مسألة مضاعفة الصلوات في المساجد الثلاثة
هل تقع في النوافل أم لا ؟
للحافظ أبي سعيد خليل بن كَيْكَلْدِي العلائي الشافعي
( 694-761هـ )
تحقيق وتعليق
د . سليمان بن عبد الله العمير
الأستاذ المشارك بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد .
فهذه رسالة لطيفة في مسألة التطوع بالصلاة في أحد المساجد الثلاثة هل فعلها فيها أفضل من فعلها في البيوت؟ أو العكس؟ وهل المضاعفة شاملة للفرض والنفل ؟ أم هي خاصة بالفرض؟ ومن تأليف الحافظ أبي سعيد خليل بن كَيْكَلْدي العلائي الشافعي ، ذكر فيها أقوال أهل العلم في المسألة ونقلها من مصادر شتى ، وتكلّم على أدلتها ، وصحَّح وضعّف ، وحقّق ودقّق ، وقد توصل فيها إلى أنَّ المضاعفة شاملة للفرائض ، وكذا للنوافل التي تشرع لها الجماعة كالتراويح والعيدين والكسوف ، أو يختص فعلها في المسجد كتحية المسجد وركعتي الطواف ، وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل من المسجد .
وهذا الذي اختاره العلائي هو الذي رجحه جمع من المحققين ، كما ذكره هو عن بعضهم وغيرهم ممن أتى بعده .
ولا أعلم أحداً سبق العلائي إلى إفراد هذه المسألة إلا ما كان من ابن أبي الصيف اليمني(1) فإنه جمع جزءاً في المضاعفة أشار إليه الزركشي في إعلام الساجد ونقل عنه(2) .
__________
(1) هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن علي اليمني الشافعي المعروف بابن أبي الصيف ، فقيه مكة ، أصله من زبيد ، حدَّث ودرَّس وأفتى كثيراً ، له نكت على التنبيه ، وجمع أربعين حديثية ، وغير ذلك ، توفي في ذي الحجة بمكة سنة (609هـ) .
انظر . التكملة للمنذري . 2/264 ، العقد الثمين للفاسي . 1/415 ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة . 2/63 ،46 .
(2) إعلام الساجد . 122 ، 124 .(1/1)
وقد حققت هذه الرسالة على مصورة عن نسختها الوحيدة - فيما أعلم - ؛ إذ لم أقف على نسخة غيرها ، وهي المحفوظة في دار الكتب المصرية ضمن (( ترجمة العلائي ومؤلفاته )) برقم (( 241 )) من مجاميع تيمور .
أسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا الجهد ويتقبله ، إنه وليّ ذلك والقادر عليه ، وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
ترجمة المصنف
اسمه ونسبه وكنيته ولقبه :
هو الحافظ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كَيْكَلْدي بن عبد الله العلائي الدمشقي ثم المقدسي الشافعي(1) .
__________
(1) ترجمته في المصادر التالية :
معجم الشيوخ 1/223 ،224 ، المعجم المختص 92 ، تذكرة الحفاظ 4/1507 ، 1508 ثلاثتها للذهبي ت748 ، الوافي بالوفيات 13/410 للصفدي ت764 ، طبقات الشافعية 2/239 للإسنوي ت764 ، ذيل التذكرة 43-47 للحسيني ت765 ، تاج المفرق 1/258-256 للبلوي ت767 ، طبقات الشافعية 6/104 لابن السبكي ت771 ، البداية والنهاية 14/280 لابن كثير ت774 ، الوفيات 2/226-228 لابن رافع السلامي ت774 ، الوفيات 359 ،360 لابن قنفذ ت810 ، ذيل التقييد 1/525 للفاسي ت832 ، الرد الوافر 163 ،164 لابن ناصر الدين ت842 ، السلوك 1/55 للمقريزي ت845 ، تاريخ ابن قاضي شهبة 3/167-169 ، طبقات الشافعية 3/121-125 كلاهما لابن قاضي شهبة ت 851 ، الدرر الكامنة 2/179-182 لابن حجر 852 ، النجوم الزاهرة 10/337 ، المنهل الصافي 5/282-285 ، الدليل الشافي 1/293 ثلاثتها لابن تغري بردي ت874 ، ذيل دول الإسلام 1/108 ،109 للسخاوي ت902 ، ذيل التذكرة 360 للسيوطي ت911 ، الدارس في تاريخ المدارس 1/59-64 للنعيمي ت927 ، الأنس الجليل 2/106 للعليمي ت928 ، طبقات المفسرين 1/169 للداودي ت945 ، درة الحجال 1/258 للمكناسي ت1025 ، لكنه خلط بينه وبين صلاح الدين الصفدي ، كشف الظنون 1/100 ،500 ،538 ، 559 ،740 - 2/1358 ، 1359 ، 1577 ،1677 ،2012 للحاج خليفة ت1067 ، شذرات الذهب 6/190 لابن العماد ت1089 ، تاج العروس 10/253 للزبيدي ت1205 ، البدر الطالع 1/245 للشوكاني ت1255 ، إيضاح المكنون 1/22 ،310 ،576 - 2/ 95/117/438 ،710 ، هدية العارفين 1/351 كلاهما للبغدادي ت1339 ، الرسالة المستطرفة 83 ،84 ،86 ،105 ، 163 لمحمد بن جعفر الكتاني ت1345 ، فهرس الفهارس 2/177 ، 178 لعبد الحي الكتاني ت ؟ ، الفتح المبين 2/175 للمراغي ت ؟ ، الأعلام 2/323 ،324 للزركلي ت1396 ، معجم المؤلفين 4/126 ، المستدرك عليه 234 ، 235 كلاهما لعمر رضا كحالة .(1/2)
فالعلائي : نسبة إلى العلاية ، وهي بلدة بالروم ، كانت الموطن الأول لأسرته قبل هجرتها إلى دمشق(1) .
والدمشقي : نسبة إلى دمشق حيث وُلِد فيها ونشأ .
والمقدسي : نسبة إلى القدس حيث رحل إليها في آخر حياته واستوطنها ، ومات بها ، ردَّها الله وسائر بلاد المسلمين المغتصبة إلى حوزة الإسلام .
والشافعي : نسبة إلى المذهب الشافعي ، فهو من كبار علماء الشافعية .
ولادته :
ولد العلائي في شهر ربيع الأول(2) من سنة أربع وتسعين وستمائة (( 694هـ )) في مدينة دمشق ، وهذا باتفاق المترجمين له(3) .
نشأته وطلبه للعلم ورحلاته .
نشأ العلائي في مدينة دمشق نشأة علميةً صالحةً ، فبدأ بسماع الحديث في سنة 703هـ أي وعمره تسع سنوات ؛ حيث سمع فيها صحيح مسلم على شيخه شرف الدين الفزاري وكمل عليه فيه ختم القرآن العظيم ، وسمع صحيح البخاري سنة 704هـ على شيخه ابن مشرف ، وذلك بإفادة جدّه لأمه برهان الدين الذهبي ، ثم اشتغل في الفقه والعربية ، وابتدأ طلب الحديث بنفسه سنة 711هـ ، أي : وعمره سبع عشرة سنة ، فقرأ وسمع على الشيوخ والعلماء في مختلف البلدان التي رحل إليها وجدّ واجتهد ؛ حتى بلغ عدد شيوخه بالسماع نحو السبعمائة ، وجمع فهرست مسموعاته في كتاب مستقل(4) .
__________
(1) تاج العروس . 10/253 .
(2) الدرر الكامنة 2/179 . الأنس الجليل 2/106 . النجوم الزاهرة 10/337 . ذيل التذكرة للسيوطي 360 .
(3) المصادر السابقة ، وطبقات الشافعية لابن السبكي 10/36 . تاريخ ابن قاضي شهبة 3/167 .
(4) الدرر الكامنة 2/180 . ذيل تذكرة الحفاظ للحسيني 43 .(1/3)
وكانت أولى رحلاته إلى القدس سنة 717هـ بصحبة شيخه ابن الزملكاني ، وسمع فيها من زينب بنت شكر(1) ، ورحل بعدها إلى مكة للحج سنة 720هـ بصحبة شيخه ابن الزملكاني أيضاً ، وسمع فيها من رضي الدين الطبري(2) ، وحجَّ مراراً وجاور ورحل أيضاً إلى مصر ، وسمع فيها من أصحاب النجيب ، ثم رحل أخيراً إلى بيت المقدس واستقر فيها ثلاثين سنة إلى أن توفي بها(3) .
مناصبه العلمية :
ولي العلائي تدريس الحديث في عدة مدارس في دمشق والقدس .
ففي سنة 718هـ درس في دار الحديث الناصرية(4) ، وولي مشيخة الحديث بها(5) .
وفي سنة 723هـ درَّس في دار الحديث الأسدية(6) .
وفي سنة 728هـ تولى التدريس في دار الحديث الحمصية(7) .
نزل له عنها شيخه المزي ، وحضر درسه القضاة والفقهاء والأعيان(8) .
__________
(1) الدرر الكامنة 2/180 . الدارس 1/61 .
(2) الدرر الكامنة 2/180 . الوفيات للسلامي 2/227 .
(3) الدرر الكامنة 2/180 . تاريخ ابن قاضي شهبة 3/168 .
(4) وهي الجوانية - أي داخل دمشق - تمييزاً لها عن البرانية التي بسفح قاسيون خارج دمشق ، كلاهما من إنشاء الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمد بن غازي بن صلاح الدين الأيوبي المتوفى سنة 659هـ . الدارس 1/115 ، 117 .
(5) المصدر السابق ، تاريخ ابن قاضي شهبة 3/168 .
(6) أنشأها أسد الدين شيركوه الكبير ، وتقع ظاهر دمشق وهي على الطائفتين الحنفية والشافعية . الدارس . 1/152 .
(7) المعروفة بحلقة صاحب حمص ، لا تعرف له ترجمة . الدارس 1/59 . منادمة الأطلال لابن بدران 35 .
(8) البداية والنهاية 14/132 . الدارس 1/59 .(1/4)
وفي سنة 731هـ أسند إليه التدريس بالمدرسة الصلاحية(1) في القدس انتزعها من علاء الدين بن أيوب المقدسي ، وقُرِّرَ علاء الدين هذا في وظائف العلائي بدمشق(2) .
وأُضيف إلى العلائي درس الحديث بدار الحديث التنكزية(3) .
وتولى مشيخة دار الحديث السيفية(4) وهما في القدس أيضاً .
كل هذا بالإضافة إلى كونه مفتياً تأتيه الأسئلة والفتاوى فيجيب عليها إجابة محررة مسددة ، وقد جُمعت هذه الفتاوى باسم : ( الفتاوى المستغربة )(5) .
شيوخه :
تقدم في مبحث نشأة العلائي وطلبه العلم أنَّ عدد شيوخه الذين سمع منهم سبعمائة(6) ، وهو عدد ضخم يدل على حرصٍ وعلوِّ همةٍ في الاستزادة والطلب ، وفيما يلي إشارة إلى ذكر شيوخه الذين لازمهم وأكثر الاستفادة منهم :
1 - ابن الزملكاني : محمد بن علي بن عبد الواحد ت 727هـ لازمه العلائي ورحل معه إلى القدس ، وتفقه عليه ، وعلَّق عنه كثيراً ، ورثاه بقصيدة من نظمه لما مات(7) .
__________
(1) بناها السلطان صلاح الدين الأيوبي سنة 583هـ ، ويقال لها الناصرية نسبة إليه لأنه تلقب بالناصر ، منادمة الأطلال 113 .
(2) الدرر الكامنة 2/181 . تاريخ ابن قاضي شهبة 3/186 .
(3) وهي بباب السلسلة في القدس ، أنشأها الأمير الأكبر تنكز الملكي الناصري في سنة 729هـ . ا.هـ من هامش طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 3/91 نقلاً عن تاريخ القدرس 91 لعارف باشا .
(4) الدارس 1/62 . والسيفية : نسبة إلى الأمير سيف الدين بكتمر ت724هـ ، وهي بمدينة الصلت . البداية والنهاية 14/120 .
(5) لها نسختان ، أزهرية وتقع في 89 ورقة . وظاهرية وتقع في 56 ورقة .
(6) انظر ص 13 .
(7) الدرر الكامنة 2/180 ،182 . تاريخ ابن قاضي شهبة 2/167 .(1/5)
2 - برهان الدين ابن الفركاح : إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري ت 729هـ ، لازمه العلائي وتفقه عليه وخرَّج له مشيخة(1) .
3 - رضي الدين الطبري : إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر المكي ت 722هـ ، سمع منه العلائي بمكة وقال عنه : هو أجل شيوخي(2) .
4 - المزي : يوسف بن عبد الرحمن أبو الحجاج ت 742هـ سمع عليه العلائي علم الحديث ، وتنازل هو للعلائي عن التدريس بالمدرسة الحمصية ، ولما مات جمع فيه العلائي جزءاً أسماه : ( سلوان التعزي عن الحافظ المزي )(3) .
5 - تقي الدين : سليمان بن حمزة بن أحمد بن قدامة المقدسي الصالحي الحنبلي ت 715هـ ، سمع منه العلائي وأكثر عنه ، قال العلائي : رحم الله شيخنا القاضي تقي الدين سليمان سمعته يقول : لم أصلِّ الفريضة قط منفرداً إلا مرتين وكأنِّي لم أصلِّهما قط(4) .
6 - شرف الدين ابن الفركاح : أحمد بن إبراهيم بن سباع الفزاري ت 705هـ ، عمّ برهان الدين المتقدم ، ختم عليه العلائي القرآن ، وسمع عليه صحيح مسلم(5) .
7 - ابن مشرف : محمد بن أبي العز بن مشرف بن بيان الصالحي شهاب الدين البزار ت 707هـ ، سمع عليه العلائي صحيح البخاري(6) .
8 - نجم الدين القحفازي : علي بن داود بن يحيى الحنفي ت 745هـ ، قرأ عليه العلائي في العربية وغيرها(7) .
تلاميذه :
نظراً لكثرة المدارس التي درَّس بها العلائي واستقراره مدة طويلة في بعضها فقد كثُر الآخذون عنه ، فمنهم :
__________
(1) الدرر الكامنة 2/180 . تاريخ ابن قاضي شهبة 2/167 . الدارس 1/62 .
(2) الدرر الكامنة 2/180 . و 1/56 .
(3) الدرر الكامنة 2/181 ، و 5/237 . طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 3/91 .
(4) تاريخ ابن قاضي شهبة 3/167 . الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب 2/364 . الدارس 1/60 .
(5) الدرر الكامنة 2/180 . الدارس 1/60 .
(6) الدرر الكامنة 2/180 .
(7) الدارس 1/60 .(1/6)
1 - ولده : شهاب الدين أبو العباس أحمد بن خليل بن كيكلدي العلائي ت 802هـ ، اعتنى به والده فأسمعه من كبار الحفَّاظ والمُسندين في وقته ، وسمع هو على أبيه أيضاً(1) .
2 - بنته : أسماء بنت خليل بن كيكلدي العلائي ت 795هـ ، سمعت من أبيها وأبي المعالي وغيره وحدَّثت(2) .
3 - بنته الأخرى : أَمَة الرحيم ، ويقال أَمَة العزيز زينب بنت خليل بن كيكلدي العلائي ت 795هـ ، أسمعها والدها من الحجار وغيره ، وحدَّثت(3) .
4 - الإمام الذهبي : ت 748 . أخذ عنه وذكره في معجم شيوخه ، وكذا في المعجم المختص بالمحدِّثين(4) .
5 - الحافظ ابن رجب الحنبلي : ت 795هـ . أخذ عنه وصرَّح بأنَّه شيخه(5) .
6 - العراقي الأب : أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين صاحب الألفية في الحديث ت 808هـ ، أخذ الحديث عن العلائي بمكة ، ولما مات قال فيه : مات حافظ المشرق والمغرب صلاح الدين العلائي(6) .
7 - محمد بن عبد القادر النابلسي الحنبلي : المعروف بالحَنَّة ت 797هـ ، سمع على العلائي وغيره ما لا يحصى كثرةً(7) .
8 - أحمد بن محمد بن عثمان الخليلي : ت 805هـ ، أكثر عن العلائي وسمع عليه بعض كتبه كالقول الحسن في بعث معاذ إلى اليمن ، وتحقيق المراد في أنَّ النهي يقتضي الفساد(8) .
9 - عبد اللطيف بن أحمد الفوي : سراج الدين ت 801هـ ، أخذ الفرائض عن العلائي فمهر فيها(9) .
__________
(1) الضوء اللامع 1/296 . الأنس الجليل 2/165 .
(2) الدرر الكامنة 1/384 . الأنس الجليل 2/162 .
(3) الشذرات 6/344 .
(4) معجم الشيوخ للذهبي 1/223 . المعجم المختص 92 .
(5) الذيل على طبقات الحنابلة 2/365 .
(6) الضوء اللامع 4/172 . ذيل التذكرة للسيوطي 361 .
(7) السحب الوابلة 3/942 . الشذرات 6/339 .
(8) الأنس الجليل 1/507 ، الضوء اللامع 2/141 .
(9) الضوء اللامع 4/324 ، الشذرات 7/17 .(1/7)
10 - محمد بن محمود بن إسحاق الحلبي : أبو موسى المحدث ت 776هـ ، أخذ عن العلائي ولازمه وتخرج به(1) .
11 - أحمد بن ظهيرة الطبري : ت 792هـ ، قرأ الفقه على العلائي ، وأذن له في الفتوى والتدريس(2) .
12 - إسماعيل بن علي بن الحسن : تقي الدين القلقشندي نزيل القدس ت 778هـ ، كان معيداً عند العلائي في المدرسة الصلاحية ، وصاهره على ابنته ، وكان يرجع إليه في نقل المذهب ؛ لأنَّه كان يستحضر الروضة(3) .
مصنفاته :
صنَّف الحافظ العلائي كتباً كثيرة في الفقه والأصول والحديث والتفسير والعربية ، وصفها ابن حجر بأنَّها سائرة مشهورة نافعة متقنة محرَّرة(4) . وقال ابن كثير : وله عدة مصنفات وفي كتابته ضعف ولكن مع صحة وضبط لما يشكل(5) .
وقد اعتنى كثير من الدارسين الذين حققوا بعض كتب العلائي بدراسة مصنفاته على وجه التفصيل .
وسأقتصر هنا على ذكر الكتب المطبوعة وهي كما يلي :
1 - إجمال الإصابة في أقوال الصحابة : طبع سنة 1407هـ بتحقيق الدكتور : محمد سليمان الأشقر ، وهو بحث أصولي في حجية قول الصحابي .
2 - بغية الملتمس في سباعيات حديث الإمام مالك بن أنس : طبع سنة 1405هـ بتحقيق وتعليق : حمدي عبد المجيد السلفي ، وقد ذكر في هذا الكتاب خمسة وخمسين حديثاً مما بينه وبين الإمام مالك فيها سبعة رجال .
3 - تحقيق المراد في أنَّ النهي يقتضي الفساد : طبع سنة 1402هـ بتحقيق الدكتور : إبراهيم محمد سلقيني ، وهو بحث أصولي في النهي ومتى يقتضي الفساد .
__________
(1) الدرر الكامنة 5/18 ،19 . تاريخ ابن قاضي شهبة 3/471 .
(2) العقد الثمين 3/52 ،53 . الدرر الكامنة 1/153 .
(3) الدرر الكامنة 1/395 . تاريخ ابن قاضي شهبة 3/521 .
(4) الدرر الكامنة 2/180 .
(5) البداية والنهاية 14/280 .(1/8)
4 - تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة : طبع سنة 1410هـ بتحقيق الدكتور : عبد الرحيم قشقري ، وطبع سنة 1412هـ بتحقيق الدكتور : محمد سليمان الأشقر ، وهو في تقرير عدالة الصحابة والردّ على من طعن فيهم .
5 - تفصيل الإجمال في تعارض الأقوال والأفعال : طبع سنة 1416هـ بتحقيق الدكتور : محمد إبراهيم الحفناوي(1) ، وهو بحث أصولي في تعارض الفعلين من أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعارض فعله مع قوله أيضاً .
6 - تلقيح الفهوم بتنقيح صيغ العموم : طبع سنة 1403هـ بتحقيق الدكتور : عبد الله بن محمد بن إسحاق آل الشيخ .
7 - التنبيهات المجملة على المواضع المشكلة : طبع سنة 1412هـ بتحقيق الدكتور : مرزوق بن هياس الزهراني ، وهو بيان بعض المواضع المشكلة في الكتب الستة - إلا ابن ماجه - وموطأ مالك ، والإجابة عنها .
8 - توفية الكيل لمن حرَّم لحوم الخيل : طبع سنة 1409هـ بتحقيق بدر الحسن القاسمي ، وهو في إباحة لحوم الخيل ، وقد ضمَّنه الردّ على القاضي أبي العباس السروجي الحنفي ت 710هـ في اعتراضه على نجم الدين ابن الرفعة الشافعي ت 727هـ في إباحة لحوم الخيل .
9 - جامع التحصيل في أحكام المراسيل(2) : طبع سنة 1398هـ بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي .
10 - جزء في تصحيح حديث القلتين والكلام على أسانيده : طبع سنة 1412هـ بتحقيق أبي إسحاق الحويني الأثري .
__________
(1) حقق الكتاب أيضاً في رسالة ماجستير في جامعة الإمام سنة 1402هـ .
(2) حقق الكتاب لنيل شهادة العالمية ( الماجستير ) من قبل الدكتور . عمر حسن فلاته في جامعة الأزهر ، كما حقق الكتاب نفسه لنيل شهادة العالمية العالية ( الدكتوراه ) من قبل الدكتور . زهير الناصر في جامعة الأزهر أيضاً ، وعلى الكتاب حواشٍ بقلم برهان الدين الحلبي كما في الرسالة المستطرفة 86 .(1/9)
11 - جزء في تفسير الباقيات الصالحات وفضلها : طبع سنة 1407هـ بتحقيق بدر الزمان محمد شفيع النيبالي ، وطبع مرة أخرى في السنة نفسها بتحقيق : علي أبو زيد وحسن مروة .
12 - رفع الإشكال عن صيام ستة أيام من شوال : طبع سنة 1415هـ بتحقيق : صلاح بن عايض الشلاحي ، وهو رد على أبي الخطاب ابن دحية في تضعيفه لحديث صيام الستة من شوال .
13 - الفصول المفيدة في الواو المزيدة : طبع سنة 1410هـ بتحقيق الدكتور : حسن الشاعر .
14 - الكلام في بيع الفضولي : طبع سنة 1410هـ في العدد الثالث من مجلة البحوث الفقهية المعاصرة (( السنة الأولى )) بتحقيق الدكتور صلاح عبد الغني الشرع ، وطبع سنة 1417هـ بتحقيق الدكتور : محمد بن رديد المسعودي(1) .
15 - نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد : طبع سنة 1406هـ بتحقيق الدكتور : كامل شطيب الراوي ، وطبع سنة 1416هـ بتحقيق بدر البدر .
16 - النقد الصحيح لما اعترض عليه من أحاديث المصابيح : طبع سنة 1405هـ بتحقيق الدكتور : عبد الرحيم محمد قشقري ، وطبع سنة 1410هـ بتحقيق محمود سعيد ممدوح .
17 - المجموع المذهب في قواعد المذهب : طبع منه جزءان فقط سنة 1414هـ بتحقيق الدكتور محمد عبد الغفار الشريف(2) .
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّي وقفت على تسمية أربعة كتب للعلائي لم يرد لها ذكر في جميع الدراسات السابقة عن العلائي ، وهي .
1 - جزء في التقليد في التوحيد : ذكره ابن حجر في الفتح ونقل عنه(3) .
__________
(1) وقد حقق الكتاب أيضاً في بحث صفيّ في كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية سنة 1409هـ .
(2) حقق باقي الكتاب في أربع رسائل جامعية من درجة الماجستير في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1415هـ .
(3) فتح الباري 13/349 ،354 .(1/10)
2 - كتاب الاستقامة . ذكره السخاوي في الضوء في ترجمة عبد الرحمن بن محمد بن حامد الأنصاري ، المقدسي ، الشافعي ، ت 807هـ وأنّه سمع هذا الكتاب على مؤلفه العلائي(1) .
3 - جزء في تقرير الوحدانية لله تعالى : يشتمل على تفسير قوله تعالى : { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق } ، ذكره البلوي في رحلته ، وأنَّه سمعه على مؤلفه العلائي .
4 - الكبائر : ذكره العلائي نفسه في كتابه المجموع المذهب(2) ، وأشار إليه ابن حجر الهيتمي في كتابه : الزواجر(3) .
وفاته :
توفي العلائي ليلة الاثنين من اليوم الثالث(4) من شهر محرم سنة 761هـ(5) ، بعد حياة حافلة بالعطاء ؛ من تعليم وتدريس وإفتاء ، وذلك في مدينة القدس ، ودفن بمقبرة باب الرحمة ، بجانب سور المسجد الأقصى .
دراسة المخطوط
اسم الرسالة ونسبتها إلى المؤلف :
جاء اسم هذه الرسالة على ظهر النسخة الخطية هكذا : (( مسألة في أنَّ المضاعفة للصلوات في المساجد الثلاثة هل تقع في النوافل أم لا )) ، وهو اسم مطابق على وجه العموم لمحتوى الرسالة .
أمَّا نسبة الرسالة إلى المؤلف فلم أجد من نسبها إليه في المصادر التي ترجمت له ، وهذا لا يشكك في صحة نسبتها ؛ لأنَّ المصادر عادة لا تذكر جميع مؤلفات المترجَم له .
__________
(1) الضوء اللامع 4/127 .
(2) المجموع المذهب في قواعد المذهب 244 .
(3) الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/9 .
(4) انفرد الصفدي بجعل وفاته في اليوم الخامس كما في الدرر لابن حجر 2/181 .
(5) وهذه السنة باتفاق المترجمين له إلا ما شذّ به الإسنوي في طبقات الشافعية من أنَّه توفي سنة 760هـ ، بل ذكر المكناسي في درَّة الحجال 1/259 أنَّه لم يقف على وفاته وأنَّه كان حيّاً سنة 764هـ وهذا بسبب خلطه بين صلاح الدين العلائي وصلاح الدين الصفدي .(1/11)
لكنَّها وردت ضمن مجموع محفوظ بدار الكتب المصرية بعنوان : (( ترجمة العلائي ومؤلفاته )) رقم 241 مجاميع تيمور .
وأسلوبها هو أسلوب العلائي في سائر كتبه خاصة الفقهية ، ومنهجه فيها مطابق تمام المطابقة لمنهجه في الرسائل المشابهة لها ، التي ثبتت نسبتها إليه ، والله أعلم .
وصف النسخة الخطية :
تقع هذه الرسالة ضمن مجموع فيه ترجمة العلائي وعدد من رسائله ، وعدة لوحاتها سبع لوحات تبدأ من اللوحة 33 وتنتهي باللوحة 39 من المجموع المذكور ، وفي كل لوحة وجهان ، وفي كل وجه 19 سطراً بمتوسط 13 كلمة للسطر الواحد .
وهي نسخة جيدة في الجملة ، وخطها واضح مقروء ، ولا تخلو من بعض السقط والغلط الذي تم استدراكه وتصحيحه أثناء التحقيق .
أمَّا العمل في التحقيق فقد كان على النحو التالي :
1 - نسخ المخطوط بمقتضى الرسم الإملائي الحديث .
2 - استدراك السقط وتصحيح الغلط الذي وقع فيه الناسخ ، وذلك بالرجوع إلى المصادر التي نقل منها المؤلف .
3 - توثيق النقول التي أوردها المؤلف من مصادرها .
4 - تخريج الأحاديث والآثار الواردة في الرسالة تخريجاً علمياً يفي بالغرض .
5 - ترجمة ما يحتاج إلى ترجمة من الأعلام .
6 - عمل الفهارس اللاَّزمة .
صورة من المخطوط
بسم الله الرحمن الرحيم
وهو حسبي ونعم الوكيل
الحمد لله رب العالمين وصلواته وسلامه على سيدنا محمد عبده ورسوله خاتم النبيين والمرسلين والملائكة المقربين(1) ، والصالحين من عباد الله أجمعين ، وبعد :
فهذه أوراق عن التطوع بالصلوات في أحد المساجد الثلاثة(2) التي تُشدُّ الرّحال إليها ، ووردت الأحاديث بمضاعفة الصلوات [ و ] الأجور فيها .
__________
(1) في لأصل : (( والمقربين )) والواو لا معنى لها .
(2) في الأصل : (( الثلاث )) .(1/12)
هل فعلها فيها أفضل من فعلها في البيوت؟ أو الإتيان بها في البيوت أفضل كبقية المساجد؟ وهل مضاعفة أجور الصلوات في هذه المساجد الثلاثة(1) يعمّ كلاًّ من الفرض والنفل؟ أو يختص بالفرض فقط؟ [ و ] ما للعلماء في ذلك؟
اقتضى كتابتها كلامٌ جرى مع إمام من أئمة المسلمين ، وعَلَمٍ من أعلام الدين(2) ، تيَسَّرت ببركته وتَحَرَّرت بجميل نيَّته ، والله ولي التوفيق .
روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام )) متفق عليه . وهذا لفظ البخاري(3) .
ولفظ مسلم : (( ... خير من ألف صلاة في غيره من المساجد ))(4) ، وفي رواية لمسلم أيضاً : (( ... أفضل من ألف صلاة فيما سواه ))(5) .
وأخرجه أيضاً بهذا اللفظ من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (6) ، ومن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن ميمونة أمّ المؤمنين - رضي الله عنها - أنّها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول . (( صلاة فيه - يعني مسجده - أفضل من ألف صلاة فيما سواه [ 1/ب ] من المساجد إلا مسجد الكعبة ))(7) .
قال الشيخ محيي الدين(8) - رحمه الله - :
__________
(1) في الأصل : (( الثلاث )) .
(2) لم أتمكن من معرفة هذا الإمام الذي يشير إليه المصنف .
(3) صحيح البخاري مع الفتح 3/63 (1190) .
(4) صحيح مسلم 2/1012 حديث رقم (506) من كتاب الحج .
(5) صحيح مسلم 2/1012 حديث رقم (507) من كتاب الحج .
(6) صحيح مسلم 2/1013 حديث رقم (509) من كتاب الحج .
(7) صحيح مسلم 2/1014 حديث رقم (510) من كتاب الحج .
(8) هو الإمام النووي .(1/13)
اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيّهما أفضل ، فذهب الشافعي - رحمه الله - وجماهير العلماء إلى أنّ مكة أفضل من المدينة(1) ،
__________
(1) للإمام ابن القيم بحث ماتع حول تفضيل مكة - حرسها الله - على سائر البلدان . كما في زاد المعاد 1/46-52 ، بل له مؤلف خاص في (( تفضيل مكة على المدينة )) ذكره ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة 2/450 ، وعكس ذلك أبو بكر الأبهري المالكي (ت375هـ) فألف : (( فضل المدينة على مكة )) كما في الفهرست لابن النديم 253 .
وللسيوطي رسالة - وهي مطبوعة - باسم (( الحجج المبينة في التفضيل بين مكة والمدينة )) اختار فيها التوقف عن التفضيل وإن كانت نفسه تميل إلى تفضيل المدينة ، وله أيضاً : مقامة المفاضلة بين مكة والمدينة اسمها : (( ساجعة الحرم )) كما في مقاماته 1/499-553 .
وللزَّرَنْدي الحنفي ( ت747هـ) أيضاً مقامة في المفاضلة بينهما اسمها : (( المرور بين العلمين في مفاخرة الحرمين )) وهي مطبوعة أيضاً .
وقد سرد ابن الجوزي في مثير العزم الساكن 2/212 ،213 أسماء أربعة وخمسين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استوطنوا مكة ثم قال : وقد جاور بها جابر بن عبد الله وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يقيم بها .ا.هـ .
وذكر الفاكهي في أخبار مكة 2/287 أنّ مدة جوار جابر بمكة ستة أشهر .
وذكر القاضي أبو يعلى الحنبلي أن مدة جواره أربعة أشهر وعشراً . كما في بدائع الفوائد 3/138 لابن القيم .
وانظر في مسألة التفضيل بين هاتين المدينتين :
الاستذكار 7/225 ،226 . التمهيد 2/287-290 . المحلى 7/279-290 وهو مهم . المقدمات لابن رشد 3/477 ،481 . المغني 4/494 . المجموع 7/466 . قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1/39-43 وقد رجح تفضيل مكة من اثني عشر وجهاً . الفروق للقرافي 2/229-232 . إعلام الساجد للزركشي 186-193 . فتح الباري 3/67 .
والذي يبدو أنّه لم يفصل النزاع في الخلاف الواقع في أيّهما أفضل كما قال ذلك ابن كثير في أحكامه [81/أ] وكما يدل عليه توقف كثير من العلماء عن المفاضلة واقتصارهم على حكاية القولين وأدلتهما أو عقد المناظرة بين المدينتين ، وعلى كلّ فالمسألة مهيبة ولا يترتب على الترجيح فيها كبير عمل ، والأرض لا تقدس أحداً وإنما يقدس الرجل عمله كما قال سلمان - رضي الله عنه - ، والفضيلة الدائمة في كلّ وقت ومكان في الإيمان والعمل الصالح ، والله أعلم .(1/14)
وأنّ مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة ، وعكسه مالك وطائفة .
فعند الشافعي والجمهور معناه : إلا المسجد الحرام ، فإنّ الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي . وعند مالك وموافقيه : إلا المسجد الحرام فإنّ الصلاة
[ في مسجدي ](1) تفضله بدون الألف(2) .
وقال أبو العباس القرطبي(3) في تقرير قول مالك :
لا شك أنّ المسجد الحرام مستثنى من قوله : (( من المساجد )) وهي باتفاق مفضولة ، والمستثنى من المفضول مفضول إذا سكت عليه ، فالمسجد الحرام مفضول لكن لا يقال أنّه مفضول بألف لأنّه قد استثناه منها فلا بدّ أن يكون له مزية على غيره من المساجد لكن ما هي؟ لم يعينها الشرع ، فيتوقف فيها(4) .
وقال الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر :
قال عبد الله بن نافع الزبيري(5) صاحب مالك : معنى هذا الحديث أنّ الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة إلا المسجد الحرام ، فإنّ الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل من الصلاة [ فيه ](6) بدون الألف(7)(8) .
__________
(1) الزيادة من شرح النووي على صحيح مسلم .
(2) شرح صحيح مسلم للنووي 9/163 .
(3) هو أحمد بن عمر بن إبراهيم بن عمر الأنصاري الأندلسي القرطبي شيخ أبي عبد الله القرطبي صاحب التفسير ، فقيه مالكي محدّث ألّف المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم وكشف القناع عن حكم الوجد والسماع وغيرهما ، توفي سنة 656هـ .
الديباج المذهب 1/20 . الوافي بالوفيات 7/265 .
(4) المفهم 3/505 ،506 .
(5) من ولد الزبير بن العوام ويعرف بالأصغر تمييزاً له عن أخيه وسميّه عبد الله بن نافع الأكبر ، سمع مالكاً وغيره ، وروى عنه عباس الدوري والزبير بن بكار وغيرهما ، صدوق ، توفي سنة 216هـ .
الديباج المذهب 1/411 . التقريب 551 .
(6) الزيادة من الاستذكار .
(7) في الاستذكار : ألف صلاة .
(8) الاستذكار 7/225 .(1/15)
ثم قال : وهذا التأويل على بعده ومخالفة أهل العلم له لا حظَّ له في اللسان العربي ...(1) . وقال عامة أهل الأثر : الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمائة صلاة ، ومن الصلاة في سائر المساجد بمائة ألف [2/أ] صلاة [ والصلاة في مسجد الرسول أفضل من سائر المساجد بألف صلاة ](2) .
ثم روى ابن عبد البر هذا القول عن سفيان بن عيينة وعن ابن الزبير من الصحابة رضي الله عنهم ، وعن ابن . . . . . .(3) وأصبغ بن الفرج(4) أنهما كانا يذهبان إلى تفضيل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال : فهؤلاء أصحاب مالك قد اختلفوا [ في ذلك ](5) ، وقد روينا عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي الدرداء وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم - أنهم كانوا يفضلون مكة ومسجدها(6) ،
__________
(1) موضع النقط عدة أسطر في الاستذكار تركها المصنف اختياراً .
(2) الزيادة من لاستذكار 7/226 ، ولا بد منها .
(3) كلمة لم أتبينها . ولعلها : (( ابن حبيب )) . كما يدل عليه ما في الحاشية التالية .
(4) هكذا العبارة في الأصل ، والذي في الاستذكار 7/232 . وقال عبد الملك بن حبيب عن مطرف وعن أصبغ عن ابن وهب أنّهما كانا ... الخ ، وكذا في التمهيد 6/34 .
ولعل هذا هو الصواب ؛ لأنّ هذا القول هو لمطرف وابن وهب ، وابن حبيب وأصبغ إنما هما راويان لهذا القول عنهما .
وانظر : المنتقى شرح الموطأ 1/341 . تفسير القرطبي 9/372 .
(5) الزيادة من الاستذكار .
(6) أما الرواية عن عمر . فروى ابن أبي شيبة في المصنف 2/371 ،372 من طريق عبد الله بن الزبير قال : سمعت عمر يقول : (( صلاة في هذا المسجد أفضل من مائة صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام )) .
ورواه الفاكهي في أخبار مكة 2/96 . وابن عبد البر في التمهيد 6/19 . وابن حزم في المحلى 7/285 بلفظ : (( صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيما سواه إلا مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )) .
قال ابن حزم : وهذا سند كالشمس في الصحة .
وروى ابن عبد البر أيضاً في التمهيد 6/22 بسنده إلى عمر - رضي الله عنه - قال : صلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن فضله عليه بمائة صلاة )) .
وأما الرواية عن علي : فروى ابن عبد البر في التمهيد 6/33 ، 34 بسنده إلى ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب : إني لأعلم أحبّ بقعةٍ إلى الله في الأرض وأفضل بئر ، وأطيب أرض في الأرض ريحاً ، فأما أحب بقعة إلى الله في الأرض فالبيت الحرام وما حوله . . . وذكر بقية الأثر .
وروى الأزرقي في أخبار مكة 2/50 بسنده إلى أبي الطفيل قال : سمعت علياً يقول : خير واديين في الناس وادي مكة ووادٍ في الهند . . . الأثر .
وأما الرواية عن ابن مسعود : فروى الفاكهي في أخبار مكة 2/98 . وابن عبد البر في التمهيد 6/31 من طريق الحميدي عن ابن عيينة قال : حدثني عمر بن سعيد عن أبيه عن أبي عمرو الشيباني قال : قال عبد الله بن مسعود : (( ما لامرأة أفضل من صلاتها في بيتها إلا المسجد الحرام )) .
ووجه الدلالة من هذا الأثر على التفضيل ما قاله ابن عبد البر في التمهيد ، فإنه قال بعد أن أورده :
وهذا تفضيل منه للصلاة فيه على الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه : (( صلاة أحدكم في بيته أفضل من صلاته في مسجدي إلا المكتوبة )) .
وأما الرواية عن أبي الدرداء . فلم أجدها .
وكذا الرواية عن جابر ، والله أعلم .(1/16)
وإذا لم يكن بدٌّ من التقليد فهم أولى أن يُقلّدوا من غيرهم الذين جاءوا من بعدهم ، هذا كله قول ابن عبد البر رحمه الله في كتابه : الاستذكار(1) .
وقال فيه أيضاً قبل ذلك(2) .
وأحسن حديث رُوي في ذلك ما رواه حمَّاد بن زيد وغيره عن حبيب المعلم(3) عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة ))(4) .
ثم قال(5) : [ وقال ](6) ابن أبي خيثمة(7) : سمعت يحيى بن معين يقول : حبيب المعلم ثقة(8) .
[
__________
(1) انظر : الاستذكار 7/231 .
(2) الاستذكار 7/226 .
(3) أبو محمد البصري ، مولى معقل بن يسار ، اختلف في اسم أبيه فقيل : زائدة ، وقيل : زيد ، صدوق ت 130هـ . تقريب 222 .
(4) أخرجه عبد الرزاق 5/121 . وأحمد 4/5 . وعبد بن حميد كما في المنتخب من المسند (رقم 520) . والبخاري في التاريخ 4/29 . والطيالسي (1467) . وابن المنذر في الأوسط 5/193 . والفاكهي في أخبار مكة 2/90 . والحارث ابن أبي أسامة كما في بغية الباحث (رقم 390) . والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/127 . وفي المشكل 1/244 . والبزار (كشف 1/214) . والطبراني في الكبير 13/111 قطعة منه . والبيهقي 5/246 . وابن حزم في المحلى 7/290 . وابن عبد البر في التمهيد 6/25 .
وسيأتي عن المصنف أنّه أخرجه ابن حبان والحاكم وصححه .
(5) أي ابن عبد البر .
(6) الزيادة من الاستذكار .
(7) أحمد بن زهير بن حرب النسائي ، الإمام الحافظ صاحب التاريخ الكبير ، وثقّه الدارقطني والخطيب وغيرهما . ت279هـ .
تاريخ بغداد 4/162 . السير 11/492 .
(8) الجرح والتعديل 3/101 .(1/17)
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : حبيب المعلم ثقة ](1) ما أصحّ حديثه(2) ، وسئل أبو زرعة الرازي عن حبيب المعلم ، [ فقال ](3) : بصري ثقة(4) .
قال أبو عمر : وسائر الإسناد لا يحتاج إلى القول فيه ، وقد روي أيضاً من حديث ابن عمر(5) وحديث جابر(6) رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل حديث ابن الزبير .
قلت : حديث ابن الزبير هذا صحّحه أيضاً الحاكم في المستدرك(7) ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه(8) ، ثم قال ابن عبد البر(9) :
__________
(1) الزيادة من الاستذكار .
(2) العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد 2/298 ، برواية ابنه عبد الله . الجرح والتعديل 3/101 .
(3) زيادة من الاستذكار .
(4) الجرح والتعديل 3/101 .
(5) أما حديث ابن عمر . فأخرجه مسلم كما تقدم صفحة 24 .
(6) وأما حديث جابر : فأخرجه أحمد في المسند 3/343 ،397 . والبخاري في التاريخ 4/29 . وابن ماجه . 5- كتاب إقامة الصلاة - 195 - باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - (1406) . وابن المنذر في الأوسط 5/139 . والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/127 . وفي المشكل 1/246 .
وصححه في الإرواء 4/341 .
(7) لم أجده في مظانه من المستدرك .
(8) صحيح ابن حبان 4/499 .
(9) الاستذكار 7/228 .(1/18)
وذكر البزار ، قال : حدثنا إبراهيم بن جميل(1) قال : حدثنا محمد بن يزيد بن شداد ، قال : ثنا سعيد بن سالم القداح(2) ، ثنا سعيد بن بشير(3) [ 2/ب ] عن إسماعيل بن عبيد الله(4) عن أمّ الدرداء عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة ، وفي مسجدي ألف صلاة ، وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة )) قال أبو بكر البزار . هذا حديث حسن(5) .
__________
(1) في الأصل : (( حميد )) والتصويب من الاستذكار ومن كشف الأستار .
(2) أبو عثمان المكي ، صدوق يهم ، ورمي بالإرجاء ، وكان فقيها . تقريب 379 .
(3) الأزدي ، أبو عبد الرجمن أو أبو سلمة الشامي ، ضعيف . ت168هـ . تقريب 374 .
(4) ابن أبي مهاجر المخزومي مولاهم . ثقة . ت131هـ . تقريب 142 .
(5) كشف الأستار 1/212 ، 213 ، وليس فيه قوله : هذا حديث حسن ، وإنما فيه : لا نعلمه يروى بهذا اللفظ مرفوعاً إلا بهذا السند ، لكن من نقل هذا الحديث عن البزار كابن عبد البر في التمهيد 6/30 . والمنذري في الترغيب والترهيب 2/216 . وابن حجر في الفتح 3/67 يذكرون تحسينه لهذا الحديث ، فلعل ذلك في نسخة أخرى .
وقد أخرج هذا الحديث عن أبي الدرداء أيضاً : الطحاوي في مشكل الآثار 1/248 . وابن عدي في الكامل 3/1234 . والطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد 4/7 . والبيهقي في الشعب 3/484 ،485 .(1/19)
قلت(1) : هذا الحديث من أجود ما روي في مضاعفة الصلوات في المسجد الأقصى ، فإسماعيل بن عبيد الله اتفق على الاحتجاج به(2) ، ويعرف بابن أبي المهاجر ، وسعيد بن بشير وإن كان بعضهم تكلم فيه ، قال فيه شعبة : كان صدوق اللسان(3) ، وقال ابن عيينة : كان حافظاً(4) ، ووثقه دحيم(5) ، وقال : كان مشايخنا يوثقونه(6) ، وقال ابن أبي حاتم : رأيت أبي ينكر على من أدخله في كتاب الضعفاء ، وقال : محله الصدق(7) ، وقال فيه ابن عدي : الغالب على كلامه الاستقامة(8) .
وسعيد بن سالم القداح قال فيه ابن معين : ليس به بأس(9) ، وقال أبو حاتم : محله الصدق(10) ، وقال فيه أبو داود [ و ] ابن عدي : صدوق(11) .
وشيخ البزار فيه وشيخ شيخه لم يتكلم فيهما .
__________
(1) أي العلائي .
(2) تقدم النقل عن ابن حجر توثيقه في التقريب ، وانظر : تهذيب الكمال 3/146 ،147 .
(3) تاريخ أبي زرعة الدمشقي 1/400 . الجرح والتعديل 4/6 . الكامل لابن عدي 3/1206 . تهذيب الكمال 10/351 .
(4) الجرح والتعديل 4/7 . الكامل لابن عدي 3/1207 . تهذيب الكمال 10/352 .
(5) في الأصل : (( ابن دحيم )) وهو خطأ .
(6) تاريخ أبي زرعة 1/400 ،401 . الجرح والتعديل 4/7 . تهذيب الكمال 10/352 .
(7) الجرح والتعديل 4/7 .
(8) الكامل 3/1212 .
(9) تاريخ يحيى بن معين 2/200 . الكامل 3/1234 .
(10) الجرح والتعديل 4/31 .
(11) تهذيب الكمال 10/456 . الكامل 3/1235 .(1/20)
وقد رواه محمد بن إسحاق الصَّغَاني(1) أيضاً عن محمد بن يزيد بن شداد(2) الأدمي(3) أخرجه من طريقه(4) القاسم بن عساكر(5) في كتابه (( المستقصى ))(6) ، وقد حسنه البزار كما تقدم(7) ، فالحديث جيد ، وهو في مسند الإمام أحمد بن حنبل من هذا الوجه أيضاً(8) .
__________
(1) في الأصل : (( الصنعاني )) ، وهو محمد بن إسحاق الصَّغَاني ، ويقال : الصاغاني ، أبو بكر نزيل بغداد ، ثقة ثبت ، مات سنة 270هـ . تقريب 824 .
(2) في شعب الإيمان للبيهقي 3/485 : (( خالد )) بدل : (( شداد )) .
(3) في الأصل : (( الاردوي )) والتصويب من الشعب ، ومن تهذيب الكمال 10/455 .
(4) في الأصل (( طريق )) والصواب ما أثبت .
(5) القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر بهاء الدين أبو محمد ، الإمام المحدّث الحافظ ابن الحافظ الكبير صاحب تاريخ دمشق ، سمع من والده وعمه وجدّ أبيه وخال أبيه وغيرهم ، ألف كتاباً كبيراً في الجهاد سمعه منه كلّه السلطان صلاح الدين ، وكتاباً في فضائل القدس وغيرهما . ت 600هـ .
السير 21/405 . الشذرات 4/347 .
(6) واسمه كاملاً : (( الجامع المستقصى في فضائل المسجد الأقصى )) كما في كشف الظنون 1/574 ، والأعلام 5/178 ، وأشار إلى أنَّه مخطوط ، ويسميه ابن كثير في أحكامه [80/ب] الصحيح والمستقصى .
(7) تقدم أنَّه لا يوجد في كشف الأستار تحسين البزار لهذا الحديث لكن المصادر التي تنقل عن البزار ذكرت ذلك .
(8) المسند 4/5 ، وأخرجه أيضاً الطبراني في الكبير ( كما في مجمع الزوائد . 4/7 ،) والبيهقي في الشعب . 3/485 .(1/21)
وأخرجه ابن ماجه في سننه بلفظ آخر من حديث أنس بن مالك(1) بإسناد ضعيف(2) ، وكذلك أيضاً روي من طرق أخَر ضعيفة(3) ، وفي هذا الإسناد كفاية ، وبالله التوفيق .
قال القرطبي(4) : اختلفوا في قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه )) هل المراد بالصلاة هنا الفرض أو هو عام في الفرض [ 3/أ ] والنفل؟ وإلى الأول ذهب الطحاوي(5) ، وإلى الثاني ذهب مطرف(6) من أصحابنا(7) .
وقال الشيخ محيي الدين رحمه الله في شرح مسلم : اعلم أنَّ مذهبنا [ أنَّه ](8) لا يختص هذا التفضيل في الصلاة في هذين المسجدين بالفريضة بل يعم الفرض والنفل جميعاً ، وبه قال مطرف من أصحاب مالك ، وقال الطحاوي [ يختص ](9) بالفرض لإطلاق هذه الأحاديث الصحيحة ، والله أعلم(10) .
__________
(1) سنن ابن ماجة ،حديث رقم (1413) .
(2) انظر مصباح الزجاجة 2/15 .
(3) كما في أخبار مكة للفاكهي 2/90 ، والكامل لابن عدي 7/2679 ، والشعب للبيهقي 3/486 ،487 .
(4) أي أبو العباس صاحب المفهم .
(5) ولفظه كما في شرح معاني الآثار 3/128 : فلما روي ذلك على ما ذكرنا كان تصحيح الآثار يوجب أن الصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي لها الفضل على الصلاة في البيوت هي الصلاة التي هي خلاف هذه الصلوات وهي المكتوبة .اهـ .
(6) كما في المنتقى للباجي 1/341 ، ونصه : سئل مطرف عن هذه الفضيلة هل هي في النافلة أيضاً؟ قال" نعم .اهـ .
(7) المفهم 3/507 .
(8) الزيادة من شرح صحيح مسلم .
(9) الزيادة من شرح صحيح مسلم .
(10) شرح صحيح مسلم 9/163 .(1/22)
وقال أيضاً في كتابه هذا في باب استحباب صلاة النافلة في بيته : قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )) هذا عام في جميع النوافل المترتبة(1) مع الفرائض والمطلقة إلا في النوافل التي هي من شعائر الإسلام ، وهي : العيد والكسوف والاستسقاء وكذا التراويح على الأصحّ ؛ فإنَّها مشروعة في جماعة [ في ](2) المسجد ، والاستسقاء في الصحراء ، وكذا العيد إذا ضاق المسجد ، والله أعلم(3) .
وقال أيضاً في صدر هذا الباب(4) : وكذا ما لا يتأتى في غير المسجد كتحية المسجد ، أو يندب كونه في المسجد وهو ركعتا الطواف(5) .
فظاهر هذا أنَّه لا فرق بين المساجد الثلاثة وبين غيرها في ترجيح فعل النوافل في البيت فيها ؛ لأنه استثنى ركعتي الطواف وهما يفعلان ندباً في المسجد الحرام خلف المقام ، فبينه وبين كلامه الأول الذي اختار فيه تعميم المضاعفة في الفرض والنفل ما لا يخفى من التنافي ، اللهم إلا أن يُقال : إن النافلة في أحد المساجد الثلاثة تكون أفضل من ألف مثلها في غير مسجد المدينة مثلاً ، ويكون فعل هذه النافلة في البيت الذي في تلك البلدة أفضل من فعلها في ذلك المسجد .
وهذا فيه نظر أيضاً ؛ لأن هذه المضاعفة المخصوصة [ في ] هذه المساجد الثلاثة لو لم يختص كلّ مسجد بما جعله الشارع - صلى الله عليه وسلم - [ 3/ب ] له من المضاعفة لم يبقَ لذلك المسجد مزية على غيره ، فإذا كانت النافلة في البيت تحصل المضاعفة فيها أكثر من ذلك المسجد زالت تلك الخصوصية ، وأيضاً يلزم من ذلك استواء المساجد الثلاثة مع ما ليس بمسجد أفضل ، وفيه ما فيه .
وقال الشيخ محيي الدين أيضاً في شرح المهذّب :
__________
(1) في شرح صحيح مسلم المرتبة .
(2) زيادة من شرح مسلم .
(3) شرح صحيح مسلم 6/70 .
(4) أي في عنوان الترجمة .
(5) شرح صحيح مسلم 6/67 .(1/23)
قال أصحابنا : إن كانت الصلاة مما يتنفل بعدها فالسنة أن يرجع إلى بيته ليفعل النافلة ؛ لأن فعلها في البيت أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( صلوا أيها الناس في بيوتكم ؛ فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )) رواه البخاري ومسلم(1) .
وذكر أحاديث أخر وكلاماً ثم قال :
[ قال ](2) أصحابنا : فإن صلى النافلة في المسجد جاز ، وإن كان خلاف الأفضل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : (( صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سجدتين قبل الظهر ، وسجدتين بعدها ، وسجدتين بعد المغرب ، وسجدتين بعد العشاء ، وسجدتين بعد الجمعة ، فأمّا المغرب والعشاء ففي بيته )) رواه البخاري ومسلم(3) .
قال : فظاهره أنّ الباقي صلاها في المسجد لبيان الجواز في بعض الأوقات ، وواظب على الأفضل في معظم الأوقات وهو صلاة النافلة في البيت ، وفي الصحيحين : (( أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلّى ليالي في رمضان في المسجد غير المكتوبات ))(4) . انتهى كلام الشيخ محيي الدين رحمه الله(5) .
وهو ظاهر في ترجيح فعل النافلة في البيت على فعلها في المسجد وإن كان أحد المساجد الثلاثة .
وقال أيضاً في باب صلاة التطوع من شرح المهذب :
__________
(1) البخاري مع الفتح 2/214 (731) ، ومسلم 1/540 (781) .
(2) الزيادة من المجموع .
(3) البخاري مع الفتح 3/50 (1172) ، ومسلم 504 (729) .
(4) سيأتي تخريجه عند ذكر لفظه ، ص 35 .
(5) المجموع 3/472 ،473 .(1/24)
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء : فعل ما لا تُسنُّ له الجماعة من التطوع في بيته أفضل منه في المسجد وغيره ، سواء في ذلك تطوع الليل والنهار ، وسواء الرواتب مع الفرائض وغيرها ، وعجب من المصنف رحمه الله - يعني في المهذب - في تخصيصه بتطوع النهار ، وكان ينبغي أن يقول [ 4 / أ ] : وفعل التطوع في البيت أفضل . كما قاله في التنبيه(1) ، وكما قاله الأصحاب وسائر العلماء(2) .
وظاهر هذا الكلام التعميم بالنسبة إلى المساجد من غير استثناء المساجد الثلاثة من غيرها .
وقال فيه أيضاً في باب استقبال القبلة(3) :
قال أصحابنا : النفل في الكعبة أفضل منه خارجها ، وكذا الفرض إن لم يرج جماعة أو أمكن الجماعة الحاضرين الصلاة فيها ، فإن لم يمكن فخارجها [ أفضل ](4) .
ثم احتج لذلك بنصِّ الشافعي - رضي الله عنه - فإنه قال في الأم :
قضاء الفريضة الفائتة في الكعبة أحبّ إليّ من قضائها خارجها ، قال : وكلما قرب منها كان أحبّ إليّ مما بعد ، وكذا المنذورة في الكعبة أفضل من خارجها . قال الشافعي : ولا موضع أفضل ولا أطهر للصلاة من الكعبة(5) .
وهذا الكلام من الشيخ محيي الدين رحمه الله يقتضي ترجيح النفل في الكعبة على غيره ، وربما فيه منافاة للقولين اللذين تقدم نقلهما آنفاً ، اللهم إلا أن يُقال : إن مراده أنّ صلاة النفل داخل الكعبة أفضل منه خارجها ، وإن كان فعلها في البيت أفضل .
__________
(1) التنبيه للشيرازي 35 .
(2) المجموع 3/540 .
(3) المجموع 3/196 .
(4) زيادة من المجموع .
(5) الأم 1/99 .
غير أنّه لا يوجد فيها عبارة : (( وكذا المنذورة في الكعبة أفضل من خارجها )) فلعله سقطت من المطبوع ، وقد نقل العبارة بكاملها ابن كثير في أحكامه [ 118/أ ] .(1/25)
وأمّا احتجاجه لذلك بما ذكر من نصّ الشافعي - رضي الله عنه - ففيه نظر ؛ ولا يلزم من أفضليتهما في الكعبة أفضلية النفل ؛ لدلالة الأحاديث الآتي ذكرها على أن فعل النافلة في البيت أفضل ، وقد أشار الشافعي - رضي الله عنه - إلى ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، على أنّ في ترجيح الصلاة داخل الكعبة على خارجها نظر ؛ لوجود الخلاف في صحة ذلك(1) ، وليس هذا موضع بسط الكلام في ذلك .
وقال الشيخ محيي الدين أيضاً في شرح المهذب في باب صفة الحج :
اختلف العلماء في التطوع في المسجد الحرام بالصلاة والطواف أيّهما أفضل؟ فقال صاحب الحاوي(2) : الطواف أفضل ، وظاهر إطلاق المصنف في قوله [ في ](3) باب صلاة التطوع : أفضل عبادات البدن الصلاة أنّ الصلاة أفضل ، وقال ابن عباس وعطاء وسعيد بن جبير ومجاهد : الصلاة لأهل مكة أفضل ، والطواف للغرباء أفضل(4)(5) .
__________
(1) يشير المؤلف إلى رأي الإمام أحمد ، وهو عدم صحة الفريضة داخل الكعبة ، أمّا مالك فيرى الكراهة ، ومن فعل ذلك أعاد في الوقت استحباباً ، ومذهب أبي حنيفة موافق للشافعي في الجواز .
انظر : المغني 2/475 ، تفسير القرطبي 2/115 ،116 ، أحكام القرآن للجصاص 1/94 ، إعلام الساجد 91 ، طرح التثريب 5/139 .
(2) هو : أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي الشافعي صاحب التصانيف ، حدّث عنه الخطيب ووثّقه ، وكان لا يرى صحة الرواية بالإجازة . ت450هـ .
السير 18/64 ، طبقات السبكي 5/267 .
(3) زيادة من المجموع .
(4) انظر الآثار عن هؤلاء في : مصنف عبد الرزاق 5/70 ، وابن أبي شيبة 3/372 ، ومسائل أبي داود للإمام أحمد 161 ،181 ،182 .
وانظر : الفروع 1/528 ، أحكام القرآن للجصاص 1/94 ، تفسير القرطبي 2/116 .
(5) المجموع 8/78 .(1/26)
وهذا الخلاف يقتضي [ 4/ ب ] أن يكون التطوع في المسجد الحرام أفضل منه في البيت إذ لا يصح التفاضل بين الطواف الذي لا يصح فعله إلا في المسجد وبين الصلاة التي هي مفضولة بالنسبة إلى فعلها في البيوت ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
فتحصّل من هذا كله اضطراب النقل في النوافل : هل فعلها في المساجد الثلاثة أفضل أو في البيوت؟
والذي تقتضيه الأحاديث عند المحققين أنّ فعلها في البيوت أفضل ، إلا ما شرع له الجماعة كالعيد والكسوف والاستسقاء ، وكذا التراويح على الأصح ، وكذا ركعتي الطواف اتباعاً لفعله - صلى الله عليه وسلم - لهما خلف المقام ، وكذلك تحية المسجد لاختصاصها بالمسجد ، وما عدا ذلك ففعله في البيت أفضل لدخوله تحت قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ))(1) ، وعدم ما يدل على إخراجه من هذا العموم .
وهذا الذي اختاره الإمام أبو عمر بن عبد البر(2) ، ونقله عن جماعة من الصحابة ، وحكاه أيضاً عن نصّ الشافعي ، كما سيأتي إن شاء الله .
__________
(1) تقدم تخريجه ص 31 .
(2) انظر : الاستذكار 5/164 ، والتمهيد 8/120 ، وص 22 من هذا الكتاب .(1/27)
أمّا الأحاديث الدالة على ذلك ففي الصحيحين عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال : (( احتجر النبي - صلى الله عليه وسلم - حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أو حصير في المسجد )) وفي رواية : (( رمضان ))(1) فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيها . قال : فَتَتَبَّعَ(2) إليه رجال(3) وجاءوا يصلون بصلاته ، قال : ثم جاءوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب ، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مغضباً فقال : (( ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنّه سيُكتب عليكم ، فعليكم بالصلاة في بيوتكم ؛ فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة )) . وهذا لفظ مسلم(4) .
ورواه الدارمي(5) في مسنده(6) بإسناد صحيح ، ولفظه : (( فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الجماعة ))(7) .
__________
(1) وهي من حديث عائشة رضي الله عنها عند الإمام أحمد 6/267 ، وأبي داود 2/104 (1374) .
(2) فتتبع : أصل التتبع : الطلب . ومعناه هنا : طلبوا موضعه واجتمعوا إليه . اهـ من شرح النووي على مسلم : 6/69 .
(3) في الأصل : (( رجلان )) . والتصويب من مصادر تخريج الحديث .
(4) صحيح مسلم 1/539 ،540 حديث رقم (781) ، وهو في البخاري مع الفتح 2/214 (731) .
(5) في الأصل : (( الدارقطني )) .
والصواب ما أثبت ؛ لأن الحديث بهذا اللفظ لا يوجد في سنن الدارقطني ، وإنّما هو في سنن الدارمي .
(6) هكذا سمّى المؤلف سنن الدارمي بالمسند ، وهو إطلاق صحيح عند المحدّثين ؛ فإنهم قد يطلقون المسند على كتاب مرتب على الأبواب الفقهية لا على الصحابة ؛ لكون أحاديثه مسندة ومرفوعة ، أو أسندت ورفعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كصحيح البخاري فإنّه يسمّي بالمسند الصحيح ، وكسنن الدارمي فإنها تُسمى مسند الدارمي . وغيرهما .
انظر : الرسالة المستطرفة للكتاني 74 .
(7) سنن الدارمي 1/258 .(1/28)
وأخرجه [ 5/أ ] [ الترمذي ](1) مختصراً بلفظ : (( أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة ))(2) ثم قال : وفي الباب عن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وأبي سعيد وأبي هريرة [ وابن عمر ](3) وعائشة وعبد الله بن سعد(4) وزيد بن خالد الجهني .
قلت : حديث أبي(5) سعيد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من حديث جابر عن أبي سعيد رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا قضى أحدكم صلاته في المسجد فليجعل لبيته نصيباً من صلاته ؛ فإن الله عز [ وجلّ ] جاعل في بيته من صلاته خيراً ))(6) ، ثم رواه جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير ذكر أبي سعيد(7) .
__________
(1) زيادة لا بدّ منها ليستقيم الكلام ؛ لأن ما بعد القوسين مطابق لما في سنن الترمذي تمام المطابقة .
(2) سنن الترمذي 1/312 حديث رقم (450) .
(3) الزيادة من سنن الترمذي .
(4) عبد الله بن سعد الأنصاري ، له صحبة ، سكن دمشق ، روى عنه حزام بن حكيم وخالد بن معدان .
الإصابة 4/112 .
(5) في الأصل : (( ابن )) . وهو خطأ .
(6) صحيح ابن خزيمة 2/212 .
وأخرجه أيضاً أحمد 3/59 ، وابن ماجه 1/438 (1376) ، ومحمد بن نصر المروزي في قيام الليل كما في مختصره للمقريزي 68 ، والبيهقي 2/189 .
(7) صحيح ابن خزيمة : 2/212 .
وأخرجه أيضاً عن جابر مسلم 1/539 (778) ، وأحمد 3/316 ، ومحمد بن نصر في قيام الليل كما في مختصره 68 ، والبيهقي 2/189 .
أما حديث عمر : فلفظه : عن عاصم بن عمرو البجلي أنّ نفراً أتوا عمر - رضي الله عنه - فسألوه عن تطوع الرجل في بيته فقال عمر : لقد سألتموني عن أمر سألت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( صلاة الرجل في بيته نور فنوِّروا بيوتكم )) .
أخرجه : أحمد 1/15 ، وابن ماجه 1/437 ، 438 (1375) ، ومحمد بن نصر في قيام الليل كما في مختصره : 68 ، واللفظ له .
وأما حديث ابن عمر : فلفظه : (( اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ، ولا تتخذوها قبوراً )) .
أخرجه : البخاري ( مع الفتح ) 3/62 (1187) ، ومسلم 1/538 (777) .
وأما حديث أبي هريرة : فلفظه : (( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ؛ إنّ الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة )) .
أخرجه مسلم 1/539 (780) وغيره .
وأما حديث عائشة : فلفظه : (( صلوا في بيوتكم ولا تجعلوها عليكم قبوراً )) .
أخرجه : أحمد 6/65 ، والفريابي في فضائل القرآن 145 .
وأمّا حديث زيد بن خالد الجهني : فلفظه : (( لا تتخذوا بيوتكم قبوراً صلّوا فيها )) .
أخرجه أحمد 4/116 ، ومحمد بن نصر في قيام الليل كما في مختصره 68 ، والبزار كما في الكشف 1/339 ، والطبراني في المعجم الكبير 5/258 .(1/29)
وحديث عبد الله بن سعد : رواه الترمذي(1) والنسائي(2) في سننهما وابن خزيمة في صحيحه(3) عن عبد الله بن سعد قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في بيتي والصلاة في المسجد فقال - صلى الله عليه وسلم - : (( قد ترى ما أقرب بيتي من المسجد ، ولأن أصلي في بيتي أحبّ إليّ من أن أصلي في المسجد إلا المكتوبة )) وهذا لفظ ابن خزيمة في صحيحه .
وروى فيه أيضاً عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة(4) عن أبيه(5) عن جدّه - رضي الله عنه - قال : صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة المغرب في مسجد بني الأشهل فلما صلّى قام ناس يتنفلون فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( عليكم بهذه الصلاة في البيوت ))(6) ، ورواه النسائي أيضاً(7) .
__________
(1) حديث عبد الله بن سعد هذا مشتمل على أربعة أسئلة سألها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقد سأله عما يوجب الغسل ، وعن الماء يكون بعد الماء ، وعن الصلاة في البيت والمسجد ، وعن مؤاكلة الحائض .
والترمذي لم يخرج اللفظ الذي ذكره المؤلف ، وإنّما أخرج السؤال الأخير ، وهو مؤاكلة الحائض ، كما في السنن 1/240 (133) .
نعم أخرج اللفظ المذكور في الشمائل 155 .
(2) لم أجده في سنن النسائي (( المجتبى )) ، ولا هو في الكبرى ، ولم ينسبه إليها في تحفة الأشراف 4/352 .
(3) صحيح ابن خزيمة 2/210 .
وأخرجه أيضاً عن عبد الله بن سعد : أحمد 4/342 ، وابن ماجه 1/439 (1378) ، وابن سعد في الطبقات 7/501 .
(4) سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة البلوي المدني ، حليف الأنصار ، ثقة ، مات سنة 140 هـ . تقريب 368 .
(5) إسحاق بن كعب بن عجرة البلوي ، حليف الأنصار ، مجهول الحال ، قتل يوم الحرة سنة 63هـ . تقريب 131 .
(6) صحيح ابن خزيمة 2/210 .
(7) سنن النسائي 3/220 (1599) .(1/30)
وعن محمود بن لبيد(1) - رضي الله عنه - قال : أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني عبد الأشهل فصلّى بهم المغرب فلمّا سلّم قال لهم : (( اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم )) قال عاصم بن عمر بن قتادة(2) : فلقد رأيت محمود بن لبيد وهو إمام قومه يصلّي بهم المغرب فيجلس بفناء المسجد حتى يقوم قبيل العتمة فيدخل البيت فيصليهما . أخرجه ابن خزيمة في صحيحه أيضاً(3) .
فهذه الأحاديث كلها دالة دلالة قوية ظاهرة على ترجيح فعل النافلة في البيوت [ 5/ ب ] على فعلها [ في المسجد ] وإن كان أحد المساجد الثلاثة ، كما دلّ عليه حديث عبد الله بن سعد المتقدم ذكره ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجح الصلاة في بيته على الصلاة في مسجده الذي هو أحدها ، فهو صريح في المقصود ، ومثله رواية(4) أبي داود لحديث [ زيد ] بن ثابت الآتي ذكره إن شاء الله تعالى .
وهذا أولى بالترجيح من طريق الجمع بينهما ؛ لأنه قد يُقال : إنَّ قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه ))(5) وكذلك بقية الأحاديث التي تشبهه عام في جميع الصلوات كما تقدم من اختيار الشيخ محيي الدين رحمه الله في شموله الفرض(6) والنفل(7) فلم يدخله تخصيص بشيء .
__________
(1) محمود بن لبيد بن عقبة بن رافع الأوسي ، أبو نعيم المدني ، صحابي صغير ، وجلّ روايته عن الصحابة . مات سنة 96هـ . تقريب 925 .
(2) عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأوسي الأنصاري أبو عمر المدني ، ثقة . مات 120 هـ . تقريب 473 .
(3) صحيح ابن خزيمة 1/209 .
وأخرجه محمد بن نصر في قيام الليل كما في مختصره 67 .
(4) في الأصل : (( ورواية )) . والواو لا محلّ لها .
(5) تقدم تخريجه ص 35 .
(6) في الأصل : (( الأرض )) ، والصواب ما أثبت .
(7) انظر ص 31 .(1/31)
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ))(1) وإن كان عاماً فقد اُختصّ(2) بأشياء منها : ما شُرعت فيه الجماعة ، وكذلك تحية المسجد ، وركعتي الطواف وغير ذلك ، وإذا تعارض عامان وأحدهما قد خُصَّ والآخر باقٍ على عمومه ، قُدِّم الباقي على عمومه على الذي دخله التخصيص .
وجواب هذا أولاً(3) : يمنع العموم في قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه )) وأمثاله من الأحاديث ، فإنها نكرة في سياق الإثبات ، ولا عموم لها على الراجح ، بل هو مطلق في كلّ الصلوات ، والمطلق لا عموم له إلا على جهة البدل ، فأمّا عموم الشمول فلا .
وثانيهما : أنّه على تقدير تسليم العموم فيه فليس هذا من باب العامين المتعارضين ، بل الأحاديث الدالة على ترجيح فعل النافلة في البيوت أخصّ بالنسبة إلى الصلوات ، وإن كان قد خرج منها بعض النافلة ، فهي خاصة من حيث اعتبار النفل والفرض ، وتناولها للنفل فقط وإن كانت عامة في جميع صلوات النفل وقد خرج بعضها بدليلٍ فلا ينافي ذلك كونها خاصة بالنسبة إلى جميع أنواع الصلوات ، فصلاة النفل نوع بالنسبة إلى مطلق الصلاة ، جنس بالنسبة إلى أفرادها من الرواتب وغيرها [ 6/ أ ] وما شرع فيه الجماعة(4) . ثم هي متناولة لمحل النزاع وهو الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أحد المساجد الثلاثة بطريق التنصيص ، وذلك في حديث عبد الله بن سعد الذي تقدم ذكره والتنبيه عليه(5) .
__________
(1) تقدم تخريجه ص 32 .
(2) هكذا في الأصل : (( اختص )) . ولعل الصواب : خصّ .
(3) أي قوله قبل عدة أسطر : لأنه قد يُقال ... الخ .
وهي طريقة الجمع بين النصوص ، والمؤلف لم يرتضِ هذه الطريقة ، وإنما اختار طريقة الترجيح .
(4) بياض في الأصل مقدار كلمتين .
(5) انظر : ص 37 .(1/32)
وفيما أخرجه أبو داود في سننه قال : حدثنا أحمد بن صالح(1) ثنا عبد الله بن وهب(2) أخبرني سليمان بن بلال(3) عن إبراهيم بن [ أبي ](4) النضر(5) عن بسر بن سعيد(6) عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة ))(7) .
وهذا إسناد على شرط البخاري سوى إبراهيم بن أبي النضر ، فقد احتج بهم كلهم سواه ، وإبراهيم هذا وثّقه محمد بن سعد(8) وأبو حاتم بن حبان(9) ، ولم يضعفه أحد ، وقد ثبَّته الإمام أبو عمر بن عبد البر واحتج به فقال في كتاب الاستذكار :
__________
(1) أحمد بن صالح المصري ، ثقة حافظ ، ت248هـ . تقريب 91 .
(2) عبد الله بن وهب بن مسلم المصري ، ثقة حافظ ، ت197 هـ . تقريب 556 .
(3) سليمان بن بلال التيمي المدني ، ثقة ، ت 177 هـ . تقريب 405 .
(4) الزيادة من سنن أبي داود .
(5) إبراهيم بن أبي النضر - واسم أبي النضر سالم بن أبي أمية - التميمي المدني ، صدوق ، ت 153هـ . تقريب : 108 .
(6) بسر بن سعيد المدني العابد ، ثقة ، ت 100هـ . تقريب 166 .
(7) سنن أبي داود : 1/632 (1044) .
(8) كما في الطبقات 404 (( القسم المتمم لتابعي أهل المدينة )) .
(9) الثقات : 8/56 . وقد وثقه ابن معين أيضاً كما في تاريخه : 2/9 .(1/33)
اختلفوا في الأفضل في القيام مع الناس أو الانفراد في شهر رمضان؟ فقال مالك والشافعي : المنفرد في بيته في رمضان أفضل ، قال مالك : وكان ربيعة(1) وغير واحد من علمائنا(2) ينصرفون ولا يقومون مع الناس ، قال مالك : وأنا أفعل ذلك ، وما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في بيته(3) .
قال(4) : واحتج الشافعي بحديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في قيام رمضان : (( أيها الناس صلّوا في بيوتكم ؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ))(5) ، قال الشافعي : ولا سيما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي مسجده على ما في ذلك من الفضل .
قلت(6) : فهذا نص من الشافعي - رضي الله عنه - على ترجيح النافلة في البيوت على فعلها في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - لدلالة القصة والأحاديث عليه . ثم قال ابن عبد البر :
__________
(1) ربيعة بن أبي عبد الرحمن - واسم أبيه فروخ - المعروف بربيعة الرأي ، من كبار فقهاء المدينة ، ثقة مشهور . تقريب 322 .
(2) كيزيد بن عبد الله بن هرمز والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر .
(3) المدونة 1/222 ، قيام الليل لمحمد بن نصر المروزي ( مختصره ) 70 ،71 ، البيان والتحصيل 17/41 .
(4) أي ابن عبد البر .
(5) تقدم في تخريجه ص 32 .
(6) القائل هو العلائي .(1/34)
وروينا عن [ ابن ](1) عمر - رضي الله عنه - وسالم والقاسم وإبراهيم ونافع أنّهم كانوا ينصرفون ولا يقومون مع الناس(2) ، وجاء عن عمر(3) وعلي رضي الله عنهما أنّهما كانا يأمران من يقوم للناس [ 6/ ب ] في المسجد ، ولم يجئ عنهما أنّهما كانا يقومان معهم(4) .
ثم ذكر عن الليث بن سعد(5) وأحمد بن حنبل(6) والمزني(7) والمتأخرين من أصحاب أبي حنيفة(8) والشافعي(9) أنّهم اختاروا قيام شهر رمضان في المسجد ، وما احتجوا به ، ثم قال :
__________
(1) زيادة من الاستذكار وهي في التمهيد أيضاً 8/116 .
(2) انظر الآثار عنهم في ذلك في : مصنف ابن أبي شيبة 2/397 ، قيام الليل لمحمد بن نصر ( مختصره ) 70 ،71 ، شرح معاني الآثار 1/351 للطحاوي .
(3) في الأصل : (( عمر ابن علي )) وهو خطأ .
(4) أمَّا عمر - رضي الله عنه - فقد أمرَ أبيَّ بن كعب وتميما؟ً الداري أن يقوما بالناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة كما رواه مالك في الموطأ : 1/115 بإسناد أصح الأسانيد .
وأما علي - رضي الله عنه - فقد روى عبد الرزاق 4/258 بإسناده عن عرفجة أنّ عليّاً كان يأمر الناس بالقيام في رمضان فيجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً .
(5) انظر : مختصر اختلاف العلماء للجصاص 1/314 ، البيان والتحصيل 17/ 42 ، طرح التثريب 3/96 .
(6) انظر المغني 2/605 .
(7) مختصر اختلاف العلماء 1/314 .
(8) صرح ابن عبد البر بذكرهم وهم : عيسى بن أبان وبكار بن قتيبة وأحمد بن أبي عمران والطحاوي ، وانظر : التمهيد 8/117 .
(9) صرح بذكرهم أيضاً وهم : المزني وابن عبد الحكم ، وانظر : التمهيد 8/117 .(1/35)
وقد احتج أهل الظاهر في ذلك بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة ))(1) ويروى : (( بسبع وعشرين درجة ))(2) ولم يخصّ فرضاً من نافلة .
قال : وهذا عند أكثر أهل العلم في الفريضة ، والحجة لهم قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - : (( صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة ))(3) قال : وهذا الحديث وإن كان موقوفاً في الموطأ(4) على زيد بن ثابت فإنه قد رفعه جماعة ثقات ، فإذا كانت النافلة في البيت أفضل منها في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - والصلاة فيه بألف صلاة فأي فضل أبين من هذا؟ ولهذا كان مالك والشافعي رحمهما الله ومن سلك سبيلهما يرون الانفراد في البيت أفضل في [ كلّ ](5) نافلة ، فإذا قامت الصلاة في المسجد(6) في رمضان ولو بأقل عدد فالصلاة حينئذ في البيت أفضل . انتهى كلام ابن عبد البر(7) .
وقال أيضاً في موضع آخر من هذا الكتاب :
__________
(1) أخرجه البخاري كما في صحيحه مع الفتح 2/131 (646) ، ومسلم 1/450 (649) .
(2) أخرج هذه الرواية أيضاً البخاري ومسلم كما في الصفحات السابقة .
(3) تقدم تخريجه ص 40 .
(4) الموطأ 1/130 ولفظه : (( أفضل الصلاة صلاتكم في بيوتكم إلا صلاة المكتوبة )) .
(5) زيادة من الاستذكار .
(6) في الاستذكار : المساجد .
(7) انظر : الاستذكار 5/158-164 .(1/36)
وفيه أيضاً - يعني حديث زيد بن ثابت المذكور - دليل على أنّ الانفراد بكلّ ما يعمله المؤمن من أعمال البر ويسره ويخفيه أفضل ، ولذلك قال بعض الحكماء : إخفاء العلم هلكة ، وإخفاء العمل نجاة . [ و ](1) قال الله عز وجلّ [ في الصدقات ](2) : { وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم } (3) وإذا كانت النافلة في البيوت أفضل منها في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ظنك بها في غير ذلك الموضع ، [ إضافة ](4) إلى ما في صلاة المرء في بيته من اقتداء أهله به من بنين وعيال ، والصلاة في البيت نور [ له ](5) .
وقال الماوردي في كتابه الحاوي :
قال الشافعي - رضي الله عنه - [ 7/أ ] : (( وأمّا قيام شهر رمضان فصلاة المنفرد أحبّ إليّ(6) منه )) وفيه تأويلان لأصحابنا :
أحدهما : أنّه أراد بذلك أن قيام شهر رمضان وإن كان في جماعة ففي النوافل التي تفعل فرادى ما هو أوكد منه ، وذلك الوتر وركعتا الفجر . وهذا قول أبي العباس ابن سريج(7) .
__________
(1) الزيادة من الاستذكار .
(2) الزيادة من الاستذكار .
(3) البقرة : آية 271 .
(4) الزيادة من الاستذكار 5/330 .
(5) الاستذكار 5/330 والزيادة منه .
(6) في الأصل : (( إليه )) . والتصويب من الحاوي .
(7) أحمد بن عمر بن سريج القاضي ، من عظماء الشافعيين ، كان يُقال له : الباز الأشهب ، وهو صاحب المناظرات مع أبي بكر محمد بن داود الظاهري ، وعنه انتشر فقه الشافعي في أكثر الآفاق ، مات سنة 306هـ . طبقات الفقهاء 108 ، السير 14/201 .(1/37)
والتأويل الثاني : أنّ صلاة المنفرد في قيام شهر رمضان أفضل إذا لم يكن في إفراده تعطيل الجماعة ، وهو قول أكثر أهل العلم(1) ، وإنّما كان ذلك [ كذلك ](2) لرواية زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( صلوا في بيوتكم ؛ فإن صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة ))(3) فأما إن تعطلت الجماعة بانفراده فصلاته في الجماعة أفضل ، لما في تعطيلها من إطفاء نور المساجد وترك السنة المأثورة(4) ، وهذا منه اختيار .
الوجه الثالث المقابل بالتفضيل في صلاة التراويح وهو : أنّه إن كانت الجماعة تتعطل بغيبته ، أو كان إذا خلا في بيته يغلبه النوم أو الكسل فلا يصلي ، ففعلها في الجماعة أفضل ، وإلا فالانفراد بها أفضل(5) .
وما اختاره من تأويل نصّ الشافعي فهو أظهر من التأويل الذي قبله ، ومن الأصحاب من قال بترجيح الانفراد بها مطلقاً ، ومنهم من اختار فعلها في الجماعة مطلقاً ، وهو الذي رجح الشيخ محيي الدين كما سبق .
وليس ذلك لترجيح فعل النافلة في المساجد على فعلها في البيوت ، بل لمشروعية الجماعة في قيام رمضان ، وما شرعت فيه الجماعة فإظهاره وفعله خارج البيوت أفضل ، وأمّا ما لم تشرع فيه الجماعة ولم يكن له اختصاص بالمسجد كتحية المسجد ، ولا ورد الشرع بفعله فيه كركعتي الطواف ، ففعله في البيوت أفضل وإن كان في أحد المساجد الثلاثة كما سبق تقريره ، والله سبحانه أعلم والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وسلامه .
-
فهرس المصادر والمراجع
1 - أحكام القرآن: لأبي بكر الجصاص، نشر دار المصحف، القاهرة، بدون تاريخ.
__________
(1) الذي في الحاوي : فهو قول أكثر أصحابنا .
(2) زيادة من الحاوي .
(3) تقدم تخريجه ص 32 .
(4) الحاوي الكبير 2/291 .
(5) انظر نحو هذه التأويلات الثلاثة في الوسيط 2/691 ، طرح التثريب 3/96 .(1/38)
2 - الأحكام الكبرى: لابن كثير، نسخة مصورة في مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية.
3 - أخبار مكة: للأزرقي، دار الثقافة، مكة، سنة 1408هـ.
4 - أخبار مكة: للفاكهي، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة، سنة 1414هـ.
5 - إرواء الغليل: للألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، سنة 1399هـ.
6 - الاستذكار: لابن عبد البر، دار قتيبة للطباعة والنشر، دمشق وبيروت، سنة 1413هـ.
7 - الأعلام: للزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، سنة 1980م.
8 - إعلام الساجد بأحكام المساجد: للزركشي الشافعي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، سنة 1403هـ.
9 - الأنس الجليل: للعليمي، النجف، العراق، سنة 1388هـ.
10 - الأم: للشافعي، دار المعرفة، بيروت، سنة 1393هـ.
11 - الأوسط لابن المنذر، دار طبية، الرياض، سنة 1405هـ.
12 - البداية والنهاية: لابن كثير، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1405هـ.
13 - بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث: للهيثمي، مطبوعات الجامعة الإسلامية، سنة 1413هـ.
14 - البيان والتحصيل: لأبي الوليد ابن رشد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، سنة 1404هـ.
15 - تاج العروس: للزبيدي، منشورات دار الحياة، بيروت، بدون تاريخ.
16 - تاج المفرق في تحلية علماء المشرق: للبلوي، مطبعة فضالة، المغرب، بدون تاريخ.
17 - التاريخ: ليحيى بن معين، رواية عباس الدوري، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى، مكة، سنة 1399هـ.
18 - تاريخ بغداد: للخطيب البغدادي، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون تاريخ.
19 - تاريخ ابن قاضي شهبة: طبعة المعهد العلمي الفرنسي للدراسات العربية، دمشق، سنة 1994م.
20 - التاريخ الكبير: للبخاري، دائرة المعارف العثمانية، الهند، سنة 1360هـ.
21 - تحفة الأشراف: للمزِّي، دار القيمة، الهند، سنة 1403هـ.
22 - الترغيب والترهيب: للمنذري، طبعة قطر، سنة 1405هـ.
23 - تفسير القرطبي: طبعة الحلبي، القاهرة، سنة 1373هـ.(1/39)
24 - تقريب التهذيب: طبعة دار العاصمة، الرياض، سنة 1416هـ.
25 - التكملة لوفيات النقلة: للمنذري، مؤسسة الرسالة، بيروت، سنة 1401هـ.
26 - التمهيد: لابن عبد البر، وزارة الأوقاف المغربية، المغرب، سنة 1387هـ.
27 - التنبيه: للشيرازي، عالم الكتب، بيروت، 1403هـ.
28 - تهذيب الكمال: للمزي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1413هـ.
29 - الثقات: لابن حبان، الهند، سنة 1393هـ.
30 - الجرح والتعديل: لابن أبي حاتم، دائرة المعارف العثمانية، الهند، سنة 1373هـ.
31 - الحاوي الكبير: للماوردي، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1414هـ.
32 - الدارس في تاريخ المدارس: للنعيمي، دار الكتاب الجديد، بيروت، سنة 1414هـ.
33 - الدرر الكامنة: لابن حجر، دار الكتب الحديثة، القاهرة، سنة 1385هـ.
34 - درة الحجال في أسماء الرجال: للمكناسي، دار التراث، القاهرة، سنة 1390هـ.
35 - الديباج المذهب: لابن فرحون، دار التراث، القاهرة، سنة 1972م.
36 - ذيل تذكرة الحفاظ: للحسيني، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ.
37 - ذيل طبقات الحفاظ: للسيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، بدون تاريخ.
38 - الذيل على طبقات الحنابلة: لابن رجب، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، سنة 1372هـ.
39 - الرسالة المستطرفة: لمحمد بن جعفر الكتاني، دار البشائر الإسلامية، بيروت، سنة 1406هـ.
40 - زاد المعاد: لابن القيم، مؤسسة الرسالة، بيروت، سنة 1405هـ.
41 - الزواجر عن اقتراف الكبائر. لابن حجر الهيتمي. مطبعة الحلبي. القاهرة. سنة 1398هـ.
42 - السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة: لابن حميد المكي، مؤسسة الرسالة، بيروت، سنة 1416هـ.
43 - سنن ابن ماجه: دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ.
44 - سنن أبي داود: طبعة الدعاس، حمص، سنة 1388هـ.
45 - سنن البيهقي: دار الفكر، بيروت، بدون تاريخ.
46 - سنن الترمذي: طبعة الحلبي، القاهرة، سنة 1398هـ.(1/40)
47 - سنن الدارمي: دار المحاسن، القاهرة، سنة 1386هـ.
48 - سنن النسائي: مكتبة المؤيد، الرياض، سنة 1412هـ.
49 - سير أعلام النبلاء: للذهبي، مؤسسة الرسالة، بيروت، سنة 1405هـ.
50 - شذرات الذهب: لابن العماد، دار الآفاق الجديدة، بيروت، بدون تاريخ.
51 - شرح صحيح مسلم: للنووي، المطبعة المصرية ومكتبتها، القاهرة، سنة 1349هـ.
52 - شرح معاني الآثار: للطحاوي، مطبعة الأنوار المحمدية، القاهرة، سنة 1386هـ.
53 - شعب الإيمان: للبيهقي، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1401هـ.
54 - الشمائل المحمدية: لأبي عيسى الترمذي، طبعة الدعاس، بيروت، سنة 1396هـ.
55 - صحيح ابن حبان: مؤسسة الرسالة، بيروت، سنة 1408هـ.
56 - صحيح ابن خزيمة: المكتب الإسلامي، بيروت، سنة 1399هـ.
57 - صحيح البخاري: مطبوع مع شرحه فتح الباري، المطبعة السلفية، القاهرة، سنة 1380هـ.
58 - صحيح مسلم: دار الفكر، بيروت، سنة 1398هـ.
59 - الضوء اللامع: للسخاوي، دار مكتبة الحياة، بيروت، بدون تاريخ.
60 - طبقات الشافعية: لابن قاضي شهبة، عالم الكتب، بيروت، سنة 1407هـ.
61 - طبقات الشافعية: للأسنوي، وزارة الأوقاف العراقية، بغداد، سنة 1391هـ.
62 - طبقات الشافعية الكبرى: للسبكي، طبعة الحلبي، القاهرة، سنة 1964م.
63 - طبقات الفقهاء: للشيرازي، دار الرائد العربي، بيروت، سنة 1401هـ.
64 - الطبقات الكبرى: لابن سعد، دار صادر، بيروت، سنة 1388هـ.
65 - طرح التثريب: لولي الدين العراقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ.
66 - العقد الثمين: للفاسي، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، سنة 1378هـ.
67 - العلل ومعرفة الرجال: للإمام أحمد، المكتب الإسلامي، بيروت، سنة 1408هـ.
68 - فتح الباري: لابن حجر، المطبعة السلفية، القاهرة، سنة 1380هـ.
69 - فضائل القرآن: للفريابي، مكتبة الرشد، الرياض، سنة 1409هـ.
70 - الفهرست: لابن النديم، طبعة طهران، سنة 1391هـ.(1/41)
71 - قواعد الإحكام: للعز بن عبد السلام، دار الباز للنشر والتوزيع، مكة المكرمة، بدون تاريخ.
72 - كشف الأستار عن زوائد البزار: للهيثمي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1404هـ.
73 - كشف الظنون: للحاج خليفة، دار الفكر، بيروت، سنة 1402هـ.
74 - مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن: لابن الجوزي، دار الراية، الرياض، سنة 1415هـ.
75 - مجمع الزوائد: للهيثمي، دار الكتاب العربي، بيروت، سنة 1402هـ.
76 - المجموع: للنووي، مكتبة الإرشاد، جدة، سنة 1980م.
77 - المجموع المذهب في قواعد المذهب. للعلائي. رسالة ماجستير في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ولم تطبع بعد.
78 - المحلى: لابن حزم، طبعة دار التراث، القاهرة، بدون تاريخ.
79 - مختصر اختلاف العلماء: للجصاص، دار البشائر الإسلامية، بيروت، سنة، 1416هـ.
80 - مختصر قيام الليل: للمقريزي، مكتبة المنار، الأردن، سنة 1413هـ.
81 - المستدرك: للحاكم، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1407هـ.
82 - المسند: للإمام أحمد، المكتب الإسلامي، بيروت، سنة 1398هـ.
83 - مشكل الآثار: للطحاوي، طبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، الهند، سنة 1333هـ.
84 - مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة: للبوصيري، الدار العربية، بيروت، سنة 1403هـ.
85 - المصنف: لابن أبي شيبة، الدار السلفية، الهند، سنة 1399هـ.
86 - المصنف: لعبد الرزاق، المجلس العلمي، الهند، سنة 1390هـ.
87 - معجم الشيوخ: للذهبي، مكتبة الصديق، الطائف، سنة 1408هـ.
88 - المعجم الكبير: للطبراني، نشر وزارة الأوقاف العراقية، بغداد، سنة 1398هـ.
89 - المعجم المختص بالمحدثين: للذهبي، مكتبة الصديق، الطائف، 1408هـ.
90 - المغني: لابن قدامة، طبعة هجر، القاهرة، سنة 1410هـ.
91 - المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم: لأبي العباس القرطبي، دار ابن كثير، بيروت/ سنة 1417هـ.
92 - المقدمات الممهدات: لابن رشد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، سنة 1408هـ.(1/42)
93 - منادمة الأطلال: لابن بدران، المكتب الإسلامي، بيروت، سنة 1405هـ.
94 - المنتخب من مسند عبد بن حميد: لعبد بن حميد عالم الكتب، سنة 1408هـ.
95 - المنتقى شرح الموطأ: للباجي، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون تاريخ.
96 - الموطأ: للإمام مالك، طبعة الحلبي، القاهرة، بدون تاريخ.
97 - النجوم الزاهرة: لابن تغري بردي، طبعة دار الكتب، القاهرة، سنة 1349هـ.
98 - الوافي بالوفيات: للصلاح الصفدي، فرانزشتايز. قيسبادن، سنة 1401هـ.
99 - الودائع لمنصوص الشرائع: لأبي العباس ابن سريج، رسالة دكتوراه على الآلة الراقمة، الجامعة الإسلامية.
100 - الوسيط: للغزالي، دار النصر للطباعة الإسلامية، القاهرة، سنة 1983م.
- - -(1/43)