لا تدفن فى مقابرالمسلمين ولا مقابر النصارى لأنه اجتمع مسلم وكافر فلا يدفن الكافر مع المسلمين ولا المسلم مع الكافرين بل تدفن منفردة ويجعل ظهرها إلى القبلة لأن وجه الطفل إلى ظهرها فإذا دفنت كذلك كان وجه الصبى المسلم مستقبل القبلة والطفل يكون مسلما بإسلام أبيه وان كانت أمه كافرة باتفاق العلماء .ا.هـ.
وجاء في كتاب جامع أحكام النساء للشيخ مصطفى العدوي (1/558) عنوان نصه :
امرأة من أهل الكتاب حملت من رجل مسلم أين تدفن إذا ماتت وهي حامل ؟
- روى عبدالرزاق (6583) :
عن معمر عن الزهري قال : إذا حملت النصرانية من المسلم فماتت حاملا دفنت مع أهل دينها . صحيح عن الزهري .
- وروى أيضا (6584) :(1/2)
عن ابن جريج عن عطاء يليها أهل دينها وتدفن معهم . صحيح عن عطاء .
هذا وثمَّ آثار أخر في مصنفي ابن أبي شيبة (3/558) وعبدالرزاق وفيها بعض الكلام . وها هي أقوال بعض أهل العلم في ذلك :
قال الخرقي (مع المغني 2/563) :
وإن ماتت نصرانية وهي حاملة من مسلم دفنت بين مقبرة المسلمين ومقبرة النصارى .
قال ابن قدامة : اختار هذا أحمد لأنها كافرة لا تدفن في مقبرة المسلمين فيتأذوا بعذابها ولا في مقبرة الكفار لأن ولدها مسلم فيتأذى بعذابهم وتدفن منفردة مع أنه روى عن واثلة بن الأسقع مثل هذا القول (1) ، وروي عن عمر (2) أنها تدفن في مقابر المسلمين ، قال ابن المنذر : لا يثبت ذلك ، قال أصحابنا : ويجعل ظهرها إلى القبلة على جنبها الأيسر ليكون وجه الجنين إلى القبلة على جانبه الأيمن لأن وجه الجنين إلى ظهرها .ا.هـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية (21/20) بخصوص المسألة السابقة ما نصه :
اختلف الفقهاء في دفن كافرة حامل من مسلم على أقوال :
فذهب الحنفية ، وهو الأصح عند الشافعية ، والمذهب لدى الحنابلة إلى أن الأحوط دفنها على حدة ، ويجعل ظهرها إلى القبلة ، لأن وجه الولد لظهرها .
واستدل الحنابلة لذلك بأنها كافرة فلا تدفن في مقبرة المسلمين فيتأذوا بعذابها ، ولا في مقبرة الكفار لأن ولدها مسلم فيتأذى بعذابهم ، وتدفن منفردة ، وقد روي مثله عن واثلة بن الأسقع .
وفي قول آخر للشافعية : أنها تدفن في مقابر المسلمين وتنزل منزلة صندوق للولد ، وقيل : في مقابر الكفار ، وهتاك وجه رابع قطع به صاحب التتمة بأنها تدفن على طرف مقابر المسلمين ، وحُكي عن الشافعي : أنها تدفع إلى أهل دينها ليتولوا غسلها ودفنها .
واختلف الصحابة في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
قال بعضهم : تدفن في مقابرنا ترجيحا لجانب الولد .
وقال بعضهم : تدفن في مقابر المشركين لأن الولد في حكم جزء منها مادام في بطنها .(1/3)
وقال واثلة بن الأسقع : يتخذ لها مقبرة على حدة ، وهو ما أخذ به الجمهور كما سبق ، وهو الأحوط ، كما ذكره ابن عابدين نقلا عن الحلية .
والظاهر كما أفصح بعضهم : أن المسألة مصورة فيما إذا نفخ فيه الروح وإلا دفنت في مقابر المشركين .ا.هـ.
هذا ما تيسر من كلام أهل العلم في هذه المسألة ، والله أعلم .
--------------------
الحاشية :
(1) هذا الأثر عن واثلة أخرجه عبدالرزاق (3/528) وابن أبي شيبة (3/355) وفي إسناده ابن جريج وهو مدلس وقد عنعن .
(2) أثر عمر منقطع أيضا وهو وهو في الصدرين المشار إليهما قريبا وفي سنده إنقطاع .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
حكم زراعة الرحم
أخي ابن وهب .
اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة ، وهذه المسألة كما تعلم من النوازل المعاصرة ، وقد فرقوا فيما إذا كانت الزراعة لعضو ينقل الصفات الوراثية أم لا ، وإليك تفصيل المسألة في كلا الحالتين .
أولا : حكم زراعة الغدد التناسلية التي تنقل الصفات الوراثية مثل : الخصيتين والمبيضين .
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
- القول الأول : يحرم غرس الغدد التناسلية ( الخصيتين والمبيضين ) .
وهذا ما عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي ، وتوصية الندوة الفقهية الطبية .
وهو قول الدكتور خالد الجميلي ، والدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين ، والدكتور محمد الطيب النجار ، والدكتور عبد الجليل شلبي ، والشيخ أحمد حسن مسلم ، والشيخ محمد حمد جمال ، والدكتور محمد الشنقيطي ، والدكتور عبد الستار أبو غدة .
واستدلوا : أن المعتبر قوله في تحقيق مناط المسألة الفقهية للوصول إلى حكمها الشرعي هم أهل الاختصاص والمعرفة ، وهم في هذه المسألة الأطباء .
وبعد الرجوع إليهم وجدوا أن نقل الخصيتين والمبيضين يوجب انتقال الصفات الوارثية الموجودة في الشخص المنقولة منه إلى أبناء الشخص المنقولة إليه الخصية ، وهذه شبهة موجبة للتحريم ، وذهب بعضهم أن علة اختلاط الأنساب موجودة في هذه المسألة فيقاس على الزنا في الحرمة .
- القول الثاني : يجوز نقل الغدد التناسلية التي تنقل الصفات الوارثية .
وهو قول الدكتور محمد سليمان الأشقر ، والشيخ سيد سابق .
- القول الثالث : يجوز نقل إحدى الغدد التناسلية من الحي إلى الحي .
وأفتت بذلك مشيخة الأزهر ، والشيخ عبد القديم يوسف .
واستدلوا :
1 - إن نقل الخصيتين يؤدي إلى قطع نسل المتبرع ، بخلاف نقل أحدهما وترك الأخرى .
2 - يجوز نقل إحدى الخصيتين وترك الأخرى ، كما يجوز نقل إحدى الكليتين والرئتين بجامع الحاجة في كل .(1/1)
ثانيا : حكم زراعة الغدد التناسلية التي لا تنقل الصفات الوراثية .
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
- القول الأول :
يحرم غرس الأعضاء التناسلية التي لا تنقل الصفات الوارثية . وهو قول الدكتور حمداتي شبيهنا ماء العينين .
والشيخ حمداتي له بحث بعنوان : " زراعة الغدد التناسلية أو زراعة رحم امرأة في رحم امرأة أخرى " في مجلة الفقه الإسلامي .
- القول الثاني :
يجوز غرس الأعضاء التناسلية التي لا تنقل الصفات الوراثية .
وهو قول الدكتور محمد سليمان الأشقر ، والدكتور خالد الجميلي .
- القول الثالث :
التفصيل .
يجوز نقل الأعضاء التناسلية عدا العورات المغلظة .
وهذا ما عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي ، وهو توصية الندوة الفقهية الطبية الخامسة .
ولعل في هذا التفصيل كفاية أخي ابن وهب .
المراجع :
1 - الجراحة الطبية للدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي .
2 - المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية للدكتور محمد بن عبد الجواد حجازي النتشة .
رابط الموضوع
http://www.baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&postid=11516#post11516
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
حكم زواج المسلم من المشركة أو الكتابية
الحمد لله وبعد ؛
الأدلة من القران الكريم :
1 - قال تعالى : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " [البقرة :221]
المقصود بالمشركة هنا الوثنية التي لم ينزل عليها كتاب من الكتب السماوية مثل الهندوسية أو البوذية أو الشيوعية وغير ذلك من الأديان الغير سماوية .
أقوال أهل العلم في تفسير هذه الآية :
روى الإمام ابن جرير الطبري – رحمه الله - في تفسيره (4/363) بإسناد حسن عن قتادة أنه قال في قوله تعالى : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " : يعني مشركات العرب اللاتي ليس فيهن كتاب يقرأنه .
وقد استثنى الله من هؤلاء المشركات اللاتي ليس لهن دين سماوي نساء أهل الكتاب قال تعالى : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " [المائدة :5] .
قال ابن جرير - رحمه الله – بعد ذكر الأقوال في مسألة نكاح المشركة (4/365) : وأولى الأقوال بتأويل هذه الآية ما قاله قتادة من أن الله تعالى ذكره عنى بقوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " من لم يكن من أهل الكتاب من المشركات وأن الآية عام على ظاهرها خاص باطنها ، لم ينسخ منها شيء وأن نساء أهل الكتاب غير داخلات فيها . وذلك أن الله تعالى ذكره أحل بقوله : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " للمؤمنين من نكاح محصناتهن ، مثل الذي أباح لهم من نساء المؤمنات .ا.هـ.(1/1)
وقال ابن كثير في تفسيره (1/474) : هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عومها مراداً وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ " .
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : " وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ " استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب . وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم . وقيل : بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يُرد أهل الكتاب بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم .ا.هـ.
2 - قال تعالى : " وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ " .
قال ابن كثير في تفسيره (8/94) : تحريم من الله عز وجل على عباده المؤمنين نكاح المشركات ، والاستمرار معهن .ا.هـ.
عن المسور ومروان بن الحكم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاء نساء من المؤمنات ، فأنزل الله عز وجل : " يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ " إلى قوله : " وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ " فطلق عمر بن الخطاب يومئذ امرأتين ، تزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان ، والأخرى صفوان بن أمية . رواه البخاري (2731، 2732) .
فهذه الأقوال في حق المشركة التي ليس لها دين سماوي .
أما الكتابية من يهودية أو نصرانية فقد جاء القرآن بتخصيص الكتابيات من عموم المشركين والكفار ، فيجوز التزوج بهن ولكن بشرط أن تكون عفيفة .(1/2)
قال تعالى : " الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ " [ المائدة : 5]
والشاهد من هذه الآية قوله تعالى : " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ " فنساء أهل الكتاب حلال لنا .
والمراد بالإحصان العفة من الزنا .
قال ابن كثير في تفسيره (3/55) : وهو قول الجمهور هاهنا ، وهو الأشبه ، لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة ، فيفسد حالها بالكلية ، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل : " حشفا وسوء كيلة " والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات العفيفات عن الزنا .ا.هـ.
وقد تزوج بعض الصحابة من الكتابيات :
عن شقيق بن سلمة قال : تزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر : خلِّ سبيلها . فكتب إليه : أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها ؟ فقال : لا أزعم أنها حرام ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن . رواه ابن جرير في تفسيره (4223) ، وقال عنه ابن كثير في تفسيره (3/475) : إسناد صحيح .
وعن عامر بن عبدالله بن نسطاس : أن طلحة بن عبيد الله نكح بنت عظيم اليهود ، قال : فعزم عليه عمر إلا ما طلقها . رواه عبدالرزاق في المصنف (10059) .
قال ابن جرير تعليقا على ما أمر به عمر طلحة وحذيفة (4/366) : وإنما كره عمر لطلحة وحذيفة رحمة الله عليهم - ورضي عنهم - نكاح اليهودية والنصرانية ، حذارا من أن يقتدي بهما الناس في ذلك ، فيزهدوا في المسلمات ، أو لغير ذلك من المعاني فأمرهما بتخليتهما .ا.هـ.
فالحاصل من هذا البحث ما يلي :(1/3)
1 - أن لا يجوز التزوج من المشركة التي ليس لها دين سماوي .
2 - جواز التزوج من الكتابية سواء كانت يهودية أو نصرانية بنص كتاب الله المخصص من عموم المشركات .
3 - أن تكون الكتابية المراد التزوج بها عفيفة من الزنا كما هو رأي الجمهور .
4 - ثبوت تزوج بعض الصحابة من الكتابيات دليل على أنه أمر جائز ، واعتراض عمر ليس الزواج من الكتابيات وإنما خشية أن يزهد الناس في المسلمات .
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
حكم عبارة : " البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل
الحمد لله وبعد ؛
نقرأ عبارة " البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل " في الفواتير ، وعلى بعض اللوحات في داخل المحلات التي في الأسواق . والبعض الآخر يكتب " البضاعة المباعة لا ترد و تستبدل " فحذف " لا " الثانية ظنا منه أنه لا حرج فيها .
فما حكم هذه العبارة ؟
قبل ذكر الجواب ؛ لا شك أن كثيرا من الباعة في الأسواق هم من العامة الذين يجهلون كثيرا من أحكام البيع والشراء ، ولهذا جاء عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال عمر بن الخطاب :" لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقه في الدين " . رواه الترمذي (487) وقال : " هذا حديث حسن غريب " .
قال أحمد شاكر في تعليقه على " جامع الترمذي " (2/357) عند أثر عمر : نعم ، حتى يعرف ما يأخذ وما يدع ، وحتى يعرف الحلال والحرام ، ولا يفسد على الناس بيعهم وشراءهم بالأباطيل والأكاذيب ، وحتى لا يدخل الربا عليهم من أبواب قد لا يعرفها المشتري ، وبالجملة : لتكون التجارة تجارة إسلامية صحيحة خالصة ، يطمئن إليها المسلم وغير المسلم ، لا غش فيها ولا خداع .ا.هـ.
وصدق الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله - .
فائدة :
أورد الإمام الترمذي هذا الأثر في " أبواب الصلاة " لفائدة لطيفة في الإسناد .
قال المباركفوري في " التحفة " (2/612) : قد استدل به الترمذي على ما ادعى من أن يعقوب قد أدرك عمر بن الخطاب وروى عنه ؟ ولأجل ذلك أدخل هذا الحديث في هذا الباب .ا.هـ.
قبل الدخول في تفصيل المسألة لا بد لنا من مقدمة مهمة نبدأها بهذا الحديث :
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « البيعان بالخيار ما لم يتفرقا . أو قال : حتى يتفرقا ؛ فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما » رواه البخاري (2079) ، ومسلم (1532) .(1/1)
هذا الحديث أصل عظيم في التعامل بين الناس في البيع والشراء وفيه فوائد :
أولا : خيار المجلس وهو المكان الذي جرى فيه التبايع ، فلكل من البائع والمشتري الخيار ما داما في المجلس .
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله - : " في إثبات الشارع خيار المجلس في البيع حكمة ومصلحة للمتعاقدين ، وليحصل تمام الرضى الذي شرطه تعالى بقوله { عن تراض منكم } [ النساء : 29] ؛ فإن العقد يقع بغتة من غير ترو ولا نظر في القيمة ؛ فاقتضت محاسن هذه الشريعة الكاملة أن يجعل للعقد حرما يتروى فيه المتبايعان ، ويعيدان النظر ، ويستدرك كل واحد منهما ؛ فلكل من المتبايعين الخيار بموجب هذا الشرط .ا.هـ.
ثانيا : بماذا يكون التفرق ؟
اختلف أهل العلم في التفرق هل يكون بالأبدان أم بالكلام ؟
قال الإمام الترمذي في " جامعه " : والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، وهو قول الشافعي ، وأحمد ، وإسحق . وقالوا : الفرقة بالأبدان لا بالكلام . وقد قال بعض أهل العلم معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ما لم يتفرقا ، يعني : الفرقة بالكلام والقول الأول أصح لأن ابن عمر هو روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أعلم بمعنى ما روى وروي عنه أنه كان إذا أراد أن يوجب البيع مشى ليجب له وهكذا روي عن أبي برزة الأسلمي .ا.هـ.
وقال المباركفوري تعليقا على كلام الإمام الترمذي في " التحفة " (4/449 – 450) :
قوله : ( وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وقالوا الفرقة بالأبدان لا بالكلام )
وبه قال ابن عمر وأبو برزة الأسلمي قال الحافظ في الفتح . ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة انتهى .
وهو قول شريح ، والشعبي ، وطاوس ، وعطاء ، وابن أبي مليكة ، ونقل ابن المنذر القول به أيضا عن سعيد بن المسيب ، والزهري ، وابن أبي ذئب من أهل المدينة , وعن الحسن البصري ، والأوزاعي ، وابن جريج وغيرهم .(1/2)
وبالغ ابن حزم فقال : لا نعلم لهم مخالفا من التابعين إلا النخعي وحده , ورواية مكذوبة عن شريح .
والصحيح عنه القول به كذا في فتح الباري .
قلت : هذا القول هو الظاهر الراجح المعول عليه وقد اعترف صاحب التعليق الممجد من الحنفية بأنه أولى الأقوال حيث قال : ولعل المنصف الغير المتعصب يستيقن بعد إحاطة الكلام من الجوانب في هذا البحث أن أولى الأقوال هو ما فهمه الصحابيان الجليلان , يعني ابن عمر وأبا برزة الأسلمي رضي الله عنهما . وفهم الصحابي إن لم يكن حجة لكنه أولى من فهم غيره بلا شبهة وإن كان كل من الأقوال مستندا إلى حجة انتهى كلامه .
( وقد قال بعض أهل العلم : معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يتفرقا يعني الفرقة بالكلام )
وهو قول إبراهيم النخعي . وبه قال المالكية إلا ابن حبيب والحنفية كلهم .
قال ابن حزم : لا نعلم لهم سلفا إلا إبراهيم وحده , ورواية مكذوبة عن شريح .
والصحيح عنه القول به : قال الإمام محمد في موطئه وتفسيره عندنا على ما بلغنا عن إبراهيم النخعي أنه قال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا عن منطق البيع إذا قال البائع : قد بعتك فله أن يرجع ما لم يقل الآخر قد اشتريت , وإذا قال المشتري قد اشتريت بكذا وكذا له أن يرجع عن قوله اشتريت ما لم يقل البائع قد بعت . وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا , انتهى ما في الموطإ .ا.هـ.
ثالثا : أهمية الصدق والتبيان في التعامل بين الناس فإنه سبب للبركة في ذلك العقد .
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (4/386) : أي صدق البائع في إخبار المشترى مثلا وبين العيب إن كان في السلعة , وصدق المشتري في قدر الثمن مثلا وبين العيب إن كان في الثمن , ويحتمل أن يكون الصدق والبيان بمعنى واحد وذكر أحدهما تأكيد للآخر .ا.هـ.
رابعا : الكذب والكتمان من أسباب نزع البركة .(1/3)
قال الحافظ ابن حجر (4/386) : يحتمل أن يكون على ظاهره وأن شؤم التدليس والكذب وقع في ذلك العقد فمحق بركته , وإن كان الصادق مأجورا والكاذب مأزورا .
ويحتمل أن يكون ذلك مختصا بمن وقع منه التدليس , والعيب دون الآخر , ورجحه ابن أبي جمرة .
وفي الحديث فضل الصدق والحث عليه وذم الكذب والحث على منعه , وأنه سبب لذهاب البركة , وأن عمل الآخرة يحصل خيري الدنيا والآخرة .ا.هـ.
فبعد الافتراق بالأبدان – على القول الراجح - لا يجوز الرجوع .
---
حكم عبارة: " البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل " :
بعد هاتين المقدمتين نأتي على تفصيل حكم عبارة : " البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل " .
كما هو معلوم أن الأصل في المعاملات الحل ، وهو قول جمهور أهل العلم ، بل قال ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " (2/166) : " وقد حكى بعضهم الإجماع عليه " .ا.هـ.
والأدلة على ذلك كثيرة ، قال شيخ الإسلام في " الفتاوى " (28/386) : " والأصل في هذا أنه لا يحرم على الناس من المعاملات التي يحتاجون إليها إلا ما دل الكتاب والسنة على تحريمه كما لا يشرع لهم من العبادات التي يتقربون بها إلى الله إلا ما دل الكتاب والسنة على شرعه " .ا.هـ.
لو فرض أن المشتري بعد الافتراق بالأبدان ، ذهب إلى البيت ، ووجد عيبا في السلعة التي اشتراها فما هو الموقف من هذه العبارة ؟
يذكر العلماء في كتاب البيوع بابا يقال له : " أحكام الخيار في البيع " ، ومنها " خيار العيب " فما هو " خيار العيب " هذا ؟
خيار العيب : أي الخيار الذي يثبت للمشتري بسبب وجود عيب في السلعة لم يخبره به البائع ، أو لم يعلم به البائع , لكنه تبين أنه موجود في السلعة قبل البيع .
وأدلته :
من القرآن : قال تعالى{ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } [ النساء : 29 ] .(1/4)
ومن السنة : عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها إن شاء أمسك ، وإن شاء ردها وصاع تمر » رواه البخاري (2148) ، ومسلم (1524) واللفظ للبخاري .
وقد حكى الإجماع على ذلك ابن المنذر في الإقناع (1/262) ، وابن حزم في " مراتب الإجماع " ( ص 100) .
كلام أهل العلم على المسألة :
قال ابن قدامة في المغني (4/238) : أنه متى علم بالمبيع عيبا , لم يكن عالما به , فله الخيار بين الإمساك والفسخ , سواء كان البائع علم العيب وكتمه , أو لم يعلم . لا نعلم بين أهل العلم في هذا خلافا . وإثبات النبي صلى الله عليه وسلم الخيار بالتصرية تنبيه على ثبوته بالعيب . ولأن مطلق العقد يقتضي السلامة من العيب ; بدليل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه اشترى مملوكا فكتب : " هذا ما اشترى محمد بن عبد الله من العداء بن خالد , اشترى منه عبدا , أو أمة , لا داء به , ولا غائلة , بيع المسلم المسلم " . فثبت أن بيع المسلم اقتضى السلامة . ولأن الأصل السلامة , والعيب حادث أو مخالف للظاهر , فعند الإطلاق يحمل عليها , فمتى فاتت فات بعض مقتضى العقد , فلم يلزمه أخذه بالعوض , وكان له الرد , وأخذ الثمن كاملا .ا.هـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (28/104) : ولهذا أثبت الشارع الخيار لمن لم يعلم بالعيب أو التدليس ؛ فإن الأصل في البيع الصحة وأن يكون الباطن كالظاهر . فإذا اشترى على ذلك فما عرف رضاه إلا بذلك فإذاتبين أن في السلعة غشا أو عيبا فهو كما لو وصفها بصفة وتبينت بخلافها فقد يرضى وقد لا يرضى فإن رضي وإلا فسخ البيع . وفى الصحيحين عن حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما » .ا.هـ.(1/5)
فعبارة : " البضاعة المباعة لا ترد " مخالفة لخيار العيب ، بل للمشتري أن يعيد السلعة ويأخذ رأس ماله كاملا .
قال ابن قدامة في المغني (4/239) : أنه لا يخلو المبيع من أن يكون بحاله , فإنه يرده ويأخذ رأس ماله .ا.هـ.
مسألة :
لو فرض أن المشتري أراد أن يمسك البضاعة المعيبة عنده ، ولا يريد ردها ، أو إذا تعذر ردها فما هو الحكم حين إذا ؟
اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول : ذهب الجمهور ، وهو مذهب الحنفية ، والشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد أنه إذا اختار الإمساك ، فلا أرش ، إذا لا أرش لممسك له الرد . أما إذا تعذر الرد فإنه يثبت الأرش في حق المشتري .
وقد ذهب إلى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في الاختيارات ( ص 186) : وإذا اشترى شيئا فظهر به عيب فله أرشه إن تعذر رده ، وإلا فلا ، وهو رواية عن أحمد ، ومذهب أبي حنيفة والشافعي ، وكذا يقال في نظائره ، كالصفقة إذا تفرقت .ا.هـ.
القول الثاني : مذهب المالكية وفيه تفصيل :
1 – إذا كان العيب قليلا جدا فلا حكم له .
2 – إذا كان العيب عيب قيمة ، وهو اليسير الذي ينقص من الثمن ، ففيه يحط عن المشتري من الثمن بقدر نقص العيب ، كالخرق في الثوب .
3 – إذا كان العيب عيب رد ، وهو الفاحش ، فالمشتري بالخيار بين أن يرده على بائعه ، أو يمسكه ولا أرش له .
القول الثالث : مذهب الحنابلة أن له الخيار بين الرد ، والإمساك مع الأرش .
قال ابن قدامة في المغني (4/240) : أنه إذا اختار المشتري إمساك المعيب , وأخذ الأرش , فله ذلك . وهذا قول إسحاق . وقال أبو حنيفة , والشافعي : ليس له إلا الإمساك , أو الرد , وليس له أرش , إلا أن يتعذر رد المبيع , لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لمشتري المصراة الخيار بين الإمساك من غير أرش , أو الرد . ولأنه يملك الرد , فلم يملك أخذ جزء من الثمن , كالذي له الخيار .(1/6)
ولنا , أنه ظهر على عيب لم يعلم به , فكان له الأرش , كما لو تعيب عنده . ولأنه فات عليه جزء من المبيع , فكانت له المطالبة بعوضه .ا.هـ.
وقال شيخ الإسلام في " الاختيارات ( ص 186) : والمذهب يخير المشتري بين الرد ، وأخذ الثمن ، وإمساكه وأخذ الأرش .ا.هـ.
والأرش هو الفرق ما بين قيمة الصحة والعيب ، فتقوم صحيحة ثم معيبة ، وتؤخذ النسبة التي ما بين قيمته صحيحا ، وقيمته معيبا .
وبعد تقرير المسألة نخلص إلى أن هذا الشرط في العقد " البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل " باطل ، والمشتري مخير بين رد البضاعة وأخذ رأس المال ، أو إبقاءها عنده مع الخلاف في الأرش هل يكون مستحقا له ، أو لا يستحق على الخلاف المذكور آنفا ، أو أن يستبدلها بغيرها صحيحة غير معيبة .
ولا يحق للبائع أن يسقط حق المشتري بمثل هذه العبارات التي تبين مدى جهل هؤلاء الباعة بأمور البيع والشراء ، وكل هذا كي يضمن المبلغ الذي دفعه المشتري .
وحتى عبارة " البضاعة المباعة لا ترد و تستبدل " التي حذفت منها " لا " الثانية باطلة أيضا ، لأن المشتري له حق الرد واستراجاع رأس المال المدفوع فيها .
وقد صدر من اللجنة الدائمة فتوى بخصوص هذه العبارة ، وهذا نصها :
فتوى رقم (17388) وتاريخ 15 / 11 / 1415 هـ
السؤال : الحمد لله وحدة والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... وبعد :
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي / د . عبد المحسن الداوود . والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (3577) وتاريخ 17/8/1415هـ. وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه : ( ما حكم الشرع في كتابة عبارة (( البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل )) . التي يكتبها بعض أصحاب المحلات التجارية على الفواتير الصادرة عنهم . وهل هذا الشرط جائز شرعا . وما هي نصيحة سماحتكم حول هذا الموضوع .(1/7)
الجواب : وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن بيع السلعة بشرط ألا ترد ولا تستبدل لا يجوز لأنه شرط غير صحيح لما فيه من الضرر والتعمية ولأن مقصود البائع بهذا الشرط إلزام المشتري بالبضاعة ولو كانت معيبة واشتراطه هذا لا يبرؤه من العيوب الموجودة في السلعة لأنها إذا كانت معيبة فله استبدالها ببضاعة غير معيبة أو أخذ المشتري أرش العيب .
ولأن كامل الثمن مقابل السلعة الصحيحة وأخذ البائع الثمن مع وجود عيب أخذ بغير حق .
ولأن الشرع أقام الشرط العرفي كاللفظي وذلك للسلامة من العيب حتى يسوغ له الرد بوجود العيب تنزيلا لاشتراط سلامة المبيع عرفا منزلة اشتراطها لفظا . وبالله التوفيق .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ....
الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عضو : عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
عضو : عبد الله بن عبد الرحمن الغديان
عضو : بكر بن عبد الله أبو زيد
عضو : صالح بن فوزان الفوزان
أسأل الله أن ينفع بهذا البحث ، وأن يجعله خالصا لوجه ، ومن كان لديه تعقيب ، أو تعليق فليكتبه في تعليقات القراء الذي في أسفل المقال .
رابط الموضوع
http://www.islamway.com/bindex.php?section=articles&article_id=290
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
في ذي القعدة 1423 هـ
zugailam@islamway.net(1/8)
حكم عمليات جراحة التجميل
الحمد لله وبعد ،
لقد طرح أحدُ الرواد في أحد المنتديات سؤالاً عن حكم عمليات جراحة التجميل ، وهذه المسألة من النوازل التي اهتم بها علماء الشريعة وذلك بالرجوع إلى أهل الاختصاص وهم الأطباء وسؤالهم عن هذه العمليات ، وبعد سؤالهم ينبني عليه الجواب من خلال كلام أهل العلم .
وممن بحث هذه المسألة بحثا جيدا ، وأصل المسألة تأصيلا دقيقا مبنيا على ما ورد عن الأطباء الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي - نفع الله بعلمه - في كتابه " أحكام الجراحة الطبية والآثار المتربة عليها " ، وقد أجبت السائل على سؤاله وذلك بتلخيص هذا المبحث من كتاب الشيخ المذكور ، فكان تفصيل المسألة كما يلي :
لقد ذكر صاحب كتاب " أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها "(ص173- 188) الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي - نفع الله بعلمه - تفصيلا في هذه المسألة ، وملخصه ما يلي :
عرّف الأطباء المختصون جراحة التجميل بأنها : جراحة تجرى لتحسين منظر جزء من أجزاء الجسم الظاهرة ، أو وظيفته إذا ما طرأ عليه نقص ، أو تلف أو تشوه .
وجراحة التجميل تنقسم عندهم - أي الأطباء - إلى قسمين :
1 - جراحة التجميل الحاجية - ضروري - .
ومقصودهم بكونه ضروريا لمكان الحاجة الداعية إلى فعله ، إلا أنهم لا يفرقون فيها بين الحاجة التي بلغت مقام الاضطرار ( الضرورة ) والحاجة التي لم تبلغه ( الحاجية ) كما هو مصطلح الفقهاء رحمهم الله .
وهذا النوع المحتاج إلى فعله يشتمل على عدد من الجراحات التي يقصد منها إزالة العيب سواء كان في صورة نقص ، أو تلف ، أو تشوه ، فهو ضروري ، أو حاجي بالنسبة لدواعية الموجبة لفعله ، وتجميلي بالنسبة لآثاره ونتائجه .
والعيوب التي توجد في الجسم على قسمين :
القسم الأول : عيوب خلقية :
وهي عيوب ناشئة في الجسم من سبب فيه لا من سبب خارج عنه ، وهما ضربان :(1/1)
الضرب الأول : العيوب الخلقية التي ولد بها الإنسان .
الضرب الثاني : العيوب الناشئة من الآفات المرضية التي تصيب الجسم .
أمثلة الضرب الأول :
- الشق في الشفة العليا " الشفة المفلوجة " .
- التصاق أصابع اليدين والرجلين .
- انسداد فتحة الشرج .
أمثلة الضرب الثاني :
- انحسار اللثة بسبب الالتهابات المختلفة .
- أورام الحويضة والحالب السليمة .
القسم الثاني : عيوب مكتسبة :
وهي العيوب الناشئة بسبب من خارج الجسم كما في العيوب والتشوهات الناشئة من الحوادث والحروق .
ومن أمثلتها :
- كسور الوجه الشديدة التي تقع بسبب حوادث السير .
- تشوه الجلد بسبب الحروق .
- تشوه الجلد بسبب الآلات القاطعة .
- التصاق أصابع الكف بسبب الحروق .
قال الشيخ بعد هذا التقسيم :
وهذا النوع من الجراحة الطبية وإن كان مسماه يدل على تعلقه بالتحسين والتجميل إلا أنه توفرت فيه الدوافع الموجبة للترخيص بفعله .
فمما لا شك فيه أن هذه العيوب يستضر الإنسان حسا ، ومعنى ، وذلك ثابت طبيا ، ومن ثم فإنه يشرع التوسيع على المصابين بهذه العيوب بالإذن لهم في إزالتها بالجراحة اللازمة ...
ولا يشكل على القول بجواز فعل هذا النوع من الجراحة ، ما ثبت في النصوص الشرعية من تحريم تغيير خلق الله تعالى ... وذلك لما يأتي :
أولا : أن هذا النوع من الجراحة وجدت فيه الحاجة الموجبة للتغيير ، فأوجبت استثناءه من النصوص الموجية للتحريم .
ثانيا : أن هذا النوع لا يشمل على تغيير الخلقة قصدا ، لأن الأصل فيه أنه يقصد منه إزالة الضرر والتجميل والحسن جاء تبعا .
ثالثا : أن إزالة التشوهات والعيوب الطارئة لا يمكن أن يصدق عليه أنه تغيير لخلقة الله ، وذلك لأن خلقة العضو هي المقصودة من فعل الجراحة وليس المقصود إزالتها .(1/2)
رابعا : إن إزالة تشوهات الحروق والحوادث يعتبر مندرجا تحت الأصل الموجب لجواز معالجتها فالشخص مثلا إذا احترق ظهره أذن له في العلاج والتداوي ، وذلك بإزالة الضرر وأثره لأنه لم يرد نص يستثني الأثر من الحكم الموجب لجواز مداواة تلك الحروق فيستصحب حكمه على الآثار ، ويؤذن له بإزالتها .
وبناء على ما سبق فإنه لا حرج على الطبيب ولا على المريض في فعل هذا النوع من الجراحة والإذن به ، ويعتبر جواز إزالة العيوب الخلقية في هذا النوع مبنيا على وجود الحاجة الداعية إلى فعله ، وأما العيوب الحادثة بسبب الحروق والحوادث ونحوها فإنه تجوز إزالتها بدون ذلك الشرط اعتبارا للأصل الموجب لجواز مداواة نفس الحرق ، والجرح ... والله تعالى أعلم .
2 - جراحة التجميل التحسينية - اختياري - .
وهي جراحة تحسين المظهر ، وتجديد الشباب .
وتنقسم إلى نوعين :
النوع الأول : عمليات الشكل ، ومن أشهر صوره ما يلي :
- تجميل الأنف بتصغيره ، وتغيير شكله من حيث العرض والارتفاع .
- تجميل الذقن ، وذلك بتصغير عظمها إن كان كبيرا ، أو تكبيره بوضع ذقن صناعية تلحم بعضلات ، وأنسجة الحنك .
- تجميل الثديين بتصغيرهما إذا كانا كبيرين ، أو تكبيرهما بحقن مادة معينة مباشرة في تجويف الثديين - تسمى هذه المادة بمادة السلكون - ، أو بحقن الهرمونات الجنسية ، أو ثإدخال النهد الصناعي داخل جوف الثدي بواسطة فتحة في الطية الموجودة تحت الثدي .
- تجميل الأذن بردها إلى الوراء إن كانت متقدمة .
- تجميل البطن بشد جلدتها وإزاة القسم الزائد بسحبه تحت الجلد جراحيا .
النوع الثاني : فإنه يجرى لكبار السن ، ويقصد منه إزالة آثار الكبر والشيخوخة ، ومن أشهر صوره :
- تجميل الوجه بشد تجاعيده .
- تجميل الأرداف .
- تجميل الساعد ، وذلك بإزالة القسم الأدنى من الجلد والشحم .(1/3)
- تجميل اليدين ، ويسمى في عرف الأطباء " بتجديد شباب اليدين " وذلك بشد التجاعيد الموجودة في أيدي المسنين والتي تشوه جمالها .
- تجميل الحواجب ، وذلك بسحب المادة الموجبة لانتفاخها ، نظرا لكبر السن وتقد العمر .
موقف الشريعة من هذه الجراحة :
وهذا النوع من الجراحة لا يشمل على دوافع ضرورية ، ولا حاجية ، بل غاية ما فيه تغيير خلقة الله ، والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم ، فهو غير مشروع ، ولا يجوز فعله ، وذلك لما ياتي :
أولا : لقوله تعالى : " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " .
ثانيا : لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات والمتفلجات للحسن اللآتي يغيرن خلق الله . رواه البخاري ومسلم .
ثالثا : لا تجوز جراحة التجميل التحسينية كما لا يجوز الوشم والوشر والنمص بجامع تغيير الخلقة في كل طلبا للحسن والجمال .
رابعا : أن هذه الجراحة تتضمن في عدد من صورها الغش والتدليس وهو محرم شرعا .
خامسا : أن هذه الجراحة لا يتم فعلها إلا بارتكاب بعض المحظورات وفعلها ، ومن تلك المحظورات التخدير .
سادسا : أن هذه الجراحة لا تخلو من الأضرار والمضاعفات التي تنشأ عنها ففي جراحة تجميل الثديين بتكبيرهما عن طريق حقن مادة السلكون أو الهرمونات الجنسية يؤدي ذلك إلى حدوث أخطار كثيرة إضافة إلى قلة نجاحها .
ثم ختم الشيخ هذا المبحث بقوله :
وتعتذر طائفة من هذا الصنف بعد بلوغهم لأهدافهم المنشودة في الحياة بسبب عدم اكتمال جمالهم .
والحق أن علاج هذه الأوهام والوساوس إنما هو بغرس الإيمان في القلوب ، وزرع الرضا عن الله تعالى فيما قسمه من الجمال والصورة ، والمظاهر ليست هي الوسيلة لبلوغ الأهداف والغايات النبيلة ، وإنما يدرك ذلك بتوفيق الله تعالى ثم بالتزام شرعه والتخلق بالآداب ومكارم الأخلاق .ا.هـ.(1/4)
هذا ملخص ما ذكره الشيخ في كتابه المذكور ، والكتاب رسالة العالمية ( الدكتوراة ) للشيخ - حفظه الله ونفع بعلمه - .
وأختم بهذه الفتوى الموافقة لتأصيل الشيخ الشنقيطي الآنف لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله - فسئل :
س : ما الحكم في إجراء عمليات التجميل ؟ وما حكم تعلم علم التجميل ؟
الجواب :
التجميل نوعان :
تجميل لإزالة العيب الناتج عن حادث أو غيره .. وهذا لا بأس به ولا حرج فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لرجل قطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفا من ذهب ...
والنوع الثاني :
هو التجميل الزائد وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن وهو محرم لا يجوز ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة لما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيب .
أما بالنسبة للطالب الذي يقرر علم جراحة التجميل ضمن مناهج دراسته فلا حرج عليه أن يتعلمه ولكن لا ينفذه في الحالات المحرمة بل ينصح من يطلب ذلك بتجنبه لأنه حرام وربما لو جاءت النصيحة على لسان طبيب كانت أوقع في أنفس الناس .ا.هـ.
فتاوى إسلامية (4/412) .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
حكم قول إن شاء الله في الدعاء
أبو معاذ المكي
قرأت لبعض العلماء أنه لا يجوز أن تقول في دعائك إن شاء الله كأن تقول لشخص مثلاً : وفقك الله إن شاء الله لحديث فيما معناه ليعزم أحدكم المسألة ولا يقل اللهم اغفر لي إن شئت فإن الله لا مكره له ، ولكن ورد في حديث آخر أنه يقال للمريض (طهور إن شاء الله) فكيف نجمع بينهما ؟
الأخ أبو معاذ المكي .
الجواب :
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، وَلَا يَقُولَنَّ : اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي ، فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ " . رواه البخاري (6338) ، ومسلم (2678) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ . رواه البخاري (6339) ، ومسلم (2679) .
وفي لفظ لمسلم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، وَلْيُعَظِّمْ الرَّغْبَةَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ .
قال صاحب تحفة الأحوذي :(1/1)
قَوْلُهُ : ( لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ) الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ الدُّعَاءُ قَالَ الْعُلَمَاءُ : عَزْمُ الْمَسْأَلَةِ الشِّدَّةُ فِي طَلَبِهَا وَالْحَزْمُ بِهِ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ فِي الطَّلَبِ وَلَا تَعْلِيقٍ عَلَى مَشِيئَةٍ وَنَحْوِهَا : وَقِيلَ هُوَ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي الْإِجَابَةِ . وَمَعْنَى الْحَدِيثِ اِسْتِحْبَابُ الْجَزْمِ فِي الطَّلَبِ وَكَرَاهَةُ التَّعْلِيقِ عَلَى الْمَشِيئَةِ .
قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُ كَرَاهَتِهِ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ اِسْتِعْمَالُ الْمَشِيئَةِ إِلَّا فِي حَقِّ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْإِكْرَاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ .
وَقِيلَ سَبَبُ الْكَرَاهَةِ أَنَّ فِي هَذَا اللَّفْظِ صُورَةَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْمَطْلُوبِ وَالْمَطْلُوبِ مِنْهُ قَالَ النَّوَوِيُّ .ا.هـ.
وبخصوص الجمع :
سُئل الشيخ عبد الرحمن البراك - حفظه الله - :
لماذا نهى النبي - عليه السلام - عن تعليق الدعاء بالمشيئة ، وورد عنه قول: "لا بأس طهور إن شاء الله"؟
الجواب : ورد النهي عن تعليق الدعاء بالمشيئة في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت ، ارحمني إن شئت ، ارزقني إن شئت ، وليعزم مسألته ، إنه يفعل ما يشاء ، لا مكره له " أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه (7477) .
ولمسلم: "... وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه" (2678) .
وهذا على إطلاقه ، فإنّ تعليق الدعاء بالمشيئة يدلّ على ضعف في العزم ، أو أن الداعي يخشى أن يُكره المدعو، والله سبحانه وتعالى لا مكره له ، كما في الحديث .(1/2)
وأمّا الحديث الذي أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده ، قال : وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال : " لا بأس طهور إن شاء الله ... الحديث " (3616) .
فهذا الأسلوب أسلوب خبر ، والخبر في مثل هذا يحسن تعليقه على المشيئة ، مثال ذلك أن تقول : فلان رحمه الله ، أو اللهم ارحمه ، فلا يصح أن تُقيّد ذلك بالمشيئة .
بخلاف ما إذا قلت : فلان مرحوم ، أو فلان في الجنّة ، فإنه لابدّ من التقييد بالمشيئة ؛ لأن الأوّل دعاء ، والثاني خبر ، ولا يملك الإنسان الإخبار عن الغيب ، فإن أخبر عن ما يرجوه وجب تقييد ذلك بالمشيئة .
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@224.xb4ubMRkxty^0@.ef15725
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
حكم قول بالرفاء والبنين للعروس
وما هو البديل عن هذه التهنئة الجاهلية
1 - ما معنى بالرفاء ؟
قال ابن الأثير : الرفاء الالتئام والاتفاق والبركة والنماء وهو من قولهم : رفأت الثوب رفأ ورفوته ورفوا .ا.هـ.
وقال السندي في حاشيته على سنن ابن ماجة :
الرفاء : بكسر الراء والمد قال الخطابي: كان من عادتهم أن يقولوا بالرفاء والبنين والرفاء من الرفو يجيء بمعنيين :
أحدهما : التسكين يقال : رفوت الرجل إذا سكنت ما به من روع .
والثاني أن يكون بمعنى الموافقة والالتئام ومنه رفوت الثوب .
والباء متعلقة بمحذوف دل عليه المعنى أي أعرست، ذكره الزمخشري .ا.هـ.
2 - النهي عن قول بالرفاء والبنين :
لقد استبدلت الشريعة عبارة \" بالرفاء والبنين \" في التهنئة بالزواج بعبارة أخرى سيأتي ذكرها .
وقد ذكر عدد من العلماء عدم مشروعية هذه التهنئة الجاهلية .
- بوب الإمام البخاري في صحيحه في كتاب النكاح : باب كيف يدعى للمتزوج .
وذكر فيه حديث تزويج عبد الرحمن بن عوف .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
قوله ( باب كيف يدعى للمتزوج ) : ذكر فيه قصة تزويج عبد الرحمن بن عوف مختصرة من طريق ثابت عن أنس وفيه \" قال بارك الله لك \" . قال ابن بطال : إنما أراد بهذا الباب والله أعلم رد قول العامة عند العرس بالرفاء والبنين فكأنه أشار إلى تضعيفه .ا.ه
- وقال الإمام النووي في كتاب الأذكار : فصل : ويُكره أن يُقال له بالرَّفاء والبنين
وقال أيضا في الأذكار : فصل : يُكره أن يُقال للمتزوّج : بالرِّفاءِ والبنينَ ، وإنما يُقال له: باركَ اللّه لك وباركَ عليك .
3 - ما العلة في النهي عن هذه التهنئة الجاهلية ؟
ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح علة النهي فقال : واختلف في علة النهي عن ذلك ؛
فقيل : لأنه لا حمد فيه ولا ثناء ولا ذكر لله .
وقيل لما فيه من الإشارة إلى بغض البنات لتخصيص البنين بالذكر .ا.هـ.
ولا مانع أن تكون العلة للأمرين معا .(1/1)
فقول : بالرفاء والبنين ليس فيه دعاء . وأيضا هو من أعمال الجاهلية .
والمتتبع لأحوال الجاهلية من خلال نصوص الكتاب والسنة يعلم مدى كراهية أهل الجاهلية للبنات ومن نصوص القرآن ما يلي :
قال تعالى :" وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ " [ النحل : 58]
بل من شدة بغضهم للبنات أنهم جعلوا الملائكة بنات الله قال تعالى : " أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا " [الأسراء : 40]
قال ابن كثير في التفسير :" واتخذ من الملائكة إناثا " أي واختار لنفسه على زعمكم البنات ثم شدد الإنكار عليهم فقال :" إنكم لتقولون قولا عظيما " أي في زعمكم أن لله ولدا ثم جعلكم ولده الإناث التي تأنفون أن يكن لكم وربما قتلتموهن بالوأد فتلك إذا قسمة ضيزى .ا.هـ.
وقال المناوي في فيض القدير : وكانت عادة العرب إذا تزوج أحدهم قالوا له بالرفاء والبنين فنهى عن ذلك وأبدله بالدعاء المذكور .ا.هـ.
4 - ما يشرع قوله عند التهنئة بالزواج :
جاءت نصوص السنة مبينة المشروع من الدعاء عند التهنئة بالزواج ومن هذه الأحاديث :
- الدعاء بالبركة :
عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة قال : ما هذا ؟ قال : إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب ، قال : بارك الله لك أولم ولو بشاة . رواه البخاري وغيره .
عن أَبي هُرَيْرَةَ : " أَنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا رَفّأَ الاْنْسَانَ إذَا تَزَوّجَ قالَ : بَارَكَ الله لَكَ ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ " . رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه . وقال الترمذي: حسن صحيح .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :(1/2)
وقوله :" رفأ " بفتح الراء وتشديد الفاء مهموز معناه دعا له في موضع قولهم بالرفاء والبنين ، وكانت كلمة تقولها أهل الجاهلية فورد النهي عنها .ا.هـ..
- الدعاء بقول : على الخير والبركة وعلى خير طائر :
عائشة رضي الله عنها قالت : تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج فوعكت فتمرق شعري فوفى جميمة فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن : على الخير والبركة وعلى خير طائر فأسلمتني إليهن فأصلحن من شأني فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سني . رواه البخاري .
فوفى : أي كثر .
جميمة : بالجيم مصغر الجمة بالضم وهي مجتمع شعر الناصية ويقال للشعر إذا سقط عن المنكبين جمة وإذا كان إلى شحمة الأذنين وفرة .
أنهج : أي أتنفس تنفسا عاليا .
على خير طائر : أي على خير حظ ونصيب .
وبوب عليه البخاري في كتاب النكاح بقوله : باب الدعاء للنساء اللاتي يهدين العروس وللعروس
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
وأما قوله : " وللعروس " فهو اسم للزوجين عند أول اجتماعهما يشمل الرجل والمرأة وهو داخل في قول النسوة على الخير والبركة فإن ذلك يشمل المرأة وزوجها .ا.هـ.. .
انتهى ،،،
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
حكم كسب الحجام
السؤال:
هل كسب الحجام حلال ؟
وهل يجوز له إطعام أهله وعياله منه ؟
وهل يجوز له طلب الأجره على ذلك، وأن يحدد مبلغا معينا لكل حجامه ؟
وكيف الجمع بين هذين الحديثين:
الاول: حدثنا عبد الحميد بن بيان الواسطي حدثنا خالد بن عبد الله عن يونس عن ابن سيرين عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره * ( صحيح ) _ مختصر الشمائل 309 : وأخرجه البخاري ومسلم .
والثاني: حدثنا هشام بن عمار حدثنا يحيى بن حمزة حدثني الأوزاعي عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام * ( صحيح ) _ أحاديث البيوع .
وحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كسب الحجام خبيث وثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث * ( صحيح ) _ الترمذي 1298 : وأخرجه مسلم .
أرجوا التفضل بإفتاءي مأجوريين مع الدليل والبرهان
وجزاكم الله خيرا
الجواب :
اختلف أهل العلم في كسب الحجام على قولين :
القول الأول : أن كسب الحجام مباح ، وقال بهذا القول الليث بن سعد ومالك وأبو حنيفة .
القول الثاني : كراهة كسب الحجام للحر دون العبد ، وذهب إلى هذا القول الحنابلة والشافعية .
وسبب اختلافهم تعارض الآثار الواردة في الباب ، فبعض الأحاديث تبيح كسب الحجام ، والبعض الآخر ينهى عن ذلك .
قال ابن قدامة في المغني: " ولأنها منفعة مباحة لا يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة فجاز الاستئجار عليها كالبناء والخياطة ، ولأن بالناس حاجة إليها ولا نجد كل أحد متبرعاً بها ، فجاز الاستئجار عليها كالرضاع .(1/1)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم "وأطعمه رقيقك" دليل على إباحة كسبه ، إذ غير جائز أن يطعم رقيقه ما يحرم أكله ، وتخصيص ذلك بما أعطيه من غير استئجار تحكم لا دليل عليه، وتسميته كسباً خبيثاً لا يلزم منه التحريم ، فقد سمي النبي صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحتهما ، وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم ذلك للحر تنزيهاً له ، لدناءة هذه الصناعة.
وليس عن أحمد نص في تحريم كسب الحجام ولا الاستئجار عليها وإنما قال : نحن نعطيه كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ونقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكله نهاه وقال : اعلفه الناضح والرقيق" ... .
وأن إعطاءه للحجام دليل على إباحته ، إذ لا يعطيه ما يحرم عليه ، وهو صلى الله عليه وسلم يعلم الناس وينهاهم عن المحرمات فكيف يعطيهم إياها، ويمكنهم منها ، وأمره بإطعام الرقيق منها دليل على الإباحة ، فتعين حمل نهيه عن أكلها على الكراهة دون التحريم ... .
وكذلك سائر من كرهه من الأئمة بتعين حمل كلامهم على هذا ، ولا يكون في المسألة قائل بالتحريم .
وإذا ثبت هذا فإنه يكره للحر أكل كسب الحجام ، ويكره تعلم صناعة الحجامة ، وإجارة نفسه لها، لما فيها من الأخبار ، ولأن فيها دناءة فكره الدخول فيه .ا.هـ.
السؤال:
جزاك الله خيرا يا أخي عبدالله على هذا الإيضاح
ولكن لدي عدة استفسارات تتعلق بالموضوع:
أولا: ألا يوجد ناسخ ومنسوخ بين تعارض هذين الحديثين ؟
ثانيا: هناك اشكال في قولك " ويكره تعلم صناعة الحجامة " فلماذا يحرم تعلمه وهو نوع من انواع الطب يحتاج الناس الى المهره في هذا النوع من العلاج لكي يجيدوا علاج الناس به.
ثالثا: حديث البخاري أن رسول الله احتجم وأعطى الحجام أجره ، لم يذكر فيه كيف يتصرف في المال او الطعام الذي اعطاه للحجام، فهل لي بمزيد شروح لهذا الحديث.
وبارك الله فيك وفي علمك ، ونفع بك المؤمنين
الجواب :(1/2)
1 - ذهب بعض أهل العلم إلى أن أحاديث النهي منسوخة ، لكن النسخ لا يصار إليه إلا عند معرفة التاريخ وتعذر الجمع .
وطالما أن الجمع ممكن بين أحاديث النهي والجواز فإنه يصار إليه .
2 - قولك : هناك اشكال في قولك " ويكره تعلم صناعة الحجامة " .
هذا ليس من قولي بل هو من قول ابن قدامة في المغني .
والأمر لم يصل إلى درجة التحريم كما في قولك : فلماذا يحرم تعلمه ؟
قال ابن قدامة : " وليس عن أحمد نص في تحريم كسب الحجام ولا الاستئجار عليها وإنما قال : نحن نعطيه كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم ونقول له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكله نهاه وقال : اعلفه الناضح والرقيق" ... .
والجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في قول ذهبوا إلى جواز اتخاذ الحجامة حرفة وأخذ الأجر عليها ، ولستدلوا بحديث ابن عباس أنه قال : احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره . متفق عليه .
3 - المال الذي يأخذه يصرفه على نفسه وعلى عياله عند مسلم: " ولو كان سحتاً لم يعطه " .
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=9701
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
حكم لعب النرد وما شابهها من الألعاب
تعريفُ النردِ :
عرفها صاحبُ " المعجم الوسيط " (2/912) فقال : " النردُ لعبةٌ ذاتُ صندوقِ وحجارةٍ وفصين تعتمدُ على الحظِ ، وتنقلُ فيها الحجارةُ على حسبِ ما يأتي به الفصُ " الزهرُ " وتعرفُ عند العامةِ بالطاولةِ " .ا.هـ.
وقال ابن منظور في " لسان العرب " (3/421) : " النردُ معروفٌ : شيءٌ يلعبُ به ، فارسي معرب ، وليس بعربي ، وهو النردشير ، فالنردُ اسمٌ عجمي معربٌ ، وشير بمعنى حلو " .ا.هـ.
وقال الزبيدي في " تاج العروس " (9/219) : " يقالُ : " النردشير " ، إضافةً إلى واضعهِ أرد شير بن بابك من ملوكِ الفرسِ ، وقوله : " شير بمعنى حلو " وهمٌ ، فالحلو شيرين كما هو معروفٌ عندهم " .ا.هـ.
وعرفها علي حسين يونس في " الألعاب الرياضية ... أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي " ( ص 252) فقال : " لعبةٌ ذاتُ صندوقٍ وحجارةٍ وفصين " مكعبين صغيرين " تعتمدُ على الحظِ ، وتنقل فيها الحجارةُ على حسبِ ما يأتي به الفصُ ، وهي المعروفةُ في أيامنا بـ " طاولة الزهر " .
ويقالُ لها " الطبلُ " و " الكعابُ " و " الأرنُ " و " النردشير " و " الكوبةُ " .
وهي معروفةٌ منذُ القدمِ ... وترتبط هذه اللعبة ارتباطاً كبيراً بالمقاهي الشعبيةِ وغيرها . حيثُ تكثر ممارستها من قبل العاطلين عن العملِ أو من يرغب بـ " إضاعةِ وقتهِ " أو ملءِ وقتِ فراغهِ ، كما لا تخلو في الكثيرِ من الأحيانِ من المقامرةِ ، بحيث تؤدي في كثيرٍ من الأحيانِ إلى حدوثِ النزاعاتِ والخصوماتِ وغيرها من المشاكلِ " .ا.هـ.
أدلةُ تحريمها :
1 - عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ " .(1/1)
أخرجهُ مسلمٌ (2260) ، وأبو داود (4939) ، وابن ماجه (3763) ، وأحمد (5/352 ، 361) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (1271) .
قال الإمامُ النووي في " شرح مسلم " (16/15) : قَالَ الْعُلَمَاء : النَّرْدَشِير هُوَ النَّرْد , فَالنَّرْد عَجَمِيّ مُعَرَّب , وَ ( شِير ) مَعْنَاهُ حُلْو ... وَمَعْنَى " صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا " وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا . وَاللَّهُ أَعْلَم .ا.هـ.
2 - عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ ، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ " .
أخرجهُ مالكٌ في " الموطأ " (2/958) ، وأحمدُ (4/397) ، والبخاري في " الأدب المفردِ " (1272) .
والحديثُ فيه انقطاعٌ بين سعيدِ بنِ أبي هند وأبي موسى الأشعري .
قال العلامةُ الألباني في " الإرواء " (8/285) : قلتُ : وله علةٌ ، وهي الانقطاعُ بين سعيد وأبي موسى ، فقد ذكر أبو زرعة وغيرهُ أن حديثه عنه مرسلٌ . وقال الدارقطني في " العلل " : رواه أسامة بن زيد الليثي عن سعيد بن أبي هند عن أبي مرة مولى أم هاني عن أبي موسى . قال الدارقطني بعد أن أخرجه : هذا أشبهُ بالصوابِ .ا.هـ.
ولكن الحديث يشهدُ له حديثُ بريدةَ بنِ الحصيب في مسلم .
3 - عن عبد اللهِ بنِ مسعود قال : " إياكم وهاتين الكعبتين الموسُومَتَين ؛ اللتين تزجران زجرا ؛ فإنهما من الميسر .
أخرجهُ البخاري في " الأدب المفردِ " (1270) .
قال العلامةُ الألباني في " صحيحِ الأدبِ المفردِ " (958) : صحيحٌ .
وفي " الأدبِ المفردِ " بوب الإمامِ البخاري فقال : " بابُ الأدب وإخراج الذين يلعبون بالنردِ وأهل الباطل ، وأورد عدداً من الآثارِ ، نذكرُ ما صح منها كما في " صحيحِ الأدبِ المفردِ " .(1/2)
4 - عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان إذا وجد أحدا من أهله يلعب بالنرد، ضربه وكسرها .
- قال العلامةُ الألباني في " صحيح الأدب المفردِ " (960) : " صحيحُ الإسنادِ موقوفٌ " .
5 - عن عائشةَ أنهُ بلغها أن أهلَ بيتٍ في دارها كانوا سكاناً فيها عندهم نردٌ ، فأرسلت إليهم : لئن لم تخرجوها لأخرجنكم من داري، وأنكرت ذلك عليهم .
أخرجهُ مالكٌ في " الموطأ " (2/958) ، ومن طريقهِ البخاري في " الأدب المفردِ " (1247) .
- قال العلامةُ الألباني في " صحيح الأدب المفردِ " (961) : " حسنُ الإسنادِ موقوفٌ " .
- وقال عمرو عبد المنعم سليم في تخريجهِ لكتاب " ذم الملاهي " لابن أبي الدنيا (86) : " إسنادهُ حسنٌ . أمُ علقمةٍ اسمها مرجانة ، ذكرها ابنُ حبان في " الثقات " ، وقال العجلي : " مدنيةٌ تابعيةٌ ثقةٌ " ، وعلق لها البخاري جزماً ، فأقلُ أحوالها أن تكونَ حسنةَ الحديثِ " .ا.هـ.
- قال الإمامُ ابنُ عبدِ البرِ في " الاستذكار " (8/460) : " إنكارُ عائشةَ لهذا لا يكونُ إلا لعلمٍ عندها لا رأيها ، وكذلك عبدُ اللهِ بنُ عمر ، لا يكسرُ النردَ ويضربُ اللاعبَ إلا وقد بلغهُ فيها النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.
6 - عن كُلثوم بنِ جَبْر قال : خطبنا ابنُ الزبير فقال : يا أهلَ مكةَ ، بلغني عن رجالٍ من قريشٍ يلعبون بلعبةٍ يقال لها : النردشير - وكان أعسر - قال الله : " إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ " [ المائدة : 90 ] ، وإني أحلف بالله لا أوتى برجل لعب بها إلا عاقبته في شعرهِ وبشرهِ ، وأعطيتُ سلبهُ لمن أتاني به .
أخرجهُ البيهقي في " الكبرى " (10/216) .
- قال العلامةُ الألباني في " صحيح الأدب المفردِ " (962) : " حسنُ الإسنادِ موقوفٌ " .(1/3)
- وقال عمرو عبد المنعم سليم في تخريجهِ لكتاب " ذم الملاهي " لابن أبي الدنيا (85) : " إسنادهُ حسنٌ . كُلثومُ بنُ جَبْر وثقهُ أحمدُ وابنُ معين وابنُ حبان والعجلي - كما في ترجمة تبنه ربيعة - ولينه النسائي فقال : " ليس بالقوي " فمثله لا ينزلُ عن درجةِ الحسنِ .ا.هـ.
7 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاص : " اللاعبُ بالفصين قماراً ؛ كآكلِ لحمِ الخنزيرِ ، واللاعبُ بهما غير قمارٍ ، كالغامسِ يدهُ في دمِ خنزيرٍ .
- قال العلامةُ الألباني في " صحيح الأدب المفردِ " (963) : " صحيحُ الإسنادِ موقوفٌ " .
وقال عمرو عبد المنعم سليم في تخريجهِ لكتاب " ذم الملاهي " لابن أبي الدنيا (81) : " إسنادهُ صحيحٌ . والأثرُ أخرجهُ البيهقي في " الكبرى " (10/216) : من طريقِ المصنفِ ، وأخرجهُ ابنُ أبي شيبةَ في " المصنفِ " (5/286) : حدثنا ابنُ علية ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة بإسناده ، وبلفظ : " مثلُ الذي يلعبُ بالكعبينِ ولا يقامر كمثلِ المدهنِ بشحمهِ ولا يأكل لحمهُ .
ورواهُ (5/287) : حدثنا وكيع ، حدثنا سلام به .
ورواه عبد الرزاق في " المصنفِ " (10/468/19729) : عن معمر ، عن قتادة أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ... فذكره .
وسنده منكرٌ ، فمعمر ضعيف في قتادة ، وقد أسقط من الإسنادِ أبا أيوب راويه عن ابن عمرو " .ا.هـ.
وقال أيضاً في نفس الحديثِ ولكن من طريقٍ آخر (82) : " إسنادهُ حسنٌ ، والأثرُ صحيحٌ بما قبلهُ . حبيبُ المعلم صدوقٌ حسنُ الحديثِ . والأثرُ صحيحٌ بما قبلهُ " .ا.هـ.
أورد ابنُ أبي الدنيا في كتابِ " ذم الملاهي " أحاديث وآثاراً ، وحكم عليها محققُ الكتابِ الشيخُ عمرو عبد المنعم سليم عليها بما يبين درجتها ، ومنها ما جاء في كتابِ " الأدب المفردِ " للبخاري ، ونقلتُ حكمه عليها ، ونذكر ما بقي منها ، ولم يذكره البخاري في " الأدب المفرد " ، ونقتصر على ما صح .(1/4)
8 - عن سريج بن النعمان قال : " سألتُ عبدَ اللهِ بنَ نافع عن الشطرنجِ والنردِ فقال : " ما أدركتُ أحداً من علمائنا إلا وهو يكرهها . هكذا كان مالكٌ يقولُ . قال سريج : " وسألتهُ عن شهادتهم " ، فقال : " لا تقبلُ شهادتهم ولا كرامةَ إلا أن يكونَ يخفي ذلك ولا يعلنهُ . وهكذا كان مالكٌ يقولُ . وكذلك قولهُ في الغناءِ ، لا تقبلُ لهم شهادٌ .
- قال عمرو عبد المنعم عن الأثر (90) : إسنادهُ صحيحٌ .
9 - عن الفضيل بنِ غزوان قال : مر مسروقٌ بقومٍ يلعبون بالنردِ فقالوا : " يا أبا عائشةَ ، إنا ربما فرغنا فلعبنا بها " ، فقال : " ما بهذا أمرُ الفراغِ " .
- قال عمرو عبد المنعم عن الأثر (91) : إسنادهُ صحيحٌ . والأثرُ أخرجهُ البيهقي في " شعبِ الإيمانِ " (5/241/6517) من طريقِ ابنِ أبي الدنيا به " .ا.هـ.
10 - وقال العلامةُ الألباني في " الإرواء " (8/287) : وأخرج الآجري والبيهقي عن نافع أن عبدَ الله بنَ عمر كان يقولُ : " النردُ من الميسرِ " .
وإسنادهُ صحيحٌ .
ما يستفادُ مما سبق من الأحاديث والآثارِ :
وبعد إيرادِ الأحاديث والآثار يتبين ما يلي :
أولاً : حرمةُ اللعبِ بالنردِ ، ولو لم يكن في حرمته إلا الحديث الوارد في صحيحِ مسلم لكفى .
ثانياً : اعتبارُ السلفِ أن اللعبَ بالنردِ من الميسر والقمار المحرمِ ولو لم يكن بعوضِ ، ولو كان بعوضٍ فالحرمةُ أشدُ ولا شك .
قال الآجري في " تحريم النردِ والشطرنج والملاهي " ( ص 53 ) : " واللاعبُ بهذه النرد من غيرِ قمارٍ عاصٍ للهِ عز وجل يجبُ عليه أن يتوبَ إلى الله عز وجل من لهوه بها . فإن لعب بها وقامر فهو أعظمُ لأنه أكل الميسر وهو القمارُ ، وقد نهى اللهُ عز وجل عن الميسرِ ، واللعبُ بالنردِ فهو من الميسر لا يختلفُ العلماءُ فيه " .ا.هـ.(1/5)
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في " الفتاوى " : وَالنَّرْدُ حَرَامٌ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ سَوَاءٌ كَانَ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِ عِوَضٍ ، وَلَكِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ جَوَّزَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ ، لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ الْمَيْسِرِ ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ ، وَأَحْمَدُ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَسَائِرُ الْأَئِمَّةِ فَيُحَرِّمُونَ ذَلِكَ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ " .ا.هـ.
ثالثاً : شدةُ إنكارِ السلفِ على من لعب بهذه اللعبة ، ووضع العقوبةِ الشديدةِ على من لعب بها كما في أثرِ ابنِ الزبير .
رابعاً : عدمُ قبولِ شهادةِ من جاهر باللعبِ بها كما في أثرِ سريجِ بنِ النعمان ، فكيف لو رأى السلفُ حال الناسِ مع هذه اللعبةِ في المقاهي وأماكن اللهو ؟ واللهُ المستعانُ .
قال أبو إسحاق الشيرازي في " المهذب " (2/326) : " ويحرمُ اللعبُ بالنردِ ، وتُردُ به الشهادةُ " .ا.هـ.
وقال الكاساني في " بدائع الصنائع " (6/269) : من يلعبُ بالنردِ فلا عدالة له " .ا.هـ.
خامساً : الرد على من قال : نقضي الوقت في اللعبِ بها كما في أثر الفضيل بن غزوان ، وأنه ليس بمثلِ هذه الأمور تقضى الأوقات .
ما نسب إلى بعضِ السلفِ اللعب بالنردِ :
رد الإمامُ ابنُ عبدِ البرِ في " الاستذكار " (8/461) على من زعم أن بعضَ التابعين لعب بها ، قال بإباحتها إن صح - على فرض صحتهِ - فإنه مخالفٌ للحقِ ، وما ثبت في السنةِ من النهي عنها ، بل لو فرض صحة لعبهم بها فالحجةُ بالأدلةِ قائمةٌ عليهم .
وقال القرافي في " الذخيرة " (13/283) : " إنه لو فرض صحة ذلك عنهم فيحملُ على أن النهي لم يبلغهم ، وإلا فالحجةُ قائمةٌ عليهم بالأدلةِ الصريحةِ عنه عليه السلام في حرمةِ اللعبِ بالنردِ مطلقاً " .ا.هـ.(1/6)
وقال صاحبُ المنتقى في شرحه للموطأ : " وَمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَالشَّعْبِيِّ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْعَبُونَ بِالنَّرْدِ وَأَنَّ الشَّعْبِيَّ كَانَ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ غَيْرُ ثَابِتٍ , وَلَوْ ثَبَتَ لَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا النَّهْيَ وَأَغْفَلُوا النَّظَرَ وَأَخْطَئُوا فِيهِ .
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَابْنِ شِهَابِ إجَازَةُ اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ عَمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَإِنَّمَا هِيَ أَخْبَارٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا أَهْلُ الْبَطَالَةِ حِرْصًا عَلَى تَخْفِيفِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْبَاطِلِ , وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ " .ا.هـ.
هل كلُ لعبةٍ دخل فيها النرد محرمةٌ ؟
لقد قرر اهل ُ العلمِ أن لعبة النرد تعتمدُ بالدرجةِ الأولى على الحرزِ والتخمينِ ، وذلك باعتمادها على ما يخرجهُ الفصان ، وبناءً عليه فإن كلَ لعبةٍ يدخلُ فيها الحرزُ والتخمينُ يقاس عليها النرد ، ومن ذلك :
الدمينو ، الورق بجميع صوره : الكوتشينه ، البلوت ، المونوبولي . وهذه بعضُ الفتاوى المتعلقة بمسألتنا :
- السؤال :
السلام عليكم أود السؤال عن بعض الألعاب الموجودة في السوق التي تعتمد على بعض من الحظ مثال لعبة مونوبولي ففيها يلعب الكبار والصغار على شكل دائرة يرمي فيها اللاعب النرد ثم يمشي إلى الإمام ويقطع مراحل إلى أن يصل إلى مكان معين فاما يشتريه وإما لا وهكذا فهل هي حرام أم حلال وهل يدخل فيها التحريم الوارد في لعب النرد كلعبة الطاولة أم أن الموضوع هنا يختلف قليلاً ؟
- الفتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :(1/7)
فكل لعبة دخل فيها النرد فهي محرمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه" رواه مسلم . والنردشير هو النرد ، عجمي معرب ، و( شير ) معناه حلو.
وعن أبي داود وابن ماجه : " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله" فهذا عام في لعب النرد سواء الطاولة و غيرها . والله أعلم.
http://www.islamweb.net/php/php_arabic/ShowFatwa.php?lang=A&Id=4395&Option=FatwaId
---
- السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أسأل عن اللعب بالنرد (الزهر) لأني سمعت أنه حرام والذي فهمته أن القصد من اللعب بالنرد هي اللعب بالطاوله (طاولة الزهر) فهل يدخل ضمن اللعب الحرام اللعب بأي لعبه بالنرد (كلعبة الأطفال السلم والثعبان والمونوبولي) ؟
أرجو أن أعرف الإجابه لكي أمنع أولادي من اللعب بمثل هذا الألعاب إن كانت فعلا حرام وجزاكم الله خيراً.
- الفتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فكل لعبة دخلها النرد حرم اللعب بها، ومن ذلك ما ذكر في السؤال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه. رواه مسلم .
ولذا فعليك - أخي الكريم - أن تبحث لأولادك عن ألعاب نافعة تنمي العقل والفكر وما أكثرها، وأن تمنعهم من هذه الألعاب التي ذكرت لاشتمالها على النرد . والله أعلم.
http://www.islamweb.net/php/php_arabic/ShowFatwa.php?lang=A&Id=25646&Option=FatwaId
---
- السؤال :
ماحكم لعب البلوت والضومنو في وقت فراغ خالية إن شاء الله من السب واللعن وغير ملهية عن الصلاة ؟
- الفتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :(1/8)
فاللعب بالورق قد تقدم الكلام عليه وأما الضومنو فهو محرم في جميع الأحوال كذلك لاشتماله على النرد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه . رواه أحمد ومسلم وأبو داود . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وحسنه الألباني . والله أعلم .
قصةٌ عن النردِ للزمخشري :
قال المناوي في " فيض القدير " : قال الزمخشري : دخلت في زمن الحداثة على شيخ يلعب بالنرد مع آخر يعرف بازدشير فقلت الأزدشير النردشير بئس المولى وبئس العشير .
أيهما أشد : النرد أم الشطرنج ؟
فصل شيخ الإسلام في هذه المسألة تفصيلا جيدا فقال في الفتاوى (32/242) : وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّ اللَّعِبَ بِالنَّرْدِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعِوَضِ .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُمَا : إنَّ الشِّطْرَنْجَ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ : النردشير شَرٌّ مِنْ الشِّطْرَنْجِ .
وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ بِاعْتِبَارِ ; فَإِنَّ النَّرْدَ إذَا كَانَ بِعِوَضِ وَالشِّطْرَنْجَ بِغَيْرِ عِوَضٍ : فَالنَّرْدُ شَرٌّ مِنْهُ وَهُوَ حَرَامٌ حِينَئِذٍ بِالْإِجْمَاعِ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ كِلَاهُمَا بِعِوَضِ أَوْ كِلَاهُمَا بِلَا عِوَضٍ فَالشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ ; لِأَنَّ الشِّطْرَنْجَ يَشْغَلُ الْقَلْبَ وَيَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ أَكْثَرَ مِنْ النَّرْدِ .
وَلِهَذَا قِيلَ : الشِّطْرَنْجُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ ، وَالنَّرْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ .ا.هـ.(1/9)
ومقصود شيخ الإسلام بالعبارة الأخيرة وهي : " وَلِهَذَا قِيلَ : الشِّطْرَنْجُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِ ، وَالنَّرْدُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْجَبْرِ " أن صاحب النرد يرمي ويحسب بعد ذلك ، وأما صاحب الشطرنج فإنه يقدَّر ويفكر ويحسب حسابات النقلات قبل النقل .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/10)
رجل يتجسس على زوجة جاره
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعرف كيف ابدأ الموضوع وكا اعرف انه لا حياء في الدين
اخواني اريد احاديث صحيحيه او قوال مؤثره او افعال عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقوبة من ضبط متلبسا وهو يتجسس على عورات المؤمنين او انه يتجسس على زوجة الجيران او يسترق السمع على الغير بدون إذنه
هل هناك احاديث صحيحة بخصوص هذا الموضوع ...
اعتذر عن ازعاج مسامعكم ولكن اريد ان أكتب رسالة لشخص هوايته التجسس على جيرانه لعل الله ان يهديه ويترك هذه العادة السيئة ويكتب لي ولكم الثواب
شكرا لكم مقدما
الجواب :
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا " [ الحجرات : 12 ] .
قال الطبري : وَقَوْله : " وَلَا تَجَسَّسُوا " يَقُول : وَلَا يَتَتَبَّع بَعْضكُمْ عَوْرَة بَعْض , وَلَا يَبْحَث عَنْ سَرَائِره , لَا عَلَى مَا لَا تَعْلَمُونَهُ مِنْ سَرَائِره .
قال ابن كثير في تفسير الآية : " وَلَا تَجَسَّسُوا " أَيْ عَلَى بَعْضكُمْ بَعْضًا وَالتَّجَسُّس غَالِبًا يُطْلَق فِي الشَّرّ ، وَمِنْهُ الْجَاسُوس ، وَأَمَّا التَّحَسُّس فَيَكُون غَالِبًا فِي الْخَيْر كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ إِخْبَارًا عَنْ يَعْقُوب أَنَّهُ قَالَ " يَا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُف وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْح اللَّه " ، وَقَدْ يُسْتَعْمَل كُلّ مِنْهُمَا فِي الشَّرّ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَاد اللَّه إِخْوَانًا " .ا.هـ.(1/1)
وقال القرطبي : وَمَعْنَى الْآيَة : خُذُوا مَا ظَهَرَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَات الْمُسْلِمِينَ , أَيْ لَا يَبْحَث أَحَدكُمْ عَنْ عَيْب أَخِيهِ حَتَّى يَطَّلِع عَلَيْهِ بَعْد أَنْ سَتَرَهُ اللَّه .ا.هـ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِيَّاكُمْ وَالظَّنّ فَإِنَّ الظَّنّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَنَافَسُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَاد اللَّه إِخْوَانًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (6064) ، وَمُسْلِم (2563) .
نقل الحافظ ابن حجر عن القرطبي ما نصه : وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمُرَاد بِالظَّنِّ هُنَا التُّهْمَة الَّتِي لَا سَبَب لَهَا كَمَنْ يَتَّهِم رَجُلًا بِالْفَاحِشَةِ مِنْ غَيْر أَنْ يَظْهَر عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِيهَا , وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْله " وَلَا تَجَسَّسُوا " وَذَلِكَ أَنَّ الشَّخْص يَقَع لَهُ خَاطِر التُّهْمَة فَيُرِيد أَنْ يَتَحَقَّق فَيَتَجَسَّس وَيَبْحَث وَيَسْتَمِع , فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ , وَهَذَا الْحَدِيث يُوَافِق قَوْله تَعَالَى : " اِجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنّ , إِنَّ بَعْض الظَّنّ إِثْم , وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا " فَدَلَّ سِيَاق الْآيَة عَلَى الْأَمْر بِصَوْنِ عِرْض الْمُسْلِم غَايَة الصِّيَانَة لِتَقَدُّمِ النَّهْي عَنْ الْخَوْض فِيهِ بِالظَّنِّ , فَإِنْ قَالَ الظَّانّ أَبْحَثُ لِأَتَحَقَّق , قِيلَ لَهُ : " وَلَا تَجَسَّسُوا " فَإِنْ قَالَ : تَحَقَّقْت مِنْ غَيْر تَجَسُّس ، قِيلَ لَهُ : " وَلَا يَغْتَبْ بَعْضكُمْ بَعْضًا " .ا.هـ.(1/2)
* عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ ، وَمَنْ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ ، وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا وَلَيْسَ بِنَافِخٍ . رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (7042) .
قال الحافظ ابن حجر : وَأَمَّا الْوَعِيد عَلَى ذَلِكَ بِصَبِّ الْآنُك فِي أُذُنه فَمِنْ الْجَزَاء مِنْ جِنْس الْعَمَل . وَالْآنُك بِالْمَدِّ وَضَمّ النُّون بَعْدَهَا كَاف الرَّصَاص الْمُذَاب , وَقِيلَ هُوَ الْخَالِص الرَّصَاص .ا.هـ.
ونقل الحافظ عن اِبْنِ أَبِي جَمْرَة ما نصه : وَقَالَ فِي مُسْتَمِع حَدِيث مَنْ يَكْرَه اِسْتِمَاعه : يَدْخُل فِيهِ مَنْ دَخَلَ مَنْزِله وَأَغْلَقَ بَابه وَتَحَدَّثَ مَعَ غَيْره فَإِنَّ قَرِينَة حَاله تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرِيد لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَمِع حَدِيثه فَمَنْ يَسْتَمِع إِلَيْهِ يَدْخُل فِي هَذَا الْوَعِيد , وَهُوَ كَمَنْ يَنْظُر إِلَيْهِ مِنْ خَلَل الْبَاب فَقَدْ وَرَدَ الْوَعِيد فِيهِ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ فَقَئُوا عَيْنَهُ لَكَانَتْ هَدَرًا
قَالَ : وَيُسْتَثْنَى مِنْ عُمُوم مَنْ يَكْرَه اِسْتِمَاع حَدِيثه مَنْ تَحَدَّثَ مَعَ غَيْره جَهْرًا وَهُنَاكَ مَنْ يَكْرَه أَنْ يَسْمَعهُ فَلَا يَدْخُل الْمُسْتَمِع فِي هَذَا الْوَعِيد لِأَنَّ قَرِينَة الْحَال وَهِيَ الْجَهْر تَقْتَضِي عَدَم الْكَرَاهَة فَيَسُوغ الِاسْتِمَاع .ا.هـ.(1/3)
عَنْ مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ سَمِعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " إِنَّك إِنْ اِتَّبَعْت عَوْرَات النَّاس أَفْسَدْتهمْ أَوْ كِدْت أَنْ تُفْسِدهُمْ " فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ كَلِمَة سَمِعَهَا مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَعَهُ اللَّه تَعَالَى بِهَا . رواه أبو داود (4888) ، وإسناده صحيح .
وأورد القرطبي قصةً فقال : وَقَالَ عَمْرو بْن دِينَار : كَانَ رَجُل مِنْ أَهْل الْمَدِينَة لَهُ أُخْت فَاشْتَكَتْ , فَكَانَ يَعُودهَا فَمَاتَتْ فَدَفَنَهَا . فَكَانَ هُوَ الَّذِي نَزَلَ فِي قَبْرهَا , فَسَقَطَ مِنْ كُمّه كِيس فِيهِ دَنَانِير , فَاسْتَعَانَ بِبَعْضِ أَهْله فَنَبَشُوا قَبْرهَا فَأَخَذَ الْكِيس ثُمَّ قَالَ : لَأَكْشِفَنَّ حَتَّى أَنْظُر مَا آلَ حَال أُخْتِي إِلَيْهِ , فَكَشَفَ عَنْهَا فَإِذَا الْقَبْر مُشْتَعِل نَارًا , فَجَاءَ إِلَى أُمّه فَقَالَ : أَخْبِرِينِي مَا كَانَ عَمَل أُخْتِي ؟ فَقَالَتْ : قَدْ مَاتَتْ أُخْتك فَمَا سُؤَالك عَنْ عَمَلهَا ! فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى قَالَتْ لَهُ : كَانَ مِنْ عَمَلهَا أَنَّهَا كَانَتْ تُؤَخِّر الصَّلَاة عَنْ مَوَاقِيتهَا , وَكَانَتْ إِذَا نَامَ الْجِيرَان قَامَتْ إِلَى بُيُوتهمْ فَأَلْقَمَتْ أُذُنهَا أَبْوَابهمْ , فَتَجَسَّس عَلَيْهِمْ وَتُخْرِج أَسْرَارهمْ , فَقَالَ : بِهَذَا هَلَكَتْ !(1/4)
وقد تستثنى بعض الأمور من النهي عن التجسس ، قال الحافظ في " الفتح " : وَيُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْي عَنْ التَّجَسُّس مَا لَوْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا إِلَى إِنْقَاذ نَفْس مِنْ الْهَلَاك مَثَلًا كَأَنْ يُخْبِر ثِقَة بِأَنَّ فُلَانًا خَلَا بِشَخْصٍ لِيَقْتُلهُ ظُلْمًا , أَوْ بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا , فَيُشْرَع فِي هَذِهِ الصُّورَة التَّجَسُّس وَالْبَحْث عَنْ ذَلِكَ حَذَرًا مِنْ فَوَات اِسْتِدْرَاكه , نَقَلَهُ النَّوَوِيّ عَنْ " الْأَحْكَام السُّلْطَانِيَّة " لِلْمَاوَرْدِيِّ وَاسْتَجَادَهُ , وَأَنَّ كَلَامه : لَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَبْحَث عَمَّا لَمْ يَظْهَر مِنْ الْمُحَرَّمَات وَلَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنّ اِسْتِسْرَار أَهْلهَا بِهَا إِلَّا هَذِهِ الصُّورَة .ا.هـ.
وكذلك في الحرب :
عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ : مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ : أَنَا ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيَّ ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ . رَوَاهُ الْبُخَارِيّ (4113) ، وَمُسْلِم (2414) .
وكذلك أهل الشر والفساد وأصحاب المخدرات ، وغير ذلك من أنواع الفساد في المجتمع .
نسأل الله السلامة والعافية .
رابط الموضوع
http://alsaha2.fares.net/sahat?128@64.Jb6pfhHmTGH.18@.1dd3439f
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/5)
رضاع الكبير
السؤال :
السلام عليكم و رحمة تالله و بركاته
لقد سمعت شريط للشيخ الالباني يقول فيه انه يجوز للرجل الكبير ان يرضع من المراة لكي تحرم عليه حتى لو مص من ثديها مباشرة.
http://www.ansarweb.net/sound/retha3.rm
الرجاء من طلاب العلم التعليق على هذه المسالة
الجواب :
الأخ الخنجر العربي زادك الله علما وفقها .
قول الشيخ العلامة الألباني - رحمه الله - ليس بالجديد وليس بدعا من القول ، فقد قال به بعض أهل العلم ومنهم ابن حزم ، وكنت بصدد كتابة بحث في مسألة رضاعة الكبير والرد على شبهة العقلانيين والرافضة فيها ، ولكن وجدت فصلا - وهو السابع - في كتاب " السنة النبوية في كتابات أعداء الإسلام والرد عليه " (2/321 - 331) لـ " عماد السيد الشربيني " ، وعنوان الفصل : " حديث رضاعة الكبير شبهات الطاعنين فيه والرد عليها " .
وأنقل بعضاً من كلام صاحب الكتاب في رد شبهات الطاعنين لكي تكون أنت وغيرك على بينة من الأمر .
استهل المؤلف الفصل بحديث سالم مولى أبي حذيفة ونصه : عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَانَ مَعَ أَبِي حُذَيْفَةَ وَأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِمْ فَأَتَتْ تَعْنِي ابْنَةَ سُهَيْلٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ سَالِمًا قَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ وَعَقَلَ مَا عَقَلُوا ، وَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا ، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ ، وَيَذْهَبْ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ ، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُهُ فَذَهَبَ الَّذِي فِي نَفْسِ أَبِي حُذَيْفَةَ . رواه مسلم في صحيحه (1453) .(1/1)
ثم قال : " بهذا الحديث طعن بعض الرافضة ، وأدعياء العلم ، في صحيح البخاري ، وزعموا أن الحديث يتعارض مع القرآن الكريم والعقل .
يقول ابن الخطيب : " هل يجوز لعاقل يؤمن بالله واليوم الآخر ، بعد أن قرأ قوله تعالى : " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ " [ النور : 30] أن يصدق أن هذا الحديث ، أو أن يعيره بالا ؟! ولكن رواية هذا الحديث في المسانيد معنعنا مطولا دعت كثيرا من الفقهاء إلى تصديقه وبحثه والأخذ منه بجواز إرضاع الكبير !
ولنفرض أن هذه المرأة أتت لأحد ما ، وشكت له ما شكت للرسول صلى الله عليه وسلم ، أكان يقول لها : أرضعيه ، أم كا يقول لها : احتجبي عنه !؟ " [ حقائق ثابة في الإسلام لابن الخطيب ص 101، 102 ] .
ويقول في كتابه الفرقان : " إن هذا الحديث وأمثاله مما دسه الدساسون الأفاكون ، ليذهب ببهاء ذلك الدين القويم ! وحاشا أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يقله الله ، بل ويتناقض كل التناقض مع ما ورد في الكتاب المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " . [ الفرقان لابن الخطيب ص 106] .ا.هـ.
ونقل المؤلف نصا آخر لأحد الكتاب الذين يطعنون في الحديث وهو صالح الورداني في كتابه دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين ( ص 259 - 260) .
ثم قال : " والجواب : إن هذا الحديث الذي طعن فيه بعض دعاة الفتنة ، وأدعياء العلم ، مما تلقته الأمة بالقبول رواية ودراية .
أما الرواية فقد بلغت طرق هذا الحديث نصاب التواتر كما الإمام الشوكاني [ انظر : نيل الأوطار 6/314 ] .
وأما الدراية فقد تلقى الحديث بالقبول الجمهور من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء المسلمين إلى يومنا هذا .(1/2)
تلقوه بالقبول على أنه واقعة عين بسالم لا تتعداه إلى غيره ، ولا تلح للاحتجاج بها ، ويدل على ذلك ما جاء في بعض الروايات عند مسلم عن ابن أبي مليكة أنه سمع هذا الحديث من القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة رضي الله عنها قال ابن أبي مليكة : فَمَكَثْتُ سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ وَهِبْتُهُ ، ثُمَّ لَقِيتُ الْقَاسِمَ فَقُلْتُ لَهُ : لَقَدْ حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا مَا حَدَّثْتُهُ بَعْدُ ، قَالَ : فَمَا هُوَ ؟ فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ : فَحَدِّثْهُ عَنِّي أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِيهِ . [ وَهِبْتُهُ قال الإمام النووي : مِنْ الْهَيْبَة وَهِيَ الْإِجْلَال ] .
وفي رواية النسائي ، فقال القاسم : حدث به ولا تهابه [ أخرجه النسائي (3322) ]
قال الحافظ ابن عبد البر : " هذا يدل على أنه حديث ترك قديما ولم يعمل به ، ولا تلقاه الجمهور بالقبول على عمومه ، بل تلقوه على أنه خصوص " . [ انظر : شرح الزرقاني على الموطأ 3/292 ، وقال الحافظ الدارمي عقب ذكره الحديث في سننه : " هذا لسالم خاصة " ]
وبذلك صرحت بعض الروايات ، ففي صحيح مسلم عن أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تَقُولُ : أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ : وَاللَّهِ مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَةً أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَالِمٍ خَاصَّةً ، فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ وَلَا رَائِينَا .
إن قصة رضاعة سالم قضية عين لم تأت في غيره ، واحتفت بها قرينة التبني ، وصفات لا توجد في غيره ، فلا يقاس عليه . ا.هـ.
ثم ذكر المؤلف الأحاديث الواردة في تبني سالم .(1/3)
ثم قال : قال ابن عبد البر : صفة رضاع الكبير أن يحلب له اللبن ويسقاه ، فأما أن تلقمه المرأة ثديها ، فلا ينبغي عند أحد من العلماء .ا.هـ.
وقال عياض : ولعل سهلة حلبت لبنها فشربه من غير أن يمس ثديها ، ولا التقت بشرتاهما ، إذ لا يجوز رؤية الثدي ، ولا مسه ببعض الأعضاء .
ثم قال المؤلف في الحاشية ، وهو موطن الشاهد في أن الشيخ العلامة الألباني - رحمه الله - له سلف في قوله الذي قاله بغض النظر عن ترجيح هذا القول أو عدم رجحانه :
قال فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين : " استدلال ابن خزم بقصة سالم على جواز مس الأجنبي ثدي الأجنبية ، وإلتقام ثديها ، إذا أراد أن يرتضع منها مطلقا ، استلال خطأ ، دعاه إليه أن الرضاعة المحرمة عنده إنما تكون بالتقام الثدي ومص اللبن منه .
ثم نقل عن النووي في تأكيد ما قرره القاضي عياض : وهو حسن ، ويحتمل أنه عفي عن مسه للحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبر .ا.هـ.
وكشف العورة في هذه الحالة جائز للضرورة ، فلا معارضة بين الحديث وبين قوله تعالى : " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ " [ النور : 30] كما زعم بعض أدعياء العلم .
قال الزرقاني : " وكأن القائلين بأن ظاهر الحديث أنه رضع من ثديها لم يقفوا على شيء . فقد روى ابن سعد عن الواقدي عن محمد بن عبد الله بن أخي الزهري عن أبيه قال : كانت سهلة تحلب في إناء قدر رضعته ، فيشربه سالم في كل يوم ، حتى مضت خمسة أيام ، فكان بعد ذلك يدخل عليها وهي حاسرة ، رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسهلة .ا.هـ.
ولكن هذه الرواية لم يتعقبها المؤلف الشربيني لأن فيها الواقدي وهو مطعون فيه ، فلا تصح الرواية التي نقلها الزرقاني عن ابن سعد .
فالخلاصة من هذا النقل :
أولاً : أن العلامة الألباني - رحمه الله - له سلف فيما قاله في الرابط الصوتي .(1/4)
ثانياً : أنه لو قيل بالقول الذي قال به العلامة الألباني فإنه جائز للضرورة ، والضرورة تقدر بقدرها .
ثالثاً : أن المسألة تبقى خلافا فقهيا ، ولكل قول من الأقوال أدلته التي استدل بها .
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha2.fares.net/sahat?14@194.gbGCffyGTIo.0@.1dd3e6b1/1
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/5)
سؤال : ما هو الدليل علي عدم صلاة الغلام الذي دون البلوغ في الصف الأول
اختلف أهل العلم في هذه المسألة فيما إذا سبق الصبي المميز في الصف الأول على قولين :
القول الأول :
لا يؤخر .
وهو قول الشافعية .
واستدلوا :
1 - عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ : أَلَا تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ قَالَ : فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ : مَا لِلنَّاسِ ؟ مَا لِلنَّاسِ ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ ؟ فَيَقُولُونَ : يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي ، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِهِمْ الْفَتْحَ فَيَقُولُونَ : اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا فَقَالَ : صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا ، وَصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي فَقَالَتْ : امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيِّ أَلَا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ فَاشْتَزَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي(1/1)
بِذَلِكَ الْقَمِيصِ . رواه البخاري (4302) .
قالوا : دل الحديبث على جواز إمامة الصبي المميز فإذا جازت إمامته فمن باب أولى جواز جلوسه في الصف المقدم وأنه لا يؤخر .
2 - عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ . رواه البخاري (6269) ومسلم (2177) .
قالوا : هذا نص عام يشمل الصبي وغيره .
القول الثاني :
يؤخر .
وهو ظاهر كلام الإمام أحمد ، ورجحه ابن قدامة ، وابن رجب .
استدلوا :
1 - عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ : اسْتَوُوا ، وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ ؛ لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ . رواه مسلم (432) .
2 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ : قَالَ أَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ : أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَأَقَامَ الصَّلَاةَ ، وَصَفَّ الرِّجَالَ ، وَصَفَّ خَلْفَهُمْ الْغِلْمَانَ ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ فَذَكَرَ صَلَاتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا صَلَاةُ .
قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى : لَا أَحْسَبُهُ إِلَّا قَالَ : صَلَاةُ أُمَّتِي . رواه أبو داود (132) .
وهو حديث ضعيف في سنده شهر ابن حوشب . قال العلامة الألباني - رحمه الله - في المشكاة (1115) : بإسناد ضعيف فيه شهر بن حوشب ، وقد ضعف لسوء حفظه .ا.هـ.(1/2)
3 - عَنْ قَيْسِ بنِ عُبَادٍ قَالَ : بَيْنَا أَنَا فِي الْمَسْجِدِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ فَجَبَذَنِي رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي جَبْذَةً فَنَحَّانِي ، وَقَامَ مَقَامِي ، فَوَاللَّهِ مَا عَقَلْتُ صَلَاتِي فَلَمَّا انْصَرَفَ فَإِذَا هُوَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ : يَا فَتَى لَا يَسُؤْكَ اللَّهُ إِنَّ هَذَا عَهْدٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا أَنْ نَلِيَهُ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ : هَلَكَ أَهْلُ الْعُقَدِ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ مَا عَلَيْهِمْ آسَى ، وَلَكِنْ آسَى عَلَى مَنْ أَضَلُّوا قُلْتُ : يَا أَبَا يَعْقُوبَ ، مَا يَعْنِي بِأَهْلِ الْعُقَدِ . قَالَ : الْأُمَرَاءُ . رواه أحمد (5/140) ، والنسائي (778) ، وابن خزيمة (1573) .
وصحح إسناده العلامة الألباني في المشكاة (1116) .
وقد رجح العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين القول الأول ، وضعف القول الثاني ، وذكر محاذيرا في مسألة تأخير الصبيان عن الصف الأول إذا سبقوا إليه . انظر الشرح الممتع (3/20 - 22) .
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://www.baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2670
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
صلاة الغائب
السؤال :
بارك الله فيكم ما حكم صلاة الغائب على الميت ومتى تشرع وفقكم الله؟
الجواب:
مسألة صلاة الغائب من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم على أربعة أقوال ، فصلها الشيخ عبد الله السعد - جزاه الله خيرا - في تقديمه لكتاب " القول الصائب في حكم صلاة الغائب " جمع وترتيب أبي حفص سامي بن العربي الأثري فقال الشيخ عبد الله ( ص 3 - 5 ) :
وقد اختلف فيها أهل العلم على أربعة أقوال ، هي :
1 - القول الأول : أن صلاة الغائب على الميت غير مشروعة ، وأنه لا يصلى على أحد إلا إذا كانت الجنازة حاضرة ، أو يصلى على القبر على تفصيل عندهم في الصلاة على القبر .
وأجابوا عن صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم على النجاشي أن هذا خاص به .
وإلى هذا ذهب أبو حنيفة ، ومالك ، ورواية عن أحمد .
2 - القول الثاني : أن صلاة الغائب على الميت مشروعة مطلقا سواء صُلي على هذا الميت في بلده الذي مات فيه أم لا .
وإلى هذا ذهب الشافعي ، وأحمد في المشهور عنه .
ودليلهم صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم على النجاشي .
3 - القول الثالث : أنها غير مشروعة إلا في حق من مات ولم يُصلى عليه ، فيُصلى عليه صلاة الغائب .
وهو قول في مذهب أحمد كما في " زاد المعاد " (1/521) ، والإنصاف (2/533) للمرداوي ، وقال : " اختاره الشيخ تقي الدين ، وابن عبد القوي ، وصاحب النظم ، ومجمع البحرين " .
4 - القول الرابع : أن صلاة الغائب لا تشرع على أحد ، وإنما من كان من أهل الصلاح وله سابقة في الخير ، ونحوهم .
وهذا القول جاء - أيضا - عن الإمام أحمد - فقد قال : " إذا مات رجل صالح صُلي عليه " .ا.هـ. من الاختيارات لأبي العباس ابن تيمية ( ص 130) .
ورجح هذا القول بعض أهل العلم ممن تأخر ، ومنهم الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - ....
وأرجح هذه الأقوال هو القول الثالث ودليل ذلك :(1/1)
أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يصل على أحد صلاة الغائب إلا النجاشي ؛ لأنه لم يصل عليه أحد ، فقد مات بين قوم كفار .
والصلاة على الميت فرض كفاية . فعلى هذا لا بد من الصلاة عليه .
وأما من صُلي عليه ، فلا يصلى عليه صلاة الغائب . ويؤيد هذا أن كبار الصحابة - ومنهم الخافاء الأربعة - رضي الله عنهم - لم يصل عليهم في الأمصار الإسلامية صلاة الغائب عندما ماتوا . والله أعلم .ا.هـ.
ورجح صاحب الرسالة المشار إليها آنفا ما رجحه الشيخ عبد الله السعد ، ونقل صاحب الرسالة ترجيح الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - .
والرسالة على صغر حجمها ولكنها نافعة جدا ، فقد جمعت بين الحديث والفقه . بدأ المؤلف بالأحاديث الواردة ثم ثنى بكلام الفقهاء ثم ثلث بفائدة في النعي وأنواعه .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=8f210d680d7be4b56df6aa7b2f5bd1c4&threadid=8766
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
صُوْرَةُ فَتْوَى تَهمُ شَرِيحةً كَبِيْرَةً من موظفي الشركاتِ
الحَمْدُ للهِ وَبَعْدُ ؛
هَذِهِ فَتْوَى اللجنةِ الدَّائِمَةِ بِخُصُوْصِ نِظَامِ لادِّخارِ
صُوْرَةُ فَتْوَى اللجنةِ الدَّائِمَةِ الأُوْلَى
صُوْرَةُ فَتْوَى اللجنةِ الدَّائِمَةِ الثَّانِيَةِ مؤكَّدةً لِلأُوْلَى
---
نظام الادخار في أرامكوا والموقف من اختلاف الفتوى فيه
السؤال :
نحن مجموعة من موظفي أرامكو السعودية ، يهمنا كما يهم أي فرد مسلم شرعية الأموال التي يحصل عليها، وإننا في الآونة الأخيرة وقعنا في حيرة عظيمة لا يعلم بها إلا الله عز وجل ، لعل عندكم شيئاً من علم عن نظام الادخار في أرامكو السعودية ، ( فالشركة تحفزني بأن أدخر عندهم بإعطائي مكافئة عند التقاعد أو عند ترك العمل في الشركة .
المساهمة هي نسبة مئوية من مساهمتي حسب بقائي في الخدمة ، مثلاً إذا كانت مساهمتي الكلية 100000 ريال وخدمتي في الشركة 10 سنوات فتكون مكافئتي من الشركة هي 100000 ريال .
وإذا كانت مدة خدمتي 7 سنوات فتكون مكافئتي 70% فقط من 100000 ريال وهي 70000 ريال . وإننا كما نعلم مسبقا أن هذا النظام محرم شرعا بحكم فتوى اللجنة الدائمة الصادر في ذلك، ولكننا في الآونة الأخيرة جاءتنا فتوى من الشيخ عبد الله بن منيع حفظه الله بجواز هذا النظام الادخاري، فوقعنا بذلك في حيرة ، فلا نعلم هل نتبع اللجنة أم نتبع الشيخ المنيع بحكم تخصصه في المجالات الاقتصادية .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
نظام الادخار المعمول به في شركة أرامكوا نظام محرم ، وهو ربا صريح ؛ لكونه قرضاً جر نفعاً ، فإن من دفع 100,000 ليأخذها بعد مدة عشر سنوات ، أو سبع ، أو غير ذلك ، مضافا إليها مكافأة قدرها 100,000 أو 70,000 ، أو ريالا واحدا ، فقد وقع في الربا الصريح ، المحرم بإجماع العلماء.(1/1)
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله : ( وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك ، أَنَّ أخذ الزيادة على ذلك ربا . وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرضٍ جرَّ منفعة ) المغني 6/436
ولا عبرة بتسمية الشركة لهذه المعاملة ادخارا أو استثمارا أو مضاربة ، فإن كل استثمار ضُمن فيه رأس المال لصاحبه ، فهو عقد قرض ، وإن سماه الناس غير ذلك ، فالعبرة بحقائق الأشياء لا بمسمياتها.
أما الاستثمار ، أو التوفير ، أو الادخار المشروع فيقوم على أسس أهمها :
1 - أن يكون المال منك ، والعمل من الطرف الآخر ، ولا مانع أن يدخل بحصة من المال مع العمل.
2 - أن يكون مجال الاستثمار مباحا ، معلوما لك ، فإن غالب هذه الشركات تستثمر المال بوضعه في بنوك الربا ، أو إقامة مشاريع غير مباحة.
3 - أن تتفقا على نسبة محددة من الربح ، لا من رأس المال ، فيكون لك 50 % أو 10 % من الربح مثلا.
4 - أن لا يضمن المضارب لك رأس المال ، بل متى وقعت الخسارة - بلا تفريط منها - فالخسارة في مالك ، ويخسر هو عمله .
وحيث كان رأس المال مضمونا فالمعاملة قرض يلزم سداده دون زيادة ، فإن اشتُرطت فيه الزيادة فهو ربا .
نسأل الله أن يصرف عنا الربا وشره وخطره ، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه .
والحاصل أن نظام الادخار في شركة أرامكو محرم ؛ لضمان رأس المال فيه ، ولكون الربح نسبة محددة من رأس المال ، فهو حينئذ قرض بفائدة ، ولجهالة الجهة التي تستثمر فيها الأموال .
وقد أشارت اللجنة الدائمة إلى بطلان الدعوى بأن ما يعطاه الموظف مكافأة من الشركة ؛ لأنها لا تعطي هذا إلا لمن يدخر ، ولو كانت مكافأة محضة لشملت جميع الموظفين .(1/2)
- وكما ذكر السائل فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله ومعه الشيخ عبدالرزاق عفيفي والشيخ عبدالله بن غديان والشيخ عبدالله بن قعود – وهم من كبار العلماء – عن نظام الإدخار في شركة أرامكوا فأجابوا بما نصه : " الاشتراك في نظام الادخار بشركة أرامكوا حرام ؛ لما فيه من ربا الفضل وربا النسأ ، وذلك لما فيه من تحديد نسبة ربوية تتراوح ما بين خمسة بالمائة ومائة بالمائة من المال المدخر للموظف السعودي ، وكذا ما يُعطاه الموظف المُدَخِر من المكافأة دون من لم يدخر من موظفيها ، كما هو منصوص في نظام ادخارها . "
فتاوى اللجنة الدائمة 13/510-515
وكذا أفتى الشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيره من أهل العلم بتحريم نظام الإدخار في شركة أرامكوا .
ثانياً :
إذا اختلف العلماء في الحكم الشرعي في مسألة شرعية فعلى المستفتي أن يجتهد في معرفة الحق بالنظر في أدلة كلا الفريقين فيعمل بما ترجح له . هذا فيما لو كان المستفتي طالب عالم له القدرة على الترجيح .
أما إن لم يتمكن من الترجيح نظراً لعدم تخصصه في العلم الشرعي فالواجب عليه أن يأخذ بقول الأعلم والأوثق عنده ، وليس له أن يتخير من الأقوال ما يشاء .
وفي مسألتنا هذه تبين أن كبار العلماء أفتوا بالتحريم ، و هم أعلم وأوثق ممن خالفهم – وليس هذا قدحاً في الطرف الثاني - ، لذا فالواجب عليك الابتعاد عن هذا النظام لما تقدم .(1/3)
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن موقف المسلم من اختلاف العلماء فأجاب : " إذا كان المسلم عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة ، والترجيح بينها ، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه ذلك ، لأن الله تعالى أمر برد المسائل المتنازع فيها إلى الكتاب والسنة ، فقال : ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) النساء/59. فيرد المسائل المختلف فيها للكتاب والسنة ، فما ظهر له رجحانه بالدليل أخذ به ، لأن الواجب هو اتباع الدليل ، وأقوال العلماء يستعان بها على فهم الأدلة .
وأما إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء ، فهذا عليه أن يسأل أهل العلم الذين يوثق بعلمهم ودينهم ويعمل بما يفتونه به ، قال الله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) الأنبياء/43 . وقد نص العلماء على أن مذهب العامي مذهب مفتيه .
فإذا اختلفت أقوالهم فإنه يتبع منهم الأوثق والأعلم ، وهذا كما أن الإنسان إذا أصيب بمرض فإنه يبحث عن أوثق الأطباء وأعلمهم ويذهب إليه لأنه يكون أقرب إلى الصواب من غيره ، فأمور الدين أولى بالاحتياط من أمور الدنيا .
ولا يجوز للمسلم أن يأخذ من أقوال العلماء ما يوافق هواه ولو خالف الدليل ، ولا أن يستفتي من يرى أنهم يتساهلون في الفتوى .
بل عليه أن يحتاط لدينه فيسأل من أهل العلم من هو أكثر علماً ، وأشد خشية لله تعالى " انتهى من كتاب اختلاف العلماء أسبابه وموقفنا منه ص23 ، أنظر السؤال (22652) .(1/4)
وعلى المسلم أن يحذر من استفتاء من عُرف بالتساهل ومخالفة من هو أعلم منه من العلماء الثقات ، وليحذر المسلم من اتباع الهوى والأخذ بالفتاوى التي توافق ما تريده نفسه وتهواه فإن المسلم مطالب بمخالفة هوى النفس ، قال تعالى : ( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى )
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=30842&dgn=4
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/5)
صيامُ أيامِ التشريقِ
عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ - يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ - عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ، عَنْ نُبَيْشَةَ ، قَالَ خَالِدٌ : فَلَقِيتُ أَبَا الْمَلِيحِ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ فَذَكَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هُشَيْمٍ ، وَزَادَ فِيهِ : وَذِكْرٍ لِلَّهِ . رواهُ مسلم (1141)
عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَأَوْسَ بْنَ الْحَدَثَانِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ ، فَنَادَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ ، وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ . رواهُ مسلمٌ (1142)
عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَعَنْ سَالِمٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَا : لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ . أخرجهُ البخاري (1997 ، 1998)
عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمَا طَعَامًا فَقَالَ : كُلْ ، فَقَالَ : إِنِّي صَائِمٌ ، فَقَالَ عَمْرٌو : كُلْ فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِإِفْطَارِهَا ، وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا
قَالَ مَالِكٌ : وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ(1/1)
أخرجه مالك في " الموطأ " (1369) ، ومن طريقه أخرجه أبو داود (2418) ، وأحمد (4/197) وإسنادهُ صحيحٌ .
وأخرجه الدارمي (2/24) بلفظ : عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى عَقِيلٍ أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَذَلِكَ الْغَدَ أَوْ بَعْدَ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْأَضْحَى فَقَرَّبَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو طَعَامًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِنِّي صَائِمٌ ، فَقَالَ عَمْرٌو أَفْطِرْ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِفِطْرِهَا وَيَنْهَانَا عَنْ صِيَامِهَا ، فَأَفْطَرَ عَبْدُ اللَّهِ ، فَأَكَلَ وَأَكَلْتُ مَعَهُ .
قال ابنُ قدامةَ في " المغني " (4/426) : مَسْأَلَةٌ : قَالَ ( وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، رِوَايَةٌ أُخْرَى ، أَنَّهُ يَصُومُهَا عَنْ الْفَرْضِ )
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ مَنْهِيٌّ عَنْ صِيَامِهَا أَيْضًا ؛ لِمَا رَوَى نُبَيْشَةُ الْهُذَلِيُّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ، وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ مِنًى أُنَادِي : أَيُّهَا النَّاسُ ، إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ . إلَّا أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .(1/2)
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ قَالَ : هَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِإِفْطَارِهَا ، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا . قَالَ مَالِكٌ : وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد .
وَلَا يَحِلُّ صِيَامُهَا تَطَوُّعًا ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَعَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُهَا . وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُفْطِرُ إلَّا يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَبْلُغْهُمْ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا ، وَلَوْ بَلَغَهُمْ لَمْ يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ .
وَقَدْ رَوَى أَبُو مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَقَرَّبَ إلَيْهِمَا طَعَامًا ، فَقَالَ : كُلْ ، فَقَالَ : إنِّي صَائِمٌ . فَقَالَ عَمْرٌو : كُلْ ، فَهَذِهِ الْأَيَّامُ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِإِفْطَارِهَا ، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا . وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَفْطَرَ لَمَّا بَلَغَهُ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .ا.هـ.
فائدةٌ تتعلقُ بأيامِ التشريقِ(1/3)
قال الإمامُ الذهبي في " سير أعلامِ النبلاءِ " (6/264 - 266) : قَالَ الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُوْلُ : قَدِمْتُ مَكَّةَ ، فَإِذَا أَنَا بِأَبِي عَبْدِ اللهِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ قَدْ أَنَاخَ بِالأَبْطَحِ ، فَقُلْتُ : يَا ابْنَ رَسُوْلِ اللهِ ! لِمَ جُعِلَ المَوْقِفُ مِنْ وَرَاءِ الحَرَمِ ، وَلَمْ يُصَيَّرْ فِي المَشْعَرِ الحَرَامِ ؟ فَقَالَ : الكَعْبَةُ بَيْتُ اللهِ ، وَالحَرَمُ حِجَابُه ، وَالمَوْقِفُ بَابُه ، فَلَمَّا قَصَدَه الوَافِدُوْنَ ، أَوْقَفَهَم بِالبَابِ يَتَضَرَّعُوْنَ ، فَلَمَّا أَذِنَ لَهُم فِي الدُّخُولِ ، أَدْنَاهُم مِنَ البَابِ الثَّانِي وَهُوَ المُزْدَلِفَةُ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى كَثْرَةِ تَضَرُّعِهِم ، وَطُولِ اجْتِهَادِهِم، رَحِمَهُم ، أَمَرَهُم بِتَقْرِيْبِ قُربَانِهم ، فَلَمَّا قَرَّبُوا قُربَانَهم ، وَقَضَوْا تَفَثَهُم ، وَتَطَهَّرُوا مِنَ الذُّنُوْبِ الَّتِي كَانَتْ حِجَاباً بَيْنَهُ وَبَيْنَهُم ، أَمَرَهُم بِزِيَارَةِ بَيْتِه عَلَى طَهَارَةٍ . قَالَ : فَلِمَ كُرِهَ (2) الصَّومُ أَيَّامَ التَّشرِيْقِ ؟ قَالَ : لأَنَّهم فِي ضِيَافَةِ اللهِ ، وَلاَ يَجِبُ عَلَى الضَّيفِ أَنْ يَصُوْمَ عِنْدَ مَنْ أَضَافَه . قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَمَا بَالُ النَّاسِ يَتَعَلَّقُوْنَ بَأْستَارِ الكَعْبَةِ ، وَهِيَ خِرَقٌ لاَ تَنفَعُ شَيْئاً ؟ قَالَ : ذَاكَ مِثْلُ رَجُلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ جُرمٌ ، فَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ، وَيَطُوفُ حَوْلَه ، رَجَاءَ أَنْ يَهَبَ لَهُ ذَلِكَ ، ذَاكَ الجُرمَ .ا.هـ.
---------------------
(1) ليس الحديثُ متفقاً عليه بل تفرد به مسلمٌ عن البخاري كما في تحفة الأشراف (9/6 رقم 11587)
(2) قال المحققُ : أي : حرم ، لِما ثبت عنه صلى اللهُ عليه سلم من النهي عن صومِ أيامِ التشريقِ ...ا.هـ.(1/4)
11 / 12 / 1424 هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/5)
عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح من السنن الغائبة والمستغربة!!
قال : أبو لُجين إبراهيم
من السنن الغائبة والمستغربة التي هجرها أكثر المسلمين وقد جاء ذكر هذه السنة في القرآن الكريم حين عرض الشيخ الصالح ابنته على موسى عليه السلام في قوله تعالى :
(( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ))27 سورة القصص آية 27
فصاحب مدين يعرض ابنته على موسى عليه السلام ، وقد جاء غريباً مهاجراً ولم يتحرج من هذا العرض ، ولم يشترط في موسى أن يكون من قومه أو وطنه أو جلدته وإنما اكتفى بشرط هو الدين والخلق والكفاءة .
أما السنة المطهرة فقد أكدت فكرة عرض الرجل ابنته على الرجل الصالح .. أخرج الإمام البخاري في باب ( عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير )
إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفي بالمدينة فقال عمر بن الخطاب أتيت عثمان فعرضت عليه حفصة فقال سأنظر في أمري ، فلبثت ليالي ثم لقيني فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا ، قال عمر فلقيت أبا بكر الصديق فقلت له إن شئت زودتك حفصة بنت عمر ؟ فصمت أبو بكر فلم يرجع إليّ شيئاً وكنت أوجد عليه مني على عثمان ، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال لعللك وجدت علي حين عرضت عليّ حفصة فلم أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها فلم أكن أفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبلتها ) . رواه البخاري .(1/1)
فهل نجد الآن من يتصدى لظاهرة العنوسة ويواجهها بهذه السنة الغائبة والمستغربة عند كثير من الناس !!!!!!!
---
إضافة
الأخ أبو لجين .
جزاك الله خيرا على موضوعاتك الطيبة .
ونضيف أيضا :
- قال القرطبي في تفسيره (13/179) عند قصة موسى وصاحب مدين عندما عرض عليه تزويج ابنته له :
أُنْكِحك " فِيهِ عَرْض الْوَلِيّ بِنْته عَلَى الرَّجُل ; وَهَذِهِ سُنَّة قَائِمَة ; عَرَضَ صَالِح مَدْيَن اِبْنَته عَلَى صَالِح بَنِي إِسْرَائِيل , وَعَرَضَ عُمَر بْن الْخَطَّاب اِبْنَته حَفْصَة عَلَى أَبِي بَكْر وَعُثْمَان , وَعَرَضَتْ الْمَوْهُوبَة نَفْسهَا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَمِنْ الْحَسَن عَرْض الرَّجُل وَلِيَّته , وَالْمَرْأَة نَفْسهَا عَلَى الرَّجُل الصَّالِح , اِقْتِدَاء بِالسَّلَفِ الصَّالِح قَالَ اِبْن عُمَر : لَمَّا تَأَيَّمَتْ حَفْصَة قَالَ عُمَر لِعُثْمَانَ : إِنْ شِئْت أُنْكِحك حَفْصَة بِنْت عُمَر ; الْحَدِيث اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيّ .ا.هـ.
أحاديث أخرى في الباب :
إلى جانب حديث عبد الله بن عمر ، الذي أورده الأخ أبو لجين ، وردت نصوص أخرى وهي :(1/2)
- عَنْ أُمَّ حَبِيبَةَ قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ ، قَالَ : وَتُحِبِّينَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ ذَلِكِ لَا يَحِلُّ لِي ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ ، قَالَ : بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ ؟ ! فَقُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي ، إِنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ ، أَرْضَعَتْنِي ، وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ .
رواه البخاري (5107) . وبوب عليه البخاري كما ذكر أبو لجين :
عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير .
- عَلِيٍّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ مَا لَكَ تَنَوَّقُ فِي قُرَيْشٍ وَتَدَعُنَا؟ فَقَالَ : وَعِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ بِنْتُ حَمْزَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي ، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ . رواه مسلم (1446) .
قال النووي في معنى كلمة " تَنَوَّقُ " :
هُوَ بِتَاءِ مُثَنَّاة فَوْق مَفْتُوحَة ثُمَّ نُون مَفْتُوحَة ثُمَّ وَاو مَفْتُوحَة مُشَدَّدَة ثُمَّ قَاف أَيْ تَخْتَار وَتُبَالِغ فِي الِاخْتِيَار .
قَالَ الْقَاضِي : وَضَبَطَهُ بَعْضهمْ بِتَاءَيْنِ مُثَنَّاتَيْن الثَّانِيَة مَضْمُومَة أَيْ : تَمِيل .ا.هـ.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/178) في فوائد حديث عبد الله بن عمر :(1/3)
وَفِيهِ عَرْض الْإِنْسَان بِنْته وَغَيْرهَا مِنْ مَوْلَيَاته عَلَى مَنْ يُعْتَقَد خَيْره وَصَلَاحه لِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْع الْعَائِد عَلَى الْمَعْرُوضَة عَلَيْهِ , وَأَنَّهُ لَا اِسْتِحْيَاء فِي ذَلِكَ .
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْس بِعَرْضِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا لِأَنَّ أَبَا بَكْر كَانَ حِينَئِذٍ مُتَزَوِّجًا .ا.هـ.
ونحن نعلم أن بعضا ممن يقرأ هذا الموضوع قد يعترض بأمور ، ولكن يبقى النص واضحاً في جواز ذلك ، وأن الحادثة أو الحادثتين لا تلغي النص ، بارك الله في الجميع .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@154.rDl8bcjh8sB^0@.ef2a095/8
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
فَائِدةٌ ... لَفْظَةُ : " وَبَالِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ " هَلْ ثَثْبُتُ ؟
الحمد لله وبعد ؛
بينما كنتُ اقرأ في كتاب " الصحيح المسند من أحكام الصيام " لأبي الحسن محمد بن أحمد الحدائي السلفي ، استوقفتني بعض ألفاظ الأحاديث الوادرة في ثنايا الكتاب ، وأحببت أن أضعها بين أيديكم لكي تكون الفائدة أعم .
والحقيقة أن الكتاب جيد في مادته ، وقد أتي المؤلف - جزاه الله خيرا -على كثير من مباحث الصيام ، إلا أنه في بعض الأحاديث لم يدقق فيها كثيرا من جهة الحكم عليها .
ولست في مجال الاستقصاء لكل ما ورد في الكتاب .
وقد ذكر - جزاه الله خيرا - في مبحث " ما يكره للصائم " ( ص 114) فقال :
[ 1 ] المبالغة في المضمضة والاستنشاق :
لقوله صلى الله عليه وسلم : " وَبَالِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا " .
صحيح . رواه أهل السنن .ا.هـ.
رواه أبو داود (142، 143) ، والترمذي (38) ، والنسائي (1/66، 69) ، وابن ماجه (448) من طريق عاصم بن لقيط بن صبرة به . قال الترمذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
والذي أعرفه أن لفظة " الْمَضْمَضَةِ " ليست في كتب السنن ، فاجتهدت في البحث .
وبعد الرجوع إلى المصادر وجدت ما يلي :
قال الزيلعي في " نصب الراية " (1/16) :
وفي حديث لقيط بن صبرة ، قال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق ، إلا أن تكون صائماً ، أخرجه الأربعة في "سننهم" قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وأخرجه ابن خزيمة . وابن حبان في "صحيحهما". والحاكم في "المستدرك" .
وفي رواية لأبي داود عن لقيط بهذا الحديث : إذا توضأت فمضمض ، انتهى .(1/1)
ورواه أبو البشر الدولابي في "جزء جمعه من أحاديث سفيان الثوري" فذكر فيه المضمضة والاستنشاق ، فقال : حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن ابن مهدي ثنا سفيان الثوري عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير بن - هكذا في المطبوع والصواب عن كما سيأتي عند ابن القطان - عاصم بن لقيط عن أبيه لقيط بن صبرة مرفوعاً : " أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في المضمضة والاستنشاق ، إلا أن تكون صائما "، انتهى.
وذكره ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام" بسنده المذكور ، ثم قال : وهذا سند صحيح . وابن مهدي أحفظ من وكيع ، فإن وكيعاً رواه عن الثوري ، لم يذكر فيه المضمضة ، انتهى كلامه .ا.هـ. كلام الزيلعي .
وبعد الرجوع إلى كلام ابن القطان في " بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام " (5/592 - 593 رقم 2810) قال :
" وذكر من طريق النسائي عن لقيط بن صبرة قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن الوضوء ؟ قال : " أسبغ الوضوء ، وبالغ في الاستنشاق ، إلا أن تكون صائما " .
وهو صحيح ، وترك منه زيادة ذكرها الثوري في رواية عبد الرحمن بن مهدي ، عنه ، وهي الأمر بالمبالغة أيضا في المضمضة .
ولفظ النسائي ، هو من رواية وكيع عن الثوري .
وابن مهدي أحفظ من وكيع ، وأجل قدرا .
قال أبو بشر الدولابي - فيما جمع من حديث الثوري - حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي ، عن سفيان ، عن أبي هاشم عن عاصم بن لقيط ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في المضمضة والاستنشاق ، إلا أن تكون صائما " .
وهذا صحيح .ا.هـ.
فعزو الحديث إلى أهل السنن بهذا اللفظ غير دقيق . والله أعلم .
فجزاه الله خيرا الشيخ أبا الحسن الحدائي على أن جعلني أبحث على هذا اللفظ ، وهذه الفائدة .
ملحوظة أخرى :
قال في حاشية ( ص 22) عند كلامه على مسألة هل رائحة خلوف فم الصائم في الدنيا أم في الآخرة ؟ فقال :(1/2)
والذي رجحه ابن القيم أنها في الآخرة ، كما جاء في بعض الروايات " لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ " رواه ابن حبان في صحيحه ، وتمام في فوائده وإسناده صحيح .ا.هـ.
ولفظة : " يَوْمَ الْقِيَامَةِ " موجودة في صحيح مسلم (2/807) .
13 - كتاب الصيام ، (30) باب فضل الصيام . رقم الحديث تحت هذا الباب (163) .
فالعزو إليها أولى من المصادر التي ذكرها ، ويكتفى به في العزو . والله أعلم .
ومن كان لديه إضافة على ما ذكرنا ، فأكون له من الشاكرين المعترفين له بالفضل .
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4435
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/3)
فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين في العقيقة
السؤال الأول
س 644 : فضيلة الشيخ : حبذا لو أتحفتنا ببعض أحكام العقيقة : تسميتها ، وقتها ، وهل يُعطى الأغنياء منها ؟ وهل يجوز إعطاء الكافر منها ؟ وهل الأفضل توزيعها أو عمل وليمة ؟
الجواب : العقيقة سنة مؤكدة ، عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة ، تذبح في اليوم السابع ، ويؤكل منها ويوزع على الأغنياء هدية وعلى الفقراء صدقة .
هل يجوز أن يُعطى الكافر منها ؟
الكافر يتصدق منها عليه إذا كان لا ينال المسلمين منه ضرر ، لا منه ولا منه قومه لقوله تعالى : " لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ " [ الممتحنة : 8 ] . يعني ما ينهاكم عن برهم ، بروهم تصدقوا عليهم ليس هناك مانع أن تبروهم وتقسطوا إليهم ، فالبر إحسان ، والقسط عدل : " إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" [ الممتحنة : 8 ] .
[ لقاء الباب المفتوح (17/35 - 36) ]
---
السؤال الثاني
س 591 : فضيلة الشيخ : شخص يقول : عندي عقيقة ذبحتها فأكرمت العمال وبينهم مسلم ، وبينهم كافر فهل يجوز لي إكرامهم أم لا ؟
الجواب : أولا العقيقة ذبيحة لله - عز وجل - لا يجوز أن يدفع بها الإنسان مذمة عن نفسه ولا أن يجلب لنفسه بها مصلحة ، فإذا كان قد أكرم العمال من أجل أن يزيدوا في عمله وينصحوا له ، فهذا لا يجوز ، أما إذا أكرم العمال بها لأنهم فقراء فهذا لا بأس به ، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين ، وسواء كان معهم مسلم أم لم يكن ، لأن الله تعالى قال في كتابه : " لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " [ الممتحنة : 8 ] .
[ لقاء الباب المفتوح (15/39 - 40) ]
---(1/1)
السؤال الثالث
س 656 : هل الولد الصغير الذي يسقط قبل أن يتم له عقيقة أم لا ؟
الجواب : ما سقط قبل تمام أربعة أشهر فهذا ليس له عقيقة ، ولا يسمى ولا يصلى عليه ، ويدفن في أي مكان من الأرض .
وأما بعد أربعة أشهر فهذا قد نفخت فيه الروح ، هذا يسمى ويغسل ويكفن ويُصلى عليه ويدفن مع المسلمين ، ويعق عنه على ما نراه ، لكن بعض العلماء يقول : ما يعق عنه حتى يتم سبعة أيام حيا ، لكن الصحيح أنه يعق عنه لأنه سوف يبعث يوم القيامة ، ويكون شافعا لوالديه .
[ لقاء الباب المفتوح (17/50 - 51) ]
---
السؤال الرابع
س 85 : رجل له مجموعة من الأبناء والبنات ولم يعق لأحد منهم إما لجهل أو لتهاون ، وبعضهم كبار الآن ، فماذا عليه الآن ؟
الجواب : إذا عق عنهم الآن فهو حسن إذا كان جاهلا ، أو يقول غداٌ أعق حتى تمادى به الوقت ، أما إذا كان فقيرا في حين مشروعية العقيقة فلا شيء عليه .
[ لقاء الباب المفتوح (2/17 - 18) ]
---
السؤال الخامس
س 799 : فضيلة الشيخ : ما حكم توزيع كل العقيقة وإخراجها خارج البلاد مع العلم بعدم حاجة أهلها للحم هذه العقيقة ؟
الجواب : بالمناسبة لهذا السؤال ، أود أن أبين للإخوة الحاضرين والسامعين أنه ليس المقصود من ذبح النسك سواء كان عقيقة أم هديا أم أضحية اللحم أو الانتفاع باللحم ، فالانتفاع باللحم يأتي أمرا ثانويا ، المقصود بذلك هو أن يتقرب الإنسان إلى الله بالذبح ، هذا أهم شيء ، أما اللحم فقد قال الله تعالى : " لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى " [ الحج : 37] .(1/2)
وإذا علمنا ذلك تبين لنا خطأ من يدفعون فلوسا ليضحي عنهم في مكان آخر ، أو يعق عن أولاده في مكان آخر ، لأنه إذا فعلوا ذلك ، فاتهم المهم بل فاتهم الأهم من هذه النسيكة وهو التقرب إلى الله بالذبح ، وأنت لاتدري من سيتولى الذبح ، قد يتولاها من لايصلي ، فلا تحل ، قد يتولاها من لا يسمي عليها فلا تحل ، قد يعبث بها ولا يشترى إلا شيئا لا يُجزيء .
فمن الخطأ جدا أن تصرف الدراهم لشراء الأضاحي أو العقائق من مكان آخر ، نقول : اذبحها أنت بيدك إن استطعت أو بوكيلك ، واشهد ذبحها حتى تشعر بالتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بذبحها ، وحتى تأكل منها لأنك مأمور بالأكل منها . قال الله تعالى : " فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ" [ الحج : 28 ]
وقد أوجب كثير من العلماء على الإنسان أن يأكل من كل نسيكة ذبحها تقربا إلى الله كالهدايا والعقائق وغيرها ، فهل ستأكل منها وهي في محل بعيد ؟ لا .
وإذا كنت تريد أن تنفع إخوانك في مكان بعيد فابعث بالدراهم إليهم ، ابعث بالثياب إليهم ، ابعث بالطعام إليهم ، وأما أن تنقل شعيرة من شعائر الإسلام إلى بلاد أخرى ، فهذا لا شك أنه من الجهل ، نعم أعتقد أن الذين يفعلون ذلك لا يريدون إلا الخير ، لكن ليس كل من أراد الخير يوفق له . ألم تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل رجلين في حاجة ، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء ، فتيمما وصليا ، ثم وجدا الماء فأحدهما توضأ وأعاد الصلاة ، والثاني لم يعد الصلاة ، فقال للذي لم يعد الصلاة أصبت السنة . والذي أعاد الصلاة كان يريد الخير ، فشفعت له نيته هذه ، وأعطي أجرا على عمله الذي فعله باجتهاده . لكن هو خلاف السنة ولهذا لو أن الإنسان أعاد الصلاة بعد أن سمع بأن السنة عدم الإعادة لم يكن له أجر ، لكن هذا كان له أجر لأنه كان لا يعلم أن السنة عدم الإعادة .(1/3)
فالحاصل أنه ليس كل من أراد الخير يوفق له . وأنا أخبرك وأرجو أن تخبر من يبلغه خبرك ، بأن هذا عمل خاطيء ليس بصواب ، نعم : لو فرض أنه أراد الأمر بين أن تعق أو تنجي أناسا من المجاعة وهم مسلمون وأردت أن تأخذ دراهم العقيقة وترسلها لقلنا لعل هذا أفضل ، لأن إنقاذ المسلمين من الهلاك واجب لكن لا ترسل دراهم على أنها تكون عقيقة .
[ لقاء الباب المفتوح (23/28 - 31) ]
للفائدة انظر هذا الموضوع
http://saaid.net/Doat/ehsan/113.htm
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@8.8XlGbPQEgjJ^0@.ef14e3b
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
فتاوى في حُكمِ
" التأمين الصحي وغيره من صور التأمين "
السؤال :
ما حكم التأمين التجاري المنتشر اليوم ؟ .
الجواب :
الحمد لله
1) جميع أنواع التأمين التجاري ربا صريح دون شك ، فهي بيع نقود بنقود أقل منها أو أكثر مع تأجيل أحد النقدين ، ففيها ربا الفضل وفيها ربا النسأ ، لأن أصحاب التأمين يأخذون نقود الناس ويعدونهم بإعطائهم نقودا أقل أو أكثر متى وقع الحادث المعين المؤمن ضده . وهذا هو الربا ، والربا محرم بنص القرآن في آيات كثيرة .
2) جميع أنواع التأمين التجاري لا تقوم إلا على القمار ( الميسر ) المحرم بنص القرآن : " يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "
فالتأمين بجميع صوره لعب بالحظوظ ، يقولون لك ادفع كذا فإن وقع لك كذا أعطيناك كذا ، وهذا هو عين القمار ، وإن التفرقة بين التأمين والقمار مكابرة لا يقبلها عقل سليم ، بل إن أصحاب التأمين أنفسهم يعترفون بأن التأمين قمار .
3) جميع أنواع التأمين التجاري غرر ، والغرر محرم بأحاديث كثيرة صحيحة ، من ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة ، وعن بيع الغرر " رواه مسلم .
إن التأمين التجاري بجميع صوره يعتمد على الغرر ، بل على الغرر الفاحش ، فجميع شركات التأمين ، وكل من يبيع التأمين يمنع منعا باتا التأمين ضد أي خطر غير احتمالي ، أي أن الخطر لا بد أن يكون محتمل الوقوع وعدم الوقوع حتى يكون قابلا للتأمين ، وكذلك يمنع العلم بوقت الوقوع ومقداره ، وبهذا تجتمع في التأمين أنواع الغرر الثلاثة الفاحشة .
4) التأمين التجاري بجميع صوره أكل لأموال الناس بالباطل ، وهو محرم بنص القرآن : " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " .(1/1)
فالتأمين التجاري بجميع أنواعه وصوره عملية احتيالية لأكل أموال الناس بالباطل ، وقد أثبتت إحدى الإحصائيات الدقيقة لأحد الخبراء الألمان أن نسبة ما يعاد إلى الناس إلى ما أخذ منهم لا يساوي إلا 2.9% .
فالتأمين خسارة عظيمة على الأمة ، ولا حجة بفعل الكفار الذين تقطعت أواصرهم واضطروا إلى التأمين اضطرارا ، وهم يكرهونه كراهية الموت .
هذا طرف من المخالفات الشرعية العظيمة التي لا يقوم التأمين إلا عليها ، وهناك مخالفات عديدة أخرى لا يتسع المقام لذكرها ، ولا حاجة لذكرها فإن مخالفة واحدة مما سبق ذكره كافية لجعله أعظم المحرمات والمنكرات في شرع الله .
وإن مما يؤسف له أن بعض الناس ينخدع بما يزينه لهم ويلبسه عليهم دعاة التأمين كتسميته بالتعاوني أو التكافلي أو الإسلامي أو غير ذلك من المسميات التي لا تغير من حقيقته الباطلة شيئا .
وأما ما يدعيه دعاة التأمين من أن العلماء قد أفتوا في حل ما يسمى بالتأمين التعاوني فهو كذب وبهتان ، وسبب اللبس في ذلك أنه قد تقدم بعض دعاة التأمين إلى العلماء بعرض مزيف لا علاقة له بشيء من أنواع التأمين وقالوا إن هذا نوع من أنواع التأمين وأسموه بالتأمين التعاوني ( تزيينا له وتلبيسا على الناس ) وقالوا إنه من باب التبرع المحض وأنه من التعاون الذي أمر الله به في قوله تعالى : " وتعاونوا على البر والتقوى " ، وأن القصد منه التعاون على تخفيف الكوارث الماحقة التي تحل بالناس ، والصحيح أن ما يسمونه بالتأمين التعاوني هو كغيره من أنواع التأمين ، والاختلاف إنما هو في الشكل دون الحقيقة والجوهر ، وهو أبعد ما يكون عن التبرع المحض وأبعد ما يكون عن التعاون على البر والتقوى حيث أنه تعاون على الإثم والعدوان دون شك ، ولم يقصد به تخفيف الكوارث وترميمها وإنما قصد به سلب الناس أموالهم بالباطل ، فهو محرم قطعا كغيره من أنواع التأمين ، لذا فإن ما قدموه إلى العلماء لا يمت إلى التأمين بصله .(1/2)
وأما يدعيه البعض من إعادة بعض الفائض ، فإن هذا لا يغير شيئا ، ولا ينقذ التأمين من الربا والقمار والغرر وأكل أموال الناس بالباطل ومنافاة التوكل على الله تعالى ، وغير ذلك من المحرمات ، وإنما هي المخادعة والتلبيس ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى رسالة ( التأمين وأحكامه ) وإنني لأدعو كل مسلم غيور على دينه يرجو الله واليوم الآخر أن يتقي الله في نفسه ، ويتجنب كل التأمينات مهما ألبست من حلل البراءة وزينت بالأثواب البراقة فإنها سحت ولا شك ، وبذلك يحفظ دينه وماله ، وينعم بالأمن من مالك الأمن سبحانه .
وفقني الله وإياكم إلى البصيرة في الدين والعمل بما يرضي رب العالمين .
المرجع : خلاصة في حكم التأمين للشيخ الدكتور سليمان بن إبراهيم الثنيان عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالقصيم .
(www.islam-qa.com)
المصدر
---
نص السؤال :
ما حكم الدين في التأمين الصحي وهو أن يدفع الشخص أقساطاً إلى شركة التأمين مقابل قيامها بدفع تكاليف العلاج ؟
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فالتأمين الصحي كغيره من أقسام التأمين ، ولا يخفى أنها ليست من الإسلام في شيء ، لما تشتمل عليه من الغرر وأكل أموال الناس بالباطل فمثلاً هب أنك أخذت منك هذه الأقساط سنوات طويلة ولم تحتج إلى علاج فبأي وجه أخذ هذا المال ؟
أو أنّك أصبت فور انبرام عقد التأمين بمرض عضال يكلف علاجه أقساط عشر سنين ، وقام المؤمِّنُ بدفع تكاليف العلاج أليس هذا هو القمار المحرم ؟
فعلى السائل الكريم أن يبتعد عن مثل هذه العقود المحرمة، وأن يسأل الله تعالى العافية .
تنبيه :
لنا بعض الاستدراك على الصيغة التي طرح بها السؤال وهي : ( ما حكم الدين ) ؟(1/3)
فلا ينبغي أن يوجه للشخص مثل هذا السؤال لأن الواحد من الناس لا يعبر عن الدين إذ قد يخطيء وقد يصيب ، ونحن إذا قلنا إنه يعبر عن الإسلام فمعناه أنه لا يخطيء لأن الإسلام لا خطأ فيه فالأولى في مثل هذا التعبير أن يقال :
ما ترى في حكم كذا أو ما ترى في من فعل كذا؟
والعلم عند الله .
مركز الفتوى بإشراف د . عبدالله الفقيه
المصدر
---
نص السؤال :
فضيلة الشيخ في موقع وزارة الأوقاف في قطروإن أمكن فالشيخ علي السالوس ...نفع الله بعلمكم الإسلام والمسلمين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...................أمابعد:
فسؤالي عن التأمين الصحي وسبق أن إطلعت على فتاوى كثير من العلماء في بيان حرمته وأنه من الميسر وأفتى المجمع الفقهي بذلك........؟
ولكن الوضع هنا في أمريكا يختلف عن الوضع في البلاد الإسلامية ،حيث أن العلاج فيها مرتفع الثمن ولا يستطيع آحاد الناس دفع كافة التكاليف وبخاصة العمليات الجراحية وعمليات الولادة فقد تكلف عملية الولادة على سبيل المثال مابين 5000 إلى 8000 دولار أو أكثر هذة الولادة الطبيعية..؟ أما العملية القيصرية فقد تتجاوز 12000 دولار وقس على ذلك بقية العلاجات فيندر أن تكون هناك كشفية لطبيب بأقل من 50دولار فإن استدعى الأمر إلى تحاليل أو أشعة أو....إرتفع السعر أكثر فأكثر،لذا تجد أن دخل الطبيب من أعلى الدخول في أمريكا بل يكاد يكون على مستوى العالم. فإن كان الحال ما ذكر فهل يجوز للمقيمين فى هذا البلد من المسلمين سواء كانت الإقامة للدراسة أو للعمل أو ..أو..الحصول على التأمين الصحي من باب الإضطرار والحاجة كما قال تعالى"فمن أضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه.."
أرجو منكم يا شيخنا الفاضل بيان الحكم في هذه المسألة المعضلة خصوصا لأهل الدخل المحدود....وجزاكم الله خير وأحسن إليكم .
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :(1/4)
نود أن يعرف السائل أن المجمع الفقهي لا يصدر قراراته بالنظر إلى بلد معين أو حالة مخصوصة ، وإنما يراعي اختلاف البيئات ، وتنوع الأحوال وينص على ذلك .
وما قرره المجمع في تحريم ذلك التأمين هو الصواب .
وعلى المسلم أن يتوكل الله ويعتمد عليه ويفوض الأمر إليه ، وعلى المسلمين أن يسعوا لإنشاء صناديق تعاونية لدفع الأخطار ، ومواجهة الأزمات ، والله أعلم .
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
المصدر
---
نص السؤال :
هل بالإمكان تزويدي بفتوى المجمع الفقهي عن التأمين الصحي وجزاكم الله خيرا .
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فلم نقف على قرار للمجمع الفقهي بخصوص التأمين الصحي ، لكن صدر للمجمع قراران بشأن التأمين عموما، ومنه يعلم حكم التأمين الصحي . وإليك نص القرارين :
قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة
القرار الخامس :
التأمين بشتى صوره وأشكاله .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فإن مجمع الفقه الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة، بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضاً على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/ 1397هـ من التحريم للتأمين بأنواعه .
وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك، قرر المجلس بالأكثرية: تحريم التأمين بجميع أنواعه سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك من الأموال .
كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري المحرم، والمنوه عنه آنفاً، وعهد بصياغة القرار إلى لجنة خاصة .
تقرير اللجنة المكلفة بإعداد قرار مجلس المجمع حول التأمين :(1/5)
بناء على قرار مجلس المجمع المتخذ بجلسة الأربعاء 14 شعبان 1398هـ المتضمن تكليف كل من أصحاب الفضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن باز ، والشيخ/ محمد محمود الصواف ، والشيخ/ محمد بن عبد الله السبيل بصياغة قرار مجلس المجمع حول التأمين بشتى أنواعه وأشكاله .
وعليه فقد حضرت اللجنة المشار إليها وبعد المداولة أقرت ما يلي :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فإن مجمع الفقه الإسلامي في دورته الأولى المنعقدة في 10 شعبان 1398هـ بمكة المكرمة بمقر رابطة العالم الإسلامي قد نظر في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة، بعد ما اطلع على كثير مما كتبه العلماء في ذلك، وبعد ما اطلع أيضاً على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/ 1397هـ بقراره رقم (55) من التحريم للتأمين التجاري بأنواعه .
وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر مجلس المجمع الفقهي بالإجماع عدا فضيلة الشيخ/ مصطفى الزرقاء تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه سواء كان على النفس، أو البضائع التجارية، أو غير ذلك للأدلة الآتية :
الأول :
عقد التأمين التجاري من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن لا يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي، أو يأخذ، فقد يدفع قسطاً، أو قسطين، ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمِن، وقد لا تقع الكارثة أصلاً، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئاً، وكذلك المؤمِن لا يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده، وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن بيع الغرر .
الثاني :(1/6)
عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية، ومن الغرم بلا جناية أو تسبب فيها، ومن الغنم بلا مقابل، أو مقابل غير مكافئ، فإن المستأمن قد يدفع قسطاً من التأمين، ثم يقع الحادث، فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر، ومع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قماراً، ودخل في عموم النهي عن الميسر في قوله تعالى: (يآ أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) الآية والتي بعدها .
الثالث :
عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل والنسأ، فإن الشركة إ ذا دفعت للمستأمن، أو لورثته، أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها، فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة، فيكون ربا نسأ، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع .
الرابع :
عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم، لأن كلا منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة، ولم يبح الشرع من الرهان إلا ما فيه نصرة للإسلام، وظهور لأعلامه بالحجة والسنان، وقد حصر النبي صلى الله عليه وسلم رخصة الرهان بعوض في ثلاثة بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل" وليس التأمين من ذلك، ولا شبيهاً به فكان محرماً .
الخامس :
عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بلا مقابل، وأخذ المال بلا مقابل في عقود المعاوضات التجارية محرم، لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) .
السادس :(1/7)
في عقد التأمين التجاري الإلزام بما لا يلزم شرعاً، فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه، ولم يتسبب في حدوثه، وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعه المستأمن له، و المؤمن لم يبذل عملاً للمستأمن فكان حراماً .
وأما ما استدل به المبيحون للتأمين التجاري مطلقاً، أو في بعض أنواعه فالجواب عنه ما يلي :
1 / الاستدلال بالاستصلاح غير صحيح ، فإن المصالح في الشريعة الإسلامية ثلاثة أقسام :
قسم شهد الشرع باعتباره فهو حجة .
وقسم سكت عنه الشرع فلم يشهد له بإلغاء ولا اعتبار فهو مصلحة مرسلة، وهذا محل اجتهاد المجتهدين .
والقسم الثالث ما شهد الشرع بإلغائه .
وعقود التأمين التجاري فيها جهالة وغرر وقمار وربا، فكانت مما شهدت الشريعة بإلغائه لغلبة جانب المفسدة فيه على جانب المصلحة .
2 / الإباحة الأصلية لا تصلح دليلاً هنا ، لأن عقود التأمين التجاري قامت الأدلة على مناقضتها لأدلة الكتاب والسنة .
والعمل بالإباحة الأصلية مشروط بعدم الناقل عنها، وقد وجد فبطل الاستدلال بها .
3 / " الضرورات تبيح المحظورات " لا يصح الاستدلال به هنا ، فإن ما أباحه الله من طرق كسب الطيبات أكثر أضعافاً مضاعفة مما حرمه عليهم ، فليس هناك ضرورة معتبرة شرعاً تلجئ إلى ما حرمته الشريعة من التأمين .
4 / لا يصح الاستدلال بالعرف فإن العرف ليس من أدلة تشريع الأحكام ، وإنما يبنى عليه في تطبيق الأحكام وفهم المراد من ألفاظ النص وص ، ومن عبارات الناس في إيمانهم وتداعيهم وأخبارهم وسائر ما يحتاج إلى تحديد المقصود منه من الأفعال والأقوال ، فلا تأثير له فيما تبين أمره وتعين المقصود منه ، وقد دلت الأدلة دلالة واضحة على منع التأمين فلا اعتبار به معها .(1/8)
5 / الاستدلال بأن عقود التأمين التجاري من عقود المضاربة ، أو في معناه غير صحيح ، فإن رأس المال في المضاربة لم يخرج عن ملك صاحبه ، وما يدفعه المستأمن يخرج بعقد التأمين من ملكه إلى ملك الشركة حسبما يقضي به نظام التأمين ، وأن رأس مال المضاربة يستحقه ورثة مالكه عند موته ، وفي التأمين قد يستحق الورثة نظاماً مبلغ التأمين ، ولو لم يدفع مورثهم إلا قسطاً واحداً، وقد لا يستحقون شيئاً إذا جعل المستفيد سوى المستأمن وورثته ، وأن الربح في المضاربة يكون بين الشريكين نسباً مئوية بخلاف التأمين فربح رأس المال وخسارته للشركة، وليس للمستأمن إلا مبلغ التأمين ، أو مبلغ غير محدد .
6 / قياس عقود التأمين على ولاء الموالاة عند من يقول به غير صحيح ، فإنه قياس مع الفارق ، ومن الفروق بينهما أن عقود التأمين هدفها الربح المادي المشوب بالغرر وبالقمار وفاحش الجهالة ، بخلاف عقد ولاء الموالاة ، فالقصد الأول فيه التآخي ف ي الإسلام والتناصر ، والتعاون في الشدة والرخاء وسائر الأحوال ، وما يكون من كسب مادي ، فالقصد إليه بالتبع .
7 / قياس عقد التأمين التجاري على الوعد الملزم عند من يقول به لا يصح ، لأنه قياس مع الفارق ومن الفروق ، أن الوعد بقرض ، أو إعارة ، أو تحمل خسارة مثلاً من باب المعروف المحض ، فكان الوفاء به واجباً ، أو من مكارم الأخلاق بخلاف عقود التأمين ، فإنها معاوضة تجارية باعثها الربح المادي ، فلا يغتفر فيها ما يغتفر في التبرعات من الجهالة والغرر .
8 / قياس عقود التأمين التجاري على ضمان المجهول ، وضمان ما لم يجب قياس غير صحيح لأنه قياس مع الفارق أيضاً، ومن الفروق أن الضمان نوع من التبرع يقصد به الإحسان المحض بخلاف التأمين، فإنه عقد معاوضة تجارية يقصد منها أولاً الكسب المادي، فإن ترتب عليه معروف، فهو تابع غير مقصود إليه، والأحكام يراعى فيها الأصل لا التابع ما دام تابعاً غير مقصود إليه.(1/9)
9 / قياس عقود التأمين التجاري على ضمان خطر الطريق لا يصح فإنه قياس مع الفارق كما سبق في الدليل قبله .
10 / قياس عقود التأمين التجاري على نظام التقاعد غير صحيح ، فإنه قياس مع الفارق أيضاً ، لأن ما يعطى من التقاعد حق التزم به ولي الأ مر باعتباره مسئولاً عن رعيته ، وراعى في صرفه ما قام به الموظف من خدمة الأمة ، ووضع له نظاماً راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف ، ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم ، فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها ، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين ، والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة .
لأن ما يعطى في حالة التقاعد يعتبر حقاً التزم به من حكومات مسئولة عن رعيتها ، وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة كفاء لمعروفه ، وتعاوناً معه جزاء تعاونه ببدنه ، وفكره وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة .
11 / قياس نظام التأمين التجاري وعقوده على نظام العاقلة لا يصح ، فإنه قياس مع الفارق ، ومن الفروق أن الأصل في تحمل العاقلة لدية الخطأ وشبه العمد ما بينها وبين القاتل خطأ ، أو شبه العمد من الرحم والقرابة التي تدعو إلى النصرة والتواصل والتعاون وإسداء المعروف ، ولو دون مقابل ، وعقود التأمين التجارية استغلالية تقوم على معاوضات مالية محضة لا تمت إلى عاطفة الإحسان ، وبواعث المعروف بصلة .
12 / قياس عقود التأمين التجاري على عقود الحرا سة غير صحيح ، لأنه قياس مع الفارق أيضاً .
ومن الفروق أن الأمان ليس محلاً للعقد في المسألتين ، وإنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين ، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس ، أما الأمان فغاية ونتيجة ، وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس .(1/10)
13 / قياس التأمين على الإيداع لا يصح لأنه قياس مع الفارق أيضاً ، فإن الأجرة في الإيداع عوض عن قيام الأمين بحفظ شيء في حوزته يحوطه بخلاف التأمين ، فإن ما يدفعه المستأمن لا يقابله عمل من المؤمن ، ويعود إلى المستأمن بمنفعة إنما هو ضمان الأمن والطمأنينة ، وشرط العوض عن الضمان لا يصح ، بل هو مفسد للعقد وإن جعل مبلغ التأمين في مقابلة الأقساط كان معاوضة تجارية جعل فيها مبلغ التأمين، أو زمنه ، فاختلف في عقد الإيداع بأجر .
14 / قياس التأمين على ما عرف بقضية تجار البز مع الحاكة لا يصح . والفرق بينهما أن المقيس عليه من التأمين التعاوني ، وهو تعاون محض والمقيس تأمين تجاري وهو معاوضات تجارية فلا يصح القياس .
كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (51) وتاريخ 4/4/ 1397 ه من جواز التأمين التعاوني بدلاً عن التأ مين التجاري المحرم والمنوه عنه آنفاً للأدلة الآتية.
الأول :
أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار ، والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث ، وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر ، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ، ولا ربحاً من أموال غيرهم ، وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر .
الثاني :
خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه: ربا الفضل، وربا النسأ، فليست عقود المساهمين ربوية، ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية .
الثالث :
أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع، لأنهم متبرعون، فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة بخلاف التأمين التجاري ، فإنه عقد معاوضة مالية تجارية .
الرابع :(1/11)
قيام جماعة من المساهمين ، أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون ، سواء كان القيام بذلك تبرعاً، أو مقابل أجر معين .
ورأى المجلس أن يكون التأمين التعاوني على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة للأمور الآتية :
أولاً :
الالتزام بالفكر الاقتصادي ا لإسلامي الذي يترك للأفراد مسئولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية، ولا يأتي دور الدولة إلا كعنصر مكمل لما عجز الأفراد عن القيام به، وكدور موجه ورقيب لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها .
ثانياً :
الالتزام بالفكر التعاوني التأميني الذي بمقتضاه يستقل المتعاونون بالمشروع كله من حيث تشغيله، ومن حيث الجهاز التنفيذي ومسئولية إدارة المشروع .
ثالثاً :
تدريب الأهالي على مباشرة التأمين التعاوني وإيجاد المبادرات الفردية والاستفادة من البواعث الشخصية، فلا شك أن مشاركة الأهالي في الإدارة تجعلهم أكثر حرصاً ويقظة على تجنب وقوع المخاطر التي يدفعون مجتمعين تكلفة تعويضها مما يحقق بالتالي مصلحة لهم في إنجاح التأمين التعاوني، إذ أن تجنب المخاطر يعود عليهم بأقساط أقل في المستقبل، كما أن وقوعها قد يحملهم أقساطاً أكبر في المستقبل .
رابعاً :
صورة الشركة المختلطة لا يجعل التأمين كما لو كان هبة، أو منحة من الدولة للمستفيدين منه ، بل بمشاركة منها معهم فقط لحمايتهم ومساندتهم باعتبارهم هم أصحاب المصلحة الفعلية ، وهذا موقف أكثر إيجابية ليشعر معه المتعاونون بدور الدولة ، ولا يعفيهم في نفس الوقت من المسئولية .
ويرى المجلس أن يراعى في وضع المواد التفصيلية للعمل بالتأمين التعاوني الأسس الآتية :
الأول :(1/12)
أن يكون لمنظمة التأمين التعاوني مركز له فروع في كافة المدن، وأن يكون بالمنظمة أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها، وبحسب مختلف فئات، ومهن المتعاونين، كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحي، وثان للتأمين ضد العجز والشيخوخة.. الخ .
أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين، وآخر للتجار، وثالث للطلبة، ورابع لأصحاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء المحامين..الخ. الثاني :
أن تكون منظمة التأمين التعاوني على درجة كبيرة من المرونة، والبعد عن الأساليب المعقدة .
الثالث :
أن يكون للمنظمة مجلس أعلى يقرر خطط العمل، ويقترح ما يلزمها من لوائح وقرارات تكون نافذة إذا اتفقت مع قواعد الشريعة .
الرابع :
يمثل الحكومة في هذا المجلس من تختاره من الأعضاء، ويمثل المساهمين من يختارونه ليكونوا أعضاء في المجلس ليساعد ذلك على إشراف الحكومة عليها، أو اطمئنانها على سلامة سيرها ، وحفظها من التلاعب والفشل .
الخامس :
إذا تجاوزت المخاطر موارد الصندوق بما قد يستلزم زيادة الأقساط، تقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة .
ويؤيد مجلس المجمع الفقهي ما اقترحه مجلس هيئة كبار العلماء في قراره المذكور بأن يتولى وضع المواد التفصيلية لهذه الشركة التعاونية جماعة من الخبراء المختصين في هذا الشأن .
والله ولي التوفيق . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
نائب الرئيس الرئيس
محمد علي الحركان ، عبد الله بن حميد
الأمين العام رئيس مجلس القضاء الأعلى لرابطة العالم الإسلام في المملكة العربية السعودية
الأعضاء :
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الرئيس العام للإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية .
محمد محمود الصواف ، صالح بن عثيمين ، محمد بن عبد الله السبيل ، محمد رشيد قباني ، مصطفى الزرقاء ، محمد رشيدي ، عبد القودس الهاشمي الندوي ، أبو بكر جومي .
قرار رقم 2
بشأن التأمين وإعادة التأمين :
أما بعد :(1/13)
فإن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 - 16 ربيع الثاني 1406هـ/22-28 ديسمبر 1985م .
بعد أن تابع العروض المقدمة من العلماء المشاركين في الدورة حول موضوع " التأمين وإعادة التامين".
وبعد أن ناقش الدراسات المقدمة .
وبعد تعمق البحث في سائر صوره وأنواعه ، وا لمبادئ التي يقوم عليها ، والغايات التي يهدف إليها .
وبعد النظر فيما صدر من المجامع الفقهية والهيئات العلمية بهذا الشأن .
قرر :
1 - أن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد، ولذا فهو حرام شرعاً .
2 - أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون . وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني .
3 - دعوة الدول الإسلامية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني وكذلك مؤسسات تعاونية لإعادة التأمين، حتى يتحرر الاقتصاد الإسلامي من الاستغلال، ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه الأمة. والله أعلم .
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
المصدر
---
السؤال :
ماذا حكم الإسلام في الحصول على تأمين صحي في بلد مثل الولايات المتحدة ؟
العلاج الصحي غالي جدا وإذا لم أحصل على التأمين الصحي فلن يعالجوني وإذا أردت أن ادفع لعلاجي فإنني سوف أفلس .
الجواب :
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
العلاج الصحي في الولايات المتحدة حيث أقيم مرتفع جدا وإذا لم أحصل على التأمين الصحي فلن يعالجوني ، وإذا أردت أن أدفع علاجي فسوف أفلس وربما أسجن ، فهل هذا يعتبر عذرا في الدخول في التأمين الصحي الذي هو نوع من الميسر نظرا لأنه لا يوجد تأمين شرعي ولا قدرة لي على معالجة نفسي وأولادي وزوجتي في الحالة الاعتيادية الموجودة في بعض البلدان؟(1/14)
فأجاب - حفظه الله - بما يلي :
مادام الرجل يعلم أن هذا من الميسر فإنه لا يحل لأنه من عمل الشيطان فليعتمد على الله ويتوكل عليه فإن من يتوكل على الله فهو حسبه ، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ، فلا يجوز له أن يدخل في التأمين . انتهى كلامه حفظه الله .
وقد سبق بيان أنّ وجه كون التأمين الصحّي من الميسر أنّ الشّخص يدفع مبلغا من المال تمتلكه شركة التأمين فإذا مرض أو حصل له حادث استفاد وإلاّ ذهب ماله ثمّ قد تكون الاستفادة بمثل أو أقلّ أو أكثر مما دفع وفي هذا من الجهالة والغرر وأكل المال بغير حقّ أو الخسارة لأحد الطّرفين ما لا يخفى .
وليت بعض المسلمين أو العقلاء يقومون بإنشاء مؤسسات تأمين تعاونية تقرّها الشّريعة الإسلامية ، تكون فكرتها الأساسية أن يتضامن دافعوا الأموال لصندوق معيّن ( لا يمتلكه طرف آخر ) أنّه إذا حصل لأحدهم مرض أو حادث أنْ يعوّض برضاهم ، ثمّ لا بأس أن يُعطى القائمون على هذا الصّندوق من الموظّفين رواتب ، ولا بأس أن تستثمر الأموال شركة أخرى بنسبة معينة من الأرباح ، والله الموفّق .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
المصدر
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@111.62MibEtsdCR^0@.ef14564
---
القولُ المبينُ في شَرِكاتِ التأمينِ
http://saaid.net/Doat/Zugail/83.htm
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/15)
كفارة إتيان الزوجة الحائض
ما هي كفارة إتيان الزوجة الحائض
دينار ذهب أم نصف دينار أم توبة واستغفار ؟
الجواب
قال أبو عمر دبيان الدبيان في " الحيض والنفاس . روايةٌ ودرايةٌ " : " اختلف الفقهاءُ في هذه المسألة :
فقيل : عليه التوبةُ والاستغفارُ ، وتستحبُ له الكفارةُ .
وهو مذهبُ الحنفيةِ ، والقول الجديد في المذهبِ الشافعي .
وقيل : ما عليه إلا التوبة والاستغفار ، وهو مذهب المالكية ، وروايةٌ عن أحمد .
وقيل : تجبُ عليه الكفارةُ . وهذا المشهور من مذهب الحنابلةِ .
واختلفوا في تقديرِ الكفارةِ .
فقيل : فهي على التخيير ، دينار أو نصفه ، وهو المشهور عند الجنابلةِ .
وقيل : إن كان الدم أسود فدينار ، وإن كان أصفر فنصف دينار .
وقيل : إن كان في إقبال الدم وفي زمن قوته وشدته فدينار ، وإن كان في إدبار الدم بأن كان زمن ضعفه وقربه من الانقطاع فنصف دينار .
وقيل : إن جامعها في زمن الحيض فدينار ، وإن جامعها بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال فنصف دينار . وهو قول قتادة والأوزاعي .
وقيل : عليه خُمسا دينار وينسب هذا القول لعمر .
وقيل : عليه عتق رقبة ، وهو قول سعيد بن جبير .
وقيل : عليه كفارة من جامع في نهار رمضان ، وهو قول الحسن .
وأما الحديثُ الوارد في المسألة فقد حكم عليه بقوله : " الحديث الصحيح فيه أنه موقوف على ابنِ عباس ، وفي متنه اختلاف كثير " .
ثم حقق الحديث من صفحة 877 إلى 908 .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/1)
كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -
في المسافر الذي يدرك آخر ركعتين مع الإمام المقيم
الأخ إحسان .
إليك كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عندما سئل عن هذه المسألة .
سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في لقاء الباب المفتوح (5/54 -55 س 266) سؤالا نصه :
إذا دخل المسافر مع إمام مقيم في التشهد الأخير هل له أن يتم أو يقصر ما الأفضل يا فضيلة الشيخ ؟
الجواب : إذا دخل المسافر مع الإمام المقيم وهو في التشهد الأخير فإنه يلزمه الإتمام لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا " . [ رواه البخاري (635) ومسلم (602) ]
وما هذه شرطية تعم ما يدرك من قليل أو كثير ولم النبي عليه الصلاة والسلام : " فما أدركتم مما تدركون به الجماعة وما فاتكم فأتموا " بل أطلق قال : " فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا " فهذا الرجل الذي دخل في التشهد الأخير أدرك التشهد الأخير فإذا سلم الإمام وجب عليه إتمام ما سبق هذا مقتضى الحديث وإن كان بعض العلماء قال : إذا أدرك أقل من ركعة فإنه لا يلزمه الإتمام لأنه لم يدرك الصلاة فنقول إن الحديث عام : " مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا " .ا.هـ
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^43@.ef03973/8
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
لو قلتُ : الشيخُ أحمد ياسين شهيدٌ هل لي سلفٌ ؟
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
اغتال يهودُ – عليهم لعائنُ اللهِ إلى يومِ القيامةِ – الشيخَ أحمدَ ياسين بطريقةٍ بشعةٍ تدلُ بوضوحٍ مدى الحقد الذي في قلوبِ إخوان القردةِ والخنازير ، والله أخبرنا في كتابهِ عما تكنهُ قلوبُ يهود على أهلِ الإسلامِ قال تعالى : " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا " [ المائدة : 82 ] .
قال ابنُ كثير عند تفسيرِ الآيةِ : " وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ كُفْرَ الْيَهُودِ كُفْرُ عِنَادٍ وَجُحُودٍ ، وَمُبَاهَتَة لِلْحَقِّ ، وَغَمْط لِلنَّاسِ ، وَتَنَقُّص بِحَمَلَةِ الْعِلْم ، وَلِهَذَا قَتَلُوا كَثِيرًا مِنْ الْأَنْبِيَاء حَتَّى هَمُّوا بِقَتْلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْر مَرَّة وَسَمُّوهُ وَسَحَرُوهُ وَأَلَّبُوا عَلَيْهِ أَشْبَاههمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه الْمُتَتَابِعَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " .ا.هـ.
وقد أخبر اللهُ جل وعلا عن صفةٍ سلوكيةٍ في اليهودِ وهي قتلهم للأنبياءِ والصالحين .
قال تعالى : " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ " [ البقرة : 61 ] .
عَنْ عَبْد اللَّه يَعْنِي اِبْن مَسْعُود أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَشَدّ النَّاس عَذَابًا يَوْم الْقِيَامَة رَجُل قَتَلَهُ نَبِيّ أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا وَإِمَام ضَلَالَة وَمُمَثِّل مِنْ الْمُمَثِّلِينَ " .
رواهُ الإمامُ أحمدُ (1/407) بإسنادٍ حسنٍ .(1/1)
هذهِ مقدمةٌ في بيانِ صفةٍ سلوكيةٍ واحدةٍ من صفاتِ يهود ، ولهم صفاتٌ أخرى كثيرةٌ جداً ذكرها اللهُ في كتابهِ ليس هذا مقامها ، ومن أجمعِ الكتبِ التي تكلمت على يهود " اليهودُ في السنةِ النبويةِ المطهرةِ " تأليف د . عبد الله بن ناصر بن محمد الشقاري ، في مجلدين ، والكتابُ رسالةٌ جامعيةٌ لنيلِ درجةِ الماجستير .
وقد كثرُ الكلامُ والأخذُ والردُ في مقتلِ الشيخِ أحمد ياسين من جهةِ أنهُ هل يقالُ في حقهِ : " شهيدٌ " بسببِ ما قامت به يهود من اغتيالهِ ؟
وقد شرق بعضٌ وغرب آخر وبدأ الأخذُ والردُ ، وأصبح النقاشُ في المسألةِ كما قال تعالى : " كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ " [ المؤمنون : 53 ] ، ولكن كما قال الشاعر :
أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتملٌ **** ما هكذا يا سعدُ توردُ الإبلُ
وفي هذا البحثِ المتواضعِ نقفُ مع مسألةِ إطلاقِ لفظِ " فلانٌ شهيدٌ " على من مات بسببٍ من أسبابِ الشهادةِ ليعلم المتجردُ للحقِ أن المسألةَ خلافيةٌ بين أهلِ العلمِ ، وكلُ فريقٍ استدل بما يراهُ حقاً ، وقد وجدتُ في كتابِ " أحكامِ الشهيدِ في الفقهِ الإسلامي " بحثاً جيداً في المسألةِ جمع فيه المؤلف أدلةَ كلِ قولٍ ، ثم رجح بما وجده راجحاً .
وكذلك من المسائلِ التي بحثها صاحبُ الكتابِ المذكورِ وله علاقةٌ بالموضوعِ " المسلم المقتول ظلماً " سواءٌ كان القتلُ بيدِ كافرٍ حربي أو غيرِ حربي ، أو بيدِ مسلمٍ هل يأخذُ حكمَ الشهداءِ أم لا ؟
وسأحاولُ من خلالِ البحوثِ المذكورة في الكتابِ أن ألخصَ الأقوال بقدر المستطاعِ ، مع ذكرِ أهمِ أدلةِ كلِ فريقٍ .
المسألةُ الأولى : في حكمِ قولِ : " فلانٌ شهيدٌ " :
اختلف أهلُ العلمِ في هذه المسألةِ على قولين :
القولِ الأولِ :(1/2)
أنه لا يجوزُ أن نشهدَ لشخصٍ بعينهِ أنه شهيدٌ ، حتى لو قُتل مظلوماً ، أو قُتل وهو يدافعُ عن الحقِ ، إلا من شهد له النبي صلى اللهُ عليه وسلم ، أو اتفقت الأمةُ على الشهادةِ له بذلك .
ومن القائلين بهذا : الإمامُ البخاري ، ورجحهُ الشيخُ محمدُ بنُ عثيمين كما في " المناهي االفظية " ( ص 78 – 80 ) ، و " فتاوى إسلامية " جمع المسند (1/91) و " القول السديد في أنه لا يقال : " فلانٌ شهيدٌ " لجزاع الشمري .
وهو رأي العلامةِ الألباني كما في " أحكامِ الجنائز " ( ص 59 ) فقال : ( تنبيه ) : بوب البخاري في " صحيحه " (6/89) : ( باب لا يقولُ : فلانٌ شهيدٌ ) فهذا مما يتساهلُ فيه كثيرٌ من الناسِ فيقولون : الشهيدُ فلان ... والشهيدُ فلان .ا.هـ.
واستدل أصحابُ هذا القولِ بما يلي :
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ؛ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ . رواهُ البخاري (2787) .
وقد بوب البخاري على الحديث بقولهِ : " باب لا يقولُ : " فلانٌ شهيدٌ " .(1/3)
2 - عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ بَايَعَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُمْ فِي السُّكْنَى حِينَ اقْتَرَعَتْ الْأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى الْمُهَاجِرِينَ قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ " فَاشْتَكَى عُثْمَانُ عِنْدَنَا ، فَمَرَّضْتُهُ حَتَّى تُوُفِّيَ ، وَجَعَلْنَاهُ فِي أَثْوَابِهِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ ، شَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ ؟ قَالَتْ : قُلْتُ : لَا أَدْرِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ ؟ قَالَ : أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ الْيَقِينُ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ ، وَمَا أَدْرِي وَاللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّه مَا يُفْعَلُ بِي ؟ قَالَتْ : فَوَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ ، قَالَتْ : فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ فَنِمْتُ ، فأَرِيتُ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ عَيْنًا تَجْرِي فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ : " ذَلِكِ عَمَلُهُ " . رواهُ البخاري (1243) .
3 – قال أصحابُ هذا القولِ : إننا لو شهدنا لأحدٍ بعينهِ أنه شهيدٌ لزم من تلك الشهادةِ أن نشهد له بالجنةِ ، وهذا خلافُ ما كان عليه أهلُ السنةِ .
وهناك أدلةٌ أخرى ، ولكن هذه أهمها .
ردُ العلماءِ على تبويبِ البخاري :(1/4)
رد الحافظُ ابنُ حجر على تبويبِ البخاري في " الفتح " (6/106) فقال : " أي على سبيلِ القطعِ ... وإن كان مع ذلك يُعطى حكم الشهداءِ في الأحكامِ الظاهرةِ ، ولذلك أطبق السلفُ على تسميةِ المقتولين في بدرٍ وأحدٍ وغيرهما شهداء ، والمرادُ بذلك الحكم الظاهرُ المبنيُّ على الظنِ الغالبِ ، والله أعلم .ا.هـ.
ونقل الشيخُ بكرُ أبو زيد في " معجم المناهي الفظية " ( ص 320) عن الطاهر بنِ عاشور عن ترجمةِ البخاري فقال : " هذا تبويبٌ غريبٌ ، فإن إطلاقَ اسم الشهيدِ على المسلمِ المقتولِ في الجهادِ الإسلامي ثابتٌ شرعاً ، ومطروقٌ على ألسنةِ السلفِ فمن بعدهم ، وقد ورد في حديثِ الموطأِ ، وفي الصحيحين : أن الشهداءَ خمسةٌ غير الشهيد في سبيل اللهِ ، والوصف بمثلِ هذه الأعمالِ يعتمدُ على النظرِ إلى الظاهرِ الذي لم يتأكد غيرهُ ، وليس فيما أخرجهُ البخاري هنا إسنادٌ وتعليقُ ما يقتضي منع القولِ بأن فلاناً شهيدٌ ، ولا النهي عن ذلك .
فالظاهرُ أن مرادَ البخاري بذلك أن لا يجزم أحدٌ بكونِ أحدٍ قد نال عند اللهِ ثواب الشهادةِ ؛ إذ لا يدري ما نواهُ من جهاده ، وليس ذلك للمنعِ من أن يقال لأحدٍ : إنهُ شهيدٌ ، وأن يُجرى عليهِ أحكامُ الشهداءِ ، إذا توفرت فيه ، فكان وجه التبويب أن يكونَ : باب لا يجزمُ بأن فلاناً شهيدٌ إلا بإخبارٍِ من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل قوله في عامر بن الأكوع : " إنه لجاهدُ مجاهدٌ " . ومن هذا القبيلِ زجرُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أم العلاء الأنصاريةِ حين قالت في عثمانَ بنِ مظعون : " شَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ ؟ " .ا.هـ.
القولِ الثاني :(1/5)
جوازُ تسميةِ المقتولِ في سبيلِ اللهِ وغيرهِ ممن مات بسببٍ من أسبابِ الشهادةِ بـ " شهيد " ولو بالتعيين ، بناءً على الحكمِ الظاهرِ المبني على الظنِ الغالبِ ، وذلك لمن اجتمعت فيه الشروطُ ، وانتفت عنه الموانعُ في الأعمالِ البدنية الظاهرةِ دون الأعمالِ الباطنةِ كالإخلاصِ مثلاً .
واستدل أصحابُ هذا القولِ بما يلي :
1 - أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ ، وَكَانَ خَالَهُ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ : " فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ " . رواه البخاري (4095) .
قال الحافظُ ابنُ حجرٍ في " الفتح " (7/449) : " فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ " أَيْ بِالشَّهَادَةِ " .ا.هـ.
وهذه شهادةٌ لنفسهِ ولم يُنكِر عليه النبي صلى الله عليه وسلم .
وأورد صاحبُ كتاب " أحكام الشهادة في الفقه الإسلامي " عبد الرحمن العمري آثاراً عن السلفِ حكم فيها بالشهادةِ لعددٍ من الصحابة منهم : هشام بن العاص ، وقُثَم بن العباس ، والبراء بن مالك ، والنعمان بن مقرنٍ .
وجاء في " سير أعلام النبلاء " (11/167) للذهبي عند ترجمةِ أحمد بن نصر المروزي عندما قتل في فتنة القرآن : " قَالَ ابْنُ الجُنَيْدِ : سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : خَتَمَ اللهُ لَهُ بِالشَّهَادَةِ ، قَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ ، وَكَانَ عِنْدَهُ مُصَنَّفَاتُ هُشَيْمٍ كُلُّهَا ، وَعَنْ مَالِكٍ أَحَادِيْثُ .ا.هـ.
وذهب بعضُ أهلِ العلمِ إلى هذا القول ومنهم :
1 - شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ :
سُئل شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في الفتاوى (24/293) ما نصه :
وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ رَكِبَ الْبَحْرَ لِلتِّجَارَةِ ، فَغَرِقَ فَهَلْ مَاتَ شَهِيدًا ؟ .(1/6)
فَأَجَابَ : نَعَمْ مَاتَ شَهِيدًا إذَا لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا بِرُكُوبِهِ فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " الْغَرِيقُ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْحَرِيقُ شَهِيدٌ وَالْمَيِّتُ بِالطَّاعُونِ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ فِي نِفَاسِهَا شَهِيدَةٌ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ شَهِيدٌ " . وَجَاءَ ذِكْرُ غَيْرِ هَؤُلَاءِ .
وَرُكُوبُ الْبَحْرِ لِلتِّجَارَةِ جَائِزٌ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ السَّلَامَةُ . وَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهُ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ : إنَّهُ شَهِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ.
2 – سماحةُ الشيخِ عبدُ العزيزِ بنُ باز – رحمه الله - :
وقد سُئل سماحةُ الشيخِ عبدُ العزيز بنُ باز ما نصه :
إلى سماحة الوالد الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز حرسه الله ورعاه .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :
فأرجو من سماحتكم إفتائي في حكم إطلاق لفظة ( الشهيد ) على المعين ، مثل أن أقول : الشهيد فلان ، وهل يجوز كتابة ذلك في المجلات والكتب وجزاكم الله خيرا ؟
ج : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، بعده كل من سماه النبي صلى الله عليه وسلم شهيدا فإنه يسمى شهيدا؛ كالمطعون والمبطون وصاحب الهدم والغرق والقتيل في سبيل الله والقتيل دون دينه أو دون ماله أو دون أهله أو دون دمه ، لكن كلهم يغسلون ويصلي عليهم ما عدا الشهيد في المعركة فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات في المعركة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يغسل شهداء أحد الذين ماتوا في المعركة ولم يصل عليهم كما رواه البخاري في صحيحه عن جابر رضي الله عنه .
وفق الله الجميع لما يرضيه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية(1/7)
http://binbaz.org.sa/last_resault.asp?hID=2512
والشيخُ عبدُ العزيزِ بن باز يجعلُ من قتل في مكافحةِ المخدراتِ شهيداً ، وهذه نص الفتوى :
السؤال :
انتشرت في بلاد المسلمين المخدرات فهل يعتبر شهيدا من قتل من رجال مكافحة المخدرات المسلمين عند مداهمة أوكار متعاطي المخدرات ومروجيها ؟ ثم ما حكم من يدلي بمعلومات تساعد رجال المكافحة للوصول إلى تلك الأوكار ؟
الإجابة :
الحمد لله
لا ريب أن مكافحة المسكرات والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله ، ومن أهم الواجبات التعاون بين أفراد المجتمع في مكافحة ذلك ، لأن مكافحتها في مصلحة الجميع ؛ ولأن فشوها ورواجها مضرة على الجميع ومن قتل في سبيل مكافحة هذا الشر وهو حسن النية فهو من الشهداء ، ومن أعان على فضح هذه الأوكار وبيانها للمسئولين فهو مأجور وبذلك يعتبر مجاهدا في سبيل الحق وفي مصلحة المسلمين وحماية مجتمعهم مما يضر بهم ، فنسأل الله أن يهدي أولئك المروجين لهذا البلاء وأن يردهم إلى رشدهم وأن يعيذهم من شرور أنفسهم ومكائد عدوهم الشيطان ، وأن يوفق المكافحين لهم لإصابة الحق وأن يعينهم على أداء واجبهم ويسدد خطاهم وينصرهم على حزب الشيطان إنه خير مسئول .
http://www.islamway.com/bindex.php?section=fatawa&fatwa_id=2487
3 – اللجنةُ الدائمةُ لإدارات البحوث العلمية :
ورد إلى اللجنةِ الدائمةِ كما في " فتاويها " (12/23) سؤالٌ نصه :
9248 – هل يجوزُ إطلاقُ كلمة " الشهيد " على من استبان لنا منه أنه من أهل الصلاحِ والتقوى ثم قتل في سبيل اللهِ ، هل يجوزُ لنا أن يقولَ عنه شهيد ؟
ج . من قتل في سبيلِ الله في معركةٍ مع العدو وهو صابرٌ محتسبٌ فهو شهيدُ معركةٍ ، لا يغسلُ ولا يكفنُ بل يدفنُ بملابسهِ .
أما غيرُ شهيدِ المعركةِ فهو كثيرٌ ويسمى شهيداً كمن قتل دون عرضهِ أو نفسهِ أو مالهِ ، وكالمبطونِ والمطعونِ والغريقِ ونحوهم ، وهذا يغسلُ ويكفنُ ويصلى عليه .(1/8)
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآلهِ وصحبهِ وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية .
الرئيس : عبد العزيز بن باز
نائب الرئيس : عبد الرزاق عفيفي
عضو : عبد الله بن غديان .
عضو : عبد الله بن قعود .
الترجيح :
والراجحُ فيما ظهر من الأدلةِ – واللهُ أعلمُ – أن يقالَ : إنهُ لا يشهدُ لشخص بعينه أنه شهيدٌ إلا إذا توفي بسبب من أسبابِ الشهادةِ التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهد له المؤمنون بذلك ، فلا مانع من إطلاقِ لفظ شهيد عليه ، ولا محذور في ذلك ، وإن كان فيه شهادةٌ بالجنةِ .
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ : " وَجَبَتْ " ، ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا أَوْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَالَ : " وَجَبَتْ " ، فَقِيلَ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ لِهَذَا : وَجَبَتْ " وَلِهَذَا " وَجَبَتْ " قَالَ : " شَهَادَةُ الْقَوْمِ الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ " . رواه البخاري (1367) .
قال الحافظُ ابنُ حجر في " الفتح " (3/273) : " قَالَ الدَّاوُدِيّ : الْمُعْتَبَر فِي ذَلِكَ شَهَادَة أَهْل الْفَضْل وَالصِّدْق , لَا الْفَسَقَة لِأَنَّهُمْ قَدْ يُثْنُونَ عَلَى مَنْ يَكُون مِثْلهمْ , وَلَا مَنْ بَيْنه وَبَيْن الْمَيِّت عَدَاوَة لِأَنَّ شَهَادَة الْعَدُوّ لَا تُقْبَل . وَفِي الْحَدِيث فَضِيلَة هَذِهِ الْأُمَّة , وَإِعْمَال الْحُكْم بِالظَّاهِرِ .ا.هـ.
والشيخُ أحمدُ ياسين شهد لهُ الناسُ بالصلاحِ والاستقامةِ فيما ظهر لهم ، بل وظهرت عليه علاماتُ حسنِ الخاتمةِ ، فقد قُتل بعد أن أدى صلاةَ الفجرِ مع جماعةِ المسلمين .(1/9)
وصدر من سماحةِ الشيخ عبدِ العزيزِ آل الشيخِ حفظهُ اللهُ بيانٌ استنكر فيه مقتل الشيخِ أحمد ياسين ، وأثنى عليه وهذا نصُ البيان :
مفتى المملكة يستنكر اغتيال الشيخ احمد ياسين
الرياض 1 صفر 1425ه- الموافق 22 مارس 2004م
واس : عبر سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ عن بالغ حزنه باغتيال الشيخ الشهيد أحمد ياسين على يد طغمة فاسدة ظالمة . جاء ذلك في كلمة وجهها سماحته فيما يلي نصها ..
الحمد لله رب العالمين وولي الصابرين وناصر عباده المؤمنين والصلاة والسلام على نبينا محمد إمام المتقين وقائد الغر المحجلين وقدوة العاملين المخلصين وعلى آله وصحبه ومن سار على دربهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين أما بعد ..(1/10)
فإناً قد تلقينا ببالغ الحزن نبأ اغتيال الشيخ الشهيد / أحمد ياسين غفر الله له ورحمه ورفع درجته في المهديين وخلفه في عقبه في الغابرين على يد طغمة فاسدة ظالمة عليها من الله ما تستحق ولما كان معروفاً عن الشيخ رحمه الله صبره وجهاده ووقوفه في وجه الظلم سني حياته فإني أرجو أن تكون خاتمته هذه خاتمة السعادة وأن يكون من الشهداء الأبرار الذين قال الله عنهم " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ . الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ . الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [ آل عمران : 169 - 173 ] .
وإنا إذ نعزي أنفسنا وسائر إخواننا المسلمين والشعب الفلسطيني الشقيق وأهل الفقيد الذين نرجو من الله أن يكون شهيداً لنستنكر هذا الفعل الإجرامي الظالم وندعو كافة المنصفين في العالم قادة وشعوباً إلى الوقوف في وجه الظلم والظالمين وإلا فإن الله سوف يعمهم بعذاب من عنده وهذه سنة الله في كونه .
نسأل الله تعالى بمنه وكرمه وجوده وإحسانه أن يتقبل أخانا الشيخ أحمد ياسين شهيداً وأن يرفع درجته في عليين ويخلفه في عقبه في الغابرين وأن يدحر الظالمين وينصر عباده الموحدين إنه سبحانه سميع مجيب .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .(1/11)
المفتي العالم للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ
وكفى بشهادةِ الشيخِ عبدِ العزيزِ آل الشيخ لهذا الرجلِ بأن جعلهُ من عدادِ الشهداءِ .
وأكتفي بهذا القدرِ ، وفيه كفايةٌ إن شاء اللهُ تعالى .
المسألةُ الثانيةُ : المسلمُ المقتولُ ظلماً :
المسلمُ المقتولُ ظلماً بغيرِ معركةٍ هل يأخذُ حكم الشهداءِ أم أنه يكونُ كعامةِ الموتى ؟
المسلمُ المقتولُ ظلماً له حالاتٌ ، وسأكتفي بالحالةِ التي تخصنا في البحثِ وهي :
أن يقتلَ بيدِ كافرٍ حربي كما فُعل مع الشيخِ أحمد ياسين :
ذهب الجمهورُ من الحنفيةِ والحنابلةِ والصحيحِ من مذهب المالكيةِ وقول عند الشافعيةِ إلى أن مقتولَ الحربي بغيرِ معركةٍ شهيدٌ على الإطلاقِ ، بأي صورةٍ كان ذلك القتلُ ، سواءٌ كان غافلاً أو نائماً ، ناصبهُ القتال أو لم يناصبهُ .
وذهبت الشافعيةُ ، وقول عند المالكيةِ إلى أن مقتولَ الحربي إذا كان على وجهِ الغيلةِ لا يكونُ شهيداً ، ومثلهُ لو أسر الكفارُ مسلماً وقتلوه صبراً ، فلا يكون شهيداً بهذه الحالةِ ، لكن إن حصلَ من المسلمِ مقاومةٌ ومقاتلةٌ ، فإنهُ يكونُ شهيداً ، فيكونُ قولهم موافقاً للجمهور في هذه الصورةِ .
فقد جاء عند الشافعية قولهم : " لو دخل حربي بلادَ الإسلامِ فقاتل مسلماً فقتلهُ ، فهو – يريد المسلم – شهيد قطعاً .ا.هـ.
وإسرائيل في فلسطين تعتبرُ دولةً محاربةً ولا شك .
السؤال :
هل يعتبر من مات نتيجة مداهمة سيارة له شهيداً ؟.
الجواب:
الحمد لله
يمكن أن يحصِّل من مات نتيجة حوادث السيارات أجر الشهيد في حالتين :
الأولى : إذا مات بسبب نزيف في بطنه ، وهو ما يسمى " المبطون " سواء كان في سيارة أو كان ماشياً أو واقفاً فدهسته سيارة على قول بعض أهل العلم في أن المبطونهو الذي يموت بسبب داء فيه بطنه ، أيّ داء كان .(1/12)
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله " . رواه البخاري ( 2674 ) ومسلم ( 1914 ) .
وفي زيادة عند الترمذي ( 1846 ) وأبي داود ( 3111 ) وابن ماجه ( 2803 ) زيادة : " صاحب الجنب " و " والمرأة تموت بجمع " .
قال النووي :
فأما " المطعون " فهو الذي يموت في الطاعون ، كما في الرواية الأخرى : " الطاعون شهادة لكل مسلم " .
وأما " المبطون " فهو صاحب داء البطن , وهو الإسهال ، قال القاضي : وقيل : هو الذي به الاستسقاء وانتفاخ البطن , وقيل : هو الذي تشتكي بطنه , وقيل : هو الذي يموت بداء بطنه مطلقا .
وأما " الغرق " فهو الذي يموت غريقا في الماء ، و " صاحب الهدم " من يموت تحته , و " صاحب ذات الجنب " معروف , وهي قرحة تكون في الجنب باطنا ، و " الحريق " الذي يموت بحريق النار ، وأما " المرأة تموت بجَمع " قيل : التي تموت حاملا جامعة ولدها في بطنها , وقيل : هي البكر , والصحيح الأول . " شرح مسلم " ( 13 / 63 ) .
والحالة الثانية : أن يموت بسبب التصادم سواء مات داخل السيارة أو خارجها ، وهذا قد يشبه صاحب الهدم " المذكور في الحديث السابق .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
بعض الناس يقولون : إن من يموت بسبب حادث سيارة إنه شهيد ، وله مثل أجر الشهيد ، فهل هذا صحيح أم لا ؟ .
فأجابوا :
نرجو أن يكون شهيداً ؛ لأنه يشبه المسلم الذي يموت بالهدم ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شهيد ." فتاوى اللجنة الدائمة " ( 8 / 375 ) .
وفضل الله واسع ، ونرجو أن يكون هذا شهيداً ، ولكننا لا نجزم بذلك .
نسأل الله تعالى أن يُحسن خاتمتنا ، ويقينا ميتة السوء . والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
أسألُ اللهَ جل وعلا أن يجعلَ في هذا البحثِ البيانَ والفائدةَ ، وأن ينفعَ به .
5 صفر 1425 هـ
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/13)
ما الحكمة من تفضيل الصلاة في المسجد القديم ؟
الحمد لله وبعد .
جاء في بعض كتب الحنابلة ترتيب المساجد التي يفضل فيها الصلاة ، قال صاحب كتاب زاد المستقنع : وتستحب صلاة أهل الثغر في مسجد واحد ، والأفضل لغيرهم المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره ثم ما كان أكثر جماعة ثم المسجد العتيق .....ا.هـ.
قال في المبدع (2/44) : والمذهب أنه مقدم على الأكثر جماعة .ا.هـ.
وقال في الإنصاف (2/215) : الصحيح من المذهب أن المسجد العتيق أفضل من الأكثر جماعة ، وجزم به في الإقناع والمنتهى .
وعلى هذا يكون صاحب متن الزاد خالف المذهب في هذه المسألة .
وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في المختارات الجلية ( ص 52 ) : والصحيح أن المسجد الأكثر جماعة أفضل من المسجد العتيق ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ثم ما كان أكثر جماعة . لأن المصلحة في كثرة الجماعة أرجح من قدم المسجد .ا.هـ.
ورتب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله الأفضل فقال في الشرح الممتع (4/215 - 216) :
فالحاصل : أن الأفضل أن تصلي في مسجد الحي الذي أنت فيه سواء كان أكثر جماعة أو أقل ، لما يترتب على ذلك من المصالح ، ثم يليه الأكثر جماعة لقوله عليه الصلاة والسلام : ما كان أكثر فهو أحب . ثم يليه الأبعد ، ثم يليه العتيق ؛ لأن تفضيل المكان بتقدم الطاعة فيه يحتاج إلى دليل بين ، وليس هناك دليل بين في هذه المسألة .ا.هـ.
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^14@.ef0a090/3
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
ما الدليل على إتلافِ آلاتِ اللهو ولا ضمان عليها ؟
الأخُ الفاضلُ عبدُ اللهِ المحسن .
دليلُ العلامةِ محمدِ بنِ إبراهيمَ - رحمهُ اللهُ - ما ذكرهُ في بدايةِ كلامهِ وهو : " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ " [ رواهُ مسلمٌ ] .
فهذا الحديثُ عامٌ في إنكارِ المنكرِ .
قال الإمامُ النووي في " شرح مسلم " (2/25) : " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلْيُغَيِّرْهُ ) فَهُوَ أَمْر إِيجَابٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّة . وَقَدْ تَطَابَقَ عَلَى وُجُوب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَإِجْمَاعُ الْأُمَّة وَهُوَ أَيْضًا مِنْ النَّصِيحَة الَّتِي هِيَ الدِّين . وَلَمْ يُخَالِف فِي ذَلِكَ إِلَّا بَعْض الرَّافِضَة ، وَلَا يُعْتَدّ بِخِلَافِهِمْ كَمَا قَالَ الْإِمَام أَبُو الْمَعَالِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ : لَا يُكْتَرَث بِخِلَافِهِمْ فِي هَذَا ، فَقَدْ أَجْمَع الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ قَبْل أَنْ يَنْبُغ هَؤُلَاءِ . وَوُجُوبه بِالشَّرْعِ لَا بِالْعَقْلِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ " .ا.هـ.
ثم قال : " قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : هَذَا الْحَدِيث أَصْل فِي صِفَة التَّغْيِير فَحَقُّ الْمُغَيِّر أَنْ يُغَيِّرهُ بِكُلِّ وَجْه أَمْكَنَهُ زَوَاله بِهِ قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا ؛ فَيَكْسِر آلَات الْبَاطِل ، وَيُرِيق الْمُسْكِر بِنَفْسِهِ ، أَوْ يَأْمُر مَنْ يَفْعَلهُ ، وَيَنْزِع الْغُصُوبَ وَيَرُدَّهَا إِلَى أَصْحَابهَا بِنَفْسِهِ ، أَوْ بِأَمْرِهِ إِذَا أَمْكَنَهُ وَيَرْفُق فِي التَّغْيِير جَهْده بِالْجَاهِلِ وَبِذِي الْعِزَّة الظَّالِم الْمَخُوف شَرّه ؛ إِذْ ذَلِكَ أَدْعَى إِلَى قَبُول قَوْله .(1/1)
كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُون مُتَوَلِّي ذَلِكَ مِنْ أَهْل الصَّلَاح وَالْفَضْل لِهَذَا الْمَعْنَى . وَيُغْلِظ عَلَى الْمُتَمَادِي فِي غَيّه ، وَالْمُسْرِف فِي بَطَالَته ؛ إِذَا أَمِنَ أَنْ يُؤَثِّر إِغْلَاظُه مُنْكَرًا أَشَدّ مِمَّا غَيَّرَهُ لِكَوْنِ جَانِبه مَحْمِيًّا عَنْ سَطْوَة الظَّالِم .
فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنّه أَنَّ تَغْيِيرَهُ بِيَدِهِ يُسَبِّبُ مُنْكَرًا أَشَدّ مِنْهُ مِنْ قَتْله أَوْ قَتْل غَيْره بِسَبَبٍ كَفَّ يَدَهُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْل بِاللِّسَانِ وَالْوَعْظ وَالتَّخْوِيف . فَإِنْ خَافَ أَنْ يُسَبِّب قَوْله مِثْل ذَلِكَ غَيَّرَ بِقَلْبِهِ ، وَكَانَ فِي سَعَة ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ اِسْتَعَانَ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى إِظْهَار سِلَاحٍ وَحَرْبٍ ، وَلْيَرْفَع ذَلِكَ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْر إِنْ كَانَ الْمُنْكَر مِنْ غَيْره ، أَوْ يَقْتَصِر عَلَى تَغْيِيره بِقَلْبِهِ . هَذَا هُوَ فِقْه الْمَسْأَلَة ، وَصَوَاب الْعَمَل فِيهَا عِنْد الْعُلَمَاء وَالْمُحَقِّقِينَ خِلَافًا لِمَنْ رَأَى الْإِنْكَار بِالتَّصْرِيحِ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ قُتِلَ وَنِيل مِنْهُ كُلّ أَذَى . هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّه " .ا.هـ.
وتضافرت النصوص عن الإمام أحمد في إراقة الخمور وكسر آلات اللهو وقد رواها الخلال في كتابه ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) فمن ذلك :
ا - وأخبرني أحمد بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبي عبدالله : نمر على المسكر القليل والكثير أكسره ؟ قال : نعم تكسره ، لا يمر بالخمر مكشوفا . قلت : فإذا كان مغطى ؟ قال : لا تتعرض له إذا كان مغطى . ( ص 64 ) .(1/2)
ب - أخبرني أحمد بن حمدويه الهمذاني قال حدثنا محمد بن أبي عبدالله ثنا أبو بكر المرزوي قال : قلت لأبي عبدالله : لو رأيت مسكرا مكشوفا في قنينة أو قربة ترى تكسر أو تصب ؟ قال تكسره . ( ص 64 ) .
ج - أخبرني محمد بن أبي هارون أن إسحاق حدثهم قال : سألت أبا عبدالله عن الرجل يكسر الطبل أو الطنبور أو مسكرا عليه في ذلك شيء ؟ قال أبو عبدالله : أكسر هذا كله وليس يلزمك شيء . ( ص 74 ) .
د - أخبرنا أبو بكر المروزي قال : قلت لأبي عبدالله : أمر في السوق فأرى الطبول تباع أفأكسرها ؟ قال : ما أراك تقوى ، إن قويت . قلت : أدعي أغسل ميتا فأسمع صوت طبل . قال : إن قدرت على كسره فاكسره وإلا فاخرج . ( ص 71 ) .
هـ - أخبرني محمد بن علي حدثنا صالحبن أحمد أنه سأل أباه عن الرجل يستغيث به جاره من فاحشة يراها . قال : كل من رأى منكرا فاستطاع أن يغيره بيده غيره فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان . ( ص 63 ) .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/3)
ما حكم أمر غير المسلمين بلبس لباس معين يميزهم عن المسلمين؟
الأخ عبد الجبار .
ذكر الإمام ابن القيم نص الشروط العمرية في كتابه القيم " أحكام أهل الذمة "(3/1159) ، ثم شرح الشروط العمرية شرحا مفصلا في ستة فصول (3/1167) .
ولكن ينبغي أن يعلم أن أسانيد الشروط العمرية لا تثبت ، ولكن هناك آثار أخرى تبين أن إلزام أهل الكتاب ببعض الأمور التي تميزهم عن المسلمين مستقر عند سلف هذه الأمة كما نقل ذلك الإمام ابن القيم في الكتاب المذكور ، ومنها أثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
وقد ضعف العلامة الألباني - رحمه الله - إسناد الشروط العمرية في الإرواء (5/103 ح 1265) وقال :
وإسناده ضعيف جدا .........ا.هـ.
وقال بعده :
ثم روى البيهقي عن أسلم قال :
كتب عمر بن الخطاب إلى أمراء الأجناد أن اختمور رقاب أهل الجزية في أعناقهم .
قلت ( الألباني ) : وإسناده صحيح .ا.هـ.
أما قول ابن القيم - رحمه الله - في أحكام أهل الذمة (3/1164) :
وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها.....ا.هـ.
فإنه لا يسلم له ، بل لا بد من إثبات صحة سندها ، وشهرة هذه الشروط لا تغني عن إسنادها .
وقد شرح الإمام ابن القيم في الفصل الثالث من " أحكام أهل الذمة " (3/1262) ما يتعلق بتغيير لباسهم وتمييزهم عن المسلمين في المركب واللباس ونحوه ، وذكر جملة من الأحكام الخاصة بأهل الكتاب .
أما سؤالك :
ما هو حكم ثياب التمييز ؟ وما الحكمة منه ؟
لقد ذكر الإمام ابن القيم فوائد كثيرة في فرض لباس معين على أهل الكتاب :
قال الإمام ابن القيم (3/1265) :
وقد نهى أن يبدأ اليهود والنصارى بالسلام ، وأمر إذا سلم أحدهم علينا أن نقول له : وعليكم .
وإذا كان هذا من سنة الإسلام فلا بد أن يكون لأهل الذمة زي يعرفون به حتى يمكن استعمال السنة في السلام في حقهم ويعرف منه المسلم من سلم عليه : هل هو مسلم يستحق السلام أو ذمي لا يستحقه ؟ وكيف يرد عليهم ؟ .(1/1)
قلت ( ابن القيم ) : ما ذكره ( يقصد ابن القيم : ابو القاسم الطبري ) من أمر السلام فائدة من فوائد الغيار ؛ وفوائده أكثر من ذلك .
فمنها أنه لا يقوم له ، ولا يصدره في المجلس ، ولا يقبل يده ، ولا يقوم لدى رأسه ، ولا يخاطبه بأخي وسيدي ووليي ونحو ذلك ، ولا يدعى له بما يدعى به للمسلم من النصر والعز ونحو ذلك ، ولا يصرف إليه من أوقاف المسلمين ، ولا من زكواتهم ، ولا يستشهده تحملا ولا أداء ، ولا يبيعه عبدا مسلما ، ولا يمكنه من المصحف ، وغير ذلك من الأحكام المختصة بالمسلمين ، فلولا النهي لعامله ببعض ما هو مختص بالمسلم فهذا من حيث الإجمال .ا.هـ.
وأشار ابن القيم أيضا إلا أن أهل الكتاب لا يلبسون القلنسوة فقال (3/1267) :
فيمنعون من لباسها لما كان رسول الله وصحابته يلبسونها ولم يزل لبسها عادة الأكابر من العلماء والفقهاء والقضاة ، والأشراف والخطباء على الناس ، واستمر الأمر على ذلك إلى أواخر الدولة الصلاحية فرغب الناس عنها .
فإنما نهى عمر رضي الله عنه أهل الذمة عن لبسها لأنها زي رسول الله وصحابته من بعده وغيرهم من الخلفاء بعده وللمسلمين رسول الله وأصحابه أسوة وقدوة فالخلفاء يلبسونها اقتداء برسول الله وتشبها به وهم أولى الناس باتباعه واقتفاء أثره والعلماء يلبسونها إذا انتهوا في علمهم وعزهم وعظمت منزلتهم واقتدى الناس بهم فيتميزون بها للشرف على من دونهم لما رفعهم الله بعلمهم على جهلة خلقه والقضاة تلبسها هيبة ورفعة والخطباء تلبسها على المنابر لعلو مقامهم فيمنع أهل الذمة من لباس القلنسوة لعدم وجود هذه المعاني فيهم .ا.هـ.
ولا يلبسون العمائم لأنها لباس العرب قديما ولباس رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة ، فهي لباس الإسلام .
ونقل صورة من صور العزة لأهل الإسلام في فترة من فترات تاريخ هذه الأمة عندما عز أهلها فقال (3/1273) :(1/2)
وقال أبو الشيخ : حدثنا أحمد بن الحسين حدثنا الدورقي ، حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، حدثنا ابن المبارك ، حدثنا معمر ، أن عمر بن عبدالعزيز كتب : " أن امنع من قِبَلك فلا يلبس نصراني قَباء ولا ثوب خز ولا عصب ، وتقدم في ذلك أشد التقدم حتى لا يخفى على أحد نهي عنه وقد ذُكر لي أن كثيرا ممن قبلك من النصارى قد راجعوا لبس العمائم ، وتركوا المناطق على أوساطهم ، واتخذوا الوفر والجمم ، ولعمري إن كان يصنع ذلك فيما قبلك إن ذلك بك ضعف وعجز ، فانظر كل شيء نهيت عنه وتقدمت فيه فلا ترخص فيه ، ولا تغير منه شيئا " .ا.هـ.
الله أكبر !!!!
وقد قال المحقق عن هذا الأثر : وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات .
وجاء في لفظ آخر :
أن عمر بن عبدالعزيز كتب : " أما بعد فلا يركبن يهودي ولا نصراني على سرج وليركبن على إكاف ، ولا يركبن نساؤهم على راحلة ، وليكن ركوبهن على إكاف وتقدم في ذلك تقدما بليغا " .
ومن صور المخالفة في اللباس مما ذكره الإمام ابن القيم لبس النعال فإن أهل الكتاب لا يتشبه بهم المسلمون حتى في لبس النعال فقال (3/1282) :
فصل قولهم ولا في نعلين ولا فرق شعر
أي لا نتشبه بهم في نعالهم بل تكون نعالهم مخالفة لنعال المسلمين ليحصل كمال التمييز وعدم المشابهة في الزي الظاهر ليكون ذلك أبعد من المشابهة في الزي الباطن .ا.هـ.
واكتفي بهذه الصور لأن الموضوعَ طويلٌ جدا ، وبإمكانك الرجوع إلى كتاب أحكام أهل الذمة للإمام ابن القيم ففيه الفائدة والغنية إن شاء الله تعالى .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
ما حكم إطلاق الشارع أي المشرّع على الرب جل جلاله ؟
قالَ الشيخُ بكر أبو زيد في " معجمِ المناهي اللفظيةِ " ( ص 508 - 509 ) :
المشرع :
في مادة ( شرع ) من كتب اللغة مثل : لسان العرب ، والقاموس ، وشرحه وتاج العروس : أن الشارع في اللغة هو العالم الرباني العامل المعلم ، وقاله ابن الأعرابي ، وقال الزبيدي أيضاً في تاج العروس : ( ويطلق عليه صلى الله عليه وسلم لذلك ، وقيل : لأنه شرع الدين أي أظهره وبينه ) ا هـ .
وفي " فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية : 7/ 413 " قال عن النبي صلى الله عليه وسلم : " صاحب الشرع " .
واما في لغة العلم الشرعي فإن هذا المعنى اللغوي لا تجد إطلاقه في حق النبي صلى الله عليه وسلم ولا في حق عالم من علماء الشريعة المطهرة .
فلا يُقال لبشر : شارع ، ولا مشرع .
وفي نصوص الكتاب والسنة إسناد التشريع إلى الله تعالى ، قال الله تعالى : " شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ..." الآية [ الشورى : 13 ] .
وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : " إن الله شرع لنبيكم سنن الهدى " رواه مسلم وغيره .
لهذا فإن قصر إسناد ذلك إلى الله سبحانه وتعالى أخذ في كتب علماء الشريعة على اختلاف فنونهم صفة التقعيد فلا نرى إطلاقه على بشر حسب التتبع ، ولا يلزم من الجواز اللغوي الجواز الاصطلاحي .
وإنه بناء على تنبيه من شيخنا عبدالعزيز بن باز – على أن إطلاق لفظ " المشرع " على من قام بوضع نظام ... غير لائق – صدر قرار مجلس الوزراء رقم 328 في 1/ 3/ 1396 هـ بعدم استعمال كلمة " المشرع " في الأنظمة ونحوها . والله أعلم .
ونجد في هذا بحثاً مطولاً في كتاب : " التطور التشريعي في المملكة العربية السعودية " ( ص 32 – 36 ) ، وفيه مباحث مهمة . وللشيخ عبدالعال عطوة اعتراضات على مؤلف الكتاب في تجويزه الإطلاق .(1/1)
وفي " فتح الباري " (6/ 343) قال : " نقل إمام الحرمين في " الشامل " عن كثير من الفلاسفة والزنادقة والقدرية ، أنهم أنكروا وجودهم – أي وجود الجن – رأساً ، قال : ولا يتعجب ممن أنكر ذلك من غير المشرعين ، وإنما العجب من المشرعين مع نصوص القرآن والأخبار المتواترة ) .ا.هـ . فلينظر . والله أعلم .
--------
المشرع : وانظر: فلسفة التشريع للمحمصاني . والنظرات في اللغة للغلاييني ص/ 106 . ومضى في حرف الشين : شرع الديوان .
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
ما حكمُ إنشادِ الشعرِ في خطبةِ الجمعةِ ؟
منع بعض علمائنا المعاصرين - وفقهم الله - من إيرد الشعر في خطبة الجمعة لكون الأمر وجد سببه في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يفعله . فما رأيكم - رعاكم الله - في ذلك ؟
الجواب :
الأخ همام .
المسألة يذكرها أهل العلم في حكم إنشاد الشعر في المسجد ، وهل يجوز قول الشعر في المسجد ؟
المسألة فيها تفصيل :
- وردت أحاديث تنهى عن قول الشعر في المسجد فمن ذلك :
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ تَنَاشُدِ الْأَشْعَارِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَعَنْ الْبَيْعِ وَالِاشْتِرَاءِ فِيهِ ، وَأَنْ يَتَحَلَّقَ النَّاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ .
رواه الترمذي (322) وقال : حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَدِيثٌ حَسَنٌ .
وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ : رَأَيْتُ أَحْمَدَ وَإِسْحَقَ وَذَكَرَ غَيْرَهُمَا يَحْتَجُّونَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ .
قَالَ مُحَمَّدٌ : وَقَدْ سَمِعَ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ مِنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو .
قَالَ أَبُو عِيسَى : وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ إِنَّمَا ضَعَّفَهُ لِأَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ صَحِيفَةِ جَدِّهِ كَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ مِنْ جَدِّهِ .
وهذا الحديث أشهر ما في الباب في النهي عن إنشاد الشعر في السمجد .
وجاءت أحاديث أخرى فيها الرخصة في قول الشعر في المسجد :(1/1)
- عن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ : عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ وَحِسَانٌ فِيهِ يُنْشِدُ , فَلَحَظَ إِلَيْهِ , فَقَالَ : كُنْت أُنْشِدُ فِيهِ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْك , ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ : أَنْشُدُك اللَّهَ أَسَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَجِبْ عَنِّي , اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . رواه البخاري (3212) ، ومسلم (2485) .
- عن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : شَهِدْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَأَصْحَابُهُ يَتَذَاكَرُونَ الشِّعْرَ وَأَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَرُبَّمَا تَبَسَّمَ مَعَهُمْ .
رواه الترمذي وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَقَدْ رَوَاهُ زُهَيْرٌ ، عَنْ سِمَاكٍ أَيْضًا .
وقال الترمذي : وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ رُخْصَةٌ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ .
وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث المتعارضة بأقول هي ما يلي :
1 - أن أحاديث النهي ناسخة لأحاديث الجواز ، وقد قال بهذا القول واحد من الفقهاء ذكره الحافظ ابن حجر في " الفتح " فقال : وَأَبْعَدَ أَبُو عَبْد الْمَلِك الْبَوْنِيُّ فَأَعْمَلَ أَحَادِيث النَّهْيِ وَادَّعَى النَّسْخَ فِي حَدِيثِ الْإِذْنِ وَلَمْ يُوَافِقْ عَلَى ذَلِكَ حَكَاهُ اِبْنُ التِّينِ عَنْهُ .ا.هـ.
2 - أحاديث الأذن تدل على الجواز ، وأحاديث النهي تدل على الكراهة ، فيكون إنشاد الشعر في المسجد جائز مع الكراهة .
3 - إنشاد الشعر في المسجد جائز من غير كراهة ولكن بشروط :
أولا : أن لا يكون الشعر بذيئاً فاحشاً .(1/2)
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " : فَالْجَمْع بَيْنَهَا وَبَيْن حَدِيث الْبَابِ أَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَلَى تَنَاشُدِ أَشْعَارِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُبْطِلِينَ , وَالْمَأْذُونِ فِيهِ مَا سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ .ا.هـ.
ونقل المباركفوري في : التحفة " عن ابن العربي ما نصه : وَقَالَ اِبْنُ الْعَرَبِيِّ : لَا بَأْسَ بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ فِي مَدْحِ الدِّينِ وَإِقَامَةِ الشَّرْعِ , وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْخَمْرُ مَمْدُوحَةً بِصِفَاتِهَا الْخَبِيثَةِ مِنْ طِيبِ رَائِحَةٍ وَحُسْنِ لَوْنٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَذْكُرُهُ مَنْ يَعْرِفُهَا , وَقَدْ مَدَحَ فِيهِ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ . إِلَى قَوْلِهِ فِي صِفَةِ رِيقِهَا : كَأَنَّهُ مَنْهَلٌ بِالرَّاحِ مَعْلُولُ .
قَالَ الْعِرَاقِيُّ : وَهَذِهِ قَصِيدَةٌ قَدْ رَوَيْنَاهَا مِنْ طُرُقٍ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ , وَذَكَرَهَا اِبْنُ إِسْحَاقَ بِسَنَدٍ مُنْقَطِعٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ عَنْ كَعْبٍ وَإِنْشَادِهِ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ فِيهَا مَدْحُ الْخَمْرِ وَإِنَّمَا فِيهِ مَدْحُ رِيقِهَا وَتَشْبِيهِهِ بِالرَّاحِ اِنْتَهَى .ا.هـ.
ثانيا : أن لا يكون غالبا في المسجد ، وينشغل الناس به عن غيره مما وضعت المساجد من أجله ، ولكي لايكون المسجد مكانا مثل النوادي الأدبية ، وأسواق الجاهلية .
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " : وَقِيلَ : الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَا إِذَا كَانَ التَّنَاشُد غَالِبًا عَلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَتَشَاغَلَ بِهِ مِنْ فِيهِ .ا.هـ.
وقد جاء النهي من النبي صلى الله عليه وسلم عن كثرة الإنشغال بإنشاد لشعر .(1/3)
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا . رواه البخاري ومسلم .
وبوب البخاري على الحديث : ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده .
وعلق الحافظ ابن حجر في " الفتح " بقوله :
( تَنْبِيه ) :
مُنَاسَبَة هَذِهِ الْمُبَالَغَة فِي ذَمّ الشِّعْر أَنَّ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِذَلِكَ كَانُوا فِي غَايَة الْإِقْبَال عَلَيْهِ وَالِاشْتِغَال بِهِ , فَزَجَرَهُمْ عَنْهُ لِيَقْبَلُوا عَلَى الْقُرْآن وَعَلَى ذِكْر اللَّه تَعَالَى وَعِبَادَته , فَمَنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ مَا أُمِرَ بِهِ لَمْ يَضُرّهُ مَا بَقِيَ عِنْدَه مِمَّا سِوَى ذَلِكَ , وَاَللَّه أَعْلَم .
وهذا الحكم في إنشاد الشعر في المسجد يُنزل على مثله في خطبة الجمعة . والله أعلم .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7388
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
ما حكم العمل في التعاونية للتأمين ؟
ما حكم العمل في وظيفة في التعاونية للتأمين؟
الجواب :
الأخ الأمس القريب .
كما تعلم أن الشركة تعمل في مجال التأمين التجاري الذي أجمعت على تحريمه الهيئات العلمية والمجامع الفقهية ، ومن أسباب تحريمه أنه يشتمل على الربا والميسر .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في " فتاوى إسلامية " ( 3 / 5 ) :
التأمين على الحياة والممتلكات : محرَّم شرعاً لا يجوز ؛ لما فيه من الغرر والربا ، وقد حرَّم الله عز وجل جميع المعاملات الربوية والمعاملات التي فيها الغرر ، رحمةً للأمة وحمايةً لها مما يضرها ، قال الله سبحانه وتعالى : (وأحلَّ الله البيع وحرَّم الربا) ، وصحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أنه نهى عن بيع الغرر ، وبالله التوفيق اهـ
فلا يجوز للمسلم أن يعمل في شركة تقوم على نوع من أنواع الربا والميسر المحرم ، وقد قال الله تعالى : " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ " [ المائدة : 2 ] .
وعليه أن يبحث عن عمل آخر ليس فيه حرمة ، ومن ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه .
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/161.htm
القولُ المبينُ من فتاوى العصرِ في حُكمِ التأمينِ
رابط الموضوع
http://alsaha2.fares.net/sahat?14@157.ap7dffwWi3y.14@.1dd3aabc/0
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
ما حكم اللحية بالنسبة للعاملين في الجيش ؟
السؤال :
أنا ضابط بالجيش وكنت على جهل عظيم بالكثير من الأمور الشرعية والآن أرسلونى منذ عامين تقريبا للدراسة بالخارج فأكرمنى الله تعالى بالمعرفة أود معرفة الآتي:
- لا يجوز لي ان أطلق لحيتي واذا قلت لهم اقيلوني سيطلبوا منى تكلفة هذه الدراسة وأنا لا امتلكها طبعا بالإضافة إلى المضايقات الأخرى .
الجواب :
اعلم أخي أن حلق اللحية محرم ، لما ورد من نصوص صريحة صحيحة في ذلك فمنها :
- من قول النبي صلى الله عليه وسلم :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ ، وَأَوْفُوا اللِّحَى " . متفق عليه .
وجاء في رواية عند البخاري : خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ .
- من فعله صلى الله عليه وسلم :
كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيف شعر اللحية ـ رواه مسلم عن جابر ، وفي رواية كثيف اللحية ، وفي أخرى كث اللحية والمعنى واحد .
وحكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض ، واستدل بجملة أحاديث منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق .
وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد : يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال .
- حديث لا يثبت في الأخذ من اللحية :
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا . رواه الترمذي (2762) .
قال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ .(1/1)
و سَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَعِيلَ يَقُولُ : عُمَرُ بْنُ هَارُونَ مُقَارِبُ الْحَدِيثِ لَا أَعْرِفُ لَهُ حَدِيثًا لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ ، أَوْ قَالَ : يَنْفَرِدُ بِهِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ مِنْ عَرْضِهَا وَطُولِهَا لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ هَارُونَ .ا.هـ.
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية : هذا حديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمتهم به عمر بن هارون البلخي ، قال العقيلي : لا يعرف إلا به .
قال يحيى هو كذاب ، وقال النسائي: متروك . وقال البخاري لا أعرف لعمر بن هارون حديثاً لا أصل له إلا هذا . وقال ابن حبان : يروي عن الثقات المعضلات . ويدعي شيوخاً لم يرهم . ا.هـ
وبعد ذكر هذه النصوص ، لا يشك من أنار الله بصيرته أن حلق اللحية محرم ، وهو معصية لا شك .
أما ما يُفعل في كثير من بلاد المسلمين من إلزام أفراد الجيش أو الشرطة من حلق اللحية فهذا منكر عظيم ، ولا يجوز للقائمين على أمور الشرطة أو المجندين إجبارهم على حلق لحاهم ، ولا طاعة لهم في ذلك ، بل إن الواجب عليهم هو حملهم على الالتزام بفرائض الإسلام وواجباته ، وحثهم على سننه وآدابه ومن فرائضه إعفاء اللحية .
وحالتك أخي لا يجوز أن تطيعهم في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
وإليك هذه القصة والتي أسأل الله أن ينفعك بها :(1/2)
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا ؛ فَأَوْقَدَ نَارًا وَقَالَ : ادْخُلُوهَا ؛ فَأَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا ؛ فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا : لَوْ دَخَلُوهَا لَمْ يَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَقَالَ لِلْآخَرِينَ : لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ . حديث متفق عليه .
وإذا اتقيت الله سيجعل لك مخرجا ، قال تعالى : " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " [ الطلاق : 2 - 3 ] .
---
السؤال :
- يوجد مسجد على مسافة 30 دقيقة بالدراجة من منزلي يصلى به صينيون في قرية إسلامية - ثبتنا الله وإياهم- أحاول جاهدا الذهاب إلى هناك مرة واحدة او اثنين يوميا هل ذهابي هذا يعتبر نافلة لي أم الأفضل الاستفادة من هذا الوقت بالنوافل الأخرى في بيتي والصلاة جماعة بزوجتي .
الجواب :
جاءت النصوص بإجابة المنادي للصلاة فمن ذلك :
- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ . رواه ابن ماجه (793) .
وقد اختُلف في رفعه ووقفه ، قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (404) : رواه ابن ماجه ، والدارقطني ، وابن حبان ، والحاكم ، وإسناده على شرط مسلم ، لكن رجح بعضهم وقفه .ا.هـ.
وذهب العلامة الألباني في الإرواء (2/337) إلى رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم .(1/3)
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ : هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَأَجِبْ . أخرجه مسلم (653) .
- عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ، ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً ، وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ . أحرجه مسلم .
والأحاديث في تعظيم شأن الصلاة والحث على أدائها في المساجد كثيرة فالواجب على المسلمين المحافظة عليها في المساجد والتواصي بذلك والتعاون على ذلك .(1/4)
أما من كان بعيداً عن المسجد لا يسمع النداء إلا بالمكبّر فإنه لا يلزمه الحضور إلى المسجد وله أن يصلي ومن معه في جماعة مستقلة لظاهر الأحاديث المذكورة . فإن تجشموا المشقة وحضروا مع الجماعة في المساجد التي لا يسمعون منها النداء إلا بالمكبر بسبب بعدهم عنها كان ذلك أعظم لأجرهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى .
لكن يجب التنبه إلى أن توفر وسائل النقل وسهولة الطرق جعل شهود الصلاة أمراً ميسوراً، وفي حضور الجماعة من المنافع الدينية والدنيوية ما يجعل شهودها فضيلة، وإن لم يكن واجباً، لبعد المسافة ونحوها. كما أن استخدام منبه الصوت لكل الصلوات مما يعين على شهودها في أوقاتها. واتخاذ الأسباب المعينة على أداء الواجب واجب. والله أعلم.
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://www.baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&postid=9919#post9919
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
ما حُكمُ شراء الميت وتشريحه للعلم ؟
معلوم الهويه ] 1/5/00 06:35 AM
ما حكم شراء الميت وتشريحه للعلم ؟ وتقطيعه تقطيعا !!!!!!
الأخ معلوم الهوية
لقد ذكر هذه المسألة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي في كتابه أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها (ص161-172) وإليك ملخصا لما ذكره :
يحتاج الأطباء اثناء تعلمهم للجراحة الطبية إلى تدريب عملي يتمكنون بواسطته من الإلمام التام نظريا وعمليا بعلم الجراحة ، ويتم ذلك التدريب عن طريق تشريحهم لجثث الموتى ، وهو ما يسمى بالجراحة التشريحية ، والتي تشتمل على تقطيع أجزاء الجثة ... ولما كانت الشريعة الإسلامية لا تجيز العبث والتمثيل بجثث الموتى ، فإنه يرد السؤال عن حكمها في هذا النوع من الجراح .
وهو سؤال يعد من النوازل الفقهية التي جدت وطرأت في عصرنا الحاضر ...
وقد اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة على قولين :
القول الأول :
يجوز تشريح جثث الموتى لغرض تعلم الطب ، وبه صدرت الفتوى من الجهات العلمية التالية :
1) هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية .
2) مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة .
3) لجنة الإفتاء بالمملكة الأردنية الهاشمية .
4) لجنة الإفتاء بالأزهر بمصر .
واختاره عدد من العلماء والباحثين وهم :
الشيخ يوسف الدجوي ، والشيخ حسين مخلوف ، والشيخ إبراهيم اليعقوبي رحمهم الله ، والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ، والدكتور محمود ناظم نسيمي ، والدكتور محمود علي السرطاوي .
القول الثاني :
لا يجوز تشريح جثة الميت لغرض التعليم ، وهو لجماعة من العلماء والباحثين وهم :
الشيخ محمد بخيت المطيعي ، والشيخ العربي بوعياد الطبخي ، والشيخ محمد برهان الدين السنبهلي ، والشيخ حسن بن علي السقاف ، والشيخ محمد بن عبدالوهاب بحيري .
ثم ذكر الشيخ أدلة كل فريق ثم رجح فقال :
الذي يترجح في نظري - والعلم عند الله - هو جواز تشريح جثة الكافر دون المسلم وذلك لما يلي :(1/1)
أولا : لأن الأصل عدم جواز التصرف في جثة المسلم إلا في الحدود الشرعية المأذون بها والتشريح ليس منها ، فوجب البقاء على الأصل المقتضي للمنع ، وهذا الأصل يسلم به القائلون بجواز التشريح وإن كانوا يستثنون التشريح اعتبارا منهم للحاجة الداعية إليه .
ثانيا : أن الحاجة إلى التشريح يمكن سدها بجثث الكفار ، فلا يجوز العدول عنها إلى جثث المسلمين ، لعظيم حرمة المسلم عند الله حيا أو ميتا .
ثالثا : أن أدلة المنع يمكن تخصيصها بالمسلم دون الكافر ، فلا حرج في إهانته لمكان كفره ، كما قال تعالى : " ومن يهن الله فما له من مكرم " ... ولا شك أن الكفار ممن أذلهم الله تعالى .
وأما أحاديث النهي عن المُثلة : فقد ثبت ما يخصصها كما في قصة العرنيين وآية المحاربين .
فإذا جاز التمثيل لمصلحة عامة وهي زجر الظلمة عن الإعتداء على الناس ، فكذلك يجوز التمثيل بالكافر طلبا لمصلحة عامة ينتظمها الطلب الذي من أجله شرحت جثة الكافر ، إضافة إلا أن بعض العلماء يرى أن النهي للتنزيه .
وحديث تحريم كسر عظم الميت خاص بالمؤمن كما هو منصوص عليه في نفس الحديث .
وأما النهي عن الجلوس على القبر فإنها تدل على تأذي الميت بذلك وهذا يتفق مع ما سبق ذكره من تخصيص المسلم بالمنع ، وأما الكافر فإن إيذاءه بعد موته مقصود شرعا ، فلا حرج في فعله .
رابعا : أن استدلال القائلين بجواز التشريح مطلقا بقياسه على نبش القبر الميت لأخذ الكفن المغصوب مردود بكونه قياسا مع الفارق ...
خامسا : أن تشريح جثة المسلم يعطل عن فعل كثير من الفروض المتعلقة بها بعد الوفاة من تغسيلها وتكفينها والصلاة عليها ودفنها ....
ولهذا كله فإنه يترجح في نظري القول بجواز تشريح جثة الكافر دون المسلم ، ولكن ينبغي أن يتقيد الأطباء وغيرهم ممن يقوم بمهمة التشريح بالحاجة ، فمتى زالت ، فإنه لا يجوز التمثيل بالكافر بتشريحه حينئذ ، لأن ما جاز لعذر بطل بزواله والله تعالى أعلم .ا.هـ.(1/2)
ثم أورد مسألة يترتب على الترجيح السابق وهي :
هل يجوز شراء جثث الكفار لغرض تشريحها ؟
فقال :
والجواب : أن من شرط صحة البيع شرعا أن يكون المبيع ملكا للبائع ، أو موكلا في بيعه ، لحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : لا تبع ما ليس عندك .
وهذه الجثث ليست ملكا للبائع ، ولا موكلا في بيعها من مالكها ، فيد الملكية منتفية عنها ، ومن ثم فإنه لا يصح بيعها شرعا ، لصريح حديث حكيم المذكور . ولكن يمكن التوصل إلى هذه الجثث بطريقة أخرى ، وهي التعاقد مع باذلها على وجه الإجارة ويكون بذل الثمن في مقابل السعي ، والبحث ، ومؤنة النقل ، ونحو ذلك مما يجري في سنن الإجارة ، ويعطى له الثمن في مقابل ذلك ، ويجري العقد بين الطرفين على صورة الإجارة الشرعية والله تعالى أعلم .ا.هـ.
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@59.WrwMadWV3Ky^5@.ef0aaae/0
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
ما حكم من أوقف أجهزة التنفس الاصطناعي عن ابنه..فتوفى؟؟؟
أخي أبو بكر .
مسألة موت الدماغِ والتي تُعرفُ عند الأطباء بـ " الموت الإكلينيكي " من النوازلِ ، وقد اختلفت آراءُ أهلِ العلمِ في المسألةِ على قولين :
القول الأول : أن الحكم على الشخصِ بالموتِ يكون بموت الدماغِ ، وهذا ما قرره مجمع الفقه الإسلامي بمنظمةِ المؤتمر الإسلامي .
القول الثاني : أن موت الدماغِ لا يكفي للحكم بموتِ الشخصِ بل لا بد من أماراتِ الموتِ التي يحصل بها اليقين وهي : توقف القلب عن العمل ، وانقطاع التنفس ، واسترخاء الأطراف والأعصاب ، وسكون الحركة في البدن، وتغير لون البدن ، وشخوص البصر ، وعدم انقباض العين عند المسّ ، وانخساف الصدغ ، وميل الأنف ، وانفراج الشفتين ، وامتداد جلدة الوجه ، وانعدام النبض ، وهذه العلامات لا تتحقق في من مات دماغهم ، لأن الوقائع تثبت أن أجسادهم تدب فيها الحياة ، من حيث استمرار عمل بعض الأجهزة كالقلب والكليتين وغيرهما .
وهذا ما رجحه الشيخ بكر أبو زيد في " فقه النوازل " (1/234) ، والشيخ محمد المختار الشنقيطي في " أحكام الجراحةِ الطبية والآثار المترتبةِ عليها ( ص 330 ) ، ومحمد بن عبد الجواد حجازي النتشة في " المسائل الطبية المستجدة " (2/33) .
وهذا القول هو الأرجح والله أعلم .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/1)
ما هو الحكم الشرعي في شراء كلية من أحد الأشخاص ??
ما هو الحكم الشرعي في شراء كلية من أحد الأشخاص وإعطائها لشخص يعاني من فشل كلوي حاد ويحتاج إلى زراعة ؟؟
الجواب :
سُئل الشيخ عبد العزيز بن باز سؤالا نصه :
لدي زميله تبرعت بكليتها لأخيها وهي راضية بذلك ، لأن أخاها كان يعاني من فشل كلوي وقيل لها إن هذا التبرع حرام لأن النفس أمانة وسوف تسأل عن ذلك يوم القيامة ؟
جـ : لا حرج في التبرع بالكلية إذا دعت الحاجة إلى ذلك وقرر الأطباء المختصون أنه لا خطر عليها في نزعها وأنها صالحة لمن نزعت من أجله ، وهي مأجورة إن شاء الله ، لأن هذا من باب الإحسان والمساعدة لإنقاذ نفس مما أصابها من الضرر والخطر والله سبحانه يقول : " وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " والله ولي التوفيق .ا.هـ.
فتاوى إسلامية (4/417)
---
نص السؤال :
هل عمليات زراعة الأعضاء البشرية عملية شرعية ؟
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فلعمليات زراعة الأعضاء صورتان :
الأولى : أن ينقل الشخص عضواً أو جزءاً منه من مكان من جسمه إلى مكان آخر ، والنقل في هذه الصورة جائز – إن شاء الله – بثلاثة قيود :-
أ : أن تكون هنالك حاجة ماسة إلى هذا وليس مجرد التزيين .
ب : أن يؤمن حدوث خطر على الحياة خلال نزع العضو أو تركيبه .
ج : أن يغلب على الظن نجاح زراعة الأعضاء هذه .
الصورة الثانية : أن ينقل العضو من شخص إلى آخر ، ولها حالتان :-
- الأولى : أن يكون الشخص الذي أخذ منه العضو ميتاً ، وجواز النقل هنا مقيد بما إذا كانت حياة الشخص المنقول إليه العضو في خطر داهم إن لم ينقل إليه ، أو كانت هنالك حاسة مفقودة عنده كحاسة البصر ، بالإضافة إلى غلبة الظن على نجاح العملية ، وأن يوصي الميت بذلك أو يأذن الورثة في نقل العضو المراد زراعته.(1/1)
- الحالة الثانية : أن يتبرع الإنسان الحي - بغير عوض - بعضو منه أو جزئه إلى مسلم مضطر إلى ذلك وهذا جائز ، يشترط غلبة الظن بنجاح عملية الزرع وعدم حصول ضرر على الشخص المنقول منه العضو ، لأنه في ذلك كله إنقاذ معصوم وإزالة ضرر واقع ، وهذه من المقاصد الشرعية المرعية ، والله تعالى أعلم .
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showsearchSingleFatwa?FatwaId=1500&word=زراعة
---
نص السؤال :
السلام عليكم هل يجوز التبرع بأعضاء الجسم بعد الموت؟ وجزاكم الله خيرا
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فقد اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
1- لا يجوز نقل الأعضاء الآدمية مطلقاً، سواء أكانت أعضاء كافر أم كانت أعضاء مسلم".
2- يجوز نقلها مطلقاً.
3- القول بالتفصيل، وهو أنه يجوز نقل الأعضاء الآدمية من الحي والميت، ولكن بشرط ألا يكون الشخص المنقول منه العضو مسلماً، وعلل القائلون بهذا القول ذلك بما يلي :
ا- أن الحاجة أو الضرورة -إذا وجدت- يمكن دفعها بغير المسلمين خصوصاً أنهم لا يمانعون في ذلك، فقوانينهم تبيحه بضوابط معينة .
ب- أن الأصل يقتضي حرمة المساس بجسد المسلم بالجرح أو القطع حياً كان أو ميتاً فوجب البقاء على الأصل حتى يوجد الدليل الموجب للعدول والاستثناء منه ، إذ الأدلة المانعة من النقل كلها تتعلق بالمسلم ، وأما الكافر فلا .
وعلى هذا فلا يجوز للمسلم التبرع بأعضائه بعد الموت ، لأن من شرط صحة التبرع أن يكون الإنسان مالكاً للشيء المتبرع به ، أو مفوضاً في ذلك من قبل المالك الحقيقي ، والإنسان ليس مالكاً لجسده ، ولا مفوضاً فيه، لأن التفويض يستدعي الإذن له بالتبرع وذلك غير موجود ، وأيضاً فإنه لا يجوز بيع أعضاء الآدمي .
بقيت الإشارة إلى مسألتين:(1/2)
التبرع بالكلية حيث أجاز الكثير من العلماء التبرع بالكلية إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، وقرر الأطباء المختصون أنه لا خطر على صاحبها في نزعها منه ، وأنها صالحة لمن نزعت من أجله ، كما أجازوا نقل القرنية ( قرنية العين من إنسان بعد التأكد من موته، وزرعها في عين إنسان مسلم مضطر إليها، وغلب على الظن نجاح عملية زرعها، مالم يمنع أولياء الميت ذلك، وكأن هاتين المسألتين استثناء حيث لم يشترطوا في الشخص المنقول منه أن يكون كافراً _فيما أعلم_ بل يمكن أن يكون مسلماً ، ويمكن للسائل الكريم أن يرجع إلى رسالة دكتوراة بعنوان : أحكام الجراحات الطبية، للدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي .
والله أعلم
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=4005
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@173.GwBpbhDdWNA^31@.ef128a4
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
ماتت العصافير... فهل علينا كفارة؟؟
السؤال :
مع ان والدتي كانت قد اوصت الخادمات بوضع أنية اضافية من الطعام في اقفاص الحيوانات لاضطرارنا للتغيب بضعة ايام لقضاء الاجازة على شاطىء البحر الا انها لم تفعل
وعندما عدنا وجدنا ان اثنان من الببغاؤات وطائري كناري كانوا قد نفقوا
ولم نعلم هل كان السبب الحر الشديد ام نقص الطعام
ونحاول الان معرفة ماذا يتوجب علينا فعله ....هل تجب علينا كفارة ؟؟ او غيره؟؟
ارجوا الافادة..
الجواب :
إن كن الخادمات فرطن فيما أوصت به والدتك فلا شك أنهن آثمات .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ ، قَالَ : فَقَالَ : وَاللَّهُ أَعْلَمُ لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِهَا ، وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ . رواه البخاري ( 2236 ) ، ومسلم ( 2242 )
قال النووي : الذي يظهر من الحديث أنها إنما دخلت النار بهذه المعصية .ا.هـ.
وإن كان نسيانا منهن من غير تفريط ، فلا إثم عليهن .
أما الكفارة فلم يرد في الشرع كفارة ، ولكن التوبة تكفي في هذا المقام . والله أعلم .
وهذه فتوى تتعلق بسؤالك :
السؤال :
أود أن أتقدم لسماحتكم بسؤال عن حكم الشرع في الاتجار أو اقتناء الحيوانات التي تستخدم لإشباع الهواية أو لأغراض الزينة ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
1.طيور الزينة مثل : الببغاوات والطيور الملونة .
2.الزواحف مثل : الثعابين والسحالي .
3. المفترسات مثل : الذئاب والأسود والثعالب .. الخ .
حيث إنها تستخدم إما لأشكالها الجميلة أو لفرائها ، مع العلم بأنها غالية الثمن ، وتحفظ تحت الأسر ، والتجارة فيها لها مردود عالي جداً ؟ .
الجواب :
الحمد لله(1/1)
أولاً : بيع طيور الزينة مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل لأجل صوتها جائز لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح ، ولم يأت نص من الشارع على تحريم بيعها أو اقتنائها ، بل جاء ما يفيد جواز حبسها إذا قام بإطعامها وسقيها وعمل ما يلزمها ، ومن ذلك ما رواه البخاري من حديث أنس قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً ، وكان لي أخ يقال له أبو عُمير قال : أحسبه فطيماً وكان إذا جاء قال : ( يا أبا عُمير ما فعل النُغير ؟ ) نغر كان يلعب به ) ..الحديث ، والنغر نوع من الطيور ، قال الحافظ ابن حجر في شرحه ( فتح الباري ) في أثناء تعداده لما يستنبط من الفوائد من هذا الحديث قال : وفيه .. جواز لعب الصغير بالطير ، وجواز ترك الأبوين ولدهما الصغير يلعب بما أبيح اللعب به ، وجواز إنفاق المال فيما يتلهى به الصغير من المباحات ، وجواز إمساك الطير في القفص ونحوه ، وقص جناح الطير إذ لا يخلو طير أبي عمير من واحد منهما ، وأيهما كان الواقع التحق به الآخر في الحكم ، وكذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل في خشاش الأرض ) أخرجه البخاري في الصحيح 4/ 100،152وأحمد 2/261 . وإذا جاز هذا في الهرة جاز في العصافير ونحوها .
وذهب بعض أهل العلم إلى كراهة حبسها للتربية ، وبعضهم منع ذلك ، قالوا : لأن سماع أصواتها والتمتع برؤيتها ليس للمرء به حاجة ، بل هو من البطر والأشر ورقيق العيش ، وهو أيضاً سفه لأنه يطرب بصوت حيوان صوته حنين إلى الطيران ، وتأسف على التخلي في الفضاء ، كما في كتاب ( الفروع وتصحيحه ) للمرداوي 4/9 ، والإنصاف ( 4/275 )(1/2)
ثانياً : من شروط صحة البيع كون العين المعقود عليها مباحة النفع من غير حاجة ، والثعابين لا نفع فيها ، بل فيها مضرة فلا يجوز بيعها ولا شراؤها ، وهكذا السحالي ، وهي السحابل ، لا نفع فيها ، فلا يجوز بيعها ولا شراؤها .
ثالثاً : لا يجوز بيع المفترسات من الذئاب والأسود والثعالب وغيرها من كل ذي ناب من السباع لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولما في ذلك من إضاعة المال ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته .
من فتاوى اللجنة الدائمة 13/38.
رابط الموضوع
http://alsaha2.fares.net/sahat?14@118.fbcSfeLJTwV.0@.1dd3f04e/1
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
مَاذَا تَعْرِفُ عَنْ : " ضَعْ وتَعَجَّلْ " ؟
الحمدُ لله وبعد .
إن من عقود البيع القديمة والمعروفة في كتب الفقهاء صورةً يقالُ لها : ضَعْ وتَعَجَّلْ .
وفي هذا البحث البسيط سنبينُ صورةَ هذا البيع وأقوال العلماء فيه مع ذكر الرجح منها .
صُورتُهُ :
عرفه بعض أهل العلم : تعجيل الدين المؤجل في مقابل التنازل عن بعضه .
ويقال أيضا : التنازل عن جزء من الدين المؤجل ودفع الجزء الباقي في الحال .
خلافُ العلماءِ :
اختلف العلماء في حكم صورة هذا العقد على ثلاثة أقوال :
- القولُ الأولُ :
جواز الوضع والتعجل .
- واستدلوا :
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج بني النضير قالوا : يا رسول الله ، إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل . قال : ضعوا وتعجلوا .
رواه الحاكم (2325) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
ورواه الطبراني في الأوسط .
وقال الهيثمي في المجمع : رواه الطبراني في الأوسط وفيه مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف وقد وثق .
وقال ابن كثير في البداية والنهاية : وفي صحته نظر .
وقد أجازها من الصحابة ابن عباس رضي الله عنهما .
روى سعيد بن منصور ومن طريقه البيهقي (6/28) من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأسا أن يقول : أعجل لك وتضع عني . وإسناده صحيح .
وقال بجوازها النخعي من التابعين وزُفر من أصحاب أبي حنيفة وأبو ثور من أصحاب الشافعي . وهو رواية عن الإمام أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية قال في الاختيارات ( ص 134) : ويصح الصلح عن المؤجل ببعضه حالا وهو رواية عن أحمد وحُكي قولا للشافعي .ا.هـ.(1/1)
واخيتار تلميذه ابن القيم قال في إعلام الموقعين (3/371) : لأن هذا عكس الربا فإن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل وهذا يتضمن راءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل فسقط بعض بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل فانتفع به كل واحد منهما ولم يكن ربا لا حقيقة ولا لغة ولا عرفا . فإن الربا الزيادة وهي منتفية هنها . والذين حرموا ذلك قاسوه على الربا ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله : " إما أن تربي وإما أن تقضي " وبين قوله : " عجل لي وأهب لك مئة " . فأين أحدهما من الآخر ؟ فلا نص في تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح .ا.هـ.
وافتى بجواز هذه الصورة المجمع الفقهي وكثير من الهيئات الشرعية وهذه بعض الفتاوى :
منظمة المؤتمر الإسلامي - مجمع الفقه الإسلامي قرارات وتوصيات مجلس مجمع الفقه الإسلامي - الدورة الأولى حتى الدورة الثامنة بعد الاطلاع على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع : ( البيع بالتقسيط ) وبعد الاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله .
تقرر :
الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله سواء أكانت بطلب الدائن أم المدين ضع وتعجل جائزة شرعا لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على اتفاق مسبق وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية فإذا دخل بينهما طرف ثالث لم تجز لأنها تأخذ عندئذ حكم حسم الأوراق التجارية يجوز اتفاق المتداينين على حلول سائر الأقساط عند امتناع المدين عن وفاء أي قسط من الأقساط المستحقة عليه ما لم يكن معسرا إذا اعتبر الدين حالا لموت المدين أو إفلاسه أو مماطلته فيجوز في جميع هذه الحالات الحط منه للتعجيل بالتراضي ضابط الإعسار الذي يوجب الانتظار ألا يكون للمدين مال زائد عن حوائجه الأصلية يفي بدينه نقدا وعينا .ا.هـ.
مجموعة فتاوى الهيئة الشرعية - شركة الراجحي المصرفية للاستثمار قرار رقم ( 1 )
السؤال :(1/2)
نرجو إبداء الرأي الشرعي حول السؤال المقدم من الشركة المتضمن أن الشركة باعت على أحد العملاء بضاعة على أن يدفع القيمة بعد ستة أشهر ووقع العميل كمبيالة مؤجلة الدفع في التاريخ المذكور وبعد مضي شهرين من توقيع العقد رغب العميل في دفع قيمة البضاعة قبل حول الأجل وطلب أن يوضع عنه بعض المستحق عليه مقابل تعجيل الدفع فهل يجوز إعادة جزء من المستحق عليه مقابل تعجيل الدفع ؟
الجواب :
وبعد تداول الهيئة للسؤال وأقوال أهل العلم انتهت الهيئة إلى أن ذلك جائز لما ورد عن رسول الله أنه لما أراد أن يجلي بنى النضير من المدينة ذكر له أن بينهم وبين الناس ديون فأمرهم أن يضعوا ويتعجلوا ( رواه أبو داود وغيره ) ( انظر إغاثة اللهفان حيث احتج به ابن قيم رحمه الله )
وقد روى جواز ذلك عن ابن عباس والنخعي والحسن وابن سيرين وهو راوية عن الإمام أحمد رحمه الله ووجه عند الشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم والشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمهم الله قال ابن قيم رحمه الله : إن هذا عكس الربا فإن الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل وهذا يتضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابله سقوط بعض الأجل فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل فانتفع به كل واحد منهما ولم يكن هنا ربا لا حقيقة ولا لغة ولا عرفا والذين حرموا ذلك إنما قاسوه على الربا ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله إما أن تربى وإما أن تقضى وبين قوله عجل لي وأهب لك مائة فأين أحدهما من الأخر فلا نص في تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح انتهى مختصرا من حاشية ابن قاسم على الروض .(1/3)
وقال الشيخ عبد الرحمن سعدي في كتابه المختارات الجلية من المسائل الفقهية : والصحيح جواز الصلح عن المؤجل ببعضه حالا لإنه لا دليل على المنع ولا محذور في هذا بل في ذلك مصلحة للقاضي والمقتضى فقد يحتاج من عليه الحق إلى الوفاء قبل حلوله وقد يحتاج صاحب الحق إلى حقه لعذر من الأعذار وفى تجويز هذا مصلحة ظاهرة وأما قياس المانعين لهذه المسألة بمسألة قلب الدين على المعسر فهذا القياس من أبعد الأقيسة وبين الأمرين من الفرق كما بين الظلم المحض والعدل الصريح انتهى مختصرا .
- القولُ الثاني :
تحريم هذه الصورة .
وقال به عدد من الصحابة والتابعين ، وقال به جمهور العلماء من الأئمة الأربعة .
- واستدلوا :
قال الإمام ابن القيم في إغاثة اللهفان (2/12) :
واحتج المانعون بالأثر والمعنى - أما الآثار ففي سنن البيهقي عن المقداد بن الأسود قال : أسلفت رجلا مئة دينار فقلت له : عجل تسعين وأحط عشرة دنانير . فقال : نعم . فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : أكلت ربا مقداد وأطعمته . وفي سنده ضعف . وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن الرجل يكون له الدين على رجل إلى أجل فيضع عنه صاحبه ويعجل له الآخر فكره ذلك ابن عمر ونهى عنه . وصح عن أبي المنهال أنه سأل ابن عمر فقال : لرجل علي دين فقال لي : عجل لي لأضع عنك . قال : فنهاني عنه ..... ا.هـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية . مادة أجل . ما نصه :
واستدل جمهور الفقهاء على بطلان ذلك بشيئين :
أحدهما :
تسمية ابن عمر إياه ربا , ومثل ذلك لا يقال بالرأي وأسماء الشرع توقيف .
والثاني :
أنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة ، فكانت الزيادة بدلا من الأجل ، فأبطله الله تعالى , وحرمه ، وقال : " وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ " [ البقرة : 279 ] وقال تعالى : " وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا " [ البقرة : 278 ] حظر أن يؤخذ للأجل عوض .(1/4)
فإذا كانت عليه ألف درهم مؤجلة ، فوضع عنه على أن يعجله ، فإنما جعل الحط مقابل الأجل ، فكان هذا هو معنى الربا الذي نص الله تعالى على تحريمه .
ولا خلاف أنه لو كان عليه ألف درهم حالة ، فقال له : أجلني وأزيدك فيها مائة درهم ، لا يجوز ، لأن المائة عوض من الأجل ، كذلك الحط في معنى الزيادة ، إذ جعله عوضا من الأجل ، وهذا هو الأصل في امتناع جواز أخذ الأبدال عن الآجال .
فحرمة ربا النساء ليست إلا لشبهة مبادلة المال بالأجل وإذا كانت شبهة الربا موجبة للحرمة فحقيقته أولى بذلك .
وأيضا فإنه لا يمكن حمل هذا على إسقاط الدائن لبعض حقه ، لأن المعجل لم يكن مستحقا بالعقد ، حتى يكون استيفاؤه استيفاء لبعض حقه ، والمعجل خير من المؤجل لا محالة ، فيكون ( فيما لو كانت له عليه ألف مؤجلة فصالحه على خمسمائة حالة ) خمسمائة في مقابل مثله من الدين ، وصفة التعجيل في مقابلة الباقي - وهو الخمسمائة - وذلك اعتياض عن الأجل ، وهو حرام .
- القولُ الثالثُ :
يجوز ذلك في دين الكتابة ولا يجوز في غيره .
جاء في الموسوعة الفقهية . مادة أجل . ما نصه :
واستثنى من ذلك الحنفية والحنابلة ( وهو قول الخرقي من علمائهم ) أنه يجوز أن يصالح المولى مكاتبه على تعجيل بدل الكتابة في مقابل الحط منه ، وذلك لأن معنى الإرفاق فيما بينهما أظهر من معنى المعاوضة ، فلا يكون هذا في مقابلة الأجل ببعض المال ، ولكن إرفاق من المولى بحط بعض المال ، ومساهلة من المكاتب فيما بقي قبل حلول الأجل ليتوصل إلى شرف الحرية ، ولأن المعاملة هنا هي معاملة المكاتب مع سيده ، وهو يبيع بعض ماله ببعض ، فدخلت المسامحة فيه ، بخلاف غيره .
القولُ الراجحُ :
وبعد ذكر هذه الأقوال في المسألة الذي يترجح - والعلم عند الله - هو القول الأول والذي يجيز هذه الصورة .
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في كتاب " الفرق بين البيع والربا في الشؤيعة الإسلامية " ( ص 21) :(1/5)
والراجح ... وهو جواز ذلك مطلقا لأنه ليس مع من منعه دليل صحيح والأصل في المعاملات الصحة والجواز ما لم يدل دليل على التحريم ...ا.هـ
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@189.vnX0a0i19Kb^4@.ef10db0
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
في ذي القعدة 1423 هـ
zugailam@islamway.net(1/6)
متى يجوز التشهير بالسارق؟!!
مشايخي الكرام، وإخواني الفضلاء:
نرجو توضيح المسائل الآتية:
ـ متى يجوز فضح السارق والتشهير به؟ ومتى يُتْرَك التشهير به؟ ومتى يقام عليه الحد؟ ومتى تُتْرك إقامة الحد عليه؟
ـ ما الفرق بين السرقات العلمية والسرقات المالية؟
والسلام عليكم.
الجواب :
أخي أبو مسلم التركي .
قال تعالى : " وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ " ، أخذ العلماءُ من هذه الآيةِ أن من ارتكب حداً من الحدود فإنه يشهرُ به .
قَالَ الْكَاسَانِيُّ : وَالنَّصُّ وَإِنْ وَرَدَ فِي حَدِّ الزِّنَى ، لَكِنَّ النَّصَّ الْوَارِدَ فِيهِ يَكُونُ وَارِدًا فِي سَائِرِ الْحُدُودِ دَلَالَةً ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحُدُودِ كُلِّهَا وَاحِدٌ ، وَهُوَ زَجْرُ الْعَامَّةِ ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا وَأَنْ تَكُونَ الْإِقَامَةُ عَلَى رَأْسِ الْعَامَّةِ ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ يَنْزَجِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ بِالْمُعَايَنَةِ ، وَالْغَائِبِينَ يَنْزَجِرُونَ بِإِخْبَارِ الْحُضُورِ ، فَيَحْصُلُ الزَّجْرُ لِلْكُلِّ . وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَانِيَةً وَغَيْرَ سِرٍّ ، لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ .
وَقَالَ مُطَرِّفٌ : وَمِنْ أَمْرِ النَّاسِ عِنْدَنَا الشَّهْرُ لِأَهْلِ الْفِسْقِ رِجَالًا وَنِسَاءً ، وَالْإِعْلَامُ بِجَلْدِهِمْ فِي الْحُدُودِ وَمَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَكَشْفُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ .
وَسُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ عَنْ الْمَجْلُودِ فِي الْخَمْرِ وَالْفِرْيَةِ : أَتَرَى أَنْ يُطَافَ بِهِمْ وَبِشُرَّابِ الْخَمْرِ ؟ قَالَ : إذَا كَانَ فَاسِقًا مُدْمِنًا فَأَرَى أَنْ يُطَافَ بِهِمْ ، وَنُعْلِنُ أَمْرَهُمْ وَيُفْضَحُونَ .
فالآية عامةٌ في التشهيرِ بمن ارتكب حداً .(1/1)
بل ذهب بعضهم في أن السارقَ بعد قطعِ يده أنها تعلقُ في عنقهِ ردعاً للناسِ .
أما متى يقامُ عليه الحدُّ فإنه متى وصل أمرهُ إلى الإمامِ فإنه يقامُ عليه ، واستدلوا بقصةِ المرأة التي سرقت ، وبقصةِ ماعز عندما زنى .
أما السرقاتُ الأدبيةُ والعلميةُ فإنه قد تكلم العلماءُ عليها ، ويطلقُ عليها " حقوقُ التأليفِ " ، وهي نازلةٌ تكلم عنها العلامةُ بكر أبو زيد في " فقه النوازل " (2/115 - 187) ، فقال الشيخُ في الجزاءاتِ المترتبةِ على السرقاتِ الأدبيةِ : " لم يحصل الوقوفُ على عقوبةٍ في قضيةٍ عينيةٍ إلا أن تقعيدَ العلماءِ لمنعِ الانتحالِ وكشفهم قطاعَ الطريقِ في ذلك ، وأن قاعدةَ التشريعِ أن ما لا حد فيه فجزاؤه أمرٌ تعزيري يُقدّرُ لكل حالةٍ بقدرها ، وإن من العقوباتِ التعزيريةِ التشهيرُ والنقضُ بالمثلِ فنستطيعُ أن نكيفَ في ضوءِ ذلك أنهم يرون الاكتفاءَ بالتشهيرِ بالمنتحلِ ، والنقضِ عليهِ بالمثلِ ، وهذا وحدهُ كافٍ في الاحتفاظِ بالحقِ الأدبي لحقوقِ المؤلفِ إذ أن التأليفَ في ذلك الوقتِ لم يكن تسويقهُ وانتشاره عن طريقِ المطابعِ التي تخرجُ آلاف النسخِ بل كان الكتابُ يخرجُ منهُ نسخٌ معددوةٌ ، والعلم للجميعِ ، وكانت تسجلُ عليهِ الانتقالاتُ للملكيةِ ... واللهُ أعلمُ " .ا.هـ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/2)
مجموعة أسئلة
1- هل صحيح انه لا يجوز الكلام اثناء الوضوء ???????
الجواب :
اختلف أهل العلم في الكلام حال الوضوء على قولين :
القول الأول : أنه مكروه وإلى هذا ذهب المالكية والحنابلة .
القول الثاني : أنه خلاف الأولى ، وإليه ذهب الحنفية والشافعية .
قال صاحب كتاب " مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى " :
وَكُرِهَ كَلَامٌ حَالَةَ وُضُوءٍ ) , قَالَهُ جَمَاعَةٌ . قَالَ فِي " الْفُرُوعِ : " وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ , كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ . ( وَالْمُرَادُ ) بِالْكَرَاهَةِ هُنَا : ( تَرْكُ الْأَوْلَى ) , وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ .ا.هـ.
ولم يذكر دليلا ، وكما هو معلوم أن الكراهة حكم شرعي ، فالذي يظهر والله أعلم أن الكلام حال الوضوء جائز ولا شيء فيه .
---
2 - معروف انه يجب ان يكرر الإنسان ما يقوله المؤذن فاذا كان الصوت لا يصل بوضوح وتتداخل أصوات المؤذنين أثناء الأذان فلا أستطيع ان أميز مع من كنت اردد هل يجوز لي ان اردد الأذان لوحدي وبعده أقول الدعاء المعروف أم يجب ان يكون حصريا الترديد وراء المؤذن ???????
الجواب :
لا شك أن الترديد مع المؤذن مما جاءت النصوص بالترغيب فيه ومن ذلك :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ .
رواه مسلم (577) .(1/1)
وقد اختلف أهل العلم في الترديد مع المؤذن هل هو للوجوب أم أنه سنة مؤكدة ، ليس هذا موطن بسط المسألة .
أما الجواب على السؤال :
ذكر الإمام النووي رحمه الله هذه المسألة في "المجموع شرح المهذب ، كتاب الصلاة ، باب الأذان ، مستحبات الأذان وفيه مسائل ، فرع متابعة المصلي المؤذن في الصلاة " فقال :
إذَا سَمِعَ مُؤَذِّنًا بَعْدَ مُؤَذِّنٍ , هَلْ يَخْتَصُّ اسْتِحْبَابُ الْمُتَابَعَةِ بِالْأَوَّلِ ؟ أَمْ يُسْتَحَبُّ مُتَابَعَةُ كُلِّ مُؤَذِّنٍ ؟
فِيهِ خِلَافٌ لِلسَّلَفِ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ , وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا لِأَصْحَابِنَا , وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمِلَةٌ , وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُقَالَ : الْمُتَابَعَةُ سُنَّةٌ مُتَأَكِّدَةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا لِصَرِيحِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِالْأَمْرِ بِهَا , وَهَذَا يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ , وَأَمَّا أَصْلُ الْفَضِيلَةِ وَالثَّوَابِ فِي الْمُتَابَعَةِ فَلَا يَخْتَصُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .ا.هـ
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين في " مجموع فتاويه " (12/196 - 197) :
هل يلزم متابعة كل مؤذن في البلد أو يكتفى بالأول ؟
فأجاب :
إجابة المؤذن ليست بلازمة لا في أول مؤذن ولا في آخر مؤذن .(1/2)
لكن هل يشرع ويستحب فأنا أقول : الفقهاء - رحمهم الله - يقولون : إنه يجيب المؤذن لكما سمعه واستدلوا بعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ " . وهذ عام إلا أنهم استثنوا إذا صلى فإنه لا يجيب المؤذن ، يعني لو فرضنا أن أحد من المؤذنين تأخر ولم يؤذن إلا بعد أن صليت قالوا : فهنا لا يجيب المؤذن ، وعللوا ذلك بأنه غير مدعو بهذا الأذان ، لأن المؤذن هذا يقول : حي على الصلاة ، وأنت قد صليت . فلا تُجيبه في هذه الحال ، لكن لو أجبته فأنت على خير أخذا بالعموم : " إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ " .ا.هـ.
فكما نرى أن الشيخ لا يرى بوجوب الترديد مع المؤذن حال الأذان بناء على أنه سنة وليس بواجب .
---
3- هل يجب على المرأة ان تردد إقامة الصلاة قبل البدء بالصلاة ???????
الجواب :
- إن كنتِ تقصدين حكم ترديد الإقامة مع المؤذن فنقول :
ورد حديث في ترديد الإقامة مع المؤذن ونصه :
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَوْ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ بِلَالًا أَخَذَ فِي الْإِقَامَةِ فَلَمَّا أَنْ قَالَ : قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا .
و قَالَ فِي سَائِرِ الْإِقَامَةِ كَنَحْوِ حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْأَذَانِ .
روه أبو داود (528) ، وقال الألباني في الإرواء (241) :
قلت : وهذا إسناد واهٍ : محمد بن ثابت وهو العبدي ضعيف . ومثله شهر بن حوشب والرجل الذي بينهما مجهول .ا.هـ.
وذهب بعض أهل العلم إلا أن ترديد الإقامة يكون مثل الأذان لأن الإقامة يطلق عليها أذان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ " .(1/3)
قال ابن قدامة في المغني (1/440) : ويستحب أن يقول في الإقامة مثل ما يقول .ا.هـ.
والذي يظهر أنه العبرة بثبوت الحديث ، وبما أنه حديث معلول فلا يفعل ، لأن الاستحباب حكم شرعي ولا يكون إلا بثبوت النص .
قال العلامة الألباني في الإرواء (1/258 - 259) :
وقد أشار البيهقي إلى تضعيف الحديث بقوله عقبه : " وهذا إن صح شاهد لما استحسنه الشافعي رحمه الله من قولهم : اللهم أقمها وأدمها واجعلنا من صالح أهلها عملا " .
قلت : وهذا الذي استحسنه الشافعي أخذه عنه الرافعي فذكره فيما يستحب لمن سمع المؤذن أن يقوله ؛ فانتقل الأمر من الاستحسان القائم على مجرد الرأي إلى الاستحباب الذي هو حكم شرعي لا بد له من نص .ا.هـ.
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في " فتاويه " (12/201) :
المتابعة في الإقامة ؟
فأجاب قائلا : المتابعة في الإقامة فيها حديث أخرجه أبو داود لكنه ضعيف لا تقوم به الحجة ، والراجح أنه لا يتابع .ا.هـ.
- وأما إن كنتِ تقصدين إقامة الصلاة في بيتكِ عند الصلاة فهذه مسألة خلافية والحكم فيها بين أهل العلم دائر بين فرض الكفاية والسنة المؤكدة .
فإن أقمت الصلاة فلا بأس .
---
4 - هل صحيح انه لا يجوز قص الأظافر بالليل وبحال الجنابة والحيض ??????
الجواب :
نعلم أن تقليم الأظافر من سنن الفطرة كما جاء في الحديث :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : الْفِطْرَةُ خَمْسٌ ، أَوْ خَمْسٌ مِنْ الْفِطْرَةِ : الْخِتَانُ ، وَالِاسْتِحْدَادُ ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ ، وَقَصُّ الشَّارِبِ .
رواه البخاري (5891) ، ومسلم (257) .(1/4)
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ : قَصُّ الشَّارِبِ ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ، وَالسِّوَاكُ ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ .
قَالَ زَكَرِيَّاءُ : قَالَ مُصْعَبٌ : وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ .
زَادَ قُتَيْبَةُ قَالَ وَكِيعٌ : انْتِقَاصُ الْمَاءِ ، يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ .
رواه مسلم (261) .
وأحكام تقليم الأظافر كثيرة لا يسع المجال لذكرها هنا .
وأما الجواب :
هناك معتقدات كثيرة لا دليل عليها في موضوع تقليم الأظافر من ذلك :
- تخصيص يوم الجمعة بتقليم الأظافر .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وَأَقْرَب مَا وَقَفْت عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ مُرْسَل أَبِي جَعْفَر الْبَاقِر قَالَ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبّ أَنْ يَأْخُذ مِنْ أَظْفَاره وَشَارِبه يَوْم الْجُمُعَة " ، وَلَهُ شَاهِد مَوْصُول عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , لَكِنْ سَنَده ضَعِيف أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا فِي " الشُّعَب " .ا.هـ.
- قصّ الأظافر بالليل مكروه .
- التفل على الأظافر والشعر ثلاث مرات ونقول : بسم الله قبل رميها في الزبالة وإلا استعملها الشيطان .
- أن الصائم عليه ألا يقص أظافره .
- المنع من قص الأظافر أثناء الحيض والجنابة .
- تقليم الأظافر بطريقة معينة لا دليل عليه .
قال ابن دقيق العيد : " وما اشتهر من قصها على وجه مخصوص لا أصل له في الشريعة " .
وأما إذا بدأ باليد اليمنى ثم اليسرى فيكون داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " كَانَ يُعْجِبهُ التَّيَامُن " رواه مسلم .
وقد يكون هناك اعتقادات أخرى ولكن هذه على سبيل المثال لا الحصر .(1/5)
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@25.3a4TbbBAxac^0@.ef17f73
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
مدة قصر الصلاة في السفر
سؤال :
قرأت في بعض الساحات التي لا تنتمي لأهل السنة والجماعة الخلاصة التالية حول موضوع الصلاة في السفر... وقد طلب مني أحد الإخوة بيان رأي أهل السنة والجماعة في هذه المسألة..
وقد قال الباحث في خلاصته:
يدل ما تقدم من الأحاديث الصحيحة الثابتة على بقاء حكم قصر الصلاة في السفر مهما كانت مدة المكث ، إذ الأصل الأخذ بالعام على عمومه والمطلق على إطلاقه ما لم يرد دليل صالح للاستدلال يخصص ذلك العموم أو يقيد ذلك الإطلاق ، ولم يأت القائلون بخلاف هذا القول بما يصلح للحُجة وينهض للاستدلال ؛ عدى بعض الأحاديث الضعيفة والآثار الواهية وبعض الأدلة التي لا تدل على الموضوع لا من بعيد ولا من قريب. هذا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،
الجواب :
أما السؤال الذي أوردته أقول :
هذه المسألة - وهي مدة قصر الصلاة في السفر - اختلف فيها أهل العلم على أقوال كثيرة تصل إلى أكثر من عشرين قولا وسأذكر أهمها :
1) إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم الصلاة .
وهذا مذهب الحنابلة .
واستدلوا بحديث جابر - رضي الله عنهما - : أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة مهلين بالحج ....
رواه البخاري (2505) ومسلم (1216) .
قال الشيخ ابن عثيمين في رسالة قصر الصلاة (ص50) في رد هذا القول :
أما وجه منعهما شرعا : فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة في حجة الوداع عشرة أيام ... وأقام بها في غزوة الفتح تسعة عشر يوما ، وأقام بتبوك عشرين وكان يقصر الصلاة مع هذه الإقامات المختلفة .
وأما وجه منعها عرفا : فإن الناس يقولون في الحاج إنه مسافر ، وإن كان قد سافر أول ذي الحجة ، ويقولون للمسافر للدراسة إنه مسافر للدراسة في الخارج ، ونحو ذلك .ا.هـ.
2) إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر فإنه يلزمه الإتمام لكن لا يحسب منها يوم الدخول ويوم الخروج .
وهذا مذهب الشافعية والمالكية .(1/1)
واستدلوا بأنه مروي عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - .
3) إذا نوى الإقامة أكثر من خمسة عشر يوما أتم وإذا نوى دونها قصر .
وهذا مذهب الحنفية ، وهو قول الثوري والمزني .
واستدلوا بما روي عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا : إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمسة عشر يوما فأكمل الصلاة .
4) أنه يقصر ما لم ينو الاستيطان أو الإقامة المطلقة .
وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن صالح العثيمين .
ودليلهم في ذلك :
- إطلاق الأدلة كقوله تعالى : " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة " .
قال الشيخ محمد العثيمين في الشرح الممتع (4/533) :
فقوله تعالى : " إذا ضربتم في الأرض " عام يشمل كل ضارب ، ومن المعلوم أن الضرب في الأرض أحيانا يحتاج إلى مدة .ا.هـ.
- حديث أنس - رضي الله عنه - قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجع إلى المدينة . متفق عليه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على القائلين بالتحديد (24/137) :
وأيضا فمن جعل للمقام حدا من الأيام : إما ثلاثة ، وإما أربعة ، وإما عشرة ، وإما اثني عشر ، وإما خمسة عشر فإنه قال قولا لا دليل عليه .ا.هـ.
والله أعلم .
-------------------------------------
مجرد مشاركة من مجرد إنسان
المسافرون لهم ثلاث حالات :
الأولى : أن ينووا الإقامة المطلقة في بلاد الغربة كالعمال المقيمين للعمل ، والتجار المقيمين للتجارة ، ونحوهم ممن عزم على الإقامة إلا لسبب يقتضي نزوحهم ، فهؤلاء حكمهم حكم المستوطنين من وجوب الصوم وإتمام الصلاة وغير ذلك .(1/2)
الثانية : أن ينووا إقامة لغرض معين غير مقيدة بزمن ، فمتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم كمن قدم لمراجعة دائرة حكومية ، أو لبيع سلعة أو شرائها ، فهؤلاء حكمهم حكم المسافرين على المذهب ، وحكاه ابن المنذر إجماعا ، لكن لو ظن هؤلاء أن غرضهم لا ينتهي إلا بعد أربعة أيام ففيه خلاف سيأتي في الحالة الثالثة .
الثالثة : أن ينووا إقامة لغرض معين مقيدة بزمن ، متى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم ، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال :
القول الأول : أنه إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فيلزمه الإتمام ، وهذا مذهب الحنابلة ، واستدلوا على ذلك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد الرابع من ذي الحجة ، وأقام فيها الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء ، وخرج يوم الخميس إلى منى ، فأقام بمكة أربعة أيام يقصر الصلاة [ خ ، م ] فيؤخذ من هذا أن المسافر إذا نوى إقامة أربعة أيام فإنه يقصر لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - .
والجواب عن هذا أن إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة أيام وقعت اتفاقا لا قصدا ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن من الناس من قدم قبله بيوم وبيومين ، بل من الناس من جاء من شهر ذي القعدة بل من شوال ، ولم يأمرهم بالإتمام .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب عن الدليل السابق [ الفتاوى 24 / 140 ] :" وهذا الدليل مبني على أنه إذا قدم المصر فقد خرج عن حد السفر ، وهو ممنوع ، بل مخالف للنص والإجماع والعرف "(1/3)
قال شيخنا في رسالة قصر الصلاة :" أما وجه منعه شرعا إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بمكة في عام الفتح عشرة أيام .... وأقام بها في غزوة الفتح تسعة عشر يوما ، وأقام بتبوك عشرين وكان يقصر الصلاة مع هذه الإقامات المختلفة ، وأما وجه منعه عرفا فإن الناس يقولون في الحاج إنه مسافر ، وإن كان قد سافر أول ذي الحجة ، ويقولون للمسافر للدراسة إنه مسافر للدراسة في الخارج ونحو ذلك " ا.هـ
ثم الحنابلة يقولون إنه يصير مقيما ، فعندهم الناس ثلاثة أقسام : مسافر ومقيم ومستوطن ، وهذا الذي صار مقيما له حكم المستوطن في كل شيء إلا في الجمعة ، فإنه تلزمه الجمعة لكن لا يكون فيها إماما ولا خطيبا ولا يتم به العدد ، فصار مسافرا من وجه ومستوطنا من وجه ، وهذا التقسيم ليس عليه دليل ، وهو أيضا متناقض ، إذا كيف يكون الإنسان مستوطنا من وجه ومسافرا من وجه آخر ، والراجح أن الناس قسمان ، مسافر ومستوطن ، وإن شئت فقل : مسافر ومقيم هذا هو الذي تقتضيه الأدلة ، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية [ الفتاوى 24 / 137 ، 184 ] .
القول الثاني : أنه إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر فإنه يلزمه الإتمام ، لكن لا يحسب منها يوم الدخول ويوم الخروج ، وعلى هذا فتكون الأيام ستة ، وهذا مذهب الشافعية وقال به مالك وهو رواية عن أحمد حكاها صاحب الإنصاف ، واستدلوا بأدلة منها :(1/4)
1- حديث العلاء بن الحضرمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا ) [ م 1352 ] ، قال النووي في شرح مسلم :" معنى الحديث : أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها ، ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة ، واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث على أن إقامة ثلاثة ليس لها حكم الإقامة ، بل صاحبها في حكم المسافر ، قالوا : فإذا نوى المسافر الإقامة في بلد ثلاثة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج جاز له الترخيص برخص السفر من القصر والفطر وغيرهما من رخصه ، ولا يصير له حكم المقيم "
والحق أن الحديث حجة عليهم لأنه إذا جاز لهم أن يقصروا في سفرهم هذا ، فهم في الحقيقة لم يجلسوا ثلاثة أيام فقط ، بل هذه الثلاثة بعد إتمام الحج ، وربما هم قد جلسوا في حجهم أسبوعا أو نحو ذلك ، فكيف يؤخذ من هذا التحديد بأربعة أيام أو ثلاثة .
2- أن هذا مروي عن عثمان - رضي الله عنه -
القول الثالث : إذا نوى الإقامة أكثر من خمسة عشر يوما أتم ، وهذا مذهب أبي حنيفة وهو قول الثوري والمزني ، واستدلوا بما روي عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم - أنهما قالا :" إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمسة عشر يوما فأكمل الصلاة " رواه الطحاوي .(1/5)
وهناك مذاهب أخرى لأفراد الصحابة والتابعين ، فمذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - أن إذا نوى الإقامة تسعة عشر يوما قصر ، وما زاد فإنه لا يقصر ، وقد صرح - رضي الله عنه - بهذا في حديث رواه البخاري عنه أنه قال :" أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يقصر فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا " [ خ 1080 ] ، ومذهب الأوزاعي أنه إذا نوى الإقامة ثلاثة عشر يوما أتم وإن نوى أقل من ذلك قصر ، وعن ربيعة : يوم وليلة ، وعن الحسن البصري : أن المسافر يصير مقيما بدخول البلد ، والأقوال في هذه المسألة تزيد على العشرين .
والقول الراجح هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو اختيار ابن القيم والشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ، والشيخ عبد الرحمن السعدي ، والشيخ محمد رشيد رضا ، وشيخنا ، وهو أنهم مسافرون ، ما لم ينووا الاستيطان أو الإقامة المطلقة ، واستدلوا على لك بما يلي :
1- إطلاق الأدلة كقوله تعالى { وإذا ضربتم في الأرض } وهذا عام يشمل جميع الضاربين من أطال من هم ومن قصر .
2- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام في تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة [ حم 13726 ، د 1235 ، حب 4 / 184 ، هق 3 / 152 ، قال أبو داود غير معمر لا يسنده ، ورده النووي في الخلاصة كما نقله الزيلعي في نصب الراية 2 / 186:" هو حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم ، لا يقدح فيه تفرد معمر فإنه ثقة حافظ فزيادته مقبولة " وقال الحافظ في التلخيص 2 / 45 :" ... ورواه ابن حبان والبيهقي من حديث معمر ، وصححه ابن حزم والنووي ..... " ، والحديث صححه الألباني ] قال شيخ الإسلام في الفتاوى [ 24 / 136 ] :" ومعلوم بالعادة أن مما يفعل بمكة وتبوك لم يكن ينقضي في ثلاثة أيام ولا اربعة ، حتى إنه كان يقول : اليوم أسافر ، غدا أسافر "
3- أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة عام الفتح تسعة عشر يوما يقصر الصلاة [ خ 1080 ، 4298 ](1/6)
4- عن أبي جمرة نصر بن عمران قال : قلت لابن عباس : إنا نطيل المقام بخراسان فكيف ترى ؟ قال :" صل ركعتين وإن أقمت عشر سنين " رواه ابن أبي شيبة .
5- أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة وقد حال الثلج بينه وبين الدخول [ هق 3 / 152 ، وأخرجه عبد الرزاق 2 / 533 ، والأثر صححه ابن الملقن ، وقال ابن حجر في الدراية 1 / 212 :" إسناده صحيح " ، وقال النووي معلقا على سند البيهقي : وهذا سند على شرط الشيخين ، انظر التلخيص الحبير 2 / 47 ، نصب الراية 2 / 185 ]
6- وروى البيهقي [ 3 / 152 ] أن أنسا أقام بالشام يقصر سنتين .
7- وروى البيهقي كذلك عن أنس أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقاموا برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة .
ثم نقول : من نوى الإقامة ستا وتسعين ساعة فله أن يقصر على مذهب الحنابلة ، ومن نوى الإقامة ستا وتسعين ساعة وعشر دقائق فليس له أن يقصر ، لأن الأول مسافر والثاني مقيم ، فأين هذا التقسيم في كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - .
مجرد إنسان
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/7)
مركز بلياردو وانترنت وألعاب الكترونيه.. هل يحوز الكسب منه؟؟
الأخ ....
إليك بعض الفتاوي المتعلقة بسؤالك ، أسأل الله أن ينفعك بها .
أما ما يتعلق بالإنترنت :
السؤال :
ما حكم العمل والاستثمار في محلات الإنترنت مع العلم أن بعض رواد هذه الأماكن يقومون بالدخول إلى مواقع محرمة شرعا .... وكل ما أستطيع القيام به هو تعليق نصيحة أمام كل مستخدم للإنترنت أذكرهم فيها بحرمة هذه المواقع وحيث أن المستخدم يكون في مكان مفصول لضمان خصوصيته فإنني لا أستطيع مراقبة هؤلاء المستخدمين مائة بالمائة ..... وهل أكون متحملا للذنب أم أن المستخدم نفسه هو الذي يكون المتحمل الوحيد لسوء أفعاله ؟ .
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز العمل أو الاستثمار في مقاهي الإنترنت إلا في حال خلوها من المنكرات ، ومن ذلك عدم تمكين الزائرين من الدخول إلى المواقع المحرمة ، بحجبها عنهم ، أو بطردهم عند الإصرار على استخدامها، وذلك لقول الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة / 2 ، وقوله : ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) المائدة / 78 ، 79 . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " رواه مسلم 2674
وقوله : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم 49(1/1)
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : ( والإنكار بالقلب فرض على كل واحد ، وهو بغض المنكر وكراهيته ، ومفارقة أهله عند العجز عن إنكاره باليد واللسان ؛ لقول الله سبحانه : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ) الأنعام / 68 ...)
انتهى نقلا عن : الدرر السنية في الأجوبة النجدية 16/142
فإذا لم يمكن ضبط هذا المقهى ، ومنع المنكر منه ، فلا يجوز فتحه ، اتقاء للوقوع في الإثم والمعصية .
وإذا تركت هذا العمل تقرباً إلى الله وبعداً عما يريب فأبشر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه )
نسأل الله أن ييسر لك التوفيق والبركة وأن يبدلك خيراً .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=34672&dgn=3
---
السؤال :
ما رأي فضيلتكم فيما نراه في الآونة الأخيرة من لهث الشباب حول مقاهي الإنترنت وما يحصل فيها من الفساد ؟ وفيما يسمى بالمحادثة واستغراق الوقت فيها ؟.
الجواب :
الحمد لله
لا يجوز للإنسان أن يصدّ نفسه ولا أن يصدّ غيره عن ذكر الله ، قال الله تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ) . ولا يجوز له أن يعيش في أماكن الفساد لما يحصل له من الضرر على دينه ..
وإتيان مقاهي الإنترنت مما يصدّ عن سبيل الله وييسر فتح المواقع الجنسية فيها . والمحادثة مع النساء ضرر على الدين والخلق وبعضهم يزعم أنه يأتيها للفائدة والله يعلم المفسد من المصلح والله بصير بالعباد .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=32671&dgn=3
---
السؤال :
ما هو حكم فتح مكتب إنترنت بما هو معلوم أن به برامج خليعة تسبب الانحراف لضعفاء النفوس.
الفتوى(1/2)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فلا شك أن للانترنت جوانب إيجابية نافعة، كما أن له جوانب سيئة عديدة. وقد يستطيع الإنسان أن يضبط تعامله معه إذا كان الأمر مقصوراً عليه، وعلى خاصة أهله .
أما فتح مكتب أو مقهى للانترنت يزوره الصالح والطالح، والمستقيم والمنحرف، والباحث عن الفضيلة، والمبتلى بحب الرذيلة، فليس من شك أن التحكم في ذلك أمر بالغ المشقة، عسير المنال .
ومن تأمل حال هذه المقاهي أدرك اتساع انتشار الشر عن طريقها، وغلبة الفساد على روادها، ولهذا كان الأصل منع قيامها، والحد من انتشارها، وزجر الناس عن إنشائها، دون التفات إلى ما فيها من النفع، إذ الحكم للغالب الأعم، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
فإن قُدّر وجود مقهى يستطيع منشئه أن يتحكم في رواده، وأن يحول بينهم وبين كل موقع فاسد، وصفحة هابطة، وحوار محرم، فالقول بالجواز حينئذ لا يستريب فيه عاقل. ولا يخفى على السائل الكريم أن أبواب الرزق كثيرة، وأن السلامة لا يعدلها شيء. والساكت على المنكر شريك في الإثم .
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" .
وروى أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم ينكروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه "
وروى الترمذي عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم". نسأل الله أن يعصمنا من سيء القول والعمل .
والله أعلم .
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=6075&word=إنترنت%20
---
السؤال(1/3)
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا صاحب مقهى إنترنت ولدي بعض الزبائن الذين يدخلون إلى مواقع إباحية وأخرى فيها بعض المحرمات كالأغاني علما بأنني لا أغير هذا المنكر إلا في حالات قليلة وهي بالقول والنصيحة فقط فهل يكون عملي هذا بمقهى الإنترنت جائزاً أو علي أن أغير هذه الوظيفة رغم صعوبة هذا الأمر لأننا شركاء في المحل وبارك الله فيكم ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فإن كنت عاجزاً عن تغيير منكر مقهى الإنترنت فيحرم عليك العمل فيه أو المشاركة في فتحه،لأن ذلك ولا شك من الاعانة على المنكرات وشيوع الفواحش، وقد علم من خلال كثير من الاحصائيات أن نسبة تزيد على السبعين في المائة إنما يدخلون لمشاهدة ما يغضب الله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 6075.
وأما إن كنت قادراً على تغيير المنكر ووضع الضوابط لهذا العمل فلا بأس، وانظر الفتوى رقم: 16843، والفتوى رقم: 10836.
ومن اتقى الله جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب.
والله أعلم.
http://www.islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=29782&word=إنترنت%20
---
ما يتعلق بالألعاب الإلكترونية :
السؤال:
ما حكم اللعب أو السماح للأطفال باللعب في الألعاب الإلكترونية المنتشرة والمتعددة كالتي تنتجها شركات سوني ونينتندو وغيرها .
الجواب :
الحمد لله
النّاظر في هذه الألعاب يجد أنها تعتمد على المهارات الذهنية والتصرفات الفردية .(1/4)
وهذه الألعاب مختلفة النواحي ، متعددة الجوانب : فمنها حروب وهمية تدرب على التصرف في الأحوال المشابهة ، أو تقوم على التحفّز للنجاة من المخاطر وقتال الأعداء وتدمير الأهداف والتخطيط والمغامرة والخروج من المتاهات والهرب من الوحوش وسباقات الطائرات والسيارات والمراكب واجتياز العوائق والبحث عن الكنز ومنها ألعاب تنمي المعلومات وتزيد الاهتمامات كألعاب الفكّ والتركيب وتجميع الصور المجزّأة والبناء والتلوين والتظليل والإضاءة .
الحكم الشرعي :
الإسلام لا يمنع الترويح عن النّفس وتحصيل اللّذة المباحة بالوسائل المباحة والأصل في مثل هذه الألعاب الإباحة إذا لم تصدّ عن واجب شرعيّ كإقامة الصلاة وبرّ الوالدين وإذا لم تشتمل على أمر محرّم - وما أكثر المحرّمات فيها - ومن ذلك ما يلي :
- الألعاب التي تصور حروبا بين أهل الأرض الأخيار وأهل السماء الأشرار وما تنطوي عليه مثل هذه الأفكار من اتّهام الله تعالى أو الطعن في الملائكة الكرام .
- الألعاب التي تقوم على تقديس الصّليب وأنّ المرور عليه يعطي صحة وقوة أو يعيد الروح أو يزيد في الأرواح بالنسبة للاعب ونحو ذلك وكذلك ألعاب تصميم بطاقات أعياد الميلاد في دين النصارى .
- الألعاب التي تقرّ السّحر أو تمجّد السّحرة .
- الألعاب القائمة على الحقد على الإسلام والمسلمين كاللعبة التي يأخذ فيها اللاعب إذا قصف مكة 100 نقطة وإذا قصف بغداد خمسين وهكذا .
- تمجيد الكفار وتربية الاعتزاز بهم كالألعاب التي إذا اختار فيها اللاعب جيش دولة كافرة يُصبح قويا وإذا اختار جيش دولة عربية يكون ضعيفا وكذلك الألعاب التي فيها تربية الطّفل على الإعجاب بأندية الكفّار الرياضية وأسماء اللاعبين الكفرة .(1/5)
- الألعاب المشتملة على تصوير للعورات المكشوفة وبعض الألعاب تكون جائزة الفائز فيها ظهور صورة عارية . وكذلك إفساد الأخلاق في مثل الألعاب التي تقوم فكرتها على النجاة بالمعشوقة والمحبوبة والصديقة من الشرّير أو التنّين .
- الألعاب القائمة على فكرة القمار والميسر .
- الموسيقى ومعلوم تحريمها في الشريعة الإسلامية .
- الإضرار بالجسد كالإضرار بالعينين أو الأعصاب وكذلك المؤثّرات الصوتية الضارة بالأذن وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنّ هذه الألعاب تُحدث إدمانا وإضرارا بالجهاز العصبي وتُسبّب التوتّر والعصبية لدى الأطفال .
- التربية على العنف والإجرام وتسهيل القتل وإزهاق الأرواح كما في لعبة دووم المشهورة .
- إفساد واقعية الطّفل بتربيته على عالم الأوهام والخيالات والأشياء المستحيلة كالعودة بعد الموت والقوّة الخارقة التي لا وجود لها في الواقع وتصوير الكائنات الفضائية ونحو ذلك .
وقد توسّعنا في ذكر الأمثلة على المخاطر العقديّة والمحاذير الشرعية لأنّ كثيرا من الآباء والأمّهات لا ينتبهون لذلك فيجلبونها لأولادهم ويلهونهم بها .
وينبغي التنبّه إلا أنّ هذه الألعاب الإلكترونية لا تجوز المسابقة فيها بعِوَض - ولو كانت مباحة - لأنها ليست من آلات الجهاد ، ولا فيما يتقوى به في الجهاد . والله تعالى أعلم
المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية لـ د. سعد الشثري (www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?formtrans=dgn%3D3%7C&ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=2898
---
السؤال :
هل يجوز تأجير أجهزة الألعاب الإلكترونية للطلبة مقابل أجر مالي ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:(1/6)
فإن كانت هذه الألعاب خالية من الموسيقى ومن القمار، ولم تكن شاغلة عن صلاةٍ أو فرضٍ أو حقوقٍ واجبة، كحقوق الوالدين، فلا حرج في ممارستها ممارسة لا تخرج عن حد الاعتدال، ولا حرج كذلك في تأجير الأجهزة التي تمارس بها.
فإن اختلّ شيء من هذه الشروط لم تجز ممارسة هذه الألعاب، ولا تأجير الأجهزة لها، لما في ذلك من العون لممارسها على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة:2] .
والله أعلم .
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
---
السؤال :
شخص لديه محل للألعاب الإلكترونية وزواره من الأطفال والشباب لغرض التسلية وقضاء وقت الفراغ (dream cast) هل دخل هذا المحل حرام أم حلال ؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالألعاب الإلكترونية لا يحكم عليها بحل أو حرمة إلا بحسب ما تحتويه من مادة، فمنها ما هو حلال، ومنها ما هو محرم، فهي سلاح ذو حدين.
وعلى الذي يمتلك محلاً للألعاب الإلكترونية، ويريد أن يكون كسبه حلالاً أن يراعي مجموعة من الأمور:
أولاً : الحرص على الألعاب التي لا تشتمل على أمور منكرة كالموسيقى والصور المحرمة، وكل ما خالف الشرع .
ثانياً : الحرص على توجيه هؤلاء الشباب في سلوكهم وأخلاقهم .
ثالثاً : حث هؤلاء الشباب على المحافظة على الصلوات في أوقاتها .
فإذا لم تراع هذه الأمور، وكان المقصود هو مجرد الحصول على الكسب دون مراعاة الجوانب الشرعية فلاشك أن الكسب يكون محرماً، لأنها حينئذ وسيلة للإفساد .
وعلى الأخ السائل أن يعلم أن الناس في التعامل مع مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على قسمين :(1/7)
قسم مؤمنون، وقسم منافقون أو كافرون، وقد قال تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) [التوبة:71] .
وقال تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) [التوبة:67] .
والله أعلم.
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=18846
---
وأما البيلياردو :
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم. إخوة الإسلام هل يجوز فتح محل للعب البلياردو وهل الريع العائد منه حلال أم حرام ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فإن ممارسة لعبة ( البلياردو) إن كانت على مال فلا تجوز وتعتبر حينئذ قماراً، وإن كانت على غير مال وخلت من القمار فيجب أن يراعى فيها عدة ضوابط .
1- أن لا تشغل عن ذكر الله وعن الصلوات المفروضة .
2- أن يلتزم اللاعبون بتعاليم الإسلام بحيث لا تكون اللعبة وسيلة للنزاع أو الخصومة، أو التعصب، أو السباب والشتائم، أو اللجوء إلى الحيل والخداع للحصول على الفوز .
3- أن يكون لهذه اللعبة نفع أو فائدة تعود على لاعبيها في الغالب، وأن لا يكون الهدف منها هو تضييع الأوقات فقط . فإذا تحققت هذه الضوابط في هذه اللعبة جاز ممارستها .
أما بخصوص فتح محل للبلياردو، فإذا تمكن من يريد فتح المحل من الالتزام بتحقيق ضوابط اللعبة بحيث يوقف اللعب ويغلق المحل أثناء إقامة الصلوات المفروضة، مع إلزام اللاعبين بالصلاة، ومنع اللاعبين من اللعب على القمار، وكذا السباب والشتائم ... إلخ. مع تحقيق باقي الضوابط جاز له فتح ذلك المحل ، وإن لم يستطع فلا يجوز له ذلك. والله أعلم.(1/8)
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/pls/iweb/fatwa.showSingleFatwa?FatwaId=9146
---
السؤال
ما حكم ممارسه لعبة البليارد و لعبة الشطرنج و حسب ما سمعت - من أن بعض الصحابة - رضوان الله عليهم كانوا يمارسون لعبة الشطرنج0 أفيدونا جزاكم الله خيراً .
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فإن الشرع قد أباح للإنسان أن يروح عن نفسه بالمباح ، وأما ما سأل عنه السائل من حكم ممارسة لعبة (البلياردو) فهذه اللعبة إن كانت على مال فلا تجوز لأنها تكون مقامرة حالتئذ، وإن كانت بغير مال فلا حرج إن لم تخرج عن حد الاعتدال إلى إضاعة الوقت، لقوله صلى الله عليه وسلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ" . [رواه البخاري] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل وذكر صلى الله عليه وسلم منها وعن عمره فيما أفناه" [رواه الترمذي وقال حسن صحيح وأقره المنذري] .
وأما الشطرنج فذهب الإمامان أحمد ومالك إلى تحريمه، وقال :هو شر من النرد وألهى عن الخير، وقد قال صلى الله عليه وسلم في النرد :" من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه". [رواه مسلم] .
وقال مالك: لا خير في الشطرنج وكرهها، قال يحيى : وسمعته يكره اللعب بها وبغيرها من الباطل ويتلو هذه الآية : ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) . [يونس:32] .
ولأن اللعب بها قد يؤدي إلى القمار والحلف كاذبا وترك الصلاة، ولا ريب أن الصحابة قد كرهوا الشطرنج ونهوا عنها، وأنكروا على من يلعب بها ولم يفرقوا بين من يلعبها على مال، ومن يلعبها على غير مال إلا من حيث أن اللاعب بالمال أشد إثماً من اللاعب بغير مال. والله نسأل أن يوفق المسلمين إلى ما ينفعهم والله أعلم.
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=1050&word=البلياردو(1/9)
---
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أول شيء أريد أن أسألكم عن لعبة البلياردو هل هي حلال أو حرام ...
ثانياً أنا شخص أشتغل في صالة للبلياردو وأشتغل على ماكينة القهوة والشاي ...
هل في هذا حرام أو لا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الإجابة على حكم لعبة البلياردو برقم :
1050 وذكرنا هنالك أنها إن كانت على مال فهي محرمة لدخولها في القمار، وإن كانت لا مال فيها فلا حرج فيها ما لم يعرض لها ما يحرمها من نحو الكذب والغفلة عن الصلاة، أو عن أي واجب.
أما بالنسبة للشغل في صالة لعبة البيلياردو إن كانت له علاقة بها وارتباط مثل مناولة لاعبيها الشاي أو القهوة أو نحو ذلك، فهو تابع لها في الحكم، فإذا كانت حراما لكونها على مال أو كانت داعية إلى تضييع الصلاة وتأخيرها عن وقتها كان ذلك الشغل حراماً، لما فيه من التعاون مع أهلها على عملهم المحرم، والله تعالى يقول: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)[المائدة:2] أما في حالة جواز اللعبة لكونها لا مال فيها، ولا تشغل عن واجب، فإن العمل لمساعدة أهلها لا حرج فيه.
والله أعلم.
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=12153&word=البلياردو
---
السؤال
أنا أعمل بالجامعة وراتبي لا يكفي احتياجاتي وأسرتي، أملك معدات ترفيهية (طاولات لعبة البلياردو) وأؤجرها للمقاهي فهل إيرادها حلال أم حرام أم مكروه؟
ولكم جزيل الشكر وبارك الله فيكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فإن كنت تؤجرها إلى من يقامر بها فإن في ذلك إعانة على القمار الحرام، والإعانة عليه من أغلظ المحرمات، لأن المعين عليه بمثابة فاعله.(1/10)
وقد ذكر الله جل وعلا القمار مسبوقا بالخمر ومتبوعاً بالأنصاب والأزلام، وذلك في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) [المائدة:90 ] ، وذنب يأتي متوسطا بين هذه الشرور لا يمكن للمسلم أن يعين عليه، وإن كنت تؤجرها إلى من يلعب بها من غير قمار فلا حرج عليك في ذلك؛ إلا إذا علمت أنها تصد الناس عن الصلاة وعن ذكر الله، وأن من يستأجرها لا يلتزم بضوابط اللعب بها المبينة في الجواب رقم : 9146
والله أعلم .
المفتي : مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://www.islamweb.net/pls/iweb/FATWA.showSingleFatwa?FatwaId=16258&word=البلياردو
---
وأخيراً إليك ضابط الألعاب بجميع أنواعها من جهة الحل أو الحرمة :
السؤال:
قرأت الحديث القائل : "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمِهِ" وقرأت - في معناه - بأن اللعب بالزهر (النرد) حرام . وحضرني تساؤل هام ، وهو : هل كل أنواع الألعاب حتى ولو كانت مفيدة ، خاصة وأن هناك ألعاباً إسلامية تعتمد على النرد ، هل كل هذه الألعاب محرمة ؟ أم أن التحريم مقيد ببعض الألعاب الخاصة ؟ الرجاء التفصيل في شرح تلك القضية .
الجواب:
الحمد لله
الألعاب قسمان :
القسم الأول : ألعاب مُعِيْنة على الجهاد في سبيل الله، سواء أكان جهاداً باليد (القتال)، أو جهاداً باللسان (العلم) ، مثل : السباحة، والرمي، وركوب الخيل ، وألعاب مشتمللة على تنمية القدرات والمعارف العلمية الشرعية ، وما يلحق بالشرعية . فهذه الألعاب مستحبّة ويؤجر عليها اللاعب متى حَسُنت نيَّته ؛ فأراد بها نصرة الدين ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( ارموا بني عدنان فإن أباكم كان رامياً ) . فيقاس على الرمي ما كان بمعناه.
القسم الثاني : ألعاب لا تُعين على الجهاد ، فهي نوعان :(1/11)
النوع الأول : ألعاب ورد النص بالنهي عنها ، كلعبة (النردشير) الواردة في السؤال فهذه ينبغي على المسلم اجتنابها .
النوع الثاني : ألعاب لم يرد النص فيها بأمر ولا نهي، فهذه ضربان :
الضرب الأول : ألعاب مشتملة على محرّم ، كالألعاب المشتملة على تماثيل أو صور لذوات الأرواح، أو تصحبها الموسيقى، أو ألعاب عهد الناس عنها أنها تؤدي إلى الشجار والنزاع، والوقوع في رذائل القول والفعل، فهذه تدخل في ضمن المنهي عنه؛ لملازمة المحرم لها ، أو لكونها ذريعة إليه . والشيء إذا كان ذريعة إلى محرّم في الغالب لزم تركه .
الضرب الثاني : ألعاب غير مشتملة على محرّم ، ولا تؤدي في الغالب إليه ، كأكثر ما نشاهده من الألعاب مثل كرة القدم ، الطائرة ، تنس الطاولة ، وغيرها .فهذه تجوز بالقيود الآتية :
الشرط الأول : خلوُّها من القمار ، وهو الرهان بين اللاعبين .
الشرط الثاني : ألا تكون صادَّةً عن ذكر الله الواجب، وعن الصلاة ، أو أي طاعة واجبة ، مثل برّ الوالدين .
الشرط الثالث: ألا تستغرق كثيراً من وقت اللاعب، فضلاً عن أن تستغرق وقته كلّه، أو يُعرف بين الناس بها، أو تكون وظيفته؛ لأنه يخشى أن يصدق على صاحبها قوله -جل وعلا- : ( الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرّتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم ) .
والشرط الأخير ليس له قدر محدود، ولكن الأمر متروك إلى عرف المسلمين، فما عدُّوه كثيراً فهذا الممنوع . ويمكن للإنسان أن يضع لذلك حداً بنسبة وقت لعبه، إلى وقت جده، فإن كان النصف أو الثلث أو الربع فهو كثير .
والله سبحانه أعلم .
فضيلة الشيخ / خالد الماجد (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية). (www.islam-qa.com)
http://63.175.194.25/index.php?formtrans=dgn%3D3%7C&ln=ara&ds=qa&lv=browse&QR=22305
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/12)
مسألة في البيوع عمّت بها البلوى
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي لكم هو حول مسألة في البيوع قد عمّت يها البلوى (وهذا ما أخبرني به كل من سألتهم عن الموضوع، من أنهم يعانون من نفس المشكلة !)
أنا أعمل في شركة أجنبية، يأتينا العملاء، ومعظمهم أجانب، بعد إنجاز العمل، ليستلموا ما أعددناه لهم، ويطلبون منا فاتورتين :
- فاتورة بالمبلغ الصحيح الذين نتقاضاه منهم لقاء ما قدمناه لهم من خدمات
- فاتورة فيها مبلغ أعلى من المبلغ الذي تقاضيناه منهم
وأغلب الظن أنهم يريدون تقديم الفاتورة الثانية لمرؤوسيهم إيهاما لهم أنهم دفعوا المبلغ الثاني (نحن عادة لا نسألهم عن الأسباب) ومرات يطلبون منا عدة فواتير، كل واحدة منها فيها مبلغ مختلف
سؤلي هو :
هل يجوز إعداد هذه الفواتير للزبون ؟
علما أن هذا الأسلوب أصبح من الأمور المتعارف عليها الآن في السوق !!! هذا ما لمسته وهذا ما أخبرني به من يعملون في شركات أخرى
كما أنني لا أستطيع أن أرفض إعداد هذه الفواتير، فكما أسلفت، أنا أعمل في شركة أجنبية، وأغلب الظن أن الشركة ستخسر عملاءها لو رفضت تحضير الفواتير كما يطلبون، كما أنني تقريبا الوحيد بالشركة الذي يجيد الفرنسية، فهم يعتمدون عليّ في تحضير كل الوثائق التي باللغة الفرنسية
بانتظار إجابتكم بارك الله فيكم
الجواب :
الأخ الفاضل أبو حسن الشامي .
قبل الجواب على سؤالك لا بد من تعريف معنى " عموم البلوى " وضوابطها .
عموم البلوى عرفه بعضهم : شيوع البلاء بحيث يتعذر على الإنسان أن يتخلص منه أو يبتعد عنه .
وهذا يشمل العبادات والمعاملات .
وهناك قاعدة مهمة جدا في هذا الأمر وهو أن عموم البلوى بالأمر الذي ثبت تحريمه ليس مبرراً لإباحته كما لا تبيحه عادات المجتمعات ، ولا ينقلب مباحاً بتغير الزمان والمكان ، ولنأخذ مثالا على ذلك :(1/1)
لو وجد بلد مسلم يخرج النساء فيه غير محجبات الحجاب الشرعي الذي أمر الله به المرأة فهل نقول أن هذا الأمر مما عمت به البلوى فأترك زوجتي وبناتي يخرجن غير محجبات ؟
كلا بالطبع .
ولهذا ضبط أهل العلم عموم البلوى بضوابط مهمة جدا ، ومنها : مشقة الاحتراز من الشيء وعموم الابتلاء به ولذا كان كان العفو عن يسير النجاسات .
ومنها : قد يكون الأمر لكثرته وشيوعه فيشق الاحتراز منه ويعم الابتلاء به ومن ذلك الصور التي على النقود كما قال الشيخ ابن عثيمين : أن تكون مما تعم به البلوى ويشق التحرز منه كالصور المنقوشة على النقود وغيرها مما ابتليت به الأمة الإسلامية ، فالذي يظهر لي أن هذا لا حرج فيه على من وقع في يده من غير فصد .ا.هـ.
فهذه هي الضوابط المتعلقة بعموم البلوى ، والمقام ليس مقام تفصيل للمسألة .
أما ما يتعلق بمسألتك فليست من عموم البلوى في شيء ، ولا يجوز لك أن تستجيب لمثل هذا الأمر ، ولو اضطررت إلى ترك العمل لما فيه من الغش والتعاون على الإثم والعدوان ، وإن تركت عملك هذا لله فإن الله سيعوضك خيرا منه . نسأل الله أن يرزقك السداد والصواب .
رابط الموضوع
http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&postid=47869#post47869
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/2)
مَسَائِلُ فِي صِيَامِ المُحَرَّمِ وَعَاشُورَاءَ
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
نحنُ مقبلونَ على شهرٍ من أشهرِ اللهِ الحُرمِ ، والتي ورد ذكرها في كتابِ اللهِ من غيرِ تحديدٍ لأسمائها ، قال تعالى : " إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ " [ التوبة : 36 ] .
وجاءتِ السنةُ مبينةً أسمائها .
عَنْ أَبِي بَكْرَة : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ فِي حَجَّة الْوَدَاع , فَقَالَ : " أَلَا إِنَّ الزَّمَان قَدْ اِسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْم خَلَقَ اللَّه السَّمَاوَات وَالْأَرْض ، السَّنَة اِثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم ، ثَلَاثَة مُتَوَالِيَات : ذُو الْقَعْدَة ، وَذُو الْحِجَّة ، وَالْمُحَرَّم ، وَرَجَب مُضَر الَّذِي بَيْن جُمَادَى وَشَعْبَان " .
أخرجهُ البخاري (1741) ، ومسلمٌ (1679) .
صيامُ شهرِ اللهِ المحرمِ :
ورد الترغيبُ في صيامِ شهرِ اللهِ المحرمِ ، وأنهُ من أفضلِ الشهورِ للصومِ بعد رمضانَ .
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ " .
أخرجهُ مسلمٌ (1163) .
وقد أعل الإمامُ الدارقطني في " الإلزماتِ والتتبعِ " ( ص 209 ) الحديثَ بالإرسالِ ، ولكن رجح الإمامُ أبو حاتمٍ في " العللِ " (1/563 – 564 رقم 751) وصلهُ فقال : " والصحيحُ متصلٌ : حميدٌ ، عن أبي هريرةَ عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم " .(1/1)
2 - عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : " أَيُّ شَهْرٍ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصُومَ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ " ، قَالَ لَهُ : " مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يَسْأَلُ عَنْ هَذَا إِلَّا رَجُلًا سَمِعْتُهُ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ فَقَالَ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ أَيُّ شَهْرٍ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصُومَ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ ؟ " قَالَ : " إِنْ كُنْتَ صَائِمًا بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَصُمْ الْمُحَرَّمَ فَإِنَّهُ شَهْرُ اللَّهِ فِيهِ يَوْمٌ تَابَ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ وَيَتُوبُ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ " .
أخرجهُ الترمذي (741) ، وعبدُ اللهِ بنُ الإمامِ أحمدَ في " المسندِ " (1/154) عن غيرِ أبيهِ .
قال الحافظُ ابنُ رجبٍ في " لطائفِ المعارفِ " ( ص 77 ) : " وفي إسنادهِ مقالٌ " .
وقال الشيخُ شعيب الأرنؤوط في " تخريجِ المسندِ " (2/441 رقم 1322) : " وإسنادهُ ضعيفٌ لضعفِ عبدِ الرحمن بنِ إسحاق أبي شيبةَ ، وجهالةِ النعمان بنِ سعدٍ " .ا.هـ.
وضعفهُ العلامةُ الألباني في " ضعيفِ الترغيبِ " (1/312 رقم 614) .
3 - عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِّ قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الَّذِي تَدْعُونَهُ الْمُحَرَّمَ " .(1/2)
أخرجهُ النسائي في " الكبرى " (2916) متفرداً به عن أصحابِ الكتبِ الستةِ ، والبيهقي في " السننِ الكبرى " (4/291) وأعلهُ البيهقيُّ بمخالفةِ عبيدِ اللهِ بنِ عمرو الرقي للجماعةِ الذين جعلوهُ من حديثِ أبي هريرةَ فقال : " رواهُ مسلمٌ في الصحيحِ عن زهيرِ بنِ حربٍ عن جريرٍ وخالفهم في إسنادهِ عبيدُ اللهِ بنُ عمرو الرقي " ، وأشار إلى ذلك العلامةُ الألباني في " صحيحِ الترغيبِ " (1/592) ، وقال المزي في " التحفةِ " (2/445) : " وهو الصحيحُ " .
قال الحافظُ ابنُ رجبٍ في " لطائفِ المعارفِ " ( ص 81 – 82 ) : " وقد سمى النبي صلى اللهُ عليه وسلم المحرمَ شهرَ اللهِ ، وإضافتهُ إلى اللهِ تدلُّ على شرفهِ وفضلهِ ، فإن اللهَ تعالى لا يضيفُ إليه إلا خواصَّ مخلوقاتهِ ، كما نسبَ محمداً وإبراهيمَ وإسحاقَ ويعقوبَ وغيرَهم من الأنبياءِ صلواتُ اللهِ عليهم وسلامهُ إلى عبوديتهِ ، ونسبَ إليه بيتهُ وناقتهُ ، ولما كان هذا الشهرُ مختصاً بإضافتهِ إلى اللهِ تعالى ، وكان الصيامُ من بين الأعمالِ مضافاً إلى الله تعالى ، فإنهُ لهُ من بين الأعمالِ ، ناسبَ أن يختصَّ هذا الشهرُ المضافُ إلى اللهِ بالعملِ المضافِ إليهِ ، المختصِّ به ، وهو الصيامُ " .ا.هـ.
المَسْأَلَةٌ الأُوْلَى :
أجاب الإمامُ النووي عن إكثارِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم من صومِ شعبان دون المحرم .
قال الإمامُ النوويُّ في " شرحِ مسلم " (8/55) : " تَصْرِيح بِأَنَّهُ أَفْضَل الشُّهُور لِلصَّوْمِ ، وَقَدْ سَبَقَ الْجَوَاب عَنْ إِكْثَار النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَوْم شَعْبَان دُون الْمُحْرِم ، وَذَكَرنَا فِيهِ جَوَابَيْنِ :
أَحَدهمَا : لَعَلَّهُ إِنَّمَا عَلِمَ فَضْلَهُ فِي آخِر حَيَاته .
وَالثَّانِي : لَعَلَّهُ كَانَ يَعْرِض فِيهِ أَعْذَار ، مَنْ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا " .ا.هـ.
المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ :(1/3)
ذهب جمهورُ الفقهاءِ من الحنفيةِ والمالكيةِ والشافعيةِ إلى استحبابِ صومِ الأشهرِ الحرمِ .
واستدلوا :
عَنْ مُجِيبَةَ الْبَاهِلِيَّةِ عَنْ أَبِيهَا أَوْ عَمِّهَا أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالَتُهُ وَهَيْئَتُهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمَا تَعْرِفُنِي ؟ قَالَ : وَمَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا الْبَاهِلِيُّ الَّذِي جِئْتُكَ عَامَ الْأَوَّلِ ، قَالَ : فَمَا غَيَّرَكَ وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ ؟ قَالَ : مَا أَكَلْتُ طَعَامًا مُنْذُ فَارَقْتُكَ إلَّا بِلَيْلٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِمَا عَذَّبْتَ نَفْسَكَ ؟ ثُمَّ قَالَ : صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، قَالَ : زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً ، قَالَ : صُمْ يَوْمَيْنِ قَالَ : زِدْنِي ، قَالَ : صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، قَالَ زِدْنِي ، قَالَ : صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ ، صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ ، صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ ، وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ ، ثُمَّ أَرْسَلَهَا .
أخرجهُ أبو داود (2428) ، وابنُ ماجه (1741) ، وأحمدُ (5/28) .
قال العلامةُ الألبانيُّ في " تمامِ المنةِ " ( ص 413 ) : " قلت : ليس بجيدِ الإسنادِ ؛ لأنهُ اضطرب راويهِ فيه على وجوهٍ ذكرها الحافظُ في " التهذيبِ " ، ومن قبلهِ المنذري في " مختصرِ السننِ " ، ثم قال : " وقد وقع فيه هذا الاختلافُ كما تراهُ ، وأشار بعضُ شيوخنا إلى تضعيفهِ لذلك ، وهو متوجهٌ " .
قلتُ : وفيه علةٌ أخرى ، وهي الجهالةُ ، كما بينتهُ في " ضعيفِ أبي داود " (419) " .ا.هـ.
وقد ثبت عن ابنِ عمرَ أنه كان يصومُ الأشهرَ الحرمَ .
1 – عن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما أنه كان يصومُ أشهرَ الحرم .(1/4)
أخرجهُ عبدُ الرزاقِ في " المصنف " (4/292) ، وإسنادهُ صحيحٌ .
2 – عن نافع أن ابنَ عمرَ كان لا يكادُ يفطرُ في أشهرِ الحرمِ ولا غيرها .
أخرجهُ عبدُ الرزاقِ في " المصنفِ " (4/292) ، وإسنادهُ صحيحٌ .
وذهب الحنابلةُ إلى أنهُ يسنُ صومُ شهرِ المحرمِ فقط من الأشهرِ الحرمِ .
واستدلوا بحديثِ أبي هريرة في صحيحِ مسلم الآنف .
المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
قال الشيخُ ابنُ عثيمين في " الشرحِ الممتعِ " (6/467) : " واختلف العلماءُ – رحمهم اللهُ – أيهما أفضلُ صوم شهر المحرم ، أم صوم شعبان ؟
فقال بعضُ العلماءِ : شهرُ شعبانَ أفضلُ ؛ لأن النبي صلى اللهُ عليه وسلم كان يصومهُ إلا قليلاً منهُ ولم يُحفظ عنهُ أنه كان يصومُ شهرَ المحرمِ ، لكنهُ حث على صيامهِ بقوله : " إنهُ أفضلُ الصيامِ بعد رمضان " .
قالوا : ولأن صومَ شعبانَ ينزلُ منزلةَ الراتبةِ قبل الفريضةِ ، وصومَ المحرمِ ينزلُ منزلةَ النفلِ المطلقِ ، ومنزلةُ الراتبةِ أفضلُ من منزلةِ المطلقِ ، وعلى كلٍ فهذان الشهران يسنُ صومهما ، إلا أن شعبانَ لا يكملهُ " .ا.هـ.
المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ :
سُئل الشيخُ ابنُ عثيمين في " فتاويه " (20/22) سؤالاً نصهُ : " صيامُ شهرِ محرم كله هل فيه فضلٌ أم لا ؟ وهل أكونُ مبتدعاً بصيامهِ ؟
فأجاب – رحمهُ اللهُ - : " بعضُ الفقهاءِ يقولون : يسنُ صيامُ شهرِ اللهِ المحرمِ كله ، ويستدلون بقولهِ صلى اللهُ عليه وسلم : " أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ " ، ولكن لم يرد فيما اعلمُ أنه يصومهُ كله ، وأكثر ما يكونُ صيامهُ من الشهورِ بعد رمضان شهر شعبان ، كما جاء في الحديثِ الصحيحِ عن عائشةَ رضي اللهُ عنها ، ولا يقالُ لمن صامهُ كلهُ : إنهُ مبتدعٌ ؛ لأن الحديثَ المذكورَ قد يحتملُ هذا ؛ أعني صيامهُ كله كما ذكرهُ بعضُ الفقهاءِ " .ا.هـ.
المَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ :(1/5)
قال ابنُ رجبٍ في " لطائفِ المعارفِ " ( ص 79 – 80 ) : " وقد اختلف العلماءُ في أي الأشهرِ أفضلُ ، فقال الحسنُ وغيرهُ : أفضلها شهرُ اللهِ المحرمِ ، ورجحهُ طائفةٌ من المتأخرين ... وزعم بعضُ الشافعيةِ أن أفضلَ الأشهرِ الحرمِ رجبٌ ، وهو قولٌ مردودٌ . وأفضلُ شهرِ اللهِ المحرمِ عشرُهُ الأوَّلُ . وقد زعم يمانُ بنُ رئاب أنه العشرُ الذي أقسم الله به في كتابهِ ، ولكن الصحيح أن العشرَ المقسمَ به عشرُ ذي الحجةِ " .ا.هـ.
ورُوي عن ابنِ عباس كما في تفسيرِ ابنِ جريرٍ الطبري (12/560) عند قولهِ تعالى : " وليالِ عشرٍ " [ الفجر : 2 ] قال : ويقالُ : العشرُ أولُ السنةِ من المحرمِ .
المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ :
أشار العلماءُ الذين ألفوا في البدعِ المحدثةِ إلى بدعةِ إحياءِ الليلةِ الأولى من المحرمِ ، وممن ذكر ذلك أبو شامةَ المقدسي في " الباعثِ على إنكارِ البدعِ والحوادثِ " ( ص 121 – 122 ) فقال : " ومما هذا جارٍ فيه من المدارسِ بدمشق مدرسةُ الزكي هبةِ اللهِ بنِ رواحةَ وهو يومئذٍ بيدِ الشيخِ التقي رحمهُ اللهُ ، ثم أشار على واقفِ دارِ الحديثِ الأشرفيةِ بدمشق حين وقفها ، والوقف عليها أن يشترطَ على كلِ من يحفظُ القرآن من أهلها أن يحيوا خمس ليالٍ من ليالي كل سنةٍ ، وهن ليلةُ النصفِ من شعبان ، وليلةُ سبعٍ وعشرين من رمضان ، وليلتا العيدين ، وليلةُ أول ِ المحرمِ ، وصار يقعدُ بنفسهِ والجماعةُ حولهُ ، ويكثرُ الوقيد بالشمعِ والزيتِ زائداً على المعتادِ في غير هذه الليالي بكثيرٍ ، ولا يزال إلى ذلك الفراغِ من الختمِ .(1/6)
وهذهِ أيضاً بدعةٌ متجددةٌ ، يظنُ العامةُ والجهالُ أن هذا الشيخَ المفتي المقتدى به المُظهرُ من الخشوعِ والسكونِ فوق أضرابهِ لم ينتصب بنفسه لهذه الليالي مخصصاً لها بذلك إلا ومعتقَدَهُ أن هذه الليالي متساويةٌ في الفضلِ ومتقاربةٌ ، وأن لها فضلاً على غيرها ، وأن السنةَ تدلُ على ذلك ، فسيطولُ الأمدُ ، ويبعدُ العهدُ ، ويُنسى أولُ هذا كيف كان ؟ فيتمادى الأمرُ ، فلا يبعدُ أن يوضعَ فيه أحاديث على رسولِ الله صلى اللهُ عليه وسلم ، كما فُعل في صلاتي الرغائبِ ونصفِ شعبان ، فليت شعري أي مقاربةٍ بين ليلةِ سبعٍ وعشرين من رمضان وبين ليلةِ أولِ المحرمِ ، وقد فتشتُ فيما نقل من الآثارِ صحيحاً وضعيفاً ، وفي الأحاديث الموضوعة فلم أر أحداً ذكر فيها شيئاً ... " .ا.هـ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/7)
من أم قوما وهم له كارهون
الحمد لله وبعد ،
فإن بيوت الله هي دور العبادات للمسلمين ، يجتمعون فيها في كل يوم خمس مرات ، قال تعالى في وصفها : " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ " [ النور :36] ، والبيوت المذكورة في هذه الآية هي المساجد عند أكثر أهل العلم .
قال ابن كثير في تفسيره (6/62) : أمر الله برفعها ، أي : بتطهريها من الدنس واللغو ، والأفعال والأقوال التي لا تليق فيها .ا.هـ.
والمساجد وردت أحاديث كثيرة في فضلها ، وفضل بنائها ، واحترامها وتوقيرها ، وتطيبها وتبخيرها . ولست بصدد الحديث عن هذه الأمور ، وإنما موضوع بحثي هذا هو في جزئية من أحكام المساجد .
وإن مما يعاني منه بعض أئمة المساجد - وخاصة طلبة العلم منهم - أنهم يبتلون ببعض المأمومين ، وهؤلاء المأمومون أصناف :
* فمنهم الجاهل الذي يرى أنه هو سيد ذلك المسجد ، فيأمر وينهى وكأن إمام ذلك المسجد لا دور له عنده ولا مكانة . بل إن ذلك الجاهل قد يحرض المأمومين على إمام المسجد ، وذلك بتدبير المكائد له ، وغير ذلك من الأمور التي لا مجال لذكرها هنا . وهؤلاء الجهلة من أصعب الناس تعاملا .
* ومنهم المثقف الذي لا يشارك في أي شيء من أمور المسجد البته ، حتى النصيحة لإمام منه لا تجدها ، وإنما تجده عند زلات الإمام التي لا يخلو منها بشر .
* ومنهم أهل الصلاح والاستقامة الذين هم سند وعون لإمام المسجد في الصغيرة والكبيرة ، بل هم الذين يظهرون للإمام محبتهم له ، ورضاهم بإمامته لهم .
فهذه هي الأصناف من الناس ، وقد يكون هناك أصناف أخرى ولكن ذكرت أبرزهم ، والله أعلم .
وابتلاء أئمة المساجد بأمثال هؤلاء سنة قديمة جدا ، ومن أشهر من ابتلي بذلك سعد بن أبي وقاص في قصة أوردها البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وإني بصدد جمع روايات هذه القصة الجملية ، وذكر ما جاء فيها من الفوائد .(1/1)
ومما يستدل به أولئك المأمومون إذا حصل بينهم وبين الإمام أدنى خلاف ، أو مشكلة في المسجد فإنهم يسارعون إليه بقولهم لا يجوز لك أن تأمنا ونحن لك كارهون ، ويذكرون حديث : ثلاثة لا ترفع لهم صلاة ... وذكر منهم : ورجل أم قوما وهم له كارهون .
وفي هذا البحث البسيط أود مناقشة هذا الاستدلال من جهة صحته أو خطأه ، فهل استدلالهم هذا في محله أم لا ؟
وما المقصود بالكراهة في هذا الحديث الذي يستدلون به ؟
وهل الحديث يثبت أم لا ؟
وغير ذلك من المباحث التي سترد في ثنايا هذا البحث ، أسأل الله أن ينفع به ، آمين .
نص الحديث :
لقد ورد الحديث عن عدد من الصحابة وهم :
1 – أبو أمامة رضي الله عنه :
عن أبي أمامة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم : العبد الآبق حتى يرجع ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، وإمام قوم وهم له كارهون .
رواه الترمذي (360) وقال : حسن غريب ، وابن أبي شيبة (3/558) ، والطبراني في الكبير (8/284ح8090 ، 8098) ، والبغوي في شرح السنة (3/404) .
وفي إسناده أبو غالب البصري وقد ضعفه قوم ووثقه آخرون ،
فممن ضعفه :
النسائي ، قال فيه : ضعيف .
وقال أبو حاتم : ليس بالقوي .
وقال ابن سعد في الطبقات : منكر الحديث .
وقال ابن حبان في المجروحين : منكر الحديث على قلته لا يجوز الاحتجاج به إلا فيما وافق الثقات .
وقال الذهبي : فيه شيء .
- أما من وثقه :
قال الدارقطني : ثقة .
وقال يحيى بن معين : صالح الحديث .
وقال ابن حجر : صدوق يخطىء .
وقد علق بشار عواد وشعيب الأرنؤوط في تحرير التقريب (4/249) على كلام الحافظ : بل ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد .ا.هـ.
فالرجل – والله أعلم – لا ينزل حديث عن مرتبة الحسن .
ولذلك قال الترمذي عقب الحديث : حسن غريب .
وقال النووي في الخلاصة (2/703) : رواه الترمذي وقال : حسن . وضعفه البيهقي ، والأرجح قول الترمذي .(1/2)
وحسن الحديث الشيخ الألباني كما في غاية المرام (248) ، وصحيح الترغيب والترهيب (1/328ح487) ، والمشكاة (1/350ح1122) .
وحسن إسناده أيضا شعيب الأرنؤوط نفسه في شرح السنة (3/404) .
وصحح الحديث أحمد شاكر في شرحه على الترمذي (2/192) .
وذكر الحديث الشيخ مقبل الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (2/148) .
تنبيه : قال بشار تعليقا على توثيق الشيخ أحمد شاكر لأبي غالب في تحقيقه لتهذيب الكمال (34/172) : ومن العجب أن العلامة الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله – وثقه مطلقا ، بل اعترض على تحسين الترمذي لحديثه ، معتدا بتوثيق موسى بن هارون الحمال ، والدارقطني . ولم يذكر تضعيف ابن سعد ، وأبي حاتم ، والنسائي ، وابن حبان ؟!
وبعض العلماء ذهب إلى تضعيف الحديث منهم :
البيهقي ، فقال في سننه (3/128) : ليس بالقوي .
2 – عن ابن عباس رضي الله عنهما :
عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرا : رجل أم قوما وهم له كارهون . وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط . وأخوان متصارمان .
رواه ابن ماجة (971) ، وابن حبان في صحيحه (1757) ، والطبراني في الكبير (12275) .
قال النووي في المجموع (4/274) ، والخلاصة (2/703) : رواه ابن ماجة في سننه بإسناد حسن .
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/330) : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات .
والحديث في إسناده عُبيدة بن الأسود الهمداني .
قال فيه أبو حاتم : ما بحديثه بأس .
وقال أبو زرعة الرازي : ثقة .
وقال الدارقطني : يعتبر به .
وقال ابن حبان في الثقات : يُعتبر حديثه إذا بين السماع ، وكان فوقه ودونه ثقات .
وقد فهم الحافظ ابن حجر من عبارة ابن حبان أنه مدلس ، ولذلك قال ابن حجر في التقريب : صدوق ربما دلس .
قال بشار عواد وشعيب الأرنؤوط في تحرير التقريب (2/426) :(1/3)
قوله :" ربما دلس" كأنه استفادها من قول ابن حبان في الثقات : يُعتبر حديثه إذا بين السماع ، وكان فوقه ودونه ثقات .
وقد انفرد ابن حبان بذلك ، فقد وثقه أبو زرعة الرازي ، وقال أبو حاتم : ما بحديثه بأس ، وقال الدارقطني : يعتبر به ، فالأولى عدم اعتبار قوله : ربما دلس .
وبسبب عبيدة هذا ضعفه الشيخ الألباني في غاية المرام (ص154) فقال :
قلت : لكن عُبيدة قال ابن حبان في الثقات : يُعتبر حديثه إذا بين السماع ، وكان فوقه ودونه ثقات . قلت : وهو لم يبين السماع عنده ولا عند ابن ماجة ، فإخراجه للحديث في صحيحه مخالف لقوله هذا الذي يخدج في صحته .ا.هـ.
وكذلك ضعفه في ضعيف الترغيب والترهيب (1/140ح257) .
أما الشيخ شعيب الأرنؤوط فقد حسن الحديث بناء على أن عُبيدة الآنف الذكر حسن الحديث .
قال الشيخ شعيب في تخريجه لصحيح ابن حبان (5/53 –54) : إسناده حسن .
وعلى فرض القول بضعف الحديث كما ذهب إلى ذلك الشيخ الألباني إلا أنه ذكر حديث أبي أمامة السابق شاهدا لهذا الحديث .
3 – أنس بن مالك رضي الله عنه :
عن أنس بن مالك قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة : رجل أم قوما وهم له كارهون ، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط ، ورجل سمع حي على الفلاح ثم لم يجب .
رواه الترمذي (358) ، وابن الجوزي في الموضوعات (966) من طريق الترمذي .
وقال الترمذي عقب الحديث :
حديث أنس لا يصح لأنه قد رَوى هذا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا . ومحمد بن القاسم تكلم فيه أحمد بن حنبل وضعفه وليس بالحافظ .ا.هـ.
وهذا الحديث في إسناده محمد بن القاسم الأسدي ، واكتفي بكلام الحافظ ابن حجر فيه ، فقد قال في التقريب : كذبوه .
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/436) :(1/4)
قال المؤلف هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال احمد بن حنبل : أحاديث محمد بن القاسم موضوعة ليس بشيء رمينا حديثه ، وقال النسائي : متروك الحديث ، وقال الدارقطني : يكذب .ا.هـ.
والحديث كما رجح الترمذي مرسل عن الحسن ، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي (2/345) :
حاصله أن الثابت هو المرسل ، وأما الموصول فهو ضعيف فإنه تفرد بوصله محمد بن القاسم الأسدي وهو ضعيف .ا.هـ.
4 – عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه :
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة : من تقدم قوما وهم له كارهون ، ورجل أتى الصلاة دبارا والدبار أن ياتيها بعد أن تفوته ، ورجل اعتبد محرره .
رواه أبو داود (593) ، وابن ماجة (970) ، والبيهقي (3/128) .
والحديث في إسناده عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وهو ضعيف .
وفي إسناد أيضا عمران بن عبد المعافري ، قال عنه الذهبي في الميزان (3/239) :
عمران بن عبد المعافري ضعفه يحيى بن معين ، يحدث عنه الإفريقي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : ثلاثة لا يقبل منهم صلاة من أم قوما وهم له كارهون الحديث .
وقد ضعف الحديث الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (1/140ح256) .
وقال في المشكاة (1/351ح1123) :
وإسناده ضعيف ، فيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ، وهو ضعيف ، عن عمران بن عبد المعافري ، وهو مجهول ، لكن الجملة الأولى منه صحيحة ثابتة لها شواهد كثيرة منها ما قبله ، ومنها حديث ابن عباس الآتي .ا.هـ.
ولكنه يصلح أن يكون من الشواهد .
5 – طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه :
عن طلحة بن عبيد الله أنه صلى بقوم فلما انصرف قال : نسيت أن أستأمركم قبل أن أتقدمكم أفرضيتم بصلاتي ؟ قالوا : نعم ، ومن يكره ذلك يا حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيما رجل أم قوما وهم له كارهون لم تُجز صلاته أُذنه .(1/5)
رواه الطبراني في الكبير (1/115ح210) .
قال الهيثمي في المجمع (2/68) : سليمان بن أيوب الطلحي قال فيه أبو زرعة : عامة أحاديثه لا يتابع عليها ، وقال صاحب الميزان : صاحب مناكير وقد وثق .ا.هـ.
وقال العلامة الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/328) :
الأصل : أبي أيوب ، والتصحيح من الطبراني وكتب الرجال ، وقال الحافظ : صدوق يخطىء . فإعلاله بأبيه وجده اولى ، فإنهما مجهولان ، لكن يشهد له ما بعده .ا.هـ.
6 – سلمان الفارسي رضي الله عنه :
عن القاسم بن مخيمرة يذكر أن سلمان قدمه قوم يصلي بهم فأبى فدفعوه فلما صلى بهم قال : أكلكم راض ، قالوا : نعم ، قال : الحمد لله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ثلاثة لا تقبل صلاتهم : المرأة تخرج من بيتها بغير إذنه ، والعبد الآبق ، والرجل يؤم القوم وهم له كارهون .
رواه ابن أبي شيبة (1/358) .
وإسناد هذا الحديث فيه إنقطاع بين القاسم بن مخيمرة وسلمان الفارسي .
قال العراقي في تحفة التحصيل (ص261) :
القاسم بن مخيمرة : روى عن أبي سعيد الخدري روايته عنه في سنن ابن ماجة ، عن عبد الله بن عمرو ، وروايته في الأدب للبخاري ، وعن سلمان الفارسي روايته عنه في مصنف ابن أبي شيبة ، وعن أبي أمامة .
وقال يحيى بن معين : لم نسمع أنه سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.
7 – أبو سعيد الخدري رضي الله عنه :
قال الإمام البيهقي في السنن (3/128) :
وبإسنادهما ثنا بقية ثنا إسماعيل عن عطاء عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله .
أي بلفظ : ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رؤوسهم : رجل أم قوما وهم له كارهون ، وامرأة باتت وزوجها ساخط عليها ، ومملوك فر من مولاه .
وهذا الإسناد فيه عطاء بن عجلان الحنفي ، قال عنه الحافظ في التقريب : متروك بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب .(1/6)
وكذلك في إسناده إسماعيل بن عياش الحمصي ، قال عنه الحافظ في التقريب : صدوق في روايته عن أهل بلده مُخَلِّط في غيرهم .
وفي هذا الإسناد يروي عن عطاء بن عجلان وهو بصري وليس شامي ، فلا تقبل منه هذه الرواية .
8 – عمرو بن الحارث بن المصطلق رضي الله عنه :
عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال : كان يقال أشد الناس عذابا يوم القيامة اثنان امرأة عصت زوجها وإمام قوم وهم له كارهون .
رواه الترمذي (359) .
وفي إسناده زياد بن أبي الجعد ، قال عنه الذهبي في الكاشف : وثق .
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب : مقبول .
فهؤلاء الصحابة الذين رووا الحديث ، وهناك أيضا من التابعين من رووا الحديث :
1 – عطاء بن دينار الهذلي :
عن عطاء بن دينار الهذلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ثلاثة لا تقبل منهم صلاة ولا تصعد إلى السماء ولا تجاوز رؤوسهم : رجل أم قوما وهم له كارهون ، ورجل صلى على جنازة ولم يؤمر ، وإمرأة دعاها زوجها من الليل فأبت عليه .
رواه ابن خزيمة (3/11) .
قال الشيخ الألباني في تعليقه على صحيح ابن خزيمة (3/11ح1518) :
مرسل ، وانظر " موارد الظمآن " . قلت : والحديث صحيح دون الفقرة الوسطى .ا.هـ.
ورمز له الشيخ في صحيح الترغيب والترهيب (1/328ح485) : صـ لغيره . أي : صحيح لغيره .
2 – أبو مالك النخعي الدمشقي :
عن أبي مالك النخعي الدمشقي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسخط لأبويه والمرأة تصلي بغير خمار والذي يؤم قوما وهم له كارهون لا يقبل لأحد منهم صلاة .
أورده ابن عبد البر في الاستيعاب (4/175) ، وقال : أبو مالك النخعي الدمشقي قيل إن له صحبة حديثه عند معاوية ابن صالح عن عبد الله بن دينار البهراني الحمصي عن أبي مالك النخعي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسخط لأبويه والمرأة تصلي بغير خمار والذي يؤم قوما وهم له كارهون لا تقبل لواحد منهم صلاة والصحيح أن حديثه مرسل ولا صحبة له .(1/7)
وقال العلائي في جامع التحصيل (ص390) :
رواه معاوية بن صالح عن عبد الله بن دينار البهراني الحمصي عنه ، وذكر بعضهم أن لأبي مالك هذا صحبة . قال أبو عمر بن عبد البر والصحيح أن حديثه مرسل ولا صحبة له .
وقال العراقي في تحفة التحصيل (ص372) :
وذكر بعضهم أن لأبي مالك هذا صحبة . وقال ابن عبد البر الصحيح ان حديثه مرسل ولا صحبة له .
وقال الحافظ ابن حجر في الإصابة (12/42 –43) :
أبو مالك الدمشقي قال الحاكم أبو أحمد : قال البخاري : حديثه مرسل ، وكذا قال العسكري ، وقال بن مندة : ذكر في الصحابة ، ولا يثبت ، روى معاوية بن صالح عن عبد الله بن دينار عنه ، وذكره أبو عمر لكنه قال : النخعي ، وقال : إنه تابعي أرسل ، قيل : إن له صحبة والصحيح أن حديثه مرسل ، ولا صحبة له ، روى معاوية بن صالح ، عن عبد الله بن دينار عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : في المسخط لأبويه ، والذي يؤم قوما وهم له كارهون ، والمرأة تصلي بغير خمار لا تقبل لهم صلاة قلت ، وقد تقدم أبو مالك النخعي في القسم الأول ، وأن بن السكن ذكره ، وأخرج له حديثا ، وأنه صرح بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم فذهل أبو عمر عنه ، واقتصر على ذكر هذا أو ظنهما واحدا وهو بعيد لكن يظهر أنه آخر والله سبحانه وتعالى أعلم .ا.هـ.
وبعد إيراد هذه الأحاديث التي تبين ثبوت الحديث من عدة طرق ، وعن عدد من الصحابة ، نريد أن نقف مع كلام العلماء على هذا ن فبعد أن انتهينا من الحديث رواية ، نورد ما جاء فيه دراية .
كلام العلماء على الحديث :
- المعاني الشرعية للكراهة :
قد اتفق أصحاب الأئمة الأربعة بأنه يكره أن يؤم إمام قوما في الصلاة وهم له كارهون وذلك إن كرهوه لمعنى مذموما شرعا ومن ذلك :
قال النووي في المجموع (4/155) :(1/8)
وإنما تكره إمامته إذا كرهوه لمعنى مذموما شرعا كوال ظالم وكمن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها أو لا يتصون من النجاسات أو يمحق هيئات الصلاة أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر أهل الفسوق ونحوهم أو شبه ذلك ، فإن لم يكن شيء من ذلك فلا كراهة هكذا صرح به الخطابي والقاضي حسين والبغوي وغيرهم .ا.هـ.
وقال المناوي في فيض القدير (3/324) :
لما يذم شرعا كفسق وبدعة وتساهل في تحرز عن خبث وإخلال بهيئة من هيئات الصلاة وتعاطي حرفة مذمومة وعشرة نحو فسقة .ا.هـ.
فهذه بعض المعاني الشرعية لكراهة الإمام الذي يؤم الناس في الصلاة .
أما إن كانوا يكرهونه لأمر آخر غير شرعي فلا عبرة بكراهتهم له .
قال ابن قدامة في المغني (2/32) :
وإن كان ذا دين وسنة فكرهه القوم لذلك لم تكره إمامته .
وسئل شيخ الإسلام في الفتاوى الكبرى (1/127) وفي الفتاوى(23/373) :
في رجل يؤم قوما وأكثرهم له كارهون ؟
الجواب : إن كانوا يكرهون هذا الإمام لأمر في دينه مثل كذبه ، أو ظلمه ، أو جهله ، أو بدعته ونحو ذلك ، ويحبون الآخر لأنه أصلح في دينه منه مثل أن يكون أصدق ، وأعلم ، وأدين فإنه يجب أن يولى عليهم هذا الإمام الذي يحبونه وليس لذلك الإمام الذي يكرهونه أن يؤمهم كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم : رجل أم قوما وهم له كارهون ، ورجل لا يأتي الصلاة إلا دبارا ، ورجل اعتبد محررا . و الله أعلم .ا.هـ.
وجاء في الإنصاف للمرداوي (4/405) :
لو كانوا يكرهونه لشحناء بينهم في أمر دنيوي ونحوه ... لو كانوا يكرهونه بغير حق كما لو كرهوه لدين أو سنة لم تكره إمامته على الصحيح من المذهب .ا.هـ.
والمذهب المقصود به مذهب الإمام أحمد – رحمه الله - .
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (4/354) :(1/9)
وأفادنا قوله : " بحق " أنهم لو كرهوه بغير حق ، مثل : لو كرهوه لأنه يحرص على اتباع السنة في الصلاة فيقرأ بهم السور المستحبة المسنونة ، ويصلي بهم صلاة متأنية ، فإن إمامته فيهم لا تكره ، لأنهم كرهوه بغير حق فلا عبرة بكراهتهم ... وينبغي له إذا كانوا يكرهونه بغير حق أن يعظهم ويذكرهم ويتألفهم ويصلي بهم حسب ما جاء في السنة ، وإذا علم الله من نيته صدق نية التأليف بينهم يسر الله له ذلك .ا.هـ.
وقد اعتبر بعض العلماء كراهة أهل الدين دون غيرهم .
قال الشوكاني في نيل الأوطار (3/217) :
والاعتبار بكراهة أهل الدين دون غيرهم حتى قال الغزالي في الإحياء : لو كان الأقل من أهل الدين يكرهونه فالنظر إليهم .
وبعض العلماء جعلوا الائتلاف والاجتماع للجماعة أمرا ضروري ، فلذلك إن حصلت الكراهة فتقديم تأليف جماعة المسجد أولى .
جاء في الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية من تأليف البعلي (ص106 – 107) :
وإذا كان بين الإمام والمأمومين معاداة من جنس معاداة أهل الأهواء ، أو المذاهب ، لم ينبغ أن يؤمهم لأن المقصود بالصلاة جماعة الائتلاف ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ن فإن أمهم فقد أتى بواجب ومحرم يقاوم الصلاة فلم تقبل ن إذ الصلاة المقبولة ما يُثاب عليها .ا.هـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين (4/354) :
لكن ظاهر الحديث الكراهة مطلقا وهذا أصح ، لأن الغرض من صلاة الجماعة هو الائتلاف والاجتماع وإذا كان هذا هو الغرض فمن المعلوم أنه لا ائتلاف ولا اجتماع إلى شخص مكروه عندهم .ا.هـ.
نسبة المأمومين الذين تقع بهم الكراهة :
لقد تكلم العلماء عن نسبة المأمومين الذين تقع بهم الكراهة وهو الأكثر .
قال الترمذي في جامعه (2/192) :
وقال أحمد وإسحاق في هذا : إذا كره واحد أو اثنان أو ثلاثة فلا بأس أن يصلي بهم ، حتى يكرهه أكثر القوم .ا.هـ.
وقال الإمام النووي في المجموع (4/155) :(1/10)
فقال الشافعي وأصحابنا – رحمهم الله – يكره أن يؤم قوما وأكثرهم له كارهون ، ولا يكره إذا كرهه الأقل ، وكذا إذا كرهه نصفهم لا يكره صرح به صاحب الإبانة ، وأشار إليه البغوي .ا.هـ.
وقال في الإنصاف مع الشرح (4/404) :
مفهوم قوله : أكثرهم له كارهون ، أنه لو كرهه النصف ن لا يكره أن يؤمهم ، وهو المذهب . وقيل : يكره أيضا . قال المصنف – ابن قدامة – والشارح : فإن استوى الفريقان فالأولى أن لا يؤمهم إزالة لذلك الاختلاف .ا.هـ.
وقال الشوكاني في النيل (3/217) :
وقد قيد ذلك جماعة من أهل العلم بالكراهة الدينية لسبب شرعي فأما الكراهة لغير الدين فلا عبرة بها ، وقيدوه أيضا بأن يكون الكارهون أكثر المأمومين ، ولا اعتبار بكراهة الواحد ، والاثنين ، والثلاثة إذا كان المؤتمون جمعا كثيرا لا إذا كانوا اثنين أو ثلاثة فإن كراهتهم أو كراهة أكثرهم معتبرة .ا.هـ.
هذه هي أقوال أهل العلم في هذه المسألة .
انتهى ،،،
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/11)
مناسكُ الصبيانِ [ 1 ]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد .
كما هو معلوم أننا على مشارف ركن من أركان هذا الدين ألا وهو الحج وقد رأيت ما قام به بعض الإخوة الفضلاء - جزاهم الله خيرا - من أمثال أبي أنس المدني وغيره من طرح لمواضيع عن الحج .
أما موضوعي فإنه يتعلق بفئة معينة من الناس لهم أحكام خاصة في الحج وهم الصبيان .
وموضوعي إنما هو تلخيص لمسائل وردت في مؤلف للدكتور صالح بن عبدالله اللاحم - جزاه الله خيرا - بعنوان " مناسك الصبيان " .
وقد جمع فيه - حفظه الله - جملة من المسائل الخاصة بالصبيان . ولحاجتنا لمثل هذا الموضوع في هذه الأوقات رأيت أنه من المواضيع التي لابد من طرحها وذلك بعد أن عرضت الأمر على بعض إخواننا في سحاب فشجعوني على طرحه - جزاهم الله خيرا - .
وسنذكر في كل حلقة ما يتيسر من المسائل المتعلقة بالموضوع الآنف الذكر .
وها نحن نبدأ بهذا الموضوع نسأل الله أن يكتب لنا الأجر ، وأن ينفع به .
مسألة :
- تكليف غير البالغ بالحج والعمرة :
اتفق أهل العلم على عدم وجوب الحج والعمرة على غير البالغ ، لأن الصبي مرفوع عنه القلم .
الدليل :
قال علي لعمر رضي الله عنهم : أما علمت أن القلم رُفع عن المجنون حتى يُفيق وعن الصبي حتى يُدرك وعن النائم حتى يستيقظ .
رواه البخاري تعليقا مجزوما به (12/123) .
مسألة :
- صحة حج الصبي وعمرته :
اختلف أهل العلم في حكم حج الصبي على قولين ، والصحيح أن حجه صحيح ويثاب عليه ، وهو قول جمهور العلم بل حكى بعض أهل العلم الإجماع .
الدليل :
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال : من القوم ؟ قالوا : المسلمون ، من أنت ؟ فقال : أنا رسول الله . فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر .
رواه مسلم (1336) .
مسألة :
- إجزاء حج الصغير عن حجة الإسلام :(1/1)
اختلف أهل العلم في إجزاء حج الصبي عن حجة الإسلام على قولين ، والصحيح أنها لا تجزي فعليه أن يؤدي الصبي الحج مرة أخرى بعد بلوغه ، وهذا قول جمهور أهل العلم من المذاهب الأربعة بل حكى بعضهم الإجماع .
قال ابن المنذر في الإجماع (ص68) : وأجمعوا على أن المجنون إذا حج به ثم صح أو حج بالصبي ثم بلغ أن ذلك لا يجزيهما عن حجة الإسلام .
وقال ابن قدامة في المغني : أجمع أهل العلم ، إلا من شذ عنهم ممن لا يعتد بقوله خلافا ، على أن الصبي إذا حج حال صغره ... ثم بلغ أن عليه حجة الإسلام ، إذا وجد إليها سبيلا .
وقال الترمذي في جامعه (3/256) : وقد أجمع أهل العلم أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك .
الدليل :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى ....الحديث .
رواه ابن أبي شيبة ، وقد صححه جمع من أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/220) والألباني في الإرواء (4/159) .
مسألة :
- بلوغ الصبي في أثناء الحج :
- إذا بلغ الصبي في أثناء الحج قبل أن يحرم ، فأحرم بالحج ونوى به حجة الإسلام وأتى بأركانه ، فلا خلاف بين أهل العلم في وقوعها عن حجة الإسلام .
قال ابن قدامة في المغني : فإن بلغ الصبي بعرفة أو قبلها غير محرم ، فأحرم ووقف بعرفة ، وأتم المناسك أجزأه عن حجة الإسلام ، لا نعلم فيه خلافا .
- إذا بلغ بعد أن تلبس بالإحرام :
= إن بلغ قبل فوات وقت الوقوف بعرفة فقد اختلف أهل العلم في إجزاء تلك الحجة على أربعة أقوال ، والصحيح من هذه الأقوال أنه يجزئه ، إذا بلغ في عرفة ، أو بعد خروجه منها إذا عاد فوقف في وقته وهو قول الشافعية والحنابلة .
الدليل :
قول النبي صلى الله عليه وسلم : الحج عرفة ، فمن جاء قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد تم حجه .
رواه أحمد (4/309) وأبوداود والترمذي (2975) وقال : هذا حديث حسن صحيح .(1/2)
= إن بلغ بعد فوات وقت الوقوف بعرفة ، فلا خلاف بين أهل العلم في أن ذلك لا يجزئه عن حجة الإسلام .
فائدة :
الطواف في العمرة كالوقوف في الحج ، فإذا بلغ قبل الطواف أجزائه عن عمرة الإسلام وكذا لو بلغ فيه ، وإن بلغ بعد فلا .
مسألة :
- ما يعرف به البلوغ :
ما اتُفق على أنه من علامات البلوغ :
(1) الإنزال :
اتفق أهل على أن البلوغ يحصل بالإنزال لا فرق بين الغلام والجارية وهو خروج المني فكيفما خرج في يقظة أو منام بجماع أو احتلام أو غير ذلك حصل البلوغ .
الدليل :
قال تعالى : " وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا " (النور :59) .
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم ....
رواه أبوداود (4403) والترمذي (1423) وقال : حديث حسن غريب . وصححه الألباني في الإرواء (2/5-6) بطرقه .
فرع : حمل الجارية علم على البلوغ بالاحتلام لأن الله تعالى أجرى العادة أن الولد لا يخلق إلا من ماء الرجل وماء المرأة . فمتى حملت حُكم ببلوغها في الوقت الذي حملت فيه .
(2) الحيض :
الحيض علامة على البلوغ لا خلاف في ذلك بين أهل العلم . الدليل :
قول النبي صلى الله عليه : لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار .
رواه أبوداود (641) والترمذي (377) وقال : حديث حسن . وصححه الألباني في الإرواء (1/214) .
ما وقع فيه الخلاف :
(3) الإنبات :
وهو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل أو فرج المرأة الذي استحق أخذه بالموسى لا الغب الضعيف فلا اعتبار به .
وقد اختلف العلماء في كونه علامة على البلوغ على قولين والصحيح ما ذهب إليه الجمهور من كونه علامة على البلوغ .
الدليل :
عن عطية القرظي قال : عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فشكّوا فيّ فأمر النبي صلى الله عليه أن ينظر إليّ هل أنبت بعد فنظروا إلي فلم يجدوني أنبت بعد فألحقوني بالذرية .(1/3)
رواه أبوداود (4404) والترمذي (1584) وقال : هذا حديث حسن صحيح .
(4) البلوغ بالسن :
اختلف العلماء في كونه مما يعتبر به البلوغ على قولين والصحيح أنه طريق لمعرفة البلوغ .
وقد اختلف العلماء في تحديد السن التي يكون معها البلوغ على ثلاثة أقوال والصحيح من هذه الأقوال أنه يحصل ببلوغ الخامسة عشرة .
الدليل :
عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة ، فلم يجزني ، ثم عرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني . قال نافع : فقدمت على عمر بن عبدالعزيز وهو خليفة فحدثته الحديث فقال : إن هذا لحد بين الصغير والكبير ، وكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن بلغ خمس عشرة .
رواه البخاري (2664) ومسلم (1868) .
وللموضوع تتمة ( تابع )
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@196.JPEFa8FJQEH^10@.ef08d78
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
مناسكُ الصبيانِ [ 2 ]
توقفنا في الحلقة الماضية عند علامات البلوغ ونكمل ما وقفنا عليه من هذه الأحكام .
- في أعمال الحج :
مسألة :
في عقد الإحرام :
اتفق أهل العلم ممن قال بمشروعية الحج بالصبي على وجوب عقد الإحرام في بداية دخوله بالنسك ، مثله مثل غيره من البالغين .
مسألة :
في كيفية عقد إحرام الصبي :
فرق أهل العلم بين أن يكون الصبي مميزا أو غير مميز .
1 - في إحرام المميز :
وقد اختلف أهل العلم في حقيقة التميز على قولين :
القول الأول : أن المميز هو الذي يفهم الخطاب ، قال النووي في المجموع (7/28) : الصواب في حقيقة الصبي المميز أنه الذي يفهم الخطاب ويحسن رد الجواب ومقاصد الكلام ونحو ذلك ، ولا ينضبط ذلك بسن مخصوص ، بل يختلف باختلاف الأفهام .ا.هـ.
وهذا مذهب المالكية وصوبه المرداوي في الإنصاف (3/19) .
القول الثاني : أن المميز من بلغ سبعا ، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ... الحديث .
رواه أحمد ، وصححه أحمد شاكر في تحقيق المسند (6689) . وهذا الرأي عند جمهور الحنابلة .
وإحرام المميز يكون على فرعين :
1 - في إحرامه بإذن الولي :
إذا كان الطفل مميزا فإنه يحرم بنفسه ، بإذن وليه ويصح إحرامه في قول عامة أهل العلم .
2 - في إحرامه بغير إذن وليه :
أما حكم إحرام الصبي بغير إذن وليه فيه قولان ، والصحيح أن إحرامه ينعقد بدون إذن الولي لأن له قصدا صحيحا فصح منه .
2 - في إحرام غير المميز :
الفرع الأول :
عقد الولي للإحرام عنه .
اتفق أهل العلم ممن قال بصحة الحج بالصبي على أن الصبي غير المميز لا ينعقد إحرامه بنفسه وإنما يحرم عنه وليه .
الفرع الثاني :
عقد الولي للإحرام في غيبة الصبي .
نقل النووي لأصحابه الشافعية وجهين في ذلك ، والصحيح أنه لا يشترط ، لأن المقصود نية الولي ، وذلك يصح ويوجد في غيبة الولي .
الفرع الثالث :(1/1)
شرط الولي الذي يصح منه الإحرام عن الصغير .
- هل من شرط الولي الذي يحرم عن الصغير ألا يكون قد أحرم لنفسه ؟
اختلف أهل العلم على قولين ، والصحيح أنه ليس بشرط فعلى هذا يصح أن يعقد الإحرام عنه سواء كان محرما ، أو حلالا ، ممن عليه حجة الإسلام ، أو كان قد حج عن نفسه .
مسألة :
هيئة الصبي حال الإحرام :
قال أهل العلم : فيغسله الولي عند إرادة الإحرام ، ويجرده عن المخيط ، ويلبسه الإزار والرداء ، والنعلين ، إن تأتى منه المشي ، ويطيبه ، وينظفه ، ويفعل ما يفعل الرجل ، ثم يحرم بإذن الولي إن كان مميزا ، وإلا أحرم عنه الولي كما سبق .
وذهب إلى هذا القول جمهور أهل العلم .
مسألة :
تأخير إحرام الصبي :
اختلف أهل العلم في حكم الصبي في التجريد وفي عقد الإحرام على قولين والصحيح ما ذهب إليه جمهور أهل العلم أن حكمه حكم الكبير ولا فرق ، لعد الدليل على الفرق .
مسألة :
تلبية الولي عن الصبي :
لقد ذكر الجمهور أن ما عجز عنه الصبي عمله الولي عنه .
فعلى هذا إن كان الصبي مميزا لبى عن نفسه ، وإن كان غير مميز لبى الولي عنه . ويشهد لهذا حديث جابر رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان ، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم .
رواه الترمذي (927) بلفظ : فكنا نلبي عن النساء ونرمي عن الصبيان ، وقال : هذا حديث غريب . لانعرفه إلا من هذا الوجه .
ورواه ابن ماجة (3038) .
قال الحافظ ابن حجر في التلخيص (2/270) : فيه أشعث بن سوار وهو ضعيف .
- محظورات الإحرام للصبي :
مسألة :
في تجنيب الصبي محظورات الإحرام :
قال أهل العلم : ويلزم الولي تجنيبه ما يجتنبه الكبير من محظورات الإحرام من التطيب وتغطية الرأس للذكر وحلق الشعر ولبس المخيط وتقليم الأظافر ومباشرة النساء والجماع وعقد النكاح والصيد .(1/2)
فإن كان الصبي أنثى فتجتنب ما يجتنبه الرجل إلا في اللباس وتغطية الرأس وتزيد بمنعها من لبس القفازين والنقاب وآكد منه البرقع .
وإنما يجب تجنبيه ما يجتنبه الكبير فلأن الحج يصح له بحكم ما صح من النص وإذا صح له ترتبت أحكامه ومن أحكامه تجنب ما ذكر وهو لا يخاطب بخطاب تكليفي فوجب على الولي أن يجنبه ذلك كما وجب عليه تجنيبه سائر المحرمات في غير الحج .
مسألة :
حكم الفدية على الصبي :
إذا ارتكب الصبي شيئا من محظورات الإحرام كأن غطى رأسه أو حلق شعرا أو باشر أو قتل صيدا فهل يلزمه في ذلك ما يلزم الكبير ؟
اختلف أهل العلم في ذلك على قولين والصحيح أنه لا يلزمه شيء في ارتكاب المحظور وهو قول الحنفية وابن حزم ومال إليه صاحب الفروع من الحنابلة .
مسألة :
في رفض الصبي للإحرام :
إذا أحرم الصبي بالحج أو العمرة فهل يلزمه إتمام ما أحرم به ؟
اختلف أهل العلم على قولين والصحيح عدم لزوم المضي فيما أحرم به الصبي وذلك لأن الصبي ليس من أهل الالتزام ولأنه أرفق بالناس إذ قد يظن الولي أن الأحرام به سهل ثم يتبين له أن الأمر بخلاف ذلك .
وهذا قول الحنفية وابن حزم وصاحب الفروع من الحنابلة واختاره من المتأخرين محمد بن عثيمين حفظه الله .
مسألة :
في الوقوف بعرفة والمبيت في مزدلفة ومنى :
قال أهل العلم : ولابد من وقوف الصبي في عرفات بلا خلاف سواء المميز و غيره وسواء أحضره الولي بنفسه أو غيره ولا يكفي حضور الولي عنه .
مسألة :
في وقت الدفع من مزدلفة ورمي جمرة العقبة :
اتفق أهل العلم على أن السنة تأخير الدفع من مزدلفة حتى يسفر .
واختلفوا في الوقت الذي يجوز فيه الدفع للأقوياء .
فإذا كان من الضعفة كالصبيان والنساء أو ممن مع هؤلاء أو أحدهم استحب له بلا خلاف بين أهل العلم التقدم والدفع قبل الناس ورمي جمرة العقبة .
الدليل :(1/3)
عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أن تدفع قيله وقبل حطمة الناس . وكانت امرأة ثبطة فأذن لها .
متفق عليه .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة اهله .
متفق عليه .
- في رمي الجمار :
مسألة :
في تكليفه في رمي الجمار :
قال أهل العلم إذا قدر الطفل على أن يرمي بنفسه أمره الولي به وإلا رمى عنه .
مسألة :
في صفة رمي الولي عنه :
قال أهل العلم : وبستحب أن يضع الحصاة في يد الطفل ثم يأخذ بيده ويرمي بالحصاة وإلا فيأخذها من يده ثم يرميها الولي .
ولو لم يضعها في بل رماها الولي ابتداء جاز .
مسألة :
في بداية الولي في رميه عن نفسه :
قال أهل العلم : وعلى الولي أن يبدأ في رميه عن نفسه فإذا رمي ونوى عن نفسه أو أطلق وقع عن نفسه .
مسألة :
في رمي الولي عنه وعن الصبي بحصاتين معا :
اختلف أهل العلم في حكم رمي الولي عنه وعن الصبي بحصاتين معا على قولين والراجح ما ذهب إليه الجمهور أنه لا يجزىء عنهما .
تمت
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@120.i6HLaabPTiG^0@.ef09d2e
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
هل أهل الجنة يخرج منهم المني كما في الدنيا ؟
ذكر شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره لسورة البقرة ج 1 ص 95
أن أهل الجنة لا يمنون لأن المني إنما خلق في الدنيا لبقاء النسل لكن في الآخرة لا يحتاجون لذلك 0
والسؤال هو :
هل يفيدنا المشائخ هنا وطلبة العلم بمزيد حول هذه المعلومة التي ذكرها شيخنا رحمه الله وهل سبقه أحد فيها ؟
الجواب :
الأخ أحمد
أورد ابن القيم في " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " ( ص 307 - 311) ، في " الباب الخامس والخمسون في ذكر نكاح أهل الجنة ووطئهم والتذاذهم بذلك أكمل لذة ونزاهة ذلك عن المذي والمني والضعف ، وأنه لا يوجب الغسل " .
وقد أورد أحاديثا تتعلق بموضوع المني في الجنة وهي :
1 - عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أيجامع أهل الجنة ؟ قال : دحما دحما ، ولكن لا مَنَّي ولا مَنِّية .
قال ابن القيم : وهاشم وخالد ، وإن تُكلم فيهما فليس الاعتماد عليهما .ا.هـ.
روى هذا الحديث الطبراني في " الكبير " (7479) ، والبيهقي في " البعث والنشور " (367) وقال : تفرد به خالد بن يزيد ، وليس بالقوي .ا.هـ.
وجاء من طريق آخر عن أبي أمامة عند أبي نعيم في " صفة الجنة " (366) ، والبزار (3524) وقال : عمارة لا نعلم حدث عنه إلا عبد الرحمن بن زياد ، وعبد الرحمن كان حسن العقل ، ولكنه وقع على شيوخ مجاهيل فحدث عنهم بأحاديث مناكير فضُعف حديثه ، وهذا مما ينكر عليه ولم يشاركه فيه غيره .ا.هـ.
ولفظه : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل ينكح أهل الجنة ؟ قال : إي والذي بعثني بالحق دحما دحما ، وأشار بيده ، ولكن لا مني ولا منية .
قال ابن القيم : " لا مني ولا منية " : لا إنزال ولا موت .ا.هـ.(1/1)
2 - وعن محمد بن كعب القرظي عن رجل من الأنصار عن أبي هريرة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في طائفة من أصحابه ، فذكر حديث الصور بطوله إلى أن قال : .... والذي بعثني بالحق ! ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم، فيدخل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله، وثنتين من ولد آدم، لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما الله في الدنيا، يدخل على الأولى منهما في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب، مكلل باللؤلؤ، وعليها سبعون حلة من سندس وإستبرق، ثم يضع يده بين كتفيها، ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها، وإنه لينظر إلى مخ ساقها، كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت، كبده لها مرآه، وكبدها له مرآه، فبينا هو عندها لا يملها ولا تمله، ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء، ما يفتر ذكره، ولاتشتكي قبلها، فبينا هو كذلك إذ نودي: أنا قد عرفنا أنك لا تمل ولاتمل، إلا أنه لامنى ولا منية إلا أن لك أزواجا غيرها، فيخرج فيأتيهن واحدة بعد واحدة، كلما جاء واحدة قالت: والله ! مافي الجنة شيء أحسن منك، وما في الجنة شيء أحب إلي منك . الحديث .
وهذا الحديث ليس عند ابن القيم في " حادي الأرواح " ، وإنما وجدته في " الترغيب والترهيب " .
قال العلامة الألباني في " ضعيف الترغيب " (2224) : قلت : وهو حديث طويل جدا في نحو ثمان صفحات ، لا أعلم له شبيها ، تفرد به ( إسماعيل ) هذا - وهو ضعيف - عن محمد بن يزيد - وهو مجهول - وفوقه الرجل الأنصار الذي لم يسم ، فهو إسناد ظلمات بعضها فوق بعض ، مما لا يشك الباحث أنه حديث مركب ....ا.هـ.
3 - أورد السيوطي في " الدر المنثور "أثاراً وهي :
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء قال : ليس في الجنة مني ولا منية ، إنما يدحمونهن دحما .(1/2)
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال : أهل الجنة ينكحون النساء ولا يلدن ، ليس فيها مني ولا منية .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني . مثله .
والخلاصة : لا يثبت حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخصوص هذا الأمر ، ولكن الجنة فيها ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر . والله أعلم .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=8667
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/3)
هل المباشرة والإنزال والإستمناء مفطرات للصائم ؟!
الحمد لله وبعد ؛
المباح للرجل مع زوجته في رمضان القبلة والمباشرة لما جاء من النصوص في ذلك وهي :
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ " .
رواه البخاري (1927) ، ومسلم (1106) . وزاد في رواية عند مسلم : في رمضان
والمباشرة تطلق على الجماع وعلى ما دون الجماع ، فأما على الجماع كما في قوله تعالى : " فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ " [ البقرة : 187 ] ، وأما كونها تطلق على ما دون الجماع فكما في حديث عائشة الآنف .
2 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ ضَحِكَتْ " .
رواه البخاري (1928) ، ومسلم (1106) .
3 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ صَائِمٌ وَأَنَا صَائِمَةٌ " .
رواه أبو داود (2384) . وسنده صحيح على شرط البخاري .
4 - عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ " .
رواه مسلم (1107) .
وبوب عليه النووي : بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك .(1/1)
5 – عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ : بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمِيلَةِ إِذْ حِضْتُ فَانْسَلَلْتُ ، فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي فَقَالَ : مَا لَكِ أَنَفِسْتِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . فَدَخَلْتُ مَعَهُ فِي الْخَمِيلَةِ ، وَكَانَتْ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ ، وَكَانَ يُقَبِّلُهَا وَهُوَ صَائِمٌ .
رواه البخاري (1929) .
وقد ظن بعض الناس أن هذا الأمر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الصحيح أنه له ولأمته من بعده صلى الله عليه وسلم ودليل ذلك :
عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَة أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" سَلْ هَذِهِ " لِأُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ .
رواه مسلم (1108) .(1/2)
قال الإمام النووي : سَبَب قَوْل هَذَا الْقَائِل : قَدْ غَفَرَ اللَّه لَك , أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ جَوَاز التَّقْبِيل لِلصَّائِمِ مِنْ خَصَائِص رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِيمَا يَفْعَل ; لِأَنَّهُ مَغْفُور لَهُ , فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا وَقَالَ : أَنَا أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ تَعَالَى , وَأَشَدّكُمْ خَشْيَة , فَكَيْف تَظُنُّونَ بِي أَوْ تُجَوِّزُونَ عَلَيَّ اِرْتِكَابَ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَنَحْوه .ا.هـ.
وفرق بعض أهل العلم بين القبلة والمباشرة للشاب فمنعوها ، وأجازوها للشيخ واستدلوا بما يلي :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا سَأَل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ فَرَخَّصَ لَهُ ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ .
رواه أبو داود (2387) . وفي سنده ضعف ففي إسناده أبو العنبس لم يوثقه إلا ابن حبان ، وهو معروف بتوثيق المجاهيل ، ويرد على التفريق حديث عمر بن سلمة الآنف ، ومن المعلوم أن عمر بن أبي سلمة كان آنذاك شابا .
فالخلاصة : أن الصائم إذا ملك نفسه جاز له التقبيل والمباشرة ، وإذا لم يأمن تركه , وبه يحصل الجمع والتوفيق بين الأحاديث المختلفة .
رابط الموضوع
http://www.muslm.net/cgi-bin/showflat.pl?Cat=&Board=shora&Number=131540&page=0&view=collapsed&sb=5
كتبه عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/3)
هل تؤكل الزرافة أم لا ؟
اختلف أهل العلم في حكم أكل الزرافة على القولين :
القول الأول : التحريم .
واستدلوا بأنها ذات ناب تتقوى به ، وأنها متولدة من مأكول اللحم .
والصحيح أنه ليس كل ذي ناب يحرم أكله ، فالفيل له ناب ولكن لا يحرم أكله ، وإنما الأحاديث صرحت أن كل ذي ناب من السباع التي تبطش وتفترس بأنيابها .
وأما أنها متولدة من مأكول اللحم فهي دعوى لا دليل عليها .
القول الثاني : الحل .
لأن الأصل فيها الحل ، إلى جانب أنها ليست من ذات الأنياب .
وهذا ما رجحه السبكي كما نقل عنه السيوطي في الأشباه والنظائر فقال : قَالَ السُّبْكِيُّ : الْمُخْتَارُ أَكْلُهَا : لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ , وَلَيْسَ لَهَا نَابٌ كَاسِرٌ , فَلَا تَشْمَلُهَا أَدِلَّةُ التَّحْرِيمِ .
وهذا القول هو الراجح ، والله أعلم .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5377
كتبه
عَبْد اللَّه زُقَيْل
zugailam@yahoo.com(1/1)
هل تجويد القرآن واجب ؟؟؟
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين : بعض علماء التجويد قالوا : إن قراءة القرآن بالتجويد واجبة . فما صحة قولهم ؟
الجواب : الصحيح أن قراءة القرآن بالتجويد ليست بواجبة ، وأن التجويد ليس إلا لتحسين القرآن فقط ، فإذا قرأ الإنسان قراءة أوضح فيها الحرف ، وجعله محركا بما هو محركا به فإن هذا كافٍ . " وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً " ليس معناه جوده ، المعنى اقرأه على مهل .
لقاء الباب المفتوح (6/15 رقم 287) .
---
وحديث : " اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر، فإنه سيجيء أقوام من بعدي يرجعون القرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح ، لا يجاوز حناجرهم ، مفتونة قلوبهم وقلوب من يعجبهم شأنهم " .
قال ابن الجوزي في " العلل " : حديث لا يصح ، وأبو محمد مجهول ، وبقية يروي عن الضعفاء ويدلسهم أهـ
وقال الهيثمي : فيه راو لم يسم .ا.هـ.
وفي الميزان : تفرّد عن أبي حصين بقية ، وليس بمعتمد ، والخبر منكر .ا.هـ.
وأورده العلامة الألباني في ضعيف الجامع (1067) .
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
هل تدفع الزكاة لغير المسلم ؟
سئلت اللجنة الدائمة في فتاويها (10/30) سؤالا نصه :
هل يجوز إعطاء الزكاة لغير المسلمين ؟.
الجواب:
لا يجوز إعطاء الكفار من زكاة الأموال والثمار وزكاة الفطر ، ولو كانوا فقراء أو أبناء سبيل أو من الغارمين ، ولا تجزئ من أعطاهم .
ويجوز أن يعطي فقيرهم من الصدقات العامة ـ غير الواجبة ـ وتتبادل معهم الهِبَات والمبرَّات تأليفاً لهم إذا لم يكن منهم اعتداء يمنع من ذلك لقوله تعالى : " لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " [ الممتحنة : 8 ]
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .ا.هـ
وهناك قسم من أقسام أهل الزكاة الوارد ذكرهم في الآية : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . [ التوبة : 60 ] وهم المؤلفة قلوبهم يكونون كفارا ويعطون من الزكاة .
قال ابن كثير : وأما المؤلفة قلوبهم فأقسام :
منهم من يعطى ليسلم كما أعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم صفوان بن أمية من غنائم حنين وقد كان شهدها مشركا قال فلم يزل يعطيني حتى سار أحب الناس إلي بعد أن كان أبغض الناس إلي ...عن صفوان بن أمية قال : أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لأبغض الناس إلي فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي ورواه مسلم والترمذي ...(1/1)
ومنهم من يعطى ليحسن إسلامه ويثبت قلبه كما أعطى يوم حنين أيضا جماعة من صناديد الطلقاء وأشرافهم مائة من الإبل وقال " إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله على وجهه في نار جهنم " . وفي الصحيحين عن أبي سعيد أن عليا بعث إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذهيبة في تربتها من اليمن فقسمها بين أربعة نفر : الأقرع بن حابس وعيينة بن بدر وعلقمة بن علاثة وزيد الخير وقال " أتألفهم " ....
ومنهم من يعطى لما يرجى من إسلام نظرائه
ومنهم من يعطى ليجبي الصدقات ممن يليه أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر من أطراف البلاد ومحل تفصيل هذا في كتب الفروع والله أعلم .ا.هـ
واختلف العلماء في بقاء سهم المؤلفة قلوبهم ، فذهب الأحناف إلى انقطاع هذا السهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهور الدين وقوته ، فلا يعطى مشرك تألفاً بحال .
وذهب الجمهور إلى بقاء هذا السهم ، وأنه متى دعت الحاجة إلى إعطائهم أعطوا . ولعل هذا أشبه بمقاصد الشرع .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@207.7CcBbrc9XM9^0@.ef100ec
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
هل تشترط الطهارة عند لبس الجبيرة ؟
الحمد لله وبعد ؛
مسألة اشتراط الطهارة عند لبس الجبيرة مسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين :
1 - ذهب الحنفية والمالكية إلى عدم الاشتراط .
2 - وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يشترط الطهارة عند وضع الجبيرة .
وعدم الاشتراط هو الراجح والله أعلم .
وممن قال بهذا القول أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (21/176) ، وذكر خمسة فروق بين الجبيرة والمسح على الخفين ، ملخصها ما يلي قال شيخ الإسلام :
ولهذا فارق مسح الجبيرة الخف من خمسة أوجه :
1 - أن هذا واجب ، وذلك جائز .
2 - أن هذا يجوز في الطهارتين : الصغرى والكبرى ؛ فإنه لا يمكنه إلا ذلك ، ومسح الخفين لا يكون في الكبرى .
3 - أن الجبيرة يمسح عليها إلى أن يحلها ؛ ليس فيها توقيت ؛ فإن مسحها للضرورة ؛ بخلاف الخف فإن مسحه موقت عند الجمهور .
4 - أن الجبيرة يستوعبها بالمسح كما يستوعب الجلد .
5 - أن الجبيرة يمسح عليها وأن شدها على حدث عند أكثر العلماء .ا.هـ. ملخصا
ثم قال شيخ الإسلام :
ومن قال : لا يمسح عليها إلا إذا لبسها على طهارة ليس معه إلا قياسها على الخفين ، وهو قياس فاسد . ا.هـ.
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - القول بعدم اشتراط الطهارة عند لبس الجبيرة ، وقال في الشرح الممتع (1/286-288) :
وأما اشترط كمال الطهارة في الجبيرة فضعيف لما يأتي :
الأول : أنه لا دليل على ذلك ، ولا يصح قياسها على الخفين لوجود الفروق بينها .
الثاني : أنها تأتي مفاجأة ، وليست كالخف متى شئت لبسته .
ومن الفروق أيضا بين الجبيرة والخف .
1 - أن الجبيرة لا تختص بعضو معين ، والخف يختص بالرجل .
2 - أن المسح على الجبيرة جائز في الحدثين ، وباقي الممسوحات لا يجوز إلا في الحدث الأصغر .
3 - أن المسح على الجبيرة غير مؤقت ، وباقي الممسوحات مؤقتة .(1/1)
4 - أن الجبيرة لا تشترط لها الطهارة - على القول الراجح - وبقية الممسوحات لا تلبس إلا على طهارة .ا.هـ. ملخصا .
والله أعلم ..
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
هَلْ ثَبَتَ شَيْءٌ فِي تَحْدِيدِ أَيَّامِ الحِجَامَةِ ؟
الحمد لله وبعد .
كنت في نقاش مع أحد الحجاميين ، وطلبت منه أن يحجمني ، فأجاب بأن أوقات الحجامة يوم سبع عشرة ، وتسع عشرة ، وإحدى وعشرين ، فقلت له : لم يثبت في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فأحببتُ نشر هذه الفائدة العلمية من خلال كلام أهل الفن .
وسأكتفي بما ذكره أهل العلم في هذا الباب .
قال العقيلي في " الضعفاء " (1/150) : وليس في هذا الباب في اختيار يوم للحجامة شيء يثبت .ا.هـ.
ونقل عمر الموصلي في " المغني عن الحفظ والكتاب " ( ص 517 جنة المرتاب ) عن العقيلي الكلام السابق وأضاف : " وقال عبد الرحمن بن مهدي : " ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها شيء إلا أنه أمر بها " .ا.هـ.
وكفى بهذين الإمامين حجة .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7312
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
هل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من آل بيته ؟
وهل تحرم عليهن الصدقة ؟
الحمد لله وبعد ؛
قبل الجواب لابد لنا من الوقوف على فضائل أمهات المؤمنين من خلال نصوص الكتاب العزيز :
1 – هن أمهات المؤمنين :
قال تعالى : " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " [ الأحزاب : 6] . قال ابن كثير في تفسيره : وقوله تعالى : "وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ " أي في الحرمة والاحترام والتوقير والإكرام والإعظام ولكن لا تجوز الخلوة بهن ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع .ا.هـ.
2 – إيثار أمهات المؤمنين الله والرسول الدار الآخرة :
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا . وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا " [ الأحزاب : 28 ، 29] .
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال : إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك ، قالت : وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه ، قالت : ثم قال : إن الله جل ثناؤه قال : " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا إلى أَجْرًا عَظِيمًا " قالت : فقلت : ففي أي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ، قالت : ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت . رواه البخاري (4785) .
3 – الأجر لأمهات المؤمنين مضاعف :(1/1)
قال تعالى : " وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا " [الأحزاب : 31] .
4 – أنهن لسن كأحد من النساء في الفضل والشرف وعلو المنزلة :
قال تعالى : " يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا " [ الأحزاب :32]
5 – أن الله شرفهن بتلاوة آياته والحكمة في بيوتهن :
قال تعالى : " وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا " [ الأحزاب : 34]
وبعد هذه الفضائل والمناقب لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، والتي كانت بمثابة التمهيد للجواب على سؤالك ، إليك الجواب :
أ – هل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من آل بيته ؟
ذكر الإمام ابن القيم في كتاب " جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام " الخلاف في مسألة من هم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
وإليك ملخص الأقوال :
1 – هم الذين حرمت عليه الصدقة ، وفيهم ثلاثة أقوال للعلماء :
أحدها : أنهم بنو هاشم وبنو المطلب ، وهذا مذهب الشافعي وأحمد في رواية عنه .
والثاني : أنهم بنو هاشم خاصة ، وهذا مذهب أبي حنيفة ، والرواية الثانية عن أحمد ، واختيار ابن القاسم صاحب مالك .
والثالث : أنهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب ، فيدخل فيهم بنو المطلب وبنو أمية وبنو نوفل ومن فوقهم إلى بني غالب . وهذا اختيار أشهب من أصحاب مالك حكاه صاحب الجواهر عنه وحكاه اللخمي في التبصرة عن أصبغ ولم يحكه عن أشهب .
وهذا القول في الآل أعني أنهم الذين تحرم عليهم الصدقة هو منصوص الشافعي وأحمد والأكثرين وهو اختيار جمهور أصحاب أحمد والشافعي .(1/2)
2 - أن آل النبي هم ذريته وأزواجه خاصة ، حكاه ابن عبد البر في التمهيد .
3 - أن آله اتباعه إلى يوم القيامة ، حكاه ابن عبد البر عن بعض أهل العلم ، وأقدم من روي عنه هذا القول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ذكره البيهقي عنه ورواه عنه سفيان الثوري وغيره واختاره بعض أصحاب الشافعي حكاه عنه أبو الطيب الطبري في تعليقه ورجحه الشيخ محيي الدين النواوي في شرح مسلم واختاره الأزهري .
4 - أن آله هم الأتقياء من أمته ، حكاه القاضي حسين والراغب وجماعة .ا.هـ.
وبعد أن ذكر الإمام ابن القيم الأربعة أقوال مع ذكر دليل كل قول ، ومناقشة كل دليل رجح بقوله ( ص337) : فهذا ما احتج به أصحاب كل قول من هذه الأقوال .
والصحيح هو القول الأول ، ويليه القول الثاني ، وأما الثالث والرابع فضعيفان .ا.هـ.
وقال ابن كثير في تفسيره (6410) لقوله تعالى : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " [ الأحزاب :33] :
وهذا نص في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت ههنا ؛ لأنهن سبب نزول هذه الآية ، وسبب النزول داخل فيه قولا واحدا ، إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح .ا.هـ.
وذكر ابن كثير جملة من الأحاديث والآثار في إثبات دخول زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في آل بيته ، ثم قال بعد ذلك (6/415) :
ثم الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله تعالى : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " [ الأحزاب :33] ، فإن سياق الكلام معهن ؛ ولهذا قال تعالى بعد هذا كله : " وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ " [ الأحزاب :34] .ا.هـ.
ب – تحريم الصدقة عليهن :(1/3)
أما تحريم الصدقة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقد نقل ابن بطال اتفاق الفقهاء على أن أزواجه صلى الله عليه وسلم لا يدخلن في آله الذين حرمت عليهم الصدقة ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (3/416) : وقد نقل ابن بطال أنهن – أي الأزواج – لا يدخلن في ذلك باتفاق الفقهاء .ا.هـ.
وتعقبه الحافظ بقوله : وفيه نظر فقد ذكر ابن قدامة أن الخلال أخرج من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة قالت " إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة " قال وهذا يدل على تحريمها . قلت : وإسناده إلى عائشة حسن ، أخرجه ابن أبي شيبة أيضا .ا.هـ.
ونص كلام ابن قدامة موجود في المغني (2/520) .
وقال شيخ الإسلام في الفتاوى (22/460 – 461) :
وعلى هذا ففي تحريم الصدقة على أزواجه وكونهم من أهل بيته روايتان عن أحمد :
إحداهما: لسن من أهل بيته وهو قول زيد بن أرقم الذي رواه مسلم فى صحيحه عنه .
والثانية : هن من أهل بيته . لهذا الحديث فإنه قال : وعلى أزواجه وذريته . وقوله : " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا " [ الأحزاب :33] ، وقوله فى قصة إبراهيم : " رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ " [ هود : 73] . وقد دخلت سارة ، ولأنه إستثنى امرأة لوط من آله فدل على دخولها في الآل ، وحديث الكسا يدل على أن عليا ، وفاطمة ، وحسنا ، وحسينا أحق بالدخول فى أهل البيت من غيرهم ، كما أن قوله فى المسجد المؤسس على التقوى هو مسجدى هذا يدل على أنه أحق بذلك وأن مسجد قباء أيضا مؤسس على التقوى ، كما دل عليه نزول الآية وسياقها ، وكما أن أزواجه داخلات فى آله وأهل بيته كما دل عليه نزول الآية وسياقها وقد تبين أن دخول أزواجه في آل بيته أصح وإن كان مواليهن لا يدخلون فى موالى آله بدليل الصدقة على بريرة مولاة عائشة .ا.هـ.(1/4)
فشيخ الإسلام رجح دخول زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب أنهن ممن يحرم عليهن الصدقة .
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
هل سمح النبي صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران بالصلاة في المسجد النبوي ؟
لي سؤال ... وأمل من أهل العلم الاجابة عليه،
تناقشت مع أحد الاحبة في مسألة الولاء والبراء وتطرقنا للتعامل مع الكفار.. فقال أن النبي صلى الله عليه وسلم سمح لنصارى نجران بالصلاة في مسجده .!!!
حاولت البحث عن الحديث المتضمن مسألة الصلاة فلم أجده ، ولكن وجدت من أشار الى وجوده في مسند ابي شيبة وهو منقطع ، وقد ذكره بن كثير في تفسير أية المباهلة. وذكره ابن القيم في كتاب الزاد في المجلد الثالث عندما تحث عن عام الوفود. وبين ابن القيم جواز صلاتهم في مساجد المسلمين على أن لا يتخذوها عادة !!
ووجدت أن القرضاوي يستدل بكلام ابن القيم هذا ليدلل على حسن التعامل مع النصارى.
السؤال ... ما مدى صحة الحديث؟ و كيف يحمل فعل النبي أنصح الاستدلال بهذا الحديث؟
وجزاكم الله خيراً
الجواب :
الأخ الهاجري .
أورد ابن كثير عند تفسير قوله تعالى : " فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ " [ آل عمران : 61 ] الحديث الذي ورد فيه صلاة وفد نجران في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم :(1/1)
قَالَ اِبْن إِسْحَاق : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر قَالَ : قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة فَدَخَلُوا عَلَيْهِ مَسْجِده حِين صَلَّى الْعَصْر عَلَيْهِمْ ثِيَاب الْحِبَرَات جُبَب وَأَرْدِيَة مِنْ جَمَال رِجَال بَنِي الْحَارِث بْن كَعْب قَالَ : يَقُول مَنْ رَآهُمْ مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْنَا بَعْدهمْ وَفْدًا مِثْلهمْ وَقَدْ حَانَتْ صَلَاتهمْ فَقَامُوا فِي مَسْجِد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دَعُوهُمْ " فَصَلَّوْا إلَى الْمَشْرِق قَالَ : فَكَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ أَبُو حَارِثَة بْن عَلْقَمَة وَالْعَاقِب عَبْد الْمَسِيح وَالسَّيِّد الْأَيْهَم وَهُمْ مِنْ النَّصْرَانِيَّة عَلَى دِين الْمَلِك مَعَ اِخْتِلَاف أَمْرهمْ يَقُولُونَ : هُوَ اللَّه وَيَقُولُونَ : هُوَ وَلَد اللَّه وَيَقُولُونَ : هُوَ ثَالِث ثَلَاثَة تَعَالَى اللَّه عَنْ قَوْلهمْ عُلُوًّا كَبِيرًا . وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيَّة فَهُمْ يَحْتَجُّونَ فِي قَوْلهمْ هُوَ اللَّه بِأَنَّهُ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص وَالْأَسْقَام وَيُخْبِر بِالْغُيُوبِ وَيَخْلُق مِنْ الطِّين كَهَيْئَةِ الطَّيْر فَيَنْفُخ فِيهِ فَيَكُون طَيْرًا وَذَلِكَ كُلّه بِأَمْرِ اللَّه وَلِيَجْعَلهُ اللَّه آيَة لِلنَّاسِ وَيَحْتَجُّونَ فِي قَوْلهمْ بِأَنَّهُ اِبْن اللَّه يَقُولُونَ : لَمْ يَكُنْ لَهُ أَب يُعْلَم وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي الْمَهْد بِشَيْءٍ لَمْ يَصْنَعهُ أَحَد مِنْ بَنِي آدَم قَبْله .(1/2)
وَيَحْتَجُّونَ عَلَى قَوْلهمْ بِأَنَّهُ ثَالِث ثَلَاثَة بِقَوْلِ اللَّه تَعَالَى فَعَلْنَا وَأَمَرْنَا وَخَلَقْنَا وَقَضَيْنَا فَيَقُولُونَ : لَوْ كَانَ وَاحِدًا مَا قَالَ إِلَّا فَعَلْت وَأَمَرْت وَقَضَيْت وَخَلَقْت وَلَكِنَّهُ هُوَ وَعِيسَى وَمَرْيَم - تَعَالَى اللَّه وَتَقَدَّسَ وَتَنَزَّهْ عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ وَالْجَاحِدُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا - وَفِي كُلّ ذَلِكَ مِنْ قَوْلهمْ قَدْ نَزَلَ الْقُرْآن .(1/3)
فَلَمَّا كَلَّمَهُ الْحَبْرَانِ قَالَ لَهُمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَسْلِمَا " قَالَا قَدْ أَسْلَمْنَا قَالَ " إِنَّكُمَا لَمْ تُسْلِمَا فَأَسْلِمَا " قَالَا : بَلَى قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلك قَالَ " كَذَبْتُمَا يَمْنَعكُمَا مِنْ الْإِسْلَام اِدِّعَاؤُكُمَا لِلَّهِ وَلَدًا وَعِبَادَتكُمَا الصَّلِيب وَأَكْلكُمَا الْخِنْزِير " قَالَا : فَمَنْ أَبُوهُ يَا مُحَمَّد ؟ فَصَمَتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا فَلَمْ يُجِبْهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّه فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلهمْ وَاخْتِلَاف أَمْرهمْ صَدْر سُورَة آل عِمْرَان إِلَى بِضْع وَثَمَانِينَ آيَة مِنْهَا ثُمَّ تَكَلَّمَ اِبْن إِسْحَاق عَلَى تَفْسِيرهَا إِلَى أَنْ قَالَ : فَلَمَّا أَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَر مِنْ اللَّه وَالْفَصْل مِنْ الْقَضَاء بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَأُمِرَ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ مُلَاعَنَتهمْ أَنْ رَدُّوا ذَلِكَ عَلَيْهِ دَعَاهُمْ إِلَى ذَلِكَ فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم دَعْنَا نَنْظُر فِي أَمَرْنَا ثُمَّ نَأْتِيك بِمَا نُرِيد أَنْ نَفْعَل فِيمَا دَعَوْتنَا إِلَيْهِ ثُمَّ اِنْصَرَفُوا عَنْهُ ثُمَّ خَلَوْا بِالْعَاقِبِ وَكَانَ ذَا رَأْيهمْ فَقَالُوا : يَا عَبْد الْمَسِيح مَاذَا تَرَى ؟ فَقَالَ : وَاَللَّه يَا مَعْشَر النَّصَارَى لَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا لَنَبِيّ مُرْسَل وَلَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْفَصْلِ مِنْ خَبَر صَاحِبكُمْ .(1/4)
وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ مَا لَاعَنَ قَوْم نَبِيًّا قَطُّ فَبَقِيَ كَبِيرهمْ وَلَا نَبَتَ صَغِيرهمْ وَإِنَّهُ لِلِاسْتِئْصَالِ مِنْكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ فَإِنْ كُنْتُمْ أَبَيْتُمْ إِلَّا إِلْفَ دِينكُمْ وَالْإِقَامَة عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْقَوْل فِي صَاحِبكُمْ فَوَادِعُوا الرَّجُل وَانْصَرِفُوا إِلَى بِلَادكُمْ . فَأَتَوْا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا أَبَا الْقَاسِم قَدْ رَأَيْنَا أَنْ لَا نُلَاعِنك وَنَتْرُكك عَلَى دِينك وَنَرْجِع عَلَى دِيننَا وَلَكِنْ اِبْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا مِنْ أَصْحَابك تَرْضَاهُ لَنَا يَحْكُم بَيْننَا فِي أَشْيَاء اِخْتَلَفْنَا فِيهَا فِي أَمْوَالنَا فَإِنَّكُمْ عِنْدنَا رِضَا قَالَ مُحَمَّد بْن جَعْفَر : فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اِئْتُونِي الْعَشِيَّة أَبْعَث مَعَكُمْ الْقَوِيّ الْأَمِين " فَكَانَ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول : مَا أَحْبَبْت الْإِمَارَة قَطُّ حُبِّي إِيَّاهَا يَوْمئِذٍ رَجَاء أَنْ أَكُون صَاحِبهَا فَرُحْت إِلَى الظُّهْر مُهَجِّرًا فَلَمَّا صَلَّى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْر سَلَّمَ ثُمَّ نَظَرَ عَنْ يَمِينه وَشِمَاله فَجَعَلْت أَتَطَاوَل لَهُ لِيَرَانِي فَلَمْ يَزَلْ يَلْتَمِس بِبَصَرِهِ حَتَّى رَأَى أَبَا عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح فَدَعَاهُ فَقَالَ " اُخْرُجْ مَعَهُمْ فَاقْضِ بَيْنهمْ بِالْحَقِّ فِيمَا اِخْتَلَفُوا فِيهِ " قَالَ عُمَر : فَذَهَبَ بِهَا أَبُو عُبَيْدَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ .(1/5)
وهذا إسناد مرسل ، محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام الأسدي ثقة ولكنه لم يلق أحدا من الصحابة ولذلك عده الحافظ ابن حجر من الطبقة السادسة ، وقد قال عنها الحافظ في " مقدمة تقريبه " : طبقة عاصروا الخامسة ، لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة .ا.هـ.
وقال ابن كثير أيضا : وَقَدْ رَوَى اِبْن مَرْدُوَيه مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ عَاصِم بْن عُمَر بْن قَتَادَة عَنْ مَحْمُود بْن لَبِيد عَنْ رَافِع بْن خَدِيج : أَنَّ وَفْد أَهْل نَجْرَان قَدِمُوا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ نَحْوه إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الْأَشْرَاف : كَانُوا اِثْنَيْ عَشَر وَذَكَرَ بَقِيَّته بِأَطْوَلَ مِنْ هَذَا السِّيَاق وَزِيَادَات أُخَر.
وهذ إسناد ظاهره الصحة إذا سلم من تدليس بن إسحاق صاحب السيرة فقد قال الإمام أحمد فيه : هو كثير التدليس جداً ، إلى جانب أن الإسناد قبل محمد بن إسحاق ليس بين أيدينا . والله أعلم .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=8414
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/6)
هل صلاه الجماعة واجبه في المسجد
أخي vip444
الصحيح من أقوال أهل العلم أن صلاة الجماعة واجبة وإليك الأدلة على ذلك :
الدليل الأول :
قال الله تعالى : ( و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك و ليأخذوا أسلحتهم ... ) سورة النساء أية 102
وجه الاستدلال :
أحدها : أمره سبحانه و تعالى لهم بالصلاة في الجماعة ، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله : ( و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ... )
و في هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان ، إذا لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى ، و لو كانت الجماعة سنة ، لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف ، ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى .
ففي الآية دليل على و جوبها على الأعيان .
فهذه ثلاثة أوجه
· أمره بها أولاً .
· ثم أمره بها ثانياً .
· و أنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف .
الدليل الرابع :
1- ما ثبت في الصحيحين و هذا لفظ البخاري : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " و الذي نفسي بيده ، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجالاً فأحرق عليهم بيوتهم ، و الذي نفسي بيده لو يعلم أنه يجد عَرْقاً سميناً أو مِرْماتَيْن حسنتين لشهد العشاء "
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء و صلاة الفجر ، و لو يعلمون ما فيهما لأتوهما و لو حبواً ، و لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلاً يصلي بالناس ، ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم " متفق عليه .(1/1)
3- و للإمام أحمد عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لولا ما في البيوت من النساء و الذرية ، أقمت صلاة العشاء ، و أمرت فتياني يُحرقون ما في البيوت بالنار "
4- و لم يفعل النبي صلى الله عليه و سلم ما هم به للمانع الذي أخبر أنه منعه منه ، وهو اشتمال البيوت على ما لا تجب عليه الجماعة من النساء و الذرية ، فلو أحرقها عليهم لتعدت العقوبة إلى من لا يجب عليه .
الدليل الخامس :
* روى مسلم في صحيحه أن رجلاً أعمى قال : يا رسول الله عليه و سلم : ليس قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أنْ يُرَخِص له ، فرخص له ، فلما ولى دعاه ، فقال : " هل تسمع النداء ؟ قال : نعم قال : " فأجب " . وهذا الرجل هو ابن أم مكتوم · و في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود عن عمرو ابن أم مكتوم قال : قلت : يا رسول الله ( أنا ضرير شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني ، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال " تسمع النداء " قال : نعم . قال :" لا أجد لك رخصة " .
* الأمر المطلق للوجوب ، فكيف إذا صرَّح صاحب الشرع بأنه لا رخصة للعبد في التخلف عنه الضرير شاسع الدار لا يلائمه قائده ، فلو كان العبد مخيراً بين أن يصلي و حده أو جماعة ، لكان أولى الناس بهذا التخيير مثل هذا الأعمى .
الدليل السادس :
روى أبو داود و أبو حاتم ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر " قالوا : و ما العذر ؟ قال : " خوف أو مرض ، لم تقبل منه الصلاة التي صلاها " .
الدليل السابع :(1/2)
ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال : من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " و في لفظ " و قال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى ، و إن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه .
وجه الدلالة :
أنه جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم النفاق .
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته والله تعالى أعلم .
نقلا عن موقع :
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^28@.ef11373/0
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
هل من قرأ القرآن بالدف أو العود يكفر ؟
الحمد لله وبعد ،
لقد كنت متابعا لكثير من التعليقات والتعقيبات على فتوى الشيخ حمود العقلاء بخصوص فتوى الشيخ في الساقط الرويشد ، ومن خلال متابعتي للموضوع كنت أبحثُ عن أقوال أهل العلم في هذه المسألة إلى أن وجدت نصين في المسألة .
اسم الكتاب : الجامع في ألفاظ الكفر .
بتحقيق : الشيخ الدكتور / محمد الخميس .
والكتاب يحتوي على أربع رسائل .
الرسالة الأولى :
ألفاظ الكفر لمحمد بن إسماعيل المعروف ببدر الرشيد الحنفي ( ت 768 هـ )
قال في الكتاب المذكور ( ص27) ما نصه : من قرأ القرآن على ضرب الدف والقضيب يكفر .ا.هـ.
ومن هذه الرسائل الرسالة الرابعة والتي بعنوان :
رسالة في ألفاظ الكفر لتاج الدين أبي المعالي مسعود بن أحمد الحنفي .
قال تاج الدين في الكتاب ( ص443) ما نصه : إذا أنكر آية من القرآن أو سخر بآية من القرآن يكفر .
ولو قرأ القرآن على ضرب الدف أو عود يكفر .ا.هـ.
فما رأيكم في هذه النصوص أليست كافيه يا عباد الله ؟؟؟؟؟؟
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/1)
هل ورد عن السلف .. تقبيل قدم الوالدين ؟
الحمد لله وبعد ؛
1 - جاء في كتاب " الأدب المفرد " للإمام البخاري :
132 - باب تقبيل الرِّجْل .
وذكر أحاديث حكم عليها العلامة الألباني في " ضعيف الأدب المفرد " ( ص 89 ) وهي :
154 / 975 - عن امرأة من صَبَاح عبد القيس يقال لها أُمُ أبَان ابنه الوازع ، عن جدها الوازع بن عامر قال : " قدمنا ، فقيل : ذاك رسول الله ، فأخذنا بيده ورجليه نقبلها .
قال العلامة الألباني : ضعيف الإسناد ، أم أبان مجهولة .
155 / 976 - عن صُهيب قال : " رأيت عليا يقبل يد العباس ورجليه " .
قال العلامة الألباني : ضعيف الإسناد موقوف ، صهيب - وهو مولى العباس - لا يعرف .
ولنا أن نتنبه إلى تبويب البخاري ، وتبويبات البخاري هي فقه بحد ذاتها .
فالبخاري يرى جواز تقبيل الرِّجْل ، ولو كانت الأحاديث الوادرة تحت الباب ضعيفة لأن البخاري لم يشترط في الأدب المفرد الصحة كما في صحيحه .
2 - عن عبد اللّه بن بريدة عن أبيه أن رجلاً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : يا رسول اللّه أرني شيئاً أزداد به يقيناً ، فقال له : اذهب إلى تلك الشجرة ، فادعها، فذهب إليها ، فقال : إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعوك ، فجاءت حتى سلمت على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم قال لها: ارجعي ، فرجعت ، قال : ثم أذن له فقبل رأسه ورجليه ، وقال : لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .
أخرجه الحاكم في المستدرك وقال : صحيح الإسناد ، وتعقبه الذهبي ، فقال : صالح بن حيان متروك .
ورواه البزار في "مسنده " ، وقال فيه : فقبل رأسه ويديه ورجليه ، وقال : لا يعلم في تقبيل الرأس غير هذا الحديث .(1/1)
قال الزيلعي في نصب الراية : وأعجب منه كيف غفل عن - حديث الإفك - قال المنذري في " مختصره " : وقد صنف الحافظ أبو بكر الأصبهاني - المعروف بابن المقرئ - جزء في الرخصة في تقبيل اليد ، ذكر فيه أحاديث وآثار عن الصحابة والتابعين ، واللّه أعلم .ا.هـ.
3 - قال الحافظ ابن حجر في الفتح . كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . باب مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِيهِ . تحت حديث :
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ غَضِبَ وَقَالَ : سَلُونِي . فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِي ؟ قَالَ : أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِي ؟ فَقَالَ : أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شَيْبَةَ فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْغَضَبِ قَالَ : إِنَّا نَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
وفي مرسل السدي عند الطبري في نحو هذه القصة " فقام إليه عمر فقبل رجله وقال : رضينا بالله ربا " ... وجواز تقبيل رجل الرجل .ا.هـ.
4 - قال الإمام الترمذي في جامعة . كتاب الاستئذان والاَداب عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم . باب مَا جَاءَ في قُبْلَةِ الْيَدِ وَالرّجْل .(1/2)
عن صَفْوَانَ بنِ عَسّالٍ قالَ : " قالَ يَهُودِيٌ لِصَاحِبِهِ اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النّبيّ . فَقَالَ صَاحِبُهُ لاَ تَقُلْ نَبيٌ إِنّهُ لَوْ سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ . فَأَتَيَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَسَأَلاَهُ عن تِسْعِ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ ، فَقَالَ لَهُمْ لاَ تُشْرِكُوا بِالله شَيْئاً ، وَلاَ تَسْرِقُوا ، وَلاَ تَزْنُوا ، وَلاَ تَقْتُلُوا النّفْسَ الّتِي حَرّمَ الله إِلاّ بِالحَقّ ، وَلاَ تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ ، وَلاَ تَسْحَرُوا ، وَلاَ تَأْكُلُوا الرّبَا ، وَلاَ تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً ، وَلاَ تُوَلّوا الفِرَارَ يَوْمَ الزّحْفِ وَعَلَيْكُمْ خَاصّةً اليَهُودَ أَلاّ تَعْتَدُوا في السّبْتِ . قَالَ فَقَبّلُوا يَدَيْهِ ، وَرِجْلِيْهِ ، فَقَالا نَشْهَدُ أَنّكَ نَبيٌ . قالَ فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتّبِعُونِي ؟ قالَ قالُوا : إِنّ دَاوُدَ دَعَا رَبّهُ أَنْ لاَ يَزَالَ مِنْ ذُرّيّتِهِ نَبيٌ ، وَإِنّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ يَقْتُلُنَا اليَهُودُ " .
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح .
قال صاحب التحفة : والحديث يدل على جواز تقبيل اليد والرجل .
وهذا محمد بن المنكدر ماذا يفعل من شدة بره بأمه ؟
قال الإمام الذهبي في " السير " (5/356) عند ترجمة مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ :
وَرَوَى جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ : أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ ، ثُمَّ يَقُوْلُ لأُمِّهِ : قُوْمِي ضَعِي قَدَمَكِ عَلَى خَدِّي .
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ : قَالَ ابْنُ المُنْكَدِرِ : بَاتَ أَخِي عُمَرُ يُصَلِّي ، وَبِتُّ أَغمِزُ قَدَمَ أُمِّي ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لَيْلَتِي بِلَيْلَتِهِ .
وهذه النصوص كافية في بيان جواز تقبيل الرِّجْل ، فكيف بتقبيل قدم الوالدين ؟(1/3)
وهم السبب في وجود الولد . والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@28.0lXKci92H4N^12@.ef356e3
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
هل يجوزُ القتلُ بهذا .. ؟
السؤال :
ماحكم استخدام مصائد الحشرات والذباب الكهربائية ؟
الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
فاستخدام مصائد الحشرات الكهربائية لا يجوز، إذا كانت تحرق ، لأن الحشرة تحرق عند ملامستها الجهازالكهربائي وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن القتل أو التعذيب بالنار فقال صلى الله عليه وسلم : " لا يعذب بالنار إلا ربُّ النار ". أخرجه البزار عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وقد أمر الله تعالى بالإحسان في كل شيء حتى في قتل المؤذي من الحشرات فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " . [رواه مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه] وروى البخاري وأبو داود عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ولا تعذبوا بعذاب الله" . أما إذا كانت تقتل بطريق الصعق ، فالظاهر جوازها لأن النووي حكى الاجماع على جواز قتل الموذيات ، والقتل بالصعق يعد من أسرع أنواع القتل، وعليه فليس من القتل المنهي عنه .
والله تعالى أعلم.
مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
http://islamweb.net/pls/iweb/FATWA....1646&word=الصعق
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7311
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/1)
هل يستحب استقبال القبلة في جميع الطاعات ؟
الأخ أبو معاذ المكي .
جاء في الموسوعة الفقهية (4/75 - 76) :
قرر الفقهاء أن جهة القبلة هي أشرف الجهات ، ولذا يستحب المحافظة عليها حين الجلوس لقوله صلى الله عليه وسلم : إن سيد المجالس ما استقبل القبلة .
قال صاحب الفروع : ويتجه في كل طاعة إلا لدليل .ا.هـ.
أما الحديث المذكور في الكلام الآنف فنصه :
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل شيء سيداً، وإن سيد المجالس قبالة القبلة " .
رواه الطبراني في الأوسط [ مجمع البحرين ( 3062) ] .
قال الهيثمي في المجمع (8/59) : رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن .ا.هـ.
وحسنه العلامة الألباني - رحمه الله - في صحيح الترغيب (3/191 ح 3085) .
وجاء الحديث بلفظ آخر :
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكرم المجالس ما استقبل به القبلة .
رواه الطبراني [ مجمع البحرين (3063) ] .
قال الهيثمي في المجمع (8/59) : وفيه حمزة بن أبي حمزة وهو متروك .ا.هـ.
وللحديث ألفاظ أخرى ، وكلها ضعيفة .
قال المناوي في فيض القدير تعليقا على هذا الأمر :
( أشرف المجالس ) أي الجلسات التي يجلسها الإنسان لفعل نحو عبادة ، ويحتمل إرادة المجالس نفسها ( ما استقبل به القبلة ) أي الذي يستقبل الإنسان فيه الكعبة بأن يصير وجهه ومقدم بدنه تجاهها ، فاستقبال القبلة مطلقاً مطلوب ، لكنه في الصلاة واجب وخارجها مندوب .
قال الحليمي : وإذا ندب استقبال القبلة في كل مجلس فاستقبالها حال الدعاء أحق وآكد .
قال العراقي : الجهات الأربع قد خص منها جهة القبلة بالتشريف ، فالعدل أن يستقبل في الذكر والعبادة والوضوء ، وأن ينحرف عنها حال قضاء قضاء الحاجة وكشف العورة إظهاراً لفضل ما ظهر فضله .ا.هـ.
وقال أيضا :
((1/1)
إن لكل شيء شرفاً ) أي رفعة ( وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة ) يشير إلى أن كل حركة وسكون من العبد على نظام العبودية بحسب نيته في يقظته ومنامه وقعوده وقيامه وشرابه وطعامه تشرف حالته بذلك فيتحرى القبلة في مجلسه ويستشعر هيئتها فلا يعبث فيسن المحافظة على استقبالها ما أمكن حتى للمدرس على الأصح وإنما سن استدبار الخطيب لأن المنبر يسن كونه بصدر المجلس فلو استقبل خرج عن مقاصد الخطاب لأنه يخاطب حينئذ من هو خلف ظهره .
قال الشريف السمهودي : نعم كان شيخي شيخ الإسلام الشرف المناوي يجلس لإلقاء الدرس مستدبرها والقوم امامه قياساً على الخطبة ويعللّه بما ذكر من أن ترك استقبال واحد أسهل من تركه لخلق كثير قال : ويستأنس له بما رواه الخطيب عن جابر : أقبل مغيث إلى مكحول فأوسع له بجنبه فأبى وجلس مقابل القبلة وقال هذا أشرف المجالس فالظاهر أن جلوس مكحول مستدبراً كان كذلك اهـ
والذي يظهر بعد هذه النقول أن ماورد الدليل باستقباله استقبلناه ، وما لم يرد الدليل فلا يفعل . والله أعلم .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^28@.ef11dc8/0
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
هل يُعلنُ عن الكسوفِ أو الخسوفِ في وسائلِ الإعلامِ قبل حدوثهِ ؟
الحمد لله وبعد ؛
لقد أصبح الإعلان عن وقوع الكسوف أو الخسوف في وسائل الإعلام من الأمور المعروفة في العصور المتأخرة ، وخاصة بعد أن جعلت وسائلُ الاتصالِ العالمَ قريةً واحدةً في سرعة انتشار خبر الكسوف أو الخسوف أو غيرها من الأخبار .
وفي هذا المقال نريد الوقوف على رأي أهل العلم من العلماء العاملين في مثل هذه الظاهرة ، وأعلمُ مسبقاً أن بعض الناس لن يرتاح لرأي أهل العلم ، بل قد يشنع بعضهم ، ولكن لابد لنا أن نحترم آراء علمائنا ، فهم ورثة علم النبوة ، وأن نفهم أيضا السبب الذي من أجله ظهر رأيهم في هذه القضية ، فأرجو أن يؤخذ كلامهم بأدب واحترام ، وأن يكون النقاش في المسألة من منظور شرعي ، لا من وجهة نظر عقلية محضة .
وقبل البدء في ذكر كلام العلماء أود أن أقف وقفاتٍ مع أحاديث مهمة من صحيح البخاري تتعلق بهذا الخصوص ، وأنقل كلام أهل العلم على الحديث .
الحديث الأول :
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْكَسَفَتْ الشَّمْسُ ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ ؛ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَدَخَلْنَا ، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ؛ حَتَّى انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا ، وَادْعُوا ؛ حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ . وَذَلِكَ أَنَّ اِبْنًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم مَاتَ فَقَالَ النَّاس فِي ذَلِكَ .
من فوائد الحديث :(1/1)
1 - قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/613) : وَفِي هَذَا الْحَدِيث إِبْطَال مَا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ تَأْثِير الْكَوَاكِب فِي الْأَرْض , وَهُوَ نَحْو قَوْله فِي الْحَدِيث الْمَاضِي فِي الِاسْتِسْقَاء " يَقُولُونَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا " .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْكُسُوف يُوجِب حُدُوث تَغَيُّر فِي الْأَرْض مِنْ مَوْت أَوْ ضَرَر , فَأَعْلَمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اِعْتِقَاد بَاطِل , وَأَنَّ الشَّمْس وَالْقَمَر خَلْقَانِ مُسَخَّرَانِ لِلَّهِ لَيْسَ لَهُمَا سُلْطَان فِي غَيْرهمَا وَلَا قُدْرَة عَلَى الدَّفْع عَنْ أَنْفُسهمَا .ا.هـ.
2 - وقال أيضا : وَفِيهِ – أي الحديث - مَا كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ الشَّفَقَة عَلَى أُمَّته وَشِدَّة الْخَوْف مِنْ رَبّه .ا.هـ.
الحديث الثاني :
عَنْ قَيْسٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا
من فوائد الحديث :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/614) : ( مِنْ آيَات اللَّه ) : أَيْ الدَّالَّة عَلَى وَحْدَانِيَّة اللَّه وَعَظِيم قُدْرَته أَوْ عَلَى تَخْوِيف الْعِبَاد مِنْ بَأْس اللَّه وَسَطَوْته , وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى " وَمَا نُرْسِل بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا " .ا.هـ.
الحديث الثالث :(1/2)
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا .
من فوائد الحديث :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/614) :
( وَلَا لِحَيَاتِهِ ) : اِسْتُشْكِلَتْ هَذِهِ الزِّيَادَة لِأَنَّ السِّيَاق إِنَّمَا وَرَدَ فِي حَقّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيم وَلَمْ يَذْكُرُوا الْحَيَاة . وَالْجَوَاب أَنَّ فَائِدَة ذِكْر الْحَيَاة دَفْع تَوَهُّم مَنْ يَقُول لَا يَلْزَم مِنْ نَفْي كَوْنه سَبَبًا لِلْفَقْدِ أَنْ لَا يَكُون سَبَبًا لِلْإِيجَادِ , فَعَمَّمَ الشَّارِع النَّفْي لِدَفْعِ هَذَا التَّوَهُّم .ا.هـ.
اكتفي بهذا القدر من الأحاديث وسيأتي معنا كلام للعلماء يعد ذلك .
كلام العلماء في إعلان الكسوف قبل حدوثه :
تكلم بعض أهل العلماء في إعلان الكسوف قبل حدوثه بكلام جيد ، نأتي عليه بتمامه .
1 – شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي (24/254 – 262) سؤالا نصه :
عَنْ قَوْلِ أَهْلِ التَّقَاوِيمِ : فِي أَنَّ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ يَخْسِفُ الْقَمَرُ وَفِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ تَكْسِفُ الشَّمْسُ فَهَلْ يُصَدَّقُونَ فِي ذَلِكَ ؟ وَإِذَا خَسَفَا هَلْ يُصَلَّى لَهُمَا ؟ أَمْ يُسَبَّحُ ؟ وَإِذَا صَلَّى كَيْفَ صِفَةُ الصَّلَاةِ ؟ وَيَذْكُرُ لَنَا أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ .
فأجاب بجواب سأختار ما يهمنا في موضوعنا :(1/3)
" ... وَأَمَّا مَا يُعْلَمُ بِالْحِسَابِ فَهُوَ مِثْلُ الْعِلْمِ بِأَوْقَاتِ الْفُصُولِ كَأَوَّلِ الرَّبِيعِ وَالصَّيْفِ وَالْخَرِيفِ وَالشِّتَاءِ لِمُحَاذَاةِ الشَّمْسِ أَوَائِلَ الْبُرُوجِ الَّتِي يَقُولُونَ فِيهَا إنَّ الشَّمْسَ نَزَلَتْ فِي بُرْجِ كَذَا : أَيْ حَاذَتْهُ ... وَالْعِلْمُ بِوَقْتِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لَكِنَّ هَذَا الْمُخْبِرَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَكُونُ عَالِمًا بِذَلِكَ وَقَدْ لَا يَكُونُ وَقَدْ يَكُونُ ثِقَةً فِي خَبَرِهِ وَقَدْ لَا يَكُونُ . وَخَبَرُ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يُوثَقُ بِعِلْمِهِ وَصِدْقِهِ وَلَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ مَوْقُوفٌ . وَلَوْ أَخْبَرَ مُخْبِرٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ وَلَكِنْ إذَا تَوَاطَأَ خَبَرُ أَهْلِ الْحِسَابِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ وَمَعَ هَذَا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى خَبَرِهِمْ عِلْمٌ شَرْعِيٌّ فَإِنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ لَا تُصَلَّى إلَّا إذَا شَاهَدْنَا ذَلِكَ وَإِذَا جَوَّزَ الْإِنْسَانُ صِدْقَ الْمُخْبِرِ بِذَلِكَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَ الْكُسُوفَ وَالْخُسُوفَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاسْتَعَدَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ لِرُؤْيَةِ ذَلِكَ كَانَ هَذَا حَثًّا مِنْ بَابِ الْمُسَارَعَةِ إلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِبَادَتِهِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ عِنْدَ الْكُسُوفِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ تَوَاتَرَتْ بِهَا السُّنَنُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهَا أَهْلُ الصَّحِيحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ...ا.هـ.
2 – الحافظ ابن حجر - رحمه الله - :
أما الحافظ ابن حجر فقد رد على أهل الهيئة فقال في الفتح (2/624) :(1/4)
قَوْله : ( يُخَوِّف ) فِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ يَزْعُم مِنْ أَهْل الْهَيْئَة أَنَّ الْكُسُوف أَمْر عَادِيّ لَا يَتَأَخَّر وَلَا يَتَقَدَّم , إِذْ لَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تَخْوِيف وَيَصِير بِمَنْزِلَةِ الْجَزْر وَالْمَدّ فِي الْبَحْر , وَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ اِبْن الْعَرَبِيّ وَغَيْر وَاحِد مِنْ أَهْل الْعِلْم ... وَقَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : رُبَّمَا يَعْتَقِد بَعْضهمْ أَنَّ الَّذِي يَذْكُرهُ أَهْل الْحِسَاب يُنَافِي قَوْله " يُخَوِّف اللَّه بِهِمَا عِبَاده " وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ اللَّه أَفْعَالًا عَلَى حَسَب الْعَادَة , وَأَفْعَالًا خَارِجَة عَنْ ذَلِكَ , وَقُدْرَته حَاكِمَة عَلَى كُلّ سَبَب , فَلَهُ أَنْ يَقْتَطِع مَا يَشَاء مِنْ الْأَسْبَاب وَالْمُسَبِّبَات بَعْضهَا عَنْ بَعْض . وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْعُلَمَاء بِاَللَّهِ لِقُوَّةِ اِعْتِقَادهمْ فِي عُمُوم قُدْرَته عَلَى خَرْق الْعَادَة وَأَنَّهُ يَفْعَل مَا يَشَاء إِذَا وَقَعَ شَيْء غَرِيب حَدَثَ عِنْدهمْ الْخَوْف لِقُوَّةِ ذَلِكَ الِاعْتِقَاد , وَذَلِكَ لَا يَمْنَع أَنْ يَكُون هُنَاكَ أَسْبَاب تَجْرِي عَلَيْهَا الْعَادَة إِلَى أَنْ يَشَاء اللَّه خَرْقهَا . وَحَاصِله أَنَّ الَّذِي يَذْكُرهُ أَهْل الْحِسَاب حَقًّا فِي نَفْس الْأَمْر لَا يُنَافِي كَوْن ذَلِكَ مُخَوِّفًا لِعِبَادِ اللَّه تَعَالَى .ا.هـ.
وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – تعليقا على كلام ابن دقيق العيد :(1/5)
ما قاله ابن دقيق العيد هنا جيد . وقد ذكر كثير من المحققين – كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم – ما يوافق ذلك ، وأن الله سبحانه قد جرى العادة بخسوف الشمس والقمر لأسباب معلومة يعقلها أهل الحساب ، والواقع شاهد بذلك . ولكن لا يلزم من ذلك أن يصيب أهل الحساب في كل ما يقولون ، بل قد يخطئون في حسابهم ، فلا ينبغي أن يصدقوا ولا أن يكذبوا ، والتخويف بذلك حاصل على كل تقدير لمن يؤمن بالله واليوم الآخر .ا.هـ.
3 - الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - :
قال العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم في " مجموع فتاويه " ( 3/128) :
838 – الكسوف يدرك بالحساب ، وليس توثبا على علم مستقبل ، بل هو أخذ مستقبل ماض عادة ضبطت به بالنسبة إلى المنازل والبروج إلا أنه لا يجزم بقولهم ، فلا يصدقون ولا يكذبون ، لأنه أمر حسابي قد يصيبون وقد يخطئون ، كأخبار بني إسرائيل ، يُعْرَض عنه ويغلطون في جزمهم به إذا تفوهوا بذلك ، وتوضؤ الإنسان وتهيؤه هو تصديق وهو مخطىء وغلطان .
وقول أهل الفلك في سبب الكسوف والخسوف لا ينافي كون ذلك تخويفا ، ليس من شرط التخويف ألا يكون له سبب ، فإن الله كون العالم على هذا الشكل الذي يوجد فيه كسوف ، ولو شاء لكونه على خلاف ذلك .ا.هـ.
4 – الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع " في الجزء الخامس عند بداية كلامه عن أحكام الكسوف :
لكن هناك سبب شرعي لا يُعلم إلا عن طريق الوحي ، ويجهله أكثر الفلكيين ومن سار على منهاجهم .
والسبب الشرعي هو تخويف الله لعباده ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، وإنما يخوف الله بهما عباده " ؛ ولهذا أمرنا بالصلاة والدعاء والذكر وغير ذلك كما سيأتي إن شاء الله .(1/6)
فهذا السبب الشرعي هو الذي يفيد العباد ؛ ليرجعوا إلى الله ، أما السبب الحسي فليس ذا فائدة كبيرة ، ولهذا لم يبينه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان فيه فائدة كبيرة للناس لبيّنه عن طريق الوحي ؛ لأن الله يعلم سبب الكسوف الحسي ، ولكن لا حاجة لنا به ، ومثل هذه الأمور الحسية يكل الله أمر معرفتها إلى الناس ، وإلى تجاربهم حتى يدركوا ما أودع الله في هذا الكون من الآيات الباهرة بأنفسهم .
أما الأسباب الشرعية ، أو الأمور الشرعية التي لا يمكن أن تدركها العقول ولا الحواس ، فهي التي يبيّنها الله للعباد .
فإن قال قائل : كيف يجتمع السبب الحسي والشرعي ، ويكون الحسي معلوماً معروفاً للناس قبل أن يقع ، والشرعي معلوم بطريق الوحي ، فكيف يمكن أن نجمع بينهما ؟(1/7)
فالجواب : أن لا تنافي بينهما ؛ لأن الأمور العظيمة كالخسف بالأرض ، والزلازل ، والصواعق ، وشبهها التي يحس الناس بضررها ، وأنها عقوبة ، لها أسباب طبيعية ، يقدرها الله حتى تكون المسببات ، وتكون الحكمة من ذلك هي تخويف العباد ، فالزلازل لها أسباب ، والصواعق لها أسباب ، والبراكين لها أسباب ، والعواصف لها أسباب ، لكن يقدر الله هذه الأسباب من أجل استقامة الناس على دين الله. قال تعالى : " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " [ الروم :41 ] ، ولكن تضيق قلوب كثير من الناس عن الجمع بين السبب الحسي والسبب الشرعي ، وأكثر الناس أصحاب ظواهر لا يعتبرون إلا بالشيء الظاهر ، ولهذا تجد الكسوف والخسوف لما علم الناس أسبابهما الحسية ضعف أمرهما في قلوب الناس حتى كأنه صار أمراً عادياً ، ونحن نذكر قبل أن نعلم بهذه الأمور أنه إذا حصل الكسوف رعب الناس رعباً شديداً ، وصاروا يبكون بكاءً شديداً ، ويذهبون إلى المساجد خائفين مذعورين ، كما وقع ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام لما كسفت الشمس أول مرة في عهده وكان ذلك بعد أن ارتفعت بمقدار رمح بعد طلوعها وأظلمت الدنيا ، ففزع الناس ، وفزع النبي عليه الصلاة والسلام فزعاً عظيماً حتى إنه أدرك بردائه ، أي : من شدة فزعه قام بالإزار قاصداً المسجد حتى تبعوه بالرداء، فارتدى به ، وجعل يجره ، أي : لم يستقر ليوازن الرداء من شدة فزعه ، وأمر أن ينادى الصلاة جامعة ؛ من أجل أن يجتمع الناس كلهم . فاجتمعت الأمة من رجال ونساء، وصلى بهم النبي عليه الصلاة والسلام صلاة لا نظير لها؛ لأنها لآية لا نظير لها .(1/8)
آية شرعية لآية كونية، أطال فيها إطالة عظيمة ، حتى إن بعض الصحابة - مع نشاطهم وقوتهم ورغبتهم في الخير - تعبوا تعباً شديداً من طول قيامه عليه الصلاة والسلام ، وركع ركوعاً طويلاً ، وكذلك السجود، فصلى صلاة عظيمة ، والناس يبكون يفزعون إلى الله ، وعرضت على النبي عليه الصلاة والسلام الجنة والنار في هذا المقام ، يقول : " فلم أرَ يوماً قط أفظع من هذا اليوم " ؛ حيث عرضت النار عليه حتى صارت قريبة فتنحى عنها ، أي : رجع القهقهرى خوفاً من لفحها ، سبحان الله ! فالأمر عظيم ! أمر الكسوف ليس بالأمر الهين ، كما يتصوره الناس اليوم ، وكما يصوره أعداء المسلمين حتى تبقى قلوب المسلمين كالحجارة، أو أشد قسوة والعياذ بالله .
يكسف القمر أو الشمس والناس في دنياهم ، فالأغاني تسمع ، وكل شيء على ما هو عليه لا تجد إلا الشباب المقبل على دين الله أو بعض الشيوخ والعجائز ، وإلا فالناس سادرون لاهون ، ولهذا لا يتعظ الناس بهذا الكسوف لا بالشمس ولا بالقمر مع أنه أمر هام ، ويجب الاهتمام به .
مسألة : هل من الأفضل أن يخبر الناس به قبل أن يقع ؟
الجواب: لا شك أن إتيانه بغتة أشد وقعاً في النفوس ، وإذا تحدث الناس عنه قبل وقوعه ، وتروضت النفوس له ، واستعدت له صار كأنه أمر طبيعي ، كأنها صلاة عيد يجتمع الناس لها.
ولهذا لا تجد في الإخبار به فائدة إطلاقاً بل هو إلى المضرة أقرب منه إلى الفائدة .
ولو قال قائل : ألا نخبر الناس ليستعدوا لهذا الشيء ؟
فالجواب : نقول : لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، بل إذا وقع ورأيناه بأعيننا فحينئذٍ نفعل ما أمرنا به .
مسألة : إذا قال الفلكيون : إنه سيقع كسوف أو خسوف فلا نصلي حتى نراه رؤية عادية ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إذا رأيتم ذلك فصلوا " ، أما إذا منّ الله علينا بأن صار لا يرى في بلدنا إلا بمكبر أو نظارات فلا نصلي .ا.هـ.(1/9)
وسئل رحمه في " مجموع فتاويه (16/298 – 300) ما نصه :
1393 - الكسوف والخسوف آية من آيات الله تعالى لتخويف العباد ، وتذكيرهم بالله ـ عز وجل ـ كي يجتنبوا المعاصي التي يقعون فيها ليلاً ونهاراً ، وقد أصبح علماء الفلك يقولون : بأنها حادثة طبيعية تحصل في السنة مرة ، أو أكثر من مرة بطريقة معينة ، فكيف يكون التخويف ؟
وأصبحوا أيضاً يعلنون عنها سواء في الصحف أو غيرها ، فإذا حدثت أصبح الناس لا يخافون ولا يتعظون وأصبح لديهم تبلد في الحس فما قولكم في هذا ؟ وكيف يكون التخويف في هذه الآية ؟
فأجاب فضيلته بقوله : يكون التخويف في هذه الآية لمن كمل إيمانه بالله ـ عز وجل ـ وبما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
والكسوف ، أو الخسوف له سببان :
سبب طبيعي : يدرك بالحس والحساب، فهذا يعلم لأهل الحساب ويعرفونه ويقدرون ذلك بالدقيقة .
وسبب شرعي : لا يعلم إلا بطريق الوحي ، وهو أن الله يُقدر هذا الشيء تخويفاً للعباد ، فنسأل من الذي قدر السبب الطبيعي حتى حصل الكسوف ، أو الخسوف ؟ إنه الله . لماذا ؟ ليخاف الناس ويحذروا ، ولهذا خرج النبي عليه الصلاة والسلام حين رأى الشمس كاسفة ، خرج فزعاً حتى لحق بردائه وجعل يجره ، وفزع الناس، وأمر من ينادي بالصلاة جامعة ، واجتمع المسلمون في مسجد واحد يدعون الله ـ عز وجل ـ ويفزعون إليه ، فالمؤمن حقًّا يفزع، ومن تبلد ذهنه ، أو ضعف إيمانه فإنه لا يهتم بهذا الشيء .
وأما إخبار الناس بها قبل حدوثها ، فأنا أرى أنه لا ينبغي أن يخبروا بها ، لأنهم إذا أخبروا بها استعدوا لها وكأنها صلاة رغبة ، كأنهم يستعدون لصلاة العيد ، وصارت تأتيهم على استعداد للفعل لا على تخوف، لكن إذا حدثت فجأة ، حصل من الرهبة والخوف ما لا يحصل لمن كان عالماً .(1/10)
وأضرب مثلاً بأمر محسوس . لو نزلت من عتبة وأنت مستعد متأهب وتعرف أن تحتك عتبة هل تتأثر بشيء ؟ لكن لو كنت غافلاً لا تدري ، ثم وقعت في العتبة صار لها أثر في قلبك وأثر عليك .
فلهذا أتمنى أن لا تذكر ولا تنشر بين الناس ، حتى لو نشرت في الصحف لا تنشرها بين الناس ، دع الناس حتى يأتيهم الأمر وهم غير مستعدين له وغير متأهبين له ، ليكون ذلك أوقع في النفوس .ا.هـ.
وسئل أيضا (16/303) :
1395 - هل الأولى الإخبار بموعد الكسوف حتى يستعد الناس ؟
فأجاب فضيلته بقوله : الأولى فيما أرى عدم الإخبار ، لأن إتيان الكسوف بغتة أشد وقعاً في النفوس ، ولهذا نجد أن الناس لما علموا الأسباب الحسية للكسوف ، وعلموا به قبل وقوعه ، ضعف أمره في قلوب الناس ، ولهذا كان الناس قبل العلم بهذه الأمور ، إذا حصل كسوف خافوا خوفاً شديداً ، وبكوا وانطلقوا إلى المساجد خائفين وجلين ، والله المستعان .ا.هـ.
ومن كان لديه إضافة لبعض كلام أهل العلم عن هذه المسألة أكون له من الشاكرين .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=8305
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/11)
هَلْ يَقْتدِي شَبَابُ المُسْلِمِينَ بِـ " العِلْجِ ..." ؟
الحمدُ للهِ وبعدُ ؛
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ، قَالَ : فَمَنْ .
أخرجه البخاري (7320) ، مسلم (2669) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (13/314) : قَوْله ( قَالَ فَمَنْ ) هُوَ اِسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ وَالتَّقْدِير : فَمَنْ هُمْ غَيْر أُولَئِكَ ... قَالَ اِبْن بَطَّال : أَعْلَمَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أُمَّته سَتَتَّبِعُ الْمُحْدَثَات مِنْ الْأُمُور وَالْبِدَع وَالْأَهْوَاء كَمَا وَقَعَ لِلْأُمَمِ قَبْلهمْ , وَقَدْ أَنْذَرَ فِي أَحَادِيث كَثِيرَة بِأَنَّ الْآخِر شَرّ , وَالسَّاعَة لَا تَقُوم إِلَّا عَلَى شِرَار النَّاس , وَأَنَّ الدِّين إِنَّمَا يَبْقَى قَائِمًا عِنْد خَاصَّة مِنْ النَّاس . قُلْت : وَقَدْ وَقَعَ مُعْظَم مَا أَنْذَرَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَقَعُ بَقِيَّة ذَلِكَ .ا.هـ.
وتأمل - أخي المسلم - تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم جحر الضب بالذات .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ التَّخْصِيص إِنَّمَا وَقَعَ لِجُحْرِ الضَّبّ لِشِدَّةِ ضِيقه وَرَدَاءَته , وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لِاقْتِفَائِهِمْ آثَارهمْ وَاتِّبَاعهمْ طَرَائِقهمْ لَوْ دَخَلُوا فِي مِثْل هَذَا الضَّيِّق الرَّدِيء لَتَبِعُوهُمْ .ا.هـ.
فما رأيك - أخي المسلم - في تطبيق هذا الحديث لواقعِ المسلمين بصفة عامة وشبابه بصفة خاصة ؟؟؟؟؟؟(1/1)
انتهت قبل أيام صورةٌ من صور إشغال الأمة المسلمة عن قضاياها المهمة ، وانشغل بها الكبيرُ قبل الصغيرِ ، وصارت أحاديثَ المجالس - زعموا - .
شُغلت الأمةُ عن قضية فلسطين ، وكشمير ، وأفغانستان ، والشيشان ، وغيرها من قضايا الأمة !!!
شُغلت الأمةُ عن مخططات أعدائها !!!
هل تناستِ الأمةُ حديث القصعة ؟؟؟؟
عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا . فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ . فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ .
أخرجه أبو داود (4297) ، وأحمد (5/278) .
وجاء من طريق آخر :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِثَوْبَانَ : كَيْفَ أَنْتَ يَا ثَوْبَانُ إِذْ تَدَاعَتْ عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ كَتَدَاعِيكُمْ عَلَى قَصْعَةِ الطَّعَامِ يُصِيبُونَ مِنْهُ ؟ قَالَ ثَوْبَانُ : بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا ؟ قَالَ : لَا أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ ، وَلَكِنْ يُلْقَى فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهَنُ . قَالُوا : وَمَا الْوَهَنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : حُبُّكُمْ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَتُكُمْ الْقِتَالَ .
أخرجه الإمام أحمد (2/359) . وقد انفرد بإخراجه الإمام أحمد .
والحديث لنا معه وقفات في موضوع مستقل مع ذكر طرقه ، وكلام أهل العلم فيه .
معذرةً على هذه المقدمة ، ولكن رأيتُ أنها من الأهمية بمكان .(1/2)
ولعلكم توصلتم إلى ما أريد أن أقول .
وقصتي مع هذا المقال ، أنني كنت مع أحد الشباب في العمل ، وكان عنده جريدة ، فقلبت صفحات تلك الجريدة ، وإذا بي أرى صورةً لذلك الْعِلْجِ " رُنالدو " ، وقد ظهر في صورةٍ غريبةٍ عجيبةٍ ، ولكن لم أستغرب منه ، لأنه ليس بعد الكفر ذنب .
ظهر وقد حلق رأسه كله إلا بقعةً صغيرةً في مقدمة الرأس ، وهو ما يقال له في لسان الشارع " القَزَع " .
وفي هذه اللحظة تذكرتُ حديثَ أبي سعيد الخدري الآنف الذكر .
قلت في نفسي : هل نرى مثل هذه الصورة في شباب المسلمين ؟؟؟ وخاصة ممن عندهم جنون الكرة .
لا أستبعد ذلك !!!
فقال لي زميلي : سترى هذه القََصة لهذا الكافر غدا في ملاعبنا ، وشوارعنا ، ومجتمعاتنا .
اللهم سلم سلم .
فستذكرون ما أقول لكم .
قبل هذا الْعِلْجِ عِلْجٌ قبله قد أقام الدنيا وأقعدها قبل أعوام ، وجعله شباب الأمة قدوة يقتدى به ، عندما يُسألون من قدوتكم ؟
يأتي الجواب مع الأسف : " ماردونا " .
وقد زار أرض الجزيرة ، وأغدقت عليه الهدايا ، والأموال ، والعطايا ، ثم يظهر بعد ذلك وهو يلبس قيعة اليهود وقد وقف أمام حائط المبكى .
وزاد ضِغْثاً على إِبَّالَةٍ أنه مدمن حشيش - نسأل الله السلامة والعافية - .
وهذا الْعِلْجُ " رُنالدو " ستُبدي لنا الأيام من فضائحه مثل سابقه .
أخي المسلم ؛ لقد عرف أعداء هذه الملة كيف يأكلون من هذه القصعة ، بل تفننوا في طريقة أكلها مع الأسف ، وسلطوا سهامهم على شباب الأمة لمعرفتهم أنهم هم عماد هذا الدين وركيزته .
ومن أكبر المشاغل التي أشغل بها الشباب هي الكرة ، فلا تكاد ترى شابا إلا وهو يريد أن يكون مثل اللاعب الفلاني ، ولا نكاد ننتهي من كأس إلا ويأتينا قبل أو بعده أو في أثناءه كأس آخر ، وهكذا دواليك .
اللهم وفق شباب المسلمين للرجوع إلى كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم . وارزقهم الهداية والسداد .
ملحوظة :
1 - معنى الْعِلْجِ كما ذكر أهل اللغة :(1/3)
قال ابن فارس : العين واللام والجيم أصل صحيح يدل على تمرس ومزوالة ، في جفاء وغلظٍ . من ذلك العلج ، وهو حمار الوحش ، وبه يشبه الرجل الأعجمي .ا.هـ.
وقال ابن منظور في لسان العرب : والْعِلْجُ : الرجل من كفار العجم .ا.هـ.
وقال ابن الأثير في " النهاية " : يُريد بالعلج الرجل من كفار العجم وغيرهم ، والأعلاج جْمعُهُ ، ويجمع على علوج .ا.هـ.
2 - ضِغْثاً على إِبَّالَةٍ :
قال الميداني في مجمع الأمثال (1/419) : الإبَّالة : الحزمة من الحطب . والضغث : قبضة من حشيش مختلطة الرطب باليابس . ومعنى المثل بلية على أخرى .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@89.8ogRbhAhV8l^6@.ef25924/4
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
أسئلة عن : فاضطروهم إلى أضيقه - الأذان الأول للفجر/ أبخل الناس
ما معنى قوله عليه الصلاة والسلام ( فاضطروهم إلى أضيقه) ؟
هل الأذان الأول للفجر موجود في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم أو وقت الصحابة ؟
قرأت في أحد الكتب حديثا ( أبخل الناس من بخل بالسلام) ، فهل هو ثابت .
الجواب :
نبدأ بنص الحديث :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ . رواه مسلم والترمذي وأحمد .
وله قصة عند أبي داود :
عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الشَّامِ فَجَعَلُوا يَمُرُّونَ بِصَوَامِعَ فِيهَا نَصَارَى فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ أَبِي : لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ .
الله أكبر .
ولاء وبراء واقع عملي وليس مجرد كلام يلقى .
أما كلام العلماء بخصوص عبارة : " وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ " .
1 - قال الترمذي تعليقا على معنى الحديث :
وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى .
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّمَا مَعْنَى الْكَرَاهِيَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ تَعْظِيمًا لَهُمْ وَإِنَّمَا أُمِرَ الْمُسْلِمُونَ بِتَذْلِيلِهِمْ وَكَذَلِكَ إِذَا لَقِيَ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يَتْرُكْ الطَّرِيقَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِيهِ تَعْظِيمًا لَهُمْ .ا.هـ
2 - نقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن القرطبي ما نصه :(2/1)
قال القرطبي في قوله " وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " معناه لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيق إكراما لهم واحتراما ، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى ، وليس المعنى إذا لقيتموهم في طريق واسع فألجئوهم إلى حرفه حتى يضيق عليهم لأن ذلك أذى لهم وقد نهينا عن أذاهم بغير سبب .ا.هـ
3 - وقال صاحب عون المعبود :
( فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ ) أَيْ أَلْجِئُوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ فِي الطَّرِيق جِدَار يَلْتَصِق بِالْجِدَارِ وَإِلَّا فَيَأْمُرُهُ لِيَعْدِلَ عَنْ وَسَطِ الطَّرِيقِ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ , قَالَهُ الْقَارِي .
وَقَالَ اِبْن الْمَلَك : يَعْنِي لَا تَتْرُكُوا لَهُمْ صَدْر الطَّرِيق هَذَا فِي صُورَة الِازْدِحَام وَأَمَّا إِذَا خَلَتْ الطَّرِيق فَلَا حَرَج .ا.هـ
4 - قال صاحب " تحفة الأحوذي " المباركفوري :
( إِلَى أَضْيَقِهِ ) أَيْ أَضْيَقِ الطَّرِيقِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ جِدَارٌ يَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ وَإِلَّا فَيَأْمُرُهُ لِيَعْدِلَ عَنْ وَسَطِ الطَّرِيقِ إِلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ .
وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يُكْرَهُ اِبْتِدَاؤُهُمْ بِالسَّلَامِ وَلَا يَحْرُمُ , وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ , فَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ اِبْتِدَائِهِمْ .
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَجُوزُ اِبْتِدَاؤُهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ .
وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَالنَّخَعِيِّ .(2/2)
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : إِنْ سَلَّمَتْ فَقَدْ سَلَّمَ الصَّالِحُونَ وَإِنْ تَرَكْت فَقَدْ تَرَكَ الصَّالِحُونَ . وَأَمَّا الْمُبْتَدِعُ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُبْدَأُ بِالسَّلَامِ إِلَّا لِعُذْرٍ وَخَوْفٍ مِنْ مَفْسَدَةٍ , وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَبَانَ ذِمِّيًّا اُسْتُحِبَّ أَنْ يَسْتَرِدَّ سَلَامَهُ بِأَنْ يَقُولَ اِسْتَرْجَعْت سَلَامِي تَحْقِيرًا لَهُ .
وَقَالَ أَصْحَابُنَا لَا يُتْرَكُ لِلذِّمِّيِّ صَدْرُ الطَّرِيقِ بَلْ يُضْطَرُّ إِلَى أَضْيَقِهِ , وَلَكِنَّ التَّضْيِيقَ بِحَيْثُ لَا يَقَعُ فِي وَهْدَةٍ وَنَحْوِهَا وَإِنْ خَلَتْ الطَّرِيقُ عَنْ الزَّحْمَةِ فَلَا حَرَجَ اِنْتَهَى .ا.هـ
---
هل الأذان الأول للفجر موجود في وقت الرسول صلى الله عليه وسلم أو وقت الصحابة ؟
نعم أخي وإليك الدليل :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ . رواه البخاري .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
فَلِهَذَا وَاَللَّه أَعْلَم اِسْتَقَرَّ أَنَّ بِلَالًا يُؤَذِّن الْأَذَان الْأَوَّل .ا.هـ
---
قرأت في أحد الكتب حديثا ( أبخل الناس من بخل بالسلام) ، فهل هو ثابت
قال الحافظ ابن حجر في الفتح [ كتاب الأطعمة : باب الرطب بالقثاء ] :
تَنْبِيهٌ :(2/3)
أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيّ طَرِيق عَاصِم مِنْ حَدِيث أَبِي يَعْلَى عَنْ مُحَمَّد بْن بَكَّارٍ عَنْ إِسْمَاعِيل بْن زَكَرِيَّا بِسَنَدِ الْبُخَارِيّ فِيهِ وَزَادَ فِي آخِره " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة : إِنَّ أَبْخَل النَّاس مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ , وَأَعْجَز النَّاس مَنْ عَجَزَ عَنْ الدُّعَاء " وَهَذَا مَوْقُوف صَحِيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , وَكَأَنَّ الْبُخَارِيّ حَذَفَهُ لِكَوْنِهِ مَوْقُوفًا وَلِعَدَمِ تَعَلُّقه بِالْبَابِ , وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَاللَّهُ أَعْلَم .ا.هـ
وصححه العلامة الألباني موقوفا ومرفوعا في الصحيحة (601) .
وقد حكم عليه عمرو عبد المنعم سليم في " صون الشرع الحنيف " (1/127) فقال :
منكر ، وهو صحيح موقوفا .ا.هـ.
وتعقب العلامة الألباني في تصحيحه للمرفوع والموقوف فقال :
وأما الشيخ العلامة الألباني فقد صحح الموقوف والمرفوع في " الصحيحة " (601) دون اعتبار الاختلاف في السند فقال في " صخيخ الأدب المفرد " (795) : " صحيح الإسناد وموقوفا ، وصح مرفوعا " . وللمرفوع شاهد من حديث عبد الله بن مغفل .
أخرجه الطبراني في " الدعاء " (61) من طريق : زيد بن الحريش ، حدثنا عثمان بن الهيثم ، حدثنا عوف ، عن الحسن ، عن عبد الله بن مغفل مرفوعا به .
قلت : وهذا السند ضعيف لا ينهض للتقوية ، فإن زيد بن الحريش هذا مجهول الحال كما قال ابن القطان الفاسي ، وأما ابن حبان ؛ فأورده في " الثقات " (8/251) وقال :"ربما أخطأ " ، وليس هذا مرق لحاله ، وابن حبان متساهل ، ومثله لا يُحتمل منه التفرد .
وعثمان بن الهيثم صدوق في نفسه إلا أنه كثير الخطأ ، وكان بأخرة يُلقن فيتلقن ، وقد ذكر عند الإمام أحمد فأومأ بيده إلا أنه ليس بثبت ، وهو من الأصاغر الذين حدثوا عن ابن جريج وعوف ، ولم يحدِّث عنه ، وقال الدارقطني : " صدوق كثير الخطأ " .
فهذا الإسناد لا يكاد يحفظ من هذا الوجه .(2/4)
وقد وهم العلامة الألباني في عزو هذا الشاهد إلى عبد الغني المقدسي ، إنما هو عند الطبراني ، فتنبه .ا.هـ.
والله أعلم
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5619
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(2/5)
أسئلة فقهيه قصيرة
السؤال الأول :
حول مال أودعه صاحبه ببنك في أمريكا...وياخذ الفائدة منه اقصد الربا المال الحرام... ويعطيه لمساكين وأرامل أو محتاجين...ولايبتغي من ورائه ثوابا...لأنهم أفتوا له بجوازه على هذا الوجه...إعطائه لمحتاج.. ولا يكتب له به اجر..كالمال الضائع..وقال له...لا يجوز للمحتاجين صرفه سوى على المحروقات..او أي شئ اخر...ولكن ليس الأكل والشرب والملبس..والعذر هو ان لا يدعه للكفار لينتفعوا به ؟
الجواب :
جاءت فتاوى العلماء بخصوص الاستفادة من الفوائد الربوية التي تعطيها البنوك للمودعين ، وإليك أحدها :
س : إذا أخذت مالا لي من البنك له مدة تزيد عن السنة وجاءني معه ربح ، فهل يجوز التصدق به أو رده للبنك أم ماذا يفعل ؟
أجاب الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :
جـ : يجب عليك إخراج زكاته كلما دارت عليه السنة سواء كان في البنك أو غيره إذا كان نصابا . أما ما أعطاك البنك من الربح فلا ترده على البنك ولا تأكله ، بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء ، وإصلاح دورات المياه ، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم ، ولا يجوز لك أن تعامل البنك بالربا ولا غير البنك .....ا.هـ. [ فتاوى إسلامية (2/407) ] .
ولكن ينبغي أن تنتبه إلى أن النية عند إخراجه تخلصا لا صدقة لأنّ الله طيب لا يقبل إلا طيبا .
السؤال الثاني :
رجل دفع لامه وأخوه ثمن الحج ... وهو لم يحج بعد... هل تقبل حجتهما مع أنهم لم يدفعوا بها مالهم ؟
الجواب :
نعم ، حج أمك وأخيك مقبول ، وأنت مأجور على هذا الفعل ، ولكن احرص على أن تؤدي حج الفرض عن نفسك ، وابذل الوسع في ذلك ولا تسوف بارك الله فيك .
السؤال الثالث :
هل يجوز إعطاء زكاة المال للام الارمله ؟ أو أي من الأصول او الفروع ؟؟؟؟ ولمن تعطى ؟؟؟ من الأولى بها ؟
الجواب :
ورد سؤال مشابه إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - .
السؤال:(2/1)
عندي مال أدفع زكاته إلى أقارب محتاجين وهم جدتي أم أمي ، وجدتي زوج جدي التي ليست أم أبي ، ومع العلم أن لهم عائل غيري ، وقد سمعت حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما معناه : ( اجعلوها في الأقربين ) ، فما مدى صحة هذا الحديث ؟ وما حكم السنوات التي سبق وأن دفعتها ؟ مع العلم أنني لا أحصي عدها .
الجواب:
الحمد لله
الحديث المذكور صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي طلحة الأنصاري لما أراد أن يتصدق بنخل له اسمه بيرحاء ، قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( أرى أن تجعلها في الأقربين ) متفق على صحته ، وهذا في صدقة التطوع ، أما الزكاة ففيها تفصيل ، إن كان الأقربون ليسوا من الفروع ولا من الأصول جاز صرف الزكاة فيهم ، كالأخوة والأخوال والأعمام ونحوهم إذا كانوا فقراء ، فتكون صدقة وصلة ، وهكذا زوجة الجد إذا كانت ليست جدة لك ، وكانت فقيرة ليس لها عائل يقوم بحاجتها ، وعليك أن تقضي ما صرفته في جدتك أم أمك وفي زوجة جدك إذا كانت مستغنية بنفقة غيرك . والله اعلم
مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز الجزء 14 ص 306
السؤال الرابع :
.....رجل تشاحن مع زوجته.....بالكلام.....استفزته...بكلمة طلقني ان كنت رجلا....فقالها بتلقائيه وبرود...أنت طالق....سئلوا جماعه فقالوا لهم...يردها بقول أرجعتك لعصمتي....هل هذا صحيح ؟ وهل وقعت الطلقة عليها ؟؟؟؟
الجواب :
لا بد من معرفة أن الطلاق يقع بلفظ الطلاق ، أي يقول : أنتِ طالق ، أو طلقتك ، أو أنتِ مطلقة ، سواء وجدت النية أم لم توجد .
قال ابن قدامة في المغني (8/263) :(2/2)
وجملة القول أن الطلاق لا يقع إلا بلفظ فلو نواه بقلبه من غير لفظ لم يقع في قول عامة أهل العلم منهم عطاء وجابر وسعيد بن جبير ويحيى بن أبي كثير والشافعي وإسحاق ، وروي أيضا عن القاسم وسالم والحسن والشعبي ... ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل ...ا.هـ.
فذلك الرجل الذي قالها وقع طلاقه سواء نوى أم لا .
أما ما يترتب على هذا الطلاق أمور :
1 - أنها تطلق طلقة واحدة .
2 - له أن يرجعها في العدة .
والعدة ثلاث حيض الواردة في قوله تعالى : " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ " [ البقرة : 228] ، فإن مر عليها ثلاث حيض قبل الرجعة ، بانت بينونة صغرى ، لا يحلها إلا العقد الجديد .
3 - له أن يراجعها بأحد أمرين :
الأول : الرجعة بالقول :
بأن يقول لها : راجعتك ، أو أمسكتك ، أو رددتك لعصمتي ، وهكذا كل لفظ يؤدي هذا المعنى .
الثاني : الرجعة بالفعل :
كما لو جامعها بنية الرجعة فهذا جائز .
4 - هل يشترط الإشهاد على الرجعة ؟
اختلف أهل العلم في ذلك ، والصحيح أن الإشهاد مستحب وليس شرطا في الرجعة ، وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والجديد من مذهب الشافعي .
قال النووي : إن الإشهاد على الرجعة ليس شرطا ولا واجبا في الأظهر .
5 - المطلقة طلاقا رجعيا لها حق السكنى على الزوج ما دامت معتدة منه ، قال تعالى : " لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ " [ الطلاق : 1] .
قال ابن كثير في تفسيره :(2/3)
وَقَوْله تَعَالَى " لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ " : أَيْ فِي مُدَّة الْعِدَّة لَهَا حَقّ السُّكْنَى عَلَى الزَّوْج مَا دَامَتْ مُعْتَدَّة مِنْهُ فَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخْرِجهَا وَلَا يَجُوز لَهَا أَيْضًا الْخُرُوج لِأَنَّهَا مُعْتَقَلَة لِحَقِّ الزَّوْج أَيْضًا .ا.هـ.
وبهذا نعلم أن ما تفعله بعض النساء من الخروج من البيت عند وقوع الطلاق الرجعي أمر مخالف لكتاب الله .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@173.GwBpbhDdWNA^22@.ef10b3b/0
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(2/4)
أسئلة فهل من مجيب
أبو معاذ المكي
1- كيف نجمع بين حديث: إن للموت لسكرات ، وحديث البراء بن عازب (رضي الله عنه) والذي جاء فيه: تخرج روحه تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء ؟. 2- حديث: كل سببٍ ونسبٍ مقطوعٌ إلا سببي ونسبي ، هل يدل على أن النسب يفيد في الآخرة وكيف ؟ 3- رجل حج متمتعاً وفاته ذبح الهدي في أيام التشريق فماذا يصنع ؟
الجواب :
أخي السني .
غفر الله لك .
هلا قرأت السؤال الثالث مرة أخرى جيدا ؟؟؟!!!
الرجل يسأل فيقول :
3- رجل حج متمتعاً وفاته ذبح الهدي في أيام التشريق فماذا يصنع ؟
الجواب :
من فاته ذبح الهدي في وقته المشروع فإنه يبقى في ذمته ، وعليه ذبحه في الحرم ، فإن لم يستطع الذبح في الحرم لابنفسه ، ولابتوكيل مقيم في الحرم ، أو مسافر للحج أو العمرة ، أو غير ذلك ، فيلزمه الذبح في مكانه الذي هو فيه ،فإن الله لايكلف نفسا إلا وسعها .
قال ابن قدامة :
وقول الخرقي : ( إن قدر على إيصاله إليهم ) يدل على أن العاجز عن إيصاله لا يلزمه إيصاله ، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها .
وقال أيضا في وجوب الهدي على المتمتع :
فَصْلٌ :
الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فُصُولٍ :
أَحَدُهَا , وُجُوبُ الدَّمِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ فِي الْجُمْلَةِ . وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ .
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ مِنْ الْمِيقَاتِ , وَقَدِمَ مَكَّةَ فَفَرَغَ مِنْهَا , وَأَقَامَ بِهَا , وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ , أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ , وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ إنْ وَجَدَ , وَإِلَّا فَالصِّيَامُ .
وَقَدْ نَصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ } الْآيَةَ .(2/1)
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلنَّاسِ : مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى , فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ , وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , وَلْيُقَصِّرْ , ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَيُهْدِي , فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا , فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ , وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ } . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَقَالَ جَابِرٌ : { كُنَّا نَتَمَتَّعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ , فَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ , نَشْتَرِكُ فِيهَا . } رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
حديث : كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة ، إلا سببي ونسبي .
خرج الحافظ ابن حجر هذا الحديث في كتاب النكاح ، القسم الرابع في الخصائص والكرامات .
قال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير (3/143) :
حَدِيثٌ : " كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَنْقَطِعُ , إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي " .
الْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ , وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ : رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ , عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , عَنْ عُمَرَ , وَخَالَفَهُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَعْفَرٍ , لَمْ يَذْكُرُوا عَنْ جَدِّهِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ , انْتَهَى .(2/2)
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَابِرٍ سَمِعْت , عُمَرَ , وَرَوَاهُ ابْنُ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ مِنْ طَرِيقِ حَسَنِ بْنِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عُمَرَ فِي قِصَّةِ خِطْبَتِهِ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عَلِيٍّ , وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا , وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ ابْنِ عُمَرَ , عَنْ عُمَرَ .
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رَفَعَهُ : " إنَّ الْأَسْبَابَ تَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرُ نَسَبِي , سَبَبِي وَصِهْرِي " .
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَرَوَاهُ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخُوزِيِّ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُلُّ نَسَبٍ وَصِهْرٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , إلَّا نَسَبِي , وَصِهْرِي . وَإِبْرَاهِيمُ ضَعِيفٌ , وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ .ا.هـ.
فالحافظ ابن حجر يذهب إلى أن هذا الأمر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم .
وصححه العلامة محمد ناصر الدين الألباني في الصحيحة (2036) بمجموع طرقه .
وصححه أيضا الشيخ شعيب الأرنؤوط تخريجه لمسند الإمام أحمد (31/208) وقال :
حديث صحيح دون قوله : " وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري " فهو حسن بشواهده .
وذكر طرق الحديث في تخريجه .
وصححه أيضا في تخريجه لكتاب " سير أعلام النبلاء " (3/500) .(2/3)
وصحح الحديث بمجموع طرقه الشيخ أبو الحسن مصطفى إسماعيل في كتاب " كشفُ الغُمَّة ببيان خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة ( ص 131 - 135 ) .
وجعل هذا الحديث في القسم الخاص بخصائصه صلى الله عليه وسلم على الخلق جميعا بما فيهم الأنبياء عليهم السلام .
وقال في آخر البحث : وقد سئل عنه الإمام أحمد فأثبت أنه من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في السنة للخلال ( 654 ) ، واللالكائي ( 2786 ) .ا.هـ.
وإليك كلام الإمام أحمد بنصه من المراجع التي ذكرها :
روى الخلال في كتابه السنة (654) فقال :
وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال : قلت لأحمد بن حنبل : أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسبي " ؟ قال : بلى ، قلت : وهذه لمعاوية ؟ قال نعم له صهر ونسب ، قال : وسمعت ابن حنبل يقول : ما لهم ولمعاوية .... نسأل الله العافية .
قال المحقق لكتاب السنة : إسناده صحيح .
وروى اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " (8/1531 رقم 2786) فقال :
انبا عبيد الله بن أحمد بن علي ، أنا عبد الله بن محمد بن زياد قال : نا عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال : قلت لأحمد بن حنبل : أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل صهر وكل نسب منقطع إلا صهري ونسبي " . قال : نعم ، قلت : هذه كلها لمعاوية رضي الله عنه ؟ قال : نعم .
الخلاصة :
1 - الحديث صحيح بمجموع طرقه كما قرره علماء هذا الفن .
2 - أن نسب النبي وصهره وسببه لا ينقطع يوم القيامة لأنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم كما جاء في بعض طرق الحديث .
3 - وأما قوله تعالى : " فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ " [ المؤمنون : 101] فقد أجاب الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - عما ورد فيها من إشكال فقال في كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " ( ص 164) :(2/4)
هذه الآية الكريمة تدلُّ على أنهم لا أناب بينهم يؤمئذ ، وأنهم لا يتساءلون يوم القيامة . وقد جاءت آيات اُخر تدل على ثبوت الأنساب بينهم ، كقوله : " يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ " [ عبس : 34 ] . وآيات أخرى تدل على أنهم يتساءلون ، كقوله تعالى : " وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ " [ الصافات : 27 ] .
والجواب عن الأول : أن المراد بنفي الأنساب انقطاع فوائدها وآثارها التي كانت مترتبة عليها في الدنيا ؛ من العواطف والنفع والصلات والتفاخر بالآباء ، لا نفي حقيقتها .
والجواب عن الثاني من ثلاثة أوجه :
الأول : أن نفي السؤال بعد النفخة الأولى وقبل الثانية وإثباته بعدهما معا .
الثاني : أن نفي السؤال عند اشتغالهم بالصعق والمحاسبة والجواز على الصرط ، وإثباته فيما عدا ذلك . وهو عن السدي ، من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .
الثالث : أن السؤال المنفي سؤالٌ خاص ، وهو سؤال بعضهم العفو من بعض فيما بينهم من الحقوق لقنوطهم من الإعطاء ، ولو كان المئول أبا أو ابنا أو أما أو زوجة . ذكر هذه الأوجه الثلاثة أيضا صاحب الإتقان .ا.هـ.
وقال أيضا في أضواء البيان (5/822) :
قوله تعالى : " فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ " [ المؤمنون : 101] .
في هذه الآية الكريمة سؤالان معروفان يحتاجان إلى جواب مبين للمقصود مزيل للإشكال .
السؤال الأول : أنه تعالى ذكر في هذه الآية أنه إذا نفخ في الصور ، والظاهر أنها النفخة الثانية ، أنهم لا أنساب بينهم يؤمئذ ، فيقال : ما وجه نفي الأنساب بينهم مع أنها باقية كما دل عليه قوله تعالى : " يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ" [ عبس : 34 - 36 ] ، ففي هذه الآية ثبوت الأنساب بينهم .(2/5)
السؤال الثاني : أنه قال : " وَلَا يَتَسَاءَلُونَ " مع أنه ذكر في آيات أخر أنهم في الآخرة يتساءلون كقوله تعالى في سورة الطور : " وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ " [ الطور : 25 ] ، وقوله في الصافات : " فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ " [ الصافات : 50 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
وقد ذكرنا الجواب عن هذاين السؤالين في كتابنا : " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " بما حاصله :
أن الجواب عن السؤال الأزل : وهو أن المراد بنفي الأنساب انقطاع آثارها التي كانت مترتبة عليها في دار الدنيا ، من التفاخر بالآباء والنفع والعواطف والصلات . فكل ذلك ينقطع يوم القيامة ، ويكون الإنسان لا يهمه إلا نفسه ، وليس المراد نفي حقيقة الأنساب من أصلها بدليل : " يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ . وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ " الآية .
وأن الجواب عن السؤال الثاني من ثلاثة أوجه :
الأول : هو قول من قال : إن نفي السؤال بعد النفخة الأولى ، وقبل الثانية ، وإثباته بعدهما معا . وهذا الجواب فيما يظهر لا يخلو من نظر .
الثاني : أن نفي السؤال عند اشتغالهم بالصعق والمحاسبة ، والجوزاز على الصراط ، وإثباته فيما عدا ذلك ، وهو عن السدي من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس .
الثالث : أن السؤال المنفي سؤال خاص ، وهو سؤال بعضهم العفو من بعض فيما بينهم من الحقوق لقنوطهم من الإعطاء ولو كان المسئول أبا أو ابنا أو أما أو زوجة ، ذكر هذه الأوجه الثلاثة صاحب الإتقان .ا.هـ.
ومن كان له زيادة على ما ذكرنا ، أو تعقيب فجزاه الله خيرا .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?128@173.GwBpbhDdWNA^33@.ef121f4
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(2/6)
أسئلة وأجوبة
الحمد لله وبعد .
هذه أسئلة قديمة جمعتها من أرشيف " سحاب " أحببت أن أضعها بين أيديكم لتعم بها الفائدة .
أسأل الله أن ينفع بها .
السؤال الأول :
حول قول الإخوة من الإقليم المصري (والنبي) .
من سياق الكلام، فـ( والنبي ) تعني ( رجاء ) ، وأحيانا ً هي قسم على المُخاطب .
في كل الأحوال ، أتدخل الكلمة في حكم الحلف بغير الله ، وبذا : الشرك ؟! بغض النظر عن سياق الكلام ؟؟ آخذين في الاعتبار كون اللهجات فصحى محرفة ؟؟
هل يغير هذا الحكم ؟؟؟؟
الجواب :
لابد أن تعلم أن الحلف لا يكون إلا بالله عن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت . البخاري (2482) .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه فقال : ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت . البخاري (6155)
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : قوله ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ) : قال العلماء : السر في النهي عن الحلف بغير الله أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده .
وقد يكون الحلف بأسماء الله تعالى وصفاته على تفصيل وتقاسيم لأهل العلم لا نطيل في ذكرها .
فإذا قررنا هذه القاعدة المهمة في الحلف أو القسم كما يعبر عنه أيضا فعند ذلك حُلت عندنا إشكالات كثيرة .
وكذلك مما يجوز الحلف به الحلف بالقرآن أو بعضه أو بالمصحف والحلف بالمصحف إذا لم يرد به الورق والمداد والجلد فإنه يمين ينعقد .
وسبب جواز الحلف بالقرآن أن القرآن كلام الله وكلامه صفة من صفاته والحلف بصفاته حلف به سبحانه .
فإذا قررنا ما سبق نأتي على الحلف بغير الله .
حكم الحلف بغير الله :
الحلف بغير الله محرم ودليل ذلك ما قدمناه من حديث ابن عمر .(2/1)
والحلف بغير الله شرك عن ابن عمر - رضي الله عنهما - وقد سمع رجلا يقول : لا والكعبة فقال ابن عمر : لا يحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك .
رواه أبو داود (3251) والترمذي (1535) وحسنه .
وهذا الشرك لا يخلو من أمرين :
الأول : شرك أكبر وذلك إذا اعتقد أن المحلوف به مساو لله تعالى في التعظيم وذلك لصرفه خصيصة من خصائص الألوهية والربوبية للمخلوق .
الثاني : شرك أصغر وهو مجرد الحلف بغير الله .
وهناك بحوث كثيرة في موضوع اليمين وأحكامه نكتفي بما أوردناه .
---
السؤال الثاني :
س : هل يجوز القسم بوضع اليد على القرآن عند فعله؟؟
يفعله كثيرون من الناس هذه الأيام !
الجواب :
يعجبني فيك كثرة أسئلتك التي يشعر من خلالها الإنسان أنك ترغب في التعلم والتفقه .
أما جوابا على سؤالك :
لقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين سؤالا نصه :
شخص حلف على المصحف كذبا في أيام الطفولة أي كان يبلغ 15 سنة ولكنه ندم على هذا بعد بلوغه سن الرشد وعرف أن هذا حرام شرعا فهل عليه إثم أو كفارة ؟
الجواب : هذا السؤال يتضمن مسألتين المسألة الأولى الحلف على المصحف لتأكيد اليمين وهذه صيغة لا أعلم لها أصلا من السنة فليست بمشروعة ....ا.هـ. الشاهد من السؤال .
( نور على الدرب - فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين ص 43)
وقال عمرو عبد المنعم سليم في كتابه " السنن والمبتدعات في العبادات " ( ص232 - 233) :
وأما وضع اليد على المصحف عند القسم ، فهو من عادات النصارى في الشهادات في القضايا والمحاكم ، يضعون أيديهم فوق الإنجيل ، ثم يقسمون أن يقولوا الحق ، ونحن مأمورون بمخالفتهم ، منهيون عن مشابهتهم كما تقدم بيانه .(2/2)
كما أن الحلف بالمصحف ، والإقسام عليه فيه إشكال ، فإن أريد القرآن ، فلا بأس ، ولا حاجة آنذاك إلى وضع اليد عليه ، لأن القسم ينعقد بالنطق ، وإن أريد به الورق والمداد فهو حرام غير جائز .ا.هـ.
وقال الشقيري في كتاب " السنن والمبتدعات " (ص214) عند فصل في بدع ضلالات متعلقة بالقرآن العظيم :
واعتقادهم أن من حلف على المصحف يصاب بالعمى والكساح وهو من خرافاتهم وجهالاتهم المضحكة .ا.هـ.
وإن وجدتُ إضافة للموضوع وضعتها لاحقا إن شاء الله .
---
السؤال الثالث :
س : ما رأيك بعمليات جراجة التجميل ؟؟
أعني ( جراحة التجميل ) !
الجواب :
لقد ذكر صاحب كتاب " أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها " (ص173 - 188) الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي - نفع الله بعلمه - تفصيلا في هذه المسألة ، وملخصه ما يلي :
عرّف الأطباء المختصون جراحة التجميل بأنها : جراحة تجرى لتحسين منظر جزء من أجزاء الجسم الظاهرة ، أو وظيفته إذا ما طرأ عليه نقص ، أو تلف أو تشوه .
وجراحة التجميل تنقسم عندهم - أي الأطباء - إلى قسمين :
1 - جراحة التجميل الحاجية - ضروري - .
ومقصودهم بكونه ضروريا لمكان الحاجة الداعية إلى فعله ، إلا أنهم لا يفرقون فيها بين الحاجة التي بلغت مقام الاضطرار ( الضرورة ) والحاجة التي لم تبلغه ( الحاجية ) كما هو مصطلح الفقهاء رحمهم الله .
وهذا النوع المحتاج إلى فعله يشتمل على عدد من الجراحات التي يقصد منها إزالة العيب سواء كان في صورة نقص ، أو تلف ، أو تشوه ، فهو ضروري ، أو حاجي بالنسبة لدواعية الموجبة لفعله ، وتجميلي بالنسبة لآثاره ونتائجه .
والعيوب التي توجد في الجسم على قسمين :
القسم الأول : عيوب خلقية :
وهي عيوب ناشئة في الجسم من سبب فيه لا من سبب خارج عنه ، وهما ضربان :
الضرب الأول : العيوب الخلقية التي ولد بها الإنسان .
الضرب الثاني : العيوب الناشئة من الآفات المرضية التي تصيب الجسم .(2/3)
أمثلة الضرب الأول :
- الشق في الشفة العليا " الشفة المفلوجة " .
- التصاق أصابع اليدين والرجلين .
- انسداد فتحة الشرج .
أمثلة الضرب الثاني :
- انحسار اللثة بسبب الالتهابات المختلفة .
- أورام الحويضة والحالب السليمة .
القسم الثاني : عيوب مكتسبة :
وهي العيوب الناشئة بسبب من خارج الجسم كما في العيوب والتشوهات الناشئة من الحوادث والحروق .
ومن أمثلتها :
- كسور الوجه الشديدة التي تقع بسبب حوادث السير .
- تشوه الجلد بسبب الحروق .
- تشوه الجلد بسبب الآلات القاطعة .
- التصاق أصابع الكف بسبب الحروق .
قال الشيخ بعد هذا التقسيم :
وهذا النوع من الجراحة الطبية وإن كان مسماه يدل على تعلقه بالتحسين والتجميل إلا أنه توفرت فيه الدوافع الموجبة للترخيص بفعله .
فمما لا شك فيه أن هذه العيوب يستضر الإنسان حسا ، ومعنى ، وذلك ثابت طبيا ، ومن ثم فإنه يشرع التوسيع على المصابين بهذه العيوب بالإذن لهم في إزالتها بالجراحة اللازمة ...
ولا يشكل على القول بجواز فعل هذا النوع من الجراحة ، ما ثبت في النصوص الشرعية من تحريم تغيير خلق الله تعالى ... وذلك لما يأتي :
أولا : أن هذا النوع من الجراحة وجدت فيه الحاجة الموجبة للتغيير ، فأوجبت استثناءه من النصوص الموجية للتحريم .
ثانيا : أن هذا النوع لا يشمل على تغيير الخلقة قصدا ، لأن الأصل فيه أنه يقصد منه إزالة الضرر والتجميل والحسن جاء تبعا .
ثالثا : أن إزالة التشوهات والعيوب الطارئة لا يمكن أن يصدق عليه أنه تغيير لخلقة الله ، وذلك لأن خلقة العضو هي المقصودة من فعل الجراحة وليس المقصود إزالتها .(2/4)
رابعا : إن إزالة تشوهات الحروق والحوادث يعتبر مندرجا تحت الأصل الموجب لجواز معالجتها فالشخص مثلا إذا احترق ظهره أذن له في العلاج والتداوي ، وذلك بإزالة الضرر وأثره لأنه لم يرد نص يستثني الأثر من الحكم الموجب لجواز مداواة تلك الحروق فيستصحب حكمه على الآثار ، ويؤذن له بإزالتها .
وبناء على ما سبق فإنه لا حرج على الطبيب ولا على المريض في فعل هذا النوع من الجراحة والإذن به ، ويعتبر جواز إزالة العيوب الخلقية في هذا النوع مبنيا على وجود الحاجة الداعية إلى فعله ، وأما العيوب الحادثة بسبب الحروق والحوادث ونحوها فإنه تجوز إزالتها بدون ذلك الشرط اعتبارا للأصل الموجب لجواز مداواة نفس الحرق ، والجرح ... والله تعالى أعلم .
2 - جراحة التجميل التحسينية - اختياري - .
وهي جراحة تحسين المظهر ، وتجديد الشباب .
وتنقسم إلى نوعين :
النوع الأول : عمليات الشكل ، ومن أشهر صوره ما يلي :
- تجميل الأنف بتصغيره ، وتغيير شكله من حيث العرض والارتفاع .
- تجميل الذقن ، وذلك بتصغير عظمها إن كان كبيرا ، أو تكبيره بوضع ذقن صناعية تلحم بعضلات ، وأنسجة الحنك .
- تجميل الثديين بتصغيرهما إذا كانا كبيرين ، أو تكبيرهما بحقن مادة معينة مباشرة في تجويف الثديين - تسمى هذه المادة بمادة السلكون - ، أو بحقن الهرمونات الجنسية ، أو ثإدخال النهد الصناعي داخل جوف الثدي بواسطة فتحة في الطية الموجودة تحت الثدي .
- تجميل الأذن بردها إلى الوراء إن كانت متقدمة .
- تجميل البطن بشد جلدتها وإزاة القسم الزائد بسحبه تحت الجلد جراحيا .
النوع الثاني : فإنه يجرى لكبار السن ، ويقصد منه إزالة آثار الكبر والشيخوخة ، ومن أشهر صوره :
- تجميل الوجه بشد تجاعيده .
- تجميل الأرداف .
- تجميل الساعد ، وذلك بإزالة القسم الأدنى من الجلد والشحم .(2/5)
- تجميل اليدين ، ويسمى في عرف الأطباء " بتجديد شباب اليدين " وذلك بشد التجاعيد الموجودة في أيدي المسنين والتي تشوه جمالها .
- تجميل الحواجب ، وذلك بسحب المادة الموجبة لانتفاخها ، نظرا لكبر السن وتقد العمر .
موقف الشريعة من هذه الجراحة :
وهذا النوع من الجراحة لا يشمل على دوافع ضرورية ، ولا حاجية ، بل غاية ما فيه تغيير خلقة الله ، والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم ، فهو غير مشروع ، ولا يجوز فعله ، وذلك لما ياتي :
أولا : لقوله تعالى : " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " .
ثانيا : لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات والمتفلجات للحسن اللآتي يغيرن خلق الله . رواه البخاري ومسلم .
ثالثا : لا تجوز جراحة التجميل التحسينية كما لا يجوز الوشم والوشر والنمص بجامع تغيير الخلقة في كل طلبا للحسن والجمال .
رابعا : أن هذه الجراحة تتضمن في عدد من صورها الغش والتدليس وهو محرم شرعا .
خامسا : أن هذه الجراحة لا يتم فعلها إلا بارتكاب بعض المحظورات وفعلها ، ومن تلك المحظورات التخدير .
سادسا : أن هذه الجراحة لا تخلو من الأضرار والمضاعفات التي تنشأ عنها ففي جراحة تجميل الثديين بتكبيرهما عن طريق حقن مادة السلكون أو الهرمونات الجنسية يؤدي ذلك إلى حدوث أخطار كثيرة إضافة إلى قلة نجاحها .
ثم ختم الشيخ هذا المبحث بقوله :
وتعتذر طائفة من هذا الصنف بعد بلوغهم لأهدافهم المنشودة في الحياة بسبب عدم اكتمال جمالهم .
والحق أن علاج هذه الأوهام والوساوس إنما هو بغرس الإيمان في القلوب ، وزرع الرضا عن الله تعالى فيما قسمه من الجمال والصورة ، والمظاهر ليست هي الوسيلة لبلوغ الأهداف والغايات النبيلة ، وإنما يدرك ذلك بتوفيق الله تعالى ثم بالتزام شرعه والتخلق بالآداب ومكارم الأخلاق .ا.هـ.(2/6)
هذا ملخص ما ذكره الشيخ في كتابه المذكور ، والكتاب رسالة العالمية ( الدكتوراة ) للشيخ - حفظه الله ونفع بعلمه - .
وأختم بهذه الفتوى الموافقة لتأصيل الشيخ الشنقيطي الآنف لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله - فسئل :
س : ما الحكم في إجراء عمليات التجميل ؟ وما حكم تعلم علم التجميل ؟
جـ - التجميل نوعان : تجميل لإزالة العيب الناتج عن حادث أو غيره .. وهذا لا بأس به ولا حرج فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لرجل قطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفا من ذهب ...
والنوع الثاني : هو التجميل الزائد وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن وهو محرم لا يجوز ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة لما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيب .
أما بالنسبة للطالب الذي يقرر علم جراحة التجميل ضمن مناهج دراسته فلا حرج عليه أن يتعلمه ولكن لا ينفذه في الحالات المحرمة بل ينصح من يطلب ذلك بتجنبه لأنه حرام وربما لو جاءت النصيحة على لسان طبيب كانت أوقع في أنفس الناس .ا.هـ.
فتاوى إسلامية (4/412) .
---
السؤال الرابع :
س : ما صحة استحباب الإسلام أن يفصل بين الحملين ثلاثة أعوام ؟؟
أظن قرأت هذا في ( تربية الأولاد ) لعبد الله علوان !
الجواب :
لا يصح ما ذكرت ، وليتك تذكر لنا رقم الصفحة في الكتاب الذي أشرت إليه ، فقد رجعت إلى الكتاب فلم أجد شيئا مما ذكرت .
---
السؤال الخامس :
شاب يرغب بالالتزام ، فكذا يريد التقيد بالسنة، ومنها إطلاق اللحية .
لكن الشاب شبه أمرد ، وإن نبت له شعر لحيه ، فليس مرتبا ً وليس في مناطق متساوية على الجانبين .
سألني ، ولم أستطع إجابته :
هل أطلقها وأتركها مهما كان شكلها ؟؟ حتى وإن كان شكلها غير طبيعي ومنفر ؟؟
الشاب تركها قبلا ً، لكنها لم تكن مرتبة على الإطلاق .
فماذا يفعل ؟؟(2/7)
وكذا يسأل عن حكم اللحى وحلقها : هل يجوز لمن في مثل حالته ؟
يقول : ربما إن داومت على حلاقتها لفترة معينة ، ينبت الشعر أقوى وأكثر وفي مناطق أخرى ، فهل يجوز لي هذا ؟
يقول أن هذا ما لاحظه على بعض المناطق في وجهه ، فهل إن استمر على هذا لغرض إنبات الشعر في المناطق الأخرى يأثم ؟؟
قلت له أن اللحية حكمها ( سنة مؤكدة ) ، لكن الصراحة لم أعرف كيف أقول له بترك لحيته غير مرتبة ومنفرة ! هو الآن يحلقها !
يقول : المرء يتقي الله قدر المستطاع ، وأنا ليس باستطاعتي أن أطلق اللحية ! والعبرة بتقوى الله أولا ً وأخيرا ًً !
وسألني إن كان هناك نصوصا ً في تأثيم من يحلق اللحى ، كلعن الرسول للنامصة والمستوشمة، إلخ ؟؟ قال : إن الله جميل يحب الجمال !
فهل من مساعدة ؟!
الجواب :
قل له : وترك اللحية من تقوى الله لأن الأمر بإطلاقها جاء عمن لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم فقال : وفروا اللحى . أطلقوا اللحى .
فمن تقوى الله ومن علامات المتقين امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم .
نسأل الله أن يجعلنا من المتقين المتبعين لأمر نبينا صلى الله عليه وسلم .
---
السؤال السادس :
قال صلى الله عليه وسلم : " تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة "
لكن ، ماذا تفعل المرأة العاقر ؟؟
هل يُفهم من هذا الحديث أن تترك هذي المرأة فريسة للعنوسة ؟؟
وماذا إن كانت راغبة بالرجال ؟ أما الولد، فليس بمقدورها !
ثم ، ماذا إن تزوجها رجل متزوج فقط ليستر عليها ؟
قد يأتيها يوم وتصبح وحيدة في هذه الدنيا ، وقد تكون ما زالت شابة ! وفي هذا من الفتنة ما الله به عليم !
حاشا لرسول الله أن يقر بهذا ، لكن .. نريد فهم ما يجب على هؤلاء النسوة العاقرات .
والله من وراء القصد .
الجواب :(2/8)
العاقر ترضى بما قضاه الله لها ولا تيأس ولا تقنط من فضل الله ورحمته وتلح في الدعاء على الله أن يرزقها الله الذرية وهذا ما حصل مع نبي الله زكريا قال تعالى في قصته :
" هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ . فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ . قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ" . [ آل عمران : 38 -40 ]
وقال تعالى : " كهيعص . ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا . إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا . قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا . وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا . يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا . قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنْ الْكِبَرِ عِتِيًّا . قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُنْ شَيْئًا " . [ مريم : 1-9 ]
قال القرطبي في تفسيره :(2/9)
السابعة : إن قال قائل : هذه الآية تدل على جواز الدعاء بالولد ، والله سبحانه وتعالى قد حذرنا من آفات الأموال والأولاد ، ونبه على المفاسد الناشئة من ذلك فقال : " إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ " [التغابن: 15] .
وقال : " إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ " [التغابن: 14] .
فالجواب أن الدعاء بالولد معلوم من الكتاب والسنة حسب ما تقدم في " آل عمران " بيانه .
ثم إن زكريا عليه السلام تحرز فقال: ( ذرية طيبة ) وقال : " واجعله رب رضيا " .
والولد إذا كان بهذه الصفة نفع أبويه في الدنيا والآخرة ، وخرج من حد العداوة والفتنة إلى حد المسرة والنعمة .
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأنس خادمه فقال : (اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته) فدعا له بالبركة تحرزا مما يؤدي إليه الإكثار من الهلكة .
وهكذا فليتضرع العبد إلى مولاه في هداية ولده ، ونجاته في أولاه وأخراه اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام والفضلاء; وقد تقدم في " آل عمران " بيانه.
وكم سمعنا من القصص أن رجالا ونساء كانوا لا ينجبون ولكن الله من عليهم بالولد فالله جل وعلا كريم . نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الذرية .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@235.znaRaXKxKle^0@.ef060cb
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(2/10)
أسئلةٌ وأجوبةٌ
1 - ما الفرق بين الهبة والصدقة ؟
الجواب :
جاء في الموسوعة الفقهية (26/324) عند حرف الصاد . مادة صدقة :
الألفاظ ذات الصلة : أ - الهبة ، والهدية ، والعطية ، كل منها تمليك بلا عوض ، إلا أنه إذا كان هذا التمليك لثواب الآخرة فصدقة ، وإذا كان للمواصلة والوداد فهبة ، وإن قصد به الإكرام فهدية . فكل واحد من هذه الألفاظ قسيم الآخر . والعطية شاملة للجميع .ا.هـ.
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ ؟
فَأَجَابَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ . " الصَّدَقَةُ " مَا يُعْطَى لِوَجْهِ اللَّهِ عِبَادَةً مَحْضَةً مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَلَا طَلَبِ غَرَضٍ مِنْ جِهَتِهِ ; لَكِنْ يُوضَعُ فِي مَوَاضِعِ الصَّدَقَةِ كَأَهْلِ الْحَاجَاتِ . وَأَمَّا " الْهَدِيَّةُ " فَيَقْصِدُ بِهَا إكْرَامَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ ; إمَّا لِمَحَبَّةِ وَإِمَّا لِصَدَاقَةِ ; وَإِمَّا لِطَلَبِ حَاجَةٍ ; وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِ عَلَيْهِ مِنَّةٌ وَلَا يَأْكُلُ أَوْسَاخَ النَّاسِ الَّتِي يَتَطَهَّرُونَ بِهَا مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَهِيَ الصَّدَقَاتُ وَلَمْ يَكُنْ يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ لِذَلِكَ وَغَيْرِهِ . وَإِذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ ; إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْهَدِيَّةِ مَعْنًى تَكُونُ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ الصَّدَقَةِ : مِثْلَ الْإِهْدَاءِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ مَحَبَّةً لَهُ . وَمِثْلَ الْإِهْدَاءِ لِقَرِيبِ يَصِلُ بِهِ رَحِمَهُ وَأَخٌ لَهُ فِي اللَّهِ : فَهَذَا قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ الصَّدَقَةِ .
مجموع الفتاوى (31/269) .
http://alsaha.fares.net/sahat?14@189.vnX0a0i19Kb^5@.ef11721/0(2/1)
---
2 - هل يجب عند تفسير ما لم يرد في تفسيره نص التزام ما ورد عن السلف وعدم الزيادة عليه أو الإتيان بأمرٍ جديد ، خاصةً على ضوء المكتشفات الجديدة وهل يصح أن نقول خواطر في التفسير ؟
هل يجب عند تفسير ما لم يرد في تفسيره نص التزام ما ورد عن السلف وعدم الزيادة عليه أو الإتيان بأمرٍ جديد ، خاصةً على ضوء المكتشفات الجديدة وهل يصح أن نقول خواطر في التفسير ؟
الجواب :
ذكر الشيخ الدكتور خالد السبت في كتابه " قواعد التفسير . جمعا ودراسة " (1/200 - 205) كلاما أذكره هنا باختصار :
قاعدة : إذا اختلف السلف في تفسير الآية على قولين لم يجز لمن بعدهم إحداث قول ثالث يخرج عن قولهم ....
ثم قال : هذا واعلم أن هذه القاعدة جديرة بالعناية وبها يُعلم بطلان كثير من التفسير الذي يُدعى " التفسير العلمي للقرآن الكريم " فإن كثيرا من أقوال أصحاب هذا الاتجاه تقرر معاني مغايرة تماما لما قاله السلف في الآية ، مما يلزم عنه نسبة جميع الأمة إلى الجهل والخطأ في تفسير ذلك الموضع .
أما إذا كان القول الذي يقرره هؤلاء أو غيرهم في معنى الآية لا يتعارض مع أقوال السلف ، ولا يلزم من تقريره نسبة الخطأ إلى السابقين فهذا لا مانع منه إذ هو من الفهم الذي يؤتيه الله رجلا في كتابه إن كان القول صحيحا . ومعلوم أن القرآن لا تنقضي عجائبه ، ولا يزال العلماء يستنبطون منه معاني جديدة لم يتقلوها عمن قبلهم ...
وضرب الشيخ أمثلة على هذه القاعدة يمكن الرجوع إليها في الكتاب إذا أراد التوسع .
وسئلت اللجنة الدائمة في فتاويها (4/180) سؤالا نصه :
ما حكم الشرع في التفاسير التي تسمى بـ " التفاسير العلمية " ؟
وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلميَّة التجريبيَّة ؟
فقد كثر الجدل حول هذه المسائل ؟(2/2)
فأجابت : إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسِّر قوله تعالى : " أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ " [ الأنبياء / 30 ] ، بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءًا منها ، ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ، ثم برد سطحها وبقي جوفها حارّاً ، وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس . إذا كانت التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى : " وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ " [ النمل / 88 ] على دوران الأرض ، وذلك أن هذه التفاسير تحرِّف الكلِم عن مواضعه ، وتُخضع القرآن الكريم لما يسمونه نظريات علميَّة ، وإنما هي ظنيَّات أو وهميَّات وخيالات . وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها أصل في الكتاب والسنَّة ولا في كلام سلف الأمَّة ؛ لما فيها من القول على الله بغير علم .
وقد أجاب الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله [ فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين - كتاب العلم - ( 150 . 152 ) ] عن سؤال ورد إليه بهذا الخصوص فأجاب رحمه الله :(2/3)
تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته , وذلك إننا إذا فسرنا القرآن بتك النظريات ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها فمقتضى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام ؛ أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك ، لكن أعداء الإسلام يتربصون به الدوائر ، ولهذا احذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية ولندع هذا الأمر للواقع , إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول القرآن قد أثبته , فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق والتدبر , يقول الله - عز وجل - : " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ " [ ص : 29 ] , وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم , ثم إنه قد يكون خطراً عظيماً فادحاً في تنزيل القرآن عليها , أضرب لهذا مثلاً قوله تعالى : " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ " [ الرحمن : 33 ] , لما حصل صعود الناس إلى القمر ذهب بعض الناس ليفسر هذه الآية ونزلها على ما حدث وقال : إن المراد بالسلطان العلم , وأنهم بعلمهم , نفذوا من أقطار الأرض و تعدوا الجاذبية وهذا خطأ و لا يجوز أن يفسر القرآن بمعنى ذلك فمقتضى ذلك أنك شهدت بأن الله أراده وهذه شهادة عظيمة ستُسأل عنها .
ومن تدبر الآية وجد أن هذا التفسير باطل لأن الآية ذُكرت بعد قوله تعالى : " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ . فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ " [ الرحمن : 26- 28 ] , فلنسأل هل هؤلاء القوم نفذوا من أقطار السماوات ؟(2/4)
الجواب : لا , والله يقول : " إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ " .
ثانياً : هل أرسل عليهم شواظ من نار ونحاس ؟
والجواب : لا .
إذن فالآية لا يصح أن تفسر بما فسر به هؤلاء , ونقول : إن وصول إليه هو من المعلوم التجريبية التي أدركوها بتجاربهم , أما أن نُحرَّف القرآن لنخضعه للدلالة على هذا فهذا ليس بصحيح ولا يجوز .
http://alsaha.fares.net/sahat?128@189.vnX0a0i19Kb^5@.ef0f646
---
3 - هل ما يحكيه الله في قصص القرآن على لسان أحد المذكورين فيها هو باللفظ أو بالمعنى ؟
الجواب :
ذكر الشيخ الدكتور خالد السبت في كتابه الآنف ( 2/762 - 764) ما نصه :
قاعدة : ما ورد في القرآن حكاية عن غير أهل اللسان من القرون الخالية ، إنما هو من معروف معانيهم وليس بحقيقة ألفاظهم .
وذكر أمثلة منها :
قال تعالى مخبرا عن لوط عليه السلام : " قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ . وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ . قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ . قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ " [ الحجر : 68 - 71 ] .
وقد ذكر الله عز وجل خبره في سورة هود فقال : " قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيد . قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ " [ هود : 78 - 79 ] .
فالواقعة واحدة وإنما تنوع التعبير عنها في القرآن .ا.هـ.
وسُئلت اللجنة الدائمة في فتاويها (4/2) سؤالا :
نقرأ في القرآن الكريم : " وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ ... الآية " " وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً ... الآية " ، وأمثال هاتين الآيتين كثير في القرآن فكيف نسمي قرآنا . وكلام الله القديم ؟(2/5)
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ... وبعد :
الكلام يطلق على اللفظ والمعنى ، ويطلق على كل واحد منهما وحده بقرينة ، وناقله عمن تكلم به من غير تحريف لمعناه ولا تغيير لحروفه ونظمه مخبر مبلغ فقط ، والكلام إنما هو لمن بدأه ، أما إن غيَّر حروفه ونظمه مع المحافظة على معناه : فينسب إليه اللفظ حروفه ومعناه ، وينسب من جهة معناه إلى من تكلم به ابتداءً ، ومن ذلك ما أخبر الله به عن الأمم الماضية ، كقوله تعالى : " وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ " [ غافر / 27 ] ، وقوله : " وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ " [ غافر / 36 ] ، فهاتان تسميان قرآناً ، وتنسبان إلى الله كلاماً له باعتبار حروفهما ونظمهما ؛ لأنهما من الله لا من كلام موسى وفرعون ؛ لأن النظم والحروف ليس منهما ، وتنسبان إلى موسى وفرعون باعتبار المعنى ، فإنه كان واقعاً منهما ، وهذا وذاك قد علمهما الله في الأزل وأمر بكتابتهما في اللوح المحفوظ ، ثم وقع القول من موسى وفرعون بلغتهما طبق ما كان في اللوح المحفوظ ، ثم تكلم الله بذلك بحروف أخرى ونظم آخر في زمن نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – فنسب إلى كلٍّ منهما باعتبار .....ا.هـ.
http://alsaha.fares.net/sahat?128@189.vnX0a0i19Kb^5@.ef0f646
---
4 - رجل تشاحن مع زوجته.....بالكلام.....استفزته...بكلمة طلقني ان كنت رجلا....فقالها بتلقائيه وبرود...انت طالق....سئلوا جماعه فقالوا لهم...يردها بقول ارجعتك لعصمتي....هل هذا صحيح ؟ وهل وقعت الطلقه عليها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الجواب :
لا بد من معرفة أن الطلاق يقع بلفظ الطلاق ، أي يقول : أنتِ طالق ، أو طلقتك ، أو أنتِ مطلقة ، سواء وجدت النية أم لم توجد .
قال ابن قدامة في المغني (8/263) :(2/6)
وجملة القول أن الطلاق لا يقع إلا بلفظ فلو نواه بقلبه من غير لفظ لم يقع في قول عامة أهل العلم منهم عطاء وجابر وسعيد بن جبير ويحيى بن أبي كثير والشافعي وإسحاق ، وروي أيضا عن القاسم وسالم والحسن والشعبي ... ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل ...ا.هـ.
فذلك الرجل الذي قالها وقع طلاقه سواء نوى أم لا .
أما ما يترتب على هذا الطلاق أمور :
1 - أنها تطلق طلقة واحدة .
2 - له أن يرجعها في العدة .
والعدة ثلاث حيض الواردة في قوله تعالى : " وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ " [ البقرة : 228] ، فإن مر عليها ثلاث حيض قبل الرجعة ، بانت بينونة صغرى ، لا يحلها إلا العقد الجديد .
3 - له أن يراجعها بأحد أمرين :
الأول : الرجعة بالقول :
بأن يقول لها : راجعتك ، أو أمسكتك ، أو رددتك لعصمتي ، وهكذا كل لفظ يؤدي هذا المعنى .
الثاني : الرجعة بالفعل :
كما لو جامعها بنية الرجعة فهذا جائز .
4 - هل يشترط الإشهاد على الرجعة ؟
اختلف أهل العلم في ذلك ، والصحيح أن الإشهاد مستحب وليس شرطا في الرجعة ، وهو قول الجمهور من الحنفية والمالكية والجديد من مذهب الشافعي .
قال النووي : إن الإشهاد على الرجعة ليس شرطا ولا واجبا في الأظهر .
5 - المطلقة طلاقا رجعيا لها حق السكنى على الزوج ما دامت معتدة منه ، قال تعالى : " لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ " [ الطلاق : 1] .
قال ابن كثير في تفسيره :(2/7)
وَقَوْله تَعَالَى " لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ " : أَيْ فِي مُدَّة الْعِدَّة لَهَا حَقّ السُّكْنَى عَلَى الزَّوْج مَا دَامَتْ مُعْتَدَّة مِنْهُ فَلَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخْرِجهَا وَلَا يَجُوز لَهَا أَيْضًا الْخُرُوج لِأَنَّهَا مُعْتَقَلَة لِحَقِّ الزَّوْج أَيْضًا .ا.هـ.
وبهذا نعلم أن ما تفعله بعض النساء من الخروج من البيت عند وقوع الطلاق الرجعي أمر مخالف لكتاب الله .
http://alsaha.fares.net/sahat?14@189.vnX0a0i19Kb^5@.ef10b3b/5
---
5 - معجزة علمية في حديث من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم(من كثير!!!!!)
الجواب :
الحديث الأول :
روي الإمام مسلم بسنده :( أن يهوديا مر بالنبي ( صلي الله عليه وسلم ) وهو يحدث اصحابه , فقالت قريش : يايهودي ان هذا يزعم أنه نبي , فقال اليهودي : لأسألنه عن شيء لايعلمه إلا نبي , فقال : يامحمد مم يخلق الإنسان؟ فقال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ): يايهودي من كل يخلق , من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة , فقال اليهودي : هكذا كان يقول من قبلك )( أي من الأنبياء ) .
عزوت الحديث إلى مسلم ، وبعد البحث عليه في المصدر المذكور لم أجده بل وجدت الحديث في مسند الإمام أحمد (1/465) وهذا نصه في المسند :(2/8)
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : يَا يَهُودِيُّ ، إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ! فَقَالَ : لَأَسْأَلَنَّهُ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ ، قَالَ : فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مِمَّ يُخْلَقُ الْإِنْسَانُ ؟ قَالَ : يَا يَهُودِيُّ ، مِنْ كُلٍّ يُخْلَقُ : مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ ، وَمِنْ نُطْفَةِ الْمَرْأَةِ ، فَأَمَّا نُطْفَةُ الرَّجُلِ فَنُطْفَةٌ غَلِيظَةٌ ، مِنْهَا الْعَظْمُ وَالْعَصَبُ ، وَأَمَّا نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ فَنُطْفَةٌ رَقِيقَةٌ ، مِنْهَا اللَّحْمُ وَالدَّمُ ، فَقَامَ الْيَهُودِيُّ فَقَالَ : هَكَذَا كَانَ يَقُولُ مَنْ قَبْلَكَ .
قال الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر - رحمه الله - في شرحه للمسند (6/199 - 200 ) :
إسناده ضعيف ، لضعف حسين بن الحسن ، وهو الأشقر ، كما بينا ضعفه في 888 . والحديث في مجمع الزوائد (8/241) وقال : رواه أحمد والطبراني والبزار بإسنادين ، وفي أحد إسناديه عامر بن مدرك ، وثقه ابن حبان ، وضعفه غيره . وبقية رجاله ثقات . وفي إسناد الجماعة عطاء بن السائب ، وقد اختلط .ا.هـ.
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه للمسند (7/437) على الحديث أيضا :
إسناده ضعيف لضعف حسين بن الحسن ، وهو الأشقر ، وعطاء بن السائب احتلط بأخرة ، ولم نقف على سماع أبي كدينة - وهو يحيى بن المهلب - منه ، هل كان قبل الاختلاط أم بعده ؟ وعبد الرحمن والد القاسم - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يثبت سماعه لهذا الحديث من أبيه ، فهو إنما سمع من أبيه شيئا يسيرا .
الأثر الثاني :(2/9)
وروي الطبري بسنده عن مجاهد ( رضي الله عنه ) أنه قال : قال رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ): ما خلق الله الولد إلا من نطفة الرجل والمرأة جميعا .
وهذا الأثر لي معه وقفات :
1 - مجاهد ، هو مجاهد بن جبر المكي الأسود ، وهو يعد من طبقة التابعين ، ومن أكثر تلاميذ ابن عباس أخذا عنه . فهو ليس صحابيا .
2 - بناء على الوقفة الأولى يكون حديثه مرسل لو روى عن النبي صلى الله عليه وسلم .
3 - بعد الرجوع إلى تفسير الطبري وجدت الأثر بهذا اللفظ :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، قال : ثنا عثمان بن الأسود ، عن مجاهد ، قوله : " إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى " [ الحجرات : 13] ، قال : ما خلق الله الولد إلا من نطفة الرجل والمرأة جميعا ، لأن الله يقول : " خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى " .
الأثر من كلام مجاهد وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .
هو أثر ضعيف ، في إسناده ابن حميد وهو محمد بن حميد بن حيان الرازي ، قال عنه الحافظ ابن حجر : حافظ ضعيف .
http://alsaha.fares.net/sahat?14@189.vnX0a0i19Kb^5@.ef05588/3
---
6 - ما صحة الحديث بشأن المهدي وفيه : لا خير في الحياة بعده ؟
الجواب :
- تخريج حديث : لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ .
روى الإمام أحمد في مسنده (3/37 ، 52) :(2/10)
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، حَدَّثَنَاجَعْفَرٌ ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُبَشِّرُكُمْ بِالْمَهْدِيِّ يُبْعَثُ فِي أُمَّتِي عَلَى اخْتِلَافٍ مِنْ النَّاسِ وَزَلَازِلَ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا. يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَسَاكِنُ الْأَرْضِ . يَقْسِمُ الْمَالَ صِحَاحًا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : مَا صِحَاحًا؟ قَالَ : بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ . قَالَ : وَيَمْلَأُ اللَّهُ قُلُوبَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غِنًى وَيَسَعُهُمْ عَدْلُهُ حَتَّى يَأْمُرَ مُنَادِيًا فَيُنَادِي فَيَقُولُ : مَنْ لَهُ فِي مَالٍ حَاجَةٌ ؟ فَمَا يَقُومُ مِنْ النَّاسِ إِلَّا رَجُلٌ فَيَقُولُ : ائْتِ السَّدَّانَ - يَعْنِي الْخَازِنَ - فَقُلْ لَهُ : إِنَّ الْمَهْدِيَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُعْطِيَنِي مَالًا فَيَقُولُ لَهُ : احْثِ ، حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَبْرَزَهُ نَدِمَ . فَيَقُولُ : كُنْتُ أَجْشَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ نَفْسًا أَوَعَجَزَ عَنِّي مَا وَسِعَهُمْ ، قَالَ : فَيَرُدُّهُ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : إِنَّا لَا نَأْخُذُ شَيْئًا أَعْطَيْنَاهُ فَيَكُونُ كَذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْعَيْشِ بَعْدَهُ - أَوْ قَالَ ثُمَّ لَا خَيْرَ فِي الْحَيَاةِ بَعْدَهُ .
الحديث ضعيف لأن في إسناده العلاء بن بشير .
قال المزي تهذيب الكمال (22/476) :
قال علي بن المديني : مجهول ، لم يرو عنه غير المُعلى بن زياد .
وذكره ابن حبان في كتاب الثقات .ا.هـ.(2/11)
وذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمة العلاء بن بشير في " الميزان " (3/97) فقال في ترجمته :
العلاء بن بشير المزني . عن أبي الصديق بحديثٍ رواه عنه معلّى بن زياد وحده .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب : مجهول .
وضعفه العلامة الألباني في المشكاة (3/1502 ح 5457) فقال :
وهو في المسند (3/37) مختصرا من طريق أخرى ، وفيها العلاء بن بشير وهو مجهول .ا.هـ.
وقال شعيب الأرنؤوط في تخريج المسند (17/427 ح 11326) :
إسناده ضعيف لجهالة حال العلاء بن بشر [ بشر هكذا ، والصواب : بشير ] : وهو المزني ، فقد انفرد بالروية عنه المُعلى بن زياد : وهو القُرْدُسي ، ولم يوثقه إلا ابن حبان ، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح .ا.هـ.
وأما قول الهيثمي في المجمع (7/314) : رواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات ، فقد رد عليه الدكتور عبد العليم البستوي في " الموسوعة في أحاديث المهدي - قسم الضعيفة والموضوعة " (2/73) فقال :
فأما رواية أبي يعلى المختصرة فلا أدري أي الروايات يقصدانها وأما إسناد أحمد فهو بين أيدينا . ولا يمكن أن يكون إسنادا جيدا رجاله ثقات . لأن فيه من هو مجهول العين لم يرو عنه غير واحد . والمجهول لا يحتج به .ا.هـ.
http://alsaha.fares.net/sahat?128@189.vnX0a0i19Kb^5@.ef0f646
---
7 - لي قريب راتبه لا يتجاوز الثمانية الاف ريال زوجته ولدت له طفل عن قريب وهو لم ينتهي من تأسيس بيته ويجتاج لمبلغ معين ليكمل شراء غرفة الجلوس وطلب مساعدتي فهل يجوز ان اعطيه من زكاتي ؟؟؟؟؟؟؟؟
الجواب :
ليس قريبك من أهل الزكاة الوارد ذكرهم في الآية وإنما يُعطى المبلغ إما مساعدة وصدقة منك أو قرض يسدده حسب ما يتفق بينك وبينه . والله أعلم
http://alsaha.fares.net/sahat?14@189.vnX0a0i19Kb^5@.ef0f77f/0
---
8 - هل يقضى الوتر وهل يكون قضاؤه على صفته ؟
الجواب :
نعم ، يقضى الوتر ويكون قضاؤه شفعا وليس وترا .
والدليل :(2/12)
عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً . رواه مسلم .
http://alsaha.fares.net/sahat?128@189.vnX0a0i19Kb^5@.ef0f646
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@189.vnX0a0i19Kb^4@.ef119c9
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(2/13)
أحكام الرطانة
السؤال :
نرجوا القاء الضوء على أحكام الرطانه
فى ظل كلام شيخ الإسلام
مع ثبوت ان الامام على قد رطن
وجزاكم الله خيرا
الجواب:
أحكام الرطانة
د . عبد الرحمن آل عثمان
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وبعد :
فإن الله تعالى قد حبانا بلغة عظيمة هي لغة الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم والكتاب الكريم الذي لم ينزل قبله مثله ، ولن يُنزِل كتاباً بعده ، فهو آخر الكتب الإلهية .
وإن مِنْ شُكْرِ هذه النعمة أن نُحافظ على هذه اللغة ونعتز بها ، وأن نعلمها الأجيال ، ونبعث في نفوسهم محبتها والحفاظ عليها . ومن الاعتزاز بها أن تكون وسيلة مخاطباتنا دائماً بحيث لا نلجأ إلى غيرها من غير حاجة ، وكما أن هذا يُعد من الوفاء لهذه اللغة فهو كذلك من جملة الأمور التي تحفظ للأمة كيانها بل شخصيتها التي تميزها عن غيرها .
كما أن ذلك من الأمور التي تُؤثر في قلب الإنسان ونفسه ومزاجه المعنوي ، وقد قرر ذلك أبو العباس ابن تيمية رحمه الله بقوله : « واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيراً قوياً بيناً ، ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين . ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق » [1] .
وذلك أن التكلم بلغة قوم فيه نوع محاكاة لهم ، ولا يخفى أثر المحاكاة على نفس صاحبها .
« وأيضاً فإن اللغة العربية من الدين ، ومعرفتها فرض واجب ، فإن فهم الكتاب والسنة فرض ، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب » .(2/1)
ثم منها ما هو واجب على الأعيان ، ومنها ما هو واجب على الكفاية . وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة ، عن عمر بن زيد قال : كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنه : « أما بعد : فتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن ، فإنه عربي » . وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال : « تعلموا العربية ؛ فإنها من دينكم ، وتعلموا الفرائض ؛ فإنها من دينكم » وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة ، يجمع ما يُحتاج إليه ؛ لأن الدين فيه
أقوال وأعمال ؛ ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله ، وفقه السنة هو فقه أعماله » [2] .
وبهذا تعلم أن هذه مسألة شرعية ينبني عليها بعض الأحكام الشرعية ؛ ذلك أن الكلام بغير لغة العرب على قسمين ، يتفرع عن كلٍ منهما نوعان على النحو الآتي :
القسم الأول : وهو ما كان من قبيل الألفاظ المفردة كأسماء الأشخاص أو الشهور أو الآلات أو غيرها ، وهو نوعان :
النوع الأول : ما كان باقياً على أعجميته أي : أنه لم يُخالط اللغة العربية ولم يداخلها حتى يصير كأنه واحد من ألفاظها ، وهو نوعان :
الأول : أن يكون من الألفاظ التي لا يُعرف معناها .
قال حرب الكرماني رحمه الله : « باب تسمية الشهور بالفارسية » قلت لأحمد: فإن للفرس أياماً وشهوراً يسمونها بأسماء لا تعرف [3] ؟ فكره ذلك أشد الكراهة .
وروى فيه عن مجاهد حديثاً : أنه كره أن يقال : آذرماه [4] ، وذي ماه [5] قلت : فإن كان اسم رجل أسميه به ؟ فكرهه قال : وسألت إسحاق قلت : تاريخ الكتاب يكتب بالشهور الفارسية مثل : آذرماه ، وذي ماه ؟ قال : إن لم يكن في تلك الأسامي اسم يكره فأرجو . قال : وكان ابن المبارك يكره ( إيزد ) أن يحلف به ، وقال : لا آمن أن يكون أضيف إلى شيء يعبد ، وكذلك الأسماء الفارسية . قال : وسألت إسحاق مرة أخرى قلت : الرجل يتعلم شهور الروم والفرس . قال : كل اسم
معروف في كلامهم فلا بأس » [6] .(2/2)
وقد وجه أبو العباس ابن تيمية رحمه الله قول الإمام أحمد في كراهة هذه الأسماء بأن الاسم الذي لا يعرف معناه يحتمل أن يكون له معنى محرم ، والمسلم لا ينطق بما لا يعرف معناه [7] .
وقال : « إن جهل معناه فأحمد كرهه » [8] .
الثاني : ما له معنى معروف . وهو على نوعين :
أ - ما كان له معنى محرم .
فهذا يُمنع بلا ريب من باب أوْلى ؛ حيث مُنع ما لا يُعرف معناه [9] .
ب - ما كان له معنى غير محرم ؛ فهذا على نوعين :
1 - أن يتكلم به لحاجة كأسماء بعض المصنوعات أو المصطلحات العلمية ونحوها مما لا يعرف لها مقابل في العربية أو كان السامع لا يفهم مراده إلا باللفظ الأعجمي [10] فلا بأس بالتكلم بها في هذه الحال ؛ لكن ينبغي السعي في تعريبها حفظاً للغة العربية من الضمور والانحسار .
2 - أن يتكلم به لغير حاجة ، وله صورتان :
الأولى : أن يقع ذلك منه على سبيل الإعجاب بالأعجمية ومحبتها وإيثارها فهذا لا ينبغي ، وفاعله مبتلى بالنقص والهزيمة النفسية .
الثانية : أن لا يكون منشأ ذلك محبة الأعجمية والإعجاب بها ؛ والذي يظهر أن هذا على قسمين :
1 - أن يكون ذلك قليلاً أو نادراً . وهذا لا حرج فيه إن شاء الله .
قال البخاري رحمه الله : « باب من تكلم بالفارسية والرطانة » [11] .
وأورد تحته ثلاثة أحاديث ، الأول : حديث جابر رضي الله عنه قال : « قلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا ، وطحنت صاعاً من شعير فتعالَ أنت ونفر . فصاح النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أهل الخندق ! إن جابراً قد صنع سوْراً ، فحيَّ هلا بكم » [12] .(2/3)
والشاهد هنا في قوله : « سُوْراً » بضم السين وسكون الواو وهو الطعام مطلقاً أو الطعام الذي يُدعى إليه . وهو بالهمز ( السُّؤر ) بقية الشيء . قال الحافظ : « والأول هو المراد هنا » [13] ونقل عن الطبري أنه من الفارسية . قيل له : أليس هو الفضلة ؟ قال : لم يكن هناك شيء فضل ذلك منه ، إنما هو [أي معناه] بالفارسية : من أتى دعوة » [14] .
الحديث الثاني : حديث أم خالد بنت خالد بن سعيد ؛ قالت : « أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي وعَلَيَّ قميص أصفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سَنَهْ سَنَهْ » [15] . قال عبد الله ( وهو عبد الله بن المبارك رحمه الله أحد رواة هذا الحديث ) : وهي بالحبشية : حسنة . والشاهد فيه قوله : « سَنَهْ سَنَهْ » بفتح النون وسكون الهاء ، وفي بعض الروايات : « سناه » بزيادة ألف . والهاء
فيهما للسكت وقد تحذف ؛ وقد جاءت بعض الروايات بحذفها .
وأم خالد رضي الله عنها وُلِدت في الحبشة ، وقدمت مع أبيها وهي صغيرة .
والحديث الثالث : حديث أبي هريرة رضي الله عنه : « أن الحسن بن علي أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بالفارسية : كخ ، كخ ! أما تعرف أنَّا لا نأكل الصدقة ؟ » [16] .
فقوله « كخ ، كخ » كلمة تقال لردع الصبي عند تناوله ما يُستقذر ، قيل عربية ، وقيل أعجمية ، وذهب بعضهم إلى أنها مُعرَّبة [17] . وصنيع البخاري يدل على أنه يرى أنها أعجمية . والله أعلم .(2/4)
قال الحافظ : وقد نازع الكرماني في كون الألفاظ الثلاثة أعجمية ؛ لأن الأول يجوز أن يكون من توافق اللغتين ، والثاني يجوز أن يكون أصله : « حسنه » محرف أوله إيجازاً ، والثالث من أسماء الأصوات . وقد أجاب عن الأخير ابن المنيِّر فقال : وجه مناسبته أنه صلى الله عليه وسلم خاطبه بما يفهمه مما لا يتكلم به الرجل مع الرجل ؛ فهو كمخاطبة العجمي بما يفهمه من لغته . قلت : وبهذا يُجاب عن الباقي » [18] .
ولعل هذا الأخير لا يظهر ؛ لأن هؤلاء جميعاً كانوا من العرب .
ويحتمل أن الأول والثالث من قبيل الدارج في لغة العرب الذي صار من جملة الألفاظ المستعملة عند أهل العربية .
وأما الثاني وهو حديث أم خالد فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قاله لهذه الجارية الصغيرة على سبيل الملاطفة والمداعبة لكونها قدمت من الحبشة ؛ والغالب أنها تعرف بعض كلامهم . والله أعلم .
ومما ورد في هذا الباب ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه [19] ، وساقه الذهبي بسنده [20] عن علي رضي الله عنه أنه قال للقاضي شريح وقد حكم في قضية بين يديه فأعجبه حكمه : « قالون » وهي بلسان الروم بمعنى : أحسنت أو جيِّد . ولم يكن شريح رومياً ولا مقيماً في أرض الروم ، بل كان من كندة في أهل اليمن ، وولي القضاء في الكوفة ستين سنة .
ومن ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة وفيه من لا يُعرف أن أبا هريرة رضي الله عنه أشرف على السوق فقال : سحت وداست [21] .
وأخرج ابن أبي شيبة أيضاً عن منذر الثوري قال : « سأل رجل ابن الحنفية عن الجبن فقال : يا جارية : اذهبي بهذا الدرهم فاشتري به ينيراً [22] ، فاشترت به ينيراً ثم جاءت به » [23] يعني : الجبن .
وذكر القرطبي وعزاه للخطيب عن أبي عبد الملك مولى أم مسكين بنت عاصم بن عمر بن الخطاب قال : أرسلتني مولاتي إلى أبي هريرة فجاء معي ، فلما قام بالباب قال : أندر ؟ قالت : أندرون [24] .(2/5)
وقال القرطبي : وذكر عن أحمد بن صالح قال : كان الدراوردي من أهل أصبهان نزل المدينة ، فكان يقول للرجل إذا أراد أن يدخل : ( أندرون ) فلقبه أهل المدينة « الدراوردي » [25] و ( أندرون ) كلمة فارسية تعني : « داخل ، باطن » ونحو ذلك .
وقال حبيب بن أبي ثابت : « كنا نسمي أبا صالح : [26] « دزوزن » وهو بالفارسية : كتاب » [27] .
فهذه الآثار تدل على أن السلف كانوا يتكلمون في أحيان قليلة بالكلمة من الأعجمية .
قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله : « ونُقِل عن طائفة منهم أنهم كانوا يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية .
وفي الجملة : فالكلمة بعد الكلمة من العجمية أمرها قريب ، وأكثر ما يفعلون ذلك إما لكون المخاطب أعجمياً ، أو قد اعتاد العجمية ، يريدون تقريب الأفهام عليه » [28] .
2 - أن يكثر ذلك مع عدم الحاجة ؛ فهذا ينبغي أن يُجتنب .
قال الشافعي رحمه الله : « سمَّى الله الطالبين من فضله في الشراء والبيع تجاراً ، ولم تزل العرب تسميهم التجار ثم سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمى الله به من التجارة بلسان العرب ، والسماسرة اسم من أسماء العجم ، فلا نحب أن يسمى رجل يعرف العربية تاجراً ، إلا تاجراً . ولا ينطق بالعربية فيسمي شيئاً بأعجمية ، وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز وجل لسان العرب ، فأنزل به كتابه العزيز وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ، ولهذا نقول : ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها لأنها اللسان الأوْلى بأن يكون مرغوباً فيه من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بأعجمية » [29] .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : « فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية أن يسمي بغيرها ، وأن يتكلم بها خالطاً لها بالعجمية ، وهذا الذي قاله الأئمة مأثور عن
الصحابة والتابعين » [30] .
النوع الثاني : من القسم الأول [31] :(2/6)
وهو ما خالط كلام العرب ودخل في لغتهم حتى صار بمنزلة مفرداتها الأصيلة ، وهو المُعرَّب وما في حكمه . وهو نوعان :
أ - ما استعملته العرب قبل اختلاط ألسنتها [32] .
فهذا معدود في حكم كلام العرب ولا غضاضة في استعماله [33] .
ب - ما دخل على اللغة بعد اختلاط الألسنة ، وقد وقعت الجمهرة من ذلك في القرنين الأخيرين ؛ ذلك أن أكثر بلاد المسلمين وقعت تحت سيطرة أعدائها ، إضافة إلى أن الأمة صارت تستقبل من غيرها أشياء كثيرة من الثقافة والصناعة وغير ذلك فتستقر اللفظة في الأمة غالباً بثوبها الذي جاءت به من حيث التسمية وغيرها .
فصار الناس ينطقون بتلك الألفاظ الأعجمية نطقهم بالعربية دون تنبه أو تمييز لأصلها ؛ فهم حين يتلفظون بها لا يقصدون التكلم بالأعجمية سواء كانوا عالمين بأصلها أم لم يكونوا كذلك .
وفي هذه الحال لا يُعد من صدر منه مثل ذلك محاكياً للأعاجم أو متشبهاً بهم ، ومن ثَمَّ فالحرج الشرعي مرتفع عنه .
لكن ثمة أمر آخر ينبغي مراعاته ، وهو أن هذه الكلمات الدخيلة على اللغة ينبغي استبدالها بالألفاظ التي تقوم مقامها في العربية ، كما ينبغي أن يُنبَّه الناس إلى أصل تلك المفردات ليكون ذلك معيناً على التخلص منها ؛ ذلك أنها تزاحم مفردات العربية وإذا كثرت فإنها تفسد اللغة من أساسها وتقوضها كما لا يخفى .
* فائدة : من عادة العرب إذا نطقوا بلفظة أعجمية أنهم يلقونها على طريقتهم في النطق من غير تكلف ، ودون ترقيق في اللفظ فضلاً عن نبرة الصوت ، وقاعدتهم في ذلك « أعجمي فالعب به » كما قرر ذلك بعض المتقدمين من أئمة اللغة ، وهذا على خلاف ما شاع في أوساط المثقفين من تمحُّل في إخراج اللفظة مصحوبة بنبرتها الأعجمية .
القسم الثاني : ما كان من قبيل التراكيب والجُمل وليس من قبيل اللفظة المفردة ، وهو نوعان :(2/7)
الأول : ما دعت إليه الحاجة فهذا لا بأس به كأن يكون المخاطب لا يعرف العربية . لكن ينبغي أن تتضافر الجهود على بث العربية ودعمها بكل وسيلة ممكنة حتى تكون هي لغة التخاطب بين العرب وغيرهم كما كان عليه الأمر في الأزمنة التي كانت فيها القوة والغلبة للمسلمين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : « ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام و مصر ، ولغة أهلها رومية ، وأرض العراق و خراسان ولغة أهلهما فارسية . وأهل المغرب ، ولغة أهلها بربرية عوَّدوا أهل هذه البلاد العربية ، حتى غلبت على أهل هذه الأمصار : مسلمهم وكافرهم . وهكذا كانت خراسان قديماً » [34] .
ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة ، واعتادوا الخطاب بالفارسية ، حتى غلبت عليهم ، وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ، ولا ريب أن هذا مكروه . إنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية ، حتى يتلقنها الصغار في المكاتب وفي الدور ، فيظهر شعار الإسلام وأهله ، ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف ، بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب .
الثاني : ما لم تدْعُ إليه الحاجة . وهو نوعان :
1 - ما كان الباعث له محبتها والإعجاب بها ؛ فهذا لا ينبغي فعله سواء كان قليلاً أم كثيراً ويُخشى على صاحبه أن يقع في النفاق العملي كما لا يخفى وهو من ألوان محاكاتهم والتشبه بهم ، وهذا يكثر وقوعه عادة بين من ابتُلوا بالهزيمة النفسية لا سيما في أوقات ضعف الأمة وتراجعها ؛ فالأمم القوية تسعى لفرض ثقافتها على الأمم الضعيفة المغلوبة ، وإنما يعبر ذلك كله على جسد اللغة .
ولغات الأمصار تكون عادة بلسان الأمة الغالبة عليها ، ولما كان المسلمون غالبين على غيرهم من الأمم صارت اللغة العربية هي لغة التخاطب في كثير من البلاد التي هي في أصلها أعجمية [35] .(2/8)
قال ابن حزم رحمه الله : « فإن اللغة يسقط أكثرها ويبطل بسقوط دولة أهلها ودخول غيرهم عليهم في مساكنهم أو بنقلهم عن ديارهم واختلاطهم بغيرهم ، فإنما يقيد لغة الأمة وعلومها وأخبارها قوة دولتها ونشاط أهلها وفراغهم ، وأما من تَلِفَتْ دولتهم وغلب عليهم عدوهم واشتغلوا بالخوف والحاجة والذل وخدمة أعدائهم فمضمونٌ منهم موت الخواطر ، وربما كان ذلك سبباً لذهاب لغتهم ، ونسيان أنسابهم وأخبارهم ، وبُيود علومهم ، هذا موجود بالمشاهدة ومعلوم بالعقل ضرورة » [36] .
2 - ما لم يكن الباعث له الإعجاب بها ومحبتها . وله صورتان :
الأولى : أن يعتاد ذلك ويكثر منه . وهذا لا ينبغي أيضاً ؛ لأن « اللسان العربي شعار الإسلام وأهله ، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون » [37] .
وقد أخرج ابن أبي شيبة عن عمر رضي الله عنه قال : « ما تعلَّم الرجل الفارسية إلا خَبُثَ [38] ، ولا خبث [39] إلا نقصت مروءته » [40] .
وأخرج عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه سمع قوماً يتكلمون بالفارسية ، فقال : « ما بال المجوسية بعد الحنيفية ؟ » [41] .
وأخرج عن عطاء قال : « لا تَعَلَّموا رطانة الأعاجم ، ولا تدخلوا عليهم
كنائسهم ؛ فإن السخط ينزل عليهم » [42] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه : « وأما اعتياد الخطاب بغير اللغة العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمِصْرِ وأهله ، أو لأهل الدار ، أو للرجل مع صاحبه ، أو لأهل السوق ، أو للأمراء ، أو لأهل الديوان ، أو لأهل الفقه ، فلا ريب أن هذا مكروه ؛ فإنه من التشبه بالأعاجم ، وهو مكروه كما تقدم » [43] .
الثانية : أن يقع ذلك نادراً ؛ فهذا أسهل من الأول لكن ينبغي أن يُجتنب .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
________________________
(1) الاقتضاء ، 1/470 .
(2) ما بين الأقواس « » من كلام شيخ الإسلام في الاقتضاء ، 1/470 471 .
((2/9)
3) أي لا يعرف معناها .
(4) أسماء لبعض الشهور في الفارسية .
(5) أسماء لبعض الشهور في الفارسية .
(6) نقلته بواسطة الاقتضاء ، 1/ 461 462 .
(7) انظر : الاقتضاء ، 1/462 .
(8) السابق ، 1/462 ، وانظر نحوه ، ص 464 .
(9) السابق ، 1/462 ، وانظر نحوه ، ص 464 .
(10) أخرج الطبراني في الكبير ، 6/218 ، أن سلمان رضي الله عنه أصاب جارية فقال لها بالفارسية : صلِّي قالت : لا ، قال : اسجدي واحدة إلخ .
(11) البخاري مع الفتح ، 6/183 ، والرِّطانة بكسر الراء ويجوز فتحها هو كلام غير العربي انظر : الفتح ، 6/184 .
(12) البخاري في الجهاد باب من تكلم بالفارسية والرطانة ، حديث رقم : (3070) ، 6/183 ، وأورده في موضعين آخرين ، حديث رقم : (4101 ، 4102) .
(13) الفتح ، 6/184 .
(14) المرجع السابق .
(15) البخاري في الجهاد ، باب من تكلم بالفارسية والرطانة ، حديث رقم : (3071) 6/183 ، وذكره في مواضع أُخرى ، انظر الأحاديث رقم : (3874 ، 5823 ، 5845 ، 5993) .
(16) البخاري في الجهاد ، باب من تكلم بالفارسية والرطانة ، حديث رقم : (3072) ، وذكره في الزكاة ، باب ما يُذكر في الصدقة للنبي صلى الله عليه وسلم حديث رقم : (1491) 3/354 .
(17) انظر : الفتح ، 3/355 .
(18) المرجع السابق ، 6/185 .
(19) مختصر تاريخ دمشق ، 10/297 .
(20) السير ، 4/103 .
(21) مصنف ابن أبي شيبة ، 9/12 .
(22) هكذا في المطبوع وبعض المعاصرين يرجح أن صوابها : « نيزا » .
(23) المصنف ، 9/12 .
(24) الجامع لأحكام القرآن ، 12/218 .
(25) السابق ، وذكره الذهبي في السير ، 8/366 .
(26) وهو أبو صالح مولى أم هانئ .
(27) نقله النسائي في الكبرى ، 2/252 .
(28) الاقتضاء ، 1/ 468 .
(29) نقلته بواسطة الاقتضاء ، 1/465 .
(30) نقلته بواسطة الاقتضاء ، 1/465 .
(31) وهو ما كان من قبيل الألفاظ المفردة .
((2/10)
32) قال الأصمعي : « ختم الشعر بإبراهيم بن هرمة ، وهو آخر الحجج » تاريخ بغداد ، 6/131 مختصر تاريخ دمشق ، 4/87 .
(33) على خلاف مشهور بين أهل العلم في أصله ، هل هو أعجمي فأخذته العرب ، أو العكس ، أو أنه مما توافقت فيه اللغات إلخ .
(34) الاقتضاء ، 1/ 469 470 .
(35) لابن خلدون رحمه الله كلام مفيد في هذا الموضوع فراجعه إن شئت في المقدمة ، ص 379 .
(36) الإحكام ، 1/31 .
(37) ما بين الأقواس « » من كلام شيخ الإسلام في الاقتضاء ، 1/463 .
(38) هكذا في المطبوع ، ولعلها : خبَّ : أي صار مخادعاً .
(39) هكذا في المطبوع ، ولعلها : خبَّ : أي صار مخادعاً .
(40) المصنف ، 9/11 .
(41) المصدر السابق .
(42) المصدر السابق .
(43) الاقتضاء ، 1/469 .
المصدر : مجلة البيان - العدد 152 - ربيع الآخر 1421هـ .
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=8f210d680d7be4b56df6aa7b2f5bd1c4&threadid=8714
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(2/11)
أحكام حوادث السيارات للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
السؤال:
من يدلني على بحوث في حوادث السيارات سوى البحوث الموجودة في مجلة المجمع الفقهي وبحث هيئة كبار العلماء وهل بحث هيئة العلماء مطبوع ام لا ؟ ارجو الافادة جزاكم الله خيرا ومن كان لديه بحث في مسالة المباشرة والتسبب فليدلنا لا حرم الاجر
الجواب:
هذا مقال قديم كتبه الأخ أبو أنس المدني في " سحاب " ، وجدته عندي في جهازي . أسأل الله أن ينفع به .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً ... أما بعد :
فهذا بحث لفضيلة الإمام العلامة الشيخ : محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى ورعاه ، حول أحكام حوادث السيارات ، وقد نشر هذا البحث في الجريدة الرسمية لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والتي تسمى بجريدة مرآة الجامعة في عددها الصادر يوم الاثنين 20 / شعبان 1409 هـ بمناسبة أسبوع المرور السادس ، وحيث أن هذه الرسالة لشيخنا – في حد علمي – لم تطبع حتى الآن ضمن أحد رسائله ، فلقد أحببت نشرها لتعم الفائدة بها بين الناس ، وذلك لما يحصل هذه الأيام من كثرة حوادث السيارات وما ينتج عنه من أضرار بليغة في الأنفس والأموال والممتلكات والتي تعود عواقبها على المجتمع المسلم ، وذلك بسبب تساهل وتهور بعض الجهال والسفهاء في قيادة السيارة وعدم المبالاة بأرواح الناس وأموالهم وممتلكاتهم ، وللمناسبة فلقد كنت قد كتبت هذه الرسالة وعرضتها عليه تلك الأيام ( 5 / 5 / 1414هـ ) فقرأها وصححها وأجازني في نشرها ، والنسخة الأصلية الخطية موجودة عندي ولله الحمد .
والله تعالى أسأل أن ينفعنا بما نقرأ ونسمع وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه سميع مجيب . ... .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
أحكام حوادث السيارات(2/1)
الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد :
فقد كثرت الحوادث التي تقع من السيارات لكثرة السائقين الذين ينقسمون إلى ثلاثة أقسام :
1- قسم يجيد السياقة ويعرف واجباتها وأنظمتها ويتمشى عليها بقدر المستطاع ، فهذا أهل لذلك .
2- وقسم لا يجيدها ولا يعرف واجباتها وأنظمتها ، فهذا ليس بأهل لها ، وفي ممارسة السياقة من هذا النوع تفريط .
3- وقسم يجيدها ويعرف واجباتها وأنظمتها ولكن لا يتمشى عليها ، بل يتعدى فيها ولا يبالي بما وقع منه من مخالفات وحوادث ، فهذا جان على نفسه وعلى غيره فيما خالف فيه ، ولأهمية هذا الأمر أقول : إن الإصابة بحوادث السيارات تنقسم إلى قسمين :
أحدها : أن تكون الإصابة في أحد الركاب الذين ركبوا باختيار منهم بإذن قائد السيارة ، فهؤلاء قد أمنوه على أنفسهم وأموالهم التي معهم ، فهو تصرّف لهم بقيادته تصرّف الأمين ، وحينئذ لا يخلو الحادث من أربع حالات :
الحال الأولى :
أن يكون بتعد من القائد وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر ، مثل : أن يحمل السيارة حملاً يكون سبباً للحادث أو يسرع بها سرعة تكون سبباً له أو يحاول أن يصعد بها ما في صعوده خطر أو ينزل بها ما في نزوله خطر أو يضرب على الفرامل بقوة لغير ضرورة فيحصل الحادث بذلك التعدي .
الحال الثانية :
أن يكون بتفريط من القائد ، والفرق هو أن التعدي فعل ما لا يسوغ ، والتفريط ترك ما يجب وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر : مثل أن يتهاون في غلق الباب أو في تعبئة العجلات أو في شد مسترخ يحتاج إلى شده فيحصل الحادث بهذا التهاون .
ففي هاتين الحالين يترتب وجوب الكفارة على القائد وهي : عتق رقبة لكل نفس آدمي محترم مات به ، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يفطر فيهما إلا بعذر شرعي من سفر أو مرض أو نحوهما ، ويترتب أيضاً ضمان ما تلف من الأموال على القائد وضمان دية النفوس على عاقلته .
الحال الثالثة :(2/2)
أن يكون بتصرف من القائد يريد به السلامة من الخطر ، وذلك على سبيل المثال لا الحصر : مثل أن يقابله ما يخشى الضرر باصطدامه به ، أو يخرج عليه من اليمين أو الشمال على وجه لا يتمكن فيه من الوقوف فينحرف ليتفادى الخطر فيحصل الحادث ، أو يصل إلى حفرة عميقة لم يشعر بها فيحرف السيارة عنها فيحصل الحادث .
الحال الرابعة :
أن يكون بغير سبب منه ، وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر : مثل أن ينفجر إطار عجلة السيارة وينكسر الذراع ، أو يهوي به جسر لم يتبين عيبه .
ففي هاتين الحالين لا يترتب عليه شيء من وجوب كفارة أو ضمان ، لأنه في الأولى أمين قائم بما يجب عليه من محاولة تلافي الخطر فهو محسن وما على المحسنين من سبيل ، وفي الثانية أمين لم يحصل منه تعد ولا تفريط فلا شيء عليه لأنه لم يكن منه تسبب في هذا الحادث .
والقسم الثاني من الإصابة بحوادث السيارات أن تكون في غير الركاب وهذا القسم له حالان :
الحال الأولى :
أن يكون بسبب من المصاب لا حيلة لقائد السيارة فيه ، وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر : مثل أن تقابله سيارة في خط سيره لا يمكنه الخلاص منها أو يفاجئه شخص برمي نفسه أمامه لا يمكنه تلافي الخطر .
ففي هذه الحال لا ضمان على قائد السيارة ، لأن المصاب هو الذي تسبب في قتل نفسه أو إصابته ، وعلى قائد السيارة المقابلة الضمان لتعديه بسيره في خط ليس له حق السير فيه .
الحال الثانية :
أن يكون بسبب من المصيب ، وذلك على سبيل التمثيل لا الحصر : مثل أن يدعس شخصاً يسير أمامه في الطريق أو يصدم شجرة أو باباً أو يرجع إلى الوراء فيصيب شخصاً أو غيره .(2/3)
ففي هذه الحال : يضمن ما أتلفه أو أفسده من الأموال وعليه كفارة القتل والدية على عاقلته ، وإن كان ذلك خطأ غير مقصود ، قال في المغني : الخطأ أن يفعل فعلاً لا يريد به إصابة المقتول فيصيبه فيقتله مثل : أن يرمي صيداً أو هدفاً فيصيب إنساناً فيقتله ، ثم نقل عن ابن المنذر أنه أجمع على ذلك من يحفظ قوله من أهل العلم ، وقال لهذا الضرب من الخطأ فيه الدية على العاقلة والكفارة في مال القاتل بغير خلاف نعلمه .
وقال في الروض المربع وأصله : من قتل نفساً محرمة أو شارك في قتلها مباشرة أو تسبباً بغير حق فعليه الكفارة ، وتتعدد بتتعدد قتل . أهـ ملخصاً .
فإن قيل : كيف تجب الدية والكفارة في قتل الخطأ وقد قال الله تعالى : ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدتم قلوبكم ) ، وأرشد عباده إلى أن يدعوه بقوله : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) وقال : قد فعلت . رواه مسلم في صحيحه .
قلنا : تجب الدية والكفارة في قتل الخطأ لأن الله تعالى قال : ( ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله ) الآية ، وفرق بين قتل الخطأ والعمد ، فأوجب في قتل الخطأ الكفارة والدية ولم يتوعد القاتل ، أما قتل العمد فأوجب فيه القصاص إذا لم يعف أولياء المقتول وتوعد القاتل بقوله : ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً ) ، وعلى هذا فيفرق بين القتل وغيره في وجوب الكفارة بالخطأ فيه ، لأن القتل أمره عظيم وخطره جسيم .
فليحرص قائدو السيارات غاية الحرص على مراعاة ما يأتي :
أولاً : أن لا يتولوا قيادة السيارات حتى يكونوا حاذقين فيها وأهلاً لها .
ثانياً : أن يتفقدوا السيارات عند الحاجة إلى تفقدها ولا يتهاونوا في إصلاح ما يكون ترك إصلاحه سبباً للخطر ، لأن الله تعالى يقول : ( ولا تقتلوا أنفسكم ) .(2/4)
ثالثاً : أن لا يتهوروا في القيادة فيخرجوا عن الحد الذي ينبغي أن يكونوا عليها في السير .
رابعاً : أن لا يحملوا السيارة ما يزيد على المقرر لها ، لأن ذلك من أسباب الخطر .
خامساً : أن يراعوا الأنظمة المصطلح عليها عند الوقوف والانطلاق واتجاه السير والانحراف يميناً وشمالاً ، لأن ذلك أقرب إلى الحفاظ على أنفسهم وسياراتهم وعلى غيرهم .
سادساً : أن يقولوا عند الركوب إذا ركبوا : سبحان الذين سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ، الحمد لله ، الحمد لله ، الحمد لله ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
هذا وأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح ، ويجنب ما فيه الشر والفساد .
والحمد لله رب العالمين
كتبه / محمد بن صالح ا لعثيمين
رابط الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=8f210d680d7be4b56df6aa7b2f5bd1c4&threadid=8805
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(2/5)