عواقب و ويلات الاستمتاع بالزوجة
في نسك الحج
بقلم
الشيخ المحامي الدكتور مسلم اليوسف
مدير معهد المعارف لتخريج الدعاة في الفلبين سابقا
و الباحث في الدراسات الفقهية القانونية
عواقب و ويلات الاستمتاع بالزوجة في نسك الحج
الفصل الأول
عواقب وويلات الاستمتاع بالزوجة المحرمة بالوطء وأثره على نسك الحج
? المبحث الأول: عواقب وويلات الاستمتاع بالزوجة في الإحرام بالوطء العمد وأثره على الحج.
? المبحث الثاني: عواقب وويلات الاستمتاع بالزوجة في الإحرام بالوطء المصاحب للخطأ أو النسيان أو الإكراه و أثره على الحج.
... الفصل الثاني
عواقب وويلات الاستمتاع بالزوجة في الإحرام فيما دون الوطء و أثره على نسك الحج .
المبحث الأول : عواقب وويلات المعانقة و القبلة و أثرهما على الحج .
المبحث الثاني : عواقب وويلات المباشرة أثرها على نسك الحج .
المبحث الثالث: عواقب وويلات الوطء دون الفرج و أثره على نسك الحج.
المبحث الرابع : عواقب وويلات النظر و الفكر وأثرهما على نسك الحج .
تمهيد :
... إن الحمد لله نحمده و نستعينه ، و نستهديه و نستغفره وسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
... قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
... وقال أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .(1/1)
... وقال جل جلاله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
... فإن أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل ، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، شر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار .
و بعد :
فهذا بحث مبسط حاولت به بيان عواقب وويلات الاستمتاع بالزوجة في نسك الحج .
ذلك أن الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام التي يتحقق بها استسلام العبد ، وخضوعه لخالقه تعالى ، فالحج جامع لما تضمنه الأركان الأخرى ، فهو عبادة بدنية كالصلاة ، وعبادة مالية كالزكاة لما يتطلبه من الإنفاق في سبيل الله ، وهو أيضاً مجاهدة للنفس ، والبدن كالجهاد في سبيل الله .
قال تعالى: « ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غنيٌّ عن العالمين »سورة البقرة الآية197.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال: «من حج لله ، فلم يرفث ، ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه»(1).
من هنا يأتي أهمية هذا البحث بأن الحج الخالي من الرفث ، والفسوق ثوابه الغفران من كل الذنوب.
الشيخ المحامي الدكتور مسلم اليوسف
abokotaiba@hotmail.com
m1968@gawab.com
0096395453111 نقال
00963212268436 المكتب
الفصل الأول
عواقب و ويلات الاستمتاع بالزوجة في الإحرام بالوطء و أثره على الحج
المبحث لأول: عواقب و ويلات الاستمتاع بالزوجة في الإحرام بالوطء العمد.
? الفرع الأول: عواقب و ويلات الوطء العمد قبل الوقوف بعرفة وأثره على الحج.
? الفرع الثاني: عواقب و ويلات الوطء العمد بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الأول وأثره على الحج.
__________
(1) 1- ... أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه واللفظ للبخاري.(1/2)
? الفرع الثالث: عواقب و ويلات الوطء العمد بعد الوقوف بعرفة وأثره على الحج.
? المبحث الثاني: عواقب و ويلات الاستمتاع بالزوجة في الإحرام بالوطء المشوب بالخطأ أو النسيان أو الإكراه وأثره على الحج.
? الفرع الأول: عواقب و ويلات الوطء المشوب بالنسيان أو الخطأ وأثره على الحج.
? الفرع الثاني: عواقب و ويلات الوطء المشوب بالإكراه وأثره على الحج.
المبحث الأول
عواقب و ويلات الاستمتاع بالزوجة المحرمة بالوطء العمد وأثره على الحج
? الفرع الأول: عواقب و ويلات الوطء العمد قبل الوقوف بعرفة وأثره على الحج.
? الفرع الثاني: عواقب و ويلات الوطء العمد بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الأول وأثره على الحج.
? الفرع الثالث: عواقب و ويلات الوطء العمد قبل الوقوف بعرفة والتحلل الأول وأثره على الحج.
الفرع الأول
عواقب و ويلات الوطء العمد قبل الوقوف بعرفة و أثره على الحج
أجمع أهل العلم على حرمة الوطء في الإحرام، كما أجمعوا على فساد الحج إذا كان الوطء قبل الوقوف بعرفة.
ومن فسد حجه وجب عليه ما يلي:
أولاً: المضي في حجه الفاسد إلى نهايته.
ثانياً: القضاء اتفاقاً على الفور في العام التالي ، و يستوي في ذلك الرجل ، و المرأة لاستوائها في المعنى .
ثالثاً: ذبح الهدي في حجة القضاء ، وهو عند الحنفية شاة ، وعند الأئمة الثلاثة ( الجمهور ) لا تجزئ الشاة، بل عليه بدنة .
وكانت أدلة أهل العلم على هذه المسألة ما يلي:
أولاً: القرآن الكريم :
قال تعالى: «الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى و اتقون يا أولي الألباب»(1).
__________
(1) 1- ... سورة البقرة، الآية 197.(1/3)
الشاهد في هذه الآية الكريمة قوله عز وجل (فلا رفث) : قال ابن عباس وابن جبير و السدي و قتادة و الحسن وعكرمة و مجاهد و مالك : الرفث الجماع، أي فلا جماع، لأنه يفسده »(1).
ثانياً – الأثر:
1- عن ميمون بن مهران أن عائشة سئلت ما يحل للصائم من امرأته، قالت: كل شيء ما خلا الفرج.
قيل لها ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً قالت: ما فوق الإزار، قيل لها ما يحرم إذا كانا محرمين قالت: كل شيء إلا كلامها»(2).
2- في الموطأ «بلغني أن عمر ، وعليا،ً وأبا هريرة سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم ، فقالوا: ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما، ثم عليهما حج من قابل*، و الهدي ».
3- عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه «أن رجلاً أتى عبد الله بن عمرو ، فسأله عن محرم وقع بامرأته ؟ فأشار إلى عبد الله بن عمر، فقال: اذهب إلى ذلك، واسأله. قال شعيب: فلم يعرفه الرجل ، فذهبت معه، فسأل ابن عمر، فقال: بطل حجك ، فقال الرجل: أفأقعد. قال: لا، بل تخرج مع الناس، وتصنع ما يصنعون ، فإذا أدركت قابلاً ، فحج و اهد. فرجع إلى عبد الله بن عمرو، فأخبره. ثم ، قال: اذهب إلى ابن عباس فاسأله، فقال شعيب: فذهبت معه، فسأله ، فقال له: مثل ما قال ابن عمر، فرجع إلى عبد الله ابن عمرو ، فأخبره ثم، قال: ما تقول أنت. قال: أقول مثل ما قالا»(3)
4- عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، و أبا هريرة رضي الله عنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله ، و هو محرم بالحج ، فقالوا ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما، ثم عليهما الحج من قابل ، و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فإذا أهلا بالحج عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما»(4).
__________
(1) 2- ... كشاف القناع للبهوتي ج2/443 – تفسير القرطبي ج2/407.
(2) 1- رواه أحمد.
(3) 3- ... رواه الدار قطني بإسناد جيد.
* حج العام القادم.
(4) 1- سنن البيهقي الكبرى.(1/4)
5- روى أن رجلاً من جذام جامع امرأته ، وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لهما: «أتما حجكما ، وعليكما حجة أخرى »(1).
6- عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من حج هذا البيت ، فلم يرفث ، ولم يفسق رجع كما ولدته أمه»(2).
7- عن أبان بن عثمان، قال: سمعت عثمان بن عفان ، يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا ينكح المحرم ، و لا يخطب ، و لا ينكح»(3).
8- عن داوود بن الحصين أن أبا عطفان بن طريف المري أخبره أن أباه طريفاً تزوج امرأة ، وهو محرم ، فرد عمر بن الخطاب نكاحه»(4).
ثالثاً – الإجماع :
أجمعت الأمة على تحريم الجماع في الإحرام سواء أكان الإحرام صحيحاً أم فاسداً(5). كذلك أجمع أهل العلم على أن الجماع قبل الوقوف بعرفة مفسد للحج ، وعليه حج قابل وهدي(6).
الفرع الثاني
عواقب و ويلات الوطء العمد بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الأول وأثره على الحج
بعد أن اتفق أهل العلم على فساد حج الوطء قبل الوقوف بعرفة اختلفوا ، فيمن وطء بعد الوقوف بعرفة إلى اجتهادين :
الاجتهاد الأول : قال إن الجماع لا يفسد الحج إذا كان بعد الوقوف بعرفة ، و لو كان قبل التحلل الأول .
الاجتهاد الثاني : قال إن الجماع يفسد الحج إذا كان بعد الوقوف بعرفة ، و قبل التحلل الأول .
سبب الخلاف:
اختلافهم في تفسير قول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - : «الحج عرفة».
الاجتهاد الأول
الجماع بعد الوقوف بعرفة لا يفسد الحج بل يوجب بدنة
__________
(1) 2- نصب الراية ج3/125.
(2) 3- صحيح البخاري.
(3) 4- مسلم – النسائي – موطأ مالك – الدرامي – الترمذي – أحمد – أبو داوود – ابن ماجه.
(4) 5- موطأ مالك.
(5) 6- المغني ج3/334 – موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي ج1/68.
(6) 7- تفسير القرطبي ج2/407.(1/5)
ذهب الحنفية إلى أن من جامع بعد الوقوف بعرفة لم يفسد حجه ، وعليه بدنة ، وكانت حجتهم على هذا الرأي ما يلي :
أدلة الحنفية:
1- عن عبد الرحمن بن يعمر ، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة ، وأتاه أناس من أهل نجد ، وهو بعرفة فسألوه، فأمر منادياً ، فنادى الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر، فقد أدرك الحج في أيام منى ثلاثة لمن تعجل في يومين ، فلا إثم عليه ، ومن تأخر، فلا إثم عليه ، وأردن رجلاً ينادي »(1).
__________
(1) 1- ... صحيح ابن خزيمة ج4/257 – المستدرك على الصحيحين ج1/635. و في الترمذي ( عن عبد الرحمن بن يعمر أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فسألوه فأمر مناديا فنادى الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه قال وزاد يحيى وأردف رجلا فنادى . قال الشيخ ناصر الدين الألباني حديث صحيح .
و في سنن أبي داود / كتاب المناسك برقم 1949 عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة ، فجاء ناس أو نفر من أهل نجد ، فأمروا رجلا فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف الحج ؟ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فنادى: "" الحج الحج يوم عرفة ، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فتم حجه؛ أيام منى ثلاثة ، {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه} قال: ثم أردف رجلا خلفه ، فجعل ينادي بذلك .
قال أبو داود: وكذلك رواه مهران ، عن سفيان قال: "" الحج الحج "" مرتين ، ورواه يحيى بن سعيد القطان ، عن سفيان قال: "" الحج "" مرة . قال الشيخ ناصر الدين اللباني حديث صحيح .(1/6)
2- عن عروة بن مقرش الطائي رضي الله عنه ، قال: جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو بالموقف ، فقلت يا رسول الله أتيت من جبل طي أكللت مطيتي ، وأتبعت نفسي ، و الله ما بقي من جبل من تلك الجبال إلا وقفت عليه ، فقال من أدرك معنا هذه الصلاة يعني صلاة الغداة ، وقد أتى عرفة قبل ذلك ليلاً ، أو نهاراً ، فقد تم حجه ، و قضى تفثه(1).
3- عن عطاء ، قال: سمعت عبد الرحمن بن يعمر ، يقول : شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : الحج عرفة ، الحج عرفات من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر، فقد أدرك الحج ، أو تم حجه أيام منى ثلاثة أيام ، فمن تعجل في يومين ، فلا إثم عليه ، ومن تأخر ، فلا إثم عليه » .(2)
وجه دلالة هذه الأحاديث: أن حقيقة تمام الحج المستنبطة من الأحاديث السالفة غير مرادة لبقاء طواف الزيادة ، وهو ركن إجماعاً ، فتعين القول أن الحج قد تم حكماً، والتمام الحكمي يكون بالأمن من فساد الحج بعده ، فأفادت الأحاديث بمفهومها و منطوقها أن الحج لا يفسد بعد عرفة مهما صنع المحرم(3).
__________
(1) 2- ... المستدرك على الصحيحين ج1/635- سنن البيهقي – مصنف ابن أبي شيبة ج3/226. و في سنن النسائي في كتاب مناسك الحج باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة : عن إسماعيل قال أخبرني عامر قال أخبرني عروة بن مضرس الطائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أتيتك من جبلي طيء أكللت مطيتي وأتعبت نفسي ما بقي من حبل إلا وقفت عليه فهل لي من حج فقال من صلى صلاة الغداة وقد أتى عرفة قبل ذلك فقد قضى تفثه وتم حجه . و قال الشيخ اللألباني حديث صحيح .
(2) 3 - سنن البيهقي الكبرى – سنن الدار قطني.
(3) 2- الحج والعمرة د. نور الدين عتر ص149.(1/7)
هذا وقد أوجب السادة الحنفية البدنة ، بما روى ، عن ابن عباس أنه سئل ، عن رجل وقع بأهله ، وهو بمنى قبل أن يفيض ؟ فأمره أن ينحر بدنة(1).
مناقشة الاجتهاد :
ذهب الحنفية إلى أن المجامع بعد الوقوف بعرفة لا يفسد حجه لقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - «الحج عرفة».
استدل السادة الحنفية بهذا الحديث على أن حقيقة تمام الحج المتبادرة من الحديث غير مرادة لبقاء طواف الزيادة ، وهو ركن إجماعاً، فتعين القول بأن الحج قد تم حكماً ، والتمام الحكمي يكون بالأمن من فساد النسك بعد عرفة مهما فعل المحرم، و لكن عليه أن ينحر بدنة.
فرد الجمهور على الحنفية بقولهم:
إن أقوال الصحابة مطلقة ، فيمن واقع محرماً قبل أو بعد عرفة ، لأنه جماع صادف إحراماً تاماً فأفسده .
أما قول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - «الحج عرفة» يعني معظمه ، أو أنه ركن متأكد فيه ، ولا يلزم من أمن الفوات أمن الفساد بدليل العمرة إذا ثبت هذا ، فإنه يجب على المجامع بدنة(2).
الاجتهاد الثاني
الجماع بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الأول يفسد الحج
ذهب جمهور العلماء(3)إلى أن الجماع بعد الوقوف بعرفة ، و قبل التحلل الأول يفسد الحج ، ويوجب القضاء و البدنة .
أدلة الاجتهاد :
1- قوله تعالى : « فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج » .
وهو عام يشمل ما قبل الوقوف ، وما بعده ما دام محرماً ، ثم إن الجماع قد صادف إحراماً تاماً، فأفسده كما قبل الوقف بعرفة .
مناقشة الاجتهاد:
__________
(1) 3- ... رواه مالك في الموطأ وابن أبي شيبة في مصنفه. قال الشيخ ناصر الدين الألباني في إرواء الغليل برقم 1044 ( صحيح موقوف ) وقول ابن عباس في رجل أصاب أهله قبل أن يفيض يوم النحر ينحران جزورا بينهما وليس عليه الحج من قابل رواه مالك .
(2) المغني ج3/334-335 – فقه الإمام أبي ثور ص389 الحج والعمرة، د.عتر ص150.
(3) المالكية – الحنابلة – الشافعية.(1/8)
ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم التفريق ما بين المجامع قبل عرفة ، أو بعده ، و أوجبوا عليه القضاء مع ذبح بدنة .
واستدل الجمهور على قولهم هذا بالعديد من الأدلة المروية عن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام رضوان الله عليهم الذين لم يفرقوا بين المجامع قبل عرفة ، أو بعده .
رد الحنفية على جمهور الفقهاء بقولهم :
إن الركن الأصلي للحج هو الوقوف بعرفة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحج عرفة ، أي الوقوف بعرفة ، فمن وقف بعرفات ، فقد تم حجه، و معلوم أنه ليس المراد منه التمام الذي هو ضد النقصان ، لأن هذا لا يثبت بذات الوقوف إن المراد منه خروجه عن احتمال الفساد ، والفوات ، و لأن الوقوف ركن مستقل بنفسه وجوداً ، وصحة لا يقف وجوده ، و صحته على الركن الآخر، و ما وجد و مضى على الصحة لا يبطل إلا بالردة ، ولم توجد ، و إذا لم يفسد الماضي لا يفسد الباقي ، لأن فساده بفساده ، و لكن يلزمه بدنة(1).
الترجيح بين الاجتهادين :
بعد أن عرضنا لأقوال بعض الفقهاء ، وروينا بعض أدلتهم تبين لنا – والله أعلم - أن قول السادة الحنفية هو الراجح لدقة قراءته و فهمه للنص النبوي الكريم القائل : « الحج عرفة » .
فالرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - عندما سئل عن الحج كان جوابه الحج عرفة ، وقد علمنا أن جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الجواب التام الذي لا نقص فيه ، ولا فضل ، لأن الله تعالى قد آتاه جوامع الكلم ، وخواتمه.
فلو كان معنى سؤالهم ما لابد منه في الحج لكان جوابه بذكر عرفة ، والطواف ، ومزدلفة وما يفعل من الحج . فلما ترك ذلك في جوابه إياه علمنا أن ما أرادوا بسؤالهم إياه عن الحج هو ما إذا فات فات الحج .
__________
(1) 1- بدائع الصنائع ج2/216.(1/9)
فأجابهم أن الحج يوم عرفة ، فلو كانت مزدلفة كعرفة لذكر لهم مزدلفة مع ذكر عرفة ، ولكنه ذكر عرفة خاصة ، لأنها أس الحج الذي إذا فات فات الحج ، ثم قال كلاماً مستأنفاً ليعلم الناس أن من أدرك جمعاً قبل طلوع الفجر ، فقد أدرك الحج ليس على معنى أنه أدرك جميع الحج ، لأنه قد ثبت في أول كلامه الحج عرفة ، فأوجب بذلك أن فوت عرفة فوت الحج ، ثم قال : ومن أدرك جمعاً قبل صلاة الصبح ، فقد أدرك الحج .
ليس على معنى أنه لم يبق عليه من الحج شيء ، لأن بعد ذلك طواف الزيادة ، وهو واجب لا بد منه ، و لكن فقد أدرك الحج بما تقدم له من الوقوف بعرفة ، فهذا ما خرج من معاني هذه الآثار ، و صححت عليه ، و لم تتضاد .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كانت سودة المرأة ثبطة ثقيلة ، فاستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تفيض من جمع قبل أن تقف ، فأذن لها ، ولوددت أني كنت أستأذنه ، فيأذن لي .
قال أبو جعفر: فسقط عنهم الوقوف بمزدلفة للعذر .
ورأينا أنه لا بد من الوقوف بعرفة و لا يسقط ذلك لعذرنا ، فما سقط بالعذر ، فهو ليس من أس الحج ، و لا بد منه، فلا يسقط بعذر ، و لا بغيره . فهو الذي من أس الحج ألا ترى أن طواف الزيادة هو من صلب الحج ، وأنه لا يسقط عن الحائض بالعذر ، وهو الحيض ، فكلما كان الوقوف بمزدلفة مما يسقط بالعذر كان من شكل ما ليس بفرض ، فثبت بذلك ما وصفنا ، وهو قول السادة الحنفية(1).
الخلاصة :
إن شروط الجماع المفسد للحج عند السادة الحنفية ، وهو الرأي الراجح عندنا – و الله أعلم - ما يلي :
1- أن يكون الجماع في الفرج : فلو جامع فيما دون الفرج ، أو لمس بشهوة ، أو ، عانق ، أو قبل ، أو باشر لا يفسد حجه لانعدام الارتفاق البالغ لكن تلزمه الكفارة سواء أنزل أو لم ينزل .
2- أن يكون الجماع قبل الوقوف بعرفة : فإن كان بعد الوقوف فلا يفسد .
الفرع الثالث
__________
(1) انظر شرح المعاني ج2/210.(1/10)
حكم الوطء العمد بعد الوقوف بعرفة والتحلل الأول و أثره على الحج
أجمع أهل العلم على أن الجماع بعد التحلل الأول لا يفسد الحج ، وألحق به السادة المالكية الجماع بعد طواف الإفاضة ، ولو قبل رمي جمرة العقبة و الإفاضة .
و وقع الخلاف في الجزاء الواجب على هذا الجماع .
قال الحنفية ؛ و الحنابلة ؛ و الشافعية : يجب على المجامع شاة ، وقال مالك ، و هو قول لدى الحنابلة ؛ و الشافعية : يجب عليه بدنة .
وأوجب الحنابلة ، والمالكية على من جامع بعد التحلل قبل الإفاضة أن يخرج إلى الحل ، و يأتي بعمرة . لقول ابن عباس رضي الله عنه بذلك، و الله أعلم .
المبحث الثاني
عواقب و ويلات الاستمتاع بالزوجة في الإحرام بالوطء المشوب بالخطأ أو النسيان أو الإكراه و أثرهما على نسك الحج .
? الفرع الأول: عواقب و ويلات الوطء المشوب بالخطأ أو النسيان وأثره على الحج.
? الفرع الثاني: عواقب و ويلات الوطء المشوب بالإكراه وأثره على الحج.
الفرع الأول
عواقب و ويلات الوطء المشوب بالخطأ والنسيان ، و أثرهما على الحج .
اختلف أهل العلم في الحكم على الواطئ الناسي ، أو المخطئ إلى اجتهادين .
أحدهما قال : ببطلان حج من جامع ناسياً ، أو مخطئاً.
والآخر قال : بعدم بطلان حج من جامع ناسياً ، أو مخطئاً.
سبب الخلاف :(1/11)
حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( رفع عن أمتي الخطأ ، والنسيان ، و ما استكرهوا عليه )(1).
هل يشمل حكم هذا الحديث على هذه الحالة أم لا ؟ .
أصحاب الاجتهاد الأول لم يعمموا حكم هذا الحديث على الحج .
أما أصحاب الاجتهاد الثاني ، فقد فعلوا ذلك .
قال بالاجتهاد الأول: الحنفية ؛ والحنبلية ؛ والمالكية.
... وقال بالاجتهاد الثاني: الشافعية ، و الظاهرية.
الاجتهاد الأول
بطلان حج الواطئ الناسي أو المخطئ
لم يفرق أصحاب هذا القول(2)ما بين المجامع العامد ، أو المخطئ أو الناسي . بل قالوا : بفساد حج جميع هؤلاء .
كان دليلهم على ذلك قضاء الصحابة الذين لم يستفصلوا من الواطئ أكان نكاحه عن عمد ، أو نسيان ، أو خطأ(3).
مناقشة الاجتهاد :
قال السادة المالكية ، والحنفية ، والحنابلة : أن الصحابة رضوان الله عليهم قد قضوا بفساد حج الواطئ المحرم ، ولم يستفصلوا من الواطئ أكان نكاحه عن عمد ، أو غير عمد ، و كان سبب ذلك عظمة حرمة النسك .
فرد المخالفون(4):
إن الحج لا يفسده الخطأ ، و النسيان . ذلك أن الفساد لا يثبت إلا بفعل محظور ، و الحظر لا يثبت مع الخطأ ، و النسيان .
لقول الله سبحانه و تعالى: « ليس عليكم جناح فيما أخطأتم ولكن ما تعمدت قلوبكم » .
__________
(1) - و في رواية ابن ماجه في كِتَاب الطَّلَاقِ - بَاب حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ برقم 2045 عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . قال الشيخ ناصر الدين الألباني : حديث صحيح .و في صحيح الجامع الصغير برقم 1731 : إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه ( حم ه ) عن أبي ذر ( طب ك ) عن ابن عباس ( طب ) عن ثوبان و قال عن الشيخ الألباني صحيح .
(2) 1- ... بدائع الصنائع ج2/217 – بداية المجتهد ج1/70.
(3) 2- ... كشاف القناع للبهوتي ج2/443.
(4) 3- ... المحلى ج7/139.(1/12)
ولقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - : «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » .
أما عن فتاوى الصحابة رضوان الله عليهم و التي لم تفرق ما بين المجامع الناسي ، أو المخطئ .
لعل جميع الحالات المعروضة عليهم يومئذ كانت عن عمد ، و ذلك ظاهر من حال المستفتي .
الاجتهاد الثاني
جماع الناسي و المخطئ لا يفسد الحج
قال الشافعية والظاهرية : بعدم فساد حج المجامع الناسي ، أو المخطئ ، لأن فساد النسك لا يثبت إلا بفعل محظور ، والحظر لا يثبت مع الخطأ ، أو النسيان .
أدلة الاجتهاد :
1- قوله سبحانه و تعالى : « ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم » .
2- قول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - : « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » .
مناقشة الاجتهاد :
قال الشافعية والظاهرية : بعدم فساد حج الواطئ الناسي والمخطئ ، لأن فساد الحج لا يثبت إلا بفعل محظور ، و الحظر هنا لا يثبت ما دام الفعل مشوباً بالخطأ ، أو النسيان .
و يبين ذلك قوله تعالى: «ليس عليكم جناح فيما أخطأتم ولكن ما تعمدت قلوبكم » .
ولقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - : «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » .
فرد الجمهور بقولهم : إن الصحابة الكرام قد قضوا بفساد النسك ، ولم يستفصلوا عن وجود الخطأ ؛ أو النسيان ، لأن الحج له شأن عظيم ، له أحكامه الخاصة .
الترجيح بين الاجتهادين :
بعد أن عرضنا لآراء الفقهاء ، و بينا أدلتهم نرى – و الله أعلم – أن قول الشافعية ، والظاهرية هو الراجح و الله أعلم .
الفرع الثاني
عواقب و ويلات الوطء المشوب بالإكراه وأثره على الحج
قال معظم أهل العلم(1)، عدا الشافعية ، والظاهرية : بفساد حج المجامع ، و لو كان مشوباً بالإكراه ، وعليه فهناك قولان في المسألة :
الاجتهاد الأول: يفسد الحج بالوطء المصاحب للإكراه.
__________
(1) 1- ... الحنفية - المالكية – الحنابلة.(1/13)
الاجتهاد الثاني: الوطء إذا كان بالإكراه لا يفسد الحج.
سبب الخلاف :
شمول أو عدم شمول هذه المسألة حكم حديث الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - : « رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه » .
الاجتهاد الأول
يفسد الحج بالجماع المشوب بالإكراه
قال بهذا الرأي معظم أهل العلم (الحنفية – المالكية – الحنابلة) و كانت حجتهم ما يلي :
1- إن نسك الحج عند الله له شأن عظيم لذلك يفسد ، ولو كان مشوباً بالإكراه ، بيد أن المدفوع هو المؤاخذة فقط .
2- قضاء الصحابة بفساد الحج بأي جماع كان ، ولم يفرقوا ما بين مكره وغيره .
مناقشة الاجتهاد :
قال أصحاب هذا الرأي : إن الحج يفسد بالجماع ، ولو كان مشوباً بالإكراه ، لأن الإكراه لا يزيل الحظر لعظمة شأن هذا النسك.
فرد الشافعية ، و أهل الظاهر على هذا القول :
إن الوطء بالإكراه لا خيار فيه ، و بالتالي لا شيء عليه لوضوح منطوق حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « رفع عن أمتي الخطأ ، و النسيان ، و ما استكرهوا عليه » .
فالمرفوع عن أمة الإسلام و فق منطوق هذا الحديث الإثم بالإضافة إلى عدم إحباط العمل بسبب الإكراه الذي صعب رده فرفع بسببه الإثم و بطلان العمل .
الاجتهاد الثاني
عدم فساد الحج بالوطء نتيجة الإكراه الملجئ
قال بهذا القول السادة الشافعية(1)، و أهل الظاهر ، و كان دليلهم ما يلي :
1- قول الله سبحانه و تعالى : « ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم .
2- قول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - : رفع عن أمتي الخطأ و النسيان وما استكرهوا عليه » .
مناقشة الاجتهاد :
ذهب الشافعية ، و ابن حزم الظاهري إلى عدم فساد حج الواطئ المكره إكراهاً ملجأً و ذلك لدلالة الآية الكريمة ، و الحديث النبوي الشريف سالفي الذكر على ذلك :
رد جمهور الفقهاء ( الحنفية – المالكية – الحنابلة ) على هذا القول :
__________
(1) الفقه الإسلامي ج3/246.(1/14)
إن فتاوى جميع الصحابة الكرام تقضي بفساد حج الواطئ على العموم سواء كان الجماع عن عمد ، أو غيره و لو كان الواطئ بالإكراه لا يفسد حجه لبينوا ذلك .
الترجيح :
بعد أن بينا أقوال أهل العلم في هذه المسألة ، و أوردنا أدلة كل رأي نرى – و الله أعلم – أن قول الشافعية ، وابن حزم الظاهري هو الراجح لقوة أدلته وانسجامه مع مقاصد الشريعة الغراء المبنية على الرحمة والحكمة .
فعلى سبيل المثال: لو أن امرأة سورية ذهبت مع زوجها الفاسق إلى الحج ، و قبل الوقوف بعرفة أكرهها إكراهاً ملجأً على الجماع .
فما ذنب تلك السيدة التي فسد حجها – وفق رأي الحنفية والمالكية والحنابلة – و القوانين في سورية لا تسمح لمن حج مرة أن يحج أخرى .
و ما ذنب تلك المرأة بأن تتحمل مصروف الحج مرة أخرى ، وتكاليفه وسطياً للفرد الواحد /80000/ ألف ليرة سورية ( أكثر من ألف و خمسمائة دولار أميركي ) وهذا المبلغ لا يتوفر مع الكثير من العائلات السورية متوسطة الحال .
أيضاً يجب على تلك السيدة السورية القضاء في العام القابل و القوانين التنظيمية في سورية لا تسمح لها بذلك كونها قد حجت وفق ما هو مكتوب في جواز سفرها .
أليس من الأجدر و الأرحم أن نأخذ بقول الشافعية ، و الظاهرية ، و عدم الإفتاء بفساد حج تلك السيدة المكرهة على الجماع ما دامت نصوص الشريعة من كتاب ، و سنة تقضي بذلك و فق مفهوم الشافعية و غيرهم من أهل العلم .
هذا ما أرى و الله أعلم و أحكم .
الفصل الثاني
عواقب و ويلات الاستمتاع بالزوجة في الإحرام فيما دون الوطء و أثره على الحج
? المبحث الأول : عواقب و ويلات المعانقة و القبلة وأثرهما على النسك .
? المبحث الثاني : عواقب و ويلات المباشرة و أثرها على الحج .
? المبحث الثالث : عواقب و ويلات الوطء دون الفرج و أثره على الحج .
? المبحث الرابع : عواقب و ويلات النظر و التفكر بالزوجة و أثرهما على الحج .
المبحث الأول(1/15)
عواقب و ويلات المعانقة و القبلة و أثرهما على الحج .
? الفرع الأول : عواقب و ويلات المعانقة و القبلة و أثرهما على الحج إذا لم يحصل بهما إنزال .
? الفرع الثاني : عواقب و ويلات المعانقة و القبلة و أثرهما على الحج إذا رافقهما إنزال .
الفرع الأول
عواقب و ويلات المعانقة و القبلة و أثرهما على الحج إذا لم يحصل إنزال .
اتفق أهل العلم على حرمة المعانقة ، و القبلة ؛ و غيرها في الحج ، بيد أنهم اختلفوا فيما يجب على المعانق ، و المقبل إذا ارتكب هذا المحرم .
قال ابن عابدين عليه رحمة الله : « المعانقة و المباشرة الفاحشة و الجماع فيما دون الفرج و التقبيل و اللمس بشهوة موجبة للدم أنزل أو لا قبل الوقوف أو بعده و لا يفسد حجه بشيء منه » .(1)
و على هذا القول كان كل من الشافعية ، و الحنابلة .
أما المالكية ، و عطاء ، و الحسن ، و إسحاق ، فقالوا : بعدم فساد حج من فعل هذا الأمر ، بيد أنهم أوجبوا عليه بدنة(2).
الفرع الثاني
عواقب و ويلات المعانقة و القبلة و أثرهما على الحج إذا رافقهما إنزال .
اتفق أهل العلم على حرمة هذا الفعل في الحج ما دام الحاج محرماً ، بيد أنهم اختلفوا في أثر ذلك إلى قولين إذا أد الفعل إلى الإنزال .
الاجتهاد الأول : القبلة و المعانقة إذا أديا إلى الإنزال لا يفسدان الحج . قال بهذا القول كل من : ( الحنفية – الحنابلة – الشافعية)(3).
الاجتهاد الثاني : المعانقة ، و القبلة إذا أدت إلى الإنزال تفسد الحج . قال بهذا الرأي : ( المالكية – عطاء – الحسن – إسحاق )(4).
الاجتهاد الأول
القبلة و المعانقة لا تفسد الحج و إن رافقهما إنزال .
__________
(1) 1- ... حاشية ابن عابدين ج2/554- النتف في الفتاوى ج1/219.
(2) 2- ... الفقه الإسلامي ج3/444 – الهداية شرح البداية ج1/164.
(3) 1- ... الفقه الإسلامي ج3/244 – الهداية شرح البداية ج1/164.
(4) 2- ... الفقه الإسلامي ج3/244 – الهداية شرح البداية ج1/164.(1/16)
ذهب جمهور الفقهاء ( الحنفية – الشافعية – الحنابلة) إلى عدم فساد حج من قبل ، أو عانق ، فأنزل . و كانت حجتهم في هذا القول أن فساد الحج يتعلق بالجماع ، و لهذا لا يفسد بسائر المحظورات ، و هذا ليس بجماع مقصود ، فلا يتعلق به ما يتعلق بالجماع إلا أن فيه معنى الاستمتاع و الارتفاق بالمرأة ، و ذلك محظور في الإحرام ، فيلزمه الدم .(1)
مناقشة الاجتهاد :
ذهب جمهور أهل العلم إلى عدم فساد حج من عانق ، أو قبل ، و لو أدى ذلك إلى إنزال المني ، لأن فساد الحج يتعلق بالجماع ، و هذا ظاهر في قوله تعالى : « فلا رفث » ، و المعانقة ، و القبلة ليستا جماع و بالتالي لا
يتعلق بهما ما يتعلق بالجماع بيد أن هذا الأمر هو استمتاع و ما دام هناك استمتاع ، فوجب الدم .
فرد المخالفون :
إن المعانقة ، و القبلة إذا رافقهما إنزال يفسد الحج ، لأن كل عبادة يفسدها الوطء يفسدها الإنزال ، و المعانقة ، و القبلة مع الإنزال قد يحصل بهما المقصود من اللذة ، لهذا يفسد الحج » .(2)
الاجتهاد الثاني
المعانقة و القبلة يفسدان الحج إذا رافقهما إنزال .
قال السادة المالكية و عطاء و الحسن و إسحاق رضوان الله عليهم(3)أن المعانق و المقبل يفسد حجهما إذا أدى ذلك إلى الإنزال و كانت حجة هذا القول ما يلي :
1- إن كل عبادة يفسدها الوطء يفسدها الإنزال .
2- إن المعانقة ، و القبلة التي تؤدي إلى الإنزال يحصل بها اللذة المقصودة ، لهذا يفسد الحج .
مناقشة الاجتهاد :
ذهب المالكية ، و من قال بهذا القول إلى أن : المعانقة ، و القبلة إذا حصل بهما إنزال يفسد النسك و ذلك ، لأن الحج يفسده الوطء ، و الإنزال المرافق للمعانقة ، أو القبلة يفسدان الحج لحصول اللذة المرادة .
فرد المخالفون :
__________
(1) 1- ... الهداية شرح البداية ج1/164- شرح العمدة ج3/220.
(2) 2- ... شرح العمدة ج3/219.
(3) 1- الفقه الإسلامي ج3/244.(1/17)
إن المعانقة ، أو القبلة سواء رافقهما إنزال أم لا ، تفسدان الحج لانعدام الدليل المثبت لذلك . ذلك أن المفسد للحج هو الجماع المذكور في الآية «فلا رفث» ، والمعانقة ، والقبلة ليسا فيهما معنى الوطء ، وإن حصل بهما إنزال . لكن ذلك محظور في الإحرام ، فوجب الدم .
الترجيح بين الاجتهادين :
بعد أن اطلعنا على آراء أهل العلم ، و بينا أدلتهم تبين لنا – و الله أعلم - رجحان رأي الجمهور القائل : بعدم فساد نسك المقبل ، و المعانق ، و لو أدى ذلك إلى إنزال المني ، لانعدام الدليل المثبت لفساد الحج ، و الله أعلم .
المبحث الثاني
عواقب و ويلات المباشرة و أثرها على نسك الحج
? الفرع الأول : عواقب و ويلات المباشرة و أثرها على الحج إذا لم يحصل بها إنزال .
? الفرع الثاني : عواقب و ويلات المباشرة و أثرها على الحج إذا حصل بها إنزال .
الفرع الأول
عواقب و ويلات المباشرة و أثرها على الحج إذا لم يحصل بهما إنزال .
اتفق أهل العلم(1)على أن المباشرة التي لم يحصل بها إنزال ، لا تفسد نسك الحج سواء كانت تلك المباشرة قبل الوقوف بعرفة ، أم بعده .
قال ابن عابدين : « المعانقة و المباشرة الفاحشة و الجماع فيما دون الفرج و التقبيل و اللمس بشهوة موجبة للدم أنزل أو لا قبل الوقوف أم بعده و لا يفسد حجه شيء منه » .(2)
... و على مرتكب هذا الفعل الشنيع دم وفق رأي الشافعية ، و الحنفية ، و الحنابلة أما المالكية ، فقد أوجبوا عليه بدنة .
الفرع الثاني
حكم المباشرة و أثرها على الحج إذا رافقها إنزال
اتفق أهل العلم على حرمة المباشرة للمحرم ، بيد أنهم اختلفوا في أثرها على النسك إذا أدت إلى إنزال المني .
قال جمهور الفقهاء : بعدم فساد الحج .
أما المالكية ، فقالوا : بفساده .
عليه نقسم هذا الفرع إلى اجتهادين :
__________
(1) 1- ... النتف في الفتاوي ج1/219 – الفقه الإسلامي ج3/444 – الهداية شرح البداية ج1/164.
(2) 2- ... حاشية ابن عابدين ج2/554.(1/18)
الاجتهاد الأول : المباشرة لا تفسد الحج ، و إن أدت إلى الإنزال .
الاجتهاد الثاني : المباشرة تفسد الحج إذا أدت إلى الإنزال .
الاجتهاد الأول
المباشرة لا تفسد الحج و إن أدت إلى الإنزال
قال بهذا القول السادة الحنفية ، و الشافعية ، و الحنابلة ، و كانت حجتهم في هذا الرأي أن فساد الحج يتعلق بالجماع ، لهذا لا يفسد بسائر المحظورات . و المباشرة ليست بجماع مقصود ، فلا يتعلق بها ما يتعلق بالجماع إلا أن المباشرة بها معنى الاستمتاع ، و ذلك محظور في الإحرام ، فيلزمه الدم ، وفق رأي الحنفية ، و الشافعية .
أما الحنابلة ، فقد أوجبوا عليه بدنة(1).
الاجتهاد الثاني
المباشرة تفسد الحج إذا أدت إلى إنزال المني
قال السادة المالكية : إن المباشرة تفسد الحج إذا أدت إلى إنزال المني ، لأن كل عبادة يفسدها الوطء يفسدها الإنزال ، بالإضافة إلى أن المباشرة التي أدت إلى الإنزال حصل بها اللذة المقصودة ، لهذا وجب فساد الحج(2).
الترجيح :
لعل الاجتهاد القائل بعدم فساد الحج في المباشرة ، و إن أدت إلى الإنزال هو الراجح لقوة دليله ، و وضوح منطقه و انسجامه مع مقاصد الشريعة ، و الله أعلم .
المبحث الثالث
عواقب و ويلات الوطء دون الفرج و أثره على الحج .
? الفرع الأول : عواقب و ويلات الوطء دون الفرج و أثره على الحج إذا لم يحصل به إنزال .
? الفرع الثاني : عواقب و ويلات الوطء دون الفرج و أثره على الحج إذا حصل به إنزال .
الفرع الأول
عواقب و ويلات الوطء دون الفرج و أثره على الحج إذا لم يحصل به إنزال .
اتفق أهل العلم على عدم فساد الحج بالوطء دون الفرج ، إذا لم يحصل به إنزال للمني ، بيد أن السادة الحنفية ، و الشافعية ، و الحنابلة أوجبوا على الفاعل دم .
__________
(1) 1- ... شرح العمدة ج3/219 – الهداية شرح البداية ج1/164.
(2) 1- شرح العمدة ج3/219 – الفقه الإسلامي ج3/444.(1/19)
أما السادة المالكية أوجبوا عليه بدنة(1).
الفرع الثاني
عواقب و ويلات الوطء دون الفرج و أثره على الحج إذا رافقه إنزال للمني
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين :
السادة الحنفية ، و الشافعية ، و الحنابلة ، قالوا : بعدم فساد النسك ، و إن أدى ذلك إلى الإنزال . بيد أن الحنفية ، و الشافعية أوجبوا الدم على الفاعل .
أما الحنابلة ، فقد أوجبوا عليه بدنة .
أما المالكية فقالوا : بفساد الحج ، و أوجبوا عليه القضاء ، و الفدية ، أي عليه ما على المجامع العائد بالفرج .
الترجيح :
لعل قول الجمهور هو الراجح لعدم وجود دليل صريح على فساد حج من وطء دون الفرج ، و الله أعلم .
المبحث الرابع
عواقب و ويلات النظر و الفكر في الجماع و مقدماته و أثرهما على الحج
اتفق أهل العلم على حرمة النظر ، و التفكير في الجماع ، و مقدماته على المحرم ، بيد أنهم اختلفوا في أثرهما إذا أدى ذلك إلى إنزال المني ، و عليه سنقسم هذا المبحث إلى فرعين :
? الفرع الأول : النظرة و الفكر العابر و أثرهما على الحج إذا رافقه إنزال .
? الفرع الثاني : النظرة و الفكر المستديم و أثرهما على الحج إذا رافقه إنزال .
الفرع الأول
النظرة والفكر العابر و أثرهما على الحج إذا رافقهما إنزال
اتفق أهل العلم على عدم فساد نسك الحج بالنظرة العابرة ، و الفكر العابر ، و لو أدى ذلك إلى إنزال المني .
فقهاء الحنفية(2)، و الشافعية(3)لم يوجبوا عليهما أي فداء .
أما الحنابلة(4)، فأوجبوا عليهما الدم .
أما المالكية(5)فقد أوجبوا عليهما هدي بدنة .
__________
(1) 1- ... الفقه الإسلامي ج3/444 – شرح العمدة ج3/219.
(2) 1- الهداية شرح بداية المبتدئ ج1/183.
(3) 2- الفقه الإسلامي ج3/245.
(4) 3- المغني ج3/336- شرح العمدة ج3/217.
(5) 4- الفقه الإسلامي ج3/245.(1/20)
و كان دليل الحنابلة في وجوب الدم ما روي عن مجاهد أن رجلاً جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، فقال : يا ابن عباس أحرمت فأتتني فلانة في زينتها ، فما ملكت نفسي إذ سبقتني شهوتي ، فضحك ابن عباس - رحمه الله - حتى استلقى ، ثم قال : إنك لشبق لا بأس عليك أهرق دماً ، و قد تم حجك »(1).
الفرع الثاني
النظرة(2)و الفكر المستديم و أثرهما على الحج إذا رافقه إنزال
اتفق الفقهاء على حرمة النظرة سواء أكانت مستديمة ، أو عابرة ، و كذلك الأمر على الفكر، بيد أنهم اختلفوا في أثرهما على الحج إلى اجتهادين :
الاجتهاد الأول - قال : بعدم فساد الحج بالنظرة المتكررة ، و الفكر المستديم ، و إن أديا إلى الإنزال ، و هو قول الجمهور(3).
الاجتهاد الثاني – قال : بفساد الحج بالنظرة المتكررة ، و الفكر المستديم إذا أديا إلى إنزال المني ، و هو اجتهاد المالكية ، و الحسن(4).
سبب الخلاف : و كان سبب الخلاف بين الفقهاء قياس فساد الصوم على الحج بنزول المني .
الاجتهاد الأول
النظرة المتكررة و الفكر المستديم و إن رافقهما إنزال لا تفسدان الحج
قال بهذا الرأي : الحنفية ، و الشافعية ، و الحنابلة ، و كان دليلهم في ذلك ما يلي :
1- روى مجاهد ، قال : جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، فقال : يا ابن عباس أحرمت ، فأتتني فلانة في زينتها ، فما ملكت نفسي إن سبقتني شهوتي ، فضحك ابن عباس رحمه الله حتى استلقى ، ثم قال : إنك لشبق لا بأس عليك أهرق دماً ، و قد تم حجك » .(5)
2- نقل سعيد بن جبير أن عليه دماً ، و حجه تام(6).
__________
(1) 5- شرح العمدة ج3/223.
(2) 1- أو تكرار النظر.
(3) 2- الإنصاف ج3/501 – ابن عابدين ج2/254 – النتف في الفتاوى ج1/219.
(4) 3- شرح العمدة ج3/224 – حاشية الدسوقي ج2/68.
(5) 1- ... شرح العمدة ج3/223.
(6) 2- ... شرح العمدة ج3/223.(1/21)
3- المنقول عن ابن عباس أن حجه تام ، و عليه دم ، و لا يعرف له مخالفاً لا في الصحابة ، و لا من التابعين »(1).
مناقشة الاجتهاد :
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن النظرة المتكررة ، و الفكر المستديم لا يفسدان الحج ، و إن أديا إلى إنزال المني ، و لكن يوجبا الدم ، وفق رأي الحنفية ، أو بدنة عند الحنابلة ، و كان اعتمادهم في ذلك على فتوى ابن عباس ، و سعيد بن جبير رضوان الله عليهم .
فرد المخالفون :
إن النظرة المتكررة ، و الفكر المستديم إذا استدعيا المني يفسدان الحج ، لأن النظرة بشهوة حرام ، و كذلك الفكر ، و يمكن الاحتراز منهما بغض البصر ، و صرف الفكر بالإضافة إلى أن الإنزال يفسد الحج كما يفسد الصيام(2).
الاجتهاد الثاني
النظر المتكرر و الفكر الدائم يفسد الحج إذا أدى إلى الإنزال
قال بهذا الاجتهاد : المالكية ، و كان دليلهم ما يلي(3):
1- القياس : قاس المالكية فساد الصوم على فساد الحج بالإنزال فأفسدوا الحج بناء على النظر المتكرر و الفكر الدائم إذا أدى إلى إنزال المني قياساً على فساد الصوم .
2- إنّ تكرار النظر ، و الفكر بشهوة حرام يمكن الاحتراز منه ، لذلك يفسد الحج بالإنزال لإمكانية صرف النظر و دفع الفكر .
مناقشة الاجتهاد :
ذهب المالكية ، و الحسن إلى أن النظرة المتكررة ، و الفكر الدائم إذا أديا استدعاء المني يفسدان الحج ، و ذلك قياساً على فساد الصوم بالإنزال .
فرد المخالفون :
إن فتوى ابن عباس ترد على هذا القول ، و لم تعرف فتوى مخالفة من الصحابة ، أو التابعين مما يعني عدم فساد الحج بالنظرة المتكررة ، و الفكر المستديم ، و إن أديا إلى الإنزال .(4)
__________
(1) 3- ... شرح العمدة ج3/223-164.
(2) 1- شرح العمدة ج3/223.
(3) 1- ... شرح العمدة ج3/223.
(4) 2- ... شرح العمدة ج3/223.(1/22)
و روى مجاهد ، قال: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، فقال : يا ابن عباس أحرمت ، فأتتني فلانة في زينتها ، فما ملكت نفسي إذ سبقتني شهوتي ، فضحك ابن عباس رحمه الله حتى استلقى ، ثم قال : إنك لشبق لا بأس عليك أهرق دماً ، و قد تم حجك » .(1)
و لا يعرف لابن عباس مخالفاً من الصحابة ، و لا من التابعين .
الاجتهاد الراجح :
بعد الاطلاع على أقوال العلماء ، و أدلتهم يتبين لنا أن قول الجمهور القائل بعدم فساد الحج ، بل بوجوب الدم هو الراجح لقوة أدلتهم النقلية و العقلية ، و الله أعلم .
( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) ( البقرة : 286 ) .
تم في 20/ ذي القعدة / 1426 هـ الموافق لـ 20/12/2005م
الدكتور مسلم اليوسف
حلب / سورية
abokotaiba@hotmail.com
__________
(1) 3- ... شرح العمدة ج3/223.(1/23)