فصل المقال
في حكم إمامة النساء للرجال
إعداد
أحمد بن محمد الشرقاوي
الأستاذ المشارك بجامعة الأزهر وكلية التربية بالقصيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعد فالإسلام دين الطهر والعفاف دين العدل والإنصاف ، دين كامل وتشريع عادل ومنهج رباني فطري يراعي الفطرة الإنسانية ، وسطي يحقق التوازن بين مصالح الفرد والأسرة والمجتمع .
والمجتمع المسلم مجتمع الرحمة والمؤاخاة والتعاون على البر والتقوى ، والنساء في الإسلام " شقائق الرجال " (1) (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ } [البقرة 228])
__________
(1) ... الحديث ونصه إنما النساء شقائق الرجال رواه الإمام احمد في مسنده من حديث أم سلمة 6 / 256 والترمذي في السنن أبواب الطهارة باب ما جاء في من يستيقظ فيرى بللا ولا يذكر احتلاما حديث 113 - 1 / 189 وأبو داود في السنن عن عائشة كتاب الطهارة باب في الرجل يجد البلة في منامه حديث 236 – 1/ 61 والدرارمي في السنن كتاب الطهارة باب في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل حديث764 - 1/ 214 والحديث بمجموع طرقه صحيح صححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عاى سنن الترمذي 1 / 189 وصححه الألباني وأورده في صحيح سنن الترمذي – 98 – 1 / 35 والحديث في المنتقى لابن الجارود, ج1/ برقم 90- ومسند أبى عوانة 1/244 برقم 832 وقال الإمام الخطابي في معالم السنن ومعنى النساء شقائق الرجال أي مماثلات ومشابهات لهم في الخلق والطباع فكأنهن شققن من الرجال معالم السنن للخطابي 1 / 79 .(1/1)
جاء الإسلام بالمساواة بين الرجال والنساء إلا فيما تختلف فيه طبيعة الرجل عن طبيعة المرأة ذلك أن للمرأة طبيعتها ووظيفتها ، ومن رحمة الإسلام بالنساء مراعاة هذه الطبيعة الأنثوية والوظائف الفطرية ، وتحقيق التوازن بين حقوق المرأة وواجباتها وتهيئة الجو لها لتقوم بمهمتها ودورها المنشود كزوجة وأم .
ذلك أن المساواة المطلقة بين الجنسين مكلفة ومرهقة ، بل هي مطلب ظالم ليس من مصلحة المرأة ولا من مصلحة الأسرة ، ولا من مصلحة المجتمع .
فضلا عن كون تلك المساواة غير ممكنة ؛ وهل يطيق الرجل القيام بأعباء المرأة ومسئولياتها ؟ وهل تطيق المرأة ما يتحمله الرجل من كد ومشقة هل يعقل أن يجلس الرجل في البيت وتخرج المرأة إلى معترك الحياة ؟ إذاً فلماذا تطمح بعض النساء إلى تمني ما للرجل من خصائص وسمات ؟
قال تعالى { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } [ البقرة : 32 ]
هذا : ومع تقدم العلم الحديث تجلت الفوارق الطبيعية العضوية والنفسية بين الرجل والمرأة ، فوارق طبيعية في التركيب والوظائف أثبت ذلك علم الطب والتشريح ، وفوارق في الميول والنوازع أثبت ذلك علم النفس وعلم الاجتماع وغيره من العلوم الإنسانية .
مع هذا فما زالت تخرج علينا بين الحين والحين دعوات هدامة من أناس متمردين على الشرع والفطرة ، وآخر هذه الدعوات دعوة امرأة تدعى آمنة ودود تطالب بإمامة الرجال وخطبة الجمعة وترى أنه لا مانع من اختلاط الرجال بالنساء في المساجد يجلس الرجل بجوار المرأة وتصلي المرأة بجانب الرجل ومن أمامه ! حتى يصير الحال كما يقال :
وعن اليمين وعن الشمال فتن تذوب لها الجبال
وصدق من قال :
لا يبلغ العدو من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه(1/2)
إن هذه المرأة وإن كانت من حملة الدكتوراه إلا أن جهلها المركب (1) وجموحها لهواها وتمردها على أصول دينها وتباعدها عن جذوره - لهو أخطر من جهل العوام ذلك الجهل البسيط الذي سرعان ما يمحوه العلم ويرفعه الفهم ، لكن هذه المرأة رضيت لنفسها أن تخالف جمهور المسلمين وتخطو هذه الخطوة غير المسبوقة على مر التاريخ ولسان حالها يقول :
وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لا تستطعه الأوائل !
قاتل الله أتباع الهوى وأصحاب الجهل المركب المعجبين بأنفسهم الفرحين بدرجاتهم ورتبهم الدنيوية المتمردين على دينهم ولغتهم وأصولهم وقيمهم ، الذين لا يَدَعون معروفا إلا أنكروه ولا منكرا إلا عرَّفوه ، ولا طريقا عِوجا إلا سلكوه ولا جنديا من جنود الحق إلا هاجموه ولا داعيةَ صدقٍ إلا لمزوه .
إن آمنة ودود تلك المرأة ومن يقف من ورائها ومن وراءهم قد حققوا هدفا لأعداء الله ، لطالما أنفقوا من أجله الملايين وهو شغل المسلمين بقضايا ومسائل فرعية عن قضايا أمتنا الأساسية وشغل الرأي العام عما يحاك لأمتنا من مكائد عالمية ومؤامرات دولية ، وفتح باب من أبواب الفتنة والتمرد على أصول ديننا واتهام فقهاء المسلمين بالجمود ، ودعاتِهم بالتطرف والغلو .
والتخلي عن المطالب الحقيقية الشرعية للمرأة المسلمة .
__________
(1) ... الجهل المركب داء خطير وشر مستطير جرَّ على أمتنا كثيرا من الفتن من أولئك المتفيهقين المتفلسفين المغترين بما حصلوه من درجات علمية وما حملوه من دعوات هدامة باسم التحرير والتنوير أو التغريب أو العلمانية أو العولمة أو الحداثة
على حد قول الشاعر
قال حمار الحكيم يوما لو أنصف الدهر
كنت أركب فأنا جهلي بسيط وصاحبي جهله مركب(1/3)
ولفت الأنظار عما يحدث من انتهاكات لحقوق المرأة المسلمة والطفل المسلم في كل مكان حتى في بعض بلاد المسلمين ، فها نحن نسمع ونبصر ما يحدث لأخواتنا اللاتي شرح الله صدورهن للإسلام وتركن النصرانية وما فيها من زيغ وضلال ودخلن في دين الله عز وجل ثم يسلمن للكنيسة كي تمارس معهن أبشع ألوان العذاب والمهانة ، أنسينا قول الله عز وجل في سورة الكهف { إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا }
وهل غاب عنا { كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ } [التوبة 8- 10]
{ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } الممتحنة 10
فكيف رضينا بالدَّنِيَّةِ في ديننا ؟ بدلا من أن نمتحن أولئك المؤمنات الصادقات نفوض الأمر إلى القساوسة والرهبان ليجربوا معهن جميع أساليب الإغراء والتهديد ثم ينقلون إلى الأديرة وتنقطع أخبارهن ! لك الله يا وفاء قسطنطين ويا مارية ...
أما كان الأولى بك يا آمنة وأنت تتزعمين الدفاع عن الحقوق غير المشروعة للمرأة ؟ أن تنشغلي بالدفاع عن حقوقهن المشروعة وحريتهن الضائعة وكرامتهن المفقودة :
أحل الكفر بالإسلام ضيم يطول عليه في الدين النحيب
فكم من مسلم أمسى سليبا ومسلمة لها حرم سليب(1/4)
وكم من مسجد جعلوه ديرا على محرابه نصب الصليب
أما لله والإسلام عهد يدافع عنه شبان وشيب
أما كان أولى بك يا آمنة في سِرْبِكِ أن تحملين هم أخواتك الفلسطينيات من الأرامل واليتامى والثكالى المحرومات من نعمة الأمن والأمان ، البائسات الفقيرات بعد أن فقدن العائل !
خبِّريني بالله عليك ِ : ما ذا تريدين أنت ومن وراءك ؟
أتريدين كما يريد أعداء الدين وأدعيائه الماكرين ؟
أن يخلعوا عن المرأة تاج عزها وعفتها ويلقون بها في مستنقعات الرذيلة .
يريدونها مقلدة تقليدا أعمى تجعل من الغربية أنموذجا لها في ملابسها ومجالسها ومشيتها وأكلتها وطريقتها في الحياة لتشارك النساء الغربيات في الشقاء والضياع .
يريدونها أن تنشغل عما طلب منها بما لم يطلب منها ولم يفرض عليها .
يريدونها أن تتخلى عن أعمال لا يمكن أن يقوم بها غيرها ، وتزاحم الرجال في أعمالهم .
يريدون هدم القيم وانهيار الحصن الأخير الذي لا يزال صامدا أمام أمواج التغيير وأعاصير الفتن حصن الأسرة المسلمة
لنا من بناء الأولين بقية تلوذ بها أعرافنا والمحارمُ
أُسائل نفسي حيرة وتعجبا أأنتَ من البانين أم أنت هادمُ
وإليك يا آمنة و إلى كل من نحا نحوك أبين الحكم الشرعي في إمامة المرأة فليجد أذنا صاغية وقلوبا واعية :
الحكم الشرعي لإمامة المرأة :
الإمامة من المسائل التعبدية حيث لا مجال للرأي والاجتهاد ، وإنما ينبغي التوقف عندما ورد في شأنها من نصوص ، فالأمور التعبدية توقيفية لا تخضع لرأي أو قياس ، أو استحسان .
وفي هذا البحث نتناول الحكم الشرعي لإمامة المرأة للمرأة ، وكذلك الحكم الشرعي لإمامة المرأة للرجال .
فنقول والله المستعان
أولا : جواز إمامة المرأة للمرأة :
للمرأة المسلمة أن تؤم غيرها من النساء ، في الفريضة أو في النافلة ، حيث تقدم أقرؤهن لكتاب الله تعالى .
والأدلة على هذا كثيرة منها :(1/5)
ما رواه عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح عن ريطة الحنفية أن عائشة أمتهن وقامت بينهن في صلاة مكتوبة انتهى وبهذا الإسناد رواه الدارقطني والبيهقي في سننهما ولفظهما فقامت بينهن وسطا . (1)
ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤم النساء تقوم معهن في الصف . (2)
وما رواه أيضا عن أم الحسن أنها رأت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تؤم النساء فتقوم معهن في صفهن (3)
وما رواه أبو داود في السنن بسنده عن أُمّ وَرَقَةَ بِنْتِ نَوْفَلٍ: "أَنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لَمّا غَزَا بَدْراً قالت قُلْتُ له: يا رسول الله ائْذَنْ لِي في الْغَزْوِ مَعَكَ أُمَرّضُ مَرْضَاكُم لَعَلّ الله أَنْ يَرْزُقَنِي شَهَادَةً قال قَرّي في بَيْتِكِ، فإِنّ الله عَزّوَجَلّ يَرْزُقُكِ الشّهَادَةَ. قال: فَكَانَتْ تُسَمّى الشّهِيدَةُ. قال قَدْ قَرَأَتْ الْقُرْآنَ، فَاسْتَأْذَنَتِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَتّخِذَ في دَارِهَا مُؤَذّناً، فأَذِنَ لَها. قال: وَكَانَتْ دَبّرَتْ غُلاَماً وَجَارِيَةً، فَقَامَا إِلَيْهَا باللّيْلِ فَغَمّاهَا بِقَطِيفَةٍ لَها حَتّى مَاتَتْ وَذَهَبَا، فأَصْبَحَ عُمَرُ فَقَامَ في النّاسِ فقال: مَنْ عِنْدَهُ مِنْ هَذَيْنِ عِلْمٌ، أَوْ مَنْ رَآهُما فَلْيَجِيءْ بِهِمَا. فأَمَرَ فَصُلِبَا، فَكَانَا أَوّلَ مَصْلُوبٍ بالمَدِينَةِ". (4)
__________
(1) - المصنف لعبد الرزاق باب المرأة تؤم النساء 50 86 - 3 / 141 وسنن البيهقي 3 / 131 باب المرأة تؤم النساء فتقوم وسطهن حديث 5134 ويراجع نصب الراية 2 / 131
(2) - رواه ابن أبي شيبة في المصنف باب المرأة تؤم النساء 4954
(3) - رواه ابن أبي شيبة في المصنف باب المرأة تؤم النساء 4953
(4) - سنن أبي داود 1 / 160 ـ كتاب الصلاة ـ باب إمامة النساء. الحديث رقم: 590
...(1/6)
يلاحظ في هذا الحديث : أن الرسول صلى الله عليه ويلم أمرها أن تقر في بيتها ولم يأذن لها في الخروج للغزو وهذه حجة على من يستشهد بهذا الحديث على إمامة المرأة للرجال
كما اتخذ لها مؤذنا فدل على أن المرأة لا تؤذن للصلاة .
ولا يعقل أن يترك المؤذن صلاة الجماعة في المسجد ليصلي خلف تلك المرأة في مصلاها ببيتها .
أن هذه الحادثة كانت عند غزوة بدر أي قبل فرض الحجاب .
أن أبا داود ترجم لهذا الحديث ترجمة تدل على فهمه وفقهه " باب إمامة النساء " فالذي فهمه رحمه الله من هذا الحديث أنه دليل على إمامة المرأة للنساء وحدهن وكذلك فعل كثير من المحدثين .
ففي المصنف لعبد الرزاق : باب المرأة تؤم النساء
وفي المصنف لابن أبي شيبة - باب المرأة تؤم النساء
وفي صحيح ابن خزيمة : أبواب صلاة النساء في الجماعة : باب إمامة المرأة النساء في الفريضة
وهكذا فهم علماء السنة أن حديث أم ورقة وإمامتها لأهل بيتها يعني من النساء
وما رواه أبو داود عن الْوَلِيدِ بنِ جُمَيْعٍ عن عَبْدِ الرّحْمَنِ بنِ خَلاّدٍ عن أُمّ وَرَقَةَ بِنْتِ عَبْدِالله بنِ الْحَارِثِ بهذا الحديثِ والأوّلُ أَتَمّ. قال "وكَانَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَزُورُهَا في بَيْتِهَا، وَجَعَلَ لَها مُؤَذّناً يُؤَذّنُ لَها، وَأَمَرَهَا أَنْ تَؤُمّ أَهْلِ دَارِهَا". (1)
ورواه ابن خزيمة في صحيحه بسنده عن أم ورقة أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول انطلقوا بنا نزور الشهيدة وأذن لها أن تؤذن لها وأن تؤم أهل دارها في الفريضة وكانت قد جمعت القرآن . (2)
وفي ترجمة الباب باب إمامة المرأة النساء في الفريضة ما يدل على أن إمامة أم ورقة إنما كانت للنساء فقط .
__________
(1) ... سنن أبي داود - كتاب الطهارة - باب إمامة النساء - الحديث رقم: 591 –
(2) صحيح ابن خزيمة 3/ 89 جماع أبواب صلاة النساء في الجماعة - باب إمامة المرأة النساء في الفريضة(1/7)
قال الدارقطني : " إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها " (1)
ويؤكد هذا بأن المرأة تصلي الصلوات المكتوبة في بيتها بينما يخرج الرجل إلى المسجد فالجماعة واجبة على الرجال دون النساء .
ولأنه أذن لها أن تؤم في الفرائض بدليل أنه جعل لها مؤذنا والأذان إنما يشرع في الفرائض
ولأن تخصيص ذلك بالتراويح لا دليل عليه سيما ولم يعهد أن الصحابة كانوا يجتمعون في بيوتهم لصلاة التراويح كما أنها صلاة لا تحتاج إلى أذان ولا إقامة .
قال الشافعي في كتابه الأم بعد أن أورد آثارا عن السلف في إمامة المرأة لغيرها من النساء : " وتؤم المرأة النساء في المكتوبة وغيرها وآمرها أن تقوم في وسط الصف وإن كان معها نساء كثير أمرت أن يقوم الصف الثاني خلف صفها وكذلك الصفوف وتصفهن صفوف الرجال إذا كثرن لا يخالفن الرجال في شيء من صفوفهن إلا أن تقوم المرأة وسطا وتخفض صوتها بالتكبير والذكر الذي يجهر به في الصلاة من القرآن وغيره فإن قامت المرأة أمام النساء فصلاتها وصلاة من خلفها مجزئة عنهن " 0 (2)
وجاء في المبدع لابن مفلح : " وإذا صلت امرأة بالنساء قامت في وسطهن في الصف ". (3)
وفي كشاف القناع " وتصح إمامة المرأة بنساء لما رواه الدارقطني عن أم ورقة أنه صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها " . (4)
وفي المحرر في الفقه لعبد السلام بن تيمية " وتصح إمامة المرأة بنساء لما رواه الدارقطني عن أم ورقة أنه صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها ، ولا تصح إمامة المرأة ولا الخنثى إلا بالنساء ولا تصح إمامة كافر " . (5)
ونخلص من هذا إلى جواز إمامة المرأة لغيرها من النساء ويجوز لهن اتخاذ مؤذن يؤذن لهن .
__________
(1) ... المغني لابن قدامة الحنبلي 2 /16 ونيل الأوطار للإمام الشوكاني 3 / 202
(2) ... الأم 1 /164
(3) - المبدع : 2 / 72 ...
(4) - كشاف القناع 1/479
(5) - المحرر في الفقه لعبد السلام بن تيمية 1/103(1/8)
ثانيا : إمامة المرأة للرجال
أما عن إمامة المرأة للرجل فلا تجوز ، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء ولم يخالف في ذلك إلا نفر قليل ولا اعتبار لرأيهم لأنه لا يقوم لهم دليل فضلا عن أنهم أجازوها بشروط منها أن تكون محرما لمن تؤمه كأمه وأخته وخالته وعمته ، ومنها أن لا تتقدمه بل تصلي من خلفه ، ومنها أن لا تكون شابة يخشى الفتنة منها وشروط أخرى عديدة ، لكن الجمهور على أن المرأة لا تؤم الرجال والأدلة على هذا كثيرة منها .
أدلة من القرآن الكريم :
من الأدلة على حرمة تولي المرأة الإمامة قوله تعالى في سورة النساء { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً {32} }
أي لا يتمنى النساء ما خص الله به الرجال من الإمامة والقوامة والولاية والإمارة والقضاء وغير ذلك مما اختص الله به الرجال ، وكذلك لا يتمنى الرجال ما خص الله به المرأة من رخص أو من خصال تتناسب مع طبيعتهن ووظيفتهن فلكلٍّ طبيعته ووظيفته التي لا يمكن للشق الآخر أن يؤديها عنه ، فلا تتعلق الأماني بما يخالف الأصول الشرعية .
، لا تطمح المرأة للمساواة المطلقة مع الرجال في الحقوق والواجبات فإن ذلك مستحيل كاستحالة تساويهن في الطبيعة والوظائف الفطرية .
قال الطبري في جامع البيان : " ولا تتمنوا أيها الرجال والنساء الذي فضل الله به بعضكم على بعض من منازل الفضل، ودرجات الخير وليرض أحدكم بما قسم الله له من نصيب، ولكن سلوا الله من فضله " . (1)
__________
(1) - جامع البيان للطبري 5 / 30(1/9)
وقال الرازي في تفسيره : " واعلم أن فضل الرجل على النساء حاصل من وجوه كثيرة " وذكر منها " الإمامة الكبرى والصغرى والجهاد والأذان والخطبة والاعتكاف والشهادة في الحدود والقصاص بالاتفاق " (1) .
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز : " لا تتمنوا ما حدد الله في تفضيله فإنه تعالى قد جعل لكل أحد مكاسب تختص به فهي نصيبه : قد جعل الجهاد والإنفاق وسعي المعيشة وحمل الكُلَف كالأحكام والإمارة والحسبة وغير ذلك للرجال ، وجعل الحمل ومشقته وحسن التبعل وحفظ غيب الزوج وخدمة البيوت للنساء " (2) .
وقال الجصاص في كتابه أحكام القرآن " ونهى الله عن تمني ما فضل الله به بعضنا على بعض لأن الله تعالى لو علم أن المصلحة له في إعطائه ما أعطى الآخر لفعل ولأنه لا يمنع من بخل ولا عدم وإنما يمنع ليعطي ما هو أكثر منه ... ومن التمني المنهي عنه أن يتمنى ما يستحيل وقوعه مثل أن تتمنى المرأة أن تكون رجلا أو تتمنى حال الخلافة والإمامة ونحوها " (3) .
وقال الشيخ السعدي في تفسيره : " ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء . .. " (4)
وقال الشيخ محمد عبده : " إن الله كلف كلا من الرجال والنساء أعمالا ... وليس لأحدهما أن يتمنى ما هو مختص بالآخر وجعل الخطاب عاما للفريقين مع أن الرجال لم يتمنوا أن يكونوا نساء ولا أن يعملوا عمل النساء وهو الولادة وتربية الأولاد ولا غير ذلك مما هو معروف ، إنما النساء هن اللواتي تمنين عمل الرجال .. " (5)
__________
(1) - التفسير الكبير للرازي 10 / 71 ، 72
(2) - المحرر الوجيز 2 / 45
(3) - أحكام القرآن للجصاص 3 / 142
(4) - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص177
(5) - تفسير المنار للسيد محمد رشيد رضا 5/58(1/10)
ومن الأدلة أيضا على أنه لا يجوز للمرأة أن تتولى الإمامة قوله تعالى في سورة النساء { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً {34} }
ففي كون المرأة إماما للرجال تؤمهم في أعظم المواقف ما يتعارض مع قوامة الرجل إذ كيف تتوافق قوامة الرجل على زوجته وهي إمامة عليه ؟ وهل يعقل أن تصير المرأة قيمة على بعلها قوامة أعلى وأشمل ؟ هو إمامها في البيت وهي إمامته وخطيبته في المسجد ؟
قال البيضاوي في تفسيره : " ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ... )يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية وعلل ذلك بأمرين وهبي وكسبي فقال بما فضل الله بعضهم على بعض بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير ومزيد القوة في الأعمال والطاعات ، ولذلك خصوا بالنبوة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر والشهادة في مجامع القضايا ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها " (1)
وقال الشوكاني في تفسيره " ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ... ) ... أي إنما استحقوا هذه المزية لتفضيل الله للرجال على النساء بما فضلهم به من كون فيهم الخلفاء والسلاطين والحكام والأمراء والغزاة وغير ذلك من الأمور ... " (2)
__________
(1) - أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 2/184
(2) - فتح القدير للشوكاني 1/460(1/11)
وقال الشيخ السعدي في تفسيره لقوله تعالى ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) : فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة منها كون الولايات مختصة بالرجال والنبوة والرسالة واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجَلَد الذي ليس للنساء مثله ، وكذلك خصهم بالنفقات على الزوجات بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء " (1)
أيضا من الأدلة على اختصاص الرجال بالإمامة العظمى وسائر الولايات العامة والقضاء قوله تعالى { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {228} } وهذه الدرجة بالقوامة والإمامة :
قال الشيخ السعدي رحمه الله : " ( وللرجال عليهن درجة ) أي رفعة ورياسة وزيادة حق عليها كما قال تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ومنصب النبوة والقضاء والإمامة الصغرى والكبرى وسائر الولايات مختص بالرجال . " . (2)
الأدلة من السنة
لم يرد في السنة النبوية ما يفيد إمامة المرأة للرجل ولم يحدث في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين- رضي الله عنهم - أن تصدرت المرأة للإمامة ، بل ولم يرد في السنة النبوية أن المرأة تشوفت وتطلعت إلى ذلك مع أنها تشوفت إلى أمور أخرى كالجهاد .
__________
(1) - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص177
(2) - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص102(1/12)
بل لم نسمع عن امرأة على مر التاريخ الإسلامي طمحت إلى إمامة الرجال وصعود المنابر مع وجود الفقيهات والمحدثات والحافظات والقارئات من النساء ومنهن من فاقت الرجال في علمها وفقهها ومنهن من تتلمذ كبار الحفاظ والفقهاء عليهن ومنهن من أثرت المكتبة الإسلامية بمؤلفاتها ، مع ذلك لم تطمح إحداهن إلى الوقوف في القبلة أمام الرجال ليأتموا بها في ركوعها وسجودها وقيامها وقعودها ، بل إن الوارد في السنة النبوية الصحيحة منع الاختلاط بين الجنسين في المسجد درءا للفتنة .
فعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : (( كُنَّ نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس )) (1)
ففي هذا الحديث ما يدل على سرعة انصرافهن من المسجد بعد انقضاء الصلاة حرصا منهن على عدم الاختلاط بالرجال ، مع خروجهن إلى المساجد محتشمات.
__________
(1) - الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة , باب : في كم تصلي المرأة من الثياب حديث 372 , وفي مواقيت الصلاة , باب : وقت صلاة الفجر حديث 578 و في الأذان ، باب : سرعة انصراف الناس من الصبح ، و مسلم في المساجد , ( 645 ) (232 ) في المساجد , باب : استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها و هو التغليس و بيان قدر القراءة فيها(1/13)
وما رواه مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه - صلى الله عليه وسلم - "خَيْرُ صُفُوفِ الرّجَالِ أَوّلُهَا، وَشَرّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرّهَا أَوّلُهَا".) (1)
فكيف إذا تتقدم المرأة الرجال ؟
قال الإمام النووي : "والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثواباً وفضلاً وأبعدها من مطلوب الشرع وخيرها بعكسه. وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن بعكس ذلك انتهى. (2)
__________
(1) - أخرجه مسلم في كتاب الصلاة - باب تسوية الصفوف وإِقامتها وفضل الأول فالأول منها، والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليها، وتقديم أولى الفضل وتقريبهم من الإمام. حديث 132 - (440) .ورواه النسائي في السنن كتاب الإمامة ـ باب ذكر خير صفوف النساء وشر صفوف الرجال الحديث رقم : 815 ورواه أبو داود في السنن أبواب الصفوف. باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول الحديث رقم: 678 ... ورواه الترمذي في السنن وقال حديث حسن صحيح- أبواب الطهارة - بَابُ مَا جَاءَ في فَضْلِ الصَّفِّ الأَوَّلِ. الحديث رقم: 224
(2) - شرح النووي على صحيح مسلم 4 / 159(1/14)
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " كان النساء في مسجده - صلى الله عليه وسلم - يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ((خير صفوف الرجال أولها وشرُّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)) حذراً من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء، وكان الرجال في عهده - صلى الله عليه وسلم - يؤمرون بالتريُّث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهنَّ الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعاً رجالاً ونساء من الإيمان والتقوى، فكيف بحال من بعدهم ؟! وكانت النساء يُنهين أن يتحقَّقن الطريقَ ويُؤمرن بلزوم حافات الطريق حذراً من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسَّة بعضهم بعضاً عند السير في الطريق"
ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال له رجل: شهدتَ الخروج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال: نعم، ولولا مكاني منه ما شهدته، يعني من صغره، أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت، ثم خطب، ثم أتى النساء فوعظهن، وذكرهن، وأمرهن أن يتصدقن، فجعلت المرأة تهوي بيدها إلى حلقها، تلقي في ثوب بلال، ثم أتى هو وبلال البيت. (1)
__________
(1) - صحيح البخاري 16 - كتاب صفة الصلاة. 77 - باب: وضوء الصبيان، ومتى يجب عليهم الغسل والطهور، وحضورهم الجماعة والعيدين والجنائز، وصفوفهم. الحديث رقم: ... 825 ورواه النسائي في السنن
كتاب صلاة العيدين - باب موعظة الإمام النساء بعد الفراغ من الخطبة وحثهن على الصدقة - حديث 1579(1/15)
ففي هذا الحديث ما يدل على عدم اختلاط الرجال بالنساء في المصلى بدليل قول ابن عباس رضي الله عنهما (ثم أتى النساء) ، قال ابن حجر في الفتح قوله: "ثم أتى النساء" يُشعِر بأنّ النساء كُنّ على حدة من الرجال غير مختلطات بهم ، وقوله: "ومعه بلال" فيه أن الأدب في مخاطبة النساء في الموعظة أو الحكم أن لا يحضر من الرجال إلا من تدعو الحاجة إليه من شاهد ونحوه، لأن بلالاً كان خادم النبي صلى الله عليه وسلم ومتولي قبض الصدقة، وأما ابن عباس فقد تقدم أن ذلك اغتفر له بسبب صغره" . (1)
ما رواه الإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك قال: " قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي قال فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل. (2)
__________
(1) - فتح الباري بشرح صحيح البخاري 2 / 466
(2) - رواه الإمام أحمد في مسنده 6 / 371 وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان 5 /595 وقال محققه الشيخ شعيب الأرنؤوطي حديث قوي ، ورواه ابن خزيمة في صحيحه صحيح ابن خزيمة 3/95 باب اختيار صلاة المرأة في مخدعها على صلاتها في بيتها وله شاهد في سنن أبي داود وقال ابن حجر في الفتح " وإسناد أحمد حسن وله شاهد من حديث بن مسعود عند أبي داود ووجه كون صلاتها في الإخفاء أفضل تحقق الأمن فيه من الفتنة ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة " . فتح الباري 2/349(1/16)
وروى أبو داود نحوه عن عَبْدِالله عن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "صَلاَةُ المَرْأَةِ في بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا في حُجْرَتِهَا، وَصَلاَتِهَا في مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا في بَيْتَهَا". (1)
وما رواه أبو داود في السنن عن نَافِعٍ عن ابنِ عُمَرَ قال قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنّسَاءِ. قال نافِعٌ: فلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ ابنُ عُمَرَ حَتّى مَاتَ".
قال أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بنُ إِبْرَاهِيمَ عن أَيّوبَ عن نَافِعٍ قال قال عُمَرُ وهذَا أَصْح (2)
وما رواه أبو داود عن نافع قال: إن عمر بن الخطاب كان ينهى أن يُدْخَلَ من باب النساء. (3)
ففي تخصيص باب للنساء ما يدل على حرص الإسلام على منع الاختلاط لما يجره من فتن .
__________
(1) - سنن أبي داود كتاب الصلاة. 196 ـ باب التشديد في ذلك. الحديث رقم 570
(2) - سنن أبي داود كتاب الصلاة . 196 - باب التشديد في ذلك. الحديث رقم: 462
(3) - سنن أبي داود كتاب الصلاة . 196 - باب التشديد في ذلك. الحديث رقم: 464(1/17)
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : "كان النساء في مسجده - صلى الله عليه وسلم - يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال، وكان صلى الله عليه وسلم يقول ((خير صفوف الرجال أولها وشرُّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)) حذراً من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء، وكان الرجال في عهده - صلى الله عليه وسلم - يؤمرون بالتريُّث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهنَّ الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعاً رجالاً ونساء من الإيمان والتقوى، فكيف بحال من بعدهم ؟! وكانت النساء يُنهين أن يتحقَّقن الطريقَ ويُؤمرن بلزوم حافات الطريق حذراً من الاحتكاك بالرجال والفتنة بمماسَّة بعضهم بعضاً عند السير في الطريق" (1)
ما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى، أو فطر، إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار). فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: (تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن). قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: (أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل). قلن: بلى، قال: (فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم). قلن: بلى، قال: (فذلك من نقصان دينها). (2)
وإذا كانت المرأة تترك الصلاة مدة حيضها فكيف تصلح إمامة وخطيبة للرجال والنساء ؟ وهي تمكث خمس عمرها أو ربعه أو أكثر حائضة لا تصلي ؟ فضلا عن نقصان عقلها عن عقل الرجل ؟ فضلا عن أن الجُمَعَ والجماعات لا تجب عليها ؟
__________
(1) - حكم الاختلاط في التعليم - مجلة البحوث الإسلامية -عدد 15سنة 1416هـ.
(2) - رواه البخاري في صحيحه باب ترك الحائض الصوم الحديث رقم: 298 ومسلم في الإيمان، باب: بيان نقصان الإيمان بنقص الطاعات، رقم: 79، 80.(1/18)
أيضا وردت نصوص من السنة تأمر بغض البصر ذلك أن المرأة فتنة للرجل فلا ينبغي أن تبرز محاسنها وتبدي مفاتنها أو تتصدر مجالس الرجال واجتماعاتهم سيما إذا كانت رائعة الجمال بادية الحسن .
ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء ) . (1)
وروى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت فى النساء ) (2) .
لذا أمر الإسلام بغض البصر عن النساء الأجنبيات درءا للفتنة وتزكية للنفوس وتصفية للقلوب ، ولا شك أن بروز المرأة على المنبر وتصدرها في القبلة ومن خلفها الرجال مدعاة للفتنة .
__________
(1) - الحديث رواه الإمام البخارى فى صحيحه عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - ك النكاح باب ما يتقى من شؤم المرأة حديث / 5096 - فتح البارى 9 / 41 0 ورواه الإمام مسلم فى صحيحه عنه ك/ الرقاق باب/ بيان الفتنة بالنساء صحيح مسلم بشرح النووى 17 / 54 ورواه البيهقي في السنن كتاب باب ما يتقى من فتنة النساء 7 / 91 والنسائي في الكبرى كتاب العشرة باب مداراة الرجل زوجته 5 / 364 والترمذي في السنن باب ما جاء في التحذير من فتنة النساء
(2) - رواه الإمام مسلم فى صحيحه عن أبى سعيد الخدرى - رضي الله عنه - ك/الرقاق باب/ بيان فتنة النساء صحيح مسلم بشرح النووى 17 /54(1/19)
قال تعالى : { قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ - صلى الله عليه وسلم -وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } (النور:30) وقال سبحانه { وَقُل لّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ } [النور:31]. ففي غض البصر صيانة للعرض وكرامة للمرأة ولقد جاءت السنة النبوية مقررة لذلك :منها :
ما رواه مسلم في صحيحه عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ. قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ. فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي . (1)
وما رواه أبو داود والترمذي في السنن عن ابنِ بُرَيْدَةَ عن أبِيهِ قال قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِعَلِيَ: "يَا عَلِيّ لا تُتْبِعِ النّظْرَةَ النّظْرَةَ، فإنّ لَكَ الاْولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخرة" (2)
وكيف يتابع الرجل خطبة المرأة أم كيف يتابعها في الصلاة إمامةً له ؟ ألا يحتاج ذلك إلى أن يبصُرَها ؟
__________
(1) - صحيح مسلم كتاب الاَداب - باب نظر الفجأة حديث 45 - (2159)
(2) - سنن أبي داود كتاب النكاح. ـ باب في ما يؤمر به من غض البصر. حديث 2149 ورواه الترمذي في السنن وقال "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه الا من حديث شريك " كتاب الاستئذان والاَداب عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم . باب ما جَاءَ في نَظْرَةِ المفاجأة . حديث 2927(1/20)
وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والجلوس بالطرقات"، فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بُدّ نتحدث فيها. فقال: "إذ أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه"، قالوا: وما حق الطريق يا رسول ال له؟ قال: "غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" . (1)
فإذا كان للطريق حرمته وحقوقه فبيت الله تعالى أحق أن يغض فيه البصر وحرمته أشد وأعظم من حرمة الطريق .
فإذا قامت المرأة خطيبة سيما إذا كانت من الغيد الحسان فهل يغمض الرجل عينيه أم يحدق فيها وينشغل بجمالها وهو في بيت الله تعالى ؟ أم هل يشترط أصحاب هذه الدعوة أن تكون المرأة دميمة أو عجوز ؟ والله إن المسلمة العجوز لحريصة على الحشمة والحجاب بطبعها : والله عز وجل يقول { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [ سورة النور - 60]
ما في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد). (2)
__________
(1) - صحيح البخاري كتاب المظالم - 23 - باب: أفنية الدور والجلوس فيها والجلوس على الصعدات - الحديث رقم : 2333و صحيح مسلم كتاب اللباس والزينة، باب: النهي عن الجلوس في الطرقات.. حديث رقم: 2121
(2) - رواه البخاري في صحيحه - باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود. الحديث رقم: 2550. ورواه مسلم في صحيحه ك الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم: 1718.(1/21)
ولا شك أن إمامة المرأة للرجال أمر لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدين بل لم يعلم أن المرأة طالبت بالإمامة على مر التاريخ الإسلامي قبل أن تخرج علينا آمنة بنت ودود !
كل هذه الأدلة من السنة تدل دلالة واضحة على أن المرأة لا تصلح لإمامة الرجال ، فضلا عن أنه لم يثبت في السنة أحاديث تثبت ذلك ، سيما والمسألة تعبدية لا بد َّ لها من دليل شرعي .
ولقد ذهب إلى منع إمامة المرأة للرجال جمهور الفقهاء :
قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وإذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن أن يكن أولياء وغير ذلك ولا يجوز أن تكون امرأة إمام رجل في صلاة بحال أبدا . (1)
__________
(1) - الأم 1 / 164(1/22)
وقال ابن رشد : " اختلفوا في إمامة المرأة، فالجمهور على أنه لا يجوز أن تؤم الرجال واختلفوا في إمامتها النساء، فأجاز ذلك الشافعي، ومنع ذلك مالك وشذ أبو ثور والطبري، فأجازا إمامتها على الإطلاق، وإنما اتفق الجمهور على منعها أن تؤم الرجال، لأنه لو كان جائزا لنقل ذلك عن الصدر الأول، ولأنه أيضا لما كانت سنتهن في الصلاة التأخير عن الرجال علم أنه ليس يجوز لهن التقدم عليهم، لقوله عليه الصلاة والسلام "أخروهن حيث أخرهن الله" (1) ولذلك أجاز بعضهم إمامتها النساء إذ كن متساويات في المرتبة في الصلاة، مع أنه أيضا نقل ذلك عن بعض الصدر الأول، ومن أجاز إمامتها فإنما ذهب إلى ما رواه أبو داود من حديث أم ورقة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها " . (2)
وفي المجموع للإمام النووي : " وسواء في منع إمامة المرأة للرجال صلاة الفرض والتراويح وسائر النوافل هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف رحمهم الله وحكاه البيهقي عن الفقهاء السبعة فقهاء المدينة التابعين وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وسفيان وأحمد وداود وقال أبو ثور والمزني وابن جرير تصح صلاة الرجال وراءها حكاه عنهم القاضي أبو الطيب والعبدري وقال الشيخ أبو حامد مذهب الفقهاء كافة أنه لا تصح صلاة الرجال وراءها إلا أبا ثور والله أعلم قال أصحابنا فإن صلى خلف المرأة ولم يعلم أنها امرأة ثم علم لزمه الإعادة بلا خلاف " (3)
__________
(1) - هذا قول لابن مسعود رضي الله عنه كما في المصنف لعبد الرزاق ولم يثبت رفعه .
(2) - بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد المالكي الجزء الأول - كتاب الصلاة - الباب الثاني - الفصل الثاني. في معرفة شروط الإمامة، ومن أولى بالتقديم، وأحكام الإمام الخاصة به.
(3) - المجموع شرح المهذب للإمام النووي 4 / 223(1/23)
وفي حاشية البجيرمي لسليمان بن عمر البجيرمي :" قوله ولا تخطب إمامة النساء قياس الأذان حرمة الخطبة . (1)
وفي غاية البيان شرح زبد ابن رسلان " ولا يخطب المنفرد ولا إمامة النساء ولو قامت واحدة ووعظتهن فلا بأس " (2)
و في فتح الوهاب لأبي يحي زكريا الأنصاري " في كسوف الشمس ولا تخطب إمامة النساء ولو قامت واحدة وعظتهن فلا بأس " (3)
وفي الإنصاف للمرداوي : " قوله ولا تصح إمامة المرأة للرجل هذا المذهب مطلقا " . (4)
وفي حلية العلماء للقفال : " ولا تصح إمامة المرأة للرجال وحكي عن أبي ثور وابن جرير الطبري أنه يجوز إمامتها في صلاة التراويح إذا لم يكن هناك قارى ء غيرها وتقف خلف الرجال " (5)
وفي الفواكه الدواني لأحمد بن غنيم المالكي " " واعلم أن الإمامة لها شروط صحة وشروط كمال فشروط صحتها ثلاثة عشر أولها الذكورة المحققة فلا تصح إمامة المرأة ولا الخنثى المشكل وتبطل صلاة المأموم دون الأنثى التي صلت إماما " (6)
وفي المبدع لابن مفلح الحنبلي : " ولا تصح إمامة المرأة والخنثى للرجال ولا للخناثي لا يصح أن يأتم رجل بامرأة في الصحيح من المذهب وهو قول عامتهم قال البيهقي وعليه الفقهاء السبعة والتابعون " . (7)
__________
(1) - حاشية البجيرمي لسليمان بن عمر البجيرمي الشافعي 1/ 435
(2) - غاية البيان شرح زبد ابن رسلان 1/ 130
(3) - فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب لأبي يحي زكريا الأنصاري الشافعي 1/150
(4) - الإنصاف لأبي الحسن علي بن سليمان المرداوي 2/263 ، 264
(5) - حلية العلماء للقفال ج2/ص170
(6) - الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي لأحمد بن غنيم المالكي 1/205
(7) - المبدع لا بن مفلح الحنبلي 2 / 72(1/24)
وفي منار السبيل : ولا تصح إمامة المرأة بالرجل " . (1)
وفي " الدر المختار في الفقه الحنفي " باب الإمامة " ولا يصح اقتداء رجل بامرأة " (2)
وفي حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح " من شروط الإمامة " الذكورة " أي المحققة قوله "خرج به المرأة " فلا يصح إقتداء الرجل بها وصلاتها في ذاتها صحيحة قوله " للأمر بتأخيرهن " علة لمحذوف تقديره وإنما لم يصح إقتداء الرجل بالنساء للأمر الخ والأمر بتأخيرهن نهي عن الصلاة خلفهن وإلى جانبهن أفاده في الشرح " (3) .
ونخلص مما ذكرناه :
إلى أنه يجوز للمرأة أن تؤم غيرها من النساء .
أن إمامة المرأة للرجال لا تجوز شرعا ، كذلك لا تخطب المرأة الجمعة ولا العيدين ولا الاستسقاء ولا الكسوف ولا الخسوف ولا غيرها من الصلوات التي لا تجب عليها ، مع جواز قيامها واعظة ومتحدثة ومحاضرة للنساء في المسجد وغيره .
إذا أمَّت المرأة الرجال بطلت صلاتهم .
إذا اجتمع النساء في مسجد وقامت امرأة بينهن وخطبت الجمعة وأمتهن َّ في الصلاة لا تصحُّ صلاتهن وعليهن أن يصلين الظهر أربع ركعات .
إن الجماعة والجمعة لم تفرض على النساء رحمة بهن وتخفيفا عليهن ورفعا للمشقة ومراعاة لأعبائهن ومشقة غدوهن ورواحهن للمساجد ؟
لم يثبت على مر التاريخ الإسلامي أن أمَّت المرأة رجالا حتى ولو كانوا من محارمها فالدعوة إلى إمامة المرأة للرجال مع النساء دعوة إلى بدعة وكل بدعة ضلالة .
__________
(1) - منار السبيل لإبراهيم الضويان الحنبلي 1/ 125 ومثله ما ورد في دليل الطالب لمرعي بن يوسف الحنبلي 1/46 وعمدة الفقه لابن قدامة المقدسي الحنبلي 1 /23 وكشاف القناع عن متن الإقناع لمنصور بن يونس البهوتي الحنبلي 1 / 479 .
(2) - الدر المختار في الفقه الحنفي 1 / 576
(3) - حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح لأحمد بن محمد بن إسماعيل الطحاوي الحنفي
1 / 192(1/25)
أنصح آمنة ودود أن تعود إلى صراط العزيز الحميد وترجع عن طريق الابتداع وتتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا .
أنصح كل من نحا نحوها وهلل لها وصفق أن يتوب إلى الله تعالى توبة خالصة .
وختاما أدعو الله عز وجل أن أكون قد وفقت في هذا البحث الذي بدأته يوم السبت 9 من صفر 1426 هـ وفرغت منه الليلة 11 من صفر 1426هـ
أحمد محمد الشرقاوي
عنيزة 0508859385
Sharkawe2000@yahoo.com
( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) [سورة البقرة 286]
( رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {4} رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {5})
سورة الممتحنة(1/26)