بسم الله الرحمن الرحيم
الطواف من داخل الحجر
نص السؤال :
برجاء من سيادتكم توضيح حكم من ترك الطواف من وراء حجر إسماعيل فى الحج .
نص الإجابة :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فمن طاف من داخل الحجر فإنه لا يعتد بهذا الشوط لأن الله تعالى أمر بالطواف بالبيت جميعه، قال تعالى: ( وليطوفوا بالبيت العتيق ) [الحج:59] وقد قال صلى الله عليه وسلم لعائشة لما نذرت أن تصلي بالبيت " صلي في الحجر فإن الحجر من البيت " رواه مسلم .
وبهذا قال مالك وعطاء والشافعي وأحمد وغيرهم . وكذا لو طاف على جدار الحجر أو شاذروان الكعبة فلا يعتد بهذا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف من وراء ذلك كله . فإن كان الذي ترك هو طواف الإفاضه فلايتم الحج إلا به وعليه فيلزمه إعادة الطواف ولوعاد إلى بلاده فيلزمه الرجوع لاداء الطواف ويحرم عليه وطء زوجته وإذا وطئها فإنه يلزمه فدية : بدنة مع إعادة الطواف ، أماإذا كان طواف الوداع فإن كان بمكة فيلزمه أداؤه وإن كان قد سافر إلى بلاده فعليه فديه : دم وهي ( شاة) فقط إلا إن كان ترك الطواف بسبب الحيض أوالنفاس فلا يجب عليها طواف الوداع أصلاً . وإن كان طواف العمرة فلاتتم إلا به ويبقي محرماً فإن كان قد حلق أوقصر لزمه فدية : دم للحلق أوالتقصير مع إعادة العمرة بالتريتب الطواف ثم السعى ثم الحلق والتقصير وكذلك يلزمه فدية للبسه المخيط إن لبسه ، ولمسه الطيب إن مسه وكذلك في صيد البر إن صاد لأنه لايزال محرماً ، أما إذا كان قد وطيء زوجته فإن عمرته قد فسدت ويلزمة الاستمرار فيها ويجب عليه قضاءها وعليه فدية : بدنة لوطئه زوجته. والله أعلم .
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showsearchSingleFatwa?FatwaId=6684&word=الحجر
---
نص السؤال :
العمرة وأثناء الشوط السابع صلت زوجتي داخل حجر إسماعيل ثم استكملت الطواف من الداخل عن جهل هل تحتسب العمرة ؟ و هل هناك دم مطلوب ؟(1/1)
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فالطواف بالكعبة ركن من أركان العمرة ، وفرضه سبعة أشواط عند جماهير العلماء ، واشترط الفقهاء أن يكون الطواف حول البيت كله ، لأن الله عز وجل يقول : (وليطوفوا بالبيت العتيق)[الحج:29] وذلك يشمل الحجر ، ويشمل الشاذروان وهو الجزء السفلي الخارج عن جدار البيت مرتفعاً على وجه الأرض .
يقول الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى : (ولا يجوز للطائف بالبيت في حج أو عمرة أو طواف نفل أن يدخل من حجر إسماعيل ، ولا يجزئه ذلك لو فعله، لأن الطواف بالبيت ، والحجر من البيت ، لقول الله سبحانه: (وليطوفوا بالبيت العتيق) ولما روى مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجر ؟ فقال: " هو من البيت " وفي لفظ قالت : إني نذرت أن أصلي في البيت قال : " صلي في الحجر " قالت : الحجر من البيت وبالله التوفيق .
وعلى هذا فعلى زوجتك أن تمتنع عن جميع محظورات الإحرام، ومنها الجماع ، وأن ترجع إلى مكة فتطوف بالبيت سبعاً، وتسعى بين الصفا والمروة سبعا،ً ثم تقصر من شعرها .
وما يمكن أن تكون قد ارتكبته من محظورات الإحرام قبل أن تعلم بهذا الحكم فإنها معذورة فيه بجهلها إن شاء الله تعالى .
والله أعلم
http://216.191.147.2:8080/iweb/FATWA.showsearchSingleFatwa?FatwaId=14427&word=الحجر
---
تنبيهٌ :
قال الشيخ بكر أبو زيد في " معجم المناهي اللفظية " ( ص 226) :
حِجْرُ إسْمَاعِيل :
ذكر المؤرخون والإخباريون أن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام مدفونٌ في " الحِجْر " من البيت العتيق وقل أن يخلو من هذا كتاب من كتب التاريخ العامة وتواريخ مكة " زادها الله شرفا " لذا أضيف الحجر إليه لكن لا يثبت في هذا كبير شيء ولذا فقُلِ : " الحِجْر " ولا تقل : " حِجْرُ إسْمَاعِيل " والله أعلم .ا.هـ.
رابط الموضوع
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/2)
باب صفة الحج والعمرةِ
قوله : " باب صفة الحج والعمرة " وهذا هو المقصود في المناسك .
قوله :" صفة الحج والعمرة " أي : الكيفية التي ينبغي أن يؤدي عليها الحج ، والعمرة .
قوله : " يسن للمحلين بمكة الإحرام بالحج يوم التروية " .
المحل : هو المتمتع ؛ لأنه أحل من إحرامه ، أو من كان من أهل مكة فإنه محل ؛ ل_نه باق في مكة حلالاً ، فيسن لهم الإحرام بالحج يوم التروية ، لا قبله ولا بعده إلا لعادم الهدي فيستحب في اليوم السابع .
وقوله : " يوم التروية " وهو اليوم الثامن ، وسمي بذلك ؛ لأن الناس كانوا فيما سبق يتروون الماء فيه ؛ لأن منى في ذلك الوقت لم يكن فيها ماء .
قوله : " قبل الزوال منها " أي : يسن أن يحرم قبل الزوال من مكة .
ق_______________________________أي : ويجزىء الإحرام بالحج من بقية الحرم ، وهل هنا مكة وحرم ؟
الجواب : نعم هناك فرق بينهما ، فمكة القرية أي : البيوت ، والحرام كل ما دخل حدود الحرم فهو حرم ، لكن في وقتنا الآن صارت مكة خارج الحرم من جهة التنعيم ؛ لأن البيوت صارت في الحل .
ويجوز أن يحرم من في مكة بالحج من الحل كعرفة .
قوله : " ويبيت بمنى " أي : يبيت بمنى ليلة التاسع ، وعلى هذا فيصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء كلها في منى .
قوله : " فإذا طلعت الشمس سار إلى عرفة "
أي : من اليوم التاسع فيسير _______________________________فإذا زالت الشمس _كب من نمرة إلى عرفة .
قوله : ____________________________عرفات لها حدود معروفة .
وقوله : " وكلها موقف إلا بطن________وظاهر كلام المؤلف : أن بطن عرنة وهو بطن الوادي : من عرفة .
ووجه ذلك : استثناؤه منها ؛ لأنه لو لم يكن من عرفة ما احتاج إلى استثنائه ، وعليه فنقول : بطن عرنة من عرفة.
قوله : _ و_______________________________أي : تقديماً .
وعلم من قوله : " ويسن " أنه لو لم يجمع بينهما فلا حرج .(2/1)
_______________________والمراد بالوقوف المكث ، لا الوقوف على القدمين ، فالقاعد يعتبر واقفاً ، ومعلوم أن الراكب على البعير جالس عليه ليس واقفاً عليها .
قوله : " _______________________________وهي صخرات معروفة لا تزال حتى الآن موجودة .
______________________ويقال له جبل الدعاء .
قوله : " ويكثر الدعاء مما ورد "
" من " هنا للجنس ، أي يكون دعاؤه مما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو يكثر الدعاء بما يريد ومما ورد . ومن الذكر لا إله إلا الله .
قوله : " من وقف ولو لحظة من فجر عرفة إلى فجر يوم النحر " أفادنا المؤلف رحمه الله أن وقت الوقوف يبدأ من فجر عرفة ، وهذا من مفردات مذهب الإمام أحمد .
قوله : "وهو أهل له صح حجه " أي : للحج ، والذي أهل للحج هو ما يلي :
المسلم .
أن يكون محرماً .
أن يكون عاقلاً .
ألا يكون سكران .
ألا يكون مغمى عليه .
وفي قوله : " وإلا فلا " ثلاثة أشياء وهي :
أن لا يقف .
أن لا يقف في زمن الوقوف .
أن لا يقف وهو أهل للحج ؛ لأنه قال : "وهو أهل له "
قوله : " ومن وقف نهاراً ودفع قبل الغروب .
ظاهره : أنه لو عاد بعد الغروب فعليه دم ، مع أن ما بعد الغروب وقت للوقوف فالمذهب لا شيء على من عاد بعد الغروب .
قو_______________________________أي دون النهار ، بأن لم يأت إلى عرفة إلا بعد غروب الشمس ، فإنه يجزئه . قوله : " ويسرع في الفجوة " أي : إذا أتى متسعاً أسرع ؛ لأن ذلك أرفق به حتى يصل إلى مزدلفة مبكراً .
قوله : " ويجمع بها بين العشاءين "
أي : إذا وصل إلى مزدلفة وإن صلى في الطريق أجزأه .
قوله : " ويبيت بها " وجوباً .
قوله : _ وله الدفع بعد نصف الليل" له : الضمير يعود على الحاج مطلقاً ، قوياً كان ، أو ضعيفاً ، رجلاً كان أم امرأة له الدفع بعد نصف الليل .
قوله : " وقبله فيه دم "
قال في الشرح : " سواء كان عالماً بالحكم ، أو جاهلاً ، عامداً أو ناسياً " .(2/2)
قوله : _كوصوله إليها بعد الفجر ، لاقبله "
أي : كوصوله إلى مزدلفة بعد الفجر ، فإذا وصل إلى مزدلفة بعد الفجر ولو بلحظة لزمه دم ؛ لأنه لم يبت بها .
وقوله : " كوصوله إليها بعد الفجر ، لا قبله " أي : لا إن وصل إليها قبل الفجر ، ولو بعد نصف الليل ، فإنه لا شيء عليه .
_______________لى الصبح أتى المشعر الحرام " والمشعر الحرام : جبل صغير معروف في مزدلفة ، وعليه المسجد المبني الآن .
قوله : " المشعر الحرام " وصف بالحرام ؛ لأن هناك مشعراً حلالاً وهو عرفات .
قوله : " فيرقاه " أي : يرقى هذا المشعر ، وهو جبل صغير كما قلنا .
قوله : " أو يقف عنده ويحمد الله ويكبره " لقوله تعالى : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } ويحمد الله ، ويكبره ، ويدعو الله عز وجل رافعاً يديه إلى ان يسفر جداً ، ويكون مستقبل القبلة .
قوله : " ويقرأ : { فإذا أفضيتم من عرفات } الآيتين
" ويدعو حتى يسفر " يعني يدخل في سفر الصبح ، ويرى الناس بعضهم بعضاً ، ثم ينطلق قبل أن تطلع الشمس .
قوله : " فإذا بلغ محسراً أسرع رمية حجر "
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرك ناقته حتى بلغ محسراً ومحسر بطن واد عظيم ، وبهذا نعرف أن بين المشاعر أودية ،فبين المشعر الحرام والمشعر الحلال ، واد وهو وادي عرنة ، وبين المشعرين الحرامين منى ومزدلفة ، واد وهو وادي محسر .
وقوله : " أسرع رمية حجر " رمية حجر كيف قياسها ؟ لأن الحجر قد يكون كبيراً ، فإذا رميت به لم يذهب بعيداً ، وقد يكون الرامي ضعيفاً ، فإذا رمى بالحجر الصغير لم يذهب بعيداً ؛ ولكنهم يقولون : مقدار خمسمائة ذراع ، والذراع ثلثي المتر تقريباً الآن .(2/3)
والظاهر : أنه لا يمكن العمل به الآن ؛ لأن الإنسان محبوس بالسيارات فلا يمكن أن يتقدم أو يتأخر ، وربما ينحبس في نفس المكان فيعجز أن يمشي ، ولكن نقول : هذا شيء بغير اختيار الإنسان فينوي بقلبه أنه لو تيسر له أن يسرع لأسرع ، ,إذا علم الله من نيته هذا فإنه قد يثيبه على ما فاته من الأجر والثواب.
قوله : " وأخذ الحصى" أي من حيث شاء .
قوله : " وعدده سبعون " بناءً على أنه يتأخر ، لإن لم يتأخر فأسقط من السبعين واحدة وعشرين تكن تسعاً وأربعين.
قوله : " بين الحمص والبندق " بين المؤلف حجمه ، الحمص معروف والبندق هو بالقدر الذي تضعه بين الإبهام والوسطى ، ثم ترمي به بالحصاة .
قوله : " فإذا وصل إلى منى ، وهي من وادي محسر إلى جمرة العقبة " أي : الحاج .
قوله : " رماها بسبع حصيات متعاقبات " أي : واحدة بعد الأخرى .
وقول المؤلف : " رماها " يفهم منه أنه لو وضع الحصا وضعاً فإنه لا يجزىء فلابد من الرمي .
وقوله :رحمه الله " متعاقبات " أي : لو أنه من شدة الزحام رمى السبع جميعاً ، فإنه لا يجزىء إلا عن واحدة فقط فلابد من واحدة بعد واحدة .
وقوله : " فرماها بسبع حصيات" قد يفهم منه : أنه لابد أن يرمي الشاخص " العمود القائم " ، ولكنه غير مراد ، بل المقصود أن تقع في الحوض ، سواء ضربت العمود أم لا تضربه .
قوله : " يرفع يده حتى يرى بياض إبطه " علل الشارح هذا : بأنه أعون له على الرمي ، وهذا إذا كان الإنسان بعيداً ، لكن إذا كان قريباً ويمكن فلا حاجة إلى الرفع ، إذ المقصود هو الرمي ، فالإنسان البعيد يحتاج إلى رفع يده حتى يصل إلى المراد .
قوله : " ويكبر مع كل حصاة " أي : كل ما رمى قال : الله أكبر مع كل حصاة "
قوله : " ولا يجزىء الرمي بغيرها " أي بغير الحصى ، حتى ولو كان ثميناً ، قال في الشرح كجوهر وذهب ، ومعادن .
قوله : ولا بها ثانياً " أي : لا ترم بحصاة رمي بها .(2/4)
قوله : " ولا يقف " أي : عند رمي الجمرة للدعاء بل ينصرف إلى النحر ، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قوله : " ويقطع التلبية قبلها " أي عند البدء في الرمي ؛ لأنه إذا بدأ شرع له ذكر آخر ، وهو التكبير .
قوله : " ويرمي بعد طلوع الشمس " هذا هو الأفضل .
قوله : " ويجزىء بعد نصف الليل " أي : بعد نصف ليلة النحر ، مطلقاً للقوي والضعيف والذكر والأنثى ، وسبق بيان ذلك .
قوله : " ثم ينحر هدياً عن كان معه " عبر بالنحر من باب التغليب .
ومن أهدى بقراً أو أهدى غنماً فإننا نقول له : اذبح ، فإن لم يكن معه هدي ذهب واشترى من السوق ، ونحره .
قوله : " ويحلق أو يقصر من جميع شعره " أو هنا للتخير ، ولكن تخيير بين فاضل ومفضول ، والفاضل الحلق .
وأشار المؤلف بقوله : " من جميع شعره " إلى أن التقصير لابد أن يكون شاملاً لرأسه بحيث يظهر لمن رآه أنه مفصر ، لا من كل شعره بعينها .
قوله : " وتقصر منه المرأة قدر أنملة " أي : أنملة الأصبع ومقدار ذلك سنتيمترات اثنان تقريباً .
قوله : " ثم قد حل له كل شيء إلا النساء " وطأ ومباشرة وعقداً .
قوله : " والحلاق والتقصير نسك " أي : أن الحلق والتقصير نسك ، وإنما نص على هذا دفعاً لقول من يقول : إنه إطلاق من محظور ، وليس نسكاً ، وبناءً على هذا ينوب مناب الحلق فعل أي محظور ؛ لأن المقصود أن يعلم أنه تحلل من إحرامه ن كما قال بعضهم في التسليم في الصلاة : إن المراد فعل ما ينافي الصلاة.
والمذهب أنه نسك ، وعبادة وقربة لله .
قوله : " لا يلزم بتأخيره دم ولا بتقديمه على الرمي والنحر "
أي : لو أخر الحلق أو التقصير عن أيام التشريق ، أو عن شهر ذي الحجة ، أو أخره إلى ربيع ، أو إلى رمضان أو إلى السنة الثانية فليس عليه شيء لكن يبقى عليه التحلل الثاني .(2/5)
مسألة : والسنة إذا وصل إلى منى أن يبدأ برمي جمرة العقبة ، ثم نحر الهدي ، ثم الحلق أو التقصير ، ثم الطواف ، ثم السعي ، فإن قدم بعضها على بعض فلا حرج.
فصل
قوله : " ثم يفيض إلى مكة "
يفيض : مأخوذ من فاض الماء أي : يفيض الحجاج إلى مكة ، أي : ينزلون من منى إلى مكة .
قوله :" ويطوف القارن ، المفرد بنية الفريضة طواف الزيارة "
أفادنا المؤلف رحمه الله : أن هذا طواف فرض ؛ لقوله : " بنية الفريضة " وأنه لابد من نيتة وأنه فرض .
وقوله : " يطوف المفرد والقارن " يعني أن المتمتع يطوف للقدوم ثم للزيارة بلا رمل .
قوله : " وأول وقته بعد نصف ليلة النحر " الضمير يعود على طواف الزيارة ،أي : أول وقته بعد نصف ليلة النحر ، ولكن بشرط أن يسبقه الوقوف بعرفة وبمزدلفة ، فلو طاف بعد منتصف ليلة النحر ، ثم خرج إلى عرفة ومزدلفة فإنه لا يجزئه .
قوله : " ويسن في يومه " أي : ويسن طواف الزيارة في يوم العيد.
قوله : " وله تأخيره " أي : تأخير طواف الإفاضة عن أيام منى وإلى عشر سنوات وأكثر ولكن يبقى عليه التحلل الثاني ، حتى يطوف .
قوله : " ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً "
أي : يسعى بين الصفا والمروة على ما سبق يبدأ بالصفا أولاً ويختتم بالمروة .
قوله : " أو كان غيره " أي : غير متمتع ، وهو المفرد والقارن .
قوله : " ولم يكن سعي مع طواف القدوم " أي فإن سعى فلا يعيد السعي .
وقوله : " ولم يكن سعي مع طواف القدوم " فهمنا من كلام المؤلف : أن القارن والمفرد ، يجوز لهما أن يقدما سعي الحج بعد طواف القدوم ، ويجوز أن يؤخراه ، وكل هذا جائز .
قوله : " ثم قد حل له كل شيء " أي : حل للحجاج كل شيء حتى النساء .
قوله : " ثم يشرب من ماء زمزم "
لما أحب أي : أن ينويه لما أحب .
قوله : " ويتضلع منه " أي : يملأ بطنه حتى يمتلىء ما بين أضلاعه ؛ لأن هذا الماء خير .(2/6)
قوله : " ويدعو بما ورد " أي : إذا شرب من ماء زمزم دعا بما ورد قال في الشرح : " يقول : بسم الله ، اللهم اجعله لنا علماً نافعاً ورزقاً واسعاً ، ورياً ، وشبعاً ، وشفاء من كل داء ، واغسل به قلبي واملأه من خشيتك "
قوله : " ثم يرجع فيبيت بمنى ثلاث ليالي " أي : ثم يرجع من مكة بعد أن يطوف ويسعى فيبيت ثلاث ليبالي هذا إن تأخر ، وإن تعجل فليلتين.
قوله : " فيرمي الجمرة الأولى وتلى مسجد الخيف بسبع حصيات ويجعلها عن يساره "
صفة الرمي على المذهب : أن يرمي الجمرة الأولى ، وتلي مسجد الخيف ، وتسمى الجمرة الصغرى ، ويجعلها عن يساره حال الرمي بسبع حصيات متعاقبات ويستقبل القبلة ، ولا يرمي تلقاء وجهه .
قوله : " ويتأخر قليلاً ويدعو طويلاً " أي : يبعد إلى موضع لا يناله فيه الحصا ، ولا يتأذى بالزحام ، ويدعو طويلاً مستقبل القبلة ، وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه بقدر ما يقرأ سورة البقرة ، رافعاً يديه .
قوله : " ثم الوسطى مثلها " لكن يجعلها عن يمينه ، والقبلة أمامه .
قوله : " ثم جمرة العقبة ، ويجعلها عن يمينه ، ويستبطن الوادي "
أي : يرميها بسبع حصيات متعاقبات ، ويستقبل القبلة ، ويرمي من بطن الوادي ، ويجعلها عن يمينه كالوسطى .
قوله : " ولا يقف عندها " أي : لا يقف عند جمرة العقبة ، وإنما يقف بعد الأولى والوسطى .
قوله : " يفعل هذا في كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال " أي : يفعل هذا في كل يوم من أيام التشريق بعد الزوال مستقبل القبلة مرتباً .
قوله : " مستقبل القبلة مرتباً " والمراد بالترتيب هنا : أن يرمي الأولى ، ثم الوسطى ، ثم العقبة فإن نكس ورمى العقبة ، ثم الوسطى ، ثم الأولى صحت الأولى فقط ، ووجب عليه أن يرمي الثانية ، والثالثة .
قوله : " فإن رماه كله في الثالث أجزأه " الضمير يعود على حصا الجمار أي : رماه كله في اليوم الثالث أجزأه .(2/7)
قوله : " ويرتبه بنيته " أي يرتب الأيام بنيته ، فمثلاً يبدأ برمي أول يوم بالأولى ، ثم الوسطى ، ثم جمرة العقبة ، ثم يعود فيرمي لليوم الثاني يبدأ بالأولى ، ثم الوسطى ، ثم العقبة ، ثم يعود فيرمي للثالث يبدأ بالأولى ، ثم الوسطى ، ثم العقبة.
قوله : " فإن أخره عنه " أي : عن أيام التشريق فعليه دم ، أي : ولو لعذر لكن إذا كان لعذر يسقط عنه الإثم ، وأما جبره بالدم فلابد منه .
قوله : " أو لم يبت بها فعليه دم " الضمير يعود على منى لم يبت بها ليلتين إن تعجل ، أو ثلاث ليال إن تأخر فعليه دم .
وقوله : " أو لم يبت بها " عُلم منه : أنه لو ترك ليلة من الليالي ، فإنه ليس عليه دم ، وهو المذهب ، بل عليه إطعام مسكين إن ترك ليلة ، وإطعام مسكينين إن ترك ليلتين ، وعليه دم إن ترك ثلاث ليالي .
قوله : " ومن تعجل في يومين " المراد باليومين : الحادي عشر والثاني عشر .
قوله : خرج قبل الغروب " أي : من منى قبل أن تغرب الشمس ، وذلك ليصدق عليه أنه خرج في يومين ؛ إذ لو أخر الخروج إلى ما بعد الغروب لم يكن تعجل في يومين ؛ لأن اليومين قد فاتا .
قوله : " وإلا لزمه المبيت والرمي من الغد " أي : وإلا يخرج قبل غروب الشمس لزمه المبيت ليلة الثالث عشر ، والرمي من الغد ، بعد الزوال ، كاليومين قبله .
مسألة :
لو أن جماعة حلوا الخيام وحملوا العفش وركبوا ، ولكن حبسهم المسير ؛ لكثرة السيارات فغربت عليهم الشمس قبل الخروج من منى فليس لهم التعجيل .
قوله : " فإذا أراد الخروج من مكة لم يخرج حتى يطوف للوداع " أي إذا أراد الخروج من مكة إلى أي بلد كان فإنه لا يخرج حتى يطوف للوداع.
وصرح بعض الأصحاب ومنهم صاحب الغاية أنه : إذا أراد الخروج من مكة إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع .
ووجه التقييد بالبلد : أنه إذا أراد الخروج إلى بلد آخر فإنه لم يزل في سفر ، ولم يرجع .(2/8)
مثاله : لو كان في مكة وبعد إنتهاء الحج خرج إلى جدة ، وليس من أهل جدة ، أو خرج إلى الطائف وليس من أهل الطائف ، فإنه على هذا التقييد لا يطوف للوداع ؛ لأنه لم يرد الخروج إلى بلده ، وهو في حكم المسافر لكن شارح الغاية قال بالطواف سواء لبلده أو لغيره فلم يعتبر قيد صاحب الغاية .
قوله : " فإن أقام "
أفادنا المؤلف : أنه لابد أن يكون هذا الطواف آخر أموره .
قوله : " أو اتجر بعده أعاده " أي : اشترى شيئاً للتجارة ، أو باع شيئاً للتجارة ، فإنه يعيده وعلم من ذلك أنه : لو اشترى حاجة ، أو باع حاجة في طريقه ، أو هدايا لأهله ، لا تجارة فإنه لا بأس به .
قوله : " وإن تركه غير حائض رجع إليه " أي : ولا نفساء ، فإنه يرجع إليه .
قوله : " فإن شق أو لم يرجع فعليه دم "
أي : إن شق الرجوع ولم يرجع فعليه دم ، أو لم يرجع بلا مشقة فعليه دم ، لكن الفرق أنه إذا تركه للمشقة لزمه الدم ولا إثم ، وإذا تركه لغير مشقة لزمه الإثم ؛ لأنه تعمد ترك واجب .
وقوله : " وإن تركه ……..رجع إليه " أي : إذا تركه ولم يرجع قبل مسافة القصر فإن جاوز المسافة كمن ذهب إلى جدة مثلاً استقر عليه الدم ، سواء رجع أو لم يرجع .
قوله : " وإن أخر طواف الزيارة ، فطافه عند الخروج أجزأ عن الوداع "
لأن المقصود من طواف الوداع أن يكون آخر عهده بالبيت وقد حصل .
وأما إذا نوى طواف الوداع فقط ولم ينو طواف الإفاضة فإنه لا يجزئه عن طواف الإفاضة .
قوله : " ويقف غير الحائض بين الركن والباب "
أي : الحاج إذا ودع يقف بين الركن أي الحجر الأسود والباب أي : باب الكعبة ، ومسافته كما تعلمون قليلة .
قال في الشرح : " يلصق به وجهه وذراعيه وكفيه مبسوطتين " وهذا يسمى الالتزام عند أهل العلم ، والمكان هذا يسمى الملتزم .
قوله : " ويقف الحائض ببابه " أي : باب المسجد .
قوله : " وتدعو بالدعاء وتستحب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبري صاحبيه "(2/9)
وصفة العمرة : أن يحرم بها من الميقات أو من أدنى الحل من مكي ونحوه "
فهي : إحرام وطواف ، وسعي ، وحلق أو تقصير .
وقوله : " أن يحرم بها من الميقات " إن مر به أو من محاذاته إن لم يمر به ، أو مما دونه إن كان دون الميقات .
قوله : " أو من أدنى الحل ، من مكي ونحوه " وأدنى الحل بالنسبة إلى الكعبة : التنعيم ، أما بالنسبة لمن أراد العمرة ، فقد يكون التنعيم ، وقد يكون غير التنعيم فالذي في مزدلفة مثلاً أدنى الحل إليه عرفه ، والذي في الجهة الغربية من مكة أدنى الحل إليه الحديبية ، ولا يلزمه أن يقصد التنعيم الذي عينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة ، أو الجعرانة التي أحرم منها النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رجع من غزوة حنين .
قوله : " لا من الحرم " أي : لا يحرم للعمرة من الحرم ، فإن فعل انعقد إحرامه ، ولكن يلزمه دم ؛ لتركه الواجب وهو الإحرام من الحل .
قوله : " فإذا طاف وسعى وحلق أو قصر حل " لاتيانه بأفعالها .
قوله : " وتباح كل وقت " حتى في يوم عيد النحر وفي يوم عرفة وفي أيام التشريق .
قال في الشرح :" ويستحب تكرارها في رمضان ؛ لأنها تعدل حجة "
قوله : " وتجزىء عن الفرض " أي العمرة من التنعيم وعمرة القارن عن عمرة الإسلام التي هي فرض .
قوله : " وأركان الحج " أي أربعة .
قوله :" الإحرام " سبق لنا أن الإحرام هو : نية النسك .
قوله : " الوقوف " أي : بعرفة .
قوله : " وطواف الزيارة " ويقال له : طواف الإفاضة .
قوله : " والسعي "
قوله :" وواجباته : الإحرام من الميقات المعتبر له " أي : الأول من واجبات الحج : الإحرام من الميقات المعتبر له ، أما اصل الإحرام فهو ركن .
قوله : " والوقوف بعرفة إلى الغروب" أي الجمع بينهما .
قوله : " والمبيت لغير أهل السقاية والرعاية بمنى ومزدلفة إلى بعد نصف الليل "(2/10)
المراد بالمبيت بمنى في ليالي أيام التشريق غير المبيت في ليلة التاسع فإن المبيت في ليلة التاسع ليس بواجب ، بل هو سنة .
وقول المؤلف : " لغير أهل السقاية والرعاية " أهل السقاية أي : سقاية الحجاج من زمزم ، والرعاية رعاية إبل الحجاج ، وذلك أن الناس فيما سبق يحجون على الإبل ، فإذا نزلوا في منى احتاجوا إلى من يرعى إبلهم ؛ لأن بقاءها في مني فيه تضييق ، وربما لا يتوفر لها العلف الكافي ؛ لهذا يذهب بها الرعاة إلى محلات أخرى من أجل الرعي ، وقد رخص النبي للرعاة أن يدعوا المبيت بمنى ليالي منى لاشتغالهم برعاية الإبل .
مسألة : هل يلحق بهؤلاء من يماثلهم ممن يشتغلون بمصالح الحجيج العامة كرجال المرور ، وصيانة أنابيب المياه ، والمستشفيات وغيرها أو لا؟ الجواب : نعم يلحقون بهؤلاء لتمام أركان القياس
قوله :" إلى بعد نصف الليل " هذا منتهى المبيت على المشهور من المذهب ، فإذا انتصف الليل في المزدلفة انتهى الوجوب فلك أن تدفع ، ولا فرق بين العاجز والقادر .
قوله : " والرمي " أي رمي الجمار في يوم العيد جمرة واحدة ، وفي الأيام الثلاثة التي بعد العيد ثلاث جمرات ، ولابد أن تكون مرتبة .
قوله :" والحلاق " الحلاق أي : الحلق وينوب عنه التقصير .
قوله : " والوداع " أي طواف الوداع ، وهو الطواف بالبيت فقط بدون سعي ولا إحرام ، وهو من واجبات الحج .
قوله : " والباقي سنن " أي الباقي من أٌوال الحج وأفعاله سنن .
قوله : " وأركان العمرة : إحرام ، وطواف ، وسعي "
الإحرام : نية الدخول في العمرة ، والطواف ، والسعي معروفان .
قوله : " وواجباتها الحلاق ، والإحرام من ميقاتها " فصارت أركان العمرة ثلاثة ، وواجباتها اثنين .
قوله : " فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه "
" فمن ترك الإحرام " يعني النية ، أي : الدخول في النسك ، فإنه لا ينعقد نسكه حتى لو طاف وسعى ، فإن هذا العمل ملغي ، كما لو ترك تكبيرة الإحرام في الصلاة .(2/11)
قوله : " ومن ترك ركناً غيره " أي غير الإحرام لم يتم نسكه إلا به ، فلو ترك الطواف ، نسياناً فلم يطف طواف الإفاضة نقول : لم يتم حجه فلابد أن يطوف ، فإن كان الركن مما يفوت ، فالحج ملغي كما لو ترك الوقوف بعرفة حتى خرج فجر يوم العيد فإن الحج انتهى ولا يمكنه الوقوف .
قوله : " أو نيته لم يتم نسكه إلا به " الركن الذي يشترط له النية هو الطواف والسعي : أما الوقوف عند الفقهاء فإنه لا يشترط له النية .
قوله : " ومن ترك واجباً فعليه دم " ولو ترك الواجب سهواً .
قوله : " أو سنة فلا شيء عليه " قال في الفصول : ولم يشرع الدم عنها .
باب الفواتِ والإحصار
قوله : " باب الفوات والإحصار "
هذا الباب يتضمن مسألتين :
المسألة الأولى : الفوات .
والمسألة الثانية : الإحصار .
أما الفوات فهو : مصدر فات يفوت فوتاً وفواتاً ، ومعناه : أن يسبق فلا يدرك ، يقال : فاتني الشيء ، أي سبقني فلم أدركه ، فالفوات سبق لا يدرك .
أما الإحصار فهو : من حصره إذا منعه ، فالإحصار بمعنى المنع .
أي : أن يحصل للإنسان مانع يمنعه من إتمام النسك.
وسيأتي في الباب أن من الأركان ما له وقت محدد ، ومنها ما ليس له وقت محدد فالوقوف الذي هو الحج له وقت محدد ، حده طلوع الفجر يوم النحر ، فيقول المؤلف في حكم ذلك :
قوله : " من فاته الوقوف فاته الحج " وإذا فاته الحج ينظر إن كان الإنسان قد اشترط عند احرامه أن محله حيث حبس فإنه يحل ولا شيء عليه ، أي يخلع ثياب الإحرام ، ويلبس ثيابه ويرجع إلى أهله .
قوله : " وتحلل بعمرة " أي : إذا فاته الوقوف وطلع الفجر قبل أن يصل إلى عرفة تحلل بعمرة ، فطاف وسعى وحلق أو قصر ، وإن شاء أن يبقى على إحرامه إلى الحج القادم فله ذلك ، ولكن سيختار الأول بلا شك ، لكن الفقهاء يقولون إن اختار ان يبقى على إحرامه إلى أن يأتي الحج الثاني فلا بأس .(2/12)
قوله : " ويقضي ويهدي إن لم يكن اشتراط " أي : يقضي هذا الحج الفائت فرضاً كان أو نفلاً .
وقوله : " إن لم يكن اشترط " أي : إن كان اشترط فلا قضاء عليه ، ولا هدي ، إلا إذا كان الحج واجباً بأصل الشرع ، أو واجباً بالنذر فإنه يلزمه القضاء ولو اشترط وعلى هذا فيكون قوله : " إن لم يكن اشتراط " فيما إذا كان الحج نفلاً.
قوله : " ومن صده عدو عن البيت أهدى ثم حل " انتقل المؤلف الآن إلى الإحصار .
وقوله : " ومن صده عدو عن البيت أهدى ثم حل " أي منع عن وصوله إلى البيت ، سواء في عمرة أو في حج فإنه يهدي ، أي يذبح الهدي ثم يحل .
قوله : " أهدى ثم حل فإن فقده صام عشرة أيام ثم حل " ، أي : إذا فقد الهدي.
وظاهر كلام المؤلف رحمه الله هنا أنه لا يجب الحلق والتقصير لأنه لم يذكره بل قال : " أهدى ثم حل "
مسالة : المشهور من المذهب أن الحصر خاص بمنع العدو ، وأما غير العدو فإنه لا إحصار فيه كضياع النفقة والمرض ونحو ذلك .
قوله :" وإن صد عن عرفة تحلل بعمرة "
الكلام في الأول صد عن البيت ، لأن من صد عن البيت لا يمكن أن يتحلل بعمرة ؛ لأن العمرة لا بدلها من طواف ، ولكن من صد عن عرفة فقط بأن يكون في عرفة عدو يمنع الناس من الوصول إليها ، فهنا يقول " تحلل بعمرة " فيتحلل بعمرة ولا شيء عليه إن كان قبل فوات وقت الوقوف ، وإن كان بعده فإنه يقضي ؛ لأنه فاته الحج ، والأول الذي أحصر عن عرفة ، ثم لما رأى أنه لا يمكن أن يقف جعل إحرامه عمرة فلا شيء عليه .
وعللوا ذلك : بأنه يجوز لمن أحرم بالحج أن يجعله عمرة ولو بلا حصر مالم يقف بعرفة ، أو يسق الهدي هكذا قالوا رحمهم الله : بأنه إذا صد عن عرفة تحلل بعمرة قبل فوات الوقوف ، فإن لم يتحلل إلا بعده صار كمن فاته الوقوف يتحلل بعمرة ويقضي من العام القادم .
قوله : " وإن حصره مرض أو ذهاب نفقة بقي محرماً ، إن لم يكن اشترط "(2/13)
أي : إن حصره مرض بأن إحرام وهو صحيح يستطيع أن يكمل النسك، فمرض ولم يستطع إكمال النسك ، نقول : تبقى محرماً إلى أن تبرأ من المرض ثم تكمل ، لكن إن فاتك الوقوف فتحلل بعمرة ، وكذلك إذا حصره ذهاب نفقة.
باب الهدي ، والأضحية ، والعقيقة
الهدى : كل ما يهدى إلى الحرم من نعم أو غيرها ، فقد يهدي الإنسان نعماً إبلاً أو بقرا أو غنماً ، وقد يهدي غيرها كالطعام ، وقد يهدي للباس ، فالهدي أعم من الأضحية .
لأن الأضحية : لا تكون إلا من بهيمة الأنعام .
وأما الهدي فيكون من بهيمة الأنعام ومن غيرها ، فهو كل ما يهدي إلى الحرم .
والأضحية : ما يذبح في أيام النحر تقرباً إلى الله عز وجل وسميت بذلك ؛ لأنها تذبح ضحى ، بعد صلاة العيد . مسألة : شروط الأضحية : الأضحية لابد فيها من شروط وهي :
الشرط الأول : أن تكون من بهيمة الأنعام .
قوله : " أفضلها إبل ، ثم بقر ، ثم غنم " ومراده إن ذبح بعيراً كاملاً أفضل من الشاة ، وأما لو ذبح بعيراً عن سبع شيباه فسبع شياه افضل من البعير .
وقوله : " ثم غنم " الغنم يشمل الضأن والمعز .
قوله : " ولا يجزىء فيها إلا جذع ضأن وثني سواه "
هذا الشرط الثاني من شروط الأضحية : أن تكون قد بلغت السن المعتبرة شرعاً ، فإن كانت دونه لم تجزىء .
قوله : " فالإبل خمس " أي السن المعتبر لإجزاء الإبل خمس سنين ، فما دون الخمس لا يجزىء ؛ لأن الإبل لا تثني إلا إذا تم لها خمس سنين .
قوله :" والبقر سنتان ، والمعز سنة ، والضأن نصفها " أي : نصف سنة " ستة أشهر " ، فلو سألك سائل هل يجزىء من الغنم ما له ثمانية أشهر ؟
الجواب : فيه تفصيل إن كان من الضأن فنعم ، وإن كان من المعز فلا ؛ لأنه لابد أن تكون ثنية .
الشرط الثالث : السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء ، وسيأتي بيانها .
الشرط الرابع : أن تكون في وقت الذبح ، وسيأتي بيان ذلك .(2/14)
فالشروط في الأضحية أربعة ، وأما الهدي لا يشترط له وقت معين إلا من ساق الهدي في الحج ، فإنه لا يذبحه قبل يوم النحر ، وأما من ساق الهدي في العمرة فيذبحه حين وصوله .
قوله : " وتجزىء الشاة عن واحد "
أي : يضحي الإنسان بالشاة عن نفسه ، وتجزىء عنه وعن أهل بيته أيضاً .
قوله :" والبدنة والبقرة عن سبعة "
وقول المؤلف : " عن سبعة " أي سبعة رجال ، فإذا كان الإنسان يضحي بالواحدة عنه وأهل بيته فإنه بالسبع يضحي عنه وعن أهل بيته ، لأن هذا تشريك في الثواب ، والتشريك في الثواب لا حصر له ، فها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى عن كل أمته ، وها هو الرجل يضحى بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته ، ولو كانوا مائة ، أما التشريك في الملك فلا يزيد عن سبعة ولو اشترك ثمانية في بعير قلنا لا يجوز .
وقوله :" البدنة والبقرة عن سبعة " يستثنى من ذلك العقيقة ، فإن البدنة لا تجزىء فيها إلا عن واحد فقط ، ومع ذلك فالشاة أفضل ؛ لأن العقيقة فداء نفس ، والفداء لابد فيه من التقابل والتكافؤ ، فتفدي نفس بنفس .
ولو قلنا : إن البدنة عن سبعة لفديت النفس بسبع أنفس ، ولهذا قالوا: لابد من العقيقة بها كاملة وإلا فلا تجزىء ، وإذا كان عند الإنسان سبع بنات وكلهن يحتجن إلى عقيقة فذبح بدنة عن السبع فلا تجزىء .
قوله : " ولا تجزىء العوراء ، والعجفاء ، والعرجاء ، والهتماء ، والجداء ، والمريضة ، والعضباء "
وهل هناك عوراء غير بين عورها .
الجواب : نعم ، فلو فرضنا أنها لا تبصر بعينها ، ولكن إذا نظرت إلى العين ظننتها سليمة فهذه عوراء ولم يتبين عورها فتجزىء ويقاس عليها العمياء من باب أولى .
وقوله : " والعجفاء " وهي الهزيلة التي لا مخ فيها ، فالمخ مع الهزال يزول ، ويبقى داخل العظم أحمر ، فهذه لا تجزىء ؛ لأنها ضعيفة البنية كريهة المنظر ، والهزيلة التي فيها مخ أي : يصل الهزال إلى داخل العظم تجزىء .(2/15)
وقوله : " والعرجاء " النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترط أن يكون عرجها بيناً ، وما هو الضابط للعرج البين؟
قال العلماء : إذا كانت لا تطيق المشي مع الصحيحة ، فهذه عرجها بين ، أما إذا كانت تعرج لكنها تمشي مع الصحيحة ، فهذه ليس عرجها بيناً .
والحكمة من ذلك : أن البهيمة إذا كانت على هذه الصفة فإنها قد تتخلف عن البهائم في المرعي ولا تأكل ما يكفيها ، ويلزم من ذلك أن تكون هزيلة في الغالب .
وقوله رحمه الله : " والهتماء " الهتماء هي : التي ذهبت ثناياها من أصلها .
مسألة : مقطوعة إحدى القوائم لا تجزىء من باب أولى ، والزمنى التي لا تستطيع المشي إطلاقاً لا تجزىء .
وقوله : " والجداء " الجداء لا تجزىء أيضاً ، والجداء هي : التي نشف ضرعها ، أي : مع الكبر صار لا يدر ، فضرعها ناشف ، وإن كان الضرع باقياً بحجمه فإنها لا تجزىء .
قوله : " والمريضة " المريضة لا تجزىء ، ولكن هذا الإطلاق مقيد بما إذا كان المرض بيناً وبيان المرض إما بآثاره ، وإما بحاله .
أما آثاره : فأن تظهر على البهيمة آثار المرض من الخمول والتعب السريع ، وقلة شهوة الأكل ، وما أشبه ذلك.
وأما الحال : فأن يكون المرض من الأمراض البينة كالطاعون وشبهه وإن كانت نشيطة فإنها لا تجزىء ، ولهذا قال علماء الحنابلة : إن الجرب مرض مع ان الجرب لا يؤثر تأثيراً بيناً على البهيمة ولا سيما إذا كان يسيراً ، لكنهم قالوا انه مرض بين.
وقوله : " والعضباء" هي التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها طولاً أو عرضاً فإنها لا تجزىء .
قوله : " بل تجزىء البتراء خلقة" البتراء التي ليس لها ذنب سواء خلقة أو مقطوعاً فإنها تجزىء .
قوله :" الجماء" الجماء هي : التي لم يخلق لها قرن ، فتجزىء.
قوله : " وخصي غير مجبوب "
الخصي : ما قطعت خصيتاه ، فيجزىء مع أنه ناقص الخلقة لأن ذهاب الخصيتين من مصلحة البهيمة لأنه أطيب اللحم .(2/16)
مسألة : فإن قطع الذكر مع الخصيتين ؟ فقد قال المؤلف رحمه الله اخصي غير مجبوب " أي غير مقطوع الذكر ، وذلك أن قطع الذكر لا يفيد في زيادة اللحم وطيبه وهو قطع عضو فيشبه قطع الأذن .
قوله : " وما بإذنه ، أو قرنة قطع أقل من النصف " فإنه يجزىء لكن مع الكراهة.
وقول المؤلف :" اقل من النصف " مفهوم كلامه أنه لو كان النصف فإنه لا يجزىء والمذهب انه لو قطع النصف يجزىء .
قوله : " والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى "
لأن الذابح سوف يأتيها من الجهة اليمنى ، وسيمسك الحربة بيده اليمنى ، ولو عقلت اليد اليمنى لضربت الناحر بركبتها إذا أحست ويكون عليه خطر ، لكن إذا كانت المعقولة هي اليسرى واليمنى قائمة فإنها لا تستطيع أن تتحرك باليد اليمنى ، وإذا نحرها فهي سوف تسقط على الجانب الأيسر التي به اليد المعقولة.
هذه هي السنة ولكن إذا كان الإنسان لا يستطيع ذلك ، كما هو المعروف عندنا الآن في بلادنا فإنهم يبركونها ، ويعقلون يديها ورجليها ، ويلوون رقبتها ، ويشدونها بحبل على ظهرها ثم ينحرونها فإنه لا حرج أن يعقلها وينحرها باركة.
قوله : " فيطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر "
بين المؤلف كيفية النحر : وذلك بأن يطعنها بالحربة يعني على سبيل التمثيل ، أو بالسكين ، أو بالسيف ، أو بأي شيء يجرح ، وينهر الدم .
وقوله : "في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر " وهي قريبة من أن تكون بين يديها ، وهي معروفة ، فإذاطعنها جرها من أجل أن يقطع الحلقوم والمرىء.(2/17)
قوله : " ويذبح غيرها ويجوز عكسها " أي غير الإبل ، والذبح يكون في أعلى الرقبة لا في أسفلها ن والنحر يكون في أسفلها ، ولهذا تموت الإبل أسرع من موت الضأن والمعز والبقر ؛ وذلك لأن النحر قريب من القلب ، فيتفجر الدم من القلب بسرعة ، ولو أنها ذبحت من عند الرأس لكانت تتألم من الذبح ؛ لأن الدم سيكون مجراه ما بين القلب إلى محل الذبح بعيداً فيتأخر موتها ، فكان من الحكمة أن تنحر ، ويخرج الدم بسرعة ، ثم تموت بسرعة .
أما غيرها فالسنة أن تذبح من عند الرأس ، ويكون على الجنب الأيسر ؛ لأنه أيسر للذابح ، إذ إن الذابح سوف يذبح باليد اليمنى فيضجعها على الجنب الأيسر ، ثم يضع رجله على رقبتها ، ثم يمسك برأسها ويذبح وإذا كان الرجل لا يعمل باليد اليمنى ، وهو الذي يسمى أعسر فإنه يضجعها على الجنب الأيمن ؛ لأن ذلك أسهل له ، ثم إن الأفضل أن تبقى قوائمها مطلقة أي اليدين والرجلين ، وذلك لوجهين هما : -
الوجه الأول : أنه أريح للبهيمة أن تكون طليقة تتحرك .
الوجه الثاني : أنه أشد في افراغ الدم من البدن .
لأنه مع الحركة يخرج الدم كله ، ومعلوم أن تفريغ الدم أطيب للحم ، وأحسن وأكمل ، ومن ثم صارت الميتة حراماً ؛ لأن الدم يحتقن بها فيفسد اللحم .
قوله:" يقول : بسم الله ، والله أكبر " أي : يقول " بسم الله " وجوباً ؛ لأن من شرط حل الذبيحة أو النحيرة التسمية ، و " الله أكبر " استحباباً .
شروط الذكاة :
الشر ط الأول : إنهار الدم – يعني تفجيره – حتى يكون كالنهر ، يندفع بشدة ، وهذا لا يتحقق إلا بقطع الودجين ، ويعرفان عند الناس بالشرايين ، وأناس يسمونها الأوراد ، وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم معروفان ، ولا يمكن إنهار الدم إلا بهذا .
وفي الرقبة أربعة أشياء إذا قطعت كلها فهذا تمام الذبح : الودجان ، والمريء وهو : مجرى الطعام والشراب ، والحلقوم مجرى النفس ولهذا يكون دائماً مفتوحاً لتسهيل النفس .(2/18)
ومذهب الحنابلة رحمهم الله ، قالوا : يجزىء إذا قطع الحلقوم والمرىء ، وإن لم يقطع الودجين ولا واحداً منهما ، ومن المعلوم أنه لو قطع الحلقوم والمرىء ولم يقطع الودجين فإن الدم سوف يكون باقياً لم يخرج ؛ لأن الدم الذي يخرج من الحلقوم والمرىء سيكون ضعيفاً جداًكما يخرج من أي عرق يكون في اليد أو في الرجل ، أو ما أشبه ذلك.
الشرط الثاني : لابد أيضاً أن يكون الذابح عاقلاً ، فإن كان مجنوناً فإنه لا تصح تذكيته ولو سمى ؛ لأنه لا قصد له .
الشرط الثالث : أن يكون مسلماً ، أو كتابياً .
الشرط الرابع : أن لا يكون الحيوان محرماً لحق الله ، كالصيد في الحرم ، أو الصيد في الإحرام ، فلو ذبح الإنسان أو صاد صيداً في الحرم فإنه حرام حتى لو سمى وأنهر الدم ، ولو صاد صيداً أو ذبحه وهو محرم فهو حرام ، ولو سمى وأنهر الدم ؛ لأنه محرم لحق الله " . قوله : " اللهم هذا منك ولك " المشار إليه المذبوح أو المنحور ، " منك " عطاءً ورزقاً .
" لك " تعبداً وشرعاً ، وإخلاصاً ، هو من الله ، وهو الذي منَّ به .
قوله : " ويتولاها صاحبها "
الضمير يعود على الأضحية ، يعني أن الأفضل أن يتولاها صاحبها .
قوله : " أو يوكل مسلماً ويشهدها " أي : يؤكل مسلماً يذبح هذه الأضحية ، ويشهدها أي صاحبها فيكون حاضراً عنده ، والذي يسمى الذابح ؛ لأنه فعله فهو يسمي على فعله ، وإن استناب ذمياً في ذبحها أجزأه مع الكراهة .
قوله : " ووقت الذبح بعد صلاة العيد أو قدره إلى يومين بعده " أي : الوقت الجائز فيه الذبح يوم العيد بعد الصلاة ، أو قدره أي قدر زمن الصلاة لمن ليس عندهم صلاة عيد إلى آخر يومين بعده فتكون أيام الذبح ثلاثة فقط ، يوم العيد ويومان بعده .(2/19)
وقوله : " ووقت الذبح بعد صلاة العيد " علم من كلامه رحمه الله أن الذبح قبل الصلاة لا يجزىء ؛ لأنه قبل الوقت ، فكما أنه لو صلى الظهر قبل زوال الشمس لم تجزئه عن صلاة الظهر كذلك لو ضحى قبل الصلاة فإنه لا يجزئه .
قوله : " إلى يومين بعده " أي : إلى آخر يومين سواء كان لأضحية أو هدي نذر أو تطوع أو متعة ، أو قران .
قوله : " ويكره في ليلتهما " أي : ليلتي أيام التشريق .
قوله : " فإن فات وقت الذبح قضى واجبه " أي : وفعل به كالأداء ، وذلك بغروب الشمس من اليوم الثاني من أيام التشريق .
وقول المؤلف :" قضى واجبه " أي واجب الهدي والأضحية وسقط التطوع لفوات وقته .
فصل
قوله : " ويتعينان بقوله : " هذا هدي أو أضحية لا بالنية "
أي : الهدي والأضحية بقوله : هذا هدي بالنسبة للهدي ، أو أضحية بالنسبة للأضحية ، فيتعينان بالقول ، ولا يتعينان بالنية ، ولا بالشراء ، فلو اشترى شاة بنية أن يضحي بها فإنها لا تتعين ما دامت في ملكه ، إن شاء باعها وإن شاء فسخ النية ، وإن شاء تصدق بها ، وإن شاء أهداها .
وكذلك لو اشترى شاة يريد أن يكون هدياً كهدي متعة مثلاً ، وفي أثناء الطريق قبل أن يقول هي هدي أراد أن يبيعها فلا بأس ، وهنا فرق بين أن يقول هذه هدي ، أو هذه أضحية على سبيل الإخبار ، وبين أن يقول هذه هدي أو أضحية على سبيل الإنشاء ، ويظهر الفرق بينهما بالمثال :
رجل يجر شاة فقال له من وراءه : ما هذه ؟ قال : هذه شاة للأضحية ، يعني أنها شاة يريد أن يضحي بها ، فهذا خبر وليس بإنشاء ، بخلاف ما إذا قال : هذه أضحية لله ، وأنشأ أن تكون أضحية فإنها حينئذ تتعين .
وكذا يتعين إذا قلده أو أشعره بنية أنه هدي ، فإنه يكون هدياً ، وإن لم ينطق به
والتقليد هو : أن يقلد النعال ، وقطع القرب ، والثياب الخلقة ، وما أشبه ذلك في عنق البهيمة ، فإنه إذا علق هذه الأشياء في عنقها فهم من رآها أنها للفقراء .(2/20)
وأما الأشعار فهو : أن يشق سنام البعير حتى يخرج الدم ويسيل على الشعر ، فإن من رآه يعرف أن هذا معد للنحر .
فنقول : الهدي يتعين بالقول وبالفعل مع النية
فالقول : قوله هذا هدي .
والفعل : الإشعار ، أو التقليد مع النية يكون هدياً بذلك ، ويترتب على التعيين وعدمه مسائل ستذكر فيما بعد .
وقوله : " لا بالنية " أي لا يتعين بالنية كما لو أخرج الإنسان دراهم ليتصدق بها فلا تتعين الصدقة إن شاء أمضاها ، وإن شاء أبقاها ، لأنه لم يدفعها للفقراء ، فالحاصل أننا إذا سئلنا بم تتعين الأضحية ؟ قلنا : بالقول ، وبماذا يتعين الهدي؟ قلنا : بالقول وبالفعل ، وإنما زاد الهدي في الفعل ؛ لأن له فعلاً خاصاً وهو التقليد أو الإشعار ، أما الأضحية فليس لها فعل خاص ، ولا تكون أضحية إلا بالقول .
قوله : " وإذا تعينت لم يجز بيعها " شرع في الأحكام التي تترتب على تعينها ، فإذا تعينت لم يجز بيعها ؛ لأنها صارت صدقة لله كالوقف لا يجوز بيعه ، والعبد إذا أعتق يجوز بيعه بأي حال من الأحوال ، حتى لو ضعفت وهزلت فإنه لا يجوز له بيعها .
قوله : " ولا هبتها " أي : لا يجوز أن يهبها لأحد ، والفرق بين البيع والهبة : أن البيع بعوض ، والهبة تبرع بلا عوض .
وهل يجوز أن يتصدق بها ؟
الجواب : لا يجوز أن يتصدق بها ، بل لابد أن يذبحها ، ثم بعد ذبحها إن شاء وهبها وتصدق بما يجب التصدق به ، وإن شاء أبقاها وإنشاء تصدق بها كلها ، لكن لابد أن يتصدق منها بجزء .
قوله : " إلا أن يبدلها بخير منها " أي : فيجوز : والإبدال نوع من البيع ، لكن الغالب أن البيع يكون بنقد، ثم يشترى بدلها أضحية ، لكن إذا أبدلها بخير منها مثل أن تكون هذه الشاة ضعيفة ، ثم وجد مع شخص آخر شاة خيراً منها في السمن والكبر والطيب ، وأراد أن يبدلها بخير منها ، فإن ذلك لا بأس به ، لأنه زاده خيراً ولم يتهم برد شيء من ملك هذه الأضحية إلى نفسه .(2/21)
وعلم من قوله : " إلا أن يبدلها بخير منها " أنه لو باعها ليشتري خيراً منها فإن ذلك لا يجوز لكن المذهب جوازه لأن الأعمال بالنيات ، وهذا الرجل باعها بنية أن يبدلها بخير منها فيكون جائزاً ، كما لو أبدلها رأساً بخير منها .
قوله : " ويجز صوفها ونحوه إن كان أنفع لها " هذا أيضاً مما يترتب على التعيين أنه لا يأخذ منها شيئاً لا صوفاً ولا لبناً إذ كان لها ولد يضره أخذ اللبن ؛ لأنها الآن أصبحت خارجة عن ملكه .
ولو قال : أنا أريد أن أجز صوفها ؛ لأنتفع به .
قلنا : لا يجوز إلا إذا كان أنفع لها فلا بأس .
وكيف يمكن أن يكون أنفع لها .
الجواب : يمكن إذا كان عليها صوف كثير يؤذيها ، وكان في جزه راحة لها ، أو نبت فيها جرح وجز الشعر من أجل إبراز الجرح للهواء حتى ينشف ويبرد .
قوله : " ونحوه إن كان أنفع ويتصدق به " أي : نحو الصوف كالشعر والوبر ، الشعر يكون للبقر والمعز ، وللإبل : الأوبار ، وللضأن : الأصواف ويتصدق به أي بهذا الذي جزه .
والمذهب أنه لا ينتفع به ، وأنه يجب أن يتصدق به ، فلو قال أريد أن أجعله ثياباً أو أجعله حبالاً قلنا : لا يجوز ، بل يجب أن تتصدق به .
قوله : " ولا يعطي جازرها أجرته منها ، ولا يبيع جلدها ولا شيئاً منها بل ينتفع به "
الجازر : الذابح والناحر ، فالناحر للإبل ، والذابح لغيرها لا يعطيه أجزته منها ؛ لأن هذا الجازر نائب عنه ، وهو ملزم بأن يذبحها هو بنفسه ، فإذا كان ملزماً أن يذبحها من أجل أن تكون قربة فإنه لا يمكن أن يعطي الجازر منها أجرته وهو وكيل عنه .
وقد يقول قائل : ألستم تجيزون أن يعطى العمال على الزكاة من الزكاة فلماذا لا يجوز أن نعطي جازر الأضحية والهدي من الهدي كما نعطي العاملين على الزكاة ؟
قلنا : الفرق ظاهر ؛ لأن هذا الجازر وكيل عن المالك، ولهذا لو وكل الإنسان شخصاً يفرق زكاته فإنه لا يجوز أن يعطيه من سهم العاملين عليها .(2/22)
فمثلاً لو ان إنساناً ارسل إلى شخص عشرة آلاف ريال ، وقال له : خذ هذه وزعها زكاة فهذا الذي أخذ العشرة آلاف لا يجوز أن يأخذ منها شيئاً ؛ لأن العامل عليها هو الذي يتولاها من قبل ولي الأمر .
وهل يجوز أن يعطيه شيئاً من الأجرة ؟
الجواب : لا ، يعني لو قال اذبحها لي وكانت تذبح بعشرة ريالات ، وقال أعطيك خمسة من لحمها وخمسة نقداً فلا يجوز ؛ لأنه في ذلك يكون قد باع ما تقرب به إلى الله وهم اللحم ؛ لأن عوض الأجرة بمنزلة عوض المبيع فيكون قد باع لحماً أخرجه لله ، وهذا لا يجوز .
وهل يجوز أن يعطيه هدية او صدقة ؟
الجواب : يجوز كغيره .
وقوله : " ولا يبيع جلدها ولا شيئاً منها "
فكما سبق أنه لا يبيعها إذا تعينت ، فكذلك إذا ذبحت فإنها تتعين بالذبح ، ويحسن أن نضيف هذا أيضاً إلى ما سبق من أنها تتعين بالقول ، وبالفعل الدال على التعيين ، وبالذبح .
ولا يبيع جلدها بعد الذبح ؛ لأنها تعينت لله بجميع أجزائها ، وما تعين لله فإنه لا يجوز أخذ العوض عليه .
وقوله : " ولا شيئاً منها " أي لا يبيع شيئاً من أجزائها ، ككبد ، أو رجل ، أو رأس ، أو كرش، أو ما أشبه ذلك ، والعلة ما سبق .
وظاهر كلام المؤلف : أنه لا يبيع شيئاً من ذلك ولو صرفه فيما ينتفع به ، وعلى هذا يمكن أن يلغز بهذه المسألة:-فيقال شىء يجوز الانتفاع به ولا يجوز بيعه ليشتري ما ينتفع به بدله
الجواب : الجلد لو أراد المضحي أن يدبغه ، ويجعله قربة للماء يجوز ، لكن لو أراد أن يبيعه ويشتري بدلاً من القربة وعاء للماء كالترمس مثلاً فلا يجوز ، كل هذا حماية لما أخرجه لله أن يرجع فيه .
قوله : " وإن تعيبت ذبحها وأجزأته إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين "
" وإن تعيبت " الفاعل يعود على المتعينة من هدي أو أضحية ، وهذا مما يترتب على قولنا إنها تتعين : أنها لو تعيبت بعيب يمنع من الإجزاء فإنه يذبحها وتجزىء.(2/23)
مثال ذلك : اشترى شاة للأضحية ثم انكسرت رجلها فإنه في هذه الحال يذبحها وتجزئه ؛ لأنها لما تعينت صارت أمانة عنده كالوديعة .
وقوله : " إلا أن تكون واجبة في ذمته قبل التعيين " فيجب عليه البدل .
مثال ذلك : رجل عليه هدي تمتع ، وهدي التمتع واجب في ذمته وليس واجباً بالتعيين ، لكن هدي التطوع لا يجب عليه إلا إذا عينه فيجب عليه ذبحه .
والفرق : أن الواجب في الذمة قبل التعيين يطالب به الإنسان كاملاً والواجب بالتعيين أصله تطوع فيه تفصيل وهو أنه لا ضمان عليه إلا أن يكون ذلك بفعله أو تفريطه .
قوله : " والأضحية سنة " الأضحية هي : ما يذبح من النعم في أيام الأضحى تقرباً إلى الله عز وجل .
فخرج ما يذبح في غير أيام الأضحي ، فإنه ليس بأضحية حتى ولو ذبح ضحى ، فالعقيقة مثلاً إذا ذبحناها في الضحى في غير أيام الأضاحي لا تسمى أضحية .
وقولنا : " تقرباً إلى الله "
خرج به ما لو ذبح وليمة عرس في أيام الأضحى فإنها ليست بأضحية ، فلابد أن ينوي بذلك التقرب إلى الله عز وجل بهذا الذبح .
قوله : " وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها" كالهدي والعقيقة .
قوله : " ويسن أن يأكل ……….." أي : يشرع ، لا على وجه الوجوب بل على وجه الاستحباب أن يقسمها أثلاثاً ، فيأكل الثلث ، ويهدي بالثلث ، ويتصدق الثلث .
والفرق بين الهدية والصدقة :
أن ما قصد به التودد والألفة فهو هدية .
وما قصد به التقرب إلى الله فهو صدقة ، وعلى هذا فتكون الصدقة للمحتاج ، والهدية للغني .
وقوله : " أثلاثاً "
أي ثلثا للأكل وثلثا للهدية ، وثلثاً للصدقة .
وقوله : " ويسن أن يأكل " ظاهره : أنه لو تصدق بها كلها فلا شيء عليه ولا إثم عليه .(2/24)
وقوله : " ويسن أن يأكل ويهدي ويتصدق " هذا الحكم في كل أضحية حتى الواجب بالنذر فإنه يأكل منها ، ويهدي ويتصدق ، بخلاف الواجب في الهدي فإنه لا يأكل منها إذا كانت جبراناً ، ويأكل منها إذا كانت شكراناً ، فدم هدي التمتع والقران يأكل منه ، والدم الواجب لترك الواجب أو فعل في المحظور لا يأكل منه .
والمذهب أنه إذا كانت ليتيم فإنه لا يأكل منها ، ولا يهدي ، ولا يتصدق إلا مقدار الواجب فقط وهو أقل ما يقع عليه اسم اللحم لأن مال اليتيم لا يجوز التبرع به .
قوله : " وإن أكلها إلا أوقية تصدق بها جاز وإلا ضمنها "
الضمير يعود على الأضحية ، أي أكلها كلها ولم يتصدق بمقدار أوقية فإنه يضمن الأوقية ، وهي معيار معروف صنجة يوزن بها .
ونقول : إن تصدق بها إلا أقل ما يقع عليه اسم اللحم فإنه لا حرج عليه ، ولو أكلها جميعاً فإنه يضمن أقل ما يقع عليه اسم اللحم .
قوله : " ويحرم على من يضحي أن يأخذ في العشر من شعره أو بشرته شيئاً "
وقول المؤلف : " على من يضحي " يفهم منه ان من يضحي عنه لا حرج عليه أن يأخذ من ذلك والمذهب التحريم أيضاً . وقوله :" ان يأخذ في العشر" المراد بالعشر : عشر ذي الحجة إلى أن يضحي .
وقوله:" من شعره ط الشعر معروف ، وهو شامل للشعر المستحب إزالته ، والمباح إزالته ، فلا يأخذ منه شيئا.
مثال المستحب إزالته : شعر الإبط والعانة .
والمباح إزالته : كالرأس ، فلا يحلق رأسه ، ولا يقص منه شيئاً حتى يضحى .
وقوله : " أو بشرته " أيجلده لا يأخذ منه شيئاً وله أمثلة منها :
أولاً : إذا كان لم يختتن ،و أراد الختان في هذه الأيام نقول له : لا تختتن ؛ لأنك ستأخذ من بشرتك شيئاً .
ثانياً : بعض الناس يغفل فتجده يقطع من جلده من عقب الرجل ، والإنسان الذي يعتاد هذا الشيء لابد أن يصاب بتشقق العقب .
مسألة : سكت المؤلف عن شيء جاء به الحديث وهو " الظفر " فيحرم أخذه أيضاً .
فصل
قوله :" تسن العقيقة "(2/25)
العقيقة : فعيلة بمعنى مفعولة ، فهي عقيقة بمعنى معقوقة .
والعق في اللغة: القطع ومنه عق الوالدين أي قطع صلتهما .
والمراد بالعقيقة هنا : الذبيحة التي تذبح عن المولود ، سواء كان ذكراً أو أنثى .
وسميت عقيقة ؛ لأنها تقطع عروقها عند الذبح وهذه التسمية لا تشمل كل شيء.
لو قال قائل : والذبيحة العادية تقطع عروقها فهل يصح أن تسمى عقيقة ؟
نقول : لا ، لكن مناسبة التسمية لا تنسحب على جميع ما وجد فيه هذا المعنى ولهذا نسمي المزدلفة جمعاً ولا نسمي عرفة جمعاً ولا نسمي منى جمعاً ، فما سمى لمعنى من المعاني فإنه لا يقاس عليه ما شاركه في هذا المعنى فسمى بهذه التسمية ، ولهذا لا نقول الأضحية عقيقة ، ولا الهدي عقيقة ، ولا ذبيحة الأكل عقيقة مع أن سبب تسمية العقيقة بذلك موجود في هذه .
وعندنا في لغتنا في القصيم وفي المملكة يسمون العقيقة تميمة ، يقولون ؛ لأنه تتمم أخلاق المولود ".
وشرعاً : هي الذبيحة عن المولود ذكراً أو أنثى .
قوله : " تسن " أي : سنة في حق الأب ولو معسراً فيقترض .
قوله :" عن الغلام شاتان ، وعن الجارية شاة "
الغلام : أي : الذكر
قوله :" وعن الجارية شاة "
الجارية الأنثى .
قوله : " تذبح يوم سابعه "
أي: يسن أن تذبح في اليوم السابع ، فإذا ولد يوم السبت فتذبح يوم الجمعة يعني قبل يوم الولادة بيوم ، هذه هي القاعدة ، وإذا ولد يوم الخميس فهي يوم الأربعاء وهلم جرا ، والحكمة في أنها تكون في اليوم السابع ، أن اليوم السابع تختم به أيام السنة كلها فإذا ولد يوم الخميس مر عليه الخميس والجمعة والسبت والأحد الاثنين والثلاثاء والأربعاء فبمرور أيام السنة يتفاءل أن يبقى هذا الطفل ويطول عمره.
مسألة : ذكر الشارح أنه يسمى في اليوم السابع ، ومحل ذلك ما لم يكن الإسم قد عين قبل الولادة ، فإن كان قد عين قبل الولادة فإنه يسمى يوم الولادة.(2/26)
ولو اتفق الأهل على تسميته في اليوم الرابع أو الخامس ، فإن الأولى أن يؤخر إلى اليوم السابع .
مسألة : ويسن في اليوم السابع حلق رأس الغلام الذكر ، ويتصدق بوزنه ورقاً أي فضة ، وهذا إذا أمكن بأن يوجد حلاق يمكنه أن يحلق رأس الصبي ، فإن لم يوجد وأراد الإنسان أن يتصدق بما يقارب وزن شعر الرأس فأرجو أن لا يكون به بأس ، وإلا فالظاهر أن حلق الرأس في هذا اليوم له أثر على منابت الشعر ، لكن قد لا نجد حلاقاً يمكنه أن يحلق رأس الصبي ؛ لأنه في هذا اليوم لا يمكن أن تضبط حركته ، فربما يتحرك ثم إن رأسه لين قد تؤثر عليه الموسى فإذا لم نجد فإنه يتصدق بوزنه ورقاً بالخرص .
ويحرم أن يسمى باسم يعبد لغير الله ، فلا يجوز أن يسمى عبدالرسول ، ولا عبدالحسين ، ولا عبد علي ، ولا عبد الكعبة .
قوله : " فإن فات ففي أربعة عشر ، فإن فات ففي إحدى وعشرين "
أي : تعتبر الأسابيع الثلاثة الأولى السابع ، والرابع عشر ، والحادي والعشرون .
قوله :" تنزع جدولاً ولا يكسر عظمها " . أي أعضاء يعني لا تكسر عظامها ن وإنما تقطع مع المفاصل ، قالوا : من أجل التفاؤل بسلامة الولد وعدم انكساره.
قوله :" وحكمها كالأضحية " أي : حكم العقيقة حكم الأضحية في أكثر الأحكام ومنها :
أولاً : أنه لابد أن تكون من بهيمة الأنعام ، فلو عق الإنسان بفرس لم تقبل .
ثانياً : أنه لابد أن تبلغ السن المعتبرة .
ثالثاً : أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء .
وتخالف الأضحية في مسائل منها :
أولاً : أن طبخها أفضل من توزيعها نية .
ما سبق أنه لا يكسر عظمها .
ما ذكره المؤلف أنه لا يجزىء فيها شرك في دم .
قوله :" إلا أنه لا يجزىء فيها شرك في دم " أي العقيقة لا يجزىء فيها شرك دم.
قوله :" ولا تسن الفرعة ولا العتيرة "
هاتان ذبيحتان معروفتان في الجاهلية .(2/27)
والفرعة : هي ذبح أول ولد للناقة ، فإذا ولدت الناقة أول ولد فإنهم يذبحونه لالهتهم تقرباً إليها . ،ومعلوم أن الإنسان إذا ذبح على هذا الوجه كان شركاً اكبر ، لكن لو ذبح شكراً لله على نعمته لكون هذه الناقة ولدت فيذبح أول نتاج لها شكراً لله عز وجل من أجل أن يبارك الله له في النتاج المستقبل فهنا لا شك أن النية تخالف ما كان عليه أهل الجاهلية تماما ، ولكنها توافق ما كان أهل الجاهلية يفعلونه في الفعل فتباح ولا تسن .
وقوله :" ولا العتيرة " والعتيرة فعلية بمعنى مفعولة من العتر وهي ذبيحة في أول شهر رجب ، فقد كانوا في الجاهلية يعظمون رجباً ، لأن رجباً احد الأشهر الأربعة الحرم.
والمؤلف يقول: لا تسن .
وبهذا يكون قد انتهى باب الأضاحي ، والهدي ، وبه يتبين لنا أن الدماء المشروعة ثلاثة أقسام :
هدي وأضحية وعقيقة .
وأما وليمة العرس كقول النبي صلى :" او لم ولو بشاة " فإنها لا تختص ببهيمة الأنعام ، فكما تكون بها تكون بغيرها ، كالطعام ، والتمر ، والجبس الذي يخلط بالتمر والأقط والسمن ، وغير ذلك ، لكن إذا أو لم بشاة فلا بأس .
مسألة : ما يفعله بعض الناس إذا نزل منزلاً جديداً ذبح ودعا الجيران والأقارب هذا لا بأس به .(2/28)
تلخيص فتاوى سماحة العلامة مفتي الديار الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله
في مسائل الحج و العمرة و ما يتعلق بالبيت الحرام
أعدها
عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفي
الداعية بمركز الدعوة والإرشاد بالدمام
إنِ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أما بعد :
فإن من التحدث بنعم الله عليّ أن أحمد الله جل و علا أن يسر لي قراءة كتاب الحج من مجموع فتاوى سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ فهو علم على رأسه نار . كنت أسمع عن علمه و فضله ، و قرأت تراجم له ، مما حذا بي إلى قراءة بعض فتاواه في عدة أبواب ، و لكن العيش مع نَفَسِهِ ـ رحمه الله ـ في كتاب كامل و جزء طويل للأسابيع لابد و أن يكون له طبع آخر ، و لو لم أخرج إلا بشيء من الآداب التي تعلمتها من هذا الجزء لكفى فقد نبه في عدة مرات على اِحْتِرَام العلماء ، و إجلالهم و اتخاذ العذر لهم ، الرفق بالمخالف في المسائل الفقهية ، إلى جانب الفوائد الفقيه سواءً في الحج أو ما قد يتعرض له من مسائل مقاربة ، و إني أسأل الله العلي القدير أن أكون قد وفقت في إخراج اختيارات سماحة الشيخ ـ رحمه الله ـ في أجمل حلة ، و أصح عبارة .
و الله الموفق و هو من وراء القصد
عبدالرحمن بن محمد بن علي الهرفيّ
a_alharfi@hotmail.com
الاختيارات من خلال فتاوى و رسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم الجزء ( 5 / 6 )
جمع وترتيب محمد عبدالرحمن بن قاسم - الطبعة الأولى - 1399هـ
الجزء الخامس(3/1)
لا حرج في تغير أحد أجزاء الكعبة متى ما تلف الجزء على أن لا يزاد في مساحته حتى لا يدخل في بيت الله ما ليس منه . ص6
يجب أن تكون عمارة البيت الحرام من أطيب الكسب . ص6
لا يجوز أن يذهّب أو يفضض أو يموه بأحد النقدين شيء من البيت الحرام . ص6
و يحرم أن يحلى مسجد أو يموه سقف أو حائط بنقد ، حتى أن الذهب الذي على باب الكعبة حرام و لا يحل ، و أصل وضعه من بعض الملوك بعدما مضى عصر الصحابة ، بعد ذلك حلي باب الكعبة و إلا فهو لا يجوز و كذلك الميزاب . ص8
و لا يجوز تعليق شيء من الذهب على الكعبة . ص8
و لا يجوز بيع كسوة الكعبة للتبرك بها . ص9
و الكعبة نفسها زادها الله تشريفاً لا يتبرك بها، و لهذا لا يقبّل منها إلا الحجر الأسود فقط ، و لا يمسح منها إلا هو و الركن اليماني فقط ، و هذا التقبيل و المسح المقصود منه طاعة ربَّ العالمين ، واتباع شرعه و ليس المراد أن تنال اليد البركة ص12
و المقام كان في زمن النبوة و في عهد أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ ملتصقا بالبيت ثم أخره عمر ـ رضي الله عنه ـ . ص19
لا مانع من تأخير المقام من مكانه اليوم إلى مكان آخر يحاذيه و يقاربه رفعاً للحرج و المشقة(1) . ص53
لا يسوغ بأي حال من الأحوال البناء في منى لحديث عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْنَا يَا رَسولَ اللَّهِ أَلا نَبْنِي لَكَ بَيْتًا يُظِلُّكَ بِمِنًى قَالَ " لا مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ "(2). ص135
يجب أن ترفع يد أصحاب البيوت المتهدمة ـ في منى ـ عن تلك الدور و يعوضوا عنها . ص135
و مقتضى الشرع إزالة البيوت التي في منى . ص135
__________
(1) للشيخ ـ رحمه الله ـ رسالة مطولة حول حكم تغير مكان المقام تقع ما بين ( 35 ـ 133 ) و رجح الجواز .
(2) أخرجه أبو داود و الترمذي و ابن ماجه و أحمد و الدارمي و الحاكم .(3/2)
حدود منى من شفير وادي محسر الغربي إلى جمرة العقبة ، و بعضهم يدخل الجمرة في نفس منى و بعضهم يقول حد منى إليها ، و منى في العرض كل ما انحدر به السيل إلى منى ، كله تبع منى و هو ما بين الجبلين الأيمن و الأيسر . ص150
رمي جمرة العقبة من فوقها جائز قولاً واحداً . ص152
لا تجوز الكتابة على جدار الجمرة أي عبارة كانت . ص154
لا يصح الزيادة و لا النقصان من مرمى الجمرات ، و يجب أن يبقى على حاله ـ نصف دائرة ـ ؛ و كذا الشاخص الذي بجانبها . ص154
يجوز بناء دور ثانٍ للجمرات الثلاث . ص155
من استولى على شيء من منى تملكاً و صلى فيها فصلاته غير صحيحه ، لأنه صلى في مكان مغتصب ، و اغتصاب شيء منها أعظم من اغتصاب أموال المسلمين المحترمة . ص156
من تملك شيء في منى فتملكه باطل . ص159
حدود عرفة من جهة الشمال الشرقي هو الجبل المشرف على بطن عرنة المسمى بجبل سعد ، و يمتد الحد من جبل سعد مما يلي الغرب متجهاً إلى الغرب حتى ينتهي بملتقى وادي وصيق وادي عرنة ، و حد من الجهة الغربية وادي عرنة يبتدئ من الجهة الشمالية من ملتقى وادي بوادي عرنة ، و ينتهي من جهة الجنوب عندما يحاذي أول سفح الجبل الواقع جنوبي طريق المأزمين ، و طريق ظب ، و الذي طرفه الشمالي قرية نمرة من الجهة الشرقية الغربي الواقف هناك و غربي سفح الجبال التي في منتهى طرفه من جهة الجنوب شرقيه بخط مستقيم(1) .
وادي عرنة ليس من عرفة . ص179
الصحيح أنه لا دليل على وجوب العمرة ، أما من شرع فيها فلا يحل له رفضها و يجب إكمال حتى الفاسد منها .ص189
من طاف محمولاً وجب أن يكون ركوبه جهة حامله بحيث إذا مشى الحامل فإذا البيت عن يساره . ص190
إذا طاف الولي ناوياً هذا الطواف للصبي و كان دون التميز فهذا الطواف للصغير ، و لو نوى عن نفسه فلا يكون للصغير ، أو نواهما جميعاً فلا يكون لا للصغير و لا للكبير . ص190
__________
(1) كُتِبَ لسماحته تقرير فأقره .(3/3)
لا يصح الحج ركباً إلا لعذر ، و أما حج النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ راكبا فإنه لعذر و هو خشية أن يحطمه الناس ، و هو أنهم يزدحمون عليه محبة و تعظيماً و أخذاً للمناسك عنه . ص190
قول صاحب الزاد ( النفقات الشرعية على الدوام ) . ليس المراد إلى أن يموت بل المراد أنها ما دامت هكذا من حالها ودرها عليه لكفاه بكل حال لا في حال عن حال . ص190
الظاهر أن دفع الخفارة القليلة لا تمنع وجوب الحج لأن الإنسان يدفع القليل و لا يعده شيئًا ، خلافاً للأصحاب . ص191
من سبق له الحج جاز له الحج عن غير المستطيع . ص192
الذي ولد مجنوناً ؛ و عاش هكذا حتى مات لا يجب على وليه إقامة من يحج عنه لقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ " رفع القلم عن ثلاث ... " الحديث ص192
من مات و لم يحج وجب إخراج مال الحج مما ترك على أن يكون النائب من بلده ، فإن كان له بلدان فمن أقربهما . ص193
من أوصى بنسك نفل و أطلق فلم يقل من محل كذا ؛ جاز أن يكون من ميقاته ما لم تمنع قرينة كجعل مال يمكن الحج به من بلده فيستناب به منه . ص193
من حج عن غيره مع كون من قد حج عنه حي و سبق له الحج صح عنه . ص194
كل القرب تصل لمن فعلت له حياً كان أم ميت . ص194
من كان أبكم أصم أعمى لا يفهم بالإشارة مناسك الحج لاسيما نيات الحج صح أن يقام من يحج عنه بدون إذنه من ماله . ص195
المرأة من شروط وجوب الحج عليها وجود المحرم . ص196
الابن البالغ ثلاث عشرة سنة مع النساء الثقات يكفي للأداء فريضة الحج .ص198
يختلف أمر النساء المأمونات من بلد للآخر ؛ و من زمان للآخر ، لأن ذلك تابع للغيرة التي قد تنعدم في بعض الأزمان و كذلك للدين . ص199
لا تشترط عدالة المحرم ، و ذكر بعضهم اشتراط العدالة في المحرم الرضيع ، و هو جيد . ص201
من أقام من يحج عنه بحث عمن لا يريد الدنيا ، و فرق بين من حج ليأخذ ؛و من أخذ ليحج . ص201(3/4)
يصح حج المرأة عن الرجل و العكس لحديث البخاري و غيره . ص202
من حج عن غيره كان لمن حج عنه أجر حج كامل . ص203
لا ينبغي استنابة الشيعي في الحج عن السني لاختلال شرط العدالة . ص203
أما الذي يقوم بالحج بالنيابة عن الميت فله أجر الحج إن كان متطوعاً بذلك ، قال أبو داود في مسائل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ قال رجل أريد أن أحج عن أمي أترجو أن يكون لي أجر حجة أيضاً ؟ قال : نعم تقضي ديناً كان عليها . و هذا ظاهر ما رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ قال : " من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره .. " الحديث ، و أما إن كان الحاج عن الميت مستأجراً فإن كان الباعث على الحج الأجرة و لولها ما حج فليس له شيء ، و إلا فله الثواب بقدر باعث الآخرة . ص204
من حج عن غيره نوى يقلبه و ندب له ذكر اسمه . ص206
لا ريب أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ، و وقت لأهل الشام الجحفة ، و وقت لأهل اليمن يلملم ، و وقت لأهل نجد قرنا ، و وقت لأهل العراق ذات عرق .ص208
يصح أن يقال قرن المنازل أو بدون إضافة . ص208
من مر بالطائرة على أحد المواقيت أحرم منه و له أن يحتاط لسرعة الطائرة .ص214
من حج بالباخرة أحرم من حيث حاذى الميقات . ص214
من أحرم بالطائرة إذ اغتسل من البلد قبل أن يركب الطائرة فلا بأس لأن الوقت قريب و أما الركعتان فيصليهما في نفس الطائرة قبيل إن يحاذي الميقات . ص214
لا عمرة على المكي ، و عمرة عائشة ـ رضي الله عنها ـ حادثة عين ، و اعتمار ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ و من معه اجتهاد منه ، و لعله أراد تحية الكعبة بعد تجديد عمارتها . ص215
من تعدى الميقات بلا إحرام فعليه دمٌ بلا نزاع ، و إن أمكنه أن يرجع قبل الإحرام رجع و لا شيء عليه فإن لم يستطع صام عشرة أيام . ص215(3/5)
يلزم كل من دخل مكة الإحرام بحج أو عمرة ، و هو من خصائص مكة . ص215
من مر بمكة و هو لا يريدها فلا يجب عليه الإحرام ، لأنه لا يريدها . ص216
العلة في منع المخيط الرفاهية . ص218
السراويل اسم للمفرد و قول العامة : ( سروال ) غلط ، وجمعه سراويلات . ص218
لا يلبس حزام البندق إلا خوف الفتنة و إلا فلا . ص218
لا يظهر جواز لبس الساعة ، و ذكروا أنه لا يجوز عقد خيط على الساق . ص218
لا يضع المشبك على الرداء ، و ذكروا لا بعقد و لا غيره . ص218
العامي إذا لبي و لبس الإحرام يكفٍ منه و هذه نيته ، بل مجرد اللبس يكون محرماً و إذا قلنا لابد من شيء آخر ما صح منه حج و لا عمرة . ص219
الاشتراط يندب في حق من كان به عذر كالمريض أو الخائف . ص219
من نوى التمتع ثم سافر قبل الحج و بعد العمرة مسافة قصر فليس عليه دمٌ . ص219
المتمتع الذي يأتي يشتري الهدي من خارج الحرم فهذا سائق للهدي لا يحل حتى يفرغ من أعمال الحج و يذبح هديه في منى . ص221
من وصل مكة لا يريد الحج ثم بدا له فيحج و يكون مكياً 0 ص221
إن زاد في التلبية فهو من باب المأذون فيه ، و لو اقتصر على ما ثبت عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ لكان كَافِيًا شَافِيًا . ص222
يجوز للمحرم التداوي بالإبر و قلع الضرس و نحو ذلك لما ثبت أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ احتجم و هو محرم . ص222
يجوز للأقرع تغطية رأس بشمسية و عليه فدية صيام ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع أو يذبح شاة هو بالخيار ص223 .
لا يعقد الرداء فإن فعل لم يحل و يفدي ، بخلاف الهيمان ( الكمر ) فهو مباح لأجل الحاجة له في الإحرام ، أو يحفظ شيئا يخشى عليه لو لم يستصحبه ص224.
التطيب بالعود كله حتى الذي يوضع على الجمر لا يحل استعماله فلو ابتلي به فشمه بدون قصد فهو كمن سقط عليه طيب يبادر إلى إزالته .ص224(3/6)
لا يحل الصابون الممسك بل إن بعضه أحسن من بعض الأطياب المتوسطة ص225.
النعناع ليس من الطيب بل هو أولى من الريحان الفارسي ، و الريحان الفارسي يشبه اليشموم ص225 .
البرتقال ليس من الطيب بل هو فاكهة ص225 .
الزعفران طيب فيجتنب في القهوة و غيرها ، و فيه ورد حديث مخصوص قال ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ " وَلا ثَوبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلا وَرْسٌ " (1) ، أما الهيل كان يجتنب عند كثير من الحجاج من أهل نجد ، إلا أنه في الآخر كأنه اتحد القول أنه ليس طيباً ، و لم نسمع أحداً يتوقف فيه ، و يلحق بالأدم و التوابل ، و القرنفل من التوابل أيضاً ص225 .
لا يجوز تربية الحمام في الحرم و نثر الحبوب له ، و لا تكون وقفاً ، و مصرف الطعام الذي يجب على الحجاج في فعل المحظورات ، و أما تربية الحمام فهي من عدم النظافة و جلب القذر و قد قال ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ الْقَذَرِ " (2) ، و أما عدم جواز الوقف على الحمام فلأن الوقف إذا كان على غير مسجد و نحوه فلا بد أن يكون مالكاً ، و أما عدم جواز صرف كفارة المحظور إليه ، فلأنها حق من حقوق المساكين فقد قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ " ص227 .
و الجراد يحل قتله في الحرم دفعاً لضرره ، لأن حكمه حينئذ حكم الصائل ص228
__________
(1) أخرجه الشيخان و غيرهما .
(2) أخرجه أحمد و غيره .(3/7)
الواطئ في الحج بعد التحلل الأول يصح حجه أي كان نسكه و قد فسد إحرامه فيجب عليه الخروج من الحرم ثم يدخل مكة محرماً ثم يطوف الإفاضة ـ ( إن لم يكن قد طاف ) ـ و يجب عليه فدية شاة تذبح في الحرم و تطعم للمساكين و كذلك على الزوجة إن كانت مطاوعة ص228 .
و احتفاظ المرأة بأشياء غير مسنونة كالعود لرفع الغطاء عن وجهها ؛ أو وضع عمامة على رأسه كل هذه بدعة لا تجوز ، و أما حديث " إحرام المرأة في وجهها .." (1) لا يصح فالصحيح أنه لا بأس إذا مس وجهها بل واجب إذا مرت بالرجال بلا فدية و لا حرج ص228 .
يجب الهدي بطلوع فجر يوم عرفة ، و لا يجب قبله ، فمن لم يجد الهدي فصام و لو قبل يوم النحر ثم وجد فالصحيح أن صيامه يجزيه ، فالراجح أنه لا يجب عليه دم ص229 .
من صام قبل يوم النحر اعتقاداً أنه لا يجد يوم النحر ـ الهدي ـ ثم وجد يوم النحر فالراجح أنه لا يجب عليه الدم و قد صام ، لأن فعله سائغ له ص229 .
من رفض إحرامه يستمر ، و لكن الظاهر أن أجره يبطل ، لأنه أبطل نيته و كمله عابثاً ، و الأولى أنه يحتاط و يحج ثانية لأن حجته تلك أقل أحوالها أن تكون ناقصة أو باطلة لأن الأعمال بالنيات ص230 .
__________
(1) أخرجه الدار قطني و البيهقي في السنن الكبرى .(3/8)
و من حلق أو قصر ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه لأحاديث إسقاط الحرج و منها " رفع عن أمتي الخطأ و النسيان .. " و فيه ضعف ، و لكنه معضود بالآية " لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ " و عند مسلم قال الله : ( قَدْ فَعَلْتُ ) . و أما كونه إتلافاً فإنه يستخلف و أيضاً هو لا قيمة له و لا يساوي شيئًا فالصحيح أنه لا شيء في الحلق و التقصير في الإحرام مع النسيان ص230 .
الحرمل يشبه الشجر من وجه و لا يشبهه من وجه و إذا قطع لا يجوز الانتفاع به ص231.
و الشوك إذا منع الراحلة من المرور قطع و فيه الجزاءُ ص231 .
حرم المدينة يحد بأثني عشر ميلاً ( و هي بريد في بريد ) بالنسبة للمسجد ، و هو من المسجد إلى عير جنوباً ، إلى ثور شمالاً ، و من المسجد إلى الحرة الغربية عند محاذاة عير غرباً ، و من المسجد إلى الحرة الشرقية عند محاذاة ثور شرقاً ، و هي مسافة متقاربة(1) ص239 .
يختلف حرم مكة عن حرم المدينة بأمور هي ص 239 :
أن صيده و قطع شجره لا جزاء فيه بخلاف مكة .
أن من أدخله صيداً من خارج الحرم جاز له إمساكه و ذبحه .
جواز قطع ما تدعوا له حاجة . ص239
أفضل البقاع مكة ثم المدينة ثم بيت المقدس .
جسد النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ أفضل المخلوقات ، و هو خير من الكعبة ، و الكعبة خير من الحجرة ، و استغل أهل الغلو كلام ابن عقيل ـ رحمه الله ـ على غير مراده ص240 .
__________
(1) و قد كتب لسماحته تقرير فأقره من لجنة كان فيها سماحة الشيخ عبدالله بن عقيل .(3/9)
ليس لدخول الحرم دعاء معين ص240 .
تقبيل الحجر و الرمل و القرب من الكعبة مشروع للرجال فقط ـ لأن النساء عورة ـ من غير مزاحمة ص241 .
يسن تقبيل الحجر في أول الطواف ، و لا يشرع تكراره ، بخلاف استلام الركنين فيشرع في كل الطواف من غير مزاحمة ص241 .
يشرع استلام الركن اليماني ؛ و لا يشار إليه لعدم الدليل ص241 .
لا يجوز التبرك بما مس الكعبة لا الكسوة و لا الطيب و هو شيء ما عرفه السلف و هم أعظم الناس تعظيماً لشعائر الله ص241 .
الدعاء الثابت في الطواف " رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " هذا يقال بين الركنين ، و بقية الأدعية ما فيها شيء ثابت ، و أفضل ما
يقال في الطواف قراءة القرآن ، و يدعى في الطواف و عرفة و غيرها بأي دعاء ص242 .
لا يصح رفع الصوت بالدعاء إذا شوش على الناس ، و يسمّع نفسه ص242 .
السر من جعل الطواف من جهة اليسار أن اليمين أنشط و تقوى من الأعمال ما لا تقوى عليه اليسار فتكون اليمين كأنها متحركة و اليسار لا نسبياً ص242 .
النطق بالنية في الطواف بدعة ما فعلها النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ و لا أصحابه ، و لا السلف ، و قد فهم من كلام الشافعي ما يدل عليه ص243 .
لا ينبغي التحدث بفضول الكلام في الطواف و الانشغال به عن الذكر و كثرته تنقص أجر الطواف ص243 .
الصلاة خلف المقام للمرأة مثل التقبيل لا يشرع مع الزحام ص243 .
يرجع الطائف بعد صلاة الركعتين للحجر ؛ و يستلمه و لا يقبله ، و هذه سنة مهجورة الآن ص244 .
يستقبل من أراد السعي البيت و لو لم يكن يراه ص244 .
و أفضل الأدعية التي ورد فيها التوحيد فإنه يجتمع فيها دعاء العبادة و دعاء المسألة ص245 .(3/10)
يسعى سعياً شديداً من وصل للأبطح ، لا يلحقه مشقة ، و يستثني حامل المعذور و المرأة فإنها عورة ، و المطلوب سترهن ، أما من كان على بعير أو سيارة أو عربة فإنه لا يسعى شديداً ص245 .
من كان معه امرأة لا يبعد عنها خوفاً من ضياعها أو الأطماع ص245 .
يندب لصاحب النسك أن يستشعر حال هاجر ليس معها إلا طفلها فإن ذلك فيه داع للخشية ، كما يستشعر دخول النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آلِهِ وَسَلَّمَ ـ لمكة و معه أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ في حالة ما دخلوا الأبطح . ص245
إذا أقيمت الصلاة و هو في المسعى يصلى ثم يرجع فيبني على ما سبق لكن يبدأ من الشوط الذي قطعه ، و مثله في الطواف ، و كذلك الجنازة ص246 .
الأحوط أن ترقى المرأة الصفا و المروة مرة واحدة ، و الظاهر أن الشيء اليسير الذي يكون فيه مشقة يعفى عنه ص246 .
الجزء السادس
لا دليل على أن الإحرام من تحت الميزاب أفضل ، و هو قول الأصحاب ، و يحتاج إلى برهان ، و أحرم الصحابة من البطحاء ص5 .
أهل جدة يهلون منها لا من مكة ص6 .
الأولى أن يصلى الناس سوياً ـ في منى و غيرها ـ و لا يتفرقون جماعات إلا إذا لم يوجد متسع ص6 .
الجمع بعرفة من حين تزول الشمس و هو سنة مشهورة ، و يترخص جميع الحجاج حتى القريبين من عرفة يحل لهم الجمع و القصر و هو الصحيح ص7 .
الأصح أن يقف حسب الأرفق به و الأقرب لحظور قلبه ؛ سواءً راكبا على دابته أو نزل منها ص7 .
لا يشرع صعود جبل الرحمة و يفعله الخرافيين أهل تعظيم الأشجار و الحجار ص8
لا يشرع عمل درج أو نحوه تسهيلاً لصعود جبل الرحمة ص9 .
من وقف خارج عرفة ؛ و لو في نمرة ، و لم يدخل عرفة أبداً خلال يوم عرفة أو ليلة مزدلفة وجب عليه إعادة الحج ، و أما من دخل سوقها أو نحوه ولو وقت يسير صح منه ، و عليه دم لانصرافه منها قبل الغروب ص9 .
لا يعذر من وقف خارج عرفة و لو جهلاً ص10 .(3/11)
يجب الوقف بعرفة حتى الغروب ، و حديث عروة " … وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَقَدْ أَتمَّ حَجَّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ "(1) ليس نصاً في المسألة بل هو إطلاق مقيد بأحاديث أخرى ص10 .
من وقف خارج حدود عرفة لا يصح حجه و لو كان جاهاً بحدودها . ص10
لا إثم على الجند إذا دفعوا من عرفة قبل الغروب ، و يجب عليهم الدم ، و لا إثم عليهم إذا دفعوا من مزدلفة قبل منتصف الليل و تركوا المبيت في منى بمقتضى مصلحة العمل ص12 .
من قهره صاحب السيارة على الدفع قبل الغروب من عرفة فعليه دم ؛ يغرمه صاحب السيارة ص12 .
من وصل مزدلفة جاز له الجمع و لو لم يدخل وقت العشاء و إن أخر إلى وقت العشاء فهو أحسن و أولى مراعاة للسنة . ص13
تحسب البيتوته من غياب الشمس و حتى أذان الفجر . ص14
الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل حق للضعيف فقط و هو الأحوط ص14 .
لا أعرف حداً للحجر الذي لا يجزئ الرمي به ، و الأقرب أن يكون قرب حجم البيضة أو نحوها ص15 .
خصائص جمرة العقبة ستة ص15 :
أنها ترمى يوم النحر .
أنها ترمى صباحاً .
أنها ترمى من أسفلها .
أنه لا يوقف عندها .
أنها تستقبل حال الرمي و تكون القبلة عن يسار الرامي .
أنها إحدى الحل .
الأولى أن لا يرمي بالحجر المستعمل ، و لا دليل على عدم جواز الرمي ص16 .
و يجوز للضعفة الرمي بعد منتصف الليل أما غيرهم فالأولى عدم الرمي ، و لو صح حديث ـ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَ أَهْلَهُ وَأَمَرَهُمْ أَنْ لا يَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ـ لكان الضعفة كغيرهم ص16 .
__________
(1) أخرجه الخمسة .(3/12)
ليس مع من قال بجواز ذبح الأضحية قبل أيام النحر دليل يعتمد عليه و حديث : جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَأَمَرَنَا إِذَا أَحْلَلْنَا أَنْ نُهْدِيَ وَيَجْتَمِعَ النَّفَرُ مِنَّا فِي الْهَدِيَّةِ وَذَلِكَ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا مِنْ حَجِّهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ(1) ، و السنة المعلومة المستفيضة دلت على أن زمن الذبح هو يوم النحر و ما بعده من الأيام التابعة له ، و قد ذبح النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ عن أزواجه يوم النحر و كن متمتعات(2) ص17 .
كلما كان الذبح بمكان أسهل و أنفع للفقراء للانتفاع باللحم وقلة الأضرار الناتجة عنه و الإيذاء بفضلاته فهو أولى . ص49
يجوز الذبح خارج منى ، و لكن لا ينبغي أن يُلزم الحجاج بمكان يذبحون فيه خارجها ص50 .
إذا نحر الهدي وزعه على فقراء الحرم سواءً من أهل مكة الساكنين فيه أو غيرهم من الحجاج ، أو مكنهم منه جاز منه ، و توزعيه هو الأولى ص58 .
وجه أن الحلق عبادة أن الشعر محبوب للمحرم متخذ للجمال فإذا جاد به كان قربة و هو أفضل من التقصير ص58 .
يجب أن يأخذ من قصر من جميع الشعر ، و إن لم يكن من كل شعرة شعرة ص58
فعل ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ بأنه إذا حج أخذ ما زاد على القبضة لا يحتج به لورود النهي عن ذلك ص58 .
من نسي الحلق أو التقصير ثم ذكره بادر إلى فعله مباشرة ، و كذا إن كان جاهلاً ثم علم بالحكم ، و لا شيء عليه إن لم يكن فعل شيء من محظورات الإحرام ص59
لا بأس على من قدّم الطواف على رمي الجمرة العقبة فما سئل ـ صلى الله عليه و آله و سلم ـ عن شيء يومئذ إلا قال " افْعَلُوا ذَلِكَ وَلا حَرَجَ " (3) ص60 .
__________
(1) أخرجه مسلم و غيره .
(2) كتب الشيخ ـ رحمه الله ـ رسالة مطولة حول ذلك ص19 ـ 48 .
(3) متفق عليه .(3/13)
لا دليل لمن يخطب اليوم الثامن خطبة يبين فيها أحكام الحج ص58 .
من كان مريضاً فإنه يطاف به محمولاً ، و كذا السعي ص60 .
الذي يظهر أن من حاضت قبل طواف الإفاضة ـ و كانت من أهل البلاد البعيدة ـ و كان حجها نفلاً توكل من يطوف عنها على أن يكون قد سبق له الحج ص60
طواف القدوم ليس واجب على القارن و المفرد ، و على المتمتع طواف العمرة ، و لا يلتفت لمن أوجب طوافين ، و هو قول مرجوح بمرة ص61 .
من كانت من أهل جدة و حاضت قبل طواف الوداع فلا تغادر مكة حتى تطوف الإفاضة ثم الوداع إن بقيت لفترة ص61 .
من كانت من أهل جدة و حاضت قبل طواف الوداع ، و شق عليها البقاء فلها الذهاب إلى بلدها على أن تبقى محرمة فلا يجامها زوجها ثم تعود إلى مكة بعمرة كاملة ، ثم بعد أن تقصر تأتي بطواف الإفاضة ، فإن كان قد جامعها زوجها فتخير بين أن تذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين ص62 .
من رجع إلى أهله قبل طواف الإفاضة فحكمه حكم السابق في المسألة رقم ( 134 ) ص62 .
الراجح أنه يجب على المتمتع سعيين ، و هو الأحوط خلافاً لقول شيخ الإسلام و ابن القيم ـ رحمهما الله ـ أن يجزئ المتمتع سعي واحد ص65 .
تطوع الآفاقي بالطواف خير من الصلاة ، و اما قول من قال أنه لا ينبغي كثرة الطواف فهو قول باطل لا يلتفت له ص66 .
المشروع أن يبقى المحرم في منى نهاراً لأجل رمي الجمرات ؛ و ذكر الله و إن كان لا يجب ص66 .
الترتيب شرط ٌفي رمي الجمرات ، و المولاة غير واجبة على كلام الأصحاب ص66 .(3/14)
لا يجوز الرمي قبل الزوال و هو شرطٌ في أيام التشريق الثلاثة بالنص من الكتاب و السنة و قول عامة الأمة ، و لا يجوز الرمي ليلاً ، و لا يسقط عمن لا يستطيعه و يجب على غير المستطيع الإنابة(1) ص67 .
على من ترك المبيت في منى الفدية و هي ذبيحة تذبح في مكة و توزع على الفقراء سواء من أهل مكة أو من الحجيج ص120 .
يقاس غير السقاة و الرعاة عليهم كمن كان له مال في مكة يخشى عليه أو حرم يخشى عليهم ص121 .
الوداع عند قوم من خصائص مكة و ليس من واجبات الحج ؛ و عند آخرين أنه من واجبات الحج ، و يمكن الجمع بينهما أنه من واجبات الحج و من واجبات من أراد الخروج من مكة ، و لعله أن يسهل فيمن كثر خروجه كمن خرج يوميا مرة أو أكثر ص121 .
لا يكفي طواف الإفاضة عن الوداع عمن طاف و قد بقي عليه بعض الرمي ص122 .
كل من أراد السفر من مكة إلى جدة ـ أو إلى أي مسافة قصر ـ من الحجيج يجب عليه الودع ، و من خرج بدون وداع وجب عليه الدم ص122 .
لا يلزم من شرى أهبت السفر بعد طواف الوداع إعادة طواف الوداع ص123 .
من أجبر على الخروج من مكة قبل الوداع فليس عليه شيء ص123 .
الواجب على المفتي عدم التسرع في إسقاط طواف الوداع عن الحائض إلا بعد سبر الظروف ، و أهل نجد و نحوهم يمكنهم البقاء بلا مشقة فليست بلد غربة ، و لا خوف ، إنما فرض المسألة بالنسبة للماضي ، أما البلاد الأخرى فقد يكون ذلك و قد لا يكون ص125 .
يستحب الالتزام عند الوداع على قول الأصحاب و قد جربته و دعوة الله فستجاب لي ص125 .
الطواف خير من إتيان الحطيم ، و العوام و الجهال يزاحمون عليه ، و عند العوام أنه أكبر شيء ص125 .
__________
(1) ألف الشيخ ـ رحمه الله ـ رسالة طويلة تقع ما بين (67 ـ 119 ) في مجموع الفتاوى بعنوان ( تحذير الناسك مما أحدثه ابن محو د في المناسك ) رداً على الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رئيس محاكم قطر ـ رحمهما الله ـ ص67 ـ 119 .(3/15)
قول الأصحاب ( تستحب زيارة قبر النبي .. إلخ ) يحمل على أن المراد به المسجد ، إحساناً للظن بالعلماء ، و الذي تشد له الرحال هو المسجد ، و قد تشد الرحال للمسجد و القبر معا على أن يدخل القبر تبعاً ص126 .
الواصل إلى المسجد إذا صلى ، و أراد السلام على النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ وقف عند الحجرة و سلم عليه كما يسلم عليه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ حال حياته يعني يكون أمام وجهه مستقبلاً للنبي ـ صلى الله عليه و آله و سلم ـ حال السلام عليه ص127 .
أما أهل المدينة فيفعلون مثل فعل ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ حيث كان يسلم عليه عند مبارحة المدينة أو القدوم من السفر ، و ما كان يسلم عليه كلما دخل المسجد ص127 .
" من حج و لم يزرني فقد جفاني " لا يصح و لو صح لحمل على غير شد الرحال للأحاديث الصريحة في منع شد الرحال ص127 .
الأصل عدم جواز زيارة النساء لقبر النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ مثله مثل غيره من القبور و على من فرّق الدليل ص129 .
ليس للعمرة الرجبية أصل ، نعم جاء أثر بذلك عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ و لكنه و هم ، وليس في رجب إلا أنه من الأشهر الحرم ، و المشهور أنه نسخ تحريم القتال فيها ص131 .
الطواف بالحجرة النبوية شرك أكبر ص135 .
التمسح بالحجرة النبوية من روائح الشرك و وسائله ص136 .
لم يصح شيء في فضل الصخرة التي بالمقدس ، و لم يعظمها أحد من الصحابة
ـ رضي الله عنهم ـ سوى أن عمر ـ رضي الله عنه ـ أزال عنها الأذى ص138 .
و تسمية القدس حرماً لا وجه له ص142 .
الاشتراط لا ينفع إلا من كان يخشى من شيء كمرض أو عدو ص144 .(3/16)
إذا وقف المسلمون في عرفة في اليوم الثامن فإن زمن الوقف يبقى على حاله ، بخلاف إذا علموا في اليوم العاشر وقد وقفوا بعرفة فإنه لا يمكنهم إلا هذا ، قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ إن الوقوف مرتين في يومين بدعة ص144 .
ظاهر كلام الأصحاب أنه يلزم القارن و المعتمر الهدي ، و يرى ابن القيم أنه لا هدي عليه ، و أما الذبائح التي كانت في الحديبية فإنهم ساقوا الهدي ص144 .
باب الهدي و الأضحية
أصل التضحية عن الحي ، و الميت يدخل تبعاً ، أما ما يفعله الناس بالتضحية عن الأموات و ترك الأحياء فلا ص145 .
كل القرب تصل للأموات ص145 .
الأقرن خير من غيره ، و لعل الأقرن يكون قوي ، و هو كمال في الخلقة ص145
يصح التضحية بالشاة الحامل ص146 .
تكفي الشاة عن الرجل و أهله و لو لم يكون معه في المنزل حيهم و ميتهم ص146
إذا أوقف جمع من الناس غلال على أن تخرج عنهم أضاحي فلم تكفى فلا يسوغ ضم أضحياتهم مع غيرهم لفوات المقصود ص148 .
لا تجزيء سُبُعُ البقرة أو الإبل عن الرجل و أهله بل عن سبعة فقط ، بخلاف الشاة لأنه ليس دَمًا كاملاً ؛ و ما جاء عن السلف فعل ذلك لا في الهدايا و لا في الضحايا ، و هو جزء و الجزء لا يتجزأ ، و فتوانا و فتوى مشايخنا على عدم الإجزاء ص149 .
سبع البدنة عن سبعة أشخاص لا عن سبعة شياة ص150 .
إذا أوصى عن تذبح عنه شاة فلم يكفي المال إلا عن سبع بدنة جاز ذلك ص150
العجفاء هي الهزيلة و المخ هو الدهن ، فإن كانت قليلة الدهن جازت ، و السمينة أفضل ص151 .
العرجاء هي التي لا تطيق المشي أما إن كان العرج يسيراً فتجزئ مع النقص ص152.
إن كان المرض لا يفسد اللحم جاز مع النقص ص152 .
العضب يكون في الأذن و القرن فإذا ذهب واحد منهما لم تعد تجزئ ص152 .
الذبح يستمر إلى قبيل وقت الغروب ص153 .
أيام النحر أربعة يوم العيد و ثلاثة بعده و هو اختيار شيخ الإسلام ص154 .
لا يعطي الجزار أجرته منها و لا مانع أن يتصدق عليه منها ص154 .(3/17)
الوصي إن تعد أو فرط ضمن ، و إلا فلا ص155 .
المشروع أن يأكل من أضحيته قال تعالى : " فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ " و هذا أمر ؛ و إن كان مفاده الندب ، لو قال أحد بالوجوب لكان له وجه ص155
الذي أراد أن يضحي لا يأخذ من شعره و لا من أظفاره حتى يذبح ، إلا أن يكون حاجاً فيقصّر يوم النحر مع الحجاج ، أو معتمر فلا بد من الأخذ من شعره كذلك لأن النسك أولى من الأضحية ، لكنه لا يأخذ من شعره حال الإحرام ص156 .
باب العقيقة
العقيقة مستحبة من الأب عن ولده ، و لا تستحب من غيره ، و يسمها أهل نجد بالتميمة ص157 .
من ذبح العقيقة فلا يلزم أن يعلن ذلك ، و تكفى النية ، فإن لم يتصدق بشيء منها أخرج قدر أوقية لحم يتصدق بها ص157 .
السنة أن يعق عن الغلام شاتان و عن الجارية شاة ، و إن اقتصر على واحدة فلا بأس لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا(1) و الواحدة كافية في أصل السنة إلا أنها المرتبة الدنيا من المرتبتين جمعا بين الأخبار ص158 .
لا يزيد على اثنتين إلا إن كان من يريد دعوتهم كثير و الثنتين لا تكفيهم فلا بأس ص158 .
إن كان سبعاً لا يشرك فيه(2) ص158 .
إن اجتمعت عقيقة و أضحية فلا بأس أن ينوى الأضحية و تدخل فيها العقيقة ص158 .
__________
(1) أخرجه أبو داود و النسائي .
(2) لعل المراد أن سبع البدنة لا يصح في العقيقة فلا بد من نفس كاملة .(3/18)
بعض الناس يرى أنه يلطخ رأس الولد بدم العقيقة ، و سبب هذا أنه وهم في بعض ألفاظ الحديث(1) ص161 .
ولا ينبغي التسمي بالأسماء القبيحة و الموهمة ، و يستحب تغير القبيح منها أما ما كان فيها معاني لا تلق بالله جل و علا فيجب نغيرها مثل : شر الله ، سيد الرحمان ، نسيم إلاهي ، حياة محمد ص161 .
لا حرج فيما سمي بشوعي ص164 .
__________
(1) أخرج أبو داود عَنْ سَمُرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " كُلُّ غُلامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ السَّابِعِ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ وَيُدَمَّى " فَكَانَ قَتَادَةُ إِذَا سُئِلَ عَنْ الدَّمِ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ قَالَ إِذَا ذَبَحْتَ الْعَقِيقَةَ أَخَذْتَ مِنْهَا صُوفَةً وَاسْتَقْبَلْتَ بِهِ أَوْدَاجَهَا ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَسِيلَ عَلَى رَأْسِهِ مِثْلَ الْخَيْطِ ثُمَّ يُغْسَلُ رَأْسُهُ بَعْدُ وَيُحْلَقُ قَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ هَمَّامٍ وَيُدَمَّى قَالَ أَبُو دَاوُد خُولِفَ هَمَّامٌ فِي هَذَا الْكَلامِ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ هَمَّامٍ وَإِنَّمَا قَالُوا يُسَمَّى فَقَالَ هَمَّامٌ يُدَمَّى قَالَ أَبُو دَاوُد وَلَيْسَ يُؤْخَذُ بِهَذَا .
قال الحافظ : فيبعد مع هذا الضبط أن يقال أن هماما وهم عن قتادة في قوله " ويدمى " إلا أن يقال إن أصل الحديث " ويسمى " وأن قتادة ذكر الدم حاكيا عما كان أهل الجاهلية يصنعونه ، ومن ثم قال ابن عبد البر : لا يحتمل همام في هذا الذي انفرد به فإن كان حفظه فهو منسوخ ا هـ ، وقد ورد ما يدل على النسخ في عدة أحاديث منها ما أخرجه ابن حبان في صحيحه عن عائشة قالت " كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي خضبوا قطنة بدم العقيقة , فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه , فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اجعلوا مكان الدم خلوقا " زاد أبو الشيخ " ونهى أن يمس رأس المولود بدم " .(3/19)
لا حرج في العقيقة و لو بعد سنة ، و يتحرى الأيام السبعة ص165 .
من وُلِدَ له ولد ثم مات يعق عنه ص165 .
الفرعة و العتيرة محرمة و قد أبطلها النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و آله وَسَلَّمَ ـ كما أبطل كل أمور الجاهلية ص165 .
تم بحمد الله(3/20)
مقدمة
إنِ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أما بعد :
فإن المتتبع لفقه علماء هذا الزمان يعجب أيما عجب لفقه سماحة الشيخ العلامة محمد الصالح العثيمين ـ يحفظه الله ـ المتجرد للدليل والمتناسق مع قواعد الشرع المطهر . وقد حرصت منذ أول طلب العلم ومازلت كذلك على قراءة وسماع شروح سماحته الممتعة من حيث الأسلوب والطريقة التي يختص بها الشيخ عن غيره من المشايخ ، والتي أدعو جميع من تصدر للتعليم في المساجد لاتباعها .
ومن كتب الشيخ التي حرصت عليها كتاب ( الممتع ) فقد حرصت حرصا شديدا على قراءته عدة مرات ـ ولله الحمد والمنة ـ ومن ثم تسجيل النكت العلمية والاختيارات الفقهية فخرجت مجموعة أخالها نافعة إن شاء الله .
وكان أكثر ما عنيت به الجزء الخاص بالحج حيث أن لي عناية بتلخيص كلام العلماء المعاصرين وجملة من المتقدمين في أحكام الحج فحرصت على أن أجمعها مع غيرها من اختيارات جمع من العلماء ؛ لعلها أن تخرج فيستفيد منها المفتي والعامي وطالب العلم ، وهذه الاختيارات لا تغني عن الرجوع للأصل لمن أراد الدليل وعلة الاستدلال .
وقد عرضت هذا التلخيص على سماحة الشيخ محمد ـ رحمه الله ـ في منزل سماحة شيخنا العلامة عبدالله ابن عقيل في الرياض وقد وعد سماحته بكتابة مقدمة لها ولكن كتاب الله كان أسبق حيث أن الشيخ مرض كما لا يخفى وشغل والله المستعان ومن ثم فجعت الأمة بوفاته فوافته المنية في يوم الأربعاء الموافق 15/ 10/1421هـ .
وخَاتَمًا أَسْأَل الله العلي القدير أن ينفع كل من قرَأهَا .
وكتبه : عبدالرحمن بن محمد الهرفي
a_alharfi@hotmail.com(4/1)
الممتع كتاب الحج ـ الرقم الأول الثاني يشير لرقم الصفحة
الحج والعمرة واجبتان . 9
الأصل أن دلالات الكتاب والسنة عامة ، تشمل جميع الناس إلا بدليل يدل على خروج بعض الأفراد من الحكم العام ، ولذا ففي القلب شيء مما نص عليه الإمام أحمد وشيخ الإسلام ـ يرحمهما الله ـ من عدم وجوب العمرة على أهل مكة . 10
الأقرب للصواب أنه لا يلزم الصبي الإتمام في الحج أو العمرة فيتحلل ولا شيء عليه ، وهو مذهب الحنفية ومال له صاحب الفروع . 25
إن طاف مكلفٌ بطفل ونوى الطفل وحامله صح عنهما ، فان كان لا يعقل النية فإما أن يطوف عن نفسه أولاٌ ثم عن الطفل أو يوكل من يطوف ؛ بالطفل لأنه لا يصح أن يقع طواف بنيتين . 26
الأقرب للصواب أن من وجد راحلة وزاداً يكفيه للذهاب إلى الحج وجب عليه الحج ولا يلزم أن يكون صالحاً لمثله .29
الأولى للمدين ألا يحج ، ولو أذن له صاحب الدين .30
من كان عنده مال إن قضى به الدين لم يتمكن من الحج وإن حج لم يقض به فهذا ليس بقادر إلا بعد قضاء الديون . 30
لا يشترط أن يكون النائب من بلد المنيب ، بل يصح ولو كان المنيب من أهل مكة .40
المحَرْم شرط في وجوب الحج على المرأة .43
الأحوط أن من مر بميقاتين أحرم من الأول .53
عمرة أهل مكة من الحل ولو دون التنعيم .55
حدود الحرم توقيفية ليس للرأي فيها مجال . 55
لا يجب على من دخل مكة الإحرام ، وهو الصحيح . والأفضل العمرة .59
أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة كله ، وهو مذهب مالك ، وهو الأقرب للصحة .61
الراجح أن ظاهر القرآن " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ "أن الحج لا ينعقد إلا في هذه الأشهر كما في قوله تعالى : " إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا "فمن نوى قبل ذلك تتحول عمرة . 65
يكره الإحرام قبل المواقيت المكانية ، لكنه ينعقد ؛ لأنه وقع من الصحابة ولامهم الخلفاء ، لكنه لا يفسد الإحرام .65(4/2)
من لم يمر بالمواقيت يحرم من حيث حاذاها سواءً براً أو بحراً أو جواً .66
يستحب الغُسلُ بالماء ؛ فإن عُدِمَ فلا يتيمم ، لأن الشرع جاء بالتيمم من الحدث فلا يقاس عليه غير الحدث . 70
الصحيح أنه يحرم تطييب الثياب قبل وبعد الإحرام لأن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ قال عن المحرم : " لا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ … وَلا ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلا وَرْسٌ … " فنهى أن نلبس الثوب المطيب .73
لا حرج إن تطيب المحرم فسال الطيب بنفسه .74
يعفى عن الطيب إن لاصق يده بغسل رأسه ولا يجب غسل يديه على الصحيح . 74
ذهب شيخ الإسلام ـ يرحمه الله ـ إلى أن ركعتي الإحرام لا أصل لمشروعيتهما ، وأنه ليس للإحرام صلاة تخصه ، لكن إن كان في الضحى فيمكن أن يصلي ركعتي الضحى ويحرم بعدها ، وإن كان وقت الظهر نقول : الأفضل أن تمسك حتى تصلي الظهر ثم تحرم بعد الصلاة ، وكذا غيرها من الصلوات . 77
الصحيح أن الاشتراط سنة لمن كان خائفاً ، وتركه سنة لمن لم يخف ، وبذلك تجتمع الأدلة .80
من اشترط(1) فمُنِع فلا هدي عليه .82
من لم يشترط لم يحل إلا إذا أحصر بِعَدُو على رأي كثير من العلماء ، فإن أحصر بمرض أو غيره فإنه يبقى محرماً ولا يحل ، لكن إن فاته الوقوف فله أن يتحلل بعمرة ثم يحج من العام القادم . 82
من كانت تخشى الحيض والنفاس جاز لها أن تشترط . 83
الأقرب أن من اشترط بدون احتمال مانع أن الاشتراط لا ينفعه ؛ لأنه غير مشروع وغير المشروع غير متبوع فلا ينفع ، ولا يترتب عليه شيء . 84
الأنساك [ التمتع ، الإفراد ، القِران ]كلها صحيحة باقية يختلف فضلها بحسب حال الإنسان .90
__________
(1) الأشتراط أن يقول المحرم عند الإحرام : ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) .(4/3)
التقصير في العمرة للمتمتع أفضل لظاهر لفظ النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ "وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ " ، وحتى يبقى ما يأخذه من شعره .93
الأرجح أن الأفقي أصح في اللغة من الآفاقي .98
حاضروا المسجد الحرام هم : أهل مكة وأهل الحرم .99
للهدي شروط هي 101 ـ 104 :
أن يبلغ السن المعتبر في الهدي وهو الثني من المعز والبقر والإبل ، أو الجذع من الضأن .
أن يكون سليماً من العيوب المانعة من الإجزاء لقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ " لا يُضَحَّى بِالْعَرْجَاءِ بَيِّنٌ ظَلَعُهَا وَلا بِالْعَوْرَاءِ بَيِّنٌ عَوَرُهَا وَلا بِالْمَرِيضَةِ بَيِّنٌ مَرَضُهَا وَلا بِالْعَجْفَاءِ الَّتِي لا تُنْقِي " .
أن يكون في زمن الذبح ؛ والصحيح أنه يوم العيد وثلاثة أيام بعده .
أن يكون في مكان الذبح ، وهو الحرم ، لكن قال الإمام أحمد ـ يرحمه الله ـ : ( مكة ومنى واحد ) واستدل بقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ "..كُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ " .
أن يكون من بهيمة الأنعام .
الأحوط ذبح هدي للقارن ، وهديه يقاس على التمتع .106
من أحرم بالعمرة في أشهر الحج ثم حج من نفس السنة وكان قد سافر إلى أهله لا يلزمه هدي ، أما إن كان قد سافر إلى غير أهله لزمه الهدي ولو سافر مسافة قصر .
يجب علي الحائض القران إن كانت متمتعةً ولم تطف ، ويقاس عليها من منعه مانع فيدخل الحج علي العمرة إن علم أنه لا يدرك العمرة .111
الراجح أنه لا تشترط الطهارة من الحدث الأصغر للطواف ، وهو اختيار شيخ الإسلام ـ يرحمه الله ـ .113(4/4)
الأولى أن يلبى المحرم إذا ركب ، إلا إن صح حديث ابن عباس فبعد الصلاة ( .. أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالا فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ يُهِلُّ فَقَالُوا : إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَلَمَّا عَلا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَقَالُوا إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَ عَلا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ أَوْجَبَ فِي مُصَلاهُ وَأَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ وَأَهَلَّ حِينَ عَلا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ ) . 116
الأفضل في التلبية الاكتفاء بما صح ، فإن زاد ( لبيك اله الحق ) أو ما ثبت عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ فنرجوا أن لا يكون به بأس . 116
يصّوت الرجال بالتلبية ، وتخفيها المرأة في مجامع الرجال .127
من نمى شعر شاربه فأخذ منه لا يفدي على الصحيح .131
لو أن الإنسان تجنب الأخذ من شعوره كشاربه وأبطه وعانته احتياطاً لكان هذا جيد ، لكن أن نؤثمه إذا أخذ مع عدم وجود الدليل الرافع للإباحة فهذا فيه نظر .132
العلة من منع الأخذ من شعر الرأس هي أنه إسقاط لنسك مشروع ، وهذا التعليل عند التأمل أقرب من التعليل بالترفه . 132
إن صح الإجماع في منع تقليم الأظافر فلا يجوز مخالفته وإلا كان مثل شعر الجسد .133(4/5)
إذا أخذ من شعره ما فيه إماطة الأذى ففيه دم ، أي إذا حلق حلقاً يكاد يكون كاملاً يسلم به الرأس من الأذى ، والدليل ما أخرجه البخاري : ( احْتَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ ) ، والحجامة في الرأس من ضرورتها أن يحلق الشعر من مكان المحاجم ،ولا يمكن سوى ذلك ، ولم ينقل أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ فدى . 135
لا يجوز الأخذ من الشعر أبداً ، فهو مع كونه لا فدية فيه إلا أنه لا يجوز الأخذ منه . 136
قاعدة : امتثال الأمر لا يتم إلا بفعل جميعه ، وامتثال النهي لا يتم إلا بترك جميعه . 136
اعلم أن العلماء إذا قالوا في باب المحظورات : ( فيه دم ) ، يعنون أحد ثلاث أمور :
الدم .
إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع .
صيام ثلاثة أيام .
إلا في الجماع قبل التحلل الأول فإن فيه بدنه . وجزاء الصيد فيه مثله . 138
المحظورات أقسام 138:
ما لا فدية فيه : كعقد نكاح والخطبة .
.ما فديته بدنة : وهو الجماع .
.ما فديته مثله : وهو الصيد .
ما فديته التخيير : وهو باقي المحظورات .
ستر الرأس أقسام 141ـ 142:
.جائز بالنص والإجماع مثل أن يلبد شعره بالعسل أو الصمغ أو الحناء .
.أن يغطيه بما لا يقصد به التغطية كحمل العفش فهذا لا بأس به ، لأنه لا يقصد به الستر غالباً .
.أن يغطيه بما يلبس عادةً علي الرأس مثل الطاقية والعمامة والشماغ فهذا حرام بالنص
أن يغطيه بما لا يعد لبساً لكنه ملاصق ويقصد به التغطية فلا يجوز .
أن يظلل رأسه بتابع له كالشمسية والسيارة فالصحيح أنه جائز .
أن يستظل بمنفصل عنه غير تابع كالاستظلال بالخيمة أو ثوب يوضع على شجرة فهذا جائز .
أول من عبر بلبس المخيط هو : إبراهيم النخعي ـ يرحمه الله ـ .147
الذي يظهر لي أنه لا يلبس الخفين والسراويل إلا من كان محتاجاً لها .150
يلحق ما نهي عنه ما كان في معناه مثل الكوت يلحق بالقميص . 150(4/6)
الصحيح أنه لو طرح القباء ـ وهو ثوب واسع له أكمام مفتوح الوجه ـ على كتفيه دون أن يدخل كميه لا يعد لبساً . 150
لا حرج في عقد الرداء لكن لا يشبكه كله حتى يصير وكأنه قميص .151
لبس الساعة لا يلحق بما نهى عنه النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ وكذا الخاتم ، والمرآة في عينيه ، والسماعة في أذنيه ، وتركيبة الأسنان في فمه ، وكذا لو لبس حذاءً مخروزاً وبه خيوط فهو بخرزاته لم يخرج عن كونه نعلاً ، و كذا لو تقلد سيفاً أو فرداً ـ أي مسدس ـ ، وكذا لو ربط بطنه بحزام ، فكل ما سبق جائزٌ ولا يلحق بما نهى عنه النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ لفظاً ولا معنى . 152
الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ عد ما يحرم عداً ، فما كان بمعناها ألحقناه به ، وما لم يكن بمعناه لم نلحقه به ، وما شككنا فيه فالأصل الحل . 152
لا حرج في الإزار الذي خُيطَ وقد يستعمله البعض لستر العورة .152
الأفضل أن تكشف المرأة وجهها ما لم يكن حولها رجال أجانب .153
إن لبس المحرم قميصاً أو غيره ناسياً ثم ذكر نزعه على الفور ، وينزعه كما لبسه خلافاً لمن قال يشقه .155
من احتاج إلى فعل محظور فعل وفدى ، كما في حديث كعب بن عجرة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ .156
للطيب أحكام 158 ـ 159 :
أن يشمه بلا قصد فلا حرج عليه .
أن يقصد شمه ليختبره هل هو جيد أم رديء فهذا جائز .
أن يقصد أن يشمه للتلذذ به فحرام .
يحرم قتل الصيد وفيه الفدية ، وأما غيره فينقسم إلى ثلاثة أقسام 161 ـ 163 :
ما أمر بقتله وهو : الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور ، وما كان في معناها كالحية ، والذئب ، والأسد .
ما نهي عن قتله في الحل والحرم وهو: النملة ، والنحلة ، والهدهد ، والصردُ ـ وهو طائر فوق العصفور منقاره أحمر ـ.(4/7)
ما سُكِت عنه ، فهو إن آذى ألحق بالمأمور بقتله ، وأن لم يؤذِ فالأحسن أنه يكره قتله مثل الصراصير ، والخنفساء ، والجعلان ، فالذباب لك أن تقتله لأن فيه أذية .
لا يحرم قتل حيوان إنسي ، فلو هرب بعير واستوحش ثم لحقه صاحبه وقتله فهو حلال . 167
لو صال على المحرم صيد كغزال وأبى إلا أن يقاتله فقتله فلا شيء عليه ؛ لأنه دفع لأذاه ( وكل مدفوع لأذاه فلا حرمة له ، ولا قيمة ). 168
لو نبتت شعرة في جفن محرم من الداخل وصارت تؤذي عينه وأزالها فلا شيء عليه ، وكذلك لو انكسر ظفره وصار يؤذيه فقصه فلا شيء عليه لأنه دفعهما لأذاهما . 169
إذا صاد المحرم فليس له أن يأكل الصيد لأنه محرم لحق الله ، خلافاً لو اغتصب شاةً فذبحها فلا يحرم أكلها ويضمن مثلها أو القيمة وهو الصحيح .169
المحرم إذا قتل الصيد فهو حرام عليه وعلى غيره ؛ لأنه بمنزلة الميتة . 169
إن أعان محرم حلالاً أو دله حرم عليه وجاز لباقي الرفقة .171
إن صاد حلال لمحرم صيداً حرُم عليه .172(4/8)
يجمع بين حديث الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ ( أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلا أَنَّا حُرُمٌ ) ، وحديث أَبِي قَتَادَةَ أنه قَالَ : ( انْطَلَقَتُ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُي وَلَمْ أُحْرِمْ فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِي تَضَحَّكَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ وَاسْتَعَنْتُ بِهِمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ .. وطَلَبْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ حِمَارَ وَحْشٍ وَعِنْدِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ فَقَالَ لِلْقَوْمِ : " كُلُوا " وَهُمْ مُحْرِمُونَ ) بأن الحلال إن صاد للمحرم حرم على المحرم ، أما إن صاده لنفسه وأطعم غيره جاز. 172
تزوج النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ ميمونة وهو حلال ، وميمونة ورافع أعلم من ابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَ ـ بحادثة الزواج لصغر سنه حين إذٍ ، أو يقال إن ابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ لم يعلم بزواج النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ إلا بعد أن أحرم ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ فظن أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ تزوجها وهو محرم بناءً على علمه ، وهذا الوجه قوي وواضح ولا إشكال فيه . 175
لا يصح عقد النكاح إن كان الزوج أو الزوجة أو وليها محرماً ؛ ولا فدية فيه ، ولابد من عقد جديد وينسب له الأولاد .177(4/9)
من جامع قبل التحلل الأول عليه خمسة أمور : الإثم ، وفساد النسك ، والمضي فيه ، وبدنة ـ تذبح في القضاء ـ ، وحج من قابل ، ويجب أن يجتنب كل المحظورات ويأتي بكل الواجبات في إحرامه الفاسد . 181
إن باشر قبل التحلل الأول فأنزل أثم ؛ وعليه فدية أذى . 186
المشهور من المذهب أن المرأة لا يجوز لها تغطية وجهها ، وذكروا قاعدة ( أن إحرام المرأة في وجهها ) وهي ضعيفة .188
الراجح أنه يجوز للرجل أن يغطي وجهه لأن لفظة " وَلا تُغَطُّوا وَجْهَهُ " في قصة الذي وقصته الناقة مختلف في صحتها ، وفيها نوع اضطراب ، ولذلك أعرض الفقهاء عنها ، وفي الصحيحين أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ قال : " ولا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ " . 188
مذهبنا في الفطر مذهب أبي سعيد الخدري ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ نصف صاع من كل الأنواع حيث قال أَبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ : " كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ وَمَمْلُوكٍ مِنْ ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ مُعَاوِيَةُ فَرَأَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ بُرٍّ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَأَمَّا أَنَا فَلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَذَلِكَ ) ولم يفرّق ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في حديث كعب ابن عجرة حيث قال : " أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ" . فعين المقدار نصف صاع وأطلق النوع سواءً أكان برا أو غيره ، وهو الصحيح خلافاً لمن فرّق .194(4/10)
لا يشترط التتابع لا في صيام المتعة ؛ ولا في صيام فدية الأذى ، خلافا لكفارة اليمين فيشترط لها التتابع لقراءة ابن مسعود ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ حيث كان يقرأ ( صيام ثلاثة أيام متتابعة ).195
الراجح أن الذي يُقَوّم المِثْل لا الصيد ، لأنه هو الواجب أصلاً فإذا كان الواجب فالواجب قيمته .197
لا يجوز إخراج قيمة المثل لظاهر النص"..أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ ..".198
من لم يستطع الهدي صام فإن لم يقدر سقط عنه ؛ لأن الله تعالى لم يذكر إلا الهدي والصيام فقط .199
الصحيح أنه يجب على المفرد طواف واحد ، وسعي واحد . 201
العبرة في الهدي بطلوع فجر يوم العيد ، فإن وجد الهدي في ذلك اليوم كان مستطيعاً ، وإلا فلا . 202
الذي يظهر لي من حديث ابن عمر وعائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَ ـ أن الصحابة كانوا يصومون الأيام الثلاثة في أيام التشريق لقولهما : ( لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ ) ، وصومها في أيام التشريق صوم لها في أيام الحج ، ولو ذهب ذاهب إلى أن الأفضل أن تصام الأيام الثلاثة في أيام التشريق لكان أقرب إلى الصواب . 207
لا يجب أن تكون الأيام الثلاثة والسبعة متتالية في الصيام . 207
نص الآية : " فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ " لا يقيد الرجوع بالرجوع إلى الأهل ولكن المفسرين فسروها بذلك ، وجاءت بذلك الأحاديث كحديث ابن عمر ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ الذي رواه البخاري أنه قال : قال رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ : " … فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ .. " ، ولكن مع ذلك قال بعض العلماء لو صام السبعة بعد الفراغ من أعمال الحج فلا بأس ، لأنه جاز له الرجوع إلى الأهل فجاز صومها . 209(4/11)
من أحصر فعليه الهدي عند الإحصار في مكانه الذي أحصر فيه ، أو في الحرم إن شاء ، ويحلق شعره . 210
إن لم يقدر المحصر علي الهدي فلا شيء عليه .213
لا يفسد حج من أكرهت على الجماع . 216
الركعتان خلف المقام واجبة ، ولا شيء على من تركها .217
الإضطباع واجب ، ولا شيء علي من تركه .217
من كرر محظوراً من نفس الجنس يفدي ، فإن أخر الفدية ليكرر عُمِلَ بنقيض قصده ؛ لئلا يتحايل على إسقاط واجب .219
من ترك رمي الجمرات فعليه دمٌ ، فإن لم يستطع فلا شيء عليه . 219
إن كرر الصيد يفدي كلاً على حدة . 220
الصحيح أن المحرم لا يجوز له رفض إحرامه ولو رفضه ؛ اللهم إلا أن يكون غير مكلف كالصغير إذا رفض إحرامه حل منه لأنه ليس أهلاً للوجوب ، ولا يسقط عن المحرم الواجب برفضه الإحرام . 221
تسقط الفدية عمن جامع ناسياً ، أو مكرهاً أو جاهلاً .225
تسقط الفدية عمن صاد ناسياً ، أو مكرهاً أو جاهلاً ؛ لأنه حق لله فلا يستوي فيه العمد وغيره ، وقوله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ " نص في الموضوع . 226
فاعل المحظور لا يخلو من أحد ثلاثة أقسام 229 ـ 231 :
أنه متعمد ولا عذر له فعليه الفدية والإثم كما سبق .
أنه متعمد لحاجة ؛كلبس المخيط من شدة البرد فهذا يفدي ولا أثم عليه .
أن يكون جاهلاً أو ناسيا أو مكرهاً فالصحيح أنه لا شيء عليه .
يجوز لرجال الأمن لبس المخيط لحفظ الأمن ، ويفدي احتياطاً .229
هدي التمتع هدي شكران فيأكل منه ، ويهدي لمن شاء ، ويتصدق على مساكين الحرم ولا تجزيء على غيرهم . 234(4/12)
الهدي الواجب لفعل محظور غير الصيد يجوز أن يكون في الحرم أو مكان فعل المحظور ، ودليل جوازه أن الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أمر كعب بن عجرة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أن يفدي بشاة في محل فعل المحظور . 234
مساكين الحرم داخل مكة أو خارجها في حدود الحرم سواءً كان من أهل الحرم أو الآفقيين .235
الصيام يصح في كل مكان ؛ ولكن لا يؤخره ؛ فإن فعل أثم ويجزيء . 239
من قتل الصيد وكان جزائه شاة ، فلا يجزئه سبع البدنة أو البقرة . 241
ليس في الدنيا حرم إلا مكة والمدينة والصحيح أن وادي وج ليس حرماً . 248
الصحيح أن الصيد إذا دخل به الإنسان من الحل فهو حلال لأنه ليس صيدا للحرم ، ولا يزيل اليد المشاهدة ، فقد كان الناس يشترون الظباء والأرانب في مكة من غير نكير في خلافة عبدالله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ . 249
الصحيح أن صيد البحر يجوز في الحرم إن وجد . 250
يجوز قطع شجر الإذخر ، ويستعمله أهل مكة في البيوت والقبور والحدادة . 252
لا حرج في أخذ الفقع فهو ليس بأشجار ولا حشيش .253
الحق أن من قطع شيئاً من الأشجار فإنه يأثم ولاشيء عليه ، وما ورد عن بعض الصحابة فهو من باب التعزير . 253
لو خرج شوك إلى طريق المارة لم يجز قطعه لقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ كما في البخاري : " وَلا يُعْضَدُ شَوْكُهَا " .254
لو نبت شجر في الطريق ولم يكن ثمة طريق آخر يمكن العدول به عنه جاز قطع الشجر للضرورة ، وإن لم يكن هناك ضرورة فالواجب عدول الطريق عنها . 254
لا حرج على من وطئ الحشيش بغير قصد فأتلفه ، وكذا الجراد فقتله . 255
الصحيح أن صيد المدينة يحرم ؛ ولا جزاء فيه ، إلا إن رأى الحاكم أن يعزره بأخذ سلبه أو تضمينه فلا بأس .256
يجوز الرعي بمكة والمدينة ؛ لأن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ كان معه الإبل ، ولم يرد عنه أنه كان يكمم أفواهها .257(4/13)
يختلف حرم المدينة عن حرم مكة بالأتي 257 :
أن حرم مكة ثابت بالنص والإجماع ، وحرم المدينة مختلف فيه .
أن صيد حرم مكة فيه الجزاء والإثم ، وصيد حرم المدينة فيه الإثم ولاجزاء فيه .
أن الإثم المترتب على صيد حرم مكة أعظم من الإثم المترتب على صيد حرم المدينة
أن حرم مكة يحرم فيه قطع الأشجار بأي حال من الأحوال إلا عند الضرورة ، وأما حرم المدينة فيجوز ما دعت الحاجة إليه .
الذي يظهر أنه يسن الدخول من أعلى مكة إن كان أرفق له . 264
يدخل من الباب ويقول ( بسم الله اللَّهُمَّ صلِّ على محمد اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ) وأما باقي الآثار فضعيفة لا يعمل بها .265
البداية قبل الحجر الأسود بدعة وتقدم بين يدي الرسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ . 269
من فاته الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى لا يقضى .279
قاعدة : مراعاة الفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى من مراعاة الفضيلة المتعلقة بزمانها أو مكانها .280
من شك في الطواف بنى على غلبة الظن كما في الصلاة .286
إن شك بعد الطواف فلا يرجع حتى يتيقن النقص .286
الراجح أنه لا يشترط على المحرم تعيين طوافه ما دام متلبساً بالنسك .288
إن أحرم بما أحرم به غيره صح منه ، على أن يحدده قبل الطواف .290
لا يصح الطواف على الشاذوران ، وقال شيخ الإسلام ـ يرحمه الله ـ بجوازه .291
لا يصح طواف عريان أو عليه ثياب رقاق .295
تحصل ركعتا الطواف إن كان قريباً من المقام أو بعيداً ، ويقرأ في الأولى الكافرون وفي الثانية الإخلاص كما عند مسلم . 302
بعد ركعتي الطواف يستلم الحجر الأسود إن أراد السعي ولا يقبله ولا يشير إليه . 304
يصح تقديم السعي على الطواف في الحج لا العمرة . 310
من انكشفت عورته ، أو كان ثوبه رقيقاً في السعي صح سعيه ؛ لأن الستر فيه سنة .311(4/14)
الموالاة في السعي شرطٌ ؛ لما ثبت أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ سعى سعيا متوالياً وقال : "خُذُوا عني مَنَاسِكَكُمْ " ؛ فإن فرق لحاجة صح سعيه . 312
إن ساق المتمتع الهدي لم يحلق .314
الأصح أن يقطع المحرم التلبية إذا شرع في الطواف . 314
يقطع الحاج التلبية إذا شرع في الرمي .315
العجب ممن قال يحرم من الميزاب ـ بل من مكانه ـ وهو مجتهد . 318
النزول في نمرة سنة ٌ.320
إذا زالت الشمس ركب المحرم من نمرة إلى عرفة .320
عرنة ليست من عرفة شرعاً ؛ وإن كانت منه تاريخياً .323
يقف المحرم راكبا أو قاعداً حسب ما يكون أخشع لقلبه .326
الأفضل أن يدعوا كلٌ لوحده ؛ فإن دعوا مجتمعين بأن يدعو أحدهم ويؤمن عليه فلا حرج ، وقد يكون أخشع لبعضهم .329
لا شك أن الوقوف بعد الزوال أحوط . 331
لو قيل أن المحرم إذا دفع قبل الغروب فعليه دمٌ مطلقاً إلا جاهل نبه فرجع ولو بعد الغروب لكان له وجه .334
يصلي العشائين في مزدلفة فإن صلاها في الطريق أجزأ خلافاً لابن حزم. 337
أحسن الأقوال أن الوقوف في مزدلفة واجب يجبر بدم .339
يدفع الناس من مزدلفة بعد غياب القمر لحديث أسماء ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت وَهِيَ عِنْدَ دَارِ الْمُزْدَلِفَةِ ( هَلْ غَابَ الْقَمَرُ ؟ قُلْتُ ـ أي مولاها ـ : لا ، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ : يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَتْ : ارْحَلْ بِي ، فَارْتَحَلْنَا ) وهو نصف الليل على الصحيح . 341
من وصل إلى مزدلفة في وقت صلاة النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ صح منه . 342
الأقرب للصواب أن من فاته الوقوف بمزدلفة مكرهاً لزحام ونحوه وقف ولو شيئاّ قليلاً ؛ ويصح منه ، وحكمه حكم الذين عذروا عن وقت الصلاة حتى خرج وقتها . 343
السنة في ليلة مزدلفة النوم ، وهو أفضل من إحيائها بالذكر .344(4/15)
الراجح أنه لا يجب على الأقوياء البقاء في مزدلفة للفجر خاصة مع شدة الزحام ، والأفضل البقاء حتى يسفر جداً . 345
خالف النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ المشركين فدفع قبل خروج الشمس وكانوا يدفعون بعدها .347
أسرع النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في محسر مخالفاً للمشركين حيث كانوا يقفون فيه ويذكرون مجد آبائهم .350
الذي يظهر لي من السنة أنه لا يستحب أخذ الحصى من مزدلفة بل من عند الجمرة لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه لقط الحصى للنبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ من عند الجمرة وهو يقول : " أَمْثَالَ هَؤُلاءِ فَارْمُوا " . 351
الصحيح أن غسل الحصى بدعة لأن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ لم يفعله .352
يأخذ الحصى كل يوم بيومه ، أكبر من الحمص ودون البندق .353
منى وعرفة ومزدلفة كلها مشاعر لا يجوز لأحد إن يبنى فيها بناءً ويؤجره فإن فعل فالناس معذورون في دفع الإيجار والإثم عليه وكذا مكة .354
لا يصح أن يضع الحصى في مرمى الجمرات ، ولا بد من الرمي والتتابع ، فإن رمى السبع حصيات مرة واحدة كانت عن حصى واحدة . 355
كسر الأسمنت إذا كان فيها حصى أجزأ الرمي بها . 357
الراجح أنه يجزيء الرمي بحجر مستعمل ، وهو الأرفق .359
رمى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ الجمرة من بطن الوادي ومكة عن شماله ومنى عن يمينه ، ويرميها المحرم حسب الأيسر له والأخشع لقلبه .360
يقصر من جميع شعره بحيث يظهر لمن رآه أنه مقصر ، لا من كل شعرة بعينها .362
تقصر المرأة مقدار أنمله من أطراف شعرها ، وهى ( 2 سم ) تقريبا . 363
الصحيح أنه يصح عقد النكاح بعد التحلل الأول ، وبه قال شيخ الإسلام .363
الصواب أنه لا يحل إلا بعد الرمي والحلق ، ولو قال قائل بأن من ساق الهدي يتوقف إحلاله على نحره أيضاً لكن له وجه . 365(4/16)
الذي يظهر لي أنه لا يجوز تأخير الحلق عن شهر ذي الحجة لأنه نسك لكن إن كان جاهلاً وجوب الحلق أو التقصير ثم علم فإننا نقول احلق أو قصر ولا شيء عليك فيما فعلت من المحظورات .367
الصواب أن لا يجوز تأخير طواف الإفاضة عن شهر ذي الحجة إلا من عذر ؛ كمرض لا يستطيع معه الطواف لا ماشياً ولا محمولاً ، أو امرأة نفست قبل أن تطوف الإفاضة ، أما إذا كان من غير عذر فإنه لا يحل له أن يؤخره ، بل يجب أن يبادر قبل أن ينتهي شهر ذي الحجة . 372
يجاب عن حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمْ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا يَعْنِي مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلا النِّسَاءَ فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا الْبَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ " أنه شاذ ، وقد تركت الأمة العمل به ، ومن انتهى من إحرامه فقد حل ؛ ولا يعود للإحرام إلا إذا عقد إحراماً جديداً ، أما مجرد عدم المبادرة بطواف الإفاضة فإنه لا يكون سبباً لعود التحريم بلا نية . 373
الصحيح أن المتمتع يلزمه سعي للحج كما يلزمه سعي للعمرة . 375
السنة للقارن والمفرد تقديم سعي الحج بعد طواف القدوم . 376
لا يصح الرمي قبل الزوال ، و يصح بليل . 385
الترتيب في الرمي واجب ، فإن أخطأ أعاد في أيام التشريق ، فإن انقضت فلا شيء عليه مع الجهل ؛ لعدم وجود دليل بوجوب الترتيب إلا مجرد الفعل وعموم قوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ : "خُذُوا عني مَنَاسِكَكُمْ " . 387
القول الصحيح أنه لا يجوز تأخير الرمي إلى آخر أيام التشريق إلا لعذر؛ كمن كانت داره بعيدةً ولا يستطيع القدوم كل يوم للرمي . 389(4/17)
إن أخر الرمي بغير عذر أو لعذر عن أيام التشريق ففدية ، على ما مشى عليه صاحب الزاد .390
من ترك ليلة من منى فعليه إطعام مسكين ، وإن ترك ليلتين فعليه إطعام مسكينين ، وإن ترك ثلاث ليال فعليه دم .390
الصحيح أن المبيت بمنى واجب ؛ لأن كلمة " رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للْعَبَّاسَ لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ " تدل على أن الأمر في ذلك سنة . 391
من سار خارجاً من منى فمنعه الزحام أو غيره من الخروج فأذن المغرب جاز له إكمل طريقه .393
من خرج من مكة إلى غير بلده كجدة أو الطائف ونوى الرجوع فلا يشترط له طواف ، وهذا التقييد تقييد حسن . 394
يجب طواف الوداع على من خرج من مكة إلى بلده . 394
لا حرج على من اشترى شيئاً أو باع بعد الطواف من غير اتجار ، والأفضل أن يكون قبل الطواف . 396
إن ترك الطواف غير حائض ولا نفساء رجع إليه إن كان دون مسافة القصر وإلا فدم .397
إن طهرت الحائض قبل مفارقة بنيان مكة وجب الرجوع وإلا فلا ولو داخل الحرم . 397
الراجح في حديث ابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ ( مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا ) أنه موقوف ونحن نفتي الناس بالدم ، وإن كان في النفس منه شيء . 399
الأقرب عندي إن أخر المتمتع طواف الزيارة إلى الوداع فيجعل السعي بعده ولا يقدمه . 400
فإن أخر طواف الإفاضة وجب أن ينوي الركن ويكفي عن الواجب ـ أي طواف الوادع ـ ، أو ينويهما معاً ، فإن نوى الوداع فقط لا يجزئه عن الإفاضة . 401
الالتزام لا بأس به من غير زحمة أو تضييق ، ومكانه بين ما بين الركن الذي فيه الحجر والباب . 403
لا ينبغي تكرار العمرة في السفر الواحد ، ولو في رمضان ، ومن فعله كان مخالفا لفعل السلف ، قال شيخ الإسلام ـ يرحمه الله ـ : ( وتكرار العمرة مخالف للسنة ويكره باتفاق السلف ) . 408(4/18)
أميل إلى أنه لا ينبغي أن يعتمر القارن عن واحد ويحج عن آخر ، و لا أقول بالتحريم .408
السعي ركنٌ من أركان الحج . 413
ليعلم أن المبيت في منى ليس بذلك المؤكد كالرمي مثلاً ؛ والدليل أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ أسقط المبيت عن الرعاة ولم يسقط الرمي عنهم . 422
لا يترك المبيت في مزدلفة أحد من الحجاج ؛ حتى من جاز لهم ترك المبيت في منى ، لأن المبيت في مزدلفة أوكد من المبيت في منى . 423
من لم يجد مكاناً في منى سكن عند آخر خيمة ولو خارجها ؛ ولا شيء عليه ، ولا يذهب إلى مكة .425
الراجح عندي أن طواف الوداع واجبٌ على المعتمر ، فإن اعتمر وخرج كفى . 430
من ذبح في الحل ووزع في الحرم من غير قصد وكان جاهلاً فالراجح عند النظر أنه لا يجزئه ، ولكن الأقرب أنه صح منه وينهى عن تكرار ذلك ، ومثل هذه الأمور التي ليس فيها نص والأمر قد انقضى فلا يشق على الناس فيها . 437
الذي نراه أن من ترك واجباً ذبح نسكاً ، فإن لم يستطع فلا شيء عليه ، ولا دليل لمن قال إنه يجب على من لم يستطع أن يهرق دماً صيام عشرة أيام ، وقياسه على التمتع قياس مع الفارق . 441
من أحصر في حج فرضٍ أو نفل قضى ، وذبح ، وحلق ، فإن كان قد اشترط فالقضاء فقط في الفرض ، والواجب كنذر مثلاً ؛ دون النفل .444
إن وقف الناس في عرفة خطأً صح ، لأن الهلال اسم لما اشتهر عند الناس ، ولأنهم فعلوا ما أمروا به ، ولأن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ قال :" فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلاثِينَ " وهؤلاء قد غم عليهم فأكملوا عدة ذي القعدة ثلاثين يوماً . 446
قاعدة : ( من فعل ما أمر به على وجه الأمر به فإنه لا يلزمه قضاء ) ، لأننا لو أمرناه أن يعيد لأوجبنا عليه العبادة مرتين .446(4/19)
الصحيح أن الإحصار يكون بعدو، وغيره من مرض وذهاب نفقة لعموم قوله تعالى " وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ". 451
مسائل الأضحية والعقيقة والهدي :
الأضحية واجبة على القادر ، ولا يستدين لها . 455
تكون الأضحية من الأحياء ويدخل فيها الأموات تبعا . 456
شروطها أن تكون من بهيمة الأنعام فإن كانت من الإبل فخمس سنين ، والبقر سنتان ، والمعز سنة ، والضأن ستة أشهر .460
تجزئ البدنة والبقرة عن سبعة في الهدي والأضحية ، أما العقيقة فلا تجزئ لأن العقيقة فداء نفس والفداء لابد فيه من التقابل والتكافؤ فتفدى نفس بنفس . 463
الأقرب أنه إن ذبح بدنة أو بقرة عن سبعة في العقيقة لم تصح من أي واحد منهم وله بيع لحمها والانتفاع به . 463
الشاة في العقيقة أفضل لفعله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ . 463
لا تجزئ العوراء والعجفاء والعرجاء والمريضة ، ولا حرج في الهتماء والخصي والجداء ، وتكره العضباء . 464
التسمية شرط في الذبيحة والصيد ، ولا يسقط جهلاً ولا نسياناً ، وهو اختيار شيخ الإسلام ـ يرحمه الله ـ . 484
أصح الأقوال أن أيام الذبح أربعة : يوم النحر وثلاثة أيام بعده . 499
الصواب أنه لا يكره الذبح بالليل . 503
إن أخر الذبح إلى أن دخل الليل في اليوم الرابع فإن كان تأخيره عن عمد فإنَّ القضاء لا ينفعه ، ولا يؤمر به وأما إن كان عن نسيان أو جهل أو هربت بهيمته ثم وجدها صحت منه .
هذا والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين والحمد لله على توفيقه(4/20)
تلخيص ما كتبه ابن القيم في مسائل الحج والعمرة
أولاً : من زاد المعاد في هدي خير العباد
الصحيح أن عمرة النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ الثانية سميت بالقضية لأن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ قاضا عليها أهل مكة .91
لا يناقض ما سبق ما في الصحيحين عن البراء بن عازب ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قال : ( اعتمر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في ذي القعدة قبل أن يحج مرتين ) ، لأنه أراد العمرة المفردة المستقلة التي تمت ولا ريب أنهما اثنتان فإن عمرة القران لم تكن مستقلة وعمرة الحديبية صُدَّ عنها وحيل بينه وبين إتمامها .92
لا تناقض بين حديث أنس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ أنهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته وبين قول عائشة وابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ :لم يعتمر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ إلا في ذي القعدة لأن مبدأ عمرة القران كان في ذي القعدة ونهايتها كان في ذي الحجة مع انقضاء الحج فعائشة وابن عباس أخبرا عن ابتدائها وأنس أخبر عن انقضائها . 92
فأما قول عبد الله بن عمر إن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ اعتمر أربعا إحداهن في رجب فوهم منه ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قالت عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهاُ ـ لما بلغها ذلك عنه : ( يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ عمرة قط إلا وهو شاهد وما اعتمر في رجب قط ) 93(5/1)
وأما ما رواه الدارقطني عن عائشة قالت خرجت مع رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت فقلت : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ وَأَفْطَرْتَ وَصُمْتُ فقَالَ : " أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ "(1) وَمَا عَابَ عَلَيَّ ، فهذا الحديث غلط فإن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لم يعتمر في رمضان قط ، وقد قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ لم يعتمر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ إلا في ذي القعدة رواه ابن ماجه وغيره . 93
لا خلاف أن عُمَرَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لم تزد على أربع فلو كان قد اعتمر في رجب لكانت خمسا ولو كان قد اعتمر في رمضان لكانت ستا إلا أن يقال بعضهن في رجب وبعضهن في رمضان وبعضهن في ذي القعدة وهذا لم يقع وإنما الواقع اعتماره في ذي القعدة كما قال أنس ؛ وابن عباس ؛ وعائشة ـ رضي الله عنهم ـ وقد روى أبو داود في سننه عن عائشة أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ اعتمر في شوال وهذا إذا كان محفوظا فلعلَّه في عمرة الجِعْرَانَةِ حين خرج في شوال ولكن إنما أحرم بها في ذي العقدة . 93
لم يكن في عُمُرِهِ عُمْرَةٌ واحدة خارجا من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم وإنما كانت عُمَرُهُ كلها داخلا إلى مكة ، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجاً من مكة في تلك المدة أصلاً . 94
عمر النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ كلها كانت في أشهر الحج مخالفة لهدي المشركين فإنهم كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج ، ويقولون هي من أفجر الفجور وهذا دليل على أن الأعتمار في أشهر الحج أفضل منه في رجب بلا شك . 95
__________
(1) رواه ابن النسائي كتاب : تقصير الصلاة في السفر باب : المقام الذي يقصر بمثله الصلاة برقم 1456 ترقم أبو غدة(5/2)
المفاضلة بين الاعتمار في أشهر الحج وبين الاعتمار في رمضان موضع نظر فقد صح عنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أنه أمر أم معقل لما فاتها الحج معه أن تعتمر في رمضان وأخبرها أن عمرة في رمضان تعدل حجة ، وأيضا فقد اجتمع في عمرة رمضان أفضل الزمان وأفضل البقاع ، ولكن الله لم يكن ليختار لنبيه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في عُمَرِهِ إلا أولى الأوقات وأحقها بها فكانت العمرة في أشهر الحج نظير وقوع الحج في أشهره وهذه الأشهر قد خصها الله تعالى بهذه العبادة وجعلها وقتا لها والعمرة حج أصغر فأولى الأزمنة بها أشهر الحج وذو العقدة أوسطها وهذا مما نستخير الله فيه ، فمن كان عنده فضل علم فليرشد إليه . 95
لم يحفظ عنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أنه اعتمر في السنة إلا مرة واحدة ولم يعتمر في سنة مرتين . 97
وقع الخلاف في حكم تكرار العمرة أكثر من مرة في العام الواحد فمنعه بعضهم ؛ ولا أرى أن يمنع أحد من التقرب إلى الله بشيء من الطاعات ولا من الازدياد من الخير في موضع ، ولم يأت بالمنع منه نص ، وقد صح عن بعض الصحابة أنه كرر العمرة في أكثر من مرة في العام . 98
معنى قوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ لعائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهاُ ـ " ارْفُضِي عُمْرَتَكِ " اتركي أفعالها والاقتصار عليها وكوني في حجة معها ويتعين أن يكون هذا هو المراد بقوله : " حللت منهما جميعا " لما قضت أعمال الحج وقوله : " يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ " فهذا صريح في أن إحرام العمرة لم يرفض وإنما رفضت أعمالها والاقتصار عليها وأنها بانقضاء حجها انقضى حجها وعمرتها . 99
لا خلاف أنه لم يحج بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع ولا خلاف أنها كانت سنة عشر . 101(5/3)
حديث الترمذي أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ حج قبل الهجرة قال عنه البخاري ـ يرحمه الله ـ : ( لا يعد هذا الحديث محفوظا ) . 101
فرض الحج تأخر إلى سنة تسع أو عشر . 101
قوله تعالى : " وأتموا الحج والعمرة لله " ليس فيه فرضية الحج ، وإنما فيه الأمر بإتمامه وإتمام العمرة بعد الشروع فيهما ، وذلك لا يقتضي وجوب الابتداء . 101
خرج النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ إلى حجة الوداع من المدينة نهاراً بعد الظهر ، لست بقين من ذي القعدة ، بعد أن صلى الظهر بها أربعا ، وخطبهم قبل ذلك خطبة علمهم فيها الإحرام وواجباته وسننه ، والظاهر أن خروجه كان يوم السبت . 102
قلد النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ قبل الإحرام بدنه نعلين وأشعرها في جانبها الأيمن فشق صفحة سنامها وسلت الدم عنها . 107
أحرم النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ قارنا ، وإنما قلنا ذلك لبضعة وعشرين حديثا صحيحة صريحة في ذلك .107
غَلِطَ في عُمَرِ النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ خمس طوائف :
إحداها : من قال إنه اعتمر في رجب وهذا غلط فإن عُمَرَهُ مضبوطة محفوظة لم يخرج في رجب إلى شيء منها البتة .
الثانية : من قال إنه اعتمر في شوال وهذا أيضا وهم .
الثالثة : من قال إنه اعتمر من التنعيم بعد حجه وهذا لم يقله أحد من أهل العلم وإنما يظنه العوام ومن لا خبرة له بالسنة .
الرابعة : من قال إنه لم يعتمر في حجته أصلا والسنة الصحيحة المستفيضة التي لا يمكن ردها تبطل هذا القول .
الخامسة : من قال إنه اعتمر عمرة حل منها ثم أحرم بعدها بالحج من مكة والأحاديث الصحيحة تبطل هذا القول وترده . 122
وهم في حج النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ خمس طوائف :
الطائفة الأولى : التي قالت حج حجا مفردا لم يعتمر معه .(5/4)
الثانية : من قال حج متمتعا تمتعا حل منه ثم أحرم بعده بالحج .
الثالثة : من قال حج متمتعا تمتعا لم يحل منه لأجل سوق الهدي ولم يكن قارنا كما قاله أبو محمد ابن قدامة صاحب المغني وغيره(1) .
الرابعة : من قال حجَّ قارنًا قِرانًا طاف له طوافين (2)وسعى له سعيين .
الخامسة : من قال حجَّ حجا مفردا واعتمر بعده من التنعيم . 123
غَلِطَ في إحرام النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ خمس طوائف :
إحداها : من قال لبى بالعمرة وحدها واستمر عليها .
الثانية : من قال لبى بالحج وحده واستمر عليه .
الثالثة : من قال لبى بالحج مفردا ثم أدخل عليه العمرة وزعم أن ذلك خاص به .
الرابعة : من قال لبى بالعمرة وحدها ثم أدخل عليها الحج في ثاني الحال .
الخامسة : من قال أحرم إحراما مطلقا لم يعين فيه نسكا ثم عينه بعد إحرامه . 123
الصواب أنه أحرم بالذذ والعمرة معا من حين أنشأ الإحرام ولم يحل حتى حل منهما جميعا فطاف لهما طوافا واحدا وسعى لهما سعيا واحدا وساق الهدي كما دلت عليه النصوص المستفيضة التي تواترت تواترا يعلمه أهل الحديث والله أعلم . 124
فحصل الترجيح لرواية من روى القران لوجوه عشرة(3) وهي :
إحدها : أن من روى أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ كان قارناً أكثر ممن روى غير ذلك .
الثاني : أن طرق الإخبار بذلك تنوعت .
الثالث : أن فيهم من أخبر عن سماعه ولفظه صريحا ، وفيهم من أخبر عن إخباره عن نفسه بأنه فعل ذلك ، وفيهم من اخبر عن أمر ربه له بذلك ، ولم يجئ شيء من ذلك في الإفراد .
الرابع : تصديق روايات من روى أنه اعتمر أربع عُمَرِ لها .
الخامس : أنها صريحة لا تحتمل التأويل بخلاف روايات الإفراد .
السادس : أنها متضمنة زيادة سكت عنها أهل الإفراد أو نفوها والذاكر الزائد مقدم على الساكت والمثبت مقدم على النافي .
__________
(1) راجع مسألة رقم 201 .
(3) أوصلها الشيخ ـ رحمه الله ـ إلى خمسة عشر ترجيح .(5/5)
السابع : أن رواه الإفراد أربعة : عائشة وابن عمر وجابر وابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَ ـ والأربعة رووا القران فإن صرنا إلى تساقط رواياتهم سلمت رواية من عداهم للقران عن معارض وإن صرنا إلى الترجيح وجب الأخذ برواية من لم تضطرب الرواية عنه ولا اختلف كالبراء وأنس وعمر بن الخطاب وعمران بن حصين وحفصة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَ ـ وغيرهم من الصحابة .
الثامن : أنه النسك الذي أمر به من ربه فلم يكن ليعدل عنه .
التاسع : أنه النسك الذي أمر بن كل من ساق الهدي فلم يكن ليأمرهم به إذا ساقوا الهدي ثم يسوق هو الهدي ويخالفه .
العاشر : أنه النسك الذي أمر به آله وأهل بيته واختاره لهم ولم يكن ليختار لهم إلا ما اختار لنفسه .
حادي عشر : قوله دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة وهذا يقتضي أنها قد صارت جزءا منه أو كالجزء الداخل فيه بحيث لا يفصل بينها وبينه وإنما تكون مع الحج كما يكون الداخل في الشيء معه .
ثاني عشر : قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه للصبي ابن معبد وقد أهل بحج وعمرة فأنكر عليه زيد بن صوحان أو سلمان ابن ربيعة فقال له عمر هديت لسنة نبيك محمد ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ .
ثالث عشر : أن القارن تقع أعماله عن كل من النسكين فيقع إحرامه وطوافه وسعيه عنهما معا وذلك أكمل من وقوعه عن أحدهما وعمل كل فعل على حدة .
رابع عشر : أن النسك الذي اشتمل على سوق الهدي أفضل بلا ريب من نسك خلا عن الهدي خامس عشر : أنه قد ثبت أن التمتع أفضل من الإفراد ، والقارن السائق أفضل من متمتع لم يسق ، ومن متمتع ساق الهدي لأنه قد ساق من حين أحرم والمتمتع إنما يسوق الهدي من أدنى الحل فكيف يجعل مفرد لم يسق هديا أفضل من متمتع ساقه من أدنى الحل فكيف إذا جعل أفضل من قارن ساقه من الميقات وهذا بحمد الله واضح. 133
التمتع أفضل من القران لوجوه كثيرة منها :(5/6)
أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ أمرهم بفسخ الحج إليه ومحال أن ينقلهم من الفاضل إلى المفضول الذي هو دونه .
ومنها أنه تأسف على كونه لم يفعله بقوله : " لو استقبلت من امري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة " .
ومنها أنه أمر به كل من لم يسق الهدي .
ومنها أن الحج الذي استقر عليه فعله وفعل أصحابه القران لمن ساق الهدي والتمتع لمن لم يسق الهدي .135
الجواب على حديث معاوية ( أنه قص شعر النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ بمشص على المروة وذلك في حجته ) : هذا مما أنكره الناس على معاوية وغلطوه فيه ، فإن سائر الأحاديث الصحيحة المستفيضة من الوجوه المتعددة كلها تدل على انه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لم يحل من إحرامه إلا يوم النحر ، وأخبر عنه به الجم الغفير أنه لم يأخذ من شعره شيئا لا بتقصير ولا حلق ؛ وأنه بقي على إحرامه حتى حلق يوم النحر ، ولعل معاوية قصر عن رأسه في عمره الجعرانة ، فإنه كأن حينئذ قد أسلم ثم نسي فظن أن ذلك كان في العشر ، وقيل هذا الإسناد إلى معاوية وقع فيه غلط وخطأ أخطأ فيه الحسن بن علي فجعله عن معمر عن ابن طاووس وإنما هو عن هشام بن حجير عن ابن طاووس وهشام ضعيف . 136
أهل النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في مصلاه ثم ركب على ناقته وأهل أيضا ثم أهل لما استقلت به على البيداء . 158
ولدت أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ بذي الحليفة محمد بن أبى بكر فأمرها رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم وتهل وكان في قصتها ثلاث سنن ؛ إحداها : غسل المحرم ، والثانية : أن الحائض تغتسل لإحرامها ، والثالثة : أن الإحرام يصح من الحائض . 160(5/7)
لما وصل النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ ومن معه الروحاء رأى حمار وحش عقيرا فقال : " دعوه فإنه يوشك أن يأتي صاحبه إلى رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ فقال يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار فأمر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أبا بكر فقسمه بين الرفاق ، وفي هذا دليل على جواز أكل المحرم من صيد الحلال إذا لم يصده لأجله ، وأما كون صاحبه لم يحرم فلعله لم يمر بذي الحليفة فهو كأبي قتادة في قصته . 161
لما وصل النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ ومن معه الأثاية بين الرويثة والعرج إذا ظبي حاقف في ظل فيه سهم فأمر رجلا أن يقف عنده لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزوا . والفرق بين قصة الظبي وقصة الحمار أن الذي صاد الحمار كان حلالا فلم يمنع من أكله وهذا لم يعلم أنه حلال وهم محرمون فلم يأذن لهم في أكله ووكل من يقف عنده لئلا يأخذه أحد حتى يجاوزوه وفيه دليل على أن قتل المحرم للصيد يجعله بمنزلة الميتة في عدم الحل إذ لو كان حلالا لم تضع ماليته .162
وقع خلاف حول ما أهداه الصعب بن جثاثة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ في كون الذي أهداه حيا أو لحما فرواية من روى لحما أولى لثلاثة أوجه :
أحدها : أن راويها قد حفظها وضبط الواقعة حتى ضبطها أنه يقطر دما وهذا يدل على حفظه للقصة حتى لهذا الأمر الذي لا يؤبه له .
الثاني : أن هذا صريح في كونه بعض الحمار وأنه لحم منه فلا يناقض قوله : أهدى له حمارا بل يمكن حمله على رواية من روى لحما ، تسمية للحم باسم الحيوان ؛ وهذا مما لا تأباه اللغة .
الثالث : أن سائر الروايات متفقة على أنه بعض من أبعاضه وإنما اختلفوا في ذلك البعض هل هو عجزه أو شقه أو رجله أو لحم منه . 164(5/8)
نصوص السنة صريحة أن عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا ـ كانت في حج وعمرة لا في حج مفرد ، وصريحة في أن القارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد ، وصريحة في أنها لم ترفض إحرام العمرة بل بقيت في إحرامها كما هي لم تحل منه ، وفي بعض ألفاظ الحديث : " كوني في عمرتك فعسى الله أن يرزقكيها " ولا يناقض هذا قوله "دعي عمرتك" فلو كان المراد به رفضهات وتركها لما قال " لها يسعك طوافك لحجك وعمرتك " فعلم أن المراد دعي أعمالها ليس المراد به رفض إحرامها . 169
أما قوله انقضي رأسك وامتشطي فهذا مما أعضل على الناس ولهم فيه أربعة مسالك :
أحدها : أنه دليل على رفض العمرة كما قالت الحنفية .
المسلك الثاني : أنه دليل على أنه يجوز للمحرم أن يمشط رأسه ولا دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع على منعه من ذلك ولا تحريمه .
المسلك الثالث : تعليل هذه اللفظة وردها بأن عروة انفرد بها وخالف بها سائر الرواة وقد روى حديثها طاووس والقاسم والأسود وغيرهم فلم يذكر أحد منهم هذه اللفظة قالوا وقد روى حماد ابن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة حديث حيضها في الحج فقال فيه حدثني غير واحد أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ قال لها : " دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي " وذكر تمام الحديث قالوا : فهذا يدل على أن عروة لم يسمع هذه الزيادة من عائشة .
المسلك الرابع : أن قوله "دعي العمرة "أي دعيها بحالها لا تخرجي منها . 169
الصواب أن عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا ـ أحرمت بعمرة مفردة . 170
للناس في العمرة التي أتت بها عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا ـ من التنعيم أربعة مسالك :
احدها : أنها كانت زيادة تطييبا لقلبها وجبرا لها وإلا فطوافها وسعيها وقع عن حجها وعمرتها وكانت متمتعة ثم أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة وهذا أصح الأقوال والأحاديث لا تدل على غيره .(5/9)
المسلك الثاني : أنها لما حاضت أمرها أن ترفض عمرتها وتنتقل عنها إلى حج مفرد فلما حلت من الحج أمرها أن تعتمر قضاء لعمرتها التي أحرمت بها أولا .
المسلك الثالث : أنها لما قرنت لم يكن بد من أن تأتي بعمرة مفردة لأن عمرة القارن لا تجزىء عن عمرة الإسلام .
المسلك الرابع : أنها كانت مفردة وإنما امتنعت من طواف القدوم لأجل الحيض واستمرت على الإفراد حتى طهرت وقضت الحج هذه العمرة هي عمرة الإسلام ، ولا يخفى ما في هذا المسلك من الضعف بل هو أضعف المسالك في الحديث . 174
وحديث عائشة هذا يؤخذ منه أصول عظيمة من أصول المناسك :
أحدها : اكتفاء القارن بطواف واحد وسعي واحد
الثاني : سقوط طواف عن الحائض كما أن حديث صفية زوج النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أصل في سقوط طواف الوداع عنها .
الثالث : أن إدخل الحج على العمرة للحائض جائز كما يجوز للطاهر وأولى لأنها معذورة محتاجة إلى ذلك .
الرابع : أن الحائض تفعل أفعال الحج كلها إلا أنها لا تطوف بالبيت .
الخامس : أن التنعيم من الحل .
السادس : جواز عمرتين في سنة واحدة بل في شهر واحد .
السابع : أن المشروع في حق المتمتع إذا لم يأمن الفوات أن يدخل الحج على العمرة وحديث عائشة أصل فيه .
حاضة عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا ـ بسرف بلا ريب ، واختلف في موضع طهرها فقيل بعرفة هكذا روى مجاهد عنها ؛ واتفق القاسم وعروة على أنها كانت يوم عرفة حائضا وأنها طهرت يوم النحر وهما أقرب الناس منها . 176(5/10)
روى عنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ الأمر بفسخ الحج إلى العمرة أربعة عشر من أصحابه وأحاديثهم كلها صحاح ؛ وهم : عائشة وحفصة أما ألمؤمنين ، وعلي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ وأسماء بنت أبي بكر الصديق وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري والبراء ابن عازب وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن عباس وسبرة بن معبد الجهني وسراقة بن مالك المدلجي رضي الله عنهم . 178
عمر ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ لم ينه عن المتعة البتة ، وإنما قال : إن أتم لحجكم وعمرتكم أن تفصلوا بينهما ، فاختار عمر لهما أفضل الأمور وهو إفراد كل واحد منهما بسفر ينشئه له من بلده ، وهذا أفضل من القران والتمتع الخاص بدون سفرة أخرى .209
أما قول من قال إن التمتع نسك مجبور بالهدي فكلام باطل من وجوه :
أحدها : أن الهدى في التمتع عبادة مقصودة وهو من تمام النسك وهو دم شكران لادم جبران ، فإنه ما تقرب إلى الله في ذلك اليوم بمثل إراقة دم سائل .
الوجه الثاني : أنه لو كان دم جبران لما جاز الأكل منه وقد ثبت عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أنه أكل من هديه .
الوجه الثالث : أن سبب الجبران محظور في الأصل فلا يجوز الإقدام عليه إلا لعذر فإنه إما ترك واجب أو فعل محظور والتمتع مأمور به إما أمر إيجاب عند طائفة كابن عباس وغيره أو أمر استحباب عند الأكثرين فلو كان دمه دم جبران لم يجز الإقدام على سببه بغير عذر فبطل قولهم إنه دم جبران وعلم أنه دم نسك .222
قال تعالى : فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير .هاهنا والله أعلم أمر النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر امتثالا لأمر ربه بالأكل ليعم به جميع هديه . 222(5/11)
وذكر الطبراني أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ كان إذا نظر إلى البيت قال " اللهم زد بيتك هذا تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وروي عنه أنه كان عند رؤيته يرفع يديه ويكبر ويقول اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من حجة أو اعتمره تكريما وتشريفا وتعظيما وبرا " ، وهو مرسل ، ولكن سمع هذا سعيد بن المسيب من عمر بن الخطاب ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ يقوله(1) . 224
لما دخل النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ المسجد عمد إلى البيت ؛ ولم يركع تحية المسجد ؛ فإن تحية المسجد الحرام الطواف ، فلما حاذى الحجر الأسود استلمه ، ولم يزاحم عليه ، ولم يتقدم عنه إلى جهة الركن اليماني ، ولم يرفع يديه .225
لم يقل النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ نويت بطوافي هذا الأسبوع كذا وكذا ولا افتتحه بالتكبير كما يفعله من لا علم عنده بل هو من البدع المنكرات . 225
ولا حاذى الحجر الأسود بجميع بدنه ؟؟؟؟؟.ثم انفتل عنه وجعله على شقه بل استقبله واستلمه ثم أخذ عن يمينه وجعل البيت عن يساره . 225
لم يدع عند الباب بدعاء ولا تحت الميزاب ولا عند ظهر الكعبة وأركانها ، ولا وقت للطواف ذكرا معينا لا بفعله ولا بتعليمه بل حفظ عنه بين الركنين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . 225
رمل النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ في طوافه هذا الثلاثة الأشواط الأول وكان يسرع في مشيه ويقارب بين خطاه ، واضطبع بردائه فجعل طرفيه على أحد كتفيه وأبدى كتفه الأخرى ومنكبه .225
كلما حاذى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ الحجر الأسود أشار إليه ، أو استلمه بمحجنه وقبل المحجن ـ والمحجن عصا محنية الرأس ـ . 225
__________
(1) قال المحقق : أخرجه البيهقي ؛ وسنده حسن .(5/12)
ثبت عنه أنه استلم الركن اليماني ولم يثبت عنه أنه قبله ولا قبل يده عند استلامه . 225
روى الدارقطني عن ابن عباس كان رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه وفيه عبدالله بن مسلم بن هرمز . 225
لما انتهى من الطواف صلى ركعتين عند المقام ، فلما فرغ من صلاته أقبل إلى الحجر الأسود . 227
روي عند مسلم روايتين إحدهما تدل على أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ سعى راكباً و الأخرى على أنه سعى ماشيا ، قال ابن حزم : لا تعارض بينهما لأن الراكب إذا انصب به بعيره فقد انصب كله وانصبت قدماه أيضا مع سائر جسده . وعندي في الجمع بينهما وجه آخر أحسن من هذا وهو : أنه سعى ماشيا أولا ثم أتم سعيه راكبا . 228
أما طوافه بالبيت عند قدومه فاختلف فيه هل كان على قدميه أو كان راكبا ، فذكرت عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا ـ أنه طاف على بعيره وحكى جابر أنه رمل ، والرمل لا يكون إلا ملاشياً وقول عائشة ـ والله أعلم ـ في طواف الإفاضة . 230
قال ابن حزم : ( وطاف ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بين الصفا والمروة أيضا سبعا راكبا على بعيره يخب ثلاثا ويمشي أربعا ) وهذا من أوهامه وغلطه رحمه الله فإن أحدا لم يقل هذا قط غيره ولا رواه أحد عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ البتة ، وسألت شيخنا عنه فقال : هذا من أغلاطه وهو لم يحج رحمه الله تعالى . 231
أقام بظاهر مكة أربعة أيام يقصر الصلاة يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء . 232
سار النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ إلى عرفة وكان من أصحابه الملبي ومنهم المكبر وهو يسمع ذلك ولا ينكر على هؤلاء ولا على هؤلاء . 233(5/13)
قال ابن حزم : ( وأرسلت إليه أم الفضل بنت الحارث الهلالية وهي أم عبد الله بن عباس بقدح لبن فشربه أمام الناس وهو على بعيره فلما أتم الخطبة أمر بلالا فأقام الصلاة ) وهذا من وهمه رحمه الله فإن قصة شربه اللبن إنما كانت بعد هذا حين سار إلى عرفة ووقف بها هكذا جاء في الصحيحين مصرحا به عن ميمونة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا ـ أن الناس شكوا في صيام النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ يوم عرفة فأرسلت إليه بحلاب وهو واقف في الموقف فشرب منه والناس ينظرون ؛ وفي لفظ وهو واقف بعرفة . 234
لما أتم النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ الخطبة صلى الظهر والعصر ركعتين ومعه أهل مكة وصلوا بصلاته قصرا وجمعا بلا ريب ولم يأمرهم بالإتمام ولا بترك الجمع ومن قال إنه قال لهم : " أتمُّوا صَلاتَكُم فإنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ " فقد غلط فيه غلطا بينا ووهم وهما قبيحا وإنما قال لهم ذلك في غزاة الفتح بجوف مكة حيث كانوا في ديارهم مقيمين. 234
أصح أقوال العلماء أن أهل مكة يقصرون ويجمعون بعرفة كما فعلوا مع النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ، وفي هذا أوضح دليل على أن سفر القصر لا يتحدد بمسافة معلومة ولا بأيام معلومة ولا تأثير للنسك في قصر الصلاة البتة وإنما التأثير لما جعله الله سببا وهو السفر هذا مقتضى السنة ولا وجه لما ذهب إليه المحددون . 235
في عرفة سقط رجل من المسلمين عن راحلته وهو محرم فمات فأمر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أن يكفن في ثوبيه ولا يمس بطيب وأن يغسل بماء وسدر ولا يغطى رأسه ولا وجهه وأخبر أن الله تعالى يبعثه يوم القيامة يلبي وفي هذه القصة اثنا عشر حكما :
الأول : وجوب غسل الميت لأمر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ به .
الحكم الثاني : أنه لا ينجس الموت لأنه لو نجس بالموت لم يزده غسله إلا نجاسة .(5/14)
الحكم الثالث : أن المشروع في حق الميت أن يغسل بماء وسدر لا يقتصر به على الماء وحده .
الحكم الرابع : أن تغير الماء بالطاهرات لا يسلبه طهوريته كما هو مذهب الجمهور وهو أنص الروايتين عن أحمد .
الحكم الخامس : إباحة الغسل للمحرم .
الحكم السادس : أن المحرم غير ممنوع من الماء والسدر .
الحكم السابع : أن الكفن مقدم على الميراث وعلى الدين لأن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أمر أن يكفن في ثوبيه ولم يسأل عن وارثه ولا عن دين عليه .
الحكم الثامن : جواز الاقتصار في الكفن على ثوبين وهما إزار ورداء ، وهو الصحيح .
الحكم التاسع : أن المحرم ممنوع من الطيب لأن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ نهى أن يمس طيبا مع شهادته له أنه يبعث ملبيا وهذا هو الأصل في منع المحرم من الطيب .
الحكم العاشر : أن المحرم ممنوع من تغطية رأسه .
الحكم الحادي عشر : منع المحرم من تغطية وجهه .
الحكم الثاني عشر : بقاء الإحرام بعد الموت وأنه لا ينقطع به . 238
الصحيح أنه لا بأس به فقد فعله عمر بن الخطاب وابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَ ـ . 240
الصواب جواز الماء والسدر للمحرم للنص ـ أي حديث الذي وقصته الناقة ـ ولم يحرم الله ورسوله على المحرم إزالة الشعث بالاغتسال ولا قتل القمل وليس السدر من الطيب في شيء . 240
الصحيح أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ صلى المغرب والعشاء في مزدلفة بأذان وإقامتين كما فعل بعرفة . 247
لم يحي النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ لليلة مزدلفة ، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء . 247(5/15)
حديث عائشة رضي الله عنها أرسل رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ تعني عندها رواه أبو داود فحديث منكر أنكره الإمام أحمد وغيره ومما يدل على إنكاره أن فيه أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أمرها أن توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة وفي رواية توافيه بمكة وكان يومها فأحب أن توافيه وهذا من المحال قطعا . 249
الذي دلت عليه السنة إنما هو التعجيل من مزدلفة بعد غيبوبة القمر لا نصف الليل وليس مع من حده بالنصف دليل والله أعلم . 252
صلى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ الفجر بعدما طلع في أول الوقت لا قبله قطعاً ، بأذان وإقامة ، يوم النحر ؛ وهو يوم العيد ؛ وهو يوم الحج الأكبر ، وهو يوم الأذان ببراءة الله ورسوله من كل مشرك . 252
احتج من ذهب إلى أن الوقوف بمزدلفة والمبيت بها ركن كعرفة بحديث عروة بن مضرس ؛ وهو مذهب اثنين من الصحابة ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما .253
أمر ابن عباس وهو في طريقه إلى منى أن يلقط له حصى الجمار سبع حصيات ، ولم يكسرها من الجبل تلك الليلة كما يفعل من لا علم عنده ولا التقطها بالليل . 254
لما أتى بطن محِّسر حرك ناقته وأسرع السير وهذه كانت عادته في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه فإن هنالك أصاب أصحاب الفيل ما قص الله علينا ولذلك سمي ذلك الوادي وادي محسر لأن الفيل حسر فيه أي أعيى وانقطع عن الذهاب إلى مكة وكذلك فعل في سلوكه الحجر ديار ثمود فإنه تقنع بثوبه وأسرع السير . 256(5/16)
محِّسر برزخ بين منة وبين مزدلفة لا من هذه ولا من هذه وعرنة برزخ بين عرفة والمشعر الحرام فبين كل مشعرين برزخ ليس منهما فمنى من الحرم وهي مشعر ومحسر من الحرم وليس بمشعر ومزدلفة حرم ومشعر وعرنة ليست مشعرا وهي من الحل وعرفة حل ومشعر . 256
لما أتى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ جمرة العقبة وقف في أسفل الوادي وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه واستقبل الجمرة وهو على راحلته فرماها راكبا بعد طلوع الشمس واحدة بعد واحدة يكبر مع كل حصاة وحينئذ قطع التلبية . 256
رمى بلال وأسامة معه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ أحدهما آخذ بخطام ناقته والآخر يظلله بثوب من الحر ، وفي هذا دليل على جواز استظلال المحرم بالمحمل ونحو إن كانت قصة هذا الإظلال يوم النحر ثابتة وإن كانت بعده في أيام منى فلا حجة فيها وليس في الحديث بيان في أي زمن كانت والله أعلم . 257
كان الناس يأتون النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ فمن قائل يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو قدمت شيئا أو أخرت شيئا فكان يقول " لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذي حرج وهلك " وقوله سعيت قبل أن أطوف في هذا الحديث ليس بمحفوظ والمحفوظ تقديم الرمي والنحر والحلق بعضها على بعض . 259
ثم نحر ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ ثلاثا وستين بدنة بيده وكان ينحرها قائمة معقولة يدها اليسرى وكان عدد هذا الذي نحره عدد سني عمره ، ثم أمسك وأمر عليا أن ينحر ما غبر من المائة ثم أمر عليا رضي الله عنه أن يتصدق بجلالها ولحومها وجلودها في المساكين وأمره أن لا يعطي الجزار في جزارتها شيئا منها وقال نحن نعطيه من عندنا وقال من شاء اقتطع .259(5/17)
إن قيل فكيف تصنعون بالحديث الذي في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال : ( صلى رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ الظهر بالمدينة أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين فبات بها فلما أصبح ركب راحلته فجعل يهلل ويسبح فلما علا على البيداء لبى بهما جميعا فلما دخل مكة أمرهم أن يحلوا ونحر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بيده سبع بدن قياما وضحى بالمدينة كبشين أملحين ) ؟ .
فالجواب أنه لا تعارض بين الحديثين قال أبو محمد ابن حزم : ( مخرج حديث أنس على أحد وجوه ثلاثة :
أحدها : أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لم ينحر بيده أكثر من سبع بدن كما قال أنس وأنه أمر من ينحر ما بعد ذلك إلى تمام ثلاث وستين ثم زال عن ذلك المكان وأمر عليا رضي الله عنه فنحر ما بقي .
الثاني : أن يكون أنس لم يشاهد إلا نحره ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ سبعا فقط بيده وشاهد جابر تمام نحره ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ للباقي فأخبر كل منهما بما رأى وشاهد .
الثالث : أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ نحر بيده منفردا سبع بدن كما قال أنس ثم أخذ هو وعلي الحربة معا فنحرا كذلك تمام ثلاث وستين كما قال غرفة بن الحارث الكندي أنه شاهد النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ يومئذ قد أخذ بأعلى الحربة وأمر عليا فأخذ بأسفلها ونحرا بها البدن ثم انفرد علي بنحر الباقي من المائة كما قال جابر والله أعلم ) . 260(5/18)
إن قيل كيف تصنعون بالحديث الذي وراه الإمام أحمد وأبو داود عن علي قال : ( لما نحر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بدنه فنحر ثلاثين بيده وأمرني فنحرت سائرها ) ؟ . قلنا : هذا غلط انقلب على الرواي فإن الذي نحر ثلاثين هو علي فإن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ نحر سبعا بيده لم يشاهده علي ولا جابر ثم نحر ثلاثا وستين أخرى فبقي من المائة ثلاثون فنحرها علي فانقلب على الراوي عدد ما نحره علي بما نحره النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ . 260
إن قيل فما تصنعون بحديث عبدالله بن قرط عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ " قال إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر وهو اليوم الثاني " قال وقرب لرسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بدنات خمس فطفقن يزدلفن إليه بأيتهن يبدأ فلما وجبت جنوبها قال فتكلم بكلمة خفية لم أفهمها فقلت ما قال قال من " شاء اقتطع " قيل نقبله ونصدقه فإن المائة لم تقرب إليه جملة وإنما كانت تقرب إليه أرسالا فقرب منهن إليه خمس بدنات رسلا وكان ذلك الرسل يبادرن ويتقربن إليه ليبدأ بكل واحدة منهن . 261(5/19)
إن قيل فما تصنعون بالحديث الذي في الصحيحين من حديث أبي بكرة في خطبة النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ يوم النحر بمنى وقال في آخره: ( ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا ) لفظه لمسلم ؟ . ففي هذا أن ذبح الكبشين كان بمكة وفي حديث أنس أنه كان بالمدينة قيل في هذا أن القول قول أنس وأنه ضحى بالمدينة بكبشين أملحين أقرنين وأنه صلى العيد ثم انكفأ إلى كبشين ففصل أنس وميز بين نحره بمكة للبدن وبين نحره بالمدينة للكبشين وبين أنهما قصتان ويدل على هذا أن جميع من ذكر نحر النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بمنى إنما ذكروا أنه نحر الإبل وهو الهدي الذي ساقه وهو أفضل من نحر الغنم هناك بلا سوق وجابر قد قال في صفة حجة الوداع إنه رجع من الرمي فنحر البدن وإنما اشتبه على بعض الرواة أن قصة الكبشين كانت يوم عيد فظن أنه كان بمنى فوهم . 262(5/20)
ذهب أبو محمد ابن حزم أنه لا هدي على القارن وأيد قوله بالحديث الذي رواه مسلم من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة خرجنا مع رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ موافين لهلال ذي الحجة فكنت فيمن أهل بعمرة فخرجنا حتى قدمنا مكة فأدركني يوم عرفة وأنا حائض لم أحل من عمرتي فشكوت ذلك إلى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ فقال دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج قالت ففعلت فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني وخرج إلى التنعيم فأهللت بعمرة فقضى الله حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم " وهذا مسلك فاسد تفرد به ابن حزم عن الناس والذي عليه الصحابة والتابعون ومن بعدهم أن القارن يلزمه الهدي كما يلزم المتمتع بل هو متمتع حقيقة في لسان الصحابة ، وأما هذا الحديث فالصحيح أن هذا الكلام الأخير من قول هشام بن عروة جاء ذلك في صحيح مسلم مصرحا به فقال حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع حدثنا هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها فذكرت الحديث وفي آخره قال عروة في ذلك إنه قضى الله حجها وعمرتها قال هشام ولم يكن في ذلك هدي ولا صيام ولا صدقة . 263(5/21)
قال أبو محمد : ( إن كان وكيع جعل هذا الكلام لهشام فابن نمير وعبدة أدخلاه في كلام عائشة وكل منهما ثقة فوكيع نسبه إلى هشام لأنه سمع هشاما يقوله وليس قول هشام إياه بدافع أن تكون عائشة قالته فقد يروي المرء حديثا يسنده ثم يفتي به دون أن يسنده فليس شيء من هذا بمتدافع وإنما يتعلل بمثل هذا من لا ينصف ومن اتبع هواه والصحيح من ذلك أن كل ثقة فمصدق فيما نقل فإذا أضاف عبدة وابن نمير القول إلى عائشة صدقا لعدالتهما وإذا أضافه وكيع إلى هشام صدق أيضا لعدالته وكل صحيح وتكون عائشة قالته وهشام قاله ) . قلت : هذه الطريقة هي اللائقة بظاهريته وظاهرية أمثاله ممن لا فقه له في علل الأحاديث كفقه الأئمة النقاد أطباء علله وأهل العناية بها وهؤلاء لا يلتفتون إلى قول من خالفهم ممن ليس له ذوقهم ومعرفتهم بل يقطعون بخطئه بمنزلة الصيارف النقاد الذين يميزون بين الجيد والرديء ولا يلتفتون إلى خطإ من لم يعرف ذلك(1) … … .
قول عائشة رضي الله عنها طيبت رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لإحرامه قبل أن يحرم ولإحلاله قبل أن يحل دليل على أن الحلق نسك وليس بإطلاق من محظور . 270
أفاض ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ إلى مكة قبل الظهر راكبا فطاف طواف الإفاضة وهو طواف الزيارة وهو طواف الصدر ولم يطف غيره ولم يسع معه هذا هو الصواب . 270
أتى النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ زمزم بعد أن قضى طوافه وهم يسقون فقال :" لولا أن يغلبكم الناس لنزلت فسقيت معكم ثم ناولوه الدلو فشرب وهو قائم " فقيل هذا نسخ لنهيه عن الشرب قائما وقيل بل بيان منه أن النهي على وجه الاختيار وترك الأولى وقيل بل للحاجة وهذا أظهر . 278
__________
(1) وليست هذه الوحيدة عند أبي محمد ابن حزم فقد ضعف أحاديث صححها المحققون من أهل العلم وعجبا لمن يتمسك بكلامه ويضرب بكلام المحققين عرض الحائط .(5/22)
قال ابن حزم وطافت أم سلمة في ذلك اليوم على بعيرها من وراء الناس وهي شاكية استأذنت النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ في ذلك اليوم فأذن لها واحتج عليه بما رواه مسلم في صحيحه من حديث زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت شكوت إلى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أني أشتكي فقال طوفي من وراء الناس وأنت راكبة قالت فطفت ورسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ حينئذ يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ " والطور وكتاب مسطور " ولا يتبين أن هذا الطواف هو طواف الإفاضة لأن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لم يقرأ في ركعتي ذلك الطواف بالطور ولا جهر بالقراءة بالنهار بحيث تسمعه أم سلمة من وراء الناس وقد بين أبو محمد غلط من قال إنه أخره إلى الليل فأصاب في ذلك ، وقد صح من حديث عائشة أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أرسل بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت فكيف يلتئم هذا مع طوافها يوم النحر وراء الناس ورسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ إلى جانب البيت يصلي ويقرأ في صلاته والطور وكتاب مسطور هذا من المحال فإن هذه الصلاة والقراءة كانت في صلاة الفجر أو المغرب أو العشاء وأما أنها كانت يوم النحر ولم يكن ذلك الوقت رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بمكة قطعا فهذا من وهمه رحمه الله . 283
طافت عائشة في يوم النحر طوافا واحدا وسعت سعيا واحدا أجزأها عن حجها وعمرتها وطافت صفية ذلك اليوم ثم حاضت فأجزأها طوافها ذلك عن طواف الوداع ولم تودع فاستقرت سنته ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ في المرأة الطاهرة إذا حاضت قبل الطواف أو قبل الوقوف أن تقرن وتكتفي بطواف واحد وسعي واحد وإن حاضت بعد طواف الإفاضة اجتزأت به عن طواف الوداع . 284(5/23)
وكان النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ يدعو بعد رمي الجمرة الأولى والثانية
فلما أكمل الرمي رجع من فوره ولم يقف عندها فقيل لضيق المكان بالجبل وقيل وهو أصح إن دعاءه كان في نفس العبادة قبل الفراغ منها فلما رمى جمرة العقبة فرغ الرمي والدعاء في صلب العبادة قبل الفراغ منها أفضل منه بعد الفراغ منها وهذا كما كانت سنته في دعائه في الصلاة إذ كان يدعو في صلبها فأما بعد الفراغ منها فلم يثبت عنه أنه كان يعتاد الدعاء ومن روى عنه ذلك فقد غلط عليه وإن روي في غير الصحيح أنه كان أحيانا يدعو بدعاء عارض بعد السلام وفي صحته نظر وبالجملة فلا ريب أن عامة أدعيته التي كان يدعو بها وعلمها الصديق إنما هي في صلب الصلاة وأما حديث معاذ بن جبل" لا تنس أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك فدبر الصلاة يراد به آخرها قبل السلام منها كدبر الحيوان ويراد به ما بعد السلام كقوله " تسبحون الله وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة الحديث والله أعلم . 286
ولم يزل في نفسي هل كان يرمي قبل صلاة الظهر أو بعدها ؟. والذي يغلب على الظن أنه كان يرمي قبل الصلاة ثم يرجع فيصلي ، وذكر الإمام أحمد أنه كان يرمي يوم النحر راكبا وأيام منى ماشيا في ذهابه ورجوعه . 287
تضمنت حجته ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ست وقفات للدعاء الموقف الأول على الصفا والثاني على المروة والثالث بعرفة والرابع بمزدلفة والخامس عند الجمرة الأولى والسادس عند الجمرة الثانية . 287(5/24)
خطب ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ الناس بمنى خطبتين خطبة يوم النحر وقد تقدمت والخطبة الثانية في أوسط أيام التشريق فقيل هو ثاني يوم النحر وهو أوسطها أي خيارها واحتج من قال ذلك بحديث سراء بنت نبهان قالت سمعت رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ " يقول أتدرون أي يوم هذا قالت وهو اليوم الذي تدعون يوم الرؤوس (1) قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا أوسط أيام التشريق هل تدرون أي بلد هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا المشعر الحرام ثم قال إني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ألا وإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا حتى تلقوا ربكم فيسألكم عن أعمالكم ألا فليبلغ أدناكم أقصاكم ألا هل بلغت فلما قدمنا المدينة لم يلبث إلا قليلا حتى مات ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ "رواه أبو داود (2) 288
أذن النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ للعباس والرعاة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَ ـ أن يبيتوا خارج منى . وقال ابن عيينة في هذا الحديث رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما فيجوز لطائفتين بالسنة ترك المبيت بمنى وأما الرمي فإنهم لا يتركونه بل لهم أن يؤخروه إلى الليل فيرمون فيه ولهم أن يجمعوا رمي يومين في يوم وإذا كان النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ قد رخص لأهل السقاية وللرعاء في البيتوتة فمن له مال يخاف ضياعه أو مريض يخاف من تخلفه عنه أو كان مريضا لا تمكنه البيتوتة سقطت عنه بتنبيه النص على هؤلاء والله أعلم .290
__________
(1) سمي بذلك لأنهم كانوا يأكلون فيه رؤوس الأضاحي .
(2) قال المحقق : في سنده ربيعة بن عبدالرحمن بن حصين الغنوي لم يوثقه غير ابن حبان ، وله شاهد عند أبي داود بسند جيد .(5/25)
رغبت إليه عائشة في آخر لليلة من ليالي التشريق أن يعمرها عمرة مفردة فأخبرها أن طوافها بالبيت وبالصفا والمروة قد أجزأ عن حجها وعمرتها فأبت إلا أن تعتمر عمرة مفردة فأمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم ففرغت من عمرتها ليلا ثم وافت المحصب مع أخيها فأتيا في جوف الليل ، فقال رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ : " فَرَغْتُمَا " ؟ قالت : ( نعم ) فنادى بالرحيل في أصحابه فارتحل الناس ثم طاف بالبيت قبل صلاة الصبح هذا لفظ البخاري فإن قيل كيف تجمعون بين هذا وبين حديث الأسود عنها الذي في الصحيح أيضا قالت : ( خرجنا مع رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ولم نر إلا الحج فذكرت الحديث وفيه فلما كانت ليلة الحصبة قلت يا رسول الله يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع أنا بحجة ، قال : " أوما كنت طفت ليالي قدمنا مكة " قالت : ( قلت لا ) قال : " فاذهبي مع أخيك إلى التنعيم فأهلي بعمرة ثم موعدك مكان كذا وكذا " قالت : عائشة فلقيني رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وهو مصعد من مكة وأنا منهبطة عليها أو أنا مصعدة وهو منهبط ) منها ففي هذا الحديث أنهما تلاقيا في الطريق وفي الأول أنه انتظرها في منزله فلما جاءت نادى بالرحيل في أصحابه ثم فيه إشكال آخر وهو قولها لقيني وهو مصعد من مكة وأنا منهبطة عليها أو بالعكس فإن كان الأول فيكون قد لقيها مصعدا منها راجعا إلى المدينة وهي منهبطة عليها للعمرة وهذا ينافي انتظاره لها بالمحصب .(5/26)
قال أبو محمد بن حزم : الصواب الذي لا شك فيه أنها كانت مصعدة من مكة وهو منهبط لأنها تقدمت إلى العمرة وانتظرها رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ حتى جاءت ثم نهض إلى طواف الوداع فلقيها منصرفة إلى المحصب عن مكة وهذا لا يصح فإنها قالت وهو منهبط منها وهذا يقتضي أن يكون بعد المحصب والخروج من مكة فكيف يقول أبو محمد إنه نهض إلى طواف الوداع وهو منهبط من مكة هذا محال وأبو محمد لم يحج وحديث القاسم عنها صريح كما تقدم في أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ انتظرها في منزله بعد النفر حتى جاءت فارتحل وأذن في الناس بالرحيل فإن كان حديث الأسود هذا محفوظا فصوابه لقيني رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وأنا مصعدة من مكة وهو منهبط إليها فإنها طافت وقضت عمرتها ثم أصعدت لميعاده فوافته قد أخذ في الهبوط إلى مكة للوداع فارتحل وأذن في الناس بالرحيل ولا وجه لحديث الأسود غير هذا . وذكر أبو محمد في بعض تآليفه أنه فعل ذلك ليكون كالمحلق على مكة بدائرة في دخوله وخروجه فإنه بات بذي طوى ثم دخل من أعلى مكة ثم خرج من أسفلها ثم رجع إلى المحصب ويكون هذا الرجوع من يماني مكة حتى تحصل الدائرة فإنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لما جاء نزل بذي طوى ثم أتى مكة من كداء ثم نزل به لما فرغ من الطواف ثم لما فرغ من جميع النسك نزل به ثم خرج من أسفل مكة وأخذ من يمينها حتى أتى المحصب ويحمل أمره بالرحيل ثانيا على أنه لقي في رجوعه ذلك إلى المحصب قوما لم يرحلوا فأمرهم بالرحيل وتوجه من فوره ذلك إلى المدينة .(5/27)
ولقد شان أبو محمد نفسه وكتابه وبهذا الهذيان البارد السمج الذي يُضحَكُ منه ولولا التنبيه على أغلاط من غلط عليه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لرغبنا عن ذكر مثل هذا الكلام والذي كأنك تراه من فعله أنه نزل بالمحصب وصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة ثم نهض إلى مكة وطاف بها طواف الوداع ليلا ثم خرج من أسفلها إلى المدينة ولم يرجع إلى المحصب ولا دار دائرة ففي صحيح البخاري عن أنس أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت وطاف به وفي الصحيحين عن عائشة خرجنا مع رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وذكرت الحديث ثم قالت حين قضى الله الحج ونفرنا من منى فنزلنا بالمحصب فدعا عبدالرحمن بن أبي بكر فقال له اخرج بأختك من الحرم ثم افرغا من طوافكما ثم ائتياني هاهنا بالمحصب قالت فقضى الله العمرة وفرغنا من طوافنا في جوف الليل فأتيناه بالمحصب فقضى الله العمرة وفرغنا من طوافنا في جوف الليل فأتيناه بالمحصب فقال فرغتما قلنا نعم فأذن في الناس بالرحيل فمر بالبيت فطاف به ثم ارتحل متوجها إلى المدينة فهذا من أصح حديث على وجه الأرض وأدله على فساد ما ذكره ابن حزم وغيره من تلك التقديرات التي لم يقع شيء منها ودليل على أن حديث الأسود غير محفوظ وإن كان محفوظا فلا وجه له غير ما ذكرنا وبالله التوفيق . 290(5/28)
وقد جمع بين الحديثين السابقين بجمعين آخرين وهما وهم أحدهما أنه طاف للوداع مرتين مرة بعد أن بعثها وقبل فراغها ومرة بعد فراغها للوداع وهذا مع أنه وهم بين فإنه لا يرفع الإشكال بل يزيده فتأمله الثاني أنه انتقل من المحصب إلى ظهر العقبة خوف المشقة على المسلمين في التحصيب فلقيته وهي منهبطة إلى مكة وهو مصعد إلى العقبة وهذا أقبح من الأول لأنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لم يخرج من العقبة أصلا وإنما خرج من أسفل مكة من الثنية السفلى بالاتفاق وأيضا فعلى تقدير ذلك لا يحصل الجمع بين الحديثين وذكر أبو محمد بن حزم أنه رجع بعد خروجه من أسفل مكة إلى المحصب وأمر بالرحيل وهذا وهم أيضا لم يرجع رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بعد وداعه إلى المحصب وإنما مر من فوره إلى المدينة . 292
ها هنا ثلاث مسائل هل دخل رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ البيت في حجته أم لا ؟ وهل وقف في الملتزم بعد الوداع أم لا ؟ وهل صلى الصبح ليلة الوداع بمكة أو خارجا منها ؟(5/29)
فأما المسألة الأولى : فزعم كثير من الفقهاء وغيرهم أنه دخل البيت في حجته ويرى كثير من الناس أن دخول البيت من سنن الحج اقتداء بالنبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ والذي تدل عليه سنته أنه لم يدخل البيت في حجته ولا في عمرته وإنما دخله عام الفتح . وقيل كان هنالك دخولين صلى في أحدهما ولم يصل في الآخر وهذه طريقة ضعفاء النقد كلما رأوا اختلاف لفظ جعلوه قصة أخرى كما جعلوا الإسراء مرارا لاختلاف ألفاظه وجعلوا اشتراءه من جابر بعيره مرارا لاختلاف ألفاظه وجعلوا طواف الوداع مرتين لاختلاف سياقه ونظائر ذلك ، وأما الجهابذة النقاد فيرغبون عن هذه الطريقة ولا يجبنون عن تغليط من ليس معصوما من الغلط ونسبته إلى الوهم ، قال البخاري وغيره من الأئمة : والقول قول بلال لأنه مثبت شاهد صلاته بخلاف ابن عباس ، والمقصود أن دخوله البيت إنما كان في غزوة الفتح لا في حجه ولا عمره .(5/30)
وأما المسألة الثانية : وهي وقوفه في الملتزم فالذي روي عنه أنه فعله يوم الفتح ففي سنن أبي داود عن عبدالرحمن بن أبي صفوان قال لما فتح رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ مكة انطلقت فرأيت رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا الركن من الباب إلى الحطيم ووضعوا خدودهم على البيت ورسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وسطهم وروى أبو داود أيضا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال طفت مع عبدالله فلما حاذى دبر الكعبة قلت ألا تتعوذ قال نعوذ بالله من النار ثم مضى حتى استلم الحجر فقام بين الركن والباب فوضع صدره ووجهه وذراعيه هكذا وبسطهما بسطا وقال هكذا رأيت رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ يفعله فهذا يحتمل أن يكون في وقت الوداع وأن يكون في غيره ولكن قال مجاهد والشافعي بعده وغيرهما إنه يستحب أن يقف في الملتزم بعد طواف الوداع ويدعو وكان ابن عباس رضي الله عنهما يلتزم ما بين الركن والباب وكان يقول لا يلتزم ما بينهما أحد يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه والله أعلم .(5/31)
وأما المسألة الثالثة وهي موضع صلاته ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ صلاة الصبح صبيحة ليلة الوداع ففي الصحيحين عن أم سلمة قالت شكوت إلى رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أني أشتكي فقال طوفي من وراء الناس وأنت راكبة قالت فطفت ورسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ حينئذ يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ بسورة الطور فهذا يحتمل أن يكون في الفجر وفي غيرها وأن يكون في طواف الوداع وغيره فنظرنا في ذلك فإذا البخاري قد روى في صحيحه في هذه القصة أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لما أراد الخروج ولم تكن أم سلمة طافت بالبيت وأرادت الخروج فقال لها رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ " إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون " ففعلت ذلك فلم تصل حتى خرجت وهذا محال قطعا أن يكون يوم النحر فهو طواف الوداع بلا ريب فظهر أنه صلى الصبح يومئذ عند البيت وسمعته أم سلمة يقرأ فيها بالطور .299
الهدايا والضحايا والعقيقة مختصة بالأزواج الثمانية المذكورة في سورة الأنعام ولم يعرف عنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ولاعن الصحابة هدي ولا اضحية ولا عقيقة من غيرها . 312
كان ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ إذا بعث بهديه وهو مقيم لم يحرم عليه شيء كان منه حلالا . 313
كان ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ إذا اهدى الابل قلدها وأشعرها فيشق صفحة سنامها الأيمن يسيرا حتى يسيل الدم . 312(5/32)
كان ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ إذا بعث بهديه أمر رسوله إذا أشرف على عطب شيء منه أن ينحره ثم يصبغ نعله في دمه ثم يجعله على صفحته ولا يأكل منه هو ولا أحد من اهل رفقته ثم يقسم لحمه ومنعه من هذا الأكل سدا للذريعة فإنه لعله ربما قصر في حفظه ليشارف العطب فينحره ويأكل منه فإذا علم أنه لا يأكل منه شيئا اجتهد في حفظه . 312
أباح ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ لسائق الهدي ركوبه بالمعروف إذا احتاج إليه حتى يجد ظهرا غيره وقال رضي الله عنه يشرب من لبنها ما فضل عن ولدها . 312
أباح ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لأمته أن يأكلوا من هداياهم وضحاياهم ويتزودوا منها ونهاهم مرة أن يدخروا منها بعد ثلاث لدافة دفت عليهم ذلك العام من الناس فأحب أن يوسعوا عليهم . 314
كان من هديه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ذبح هدي العمرة عند المروة وهدي القران بمنى وكذلك كان ابن عمر يفعل ولم ينحر هديه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ قط إلا بعد أن حل ولم ينحره قبل يوم النحر ولا أحد من الصحابة البتة ولم ينحره أيضا إلا بعد طلوع الشمس وبعد الرمي فهي أربعة أمور مرتبة يوم النحر اولها الرمي ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف وهكذا رتبها ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ولم يرخص في النحر قبل طلوع الشمس البتة ولا ريب أن ذلك مخالف لهديه فحكمه حكم الأضحية إذا ذبحت قبل طلوع الشمس . 315
إنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لم يكن يدع الاضحية وكان يضحي بكبشين وكان ينحرهما بعد صلاة العيد وأخبر أن من ذبح قبل الصلاة فليس من النسك في شيء وإنما هو لحم قدمه لأهله هذا الذي دلت عليه سنته وهديه لا الاعتبار بوقت الصلاة والخطبة بل بنفس فعلها وهذا هو الذي ندين الله به وامرهم أن يذبحوا الجذع من الضأن والثني مما سواه وهي المسنة . 317(5/33)
أما نهيه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث فلا يدل على أن ايام الذبح ثلاثة فقط لأن الحديث دليل على نهي الذابح أن يدخر شيئا فوق ثلاثة أيام من يوم ذبحه فلو اخر الذبح إلى اليوم الثالث لجاز له الادخار وقت النهي ما بينه وبين ثلاثة أيام . 318
من هديه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أن من اراد التضحية ودخل يوم العشر فلا يأخذ من شعره وبشره شيئا ثبت النهي عن ذلك في صحيح مسلم وأما الدارقطني فقال : الصحيح عندي أنه موفوق على أمِّ سلمة . 320
تم المقصود من زاد المعاد
ثانيا : حاشية ابن القيم على سنن أبي داود
الجزء الخامس :
قال ابن القطان عن حديث أبي داود " ( وقت لأهل المشرق العقيق ) " : علته الشك في اتصاله فإن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس يرويه عن ابن عباس ومحمد بن علي إنما هو معروف في الرواية عن أبيه عن جده ابن عباس وفي صحيح مسلم حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن عبد الله بن عباس أنه رقد عند رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ الحديث وحديثه عن أبيه عن جده أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أكل كتفا أو لحما ثم صلى ولم يمس ماء ذكره البزار وقال ولا أعلم روى عن جده إلا هذا الحديث يعني وقت لأهل السرق الخ وأخاف أن يكون منقطعا ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم أنه روى عن جده وقال مسلم في كتاب التمييزلم يعلم له سماع من جده ولا أنه لقيه . 164
حديث أم سلمة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا ـ " من أهل بحج أو عمرة من المسجد الأقصى … " قال غير واحد من الحفاظ إسناده ليس بالقوي وقد سئل عبد الله بن عبدالرحمن بن يحنس هل قال " ووجبت له الجنة " أو قال " أو وجبت " بالشك بدل قوله غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر هذا هو الصواب بأو . وفي كثير من النسخ ووجبت بالواو وهو غلط والله أعلم . 166(5/34)
روى النسائي من حديث إسرائيل عن عمار عن عبدالرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت : ( ذبح عنا رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ يوم حججنا بقرة بقرة ) وعن الزهري عن عمرة عن عائشة قالت : ( ما ذبح عن آل محمد في الوداع إلا بقرة ) وبه عن عائشة أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ نحر عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة وسيأتي قول عائشة ذبح رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ البقر يوم النحر ، ولا ريب أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ حج بنسائه كلهن وهن يومئذ تسع وكلهن كن متمتعات حتى عائشة فإنها قرنت فإن كان الهدي متعددا فلا إشكال وإن كان بقرة واحدة بينهن وهن تسع فهذا حجة لإسحاق ومن قال بقوله إن البدنة تجزىء عن عشرة وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، وقد ذهب ابن حزم إلى أن هذا الاشتراك في البقرة إنما كان بين ثمان نسوة قال لأن عائشة لما قرنت لم يكن عليها هدي واحتج بما في صحيح مسلم عنها من قولها : ( فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبدالرحمن بن أبي بكر فأردفني وخرج بي إلى التنعيم فأهللت بعمرة فقضى الله حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم ) ، وجعل هذا أصلا في إسقاط الدم عن القارن ولكن هذه الزيادة وهي ولم يكن في ذلك هدي مدرجة في الحديث من كلام هشام بن عروة كما بينه مسلم في الصحيح . 173(5/35)
في قوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ " إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر " دليل على أن يوم النحر أفضل الأيام ، وذهبت جماعة من العلماء إلى أن يوم الجمعة أفضل الأيام واحتجوا بقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة " وهو حديث صحيح رواه ابن حبان وغيره ، وفصل النزاع أن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ويوم النحر أفضل أيام العام فيوم النحر مفضل على الأيام كلها التي فيها الجمعة وغيرها ويوم الجمعة مفضل على أيام الأسبوع فإن اجتمعا في يوم تظاهرت الفضيلتان وإن تباينا فيوم النحر أفضل وأعظم لهذا الحديث والله أعلم . 185
الأحاديث الصحيحة صريحة بأن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أهلت أولا بعمرة ثم أمرها رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لما حاضت أن تهل بالحج فصارت قارنة ولهذا قال لها النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ " يكفيك طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة لحجك وعمرتك " متفق عليه ، وهو صريح في رد قول من قال إنها رفضت إحرام العمرة رأسا وانتقلت إلى الإفراد ، وإنما أمرت برفض أعمال العمرة من الطواف والسعي حتى تطهر لا برفض إحرمها . 197
أما قول من قال إن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أحرمت بحج ثم نوت فسخه بعمرة ثم رجعت إلى حج مفرد فهو خلاف ما أخبرت به عن نفسها وخلاف ما دل عليه قول النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لها " يسعك طوافك لحجك وعمرتك " والنبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ إنما أمرها أن تهل بالحج لما حاضت كما أخبرت بذلك عن نفسها وأمرها أن تدع العمرة وتهل بالحج وهذا كان بسرف قبل أن يأمر أصحابه بفسخ حجهم إلى العمرة فإنه إنما أمرهم بذلك على المروة . 198(5/36)
من تأمل أحاديث عائشة ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا ـ علم أنها أحرمت أولا بعمرة ثم أدخلت عليها الحج فصارت قارنة ثم اعتمرت من التنعيم عمرة مستقلة تطييبا لقلبها . 199
قد غلط في قصة عائشة من قال إنها كانت مفردة فإن عمرتها من التنعيم هي عمرة الإسلام الواجبة، وغلط من قال إنها كانت متمتعة ثم فسخت المتعة إلى أفراد وكانت عمرة التنعيم قضاء لتلك العمرة ، وغلط من قال إنها كانت قارنة ولم يكن عليها صدقة ولا صوم وأن ذلك إنما يجب على المتمتع ، ومن تأمل أحاديثها علم ذلك وتبين له أن الصواب ما ذكرناه ، والله أعلم . 199
في حديث عائشة دليل على تعدد السعي على المتمتع فإن قولها ( ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم ) تريد به الطواف بين الصفا والمروة ولهذا نفته عن القارنين ولو كان المراد به الطواف بالبيت لكان الجميع فيه سواء فإن طواف الإفاضة لا يفترق فيه القارن والمتمتع . وقد خالفها جابر في ذلك ففي صحيح مسلم عنه أنه قال لم يطف النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول وأخذ الإمام أحمد بحديث جابر هذا في رواية ابنه عبد الله والمشهور عنه أنه لابد من طوافين على حديث عائشة ولكن هذه اللفظة وهي فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت إلى آخره قد قيل إنها مدرجة في الحديث من كلام عروة .201(5/37)
الصواب أن ما أحرم به ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ كان أفضل وهو القرآن ولكن أخبر أنه لو استقبل من أمره ما استدبر لأحرم بعمرة وكان حينئذ موافقا لهم في المفضول تأليفا لهم وتطييبا لقلوبهم كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم وإدخال الحجر فيها وإلصاق بابها بالأرض تأليفا لقلوب الصحابة الحديثي العهد بالإسلام خشية أن تنفر قلوبهم ؛ وعلى هذا فيكون الله تعالى قد جمع له الأمرين النسك الأفضل الذي أحرم به وموافقته لأصحابه بقوله لو "استقبلت " فهذا بفعله وهذا بنيته وقوله وهذا الأليق بحاله صلوات الله وسلامه عليه . 205
عند النسائي عن سراقة تمتع رسول الله وتمتعنا معه فقلنا : ( ألنا خاصة أم للأبد ) قال : " بل للأبد " وهو صريح في أن العمرة التي فسخوا حجهم إليها لم تكن مختصة بهم وأنها مشروعة للأمة إلى يوم القيامة ؛ وقول من قال إن المراد به السؤال عن المتعة في أشهر الحج لا عن عمرة الفسخ باطل من وجوه :
أحدها : أنه لم يقع السؤال عن ذلك ولا في اللفظ ما يدل عليه وإنما سأله عن تلك العمرة المعينة التي أمروا بالفسخ إليها ولهذا أشار إليها بعينها فقال متعتنا هذه ولم يقل العمرة في أشهر الحج
الثاني : أنه لو قدر أن السائل أراد ذلك فالنبي أطلق الجواب بأن تلك العمرة مشروعة إلى الأبد ومعلوم أنها مشتملة على وصفين كونها عمرة فسخ الحج إليها وكونها في أشهر الحج فلو كان المراد أحد الأمرين وهو كونها في أشهر الحج لبينه للسائل لا سيما إذا كان الفسخ حراما باطلا فكيف يطلق الجواب عما يجوز ويشرع وما لا يحل ولا يصح إطلاقا واحدا هذا مما ينزه عنه آحاد أمته فضلا عنه ومعلوم أن من سئل عن أمر يشتمل على جائز ومحرم وجب عليه أن يبين للسائل جائزه من حرامه ولا يطلق الجواز والمشروعية عليه إطلاقا واحدا .(5/38)
الثالث : أن النبي قد اعتمر قبل ذلك ثلاث عمر كلهن في أشهر الحج وقد علم ذلك الخاص والعام أفما كان في ذلك ما يدل على جواز العمرة في أشهر الحج .
الرابع : أن النبي قال لهم عند إحرامهم من شاء أن يهل بعمرة فليهل وفي هذا أعظم البيان لجواز العمرة في أشهر الحج .
الخامس : أنه خص بذلك الفسخ من لم يكن معه هدي وأما من كان معه هدي فأمره بالبقاء على إحرامه وأن لا يفسخ فلو كان المراد ما ذكروه لعم الجميع بالفسخ ولم يكن للهدي أثر أصلا فإن سبب الفسخ عندهم الإعلام المجرد بالجواز وهذا الإعلام لا تأثير للهدي في المنع منه .
السادس : أن طرق الإعلام بجواز الاعتمار في أشهر الحج أظهر وأبين قولا وفعلا من الفسخ فكيف يعدل عن الإعلام بأقرب الطرق وأبينها وأسهلها وأدلها إلى الفسخ الذي ليس بظاهر فيما ذكره من الإعلام والخروج من نسك إلى نسك وتعويضهم بسعة ذلك عليهم لمجرد الإعلام الممكن الحصول بأقرب الطرق وقد بين ذلك غاية البيان بقوله وفعله فلم يحلهم بالإعلام على الفسخ .
السابع : أنه لو فرض أن الفسخ للإعلام المذكور لكان ذلك دليلا على داوم مشروعيته إلى يوم القيامة فإن ما شرع في المناسك لمخالفة المشركين مشروع أبدا كالوقوف بعرفة لقريش وغيرهم والدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس .(5/39)
الثامن : أن هذا الفسخ وقع في آخر حياة النبي ولم يجىء عنه كلمة قط تدل على نسخه وإبطاله ولم تجمع الأمة بعده على ذلك بل منهم من يوجبه كقول حبر الأمة وعالمها عبد الله بن عباس ومن وافقه وقول إسحاق وهو قول الظاهرية وغيرهم ومنهم من يستحبه ويراه سنة رسول الله كقول إمام أهل السنة أحمد بن حنبل وقد قال له سلمة بن شبيب : يا أبا عبد الله كل شيء منك حسن إلا خصلة واحدة تقول بفسخ الحج إلى العمرة . فقال : يا سلمة كان يبلغني عنك أنك أحمق وكنت أدافع عنك والآن علمت أنك أحمق ! عندي في ذلك بضعة عشر حديثا صحيحه عن رسول الله أدعها لقولك ؟ وهو قول الحسن وعطاء ومجاهد وعبيد الله بن الحسن وكثير من أهل الحديث أو أكثرهم .
التاسع : أن هذا موافق لحج خير الأمة وأفضلها مع خير الخلق وأفضلهم فإنه أمرهم بالفسخ إلى المتعة وهو لا يختار لهم إلا الأفضل فكيف يكون ما اختاره لهم هو المفضول المنقوص بل الباطل الذي لا يسوغ لأحد أن يقتدي بهم فيه .
العاشر : أن الصحابة رضي الله عنهم إذا لم يكتفوا بعمل العمرة معه ثلاثة أعوام في أشهر الحج وبقوله لهم عند الإحرام من شاء أن يهل بعمرة فليهل على جواز العمرة في أشهر الحج فهم أحرى أن يكتفوا بالأمر بالفسخ في العلم بجواز العمرة في أشهر الحج فإنه إذا لم يحصل لهم العلم بالجواز بقوله وفعله فكيف يحصل بأمره لهم بالنسخ .
الحادي عشر : أن ابن عباس الذي روى أنهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور وأن النبي أمرهم لما قدموا بالفسخ هو كان يرى وجوب الفسخ ولا بد بل كان يقول كل من طاف بالبيت فقد حل من إحرامه ما لم يكن معه هدي وابن عباس أعلم بذلك فلو كان النبي إنما أمرهم بالفسخ للإعلام بجواز العمرة لم يخف ذلك على ابن عباس ولم يقل إن كل من طاف بالبيت من قارن أو حاج لا هدي معه فقد حل .(5/40)
الثاني عشر : أنه لا يظن بالصحابة الذين هم أصح الناس أذهانا وأفهاما وأطوعهم لله ولرسوله أنهم لم يفهموا جواز العمرة في أشهر الحج وقد عملوها مع رسول الله ثلاثة أعوام وأذن لهم فيها ثم فهموا ذلك من الأمر بالفسخ .
الثالث عشر : أن النبي إما أن يكون أمرهم بالفسخ لأن التمتع أفضل فأمرهم بالفسخ إلى أفضل الأنساك أو يكون أمرهم به ليكون نسكهم مخالفا للمشركين في التمتع في أشهر الحج وعلى التقديرين فهو مشروع غير منسوخ إلى الأبد أما الأول الظاهر وأما الثاني فلأن الشريعة قد استقرت ولا سيما في المناسك على قصد مخالفة المشركين فالنسك المشتمل على مخالفتهم أفضل بلا ريب وهذا واضح .
الرابع عشر : أن السائل للنبي عمرتنا هذه لعامنا أم للأبد لم يرد به أنها هل تجزىء عن تلك السنة فقط أو عن العمر كله فإنه لو كان مراده ذلك لسأل عن الحج الذي هو فرض الإسلام ومن المعلوم أن العمرة إن كانت واجبة لم تجب في العمر إلا مرة واحدة ولأنه لو أراد ذلك لم يقل له النبي بل لأبد الأبد فإن أبد الأبد إنما يكون في حق الأمة قوما يعرفون إلى يوم القيامة وإن الأبد لا يكون في حق طائفة معينة بل هو لجميع الأمة ولأنه قال في رواية النسائي ألنا خاصة أم للأبد فدل على أنهم إنما سألوا هل يسوغ فعلها بعدك على هذا الوجه فأجابهم بأن فعلها كذلك سائغ أبد الأبد وفي رواية للبخاري أن سراقة بن مالك لقي النبي فقال ألكم هذه خاصة يارسول الله قال بل للأبد .(5/41)
الخامس عشر : أن النبي أخبرهم في تلك الحجة أن كل من طاف بالبيت فقد حل إلا من كان معه الهدي ففي السنن من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه قال خرجنا مع رسول الله حتى إذا كان بعسفان قال له سراقة بن مالك المدلجي يارسول الله اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم فقال : " إن الله عزوجل قد أدخل عليكم في حجكم هذا عمرة فإذا قدمتم فمن تطوف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل إلا من كان معه هدي " فهذا نص انفساخه شاء أم أبى كما قال ابن عباس وإسحاق ومن وافقهما وقوله اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم يريد قضاء لازما لا يتغير ولا يتبدل بل نتمسك به من يومنا هذا إلى آخر العمر .
السادس عشر : أن النبي لما سئل عن تلك العمرة التي فسخوا إليها الحج وتمتعوا بها ابتداء فقال " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " كان هذا تصريحا منه بأن هذا الحكم ثابت أبدا لا ينسخ إلى يوم القيامة ومن جعله منسوخا فهذا النص يرد قوله . وحمله على العمرة المبتدأة التي لم يفسخ الحج إليها باطل فإن عمدة الفسخ سبب الحديث فهي مرادة منه نصا وما عداها ظاهرا وإخراج محل السبب وتخصيصه من اللفظ العام لا يجوز فالتخصيص وإن تطرق إلى العموم فلا يتطرق إلى محل السبب وهذا باطل .
السابع عشر : أن متعة الفسخ لو كانت منسوخة لكان ذلك من المعلوم عند الصحابة ضرورة كما كان من المعلوم عندهم نسخ الكلام في الصلاة ونسخ القبلة ونسخ تحريم الطعام والشراب على الصائم بعد ما ينام بل كان بمنزلة الوقوف بعرفة والدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس فإن هذا من أمور المناسك الظاهرة المشترك فيها أهل الإسلام فكان نسخه لا يخفى على أحد وقد كان ابن عباس إذا سألوه عن فتياه بها يقول : ( سنة نبيكم وإن رغمتم ) فلا يراجعونه فكيف تكون منسوخة عندهم وابن عباس يخبر أنها سنة نبيهم ويفتي بها الخاص والعام وهم يقرونه على ذلك هذا من أبطل الباطل .(5/42)
الثامن عشر : أن الفسخ قد رواه عن النبي أربعة عشر من الصحابة وهم عائشة وحفصة وعلي وفاطمة وأسماء بنت أبي بكر وجابر وأبو سعيد وأنس وأبو موسى والبراء وابن عباس وسراقة وسبرة ورواه عن عائشة الأسود بن يزيد والقاسم وعروة وعمرة وذكوان مولاها ورواه عن جابر عطاء ومجاهد ومحمد بن علي وأبو الزبيرورواه عن أسماء صفية ومجاهد ورواه عن أبي سعيد أبو نضرة ورواه عن البراء أبو إسحاق ورواه عن ابن عمر سالم ابنه وبكر بن عبد الله ورواه عن أنس أبو قلابة ورواه عن أبي موسى طارق بن شهاب ورواه عن ابن عباس طاووس وعطاء وابن سيرين وجابر بن زيد ومجاهد وكريب وأبو العالية ومسلم القرشي وأبو حسان الأعرج ورواه عن سبرة ابنه ؛ فصار نقل كافة عن كافة يوجب العلم ومثل هذا لا يجوز دعوى نسخه إلا بما يترجح عليه أو يقاومه فكيف يسوغ دعوى نسخه بأحاديث لا تقاومه ولا تدانيه ولا تقاربه ؟ وإنما هي بين مجهول رواتها أو ضعفاء لا تقوم بهم حجة ، وما صح فيها فهو رأي صاحب قاله بظنه واجتهاده وهو أصح ما فيها وهو قول أبي ذر كانت المتعة لنا خاصة وما عداه فليس بشيء وقد كفانا رواته مؤنته فلو كان ما قاله أبو ذر رواية صحيحة ثابتة مرفوعة لكان نسخ هذه الأحاديث المتواترة به ممتنعا فكيف وإنما هو قوله ومع هذا فقد خالفه فيه عشرة من الصحابة كابن عباس وأبي موسى الأشعري وغيرهما .(5/43)
التاسع عشر : أن الفسخ موافق للنصوص والقياس أما موافقته للنصوص فلا ريب فيه كما تقدم وأما موافقته للقياس فإن المحرم إذا التزم أكثر مما كان التزمه جاز بالاتفاق فلو أحرم بالعمرة ثم أدخل عليها الحج جاز اتفاقا وعكسه لا يجوز عند الأكثرين وأبو حنيفة يجوزه على أصله فإن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين فإذا أدخل العمرة على الحج جاز عنده لالتزامه طوافا ثانيا وسعيا وإذا كان كذلك فالمحرم بالحج لم يلتزم إلا الحج إذا صار متمتعا صار ملتزما لعمرة وحج فكان ما التزمه بالفسخ أكثر مما كان عليه فجاز ذلك بل استحب له لأنه أفضل وأكثر مما التزمه أولا وإنما يتوهم الإشكال من يتوهم أنه فنسخ حج إلى عمرة وليس كذلك فإنه لو أراد أن يفسخ الحج إلى عمرة مفردة لم يجز عند أحد وإنما يجوز الفسخ لمن نيته أن يحج بعد متعته من عامه والمتمتع من حين يحرم بالعمرة دخل في الحج كما قال النبي دخلت العمرة في الحج فهذه المتعة التي فسخ إليها هي جزء من الحج ليست عمرة مفردة وهي من الحج بمنزلة الوضوء من غسل الجنابة فهي عبادة واحدة قد تخللها الرخصة بالإحلال وهذا لا يمنع أن تكون واحدة كطواف الافاضة فإنه من تمام الحج ولا يفعل إلا بعد التحلل الأول وكذلك رمي الجمار أيام منى من تمام الحج وهو يفعل بعد التحلل التام وقول النبي " من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق " يتناول من حج حجة تمتع فيها بالعمرة وإن تحلل من إحرامه ولم تكن حجته مكية اذلا ينقلهم الرؤوف الرحيم بهم من الفاضل الراجح إلى المفضول الناقص بل إنما نقلهم من المفضول إلى الفاضل الكامل لا يجوز غير هذا البتة .(5/44)
العشرون : أن القياس أنه إذا اجتمعت عبادتان كبرى وصغرى فالسنة تقديم الصغرى على الكبرى منهما ولهذا كان النبي يبدأ في غسل الجنابة الوضوء أولا ثم يتبعه الغسل وقال في غسل ابنته ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها فنسخ الحج إلى العمرة يتضمن موافقة هذه السنة فقد تبين أنه موافق للنصوص والقياس ولحج خيار الأمة مع نبيها ولو لم يمكن فيه نص لكان القياس يدل على جوازه من الوجوه التي ذكرنا وغيرها . ولو تتبعنا أدلة جوازه لطالت وفي هذا كفاية والحمد لله . 208
قوله " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " لا ريب في أنه من كلام رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ولم يقل أحد أنه من قول ابن عباس وكذلك قوله " هذه عمرة تمتعنا بها " وهذا لا يشك فيه من له أدنى خبرة بالحديث . 218
التعليل الذي تقدم لأبي داود في قوله هذا حديث منكر(1) إنما هو لحديث عطاء هذا عن ابن عباس يرفعه إذا أهل الرجل بالحج ، فإن هذا قول ابن عباس الثابت عنه بلا ريب رواه عنه أبو الشعثاء وعطاء وأنس بن سليم وغيرهم من كلامه فانقلب على الناسخ فنقله إلى حديث مجاهد عن ابن عباس وهو إلى جانبه وهو حديث صحيح لا مطعن فيه ولا علة ولا يعلل أبو داود مثله ولا من هو دون أبي داود وقد اتفق الأئمة الأثبات على رفعه والمنذري رحمه الله رأى ذلك في السنن فنقله كما وجده والأمر كما ذكرنا . والله أعلم . 217
__________
(1) يريد الحديث الذي رواه أبو داود " هذه عمرة استمتعنا بها .. "(5/45)
حديث سعيد بن المسيب أن رجل جاء إلى عمر فشهد أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ نهى عن المتعة في مرض موته باطل ، ولا يحتاج تعليله إلى عدم سماع ابن المسيب من عمر فإن ابن المسيب إذا قال قال رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ فهو حجة ، قال الإمام أحمد : ( إذا لم يقبل سعيد بن المسيب عن عمر فمن يقبل ؟! ) وقال أبو محمد بن حزم : ( هذا حديث في غاية الوهي والسقوط لأنه مرسل عمن لم يسم وفيه أيضا ثلاثة مجهولون أبو عيسى الخراساني وعبد الله بن القاسم وأبوه ففيه خمسة عيوب وهو ساقط لا يحتج به من له أدنى علم ) . 219
قال عبدالحق ـ هو الإشبيلي ـ : لم يسمع أبو شيخ من معاوية حديث النهي عن القران بين الحج والعمرة ، وإنما سمع منه النهي عن ركوب جلود النمور فأما النهي عن القران فسمعه من أبي حسان عن معاوية بن مرة يقول عن أخيه حمان ومرة يقول جمان وهم مجهولون ، ولو فرض صحة هذا عن معاوية فقد أنكر الصحابة عليه أن يكون رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ نهى عنه فلعله وهم أو اشتبه عليه نهيه عن متعة النساء بمتعة الحج كما اشتبه على غيره . 220(5/46)
من تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب(1) حق التأمل جزم جزما لا ريب فيه أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أحرم في حجته قارنا ولا تحتمل الأحاديث غير ذلك بوجه من الوجوه أصلا ، قال الإمام أحمد : لا أشك أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ كان قارنا ، تم كلامه . وقد روى عنه ذلك خمسة عشر من أصحابه وهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعائشة أم المؤمنين وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس وعمران بن حصين والبراء بن عازب وحفصة أم المؤمنين وأنس بن مالك وأبو قتادة وابن أبي أوفى فهؤلاء صحت عنهم الرواية بغاية البيان والتصريح
، ومن تأمل الأحاديث الصحيحة في هذا الباب جزم بهذا ، وهذا فصل النزاع والله أعلم .226
المتعين في حديث معاوية : ( ما علمت أني قصرت عن رسول الله بمشقص أعرابى على المروة ) يكون في عمرة الجعرانة ، والله أعلم . لأن معاوية إنما أسلم يوم الفتح مع أبيه فلم يقصر عنه في عمرة الحديبية ولا عمرة القضية والنبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ لم يكن محرما في الفتح ولم يحل من إحرامه في حجة الوداع بعمرة فتعين أن يكون ذلك في عمرة الجعرانة . 236
قال عبد الله بن أحمد سألت أبي عن حديث بلال بن الحرث المزني في فسخ الحج ـ ونصه يارسول الله فسخ الحج لنا خاصة أو لمن بعدنا ؟ قال : " لكم خاصة "ـ فقال : ( لا أقول به وليس إسناده بالمعروف ولم يروه إلا الدراوردي وحده ) .وقال عبدالحق : ( الصحيح في هذا قول أبي ذر غير المرفوع إلى النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ) . وقال ابن القطان : ( فيه الحرث بن بلال عن أبيه بلال بن الحرث والحرث بن بلال لا يعرف حاله )
في معنى التلبية ثمانية أقوال :
__________
(1) يريد ـ رحمه الله ـ باب في الإقران وأوله " سمعت رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ يلبي بالحج )(5/47)
أحدهما : إجابة لك بعد إجابة، ولهذا المعنى كررت التلبية إيذانا بتكرير الإجابة .
الثاني : أنه انقياد من قولهم لببت الرجل إذا قبضت على تلابيبه ، والمعنى انقدت لك وسعت نفسي لك خاضعة ذليلة كما يفعل بمن لب بردائه وقبض على تلابيبه .
الثالث : أنه من لب بالمكان إذا قام به ولزمه ، والمعنى أنا مقيم على طاعتك ملازم لها
الرابع : أنه من قولهم داري تلب دارك أي تواجهها وتقابلها أي مواجهتك بما تحب متوجه إليك
الخامس : معناه حبا لك بعد حب من قولهم : امرأة لبة إذا كانت محبة لولدها .
السادس : أنه مأخوذ من لب الشيء وهو خالصه ومنه لب الطعام ولب الرجل عقله وقلبه
ومعناه أخلصت لي وقلبي لك وجعلت لك لبي وخالصتي .
السابع : أنه من قولهم فلان رخي اللبب وفي لب رخي أي في حال واسعة منشرح الصدر
ومعناه أن منشرح الصدر متسع القلب لقبول دعوتك وإجابتها متوجه إليك بلبب رخي يوجد المحب إلى محبوبه لا بكره ولا تكلف .
الثامن : أنه من الإلباب وهو الاقتراب أي اقترابا إليك بعد اقتراب كما يتقرب المحب من محبوبه . 252
( سعديك ) من المساعدة وهي المطاوعة ، ومعناه مساعدة في طاعتك وما تحب بعد مساعدة . و( الرغباء إليك ) معناها الطلب والمسألة والرغبة .
اشتملت كلمات التلبية على قواعد عظيمة وفوائد جليلة :
إحداها : أن قولك لبيك يتضمن إجابة داع دعاك ومناد ناداك ولا يصح في لغة ولا عقل إجابة من لا يتكلم ولا يدعو من أجابه .
الثانية : أنها تتضمن المحبة كما تقدم ولا يقال لبيك إلا لمن تحبه وتعظمه ولهذا قيل في معناها أنا مواجه لك بما تحب وأنها من قولهم امرأة لبة أي محبة لولدها .
الثالثة : أنها تتضمن التزام دوام العبودية ولهذا قيل هي من الإقامة أي أنا مقيم على طاعتك
الرابعة : أنها تتضمن الخضوع والذل أي خضوعا بعد خضوع من قولهم : أنا ملب بين يديك أي خاضع ذليل .
الخامسة : أنها تتضمن الإخلاص ولهذا قيل إنها من اللب وهو الخالص .(5/48)
السادسة : أنها تتضمن الإقرار بسمع الرب تعالى إذ يستحيل أن يقول الرجل لبيك لمن لا يسمع دعاءه .
السابعة : أنها تتضمن التقرب من الله ولهذا قيل إنها من الإلباب وهو التقرب .
الثامنة : أنها جعلت في الإحرام شعارا لانتقال من حال إلى حال ومن منسك إلى منسك كما جعل التكبير في الصلاة سبعا للانتقال من ركن إلى ركن ولهذا كانت السنة أن يلبي حتى يشرع في الطواف فيقطع التلبية ثم إذا سار لبى حتى يقف بعرفة فيقطعها ثم يلبي حتى يقف بمزدلفة فيقطعها ثم يلبي حتى يرمي جمرة العقبة فيقطعها ؛ فالتلبية شعار الحج والتنقل في أعمال المناسك ، فالحاج كلما انتقل من ركن إلى ركن قال : لبيك اللهم لبيك كما أن المصلي يقول في انتقاله من ركن إلى ركن الله أكبر فإذا حل من نسكه قطعها كما يكون سلام المصلي قاطعا لتكبيره .
التاسعة : أنها شعار لتوحيد ملة إبراهيم الذي هو روح الحج ومقصده بل روح العبادات كلها والمقصود منها ولهذا كانت التلبية مفتاح هذه العبادة التي يدخل فيها بها .
العاشرة : أنها متضمنة لمفتاح الجنة وباب الإسلام الذي يدخل منه إليه وهو كلمة الإخلاص والشهادة لله بأنه لا شريك له .
الحادية عشرة : أنها مشتملة على الحمد لله الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله واول من يدعي إلى الجنة أهله وهو فاتحة الصلاة وخاتمتها .
الثانية عشرة : أنها مشتملة على الاعتراف لله بالنعمة كلها ولهذا عرفها باللام المفيدة للاستغراق أي النعم كلها لك وانت موليها والمنعم بها .
الثالثة عشرة : أنها مشتملة على الاعتراف بأن الملك كله لله وحده فلا ملك على الحقيقة لغيره .
الرابعة عشرة : أن هذا المعنى مؤكد الثبوت بإن المقتضية تحقيق الخبر وتثبيته وأنه مما لا يدخله ريب ولا شك .(5/49)
الخامسة عشرة : في إن وجهان فتحها وكسرها فمن فتحها تضمنت معنى التعليل أي لبيك الحمد والنعمة لك ومن كسرها كانت جملة مستقلة مستأنفة تتضمن ابتداء الثناء على الله والثناء إذا كثرت جمله وتعددت كان أحسن من قلتها وأما إذا فتحت فإنها تقدر بلام التعليل المحذوفة معها قياسا والمعنى لبيك لأن الحمد لك والفرق بين أن تكون جمل الثناء علة لغيرها وبين أن تكون مستقلة مرادة لنفسها .
السادسة عشرة : أنها متضمنة للإخبار عن اجتماع الملك والنعمة والحمد لله عزوجل وهذا نوع آخر من الثناء عليه غير الثناء بمفردات تلك الأوصاف العلية فله سبحانه من أوصافه العلي نوعا ثناء نوع متعلق بكل صفة على انفرادها ونوع متعلق باجتماعها وهو كمال مع كمال وهو عامة الكمال والله سبحانه يفرق في صفاته بين الملك والحمد وسوغ هذا المعنى أن اقتران أحدهما بالآخر من أعظم الكمال والملك وحده كمال والحمد كمال واقتران أحدهما بالآخر كمال فإذا اجتمع الملك المتضمن للقدرة مع النعمة المتضمنة لغاية النفع والإحسان والرحمة مع الحمد المتضمن لعامة الجلال والإكرام الداعي إلى محبته كان في ذلك من العظمة والكمال والجلال ما هو أولى به وهو أهله وكان في ذكر الحمد له ومعرفته به من انجذاب قلبه إلى الله وإقباله عليه والتوجه بدواعي المحبة كلها إليه ما هو مقصود العبودية ولبها وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء . ونظير هذا اقتران الغنى بالكرم كقوله : " فإن ربي غني كريم " فله كمال من غناه وكرمه ومن اقتران أحدهما بالآخر . ونظيره اقتران العزة بالرحمة " وإن ربك لهو العزيز الرحيم " ونظيره اقتران العفو بالقدرة " وكان الله عفوا قديرا " ونظيره اقتران العلم بالحلم " والله عليم حليم " ونظيره اقتران الرحمة بالقدرة " والله قدير والله غفور رحيم " وهذا يطلع ذا اللب على رياض من العلم أنيقات ويفتح له باب محبة الله ومعرفته والله المستعان وعليه التكلان .(5/50)
السابعة عشرة : أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ قال : " أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " وقد اشتملت بالتلبية على هذه الكلمات بعينها وتضمنت معانيها . وقوله : وهو على كل شيء قدير لك أن تدخلها تحت قولك في التلبية : لا شريك لك ، ولك أن تدخلها تحت قولك : إن الحمد والنعمة لك ، ولك أن تدخلها تحت إثبات الملك له تعالى إذ لو كان بعض الموجودات خارجا عن قدرته وملكه واقعا بخلق غيره لم يكن نفي الشريك عاما ولم يكن إثبات الملك والحمد له عاما وهذا من أعظم المحال والملك كله له والحمد كله له وليس له شريك بوجه من الوجوه .
الثامنة عشر : أن كلمات التلبية متضمنة للرد على كل مبطل في صفات الله وتوحيده فإنها مبطلة لقول المشركين على اختلاف طوائفهم ومقالاتهم ، ولقول الفلاسفة وإخوانهم من الجهمية المعطلين لصفات الكمال التي هي متعلق الحمد فهو سبحانه محمود لذاته ولصفاته ولأفعاله فمن جحد صفاته وأفعاله فقد جحد حمده ، ومبطلة لقول مجوس الأمة لقدرية الذين أخرجوا من ملك الرب وقدرته أفعال عبادة من الملائكة والجن والإنس فلم يثبتوا له عليها قدرة ولا جعلوه خالقا لها فعلى قولهم لا تكون داخلة تحت ملكه إذ من لا قدرة له على الشيء كيف يكون هذا الشيء داخلا تحت ملكه فلم يجعلوا الملك كله لله ولم يجعلوه على كل شيء قدير ، وأما الفلاسفة فعندهم لا قدرة له على شيء البتة فمن علم معنى هذه الكلمات وشهدها وأيقن بها باين جميع الطوائف المعطلة .(5/51)
التاسعة عشرة : في عطف الملك على الحمد والنعمة بعد كمال الخبر وهو قوله إن الحمد والنعمة والملك ولم يقل إن الحمد والنعمة لك والملك لطيفة بديعة ؛ وهي أن الكلام يصير بذلك جملتين مستقلتين فإنه لو قال إن الحمد والنعمة والملك لك كان عطف الملك على ما قبله عطف مفرد فلما تمت الجملة الأولى بقوله لك ثم عطف الملك كان تقديره والملك لك فيكون مساويا لقوله له الملك وله الحمد ولم يقل الملك والحمد وفائدته تكرار الحمد في الثناء .
العشرون : لما عطف النعمة على الحمد ولم يفصل بينهما بالخير كان فيه إشعار باقترانهما وتلازمهما وعدم مفارقة أحدهما للآخر فالإنعام والحمد قرينان .
الحادية والعشرون : في إعادة الشهادة له بأنه لا شريك له لطيفة وهي : أنه أخبر لا شريك له عقب إجابته بقوله لبيك ثم أعادها عقب قوله إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وذلك يتضمن أنه لا شريك له في الحمد والنعمة الملك والأول يتضمن أنه لا شريك لك في إجابة هذه الدعوة ؛ وهذا نظير قوله تعالى : " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم " فأخبر بأنه لا إله إلا هو في أول الآية وذلك داخل تحت شهادته وشهادة ملائكته وأولي العلم وهذا هو المشهود به ثم أخبر عن قيامه بالقسط وهو العدل فأعاد الشهادة بأنه لا إله إلا هو مع قيامه بالقسط . 255
حديث ابن عمر سأل رجل رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ ما يترك المحرم من الثياب فقال : " لا يلبس البرانس … … " فيه أحكام عديدة :(5/52)
الحكم الأول أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ سئل عما يلبس المحرم وهو غير محصور فأجاب بما لا يلبس لحصره فعلم أن غيره على الإباحة ونبه بالقميص على ما فصل للبدن كله من جبة أو دلق أو دراعة أو عرقشين ونحوه ونبه بالعمامة على كل ساتر للرأس معتاد كالقبع والطاقية والقلنسوة والكلتة ونحوها ونبه بالبرنس على المحيط بالرأس والبدن جميعا كالغفارة ونحوها ونبه بالسراويل على المفصل على الأسافل كالتبان ونحوه ونبه بالخفين على ما في معناهما من الجرموق والجورب والزربول ذي الساق ونحوه .
الحكم الثاني : أنه منعه من الثوب المصبوغ بالورس أو الزعفران وليس هذا لكونه طيبا فإن الطيب في غير الورس والزعفران أشد ولأنه خصه بالثوب دون البدن وإنما هذا من أوصاف الثوب الذي يحرم فيه أن لا يكون مصبوغا بورس ولا زعفران .
الحكم الثالث : أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ رخص في لبس الخفين عند عدم النعلين ولم يذكر فدية ورخص في حديث كعب بن عجرة في حلق رأسه مع الفدية وكلاهما محظور بدون العذر والفرق بينهما أن أذى الرأس ضرورة خاصة لا تعم فهي رفاهية للحاجة وأما لبس الخفين عند عدم النعلين فبدل يقوم مقام المبدل والمبدل وهو النعل لا فدية فيه فلا فدية في بدله وأما حلق الرأس فليس ببدل وإنما هو ترفه للحاجة فجبر بالدم .
الحكم الرابع : أنه أمر لابس الخفين بقطعهما أسفل من كعبيه في حديث ابن عمر لأنه إذا قطعهما أسفل من الكعبين صارا شبيهين بالنعل . 277
اختلف الفقهاء في قطع الخف هل هو واجب أم لا على قولين :(5/53)
أحدهما : أنه واجب وهذا قول الشافعي وأبي حنيفة ومالك والثوري وإسحاق وابن المنذر وإحدى الروايتين عن أحمد لأمر رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ بقطعهما وتعجب الخطابي من أحمد فقال : ( العجب من أحمد في هذا فإنه لا يكاد يخالف سنة تبلغه وقلت سنة لم تبلغه ) وعلى هذه الرواية إذا لم يقطعهما تلزمه الفدية .
والثاني : أن القطع ليس بواجب وهو أصح الروايتين عن أحمد ويروى عن علي بن أبي طالب وهو قول أصحاب ابن عباس وعطاء وعكرمة وهذه الرواية أصح لما في الصحيحين عن ابن عباس قال سمعت النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ يخطب بعرفات " من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين " فأطلق الإذن في لبس الخفين ولم يشترط القطع وهذا كان بعرفات والحاضرون معه إذ ذاك أكثرهم لم يشهدوا خطبته بالمدينة فإنه كان معه من أهل مكة واليمن والبوادي من لا يحصيهم إلا الله تعالى وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع ، وهو أعظم جمع كان له ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ فقال " من لم يجد الإزار فليلبس السروايل ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين " ولم يأمر بقطع ولا فتق . فدل هذا على أن هذا الجواز لم يكن شرع بالمدينة وأن الذي شرع بالمدينة هو لبس الخف المقطوع ثم شرع بعرفات لبس الخف من غير قطع . 278
إن قيل حديث ابن عمر مقيد وحديث ابن عباس مطلق والحكم والسبب واحد وفي مثل هذا يتعين حمل المطلق على المقيد وقد أمر في حديث ابن عمر بالقطع فالجواب من وجهين :(5/54)
أحدهما : أن قوله في حديث ابن عمر وليقطعهما قد قيل إنه مدرج من كلام نافع قال صاحب المغني : ( كذلك روي في أمالي أبي القاسم بن بشران بإسناد صحيح أن نافعا قال بعد روايته للحديث وليقطع الخفين أسفل من الكعبين والإدراج فيه محتمل لأن الجملة الثانية يستقل الكلام الأول بدونها فالإدراج فيه ممكن فإذا جاء مصرحا به أن نافعا قاله زال الإشكال ) ويدل على صحة هذا أن ابن عمر كان يفتي بقطعهما للنساء فأخبرته صفية بنت أبي عبيد عن عائشة أن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ رخص للمحرم أن يلبس الخفين ولا يقطعهما قالت صفية فلما أخبرته بهذا رجع .
الجواب الثاني : أن الأمر بالقطع كان بالمدينة ورسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ يخطب على المنبر فناداه رجل فقال ما يلبس المحرم من الثياب فأجابه بذلك وفيه الأمر بالقطع وحديث ابن عباس وجابر بعده وعمرو بن دينار روى الحديثين معا ثم قال انظروا أيهما كان قبل وهذا يدل على أنهم علموا نسخ الأمر بحديث ابن عباس وقال الدارقطني : قال أبو بكر النيسابوري : حديث ابن عمر قبل لأنه قال نادى رجل رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ وهو في المسجد فذكره وابن عباس يقول سمعت رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ يخطب بعرفات .(5/55)
فإن قيل حديث ابن عباس رواه أيوب والثوري وابن عيينة وابن زيد وابن جريج وهشيم كلهم عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس ولم يقل أحد منهم بعرفات غير شعبة ورواية الجماعة أولى من رواية الواحد ، قيل هذا عبث فإن هذه اللفظة متفق عليها في الصحيحين وناهيك برواية شعبة لها وشعبة حفظها وغيره لم ينفها بل هي في حكم جملة أخرى في الحديث مستقلة وليست تتضمن مخالفة للآخرين ومثل هذا يقبل ولا يرد ، ولهذا رواه الشيخان ، وقد قال عليُّ ـ رضي الله عنه ـ : قطع الخفين فساد يلبسهما كما هما ، وهذا مقتضى القياس ، فإن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ سوى بين السراويل وبين الخف في لبس كل منهما عند عدم الإزار والنعل ولم يأمر بفتق السراويل لا في حديث ابن عمر ولا في حديث ابن عباس ولا غيرهما ولهذا كان مذهب الأكثرين أنه يلبس السراويل بلا فتق عند عدم الإزار فكذلك الخف يلبس ولا يقطع ولا فرق بينهما ، وأبو حنيفة طرد القياس وقال : يفتق السراويل حتى يصير كالإزار ، والجمهور قالوا : هذا خلاف النص لأن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ قال : " السراويل لمن لم يجد الإزار " وإذا فتق لم يبق سراويل ، ومن اشترط قطع الخف خالف القياس مع مخالفته النص المطلق بالجواز .
ولا يسلم من مخالفة النص والقياس إلا من جوز لبسهما بلا قطع أما القياس فظاهر وأما النص فما تقدم تقديره .
والعجب أن من يوجب القطع يوجب مالا فائدة فيه فإنهم لا يجوزون لبس المقطوع كالمداس والجمجم ونحوهما بل عندهم المقطوع كالصحيح في عدم جواز لبسه فأي معنى للقطع والمقطوع عندكم كالصحيح ؟ ! .
قال شيخنا : وأفتى به جدي أبو البركات في آخر عمره لما حج . وقال شيخنا : وهو الصحيح لأن المقطوع لبسه أصل لا بدل . 279
مدار مسألة قطع الخفين وفتق السراويل على ثلاث نكت :
إحداها أن رخصة البدلية إنما شرعت بعرفات ولم تشرع قبل .(5/56)
والثانية أن تأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع .
والثالثة أن الخف المقطوع كالنعل أصل لا أنه بدل . 282
وأما نهيه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ في حديث ابن عمر المرأة أن تنتقب وأن تلبس القفازين فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه فيحرم عليها فيه ما وضع وفصل على قدر الوجه كالنقاب والبرقع ولا يحرم عليها سترة بالمقنعة والجلباب ونحوهما وهذا أصح القولين فإن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ سوى بين وجهها ويديها ومنعها من القفازين والنقاب ومعلوم أنه لا يحرم عليها ستر يديها وأنهما كبدن المحرم يحرم سترهما بالمفصل على قدرهما وهما القفازان فهكذا الوجه إنما يحرم ستره بالنقاب ونحوه وليس عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام إلا النهي عن النقاب وهو كالنهي عن القفازين فنسبة النقاب إلى الوجه كنسبة القفازين إلى اليد سواء وهذا واضح بحمد الله . 282
ثبت عن أسماء ـ رضي الله عنها ـ أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة ، وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا .283
اشتراط المجافاة عن وجه المرأة كما ذكره القاضي وغيره ضعيف لا أصل له دليلاً ولا مذهباً . 283
فإن قيل فما تصنعون بالحديث المروي عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أنه قال : " إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها " . فجعل وجه المرأة كرأس الرجل وهذا يدل على وجوب كشفه ؟ .(5/57)
قيل هذا الحديث لا أصل له ولم يروه أحد من أصحاب الكتب المعتمد عليها ولا يعرف له إسناد ولا تقوم به حجة ولا يترك له الحديث الصحيح الدال على أن وجهها كبدنها وأنه يحرم عليها فيه ما أعد للعضو كالنقاب والبرقع ونحوه لا مطلق الستر كاليدين والله أعلم . 283
تحريم لبس القفازين على المرأة في الحج قول عبد الله بن عمر وعطاء وطاووس ومجاهد وإبراهيم النخعي ومالك والإمام أحمد والشافعي في أحد قوليه وإسحق بن راهويه وتذكر الرخصة عن علي وعائشة وسعد بن أبي وقاص وبه قال الثوري وأبو حنيفة والشافعي في القول الآخر ونهى المرأة عن لبسهما ثابت في الصحيح كنهي الرجل عن لبس القميص والعمائم وكلاهما في حديث واحد عن راو واحد وكنهيه المرأة عن النقاب وهو في الحديث نفسه وسنة رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ أولى بالاتباع وهي حجه على من خالفها وليس قول من خالفها حجة عليها فأما تعليل حديث ابن عمر في القفازين بأنه من قوله فإنه تعليل باطل وقد رواه أصحاب الصحيح والسنن والمسانيد عن ابن عمر عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ في حديث نهيه عن لبس القمص والعمائم والسراويلات وانتقاب المرأة ولبسها القفازين ولا ريب عند أحد من أئمة الحديث أن هذا كله حديث واحد من أصح الأحاديث عن رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ مرفوعا إليه ليس من كلام ابن عمر ، وموضع الشبهة في تعليله أن نافعا اختلف عليه فيه فرواه الليث بن سعد عنه عن ابن عمر عن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ فذكر فيه " ولا تلبس القفازين " ولكن قد رفعه الليث بن سعد وموسى بن عقبة في الأكثر عنه وإبراهيم بن سعد أيضا رفعه عن نافع . 284(5/58)
عن سعيد بن المسيب قال : ( وهم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم ) . وقد روى مالك في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل أن يخرج وهذا وإن كان ظاهره الإرسال فهو متصل لأن سليمان بن يسار رواه عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال وكنت الرسول بينهما وسليمان بن يسار مولى ميمونة وهذا صريح في تزوجها بالوكالة قبل الإحرام . 296
اختلف الناس قديما وحديثا في مسألة أكل المحرم من الصيد وأشكلت عليهم الأحاديث فيها فقالت طائفة : أن للمحرم أكل ما صاده الحلال من الصيد ، وقالت طائفة : لحم الصيد حرام على المحرم بكل حال ، وقالت طائفة : ما صاده الحلال للمحرم ومن أجله فلا يجوز له أكله فأما ما لم يصده من أجله بل صاده لنفسه أو لحلال لم يحرم على المحرم أكله وهذا قول مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحابهم . قال ابن عبدالبر : وهو الصحيح عن عثمان في هذا الباب . وحجة من ذهب هذا المذهب أنه عليه تصح الأحاديث في هذا الباب وإذا حملت على ذلك لم تتضاد ولم تختلف ولم تتدافع وعلى هذا يجب أن تحمل السنن ولا يعارض بعضها ببعض ما وجد إلى استعمالها سبيل . وآثار الصحابة كلها في هذا الباب إنما تدل على هذا التفصيل . 304
قوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ـ في حديث الحجاج بن عمرو " من كسر ..وعليه الحج من قابل " هذا إذا لم يكن حج الفرض فأما إن كان متطوعا فلا شيء عليه غير هدي الإحصار . 316(5/59)
اختلف العلماء من الصحابة فمن بعدهم فيمن منع من الوصول إلى البيت بمرض أو كسر أو عرج هل حكمه حكم المحصر في جواز التحلل ؟ . فروي عن ابن عباس وابن عمر ومروان بن الحكم أنه لا يحلله إلا الطواف بالبيت وهو قوله مالك والشافعي وإسحاق وأحمد في المشهور من مذهبه ، وروى عن ابن مسعود أنه كالمحصر بالعدو وهو قول أبو حنيفة وأصحابه . ومن حجة هؤلاء حديث الحجاج وأبي هريرة وابن عباس(1) قالوا : وهو حديث حسن يحتج بمثله ، قالوا : وأيضا ظاهر القرآن بل صريحه يدل على أن الحصر يكون بالمرض فإن لفظ الإحصار إنما هو للمرض يقال أحصره المرض وحصر العدو فيكون لفظ الآية صريحا في المريض وحصر العدو ملحق به فكيف يثبت الحكم في الفرع دون قالوا وعلى هذا خرج قول ابن عباس لا حصر إلا حصر العدو ولم يقل لا إحصار إلا إحصار العدو فليس بين رأيه وروايته تعارض ولو قدر تعارضهما فالأخذ بروايته دون رأيه لأن روايته حجة ورأيه ليس بحجة ، قالوا : وأما قولكم إنه لا يستفيد بالإحلال الانتقال من حاله التي هو عليها ولا التخلص من أذاه بخلاف من حصره العدو فكلام لا معنى تحته فإنه قد يستفيد بحله أكثر مما يستفيد المحصر بالعدو فإنه إذا بقي ممنوعا من اللباس وتغطية الرأس والطيب مع مرضه تضرر بذلك أعظم الضرر في الحر والبرد ومعلوم أنه قد يستفيد بحله من الترفه ما يكون سبب زوال أذاه كما يستفيد المحصر بالعدو بحله فلا فرق بينهما فلو لم يأت نص بحل المحصر بمرض لكان القياس على المحصر بالعدو يقتضيه فكيف وظاهر القرآن والسنة والقياس يدل عليه والله أعلم . 316
يستفيد المشترط بالشرط فائدتين ؛ إحداهما : جواز الإحلال ، والثانية : سقوط الدم ، فإذا لم يكن شرط استفاد بالعذر الإحلال وحده وثبت وجوب الدم عليه فتأثير الاشتراط في سقوط الدم . 316
__________
(1) راجع السنن باب الإحصار .(5/60)
أخرج النسائي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف بالبيت على راحلته فإذا انتهى إلى الركن أشار إليه وفي الصحيح عن ابن عمر أنه سئل عن استلام الحجر فقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله رواه البخاري وهذا يحتمل الجمع بينهما ويحتمل أنه رآه يفعل هذا تارة وهذا تارة ، وقد ثبت تقبيل اليد بعد استلامه ففي الصحيحين أيضا عن نافع قال رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده ثم قبد يده وقال ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله فهذه ثلاثة أنواع صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم تقبيله وهو أعلاها واستلامه وتقبيل يده والإشارة إليه بالمحجن وتقبيله لما رواه مسلم عن أبي الطفيل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الحجر بمحجن معه ويقبل المحجن . 330
أما الركن اليماني فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استلمه من رواية ابن عمر وابن عباس وحديث ابن عمر في الصحيحين لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس من الأركان إلا اليمانيين وحديث ابن عباس في الترمذي وقد روى البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن اليماني قبله وفي صحيح الحاكم عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه وهذا المراد به الأسود فإنه يسمى يمانيا مع الركن الآخر يقال لهما اليمانيين بدليل حديث عمر في تقبيله الحجر الأسود خاصة وقوله لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك فلو قبل الآخر لقبله عمر ، وفي النفس من حديث ابن عباس هذا شيء وهل هو محفوظ أم لا ؟ . 330(5/61)
روى ابن حبان في صحيحه عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من طاف بالبيت أسبوعا لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة وكتب له بها حسنة ورفع له بها درجة " (1) وأخرج النسائي عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من طاف بالبيت أسبوعا فهو كعدل رقبة " (1) وهذه الأحاديث عامة في كل الأوقات لم يأت ما يخصها ويخرجها عن عمومها وقد روى الترمذي في الجامع من حديث عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " (1) .
اختلف العلماء في طواف القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب ؛ أحدها : أن على كل منهما طوافين وسعيين ، الثاني : أن عليهما كليهما طوافا واحدا وسعيا واحدا ، الثالث : أن على المتمتع طوافين وسعيين وعلى القارن سعي .347
روى البيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلزق وجهه وصدره بالملتزم ) وفي البيهقي أيضا عن ابن عباس ( أنه كان يلزم ما بين الركن والباب ، وكان يقول ما بين الركن والباب يدعي الملتزم لا يلزم ما بينهما أحد يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه ) ، وأما الحطيم فقيل فيه أقوال أحدها : أنه ما بين الركن والباب وهو الملتزم ، وقيل : هو جدار الحجر لأن البيت رُفِعَ وترك هذا الجدار محطوما ، والصحيح أن الحطيم الحجر نفسه وهو الذي ذكره البخاري في صحيحه واحتج عليه بحديث الإسراء ، قال : " بينا أنا نائم في الحطيم وربما قال في الحجر " قال(2) : وهو حطيم بمعنى محطوم كقتيل بمعنى مقتول .
__________
(1) مراجعة الحديث
(2) من القائل ؟(5/62)
ثبت عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة بإقامة واحدة ، وفي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود أنه صلى صلاتين كل واحدة وحدها بأذان وإقامة وعن ابن عمر في ذلك ثلاث روايات إحداهن : أنه جمع بينهما بإقامتين فقط ، والثانية : أنه جمع بينهما بإقامة واحدة لهما ، والثالثة : أنه صلاهما بلا أذان ولا إقامة ذكر ذلك البغوي . والصحيح في ذلك كله الأخذ بحديث جابر وهو الجمع بينهما بأذان وإقامتين ؛ لوجيهن اثنين أحدهما : أن الأحاديث سواء مضطربة مختلفة فهذا حديث ابن عمر في غاية الاضطراب كما تقدم فروي عن ابن عمر من فعله الجمع بينهما بلا أذان ولا إقامة ؛ وروي عنه الجمع بينهما بإقامة واحدة ؛ وروي عنه الجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة ؛ وروي عنه مسندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الجمع بينهما بإقامة واحدة وروي عنه مرفوعا الجمع بينهما بإقامتين وعنه أيضا مرفوعا الجمع بينهما بأذان واحد وإقامة واحدة لهما وعنه مرفوعا الجمع بينهما دون ذكر أذان ولا إقامة وهذه الروايات صحيحة عنه فيسقط الأخذ بها لاختلافها واضطرابها . وأما حديث ابن عباس فغايته أن يكون شهادة على نفي الأذان والإقامة الثابتين ؛ ومن أثبتهما فمعه زيادة علم وقد شهد على أمر ثابت عاينه وسمعه ، وأما حديث أسامة فليس فيه الإتيان بعدد الإقامة لهما وسكت عن الأذان وليس سكوته عنه مقدما على حديث من أثبته سماعا صريحا بل لو نفاه جملة لقدم عليه حديث من أثبته لتضمنه زيادة على خفيت على النافي ، الوجه الثاني : أنه قد صح من حديث جابر في جمعه صلى الله عليه وسلم بعرفة أنه جمع بينهما بأذان وإقامتين ولم يأت في حديث ثابت قط خلافه والجمع بين الصلاتين بمزدلفة كالجمع بينهما بعرفة لا يفترقان إلا في التقديم والتأخير فلو فرضنا تدافع أحاديث الجمع بمزدلفة جملة لأخذنا حكم الجمع من جمع عرفة . 405(5/63)
كان الإمام أحمد يدفع حديث أم سلمة : ( أنه ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ أرسلها ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت …… ) ويضعفه ، وزعم ابن المنذر أنه لا يعلم خلافا فيمن رماها قبل طلوع الشمس وبعد الفجر أنه يجزئه ؛ قال ـ ابن المنذر ـ : ولو علمت أن في ذلك خلافا لأوجبت على فاعل ذلك الإعادة ، ولم يعلم قول الثوري يعني أنه لا يجوز رميها إلا بعد طلوع الشمس وهو قول مجاهد وإبراهيم النخعي ، فمقتضى مذهب ابن المنذر أنه يجب الإعادة على من رماها قبل طلوع الشمس وحديث ابن عباس(1) صريح في توقيتها بطلوع الشمس وفعله صلى الله عليه وسلم متفق عليه بين الأمة فهذا فعله وهذا قوله وحديث أم سلمة قد أنكره الإمام أحمد وضعفه وقال مالك لم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لأحد في الرمي قبل طلوع الفجر . 417
حديث أسماء في الصحيحين عن عبد الله مولى أسماء "أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي فصلت ساعة ثم قالت يابني هل غاب القمر قلت نعم قالت فارتحلوا فارتحلنا فمضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها فقلت لها ياهنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا قالت يابني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن " وفي لفظ لمسلم لظعنه . ليس في هذا دليل على جواز رميها بعد نصف الليل فإن القمر يتأخر في الليلة العاشرة إلى قبيل الفجر وقد ذهبت أسماء بعد غيابه من مزدلفة إلى منى فلعلها وصلت مع الفجر أو بعده فهي واقعة عين ، ومع هذا فهي رخصة للظعن ، وإن دلت على تقدم الرمي فإنما تدل على الرمي بعد طلوع الفجر . 418
__________
(1) قال ابن عباس : " قدمنا رسول الله صلى الله عليه أغيلمة بني عبدالمطلب على جمرات فجعل "(5/64)
القرآن قد صرح بأن الأذان يوم الحج الأكبر (1)ولا خلاف أن النداء بذلك إنما وقع يوم النحر بمنى فهذا دليل قاطع على أن يوم الحج الأكبر يوم النحر ، وذهب عمر بن الخطاب وابنه عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ والشافعي إلى أنه يوم عرفة ، وقيل أيام الحج كلها ؛ فعبر عن الأيام باليوم كما قالوا يوم الجمل ويوم صفين قاله الثوري ، والصواب القول الأول . 420
أما ما روي عن عثمان أنه تأهل بمكة لذلك ترك القصر وأتم فيرده أن هذا غير معروف بل المعروف أنه لم يكن له بها أهل ولا مال ، وقد ذكر مالك في الموطأ أنه بلغه أن عثمان بن عفان كان إذا اعتمر ربما لم يحطط راحلته حتى يرجع ، ويرده أن عثمان من المهاجرين الأولين وليس لهم أن يقيموا بمكة بعد الهجرة ، وقال ابن عبد البر : وأصح ما قيل فيه أن عثمان أخذ بالإباحة في ذلك ، وقال : غيره اعتقد عثمان وعائشة في قصر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان رخصة أخذ بالأيسر رفقا بأمته فأخذا بالعزيمة وتركا الرخصة ، والله أعلم . 442
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في شوال قط فإنه لا ريب أنه اعتمر عمرة الحديبية وكانت في ذي القعدة ، ثم اعتمر من العام القادم عمرة القضية وكانت في ذي القعدة ، ثم غزا غزاة الفتح ودخل مكة غير محرم ، ثم خرج إلى هوازن وحرب ثقيف ثم رجع إلى مكة فاعتمر من الجعرانة وكانت في ذي القعدة ، ثم اعتمر مع حجته عمرة قرنها بها وكان ابتداؤها في ذي القعدة قال جابر : ( اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر كلهن في ذي القعدة إحداهن زمن الحديبية والأخرى في صلح قريش والأخرى في رجعته من الطائف ومن حنين من الجعرانة )
روى الثوري عن جعفر عن أبيه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج قبل أن يهاجر وحجة بعد ما هاجر معها عمرة ، وهذا لا يناقض ما قبله فإن جابرا أراد عمرته المفردة التي أنشأ لها سفرا لأجل العمرة . 468
__________
(1) ذكر الآية(5/65)
لا يصح قول من قال أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ خرج للعمرة في رمضان لأنه صلى الله عليه وسلم لم يخرج في رمضان إلى مكة إلا في غزاة الفتح ولم يعتمر منها . 470
قال ابن عمر : ( أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى )(1) ، وقال جابر في حديثه الطويل : ( ""ثم أفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر ) ، وقالت عائشة : ( "" أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث )
فاختلف الناس في ذلك فرجحت طائفة منهم ابن حزم وغيره حديث جابر وأنه صلى الظهر بمكة
قالوا : وقد وافقته عائشة واختصاصها به وقربها منه واختصاص جابر وحرصه على الاقتداء به أمر لا يرتاب فيه . وقالوا : ولأنه صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة وحلق رأسه وخطب الناس ونحر مائة بدنة هو وعلي وانتظر حتى سلخت وأخذ من كل بدنة بضعة فطبخت وأكلا من لحمها ، قال ابن حزم : وكانت حجته في آذار ولا يتسع النهار لفعل هذا جميعه مع الإفاضة إلى البيت والطواف وصلاة الركعتين ثم يرجع إلى منى ووقت الظهر باق .
__________
(1) رواه مسلم في صحيحه كتاب الحج باب استحباب طواف الإفاضة يوم النحر ، برقم : 1308 .(5/66)
وقالت طائفة منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره : الذي يرجح أنه إنما صلى الظهر بمنى لوجوه ؛ أحدها : أنه لو صلى الظهر بمكة لأناب عنه في إمامة الناس بمنى إماما يصلي بهم الظهر ولم ينقل ذلك أحد ومحال أن يصلي بالمسلمين الظهر بمنى نائب له ولا ينقله أحد ؛ فقد نقل الناس نيابة عبدالرحمن بن عوف لما صلى بهم الفجر في السفر ؛ ونيابة الصديق لما خرج صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو بن عوف ونيابته في مرضه ، ولا يحتاج إلى ذكر من صلى بهم بمكة لأن إمامهم الراتب الذي كان مستمرا على الصلاة قبل ذلك وبعده هو الذي كان يصلي بهم . الثاني : أنه لو صلى بهم بمكة لكان أهل مكة مقيمين فكان يتعين عليهم الإتمام ولم يقل لهم النبي صلى الله عليه وسلم أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر كما قاله في غزاة الفتح . الثالث : أنه يمكن اشتباه الظهر المقصورة بركعتي الطواف ولا سيما والناس يصلونهما معه ويقتدون به فيهما فظنهما الرائي الظهر ؛ وأما صلاته بمنى والناس خلفه فهذه لا يمكن اشتباهها بغيرها أصلا لا سيما وهو صلى الله عليه وسلم كان إمام الحج الذي لا يصلي لهم سواه فكيف يدعهم بلا إمام يصلون أفرادا ولا يقيم لهم من يصلي بهم هذا في غاية البعد .(5/67)
وأما حديث عائشة فقد فهم منه جماعة منهم المحب الطبري وغيره أنه صلى الظهر بمنى ثم أفاض إلى البيت بعد ما صلى الظهر لأنها قالت أفاض من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى ، قالوا : ولعله صلى الظهر بأصحابه ثم جاء إلى مكة فصلى الظهر بمن لم يصل كما قال جابر ثم رجع إلى منى فرأى قوما لم يصلوا فصلى بهم ثالثة كما قال ابن عمر وهذه حرفشة في العلم وطريقة يسلكها القاصرون فيه وأما فحول أهل العلم فيقطعون ببطلان ذلك ويحيلون الاختلاف على الوهم والنسيان الذي هو عرض البشر ومن له إلمام بالسنة ومعرفة بحجته صلى الله عليه وسلم يقطع بأنه لم يصل الظهر في ذلك اليوم ثلاث مرات بثلاث جماعات بل ولا مرتين ، وإنما صلاها على عادته المستمرة قبل ذلك اليوم وبعده صلى الله عليه وسلم ، وفهم منه آخرون منهم ابن حزم وغيره أنه أفاض حين صلاها بمكة ، وفي نسخة من نسخ السنن أفاض حتى صلى الظهر ثم رجع وهذه الرواية ظاهرة في أنه صلاها بمكة كما قال جابر ورواية حين محتملة للأمرين والله أعلم . 478(5/68)
حديث أم سلمة أن وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين فقال لهم رسول الله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ "÷ل أفضت أبا عبدالله " يرويه ابن إسحاق عن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة يحدثانه عن أم سلمة وقال أبو عبيدة وحدثتني أم قيس بنت محصن وكانت جارة لهم قالت خرج من عندي عكاشة بن محصن في نفر من بني أسد متقمصا عشية يوم النحر ثم رجعوا إلي عشاء وقمصهم على أيديهم يحملونها فقلت أي عكاشة مالكم خرجتم متقمصين ثم رجعتم وقمصكم على أيديكم تحملونها فقال أخبرتنا أم قيس كان هذا يوما رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا إذا نحن رمينا الجمرة حللنا من كل ما أحرمنا منه إلا ما كان من النساء حتى نطوف بالبيت فإذا أمسينا ولم نطف جعلنا قمصنا على أيدينا وهذا يدل على أن الحديث محفوظ فإن أبا عبيدة رواه عن أبيه وعن أمه وعن أم قيس ، وقد استشكله الناس ؛ قال : البيهقي وهذا حكم لا أعلم أحدا من الفقهاء يقول به . 481(5/69)
وقد روى أبو داود عن عقبة عن أبي الزبير عن عائشة وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حديث حسن وأخرجه البخاري تعليقا ، وكأن رواية أبي داود له عقب حديث أم سلمة استدلال منه على أنه أولى من حديث أم سلمة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل قبل طوافه بالبيت ثم أخره إلى الليل لكن هذا الحديث وهم ، فإن المعلوم من فعله صلى الله عليه وسلم أنه إنما طاف طواف الإفاضة نهارا بعد الزوال كما قاله جابر وعبد الله بن عمر وعائشة وهذا أمر لا يرتاب فيه أهل العلم والحديث وقد تقدم قول عائشة أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الظهر من رواية أبي سلمة والقاسم عنها قال البيهقي وحديث أبي سلمة عن عائشة أصح ، وقال البخاري : في سماع أبي الزبير من عائشة نظر وقد سمع من ابن عباس . ويمكن أن يحمل قولها أخر طواف يوم النحر إلى الليل على أنه أذن في ذلك فنسب إليه وله نظائر . 482
في حديث اكتبوا لأبي شاه فوائد منها : أن مكة فتحت عنوة ، وفيه تحريم قطع شجر الحرم ، وتحريم التعرض لصيده بالتنفير فما فوقه ، وفيه أن لقطتها لا يجوز أخذها إلا لتعريفها أبدا والحفظ على صاحبها ، وفيه جواز قطع الإذخر خاصة رطبه ويابسه ، وفيه أن اللاجىء إلى الحرم لا يتعرض له ما دام فيه ؛ ويؤيده قوله في الصحيحين في هذا الحديث فلا يحل لأحد أن يسفك بها دما وفيه ، جواز تأخير الاستثناء عن المستثنى منه وأنه لا يشترط اتصاله به ولا نيته من أول الكلام ، وفيه الإذن في كتابة السنن وأن النهي عن ذلك المنسوخ ، والله أعلم . 500(5/70)
قال ابن القطان : وعندي أنه ضعيف لأنه من رواية يوسف بن ماهك عن أمه مسيكة ، وهي مجهولة لا نعرف روى عنها غير ابنها . والصواب تحسين الحديث فإن يوسف بن ماهك من التابعين ، وقد سمع أم هانئ وابن عمر وابن عباس وعبدالله بن عمرو وقد روى عن أمه ولم يعلم فيها جرح ، ومثل هذا الحديث حسن عند أهل العلم بالحديث ، وأمه تابعية قد سمعت عائشة . 502
الجزء السادس :
وقد أبعد بعض المتكلفين وقال يحتمل أن يكون المراد بقوله ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ ـ " لا تجعلوا بيوتكم قبورا " الحث على كثرة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وأن لا يهمل حتى لا يزار إلا في بعض الأوقات كالعبد الذي لا يأتي في العام إلا مرتين قال ويؤيد هذا التأويل ما جاء في الحديث نفسه لا تجعلوا بيوتكم قبورا أي لا تتركوا الصلاة في بيوتكم حتى تجعلوها كالقبور التي لا يصلى فيها قال بعضهم وزيارة قبره صلوات الله وسلامه عليه غنية عن هذا التكلف البارد والتأويل الفاسد الذي يعلم فساده من تأمل سياق الحديث ودلالة اللفظ على معناه وقوله في آخره وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم وهل في الألغاز أبعد من دلالة من يريد الترغيب في الإكثار من الشيء وملازمته بقوله لا تجعله عيدا وقوله ولا تتخذوا بيوتكم قبورا نهى لهم أن يجعلوه بمنزلة القبور التي لا يصلى فيها وكذلك نهيه لهم أن يتخذوا قبره عيدا نهي لهم أن يجعلوه مجمعا كالأعياد التي يقصد الناس الاجتماع إليها للصلاة بل يزار قبره صلوات الله وسلامه عليه كما كان يزوره الصحابة رضوان الله عليهم على الوجه الذي يرضيه ويحبه صلوات الله وسلامه عليه . 31
تم المقصود من حاشية ابن القيم على سنن أبي داود(5/71)
الحج في اللغة : القصد ، أو القصد إلى معظّم ، أو كثرة الإختلاف إلى معظّم ومنه قول السعدي :
ألم تعلمي يا أم أسعد أنما ... تخطأني ريب المنون لأكبرا
واشهدَ من عوفٍ حلولاً كثيرةً ... يحجون سِبَّ الزّبْرقانِ المزعفرا
أي يقصدونه قصداً كثيراً .
الحجُ بالفتح وبالكسر فيقال : الحَجُ و الحِج ، لكن الفتح أشهر وأغلب وإلا قُرءَ ) لله على الناس حِجُ البيت ( و ) لله على الناس حَجُ البيت ( هذا الأشهر في الحج وعكسه شهر ذي الحِجة فإن الكسر فيه أشهر من الفتح فيقال : ذي الحِجة أشهر من ذي الحَجة .
أما في الاصطلاح : فقيل هو : قصد مكة لأداء ركن من أركان الإسلام .
وقيل هو : قصد مكان مخصوص لعمل مخصوص في زمن مخصوص .
مكان مخصوص : أي قصد مكة والمشاعر .
لعمل مخصوص : هي أعمال الحج من الطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى ورمي الجمار وغير ذلك .
زمن مخصوص : أي في أشهر الحج .
لكن هذا التعريف الأخير عليه اعتراض لأن من جاء إلى المسجد وأراد أن يصلي فإنه قصد مكان مخصوصاً لعمل مخصوص في زمن مخصوص .
وكل ما يذكر من تعريفات لا تسلم من اعتراض ، والحج واضح لا يحتاج إلى تعريف بل الحج أوضح من هذه التعريفات التي تذكر ولهذا يقال : أن تعريف الواضحات لا يزيدها إلا غموضاً .
ولكن على طالب العلم أن يمرن نفسه على التعريفات اللغوية والاصطلاحية .
والعمرة في اللغة : الزيارة .
وأما في الاصطلاح : زيارة البيت لعمل مخصوص .
وينبغي أن نذكر دائماً أمراً مهماً أمام العبادات وهو التماس الحِكم التشريعية من هذه العبادات لأن الله عز وجل شرع الأحكام لغايات عظيمة ومقاصد مهمة وأهداف سامية ينبغي على الإنسان أن يقف عليها لأنه متى ما أدرك الحِكمة ترتب على ذلك أداء العبادة على الوجه الصحيح الذي يتناسب ومقاصد تلك العبادة .(6/1)
والحج عبادةٌ عظيمة فرضها الله عز وجل على عباده ونحن نعرض بعض الحِكم التي ذكرها العلماء فيه ثم نبيّن ما ترتب على الجهل بها في أداء الناس في هذه الشعيرة ، وفيه من الحِكم والفوائد ما لا يعلمه إلا الله عز وجل ومن هذه الحِكم :
الحِكمة الأولى : أنه عبادة لله عز وجل :
وكل عبادة لها مقصد عام ، هذا المقصد هو الخضوع والتذلل لله وهذا في جميع العبادات أنها من حِكمها العظيمة الخضوع والتذلل لله تبارك وتعالى ، ومتى حصل هذا القصد للعبد وكان خاضعاً متذللاً لربه تبارك وتعالى فإنه حينئذ يعنى بهذه العبادة لأنه يريد أن يحقق هذا القصد فأنت حين تصلي تستشعر هذه الغاية وهو إظهار الخضوع والتذلل لله عز وجل ، وحين تحج وحين تعتمر وحين تطوف بالبيت …
فإذاً كل عبادة مقصدها العام الخشوع والتذلل حتى يظهر فقر العبد لله عز وجل أنه عبد لله كلفه بما شاء سبحانه فليس له أن يعترض على الله عز وجل .
الحِكمة الثانية : إقامة ذكر الله عز وجل :
فمن تأمل الآيات التي وردت في الحج يجد هذا جلياً واضحاً فيها ، فإن الله عز وجل ذكر آيات تتعلق بالحج وذكر فيها أهمية الذكر فقال - عز وجل - :
1- ) ليس عليكم جُناحٌ أن تبتغوا فضلاً من ربكم فإذا أفضتم من عرفاتٍ فاذكروا الله عند المشعر الحرام وذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضآلين * ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله أن الله غفور رحيم * فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم ءابآءكم أو أشد ذكرا ( .
2- ) واذكروا الله في أيام معدودات ( .
3- ) وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ( .
فتلاحظ أن هذه الآيات جميعاً ذُكر فيها أهمية الذكر في الحج ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال : (( إنما جُعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله )) .(6/2)
فهذه الحِكمة وهذا المقصد العظيم الذي شُرع من أجله الحج كثيرٌ من الناس في غفلة عنه ، لذا يرتكبون أفعالاً كثيرة مخالفة لهذا المقصد أو لا علاقة لها بالحج وذلك حين يشتغلون باللهو وبالقيل والقال .
فأنت تلاحظ أنه من حين يُحرم الحاج يلبي لله عز وجل وهذا ذكر لله ، وفي الطواف يذكر الله وفي السعي يذكر الله ، وفي عرفات يذكر الله ، وعند المشعر الحرام يذكر الله ، وفي كل فعلٍ من أفعال الحج ذكرٌ لله .
الحِكمة الثالثة: أن يستشعر الإنسان ما هو قادمٌ عليه من المصير :
فحين يتجرد من ثيابه التي كان يلبسها يُذكره ذلك بالآخرة ، ففي الحج تذكيرٌ بالآخرة ، فكأنه يُقال للإنسان إنك في يوم من الأيام ستجرد من ملابسك وستودع هذه الدنيا .
الحِكمة الرابعة : إن في الحج اجتماع المسلمين :
وهذا مقصد عظيم ، ففيه وحدة المسلمين وجمع كلمتهم ووحدة صفهم ، فهذا المقصد العظيم رأيناه ظاهراً في صلاة الجماعة التي تتكرر في اليوم خمس مرات في المساجد فهذا اجتماع مصغر يلتقي فيه أصحاب الحي في اليوم خمس مرات في بيت من بيوت الله عز وجل يؤدون فريضةً من فرائض الله ، ثم يأتي اجتماع أكبر وهو يوم الجمعة وهو اجتماع أسبوعي ، ثم يأتي اجتماع في السنة مرتين وهو الاجتماع لصلاة العيدين ( عيد الفطر وعيد الأضحى ) ، ثم يأتي الحج وهو الاجتماع السنوي للمسلمين وهو واجب في العمر مرة كما يأتي في كلام المؤلف - رحمه الله تعالى - وفي هذا الاجتماع منافع كثيرة كما قال الله عز وجل :(6/3)
) ليشهدوا منافع لهم ( ، فقوله عز وجل : ) منافع( كلمة مطلقة تشمل : المنافع الأخلاقية والدينية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، ... ، وقد ذكر العلماء - رحمهم الله تعالى - كثيراً من المنافع التي تترتب على الاجتماع في الحج فمنها : تعرف المسلمين على بلاد بعضهم ، وعلى أحوالهم ، ويتعرف التاجر على مواطن التجارة في البلدان المختلفة ، و يتعرف على ما يحتاج إليه المسلمون في كل مكان من بقاع الأرض .
بالإضافة إلى أن هذا الاجتماع مظهرٌ من مظاهر وحدة المسلمين ، لأنهم يظهرون بلباس واحد ويجتمعون في مكان واحد يدعون رباً واحداً ويقومون بإعمال واحدة ولا فرق بين غنيهم وفقيرهم ، فهذا مظهر أيضاً من مظاهر اجتماعهم ووحدة كلمتهم .
الحِكمة الخامسة : في الحج مغفرة الذنوب وابتغاء الثواب :
وهذا أعظم ما يسعى إليه الإنسان فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : (( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة )) :
والحج المبرور هو الذي :
1- أن يكون خالصاً لله عز وجل .
2- أن يمتثل العبد فيه لأوامر الله ويجتنب نواهيه العامة والخاصة .
3- أن يكون فيه المال حلالاً .
4- أن يكون صاحبه متبعاً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أداء النسك .
وقال - صلى الله عليه وسلم - : (( من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أُمه )) فهذا أيضاً مقصد عظيم يسعى إليه المسلمون .
الحِكمة السادسة : إحياء سنة إبراهيم عليه السلام .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
يجب الحج والعمرة مرة في العمر .
1- وجوب الحج :
أما وجوب الحج فبإجماع العلماء - رحمهم الله تعالى - وبدلالة الكتاب ، والسنة ، والحج فريضة فرضها الله عز وجل وركن من أركان الإسلام :
والدليل على وجوب الحج من الكتاب : قوله تعالى : ) ولله على الناس حجُ البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ( .(6/4)
والدليل على وجوبه من السنة :
1- ما في الصحيحين من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( بُني الإسلام على خمسٍ : شهادة إلا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وأقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت )) .
2- ما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( أيها الناس إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا ، فقام رجلٌ فقال : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : ذروني ما تركتكم إنما أهلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا )) .
وقد أجمع المسلمون على وجوب الحج وفرضيته على من استطاع إليه سبيلا .
2- وجوب العمرة :
أما العمرة ففي وجوبها في مذهب الإمام أحمد روايتان ، هما قولان للعلماء ، وهناك رواية ثالثة عندهم :
الرواية الأولى : أن العمرة واجبة : وهي المشهورة عندهم وهي المذهب وهي قول الشافعي في المشهور كما ذكر ذلك النووي .
وأدلة هذا القول هي :
1- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت : يا رسول الله : هل على النساء جهاد ؟ قال : (( نعم عليهن جهاد لا قتال فيه ، الحج والعمرة )) .
قالوا : وجه الدلالة من هذا الحديث : أن ( على ) للوجوب لأنه قال : (( عليهن الحج والعمرة )) أي يجب عليهن الحج والعمرة .
2- حديث أبي رزين العقيلي أنه قال : (( يا رسول الله : إن أبي شيخٌ كبير لا يستطيع الحج والعمرة والظعن فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - : حُج عن أبيك واعتمر )) ، وهذا الحديث خرّجه الإمام أحمد وأصحاب السنن وصححه النووي .(6/5)
ولكن هذا الحديث في الحقيقة لا يدل على الوجوب لأنه ربما أراد هذا أنه هل يحج عنه تطوعاً أو لا ؟ فليس في الحديث ما يدل على الوجوب ، لكن حديث عائشة - رضي الله عنها - ظاهر في هذا - والله أعلم .
3- حديث زيد بن ثابت وحديث جابر : (( الحج والعمرة فريضتان )) لكن الحديث ضعيف .
الرواية الثانية: أن العمرة ليست واجبه( مستحبة ) : واستدل هؤلاء بحديث جابر عند أحمد وابن ماجه والبيهقي أنه قال : (( أن أعرابياً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أخبرني عن العمرة أواجبة هي ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : لا ، وأن تعتمر خيرٌ لك )) لكن هذا الحديث ضعيف ، وأطال النووي في المجموع في بيان ضعفه ، وقال الحافظ في بلوغ المرام : (( والراجح وقفه )) .
الرواية الثالثة : أنها واجبة إلا على المكي : يعني تجب على الآفقي دون المكي ودليل هذه الرواية هو قول ابن عباس – رضي الله عنه - : (( يا أهل مكة لا عمرة عليكم إنما عمرتكم طوافكم بالبيت )) .
والظاهر - والله تعالى - أعلم :
أن العمرة واجبه ، وذلك لما يلي :
1- لصحة حديث عائشة - رضي الله عنها – وقوة دلالته ، ولحديث أبي رزين العقيلي المتقدمين .
2- أن أحاديث الوجوب ناقلة عن الأصل وعكسها مبقٍ على الأصل ، وإذا تعارض عندنا حديثان أحدهما ناقلٌ عن الأصل والآخر مبقٍ على الأصل ، فإنه يقدّم الناقل عن الأصل على المبقي على الأصل ، فأحاديث الوجوب ناقلة عن الأصل ( لأن الأصل براءة الذمة وعدم الوجوب ) فتقدم أحاديث الوجوب .
3- أن الوجوب مقدم على غير الوجوب لأن فيه إبراءً للذمة ولأن فيه احتياطاً للعبادة .
أن الذي يعتمر بنية الفريضة فإنه تبرأ ذمته بإجماع العلماء ، وأن من اعتمر
بنية النفل فإنه لا تبراء ذمته عند بعض العلماء الذين يرون الوجوب ، وإذا تردد الأمر بين الإجزاء وعدمه فالأولى أن يأتي الإنسان بالأحوط :
وذو احتياط في أمور الدينِ مَنْ فَرّ مِنْ شكٍ إلى يقينِ(6/6)
مسألة : إذا لم يُحدد النية في العمرة أو الحج هل هي فريضة أو نافلة فما الحكم ؟
الجواب : إذا كان لم يؤِد الفريضة فهي فريضة .
أما قول المؤلف – رحمه الله تعالى - : (( في العمر مرة واحدة )) فقد تقدم في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم )) .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
على المسلم العاقل البالغ الحر إذا استطاع إليه سبيلا .
شروط الحج خمسة وهي :
1- الإسلام
2- العقل
3- البلوغ
4- الحرية
5- الاستطاعة
وهذه الخمسة جمعها عثمان بن قائد النجدي بقوله :
الحج والعمرة واجبان في العمر مرةً بِلا تواني
بشرط إسلامٍ كذا حريّه عقل بلوغ قُدرة جليّه
وسيأتي معنا - إن شاء الله تعالى - شرط سادس في حق المرأة وهو وجود محرمها .
هذه الخمسة شروط تقسّم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : شروط وجوب وصحة .
القسم الثاني : شروط وجوب وإجزاء .
القسم الثالث : شروط وجوب فقط .
القسم الأول : شروط وجوب وصحة :
وهي الإسلام والعقل ، يعني لا يجب الحج ولا يصح من الكافر والمجنون .
لا يصح من المجنون لأنه ليس مكلفاً لأن من شرط التكليف : العقل وفهم الخطاب ، وهذا
لا يعقل ولا يفهم الخطاب فكيف يصح منه القصد إلى العبادة ، والحج عبادة تحتاج إلى نية وإلى قصد ، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( رفع القلم عن ثلاثة – وذكر منهم المجنون حتى يعقل )) .
والكافر فيه خلاف تقدم معنا في أكثر من موضع هل الكافر مخاطب بفروع الشريعة أو لا ؟ والصحيح أنهم مخاطبون بفروع الشريعة ، بمعنى أنهم يحاسبون عليها في الآخرة زيادةً على حسابهم وعذابهم لتركهم التوحيد يعني أنهم محاسبون على الصلاة وعلى الصيام والزكاة وصلة الأرحام والبر …
فلو حج الكافر فلا يقبل منه لقوله تعالى : ) وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثورا ( .
القسم الثاني : شروط وجوب وإجزاء :(6/7)
وهي البلوغ والحرية ، فالحج لا يجب على الصبي والعبد ، ولو حجّا صح منهما و لا يجزيء عنهما :
أما كون الحج لا يجب عليهما : فلأن الصبي غير مكلف لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( رفع القلم عن ثلاثة ... وذكر منهم : الصبي حتى يكبر )) ، ولأن العبد لا مال له ومن شرط الحج :
( وجود المال ) فإن كان له مال فماله لسيده ثم إنه مشغول بخدمة سيده فلا يجب عليه الحج
لكن إن أذن له السيد بالحج صح حجه .
أما كون الحج يصح منهما : فالصبي لما ثبت في صحيح مسلم من حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقي ركباً بالروحاء فقال مَنِ القوم ؟ قالوا : المسلمون ، فقالوا : مَنْ أنت قال : أنا رسول الله ، فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت : يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال : (( نعم ، ولكِ
أجر )) ، فهذا دليل على صحة الحج من الصبي .
وأما العبد فلأنه مكلف لذلك يصح منه وإنما لم يجب عليه تخفيفاً لا تغليظاً .
أما كون الحج لا يجزئ عنهما : فلما ثبت عند الشافعي والحاكم والبيهقي والطبراني وصح إسناده موقوفاً ومرفوعاً عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - :
(( أيما صبيٍ حج ثم بلغ الحِنْث فعليه أن يحج حجةً أُخرى ، وأيما عبدٍ حج ثم أُعتق فعليه أن يحج حجةً أُخرى )) فنلاحظ أنه أقر الحج منهما وأمرهما بحجةٍ أُخرى ، فدل على أن الحج لا يجزئ عن الصبي والعبد .
عتق العبد وبلوغ الصبي في الحج له عدة حالات :
الحالة الأولى : أن يعتق العبد أو يبلغ الصبي بعد الفراغ من الحج :
ففي هذه الحالة لا يجزئ عنهما لوجود الحديث ، ونقل ابن المنذر والترمذي الإجماع على هذا حتى قال الترمذي : لم يخالف في هذا إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافهم .
الحالة الثانية : أن يعتق العبد أو يبلغ الصبي قبل أن يتلبسا بشيء من أفعال الحج :(6/8)
ففي هذه الحالة لا إشكال أنهما يحرمان وحجهما صحيح ، وإذا قلنا أن الحج واجب على الفور فيلزم الصبي الإحرام من حين البلوغ والعبد من حين العتق .
الحالة الثالثة : أن يعتق العبد أو يبلغ الصبي وهو متلبس بالحج :
هذه الحالة فيها خلاف بين العلماء : فعند المالكية لا يجزئهما لأن هذه العبادة نفل فلا تنقلب إلى فريضة .
وفي مذهب الحنابلة التفصيل :
1- إن سعى سعي الحج قبل الوقوف بعرفة فإنه لا يجزئهما لأن السعي لا يكرر
مرة أخرى .
2- وإن لم يسعى سعي الحج فهنا تحتها ثلاث صور :
الصورة الأولى :أن يكون هذا قبل عرفة ، فهذا لا إشكال فيه ويكون حجه صحيح .
الصورة الثانية : أن يكون في وقت عرفة ولم يخرج منها فهنا حجه صحيح ويكون مجزئاً عن حجة الفريضة .
الصورة الثالثة : أن يخرج من عرفة ففي هذه الحالة إذا خرج من عرفة و رجع إليها في الوقت فهذا يجزئه عن حجة الإسلام ، وإن لم يرجع لا يجزئه لفوات الوقوف بعرفة لأن الحج
عرفة .
وعمدة هذا ما ورد عن ابن عباس أنه قال : (( الصبي إذا بلغ في عرفة والعبد إذا عتق في عرفة : أنه يجزئهما عن حجة الإسلام ، وإذا عتق العبد في جمع أو بلغ الصبي في جمع فإنه لا يجزئهما )) .
أما عتق العبد وبلوغ الصبي في العمرة :
فإذا كان العتق أو البلوغ في أثناء الطواف فهذا لا يجزئه ، وإن حصل قبل الطواف فإنه يجزئه .
القسم الثالث : شروط وجوب فقط :
يعني ليست شروطاً في الصحة ولا شروطاً في الأجزاء فلما نقول شروط وجوب يعني
لا يجب على أصحاب هذا القسم الحج ولكنه يصح منهما ويجزئ عنهما :
وتحت هذا القسم أمران :
الأمر الأول : المَحْرَم في حق المرأة ، والمرأة إذا حجت بغير محرم فإنها آثمة وحجها صحيح ( وسيتكلم المؤلف عن هذا ) .
الأمر الثاني : الاستطاعة ، فغير المستطيع إذا تجشم وتكلف الحج فإنه يصح منه
ويجزئ عنه ( وسيتكلم المؤلف عن هذا بالتفصيل ) .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى :(6/9)
الاستطاعة أن يجد زاداً وراحلة بآلتهما مما يصلح لمثله فاضلاً عما يحتاج إليه لقضاء دينه ومؤونة نفسه وعياله على الدوام .
الدليل على أن الاستطاعة شرط قوله تعالى :) ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ( ، وقد فسر المؤلف – رحمه الله تعالى - الاستطاعة بوجود الزاد والراحلة
وورد في هذا حديث : (( الاستطاعة الزاد والراحلة )) لكنه ضعيف ، والعلماء – رحمهم الله تعالى قالوا : الاستطاعة إذا أُطلقت تشمل خمسة أشياء :
1- الزاد .
2- الراحلة .
3- إمكان المسير .
4- أمن الطريق .
5- الاستطاعة بالبدن .
1- الزاد : والمراد به : يعني يكون عند الإنسان ما يحتاج إليه من طعام وشراب وملبوس لذهابه إلى الحج وإيابه منه حتى يصل إلى محله .
والمؤلف يقول : (( أن يملك زاداً )) أي يكون مالكاً له سواءً كان عنده حاصلاً أو يشتريه من السوق إذا وجده يباع بثمن مثله ولم يجحف بماله ، فإذا وجده يباع بأكثر من ثمن المثل أو يجحف بماله فلا يكون في هذه الحالة مستطيعاً ، ومثله مثال الماء فإذا وجده يباع بأكثر من ثمن المثل أو وجده يجحف بماله فإنه يتيمم ، وكذلك هذا إذا وجد الزاد يباع بأكثر من ثمن المثل فهذا يكون غير مستطيع .
2- الراحلة : والمراد بها : المركوب الذي يتوصل به الإنسان إلى مكة سواءً كان ذلك بشراء أو بكراء ، وليس شرطاً أن يكون مالكاً له ، بل لو وجد بأجرة المثل بحيث لا يجحف بماله فإنه يكون مستطيعاً لذلك ، لكن هذه الراحلة لا تشترط في كل أحد :
فالناس على قسمين :
القسم الأول : بعيد من مكة :
و هو الذي بينه وبين مكة مسافة القصر ، فهذا يشترط في حقه وجود الراحلة .
القسم الثاني : قريب من مكة :
وهو من كان ساكناً في مكة ، أو بينه وبينها أقل من مسافة القصر ، فهنا ننظر :(6/10)
إن كان ممن يستطيع المشي : فإنه لا يشترط الراحلة في حقه ، ولذا يُلغز بهذه المسألة فيقال : فقيرٌ لا يجد راحلة فيجب عليه الحج ، من هو ؟ هو القريب من مكة الذي يستطيع المشي . وأما إن كان لا يستطيع المشي : فيشترط في حقه وجود الراحلة .
وقول المؤلف :
مما يصلح لمثله .
يعني أن يجد الراحلة الصالحة لمثله بحيث يستطيع أداء الحج بها من غير مشقة زائدة ، فلو وجد سيارة يشق عليه ركوبها أو طول مدة السفر فيها ووجد طائرة لا يشق عليه السفر فيها فالطائرة صالحة لمثله ، وكذلك الحال في سيارة مكيفة وأخرى غير مكيفة ، وكذلك لو وجد مثلاً سيارة بثمن زائدة عن ثمن المثل كأن يجد مثلاً سيارة بألف ريال والذي يصلح له مثلاً سيارة بمائة ريال فهذا لم يجد ما يصلح لمثله فلا يجب عليه الحج بهذا .
وقوله :
بآلتهما .
يعني آلة الزاد والراحلة ، فآلة الزاد الوعاء الذي يطبخ فيه أو يشرب فيه ، وآلة الراحلة ما يوضع عليها من هودج ونحوه .
وقوله :
فاضلاً عما يحتاج إليه لقضاء دينه ومؤونة نفسه وعياله على الدوام .
نفهم من هذا أن الزاد والراحلة لها شرطان :
الشرط الأول : أن تكون صالحة لمثله : تقدم توضيح ذلك .
الشرط الثاني : أن يكون ذلك فاضلاً عما يحتاج إليه من مسكن وخادم وقضاء دينه ومؤنته ومؤنة عياله على الدوام : وضرب المؤلف لهذا عدة صور :
الصورة الأولى : أن يستطيع أن يشتري زاد وراحلة لكنه لا يستطيع ذلك إلا إذا باع مسكنه فهذا ليس فاضلاً عن المسكن فلا يبيع مسكنه .
الصورة الثانية : أن يكون عنده خادم يحتاج إليه ولا يستطيع أن يحصّل الزاد والراحلة
إلا بترك هذا الخادم فهنا يقال له : لا تترك خادمك لأن هذا ليس فاضلاً .
الصورة الثالثة : الدين الذي يمنع الحج هو الدين الذي لا يبقى بعده الإنسان مستطيعاً للحج(6/11)
فلو فُرض أن إنساناً يكفيه لحجه خمسة آلاف وعنده ثمانية آلاف وعليه ستة آلاف دين ، فهذه الستة تنقص الثمانية فتصبح ألفان فلا تكفي لحجه فهذا غير مستطيع فعليه أن يقضي الدّين لأن الدّين أحق وآكد من الحج لتعلقه بحقوق الآدميين ، ولذا قُدّم الدًّين على وجوب الزكاة فهو مانع من وجوب الزكاة مع تعلق حق الفقراء بها ومع حاجتهم إليها فلأن يُقدم على الحج الذي هو حق خالص لله عز وجل من باب أولى ، وسواء في ذلك الدين لأدمي معين أو من حقوق الله تعالى كالزكاة أو الكفارات .. أي أن يجد ما يزيد عن قضاء دينه لأن قضاء الدين من حوائجه الأصلية ويتعلق به حقوق الأدميين فهو آكد .
الصورة الرابعة : مؤنته ومؤنة عياله على الدوام : أي يذهب إلى الحج ويرجع وعند عياله ما يكفيهم ، وسواءً كانت هذه المؤنة عينية أو أشياء مستثمرة كأن يكون عنده محل تجاري فيبيعه ويحج به فهذا ليس فاضلاً عن مؤنة عياله لأن نفقته ونفقة عياله على هذا المتجر .
وعبارة المؤلف هذه أولى منها ما في الزاد والتنقيح وغيره أنه قال : (( والقادر من أمكنه الركوب ووجد زاداً وراحلة صالحين لمثله بعد قضاء الواجبات والنفقات الشرعية والحوائج الأصلية )) :
بعد قضاء الواجبات : كالديون سواءً كانت لله أو لعباده .
النفقات الشرعية : أي نفقته ونفقة عياله ومن يمؤنه .
الحوائج الأصلية : كالمسكن والمركوب وكتب العلم …
3- أمن الطريق : أي أن يكون الطريق مأمؤناً لا يخاف الإنسان فيه لا على نفسه ولا على ماله ولا على عرضه ، ولا يوجد فيه خفارة ( وهو ما يدفع من مال مثل الضرائب وغيرها ) أما إذا كان الطريق مخوفاً يخاف الإنسان فيه من سبع أو من عدو فإنه لا يجب عليه الحج .
والخفارة محل خلاف بين العلماء : فبعضهم قال لا يدفع رشوة في العبادة فلا تصح ، وبعضهم قال إن كانت هذه الخفارة يسيرة لا تضر بماله فيدفعها وهذا هو الظاهر .(6/12)
4- إمكان المسير : وهو أتساع الوقت أي أن يكون هناك وقت كافٍ للوصول إلى مكة بسير معتاد ، أما لو وجد الزاد والراحلة ولم يبقَ من وقت الحج ما يوصله إلى مكة إلا بسير يخرج عن العادة ويخرج عن المألوف فهنا لا يجب عليه الحج لأن السير إذا كان فوق المعتاد فيه مشقة وإجهاد .
وهذان الأخيران ( أمن الطريق ، وإمكان المسير ) ، من الحنابلة من عدهما من شروط وجوب الحج ، فلا يجب على الإنسان الحج إلا إن كان الطريق مأموناً ، وأمكن المسير إلى الحج بحيث يكون هناك وقت يكفي لوصوله إلى مكة ، فإن مات لاشيء عليه .
ومنهم من قال : إن هذين الشرطين ( أمن الطريق ، وإمكان المسير ) ليسا من شروط
الجوب ، بل هما شرطا أداء ، يعني يجب الحج في ذمته ، أي أنه لو أكتملت عنده بقيت الشروط ولم يبقَ عنده إلا أمن الطريق و إمكان المسير فإن الحج يجب في ذمته ، بحيث
لو مات يجب الحج في التركة ، يعني يستقر الحج في ذمته وإذا مات أُخرج من التركة ما يُحج به عنه .
والظاهر – والله تعالى أعلم – أنهما شرط في الوجوب .
5- الاستطاعة بالبدن : بحيث يكون عند الإنسان قوة يستطيع أن يثبت بها على الراحلة فإذا كانت ليست عنده قوه يستطيع أن يثبت بها على الراحلة فهنا لا يجب عليه الحج بنفسه .
إذاً الاستطاعة عندنا نوعان :
النوع الأول : استطاعة بنفسه أي مباشرة الحج بنفسه :
فهذه يشترط فيها الشروط الخمسة السابقة .
النوع الثاني : استطاعة بالغير أي أداء الحج بالغير :
وهذا يشترط فيه شرطان :
الشرط الأول : أن يكون عاجزاً عن الحج لكبره أو مرض لا يرجى برؤه :
ودليل هذا حديث ابن عباس في المرأة التي جاءت للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : (( يا رسول أن فريضة الله أن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفحج عنه ؟ قال : حجي عنه )) فهذا دليل على صحة النيابة عن العاجز .(6/13)
الشرط الثاني : أن يوجد عند العاجز مال يستطيع بهذا المال أن يقيم من يحج عنه فيدفع عنه ثمن الزاد والراحلة ويدفع له نفقة الحج .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ويشترط للمرأة وجود محرمها وهو زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب أو بسبب مباح .
هذا هو الشرط السادس ( شرط وجوب ) من شروط الحج يختص بالمرأة وهو : أن يكون لها محرم ، وهذا المحرم هو : زوجها ومن تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سببٍ مباح :
1- من تحرم عليه على التأبيد :
والمحرمات على التأبيد سبع كما في قوله تعالى: ) حرمت عليكم أُمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت ( :
أُمهاتكم : أي أن الولد محرم لأمه.
بناتكم : أي أن الأب محرم لبنته .
أخواتكم : أي أن الأخ محرم لأخته .
عماتكم : أي أن ابن الأخ محرم لعمته .
خالاتكم : أي ابن الأخت محرم لخالته .
بنات الأخ : أي أن العم محرم لأبنت أخيه .
بنات الأخت : أي أن الخال محرم لبنت أخته .
2- من تحرم عليه بسبب مباح : وهذا تحته أمران :
الأمر الأول : بسبب الرضاع :
ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، أي ما يقابل هؤلاء المحرمات على التأبيد .
الأمر الثاني : بسبب المصاهرة :
وهن أربع :
1- زوجة الأب ، فالابن محرم لزوجة أبيه .
2- زوجة الابن ، فالأب محرم لزوجة ابنه .
3- أم الزوجة ، فزوج البنت محرم لأمها .
4- بنت الزوجة إذا دخل بأمها ، فزوج الأم محرم للبنت .
ويشترط في المَحْرَم :
1- أن يكون بالغاً .
2- أن يكون عاقلاً ، فلا يكون صبياً ولا مجنوناً لأن المقصود من المَحْرَم هو حفظ المرأة والصبي والمجنون لا يستطيع أن يحفظها .(6/14)
والدليل على اشتراط المحرم ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يقول : (( لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم ، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ، فقام رجلٌ فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة ، وإني أُكتتبت في غزوة كذا وكذا ، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : انطلق فحج مع امرأتك ))
إذاً هذا دليل على أنه لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم ، ولا يجب عليها الحج إذا لم تجد محرماً .
وبذلك يعلم خطأ أولئك الذين يأتون بالخادمات ويسلمونهن لمكاتب تحجيج الخادمات ولا يوجد محرم معهن ، فإن هذا ليس بصحيح ، وإن كان بعض العلماء يرى : أن المرأة تحج مع النساء المأمونات ، فإن هذا ليس بصحيح لأنه يخالف حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا حجة لأحد مع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهذا الشرط هو شرط وجوب بمعنى أن المرأة لو ماتت ولم تجد مَحْرَماً وماتت لا شيء عليها
وعلى القول الثاني أن المَحْرَم من شروط لزوم الأداء أنها لو تحقق لها جميع الشروط ولم تجد مَحْرَماً تحج معه فماتت فإنه يُحج عنها ويكون الحج في الذمة أي يؤخذ من مالها .
و إن مات المَحْرَم في الطريق وقد تباعدت عن بلدها فإنها تتم لأنها لا بد لها من السفر بدون مَحْرَم فتكمل حاجتها وشأنها وإن كانت قريبه رجعت فتكون كالمحصرة .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
فمن فرط حتى مات أُخرج عنه من ماله حجة وعمرة .(6/15)
يعني من فرّط في الحج والعمرة بعد اكتمال الشروط ولم يحج وليس له عذر فإنه يُحج عنه من تركته ، لأن هذا دَيْنٌ لله يجب أن يُخرج كبقية الديون المتعلقة بالتركة فيقدم على الوصية وعلى الإرث ، والدليل على ذلك كما في الصحيح من حديث ابن عباس : (( أن امرأةً جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم حجي عن أمك ، أريتِ لو كان على أُمك دين أكنتِ قاضيته ؟ قالت : نعم ، فقال : فاقضوا الله فالله أحق بالوفاء )) هذا في النذر وفي الفريضة من باب
أولى .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
ولا يصح من كافر ولا مجنون ، ويصح من الصبي والعبد ولا يجزئهما عنهما ، ويصح من غير المستطيع والمرأة بغير محرم .
تقدم الكلام عن هذا كله في الشروط .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
ومن حج عن غيره ولم يكن حج عن نفسه أو نذره أو عن نفله وفعله قبل حجة الإسلام
وقع حجه عن فرض نفسه دون غيره .
أي إذا حج الإنسان عن غيره ولم يكن حج عن نفسه فهذا الحج ينقلب إلى حج الفريضة ، فلو أن شخصاً قال لشخص : حج عني ، فحج عنه ، ولم يكن هذا النائب قد حج عن نفسه فإن هذه الحجة تنقلب إلى حجة الفريضة عن هذا النائب ، وعلى النائب أن يرد ما أخذ إذا أخذ شيئاً والدليل على ذلك حديث ابن عباس : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول : لبيك عن شبرمه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ومن شبرمه ؟ قال : أخٌ أو قريبٌ لي ، قال : هل حججت عن نفسك ؟ قال : لا ، قال : حج عن نفسك ثم حج عن شبرمه )) أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان وصحح البيهقي إسناده ، والإمام أحمد وَقْفَه .
قال العلماء هذا دليل على أنه يجب على الإنسان أن يحج عن نفسه أولاً ، فقد ورد في بعض الروايات أنه قال : (( هذه عنك ثم حج عن شبرمه )) .(6/16)
وإذا نذر أن يحج وهو لم يؤدِ الفريضة فإنه إذا أحرم بهذه الحجة التي نذرها فإنها تنقلب إلى حجة الفريضة ، وإذا أراد أن يتنفل بالحجة وهو لم يحج حج الفريضة فإنها تنقلب أيضاً إلى حجة الفريضة .
باب المواقيت
المواقيت : جمع ميقات ، والميقات هو الحد المعين .
والمراد بالمواقيت : المواضع والأزمنة التي حددها الشارع للإحرام .
والمواقيت على قسمين : مواقيت مكانية ، ومواقيت زمانية .
والمؤلف - رحمه الله تعالى - تكلم عن هذين القسمين في هذا الباب :
المواقيت المكانية :
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وميقات أهل المدينة ذو الحليفة ، وأهل الشام والمغرب ومصر الجحفة ، واليمن يلملم
ولنجد قرن ، وللمشرق ذات عرق .
هذه المواقيت الأصل فيها :
1- ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقَّت لأَهل المدينة ذا الحليفة ، ولأَهل الشام الجحفة ، ولأَهل نجد قرن المنازل ، ولأَهل اليمن يلملم ، وقال : (( هُنَّ لهُن ، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحجَّ أو العمرة ، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ ، حتى أهل مكة من مكة )) ، فهذا الحديث أصلٌ عظيمٌ في المواقيت .
2- ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - : أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يُهلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل الشام من الجحفة ، وأهل نجد من قَرْنٍ )) . قال عبدالله : وبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ويُهلُّ أهل اليمن من يلملم )) .
فهذه المواقيت التي ذكرها المؤلف - رحمه الله تعالى - وردت في هذين الحديثين ، وأما ذات عرق سيأتي الكلام عنها - إن شاء الله تعالى - .
الميقات الأول : ذي الحليفة :(6/17)
الحليفة : تصغير الحلفه وهو نبات ، سميت بذلك لكثرته فيها ، وهي أبعد المواقيت عن مكة وتعرف الآن : ( بآبار علي ) ، ويبعد هذا الميقات عن مكة عشرة مراحل ، وهو ميقات أهل المدينة .
والمراد بالمدينة في كلام المؤلف : مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن هذا الإطلاق ينصرف إليها والألف واللام فيها للعهد .
الميقات الثاني : الجحفة :
وسميت بالجحفة لأن السيول أجتحفتها أو أجحفتها ، وتسمى مَهْيَعَة على وزن علقمه أو مَهِيْعة على وزن لطيفه لكنّ الأول أرجح ، وهي الآن قرية خربة بقرب رابغ ، والناس
لا يحرمون منها وإنما يحرمون من رابغ بدلاً منها ، وتبعد عن مكة بأربع مراحل ، والبعض يرى أنها تبعد ست مراحل ، والصواب أنها تُبعد عن مكة ما يقارب أربع مراحل .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : ( الجحفة ميقات أهل الشام والمغرب ومصر ) أما الشام ومصر فبنص الحديث ، فقد جاء عند النسائي من حديث عائشة : (( وقّت النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الشام ومصر الجحفة )) ، لكن المؤلف - رحمه الله تعالى - أراد أن يعطيك حكماً عاماً فكل من أتى من أهل المغرب أو غيره عن طريق الشام فميقاته الجحفة ، فكل من لا يمر بميقات ذي الحليفة سواءً كان من جهة شمال الجزيرة أو من غربها فإن ميقاته الجحفة إذا مَرّ بها .
الميقات الثالث : قرن المنازل :
ويبعد مرحلتين عن مكة ، ويعرف الآن بالسيل الكبير ، وهو ميقات أهل نجد وكل من جاء من تلك الناحية .
الميقات الرابع : يلملم :
ويقال أيضاً : ألملم ، أصل يلملم هي بالهمزة ( ألملم) لكنها قُلبت ياءً للتخفيف ، وتعرف الآن بالسعدية وهو ميقات أهل اليمن ، وهي على مرحلتين من مكة تقريباً .
و المرحلة تقارب 40 كلم إلى 45 كلم تقريباً ، وهي مسيرة يوم وليلة . ولذا قال بعضهم :
قرنٌ يلملمُ ذاتُ عرقٍ كلها في البعد مرحلتانِ من أم القرى
ولذي الحليفة بالمراحل عشرة وبها الجحفة أربعٌ فاخبر ترى
الميقات الخامس : ذات عرق :(6/18)
سميت بذلك لعرق فيها ، والعرق هو الجبل الصغير ، وموقعها هو : الحد الفاصل بين تهامة ونجد ، وتعرف الآن بالضَّرِيْبَة ، والعلماء – رحمهم الله تعالى – اختلفوا في ذات عرق من وقتها ؟ هل وقتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو وقتها عمر – رضي الله عنه - ؟
فمن العلماء من قال وقتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك :
1- لما في صحيح مسلم من حديث أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - يُسأل عن المُهلّ ؟ فقال : سمعت – أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( مُهلُّ أهل المدينة من ذي الحليفة ، والطريق الآخر الجحفة ، ومُهلُّ أهل العراق من ذات عرقٍ ، ومهلُّ أهل نجد من قرن ، ومُهلُّ أهل اليمن من يلملم ))
فهذا الحديث يُشعر بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي وقّت لهم ذلك
وقوله : ( مُهلّ ) أي محل إهلاله بالحج ، وأصل الإهلال هو رفع الصوت بالتلبية ثم تُوسع فيه وأُطلق على الإحرام .
2- لما جاء في سنن أبي داود والنسائي من حديث عائشة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( وقّت لأهل العراق ذات عرق )) .
وقال بعض العلماء بل وقتها عمر - رضي الله عنه - وذلك :
لما في صحيح البخاري من حديث ابن عمر أنه قال : (( لما فُتح هذان المصران ( الكوفة والبصرة ) أتوا إلى عمر - رضي الله عنه - فقالوا : يا أمير المؤمنين : إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقّت لأهل نجد قرناً وهو جورٌ عن طريقنا ، وإنا إنْ أردنا قرناً شق
علينا ، فقال لهم عمر - رضي الله عنه - : انظروا حذوها من طريقكم ، فحدّ لهم
ذات عرق )) .
والخطب في هذا سهل لا يترتب عليه أثر فقهي لأنه ربما يقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي وقته وان عمر - رضي الله عنه - اجتهد في ذلك فوافق اجتهاده ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان موفقاً للصواب في اجتهاداته وقد وافق القران في كثير من أحكامه .(6/19)
فكل من جاء من المشرق سواءً كان من جهة خُرسان أو من جهة العراق أو غيرهم من أهل المشرق فميقاتهم ذات عرق الذي حدده النبي - صلى الله عليه وسلم - أو عمر - رضي الله عنه - على الخلاف المشهور .
هذه المواقيت جمعها بعضهم في بيتين فقال :
عرق العراقِ يلملمُ اليمنِ وبذي الحليفة يُحرم المدني
للشام جحفةُ إنْ مررتَ بها ولأهل نجدٍ قرن فاستبنِ
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فهذه المواقيت لأهلها ، ولكل من يمر عليها .
أي هذه المواقيت هي لأهلها الذين ذكرهم المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فذي الحليفة لأهل المدينة ، والجحفة لأهل الشام ومصر والمغرب ، ويلملم لأهل اليمن
ولأهل نجد قرن ، وذات عرق لأهل المشرق . فهذه المواقيت لأهلها ومن مر عليها من غير أهلها لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( هنّ لهنَّ ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة )) ، فالشامي مثلاً : إذا مر بميقات ذي الحليفة فإنه يُحرم منه ولا يؤخر إحرامه إلى الجحفة مع أن الميقات الأصلي له هو الجحفة ، كذلك النجدي إذا مرّ بذي الحليفة فإنه يُحرم منها ولا يرجع إلى ميقاته الذي هو قرن المنازل ... وهكذا
فكل من أتى على ميقات فإنه يحرم منه ولا يتجاوزه إلا محرما ، وهذا هو الصحيح من أقوال العلماء رحمهم الله تعالى .
وقال بعض العلماء : إذا جاء الشامي عن طريق المدينة فإن له أن يؤخر الإحرام إلى الجحفة لأن ميقاته الأصلي الجحفة وهذا هو مذهب الحنفية والمالكية واختاره شيخ الإسلام .
والقول الصحيح هو : أن من أتى على الميقات فإنه يجب أن يُحرم منه وليس له أن يؤخر الإحرام إلى ميقاته الأصلي لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( هنَّ لهنَّ ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن أراد الحج أو العمرة )) .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ومن منزله دون الميقات فميقاته من منزله .(6/20)
أي من كان دون الميقات فهذا يُهل من أهله ، أي يُحرم من بلده الذي هو فيه ويحرم من منزله الذي هو فيه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة )) وفي لفظ أنه قال : (( ومن كان دون ذلك فمُهلهُ من أهله وكذلك حتى أهلُ مكة )) ، فالذي دون الميقات يُحرم من أهله ، ومن أمثلة من دون الميقات : أهل عسفان ، أو خليص
أو بحرة ، أو جده ... أو غير ذلك ممن كان داخل المواقيت ، هؤلاء يُحرمون من بلدتهم .
قال العلماء : من كان دون الميقات إن كان في مسكنٍ وحده فإن ميقاته هو نفس مسكنه ويُحرم من بيته ، وإن كان في بلدة أو في قرية أو في مدينة فإن كل القرية هي ميقات له فله أن يُحرم من أي جهاتها شاء .
وبعضهم يقول : يُحرم من الجانب الأبعد عن مكة حتى يكون أعظم لأجره ولكن ليس في هذا دليل ، والله أعلم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى- :
حتى أهل مكة يهلون منها لحجهم ويهلون للعمرة من أدنى الحل .
أي أن أهلُ مكة يهلون أو يحرمون للحج من مكة لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( حتى أهلُ مكة من مكة )) .
والمقصود بأهل مكة : من كان بها سواء كان مقيماً بها أو جاءها زائراً ، فليس شرطاً أن يكون مقيماً بها ، فالمتمتع إذا أتى بعمرة وأراد أن يُحرم بالحج يُحرم من نفس مكة كما فعل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث جابر - رضي الله عنه - كما في صحيح مسلم : (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يهلوا من الأبطح )) . فأهل مكة من مكة وأهل الحرم من الحرم .
لكنهم إذا أرادوا الإحرام للعمرة يخرجون إلى أدنى الحل ، والدليل على هذا : (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عبدالرحمن بن أبي بكر أن يُعمر أُخته عائشة من التنعيم ))(6/21)
فأمره أن يخرج بها إلى الحل حتى تأتي بالعمرة ولو كان يجوز الإحرام للعمرة من الحرم لما كلفها النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه المشقة والتعب حتى تُحرم من الحل ثم ترجع وتطوف بالبيت ، وهذا هو الصحيح .
وقال بعض العلماء : إن حديث ابن عباس عام لأنه قال : (( ممن أراد الحج أو العمرة ... حتى أهل مكة يهلون من مكة )) ، لكن الظاهر - والله تعالى أعلم - : أن هذا وإن كان عاماً فهو مخصص بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لعبدالرحمن .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ومن لم يكن طريقه على ميقات فميقاته حذو أقربها إليه .
أي من أراد الحج أو العمرة ولم يأتِ على ميقات ، كإنسان سلك طريقاً ليس أمامه ميقات فمن أين يُحرم ؟ هذا يُحرم من حذو الميقات فإنه إذا وازى الميقات المحدد شرعاً فإنه يُحرم بمحاذاته ، كإنسان يأتي مع البحر فإذا حاذى الجحفة فإنه يُحرم ، والدليل على اعتبار
المحاذاة : (( أن عمر - رضي الله عنه - قال لأهل العراق لما جاءوه : انظروا حذوها من
طريقكم )) أي انظروا ما يقابلها من طريقكم حتى تحرموا منه ، وهذا هو الدليل لما يفتي به العلماء على أن من كان في طائرة فإنه يُحرم من الجو إذا حاذى الميقات ، وكذلك من كان في سفينة في البحر فإنه يُحرم إذا حاذى الميقات ، هذا إذا كان يعرف حذو الميقات .
مسألة : لو أن إنساناً سلك طريقاً ليس فيه ميقات ولا يعرف حذو الميقات ، فماذا يفعل ؟
الجواب : يُحرم قبل الميقات بكثير حتى يتيقن أنه حاذى الميقات وهو محرم ، فمثلاً إذا ركب الطائرة وكانت لا تعلن الطائرة إذا حاذت الميقات ، فإنه يُحرم إذا صعد إلى الطائرة .
خلاصة المسائل السابقة :
أن الناس على قسمين :
القسم الأول : مَنْ كان خارج المواقيت : فهذا له حالتان :
الحالة الأولى : أن يمر بميقات فهذا يُحرم من الميقات سواءً كان ميقاته الأصلي أو غير
ميقاته .
الحالة الثانية : لا يمر بميقات ، فهذا يُحرم إذا حاذى الميقات .(6/22)
القسم الثاني : مَنْ كان داخل المواقيت : فهذا أيضاً له حالتان :
الحالة الأولى : إذا كان من أهل الحرم فإنه يُحرم من الحرم للحج ويُحرم للعمرة من الحل حتى يجمع في إحرامه بين الحل والحرم .
الحالة الثانية : أن يكون بين الحرم وبين المواقيت فإنه يُحرم من أهله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوز الميقات غير محرم إلا لقتال مباح و حاجةٍ متكررة كالحطّاب ونحوه .
هذه المسألة فيها تفصيل :
من تجاوز الميقات له ثلاث حالات :
الحالة الأولى : أن يتجاوز الميقات وهو لا يريد الحرم بل يريد غيره ، كإنسان تجاوز الميقات ولكنه لا يريد الحرم بل يريد الفريش أو بدر أو جده فهذا لا يلزمه إحرام بإجماع العلماء .
الحالة الثانية : إذا كان يريد الحرم ويريد حجاً أو عمرة فهذا يلزمه الإحرام بإجماع العلماء
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ممن أراد الحج أو العمرة )) فهذا أراد الحج والعمرة فلا يجوز له أن يتجاوز الميقات إلا محرماً .
الحالة الثالثة : أن يتجاوز الميقات وهو يُريد الحرم ولا يريد نسكاً ، كإنسان أراد مكة ، أو أراد الحرم فأراد منى أو مزدلفة لكنه لا يريد حجاً ولا عمرة فهذا تحته ثلاثة أقسام :
القسم الأول : من دخل لقتال مباح ( القتال بمكة لم يُبح إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ساعةٍ من نهار ثم عادت إلى مكة حرمتها إلى يوم القيامة ) ، أو لحاجةٍ متكررة كالذين يدخلون بالخضار مثلاً أو بالمواد الغذائية أو الحطّاب أو صاحب البريد أو موظفاً بوظيفة فكل يوم يدخل مكة فهؤلاء أصحاب حاجة متكرر لا يلزمهم إحرام في المذهب وبعضهم يحكي الإجماع على ذلك لأن في ذلك مشقة ولا حرج في الدين ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة وعلى رأسه المغفر فدل على أنه ليس بمحرم .(6/23)
القسم الثاني : من أراد الحرم لكنه غير مكلف كالصبي والمجنون أو من لا يجب عليه الحج كالعبد مثلاً فهؤلاء لا يلزمهم إحرام .
القسم الثالث : المكلف إذا أراد دخول الحرم لغير قتال مباح أو حاجةٍ متكررة كشخص ذهب لعرس أو زيارة أقاربه ، فهذا هو محل الخلاف :
ففي رواية في المذهب : مثل هذا الشخص لا بد أن يُحرم ، وهي التي يرجحها المؤلف هنا .
والصحيح : أنه لا يجب عليه الإحرام ولا يلزمه كالقسمين السابقين لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث ابن عباس قال : (( هنّ لهنّ ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو
العمرة )) فمفهوم هذا أن من لم يُرد حجاً ولا عمرة أنه لا يلزمه الإحرام .
إذاً عندنا في هذه المسألة طرفان ووسط :
الطرف الأول : من كان لا يريد الحرم ولا يريد حجاً ولا عمرة فهذا لا يلزمه الإحرام بالإجماع .
الطرف الثاني : من كان يريد الحرم ويريد نسكاً فبالإجماع يلزمه الإحرام .
الوسط : وهو الذي يريد الحرم ولا يريد نسكاً فهذا فيه الخلاف .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ثم إذا أراد النسك أحرم من موضعه .
يعني إنسان تجاوز الميقات وهو لا يريد حجاً ولا عمرة ، فلما تجاوز الميقات بدأ له أن يأتي بعمرة أو أن يحج ، فهذا يحرم من موضعه من حيث أنشأ ، أي من حيث طرأت عليه نية الحج أو نية العمرة ، ولا شيء عليه .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وإن جاوزه غير محرم رجع فأحرم من الميقات ولا دم عليه لأنه أحرم من ميقاته ، فإن أحرم من دونه فعليه دم سواء رجع إلى الميقات أو لم يرجع .
هذا التفصيل في هذه الجملة فيمن أراد الحج أو العمرة وتجاوز الميقات ولم يحرم منه ، فهذا له حالتان كما ذكر المؤلف :(6/24)
الحالة الأولى : أن يرجع إلى الميقات قبل أن يحرم : كإنسان من المدينة أراد العمرة فلما وصل إلى مركز التفتيش مثلاً تذكر أنه تجاوز الميقات فهذا إن رجع ولم يتلبّس بالإحرام أي لم ينوِ نية الدخول في النسك ( ليس الإحرام هو لبس ثياب الإحرام بل الإحرام هو نية الدخول في النسك ) فإذا رجع إلى ذي الحليفة وأحرم منها لا شيء عليه لأنه أحرم من الميقات .
الحالة الثانية : أن يُحرم من موضعه الذي هو فيه : فهذا عليه دم رجع أم لم يرجع ، وإذا رجع لا يجزئ عنه الرجوع وعليه دم لأنه ترك نُسكاً وقد استقر الدم في ذمته فلا يسقط عنه ولأنه عقد النية فلا تنتقض هذه النية التي عقدها .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والأفضل أن لا يحرم قبل الميقات فإن فعل فهم محرم .
أي ما حكم من أحرم قبل الميقات ؟ هل يُحَرَم عليه أو يكره له ؟ وإذا قلنا بالتحريم هل يصح إحرامه أو لا يصح ؟
يقول المؤلف الأفضل أنه لا يحرم قبل الميقات ، وإن أحرم انعقد إحرامه وإحرامه صحيح .
مسألة : لماذا من الأفضل أن لا يحرم من قبل الميقات ؟
الجواب : لأمرين :
الأمر الأول: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم إلا من الميقات ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يختار إلا الأفضل والأكمل ، وأكمل الهدي وخير الهدي هدي نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - .
فالأفضل ألا يحرم إلا من الميقات كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، ولذا ذُكر عن الإمام(6/25)
مالك - رحمه الله تعالى - : أن رجلاً جاء إليه فقال الرجل : من أين أُحرم ؟ قال من الميقات ، قال : أريت إن أحرمت قبل الميقات ؟ قال : أكره لك ذلك ، قال : وما تكره ؟ قال : أخشى عليك الفتنة ، قال : وأي فتنة ؟ قال : قوله تعالى : ) فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذابٌ أليم ( فتقول : قد أختصني الله بما لم يختص به رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو فعلت فعلاً أفضل من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
الأمر الثاني : أن الإنسان إذا أحرم قبل الميقات فإنه يحّمل نفسه مسئولية ويضيق على نفسه واسعاً فإنه ربما يأتي بمحظور ، فينبغي له أن يستمتع بحله ما استطاع ولا يضيّق على نفسه لأنه ربما يُحرم قبل الميقات ويرتكب محظوراً فيأثم ويلزمه ما يلزم من ارتكب محظوراً .
أما إجزاء الإحرام وانعقاد الإحرام فهذا بإجماع العلماء ونقل الإجماع ابن المنذر والنووي في المجموع وابن قدامه في المغني ، وإن كان هناك مَنْ يحكي خلافاً عن الظاهرية أنه لا يجزئ لو أحرم قبل الميقات .
المواقيت الزمانية :
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة .
أشهر الحج عند الحنابلة : هي شهران وعشرة أيام : شوال وذو القِعدة وعشرة أيام ذي الحِجة فعندهم أن يوم النحر داخل في أشهر الحج لأن هو يوم الحج الأكبر وهو الذي فيه أكثر أعمال الحج من الرمي والطواف والحلق والذبح .
وعند الشافعية هي : شوال وذو القعدة إلى طلوع الفجر من يوم النحر ، فعندهم ليس يوم النحر من أشهر الحج المذكورة .
وعند المالكية أن أشهر الحج ثلاثة : شوال وذو القعدة وذو الحجة كاملة .
والصحيح – والله تعالى أعلم – : أن أشهر الحج هي شوال وذو القعدة وذو الحجة كامل لأن الله عز وجل قال : ) الحج أشهرٌ معلومات ( وهذا جمع وأقل الجمع ثلاثة .
وينبني على خلاف أشهر الحج هو تأخير طواف الإفاضة .(6/26)
والمشهور في مذهب الحنابلة أنه لو أحرم قبل أشهر الحج فإحرامه صحيح أن بقي على إحرامه .
أما العمرة فليس لها ميقات زماني فكل السنة وقت للعمرة ، والميقات الزماني يختص بالحج دون العمرة .
باب الإحرام
الإحرام في اللغة : مصدر أحرمَ إذا دخل في التحريم كأشتى إذا دخل في الشتاء أو أربع إذا دخل في الربيع أو أنجد إذا دخل نجداً ... وهكذا .
وفي الاصطلاح : هو نية الدخول في النسك ( سواءً كان حجاً أو عمرة ) . وليس الإحرام هو لبس ثياب الإحرام ، وليس الإحرام هو مجرد الإرادة ولكنه نية الدخول في النسك .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
من أراد الإحرام استحب له أن يغتسل ويتنظف ويتطيب ويتجرد عن المخيط ويلبس إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين ثم يصلي ركعتين ويحرم عقيبهما .
ذكر المؤلف - رحمه الله تعالى - ستة أمور تستحب عند الإحرام وهي :
الأمر الأول : الاغتسال :
فهو كالاغتسال للجنابة تماماً من حيث الصفة ، وهذا الاغتسال يُسن لكل من أراد الإحرام حتى المرأة إذا كانت حائضاً أو نفساء يُسن لها الاغتسال ، لأن هذا الاغتسال المراد به التنظيف ، ويدل على سنيته عدة أدلة منها :
1- ثثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه اغتسل حين أحرم .
2- وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أسماء بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر في ذي الحليفة أمرها أن تغتسل وتهل بالحج .
3- وكذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة لما حاضت أن تغتسل وتهل بالحج .
فإذاً هذا الاغتسال يُسن لكل من أراد الحج أو العمرة وهو للتنظيف ولأن الإنسان يشهد مجتمعاً من الناس فسُن له أن يكون نظيفاً على أحسن هيئة .
مسألة : لو أن إنساناً لم يجد ماءً يغتسل به ، فهل له أن يتيمم ؟ أو ليس له ذلك ؟
الجواب : في هذه المسألة قولان :
القول الأول : أنه يشرع له التيمم إذا لم يجد ماءً ، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة(6/27)
وكذلك الصحيح عند الشافعية ، وقالوا : إن التيمم يقوم مقام الغسل الواجب والمستحب .
القول الثاني : أنه لا يسن ولا يُشرع التيمم إذا لم يجد الإنسان الماء ، وهو قول آخر عند الحنابلة ، وكذلك هو قول الحنفية والمالكية ، واختاره ابن قدامه وشيخ الإسلام ابن تيمية .
والظاهر- والله تعالى أعلم - : أنه لا يُشرع التيمم إذا لم يجد الإنسان الماء ، لأن الفرق بين الغسل الواجب وبين الغسل المستحب : أنه في الغسل الواجب إنما جاز التيمم لاستباحة الصلاة ، وكذلك لما في الماء من التنظيف ، و الغسل في الإحرام للتنظيف ، والتيمم لا يحقق هذا المقصد بل لا يزيد المحرم إلا شعثاً وتغييراً فلا يستحب له أن يتيمم .
الأمر الثاني : التنظيف :
والمراد بالتنظيف : إزالة الشعث وقطع الرائحة وقص الشارب وتقليم الأظفار وحلق العانة
وهو غير الغسل السابق ، يعني يستحب لمن أراد الإحرام أن يتنظف ويُزيل هذه الأشياء
قالوا : الدليل على استحباب هذه الأشياء أمران :
الأمر الأول : أن الإحرام يُسن له الاغتسال فيسن له التنظيف من هذه الأمور .
الأمر الثاني : أن مدة الإحرام تطول وقد يحتاج الإنسان إلى أخذ شيءٍ من شعره أو ظفره وهو منهيٌ عن أخذ ذلك في الإحرام فربما يحتاج إليه فعليه أن يبادر بأخذه قبل الإحرام .
لكن ينبغي التنبيه على أمرين :
الأمر الأول : أن محل الاستحباب فيما إذا كان الإنسان يحتاج إلى أخذ ذلك وليس في حق كل أحد ، وهذا الذي رجحه شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - في الفتاوى لأن هذا لم يُنقل عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الصحابة - رضوان الله عليهم - لكن إذا كان الإنسان يحتاج إلى التنظيف فينبغي له أن يتنظف .
الأمر الثاني : أن محل ذلك في غير عشرِ ذي الحجة لمن أراد أن يُضحي ، لأن الإنسان إذا كان يريد التضحية فإنه منهيٌ أن يأخذ من شعره أو بشره شيئاً .(6/28)
فلو فُرض أن التنظيف نُقل فهو منقول لأنهم كانوا يذهبون إلى الحج مبكرين مع أنه لم يُنقل
إلا عن بعض العلماء أنهم كانوا يستحبون هذا ، وليس في ذلك دليل ، فإذا لم يحتج الإنسان إلى هذا الأمر فلا يأخذ لأنه لم يُنقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الأمر الثالث : التطيب قبل الإحرام :
والتطيب إما أن يكون في البدن أو في ثوب الإحرام :
أولاً : التطيب في البدن :
فإنه مستحب عند جمهور العلماء ، سواء تطيب بما تبقى عينه كالمسك وغيره أو ما لا تبقى عينه ويبقى أثره كالبخور أو ماء الورد وما أشبه ذلك ، فإنه يتطيب في بدنه قبل أن يُحرم
والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت :
(( كنت أُطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يُحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت )) فكانت عائشة - رضي الله عنها - تطيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ، والإنسان ليس ممنوعاً من استدامة الطيب في البدن ، فإذا تطيب في بدنه فله أن يستديم ذلك في الإحرام
لكن ليس له أن يتطيب بعد أن يحرم .
والدليل على استدامته ما ثبت في بعض روايات عائشة قالت : (( كأني أنظر إلى وبيص ( أو وبيض ) الطيب في مفارق رسول - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم )) فدل هذا على استدامته .(6/29)
فإن قيل : ما الجواب عما ثبت في الصحيح من حديث يعلى ابن أُمية قال : (( جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : كيف ترى في رجلٍ أحرم بعمرةٍ وهو متضمخٌ بطيب ؟ فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعة ، ثم أُوحي إليه ، ثم سُرّي عنه ، فقال : أين الذي سأل عن العمرة ؟ فأوتي برجل ، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات وانزع عنك الجبه ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك )) فظاهر هذا الحديث أنه لا يجوز للإنسان أن يتطيب قبل الإحرام لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يغسل الطيب الذي عليه ثلاث مرات وأمره أن ينزع الجبة التي كان يلبسها فظاهر هذا المنع وهو ما تمسك به المالكية في نهيهم عن استدامة الطيب للمحرم ؟
قلنا الجواب من وجوه :
الوجه الأول : أن قصة صاحب الجبة هذه كانت بعد حنين بالجعرانة سنة ثمان ، وقول عائشة - رضي الله عنها - : (( كنت أُطيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت )) كان في حجة الوداع سنة عشر ، فحديث عائشة متأخر ، والعمل بالمتأخر واجب عند التعارض .
الوجه الثاني : أن هذا الرجل الذي سأل كان في جبته زعفران ، والزعفران منهيٌ عنه في حق الرجل سواءً كان في الإحرام أو في غيره ، كما قال في حديث ابن عمر : (( ولا يلبس ثوباً مسه ورسٌ أو زعفران )) لأن في بعض روايات حديث الجبة : (( عليه جبة بها أثر خلوق )) وفي بعضها : (( عليه ردْع من زعفران )) ، فدّل على أن هذه الجبة كان فيها زعفران فنهاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها وأمره أن يغسل بدنه .
الوجه الثالث : قيل إن هذا محمول على أن الرجل تطيب بعد الإحرام ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغسل ما به من الطيب وأن ينزع جبته ، وهذا الذي مال إليه النووي - رحمه الله تعالى - في المجموع وقال هو المتعين جمعاً بين الأحاديث .
مسألة :(6/30)
إذا تطيب الإنسان فله أن يستديم الطيب في بدنه - كما قلنا سابقاً - ولكن إذا نقل الإنسان الطيب من موضع إلى موضع ، كأن يتطيب في رأسه أو في وجهه ثم ينقله بيده إلى باقي جسمه ، فهل معنى هذا أنه نطيب تطيباً جديداً فتلزمه الفدية ؟
الجواب :
قال العلماء : إذا كان هذا الإنسان متعمداً فتلزمه الفدية ، وإن كان غير متعمد كأن يعرق مثلاً فيسيل الطيب على وجهه ونحو ذلك فإنه لا شيء عليه لما في سنن أبي داود عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : (( كنا نخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فنضمّد جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيرى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ولا ينهانا )) فدّل هذا على أنه إذا سال أو انتقل من غير تعمد من الإنسان فإنه لا شيء عليه .
ثانياً : التطيب في ثياب الإحرام :
ذهب أكثر العلماء إلى أنه يكره أن يطيب الإنسان ثوب الإحرام .
ومشهور مذهب الحنابلة : أنه يكره له أن يطيب الثوب ، فإذا نزعه فليس له أن يلبسه ، فإذا لبسه مرةً أُخرى بعد أن ينزعه فعليه فدية ، لأنه يعتبر تطيباً جديدا .
وذهب بعضهم إلى أنه يَحَرُم أن يطيب ثوب الإحرام لأن هذا يؤدي به إلى فعل محظور .
والظاهر - والله تعالى أعلم - : أنه يكره للمحرم أن يطيب ثوب الإحرام لأن هذا هو الذي يدل عليه حديث الجبة .
الأمر الرابع : لبس الإزار والرداء :
الإزار هو : ما يلف على أسفل الجسم .
والرداء هو : ما يرتديه على كتفيه .
لما ثبت في الصحيح عن ابن عباس : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انطلق من المدينة بعدما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر إلا المزعفرة التي تردع على الجلد )) ، ولما في مسند الإمام أحمد و صحيح أبي عوانه وغيره عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : (( ليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين )) .(6/31)
وقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : ( أبيضين ) وذلك لحديث ابن عباس : (( من خير ثيابكم البياض فالبسوها وكفنوا فيها موتاكم )) رواه أبو داود والترمذي .
وقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : ( نظيفين ) يعني لا يشترط أن يكونا جديدين ، المهم أن يكونا نظيفين سواءً كانا جديدين أو مغسولين .
الأمر الخامس : التجرد عن المخيط :
يعني ينزع المخيط ، وإذا أُطلق المخيط في هذا الباب فالمراد به ما خيط على قدر البدن أو على قدر عضوٍ منه ، كالقميص لأعلى البدن أو السراويل لأسفل البدن ، أو العمامة للرأس ، فكل ما خيط على قدر العضو فهذا مخيط ، وليس المراد بالمخيط هو كل ما فيه خياطة ، لأن الإنسان قد يلبس إزاراً مخيطاً لكن لا تكون الخياطة على قدر البدن بل تكون رقعه منه فيها خياط فهذا لا يضر .
وقال العلماء أن كلمة (( مخيط )) لم ترد في الألفاظ الشرعية وإنما هذا اصطلاح من الفقهاء ولهذا وقع بسبب هذا اللفظ لبس عند كثيراً من الناس ، فيأتي شخص فيستفتي فيقول : أنا ألبس ساعة فيها خياطة فهل هذا جائز ؟ وآخر يقول : أنا ألبس إزاراً في طرفه خياطة فما حكم
ذلك ؟
الأمر السادس : أن يصلي ركعتين عند الإحرام :
جمهور العلماء - رحمهم الله تعالى - يقولون : إنه يستحب للإنسان أن يصلي ركعتين ثم يحرم بعدهما لما ثبت في الصحيح عن ابن عباس قال سمعت عمر يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بوادي العقيق : (( أتاني آتٍ من ربي فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل : عمرة في حجة )) الوادي المبارك : وادي العقيق عند ذي الحليفة .
في هذا الحديث ارتباطاً بين صلاة ركعتين وبين الإحرام .
ورأي شيخ الإسلام : أنه ليس للإحرام صلاة تخصه فإن صلى الفريضة أو سنة يؤخرها أحرم بعدها وإلا لا يُشرع له أن يصلي من أجل الإحرام .
والظاهر - والله تعالى أعلم - : أن حديث عمر رضي الله عنه يدل على أن للإحرام صلاة .(6/32)
وقوله : (( ويحرم عقيبهما )) : أي يُهل بالحج بعد الركعتين يعني بعدهما لأنه هكذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأهل بالحج بعد الصلاة ، وقيل : أهل به حين استوت به راحلته ، وقيل : أهل حين علا البيداء ، وحكى ابن عباس أن كل منهم حكى ما سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد يكون حصل من النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا جميعاً فنقل كل واحد منهم ما سمع .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وهو أن ينوي الإحرام ويستحب أن ينطق بما أحرم به .
أي أن ينوي الإنسان الدخول بالنسك بقلبه مع التلبية ، ويستحب أن ينطق بها ، فإن أراد الإفراد قال : لبيك اللهم حجاً ، وإن أراد التمتع : قال لبيك اللهم عمرةً ، وإن أرادا القِران قال : لبيك اللهم عمرةً وحجاً .
واستحباب النطق بالنية له دليل من حديث عمر - رضي الله عنه - وهو قوله : (( وقل عمرةً في حجة )) والقول إنما يكون حقيقة في القول اللساني فيجوز له في هذا الموطن أن يقول ذلك وأن يجهر بما أحرم به .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ويشترط ويقول : اللهم إني أريد النسك الفلاني فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني .
معنى يشترط : أي أن يقول بعد النية : ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) ، دليل الاشتراط ما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على ضباعة بنت الزبير بن عبدالمطلب ، فقالت يا رسول الله : إني أُريد الحج وأنا شاكية - يعني مريضة فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - : حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني )) فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تشترط .
قال العلماء - رحمهم الله تعالى - فائدة الاشتراط شيئان :
الأول : إن حبسه حابس فله أن يتحلل من إحرامه ، سواءً حبسه مرض أو عدو أو ذهاب
نفقه .
الثاني : أنه إذا تحلل من إحرامه لا شيء عليه ، أي لا دم عليه ولا صوم .(6/33)
هل الاشتراط مستحب لكل مريدٍ للحج والعمرة ؟ ثلاثة أقوال للعلماء :
القول الأول : استحباب الاشتراط مطلقاً ، وهذا هو مشهور مذهب الحنابلة والصحيح من مذهب الشافعية لحديث ضباعة المتقدم ووجه الدلالة منه : أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وجه الحكم لشخص فهو عام لهذا الشخص وللأمة لأنه لا يمكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخاطب كل شخص بانفراده ، فإذا خاطب واحدٍ من الأمة بحكم من الأحكام اشتركت معه بقية الأمة في ذلك الحكم .
القول الثاني : أنه لا يستحب الاشتراط لأن هذه قضية عين خاصة بضباعة بنت الزبير بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرشد جميع الصحابة إلى ذلك ، ومنهم على الأقل أسماء بنت عميس التي ولدت محمد بن أبي بكر في ذي الحليفة إذ الغالب أن فترة النفاس تطول وربما تأتي إلى مكة قبل أن تطهر ولم يرشدها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك .
القول الثالث : يستحب الاشتراط في حق من كانت حاله مثل حال ضباعة بنت الزبير ، فإذا أحرم الإنسان وهو مريض أو كان خائفاً من عدو فله أن يشترط وإلا فلا ، وهذا رأي شيخ الإسلام ، وهذا هو الظاهر - والله تعالى أعلم - .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وهو مخير بين التمتع والإفراد والقران .
وهو مخير بين ثلاثة أنساك وهي : التمتع القران والإفراد ، والدليل على التخيير بين هذه الثلاثة : ما ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : (( خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع : فمنّا من أهلّ بعمرة ومنّا من أهلّ بعمرة وحجة ومنّا من أهلّ بالحج ، وأهلّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالحج ، وكنت في من أهَل بعمرة ))
فهذه ثلاثة أنساك يُخير بينها الإنسان عند جماهير العلماء ومنهم الأئمة الأربعة .(6/34)
ويرى ابن عباس – رضي الله عنه – وجوب التمتع ، ولكن بعض الصحابة من الخلفاء الراشدين كان يكره التمتع ، فهذا يدل على أنه ليس بواجب .
وقال شيخ الإسلام : أن هذه الأنساك الثلاثة جائزة وإن وجوب التمتع كان خاصاً بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنهم المخاطبون بالأمر أولاً في هذه المسألة ثم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب حين لم يفعلوا ويدل على هذا قول أبي ذر : (( أن المتعة كانت خاصة لنا )) .
فالوجوب هو الخاص ، ويدل من حيث الاستحباب في حديث سراقة لما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أريت عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : (( بل للأبد )) فيدل من حيث الاستحباب أنه مستحب لجميع الأمة ومن حيث خصوصية الوجوب فهذا كان خاصاً بالصحابة حتى
لا يتعارض عما نقل عن أبي ذر مع ما ثبت في حديث سراقة .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وأفضلها التمتع ثم الإفراد ثم القران .
وهذه المسألة فيها ثلاثة أقوال للعلماء - رحمهم الله تعالى - :
القول الأول : الأفضل التمتع وهو المشهور من مذهب الحنابلة .
القول الثاني : الأفضل الإفراد وهو قول المالكية والصحيح عند الشافعية .
القول الثالث : الأفضل القران وهو مذهب الحنفية .
والصحيح من ذلك - والله تعالى أعلم - التفصيل :
1- الأفضل لمن ساق الهدي القران ، لأنه نسك النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أهلَّ به ولأنه الذي أمره الله به لقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( أتاني آتً من ربي فقال صلَّ ركعتين في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة )) .(6/35)
2- الأفضل لمن لم يسق الهدي التمتع ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الذين أهلوا بالحج ولم يسوقوا هدياً بالتحلل وفسخ الحج إلى عمرة وغضب لما تأخروا عن ذلك ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمره )) ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينقلهم إلا إلى الأفضل ولا يتأسف إلا عليه ، فدل على أنه الأفضل لمن لم يسق الهدي .
3- الأفضل الإفراد لمن أنشأ سفراً للعمرة وسفراً للحج ، فيكون أتى بالعمرة بسفر مستقل ثم رجع إلى أهله ثم أحرم بالحج لأن هذا يعني جاء بنسكين في سفرين أما المتمتع والقارن فإنه أتى بنسكين في سفرٍ واحد .
وهذا التفصيل يدل على أنه ليس هناك نسك أفضل بإطلاق بل هو بحسب حالة الشخص فتارةً القران أفضل وتارةً التمتع أفضل وتارةً الإفراد أفضل .
شرع المؤلف - رحمه الله تعالى - الآن يبين صفة كل نسك من الأنساك الثلاثة :
1- صفة التمتع :
فيقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والتمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها ثم يحرم بالحج في عامه .
أولاً : يقول عند الإحرام : ( لبيك اللهم عمرة ) أو يقول : ( لبيك اللهم عمرة متمتعاً بها إلى الحج ) .
ثانياً : أن الإنسان يأتي بعمرة كما يأتي بعمرة في أي شهر من أشهر السنة لكن ينبغي في عمرة التمتع أن تكون من حين إحرامه في أشهر الحج ( وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة ) أما لو جاء بها قبل أشهر الحج أو بعدها فلا يُنظر إلى ذلك ، ثم يفرغ من هذه العمرة ، أي أنه لا يُدخل عليها الحج لأنه لو أدخل عليها الحج أصبح قارناً .
ثالثاً : ثم يتحلل من العمرةّ تحللاً كاملاً فيحل له كل شيء كما لو كان حلالاً ، أي أنه بعد أن يفرغ من العمرة يتحلل منها تحللاً كاملاً فيقصر أو يحلق ، والتقصير أفضل في هذا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من لم يسق الهدي أن يقصر بعد العمرة .(6/36)
رابعاً : ثم يُحرم بالحج من عامه ، أما لو أتى بالعمرة مثلاً في هذه السنة في شوال أو في ذي القعدة ثم في السنة القادمة أتى بالحج لا يكون متمتعاً ، ثم يوم التروية يسن له أن يُحرم من المكان الذي هو فيه في مكة ثم يذهب إلى منى ثم إلى عرفة ثم إلى مزدلفة ثم عليه يوم النحر هدي لتمتعه فإن لم يجد هدياً فإنه يصوم عشرة أيام كما جاء في القُرآن ، ثم يرجع ويطوف طواف الإفاضة وعليه بعد طواف الإفاضة سعيٌ آخر ، فإن السعي الأول لعمرته وهذا لحجه
2- صفة الإفراد :
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والإفراد أن يحرم بالحج وحده .
يعني يقول عند الإحرام : (( لبيك اللهم حجاً )) ، ثم يذهب إلى مكة فيطوف طواف القدوم ويسعى إن شاء وليس عليه سعيٌ أخر ، أو يؤخر السعي إلى ما بعد طواف الإفاضة فهو مخيرٌ في ذلك ، ويبقى على إحرامه بعد طواف القدوم ، وليس عليه هدي ، لكنه لا يُحل
إلا بعد رمي جمرة العقبة - على ما يأتي تفصيله في صفة الحج إن شاء الله تعالى - .
3- صفة القران :
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والقران أن يُحرم بهما أو يحرم بالعمرة ثم يُدخل عليها الحج ، ولو أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم ينعقد إحرامه بالعمرة .
القران يعني أن يقرن بين العمرة والحج في سفرٍ واحدٍ فيقول : (( لبيك اللهم عمرة في
حجة )) أو (( لبيك اللهم عمرةً وحجه )) ، فهو يقرن بين الحج والعمرة وله ثلاث صور :
الصورة الأولى : الإحرام من الميقات بالعمرة والحج ، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لبيك اللهم عمرةً وحجه )) .
الصورة الثانية : أن يحرم من الميقات بالعمرة فقط ، كأنه يريد العمرة فيقول : (( لبيك اللهم عمرة )) ثم قبل أن يشرع في الطواف يُدخل الحج على العمرة ، ويدل على هذا : (( أنه لما حاضت عائشة - رضي الله عنها - قبل أن تصل مكة وكانت محرمة بعمرة أمرها - صلى الله عليه وسلم - أن تُهلّ بالحج )) فهنا أدخلت الحج على العمرة .(6/37)
الصورة الثالثة : أن يُحرم من الميقات بالحج فقط فيقول : (( لبيك اللهم حجاً )) ثم يُدخل العمرة على الحج ، هذه الصورة يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - لا تجوز وهو المشهور عند الحنابلة ، لأنه إدخال الأصغر على الأكبر ولأنه لا يستفيد شيئاً .
ومن العلماء من قال : إنه يجوز إدخال العمرة على الحج ، واستدلوا بحديث عائشة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالحج ثم لما أتاه الآتي قال له : قل لبيك اللهم حجاً وعمرة ، فيفهم من هذا أنه أدخل العمرة على الحج .
والأحوط ألا يفعل هذه الصورة الثالثة لوجود الخلاف بين العلماء .
هناك عدة أمور يجب التنبه لها :
1- يجب على المتمتع والقارن دم نسك إذا لم يكونا من حاضري المسجد الحرام ، ودليل هذا قوله تعالى : ) فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعةٍ إذا رجعتم تلك عشرةٌ كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ( .
وهذا الدم هو دم شكران وليس دم جبران لأن هذا الدم حصل لشكر الله عز وجل على التمتع بالعمرة إلى الحج أو على ترك أحد السفرين لأنه أتي بنسكين في سفر واحد فيشكر الله عز وجل على ذلك .
2- حيض المرأة في الحج لها عدة صور :
الصورة الأولى : أن يكون الحيض عند الإحرام قبل أن تحرم فلها أن تحرم كما مر معنا في حديث عائشة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( أمر أسماء بنت عميس أن تغتسل وتهلّ بالحج )) فهذا
لا يمنعها من نية الحج ، وكذلك كما ورد في حديث عائشة : (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تهل بالحج )) فهذا لا إشكال فيه إن كان قبل الإحرام .
الصورة الثانية : إذا كانت أحرمت وجاءها الحيض ننظر بماذا أحرمت ؟(6/38)
فإذا كانت أحرمت بعمرة يعني متمتعة فهذه حالها كحال عائشة – رضي الله عنها – أي إذا كانت لا يمكن أن تطهر قبل يوم عرفه فإنه في هذه الحالة تُدخل الحج على العمرة كما فعلت عائشة – رضي الله عنها – وإذا كان يمكن أن تطهر قبل يوم عرفه فتنتهي من عمرتها ثم تحرم بالحج فإنها تبقى على إحرامها .
وإذا كانت أحرمت بالحج وحده أو أحرمت قارنه ابتداءً ثم جاءها الحيض فإنها تفعلُ ما يفعله الحاج غير أنه لا تطوف بالبيت فتذهب إلى منى ثم إلى عرفه ثم إذا كان يوم النحر طهرت طافت طواف الإفاضة وسعت ، وإذا تأخر طهرها حتى أيام التشريق وما بعدها فعلى وليها أن يجلس معها حتى تطهر ثم تطوف طواف الإفاضة وتسعى ، وتكون في هذه الحالة على إحرامها ولا يحصل لها التحلل الأكبر . أما إذا لم يبقَ عليها إلا طواف الوداع ففي هذه الحالة لا وداع عليها ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طوافاً إلا أنه رُخّص فيه للحائض ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأل عن صفية قالوا : إنها قد حاضت ، قال : أحابستنا
هي ؟ قالوا قد طافت يارسول الله ( يعني طواف ألإفاضة ) قال : فلتنفر إذاً .
فحديث صفية دل على أمرين :
الأمر الأول : دل على أن من لم تطف طواف الإفاضة أن ذلك يحبسها وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل وقال : أحابستنا هي ؟ قالوا : إنها قد أفاضت ، قال فلتنفر إذاً ، فدل على أن من لم تطف طواف الإفاضة تحبس من معها حتى تؤدي طواف الإفاضة .
الأمر الثاني : أن من طافت طواف الإفاضة ولم يبقَ عليها إلا الوداع فإنه لا وداع عليها .
3- أنه من أحرم مطلقاً صحَّ وله صرفه إلى ما شاء :(6/39)
أي من أحرم ولم يعين نسك معين فلم ينوي أنه مفرداً أو قارناً أو متمتعاً فيصح هذا الإحرام ولا يشترط تعيين النسك الذي أحرم به فله أن يصرفه إلى ما شاء ، فإن شاء جعله عمرة وإن شاء جعله حجاً وإن شاء جعله عمرةً وحجاً أي إن شاء جعل نفسه قارناً أو مفرداً أو متمتعاً .
4- من أحرم بنسك ونسيه فما حكم ذلك ؟
أي إذا أحرم بنسك كأن يكون إفراداً أو قران أو تمتع ثم نسيه ففيه قولان :
القول الأول : يصرفه إلى عمره ، لأنه إن كان أحرم بعمرة فقد أصاب ، وإن كان أحرم بالحج فيجوز فسخ الحج إلى العمرة .
القول الثاني : يصرفه إلى أيهما شاء إلى حج أو إلى عمرة .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فإذا استوى على راحلته لبى فقال : (( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك )) .
ما حكم التلبية ؟
التلبية مستحبة عند جمهور العلماء وليست واجبة خلافاً للمالكية ، وليست شرطاً خلافاً للحنفية
مسألة : متى يلبي الحاج ؟ هل يلبي بعد الصلاة ؟ أو يلبي إذا استوى على راحلته ؟ أو يلبي إذا علا البيداء ؟
الجواب : اختلف العلماء – رحمه الله تعالى – في ذلك على ثلاثة أقوال ، وجمع ابن عباس – رضي الله عنه – بين هذه الأقوال فقال : (( من الناس من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي بعد الصلاة فنقل ذلك ولم يسمع تلبيته عندما استوى على راحلته ، ومنهم من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حينما استوت به راحلته فنقل ذلك ولم يسمعه يلبي بعد الصلاة ، ومنهم من رآه يلبي لما علا البيداء من ذي الحليفة فنقل ذلك ولم يسمعه يلبي حينما استوت به راحلته )) فالاختلاف نظراً لسماعهم لتلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - .
صفة التلبية :
((لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك )) .
معنى التلبية :(6/40)
القول الأول : لبيك على صيغة التثنية مثل حنانيك ، أي إجابة بعد إجابة ، فكأن هذا إجابة لدعاء إبراهيم حين نادى فوعده الله عز وجل أنه سيبلغ صوته إلى الناس ، فإن الله عز وجل لما دعا الناس إلى الحج لبوا ، أي أجابوا داعي الله إلى الحج .
القول الثاني : إنها مأخوذة من لبَّ بالمكان إذا أقام به ، كأنه يقول : يارب أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة .
القول الثالث : لبيك مأخوذة من ( اللُب ) وهو خالص الشيء : كأنه يقول : يارب لك إخلاصي ولك خالص عبادتي وطاعتي .
القول الرابع : هي مأخوذة من ( لبب كذا ) إذا أخذ بتلابيبه كأنه يقول : جئتك يارب منقاداً لأمرك خاضعاً ذليلاً كما ينقاد من يؤخذ بتلابيب ثوبه .
ما يستفاد من التلبية :
1- تُشعر الإنسان بالاستجابة لأمر الله عز وجل وبامتثال أمره .
2- تشعر بما لله من التوحيد وبالاعتراف بنعمة الله وبالشكر لله عز وجل وبالإخلاص له سبحانه .
3- تحيي شعيرة التوحيد ، فقوله : (( لا شريك لك لبيك )) هو معنى لا إله إلا الله ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لما جاء إلى مكة يلبي بهذه التلبية يحي بها شعيرة التوحيد ، ويحي بها هذا الأمر العظيم الذي أخلَّ به أهلُ مكة كثيراً في عهد - صلى الله عليه وسلم - فجاء يقرر التوحيد في أكثر من موقف في حجه صلوات الله وسلامه عليه .
4- حمد الله وثناءه على كل حال ، فقال : (( إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك )) .
حكم الزيادة على ألفاظ التلبية :
ألفاظ التلبية السابقة هي الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعند العلماء أنه لا يستحب الزيادة على هذه الصيغة ولا يكره :
فقولهم : ( لا يستحب الزيادة على التلبية ) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزد عليها .(6/41)
وقولهم : ( لا تكره الزيادة عليها ) يعني أن الزيادة جائزة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمعهم يزيدون فكان ابن عمر – رضي الله عنهما – يقول : (( لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل لبيك ذا المعارج لبيك ذى الفواضل )) .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
ويستحب الإكثار منها ورفع الصوت بها لغير النساء .
ويستحب رفع الصوت بالتلبية : ويدل على ذلك :
1- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أفضل الحج العج والثج )) حديث حسن أخرجه الترمذي والدارامي ، والعج : رفع الصوت بالتلبية ، والثج : إراقة دم الهدي .
2- قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي ومَنْ معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية )) أخرجه أصحاب السنن وصححه الألباني .
3- ما ثبت عن أنس - رضي الله عنه - : (( أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يصرخون بالتلبية صراخاً )) .
4- وجاء عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أنهم كانوا لا يبلغون الروحاء حتى تبح أصواتهم )) وذلك من رفعهم أصواتهم بالتلبية .
ويستحب الإكثار من التلبية : ويدل على ذلك :
قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ما من ملبٍ يلبي إلا لبى ما عن يمينه وعن شماله من حجر و شجر حتى تنقطع الأرض من هنا وهنا - بقدر ما يرى الرأي - )) .
فينبغي للإنسان أن يكثر من هذه التلبية كما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه ، فكثير من الحجاج يغفلون عن هذا الأمر ويشتغلون بما لا يعنيهم ويتركون أمر التلبية جانباً .
قول المؤلف - رحمه الله تعالى - : (( لغير النساء )) لأن المرأة لا ينبغي لها أن ترفع صوتها بالتلبية فربما أثر ذلك في الرجال فلا ترفع صوتها إلا بقدر ما تُسمع رفيقتها .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :(6/42)
وهي آكد فيما إذا علا نشزاً أو هبط وادياً أو سمع ملبياً أو فعل محظوراً ناسياً أو لقي ركباً وفي أدبار الصلاة المكتوبة وبالأسحار وإقبال الليل والنهار .
هذه ثمانية مواطن ذكرها المؤلف - رحمه الله تعالى - يستحب فيها رفع الصوت بالتلبية
وفي ذلك حديث ذكره ابن عساكر في تخريجه لأحاديث المهذب وهو : (( أن - صلى الله عليه وسلم - كان يلبي إذا لقي راكباً أو علا أكمه أو هبط وادياً وفي أدبار الصلوات المكتوبة ومن آخر الليل )) ، وفيه حديث في الصحيح : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( كأني أنظر إلى موسى هابطاً من الثنية له جُؤار إلى الله عز وجل بالتلبية )) .
باب محظورات الإحرام
قوله : محظورات : هي صفةٌ لمحذوف تقديره الأشياء المحظورات .
المحظور في اللغة : الممنوع .
فهذه الأشياء التي سيذكرها المؤلف - رحمه الله تعالى - ممنوعةٌ ومحرمةٌ على المحرم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وهي تسعة : ( الأول والثاني ) حلق الشعر وقلم الظفر ، ففي ثلاثة منها دم ، وفي كل واحد مما دونه مد طعام وهو ربع الصاع . وإن خرج في عينه شعر فقلعه أو نزل شعره فغطى عينه ، أو انكسر ظفره فقصه فلا شيء عليه .
المحظور الأول : حلق الشعر : وهذا بإجماع العلماء أن المحرم يمنع منه ، والأصل في
ذلك :
1- قوله تعالى : ) ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ( فهذا نص في حلق الشعر . 2- حديث كعب بن عجرة لما قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( لعلك تؤذيك هوام رأسك ؟ قال : نعم
يا رسول الله ، قال : احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاه )) فخيره النبي - صلى الله عليه وسلم - بين هذه الثلاثة الأشياء .(6/43)
وقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : ( حلق الشعر ) هذا لا مفهوم له فإن النتف أو القص في معنى الحلق ، يعني لا فرق بين أن يحلق شعره أو أن يزيله بأي نوع من أنواع الإزالة بالنتف أو بالقص أو بغيره من الأشياء التي يزال بها الشعر .
مسألة : هل الألف واللام في ( الشعر ) للعهد ، أي يكون المعنى شعر الرأس ؟ أو المراد به الاستغراق ، أي كل شعر الجسم لا يجوز للإنسان أن يأخذ منه ؟
الجواب : اختلف العلماء في ذلك على قولين :
القول الأول : أن المحرم ممنوع من أخذ شيء من شعره ، سواءً كان شعر الرأس أو شعر البدن أو غيره فجميع الشعر من المحظورات لا يجوز للإنسان أن يحلق شيئاً منه ، فأما شعر الرأس فبنص الآية وأما غيره فبالقياس عليه ، وهو قول جمهور العلماء .
القول الثاني : أن المحرّم على المُحرم هو حلق شعر الرأس دون غيره ، لأن غير شعر الرأس لم يثبت فيه نص من الكتاب ولا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا هو قول الظاهرية . وهذا القول قوي ، ولهذا قال الشيخ الأمين - رحمه الله تعالى - في أضواء البيان (( اعلم أني
لا أعلم نصاً أو مستنداً لمن قال بتحريم غير شعر الرأس من كتاب ولا سنة )) .
المحظور الثاني : تقليم الظفر : نقل ابن قدامه في المغني الإجماع على أن المُحرم ممنوع من تقليم أظفاره . واستدل بعضهم بقوله تعالى : ) ثم ليقضوا تفثهم ( قال ابن عباس - رضي الله عنه - التفث هو : حلق الرأس و تقليم الأظفار لأنه إذا كان مباحاً له يوم النحر دل على أنه ممنوع قبل ذلك فذكر هذا بعد أن ذكر الهدي وذكر ما ينحره الإنسان ثم قال : ) ثم ليقضوا تفثهم ( ، وهذا هو رأي جمهور العلماء وفيه خلاف للظاهرية .
تنبيه :
المؤلف - رحمه الله تعالى - بعد أن ذكر المحظورين : حلق الرأس وتقليم الأظفار ذكر أحكام متعلقة بالمحظورين ، لأنهما من باب واحد ، فالحكم الذي يقال في حلق الشعر يقال في تقليم الأظفار .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :(6/44)
ففي ثلاثة منها دمٌ .
أي إذا حلق الإنسان ثلاث شعرات أو قلّمَ ثلاثة أظفار ففيه دم ، وقوله : ( فيها دم ) هذه العبارة فيها تسامح ، والأولى أن يقول : فيها فدية ، لأن الفدية ليست دماً متعيناً بل هو مخيرٌ بين أن يذبح شاة أو أن يصوم ثلاثة أيام أو أن يُطعم ستة مساكين .
مسألة : على ماذا يصدق حلق الشعر ؟
الجواب : في رواية عند الحنابلة ثلاث شعرات ، وهذه التي اختارها المؤلف لأن هذا هو أقل ما يصدق عليه الجمع .
وفي رواية أخرى عندهم أنها أربع شعرات واختارها الخرقي .
وعند المالكية كل ما يماط به الأذى ، أي كل ما تحصل به إماطة الأذى فهذا فيه فدية .
وعند الحنفية ربع الرأس .
هذه الأقوال كلها مبنية على أن الله عز وجل نهى المحرم أن يحلق شعره وليس في ذلك تحديد والظاهر قول من قال أنه أكثره أو قال : ما يماط به الأذى فهذا هو الأولى .
وقوله - رحمه الله تعالى - :
وفي كل واحد مما دونه مد طعام وهو ربع الصاع .
أي لو حلق شعرةً أو قص ظفراً فيه مد طعام ، وأقل من الشعرة أو أقل من الأظفر فلا ينظر إليه بل يأخذ حكم الشعرة الواحد والظفر الواحد .
وقوله : ( مد طعام ) ، لأن الله عز وجل جعل في جزاء الصيد لمن لم يجد الحيوان الإطعام
وإنما قيل بالفدية في بعض الشعر لأن ما وجبت الفدية في جملته وجبت في أبعاضه ، وكذلك الحال هنا .
ثم قال : ( ربع صاع ) لأن هذا أقل فدية وهي إطعام مسكين وهو مد .
وبعض العلماء قال : يتصدق بأي شيء ، وهذا هو الأقرب أنه ليس هناك تحديد بل لو قيل : إنه لا يتصدق وهذا مما يتسامح فيه لكن أولى .
وقوله - رحمه الله تعالى - :
وإن خرج في عينه شعر فقلعه أو نزل شعره فغطى عينه ، أو انكسر ظفره فلا شيء عليه
هذه المسألة كلها ترجع إلى قاعدة وهي قاعدة مهمة وهي :
( أن من أتلف شيئاً لدفع أذاه لم يضمنه وإن أتلفه لدفع أذى غيره به ضمنه ) :(6/45)
وتوضيح هذه القاعدة : أن الشعر مادام هو بنفسه أذى للمحرم أو آذى المحرم فقصه أو حلقه فلا شيء على المحرم ولا يضمن لأنه فعل ذلك من أجل دفع أذى الشعر ، لكن لو كان في المحرم قمل فحلق الشعر فهنا الأذى ليس من الشعر وإنما من القمل لكن هذا القمل لا يدفع أذاه إلا بحلق الشعر ففي هذه الحالة يضمن كما في حديث كعب بن عجرة لأنه أتلف الشعر من أجل دفع أذى غيره وهو القمل .
هذه القاعدة لها فروع كثيرة من ذلك : الصيد للمحرم إذا صال عليه ( يعني آذاه بنفسه ) وقتله لم يضمنه ، لكن لو قتل الصيد لدفع أذى غيره يعني كدفع الجوع كأن يكون في مخمصة فوجد صيداً فقتله فهنا يضمن الصيد . كذلك لوصال عليه حيوان لآدمي فقتله لم يضمنه لكن إذا قتل هذا الحيوان لدفع المخمصة ضمنه .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
( الثالث ) لبس المخيط إلا أن لا يجد إزاراً فيلبس سراويل أو لا يجد نعلين فيلبس خفين ولا فدية عليه .
المراد بالمخيط : كل ما خيط على قدر البدن كله أو على قدر عضو منه ، فيدخل تحت هذا الثوب الذي نلبسه والقمص والسراويل والخفاف والشراريب والجوارب والقفازات وكذلك الطاقية لأنها على قدر العضو ، والأصل في هذا ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر - رضي الله عنه - : (( أن رجلاً قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما يلبس المحرم ؟ قال : لا يلبس القُمُص ولا العمائمَ ولا السراويلاتِ ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحدٌ لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس )) فالرسول - صلى الله عليه وسلم - نبه بهذا الحديث على ما يلبس أعلى البدن وهو القمص ، أو أسفل البدن وهو السراويلات ، أو ما يلبس في الرجل وهو الخف ، أو ما يلبس على البدن كله وهو البرانس وكذلك العمائم على الرأس .
يقول المؤلف :
إلا أن لا يجد إزاراً فيلبس سراويل أو لا يجد نعلين فيلبس خفين ولا فدية عليه(6/46)
وهذا يدل عليه حديث ابن عباس - رضي الله عنه - في الصحيحين قال :
(( سمعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات يقول : السراويل لمن لم يجد الإزار والخفان لمن لم يجد النعلين ، يعني المحرم )) فالرسول - صلى الله عليه وسلم - نبه على هذا الأمر، فالذي لا يجد إزاراً له أن يلبس السراويل على هيئته ولا فدية عليه ، وإذا لم يجد النعلين لبس الخفين مع أن الخف مخيط على قدر العضو .
مسألة : من لم يجد نعلين ولبس خفين ، هل يقطعهما أسفل الكعبين أو لا يقطعهما ؟
الجواب : العلماء اختلفوا هل يقطع الخف أو لا ؟ على قولين :
القول الأول : جمهور العلماء على أن الخف يقطع حتى يكون أسفل الخف لحديث ابن عمر - رضي الله عنه - .
القول الثاني : ذهب الحنابلة أن الخف لا يقطع ، يعني لو لبسه على حالته لا شيء عليه واستدلوا بحديث ابن عباس وفيه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر فيه القطع وقالوا : حديث ابن عمر كان في المدينة وحديث ابن عباس كان في عرفة فهو متأخر وقد حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة من لم يحضر كلامه بالمدينة ، ولو كان ذلك واجباً لبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
وأجاب الجمهور عن حديث ابن عباس بأنه مطلق وحديث ابن عمر مقيد فيحمل المطلق على المقيد ، علماً بأن حديث ابن عمر فيه زيادة فيجب الأخذ بها .
والظاهر- والله تعالى أعلم - : أنه يجب القطع كما في حديث ابن عمر .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
( الرابع ) تغطية الرأس ، والأذنان منه .
تغطية الرأس ممنوع منها المحرم بإجماع العلماء ، والدليل على ذلك :
1- ما تقدم من حديث ابن عمر من النهي عن العمائم والبرانس .
2- قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الذي وقصته دابته : (( لا تخمروا رأسه ، فإنه يُبعث يوم القيامة ملبيا )) فبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه على إحرامه وأنه ممنوع من تغطية الرأس .(6/47)
وتغطية الرأس لها حالات :
الحالة الأولى : أن يغطيه بملاصق ، كأن يغطيه بطاقية أو بعمامة أو بما أشبه ذلك مما هو معتاد لبسه على الرأس فهذا ممنوع بإجماع العلماء .
الحالة الثانية : أن يغطيه بوضع شيء عليه ، يعني بتلبيده مثل أن يلبده بالعسل أو بالصمغ أو بشيء شبيه بهذا كالحناء فهذا جائز بالنص والإجماع :
أما النص فلقول ابن عمر - رضي الله عنه - (( رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُهلّ ملبداً )) يعني يلبد الرأس حتى يبقى الشعر كما هو فهذا فيه نوع تغطية لكنه مع ذلك لا يضر .
وأمّا الإجماع فقد أجمع العلماء على جواز ذلك .
الحالة الثالثة : أن يغطيه بحمل متاع عليه ، كإنسان يحمل متاعه على رأسه فهذه تغطية للرأس ، هل تجوز أو لا تجوز ؟
اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في ذلك على قولين :
القول الأول : أنه لا شيء عليه إذا غطاه وهو مذهب الحنابلة والمالكية ، لأن هذا لا يُقصد به الستر غالباً .
القول الثاني : أن عليه الفدية إذا غطاه ، وهو مذهب الشافعية .
والصحيح في هذا التفصيل : إذا كان الإنسان يضع على رأسه شيئاً بقصد التغطية فعليه الفدية وإلا فلا ، وهو اختيار ابن عقيل من الحنابلة .
الحالة الرابعة : أن يغطي رأسه أو أن يستظل بظل شجرة أو بالشمسية أو بظل السيارة فهذا جائز ويدل على ذلك : (( أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر أن تُنصب له قبة من شعر بنمره فنُصبت له والرسول - صلى الله عليه وسلم - محرم )) فدل ذلك على أنه لا مانع أن يستظل المحرم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والأذنان منه .
لما روى ابن عباس عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( الأذنان من الرأس )) فإذا كانت من الرأس فيجب على المحرم ألا يغطيها .
مسألة : هل الوجه كالرأس أو لا في التغطية ؟
الجواب : للعلماء في هذه المسألة قولان :(6/48)
القول الأول : أنه يَحْرم على المحرم أن يغطي وجهه ، وهو مذهب المالكية والحنفية ورواية عن الإمام أحمد ، والدليل على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم في حديث الذي وقصته دابته أنه قال : (( لا تخمروا رأسه ولا وجهه )) .
القول الثاني : أنه يباح للمحرم أن يغطي وجهَهُ ، وهو قول الشافعية ورواية عن الإمام أحمد ، وقالوا : زيادة (( ولا تغطوا وجهه )) زيادة غير محفوظة فبناءً على ذلك يجوز له أن يغطي وجهه .
والقول الراجح - والله تعالى أعلم - : أنه لا يجوز للمحرم أن يغطي وجهه ، لأن رواية الزيادة ثابتة وصحيحة .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
( الخامس ) الطيب في بدنه وثيابه .
الدليل على كون الطيب من محظورات الإحرام ، وعلى كونه مُحرّماً على المُحرم ، ما تقدم سابقاً معنا في الأحاديث الصحيحة منها :
1- قصة الرجل الذي وقصته دابته فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه : (( لا تمسوه طيباً )) .
2- حديث ابن عمر - رضي الله عنه – عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس )) .
3- حديث صاحب الجبة حيث أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغسل ما به من الطيب ثلاثاً ، وقال له :
(( وانزع عنك الجبة )) .
لكن يرد هنا مسألتان :
المسألة الأولى : ما الطيب المحرّم ؟
الجواب :
الطيب المحرّم هو : ما قُصد منه الطيب ، فليس كل رائحة طيبة أو تستطاب تكون طيباً ، بل ما قُصد منه الطيب ، أو كان الغالب فيه ذلك ، هذا هو المحرّم على المُحرم .
فالطيب المُحَرَّم للعلماء فيه ضوابط مختلفة ، فقال ابن قدامه - رحمه الله تعالى - :
النبات الذي تستطاب رائحته على ثلاثة أضرب :
الضرب الأول : ما لا يُنبَتُ للطيب ولا يُتخذ منه ، يعني لا يُقصد منه الطيب ولا يُتخذ منه كنبات الصحراء : مثل الشيح والقيصوم والخزامى وغيرها ، وكذلك الفاكهة : كالسفرجل(6/49)
و التفاح ، وما لا يُقصد منه الطيب بتاتاً من الأشجار ، فهذا الضرب لا خلاف أنه لا فدية على من شمه أو مسه .
الضرب الثاني : ما يُنبت للطيب ولا يُتخذ منه كالريحان ، فهذا فيه وجهان عند الحنابلة وأصح الوجهين : أنه لا فدية على من مسه أو شمه .
الضرب الثالث : ما يُنبت للطيب ويُتخذ منه ، كالورد وغيره ، فأصح الروايات عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - أن من مسه أو شمه عليه فدية .
لكن الطيب على قسمين :
القسم الأول : ورد فيه نص ، كالزعفران وغيره ، فهذا يُتبع فيه النص .
القسم الثاني : لم يرد فيه نص ، فالمرجع فيه إلى عرف الناس ، فما عده الناس طيباً فإنه يَحرُمُ على المُحرِم أن يمسه .
المسألة الثانية : ما هي أوجه الاستعمال المحرمة في الطيب ؟
الجواب : ذكر المؤلف - رحمه الله تعالى - أنه في البدن وفي الثياب .
والعلماء - رحمهم الله تعالى - قالوا : إن أوجه الاستعمال المحرمة في الطيب هي :
1- المس .
2- الشم .
3- صبغ الثياب به .
4- الادهان .
5- استعماله في الأكل .
6- الاحتقان به .
1- مس الطيب :
فهذا واضح من حديث الرجل الذي وقصته دابته ، قال - صلى الله عليه وسلم - :
(( لا تمسوه طيباً )) ، و الطيب من حيث المس على قسمين :
القسم الأول : طيب لا يعلق باليدِ منه شيء إذا مسسناه ، كالعود أو قطع الكافور مثلاً ، فمثل هذا لا فدية في مسه .
القسم الثاني : ما يعلق باليدِ منه شيء ، كالطيب السائل أو المائع أو المسحوق ، فهذا فيه الفدية
2- شم الطيب : على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن يشمه المحرم من غير قصد ، كأن يمر بالكعبة وهي تطيب فيجد رائحة الطيب أو يمر بعطّار عنده طيب فيجد الرائحة ، فهذا لا شيء عليه باتفاق العلماء .
القسم الثاني : أن يقصد شم الطيب ، لكن هذا القصد من أجل الشراء منه ، فهذا قال بعض العلماء : لا شيء عليه ، وهذا الذي رجحه ابن القيم - رحمه الله تعالى -(6/50)
فقال : ليس في شم الطيب دليل ، لكنه حُرّم تحريم الوسائل ، وما حُرّم تحريم الوسائل جاز للحاجة ، كتحريم النظر للمرأة الأجنبية فإنه محرّم تحريم الوسائل ، لكنه يجوز النظر للمخطوبة للحاجة ، فكذلك الطيب يجوز للحاجة إذا أراد الإنسان أن يشتري فلا مانع من أن يشمه .
القسم الثالث : أن يُشم الطيب بقصد التلذذ به ، فهذا لا يجوز ، ومن فعله فعليه الفدية .
3- صبغ الثياب بالطيب : فهذا فيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لاتلبسوا شيئاً من الثياب مسه زعفران أو ورس )) .
4- الا دّهان بالطيب : على قسمين :
القسم الأول : دهان فيه طيب ، فهذا لا يجوز الادّهان به ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا تمسوه طيباً )) .
القسم الثاني : دهان لا طيب فيه ، فيجوز الادّهان به ، وبعض العلماء كرهه و قال : لا يجوز لا لكونه طيباً بل لكونه يُزيل التفث أو يُزيل الشعر من الرأس ، وبعضهم قال : لا يجوز استعمال الدهان في الرأس واللحية حتى لا يُسقط شيئأً من الشعر .
والصحيح الجواز إذا لم يكن فيه طيب .
5- أكل الطيب : ففيه خلاف بين العلماء إذا استعمل الطيب فيه :
فمذهب الحنابلة والشافعية أن استعمال الطيب في الأكل أو الشرب محرّم على المُحرم سواءً كان نيئاً أو كان مطبوخاً متى ما وجد ريحه فإذا فعل فإن عليه الفدية .
وبعض العلماء يرى أنه إذا كان مطبوخاً لا فدية فيه سواءً ذهب لونه وريحه وطعمه أو لا ، لأن الطبخ يُحيل الطيب عن حقيقته . وهو مذهب المالكية والحنفية .
والظاهر - والله تعالى أعلم - أنه لا شيء في وضعه في الأكل لأنه لا نص في ذلك ، وأيضاً لا يسمى عادةً من يأكل ما فيه طيب متطيباً .
لكن ينبغي للإنسان أن يجتنبه خروجاً من خلاف من خالف من العلماء .
6- الاحتقان بالطيب : لأن الاحتقان نوع من المس المنهي عنه .
مسألة : ما الفرق بين هذه المسألة وبين المسألة المتقدمة وهي : وضع الطيب قبل الإحرام ؟(6/51)
الجواب : هذه المسألة في ابتداء الطيب في الإحرام ، يعني هل يجوز لك أن تتطيب بعد أن تُحرم سواءً كان في الثياب أو كان في البدن . وأما المسألة المتقدمة هي في الاستمرار .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
( السادس ) قتل الصيد ، وهو ما كان وحشياً مباحاً ، وأما الأهلي فلا يحرم ، وأما صيد البحر فإنه مباح .
الدليل على كون قتل الصيد من محظورات الإحرام :
1- قوله تعالى : ) يا أيها الذين أمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرم ( .
2- قوله تعالى : ) حُرّم عليكم صيد البر ما دمتم حُرما ( .
مسألة : هل هناك ما يُلحق بالقتل ؟
الجواب : نعم ، فلا يجوز للمُحرم أن يدل على الصيد ، ولا يُشير إليه ، ولا يُعين عليه(6/52)
ولا أن يأكله إذا صيد من أجله ، والدليل على هذا ما في الصحيح عن أبي قتادة – رضي الله عنه – (( أنه كان مع أصحابه فرأوا حُمراً وحشية فحمل عليها أبو قتادة – رضي الله عنه – فعقر منها أتاناً ، فنزل أصحابه فأكلوا منها ، فلما أكلوا منها كأنهم تحرّجوا فقالوا : أكلنا لحماً ونحن محرمون ( يعني لحم صيد ) ، فأتوا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالوا : يا رسول الله إنا أحرمنا وكان أبو قتادة لم يُحرم فرأينا حُمر وحشٍ فحمل عليها أبو قتادة فعقر منه أتاناً فنزلنا فأكلنا منها، وتركنا منها بقية ، فقال لهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - : هل منكم أحدٌ أمره بذلك أو أشار إليه بشيء ؟ قالوا : لا ، قال : فكلوا ما بقي من لحمها )) ، وفي بعض الروايات عند مسلم أنه قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أمنكم أحدٌ أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها )) ، وفي بعضها كذلك عند مسلم قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أشرتم أو أعنتم أو أَصَدْتُم )) . وفي بعض الروايات : (( أنه سقط منه سوطه ، فقال : ناولوني السوط ، قالوا : والله لا نُعينك عليها بشيء فنزل فأخذ سوطه فعقرها )) ، فهذا كله يدل على أنه لا يجوز للمُحرم أن يأكل من لحم الصيد إذا صاده بنفسه أو أشار إليه أو أعان عليه أو دل عليه .
مسألة : هل يجوز للمُحرم أن يأكل من الصيد ؟
الجواب : إن كان صيد من أجله فإنه لا يجوز له أن يأكل منه ، وإن لم يُصد من أجله جاز له أن يأكل منه ، والدليل على هذا ما في سنن الترمذي وأبي داود عن جابر – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( صيد البر حلال لكم ما لم تصيدوه أو يُصد لكم )) .(6/53)
فإن قيل : ما الجواب عن حديث الصعب بن جثّامه الليثي الذي في الصحيحين : (( أنه أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حماراً وحشياً بالأبواء أو بودان فرده الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما في وجهه قال : إنا لم نرده عليك إلا أنا حُرم )) ، فيدل هذا على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رده عليه لأنه كان محرماً ؟
قلنا الجواب : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ربما علِمَ أن الصعب إنما صاده من أجله فلم يأكل منه النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك .
مسألة : ما الصيد المُحرَّم على المُحرِم ؟
الجواب : هو ما جمع ثلاث صفات :
الصفة الأولى : أن يكون برياً : فأخرج صيد البحر ، قال عز وجل : ) أُحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة ( ، فصيد البحر الذي لا يعيش إلا في الماء حلالٌ على المُحرم ، وإذا كان يعيش في الماء وفي البر فإنه يغلّب جانب الحظر على جانب الإباحة ، وعند الحنابلة العبرة في هذا بالمكان الذي يفرخ ويبيض فيه .
الصفة الثانية : أن يكون وحشياً : يعني ليس أهلياً ، فبناءً على هذا يكون الأهلي ليس بمحرم كبهيمة الأنعام وغيرها ، والعبرة في هذا بالأصل لا بالحال الذي عليه الآن ، فما كان أصله وحشياً فإنه يَحرم حتى وإن استأنس أو تأهل ، فالحمام أصله وحشي فلا يجوز اصطياده حتى وإن استأنس ، وكذلك بهيمة الأنعام أصلها أهلي فإن توحشت فإنه يجوز اصطيادها وأكلها .
الصفة الثالثة : أن يكون مباحاً : فإن كان محرماً ، أي يحرم أكله فلا ما نع من اصطياده وما تولد بين مباحٍ ومحرم يُغلّب جانب التحريم .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
( السابع ) عقد النكاح حرام ولا فدية فيه .
لا يجوز للمُحرم أن يعقد لنفسه ، أي لا يجوز أن يقبل النكاح لنفسه ولا أن يقبله لغيره
ولا يكون ولياً فيه ولا وكيلا ، وذلك لما ثبت في صحيح مسلم من حديث عثمان :(6/54)
(( أنه قال : قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : لا يَنْكِح المُحرم ولا يُنْكِح ولا يخطب )) فهذا الحديث واضح في المنع من النكاح للمُحرم ، وكذلك لا يجوز للمُحرمة أن تتزوج .
فإن قيل : ما الجواب عن حديث ابن عباس - رضي الله عنه - (( أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة وهو مُحرم )) ؟
قلنا : الجواب عنه من عدة وجوه :
الوجه الأول : أن حديث ابن عباس مُعارض بمثله فقد ثبت في صحيح مسلم عن يزيد الأصم
قال : حدثتني ميمونة بنت الحارث : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال ، وكانت خالتي وخالة ابن عباس )) ، فهذا الحديث مقدم على حديث ابن عباس لأنه إذا تعارض عندنا خبران راوي أحد الخبرين صاحب القصة فخبره مقدم على خبر غيره ، فهنا في حديث يزيد الأصم أخبر أن ميمونة حدثته بذلك وهي صاحبة القصة .
الوجه الثاني : ثبت عند الإمام أحمد وغيره أن أبا رافع قال : (( تزوج الرسول - صلى الله عليه وسلم - ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال وكنت الرسول بينهما )) ، فأبو رافع قد باشر القصة فهو أولى من ابن عباس - رضي الله عنه - .
الوجه الثالث : أن ابن عباس - رضي الله عنه - كان صغيراً لا يُدرك في ذلك الوقت حقائق الأمور .
الوجه الرابع : أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ربما تزوج ميمونة وهو حلال لكنه لم يُظهر أمر التزويج
إلا وهو مُحرم فظن ابن عباس - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو مُحرم .
الوجه الخامس : أنه إذا تعارض القول والفعل ، فالقول مقدمٌ على الفعل لأن الفعل يحتمل الخصوصية ، فإن الني - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا يَنْكِح المُحرم ولا يُنْكِح ولا يخطب )) فهذا هو القول والفعل هو ماذكره ابن عباس - رضي الله عنه - .
فبناءً على ذلك يترجح - والله تعالى أعلم - أنه لا يجوز للمُحرم أن يعقد النكاح ، وإن عقد النكاح وهو مُحرم فلا فدية عليه ، لكن العقد فاسد .(6/55)
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
( الثامن ) المباشرة لشهوة فيما دون الفرج ، فإن أنزل بها فعليه بدنه ، وإلا ففيها شاة وحجه صحيح .
المباشرة فيما دون الفرج : كالوطء في غير الفرج ، أو التقبيل ، أو اللمس بشهوة ، إذا فعل المُحرم ذلك فله حالتان :
الحالة الأولى : أن يحصل منه إنزال مني :
فهنا يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : عليه بدنه ، لماذا ؟ قالوا : تشبيهاً له بالغسل ، فكما أن الغُسل يجب بإنزال المني بغض االنظر عن الجِماع وغيره ، فكذلك البدنة تجب بإنزال المني بغض النظر عن الجماع وغيره ، فهم قاسوا الإنزال على الجماع ، فكما أن الجماع فيه بدنه فكذلك الإنزال فيه بدنه بجامع اللذة في كلٍ منهما .
الحالة الثانية : إن لم يحصل منه إنزال مني :
فهنا يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : عليه شاة ، يعني فيه فدية الأذى .
وقصدهم بفدية الأذى : شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام على التخيير .
والظاهر والله تعالى أعلم : أن الجميع فيه فدية الأذى ، أنزل أو لم يُنزل لعدم وجود الدليل المقنع في هذا والله تعالى أعلم .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
( التاسع ) الوطء في الفرج فإن كان قبل التحلل الأول فسد الحج ووجب المضي في فاسده والحج من قابل ، ويجب على المجامع بدنه ، وإن كان بعد التحلل الأول ففيه شاة ، ويُحرم من التنعيم ليطوف محرما، وإن وطئ في العمرة أفسدها ، ولا يفسد النسك بغيره .
الوطء في الفرج يعني : تغييب الحشفة في الفرج ، أي تغييب رأس الذكر في الفرج ، وهذا الذي يترتب عليه الأحكام الشرعية المعروفة ، وهذا هو أعظم المحظورات إذْ يترتب عليه إفساد الحج والعمرة ، وجميع المحظورات لا يفسد بها الحج ، والجماع منهي عنه بنص القران قال الله عز وجل : ) الحج أشهرٌ معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ( ، قال ابن عباس - رضي الله عنه - : الرفث هو : غشيان النساء والتقبيل والغمز .(6/56)
وإذا جامع الإنسان في الحج فله حالتان :
الحالة الأول : قبل التحلل الأول :
كأن يجامع ليلة عرفة أو يجامع في المزدلفة أو يجامع يوم العيد قبل الرمي وقبل الحلق ، فهذا يقول المؤلف يترتب على جماعه أربعة أمور :
الأمر الأول : فساد حجه .
الأمر الثاني : المضي في فاسده .
الأمر الثالث : الحج من قابل .
الأمر الرابع : وجوب بدنةٍ عليه .
وهذه الأمور الأربعة منقولة عن ابن عمر - رضي الله عنه - كما في البيهقي وهو أثر صحيح ، وكذلك عن ابن عباس وعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهم - فهذه آثار عن الصحابة ولم يُعرف لهم مخالف فكان ذلك إجماعاً .
وبعض هذه الأمور تدل عليها النصوص ، فالمضي في فاسده لأن الله تعالى أمر بإتمام الحج والعمرة فعليه أن يُتم الحج والعمرة حتى ينتهي ثم عليه الحج من قابل .
الحالة الثانية : بعد التحلل الأول :
كأن يجامع بعد أن يرمي الجمار ويحلق وقبل أن يطوف طواف الإفاضة ، فهذا يترتب على جماعه أمران :
الأمر الأول : وجوب شاة عليه ، لماذا لم يقل عليه بدنه ؟ قالوا : لأن الإحرام بعد التحلل الأول أخف من الإحرام قبل التحلل الأول ، فهنا عليه شاة أي عليه فدية الأذى .
الأمر الثاني : يُحرم من الحل ، سواءً كان من التنعيم أو من غيره حتى يطوف في إحرام صحيح ، لأن الإحرام الأول فسد بالجماع فيحتاج أن يُحرم حتى يطوف في إحرامٍ صحيح وبعض العلماء يقول : يأتي بعمرة ، وفي الحقيقة لم أطّلع على دليل لهذا القول وخصوصاً من يقول يُحرم من الحل ، يعني ليس هناك دليل ولا آثار عن الصحابة تثبت هذا ، والله أعلم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والمرأة كالرجل ، إلا أن إحرامها في وجهها ، ولها لبس المخيط .(6/57)
أي والمرأة كالرجل في محظورات الإحرام السابقة : فلا يجوز لها أن تتطيب ولا أن تصيد ولا أن تأخذ من شعرها شيئاً ولا تُقلّم أظفارها ... ، لكن المؤلف يقول : إلا أن إحرام المرأة في وجهها ، وأصل هذا الكلام أثر مروي عن ابن عمر أنه قال : (( إحرام الرجل في رأسه ، وإحرام المرأة في وجهها )) قال في المبدع : (( رواه الدارقطني بإسناد جيد )) .
وهذه مسألة خلافية : هل وجه المرأة كرأس الرجل المُحرم أو كبدنه ؟
إن قلنا إن وجه المرأة كرأس الرجل فيَحرم عليها أن تغطي وجهها مطلقاً سواءً كان بمخيط أو بغيره كما يَحرم على الرجل أن يُغطي رأسه بمخيط أو بغيره ، وإن قلنا إن وجه المرأة كبدن الرجل المُحرم فيَحرم على المرأة أن تغطي وجهها بمخيط ولا يَحرم عليها أن تغطيه بغيره ، وهذا الذي ذهب إليه ابن القيم – رحمه الله تعالى - : أن وجه المرأة كبدن المُحرم فيَحرم أن تلبس عليه مخيطاً كالنقاب والبرقع ولا يَحرم عليها أن تطرح جلباباً على وجهها أو أن تطرح غطاءً على وجهها إذا لم يكن مخيطاً على قدر الوجه ، وقال : (( وما روي عن ابن عمر حديث لا أصل له ولم يرويه أحد من أصحاب الكتب المعتمدة عليها ولا يعرف له إسناد ، ولا تقوم به الحجة )) . فبناءً على رأي ابن القيم : يحرم عليها المخيط في أمرين : في وجهها وفي يديها لقول الرسول – صلى الله عليه وسلم - : (( لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين )) ، وعلى رأي الجمهور في يديها فقط ، ولها عند جميع العلماء أن تغطي يدها بشيء غير مخيط كأن تغطيها بعباءتها، لكن لا تغطيها بمخيط مصنوع على قدر العضو ، أما الشرّاب فلها أن تلبسه لأنها ليست ممنوعة من المخيط في رجلها .
باب الفدية
الفدية مأخوذة : من فَداه ، وفاداه : إذا أعطى فداءه فأنقذه وفداه بنفسه .
والمراد بها : حق معين شرعاً لجبر نقص من ترك واجب أو فعل محظورٍ ، أو بسبب نسك .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :(6/58)
وهي على ضربين : ( الضرب الأول ) على التخيير ، وهي فدية الأذى واللبس والطيب فله الخيار بين صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين ، أو ذبح شاة ، وجزاء الصيد مثل ما قتل من النعم إلا الطائر فإن فيه قيمته ، إلا الحمامة ففيها شاة والنعامة فيها بدنة ، ويتخير بين إخراج المثل وتقويمه بطعام ، فيطعم كل مسكين مدّاً أو يصوم عن كل مدّيوما .
الضرب الأول : ما هو على التخيير :
وهو نوعان :
النوع الأول : فدية الأذى :
وهي فدية خمسة محظورات : حلق الرأس ، وتقليم الأظفار ، وتغطية الرأس ، واللبس والطيب ، ويدل على ذلك :
1- قوله تعالى : ) فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو
نسك ( .
2- حديث كعب بن عُجْرة السابق : (( احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو أُنسك شاة )) ، ولفظ ( أو ) للتخيير ، فيخير بين صيام ثلاثة أيام ، أو إطعام ستة مساكين ثلاثة آصع أي لكل مسكين نصف صاع ، أو ذبح شاه .
والمنصوص عليه : حلق الرأس ، وغيره ملحق به قياساً بجامع الترفّه .
وقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : ( أو إطعام ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين ) هكذا وردت في حديث كعب بن عجرة : (( احلق رأسك ثم اذبح شاةً نُسُكاً أو صم ثلاثة أيام أو أطعم ثلاثة آصع من تمرٍ على ستةِ مساكين )) ، وفي بعض الروايات : (( أو تصدق بِفَرَقٍ بين ستة مساكين أو انسك ما تيسر )) والفرَق بفتح الراء وسكونها مكيال معروف يسع ثلاثة آصع .
والظاهر عدم التفريق بين التمر وغيره .(6/59)
النوع الثاني : جزاء الصيد : فإنه يُخير بين المثل وتقويمه بطعام ، فيطعم كل مسكين مداً أو يصوم عن كل مُدٍ يوماً ، والدليل على التخيير قوله تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرم ومَنْ قتله منكم متعمداً فجزاءٌ مثْلُ ما قتل من النَّعم يحكم به ذوا عدلٍ منكم هدياً بالغ الكعبةِ أو كَفارةٌ طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره ، عفا الله
عما سلف ومَنْ عاد فينتقم الله منه ، والله عزيز ذو انتقام ( .
واعلم أن الصيد على قسمين :
القسم ألأول : ماله مِثْل :
فالواجب فيه أحد ثلاثة أشياء على التخيير : المثل ، أو الإطعام ، أو الصيام .
والمثل نوعان :
النوع الأول : ما قضت به الصحابة :
ففيه ما قضت به :
الصيد ... المثل ... من حكم به من الصحابه
حمار الوحش ... بقرة ... عمر، ( وحكم فيه ابن عباس وأبو عبيدة ببدنه ))
بقرة الوحش ... بقرة ... ابن مسعود - رضي الله عنه -
الإيّل ( الذكر من الأوعال ) ... بقرة ... ابن عباس - رضي الله عنه -
الثيتل ( الوعل المسن ) ... بقرة ... ابن عمر - رضي الله عنه -
الوعل ( تيس الجبل ) ... بقرة ... ابن عمر - رضي الله عنه -
الضبع ... كبش ... عمر ، وابن عباس ، وعلي ، وجابر - رضي الله عنهم - وقد ورد فيه حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الغزال ... عنز ... عمر ، ابن عباس - رضي الله عنهما -
الوبر ، و الضب ... جدي ... عمر ، عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنهما
اليربوع ... جفرة لها أربعة أشهر ... عمر ، وابن مسعود ، وجابر - رضي الله عنهم -
الأرنب ... عناق ... عمر - رضي الله عنه -
الحمام ... شاة ... عمر ، ابن عباس ، عثمان ، ابن عمر
النعامة ... بدنة ... عمر ، وعثمان ، وعلي ، وزيد، ابن عباس ، معاوية - رضي الله عنهم -
النوع الثاني : مالم تقضِ فيه الصحابة :
فيرجع فيه إلى قول عدلين من أهل الخبرة ويجوز أن يكون القاتل أحدهما لنص الآية :(6/60)
) يحكم به ذوا عدلٍ منكم ( ، فيحكمان فيه بأشبه الأشياء من النعم من حيث الخِلْقة لا من حيث القيمة بدليل أن قضاء الصحابة لم يكن بالمثل في القيمة .
ومتى اختار المثل فإنه يُشترط فيه أن يكون من بهيمة الأنعام ويذبحه ويوزعه على الفقراء .
القسم الثاني : ما لا مِثْلَ له :
وهو سائر الطير ففيه قيمته في موضعه الذي أتلفه فيه ، وذلك لأن الطير صيد ، وفُسر قوله تعالى : ) ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ( بالفرخ والبيض
وما لا يقدر أن يَفرَّ من صغار الصيد ، وقوله تعالى : ) ورمِاحُكم ( يعني الكبار .
فإذاً يضمن الطير وبيضه لما ثبت عن ابن عباس : (( في بيض النعام قيمته )) أخرجه عبدالرزاق .
ويستثنى من الطيور أنواع لها مِثْل وذلك كالنعامة ؛ والحمام وهو : كل ما يعب الماء ويشرب فيدخل فيه الفواخت ، والوراشين ، والقُمري ، والدُبسي ، والقطا لأن كل واحدةٍ من هذه تسميها العرب حماماً ، وقال الكسائي : ( كل مطوّق حمام ) فعلى هذا الحجل حمام لأنه مطوّق .
ومتى اختار الإطعام : فإنه يقوم المثل على أرجح الأقوال لا الصيد لأن الواجب المِثْل أو بدله .
فإذا اختار الإطعام : قوّم المثل بدراهم ، والدراهم بطعام ويتصدق به على المساكين ، فيطعم كل مسكين مداً ولايجزيء إخراج القيمة لأن الله تعالى خيّره بين ثلاثة أشياء والقيمة ليست منها .
والطعام هنا هو الطعام المخرج في الفطرة : تمر ،أو بُر ، ونحو ذلك .
مثال :
قتل صيداً قيمة مثله ( 300 ريال ) ، فيشتري بالثلاثمائة ريال طعاماً ويوزعه على الفقراء والمساكين لكل مسكين مُد بُر ، أو نصف صاع من غيره ، وقيل : نصف صاع في الجميع .
ومتى اختار الصيام : يقوم المثل بالدراهم ، والدراهم بالطعام ، ثم يصوم عن كل مسكين يوماً .
مثال :(6/61)
قتل صيداً قيمة مِثْلِه ( 300 ريال ) وهي قيمة (60 صاعاً ) ، والصاع = 4 أمداد ، فيكون الناتج 60 × 4 = 240 مداً ، فيصوم عن كل مُدٍّ يوماً ، فيصوم ( 240 ) يوماً ، هذا إذا قلنا يعطي مداً لكل مسكين .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
( الضرب الثاني ) على الترتيب ، وهو : المتمتع يلزمه شاة ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع . وفدية الجماع بدنة ، فإن لم يجد فصيام كصيام المتمتع ، وكذلك الحكم في دم الفوات ، والمحصر يلزمه دم فإن لم يجد فصيام عشرة أيام .
الضرب الثاني : ما هو على الترتيب :
وهو أربعة أنواع :
النوع الأول : دم المتعة والقران :
يجب فيه الهدي فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ، والدليل قوله تعالى : ) فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ... ( .
( والقارن ) وهذا عند جمهور العلماء ، وخالف في ذلك الظاهرية .
والهدي هو ما يجزئ في الأضحية : شاة ، أو سبع بدنه أو بقرة ، يقول ابن عمر - رضي الله عنه - : (( كنا نتمتع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها )) .
وشروط الهدي :
1- أن يكون من بهيمة الأنعام .
2- أن يكون سليماً من العيوب المانعة من الإجزاء في الأضاحي .
3- أن يكون في زمان الذبح ومكانه .
فمن لم يجد هدياً صام ثلاثة أيام في الحج ، وصيام الثلاثة الأيام التي في الحج يتصور فيها ثلاث حالات :
الحالة الأولى : أن يصومها المتمتع قبل إحرامه بالعمرة والحج ، فهذا لا يجوز باتفاق العلماء ونُقل عن الإمام أحمد رواية لكن أنكرها ابن قدامة وقال :(( ينزه أحمد عن مثل هذا ، وذلك لأنه تقديم لها على سببها )) .
الحالة الثانية : بعد الإحرام بالعمرة وقبل الإحرام بالحج ، اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :(6/62)
القول الأول : وهو مذهب المالكية والشافعية ، أنه لا يجوز إلا بعد الإحرام بالحج لأنه
قال : ) في الحج ( .
القول الثاني : وهو مذهب الحنفية والحنابلة أنه يجوز الصيام إذا أحرم بالعمرة ، وفي رواية عند أحمد إذا حّل من العمرة ، ودليلهم على جواز الصيام في العمرة : إن إحرام العمرة أحد إحرامي المتمتع ، وفي الحج فيه تقدير ( وقت الحج أو أشهره ) ويجوز التقديم على وقت الوجوب لوجود السبب كتقديم الكفارة على الحِنْث .
الحالة الثالثة : بعد الإحرام بالحج ، اختلف العلماء في وقتها في الحج على أقوال :
القول الأول : يصوم بين إحرامه بالحج ويوم عرفة بحيث يكون آخرها يوم عرفة ، فيحرم قبل فجر يوم السابع حتى يصوم : ( السابع ، والثامن ، والتاسع ) ، وهذا قول الحنابلة .
القول الثاني : عند الشافعي يجعل آخرها يوم التروية لأن الصيام بعرفة مكروه
ويقول الحنابلة : جاز صيام يوم عرفة للحاجة .
فإن لم يصم قبل أيام التشريق صام أيام التشريق لقول ابن عمر وعائشة
- رضي الله عنهما - : (( لم يُرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي )) .
ومن العلماء من استدل على عدم جواز الصيام فيها بقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم من حديث نبيشة الهذلي : (( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله )) ، لأنه صرح بأنها أيام أكل وشرب وذكر لله أي لا تصام .
وسبعة أيام إذا رجع : أي إذا رجع إلى أهله ، وهل يجوز في الطريق للعلماء قولان :
القول الأول : الجواز ، ذهب إليه الحنابلة والمالكية والحنفية .
القول الثاني : عدم الجواز ، ذهب إليه الشافعية ، وهذا هو الظاهر لأن قوله : ) إذا رجعتم (
قد جاء مفسراً في حديث ابن عمر في الصحيحين : (( إذا رجع إلى أهله )) .
ملحوظة : لا يشترط التتابع في صيام المتمتع ولا التفريق لا في الثلاثة ، ولا في السبعة والله تعالى أعلم .
النوع الثاني : فدية الوطء :(6/63)
يجب فيه بدنة فإن لم يجد صام عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع كدم المتعة ، لقضاء الصحابة به ، قياساً على التمتع .
النوع الثالث : دم الفوات :
والمراد بالفوات : فوات الحج ، وهو أن يأتي عرفه بعد فجر يوم النحر ، والدليل قول عمر لهبَّار بن الأسود لما فاته الحج : (( إذا كان عام قابل فاحجج فإن وجدت سعة فأهدِ فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت إن شاء الله )) ، ويتحلل بعمرة .
النوع الرابع : الإحصار :
أصل الحصر : المنع ، يقال : حصره العدو فهو محصور ، وأحصره المرض فهو محصر هذا ما قاله أكثر أهل اللغة ، فقوله تعالى : ) فخذوهم واحصروهم ( في العدو ( من حصر ) وفي غير العدو قوله تعالى : ) للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ( أي أحصرهم الفقر والحاجة وقيل عكسه .
وقد اختلف العلماء في معنى الإحصار في قوله تعالى : ) فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ( على ثلاثة أقوال :
القول الأول : المراد به حصر العدو خاصَّه دون المرض ونحوه ، وهذا قول المالكية والشافعية والمشهور عند الحنابلة ، واستدلوا على ذلك :
أولاً : بسبب نزول الآية وهو صد المشركين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهم مُحرِمُون بعمرة عام الحديبة ، وصورة سبب النزول قطعية الدخول فلا يمكن إخراجها بمخصص .
ثانياً : ما ورد من الآثار عن الصحابة في أن المحصر بمرض لا يتحلل إلا بالطواف والسعي من ذلك :
1- ما رواه الشافعي في مسنده عن ابن عباس أنه قال : (( لا حصر إلا حصر العدو )) قال النووي في المجموع : إسناده على شرط البخاري ومسلم ، وصححه ابن حجر .
2- ما رواه البخاري والنسائي عن ابن عمر أنه قال : (( أليس حسبكم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن حُبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم يحل من كل شيء حتى يحج عاماً قابلاً فيهدي أو يصوم إن لم يجد هدياً )) .(6/64)
و في دلالة هذا الحديث على المراد نظر لأنه لم يقل إن الحبس من مرض ، إلا أن يقال عام في كل حبس وخرج حبس العدو بالإجماع ( لو صح ) وبقي ما عداه على الأصل .
القول الثاني : الإحصار عام في العدو وغيره كالمرض وذهاب النفقة وجميع العوائق المانعة من الوصول إلى الحرم ، وممن قال بهذا ابن مسعود ومجاهد ، وهو مذهب أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد اختارها شيخ الإسلام ، واستدلوا بما رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة وابن خزيمة والحاكم والبيهقي عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصاري - رضي الله عنه - قال : (( سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : مَنْ كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى ؛ وذكرت ذلك لابن عباس وأبي هريرة فقالا صدق )) صحح النووي إسناده .
القول الثالث : أن الإحصار خاص بالمرض بناءً على المعنى اللغوي .
وقد اختار الشيخ الأمين - رحمه الله تعالى - أن الإحصار خاص بالعدو دون غيره .
والظاهر - والله تعالى أعلم - أن الإحصار عام في العدو وغيره .
قول المؤلف - رحمه الله تعالى - : ( المحصر يلزمه دم ) لقوله تعالى : ) فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ( .
وقوله - رحمه الله تعالى - : ( فإن لم يجد فصيام عشرة أيام ) اختلف العلماء فيمن لم يجد هدياً فهل له بدل أو لا ؟ على قولين :
القول الأول : لا بدل له ، وهو قول المالكية والحنفية لأنه لم يذكر في القران ، واختلف هؤلاء على قولين :
القول الأول : إن لم يجد هدياً يبقى محرماً حتى يجد هدياً ، أو يطوف ، وهو قول الحنفية .
القول الثاني : إن لم يجد هدياً حل بدونه وإن تيسر له بعد ذلك هدي .
القول الثاني : أن له بدلاً ، واختلف هؤلاء في البدل على أقوال :
1- صوم عشرة أيام : وإلى هذا ذهب الإمام أحمد والشافعي في إحدى الروايات لأنه ترك واجباً من واجبات الحج فأشبه المتمتع الذي ترفّه بترك أحد السفرين .(6/65)
2- الإطعام : في أصح الروايات عند الشافعية ، فتقوم الشاة ويتصدق بقيمتها طعاماً فإن عجز صام عن كل مد يوماً ( قياساً على جزاء الصيد ) ، وقيل إطعام فدية الأذى ( إطعام ثلاثة آصع لستة مساكين ) .
3- صوم ثلاثة أيام .
قال الشيخ الأمين - رحمه الله تعالى - : (( وليس على شيء من هذه الأقوال دليل واضح وأقربها قياسه على التمتع )) .
والظاهر - والله تعالى أعلم - : أنه لا صيام عليه :
1- لأنه لم يذكره في القرآن .
2- لم يأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من معه ولا بد أن يكون فيهم من لم يجد الهدي ، والمنقول أنهم تحللوا جميعاً ، ومن يقول بالبدل يقول لا يتحلل حتى يصوم .
متى يحصل تحلل المحصر ؟
يحصل تحلل المحصر بثلاثة أشياء :
1- النية ، لأن المحصر يريد الخروج من العبادة قبل إكمالها فافتقر إلى النية ، ولأن الذبح قد يكون لغير الحل فلم يتخصص إلا بقصده بخلاف الرمي فإنه لا يكون إلا للنسك فاحتاج إلى قصده .
2- ذبح الهدي ، أو الصيام عند من يرى ذلك ، والدليل على النحر الآية .
قال ابن قدامه : (( فإن نوى التحلل قبل الهدي أو الصيام ، لم يتحلل ، وكان على إحرامه حتى ينحر الهدي أو يصوم ... إلى أن قال : فإن فعل شيئاً قبل ذلك فعليه فديته )
3- الحلق ، الصحيح أنه نسك لا بد منه لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة - رضي الله عنهم - بذلك
مسألة : على القول بأن الحلق نسك فأيهما يقدم النحر أو الحلق ؟
الجواب : يقدم النحر وذلك لما يأتي :
1- ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نحر قبل أن يحلق في عمرة الحديبية ، وفي حجة الوداع .
2- دل القران على أن النحر قبل الحلق في موضعين :
الموضع الأول : قوله تعالى : ) ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ( .(6/66)
الموضع الثاني : قوله تعالى : ) ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ( ، فقوله تعالى : ) ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ( أي ذكر اسمه تعالى عند نحر البدن ، وقد قال تعالى بعده عاطفاً بثم التي هي للترتيب ) ثم ليقضوا تفثهم (. وقضاء التفث يدخل فيه بلا نزاع إزالة الشعر بالحلق .
لكن مَنْ قدّم فلا حرج عليه لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( افعل ولا حرج )) .
مسألة : ولا يجب على المحصر قضاء إلا إذا كانت حجته حجة الإسلام أو كانت نذراً والدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر مَنْ كان معه بالقضاء ولم يعتمر معه في عمرة القضية جميع من صد في الحديبية ، فكانوا في عمرة الإحصار ( 1400 ) ألف وأربعمائة وفي القضية أقل من ذلك ، وإنما سميت عمرة القضية والقضاء لأنها العمرة التي قاضاهم عليها فأضيفت العمرة إلى مصدر فعله .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ومن كرر محظوراً من جنس غير قتل الصيد فكفارة واحدة ، فإن كفر عن الأول قبل فعل
لا ثاني سقط حكم ما كفر عنه . وإن فعل محظوراً من أجناس فلكل واحد كفارة .
تكلم المؤلف - رحمه الله تعالى - هنا عن حكم من كرر محظوراً :
من كرر محظوراً لا يخلو ذلك المحظور من حالتين :
الحالة الأولى : أن يكون من جنس واحد :
كمن حلق أكثر من مرة ، أو قلّم أظفاره أكثر من مرة ، فهذا فيه كفارة واحدة إذا لم يكفر عن الأول ، إلا جزاء الصيد فإذا صاد غزالين ولو في رمية واحدة فعلى كل واحد جزاء .
الحالة الثانية : أن يكون من أجناس :
كأن يحلق رأسه ، ويتطيب ، ويصيد ففي كل واحد كفارة .
وبناءً على ذلك نقول إن فاعل المحظور له حالتان :
الحالة الأولى : ما يلزمه فيه كفارة واحدة ، وذلك بشرطين :
الشرط الأول : أن يكون المحظور من جنس واحد .
الشرط الثاني : ألا يكون قد كفر عن الأول .(6/67)
الحالة الثانية : ما يلزمه أكثر من كفارة وذلك في الحالات التالية :
1- إذا كان المحظور ( قتل صيد ) ولو كان من جنس واحد .
2- إذا كان المحظور من أجناس متعددة .
3- إذا كفر عن المحظور الأول .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والحلق والتقليم والوطء وقتل الصيد يستوي عمده وسهوه ، وسائر المحظورات لا شيء في سهوه .
قسم المؤلف - رحمه الله تعالى - المحظورات إلى قسمين :
القسم الأول : لا تأثير للخطأ فيه فيستوي عمده وسهوه :
وهو كل ما فيه إتلاف لا يمكن تلافيه وهي أربعة محظورات : الحلق ، والتقليم ، والوطء وقتل الصيد .
القسم الثاني : قسم للخطأ فيه تأثير :
وهو ما عدا ذلك من محظورات الإحرام كالطيب ، واللباس ، واستدلوا على هذا بحديث يعلى ابن أمية المتقدم حيث أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بغسل الطيب ونزع الجبة ولم يأمره بالفدية ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز ، فدل على أن الجاهل معذور والناسي مثله ، وكذلك الإكراه لأنه يمكن تدارك الخطأ في ذلك بأن يزيل الطيب ، أو ينزع اللباس .
والظاهر - والله تعالى أعلم - : أن الناسي لا شيء عليه في الجميع لقوله تعالى : ) ربنا لا تؤخذنا إن نسينا أو أخطأنا ( قال الله : قد فعلت .
وبخصوص الصيد قال تعالى : ) ومن قتله منكم متعمداً ( فنص على العمد فدل على أن الناسي لا شيء عليه .
فإن قيل : أليس إذا قتل إنساناً أو أتلف مال غيره ناسياً عليه الضمان ؟
نقول : بلى ، ولكن هذا إذا تعلق بحق الآدمي أما حق الله فقد رفع عنه المؤاخذة .
وتنقسم المحظورات من حيث العمد إلى قسمين :
القسم الأول : لا فدية فيه وهو : عقد النكاح .
القسم الثاني : فيه الفدية بالإجماع وهي : الحلق ، والتقليم ، والوطء ، وقتل الصيد ، والطيب ، واللباس .
فائدة : من ارتكب محظوراً من محظورات الإحرام لا يخلو من ثلاث حالات :
الحالة الأولى : أن يرتكب المحظور عالماً ذاكراً عامداً من غير عذر : فهذا عليه أمران :(6/68)
الأمر الأول : الفدية .
الأمر الثاني : الإثم .
وهنا يجب التنبيه على أمرٍ تساهل فيه كثير من الناس حيث يرتكب المحظور ، ويترك المأمور ويقول أفدي ويكفي ، وهذا تساهل ناجم عن الجهل بتعظيم حرمات الله ، وعن سوء الفهم لكلام العلماء فقد شدد الله وَحذّر من ارتكاب المحظورات فقال سبحانه :
) ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم اللهُ من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ( فانظر كيف ختم الآية بهذا الوعيد الشديد وكذلك ختم الآية التي بعدها بعد أن بين أحكام الصيد وجزاءه فقال : ) ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام ( قال شريح وسعيد بن جبر : (( يحكم عليه في أول مرة فإذا عاد لم يحكم وقيل له : اذهب ينتقم الله منك )) ومما يجب أن يعلمه هذا المتساهل أن أهم مقصد من العبادات تحقيق تقوى الله ولا تحصل إلا بفعل المأمور واجتناب المحظور ، وهذا شرط في قبول الأعمال عند الله تعالى لقوله : ) إنما يتقبل الله من المتقين ( فلا يثاب على عمل
لا تقوى فيه وإن كان جميع الفقهاء سيفتونه بظاهر الحكم ولا يرون فساد حجه بذلك ، لكن ليس كل عملٍ حكمنا بصحته من حيث النظر الفقهي يكون مقبولاً عند الله فصلاة شارب الخمر والآبق صحيحة لا يؤمرون بقضائها وقد أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنها لا تقبل منه .
وقد جاء الأمر بالتقوى في الحج في قوله تعالى : ) وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقونِ ياأولي الألباب ( وفي قوله ) واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه وَمَنْ تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون ( .
فعلى المسلم أن يتأمل قصده من الحج ، أليس قصده أن تُغفر ذنوبه وتُكفر سيئاته ، ويرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، ويكون حجه حجاً مبروراً ليس له جزاءٌ إلا الجنة ؟؟
إذا كان هذا قصده فعليه أن يحرص على فعل مأمورات الحج وترك محظوراته .(6/69)
الحالة الثانية : أن يرتكب المحظور عالماً ، ذاكراً ، متعمداً لعذر : فهذا عليه الفدية ولا إثم عليه للآية ، ولحديث كعب ابن عُجرة المتقدم .
الحالة الثالثة : أن يرتكب المحظور جاهلاً ، أو ناسياً ، أو مخطئاً : فهذا فيه الخلاف المتقدم والظاهر أنه لا شيء عليه . والله أعلم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وكل هدي أو إطعام فهو لمساكين الحرم إلا فدية الأذى فإنه يفرقها في الموضع الذي حلق به ، وهدي المحصر ينحره في موضعه ، وأما الصيام فيجزئه بكل مكان .
الفدية من حيث موضعها على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ما يفعل داخل الحرم :
1- الهدي الواجب والمستحب مثل هدي التمتع والقِران ، لقوله تعالى : ) حتى يبلغ الهدي محله ( ومحله الحرم .
2- الهدي الذي لترك واجب لأنه هدي وجب لترك نسك .
3- جزاء الصيد ، لقوله تعالى : ) هدياً بالغ الكعبة ( .
القسم الثاني : ما يفعل حيث وجد سببه :
1- فدية الأذى لحديث كعب بن عجرة حيث أمره بالفدية بالحديبة ولم يأمره أن يبعثه إلى الحرم ، وكذلك اللباس ، والطيب ، وتغطية الرأس .
2- هدي المحصر حيث اُحصر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر في الحديبية بالحل باتفاق أهل السير .
القسم الثالث : ما يفعله حيث شاء :
وهو الصيام يفعله حيث شاء باتفاق العلماء إلا في التمتع كما تقدم .
المراد بمساكين الحرم : (( من كان داخل حدود الحرم سواءً كانوا من أهله المقيمين فيه أو من الوافدين عليه من الحجاج ممن يجوز دفع الزكاة إليهم )) .
قاعدة : (( ما جاز ذبحه خارج الحرم حيث وجد سببه جاز في الحرم ولا عكس )) .
ضابط : (( ما وجب لترك واجب ملحق بدم المتعة )) أي أن المتمتع عليه هدي فإن لم يجد صام عشرة أيام فقاسوا ما وجب لترك واجب على هدي التمتع لأن التمتع فيه ترفه بترك أحد السفرين وهذا فيه ترك لما وجب عليه فأشبهه من هذا الوجه . والله تعالى أعلم .
باب دخول مكة(6/70)
هذا الباب عقده المؤلف - رحمه الله تعالى - ليُبيّن ما ينبغي أن يفعله الحاج والمعتمر في داخل مكة ، ومعظم مسائل هذا الباب هي مشتركة بين الحج والعمرة ، تدور على ما يفعله داخل مكة منذُ دخولها ، و في داخل الحرم من طواف وسعي ، والهيئات التي ينبغي أن يأتي بها ، وسيأتي - إن شاء الله - بعد هذا الباب بابٌ يختص بصفة الحج .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى -:
يستحب أن يدخل مكة من أعلاها .
أي يستحب أن يدخل الحاج أو المعتمر مكة من أعلاها ، وهذا ثابت في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها - : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة من أعلاها وخرج من أسفلها )) وجاء مفسراً في حديث ابن عمر - رضي الله عنه - في الصحيحين قال : (( دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كَداء من الثنية العليا وخرج من الثنية السفلى )) ، وكذلك ثبت عن عائشة - رضي الله عنه - أنها قالت : (( دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كَداء وخرج من كُداء )) ، فهذا موضع دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة فقد دخلها من أعلاها من جهة كَداء ( وهو ما يُعرف الآن بالحجون ومن جهة المعلاة التي هي مقبرة أهل مكة ) من هذا الطريق دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهناك ضابط لطيف ينبغي للإنسان أن يعرفه بين كَداء وكُدا فيقال : افتح وادخل واضمم واخرج ، يعني أنه إذا أردت أن تعرف من أين دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو دخل من كَداء بالفتح وخرج من كُدا بالضم .
مسألة : هل كان دخوله - صلى الله عليه وسلم - مكة من هذا الطريق لأمرٍ يختص به أي على سبيل التعبد والتقرب ، أو حصل منه ذلك اتفاقاً لأنه هو الطريق المتيسر له ؟(6/71)
الجواب : انقسم العلماء في هذه المسألة إلى فريقين : منهم من يرى أن هذا حصل من النبي - صلى الله عليه وسلم - اتفاقاً لأن هذا الطريق هو الأيسر له ، فكل إنسان يدخل إلى الحرم من الطريق الأيسر له فمن كان من جنوب مكة دخل من جنوبها وإذا كان من شمالها دخل من شمالها بحسب ما يتفق له .
ومنهم من قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل من هذا الطريق لقصدٍ فيه أو لأمرٍ يختص به ، فينبغي لكل داخل إلى مكة حتى وإن جاء من جنوبها أو من شرقها أو من غربها أن يدخل من الطريق الذي دخل منه النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهناك أمر آخر ينبغي للإنسان أن يعلمه وهو : أنه يستحب لداخل مكة أن يغتسل ، فقد ثبت هذا في الصحيح عن ابن عمر - رضي الله عنه - : (( أنه كان إذا دخل أدنى الحرم أمسك عن التلبية ثم يبيت بذي طوى ( وهي آبار الزاهر ) ثم يصلي به الصبح ويغتسل وكان يحدّث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك )) ، وهذا الغسل هو أحد الاغسال الثابتة في الحج :
فإن الثابت ثلاثة أغسال :
الأول : عند الإحرام .
الثاني : عند دخول مكة .
الثالث : بعرفة .
ولم يثبت غيرها على سبيل التقرب ، أما إذا احتاج الإنسان إلى الغُسل فله أن يغتسل في أي وقت وفي أي مكان .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ويدخل المسجد من باب بني شيبة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل منه .
ورد ذلك في حديث عند البيهقي وغيره . وباب بني شيبة هو المسمَّى بباب السلام .
ويقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فإذا رأى البيت رفع يديه .
رفع اليدين عند رؤية البيت ثابت في مصنف ابن أبي شيبة موقوفاً على ابن عباس بسند صحيح ولم يثبت مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهناك حديث : (( أنه لا ترفع الأيدي إلا في سبعةِ مواطن وذكر منها عند رؤية البيت )) لكنه ضعيف ، لكن رفع اليدين عند رؤية البيت ثابت من فعل ابن عباس - رضي الله عنه .(6/72)
وحين نقول يرفع اليدين يعني يرفع يديه كرفعها للدعاء لا كما يفعله كثيرٌ من الناس أنه يُشير إلى البيت ، فإن هذه الإشارة ثابتة فقط عند الحجر لمن لم يستطيع أن يستلمه .
يقول المؤلف – رحمه الله تعالى - :
وكبر الله وحمده .
التكبير جاء عند البيهقي في حديث مرسل عند رؤية البيت .
ودعا .
الدعاء ثبت عند البيهقي بسند حسن عن سعيد بن المسيب قال : (( سمعت من عمر - رضي الله عنه - كلمةً ما بقي أحدٌ من الناس سمعها غيري ، سمعته يقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام )) فهذا ثابت عن عمر - رضي الله عنه - .
ويستحب أن يقول عند دخول المسجد الذكر الوارد في عامة المساجد .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرا ، أو بطواف القدوم إن كان مفرداً أو قارناً
أول ما يفعله الحاج أو المعتمر هو الطواف بالبيت ، فينبغي أن لا يلوي على شيء إذا دخل مكة وليكن أول ما يبدأ به هو الطواف بالبيت كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول ما دخل مكة توضأ ثم طاف بالبيت )) وكذلك فعل الخلفاء الراشدون من بعده ، فقال العلماء يستحب للإنسان أن يبدأ بالطواف قبل كل شيء قبل استئجار المحل وقبل أن ينظر في أي أمر من أموره .
وهذا الطواف إما أن يكون طواف قدوم و يكون في حق القارن والمفرد ، أو يكون طواف العمرة فيمن أتى بعمرة منفردة أو في حق المتمتع ، وقد ذكر النووي - رحمه الله تعالى - لهذا الطواف خمسة أسماء فقال :
يسمى طواف القدوم ، والقادم ، والورود ، والوارد ، والتحية .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فيضطبع بردائه فيجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر .(6/73)
الاضطباع : افتعال من الضبع ، وهو عضد الإنسان ، وأصل اضطبع : ( اضْتبع ) ولكن قُلبت التاء طاءً لأن التاء إذا جاءت بعد ضاد أو صاد ساكنة قُلبت طاءً ، كما تقول اصطبر فأصلها اصْتبر .
والمراد بالاضطباع : هو أن يجعل وسط الرداء تحت كتفه اليمنى ويجعل طرفيه على كتفه اليسرى فيخالف بين طرفيه ، وهذا ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ملحوظة : الاضطباع لا يكون إلا في طواف القدوم خاصة .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ويبدأ بالحجر الأسود فيستلمه ويقبله .
الاستلام : افتعال إما من السَّلام وهو التحية ، أو السِّلام وهو الحجر ، يقال استلم الحجر إذا مسه ، لأن الحجر يسمى السُّلام .
والمراد باستلام الحجر هو : مسه ومسحه باليد .
ولاستلام الحجر ثلاث مراتب :
المرتبة الأولى : أن يستلمه ويقبله ويسجد عليه ، وهذا اتباع واقتداء بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ثبت هذا في أحاديث كثيرة منها :
1- حديث الزبير بن عربي قال : (( سأل رجلٌ ابن عمر رضي الله عنه عن استلام الحجر فقال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمه ويقبله ، قال : أرايت إن زُحمت ؟ أرايت إن غُلبت ؟ قال له ابن عمر رضي الله عنه : دع أرايت في اليمن ، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمه ويقبله )) 2- حديث عمر - رضي الله عنه - الثابت في الصحيحين أنه قبّل الحجر وقال : (( والله إني لأقبلك ، وإني أعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبِّلُك ما قبلتك )) .
وأما السجود على الحجر : فثابت عن عمر وابن عباس في مسند الطيالسي ومستدرك الحاكم كما في إرواء الغليل ، والله تعالى أعلم .(6/74)
وفي تقبيل الحجر الأسود ثواب عظيم ، فقد ثبت في سنن الترمذي ومستدرك الحاكم وصحيح ابن خزيمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ليبعثن الله الحجر يوم القيامة له عينان يُبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق )) .
المرتبة الثانية : أن لا يستطيع الإنسان تقبيله لكنه يستطيع أن يستلمه بشيء ، فإذا لم يستطيع أن يقبّل الحجر فإنه يمس الحجر إما بيده أو بشيء معه ثم يُقبّل ما استلمه به :
ويدل على هذا :
1- حديث ابن عمر في صحيح مسلم عن نافع قال : (( رأيت ابن عمر - رضي الله عنه - يستلم الحجر بيده ثم قبّل يده ، وقال : ما تركته منذُ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله )) .
2- حديث أبي الطفيل الثابت في صحيح مسلم : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبّل الركن بمحجن ثم قبّل المحجن )) .
المرتبة الثالثة : أن يُشير إليه إشارة ولا يُقبل ما أشار به إليه ، وهذا ثابت في صحيح البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : (( طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بعير كلما أتى الركن أشار إليه بشيء عنده وكبّر )) .
قال المؤلف – رحمه الله تعالى - :
ويقول : بسم الله والله أكبر ، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - .
قوله : ( بسم الله ) ثابت عن ابن عمر - رضي الله عنه - عند استلام الحجر ، قال الحافظ في التلخيص : روى البيهقي والطبراني في الأوسط والدعاء من حديث ابن عمر : (( أنه كان إذا استلم الحجر قال : بسم الله ، والله أكبر )) وسنده صحيح .
قوله : ( الله أكبر ) ثابت في حديث ابن عباس السابق : (( كلما أتى الحجر أشار إليه بشيء عنده وكبّر )) .
قوله : ( اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - )) فهذا ورد فيه حديث لكنه ضعيف .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :(6/75)
ثم يأخذ عن يمينه ويجعل البيت عن يساره .
حينما يستلم الإنسان الحجر فإنه يكون مستقبلاً للحجر ، ثم يأخذ على يمينه فيكون البيت عن يساره وهذا هو الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو عكس لم يجزئ .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فيطوف سبعاً يرمل في الثلاثة الأول من الحجر إلى الحجر ، ويمشي في الأربعة الأخرى
الرمل هو : الإسراع مع مقاربة الخُطا بدون وثب ، فيرمل في الأشواط الثلاثة الأول ويدل على هذا :
1- حديث ابن عمر - رضي الله عنه - الثابت في صحيح مسلم : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبَّ ثلاثاً ومشى أربعاً )) .
2- حديث جابر - رضي الله عنه - الثابت : (( أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رمل في الثلاثة الأول من الحجر إلى الحجر )) .
ملحوظة : الرمل في طواف القدوم خاصة .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وكلما حاذى الركن اليماني والحجر استلمهما وكبر وهلل .
الأركان بالنسبة للاستلام والتقبيل والإشارة على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ركنٌ يُقبّل ويستلم ويُشار إليه ، وهو الحجر الأسود . و كلما حاذه استلمه وكبّر كما ورد في المرة الأولى .
مسألة : هل في الشوط الأخير من الطواف يستلم ويكبر أو لا ؟
الجواب : الذي يُفهم من كلام ابن عباس أنه قال : (( كلما أتى الركن أشار إليه بشيء عنده وكبر )) وكلمة : ( كلما ) من ألفاظ العموم فيفهم منه أنه يفعل ذلك في جميع الطواف بما في ذلك الشوط الأخير .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إنما يكون التكبير والاستلام في بداية الشوط .
القسم الثاني : يُستلم ولا يُقبّل ولا يُشار إليه ، وهو الركن اليماني ، وهذا ثابت عن ابن عمر رضي الله عنه - أنه قال : (( ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلم إلا الركنين اليماني والأسود )) .(6/76)
القسم الثالث : لا يُستلم ولا يُقبّل ولا يُشار إليه ، وهما الركنان الشاميان ، وقد ورد في مسند أحمد وغيره (( أن معاوية - رضي الله عنه - لمّا طاف جعل يستلم الأركان كلها فقال له ابن عباس لِمَ تستلم الركنين ( يعني الشاميين ) ولم يستلمهما النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال ليس شيء من البيت مهجوراً ، فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة ، قال : صدقت )) .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ويقول بين الركنين : (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار ))
هذا وارد في سنن أبي داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ذلك ، وقد ورد هذا اللفظ أيضاً في القرآن بعد سياق أحكام الحج .
ويدعو في سائره بما أحب .
أي ويدعو في سائر الطواف بما أحب ، فليس هناك شيء يخص الطواف من الأدعية غير هذا الدعاء الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء من ذلك
لا من قوله ولا من فعله ولا من تعليمه ، بل للإنسان أن يدعو وأن يقرأ القرآن وأن يُسبح الله وأن يحمده وأن يهلله وأن يقول ما شاء من الذكر وهو أقرب إلى خشوع القلب وإلى حضوره لأن الإنسان حينما يقرأ من كتاب أو يسمع مُطوفاً يطوفه فإنه ربما لا يعقل معنى ما يقول ويحصل أيضاً فيه إساءة للآخرين من الضجيج الذي يحصل حول الطواف فكل إنسان يرفع صوته على الآخر فيتشوش الطائف ولا يعرف ماذا يقول .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ثم يصلي ركعتين خلف المقام .
لما ثبت في حديث جابر قال : ثم نفذ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المقام فقرأ :
) واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ( ويصلي ركعتين يقرأ في الأولى : ) قل يا أيها الكافرون ( ، وفي الثانية : ) قل هو الله أحد ( .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ويعود إلى الركن فيستلمه .(6/77)
وذلك لما ثبت في الصحيح من حديث جابر (( أنه رجع إلى الركن فاستلمه بعد الركعتين )) ثم يرجع إلى السعي .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ثم يخرج إلى الصفا من بابه فيرقى عليه ويكبر الله ويهلله ويدعوه ، ثم ينزل فيمشي إلى العلم ، ثم يسعى إلى العلم الآخر ، ثم يمشي حتى يأتي المروة فيفعل كفعله على الصفا ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ، ويسعى في موضع سعيه ، حتى يُكمل سبعة أشواط ، يحتسب بالذهاب سعية ، وبالرجوع سعية ، يفتتح بالصفا ويختم بالمروة .
هذا ما ينبغي للإنسان أن يفعله في السعي ، وقد ثبت هذا كله في حديث جابر الطويل في
الصحيح في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( ثم خرج مِنَ الباب إلى الصفا ، فلما دنا مِنَ الصَّفا قرأ : ) إنَّ الصّفا والمروة مِنْ شعائر الله ( ، أبدأ بما بدأَ الله به ، فبدأ بالصفا ، فرقي عليه ، حتى رأى البيت فاستقبل القبلة ، فوحّد الله ، وكبَّره ، وقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لهُ الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ثم دعا بين ذلك ، قال مثل ذلك ثلاث مراتٍ ، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماهُ في بطن الوادي سعى ( أسرع بين العلمين ، وهما الآن معروفان في المسعى فيهما أنوار خضراء ) ، حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا )) يعني يستقبل القبلة ويوحد الله ، ويكبره ، ويدعو ، ويفعل ذلك ثلاث مرات .
وليس في هذا الحديث ولا في غيره أن الإنسان يُشير إلى الكعبة ، بل عليه أن يرفع يديه إذا أراد أن يدعو ، ولكن كثير من الناس يصعد على الصفا و يُشير بيده فهذا لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لكن الثابت هو الدعاء ورفع اليدين في الدعاء .
وقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : ( و يمشي في موضع مشيه ، ويسعى في موضع(6/78)
سعيه ) يعني يمشي في قدومه من المروة في الموضع الذي يقابله من الصفا الذي مشى فيه في الأول ، فإذا وصلت إلى المكان الذي أسرعت فيه في الأول في بطن الوادي أسرعت كما أسرعت وأنت ذاهب إلى المروة . لأنه لم يكن هناك حاجز موضوع في القديم كما هو الحال الآن بين الذاهب إلى المروة والقادم منها بل كان المكان واحد .
مسألة : لو أن إنساناً سعى سبعة أشواط لكنه بدأ بالمروة ولم يبدأ بالصفا ، فما الحكم ؟
الجواب : لا يحتسب له الشوط الأول الذي بدأ فيه من المروة ، وعليه أن يأتي بآخر لأنه إنما فعل ستة فقط .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ثم يقصر من شعره إن كان معتمرا وقد حل . إلا المتمتع إن كان معه هدي والقارن
والمفرد فإنه لا يحل
إن كان معتمراً قصّر من شعره هذا إذا كان معتمراً عمرة تمتع فالتقصير أفضل له لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من كان معهم هدي أن يقصروا ، لكن إذا كانت هذه العمرة ليست عمرة تمتع فالأحسن أن يحلق ، والقارن والمفرد ليس فيه إشكال أنه لا يحل .
مسألة : جاء في صحيح مسلم من حديث جابر : (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة )) ، يفهم منه أن من معه هدي لا يحل فهل المراد بهذا القارن أم المتمتع ؟
الجواب : هذه الصورة على المذهب فيها إشكال وهو : أنه كيف يكون متمتعاً ولا يحل من عمرته ؟ قالوا يُدخل الحج على العمرة إذا كان معه هدي ، لكن هل يكون قارناً ، قالوا :
لا يكون قارناً بل يكون متمتعاً وعليه طواف وسعي للحج لكنه لا يحل .
و يُلغز بهذه المسألة فيقال : متمتع لم يحل بعد عمرته ؟ والجواب : وهو المتمتع إذا ساق الهدي .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والمرأة كالرجل ، إلا أنها لا ترمل في طواف ولا سعي .(6/79)
المرأة كالرجل فيما تقدم في جميع الأحكام لكن ليس عليها رمل لا في الطواف ولا في السعي ، أي أنها لا تهرول في السعي ، وهذا ثابت عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال : ليس على المرأة سعي في طوافها بالبيت ولا بين الصفا والمروة ))
ويقصد بالسعي هنا : الإسراع ، أي الرمل ، والسبب في ذلك هو أن هذا يؤدي إلى تكشف المرأة ، وأيضاً المراد من الإسراع هو إظهار الجلد والمرأة لا يُراد منها ذلك .
شروط الطواف :
المؤلف - رحمه الله تعالى - لم يتكلم عن شروط الطواف ، ويا حبذا – رحمه الله تعالى - لو تعرض لها هنا ، فهذا الموطن المناسب دون غيره ، فمن شروط الطواف :
1- النية .
2- الطهارة من الأحداث والاخباث أي أن يكون متطهراً في بدنه وثيابه والطهارة في البقعة التي يطوف عليها .
3- ستر العورة ، كما قال - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يطوف بالبيت عريان )) .
4- دخول الوقت فيما يشترط له وقت ، كطواف الإفاضة .
5- المولاة ، أن يوالي بين الأشواط لا يقطعها فإذا أحدث أستأنف الطواف ، وكذلك إذا فصل بين الأشواط بفاصل طويل فإنه يستأنف ، لكن لو كان الفاصل يسيراً أو أُقيمت الصلاة أو صلى على جنازة فإن هذا لا يضر .
6- أن يطوف بجميع البيت ، فلو دخل من الحجر فلا يكون هذا الطواف صحيحاً لأن الحجر من البيت كما ثبت في الحديث ، كذلك لو طاف على جدار الكعبة لا يعتبر بذلك .
7- أن يجعل البيت عن يساره .
8- أن يطوف سبعاً ، أي أن يستوعب المطاف ، فلو بدأ بعد الحجر بقليل أو بخطوة فلا يعتبر له ذلك الطواف ويحل الثاني محل الأول .
فعلم من هذا أنه لو لم يتم السبعة كأن يطوف ستة أو خمسة أن طوافه لا يصح .
شروط السعي :
1- النية . 2- أن يكون بعد طواف ولو كان مسنوناً .
3- في المذهب المولاة لكن الصحيح عدم اشتراطها .(6/80)
4- ينبغي أن يستوعب جميع المسعى ، أي يستوعب جميع المكان بالسعي فلو ترك خطوة منه لم يصح ، والمراد باستيعاب المسعى هو : ما بين الصفا والمروة ، أما صعود الصفا والمروة فهذا ليس بشرط .
5- تكميل السبعة .
باب صفة الحج
سيتكلم المؤلف - رحمه الله تعالى - في هذا الباب عن صفة الحج ، وهو على وجه التحديد
ما يتعلق بفعل الحاج بيوم التروية ، ومنى ، وعرفة ، والنحر ، فهو في هذا الباب يركز على الأعمال المتعلقة بهذه الأيام .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى -:
وإذا كان يوم التروية فمن كان حلالاً احرم من مكة وخرج إلى عرفات .
ويوم التروية هو : اليوم الثامن من ذي الحجة ، سُمي بذلك لأن الناس يتروون فيه الماء لمنى وعرفة .
وكل يوم من أيام الحج له اسم خاص به :
فاليوم الثامن : يوم التروية .
واليوم التاسع : يوم عرفة .
واليوم العاشر : يوم النحر .
واليوم الحادي عشر : يوم القر ، لأن الناس يقرون فيه بمنى .
واليوم الثاني عشر : يوم النفر الأول .
واليوم الثالث عشر : يوم النفر الثاني .
وهذه العبارة من المؤلف فيها اختصارٌ يُفهم غير المراد ، فهو في الحقيقة لا يخرج إلى عرفة إنما يخرج إلى منى كما في حديث جابر - رضي الله عنه - في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال : (( فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج ، وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة )) .
ما يسن أن يفعله الحاج يوم التروية بمنى سواءً كان من أهل مكة المُقيمين بها أو كان ممن أتاها من الحجاج :
1- أن يُحرم يوم الثامن ، من أي موضع وليس بالضرورة أن يكون بمكة بل يُحرم من المكان الذي هو نازلٌ فيه .(6/81)
2- أن يحرم قبل الزوال حتى يصلي بمنى خمس صلوات كما صلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، كما في حديث جابر قال : (( وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها - أي بمنى - الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر )) .
3- أن يبيت بمنى ليلة عرفة - أي ليلة التاسع - .
4- أن لا يخرج منها حتى تطلع الشمس كما في حديث جابر قال : (( وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها - أي بمنى - الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس )) .
فهذه هي السنن التي لا ينبغي للإنسان أن يفرط فيها ، فإن كثيراً من الناس يتساهلون في هذه السنن وذلك لسرعة المواصلات في هذا العصر ، نعم قد يطرأ على الإنسان الحج أما أن يتساهل وأن لا يذهب إلا في اليوم التاسع بعد أن يصلي الظهر فهذا فيه مخاطرة بحجه لأنه قد يفوته الحج ، وتفوته سنن عظيمة أتى بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا شك أن فيها خيراً عظيما .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وخرج إلى عرفات فإذا زالت الشمس يوم عرفة صلى الظهر والعصر يجمع بينهما بأذان وإقامتين ، ثم يروح إلى الموقف - وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة - ويستحب أن يقف في موقف النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قريباً منه على الجبل قريباً من الصخرات ، ويجعل حبل المشاة بين يديه ، ويستقبل القبلة ويكون راكباً ، ويكثر من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، ويجتهد في الدعاء والرغبة إلى الله عز وجل إلى غروب الشمس .(6/82)
هذه الأعمال التي يقوم بها الحاج في يوم عرفة ، فالحاج يتوجه إلى عرفة بعد منى بعد أن تطلع الشمس - كما علمنا - والأصل في هذا حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيّن الحج بفعله وقال : (( لتأخذوا عني مناسككم )) ، وقد جاء في حديث جابر - رضي الله عنه - الطويل في صحيح مسلم : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء نمرة ووجدها قد نُصب له بها قبة من شعر فنزل بها النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا زاغت الشمس أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقصواء فرُحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس ، ثم أُذن ثم أُقيمت الصلاة فصلى الظهر ثم أُقيم فصلى العصر - أي جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر - ثم ركب الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى بطن الوادي فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة ولم يزل - صلى الله عليه وسلم - حتى غربت الشمس )) .
وما يفعله الحاج في يوم عرفة ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ركن :
وهو الوجود بعرفة ، وهذا يشترط فيه :
1- أن يكون في نفس عرفة أي في أرضها وليس في عرنة ولا في نمرة .
2- أن يكون أهلاً للعبادة ، يعني لا يكون كافراً ولا مجنوناً ولا مغمى عليه ، وأن يكون
مُحرماً .
3- أن يكون وقوفه في الوقت المحدد للوقوف وهو من زوال الشمس يوم عرفة إلى فجر يوم
النحر .
والعلماء متفقون على أن آخر الوقوف هو طلوع الفجر من يوم النحر ، لكنهم اختلفوا في أول الوقوف متى يكون :(6/83)
فعند الحنابلة أن الوقوف يوم عرفة يكون من طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النـ حر ، واستدلوا على قولهم بحديث عروة بن مضرّس أنه أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خرج للصلاة في مزدلفة فقال يا رسول الله : (( جئت من جبال طي أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبلٍ إلا وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ - صلى الله عليه وسلم - : من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه )) فبناءً على هذا قالوا : وقف ليلاً أو نهاراً أي في أي ساعة أو أي لحظة من ليل أو نهار وقف ولو قبل الزوال فالحج صحيح .
وجمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنفية على أن وقت الوقوف يكون من بعد زوال يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر .
وثمرة الخلاف : عند الجمهور من وقف قبل الزوال ثم خرج من عرفة فإن حجه ليس
بصحيح ، وعند الحنابلة حجه صحيح وإن كان ترك واجباً وهو الوقوف إلى غروب الشمس .
وأجاب الجمهور عن حديث عروة بن مضرّس بقولهم : إن هذا الحديث صحيح لكن يخصص بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وبفعل الصحابة فإنهم لم يقفوا إلا بعد الزوال ، وفعل - صلى الله عليه وسلم - مفسر لقوله الثابت في حديث عروة بن مضرس . فلو وقف الإنسان بها بعد الزوال ولو لحظ ولو كان نائماً فإن وقوفه صحيح .
القسم الثاني : واجب :
وهو البقاء بعرفة إلى غروب الشمس - وسيأتي هذا في الواجبات حيث يذكرها المؤلف - .
القسم الثالث : سنة : وهي كثيرة منها :
1- النزول بنمرة كما نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - إن تيسر ذلك ، قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - : نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - بنمرة وصلى بعرنة ووقف بعرفة .
2- أن لا يدخل عرفة إلا بعد الزوال .
3- أن يغتسل ليوم عرفة فقد ورد ذلك عن الصحابة - رضي الله عنهم - .(6/84)
4- أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم ويقصر الظهر والعصر ، وهذا على أصح الأقوال لجميع الحجاج سواءً منهم من كان من خارج مكة أو من كان من أهل مكة .
5- أن يقف في موقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الصخرات كما جاء في حديث جابر - رضي الله عنه - . والصخرات هي : مجموعة أحجار في اسفل جبل عرفة ، وهذا غير الصعود إلى الجبل فإنه لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذكر النووي وشيخ الإسلام أنه لا مزية لهذا الجبل ( المسمى جبل الرحمة ) على غيره .
6- أن يكون مستقبل القبلة كما جاء في حديث جابر - رضي الله عنه - قال : (( واستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس )) .
7- أن يكون مفطراً في ذلك اليوم ، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولأن هذا مما يُعينه على الدعاء وعلى التضرع لله عز وجل .
8- أن يكون راكباً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف راكباً على القصواء ، وبعض العلماء قال : إن كان هذا ممن يقتدي به أو يستفتى فينبغي له أن يقف راكباً ، وإلا فله أن يفعل ما يراه أصلح لقلبه فإن رأى الأصلح له أن يركب ركب سواءً كان على راحلة أو على سيارة أو ما أشبه ذلك وإن رأى أن الأفضل له ولقلبه هو أن يدعو الله جالساً ويذكره جالساً فعل ذلك ، والأمر واسع في هذا .
9- أن يفرغ نفسه وقلبه من الشواغل وأن يكون همه ذكر الله عز وجل وأن يجتهد في هذا اليوم العظيم وفي هذا اليوم الكريم الذي جاء في فضله عن رسول - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم انه قال : (( ما من يومٍ أكثر أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ماذا أراد هؤلاء )) ، وفي مسند أحمد : (( أن الله عز وجل يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول : انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً(6/85)
غبرا )) فيجتهد العبد في هذا اليوم العظيم بالذكر والدعاء ، وجاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )) ، والزيادة التي ذكرها المؤلف وهي قوله : (( بيده الخير )) في شعب الأيمان للبيهقي .
وإن قال قائل : إن هذا ثناء وليس بدعاء ؟
قلنا : قد وجه هذا السؤال إلى سفيان بن عيينه - رحمه الله تعالى - فقال : الم تسمع قول القائل :
أأذكرُ حاجتي أم قد كفاني حياؤك إن شمتك الحياءُ
إذا أثنى عليك المرءُ يوماً كفاه من تعرضه الثناءُ
فالله عز وجل رحيم بعباده ، فينبغي للإنسان أن يُظهر فاقته في هذا اليوم العظيم وأن يُظهر حاجته وأن يتذلل و يخضع إلى الله وأن يُظهر التوبة بين يدي الله عز وجل وأن يتوب إليه صادقاً من قلبه فإن الله لن يرده خائباً ، فعلى الحاج أن يجتهد في هذا اليوم العظيم الذي يجتمع فيه الناس على ذلكم الصعيد وكلٌ يرجو من ربه مغفرة الذنوب وكلٌ يُنزل حوائجه بربه تبارك وتعالى فتراهم متضرعين خاشعين ، القلوب منهم وجلة ، والأبصار منهم خاشعة ، والعيون دامعة ، وكلهم يدعو ربه تبارك وتعالى ، ولا تكاد تغيب الشمس في ذلك اليوم إلا ورأيت نفوساً تكاد أن تتقطع خوفاً ألا تعود إلى هذا اليوم مرة أخرى ، فينبغي للإنسان أن يجتهد وأن يُري الله من نفسه خيراً في هذا اليوم العظيم .
وليس هناك ذكر محدد ، لكنه يُكثر من هذا الذي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو بما شاء ويحرص على جوامع الدعاء .(6/86)
10- أن يُكثر من أعمال الخير في هذا اليوم وأن يُحسن للمسلمين لأن هذا اليوم من عشر ذي الحجة التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من عشر ذي الحجة ، قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء )) ، فكيف إذا كان هذا اليوم اجتمع فيه هذا الفضل مع فضل يوم عرفة .
وقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : ( حبل المشاة ) يعني طريق المشاة ، وأصل الحبل هو تجمع الرمل لكن أُطلق على مكان تجمع المشاة .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ثم يدفع مع الإمام إلى مزدلفة على طريق المأزمين وعليه السكينة والوقار ، ويكون ملبياً ذاكراً لله عز وجل فإذا وصل إلى مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء قبل حط الرحال يجمع بينهما ، ثم يبيت بها ، ثم يصلي الفجر بغلس ، ويأتي المشعر الحرام فيقف عنده ويدعو ، ويستحب أن يكون من دعائه : اللهم وقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا ، واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق : ) فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضاليّن ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ، واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ( ويقف حتى يسفر جدا ، ثم يدفع قبل طلوع الشمس .
هذه الجملة التي ذكرها المؤلف وردت أيضاً في حديث جابر - رضي الله عنه - قال :(6/87)
(( فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً وغاب القرص ثم دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليُصيب مَوْرك رحله ثم قال للناس بيده اليمنى السكينةَ السكينةَ فإذا أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما ثم أضطجع - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً ثم دفع حين طلعت الشمس )) وهذا هو مجموع ما ذكره المؤلف - رحمه الله تعالى - .
ما يفعله الحاج في طريقه إلى مزدلفة :
1- ينبغي ألا يدفع قبل دفع الإمام ، والمراد بالإمام هنا أمير الحج ، لأن الحج لابد له من أمير وهذا منقول عن السلف .
2- عليه بالسكينة كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال لهم : السكينة السكينة ، وفي حديث الفضل بن عباس : (( أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سمع وراءه زجراً شديداً وضرباً وصوتاً للإبل فأشار - صلى الله عليه وسلم - بسوطه : أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع - أي ليس بالإسراع - )) .
3- يدفع عن طريق المأزمين ، والمأزمان تثنية مأزِم ، والمأزِمُ هو الموضع بين جبلين
وهو بعد عرفة ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب من طريق وهو متجهٌ إلى عرفة وذلك عن طريق ضبّ ثم لما رجع عن طريق المأزمين .
وطريق ضبّ : هو الطريق الموجود الآن الذي إذا جئت معه كانت المزدلفة عن يسارك وأنت ذاهب إلى عرفة ، وطريق المأزمين هو الذي إذا جئت معه كانت المزدلفة عن يمينك وأنت ذاهب إلى مزدلفة .(6/88)
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب من طريق ورجع من طريق آخر وهذا كثير في فعل النبي – - صلى الله عليه وسلم - كما ورد في العيد فإنه ذهب من طريق ورجع من طريق آخر ، وكذلك كما مر معنا في دخول مكة أنه دخل من كَداء وخرج من كُدا .
4- أن يكون ملبياً ذاكراً لله عز وجل لأن الله عز وجل قال : ) فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله ( ، وكما ثبت في حديث الفضل : (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة )) .
ما يفعله الحاج إذا وصل مزدلفة :
1- أن يصلي بها المغرب والعشاء .
2- أن يعجل الصلاة قبل حط الرحل كما في حديث أُسامة : (( أنه أفاض مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - الشعب فبال ثم توضأ ولم يُسبغ فقال له أُسامة : الصلاة ، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : الصلاة أمامك ، حتى أتى المزدلفة فاُقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كلُ إنسانٍ بعيره في منزله ثم أُقيمت الصلاة فصلى العشاء ولم يُسبح بينهما )) .
مسألة : هل يصلي الوتر ليلة مزدلفة ؟
الجواب : الأحاديث التي تكلمت عن حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس فيها ذكر للوتر ، وحتى كتب العلماء لم تتعرض للوتر هل يصلى أو لا يصلى ؟ ففي حديث ابن عمر - رضي الله عنه - في الصحيح قال : (( أنه لم يسبح بينهما - أي بين المغرب والعشاء - ولا على أثر كل واحدةٍ منهما )) لكن قال بعض العلماء إن الوتر يصلى لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يدعه في سفرٍ ولا حضرولم يُذكر للعلم به .
3- أن يبيت بمزدلفة ، وسيأتي حكم هذا المبيت في واجبات الحج - إن شاء الله تعالى - وتفصيل ذلك من حيث الوقت .
4- يصلي بها الفجر ، والسنة أن يصلي الفجر بمزدلفة في أول وقتها ، وفي حديث ابن مسعود (( حتى يقال أطلع الفجر أم لم يطلع )) حتى يتسع الوقت للذكر والدعاء .(6/89)
5- ثم يقف بالمشعر الحرام ، وسمي حراماً لحرمة الصيد به أو لأنه من الحرم أو لأنه ذو حرمة . والمشعر الحرام هو : جبلٌ صغير يسمى قُزَح . ومن العلماء من يرى أن المشعر الحرام مزدلفة كلها . ومزدلفة لها عدة أسماء منها : المشعر الحرام ، وجمع ، ومزدلفة .
فيقف بالمشعر الحرام كما وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - إن تيسر له ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( وقفت هاهنا ومزدلفة كلها موقف )) . وكذلك قال في عرفة : (( وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف )) وقال في منى : (( نحرت هاهنا ومنى كلها منحر )) ، وهذا من رحمة الله عز وجل بعباده أنه لو لزم جميع الحجاج أن يقفوا في الموقف الذي وقف فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لحصلت مفسدة عظيمة
ولا يمكن لأحدٍ أن يأتي بالحج بحال من الأحوال على هذه الصورة .
وهنا قاعدة عظيمة لوعلمها كثيرٌ من الناس لأراحوا أنفسهم من كثيرٍ من التعب والعناء الذي يجدونه وهي :
( أن الفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى من الفضيلة المتعلقة بمكانها
أو زمانها ) أي إذا كان الإنسان يمكن أن يؤدي عبادته بخشوع في أي مكان من أجزاء المكان الجائز شرعاً من مزدلفة أو من عرفة فهو أولى من أن يتحرى الفضيلة التي في المكان لأن الخشوع صفة ذاتية للعبادة . وبعض الناس يُتعب نفسه حتى يقف عند الصخرات فربما بسبب حرصه على هذه الفضيلة يؤذي مسلماً ، وربما يشتم ، وعلى أقل الأحوال يكون في كرب عظيم وفي مشقة وفي عناء لا يستطيع أن يذكر الله عز وجل على الوجه اللائق ، وكذلك الحال في مزدلفة ، فالإنسان يعمل الأيسر له وينظر دائماً فيما يتحقق به الخشوع على أكمل الوجوه ما استطاع إلى ذلك سبيلا .
6- فإذا وقف بالمشعر الحرام دعا الله وكبره وهلله مستقبل القبلة كما في حديث جابر قال :(6/90)
(( فدعا الله وكبره وهلله ووحده )) ويستقبل القبلة في دعائه وفي ذكره لله عز وجل . وهذا الدعاء الذي ذكره المؤلف - رحمه الله تعالى - ليس له خصوصية في المشعر الحرام بل بأي دعاء له أن يدعو .
7- ثم يبقى في المشعر الحرام حتى يُسفر جداً ، يعني حتى يتبين له النهار إلا أن الشمس لم تطلع ، فيخرج منها إلى منى ، مخالفةً لحال المشركين لأن المشركين لم يكونوا يخرجون من مزدلفة حتى تطلع الشمس ويقولون : أَشْرِقْ ثبير كيما نُغير ، وثبير هو : ( الجبل الذي يقع على يمينك وأنت متجه إلى منى لأن الشمس تطلع من جهته ) ، والرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجته خالف المشركين في مواقف كثيرة منها :
1- أمر بفسخ الحج إلى عمرة وكان المشركون يرون من أفجر الفجور العمرة في أشهر الحج.
2- لما أتجه النبي - صلى الله عليه وسلم - من منى لم تشك قريش أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لن يتجاوز المشعر الحرام لأن قريشً لم تكن تتجاوز ذلك المكان ويقولون : نحن أهل الحرم فلا نخرج منه .
3- لم يخرج من عرفة حتى غربت الشمس وغاب القرص وكانوا يخرجون منها إذا كانت الشمس على روؤس الجبال كالعمائم على رؤوس الرجال .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فإذا بلغ محسراً أسرع قدر رمية بحجر حتى يأتي مِنىً فيبتدئ بجمرة العقبة فيرميها بسبع حصيات كحصى الخذف ، يكبر مع كل حصاة ، ويرفع يديه في الرمي ، ويقطع التلبية بابتداء الرمي ، ويستبطن الوادي ويستقبل القبلة ، ولا يقف عندها ، ثم ينحر هديه ثم يحلق رأسه أو يقصره ، ثم قد حل له كل شيء إلا النساء ، ثم يفيض إلى مكة فيطوف للزيارة وهو الطواف الواجب الذي به تمام الحج ، ثم يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً أو ممن لم يسع مع طواف القدوم ، ثم قد حل من كل شيء .
ما يفعله الحاج في طريقه من مزدلفة إلى منى :(6/91)
1- من السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لما أتى محسراً حرك قليلاً - يعني أسرع - وكذلك كان ابن عمر يحرك دابته بمقدار رمية حجر - كما ذكر المؤلف - وكما نُقل عن ابن عمر في موطأ مالك . ومحسر : وادي بين مزدلفة ومنى ، فهو ليس من مزدلفة وليس من منى كما أن هناك وادياً وهو عرنة ليس من عرفة ولا من مزدلفة ، فكل مشعر بينه وبين المشعر الآخر فاصل ليس من هذا ولا من هذا .
وبعض العلماء قال : إن هذا الإسراع من أجل أن هذا الوادي أُحسر فيه الفيل فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - كعادته إذا مر بمواطن العذاب فإنه يُسرع ، فإنه لما مر بدار ثمود تقنع - صلى الله عليه وسلم - وأسرع وقال : (( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا وأنتم باكون أو متباكون لا يصيبكم ما أصابهم )) فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذر هذا ويحذّر المؤمنين أيضاً من مواطن العذاب ، فلا ينبغي للإنسان أن يقصد هذه الأماكن التي عُذّب فيها أقوام لكفرهم بالله عز وجل وأن يجعلها موطن زيارة له يزورها ويذهب إليها .
2- يلتقط في طريقه حصيات ، وإن التقطها من منى فلا بأس ، و أن تكون الحصاة كحصى الخذف ، والخذف أصله الرمي ، وهو الذي يرمى به بين السبابة والإبهام ، فهو حصى صغير حتى قال العلماء عنه : إنه أكبر من الحمص وأصغر من البندق ، والبعض قال : هو أصغر من أنملة الإصبع عرضاً وطولاً ، يعني حجمه ما يقارب حجم الزيتون أو أقل أو حول هذا الحجم . والمسألة تقريبية وليست مسألة محددة ، فبعض الناس يأتي بحجر فيقول هل هذا يُرمى به أو لا يرمى به ؟ فالمسألة يستوي فيها جميع الناس إذا عرفوا الضابط ،
فالمهم أن يتركوا الغلو لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر ابن العباس أن يلتقط له حصى ثم لما التقط له حصى أخذه وقلبه في يده وقال : (( بمثل هؤلاء فارموا وإياكم الغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين )) .
ما يفعله الحاج إذا وصل منى :(6/92)
يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات كما رماها النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى يوم النحر إذا تيسر له ذلك
وإلا فإن الوقت يمتد إلى الليل ، والأحسن أن يرميها قبل المغرب ، لكن لو رمى بعد المغرب فإنه لا شيء عليه في أصح أقوال العلماء . وقد تقدمت القاعدة عندنا : ( أن الفضيلة المتعلقة بذات العبادة أولى من الفضيلة المتعلقة بزمانها أو مكانها ) فإذا كان أمامك وقت ترمي فيه بخشوع وتأتي بالأذكار الواردة في العبادة فتكبر مع كل حصاة من غير زحام أولى من الوقت الآخر الذي يمكن أن تحقق فيه فضيلة الوقت فترمي في الضحى لكن لا تستطيع أن تذكر الله ولا أن تتأكد من الحصى هل وقع في المرمى أو لا ؟
وقالوا : رمي جمرة العقبة هو تحية منى . والعقبة : جبل صغير هناك عليه هذه الجمرة وكانت من جهة واحدة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فرماها ، والسنة أن يستقبل الجمار فتكون منى عن يمينه ومكة عن يساره فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة كما ثبت في حديث جابر - رضي الله عنه - ولا يقف عندها لأنها ليست موقفاً ، ويأتي معنا في رمي الجمرات الثلاث أنه يقف عند الصغرى و الوسطى ولا يقف عند جمرة العقبة في جميع الأيام .
مسألة : متى يقطع التلبية ؟ هل يقطع التلبية عند آخر حصاة أو عند أول حصاة ؟
الجواب : جاء في صحيح ابن خزيمة أنه يقطع التلبية عند آخر حصاة .
مسألة : هل يحصل التحلل الأول إذا فعل اثنين من الثلاثة ( الرمي أو الحلق أو الطواف ) أو يحصل بمجرد رمي جمرة العقبة ؟
الجواب : عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - روايتان :
الرواية الأولى : لا يحصل إلا باثنين من الثلاثة ( رمي جمرة العقبة أو الحلق أو الطواف ) .(6/93)
الرواية الثانية : يحصل بمجرد الرمي ، وذهب إليه الإمام مالك وأبو ثور واختاره ابن قدامه وقال : وهو الصحيح إن شاء الله ، ويدل عليه حديث عائشة في مسند الإمام أحمد وإسناده على شرط الشيخين قالت : (( طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذريرة لإحرامه قبل أن يُحرم وللحل بعد أن رمى جمرة العقبة وقبل أن يطوف بالبيت )) ، وأما حديث عائشة - رضي الله عنها - الذي في سنن أبي داود وغيره : (( إذا رميتم جمرة العقبة وحلقتم فقد حللتم )) فهذا الحديث ضعيف ولو صح هذا الحديث لكان نصاً في محل النزاع .
ويحصل التحلل الأكبر بإتمام الأمور الثلاثة : الرمي ، والحلق ، وطواف الإفاضة ، والسعي لمن كان عليه سعي كالمتمتع ، وكذلك القارن والمفرد إذا لم يسع بعد طواف القدوم فإن عليه سعياً .
وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج وسيأتي الكلام عنه إن شاء الله تعالى في الأركان .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ويستحب أن يشرب من ماء زمزم لما أحب ، ويتضلع منه ، ثم يقول : اللهم اجعله لنا علماً نافعاً ، ورزقاً واسعاً ، وريّاً وشبعاً وشفاء من كل داء ، واغسل به قلبي واملأه من خشيتك وحكمتك .
ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه شرب من ماء زمزم وقال عنه : (( ماء زمزم لما شرب له )) فينبغي للإنسان أن يشرب منه وأن يدعو الله عز وجل .
وهذا الدعاء الذي ذكره المؤلف - رحمه الله تعالى - منقول عن ابن عباس لكنه ليس بصحيح . والدعاء الأمر فيه واسع فما دام قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ماء زمزم لما شرب له )) فينبغي للإنسان أن يشربه للعلم أو للضمئ أو للشفاء أو لغير ذلك فهو لما شرب له ، وعلى الإنسان أن يشربه وهو مصدق بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسينفعه بإذن الله .
باب ما يفعله بعد الحل
يتحدث المؤلف - رحمه الله تعالى - الآن عن ما يعمله الإنسان بمنى وما يكون آخر أعماله في الحج .
فيقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :(6/94)
ثم يرجع إلى منى ولا يبيت لياليها إلا بها .
أي بعد أن يطوف طواف الإفاضة ويسعى إن كان عليه سعي يرجع إلى منى ولا يبيت إلا بها أي في ليالي التشريق وهي : الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر .
والمبيت بمنى في هذه الليالي واجبٌ من واجبات الحج ، والدليل على ذلك :
1- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخّصَ للعباس أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته كما في الصحيحين .
2- ما في سنن أبي ماجة عن ابن عباس : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لم يرخّص لأحدٍ أن يبيت بمكة إلا للعباس من أجل سقايته )) .
قال العلماء : وهذا يدل على أن المبيت بمنى واجب لأن الرخصة لا تكون إلا في مقابل عزيمة ، فرخّص الرسول - صلى الله عليه وسلم - للعباس من أجل سقايته ومن أجل ما يقوم به من مصلحةٍ عامة وهو سقاية الحجاج وكذلك من كان في حكمه أو من توفر فيه هذا المعنى هذا يدل على وجوب المبيت بمنى ، وقصدهم بالمبيت : هو أن يبقى الإنسان أكثر الليل بمنى .
وسيأتي معنا - إن شاء الله تعالى - في واجبات الحج .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فيرمي بها الجمرات بعد الزوال من أيامها ، كل جمرة بسبع حصيات ، يبتدىء بالجمرة الأولى فيستقبل القبلة ويرميها بسبع حصيات كما رمى جمرة العقبة ، ثم يتقدم فيقف فيدعو
الله ، ثم يأتي الوسطى فيرميها كذلك ، ثم يرمي جمرة العقبة ولا يقف عندها ثم يرمي في اليوم الثاني كذلك .
تكلم المؤلف - رحمه الله تعالى - في هذه الجملة عن واجب الرمي وشروطه وكيفيته :
وجوب الرمي :
يجب على الحاج أن يرمي الجمرات الثلاثة في أيام التشريق عند جمهور العلماء لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث جابر قال : (( رمى النبي - صلى الله عليه وسلم - جمرة العقبة يوم النحر ضحى وأما بعدُ فإذا زالت الشمس )) أي في أيام التشريق يرمي النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس(6/95)
وقال ابن عمر - رضي الله عنه - : (( كنا نتحين فإذا زالت الشمس رمينا )) .
شروط الرمي :
الشرط الأول : أن يكون في الوقت ، وهو بعد الزوال فلا يجوز لأحدٍ أن يرمي في أيام التشريق قبل الزوال لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم - إنما رمى بعد زوال الشمس وقال - صلى الله عليه وسلم - :
(( لتأخذوا عني مناسككم )) ، ولأن الرمي قبل الزوال ليس عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال :
(( من عمل عملٍ ليس عليه أمرنا فهو رد )) أي مردود على صاحبه وهو عمل باطل
فلا يجوز لأحدٍ أن يرمي قبل الزوال بحال .
الشرط الثاني : الترتيب بين هذه الجمرات ، فيرمي الجمرة الصغرى التي تلي مسجد الخيف ثم يرمي الوسطى ثم يرمي جمرة العقبة ، وعلى هذا الترتيب يرمي الحاج فإن عكس لم يصح رميه فإنما تصح له جمرة العقبة الصغرى لأنها آخر ما يرمي فيرمي الوسطى ثم الكبرى والترتيب شرط عند جمهور العلماء لأنه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أمر أن نأخذ عنه مناسكنا .
الشرط الثالث : العدد ، فلا يجوز للإنسان أن يرمي الجمرة بأقل من سبع حصيات على أصح أقوال العلماء لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة . ولو أن إنساناً رمى الحصيات السبع دفعةً واحدة فإنها لا تقع إلا عن حصاة واحدة فعليه أن يرمي ست حصيات .
الشرط الرابع : أن يقع الحجر في المرمى ، وهو مكان الرمي وليس المراد أن يصيب العمود الشاخص فهذا ليس مقصوداً .
كيفية الرمي :(6/96)
أو الصفة التي يرمي بها الجمرة ، فإنه يرمي الجمرة الصغرى التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم يتقدم قليلاً يعني عن الجمرة ويرفع يديه ويدعو طويلاً كما ثبت عن ابن عمر - رضي الله عنه - في صحيح البخاري : (( أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم حتى يُسْهل فيقوم مستقبل القبلة ، فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ، ثم يرمي الوسطى ، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة ، فيقوم طويلاً ويدعو ، ويرفع يديه ، ويقوم طويلاً ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف فيقول : هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله ))
وعن ابن أبي شيبة بإسناد صحيح : (( أن ابن عمر يقوم عند الجمرتين مقدار ما يقرأ سورة البقرة )) .
وهذا موقف من مواقف الدعاء ، وقد قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه الدعاء ورفع اليدين في ستةِ مواضع في حجه :
1- على الصفا .
2- على المروة .
3- في عرفة .
4- على المشعر الحرام .
5- عند الجمرة الصغرى .
6- عند الجمرة الوسطى .
مسألة : هل يجوز للإنسان أن يؤخر الرمي في اليوم الحادي عشر ويرمي في اليوم الثاني عشر ؟
الجواب : هذه المسألة مبنية على مسألة هل أيام التشريق كيوم واحد في الرمي أو أن لكل يومٍ حكماً يخصه ؟
الذي ذهب إليه الحنابلة والشافعية أن أيام التشريق كيومٍ واحد فبناءً على ذلك يجوز للإنسان أن يؤخر الرمي في اليوم الحادي عشر ويرمي في اليوم الثاني عشر ويكون هذا أداءً وليس
قضاءً .
وذهب بعض العلماء أنه لا يجوز بل لكل يوم حكم يخصه ، وهذا هو الأظهر ، والله أعلم .
مسألة : يتساهل كثير من الناس في التوكيل في الرمي وليس هناك عذر إلا الزحام ، فهل يجوز هذا ؟(6/97)
الجواب : الزحام ليس عذراً على كل حال ، فيمكن للإنسان أن يتحين الأوقات التي ليس فيها زحام وقّل أن يحتاج الإنسان إلى التوكيل لو علم أن وقت الرمي متسع جداً إلى الليل ، فبعض الناس يريد أن يرمي بعد الزوال مباشرةً فيهلك نفسه ومن معه ، والأولى أن يؤخر وأن ينتظر ويرمي بنفسه ، والرمي بنفسه متى ما أمكن واجب فلا يجوز أن يوكل غيره ، وبعض الناس يرى أن التوكيل عن المرأة على كل حال فيرمي عن امرأته سواءً كانت ضعيفة أو ليست ضعيفة وهذا لا يجوز .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فإن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل الغروب فإن غربت الشمس وهو بمنى لزمه المبيت بمنى والرمي من غد .
فإن أحب أن يتعجل في يومين لقول الله تعالى : ) واذكروا الله في أيامٍ معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى ( فالله عز وجل أجاز في كتابه التعجل والتأخير .
والمراد بالتعجل : أن يتعجل في اليومين الأوليّن من أيام التشريق ، فمن أراد أن يتعجل فعليه أن يخرج من منى قبل غروب الشمس وهو قول جمهور العلماء ، ويدل على هذا قول ابن عمر - رضي الله عنه - : (( من غربت عليه الشمس بمنى فعليه أن يبقى حتى يرمي من الغد )) ، ولأن الله عز وجل قال : ) فمن تعجل في يومين ( والذي غربت عليه الشمس لم يتعجل في يومين لأن اليوم اسم للنهار كما ذكر ابن قدامه - رحمه الله تعالى -. لكن
لو غربت عليه الشمس وهو مستعد للرحيل وهو سائرٌ بسيارته أو بدابته فإن هذا يخرج
ولا شيء عليه في أصح أقوال العلماء ، والله أعلم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فإن كان متمتعاً أو قارناً فقد انقضى حجه وعمرته ، وإن كان مفرداً خرج إلى التنعيم فأحرم بالعمرة منه ، ثم يأتي مكة فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصر ، فإن لم يكن له شعر استحب أن يمر الموس على رأسه ، وقد تم حجه وعمرته .
هذا الكلام الذي ذكره المؤلف - رحمه الله تعالى - فيه نظر من جهتين :(6/98)
أولاً : في قوله أن المفرد يأتي بعمرة بعد حجه ، فإنه لم يثبت عن - صلى الله عليه وسلم - لا من قوله ولا من فعله أن يأمر من كان مفرداً أن يأتي بعمرة . لكن لو أراد الإنسان أن يأتي بعمرة ولم يكن قد أتى بعمرة قبل حجه إذا قلنا بوجوب العمرة فإنه يأتي بها لا على أنها مستحبة أو أنها مكملة لحجه بل يأتي بها على أنها عمرة كأي عمرة يأتي بها في حياته ، أما أن تكون مكملة للأفراد أو يكون هذا مما يستحب للإنسان أن يفعله فهذا مما لا دليل عليه فيما يظهر ، والله أعلم .
ثانياً : قوله إن لم يكن له شعر فعليه أن يمر الموس على رأسه ، فكثير من العلماء لا يستحب هذا لأن الحلق هو وسيلة إلى التحلل فإذا لم يكن هناك شعر سقطت الوسيلة لسقوط مقصدها لأن الوسائل تسقط إذا سقطت المقاصد ، والله تعالى أعلم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد ، لكن عليه وعلى المتمتع دم لقوله تعالى :
) فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ( .
الكلام عن الصيام وكيفيته ومتى يكون ، هل يكون قبل النحر أو يكون في أيام
التشريق ؟ وهل يكون قبل العمرة أو بعد أن يُحرم بالعمرة أو لا يجوز حتى يُحرم بالحج ؟
قد تكلمنا عنه في باب الفدية .
ولا فرق بين المفرد والقارن إلا أن القارن عليه دم وهذا عند جمهور العلماء لأن القارن متمتع من حيث العموم لأنه ترفه بإسقاط أحدِ السفرين فهو من حيث المعنى في حكم المتمتع عند جمهور العلماء ، أما من حيث الأعمال فعمل المفرد وعمل القارن سواء من حيث الطواف
والسعي ...
إذاً لا فرق بين المفرد والقارن إلا من حيث النية عند الإحرام ووجوب الدم على القارن .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وإذا أراد القفول لم يخرج حتى يودع البيت بطواف عند فراغه من جميع أموره حتى يكون آخر عهده بالبيت ، فإن اشتغل بعده بتجارة أعاده .(6/99)
هذا طواف الوداع وهو واجب من واجبات الحج وذلك :
1- لما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : (( كان ينصرف الناس في كل وجه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا ينفرن أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت )) .
2- ولما في الصحيحين من حديث ابن عباس أنه قال : (( أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفف عن الحائض )) .
فيجب على كل حاج إذا أراد أن يخرج من مكة أن يودع البيت كما أمر - صلى الله عليه وسلم - وأن ينصرف مباشرةً بعد الوداع ولا يبقى بمكة ، فإن بقي فيها وعمل ما يدل على رغبته في البقاء فإنه يعيد لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف فإذا بقي بمكة فعليه أن يُعيد الطواف وأما لو اشترى شيئاً في طريقه أو انتظر رفقته فإنه لا يُعيد الطواف . والله أعلم .
مسألة : ما حكم مَنْ نوى مع طواف الإفاضة طواف الوداع ؟
الجواب : طواف الوداع وقته بعد الانتهاء من مناسك الحج ، فإذا انتهى الحاج من مناسك الحج فإنه يطوف طواف الوداع كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن لو أخر طواف الإفاضة فإن طواف الوداع يدخل فيه ضمناً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يكون آخر العهد بالبيت ، ومَنْ أخر طواف الإفاضة فإن آخر عهده بالبيت هو الطواف فيدخل فيه طواف الوداع ، لكن يطوف بنية طواف الإفاضة ويجزئه ذلك .
مسألة : هل صلاة ركعتين خلف المقام تصلى بعد طواف الوداع أو لا ؟
الجواب : هاتان الركعتان سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان أن يخل بها ، وبعض العلماء يرى وجوبها ، وتُفعل بعد كل طواف سواءً كان طواف وداع أو غيره .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :(6/100)
ويستحب له إذا طاف أن يقف في الملتزم بين الركن والباب ، فيلتزم البيت ويقول : (( اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، حملتني على ما سخرت لي من خلقك ، وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك ، وأعنتني على أداء نسكي ، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا ، وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري ، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي ، غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك . اللهم أصحبني العافية في بدني ، والصحة في جسمي ، والعصمة في ديني ، وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني ، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة ، إنك على كل شيء
قدير )) ويدعو بما أحب ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
أولا ً : مسألة الوقوف بالملتزم ، هذه مسألة فيها خلاف بين العلماء ، و نُقل عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما آثار في هذه المسألة أنهم وقفوا في الملتزم - والملتزم بين الحجر والباب - وهذه الآثار الواردة في الوقوف بالملتزم لا تخلو من ضعف ، وقد ذكر الوقوف بالملتزم بعض العلماء منهم شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - وابن قدامه وغيرهم ، وقالوا :
(( يستحب للإنسان أن يقف بالملتزم )) . وإذا وقف يُرجى أن يكون لا شيء فيه لأن هذه الآثار وإن كانت ضعيفة لكن ربما يُقال أنها تقوي بعضها بعضا .
ثانياً : هذا الدعاء الذي ذكره المؤلف - رحمه الله تعالى - لم أقف عليه إلا أنه قال في المغني : (( قال بعض أصحابنا يستحب أن يقول ... وذكره )) ، والله تعالى أعلم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فمن خرج قبل الوداع رجع إليه إن كان قريباً ، وإن بعد بعث بدم ، إلا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما ، ويستحب لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء .
يعني من خرج قبل أن يطوف طواف الوداع له حالتان :(6/101)
الحالة الأولى : ألا يتباعد عن مكة ، أي يكون قريباً منها وهو من كان بينه وبين مكة أقل من مسافة القصر ، فالمذهب في هذا أنه يرجع قالوا : (( لأن عمر أرجع رجلاً من مر لم يطف طواف الوداع )) فإذاً هذا يرجع ويطوف ولا شيء عليه .
الحالة الثانية : أن يتباعد عن مكة ، يعني سار مسافة القصر فهذا عليه دم ، فيبعث دماً إلى الحرم .
ويستثنى من هذا الحائض والنفساء فلا وداع عليهما لحديث ابن عباس : (( إلا أنه خُفف عن الحائض )) وكذلك النفساء في حكم الحائض ويدل عليه أن عائشة - رضي الله عنها - قالت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن صفية قد حاضت ، قال احابستنا هي ؟ قالوا : إنها قد أفاضت ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : فلتنفر إذاً )) فلم يأمرها بطواف الوداع .
وقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : (( ويستحب لهما الوقوف عند باب المسجد والدعاء )) لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر الحائض والنفساء أن تقف عند الباب ، فإذا لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الاستحباب حكم يحتاج إلى دليل . والله أعلم .
باب أركان الحج والعمرة
الأركان في اللغة : جمع ركن ، والركن هو جانب الشيء الأقوى .
أما في الاصطلاح : جزء الماهية ، يعني جزء حقيقة الشيء .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
أركان الحج : الوقوف بعرفة ، وطواف الزيارة .
ذكر المؤلف - رحمه الله تعالى - هنا ركنين للحج فقط ، وعن الإمام أحمد ثلاثة روايات :
الرواية الأولى : أن أركان الحج اثنان : الوقوف بعرفة ، وطواف الإفاضة ، وهذه الرواية هي التي اختارها المؤلف - رحمه الله تعالى - .
الرواية الثانية : أن أركان الحج ثلاثة : الإحرام ، والوقوف بعرفة ، وطواف الإفاضة .
الرواية الثالثة : أن أركان الحج أربعة وهي : الإحرام ، والوقوف بعرفة ، وطواف الإفاضة والسعي .
والذي يظهر - والله أعلم - أن أركان الحج أربعة وهي :
الركن الأول : الوقوف بعرفة :(6/102)
وهو ركن من أركان الحج بإجماع العلماء لا يصح الحج بدونه ، والدليل على ركنيته :
1- ما ثبت في مسند أحمد - رحمه الله تعالى - وعند أصحاب السنن وفي سنن البيهقي والدارقطني ومستدرك الحاكم من حديث عبدالرحمن بن يعمر قال : شهدت رسول - صلى الله عليه وسلم - وهو واقفٌ بعرفة وجاءه أُناس من أهل نجد فقالوا يارسول الله :
كيف الحج ؟ قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( الحج عرفة ، فمن أدرك عرفة قبل صلاة الفجرمن ليلة جمعٍ فقد تم حجه )) ووجه الدلالة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال : (( الحج عرفة )) يعني هذا هو الركن الأعظم والمهم في الحج .
2- فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعل الصحابة من بعده .
وقد تقدم معنا شروط الوقوف بعرفة في باب صفة الحج .
الركن الثاني : طواف الإفاضة :
وهو ركنٌ بإجماع العلماء لا يصح الحج بدونه ، والدليل عليه :
1- قوله تعالى : ) وليطّوفوا بالبيت العتيق ( فإن المراد بذلك طواف الإفاضة .
2- قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صفية : (( أحابستنا هي ؟ قالوا : إنها قد أفاضت يارسول الله ، قال : فلتنفر إذاً )) فدل هذا على أن من لم يأتِ بطواف الإفاضة
لا يخرج حتى يأتي به ، يعني يحبس من معه من الرفقة حتى يأتي بطواف الإفاضة .
وقد تقدم معنا شروط صحة الطواف ذكرناها في باب دخول مكة ، ولكن مما يخص طواف الإفاضة ( أو طواف الزيارة ) من الشروط :
1- أنه لا بد أن يكون في الوقت ، والوقت عند الحنابلة والشافعية يبدأ من منتصف ليلة النحر، وهذا عندهم مطرد في الدفع من مزدلفة وفي رمي جمرة العقبة وفي طواف الإفاضة فكل هذه الأشياء عندهم تجوز بعد منتصف الليل .
وعند الحنفية والمالكية أنه لا يصح إلا بعد الفجر من يوم النحر .
والذي يظهر - والله أعلم - أنه لايصح إلا بعد الفجر من يوم النحر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما طاف بعدما نحر - .(6/103)
2- أن يكون بعد الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ، فلو أن إنساناً جاء في الليل ثم طاف بنية طواف الإفاضة ثم ذهب إلى عرفة ثم إلى مزدلفة لكان هذا الطواف غير صحيح فيما يظهر
والله أعلم .
الركن الثالث : السعي :
والسعي اختلف فيه هل هو ركن أو واجب أو سنة ؟ والمؤلف - رحمه الله تعالى - ذكر السعي في الواجبات .
وأصح الأقوال فيه والله أعلم أنه ركنٌ من أركان الحج وذلك :
1- لأن الله عز وجل قال : ) إن الصفا والمروة من شعائر الله ( والشعائر أمرها عظيم
لا يجوز التساهل بها ولا تركها .
2- لما ثبت في الصحيح عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال لعائشة - رضي الله عنها - إني لأظن أن رجلاً لولم يطف بين الصفا والمروة ما ضره ذلك ، قالت : لِمَ قلت هذا ؟ قال : لأن الله يقول : ) إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ( فقوله : ) فلا جناح عليه ( أي رفع الله عنه الجناح وذلك لا يدل على الوجوب ، فقالت : (( ما أتم الله حج امرئٍ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة )) فإذا كان لا يتم حجه فمعنى هذا أن حجه غير صحيح .
3- لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أم حبيبة بنت أبي تِجْراه أنها قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي )) أخرجه الحاكم والطبراني وابن سعد في الطبقات .
4- فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله يدل على الالزام من جهتين :
الجهة الأولى : أنه امتثال للأمر ، وإذا جاء فعله امتثالاً لأمر أو بياناً لمجمل فإنه يأخذ حكمه .
الجهة الثانية : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لتأخذوا عني مناسككم )) .
وقد تقدم معنا في صفة الحج شروط السعي في باب صفة الحج .
الركن الرابع : الإحرام :(6/104)
وهو : نية الدخول في النسك ، يعني ليست مجرد النية أنه سيحج هذا العام فهذه لا تسمى إحراماً ، وليس الإحرام هو لبس الإحرام كما تقدم - بل هو نية الدخول في النسك .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وواجباته ، الإحرام من الميقات ، والوقوف بعرفة إلى الليل ، والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل ، والسعي ، والمبيت بمنى والرمى ، والحلق ، وطواف الوداع .
واجبات الحج هي :
الواجب الأول : الإحرام من الميقات :
وقد تقدم معنا في باب المواقيت حديث ابن عباس قال : (( وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... )) فإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقّت ذلك فلا يجوز لأحدٍ أن يتجاوز ما وقته الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكذلك تقدم معنا في حديث ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال : (( فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... )) .
الواجب الثاني : الوقوف بعرفة إلى الليل :
عرفنا أن الوقوف بعرفة ركن ، لكن الركن أن يوجد بعرفة ولو لحظة في وقت الوقوف أما الوقوف إلى الليل فهذا هو واجب ، فمن خرج من عرفة قبل الغروب له ثلاثة حالات :
الحالة الأولى : ألا يرجع إليها ، فهذا يلزمه دم عند جمهور العلماء .
الحالة الثانية : أن يرجع إليها قبل الغروب ، فهذا في مذهب الحنابلة لا شيء عليه .
الحالة الثالثة : أن يرجع إليها بعد أن تغرب الشمس فهذا في ظاهر المذهب أنه لا شيء عليه ، وقال بعضهم : عليه دم لأن المطلوب منه أن يقف حال الغروب كما ثبت في حديث جابر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( لم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص )) وقال - صلى الله عليه وسلم - : (( لتأخذوا عني مناسككم )) .
والظاهر والله أعلم : أن الدم مستقر عليه بمجرد خروجه من عرفه ، كما قلنا في ما لو تجاوز الميقات ثم أحرم ورجع إلى الميقات أن الدم لا يسقط عنه .
الواجب الثالث : المبيت بمزدلفة :(6/105)
اختلف العلماء في المبيت بمزدلفة هل هو ركن أو واجب أو مستحب ؟
والصحيح من هذه الأقوال الثلاثة : أنه واجب ، وليس بركن والدليل على عدم الركنية أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث عبدالرحمن بن يعمر السابق : (( من جاء عرفة قبل صلاة الفجر فقد تم حجه )) قال العلماء : يلزم من هذا أنه إذا وقف في آخر جزء من الليل بعرفة أن حجه صحيح ، وإذا وقف في آخر لحظة من الليل بعرفة فمعنى هذا أنه فاته المبيت بمزدلفة ، ولو كان المبيت بمزدلفة ركناً لم يصح حجه ، فدل هذا على أن الوقوف بمزدلفة ليس ركناً لكنه واجب لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال : (( لتأخذوا عني مناسككم )) ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رخّص للضعفة أن يخرجوا من مزدلفة قبل الفجر ، والرخصة لا تكون إلا في مقابل عزيمة أو في مقابل واجب ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأذن لغيرهم .
مسألة : متى يخرج من مزدلفة ؟
الجواب : بَيْنَ العلماءِ خلاف في القدر الذي يجب أن يمكثه الإنسان في مزدلفة ، فالمؤلف - رحمه الله تعالى - يقول : (( يبقى بمزدلفة إلى نصف الليل )) أي إذا انتصف الليل جاز له أن يخرج من مزدلفة وهذا مذهب الشافعية والحنابلة - كما تقدم - أنهم حددوا الخروج من مزدلفة بمنتصف الليل وبناءً عليه أجازوا رمي جمرة العقبة بعد منتصف الليل وأجازوا طواف الإفاضة بعد منتصف الليل .
وبعض العلماء يرى : أنه لا يجوز الخروج من مزدلفة إلا بعد طلوع الفجر .
ومنهم من يقول : يكفي الوقوف بها ولو لحظة واحدة وهو قول المالكية .
والصحيح والله أعلم : أنه لا يجوز الخروج من مزدلفة إلا بعد طلوع الفجر وذلك :
1- لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - .(6/106)
2- أنه لم يأذن لأحدٍ أن ينصرف منها إلا للضعفة كما ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : (( كانت سودة امرأةً ضخمةً ثبطه فاستأذنت الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليلة جمعٍ أن تفيض بليلٍ فأذن لها النبي - صلى الله عليه وسلم - )) ، ولما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال :(( أنا ممن قدّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ضعفة أهله )) .
مسألة : متى ينصرف الضعفة ؟
الجواب : الظاهر – والله تعالى أعلم – أنه يجوز لهم الانصراف بعد مغيب القمر لما في الصحيحين عن عبدالله مولى أسماء – رضي الله عنها - : (( أن أسماء نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فصلت ساعة ثم قالت : يابني هل غاب القمر ؟ قال : قلت : لا ، فصلت ساعة ثم قالت : يابني هل غاب القمر ؟ قال : قلت : نعم ، قالت : فارتحلوا فارتحلنا فمضت حتى رمت جمرة العقبة ثم رجعت فصلت الصبح في بيتها فقلت : يا هنتاه : ما أُرانا إلا قد غلّسنا قالت : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذن للظُعن ))
فهذا يدل على أن الضعفة يخرجون من مزدلفة إذا غاب القمر ، والله تعالى أعلم .
الواجب الرابع : المبيت بمنى :
تقدم في صفة الحج أن المبيت بمنى المراد به : المكث بمنى أكثر الليل ، وذهب إلى وجوبه جمهور العلماء والدليل على ذلك :
1- فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - .
2- ترخيص النبي - صلى الله عليه وسلم - للعباس أن يبيت ليالي منى بمكة من أجل السقاية .
3- قول عمر - رضي الله عنه - : (( لا يبيتن أحداً من الحاج وراء جمرة العقبة )) أي
لا بد أن يبيتوا بمنى .
مسألة : إذا قلنا إنه واجب فمن تركه فعليه دم ، لكن هل يجب الدم بترك مبيت ثلاث ليال ؟ أو بترك مبيت ليلة واحدة ؟ لأنه من تعجل له ليلتان ومن لم يتعجل له ثلاث ليالي .(6/107)
الجواب : ظاهر مذهب الحنابلة أن من لم يبت ليلة واحدة فإنه يتصدق أو لا شيء عليه ، وأما من فاته المبيت ثلاث ليال فعليه دم ، وبين العلماء اختلاف كبير في هذه المسألة فيما يجب فيه الدم .
الواجب الخامس : الرمي :
لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن فاته الرمي فحكم الرمي حكم المبيت . فإذا فات الإنسان الرمي كاملاً فعليه دم لأنهم اعتبروا النسك هو المبيت كاملاً أو الرمي كاملاً ولم يعتبروا بعضه ولم يوجبوا فيه دماً ، والله أعلم .
الواجب السادس : الحلق :
كان ينبغي أن يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - : ( الحلق أو التقصير ) والحلق أفضل لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال : (( اللهم أرحم المحلقين ، قالوا : والمقصرين ، قال : اللهم أرحم المحلقين ، .... ثم قال بعد ذلك اللهم أرحم المحلقين والمقصرين )) فدعا للمحلقين ثلاث مرات ودعا للمقصرين مرة واحدة .
والتقصير هو أن يأخذ الإنسان من جميع رأسه لأنه بدل عن الحلق والبدل يأخذ حكم المبدل منه ، ولا يجزيء أن يقصر الإنسان ثلاث شعرات كما هو قول الشافعية .
الواجب السابع : طواف الوداع :
تقدم أنه واجب من واجبات الحج في صفة الحج .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وأركان العمرة : الطواف ، وواجباتها : الإحرام ، والسعي ، والحلق
المؤلف - رحمه الله تعالى - لم يذكر إلا ركناً واحداً للعمرة ، وذكر ابن قدامه في المقنع أن الإحرام والسعي فيه روايتان : رواية أنهما ركن ، ورواية أنهما واجب .
والصحيح أن العمرة أركانها ثلاثة :
1- الإحرام ، الذي هو نية الدخول في النسك .
2- الطواف .
3- السعي .
ولها واجبان :
1- الإحرام من الميقات .
2- الحلق أو التقصير .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فمن ترك ركناً لم يتم نسكه إلا به .
من ترك ركن فحجه باطل إلا إذا أمكنه أن يتدارك ذلك الركن ويأتي به .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ومن ترك واجباً جبره بدم .(6/108)
وهذه قاعدة عند العلماء ، وأصلها ما ثبت في الموطأ عن ابن عباس - رضي الله عنه - :
(( أن من نسي نسكه أو تركه فليهرق دماً )) فهذا أصل هذا القول .
والظاهر - والله أعلم - أن قول أبن عباس - رضي الله عنه - لا يخلو من حالين :
الحالة الأولى : إما أن يكون مما لا مجال للرأي فيه فيكون حكمه الرفع ، فهنا يجب الأخذ به
الحالة الثانية : أن يقال إنه اجتهاد صحابي وفتوى صحابي ، فمن يأخذ بقول الصحابي
يأخذ به .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ومن ترك سنة فلا شيء عليه .
من ترك سنة فلا شيء عليه ، لكن لا ينبغي للإنسان أن يتساهل في السنن فإن هذه التي يراها سنة في مذهب من المذاهب قد تكون واجباً بل قد تكون ركناً في مذهب آخر وربما يكون الصواب مع من رأى أنها ركن أو واجب فلا ينبغي للإنسان أن يتساهل في السنن كما أن في السنن فائدة عظيمة وهي رفع الدرجات وتحصيل الثواب والمغفرة من الله عز وجل .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ومن لم يقف بعرفة حتى طلع الفجر يوم النحر فقد فاته الحج ، فيتحلل بطواف وسعي وينحر هديه إن كان معه هدي وعليه القضاء .
تقدم حكم الفوات وتكلمنا عنه - في باب الفدية - وذكرنا أن دليل هذا هو ما قضى به عمر في حق هبّار بن الأسود وفي حق أبي أيوب الأنصاري .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وإن أخطأ الناس العدد فوقفوا في غير يوم عرفة أجزأهم ذلك ، وإن فعل ذلك نفر منهم فقد فاتهم الحج .(6/109)
إن وقف جميع الحجاج يوم عرفة خطأ كأن يقفوا بها يوم الثامن أو يقفوا بها يوم العاشر فإن هذا الوقوف يجزئهم ، لكن لو وقف بعض الحجاج خطأ فحجهم ليس بصحيح ، والأصل أنهم إذا أجمعوا على أمرٍ أن إجماعهم صحيح فجماعة المسلمين لو أخطئوا جميعاً فلا شيء عليهم لأنهم لو أُمروا بذلك لحصلت مشقة ، ثم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الأضحى يوم تضحون )) فدل ذلك على اعتبار هذا الأمر ، لكن لو وقف البعض دل على خطأهم وتفريطهم فلم يصح حجهم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ويستحب لمن حج زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبري صاحبيه - رضي الله عنهما - .
كان الواجب أن يقول رحمه الله تعالى : (( يستحب زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - )) بدلاً من أن يقول : (( يستحب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - )) ، فزيارة القبر في حد ذاتها مشروعة لكن شد الرحال إلى القبور لا يجوز لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد )) وهذه المسألة تكلم عنها شيخ الإسلام وفهم منه خصومه فهماً خاطئاً فقالوا : شيخ الإسلام يمنع زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو لم يمنع زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن منع شد الرحال إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أما أصل الزيارة فيزار قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تزار بقية القبور لكن شد الرحال والسفر من أجل زيارة القبر فهذا لا يجوز .
باب الهدي والأضحية
الهدي هو ما يُهدى إلى الحرمِ من النعمِ وغيرها .
وأما الأضحية فهي بضم الهمزة ( أُضحية ) وكسرها ( أِضحية ) وتقال أيضاً : ضحية بوزن سرية ، وأضحاه بوزن أرطاه ، وهي ما يُذبح يوم النحر وفي أيام التشريق .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والهدي والأضحية سنة لا تجب إلا بالنذر .(6/110)
أما الهدي فإنه سنة لا يجب إلا بالنذر ومنه أيضاً قسم واجب وهو هدي التمتع والقران ، وأما الأضحية فاتفق العلماء على مشروعيتها ، ومشروعيتها ثابتة في الكتاب والسنة والإجماع :
أما الكتاب فقوله تعالى : ) فصلي لربك وأنحر ( وقالوا : إنه ذبح الأضحية بعد الصلاة .
وأما السنة فما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من فعل الأضحية .
وأما الإجماع فقد أجمع العلماء على مشروعيتها واختلفوا في حكمها ، هل هي سنة مؤكدة أو واجبة ؟ اختلفوا في ذلك على قولين :
القول الأول : أن الأضحية سنة مؤكدة ، فلو تركها الإنسان فلا شيء عليه ، ذهب إلى هذا جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة في المشهور عندهم واستدلوا على ذلك
بما يلي :
1- ما في صحيح مسلم من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا )) قالوا : علّق الحكم على إرادة الأضحية ، فدل على أنها ليست واجبة ، لأنها لو كانت واجبة لما وكلت إلى إرادة المكلف .
والجواب عن هذا : أن هذا لا يدل على عدم الوجوب كما يقال : إذا اردت أن تصلي فتوضأ فلا يدل على أن الوضوء ليس شرطاً في الصلاة أو ليس واجباً فيها .
2- ما ورد عند أحمد وأبي داود والترمذي من حديث جابر : قال : (( شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة عيد الأضحى فأتي بكبش فذبحه وقال : بسم الله والله أكبر اللهم هذا عني وعن من لم يضحي من أمتي )) قالوا : فمن لم يضحي فقد ضحى عنه رسول - صلى الله عليه وسلم - فليست واجبة في حقه .
القول الثاني : أنها واجبة على المؤسر ، ذهب إلى هذا الحنفية ، والحنابلة في رواية وهي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - ، واستدلوا على ذلك بما يلي :(6/111)
1- ما ورد في الصحيحين من حديث جندب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من ذبح قبل الصلاة فليعد مكانها أخرى ومن لم يذبح فليذبح )) قالوا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذبح قبل الصلاة أن يعيد ولو لم تكن واجبة لما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة .
2- ما في مسند أحمد وسنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من وجد سعةً ولم يضحي فلا يقربن مصلانا )) وهو حديث حسن وصححه الحاكم ، فقالوا : دل ذلك على وجبها .
فمن خلال هذه الأدلة يظهر أن القول الصحيح أنها واجبة على المؤسر المستطيع القادر ، أما غير المستطيع فإنها ليست بواجبة في حقه .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والتضحية أفضل من الصدقة بثمنها .
يعني ذبح الأضحية أفضل من أن يتصدق الإنسان بثمنها حتى ولو كان الثمن أكثر وذلك
لأمور :
1- أنها شعيرةٌ مقصودةٌ لذاتها ، لقوله تبارك وتعالى : ) فصلي لربك وأنحر ( فأمره بالنحر بعد الصلاة ولم يأمره بالصدقة عنها . ولما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( ما عملُ ابن ادم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة الدم ، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها وإن الدم ليقع من الله بمكانٍ قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا )) فهي شعيرة ظاهرة من شعائر الإسلام لا ينبغي أن تخفى وأن يوزع بدلاً منها المال .
2- أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ضحى وداوم على ذلك ولا يفعل - صلى الله عليه وسلم - إلا الأفضل والأكمل ، وكذلك من بعده من الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم - .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والأفضل فيهما الإبل ثم البقر ثم الغنم .(6/112)
أُستدل لهذا القول بما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنه ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر )) قالوا : ذكر أفضل ما يُهدى وهي الإبل ثم البقر ثم الغنم فجعلهم مراتب أعظمهم مرتبة من قرب بدنة ثم من قرب بقرة ثم من قرب شاة
فقالوا : هذا يدل على الأفضل .
لكن حقيقةً هذا الحديث عارضه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن المعروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يرد عنه في حديث صحيح أنه ضحى بالأبل ولا بالبقر فمداومة النبي - صلى الله عليه وسلم - على التضحية بالغنم يدل على أفضليتها في الأضحية أما في الهدي فالأفضل الإبل وهذا التفصيل عند المالكية وهو قوي من حيث المأخذ أن الأبل هو الأفضل في الهدي والغنم أفضل في الأضحية لمداومة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يفعل - صلى الله عليه وسلم - إلا الأفضل والأكمل .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ويستحب استحسانها واستسمانها .(6/113)
وذلك لقوله تبارك وتعالى : ) ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ( قال ابن عباس - رضي الله عنه - تعظيمها استسمانها واستعظامها واستحسانها ، فتعظيم الأضحة التي هي شعيرة من شعائر الله يكون باستسمانها واستحسانها واختيار الأحسن منها والأفضل من حيث السمن ومن حيث الصورة ، فإن أفضل الأضاحي ما كان على صفة أُضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت في حديث عائشة - رضي الله عنها - في صحيح مسلم : (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبشٍ أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد )) فهذه هي أُضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - وثبت في حديث أنس في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ضحى بكبشين أملحين أقرنين )) قال بعض العلماء : الأملح هو الأبيض الخالص ، وقال بعضهم : هو الأبيض المشوب بالسواد
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن والثني مما سواه .
يدل على هذا ماثبت في صحيح مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه - : (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسرَ عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن )) ، والمسنة : هي الثنية من الإبل والبقر والغنم .
لكن ظاهر هذا الحديث أنه لا يذبح الجذعة من الضأن إلا إذا تعسرت المسنة ، لكن ثبت في احاديث أخرى كحديث مجاشع بن سُليم عند أبي داود وغيره أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يوفي الجذع من الضأن ما توفي به الثنية )) فهذا الحديث يدل على أنه يجزئ مطلقاً مع وجود الثنية ومع عدمها .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وثني المعز ما له سنة ، وثني الإبل ما كمل له خمس سنين ، ومن البقر ماله سنتان .
الجذع من الضأن ما له ستةُ أشهر ، والثنية من البقر مالها سنتان ودخلت في الثالثة ، ومن الإبل ما لها خمس سنين ودخلت في السادسة ، ومن الغنم ما لها سنة ودخلت في الثانية .(6/114)
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وتجزئ الشاة عن واحد ، والبدنة والقرة عن سبعة .
هذا هو الاشتراك في الأضحية وهو على قسمين :
القسم الأول : اشتراك ملك .
القسم الثاني : اشتراك ثواب .
أما اشتراك الملك فلا تجزئ الشاة إلا عن واحد ، وأما الإبل والبقر فتجزئ عن سبعة لحديث جابر - رضي الله عنه - : (( أنهم كانوا ينحرون الإبل عن سبعة والبقر عن سبعة )) .
وأما تشريك الثواب وهو أن يشرّك أحدً معه في ثواب أضحيته فهذا لا حد له لا في الإبل
ولا في الغنم ولا في البقر لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذبح كبشاً فقال : (( اللهم هذا عني وعن من لم يضحي من أمتي )) وقال : (( اللهم هذا عن محمد وآل محمد وعن أمة محمد )) وهو كبش عن هؤلاء جميعاً فهذا تشريك في الثواب .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
( 1 ) ولا تجزئ العوراء البين عورها ، ( 2 ) ولا العجفاء التي لا تنقي ،
( 3 ) ولا العرجاء البين ظلعها ، ( 4 ) ولا المريضة البين مرضها ، ( 5 ) ولا العضباء التي ذهب أكثر قرنها أو أذنها .
ذكر المؤلف - رحمه الله تعالى - خمسة عيوب لا تجزئ معها الأضحية ، أما الأربعة الأولى التي ذكرها فهي واردة في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : (( أربعٌ
لا تجوز في الأضاحي - وفي رواية لا تجزئ في الأضاحي - العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ضلعها ، والعجفاء التي لا تنقي )) وقد نقل المؤلف - رحمه الله تعالى - في المغني أنه لاتجزئ باتفاق العلماء .
ويلحق بهذه الأربعة ما كان أشد منها في الصفات أو العيوب ، وأما إذا كان أقل من ذلك فإنه مجزئ عن طريق المفهوم .
فعندنا الآن نص ، ومفهوم موافقة ، ومفهوم مخالفة في حديث البراء بن عازب :(6/115)
العوراء البين عورها : وهي التي انخسفت عينها ( هذا نص ) ، أما العوراء التي لا تبصر بعينها لكنه ليس بيناً ذلك فهذه تجزئ ، أما العمياء فهذا مفهوم موافقة يعني أنه مثل المنطوق وزيادة ، وأما إذا كان أقل من ذلك كالشاة التي على عينها شيء لكنه ليس بيناً فهذه عن طريق المفهوم نفهم منه أنه تجزئ لأنه قال : (( البين عورها )) فإذا انتفى هذا البيان والظهور انتفى الحكم .
المريضة البين مرضها : وهي التي ظهرت عليه آثار المرض وأثر ذلك في جسمها فهذه
لا تجزئ في الأضحية .
والعرجاء البين ضلعها : وضابط ذلك قالوا : أنها لا تستطيع المشي مع الصحيحة بل تسبقها الصحاح إلى المرعى ، فهنا نص على العرجاء فمقطوعة الساق من باب أولى ، لكن التي فيها ضلع بسيط ليس بيناً فهذه لا تمنع الإجزاء .
والعجفاء التي لا تنقي : يعني الهزيلة التي لا مخ فيها فهذه لاتجزيء في الأضحية .
ولا العضباء التي ذهب أكثر قرنها أو أذنها : هذه في المذهب أنه لا تجزيء واستدلوا على ذلك بحديث على - رضي الله عنه - قال : (( نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العضب في القرن والأذن )) قال قتادة : سألت سعيد بن المسيب عن ذلك فقال : العضب نصف القرن فأكثر
يعني العضب ما ذهب نصف القرن أو أكثر وكذلك الأذن فهذه لا تجزيء وكذلك في حديث على - رضي الله عنه - قال : (( أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن فلا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء ))
والمقابلة : هي التي شُقت أذنها من الأمام عرضاً ، والمدابرة : هي التي شُقت أُذنها من الخلف عرضاً ، أما الشرقاء : فهي التي شُقت أذنها طولاً ، والخرقاء : وهي التي خُرقت أذنها .
لكن في هذا الحديث ليس فيه النهي على أنها لا تجزئ في الأضحية بل أمرهم أن يستشرفوا
أي هذا من باب الأفضل ويكره التضحية بهذه .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :(6/116)
وتجزئ الجماء والبتراء والخصي وما شقت أذنها أو خرقت أو قطع أقل من نصفها .
الجماء : هي التي ليس لها قرن ، أي التي لم يُخلق لها قرون فهذه تجزئ لأن هذا من أصل الخلقه ولا يؤثر في لحمها .
البتراء : هي التي لا ذنب لها إما خلقه أو كان ذلك مقطوعاً ، قال بعض العلماء : القطع في ألية الضأن يعتبر عيباً مانعاً من الإجزاء .
الخصي : وهو ما قُطعت خصيتاه ، فهذا مجزئ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين موجؤين ، وهما في معنى واحد ولأنه ذهاب عضو غير مستطاب فلا يضر ذلك في الإجزاء .
وما شُقت أذنها أو خرقت فهذه مجزئه لأن التحرز من هذه العيوب فيه عسر ومشقه .
أو قُطع أقل من نصفها : هذا احتراز من العضب الذي ذكره سابقاً لأن العضب هو ذهاب اكثر من النصف فما كان أقل فهو مجزئ .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى ، وذبح البقر والغنم على صفاحها ، ويقول عند ذلك : (( بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا منك ولك )) .
السنة في نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى ، قال ابن عباس في قوله تعالى :) فاذكروا اسم الله عليها صواف ( قائمة على ثلاث قوائم معقولة يدها اليسرى ، وثبت في الصحيح أن ابن عمر - رضي الله عنه - رأى رجلً ينحر بدنة له فقال له ابن عمر - رضي الله عنه - : (( ابعثها قائمةً مقيدتاً سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - )) .
وأما الغنم فعلى صفاحها : أي على جنوبها ومستقبل بها القبلة .
التسمية على الذبيحة واجبة لا بد منها ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أنس - رضي الله عنه - : (( أنه أتى بكبشين أملحين أقرنين فذبحهما بيده وسمى وكبر )) ، وأما التكبير فمستحب .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ولا يستحب أن يذبحها إلا مسلم ، وإن ذبحها صاحبها فهو أفضل .(6/117)
التوكيل في الجملة جائز ((لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر ثلاثً وستين بدنه ووكل علي في ما مضى )) وإن كان الإنسان الأفضل أن يذبحها بنفسه لأنه ربما يبحث عن مساكين يعرفهم وأهل البلد أولى بذلك .
مسألة : هل يجوز للمسلم أن يوكل على أضحيته كتابياً ؟ ظاهر كلام المؤلف - رحمه الله تعالى - أنه يجوز ، لكن الأفضل ألا يذبحها إلا مسلم .
وبعض العلماء منع من ذلك وقال : أن هذه قربى والكتابي ليس من أهلها .
والظاهر الجواز لأن ذبيحتهم حلال وجائزه فيجوز أن يوكّل كتابياً لكن الأفضل أن يوكّل مسلماً والأفضل من ذلك أن يذبحها بنفسه (( لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بكبشين أملحين أقرنين فذبحهما بيده وسمى وكبر )) .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ووقت الذبح يوم العيد بعد صلاة العيد إلى آخر يومين من أيام التشريق .
والوقت يتعلق به في بدايته ونهايته ، أما بداية الذبح لأهل الأمصار تكون بعد صلاة الإمام : 1- لما تقدم من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح : (( من ذبح قبل الصلاة فليعد مكانها أُخرى ومن لم يذبح فليذبح ))
2- قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( من صلى صلاتنا ونسك نُسكنا فقد أصاب النسك ومن ذبح قبل ذلك فشاته شاة لحم )) .
أما غير أهل الأمصار كأهل القرى الذي لا تصلَ فيهم صلاة العيد فيبدأ الذبح عندهم بمقدار وقت الصلاة ، يعني المقدار الذي تمضي فيه وقت الصلاة ثم يحل لهم الذبح بعد ذلك .
أما آخر وقت فالمؤلف يقول : يوم النحر وبعده يومان ، يعني ينتهي الذبح ثاني أيام التشريق قالوا : لأن الرمي في اليوم الثالث ليس واجباً فلا يجوز فيه الذبح .
والصحيح أن الذبح يمتد إلى آخر أيام التشريق لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :(6/118)
(( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى )) وكذلك ورد عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى : ) ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة ألأنعام ( قال : هذه الأيام المعلومات هي يوم النحر وثلاثة أيام بعده .
إذاً شروط الأضحية أربعة شروط :
الشرط الأول : أن تكون من بهيمة الأنعام .
الشرط الثاني : أن تبلغ السن المعتبرة شرعاً .
الشرط الثالث : أن تكون سالمتاً من العيوب .
الشرط الرابع : أن تذبح في الوقت المحدد لذبحها .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وتتعين الإضحية بقوله هذه أضحية ، والهدي بقوله هذا هدي وإشعاره وتقليده مع النية
يتكلم المؤلف هنا عما يحصل به تعيين الأضحية ، وتعيينها يحصل بأحد أمرين :
الأمر الأول : بالقول ، وذلك بأن يقول : هذه أضحية ، يقصد بها إنشاء التعيين وأن يُعيّن أنها أضحية فتقع أضحية .
الأمر الثاني : أن يذبحها بنية الأضحية ، فإذا ذبحها بنية الأضحية كانت أُضحية .
ومن العلماء من قال تتعين بأمر ثالث وهو : النية عند الشراء ، أي إذا اشتراها بنية الأضحية ، وذهب إلى هذا بعض العلماء واختاره شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - .
ماذا نستفيد من تعيين الأضحية ؟
متى ما قلنا أن الأضحية تتعين يعني يتعلق الحكم بعينها ، وإذا تعلق الحكم بعينها فإنه يترتب على ذلك جملة من الأحكام منها :
1- أنه لا يجوز نقل الملك فيها ، فلا يجوز للإنسان أن يبيعها ولا يهبها ، لكن يجوز له أن يبدلها بخيرٍ منها أو أن يشتري خيراً منها بدلاً عنها .
2- أنه لا يجوز له أن يتصرف فيها فيما يخصه فلا يجوز له أن يحنث عليها ، ولا أن يركبها إلا إذا احتاج إلى ذلك ، ولا أن يحلب لبنها فيما ينقصها أو يضر بولدها ، ولا أن يجز صوفها إلا إذا كان ذلك انفع لها .(6/119)
3- إذا تعيّبت عيباً يمنع من الإجزاء أو ضاعت أو سُرقت أو تلفت بأي نوع من أنواع التلف فإن كان عن تفريط منه فإنه يضمنها وإن كان بغير تفريط فإنه لا يضمن .
أما الهدي فيقول المؤلف يتعين بأحد أمرين :
الأمر الأول : بقوله : هذا هديٌ ، ويقصد بذلك إنشاء التعيين ، يعني يقصد به أن يجعلها هدياً ففي هذه الحالة تتعين .
الأمر الثاني : أن يشعرها أو يقلدها :
والإشعار هو : شق صفحة سنام الإبل اليمنى حتى تدمى ، ويدل على هذا :
1- ما في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنه - قالت : (( فتلت قلائد هدي - صلى الله عليه وسلم - فأشعرها وقلدها )) .
2- حديث ابن عباس - رضي الله عنه - (( أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلى بذي الحليفة ثم أمر ببدنه فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن ثم سلت الدم بيده )) .
والإشعار خاص بالإبل والبقر دون الغنم لأنها ضعيفة ولأن شعرها وصوفها يستر مكان الإشعار .
التقليد : هو جعل النعال وأفواه القرب وعراها في أعناق الهدي سواءً كان أبلً أو بقرً أو غنمً وقال بعض العلماء لا تقلد الغنم ، والصحيح أنها تقلد لما ثبت في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : (( كنت أفتل قلائد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقلد الغنم )) ، فالغنم تقلد كما يقلد الإبل والبقر وذلك حتى لا تختلط بغيرها ولتعرف من بين سائر الأنعام .
ويقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
ولا يعطي الجزار بأجرته شيئاً منها .
لما ثبت في صحيح مسلم عن علي - رضي الله عنه -قال : (( أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها - وفي رواية : وبجلالها - وألا أُعطي الجزار منها ، وقال : نحن نعطيه من عندنا )) ، ولأن هذه الذبيحة تعينت لله(6/120)
عز وجل وجعلت قربةً لله فلا يجوز بيع شي منها ولا المعاوضة على شيً منها ، لكن يعطيه الإنسان بأمر خارج من عنده ، أما أن يجعل لحمها أو جلودها أو شيً منها عوضاً عن أُجره أو غيرها فلا يجوز .
لكن لو كان هذا الجزار فقيراً ، فهل يجوز أن يعطى منها أو لا ؟ نعم يجوز أن يعطى منها لفقره لا لأجرته ، أو يجوز أن يعطى منها هدية ، لكن أن يعطى من أجل جزارته فلا .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
والسنة أن يأكل ثلث أضحيته ، ويهدي ثلثها ، ويتصدق بثلثها ، وإن أكل أكثر جاز
النصوص في الجملة دلت على أن الإنسان يأكل من الهدي ومن الأضحية ويتصدق ، قال الله تعالى : ) وكلوا منها وأطعموا البآس الفقير وأطعموا القانع والمعتر ( فدلت على أنه في الهدي إطعاماً للمساكين وأنهم يُعطون منها ، فقسمتها إلى قسمين ولهذا قال بعض العلماء : تكون أنصافاً أي نصف يأكله صاحب الأضحية ونصف يعطيه للفقراء وهذا قول عند الشافعية وبعض العلماء قال : تجعل أثلاثاً : ثٌلث يأكله ، وثلث يتصدق به ، وثلث يهديه لمن شاء واستدلوا على ذلك بما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال علقمة : (( أمرني عبدالله - يعني ابن مسعود - أن أقوم على هديه وأن آكل ثلثه وأن أُعطي أهل أخيه عتبة ثلثاً وأن أتصدق بثلث )) ، وكذلك ورد عن ابن عمر أنه قال : (( الهدايا والضحايا : ثلث لك وثلث لأهلك ، وثلث للمساكين )) والمراد : بأهلك يعني الذين لا تنفق عليهم فتهدي لهم .
وقوله : ( وأن أكل أكثر جاز ) لأن توزيعها أثلاثاً ليس على سبيل الوجوب وإنما هو على سبيل الأستحباب ، فلو أكل أكثرها جاز .
مسألة : إذا أكلها كلها ولم يتصدق منها هل يجوز أو لا يجوز ؟
مذهب الحنابلة أنه إذا أكلها كلها فإنه يضمن مقادر أُقية من لحمها لأنه لم يصدق عليه أنه تصدق بشيً منها والله عز وجل قد أمره بأن يطعم الفقراء وأن يطعم القانع والمعتر وأن يطعم البآس والفقير والأمر للوجوب وهذا لم يفعل .(6/121)
وقال الشافعية له أن يأكله كلها .
والصحيح هو أنه يجب عليه أن يطعم من أضحيته .
مسألة : لو أنه لم يأكل من ألأضحية بل تصدق بها كلها ؟ هل يجوز أو لايجوز ؟ أي هل يجب الأكل من ألأضحية أو لا يجب ؟
اختلف العلماء في هذا ، والصحيح أنه لا يجب لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - (( نحر خمسة بدنات ولم يأكل منها شيً وقال : من شاء فليقتطع )) فدل ذلك على أنه ليس بواجب ، أما ألأمر بالأكل الوارد في القران فهو كالأمر بالأكل الوارد في الثمار فإنه ليس للوجوب بل للأستحباب أو للإباحة ، ويصرح المؤلف أنه للإستحباب .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وله أن ينتنفع بجلدها ولا يبيعه ولا يأكل شيئا منها .
لأن الجلد جزء من الأضحية أو الهدي فله أن ينتفع به كما ينتفع بسائر لحمها وأجزاءها ولكن ليس له أن يبيعه ولا أن يبيع شيئاً منها لما تقدم من أنها قربة لله عز وجل فلا يجوز له أن يبيع شيئاً منها .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فأما الهدي - إن كان تطوعاً - استحب له الأكل منه ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من كل جزور ببضعة فطبخت ، فأكل من لحمها ، وحسا من مرقها ، ولا يأكل من واجب إلا من هدي المتعة والقران .
قول المؤلف : ( إن كان تطوعاً ) هذا القيد يُفهم منه إنه إذا لم يكن تطوعاً لم يجز له أن يأكل منه إلا في هدي القران والمتعة كما صرح بهذا في الأخير ، يعني أن الهدي الذي كان بسبب فعل محظور أو ترك مأمور لا يجوز له أن يأكل منه ، لأنه كفارة وكذلك يدخل تحت هذا العموم أشياء كثيرة سنبينها - إن شاء الله تعالى - .(6/122)
أما قوله : ( يستحب أن يأكل منه ) فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نحر بدنه أمر من كل بدنة ببضعة منها فجعلت في قدر وطبخت فأكل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من لحمها وشرب من مرقها ، كما في صحيح مسلم من حديث جابر : (( أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخذ من كل بدنة جزءً أو قطعة ووضعها في قدر وطبخت فشرب من مرقها وأكل من لحمها )) .
وقوله : ( ولا يأكل من كل واجب ) يدخل تحت هذا ما بسبب محظور أو تركى مأمور فإنه
لا يأكل منه ، ويدخل تحته أيضاً الكفارات ، ويدخل تحته ما تعين على الإنسان بالنذر أو بغيره فإنه لا يأكل منه ، إلا دم المتعة والقران فإنه يأكل منه لأنه دم شكران وليس دم جبران
باب العقيقة
العقيقة لغةً : فعيلة من العق وهو القطع ومنه عقوق الوالدين أي قطعهما .
أما العقيقة شرعاً : فهي الذبيحة التي تذبح عن المولود .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وهي سنة ، عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة .
قوله : (( وهي سنة )) يحتمل احتمالين : يحتمل أنه اراد أنها مشروعة ، ويحتمل أنه أراد السنة المقابلة للواجب ، لأن السنة تطلق على عدة إطلاقات تطلق على السنة المقابلة للبدعة يقال : هذا العمل سنة يعني مشروع ، ويقال : هذا العمل بدعة أي ليس بمشروع ، ولهذا يقال أهل السنة وأهل البدعة .(6/123)
فيكون مراد المؤلف حينئذ الرد على الذين ينكرون مشروعية العقيقة ، ويحتمل أن يكون أراد أنها سنة على ما يقابل الواجب ، فأراد المؤلف أن ينفي وجوبها ، فإذا كان المراد الأحتمال الثاني فإنه ظاهرٌ في نفي الوجوب ، وأما إذا كان الأول فإنه لا يدل على نفي الوجوب ، ولهذا لو قال الإنسان في أمر أنه سنة وأراد المعنى الأول فإنه يشمل المستحب والواجب ، وأما المعنى الثاني فإنه لا يشمل إلا الواجب ، وأحياناً تطلق السنة على ما كان عليه العمل في الصدر الأول في عصر السلف فيقال : هذا سنة ، يعني عمل به الصحابة والتابعون ومن بعدهم من سلف الامة .
والأقراب هو الأحتمال الثاني أنها مشروعة ومستحبة ، والدليل على مشروعيتها :
1- ما في صحيح البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى )) .
2- ما في السنن من حديث سمرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( كل غلامٍ رهينةٌ بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى ويُحلق رأسه )) .
3- ما في مسند أحمد وسنن أبي داود والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سأُل عن العقيقة فقال : (( لا أُحب العقوق - فكأنه كره الأسم - فقالوا يارسول الله : إنما نسألك عن أحدنا يولد له ولد فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة )) وهو حديث حسن ، فهذا الحديث يدل على أن قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( كل غلام رهينةٌ بعقيقته )) أنه ليس للوجوب بل للأستحباب لأنه قال : (( من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل )) فهذا دليل على الأستحباب .
قوله : ( متكافئتان ) أي متماثلتان سناً وشبهاً .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
تذبح يوم سابعه ، ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه ورقا .(6/124)
قوله : ( تذبح يوم سابعه ) لحديث سمرة المتقدم : (( كل غلامٍ رهينةٌ بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى ويُحلق رأسه )) .
وقوله : (( يتصدق بوزنه ورقا )) أي فضة ، وهذا ورد عند الترمذي والحاكم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (( عقَّ عن الحسن وأمر فاطمة أن تحلق رأسه وأن تتصدق بوزنه ورقا )) .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
فإن فات يوم سابعه ففي أربعة عشر ، فإن فات ففي إحدى وعشرين .
هذا مروي عن عائشة - رضي الله عنها - عند الحاكم وصححه ووافقه الذهبي فهو موقوف عليها ، فمعنى هذا أنه إذا مرت السبعة الأولى ففي السبعة الثانية أو في السبعة الثالثة .
فإذا زاد عن واحد وعشرين هل يعتبر السابع عنه فيقال تذبح في الثامن والعشرين أو في خمس وثلاثين أو في الثاني والأربعون ... أو لا يعتبر ؟ فيه احتمال أنه يعتبر وأحتمال آخر أنه لا يعتبر ، والظاهر أنه لا يعتبر ذلك ، فليس هذا واجباً بل للإنسان أن يذبح قبل السابع وليس شيء في ذلك .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وينزعها أعضاء ولا يكسر لها عظما .
استحباب هذا مروي عن عائشة - رضي الله عنها - فإنه يفعل ذلك تفاؤلاً بسلامة المولود
وليس في هذا دليل مقنع كافي في المسألة ، والظاهر أنه لا بأس بكسر عظمها ، ومسألة التفاؤل مسألة تحتاج إلى توقيف من الشارع في مثل هذه الأمور .
والمراد بقوله : ( ينزعها أعضاء ) : أي ينزعها من المفصل ولا يكسر العظم .
يقول المؤلف - رحمه الله تعالى - :
وحكمها حكم الأضحية فيما سوى ذلك .
فالعقيقة تشترك مع الأضحية في بعض الأحكام وتخالفها في بعض الأحكام :
فتشترك معها في شروطها : فلابد أن تكون من بهيمة الأنعام ، وأن تبلغ السن المعتبرة شرعاً وأن تكون سليمةً من العيوب ، وتشترك معها أيضاً في صفة التوزيع فتوزع أثلاثاً كما توزع الأضحية .(6/125)
وتخالف الأضحية فيما ذكر المؤلف أنه تنزع أعضاء ولا تكسر ، وتخالفها أيضاً أنه لا يشترك في العقيقة يعني لا نذبح جملاً عن سبعة أولاد ، فلو أن إنسان جاء له سبعة أولاد وقال أذبح عنهم جملاً فإن هذا لا يجزئ قالوا لأنها : لم ترد ، ولأن هذه فدية والفدية لا تكون بالبعض .
مسائل :
س1: إذا تجاوز الميقات ولم يحرم بسبب النسيان ثم تذكر وأحرم ، فما الحكم ؟
ج1: النسيان لا أثر له في إسقاط المأمورات ، فمن ترك مأموراً فعليه أن يأتي به - صلى الله عليه وسلم - كما في رواية ابن عمر فرض هذه المواقيت ، فإن أحرم من مكانه وإن كان ناسياً فعليه دم .
س2: شخص أحرم من الميقات بالعمرة ولكنه ذهب إلى جده ثم نزل منها إلى مكة هل يجوز فعله ؟
ج2 : إذا أحرم من الميقات وبقي على إحرامه فإنه لا شيء عليه حتى وإن أخر فترة الإحرام فبقي محرماً عشرة أيام أو أكثر من ذلك لا يضر .
س3: كثيرٌ من الحجاج ينزلون بمطار جده ثم يتجهون إلى المدينة ويمكثون بها عدة أيام قبل الحج ثم يحرمون من ذي الحليفة ، فما حكم ذلك ؟
ج3 : هذا إذا كان يريد عند أول خروجه المدينة ولا يريد الحج منذو قدومه من بلده فهذا ليس عليه إحرام ، فمثل هذا إن كان يريد المدينة ابتداءً فإنه يأتي إلى المدينة ولا شيء عليه وإن كان يريد من هناك مكة أي من بلده يريد مكة للعمرة أو الحج فعليه أن يذهب إليها ويمكن أن يأتي بعمرة ثم يأتي إلى المدينة .
لكن هناك محظور عظيم يقع فيه بعض الحجاج أنه يأتي محرماً ثم يفسخ إحرامه في مطار جده ثم يأتي إلى المدينة فهذا لا ينفسخ إحرامه بل يبقى محرماً فلو أرتكب محظوراً فعليه ما يترتب على ذلك المحظور ، يعني كثيراً من الناس يقع في هذا وهو لا يشعر أن الإحرام(6/126)
لا ينفسخ بفسخ الإنسان له ، قال تعالى: ) وأتموا الحج والعمرة لله ( فلا ينفسخ الحج إلا إذا اشترط في بداية الإحرام : إن حبسه حابس فمحله حيث حبسه ، أو يُحصر عن الحج أو يُتم الحج وأما من تلقاء نفسه فلا يجوز ، فكثير من الناس يقع في هذا الأمر العظيم فبعض الناس يأتي بعمرة ثم ينتظر رفيقه في الطريق فلا يلحق به فيفسخ إحرامه ويرجع هذا من التلاعب بهذه العبادة ، فينبغي على الإنسان ألا يدخل فيها ابتداءً أما أن يدخل فيها ثم لا يتمها فهذا
جهل .
س4: ما الحِكمة من الإحرام لأهل مكة بالحج من منازلهم وبالعمرة من الحل ؟
ج4: الحِكمة من إحرام أهل مكة بالحج من منازلهم لأنهم في الحج يجمعون بين الحل والحرم لأن عرفه من الحل ومنى ومزدلفة من الحرم ، وأما في العمرة لا يجمعون إلا إذا خرجوا إلى الحل ، ولأن العمرة الزيارة ولا يصدق ذلك إلا على مَنْ وفد على البيت من خارج الحرم .
س5: هل يجوز أن ينوي العمرة من الميقات ثم يلبس إحرامه إذا تجاوز الميقات ؟
ج5: هذا أحسن من جهة وأساء من جهة أُخرى فهو أحرم من الميقات ولكنه أتى بمحظور وهو أنه لبس مخيطاً ، فعليه دم ، ولكن إذا كان هذا لابساً ثياباً ليس فيها مخيط فإحرامه صحيح ولا شيء عليه .
س6: ما هي حدود الحل بمكة ؟
ج6: مكة موجود بها علامات ، فمثلاً العمرة من الحل كذلك من جهة عرفة هذه من الحل وأيضاً من جهة الحديبيه فهي من الحل .
س7: شخص أراد الذهاب إلى الطائف لزيارة الأقارب وهو من أهل المدينة ، ثم أراد مكة وأحرم من السيل الكبير ، فما الحكم ؟(6/127)
ج7: هذا إذا كان يريد العمرة من المدينة فلا يجوز له أن يتجاوز الميقات إلا محرماً ، أما إذا كان ليس عنده نية جازمه فيقول مثلاً : أذهب إلى الطائف فإذا وجدت أحداً يوافقني للعمرة اعتمرنا ، أو يقول إن تيسرت الظروف أعتمر أو أحج فهذا يُحرم من السيل الكبير ، أما إذا كانت عنده نية جازمة للعمرة أو الحج من المدينة فلا يتجاوز الميقات إلا محرماً ، ثم يذهب إلى الطائف بإحرامه فلا مانع من ذلك .
س8: إذا أرادت المرأة أن تحج ، فماذا يشترط عليها أن تلبسه ؟
ج8 : المرأة ليس لها لبس تختص به ، يعني في أي لون من الثياب وفي أي شيء من الثياب لها أن تحرم ، لكن لا تغطي وجهها إلا إذا كان هناك أجانب فلها أن تغطي ، ولا تنتقب
ولا تلبس القفازين ( المعروف بالجونتي ) ، المهم أنها ممنوعة من هذا الأمر أما غير ذلك فلها أن تلبس ما شاءت من الثياب .
س9: إذا لم يشترط الإنسان فعاقه عائق فما الحكم ؟
ج9: إذا لم يشترط فإنه يكون كالمحصر ، والمحصر عليه هدي للحرم ويحلق ويحل .
س10: ما حكم من أمسك إحرامه بمجموعة من الأزارير أو بالمشابك ؟
ج10: هذا لا ينبغي لأن هذا في حكم الخياط ، لكن لو كان شيء يشده على إحرامه كالكمر أو غيره الذي يوضع لحفظ المال فهذا لابأس به ، أما غير هذا فلا .
س11 : هل من رجع إلى أهله يكون متمتعاً ويلزمه دم أو لا ؟
ج11 : هذه المسألة فيها خلاف :
من العلماء من قال : من خرج عن مكة مسافة قصر فلا يكون متمتعاً .
ومنهم من قال : إن رجع إلى أهله فإنه لا يكون متمتعاً ، وإن رجع إلى مكان آخر فإنه يكون متمتعاً ، لأنه إذا رجع إلى أهله لم يترفه بترك أحد السفرين بل يكون أتى بسفر للعمرة وسفر للحج ، أما إذا رجع إلى مكان آخر بقي ترفهه بأحد السفرين ، ولعل هذا هو الأظهر - والله تعالى أعلم - .
س12: ما هو الفسخ ؟ وما حكمته ؟(6/128)
ج12 : الفسخ هو أن يفسخ الحج إلى عمرة كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه وقال العلماء حكمة الفسخ أن المشركين كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج ويرونها من أفجر الفجور فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبين فساد هذا الاعتقاد فأمر أصحابه أن يفسخوا الحج إلى عمرة ، ولما قال له سراقة بن مالك - رضي الله عنه - أرايت عمرتنا هذه ألنا خاصة أم للأبد ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إلى الأبد وشبك بين أصابعه )) وقال - صلى الله عليه وسلم - : (( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة )) فدل على أن هذا الحكم ثابت وأن العمرة داخلة في الحج وأنه يجوز فعلها في أشهر الحج .
وبعض العلماء قال : هذا كان واجباً كان في حق الصحابة لأنهم هم الذين عنوا بهذا الأمر وليس واجباً في حق غيرهم ،واختاره شيخ الإسلام .
ومن العلماء من قال : هذا واجب في حق الجميع ، وكان ابن عباس - رضي الله عنه - يرى ذلك ويقول : من طاف بين الصفا والمروة فقد حلًّ شاء أم أبى ، وذهب إلى هذا الظاهرية واختاره ابن القيم - رحمه الله تعالى - .
لكن الصحيح الذي عليه جمهور العلماء - رحمهم الله تعالى - وعليه الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم - أنه يجوز للإنسان أن يُحرم بأي الانساك الثلاثة السابقة شاء .(6/129)
فضل أيام عشر ذي الحجة
---
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين …. وبعد:
فإن من فضل الله ومنته أن جعل لعباده الصالحين مواسم يستكثرون فيها من العمل الصالح، ومن هذه المواسم.
عشر ذي الحجة
وقد ورد في فضلها أدلة من الكتاب والسنة منها:
قال تعالى : (والفجر، وليال عشر). قال ابن كثير رحمه الله: المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم، ورواه الإمام البخاري .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).
وقال تعالى: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) قال ابن عباس: أيام العشر [تفسير ابن كثير].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتحميد) [رواه أحمد].
وكان سعيد بن جبير رحمه الله ـ وهو الذي روى حديث ابن عباس السابق ـ إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه [رواه الدارمي].
وقال ابن حجر في الفتح: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره.
---
ما يستحب فعله في هذه الأيام
الصلاة : يستحب التبكير إلى الفرائض، والإكثار من النوافل، فإنها من أفضل القربات. روى ثوبان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة) [رواه مسلم] وهذا عام في كل وقت.(7/1)
الصيام: لدخوله في الأعمال الصالحة، فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر) [رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي]. قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر أنه مستحب استحباباً شديداً.
التكبير والتهليل والتحميد: لما ورد في حديث ابن عمر السابق، (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). وقال الإمام البخاري رحمه الله: (كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما). وقال أيضاً: (وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً).
وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي قسطاطه، ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً، والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة.
وحري بنا نحن المسلمون أن نحيي هذه السنة التي قد ضاعت في هذه الأزمان، وتكاد تنسى حتى من أهل الصلاح والخير ـ وللأسف ـ بخلاف ما كان عليه السلف الصالح.
---
صيغة التكبير
الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيراً.
الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد
---
صيام يوم عرفة
:يتأكد صوم يوم عرفة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن صوم يوم عرفة: (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) [رواه مسلم]. لكن من كان في عرفة ـ أي حاجاًـ فإنه لا يستحب له الصيام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة مفطراً
---
فضل يوم النحر(7/2)
يغفل عن ذلك اليوم العظيم كثير من المسلمين، وعن جلالة شأنه وعظم فضله الجم الغفير من المؤمنين، هذا مع أن بعض العلماء يرى أن أفضل أيام السنة على الإطلاق حتى من يوم عرفة. قال ابن القيم رحمه الله: (خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر) كما في سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر). ويوم القر هو يوم الاستقرار في منى، وهو اليوم الحادي عشر. وقيل: يوم عرفة أفضل منه؛ لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة، ولأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عبادة، ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف، والصواب القول الأول؛ لأن الحديث الدال على ذلك لا يعارضه شيء.
وسواء كان هو أفضل أم يوم عرفة فليحرص المسلم حاجاً كان أم مقيماً على إدراك فضله وانتهاز فرصته.
---
بماذا تستقبل مواسم الخير؟
حري بالمسلم أن يستقبل مواسم الخير عامة بالتوبة الصادقة النصوح، وبالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، فإن الذنوب هي التي تحرم الإنسان فضل ربه، وتحجب قلبه عن مولاه.
كذلك تستقبل مواسم الخير عامة بالعزم الصادق الجاد على اغتنامها بما يرضي الله عز وجل، فمن صدق الله صدقة الله: (والذين جاهدوا فيينا لنهدينهم سبلنا) [العنكبوت:69].
فيا أخي المسلم احرص على اغتنام هذه الفرصة السانحة قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.
---
أخي المسلم:
الخير كل الخير في اتباع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمور حياتنا، والشر كل الشر في مخالفة هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، لذا أحببنا أن نذكرك ببعض الأمور التي يستحب فعلها أو قولها في ليلة عيد الأضحى المبارك ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، وقد أوجزناها لك في نقاط هي:
التكبير:(7/3)
يشرع التكبير من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الثالث عشر من شهر ذي الحجة، قال تعالى: (واذكروا الله في أيام معدودات) وصفته أن تقول: (الله أكبر الله أكبرن لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) ويسن جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت وأدبار الصلوات، إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره.
ذبح الأضحية:
ويكون ذلك بعد صلاة العيد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح) [رواه البخاري ومسلم]. ووقت الذبح أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة أيام التشريق، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل أيام التشريق ذبح) [انظر: السلسلة الصحيحة برقم 2476].
الاغتسال والتطيب للرجال:
ولبس أحسن الثياب بدون إسراف ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام، أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب، فلا يصح أن تذهب لطاعة الله والصلاة ثم تعصي الله بالتبرج والسفور والتطيب أمام الرجال.
الأكل من الأضحية:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطعم حتى يرجع من المصلى فيأكل من أضحيته [زاد المعاد 1/441].
الذهاب إلى مصلى العيد ماشياً إن تيسر:
والسنة الصلاة في مصلى العيد غلا إذا كان هناك عذر من مطر مثلاً فيصلي في المسجد لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الصلاة مع المسلمين واستحباب حضور الخطبة:
والذي رجحه المحققون من العلماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية أن صلاة العيد واجبة؛ لقوله تعالى: (فصل لربك وانحر) ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدون العيد مع المسلمين حتى الحيض والعوائق، ويعزل الحيض المصلى.
مخالفة الطريق:
يستحب لك أن تذهب إلى مصلى العيد من طريق وترجع من طريق آخر لفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
التهنئة بالعيد:
لثبوت ذلك عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.(7/4)
وأحذر أخي المسلم من الوقوع في بعض الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الناس والتي منها:
* التكبير الجماعي بصوت واحد، أو الترديد خلف شخص يقول التكبير.
* اللهو أيام العيد بالمحرمات كسماع الأغاني، ومشاهدة الأفلام، واختلاط الرجال بالنساء اللاتي لسن من المحارم، وغير ذلك من المنكرات.
* أخذ شيء من الشعر أو تقليم الأظافر قبل أن يضحي من أراد الأضحية لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
* الإسراف والتبذير بما لا طائل تحته، ولا مصلحة فيه، ولا فائدة منه لقول الله تعالى (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) [الأنعام: 141]
---
وختاماً: لا تنس أخي المسلم أن تحرص على أعمال البر والخير من صلة الرحم، وزيارة الأقارب، وترك التباغض والحسد والكراهية، وتطهير القلب منها، والعطف على المساكين والفقراء والأيتام ومساعدتهم وإدخال السرور عليهم.
نسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يفقهنا في ديننا، وأن يجعلنا ممن عمل في هذه الأيام ـ أيام عشر ذي الحجة ـ عملاً صالحاً خالاً لوجهه الكريم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
---
[ الصفحة الرئيسية ] [ كتب إسلامية ] [ أخي الشاب ] [ يا فتاة الإسلام ] [ مواقع إسلامية ] [ مواقع الحوار ] [ مواقع عربية ] [ أطفالنا ] [ أكتب لي ]
---
هل تبحث عن فتوى؟
أكتب في سجل الزوار تصفح سجل الزوار
ابحث في هذا الموقع أو في الانترنت باللغة العربية
Search
Get your own free Search Engine(7/5)
من فقه الإمام الألباني
في مسائل الحج
مستلة من كتاب "نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد"
لعبد اللطيف بن محمد بن أبي ربيع
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله ؛ فلا مضل له، ومن يضلل ؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد :
فهذه فوائد من فقه الإمام الألباني - رحمه الله – حول بعض مسائل الحج، نقلتها من كتاب "نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد"لعبد اللطيف بن محمد بن أبي ربيع - جزاه الله خيراً - ، أسأل الله أن ينفع بها.
باب/ أفضلية الحجّ راكباً
يُذكَر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: { إنَّ للحاج الراكِبِ بكل خَطْوةٍ تَخْطوها راحلته سبعين حسنةً، والماشي بكل خطوةٍ يخطوها سبع مئةِ حسنَةٍ } .
ضعيف. "الضعيفة" برقم (496).
* فائدة:
قلتُ:... وكيف يكون (الحديث) صحيحاً وقد صح أنه - عليه الصلاة والسلام -
حج راكباً، فلو كان الحج ماشيا أفضل؛ لاختاره الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ؛ ولذلك ذهب جمهور العلماء إلى أن الحج راكباً أفضل؛ كما ذَكَره النووي في "شرح مسلم"، وراجع رسالتي "حِجّة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواها جابر - رضي الله عنه –" (ص16) من الطبعة الأولى، والتعليق (16) من طبعة المكتب الإسلامي.
وجوب الإحرام من الميقات
1 - حديث: { من تمام الحج أن تُحْرِمَ من دُوَيْرَةِ أهلِكَ } .
منكر. "الضعيفة" برقم (210).
* فائدة:
وقد روى البيهقي كراهة الإحرام قبل الميقات عن عمر، وعثمان - رضي الله عنهما - وهو الموافق لحكمة تشريع المواقيت.(8/1)
وما أحسن ما ذَكَرَ الشاطبي - رحمه الله - في "الاعتصام" (1/167)، ومن قبله الهروي في "ذم الكلام" (3/54/1) عن الزبير بن بْكَّار قال: حدثني سفيان بن عيينة قال:
(سمعت مالك بن أنس، وأتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الله! من أين أُحرِم؟
قال: من ذي الحليفة، من حيثُ أحْرمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فقال: إني أريد أن أُحْرِم من المسجد من عند القبر.
قال: لا تفعل، فإني أخشَى عليك الفِتنة.
فقال: وأيُّ فتنة في هذهِ؟ إنما هي أميال أزيدها!
قال: وأيُّ فتنة أعْظَمُ من أنْ ترى أنك سبقتَ إلى فضيلةٍ قصَّر عنها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟!
إني سمعتُ الله يقول: { فَلْيَحْذَرِ الذينَ يُخالِفون عنْ أمْرِهِ أنْ تُصيبَهُمْ فِتْنَةٌ أو يُصِيبَهُم عذابٌ أليمٌ } (النور:63)!
فانظر مبلغ أثر الأحاديث الضعيفة في مخالفة الأحاديث الصحيحة والشريعة المستقرة،
ولقد رأيتُ بعض مشايخ الأفغان هنا في دمشق في إحرامه، وفهمت منه أنه أحْرَم من بلده! فلما أنكرتُ ذلك عليه احتج عليَّ بهذا الحديث! ولم يدْرِ المسكين أنه ضعيف لا يُحتَجّ به، ولا يجوز العمل به لمخالفته سنّة المواقيت المعروفة، وهذا مما صرّح به الشوكاني في "السيل الجرّار" (2/168).
2 - يُذكَر عن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
{ مَنْ أهَلَّ بحَجَّةٍ أو عُمْرةٍ من المسجدِ الأقصى إلى المسجد الحرام؛ غُفِرَ له ما تقدمَ من ذنبه وما تأخر، أو وجَبَتْ لهُ الجنة } .
ضعيف. "الضعيفة" برقم (211).
* فائدة:
ثم إن الحديث؛ قال السندي، وتبعه الشوكاني: (يدل على جواز تقديم الإحرام على الميقات).(8/2)
قلتُ: كلا، بل دِلالته أخصّ من ذلك، أعني أنه إنما يدل على أن الإحرام من بيت المقدس خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت، وأما غيره من البلاد؛ فالأصْل الإحرام من المواقيت المعروفة، وهو الأفضلُ؛ كما قرره الصنعاني في "سبل السلام" (2/268-269)، وهذا على فرض صحة الحديث، أما وهو لم يصح كما رأيتَ؛ فبيت المقدس كغيره في هذا الحكم.
باب/ وجوب التمتع في الحج
1 - عن عائشة - رضي الله عنها- قالت:
دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأربع ليال خَلوْنَ أو خمس من ذي الحجة وهو غضبان، فقلتُ: يا رسول الله! من أغضبك أدخله الله النار؟!
فقال: { أما شَعَرْتِ أني أمَرتُهم بأمْرٍ فَهُمْ يترددون، ولو كنتُ استقبلتُ من أمري
ما اسْتَدْبَرْتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ ولا اشتريته حتى أحِلَ كما حلُّوا } .
صحيح. "الصحيحة" برقم (2593).
* فائدة:
قلت: وهذا الحديث مثل أحاديث كثيرة ذكرها ابن القيم في "زاد المعاد"، فيها كلها أَمْره - صلى الله عليه وسلم - المفرِدِين والقارنين الذين لم يسوقوا الهدي بفسخ الحج إلى العمرة، وأَثرتُ هذا منها بالذكر هنا لعزة مخرجه الأول: "مسند إسحاق"، وحكاية عائشة غَضَبه - صلى الله عليه وسلم - بسبب تردّد أصحابه في تنفيذ الأمر بالفسخ، عِلْماً أن ترددهم - رضي الله عنهم - لم يكن عن عصيان منهم، فإن ذلك ليس من عادتهم، وإنما هو كما قال راويه الحكم عند أحمد وغيره: ( كأنهم هابوا )،
وذلك لأنهم كانوا في الجاهلية لا يعرفون العُمْرة في أيام الحج كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: أنهم رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَحِلّ معهم، فظنوا أن في الأمر سَعَة فترددوا، فلما عَرَفوا منه السبب وأكد لهم الأمر بادروا إلى تنفيذه - رضي الله عنهم -.(8/3)
وإذا كان الأمر كذلك فما بال كثير من المسلمين اليوم - وفيهم بعض الخاصة - لا يتمتعون، وقد عَرَفوا ما لم يكن قد عرفه أولئك الأصحاب الكرام في أول الأمر، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض تلك الأحاديث: { دخلت العمرة في الحج إلى يومِ القيامة } ، ألا يخشون أن تصيبهم دعوة عائشة - رضي الله عنها -؟!
2 - يُذكَر عن بلال بن الحارث المزني - رضي الله عنه -؛ أنه قال: قلت: (يا رسول
الله! فَسْخ الحج لنا خاصة؟ أم للناس عامة؟ قال: { بل لنا خاصة } . يعني فسخ الحج إلى العمرة).
ضعيف. "الضعيفة" برقم (1003).
* فائدة:
قال أبو داود في "المسائل" (ص302): (قلتُ لأحمد: حديث بلال بن الحارث في فَسْخ الحج؟ قال: ومن بلال بن الحارث أو الحارث بن بلال؟! ومن روى عنه؟! ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة، وهذا أبو موسى يُفتي به في خلافة أبي بكر، وصدر من خلافة عمر).
وقال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/288): (وأما حديث بلال بن الحارث، فلا يُكتَب،
ولا يُعارض بمثله تلك الأساطين الثابتة.
قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يَرَى للمُهِلّ بالحج أن يفسخ حَجَّة إنْ طاف بالبيت وبين الصفا والمروة.
وقال في المتعة: هو آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: { اجْعلُوا حجكم عُمْرة } (1).
قال عبد الله: فقلتُ لأبي: فحديث بلال بن الحارث في فسخ الحج؟ يعني قوله: { لنا خاصة } قال: لا أقول به، لا يُعرَف هذا الرجل (قلتُ: يعني ابنه الحارث)، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال بن الحارث عندي يثَبْت).
__________
(1) 1 ) : أنظر كتابي "حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواها جابر" (الشيخ).(8/4)
قال ابن القيم: (ومما يدل على صحة قول الإمام أحمد، وأن هذا الحديث لا يصح، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر عن تلك المتعة التي أَمَرهم أن يَفسخوا حجهم إليها أنه لأبد الأبد، فكيف يثبت عنه بَعْدَ هذا أنها لهم خاصة؟! هذا من أمْحل المحال، وكيف يأمرهم بالفسخ، ويقول: { دَخَلَتِ العمرة في الحج إلى يوم القيامة } (1)، ثم يثبت عنه أن ذلك مختص بالصحابة، دون من بعدهم؟ فنحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث هذا لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غلط عليه).
وأما ما رواه مسلم في "صحيحه" وأصحاب "السنن" وغيرهم عن أبي ذر أنّ المتعة في الحج كانت لهم خاصة، فهذا مع كَوْنه موقوفاً، إن أريد به أصل المتعة، فهذا لا يقول به أحد من المسلمين، بل المسلمون متفقون على جوازها إلى يوم القيامة، ولذلك قال الإمام أحمد: (رحِمَ اللهُ أبا ذرّ هي في كتاب الرحمن: { فَمَنْ تمتّع بالعُمرِة إلى الحجَّ } (البقرة: 196)).
وإن أريد به مُتْعة فسخ الحج، احتمل ثلاثةَ وجوه من التأويل، ذَكَرها ابن القيم، فليراجعها من شاء، فإن غرضنا هنا التنبيه على ضعف هذا الحديث الذي يحتج به من لا يذهب إلى أفضلية متعة الحج ويرى الإفراد أو القِرَانَ أفضل، مع أن ذلك خلاف الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة استقصاها ابن القيم في "الزاد" فلتُطلبْ من هناك.
وقال ابن حزم في "المحلى" (7/108):
(والحارث بن بلال مجهول، ولم يخرج أحد هذا الخبر في صحيح الحديث، وقد صح خلافه بيقين، كما أوردنا من طريق جابر بن عبد الله أن سُراقة بن مالك قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة: يا رسولَ الله ألعامنا هذا أم لأبد؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: { بل لأبَد الأبَد } . رواه مسلم).
وبهذه المناسبة أقول:
__________
(1) 2 ) : أنظر المصدر السابق (الشيخ).(8/5)
من المشهور الاستدلال في رد دِلالة حديث جابر هذا وما في معناه على أفضلية التمتع،
بل وُجوبه بما ثبت عن عمر وعثمان من النهي عن مُتعة الحج، بل ثبت عن عمر أنه كان يضرب على ذلك، ورُوي مثله عن عثمان (1)، حتى صار ذلك فتنة لكثير من الناس وصادّاً لهم عن الأخذ بحديث جابر المذكور وغيره، ويَدْعَمون ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: { عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين } ، وقوله: { اقتدوا باللذين من بعدي، أبي بكر وعمر } ، ونحن نجيب عن هذا الاستدلال غَيْرة على السنة المحمدية من وُجوه:
الأول: أن هذين الحديثين لا يراد بهما قطعاً اتباع أحد الخلفاء الراشدين في حالة كونه مخالفاً لسنته - صلى الله عليه وسلم - باجتهاده، لا قصداً لمخالفتها، حاشاه من ذلك، ومن أمثله هذا ما صح عن عمر- رضي الله عنه - أنه كان ينهى من لا يجد الماء أن يتيمم ويصلي (2)!! وإتمام عثمان الصلاة في مِنى مع أن السنّة الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - قَصرُها كما هو ثابت مشهور، فلا يشك عاقل، أنهما لا يُتَّبعان في مثل هذه الأمثلة المخالفة للسنّة، فينبغي أن يكون الأمر هكذا في نَهْيِهما عن المتعة للقطع بثبوت أمْرِه - صلى الله عليه وسلم - بها.
لا يُقال: لعل عندهما علماً بالنهي عنها، ولذلك نَهَيَا عنها، لأننا نقول:
__________
(1) 1 ) : أنظر "المحلى" (7/107) (الشيخ).
(2) : أخرجه الشيخان في "صحيحيهما". فانظر كتابي "مختصر الإمام البخاري"رقم (191) و "صحيح مسلم" (1/193). (الشيخ).(8/6)
قد ثَبَت من طرق أن نهيَهما إنما كان عن رأي واجتهادٍ حادث، فقد روى مسلم (4/46) وأحمد (1/50) عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رُويدَك ببعض فُتياك، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النُّسك بعدُ، حتى لقيه بعدُ، فسأله عمر: قد علمتُ أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعله وأصحابه، ولكن كرِهتُ أن يظلوا مُعَرَّسين بهنّ في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم).
ورواه البيهقي أيضاً (5/20).
وهذا التعليل من عمر - رضي الله عنه - إشارة منه إلى أن المُتعة التي نهى عنها هي التي فيها التحلل بالعمرة إلى الحج كما هو ظاهر، ولكن قد صح عنه تعليل آخر يشمل فيه مُتعة القِرَانَ أيضاً فقال جابر - رضي الله عنه - : تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قام عمر قال: (إن الله كان يُحِلّ لرسوله ما شاء بما شاء، وإن القُرْآن قدْ نَزَل منازله، فأتموا الحج والعمرة لله
كما أمركم الله، فافْصِلوا حجكم عن عُمرتكم؛ فإنه أتمّ لحِجّتكم، وأتمّ لعُمْرتكم).أخرجه مسلم والبيهقي (5/21).
فثبت مما ذكرنا أن عمر - رضي الله عنه - تأول آية من القرآن بما خالف به سنّته - صلى الله عليه وسلم - فأمر بالإفراد، وهو - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، ونهى عمر عن المُتعة، وهو - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بها، ولهذا يجب أن يكون موقفنا من عمر هنا كموقفنا منه في نهيه الجنب الذي لا يجد الماء أن يتيمم ويصلي،
ولا فَرْقَ.
الثاني: أن عمر - رضي الله عنه - قد ورد عنه ما يمكن أن يُؤخَذ منه أنه رجع عن نهيه عن المُتعة. فروى أحمد (5/143) بسند صحيح عن الحسن أن عمر - رضي الله عنه - أراد أن ينهى عن مُتعة الحج، فقال له أُبَيّ: ليس ذاك لك، قد تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،
ولم ينهنا عن ذلك، فأضربَ عنْ ذلك عمر.(8/7)
قلتُ: الحسن - وهو البصري - لم يسمع من أُبَيًّ، ولا من عمر،كما قال الهيثمي(3/236) ولولا ذاك لكان سنده إلى عمر صحيحاً، لكن قد جاء ما يشهد له، فَرَوى الطحاوي في
"شرح المعاني" (1/375) بسند صحيح عن ابن عباس قال: (يقولون: إن عمر - رضي الله عنه - نهى عن المُتعة، قال عمر - رضي الله عنه -: لو اعتمرتُ في عام مرتين ثم حججتُ لجعلتُها مع حِجتي).
رواه من طريق عبد الرحمن بن زياد قال: ثنا شعبة عن سلمة بن كُهيل قال: سمعتُ طاوساً يحدّث عن ابن عباس.
قلتُ: وهذا سند جيد رجاله ثقات معروفون، غير عبد الرحمن بن زياد وهو الرصاصي، قال أبو حاتم: صدوق، وقال أبو زُرعة : لا بأس به. ولم يتفرد به، فقد أخرجه الطحاوي أيضاً من طريق أخرى عن سفيان عن سلمة بإسناده عنه قال: قال عمر: فذكر مثله. وسنده جيد أيضاً، وقد صححه ابن حزم فقال (7/107) في صدد الرد على القائلين بمفضولية المتعة، المحتجين على ذلك بنهي عمر عنها: (هذا خالفه الحنفيون والمالكيون والشافعيون؛ لأنهم متفقون على إباحة مُتعة الحج، وقد صح عن عمر الرجوع إلى القول بها في الحج، رُوَّينا من طريق شُعبة عن سلمة بن كُهيل عن طاوس عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: لو اعتمرتُ في سنة مرتين ثم حججتُ لجعلتُ مع حِجّتي عُمرة. ورُوَّيناه أيضاً من طريق سفيان عن سلمة بن كُهيل به. ورُويناه أيضاً من طُرُق).
فقدْ رَجَع عمر - رضي الله عنه - إلى القول بالمُتعة اتباعاً للسنّة، وذلك هو الظنّ به
- رضي الله عنه - فكان ذلك من جملة الأدلة الدالّة على ضَعْف حديث الترجمة.
والحمد لله رب العالمين.
باب/ يُجتَنَب في العُمرة ما يُجتَنَبُ في الحجّ
عن صفوان بن أمية (عن أبيه)، قال:
جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُتَضَمَّخٌ بالخَلُوق، عليه مقطعات قد أحرم بعمرة، قال: كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي؟ فأنزل الله - عز وجل - : { وأتّموا الحجّ والعُمْرةَ للهِ }(8/8)
(البقرة: 196). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : { أين السائل عن العمرة؟! } .
فقال: (ها) أنا (ذا). فقال: { ألقِ (عنك) ثِيابَكَ واغْتَسِل، واستنقِ ما استطعتَ،
وما كنتَ صانعاً في حجتك، فاصنعه في عمرتك } .
صحيح. "الصحيحة" برقم (2765).
* فائدة:
قال في " الفتح " (3/394):
(قال ابن المُنَيَّر في "الحاشية": قوله: { وأصنع } معناه: اتْرُكْ؛ لأن المراد بيان ما يجتنبه المُحْرِم، فيؤخذ منه فائدة، وهي أن التَّرْك فِعْل).
باب/ نهي المُحْرِمة عن تغطية وجهها بالخِمار
عن عُقْبة بن عامر الجُهنيّ - رضي الله عنها - قال: نَذَرتْ أختي أنْ تمشيَ إلى الكعبة حافية حاسرة، فأتى عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: { ما بالُ هذهِ } ؟ قالوا: نذرتْ أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة!
فقال: { مُروها فَلْتَرْكب وَلْتَخْتَمِرْ (وَلْتَحُحَّ)، (وَلْتَهْدِ هَدْياً) } .
صحيح. "الصحيحة" برقم (2930).
* فائدة:
وفي الحديث فوائد هامة منها:
أنّ إحرام المرأة في وجهها، فلا يجوز لها أن تضرب بخِمَارها عليه، وإنما على الرأس والصدر، فهو كحديث: { لا تنتقب المرأة المُحْرِمة، ولا تلبس القفازين } .أخرجه
الشيخان (1).
باب/ جواز تغطية المحرم وجهه للحاجة
عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
(1) { كان يُخَمرُ وجهه وهو محرم } .
صحيح. "الصحيحة" برقم (2899).
عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أنه
(2) رأىْ عثمان بن عفان بـ (العَرْج) مخمراً وجهه بقطيفة أُرْجُوان في يوم صائف وهو مُحْرِم.
__________
(1) : تنبيه مهم : قال الشيخ الألباني في كتابه "مناسك الحج و العمرة في الكتاب و السنة و آثار السلف"(ص12): (ويجوز للمرأة أن تستر وجهها بشيء كالخمار أو الجلباب تلقيه على رأسها و تسدله على وجهها، و إن كان يمس الوجه على الصحيح، و لكنها لا تشده عليها. كما قال ابن تيمية رحمة الله تعالى) (أبو معاذ السلفي).(8/9)
صحيح. "الصحيحة" تحت حديث الترجمة.
* فائدة:
وإذا عرفت صحة (إسناد الحديث)، فلا تعارض بينه وبين الموقوف على عثمان كما هو ظاهر، إذ لا شيء يمنع من القول بجواز أن عثمان فعل ما يمكن أن يكون - صلى الله عليه وسلم - فعله.
هذا خير من نسبة الخطأ إلى الثقة لمجرد فعل عثمان بما رواه عن النبي- عليه الصلاة والسلام -.
ألا ترى معي أنه لا فرق بين تصويب الدارقطني - رحمه الله - للموقوف على المرفوع، وبين من لو عكس عليه الأمر، فصوب المرفوع على الموقوف. فالحق أن كلا منهما صحيح،
فلا يُعارَضُ أحدهما بالآخر.
وقد جاء آثار كثيرة عن الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين بجواز تغطية المحرم لوجهه للحاجة، وبها استدل ابن حزم في "المحلى" (7/91 - 93) مؤيداً بها الأصل، وخرَّج بعضها البيهقي (5/54).
ولا يخالف ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - فيمن مات مُحْرِماً:
{ اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبه، ولا تُخمروا وجهه ورأسه } .
رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في "الإرواء" (4/198- 199).
فإن هذا حكم خاص فيمن مات مُحْرِماً، وحديث الترجمة في الأحياء، فاختلفا.
أنظر لتمام البحث "المحلى" .
باب/ علة شرعية الرَّمَل في الطواف
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - :
(أن قريشاً قالت: إن محمداً وأصحابه قد وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يثرب، فلما قَدِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العام الذي اعتمر فيه قال لأصحابه:
{ ارمُلوا بالبيت؛ ليرى المشركون قُوَّتَكُمْ } .
فلما رَمَلوا قالت قريش ما وهنتهم).
صحيح. "الصحيحة" برقم (2573).
* فائدة:
قد يقول القائل: إذا كان علة شرعية الرمل إنما هي إراءة المشركين قوة المسلمين، أفلا يقال: قد زالت العلة فيزول شرعية الرمل؟(8/10)
والجواب: لا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رَمَل بعد ذلك في حجة الوداع كما جاء في حديث جابر الطويل وغيره مثل حديث ابن عباس هذا في رواية أبي الطفيل المتقدمة. ولذلك قال ابن حبان في "صحيحه" (6/47 - الإحسان): (فارتفعت هذه العلة، وبقي الرَّمَل فرضاً على أمة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إلى يوم القيامة) .
باب/ تحية البيت - لغير المُحْرِم - ركعتان
حديث: { تحية البيت الطواف } .
لا أصل له. "الضعيفة" برقم (1012).
* فائدة:
قلتُ: ولا أعلم في السنّة القولية أو العملية ما يشهد (لمعنى هذا الحديث)، بل إن عموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضاً، والقول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه، فلا يُقْبَل إلا بعد ثبوته وهيهات، لا سيما وقد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم، فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، { وما جَعلَ عليكم في الدّين مِنْ حَرَج } (الحج: 78).
وإن مما ينبغي التنبّه له أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المُحرِم، وإلا فالسنّة في حقه أن يبدأ بالطواف ثم بالركعتين بعده. انظر بدع الحج والعمرة في رسالتي "مناسك الحج والعمرة" رقم البدعة (37).
باب/ المبيت بالأبطح ليلة التاسع من ذي الحجة
عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (من السنّة النزول بـ (الأبطحِ) عشية النَّفْرِ).
صحيح. "الصحيحة" برقم (2675).
* فائدة:
ولقد بادرت إلى تخريج هذه الحديث فور حصولي على نسخة مصورة من "المعجم الأوسط" لعزته، وقلة من أورده من المخرجين وغيرهم، ولكونه شاهداً قوياً لما رواه مسلم
(4/85) عن نافع أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة.
قلتُ: فكأنّ ابن عمر تلقى ذلك من أبيه - رضي الله عنهما - فتقوى رأيه بهذا الشاهد
الصحيح عن عمر.
وليس بخاف على أهل العلم أنه أقوى في الدلالة على شرعية التحصيب من رأي ابنه؛(8/11)
لِما عُرف عن هذا من توسعه في الاتباع له - صلى الله عليه وسلم - حتى في الأمور التي وقعت منه - صلى الله عليه وسلم - اتفاقاً
لا قصداً، والأمثلة على ذلك كثيرة، وقد ذكر بعضها المنذري في أول "ترغيبه"، بخلاف أبيه عمر كما يدل على ذلك نهيه من اتباع الآثار، فإذا هو جزم أن التحصيب سنة، اطمأن القلب إلى أنه يعني أنها سنة مقصودة أكثر من قول ابنه بذلك، لا سيما ويؤيده ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بِمِنَى: { نحن نازلون غداً بخَيْف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفْر } .
وذلك أن قريشاً وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم
ولا يبايعوهم حتى يسلّموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يعني بذلك التحصيب. والسياق لمسلم.
قال ابن القيم في "زاد المعاد":
(فقصد النبي - صلى الله عليه وسلم - إظهار شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروا فيه شعائر الكفر، والعداوة لله ورسوله. وهذه كانت عادته - صلوات الله وسلامه عليه - : أن يقيم شعار التوحيد في مواضع شعائر الكفر والشرك كما أمر - صلى الله عليه وسلم - أن يُبَنى مسجد الطائف موضع اللات والعزى).
وأما ما رواه مسلم عن عائشة أن نزول الأبطح ليس بسنة، وعن ابن عباس أنه ليس بشيء. فقد أجاب عنه المحققون بجوابين:
الأول: أن المُثبِت مقدّم على النافي.
والآخر: أنه لا منافاة بينهما، وذلك أن النافي أراد أنه ليس من المناسك فلا يلزم بتركه شيء، والمثبت أراد دخوله في عموم التأسي بأفعاله - صلى الله عليه وسلم -، لا الإلزام بذلك.
قال الحافظ عَقِبه (3/471): (ويستحب أن يصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويبيت به بعض الليل كما دل عليه حديث أنس وابن عمر).
قلتُ: وهما في "مختصري لصحيح البخاري" (كتاب الحج/83 - باب و (148 - باب).(8/12)
(الأبطح): يعني أبطح مكة، وهو مسيل واديها، ويجمع على البطاح والأباطح، ومنه قيل: قريش البِطاح، هم الذين ينزلون أباطح مكة وبطحاءها. "نهاية".
و (التحصيب): النزول بـ (المحَصَّب) وهو الشَّعب الذي مَخْرَجُه إلى الأبطح بين مكة ومِنَى. وهو أيضاً (خَيْف بني كنانة) .
باب/ التقاط الجمرات من مِنى لا المزدلفة
عن الفضل بن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس حين دفعوا عشية عرفة وغداة جَمْع: { عليكم بالسَّكِينة } وهو كافٌّ ناقَتَه، حتى إذا دخل مِنى، فهبط حين هبط مُحَسراً قال: { عليكم بحصى الخَذْفِ الذي ترمى به الجمرة } .
قال: والنبي - صلى الله عليه وسلم - يشير بيده كما يخذف الإنسان.
صحيح "الصحيحة" برقم (2144).
* فائدة:
ترجم النسائي لهذا الحديث بقوله: (من أين يلتقط الحصى؟)، فأشار بذلك إلى أن
الالتقاط يكون من مِنى، والحديث صريح في ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرهم به حين هبط مُحسراً، وهو من مِنى كما في رواية مسلم والبيهقي، وعليه يدل ظاهر حديث ابن عباس قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العَقَبة وهو على راحلته: { هات القُطْ لي } ، فلقطتُ لهُ حَصَبات هن حَصَى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: { بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين } .أخرجه النسائي والبيهقي وأحمد
(1/215و247) بسند صحيح.
ووجه دلالته إنما هو قوله: (غَداة العَقَبة) فإنه يعني غداة رمي جمرة العقبة الكبرى، وظاهره أن الأمر بالالتقاط كان في مِنى قريباً من الجمرة، فما يفعله الناس اليوم من التقاط الحَصَبَات في المزدلفة مما لا نعرف له أصلاً في السنة، بل هو مخالف لهذين الحديثين، على
ما فيه من التكلف والتحمل بدون فائدة!
باب/ هل يرمي الحاج الجمار ماشياً؟(8/13)
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: { كان إذا رمى الجمار مشى إليها ذاهباً وراجعاً } .
صحيح. "الصحيحة" برقم (2072).
* فائدة:
قال الترمذي عقب الحديث: (والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وقال بعضهم: يركب يوم النحر ويمشي في الأيام التي بعد يوم النحر، (قال أبو عيسى) وكأنه من قال هذا إنما أراد اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في فعله، لأنه إنما رُوِيَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ركب يوم النحر حيث ذهب يرمي الجمار، ولا يرمي يوم النحر إلا جمرة العقبة).
قلتُ: رميه - صلى الله عليه وسلم - جمرة العقبة راكباً هو في حديث جابر الطويل في "حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -" من رواية مسلم وغيره (ص 82 - الطبعة الثانية)، ولذلك فحديث ابن عمر يُفسَّر على أنه أراد الجمار في غير يوم النحر توفيقاً بينه وبين حديث جابر. والله أعلم.
ثم رأيت ما يؤيد ذلك من رواية عبد الله بن عمر عن نافع بلفظ: (عن ابن عمر أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشياً ذاهباً وراجعاً، ويخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك). أخرجه أبو داود (1969)، وأحمد (2/156)، وفي رواية له (2/114 و 138) :
(كان ابن عمر يرمي جمرة العقبة على دابته يوم النحر، وكان لا يأتي سائرها بعد ذلك
إلا ماشياً ذاهباً وراجعاً، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يأتيها إلا ماشياً ذاهباً وراجعاً).
باب/ رمي جمرة العقبة يُحلّ كل شيء إلا النساء
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
{ إذا رميتم الجمرة؛ فقد حل كل شيء إلا النساء } .
صحيح، "الصحيحة" برقم (239).
* فائدة:
وفي الحديث دلالة ظاهرة على أن الحاج يحلُّ له بالرمي لجمرة العقبة كل محظور من محظورات الإحرام إلا الوطء للنساء؛ فإنه لا يحل له بالإجماع.(8/14)
وما دل عليه الحديث عزاه الشوكاني (5/60) للحنفية والشافعية والعِترة، والمعروف عن الحنفية أن ذلك لا يحلُّ إلا بعد الرمي والحلق، واحتج لهم الطحاوي بحديث عمرة عن عائشة (المتقدم)، ((وهو) مثل حديث ابن عباس هذا، لكن بزيادة { وذبحتم وحلقتم } )، وقد عرفت ضعفه؛ فلا حجة فيه، لا سيما مع مخالفته لحديثها الصحيح { حلّ كل شيء
إلا النساء } الذي احتجت به على قول عمر (" إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات، وذبحتم وحلقتم فقد حلّ لكم كل شيء إلا النساء والطيب ") الموافق لمذهبهم.
نعم؛ ذكر ابن عابدين في "حاشيته" على "البحر الرائق" (2/373) عن أبي يوسف
ما يوافق ما حكاه الشوكاني عن الحنفية؛ فالظاهر أن في مذهبهم خلافاً، وقول أبي يوسف هو الصواب؛ لموافقته للحديث.
ومن الغرائب قول الصنعاني في شرح حديث عائشة الضعيف:
(والظاهر أنه مُجْمَعٌ على حلّ الطيب وغيره - إلا الوطء - بعد الرمي، وإن لم يحلق).
فإن هذا وإن كان هو الصواب؛ فقد خالف فيه عمر وغيره من السلف، وحكى الخلاف فيه غير واحد من أهل العلم؛ منهم ابن رشد في "البداية" (1/295)، فأين الإجماع؟!
لكن الصحيح ما أفاده الحديث، وهو مذهب ابن حزم في "المحلى" (7/139)، وقال: (وهو قول عائشة وابن الزبير وطاوس وعلقمة وخارجة بن زيد بن ثابت).
باب/ لمن تُشرع عمرة التنعيم؟!
1 - عن عبدالرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما -؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له:
{ أَرْدِفْ أختك عائشة فَأَعْمِرها من التنعيم، فإذا هَبَطْتَ الأَكَمَةَ فَمُرْها فَلْتُحْرِم، فإنها عمرة متقبلة } .
صحيح. "الصحيحة" برقم (2626).
* فائدة:
وكذلك (أخرج البخاري ومسلم) من حديث عائشة نفسها وفي رواية لهما عنها قالت:
(فاعتمرت، فقال: { هذه مكان عمرتك } . وفي أخرى: بنحوه قال: (مكان عمرتي التي أدركني الحج ولم أحصل منها). وفي أخرى: (مكان عمرتي التي أمسكتُ عنها). وفي أخرى:
{ جزاءً بعمرة الناس التي اعتمروا } رواها مسلم.(8/15)
وفي ذلك إشارة إلى سبب أمره - صلى الله عليه وسلم - لها بهذه العمرة بعد الحج.
وبيان ذلك:
أنها كانت أهلّت بالعمرة في حجتها مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، إما ابتداءً أو فسخاً للحج إلى العمرة (على الخلاف المعروف) (1)، فلما قدمتْ (سرف) - مكان قريب من مكة -، حاضت، فلم تتمكن من إتمام عمرتها والتحلل منها بالطواف حول البيت، لقوله - صلى الله عليه وسلم - لها - وقد قالت له: إني كنت أهللت بعمرة فكيف أصنع بحجتي؟ قال: { انقضي رأسك، وامتشطي، وأمسكي عن العمرة، وأهلي بالحج، واصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي ولا تصلي حتى تطهري } . (وفي رواية: { فكوني في حجك، فعسى الله أن يرزقكيها } ) - ففعلتْ، ووقفتْ المواقف، حتى إذا طهرتْ طافت بالكعبة والصفا والمروة، وقال لها - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث جابر: { قد حللت من حجك وعمرتك جميعاً } ، فقالت: (يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت، وذلك يوم النفر، فأبت، وقالت: أيرجع الناس بأجرين وأرجع بأجر؟ وفي رواية عنها - يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك واحد؟ وفي أخرى: يرجع الناس (وعند أحمد (6/219): صواحبي، وفي أخرى له (6/165 و 266): نساؤك) بعمرة وحجة، وأرجع أنا بحجة؟
وكان - صلى الله عليه وسلم - رجلاً سهلاً إذا هَوِيَتِ الشيء تابعها عليه، فأرسلها مع أخيها عبد الرحمن، فأهلت بعمرة من التنعيم (2).
فقد تبين مما ذكرنا من هذه الروايات - وكلها صحيحة - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرها بالعمرة عقب الحج بديل ما فاتها من عمرة التمتع بسبب حيضها، ولذلك قال العلماء في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم - المتقدم: { هذه مكان عمرتك } أي: العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلل منها بمكة، ثم أنشأوا الحج مُفْرداً (3).(8/16)
إذا عرفت هذا، ظهر لك جلياً أن هذه العمرة خاصة بالحائض التي لم تتمكن من إتمام عمرة الحج، فلا تشرع لغيرها من النساء الطاهرات، فضلاً عن الرجال.
ومن هنا يظهر السر في إعراض السلف عنها، وتصريح بعضهم بكراهتها، بل إن عائشة نفسها لم يصح عنها العمل بها، فقد كانت إذا حجت تمكث إلى أن يهلَّ المحرم ثم تخرج إلى الجحفة فتحرم منها بعمرة، كما في "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (26/92).
وقد أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (4/344) بمعناه عن سعيد بن المسيب أن عائشة - رضي الله عنها - كانت تعتمر في آخر ذي الحجة من الجحفة.
وإسناده صحيح.
وأما ما رواه مسلم (4/36) من طريق مطر: قال أبو الزبير: فكانت عائشة إذا حجت صنعت كما صنعت مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم -.
ففي ثبوته نظر، لأن مطراً هذا هو الوراق؛ ففيه ضعف من قِبَل حفظه، لا سيما وقد خالفه الليث بن سعد وابن جريج كلاهما عن أبي الزبير عن جابر بقصة عائشة، ولم يذكرا فيها هذا الذي رواه مطر، فهو شاذ أو منكر، فإن صح ذلك فينبغي أن يحمل على ما رواه سعيد بن المسيب، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات العلمية" (ص119):
(يكره الخروج من مكة لعمرة تطوع، وذلك بدعة لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أصحابه على عهده، لا في رمضان ولا في غيره، ولم يأمر عائشة بها، بل أذن لها بعد المراجعة تطييباً لقلبها، وطوافه بالبيت أفضل من الخروج اتفاقاً، ويخرج عند من لم يكرهه على سبيل الجواز).(8/17)
وهذا خلاصة ما جاء في بعض أجوبته المذكورة في "مجموع الفتاوى"(26/252 - 263)، ثم قال (26/264): (ولهذا كان السلف والأئمة ينهون عن ذلك، فروى سعيد بن منصور في "سننه" عن طاوس - أجَلَّ أصحاب ابن عباس - قال: (الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري أيؤجرون عليها أم يعذبون؟ قيل: فَلِمَ يُعذَّبون؟ قال: لأنه يدع الطواف بالبيت، ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء، وإلى أن يجيء من أربعة أميال (يكون) قد طاف مائتي طواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء). وأقره الإمام أحمد. وقال عطاء بن السائب: (اعتمرنا بعد الحج، فعاب ذلك علينا سعيد بن جبير) وقد أجازها آخرون، لكن لم يفعلوها...).
وقال ابن القيم - رحمه الله - في "زاد المعاد" (1/243): (ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - في عُمْرة واحدة خارجاً من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم، وإنما كانت عُمَرُهُ كلها داخلاً إلى مكة، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة، لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجاً من مكة في تلك المدة أصلاً، فالعمرة التي فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشرعها فهي عمرة الداخل إلى مكة، لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر، ولم يفعل هذا على عهد أحد قط إلا عائشة وحدها من بين سائر من كان معه، لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت، فأمرها فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها، فوجدت في نفسها أن ترجع صواحباتها بحج وعمرة مُسْتَقِلَّيْنِ فإنهن كن متمتعات ولم يحضن ولم يَقْرِنَ، وترجع هي بعمرة في ضمن حجتها، فأمر أخاها أن يُعْمِرَها من التنعيم تطييباً لقلبها، ولم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة ولا أحد ممن كان معه) اهـ.
قلتُ: قد يشكل على نفيه في آخر كلامه، ما في رواية للبخاري (3/483 - 484) من طريق أبي نعيم: حدثنا أفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة، - فذكر القصة - ، وفيه:(8/18)
(فدعا عبد الرحمن فقال: { أخرج بأختك الحرم فلتهل بعمرة، ثم افرغا من طوافكما } ).
لكن أخرجه مسلم (4/31 - 32) من طريق إسحاق بن سليمان عن أفلح به؛ إلا أنه
لم يذكر: { ثم أفرغا من طوافكما } . وإنما قال: { ثم لتطف بالبيت } .
فأخشى أن يكون تثنية الطواف خطأ من أبي نعيم، فقد وجدت له مخالفاً آخر عند أبي داود (1/313 - 314) من رواية خالد - وهو الحذّاء - عن أفلح به نحو رواية مسلم، فهذه التثنية شاذة في نقدي؛ لمخالفة أبي نعيم وتفرده بها دون إسحاق بن سليمان وخالد الحذّاء وهما ثقتان حُجّتان.
ثم وجدت لهما متابعاً آخر وهو أبوبكر الحنفي عند البخاري (3/328) وأبي داود.
ويؤيد ذلك أنها لم ترد لفظاً ولا معنى في شيء من طرق الحديث عن عائشة، وما أكثرها في "مسند أحمد" (6/43 و 78 و 113 و 122 و 124 و 163 و 165 و 177 و 191 و 219 و 233 و 245 و 266 و 273)، وبعضها في "صحيح البخاري" (3/297 و 324 و 464 و 477 - 478 و 482 و 4/99 و 8/84)، ومسلم (4/27 - 34)، وكذا لم ترد في حديث جابر عند البخاري (3/478 - 480)، ومسلم (4/35 - 36)، وأحمد (3/309 و 366)، وكذلك لم ترد في حديث الترجمة لا من الوجه المذكور أولاً، ولا من الطريق الأخرى عند الشيخين وغيرهما.
نعم، في رواية لأحمد (1/198) من طريق ابن أبي نجيح أن أباه حدثه أنه أخبره من سمع عبد الرحمن بن أبي بكر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -... فذكره نحوه.
إلا أنه قال: { فأهلا وأقبلا، وذلك ليلة الصدر } ، لكن الواسطة بين أبي نجيح
وعبد الرحمن لم يُسَمَّ، فهو مجهول، فزيادته منكرة، وإن سكت الحافظ في "الفتح" (3/479) على زيادته التي في آخره: { وذلك ليلة الصدر } ، ولعل ذلك لشواهدها. والله أعلم.(8/19)
وجملة القول أنه لا يوجد ما ينفي قول ابن القيم انه لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى عائشة،ولذلك لما نَقَل كلامه مختصراً الحافظ في"الفتح"لم يتعقبه إلا بقوله (3/478): (وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته)!
ومن تأمل ما سقناه من الروايات الصحيحة، وما فيها من بيان سبب أمره - صلى الله عليه وسلم - إياها بذلك؛ تجلى له يقيناً أنه ليس فيه تشريع عام لجميع الحجاج،ولو كان كما توهم الحافظ لبادر الصحابة إلى الإتيان بهذه العمرة في حجته - صلى الله عليه وسلم - وبعدها، فعدم تعبدهم بها، مع كراهة من نص على كراهتها من السلف كما تقدم لأكبر دليل على عدم شرعيتها. اللهم إلا من أصابها ما أصاب السيدة عائشة - رضي الله عنها - من المانع من إتمام عمرتها.والله - تعالى – ولي التوفيق.
وإن مما ينبغي التنبه له أن قول ابن القيم المتقدم: (إنما كانت عُمَرُهُ كلها داخلاً إلى مكة)،
لا ينافيه اعتماره - صلى الله عليه وسلم - من (الجعرانة)، كما توهم البعض؛ لأنها كانت مَرْجِعُه من الطائف، فنزلها، ثم قَسَمَ غنائم حُنَيْن بها، ثم اعتمر منها.
2 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها:
{ طوافك بالبيت، وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك } .
صحيح. "الصحيحة" برقم (1984).
* فائدة:
قلتُ: فالعمرة بعد الحج إنما هي للحائض التي لم تتمكن من الإتيان بعمرة الحج بين يدي الحج، لأنها حاضت، كما علمت من قصة عائشة هذه، فمثلها من النساء إذا أهلت بعمرة الحج كما فعلت هي - رضي الله عنها -، ثم حال بينها وبين إتمامها الحيض، فهذه يشرع لها العمرة بعد الحج، فما يفعله اليوم جماهير الحجاج من تهافتهم على العمرة بعد الحج، مما لا نراه مشروعاً؛ لأن أحداً من الصحابة الذين حجوا معه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعلها.(8/20)
بل إنني أرى أن هذا من تشبه الرجال بالنساء، بل الحُيَّضِ منهن! ولذلك جريت على تسمية هذه العمرة بـ (عمرة الحائض) بياناً للحقيقة.
باب/ كيفية الاستفادة من لحوم الهدايا والضحايا في منى.
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال:
{ كنا نتزوّدُ لحوم الأضاحي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة } .
صحيح. "الصحيحة" برقم (805).
* تنبيه:
لقد شاع بين الناس الذين يعودون من الحج التذمر البالغ مما يرونه من ذهاب الهدايا والضحايا في مِنَى طُعْماً للطيور وسباع الوحوش، أو لقماً للخنادق الضخمة التي تحفرها الجرافات الآلية ثم تقبرها فيها، حتى لقد حمل ذلك بعض المفتين الرسميين على إفتاء بعض الناس بجواز - بل وجوب - صرف أثمان الضحايا والهدايا في مِنَى إلى الفقراء، أو يشتري بها بديلها في بلاد المكلفين بها، ولست الآن بصدد بيان ما في مثل هذه الفتوى من الجَوْر، ومخالفة النصوص الموجبة لِمَا استيسر من الهدي دون القيمة، وإنما غرضي أن أنبه أن التذمر المذكور يجب أن يُعلَم أن المسؤول عنه إنما هم المسلمون أنفسهم، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن، وإنما أذكر هنا سبباً واحداً منها؛ وهو عدم اقتدائهم بالسلف الصالح - رضي الله عنهم - في الانتفاع من الهدايا بذبحها وسلخها وتقطيعها، وتقديمها قِطَعاً إلى الفقراء، والأكل منها، ثم إصلاحها بطريقة فِطْرية؛ كتشريقه وتقديده تحت أشعة الشمس بعد تمليحه، أو طبخه مع التمليح الزائد ليصْلُح للادخار، أو بطريقة أخرى علمية فنية إن تيسرت، لو أن المسلمين صنعوا في الهدايا هذا وغيره مما يمكن استعماله من الأسباب والوسائل؛ لزالت الشكوى بإذن الله، ولكن إلى الله المشتكى من غالب المسلمين الذين يحجون إلى تلك البلاد المقدسة وهم في غاية من الجهل بأحكام المناسك الواجبة؛ فضلاً عن غيرها من الآداب والثقافة الإسلامية العامة. والله المستعان.
باب/ توسيع الكعبة وفتح باب آخر لها(8/21)
عن عائشة - رضي الله عنها -؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها:
{ يا عائشة! لولا أن قومك حديثو عهد بشرك، (وليس عندي من النفقة ما يُقوي على بنائه)؛ (لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، و) لهدمت الكعبة، فألزقتها بالأرض، (ثم لبنيتها على أساس إبراهيم)، وجعلت لها بابين (موضوعين في الأرض)؛ باباً شرقياً (يدخل الناس منه)، وباباً غربياً (يخرجون منه)، وزدت فيها ستة أذرع من الحِجْرِ (وفي رواية: ولأدخلت فيها الحِجْرَ)؛ فإن قريشاً اقتصرتها حيث بنت الكعبة، (فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه؛ فهلمي لأريك ما تركوا منه، فأرها قريباً من سبعة أذرع) } .
(وفي رواية عنها قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجَدْرِ (أي: الحِجْر)؛ أمِنَ البيت هو؟ قال: { نعم } . قلت: فلم لم يدخلوه في البيت؟ قال: { إن قومك قصَّرَتْ بهم النفقة } . قلت: فما شأن بابِهِ مرتفعاً؟ قال: { فعل ذلك قومك ليُدْخِلوا من شاؤوا، ويمنعوا من شاؤوا (وفي رواية: تعززاً أن لا يدخلها إلا من أرادوا،فكان الرجل إذا أراد أن يدخلها يَدَعونَه يرتقي؛ حتى إذا كاد أن يدخل؛ دفعوه، فسقط)،ولولا أن قومك حديثٌ عَهْدُهُم في الجاهلية،فأخاف أن تنكر قلوبهم ؛ لَنَظَرْتُ أن أُدخل الجَدْرَ في البيت، وأن أُلْزِقَ بابه بالأرض } ).
(فلما مَلَكَ ابن الزبير، هدمها، وجعل لها بابين) (وفي رواية: فذلك الذي حمل ابن الزبير
على هدمه. قال يزيد بن رومان: وقد شهدت ابن الزبير حين هَدَمَهُ وبناه وأدخل فيه الحِجْرَ، وقد رأيتُ أساس إبراهيم عليه السلام حجارةً مُتلاحِمَةً كأسنمة الإبل مُتلاحِكَةً).
صحيح. "الصحيحة" برقم (43).
* (من فقه الحديث):
يدل هذا الحديث على أمرين:
الأول: أن القيام بالإصلاح إذا ترتب عليه مفسدة أكبر منه؛ وجب تأجيله، ومنه أخذ الفقهاء قاعدتهم المشهورة: (دفع المفسدة قَبْل جَلْب المصلحة).(8/22)
الثاني: أن الكعبة المشرفة بحاجة الآن إلى الإصلاحات التي تضمنها الحديث؛ لزوال السبب الذي من أجله ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وهو أن تنفر قلوب من كان حديث عهد بشرك في عهده - صلى الله عليه وسلم -، وقد نقل ابن بطال عن بعض العلماء: (أن النفرة التي خشيها - صلى الله عليه وسلم - : أن ينسبوه إلى الانفراد بالفَخْر دونهم).
ويمكن حصر تلك الإصلاحات فيما يلي:
1 - توسيع الكعبة وبناؤها على أساس إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، وذلك بضم نحو ستة أذرع من الحِجْر.
2 - تسوية أرضها بأرض الحَرَم.
3 - فتح باب آخر لها من الجهة الغربية.
4 - جعل البابين منخفضين مع الأرض لتنظيم وتيسير الدخول إليها والخروج منها لكل من شاء.
ولقد كان عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قد قام بتحقيق هذا الإصلاح بكامله إبّان حكمه في مكة، ولكن السياسة الجائرة أعادت الكعبة بعده إلى وَضْعها السابق!
وهاك تفصيل ذلك كما رواه مسلم وأبو نعيم بسندهما الصحيح عن عطاء قال:
(لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاها أهل الشام، فكان من أمره ما كان؛ تركه ابن الزبير حتى قدم الناس الموسم؛ يريد أن يجرئهم - أو يُحَربَهُم - على أهل الشام، فلما
صدر الناس؛ قال: يا أيها الناس! أشيروا عليَّ في الكعبة؛ أنْقُضُها ثم أبني بناءها أو أُصْلحُ
ما وَهَى منها؟ قال ابن عباس: فإني قد فُرِقَ لي رأيٌ فيها: أرى أن تصلح ما وَهَى منها، وتَدَع بيتاً أسلم الناس عليه، وأحجاراً أسلم الناس عليها، وبُعِثَ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فقال ابن الزبير: لو كان أحدكم احترق بيتُه ما رضي حتى يُجِدَّه؛ فكيف ببيت ربكم؟!(8/23)
إني مستخيرٌ ربي ثلاثاً، ثم عازم على أمري. فلما مضى الثلاث؛ أجمعَ رأيه على أن ينقضها، فتحاماه الناس أن ينزل بأوّل الناس يصعد فيه أمرٌ من السماء! حتى صَعِدَه رجلٌ، فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء؛ تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض، فجعل ابن الزبير أعمدة، فستر عليها الستور حتى ارتفع بناؤه، وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة تقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فذكر الحديث بالزيادة الأولى، ثم قال): فأنا اليوم أجدَ ما أنفق، ولست أخاف الناس، فزاد فيه خمس أذرع مِن الحِجْر، حتى أبدى أٌسّاً نظر الناس إليه، فبنى عليه البناء، وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعاً، فلما زاد فيه، استقصره، فزاد في طوله عشر أذرع، وجعل له بابين: أحدهما يُدْخَل منه، والآخر يُخْرَجُ منه، فلما قُتِل ابن الزبير، كتب الحجاج إلى عبد المالك يخبره بذلك، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أُس نظر إليه العدول من أهل مكة، فكتب إليه عبد الملك: إنّا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء، أما
ما زاد في طوله، فأقِرَّهُ، وأما ما زاد فيه من الحِجْر، فرُدَّ إلى بنائه، وسدَّ الباب الذي فتحه،
فنقضه وأعاده إلى بنائه).
ذلك ما فعله الحجاج الظالم بأمْر عبد الملك الخاطئ، وما أظن أنه يُسَوغ له خطأه ندمه فيما بعد، فقد روى مسلم وأبو نعيم أيضاً عن عبد الله بن عُبيد؛ قال: (وَفَد الحارث بن عبد الله على عبد الملك بن مروان في خلافته، فقال عبد الملك: ما أظن أبا خُبَيْب (يعني: ابن الزبير) سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمعه منها. قال الحارث: بَلَى؛ أنا سمعته منها.
قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (قلتُ: فذكر الحديث). قال عبدالملك للحارث: أنت سمعتها تقول هذا؟ قال: نعم. فنَكَتَ ساعة بعصاه، ثم قال: ودِدتُ أني تركته وما تحمَّل).(8/24)
وفي رواية لهما عن أبي قَزْعة: (أن عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت؛ إذ قال: قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين؛ يقول سمعتها تقول: (فذكر الحديث) فقال الحارث ابن عبد الله بن أبي ربيعة: لا تقل هذا يا أمير المؤمنين؛ فأنا سمعت أم المؤمنين تحدثُ هذا. قال: لو كنتُ سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن الزبير).
أقول: كان عليه أن يتثبت قبل الهدم، فيسأل عن ذلك أهل العلم؛ إن كان يجوز له الطعن في عبد الله بن الزبير واتهامه بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! وقد تبين لعبد الملك صدقُه
- رضي الله عنه - بمتابعة الحارث إيّاه؛ كما تابعه جماعة كثيرة عن عائشة - رضي الله عنها -، وقد جمعت رواياتهم بعضها إلى بعض في هذا الحديث، فالحديث مستفيض عن عائشة، ولذلك فإني أخشى أن يكون عبد الملك على عِلْم سابق بالحديث قبل أن يهدم البيت، ولكنه تظاهر بأنه لم يسمع به إلاّ من طريق ابن الزبير، فلما جابهه الحارث ابن عبد الله بأنه سمعه من عائشة أيضاً؛ أظهر الندم على ما فَعَل، ولاتَ حين مَنْدَم.
هذا؛ وقد بلغنا أن هناك فكرة أو مشروعاً لتوسيع المطاف حول الكعبة، ونقل مقام إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إلى مكان آخر، فأقترح بهذه المناسبة على المسؤولين أن يبادروا إلى توسيع الكعبة قبل كل شيء، وإعادة بنائها على أساس إبراهيم - عليه السلام ؛ تحقيقاً للرغبة النبوية الكريمة المتجلية في هذا الحديث، وإنقاذاً للناس من مشاكل الزحام على باب الكعبة الذي يُشاهد في كل عام، ومن سيطرة الحارس على الباب، الذي يمنع من الدخول من شاء ويسمح لمن شاء؛ من أجل دريهمات معدودات (1)!
__________
(1) : قلت: ثم بلغنا أنه تحقق المشروع المذكور، فنُقِل المقام إلى مكان بعيد عن الكعبة، ولم يُبنَ عليه، وإنما وضع فوقه صندوق بلوري، بحيث يُرَى المقام من تحته، فلعلهم يحققون أيضاً اقتراحنا هذا، والله الموفق (الشيخ).(8/25)
باب/ مشروعية زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -
1 - عن عاصم بن حُميد السَّكونيّ - رحمه الله - :
أن معاذاً لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، خرج معه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصيه، ومعاذ راكب، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: { يا معاذ! إنك عسى أنْ لا تلقاني بعد عامي هذا، (أ) ولعلك أن تمر بمسجدي (هذا أ) وقبري } .
صحيح، "الصحيحة" برقم (2497).
* (تنبيه):
هذا الحديث استدل به الدكتور البوطي في آخر كتابه "فقه السيرة" على شرعية زيارة قبره
- صلى الله عليه وسلم - التي زعم أن ابن تيمية ينكرها!
ونحن وإنْ كنّا لا نخالفه في هذا الاستدلال، فإنه ظاهر، ولكنّا ننبه القراء بأنّ هذا الزعم باطل وافتراء على ابن تيمية - رحمه الله - فإن كتبه طافحة بالتصريح بشرعيتها، بل وتوسع في بيان آدابها، وإنما ينكر ابن تيمية قَصْدَها بالسفر إليها؛ المعنيّ بحديث: { لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد.. } . الحديث؛ كما كنتُ بيّنتُ ذلك، وبسطتُ القول فيه من أقوال ابن تيمية نفسه في ردي على البوطي المسمى: "دفاع عن الحديث النبوي"، فما معنى إصرار الدكتور على هذه الفِرْية حتى الطبعة الأخيرة من كتابه؟!
الجواب عند القراء الألبَّاء.
2 - حديث:
{ من حج البيت، ولم يزرني؛ فقد جفاني } .
موضوع. "الضعيفة" برقم (45).
* فائدة:
ومما يدل على وضعه أن جفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكبائر؛ إن لم يكن كفراً، وعليه فمن ترك زيارته - صلى الله عليه وسلم - يكون مرتكباً لذنب كبير، وذلك يستلزم أن الزيارة واجبة كالحج، وهذا مما لا يقوله مسلم؛ ذلك لأن زيارته - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت من القُربات، فإنها لا تتجاوز عند العلماء حدود المستحبات، فكيف يكون تاركها مُجافياً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومُعْرِضاً عنه؟!
باب/ هل زُوّار قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة الصحابة؟!(8/26)
1 - حديث: { من حج، فزار قبري بعد موتي؛ كان كمن زارني في حياتي } .
موضوع "الضعيفة" برقم (47).
* فائدة:
واعلم أنه قد جاءت أحاديث أخرى في زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم -، وقد ساقها كلها السبكي في "الشفاء" وكلها واهية، وبعضها أوهى من بعض، وهذا أجودها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الآتي ذكره، وقد تولى بيان ذلك الحافظ ابن عبد الهادي في الكتاب المشار إليه آنفاً بتفصيل وتحقيق لا تراه عند غيره، فليرجع إليه من شاء (1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة" (ص57): (وأحاديث زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - كلها ضعيفة، لا يعتمد على شيء منها في الدين، ولهذا لم يَرْوِ أهل الصحاح والسنن شيئاً منها، وإنما يرويها من يروي الضعاف، كالدارقطني، والبزار،وغيرهما).
ثم ذكر هذا الحديث، ثم قال: (فإن هذا كذبه ظاهر، مخالف لدين المسلمين، فإن من زاره في حياته، وكان مؤمناً به، كان من أصحابه، لا سيما إن كان من المهاجرين إليه، المجاهدين معه، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: { لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أٌحُدٍ ذهباً، ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نَصيفَه } . خرجاه في الصحيحين.
والواحد من بعد الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور بها واجبة كالحج،والجهاد،
والصلوات الخمس، والصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -، فكيف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين (يعني زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم -)، بل ولا شُرِع السفر إليه، بل هو منهي عنه، وأما السفر إلى مسجده للصلاة فيه، فهو مستحب).
* (تنبيه):
يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحى نحوه من السلفيين يمنع من زيارة
__________
(1) : ثم خرَّجْنا بعضها في كتابنا "إرواء الغليل" برقم (1128). (الشيخ).(8/27)
قبره - صلى الله عليه وسلم -، وهذا كذب وافتراء، وليست هذه أول فرية على ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وعليهم، وكل من له اطلاع على كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - واستحبابها إذا لم يقترن بها شيء من المخالفات والبدع، مثل شد الرحال، والسفر إليها، لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: { لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد } .
والمُستثنَى منه في هذا الحديث ليس هو المساجد فقط - كما يظن كثيرون - بل هو كل مكان يُقصَد للتقرب إلى الله فيه، سواء كان مسجداً، أو قبراً أو غير ذلك، بدليل ما رواه
أبو هريرة قال (في حديث له): فلقيت بَصْرة بن أبي بَصْرة الغفاري، فقال: من أين أقبلت؟ فقلتُ: من الطور.
فقال: لو أدركتُكَ قبل أن تخرج إليه ما خرجت! سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: { لا تُعْمَل المطِيُّ إلاّ إلى ثلاثة مساجد... } الحديث.
أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص226).
فهذا دليل صريح على أن الصحابة فَهِموا الحديث على عمومه، ويؤيده أنه لم يُنقَل عن
أحد منهم أنه شد الرحال لزيارة قبر ما، فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة فمن طعن فيه،
فإنما يطعن في السلف الصالح - رضي الله عنهم -
ورحم الله من قال:
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
2 - حديث: { من زارني بعد موتي، فكأنما زراني في حياتي } .
باطل. "الضعيفة" برقم (1021).
* فائدة:
وأما متن الحديث فهو كذب ظاهر، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى-،
ونقلنا كلامه في ذلك عند حديث ابن عمر المشار إليه، فلا نعيده.
ومما سبق تعلم أن ما جاء في بعض كتب التربية الدينية التي تدرّس في سورية تحت عنوان:
(زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -): (أن هذا الحديث رواه الدارقطني وابن السكن والطبراني وغيرهم بروايات مختلفة تبلغ درجة القبول).(8/28)
لم يصدر عن بحث علمي في إسناده، ولا نظر دقيق في متنه، الذي جعل من زار قبره - صلى الله عليه وسلم -، بمنزلة من زراه في حياته،ونال شرف صحبته التي من فضائلها ما تحدَّث عنه - صلى الله عليه وسلم -: { لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسُ محمد بيده، لو أنفق أحدكم مثل جبل أٌحُدٍ ذهباً، ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نَصيفَه } !
فمن كان بينه وبين هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - هذا البَوْن الشاسع في الفضل والتفاوت، كيف يُعقل أن يجعله - صلى الله عليه وسلم - مثل واحد منهم، بمجرد زيارة قبره - صلى الله عليه وسلم -، وهي لا تعدو أن تكون من المستحبات؟!
باب/ زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وما ذُكرِ معها لا يسقط الواجبات الأخرى
حديث: { من حج حجة الإسلام، وزار قبري، وغزا غزوة، وصلَّى عليَّ في المقدس؛
لم يسأله الله فيما افترض عليه } .
موضوع. "الضعيفة" برقم (204).
* فائدة:
قلت: لقد تساهل السخاوي - رحمه الله - (لقوله - بعد إيراده إياه في "القول البديع"
(ص102) ـ: ".. وفي ثبوته نظر ")؛ فالحديث موضوع ظاهر البطلان، فكان الأحرى به أن يقول فيه - كما قال في حديث آخر قبله - : (لوائح الوضع ظاهرة عليه، ولا أستبيح ذِكْره
إلا مع بيان حاله).
ذلك لأنه يوحي بأن القيام بما ذُكِر فيه من الحج والزيارة والغزو يسقط عن فاعله المؤاخذة على تساهله بالفرائض الأخرى، وهذا ضلال، وأيُّ ضلال! حاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينطق بما يُوهِم ذلك، فكيف بما هو صريح فيه؟!(8/29)
في الحث على الحج (1) في28/11/1423هـ
الحمد لله الذي رتب على حج بيته الحرام كل خير جزيل ،وجعل قصده من أجلِّ القربات الموصلة إلى ظله الظليل ،ويسّر أسبابه وهوّن الوصول إليه والسبيل ،وسهله بلطفه وكرمه غاية التسهيل ،وأشهد أن لا إله إلا الله الملك المتفضل بالنعم والعطاء الجزيل ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أكمل الخلق في خلق جميل ،وأسرعهم استجابة إلى أمر ربه ،وإن ترتب عليه مال كثير أو سير طويل ،اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله ،واشكروه على نعمه الظاهرة والباطنة ،والتي ترون منها سهولة الحج إلى البيت الحرام ،الذي فرضه الله على الناس بقوله : "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ،ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " ،هذه الفريضة التي أعلن النداء بها من قبلُ : خليلُ الرحمن عليه الصلاة والسلام الذي استجاب لنداء ربه - عز وجل - القائل : "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " ،وكرر هذه الدعوة إلى أمته كلها الخليل الثاني نبينا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - بقوله : "أيها الناس إن الله فرض عليكم الحج فحجوا " فقال رجل : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : لا ،ولو قلتها لوجبت " الحديث أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ،وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة كما في الصحيحين من حديث ابن عمر ،ولذا صح عن الفاروق - رضي الله عنه - أنه قال : لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من كان له جِدَةٌ (أي غنى) فيضربوا عليه الجزية ،ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين .
__________
(1) من المراجع : 1/خطب السعدي (173) ،خطب شيخنا (473) ،وقد أعيدت الخطبة مع شيء من التعديل والإضافة في 28/11/1423هـ .(9/1)
عباد الله : كيف تطيب نفس مسلم بترك الحج مع قدرته عليه بماله وبدنه ؟! وهو ينفق الكثير من ماله في تهواه نفسه ! وكيف يوفر نفسه عن التعب في الحج ،وهو يرهق نفسه في التعب في أمور دنياه ؟ وكيف يتثاقل الحج وهو لا يجب في العمر إلا مرة واحدة ؟ وكيف يؤخره وهو لا يدري أيستطيع الوصول إليه مرة أخرى بعد عامه أم لا ؟ ألم يسمع هؤلاء بالأحاديث الصحيحة التي أخبر فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - بتلك الفضائل العظيمة التي تحصل للحاج في هذا النسك العظيم ؟ ألم يسمعوا قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " ؟ وقولَه - صلى الله عليه وسلم - : "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " ، ألم يسمعوا قوله - صلى الله عليه وسلم - : "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة ،وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة ،فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ " ومعلوم أنهم لا يريدون إلا عفو الله ومغفرته .(9/2)
فيا لله ...ما أحسن منظر الحجيج وهو للإحرام يلبسون ،وبالتلبية يعجون ،وبأنواع الأدعية والأذكار في تلك المشاعر يلهجون ،وحول بيت ربهم يسعون ويتقربون ،ولحوائج دينهم ودنياهم يسألون ،وبمراضي مولاهم ومحبوباته يقومون ... وما أعظم منظرهم وهم لدماء القربان والهدايا يثجون ،وبالخشوع والخضوع والانكسار يضجون ،ولإحسان الكريم يرجون ويأملون ،وهو الذي لهذه المشاعر دعاهم ،ومنّ عليهم ووفقهم وهداهم ،وهو الذي أوفدهم بتوفيقه وحداهم ،أفتظن مع هذا أن يخيب أم تحسبه يرد سؤالهم ودعاهم ؟ فحاشا جود أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وخير الغافرين ،فإنه ما أوفدهم ووفقهم للقيام بهذا النسك الجليل ليغمرهم بفضله الجزيل ،ولا حثّهم إلى الوصول إلى تلك العرصات إلا لينوع لهم أصناف العطايا والكرامات ،ولا أمرهم بالدعاء والاستجابة إلا ليرتب على ذلك القبول والإجابة والإثابة ، ألم تقف لحظة تأمل ،لتنظر إلى منظر الحجيج ؟
تراهم على الأنضاء شعثا رؤوسهم ... وغبرا وهم فيها أسرُّ وأنعم
وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة ... ولم يَثْنِهمْ لذاتهم والتنعم
يسيرون من أقطارها وفجاجها ... رجالاً وركبانا ولله أسلموا
ولما رأت أبصارهم بيته الذي ... قلوب الورى شوقاً إليه تضرموا
كأنهمُ لم ينصبوا قط قبله ... لأن شقاهم قد ترحل عنهم
فلله كم من عبرة مهراقة ... وأخرى على آثارها لا تقدّم
وقد شرقت عين المحب بدمعها ... فينظر من بين الدموع ويُسْجِمُ
فيا أيها القلب الذي ملك الهوى ... أزمّته حتى متى ذا التلوم
وحتام لا تصحو وقد قرب المدى ... ودانت كؤوس السير والناس نوم(9/3)
فيا عباد الله : بالله عليكم لو دعاكم ملِكٌ من ملوك الدنيا للوفود إليه ،ليهب لكم شيئا من حطام الدنيا ويقربكم إليه ،ولو ذُكر لكم موضوعٌ قريبٌ أو بعيد تربح فيه البضائع وتستفيد ،لسارعتم إلى ذلك مشاة وركباناً ،ولتسابقتم إليه زرافات ووحداناً ،مع قلة حاصل ما يحصل لكم وفنائه ،وتعب كل منكم وعنائه ،والرب قد دعاكم ليحسن قراكم ،ويكرم مثواكم ،ويغفر ذنوبكم ،ويزيل شقاكم ،ويجزل لكم الخيرات ،ويحقق رجاكم ،ويصلح دينكم ودنياكم .
فيا أمة محمد :
أليس فيكم راغب في مشاركة الوافدين لبيت الله هذه الكرامات والإحسان ؟ ألا مشتاق إلى تلك المشاعر العظيمة وما يعطى فيها من الخيرات وإجابة الدعوات والامتنان ؟ ألا تارك لمحبوبات نفسه لمحبة الرحيم الرحمن ؟ فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه في غرف الجنان ...فما أعظم الأسف على من يشاهد الراحلين إلى بيت الله وهو مقيم مع المتخلفين لا عذر له ينفعه عند رب العالمين ،وما أشد الحرمان على من فاتته الأرباح في مواقف البركات ،وأصبح من الخاسرين ،فـ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ،ومن يفعل ذلك ،فأولئك هم الخاسرون ) ،بارك الله لي الله ولكم في الكتاب والسنة ،ونفعنا جميعا بما فيهما من الكتاب والحكمة ،والحمد لله رب العالمين .
الخطبة الثانية
الحمد لله ،وأزكى صلاة وسلام على عبده ورسوله ومصطفاه ،وعلى آله وصحبه ومن والاه ،أما بعد :(9/4)
فاعلموا يا عباد الله أنكم ما زلتم في أشهر حرم ،وأنتم عن قريب تستقبلون عشر ذي الحجة التي هي أفضل أيام الدنيا ،كما في البخاري من حديث ابن عباس - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه العشر ،قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ،فلم يرجع منذ لك بشيء " الله أكبر .. ياله من فضل عظيم لا يفرط فيه إلا محروم ،فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ وأروا الله من أنفسكم خيراً ،واعمروا هذه الأيام بما تستطيعون من أنواع القربات والطاعات ،صلاة ،وصدقة ،وصيام ،وحج ،وعمرة ،وهدي ،وأضاحي ،وتكبير في تلك الأيام ،استجابة لما دلّ حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - .
عباد الله : "من كان له ذبح يذبحه،فإذا أُهلَّ هلال ذي الحجة،فلا يأخذن من شعره ،ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي " هكذا قال نبيكم - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم من حديث أم سلمة - رضي الله عنه - ،ومما ينبغي التنبه له أن هذا الحكم إنما يشمل من أراد أن يضحي بنفسه ،أما من يُضحّى عنه من أهل البيت من زوجات وأولاد ، أو من كان موكلاً على الذبح ولا يريد أن يضحي ،فلا يشملهم هذا النهي ،كما أنه لا بأس للمرأة التي تريد أن تضحي أن تسرح شعرها ،ولا يضرها ما يسقط منه أثناء التسريح .
إخوة الإسلام : إن مما يفرح المسلم أن يرى التزام الناس بهذه الشعيرة ،فيرى إخواناً لنا ممن يحلقون لحاهم ،يمتنعون عن أخذ شعورهم التزاماً لهذا النهي ،ولكن أليس عجيباً وغريباً ـ أيها الناس ـ أن يترك المسلم الشعر شعره لمدة أيام امتثالاً لهذا النهي النبوي ،ثم يعود لمخالفة أمر آخر أصدره الذي أصدر ذلك النهي ؟!(9/5)
إن الذي نهى عن أخذ الشعر هنا هو الذي نهى عن حلق اللحية مطلقاً ،والبعد عن التناقض من سيما العقلاء ،فيا من طابت نفسك بترك الأخذ من شعرك مدة عشر أيام ،ما الذي يمنعك من إطلاقها طاعة لله ورسوله ،وسيرا على الفطرة التي فطر الله عليها الرجال ؟! أسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعا اتباع الشرع المطهر ظاهرا وباطنا .
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية ،وهادي البشرية ،محمد بن عبدالله بن عبدالله بن عبد المطلب ....(9/6)
بسم الله الرحمن الرحيم
فوائد ولطائف حول عشر ذي الحجة
1 ـ التمهيد ج17/ص235
" وقال الليث بن سعد ـ وقد ذكر له حديث سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أهل عليه منكم هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي ـ فقال الليث :
"قد روي هذا ، والناس على غير هذا " اهـ .
2 ـ ابن عبد البر ـ في التمهيد ضعف حديث أم سلمة في النهي عن أخذ الشعر في العشر ، فقال ـ التمهيد ج17/ص236 – 237 ـ :
"حديث قتادة هذا اختلف فيه على قتادة ، وكذلك حديث أم سلمة مختلف فيه ، وفي رواته من لا تقوم به حجة وأكثر أهل العلم يضعفون هذين الحديثين " ، وكان قال قبل ذلك عن حديث أم سلمة - رضي الله عنه - ـ التمهيد ج17/ص234 ـ :
{ففي هذا الحديث إنه لا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يحلق شعرا ولا يقص ظفرا ، وفي حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم حين قلد هديه وبعث به ، وهو يرد حديث أم سلمة ويدفعه .
ومما يدل على ضعفه ووهنه أن مالكاً روى عن عمارة بن عبد الله عن سعيد بن المسيب قال : لا بأس بالإطلاء بالنورة في عشر ذي الحجة .
فترك سعيد لاستعمال هذا الحديث ، وهو راويته ، دليل على أنه عنده غير ثابت ، أو منسوخ وقد أجمع العلماء على أن الجماع مباح في أيام العشر لمن أراد أن يضحي فما دونه أحرى أن يكون مباحا .
ومذهب مالك أنه لا بأس بحلق الرأس وتقليم الأظفار وقص الشارب في عشر ذي الحجة ، وهو مذهب سائر الفقهاء بالمدينة والكوفة .
وقال الليث بن سعد ـ وقد ذكر له حديث سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أهل عليه منكم هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي ـ فقال الليث : قد روي هذا والناس على غير هذا .
وقال الأوزاعي : إذا اشترى أضحتيه بعد ما دخل العشر فإنه يكف عن قص شاربه وأظفاره وإن اشتراها قبل أن يدخل العشر فلا بأس .(10/1)
واختلف قول الشافعي في ذلك : فمرة قال من أراد أن يضحي لم يمس في العشر من شعره شيئا ولا من أظفاره .
وقال في موضع آخر : أحب لمن أراد أن يضحي أن لا يمس في العشر من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي لحديث أم سلمة فإن أخذ من شعره وأظفاره فلا بأس ؛ لأن عائشة قالت كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث .
وذكر الأثرم أن أحمد بن حنبل كان يأخذ بحديث أم سلمة هذا ، فقيل له :
فإن أراد غيره أن يضحي وهو لا يريد أن يضحي ؟
فقال : إذا لم يرد أن يضحي لم يمسك عن شيء ، إنما قال : "إذا أراد أحدكم أن يضحي"
وقال : ذكرت لعبدالرحمن بن مهدي حديث عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث بالهدي وحديث أم سلمة إذا دخل العشر فبقي عبد الرحمن ولم يأت بجواب .
فذكرته ليحيى بن سعيد ، فقال يحيى : ذاك له وجه وهذا له وجه حديث عائشة إذا بعث بالهدي وأقام ، وحديث أم سلمة إذا أراد أن يضحي بالمصر .
قال أحمد : وهكذا أقول .
قيل له : فيمسك عن شعره وأظفاره ؟ قال : نعم ، كل من أراد أن يضحي .
فقيل له : هذا على الذي بمكة ؟
فقال : لا ، بل على المقيم .
وقال : هذا الحديث رواه شعبة ، عن مالك ، عن عمرو بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورواه ابن عيينة عن عبد الرحمن بن حميد ، عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال : وقد رواه يحيى بن سعيد القطان ، عن عبدالرحمن بن حميد هكذا ، ولكنه وقفه على أم سلمة .
قال : وقد رواه محمد بن عمرو ، عن شيخ مالك .
قيل له : إن قتادة يروي عن سعيد بن المسيب أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا اشتروا ضحاياهم أمسكوا عن شعورهم وأظفارهم إلى يوم النحر .
فقال : هذا يقوي هذا ، ولم يره خلافاً ، ولا ضعفه .(10/2)
قال أبو عمر : حديث قتادة هذا اختلف فيه على قتادة ، وكذلك حديث أم سلمة مختلف فيه وفي رواته من لا تقوم به حجة ، وأكثر أهل العلم يضعفون هذين الحديثين .
وقد ذكر عمران بن أنس أنه سأل مالكاً عن حديث أم سلمة هذا ؟
فقال : ليس من حديثي .
قال : فقلت لجلسائه : قد رواه عنه شعبة ، وحدث به عنه ، وهو يقول : ليس من حديثي ؟! فقالوا لي : إنه إذا لم يأخذ بالحديث ، قال فيه : ليس من حديثي .
قال أبو عمر : إن ابن أنس هذا مدني في سن مالك بن أنس ، يكنى أبا أنس ، وليس هو عمران بن أبي أنس أبو شعيب المدني ، وعمران بن أبي أنس أوثق من عمران بن أنس ، فقف على ذلك .
قارن بما في الاستذكار 4/85 ، ففيه فوائد
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار ج4/ص181 :
باب من أوجب أضحية في أيام العشر أو عزم على أن يضحي هل له أن يقص شعره أو أظفاره
" حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا بشر بن ثابت البزاز ، قال : ثنا شعبة ، عن مالك بن أنس ، عن عمرو بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة رضي الله عنها ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "من رأى منكم هلال ذي الحجة ، وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي" .
حدثنا ربيع الجيزي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عمرو بن مسلم أنه قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، أن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فذكر مثله .
قال الليث : قد جاء هذا ، وأكثر الناس على غيره .(10/3)
قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى هذا الحديث ، فقلدوه وجعلوه أصلاً ، وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : لا بأس بقص الأظفار والشعر في أيام العشر لمن عزم على أن يضحي ، ولمن لم يعزم على ذلك ، واحتجوا في ذلك بما قد ذكرناه في كتاب الحج عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبعث بها ، ثم يقيم فينا حلالا ، لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم ، حتى يرجع الناس .
ففي ذلك دليل على إباحة ما قد حظره الحديث الأول (1) ومجيء حديث عائشة رضي الله عنها أحسن من مجيء حديث أم سلمة رضي الله عنها ؛ لأنه جاء مجيئاً متواتراً ، وحديث أم سلمة رضي الله عنها فلم يجئ كذلك بل قد طعن في إسناد حديث مالك ، فقيل : إنه موقوف على أم سلمة رضي الله عنها .
حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا عثمان بن عمر بن فارس ، قال : أخبرنا مالك ، عن عمرو بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة رضي الله عنها ـ ولم ترفعه ـ قالت : من رأى هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي ، فلا يأخذن من شعره ، ولا من أظفاره حتى يضحي .
__________
(1) قلت : وفي كون حديث عائشة دالاً على ما ذكره فيه نظر ، من وجهين :
الأول : أن حديث عائشة مجمل ، ويمكن الجواب عنه بأن يقال : مرادها بما يحرم على المحرم لو كان في مكة أو بقية المشاعر ، ومعلوم أن المحرم يحرم عليه جملة من المحظورات ، لا تحرم على المقيم ولو كان يرسد التضحية ، فالطيب ، ولبس المخيط ... الخ ، كلها لا تحرم على من أراد أن يضحي ، فهذا ما يمكن أن يجاب به عن حديث عائشة رضي الله عنها .
الثاني : أنه لا يوجد في حديث عائشة رضي الله عنها ـ حسب البحث ـ ما يقطع بأن ذلك البعث للهدي كان في عشر ذي الحجة .(10/4)
حدثنا يونس ، قال : أخبرنا بن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن عمرو بن مسلم ، عن سعيد بن مسلم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أم سلمة رضي الله عنها مثله ، ولم ترفعه ، فهذا هو أصل الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها .
فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار .
وأما النظر في ذلك :
فإنا قد رأينا الإحرام ينحظر به أشياء مما قد كانت كلها قبله حلالاً ، منها :
الجماع ، والقبلة ، وقص الأظفار ، وحلق الشعر ، وقتل الصيد ، فكل هذه الأشياء تحرم بالإحرام ، وأحكام ذلك مختلفة :
فأما الجماع : فمن أصابه في إحرامه فسد إحرامه ، وما سوى ذلك لا يفسد إصابته الإحرام ، فكان الجماع أغلظ الأشياء التي يحرمها الإحرام .
ثم رأينا من دخلت عليه أيام العشر ـ وهو يريد أن يضحي ـ أن ذلك لا يمنعه من الجماع ، فلما كان ذلك لا يمنعه من الجماع ـ وهو أغلظ ما يحرم بالإحرام ـ كان أحرى أن لا يمنع مما دون ذلك .
فهذا هو النظر في هذا الباب أيضاً ، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين ، وقد روى ذلك أيضا عن جماعة من المتقدمين .
ثم ساق الطحاوي بأسانيده إلى :
1 ـ عطاء بن يسار ،
2 ـ وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ،
3 ـ وأبي بكر بن سليمان :
كانوا لا يرون بأسا أن يأخذ الرجل من شعره ويقلم أظفاره في عشر ذي الحجة .
4 ـ وقد احتج في ذلك أيضاً بعض أصحابنا بما ... ـ ثم ساق إسناده إلى ـ محمد بن ربيعة قال : رآني عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - طويل الشارب ، وذلك بذي الحليفة ، وأنا على ناقتي ، وأنا أريد الحج ، فأمرني أن أقص من شعري ، ففعلت .
ولا حجة عندنا في هذا ؛ لأنه لا يريد أن يضحي ـ إذا كان يريد الحج ـ فلا حجة في هذا على أهل المقالة الأولى ؛ لأنهم إنما يمنعون من ذلك من أراد أن يضحي .(10/5)
وحجة أخرى تدفع هذا الحديث أن يكون فيه حجة عليهم ، وذلك أنه لم يذكر أن ذلك كان في عشر ذي الحجة ، أو قبل ذلك (1) .
***
قال ابن حزم ـ رحمه الله تعالى ـ في "المحلى" 7/ 369 :
976 ـ مسألة ، قال علي :
ذكرنا في أول كلامنا ههنا في الأضاحي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من أراد أن يضحي أن لا يمس من شعره ولا من أظافره شيئا" ، ولم نذكر اعتراض المخالفين في ذلك بالنسيان فاستدركنا ههنا ما روي عن أم سلمة أم المؤمنين أنها أفتت بذلك .
ثم ساق بإسناده عن سعيد بن أبي عروبة ، عن يحيى بن أبي كثير ، أن يحيى بن يعمر كان يفتي بخراسان : أن الرجل إذا اشترى أضحية ودخل العشر أن يكف عن شعره وأظفاره حتى يضحي .
قال سعيد ـ هو ابن أبي عروبة ـ : قال قتادة : فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب ، فقال : نعم ، فقلت : عمن يا أبا محمد ؟ قال : عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وساق بإسناده إلى سليمان التيمي أنه قال : كان ابن سيرين يكره إذا دخل العشر أن يأخذ الرجل من شعره ، حتى يكره أن يحلق الصبيان في العشر .
وهو قول الشافعي (2) ، وأبي ثور ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي سليمان ، وهو قول الأوزاعي .
وخالف ذلك أبو حنيفة ، ومالك ، وما نعلم لهما حجة أصلاً ، إلا أن بعضهم ذكر ما روينا من طريق مالك ، عن عمارة بن عبد الله بن صياد ، عن سعيد بن المسيب : أنه كان لا يرى بأساً بالاطلاء في العشر ، قالوا : وهو راوي هذا الخبر .
وما روينا من طريق عكرمة ، أنه ذكر له هذا الخبر ، فقال : فهلا اجتنب النساء والطيب ! وما نعلم لهم غير هذا أصلاً ، وهذا كله لا شيء (3)
__________
(1) وهذا الإيراد يورد على حديث عائشة السابق ـ في تقليد الهدي ـ إذ لا يوجد ما يقطع بأن .
(2) هذا أحد قولي الشافعي ، لا كما يوهم كلام ابن حزم أنه ليس عنه إلا قول واحد .
(3) لاحظ أن ابن حزم لم يذكر احتجاجهم بحديث عائشة في فتل القلائد ، وقد سبق .
وفي هذا فائدة ألا يغتر الإنسان بمثل هذه العبارات ، بل يبحث ويتقصى .(10/6)
!
أما الرواية عن سعيد أنه كان لا يرى بأسا بالاطلاء في العشر ، فالاحتجاج به باطل لوجوه :
أولها : أنه لا حجة في قول سعيد ، وإنما الحجة التي ألزمناها الله تعالى ، فهي روايته ، ورواية غيره من الثقات .
وثانيها : أنه قد صح عن سعيد خلافُ ذلك ، مما ذكرنا قبل ، وهو أولى بسعيد .
وثالثها : أنه قد يتأول سعيد في الاطلاء ، أنه بخلاف حكم سائر الشعر ، وأن النهي إنما هو شعر الرأس فقط .
ورابعها : أن يقال لهم : كما قلتم لمّا روى عن سعيد خلاف هذا الحديث الذي روى ، دل على ضعف ذلك الحديث ؛ لأنه لا يدع ما روي إلا لما هو أقوى عنده منه ، فالأولى بكم أن تقولوا : لمّا روى سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه - رضي الله عنهم - خلاف ما روي عن سعيد دل ذلك على ضعف تلك الرواية عن سعيد ؛ إذ لا يجوز أن يفتى بخلاف ما روى ، فهذا اعتراض أولى من اعتراضكم .
وخامسها : أنه قد يكون المراد بقول سعيد في الاطلاء في العشر ، إنما أراد عشر المحرم لا عشر ذي الحجة ، وإلا فمن أين لكم أنه أراد عشر ذي الحجة ؟ واسم العشر يطلق على عشر المحرم ، كما يطلق على عشر ذي الحجة .
وسادسها : أن نقول لعل سعيداً رأى ذلك لمن لا يريد أن يضحي ، فهذا صحيح .
وأما قول عكرمة ففاسد ؛ لأن الدين لا يؤخذ بقول عكرمة ، ورأيه إنما هذا منه قياس والقياس كله باطل .
ثم لو صح القياس ، لكان هذا منه عين الباطل ؛ لأنه ليس إذا وجب أن لا يمس الشعر والظفر بالنص الوارد في ذلك ، يجب أن يجتنب النساء والطيب ، كما أنه إذا وجب اجتناب الجماع والطيب ، لم يجب بذلك اجتناب مس الشعر والظفر .
فهذا الصائم فرضٌ عليه اجتناب النساء ، ولا يلزمه اجتناب الطيب ، ولا مس الشعر والظفر ، وكذلك المعتكف ، وهذه المعتدة يحرم عليها الجماع ، والطيب ، ولا يلزمها اجتناب قص الشعر والأظفار ، فظهر حماقة قياسهم وقولهم في الدين بالباطل .(10/7)
وهذه فتيا صحت عن الصحابة - رضي الله عنهم - ، ولا يعرف فيها مخالف منهم لهم ، فخالفوا ذلك برأيهم ، ورواه مالك مرسلا ، فخالفوا المرسل والمسند وبالله تعالى التوفيق .
والله تعالى أعلم
الجرح والتعديل ج1/ص317
قال ابن أبي حاتم : باب ما ذكر من ورع يحيى بن معين رحمه الله
سمعت أبى يقول : أتيت يحيى بن معين أيام العشر عشر ذي الحجة ، وكان معي شيء مكتوب ـ يعنى تسمية ناقلي الآثار ـ وكنت أسأله خفياً فيجيبنى ، فلما أكثرت عليه قال : عندك مكتوب ؟
قلت : نعم ، فأخذه فنظر فيه ، فقال : أياماً مثل هذا ؟ وذكر الناس فيها ؟
فأبى أن يجيبني ، وقال : لو سألت من حفظك شيئاً لأجبتك ، فأما أن تدونه فإني أكره . انتهى .
قلت ( عمر ) :
رحم الله ابن معين ، وهذا ورع يليق به وبأمثاله من حفاظ السنة ، أبى أن يحدث في أيام العشر بعلم فيه نصيحة وذب ، ولكن ربما خشي أن يتأثر قلبه بذلك في مثل تلك الأيام ، فرحمه الله .(10/8)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحج وآثاره السلوكية
أيها الإخوة الكرام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...إن الحمد لله ...أما بعد:
أما والذي حج المحبون بيته ... ولبّوا له عند المهل وأحرموا
وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعا ... لعزة من تعنوا الوجوه وتسلم
يهلون بالبيداء لبيك ربنا ... لك الملكُ والحمدُ الذي أنت تعلم
دعاهم فلبوه رضاً ومحبة ... فلما دعوه كان أقرب منهمُ
تراهم على الأنضاء شعثا رؤوسهم ... وغبرا وهم فيها أسرُّ وأنعم
وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة ... ولم يَثْنِهمْ لذاتهم والتنعم
يسيرون من أقطارها وفجاجها ... رجالاً وركبانا ولله أسلموا
ولما رأت أبصارهم بيته الذي ... قلوب الورى شوقاً إليه تضرموا
كأنهمُ لم ينصبوا قط قبله ... لأن شقاهم قد ترحل عنهم
فلله كم من عبرة مهراقة ... وأخرى على آثارها لا تقدّم
وقد شرقت عين المحب بدمعها ... فينظر من بين الدموع ويُسْجِمُ
إخوتي الكرام : هذه المحاضرة التي تعقد في هذا الجامع جامع ........... بمدينة .........في ليلة .......... من عام 1420هـ ، تدور حول آثار الحج السلوكية،وإن أردت أن تكون العبارة أدق فهي تتحدث عن بعض آثار الحج السلوكية ،ولعلي في البداية أذكر عناصر هذه المحاضرة وهي :
أولاً : المقصود بعنوان المحاضرة ؟
ثانياً : لماذا الحديث عن الآثار السلوكية ؟
ثالثاً : كيف تكون العبادات مؤثرة في سلوكياتنا عموماً ؟
رابعاً : لماذا لا يجد كثير من الناس آثار العبادات على حياتهم وسلوكهم؟ .
خامساً : بعض آثار الحج السلوكية . أسأل الله تعالى الإعانة والتسديد .
أولاً : ما المقصود بالعنوان ؟(11/1)
يتضح المقصود بأن نأخذ كل كلمة على حدة ، فالآثار جمع أثر ، وهو في اللغة يطلق على معان منها : بقية الشيء ، ويقال : أثّر فيه تأثيراً ، أي ترك فيه أثراً وهذا الذي يعنينا هنا ، فنحن نتحدث عما تتركه عبادة الحج العظيمة من آثار في الحجاج(1) .
أما السلوك فأصله من سلك طريقا ، أو مكاناً يسلكه أي دخل فيه ، ومن ذلك قوله تعالى ( أسلك يدك في جيبك ) أي أدخلها في جيبك،ومنه أيضاً ( كذلك سلكناه في قلوب المجرمين ) أي أدخلنا الكفر والتكذيب،ونظمناه في قلوب أهل الإجرام كما يدخل السلك في الإبرة ، فتشرّبته وصار وصفاً لها (2)،وهكذا الإنسان إذا تحققت فيه آثار العبادات وتحلى بالآداب الشرعية ، وأصبحت أخلاقه انعكاسا لما يعلمه ويعمل به من دين الله عز وجل صح أن يقال له : إن فلاناً سلوكه حسنٌ ، لأنه تشرّب الأخلاق الطيبة ، وانتظمت في تصرفاته حتى أصبحت وصفاً له .
إذاً فالحديث عن بقية الآثار التي تتركها عبادة الحج ، وتؤثر في حياته ... في عباداته ومعاملاته ...في أخلاقه .
أما لماذا الحديث عن الآثار السلوكية ؟ وهو العنصر الثاني : فيمكن أن أجمل الأسباب في النقاط التالية :
__________
(1) القاموس المحيط (435،436) مادة أثر .
(2) ينظر : معجم مقاييس اللغة 3/97 ،ولسان العرب 10/442 مادة سلَكَ،وتفسير ابن كثير والسعدي للآية رقم (200) من سورة الشعراء .(11/2)
أولاً : الحديث عن الآثار السلوكية في الحقيقة حديث عن الأخلاق ؛لأن العرب تقول عن السجية والطبع الملازم للمرء :خلُق (1) ،وهذا معنى كونه سلوكا أي صار سجية ووصفا له ، وليست هذه المحاضرة عن الأخلاق ـ رغم أهميتها ـ إنما المقصود الإشارة إلى أن الأخلاق والسلوك الحسن له أهمية عظيمة وشأن كبير في حياة المسلم ،بل الأخلاق لها شأنها ـ عند جميع الأمم ـ مسلِمها وكافرها،وحسبك أن تعلم أن من أعظم الطرق التي ملك بها النبي - صلى الله عليه وسلم - قلوب الناس في دعوته : سلوكه الحسن ، وتعامله الفذ ، وخلقه العظيم الذي امتدحه الله سبحانه وتعالى به في قوله : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) .
وما أجمل قول الشاعر الذي نبه إلى عظمة شأن الأخلاق حيث يقول :
أيها الطالب فخراً بالنسب *** إنما الناسُ لأم ولأبْ!
هل تراهم خُلقوا من فضة ؟ ***أو حديد أو نحاس أو ذهبْ ؟
أو تَرى فضلهموا في خلْقهم ***هل سوى لحمٍ وعظمٍ وعصبْ ؟
إنما الفضلُ بعقل راجحٍ *** وبأخلاق كرام وأدبْ!
ذاك من فاخرَ في الناس به *** فاق من فاخرَ منهم وغلبْ!
فتبين مما سبق أن الحديث عن الحج وآثاره السلوكية حديث مهم ، لارتباطه بأمر عظيم ألا وهو حسن الخلق ، وسلامة السلوك .
ثانياً : أنه ما من عبادة وإلا وقد رتب الشرع المطهر لها آثاراً على العبد في حياته وهذه الآثار تختلف بحسب مكانة هذه العبادة ومنزلتها من الدين ،كما أنها تختلف باعتبار آخر ألا وهو العابد نفسه،إذ لا ريب أن الناس ليسوا على درجة واحد من العلم والخشية ، وبالتالي ليسوا على درجة واحدة في تعظيم هذه الشعائر ، ولا في درجة الإخلاص والصدق الذي يكون في قلوبهم حين الدخول في العبادة .
__________
(1) القاموس المحيط (1137) مادة خلق .(11/3)
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ "إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحاً فاتهمه،فإن الرب تعالى شكور،يعني لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا،من حلاوة يجدها في قلبه،وقوة وانشراح وقرة عين،فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول"(1)ا هـ .
ولقد برّ في كلامه وصدق رحمه الله ،فقد ثبت في السنة أحاديث كثيرة تؤيد ما قاله منها : ما ثبت في صحيح مسلم عن العباس بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولا " ، ومنها : ما ثبت في الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر
بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار " .
قال بعض أهل العلم : "إنما عبّر بالحلاوة ؛لأن الله شبه الإيمان بالشجرة في قوله تعالى: " مثلا كلمة طيبة " فالكلمة هي كلمة الإخلاص،والشجرة أصل الإيمان،وأغصانها اتباع الأمر واجتناب النهي، وورقها ما يهتم به المؤمن من الخير، وثمرها عمل الطاعات، وحلاوة الثمر جنى الثمرة، وغاية كماله تناهي نضج الثمرة ،وبه تظهر حلاوتها "(2).
__________
(1) نقله عنه ابن القيم في " المدارج " في منزلة المراقبة ، ينظر "تهذيبها " للعزي 1/ 498 ، ط. الرسالة ، وينظر كلام ابن القيم في 1/360 فهو مهم في هذا الموضوع .
(2) فتح الباري 1/77-78 ح(16) .(11/4)
ثالثاً : نتحدث عن الآثار السلوكية لما يلاحظ من وجود الهوة الكبيرة بين العلم والعمل وبين ما يتلقاه الناس ـ إما في حقول التعليم أو عن طريق خطب الجمعة أو المحاضرات أو غيرها من مجالات التلقي ـ وبين التطبيق ، وتبعاً لذلك فإنه يُلاحظ ضعف أو تلاشي آثار العبادات على كثير من المؤدين لها، حتى أصبحت العبادات جسداً بلا روح عند كثير من الناس ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
هاهي الصلاة ـ أيها الإخوة ـ عماد الدين .. أعظم الأركان الخمسة بعد الشهادتين ،والتي لها من المنزلة في الدين ما ليس لغيرها من العبادات ، هذه الصلاة التي قال الله تعالى عنها ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) .. انظر إلى أثرها في أكثر المصلين !! أليس منا من يخرج للتو من صلاة الجمعة وهو مع ذلك يقارف كبيرة أو يصر على صغيرة ، فهو يكذب في الحديث والمعاملة ! ويطلق بصره في الحرام وهو في طريقه لمنزله ! أو يستمع إلى ما حرم الله ! أو يهم بمحرم غليه أو بما يضر إخوانه ؟!.
وقل مثل ذلك عن رمضان الذي انصرم قبل شهرين تقريبا،فأين التالون لكتاب الله تعالى؟وأين المحافظون على الصلاة جماعة؟وأين من يغضون أبصارهم ويحفظون جوارحهم عن المحرمات مخافة أن يؤثر ذلك في تمام أجرهم ؟
وهكذا الحج فكم له من الآثار العظيمة والثمرات الهضيمة ـ والتي هي موضوع حديثنا ـ ومع ذلك ، ورغم كثرة الحجاج ، بل ورغم كثرة حجِّ بعض الناس إلى بيت الله الحرام ، إلا أن المستفيد من الحج ، ومن آثاره قليل ، والله المستعان .(11/5)
رابعاً : من أسباب طرق هذا الموضوع ، أنك ترى كثيراً منا يحرص أن يكون أكله وشربه وأوقات راحته على ما اعتاده ودرج عليه ، فإذا وقع تغيير بسبب غيره تراه يغضب ويحرص على أن يحترم الآخرون عاداته وأوقاته ؛ لأن أكله ونومه حسب عادته مما يشرح نفسه ويريح بدنه ،وهو مع ذلك لا يبذل ولا قليلا من الجهد لتفقد عباداته حتى تحدث أثرا عظيما في شرح نفسه ،وراحة قلبه وبدنه ، وتحقيق مراد الله تعالى منه في تلك العبادة .
إذا علم هذا ، فإن سؤالاً ملحاً قد يطرحه البعض ، ألا وهو :
كيف تكون العبادات مؤثرة في سلوكنا عموماً ؟وهو العنصر الثالث وهذا سؤال مهم جداً، لكن لعلي أذكر بعض النقاط التي إذا تذكرناها كان للعبادات أثرٌ في سلوكنا ،ومن ذلك :
أولاً : قراءة النصوص من الكتاب والسنة الصحيحة ، التي وردت في شأن تلك العبادة التي نفعلها .
ثانياً : بعد جمع النصوص يستعين المسلم في فهمها على كتب التفاسير الموثقة فيما يتعلق بالآيات،وعلى كتب شروح الأحاديث، أو سؤال أهل العلم لفهم ما قد يشكل منها .
ثالثاً : من الوسائل التي تجعل العبادات مؤثرة في سلوك الشخص : استشعار أهمية العبادة ومعناها ،والحكمة منها ،وأن الغاية العظمى من العبادات هو إصلاح القلوب ،ولا يتم لها ذلك إلا بأن تذل وتخضع وتستكين لخالقها ، وتنيب وتعود لربها ، وترهب وترغب لمولاها ،فبذلك يتم صلاح القلب ،ويسعد العبد في دنياه وأخراه ،ولهذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ يقول : من أراد السعادة الأبدية فليزم عتبة العبودية (1) .
__________
(1) نقله ابن القيم عنه في مدارج السالكين ،ينظر :"تهذيبها" 1/368 في آخر كلامه على منزلة التوبة .(11/6)
رابعاً : مطالعة سير وأحوال السلف الصالح ـ رحمهم الله تعالى ـ في تلك العبادة وهذا له أثر عظيم ومشاهد، إذ مع استشعار أن القدوة المطلقة هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي سيرته خير وكفاية ، إلا أن المسلم أيضاً سيزداد خيراً حينما يقرأ في هذا الباب.
يقول ابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ "وقد كان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سمته وهديه لا لاقتباس علمه،وذلك ثمرة علمه: هديه وسمته ،فافهم هذا، وامزج طلب الفقه والحديث بمطالعة سير السلف والزهاد في الدنيا ليكون سبباً لرقة قلبك"(1) ا هـ .
والمقصود أن القارىء في سير السلف الصالح سيمر بمواقف وأخبار تدمع
لها العين،ويرق لها القلب ، سيتذكرها القارىء لها حينما يمر بنفس المواقف التي مروا بها ـ كما سأذكر بعضاً منها في ثنايا الحديث إن شاء الله تعالى ـ فمثلاً في الحج وكذا في مواسم العبادات الأخرى على مدار العام ،يمكن أن يقرأ الإنسان في كتاب " لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف " للحافظ ابن رجب ـ رحمه الله تعالى ـ فإنه جمع في كتابه بين الأحكام والمواعظ بأسلوب متميز ، ويمكن الاستفادة ـ أيضاً ـ من بعض الكتب التي خرجت في هذا الوقت ،اعتنت بالفهرسة الموضوعية لبعض الكتب ،ككتاب " نزهة الفضلاء في تهذيب سير أعلام النبلاء " فالمؤلف وفقه الله جعل في آخر المجلد الثالث فهرساً لما تضمنه المختصر من قصص وأخبار جاءت عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم رحمهم الله تعالى ممن ورد ذكرهم في أصل الكتاب " سير أعلام النبلاء " للذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ .
__________
(1) صيد الخاطر ص (292) .(11/7)
رابعاً :وهو مهم أيضاً ، وقد أشار إليه ابن الجوزي في كلمته السابقة ،وهو أن يصحب الإنسان رفقة صالحة ، فيها طلاب علم أو علماء ـ إن تيسر ذلك ـ ليستفيد منهم في تصحيح عبادته ، وليستفيد مما يلقى من الدروس والمواعظ في رحلة الحج ، ولهذا قال جابر - رضي الله عنه - في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - : فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعمل مثل عمله .
وما سبق في ( ثالثا ورابعا ) يقودنا إلى نقطة هامة في هذا الموضوع ألا وهي أنه ينبغي للإنسان ألا يغفل عن قراءة كتب فيها مواعظ في أيامه كلها ،وخاصة في مواسم العبادات كرمضان والحج ، لأن القلب إذا قسا ـ والعياذ بالله ـ لم يتلذذ بالعبادة ، ولم ينتفع بالمواعظ إلا ما شاء الله .
ومما ينبه إليه هنا أن بعض من منَّ الله عليهم بسلوك طريق الهداية أو حتى طريق طلب العلم الشرعي يغفلون عن هذا الجانب ، إما لانهماكهم في الطلب ، أو ظناً منهم أن هذا من شأن العوام ، وهذا خطأ يجب أن يصحح .
وسبحان الله ! مَن الناسُ بعد محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم ؟ الذين حكى حالهم عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - ـ كما في الصحيحين ـ " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة في الأيام مخافة السآمة علينا " والشاهد أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتعاهد أصحابه - رضي الله عنه - بالوعظ والتذكير بين الحين والآخر .
وهذه لفتة من عالم مجرب، من أئمة العلم والوعظ في نفس الوقت،وهو ابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ حيث يقول :
" رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب ، إلا أن يمزج بالرقائق والنظر في سير السلف الصالحين ؛ لأنهم تناولوا مقصود النقل ، وخرجوا عن مقصود الأفعال المأمور بها إلى ذوق معانيها ، والمراد بها ، وما أخبرتك بهذا إلا بعد معالجة وذوق ... "(1) ا هـ .
__________
(1) صيد الخاطر ص (292) .(11/8)
إذا ما هي أسباب ضعف أثر العبادات علينا ؟ وهو : العنصر الرابع من عناصر هذه المحاضرة .
أشرت قبل قليل إلى بعض الأسباب عند الحديث عن بعض الطرق التي يمكن أن نعملها لكي نجد للعبادة آثاراً على سلوكنا،وأن للعلم أثراً في زيادة تعظيم العبد لشعائر الله التي قال الله فيها (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) .
وفرق كبير ـ أيها الإخوة ـ بين مَن يتلقى تعظيم الشعائر من الاعتياد والنظر لمن حوله من أمه وأبيه أومن المجتمع الذي يحيط به فقط ،وبين من يتلقى تعظيمها غضةً طريةً من نصوص الوحي وسير السلف الصالح ؛لأن تعظيمه حينئذ يكون مبنياً على علم وخشية وإجلال لمستحق التعظيم والإجلال ،ولهذا قال سبحانه ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء ) وهذا مما يستدل به على فضيلة العلم لأنه يدعو إلى خشية الله تعالى ،ولهذا قال بعض السلف " مَن كان بالله أعرف كان منه أخوف " ، فإذا تيقن الإنسان أن هذه الشعيرة من شعائر الله أحدث ذلك له تعظيما لها ،ولهذا نجد بعض العامة يعظمون الشعائر،وتعظيمهم هذا مقرون باليقين الذي لا يخالطه شك بأن هذا دين الله،وأن هذا الشرع صادر عن علم وحكمة،وهذا موجود عند كثير من الناس وهو إيمان مجمل ـ كما يعبر عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بعض كلامه ـ إلا أن أهل العلم ـ وهم على درجات أيضاً ـ يتميزون بالعلم المفصل بكثير من الجزيئات التي تجعل إيمانهم أعظم ،ويقينهم بإحكام هذه الشريعة أكثر ،وأنها صادرة عن علم تام،وحكمة بالغة وأن الأمر كما قال- جل جلاله - ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً )، ولهذا قال الله عز وجل في أواخر سورة الإسراء مخاطباً كل من كذب بالقرآن ومبينا فضيلة أهل العلم ( قل آمنوا به أو لا تؤمنوا ـ أي فليس لله حاجة فيكم ، فإن لله عباداً غيركم ، وهم الذين آتاهم الله العلم النافع ـ إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً(11/9)
ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً ،ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً ).
إذا هذا هو السبب الأول في فقد بعض الناس لآثار العبادات ، وهو قلة العلم بالنصوص الشرعية الواردة في تلك العبادة .
وأرجو ألا يفهم أحد من السامعين أني أحجر تعظيم الحرمات على أهل العلم فحسب فيصاب البعض بالإحباط ،كلا ، فقد أشرت إلى أن من العامة مَن عنده تعظيم ويقين لكنه ليس بمنزلة تعظيم ويقين الذين أوتوا العلم ، وما ذكرته إنما هو إشادة بالعلم وأهله ، وحث على طلب العلم حسب القدرة والطاقة .
ثانياً : من أسباب حرمان آثار العبادات وعدم التلذذ بها :
ضعف الإخلاص لله تعالى والمتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك العبادة ،وهذان الأمران كما أنهما شرطان في قبول العمل،فهما أيضاً مؤثران تأثيراً عظيما في الشعور بلذة العبادة وأثرها ،ولهذا ليست العبرة بكثرة العمل،وإنما بحسنه ،كما قال سبحانه ( هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) ولم يقل أكثركم عملاً،والمراد بحسن العمل هو أن يكون خالصاً لله صواباً على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،كما فسره بذلك طائفة من السلف كالفضيل وغيره .
وبقدر ما يكون الإخلاص يعظم الأثر ويزداد النفع، يقول ابن القيم رحمه الله تعالى :
" والأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال وقصد وجه المعبود وحده دون شيء من الحظوظ سواه ،حتى تكون صورة العملين واحدة ،وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله ،وتتفاضل أيضاً بتجريد المتابعة ،فبين العملين من الفضل ، بحسب ما يتفاضلان به في المتابعة ، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلاً لا يحصيه إلا الله تعالى "(1) ا هـ كلامه رحمه الله تعالى .
__________
(1) ينظر تهذيب مدارج السالكين 1/300 .(11/10)
والشاهد من كلامه ـ رحمه الله ـ أن الأعمال إذا كان يقع بينها هذا التفاضل بسبب ما بينها من التجريد والمتابعة ، فلا بد أن تكون آثارها كذلك ؛ لأن الآثار ـ في الحقيقة ـ فرع عن سلامة الأعمال من محبطاتها أو منقصات أجرها .
ثالثاً : من أسباب حرمان آثار العبادات وعدم التلذذ بها :
اقتراف الذنوب والمعاصي ، ولله ! كم لهذا السبب من أثر عميق في محق البركات السماوية والأرضية ، ومن أعظم البركات التي تمحقها الذنوب محق بركة العبادة وفقد آثارها ، وحرمان لذتها ؟! يقول الله - عز وجل - :"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس؛ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون "،ويقول سبحانه :"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض،ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون "،وقد تواترت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التي تدل على أن ما أصاب ويصيب الأمم الغابرة واللاحقة من نقص الدين والدنيا إنما هو بسبب الذنوب،ولست بصدد الحديث عن آثار الذنوب والمعاصي ، ولكنها إشارات عابرة ، وأحيل الإخوة في هذا إلى الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ [ومن أحيل على مليء فليحتل ]في كتابه " الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي " فلقد أجاب وكفى .
سئل وهيب بن الورد ـ رحمه الله ـ:أيجد لذة الطاعة من يعصي ؟ قال:ولا من همّ فإذا كان هذا أثر الهم بالمعصية فما الظن باقترافها والولوغ فيها والإصرار عليها ؟! .(11/11)
واستمع إلى كلام من نوّر الله بصائرهم بهذه الأمور ، فعرفوا خطورة الذنب الواحد فضلاً عن ذنوب كثيرة .يقول ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ :"وربما كان العقاب العاجل معنويا،كما قال بعض أحبار بني إسرائيل:يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني ؟فقيل له :كم أعاقبك وأنت لا تدري!أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي ؟...إلى أن قال:فرب شخص أطلق بصره فحرم اعتبار بصيرته ،أو لسانه فحرم صفاء قلبه ،أو آثر شبهة في مطعمه فأظلم سره، وحرم قيام الليل وحلاوة المناجاة ،إلى غير ذلك...وهذا أمر يعرفه أهل محاسبة النفس(1) "ا هـ .
ويقول الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ عندما تحدث عن عقوبات الذنوب والمعاصي : "ومن عقوبات الذنوب أنها تضعف في القلب تعظيم الرب جل جلاله ،وتضعف وقاره في قلب العبد ولا بد، شاء أم أبى ،ولو تمكن وقار الله وعظمته من قلب العبد لما تجرأ على معاصيه ... إلى أن قال:فإن عظمة الله تعالى وجلاله في قلب العبد تقتضي تعظيمَ حرماته ،
وتعظيمُ حرماته تحول بينه وبين الذنوب (2) "ا هـ .
والمقصود هنا بيان أثر الذنوب في حرمان لذة العبادة،وآثارها على سلوك الفرد .
ثم أما بعد : فقد آن أن نصل إلى لب المحاضرة ،وبيت القصيد فيها ، ألا وهو ذكر بعض آثار الحج السلوكية ، وهو العنصر الخامس ، فأقول ـ أيها الإخوة ـ قبل أن أتحدث عن هذه الآثار :
لا يخفى أن الحج عبادة من أعظم العبادات ، رتب الشرع عليه ثوابا عظيما لمن كان حجه مبرورا ، كما قال عليه الصلاة و السلام ـ فيما رواه الشيخان ـ " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " ، وعندهما أيضاً أنه - صلى الله عليه وسلم - قال " من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه " .
__________
(1) صيد الخاطر (80) وفي نفس الصفحة تجد كلمة وهيب بن الورد السابقة .
(2) الجواب الكافي ص/ 67 ، ط. دار البيان .(11/12)
وهذه الفضيلة العظيمة إحدى بل هي من أجل المنافع التي أشار إليها تبارك وتعالى بقوله : ( ليشهدوا منافع لهم ) ، وتأملوا ـ أيها الإخوة ـ قوله : ( منافع ) فهي عامة في المنافع الدينية والدنيوية .
والمتأمل في الحج يجد أن أعظم مقاصده هو تحقيق العبودية لله - عز وجل - ،وتوحيدُه بإفراده وحده ـ سبحانه بالعبادة ـ ولهذا لما ذكر الله - عز وجل - جملة من آيات الحج قال: (ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ، فإلهكم إله واحد فله أسلموا ،وبشر المخبتين ) .[الحج :34] .
قال بعض أهل العلم (1) في تفسيره لهذه الآية : " إن أجناس الشرائع وإن اختلفت في بعض التفاصيل فهي متفقة على هذا الأصل وهو ألوهية الله،وإفراده بالعبودية،وترك الشرك به،ولهذا قال ( فله أسلموا )أي:انقادوا واستسلموا له لا لغيره،فإن الإسلامَ له،هو الطريق الموصل إلى دار السلام وهي الجنة " ا هـ .
إن مظاهر التسليم والانقياد في هذه العبادة واضحةٌ جداً ، ولهذه المظاهر أثر عظيم على زيادة الإيمان ، واستقامة السلوك .
إذا عُلِمَ هذا ،فليس من المستغرب أن تكون جميع المظاهر التي يراها المسلم إنما هي نابعة من شجرة التوحيد المباركة ،ولا يمكن أن تنفصل عنه، حتى ما قد يظنه البعض من أنه مظهر اجتماعي أو نحو ذلك ،فإنه عند التأمل فرع من فروع تلك الشجرة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء ،فاجتماع المسلمين،وتآلفهم،وتعارفهم على بعض هو من ثمار الموالاة لأهل ( لا إله إلا الله ) .
والمقصود أن مظاهر التوحيد في الحج كثيرة،تبرز للمسلم في كل موقف من المواقف التي تتصل بنسكه ،ولعلي أبدأ بأول هذه المواقف مع الإشارة إلى بعض آثارها السلوكية :
__________
(1) تفسير ابن سعدي للآية 34 من سورة الحج .(11/13)
1/ عندما يسافر الإنسان إلى البيت الحرام لأداء شعيرة الحج ، ألا يستشعر مِنّة الله عليه وفضلَه ،أن هداه لهذا السفر المبارك في الوقت الذي يسافر فيه البعض من المسلمين يمنة ويسرة لإمضاء إجازة العيد للترويح ، أو لتحصيل شهوة قد تكون محرمة ، أو يسافر إلى بلاد الكفر من غير حاجة أو ضرورة ! وهل يتذكر ـ المسلم ـ نعمة الله عليه أن يسر له السفر والوصول إلى تلك البقاع المقدسة ،في الوقت الذي يتمنى ويشتاق كثير من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الوصول إلى البيت فلا يستطيعون إما لقلة ذات أيديهم أو لغير ذلك من الموانع ؟! ولهذا لما رأى بعض الصالحين الحجاج وقت خروجهم من بلدهم إلى مكة يريدون الحج وقف يبكي ويقول : واضعفاه .. ثم تنفس وقال : هذه حسرة من انقطع عن الوصول إلى البيت ، فكيف تكون حسرة من انقطع عن الوصول إلى رب البيت .
ولعل البعض قرأ قصة ذلك المسلم الذي قدم من الجمهوريات الإسلامية ـ بعد سقوط الشيوعية ـ فلما وصل إلى المسجد الحرام ورأى الكعبة بكى بحرقة ، وأخذ يتذكر ويقول : هذا بيت الله الذي كان يحدثنا عنه والدي ، والذي كان يتحرق شوقاً إلى رؤيته لكنه منع من قبل طواغيت الكفر ، فمات قبل أن يراه .
2/ في لباس الإحرام يتجرد المسلم من اللباس الذي اعتاده ،إلى لباس يستوي فيه الجميع :الغني والفقير، والأمير والحقير، وهو تأكيد لأصل عظيم في هذا الدين ،ألا وهو أن الناس سواء لا فضل لعربي على أعجمي ،ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى :
أرى الناس أصنافا ومن كل بقعة * * *إليك انتهوا من غربة وشتات
تساووا فلا أنساب فيها تفاوت* * *لديك ولا الأقدار مختلفات
وقول الله أبلغ :( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، إن الله عليم خبير ) .(11/14)
هذا المشهد العظيم يبعث في النفس آثاراً عظيمة ،منها : أن توحيد اللباس فيه إشارة إلى توحيد الكلمة،والمقصد، (فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين ) .
ومنها : أن الناس في ميزان العبودية سواء ،الله ربهم وهم عبيده ، فأكرمهم عنده أتقاهم ، وأرفعهم منزلة من زاد ذله لمولاه ،وعَظُمَ انكساره بين يدي ربه ،وكًثُرَ طرقه لباب سيده ،أما مناصب الدنيا فلا وزن لها هنا.
3/ التلبية ، وما أدراك ما لتلبية ؟ التي تستمر مع الحاج منذ تلبسه بالحج إلى أن يرمي جمرة العقبة يوم العيد ، هذا النداء الخالد الذي يعلن فيه العبد استجابته لنداء الله الذي أعلنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما في قوله سبحانه : ( وأذن في الناس بالحج ) هذه التلبية التي قال عنها جابر ـ رضي الله عنه ـ في وصفه لحجة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - :" فأهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتوحيد " ،وتأمل قوله " بالتوحيد " ، وذاك لأمرين :
أحدهما : أن أهل الجاهلية كانوا إذا لبوا قالوا " لبيك لا شريك لك ، إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك " فكانوا يشركون في التلبية .
الثاني : أن هذه الجملة العظيمة اشتملت على أنواع التوحيد الثلاثة :الربوبية والألوهية والأسماء والصفات،فقوله ( الملك لك ) إشارة إلى توحيد الربوبية ،وقوله ( لبيك لا شريك لك ) إشارة إلى الألوهية ، وقوله ( إن الحمد والنعمة لك ) إشارة إلى توحيد الأسماء والصفات .
إذن هي ألفاظ ومعان عظيمة ، فيها ثناء على الله تعالى ،واعتراف باستحقاقه للعبادة وحده سبحانه ،واعتراف بأن النعم كلها من عنده ، وأنه سبحانه هو المستحق للحمد كله ، لهذا ينبغي أن يكون لها آثار على سلوك الحاج ، ومن ذلك :(11/15)
#أن يحمد الله عز وجل على هدايته للتوحيد في الوقت الذي يقع فيه بعض المنتسبين للإسلام في صور من الشرك عظيمة إما لجهلهم ، أو لاعتقادهم أن عملهم هو الدين الحق فزُين ذلك لهم حتى صار دينا لا يتحولون عنه والعياذ بالله ، فليحمد العبد ربه وليعلم أن هدايته محض فضل الله - عز وجل - عليه .
#ومن الآثار أيضا : أن يحمد المسلم ربه أن جعل قلبه مستيقناً يقيناً لا شك فيه بأن الله تعالى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له ،لكمال ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ،وأن ما سوى الله من المعبودات لا يستحق ذلك ، يستحضر العبد ذلك وهو يرى بعض صور الشرك التي يقع فيها بعض الحجاج الجهلة ، ويستحضر المسلم ذلك وهو يتذكر الأمم الكثيرة ـ الغابرة والحاضرة ـ التي وقعت في لوثة الشرك فرأته دينا صوابا ـ عياذا بالله ـ يتذكر وحمد ربه أن عصمه من ذلك ، وهذا يدعوه إلى سؤال الله تعالى الثبات على التوحيد حتى الممات ، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء .
#ومن الآثار أيضاً : أن يكون العبد على وجل وخوف إذا لبى من عدم إجابة تلبيته وقبول حجه ،وهذا الخوف ينبغي أن يدفعه لمزيد الإحسان في العمل ، وفي الوقت نفسه ينبغي أن يحذر من القنوط ، بل يجمع بينهما .
هذه ـ أيها الأخوة ـ إشارة عابرة إلى التلبية وما فيها من معان عظيمة ، والتي ينبغي أن نتذكرها حينما نلبي ، وألا نكون كحال بعض الناس الذي يرددها وكأنه يردد أنشودة من الأناشيد .
ولعل تذكر هذه المعاني ـ أيها الأخوة ـ لعل هذا هو السبب فيما نقل عن بعض السلف أنه كان إذا لبى غلبه تذكره فأغمي عليه ، كما روى ذلك الإمام مالك عن علي بن الحسين ( زين العابدين ) ـ رحمهما الله تعالى ـ أنه أحرم ،فلما أراد أن يلبي قالها فأغمي عليه وسقط من ناقته فهشم رحمه الله .(11/16)
وقد رأيت بنفسي رجلا ـ صحبته في الحج ـ لما أحرم بدأ بالتلبية فغلبه البكاء،وذلك أنه تذكر موقفا وقع لأحد أئمة التابعين وهو محمد بن المنكدر ، وذلك أنه روي عنه أنه لما بدأ في التلبية سكت في منتصفها وقال :أخشى أن أُجاب بغير ما أريد،يعني أنه خشي أن يقال له : لا لبيك ولا سعديك،فغلبه البكاء حتى سقط عن راحلته ـ رحمه الله تعالى ـ .
4/الحاج يفعل في حجه أموراً كثيرة ، لا يدرك لها حكمة سوى تحقيق العبودية والاستسلام لله - عز وجل - ،والمتابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا كله يثمر التقوى ومن ذلك مثلاً :
تقبيل الحجر الأسود ، أمر لا يعلم له المسلم تفسيرا سوى المتابعة المحضة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولهذا كان عمر - رضي الله عنه - يقول ـ كما في الصحيحين ـ :" والله إني لأقبلك،وإني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك "ولله در عمر،فإنه أراد أن يعلم ويربي من تبلغه هذه المقولة أن الأمر محض استسلام ومتابعة :
ـ
أقول ـ أيها الإخوة ـ ومع هذه التساؤلات التي أشرت إليها آنفا،فالمسلم لا يعتريه شك في أن هذه الأعمال هي من صلب أعمال المناسك ،وأنه لو لم يفعلها لم يصح حجه أو نقص أجر حجه ،ولكن ابحث عن أثر هذا الاستسلام في حياة بعض الحجاج خاصة والمسلمين عامة !! وابحث عن هذا الإقدام على الامتثال للأوامر فسترى عجباً .(11/17)
إن من الناس من يبلغه الأمر عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأمور ،فيبدأ في التساؤلات ،وإبداء الإشكالات التي لا تنبئ عن بحث عن الحق أو التماس للحِكَم ، ولكنها تنبئ عن نوع من التردد أو التباطؤ في فعل هذا الأمر أو اجتناب ذاك النهي !!فلماذا هذا النظر إلى الأوامر والنواهي ؟! والله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه : (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ).
5/ يجد المسلم في الحج والعمرة أيضاً أن الإحرام له محظورات يمتنع المسلم منها حال إحرامه ـ رغم أنها من أطيب الطيبات ـ كالطيب ولبس الثياب التي تفصل على الجسم ،وغيرها من المحظورات ،ويلحظ المسلم أيضاً أن الحرم له أحكامه التي تخصه،فلا ينفر صيده،ولا يعضد شوكه ،ولا تحل لقطة الحرم إلا لمنشد ،إلى غير ذلك من الأحكام التي جاءت بها النصوص ، وبسط أهل العلم الكلام عليها ،وأيضاً شُرع للمسلم أن يأتي البيت على أحسن هيئة ، ولباس معظم ـ وهو الإحرام ـ ولا يجوز للحاج أن يخرج من مكة بعد حجه إلا بعد طواف الوداع ما لم يكن معذورا شرعا ، ويلاحظ المسلم أيضاً أن الحج مضبوط بأوقات وأماكن محددة ، لا يجوز أن يتجاوزها المسلم ، فلماذا كل هذا ؟
لا شك أن هذا كله من تعظيم شعائر الله - عز وجل - ، لأن تعظيمها تعظيم لأمر الله ،وهذا يورث في النفس من الاستكانة ،والخضوع ،والاستسلام ،والذل لله ، وانشراح الصدر ما لا يستطيع وصفه أعظم الناس بلاغة وفصاحة ،وهذا ـ والله ـ هو مقصود العبودية الأعظم ،وبه تعلو درجة العبد عند ربه وتمحى عنه آثار الذنوب والمعاصي .(11/18)
ومن ذلك أيضاً أثر سلوكي آخر ألا وهو : قيام عبودية المراقبة لله - عز وجل - ، فالحاج يطوف ويسعى ويرمي الجمار ويبيت بمنى ويقف بعرفة وينصرف منها كل ذلك حسب العدد والزمان والمكان الذي حدده الشرع،ولا يخطر بباله أن يجعل الطواف ثمانية أشواط مثلا،والسعي ـ لأنه طويل ـ سيختصره إلى خمس،أو أنه يفكر في أن يزيد في عدد حصى الجمار ،كلا ،كل ذلك ليس في باله،ولم يحم طائر تفكيره حوله ، فلماذا ؟ لأنه يعلم أن الله تعالى مطلع عليه ، و لأنه يخشى فساد أو نقص حجه ؟
وهذا أثر عظيم ، ودرس كبير ، يبعث المسلم إلى مراقبة ربه - عز وجل - في سائر أعماله وشتى أحواله ، فالمطلع على أحوال الحج مطلع على غيره من الأعمال .
ومن الآثار السلوكية أيضاً : الاعتياد على اغتنام الأوقات ـ رأس مال الإنسان ـ والعلم بأن لكل وقت من أوقات المسلم له وظيفته التي جعلها الله لها .
فهذا الحاج لو فاته الوقوف بعرفة،أو رمى في غير وقت الرمي،أو بات خارج منى ـ بلا عذر ـ أو غيرها من الأعمال ،إما أن يفسد حجه أو ينقص حسب رتبة العمل .
والمقصود من ذلك أن يعود المسلم نفسه على ترتيب وقته ومحاولة اغتنامه ، وعدم تضييعه ، فإن العمر قصير والواجبات كثيرة .
6/ في الحج ،لا تكاد تخطئ عين الحاج مريضاً ،أو محتاجاً ،أو معاقاً ،أو مفترشاً الأرض إلى آخر تلك الصور المتكررة ،والتي تبعث في نفسه شعوراً بأمور ،ينبغي أن تظهر آثارها على سلوكه ، ومن ذلك :
أن يشكر الله تعالى بلسانه وجوارحه ،على أن عافاه مما ابتلى به هؤلاء الناس ، فلئن أبصرت عيناك ـ أيها لمسلم ـ مريضا فلتحمد الله على نعمة الصحة ، وإن وقعت عينك على محتاج فاحمد الله أن أغناك من فضله فلم تحتج،وتمد يدك إلى مخلوق،وإن التفت فرأيت معاقا ،فاحمد الله على إطلاق جوارحك ،وإن رمقت بمقلتك أعمى فاحمد الله على نعمة البصر،وهكذا إن رأيت من يفترش الأرض،فلتحمد الله أن هيأ لك سكنا مريحا تسكن فيه.(11/19)
ومن الآثار : أن يتذكر المسلم برؤيته لهذه المناظر تفاوت الناس يوم القيامة،فهاهم في الدنيا منهم الصحيح القوي،ومنهم المريض الضعيف،ومنهم من هو بين ذلك،وهم يوم القيامة سيتفاوتون على قدر أعمالهم،فمنهم منه في أعلى الدرجات،ومنهم منه في أدنها .
وثمة أثر سلوكي آخر يدفعك إليه نظرك إلى هذه المناظر ، ألا وهو : البذل والإنفاق وسخاوة النفس لهؤلاء المحتاجين وأمثالهم ، فتعطف على الفقراء ، وتحسن إلى المساكين وتبذل للمنقطعين .
ومن الحجاج من يبلغ مرتبة أعلى في الإنفاق ، فيبذل ماله حتى على إخوانه الأغنياء الذين يستطيعون الحج بأنفسهم ؛رغبة في الثواب والأجر ، ومن أشهر من عرف عنه ذلك :الإمام عبدالله بن المبارك ـ رحمه الله تعالى ـ الذي كان إذا أراد الحج من بلده (مروْ ) جمع أصحابه وقال :من يريد منكم الحج ؟ فيأخذ نفقاتهم ،فيضعها عنده في صندوق ويقفل عليه ،ثم يحملهم وينفق عليهم أوسع النفقة ،ويطعمهم أطيب الطعام ،ثم يشتري لهم من مكة ما يريدون من الهدايا والتحف ،ثم يرجع إلى بلده ،فإذا وصلوا صنع لهم طعاما ،ثم جمعهم عليه،ودعا بالصندوق الذي فيه نفقاتهم ، فرد إلى كل واحد منهم نفقته (1).فرحمه الله رحمة واسعة .
وذُكِر أن الحسن بن عيسى الماسرجسي ـ وهو أحد المحدثين الثقات ـ أنفق
في حجته التي مات فيها : (300000) ثلاثمائة ألف درهم (2) ،ومن العجيب أن هذا المحدث كان نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه وطلب العلم حتى صار له فيه شأن ،ولقد عُدّت المحابر في مجلسه اثنا عشر ألف محبرة ، وسبحان الله ما أعظمه من دين !!من أخذ به عزّ ومن أعرض عنه ذلّ !!
__________
(1) تهذيب الكمال 16/21 .
(2) السير 12/29 .(11/20)
فأين التجار المسلمون الذين ولدوا وعاشوا بين المسلمين ؟! ولهذا أقول لإخواننا الذين وسّع الله عليهم : لا ينبغي ـ أيها الإخوة ـ أن يكون التنافس مقتصرا على أمر الدنيا ،فما أحسن أن تجمعوا مع أمر الدنيا أمر الآخرة ،وقد أشار الله - عز وجل - إلى ذلك في كتابه ،حيث قدم التزود بالتقوى على تجارة الدنيا فقال : ( وتزودا فإن خير الزاد التقوى ، واتقون يا أولي
الألباب ، ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) .
7/ يلمس المتتبع لحجة النبي - صلى الله عليه وسلم - مخالفته للمشركين في شعائرهم التي كانوا عليها في الجاهلية ، ومن هذه الشعائر التي خالف النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها أهل الجاهلية :
أ/ مخالفته لهم في التلبية كما سبق أن أشرت إليه .
ب/ مخالفته لهم في الاعتمار في أشهر الحج ، في الوقت الذي كان أهل الجاهلية يعتقدون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - .
ج/ كانت قريش لا تقف بعرفة كما يقف سائر الناس،بحجة أنهم أهل الحرم !! فخالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقف بعرفة حتى غربت الشمس ثم دفع ،كما في الصحيحين من حديث عائشة .
وفي الصحيحين أيضاً من حديث جبير بن مطعم - رضي الله عنه - قال :
أضللت بعيرا لي فذهبت أطلبه يوم عرفة ، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - واقفا بعرفة ، فقلت : هذا والله من الحمس فما شأنه ها هنا .
د/ كان أهل الجاهلية يتأخرون في الدفع من مزدلفة حتى تشرق الشمس ويقولون أشرق ثبير(1)كيما نغير، وثبير جبل معروف على يسار الذاهب إلى منى وهو أعظم جبال مكة (2) والمعنى : لتطلع عليك الشمس يا جبل حتى ننفر ، فخالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يفيض من مزدلفة قبل شروق الشمس .
__________
(1) هذا اللفظ في البخاري مع الفتح (3/621) ح(1684) ،والزيادة (كيما نغير) عند ابن ماجه وغيره .
(2) فتح الباري 3/621 .(11/21)
هـ/ ومما يلحق بهذا الموضوع أيضا ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ بعد فراغه من حجه ـ نزل في خيف بني كنانة ،وهو موطن تعاقدت فيه قريش وتعاهدت على مقاطعة النبي- صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المؤمنين ،وفرضوا عليهم حصارا اقتصاديا ، بل وفرضوا عليهم حصارا اجتماعيا تمثل في امتناعهم من تزويج كل من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يظهر منة الله تعالى عليه بظهور التوحيد وأهله ،وانقماع الشرك وأهله ، فقال ـ كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ـ قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بمنى : " نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة ، حيث تقاسموا على الكفر ، وذلك أن قريشا وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يعني بذلك المحصّب " .
يقول ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ معلقا على هذا الحديث : " وكانت عادته صلوات الله وسلامه عليه أن يقيم شعار التوحيد في مواضع شعائر الكفر والشرك ، فيظهر شعائر الإسلام في المكان الذي أظهروه ، فيه شعائر الكفر (1) " .
والآثار السلوكية التي نستفيدها من هذه المخالفات الصريحة من النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الإشراك كثيرة من أهمها :
#حرص الإسلام على تميز أتباعه في كل شيء في عباداتهم وأعيادهم ولباسهم وكلامهم ،وغير ذلك ،وخاصة في باب العبادات،بل إنه سد كل باب يفضي إلى التشبه بهم وحرم على المسلمين ذلك ،كما في الحديث الذي أخرجه أبو داود وأحمد عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" من تشبه بقوم فهو منهم " .قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ :إسناده جيد .
__________
(1) زاد المعاد 2/294 .(11/22)
# تأكيد الأمر العظيم ، والأصل الأصيل ، الذي هو أحد الأصول التي قام عليها هذا الدين ، ألا وهو البراءة من المشركين في شعائرهم وأعيادهم وأخلاقهم ولباسهم وغير ذلك مما تميزوا به ، وهذه البراءة تقتضي بغضهم وعداوتهم ،وبغض ما هم عليه من كفر وشرك والحذر من التشبه بهم في أي شئ من خصائصهم ، وليس هذا أمرا غريبا بل هو ملة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - الذي أعلنه صراحة في وجوه الكفار ،كما قال الله - عز وجل - ) قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده ) فهو يعلن عليه الصلاة والسلام أن العداوة والبغضاء لا أمد لها سوى الإيمان بالله وحده - عز وجل - وأن يكونوا حنفاء لله غير مشركين به ، وقد سار على هذه الطريق ابنه الخليل الثاني نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فبعث أبا بكر - رضي الله عنه - عام تسعة من الهجرة ليعلن البراءة من المشركين ،وألا يحج بعد هذا العام مشرك ـ كما في الصحيحين ـ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
ومع وضوح مكانة هذا الأصل ، وكونه من المسلمات في الشرع ،حتى
قال عنه بعض أهل العلم : " ليس في كتاب الله تعالى حكم فيه من الأدلة أكثر ولا أبين من هذا الحكم بعد وجوب التوحيد وتحريم ضده " (1) .
__________
(1) سبيل النجاة والفكاك للشيخ حمد ابن عتيق /31 .(11/23)
أقول : مع وضوح مكانته من الدين إلا أننا وللأسف لازال بعض المسلمين أو ممن ينتسب إلى الإسلام من يخرق هذا الأصل العظيم : فمنم من يهون من شأن عداوة الكفار عموما أو من عداوة اليهود والنصارى على وجه الخصوص ،حتى ظن بعضهم أنه يمكن أن نتقارب مع أهل الكتب السماوية المنسوخة بدين الإسلام ، أو أنه يمكن أن نلتقي تحت مظلة الإنسانية .ومنهم من يظن أن المخرج لهذا التخلف الذي تعيشه أمة الإسلام هو السير في ركاب الغرب والشرق وأخذ جميع ما عندهم،من غير تمييز بين النافع والضار .
ومن مظاهر خرق هذا الأصل ما يراه كل مسلم من التشبه بالكفار في لباسهم أو سلوكهم،ومن أوضح الصور ما نراه من القصات الغريبة،ولبس القبعات،والتي زاد سعارها مع هذا البث الفضائي المحموم ،إلى غير ذلك من المظاهر التي تدل على وجوب تكثيف الحديث عن هذا الأصل العظيم ،خاصة في هذا الزمان الذي أصبح الحديث عن المسلمات من الواجبات والله المستعان.
# وفي قصة النزول بالمحصب ، فوائد وعبر ومنها : أن العبد ينبغي له أن يتذكر دائما منة الله عليه بالهداية والتوفيق ، وأن يسعى لإظهار الدين وخاصة في الأماكن التي كانت مجمعا للشر ، أو كان الشخص نفسه ممن عاش فيها فترة من الزمن أيام غفلته،وكل هذا مع مراعاة تحقيق المصالح ، ودرء المفاسد .
8/ النحر في دين الله له شأن عظيم ،قرنه الله - عز وجل - في كتابه بالصلاة ،كما في قوله سبحانه : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) على أحد القولين في الآية وفي قوله تعالى : ( فصل لربك وانحر ) ، وفي صحيح مسلم عن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لعن الله من ذبح لغير الله " .(11/24)
وللنحر في الحج منزلة عظيمة ، فالمسلم ينحر ذبيحته تقربا إلى الله - عز وجل - إما هديا ،أو جبرانا لما وقع في نسكه من الخلل أو يذبح تطوعا ،وأهل الأمصار يشاركون الحجاج في عبادة النحر بذبح الأضاحي إحياء لسنة خليل الرحمن :إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، الذي ابتلي بذلك البلاء العظيم الذي لا يصبر عليه كل أحد ،أمر بذبح ابنه ،ومتى ؟! عند كبر في السن ،ويأس من الولد ،وبعدما صار الولد قطعة من القلب ،أَمَا إنه لو وكّل غيره بذبح ابنه لكان الأمر هينا وما هو والله بهين ، ولكنه أمر أن يباشر الذبح بنفسه ،ويبلغ التسليم منه المبلغ العظيم حينما عرض على ابنه إسماعيل أن يشاركه في الابتلاء ،فقال له : (يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ؟ قال : يا أبت افعل ما تؤمر ) فلما حصل التسليم منهما لم يكن للذبح وإراقة الدم حاجة ، لأن إبراهيم نجح في هذا الابتلاء ليعطي كل حنيف مسلمٍ درسا عظيما في صدق الامتثال ، وسرعة المبادرة وإن كان ذلك بخلاف ما تهواه النفس .
أقول ـ أيها الإخوة ـ : إن لهذه العبادة آثار عظيمة يجدر ألا تغيب عن بال المسلم حين يباشرها أو ينظر إليها ، ومن ذلك :
# أن يحمد الله - عز وجل - أن جعله لا يذبح إلا له ،في الوقت الذي يرى فيه أو يعلم عن أناس ممن ينتسبون إلى المسلمين يذبحون وينذرون الدماء لطوائف من المخلوقين :إما أولياء ـ وقد لا يكونون كذلك أصلا ـ أو جن أو غيرهم المخلوقين الذين صرف العبادة لهم شرك أكبر مخرج من الملة .
# تأملوا ـ أيها الإخوة ـ في عدد الإبل التي ذبحها النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته كم هي؟.(11/25)
مائة ناقة،ذبح منها ثلاثاً وستين بيده الشريفة،وأكمل الباقي علي بن أبي طالب- رضي الله عنه - ونحن نعلم أنه كان يكفيه لنسكه سبع بدنه أو شاة واحدة ، فلماذا كل هذا ؟ ما هو ـ والله ـ إلا التعظيم لشعائر الله ، وما هو إلا الجود والسخاء الذي عرف به - صلى الله عليه وسلم - وما هو ـ والله ـ إلا الانشراح والراحة التي يجدها بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم - في التقرب إلى الله بهذه العبادة العظيمة : عبادةِ النحر ، ووالله،لو كان يرضي ربه نحر نفسه لفعل،وهذا الشعور يجده الحجاج أيضا كلٌ بحسب ما يقوم بقلبه من اليقين ،والتعظيم،والحب،وليس هذا فحسب :
فلو كان يرضي الله بذل نفوسهم *** لدانوا به طوعا وللأمر سلموا
كما بذلوا عند الجهاد نحورهم *** لأعدائه حتى جرى منهم الدمُ
ولكنهم دانوا بوضع رؤوسهم *** وذلك ذل للعبيد وميسم ُ (1)
__________
(1) ميمية ابن القيم المطبوعة مع النونية /254 .(11/26)
# أن في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام عبرة في قوة الانقياد والتسليم لأمر الله تعالى ،وهذا أمر ملاحظ في الحج أيضا ،فترى مواقع المفتين تمتلئ بالسائلين عن دقيق الأمور وجليلها ، وهم في نفس الوقت على أتم الاستعداد لفعل ما يُفْتون به ولو كلفهم ذلك بذل شيء من المال ، بل لو كلفهم ذلك إعادة الحج مرة أخرى ـ وهذا حسن ـ ولكن أين هؤلاء عن السؤال عن أمور دينهم قبل الحج وبعده ؟ ثم أين استعدادهم لامتثال أوامر الله - عز وجل - ولو كانت تخالف أهواءهم ؟ وأين أثر قصة إبراهيم في نفوسهم ؟ وسبحان الله ! ما أعظم الفرق بين الصحابة وبين غيرهم ! الصحابة الذين ضربوا أروع الأمثلة في الانقياد والتسليم ،وإن كان الأمر في أول وهلة على غير ما تهواه نفوسهم،وإليكم مثالا واحدا يجلي هذا المعنى ، ففي الصحيحين أن ظهير بن رافع - رضي الله عنه - لما بلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صورة معينة من صور المزارعة ،قال لقد نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان لنا رافقا ـ يعني فيه رفق بنا ـ قال - رضي الله عنه - : وطواعية الله ورسوله خير لنا .
9/ في يوم عرفة مواقف عظيمة ، لها أثرها على السلوك وتزكية النفس ، ومن ذلك :
أ/ تذكر عظمة الله - جل جلاله - في اختلاف الألسنة والألوان والأحجام،فكم لغة يُتكَلَّم بها في هذا الموقف؟وكم الدعوات التي ترتفع إلى السماء تسأل الله الرحمة والمغفرة ؟ وكم في القلوب من النوايا والرغبات ؟ فسبحان من لا تختلف عليه اللغات !ولا تشتبه عليه الأصوات !سبحانه وبحمده ،وإذا كان هذا محل للتأمل فما الظن بلغات أهل الأرض كلهم ؟ وبحاجات الخلق كلهم ؟ أنسهم وجنهم ؟ المكلف وغير المكلف ؟(11/27)
ب/موقف عرفة موقف عظيم ، يجعل نفس المؤمن تتأرجح بين منزلتي الخوف والرجاء...فالعبد يخاف حينما يتذكر ذنوبا بينه وبين ربه اقتحمها عن عمد وإصرار،ويخاف المؤمن حينما يتذكر أن الله شديد العقاب،ويغار على حرماته أن تنتهك، ويخاف أن تزل قدمه بعد ثبوتها أن يختم له بخاتمة سيئة ،ويخاف المؤمن وهو يتذكر تلك الأحوال التي وقعت لجماعات من السلف الصالح الذين كانوا أئمة في العمل جبالا في الخوف ، وأنهم ـ مع صلاحهم وتقواهم يخافون الرد وعدم القبول ـ مثل الموقف الذي وقع لبكر بن عبدالله المزني وعبدالله بن الشخير ـ وهما من سادات التابعين ـ وقفا بعرفة فقال أحدهما للآخر : اللهم لا ترد أهل الموقف من أجلي ، وقال الآخر :ما أشرفه من موقف وأرجاه لولا أني فيهم ! قال الذهبي ـ رحمه الله تعالى ـ معلقا : كذلك ينبغي للعبد أن يزري على نفسه ويهضمها " (1) .
ووقف الفضيل بن عياض بعرفة والناس يدعون ، وهو يبكي بكاء الثكلى المحترقة قد حال البكاء بينه وبين الدعاء ، فلما كادت الشمس أن تغرب رفع رأسه إلى السماء وقال : واخجلتاه منك وإن عفوت . ومراده ـ رحمه الله ـ أني على خجل وحياء منك بسبب ذنوبي وإن عفوت عنها ،وهذا ـ والله ـ مقام من الخوف رفيع (2) .
يقول ابن الجوزي ـ رحمه الله تعالى ـ معلقا على هذا الموقف : " ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه وإن تاب منها وبكى عليها،وإني رأيت أكثر الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة ،وكأنهم قد قطعوا على ذلك ،وهذا أمر غائب ،ثم لو غفرت بقي الخجل من فعلها ،ويؤيد الخوف بعد التوبة ،أنه في الصحاح : أن الناس يأتون إلى آدم فيقولون اشفع لنا ،فيقول :ذنبي ...إلى أن قال:فهؤلاء إذا اعتبرت ذنوبهم لم يكن أكثرها ذنوبا حقيقة،وثم إن كانت فقد تابوا منها واعتذروا،وهم بعد على خوف منها ...إلخ كلامه النفيس " (3) .
__________
(1) السير 4/534 ، اللطائف (496) .
(2) اللطائف (496 ) .
(3) صيد الخاطر (502) .(11/28)
ووقف بعض الخائفين بعرفة إلى أن قرب غروب الشمس،فنادى :الأمان..الأمان قد دنا الانصراف،فليت شعري ما فعلت بحاجة المسكين !!
الأمان الأمان وزري ثقيل *** وذنوبي إذا عددن تطول
أوبقتني أوثقتني ذنوبي *** فتُرى إلى الخلاص سبيل ؟ (1)
وكما أن العبد يخاف في ذلك الموقف ، فهو أيضا يرجو ربه حينما يتذكر سعة رحمة الله - عز وجل - وعظيم مغفرته ، نعم يرجو ربه الذي قال في كتابه : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب جميعا ، إنه هو الغفور الرحيم ) ، والذي قال أيضا : ( ورحمتي وسعت كل شيء ) نعم .. يرجو رحمة أرحم الراحمين حينما يتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم عن عائشة - رضي الله عنه - " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة،وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ " فأي فخر وأي شرف لك يا عبدالله أعظم من أن يباهي بك رب العالمين ، وبمن يباهي بك ؟ يباهي بك ملائكته الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون ، فيا من يحب أن يباهي به ربه ملائكته ، اعمل على تحقيق هذه المباهاة بالتزام أمر ربك ، وترك نواهيه ...ويا من ترغب في رحمة ربك ارحم نفسك وارحم عباد الله ، فلقد قال - صلى الله عليه وسلم - : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) ... نعم ـ أيها الإخوة ـ ويرجو العبد مغفرة الله ورضوانه وخاصة في مثل هذا المقام العظيم ،حينما يتذكر بعض الأحوال التي وقعت للسلف الصالح - رضي الله عنه - ،ومن ذلك أن ابن المبارك جاء إلى الإمام سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاث على ركبتيه وعيناه تهملان ، فقال ابن المبارك :من أسوأ هذا الجمع حالاً ؟ قال سفيان : الذي يظن أنه لا يغفر لهم .
وإني لأدعو الله أسأل عفوه *** وأعلم أن الله يعفو ويغفر
__________
(1) اللطائف (496) .(11/29)
لئن أعظم الناسُ الذنوب فإنها *** وإن عظمت في رحمة الله تصغ
وروي عن الفضيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشية عرفة ، فقال : أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقا (1/6 درهم ) أكان يردهم ؟ قالوا : لا .قال : والله للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق .
والمقصود ـ أيها الأحبة ـ أن يجمع العبد بين هاتين العبادتين:الخوف والرجاء وليغلب إحداهما على الأخرى حسب الشعور الذي ينتابه في تلك اللحظات المهيبة .
ج/ ومن المعاني العظيمة التي تتجلى في موقف عرفة :ذلك المشهد العظيم الذي يذكر بالموقف الأكبر يوم القيامة ، يوم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيقفون خمسين ألف سنة ، وهم في العرق على قدر أعمالهم ـ كما ثبت في الصحيح ـ .. نعم ـ أيها الإخوة ـ إنه موقف مؤثر والله،ويزداد تأثيره في النفس حينما يرى الإنسان انصراف الناس من الموقف عرفة،ويتذكر بذلك انصراف الناس من الموقف الأكبر:فريق في الجنة وفريق في السعير،ويتذكر ذلك أيضا حينما ينصرف الناس من حجهم إلى بلدانهم ..أناس مقبولون قد غفرت ذنوبهم ،وآخرون يعودون إلى أوطانهم وليس لهم من حجهم إلا التعب والنصب ـ نسأل الله العافية والسلامة ـ ..فيالها من حسرة عظيمة إن لم يقبل من العبد عمله .
وفي السير للذهبي أن عمر بن ذر خرج إلى مكة ، فكان إذا لبى لم يلب أحد أحسن من صوته ، فلما أتى الحرم قال ـ مناجيا ربه ـ : ما زلنا نهبط حفرة ونصعد أكمة ، ونعلو شرفا ، ويبدو لنا عَلَمٌ ( جبل ) ، حتى أتيناك بها ، فليس أعظم المؤنة علينا تعب أبداننا،ولا لإنفاق أموالنا ، ولكن أعظم المؤنة أن نرجع بالخسران !! يا خير من نزل النازلون بفنائه .(11/30)
وفي الختام أعترف بأن الموضوع يستحق أكثر مما ذكر ، وهناك جوانب تستحق الوقوف معها ،لكن هذا ما أسعف به الوقت ،ولعل فيما ذكرته تنبيها وذكرى ،والمهم أيها الإخوة ألا يكون حظنا من هذه الآثار هو الاستماع ، أو أن يكون مفعولها وقتي في الحج فقط ،فإذا رجع الواحد منا إلى بلده عاد إلى ما كان عليه من حاله الأولى ، بل ينبغي أن يظهر أثر الحج ،بل والصلاة والصيام وغيرها من العبادات أن يظهر أثرها على حياتنا ،وإلا فلنراجع حساباتنا ،ولنعلم أن أعمالنا مدخولة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وما هذه المحاضرة إلا تنبيه وتذكير بالحرص على رؤية آثار العبادات على حياتنا .
أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا وسمعنا ، وأن يتقبل من الجميع صالح أعمالهم ،وأن ييسر للحجاج حجهم وأن يتمم سعينا وسعيهم بالغفران ولقبول ، وأن يجعل ما علمناه حجة لنا لا علينا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .(11/31)
دراسات شرعية
معاني العقيدة من خلال فريضة الحج
د .عبد العزيز آل عبد اللطيف
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد : ففي الحج معان عظيمة ، وحكم بالغة ، ومنافع كثيرة ، كما قال
سبحانه : ] ليشهدوا منافع لهم [ [الحج : 28] ، وفي هذه الصفحات نورد جملة من
معاني العقيدة ومسائل أصول الدين من خلال هذه الفريضة :
أولاً : التسليم والانقياد لشرع الله تعالى :
كم نحتاج أخي القارئ إلى ترويض عقولنا ونفوسنا كي تنقاد لشرع الله
(تعالى) بكل تسليم وخضوع ، كما قال (سبحانه) : ] فلا وربك لا يؤمنون حتى
يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [
[النساء : 65] .
فالحج خير مثال لتحقيق هذا التسليم ، فإنّ تنقل الحجاج بين المشاعر ،
وطوافهم حول البيت العتيق ، وتقبيلهم للحجر الأسود ، ورمي الجمار ... وغيره
كثير : كل ذلك أمثلة حية لتحقيق هذا الانقياد لشرع الله (تعالى) ، وقبول حكم الله
(عز وجل) بكل انشراح صدر ، وطمأنينة قلب .
لقد دعا إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل (عليهما الصلاة والسلام) فقالا : ] ربنا
واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت
التواب الرحيم [ [البقرة : 128] .
لقد دعوا لنفسيهما ، وذريتهما بالإسلام ، الأذي حقيقته خضوع القلب وانقياده
لربه المتضمن لانقياد الجوارح .
ورضي الله عن الفاروق عمر إذ يقول عن الحجر الأسود : » إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك « [1] .
يقول الحافظ ابن حجر : » وفي قول عمر هذا التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الاتباع فيما لم يكشف عن معانيها ، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي -
صلى الله عليه وسلم- فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه « [2] .(12/1)
ويقول قوام السنة إسماعيل الأصفهاني (رحمه الله) : » ومن مذهب أهل السنة: أن كل ما سمعه المرء من الآثار [3] مما لم يبلغه عقله ، فعليه التسليم والتصديق
والتفويض والرضا ، لا يتصرف في شيء منها برأيه وهواه « [4] .
ويقول ابن القيم (رحمه الله) : » إن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم ، وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامروالنواهي والشرائع ، ولهذا لم يحك الله (سبحانه) عن أمة نبي صدقت نبيها وآمنت بما جاء ، أنها سألته عن تفاصيل الحكمة فيما ، ونهاها عنه ، وبلغها عن ربها ، بل انقادتْ ، وسلمتْ ، وأذعنت ، وما عرفت من الحكمة عرفته ، وما خفي عنها لم تتوقف في انقيادها وإيمانها واستسلامها بسبب عدم معرفته ، وقد كانت هذه الأمة التي هي أكمل الأمم عقولاً ومعارف وعلوماً لا تسأل نبيها لِمَ أمر الله بذلك ؟ ولِمَ نهى عن ذلك ؟ ولِمَ فعل ذلك ؟ لعلمهم أن ذلك مضاد للإيمان والاستسلام « [5] .
ثانياً : إقامة التوحيد :
إن هذه الشعيرة العظيمة قائمة على تجريد التوحيد لله وحده لا شريك له ؛ قال
(سبحانه) : ] وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي
للطائفين والقائمين والركع السجود [ [الحج : 26] .
وحذر (سبحانه) من الشرك ونجاسته ، فقال (عز وجل) : ] فاجتنبوا الرجس
من الأوثان واجتنبوا قول الزور * حنفاء لله غير مشركين به [ [الحج : 3031] .
بل من أجل تحقيق التوحيد لله وحده ، والكفر بالطاغوت ، شُرع للحاج أن يستهل حجه بالتلبية قائلاً : » لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك « .
ومن أجل تحقيق التوحيد شُرع للحاج أن يقرأ في ركعتي الطواف بعد الفاتحة بسورتي الإخلاص (قل هو الله أحد) ، و (قل يا أيها الكافرون) ، كما كان يفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- .(12/2)
كما شَرعَ الله (تعالى) التهليل عند صعود الصفا والمروة ، فيستحب للحاج والمعتمر أن يستقبل القبلة عند صعوده الصفا والمروة ويحمد الله ويكبره ويقول : » لا إله إلا الله ، والله أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحي ويميت ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده « .
ومن أجل تحقيق التوحيد أيضاً كان خير دعاء يوم عرفة أن يقال : » لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحي ويميت ، وهو على كل شيء قدير « .
وفي مناسك الحج وشعائره تربيةٌ للأمة على إفراد الله (سبحانه) بالدعاء والسؤال والطلب ، والرغبةإليه ، والاعتماد عليه ، والاستغناء عن الناس ، والتعفف عن سؤالهم ، والافتقار إليهم ؛ فالدعاء مشروع في الطواف والسعي ، وأثناء الوقوف بعرفة ، وعند المشعر الحرام ، وفي مزدلفة ، كما يشرع الدعاءوإطالته بعد الفراغ من رمي الجمرة الصغرى والوسطى في أيام التشريق .
ثالثاً : تعظيم شعائر الله (تعالى) وحرماته :
قال الله (تعالى) بعد أن ذكر أحكاماً عن الحج : { ?ذلك ومن يعظم حرمات الله
فهو خير له عند ربه [ [الحج : 30] .
والحرمات المقصودة هاهنا أعمال الحج المشار إليها في قوله (تعالى) : ] ثم
ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم [ [الحج : 29] [6] .
وقال (سبحانه) : ] ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [
[الحج : 32] ، فتعظيم مناسك الحج عموماً من تقوى القلوب [7] .
وتعظيم شعائر الله (تعالى) يكون بإجلالها بالقلب ومحبتها ، وتكميل العبودية فيها ؛ يقول ابن القيم (رحمه الله) : » وروح العبادة هو الإجلال والمحبة ، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت « [8] .
ورد في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : » لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة [يعني : الكعبة] حق تعظيمها ، فإذا ضيعوا ذلك هلكوا « [9] .(12/3)
رابعاً : محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
إن محبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أجل أعمال القلوب ، وأفضل
شعب الإيمان ، ومحبة الرسول صتوجب متابعته والتزام هديه ، وإن التأسي برسول
الله -صلى الله عليه وسلم- أثناء القيام بمناسك الحج سبب في نيل محبته ، حيث
قال -صلى الله عليه وسلم- : » خذوا عني مناسككم « ، وفي اتباع النبي -صلى
الله عليه وسلم- تحقيق لمحبة الله (تعالى) ؛ كما قال (سبحانه) : { ?قل إن كنتم
تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله [ [ آل عمران : 31] .
خامساً : تحقيق الولاء بين المؤمنين والبراءة من المشركين :
كم هو محزن حقاً تفرق المسلمين شيعاً وأحزاباً .. وتمزقهم إلى دول متعددة
ومتناحرة .. وقد غلبتْ عليهم النعرات الجاهلية المختلفة ، وإن فريضة الحج أعظم
علاج لهذا التفرق والتشرذم ، فالحج يجمع الشمل ، وينمي الولاء والحب والنصرة
بين المؤمنين ، وإذا كان المسلمون يجمعهم مصدر واحد في التلقي الكتاب والسنة
وقبلتهم واحدة ، فهم في الحج يزدادون صلة واقتراباً ، حيث يجمعهم لباس واحد ،
ومكان واحد ، وزمان واحد ، ويؤدون جميعاً مناسك واحدة .
كما أن في الحج أنواعاً من صور الولاء للمؤمنين : حيث الحج مدرسة لتعليم
السخاء والإنفاق ، وبذل المعروف أياً كان ، سواء أكان تعليم جاهل ، أو هداية تائه، أو إطعام جائع ، أو إرواء غليل ، أو مساعدة ملهوف .
وفي المقابل : ففي الحج ترسيخ لعقيدة البراء من المشركين ومخالفتهم ؛ يقول ابن القيم : » استقرت الشريعة على قصد مخالفة المشركين لا سيما في المناسك « [10] .
لقد لبى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد ، خلافاً للمشركين في تلبيتهم
الشركية ، وأفاض من عرفات مخالفاً لقريش حيث كانوا يفيضون من طرف الحرم، كما أفاض من عرفات بعد غروب الشمس مخالفاً أهل الشرك الذين يدفعون قبل
غروبها .(12/4)
ولما كان أهل الشرك يدفعون من المشعر الحرام (مزدلفة) بعد طلوع الشمس ، فخالفهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، فدفع قبل أن تطلع الشمس .
وأبطل النبي -صلى الله عليه وسلم- عوائد الجاهلية ورسومها كما في خطبته
في حجة الوداع ، حيث قال : » كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي
موضوع « [11] ؛ يقول ابن تيمية : » وهذا يدخل فيه ما كانوا عليه من العادات والعبادات ، مثل : دعواهم يا لفلان ، ويا لفلان ، ومثل أعيادهم ، وغير ذلك من أمورهم « [12] .
سادساً : تذكر اليوم الآخر واستحضاره :
فإن الحاج إذا فارق وطنه وتحمل عناء السفر : فعليه أن يتذكر خروجه من الدنيا بالموت إلى ميقات القيامة وأهوالها .
وإذا لبس المحرم ملابس الإحرام : فعليه أن يتذكر لبس كفنه ، وأنه سيلقى ربه على زي مخالف لزي أهل الدنيا .
وإذا وقف بعرفة : فليتذكر ما يشاهده من ازدحام الخلق وارتفاع أصواتهم
واختلاف لغاتهم ، موقف القيامة واجتماع الأمم في ذلك الموطن [13] ؛ قال ابن
القيم : فلله ذاك الموقف الأعظم الذي ... كموقف يوم العرض ، بل ذاك أعظم
نسأل الله (تعالى) أن يتقبل منا ومن المسلمين صالح الأعمال ، وبالله التوفيق .
(1)…أخرجه البخاري ، كتاب الحج ، باب تقبيل الحجر (2) فتح الباري ، ج3ص463 (3) أي : الآثار الصحيحة (4) الحجةفي بيان المحجة ، ج2 ص435 .
(5)…الصواعق المرسلة ، م4 ، ص1560 ، 1561 .
(6)…انظر : تفسير ابن عطية ، ج4 ص120 .
(7)…انظر : تفسير الطبري ، ج17 ص157 (8) مدارج السالكين ، ج1 ص495 .
(9)…أخرجه ابن ماجة : كتاب المناسك ، باب فضل مكة ، وقال الحافظ ابن حجر : إسناده حسن ؛ انظر : فتح الباري ، ج3 ص449 (10) تهذيب سنن أبي داود ، ج3 ص309 .
(11)…أخرجه مسلم ، كتاب الحج ، باب حجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ح/147 .
(12)…اقتضاء الصراط المستقيم ، ج1 ص301 .
(13)…انظر : مختصر منهاج القاصدين ، ص48 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
دراسات شرعية(12/5)
تعظيم الله (تعالى) وشعائره
بقلم : عبد العزيز بن محمد آل عبداللطيف
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أما بعد :
فإن تعظيم الله (تعالى) وتعظيم ما يستلزم ذلك من شعائر الله (تعالى) وحدوده من أجلّ العبادات القلبية وأهم أعمال القلوب ، التي يتعين تحقيقها والقيام بها ، وتربية الناس عليها ، وبالذات في هذا الزمان الذي ظهر فيه ما يخالف تعظيم الله (تعالى) : من الاستخفاف والاستهزاء بشعائر الله (تعالى) ، والتسفيه والازدراء لدين الله (تعالى) وأهله .
إنّ الإيمان بالله (تعالى) مبني على التعظيم والإجلال له (عزّ وجل) [1] ، قال
الله (تعالى) : ] تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ [ [مريم : 90] .
قال الضحاك بن مزاحم في تفسير هذه الآية : (يتشققن من عظمة الله (عز
وجل [ [2] .
ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية أهمية تعظيم الله (سبحانه) وإجلاله فيقول :
( فمن اعتقد الوحدانية في الألوهية لله (سبحانه وتعالى) ، والرسالة لعبده ورسوله ،
ثم لم يُتبع هذا الاعتقاد موجبه من الإجلال والإكرام ، الذي هو حال في القلب يظهر
أثره على الجوارح ، بل قارنه الاستخفاف والتسفيه والازدراء بالقول أو بالفعل ،
كان وجود ذلك الاعتقاد كعدمه ، وكان ذلك موجباً لفساد ذلك الاعتقاد ومزيلاً لما فيه
من المنفعة والصلاح) . [3]
ومما قاله ابن القيّم عن منزلة التعظيم : (هذه المنزلة تابعة للمعرفة ، فعلى قدر
المعرفة يكون تعظيم الربّ (تعالى) في القلب ، وأعرف الناس به أشدهم له تعظيمّاً
وإجلالاً ، وقد ذم الله (تعالى) من لم يعظمه حق عظمته ، ولا عرفه حق معرفته ،(12/6)
ولا وصفه حق صفته ، قال (تعالى) : { ?مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً } ?[نوح : 13] ، قال ابن عباس ومجاهد : لا ترجون لله عظمة ، وقال سعيد بن جبير : ما لكم لا
تعظمون الله حق عظمته ، وروح العبادة هو الإجلال والمحبة ، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت .. ) [4] .
وتعظيم الله وإجلاله لا يتحقق إلا بإثبات الصفات لله (تعالى) ، كما يليق به
(سبحانه) ، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ، والذين ينكرون
بعض صفاته (تعالى) ، ما قدروا الله (عز وجل) حق قدره ، وما عرفوه حق معرفته [5] ، ولما كان من أسماء الله (تعالى) الحسنى : (المجيد) و (الكبير) و ( العظيم) فإن (معنى هذه الأسماء : أن الله (عز وجل) هو الموصوف بصفات المجد والكبرياء والعظمة والجلال ، الذي هو أكبر من كل شيء ، وأعظم من كل شيء ، وأجلّ وأعلى ، وله التعظيم والإجلال ، في قلوب أوليائه وأصفيائه ، قد ملئت قلوبهم من تعظيمه ، وإجلاله ، والخضوع له ، والتذلل لكبريائه) [6] .
ويقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي في هذا المقام : (إن الإنسان إذا سمع
وصفاً وصف به خالق السموات والأرض نفسه ، أو وصفه به رسوله ، فليملأ
صدره من التعظيم ، ويجزم بأن ذلك الوصف بالغ من غايات الكمال والجلال
والشرف والعلو ما يقطع جميع علائق أوهام المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين ،
فيكون القلب منزهاً معظماً له (جلّ وعلا) ، غير متنجّس بأقذار التشبيه ... ) [7] .
ومما يوجب تعظيم الله (تعالى) وإجلاله : أن نتعّرف على نعم الله (تعالى) ،
ونتذكرّ آلاء الله (عزّ وجلّ) ، ومما قاله أبو الوفاء ابن عقيل في ذلك : (لقد عظم الله
(سبحانه) الحيوان ، لا سيما ابن آدم ، حيث أباحه الشرك عند الإكراه وخوف(12/7)
الضرر على نفسه ، فقال : ] إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ [ [النحل : 106] : من قدّم حرمة نفسك على حرمته ، حتى أباحك أن تتوقى وتحامى عن نفسك بذكره ، بما لا ينبغي له (سبحانه) ، لحقيق أن تعظم شعائره ، وتوقر أوامره وزواجره ،
وعصم عرضك بإيجاب الحدّ بقذفك ، وعَصَم مالك بقطع مسلم في سرقته ، وأسقط
شطر الصلاة لأجل مشقتك ، وأباحك الميتة سدّاً لرمقك ، وحفظاً لصحتك ، وزجرك
عن مضارك بحد عاجل ، ووعيد آجل ، وخَرقَ العوائد لأجلك ، وأنزل الكتب إليك ، أيحسن بك مع هذا الإكرام أن تُرى على ما نهاك منهمكاً ، وعما أمرك متنكبّاً ،
وعن داعيه معرضاً ، ولسنته هاجراً ، ولداعي عدوك فيه مطيعاً ؟ .
يعظمك وهُوَ هُوَ ، وتهمل أمره وأنت أنت ، هو حطّ رتب عباده لأجلك ،
وأهبط إلى الأرض من امتنع من سجدة يسجُدها لك .
ما أوحش ما تلاعب الشيطان بالإنسان بينا يكون بحضرة الحق ، وملائكة
السماء سجود له ، تترامى به الأحوال والجهالات بالمبدأ والمآل ، إلى أن يوجد
ساجداً لصورة في حجر ، أو لشمس أو لقمر ، أو لشجرة من الشجر ، ما أوحش
زوال النعم ، وتغيّر الأحوال ، والحور بعد الكور) . [8]
ولقد كان نبينا محمد يربي أمته على وجوب تعظيم الله (تعالى) ، ففي حديث
ابن مسعود (رضي الله عنه) قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله-صلى الله
عليه وسلم- فقال : يا محمد ، إنّا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع ،
والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء على إصبع ، والثرى على
إصبع ، وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك النبي-صلى الله
عليه وسلم- حتى بدت نواجذه ، تصديقاً لقول الحبر ، ثم قرأ ] وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ
قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ... [ [الزمر : 67] .
وما في الآية يدل على أن عظمة الله (تعالى) أعظم مما وصف ذلك الحبر ،(12/8)
ففي الآية الكريمة تقرير لعظمة الله (تعالى) نفسه ، وما يستحقه من الصفات ، وأن
لله (عز وجل) قدراً عظيماً ، فيجب على كل مؤمن أن يقدر الله حق قدره [9] .
يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، عند هذه الآية الكريمة :
ما ذكر الله (تبارك وتعالى) من عظمته وجلاله أنه يوم القيامة يفعل هذا ،
وهذا قَدْر ما تحتمله العقول ، وإلا فعظمة الله وجلاله أجل من أن يحيط بها عقل ...
فَمَن هذا بعض عظمته وجلاله كيف يُجعل في رتبته مخلوق لا يملك لنفسه نفعاً ولا
ضرًّا ؟ ) [10] .
ولما قال الأعرابي لرسول الله-صلى الله عليه وسلم- : (فإنا نستشفع بالله
عليك ، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم- : سبحان الله ، سبحان الله ! فما زال
يسبّح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه ، ثم قال : ويحك ، أتدري ما الله ؟ إن
شأن الله أعظم من ذلك ، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه) [11] .
وقد اقتفى الصحابة (رضي الله عنهم) ومن تبعهم بإحسان هذا المسلك ،
فعظّموا الله حق تعظيمه ، وعُمرت قلوبهم بإجلال الله (تعالى) وتوقيره : فهذا ابن
عباس (رضي الله عنهما) يقول لبعض أصحاب المراء والجدل : (أما علمتم أن لله
عباداً أصمتهم خشية الله (تعالى) من غير عيّ ولا بكم ، وإنهم لَهُمُ العلماء العصماء
النبلاء الطلقاء ، غير أنهم إذا تذكروا عظمة الله (تعالى) انكسرت قلوبهم ، وانقطعت
ألسنتهم ، حتى إذا استفاقوا من ذلك ، تسارعوا إلى الله بالأعمال الزاكية ، فأين أنتم
منهم ؟ ) . [12]
وكان أهل العلم يعظمون ربهم ، ويقدرونه (عزّ وجل) حق قدره ، حتى قال
عون بن عبد الله : (ليعظم أحدكم ربه ، أن يذكر اسمه في كل شيء حتى يقول :
أخزى الله الكلب ، وفعل الله به كذا) [13] .
ويقول الخطابي : (وكان بعض من أدركنا من مشايخنا قلّ ما يذكر اسم الله
(تعالى) إلا فيما يتصل بطاعة) [14] .(12/9)
(وكان أبو بكر الشاشي يعيب على أهل الكلام كثرة خوضهم في الله (تعالى) ، إجلالاً لاسمه (تعالى) ، ويقول : (هؤلاء يتمندلون [15] بالله (عزّ وجلّ) [16] .
ومن أروع الأمثلة التي دوّنها التاريخ عن سلفنا الصالح ، وتعظيمهم لله (عزّ
وجلّ) ، ما وقع لإمام دار الهجرة مالك بن أنس (رحمه الله تعالى) ، لما سأله أحدهم
عن قوله (تعالى) : ] الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى [ [طه : 5] كيف استوى ؟ .
فما كان موقف الإمام مالك إزاء هذا السؤال ؟ يقول الرواي : (فما رأيته وجد
(غضب) من شيء كوجده من مقالته ، وعلاه الرحضاء (العرق) ، وأطرق القوم ،
فجعلوا ينتظرون الأمر به فيه ، ثم سُرّي عن مالك ، فقال : الكيف غير معلوم ،
والاستواء غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وإنى لأخاف أن
تكون ضالاًّ ، ثم أُمر به فأُخرج) . [17]
فتأمّل (رحمك الله) ما أصاب الإمام مالك (رحمه الله) من شدة الغضب
وتصبب العرق إجلالاً وتعظيماً لله (تعالى) وإنكاراً لهذا السؤال عن كيفية استواء
الربّ (تعالى) .
ومن الأمثلة في هذا الباب ما جرى للإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله تعالى) ،
لما مر مع ابنه (عبدالله) على قاص يقص حديث النزول فيقول : إذا كان ليلة
النصف من شعبان ينزل الله (عزّ وجلّ) إلى سماء الدنيا بلا زوال ولا انتقال ولا
تغير حال ، يقول عبدالله : فارتعد أبي ، واصفر لونه ، ولزم يدي ، وأمسكته حتى
سكن ، ثم قال : قف بنا على هذا المتخرص ، فلما حاذاه قال : يا هذا رسول الله
أغير على ربه (عزّ وجلّ) منك ، قل كما قال رسول الله) [18] .
ومن تعظيم الله (تعالى) : تعظيم كلامه ، وتحقيق النصيحة لكتابه تلاوة وتدبراً
وعملاً ، وقد حقق سلفنا الصالح الواجب نحو كتاب الله (تعالى) من التعظيم
والإجلال ، حتى إن بعض السلف كانوا يكرهون أن يصغروا المصحف . [19]
وقال بعضهم : والله ما نمت في بيت فيه كتاب الله ، أو حديث رسول الله
احتراماً لهما [20] .(12/10)
ومما يجب تعظيمه وتوقيره : تعظيم رسول الله وتوقيره ، وتعظيم سنته
وحديثه ، يقول (ابن تيمية) في تقرير وجوب توقيره وإجلاله : (إن الله أمر بتعزيره
وتوقيره ، فقال : ] وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [ [الفتح : 9] والتعزير اسم جامع لنصره
وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه ، والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من
الإجلال والإكرام وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما
يخرجه عن حد الوقار .
ومن ذلك : أنه خصّه في المخاطبة بما يليق به ، فقال : ] لا تَجْعَلُوا دُعَاء
الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضاً [ [النور : 63] ، فنهى أن يقولوا : يا محمد ،
أو يا أحمد ، أو يا أبا القاسم ، ولكن يقولوا : يا رسول الله ، يانبي الله ، وكيف لا
يخاطبونه بذلك والله (سبحانه وتعالى) أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحداً
من الأنبياء ، فلم يَدْعُه باسمه في القرآن قط ...
ومن ذلك : أنه حرّم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذَن ، وحرم رفع الصوت
فوق صوته ، وأن يُجهر له بالكلام كما يجهر الرجل للرجل ...
ومن ذلك : أن الله رفع له ذكره ، فلا يُذكر الله (سبحانه) إلا ذكر معه ،
وأوجب ذكره في الشهادتين اللتين هما أساس الإسلام ، وفي الأذان الذي هو شعار
الإسلام ، وفي الصلاة التي هي عماد الدين ... ) . [21]
ومما يجدر التنبيه عليه : أن التعظيم المشروع لرسول الله هو تعظيمه بما
يحبه المعظّم ويرضاه ويأمر به ويثني على فاعله ، وأما تعظيمه بما يكرهه ويبغضه
ويذم فاعله ، فهذا ليس بتعظيم ، بل هو غلو منافٍ للتعظيم . [22]
وعقد الدرامي في سننه باباً بعنوان : باب تعجيل عقوبة من بلغه عن النبي
حديث فلم يعظمه ، ولم يوقره [23] ، وأورد الدرامي جملة من الآثار التي تضمنت
عقوبات ومثلات في حق من لم يعظّم حديث رسول الله .
وقد عني السلف الصالح بتعظيم السنة النبوية وإجلال رسول الله ، ومن ذلك :(12/11)
ما قاله عبد الله بن المبارك عن الإمام مالك بن أنس : (كنت عند مالك وهو يحدثنا
حديث رسول الله فلدغته عقرب ست عشرة مرة ، ومالك يتغير لونه ويصفر ، ولا
يقطع حديث رسول الله ، فلما فرغ من المجلس وتفرق الناس ، قلت : يا أبا عبدالله ، لقد رأيت منك عجباً ! فقال : (نعم إنما صبرت إجلالاً لحديث رسول الله-صلى
الله عليه وسلم-) [24] .
وقال الشافعي (رحمه الله تعالى) : (يكره للرجل أن يقول : قال رسول الله ،
ولكن يقول : رسول الله ؛ تعظيماً لرسول الله) . [25]
وممن يجب تعظيمهم وإجلالهم : صحابة رسول الله ، فيتعين احترامهم
وتوقيرهم ، وتقديرهم حق قدرهم ، والقيام بحقوقهم (رضي الله عنهم) .
وقد خرج جرير بن عبد الله البجلي ، وعدي بن حاتم ، وحنظلة الكاتب
(رضي الله عنهم) من الكوفة حتى نزلوا قرقيساء وقالوا لا نقيم ببلدة يشتم فيها
عثمان بن عفان . [26]
وباعد محمد عبد العزيز التيمي داره وقال : لا أقيم ببلدة يشتم فيها أصحاب
رسول الله . [27]
ولما أظهر ابن الصاحُب الرفضَ ببغداد (سنة 583 هـ) جاء الطالقاني إلى صديق فودّعه ، وذكر أنه متوجه إلى بلاد قزوين .
فقال صديقه : إنك ههنا طيّب ، وتنفع الناس .
فقال الطالقاني : معاذ الله أن أقيم ببلدة يجهر فيها بسبّ أصحاب رسول الله ،
ثم خرج من بغداد إلى قزوين ، وأقام بها إلى أن توفي بها . [28]
وبالجملة يجب تعظيم شعائر الله (تعالى) جميعها ، كما قال (تعالى) : ] ذَلِكَ
وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ [ [الحج : 32] .
ويلحظ الناظر في حال المسلمين أن ثمة مخالفات تنافي تعظيم الله (تعالى)
وشعائره كالاستهزاء ، أو الاستخفاف ، أو الازدراء ، أو الانتقاص لدين الله (تعالى)
وشعائره .
وتظهر هذه المخالفات عبر وسائل الإعلام المختلفة ، ومن خلال منابر ثقافية
ومؤسسات علمية مشبوهة وغيرها .
ويمكن أن نشير في خاتمة هذه المقالة إلى أهم أسباب وقوع تلك المخالفات(12/12)
المنافية للتعظيم ، ومنها :
الجهل بدين الله (تعالى) ، وقلة العلم الشرعي ، وضعف التفقه في هذا الأصل
الكبير ، ومنها : غلبة نزعة الإرجاء في هذا الزمان ، فمرجئة هذا الزمان الذين
يقررون أن الإيمان تصديق فقط ، ويهملون العبادات القلبية ، كانوا سبباً رئيساً في
ظهور وجود هذه المخالفات ... فيمكن أن يكون الرجل عندهم مؤمناً ما دام مصدقاً ،
وإن استخف بالله (تعالى) ، أو استهزأ برسوله أو دينه ! ! ومن أسباب هذه الظاهرة : وجود علم الكلام قديماً ، الذي لا يزال أثره باقياً إلى هذا العصر ، فأهل الكلام
يخوضون في الله (تعالى) وصفاته ، مما أورثهم سوء أدب مع الله .
وأخيراً : فإن من أسباب ذلك : كثرة الترخص والمداهنات والتنازلات من
علماء السوء الذين أُشربوا حب الدنيا والرياسة ، فجعلوا الدين ألعوبة يأخذون منه
ويدعون .
ورحم الله ابن القيّم حيث يقول : (كل من آثر الدنيا من أهل العلم واستحبها ،
فلا بد أن يقول على الله غير الحق في فتواه وحكمه ؛ لأن أحكام الرب (سبحانه)
كثيراً ما تأتي على خلاف أغراض الناس ... ) . [29]
________________________
(1) انظر تفسير السعدي : 3/259 .
(2) العظمة لأبي الشيخ : 1/341 .
(3) الصارم المسلوم .
(4) مدارج السالكين : 2/495 .
(5) انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية : 13/60 .
(6) تفسير السعدي : 5/622 .
(7) منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات : ص36 .
(8) الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب : 1/153 .
(9) انظر : فتاوى ابن تيمية ، مجلد 13/160162 .
(10) مؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب : 4/346 .
(11) سنن أبي داود : كتاب السنة ، ح/4726 .
(12) أخرجه الهروي في ذم الكلام ص184 .
(13) شأن الدعاء للخطابي ص18 ، ووردت هذه المقالة عن مطرف بن عبدالله بن الشخير ، كما في الحلية لأبي نعيم 2/209 ، وذم الكلام للهروي ص190 .
(14) شأن الدعاء ص 18 ، 19 .
(15) من المنديل ، يريد الامتهان والابتذال .(12/13)
(16) الشفا للقاضي عياض 2/1096 .
(17) أخرجه الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث ص17 ، 18 .
(18) (أورد هذه القصة عبدالغني المقدسي في كتابه (الاقتصاد في الاعتقاد) ص 110 .
(19) انظر الحلية لأبي نعيم 4/230 .
(20) انظر طبقات السبكي 6/82 .
(21) الصارم المسلول في الرد على شاتم الرسول ص422- 424 باختصار .
(22) انظر تفصيل ذلك في الصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبدالهادي ص385 .
(23) انظر سنن الدارمي 1/116 فما بعدها .
(24) الديباج المذهب لابن فرحون 1/104 .
(25) أخرجه الهروي في ذم الكلام ص225 .
(26) انظر الإبانة الصغرى لابن بطة ص164 .
(27) انظر الإبانة الصغرى لابن بطة ص164 .
(28) طبقات السبكي 6/11 .
(29) الفوائد ص93 .(12/14)
بسم الله الرحمن الرحيم
منوعات تتعلق بالحج ( رقائق ، فوائد ، نوادر )
1 ـ أبو الفرج الإسفراييني قال كان الخطيب معنا في الحج فكان يختم كل يوم قريب الغياب قراءة ترتيل ثم يجتمع عليه الناس وهو راكب فيقولون حدثنا فيحدث (1) .
2 ـ في سير أعلام النبلاء 3/385 :
" محمد بن علي بن الحسن بن شقيق سمعت أبي قال :
كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج ، اجتمع اليه إخوانه من أهل مرو ، فيقولون : نصحبك ؟ .
فيقول : هاتوا نفقاتكم !
فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ، ويقفل عليها ، ثم يكتري لهم ، ويخرجهم من مرو إلى بغداد فلا يزال ينفق عليهم يطعمهم أطيب الطعام وأطيب الحلوى ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي أكمل مروءة حتى يصلوا إلى مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، فيقول لكل واحد : ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها ؟
فيقول : كذا وكذا .
ثم يخرجهم إلى مكة فإذا قضوا حجهم ، قال :
لكل واحد منهم ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة فيقول كذا وكذا فيشتري لهم ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو فيجصص بيوتهم وأبوابهم فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة كساهم فإذا أكلوا وسروا دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته عليها اسمه" .
3 ـ في تهذيب الكمال 11/168 :
قال عبد الله بن محمد الباهلي : جاء رجل إلى الثوري ، فقال : إني أريد الحج !
قال : فلا تصحب من يكرم عليك ، فإن ساويته في النفقة أضر بك ، وإن تفضل عليك استذلك .
4 ـ
__________
(1) تذكرة الحفاظ 3 /1139 .(13/1)
بسم الله الرحمن الرحيم
فتاوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
جمع وترتيب
أحمد بن عبدالرزاق الدويش
المجلد الحادي عشر
«الحج والعمرة»(14/1)
فهرس المجلد الحادي عشر من فتاوى اللجنة
كتاب الحج والعمرة …5
وجوب كلٍّ من الحج والعمرة وشروط ذلك …7
أهمية مكة بالنسبة للمسلمين…8
أذان إبراهيم عليه السلام بالحج…8
متى فرض الحج؟…10
حكم الحج…11
فضل الحج…12
الاتجار في الحج…13
تكرار الحج…14
إذا التزم في الحج كل عام ثم حدث له مانع…15
الحامل هل إذا حجت هل يجزئها الحج؟…16
المبادرة في أداء الفريضة…17
وجوب الحج ولو برفقة المبتدعة…18
إذن الزوج في أداء الفريضة…19
أداء الفريضة ولو كان عليه قضاء أيام من رمضان…21
حج الصغير…22
إذا أسلم الكافر جاز دخوله مكة ولو لم يغير اسمه…24
حج الكافر…25
الزنا بعد أداء الحج…25
إذا حج المشرك ثم أسلم بعد ذلك هل يكفيه هذا الحج عن
حجة الإسلام؟…26
الاستطاعة في الحج…29
ماهي الاستطاعة في الحج؟…30
من الاستطاعة الحصول على المال اللازم…31
من الاستطاعة أيضاً الصحة في البدن…32
الحج على نفقة الغير هل يجزئ؟…34
حج الشاب قبل أن يتزوج…34
هل الزوج ملزم بنفقة الحج لزوجته؟…35
إذا كان دخله بقدر النفقة هل يلزمه الحج؟…35
الحج على نفقة الحاكم…36
حج الولد من مال أبيه…37
الحج من دية المقتول…38
الحج من جائزة المسابقات…39
الاقتراض للحج…41
يفرض على الحاج أن يودع في البنك مبلغاً من المال…42
الحج من مال حرام…43
شروط الاستطاعة…44
حج من عليه دين…45
الإنابة في الحج…49
النيابة في الحج…50
النيابة عن المستطيع في جسمه لكنه لا يملك المال…51
نيابة المرأة في الحج…52
الذي مات ولم يجب عليه الحج هل يحج عنه؟…53
حج عن أمه ولم يحج عن والده هل عليه إثم؟…54
الحج عن الشقيقة المتوفاة، وزيارة قبر الرسول r عنها…55
الذي توفي قبل الزواج هل يحج عنه؟…55
الحج عن الأقارب…56
النيابة في الحج عن شخص واحد…57
اختلاف العمرة والحج في نفس العام، حيث يحج لشخص
ويعتمر لآخر…58
إذا أخذ المال ونقص أو زاد ما الحكم؟…59
أخذ الأجرة على الحج…60
وكلت من يحج عن زوجها من عرفات…61(15/1)
الحج عن الكافر…63
إذا أعطي شخص مبلغاً من المال لتوكيل من يحج عن شخص
فحج هو عنه هل يصح ذلك؟…64
إذا وكل شخص آخر للحج عن والده والموكل لم يحج الفريضة هل يصح التوكيل؟…65
هل الأفضل للإنسان تكرار الحج لنفسه أو الحج لأحد أقاربه؟…65
ترتيب الأقارب بالأولوية في الإنابة في الحج…66
الذي يستطيع الحج بنفسه هل ينيب من يحج عنه؟…67
إنابة الصغير في الحج…68
الحج عن الكبير الذي لا يستطيع…69
النائب في الحج إذا أعطي مالاً يستعين به وبقي منه شيء
هل يعيده؟…69
تحجيج والديه قبل أن يحج…70
هل يجوز الحج عن الحي العاجز؟…71
إذا شك في ذبح الهدي…72
أخذ الأجرة على الإنابة في الحج…72
تلبية رغبة الوالد في السفر معه للعمرة…73
إذا منع الشخص من الحج هل يحج عنه …75
الأمور التي تجوز فيها الإنابة أو التوكيل في مناسك الحج…76
هل يشترط في الإنابة أن تكون من بلد المنوب عنه؟…77
ثواب الحج والعمرة في الإنابة…77
يشترط في النائب أن يحج عن نفسه…78
الإفريقي هل ينيب من يحج عنه من مكة؟…80
إذا جاء لمكة معتمراً هل يعتمر عن والديه؟…80
هل يشترط في النيابة أن يعرف اسم المنوب عنه؟…81
إذا أنيب شخص عن آخر بمبلغ ثم حج مجاناً …83
هل يلزم النائب أن يحج من مسقط رأس المنوب عنه؟…83
هل يلزم الابن الحج عن والدته العاجزة؟…84
الحج عن المريض…86
الحج عن الميت…87
محرم المرأة…89
حج المرأة بدون محرم…90
هل يجب على الزوج حج زوجته؟…94
الحج عن الميت…99
الحج عن الميت من تركته…101
إذا كان في ذمة المتوفى حجة لأحد هل تقضى؟…105
إذا كان للميت أبناء من يحق له الحجة عنه؟…106
إذا رغب أن يحج عن أحد أقاربه المتوفون وهو لا يدري هل
أدوا الفريضة أم لا؟ …107
إذا كان الميت لم يحج، وله تركة، هل يجوز لأحد أقربائه أن
يحج عنه من ماله؟ …108
إذا توفي الحاج وهو لم يكمل الحج هل يكمل عنه؟…108
الرفقة في الحج يؤمِّرون أحدهم؟ …110
المعاصي هل تبطل الحج السابق…111
الجدال في الحج…112(15/2)
الحج عن تارك الصلاة…113
إذن المرجع…115
الحج بإذن المرجع…116
إذا كان الموظف في إجازة فلا حاجة للإذن…117
المواقيت…121
يجب الإحرام من الميقات على من نوى الحج أو العمرة…122
من أين أحرم الرسول r ؟ …124
هل تكون جدة ميقاتاً بدلاً من يلملم؟…125
ميقات المكي…127
الذين يقدمون من مصر أو السودان هل يحرمون من البحر؟…128
إحرام أهل مكة للعمرة وإذا كانوا خارج المواقيت…129
ميقات السودان…130
ميقات استراليا …131
الجحفة…132
ميقات أهل الجنوب عن طريق الساحل…133
هل يلزم تحجيج أولاده الذين أخذوا عمرة معه؟…133
هل يحج من مكة نيابة عن ميت في باكستان؟…134
ساكن في جدة وأهله في القنفذة فإذا سافر للقنفذة هل يحرم
من جدة، وهل يقصر الصلاة في القنفذة؟…136
الإحرام من جدة من غير أهلها…137
المكلف بمهمة عمل، من أين يحرم؟…140
من أين يحج النائب؟…142
من أين يحرم أهل مكة بالعمرة؛ من الحل أم من الحرم؟…143
قدم للمملكة ماراً بجدة وهو لا ينوي العمرة، فتأخر في جدة
وأراد العمرة، فمن أين يحرم؟…150
المسافر من المدينة إلى جدة بالطائرة من أين يحرم؟…151
الإحرام بالعمرة من الحرم…152
إذا أراد الحج أو العمرة بالطائرة من أين يحرم؟…153
قدم إلى مكة وهو لا يريد العمرة ثم رغب فيها فيما بعد؛
فمن أين يحرم؟…154
دخل مكة ثم خرج وهو ناوٍ الحج، فمن أين يحرم؟…155
باب الإحرام…157
أنواع الإحرام…159
تحويل النسك من التمتع إلى الإفراد…160
تحويل القارن النية إلى الإفراد…162
أخذ العمرة في رمضان هل يعتبر تمتعاً؟…162،163
إذا أحرم يوم عرفة هل يكون مفرداً؟…163
تحويل القارن النية إلى التمتع…164
أداء العمرة عن الغير بعد التحلل من العمرة وقبل الإهلال
بالحج…164
إذا لبس الإحرام لعمرة أو لحج، ثم خلعه…166
النية في قطع الحج…167
متى يتطيب المحرم؟…168
إذا تجاوز الميقات بدون نية، وهو لا يريد العمرة، فماذا عليه؟…169
لبس الكمر…170(15/3)
لماذا الحاج يرتدي الإزار والرداء؟…171
إحرام الحائض…172
محظورات الإحرام…175
تجاوز الميقات بدون إحرام…176
إذا أراد الحج وحلق لحيته قبل الإحرام…177
تقليم الأظافر قبل الإحرام…178
لماذا حرم لبس المخيط؟…179
لبس الملابس العادية للمحرم…180
تغطية رأس الأصلع…181
تغطية الرأس…181
محل فدية ارتكاب محظور…182
إذا لبس المحرم ملابسه العادية للضرورة…182
لبس الشراب في الرجلين…183
اغتسال المحرم…184
وطء الأشجار للمحرم…185
تغيير الإحرام بآخر…185
مس الطيب أثناء الإحرام…186
جماع المحرم…187
تقبيل الزوجة والإنزال من المحرم…188
احتلام المحرم…188
تغطية المرأة وجهها وهي محرمة…189
لبس النقاب…190
مس الطيب…190
طواف المرأة وهي كاشفة وجهها أمام الرجال…193
لبس النقاب للمحرمة…194
صيد الحرم ونباته…195
إذا ربى ظبياً داخل الحرم ماذا يصنع فيه؟…196
هل هناك خصوصية لحمام مكة والمدينة؟…199
إزالة الأشجار في الحرم…199
قطع الأشجار من عرفات…200
صفة الحج والعمرة…201
المتمتع بعمرة متى يخلع الملابس؟…202
المتمتع متى يحرم بالحج؟…202
ماذا يباح للمتمتع أثناء إحلاله من الإحرام؟…204
المبيت بمنى ليلة التاسع…205
صعود جبل عرفات والصلاة فوقه…206
الصلاة فوق جبل عرفات والتمسح بمحاريب المساجد الموجودة فيه…209
الوقوف بعرفة…210
فضل عرفة إذا وافق الجمعة…211
صلاة النوافل في عرفة …211
المبيت في مزدلفة …212
أعمال الحاج يوم العيد…217
تقصير الحاج من أسفل الرأس فقط…217
وقت الحلق يوم العيد…218
المطلوب في الحلق…219
الحج الأكبر…220
التحلل من الإحرام…222
الطواف…223
هل يختم الطواف بالتكبير عند الحجر؟…224
الرمل والاضطباع في الطواف…225
رمل النساء…226
متى ينتهي طواف الإفاضة؟…227
تقبيل الحجر الأسود…228
كشف المرأة وجهها عند تقبيل الحجر الأسود…229
قطع الطواف …230
أداء بعض الطواف في الدور العلوي…231
الطواف في الدور الثاني…232
الطواف داخل حجر إسماعيل…233(15/4)
طواف الإفاضة…236
التبرع بأجر الطواف…236
الطهارة شرط لصحة الطواف…237
إذا طاف من غير طهارة…238
إذا شك في الحدث أثناء الطواف…242
طواف الحائض…246
حكم من أتم أعمال الحج ماعدا طواف الإفاضة ثم توفي هل يطاف عنه؟…250
السعي…251
تأخير الطواف…252
نقص أشواط الطواف…253
طواف الإفاضة يكفي عن طواف الوداع…254
إذا ترك طواف الإفاضة هل يجبره بالدم؟…256
السعي…257
الرمل في السعي…258
كيفية التكبير على الصفا والمروة…259
الإتيان بشوط ثامن في السعي…259
إذا حصل عارض في السعي…261
الركوب أثناء السعي…261
الفصل بين الطواف والسعي بوقت طويل …262
هل يعيد الحلق مرة ثانية بعد الطواف؟…263
حكم السعي بلا طهارة…264
المبيت في منى…265
المدة التي يمكثها الحاج في منى…266
من لم يجد مكاناً في منى…268
هل العزيزية من منى؟…268
لو بات خارج منى أيام التشريق وبقي ليلة الثالث عشر إلى
غروب الشمس هل يلزمه المبيت والرمي؟…269
الكشافة هل يؤذن لهم بالمبيت خارج منى؟…271
الذي يبيت خارج منى هل يلزمه البقاء في مكانه إلى زوال الشمس لليوم الثالث عشر؟…272
رمي الجمار …273
الرمي قبل الزوال…273
زيادة الحصى عن السبع…273
نزل بمكة بعد اليوم الثاني من أيام التشريق هل يلزمه رمي
الجمرات لليوم الثالث…274
إذا شك في أن إحدى الحصيات لم تضرب الشاخص…274
رمي جمرة العقبة من الخلف…275
إذا لم يقع الحصى في الحوض…276
إذا شك في سقوط الحصاة في الحوض وتأخر عن رمي الوسطى والكبرى…277
إذا نقص الحصى وأخذ من المرمى فما الحكم؟…278
الرمي خارج المرمى…279
رمي الحصى دفعة واحدة…279
الرمي ليلاً…281
التوكيل في الرمي…283
هل توكل المرأة إذا خشيت الزحام في حجة الفريضة ؟…284
رجل توكل عن جماعة في رمي الجمار وأخذ الحصى ورماه
في الشارع…285
المرأة إذا كانت شابة هل توكل من يرمي عنها ؟…286
هل يوكل على رمي الجمار ثم يسافر قبل وقت الرمي؟…288(15/5)
طاف طواف الوداع ثم رجع إلى منى بنية الرحيل وعرض له عارض ألزمه المبيت …290
اضطرته ظروفه إلى مغادرة منى بعد الوقوف بعرفة ورمي
الجمرة الكبرى ثم وكل من يرمي عنه باقي الجمرات…290
استئجار من يرمي عنه لليوم الثاني عشر لأجل اللحوق
بالطائرة…292
التعجل في يومين…295
طواف الوداع…297
معنى قوله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه}…297
إذا رمى الجمرات في اليوم الثاني من أيام التشريق وخرج من
منى إلى جبل النور هل يلزمه رمي اليوم الثالث؟…298
هل يبيع ويشتري بعد طواف الوداع؟…298
هل للعمرة في غير وقت الحج طواف وداع؟…299
طواف الوداع للحائض…299
هل الخروج من باب الوداع لازم لمن ودع؟…299
هل الحامل تعفى من طواف الوداع؟…300
هل طواف الوداع يجزئ عن طواف الإفاضة؟…300
هل يجوز الوداع قبيل إكمال رمي الجمار؟…302
المقيم في جدة هل يخرج قبل الوداع؟…303
طاف طواف الوداع في الليل ثم اضطر للمبيت في مكة…303
طاف طواف الوداع ثم رجع إلى منى لاصطحاب رفقته…304
طاف طواف الوداع ثم بات خارج مكة هل يعيد؟…305
من طاف طواف الوداع هل له المبيت في مكان حجز السيارات
وهل يعود إلى مكة للبحث عن رفقته؟…306
هل يجوز له الخروج إلى الطائف ثم يعود للوداع؟…307
الحائض والنفساء والعاجز والمريض هل عليهم طواف وداع؟…307
طاف طواف الوداع خمسة أشواط فقط…308
أكمل الحج ثم خرج إلى الميقات وأخذ عمرة ثم طاف
وسعى وسافر…309
عرض له عارض في عرفة أفقده وعيه حتى عاد إلى رفقته في منى…310
البيع والشراء أثناء الحج…313
مدى صحة حج من طلب منه عقد عقدة لشفاء مريض…313
العمرة…315
هل تجب العمرة على أهل مكة؟…316
هل يجوز أداء العمرة في أي وقت من السنة؟…316
تقديم العمرة على الحج…317
شخص لم يؤد الحج هل يجوز أن يذهب إلى العمرة فقط؟…318
من اعتمر في أشهر الحج وهو ناوٍ الحج ثم سافر خارج مواقيت مكة هل تجزؤه عمرته هذه إن عاد فحج من عامه؟…319(15/6)
أحرم بالعمرة ثم عرض له مرض فأخر إكمال العمرة…319
سعى للعمرة قبل أن يطوف …320
سعى راكباً للعمرة…321
طاف بعض الأشواط ثم عرض له ما أشغله ثم قطع العمرة
وهو مشترط…321
بعدما أحرمت بالعمرة جاءها الحيض وقطعت العمرة…323
دخول مكة بدون عمرة…324
الوداع للعمرة…325
تكرر دخوله لمكة دون إحرام…325
الحلق والتقصير في العمرة…326
أحرموا بالعمرة ثم حصل لهم ما يشغلهم عن المبادرة في أدائها…327
السفر للعمرة والإنفاق في سبيل الله…328
أخذ العمرة بالثوب العادي…330
أحرم يوم (8) وطاف وسعى ثم وقف في عرفة وانصرف قبل غروب الشمس…332
إذا اعتمر ثم رجع لمكة في وقت قريب هل يعتمر مرة أخرى؟…333
تكرار العمرة في السنة…334
طواف الوداع في العمرة…334
تكرار العمرة كل أسبوع…337
نذر أن يعمر والدته كل سنة يوم العيد هل يعمرها في
رمضان أو غيره؟…338
فدية ترك الواجب…341
إخراج القيمة نقوداً عن الفدية…342
متى يجوز ذبح الدم لمن ترك واجباً؟…342
من دخل محرماً ولم يتجرد من المخيط…343
من تسبب على أحد في ترك الواجب فعليه الفدية…344
باب الفوات والإحصار…347
حصل عليه حادث ليلة التاسع من ذي الحجة فترك الحج…348
عدم فسخ الإحرام إلا بعد طواف الإفاضة…349
أحرم بالحج ومنع من دخول مكة…350
أحرم بالحج وبعد انصرافه من مزدلفة مرض ودخل المستشفى
ثم سافر وترك الحج…351
حصل لهم حادث ثم رجعوا ولم يكملوا العمرة…354
أحرم بالعمرة متمتعاً ثم مرض قبل أن يحرم بالحج، وعاد
إلى بلده…355
بدع الحج…357
التلبية الجماعية…358
إذا رجع الحجاج لزموا بيوتهم أسبوعاً لا يخرجون…358
صعود جبل النور…359
آداب الزيارة…361
هل يلزم الحاج من الرجال والنساء زيارة قبر الرسول r؟…362
زيارة المسجد النبوي هل فيه وداع؟…362
باب الهدي والأضحية والعقيقة…365
هدي التمتع…366
اعتمر في أشهر الحج غير قاصد للحج ثم حصل على حجة هل يعتبر متمتعاً؟…367
أدى عمرة في أشهر الحج، ثم عاد إلى جدة ثم أحرم بالحج(15/7)
مفرداً، هل عليه هدي؟…368
قدم للحج من جيزان، وطاف وسعى للعمرة ثم سافر للمدينة وأحرم بالحج من المدينة هل يعتبر متمتعاً؟…369
ضيع نقوده ولم يذبح الهدي…370
الهدي على القارن…370
ذبح الهدي بعد أيام التشريق…373
إذا لم يجد الهدي…374
لم يجد الهدي وصام ثلاثة أيام وترك الباقي…375
إذا لم يجد الهدي في منى…376
ذبح صغير السن في الهدي…376
ما يشترط في الهدي…377
شراء الهدي من خارج مكة…378
الاشتراك في البدنة…378
ذبح الهدي خارج الأراضي المقدسة…380
من هو القانع والمعتر؟…381
إذا لم يتمكن من توزيع الهدي على الفقراء هل يجزئ؟…382
وكل على الهدي أناساً لا يعرفهم…383
توزيع ثمن الهدي بدلاً من ذبحه…384
طبخ الهدي في المخيم وعدم توزيع شيء منه…385
لم يستطع شراء الهدي ولم يستطع الصيام…386
لم يجد الهدي هل يتأخر في مكة للصيام؟…387
صيام السبعة أيام هل تكون مفرقة؟…388
لم يذبح الهدي ولم يصم…388
المفرد بالحج لا هدي عليه…389
المراد بحاضري المسجد الحرام…389
الأضاحي…391
أصل مشروعية الأضحية…392
حكم الأضحية…394
ذبح الأضحية بعد صلاة العصر …395
الاشتراك في البقرة …395
من أراد أن يضحي أو يضحى عنه لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً…397
أيهما أفضل في الأضحية الكبش أم البقر؟…398
هل يجوز الاشتراك في الأضحية؟…400
إذا ولدت الأضحية قبل ذبحها…402
طبخ الأضحية واجتماع الناس عليها…402
ذبح الجمل عن واحد…403
أضحية أهل البيت الواحد…403
إذا تزوج ولم يدخل بزوجته هل عليه أضحية…404
إذا نسي وحلق من شعره قبل الأضحية فماذا عليه؟…404
الأضحية بسبع بدنة…405
العيوب التي تمنع الإجزاء…405
الأيام التي يشرع فيها الذبح…406
إذا كان له أسرتان كل أسرة في بيت، هل يجزؤه أضحية واحدة ؟…406
إذا كانت الأسرة كبيرة هل تجزؤهم أضحية واحدة؟…407
الذبح قبل صلاة العيد…408
ذبح الأضحية قبل الإمام…410
هل اليوم الثالث عشر يعتبر من أيام الذبح؟…410(15/8)
ذبح الأضحية قبل أن يدفع ثمنها…411
الإخوان إذا اجتمعوا في بيت واحد يوم العيد هل يكتفون
بأضحية واحدة؟…411
مقطوع الإلية هل يجزئ؟…412
المجزئ في الأضحية…413
سن الشاة…414
الأضحية بالضبع…415
التلفظ بالنية عند ذبح الأضحية…416
الأضحية للميت…417
الوصية على الميت بالأضحية…418
التصدق على الميت بالأضحية…419
إذا ضحى عن أبيه هل يعلم بذلك؟ …420
رجل أوصى في غلة ثلث ماله بأضاحي ولم يذكر من تعطى
فما يصنع بلحمها؟…421
إذا لم يوف ريع الموصى به للأضحية ماذا يعمل؟…422
المستحقون أن يهدى لهم لحم الأضحية…423
إعطاء الكافر من لحم الأضحية…424
من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره…426
أضحية من حلق لحيته أو قص أظافره في عشر ذي الحجة…427
مشط الشعر في شهر ذي الحجة للمضحي…428
الوكيل في ذبح الأضحية هل له أن يأخذ من شعره شيئاً؟…429
كسر عظم الأضحية…429
من أراد أن يضحي عن شخص فسقط منه شعر فما الحكم…430
إذا كانت زوجته ليست عنده هل يضحي ؟…430
الحاج إذا أراد أن يضحي هل يحلق أو يقصر قبل ذبح الأضحية…431
إعطاء الجزار من الأضحية…432
لطخ الجباه بدم الأضحية…432
الوضوء لذبح الأضحية…433
العقيقة…435
الوليمة عند ولادة المولود…436
إذا لم يستطع العقيقة ماذا يفعل؟…436
مقدار العقيقة لكل من الذكر والأنثى…437
إذا لم يجد العقيقة إلا بعد سنة…438
حكم العقيقة…439
ذبح العقيقة للضيف…439
شراء لحم بدل العقيقة…440
تبرع الزوجة بالعقيقة…440
إذا لم يجد العقيقة إلا بعد وقت طويل…441
الاجتماع للعقيقة…442
هل توزع العقيقة لحماً مطبوخاً أو نيئاً؟…443
إذا مات المولود من يومه هل له عقيقة؟…444
السقط هل له عقيقة؟…446
إذا مات وهو صغير قبل أن يعق عنه…448
إخراج القيمة عن العقيقة…449
متى يسمى المولود؟…449
تسمية المولود…451
هل يسمى المولود على أبيه؟…452
التسمية بـ: (عاشق الله) و(محمد الله)، و(محب الله)…452
تسمية الأولاد في المسجد…453(15/9)
التسمية بالفضيل…453
إطلاق اسم الأب على العم…459
التسمية باسم: (خالد)…461
التسمية باسم: (إلهي بخش) …462
التسمية باسم: (إيمان) و(هدى)…463
التسمية باسم: (علا الله)…464
التسمي باسم: (حسام الله)…465
التسمي باسم: (عبدالمطلب)…465
التسمي باسم: (أبرار)…466
التسمي باسم: (هادي)…467
التسمي باسم: (قسم الله)…468
التسمي باسم: (فتح الباري)…468
سمى أولاده: بشير ونذير وسراج ومنير…469
التسمي باسم: (رقيب)…470
التسمي باسم: (خلف الله)…470
التسمي باسم: (عبد الشهيد)…471
التسمي باسم: (العلي)…472
التسمي باسم: (صخر)…472
التسمي باسم: (يسرى)…473
تقديم الجد على الأب في الحفيظة…474
التسمي باسم: (عون الله)…475
التسمي باسم: (غلام الرسول)…476
التسمي باسم: (عبدالنبي) و(عبدالمسيح) و(عبدالرسول)…477
التسمي باسم: (سبحان الله)…477
تغيير اسم الكافر…478
تغيير الاسم من: (عبدالرسول) إلى: (عبدرب الرسول)…479
التسمي باسم: (عبدالمعتني)…481
تغيير اسم العائلة …481
الانتساب إلى العم…482
التسمية باسم: (قمر الأنبياء)…482
الانتساب إلى الجد…483
تسمية بعض الأماكن مثل: (مطعم الحمد لله) و(ملحمة
باسم الله)…485
الكنية واللقب والشهرة…486
الفهرس…491(15/10)
ےےے
كتاب الحج والعمرة
وجوب كلٍّ من الحج والعمرة وشروط ذلك
أهمية مكة بالنسبة للمسلمين
السؤال العاشر من الفتوى رقم (3056)
س10: ماهي أهمية مكة للعالم الإسلامي؟
ج10: قد جعلها الله مثابة للناس وأمناً، وحرماً آمناً، يجتمع فيه الحجاج والعلماء لأداء مناسكهم في غاية الراحة والاطمئنان، يرجون ثواب الله سبحانه، ويخشون عقابه، ويتعارف فيها المسلمون ويتناصحون، ويتشاورون فيما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم، وتضاعف لهم فيها الصلاة والأعمال الصالحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
أذان إبراهيم عليه السلام بالحج
السؤال الرابع من الفتوى رقم (6147)
س4: قيل إن الله تعالى أمر نبيه إبراهيم عليه السلام أن يؤذن للناس بالحج، وأن إبراهيم دعا الناس، ولباه الذين يحجون في أصلاب الرجال وأرحام النساء، وأن الذين لم يلبوه لا يحجون، ولو ملكوا القناطير المقنطرة من الذهب والفضة لا يحجون. أصحيح أم لا؟(16/1)
ج4: أمر الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد انتهائه من بناء البيت أن يؤذن للناس بالحج، فقال تعالى: {وأذن في الناس بالحج}(1) الآية، قال ابن كثير في تفسيرها: أن نادِ في الناس داعياً لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه، فذكر أنه قال: (يارب كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقال: نادِ وعلينا البلاغ، فقام على مقامه، وقيل على الحجر، وقيل على الصفا، وقيل على أبي قبيس، وقال: يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتاً فحجوه، فيقال: إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض، وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء سمعه من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة: لبيك اللهم لبيك. هذا مضمون ما ورد عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد ابن جبير وغير واحد من السلف، والله أعلم، وأوردها ابن جرير وابن أبي حاتم مطولة.(2) انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى. والله أعلم بحقيقة الواقع. أما الأذان فلا شك فيه؛ لأن القرآن الكريم نص عليه.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
متى فرض الحج؟
السؤال السادس من الفتوى رقم (4624)
س6: في أي سنة من الهجرة بدأ الحج والرواية الأصح؟
ج6: اختلف العلماء في السنة التي فرض فيها الحج، فقيل في سنة خمس، وقيل في سنة ست، وقيل في سنة تسع، وقيل في سنة عشر، وأقربها إلى الصواب القولان الأخيران، وهو أنه فرض في سنة تسع وسنة عشر، والله أعلم.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
حكم الحج
__________
(1) سورة الحج، الآية 27.
(2) تفسير ابن كثير 217/3 مكتبة الرياض الحديثة.(16/2)
السؤال الثاني من الفتوى رقم (6315)
س2: نوع من الناس يقولون: إن الحج بأبواب منازلهم، ويزيدون في قولهم بأن كل من ذهب إلى الديار المقدسة فإنه يرجع وقلبه خال من الرحمة، بل أشد قسوة، وهذا الرهط من البشر أغلبيتهم في استطاعتهم أداء الفريضة ولم يفعلوا. ما حكم من قال بهذا، وهل تطبق عليه نفس الآية المذكورة في الناقض الخامس كذلك؟
ج2: الحج ركن من أركان الإسلام، فمن جحده أو أبغضه بعد البيان فهو كافر، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ويجب على المستطيع أن يعجل بأداء فريضة الحج؛ لقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}(1) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
فضل الحج
السؤال الأول من الفتوى رقم (6614)
س1: الحج المبرور هل يغفر كبائر الذنوب؟ ومتى تكون التجارة جائزة في الحج؟
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.(16/3)
ج1: أولاً: ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»)(1) متفق عليه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»(2) متفق عليه، فالحج وغيره من صالح الأعمال من أسباب تكفير السيئات، إذا أداها العبد على وجهها الشرعي، لكن الكبائر لا بد لها من توبة؛ لما في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر»(3)
__________
(1) أحمد 2/229،248، 410، 484، 494، والبخاري 2/141، 209 (ط المكتبة الإسلامية استانبول)، ومسلم ج2/983 برقم (1350)، وهذا لفظ البخاري، والترمذي 3/176 برقم (811)، وابن ماجه 2/965 برقم (2889)، والدارمي 2/31، والدار قطني 2/284، وعبدالرزاق 5/4 برقم (8800)، وابن خزيمة 4/131 برقم (2514)، وابن حبان 9/7 برقم (3694)، والبيهقي 5/261، 261-262، 262.
(2) أخرجه مالك في الموطأ 1/346، وأحمد 2/246، 461،462، 3/447، والبخاري 2/198، ومسلم 2/983 برقم (1349، 1350)، والترمذي 3/272 برقم (933)، والنسائي 5/112، 113، 115 برقم (2622،2623،2629)، وابن ماجه 2/964 برقم (2888)، والدارمي 2/31، وعبدالرزاق 5/3-4، 4 برقم (8798، 8799)، وابن خزيمة 4/131، 359 برقم (2513، 3072، 3073)، وابن حبان 9/9 برقم (3696)، وابن الجارود 2/115 برقم (502)، والبيهقي 4/343، 5/261.
(3) أخرجه أحمد 2/229، 359،400،414، 484، 506، ومسلم 1/209 برقم (233) واللفظ له، والترمذي 1/418 برقم (214)، وابن ماجه 1/196، 345، برقم (598، 1086)، وابن خزيمة 1/162، 3/158 برقم (314،1814)، وابن حبان 5/25، 6/176 برقم (1733، 2418)، والطبراني 4/155 برقم (3989)، والحاكم 1/119-120، 4/259 بنحوه، وأبو عوانة 2/20، والبيهقي 2/466، 467، 10/187، والبغوي 2/177 برقم (345).(16/4)
، وذهب الإمام ابن المنذر رحمه الله وجماعة من أهل العلم إلى أن الحج المبرور يكفر جميع الذنوب؛ لظاهر الحديثين المذكورين.
ثانياً: يجوز الاتجار في مواسم الحج، أخرج الطبري في تفسيره بسنده، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم}(1)، وهو: لاےحرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده.(2)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
تكرار الحج
السؤال الأول من الفتوى رقم (6909)
س1: هل يستحسن الحج كل سنة لمن يرغب ذلك ولا يشق عليه أو الأفضل كل ثلاث سنوات مرة أو كل سنتين مرة؟
ج1: فرض الله الحج على كل مكلف مستطيع مرة في العمر، وما زاد على ذلك فهو تطوع وقربة يتقرب بها إلى الله، ولم يثبت في التطوع بالحج تحديد بعدد، وإنما يرجع تكراره إلى وضع المكلف المالي والصحي وحال من حوله من الأقارب والفقراء، وإلى اختلاف مصالح الأمة العامة ودعمه لها بنفسه وماله، وإلى منزلته في الأمة ونفعه لها حضراً أو سفراً في الحج وغيره، فلينظر كلٌّ إلى ظروفه وما هو أنفع له وللأمة فيقدمه على غيره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (11303)
__________
(1) سورة البقرة، الآية 198.
(2) تفسير ابن جرير 4/162 برقم (3761) تحقيق أحمد شاكر، وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور 1/222.(16/5)
س3: والدي حج حجة واحدة سابقاً على الأقدام قبل ما يقارب من 40 عاماً، وقد اعتمر عمرتين، واحدة قبل وفاته بثلاث سنوات على الأقل، حيث إنه رجل لا يقرأ ولا يكتب، ولم أدر كيف أدى هذا الحج، فهل يلزمني أن أحج عنه، وما رأي فضيلتكم في ذلك؟
ج3: الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة، والأصل في تأدية الأعمال والمناسك السلامة، فلا يجب الحج ثانية، لكن إذا حججت عن أبيك صارت نافلة، وفي ذلك لك وله أجر عظيم إذا تقبل الله منك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3580)
س: إنني قد عاهدت الله أن أحج كل عام، وكنت قبل ذلك لست موظفاً، ولكن أجبرتني الظروف وتوظفت عسكرياً، ولم يسمح لي مرجعي أن أحج كل عام، أرجو الإفادة هل علي إثم أم لا؟
ج: إذا كان المانع الذي يمنعك عن الحج في بعض السنوات من الأمور القهرية التي لا تستطيع التغلب عليها فليس عليك إثم؛ لقوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}(1)، وقوله تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}(2) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (2177)
س3: امرأة حجت وهي حامل فرجعت من حجتها ومات مولودها فهل تلك الحجة تجزئ عنها وعن ولدها أم لا؟
ج3: تجزئ الحجة عن المرأة فقط، أما ولدها فلا حج عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
__________
(1) سورة البقرة، الآية 286.
(2) سورة المائدة، الآية 6.(16/6)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
المبادرة في أداء الفريضة
الفتوى رقم (11133)
س: هل يجوز لي تأجيل تأدية فريضة الحج لعام آخر أو عامين، وأنا الذي قد توفر لي شرط الاستطاعة، من أجل زيارة الأهل والزوجة التي سأتغيب عنها مدة سنتين إذا ما أديت فريضة الحج هذا العام، والمناسك ستتوسط العطلة الصيفية ولن يتيسر لي أداء الحج وزيارة الأهل معاً، فإما أن أحج وإما أن أزور الأهل فأؤجل الحج. أفتونا مشكورين، وجزاكم الله عنا كل خير.
ج: يجب على المسلم المبادرة إلى تأدية فريضة الحج متى كان مستطيعاً؛ لأنه لا يدري ماذا يحدث له لو أخره، وقد قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}(1) وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له» خرجه الإمام أحمد رحمه الله(2) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
وجوب الحج ولو برفقة المبتدعة
الفتوى رقم (8308)
س: نفيدكم أنه يعيش كثير من إخواننا المسلمين أهل السنة على ساحل فارس، ويريدون أداء فريضة الحج، ولكنهم لا يستطيعون السفر مع أهل إيران؛ لكونهم من الشيعة تحسباً لما ينجم من مشاكل معهم في الطريق وكذلك لا تسمح لهم حكومات الدول العربية المتاخمة لهم بالسفر من منافذها، فهل يجوز لهم أن يرسلوا نفقات حجهم إلى أقارب لهم بدولة أخرى ليحجوا عنهم، أفتونا مأجورين مع التوضيح الكامل في الإجابة وجزاكم الله خيراً.
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.
(2) مسند الإمام أحمد 1/314، والأصبهاني في الترغيب والترهيب 2/11 برقم (1046).(16/7)
ج: الواجب عليهم: أن يحجوا ولو مع الشيعة إذا كانوا مستطيعين للحج، وعليهم مع ذلك الحذر من شبهات الشيعة ومذهبهم الباطل، وإن تمكنوا أن ينصحوهم ويدعوهم إلى اعتناق مذهب أهل السنة وجب عليهم ذلك؛ لقول الله سبحانه: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}(1)، وغيرها من الآيات الدالة على وجوب الدعوة إلى الله سبحانه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أصلح الله حال الجميع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
إذن الزوج في أداء الفريضة
الفتوى رقم (5659)
س: أنا امرأة متزوجة وأريد الحج، وإنني قد جلست مع زوجي أربعين سنة وقد طلبته الحج فيوافق وإذا جاء الحج أو العمرة منع لا أمشي علشان عنده غنم وبقر أجلس معها، وإنه قد حج أكثر من خمس حجج وأنا أريد الحج، فهل يجوز أن أمشي مع أزواج بناتي؟ لأنني طلبت زوجي أمشي مع إحدى بناتي وزوجها فأبى.
ج: إذا كان الواقع من حالك مع زوجك ما ذكرت، ولم تحجي حج الفريضة ولم تعتمري وجب عليك أن تسافري مع من ذكرت من المحارم ولو لم يأذن زوجك؛ لأن تركك الحج مع قدرتك على أدائه مُحرَّم، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السابع من الفتوى رقم (5866)
س7: حكم خروج الزوجة إلى حج الفريضة بدون إذن زوجها؟
ج7: حج الفريضة واجب إذا توفرت شروط الاستطاعة، وليس منها إذن الزوج، ولا يجوز له أن يمنعها، بل يشرع له أن يتعاون معها في أداء هذا الواجب.
__________
(1) سورة النحل، الآية 125.(16/8)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9238)
س: يوجد لديه أخت قد أدت فريضة الحج بدون إذن من زوجها، وهو يعمل في شرطة مكة المكرمة، وقد رحت إليه في العمل وأخبرته، وقال: هذا من سروري حيث لا يمكنني الذهاب معها، وقد راح معها أخوها الذي لا يقل عمره عن 18 سنة، وقد سامحها زوجها أي: عفا عنها، فما رأيكم هل حج هذه المرأة صحيح أو باطل؟ إني لم أدر عن هذا إلا بعدما راحت، وهي من البادية لا تعرف عن هذا أنه حرام والآن هي محتارة. أفتوني جزاكم الله خيراً.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فحجها صحيح، ولا يشترط إذن زوجها في أدائها الفريضة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
أداء الفريضة ولو كان عليه قضاء من رمضان
السؤال التاسع من الفتوى رقم (6908)
س9: أريد أن أؤدي فريضة الحج هذه السنة، ولم أقض قضاء رمضان هذا العام، حيث إنني كنت نفساء، وبعدها أرضع طفلي ولم أتمكن من قضائه قبل موعد الحج.
ج9: يجب عليك أداء فريضة الحج إذا كنت مستطيعة لذلك، وتيسر المحرم، وتقضين صيام رمضان بعد ذلك إن شاء الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
حج الصغير
السؤال الأول من الفتوى رقم (6736)(16/9)
س1: إذا أردت أن يحج معي صغيري هذا الذي لم يبلغ الحلم، هل ألبسه ملابس الإحرام وأقوم نيابة عنه بجميع المناسك كأن أطوف عنه..إلخ، أم ألبسه ملابسه العادية ولا أقوم عنه بشيء طالما أنه صغير ولا حج عليه؟
ج1: الصبي المميز الذي لم يبلغ الحلم إذا أراد وليه أن يحج به فإنه يأمره بأن يلبس ملابس الإحرام، ويفعل بنفسه جميع مناسك الحج ابتداءً من الإحرام من الميقات إلى آخر أعمال الحج، ويرمي عنه إن لم يستطع الرمي بنفسه، ويأمره بأن يجتنب المحظورات في الإحرام، وإذا لم يكن مميزاً فإنه ينوي عنه الإحرام بعمرة أو حج، ويطوف ويسعى به ويحضره معه في بقية المناسك ويرمي عنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (10938)
س4: حججت وعمري عشر سنوات ذات مرة، وفي مرة أخرى كان عمري ثلاث عشرة سنة، فهل تجزئان عن الحجة الواجبة؟
ج4: تجزؤك الحجة المذكورة عن حجة الفريضة إذا كانت بعد تحقق البلوغ؛ بإنزال المني عن شهوة، أو بإنبات الشعر الخشن حول القبل؛ لأن الذكر والأنثى يبلغان بوجود أحدهما، وبإكمال خمس عشرة سنة، وبالحيض في حق المرأة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (11348)
س4: الطفل أو الطفلة الصغيرة إذا ما أدى أو أدت فريضة الحج، هل تعتبر كافية أم فقط يعتبر تطوعاً وأجره لوالديه؟
ج4: تعتبر العمرة أو الحج من غير البالغ تطوعاً، ولا تكفي عن حجة الإسلام وعمرته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .(16/10)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
إذا أسلم الكافر جاز دخوله الحرم ولو لم يغير اسمه
الفتوى رقم (11014)
اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من وكيل وزارة الخارجية للشئون السياسية والمحال إلى اللجنة من إدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 231 في 21/-/1408هـ وقد سأل سعادة الوكيل عما يلي: (تلقيت من سفارة خادم الحرمين الشريفين في بون طلباً تضمن إفادتها عما إذا كان إلزامياً على الفرد الذي يعتنق الدين الإسلامي تغيير اسمه الأول حتى يتسنى له زيارة الأماكن المقدسة لأداء فريضة الحج، وهل يُحْرَم من ذلك مالم يتم تغييره؟ آمل التفضل بإفادتي بما ستجاب به السفارة بهذا الشأن).
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت: بأنه إذا ثبت إسلامه فلا يمنعه بقاؤه على اسمه من دخول الأماكن المقدسة شرعاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
حج الكافر
السؤال الثالث من الفتوى رقم (836)
س3: هل الذي حج حجة الإسلام ثم بعدها زنى وتهاون بالصلاة؛ فرض يصليه وفرض يتركه، ثم بعد ذلك تاب، فهل حجه هذا يكفيه أم يعيد حجة الإسلام؟(16/11)
ج3: ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام»، وشأن الصلاة عظيم، وقد ذكرها الله بعد الشهادتين؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر». فهذا الشخص الذي يصلي فرضاً ويترك فرضاً متلاعب بدين الله عز وجل، والشخص إذا ترك فرضاً واحداً يستتاب ثلاثاً، فإن تاب وإلا قتل، وقد ذكرتم أنه تاب، ومن تاب تاب الله عليه، وعلى هذا الأساس يعيد الحج احتياطاً وخروجاً من الخلاف؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «دع مايريبك إلى مالا يريبك»(1) ، وأما ما ذكرته من أنه زنا بعدما حج فإن كان فعله للزنا استحلالاً له فهذا كفر محبط لعمله السابق، ويعيد الحج، وإن كان يفعله مع اعتقاد تحريمه فهذا كبيرة من كبائر الذنوب، ولا بد فيها من التوبة، وحجه صحيح، وإثم الزنا باق عليه حتى يتوب.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
السؤال الثاني من الفتوى رقم (4459)
__________
(1) أحمد 1/200، 3/153، والترمذي 4/668 برقم (2518)، والنسائي 8/327-328 برقم (5711)، والدارمي 2/245، وعبدالرزاق 4/117 برقم (4984)، وابن خزيمة 4/59 برقم (2348)، وابن حبان 2/498 برقم (722)، وأبو يعلى 12/132 برقم (6762)، والحاكم 2/13، 4/99، والطبراني في الكبير 3/75، 76 برقم (2708، 2711)، وفي الصغير 1/102، والطيالسي ص163 برقم (1178)، والبيهقي 5/335، والبغوي في شرح السنة 8/16-17 برقم (2032).(16/12)
س2: إذا حج المشرك شركاً أكبر حجة الإسلام، وبعد رجوعه من الحج بزمن هداه الله وصحت عقيدته وعبادته وتاب وصار موحداً فهل تغني عنه حجته تلك أيام إشراكه، أم لابد له من حجة أخرى بعد توحيده؟
ج2: من حج وهو كافر كفراً أكبر ثم دخل بعد في الإسلام لم تجزئه حجته تلك عن حجة الإسلام، لكن من كان مسلماً ثم ارتد بارتكابه ما يخرجه من ملة الإسلام ثم تاب وعاد إلى الإسلام أجزأته حجته تلك عن حجة الإسلام؛ لكونه أدى الحج وهو مسلم، وقد دل القرآن على أن عمل المرتد قبل ردته إنما يحبط بموته على الكفر؛ لقوله سبحانه وتعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}(1) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الاستطاعة في الحج
السؤال الخامس من الفتوى رقم (845)
س5: لماذا تبدأ الجزائر الصيام بيوم واحد قبل المغرب كل سنة، وماهي الاستطاعة بالنسبة للحج، وهل ثوابه أكبر عند توجهه إلى مكة المكرمة أم بعد عودته منها، وهل أجره عند الله أكبر إذا عاد منها إلى وطنه أم إلى هنا حيث عمله أولا؟
ج5: الوصول إلى حقيقة الأمر فيما سئل عنه من تقدم الجزائر على المغرب في صوم رمضان بيوم كل سنة يرجع فيه إلى المسئولين في الدولتين؛ ليبنى فيه الجواب على واقع الدولتين، وهما به أعرف، فليوجه هذا السؤال إليهما بعد التأكد من دوام التقدم كل سنة على ما ذكره السائل.
__________
(1) سورة البقرة، الآية 217.(16/13)
أما الاستطاعة بالنسبة للحج: فأن يكون صحيح البدن، وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام من طائرة أو سيارة أو دابة أو أجرة، ذلك حسب حاله، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً، على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه، وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها في سفرها للحج أو العمرة.
أما ثواب حجه فعلى قدر إخلاصه لله، وما قام به من نسك، وما تجنب من منافيات لكمال حجه، وما بذله من مال وتحمله من جهد سواء رجع أو أقام أو مات قبل تمام حجه، أو بعده، والله أعلم بحاله، وهو الذي يتولى جزاءه. وعلى المكلف أن يعمل ويحكم عمله ويراعي فيه موافقته للشريعة الإسلامية ظاهراً وباطناً، كأنه يرى ربه، فإنه وإن لم يره فالله يراه ومطلع عليه، ولا يبحث عما إلى الله، فإنه سبحانه رحيم بعباده يضاعف لهم الحسنات، ويعفو عن السيئات، ولا يظلم ربك أحدا، فعليك بنفسك ودع مالله لله، الحكم العدل، الرؤوف الرحيم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
الفتوى رقم (6553)
س: أنا شاب أعمل في المملكة العربية السعودية، ودخلي محدود يكفيني للضروريات، وتكاليف المعيشة والحمد لله، وقد حججت عن نفسي ثلاث مرات والحمد لله، وذلك لسهولة ويسر الحج للمقيمين هنا داخل المملكة، سواء للعمل أو غيره، ولي والد في مصر لم يحج بعد، وذلك لعدم توفر نفقة الحج لديه، علماً بأنه طيب وصحيح معافى، ولكن بسبب عدم توفر نفقة الحج ودخلي المحدود كما ذكرت سابقاً هل يمكنني أن أحج عنه، وقال لي أحد الأصدقاء: إن حجي بعد ذلك - أي بعد عدم استطاعة والدي أن يحج سواء من عنده أو بمساعدتي- أن يكون حجي هذا غير جائز؟ أفيدوني أفادكم الله.(16/14)
ج: إذا كان الواقع ما ذكر من أن والدك صحيح معافى ولا يستطيع الحج من أجل عدم استطاعته المالية فلا يلزمه الحج؛ لقوله سبحانه وتعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}(1)، ولا يصح الحج عنه منك، ولا من غيرك، لكن يشرع لك إذا كنت مستطيعاً لنفقته على الحج أن تساعده بذلك ليحج بنفسه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9240)
س: أبلغ من العمر 45 سنة، وأصبت بمرض منذ عشرين سنة مرض الرماتيزم، يخف أحياناً ويشتد أحياناً، إلا أنه منذ ست سنوات اشتد المرض وأصبحت معوقاً لا أستطيع القيام والجلوس إلا بكل صعوبة وبمساعدة الآخرين أحياناً، وعند القيام لا أستطيع الاعتدال في الوقوف، بل اعتمد على الله ثم على العصا، وكذلك في المشي لا أستطيع السجود وأصلي جالساً، وأسكن في بيت لوحدي، وقبل المغرب من كل يوم أذهب إلى بيت عمي والذي يبعد عن بيتي حوالي خمسين متراً، وعند وصولي إليه يساعدونني في الجلوس وكذلك عند القيام، وبعد صلاة العشاء أرجع إلى بيتي وهكذا.
وقد نصحني بعض الإخوان بأن أصلي بالمسجد القريب مني، وقال: أنت تجيء لبيت عمك كل يوم، فأفهمته بأنني لا أستطيع الصلاة إلا جالساً، وكذلك عند دخولي المسجد ورغبتي في الجلوس يشق علي، وكذلك عند القيام للخروج من المسجد، فقال: سوف أضع لك خشبة في المسجد تساعدك على القيام والجلوس، وإن المصلين سوف يساعدونك أيضاً، فقلت له: هذا يحدث مضايقة في المسجد، ويشق علي، إلا أنه لم يقتنع، وأخذ يكرر هذه النصيحة، أرجو إفتائي بما يلزم، كما أرجو إفتائي عن الحج حيث أنني لم أحج حتى الآن. والله يحفظكم ويرعاكم ولا يحرمكم الثواب، إنه على كل شيء قدير.
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.(16/15)
ملاحظة: علماً أنه لا يوجد لدي أي دخل مادي ماعدا الضمان الاجتماعي أصرفه بشراء العلاج ونفقتي الخاصة.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فإنك تصلي في بيتك للعذر، وكذلك الحج إذا لم تستطع الحج بنفسك ولم تجد النفقة للحج فإنه لا يجب عليك الحج إلى أن تجد النفقة، فإذا وجدتها أنبت من يحج عنك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (733)
س: قدمت إلى المملكة وتيسر لها أداء فريضة الحج على نفقة المضيف، وتسأل هل تجزئ هذه الحجة عن حجة الإسلام، والحال أنها لم تنفق على حجها من مالها شيء؟
ج: أداؤها فريضة الحج لا يؤثر على صحته أنها لم تنفق عليه شيء من مالها، أو أنها أنفقت الشيء القليل، وقام غيرها بإنفاق الشيء الكثير من تكاليف حجها، وعليه فإذا كان حجها مستكملاً الشروط والأركان والواجبات فهو مسقط عنها فريضة الحج، وإن قام غيرها بتكاليفه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
الفتوى رقم (3198)
س: 1 - ما رأي الدين فيمن حج بغير ماله؟
2 - هل يصح حج الشاب قبل أن يتزوج؟
ج: أولاً: إذا حج الشخص بمال من غيره صدقة من ذلك الغير عليه فلا شيء في حجه، أما إذا كان المال حراماً فحجه صحيح، وعليه التوبة من ذلك.
ثانياً: يصح حج الشاب قبل أن يتزوج بغير خلاف نعلمه بين أهل العلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز(16/16)
السؤال الرابع والسابع من الفتوى رقم (10701)
س4: زوجة لا تملك نفقات الحج وزوجها ذو غنى، فهل هو ملزم شرعاً بنفقات حجها؟
ج4: لا يلزم الزوج شرعاً بنفقات حجها وإن كان غنياً، وإنما ذلك من باب المعروف، وهي غير ملزمة بالحج لعجزها عن نفقته.
س7: أنا مواطن مصري ورب أسرة من طفلين وزوجة، وراتبي في مصر لا يكاد يكفي ضرورات الحياة، وليس لي أي دخل آخر، وعملت بإحدى دول الخليج 4 سنوات، وتوفر لي مبلغ من المال، ووضعته في بنك إسلامي ليدر علي دخلاً يساعد في مواجهة أعباء الحياة المختلفة، بحيث أن الراتب وهذا الدخل يكفيني بصورة معتدلة أنا وأسرتي، فهل أنا مكلف باقتطاع من هذا المبلغ نفقات الحج، وهل أنا مكلف بالحج في ضوء هذه الظروف؟ علماً بأنني إذا اقتطعت مبلغ نفقات الحج من حسابي في البنك سوف يؤثر هذا على دخلي الشهري، ويرهقني مادياً. فبماذا تشيرون عليَّ يا فضيلة الشيخ؟ جزاكم الله عنا كل خير.
ج7: إذا كانت حالتك كما ذكرت فلست مكلفاً بالحج؛ لعدم الاستطاعة الشرعية، قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}(1) ، وقال: {فاتقوا الله ما استطعتم}(2) ، وقال: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}(3).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (6593)
س3: ما حكم فيمن يحج من نفقات الحاكم؟ بمعنى: إذا أراد حاكم من الحكام بأن يعطي رعاياه مبلغاً من المال وقال لهم: حجوا بهذا المال، فهل يجوز لهم بأن يحجوا به أم لا؟ وإذا حجوا به فهل تسقط عنهم حجة الإسلام؟ مع ذكر الدليل لما تقولون.
ج3: يجوز لهم ذلك، وحجهم صحيح؛ لعموم الأدلة.
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.
(2) سورة التغابن، الآية 16.
(3) سورة الحج، الآية 78.(16/17)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (3572)
س1: عندي ولد عمره حوالي عشرين سنة، وعندي سيارة، ولكن أنا لم أعرف أسوق السيارة، وهو الذي يسوق، وأردت الحج في سيارتي، وعلى أساس أن الولد يقضي فرضه والولد طالب بالمدرسة، فسمع الولد أن الذي ما قضى فرضه ما يجوز له أن يقضيه من مال والده، إلا أن يشتغل حتى يجد قيمة حجه، وأنا بخير من فضل الله، أفيدوني أثابكم الله.
ج1: إذا حج الولد فرضه من مال أبيه فحجه صحيح، والأفضل له أن يبادر بالحج مع والده ويساعده في قيادة السيارة؛ لأن هذا من البر بأبيه.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12139)
س: قامت والدتي ببيع قطعة أرض موروثة عن والدها، وطلبت مني أن أقوم بإجراءات الحج مرة أخرى على أن أكون مرافقا لها من مالها الخاص، وأطلب الفتوى:
أ - هل يصح لي أن أكون حاجاً معها من مالها وتحسب لي حجة الإسلام (أن تسقط عني حجة الإسلام)؟
ب - أخبرتني والدتي بأنها كانت قد نذرت لله حج البيت مرة أخرى على أن أصاحبها في المرة الثانية وذلك النذر كان أثناء فترة الحج الأولى.
جـ - قد حاولت مع والدتي ولها غيري إخوة ذكور وبنتان إحداهما شقيقة لي والأخرى من والدتي، إن المطلوب في العمر حجة واحدة، وتوزع ما تشاء من مال على أولادها الذين في حاجة، خاصة الأخت غير الشقيقة، وعلى أقربائها المحتاجين، ولكنها رفضت تماماً وقالت: لازم أحج، سواء حضرت معي أو لم تحضر.(16/18)
ج: يجوز لك أن تحج مع والدتك من مالها، وتجزؤك عن حجة الإسلام، وأما سفر والدتك للحج بدون محرم فلا يجوز.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (11344)
س1: هل يجوز الحج من مال دية المقتول - أي إذا قتل إنسان وأخذت ديته - فهل يجوز الإنفاق على الحج من هذا المال؟
ج1: يجوز الحج من الدية لكل واحد من الورثة من نصيبه الخاص إذا كان مكلفاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (12568)
س3: هل يجوز الحج بنقود بيع أرضه؟
ج3: إذا كان يملك الأرض بطريق شرعي؛ كالإرث، أوےالهبة، أو الشراء ونحو ذلك، فلا حرج في بيعها وإنفاق ثمنها أو بعضه في أداء الحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (6277)
س1: كان لي نصيب أن أكون من الفائزين في مسابقة في العلوم الإسلامية، وكانت الجائزة حج بيت الله الحرام، وقد كان ذلك في العام قبل الماضي، وفعلاً أتيت العام قبل الماضي وحججت بيت الله الحرام. والسؤال: أنوي الحج هذا العام عن أخ لي توفاه الله في العشرين من عمره، فهل حجي الذي سبق سقط به الحج الفرض حتى أحج عن أخي أم أحج عن نفسي مرة أخرى؛ لأن حج المسابقة لم يسقط به الفرض؟
ج1: يجزئ حجك، ويعتبر أداء الفريضة عن نفسك، ولك أن تحج بعد ذلك عن أخيك الميت، وجزاك الله خيرا.(16/19)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (2448)
س2: قبل خمسة أعوام طلبت مني والدتي الحج، وليس عندي ما يودينا إلى المشاعر المفضلة نقود، فاستلفت من رجل مائة ريال أوصلتنا هنا، وتلقاني بعض إخوتي وساعدنا على مناسك الحج بكل مكان، وبعد ظهر لي من والدتي التي تبلغ من العمر فوق ثمانين سنة الخوف أن يكون حجها غير جائز بسبب السلف، فما الحكم في ذلك؟
ج2: ما ذكرت من السلف لأجل الحج لا يجعل حجك بأمك بهذا السلف غير مجزئ، بل هو مجزئ، تقبله الله وآجركما عليه، وآجر من أعانكما عليه بالسلف وغيره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
اقترض لأجل الحج
السؤال الثاني من الفتوى رقم (11837)
س2: حينما جاء شهر ذي الحجة كنت أتشوق لزيارة بيت الله الحرام، ولكن الراتب مازال عليه أسبوع، ولم يكن معي سوى مصاريف الشهر، ولكن إخواني بالعمل أصروا على ذهابي معهم حيث أن العمر غير مضمون، وقام أحدهم بإعطائي مبلغاً من المال يكفي كل نفقات الحج، فقلت له: إن القرض والسلف لا يصح بهما الحج، فقال: إذا كان صاحب القرض أو صاحب الدين أذن للمقترض أو للمدين فهذا يصح به الحج، وأنا أعطيتك المبلغ برضائي وبإذني، وذهبت إلى الحج وبعد عودتي مباشرة في نفس الشهر أعطيته الشهر الذي حججت فيه قبل سفري للحج، حيث إنني آخذ راتبي بالشهر الإفرنجي، فالمال الذي حججت به أخذته برضا صاحبه وبرغبة منه لي في الخير، وجزاكم الله عنا خير الجزاء.(16/20)
ج2: الحج صحيح إن شاء الله تعالى، ولا يؤثر اقتراضك المبلغ على صحة الحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
يفرض على الحاج أن يودع في البنك مبلغاً من المال
السؤال الرابع من الفتوى رقم (5651)
س4: يجب على من يريد الحج هنا في تركيا أن يضع مبلغاً وقدره 125 ألف ليرة تركي - كما أعلم - في البنك، وهو مبلغ كبير جداً، مع العلم أن البنوك ربوية ولا توجد وسيلة للذهاب إلى الحج إلا هذه الوسيلة، فهل الحج في هذه الحالة فرض على المسلم المقتدر، وإذا حج المسلم هل يكون حجه صحيحاً، مع العلم أنه ساعد البنوك الربوية والدولة؟
ج4: الحج صحيح، وما ذكر لا يعتبر عذراً في تأخير الحج إذا كان صاحبه قادراً على ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
حج من مال حرام
السؤال الثاني من الفتوى رقم (13619)
س2: ماحكم من حج من مال حرام - يعني: فوائد بيع المخدرات - ثم يرسلون تذاكر الحج لآبائهم ويحجون، مع علم بعضهم أن تلك الأموال جمع من تجارة المخدرات، هل هذا الحج مقبول أم لا؟
ج2: كون الحج من مال حرام لا يمنع من صحة الحج، مع الإثم بالنسبة لكسب الحرام، وأنه ينقص أجر الحج، ولا يبطله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
شروط الاستطاعة
الفتوى رقم (5533)(16/21)
س: أنا رجل موسر الحال، ولي شقيقة، زوجها معسر الحال، وصار معه حادث وأصبح مديوناً وغير قادر على سداد الدين؛ لأن عائلته كبيرة جداً، وهو المعيل الوحيد لعائلته، وأنا أديت فريضة الحج، وحججت ثانياً، والآن أريد أن أحج للمرة الثالثة وأحجج شقيقتي على نفقتي الخاصة؛ لأنها لا تقدر أن تؤدي فريضة الحج، ماهو أفضل عند الله تعالى: أحجج شقيقتي وأنا معها، وإلا نفك عسر زوجها بمصاريف الحج وتكاليفه؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
ج: إذا كان الواقع ما ذكر من أن زوج أختك تحمل ديوناً وليس لديه سدادها، فالأولى أن تقضي ديونه بما لديك، وتؤجل تحجيج أختك؛ لأن قضاء دين زوجها وتفريج كربتهما جميعاً أهم من تحجيجها، وأنفع لهما جميعاً، وليس عليها حج حتى تستطيع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
حج من عليه دين
الفتوى رقم (2353)
س: أخذت من البنك العقاري مبلغاً قدره مائتان وواحد وخمسون ألف وتسعمائة ريال يدفع قصوداً سنوية، هل يحق لي أن أحج وهذا المبلغ علي للبنك العقاري؟
ج: الاستطاعة على الحج شرط من شروط وجوبه، فإن قدرت عليه وعلى دفع القسط المطلوب منك حين الحج لزمك أن تحج، وإن تواردا عليك جميعاً ولا تستطيعهما معاً فقدم تسديد القسط الذي تطالب به، وأخر الحج إلى أن تستطيعه؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}(1) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (2325)
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.(16/22)
س2: أنا رجل عمري 28 سنة، ولم أقض فريضة الحج بسبب دين علي متفرق، فهل يسمح لي بقضاء الفريضة دون أذن أصحاب الديون، علماً أنه ليس هناك مال يمكن التسديد منه فيما لو حصلت الوفاة؟ أرجو الإفادة والإيضاح أجزل الله لكم الأجر والمثوبة.
ج2: من شروط وجوب الحج: الاستطاعة، ومن الاستطاعة: الاستطاعة المالية، ومن كان عليه دين مطالب به بحيث أن أهل الدين يمنعون الشخص عن الحج إلا بعد وفاء ديونهم فإنه لا يحج؛ لأنه غير مستطيع، وإذا لم يطالبوه ويعلم منهم التسامح فإنه يجوز له، وقد يكون حجه سبب خير لأداء ديونه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5545)
س1: إذا أراد المسلم أن يقضي فريضة الحج وهو عليه دين، فهل إذا استأذن من صاحب أو أصحاب الدين وسمح له بالحج فهل حجه صحيح؟
ج1: إذا كان الواقع كما ذكر من سماح الدائن أو الدائنين لك في الحج قبل تسديد ما عليك لهم من الدين فلا حرج عليك في أداء الحج قبل التسديد، ولا تأثير لكونك مديناً لهم على صحة حجك في مثل هذه الحالة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (8561)
س1: رجل أراد الحج وعليه دين للدولة عمرها الله من وزارة الزراعة - أي: البنك الزراعي - فهل لهذا الرجل حج أمےلا؟
ج1: لا حرج على المذكور في حجه إن شاء الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(16/23)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم (9405)
س5: هل يجوز الحج لمن عليه دين؟ فسمعنا أنه لايجوز حتى يقضي أصحابه، فهل هذا صحيح، والحج للمتزوجين أم على الجميع؟
ج5: أولاً: إذا كان المدين يقوى على تسديد الدين مع نفقات الحج ولا يعوقه الحج عن السداد، أو كان الحج بإذن الدائن ورضاه مع علمه بحال المدين جاز حجه، وإلا فلا يجوز، لكن لو حج صح حجه.
ثانياً: الحج فرض على المكلف المستطيع سواء كان متزوجاً أم غير متزوج؛ لعموم قوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}(1).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الإ نابة في الحج
النيابة في الحج
السؤال الثاني من الفتوى رقم (2173)
س2: هل الذي يحج عن الميت أو عن شيخ عجوز ولم يسبق له الحج ولا مال له إلا مال موكله يقدم حجة نفسه أوےالذي وكله؟
ج2: لا يجوز للإنسان أن يحج عن غيره قبل حجه عن نفسه، والأصل في ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: «حججت عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حج عن نفسك، ثم عن شبرمة»(2) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.
(2) أخرجه أبو داود 2/403 برقم (1811)، وابن ماجه 2/969 برقم (2903)، والدار قطني 2/267-270، وابن خزيمة 4/345 برقم (3039)، وابن حبان 9/299 برقم (3988)، وأبو يعلى 4/329 برقم (2440)، والطبراني في الكبير 12/34 برقم (12419)، وفي الأوسط 3/7، 4/382، 6/182 برقم (2300، 4495، 6130) (ط: دار الحرمين القاهرة)، وفي الصغير 1/226، وابن الجارود 2/113 برقم (499)، والبيهقي 4/336،337، 5/180.(16/24)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (2200)
س1: هل يجوز للمسلم الذي أدى فرضه أن يحج عن أحد أقاربه في بلاد الصين لعدم تمكنه من الوصول لأداء فريضة الحج؟
ج1: يجوز للمسلم الذي قد أدى حج الفريضة عن نفسه أن يحج عن غيره إذا كان ذلك الغير لا يستطيع الحج بنفسه لكبر سنه أو مرض لا يرجى برؤه أو لكونه ميتاً؛ للأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك، أما إن كان من يراد الحج عنه لا يستطيع الحج لأمر عارض يرجى زواله كالمرض الذي يرجى برؤه، وكالعذر السياسي، وكعدم أمن الطريق ونحو ذلك؛ فإنه لا يجزئ الحج عنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11588)
س: هل يجوز لأحد أن يعتمر أو يحج عن قريبه الذي يكون بعيداً عن مكة وليس لديه ما يصل به إليها مع أنه قادر بالطواف؟
ج: قريبك المذكور لا يجب عليه الحج مادام لا يستطيع الحج مالياً، ولا تصح النيابة عنه في الحج ولا في العمرة؛ لأنه قادر على أداء كل منهما ببدنه لو حضر بنفسه في المشاعر، وإنما تصح النيابة فيهما عن الميت والعاجز عن مباشرة ذلك ببدنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1265)
س: إن السائل تصدق على كل من والده ووالدته بحجة فأعطى حجة أبيه لامرأة على أساس أنها تدفعها لزوجها ليحج بها وأعطى حجة أمه لهذه المرأة، ويسأل عن حكم ذلك؟
ج: أما صدقتك على كل من والدك ووالدتك بحجة فهذا من باب البر والإحسان، والله يجزل لك الأجر على هذا البر.(16/25)
أما تسليمك النقود التي تريد أن يحج بها عن والدك لامرأة تدفعها لزوجها ليحج بها فهذا توكيل منك لهذه المرأة على ما وصفت، والتوكيل في هذا جائز، والنيابة في الحج جائزة إذا كان النائب قد حج عن نفسه، وكذلك الحال فيما تدفعه للمرأة لتحج به عن أمك، فإن نيابة المرأة في الحج عن المرأة وعن الرجل جائزة؛ لورود الأدلة الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، لكن ينبغي لمن يريد أن ينيب في الحج أن يتحرى في من يستنيبه أن يكون من أهل الدين والأمانة؛ حتى يطمئن إلى قيامه بالواجب.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الذي مات ولم يجب عليه الحج هل يحج عنه؟
السؤال الأول من الفتوى رقم (1375)
س1: هل أحج عن والديَّ اللذين ماتا ولم تجب عليهما فريضة الحج لفقرهما، إلا أني أردت الحج؟ ولذا أريد حكم الشرع فيه.
ج1: يجوز لك أن تحج عن والديك بنفسك، أو تنيب من يحج عنهما إذا كنت أنت حججت عن نفسك، أو كان الشخص الذي يحج عنهما قد حج عن نفسه؛ لما روى أبو داود في سننه عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: «من شبرمة؟» قال: أخ لي، أو قريب لي، قال: «حججت عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة»، وأخرجه ابن ماجه، قال البيهقي: هذا إسناد صحيح، ليس في الباب أصح منه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
حج عن أمه ولم يحج عن والده، هل عليه إثم؟
الفتوى رقم (1753)(16/26)
س: حججت لأمي بعد وفاتها ولم أحج لوالدي بعد وفاته، فهل علي إثم في ترك الحج لوالدي؟
ج: ليس عليك إثم في ترك الحج لوالدك؛ لأنه ليس بواجب عليك أن تحج له، ولكن من البر والإحسان أن تحج عنه، وهو داخل في عموم الإحسان الذي أمر الله به في قوله تعالى: {وبالوالدين إحساناً}(1) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السادس من الفتوى رقم (7790)
س6: لي شقيقة توفيت منذ مدة طويلة، وأرغب الحج والعمرة وزيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنها، فما هو الحكم في ذلك؟
ج6: إذا كانت مكلفة فإنه يشرع لك أن تحج وتعتمر عنها إذا كنت قد حججت عن نفسك واعتمرت، وأما زيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز شد الرحال إليها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا»، وإنما تشد الرحال للصلاة في المسجد النبوي، ويدخل السلام عليه - صلى الله عليه وسلم -، وعلى صاحبيه رضي الله عنهما تبعاً لذلك، وذلك لا يقبل النيابة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6528)
س: لي أخت توفيت وهي بكر، وتبلغ من العمر 25 عاماً تقريباً، وتوفيت قبل وفاة والدها بخمس سنوات، وقد سألت بعض الفقهاء لدينا: هل يجب عليها حجة؟ قالوا: لا؛ لكونها توفيت قبل والدها، ولم يسبق لها الزواج، حيث أنها منعت من الزواج بنفسها. أرجو بعد اطلاعكم توجيهي إلى ما فيه رضا الله عز وجل وما يصح.
__________
(1) سورة الإسراء، الآية 23.(16/27)
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فلا يجب عليك أن تحج عنها، ولكن لو قمت بالحج عنها براً بها وإحساناً إليها كان خيراً، إلا أن يكون لديها مال حال حياتها تستطيع أن تحج منه فإنه يجب أن يحج عنها منه قبل تقسيم التركة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3337)
س: إن لي والدة وعمة وشقيقاً، الوالدة توفيت إلى رحمة الله قبل ثمان سنوات، وعمرها حوالي مائة عام لم تخلف من الأولاد سواي، والعمة توفيت إلى رحمة الله قبل أربعة عشر عاماً، وعمرها مائة عام، ولم تخلف أولاداً، ولا مالاً كلياً، الشقيق توفي إلى رحمة الله قبل ثلاثين سنة وعمره حوالي ثلاثين سنة، ولم يخلف أولاداً ولا مالاً، وهؤلاء أدركهم الموت قبل أن يؤدوا فريضة الحج التي هي ركن من أركان الإسلام الخمسة، وخشية من الله عز وجل رأيت من الواجب أن أستفتي من فضيلتكم هل يلزمني تأدية هذه الفريضة عن والدتي وعمتي وشقيقي المشار إليهم أم لا؟
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت شرع أن تحج عن والدتك إن استطعت ذلك بعد أن تحج عن نفسك، هذا إذا كانت لا تستطيع الحج في حياتها، أما إن كانت تستطيع الحج في حياتها فالواجب التحجيج عنها من مالها، فإن حججت عنها تبرعاً كفى ذلك، ولك في ذلك الأجر العظيم؛ لأن الحج عنها من أعظم برها، ، أما عمتك وشقيقك فإن حججت عن كل منهما فهو بر بهما، نرجو أن يأجرك الله عليه، وليس ذلك واجباً عليك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
النيابة في الحج عن شخص واحد
السؤال الأول من الفتوى رقم (2658)(16/28)
س1: هل يجوز الحج بالنيابة عن المتوفى والحي؟ وإن صديقاً لي توفي أبوه فأراد أن يحج عنه بالنيابة، فهل يجوز ذلك، ويكون لهما أجر؟ وكذلك عن أمه التي لا تستطيع أن تركب لا في السيارة ولا في الطائرة، وليست بمريضة؟ فهل يجوز له أن يحج مرة واحدة فيكون حاجاً فيها عن أبيه وأمه وعن نفسه، أم يحج عن كل منهم حجة أم لا يجوز له ذلك؟ أعني: أن يحج عنهم.
ج1: تجوز النيابة في الحج عن الميت وعن الموجود الذي لايستطيع الحج، ولا يجوز للشخص أن يحج مرة واحدة ويجعلها لشخصين، فالحج لا يجزئ إلا عن واحد، وكذلك العمرة، لكن لو حج عن شخص واعتمر عن آخر في سنة واحدة أجزأه إذا كان الحاج قد حج عن نفسه واعتمر عنها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
اختلاف العمرة والحج في نفس العام حيث يعتمر لشخص ويحج لآخر
السؤال الأول من الفتوى رقم (658)
س1: ما حكم من سافر إلى الحج ونوى عمرته لأمه وحجه لأبيه، والعام الثاني يعكس يحج لأمه ويعتمر لأبيه، فهل يجوز أم لا؟
ج1: كل من الحج والعمرة نسك مستقل، وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - كيفية أدائهما قراناً وإفراداً وتمتعاً بالعمرة إلى الحج، فمن أراد الإحرام بالعمرة عن أمه مثلاً والإحرام بالحج بعد التحلل من العمرة عن أبيه أو العكس فله ذلك، وإذا أحرم بأحد النسكين عن نفسه، وبعد أن تحلل منه أحرم بالآخر عن أبيه مثلاً كان جائزاً؛ لأن الأعمال بالنيات، ولكل امرئ مانوى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
إذا أخذ المال ونقص أو زاد ما الحكم؟
السؤال الثاني من الفتوى رقم (1823)(16/29)
س2: إذا أعطى رجل رجلاً مبلغاً معيناً لكي يحج عن ميت، ثم ذهب الرجل إلى الحج ثم نقص عليه هذا المبلغ أو زاد، ما حكم ذلك؟ كما أرجو الإفادة هل له أجر إذا أحسن هذه المواقف عن الفاني؟
ج2: المسلمون على شروطهم، فإذا حصل اشتراط بين الدافع والآخذ على أن الآخذ يرد الزائد وعلى أن الدافع يكمل النقص، فعلى كلٍّ أن يفي بالتزامه، وإذا لم يكن بينهما شرط فإنه يأخذ الزائد ويكمل النقص، أما الأجر فله أجر إن شاء الله إذا أخذ المال بنية صالحة وأدى الواجب عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5228)
س1: زوجي رحمه الله متوفى، وأريد بإذن الله أن أوكل شخصاً يحج له حجة هذا العام، هل يصح لمن يقوم بالحج عنه أن يأخذ أجراً (مال) عن تعبه غير المال الذي يأخذه كأجر المواصلات وثمن الغذاء والأكل والشرب، أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.
ج1: يجوز لمن وُكِّل أن يحج عن غيره أن يأخذ ما جعل له من الأجر عن قيامه بذلك الحج، ولو كان أكثر مما أنفقه في المواصلات والطعام والشراب، ونحو ذلك مما يحتاجه مثله لأداء الحج، ويشرع له أن يقصد بذلك المشاركة في الخير وأداء ما ييسر الله له من العبادات في الحرم الشريف، وألا يكون قصده المال فقط.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
وكلت من يحج عن زوجها من عرفات
السؤال الخامس من الفتوى رقم (6259)(16/30)
س5: منذ عدة سنوات حجت والدتي، وفي عرفات وكلت أحد الناس بأن يحج عن والدي المتوفى، حيث أنه لم يحج في حياته، فهل هذه الحجة كاملة؟ حيث أنها بدأت من عرفات، كما هل يجوز عمل حجة أخرى لمزيد من التأكد؟
ج5: الإحرام يوم عرفة سواء كان في عرفة أو غيرها من الشخص الذي حج عن والدك صحيح، فإذا كان قد أدى الحج عن نفسه وكمل مناسك الحج ولم يحصل منه ما يبطله فهو مجزئ عن والدك، ولا يلزم حجة أخرى لمزيد من التأكد، لكن إن أرادت أن تحج عنه حجة أخرى فهذا إليها، ولها أجر في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3697)
س: إن لي أختاً تدعى (طفيلة) توفيت من ثلاثين سنة قبل أدائها فريضة الحج، كما أن لي ابنة موجودة الآن على قيد الحياة تدعى (طفلة) ثم إنني أقمت نائباً ليحج عن أختي الهالكة (طفيلة)، وأفهمت النائب باسم المحجوج عنها، وبعد أن حج النائب ورجع إلى بلده جرى بيني وبينه الحديث عن الحج، فأفاد أنه حج عن ابنتي (طفلة) التي هي على قيد الحياة الآن، ولم يحج عن من استنيب ليحج عنه، علماً أن (طفلة) المحجوج عنها والتي هي على قيد الحياة الآن لم تعلم ولم تستأذن في الحج المذكور؛ لذلك أطلب من سماحتكم إفادتي عمن تكون الحجة المذكورة؟ حيث أن ما وقع من النائب وقع على سبيل الغلط.
ج: يكون الحج عن أختك (طفيلة) التي ذكرتها للنائب، ولا تأثير لغلطه في الاسم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، والعبرة بنيتك، أي: بنية المنيب، لا النائب.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(16/31)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الحج عن الكافر
السؤال الأول من الفتوى رقم (2411)
س1: مضمونه أن شخصاً لا يصوم ولا يصلي في حياته، ويذبح للجن في الشجر والحجر، كأصنام له، ومات مصراً على ذلك. هل يجوز لقريبه أن يحج عنه، أو أن يستغفر له؟
ج1: من مات على الحالة المذكورة في السؤال يعتبر مشركاً شركاً أكبر، لا يجوز الحج عنه، ولا الاستغفار له؛ لقوله سبحانه وتعالى: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}(1) ، ولما ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي»(2) رواه مسلم في صحيحه، وذلك أنها ماتت في الجاهلية على غير الإسلام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (3774)
__________
(1) سورة التوبة، الآية 113.
(2) أخرجه أحمد 2/441، ومسلم 2/671 برقم (976) واللفظ له، وأبو داود 3/557 برقم (3234)، والنسائي 4/90 برقم (2034)، وابن ماجه 1/501 برقم (1572)، وابن أبي شيبة 3/343 وابن حبان 7/440-441 برقم (3169)، والحاكم 1/375-376، والبيهقي 4/70، 76، والبغوي في شرح السنة 5/463 برقم (1554).(16/32)
س3: رجل وضع عنده أحد أقاربه 2000 ريال ليبحث له عن أحد يحج فيها عن أحد أجداده الأموات، فحاول أن يجد لها أحداً ولم يقبل عليها ربما لقلتها في هذا العام، وقد وعده أحد الأشخاص بأخذها ولكنه بعد خمسة الحجة سافر للحج بمبلغ آخر لشخص غيره، ولم يخبره، لذا فات عليه الوقت، إلا أنه أي الشخص الذي وضع عنده المبلغ، عزم على الحج بعائلته ونوى أن يحج عن الشخص الذي وصى يبحث عن أحد يحج عنه، وعقد الحج باسمه وصرف المبلغ على نفقات الحج، فهل يجوز ذلك؟ وأصحابها يثقون به، ولا يمانعون أن يحج هو عن قريبهم، وهل يلزم أن يستأذن الآن أو يعيد لهم المبلغ وينوي حجة لنفسه أم ماذا يعمل؟
ج3: إذا كان الأمر كما ذكر فحجه بهذا المال جائز ولا شيء فيه، ويقع الحج عمن نوى له، وهو مشكور ومأجور إن شاء الله؛ لاجتهاده، وحرصه على نفع الموصي، ولرضى أصحاب النيابة في ذلك .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5849)
س1: أخذ والدي من شخص حجة بريرة لوالد الشخص، وبعد أن رجع والدي من الحج ومؤدياً جميع مناسكه، قيل له: إن هذه الحجة لا تجزئ، ولا تصح أن تكون بريرة؛ لأن الذي أعطاه إياها لم يقض فرضه، وهو رجل مقتدر، وهل يرجع والدي المال إلى صاحبه بعد أن رجع من الحج؟ وإذا أخذ المال صاحبه هل تعتبر الحجة لوالدي؛ لأنه المتكلف بها وناويها لصاحبه الذي أخذت له، وهو والد الشخص المذكور أعلاه؟
ج1: الحج صحيح، وليس عليه رد النفقة، وقول من قال: إن الحج غير صحيح، لا وجه له، وإنما ذلك لمن حج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز(16/33)
السؤال الثاني والثالث من الفتوى رقم (6909)
س2: هل الأفضل للإنسان تكرار الحج لنفسه تطوعاً أو ينوي ذلك لأحد أقاربه المتوفين أو الأحياء العاجزين عن الحج بعض السنين؟ أي: سنة يحج لنفسه، والحجة التي تليها ينويها لأحدهم.
ج2: الأفضل أن يحج عن نفسه؛ لأنه الأصل، ويدعو لنفسه ولغيره من الأقارب وسائر المسلمين، إلا إذا كان أحد والديه أو كلاهما لم يحج الفريضة فله أن يحج عنهما بعد حجه عن نفسه، براً بهما وإحساناً إليهما عند العجز أو الموت، على أن يحج أو يعتمر عن كل واحد على حدة، وليس له جمعهما بعمرة ولا حج.
س3: إذا كان مستحسناً أن يحج الإنسان عن أقاربه الأموات، فأرجو ترتيبهم في الأولوية.
ج3: يبدأ بأمه ثم أبيه، وإن كان أحدهما حج الفريضة فليبدأ بمن لم يحج منهما، ثم الأقرب فالأقرب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأله سائل: من أبر؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أباك، ثم الأقرب فالأقرب»(1) رواه مسلم في صحيحه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (7894)
__________
(1) أخرجه أحمد 2/327-328، 391، 5/3،5، والبخاري 7/69، ومسلم 4/1974 برقم (2548)، وعنده «من أحق بحسن الصحبة..» إلى أن قال: «..ثم أدناك أدناك»، وأبو داود 5/351 برقم (5139)، والترمذي 4/309 برقم (1897)، وابن ماجه 2/903، 1207 برقم (2706، 3658)، وابن أبي شيبة 8/353، وابن حبان 2/175-176، 177 برقم (433، 434)، والحاكم 4/150، والطبراني 19/404-406 برقم (957-964)، والبخاري في الأدب المفرد ص6،7،8 برقم (3،5،6) والبيهقي 4/179، 8/2.(16/34)
س1: نزلت مأمورية إلى السعودية فترة الحج المبارك، وبالنسبة لحالتي المالية وعدم إمكان تدبير تكاليف الحج ولا ينتظر أن أوفرها لزوجتي، فهل يجوز أن أؤدي فريضة الحج لزوجتي وهي حية ترزق وصحيحة البنية وتقيم في مصر؟ إلا أنني فقير ولا ينتظر إمكان تدبير نفقة الحج حالياً أو مستقبلا.
ج1: إذا كانت زوجتك كما ذكرت حية صحيحة البنية فلا يصح حجك عنها، وليس الحج فرضاً عليها؛ مادامت غير مستطيعة لفقرها، أو لعدم محرم يسافر معها، ونسأل الله لكما التوفيق والتيسير.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12387)
س: إذا كان المسلم غنياً، ماعليه دين، وماحج ولو مرة وهو صحيح لا يمنعه شيء عن الحج، وأخرج ماله وأعطى الرجل لله ليحج وأخذ الرجل المال وحج. هل حجة الرجل صحيحة؟ أنا في انتظار جوابكم من فضلكم. زادكم الله قوة على قوتكم.
ج: يجب على المسلم المكلف المستطيع أداء الحج على الفور ولا يجوز في هذه الحالة أن ينيب عنه من يحج، ولا يكفي حج غيره عنه مادام مستطيعاً أداء الحج بنفسه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (4057)
س: امرأة توفيت لها مدة 35 عام تقريباً، ولا لها من يقضي عنها فريضة الحج، وهي في تلك المدة لم تستطع الحج من قلة الراحلة، وحجينا ومعنا صبي صغير وعقدنا له عنها بالنيابة، وطفنا وقضينا وفدينا له نيابة عن المتوفاة، فما حكم ذلك؟(16/35)
ج: ليس عليها حج، ولكن إذا أراد شخص أن يحج عنها جاز ذلك إذا كان قد حج عن نفسه، وأما ما وقع من الصبي فيعتبر نافلة له، وليس له أن يحج عن غيره حتى يحج عن نفسه، ولا يجزئ عن حج الفرض إلا بعد أن يبلغ.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (4403)
س: لي والدة وعمرها 66 عاماً، وأرغب آخذ لها عمرة وحجة، ولكنها مريضة في رأسها ولا تتقبل زحمة الناس؛ لأنه يشق عليها جداً وتطيح على الأرض إذا تتشوف الناس، فهل يجوز أن آخذ لها عمرة بمفردي وليست معي؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكر جاز لك أن تأخذ عمرة وحجة لأمك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أذن في الحج عن الكبير الذي لا يستطيع الحج بسبب كبر سنه، وهكذا العجوز.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4666)
س1: بعض الناس يأخذ حجة ليحج عن صاحبها إما لمرض أو لموت صاحب هذه الحجة، فدفعوا أهله مبلغاً من المال لإسقاط فرضه، وهذا المال يقارب 3000-4000 ريال، فيصرف منها مقدار ما يصرف به نفقات للحج كالفدي وغيره، والباقي يضعه في ملكه الخاص به يشتري بها زاداً وغيره، هل يصح له ذلك، وهل يصح للمرأة أن تأخذ مثل هذه الحجة، وهل على الحاج أن يصلي صلاة عيد الأضحى؟(16/36)
ج1: إذا أعطى شخص مالاً لشخص ليحج عنه لعجزه عن مباشرة الحج بنفسه، أو ليحج عن ميت صح ذلك إذا كان النائب قد حج عن نفسه، وله أن ينفق من هذا المال في حجه عنه، ويملك ما بقي، أما إن أعطيه ليحج منه ويرد الباقي أنفق منه ما يحتاجه في حجه عنه ويرد ما بقي. وليس على الحجاج صلاة عيد الأضحى، ومن صلاها منهم مع الناس فهو مأجور.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال العاشر من الفتوى رقم (4765)
س10: هل يجوز للإنسان أن يرسل والديه إلى الحج قبل أن يذهب هو إلى الحج؟
ج10: الحج فريضة على كل مسلم حر عاقل بالغ مستطيع السبيل إلى أدائه، مرة في العمر. وبر الوالدين وإعانتهما على أداء الواجب أمر مشروع بقدر الطاقة، إلا أن عليك أن تحج عن نفسك أولاً، ثم تعين والديك إن لم يتيسر الجمع بين حج الجميع، ولو قدمت والديك على نفسك صح حجهما.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (6884)
س1: لدي والدة كبيرة في السن وعمرها لا يقل عن مائة عام، وعاجزة عن فريضة الحج، وقد حججت عنها واعتمرت عنها العام الماضي على كيسها، وقال بعض الناس: لا يصح الحج لها إلا بعد وفاتها، وحجك هذا لا فائدة فيه، فما رد سماحتكم؟
ج1: إذا كانت والدتك لا تستطيع بنفسها لكبرها فحجك واعتمارك عنها صحيح، إن كنت قد حججت عن نفسك واعتمرت ما وجب عليك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(16/37)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6526)
س: أ - إنني قد أديت فريضة الحج في مدة سابقة، وكنت مصطحباً معي زوجتي، حيث نويت بحج متعة، وقد فديت بذبيحة في نفس مكة، ولكن لا أدري هل ذبيحة واحدة أم اثنتين، وأصبحت في شك من ذلك، فما هو الذي يترتب إزاء ذلك؟
ب - حجيت حجة أخرى وأخذت عليها أجرة، أي محجج لأحد الإخوان وهو متوفى، فهل حجتي صحيحة لذلك الشخص أم غير صحيحة؟
ج: أ - إذا كان الواقع كما ذكرت فعليك ذبيحة أخرى من الغنم أو سبع بقرة أو سبع بدنة؛ لأن الذبيحة الثانية - المشكوك فيها - لاغية، على أن تذبح بمكة المكرمة أو أي مكان من الحرم بنية أنها عمن لم يذبح عنه منكما.
ب - إذا كان الواقع كما ذكرت فحجتك عمن ذكرت صحيحة، إذا كنت جئت بها على الوجه المطلوب شرعاً .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (8183)(16/38)
س: في 15/9/1404هـ ذهبت من الرياض إلى المنطقة الجنوبية قصدي أسلم وأزور والدي ووالدتي الذين يعيشون في المنطقة الجنوبية، وأنا أعيش في منطقة الرياض بحكم عملي، وقد طلب مني والدي أن أوديه للعمرة، وقد اعتذرت عن ذلك؛ لأنه لايوجد عندي فرصة من مرجعي إلا للفترة التي جئت فيها أشاهد والدي ووالدتي فيها، ولكن قد أحسست أن والدي زعل علي بدون أن يظهر هذا الزعل، ثم قال لي: سوف أذهب وحدي لأداء العمرة، فرفضت ذلك بشدة ومنعته من الذهاب إلى العمرة وحده؛ لخوفي عليه كونه رجلاً طاعناً في السن، ويبلغ من العمر 85 سنة، وقد أعطيته وعداً مني أن أوديه للعمرة في السنة التالية - أي: في عام 1405هـ - بإذن الله إذا كنا من الحيين. والسؤال هنا: ما حكم عدم تلبية طلب والدي مع العلم أنني رجل لست عاصياً والدي؟
وما حكم اعتراضي على ذهاب والدي بمفرده لأداء العمرة؛ لخوفي عليه لكبر سنه، مع العلم أنني لم ألح على مرجعي في تمديد الرخصة لأتمكن من الذهاب بوالدي للعمرة؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فأنت غير آثم في عدم تلبيتك رغبة والدك في السفر معه للعمرة؛ لأنك معذور بارتباطك بعملٍ الحق فيه لغيرك.
أما اعتراضك على سفره وحده للعمرة ومنعه من ذلك فلا حرج عليك فيه، إذا كان يخشى عليه من السفر وحده؛ لأنه لمصلحته، والرفق به، ودفع المشقة والحرج عنه، وليس عقوقاً له ولا صداً له عن الخير، وعسى أن تطيب خاطره بالوفاء بوعدك حينما تتهيأ لك الفرصة في الذهاب معه للعمرة أو الحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5501)(16/39)
س1: إنه يوجد لي والدة تبلغ من العمر حوالي 75 عاماً ولم تؤد فرض الحج، وأنا موظف ولم يسمح لي المرجع أحججها حتى الوقت الحاضر، علماً أنها مصابة بأمراض وكبيرة في السن، أفيدوني جزاكم الله خيراً، وهل يجوز لي أن أدفع أجرة لمن يحج عنها أثابكم الله؟
ج1: إن كانت والدتك مريضة مرضاً يغلب على الظن عدم برئها منه، لا تستطيع معه الحج، فيجوز أن تنيب من يحج عنها؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة من خثعم قالت: يارسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، قال: «حجي عنه»، وإن كانت تستطيع الحج وجب أن تخرج مع أحد محارمها الذي يوافق على الخروج معها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9194)
س: والدتي تعاني من مرض السكر، وهي تنوي الحج، علماً بأن السلطات السودانية رفضت منحها السفر إلا أن يكون معها محرم لتأدية فريضة الحج، هل يجوز أن أنوب عنها في تأدية فريضة الحج؟
ج: إذا كانت والدتك لا تقوى على الحج بنفسها لمرض لاےيرجى برؤها منه أو لضعفها من كبر سنها فحج عنها واعتمر بعد حجك وعمرتك عن نفسك، وإن كان مرضها أو ضعفها لأمر طارئ يزول فلا يصح حجك ولا عمرتك عنها، وإن كان المانع عدم السماح لها بالسفر من جهة السلطات المسؤولة؛ لعدم محرم لها يرافقها في السفر فليس عليها حج حتى يتيسر من يرافقها من المحارم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (10806)(16/40)
س2: ما الأمور التي يجوز فيها الإنابة أو التوكيل في مناسك الحج، ومتى يجوز الحج عن الغير؟
ج2: يجوز الحج والعمرة عن الميت المسلم، وعن الحي المسلم العاجز عن أدائها بنفسه؛ لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه، وتجوز النيابة في رمي الجمار عن العاجز الذي لا يقوى على مباشرة الرمي بنفسه؛ كالصبي والمريض وكبير السن، إذا كان النائب من الحجاج ذلك العام، وقد رمى عن نفسه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (10938)
س1: هل يجوز لي أن أحج عن جدي؟ علماً بأني قد ولدت بعد وفاته، ولا أدري هل وجب عليه الحج أم لا، وقد توفي دون أن يحج.
ج1: يجوز أن تحج عن جدك الميت بعد أن تحج عن نفسك.
س2: مات مسلم في بلد مسلم غير المملكة، ولم يحج، علماً بأن الحج قد وجب عليه، هل يجوز لي أن أحج عنه من المملكة؟ حيث أني مقيم بها، وهل هناك فرق بين الثواب في الحج من بلد بعيد أو قريب؟
ج2: يجوز لك أن تحج من المملكة عن أي مسلم مات في بلده أو غيرها، سواء كان قد حج أو لم يحج، ولا أثر لفرق المسافة المذكورة، ولكن على قدر الإخلاص والنفقة والنَّصَب وتحري الأمور المشروعة يكون الأجر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (10946)
س1: الرجل الذي يحج بأجرة عن ميت؛ سواء كان رجلاً أو امرأة، أو عن عاجز لكبر سن أو مرض لايرجى برؤه، هل هذا المؤجر له أجر من الله؟(16/41)
ج1: من حج أو اعتمر عن غيره بأجرة أو بدونها فثواب الحج والعمرة لمن ناب عنه، ويرجى له أيضاً أجر عظيم على حسب إخلاصه ورغبته للخير، وكل من وصل إلى المسجد الحرام وأكثر فيه من نوافل العبادات وأنواع القربات- فإنه يرجى له خير كثير إذا أخلص عمله لله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11519)
س: هل يجوز لي الحج عن والدي مع أنه على قيد الحياة؟ علماً بأنني لم أقض الفريضة عن نفسي بعد، وإذا كنت أنوي العمرة في رمضان إن شاء الله وزيارة مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فبماذا ترشدوني منذ مغادرتي الرياض؟ بارك الله في عملكم وتقواكم لجميع المسلمين.
ج: يجب عليك الحج عن نفسك أولاً، ثم بعد ذلك يجوز لك الحج عن والدك إذا كان لا يستطيع الحج بنفسه؛ لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه، وهكذا العمرة بعد أن تعتمر لنفسك، ويشرع شد الرحال لزيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا لزيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره من القبور؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى»، لكن يشرع لمن زار المسجد النبوي أن يسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ويشرع له أيضاً زيارة قبور البقيع والشهداء والدعاء لهم، والترحم عليهم، وذكر الموت وما بعده، ويشرع له أيضاً زيارة مسجد قباء للصلاة فيه؛ لأحاديث وردت في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (13491)(16/42)
س3: امرأة أرادت أن تعطي من مالها عن والدتها حجة، وهي لم تحج عن نفسها، فهل يجوز أن تدفع الحجة دراهم لغيرها ليحج عن والدتها؟ وهي نفسها لم تقض فرضها لعذر من عدم احتساب أوليائها من زوج وولد لقضاء فرضها، أفيدونا عما ذكر أعلاه.
ج3: يجوز للمرأة المذكورة أن تدفع مالاً ليحج به عن والدتها إذا كانت والدتها متوفاة أو عاجزة عن الحج بنفسها؛ لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13551)
س: شخص يسكن في أفريقيا ويريد أن يكلف شخصاً آخر بأن يحج عن أمه، هل يدفع له أجرة الحاج القادم من أفريقية إلى مكة المكرمة، وهل يجوز له أن ينقص منها؟
ج: يجوز للشخص المذكور أن يقيم من مكة أو غيرها من الثقات من يحج عن أمه إذا كانت متوفاة أو عاجزة عن مباشرة الحج بنفسها؛ لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه، بأجر قليل أو كثير أو بدون أجرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12666)
س: أريد العمرة لبيت الله الحرام، وأردت إذا ما فرغت من عمرتي فحينئذ أعتمر عن والدي - وهما على قيد الحياة، والحمدلله - وعن والديهما - وهما قد ماتا رحمهما الله - هل هذه الطريقة صحيحة لي أم لا؟ أرجو الإفادة.
ج: إذا اعتمرت عن نفسك جاز لك أن تعتمر عن أمك وأبيك إذا كانا عاجزين؛ لكبر سن أو مرض لايرجى برؤه. كما يجوز لك أن تعتمر عن والدي والديك المتوفين.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(16/43)
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (3122)
س3: إذا أراد شخص أن يعطي حجة عن ميته، وكان الميت مثلاً في مكان يبعد عن مكة حوالي ألف كيلو، هل يجوز أن يعطي حجة من مكة أو المدينة؛ لكون الكلفة من مكة أو المدينة أقل من إعطاء الحجة من مكان المتوفى؟
ج3: نعم يجوز ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (2532)
س: توفي والدي ولم يؤد فريضة الحج، وفهمت أنه واجب علي أن أحج عنه، وقد اتفقت مع شخص يحج عنه، لكن عندما سألني عن اسم والدي واسم والدته المتوفاة لم نعرف اسمها، فهل يكفي اسم المتوفى عن اسم والدته.
ج: الحج عن الغير يكفي فيه النية عنه، ولا يلزم فيه تسمية المحجوج عنه، لا باسمه فقط ولا باسمه واسم أبيه أو أمه، وإن تلفظ باسمه عند بدء الإحرام أو أثناء التلبية أو عند ذبح دم التمتع إن كان متمتعاً أو قارناً - فحسن؛ لما روى أبو داود وابن ماجه، وصححه ابن حبان، عن ابن عباس رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: «من شبرمة؟» قال: أخ لي أو قريب لي، قال: «حججت عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة».
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (95)(16/44)
س: شخص توفيت والدته وتبرع لها بحجة تطوعاً، واستأجر شخصاً ليحج عنها، فركب بسيارة تحمل الحجاج تبرعاً، وإن شخصاً آخر استأجر رجلاً ليحج حجة الإسلام عن رجل توفي وأمر وكيله أن يؤجر من يحج عنه، فركب من استأجر سيارة تحمل الحجاج تبرعاً. فهل تجزئ هذه الحجة وتبرأ بها الذمة في الحالتين؟
ج: حيث أن من أجر ليحج عن غيره قد أدى الحج عمن طلب منه الحج عنه كما شرع الله فقد برئت ذمته مما كلف به من الحج، سواء ركب سيارة بأجرة أو تبرعاً، أو مشى على رجله وكفى هذا الحج عن المتوفى، سواء كان عن حجة الإسلام أو كان تطوعاً؛ لأن الوصول إلى مكة وأماكن المشاعر المقدسة وسيلة لأداء النسك، والمقصود بالذات: هو أداء الحج فريضة أو تطوعاً، فتصح إذا أديت الأركان والواجبات على ما شرع الله، وتبرأ بها الذمة دون نظر إلى كيفية الوصول إلى مكة، لكن لا ينبغي للمسلم أن يجعل فعله للقربات التي تدخلها النيابة وسيلة لكسب الدنيا، فإن هذا ليس من مكارم الأخلاق.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…إبراهيم بن محمد آل الشيخ
الفتوى رقم (932)
س: المتضمن: أنه حج هذا العام عن والده المتوفى، وحيث أنه لم ينشئ سفراً للحج عن والده من مسقط رأس والده، فقد حصل عنده إشكال في صحة الحج، ويسأل عن ذلك.
ج: يظهر من سؤال السائل أنه متبرع بالحج عن والده، فإذا كان كذلك فلا يظهر بأس في صحة حجه عنه، وإن لم ينشئ سفر الحج من مسقط رأس والده.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
الفتوى رقم (2509)(16/45)
س: عند رجل والدته وهي طاعنة في السن، ولم تسقط فريضة الحج لعدم استطاعتها ركوب السيارة، ولو كان واحد كيلو، فهل يلزم ابنها الحج عنها؛ لأنه مستعد بذلك إذا كان ذلك يجوز؟
ج: إذا كان الواقع كما ذكر من أن الأم لم تحج الفريضة وأنها عاجزة عن السفر لأداء الحج بنفسها، وجب على ولدها أن يحج عنها إذا استطاع ذلك، وكان قد حج عن نفسه؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «نعم»(1)، وذلك في حجة الوداع، رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: قالت: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير، عليه فريضة الله في الحج، وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «فحجي عنه»(2) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (2564)
__________
(1) أخرجه مالك في الموطأ 1/359، وأحمد 1/212، 213،219،251،329،346، 359، والبخاري 2/140، 218، 5/125، 7/126، ومسلم 2/973،974، برقم (1334، 1335)، وأبو داود 2/400-402 برقم (1809)، والترمذي 3/267 برقم (928)، والنسائي 5/117، 118-119،119،8/227-228، 228 برقم (2675، 2641، 2642، 5389-5392)، وابن ماجه 2/970،971 برقم (2907، 2909)، والدارمي 2/39-40،40، وابن خزيمة 4/342، 343، 344، 346 برقم (3031-3033، 3036،3042)، وابن حبان 9/301،308،309 برقم (3989،3995، 3996)، والطبراني 18/282-284، 285-287 برقم (720-726،728-735)، والبيهقي 4/328،329، 5/179.
(2) مسلم 2/974 برقم (1335).(16/46)
س: نفيد فضيلتكم أنه يوجد لدي أخ لزوجتي، وهو يبلغ من العمر 80 عاماً، وهو مصاب بمرض الشلل في جنبه الأيمن، وهو مصاب به من صغره، فهو لا يستطيع المشي مع الأصحاء، وليس لديه دخل إلا من الضمان الاجتماعي، وهو يريد قضاء فريضة الحج، علماً أنه لا يستطيع أن يركب السيارة، فهل يجوز له أن يدفع أجراً على حجته كما يفعل الغير، وماذا نفعل؟ نرجو إفادتنا عن ذلك جزاكم الله عنا كل خير.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت من مرض أخي زوجتك، وتوفر لديه مما يعطاه من الضمان الاجتماعي، ومما يأخذه من الصدقات أو المعونات الأخرى ما يكفي أن ينيب من يحج به عنه ويعتمر؛ وجب عليه أن يدفع من ذلك ما يحج به غيره عنه ويعتمر؛ لأنه وإن عجز عن مباشرة حج الفريضة والعمرة بنفسه فهو مستطيع ذلك بنيابة غيره عنه بماله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (2693)
س: هل يجوز لابنة أن تحج عن أمها؛ لأن أمها مصابة بمرض لا تستطيع الحج معه، وهذا المرض في جنبها الأيمن، من اليد إلى الرجل يسمى: المرض العصبي، وهي طاعنة في السن أيضاً.
ج: يجوز لهذه البنت أن تحج عن أمها؛ لأنها لا تستطيع الحج بسبب المرض المشار إليه في السؤال.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (2194)
س1: رجل عمره 25 عاماً، توفي ولم يحج، فهل يجوز أن نحج عنه، وهل تكفي حجة بدون عمرة مع أن له مالاً؟(16/47)
ج1: من وجب عليه الحج ومات قبل أدائه أخرج عنه من جميع ماله ما يحج به عنه ويعتمر، ويجوز أن يحج عنه بدون إخراج من ماله إذا وجد من يتطوع بذلك، أما الحج فمعروف أنه أحد أركان الإسلام، ولا يسقط بموت من وجب عليه، وقد روى الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: «نعم، حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء»(1)، وسألته - صلى الله عليه وسلم - امرأة من خثعم قائلة: يارسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «حجي عن أبيك». أما العمرة فلما روى الخمسة عن أبي رزين العقيلي، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، فقال: «حج عن أبيك واعتمر».
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
محرم المرأة
حج المرأة بدون محرم
الفتوى رقم (1173)
__________
(1) أخرجه أحمد 1/239-240، 345، والبخاري 2/217-218، 7/233-234، 8/150، والنسائي 5/116 برقم (2632)، والدارمي 2/24،183، وابن خزيمة 4/346 برقم (3041)، وابن حبان 9/306 برقم (3993)، والطبراني 12/13،40،57 برقم (12332، 12443، 12444، 12512)، والطيالسي ص 341 برقم (2621)، وابن الجارود 2/115 برقم (501)، والبيهقي 4/335، 5/179، 6/274، والبغوي في شرح السنة 7/28 برقم (1855).(16/48)
س: امرأة من سبأ مشهورة بالصلاح، وهي في أوسط عمرها أو أقرب إلى الشيخوخة، وأرادت حجة الإسلام، ولكن ليس لها محرم فقط، ويوجد من أعيان البلاد من يريد الحج مشهور بالصلاح، ومعه نسوة من محارمه، فهل يصح لهذه المرأة أن تحج مع هذا الخيِّر ونسوته، تكون مع النسوة، والرجل مراقب عليها، أم يسقط عنها الحج؛ لعدم وجود محرمها مع أنها مستطيعة من ناحية المال؟ أفتونا بارك الله فيكم؛ لأنا اختلفنا مع بعض الإخوان.
ج: المرأة التي لا محرم لها لا يجب عليها الحج؛ لأن المحرم بالنسبة لها من السبيل، واستطاعة السبيل شرط في وجوب الحج، قال الله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}(1)، ولا يجوز لها أن تسافر للحج أو غيره إلا ومعها زوج أو محرم لها؛ لما رواه البخاري ومسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم»، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال: «انطلق فحج مع امرأتك»(2)، وبهذا القول قال الحسن والنخعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي، وهو الصحيح؛ للآية المذكورة، مع عموم أحاديث نهي المرأة عن السفر بلا زوج أو محرم، وخالف في ذلك مالك والشافعي والأوزاعي، واشترط كل منهم شرطاً لا حجة له عليه، قال ابن المنذر: تركوا القول بظاهر الحديث، واشترط كل منهم شرطاً
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.
(2) الشافعي (بترتيب السندي) 1/286، وأحمد 1/222، 346، والبخاري 2/219، 4/18، 6/159، ومسلم 2/978 برقم (1341)، واللفظ له، وابن ماجه 2/968 برقم (2899، 2900)، وابن أبي شيبة 4/6، وابن خزيمة 4/137 برقم (2529، 2530)، وابن حبان 6/441، 9/72، 72-73 برقم (2731، 3756، 3757)، وأبو يعلى 4/279، 394 برقم (2391، 2516)، والطبراني 11/335، 336 برقم (12201- 12205)، والبيهقي 5/226.(16/49)
لاےحجة له عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (4909)
س3: هل يحق للمرأة المسلمة أن تؤدي فريضة الحج مع نسوة ثقات، إذا تعذر عليها اصطحاب أحد أفراد عائلتها معها، أو أن والدها متوفى؟ فهل يحق لوالدتها اصطحابها لتأدية الفريضة أو خالتها أو عمتها أو أي شخص تختار ليكون معها محرماً في حجها؟
ج3: الصحيح أنها لا يجوز لها أن تسافر للحج إلا مع زوجها أو محرم لها من الرجال، فلا يجوز لها أن تسافر مع نسوة ثقات أو رجال ثقات غير محارم، أو مع عمتها أو خالتها أو أمها، بل لا بد من أن تكون مع زوجها أو محرم لها من الرجال، فإن لم تجد من يصحبها منهما فلا يجب عليها الحج مادامت كذلك؛ لفقد شرط الاستطاعة الشرعية، وقد قال تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}(1) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5445)
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.(16/50)
س: المعروف في حج النساء المسلمات أن يصاحبهن أزواجهن أو أولادهن أو آباؤهن أو إخوتهن المسلمون، ويسمح لهم بالدخول في داخل حدود الحرم، ولكن إذا كان الأمر كما هو شأني فإن زوجي لا يستطيع مصاحبتي لأسباب صحية، وابني الذي عمره 18 سنة التحق بالخدمة العسكرية إجبارياً لمدة سنتين، وإن عمري الآن 48 سنة، ولا أضمن العيش لمدة سنتين أخريين، فهل أستطيع أن أقوم بأداء فريضة الحج في ظل هذه الظروف؟ يقول لي بعض الإخوة: يجوز لك هذا إذا استطعت أن تكوِّني مجموعة من النساء غير المتزوجات، أقلها خمس، وتكون إحداهن عالمة بمسائل الحج، وعارفة بمقاماته ومشاعره، فحينئذ تستطيع أن تقوم بأداء فريضة الحج معهن دون محرم. ويرى الآخر أنه يجوز للمرأة المسلمة أن تذهب مع صديقتها وأختها في العقيدة التي تريد أداء فريضة الحج مع زوجها، ففي هذه الحالة يكون هذا الشخص راعياً لزوجته وصديقتها. وإني متأكدة بأنكم ستساعدونني في شرح هذا الموضوع والإفادة عن إمكانيته.
ج: من شروط الحج الاستطاعة، ومن الاستطاعة وجود المحرم للمرأة، فإذا فقد المحرم فلا يجوز لها السفر، ولا يجب عليها الحج إلا بوجوده وموافقته على السفر معها، قال تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}(1)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (7316)
س4: هل يجب على المرأة الحج إذا فقدت الزوج أو المحرم وهي مستطيعة أو إذا كانت في عدة الوفاة؟
ج4: لا يجب الحج على المرأة إذا لم تجد محرماً لها يسافر معها إليه، ولا يجوز لها أن تخرج إلى الحج وهي في عدة الوفاة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.(16/51)
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (8244)
س1: معلوم أن الحج في عصرنا هذا صار شاقاً كثيراً بالنسبة للنساء، فهل للزوجة على زوجها حق في الحج مثل حق النفقة؟ وإذا كان لها حق على زوجها هل يجوز الحج لها وهي باقية على قيد الحياة؟ وهل الحج لها من مالها أم من مال زوجها؟ أم يؤخر الحج إلى ما بعد الوفاة؟
ج1: لا يجب على الزوج لزوجته نفقات حجها مثل ما تجب عليه نفقات أكلها وكسوتها وسكناها، ولكن بذله من باب حسن العشرة ومكارم الأخلاق، ويجب لها عليه في سفر حجها ماےيقابل نفقتها حال كونها مقيمة، وإذا كانت مستطيعة الحج صحةً، ومالاً، وتيسر لها من يسافر معها من زوج أو محرم لها وجب عليها الحج بنفسها، وإن عجزت؛ لكبر سن أو لمرض لا يرجى برؤه عن الحج بنفسها أنابت من يحج عنها من مالها، وإن ماتت ولم تحج حجج عنها من مالها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (8392)(16/52)
س: الأخ الفاضل: إن لي مشكلة أريد أن أجد لها حلاً من عند الله الرحيم بعباده، وهي خاصة بأمر تأديتي لفريضة الحج. فأنا امرأة في الخمسين من عمري، وأريد من فترة سنتين أن أسافر لأداء فريضة الحج، والذي يعوق سفري هو أنني ليس لي محرم لكي يسافر معي، فزوجي لا هم له سوى الأموال والدنيا ولا ينوي السفر للحج، اللهم إلا إن كانت منحة من الشركة التي يعمل بها، وهذا أمر لن يتأتى له إلا حينما يأتي دوره وأخاف أن يأتيني الأجل وأكون مقصرة في ذلك، وقد ملكت الزاد والراحلة، ولي ابنان أحدهما مسافر إلى إحدى الدول العربية مشغول في إعداد نفقات زواجه، والآخر موجود هنا في حلوان، ومشغول أيضاً بنفس الأمر، وزوج ابنتي أيضاً مسافر إلى إحدى الدول العربية. خلاصة الأمر: أن محارمي جميعاً لا يستطيعون السفر معي لمشاغلهم، وعدم إمكانية السفر، وقد حاولت معهم، وكان الرد طبعاً بعدم الاستطاعة، فهل بعد كل هذا أجد لي مخرجاً فقهياً في سفري بصحبة زوجة أخي المتوفى مع باقي نساء المجموعة التي سأسافر معها؟ مع العلم أنني محجبة وملتزمة بالزي الشرعي ولا نزكي أنفسنا، مع العلم أن هذه أول مرة أنوي فيها السفر للحج. جزاكم الله خيراً.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر - من عدم تيسر سفر زوجك أو محرم لك معك لتأدية فريضة الحج - فلا يجب عليك مادمت على هذه الحال؛ لأن صحبة الزوج أو المحرم لك في السفر للحج شرط في وجوبه عليك، ويحرم عليك السفر للحج وغيره بدون ذلك، ولو مع زوجة أخيك ومجموعة من النساء، على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لاتسافر امرأة إلا مع ذي محرم» متفق على صحته، إلا إذا كان أخوك مع زوجته فيجوز السفر معه؛ لأنه محرم لك، واجتهدي في الأعمال الصالحات التي لا تحتاج إلى سفر، واصبري رجاء أن ييسر الله أمرك، ويهيء لك سبيل الحج مع زوج أو محرم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .(16/53)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9552)
س1: امرأة حجت من غير محرم مع رفقة صالحة من النساء حجة الفريضة، فهل سقطت عنها الفريضة أم لا؟
ج1: إذا كان الواقع كما ذكر فحجها صحيح تسقط به فريضة الحج عنها، لكنها آثمة في سفرها من غير محرم، وعليها التوبة إلى الله والاستغفار.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (7854)
س: هل يجوز تحج حرمة بدون محرم لها مع العلم أن لها أولاد بناتها، وهل يجوز حجها مع أولاد بناتها؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
ج: لا يجوز أن تسافر المرأة لحج أو غيره بدون محرم، علماً أن أبناء بناتها وأبناء أبنائها محرم لها، فيجوز حجها معهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الحج عن الميت
السؤال الثاني من الفتوى رقم (1241)
س2: رجل مات ولم يقض فريضة الحج، وأوصى أن يحج عنه من ماله ويسأل عن صحة الحجة، وهل حج الغير مثل حجه لنفسه؟(16/54)
ج2: إذا مات المسلم ولم يقض فريضة الحج وهو مستكمل لشروط وجوب الحج وجب أن يحج عنه من ماله الذي خلفه سواء أوصى بذلك أم لم يوص، وإذا حج عنه غيره ممن يصح منه الحج وكان قد أدى فريضة الحج عن نفسه صح حجه عنه وأجزأ في سقوط الفرض عنه، وأما تقويم حج المرء عن غيره هل هو كحجه عن نفسه أو أقل فضلاً أو أكثر؟ فذلك راجع إلى الله سبحانه، ولا شك أن الواجب عليه المبادرة بالحج إذا استطاع قبل أن يموت؛ للأدلة الشرعية الدالة على ذلك، ويخشى عليه من إثم التأخير.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الحج عن الميت من تركته
الفتوى رقم (1366)
س: والدي توفي ولم يحج فريضة الإسلام، وخلف قطعة أرض، وأرغب تأدية الفريضة عن والدي إلا أنني أسأل: هل يكون من تركة والدي أم من مالي؟(16/55)
ج: إذا كان والدك توفي وهو مستطيع الحج بنفسه وماله ولم يحج أخرج عنه مما خلفه أجرة حجة يحج عنه بها؛ لوجوبها عليه؛ لقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً}(1) ، ولما في الصحيحين واللفظ للبخاري، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت: يارسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم»، وذلك في حجة الوداع. وفي صحيح البخاري أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: «نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء» ففي الحديثين دليل على أن ما وجب على العبد لا يسقط بموته، وأنه دين عليه لا تبرأ ذمته إلا بأدائه وإن حج عنه ابنه من ماله أجزأ ذلك إذا كان قد حج عن نفسه، أما إن كان غير مستطيع الحج حتى مات فهو غير واجب عليه، وإن حج عنه ابنه بشرط أن يكون حج عن نفسه فحسن وإلا فلا شيء عليه. وحيث ذكر السائل أن والده لا يملك غير قطعة أرض توفي فخلفها فإذا كان يرتفق بهذه الأرض سكناً أو زراعة فلا يعتبر بتملكه إياها مستطيعاً للحج إذا لم يكن عنده غيرها، فلا يلزمه الحج، وإن كان معدها للتجارة وفي قيمتها كفاية لنفقته في الحج ونفقة من يعول حتى يرجع من الحج فيلزم أن يحج عنه من ثمنها، وكذلك الأمر بالنسبة للعمرة لوجوبها على من وجب عليه الحج؛ لقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله}(2)، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي رزين العقيلي حينما ذكر له شأن أبيه من أنه شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 97.
(2) سورة البقرة، الآية 196.(16/56)
ولا الظعن، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «حج عن أبيك واعتمر»(1) رواه الخمسة وصححه الترمذي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1701)
س: توفيت مريم بنت محمد شاملي عن زوجها ووالدها وإخوتها ذكور وإناث، بعد أن أنجبت بنتاً توفيت قبل أمها المذكورة وخلفت بعض النقود القليلة يرغب الورثة معرفة فرض كل منهم هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن المرأة المتوفية المذكورة لم تؤد فريضة الحج، وبعض الورثة يفضل أن يكلف من يحج عنها قبل توزيع الفروض، والبعض منهم لا يوافق على ذلك إلا بعد الاستفتاء ومعرفة الوجه الشرعي، ونحن في انتظار الإجابة.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فيدفع من تركتها ما يكفي للحج والعمرة لمن يحج عنها ويعتمر إذا كانت قادرة على الحج في حياتها، أما إن كانت فقيرة فلا حج عليها ولا عمرة، وما بقي بعد ذلك يقضى دينها منه إن كان عليها دين، ثم تنفذ وصيتها الشرعية إن كانت موصية، وما بقي بعد ذلك فمسألته من اثنين للزوج النصف والباقي للأب ولا شيء لإخوتها؛ لأن الأب يسقطهم. وأما ابنتها التي توفيت قبلها فلا ترث من أمها؛ لأن من شروط الإرث تحقق حياة الوارث حين موت المورث، وهو مفقود هنا.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
__________
(1) أخرجه أحمد 4/10-12، وأبو داود 2/402 برقم (1810)، والترمذي 3/269-270 برقم (930)، والنسائي 5/111، 117 برقم (2621، 2637)، وابن ماجه 2/970 برقم (2906)، وابن خزيمة 4/346 برقم (3040)، وابن حبان 9/304 برقم (3991)، والطبراني 19/203 برقم (457، 458)، والحاكم 1/481، والبيهقي 4/329،350.(16/57)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3805)
س: توفي عبدالله بن سليمان بن رويشد وهو لم يحج، وحصر ماله بعده عشرة آلاف ريال منها سعي الوكيل، وهو متوفى عن ولدين سليمان ومحمد، وحصة من أمهما، وهيا من أم ثانية، فهل يؤخذ من هذا المال حجة لصاحبه أم الورثة أولى به؟
ج: يؤخذ من مال المتوفى ما يكفي لحجة الفرض، وما بقي بعد ذلك المقدم فيه وفاء دينه إن كان عليه دين ثابت، ثم تنفيذ وصيته الشرعية، والباقي بعد ذلك يقسم على الورثة، لكن إن كانت هذه النقود ثمن أثاث بيته وثمن مسكنه ونحو ذلك فلا حج عليه؛ لأنه والحال ما ذكر يعتبر فقيراً وغير مستطيع للحج، إلا أن يسمح الورثة بإخراج الحجة من المبلغ تبرعاً منهم، فلهم أجر ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (4590)
س: لقد توفي والدي من قبل ثلاثين سنة، وكنا حين ذاك قصاراً لا نستطيع حفظ أي شيء عنه، إلا أنه حضر وفاته شقيقه الذي أصغر منه سناً، وأبلغنا أنه حفظ منه قوله: إن عليه ثلاث حجج لناس كانوا قد سبقوه بالوفاة، إلا أن المستوصي لم يوفق لحفظ أسماء الذين توفوا وعليهم الحجج المذكورة، وقد بحثنا حتى مع بعض المجاورين لذلك الحي؛ لعل أحداً يدلنا إلى أسماء الذين توفوا تاركين وراءهم الحجج المذكورة، فلم نعثر على حقيقة من ذلك. المطلوب من فضيلتكم التكرم بالآتي:
أولاً: هل يجب علينا قضاء هذه الحجج الثلاث مع عدم معرفة أصحابها؟
ثانياً: إذا كنا ملزمين بذلك فكيف تكون النية في هذا الأمر؟
ثالثاً: هل يجب علينا افتداء ذلك بشيء من المال إذا لم نلزم بأدائها؟(16/58)
رابعاً: على من يكون الإثم في ذلك: هل يكون على الذي كانت الوصية على يده، أم على الموصي، أم على الورثة؟
أفيدونا وفقكم الله لما فيه الخير والصلاح، مع العلم أنه مات الموصي بهذه الحجج وهو لم يؤد حجته إلا أنه أوصى بها ضمن الدين الذي كان عليه، وقد أجرنا عليها بعد وفاته، نرجو الله له المغفرة.
ج: إذا ثبتت الحجج الثلاث على والدك لأولئك المتوفين وعلمتم بذلك وجب على ورثته أن يحجوا عنه من تركته، وأن يؤدوا الحجج الثلاث التي عليه لأولئك المتوفين، ويجزئهم أن ينووا عند الإحرام أداءها عمن تعهد والدهم بها لهم دون تعيين أو ذكر أسماء؛ لأن العبد لا يكلف إلا وسعه، ولا يجزئ في ذلك سوى أداء هذه الحجج لا ذبائح ولا غيرها من المال، وإذا لم يقوموا بأدائها مع الاستطاعة أثموا جميعاً هم ووالدهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (8506)
س2: رجل له ستة أبناء وله ورثة أبناء يريدون الحج له، من يحق له منهم جميعاً أن يحج لوالدهم؟ وهل الحج من الورثة أم من مالهم الخاص الذي كسبوه هم؟
ج2: إذا كان الذي سيحج عنه متبرعاً فيحج من شاء منهم واحد أو كلهم في سنة أو في عدة سنوات إذا كان الذي سيحج عنه قد حج عن نفسه الفريضة، أما إن كان الحج عنه بمقابل مال فهذا يرجع فيه إلى وكيل المتوفى أو إلى ا لمحكمة إن لم يكن له وكيل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني عشر من الفتوى رقم (6505)(16/59)
س12: أجدادي من أبي وأمي متوفون ولا أدري هل كانوا أدوا فريضة الحج أو لا، فهل لي أن أوكل أحداً يحج عنهم؟
ج12: يشرع أن توكل من يحج عن كل واحد منهم، على أن يكون من يحج عن كل واحد منهم قد حج عن نفسه حجة الإسلام قبل ذلك، وأن يكون ثقة مأموناً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6806)
س: إنني دفعت لشخص مبلغ 3000 ريال، وذلك كي يحج عن أختي التي توفيت منذ عام، وكان ذلك من مالي الخاص، وقد طلبت من فضيلتكم أنه هل يجوز الحج عنها؟ فأفدتوني بكتاب برقم 1374/2 وتاريخ 29/6/1403هـ، بأنه يجب الحج عنها من مالها، هذا وقد دفعت المبلغ المذكور أعلاه لذلك الشخص، وقد حج عنها، ولكنني لا أريد أن أسترد فلوسي من مالها، وأريد أن يرتد هذا المال لبناتها. فهل هذا يجوز أم لا؟ أفيدوني بذلك.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت من أنك لا تريد أن تأخذ من تركتها ما دفعته لمن حج عنها، وتنازلت عنه لبناتها، فهذا بر منك لأختك وإحسان إلى بناتها. ونسأل الله أن يثيبك على برك وإحسانك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (10978)(16/60)
س: توفي والدي في الحج يوم الأحد الموافق 11/12/1403هـ الساعة الخامسة عصراً، وقف بعرفة ورمى جمرة العقبة ورمى الجمرات الحادي عشر، ثم رجع لكي يرمي الجمرات عن زوجته، ولا ندري هل رمى الجمرات عن والدتي أم لا، ولما كان بالقرب من الجمرات سمع امرأة تصيح تحت أقدام الحجاج فهب لمساعدتها، ولكن القدر كان له بالمرصاد، فمات بجوار الجمرات، وبعد: قد رأيت والدي عدة مرات وعليه ثوب أبيض وهو يرمي الجمرات ويكبر.
السؤال هو: تفسير هذه الرؤيا، وهل يبقى عليه شيء من حجه لكي أقوم بقضائه عنه وعن الوالدة؟ أفيدونا بذلك.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فلا تقض عن والدك ما بقي عليه من أعمال الحج؛ لما أخرج الشيخان في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رجل واقف بعرفة إذ وقع عن راحلته فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً»، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغسل ويكفن، ولم يأمر أولياءه بقضاء بقية أعمال الحج عنه، وأما أمك فالواجب عليها أن ترمي بنفسها أو توكل غيرها إذا لم تستطع؛ لأن توكيلها لوالدك لم يعلم منه تحقق وقوع الرمي عنها، والأصل العدم، فيجب عليها إذا لم ترم دم يذبح بمكة المكرمة ويوزع على فقرائها. وأما الرؤيا فهي حسنة وتبشر بالخير لوالدك، ونرجو أن يكون شهيداً؛ لكونه مات بسبب الزحمة المشبهة لميت الهدم، رحمه الله رحمةً واسعةً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الرفقة في الحج يؤمِّرون أحدهم
السؤال الأول من الفتوى رقم (12084)
س1: هل تأميرنا أميراً في رحلة الحج جائز أم لا؟(16/61)
ج1: يشرع للقوم إذا كانوا ثلاثة فأكثر في سفر أن يؤمروا أحدهم، ففي سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم»(1) ، وبذلك يكون أمرهم جميعاً ولا يتفرق بهم الرأي ولا يقع بينهم خلاف.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
المعاصي هل تبطل الحج السابق؟
الفتوى رقم (2247)
س: قد وفقني الله تعالى لتأدية فريضة الحج العام الماضي 1397هـ، وأحمد الله على ذلك كثيراً، ومما يؤسف له بعد شهور من عودتي بعد تأدية فريضة الحج قد أغواني الشيطان وارتكبت بعض المعاصي الكبيرة، وأستغفر الله، وقد ندمت بعده أشد الندم على ذلك، وسؤالي الآن هو: ما هو حكم فريضة الحج التي حجيتها عام 1397هـ: هل تعتبر باطلة أو سقطت أو...، وعليَّ أن أجددها بحجة أخرى هذا العام؟ لأن تلك قد ضاعت بارتكابي هذا الذنب، أم لا تسقط ويكفيني التوبة وعدم الرجوع إلى الذنب ولا يؤثر هذا على تأدية الفريضة؟ وهذا مما يجعلني حائراً قلقاً لا أكاد أطيق العيش ندماً على ما بدر مني.
ج: إذا كان الواقع منك ما ذكرت فإن حجك لا يبطل بالفاحشة التي ارتكبتها بعده، ولا يجب عليك القضاء، ولكن يجب عليك التوبة إلى الله، والإكثار من الاستغفار، وفعل الطاعات، والندم على ما حصل منك، والعزم على عدم العودة إليه. عسى الله أن يتوب عليك ويغفر لك ذنبك، قال الله تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى}(2) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
__________
(1) أخرجه أبو داود 3/81 برقم (2608)، والبيهقي 5/257، والبغوي في شرح السنة 11/23 برقم (2676).
(2) سورة طه، الآية 82.(16/62)
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الجدال في الحج
السؤال الثاني من الفتوى رقم (9892)
س2: إذا حصل من الرجل بعض الجدال مع رفقائه في الحج هل تصح حجته وتجزئه ولو كانت حجة الفريضة؟
ج2: حجته صحيحة، وتجزئه عن الفريضة، لكن ينقص أجره فيها بقدر ما حصل منه من جدال مذموم، وعليه التوبة من ذلك؛ لقول الله سبحانه: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيُّهَ المؤمنون لعلكم تفلحون}(1) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (6178)
س2: هل يجوز للإبنة أن تحج وتتصدق عن أمها المتوفية، علماً بأن الأم في حياتها لم تكن تصلي. ماحكم الشرع في هذا؟ وللعلم أن هذه الإبنة تحافظ على الشريعة الإسلامية من أركان الإسلام.
ج2: من ترك الصلاة جحداً لوجوبها كفر بالإجماع، ومن تركها تهاوناً وكسلاً كفر على الراجح من قولي العلماء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» مع أدلة أخرى من الكتاب والسنة في ذلك؛ وعلى ذلك لا يجوز الحج ولا التصدق عمَّن مات وهو لا يصلي، كما لا يحج ولا يتصدق عن جميع الكفرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
إذن المرجع
الحج بإذن المرجع
الفتوى رقم (6159)
__________
(1) سورة النور، الآية 31.(16/63)
س: أنا العسكري محمد زيد الصالحي أسألكم يا فضيلة الشيخ عن إمكانية قيامي بأداء فريضة الحج، وحيث أن المرجع لا يسمح لنا، فما الحل برأيكم يا فضيلة الشيخ؟ الرجاء أن تنصحونا بذلك والله الموفق.
ج: اجتهد مع مرجعك في طلب الإذن في الحج، وبين له أنك لم تؤد الفريضة عسى أن يستجيب لك، ويجد فرصة تمكنه من الإذن لك أيام الحج؛ لتؤدي الفريضة ولو بجعل إجازتك الرسمية في موسم الحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (7672)
س1: إنني رجل صاحب عائلة ومتزوج وعندي طفل وأبلغ من العمر 28 سنة، وأعمل في أحد أجهزة الأمن منذ عام 1394هـ، وأريد أن أقضي فريضة الحج حيث أنني لم أقضها حتى الوقت الحاضر، وكلما أردت أن أحج رفض المسئولون ولم يعطوني إجازة في أيام الحج بادعائهم بأن العمل يتطلبني أيام الحج في منطقتي التي هي بقيق، وهي مدينة من مدن المنطقة الشرقية، فهل لي الحق بالحج دون إذن من مرجعي أم لا؟ وهل لي الحق بالعمرة في أي وقت كان بدون إذن من مرجعي أم لا؛ إذا لم يأذنوا لي بذلك؟
ج1: إذا كان الواقع ما ذكر فلا يجوز لك أن تسافر عن المكان الذي وكل إليك العمل فيه لحج أو عمرة أو غيرهما إلا بإذن مرجعك، وأنت والحال ما ذكرت معذور في تأخير ذلك حتى تجد الفرصة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (9815)(16/64)
س2: إنني أبلغ من العمر 29 عاما ولم يسبق لي الحج، فهل علي ذنب حيث أنني معسور؟ علماً أنني أنوي الحج في كل سنة ولم يتيسر لي، 2 - لم يسمح لي بإجازة من قبل مرجعي. وهل علي إثم إذا حججت دون علم مرجعي أثناء عطلة عيد الأضحى المبارك؟ حيث أنني في هذه الفترة أعطل معهم وغير مكلف بأي عمل أثناء العطلة.
ج2: أولاً: إذا كان حالك كما ذكرت فلا إثم عليك.
ثانياً: إذا كنت في عطلة عيد الأضحى وغير مكلف بأي عمل أثناء العطلة فأد الحج ولا إثم عليك، بل أنت مأجور بفعل هذه الطاعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13384)
س: موظف منتدب إلى المدينة المنورة ليعمل أثناء فترة الحج، وذلك إلى نهاية شهر ذي الحجة عام 1410هـ، وأنه يرغب أداء فريضة حج هذا العام، وذلك بعد أن يستأذن من مرجعه، علماً بأن انتدابه مستمر إلى نهاية شهر ذي الحجة كما ذكر، وأن المدينة المنورة في الأيام الأخيرة من يوم 7/12/1410هـ لا يوجد بها حجاج بكثرة، حيث أن الأغلبية منهم يذهبون إلى مكة المكرمة، كما يعلم سماحتكم. فهل تجوز حجته أم لا؟ وإن عمله إداري. أرجو إفادتي وجزاكم الله عنا كل خير.
ج: حج الفرض واجب على المستطيع، وعليك أن تستأذن مرجعك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز(16/65)
المواقيت
السؤال الخامس من الفتوى رقم (2191)
س5: إذا صار فيه موظف مسافر من تبوك إلى مكة المكرمة لعمل رسمي وحكم عليه العمل أن يدخل مكة بدون أن يحرم، ورجع إلى جدة لفترة قصيرة وأحرم من جدة ورجع إلى مكة لأداء العمرة فما رأي فضيلتكم في ذلك؟ هل تكتب له عمرة أم لا؟
ج5: من مر على أي واحد من المواقيت التي ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو حاذاه جواً أو براً أو بحراً وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه الإحرام، وإذا كان لا يريد حجاً ولا عمرة فلا يجب عليه أن يحرم، وإذا جاوزها بدون إرادة حج أو عمرة، ثم أنشأ الحج أو العمرة من مكة أو جدة فإنه يحرم بالحج من حيث أنشأ من مكة أو جدة - مثلاً- أما العمرة فإن أنشأها خارج الحرم أحرم من حيث أنشأ، وإن أنشأها من داخل الحرم فعليه أن يخرج إلى أدنى الحل ويحرم منه للعمرة. هذا هو الأصل في هذا الباب، وهذا الشخص المسئول عنه إذا كان أنشأ العمرة من جدة وهو لم يردها عند مروره الميقات فعمرته صحيحة ولا شيء عليه.(17/1)
والأصل في هذا حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، قال: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك أهل مكة يهلون منها»(1) متفق عليه، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحصب فدعا عبدالرحمن بن أبي بكر فقال: «اخرج بأختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظركما هاهنا» قالت: فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله وهو في منزله في جوف الليل فقال: «هل فرغت؟» قلت: نعم، فأذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة)(2) متفق عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (2024)
س1: هل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحرم واغتسل من المدينة المنورة؟
__________
(1) أخرجه أحمد 1/238،249،252،332،339، والبخاري 2/142،143،216، ومسلم 2/838-839، 839 برقم (1181)، وأبو داود 2/353، 353-354 برقم (1737، 1738)، والنسائي 5/123-124،125-126،126 برقم (2654،2657، 2658)، والدارمي 2/30، والدار قطني 2/237،238، وابن خزيمة 4/158،159 برقم (2590،2591)، والطبراني 11/18 برقم (10911)، والبيهقي 5/29.
(2) أخرجه أحمد 6/78، والبخاري 2/150-151،202، ومسلم 2/875-876 برقم (1211،123)، والنسائي في الكبرى 2/476 برقم (4242)، وابن ماجه 2/998 برقم (3000)، وابن خزيمة 4/339-340 برقم (3028)، وابن حبان 9/102،105-106، 226 برقم (3792،3795،3918)، والبيهقي 4/356-357،5/161.(17/2)
ج1: أحرم النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذا الحليفة، أي: أهل بالنسك ولبى به منها لا من المدينة، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت المواقيت المكانية لنسك الحج والعمرة، فجعل ذا الحليفة ميقاتاً لأهل المدينة، وما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بشيء ويخالفه، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة) رواه البخاري ومسلم، وثبت عن سالم بن عبدالله بن عمر رضي الله عنهم أنه سمع أباه يقول: (ما أهلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من عند المسجد، يعني: مسجد ذي الحليفة)(1) رواه البخاري ومسلم، واغتسل بذي الحليفة أيضاً؛ لما روي عن خارجة بن زيد ابن ثابت عن أبيه أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهلاله واغتسل(2)، رواه الترمذي وحسنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
__________
(1) أخرجه مالك 1/332، وأحمد 2/10،28،66،85،111،154، والبخاري 2/145، ومسلم 2/843، برقم (1186)، وأبو داود 2/374 برقم (1771)، والترمذي 3/181-182، برقم (818)، والنسائي في الكبرى 2/355 برقم (3738)، وفي المجتبى 5/163 برقم (2757)، وابن خزيمة 4/168 برقم (2611)، وابن حبان 9/77 برقم (3762)، والطبراني 12/230 برقم (13167، 13168)، والبيهقي 5/38.
(2) أخرجه الترمذي 3/193 برقم (831)، والدارمي 2/31، والدار قطني 2/220-221، وابن خزيمة 4/161 برقم (2595)، والطبراني 5/135 برقم (4862)، والبيهقي 5/32،32-33، والعقيلي في الضعفاء الكبير 4/138 برقم (1699).(17/3)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (2279)
س1: هل تكون جدة ميقاتاً مكانياً بدلاً من يلملم مع أن بعض العلماء يجوزه؟
ج1: الأصل في تحديد المواقيت ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة. وروي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل العراق ذات عرق(1) ، رواه أبو داود والنسائي، وقد سكت عنه أبو داود والمنذري، وقال ابن حجر في التلخيص: هو من رواية القاسم عنها، تفرد به المعافى بن عمران عن أفلح عنه، والمعافى ثقة. انتهى.
__________
(1) أخرجه أبو داود 2/354-355 برقم (1739)، والنسائي 5/125 برقم (2656)، والدار قطني 2/236، والبيهقي 5/28، وابن عدي في الكامل 1/417 في ترجمة أفلح بن حميد.(17/4)
فهذه المواقيت لأهلها ولمن مر عليها من غير أهلها ممن يريد الحج والعمرة، ومن كان دون هذه المواقيت فإنه يحرم من حيث أنشأ، حتى أهل مكة يهلون من مكة، لكن من أراد العمرة وهو داخل الحرم فإنه يخرج إلى الحل ويحرم منه بالعمرة، كما وقع ذلك من عائشة رضي الله عنها، بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه أمر أخاها عبدالرحمن بن أبي بكر أن يخرج بها إلى التنعيم لتأتي بعمرة، وذلك بعد الحج في حجة الوداع، ومن هذه المواقيت التي تقدمت يلملم، فمن مر عليه من أهله أو من غير أهله وهو يريد حجاً أوعمرة فإنه يحرم منه، ويجب أن يحرم من كان في الجو إذا حاذى الميقات، كما يجب على من كان في البحر أن يحرم من مكان محاذ لميقاته. أما جدة فهي ميقات لأهل جدة وللمقيمين بها إذا أراد حجاً أو عمرة، وأما جعل جدة ميقاتاً بدلاً من يلملم فلا أصل له، فمن مر على يلملم وترك الإحرام منه وأحرم من جدة وجب عليه دم، كمن جاوز سائر المواقيت وهو يريد حجاً أو عمرة؛ لأن ميقاته يلملم؛ ولأن المسافة بين مكة إلى يلملم أبعد من المسافة التي بين جدة ومكة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السابع من الفتوى رقم (1216)
س7: أين ميقات المكي للعمرة؟(17/5)
ج7: ميقات العمرة لمن بمكة الحل؛ لأن عائشة رضي الله عنها لمَّا ألحت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتمر عمرة مفردة بعد أن حجت معه قارنة أمر أخاها عبدالرحمن أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه بعمرة، وهو أقرب ما يكون من الحل إلى مكة، وكان ذلك ليلاً، ولو كان الإحرام بالعمرة من مكة أو من أي مكان من الحرم جائز لما شق النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفسه وعلى عائشة وأخيها بأمره أخاها أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه بالعمرة، وقد كان ذلك ليلاً وهم على سفر، ويحوجه ذلك إلى انتظارهما، والإذن لها أن تحرم من منزلها معه ببطحاء مكة، وعملاً بسماحة الشريعة الإسلامية ويسرها؛ ولأنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وحيث لم يأذن لها في الإحرام بالعمرة من بطحاء مكة دل ذلك على أن الحرم ليس ميقاتاً للإحرام بالعمرة، وكان هذا مخصصاً لحديث: (وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمهله من أهله، حتى أهل مكة من مكة).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم (3591)(17/6)
س5: عرفنا أن الجحفة ميقات لأهل مصر وأهل المغرب الذين يحاذونها، وعرفنا أن الجحفة كانت قرية جنب البحر مثل جدة، حذاء جدة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث دعا أن ينقل حمى المدينة ووباءها إليها، ثم أخذها البحر بعد وصارت في البحر، وهل أهل المغرب وأهل السودان الذين يحاذون البحر في سواكن وبورت سودان هل هم يحرمون في البحر، نظراً إلى الزمن الحاضر؟ أو يحرمون في جدة نظراً للزمن الأول.
ج5: المعروف أن الجحفة ليست محاذية لجدة، إنما هي محاذية لرابغ تقريباً، فيجب على أهل مصر وأهل المغرب أن يحرموا من رابغ، أو مما يحاذيها جواً إذا سافروا بالطائرة أو مما يحاذيها بحراً إذا سافروا بالبحر، وليس لهم أن يؤخروا الإحرام حتى يحرموا من جدة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (3996)
س4: من أين يحرم أهل مكة للعمرة؟ وإذا كان مصيفهم في الهدا وهو بعد الميقات أين يحرمون للعمرة أيضاً؟
ج4: أهل مكة يحرمون للعمرة من خارج الحرم كالتنعيم، وإذا سكنوا في الهدا وقت الصيف فإنهم يحرمون للعمرة من مكانهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقت المواقيت: «..ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة يهلون من مكة» متفق عليه، وثبت في الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر عائشة لمَّا أرادت العمرة وهي في مكة أن تحرم من الحل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (4575)(17/7)
س: كان الحجاج السودانيون في الزمن الماضي حدود إحرامهم للحج الجحفة، وكانت الباخرة تطلق الصفارة وتعلن حدود الإحرام للحجاج، ولكن بعد وصول الطائرات أصبح إحرام الحجاج السودانيين من جدة، وبعد حضورهم إلى جدة يقضون بها أياماً طويلة وهم بملابسهم العادية. السؤال: هل الإحرام من جدة جائز؟ هل يجوز لهم الإحرام في نفس اليوم من حضورهم، أم على حسب ما يرونه مناسب؟
ج: جدة ليست ميقاتاً لحج أو عمرة إلا للمستوطنين أو المقيمين بها، وكذا من وصل إليها لحاجة غير عازم على حج أو عمرة، ثم بدا له أن يحج أو يعتمر. أما من كان له ميقات قبلها كذي الحليفة بالنسبة لأهل المدينة وما وراءها، أو حاذاها براً أو جواً، وكالجحفة لأهلها ومن حاذاها براً أو بحراً أو مر بها جواً، وكيلملم كذلك، فإنه يجب عليه أن يحرم من ميقاته أو مما يحاذيه جواً أو بحراً أو براً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4949)
س1: نحن نعيش في استراليا، وفي هذا العام يريد وفد كبير من مسلمي استراليا القيام بفريضة الحج، ونحن نسافر من سدني مثلاً وأول محطة لنا وهي أحد ثلاث موانئ جوية: جدة، أبو ظبي، البحرين، فأين ميقات إحرامنا؟ هل نحرم من سدني أو من أي مكان آخر؟ أرجو الإجابة ولكم الشكر.(17/8)
ج1: ليست سدني ولا أبو ظبي ولا البحرين ميقاتاً لحج ولا عمرة، وليست جدة ميقاتاً لمثلكم، وإنما هي ميقاتاً لأهلها. ويجب أن تحرموا إذا كنتم مررتم جواً فوق أول ميقات تمرون عليه قاصدين إلى مكة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَّا وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة»، وبإمكانكم تسألون مضيف الطائرة قبل المرور عليه، وإن نويتم الدخول في الإحرام بالحج أو العمرة ولبيتم بذلك قبل الميقات الذي ستمرون عليه خشية أن تتجاوزوه غير محرمين فلا بأس، أما التهيؤ للإحرام بتنظيف أو غسل أو ارتداء ملابس الإحرام فيجوز في أي مكان.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (5726)
س3: الإحرام بالجحفة لأهل الشام والمغرب مازلنا نسمع أن الجحفة كانت قرية على شاطئ البحر مثل جدة، وقد جرفها البحر، هل كان ذلك قبل زمن الرسول أو بعده؟ ونعلم الأحاديث الصحاح أنها لأهل الشام وأهل المغرب، ولكن هل لأهل المغرب كافة حتى الذين على خط الاستواء مثل الكنغو ووسط السودان؟ أو يمكن لهم الإحرام بجدة؛ لأنها التي يمرون بها، أو يجب على الجميع أن يحرموا في البحر؛ لأن الجحفة الآن في البحر.(17/9)
ج3: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مواقيت الحج والعمرة وذلك فيما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة). وفي رواية عنه: (فمن كان دون ذلك فمهله من أهله حتى أن أهل مكة يهلون منها).
فعلى كل مسلم مر بميقات من هذه المواقيت وهو عازم على الحج أو العمرة أن يحرم بما عزم عليه من الميقات الذي مر به، سواء كان من أهل هذه البلاد المذكورة أم من غير أهلها؛ لقوله في الحديث: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة»، ومن كان خارجاً عن هذه المواقيت ولم يكن طريقه على ميقات منها أحرم بما عزم عليه إذا حاذى أول ميقات يمر به براً أو بحراً أو جواً ، حتى من كان ميقاته في الأصل الجحفة يحرم اليوم إذا حاذاها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5821)
س: لي زوجة وأطفال كثير عددهم تسعة، منهم بنت بالغ وولد، أما الباقين فتتراوح أعمارهم من اثنتي عشرة سنة، إلى تسع سنوات، ومنهم صغار فمن السابعة إلى ثمانية أشهر، وأرغب أخذهم جميعاً إلى مكة المكرمة للعمرة في شهر رمضان إن شاء الله، كما أرغب الحج أنا وزوجتي فقط. فهل يلزمني حج جميع الأطفال على اعتبار أنهم اعتمروا، أم لا؟ مع العلم أن مقدرتي محدودة ولا أستطيع أخذهم جميعاً للحج. كما أرجو إفادتي عن ميقات أهل الجنوب عن طريق الساحل، وهل يجوز لي الإحرام من جدة؟ لأن طريقي على الساحل، وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح.(17/10)
ج: أولاً: لايلزمك تحجيج أولادك الذين ذكرت أعمارهم في السؤال، ولو سبق أنهم دخلوا مكة بعمرة، إلا البنت التي بلغت فيجب أن تحرم بالحج معكم حيث تحرمون.
ثانياً: ميقات أهل اليمن الذين أتوا عن طريق الساحل يلملم المسماة اليوم بالسعدية، فلا يجوز لمن مر عليه أو حاذاه مريداً الحج أو العمرة أن يتجاوزه بدون إحرام، وليست جدة ميقاتاً لهم، وإنما هي ميقات لأهلها ولمن أراد الحج والعمرة وهو مقيم بها، أو وافد عليها بدون نية الحج أو العمرة ثم عزم على الحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6515)
س: لقد توفي رجل قبل سنتين ولم يستطع إلى الحج سبيلاً، والآن عائلته وأولاده يرغبون في الحج نيابة عنه، ولكن ليس عندهم فلوس بقدر ما يكفي لهم إركاب أحد من باكستان ليقوم بالحج، ولذلك يريدون توكيل واحد من المسلمين الموجودين بمكة المكرمة بتوفير المصاريف إليه الناجمة بمنى وعرفة والأضحية ليقوم بالحج عنه. فهل يتم الحج هكذا عنه، ويناله من ثوابه؟ بينوا تؤجروا. جزاكم الله خيرا.
ج: العبرة في النيابة بالحج بميقات النائب عن غيره في الحج على الصحيح من قولي العلماء، وعلى هذا يجوز أن توكلوا من يحج عن والدكم من أهل مكة ونحوها من البلاد القريبة من الحرم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع الفتوى رقم (11638)
س4: ما حكم من أخذ عمرة لوالده بعد أن أخذ عمرة لنفسه، وأعاد عمرة أبيه من مكان الإحرام بمكة المكرمة (التنعيم)، هل عمرته صحيحة أم عليه أن يحرم من الميقات الأصلي؟(17/11)
ج4: إذا أخذت عمرة لنفسك ثم تحللت منها وأردت أن تأخذ عمرة لأبيك إذا كان ميتاً أو عاجزاً؛ فإنك تخرج إلى الحل كالتنعيم، وتحرم بالعمرة منه ولا يجب عليك السفر إلى الميقات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السابع من الفتوى رقم (12228)
س7: أنا طالب أدرس في مدينة جدة، وأسكن في القنفذة تبعد عنها مسافة 350كم، وفي خلال يومي الخميس والجمعة أذهب إلى القنفذة. والسؤال: هل من السنة في إقامتي في القنفذة أن أقصر من الصلاة أم ماذا؟ وإذا أردت العمرة من جدة هل يجوز هذا؟
ج7: إذا أنشأت العمرة من جدة فأحرم من جدة، وإذا نويتها وأنت في القنفذة فإنك تحرم من ميقات أهل اليمن، وليس لك أن تقصر الصلاة في بلدك؛ لأنها وطنك، بل عليك أن تصلي أربعاً، وهكذا في جدة عليك أن تصلي أربعاً عند جمهور العلماء؛ لأنك تنوي الإقامة أكثر من أربعة أيام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12441)
س: أولاً: لاحظت أن كثيراً من حجاج بلدي الذين أدوا الحج أو العمرة لبسوا الإحرام، أي: أحرموا لدى الوصول إلى مدينة الحجاج، وحتى أحرم بعضهم في الفنادق أو منازل الأقرباء أو الأصدقاء في جدة. بما أنني لا أتمكن من قراءة اللغة العربية فسأقدر إذا كنتم تزودوني بآيات من القرآن (وترجمتها إلى اللغة الإنجليزية) تبين أو تشرح أن ميقاتهم لا يكون في جدة.
ثانياً: وفقاً لهؤلاء الحجاج فإن إحرامهم مبني على الأسباب التالية:
أ - أنهم يتبعون المذهب الشافعي وهو يختلف عن سائر المذاهب التي تفسر متطلبات الميقات بطريقة مختلفة وصارمة إلى حد ما.(17/12)
ب - بما أن مدينة الحجاج الحالية في جدة أكثر من مرحلتين فهم يعتبرون بناء على ذلك مدينة الحجاج ميقاتاً.
جـ - عندما شرح لهم أنهم عبروا حدود ميقاتهم وهم في طريقهم إلى جدة هم شرحوا أنهم لم يعودوا يستعملون الطريق القديم للذهاب إلى يلملم؛ نظراً لأنهم يصلون عن طريق الجو.
د - بالنسبة لأولئك الذين يعتبرون مدينة جدة ميقاتاً لهم كان استدلالهم هو أنهم قد أقاموا في فنادقهم ومنازل الأقرباء لمدة يومين أو ثلاثة أيام قبل أن يسيروا إلى مكة، فعلى حد قولهم أن هذه الإقامة القصيرة في جدة يجب أن يضفي عليهم صفة المقيم أو الزائر لجدة، مع أنهم يحملون تأشيرات الحج أو العمرة، وعلى حد قولهم فإن مسألة الميقات أو النية لأداء الحج أو العمرة تبدأ فقط عندما هم ينطقون ويظهرون فعلاً مثل تلك النية، وهذا يمكن أن يتم بعد لبس الإحرام في جدة.
ثالثاً: بعض الحجاج يسيرون إلى المدينة فوراً لدى الوصول إلى المملكة، دون الدخول في حالة الإحرام، ثم يلبسون الإحرام من المدينة فيما بعد قبل الحركة إلى مكة، رجاء التكرم بالتوجيه إذا كان هذا جائزاً.
رابعاً: لذلك سيكون موضع تقدير مني إذا كان بإمكانكم التكرم بتزويدي بالأجوبة الضرورية والشواهد المؤيدة المقتبسة من القرآن على الأسئلة المذكورة؛ حتى أتمكن من نقلها إلى الجهات الدينية الإسلامية في سنغافورة، وتوضيح التفسيرات الخاطئة إذا كان هناك أي تفسير خاطئ.
أتطلع إلى ردكم المبكر مع أطيب التحيات.(17/13)
ج: أولاً: حدد الشرع المطهر المواقيت المكانية، فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عين مواقيت كل جهة، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة)، وهذه الأماكن لعبادة الحج أمور توقيفية، فيجب على من مر بها مريداً الحج والعمرة أن يحرم منها، فإن تجاوزها بدون إحرام وجب عليه الرجوع قبل الإحرام ليحرم منها، وإن لم يرجع وجب عليه دم جبراً للنسك.
ثانياً: لا اعتبار للمسافة بين الحرم ومكان الإحرام؛ لأن أماكن الإحرام محدودة من قبل الشرع، كما وضح في الفقرة الأولى.
ثالثاً: إذا كان الأمر أنهم لا يمرون بميقاتهم عند القدوم للحج أو العمرة جواً فإنهم يحرمون إذا حاذوا ميقات بلدهم؛ لأن حذو المكان بمنزلته.
رابعاً: ليست النية للحج والعمرة باللفظ فقط، وإنما الاعتبار للعزم والقصد الذي يكنه القلب، فإذا قدم الإنسان للحج والعمرة، قاصداً أداءهما فلا بد من الإحرام من الميقات المحدد شرعاً، وإذا تجاوزه بدون إحرام وجب عليه دم جبراً للنسك.
خامساً: إذا تجاوز الحاج أو المعتمر ميقات بلده بدون إحرام، ثم أحرم من ميقات بلد آخر غير ميقات بلده، فعليه دم؛ لأنه تجاوز ميقات بلده وأحرم دونه. وأما ما ذكرت من إحرام أهل بلدك من ميقات المدينة (ذي الحليفة) فلا حرج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13422)(17/14)
س: نحن من أفراد القوات المسلحة، ونشارك في مهمة الحج سنوياً، ونقيم في منطقة الشرايع مدة المشاركة ما يقارب شهراً، ونكون على شكل مجموعات تتناوب حراسة في مكان بعيد عن المعسكر، والبقية الذين ليس لديهم مناوبة متواجدون في الخيام، ومستعدون لأي طارئ. لذا نأمل من الله ثم منكم إفادتنا عن كيفية أداء الصلاة بالنسبة للمتواجدين في السكن، هل نجمع ونقصر أم لا؟ وكذلك بعض المعسكرات لديهم مساجد ويرغبون في إقامة صلاة الجمعة، هل تجب في حقهم صلاة الجمعة؟ وإذا كان بجانبنا حي تقام فيه صلاة الجمعة هل نصلي معهم؟
في أثناء أدائنا للمهمة نذهب على شكل قافلة، ولا يسمح للقافلة بالتوقف في الميقات، ونتعدى الميقات إلى منطقة الشرائع خارج مكة، فهل نخرج إلى الجعرانة للإحرام منها، أم نرجع إلى السيل الكبير ونحرم منه؛ لأننا اجتزناه في أثناء مسيرنا، أو نحرم من مكان معسكرنا الذي هو الشرائع خارج مكة قرب الأميال؟
وكذلك تكون مهمتنا أحيانا في المدينة المنورة ونقيم عشرة أيام في المدينة أو أقل ثم نتحرك إلى مكة المكرمة، ونقيم فيها عشرة أيام أخرى ثم نرجع إلى المدينة مرة أخرى، وبجانب سكن هذه الكتيبة في المدينة معسكر ثابت تقام فيه صلاة الجمعة، هل يصلون معهم الجمعة؟ أفيدونا عاجلاً جزاكم الله خيراً. ونأمل الفتوى خطياً، حيث يحصل نزاع في كل عام حول كيفية أداء الصلاة. والله المسؤول أن يوفق الجميع للصواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج: أولاً: مادام أنكم مجمعون الإقامة في الشرائع أو المدينة أكثر من أربعة أيام فإنكم تصلون الصلاة تامة بدون قصر ولا جمع؛ لأنكم في حكم المقيمين، وإن نويتم إقامة أربعة أيام فأقل أو لم تنووا إقامة مدة معينة فإنكم في حكم المسافرين، ولكم أن تقصروا الصلاة الرباعية وأن تجمعوا.(17/15)
ثانياً: بالنسبة للإحرام للعمرة أو الحج مادام أنكم ذهبتم للعمل وتجاوزتم الميقات فإذا أراد أحد الإحرام فإنه يحرم من مكانه داخل الميقات؛ لأنه دخل بنية العمل، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - عند ذكر المواقيت: «ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» إلا من كان منكم عازماً على الحج أو العمرة حين مروره على الميقات؛ فإن عليه أن يرجع إلى الميقات ليحرم منه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة»، أما الجمعة فعليكم أن تصلوها في المساجد القريبة منكم التي تقام فيها الجمعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13607)
س: امرأة من اليمن أوصت ورثتها قبل موتها أن يجعلوا من يحج عنها من مالها الخاص، ويوجد هنا في المملكة العربية السعودية وفي مدينة جدة من المغتربين اليمنيين ممن يثقون به لأداء هذه الفريضة، فهل يجوز الحج عن هذه المرأة ممن هم في مدينة جدة؟ وهل يحرم من بيته في جدة، أو يذهب إلى ميقات أهل اليمن الساحلي ويحرم من هناك، أو أنه يجب على الذي سيحج عن هذه المرأة أن يكون من اليمن؛ أي: خروجه للحج يكون من اليمن؟ وهل يجب أن يكون هذا الحاج من بلدة هذه المرأة صاحبة الوصية؟
ج: يحج عن المرأة المذكورة من محل النائب إذا كان دون الميقات، أما إذا كان أبعد من الميقات فإنه يحرم من ميقات بلده، إلا أن يأتي إلى مكة من طريق آخر فعليه أن يحرم من الميقات الذي يمر به؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» متفق على صحته.(17/16)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (884)
س1: ماذا يقول العلماء في حديث عائشة رضي الله عنها الذي ورد فيه خروجها إلى التنعيم للعمرة وحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي ورد فيه: «حتى أهل مكة من مكة، ممن أراد الحج أو العمرة»، وكيف نجمع بينهما؟ بينوا لنا الرأي الصحيح الموافق للكتاب والسنة، ومن أين يحرم أهل مكة للعمرة، من الحل أم من مكة المكرمة؟ كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.اهـ
ج1: يحسن أن نذكر بعض روايات الحديثين تمهيداً للجمع بينهما، وبيان ما يترتب على ذلك من ميقات الإحرام بالعمرة مفردة بالنسبة لأهل مكة، ومن في حكمهم ممن كان داخل الحرم.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، قال: «فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دونهن فمهله من أهله، وكذلك أهل مكة من مكة» رواه البخاري ومسلم.(17/17)
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحصب، فدعا عبدالرحمن بن أبي بكر فقال: «اخرج بأختك من الحرم فلتهل بالعمرة، ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظركما هاهنا»، قالت: فخرجنا فأهللت، ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في منزله في جوف الليل، فقال: «هل فرغت؟» فقلت: نعم، فأذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الفجر، ثم خرج إلى المدينة، رواه البخاري ومسلم. وفي رواية أخرى عنها أنها قالت: فلما كانت ليلة الحصية قلت: يارسول الله يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة، قالت: فأمر عبدالرحمن فأردفني على جمله، ثم ذكر عمرتها من التنعيم. وفي رواية عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها يوم النفر: «يسعك طوافك لحجك وعمرتك»، فأبت، فبعث بها مع عبدالرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج، وفي رواية: «يجزئ عنك طوافك بالبيت وبالصفا والمروة عن حجك وعمرتك»، وفي رواية لمسلم في صحيحه: (وكان - صلى الله عليه وسلم - رجلاً سهلاً، إذا هويَتْ الشيء تابعها عليه، فأرسلها مع عبدالرحمن بن أبي بكر فأهلت بعمرة من التنعيم).(17/18)
وعلى هذا يقال: إن حديث ابن عباس رضي الله عنهما عام في أن أهل مكة يحرمون من مكة بالحج مفردة ولعمرة مفردة وبالحج والعمرة قراناً، وحديث خروج عائشة من الحرم مع أخيها عبدالرحمن لتحرم من التنعيم بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وإرشاده خاص، والقاعدة المعروفة المسلمة عند العلماء: أن العام والخاص إذا تعارضا حمل العام على الخاص، فيعمل بالخاص، وهو هنا الإحرام بالعمرة من التنعيم، أو غيره من الحل، ولا يعمل بما يقابله من أفراد العام، وهو هنا الإحرام بالعمرة مفردة من مكة، فيكون معنى «حتى أهل مكة من مكة»: أن أهل مكة يحرمون بالحج مفرَدَاً أو بالحج والعمرة قراناً، لا يحتاجون إلى الخروج إلى الحل، أو إلى ميقات من المواقيت الأخرى المذكورة في الحديث؛ ليحرموا منه بذلك. أما العمرة مفردة فعلى من أراد الإحرام بها وهو في مكة أو داخل حدود الحرم أن يخرج إلى الحل، التنعيم أو غيره؛ ليحرم بها، وبهذا قال جمهور العلماء، بل قال المحب الطبري: لا أعلم أحداً جعل مكة ميقاتاً للعمرة. اهـ. فيتعين حمل قوله في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «حتى أهل مكة من مكة» على القارن والمفرد، دون المعتمر عمرة مفردة.(17/19)
ويؤيد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً، فلو كان الإحرام بالعمرة مفردة من الحرم مأذوناً فيه لاختاره لعائشة؛ لكونه أيسر وأقل التزاماً وكلفة بالنسبة له ولعائشة وأخيها، ولم يأمرها بالخروج إلى الحل أو التنعيم؛ لتحرم منه، بل كان يكفيها أن تذهب معه - صلى الله عليه وسلم - حينما يأتي البيت ليطوف طواف الوداع، وهي محرمة بالعمرة من الأبطح، فتطوف وتسعى العمرة وقت طوافه - صلى الله عليه وسلم - طواف الوداع، وفي ذلك الكفاية لتحقيق رغبة عائشة وتطييب خاطرها، فإنها إنما قصدت أن تعتمر عمرة مفردة دون الخروج إلى الحل، أو مكان معين منه، لكنه - صلى الله عليه وسلم - أمرها بالخروج إلى التنعيم فاحتاجت إلى محرم فأرسل معها أخاها عبدالرحمن، وكان ذلك ليلاً حيث يحتاج الناس إلى الراحة، واضطر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحدد معها مكاناً للقاء بعد الفراق، فعدوله عن الإحرام من الحرم وهو أيسر للجميع إلى الإحرام من الحل مع ما فيه من المشقة والكلفة التي لا توجد في الأمر الأول دليل على أن الإحرام بالعمرة من الحل دون الحرم مقصود إليه مأمور به شرعاً لمن أراد أن يعتمر عمرة مفردة وهو بالحرم.
ويرى بعض العلماء أن العمرة وإن كانت سنة أو واجبة على كل مسلم مكلف مستطيع ينبغي لمن أراد وهو بالحرم أن يجعلها مع الحج، فيحرم قارناً العمرة بالحج، ولا يخرج من الحرم إلى الحل، التنعيم أو غيره ليحرم منه بعمرة مفردة؛ لأنه لم يأذن فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا لعائشة؛ تطييباً لخاطرها، ولم يعهد من الصحابة الخروج من الحرم للإحرام بالعمرة من الحل.
ويرى جماعة: الإحرام بالعمرة مفردة من مكة ونحوها من الحرم؛ لعموم حديث ابن عباس.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(17/20)
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…إبراهيم بن محمد آل الشيخ
السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (2678)
س1: أ - إذا كان الدليل عند من قالوا بخروج أهل مكة إلى أدنى الحل في حالة العمرة هو أمره - صلى الله عليه وسلم - عائشة وعبدالرحمن ابنا أبي بكر رضي الله عنهم، فهل كانت عائشة وعبدالرحمن رضي الله عنهم من أهل مكة حتى يقاس على خروجهما خروج أهل مكة؟
ب - وإذا صح هذا -وعلى من صححه الدليل- فلماذا قصر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته طوال إقامته بمكة 19 يوماً كما جاء في الرواية الصحيحة؟
جـ - وكذلك لماذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المهاجرين ألا يمكثوا بمكة أكثر من ثلاثة أيام بعد النسك في حديث العلاء بن الحضرمي الذي رواه البخاري: «ثلاث للمهاجرين بعد الصدر»، وهل كان عبدالرحمن وعائشة رضي الله عنهما إلا من المهاجرين؟(17/21)
ج1: نعم، الدليل على أن الإحرام بالعمرة وحدها لمن كان في الحرم يجب أن يكون من الحل؛ هو أمره - صلى الله عليه وسلم - عائشة رضي الله عنها أن تأتي بها من التنعيم، وأن يذهب معها أخوها عبدالرحمن رضي الله عنه محرماً لها، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، فلو كان الحرم والحل بالنسبة لإحرامهما بالعمرة سواء لأمرها أن تحرم من الأبطح، حيث نزلوا به وهو من الحرم، ولم يشق عليها وعلى أخيها بأمرهما بالذهاب إلى التنعيم ليلاً لتحرم منه عائشة، ولم يشق على نفسه بفراقها ليلاً واضطراره لتحديد ميعاد اللقاء وهم على سفر، ولم يكن أمرها بذلك من أجل كونها من المهاجرين ومن غير أهل مكة، فإن من كان نازلاً ببنيان مكة أو بأبطحها وهو من غير أهلها يحرم بالحج من مكانه، ولا يكلف الخروج إلى الحل أو إلى ميقات بلده، سواء كان من المهاجرين أم آفاقياً غير مهاجر، وليس ثبوت الإحرام بالعمرة مفردة من الحل لمن أراد أن يعتمر من أهل مكة أو الحرم، بالقياس على ماجاء في حديث عمرة عائشة من التنعيم، بل هذا الحديث تشريع عام لكل من أراد العمرة وهو داخل حدود الحرم، سواء كان بمكة أم خارجها، وسواء كان آفاقياً من المهاجرين أم من غيرهم؛ لأن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - للواحد كأمره للجماعة، تشريع عام، إلا إذا دل على تخصيصه به دليل.
وبهذا تعرف الإجابة عن فقرة (ب) وفقرة (ج) فإنا قلنا: بأن عائشة وأخاها عبدالرحمن رضي الله عنهما من المهاجرين.
س2: ما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: «حتى أهل مكة يحرمون من مكة» بعد أن قال - صلى الله عليه وسلم -: «من أراد الحج والعمرة» في الرواية الصحيحة لابن عباس رضي الله عنهما؟(17/22)
ج2: معناه أن كل من أراد الحج والعمرة وكان منزله دون المواقيت يحرم من منزله، حتى أن أهل مكة يحرمون لنسكهم من مكة، وهو عام في الحج والعمرة، ولكنه خصصه حديث أمره - صلى الله عليه وسلم - عائشة رضي الله عنها أن تعتمر من التنعيم؛ لكونه أدنى الحل من الحرم، فصار الحديث الذي سألت عن معناه محمولاً على من يحج أو يعتمر وهو دون المواقيت المسماة في الأحاديث، وخارج حدود الحرم، وعلى من يحرم بالحج مفرداً أو بالحج والعمرة قراناً أو يحج ممن تمتع بالعمرة إلى الحج لا على من يحرم بالعمرة فقط، استثنائها بحديث عائشة؛ عملاً بالأحاديث الواردة في النسك كلها دون نظر إلى قياس أو خصوصية لعائشة أو غيرها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السابع من الفتوى رقم (2873)
س7: حضرت من الأردن بالطائرة إلى جدة قاصداً مدينة بيشة، وليس بنيتي أداء العمرة ولا حتى الذهاب إلى مكة، ولكن تأخرت الطائرة إلى بيشة فجلست في جدة مدة يومين، وعند ذلك قمت بالإحرام من جدة وتوجهت إلى مكة لأداء العمرة، فهل هذه العمرة صحيحة؟(17/23)
ج7: هذا الإحرام صحيح؛ لأنك أنشأته من جدة، ولم تنو العمرة قبل ذلك، ولا دم عليك فيه، والأصل في ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، قال: «فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلون منها» متفق عليه. وما دل عليه عموم هذا الحديث من أن من أراد الإحرام بالعمرة فإنه يحرم من مكة ليس على ظاهره، فقد جاء ما يدل على أن من أراد الإحرام بالعمرة وهو بمكة فإنه يحرم من الحل، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحصب فدعا عبدالرحمن بن أبي بكر فقال: «اخرج بأختك من الحرم فتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت، فإني أنتظركما هنا» قالت: فخرجنا، فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة، فجئنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في منزله في جوف الليل فقال: «هل فرغت؟» قلت: نعم، فأذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة. متفق عليه.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (5185)
س2: كيف من ركب الطيارة من المدينة إلى جدة وهو يريد العمرة، ماذا يفعل، هل يلبس الإحرام من مطار المدينة وينوي بالعمرة من حين ركوبه، أم ماذا يفعل؟ بيِّن لي.
ج2: إذا أردت السفر بالطائرة من المدينة إلى مكة للعمرة فإنه يشرع لك أن تغتسل وتتوضأ وضوء الصلاة، وتلبس إحرامك، وبعد إقلاع الطائرة من المطار تلبي بالعمرة، وذلك قبل مجاوزة ميقات أهل المدينة، وهو: آبار علي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .(17/24)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5830)
س1: ما حكم من أحرم بالعمرة بعد الحج من كدي؟ إن ثلاثة نسوة أحرمن بالعمرة بعد الحج من كدي حيث مقر حجاج البر في الأردن، وأحرم معهن رجل حيث كانوا على عجل إذ كانت غالبية القافلة معهن متمتعين إلا هؤلاء الثلاثة، ونظراً لقرب موعد الرحيل وعدم استطاعتهن الذهاب إلى التنعيم، وخوفاً من الازدحام الشديد هناك اجتهد بعض الناس أن يحرمن من كدي قياساً لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعائشة أن تحرم من التنعيم، وكذلك أحرم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة من الجعرانة والتنعيم، والجعرانة وكدي من الحل، فما حكم الإحرام من كدي بهذا الأمر، هل عمرتهن جائزة؟
ج1: أخطأ هؤلاء الذين أحرموا بالعمرة من كدي؛ لأن كدي ليست من الحل، بل من الحرم، وليست كالتنعيم، ولا الجعرانة؛ لأن كلاً من التنعيم والجعرانة من الحل، وقد اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة، ولم يعتمر من التنعيم، وإنما أمر عبدالرحمن بن أبي بكر أن يذهب مع أخته عائشة لتحرم بالعمرة من التنعيم؛ لأنها أقرب مكان من الحل إلى الحرم، ولو كان الإحرام بالعمرة داخل حدود الحرم جائزاً شرعاً لأذن لعائشة أن تحرم من مكانها بالأبطح، ولم يكلفها وأخاها الذهاب إلى التنعيم للإحرام منه بالعمرة؛ لما في ذلك من المشقة دون حاجة وهم على سفر، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا خير بين أمرين اختار أيسرهما مالم يكن إثماً، وقياس كدي على التنعيم والجعرانة بالحل غير صحيح؛ لأن الإحرام من المواقيت تعبدي وعمرتهم صحيحة، وعلى كل منهم ذبيحة لإحرامهم بالعمرة من الحرم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(17/25)
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (1693)
س3: إذا أراد الحج أو العمرة، ويشق عليه الإحرام بالطائرة، ثم هو مع ذلك لا يعرف مقدار الميقات، فهل له تأخير الإحرام إلى جدة أم لا؟
ج3: إذا أراد الحج والعمرة وهو في الطائرة فله أن يغتسل في بيته، ويلبس الإزار والرداء إن شاء، وإذا بقي على الميقات شيء قليل أحرم بما يريد من حج أو عمرة، وليس في ذلك مشقة، وإذا كان لا يعرف الميقات فإنه يسأل قائد الطائرة، أو أحد المساعدين له، أو أحد المضيفين، أو الركاب ممن يثق به من أهل الخبرة بذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12233)
س: لقد جئت من مصر إلى مكة المكرمة للعمل، ولم أنوِ عند سفري من مصر العمرة ولا أحرمت، وبعد أن مكثت بمكة 7 أيام أحرمت من مسجد التنعيم، وأديت العمرة، فقال لي أحد الإخوة: إنه لا بد أن تدخل مكة محرماً، فما مدى صحة ذلك وماذا علي؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فإحرامك من التنعيم صحيح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (12812)
س2: حاج ينوي الحج ولكنه له غرض في مكة ثم إلى المدينة، وجاوز السيل ولم يحرم، ودخل مكة ثم سافر إلى المدينة وأحرم من المدينة حاجاً. فما حكم تصرفه هذا، وماهو الحكم الشرعي في هذه المسألة؟
ج2: مادام أن الحاج خرج إلى ميقات أهل المدينة، وأتى محرماً فلا شيء عليه في دخوله بدون إحرام، وكان الأولى له أن يدخل من السيل محرماً.(17/26)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
باب الإحرام
الفتوى رقم (1129)
س: لما بلغت الخامسة عشرة من عمري، طلبت من والدي أن أحج معه، مظهراً له أن قصدي أداء فريضة الحج، ولكن لم يكن قصدي ونيتي أداء الفريضة، بل كان قصدي حب الاستطلاع ورؤية مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ومشاهدة المشاعر المقدسة وغير ذلك، أما الفريضة فسأقضيها فيما بعد إن شاء الله، علماً أني قضيت ذلك الحج على ما يرام رغم شكوكي نقص في رمي إحدى الجمرات، فهل أعيد الفريضة؟ علماً أني حريص على إعادتها احتياطاً.
ج: إن كان الأمر كما ذكرت من أنك أديت الحج على ما يرام، فقصدت الحج عند الإحرام، وأديت جميع فرائضه، فحجك صحيح إن شاء الله، يسقط به عنك حج الفريضة، ولا تأثير لقصدك ابتداءً مشاهدة مكة والمدينة وغيرهما من الأماكن على صحة حجك، وهو قريب في الحكم من قصد التجارة مع الحج، غير أن له تأثيراً على مقدار ثوابك عن الحج، حيث نويت ابتداءً نية أخرى، وصاحب قصدك الحج عند الإحرام. وعليك دم عما شككت فيه من نقص الرمي، إن كان الشك في ترك ثلاث حصيات فأكثر؛ لأن الأصل وجوبه، ولا يسقط عنك إلا إذا أديته بيقين أو غلبة ظن، وإن أعدت الحج احتياطاً؛ رغبةً في عظم الثواب فذلك أعظم لأجرك وأتم لنسكك، أما إذا كنت لم تقصد الحج عند الإحرام، وإنما أديت أعماله ظاهراً حتى لا ينكشف أمرك لأبيك فحجك غير صحيح؛ لأن النية ركن من أركان الحج لا يصح بدونها، ويجب عليك أن تعيده عند الاستطاعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
أنواع الإحرام(17/27)
الفتوى رقم (5229)
س: لقد قرأت كتباً كثيرة عن مناسك الحج، وتكاد تكون معلوماتي شبه كافية عن المناسك، ولكن رغم ذلك تجدني في بعض المواضع لا أتمكن من فهم الصحيح من غيره، لتعارض الأقوال والآراء والفقهاء، ومن ذلك (الإفراد) بنية الحج فهناك رأي يقول: (لا ذبح عليه)، ومنهم من يقول: (يذبح)، فأي القولين تأخذ وأيهما تترك؟ أنا لم أقرأ كتاباً واحداً شافياً عن الحج، أو كما حج النبي - صلى الله عليه وسلم -، والصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، فأرجو منكم توضيح ذلك بصورة مبسطة وواضحة، وجزاكم الله خيراً، وذلك على ضوء الكتاب والسنة الصحيحة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج: أنواع الإحرام ثلاثة: الأول: الإحرام بالحج فقط، ومن حج مفرداً فلا يجب عليه هدي. الثاني: الإحرام بالحج والعمرة معاً، وهذا يسمى قارناً، ويسمى أيضاً متمتعاً، ويجب على القارن هدي. الثالث: الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، ويتحلل منها ثم يحج في نفس السنة، ويسمى من فعل هذا متمتعاً، ويجب عليه هدي، ومن لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى وطنه، أو محل إقامته، وأفضل أنواع النسك الثلاثة: التمتع بالعمرة إلى الحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1420)
س: حججت هذا العام عن والدتي ونويت بالحج التمتع، لكن لضيق الوقت الزمني علي نويت الإفراد، وثانياً: إنني عندما قدمت مكة في اليوم الثامن لم أتمكن من المبيت بمنى، وثالثاً: عندما رجعنا من عرفات لم أتمكن من المبيت في منى، ورابعاً: رميت الجمرات في الساعة الرابعة قريباً من بعد منتصف الليل حسب التوقيت الزوالي، وهي ليلة العيد الأول. أرجو إفادتي عما ذكر أعلاه.(17/28)
ج: تحويلك التمتع إلى إفراد لايجوز، لكن نظراً إلى أنك لم تحل إحرامك فتكون قارناً يلزمك هدي القران، وأما عدم مبيتك في منى ليلة يوم التروية؛ لأنك لم تتمكن فليس عليك في ذلك شيء، وأما كونك لم تتمكن من المبيت بعد رجوعك من عرفة فالمبيت بمنى ليلة إحدى عشرة، واثنتي عشرة واجب من واجبات الحج، وكذلك مبيت ليلة ثلاثة عشر لمن لم يتعجل. ويجب في ترك المبيت على غير السقاة والرعاة، ومن في حكمهم دم، وهو شاة، فإذا لم يجد صام عشرة أيام، وهذه الشاة تذبح في الحرم وتوزع على الفقراء، وهذا هو الأحوط، وأما رميك الجمار في الساعة الرابعة بالتوقيت الزوالي فنرجو أن لا يكون به بأس، ولو أنك أخرت الرمي إلى مابعد طلوع الشمس من يوم العيد لكان ذلك أوفق للسنة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (3053)
س3: في أحد الأعوام نويت بالحج والعمرة معاً وقت الإحرام، وعندما سارت السيارة من قريتنا حوالي اثنين كيلو متر وجدت أن رفقاءنا في الحج أحرموا بالحج فقط - أي بالإفراد - فعملت مثلهم؛ لذا أرجو هل عليَّ شيء في ذلك أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً، علماً بأنني ذهبت للعمرة بعد ذلك في رمضان عدة مرات.
ج3: إذا كان تَحوّل نيتك من الإحرام بالحج والعمرة معاً إلى الإحرام بالحج فقط حصل قبل الإحرام فلا شيء عليك، وإن كان ذلك بعد عقد الإحرام بالحج والعمرة فلا يسقط ذلك عنك حكم القران، ودخلت أعمال عمرتك في أعمال حجك، وعليك هدي التمتع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (4585)(17/29)
س: ما الحكم فيما لو أخذت عمرة في رمضان، وعند الميقات قلت: لبيك عمرة متمتعاً بها إلى الحج، فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. وأخذت في مكة ما يقارب ثلاثة أيام ورجعت إلى عملي، وفي وقت الحج لم أتمكن من الحج. فما الحكم جزاكم الله خيراً؟
ج: إذا كان الواقع منك كما ذكرت فلا حرج عليك، ولا يلزمك شيء إلا إذا كنت لم تحج حجة الإسلام، فعليك أن تؤديها عند الاستطاعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم (6420)
س5: إذا كان يريد الفرد القيام بالحج، ويكون حجه يوم عرفة، هل يكون مفرداً أو ما حكمه؟
ج5: إذا أراد بإحرامه الحج فقط كان مفرداً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (7364)
س: أرغب العمرة في رمضان متمتعاً بها إلى الحج، ما الذي يترتب علينا حتى الحج، وأنا موظف ولا أستطيع مغادرة العمل إلا بإجازة الحج، وإجازة العمرة في رمضان، هل يجوز السفر من منطقة إلى أخرى؟ يوجد علي دين للدولة مبلغ وقدره مائة ألف ريال (000ر100)، وهي أقساط على الراتب الشهري، فهل يجوز لي الحج؟
ج: أولاً: العمرة في رمضان رغَّب فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنها ليست العمرة التي يتمتع بها إلى الحج، بل التي يتمتع بها إلى الحج هي التي يؤتى بها في أشهر الحج، وهي: شوال، وذو القعدة، والعشر الأولى من ذي الحجة، ثم يحج من عامه.
ثانياً: إذا كان الواقع ما ذكر من أنك لا تستطيع مغادرة العمل للحج أو العمرة فلا يجوز لك ترك العمل إلا بإذن مرجعك.(17/30)
ثالثاً: دَيْن الدولة الذي ذكرت لا يمنع من الحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (7658)
س: في العام قبل الماضي نويت أداء فريضة الحج قارناً، وما إن وصلت إلى بيت الله الحرام حتى أديت فريضة العمرة، وتعتبر طواف القدوم في نفس الوقت، حيث لم أتشرف بزيارة بيت الله من قبل، ثم بعدها بيوم واحد أديت فريضة العمرة نيابة عن والدتي المتوفاة، ولما كان هناك متسع من الوقت قبل الذهاب إلى منى في يوم التروية فأشار علي الأهل الذين أقضي الوقت عندهم بالتحلل من الإحرام ففعلت، وعند الذهاب إلى منى أحرمت من جديد، ثم صليت ركعتين بنية الإحرام بالحج فقط في مسجد العمرة، وفي هذه الحالة تعتبر نيتي قد تغيرت من القران إلى التمتع. فهل يشوب حجي أي شائبة رغم قيامي بنحر ذبيحة؟ وهل تعتبر العمرة التي أديتها نيابة عن والدتي في موسم الحج صحيحة، أم أنه لا يجوز تأدية عمرتين في موسم حج واحد؟ وهل أي ذنب يرتكبه الإنسان بعد أدائه الفريضة يؤثر عليها؛ لأننا لسنا منزهين عن الخطأ؟
ج: أولاً: تعتبر في حجك المذكور متمتعاً بالعمرة إلى الحج، وقد أحسنت فيما فعلت من التحلل من العمرة.
ثانياً: العمرة التي أديتها عن أمك بعد أن اعتمرت عن نفسك صحيحة إذا كنت أديتها بعد التحلل من عمرتك بالحلق أو التقصير بعد الطواف والسعي.
ثالثاً: ماكان من الذنوب دون الكفر الأكبر لا يحبط الأعمال الصالحة، ولكن تكون المقاصة بين حسنات وسيئات من خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً مالم يتب منها أو يعف الله عنه.(17/31)
أما الردة عن الإسلام -والعياذ بالله- فتحبط جميع الأعمال الصالحة إذا مات على ردته، ومن تاب منها توبةً نصوحاً لم تحبط أعماله الصالحة فضلاً من الله ورحمة، قال الله تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}(1) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (8507)
س3: إذا لبس الإحرام لعمرة أو لحج ثم فسخها ماذا يجب عليه؟
__________
(1) سورة البقرة، الآية 217.(17/32)
ج3: إذا كان لبس الإزار والرداء ولم ينو الدخول في الحج أو العمرة ولم يلب بذلك فهو بالخيار: إن شاء دخل في الحج أو العمرة، وإن شاء ترك ذلك، ولا حرج عليه إذا كان قد أدى حجة وعمرة الإسلام، أما إن كان قد نوى الدخول في الحج أو العمرة فليس له فسخ ذلك والرجوع عنه، بل يجب عليه أن يكمل ما أحرم به على الوجه الشرعي؛ لقول الله سبحانه: {وأتموا الحج والعمرة لله}(1)، وبهذا يتضح لك: أن المسلم إذا دخل في حج أو عمرة بالنية فليس له رفض ذلك، بل يجب عليه أن يكمل ما شرع فيه؛ للآية الكريمة المذكورة، إلا أن يكون قد اشترط، وحصل المانع الذي خاف منه فله أن يتحلل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لضباعة بنت الزبير لما قالت: يارسول الله إني أريد الحج وأنا شاكية، قال: «حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني»(2) متفق على صحته.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
النية في قطع الحج
السؤال الأول من الفتوى رقم (6141)
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196.
(2) أخرجه أحمد 1/330،337،352، 6/164، 202،349،360،419-420،420، والبخاري 6/122-123، ومسلم 2/867-869 برقم (1207، 1208)، وأبو داود2/376-377 برقم (1776)، والترمذي 3/278-279 برقم (941)، والنسائي 5/168 برقم (2766-2768)، وابن ماجه 2/979،980-980 برقم (2936-2938)، والدارمي 2/35، والدار قطني 2/219، 235، وابن خزيمة 4/164 برقم (2602)، وابن حبان 9/86-88 برقم (3773-3775)، والطبراني 11/262،287 برقم (11909،12023)، 24/304،332-335،336 برقم (773، 827- 837،840-843)، والبيهقي 5/221،222،7/289.(17/33)
س1: ذهبت إلى الحج مفرداً ليلة الثامن من شهر الحجة من جدة، فطفت طواف القدوم وسعيت، إلا أنني اضطريت لقطع الطواف لشدة الزحام، وذهبت للمبيت بمنى، وأثناء وجودي بمنى في ظهر يوم الثامن، ونتيجة لما نالني من الحر الشديد والتعب أثناء البحث عن مكان فيه ظل، شعرت بالألم وتعب، فنويت قطع الحج نتيجة لذلك، والعودة إلى منزلي بجدة، وتوجهت إلى الحرم بنية قطع الحج، إلا أنني لم أخلع الإحرام، ووصلت الحرم وصليت فيه صلاة العصر يوم الثامن، وبعدها شعرت بالراحة فعزمت على أن أعود إلى منى وإكمال الحج، وأنا لازلت على إحرامي، وفعلاً رجعت وأكملت باقي مناسك الحج. فما حكم النية بقطع الحج ثم العودة لإكماله؟
ج1: ما وقع منك من النية بقطع الحج ليس له أثر على حجك؛ لأنك رجعت إلى الحج، ولا فدية عليك في ذلك إذا كنت طفت للحج بعد رجوعك من عرفات طواف الإفاضة، وكملت أعمال الحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (11020)
س3: إذا أحرم الحاج وأراد التطيب فهل يتطيب قبل الغسل، أم بعد الغسل للإحرام؟(17/34)
ج3: إذا أراد مريد النسك للعمرة أو الحج التطيب عند الإحرام قبل التلبية بالحج أو العمرة فله ذلك، والأولى أن يكون بعد الاغتسال؛ لقول عائشة رضي الله عنها: (كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)(1) متفق على صحته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12933)
س: نحن أربعة أفراد من منسوبي جمعية الهلال الأحمر السعودي، تم ترشيحنا للعمل الإسعافي في المشاعر المقدسة في حج عام 1408هـ، وكنا ننوي العمرة أثناء دخولنا مكة، ولكن الشخص الذي كان يدل الطريق داخل مكة واستعجل وقال: نحن متأخرون عن العمل ولا نستطيع الإحرام نسبة لضيق الوقت زمن استلام العمل، علماً بأننا أدينا صلاة العصر في الميقات بالمسجد بالسيل الكبير، وذهبنا بعد صلاة العصر لمكان العمل، وبعد فترة العمل عدنا مرة ثانية إلى المدينة التي نعمل بها وبدون تأدية العمرة. فما حكم الدين في ذلك، وما هي الكفارة؟ وإذا كان واجب علينا دم هل يتم تأديته في مكة المكرمة أم في المدينة التي نتواجد بها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
__________
(1) أخرجه مالك 1/328، وأحمد 6/39،98،107،130،162،181،186،192، 200، 207، 209،214،216، 237،238،244،245، والبخاري 2/145،195، 7/60، 61، ومسلم 2/846،847،849 برقم (1189،1191)، واللفظ له، وأبو داود 2/359 برقم (1745)، والترمذي 3/259 برقم (917)، والنسائي 5/136-139 برقم (2684-2693)، وابن ماجه 2/976 برقم (2926)، والدارمي 2/33، والدارقطني 2/274، وابن حبان 9/86 برقم (3772)، وأبو يعلى 7/353 برقم (4391)، وابن خزيمة 4/155، 156 برقم (2581-2583)، وابن حزم في المحلى 7/86 مسألة 825، والبيهقي 5/34.(17/35)
ج: إذا لم يحصل منكم نية الدخول في العمرة وأنتم في الميقات فليس عليكم شيء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (13366)
س3: ما حكم لباس الحزام الكمر (الهميان) إذا كان من الجلد، لكن فيه مخيط أي: مدقوقاً بالماكينة، وكذلك الأحذية المخيطة؟
ج3: يجوز لمن أحرم بالحج أو العمرة أن يلبس الحزام والحذاء، ولو كانا مخيطين بالماكينة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (8593)
س: لماذا الحاج يرتدي تلك الملابس في الحج؟
ج: أمرنا الله على لسان رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بارتداء الإزار والرداء في الحج وفي العمرة لحكمة يعلمها، فوجب علينا الامتثال؛ رجاءَ الثواب، سواء علمنا الحكمة أم لم نعلمها، ومما ذكره العلماء في ذلك: التذكير بحال الناس يوم الجمع والنشور يوم القيامة، وإشعار الحاج بالتواضع والتساوي بين الغني والفقير، نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والثبات على الحق حتى نلقاه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3107)
س: يوجد لدي أربعة أشخاص متوفين، ما بين أعمام وأجداد، ما بين رجال ونساء، ولم أعرف أسماء البعض منهم، وأريد أسرح لهم حجج، كل واحد منهم أرغب أحج له على حسابي الخاص.(17/36)
ج: إذا كان الأمر كما ذكر: فمن عرفت اسمه من الرجال والنساء فلا إشكال فيه، ومن لم تعرف اسمه فإنه يجوز لك أن تنوي عن الرجال والنساء من الأعمام والأجداد على حسب ترتيب أسنانهم، وأوصافهم، وتكفي النية في ذلك وإن لم تعرف الاسم، والله يعلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
إحرام الحائض
السؤال السادس من الفتوى رقم (687)
س6: ما حكم حجة الحائض؟
ج6: الحيض لايمنع من الحج، وعلى من تحرم وهي حائض أن تأتي بأعمال الحج، غير أنها لاتطوف بالبيت إلا إذا انقطع حيضها واغتسلت، وهكذا النفساء، فإذا جاءت بأركان الحج فحجها صحيح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
السؤال الرابع من الفتوى رقم (6471)
س4: امرأة ذهبت هنا في المملكة لأداء الحج ثم حاضت قبل طواف القدوم، فما حكمها؟ وهل يمكنها أن تذهب إلى عرفة في مدة الحيض وما حكمها؟
ج4: تبقى على إحرامها وتفعل كلما يفعله الحاج غير أنها لاتطوف بالبيت، حتى تطهر وينقطع دم الحيض وتغتسل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
محظورات الإحرام
الفتوى رقم (10515)(17/37)
س: إنني في عطلة الربيع الماضية اصطحبت أهلي وأولادي بنية زيارة أختي في الطائف، ونأخذ عمرة والعلاج في جدة، هذه هي النية أساساً. الذي حصل أننا أقمنا في الطائف يوماً ثم ذهبنا إلى جدة مارين بمكة ولم نحرم من السيل، حيث كنت أعتقد أن ما في ذلك شيء، فأخرنا العمرة حتى العودة من جدة، وفعلاً بعد انتهائنا من جدة أحرمنا بالعمرة ونسينا أيضاً لم نصل ركعتين بعد الإحرام، وكان يدور في نفسي بأن فيه ميقاتاً فيما بين جدة ومكة، فلم نجد ميقاتاً، وواصلنا حتى الحرم وأخذنا عمرة. وعند العودة للعمل قصيت ذلك على بعض مدرسي المعهد العلمي، فقالوا: إن علينا دماً، وإنه كان يجب علينا ألا نمر مكة حتى نأخذ العمرة. فأرجو من سماحتكم توجيهنا للصواب، وماذا يترتب علينا؟ والله يحفظكم.
ج: الواجب على من نوى العمرة ثم مر بالميقات أن يحرم منه، ولا يجوز له مجاوزته بدون إحرام، وحيث لم تحرموا من الميقات فإنه يجب على كل منكم دم، وهو ذبح شاة تجزئ في الأضحية تذبح بمكة المكرمة، وتقسم على فقرائها، ولا تأكلوا منها شيئاً، أما ترك صلاة ركعتين بعد لبس الإحرام فلا حرج عليكم في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (4382)
س3: رجل يريد الحج وحلق لحيته في 2 ذي الحجة وهو لم يعلم، وذهب بعد ذلك في اليوم الخامس. فهل يجوز عليه فدي أم لا؟(17/38)
ج3: إذا كان حلقه للحيته قبل الإحرام فهو عاص بحلق لحيته، وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه، ولا فدية عليه، ولكن يجب عليه إعفاء لحيته وعدم العودة إلى حلقها أو قصها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعفاء اللحى وإرخائها، وأمر بقص الشوارب. وإن كان بعد الإحرام فقد عصى بحلقها وارتكب محظوراً من محظورات الإحرام، ويجب عليه بارتكابه أن يذبح شاة تجزئ في الأضحية في مكة في أي وقت، ويوزعها على فقرائها ولا يأكل منها، أو يطعم ستة مساكين: كل مسكين نصف صاع مما يطعم منه عادة، أو يصوم ثلاثة أيام، إلا أن يكون ناسياً أنه محرم حين حلقها أو جاهلاً تحريم الحلق في الإحرام فلا فدية عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (4448)
س2: هل يجوز للرجل عندما يحرم من الميقات أن يجلس ويقلم أظافره، أم لايجوز له ذلك إلا بعد أن يذبح ضحية؟
ج2: إذا فعل ذلك قبل الإحرام فلا حرج في ذلك، إلا أن يكون أراد أن يضحي وقد دخل شهر الحجة فلا يجوز له ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، وأما فعل ذلك بعد الإحرام أي بعد نية الدخول في الإحرام فلا يجوز مطلقاً؛ لأن المحرم ليس له أن يقلم أظفاره أو يأخذ شيئاً من شعره إلا إذا فرغ من طوافه وسعيه للعمرة، فإنه يتحلل من إحرامه بالحلق أو التقصير، وهكذا في الحج إذا رمى جمرة العقبة، فإنه يشرع له أن يحلق أو يقصر، والحلق أفضل، ثم يتحلل سواء كان ذلك قبل الذبح أو بعده، وكونه بعد الذبح أفضل إذا تيسر ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(17/39)
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9059)
س1: لماذا حرم الله على الحجاج لبس المخيط، وما الحكمة من ذلك؟
ج1: أولاً: فرض الله الحج على من استطاع إليه سبيلاً من المكلفين، مرة في العمر، وجعله ركناً من أركان الإسلام، لما هو معلوم من الدين بالضرورة، فعلى المسلم أن يؤدي ما فرضه الله عليه؛ إرضاءً لله وامتثالاً لأمره، رجاءَ ثوابه وخوف عقابه، مع الثقة بأن الله تعالى حكيم في تشريعه وجميع أفعاله، رحيم بعباده، فلا يشرع لهم إلا ما فيه مصلحتهم وما يعود عليهم بالنفع العميم في الدنيا والآخرة، فإلى ربنا الملك الحكيم سبحانه التشريع، وعلى العبد الامتثال مع التسليم.
ثانياً: لمشروعية التجرد من المخيط في الحج والعمرة حكم كثيرة منها: تذكر أحوال الناس يوم البعث، فإنهم يبعثون يوم القيامة حفاة عراة ثم يكسون، وفي تذكرة أحوال الآخرة عظة وعبرة، ومنها: إخضاع النفس، وإشعارها بوجوب التواضع، وتطهيرها من درن الكبرياء، ومنها إشعار النفس بمبدأ التقارب والمساواة والتقشف، والبعد عن الترف الممقوت، ومواساة الفقراء والمساكين... إلى غير ذلك من مقاصد الحج على الكيفية التي شرعها الله وبينها رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (518)
س: قد حج والدي في سنة ماضية، وكان مريضاً مرضاً شديداً ولم يقدر على الإحرام فما الواجب عليه؟(17/40)
ج: إذا أحرم الحاج بملابسه لدعاء الحاجة إلى ذلك بسبب برد ومرض ونحو ذلك فهو مأذون له في ذلك شرعاً، والواجب عليه بالنسبة إلى لبس المخيط صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، أو ذبح شاة تجزئ أضحية، وكذلك الحكم إذا غطى رأسه، ويجزئه الصيام في كل مكان، أما الإطعام والشاة فإن محلها الحرم المكي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
الفتوى رقم (7783)
س: إنني أرغب في الحج إن شاء الله ومشكلتي هي: أنني رجل أصلع بدون شعر يغطي الرأس، وبشرتي حساسة جداً، وأي أشعة شمس تؤثر على صحتي، وتسبب التهاباً شديداً في بشرة الرأس، وظهور الشرايين بالرأس خاصة وبالوجه عامة، وكما تعلم أن من محظورات الإحرام عدم تغطية الرأس، أرجو سماحتكم إفتائي عن هذه الحالة، علماً أنني رجل قصير القامة، ولا أستطيع أن أحمل المظلة؛ لأنها تؤذي من حولي. هذا والله يرعاكم ويسدد خطاكم.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فإنك تغطي رأسك وأنت محرم، وتفدي فتذبح شاة تطعمها الفقراء في مكة، أو تطعم ستة مساكين بالحرم: لكل مسكين نصف صاع من تمر أو غيره من قوت البلد، أو تصوم ثلاثة أيام. هذا بالنسبة للإحرام بالحج، وكذلك لو أحرمت بالعمرة فعليك فدية أخرى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (9555)
س2: عندما أحرمت من أبيار علي، ومشينا في طريقنا إلى مكة تكلفت مع الطريق، وجاءني حمى شديدة، فنمت وغطيت رأسي، فهل يجب علي فعل شيء؟(17/41)
ج2: يجب عليك فدية، وهي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة بالحرم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم (6017)
س5: إنسان أحرم بالعمرة في غير وقت الحج، ووجب عليه دم كإحرامه بثيابه مثلاً، فهل يذبح الهدي في ذلك الوقت بمكة أو ماذا يفعل؟
ج5: من وجب عليه دم بسبب لبسه ثوبه مثلاً وهو محرم بالعمرة، فإنه يذبحه في مكة، ويوزع لحمه على الفقراء ولا يأكل منه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (9540)
س3: أقيم بالمملكة للعمل، وأنوي أداء فريضة الحج، وجهة عملي ندبتني هذا العام للعمل بالمشاعر المقدسة، وعملي هناك لا يمنعني من أداء جميع المناسك، إلا أنني لن أتمكن من لبس ملابس الإحرام؛ لأن طبيعة عملي ونظامه تفرض علي ملبساً معيناً من المخيط. فماذا أفعل؟ وهل يكون حجي صحيحاً إذا ذبحت فداء دون أن ألبس ملابس الإحرام طوال أيام الحج؟
ج3: إذا كان الواقع كما ذكر فحجك صحيح، ولا إثم عليك في لبسك ملابس غير ملابس الإحرام؛ دفعاً للحرج عن نفسك، ولكن تلزمك فدية لذلك وهي إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم، أو ذبح ذبيحة تصلح أضحية تطعمها مساكين مكة أو سائر الحرم، ولا تأكل منها، أو تصوم ثلاثة أيام، أيّ ذلك فعلت أجزأك، وعليك مثل ذلك عند غطاء الرأس، إن كنت غطيت رأسك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(17/42)
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (11590)
س2: ماحكم لبس الشرَّاب في الرجلين والطواف بها طواف القدوم في الحج، وطواف العمرة في العمرة، وهل الجوربان مخيطان؟
ج2: لايجوز للرجل لبس الشراب وهو محرم بالحج أو العمرة، فإن احتاج إلى لبسها لمرض ونحوه جاز ووجب عليه فدية، وهي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر ونحوه، أو ذبح شاة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (2173)
س1: هل يجوز للمحرم أن يغسل جسمه كله للتبرد، ولماذا؟
ج1: يجوز للمسلم أن يغسل جسمه كله للتبرد إذا كان فيه حر، وهذا فيه تنشيط له على هذه العبادة، ويحرص في أثناء الغسل على أنه لا يتساقط شيء من شعره أو بشرته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (3592)
س2: إذا وطئ المحرم بسيارته إحدى الأشجار أو الحشائش فهل عليه شيء؟
ج2: إذا وطئها وهو في غير أرض الحرم فلا شيء عليه، إلا قيمة ما أتلفه لمالكه إذا كان مملوكاً، وإذا أتلف شيئاً من شجر الحرم أو حشائشه مملوكاً لأحد فكذلك عليه قيمته لمالكه، وإن لم يكن مملوكاً لأحد فلا شيء عليه، ولا ينبغي له تعمد ذلك؛ لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9773)(17/43)
س1: هل يجوز للمحرم من الرجال والنساء تغيير إحرامه بإحرام آخر، سواء كان في وقت الحج أو العمرة؟
ج1: يجوز للمحرم بحج أو عمرة تغيير إحرامه بملابس أخرى للإحرام، ولا تأثير لهذا التغيير على إحرامه بالحج أو العمرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9571)
س1: التطيب بعد الإحرام، بعد حضوري من القاهرة قمت بعمل عمرة مباركة، وأثناء دعائي والتصاقي بالكعبة الشريفة في الملتزم وجدت يدي تلامس زيت طيب الكعبة الشريفة، وفي أثناء الهيام والروحانية بالكعبة الشريفة والدعاء دهنت جسمي وشعري وملابسي بهذا الطيب فوق الكعبة، بعدها انصرفت لاستكمال المناسك، وتوجهت إلى زمزم حيث شربت وتوضأت بماء غزير شبه غسيل رأس وجسم، ثم السعي والتقصير، وما جزاء ذلك المستحق؟ فما حكم هذا التطيب بطيب الملتزم الذي لامسته عفواً بدون قصد ثم توضأت وأزيل تقريباً.
ج1: ملامسة يدك للطيب الموجود على الكعبة عفواً ثم قيامك بعد ذلك بدهن جسمك وشعرك وملابسك بالطيب وهو محظور عليك، يجب في ذلك كفارة، وهي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة، إلا أن تكون جاهلاً بالحكم الشرعي، أو ناسياً فلا شيء عليك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4509)
س1: الرجل وزوجته توجها إلى الحج، وإن الرجل كان متمتعاً والمرأة غير متمتعة، واجتمع الرجل مع زوجته وهي محرمة، ما حكم الشرع في ذلك؟(17/44)
ج1: إن كان هذا الرجل جامع زوجته في تحلله بين العمرة والحج، أي أنه قد انتهى من أعمال العمرة ولم يحرم بالحج فليس عليه شيء، وأما المرأة فإذا كان جماعه لها قبل سعيها للعمرة فسدت عمرتها، وعليها دم وقضاء العمرة من الميقات الذي أحرمت منه بالأولى، أما إن كان ذلك بعد الطواف والسعي وقبل التقصير فالعمرة صحيحة، وعليها عن ذلك إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1610)
س: شخص حاج، وقع في محذور، وهو تقبيل زوجته وإنزاله خارج القبل بشهوة بعد رمي جمرة العقبة والحلق وقبل طواف الإفاضة، وهي غير حاجة، أفتونا مأجورين.
ج: لايجوز لمسلم أحرم لحج أو عمرة أو بهما أن يتعرض لما يفسد إحرامه، أو ينتقص عمله، والقبلة حرام على من أحرم بالحج حتى يتحلل التحلل الكامل، وذلك برمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة والسعي إن كان عليه سعي؛ لأنه لا يزال في حكم الإحرام الذي يحرم عليه النساء، ولا يفسد حج من قبل امرأته وأنزل بعد التحلل الأول، وعليه أن يستغفر الله ولا يعود لمثل هذا العمل، ويجبر ذلك بذبح رأس من الغنم يجزئ في الأضحية يوزعه على فقراء الحرم المكي، والواجب المبادرة إلى ذلك حسب الإمكان.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (1720)
س2: أديت فريضة الحج، وفي ليلة وأنا في منى تنومت ولم أتمكن من الغسل، فهل علي شيء؟(17/45)
ج2: الاحتلام ممن هو متلبس بإحرام حج أو عمرة لا يؤثر على حجه، ولا على عمرته، فلا تبطلان، ومن حصل منه ذلك فإنه يغتسل غسل الجنابة بعد استيقاظه من النوم إن رأى منياً، ولا فدية عليك؛ لأن الاحتلام ليس باختيارك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (3114)
س3: اعتمر رجل ومعه زوجته وأحرمت الزوجة بأن كشفت الحجاب عن وجهها، وعندما دخل الحرم رفض جندي داخل الحرم إلا أن تغطي وجهها، فغطته. فهل عليها شيء، وهل تعيد العمرة؟ وما رأي الشيخ رحمه الله في كشف الوجه في الإحرام للمرأة؟
ج3: تكشف المرأة وجهها وهي في نسك الحج أو العمرة، إلا إذا مر بها أجانب أو كانت في جمع فيه أجانب، وخشيت أن يروا وجهها، فعليها أن تسدل خمارها على وجهها حتى لا يراه أحد منهم؛ لقول عائشة رضي الله عنها: (كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من على رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه)(1) رواه أبو داود. وقد يكون الجندي أمرها بستر وجهها عند دخول الحرم من أجل من فيه من الرجال الأجانب عنها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السابع من الفتوى رقم (3184)
__________
(1) أخرجه أحمد 6/30، وأبو داود 2/416 برقم (1833)، وابن ماجه 2/979 برقم (2935)، والدار قطني 2/294،295، وابن خزيمة 4/203-204 برقم (2691)، وابن الجارود 2/60 برقم (418)، والبيهقي 5/48.(17/46)
س7: هل يجوز للمرأة أن تلبس البرقع وهي محرمة؟ فقد لبسه أهلي فلما رجعوا من الحج قيل لهم: إن حجكم غير مقبول؛ لأنكم لبستم البرقع. وهل يصح للمرأة أن تتطيب وهي محرمة؟ وهل يصح للمرأة أن تأكل حبوب مانع العادة في الحج؟ وهل يصح لها مثلاً أن تمسك برجل غير محرم لها ولمن هو برفقتهم بالحج؛ لأنه زحمة، وخوفاً عليها من الضياع؟ وهل يصح لها الإحرام بالذهب؟
ج7: أ - لبس البرقع لا يجوز للمرأة في الإحرام؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «..ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين»(1) رواه البخاري، ولا شيء على من تبرقعت في الإحرام جاهلة للتحريم وحجتها صحيحة.
ب - لايجوز للمحرم التطيب بعد الإحرام، سواء كان رجلاً أو امرأة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «ولا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس»(2)، وقول عائشة رضي الله عنها: (طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت) متفق عليه، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي مات وهو محرم: «لا تمسوه طيباً» متفق على صحته.
جـ - يجوز للمرأة أن تأكل حبوباً لمنع العادة الشهرية عنها أثناء أدائها للمناسك.
__________
(1) أخرجه مالك 1/328 (من قول ابن عمر)، وأحمد 2/22،32،119، والبخاري 2/214-215، وأبو داود 2/411،412 برقم (1825،1826، والترمذي 3/194-195، برقم (833)، والنسائي 5/135-136 برقم 5/135-136 برقم (2681)، والبيهقي 5/46،47.
(2) أخرجه مالك 1/325، وأحمد 2/4،8،22،29،32،34،41،54،56،59،63،65، 66،77،119، والبخاري 1/42،96،2/145-146،214-215،8/38،48،49، ومسلم 2/834 برقم (1177)، وأبو داود 2/411،412 برقم (1823،1827)، والترمذي 3/194-195 برقم (833)، والنسائي 5/129،130،131-132،132، 133،133-134،134،135-136 برقم (2666،2667،2669، 2670، 2673، 2674،2677،2681)، وابن ماجه 2/977 برقم (2929)، والدارمي 2/32، والدارقطني 2/230،232، والبيهقي 5/46،49.(17/47)
د - يجوز للمرأة إذا اضطرت في زحام الحج أو غيره أن تتمسك بثوب رجل غير محرم لها أو بشته أو نحو ذلك؛ للاستعانة به للتخلص من الزحام.
هـ - يجوز للمرأة أن تحرم وبيدها أسورة ذهب أو خواتم ونحو ذلك، ويشرع لها ستر ذلك عن الرجال غير المحارم؛ خشيةَ الفتنة بها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم (4127)
س5: قرأت لسيادتكم فتوى بأن على المرأة أن تغطي وجهها وكفيها، حتى لو كانت محرمة بحج أو عمرة، وأنه من المعروف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد ذكر أن المرأة أثناء الإحرام لا ترتدي النقاب ولا القفازين، فكيف تغطي المرأة وجهها أثناء الإحرام؛ هل ترتدي النقاب وهي محرمة؟ وهل ترتدي القفازين وهي محرمة؟ أم كيف تغطي وجهها وكفيها؟ ومن المعروف أنه في الحج يكون من المتعذر أن تبتعد عن الرجال لكثرة الزحام. نرجو تفصيل هذا الأمر ليتضح لنا الحق.
ج5: لا تلبس المحرمة بحج أو عمرة نقاباً ولا قفازين حتى تحل من نسكها التحلل الأول، وإنما تسدل خمار رأسها على وجهها إذا خشيت أن يراها رجال أجانب، وليست خشيتها من ذلك مستمرة؛ لأن بعض النساء ينفردن بمحارمهن، ومن لم تتمكن من الإنفراد عن الأجانب تستمر سادلة خمارها على وجهها وقت المقتضي له، ولا حرج عليها في ذلك، وهكذا تغطي يديها بغير القفازين، كالعباءة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4151)
س1: هل يجوز للمرأة الحاجة أو المعتمرة الطواف حول الكعبة وهي كاشفة عن وجهها بحضرة الرجال الأجانب؟(17/48)
ج1: وجه المرأة عورة لا يجوز كشفه لغير محرم، لا في الطواف ولا في غيره، ولا وهي محرمة أو غير محرمة، وإن طافت وهي كاشفة لوجهها أثمت بكشف وجهها، وصح طوافها، ولكن تستره بغير النقاب إن كانت محرمة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13264)
س: امرأة اعتمرت ثلاث مرات وكانت تلبس البرقع وكانت ترتدي من فوق البرقع غطاءً خفيفاً، وكانت تضعه أحياناً على البرقع، وترفعه أحياناً، وكانت تجهل حكم لبس البرقع، بالإضافة إلى عمرة الحج، وكانت تلبس البرقع أيضاً بالإضافة إلى أنها قامت بمشط شعرها ظهر اليوم الثامن في منى، فما الحكم يا فضيلة الشيخ؟
ج: لا يجوز للمرأة المحرمة بحج أو عمرة أن تتنقب؛ بأن تلبس نقاباً على وجهها، وهو البرقع، ولكن إذا كان بحضرتها رجال أجانب فإنها تسدل خمارها على وجهها، كما فعل ذلك نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، ومادام أن المرأة المذكورة لبست النقاب جهلاً فلا شيء عليها؛ لأنها معذورة بالجهل، ولا شيء عليها أيضاً في تسريح ومشط شعر رأسها إذا كان بغير الطيب.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
صيد الحرم ونباته
الفتوى رقم (1692)
س: لقد سبق لي أن اشتريت من منطقة جيزان ظبياً رضيعاً، وأحضرته إلى مكة المكرمة في مقر سكني. والآن كبر وتأذينا منه، فهل يجوز لي أن أنقله من مكة إلى الطائف، أو جدة وأبيعه، أو أخرج به إلى الحل وأذبحه وأستفيد من لحمه؟ أفتوني.(17/49)
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت، فلك أن تذبح الظبي بمكة أو تبيعه فيها، وأن تخرج به إلى الطائف أو جدة أو غيرهما من الحل؛ لتذبحه أو تبيعه بالحل على الصحيح من أقوال العلماء في ذلك؛ لأن النص ورد في تحريم الصيد على المحرم، ولو كان في غير الحرم، وتحريم الصيد على من في الحرم، ولو كان غير محرم، وما سألت عنه ليس من هذين الأمرين، ولا في معناهما، فيبقى ما ذكرت على الأصل من الإباحة اقتناءً وذبحاً؛ لأنك ملكته خارج الحرم وأنت حلال، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ( ياےأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم..} إلى أن قال: {..أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرماً واتقوا ا لله الذي إليه تحشرون}(1)، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لايختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها»(2) الحديث، رواه البخاري ومسلم. وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال أيضاً: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لايقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها»(3)
__________
(1) سورة المائدة، الآيات 94-96.
(2) أخرجه أحمد 1/253،259،315-316،2/238،4/32،6/385، والبخاري 2/95، 157،213،214،3/13، 94،4/72،5/98، ومسلم 2/986-987 برقم (1353)، وأبو داود 2/518-519 برقم (2017)، والترمذي 4/21 برقم (1406)، والنسائي 5/203-204،204-205، 205-206،211 برقم (2874-2876، 2892)، وعبدالرزاق 5/140،141 برقم (9189،9192)، وابن حبان 9/36 برقم (3720)، والطبراني 11/26 برقم (10943)، وابن الجارود 2/118-119 برقم (509)، والبيهقي 5/195، 6/199، 8/71.
(3) أخرجه أحمد 1/169،181،185، والبخاري 3/22،225،5/40،6/207،7/158، 8/153، ومسلم 2/992، برقم (1362)، واللفظ له، وأبو داود 2/532 برقم (2035)، ببعضه، والنسائي في الكبرى 2/486-487 برقم (4279)، وابن أبي شيبة 14/198، وسعيد بن منصور 2/253-254 برقم (2676) (ت/الأعظمي)، وأبو يعلى 2/59 برقم (699)، وابن جرير في التفسير 3/49 برقم (2031)، وعبد بن حميد 1/184 برقم (153)، والبيهقي 5/197،198، والبغوي 11/25 برقم (2677).(17/50)
رواه البخاري ومسلم. وعلى هذا فكل ماصاده غير المحرم في الحل ودخل به الحرم أو أخذه منه محرم بشراء أو هبة أو إرث فحلال للمحرم، ولمن في الحرم تملكه وذبحه وأكله في الحل والحرم، ومن أحرم وبيده صيد أو في منزله أو في قفص عنده وقد ملكه قبل ذلك فحلال له، كما كان من قبل، فله ذبحه وأكله وبيعه، وإنما يحرم على المحرم ومن في الحرم ابتداء تصيده للصيد، وأخذ وأكل ما صيد من أجله فقط، فإن فعل فلا يملكه، وإن ذبحه فهو ميتة؛ لما ثبت في الحديث الصحيح: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في يد أبي عمير الأنصاري طائراً يقال له النُّغَير، فقال له: «يا أبا عمير ما فعل النغير؟»(1)، ولم يأمر بإطلاقه، وكان ذلك في حرم المدينة، وقال هشام ابن عروة: كان أمير المؤمنين عبدالله بن الزبير بمكة تسع سنين يراها في الأقفاص، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدمون مكة، وبها القماري واليعاقيب لا ينهون عن ذلك(2)، وروى ابن حزم عن مجاهد: لا بأس أن يدخل الصيد في الحرم حياً ثم يذبحه(3)، وروى أيضاً أن صالح بن كيسان قال: رأيت الصيد يباع بمكة حياً في إمارة ابن الزبير(4)
__________
(1) أخرجه أحمد 3/115،119،171،188،190،201،212،223،278،288، والبخاري في الصحيح 7/102،119، وفي الأدب المفرد ص120،169،372 برقم (269،384،847)، ومسلم 3/1692-1693 برقم (2150)، وأبو داود 5/252 برقم (4969)، والترمذي 2/154، 4/357 برقم (333،1989)، والنسائي في عمل اليوم والليلة ص286 برقم (332-336)، وابن ماجه 2/1226 برقم (3720)، وابن أبي شيبة 1/400، 9/14، وأبو عوانة 2/72، وابن حبان 1/313 برقم (109)، والبيهقي 5/203، 9/310، 10/248، والبغوي 12/346 برقم (3377).
(2) أخرجه البخاري في الأدب المفرد ص169 برقم (383) بنحوه، والبيهقي 5/203، وابن حزم في المحلى 7/252 مسألة رقم (892).
(3) أخرجه عبدالرزاق 4/424 برقم (8307)، وذكره ابن حزم في المحلى 7/252 مسألة رقم (892).
(4) رواه عبدالرزاق 4/426 برقم (8318)، وانظر المحلى لابن حزم 7/252 مسألة (892).(17/51)
.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (1260)
س2: هل هناك خصوصية لحمام مكة والمدينة؟
ج2: ليست هناك خصوصية لحمام مكة ولا حمام المدينة، سوى أنه لايصاد ولا ينفر مادام في حدود الحرم؛ لعموم حديث: «إن الله حرم مكة، فلم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، لا يختلى خلاها، ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها» الحديث رواه البخاري، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها، لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها» رواه مسلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (9497)
س3: توجد لدي مزرعة ويوجد داخل المزرعة أشجار تؤذي الزراعة، هل يجوز لي أن أزيل هذه الأشجار أم لا؟ حيث أنها تؤذي الزراعة، وهل علي إثم في إزالتها لضرورة أم لا؟ أفيدوني بارك الله فيكم.
ج3: إذا كان الواقع كما ذكر فلا حرج عليك في إزالة الأشجار المؤذية للمصلحة، إذا لم تكن في الحرمين، فإن كانت في الحرمين فلا تزلها إذا لم تكن أنت الذي غرستها أو زرعتها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11748)(17/52)
س: في الخامسة عشرة من عمري ذهبت مع أسرتي إلى مكة المكرمة كي أؤدي فريضة الحج، وبعد ماطفنا في ا لبيت العتيق ذهبنا إلى منى ثم إلى عرفات، وبينما ندعو الله وعندما انتهينا من الدعاء أخذت عصا ضربت غصن شجرة، فقال لي أحد الإخوة الذين معي: هذا حرام. السؤال: ماذا أفعل إن كان هذا حراماً؟ أفيدوني أفادكم الله.
ج: عرفات من الحل، وليس عليك فيما فعلته حرج ولا فدية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
صفة الحج والعمرة
السؤال الأول من الفتوى رقم (8426)
س1: هل يجوز خلع ملابس الإحرام بعد أداء العمرة مع العلم بأنني متمتع؟
ج1: يشرع لمن حج متمتعاً أن يحل الإحرام بعد أداء العمرة، كالطواف والسعي والحلق أو التقصير، ويلبس ملابسه العادية، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك، الذين لم يسوقوا الهدي في حجة الوداع، ثم يحرم بالحج في اليوم الثامن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (10888)(17/53)
س: لقد منَّ الله علي بأداء فريضة الحج هذا العام مع والد ووالدة زوجي؛ نظراً لأن ظروف عمل زوجي في المملكة لم تسمح له بمرافقتنا، وقد ظللت بمكة شهراً كاملاً أديت فيه العمرة ونويت حج تمتع، وسؤالي الآن: لقد أحرمنا بالحج يوم السابع من ذي الحجة، وأحرمت أنا كذلك معهم، ثم توجهنا مباشرة إلى عرفات، حيث مكثنا هناك السابع والثامن والتاسع من ذي الحجة، فهل ما فعلناه صحيح؟ وما الحكم إذا كان غير ذلك؟ أثناء سيرنا من عرفة إلى مزدلفة ضللت أنا وطفلتي الطريق، وابتعدت عن من كانوا معي، ولكن الله يسر لي والحمد لله أخاً مصرياً وزوجته ظللت معهم حتى الذهاب إلى مكة لطواف الوداع، وكنت مرتبطة بهم ليوصلوني إلى جدة، حيث استطيع الذهاب إلى والد ووالدة زوجي وطفلي الذي كان معهم، ونظراً لهذه الظروف فقد نويت الجمع بين طواف الإفاضة وطواف الوداع، وأعطانا السائق مهلة ساعتين للعودة ثم الذهاب إلى جدة، وقد أخبرتني الأخت بأنه من الجائز السعي ثم الطواف؛ نظراً لأني لو طفت فلا بد أن يكون آخر عهدي بالبيت هو الطواف، ومن ثم سعيت ثم طفت، وكنت أسرع أثناء ذلك؛ لأن طفلتي معهم وأخاف أن أتأخر عنهم، وبعد عودتي قرأت أن من شروط صحة السعي أن يكون قبله طواف. والسؤال هل السعي قبل طواف الوداع جائز؟ وما الحكم إذا كان مافعلته غير صحيح؟ وفي حالة إذا ما وجب علي دم هل أستطيع توكيل من يذبحه عني في مكة لاستحالة ذهابي إلى مكة الآن، وربما حتى عودتي إلى مصر؟
ج: أولاً: المشروع لمن بمكة ونوى الحج أن يحرم به يوم الثامن من ذي الحجة، ويمكث بمنى اليوم الثامن، يصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم يذهب إلى عرفة صبيحة اليوم التاسع بعد طلوع الشمس، لكن من لم يفعل ذلك وذهب إلى عرفة قبل ذلك فإن ذلك لا يؤثر على حجه.
ثانياً: المشروع السعي للحج بعد الطواف، لكن إذا سعت قبل الطواف ونوت به طواف الحج والوداع ثم سافرت فإنه يجزئها ذلك، ولا شيء عليها.(17/54)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (5618)
س2: أرجو أن تذكروا لي الأشياء المباحة للحاج المتمتع أثناء إحلاله من الإحرام بعد أداء العمرة.
ج2: من أحرم متمتعاً بالعمرة إلى الحج ثم أدى مناسك عمرته من الطواف والسعي والحلق أو التقصير فقد حل من عمرته وأبيح له ما كان ممنوعاً منه بالإحرام من الحلق، وتقليم الأظافر، ولبس المخيط، وتغطية الرأس، والتطيب، وصيد البر، وعقد النكاح، والجماع ودواعيه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11973)(17/55)
س: حججت أنا مع والدتي قبل عامين، ذهبنا اليوم التاسع إلى عرفة، وكان ذهابنا الساعة الثانية مساء اليوم الثامن، ووجدنا هناك حجاجاً وجلسنا اليوم التاسع إلى المغرب، وذهبنا مع الحجاج إلى مزدلفة، ووصلنا هناك الساعة 2/1 7 مساء، وجلسنا بها إلى الساعة الثانية صباحاً، وذهبنا إلى الجمرات ورمينا، ثم إلى مكة وطفنا وسعينا حج الإفاضة، وعدنا إلى منى الساعة الخامسة والنصف صباحاً، وكان معنا شخص وزوجته سبق له الحج أكثر من مرة، وكان هو المرشد لنا. أرجو الإيضاح إلى هنا هل الحج سليم؟ لأن شخصاً قال لنا: إنكم أخطأتم بذهابكم قبل الصباح، ثم أكملنا الحج بالبقاء في منى إلى اليوم الثالث ورمينا بعد الظهر وذهبنا للوداع عدا والدتي فقد أبقيتها خارج الحرم؛ لأن الدورة الشهرية بدأت لديها ذلك الوقت، وودعت وعدت إلى الخميس، علماً أن والدتي كانت مرهقة جداً من الحج، أرجو أن توضحوا الحج هل هو سليم أم لا؟ وإذا كانت الإجابة بـ (لا) فهل أحج عنها، علماً أنني قد حجيت مرتين لنفسي؟ وإذا كان علينا فدية فكيف نعمل؟ وهل في مكة أم في بلدنا؟
ج: السنة المبيت ليلة اليوم التاسع في منى، ولا حرج في ترككم المبيت في منى تلك الليلة، ثم الذهاب إلى عرفة بعد طلوع الشمس، ومن السنة البقاء في مزدلفة إلى أن يصلي الفجر ويسفر النهار، لكن من كان معه أحد من الضعفة فلا حرج في الخروج من مزدلفة بعد منتصف الليل، وإذا كان الأمر كذلك فلا شيء عليك، وحج والدتك صحيح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (16)(17/56)
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء الوارد من فضيلة رئيس محكمة مكة، عن طريق سماحة وزير العدل برقم 1639 وتاريخ 1/11/1391هـ إلى صاحب الفضيلة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد والمحال إليها من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 97/2 وتاريخ 18/1/1392هـ حول توسيع الممر المؤدي إلى أعلى قمة الجبل الذي اشتهر باسم جبل الرحمة حلاً لمشكلة الزحام الذي سهل على النشالين سرقة حجاج بيت الله الحرام حول إمكان إزالة المصلى الواقع في وسط هذا الممر تحقيقاً للتوسعة.
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بما يلي:(17/57)
لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حث على صعود جبل عرفات الذي اشتهر عند الناس باسم: جبل الرحمة، ولم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - صعود هذا الجبل في حجه ولا اتخذه منسكاً، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا عني مناسككم»، ودرج على ذلك الخلفاء الراشدون وسائر الصحابة ومن تبعهم بإحسان، فلم يكونوا يصعدون على هذا الجبل في حجهم ولا اتخذوه منسكاً لهم؛ اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف تحت هذا الجبل عند الصخرات الكبار، وقال: «وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة»(1) ولذا قال كثير من العلماء: إن صعود هذا الجبل في الحج على وجه النسك بدعة، منهم الإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ صديق خان، وبهذا يعلم أنه لا ينبغي توسعة هذا الممر، ولا السعي في جعله طريقاً مسلوكاً لما فيه من تقرير البدعة وتسهيل الطريق لفاعليها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ولم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي نفلاً بموقف عرفات، بل اكتفى بصلاة الظهر والعصر في مسجد نمرة، جمعاً وقصراً، ولا اتخذ مصلى بما يسمى جبل الرحمة ليصلي فيه من صعد على هذا الجبل نافلة أو فريضة في يوم عرفات، بل اشتغل بعد صلاته الظهر والعصر بذكر الله تسبيحاً وتهليلاً وتحميداً وتكبيراً وتلبية، وبدعاء ربه والضراعة إليه، حتى غربت الشمس. فاتخاذ مصلى أو مسجد على هذا الجبل ليصلي فيه من صعد عليه من البدع
__________
(1) أخرجه مالك في الموطأ 1/388 (بلاغاً)، وأحمد 1/72،75،76،81،3/321، 326،4/82، ومسلم 2/893 برقم (1218)، وأبو داود 2/465،478، برقم (1907، 1936)، والترمذي 3/232 برقم (885)، وابن ماجه 2/1001، 1013 برقم (3010،3048)، والدارمي 2/57، وابن خزيمة 4/254 برقم (2815،2816)، والحاكم 1/462، وابن الجارود 2/97 برقم (471)، والبيهقي 5/115، 239.(17/58)
التي أحدثها الجهال، فينبغي إزالة المصلى الحالي لا لتوسعة الممر، بل للقضاء على البدعة، ولئلا يتمكن أهل المنكر والخداع من التلبيس على الأغرار من حجاج بيت الله الحرام، وقطعاً لأطماع هؤلاء من الصعود بالحجاج إلى قمة هذا الجبل أوےإلى مصلاه، وتعريض الحجاج للمتاعب وسرقة أموالهم، على أن المكان الذي في هذا الجبل ليصلي فيه من صعد على الجبل لايعطى أحكام المساجد، وعلى هذا جرى التوقيع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…إبراهيم بن محمد آل الشيخ
الفتوى رقم (3019)
س: يوجد بجبل الرحمة بعرفات ثلاثة مساجد بمحاريبها متجاورة غير مسقوفة، يؤمها الحجاج للتمسح بمحاريبها وجدرانها، ويضعون أحياناً النقود ببعض محاريبها، كما أنهم يصلون في كل منها ركعتين، وبعضها يكون في وقت النهي، ويحصل ازدحام الرجال والنساء بها، وجميع هذه الأفعال تحدث من الحجاج في الأيام التي قبل اليوم التاسع من ذي الحجة. نرجو من سماحتكم إفتاءنا بالحكم الشرعي فيما ذكر. جزاكم الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.(17/59)
ج: أولاً: عرفات كلها من شعائر الحج التي أمر الله تعالى أن يؤدى فيها نسك من مناسكه؛ هو الوقوف بها في اليوم التاسع من ذي الحجة وليلة عيد الأضحى، وليست مساكن للناس، فلا حاجة إلى بناء مسجد أو مساجد بها أو بجبلها، المعروف عند الناس بجبل الرحمة؛ لإقامة الصلوات بها، وإنما بها مسجد نمرة بالمكان الذي صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر في حجة الوداع؛ ليتخذه الحجاج مصلى لهم يوم وقوفهم بعرفات، يصلي به من استطاع صلاة الظهر والعصر ذلك اليوم، وكذا لم يعرف عن السلف بناء مساجد فيما اشتهر بين الناس بجبل الرحمة، فبناء مسجد أو مساجد عليه بدعة، وصلاة ركعتين أو أكثر في كل منها بدعة أخرى، ووقوع الركعتين أو الأكثر في وقت النهي بدعة ثالثة.
ثانياً: توجه الناس إلى هذه المساجد وتمسحهم بجدرانها ومحاريبها والتبرك بها بدعة منكرة، فيجب على المسئولين الأمر بإزالة هذه المساجد والقضاء عليها؛ سداً لباب الشر، ومنعاً للفتنة؛ حتى لا يجد الحجاج ما يدعوهم إلى الذهاب إلى الجبل والصعود عليه للتبرك به والصلاة فيه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الوقوف بعرفة
السؤال الأول من الفتوى رقم (5724)
س1: ذهبت للحج مع حملة وبتنا في منى ليلة تسعة من ذي الحجة، وغادرناها إلى عرفة قبل صلاة الفجر حيث صلينا في عرفة الفجر حيث أن القائمين على الحملة قاموا في هذا الإجراء خوفاً من الازدحام، هل علينا شيء؟
ج1: ليس عليكم شيء، ولكن الأفضل للحاج أن يذهب من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس من اليوم التاسع من شهر ذي الحجة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(17/60)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (7890)
س3: يقول بعض الناس: إن يوم عرفة إذا صادف يوم جمعة كهذا العام يكون كمن أدى سبع حجات. هل هناك دليل من السنة في ذلك؟
ج3: ليس في ذلك دليل صحيح، وقد زعم بعض الناس: أنها تعدل سبعين حجة، أو اثنتين وسبعين حجة، وليس بصحيح أيضاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (7894)
س3: هل يجوز بعد صلاة الحاج الظهر والعصر مع الإمام في عرفات أن يصلي نوافل حتى المغرب؟
ج3: لم يصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - نافلة يوم عرفات بعد صلاته الظهر والعصر جمع تقديم في عرفات، ولو كانت مشروعة لكان أحرص عليها منا، والخير كل الخير في الاقتداء به واتباع سنته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
المبيت بمزدلفة
السؤال الأول من الفتوى رقم (2300)
س1: حججت بعوائل مستأجرين مني السيارة للحج، وليلة الفيضة نزلنا من عرفة الساعة التاسعة، ووصلنا إلى مزدلفة الساعة الثانية زوالي، فأصروا على عدم المبيت بالمزدلفة؛ بحجة أن معهم عوائل، وأن الشرع سمح لهم بهذا، ولا جلسنا في المزدلفة أكثر من ربع ساعة، فهل علي شيء في هذا؟
ج1: إذا كانت حالهم كما ذكرت، من أن معهم عوائل يخشون عليها من المبيت إلى طلوع الفجر فلا حرج عليك ولا عليهم إذا كان سيركم من مزدلفة في الساعة الثانية ليلاً بالتوقيت الزوالي؛ لأن ذلك بعد نصف الليل، والضعفاء والنساء مرخص لهم في ذلك رحمة بهم.(17/61)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (8184)
س: إنني أديت مناسك الحج، ولكن ظهر أنه وقع لنا خطأ بالنسبة للوقوف بمزدلفة بعد العشاء بالحافلات، ولم نتمكن في الوصول إلى مزدلفة بسبب الزحام في المرور. ومكثنا في مكاننا خارج مزدلفة إلى صباح يوم العيد، وتوجهنا من هناك وقت شروق الشمس إلى منى، وبناء على هذا فإننا لم نقف ليلة العيد بمزدلفة، وأرجو منكم أن تفتوني:
أ - أين تبدأ حدود مزدلفة من جهة عرفة؟
ب - وكما بينت أعلاه فما حكم حجنا هذا؟ وهل تجب علينا فدية أم لا؟
جـ - وإذا كانت الفدية واجبة علينا، فهل لنا أن نوكل أحداً يذبح عنا في هذا العام؟ وهل تجزئنا تلك الفدية؟
ج: أولاً: تبدأ مزدلفة غرباً من وادي محسر، وتنتهي شرقاً بأول المأزمين من جهتها، وقدر ما بينهما سبعة آلاف ذراع وسبعمائة ذراع وثمانون ذراعاً وأربعة أسباع ذراع ے7780ےذراع.
ثانياً: إذا كان الواقع لك في حجك ما ذكر فلاهدي عليك من أجل عدم مبيتك بمزدلفة؛ لأنك معذور، وحجك صحيح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9411)(17/62)
س: بعد غروب شمس يوم عرفة 9/12/1404هـ نزلنا أنا وصاحبي كل منا معه سيارة محملة بالنساء وقليل من الرجال والصبية، من عرفات إلى مزدلفة ضمن الحجيج، وبعد مضي هزيع من الليل لم يبلغ نصفه وصلنا إلى مزدلفة، ولم يسمحوا لنا بالدخول إلى الأراضي الخالية في بدايتها، وكل عسكري يتناول سيارتنا بالضرب ويقول: امشي امشي إلى الأمام، ولما انتهينا إلى منتصف مزدلفة لم نجد مداخل إلى الأراضي الخالية، حيث سكرت المداخل بسيارات الحجاج، وهي -أي المداخل- قليلة، إذ بقية الجوانب محجوزة بعقوم وحواجز حديدية لا تستطيع السيارة تجاوزها، ولايسمح بالوقوف بما فيها، إذ أمرنا الشرطة بالمسير أو هددونا بالضرب، وفعلاً يضربون السيارات، وأرغمونا على الخروج منها قبل أن نؤدي صلاة المغرب والعشاء مع أننا أخرناها إلى ما يقرب من نصف الليل، وبعد إخراجنا من مزدلفة افترقنا رغماً عنا، فأما صاحبي فذهب لرمي جمرة العقبة وأداء طواف الإفاضة حيث لا يستطيع العودة إلى مزدلفة لعدم معرفته طرق العودة إليها، أما أنا فذهبت تبعاً لخطوط السير إلى منى ثم إلى مكة ومنها إلى عرفات ونزلنا مرة أخرى إلى مزدلفة قرب نهاية الليل، بعد جهد جهيد وتعب مضني. والسؤال:
1 - هل يجب على صاحبي ومن معه دم لعدم تحقق المبيت بمزدلفة وهو مرغم على ذلك أم لا؟
2 - هل يلزمني مثل هذا الدوران طوال الليل مع ما فيه من مشقة عظيمة ولم يتحقق المبيت على الوجه المطلوب إذ هو جزء قليل من الليل؟
أرجو إنارة الطريق لنا، علماً بأن هناك أمكنة كثيرة خالية لم نستطع الوصول إليها لوجود الحواجز، وأمكنة أخرى حجزت من قبل بخيام وغيرها.(17/63)
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فلا يجب على واحد منكما، وكذلك من معكما من الحجاج فدية لعدم المبيت في مزدلفة؛ لأنكم بذلتم ما وسعكم للحصول على المبيت ولم تتمكنوا من ذلك، قال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}(1)، وقال تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}(2)، وقال تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}(3)، أما من رمى جمرة العقبة وطاف للإفاضة وسعى قبل منتصف الليل فإن ذلك لا يجزئه، وعليه أن يعيد الطواف والسعي والرمي، وليس لإعادة الطواف والسعي حد محدود، إنما الأمر الواجب البدار بذلك بعد العلم، أما الرمي فعليهم هدي لمن تركه إذا كانوا لم يعيدوه في أيام منى الأربعة يوم العيد وأيام التشريق. وإن كان بعد منتصف الليل أجزأه ولا إثم عليكم في ذلك إن شاء الله، وأنت مأجور بما فعلت من الاجتهاد وما حصل عليك من المشقة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
أعمال الحاج يوم العيد
الفتوى رقم (377)
س: هل يجوز للحاج تأخير رمي جمرة العقبة الأولى إلى اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق بدون عذر أم لا، وما حكم من فعل ذلك؟
ج: لا يجوز للحاج تأخير رمي جمرة العقبة إلى اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق بدون عذر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رماها يوم العيد، وتبعه في ذلك الصحابة فلم يؤخروها إلى أيام التشريق بلا عذر، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا عني مناسككم»، ومن أخرها إلى أيام التشريق بلا عذر فقد خالف السنة، وحرم من بعض أجر نسكه، وعليه أن يستغفر الله لما مضى، ويحرص على أداء نسكه على وجهه الشرعي في المستقبل.
__________
(1) سورة البقرة، الآية 286.
(2) سورة المائدة، الآية 6.
(3) سورة التغابن، الآية 16.(17/64)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
السؤال الخامس من الفتوى رقم (1734)
س5: رأينا في الحج بعض الناس عند التقصير في حج أو عمرة يقصرون من أسفل الرأس فقط على شكل دائرة، يمرون على أسفله من جميع الجهات، أما الباقي فلا يأخذون منه شيئاً، ولما قلنا لهم: إن التقصير لابد أن يكون بتعميم الرأس، قالوا لنا: هذا هو المطلوب، فأي العمل هو الواجب؟
ج5: الواجب تعميم الرأس كله بالحلق أو التقصير في حج أو عمرة، ولا يلزمه أن يأخذ من كل شعرة بعينها، وما فعله من ذكرت لا يكفي في أصح أقوال العلماء، وليس من سنة محمد عليه الصلاة والسلام.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6085)
س: حاج وقف بعرفة وبات بمزدلفة وأصبح بمنى يوم العيد، فرمى جمرة العقبة ونحر وقام بحلق شعره، فخلع ملابسه وهو بمنى، ثم بعد ذلك ذهب إلى مكة فطاف طواف الإفاضة، فهل هذا جائز شرعاً؟ حيث أنه أفادني أحد المواطنين بأنه لا يجوز الحلق وخلع الملابس بمنى إلا بعد طواف الإفاضة.
ج: يجوز الحلق قبل طواف الإفاضة وبعده، وإن ما فعلته يوم العيد من الرمي ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف إنه هو السنة، وهو ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13616)(17/65)
س: لقد اعتمرت مع والدي، وعند السعي بدأنا بالصفا، ولكننا كنا نعد ذهابنا من الصفا إلى المروة نصف شوط، بحيث كنا نعد ذهابنا من الصفا إلى المروة ثم رجوعنا إلى الصفا مرة أخرى شوطاً واحداً بدلاً من كونه شوطين بحيث كان مجموع سعينا ما يقارب خمسة عشر شوطاً، فهل علينا في ذلك شيء؟ علماً بأننا كنا نجهل الصواب، علماً بأني اعتمرت بعد تلك العمرة عمرتين، وكان سعيهما على الوجه الصحيح. أفتونا أثابكم الله.
وبعد انتهائي من مناسك العمرة قصرت من رأسي قدر أنملة أو أنملتين من مقدمة رأسي فقط، وبعد ذلك لبست ثيابي وبعد رجوعي إلى بلدي علمت أن تقصير بعض الرأس لا يجزئ، علماً بأن فعلي ذلك كان عن جهل مني، فهل علي شيء في ذلك؟ وإن كانت علي فدية فهل يجوز ذبحها في منى؟
ج: أولاً: زيادتك في أشواط السعي في العمرة عن جهل نرجو ألا حرج عليك؛ لأنك معذور، ويجزئك منها السبعة الأولى لعمرتك.
ثانياً: يجب تعميم شعر الرأس بالتقصير في الحج أوالعمرة، وما وقع منك من التقصير من مقدم الرأس فقط عن جهل لا يجزئك، ونرجو أن يعفو الله جل وعلا عنا وعنك، وبعد اطلاعك على هذه الفتوى تتجرد من المخيط وتلبس الإزار مع كشف الرأس حتى تحلق أو تقصر من جميع الرأس بنية التحلل. وإن كنت جامعت زوجتك في هذه الفترة فعليك ذبيحة تذبح بمكة تجزئ أضحية توزع على فقراء الحرم، فإن لم تستطع فإنك تصوم عشرة أيام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الحج الأكبر
السؤال الأول من الفتوى رقم (6519)
س1: ما معنى: يوم الحج الأكبر والحج الأكبر؟ وهل هما في معنى واحد، أو يختلف أحدهما عن الآخر؟ وهل كل منهما موجود في القرآن الكريم والسنة الصحيحة؟(17/66)
ج1: يوم الحج الأكبر هو يوم النحر، أخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم النحر في الحجة التي حج فيها فقال: «أي يوم هذا؟» فقالوا: يوم النحر، فقال: «هذا يوم الحج الأكبر»، وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثني أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيمن يؤذن يوم النحر بمنى: (لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان)ے. وسمي يوم النحر: يوم الحج الأكبر؛ لما في ليلته من الوقوف بعرفة، والمبيت بالمشعر الحرام، والرمي في نهاره، والنحر، والحلق، والطواف، والسعي من أعمال الحج، ويوم الحج هو الزمن، والحج الأكبر هو العمل فيه، وقد ورد ذكر يوم الحج الأكبر في القرآن قال تعالى: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر}(1).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
التحلل من الإحرام
السؤال الثاني من الفتوى رقم (8833)
س2: إذا أردت أن أدعو والدتي للزيارة وأداء الحج بإذن الله، على أن تحضر من مصر وتقيم معي في الطائف قبل موعد الحج بمدة بسيطة، فهل يمكن أن تحضر بلبسها العادي، وعند أداء الحج تقوم بلبس الإحرام من منزلنا في الطائف، إلا أن النية ستكون الإحرام للحج، أم يلزم لبس الإحرام من مصر وتبقى محرمة حتى أداء الحج؟ ما هو موعد فك لبس الإحرام؛ هل بعد الحج وطواف الإفاضة والسعي والتقصير -إذا كانت النية الحج فقط- أي الإفراد بالحج (تحللاً كاملاً) تحلل أكبر، أم لا تتحلل من الإحرام إلا بعد ثلاثة أيام التشريق ورمي الجمرات، أم أداء العمرة بعد رابع يوم النحر؟
__________
(1) سورة التوبة، الآية 3.(17/67)
ج2: التحلل من الإحرام بالحج للرجل والمرأة يكون بعد رمي جمرة العقبة وحلق الرجل رأسه أو تقصير شعره، وليس للمرأة إلا التقصير، فيحل لكل منهما بذلك كل شيء كان محرماً عليهما بالإحرام إلا الجماع، أما التحلل الأكبر فيكون بالفراغ من طواف الإفاضة والسعي إذا كان عليه سعي، فيحل لهما كل شيء كان محرماً عليهما بالإحرام حتى الجماع.
وأما التحلل من العمرة فيكون لكل من الرجل والمرأة بعد الفراغ من طوافهما وسعيهما، وحلق الرجل رأسه أو تقصير شعره، أما المرأة فالمشروع لها التقصير لا الحلق؛ فيحل لهما بذلك كل شيء كان حراماً عليهما بالإحرام، والقارن بين الحج والعمرة حكمه في التحلل حكم المفرد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الطواف
السؤال الثاني من الفتوى رقم (11816)
س2: الطواف حول الكعبة أنواع، فما هي هذه الأنواع وما حكم كل نوع منها؟(17/68)
ج2: أنواع الطواف حول الكعبة كثيرة: منها: طواف الإفاضة في الحج ويسمى أيضاً طواف الزيارة، ويكون بعد الوقوف بعرفات يوم عيد الأضحى أو بعده، وهو ركن من أركان الحج، ومنها: طواف القدوم للحج، ويكون للمحرم بالحج وللقارن بين الحج والعمرة حينما يصل إلى الكعبة، وهو واجب من واجبات الحج أو سنة من سننه على خلاف بين العلماء، ومنها: طواف العمرة وهو ركن من أركانها، لاتصح بدونه، ومنها: طواف الوداع ويكون بعد انتهاء أعمال الحج والعزم على الخروج من مكة المكرمة، وهو واجب على الصحيح من قولي العلماء على كل حاج ماعدا الحائض والنفساء، فمن تركه وجب عليه ذبيحة تجزئ أضحية، ومنها: الطواف وفاء بنذر من نذور الطواف بها، وهو واجب من أجل النذر، ومنها: الطواف تطوعاً. وكل منها: سبعة أشواط، يصلي الطائف بعدها ركعتين خلف مقام إبراهيم إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر صلاهما في بقية المسجد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (2232)
س1: هل يختم الطواف بالتكبير عند الحجر الأسود كما بدأ به أولا؟
ج1: الطواف بالكعبة من العبادات المحضة، والأصل في العبادات التوقيف، وقد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يكبر في طوافه كلما حاذى الحجر الأسود، ولا شك أن الطائف يحاذيه في نهاية الشوط السابع، فيسن له أن يكبر كما سن له التكبير في بدء كل شوط عند محاذاته إياه؛ اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع استلام الحجر وتقبيله إذا تيسر ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الرمل والاضطباع في الطواف(17/69)
السؤال الرابع من الفتوى رقم (6744)
س4: هل يجب على الحاج أوالمحرم في العمرة الاضطباع في طواف القدوم أو طواف الإفاضة؟
هل يجب على المحرم في الثلاثة أشواط الأولى من طواف القدوم أو الإفاضة الهرولة؟ وإذا كان عليه أن يهرول، فما حكم إذا كان الزحام لا يمكنه من ذلك؟
ج4: يسن الاضطباع في الأشواط كلها في طواف القدوم خاصة، كما يشرع الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى من طواف القدوم للحاج والمعتمر، وإذا لم يمكنه في الثلاثة الأولى منه الرمل - الهرولة - فيها سقط عنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم (8820)
س5: بخصوص الهرولة بين الأخضرين في السعي بالنسبة للنساء لم أجد في مطالعاتي المحدودة في كتب الفقه في باب الحج والعمرة ما يمنع النساء من الهرولة، وسمعت مرة من أحد العلماء في التلفزيون: أن المرأة لا تهرول في السعي، وأنه على الرجال فقط، وأن ذلك أحفظ للمرأة وحتى لا تبرز مفاتنها أثناء الهرولة، ولم يسق أي دليل على قوله هذا، فقلت في نفسي: إن كان حقاً رأي من اجتهاده فالهرولة أيضاً سنة ابتدأت من هاجر رضي الله عنها، لكني بحمد الله أفهم الرأي والحمد لله على أن الدين ليس بالرأي كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه. أفيدونا بارك الله فيكم حيث أني أذهب بأهل بيتي للعمرة من حين لآخر ونريد أن نقف على الشيء الصحيح في المسألة.
ج5: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه لا رمل على النساء حول البيت، ولا بين الصفا والمروة، وليس عليهن اضطباع؛ وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجَلَد، ولا يقصد ذلك في النساء؛ ولأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرمل والاضطباع تعرض للكشف.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .(17/70)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (13492)
س2: متى ينتهي طواف الإفاضة؟
ج2: يبدأ طواف الإفاضة بعد منتصف الليل من ليلة النحر للضعفة ومن في حكمهم، وليس لنهايته وقت محدد، لكن الأولى أن يبادر الحاج بالطواف للإفاضة قدر استطاعته، مع مراعاة الرفق بنفسه، وتحين الأوقات التي يكون المطاف فيها خفيفاً من الزحام؛ حتى لا يؤذي ولا يؤذى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
تقبيل الحجر الأسود
السؤال الخامس من الفتوى رقم (5318)
س5: عن عمر أنه قبَّل الحجر وقال: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك. هل الحجر الأسود نزل من السماء؟ أو هو حجر كسائر الأحجار؟ وما المراد بوضع هذا الحجر في ذلك الموضع؟ وبعض الناس يظنون أنها هي قبلة المسلمين في صلاتهم، معاذ الله.
ج5: الحجر الأسود اختصه الله سبحانه بما شرعه لنا من تقبيله واستلامه، وأراد أن يكون في ركن الكعبة التي نستقبلها في صلاتنا، وشرع تقبيله واستلامه للطائفين؛ مع القدرة، فإن لم يتيسر فالإشارة إليه عند محاذاته مع التكبير، وقد ورد حديث رواه الترمذي وغيره في أنه نزل من الجنة، لكن في سنده ضعف.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11654)
س: هل يافضيلة الشيخ حب (أي: تقبيل) الكعبة المشرفة في مناسك الحج أو العمرة حلال أم حرام؟ نرجو بهذا الإفادة.(17/71)
ج: المشروع تقبيل الحجر الأسود، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الحجر الأسود ولم يقبل غيره من الكعبة المشرفة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (1775)
س2: هل يصح للمرأة حين تقبيل الحجر أن تتعرى ويكون الرجال محيطة بها؟
ج2: تقبيل الحجر الأسود في الطواف سنة مؤكدة من سنن الطواف؛ إن تيسر فعلها بدون مزاحمة أو إيذاء لأحد بفعلك؛ اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وإن لم يتيسر إلا بمزاحمة وإيذاء تعين الترك، والاكتفاء بالإشارة إليه باليد، ولا سيما المرأة؛ لأنها عورة، ولأن المزاحمة في حق الرجال لا تشرع، ففي حق النساء أولى، كما أنه لا يجوز لها عند تيسر التقبيل لها بدون مزاحمة أن تكشف وجهها أثناء تقبيل الحجر الأسود؛ لوجود من ليس هو بمحرم لها في ذلك الموقف.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
قطع الطواف
السؤال السابع من الفتوى رقم (7306)
س7: شخص كان يطوف بالبيت وهو في الشوط الخامس مثلاً، وقبل أن يتم الشوط الخامس أقيمت الصلاة، فصلى ثم قام ليتم الطواف. هل يحسب على الشوط الخامس الذي قطعه للصلاة ويبدأ من حيث توقف، أم يلغى الشوط الخامس ويبدأ به مرة ثانية من الحجر الأسود؟
ج7: الصحيح أنه لا يلغي الشوط في مثل هذه الحالة، بل يبدأ إتمام هذا الشوط من حيث قطعه من أجل صلاته مع الإمام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(17/72)
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3970)
س: أفيدكم أني حجيت في العام الفائت وقد أكملت الحج، وعندما دخلت الحرم لطواف الوداع فوجدنا زحمة كبيرة وقد دخلنا مع الناس، وطفنا ستة أشواط، ولما أكملنا ستة أشواط أذن العصر ولم نتمكن من الوقوف لأداء الصلاة في محل الطواف، ولم نتمكن من مزاحمة الناس، وبكل جهد وعناء خرجنا من حول البيت وطلعنا إلى الطابق العلوي لإكمال الشوط السابع من طواف الوداع، وهناك - أي في الدور العلوي- أدينا صلاة العصر مع الناس وأكملنا طواف الوداع وشربنا من ماء زمزم أثناء إكمال الشوط. فهل يكون حجنا وطوافنا للوداع صحيحاً؟ علماً أن بعض الناس يقول: إنه لا حج لنا؛ لأن الطواف مثل الصلاة لا يجوز قطعه بكلام أو أكل أو شرب، ونحن شربنا من ماء زمزم وتكلمنا مع الناس، كما أنه قيل لنا: إن أداء بعض الطواف في الصحن الأسفل وبعضه في الطابق العلوي يفسد علينا الحج. أفيدونا جزاكم الله خيرا.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر فحجكم وطوافكم كلاهما صحيح، ولا شيء عليكم في طوافكم الشوط السابع في الدور العلوي من المسجد، ولا في الفصل بينه وبين الأشواط الستة الأولى بالصلاة أو بشرب أو بكلام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (4329)(17/73)
س: لقد كنت حاجاً في العام الماضي (سنة 1400هـ)، ولما رجمت في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد زوال الشمس مباشرةً ذهبت إلى الطواف بالكعبة طواف الوداع، وكان ذهابي من موقع خيامنا في آخر منى إلى المرجم إلى الحرم سيراً على الأقدام، ولما وصلنا إلى الحرم وجدناه مكتظاً بالناس ويكادون بطوافهم الوصول إلى الأروقة في المسجد، وكان الوقت ظهراً، وكنا متعبين من السير، فقال لي صاحباي: هلموا لنطوف في الطابق العلوي تفادياً للزحمة والشمس، وطفنا وذهبنا إلى بلدنا، ولما ذهبنا في هذا العام للحج سألت بعض شيوخ رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في منى فمنهم من قال: لكثرة زحمة الناس وطوافهم تحت الأروقة فلا بأس أن يطوفوا فوق، ومنهم من قال: لا يجوز؛ لأن مستوى الطابق العلوي أعلى من مستوى الكعبة. أرجو من سماحتكم بيان هذه النقطة.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر فلا حرج عليكم، وطوافكم صحيح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الطواف داخل حجر إسماعيل
السؤال الأول من الفتوى رقم (1775)
س1: هل يصح للحاج أو المعتمر أثناء الطواف بالبيت أن يدخل من حجر إسماعيل أثناء طوافه؟(17/74)
ج1: لا يجوز للطائف بالبيت في حج أو عمرة أو طواف نفل أن يدخل من حجر إسماعيل، ولا يجزئه ذلك لو فعله؛ لأن الطواف بالبيت، والحِجر من البيت؛ لقول الله سبحانه: {وليطوفوا بالبيت العتيق}(1)، ولما روى مسلم وغيره، عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحجر، فقال: «هو من البيت»(2)، وفي لفظ قالت: إني نذرت أن أصلي في البيت، قال: «صلي في الحجر، فإن الحجر من البيت»(3) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9178)
س1: حججت لأول مرة، وعند الطواف بالكعبة اقتصرت في أكثر الأشواط على الطواف بالكعبة، وتركت الجدار الفاصل والمجاور للكعبة من الجهة الشمالية، فما هو حكم حجي؟
__________
(1) سورة الحج، الآية 29.
(2) البخاري 2/156، ومسلم 2/973 برقم (1333 [405])، وابن ماجه 2/985 برقم (2955)، والدارمي 2/54، وابن أبي شيبة 2/496، والطيالسي (ص/198) برقم (1393)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/184.
(3) أحمد 6/67، 92-93، وأبو داود 2/526 برقم (2028)، والترمذي 3/225 برقم (876)، والنسائي 5/219 برقم (2911،2912)، والأزرقي في (أخبار مكة) 1/312 (ت: رشدي الصالح).(17/75)
ج1: إذا كان الطواف الذي سألت عنه هو طواف الإفاضة -وهو الذي يكون بعد الوقوف بعرفات- فطوافك غير صحيح، ولا يجزئك هذا الحج إلا إذا أ‘عدت هذا الطواف؛ لأن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، فلا بد من رجوعك إلى المسجد الحرام لتطوف بالكعبة سبعة أشواط تبدأ الشوط من الحجر الأسود وينتهي السابع عند الحجر الأسود، ويكون طوافك الأشواط كلها خارج حجر إسماعيل من وراء الجدار، بهذا يجزئك حجك، أما إن كان الطواف طواف الوداع فعليك دم يذبح بمكة للفقراء؛ تكميلاً لحجك، وليس عليك الرجوع إلى البيت، ولو رجعت لم يجزئك عن الدم، أما إذا كان الطواف نافلة فليس عليك شيء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (2832)
س2: وصلني رسالة من أخت سورية، اسمها سهيلة الجاعون من حلب بسوريا، تطالبني بحل مشكلتها التي تدور حول أنها لم تتمكن بعد الحج أن تطوف طواف الإفاضة؛ لعلة ألمت بها، وأقعدتها ومنعتها من الحركة وأرقدتها الفراش، ثم إنها لم تتمكن عندما برئت من هذه العلة القيام بطواف الإفاضة؛ نظراً للظروف التي أحاطت بالمسجد الحرام نتيجة الإفك بظهور المهدي، وما ترتبت عليه من اعتداءات على مقدساتنا في الرحاب الطاهرة، واضطرتها للسفر إلى بلادها لرعاية أبنائها الصغار هناك قبل تطهير الحرم من المعتدين عليه، وظلت حتى هذه اللحظة دون التحلل الأكبر من الإحرام بالحج.
وأخبرتها يا صاحب الفضيلة في إجابتي عليها المنشورة يوم السبت الموافق 19 محرم 1400هـ من جريدة عكاظ النصف الآخر: بأنني سأعرض هذه المشكلة على العلماء في بلدي؛ لعلهم يجدون حلاً لها.(17/76)
فالسؤال المطروح الآن: هل لها أن تنيب عنها للقيام بهذا الطواف، أم أنها يحتم عليها العود إلى المسجد الحرام لتؤدي طواف الإفاضة بنفسها؟
أرجو من فضيلتكم بإجابتي بالرأي الديني لهذه المشكلة؛ حتى يتسنى على ضوئه القيام بما يقضي على المشكلة التي تعيش فيها، وتتحلل التحلل الأكبر من إحرامها .
ج2: طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتم التحلل الأكبر دون الإتيان به، وما ذكرتيه قد يكون لها عذر في التأخير، وعليها: أن تعود فوراً، وتطوف طواف الإفاضة الذي لا يصح الحج بدونه، ولا تجزئ فيه الاستنابة .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (8433)
س: ما حكم التبرع بأجر الطواف لشخص آخر، حيث أن البعض إذا رأى شخصاً سيذهب يقول له: خذ لي سبعاً، أي: سبعة أشواط، ينوي أجرها له، هل هذا جائز أم لا؟
ج: الطواف بالكعبة لا يقبل النيابة، فلا يطوف أحد عن غيره إلا إذا كان حاجاً عنه أو معتمراً؛ فينوب عنه فيه تبعاً لجملة الحج أو العمرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الطهارة شرط لصحة الطواف
السؤال الأول من الفتوى رقم (11200)
س1: اغتسلت من الميقات للإحرام، وذلك في رمضان الماضي، ونسيت أن أتوضأ بعد الغسل، وصليت بالميقات وطفت بهذا الغسل، وصليت به الظهر، وبعد أن ذكرت وأنا في نفس الحرم هل فيه من مفتي، ولم أجد أحداً في ذلك الوقت، فقال أحد الجنود: فيه رجل سوف يفتيك، فذهبت إليه فسألته عن طوافي وصلاتي بذلك الغسول دون وضوء، فقال: لي إن صلاتي وطوافي صحيحة. فما هو الصواب في ذلك؟(17/77)
وإذا كان غسلي لا يكفي عن الوضوء فماذا أفعل في صلاتي الظهر وطوافي، وهل عمرتي صحيحة؟
ج1: الفتوى المذكورة غير صحيحة، ولا تزال محرماً بالعمرة؛ إذا كنت لم تعد للطواف وأنت طاهر، وعليك: أن تتوجه إلى مكة محرماً في أسرع وقت، وتطوف بالبيت وتسعى ثم تحلق أو تقصر، وبذلك تمت عمرتك، إلا أن تكون جامعت امرأتك بعد الطواف والسعي المذكورين فإن العمرة تكون فاسدة، وعليك أن تقضيها كما ذكرنا، ثم تعتمر عمرة أخرى بدلاً منها من الميقات الذي أحرمت بالأولى منه، وعليك ذبح شاة في مكة تقسم بين فقرائها إذا كان حصل منك جماع بعد الطواف والسعي اللذين فعلتهما وأنت تظن أنك على طهارة، وعليك قضاء صلاة الظهر أربعاً، مع التوبة والاستغفار من تساهلك في أمر عدم عنايتك بسؤال أهل العلم المعروفين في المسجد الحرام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11339)(17/78)
س: أديت فريضة الحج، وكان بصحبتي ستة رجال وسبع نساء، أحرمنا جميعاً بالعمرة من أبيار علي، وعند وصولنا إلى البيت الحرام وقبل الدخول وجدنا ازدحاماً شديداً؛ مما أدى إلى مضايقتنا خوفاً من ضياع النساء، وقبل دخول باب البيت الحرام قلت لوالدي: دعنا نتوضأ، وكنت لست على وضوء وكان معي ثلاث من النساء لسن على وضوء، ولكن والدي زجرني بقوله: الوضوء بالداخل، وأنا أعلم أنه ليس بالداخل وضوء، وأخبرته بذلك، ولكنه كرر زجره لي فسكت، ودخلنا البيت الحرام فقلت: أين الوضوء؟ قال: هيا طف، قلت: يا والدي لا يجوز الطواف من غير وضوء، ولكن دون فائدة، فلما وجدت أنه لا فائدة من إقناعه وإقناع رفقته ذهبت وتركتهم، ثم توضأت في الخارج ورجعت، ثم طفت وسعيت وقصرت وخرجت، ولكن النساء الثلاثة طفن وسعين بغير وضوء وتحللن من الإحرام، وفي اليوم الثامن أحرمنا وذهبنا في اليوم التاسع إلى عرفة، وفي غروب الشمس يوم عرفة ركبنا وذهبنا إلى مزدلفة فوصلناها حوالي الساعة التاسعة مساء، وصلينا المغرب والعشاء قصراً وجمعاً، ولكن قال والدي ورفقته: دعونا نذهب قليلاً عن تلك المكان لوجود رائحة كريهة به، فركبنا ولكن لم ننتبه إلا ونحن بالطريق السريع، والذي كان مقفولاً الرجوع معه، فأخذنا مسارنا مع الطريق حتى عاودنا إلى عرفة حوالي الساعة الثانية عشر، فرجعنا مع طريقنا إلى مزدلفة، ولكن كان الطريق مغلقاً من ازدحام السيارات، وبقينا بالطريق حتى طلعت الشمس، فوصلنا إلى مزدلفة مرة أخرى فلم نجد مكاناً نقعد به؛ لأن الخيام مرتبطة النصف من مزدلفة فبنينا خيمتنا بمزدلفة ، وذهبنا جميعاً لرمي الجمرة الأولى إلا النساء لم يرم منهن أحد، بل وكَّلن من يرمي عنهن، وليلة الحادي عشر بتنا في مزدلفة، وكذلك ليلة الثاني عشر إلا أنا، فبت ليلة الثاني عشر بمنى وحدي بعد أن تعبت في البحث عن وجود مكان أبات به، وبعد انتهاء ليالي التشريق الأول والثاني وبعد رمي الجمرات وطواف الإفاضة(17/79)
ذهبت أنا والنساء الثلاث اللاتي طفن بغير وضوء فأمرتهن بالإحرام من التنعيم، وطفن وسعين وقصرن، وفي الليل طفنا جميعاً طواف الوداع، فذهبنا إلى أهلنا. أرجو الإفادة عن صحة هذا الحج إذا كان هذا واقعنا جزاكم الله خيرا، ماذا نفعل؟ أفتونا تفصيلاً مأجورين جزاكم الله خير الجزاء.
ج: أولاً: لا دم عليكم لترك المبيت بمزدلفة؛ لأنكم أردتم ذلك فتعذر عليكم بغير اختياركم.
ثانياً: لا دم عليكم لمبيتكم في مزدلفة أيام منى إذا كنتم لم تجدوا مكاناً في منى.
ثالثاً: ليس على النساء الثلاث اللاتي طفن بغير وضوء دم، وإنما عليهن التوبة إلى الله سبحانه وحج الجميع صحيح، ويعتبر حجهن قراناً؛ لأنهن أحرمن بالحج قبل طوافهن للعمرة طوافاً صحيحاً.
رابعاً: على أبيك التوبة إلى الله سبحانه لمنعه ولده والنساء الثلاث من الوضوء قبل الطواف.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13521)
س: إحدى السنوات ذهبت للعمرة في شهر رمضان، وقد أتممت الإحرام من الميقات، وعملت جميع ما ينبغي للعمرة، ولكن عندما وصلت محلة التنعيم بمكة المكرمة أحدثت حدثاً أصغر، وهو (البول) أعزكم الله، ولم يتسن لي الوضوء، وعندما دخلت الحرم تمكنت من الصلاة وصليت مع الجماعة بالحرم، وبعد الصلاة طفت وسعيت وأنا على حدثي، ومن ثم قصرت وتحللت من إحرامي. والسؤال: ماذا يلزمني وأنا بعيد عن الحرم؟ وماذا أفعل وما كفارة ذلك؟ أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً.
ج: أولاً: يحرم عليك أن تصلي أو تطوف وأنت على غير طهارة، ويجب عليك قضاء الصلاة التي صليتها وأنت على غير طهارة، مع التوبة والاستغفار مما وقع.
ثانياً: يجب عليك أن تعود إلى مكة وأنت محرم، وتطوف وتسعى لعمرتك؛ لأن طوافك على غير طهارة غير صحيح، ثم تحلق أو تقصر.(17/80)
وإن كان وقع منك وطء بعد عمرتك فسدت بذلك، ووجب عليك دم يذبح بمكة يوزع على فقراء الحرم، مع إعادة العمرة؛ لأن الأولى فسدت بالجماع، ويكون إحرامك بالثانية من الميقات الذي أحرمت منه بالأولى، وذلك بعد أدائك العمرة الأولى الفاسدة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11297)
س: بلغت الحلم وأنا ابن أربعة عشر عاماً تقريباً، وبعد سنتين وأنا ابن ستة عشر عاماً تقريباً أديت فريضة الحج، ومضى على بلوغي أكثر من سنتين، وأنا أجهل الفرق بين المذي والمني، وإن كنت أعلم أن المني يوجب الغسل والمذي يكفي له الاستنجاء والوضوء، ثم أذهب وأصلي، تارة يخرج المذي فأظنه منِيَّاً فاغتسل لخروجه.
أثناء فريضة الحج وقبل طواف الإفاضة خرج مني المني بسبب النظر والتفكير، فتحيرت لا أدري هل هو مني يوجب الغسل، أو مذي يكفي له الاستنجاء والوضوء؟ ثم قلت في نفسي: لو كنت في البيت لاغتسلت احتياطاً ولكن لعله مذي؛ لأنه كما أسمع هو الذي يخرج عند اشتداد الشهوة أوالتفكير، فاكتفيت بالاستنجاء والوضوء، ثم طفت طواف الإفاضة، ثم علمت الفرق بينهما.
والسؤال هو:
1 - ما حكم حجي هذا؟ مع العلم بأنه حج الفريضة، وقد حججت بعده مرة أخرى ولكن بنية النافلة، وكذلك طفت في غير أشهر الحج طوافاً نويت به عن طواف الإفاضة الركن الذي حينما طفته لم أكن على طهارة، وأطعمت ستة مساكين كفارة خروج المني، أي: أثناء الحج، وماذا يجب علي؟
2 - ما حكم صلواتي خلال تلك المدة؟ علماً أنني كنت محافظاً على الصلوات محافظة تامة ولله الحمد والمنة، وماذا يجب علي؟
3 - ما حكم العمرة التي أديتها خلال تلك المدة؟ حيث أنني خلال تلك المدة اعتمرت ثلاث أو أربع مرات، وماذا يجب علي؟
هذا والله تعالى يحفظكم ويوفقكم لما فيه الصواب.(17/81)
ج: لاقضاء عليك لا من جهة الحج ولا العمرة ولا الصلاة؛ لكونك لم تجزم بأن الحدث الذي أصابك مني حين أديت تلك الواجبات، والأصل السلامة وصحة العبادة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (11935)
س4: في مكة المكرمة وعند طواف الوداع وبعد أن طفت بالبيت خمسة أشواط، تحسست بحركة في أسفل الظهر، فوسوس لي إبليس اللعين أنني أحدثت ولم أطاوعه؛ لأنني لم أحس بخروج شيء من الشرج، وحاسة الشم عندي مفقودة تماماً، وتعوذت منه بالله، وتوكلت على الله، وتابعت الطواف وصليت ركعتين. فهل في هذا شيء أو علي شيء؟
ج4: الأصل: بقاء الطهارة، وحصول الشك في خروج شيء منك لا يرفع حكم الطهارة؛ فيكون طوافك وصلاتك بعده صحيحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13467)
س: حججت أنا ومجموعة من الرجال والنساء وتوضأنا في عرفة، ثم نزلنا مزدلفة ولا نعلم هل نمنا فيها أو لا؟ ثم نزلنا للرمي ولطواف الإفاضة، ولم نتوضأ عند دخول الحرم، بل إننا طفنا بدون وضوء إلا أننا على وضوئنا الأول، ولكن لا نعلم هل حصل نوم ينقضه أولا؟ والسؤال: هل علينا جميعاً شيء في طوافنا هذا إذا لم نكن على طهارة جديدة، ولم نعلم هل نحن على الوضوء السابق أو لا؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.(17/82)
ج: طوافكم صحيح؛ لأن الأصل بقاء الطهارة، ولا اعتبار بالشك الطارئ مالم تعلموا يقينا أنه انتقض وضوؤكم بنوم أو غيره؛ لما ثبت في الصحيحين، عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه، أنه شكى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً»(1)، وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا، فلا يخرجَنَّ من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً»(2) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
__________
(1) أخرجه أحمد 4/39، 40، والبخاري 1/43،52 3/5، ومسلم 1/276 برقم (361)، وأبو داود 1/122 برقم (176)، والنسائي 1/99 برقم (160)، وابن ماجه 1/171 برقم (513)، وعبدالرزاق 1/140 برقم (534)، وابن خزيمة 1/17، 2/108 برقم (25، 1018)، وأبو عوانة 1/238، 267، وابن الجارود 1/17 برقم (3)، والبيهقي 1/114، 161، 2/254، 7/364.
(2) صحيح مسلم 1/276 برقم (362)، والترمذي 1/109 برقم (74).(17/83)
طواف الحائض
السؤال الأول من الفتوى رقم (11855)
س1: هل يجوز للمرأة الحائض أن تطوف؟ أنا لا أريد من جنابكم الجواب المجرد؛ لأني أعرفه، ولكن أريد الدليل. أعانكم الله ووفقكم الله لما يحبه ويرضاه.
ج1: الطواف بالبيت العتيق كالصلاة؛ فيشترط له ما يشترط لها، إلا أنه أبيح في الطواف الكلام، فالطهارة شرط لصحة الطواف، فلا يصح من الحائض الطواف حتى تطهر، ثم تغتسل، فقد ثبت في الصحيحين: أن عائشة رضي الله عنها قالت: (خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نذكر إلا الحج، حتى جئنا سَرِف فطمِثت، فدخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: «مالك؟ لعلك نفست»، فقلت: نعم، قال: «هذا شيء كتبه الله عز وجل على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري»(1)، وفي رواية لمسلم: «فاقضي ما يقضي الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي»(2) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9894)
__________
(1) أخرجه مالك 1/411، والشافعي 1/389-390، وأحمد 6/273، والبخاري 1/77، 79، 2/171، 6/235، 237، ومسلم 2/873-874 برقم (1211[120])، وأبو داود 2/383 برقم (1782)، والنسائي 1/153، 180 برقم (290، 348)، وابن ماجه 2/988 برقم (2963)، وابن خزيمة 4/302 برقم (2936)، وابن حبان 9/142، 143 برقم (3834، 3835)، والبيهقي 1/308، 5/3، 86، والبغوي 7/122، 123 برقم (1913،1914)
(2) صحيح مسلم 2/873 برقم (1211[119]).(18/1)
س: قبل سفري للحج مع زوجتي هذا العام، أرسلتها إلى أحد الأطباء لكي يصف لها علاجاً يؤخر موعد الدورة الشهرية إلى ما بعد الحج، وبالفعل وصف لها الطبيب حبوباً لهذا الغرض، وبعد أن تناولتها حسب النظام المقرر إلا أنه في يوم 7،8 من ذي الحجة ومع الإرهاق والسهر فقد لاحظت وجود آثار لنزول الدم الخفيف، وعلى الفور اغتسلت منه مع الاستحمام، وقامت بأداء الصلاة؛ لأنها لم تشاهد نزول الدم مرة أخرى، ثم قامت بأداء جميع مناسك الحج: من الوقوف بعرفة، ورمي الجمار والذبح والتقصير، وهي في طهر كامل، إلا أننا لم نؤدِّ طواف الإفاضة إلا في أول يوم من أيام التشريق، مع العلم أن الزوجة كانت قارنة، وأدت ماعليها من طواف وسعي عند وصولها إلى مكة المكرمة، والذي حدث عند طواف الإفاضة أن الزوجة شعرت أثناء تأدية الطواف ببعض الآلام والتقلصات، وبعد أن أكملت السبعة الأشواط نزلت إلى زمزم لتعرف ما الخبر، فوجدت أن بعض الدم الخفيف بدأ ينزل عليها، فغادرت الحرم على الفور، وكان ذلك عقب صلاة العشاء، وبعدها ذهبت إلى بعض الأطباء وقصَّت عليه ما حدث، فوصف للزوجة حبوباً، وقال: إن مع العلاج والراحة سوف يرتفع الدم، وبالفعل أخذت الزوجة الحقن والحبوب في نفس اليوم، وفي صباح اليوم التالي لم تجد الزوجة آثاراً لنزول الدم، وانتظرت إلى وقت الظهر لتتأكد من توقف الدم، فلم تجد أيضاً أي أثر لنزول الدم، وبناء عليه تطهرت بالاغتسال مع الاستحمام، ومما زادها يقيناً من أن الدم قد توقف أنها شاهدت نزول المخاط الأبيض النظيف عند الاغتسال، وبناء عليه ذهبت إلى الحرم لإعادة طواف الإفاضة من جديد؛ لشكها في الطواف الأول والظروف التي أحاطت به، وقبل قيامها بالطواف قامت بوضع قطنة داخل مجرى نزول الدم؛ وذلك زيادة في الحرص منها على عدم نزول شيء، وإذا نزل لا يصل إلى الخارج، وبدأت في الطواف بعد صلاة المغرب، وبعد أن انتهت من السبعة أشواط على خير وسلام نزلت إلى زمزم لتتأكد(18/2)
من عدم نزول شيء عليها، فوجدت القطنة نظيفة تماماً من الخارج ولا شيء عليها، بعد ذلك توجهنا إلى المطار للعودة، وفي حوالي الساعة 3 من صباح اليوم التالي دخلت الزوجة دورة المياه وهناك أخرجت القطنة فوجدتها نظيفة تماماً من الخارج، إلا أنه يوجد عليها دم من الداخل فقط، وعلى أنه لم يكن ممكناً البقاء فترة أطول من ذلك بمكة لظروف السفر والعمل فقد غادرناها، ونحن من يومها إلى الآن مازلنا نحافظ على إحرام الزوجة -أي أنها لم تتحلل تحلل أكبر، ولم يحدث جماع أو اتصال- إلى أن يتم عرض الموضوع على فضيلتكم. والآن نود أن نعرف رأيكم:
أ - هل طواف الإفاضة الأول صحيح أم لا؟ وهل في حالة عدم صحته يوجد شيء عليها؟
ب - هل الطواف الثاني الذي قامت به - على اعتبار الطواف الأول كأن لم يكن - صحيح هو الآخر أم ماذا؟
ج - هل تذهب لعمل طواف الإفاضة مرة أخرى أم ماذا تفعل؟
ج: أ - طواف الإفاضة الأول صحيح إذا لم يكن الدم الخفيف الذي بدأ ينزل عليها دم حيض، أو كان دم حيض لكنه لم ينزل إلا بعد انتهائها من الأشواط السبعة، وإلا فسد ذلك الطواف.
ب - إذا كان الحال في الطواف الثاني كما ذكرتم فهو صحيح، وعلى تقدير عدم صحة الطواف الأول فالطواف الثاني يكفي عن طواف الإفاضة.
جـ - على ما تقدم لا تذهب لعمل طواف الإفاضة مرة أخرى، ولها أن تتحلل التحلل الأكبر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السادس من الفتوى رقم (1216)
س6: حكم من أتم أعمال الحج ماعدا طواف الإفاضة ثم توفي، هل يطاف عنه أو لا؟(18/3)
ج6: من أتى أعمال الحج ما عدا طواف الإفاضة ثم مات قبل ذلك لا يطاف عنه؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (بينما رجل واقف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ وقع عن راحلته فوقصته فمات، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه، فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبياً» رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن، فلم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطواف عنه، بل أخبر بأن الله يبعثه يوم القيامة ملبياً؛ لبقائه على إحرامه بحيث لم يطف ولم يطف عنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (2283)
س: حججت هذا العام أنا وزوجتي، وبعد وقفة عرفات نزل على زوجتي دم (وهي كانت حاملاً) فهو ليس دم حيض، ولم ينقطع هذا الدم، بل ظل يزداد كل يوم، واتضح أنه عملية إجهاض بعد الكشف الطبي عليها، ثم يوم 15 ذو الحجة عملت عملية إجهاض وتفريغ؛ وذلك نتيجة للإجهاد في السفر، حيث أننا سافرنا بالسيارة من بيشة حتى مكة، وجزء من الطريق غير مسفلت ورديء جداً، المهم طبعاً بعد العملية كانت في ضعف وإرهاق شديد؛ نتيجة للنزيف المستمر قبل العملية، ثم إننا كنا مرتبطين بمواعيد الدوام، فرجعنا إلى بيشة يوم الجمعة 17 ذو الحجة، ولم تستطع هي طبعاً عمل طواف الإفاضة؛ نتيجة لاستمرار نزول الدم، وعدم معرفة وقت انقطاعه.
فهل يبقى عليها طواف الإفاضة، ويجب عليها تأديته في أي وقت تستطيع ذلك حتى يكتمل حجها، أم تعتبر الحجة كلها غير صحيحة ويجب عليها إعادة الحج بالكامل؟(18/4)
ج: عليها أن تعود فتطوف طواف الإفاضة وتسعى، إن كانت متمتعة بالعمرة إلى الحج، أو غير متمتعة لكنها لم تسع مع طواف القدوم، وبذلك يتم حجها، وعليها دم إن كان زوجها قد وطئها بعد رمي جمرة العقبة؛ يذبح في مكة في أي وقت تيسر ذلك، والواجب البدار به، ويوزع على الفقراء بها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
تأخير الطواف
الفتوى رقم (4368)
س: حججت أنا وزوجتي في العام الماضي، وفي الطريق إلى مكة بدأت عندها الدورة الشهرية، وعليه لم تتمكن من طواف القدوم أو السعي، وكنا في الثامن من ذي الحجة، ووقفت بعرفة وهي حائض، ثم نبت عنها في رمي الجمرات، ولم تطهر حتى غادرنا مكة مع المجموعة التي قدمنا معها، ولم يكن يمكننا التأخر لتطوف طواف الإفاضة وتسعى، وبعد ثلاثة شهور تمكنا من زيارة البيت الحرام ثانية، حيث طافت وسعت. فهل يجزئ ذلك عن طواف الحج وتكون حجتها صحيحة؟ علماً بأنها في الفترة بين الحج إلى الزيارة الثانية كانت قد أحلت إحرامها. وسبب حيرتي أن هناك من يقول: إن طواف الإفاضة يصح قبل انقضاء الحول، ومن يقول: إنه يصح في طول العمر. فهل معنى ذلك أن يظل الإنسان في إحرامه طول هذه المدة؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فحجها صحيح، لكن إن كنت جامعتها قبل طوافها وسعيها للحج فعليها شاة تذبح في مكة وتوزع على الفقراء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
نقص أشواط الطواف
السؤال الثامن من الفتوى رقم (7632)(18/5)
س8: إذا طاف الحاج طواف الإفاضة، ونسي أحد الأشواط ولم يعلم إلا بعد خروجه من المسجد الحرام، فما الحكم؟ وإذا كان العلم به بعد التحلل الأول؛ بناءً على أن هذا الطواف أحد الاثنين اللذين يحصل بهما التحلل الأول .
ج8: إذا طاف الحاج طواف الإفاضة ونسي أحد الأشواط، وطال الفصل فإنه يعيد الطواف، وإن كان الفصل قريباً فإنه يأتي بالشوط الذي نسيه.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5189)
س: إني أديت حجاً مفرداً في هذه السنة، وبعد وقوف عرفة أصابني مرض شديد (ضربة شمس) في تاريخ 10/12/1402هـ، ودخلت المستشفى وتأخرت عن الطواف للإفاضة، وطفت في تاريخ 16/12/1402هـ متأخراً، هل هذا الطواف يكفي أم علي شيء من الهدي؟
ج: لا شيء عليك في تأخير طواف الإفاضة إلى اليوم المذكور في السؤال.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
طواف الإفاضة يكفي عن طواف الوداع
السؤال السادس من الفتوى رقم (3592)
س6: إذا الحاج أكمل جميع أركان وواجبات الحج ماعدا طواف الإفاضة والوداع، فهل إذا كان طواف الإفاضة آخر يوم من الحج، أي يوم الثاني من التشريق، طاف طواف الإفاضة ولم يطف طواف الوداع وقال: إنه يكفي، وهو ليس من أهل مكة، من أهل المدن الأخرى من المملكة العربية السعودية، فماذا عليه؟
ج6: إذا كان الأمر كما ذكر، وكان سفره من مكة متصلاً بطوافه طواف الإفاضة كفاه طواف الإفاضة عن الإفاضة والوداع، إذا كان قد فرغ من رمي الجمرات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(18/6)
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (8490)
س: أفيدكم بأننا ثلاثة رفاق، قمنا بأداء فريضة الحج، وكنا على دراية بجميع أركانه وواجباته، إلا أننا بعد رمي جمرة العقبة والحلق لم نقم بأداء طواف الإفاضة؛ مستندين في ذلك إلى كتيب منسوب إلى رئيس أوقاف مكة المكرمة تقريباً، وفيه ترخيص للحاج بتأخير هذا الطواف إلى آخر يوم من أيام الرمي، حيث يمكن أن يقام به فيستغنى به عن طواف الإفاضة وطواف الوداع، أي: يجزئ عنهما طواف واحد، حيث قمنا بهذا. وبعد رجوعنا إلى البلد بدأت الأقاويل بأن حجنا باطل نتيجة إهمالنا لطواف الإفاضة، وجمعنا بينه وبين طواف الوداع في آخر حجنا؛ لذا نرجو من فضيلتكم إيضاح كيفية حجنا، وماذا يلزمنا إذا كنا قد أخرنا هذا الطواف (طواف الإفاضة)، ما حكم طواف الإفاضة، ومتى وقته، وما حكم من جعله مع طواف الوداع؟
ج: إذا كان الواقع كما ذكر من تأخيركم طواف الإفاضة إلى قرب خروجكم من مكة، وطفتم طواف الإفاضة وخرجتم مكتفين به عن طواف الوداع فلا شيء عليكم، وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يتم إلا به، ووقته واسع، لكن الأولى المبادرة به في يوم العيد إذا تيسر ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
إذا ترك طواف الإفاضة هل يجبره بالدم؟
الفتوى رقم (7193)(18/7)
س: أديت الحج أنا ووالدي والحمد لله، وكان معي عائلة من ضمن أفراد الأسرة، لم أتمكن من تأدية طواف الإفاضة لوالدي؛ حيث لم يستطع المشي على الأرجل، وسألت في الحرم فقالوا: عليك دم، ولكن نظراً لظروفي لم أذبح في ذلك الوقت، وهي السنة الماضية عام 1403هـ، وخرجت من مكة وحتى الآن لم أذبح الدم الذي مفروض على والدي. أفتوني جزاكم الله خيراً.
ج: إذا كان الطواف الذي تركه هو طواف الإفاضة وهو طواف الحج الذي يأتي به الحاج بعد نزوله من مزدلفة فهذا لا يجزئ فيه الدم، وعلى أبيك أن يرجع إلى مكة فيطوف هذا الطواف ماشياً أو محمولاً. وعليه دم إن كان جامع زوجته بعد الحج، يذبح في مكة ويوزع على فقرائها، أما إن كان المتروك طواف الوداع، وهو الذي يأتي به الحاج بعد فراغه من أعمال الحج وعند خروجه من مكة فعليه عنه دم، يذبح في مكة لفقرائها كذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السعي
الفتوى رقم (13252)
س: أديت فريضة الحج وكنت متمتعاً، وأديت العمرة وأحللت من إحرامي، وفي اليوم الثامن أحرمت وأديت جميع أركان الحج، ولكني نسيت السعي غير عامد. فماذا علي؟ أفتوني جزاكم الله خيراً، وهل حجي صحيح أم ماذا؟ حفظكم الله.
ج: يجب عليك الرجوع إلى مكة للسعي للحج؛ لأن المتمتع يلزمه سعيان: سعي للعمرة، وسعي للحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السادس من الفتوى رقم (2757)
س6: الرمل في السعي يكون في الذهاب إلى المروة، وهل يكون في الرجوع إلى الصفا أيضاً؟(18/8)
ج6: نعم يكون في الذهاب من المروة إلى الصفا، كما هو في الذهاب من الصفا إلى المروة؛ لفعله عليه الصلاة والسلام الثابت في الأحاديث الصحيحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (9121)
س4: ما كيفية التكبير على الصفا والمروة؟ فنحن نكبر كما نكبر للصلاة قائلين: الله أكبر، ثلاث مرات.
ج4: يرقى على الصفا إن تيسر له، أو يقف عنده ويقرأ قول الله سبحانه: {إن الصفا والمروة من شعائر الله..}(1)، ويقول: أبدأ بما بدأ الله به، ويستحب أن يستقبل القبلة، ويحمد الله، ويكبره، ويقول: (لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده). ثم يدعو رافعاً يديه بما تيسر من الدعاء، ويكرر هذا الذكر والدعاء ثلاث مرات، ويفعل على المروة كذلك، ماعدا قراءة الآية فإنه لا يكررها، وإنما يقرؤها في مبدأ الشوط الأول.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11707)
__________
(1) سورة البقرة، الآية 158.(18/9)
س: لقد أديت فريضة الحج منذ حوالي ثلاث سنوات، أثناء إقامة والدي بالمملكة، وقد قمنا بخطأ أثناء تأدية السعي بين الصفا والمروة، حيث قمنا بالبدء بالمروة وانتهينا بالصفا، على أن المفروض يكون العكس، فقام من معي بإعادة السعي، وأنا لم أستطع. ولقد سألنا عن ذلك أحد الأشخاص فقال لنا: أن نقوم بعمل شوط ثامن لإتمام السعي، فقمت أنا بعمل ذلك. فما حكم الدين في حجتي وسعيي هذا؟ أرجو إفادتي مع العلم أن سني كان حوالي أربعة عشر عاماً.
ج: إذا كان الأمر كما ذكرت من إتيانك بشوط ثامن مكمل لأشواط السعي السبعة على الوجه الصحيح فسعيك صحيح؛ لأن الشوط الأول الذي ابتدأتم به من المروة إلى الصفا لاغياً؛ حيث أتيتم به على غير الوجه المشروع، وإذا كان حجك المذكور بعد بلوغك سن الرشد فإنه يسقط به عنك الحج المفروض، أما إذا كان حجك قبل البلوغ فإنه يعتبر نافلة، ويبقى الحج المفروض في ذمتك تؤدينه متى استطعت ذلك، بعد البلوغ مع العلم بأن البلوغ يحصل بإكمال خمس عشرة سنة، أو بإنزال المني عن شهوة، أو بإنبات الشعر الخشن حول القبل (وهو المسمى العانة).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5983)
س: إنني قد حجيت لوالدتي في عام 1402هـ، وعند طواف الإفاضة كنت مريضاً في ذلك اليوم، وعند نزولي من الحرم احتكت رجلي بحافة بلاط الدرج فخرج منها قطرات دم قليلة لا تزيد عن القطرتين، فأكملت طوافي وانتهيت، وتوجهت إلى المسعى، وكنت مريضاً كما أسلفت، وسعيت ستة أشواط وبقي من السابع شيء قليل جداً، فجاءني تطريش فطرشت بالقرب من الباب، ثم أتممت سعيي وانتهيت. فأفيدوني جزاكم الله خيراً عن صحة حجي، وهل يلزمني عمل شيء فدو لذلك أم لا؟(18/10)
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فلا شيء عليك، وطوافك صحيح، وهكذا تطريشك في الشوط الأخير من السعي بين الصفا والمروة لاحرج عليك، وسعيك صحيح إن شاء الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (10109)
س: أنا رجل عمري ثمانون عاماً، وقد حججت السنة الماضية، وطفت بالبيت العتيق، ولم أستطع السعي بين الصفا والمروة إلا راكباً على عربية، ووكلت من ينوب عني لرمي الجمار؛ لعدم استطاعتي المزاحمة، وسمعت من طالب علم أتى إلينا في منى قوله: الذي لا يرمي الجمار بنفسه لماذا يحج؟ فهل حجتي كاملة أم يلزمني شيء؟ مع العلم أنه سبق أن حججت حجة الإسلام. أرجو تفضل سماحتكم بإفتائي.
ج: إذا عجزت عن السعي ماشياً وشق عليك مشقة خارجة عن المعتاد، جاز لك ركوب العربة، وجاز لك التوكيل في الرمي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفصل بين الطواف والسعي بوقت طويل
السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (2445)
س1: ما حكم من طاف طواف الإفاضة ولم يسع حتى غربت الشمس، بعد آخر أيام التشريق؟ وما حكم السعي إذا سعى بعد غروب الشمس من ذلك اليوم، أو بعد أيام التشريق؟
ج1: سعيك آخر أيام التشريق أو بعد أيام التشريق صحيح، ولا حرج عليك في تأخيره؛ لأنه ليس من شروط صحته أن يكون متصلاً بالطواف، لكن من الكمال أن يكون بعد الطواف متصلاً به؛ تأسياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
س2: هل يجب الحلق أو التقصير في التحلل الأكبر بعد أن حلق أو قص شعره في التحلل الأصغر، أي: بعد انتهاء رمي الجمرات؟(18/11)
ج2: لايجب ولا يستحب الحلق أو التقصير بعد التحلل الأكبر بعد أن حلق أو قص شعره في التحلل الأصغر، أي: بعد إنهاء رمي الجمرات؛ لأن ذلك نسك في الحج فهو عبادة، والعبادات مبنية على التوقيف، ولم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه حلق أوےقصر بعد التحلل الأكبر، بل فعل ذلك عند التحلل الأصغر فقط، وثبت عنه أنه قال: «خذوا عني مناسككم».
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السابع من الفتوى رقم (6044)
س7: هل يجوز لنا أن نفرق بين الطواف والسعي بساعتين فأكثر ثم نسعى بعد ذلك؟
ج7: السنة أن يكون السعي متصلاً بالطواف بقدر الاستطاعة، فإن أخر السعي كثيراً ثم سعى أجزأه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
حكم السعي بلا طهارة
السؤال الثاني من الفتوى رقم (11972)
س2: حججت عن خالي في عام 1408هـ، وعندما سعيت بين الصفا والمروة انتقض الوضوء، ولكن قدر الله لم أستطع أن أخرج لأجدد الوضوء؛ لأنه كانت عندي والدتي وخالتي، كل واحدة ماسكها في يد؛ لأني أخاف أن أضيعهن، ولا يعرفن المكان، وحصل لي هذا في طواف الوداع أيضاً. وما هو الحكم من طاف وسعى ولم يكن على وضوء؟ أرجو الجواب بسرعة إذا كان يجب علي أن أعيد الحج مرة أخرى أو صيام أو دم، أرجو منكم الجواب على الطريق الصحيح. جزاكم الله خيراً.(18/12)
ج2: سعيك بين الصفا والمروة صحيح، ولو كان بدون طهارة؛ لأنها لا تشترط في السعي، أما طواف الوداع فغير صحيح؛ لأن من شروط الطواف الطهارة، وعليك إعادته ما دمت في مكة، فإن كنت سافرت إلى بلدك فعليك دم يذبح في مكة للفقراء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
المبيت في منى
الفتوى رقم (10884)
س: نحن جالسون في منى قد تساءلنا وتحاورنا وتناقشنا أن اليافطة المكتوب عليها (آخر منى). يجب عليكم يا شيخنا ويا علماء مكة المكرمة الأجلاء، وجب عليكم أن تفتوا لنا في هذا الموضوع؛ لأنه عندما حدد آخر منى كان عدد الحجاج لا يزيد على (1000) ألف حاج، واليوم اثنين مليون حاج أو أكثر، هل كل هؤلاء يسكنون داخل هذه القطعة الصغيرة، وفي هذه الحدود الضيقة لمنى؛ لهذا نرجو منكم وقبل الحج القادم بإذن الله أن تفتوا لنا؛ هل جلوسنا في هذه القطعة صالح، أم أن معظم هؤلاء الحجاج جالسون خارج هذه الحدود؟ لأن عدداً كبيراً واصل حتى الكبرى، أي: بعد الجبل. أخي العزيز: إن هذا الموضوع شغل الحجاج؛ لأنهم أغلبهم يسكنون خارج اليافطة، ونرجو أن نسمع قراركم.
ج: أماكن الحج وأزمنته محددة من الشارع، وليس فيها مجال للاجتهاد، وقد حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع وقال فيها: «خذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا»، وبين فيها الأزمنة والأمكنة، وحدود منى: من وادي مُحَسِّر إلى جمرة العقبة، فعلى من حج أن يلتمس مكاناً له داخل حدود منى، فإن تعذر عليه حصول المكان نزل في أقرب مكان يلي منى ولا شيء عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(18/13)
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السابع من الفتوى رقم (606)
س7: كم المدة التي يجب مكثها في منى بعد النحر؟ وفيه آية كريمة في ذلك: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون}(1) .
ج7: المدة التي يجب على الحاج أن يمكثها في منى بعد يوم النحر يومان، هي: الحادي عشر، والثاني عشر من ذي الحجة، أما اليوم الثالث عشر من ذي الحجة فلا يجب عليه أن يمكثه في منى، ولا يجب عليه رمي الجمرات فيه، بل يستحب فقط، إلا إذا غربت عليه شمس اليوم الثاني عشر وهو في منى، فيجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر ثم رمي الجمرات الثلاث بعد الزوال. وأما معنى ما ذكر من الآية: فمن تعجل بالنزول من منى بعد أن بات ليلتين بها عقب يوم النحر، وبعد رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر فلا إثم عليه ولا يجب عليه دم؛ لأنه أدى ما وجب عليه، ومن تأخر بمنى فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر فلا إثم عليه، بل مبيته بمنى هذه الليلة ورميه الجمرات في يومها أفضل وأعظم أجراً؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك. ثم ختم سبحانه وتعالى الآية بالحث على التقوى والإيمان باليوم الآخر، وما فيه من حساب وجزاء؛ ليكون باعثاً لمن تذكر ما فيه على الإكثار من الأعمال الصالحات، وعلى اجتناب المنكرات؛ رجاءَ رحمة الله وخوف عقابه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
الفتوى رقم (3103)
__________
(1) سورة البقرة، الآية 203.(18/14)
س: تعرفون سماحتكم أن الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، وأنه في بعض السنوات يحصل ازدحام لكثرة الحجاج؛ مما يجعلهم يخيمون خارج بعض مواقف الحج، كمنى ومزدلفة، ثم يقلعون من موضعهم عندما يأتي المبيت، فيبيتون داخل الحدود، وبعد أن يصبح الصباح يرجعون إلى مخيمهم وهكذا. أفيدونا هل يصح ذلك أم لا؟
ج: من لم يجد مكاناً في منى وهو حاج، ونزل أيام منى خارج منى لكنه يبيت في الليل في منى، ثم يخرج إلى منزله بعد طلوع الفجر فلا شيء عليه، ولو بات في منزله فلا حرج إذا لم يتيسر له النزول في منى.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول والثالث من الفتوى رقم (8007)
س1: هل تعتبر العزيزية من منى أو لا؟
ج1: ليست العزيزية من منى، بل يفصل بينها وبين منى جبل.
س3: ما هي حدود، منى وخاصة من جهة مكة المكرمة والجهة الشرقية؟
ج3: يحدها من جهة مكة جمرة العقبة، ومن الجهة الشرقية وادي محسر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
لو بات خارج منى أيام التشريق وبقي ليلة الثالث عشر إلى غروب الشمس هل يلزمه المبيت والرمي؟
الفتوى رقم (2346)(18/15)
س: أنا رجل سائق سيارة للحج، ولم أتمكن من الخروج من عرفة إلا في الساعة الثانية ليلاً، ووصلت إلى المزدلفة أنا ورفقائي، وأدينا فيها صلاة المغرب والعشاء، ثم أبقيت رفقائي في مزدلفة الساعة الرابعة ليلاً بالتوقيت الغروبي، وذهبت إلى منى بالسيارة والعفش، ونيتي العودة إلى مزدلفة للمبيت، ولكن وجدت ازدحاماً بالخطوط، ورجعت عدة مرات في خطوط متعددة؛ لأحصل على مرادي، وبعد ذلك انتهى بي الزحام إلى مكة، فرجعت مرة ثانية إلى منى، فمنعتني الشرطة حسب الزحام، ولم أتمكن من الدخول إلى مزدلفة إلا الساعة الثامنة ليلاً، فبت بمزدلفة بالزحام خارج الخطوط المسفلتة (داخل مزدلفة) فبقيت في مزدلفة مدة أيام التشريق، ولا أدخل منى إلا وقت الرمي، فقسم من المرافقين يدخلون ليلاً ويباتون بمنى، وقسم يبقى عندي في الخيمة بمزدلفة. فما رأيكم بذلك، وما الحكم لو غربت الشمس وأنا في المنزل المشار إليه في مزدلفة من اليوم الثاني إذا لم أتعجل؟ فهل يلزمني رمي في اليوم الثالث؟ أفتونا مأجورين.
ج: أولاً: إذا كان الواقع كما ذكرت من محاولتك دخول منى وعجزك، وبقائك أيام التشريق في مزدلفة لعدم الحصول على مكان بمنى كما ذكرته في استفتائك، فلا شيء عليك في خروجك من مزدلفة مادمت عدت إليها قبل الفجر، ولا على من بات من مرافقيك بمزدلفة أيام التشريق؛ لقوله سبحانه: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}(1) ، وقوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}(2) .
ثانياً: لو غربت عليك شمس اليوم الثاني عشر وأنت بمنزلك بمزدلفة فلا مبيت ولا رمي عليك؛ لأنك خارج منى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (8092)
__________
(1) سورة البقرة، الآية 286.
(2) سورة الحج، الآية 78.(18/16)
س4: يحجون معنا، أقصد مع الكشافة سائقون ومستخدمون وموظفون يعملون مع الجمعية، (الكشافة) ويقضون كل وقتهم خارج منى، حيث مقر الكشافة في العزيزية أيام التشريق، ويذبحون الهدي هناك، وبعضهم لم يبت في مزدلفة لظروف العمل. هل حجهم صحيح؟ أقصد من فعل هكذا ويلقطون الحصى من هناك من العزيزية، مع العلم أنني لم أحج وأنا لي أربع سنوات مع جمعية الكشافة؛ خوفاً من أن تكون هذه الأعمال غير مطابقة لأعمال الحج، مع العلم أني أشك كل الشك أن يكون الحج صحيحاً بهذه الطريقة، مع العلم أن السيارات والخيام والطعام كلها على حساب الدولة حفظها الله.
فيه ناس يحجون مع جمعية الكشافة ويركبون سيارات الجمعية، ويأكلون من طعامهم، وبعضهم يذبح الهدي حقه بالعزيزية خارج من منى، مع العلم أنهم غير مكلفين بعمل من قبل الجمعية. أرجو الإفادة.
ج4: يجب المبيت في مزدلفة ليلة العيد، وفي منى ليلة العيد وأيام التشريق، ومن تركه لغير عذر أثم، ووجب عليه دم شاة، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، يذبح بمكة، ويطعم لمساكين الحرم، ولا يأكل منه شيئاً، فإن لم يستطع صام عشرة أيام. أما لقط الحصى من العزيزية أو غيرها من الحرم فلا حرج في ذلك، وهكذا الذبح يجزئ في جميع الحرم، ومنه العزيزية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (11257)
س2: من نزل في العزيزية في مكة المكرمة في أيام التشريق؛ لعدم قدرته على النزول في منى، وغابت عليه شمس اليوم الثاني من أيام التشريق، هل يلزمه البقاء في منزله إلى زوال شمس اليوم الثالث كأهل منى أم لا يلزمه؟(18/17)
ج2: لاحرج على من نزل في العزيزية ومزدلفة أو غيرهما من الأراضي الخارجة عن منى إذا لم يجد منزلاً في منى أيام الحج، ومن غربت عليه الشمس منكم في اليوم الثاني عشر ممن كان في العزيزية أو شبهها فليس عليه البقاء في منزله إلى اليوم الثالث عشر، كما أنه ليس عليكم الرمي في الثالث عشر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
رمي الجمار
السؤال الأول من الفتوى رقم (2269)
س1: ما ذا يجب على من رمى الجمار ضحى ثاني يوم العيد، ثم علم بعد ذلك أن وقت الرمي هو بعد الظهر؟
ج1: من رمى الجمار ثاني يوم عيد الأضحى قبل الزوال فعليه أن يعيد رميها بعد زوال ذلك اليوم، فإن لم يعلم خطأه إلا في اليوم الثالث أو الرابع أعاد رميها بعد الزوال من اليوم الثالث أو الرابع بعد الزوال، قبل أن يرمي لذلك اليوم الذي ذكر فيه، فإن لم يعلم إلا بعد غروب شمس اليوم الرابع لم يرم، وعليه دم يذبح بالحرم ويطعمه الفقراء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الخامس والسابع من الفتوى رقم (4448)
س5: لو زاد الحاج في حصى الجمرات، فمثلاً رمى بعشر أو أكثر فما عليه؟
ج5: من زاد على السبعة أجزأه الرمي، وقد أساء في الزيادة.
س7: من نزل بمكة بعد اليوم الثاني من أيام التشريق هل يلزمه رمي الجمرات لليوم الثالث إذا أصبح أم لا؟
ج7: إذا رمى الحاج جمرات اليوم الثاني عشر بعد الزوال، ونفر إلى مكة أو غيرها قبل غروب الشمس لا يلزمه رمي جمرات اليوم الثالث عشر، ولا يشرع في حقه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(18/18)
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (6903)
س1: وفقني الله أن أديت فريضة الحج، ولكن بعد رجوعي شككت أن في رمي الجمرات جمرة لم تضرب العمود، بل سقطت داخل الحوض فقط، وهذا مجرد شك، وإن كانت كذلك ماذا يجب على الحاج؟
ج1: الشك يلغى، ولا يجب عليك شيء، وعلى تقدير أنها لم تصب العمود لكنها سقطت في الحوض فهي مجزئة؛ لأن إصابة العمود ليست مطلوبة، إنما المطلوب وقوعها في الحوض.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (10883)
س: قمت هذا العام أنا وزوجتي بأداء فريضة الحج، وقد اكتشفت بعض الأخطاء وهي رمي الجمرة، بعد رجوعي من المزدلفة رمى كل منا سبع حصيات، وكان الرمي خلف البنية، أي: على العمود من الخلف، وقد اكتشفت ذلك ثاني يوم الحادي عشر عند رمي 21 حصاة، كل من الجمرة الكبرى والوسطى والصغرى ، وقد استفتيت في نهاية اليوم الثاني عشر في مكة المكرمة بعض الأئمة عن ذلك، فقال: صيام ثلاثة أيام؛ لأنه ليس عندي وقت للرجوع إلى منى لإعادة الرمي؛ وذلك لظروف السفر. فهل هذا صحيح أم لا، أرجو النصيحة والإفادة من سيادتكم؛ حتى أطمئن، وأيضاً أذكر أنني رميت في اليوم الحادي عشر والثاني عشر، مبتدئاً بالكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى، هل هذا صحيح أيضاً أم لا، وماذا أفعل إذا كان خطأ؟ وعند طواف الوداع بعد أن طفت طواف الوداع انتظرت ما يقرب من ساعتين أو ثلاث لأداء صلاة الجمعة، هل هذا صحيح أم لا؟ ولذا أرجو من سيادتكم الإفادة والنصح وشكراً لسيادتكم.(18/19)
ج: رميك جمرة العقبة على تلك الصفة لا يصح، كما أنه يجب الترتيب في رمي الجمرات في اليوم الحادي عشر وما بعده، وذلك بأن يبتدأ بالصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، فإن خالفت وجب عليك الإعادة، فإذا لم تعد في وقت الرمي أيام منى وجب عليك دم يجزئ أضحية يذبح بمكة المكرمة، ويوزع على فقرائها، ومكثك ساعتين أو ثلاثاً بعد طواف الوداع لا شيء عليك فيه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (13462)
س1: ذهبت أحج حج الإسلام، ولكن عندما ذهبت لرجم الجمرة الكبرى يوم العيد كان هناك ازدحام شديد وأنا تحت ذلك الكبري، ولم أكن أعرف العمود الذي هو الشيطان، أعني: أنني لم أشاهده من قبل، وأرى الناس الذين أمامي يضربون العمود الخرسانة الكبرى، وضربت أنا أيضاً ذلك الخرسانة بـ7ےجمار، ومنذ ذلك الوقت وأنا محتار وماذا أفعل، وإذا كانت علي الفدية إنني لم أعرف الفقراء في مكة، وهل يجوز دفع ثمنها نقداً لفقير واحد هنا في الرياض أو في أي مكان؟
ج1: إذا كان رميك لجمرة العقبة يوم العيد للعمود، ولم تقع الجمار في الحوض، فرميك غير صحيح، ويجب عليك سفك دم بمكة يوزع على فقراء الحرم، وإن كان رميك للعمود ووقعت الجمار في الحوض فرميك صحيح، ولا شيء عليك. والدم الواجب عليك لا يجوز دفع ثمنه إلى الفقير نقداً، وإنما الواجب عليك إراقة الدم بمكة، وتوزيع جميع لحمه على الفقراء بالحرم، ويجوز لك أن توكل ثقة ليشتري لك ما وجب ويذبحه بمكة ويوزعه على فقرائها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (12379)(18/20)
س1: في اليوم الثاني من رمي الجمرات رميت الجمرة الصغرى بعد صلاة العصر بسبع حصيات، وأنا متأكد من عدد الحصى، وعندما أردت التوجه إلى الجمرة الوسطى حدثتني نفسي: يمكن تكون واحدة خرجت من الحوض؛ فرميت بواحدة عن الشك، علماً بأن الرمي كان في الحوض الأعلى في الدور الثاني ، وبعد خطوات من الجمرة نفسها وقفت محتاراً، فرجعت إليها ورميت بحصاة ثانية، ولم أتابع رمي الوسطى والكبرى في نفس الوقت؛ لشدة الزحام، فخرجت وعدت بعد صلاة العشاء وأكملت رمي الجمرة الوسطى والجمرة الكبرى، فهل فيما تقدم شيء أو علي شيء؟
ج1: رميك للجمرة الصغرى بعد العصر ثم تأخير رمي الجمرة الوسطى والكبرى إلى بعد صلاة العشاء لا حرج عليك في ذلك؛ بسبب الزحام، والرمي صحيح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (13507)
س4: عندما حججت وفي أثناء الرمي سقطت إحدى الحصى من يدي بسبب الزحام، فما كان لي من استطاعة إلا أن أخذت من المرمى حصاة مستعملة، وكنت أجهل أنه لا يجوز استعمال الحصى المستعمل، فماذا عليه أرجو التوضيح؟
ج4: أخذ الحجارة في رمي الجمرات من داخل الحوض والرمي بها لا يجزئ؛ لأنها مستعملة، ومادام المأخوذ حجر واحد فقط فنرجو ألا حرج عليك فيما مضى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6741)(18/21)
س: في هذا العام حجيت عن والدتي المتوفية، في اليوم الثالث عند رمي الجمرات حاولت وبصعوبة جداً وكدت أفارق الحياة أحياناً، حتى رميت الصغرى، ولم أستطع الوصول إلى الجمرة الوسطى والكبرى، بينما موج الحجاج قذفني إلى الوراء وحاولت ولم أستطع، رجعت إلى الوراء وضربت الحصيات من بعيد، على كل واحد سبع حصيات، ولا حصى أسقطت بالوسطى ولا بالكبرى، هل يجوز أم لا، وهل علي شيء؟
ج: يجب عليك ذبح شاة تجزئ أضحية، وتطعم لمساكين الحرم، وذلك لتركك رمي الجمرة الوسطى والكبرى؛ لأن رميك الذي ذكرت لا يجزئ لوقوع الحصيات خارج الحوض.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (925)
س: هذه السنة حججت لأختي، ماتت وأنها دون البلوغ في العمر، ومعي ولد لنا عمره يقارب 18 سنة، وفي صباح العيد رمينا جمرة العقبة أنا وولدي، واليوم الثاني الساعة تسعة قبل صلاة العصر مضينا للرمي، من ثمة رمينا الأولى ثم الثانية والثالثة، التي هي جمرة العقبة، فوجدنا زحمة طاح رجل حول الجمرة، ومات ناس تحت أقدام الناس، وحصل علينا أنا وولدي خمدة من الناس، وكادت أنفسنا تزهق من كثر العالم، فأخذت حصاي ورميت بها دفعة واحدة، وفي يساري الولد وحصاه، فأخذتها من يده ورميت بها دفعة واحدة ولاعاد قضيناها، وفي اليوم الثالث الساعة العاشرة ما قبل الفجر مشيت أنا وحدي، ورميت عني وعن ولدي على السنة؛ حصاة بعد الثانية، فمع خلاف ما سبق أفتونا عن رمي الدفع وحده، وعن رمي صباح اليوم الثالث. انتهى.(18/22)
ج: بما أن السائل ذكر أنه رمى جمرة العقبة في اليوم الحادي عشر بعد الساعة التاسعة عنه وعن ابنه، فرمى حصاه السبع دفعة واحدة وكذلك حصى ولده، وأنه رمى عن نفسه وعن ابنه في الساعة العاشرة قبل الفجر في اليوم الثالث؛ فأما بالنسبة لجمرة العقبة فإن رميه كل واحد منهما يعتبر رمي حصاة واحدة، وهذا غير مجزئ؛ لأن الواجب عليه وعلى ابنه أن يرمي كل منهما حصاه مرتباً؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رمى مرتباً وقال: «خذوا عني مناسككم»، والأمر في الأصل يقتضي الوجوب، إلا إذا دل الدليل على صرفه، ولا نعلم دليلاً يصرفه عن أصله في هذه المسألة.
وأما الرمي عنه وعن ولده قبل الفجر في اليوم الثالث فهذا رميٌ فُعل قبل دخول وقته، ووقته يدخل بزوال الشمس من هذا اليوم، بدليل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رمى الجمار في أيام التشريق بعد الزوال وقال: «خذوا عني مناسككم»، والأمر يقتضي الوجوب كما سبق؛ فبناء على ذلك فقد حصل على كل من السائل وابنه ترك نسك، فيجب على كل منهما ذبح شاة، فإن لم يستطع صام عشرة أيام، والشاة المجزئة في هذا هي ما تجزئ أضحية، ومحل ذبحها الحرم، وبعد ذبحها توزع على فقراء الحرم، والأصل في إيجاب الشاة أثر ابن عباس رضي الله عنهما: (من ترك نسكاً أوےنسيه فعليه دم)(1).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
الرمي ليلاً
الفتوى رقم (1611)
س: رميت الجمار ثاني ليلة، الساعة العاشرة مساءً، مع العلم أنني مضطر إلى ذلك، فهل عليَّ إثم في ذلك أم لا؟ مع العلم أن معي حرمتين ورجل وكلهم مرضى.
__________
(1) أخرجه مالك في الموطأ 1/419، والدارقطني 2/244، والبيهقي 5/152.(18/23)
ج: من أخر رمي الجمار في اليوم الحادي عشر حتى أدركه الليل، وتأخيره لعذر شرعي، ورمى الجمار ليلاً، فليس عليه في ذلك شيء. وهكذا من أخر الرمي في اليوم الثاني عشر فرماه ليلاً أجزأه ذلك ولا شيء عليه، وعليه تلك الليلة المبيت في منى والرمي لليوم الثالث عشر بعد الزوال؛ لكونه لم ينفر في اليوم الثاني عشر قبل غروب الشمس، ولكن الأحوط أن يجتهد في الرمي نهاراً في المستقبل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1696)
س: لقد رميت الجمار بسبب مشكلة وأنا ما أعلم في الليلة الثانية في تمام الساعة العاشرة من الليلة بالتوقيت الغروبي. أفدنا رحمكم الله، حيث أن مشكلتي بأن أخوياي مرضى ولا يقوم على خدمتهم سواي أنا، ولا حصلت لي الفرصة إلا في الليلة الثانية من ليلة التشريق، في تمام الساعة العاشرة غروبي، أي: منتصف الليل.
ج: إذا كان الأمر كما ذكرته فما وقع منك من الرمي صحيح، ولا شيء عليك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
التوكيل في الرمي
السؤال الأول من الفتوى رقم (501)
س1: هل يجوز رمي الجمار أيام الحج في وقتنا هذا عن النساء؛ نظراً لشدة الزحام؟(18/24)
ج1: قال تعالى: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}(1)، وقال تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}(2)، فالعسر والحرج منفيان عن هذه الشريعة بهاتين الآيتين، وما جاء في معناهما، والنساء تختلف أحوالهن: فمنهن الحامل، وضخمة الجسم جداً، والهزيلة، والمريضة، والمسنة العاجزة، ومنهن القوية، فأما المرأة التي يوجد فيها عذر من الأعذار المشار إليها ونحوها فتجوز النيابة عنها، ولا إشكال في ذلك، والذي يرمي عنها لا ينوب عنها إلا بإذنها قبل الرمي عنها، فيرمي عن نفسه ثم عنها. وأما القوية فإذا حصلت مشقة غير مألوفة جازت النيابة عنها على الوصف الذي سبق في كيفية النيابة، وأنه يرمي عنها بعد ما يرمي عن نفسه. والشخص الذي يكون نائباً في الرمي عن غيره يكون من الحجاج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
السؤال الأول من الفتوى رقم (1137)
س1: هل يجوز أن توكل المرأة في رمي الجمرات؛ خشيةَ الزحام، وحجها فريضة، أو ترمي بنفسها؟
ج1: يجوز عند الزحام في رمي الجمرات أن توكل المرأة من يرمي عنها، ولو كانت حجتها حجة الفريضة، وذلك من أجل مرضها أو ضعفها، أو المحافظة على حملها إن كانت حاملاً، وعلى عرضها وحرمتها؛ حتى لا تَنتهك حرمتها شدة الزحام .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1746)
س: رجل أخذ وكالة من جماعة من الحجاج في رمي الجمار، وأخذ منهم الحصا ثم رماها في الشارع، ولم يرم الجمرات ولم يخبرهم، وهم عاجزون عن الرمي فما الحكم؟
__________
(1) سورة البقرة، الآية 185.
(2) سورة المائدة، الآية 6.(18/25)
ج: إذا كان الأمر كما ذكره السائل فإنه يعتبر مفرطاً وآثماً بفعله، تلزمه التوبة والاستغفار من ذلك، وإخبارهم جميعاً بالواقع وإذا بلَّغهم لزم كل واحد منهم دم عن ترك الرمي، ولهم مطالبة الوكيل بقيمة الدم؛ لكونه المتسبب، إذا ثبت عنه فعل ما ذكر في السؤال، وإذا كان لم يرم عن نفسه فعليه دم يجزئ في الأضحية يذبح في مكة ويوزع على فقرائها مع التوبة مما فعل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السادس من الفتوى رقم (3774)
س6: الحاج ومعه نساء شابات يضايقهن الزحام، لا سيما أن زحام الحج شديد جداً، وربما يخاف عليهن السقوط على الأرض والموت، فهل يحاولن رمي الجمرات، أو يوكلن قريبهن لرمي الجمرات في الزحام الشديد؟ ثم إذا رمين الجمرات قبل طلوع الشمس يوم العيد، أي: جمرة العقبة فقط، والباقي وكلن عليه ورمي بعد الزوال.
ج6: من عجز عن الرمي فإنه يوكل من يرمي عنه، وجمرة العقبة وغيرها سواء في ذلك، ويكون التوكيل لشخص ثقة حج في ذلك العام، ومثل الشابات المشار إليهن لاحرج في توكيلهن غيرهن إذا خيف عليهن من الزحام، ولا حرج عليهن في رمي جمرة العقبة آخر الليل من ليلة العيد وقبل طلوع الشمس من صباح يوم العيد؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للضعفة في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11066)(18/26)
س: في العام الماضي عام 1407هـ كتب الله لنا الحج أنا وزوجتي، ومقبول إن شاء الله تعالى منا ومن جميع إخواننا المسلمين، ومشكلتي تكون في أنه عند رمي الجمرات رميت أنا وزوجتي في اليوم الأول والثاني من أيام الرمي، وفي اليوم الثالث ولكوننا حاجين مع شركة قال لنا صاحب الشركة: إن السيارة سوف تتحرك في تمام الساعة الثانية ظهراً إلى مكة المكرمة، وذلك لطواف الوداع، وبسبب الزحام الشديد في ذلك اليوم (اليوم الثالث) لم تتمكن زوجتي من الرجم، مع العلم أنني ذهبت بها إلى الجمرات مرتين، إحداهما: حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف، والأخرى: حوالي الساعة الواحدة والنصف، إلا أن الزحام -كما أسلفت- منع زوجتي من أن ترمي بنفسها؛ مما اضطرها أخيراً إلى أن توكلني في الرمي عنها، وبالفعل قمت بالرمي عنها. وسؤالي الآن ماحكم الرمي عن زوجتي في هذه الحالة؟ علماً بأنها ليست مريضة، ولكنها لا تستطيع الرمي في ذلك الزحام، وإذا كان الرمي غير صحيح فما هو الواجب عليها فعله ليتم حجها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً وسدد خطاكم.
ج: رميك عن زوجتك في اليوم الثاني عشر صحيح ولا شيء عليها؛ بسبب ما ذكرت من شدة الزحام في يوم النفر الأول.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (12651)
س3: في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، وعند رمي الجمرة الثالثة؛ حدث زحام شديد وانحصرنا مع مجموعة من الحجاج أوشكنا على الهلاك، إلا أنه بفضل الله خرجت عن الزحام ولم أتمكن من الرمي، ووكلت شاباً بذلك وأنا موجود معه علماً بأني شاب وأبلغ من العمر قرابة (34 سنة) أرجو إفادتي؟
ج3: إذا كنت لا تستطيع الرمي بنفسك ووكلت من هو أقدر منك من الحجاج في الرمي فلا بأس، ورميه عنك صحيح.(18/27)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
هل يوكل على رمي الجمار ثم يسافر قبل وقت الرمي؟
السؤال العاشر من الفتوى رقم (1734)
س10: هناك أناس يوم العيد أو ثاني العيد، يوكلون على من يرمي عنهم الجمرات، ويسافرون إلى بلادهم، هل يعتبر حجهم كاملاً أم أنه غير ذلك؟
ج10: أمر الله سبحانه في كتابه الكريم بإتمام الحج والعمرة بقوله: {وأتموا الحج والعمرة لله}(1)، وتمامهما لا يحصل إلا بإخلاصهما لله، والمتابعة فيهما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يجوز لمسلم أحرم بحج أو عمرة أن يخل بشيء من أعمالهما، أو أن يرتكب من الأمور المنهي عنها ما ينقصهما، ومن وكل في رمي جمراته أيام التشريق أو أحد أيام التشريق ونفر يوم النحر يعتبر مخطئاً مستهتراً بشعائر الله، ومن يوكل في رمي الجمرات اليوم الحادي عشر أوےالثاني عشر من أيام التشريق ويطوف طواف الوداع ليتعجل بالسفر فقد خالف هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وما أمر به في أداء المناسك وترتيبها، وعليه التوبة والاستغفار من ذلك، ويلزم من فعل ذلك دم عن ترك المبيت بمنى، ودم عن تركه رمي الجمرات التي وكل فيها ونفر، ودم ثالث عن طواف الوداع وإن كان طاف بالبيت لدى مغادرته؛ لوقوع طوافه في غير وقته؛ لأن طواف الوداع إنما يكون بعد انتهاء رمي الجمرات.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (6904)
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196.(18/28)
س1: نرجو من فضيلتكم أن تفتونا في حال من رمى الجمرات ثاني أيام التشريق، ثم نزل في الحال، وطاف طواف الوداع، ثم عاد لمنى بنية الرحيل فوجد بعض رفقته قد ضاعوا، فبات في منى ليلة الثالث من أيام التشريق، وفي اليوم الثالث نزل وطاف للوداع مرة ثانية؛ بسبب مبيته بمنى لكنه لم يرم الجمار ذلك اليوم، بعد الوداع ثانية رحل إلى بلاده. فماذا يلزمه حفظكم الله؟ وإذا كان عليه دم فأين يؤديه؟
ج1: مادام أنه رجع إليها بعد ما نفر من منى يوم الثاني عشر قبل غروب الشمس بنية الرحيل، ولكنه اضطر للمبيت لفقد رفقته فلا شيء عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1354)
س: مسلم موظف، اضطره عمله كموظف أن يغادر منى بعد الوقوف بعرفة ورمي الجمرة، وبعد فجر يوم النحر موكلاً آخر في رمي بقية الجمرات وفي الذبح، ثم غادر منى لمكة، وطاف بالكعبة وسعى بعد صلاة الجمعة، وقام لمقر وظيفته الذي يبعد عن مكة 1270كم، حتى يكون بعد الظهر يوم السبت ثاني أيام العيد الماضي، حيث كان شرط عليه رئيسه في ذلك وحذره من عواقب التأخير، وعجب الناس في البلدة - مقر عمله - من هذا العود المبكر، وزعموا له مؤكدين أن حجته لم تستوف شروطها، أو أركانها. ويسأل عن مدى صحة ما يزعم الناس ويجابهونه به، لائمين غير آبهين باضطراره، طاعة لأمر رئيسه السعودي الذي أكد له قبل قيامه بالحج أن ذلك مجزئ.(18/29)
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فالتوكيل الذي صدر منك للرجل على الرمي غير صحيح؛ لأن ما ذكرته من أن رئيسك شرط عليك أن تحضر يوم السبت ثاني أيام العيد بعد الظهر، وأنه حذرك من عواقب التأخير ليس بعذر يسوغ لك السفر والتوكيل، وبناء على ذلك فقد تركت رمي اليوم الحادي عشر والثاني عشر، والمبيت بمنى ليلتي أحد عشر واثني عشر، وطواف الوداع، ويجب عليك عن كل واحد من هذه الواجبات الثلاث فدية تجزئ أضحية، وتذبح في مكة وتوزع على الفقراء، فإذا لم تستطع وجب عليك أن تصوم عن كل فدية عشرة أيام، ولا تعد لمثل هذا العمل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3422)
س: بعض الحجاج عندما رموا جميع الجمرات يوم الحادي عشر من ذي الحجة، استأجروا من يرمي عنهم يوم الثاني عشر، وذهبوا إثر ذلك إلى مكة وطافوا طواف الوداع، وذهبوا إلى جدة وركبوا الطائرة؛ ولأن تذكرة الطائرة محددة بذلك الوقت فلا بد من الحضور. هل حجهم صحيح؟ وهل عليهم دم؟ وكم عدد الذبائح عليهم؟
ج: إذا كان الواقع كما ذكر فحجهم صحيح لكنه ناقص بمقدار مانقصوه من انصرافهم قبل أن يبيتوا بمنى ليلة الثاني عشر، ويرموا الجمرات الثلاث بعد زوال ذلك اليوم، ويودعوا بعده، وهم بلا شك آثمون لفعلهم هذا، المخالف لقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله}(1)، وقوله عليه الصلاة والسلام: «خذوا عني مناسككم»، وعليهم أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه من ذلك، وعلى كل واحد منهم على القول الراجح دم يجزئ في الأضحية عن ترك المبيت، وآخر عن ترك رمي الجمرات، وثالث عن ترك الوداع؛ لأنهم في حكم من لم يرم؛ لنفرهم قبل الرمي، وفي حكم من لم يودع؛ لوقوع طواف الوداع قبل إكمال مناسكهم.
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196.(18/30)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3531)
س: إني أديت فريضة الحج هذا العام 1400هـ، وقد ذهبت من محل إقامتي خميس مشيط، وأحرمت عمرة متمتعاً بها إلى الحج، وكان معي واحد من الجماعة، ولما وصلنا إلى مكة وطفنا وسعينا ضيعت صاحبي، وكان كل ما معنا من نقود معه في المحفظة التي يحملها، إلا شيئاً يسيراً معي، فلما صعدت إلى منى ثم إلى عرفات ومنها إلى مزدلفة، ومن مزدلفة رميت الجمرة الكبرى، ومنها طفت وسعيت وتحلقت وتحللت من الإحرام، ورجعت إلى منى، ولم أذبح الهدي ولم أصم؛ ضماناً بأن صاحبي أي خويي الذي ضيعته ويحمل نقودي معه أنه يذبح الهدي عني، ولم أجده إلا بعدما رجعت إلى الخميس، فأخبرني أنه لم يذبح عني وها أنا باقي حتى الآن، لم أجد من يخبرني بما يجب علي.
وفي اليوم الأول من أيام التشريق، أي: يوم 11/12/1400هـ رميت الجمرات قبل الزوال جاهلاً في الحكم، وقال لي شخص: يجب أن تعيد الرمي قبل الغروب من نفس اليوم، ولكن غربت الشمس قبل أصل، فتركت الرمي ظاناً أنه لا يجوز بعد الغروب، وفي اليوم الثاني من أيام التشريق أي يوم 12/12/1400هـ رميت الجمرات ونقص علي حصاة واحدة عند إحدى الجمرات، حيث سقطت السابعة من يدي ولم ألتقطها، ولم أعوضها.
ج: أولاً: إذا كان الواقع كما ذكرت فعليك أن تذبح هدياً بمكة المكرمة، عن تمتعك بالعمرة إلى الحج إن قدرت على ذلك، ولك أن تأكل منه وتعطي الفقراء، ولك أن توكل من يذبحه عنك بمكة، وإن عجزت عن ثمن الهدي فصم عشرة أيام بدله.
ثانياً: عليك ذبيحة تجزئ أضحية تذبحها بمكة بنفسك، أوےتوكل أمينا يذبحها عنك؛ وذلك لأن رميك جمرات اليوم الحادي عشر قبل الزوال لا يجزئ، ولما نبهت إلى ذلك لم تعد الرمي في وقته، فكأنك لم ترم، فوجب عليك دم.(18/31)
ثالثاً: نقصان حصاة من رميك الجمرات في اليوم الثاني عشر يعفى عنه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
التعجل في يومين
الفتوى رقم (9145)
س: وجدت أن ليالي منى ثلاثة؛ فلا بد من مبيت الحاج في منى ليلتين إن كان متعجلاً أو ثلاث ليال إن لم يتعجل، هذا في أقوال الشارع في كتب الفقه، منها كتاب منتهى الإرادات، وكتاب الروض المربع شرح زاد المستقنع. وفي أقوال المفسرين للآية قوله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه}(1) في كتاب ابن كثير، وكذلك في قول أحد المفتين المنصوبين: إن المتعجل لا يجوز له الخروج من مكة المكرمة إلا في اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى المبارك، وقال المفتي أيضاً: إنه يجوز ذبح الأضاحي في اليوم الرابع، وفي هذه الحال اتفق قول المغني مع الأقوال بالكتب المذكورة أعلاه، فإن كان هذه الأقوال صحيحة فما الجمع بين هذه الأقوال، والحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح: أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: «أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه»، وهذا الحديث فيما أرى والله أعلم أن المتعجل يجوز له الخروج من مكة في اليوم الثاني من أيام عيد الأضحى؛ لأنه قال: أيام منى ثلاثة، ولم يقل: ليالي منى ثلاثة، كما قاله المغني، والأقوال الواردة في الكتب المذكورة أعلاه.
ج: لا تعارض بين الآية والحديث المذكورين في السؤال، ولم يخالفهما ما ذكر في كتاب الروض المربع وكتاب المنتهى، ولا ما جاء في تفسير ابن كثير رحمه الله للآية، فإن ليالي منى ثلاث معتبرة مع أيامها، وأيامها الثلاثة معتبرة مع لياليها السابقة.
__________
(1) سورة البقرة، الآية 203.(18/32)
وعلى هذا يكون المتعجل هو من يكتفي بالمبيت في منى ليلة الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة، ورمي الجمرات في يوم كل منهما بعد الزوال، وهذا له أن ينفر من مكة إلى بلده أو جهة إقامته بعد رميه الجمرات على ما ذكر قبل غروب الشمس من يوم الثاني عشر، ثم يطوف للوداع.
وأما غير المتعجل فهو الذي يبقى بمنى ليلة اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ويومها حتى يرمي الجمرات بعد زوال اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فإذا رماها بعد الزوال سافر بعد أن يطوف للوداع، كل هذا إذا سبق له أن طاف طواف الإفاضة، وإلا نوى بطوافه الأخير الإفاضة والوداع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
طواف الوداع
السؤال العاشر من الفتوى رقم (4448)
س10: ما معنى قوله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه}؟ مع إيضاح ما نصت عليه هذه الآية.
ج10: يقول الله سبحانه: {واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى}(1) الآية.
والمراد بالأيام المعدودات هنا: أيام التشريق الثلاثة: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، فمن ينفر من الحجاج بعد رمي جمراته اليوم الثاني عشر بعد الزوال وقبل الغروب فقد تعجل، ومن بقى بمنى إلى أن يرمي جمرات اليوم الثالث عشر فقد تأخر، وذلك أفضل؛ لموافقته لفعله عليه الصلاة والسلام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (12085)
__________
(1) سورة البقرة، الآية 203.(18/33)
س2: هل إذا رميت الجمرات الثلاث في اليوم الثاني من أيام التشريق وخرجت من منى إلى جبل النور وبت هناك يوماً أو يومين سواء كان معي أحد مريض، أو أخذ بعض الأغراض، هل يلزم رمي الجمرات اليوم الثالث من أيام التشريق أو لاےيلزمنا الرمي في اليوم الثالث إذا كنا قد رمينا في اليوم الأول والثاني؛ لأن بعض الحجاج يعملون كذا، إذا كان يلزمه الرمي في اليوم الثالث ولم يرموا فماذا يجب عليهم؟
ج2: من تعجل في الخروج من منى ثاني أيام التشريق، وخرج قبل غروب الشمس فلا يلزمه المبيت، ولا الرمي لليوم الثالث من أيام التشريق، سواء نزل في جبل النور أو غيره خارج منى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول والثالث والرابع والسادس من الفتوى رقم (4448)
س1: هل بعد الطواف، أي طواف الوداع، يحرم البيع والشراء في مكة أم لا؟
ج1: لا يحرم البيع ولا الشراء بعد طواف الوداع، لكن لو ودع الحاج ثم تأخر كثيراً عرفاً شرع أن يعيد الطواف.
س3: هل للعمرة في غير وقت الحج طواف وداع أم لا؟
ج3: يشرع للمعتمر ولا سيما إن أقام بمكة بعد أداء عمرته أن يطوف طواف الوداع لدى خروجه من مكة المكرمة، ولا يلزمه ذلك على الصحيح من قولي العلماء.
س4: هل المرأة الحائض تعفى عن الوداع أم لا؟
ج4: نعم تعفى المرأة عن طواف الوداع إذا كانت حائضاً وقت خروجها من مكة المكرمة، ومثلها النفساء؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق على صحته.
س6: هل الخروج من باب الوداع لازم لمن ودع أم لا؟ وهل الدخول من باب السلام لازم؟
ج6: لا يلزم المودع الخروج من الباب المسمى: باب الوداع، ولا يلزم القادم أن يدخل من باب السلام.(18/34)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5747)
س1: لقد حججت هذا العام وكان معي زوجتي وهي حامل لها 6 أشهر، وقد أخذنا طواف القدوم وطلعنا منى، وأمضينا المدة المقررة، وبعد ذلك طلعنا يوم عرفة، وبعد ذلك عدنا إلى مكة ليلة العيد وقد أنهت حجها، وعندما أخذنا في طواف الوداع جاها دوخة، وهي في ثالث شوط على الكعبة، وطلعنا بها ونحن نحملها، وعندما صحت رجعنا بها لتكملة طواف الوداع، فقد داخت ثانية ولم نستطع إعادة تكميل طواف الوداع، فطلعت بها نظراً لحالتها؛ لذا أفيدوني عن ذلك.
ج1: يجب عليها دم لتركها طواف الوداع، ويذبح بمكة ويطعم مساكين الحرم، ولا تأكل منه شيئاً، والدم هو ما يجزئ أضحية من الضأن والماعز، أو سبع بقرة أو سبع بدنة، فإن لم تجد فإنها تصوم عشرة أيام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم (7141)
س5: هل طواف الوداع يجزئ عن طواف الإفاضة عند تأخيره إلى طواف الوداع؟ وهل طواف يكفي أم أطوف طوافين، أي: أربعة عشر شوطاً، لكل طواف نية؟
ج5: إذا لم يطف الحاج طواف الإفاضة إلا عند انصرافه من مكة، واكتفى به عن طواف الوداع كفاه حتى لو وقع بعده سعي، كما لو كان متمتعاً، وإن طاف طوافاً ثانياً للوداع فذلك خير وأفضل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (2333)(18/35)
س: يا فضيلة الرئيس لدينا سؤال، نرجو التكرم من فضيلتكم إبلاغنا عن هذا السؤال عن طريق البريد مفصلاً: فيه جماعة حجوا في هذا العام، وكانت حجتهم متمتعين، أمضوا أيام التشريق في منى، وبعد نزلوا في مكة في اليوم الرابع، هذا هو المدة التي فرضت عليهم في منى، لم يطوفوا طواف الإفاضة، جاءهم شخص يقول لهم: اجعلوا طواف الإفاضة بنيتكم يجزئ عن طواف الوداع، حيث يكون طوافهم بالبيت إفاضة بوداع، فهل يا فضيلة الشيخ يجزئ ذلك؟ حيث هم فعلوا ذلك، فهل عليهم حرج أم فعلهم جائز؟ هذا والله يحفظكم ويكثر أمثالكم.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فإن طواف الإفاضة يجزئكم عن طواف الوداع؛ لأن المقصود هو أن يكون آخر عهد الحاج الطواف بالبيت بعد الفراغ من رمي الجمار، وقد حصل ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت»(1) رواه مسلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (8517)
س3: هل يجوز الوداع قبيل إكمال رمي الجمار؟
ج3: الوداع آخر أعمال الحج، فلا يجوز أن يتقدم على شيء منها؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت).
__________
(1) أخرجه أحمد 1/122، والبخاري 2/195، ومسلم 2/963 برقم (1327، 1328) واللفظ له، وأبو داود 2/510 برقم (2002)، والنسائي في الكبرى 2/463، 466 برقم (4184، 4199)، وابن ماجه 2/1020 برقم (3070)، والدارمي 2/72، وابن خزيمة 4/327 برقم (2999، 3000)، وابن حبان 9/208-209، برقم (3897)، وأبو يعلى 4/291 برقم (2403)، والطبراني 11/36 برقم (10986)، وابن الجارود 2/111 برقم (495)، والبيهقي 5/161، والبغوي في شرح السنة 7/232، 233 برقم (1972، 1973).(18/36)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (9632)
س2: أقيم في مدينة جدة، وأذهب إلى مكة المكرمة دائماً، فهل أودع البيت الحرام بعد الحج، أم أُأَخِّره لحين سفري إلى بلدي؟ وهل في تأخير الوداع كفارة؟
ج2: إذا حججت فلا تسافر عقب حجك إلى جدة حتى تطوف طواف الوداع، وإذا سافرت قبل الوداع فعليك هدي تذبحه في الحرم، ولا تأكل منه، بل أطعمه الفقراء؛ لأن طواف الوداع واجب بعد الحج؛ لعموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق على صحته، وعليك التوبة إلى الله من خروجك إلى جدة قبل طواف الوداع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (2014)
س1: حججت هذا العام وأديت طواف الوداع بالليل، ولم أتمكن من الذهاب خارج مكة المكرمة وبت، وفي الصباح سافرت، فما الحكم؟
ج1: المشروع أن يكون طواف الحاج للوداع عند مغادرته لمكة المكرمة؛ لحديث ابن عباس المتفق عليه: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض)، وما دمت طفت بنية الخروج بالليل ولم تتمكن إلا في الصباح فلا شيء عليك في ذلك إن شاء الله، ولو كنت أعدت الطواف عند خروجك لكان أحوط.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4262)(18/37)
س1: إنني قد أديت فريضة الحج عام 99هـ، وعملت كل مناسك الحج، وبعد أخذي طواف الوداع رجعت إلى منى بقصد أن لي رفاقاً مخيمين في منى، وهم ليسوا حجاجاً، وأرغب أن أسافر معهم إلى الطائف حيث لا يوجد معي سيارة، ولم أمكث فيه أكثر من ساعة، فما حكم ذلك؟
ج1: ما ذكرته من الإقامة ساعة في منى بعد طواف الوداع ليس فيه شيء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (8441)
س1: قمنا بفريضة الحج في العام الماضي، وفي اليوم الثاني عشر، وبعد الزوال ركبنا من منى متجهين نحو البيت الحرام لأداء طواف الوداع، ومن ثم الرحيل، فطفنا قبل صلاة العصر وصلينا العصر هناك، وذهبنا، ومع شدة الزحام لم نصل إلى سيارتنا إلا بعد العشاء، حيث أنها كانت خارج مكة، فركبنا ومشينا مسافة لا تزيد عن 15 كيلو متر، ونمنا هناك إلى الصباح وواصلنا السير.
وأنا أسأل: هل يلزمنا طواف وداع آخر؟ وإذا كان يلزمنا فماذا علينا تجاه ما عملنا؟ وهل كل من نام دون الميقات يلزمه طواف وداع آخر؟ أفيدونا أثابكم الله تعالى.
ج1: نرجو ألا حرج عليكم في المبيت خارج مكة، ولا يجب عليكم إعادة طواف الوداع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4684)(18/38)
س1: إذا قدمت من المدينة في موسم الحج، ثم توقفت في مواقف الحجز للسيارات من قبل رجال المرور، ثم تركت السيارة هناك وذهبت أنا ومن معي إلى داخل مكة، وبعد أن أدينا مناسكنا وطفنا طواف الوداع وذهبنا لنستلم سيارتنا فوجدنا بعض رفقائنا لم يحضروا، فهل يجوز لنا أن:
أ - نبيت عند منطقة الحجز إذا لم يأت رفقاؤنا، وإن لم يأتوا؟
ب - وهل منطقة الحجز من حدود مكة أم هي خارج الحدود مثل الأميال؟
جـ - هل يجوز أن ندخل إلى مكة إذا لم يأتوا، وإن لم يمض علينا سوى ساعة من تأخرهم، وهل نحرم ثم نطوف طواف الوداع ثانية؟
ج1: أ - يجوز لكم أن تبيتوا في منطقة الحجز لانتظار رفقائكم.
ب - ليست منطقة حجز السيارات حالياً من مكة، بل هي خارجة عنها.
جـ - يجوز لكم أن تدخلوا مكة لتبحثوا عن زملائكم أوےلحاجة أخرى، ولو لم يتأخر عنكم رفقاؤكم إلا ساعة، وليس عليكم أن تحرموا في عودتكم إلى مكة؛ لأنكم لا تقصدون بالعودة إليها حجاً ولا عمرة، وليس عليكم إعادة طواف الوداع عند خروجكم بعد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (12014)
س2: هل يجوز للحاج أيام منى أن يذهب إلى الطائف وبعد مضي عشرين يوماً يعود فيوادع؟
ج2: لا يجوز لمن حج البيت الحرام أن يسافر حتى ينهي أعمال الحج ومناسكه، ومنها طواف الوداع .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (2830)(18/39)
س3: هل الحائض والنفساء يلزمهم طواف الوداع، والعاجز والمريض؟ مع العلم أنني سألت عندما حدث هذا في منى، ولكن العلماء ما تطابقوا، منهم من قال: ما يلزمهن طواف الوداع، ومنهم من قال: لا زم يأتين بطواف الوداع.
ج3: ليس على الحائض ولا على النفساء طواف وداع، وأما العاجز فيطاف به محمولاً، وهكذا المريض؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت»، ولما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خُفِّف عن المرأة الحائض)، وجاء في حديث آخر يدل على أن النفساء مثل الحائض ليس عليها وداع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (4740)
س: أخبركم بأني أديت فريضة الحج هذا العام والحمد لله، ولكني عند طواف الوداع لم أطف إلا خمسة أشواط؛ بسبب أذان العشاء وحضور وقت الصلاة أثناء طوافي، ولكثرة الزحام لم أستطع أن أكمل الأشواط الباقية علي، فما حكم حجي، وماذا يجب علي أن أفعله؟ علماً بأن بعد انتهاء صلاة العشاء خرجنا من مكة.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فحجك صحيح، وعليك أن تذبح ذبيحة بحرم مكة تجزئ في الأضحية عن طواف الوداع الذي لم تكمله؛ لأنه واجب على الصحيح من أقوال العلماء فيجبر بالدم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (6620)(18/40)
س1: رجل سبق له أن حج لنفسه، ثم حج هذا العام لشخص آخر وأكمل جميع المناسك والمشاعر، إلا أنه لم يطف طواف الوداع، إلا أنه بعد رمي الجمار ذهب إلى الميقات وأحرم بالعمرة وطاف وسعى وخرج بعدها من مكة لبلاده، فهل يلزمه طواف الوداع؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ج1: إذا كان الواقع كما ذكر؛ وجب عليه ذبيحة تصلح أضحية عن تركه طواف الوداع بعد فراغه من الحج، ولا يجزئه طوافه لعمرته عن طوافه لحجه، لاستقرار الدم عليه بخروجه إلى الميقات قبل طواف الوداع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (8349)
س: ذهبت إلى جدة في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد رمي الجمار، ولم يكن في نيتي التعجل في يومين، ولم أؤدِّ طواف الوداع، وقد رجعت من جدة في نفس الليلة للمبيت بمنى، وأداء رمي الجمار في اليوم الثالث من أيام التشريق، ثم قمت بطواف الوداع، ثم إلى المدينة المنورة، ثم عدت إلى مقري حفر الباطن. فهل ذهابي إلى جدة يعتبر خروجاً من الميقات المكاني قبل تكملة الجمار وطواف الوداع؟ وإن كان كذلك فما الحكم المترتب عليه؟ أفيدونا أفادكم الله.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فلا حرج عليك فيما وقع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11376)(18/41)
س: قد قمت بأداء فريضة الحج وذلك سنة 1405هـ، وكانت نيتي أداء فريضة الحج لأول مرة، وحيث ركبت أنا وزملائي من الرياض إلى المدينة، ومكثنا بها يوماً، ومن هناك حتى وصلنا إلى مكة وطفنا بالكعبة إلى أن أدينا جميع المناسك، ولكن الذي حدث لي بعد أن وقفنا بعرفة طوال اليوم وعند المغيب: أخذ زملائي وجميع من بعرفة بالرحيل إلى المبيت بالمزدلفة، وفي تلك اللحظة ارتابني شيء أفقدني الشعور بالإحساس، وتخلفت عن زملائي، وسلكت طريقاً لا أدري إلى أين ذاهب، وأخذت الطريق مشياً على الأقدام، وفي تلك اللحظة لم أشعر بنفسي، ونسيت اسمي تماماً، والله العظيم نسيت اسمي، وخلعت الإحرام، وصرت كالمجنون، مجرداً تماماً من الإحرام، ولاشيء يستر عورتي، ولا ولن ولم أبال بذلك، وأيضاً حافي القدمين، كل ذلك حدث بين النساء والرجال، وبعد ذلك بدأت في بكاء عميق، وتارة ضحكات من القلب، كل ذلك في أثناء سيري على الطريق، ولا أدري إلى أين ذاهب، حتى عثر علي رجال المرور، وأيضاً كان رجال المرور على نفس الطريق الذي أسير فيه، وقالوا لي: من أين قادم والدهشة في وجوههم؟ وقلت لهم: من عرفة، وقالوا: نحن الآن في عرفة، وحيث أقعدوني معهم في الخيمة ونمت أمامهم ربع ساعة، ولكني شبعت نوماً، وألبسوني إحراماً، وقالوا لي: اذهب إلى مزدلفة؛ حيث المبيت هناك، وقلت لهم: لا أستطيع الذهاب وحدي، ولا أريد الذهاب قط، ولكنهم أتوا بسيارة وقالوا لصاحبها: خذ هذا الرجل إلى مزدلفة، ولا تدعه يتحرك، بل ينام بمجرد الوصول، وحدث كل ذلك، نمت إلى أن أشرقت الشمس، ورأيت الناس يغادرون مزدلفة، وسألتهم: إلى أين الذهاب؟ قالوا: إلى الجمرات، وكل ذلك وأنا عقلي غائب، حتى وصلت إلى حيث الجمرات ورميت، وقلت بعد ذلك: إلى أين؟ قالوا: إلى منى، وكنت قبل ذلك قد كلفت أحداً من زملائي أن يشتري هدياً ويذبحه؛ لأنني لا أستطيع ذلك، وقام الأخ بكل ما أمرته به، حتى إني وصلت إلى منى وجدت زملائي هناك، ولكن(18/42)
بعد جهد جهيد، حيث أكلت من لحم الهدي، وإلى أن أدينا جميع المناسك ثم عدنا إلى الرياض، وحكيت الذي حدث لإخواني قالوا: إنها ضربة شمس.
سؤالي الآن: هل أعيد هذه الحجة أم ماذا أفعل؟ ولكن ليس لي استطاعة والمال يخونني، والآن أريد الزواج لتحصين نفسي والمال لا يكفي للزواج والحج، وهل أنا آثم فيما فعلت؟ علماً بأنني ما رفثت وما فسقت، ولكن غضبت وتعبت كثيراً، والسبب هو عدم تمكني من الشيء الذي ارتابني وجعلني كالمجنون. أفيدوني أفادكم الله.
ج: إذا كنت أديت جميع المناسك كما ذكر فحجك صحيح، وما حصل لا يؤثر على صحة الحج، ولا يلزمك إعادة الحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (3785)
س1: هناك أشجار تبعد عن منطقتي التي أسكن فيها مسافة 80كم تقريباً، واسمها عندنا: الراكة، أي: شجرة الأراك، والسؤال هو: هل يصح لي أن آخذ مساويك من هذه الأشجار وأبيعها في مكة والمدينة في موسم الحج، وأنا ناوي الحج ولست ناوياً بيعها؟
ج1: يجوز أن تبيع المساويك في مكة، ولا يؤثر ذلك في حجك ولو قصدت بيعها؛ لعموم قوله تعالى: {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم}(1) .
س2: حجت أخت لي مع أبي، ومعهم بعض الجماعة من بلدتنا، وفي يوم عرفة أتتهم امرأة جنسيتها إيرانية، ومعها خيط من حرير وقالت لها وللنسوة اللواتي معها: من حج منكن أول حجة هذه فليعقد لي عقدة بهذا الخيط، فقالت أكبرهن وهي قد حجت قبل ذلك: اعقدنه، فعقدنه. والسؤال: هل تصح حجة من عقد هذا الخيط؟ والمرأة الإيرانية تقول: إن عندها رجلاً مريضاً، ويشفى من هذا العقد، وأختي ومن معها لم تبلغ أبي كي يمنعها أو لا يمنعها؛ لأنها خجلت ومن معها.
__________
(1) سورة البقرة، الآية 198.(18/43)
ج2: هذا العمل لا يجوز، والتي فعلته إذا كانت جاهلة فهي معذورة بجهلها، وإذا كانت عالمة أنه لا يجوز فإنها تكون آثمة، وعليها التوبة والاستغفار، ولا تعود إلى مثله، وأما حجها فصحيح إن شاء الله .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
العمرة
الفتوى رقم (8872)
س: هل العمرة واجبة على أهل مكة أم لا؟ وإذا كانت واجبة أرجو الدليل من الكتاب والسنة، وإذا كانت غير واجبة لأهل مكة أرجو الدليل أيضاً، وإذا كانت واجبة عليهم هل يذهبون إلى التنعيم أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله.
ج: العمرة في الإسلام واجبة مرة في العمر على أهل مكة وغيرهم؛ لعموم أدلة الوجوب.
وأما الإحرام بالعمرة لمن كان داخل الحرم فمن الحل كالتنعيم، والجعرانة، ونحوهما.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4517)
س1: فرضت العمرة مرة واحدة في العمر فهل يجوز أداؤها في أي وقت من السنة، أو لا يجوز أداؤها إلا في أشهر الحج؟
ج1: يجوز أداء العمرة في جميع أيام السنة، حتى في أشهر الحج، وإذا أداها في أشهر الحج وحج بعدها من عامه فهو متمتع بالعمرة إلى الحج، وإذا أداها مع حجه كان قارناً بين الحج والعمرة، وعلى كل من المتمتع والقارن هدي يجزئ أضحية، إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام، وإذا أداها الحاج في ذي الحجة بعد أيام التشريق جاز، ولا هدي عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(18/44)
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الحادي عشر من الفتوى رقم (6542)
س11: ما حكم من يقدم العمرة على الحج مع أن الأولى سنة؟
ج11: الصحيح من قولي العلماء أن العمرة واجبة؛ لقوله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله}(1)، ولأحاديث وردت في ذلك، وإذا أتى بها المسلم قبل الحج في أشهر الحج ثم حج من عامه فهو متمتع بالعمرة إلى الحج، وهذا أفضل من الإفراد، والقران لمن لم يسق الهدي؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع لمن لم يسق الهدي من أصحابه رضي الله عنهم: «اجعلوها عمرة، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة»(2).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (3294)
س3: هل يصح للإنسان أن يعتمر قبل أن يحج حج الفريضة؟
ج3: نعم يجوز للإنسان أن يعتمر قبل أن يحج؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه اعتمروا قبل أن يحجوا حجة الفريضة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9561)
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196.
(2) الإمام أحمد 1/253،259، 3/5، 71،75،148،266،305،317،320،362، 364، 366،388، والبخاري 2/171-172، 201، 3/114،8/128،129، 162، ومسلم 2/874،879،883، برقم (1211،1216)، وأبو داود 2/386،387،460 برقم (1788،1789،1905)، والنسائي 5/143-144، 248 برقم (2712، 2994)، وابن ماجه 2/1023 برقم (3074)، والدارمي 2/46، وابن خزيمة 4/246 برقم (2795)، وابن حبان 9/103 برقم (3793)، والبيهقي 5/3،4،31،40.(18/45)
س1: شخص لم يؤدِّ الحج إلى بيت الله، هل يجوز أن يذهب إلى العمرة فقط وفي نفس السنة لم يؤد الحج؟
ج1: يجوز أن يؤدي العمرة ولو لم يحج في السنة التي أدى فيها العمرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (2896)
س2: من اعتمر في أشهر الحج وهو ناوٍ الحج، ثم سافر خارج مواقيت مكة، فهل تجزئه عمرته هذه إن عاد فحج من عامه؟
ج2: نعم تجزئه هذه العمرة عن العمرة الواجبة عليه شرعاً إن لم يكن اعتمر قبل، وإلا فهي تطوع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (10664)
س1: أثناء ذهابي للعمرة في يوم 24/9/1407هـ، وعند وصولي للميقات حصل علي التهاب في أنفي، وعلى أثره أدخلت للمستشفى، وبعد يوم كامل خرجت من المستشفى وأخذت العمرة، مع العلم أنني مشترط أثناء الإحرام في الميقات، وقلت: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فما حكم العمرة، وهل هي مقبولة إن شاء الله؟
ج1: إذا كان الأمر كما ذكرت من إحرامك من الميقات، ثم طفت وسعيت؛ فعمرتك صحيحة، ولا أثر لما أصابك على صحتها، والقبول إلى الله تعالى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (1559)
س1: معتمر لم يدر فسعى قبل أن يطوف، فهل عليه بعد إعادة الطواف أن يسعى ثانية؟(18/46)
ج1: ليس عليه إعادة السعي؛ لما روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح إلى أسامة بن شريك قال: خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حاجاً، فكان الناس يأتونه، فمن قائل: يارسول الله سعيت قبل أن أطوف، أو قدمت شيئاً وأخرت شيئاً، فكان يقول: «لا حرج، لا حرج، إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم، فذلك الذي حَرِجَ وهَلكَ»(1) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (12028)
س2: قمت أنا ووالدتي بأداء العمرة، وعندما كمّلْنَا الطواف أحست بالتعب، وحيث أنها مريضة وطاعنة في السن قمت عند السعي وأركبتها عربية في كل أشواط السعي، هل يجوز أم لا؟
ج2: لاحرج في سعيك بوالدتك بالعربية؛ لأنها معذورة ويشق عليها السعي على الأقدام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5341)
__________
(1) أخرجه أبو داود 2/517 برقم (2015)، والدارقطني 2/251، والطبراني في الكبير 1/181-182 برقم (472)، والبيهقي 5/146.(18/47)
س: أنا مواطن مقيم في جدة، أخذت عمرة أنا وزوجتي ومعنا طفل رضيع، وكان ذلك في 27 من شهر رمضان المبارك للعام الماضي، حصل علينا زحمة شديدة أدت إلى ضياع زوجتي بعد أخْذِنا ثلاثة الأشواط الأولى، وبقي الطفل الرضيع معي، وبقيت أبحث عن زوجتي تاركاً باقي الطواف، حيث زوجتي غريبة في مكة، ولا تعرف المناسك، تطور الأمر وأنا في حيرة ما بين الطفل الرضيع الذي شغلني ببكائه، وضياع أمه، حتى طلعت من الحرم ومن مكة على جدة، وأوصلت الطفل عند الجيران في جدة، ورجعت إلى مكة أدور على زوجتي، اتصلت بالشرطة وحصلت زوجتي عند الشرطة آخر الليل، وكان ذلك الوقت ضيقاً معنا، حيث السحور مقرب، والطفل الرضيع في جدة، وقد أشفقت أمه عليه كثيراً، وأنا قد لحقني تعب في ذلك الوقت، أخيراً طلعنا إلى جدة لم نكمل عمرتنا، فهل علينا قضاء عمرة أو تكفيرة، أو يسمح لنا الإسلام في مثل هذه المشكلة، مع العلم أنها ليست أول عمرة، فقد أخذنا قبلها عمرات، وأفيد سماحتكم أنا اشترطنا عند لبس الإحرام، إذا حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فهل يعتبر هذا الحبس المشروع أم لا؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكر من الاشتراط عند الإحرام بالعمرة فليس عليكما شيء، ونرجو أن يكون ما أصابكما كفارة من الذنوب.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (2252)
س1: أحرمت امرأة بالعمرة، ثم حاضت فلم تطف ولم تسع، ورجعت إلى منزلها وحلت إحرامها، فهل عليها من شيء، وإن كانت لم تحل إحرامها فهل عليها من شيء؟(18/48)
ج1: من أحرمت بالعمرة ثم حاضت فحلت من إحرامها قبل أن تطوف وتسعى، فإن كانت جاهلة الحكم ولم يجامعها زوجها وجب أن تكمل عمرتها بعد انقطاع حيضها، ثم اغتسالها منه كما تغتسل من الجنابة، فتطوف وتسعى وتتحلل بعد التقصير من شعر رأسها ولا شيء عليها، وإن حصل جماع بطلت عمرتها، وعليها أن تكملها بالطواف والسعي والتقصير، ووجب عليها أن تقضيها فتأتي بعمرة بدلها من الميقات الذي أحرمت بالأولى منه، وعليها دم؛ إما شاة من الضأن سنها ستة أشهر فأكثر، أو المعز سنها سنة فأكثر، تذبح بمكة وتوزع على فقرائها. أما إن كانت لم تحل من عمرتها فعليها أن تكمل عمرتها فتطوف وتسعى وتتحلل من عمرتها بقص شيء من شعر رأسها، ولا تبطل عمرتها بالحيض على كل حال.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (3318)
س2: أخذت عمرة بعد ثلاثة أيام من رمضان، وبعد ثلاثة أيام من عمرتي وديت ناساً يعتمرون، ودخلت الحرم ولم أحرم بعمرة. فهل علي شيء أو لا؟
ج2: إن كنت لم تقصد أن تعتمر في سفرك الثاني، وإنما قصدت أن توصل أولئك الناس إلى الحرم ليعتمروا فليس عليك شيء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (6427)
س1: إذا سافرت إلى مكة وأخذت عمرة، ثم غادرتها ثم سافرت إليها مرة أخرى بعد سنة ولم آخذ عمرة فما الحكم في ذلك، وهل علي إثم؟
ج1: لا إثم عليك في عدم الإحرام بعمرة أخرى في دخولك المرة الثانية إذا مررت بالميقات إلى مكة وأنت لم تنو حجاً ولا عمرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .(18/49)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني والرابع من الفتوى رقم (8324)
س2: ذهبت لأداء العمرة وأنهيت أركانها ماعدا طواف الوداع، وبقيت في مكة يومين، وخرجت وأنا لم أودع؛ لأن عندي نية رجوع إلى مكة بعد أسبوع أو أقل.
ج2: لا حرج عليك في ذلك، ولا يلزمك دم؛ لأن طواف الوداع بعد العمرة غير واجب.
س4: ذهبت إلى مكة ما يقارب عشر مرات متواليات، ولم أحرم، ولم أطف بالبيت العتيق؛ لأنني لاعلم لي أن المسلم إذا ذهب إلى مكة يحرم ويطوف بالبيت، وبعد شهر ذكرني صديق بأن هذا الشيء لازم، فذهبت وأخذت عمرة فقط، فهل علي إثم فيما سبق؟
ج4: إذا كان الواقع كما ذكرت فلا إثم عليك في دخولك مكة من غير إحرام بالعمرة؛ لأنك لم تقصد النسك في هذه المرات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9319)
س: ذهب وأخوه إلى مكة المكرمة في أيام التشريق، ولم يدخلوا البيت ولا طافوا ولا سعوا، والقصد من ذهابهم استلام والدهم الذي توفي هناك، حيث أنهم في حزن وانشغال، ولم يسبق لهم أن دخلوا مكة من قبل ذلك، ماذا عليهم من التكفير؟ جزاك الله خير الجزاء وجعل عملنا وعملكم خالصاً لوجه الله الكريم.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر فلا حرج عليهم ولا كفارة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (7870)(18/50)
س3: عندما ينوي الشخص العمرة ويقوم بها، وبعد الانتهاء من الطواف والسعي ويقوم بالتقصير لفك الإحرام، هل يقصر من جهة واحدة من الرأس أم من عدة جهات؟
ج3: الواجب أن يعم الرأس بالتقصير، أو الحلق.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (11604)
س2:من حلق في عمرة هذا الأسبوع ثم أخذ عمرة في الأسبوع القادم؛ ماذا عليه أن يفعل؟ حيث أن شعره قصير جداً، وربما لم ينبت بعد.
ج2:من أخذ عمرة أو حجاً فإنه يجب عليه أن يحلق رأسه أو يقصر شعره، وإذا لم يكن في الرأس شيء من الشعر سقط الواجب في ذلك، وحجه أو عمرته صحيحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (10750)
س: لقد أدينا العمرة في شهر رمضان المبارك هذا العام 1407هـ، وصلنا الحرم وقت صلاة العشاء، والذي حصل أننا فقدنا أحد رفقائنا أثناء الصلاة - أي: صلاة العشاء - فانشغلنا بالبحث عنه حتى بعد طلوع الشمس من اليوم التالي، فوجدناه بعد مالقينا نحن وهو من التعب الشديد، طلعنا من الحرم إلى بيت أخي في مكة، ومكثنا حتى بعد الإفطار، ونزلنا الحرم حيث أن النساء اللائي معنا لم يؤدين العمرة إلا في الليلة الثانية، أما نحن الرجال فقد أدينا العمرة وتحللنا منها أثناء بحثنا عن الرفيق المفقود. السؤال: هل علينا شيء في ذهابنا إلى منزل أخي في مكة، وهل على النساء شيء في طلوعهن من الحرم إلى منزل أخي في مكة، وهل عليهن شيء في اغتسالهن وهن محرمات للعمرة، والمدة التي قضيناها خارج الحرم هو يوم واحد؟(18/51)
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فلا شيء في ذهابكم وذهاب النساء إلى منزل أخيك بمكة المكرمة، وبقاؤكم به يوماً قبل تأدية العمرة، وكذلك لاشيء في الاغتسال قبل تأدية العمرة للنظافة أو التبرد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9622)
س1: وفقني الله عام 1401هـ للقيام بأداء فريضة الحج (قارناً)، أي: حج وعمرة معاً، وفي عام 1402هـ، سمحت لي الظروف بعد توفيق الله بأداء فريضة الحج عن والدتي يرحمها الله، وفي هذه الأيام أحس بحنين إلى الأرض الطاهرة المباركة، ويشدني الطواف حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة، ثم زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه، والصلاة في الروضة الشريفة، فهل لو قمت بهذا العمل التطوعي فهل في ذلك تبذير أو إسراف؟ بمعنى آخر: فلنفرض أن معي مالاً، وهذا المال يكفي لأداء العمرة وأمامي مشروع التبرع لمجاهدي الإسلام في أفغانستان، ففي أي جهة أضع هذا المال؛ هل أتبرع به للمجاهدين أم أقوم بعمل العمرة؟ جزاكم الله كل خير.
ج1: كل من السفر للعمرة والإنفاق في سبيل الله عمل طيب مشكور، لكن العمرة نفعها قاصر على المؤدي لها، وأما الإنفاق في الجهاد فنفعه متعدي؛ فيكون البذل فيه أولى وأفضل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (4461)(18/52)
س4: من أحرم في آخر يوم من رمضان، ولم يصل إلى البيت إلا في أول ليلة من شوال هل هو متمتع أم لا؟ ومن أحرم من جدة ولم يحرم من الميقات حتى وصل إلى البيت وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، ثم خرج إلى المدينة ولما رجع إلى مكة أحرم من المدينة إلى مكة وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة هل طوافه هذا يكفيه عن الدم الأول أم لا؟
ج4: أولاً: من أحرم بالعمرة من آخر رمضان، ولم يطف ولم يسع لها إلا أول ليلة من شوال، ثم تحلل منها، ثم حج من عامه لم يعتبر متمتعاً بالعمرة إلى الحج؛ لأن إحرامه بالعمرة كان في غير أشهر الحج.
ثانياً: من أحرم بالعمرة بعد أن تجاوز الميقات وأداها ثم سافر إلى المدينة وأحرم بعمرة أخرى من الميقات وأداها لم تُسقِط عنه العمرة الثانية ما وجب عليه من الدم من أجل تجاوزه الميقات بلا إحرام في العمرة الأولى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (2823)
س3: إنني أخذت عمرة في أول شهر رمضان هذا العام، ومكثت مدة 15 يوماً ورجعت آخذ عمرة بثوبي، فأول ما وصلت الحرم صليت ركعتين وأنويتها تحية المسجد، وطفت سبعة أشواط على البيت، وتحولت بعدها فصليت ركعتين عند مقام أبينا إبراهيم عليه السلام، وتحولت إلى المسعى، فسعيت سبعة أشواط، وبعد ذلك قصرت من شعري.
ج3: ما ذكرت في سؤالك أنك فعلته في عمرتك هو ماےيجب لها، ولا شيء عليك غيره إذا كنت أحرمت بها من الميقات اللازم لك، إلا أن فعلك صلاة ركعتين عند دخولك المسجد قبل الطواف تحية للمسجد خلاف السنة، فالسنة لداخل الحرم ولا سيما المحرم البدء بالطواف إن تيسر ذلك.(18/53)
وما ذكرته من أنك أحرمت في ثوبك، إن كان مرادك ثوبي الإحرام الذين هما الإزار والرداء - الذي سبق استعمالك لهما في عمرة قبل عمرتك هذه - فلا شيء في ذلك، ولك استعمالها مراراً في حجة أو عمرة وإعطاؤها من يستعملها في ذلك، وإن كان مرادك أنك أحرمت بالعمرة بملابسك العادية التي تلبسها في غير الإحرام فقد أخطأت في ذلك، وارتكبت في عمرتك محظورين من محظورات الإحرام، وهما: لبس المخيط، وتغطية الرأس، وعليك - إن كنت عالماً بأن ذلك لا يجوز- فديتان: إحداهما عن اللبس، والأخرى عن تغطية الرأس، وكل واحدة منهما ذبح شاة تجزئ في الأضحية، أو إطعام ستة مساكين كل مسكين نصف صاع من تمر أو غيره من قوت البلد، أو صيام ثلاثة أيام، وتوزع الشاتان أو الإطعام على مساكين مكة، ولا تأكل منهما، وتقضي الصيام في أي مكان وزمان، وإن كنت جاهلاً بذلك أو ناسياً للحكم الشرعي فلا فدية عليك، وعليك في كلا الحالين التوبة والاستغفار، وعدم العودة لمثل هذا العمل المنافي لما يتطلبه الإحرام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (2830)
س1: حج جندي من الجنود الذين في منى، وأحرم يوم ثمانية، وطاف وسعى ذلك اليوم، ويوم تسعة صعد الساعة الثانية عشرة إلى عرفات، ونزل منها قبل الساعة الرابعة من ذلك اليوم إلى خيام أخوياه في وادي محسر، وجلس معهم حتى اليوم العاشر، ورمى وحلق. هل حجه صحيح أم ناقص؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.(18/54)
ج1: إحرامه يوم ثمانية صحيح، والطواف والسعي اللذان حصلا منه ليسا مشروعين في حقه، ولا يجزئان عن طواف الحج وسعيه؛ لأنه أحرم من داخل الحرم، وصعوده إلى عرفة يوم تسعة الساعة الثانية عشرة ليس عليه فيه شيء، ونزوله من عرفة قبل الساعة الرابعة من ذلك اليوم غير جائز، فالواجب عليه البقاء في عرفة إلى غروب الشمس، وبنزوله قبل الغروب ترك واجباً يجب عليه فيه دم، وهو ما يجزئ أضحية من الضأن أو المعز أو سبع بدنة أو سبع بقرة، يذبح في الحرم ويوزع اللحم على فقراء الحرم، وبما أنه نزل من عرفة قبل الساعة الرابعة من يوم عرفة إلى خيام أخوياه في وادي محسر وجلس معهم، فهذا يدل على أنه ترك المبيت بمزدلفة، وإذا كان الأمر كذلك فقد ترك واجباً من واجبات الحج، وعليه ذبح ما يجزئ أضحية من الضأن، أو المعز، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، يذبح في الحرم ويوزع على فقراء الحرم، ورميه يوم العيد صحيح، وكذلك حلقه. ولم يتعرض في الجواب إلى ما بقي من أعمال الحج؛ لأن السائل لم يتعرض للسؤال عنها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني عشر من الفتوى رقم (6744)
س12: أتيت قاصداً العمرة واعتمرت، هل يجوز لي أن أتعدى المواقيت وأعتمر مرة أخرى إذا أردت؟ أو أتيت ولي لزوم في الطائف، وأردت أن أعتمر، وأنهيت عمرتي، وأردت أن أعتمر ثانية لي أو لأحد أقاربي، هل يجوز ذلك أم لا؟
ج12: نعم يجوز لك أن تأتي بعمرة ثانية من ميقاتك، أو من أي مكان من الحل، سواء كانت العمرة الثانية لك، أم لأحد أقاربك، أم غير قريب لك؛ إذا كان من تعتمر عنه ميتاً، أو عاجزاً عن ذلك؛ لكبر سنه أو مرض لايرجى برؤه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(18/55)
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (7387)
س: مضمون السؤال عن حكم تكرر العمرة في السنة.
ج: الصحيح أنه يجوز تكرر العمرة في السنة عدة مرات؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» متفق على صحته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثامن من الفتوى رقم (2873)
س8: هل طواف الوداع واجب من واجبات العمرة لمن هو خارج الحرم ويسكن بالطائف؟
ج8: المعتمر من أهل الطائف إذا أراد أن يخرج من مكة بعد أداء عمرته فإنه يطوف للوداع؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه، وفي رواية: (أُمِرَ الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) متفق عليه.
وفي وجوبه اختلاف على المعتمر، ولكن هذا هو الأحوط له؛ عملاً بعموم السنة.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (968)
س2: أنا أسكن مدينة الطائف، وكل شهرين أو ثلاثة أقوم بأداء العمرة تطوعاً، فهل طواف الوداع واجب علي أم لا؟(18/56)
ج2: اختلف أهل العلم في بيان المعنى بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت» رواه مسلم؛ هل المراد به من نفر من مكة بعد انقضاء أعمال الحج وهو حاج، أو من نفر منها بعد إنهاء أعمال حجه إن كان حاجاً، وأعمال عمرته إن كان معتمراً، أو أن المقصود من نفر من مكة مطلقاً، سواء كان حاجاً أو معتمراً أو لا؟ فينبغي لك إذا أديت العمرة مستقبلاً أن تطوف للوداع احتياطاً، وخروجاً من الخلاف.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…إبراهيم بن محمد آل الشيخ
السؤال الثاني من الفتوى رقم (2213)
س2: أنا كنت ألزم المعتمرين بطواف الوداع عند خروجهم من البلد الحرام، وقد سمعت من سماحتكم في درسكم بالحرم أنه لا وداع لها، فأرجو زيادة البيان في هذا الموضوع.
ج2: يجب طواف الوداع على من حج بيت الله الحرام عند سفره؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض) متفق عليه، ولقوله: (كان الناس ينصرفون من كل وجهة؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ينصرف أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت») رواه أحمد ومسلم، وهذا أمر للحجاج بقرينة الحال، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قاله عند الفراغ من الحج؛ إرشاداً للحجاج. أما المعتمر فلا يجب عليه طواف الوداع، لكن يسن له أن يطوفه عند سفره؛ لعدم الدليل على الوجوب، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يطف للوداع عند خروجه من مكة بعد عمرة القضاء فيما علمنا من سنته في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (8018)(18/57)
س1: إنني أسكن في قرية تبعد عن أم القرى (مكة المكرمة) 100 كيلو متر، وفي شهر رمضان المبارك من كل عام أذهب إلى مكة معتمراً، وأصلي صلاة الجمعة والعصر، ثم أعود إلى قريتي، وقد تناقشت بها مع بعض إخواني فقالوا لي: لا تجوز العمرة كل أسبوع في شهر رمضان المبارك. أفيدونا أفادكم الله بنوره.
ج1: إذا كان الواقع كما ذكرت فذلك جائز؛ لأنه لم يرد نص في تحديد فترة بين العمرة والتي تليها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (3840)
س2: ذهبت إلى العمرة في أحد شهور رمضان المبارك، وطفت وسعيت ثم صليت التراويح، وحدث عندي شك في الوداع، وسألت أحد الرجال المسنين الذين يصلون بجواري من أهل نجد عن الوداع فقال: ما عليك وداع، وخرجت بعد الصلاة من مكة المكرمة بدون وداع، لكن بعد مدة ذكر لي أن علي وداعاً، وكذلك بعض الأحاديث التي فيها: «اجعلوا آخر عهدكم بالبيت»، فأرجو الإفادة في ذلك، وما يجب علي اتخاذه.
ج2: إذا كان الأمر كما ذكرت فلا يجب عليك شيء لخروجك بدون وداع، ولكن في المرة الأخرى إذا أردت السفر بعد العمرة فإنك تطوف للوداع، وهذا أفضل، وإنما يجب طواف الوداع على الحاج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11380)
س: نذر أن يعمر والدته كل سنة يوم العيد، فهل يجوز له أن يعمرها في رمضان أو غيره بدل يوم العيد بدون كفارة، وإذا لم ترغب ذلك فماذا يلزمه؟(18/58)
ج: إن أعمرت والدتك في رمضان فلا شيء عليك؛ لأنك أديت ما هو أفضل من وقت المنذور، كما لو نذر أن يصلي في المسجد الأقصى فصلى في المسجد الحرام أو المسجد النبوي؛ لكونه أداها في مكان أفضل، وقد جاء في الحديث الصحيح أنه لا شيء عليه في هذه المسألة الأخيرة، وهو عن جابر رضي الله عنه، أن رجلاً قال يوم الفتح: (يارسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس) فقال: «صل ههنا»، فسأله فقال: «صل ههنا»، فسأله فقال: «فشأنك إذاً»(1) رواه أحمد وأبوےداود وصححه الحاكم .
أما لو امتنعت أمه من العمرة فإنه لا شيء عليه أيضاً لكونه أدى ما عليه وحصل الامتناع من غيره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
فدية ترك الواجب
السؤال الأول والرابع والخامس من الفتوى رقم (3657)
س1: رجل أدى فريضة الحج وترك عدة واجبات، كمن ترك الإحرام من الميقات وترك المبيت بمزدلفة، فهل يجزئه دم واحد، أو لكل واحد من هذين الواجبين دم؟
ج1: لكل واحد من هذين الواجبين دم يجزئ أضحية، يذبحه ويفرقه في الحرم على الفقراء، ولا يأكل منه، فإن كان لا يستطيع فإنه يصوم عشرة أيام عن ترك الإحرام من الميقات، وعشرة أيام عن ترك المبيت بمزدلفة.
__________
(1) أخرجه أحمد 3/363، وأبو داود 3/602 برقم (3305)، والدارمي 2/184-185، والحاكم 4/304-305، والبخاري في التاريخ الكبير 6/171 برقم (2066)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/125، والبيهقي 10/82-83.(18/59)
س4: بالنسبة للدم لمن ترك واجبات الحج، فما هو ذلك الدم، هل هو مثل دم التمتع المذكور في قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي} الآية، وإذا كان كذلك فهل يجوز إخراج قيمة الدم وإعطائه لشخص مثلاً؟ وإذا جاز ذلك فهل يجوز للشخص الذي تسلم قيمة الدم أن ينفقه على نفسه أو على أهله بدون أن يشتري الهدي ويذبحه؟
ج4: من ترك واجباً من واجبات الحج والعمرة وجب عليه دم، والدم سبع بدنة، أو سبع بقرة، أو شاة تجزئ أضحية، يذبح بمكة ويقسم بين فقراء الحرم، ولا يجوز إخراج قيمة الدم نقوداً؛ لأن إخراج النقود يخالف ما أمر الله به .
س5: هل يجوز لمن وجب عليه الدم أن يؤخره إلى بلده، يعني يؤخر ذبح الدم إلى أن يصل إلى بلده مثلاً؟ ومتى يبدأ جواز ذبح الدم لمن ترك واجباً، ومتى آخر أيام الذبح لهذا الدم؟
ج5: من وجب عليه الدم لترك واجب وهو لا يستطيعه فإنه يصوم عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله. ويبدأ وقت ذبح الدم لترك واجب من أول ترك الواجب، سواء كان قبل أيام العيد أو بعده، ولا حد لآخره، ولكن تعجيله بعد وجوبه مع الاستطاعة واجب، ولو أخره حتى وصل إلى بلده لم يجزئ ذبحه في بلاده، بل عليه أن يبعث ذلك إلى الحرم ويشتريه من هناك ويذبحه في الحرم ويوزع على فقراء الحرم، ويجوز أن يُوَكِّل من يقوم بذلك نيابة عنه من الثقات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5351)(18/60)
س1: أنا جندي في الدفاع المدني وأحضر كل عام في موسم الحج في منى وعرفة، ثم في منى أيضاً، ولكن علي اللباس الرسمي العسكري، ولم أتجرد من المخيط، فهل يحصل لي حج إذا نويت الحج وأنا باللباس العسكري ولم أتجرد من المخيط أسوة بالحجاج؟ لأن طبيعة عملي تتطلب الالتزام باللباس العسكري. أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ج1: لا حرج أن تحج في لباسك العسكري وأنت مكلف بأعمال الحج كما ذكر في السؤال، ولا تستطيع أداء العمل بلباس الإحرام؛ لأن الجهة المختصة لا تسمح بذلك، وعليك بسبب ذلك الكفارة، وهي: إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من تمر أو أرز وغيرها من قوت البلد، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة عن لبس المخيط، وعليك مثل ذلك عن تغطية الرأس.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12401)(18/61)
س: لي والد قد توكل عن حجة شخص، وقد رافقه ثلاثة أشخاص من أسرته، وقد كان حجه مع أهل سيارة بأجرة مع مجموعة أشخاص، وقد انصرف بهم صاحب السيارة قبل غروب الشمس من عرفات بقليل وهم ينظرون الشمس في علو الجبل، وهم على ظهر السيارة، وصاح عليه بعض الركاب ولم يستجب لهم صاحب السيارة، ثانياً: غادروا مزدلفة بعد منتصف الليل، ولما وصل والدي بلاده من الحج سأل بعض أهل العلم وأفادوه: بأن عليه دماً عن كل شخص برفقته؛ حيث أنه غادر عرفات قبل غروب الشمس، وفي السنة الثانية من حجه أوصى شخصاً حاجاً وقال: اذبح لي أربع ذبائح، والشخص ذبح في عرفات في المشاهدة وقد قسمها على الحجاج، ولما مضى على هذه القصة مدة طويلة بما يقارب حوالي (15) سنة سأل هذا الموصى رجل علم وأفاده بأنه لا يجوز ذبحها في عرفات، بل تكون داخل منى أو في داخل مكة، وقد رجع هذا الموصى قيمة الذبائح لنا -ولد الموصى، ووالدي قد انتقل إلى رحمة الله، والنقود قدرها (240) ريالا، وهن في وقتهن كن قيمة (4) رؤوس أغنام، والآن اختلفت القيمة بزيادة كما تعرفون. ماذا أفعل؟ أفيدونا أفادكم الله، وجزاكم الله كل خير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر في الاستفتاء فعليك أن تشتري أربع ذبائح من الغنم تجزئ أضحية، أو أربعة أسباع بدنة أو بقرة، تجزئ كل منهما في الأضحية، على أن تذبح في الحرم وتوزع بين فقراء الحرم؛ عن خروجه ورفقته من أسرته من عرفات قبل غروب الشمس. نسأل الله أن يتقبلها، وأن يعفو عن أبيك وأصحابه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
باب الفوات والإحصار
الفتوى رقم (1872)(18/62)
س: توجهت في اليوم السابع إلى البيت، وقضيت مناسك العمرة، وتوجهت إلى منى وقضينا خمسة الفروض بها، وبعد ذلك توجهنا إلى عرفات، وانقلبت بنا السيارة وتأثرنا، وكان برفقتي رجل محجج لأمي، توفي في الحادث، وأنا رجعت من محل الحادث في ليلة التاسع من ذي الحجة. ماذا يلزم؟
ج: الواجب عليك وقد أحرمت بالحج أن تستمر فيه حتى تقضي المناسك جميعها، ولا تتركه لحادث أنجاك الله منه، ومثله لا يكون عذراً لك في ترك المواصلة في الحج، وما دمت رجعت قبل أن تقف بعرفة وتطوف بالبيت وتؤدي ما أوجبه الله عليك؛ فعليك أن تستغفر الله وتتوب إليه مما ارتكبته، وأن تذبح رأساً من الغنم يجزئ في الأضحية داخل مكة في أي وقت، وتوزعه على الفقراء، ولا تأكل منه، ولا تهدي منه لقريب غني، وأن تحج من قابل إن شاء الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الخامس من الفتوى رقم (2294)
س5: عدم فسخ الإحرام إلا بعد طواف الإفاضة.
ج5: أولاً: أعمال يوم النحر ثلاثة للمفرد هي: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة والسعي إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم. وأما المتمتع والقارن فيزيد بذبح الهدي، ويزيد المتمتع سعياً بعد طواف الإفاضة.
ثانياً: تكون هذه الأعمال مرتبة: الرمي، فالذبح، فالحلق أوالتقصير، ثم الطواف والسعي، هذا هو الأفضل؛ تأسياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه رمى ثم نحر ثم حلق رأسه، ثم طيبته عائشة، ثم أفاض إلى البيت، وسئل عن ترتيب هذه الأمور، ومن قدم بعضها على بعض، فقال: «لا حرج، لاحرج».(18/63)
ثالثاً: ومن فعل اثنين سوى الذبح حصل بذلك التحلل الأول؛ وبذلك يحل له كل ما حرم عليه بالإحرام ماعدا النساء، وإذا فعل الثلاثة حل له كل شيء حرم عليه حتى النساء، والأحاديث في هذا كثيرة دالة على ما ذكرنا، وأما الحديث الذي يستدل به على أن من لم يطف طواف الإفاضة يوم العيد حتى غربت الشمس يعود محرماً كما كان فهو حديث ضعيف؛ لأنه من رواية محمد بن إسحاق، عن أبي عبيدة بن عبدالله بن زمعة، وأبو عبيدة المذكور مستور الحال، ولا يحتج به؛ لأنه لم يوثقه أهل العلم فيما نعلم، وكما في تهذيب التهذيب، ولأن محمد بن إسحاق ولو صرح بالسماع لا يعتمد عليه في الأصول المهمة إذا لم يتابع، وقد قال البيهقي رحمه الله: لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بهذا القول، وقال في التلخيص: نقله ابن حزم عن عروة بن الزبير. انتهى.
ولو صح النقل عن عروة لم يكن في قوله حجة؛ لكونه مخالفاً للأدلة الشرعية، ولما عليه أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (9204)
س2: ذهب أحد الزملاء المتعاقدين إلى الحج العام الماضي، وعندما ذهب إلى المدينة وأحرم من ميقات المدينة واتجه إلى مكة وهناك وعند نقطة الحراسة أمروه بإخراج تصريحه المسموح به للحج، ولكنه كان قد حج العام الذي قبله، ولم يعط تصريحاً، فرجع بأمر منهم. هل تعتبر حجته عليها ثواب في ذلك بالرغم أنه لم يدخل مكة وكان قد أحرم؟
ج2: أولاً: لا إثم عليه في تحلله من إحرامه ورجوعه دون أن يتم حجه؛ لأنه مغلوب على أمره، والله عليم بحاله رحيم بعباده، فيجزيه على قدر مافعل من أعمال الحج بإخلاص.(18/64)
ثانياً: من كان قد اشترط عند إحرامه بأنه إن حبسه حابس فمحله حيث حبس فلا يلزمه شيء، وإن لم يكن قد اشترط ذلك فعليه هدي يذبحه حيث أحصر؛ لقوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي}(1)، ثم يحلق رأسه أو يقصر؛ وبذلك يكون حله من إحرامه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13162)
س: سافرت العام الماضي لأداء مناسك الحج عام 1409هـ، وكان معي زوجتي وابنة عمرها 8 سنوات، وأخرى عمرها 6 سنوات، أحرمنا من الميقات أنا وزوجتي والبنتان بنية الحج، ولم نقل أي لم ننو: إن حبسني حابس فحلي حيث حبستني، ثم دخلت مكة، ونوع الحج إفراد.
قمت بالطواف والسعي يوم 7 ذي الحجة، ثم توجهت إلى منى وقضيت فيها يوم 8 ذي الحجة، ثم توجهت إلى عرفات يوم 9 ذي الحجة، واستمريت بعرفات حتى بعد الغروب، في منتصف يوم عرفة أصبت بمرض وأخذت علاج، لكن صحتي ساءت ولم تتحسن، لكن بعد غروب شمس يوم عرفة توجهت إلى مزدلفة، نمت فيها حتى الفجر، وأنا جثة هامدة، نقلتني سيارة الإسعاف إلى مستشفى منى، وقضيت في المستشفى يوم العيد كله، ولم أتمكن من طواف الإفاضة، ولم أرم الجمرات، وأولادي معي لم يفعلوا شيئاً، ولم أوكل أحداً عني في الجمرات.
في نهاية يوم العيد خرجت من المستشفى وأنا مريض، لبست ملابسي المخيطة وخرجت من مكة بدون طواف أو رجم، ووصلت إلى الطائف لم أعرف ماذا أفعل، ودخلت المستشفى بعد ذلك في الطائف ثم خرجت، ولم يدلني أحد عما أفعله، ثم رجعت إلى نجران.
ماذا أفعل في طواف الإفاضة الذي لم أؤده في وقته؟
وماذا أفعل في الرجم الذي لم أفعله؟
وماذا أفعل وقد ارتديت الملابس المخيطة قبل الطواف والرجم، وقد عاشرت زوجتي قبل التحلل، أي بعد وصولي نجران.
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196.(18/65)
ماذا أفعل في بناتي وقد نوت كل بنت نية الحج معنا؟
أرجو من فضيلتكم توضيح ما يجب علي عمله الآن؛ لكي أرضي الله عز وجل، إنني أخاف من عذاب الله، وأحاول جاهداً طاعته.
أسأل الله عز وجل أن يبارك لنا فيكم ويوفقكم دائماً إلى نصح المسلمين وإرشادهم وتعليمهم، خصوصاً أنكم قدوة صالحة للمسلمين، وأهل علم وتقوى، أرجو من فضيلتكم التكرم بإرسال الرد كتابياً على عنواني حتى أتمكن من تقديم الذبائح طاعة لله داعياً المولى عز وجل أن يتقبل منا.
ج: عليكم الرجوع إلى مكة والطواف للحج، وطواف الوداع عند الخروج من مكة، وعليك الحلق أو التقصير بنية الحج، وعلى الزوجة والبنتين التقصير بنية الحج، وعليك أنت والزوجة والبنتين دم عن ترك الرمي، ودم آخر عن ترك المبيت بمنى، يذبحان في مكة ويوزعان على الفقراء.
ويجزئ عنكم بدنة أو بقرة مع زيادة شاة واحدة؛ لأن جملة ما عليكم مشتركين ثمانية دماء، فتجزئ البدنة أو البقرة عن سبعة، وعليكم زيادة ذبيحة واحدة لتكميل العدد كما تقدم.
وعليك بدنة أخرى بسبب وطئك للزوجة قبل التحلل الأول، وهي مثلك، تذبحان في مكة وتوزعان على الفقراء في مكة، وعليكما أن تحجا بدل هذه الحجة من الميقات الذي أحرمتم منه بالحجة الأولى التي فسدت؛ لأن حجك أنت والزوجة قد فسد بسبب الجماع قبل التحلل الأول.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13217)(18/66)
س: لقد أحرمت أنا وعائلتي وصديقي وعائلته من الميقات، ثم حدث لنا حادث رجعنا على أثره ولم نكمل العمرة، ولم نشترط عند النية: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) نسيناها. ما الواجب علينا بسبب التحلل وعدم إتمام العمرة؟ وهل يجوز إهراق الدم في مكان إقامتي إن كان علينا دم؟ المرافقون لي: الزوجة، ابن بالغ، ابنة بالغة، ابنة في الرابعة عشرة، ابن في الحادية عشر، وخمسة أطفال لم يتجاوزوا العاشرة. المرافقون لصديقي هو، وزوجته، وأربعة أطفال لم يتجاوزوا الخامسة من العمر. وفقكم الله لعمل الخير وخير العمل.
ج: يجب عليكم جميعاً أن تعودوا وتؤدوا العمرة مع التوبة النصوح، ومن كان منكم قد حصل منه جماع فعليه دم يذبح في مكة للفقراء، وعليه قضاء العمرة؛ لأن الأُولى قد فسدت بذلك؛ فوجب عليه إكمالها مع قضائها، ويكون إحرام المجامع بالثانية من الميقات الذي أحرم بالأولى منه. أما ما حصل من لبس المخيط والطيب ونحو ذلك فإن كان عن جهل أو نسيان فلا شيء فيه، وأما ما كان عن عمد مع العلم بالحكم الشرعي ففيه فدية ، وهي إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة عن كل محظور من لبس أو غطاء رأس أو طيب أو قلم أظافر أو حلق عانة أو قص شارب أو نتف إبط مع التوبة النصوح من ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3483)(18/67)
س: ذهبت إلى الحج متمتعاً هذا العام، وبعد أن أديت عمرة الحج والحمد لله ذهبت إلى منى تقريباً يوم 3 ذي الحجة 1400هـ، وبعد أن تحللت من العمرة أحسست بألم في ركبتي مع تورم أقعدني عن الحركة والمشي، وقد ذهبت إلى الطبيب وقد نصحني بعدم مواصلة الحج، مع العلم أني كنت فعلاً ما كنت أستطيع المشي حتى متر واحد، وذلك من شدة الألم الذي نتج عن ذلك، وبعد ذلك رجعت إلى المدينة حيث أقيم فيها يوم 5 ذي الحجة 1400هـ، ولم أحج، مع العلم أنني عندما نويت للعمرة لم أقل: (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -، وهل هذا شرط؟ والذي أريده من فضيلتكم هو: هل علي دم أم لا؟ وإذا كان الجواب: نعم، فهل يجوز أن أجعل آخر يذبحها في مكة؟
ج: إذا كان الواقع ما ذكر من أنك تحللت من عمرتك وعدلت عن الحجة، وعدت إلى بلدك قبل أن تحرم به فلا شيء عليك؛ لأن العمرة انتهت بأدائها والتحلل منها، والحج لم تحرم به بعد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
بدع الحج
السؤال الرابع من الفتوى رقم (5609)
س4: ما حكم التلبية الجماعية للحجاج؟ حيث أحدهم يلبي والآخرين يتبعونه.
ج4: لا يجوز ذلك لعدم وروده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم، بل هو بدعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (5741)(18/68)
س4: إن الحجاج عند رجوعهم من البقاع المقدسة إلى بلدانهم يلزمون بيوتهم أسبوعاً لا يخرجون، لا لقضاء حوائجهم، ولا إلى الصلاة، وينكب الناس عليهم لدعائهم. هل هذا من السنة؟
ج4: ليس ذلك بسنة، بل هو بدعة، ومن ادعى أنه سنة فقد أخطأ. وأما جلوسهم في بيوتهم عن أداء الصلاة في الجماعة في المسجد فلا يجوز، إلا لعذر شرعي، وليس ما ذكر بعذر، فهم آثمون في تخلفهم عن الصلاة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5303)
س: يقع حوادث سقوط بعض الحجاج أثناء صعودهم لجبل النور ونزولهم من الغار، ويقترح بعض الناس القيام بعمل درج يؤدي إلى موقع الغار مع قفل جميع الجهات بشبك حديدي يمنع دخول أي أحد إلا من الطريق المخصص للصعود والنزول.
ج: الصعود إلى الغار المذكور ليس من شعائر الحج، ولا من سنن الإسلام، بل إنه بدعة، وذريعة من ذرائع الشرك بالله، وعليه ينبغي أن يمنع الناس من الصعود له، ولا يوضع له درج ولا يسهل الصعود له؛ عملاً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد» متفق على صحته، وقد مضى على بدء نزول الوحي وظهور الإسلام أكثر من أربعة عشر قرناً، ولم نعلم أن أحداً من خلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا صحابته، ولا أئمة المسلمين الذين ولوا أمر المشاعر خلال حقب التاريخ الماضية أنه فعل ذلك، والخير كل الخير في اتباعهم والسير على نهجهم؛ حسبة لله تعالى، ووفق منهاج رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وسداً لذرائع الشرك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز(18/69)
آداب الزيارة
السؤال السابع من الفتوى رقم (10768)
س7: هل يلزم الحجاج، من رجال ونساء، زيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والبقيع وأحد وقباء، أم الرجال فقط؟
ج7: لا يلزم الحجاج - رجالاً أو نساءً - زيارة قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا البقيع، بل يحرم شد الرحال إلى زيارة القبور مطلقاً، ويحرم ذلك على النساء، ولو بلا شد الرحال؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى» متفق عليه، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، ويكفي النساء يصلين في المسجد النبوي، ويكثرن من الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وغيره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6854)
س: أفتونا - جزاكم الله خير الجزاء والثواب - عن العمرة في غير الحج، هل لها وداع أم لا؟ حيث أنني اعتمرت ثلاث عمر في غير الحج ولم أوادع، ومستدل بكتاب الشيخ ابن جار الله غفر الله له ولوالديه وللمسلمين، ومذكور واجبات العمرة وأركانها ولم يذكر وداعاً، وقال لي بعض الناس: للعمرة وداع. وكذلك زيارة المسجد النبوي والسلام على الرسول - صلى الله عليه وسلم - هل فيه وداع بالسلام على الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ حيث أنه يذكر في النسخ للأدعية وداع المسجد والسلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ج: أولاً: ليس على من يعتمر من غير حج طواف وداع، وعلى هذا ليس عليك شيء في خروجك من مكة بعد العمرة دون أن تطوف طواف الوداع، وإن طفت الوداع فهو خير.(18/70)
ثانياً: زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة؛ لعموم أدلة الحث على زيارة القبور ، لكن دون شد الرحال إلى ذلك، فيزوره من كان بالمدينة أو ضواحيها ممن لا يعد انتقاله إلى المدينة سفراً، أما السفر إلى المدينة لزيارة قبره فلا يجوز؛ لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك بقوله: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى»، فإذا سافر إلى المدينة لحاجة من تجارة وطلب علم ونحو ذلك، أو سافر إليها للصلاة في المسجد النبوي رغبة في مضاعفة الثواب صلى أولاً، ثم زار النبي - صلى الله عليه وسلم - الزيارة الشرعية، فصلى وسلم عليه، وسلم على أبي بكر وعمر وترضَّى عنهما ودعا لهما دون أن يتمسح بالقبر أو بما حوله أو يقبل شيئاً من ذلك ودون أن يدعوه أو يستغيث به، فإن دعاءه والاستغاثة به بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - كدعاء غيره من الأموات، وذلك شرك أكبر، بل يكتفي بالصلاة والسلام عليه والترضي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
باب الهدي والأضحية والعقيقة
هدي التمتع
الفتوى رقم (1131)
س: إني أديت مناسك العمرة في شهر شوال 1395هـ، وبعد تأديتها رجعت إلى بلدتي، وبما أني عازم إن شاء الله على تأدية فريضة الحج هذا العام 1395هـ، فهل يكون علي فدي أم لا؟ جزاكم الله خيراً.
ج: جمهور الفقهاء يرون أنه ليس عليك هدي؛ لأنك لم تتمتع بالعمرة إلى الحج في سفرة واحدة، حيث ذكرت أنك رجعت بعد أداء العمرة في شوال عام 95هـ إلى بلدك، ولم تبق بمكة حتى تؤدي الحج.(18/71)
ويرى بعض الفقهاء أن عليك الهدي إذا حججت من عامك ولو رجعت إلى بلدك أو إلى أبعد منها؛ لعموم قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}(1)، والفتوى والعمل جاريان على قول الجمهور من عدم وجوب الهدي في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1820)
س: أتيت من المدينة إلى مكة بعمرة في أيام الحج، غير قاصدٍ الحج إلا إذا تحصلت على بدل فسوف أحج، وبعد أيام تحصلت على بدل فقمت بالحج عن هذا الشخص، وبعد أن فرغت من الحج أتيت بعمرة له ثم سألت: هل يجب علي هدي أو لا؟ فمن العلماء من أوجب علي هدياً ولو كانت العمرة لنفسي والحج نيابة عن غيري، ومنهم من قال: لا يجب عليك الهدي؛ حيث أنني حججت مفرداً عن غيري ولا دخل لعمرتي عن نفسي بحجي عن هذا الرجل، فأرجو إفتائي.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت من اعتمارك عن نفسك دون قصد إلى الحج هذا العام إلا إذا وجدت حجة عن غيرك، ثم حججت من عامك عن غيرك فعليك هدي، وإن لم تكن جازماً بالحج عند اعتمارك عن نفسك، ولو كان اعتمارك عن نفسك وحجك عن غيرك؛ لعموم قوله تعالى: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}(2) الآية، فعمّ الله من قَصَدَ الحج وقت اعتماره ومن لم يقصده وهو في عمرته، وعمّ من اعتمر وحج عن نفسه ومن جعل العمرة لنفسه ولمن حج لغيره، ولم يفرق سبحانه بين ذلك في اعتباره متمتعاً ووجوب الهدي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196
(2) سورة البقرة، الآية 196.(18/72)
السؤال الأول من الفتوى رقم (4709)
س1: أنا طالب مصري، وذهبت إلى السعودية في شهر رمضان للعمرة، وأديت العمرة ثم ذهبت إلى جدة للعمل، على أن أحاول أن أبقى فيها حتى موعد الحج، وأقمت بها، وفي شهر ذي القعدة ذهبت إلى مكة وأديت عمرة وعدت إلى جدة، وواصلت العمل حتى ميعاد الحج، فأحرمت بالحج مفرداً وأديت الحج، فهل علي هدي أم لا؟
ج1: الصحيح من أقوال العلماء أن عليك هدي التمتع؛ لإتيانك بالعمرة في أشهر الحج، وعودتك إلى جدة بعد عمرتك لا تقطع تمتعك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5357)
س: إننا مجموعة من الحجاج ولكنا أميون، ولما وصلنا إلى السعدية مكان الإحرام ونوينا أن نذهب أولاً إلى المدينة لزيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام، فسألنا المرشد الموجود بالسعدية من طرف الدولة عن ذلك فقال: أحرموا من هنا
- يعني السعدية - وصلِّ ركعتين وقل: لبيك الله عمرة، وطف واسع وفك الإحرام واذهب إلى المدينة للصلاة في المسجد النبوي، ومن هناك أحرم من آبار علي، وانو الحج تسلم من الهدي أو الصيام، ولما وصلنا إلى بلدنا - وهو جيزان - قال لنا بعض الناس: هذا لا يجوز إلا بهدي أو صيام. أفيدونا عن حل هذه الطريقة. جزاكم الله خيراً.
ج: في هذه المسألة خلاف بين العلماء منهم من يرى فيها الهدي أو الصيام، ومنهم من لا يرى وجوب ذلك، والراجح أن على كل واحد منكم الهدي، ومن لم يستطع الهدي منكم وقد رجعتم إلى بلدكم فعلى كل منكم صيام عشرة أيام، علماً بأن الهدي يذبح بالحرم المكي، ويوزع على الفقراء، ولكم الأكل منه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(18/73)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (10727)
س1: لقد أديت فريضة الحج لعام 1406هـ أنا وزوجتي، وقد فقدت ما كان معي من مال (فلوس) وأوراق شخصية مهمة، ولم أذبح الهدي ولم أصم عشرة أيام، وقد ذبح رحيمي ثالث يوم عيد الأضحى، فهل هذا يكفي أم لا؟ أفدني جزاك الله خيراً ماذا أفعل، وما هي الكفارة؟
ج1: يجب على من حج قارناً أو متمتعاً هدي يذبح بمكة المكرمة، فإن لم يجد صام عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وعشرة إذا رجع إلى بلده، وما دام أنك لم تهدِ، ولم تصم إلى الآن فيجب عليك وعلى زوجتك أن يذبح كل منكما شاة تجزئ أضحية، ويكون الذبح بمكة. وإن كان رحيمك ذبح عنك وعن زوجتك بمكة أجزأ ذلك إذا كان بإذنكما.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (3594)
س1: رجل قرن الحج بالعمرة وفعل جميع مناسك الحج، وفي أيام منى ذبح أضحية ولم يؤدِّ الهدي لجهله حتى انتهت ثلاث أيام منى، فهل عليه الهدي؟
ج1: إذا كان الواقع كما ذكرت وجب عليه أن يذبح هدياً عن القران بمكة، وله أن يأكل منه، وله أن يُوَكِّل أميناً يذبحه عنه بمكة المكرمة، ولا يجزئ عنه ما ذبح بنية الضحية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (4346)(18/74)
س: أحرمت بالحج والعمرة، أعني قارناً، ولم أتحلل من لباس الإحرام إلا بعد صلاة عيد الأضحى وبعد الرمي، ولكنني لم أذبح هدياً، فهل علي دم في هذه الحالة أم لا، وماذا أفعل؟ لاسيما وقد مضى على حجي ذلك ثلاثة وعشرون عاماً، أرشدوني أدام الله توفيقكم ووفقكم لكل خير.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت أنك حجيت قارناً، والقارن يسمى متمتعاً، ولم تذبح هدي القران، فإنه لا يزال في ذمتك، ويجب عليك ذبحه في مكة المكرمة بنفسك أو بواسطة وكيل ثقة عنك؛ لقوله سبحانه: {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}(1) الآية، فإن لم تستطع الهدي فعليك صيام عشرة أيام مجتمعة أو متفرقة، والواجب عليك البدار في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (8402)
س: عملت عمرة مع حج، أي: حججت قارناً هذا العام مع زوجتي، وكنت أنوي ذبح الهدي غنمتين، ولكن أحد الزملاء المرافقين لنا في الحج، وكان هو الآخر حج قارناً هو وزوجته، قال لي: إنه سمع أن ذبيحة واحدة تكفي عن الزوج والزوجة معاً، وذلك في خطبة العيد الأضحى في المسجد الحرام، وعلى ذلك ذبحت ذبيحة واحدة، وأكلت جزءاً منها ووزعت جزءاً آخر على زملائنا الذين لم يذبحوا، ووزعت الجزء الثالث على بعض الناس المحتاجين، وأخيراً قال لي بعض الناس: إنني أخطأت، وإن الذبيحة الواحدة لا تكفي عن الزوج والزوجة إلا في عيد الأضحى فقط، أي: في المنزل، وليس في الحج والعمرة. فماذا أفعل حتى يكون حجي وحج زوجتي صحيحاً لا يشوبه أي شائبة؟
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196.(18/75)
ج: يجب على من حج قارناً أو متمتعاً هدي، وهو شاة، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، ومادام أن النية عند الذبح عنك وعن زوجتك، فعليكما أن تذبحا ذبيحة ثانية عنكما جميعاً، أما في الأضحية فيكون عنك وعن زوجتك وأهل بيتك أضحية واحدة، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحي عن نفسه وأهل بيته في أضحية واحدة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13325)
س: أتشرف بالعرض لسماحتكم إنني أعمل مطوفاً للحجاج، وإن العديد من الحجاج يوكلون من يقوم نيابة عنهم بذبح ذبائحهم في موسم الحج من هدي تطوع أو هدي تمتع أو قران أو أضحية أو فدية لترك واجب أو صدقة، وإن بعض هؤلاء الوكلاء لا يتمكنون أحياناً من إكمال ذبح هذا النسك عن موكليهم لأسباب قد تعرض لهم خارجة عن إرادتهم، نرجو إفادتنا ياسماحة الشيخ:
1 - هل يجب على هؤلاء الوكلاء إكمال ذبح هذا النسك بعد أيام التشريق؟
2 - هل يجوز لهم تأخيره إلى موسم الحج التالي فيذبحونه أيام التشريق؟
مع الشكر والتقدير وعظيم الاحترام لسماحتكم لتوضيح هذا الحكم الشرعي؛ لينتفع به الحجاج ووكلاؤهم. سدد الله خطاكم ونفع بكم خاصة المسلمين وعامتهم، وجزاكم الله عنهم كل خير، حفظكم الله ورعاكم.
ج: يجب ذبح هدي التمتع والقران والأضحية في وقته المحدد، وهو أيام الذبح (يوم العيد وثلاثة أيام بعده) أما ما وجب لترك واجب، أو فعل محظور أو كان صدقة، فيذبح بعد وجود سببه، سواء كان في أيام الذبح أو قبلها أو بعدها، مع وجوب المبادرة إلى أداء الواجب، ويجوز تأخيره عن وقت وجود سببه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(18/76)
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (4457)
س4: إذا لم يجد الإنسان هدياً ولا تيسر له الحصول عليه إلا بعد خمسة عشر يوماً من ذي الحجة، ثم وجده بعد ذلك، هل هو جائز ذبحه، وكذلك المقيم عند أهله إذا كان معسراً في أول الأمر ثم وجده فهل يضحي أم فات الوقت؟
ج4: أولاً: يجب على من حج متمتعاً أو قارناً أن يذبح هدياً في يوم العيد، أو أيام التشريق الثلاثة، فإن لم يجده صام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، ولا يجوز له تأخير ماےوجب عليه من ذلك مع القدرة عليه.
ثانياً: على من لم يذبح هدي التمتع في الوقت المذكور لعجزه، ثم استطاع بعد ذلك أن يذبحه -قبل أن يصوم- قضاء لا أداء في أي وقت بمكة المكرمة، ويتوب إلى الله من تقصيره، ولا يعود في مثل هذا العمل إن كان قد تعمد التأخير، أو تساهل في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (12923)
س1: لقد حجيت في سنة من السنين وعمري يقارب 16 ستة عشر سنة، ولم أجد الفدية، وصمت ثلاثة أيام في مكة وسبعة أيام بقيت، وكود علي الشيطان صيامها، وعمري الوقت الحاضر يقارب 60 سنة، فنرجو من فضيلتكم إفهامي بما أعمل؛ هل علي فدية أو صوم؟ مع العلم أني حجيت بعدها. والله يحفظكم.
ج1: يجب عليك أن تذبح ذبيحة في مكة وتوزعها على الفقراء، ولك أن تأكل منها، وإن أنبت عنك وكيلاً ثقة يقوم بذلك في مكة فلا بأس، وعليك التوبة إلى الله سبحانه من التأخير.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (10741)(18/77)
س2: إذا تعذر وجود الهدي في منى، هل يجوز لي البحث عن الهدي خارج حدود منى في ضواحي مكة؟
ج2: المتمتع والقارن يجب على كل منهما هدي لحجه، ويأخذه من منى أو غيرها، ويذبحه داخل حدود الحرم؛ لما ثبت أن منى وفجاج مكة كلها منحر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (2650)
س2: في أثناء كنَّا حاجين في وقت الفدي شاهدنا جماعة يذبحون أغناماً صغار السن جداً، فقال لهم البعض: ما يجوز ذلك، فقالوا: ليس فيه شيء، واستدلوا بقوله تعالى: {فما استيسر من الهدي}(1)، علماً أنهم معهم علم، حيث أن بعض الحجاج يسألونهم في أشياء كثيرة. فنرجو توضيح ذلك، فهل يجوز ذبح الصغار وليس هناك شرط للسن ونحوه، كالأضحية؟ وما معنى قوله تعالى: {فما استيسر من الهدي}(2) ؟
ج2: دلت الأدلة الشرعية على أنه يجزئ من الضأن ما تم ستة أشهر، ومن المعز ما تم له سنة، ومن البقر ما تم له سنتان، ومن الإبل ما تم له خمس سنين، وما كان دون ذلك فلا يجزئ هدياً ولا أضحية، وهذا هو المستيسر من الهدي؛ لأن الأدلة من الكتاب والسنة يفسر بعضها بعضاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث والسابع من الفتوى رقم (2897)
س3: هل يشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية أو لا؟ وهل يجوز أن تكون هزيلة أو صغيرة السن؟
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196.
(2) سورة البقرة، الآية 196.(18/78)
ج3: نعم يشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية، فلا تجزئ العوراء البيّن عورها، ولا المريضة البيّن مرضها، ولا العرجاء البيّن عرجها، ولا الهزيلة التي لا تنقي. وأدنى سن يحصل به الإجزاء: في الضأن ستة أشهر، وفي المعز سنة، وفي البقر سنتان، وفي الإبل خمس، فما كان أقل من ذلك لا يجزئ هدياً ولا أضحية ولا عقيقة.
س7: هل يجوز لمن حج قارناً أن يشتري الهدي من ميقات إحرامه، أو يسوقه من بلده؟
ج7: يجوز لمن حج قارناً أن يسوق من ميقات إحرامه أو قبله أو بعده، وأن يشتريه من بلده، وأن يشتريه من عرفات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال العاشر من الفتوى رقم (2392)
س10: المتمتعون بالعمرة إلى الحج، هل يجوز أن يشترك السبعة منهم في جمل ويجزئ عنهم في الهدي، أو على كل واحد شاة على حدة؟
ج10: يجزئ الجمل عن السبعة في الهدي والأضحية؛ إذا كان قد تم له خمس سنين، وهو الثني، وتجزئ الشاة عن واحد إذا كانت قد تم لها ستة أشهر من الضأن، وسنة من الماعز، ويجزئ سبع البدنة أو سبع البقرة هدياً ممن تمتع بالعمرة إلى الحج، أو كان قارناً، وكذلك يجزئ في الأضحية، والأصل في ذلك حديث جابر رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة) متفق عليه، وفي لفظ: (قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اشتركوا في الإبل والبقر، كل سبعة في بدنة») رواه البرقاني في صحيحه على شرط الصحيحين، وفي رواية قال: (اشتركنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج والعمرة كل سبعة منا في بدنة، فقال رجل لجابر: أيشترك في البقر ما يشترك في الجزور؟ فقال: ما هي إلا من البدن) رواه مسلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .(18/79)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع والخامس من الفتوى رقم (3635)
س4: هل يجوز المشارك في النسك يوم النحر جماعة من الفضل بغير عذر، وأن يخرج كل منهم حصة من المال ويشارك في البقر واحدة، ويقولون: إنه على عدد سبع خروف، أو كبش أقرن الذبح وأكل لحمها، أيهما يكون لله الذبح أو أكلها؟
ج4: تجزئ كل من البقرة والبدنة عن سبعة في الهدي والأضحية، والسنة أن كلاًّ من الذي يذبح هدياً، أو أضحية، يأكل ثلثاً، ويتصدق على الفقراء بثلث، ويهدي ثلثاً.
س5: المشاركة التي أمر بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - عامة أو كان يريد منها للعذر أو لمن يريد؟ وقرأنا في مالك تفضيل الكبش على الإبل.
ج5: التفاضل بين ما يتقرب به العبد إلى ربه من النسك يرجع إلى التفاوت بينها في حقائقها وقيمتها قدراً وطيباً، وما يقوم بقلب المتقرب من القصد، أما المشاركة في البقرة عن سبعة، وكذا البدنة فإنها شرع عام للعذر ولغير العذر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (6138)
س1: هل يجوز ذبح الهدي خارج الأراضي المقدسة، وفي بلد الحاج بالذات؟
ج1: محل الهدي الحرم المكي، فيجب ذبح جميع الهدي التمتع والقران في داخل الحرم، ولايجوز الذبح في بلد الحاج غير مكة، إلا إذا عطب الهدي المهدى إلى مكة قبل وصوله إليها، فإنه يذبحه في مكانه، ويجزئ عنه، وكذلك في المحصر عن دخول الحرم، ينحر هديه حيث أحصر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(18/80)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5276)
س1: قال تعالى {فكلوا منها وأطعموا القانع والمُعْتَرَّ}(1) فمن هم هؤلاء؟
ج1: القانع هو: السائل الذي يطلب العطاء، مأخوذ من: قَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعَاً، والمُعْتَرُّ هو: الذي يتعرض للناس دون سؤال ليعطوه، وقيل القانع: الراضي بما عنده وبما يعطى من غير سؤال، مأخوذ من: قنعت قناعة، المعتر هو: المتعرض للناس مع سؤالهم العطاء. ومعنى الآية: أن الله تعالى أعطانا الإبل والبقر والغنم وسخرها لنا، وجعل لنا فيها كثيراً من الخير والمنافع وشرع لنا أن نتقرب إليه منها بنحر الهدي في الحج والعمرة، وذبحها ضحية في عيد الأضحى، وأن نأكل منها ونطعم السائل والفقير المتعفف؛ مواساةً لهم، ورجاء الأجر والمثوبة، وشكراً لله على نعمه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6157)
س: لقد قمت بأداء فريضة الحج أنا وزوجتي في الموسم السابق، والحمد لله على ذلك كثيراً، أدينا الفريضة كما تعلمنا في السنة الصحيحة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنا متمتعين، ولكن عند ذبح الهدي كنا في حالة من التعب والإرهاق، لم يسمح لنا بالبحث عن فقراء لإهدائهم من الهدي، فقمنا بأخذ الثلث وألقينا بالباقي في المسلخ، ولم يكن معنا سيارة لنحمل فيها، وبعد أن عدنا إلى أرض الإمارات حيث نعمل قرأنا فتوى للأزهر الشريف: بأن ذلك لا يجزئ الحاج، ويكون بذلك لم يؤدِّ الهدي؛ وأصبحت في حيرة من أمري، ما صحة ذلك؟ وإن صح فما هو حكم أدائي للفريضة، هل أجزأني ذلك أم لا؟ أريد أن أطمئن. وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
__________
(1) سورة الحج، الآية 36.(18/81)
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فحجكما صحيح، ولا يفسد الهدي عدم التوزيع على الفقراء، بل يجزئ ولو لم يوزع، لكن الأحوط أن يتولى توزيعه من أهداه أو وكيله؛ محافظة على الانتفاع به.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3521)
س: إني في وقت حج عام 1400هـ حجيت، وعند ذبح الفدا أصابتني سخنة وأتعبتني، وفي جوارنا ناس من الخويا التابعين لوزارة الداخلية، المشاركين في تنظيم سير الحجاج، وأخذت فديتي وسلمتها لهم، وأخذوها وربطوها في خيمتهم، وقال لي واحد منهم: ازهلها نذبحها، وجهلت لا أعلمهم باسمي، وكذلك أنا ما أعرف منهم أحد، إلا أنهم من أهل نجد، ولا أرى عليهم إلا سيما الخير، وبعد ذلك صار في نفسي من ذلك شيء. أفتونا مأجورين والله يحفظكم.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت من تسليمك الذبيحة لهم ليذبحوها عنك، وأنهم من أهل الخير في نظرك، وأن أحدهم قال: سنذبحها عنك، وأخذوها إلى خيمتهم، اعتبر ذلك توكيلاً منك لهم في ذبحها عنك، وكفاك ذلك؛ لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، فإن ذبحوها فالحمد لله، وإن لم يذبحوها فلا حرج عليك، وإنما الإثم عليهم، ولا يضرك كونك لم تخبرهم باسمك؛ لأنه يكفي أن يذبحوها بالنية عمن سلمها لهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السادس من الفتوى رقم (9818)
س6: هل يجوز توزيع ثمن الهدي بدلاً من ذبحه ودفنه في التراب، ودون أن يأكل منه أحد، كما يحدث في منى؟ وهل يجوز ذبح الهدي في مصر مثلاً أو في بلد الحاج؟
ج6: أولاً: لا يجزئ دفع الثمن.(18/82)
ثانياً: لا يجزئ ذبحه في غير مكة وما حولها من الحرم.
ثالثاً: إذا لم تجد في منى من يأخذه من الفقراء فاذبحه في داخل مكة؛ لأن فيها فقراء كثيرين.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (12084)
س1،2: هل يجوز لمن عليه هدي أو فدية من الأفراد في المخيم حينما لا يجد من يتصدق عليه أن يأتي بها إلى المخيم، ثم تطبخ في مطبخ المخيم، ولا يتصدق منها بشيء؟ وهل يجوز أن نذبح ذبائحنا في مكة أو عرفة ثم إحضارها إلى منى بعد ذلك؟
ج1،2: أولاً: المشروع في هدي التمتع والقران وما يساق من الحل إلى الحرم أن يتصدق منه، ويهدي ويأكل أثلاثاً، وإن أكل أكثر من الثلث فلا بأس.
ثانياً: الدم الواجب غير هدي التمتع والقران، كالفدية من الأذى، ودم جبران النسك، ودم جزاء الصيد، ودم المنذور ونحوها لا يجوز - لمن وجبت عليه - الأكل منها، وإنما يتصدق بها على الفقراء، وما وجب منها في الحرم أو الإحرام فهو لفقراء الحرم.
ثالثاً: المشروع في ذبح هدي التمتع والقران أن يكون في منى أو مكة، أو في موضع من الحرم؛ لما ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر هديه بمنى وقال: «نحرت ههنا، ومنى منحر، وفِجَاج مكة كلها طريق ومنحر».
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (2814)(18/83)
س: ذهبت هذا العام لقضاء فريضة الحج بنية قارن حج وعمرة، وبعد قضاء جميع مناسك الحج والعمرة حتى جاء يوم الهدي فوجئت بضياع المبلغ هناك، ولم أعرف هل هو طاح أم أحد سرقه، والمبلغ هو 450 ريال سعودي، فلذلك لم أتمكن من الذبح، ورجعت إلى نية الصوم، وبينما نويت الصوم اعتراني مرض الأنفلونزا، فذهبت إلى المستشفى بمكة، ثم صرف العلاج اللازم لي، ولم أستطع الصوم، ورجعت إلى مدينة الرياض مستقلاً سيارة جمس، المدفوع أجرها مقدماً قبل الذهاب؛ حسب الاتفاق والشروط، وعند وصولي زاد مرضي وإعيائي، فذهبت إلى مستوصف الشرق وتم الكشف علي، وتم صرف العلاج اللازم، ولم أستطع الصوم، فهل بعد تمام شفائي من المرض ينفع الصوم؟ وماذا أفعل؟ علماً بأني كانت نيتي الفدو ولكن هذا قضاء الله وقدره، فأرجو من سيادتكم أن تفتيني في أمري، جعلكم الله نصراً لدين الإسلام.
ج: إذا كان الأمر كما ذكرت من أنك أحرمت بحج وعمرة قارناً وأديتهما، وأن نقودك ضاعت ولم تجد ما تشتري به الهدي؛ فعليك صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجعت إلى بلدك أو محل إقامتك، وحيث ذكرت أنه استمر بك المرض حتى رجعت إلى الرياض، ولم تستطع الصوم، فعليك صيام عشرة أيام في محل إقامتك بالرياض، أو غيره عند قدرتك على ذلك، ولا شيء عليك سوى هذا، إلا أن تكون قادراً على الهدي في بلدك فلا يجزئك الصوم، وعليك أن تذبح الهدي في مكة بنفسك، أو وكيلٍ ثقة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الحادي عشر من الفتوى رقم (1734)
س11: حج إنسان ونسكه فيه فدي، ولم يحصل عليه في يوم العيد وأيام التشريق، وهو في نهاية أيام التشريق فماذا يعمل؛ هل يتأخر ليصوم ثلاثة أيام أم ماذا يعمل؟(18/84)
ج11: من لزمه هدي تمتع أو قران فلم يجده وقت الذبح لعذر شرعي، وقد فاتت عليه أيام الحج التي يصوم فيها من لم يجد الهدي ثلاثة أيام؛ فإنه يصوم عشرة أيام كاملة إذا رجع إلى أهله، ولا يلزمه التأخر بمكة حتى يصوم الثلاثة أيام؛ لأن وقتها قد فات.
…وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (4221)
س3: هل للإنسان في قضاء الأيام السبعة لمن لم يسق الهدي، وكان متمتعاً أن يفصل بينها، وما الذي على من صام يومين في الحج ونسي الثالث حتى رجع وقضاه مع السبعة؟
ج3: يجوز أن تصام سبعة الأيام المذكورة في قوله: {وسبعة إذا رجعتم}(1)، متتابعة أو متفرقة، وليس على من نسي يوماً من الأيام الثلاثة شيء إذا صامه بعد رجوعه إلى أهله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (13701)
س1: أديت فريضة الحج منذ عدة سنوات، ولم أذبح يوم العيد؛ نظراً لقلة الزاد، فقيل لي: إنه لي صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة عند رجوعي إلى بلادي، إلا أنه وقع لي سهو؛ فلم أقض ثلاثة أيام في الحج، وكذلك السبعة بعد الرجوع، فما العمل؟ وجزاكم الله خيراً.
ج1: يجب عليك صيام الأيام العشرة في بلدك إذا كنت قارناً بين الحج والعمرة، أو متمتعاً بالعمرة إلى الحج، إما إن كنت أهللت بحج مفرد ولم تأت بعمرة قبله في أشهر الحج، فإنه ليس عليك دم ولا صيام. وإن كنت الآن قادراً على الهدي وذبحته في مكة بنفسك أو وكيلك الثقة أجزأ عنك، وسقط عنك الصيام.
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196.(18/85)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
المفرد بالحج لا هدي عليه
الفتوى رقم (6443)
س: هل يصح الحج بدون فدية بالذبح أو لا يصح؟
ج: إذا كان إحرامك بالحج وحده في أشهر الحج؛ فلا هدي عليك؛ لأنك مفرد بالحج.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثامن من الفتوى رقم (8290)
س8: هل كل مقيم في السعودية يسمى بحاضري المسجد الحرام، أو المواطنين فقط، أو الساكنين داخل الحرم؟
ج8: اختلف أهل العلم في المعنى بـ: {حاضري المسجد الحرام}(1)، والراجح أنهم أهل الحرم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (6900)
س4: ما حكم من حج وأحرم بالقران، أي: مقرناً الحج بالعمرة، ولم يذبح شاة ولم يطعم ولم يصم، في حين أنه غادر مكة المكرمة وانتهى الحج، وأصبح بعيداً عن بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة؟
ج4: يجب عليه أن يذبح دماً يجزئ في الأضحية؛ لقرانه بمكة المكرمة، بنفسه أو من ينوب عنه من الثقات يوزع بين الفقراء، وله أن يأكل منه ويهدي إلى من يشاء، فإن عجز عن الدم صام عشرة أيام.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
__________
(1) سورة البقرة، الآية 196.(18/86)
الأضاحي
أصل مشروعية الأضحية
السؤال الخامس من الفتوى رقم (5179)
س5: هل جاء الأمر بالضحايا في نص القرآن الكريم، وفي أي آية جاء؟
ج5: روي عن قتادة وعطاء وعكرمة أن المراد بالصلاة والنحر في قوله تعالى: {إنا أعطيناك الكوثر ( فصل لربك وانحر}(1) هو صلاة العيد، ونحر الأضحية(2) . والصواب: أن المراد بذلك: أمر الله تعالى رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل صلاته - فريضة كانت أو نافلة- ونحره وذبحه خالصاً لله وحده لا شريك له، كما في قوله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ( لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}(3) .
أما سنة الضحية فقد ثبتت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً، وليس بلازم أن يكون كل حكم في القرآن تفصيلاً، بل يكفي في الحكم ثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}(4)، وقوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس مانزل إليهم}(5)، وقوله سبحانه: {من يطع الرسول فقد أطاع الله}(6) ... إلى أمثال ذلك من الآيات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (10809)
__________
(1) سورة الكوثر، الآيتان 1،2.
(2) أخرجه ابن جرير 12/722-723، برقم 38198 و38201 و38204، ونسبه السيوطي في الدر المنثور 8/651 لابن المنذر وابن أبي حاتم وعبدالرزاق.
(3) سورة الأنعام، الآيتان 162،163.
(4) سورة الحشر، الآية 7.
(5) سورة النحل، الآية 44.
(6) سورة النساء، الآية 80.(19/1)
س2: بالنسبة لغير الحاج لبيت الله هل عليه إراقة دماء (التي هي أضحية)، وهل يصح اشتراك عدد من الناس (من غير الحجاج) الاشتراك في ذبيحة، وهل تعتبر أضحية لكل منهم؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ج2: تسن الأضحية بالنسبة للمكلف المستطيع، ويجوز اشتراك سبعة في واحدة من الإبل سنها خمس سنوات أو أكثر، أو في واحدة من البقرة سنها سنتان فأكثر، وتجزئ الشاة عن الرجل وأهل بيته سنها سنة فأكثر إن كانت من المعز، أو ستة أشهر فأكثر إن كانت من الضأن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (9563)
س1: ماهو حكم الأضحية، وما هو الأفضل، هل تقسم لحماً أم طبخها أفضل؟ علماً أن فيه بعض الناس يقول: إنه لا يجوز في الثلث الذي يتصدق به أن يطبخه أو يكسر عظمه.
ج1: الأضحية سنة كفاية، وقال بعض أهل العلم: هي فرض عين، والأمر في توزيعها مطبوخة أو غير مطبوخة واسع، وإنما المشروع فيها أن يأكل منها، ويهدي، ويتصدق.
س2: رأيت في منى البنك الإسلامي ينوب عن الحاج في ذبح الهدي، فهل الأفضل: أن أشتريها بنفسي وأذبحها، أم أسلم النقود للبنك؟ علماً أن الذين يذبحون الأضاحي خارج البنك يذبحونها ويتركونها دون توزيع ثم ترمى. أفيدونا أفادكم الله.
ج2: الأحوط أن تشتري الهدي وتذبحه بنفسك، أو توكل أميناً خاصاً يقوم عنك بذلك، ولا تترك ذبيحتك بدون توزيع، والسنة أن تأكل منها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (9525)(19/2)
س3: فيه من الناس من يقول: إن الأضاحي لا يجوز ذبحها بعد صلاة العصر في أيام الأعياد، أخبرونا هل صحيح أم جائز إذا ذبحها حتى وقت الغروب؟
ج3: يجزئ ذبح الضحية بعد العصر أيام عيد الأضحى، بغير خلاف في يوم عيد الأضحى وأيام التشريق الثلاثة، وكذا في ليالي أيام التشريق على الراجح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم ( 5 )
س: ما رأيكم فيمن اشتركوا في بقرة وقسموها سبعة أجزاء، وأرادوا أن كل قسم عن رجل وأهل بيته، فهل يجزئ أم لا؟(19/3)
ج: هذه المسألة فيها قولان لأهل العلم: أحدهما: جواز التشريك في سبع البدنة والبقرة؛ قياساً على مشروعية التشريك في الشاة عن الرجل وعن أهل بيته؛ لورود الدليل في ذلك. والقول الثاني: أنه لا يجوز التشريك في سبع البدنة وسبع البقرة، والذين قالوا بهذا القول قالوا: إن الأصل عدم جواز التشريك، والقياس لا يصح؛ لأنه قياس مع النص، والقياس مع النص فاسد الاعتبار، والنص هو ما ورد من الأدلة الدالة على أن كلاً من البدنة والبقرة تجزئ عن سبعة؛ فقد روى الإمام أحمد، عن حذيفة رضي الله عنه قال: (شرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في حجته بين المسلمين في البقرة عن سبعة)(1)، وعن جابر رضي الله عنه قال: (اشتركنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج والعمرة كل سبعة منا في بدنة، فقال رجل لجابر: أيشترك في البقرة ما يشترك في الجزور؟ فقال: ماهي إلا من البدن)، رواه مسلم(2)، وروى الطحاوي في شرح معاني الآثار، عن أنس رضي الله عنه، يحكيه عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يشتركون السبعة في البدنة من الإبل، والسبعة في البدنة من البقر)(3)، وممن أفتى بمنع جواز التشريك من أئمة هذه الدعوة الشيخ عبدالله بن عبداللطيف، والشيخ عبدالله أبا بطين، ومفتي الديار السعودية الشيخ محمد بن إبراهيم رحمهم
__________
(1) رواه الإمام أحمد 5/405.
(2) أخرجه أحمد 3/304، ومسلم 2/955 برقم (1318) كتاب الحج، باب الاشتراك في الهدي، وأخرج المرفوع أبو داود 3/98 برقم (2807)، كتاب الضحايا، باب في البقر والجزور عن كم تجزئ؟ والترمذي 3/248 برقم (904) كتاب الحج باب ما جاء في الاشتراك في البدنة، وابن ماجه 2/1047 برقم 3132 كتاب الأضاحي باب عن كم تجزئ البدنة؟ والنسائي 7/222، كتاب الضحايا، باب ما تجزئ عنه البقرة في الضحايا، والدارمي 2/78، وابن حبان 9/315 (4004).
(3) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/175.(19/4)
الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…إبراهيم بن محمد آل الشيخ
السؤال الثالث من الفتوى رقم (2194)
س3: من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فهل يحرم؟ وإذا أردت أن أضحي ويسمي الأضحية والدي أو رجل محرم فهل يجوز بأن لا أحرم أنا شخصياً؟
ج3: يشرع في حق من أراد أن يضحي إذا أهل هلال ذي الحجة ألا يأخذ من شعره ولا من أظافره ولا بشرته شيئاً حتى يضحي؛ لما روى الجماعة إلا البخاري رحمهم الله، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره»، ولفظ أبي داود ومسلم والنسائي: «من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذنَّ من شعره ومن أظفاره شيئاً حتى يضحي»(1) سواء تولى ذبحها بنفسه أو أوكل ذبحها إلى غيره، أما من يضحِّي عنه فلا يشرع ذلك في حقه؛ لعدم ورود شيء بذلك، ولا يسمى ذلك إحراماً، وإنما المحرم هو الذي يحرم بالحج أو العمرة أو بهما.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
__________
(1) أخرجه مسلم 3/1565 برقم 1977 كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة، روى اللفظ الأول برقم (41)، والثاني برقم (42)، وأبو داود 3/94 برقم (2791) كتاب الأضاحي باب الرجل يأخذ من شعره في العشر وهو يريد أن يضحي، روى اللفظ الثاني فقط، كما أخرجه بألفاظ مقاربة:
… أحمد 6/301، والترمذي 4/86 برقم 523 كتاب الأضاحي، وابن ماجه 2/1052 برقم 3149 كتاب الأضاحي، باب من أراد أن يضحي...إلخ، والنسائي 7/211 كتاب الضحايا، وابن حبان 13/239 (5917)، والطبراني 23/387 (925)، والطحاوي 4/181، والحاكم 4/220، والبغوي في شرح السنة 4/347 (1127)، والحميدي 1/140 (293).(19/5)
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (1149)
س1: أيهما أفضل في الأضحية: الكبش أم البقر؟
ج1: أفضل الأضاحي البدنة، ثم البقرة، ثم الشاة، ثم شرك في بدنة - ناقة أوبقرة -؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة»(1)، ووجه الدلالة من ذلك: وجود المفاضلة في التقرب إلى الله بين الإبل والبقر والغنم، ولا شك أن الأضحية من أعظم القرب إلى الله تعالى، ولأن البدنة أكثر ثمناً ولحماً ونفعاً، وبهذا قال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد. وقال مالك: الأفضل الجذع من الضأن، ثم البقرة، ثم البدنة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين، وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل إلا الأفضل. والجواب عن ذلك: أن يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - قد يختار غير الأولى رفقاً بالأمة؛ لأنهم يتأسون به، ولا يحب - صلى الله عليه وسلم - أن يشق عليهم، وقد بين فضل البدنة على البقر والغنم كما سبق. والله أعلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
__________
(1) أخرجه مالك في الموطأ 1/101، وأحمد 2/460، والبخاري 2/3 برقم (881) كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، ومسلم 2/581 برقم (850)، كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، وأبو داود 1/96 برقم (351)، كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة، والترمذي 2/372 برقم (499)، كتاب الصلاة، باب ما جاء في التبكير إلى الجمعة، والنسائي 3/99 كتاب الجمعة، باب وقت الجمعة، وابن حبان 7/13 برقم (2775)، والبغوي في شرح السنة 4/234 (1063).(19/6)
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1490)
س: أنا رجل أعمل بالطائف، وزوجتي عند أبيها، ولم تسمح لي ظروف عملي أن أتعيد عند أهلي، وهي في أثناء غيابي كانت عند أبيها، هل علي فدو؟
ج: يظهر من سؤالك أنك تسأل هل عليك جزاء؛ لأنك لم تتعيد عند أهلك وتذبح أضحية عنك وعن أهل بيتك، وإذا كان هذا مرادك فالأصل في مشروعية الأضحية: أنها سنة، يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته، والسنة: يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، فليس عليك جزاء في تركك الأضحية عنك وعن أهل بيتك، ولكن ينبغي لك في المستقبل المحافظة عليها؛ اقتداءً بسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ إذا كنت موسراً بذلك، سواء ذبحتها عند أهلك أو في محل عملك، والأفضل: ذبحها عند أهلك؛ لأن ذلك أكثر نفعاً، وإن كنت أردت بسؤالك غير ما ذكرنا فعليك الإيضاح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (2416)
س: هل يجوز الاشتراك في الأضحية، وكم عدد المسلمين الذين يشتركون في الأضحية، وهل يكونون من أهل بيت واحد، وهل الاشتراك في الأضحية بدعة أم لا؟(19/7)
ج: يجوز أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته بشاة، والأصل في ذلك ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، متفق عليه(1) ، وما رواه مالك، وابن ماجه، والترمذي وصححه، عن عطاء بن يسار قال: (سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كان الرجل في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، حتى تباهى الناس فصاروا كما ترى)(2).
وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة، سواء كانوا من أهل بيت واحد أو من بيوت متفرقين، وسواء كان بينهم قرابة أو لا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن للصحابة في الاشتراك في البدنة والبقرة كل سبعة في واحدة، ولم يفصل ذلك. والله أعلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (1734)
__________
(1) ورد نحوه من حديث عائشة، أخرجه مسلم 3/1557 برقم (1967)، كتاب الأضاحي، باب الضيحة وذبحها مباشرة بلا توكيل، وأبو داود 3/94 برقم (2792)، كتاب الضحايا، باب ما يستحب من الضحايا، وابن ماجه 2/1043 برقم (3122) كتاب الأضاحي من حديث أبي هريرة وعائشة، والبيهقي 9/267، وابن حبان 13/236 (5915)، وأخرجه أبو يعلى 3/327 (1792) من حديث جابر، و 5/427 (3118) من حديث أنس، ومن حديث أبي رافع أخرجه أحمد 6/8، والطبراني في الكبير 1/311 (920).
(2) رواه مالك 2/486 كتاب الضحايا، باب الشركة في الضحايا، وابن ماجه 2/1051 برقم (3147) كتاب الضحايا، باب من ضحى بشاة عن أهله، والترمذي 3/77 برقم (1505) كتاب الضحايا، باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت، وقال: حسن صحيح.(19/8)
س2: اشتريت شاة لأضحي بها فولدت قبل الذبح بمدة يسيرة، فماذا أفعل بولدها؟
ج2: الأضحية تتعين بشرائها بنية الأضحية أو بتعيينها، فإذا تعينت فولدت قبل وقت ذبحها فاذبح ولدها تبعاً لها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (3055)
س1: البادية يطبخون الضحية مع بعض بدون تقسيم، ثم يجتمعون عليها سوياً بصفة وليمة، وإني قلت لهم: قسموها أفضل، فقالوا: كل واحد منا عنده ضحية، وكل يوم نأكل ذبيحة عند واحد سوياً. هل يجوز تكسير عظامها أو لا؟
ج1: يجوز للجماعة أن يذبح كل واحد منهم ضحية في يوم من أيام العيد: يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده، وأن يكسروا عظامها، وأن يطبخوها ويأكلوها جميعاً دون تقسيم، كما يجوز لهم أن يقسموها ويوزعوها بينهم قبل طبخها أو بعده، ويتصدقوا منها.
س2: توفي والد رجل، وأراد أن يذبح عنه ضحية، فقال له بعض المرشدين: لا يجوز ذبح الجمل لواحد، والأحسن أن تذبح شاة، فذلك أفضل من الجمل، والذي قال لكم: اذبحوا جملاً مخطئ؛ لأن الجمل لا يجوز ذبحه إلا لجماعة.
ج2: تجوز الضحية عن الميت بشاة أو بجمل، ومن قال: إن الجمل لا يذبح إلا عن جماعة مخطئ، لكن الشاة لا تجزئ إلا عن واحد، ولصاحبها أن يدخل غيره من أهل بيته في ثوابها، أما الجمل فيجزئ عن واحد وعن سبعة يشتركون في ثمنه، ويكون سُبعُه ضحية مستقلة لكل واحد من هؤلاء السبعة، والبقركالإبل في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول والثاني والرابع من الفتوى رقم (4382)(19/9)
س1: إذا كانت زوجتي مع والدي في بيت واحد، فهل يكفي في عيد الضحية ذبيحة واحدة عيداً لي ولوالدي أم لا؟
ج1: إذا كان الواقع كما ذكرت من وجود والد وولده في بيت واحد كفى عنك وعن أبيك وزوجتك وزوجة أبيك، وأهل بيتكما أضحية واحدة في أداء السنة.
س2: إذا تزوجت إحدى بنات عماتي، وتملكت ملكة ولم أدخل عليها، وهي في بيت أبيها، فهل يجوز أعيد الأضحية أم لا؟
ج2: فعل سنة الأضحية لا يتوقف على زواج أو ملاك، فيشرع فعلها لمتزوج ولغير متزوج، وتجزئ عنك وعن زوجتك المذكورة أضحية واحدة.
س4: رجل حلق شعره في العشر من ذي الحجة، وهو يريد الأضحية وهو ناسي، فما جزاءه؟
ج4: لاشيء عليه؛ لقول الله عز وجل: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}(1)، وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله سبحانه قال: «قد فعلت» خرجه مسلم في صحيحه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول والثاني والثالث من الفتوى رقم (8790)
س1: هل للمسلم أن يضحي بسبع بعير أو سبع بقرة، ويشرك في الثواب من شاء من والديه وأولاده وأقاربه ومعلميه وغيرهم من المسلمين، أم أن السبع يكون لواحد فقط، لا يشرك معه في الثواب غيره؟
ج1: السنة أن كلاً من البدنة والبقرة تجزئ عن سبعة، وأن سبع كل منهم يجزئ عن الواحد وعن أهل بيته.
س2: عن العيوب التي تمنع الإجزاء في الأضاحي، والعيوب التي تكره فيها مع الإجزاء، وعن نوعية الأفضل في الأضاحي.
__________
(1) سورة البقرة، الآية 286.(19/10)
ج2: مما لا يجزئ: أن يذبح في الهدي والأضحية العوراء البين عورها، والعمياء، والمريضة البين مرضها، ولا ذات هزال لا تنقي، وعرج يمنع اتباع الغنم، وعضب يذهب لأكثر القرن والأذن، وأفضلها الإبل، ثم البقر، ثم الغنم، والأسمن والأملح أفضل. أما تمام التفصيل فيما يكره ويستحب ففي إمكانك مراجعة كتب الحديث والفقه في هذا الباب لمزيد الفائدة.
س3: عن بيان عدد أيام التشريق التي يسوغ للمسلم أن يستمر في ذبح أضاحيه، ومتى ينتهي وقت التكبير المقيد في أدبار الصلوات المفروضة؟
ج3: أيام الذبح لهدي التمتع والقران والأضحية أربعة أيام: يوم العيد وثلاثة أيام بعده، وينتهي الذبح بغروب شمس اليوم الرابع في أصح أقوال أهل العلم. وينتهي وقت التكبير المقيد في أدبار الصلوات المفروضة عقب عصر آخر أيام التشريق.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12432)
س: يوجد لدي أسرتان، وكل أسرة ساكنة في بيت مستقل بها، وكل أسرة مكونة من سبعة أنفار، وكل بيت يبعد عن الآخر بحوالي (200 متر)، وهي أسرتي وأسرة والدي، مع العلم أن والدي على قيد الحياة. وسؤالي هو: هل يجوز لنا أن نضحي أنا ووالدي عن البيتين بضحية واحدة من الماعز أم لا؟ مع العلم أننا نشترك في ثمن الضحية، أدفع النصف من الثمن ووالدي يدفع النصف الآخر. وماذا نفعل حيث أنه قد سبق منا ذلك، إذا كان فعلنا هذا خطأ؟ علماً أننا مستوري الحال، فيدونا أفادكم الله وجزاكم خير الجزاء.
ج: المشروع أن يضحي أهل كل بيت بأضحية خاصة بهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز(19/11)
السؤال الأول من الفتوى رقم (11834)
س1: يوجد لي بيتان تبعد عن بعضها حوالي 15 كم، وأريد أن أضحي. فهل أذبح عند كل بيت أضحية، أم أذبحها في بيت واحد؟ مع العلم أنني ذبحتها عند أحد البيتين وأحضرت أهل البيت الثاني فحضروا الذبح.
وهل تكسر عظام الأضاحي بعد الذبح؟
وهل تكسر قرون الأضاحي بعد الذبح؟
ج1: يجزئ عنك أضحية واحدة لبيتيك مادام أن صاحبها واحد، وإن ذبحت في كل واحد من البيتين أضحية مستقلة فهو أفضل، ولا شيء في كسر عظام وقرون الأضاحي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (12572)
س2: هذه العائلة تتكون من اثنين وعشرين فرداً، والدخل واحد، والمصروف واحد، وفي عيد الأضحى المبارك يضحون بضحية واحدة، فلا أدري هل هي تجزئ أم أنه يلزمهم ضحيتان؟ وإذا كان يلزمهم ضحيتان فما هو العمل في السنين الماضية؟
ج2: إذا كانت العائلة كثيرة، وهي في بيت واحد، فيجزئ عنهم أضحية واحدة، وإن ضحوا بأكثر من واحدة فهو أفضل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (2157)
س3: إنني شهدت كذلك ما ذبح من الضحايا عند صلاة الفجر، هل تجوز هذه الذبيحة في هذا الوقت أم لا؟(19/12)
ج3: لا يجوز ذبح الأضحية عند صلاة فجر العيد، ووقت الذبح يوم العيد بعد الصلاة، وقدرها في حق من لا صلاة عنده كالبادية؛ لما روى جندب بن عبدالله رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى»(1)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى»(2) متفق عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
__________
(1) أخرجه أحمد 4/312، والبخاري 7/132 برقم (5562)، كتاب الأضاحي، باب من ذبح قبل الصلاة أعاد، ومسلم 3/1551 برقم (1960) كتاب الأضاحي، باب في وقتها، والنسائي 7/224، كتاب الضحايا، باب ذبح الأضحية قبل الإمام، وابن ماجه 2/1053 برقم (3152) كتاب الأضاحي، باب النهي عن ذبح الأضحية قبل الصلاة، والطبراني 2/174 (1714)، والطيالسي ص126 (936)، والحميدي 2/341 (775)، وابن حبان 13/234 (5913)، والطحاوي 4/173، والبيهقي 9/262، وأبو يعلى 3/100 (1532).
(2) ورد بنحو من هذا اللفظ من حديث البراء، أخرجه أحمد 4/281، والبخاري 7/132 برقم (5563) كتاب الأضاحي، باب من ذبح قبل الصلاة أعاد، ومسلم 3/1553 برقم (1961)، كتاب الأضاحي، باب وقتها، وأبو داود 3/96 برقم (2800)، كتاب الضحايا، باب ما يجوز من السن في الضحايا، والترمذي 4/78 برقم (508)، كتاب الأضاحي، باب ما جاء في الذبح بعد الصلاة، والنسائي 7/222، كتاب الضحايا، باب ذبح الأضحية قبل الإمام، والدارمي 2/80، والطحاوي 4/172، والبيهقي 9/276، والطيالسي ص101 (743)، والبغوي 4/327 (1114)، وابن حبان 8/229 (5908)، ومن حديث أنس بن مالك أخرجه أحمد 3/113 و117، والبخاري 7/128، برقم (5546)، كتاب الأضاحي، باب سنة الأضحية، ومسلم 3/1754 برقم (1962)، كتاب الأضاحي باب وقتها، والنسائي 2/192 كتاب العيدين، باب ذبح الإمام يوم العيد وعدد ما يذبح، والبغوي 3/326 (1113).(19/13)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (5123)
س4: هل صحيح أن من ذبح أضحيته قبل ذبح الإمام لا تجزئ عنه؟
ج4: الصحيح أنَّ من ذبح بعد صلاة العيد أنَّ ذبيحته تجزئه، ولو كان ذبحه قبل ذبح الإمام، أما من ذبح أضحيته قبل صلاة العيد فلا تجزئه أضحية، وإنما هي طعام عجله لأهله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9419)
س1: هل اليوم الثالث عشر يعتبر من أيام عيد الأضحى، وهل يذبح فيه إلى الغروب أو الزوال؟
ج1: يعتبر ذلك اليوم من أيام عيد الأضحى، ويذبح فيه إلى الغروب في أصح أقوال العلماء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11698)
س: هل يجوز للرجل أن يذبح ذبيحة عيد الأضحى وهي ليس مدفوع ثمنها، ثم تسدد بعد مدة؟ وجزاكم الله خيراً.
ج: يجوز ذبح الأضحية ولو تأخر دفع قيمتها من عن ذبحها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5995)(19/14)
س: نحن ثلاثة إخوان، كلنا متزوجون، ولنا أطفال ماعدا أخونا الصغير، وكل منا يعيش في منطقة من مناطق المملكة العربية السعودية، الوالد توفى منذ زمن طويل -رحمه الله-، ونحن لم نقتسم الميراث إلى الوقت الحاضر، وعندما يحل علينا عيد الأضحى المبارك نجتمع كلنا عند أخينا الكبير في المنطقة التي يعيش بها أخونا الكبير، ومعنا الوالدة التي تعيش مع ابنها الصغير، وعند وقت الضحية يقوم كل واحد منا بذبح ضحية عنه وعن أهله. أفيدونا جزاك الله خيراً هل ضحية واحدة تكفينا في هذه الحالة، أم كل منا يضحي؟ وهل تضحي الوالدة عن نفسها أم ضحيتنا تضحيها؟
ج: إذا كان الأمر كما ذكر بالسؤال من أن كل واحد منكم متزوج وله أطفال، ويعيش في منطقة من مناطق المملكة، وتجتمعون عند وقت الضحية عند أخيكم الكبير، ومعكم والدتكم، وكل واحد منكم يذبح أضحية عنه وعن أهل بيته، فهذا العمل طيب، ونسأل الله أن يزيدكم من التوفيق، ووالدتكم من أهلكم، وما فعلتموه هو السنة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (3887)
س2: الخروف المقطوع الذيل (الإلية) من صغر، بقصد أن تعم السمنة جسده، هل يجزئ للأضحية والعقيقة؟(19/15)
ج2: لا يجزئ في الأضحية ولا في الهدايا ولا العقيقة مقطوع الذيل (الإلية)؛ لما روى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن، ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة، ولا مدابرة، ولا خرقاء، ولا شرقاء) أخرجه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان(1) . والمقابلة: ما قطع من طرف أذنها شيء وبقي معلقاً، والخرقاء: مخروقة الأذن، والشرقاء: مشقوقة الأذن. هذا كله إذا كان مقطوعاً، أما إذا كان الخروف لم يخلق له ذيل أصلاً فإنه في حكم الجماء والصمعاء، والحكم في ذلك هو الإجزاء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11827)
س: نأمل من فضيلتكم التكرم بإفادتنا - أفادكم الله وأجزل لكم الأجر والثواب - عن نوع وأوصاف الأغنام الصالحة للهدي والأضحية، وعمر كل منها، وهل إذا زاد العمر ثلاث أو أربع شهور عن الحد المقرر شرعاً يجوز ذبحها للهدي والأضحية، أم أنه لا يمكن أن يزيد العمر بأي حال عن الحد الذي حدده الشرع الشريف؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
__________
(1) أخرجه الإمام أحمد 2/210 برقم (851) و2/45 برقم (609)، وأبو داود 3/97 برقم (2804)، كتاب الضحايا، باب ما يكره من الضحايا، والترمذي 4/73 برقم (1498) كتاب الأضاحي، باب ما يكره من الأضاحي، وابن ماجه 2/1050 برقم (3142) كتاب الأضاحي، باب ما يكره أن يضحى به، والنسائي 7/217 كتاب الأضاحي، باب الخرقاء وهي التي تخرق أذنها، والطحاوي 4/169، والبيهقي 9/275، وابن الجارود صے303 (906)، والحاكم 4/224، والبغوي 4/337 (1121)، والدارمي 2/77 .(19/16)
ج: يجزئ في الأضحية والهدي من الغنم ماليست بعوراء بينة العور، ولا عرجاء بينة العرج، ولا مريضة بينة المرض، ولا عجفاء هزيلة لا مخ فيها، ولا يجزئ من الغنم إلا الجذع من الضأن، وهو ماله ستة أشهر، والثني من المعز وهو ماله سنة، فمن ذبح أضحية أو هدياً بهذه الأسنان فما فوق فإنها تجزئه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السادس من الفتوى رقم (2613)
س6: أخبرنا عن الأضحية، هل تجزئ الشاة على ستة أشهر، حيث أنهم يقولون: لا تجزئ الشاة أو الخروف إلا عن سنة كاملة؟(19/17)
ج6: لا يجزئ من الضأن في الأضحية إلا ماكان سنه ستة أشهر ودخل في السابع فأكثر، سواء كان ذكراً أم أنثى، ويسمى: جذعاً؛ لما رواه أبو داود والنسائي من حديث مجاشع قال: (سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الجذع يوفي ما يوفي منه الثني»)(1) ولا يجزئ من المعز والبقر والإبل إلا ماكان مسنة، سواء كان ذكراً أم أنثى، وهي من المعز ما بلغت سنة، ودخلت في الثانية، ومن البقر ما أتمت سنتين ودخلت في الثالثة، ومن الإبل ما أتمت خمس سنين ودخلت في السادسة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تذبحوا إلا المسنة، إلا إن تعسر عليكم فاذبحوا الجذع من الضأن»(2) رواه مسلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الأضحية بالضبع
السؤال الخامس من الفتوى رقم (5637)
س5: يقول كثير من الناس: إن الضبع يضحى به عن سبعة أنفار.
ج5: لا يضحى بالضبع لا عن واحد ولا عن سبعة؛ لأن الضحية الشرعية إنما تكون من الإبل والبقر والغنم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
__________
(1) أخرجه أحمد 5/368، وأبو داود 3/96 برقم (2799)، كتاب الضحايا، باب ما يجوز من السن في الضحايا، وابن ماجه 2/1049 برقم (3140)، كتاب الأضاحي، باب ما تجزئ من الأضاحي، والنسائي 7/219، كتاب الضحايا، باب المسنة والجذعة.
(2) أخرجه أحمد 3/312 و327، ومسلم 3/1555 برقم (1963)، كتاب الأضاحي، باب سن الأضحية، وأبو داود 3/95 برقم (2797) كتاب الأضاحي، باب ما يجوز من السن في الضحايا، وابن ماجه 2/1049 برقم (3141)، كتاب الأضاحي، باب ما تجزئ من الأضاحي، والنسائي 7/218 كتاب الضحايا، باب المسنة والجذعة. وابن الجارود ص303 برقم (904) .(19/18)
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
التلفظ بالنية عند ذبح الأضحية
السؤال الثاني من الفتوى رقم (5928)
س2: هل يجوز التلفظ بالنية مثلاً لو أردت أن أذبح أضحية لوالدي المتوفى، فأقول: اللهم إنها أضحية والدي فلان، أم أني أعمل الحاجة بدون تلفظ ويكفي؟
ج2: النية محلها القلب، فيكتفي بما قصده في قلبه، ولا يتلفظ بالنية، وعليه بالتسمية والتكبير عند الذبح؛ لما ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: (ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين ذبحهما بيده وسمى وكبر)(1).
ولا مانع من أن تقول: اللهم إن هذه أضحية عن والدي، وليس هذا من التلفظ بالنية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الأضحية للميت
السؤال الثاني من الفتوى رقم (1474)
س2: هل تجوز الأضحية للميت؟
__________
(1) أخرجه أحمد 3/115، والبخاري 7/130 برقم (5554)، كتاب الأضاحي، باب الأضحى والمنحر بالمصلى، ومسلم 3/1556 برقم (1966)، كتاب الأضاحي، باب استحباب الأضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل، وأبو داود 3/94 برقم (2793) كتاب الأضاحي، باب ما يستحب من الأضاحي، والترمذي 4/71 برقم (1494)، كتاب الأضحية، باب ما جاء في الأضحية بكبشين، وابن ماجه 2/1043 برقم (3120)، كتاب الأضاحي، باب أضاحي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والنسائي 7/219 كتاب الضحايا، باب الكبش، والدارمي 2/57، وابن الجارود ص304 (909)، وابن حبان 13/221 (5900)، والطيالسي ص 265 (1968)، وأبو يعلى 5/437 (3136)، والبيهقي 9/259، والبغوي 4/334 (1119)، والدار قطني 4/285 .(19/19)
ج2: أجمع المسلمون مشروعيتها من حيث الأصل، ويجوز أن يضحى عن الميت؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»(1) رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة، وذبح الأضحية عنه من الصدقة الجارية؛ لما يترتب عليها من نفع المضحي والميت وغيرهما.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1765)
س: لقد جرى نقاش حول الأضحية، وقد رأى بعضهم أن الوصية على الميت بالأضحية غير مشروعة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوصوا بعد وفاتهم، وكذلك الخلفاء الراشدون لم يوصوا بها، وكذلك يرى بعض الإخوان أن الصدقة بثمن الأضحية أفضل من ذبحها، أرجو إفادتنا عن رأيكم في الأمر.
ج: الأضحية سنة مؤكدة في قول أكثر العلماء؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ضحى وحث أمته على الضحية، والأصل أنها مطلوبة في وقتها من الحي عن نفسه وأهل بيته.
__________
(1) أخرجه أحمد 2/372، ومسلم 3/1255 برقم (1631)، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، والبخاري في الأدب المفرد 1/113 برقم (38) باب بر الوالدين بعد موتهما، وأبو داود 3/117 برقم (2880) كتاب الوصايا، باب ما جاء في الصدقة عن الميت، والترمذي 3/660 برقم (1376)، كتاب الأحكام، باب في الوقف، والنسائي 6/251 كتاب الوصايا، باب فضل الصدقة عن الميت، والبغوي 1/230 (139)، وابن حبان 7/286 (3016)، والبيهقي 6/278.(19/20)
أما الضحية عن الميت فإن كان أوصى بها في ثلث ماله مثلاً أو جعلها في وقف له وجب على القائم على الوقف والوصية تنفيذها، وإن لم يكن أوصى بها ولا جعلها، وأحب إنسان أن يضحي عن أبيه أو أمه أو غيرهما فهو حسن، ويعتبر هذا من نوع الصدقة عن الميت، والصدقة عنه مشروعة في قول أهل السنة والجماعة.
وأما الصدقة بثمن الأضحية بناء على أنه أفضل من ذبحها فإن كانت الضحية منصوصاً عليها في الوقف أو الوصية لم يجز للوكيل العدول عن ذلك إلى الصدقة بثمنها، أما إن كانت تطوعاً عن غيره فالأمر في ذلك واسع، وأما الضحية عن نفس المسلم وعن أهل بيته (الحي) فسنة مؤكدة للقادر عليها، وذبحها أفضل من الصدقة بثمنها؛ تأسياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3688)
س: مضمونه عن ضحية الميت هل هي تذبح له أيام عيد الأضحى، ومن ليس له مال موصى به هل يجوز أن يضحى له من مال أولاده ويتصدق عنه؟
ج: إذا وصى الميت بأضحية وله ثلث فإنها تذبح من ثلثه، وعلى حسب وصيته، وإن لم يكن له ثلث وأراد أحد من ورثته أو غيرهم أن يتصدق عنه فيذبح له أضحية فهذا من باب الإحسان له والبر به، والضحية إنما تذبح في أيام النحر، وهي: يوم العيد وثلاثة أيام بعده في أصح أقوال أهل العلم، وهي سنة وليست فريضة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السادس من الفتوى رقم (2143)
س6: إذا ضحى شخص عن والده المتوفى أو تصدق عنه، أو دعا له وزار قبره، فهل يحس أنه من ابنه فلان؟(19/21)
ج6: الذي دلت عليه نصوص الشريعة انتفاع الميت بصدقة الحي عنه، ودعائه له، والضحية عنه نوع من أنواع الصدقة، فإذا أخلص المتصدق في صدقته عن الميت، وفي دعائه له؛ انتفع الميت وأثيب الداعي والمتصدق، فضلاً من الله ورحمة، وحسبه أن يعلم الله منه الإخلاص وحسن العمل ويأجر الطرفين، أما أنه يحس الميت بمن أسدى إليه المعروف فلم يدل عليه دليل شرعي فيما نعلم، وهو أمر غيبي لا يعلم إلا من وحي الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (7502)
س3: رجل أوصى في غلة ثلث ماله بأضاحي، ولم يذكر من تعطى، فما يصنع بلحمها؟ وما حكم تنفيذ هذه الوصية؟ وهل يجوز أن تغير هذه الوصية بأن يتصدق بثمنها مثلاً أو يدفع في أعمال بر أخرى؟
ج3: إذا كان الواقع ما ذكر فتنفذ الوصية حسب نص الموصي، وتعتبر الأضحية الموصى بها كأية أضحية مشروعة يؤكل منها ويهدى ويتصدق، ولا يعدل عن نص الموصي في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9824)
س: لدي أرض من الدخل المحدود، وقمت ببنائها من صندوق التنمية العقاري، وأجرتها، وسكنت مع أخي الذي هو من أبي أنا ووالدتي وإخواني، وطلبت مني والدتي قبل وفاتها بأن أكتب بيتي أضحية لها فيه، فهل يجوز لي أن أضحي لها في بيت أخي؟ علماً أنني ما زلت أسدد أقساط البنك ومؤجر بيتي. أفيدوني أفادكم الله.
ج: المقصود من وصية أمك هو ذبح الأضحية، فإن ذبحت الأضحية في بيتك أو بيت أخيك أجزأ ذلك.(19/22)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (500)
س: لي جدة وإبنها، أوصيا في ملك لهما في أضحيتين، كل واحد له واحدة، وفي هذه السنين لم يبلغ الريع إلا بعد سبع سنين إذا زرع ملكهما، فإن زرع في سنة واحدة لم يأت الريع إلا في أضحية واحدة للجميع، هل يكون لنا رخصة أن نجمع ريع الأضحيتين الموصى بهما ونجعله في أضحية واحدة، ونضحي بها لهما، أو نبقي ريعه حتى يتم الأضحيتين ولو بعد سنين كثيرة؟ نرجو الإجابة على هذا السؤال.
ج: إذا أوصى شخص بأن يضحى عنه بعد موته من ثلثه، فهذه الأضحية واجبة، فمتى حصل مبلغ يكفي أضحية فإنها تشترى ويضحى بها عنه، وإذا تحصل ما يكفي لجزء أضحية فلا يجمع هذا المبلغ مع مبلغ لشخص آخر تماثل حالته هذه الحالة، كما في الصورة المسؤول عنها؛ لأنها عبادة من العبادات، وقد أوصى كل منهما بأن يضحى عنه بأضحية، ولم يتعرض لحالة العجز عن الإتيان بكامل الأضحية فتبقى على الأصل وهو المنع، ولأن نص الموقف والموصي كنص الشارع في الفهم والدلالة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
السؤال التاسع من الفتوى رقم (5612)
س9: من هم المستحقون أن يهدى إليهم لحم الأضحية، وما حكم من ناول اللحم الأضحية إلى غيره الذي ذبح؟ وأيضاً كثير من المسلمين في بلدنا إذا ذبحوا شاة الأضحية، لا يوزعون اللحم في نفس اليوم الذي ذبحوها فيه، إلا أنهم يتركونها إلى يوم القادم. ولست أدري أذلك سنة أم في فعل ذلك ثواب؟(19/23)
ج9: يأكل صاحب الأضحية من لحمها ويعطي منها الفقراء سداً لحاجتهم ذلك اليوم، والأقارب صلةً للرحم، والجيران؛ مواساةً لهم، والأصدقاء؛ تأكيداً للأخوة، وتقوية لها، والتعجيل بالعطاء منها يوم العيد خير من التأجيل لليوم الثاني وما بعده؛ توسعة عليهم، وإدخالاً للسرور عليهم ذلك اليوم، ولعموم قوله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض}(1)، وقوله: {فاستبقوا الخيرات}(2)، ولا بأس بإعطاء الذابح لها منها، لكن لا تكون أجرة له، بل يعطى أجرته من غير الضحية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
إعطاء الكافر من الأضحية
السؤال الثالث من الفتوى رقم (1997)
س3: هل يجوز لمن لم يدين بدين الإسلام أن يأكل من لحم عيد الأضحى؟
__________
(1) سورة آل عمران، الآية 133.
(2) سورة البقرة، الآية 148.(19/24)
ج3: نعم يجوز لنا أن نطعم الكافر المعاهد والأسير من لحم الأضحية، ويجوز إعطاؤه منها لفقره أو قرابته أو جواره، أوتأليف قلبه؛ لأن النسك إنما هو في ذبحها أو نحرها؛ قرباناً لله، وعبادة له، وأما لحمها فالأفضل أن يأكل ثلثه، ويهدي إلى أقاربه وجيرانه وأصدقائه ثلثه، ويتصدق بثلثه على الفقراء، وإن زاد أو نقص في هذه الأقسام أو اكتفى ببعضها فلا حرج، والأمر في ذلك واسع، ولا يعطى من لحم الأضحية حربياً؛ لأن الواجب كبته وإضعافه، لا مواساته وتقويته بالصدقة، وكذلك الحكم في صدقات التطوع؛ لعموم قوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}(1) ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن تصل أمها بالمال وهي مشركة في وقت الهدنة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (2752)
س2: هل يعطى الكافر من لحم الأضحية أم ما فيه صدقة؟
__________
(1) سورة الممتحنة، الآية 8.(19/25)
ج2: يعطى الكافر من لحم الأضحية إذا لم يكن حربياً، ولم تكن واجبة كالمنذورة؛ لقول الله سبحانه: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أسماء بنت أبي بكر أن تصل أمها، وكانت مشركة، رواه البخاري(1) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره
السؤال الثالث من الفتوى رقم (1407)
س3: الحديث من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فمن أول شهر ذي الحجة فلا يأخذ من شعره ولا بشرته ولا أظفاره شيئاً حتى يضحي، فهل هذا النهي يعم أهل البيت كلهم، كبيرهم وصغيرهم أو الكبير دون الصغير؟
__________
(1) رواه أحمد 6/344 و355، والبخاري 4/126 برقم (3183) كتاب الجزية والموادعة، ومسلم 2/696 برقم (1003) كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة على الأقربين ولو كانوا مشركين، وأبو داود 2/127 برقم (1668) كتاب الزكاة، باب الصدقة على أهل الذمة، والبيهقي 4/191، وابن حبان 2/197 (452)، والطيالسي ص 228 (1643).(19/26)
ج3: لا نعلم أن لفظ الحديث كما ذكره السائل، واللفظ الذي نعلم أنه ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو مارواه الجماعة إلا البخاري، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره»، ولفظ أبي داود وهو لمسلم والنسائي أيضاً: «من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي»، فهذا الحديث دال على المنع من أخذ الشعر والأظفار بعد دخول عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، فالرواية الأولى فيها الأمر والترك، وأصله أنه يقتضي الوجوب، ولا نعلم له صارفاً عن هذا الأصل، والرواية الثانية فيها النهي عن الأخذ، وأصله أنه يقتضي التحريم، أي: تحريم الأخذ، ولا نعلم صارفاً يصرفه عن ذلك، فتبين بهذا: أن هذا الحديث خاص بمن أراد أن يضحي فقط، أما المضحى عنه فسواء كان كبيراً أو صغيراً فلا مانع من أن يأخذ من شعره أو بشرته أو أظفاره بناء على الأصل وهو الجواز، ولا نعلم دليلاً يدل على خلاف الأصل.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4312)
س1: ما حكم أضحية من ضحى لوالديه، وهو حالق لحيته أو قاص أظافره خلال عشر ذي الحجة؟
ج1: أضحيته صحيحة سواء كانت عن نفسه أو عن والديه، ولا يبطلها حلق لحيته أو قص أظافره خلال الأيام العشر قبل الذبح أو نحر الضحية، وقد أساء بقص أظافره في تلك الأيام، وارتكب منكراً بحلق لحيته مطلقاً، إلا أن حلقها في تلك الأيام أشد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(19/27)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (8439)
س1: هل مشط الشعر في شهر الحج إذا لم أحج وقعدت في بيتي هل يجوز بالنسبة لي وللبنات الصغار؟ حيث أن بعض الناس يقولون: لا يجوز مشط الشعر في شهر الحج، هل يجوز لي مشط الشعر؟ أخبرني.
ج1: من أراد أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا ظفره ولا بشرته شيئاً إذا دخل شهر ذي الحجة حتى يضحي؛ لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من بشرته شيئاً» وفي لفظ: «من ظفره»، أما أهله فلا حرج عليهم، أما تسريح الشعر بدون قطع للشعر فلا بأس به.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (9309)
س1: إذا كنت ساكناً مع والدي وعائلتي، وكنت مسافراً عنهم ولا نويت أن أضحي، ولا أذبح الضحية؛ لكون والدي موجوداً دائماً، وهو الذي يشتري الضحية ويذبحها ويضحي عنها، ولكن الوالد عند عودتي ذهب لأداء فريضة الحج، وبقيت أنا فقط مع العائلة، ولما أراد الحج وكلني على ذبح الضحية، مع العلم أنني حلقت وقصرت بعد دخول العشر من ذي الحجة، فهل جائز لي ذبح الضحية ولا حرج علي، مع العلم أن الوالد هو الذي اشترى الضحية؟
ج1: إذا كان الواقع كما ذكرت جاز لك ذبح الضحية، ولا إثم عليك فيما وقع منك بعد دخول عشر ذي الحجة من الحلق والتقصير؛ لأنك وكيل عن المضحي ولست مضحياً بالأصالة، بل بالتبع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز(19/28)
السؤال الخامس من الفتوى رقم (9437)
س5: يزعم بعض الناس أن عظم الأضحية لا يكسر أبداً، ولا يجوز كسره.
ج5: لا بأس بكسره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (10700)
س2: شابة توفي والدها وتزوجت بعده، وترغب أن تضحي له، وحيث أن من وجوب واستحسان لمن يرغب أن يضحي أن لا يقطع أو يقص شيئاً من شعره أو أظافره، وبما أن الشعر لا تتمكن من التحكم فيه، حيث ربما يسقط منه شيء أثناء اجتماع الزوجين، والسؤال: ماذا يرى فضيلتكم حيال ذلك، هل تضحي أم لا؟
ج2: تضحي عن والدها، ولا حرج فيما يسقط من الشعر دون قصد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (10778)
س2: أنا متزوج منذ ستة شهور، وزوجتي مع أهلها ولم يسمحوا لها بالذهاب معي، فهل يجوز لي أضحية أم لا؟ أرجو تفسير ذلك.
ج2: تشرع الأضحية للمسلم، سواء وجدت زوجته معه في بيته أو لم توجد.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (12251)(19/29)
س1: إذا كان الإنسان يريد أن يضحي، فإذا دخلت عشر الضحية لا يجوز له الأخذ من أظفاره ولا من شعره حتى يذبح ضحيته، وأخذ عمرة في عشر الحجة، هل يجوز له أن يقصر أو يحلق إذا قضى حجه يوم العيد وهو ما بعد تيقن أن أضحيته مذبوحة، ويلبس أو يبقى في إحرامه، ولا يحلق ولا يقصر إلا متأكداً من ذبح ضحيته؛ لأن الأضحية في نجد أو ما تدخل الأضحية في العمرة ولا في الحج، الذي يؤخذ من شعره ولا أظفاره الذي لا يحج ولا يعتمر.
ج1: من حج أو اعتمر وهو يريد أن يضحي وجب عليه أن يحلق أو يقصر ولو قبل أن يضحي؛ لأن الحلق والتقصير من واجبات الحج، ولا تعلق له بالضحية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (13654)
س: أثناء ذبح الأضاحي والهدي هل يجوز رمي إلية الأضحية والبطن والأمعاء والكرش والجلد والمقادم، هل يجوز رمي هذه الأشياء أو إعطاءها القصاب من غير أجرته؟
ج: لا مانع من إعطاء إلية الأضحية والجلد والبطن والأمعاء والكرش والمقادم للقصاب من غير أجرته، إلا أن يوجد من الفقراء من هو أحق منه بها، أو بعضها، فإنها تصرف للأحق.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (6667)
س4: ما معنى لطخ الجباه بدم الأضحية؛ لأني رأيت بعض المسلمين فاعلين ذلك، فسألتهم معناه فقال لي رجل من علماء البلد: كذلك فعل أصحاب سيدنا إبراهيم عليه السلام حيث ذبح أضحيته فطلبت منه كتاب الذي قرأ هذا التاريخ فيه، فلم أجده، فأنا طالب فلم يكن عندي كتب كافية فرأيت أن أطلب منكم معنى ذلك العمل؟(19/30)
ج4: لا نعلم للطخ الجباه بدم الأضحية أصلاً لا من الكتاب ولا من السنة، ولا نعلم أن أحداً من الصحابة فعله، فهو بدعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وفي رواية: «من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد»، متفق على صحته.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (1275)
س4: الإمام في البلد يصلي بالناس، لكنه إذا جاء يوم عيد الأضحى يصلي بالناس ثم يتوضأ لأضحيته بالماء بين يدي الناس قبل ذبحه، فهل يحل أكل لحم ذبيحته؟
ج4: لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ بعد صلاة عيد الأضحى من أجل أن يذبح أضحيته، ولم يعرف ذلك أيضاً عن السلف الصالح، والقرون الثلاثة التي شهد لها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخير، فمن توضأ من أجل ذبح أضحيته فهو جاهل مبتدع؛ لما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد»، ولكنه إذا ارتكب ذلك بأن توضأ لذبح أضحيته فذبيحته مجزئة له مادام مسلماً لا يعرف عنه ما يوجب تكفيره، ويجوز الأكل منها له ولغيره .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
العقيقة
السؤال الرابع من الفتوى رقم (181)
س4: هل يصح لمن ولد له مولود من المسلمين أن يطبخ طعاماً ويدعو إخوانه المسلمين إليه؟(19/31)
ج4: شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العقيقة عن الذكر شاتين، وعن الأنثى شاة واحدة، كما شرع الأكل والإهداء والتصدق منها، فإذا صنع من ولد له المولود طعاماً ودعا بعض إخوانه المسلمين إليه وجعل مع هذا الطعام شيئاً من لحمها فليس في ذلك شيء، بل هو من باب الإحسان، وأما ما يفعله بعض الناس من طبخ الطعام يوم ولادة المولود، ويسمونه عيد الميلاد، ويتكرر هذا على حسب رغبة من ولد له المولود أو رغبة غيره أو رغبة المولود إذا كبر فهذا ليس من الشرع، بل هو بدعة، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد».
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
السؤال الثاني من الفتوى رقم (1776)
س2: إذا رزقت بعدد من الأولاد، ولم أعق عن أحد منهم بسبب ضيق الرزق؛ لأني رجل موظف، وراتبي محدود ولا يكفي إلا المصروف الشهري، فما حكم عقائق أولادي علي في الإسلام؟
ج2: إذا كان الواقع كما ذكرت من قلة ضيق اليد، وأن دخلك لا يكفي إلا نفقاتك على نفسك ومن تعول؛ فلا حرج عليك في عدم التقرب إلى الله بالعقيقة عن أولادك؛ لقول الله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}(1)، وقوله: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}(2)، وقوله: {فاتقوا الله ما استطعتم}(3)، ولما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه»، ومتى أيسرت شرع لك فعلها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
__________
(1) سورة البقرة، الآية 286.
(2) سورة الحج، الآية 78.
(3) سورة التغابن، الآية 16.(19/32)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (2191)
س3: فيه رجل يقول: إنه أفتاه وأرشده واحد يقول: إن العقيقة تكون للطفل المولود الذكر لازم تكون شاتين متشابهتين، أما كلتاهما ماعز، أو ضأن، فما رأيكم؟
ج3: السنة أن يذبح عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الأنثى شاة واحدة؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة» رواه أحمد والترمذي وصححه، وعن ابن عباس رضي الله عنه: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً) رواه أبو داود والنسائي، وقال: (بكبشين كبشين) هذا هو الأفضل، وأما الإجزاء فيحصل بما يجزئ أضحية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (3116)
س2: إذا وجد للرجل ولد، ولم يوجد عنده مال يذبح عنه حتى مر عليه سنة أو أكثر، ثم وجد مالاً، فهل يذبح عنه في هذا الوقت أو سقط عنه؟
ج2: يسن أن يعق عنه حينما يتيسر له ذلك، ولو بعد سنة أو أكثر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4861)
س1: هل العقيقة فرض أم سنة مستحبة، وهل إذا تهاون الرجل في أدائها لمولوده وهو مستطيع آثم، وكم المدة التي يجب أن يتمم فيها، وإذا أخرها لمدة شهرين أو شهر لعذر أو بدون عذر جائز يؤديها؟(19/33)
ج1: العقيقة سنة مؤكدة عن الغلام شاتان تجزئ كل منهما أضحية، وعن الجارية شاة واحدة، وتذبح يوم السابع، وإذا أخرها عن السابع جاز ذبحها في أي وقت، ولا يأثم في تأخيرها، والأفضل تقديمها ما أمكن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (6268)
س4: فيه رجل اشترى تمائم ولده يريد أن يذبحها بعد يوم أو يومين، يريد بذلك اجتماع من حوله من الجيران، فجاءه ضيف وذبح له واحدة منها، وأخبر أنها تميمة ولده، وبعد ذلك قيل له: إنها غير مجزية، ومثلاً لو ما ذكر للضيف ذلك وظن الضيف أنها كرامة له، فكلا الحالتين أفيدونا عنها.
ج4: الأقرب أنها لا تجزئه؛ لكونه جعلها وقاية لماله، سواء أخبر الضيف أم لم يخبره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال العاشر من الفتوى رقم (8052)
س10: هل يجزئ عن ذبح شاة في العقيقة شراء كيلوات من اللحم، أو أنه لا يجزئ إلا الذبح؟
ج10: لا يجزئ إلا ذبح شاة عن البنت، وشاتين عن الابن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (7365)(19/34)
س2: والدي ثري وعنده ثروة حيوانية، وكان لوالدتي عنز، وطلب منها العنز لكي يعملها عقيقة لي ولطهار إخواني، حيث قال: أعطيني العنز نبيعها أو نذبحها عقيقة لسعيد ولطهار الأولاد، ولم يذبح سواء تلك العنز، ولما شافت أنه أصر على أخذ العنز قالت: اعملها عقيقة أحسن من بيعها، وكان في ذلك نوع من الإجبار، والعقيقة تمت بعد خمسة أشهر، وكذلك بعض من إخواني؟ سؤالي: هل تكفي الذي فعل والدي أم لا؟ وهل يجوز لي إن بقي علي شيء من ذلك أن أعمله؟
ج2: تجزئ تلك العنز عقيقة عنك ولا يلزمك ذبح غيرها؛ لأنها سنة في حق الأب، لا في حقك، وقد أدى بعضها، ويشرع له أن يذبح ثانية إذا كان موجوداً؛ لأن السنة في العقيقة أن يذبح عن الذكر ثنتان وعن الأنثى واحدة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (9029)
س2: رجل أتى له أبناء ولم يعق عنهم؛ لأنه كان في حالة فقر، وبعد مدة من السنين أغناه الله من فضله، هل عليه عقيقة؟
ج2: إذا كان الواقع ما ذكر فالمشروع له أن يعق عنهم عن كل ابن شاتان.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4400)
س1: في العقيقة قال سعد بن عبدالرحمن كل من يعرفه في المملكة من كبار العلماء ومن نظر إلى أثرهم من سلف الأمة يدعون الناس إلى عقيقتهم ولم ينكر عليهم أحد إلى هذا اليوم.(19/35)
ج1: العقيقة: هي ما يذبح في اليوم السابع من الولادة؛ شكراً لله على ما وهبه من الولد، ذكراً كان أو أنثى، وهي سنة؛ لما ورد فيها من الأحاديث، ولمن عق عن ولده أن يدعو الناس لأكلها في بيته أو نحوه، وله أن يوزعها لحماً نيئاً وناضجاً على الفقراء وأقاربه وجيرانه والأصدقاء وغيرهم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (6779)
س4: ما حكم احتفال الناس في العقيقة والوليمة؟
ج4: العقيقة: ما تذبح عن المولود سابع يوم ولادته، والوليمة: ما يقدم من الطعام في العرس ذبيحة أو نحوها، وكلاهما سنة، والاجتماع في ذلك لتناول الطعام والمشاركة في السرور وإعلان النكاح خير.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9353)
س: نحن بادية جيزان الأرياف، ونجهل بمعنى الحديث الوارد في العقيقة، حيث لم نعلم عن كيفية العمل بها، هل تذبح وتقسم خميداً أم غير خميد، وهل هي صدقة وتعطى المساكين؟ وعندنا يذبح الواحد في يوم السابع ويجعلها وليمة كبيرة، يذبح حوالي عشر من الغنم، ويدعي إليها أصحابه البعيد والقريب، ويتعاونون، يعطونه فلوساً معاونة عوضاً له عن الخسارة، وجرت العادة عليه، وأيضاً لازم البنادق والطلقات زهاء يوم كامل. أفيدونا أفادكم الله؛ هل هذا العمل صحيح؟ وإذا كان غير صحيح أفيدونا وفقكم الله إلى الطريق الصحيح في هذا الشأن، وكيف يقنع الناس على ترك ما لم يوافق الشرع؟(19/36)
ج: لمن إليه العقيقة أن يوزعها لحماً نيئاً أو مطبوخاً على الفقراء والجيران والأقارب والأصدقاء، ويأكل هو وأهله منها، وله أن يدعو الناس الفقراء والأغنياء ويطعمهم إياها في بيته ونحوه، والأمر في ذلك واسع، أما الطلقات النارية بالبنادق ونحوها فهي من عادات الناس لا من السنة الشرعية في العقيقة، وتركها حسن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (1684)
س1: جاء لإنسان ولد بستة أشهر، خرج من أمه حياً ومات بيومه، هل له تمايم أو لا؟
ج1: إذا كان الأمر كما ذكرت من خروج الولد من أمه لستة أشهر حياً؛ سن أن يذبح عنه عقيقة، ولو مات بعد ولادته، وذلك في اليوم السابع من ولادته، ويسمى؛ لما رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن، عن سلمان بن عامر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى»، وما رواه الحسن عن سمرة رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع، ويحلق، ويسمى» رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الترمذي والعقيقة شاتان عن الغلام، وشاة عن الأنثى؛ لما رواه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل، عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد حسن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (969)
س: المولود إذا مات قبل اليوم السابع هل تجب العقيقة عنه أم لا؟(19/37)
ج: إذا مات المولود قبل اليوم السابع فإنه يعق عنه في اليوم السابع، وموته قبل اليوم السابع لا يمنع من ذبحها في اليوم السابع؛ لأن الأدلة الشرعية الواردة في العقيقة الدالة على وقتها لا نعلم شيئاً مثلها دالاً على سقوطها إذا مات قبل اليوم السابع، فإنها دالة بعمومها أنها تشرع بالولادة، وتذبح في اليوم السابع، وهذا العموم يتناول الصورة المسئول عنها، ولا نعلم ما يخرجها من هذا العموم كما سبق. وتحديد اليوم السابع للذبح لا يؤخذ منه أن مشروعيتها لا تبدأ إلا في اليوم السابع، فإن الولادة هي سبب طلب العقيقة، واليوم السابع هو الوقت الأفضل لتنفيذ هذا الأمر المشروع؛ ولهذا لو ذبحها قبل السابع أجزأت، كما قال ابن القيم ومن وافقه من أهل العلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
السؤال الثالث من الفتوى رقم (1528)
س3: السقط المتبين أنه ذكر أو أنثى هل له عقيقة أو لا؟ وكذلك المولود إذا ولد ثم مات بعد أيام، ولم يعق عنه في حياته، هل يعق عنه بعد موته أو لا؟ وإذا مضى على المولود شهر أو شهران أو نصف سنة أو سنة أو كبر ولم يعق عنه هل يعق عنه أو لا؟(19/38)
ج3: جمهور الفقهاء على أن العقيقة سنة؛ لما رواه أحمد والبخاري وأصحاب السنن عن سلمان بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى»، وما رواه الحسن عن سمرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق، ويسمى» رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الترمذي، وما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل، عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد حسن.
ولا عقيقة عن السقط، ولو تبين أنه ذكر أو أنثى إذا سقط قبل نفخ الروح فيه؛ لأنه لا يسمى غلاماً ولا مولوداً، وتذبح العقيقة في اليوم السابع من الولادة، وإذا ولد الجنين حياً ومات قبل اليوم السابع سن أن يعق عنه في اليوم السابع، ويسمى، وإذا مضى اليوم السابع ولم يعق عنه، فرأى بعض الفقهاء أنه لا يسن أن يعق عنه بعده؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقتها باليوم السابع، وذهب الحنابلة وجماعة من الفقهاء إلى أنه يسن أن يعق عنه ولو بعد شهر أو سنة، أو أكثر، من ولادته؛ لعموم الأحاديث الثابتة، ولما أخرجه البيهقي عن أنس رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن نفسه بعد البعثة، وهو أحوط.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثامن من الفتوى رقم (4679)
س8: حصلت العقيقة بعد وفاة الطفلة، وكان عمرها وقت الوفاة سنة ونصف، هل أدى العقيقة على طبيعتها أم لا؟ وهل هذه الطفلة تنفع والديها في الآخرة؟ أفيدونا بذلك.(19/39)
ج8: نعم تجزئ، ولكن تأخيرها عن اليوم السابع من الولادة خلاف السنة، وكل طفل أو طفلة مات صغيراً ينفع الله به من صبر من والديه المؤمنين.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5088)
س1: والدتي جاء عليها طفلان وماتا صغيرين، ولم يتمم لهما إلى الآن، والدي لم يكن لديه ما يتمم به مع العلم أن والدي الآن متوفى، فهل يجوز لوالدتي أن تتمم لأطفالها المتوفين؟
ج1: إذا كان الواقع ماذكر فلأمك أن تتمم عن الطفلين، ولها الأجر من الله على ذلك إن شاء الله.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال السابع من الفتوى رقم (12591)
س7: عندي أربع أولاد، وأنا حامل، ولم أعق عنهم جميعاً، هل أعق عنهم أم أخرج فلوس عن كل مولود؟ أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء.
ج7: يعق عن الذكر شاتان، وعن الأنثى شاة، ولا يجزئ دفع الفلوس ونحوها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم (2392)
س3: أي يوم أفضل في تسمية المولود؛ بعد ولادته أم يوم السابع من ولادته؟ وهل يحق الاحتفال فيه مع الأحباب والأصدقاء والجيران؟(19/40)
ج3: أما وقت تسمية المولود ففيه سعة، فإن سماه يوم ولادته أو في اليوم السابع، فقد ورد ما يدل على ذلك، فروى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث سهل بن سعد الساعدي قال: (أتي بالمنذر بن أسيد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ولد، فوضعه النبي - صلى الله عليه وسلم - على فخذه، وأبو أسيد جالس فلهى النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء بين يديه، فأمر أبو أسيد بابنه فاحتمل من على فخذ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول اله - صلى الله عليه وسلم -: «أين الصبي؟» فقال أبو أسيد: قلبناه يا رسول الله، فقال: «ما اسمه؟» قال: فلان، قال: «لا؟ ولكن اسمه المنذر»، وفي صحيح مسلم من حديث سليمان بن المغيرة، عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم» الحديث، وروى أحمد وأهل السنن عن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل غلام رهينة بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه» قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
تسمية المولود
الفتوى رقم (5785)
س: يوجد لدي ولد ابن لي متوفى في حادث سيارة، وهو متزوج على امرأتين، وقد توفي وزوجتيه حوامل، وأنه أوصى قبل وفاته بأن سيكون المولود يسمى باسم أبيه: سرحان بن سرحان، والمتوفى اسمه: سرحان بن محمد علي، وقد حصلنا على صكوك شرعية من محكمة القنفذة بهذا الاسم، ولقد توقفت شهادة المولود في المكتب الصحي بالقنفذة بحجة أنه لا يجوز اسم المولود بوالده. نأمل من الله ثم منكم إفتاءنا عن هذا الموضوع بما فيه أن شهادة المولود متوقفة في المكتب الصحي، وأن عمر الولد يبلغ ثمانية أشهر).(19/41)
ج: يجوز أن يسمى المولود باسم أبيه، كما في السؤال سرحان بن سرحان بن محمد، وكعبدالله بن عبدالله، ولا حرج في ذلك إن شاء الله، سواء كان المسمى عليه حياً وقت التسمية أو ميتاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (4679)
س1: إن كثيراً من الناس يسمون: عاشق الله، ومحمد الله، ومحب الله، فهل يجوز التسمية بهذه الأسماء أم لا؟
ج1: في التسمية بعاشق الله سوء أدب، ولا بأس بالتسمية بمحمد الله، ومحب الله، والأولى ترك ذلك، والتسمية بالتعبيد لله أو نحو محمد وصالح وأحمد ونحو ذلك، من غير إضافة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثامن من الفتوى رقم (8842)
س8: هل تجوز تسمية الأولاد في المسجد خاصة أم لا؟
ج8: ليس لتسمية الأولاد مكان معين، بل الأمر في ذلك واسع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3862)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من معالي وزير المعارف السعودية إلى سماحة الرئيس العام، والمحال إليها برقم 818 في 3/5/1401هـ، ونصه:(19/42)
أحيل لسماحتكم استفسار إدارة الامتحانات في الوزارة رقم 2121 وتاريخ 7/4/1401هـ، مع جدول لأسماء الله الحسنى، بشأن الاستفسار حول اسم (الفضيل) هل هو من أسماء الله الحسنى؟ وماذا يعمل مع من اسمه عبدالفضيل؛ هل يعدل الاسم أم يبقى على حالته؟ وحيث أن الاستفسار قد بدأ يتكرر من كثير من الجهات حول الأسماء الحسنى نتيجة لوجود عدد من المتعاقدين يحملون من الأسماء مالا يقره الشرع، مثل عبدالنبي وعبدالإمام وعبدالزهراء وغيرها من الأسماء. آمل موافاتنا ببيان تحدد فيه الأسماء التي تجوز إضافة الـ (عبد) إليها، والتسمي بها، خاصة وأن كثيراً من الكتب تشير إلى أن أسماء الله تعالى لا تنحصر في التسعة والتسعين اسماً، بل إن الروايات تختلف حتى في تعداد هذه الأسماء التسعة والتسعين، ويتجه بعض العلماء إلى أن أسماء الله فوق الحصر، مستشهدين بالحديث: «اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك.. » الحديث.
وأجابت بما يلي:
أولاً: قال الله تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون}(1) .
__________
(1) سورة الأعراف، الآية 180.(19/43)
فأخبر سبحانه عن نفسه بأنه اختُص بالأسماء الحسنى المتضمنة لكمال صفاته، ولعظمته وجلاله، وأمر عباده أن يدعوه بها، تسمية له بما سمى به نفسه، وأن يدعوه بها تضرعاً وخفية في السراء والضراء، ونهاهم عن الإلحاد فيها؛ بجحدها، أو إنكار معانيها، أو بتسميته بما لم يسم به نفسه، أو بتسمية غيره بها، وتوعد من خالف في ذلك بسوء العذاب. وقد سمى الله نفسه بأسماء في محكم كتابه، وفيما أوحاه إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - من السنة الثابتة، وليس من بينها اسم الفضيل، وليس لأحد أن يسميه بذلك؛ لأن أسماءه تعالى توقيفية، فإنه سبحانه هو أعلم بما يليق بجلاله، وغيره قاصر عن ذلك، فمن سماه بغير ما سمى به نفسه أو سماه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقد ألحد في أسمائه، وانحرف عن سواء السبيل، وليس لأحد من خلقه أن يعبِّد أحداً لغيره من عباده، فلا تجوز التسمية بعبد الفضيل، أو عبدالنبي، أو عبدالرسول، أو عبد علي، أو عبد الحسين، أو عبد الزهراء، أو غلام أحمد، أو غلام مصطفى، أو نحو ذلك من الأسماء التي فيها تعبيد مخلوق لمخلوق؛ لما في ذلك من الغلو في الصالحين والوجهاء، والتطاول على حق الله، ولأنه ذريعة إلى الشرك والطغيان، وقد حكى ابن حزم إجماع العلماء على تحريم التعبيد لغير الله، وعلى هذا يجب أن يغير ما ذكر في السؤال من الأسماء وما شابهها.
ثانياً: ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن لله تسعة وتسعين اسماً، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة» رواه البخاري ومسلم.
وروى هذا الحديث الترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والبيهقي وغيرهم، وزادوا فيه تعيين الأسماء التسعة والتسعين، مع اختلاف في تعيينها، وللعلماء في ذلك مباحث:
أ - منها: أن المراد بإحصائها: معرفتها، وفهم معانيها، والإيمان بها، والعمل بمقتضاها، والاستسلام لما دلت عليه، وليس المراد مجرد حفظ ألفاظها وسردها عداً.(19/44)
ب - ومنها: أن المعول عليه عند العلماء أن تعيين التسعة والتسعين اسماً مدرج في الحديث، استخلصه بعض العلماء من القرآن فقط، أو من القرآن والأحاديث الصحيحة، وجعلوها بعد الحديث؛ كتفسير له، وتفصيل للعدد المجمل فيه، وعملاً بترغيب النبي - صلى الله عليه وسلم - في إحصائها؛ رجاء الفوز بدخول الجنة.
جـ - ومنها: أنه ليس المقصود من الحديث حصر أسماء الله في تسعة وتسعين اسماً؛ لأن صيغته ليست من صيغ الحصر، وإنما المقصود الإخبار عن خاصة من خواص تسعة وتسعين اسماً من أسمائه تعالى، وبيان عظم جزاء إحصائها، ويؤيده ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما أصاب أحداً قط هَمّ ولا حَزَن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً»، فقيل: يا رسول الله أفلا نتعلمها؟ فقال: «بلى، ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها».
فبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الله سبحانه وتعالى استأثر بعلم بعض أسمائه، فلم يطلع عليها أحداً من خلقه، فكانت من الغيبيات التي لا يجوز لأحد أن يخوض فيها بخرص وتخمين؛ لأن أسماءه تعالى توقيفية، كما سيجيء إن شاء الله.(19/45)
د - ومنها أن أسماء الله توقيفية، فلا يسمى سبحانه إلا بما سمى به نفسه، أو سماه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يجوز أن يسمى باسم عن طريق القياس أو الاشتقاق من فعل ونحوه، خلافاً للمعتزلة والكرامية، فلا يجوز تسميته بنَّاء، ولا ماكراً، ولا مستهزئاً؛ أخذاً من قوله تعالى: {والسماء بنيناها بأيدٍ}(1)، وقوله: {ومكروا ومكر الله}(2)، وقوله: {الله يستهزئ بهم}(3)، ولا يجوز تسميته: زارعاً ولا ماهداً، ولا فالقاً، ولا منشئاً، ولا قابلاً، ولا شديداً، ونحو ذلك؛ أخذاً من قوله تعالى: {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون}(4)، وقوله: {فنعم الماهدون}(5)، وقوله: {أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون}(6)، وقوله تعالى: {فالق الحب والنوى}(7)، وقوله: {وقابل التوب شديد العقاب}(8)؛ لأنها لم تستعمل في هذه النصوص إلا مضافة، وفي إخبار على غير طريق التسمي، لا مطلقة، فلا يجوز استعمالها إلا على الصفة التي وردت عليها في النصوص الشرعية.
فيجب ألا يعبَّد في التسمية إلا لاسم من الأسماء التي سمى بها نفسه صريحاً في القرآن، أو سماه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما ثبت عنه من الأحاديث، كأسمائه التي في آخر سورة الحشر، والمذكورة أول سورة الحديد، والمذكورة في سور أخرى من القرآن.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3471)
__________
(1) سورة الذاريات، الآية 47.
(2) سورة آل عمران، الآية 54.
(3) سورة البقرة، الآية 15.
(4) سورة الواقعة، الآية 64.
(5) سورة الذاريات، الآية 48.
(6) سورة الواقعة، الآية 72.
(7) سورة الأنعام، الآية 95.ے
(8) سورة غافر، الآية 3.(19/46)
س: لقد تسمى والدي: محداء بن هجهوج بعمه نهير، وذلك على وقت الملك عبدالعزيز، وعلى وقت نداء بن خلف ابن نهير بن علي، وعلى وقت الأمير جبر بن نداء، وأيضاً على وقت الأمير عبدالله بن نداء الأمير الحالي، علماً بأن نهير لو كان موجوداً لما تحجبت عنه نساؤنا، وهذه الحمولة التي يجمعها علي عرفت بالنهير؛ لأنه أكبر عيال علي، وقد اشتهر بهذا الاسم، وعلي هو الجد الخامس لمحداء، وأولاد علي خمسة هم كالآتي: النهير وعواد وخليف وعبدالله ومقرن، وهذه الحمولة عرفت باسم النهير، كما يوجد ناس أبعد منهم تسموا بهذا الاسم، وقد قطعت الصكوك الشرعية والشهادات العلمية والعملية، وحفائظ النفوس متبعين بذلك الآباء والأجداد، فهل يعتبر العم أباً كما ورد عن العرب، وكما ذكر في بعض التفاسير على قوله تعالى: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت..} إلى آخر الآية، كما ذكر في قوله: {صنوان وغير صنوان} فهل هذه التفاسير ثابتة، كما أن نص الصكوك والحفائظ والشهادات يشق علينا، كما نوضح لسماحتكم أن جد محداء -عواد- أخاً للنهير؟ أفتونا أثابكم الله، نظراً لحاجتنا الماسة لذلك.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر من تسمية والدكم محداء
بـ (النهير) على اسم عمه الذي يجتمع معه في الجد الخامس، وهو: علي، وأنه يوجد جماعة أخرى بعيدة تسمى بالنهير، وأنه قد قطعت الصكوك الشرعية والشهادات العلمية والعملية، وحفائظ النفوس؛ متبعين في ذلك الآباء والأجداد، فلا مانع من بقاء الاسم واللقب على ماهو عليه، مع حفظ طبقات نسبكم منعاً للاشتباه.
أما إطلاق اسم الأب على العم على سبيل الاحترام والتكريم فجائز، وهو الذي جاء في القرآن، لكنه ليس أباً في النسب، ولا يعطى حكم الأب في النسب، فلا يحجب الجد من الميراث، ولا الإخوة منه، لا يرث السدس مع الإبن، ولا يتولى عقد نكاح بنت أخيه مع وجود الجد والأخ، إلى غير ذلك من المميزات بين الأب والعم.(19/47)
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (6989)
س1: ما حكم التسمية باسم خالد، علماً بأن الخلود لله، وليس لأحد ممن خلقهم الله، ولماذا لم يغير الرسول - صلى الله عليه وسلم - اسم خالد بن الوليد؟
ج1: تجوز التسمية بخالد؛ لأن الخلود هنا نسبي، وقد أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه التسمية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5630)
س: أعرض على نظر سماحتكم أن اسمي هو: علي محمد الحاج عبد، واسم العائلة رمضان، فيكون اسمي بالكامل هو: علي محمد الحاج عبد رمضان، فاسمي: علي، واسم أبي: محمد، واسم جدي: الحاج عبد، واسم العائلة رمضان، ولي أولاد يدرسون في المدارس، وقد طلبت منهم وزارة المعارف فتوى بأن هذا الاسم لا يتعارض مع الشرع، وحيث أن هذا الاسم مبني عليه شهادات ميلاد وجوازات سفر وشهادات مدرسية سابقة أرجو إعطائي فتوى بذلك، حفظكم الله ورعاكم.
ج: إذا كان الواقع كما ذكر فلا مانع شرعاً من بقاء الاسم المذكور جميعه على ما هو عليه؛ لأن اسم جده ليس معبداً لرمضان؛ لأن (رمضان) لقب وليس تكميلاً لاسم جده، وعلى تقدير أنه تكميل له، فالمسلم غير مكلف بتغيير اسم جده، وإنما يطالب بتغيير اسمه هو فقط، إذا كان شركياً أو مستبشعاً أو كريهاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس(19/48)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12319)
س: أنا المواطن الباكستاني (إلهي بخش إمام بخش)، وأقيم في المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة، وقد سبب اسمي (إلهي بخش) الكثير من المشاكل، وقد واجهتني في ذلك اعتراضات عديدة، ومن جهات بعضها رسمي حيث كان الكل يطالبني بتغيير اسمي معترضين على كلمة (إلهي) مما دعاني للكتابة إليكم مستفسراً عن رأيكم في هذا الاسم، وهل لي الحق في تغييره؟ علماً بأن والدي قد اختار اسمي هذاوفقاً لثقافته الأردية والإسلامية، والاسم يعني باللغة الأردية: (عطية الله) فهو مركب من كلمتين: أ - (إلهي) وتعني: الله. ب - (بخش) وتعني: عطية أو هبة، وحيث أن المضاف إليه يلي المضاف في الترتيب عكساً للغة العربية، حيث يتقدم المضاف المضاف إليه، فإن المعنى الكامل لإسمي إلهي بخش هو (عطية الله)، وقد سبق أن استفسرت من بعض العلماء الذين يرون لا غضاضة في هذا الاسم.
سيدي: استميحكم عذراً في إفتائي حول هذا الموضوع الذي سبب ومازال يسبب لي الكثير من اللبس والمشاكل. حفظكم الله ورعاكم.
ج: إذا كان الأمر كما ذكر فلا حرج في التسمي بجملة (إلهي بخش) التي معناها باللغة العربية: (عطية الله) أو (هبة الله)، وإن غيرت اسمك إلى معناه باللغة العربية فهو أسلم لك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12303)
س: ماهي الأسماء المكروهة تسميتها في الدين، هل اسم إيمان، وهدى مكروه التسمية بها، وما رأي الدين في رجل عنده طفلة عمرها 3 سنوات، واسمها إيمان، هل يقوم بتغيير اسمها؟ وجزاكم الله كل خير.
ج: التسمية بهدى وإيمان لا نعلم مانعاً شرعياً فيها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .(19/49)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12090)
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من المستفتي وكيل وزارة الداخلية المساعد للأحوال المدنية بالخطاب رقم (8884) في 15/3/1409هـ، والمحال إلى اللجنة من إدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم (2276) في 23/3/1409هـ. وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه: نبحث لسماحتكم المعاملة الواردة من إدارة الأحوال المدنية في جدة، برقم (11642/ح) في 18/12/1408هـ، بشأن طلب المواطن حامد محمد الزهراني إضافة زوجته: علا الله أحمد محمد مكرر، اليمانية الجنسية.
نأمل الإفادة هل يعتبر اسم المذكورة لائقاً شرعاً من عدمه؟ ولكم تحياتنا.
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت: بأنه لا نعلم بذلك بأساً؛ لأنه من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، كبيت الله وناقة الله وعبدالله.. إلخ.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12605)
س: رزقني الله بمولود ذكر والحمد لله، وأحببت أن أسميه (حسام الله) ولكن الجهات المختصة بالمواليد والأحوال المدنية طالبتني بفتوى أن هذا الاسم لائق شرعاً، نرجو التكرم بإصدار الفتوى اللازمة، وجزاكم الله خيراً.
ج: لا حرج في التسمية بهذا الاسم (حسام الله)، ولكن الأفضل: أن يسمى باسم معبد لله؛ كعبد الله، وعبدالكريم، وعبدالملك، ونحو ذلك، أو باسم من الأسماء الإسلامية المشهورة: كمحمد، وأحمد، وصالح، وسليمان، ونحوها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء(19/50)
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9614)
س: إن اسمي (عبدالمطلب أحمد محمد عبدالكريم) سوداني الجنسية، أريد فتوى على اسمي نسبة لتعطل بعض مصالحي بهذا الخصوص، ذهبت إلى المحكمة الشرعية بالرياض لإجراء توكيل شرعي فأوقف طلبي إلى حين صدور فتوى بشرعية الاسم (عبدالمطلب)، لذا نرجو من فضيلتكم الإفادة.
ج: التسمية باسم عبدالمطلب لا محذور فيها، وقد حكى أبو محمد علي بن حزم الاتفاق على تحريم كل اسم معبد لغير الله، قال ابن حزم: (اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمر وعبد الكعبة، وما شابه ذلك، حاشا عبدالمطلب)، وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب في كتاب التوحيد، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أقر هذا الاسم، ولم يغيره، وذلك في ابن عمه عبدالمطلب بن ربيعة، فيكون مستثنى من التحريم المجمع عليه، كما قال ابن حزم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12492)
س: رزقني الله بمولودة والحمد لله، وسماها الأهل (أبرار) ولم أكن موافقاً على هذا الاسم، وأصابني منه شك؛ لأني أعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - غير اسم (برة) وقد نويت تغيير الاسم، ولكن أهلي رفضوا وقالوا: لابد أن تسأل لجنة الإفتاء. أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ج: لا شيء في تسمية ابنتك أبراراً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (3538)
س: إنني اسم هادي، والهادي الله سبحانه وتعالى، فهل يجوز لي أن أبقى على هذا الاسم، أو أغيره إلى اسم آخر؟(19/51)
ج: إن بقيت على اسمك الأول فلا حرج؛ لأن لفظ الهادي اسم مشترك مطلق على الله وعلى غيره من الناس الذين يهدون غيرهم إلى ما ينفعهم، كالرسل، كما قال تعالى: {ولكل قوم هاد}(1) ومن المعلوم بأن وصف الله سبحانه بأنه الهادي لا يشابه وصف المخلوقين، وإن غيرت اسمك إلى عبدالهادي فلا بأس بذلك شرعاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6100)
س: أنا شاب سوداني، اسمي (قسم الله)، ولست أدري إن كان اسمي من باب قسم، يقسم تقسيماً، فهو مقسوم، أم من باب قسم يقسم قسماً، او مشتق من معنى قسمة أو نصيب، على العموم أنا لا أدري، ولكن الغريب في الأمر والسبب الذي جعلني أطرق بابكم هو أن زملائي بالمكتب قالوا لي: إن اسمك به شرك بالله، عليه أطلب فتواكم في هذا الأمر.
ج: قسم الله معناه: عطاء الله؛ لأن قسماً معناه: عطاء، وهو مصدر قسم يقسم قسماً، وليس في هذا شرك ولا محذور شرعاً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (6243)
س: لقد ولد لي مولود أسميته (فتح الباري) وقد بلغ من العمر الآن عشر سنوات، وإنني استفتيكم عن حكم الشرع في هذه التسمية من ناحية الإباحة التحريم، وهل يلزم شرعاً تغيير هذا الاسم المركب إلى اسم عادي، كنايف، أو ثواب، أو فتحي، بعد تسجيله في الأوراق الرسمية؟ أفيدونا بذلك.
__________
(1) سورة الرعد، الآية 7.(19/52)
ج: يجوز التسمي بالاسم المذكور (فتح الباري)، ولا حرج في ذلك؛ لأنه بمعنى: فضل، أو فتح من الباري سبحانه وتعالى، وإن أردت أن تغيره باسم آخر كعبدالرحمن، أو عبدالله، فلا حرج عليك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (7200)
س: إني أب ولي أربعة أطفال، وقد دخلني الشك في أسمائهم هل هي جائزة أم مشكوك فيها؟ وهم كالتالي: الأول بشير، الثاني نذير، الثالث سراج، الرابع منير، أرجو إفتائي بهذه الأسماء جزاكم الله خيراً.
ج: لا بأس بالتسمية بالأسماء المذكورة؛ لأنها من الأسماء الحسنة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5146)
س1: رتبة عسكرية مسماها: (رقيب)، وهذا من الأسماء الحسنى، والرقيب هو: الله تعالى، والمعروف عدم التشبيه بها وتأويلها.
ج: لا بأس بتسمي الإنسان برقيب، ولا يستلزم ذلك مشابهة الله؛ لأن المعنى الذي لله تعالى يليق به، والمعنى الذي للمخلوق يليق به، قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}(1).
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (8940)
__________
(1) سورة الشورى، الآية 11.(19/53)
س: أرجو التكرم بإفادتي بالفتوى الشرعية حول ما يتعلق باسم: (خلف الله)، حيث أن البعض من إخواني المسلمين جزاهم الله خيراً قد أبدوا لي رأيهم بأن هذا الاسم (خلف الله) غير مستحب من الناحية الشرعية؛ لأن الله سبحانه وتعالى ليس له (خلف)، وبناء على ذلك لجأت إلى الجهة المختصة بالأحوال المدنية لتعديل اسمي من (خلف الله) إلى (خلف) فطالبوني بإحضار فتوى شرعية تفيد بأن اسم (خلف الله) غير مستحب شرعاً، فأرجو من سماحتكم التكرم بمساعدتي لأتمكن من تعديل الاسم؛ ليرتاح ضميري، ولأرضي الله سبحانه وتعالى.
ج: إذا كان المقصود باسم: (خلف الله) أنه يخلف الله ويأتي بعده خلفاً عنه أو يكون خليفة له فالتسمية به ممنوعة.
وأما إذا كان المقصود بالتسمية: أن الولد عطاء من الله، وهبه سبحانه لعبده خلفاً عن عطاء سابق فالتسمية به جائزة، وهذا هو الظاهر، وعلى هذا فلا حاجة لتغيير الاسم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (4625)
س: هل يجوز التسمي بعبد الشهيد أم لا؟
ج: يجوز التسمي بعبد الشهيد، ولا حرج في ذلك إن شاء الله، فالله سبحانه وتعالى يوصف ويسمى بالشهيد، كما جاءت بذلك النصوص القرآنية الكثيرة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9757)(19/54)
س: أرفع إليك يا سماحة الشيخ معروضي هذا، وأحيطك فيه علماً بأنني قطعت حفيظة نفوس خاصة بي، وتضمنت في نسبي اسماً من أسماء الله، وهو (العلي) مكتوب بهذه الصيغة: علي سعد حسن العلي الزهراني، وحيث أن العلو لله تبارك وتعالى، وفي نفسي شيء من هذا الاسم، فهل هناك من سماحتك فتوى في هذا الشأن؟ كي يطمئن بها القلب، وجزاكم الله عن أمة محمد كل خير.
ج: إذا كان الواقع كما ذكرت، فلا حرج عليك في ذلك؛ لأن هذا الاسم لجدك لا لك، ولأن المراد به آل علي، لا التسمية بالعلي.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12694)
س: لقد رزقت مولوداً سميته (صخراً)، هل تجوز التسمية بهذا الاسم؟ وفي حالة عدم جوازها هل أعق عنه للاسم الجديد؟ بانتظار إجابتكم للأهمية.
ج: لا حرج في الاسم المذكور وهو اسم: أبي سفيان بن حرب الصحابي الجليل، ولم يغيره النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (7056)(19/55)
س: استفتي سماحتكم بأنه يوجد لدي طفلة عمرها الآن 4 سنوات، وعند ولادتها رأت والدتها وهي بغيبوبة المخاض أن أتاها رجل بهي الطلعة، يرتدي ملابس بيضاء، وقال لها حرفيا: يا بنتي إن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً سميها، يسرى، ولكنني لم أذعن لما قالته لي، ظناً مني بأنه في حالة المخاض لا يأتيها رؤياً صالحة، وسميت الطفلة فاطمة، ولكن الطفلة نفسها الآن لا تقبل غير اسم يسرى، وحتى عند مناداتها تغضب وتصرخ، وإخوانها الذين هم أصغر منها سناً، وتتراوح أعمارهم سنة ونصف وثلاث سنوات، لا ينادونها إلا بيسرى، عليه أرجو إفتائي فيما إذا كان هنالك وجوب لتغيير اسمها من فاطمة إلى يسرى؛ بناءً على الرؤيا السابقة، أم لا؟ جزاكم الله خير الجزاء بالدنيا والآخرة.
ج: يجوز تغيير الاسم من فاطمة إلى يسرى، سواء صحت الرؤيا أم لم تصح .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني من الفتوى رقم (2508)
س2: اسمي الموجود في حفيظة النفوس هو: سلطان ضويحي نافع العتيبي، بينما اسمي الحقيقي هو سلطان نافع الضويحي العتيبي، فماذا أفعل وهل أنا آثم؟
ج2: إذا كان ما كتب في حفيظة النفوس من الخطأ بجعل الأب جداً والجد أباً، فلا حرج عليك؛ لقوله تعالى: {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفوراً رحيماً}(1)، ويجب عليك بعد أن عرفت الحقيقة أن تصحح الاسم في حفيظة النفوس؛ لما ذكرت من الحديث، ولضبط المواريث.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
__________
(1) سورة الأحزاب، الآية 5.(19/56)
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (1691)
س: إنني رجل أدعى: عون الله بن رشيد العتيبي، وقد رأيت رؤيا تكررت مرتين بأن منبهاً يناديني: يا عبدالمعين، يا عبدالمعين، ولذا اعتقدت بأن اسمي الحالي من الأسماء المكروهة التي يجوز تغييرها، فهل اسم عون الله من الأسماء المكروهة التي تغير؟ وإذا كان كذلك فهل أغيره على الاسم الذي نوديت به (عبدالمعين)؟ ولو حذفت اسم الجلالة ليصبح عون بن رشيد فهل يجوز؟ أرجو افتائي.
ج: التسمية بعون الله ليست بمحرمة، ولا مكروهة شرعاً؛ لأن معنى هذا الاسم عون من الله، وهذا معنى لا تأباه الشريعة، بل يتفق مع مقاصدها، وعلى هذا فلا داعي لتغيير اسمك ولا الحذف منه، وينبغي ألا تعول على الرؤيا التي رأيت، فإن الرؤيا أحيانا تكون صادقة، وأحياناً تكون أضغاث أحلام لا صحة لها، فلا يبنى عليها حكم شرعي ولا تغيير أسماء.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (479)
س: المتضمن أنه سبق أن أخذ جنسية سعودية باسمه الذي هو غلام الرسول، وأنه غير مرتاح لهذا الاسم، ويرغب تغييره؛ إلا إذا كانت التسمية بذلك جائزة.
ج: الظاهر أن معنى غلام عند من يسمون هذه التسمية هو: عبد، فمعنى غلام الرسول: عبدالرسول، ومعلوم أن التسمية بعبد الرحمن، وعبدالله، ونحو ذلك رمز إلى تعلق العبد بربه، على سبيل العبادة والانقياد، وعليه فلا يجوز تسمية المسلم بعبدالرسول أو نحوها؛ لما في ذلك من الرمز إلى الشرك بالله وعبادة غيره، ويتعين على المستفتي التقدم للجهات المختصة بتغيير اسمه إلى ما تصح التسمية به.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .(19/57)
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة
…عبدالله بن منيع…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي
السؤال التاسع من الفتوى رقم (6542)
س9: ما حكم من يسمي أبناءه: عبد النبي، وعبدالمسيح وعبدالرسول؟
ج9: لا يجوز؛ لما فيه من الغلو في الأنبياء وغيرهم، بتعبيد الناس لهم، وإعطائهم حقاً من حقوق الله كذباً وزوراً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (12584)
س: مقدم لسعادتكم السيد/ سبحان الله ميانقل، باكستاني الجنسية، والمقيم بالمملكة العربية السعودية، بمدينة جدة، وأعمل مؤذناً في وزارة الأوقاف، ولقد تم الاعتراض من قبل إدارة الحج والأوقاف بخصوص اسمي، وكل ما أرجوه من سعادتكم هو إفتاؤنا عن هذا الاسم من الناحية الإسلامية والشرعية، هل هو اسم جائز أم لا؟ وإن كان غير جائز فالرجاء إفادتنا بمعروض من قبلكم حتى يتسنى لي تغيير الاسم من الجوازات، ولكم جزيل الشكر والعرفان.
ج: يجب عليك تغيير هذا الاسم؛ لأن شخصك ليس هو سبحان الله، وإنما سبحان الله ذكر من الأذكار الشرعية.
ويجب أن يغير إلى اسم جائز شرعاً، كعبدالله، ومحمد، وأحمد، ونحوها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (5612)(19/58)
س1: كثيراً ما يوجد من السكان في بلدنا كفار، لا يؤدون الصلاة، ومنهم من يهديهم الله بعد كفرهم إلى التوحيد بواسطة سماع الموعظة عند الواعظ، أو بسبب الجليس الصالح، وبعد استسلامهم بالتوحيد يذهبون إلى أساتيذ بلادنا ويطلبون من عند الأساتيذ أن يغيروا لهم أسمائهم التي كانوا يحملونها أيام كفرهم إلى أسماء إسلامية، ولست أدري أذلك واجب أم غير واجب؟
ج1: لا يجب تغيير اسم من أسلم من الكفار بعد دخوله في الإسلام إلا إذا كان اسمه ممنوعاً شرعاً؛ كعبديغوث، وعبدالحسين وعبدالعزى وعبدمناة، فيجب تغيير اسمه الشركي باسم إسلامي ولا يجب تغيير اسم أبيه وأجداده.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (5227)
س: أرغب في تغيير اسمي السابق إلى الاسم الإسلامي الجديد، وهو: (داود يوسف)، وقد طلبت من الجهات الرسمية تغييره فطلبوا مني أن آخذ فتوى من هذه الجهة بجواز ذلك.
ج: يجوز تغيير الاسم من (ديفيد تيلر) إلى داود يوسف، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أسماء بعض الصحابة فغير اسم أبي الحكم بأبي شريح، أخرجه أبو داود، وغير اسم حزن وجعله سهلاً، وغير اسم برة فجعل اسمها جويرية، رواه مسلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (2318)(19/59)
س: في أثناء تدريبي بمعهد من معاهد باكستان، وجدت أن اسم أحد الطلبة عبدالرسول، فكنت أقرأه: عبد رب الرسول، فقال لي أحدهم: هل هذا لا يجوز؟ فذكرت له أنه شرك والعبادة فقط لله وحده، فذكر لي قول الله تعالى: {قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله}(1)، ويقول: إن الله أمر محمداً أن يقول: يا عبادي، فما جواب فضيلتكم.
ج: أولاً: ما اتخذته من تغيير اسم الطالب من عبدالرسول إلى عبد رب الرسول هو الواجب، ومقتضى ما جاءت به الشريعة من حماية التوحيد، وتوجيه الناس إلى ما خلقوا له من عبادة الله وحده، وأنهم جميعاً عباده وحده، قال تعالى: {إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً}(2) ، وقد اتفق العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، ونرفق لك نسخة من كتاب فتح المجيد لمراجعة الموضوع في باب قول الله تعالى: {فلما آتاهما صالحاً..}(3) الآية، وباب قول الله تعالى: {فلا تجعلوا لله أنداداً..}(4) الآية.
ثانياً: أما الآية الكريمة فالجواب عنها عند جميع أهل التفسير، أن المراد منها: أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يبلغ الناس قول الله عز وجل: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله..}(5) الآية، وهكذا نظائرها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم (10495)
__________
(1) سورة الزمر، الآية 53.
(2) سورة مريم، الآية 93.
(3) سورة الأعراف، الآية 190.
(4) سورة البقرة، الآية 22 .
(5) سورة الزمر، الآية 53.(19/60)
س1: أرجو من فضيلتكم التكرم بفتوى حول موضوع اسمي الذي لا أعرف هل هو من أسماء الله عز وجل، أم أنه ليس باسم لله عز وجل، وهل واجب التعديل إلى اسم غيره أم أنه يجوز هذا الاسم، وهو عبدالمعتني؟ أرجو إفتادتي ودمتم.
ج1: يجب عليك تغيير اسمك؛ لأنه لم يثبت تسمية الله تعالى بالمعتني.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الرابع من الفتوى رقم (11489)
س4: فيه امرأة ضعيفة ولها عادة عند أمير، مع العلم أنها لم تكتب اسم عائلتها، وكتبت عائلة أخرى، فهل عليها شيء أم لا؟
ج4: لا يجوز للمرأة المذكورة تغيير اسم عائلتها؛ لأن في ذلك كذباً وتزويراً.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (10392)
س: كنت صغيراً في السن، وتوفي أبي وتولاني عمي، أخو أبي من أمه وأبيه، وعندما كبرت قطعت حفيظة نفوس على اسم عمي بدلاً من أبي، وأنا ما عندي أي تكبر عن اسم أبي، ولكن لأني عشت تحت كفالته ورزقني الله في عيال، وكتبوا كما كتبت في حفيظتي، هل يلحقني إثم؟ وإذا كان يلحقني إثم ماذا أفعل؟ أفتوني عن ذلك والله يحفظكم.
ج: يجب عليك تعديل اسمك واسم أولادك، وذلك بالانتساب إلى أبيك بدلاً من عمك، وتخبر الجهات الرسمية بالواقع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11013)(19/61)
س: اسمي: قمر الأنبياء السنوسي، وأعمل بجدة محاسباً منذ ثمانية أعوام، وعند تجديد الإقامة طلب مني تغيير اسمي واستخراج فتوى شرعية بألامانع شرعي من استعمال هذا الاسم، وأفيد سماحتكم أننا في السودان نعتبر هذا الاسم من الأسماء المركبة، مثل سيف الإسلام، وهذا الاسم وصف للنبي - صلى الله عليه وسلم -، بأنه قمر للأنبياء، ويعامل كأسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - الأخرى، كأبي القاسم، أفيدونا أثابكم الله في هذا الأمر، حيث أن كل أوراقي الثبوتية مثل شهادة الجامعة والعمر والجنسية وجواز السفر بهذا الاسم، جزاكم الله خيراً.
ج: التسمي بهذا الاسم لا يجوز، وعليه إجراء ما يلزم نحو تغييره واستبداله باسم مناسب، ليس فيه محذور شرعي؛ كعبدالله وعبدالرحمن ونحو ذلك لدى الجهات الرسمية.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (10584)
س: لقد سميت باسم عبدالدين، منسوب لجدي، وأنا ابن تسعة عشر عاماً، وقد وجدت بعضاً من الناس يناقضونني في هذا الاسم، وأنا أيضاً شاك في هذا الاسم، ولكن لم أجد الحل الشامل لإخبار والدي وجدي، فهل يجوز تسمية المرء باسم عبدالدين؟ أفيدوني أفادكم الله.
ج: لا يجوز التسمي باسم: عبدالدين، وعليك أن تجتهد في تغيير هذا الاسم، إما بعبد الرحمن، أو عبدالله، أو غير ذلك من الأسماء المشروعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (11084)(19/62)
س: ابن أخي توفي والده وهو في بداية أيامه، ثم تزوجت أمه من رجل آخر سافر بها وابنها إلى الكويت، حيث يعمل هناك، وبحسن نية أضاف الولد في جنسيته هو على أنه ابنه، وكان عمر الولد آنذاك ثلاث سنوات، درس الولد وتخرج وتوظف، كل ذلك على أساس أنه ابن ذلك الرجل، هذا في الكويت، أما في السعودية فقد استخرج حفيظة باسمه الحقيقي، وهو بين الناس ينتمي لأبيه الحقيقي ما عدا في الأمور المكتوبة، حيث جميع شهاداته ووثائقه باسمه الثاني:
أولاً: هل عليه شيء في ذلك؟ علماً أنه ليس له خيار، فلو أراد تعديل اسمه ستنقلب حياته الوظيفية رأساً على عقب.
ثانياً: الولد المذكور حضر إلي طالباً الزواج من ابنتي وأنا خاله، أريد تزويجه، وقد عرضت الأمر على البنت وأمها وتمت الموافقة وأبلغناه بذلك.
ولكننا مضطرين إلى العقد له باسمه المستعار؛ لأن حياته العملية في الكويت كلها بذلك، هل هذا جائز أم لا؟ والله يحفظكم.
ج، الواجب على ابن اختك تعديل اسمه على ضوء الحفيظة الصحيحة؛ لأنه لا يجوز للمسلم أن ينتسب إلى غير أبيه، كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكما دل على ذلك قول الله سبحانه: {ادعوهم لآبائهم}(1) الآية، وينبغي أنه لا يؤخذ بحفيظته المخالفة للشرع؛ لأنه ليس له عمل فيها؛ لكونها كتبت في حال صغره.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
الفتوى رقم (9344)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على السؤال المقدم من وكيل الأمين للخدمات بأمانة مدينة الرياض، إلى سماحة الرئيس العام، والمحال إليها برقم 139 في 8/1/1406هـ، ونصه:
__________
(1) سورة الأحزاب، الآية 5.(19/63)
أفيد فضيلتكم بأن الأمانة لاحظت وجود بعض أسماء، نشك في صلاحيتها على بعض المطاعم والملاحم، في بعض أنحاء مدينة الرياض مثل: (مطعم الحمدلله)، و (ملحمة بسم الله) و(ملحمة التوكل على الله)، وحيث نرغب الاستفسار عن جواز إطلاق مثل هذه الأسماء على هذه المحلات، نرجو إرشادنا، شكر الله مسعاكم.
وأجابت بما يلي:
لا يجوز ذلك؛ لما فيه من الاستهانة بالأذكار، وبأسماء الله تعالى، واستعمال ذلك فيما لا يليق، واتخاذه وسيلة لأغراض تخالف ما قصده الشرع المطهر بها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن غديان…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
السؤال الثاني والرابع من الفتوى رقم (3205)
س2: ماهي الكنية، وما هو اللقب، وماهي الشهرة؟
ج2: الكنية: ما صدِّر بأب أو أم، كأبي محمد، وأبي علي، وكأم محمد، وأم علي، مثلاً، واللقب: ما أشعر بمدح أو ذم، مثل: زين العابدين، وأنف الناقة، والشهرة: ما اشتهر به الإنسان لكثرة إطلاقه عليه، اسماً كان أو كنية أو لقباً.
س4: هل يجوز أن ينادى على أحد بالابن الأصغر؛ لأن الابن الأكبر توفي في صغر سنه؟
ج4: الأفضل: أن يكنى الإنسان بابنه الأكبر، سواء كان حياً أو ميتاً، وينادى بتلك الكنية، ولكن لو كناه أحد بابنه الأصغر، وناداه بها، فلا إثم عليه، وسواء كان ابنه الكبير حياً أم ميتاً .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
…عضو…نائب رئيس اللجنة…الرئيس
…عبدالله بن قعود…عبدالرزاق عفيفي…عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
تم - بفضل الله سبحانه وتعالى - المجلد الحادي عشر
من فتاوى اللجنة، ويليه - بإذنه تعالى - المجلد الثاني عشر، وأوله كتاب الجهاد .(19/64)
سعادة/ مدير عام إدارة الطبع بالنيابة…وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إجابة لخطابكم رقم (252/11) وتاريخ (26/8/1417هـ)، ومشفوعه المجلد الحادي عشر من فتاوى اللجنة، نعيده لكم بعد عمل ما يلزم حيال الملاحظات المذكورة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مستشار اللجنة الدائمة
أحمد بن عبدالرزاق الدويش(20/1)