مسائل رجع عنها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أو قد توقف فيها مسائل رجع عنها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أو قد توقف فيها
ههه
الحمد للّه الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم ، يدعون من ضلّ إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ، ويبصِّرون بنور اللّه تعالى أهل العمى . يحيون بكتاب اللّه الموتى ، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من ضال تائه قد هدوه ، فما أحسن أثرهم على الناس، وما أقبح أثر الناس عليهم ، أما بعد :
فإن الشيخ الجهبذ والعالم الفذ والعلامة المتقن المتفنن العبقري البارع أبا عبد الله محمد بن صالح العثيمين – قدس الله روحه
و رحمه رحمة واسعة - : من نوادر العلماء المعاصرين الذين تميزوا بالجمع بين الإحاطة بالعلوم الشرعية كافةً ، مع ما حباه الله من حسن تفصيل ، ودقة تعبير ، واطِّراد في المسائل ، وانضباط على القواعد .
ومما أنعم الله به عليه واشتهر عنه : أنه لا يجد غضاضة من الرجوع للقول الذي تبين له صوابه أن يرجع إليه ، وهذا أمر يعدُّه من لا علم عنده أنه منقصة ! وهي – والله - منقبة لا منقصة . وإنها لسيرة أهل البصيرة، الدالة على حسن السريرة ؛ وعلى سعة الأفق وطول الباع في الاطلاع ، ولذا قال فضيلة الشيخ العثيمين نفسه : ( ولهذا تجد العلماء الذين تبحروا في العلم ؛ يكون لهم أقوال متعددة في مسألة واحدة ؛ لأنهم كلما اطلعوا على علم أخذوا به . والمقلد تجده على خط واحد ؛ لأنه لا يتعدى أن يرجع إلى كتاب المُقلَّد ، لكن المجتهد تختلف أقواله أحياناً )(1).
وقال – رحمه الله - : ( العالم الذي يتقي الله إذا بان له الحق فإنه سوف يرجع إليه ، وسوف يبين للناس أنه رجع عن قوله ) (2).
__________
(1) شرح كتاب الحج من صحيح البخاري - (ج 1 / ص 72)
(2) العلم للعثيمين (ص 230)(1/1)
بل ذهب الشيخ – رفع الله منزلته – إلى أبعد وأرفع من ذلك ؛ فقال مفيداً : ( من دُعي إلى الحق من هذه الأمة، وقال: " المذهب كذا، وكذا " . يعني ولا أرجع عنه ففيه شبه من اليهود ؛ لأن الواجب إذا دعيت إلى الحق أن تقول: " سمعنا وأطعنا " ؛ ولا تعارضه بأي قول كان ، أو مذهب..) (1).
وما دام ذلك كذلك ؛ فإنه – بحمد الله تعالى - قد اجتمع لدي جملة وافرة من : مسائل رجع عنها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أو قد توقف فيها فالحمد لله على عونه وتوفيقه ، وأسأله المزيد والتسديد .
ولهذا الجمع - الذي أراه فريدا ومفيداً - مقاصد وفوائد منها : أن يزداد المسلم - ولا سيما طالب العلم - من قدر العلماء الربانيين حق قدرهم ، وأنهم رجاعون للحق إذا استبان لهم وجهه ، كما أن ثباتهم على قول- هو الآخر - دليل على ثاقب نظرهم ، لما فضلهم الله به وآتاهم مما لم يؤت أكثر الناس ، نسأل الله من فضله . ومنها : أن يكون توثيقاً وحماية للشيخ من أن ينسب له ما لم يقله ، أو قد رجع عنه ، وهذا يقع كثيراً إما من قصور في الاطلاع أوسوء فهم أو قصد ، أو من ؛ فتجد من ينسب للشيخ قولاً قديما ، ويجزم أنه قوله الذي مات وهو يعتقده ! والآن آن الأوان للشروع في تلك المسائل ، وقد قسمتها إلى ثلاثة أقسام ، وهي كما يلي :
أ- مسائل رجع الشيخ عن القول بها
1) السؤال: ما حكم ركعتي تحية المسجد، مع ذكر الدليل؟
__________
(1) تفسير القرآن للعثيمين (3 / 220)(1/2)
الجواب :أما تحية المسجد فالقول بأنها واجبة وأن الإنسان إذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين وجوباً، هذا قول قوي لا شك فيه، ومن ذهب إليه فلا يُنْكَر عليه، دليل هذا: أن النبي ^ قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)والأصل في النهي التحريم، وهذه عبادة ليست من أمور الأدب ؛ لأن أمور الأدب إذا جاء فيها الأمر فهو للاستحباب إلا بدليل..ويؤيِّد هذا:أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي ^ يخطب فجلس، فقال له: أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصلِّ ركعتين وتجوَّزْ فيهما ) . وجه الدلالة على الوجوب: أن رسول الله قطع الخطبة وسأل هذا الرجل. ثانياً: أنه أمره أن يقوم ويصلي، ومعلوم أنه إذا قام يصلي سوف يشتغل بصلاته عن استماع الخطبة ، واستماع الخطبة واجب ولا يُشْتَغل بشيء عن واجب إلا وذلك الشيء واجب .
ثالثاً : أن قوله :(تجوَّز ) فيها إشارة إلى أنه إنما يأتي بقدر الضرورة وأن فعلهما ضرورة..وهو قول قوي... كنت أقول بوجوب تحية المسجد؛ لكني بعد ذلك ترجح عندي عدم الوجوب ، ومع هذا لو أن أحداً قال بالوجوب فإننا لا نعنفه ولا ننكر عليه(1).
2) جلسة الاستراحة:
وعليه ؛ فنقول: إن اُحتاجَ الإنسانُ إليها صارت مشروعة لغيرها للراحة وعدم المشقَّة، وإن لم يحتج إليها فليست بمشروعة.وهذا القول كما ترى قولٌ وَسَطٌ، تجتمع فيه الأخبار كما قال صاحب «المغني» ، وهو اختيار ابن القيم.. وكنت أميلُ إلى أنها مستحبَّة على الإطلاق وأن الإنسان ينبغي أن يجلس، وكنت أفعلُ ذلك أيضاً بعد أن كنت إماماً، ولكن تبيَّن لي بعد التأمل الطويل أن هذا القول المفصَّل قول وسط، وأنه أرجح من القول بالاستحباب مطلقاً، وإن كان الرُّجحان فيه ليس قوياً عندي، لكن تميل إليه نفسي أكثر، فاعتمدت ذلك.
مسألة: إذا كان الإنسان مأموماً فهل الأفضل له أن يجلس إذا كان يرى هذا الجلوس سُنَّة، أو متابعة الإمام أفضل؟
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 123 / ص 17)(1/3)
الجواب: أنَّ متابعةَ الإمام أفضل، ولهذا يَتركُ الواجبَ وهو التشهُّد الأول.. بل يتركُ الإنسانُ الرُّكنَ من أجل متابعة الإمام، فقد قال النبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «إذا صَلَّى قاعداً فصلُّوا قعوداً» فيترك رُكنَ القيام، ورُكنَ الرُّكوع فيجلس في موضع القيام، ويومئ في موضع الرُّكوع، كلُّ هذا من أجل متابعة الإمام.
فإن قال قائل: هذه الجِلْسة يسيرة، لا يحصُل بها تخلُّف كثير عن الإمام. فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رَكَعَ فاركعوا وإذا سَجَدَ فاسجدوا » فأتى بالفاء الدَّالة على الترتيب والتعقيب بدون مُهلة، وهذا يدلُّ على أن الأفضل في حَقِّ المأموم ألا يتأخَّر عن الإمام ولو يسيراً، بل يبادر بالمتابعة، فلا يوافق، ولا يسابق، ولا يتأخَّر، وهذا هو حقيقة الائتمام(1).
3) السؤال: هل خروج الدم عن طريق الرعاف أو الجرح من الجسم ينقض الوضوء؟
الجواب: لا، كل ما خرج من البدن لا ينقض الوضوء إلا البول والغائط ، أما الدم والقيء والقيح وما يسميه النساء بالطهر الذي يسيل من فرج المرأة دائماً ، حتى إن بعض العلماء قال: كسلس البول فلا ينقض الوضوء أيضاً، إذا تطهر الإنسان أول مرة فإنه لا ينتقض وضوءه ما لم يحدث بحدث آخر، وعلل ذلك بأنه لا يستفيد من الوضوء، إذ أن الحدث دائم فلا فائدة من الوضوء .
نعم لو انتقض وضوءه من ريح مثلاً وفيه سلس بول فهنا يجب أن يتوضأ، وهذا القول ليس ببعيد من الصواب .وكنت بالأول أرى أنه ينقض الوضوء وأنه لا يجوز أن يتوضأ الإنسان للصلاة إلا بعد دخول وقتها لكن بعد أن راجعت كلام العلماء واختلافهم، وقوة تعليل من علل بأن هذا الوضوء لا فائدة منه إذ أن الحدث دائم تراجعت عن قولي الأول .وهذا القول أرفق بالنسبة للنساء(2) .
__________
(1) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 3 / ص 103)
(2) لقاءات الباب المفتوح - (ج 212 / ص 9)(1/4)
4) فضيلة الشيخ! ما حكم الكدرة والصفرة التي تخرج من المرأة بعد انقطاع الدم، ومتى يكون طهر المرأة وهل لا بد من القصة البيضاء؟
الجواب: هذه مسألة اختلف فيها العلماء، والذي ترجح عندي أخيراً: أنه لا عبرة بالكدرة ولا بالصفرة إلا ما كان أثناء الحيض، يعني: مثلاً امرأة عادتها خمسة أيام رأت في اليوم الثالث كدرة أو صفرة نقول: هي تبع الحيض . أما امرأة أتتها الكدرة والصفرة قبل أن ينزل الدم فهذه الكدرة والصفرة لا عبرة بها، وامرأة أخرى طهرت من الحيض وانقطع الدم وبقيت الصفرة والكدرة -أيضاً- لا حكم لها(1).
5) قال داود الظَّاهري وبعض أهل العلم: لا يحرم على المُحْدِثِ أن يَمَسَّ المصحف .
واستدلُّوا: بأن الأصل براءة الذِّمة، فلا نُؤَثِّم عباد الله بفعل شيء لم يَثْبُتْ به النَّص. وأجابوا عن أدلَّة الجمهور:أما الآية فلا دلالة فيها، لأن الضَّمير في قوله: " لا يمسُّه" يعود إلى " الكتاب المكنون"، والكتاب المكنون يُحْتَمَلُ أن المرادَ به اللوحُ المحفوظ، ويُحْتَمَلُ أن المرادَ به الكتب التي بأيدي الملائكة. . ولو كان المراد ما ذَكَرَ الجمهور لقال:لا يمسُّه إلا المطَّهِّرون ..وعندي: أن ردَّهم للاستدلال بالآية واضح، وأنا أوافقهم على ذلك..فالذي تَقَرَّرَ عندي أخيراً : أنَّه لا يجوز مَسُّ المصْحَفِ إلا بِوُضُوء(2).
6) السؤال: هل يجوز إتمام الصلاة في السفر؟
الجواب: إتمام الصلاة في السفر غير جائز عند بعض العلماء الذين يقولون بوجوب القصر كأبي حنيفة ، وعند الآخرين جائز لكن مع الكراهة؛ وهذا هو الأقرب.
__________
(1) اللقاء الشهري - (ج 73 / ص 38)
(2) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 1 / ص 188)(1/5)
ودليل ذلك: أن الصحابة رضي الله عنهم لما أتمَّ عثمان رضي الله عنه في منى أنكروا عليه الإتمام، ولكنهم كانوا يصلون معه ويتمون، ولو كانوا يرون أن القصر واجب ما أتموا معه؛ لأنهم يزيدون في الصلاة ما ليس منها ، فالأقرب عندي أخيراً: أنه ليس بواجب لكنه مكروه، ما لم يصل الإنسان مع إمام يتم فيلزمه الإتمام سواء أدرك الصلاة كلها أو بعضها.
السائل: لو كان المسافر إماماً ومن خلفه مقيمون فهل تبقى الكراهة؟ الشيخ: نعم، حتى لو كان إماماً ومن خلفه مقيمون فإنه يقصر، ويقول لهم: أتموا فإنا قوم مسافرون حتى تظهر السنة؛ لأن هذه السنة مجهولة عند كثير من الناس، وينكرها العوام (1).
( لولا هذا لكنت أقول بان القصر واجب ؛ لان الأدلة قوية جدا في الوجوب .. إلا أنه إذا ائتم المسافر بمن يتم لزمه الإتمام .. حتى لو لم يدرك إلا التشهد الأخير وجب عليه أن يتم )(2) .
7) مسألة حل السحر بسحر مثله (3)
1-( وقال بعض العلماء :بل إن هذا جائز ؛ لأنه كما قال سعيد بن المسيب : إنما يريدون به الإصلاح ، فأما ما ينفع فلم ينه عنه ، ولا شك أن النشرة إذا كان فيها شرك أنه لا تجوز ، ولا أحد يستطيع أن يقول إنها جائزة .. وأما التنشير بالسحر الذي لا يشتمل على الكفر والشرك فهذا محل نظر ، ومحل خلاف ، ابن المسيب جزم بأنه لا بأس به ، والحسن البصري منع وقال : لا يجوز.
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 4 / ص 12)
(2) الشرح المختصر بعد العصر للبلوغ - (2 / 19)
(3) أنقل من أربعة مواضع تكلم فيها الشيخ عن هذه المسألة ،ووضح لي أن للشيخ فيها ثلاثة أقوال ؛ فأما القول بالتوقف ، والقول بالمنع مطلقاً ، والإفتاء به فتوى الخاصة ؛ فواضح . وأما بالجواز مطلقاً فهو محل تردد عندي ، فتأمل !(1/6)
والمسألة مثلما قلت لكم : أني أنا في الحقيقة عندي فيها توقف ؛ لا ن كثيراً من الناس – نسأل الله العافية – يتضررون تضرراً عظيماً بالسحر ، فيذهبون إلى كثير من الناس يقرؤون عليهم ولا يستفيدون ؛ لأن الناس في قلوبهم بلاء ، لو قرؤوا القرآن فقد لا يفيد ، أو لو قرؤوا القرآن فقد لا تفيد قراءتهم ، هذا هو الصواب )(1).
2- إن الله تعالى بيِّن سبب التحريم فقال من [وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ] فإذا كان في هذا السحر منفعة لا مضرة انتفى التحريم ، ولهذا أجازة ابن المسيب – رحمه الله – وأجازه بعض العلماء ، وممن أجازه من المعاصرين الشيخ عبد الر حمن الدوسري – رحمه الله – في كتاب التفسير، قال : هذا مقصد واضح.
لكننا لا نفتي بذلك فتوى عامة ؛ لأننا نخشى من غوائله ، والفقهاء – رحمهم الله – نصُّوا على جواز ذلك ، قالوا : يجوز حل السحر بسحر للضرورة(2) .
3-السؤال: بالنسبة لحل السحر عن المسحور للضرورة؟
الجواب: حل السحر عن المسحور جائز لا إشكال فيه, لكن بالأدعية المباحة, وبالقرآن, وبالأدوية المباحة, أما نقض السحر بالسحر فهذا موضع خلاف بين العلماء: فمنهم من أجازه للضرورة، ومنهم من منعه, ولا شك أن إجازته تؤدي إلى كثرة السحرة؛ لأن هذا الذي ينقضه لا ينقضه إلا بدراهم كثيرة, فيؤدي القول بالجواز إلى أن يتخذ السحر تجارة, ويكثر تعلمه.
وأيضاً ربما يتفق الساحر والناقض فيقول الساحر: أنه يسحر, والناقض ينقض, والأجرة بينهما, هذا وارد أم لا ؟ وارد, كما يقول العوام: الشرط أربعون لنا عشرون ولكم عشرون , لذلك نرى منعه مطلقاً.
__________
(1) الكلام السابق مفرغ من أشرطة التعليق على كتاب المرضى والطب من صحيح البخاري -آخر الشريط7
(2) الكلام السابق مفرَّغ من سلسلة أشرطة شرح بلوغ المرام – كتاب الحدود(1/7)
وإذا ابتلي الإنسان بهذا فليصبر وليحتسب وليعلم أن لكل شيء منتهى, ولكل حال تغير, وهو إذا أصيب وتألم أو تألم أهله معه فهو تكفير لسيئاتهم, ومع الاحتساب زيادة في ثوابهم ودرجاتهم, إذا كان الرجل إذا أصابته الشوكة كفر بها عنه, ومع الاحتساب يكون له أجر, فما بالك بهذه المصيبة العظيمة؟(1)
4- سؤال :إذا كان الساحر يستعمل دواء لكي يضعف الرجل حتى لا يجامع زوجته هل يجوز نعطيه المال لكي يفك هذا السحر ؟
الجواب : على كل حال إذا علمنا فلا بأس ، لا بأس أن ينقض السحر؛ لأن هذا نقض ، لا بأس نعطيه المال؛ لأنه لن يطيع إلا بالمال ويخشى عليه أنكم إذا علمتم به سَحَرَكُمْ أيضاً فَكَّ السحر عن ذاك ووضعه عليكم(2) .
8) هل القرآن مكتوب في زُ بُرِ الأولين ؟ أو مُتَحَدَّثٌ عنه في زُبُرِ الأولين ؟
مُتَحَدَّثٌ عنه ، فيكون قوله : { إنه لقرآن كريم ، في كتاب مكنون } و { بل هو قرآن مجيد ، في لوح محفوظ } ، يعني التحدث عنه وذكر شأنه وحاله ولا يتعين أن تكون الآية دالةً على أنه يكون مكتوب ، والدليل على أنه لا يتعين : ما ذكرته لكم في قوله : { وإنه لفي زبر الأولين } : أي ذكره والتحدث عنه لا أن القرآن نفسه مكتوب هناك ، لأنه لو كان مكتوباً هناك لكان نازلاً قبل محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم بأعوام(3) .
__________
(1) الكلام السابق منقول من لقاءات الباب المفتوح (109 / 21)
(2) الكلام السابق منقول من شرح السفارينية (ص 156)
(3) قسم العقيدة - (ج 72 / ص 24)(1/8)
قال الشيخ فهد السليمان : قال مقيده غفر الله له : ( هذا الكلام ذكره الشيخ رحمه الله في شرحه الأول على العقيدة الواسطية ( 2 / 198 ) الذي شرحه في سنة 1408 هـ ، وقد شَرَحَ ( العقيدة السفارينية ) سنة 1408 هـ ، ورجع عنه رحمه الله في شرحه الثاني على الأربعين النووية في الشريط 11 في الوجه الثاني من الشريط عند شرحه للحديث23وقد شرح الشيخ كتاب ( الأربعين النووية ) مرةً ثانية في دورته الصيفية الأخيرة سنة 1421 هـ التي قبل وفاته ببضعة أشهر وشرحه موجودٌ منتشر وعدد أشرطته ( 19 شريطاً ) عند قوله ^:( والقرآن حجةٌ لك أو عليك ) فقال :
((1/9)
وكونه في الكتاب المكنون ، هل معناه أن القرآن كله كتب في اللوح المحفوظ ، أو أن المكتوب ذكر القرآن ، وأنه سينزل وسيكون كذا وكذا ؟ الأول ، لكن يبقى النظر : كيف يُكتب قبل أن تخلق السماوات بخمسين ألف سنة وفيه العبارات الدالة على المضي مثل : قوله { وإذ غدوت من أهلك تبوئ للمؤمنين مقاعد للقتال } ، ومثل قوله : { قد سمع الله التي تجادلك } وهو حين كتابته قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة لم يسمع لأن المجادلة ما خلقت أصلاً حتى تسمع مجادلتها ؟ فالجواب أن الله قد علم ذلك وكتبه في اللوح المحفوظ كما أنه قد علم المقادير وكتبها في اللوح المحفوظ وعند تقديرها يتكلم الله عز وجل بقوله : { كن فيكون } ، هكذا قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو مما تطمئن إليه النفس ، وكنت قبلاً أقول : إن الذي في اللوح المحفوظ ذكر القرآن ، لا القرآن ، بناءً على أنه يعرج بلفظ المضي قبل الوقوع ، وأن هذا كقوله تعالى - عن القرآن - : { وإنه لفي زبر الأولين } والذي في زبر الأولين ليس القرآن ، الذي في زبر الأولين ذكر القرآن والتنويه عنه ، ولكن بعد أن اطلعت على قول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى انشرح صدري إلى أنه مكتوبٌ في اللوح المحفوظ ولا مانع من ذلك ، ولكن الله تعالى عند إنزاله إلى محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتكلم به ويلقيه إلى جبريل ، هذا قول السلف وأهل السنة في القرآن )(1)
9) الذي يُحقن به الدم وهو صائم ، هل يفطر أم لا ؟
__________
(1) قال الشيخ السليمان والصحيح : ما رجع إليه الشيخ رحمه الله وهو أن القرآن الكريم مكتوبٌ كله في اللوح المحفوظ ، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى(12 / 126 و 127، 15 / 223) فاقتضى ذلك التنبيه والتنويه على ذلك،والله أعلم) .(1/10)
كنت أرى أنه يفطر ، وأقول إذا كان الطعام والشراب مفطراً فإنه يتحول إلى دم ، فالدم هو لبابة الطعام والشراب ، فهو يفطر مثلها
ثم بدا لي أنه لا يفطر لأنه وإن أعطى البدن قوة لكن لا يغنيه عن الطعام والشراب وليس من حقنا أن نلحق فرعاً بأصل لا يساويه (1).
10) السؤال: هل يجوز التسمي بعزيز وشهيد؟
الجواب: أما عزيز فكنت أرى أنه ليس فيه بأس؛ لأن الذين يسمون عزيز لا يقصدون العزة، لكن اطلعت على حديث في النهي عن اسم عزيز، وأما شهيد فالشهيد كما تعرف مفرد شاهد، والله تعالى قد أثبت الشهادة للناس فقال: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ لكني أخشى إذا سمي بشهيد أن ينصرف الذهن أول ما ينصرف إلى شهادة الله عز وجل، فإنه شهيد على عباده، فتجنب هذين الاسمين لا شك أنه أولى...(2)
11) فإذا قال قائل : فهمنا أن وقت الرمي في أيام التشريق من الزوال ، فمتى ينتهي ؟ عند فقهائنا رحمهم الله ينتهي بغروب الشمس ، وهذا يُمكن أن يكون بلا مشقة ولا ضرر لو كان عدد الحجاج لا يبلغ هذا المبلغ العظيم.
أما الآن فهل يمكن أن يُقال إن مليون نفر يمكنهم أن يرمي كل واحد منهم سبع حصيات ؟ هذا مستحيل وتعب شديد ، لذلك أفتى العلماء عندنا وهم يفتون على مذهب الحنابلة أنه لا بأس بالرمي ليلاً للحاجة إلى ذلك والمنع ليس مجمعاً عليه والنصوص محتملة ، الابتداء موقت والانتهاء غير موقت إلى الفجر ، وهذا هو الذي نفتي به وكنا نتوقف فيه(3) .
__________
(1) الشرح المختصر على بلوغ المرام ( الطهارة والصلاة والصوم ) - (ج 7 / ص 25)
(2) لقاءات الباب المفتوح - (ج 155 / ص 19)
(3) شرح كتاب الحج من صحيح البخاري - (ج 1 / ص 60)(1/11)
12) وعلى هذا: فلا يجوز للمحرم أن يشرب قهوة فيها زعفران ؛ لأن الزعفران من الطيب، وإذا شربها فقد مس الطيب ، وكذلك أيضاً: لا يجوز أن يرش على فراشه شيئاً من الطيب ثم يضطجع عليه لأن هذا استعمال للطيب (1).
( مسألة: القهوة التي فيها زعفران، هل يجوز للمحرم أن يشربها؟
الجواب: إذا بقيت الرائحة لا يشربها المحرم، وإذا لم تبق وإنما مجرد لون فلا بأس؛ لأنه ليس فيها طيب )(2).
13) وأما السجاد فلا تمنع من الصلاة في النعال ، لكن المهم الذي أغفله كثير من الناس هو تفقد النعال قبل دخول المسجد ، وهذا خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر ؛ فإن رأي في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه، وليصل فيهما ) . فلو عمل الناس بهذا الحديث لم يكن على السجاد ضرراً إذا صلى الناس عليها في نعالهم(3) .
( ومن ترك الصلاة بالنعلين من أهل العلم فإنما ذلك لقيام شبهة أو مراعاة مصلحة . ومن المصالح التي يراعيها بعض أهل العلم ما يحصل من العامة من امتهان المساجد، حيث يدخلون المساجد دون نظر في نعالهم وخفافهم )(4) .
( لو أنكر الناس الصلاة في النعال وكانوا ينكرون ذلك فهنا أنكروا معروفاً فهنا لا يُجابون على ذلك بل يُبيَّن الحق حتى يطمئن الناس إليهم ، وأقول لهم ذلك حين كانت المساجد مفروشةً بالحصباء أو بالرمل ، أما الآن فلا يمكن الصلاة بالنعال لما في ذلك من تلويثها وأكثر الناس لا يهتمون عند الدخول في المسجد )(5) .
__________
(1) جلسات الحج - (ج 1 / ص 36)
(2) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 7 / ص 89)
(3) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 12 / ص 316)
(4) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 12 / ص 319)
(5) شرح العقيدة السفارينية - (ج 2 / ص 49)(1/12)
14) السؤال: نحن نعاني من عادات: حيث يقوم صفان من الناس، ثم يقوم اثنان من الشعراء يتبادلون الشعر ويدخل فيه السب والشتم، فما موقفنا -يا شيخ- من هذا الفعل؟ وكذلك يوجد التصفيق والتصفير؟
الجواب: الاجتماع على إنشاد الشعر لا بأس به..على أني لا أحبذ أن يكون هذا دائماً كما يفعله بعض الناس، حيث يخرجون في كل ليلة ويقيمون مثل هذا الفعل. السائل: يدخل فيه تصفيق وتصفير ورقص.
الشيخ: إذا لم يصاحبه شيء محرم فلا بأس به، وإن صاحبه شيءٌ محرم من السب والتصفيق والرقص فهذا لا يجوز، فهذا كله لا يجوز(1).
( ليس معنى أن قولنا: إن التصفيق جائز لتشجيع الطلاب أننا نأمرهم أن يفعلوه، لا ما نأمرهم لكن لا ننهاهم )(2).
( السؤال: عن قول منقول عنكم نريد التأكد منه وهو: أنكم تقولون بجواز التصفيق، فقد نقل لي أحد الشباب أنكم قلتم: لا بأس به!
الجواب: نعم! قلنا: لا بأس بجواز التصفيق إذا أريد به التشجيع لمن أجاب جواباً صحيحاً، أو ما أشبه ذلك؛ لأنه لا دليل على تحريمه، وأما قوله تعالى: وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فهؤلاء يقصدون بالتصفيق التعبد لله، وهذا ليس عبادة، وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال وتصفق النساء) فقد قيده بالصلاة .. ونحن لا نحبذه لكن لا نمنعه، ولا نقول: هذا حرام وتشبه بالكفار، هذه المسائل ينبغي للإنسان أن يكون على دقة في الأمر )(3).
ب) المسائل التي توقف الشيخ عن الفتوى بها :
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 81 / ص 15)
(2) لقاءات الباب المفتوح - (ج 201 / ص 19)
(3) لقاءات الباب المفتوح - (ج 121 / ص 17)(1/13)
1) الاكتحال نوعان : أحدهما : اكتحال لتقوية البصر بدون أن يكون له جمال ، فهذا لا بأس به ، بل إنه مما ينبغي فعله ، لأن النبي ^ كان يكتحل في عينيه ، ولاسيما إذا كان بالإثمد . النوع الثاني : ما يقصد به الجمال والزينة ، فهذا للنساء مطلوب . .وأما الرجال فمحل نظر ، وأنا أتوقف فيه ، وقد يفرق فيه بين الشاب الذي يخشى من اكتحاله فتنه فيمنع ، وبين الكبير الذي لا يخشى ذلك فلا يمنع(1) .
2) هناك بعض القصص الهدف منها تعليم أو تسلية الأطفال ، فمثلا لكي نعلم الطفل أن عاقبة الكذب وخيمة تحكي أن ثعلبا مثل دور طبيب حتى يكذب على الدجاجة ويخدعها ، ثم وقع الثعلب في حفرة بسبب كذبه فما رأيكم بهذا النوع ؟
الجواب : هذه أتوقف فيها ، لأنها إخراج لهذه الحيوانات عما خلقت عليه من كونها تتكلم وتعالج وتعاقب،وقد يقال إن المقصود ضرب المثل ، فأنا أتوقف فيه ما أقول فيها بشي(2) .
3) ( مسألة تعليق التمائم من القرآن ) فالأقرب أن يقال : إنه لا يفعل ، أما أن يصل إلى درجة التحريم؛ فأنا أتوقف فيه ، لكن إذا تضمن محظوراً ؛ فإنه محرم بسبب ذلك المحظور(3).
4) ما حكم صور الكرتون التي تخرج في التلفزيون؟ وما قولكم في ظهور بعض المشايخ فيه؟
__________
(1) فتاوى نور على الدرب - (ج 16 / ص 36) . ومجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 11 / ص 74)
(2) مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة - (ج 1 / ص 58)
(3) القول المفيد على كتاب التوحيد - (ج 1 / ص 185)(1/14)
الجواب : أما صور الكرتون التي ذكرتم أنها تخرج في التلفزيون ؛ فإن كانت على شكل آدمي فحكم النظر فيها محل تردد ، هل يلحق بالصور الحقيقية أو لا ؟ والأقرب أنه لا يلحق بها . وإن كانت على شكل غير آدمي فلا بأس بمشاهدتها إذا لم يصحبها أمر منكر من موسيقى أو نحوها ولم تله عن واجب . وأما ظهور بعض المشايخ في التفزيون فهو محل اجتهاد إن أصاب الإنسان فيه فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد ، ولا شك أن المحب للخير منهم قصد نشر العلم وأحكام الشريعة؛ لأن التلفزيون أبلغ وسائل الإعلام وضوحاً ، وأعمها شمولاً ، وأشدها من الناس تعلقاً فهم يقولون: إن تكلمنا في التفزيون وإلا تكلم غيرنا وربما كان كلام غيرنا بعيداً من الصواب ، فننصح الناس ونوصد الباب ونسد الطريق أمام من يتكلم بغير علم فيضل ويضل(1).
5) قيل : إن الملكين هما اللذان يكتبان على الإنسان عمله من خيرٍ وشر فهما صاحباه في الدنيا وهما سائلاه في القبر ، وقيل : بل هما ملكان آخران . ونحن نتوقف في هذا والله أعلم ، فالأحاديث في بعضها : ( يأتيه ملكان ) ، وفي بعضها : ( يأتيه الملكان ) بـ ( أل ) ، و أل هذه يحتمل أنها للمعهود الذهني أي الملكان المعروفان اللذان يكتبان أعمال العباد ، ويحتمل أنها للجنس فتكون بمعنى مَلَكَيْن ، ولكن جوابي أنا ، أنا أتوقف في هذا ، أقول : : ( إنه يأتيه ملكان ) كما جاء في الحديث أو ( الملكان ) ولا أدري منهما(2) .
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 2 / ص 218)
(2) شرح العقيدة السفارينية - (ج 1 / ص 344)(1/15)
6) ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الإنسان قد يرى ربه في المنام، وذلك بأن الله سبحانه وتعالى يضرب له مثلاً بحسب تمسكه بالدين، يراه رؤية حسنة يكون في ذلك مساعدة له على التمسك بالدين والاستمرار على ما هو عليه، فالله أعلم. أنا أتوقف في أن الإنسان يرى ربه في المنام رؤيةً حقيقة ، أما إذا كان الله تعالى يضرب له مثلاً يبين له تمسكه بدينه فهذا شيءٌ ليس بغريب(1).
7) ( الفائدة العاشرة من قوله تعالى [فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ] )
ومنها: أن مزدلفة مشعر من المشاعر؛ فيكون فيه رد على من قال: إن الوقوف بها سنة؛ والقول الثاني: أنه ركن لا يصح الحج إلا به كالوقوف بعرفة؛ والقول الثالث: أنه واجب يصح الحج بدونه؛ ولكن يجبر بدم؛ وأنا أتوقف بين كونها ركناً، وواجباً؛ أما أنها سنة فهو ضعيف لا يصح(2).
8) بعض الناس ينصح من حج ألا يحج مرة ثانية وثالثة بحجة أن يفسح لغيره المجال، ما رأيك في هذا القول؟
الجواب: والله أنا أتوقف في هذا؛ فتارةً أقول: إذا رأينا الزحام الشديد وأن الإنسان يتعب بنفسه في أمر قد يكون بقاؤه في بلده أخشع وأتقى لله؛ لأنه في بلده سوف يقيم على ذكر وتكبير وقراءة قرآن وصيام وصدقة وإحسان، ويؤدي العبادات مطمئناً فيها، فتارةً أقول: هذا أفضل. وتارةً إذا رأيت الأدلة الدالة على الحث على الحج وبيان فضله أقول: أن يحج أفضل.
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 30 / ص 9)
(2) تفسير القرآن للعثيمين - (ج 4 / ص 341)(1/16)
ثم إذا رأيت -أيضاً- أن الحجاج بعضهم يحج فريضة، وبعضهم نافلة، ولا شك أن الأمكنة -أمكنة المناسك والمشاعر- لمن يؤدي الفريضة أولى؛ لأنه أحق بها ممن يحج تطوعاً، فأنا متردد في هذا، أخشى إن قلت: لا تحجوا والنصوص جاءت بالحث على الحج أن يكون في هذا إثم عظيم، وإذا نظرت إلى المصالح ودفع المفاسد وتخفيف الضرر على الناس قلت: عدم الحج أفضل، ومن عنده فضل مال فأبواب الخير كثيرة(1) .
9) بعض الناس إذا بدأت صلاة التراويح أو القيام انتظر حتى إذا ركع الإمام دخل في الصلاة وركع معه، فهل فعله صحيح؟
فأجاب: أما تأخير الإنسان الدخول مع الإمام حتى يكبر للركوع، فهذا تصرف ليس بسليم، بل إنني أتوقف، هل تصح ركعته هذه أو لا تصح؟ لأنه تعمد التأخير الذي لا يتمكن معه من قراءة الفاتحة - وقراءة الفاتحة ركن، فلا تسقط عن الإمام ولا المأموم ولا المنفرد - فكونه يبقى حتى يركع الإمام ثم يقوم فيركع معه هذا خطأ بلا شك، وخطر على صلاته، أو على الأقل على ركعته ألا يكون أدركها(2).
10) ألعاب البنات المجسمة:
الثاني: قسم من «البلاستيك» وتكون على صورة الإنسان الطبيعي إلا أنها صغيرة، وقد يكون لها حركة، وقد يكون لها صوت، فقد يقول القائل: إنها حرام؛ لأنها دقيقة التَّصوير، وعلى صورة الإنسان تماماً، ولها أعين تتحرَّك، وقد نقول: إنها مباحة؛ لأن عائشة كانت تلعب بالبنات، ولم يُنكر عليها النبي ^ .
__________
(1) اللقاء الشهري - (ج 53 / ص 28)
(2) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 13 / ص 2)(1/17)
ولكن قد يقول القائل: إن الصُّور التي عند عائشة ليست كهذه الصُّور الموجودة الآن، فبينهما فرقٌ عظيم، فمن نظر إلى عموم الرُّخصة وأنَّه قد يُرخَّص للصِّغار ما لا يُرخَّص للكبار، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في باب السَّبْق، لما ذكر بعض آلات اللهو قال: «إنه يُرخَّصُ للصِّغار ما لا يُرخَّصُ للكبار ، لأن طبيعة الصِّغار اللهو، ولهذا تجد هذه الصُّور عند البنات الصِّغار كالبنات حقيقة، كأنها ولدتها، وربما تكون وسيلة لها لتربِّي أولادها في المستقبل، وتجدها تُسمِّيها أيضاً هذه فلانة وهذه فلانة، فقد يقول قائل: إنه يُرَخَّصُ لها فيها. فأنا أتوقَّفُ في تحريمها، لكن يمكن التخلُّص من الشُّبهة بأن يُطمس وجهها(1).
11) الذي يتبين لي من الأدلة أن ترك الصلاة لا يكون كفراً إلا إذا تركها الإنسان تركاً مطلقاً، وأما من يصلي ويخلي فيصلي بعض الأحيان ويترك بعض الأحيان، فالذي يظهر لي من الأدلة أنه لا يكفر بذلك، لقوله ^ : «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» أي الصلاة، ولقوله ^ : «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» ولكن هذا الرجل الذي لا يصلي إلا في رمضان ويصوم في رمضان أنا في شك من إيمانه، لأنه لو كان مؤمناً حقًّا لكان يصلي في رمضان وفي غيره، أما كونه لا يعرف ربه إلا في رمضان فأنا أشك في إيمانه، لكنني لا أحكم بكفره، بل أتوقف فيه وأمره إلى الله عز وجل(2).
12) اختلف العلماء في العسل هل تجب فيه الزكاة أو لا تجب؟ فمنهم من قال: إنها تجب. ومنهم من قال: إنها تجب، واستدلوا على ذلك بقول عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ والمسألة عندي محل توقف، والعلم عند الله(3).
__________
(1) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 2 / ص 208)
(2) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 20 / ص 54)
(3) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 18 / ص 165)(1/18)
13) [ السؤال: ] يقول: هذا الرجل بعد توبته الذي يملك الدش إن كان بحاجة إلى المال فهل يجوز له أن يبيعه لنصراني؟
الجواب: أنا أتوقف في هذا، بيع الإنسان ما يحرم للكفار هل يجوز أم لا؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيع الخمر وهي حرام بيعها على المسلمين وعلى غير المسلمين، وكذلك لما كتبوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن المجوس أو النصارى أرادوا أن يعطوا المسلمين شيئاً من الخمر نهاهم عمر وقال: لا تأخذوه ولوهم بيعها -أي: خلوهم هم الذين يبيعونها بعضهم على بعض- وخذوا من ثمنها. على كل حال: أنا أتوقف في هذه المسألة، وأقول: توكل على الله وكسره وأبشر بالخير العاجل(1).
14) [ السؤال ] فضيلة الشيخ! اعتاد بعض الناس بعض العادات قبل الزواج وبعده، منها : أم الزوجة تعطى مبلغاً من المال مقابل كشف وجهها لزوج بنتها تسمى عند العامة "الفتاشة" فما الجائز منها وما الذي لا يجوز؟
الفتاشة، كلمات غريبة! الفتاشة تعني ماذا؟ يعني: المرأة أم الزوجة لا يحل لها أن تكشف وجهها عند الزوج، لكن عند فتشه للزوج تحتاج إلى شيء، هذه ما سمعتها إلا الآن، فهل سمعتموهما أنتم من قبل؟الجواب: موجودة . والله هذه أتوقف فيها حتى أتأملها(2).
15) السؤال: يقام في منطقة الجنوب عند البدو في حفلة العرس والأعياد ما يسمى بالعرضة، وهي لعبة جماعية للرجال ينشدون فيها بعض القصائد الحماسية بدون طبل ولا زار، فما حكم الشرع في نظركم؟
__________
(1) اللقاء الشهري - (ج 35 / ص 17)
(2) اللقاء الشهري - (ج 46 / ص 2)(1/19)
الجواب: أتوقف في تحريم هذا الشيء؛ لأن العرضات في المناسبات جاءت الشريعة بمثلها في لعب الحبشة برماحهم في مسجد الرسول ^ وأراد عمر أن يحصبهم، فقال له الرسول ^: (دعهم حتى يعلموا أن في ديننا فسحة). فأنا أتوقف في التحريم، هذا إذا لم تشتمل على شيء محرم كحضور النساء واختلاطهن بالرجال، فهنا تكون محرمة من أجل ذلك(1).
16) السؤال : بعض الناس يسمي مطعمه (مطعم الفردوس) و (فندق الفردوس) مع ما فيهما من النقص والعيب، والبعض يسمي ابنته (جنة) والبعض يسمي البنت الثانية (ثمرة الجنان) فما رأي فضيلتكم؟
الجواب: أما الأول فلا أرى أن يضاف شيء من أمور الدنيا إلى أمور الآخرة لظهور الفرق بينهما، وهو كذب إذا قال: هذا مطعم الفردوس وهذا فندق الفردوس، هذا كذب، لأنه وإن كانت اللغة أوسع، لكن أصبح عرفاً لا يطلق إلا على الجنة. وأما بالنسبة لتسمية (جنة) فما أدري والله! قد يقال: إنه جائز وقد يقال: إنه غير جائز، أتوقف هنا، لكن الحمد لله الأسماء كثيرة، لم يبق إلا هذا الاسم!.(2)
17) السؤال: فضيلة الشيخ! عندنا في مادة العلوم في الصف السادس الابتدائي درس عن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، فهل ورد في كتاب أو سنة ما يثبت هذا؟ وما هو موقف المدرس من هذا الدرس؟
الجواب: أما كون الأرض تدور أو لا تدور فهذا لا أعلم شيئاً في القرآن أو السنة يؤيده أو يفنده، وقوله تعالى: وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ] هذه دليل من يقول: إن الأرض لا تتحرك، ومن يقول: إن الأرض تتحرك، كيف هذا؟ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ] ...
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 51 / ص 20)
(2) الفتاوى الثلاثية - (ص 57)(1/20)
وعلى كل حال أنا أتوقف في هذا ، ولا أستطيع أن أقول: إنها تتحرك أو تدور ولا أقول: إنها لا تدور؛ لأنه لم يثبت عندي في القرآن أو في السنة أن ذلك كائن أو غير كائن. أما بالنسبة للشمس فالذي أعتقده إلى الآن أن الشمس هي التي تدور على الأرض وأن اختلاف الليل والنهار يكون بالشمس بجريانها حول الأرض، هذا الذي أعتقده؛ لأن هذا هو ظاهر كلام الله(1) .
18) السؤال: كنا في الامتحان فجاءنا المدرس وأخبرنا بإجابة سؤال، فما أدري هل هذا يدخل في الغش أم لا؟
الجواب: إذا جاءك المدرس وأنت في الامتحانات وأخبرك بالجواب فالواجب عليك أن ترفع أمره إلى الإدارة من أجل أن تؤدبه ؛ لأن هذا في الحقيقة أضاع الأمانة التي حملها، ولكن هل يجوز لك أن تأخذ بما قال؟ إن كنت تدري أن هذا الجواب من الأصل فلا بأس وليس فيه إشكال؛ لأنك اعتمدت على معلوماتك، وإن كنت لا تدري فأنا أتردد في هذا، قد أقول: إنه جائز؛ لأن هذا رزق ساقه الله إليك، وقد أقول: إنه ليس بجائز؛ لأنه مبني على غش، فهذه أتوقف فيها ! (2)
19) السؤال: يا شيخ! ورد في مسند أحمد أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه على أن لا يصلي إلا صلاتين، فبايعه النبي ^ يقول محقق الكتاب: إسناده جيد، نود توجيه الحديث، بارك الله فيك!
الجواب: هذا بارك الله فيك! اختلف العلماء في صحته وضعفه ، فأما من قال: إنه ضعيف فقد كفانا همه ، وأما من قال: إنه جيد أو حسن فوجهه أن النبي ^ قيل له في ذلك في حديث آخر قال: (إنهم إذا أسلموا صلوا) ، فقَبِل منه هذا ؛ لأنه يعلم أنه إذا أسلم حقيقة فسوف يصلي.
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 61 / ص 20)
(2) لقاءات الباب المفتوح - (ج 160 / ص 17)(1/21)
وهل يقال لمن كان في زماننا هذا، من أراد أن يدخل الإسلام بهذا الشرط؟ والله قد أتوقف فيه ؛ لأن الرسول ^ لما قال: (إذا أسلم فسيصلي) قد يكون هذا من علم الغيب الذي أطلع الله رسوله عليه، أما نحن فلا، ولذلك (أمر النبي ^ معاذاً أن يدعوهم إلى خمس صلوات فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة)، وهذا يدل على أنه لابد أن نقول: خمس صلوات(1) .
20) السؤال: فضيلة الشيخ: في بعض المساجد يتأخر الإمام -عادة يكون بعد أذان الصلاة ربع ساعة حتى لأقامة- فيأتي أناس مستعجلون ويصلون جماعة لوحدهم في نفس المسجد، ما حكم صلاتهم؟
الجواب: هؤلاء لا يحل لهم أن يصلوا في المسجد قبل إمامهم، فإن فعلوا فهم آثمون، ومن العلماء من يقول: إن صلاتهم لا تصح، والقول بالتحريم واضح وقوي؛ لأننا لو فتحنا الباب لكان كل اثنين يأتون ويصلون، ويبقى الإمام وما معه إلا المؤذن، فهذا حرام ولا يجوز، ولكن أنا أتوقف في كون صلاتهم باطلة ، أما إن أعادوا فهو خير. لكن قد يقولون: نحن مسافرون، وإذا جلسنا ننتظر الإمام يعيقنا عن السفر، نقول: الحمد لله! ما دمتم مسافرين وترون أنكم معذورون بترك الجماعة؛ امشوا وصلوا في البر(2).
21) السؤال: ما حكم استزراع الشعر؟
الجواب: أنا أتوقف في هذا ؛ لأن النبي ^ لعن الواصلة والمستوصلة، واستأذنته امرأة في أن تصل شعر ابنتها لأنه مزقته الحصبة فمنع من ذلك. والحمد لله الإنسان إن كان عنده نشاط فذهاب الشعر لا يضره، وإن كان ضعيفاً لو زرع الشعر لا ينفعه(3).
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 138 / ص 19)
(2) لقاءات الباب المفتوح - (ج 73 / ص 24)
(3) لقاءات الباب المفتوح - (ج 222 / ص 20)(1/22)
22) السؤال: ظهر مؤخراً تأمينات تسمى التأمينات الاجتماعية الإسلامية، وصورتها أن تقوم شركة بجمع تأمينات من عند الشركات ، وتأخذ الشركة أتعابها وتسدد خسائر بعض الشركات، وتوزع المال على الشركات التي تأخذ المال منها، فما حكم هذه التأمينات؟
الجواب: ما يتبين لي في هذا حكم ، وأخشى أن يتهاون الناس فيما يكون فيه خسارة بأن إذا عرف أن هذا مضمون فربما يتهاون(1).
23) السؤال: هل الانشغال عن صلاة الجماعة في البيت كالانشغال عن الجمعة من حيث الحرمة والبطلان؟
الجواب: الانشغال عن صلاة الجمعة بالبيع والشراء بعد الأذان أشد من الانشغال عن صلاة الجماعة؛ لأن صلاة الجماعة تصح من المنفرد، وصلاة الجمعة لا تصح.
ثانياً: الحكم بالنسبة لصلاة الجماعة يتعلق بالإقامة؛ لأن النبي ^ قال: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار) وأما الجمعة فيتعلق بالأذان .. ففي الجمعة إذا باع أو اشترى بعد الأذان وهو ممن تلزمه الجمعة فالبيع باطل، أما صلاة الجماعة فأحتار الآن فيه، أتوقف الآن(2).
24) السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم لبس النقاب للمرأة التي يكون في نظرها ضعف؟
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 13 / ص 28)
(2) لقاءات الباب المفتوح - (ج 192 / ص 19)(1/23)
الجواب: لبس النقاب لا أفتي بجوازه نظراً لما يترتب من الشر، حيث توسع النساء فيه حتى أصبحت المرأة توسع الخط لعينها وتكتحل وتجمل عينها بأجمل ما يكون، وبعضهن يوسعن الدائرة هذه أو الخط هذا حتى يصل إلى الوجنة أو إلى الحاجب، فلذلك لا أفتي بجوازه ولكني لا أفتي بعدم جوازه، إذا قلت لا أفتي بعدم جوازه يعني: لا أقول أنه ليس بجائز، أما إذا قلت لا أفتي بجوازه فالمعنى: أني أتوقف عن الفتوى بجوازه. السائل: من أجل النظر؟ الشيخ: أبداً وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وهذه التي تقول: إنها ضعيفة النظر وتأتي امرأة شابة من أحسن النساء نظراً تقول: عندي ضعف نظر. السائل: حتى -يا شيخ- لو اضطر...؟ الشيخ: ماذا قلنا؟ أنت مثل الرجل الذي قيل له: الحلف بالنبي حرام ولا يجوز، وجاب الأدلة على المفتي قال: (والنبي ما أحلف بالنبي) على الفور!! (1)
25) أرى أن أخذ الربا لا يجوز بأي حال من الأحوال ، إلا أننا نتوقف في هذه المسألة ، وهي إذا كانت هذه البنوك الظالمة التي تفرض الضرائب على الناس وأخذ الإنسان من الربا بقدر مظلمته ليدفعه لهذه الدولة الظالمة، فهذا محل توقف عندي، والله أعلم بالصواب(2).
26) سئل -رحمه الله بمنه وكرمه - عن حكم مشاهدة الأفلام التعليمية التي قد تكون فيها نساء وخصوصًا أفلام تعلم اللغة الإنجليزية ؟
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 229 / ص 20)
(2) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 18 / ص 312)(1/24)
فأجاب قائلا : أنا أرى أن مشاهدة الأفلام التعليمية جائزة ولا بأس بها؛ لأنها مشاهدة لأمر يكون خيرًا ، وإذا كان الذي يظهر من النساء والمشاهدون رجال فإن حصل تمتع بالنظر إليها ، فهذا محرم ، وأما إذا لم يكن ذلك فهذا محل توقف عندي، وعلى كل حال فإنني أكره ذلك؛ لأنه يُخشى على الإنسان من الفتنة إذا شاهد ذلك، وبالإمكان إذا كان الذي يتكلم في هذه الحلقة امرأة أن تضع على الشاشة غطاء حتى لا تظهر أمام الطلبة، هذا إذا اضطررنا إلى الاستماع للمرأة بحيث لا يوجد لهذا الموضوع رجل(1).
27) هل ما يُؤمر به الجن هو ما يُؤمر به الإنس يعني هل صلاتهم كصلاتنا وزكاتهم كزكاتنا وصيامهم كصيامنا وحجهم كحجنا ؟
في هذا خلاف بين العلماء :... وقال بعض العلماء : بل إنهما يفترقان..وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال :إن اختلافهم عن الإنس في الحد والحقيقة يقتضي ألا يتساووا في التكليف لأن حكمة الله تعطي كل مكلفٍ ما يناسبه حتى في البشر .
وعلى كل حال نحن نقر بأن الجن مكلفون في الجملة ،وأن كافرهم يدخل النار وأن مؤمنهم يدخل الجنة أيضاً .
أما مسألة الرسالة وعدم الرسالة فقد تكون الأدلة متكافئة ،وإن كان الراجح : أن الرسل من البشر . وأما هل هم مساوون للإنس في الأحكام الشرعية ؟ فهذا محل تَوَقُّف.
إن نظرنا إلى عموم الأدلة قلنا : هم مساوون للإنس ، وإن نظرنا إلى الحكمة في التشريع ، وأن الشرع يختلف باختلاف المكلف ،قلنا : لا بد أن يكون له شرعٌ خاصٌ بهم وهذا الشرع الخاص بهم ،وإن كنا لا نجده في الكتاب ولا في السنة ، لكن يُؤخذ من العمومات(2) .
28) ( الفائدة التاسعة من قوله سبحانه [مَنْ كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ ..] ومنها: أن من كان عدواً للملائكة، أو للرسل فإنه عدو لله..
__________
(1) كتاب العلم للعثيمين - (ج 1 / ص 139)
(2) شرح العقيدة السفارينية - (ج 1 / ص 404)(1/25)
فإن قيل: فهل من عادى المؤمنين يكون معادياً لله ؟ فالجواب: هذا محل توقف في دلالة الآية عليه ؛ اللهم إلا إذا عادى المؤمنين لكونهم تمسكوا بشريعة الرسل؛ فهذا يظهر أن الله يكون عدواً لهم، لأن من عاداهم إنما فعل ذلك بسبب أنهم تمسكوا بما جاءت به الرسل..(1)
29) المسبوق الذي سلم إمامه:
من محبكم محمد الصالح العثيمين إلى المحب الأخ المكرم . . . حفظه الله تعالى : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :أرجو الله تعالى أن تكونوا ومن تحبون بخير ، كما أننا بذلك ولله الحمد ، رزقنا الله وإياكم شكر نعمته وحسن عبادته . نشكركم على تقديمكم هذه الأسئلة المفيدة ونرجو الله تعالى أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح
سؤالكم الأول عن المسبوق الذي سلم إمامه عن نقص فقضى ركعة ثم ذكر إمامه فماذا يصنع؟ فالجواب : أنه مخير بين أن يستمر في قضاء ما فاته منفرداً ، وبين متابعة الإمام ، وإذا تابع الإمام فهل تحتسب له ركعته التي قضاها ويسلم مع الإمام ، أو لا تحتسب ، لأنها وقعت في غير محلها ، لأن محل قضاء المأموم بعد تمام إمامه وهذا قد قضاها قبل تمام الإمام فتكون في غير محلها فتلغى ، ذكر بعض المحشين في ذلك احتمالين، ولم يتبين لى أيهما أرجح(2).
30) السؤال: دخل شخص وقت صلاة المغرب المسجد فوجد الجماعة يصلون العشاء، فهل يجمع صلاة العشاء بعد الانتهاء من الصلاة؟
__________
(1) تفسير القرآن للعثيمين - (ج 3 / ص 237)
(2) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 14 / ص 7)(1/26)
الجواب: ..لا أدري هل هو من أهل الجمع أم لا ؟ السائل: للمطر. الشيخ: إن كان أدرك شيئاً من العشاء -أي: بعد أن تشهد- فليجمع ، وإن كان لا يدرك فعندي محل توقف ؛ لأنه لا يستفيد من هذا الجمع شيئاً ، إذ أنه سوف يخرج لبيته ونقول: انتظر حتى يدخل وقت العشاء وصل في بيتك، لكن إذا كان يدرك شيئاً من العشاء مع الإمام فليجمع ليدرك فضيلة الجماعة(1).
31) السائلة / ما وصلنا مزدلفة إلا الساعة العاشرة من النهار، حبسنا الزحام، علينا فدية وإلاَّ لا؟
الشيخ / والله إن فديتم فهو أحسن. إذا ما فديتم فأنا أتوقف في هذا.
السائلة / ما علينا؟
الشيخ / لا أدري، الله أعلم، لكن الفدية أحسن(2).
32) ما سكت عنه فلم يؤمر بقتله ولم ينه عنه، فإن آذى ألحق بالمأمور بقتله؛ لأن المؤذي يقتل دفعاً لأذيته، وإن لم يؤذ فهو محل توقف.فأجاز بعضهم قتله ؛ لأن ما سكت عنه الشارع فهو مما عفا عنه. وكرهه بعضهم؛ لأن الله خلقه لحكمة، فلا ينبغي أن تقتله، وهذا هو الأولى(3).
33) السؤال: فضيلة الشيخ! أنا موظف اشتغل براتب ثلاثة آلاف ريال و(5 %) من الأرباح، هل هذا الأمر جائز؟
الجواب: هذا يحتاج إلى تأمل؛ لأن مقتضى كلام العلماء في مسألة المشاركة أنه لابد أن يكون بالسهم، فبدلاً من أن يكون لك -مثلاً- راتب ثلاثة آلاف ريال ولك (10 %) من الربح يكون لك (50 %) من الربح بدون راتب. أو يكون لك راتب مقطوع.. أما أن يجعل لك راتباً مع جزء من الربح فهذا يحتاج إلى تأمل في المسألة ، ولعل الله يفتح علينا(4).
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 197 / ص 18)
(2) فتاوى ( سؤال من حاج ) - (ج 1 / ص 139)
(3) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 7 / ص 90)
(4) لقاءات الباب المفتوح - (ج 124 / ص 21)(1/27)
34) لو حج الرقيق فإن حجه صحيح، ولكن هل يجزئ عن الفرض أو لا يجزئ؟ الجواب: في هذا خلاف بين العلماء.. وليس عندي ترجيح في الموضوع؛ لأن التعليل بأنه ليس أهلاً للحج تعليل قوي، والتعليل بأنه إنما منع من أجل حق السيد قوي أيضاً؛ فالأصل أنه من أهل العبادات..وأنا متوقف في هذا(1).
35) مسألةٌ ذَكَرها شيخُ الإِسلامِ وفي النَّفْسِ منها شيء، وهي: لو صَلَّى خلفَ مَن يصلِّي على جنازة، فشيخُ الإِسلامِ يجيزُ أنْ يدخلَ معه، وينوي الائتمامَ به، ويتابعَ الإِمامَ بالتكبيرِ ، فإذا سَلَّمَ الإِمامُ مِن صلاةِ الجَنازةِ فإنَّه يُتِمُّ صلاتَه، وذلك لأنَّ المصلِّي على الجنازة يصلِّي صلاةً تخالفُ صلاةَ المأمومِ في الأفعالِ والصِّفَةِ، ولذلك كان القلبُ فيه شيءٌ مِن هذا القولِ(2).
36) سُئل فضيلته : هل تجوز كتابة بعض الآيات على السبورة بدون وضوء ؟وما حكم مس السبورة التي كتبت فيها تلك الآيات ؟
فأجاب ـ رحمه الله تعالى ـ قائلا : تجوز كتابة القرآن بغير وضوء ما لم يمسها .
أما مس السبورة التي كتبت فيها تلك الآيات فإن فقهاء الحنابلة قالوا : يجوز للصبي مس اللوح الذي كتبت فيه آيات في الموضع الخالي من الكتاب ، أي بشرط أن لا تقع يده على الحروف.
فهل تلحق السبورة بهذا أو لا تلحق ؟ هي عندي محل توقف. والله أعلم(3).
37) السؤال: المسيح الدجال أهو من ولد آدم؟
الجواب: إي نعم ، المسيح الدجال من ولد آدم لا شك فيه . . والظاهر أنه غير موجود.
وأما حديث الجساسة ففي النفس منه شيء ، لا يظهر لي بأنه حديث صحيح لما فيه من الاضطراب ، وفي بعض ألفاظه نكارة ..
السائل:سمعنا من ينسب إليكم القول بأنه كان موجوداً على عهد النبي ^ في قصة تميم ثم نفيتم وجوده بحديث:(أرأيتكم ليلتكم)؟
__________
(1) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 7 / ص 7)
(2) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 4 / ص 202)
(3) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 11 / ص 156)(1/28)
الشيخ: لا، لا، أبداً ما قلنا هذا.
السائل نفسه: غير صحيح؟
الشيخ: إي نعم، من أصله، نحن نشك في صحة حديث تميم الداري في قصة الجساسة(1).
38) إذا شك الإمام في صلاته ، فبنى على غالب ظنه ، ووافق ظنه الواقع، وذلك بموافقة المأمومين له ، فهل يسجد أم لا؟ وما هو اختياركم، حيث إني قرأت لكم قولين في كتابين، فما المختار عندكم؟
المسألة فيها خلاف، المذهب أنه لا يسجد إذا تبين أنه مصيب فيما فعل فإنه لا يسجد؛ لأن السجود إنما لسبب تبين عدمه، وقيل: إنه يسجد؛ لأنه أدى جزءًا من صلاته شاكا فيه، شاكا فيه أي: في هذا الجزء، لا يدري أزائد هو أم لا؟
وأنا أحيانًا يقع في ذهني أن(... هو) لا يسجد أحيانا كثيرة أو أنه يسجد ، فهو لم يتبين لي كثيرًا رجحان أحد القولين(2).
39 ) فإذا قال قائل: ما هو الحَدُّ الفاصل في الصلاة إليها؟ قلنا: الجدار فاصل، إلا أن يكون جدارَ المقبرة ففي النفس منه شيء، لكن إذا كان جداراً يحول بينك وبين المقابر، فهذا لا شَكَّ أنه لا نهي.
كذلك لو كان بينك وبينها شارع فهنا لا نهي، أو كان بينك وبين المقبرة مسافة لا تُعَدُّ مصلِّياً إليها.. فإذاً لا بُدَّ من مسافة يُعلم بها أنك لا تُصلِّي إلى القبر(3).
40) السؤال: هل تقبل توبة العاجز ومن لا يستطيع أن يعصي في وقت هو مريض فيه؟
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 168 / ص 21)
(2) شرح منظومة القواعد والأصول لابن عثيمين - (ص 170)
(3) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 2 / ص 212)(1/29)
الجواب: .... أما إذا كان من عادته أن يفعل المعصية، كما لو كان من عادته أن يشرب الخمر -والعياذ بالله- فمرض وامتنع عن الشرب لمرضه، ولكنه يتمنى لو أنه قادر حتى يعود لشرب الخمر، فهذا قد نقول: إنه يكتب عليه وزر العمل والنية؛ لأنه كان يعتاده كالذي كان يعمل العمل الصالح ثم عجز لمرض فإنه يكتب له كما لو كان صحيحاً. وقد نقول: إن السيئات لا تقاس بالحسنات؛ لأن الحسنات فضل وأجر من الله، وهذا الرجل الذي عجز عن المعصية التي كان يعتادها لا نجزم بأنه يكتب له وزر عملها ؛ لأنه لم يفعلها، وعلى كل حال: فالمؤكد أنه يكتب عليه وزر النية ، أما وزر العمل، فإنني الآن متوقف فيه(1).
41) السؤال : أرجو أن تبين لي حكم شراء أفلام الفيديو إذا كان يوجد فيها رسوم متحركة، مع أن هذه الرسوم هادفة ونافعة للأطفال ، فهل يختلف الحكم بين الصور الحقيقة والمتحركة أم لا؟
الجواب: أقول: هذه الأفلام التي فيها أشياء نافعة تنفع الصغار وتصدهم عن شر منها ؛ إذا كان لا بد فلا شك أنها أهون من الأفلام الخليعة، والصغير يرخص له في اللهو واللعب ما لا يرخص للكبير، ولهذا رخص النبي ^ لعائشة رضي الله عنها أن تلعب بالبنات ..كان يمكنها من أن تلعب بهذه اللعب، فإذا اشترى الإنسان أفلاماً تكون فيها تسلية للصغار وليس فيها شيء محرم فهذا لا بأس به(2).
42) سؤال : من لبس الإحرام وانتظر للميقات وسائق الطيارة مر بالميقات ولم يخبره وهو بنيته ولابس الإحرام ؟
الجواب:يحرم من حين بلغه ذلك ، وتكون الفدية على الطيار ما لم ينو الدخول في النسك. السائل:يقولون إن النية تقديرية في الطيارات
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 40 / ص 17)
(2) اللقاء الشهري - (ج 47 / ص 13). ( وانظر رقم 4 من هذا القسم )(1/30)
الجواب : والله أما الذي يذهب من القصيم يرى المدينة من تحته .على كل حال المسألة هذه إيجاب الهدي في ترك الواجب ، أصلاً فيها شيء ، في النفس منها شيء ، أنا أرى أن يحتاط فإن كانت واجبة فقد أدى ما عليه وإلا فهي تطوع (1).
43) سؤال : بارك الله فيكم ، ما آخر العلامات التي تدل على خروج الساعة ؟
الجواب : ما أدري ، ما ظهر لي ترتيب العلامات إلا الدجال ويأجوج ومأجوج ، هذا الحديث فيها صريح ، وإلا طلوع الشمس من مغربها مثلاً ولا يبقى في الأرض مؤمن وما أشبه ذلك ما ظهر لي فيها ترتيب (2).
44) الدعاء عند ختم القرآن:
كتابكم المؤرخ في 2/10/1398هـ ورديفه المؤرخ في 6 منه قرأتهما كليهما ، وفهمت ما فيهما ، وإني لأشكر أخي على ما أبداه من النصح ومحبة الخير ، وأسأل الله لي وله التوفيق لما فيه الخير والصلاح والإصلاح .
ثم أقول له: إنني حينما تكلمت على مسألة الدعاء عند ختم القرآن ، وبينت أنه لم يتبين لي فيها سنة عن النبي ^ وأن المسألة تحتاج إلى نظر وتحقيق ليحكم عليها بما تستحق من تصويب أو تخطئة ، إنما تكلمت به عرضاً لا قصداً ، لأني لما ذكرت الإنكار على من يرفعونها فوق المنابر بمكبر الصوت، كان من المعلوم أن الناس أو الكثير سيفهمون أن أصل هذا الدعاء من السنن المطلوبة فيما أرى ، فتحرجت من ذلك الفهم ، وذكرت أن المسألة تحتاج إلى نظر وتحقيق(3).
45) السؤال: ما حكم (الطربوش) الذي له زائد؟
الشيخ: الذي فيه هذا الرف؟ السائل: نعم. الشيخ: والله أنا أكرهه لسببين: السبب الأول: أنه عادة حادثة وأنا أحب من المسلم ألا يتغير عن عادته إلا إلى عادة أحسن، ولم تخالف الشرع. والسبب الثاني: أن هذا الرف يؤثر على العين بحيث تضعف عن مقاومة شعاع الشمس ..
__________
(1) فتاوى الحج - (ج 1 / ص 5)
(2) شرح كتاب الحج من صحيح البخاري - (ج 1 / ص 73)
(3) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 14 / ص 141)(1/31)
فأنا أكرهها لهذين السببين. وأقول: ينبغي لنا أن نكون أعزة في أنفسنا، أقوياء الشخصية، وألا نتحول عن عاداتنا إلا إلى ما هو أحسن منها ، بشرط ألا يكون مخالفاً للشرع، أما كوننا نتلقى كل شيء منهم فهذا غلط(1).
( أخشى أن اللابس لها يكون في قلبه أنه مقلد لهؤلاء الكفار فحينئذٍ يمنع من هذه الناحية )(2).
( ينبغي أن نقابل الذين يلبسونها باللين واللطف ونقول: لا ينبغي أن تخرج عن عادة البلد دون الإنكار عليه )(3).
46) أما قول السائل: هل تشترط الطهارة في سجود التلاوة؟ فهذا موضع خلاف بين أهل العلم: .. وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - يسجد على غير طهارة. ولكن الذي أراه أن الأحوط أن لا يسجد إلا وهو على وضوء(4).
47) السائل: ما رأيكم في التصوير بالفيديو؟
الشيخ: لا أجزم بالتحريم؛ لكن فيه إضاعة وقت ومال، وليست المسألة إضاعة الوقت عند التصوير فقط، بل إضاعة الوقت حتى عند مشاهدتها، فيغريه الشيطان بمشاهدتها كل وقت، كلما فكر ذهب فشغَّل الفيديو ونظر إلى هذه الصور، فهي أقل ما فيها أنها ملهية، والتحريم لا أجزم به. أما إذا كان تصوير الفيديو لمصلحة دينية أو علمية نافعة فلا بأس... (5)
48) والخلاصة: أن الإنسان إذا مسَّ ذكره استُحِبَّ له الوُضُوءَ مطلقاً، سواء بشهوة أم بغير شهوة، وإذا مسَّه لشهوة فالقول بالوجوب قويٌ جدًّا ، لكنِّي لا أجزم به ، والاحتياط أن يتوضَّأ(6).
49) السؤال: يوجد في بعض المساجد الأجهزة الترديد (الصدى) فهل هذا يجوز؟
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 218 / ص 21)
(2) لقاءات الباب المفتوح (118 / 25)
(3) اللقاء الشهري(70 / 34)
(4) فتاوى أركان الإسلام - (ج 3 / ص 100)
(5) لقاءات الباب المفتوح - (ج 2 / ص 42)
(6) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 1 / ص 173)(1/32)
الشيخ: أرى: أنها لا تجوز، فإن كانت تستوجب ترديد الحرف، فعدم الجواز فيها أمر قطعي عندي؛ لأن ترديد الحرف يعني زيادة في كلام الله عز وجل، وقد كره الإمام أحمد وغيره من العلماء قراءة الكسائي لشدة الإدغام فيها أو لطول المد فيها؛ لأن هذا يقتضي أن يكون هناك زيادة على كلام الله عز وجل.
لكن إذا كانت لا توجب ترديد الحرف فأرى أيضاً المنع فيها ، لكني لا أجزم به جزماً بيناً ؛ وذلك لأنه ليس المقصود من القرآن الكريم أن يكون كنغمات الأغاني والطبول، المقصود أن يقرأه الإنسان بخشوع، وربما يكون قراءته بدون مكبر الصوت أدعى للخشوع كما هو المشاهد غالباً.
وأما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتزيين الأصوات بالقرآن فالمراد الأصوات التي خلق الله الإنسان عليها، لا بأن يأتي بآلة، لكن إن اضطر للآلة لأننا لا نحرمها بل نقول هي من فضل الله لو كان المسجد واسعاً يحتاج صوتك فيه إلى تكبير فلا بأس كما هو معروف الآن في المسجد الحرام والمسجد النبوي وغيره من مساجد المسلمين، أما هذا الصوت الذي يسمى الصدى فهو إن كان يلزم منه ترديد الحرف فهو حرام ولا إشكال فيه لما فيه من الزيادة على القرآن، وإن كان لا يتضمن ذلك فأنا أيضاً أرى منعه(1).
50) يقول الناس :ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا ، ويعنون ما توقعت ، وما ظننت أن يكون هكذا ، وليس المعنى : ما صدقت أن الله يفعل لعجزه عنه مثلاً، فالمعنى أنه ما كان يقع في ذهني هذا الأمر، هذا هو المراد بهذا التعبير، فالمعنى إذاً صحيح ، لكن اللفظ فيه إيهام ، وعلى هذا ؛ يكون تجنب هذا اللفظ أحسن لأنه موهم، ولكن التحريم صعب أن نقول: حرام مع وضوح المعنى ، وأنه لا يقصد به إلا ذلك(2) .
51) س 192 ـ هل يشرع السلام على أهل المقابر من خلف الحواجز أو يشترط الدخول للمقبرة؟
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 153 / ص 17)
(2) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 3 / ص 99)(1/33)
الجواب : السلام على أهل القبور من وراء الحائط فأنا متردد فيه ، ولكن لو سلم فإنه لا يضر؛ لأن أقل ما نقول فإنه فيه دعاء للأموات وهو محتمل المشروعية(1).
52) الوصال أن يقرن الإنسان بين يومين في صوم يوم واحد، بمعنى ألا يفطر بين اليومين.وحكمه قيل: إنه حرام، وقيل: إنه مكروه، وقيل: إنه مباح لمن قدر عليه، فالأقوال فيه ثلاثة..
فالقول بالتحريم أقواها، ولكن مع ذلك ليس عندي فيه جزم ؛ لأنه لو كان حراماً كما تحرم الميتة ولحم الخنزير لمنعهم الرسول ^ من فعله منعاً باتاً، لكنه نهاهم عن ذلك رفقاً بهم.
ولهذا ذهب بعض الصحابة - رضي الله عنهم - إلى جواز الوصال لمن قدر عليه معللاً ذلك بأنه إنما نهي عن الوصال من أجل الرفق بالناس لأنه يشق عليهم، فكان عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - يواصل إلى خمسة عشر يوماً لكنه - رضي الله عنه - تأول(2).
53) السؤال: فضيلة الشيخ! بعض المدارس يفعلون مسابقات، وهذه المسابقات الجائزة عليها كأس فما حكم الكأس؟
الشيخ: كأس ماذا؟
السائل: كأس حديد يا شيخ!
الشيخ: هل الكأس هذا زجاج أو طين؟
السائل: لا، يا شيخ! حديد بعض الأحيان يكون ذهبياً، لكن المدارس يكون الكأس فيها حديداً.
الشيخ: لا بأس بذلك، ولكن لماذا لا يكون شيئاً ينتفع به؛ لأن هذا الكأس يمكن أن يكون كأس النايلون أحسن منه، لماذا لا يكون شيئاً نافعاً إما ساعة وإما قلماً أو كتاباً ؟ هذا أفضل.
السائل: يا شيخ هذا الكأس يعطى للفصل كله، فهم يعطون كل طالب جائزة عينية إما شريطاً أو كتاباً، ثم للفصل كله كأساً من أجل أن يوضع في الفصل.
الشيخ: أنا أقول: أصل هذا الكأس الظاهر أنه مأخوذ من غير المسلمين ، هذا الذي أفهمه أنا أن الكأس الذي تقوله أنت ليس هو كأساً يشرب به.
السائل: هو لا يستخدم -يا شيخ- للأكل ولا للشرب ولا لشيء.
__________
(1) فتاوى نور على الدرب - (ج 5 / ص 161)
(2) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 7 / ص 7)(1/34)
الشيخ: لا يستخدم ولا يصلح؟
السائل: فقط زينة.
الشيخ: زينة، بدل هذا نأتي بشيء غير هذا الكأس هذا الذي أرى.
السائل: هل هو جائز يا شيخ؟!
الشيخ: لا أقول ما يجوز، التحريم صعب، لكن أرى أن يعطى شيئاً ينفع(1).
54) السؤال : في بعض البلاد مثلاً يعني التي يتسلط فيها أعداء الإسلام الملحدون ونحوهم، يحاولون مثلاً إزالة من كان موجوداًَ من المسلمين مثلاً من الجيش فيفرضون عليهم يقولون مثلاً : إما أن تحلقوا اللحى وإما لا حق لكم في الجيش ولا مكان لكم في الجيش ، فيكون مثلاً الواحد يريد أن يبقى في مكانه يحافظ على الإسلام ويفعل هذا وقلبه مطمئن هل يجوز هذا ؟
الجواب : هذه المسألة مشكلة ، نسأل الله ألا يولي الفاسقين على المؤمنين . يقول هذا الفاسق لازم تحلق لحيتك وإلا اخرج من الجيش ،
فهذا الرجل يقول : إن خرجت من الجيش حلَّ محلي فاسق أو مبتدعٌ خطر على الإسلام مع حلق اللحية ، وإن حلقت اللحية وبقيت بذلك مصالح كثيرة ، لو لم يكن منها إلا دفع هذا المبتدع الفاسق الشرير ، أن يكون في هذا المقام الخطير ؛ لأنه أخطر ما يكون في الجيش
أنا أتردد فيها ؛ في الحقيقة أحياناً أقول : اخرج من الجيش لا خير في جيشٍ ينبني على معصية الله ، وأحياناً أقول هذا أمرٌ واقع فيجب أن نقدِّر الأمور بواقعها ، وأن نخفف بقدر الإمكان فهذا الرجل إذا حلق لحيته معصية لا شك وليست معصية بالإجماع أيضاً ، لاحظوا هذه ؛ لأن من العلماء من يقول : إن حلق اللحية مكروه وليس بحرام أفهمتم ؟ فيقول هذا الرجل : أنا إذا حلقت اللحية بقيت في مكاني أمرت بمعروف نهيت عن المنكر ، وربما تكون الدولة فيما بعد لأهل الخير ، لكن إذا تخلى أهل الخير جاءنا من يحلق اللحية ، ومن يفسد الجيش بعقيدته أو أخلاقه ! فما رأيكم في هذه المسألة ؟
__________
(1) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 7 / ص 7)(1/35)
أنا متأرجح ! أحياناً أقول : لا تكن في الجيش وأحياناً أقول في فكري كيف تمنعهم من الجيش وهؤلاء رجالٌ طيبون ؟ إذا منعتهم حلَّ محلهم من الفساق والفجار والمبتدعة والذين هم خطر على الإسلام (1).
55) الغسل للجمعة لا يجزئ إلا إذا كان بعد طلوع الشمس، أي ما بين طلوع الشمس وطلوع الفجر. وأما إذا اغتسل بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس فأنا أتردد فيه ؛ وذلك لأن النهار شرعاً ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس. وفلكاً: ما بين طلوع الشمس وغروبها ، فيحمل اليوم على اليوم الشرعي ، وليس اليوم الفلكي، لكن يعكر على ذلك أن ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس وقت لصلاة الفجر ، لا يُندب للإنسان فيه أن يتقدم لصلاة الجمعة ؛ بل هو وقت صلاة الفجر.
فمن اغتسل بعد طلوع الشمس فقد أصاب السنة وامتثل الأمر ولا إشكال، وأما ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس فهو محل نظر . فعلى هذا فالاحتياط أن لا يغتسل إلا بعد طلوع الشمس(2).
56) القول الرَّاجح: أن جميع هذه الأسطحة تصحُّ الصلاة فيها إلا سطح المقبرة وسطح الحَمَّام. أمَّا المقبرة، فلأنَّ البناء على المقبرة كالمقبرة في كونه ذريعة إلى عبادة القبور، ولهذا نُهيَ عن البناء على القبر، وأما سطح الحَمَّام فلأنه داخل في مسمَّاه؛ لكن سبق البحث في ذلك ، فهو محل تردُّدٍ عندي(3).
57) إخبار الناس بالميت إذا قدم بأنه ذكر، أو أنثى من أجل أن يكون الدعاء بضمير المذكر إذا كان ذكراً، أو بضمير المؤنث إذا كانت أنثى، أو إذا كان هناك جنازة كبيرة ، أو صغيرة لم تبلغ الحلم، فيخبر الناس من أجل أن يدعوا لكل واحد بما يناسبه، هذا لا بأس به لما فيه من المصلحة.
__________
(1) شرح العقيدة السفارينية - (ج 2 / ص 67)
(2) دروس وفتاوى الحرم المدني - (ج 1 / ص 84) . ومجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 16 / ص 86)
(3) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 2 / ص 210)(1/36)
وأما الإخبار عن اسمه فلا أدري، أتوقفُ فيها، قد يكون فيه مصلحة، وقد لا يكون فيه مصلحة. قد يكون مثلاً من الحاضرين من بينه وبين الميت المعين عداوة سابقة مثلاً، فينصرف عن الصلاة يقول: لا أصلي على هذا الرجل، ويكون في هذا تشويش، أو ربما يصلي عليه وبدلاً من أن يدعو الله له يدعو الله عليه، فلو أنه تُرك التعيين بالاسم لكان أحسن(1).
58) بالنسبة لمنى في الوقت الحاضر أنا أتردد في أنها سفر بالنسبة لأهل مكة ؛ لأن البيوت اتصلت بها، وصارت كأنها حي من أحياء مكة ، أما مزدلفة وعرفة فهي خارج مكة بلا شك ، حتى إلى الآن لم تصلها منازل ، فالأحوط لأهل مكة بمنى أن يتموا الصلاة ، لا سيما وأن المشهور من مذهب الإمام أحمد وجماعة كثيرة من أهل العلم أن أهل مكة ليسوا مسافرين حتى في عرفة ، لكن القول الراجح: أنهم مسافرون لأنهم كانوا يصلون مع النبي ^ في منى وفي عرفة ويقصرون(2) .
59) السؤال: فضيلة الشيخ! رجل مسلم لا يمنعه عن فعل المعصية إلا حياؤه من الناس، وليس رجاء ما عند الله أو الخوف من عقابه؟
الجواب: هذا ليس له شيء، يعني: ليس له أجر قطعاً ؛ لكن هل يكون عليه إثم؟ هذا محل تردد. قد يقال: إن عليه إثماً ؛ لأنه تقرب إلى المخلوقين بطاعة الله عز وجل أو بترك معصيته ، وقد يقال: ليس عليه إثم ؛ لأن الله عز وجل شرع الحدود والعقوبات ردعاً للعصاة ، ومعلوم أن العاصي قد يمنعه عن المعصية الخوف من هذه العقوبات ، دون أن يكون على باله الخوف من الله عز وجل.
فعلى كل حال: ندعو مثل هذا الرجل إلى إخلاص النية لله عز وجل ، وأن تكون طاعته تقرباً إلى الله ، وتركه المعصية خوفاًَ من الله(3).
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 23 / ص 16)
(2) جلسات الحج - (ج 1 / ص 18)
(3) لقاءات الباب المفتوح - (ج 125 / ص 25)(1/37)
60) ولهذا نقول: ابن السبيل نعطيه، ولو كان في بلده من أغنى الناس إذا انقطع به السفر ؛ لأنه في هذه الحال محتاج ، ولا يقال: أنت غني فاقترض، فيعطى ما يوصله إلى بلده، وهذا يختلف فينظر إلى حاله حتى لا تكون هناك غضاضة وإهانة له.
فإذا كان ممن تعود على الدرجة الأولى، هل يعطى الأولى أو السياحية؟ هذا محل تردد، ويترجح أنه يعطى ما لا ينقص به قدره(1).
**********
جـ) مسائل نفى الشيخ أن له فيها قولين ، أو أنه توقف عن القول فيها :
1) السؤال: سمعنا لك فتوى عن اللَّبَّاد أنه لا يجوز فرشُه في المسجد( إسفنج يوضع تحت سِجَّاد المسجد) .
الشيخ: أقول: بارك الله فيك وفي الإخوان وفينا إن شاء الله جميعاً : ما أكثر ما يُنسب إلي من الأقوال! وهذه بلوى، أنا لا أدري هل الرجل الذي إذا أحب شيئاً قال: لا يكون مقبولاًَ مني إلا إذا قلتُ: قال به فلان، أو قال به فلان؟ أم ماذا ؟! هذا لا يجوز أبداً.
وأنا أقول لكم في هذا المكان، ولكل مَن سمع قولي هذا: إذا سمعتم عني ما تستنكرونه فراجعوني، قد أكون مخطئاً فيهديني الله على أيديكم ، وربما نُقِل عني خطأً فأبيِّن أنه خطأ ، وقد يكون صواباً فأبيِّن أنه صواب .
فأقول: الإسفنج لا أقول: إنه حرام؛ لكن أقول: لا ينبغي أن يصل بنا الحد إلى هذا الترف، ثم إذا كان الإسفنج ليناً فإن وضعتَ عليه جبهتك وضعاً فقط دون أن تكبس عليه فهذا لا يجزئك في السجود، وقد ذكر ذلك أهل العلم في كتبهم، قالوا: إذا سجد الإنسان على عِهْنٍ منفوشٍ أو على قطن، واقتصر على مُمَاسَّة الجبهة لهذا فقط دون أن يكبس عليها فإن سجوده لا يصح، وهذا حق.
__________
(1) الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 6 / ص 156)(1/38)
والدليل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يُمَكِّن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه). وفي قوله: (يُمَكِّن جبهته) دليلٌ على أنه لابد من التمكين...(1)
2) السؤال: سمعنا أنكم توقفتم في تكفير المرأة النصرانية التي ماتت في الحادث مؤخراً، فهل هذا صحيح ؟ وآخر يقول: ذكرتم في خطبة الكسوف أنكم قلتم إنها كافرة . يقول بعض الناس: وما يدري الشيخ أنها ماتت كافرة، ربما أنها أسلمت في آخر حياتها؟
الجواب: هاتان شبهتان متناقضتان، أما من جهة التوقف في كفرها فلم أتوقف، هي كافرة؛ لأن الأصل الكفر وبقيت على حالها وما علمنا أنها رجعت إلى الإسلام، فهي كافرة هذا الذي نعتقده فيها، ومن نسب عنا سوى ذلك فقد كذب.
وأما كونها في النار هي بعينها ما نشهد أنها في النار؛ لأن من مذهب أهل السنة والجماعة : ألا تشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. حتى لو كان من أتقى الناس لا تقل: هذا من أهل الجنة، حتى لو كان من أكفر الناس ما تقول: هذا من أهل النار، لكن تقول هو كافر، والرجل التقي هو مؤمن لأن هناك فرقاً بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، أحكام الدنيا يؤخذ الإنسان فيها بظاهر حاله، وأحكام الآخرة عند الله عز وجل، هذا هو ما نعتقده في هذه المرأة.
والحقيقة أنها امرأة لا تستحق الذكر ولا الثناء ....
مع الأسف أن بعض الناس من أجل ما أحيط بها من الدعايات العظيمة في وسائل الإعلام جعل يستغفر لها: اللهم اغفر لها، اللهم ارحمها، ولا أدري إذا جاء عيد الأضحى ربما يضحون عنها. والاستغفار لها محرم، والدعاء لها بالرحمة محرم(2) .
3) قراءة بعض السورة
من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم. حفظه الله تعالى
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 68 / ص 21)
(2) اللقاء الشهري - (ج 49 / ص 15)(1/39)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قرأت كتابكم المؤرخ في 1/2/1241هـ وفيه مسائل:..
المسألة الثالثة: ذكرتم في أثناء كلامكم أن رأيي منع الإمام من قراءة بعض السورة ، وأنا لست أرى هذا ، بل أرى أن للمصلي أن يقرأ سورة كاملة، أو بعض سورة من أولها، أو آخرها، أو وسطها لعموم قوله تعالى: {فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ } (1).
4) فضيلة الشيخ : تردد على بعض ألسنة العامة أنكم قد تراجعتم عن فتواكم بحرمة اقتناء الدش وبيعه وشرائه، فهل هذا صحيح؟
الجواب: لا حول ولا قوة إلا بالله! أما إشاعة أنني تراجعت عن تحريم اقتناء الدش فهذا غريب! غريب!! ولكني أقول: إذا افتروا على الله كذباً فالبشر من باب أولى، وإذا قيل لأحد في شخص من العلماء فيما يستنكر يجب أن يتصل بالعالم، ونحن نشكر أخانا الذي سأل.
فأقول: إنني لم أتراجع، بل هو حرام، اقتناؤه حرام، وهو قد أفسد البشر الآن، كل الانحرافات العظيمة حسب ما نسمع أنها توجد في هذا الدش، ولقد أضل قوماً كثيراً، حتى إن بعض الناس -حسب ما نسأل في الهاتف ما ندري عنهم- يكون الرجل مستقيماً ملتزماً، فيضع الدش في بيته وإذا به ينحرف، وينسى أهله، وينسى مصالح دينه ودنياه -والعياذ بالله- فكيف يمكن لعالم يعرف مصادر الشريعة ومواردها أن يفتي بحل هذا الدش؟!!(2)
5) السؤال: كنتَ قد أفتيت عن البنك الذي يستأجر المحل الذي لا يوجد من يستأجره غيره، وقلتَ: إن ذلك حلال، وأنا عندي شك، ولا أدري هل الفتوى صحيحة أو غير صحيحة؟!
الجواب: والله يا أخي أنا أنصحك أنه كلَّما مرَّ عليك شيء يُنسب إليَّ أو إلى غيري من العلماء وأنت تستنكره فكذِّبه، وقل لمن قال لك: أطالبك بصحة نقلك؛ لأنه يُنقل عنا كثيراً خطأ وكذب، ويُنقل عن غيرنا أيضاً.
__________
(1) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 16 / ص 51)
(2) اللقاء الشهري - (ج 56 / ص 18)(1/40)
أما بالنسبة للسؤال فأنا ما قلتُ هذا أبداً. وأقول: إنه لا يجوز لإنسان أن يؤجر دكانه أو بيته على البنك حتى لو تعطل مائة سنة، لأن الله قال في كتابه العظيم: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ، وتأجير المحلات للبنوك تعاونٌ على الإثم والعدوان.
وإذا كان قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه (لعن آكلَ الربا، ومُوْكِلَه، وشاهدَيه، وكاتبَه) مع أن الشاهدَين والكاتب ليس لهم مصلحة إلا تثبيت الربا، فقد لعن الجميع وقال: (هم سواء).
فخذ مني الآن: أنه لا يجوز أن تؤجَّر الأماكن على البنك؛ لأنه إنما وُضِع للربا، وهذا أصل وضعه ..كل شيء تؤجره لمحرم فأنت شريك صاحبه في الإثم، وهو حرام عليك، حتى تأجير المكان للحلاق الذي يحلق اللحية حرام؛ لكن لو أجرته لحلاق على أنه يحلق الرءوس ، ثم رأيته يحلق اللحى،فهذا الإثم عليه هو؛لأن هناك فرقاً بين من استأجر الشيء ليعصي الله فيه وبين من استأجره فعصى الله فيه.
السائل: وهل له فسخ العقد؟
الشيخ: نعم. له فسخه ، فإذا اشترط عليه إذا أجَّره الدكان للحلاقة أن لا يحلق في لحيةً، ثم حلق، فله الفسخ(1).
6) السؤال: سمعنا فتوى أنك لا تشترط أن الجورب يكون صفيقاً، ثم سمعنا من بعض الإخوان الفضلاء أنك رجعت عن هذه الفتوى ؟
الجواب: الحق فيما عندي أني ما رجعت وأني لا أزال أفتي أنه لا بأس أن الإنسان يمسح على الجورب الخفيف..(2)
7) السؤال: سمعنا عنكم يا فضيلة الشيخ أنكم قد حذرتم من إعطاء هذه الشركات، ولكن ما الحل فيما مضى فإنا قد حججنا أكثر من مرة ونعطيها هذه الشركات ولا يأخذون أسماءنا، فما الحكم فيما مضى هل يجزئ؟ فإن كان لا يجزئ فماذا يلزمنا؟
__________
(1) لقاءات الباب المفتوح - (ج 43 / ص 9)
(2) لقاءات الباب المفتوح - (ج 153 / ص 11)(1/41)
الجواب: إننا لم نحذر من إعطاء الهدي؛ لأن الهدي في الحقيقة ضرورة ؛ لأن الإنسان بين أمرين: إما أن يعطيها لهذه الشركات ، وإما أن يذبحها ويدعها في الأرض لا ينتفع بها لا هو ولا غيره .
أما إذا حصل أن الإنسان يذبح هديه ويأكل منه ويهدي ويتصدق فهذا لا شك أنه أفضل بكثير، وهذا يمكن لبعض الناس الذين لهم معارف في مكة يمكن أن يوكلوه ويقولوا: اذبحوا لنا الهدي، وحينئذٍ ينتفع به ، أو هو ينزل إلى مكة ويذهب إلى المسلخ ويشتري ويذبح هناك فسيجد من يتزاحمون عنده ليأخذوا منه .
لكن الذي أرى أن من الخطأ العظيم أن يرسل بقيمة الأضاحي إلى بلاد أخرى ليضحى بها هناك، هذا هو الذي ليس له أصل، والنبي ^ كان يبعث بالهدي ليذبح في مكة.ولم ينقل لا في حديث صحيح ولا ضعيف أنه أرسل أضحيته لأي مكان؛بل كان يذبحها في بيته ويأكلون ويهدون ويتصدقون (1).
8) س: ما صحة ما ورد عن فتواكم بمقاطعة مشروب ( كوكا كولا ) عقب ظهور الدعاية المشهورة؟
ج: لا صحة لذلك ، ولم نقل به . وليُعلم أن الأصل في المأكولات والمشروبات الحل ، إلا ما قام الدليل على أنه حرام (2).
* وإلى هنا ينتهي – بحمد الله تعالى - ما استطعت جمعه من المسائل *
ومن وجد غيرها ، أو له تعقُّب على ما كتبته جملة أو تفصيلاً
فليتكرم بإتحافي بأي من ذلك كله على بريدي الالكتروني :
ra4230500@gmail.com
لأضمها إلى أخواتها، وله مني جزيل الثناء وجليل الدعاء
ورحم الله شيخنا محمد العثيمين وأعظم له الأجر
وجمعنا به في الفردوس الأعلى آمين
وصلى الله وسلم على
نبينا محمد
***
**
*
__________
(1) اللقاء الشهري - (ج 34 / ص 17)
(2) شرح منظومة القواعد والأصول لابن عثيمين - (ص 102)(1/42)