الدورة التاسعة عشرة
إمارة الشارقة
دولة الإمارات العربية المتحدة
تطبيق عقد البناء والتشغيل والإعادة
( B.O.T )
في
تعمير الأوقاف والمرافق العامة
من إعداد
أ . د : أحمد محمد أحمد بخيت
أستاذ الفقه المقارن
بجامعتي بني سويف والبحرين
تمهيد
بعد حمد الله تعالى ، ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، فهذا بحث في { تطبيق عقد البناء والتشغيل والإعادة ( B.O.T) في تعمير الأوقاف والمرافق العامة } أنجزته بناء على تشريف لشخصي من مجمع الفقه الإسلامي الدولي ، ليكون ضمن البحوث التي ستعرض بإذن الله تعالى على الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر المجمع .(1/1)
وبقدر سعادتي بهذا التشريف فإني لأرجو الله أن أكون قد خطوت ولو خطوة واحدة في طريق الكشف عن الحكم الشرعي في هذه المعاملة التي ذاع في الناس صيتها ، لاسيما وقد صورتها بعض أدوات العولمة ، الاقتصادية والقانونية على السواء (1)
__________
(1) ) ... في استعراض عدد موفور من التقارير والدراسات المحفزة على الأخذ بأسلوب B.O.T والإيحاء بأنه العصا السحرية ، وطوق النجاة الذي ينبغي أن تتعلق الدول النامية لإنشاء وتحديث البنية التحتية ، والنهوض بالمرافق العامة ، مع الإشارة إلى الأساليب التي تتبعها بيوت التمويل العالمية ، وكذا الشركات المهيمنة على التجارة الدولية في سبيل تحقيق مصالحها ، دون اعتبار لمصالح الدول النامية ، خصوصا الدول المنتجة للنفط ، ومن خلال الدور الذي يلعبه الفقه الغربي ، وأحكام المحكمين في تكريس مصالح الشركات المهيمنة ، في استعراض ذلك كله راجع مقدمة بحث الزميل الدكتور الروبي . محمد . عقود التشييد والاستغلال والتسليم B.O.T دراسة في إطار القانون الدولي الخاص . دار النهضة العربية 2004 .وسيادته يشير إلى مجموعة كبيرة من الدراسات المتاحة على موقع الأمم المتحدة على الشبكة العالمية للإنترنت من خلال الرابط الإلكتروني : www.UNIDO.org/en/doc . ، ودراسة الزميل ، وفقه الله ، أكثر تركيزا في بحث هذا النظام في إطار القانون الدولي الخاص ، ومن ثم فهي تتخذ من عقود التمويل ذات الطرف الأجنبي مجالا للتطبيق ، بغرض الكشف عما تتضمنه وثائق عقود B.O.T من بنود وشروط قد لا تصب في صالح الدولة مانحة الامتياز ، ولما كان تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد ذي الطرف الأجنبي من المسائل المهمة في هذا الصدد ، فإن الزميل العزيز قد رأى أن تجلية ما يمرر في هذه العقود – عادة – من غموض يجنب الدولة كثيرا من المشكلات كلما ثار نزاع حول العقد ( ص 11) .
... ... وقد خلص الزميل العزيز إلى أن لنظام B.O.T مزايا ، ومثالب ، وقد قدم لهذه الأخيرة بقوله ( ص 316 وما بعدها ) : لا ريب أن كثيرا من الدول ، لاسيما دول العالم الثالث ، والجهات الإدارية التابعة لها ليس لها خبرة في مجال عقود B.O.T في حين تتمتع الشركات الاستثمارية بخبرات هائلة ، تفاوضية ، وتعاقدية ، وفنية ، وتنفيذية ، تمكنها من أن تجعل بنود وشروط تلك العقود لصالحها ، دون أن يفطن لذلك كثير من الدول النامية المتعاقدة معها ، ويدلل سيادته على ذلك بتجارب عدد من الدول ، ومن بينها مصر ، ويتهم الفقه الغربي بالإطناب في استعراض مزايا عقود B.O.T على الدول المطبقة لها ، فيما يغض الطرف عن المثالب التي كشفت عنها التجارب الحية .(1/2)
على أنها العصا السحرية التي ستأتي على مشكلات التنمية ، والمخرج الذي سيكفي الدول والهيئات والوحدات مئونة نفقات مشروعات البنية الأساسية ، والمرافق الخدمية والاقتصادية .
وهذا الأسلوب وإن كان – في نظر الداعين إليه – رافعا عبء التكلفة عن الخزائن العامة جملة فإنه بالنظر إلى الدول النامية ، والآخذة في النمو، الطريقة المثلى والحل الناجع لما تعانيه اقتصاديات تلك الدول من صعوبات وعقبات .
ولكن تجارب بعض الدول التي اندفعت إلى الأخذ بهذا الأسلوب ، دون تحوط كاف، قد آلت باقتصادياتها إلى عكس ما كان يؤمل من هذا النظام التمويلي ، وتمخضت مشروعات B.O.T عبئا إضافيا على موارد هي مرهقة أصلا ، ومرافق عاجزة عن الإشباع الأمثل للحاجات العامة .
والأمر من المنظور الفقهي الإسلامي يستوجب قبل تقييم B.O.T على أسس مادية نفعية الاستيثاق من استيفاء المعاملة الضوابط الإسلامية للاستثمار ، لاسيما ضابطي : الحلال ، ومراعاة المقاصد الشرعية في الأموال والأملاك .
وفي محاولة للوصول إلى حكم في هذه المسألة أعقد المباحث الآتية بعد ،مغفلا قصدا التفصيل في تلك الأدوات والعقود الاستثمارية التي فصل القول فيها جمع من شيوخنا وإخواننا في بحوثهم عن تنمية الوقف واستثماره ، أو عن أعمال البنوك الإسلامية ، أو ضمن نظرية الاقتصاد الإسلامي عامة ، مكتفيا بالتنويه إليها بأوجز عبارة ممكنة .
والله الموفق .
...
المبحث الأول
وجوب تنمية الأوقاف والمرافق العام
أولا : الشبه الجامع بين الوقف والمرفق العام :(1/3)
العنصر المميز للوقف أنه يراد للدوام (1) ودوام سير المرفق العام هو أهم عناصره (2)
__________
(1) ) ... فجمهور الفقهاء على القول بخروج من ملكية الواقف ودخوله في ملك الله تعالى ، انظر مثلا : السرخسي . محمد بن أحمد .المبسوط ط السعادة 12/27 ، الماوردي . على بن محمد .الحاوي الكبير بتحقيق محمود مسطرجي وآخرين .ط دار الفكر 1994 - 9/ 368- 371 ، ابن قدامة ( موفق الدين ) المغني شرح مختصر الخرقي . بتحقيق د. عبد الله التركي ، د. عبد الفتاح الحلو .ط . دار عالم الكتب بالرياض . الثالثة 8/ 186،وما بعدها ، حسب الله . على . خلاصة أحكام الوقف . ط 1956 ص 1-6 . بل راعى الديمومة الذين قالوا بالتأقيت ، وقالوا بجواز وقف الطعام والدراهم ، لأنهم إذ أجازوا وقف الطعام والنقود فبغرض الانتفاع بهما بالإقراض ورد بدلهما ، قال الشيخ محمد الكافي في إحكام الأحكام على تحفة الحكام على منظومة ابن عاصم . ط دار الفكر ص 247 " تحبيس نوعي العين وأجناس الطعام فيه خلاف ، والمعول عليه الجواز فيهما ، لأن رد المثلي كرد عينه " .
(2) ) ... نظرية دوام سير وانتظام المرفق العام من النظريات التي تحظى بعناية وجهود الباحثين باعتبارها أول ثلاثة مباديء حاكمة على عمل المرافق العامة قد استقر عليها الشراح والقضاة ،وهذه الثلاثة هي:
1 - مبدأ دوام سير المرفق العام ..
2- القابلية للتغيير ....
3- مبدأ المساواة أمام المنتفعين ، وسر هذه الأولوية كما يقول أستاذنا الدكتور محمد عبد الحميد أبو زيد في مقدمة رسالته للدكتوراة والمعنونة : دوام سير المرفق العام . دراسة مقارنة ط 1975 ص 5-9 " تنشأ المرافق العامة وتنظم لكي تشبع حاجة الجمهور العامة التي لا غني له عنها ، لذلك كان لزاما باسم المصلحة العامة أن تؤدي هذه المرافق خدماتها العامة على نحو يمكن الجمهور من الاستفادة منها ، ولا يمكن تحقيق هذا الهدف الذي قصد إليه من وراء إنشاء هذه المرافق إلا بضمان سيرها بانتظام واطراد ...... حتى يقول سيادته : ولهذا فقد ابتدع مجلس الدولة الفرنسي مبدأ استمرار المرافق العامة لكي يكفل لهذه المرافق انتظامها في سيرها دون انقطاع ..... ومبدأ استمرار المرافق العامة من المباديء الأساسية رغم أنه لم يرد بشأنه نص ..... وينتظم جميع المرافق العامة إدارية أو اقتصادية ، مهما اختلفت طرق إدارتها " .(1/4)
كما أن الوقف والأملاك العامة ، أو تلك المخصصة للمنفعة العامة، يشتبهان من جهة أنهما لا يرد عليهما الملك الفردي (1) ما دامت خصائصهما ، قائمة ، ومصلحتهما مستمرة .
1- الوقف :
الوقف لغة : المنع والحبس (2)
__________
(1) ) ... انظر مثلا : الكاساني . أبو بكر بن مسعود .بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع – ط دار الحديث - 6/ 194 ، المغني لابن قدامة – ط مكتبة الكليات الأزهرية – 5/ 571 وما بعدها ، البجيرمي .سليمان . حاشية البجيرمي على الإقناع ط الحلبي 1951 3/16 ، أبو زهرة . محمد الملكية ونظرية العقد. ط دار الفكر ص 73 وأما الوقف فالقول بخروجه عن ملك الواقف هو قول الجمهور ، بخلاف قول أبي حنيفة رحمه الله ، ومذهب المالكية كقول الجمهور في الوقف المؤبد ، وإن كان مؤقتا خرجت العين الموقوفة عن ملكة مدة الوقف ، ويمكن أن يقال إنها تبقى في ملكه ، ويمنع من التصرف فيها حتى تنتهي المدة إلزاما له بما التزم ، وفي قول للشافعي وظاهر مذهب أحمد أن العين في الوقف الذري تكون ملكا للموقوف عليهم ملكا لا يبيح لهم التصرف بالبيع وغيره . راجع كتابنا أحكام التركات والأوقاف في الفقه الإسلامي وما يجري عليه العمل في مصر ودول مجلس التعاون الخليجي . دار النهضة العربية 1429/ 2008 ص ، الأستاذ مسقاوي .عمر الوقف في ظل التشريع الوضعي . ضمن بحوث الأوقاف الإسلامية في لبنان بين الواقع والمرتجي . مقدمة إلى المؤتمر الإسلامي الثالث للشريعة والقانون . جامعة طرابلس 2002 ص 76 .، وانظر بعض أحكام النقض المصري في أبدية الوقف لدى المستشار أحمد حسان، فتحي عبد الهادي . موسوعة الأوقاف . نشر منشأة المعارف بالإسكندرية 2002 ص 52 وما بعدها .
(2) ) ... انظر : الفيومي . أحمد بن على .المصباح المنير في شرح غريب الرافعي الكبير . مادة وقف .(1/5)
وله في الاصطلاح تعريفات : منها أنه " تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة " (1) هذا عن التصرف ، فإن أردنا الموقوف قلنا : الشيء الذي يستفاد من نفعه وغلته وفائدته مع بقاء عينه مدة من الزمن ـ تطول أو تقصر ـ كالأرض، والبناء، والبئر، والشجرة. (2) .
ومن الخطأ الظن بناء على ظاهر التعريف أن الوقف حبس حركة المال وتعطيل إدارته، لأن الحبس يرد على العين دون المنفعة ، والمنفعة هي لب العمل الاقتصادي ومراده ، وكما يقول السرخسي – رحمه الله – " أعظم الناس تجارة الباعة ، ورأس مالهم المنفعة " (3) وتغير المتصرف في المحبس – أو قطع حظ المتصرف في التصرف في المحبس زمنا – من حيث كونه رأس مال ، لا ينفي بحال مردود المحبس النفعي ، الذي يوجه إلى أداء وظيفته تلك لصالح الجهة الموقوف عليها (4) .
استمرار عطاء الوقف
__________
(1) ) ... المغني . 8/184 ، وهو التعريف المختار لأنه أقرب التعاريف إلى الأصل الشرعي في الوقف ، وهو حديث وقف عمر رضي الله عنه ، على أنه أشمل التعريفات للمتفق عليه من حقيقة الوقف بين الفقهاء .
(2) ) ... في هذا المعنى . د. الريسوني . أحمد . الوقف الإسلامي . مجالاته وأبعاده . من إصدارات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة . نسخة متاحة بنظام الوورد – عير موافقة للمطبوع – على موقع المنظمة على الشبكة الإلكترونية .
(3) ) ... المبسوط . ط دار المعرفة . الثانية 11/ 78 .
(4) ) ... انظر في هذا المعنى : د. مغلي . محمد البشير . بحث بعنوان : التكوين الاقتصادي للوقف في بلدان المغرب العربي ، وتعليق الدكتور جمعة زريق عليه . ضمن نظام الوقف والمجتمع المدني في الوطن العربي . بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية والأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت . نشر المركز . ط أولى 2003 ص 313 ، 345 .(1/6)
بقاء عين الوقف واستمرار منفعته شاهد على أن الشرع الإسلامي ينزع إلى استمرار عطاء الوقف (1) وعلى ضوء النصوص المؤكدة على هذه الغاية أفرغ الفقهاء وسعهم في الكشف عن الوسائل والأدوات التي تحقق هذا المقصد الحضاري الراقي:
? ففي كتاب الله تعالى { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } (2) وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالوقف (3) .
__________
(1) ) ... وما أدق القول " الوقف مال رابح " كما عُنْوِن لنشرة إدارة الدعوة – قطر- لواحدة من سلسلة الآداب و " الوقف عبادة مالية ، ووظيفة اقتصادية ، واستثمار تنموي " كما عنون الدكتور محمد على الصليبي لبحثه المنشور بمجلة جامعة الخليل للبحوث المجلد 2 ع 2 ص 52-65 لسنة 2006.
(2) ) ... آل عمران من الآية 92
(3) ) ... ففيما روى البخارى ومسلم وأبو داود والدارمى واللفظ له ، عن أنس قال : كان أبو طلحة أكثر أنصارى بالمدينة مالا بخلا ، وكانت أحب أمواله إليه بيرحاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان - يعنى النبى صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من مائها طيب ، فقال أنس : فلما أنزلت هذه الآية " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون " قال : إن أحب أموالى إلىُ بيرحاء ، وإنها صدقة أرجو برها وذخرها عند الله ، فضعها يا رسول الله حيث شئت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بخ ، ذلك مال رابح ، أو رائح ، وقد سمعت ما قلت ، وإنى أرى أن تجعله فى الأقربين . فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله ، فقسمه أبو طلحة فى قرابة بنى عمه .
... انظر : سنن الدارمى وتخريج الأستاذين فؤاد زمزلى ، وخالد العلى لأحاديثه 1/477-478.(1/7)
? وفيما روى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء : صدقة جارية ...} (1) وحملت على الوقف لأنه هو الذي يستمر جريانه .
? وفيما روى الشيخان وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر : إن شئت حبست أصلها وتصدقت بثمرتها .... (2) حيث نص على قطع التصرف في العين قطعا تاما .
? ... وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا حبس مالا من ماله ، صدقة مؤبدة ، لا تشترى أبدا ، ولا توهب ، ولا تورث " (3) وهو واضح الدلالة على المعنى .
__________
(1) ) ... انظر : الصحيح . كتاب الوصية . باب ما يلحق الرجل من الثواب بعد وفاته . والحديث رواه أبو داود والنسائى فى الوصايا والترمذى فى الأحكام . باب فى الوقف . وقال : حسن صحيح . ...
(2) ) ... رواه الجماعة ، وهو عند البخارى فى الوصايا . باب الوقف كيف يكتب ، مسلم فى الوصية . باب الوقف ، وهو عند أبى داود فى الوصايا ، والنسائى فى الأحباس ، والترمذى فى الأحكام . وابن ماجة فى الصدقات ، ومسند الإمام أحمد 2/12،55.
(3) ) ... انظر : القرافي . أحمد بن إدريس .الذخيرة . بتحقيق الأستاذ محمد بو خبزة . ط دار الغرب الإسلامي . الأولى . 6/323 ، المغنى 8/ 186.(1/8)
وعلى أساس من هذه النصوص وغيرها كان القول بوجوب بصيانة عينه وحفظها ، وقطع كافة التصرفات التي تؤدي إلى تفويتها ، وتقديم عمارة الوقف على حقوق المستحقين " شرط ذلك الواقف أم لم يشترطه ، لأن قصد الواقف صرف الغلة مؤبدا ، ولا تبقى دائمة إلا بالعمارة ، فيثبت شرط العمارة اقتضاء " (1) .
__________
(1) ) ... انظر : المرغيناني .علي بن أبي بكر .الهداية بشرح فتح القدير . ط الحلبي- 6/190 ، المبسوط للسرخسي 12/ 43 ،البدائع للكاساني 5/330 ، ابن عابدين . محمد أمين . رد المحتار على الدر المختار والمشهور بحاشية ابن عابدين 4/403 ، 412 ، الذخيرة للقرافي 6/346 ، الدسوقي. محمد عرفة .حاشية الدسوقي على الشرح الكبير – ط الحلبي – 4/91 ، المطيعي . محمد بخيت . تكملة المجموع ط م التضامن الأخوي . 16/ 329 ، المغني لابن قدامة 8/ 238، الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 4/506 ، 514 ، وانظر بحث الشيخ السلامي .محمد مختار . استثمار أموال الوقف . ضمن بحوث منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول . تنظيم الأمانة العامة للأوقاف بالكويت مع البنك الإسلامي للتنمية . الكويت 11-13/10/2003 .كتاب المنتدى ص 133- 135 ، وقد كفانا بشواهده ونقوله الكثيرة إعادة النقل عن مصنفات كثير من السلف .، وانظر أيضا : د . القرة داغي . ديون الوقف . ضمن منتدي قضايا الوقف الفقهية الأول . سابق ص 51-55 ، ومن كلام فضيلته ص 58 " رعاية مقصد الشرع في الوقف – هي – الأبدية، والاستمرارية ، وتحبيس الأصل وإبقاؤه للاستفادة من منافعه ، وريعه وثماره ، لا تتم إلا من خلال تكوين مخصصات من ريع الوقف للديون المعدومة ...... لدفع الضرر المحتمل من خلال ترتيب مخصص له ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ولأن الوسائل والمآلات معتبرة في هذه الشريعة الغراء " .وانظر قول فضيلته ونقوله في رهن الوقف ص 65 ، د. الميمان . ناصر بن عبد الله . ديون الوقف ..ضمن أعمال المنتدى السابق ، وقد استهل فضيلته بحثه بالتأكيد على أن أحكام الوقف اجتهادية في الغالب ، ومما تقعد في هذا الباب أنه " يفتى بكل ما هو أنفع للوقف فيما اختلف العلماء فيه ... نظرا للوقف وصيانة لحق الله تعالى ، وإبقاء للخيرات " وهو من كلام ابن عابدين في الحاشية .انظر ص 75 وما بعدها ، وانظر بحث الزميل الدكتور الهيتي عبد الستار إبراهيم .الوقف ودوره في التنمية . من منشورات وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بقطر . ط أولى 1419/ 1998 ص 48 وما بعدها .(1/9)
وللعمل على ديمومة الانتفاع يراعي الأصلح والأحظ ، ويسلك في ذلك مسلك الولي في مال اليتيم ، فإن لم يكن بُدٌ لعمارة الوقف إلا بإجارته إجارة مديدة أجر ، وإن كان الخير في تغيير صورته غيرت ، وإن تحتم الصلاح في استبداله استبدل ، المهم في كل ذلك أن يعمل ما فيه بقاء عينه ، أو تعظيم فائدته ، ودوامها .
2- المرافق العامة .
المرافق جمع مرفق ، وهو اللغة : ما يرتفق به ، وفي قصة أصحاب الكهف يقول المولى سبحانه { ويهييء لكم من أمركم مرفقا } (1) قال القرطبي " المرفق : هو ما يرتفق به ، ومنهم من يجعل المرفق – بفتح الميم – كالمسجد ، وقال عن المرتفق : حكيت فيه أقوال : قيل هو المنزل ، وقيل المقر ، وقيل المجتمع ، وقيل المجلس ، قال القرطبي : والمعنى متقارب ، وأصله من المتكأ" (2) .
والمرافق العامة هي المعبر عنها في فقهنا الحنيف بالمصالح العامة ، أو ما تتعلق به هذه المصالح من أعيان (3) . مع مراعاة أن مصطلح المرفق العام في فقه القانون الوضعي أعم من الأموال المخصصة للنفع العام ، أي الأعيان التي تتعلق بها مصالح العامة كالطرق، والأنهار ، والمراعي ، ونحوها ، بل قد لا نغالي إن قلنا إن المصطلح في فقه القانون الإداري لا يعني ذلك البتة .
__________
(1) ) ... الكهف من الآية 29 .
(2) ) ... الجامع لأحكام القرآن الكريم بتحقيق وتخريج د. محمد إبراهيم الحفناوي ، محمود حامد عثمان . ط دار الحديث . الثانية 1996 10/ 376 ، 404 وما بعدها ، وانظر المصباح المنير مادة رفع ،
(3) ) ... البدائع 6 / 194 . وفي نفس المعنى انظر : المغني – ط الكليات الأزهرية- 5/ 566 وما بعدها، حاشية البجيرمي على الإقناع 3 /16(1/10)
ولا يخفي شراح القانون أن مصطلح " المرفق العام " مبهم ، ومع إبهامه له معنيان : أولهما : عضوي ، ويفيد : المنظمة – أو الجهاز – التي تعمل على أداء الخدمات، وإشباع الحاجات العامة ، ويتعلق هذا المعنى بالإدارة أو الجهاز الإداري .والثاني : معنى موضوعي : ويتعلق بالنشاط الصادر عن الإدارة بهدف إشباع حاجات عامة ، خاضعا لتنظيم وإشراف ورقابة الإدارة " .
ويمكن القول بأن المرفق العام هو في حالة السكون : المنظمة التي تقوم بنشاط معين، أما في حالة الحركة فهو النشاط الذي يهدف إلى إشباع حاجات عامة بغض النظر عن الجهة التي تؤديه " وعلى هذا الأخير استقر الفقه والقضاء في فرنسا وفي مصر ، فعرف المرفق العام بأنه " النشاط الذي تتولاه الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى ، مباشرة أو تعهد به لآخرين ، كالأفراد أو الأشخاص المعنوية الخاصة ، ولكن تحت إشرافها ومراقبتها وتوجيهها ، وذلك لإشباع حاجات ذات نفع عام ، تحقيقا للصالح العام " (1) .
والمرافق العامة الإدارية على نوعين : مرافق دستورية تتفق مع الوظائف المرتبطة بسيادة الدولة ، مثل الدفاع ، والقضاء ، والعلاقات الدولية ، والبوليس ، والضرائب ، ومرافق دستورية لا ترتبط بسيادة الدولة مثل التعليم والصحة ، والثقافة ، والمساعدات الاجتماعية، والتأمين ضد البطالة (2) .
__________
(1) ) ... انظر : د . ليلو . مازن راضي . القانون الإداري . من منشورات الأكاديمية العربية في الدنمارك 2008 . متاح على موقع الجامعة على الشبكة العالمية ( الإنترنت ) ص 67 وما بعدها .
(2) ) ... د. عبد اللطيف .محمد محمد .التطورات المعاصرة للمرافق العامة الاقتصادية .من مطبوعات لجنة التأليف والتعريب والنشر بجامعة الكويت 1999 ص 59 .(1/11)
فإن كان الجهاز ذا طبيعة اقتصادية ينتفع به الجمهور دون تمييز فإنه يسمى مشروعا عاما ، غير أنه إن كان يخضع لإشراف الدولة ورقابتها وتوجيهها فإنه يشكل مرفقا عاما، ومثاله هيئة سكك حديد مصر ، وهيئة الكهرباء ، هيئة الاتصالات ، وهكذا (1) والعكس بالعكس .
والمرفق العام بهذا المعنى ليس غريبا على الفقه الإسلامي ، وإن لم يفرد ببحث أو يدل عليه بذات الاصطلاحات ، ففي فقه عمر رضي الله عنه أنه أبى أن يقسم السواد بين الفاتحين بغرض أن يستعين به على المرافق ، كالجهاد ، يقول رضي الله عنه " أرأيتم هذه الثغور لابد لها من رجال يلزمونها ، أرأيتم هذه المدن العظام – كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر – لابد لها من أن تشحن بالجيوش ، وإدرار العطاء عليهم . فمن أين يعطى هؤلاء إذا قسمت الأرضون والعلوج . " (2) .
وفي تبرير الحمى يقول رضي الله عنه " .... والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت من بلادهم شبرا " . (3) .
ونظرية الماوردي – رحمه الله – في الأحكام السلطانية والولايات الدينية واضحة في هذا الخصوص ، فقد جعلها قسمين ، الأول : ينظم الجانب السياسي للدولة ، والثاني : يتعلق بالقواعد المنظمة للإدارة الحكومية ، أو الإدارة العامة ، وفيه يرسم أطر المرافق العامة ، وإن بمسميات مختلفة ، فيتكلم عن : الجهاد ، والشرطة ، والصلاة ، والحج ، والزكاة ، والجزية ، والخراج ، والقضاء ، والديوان، وبيت المال ، والحسبة بإسهاب ودقة، وحديثه في كل ذلك أكثره موضوعي ، وأقله عضوي .
__________
(1) ) ... السابق ص 85 .
(2) ) ... انظر : أبو يوسف القاضي .الخراج – نسخة الموسوعة الشاملة – ص 29 .
(3) ) ... انظر : الأحكام السلطانية للماوردي بتحقيق د. أحمد مبارك البغدادي . نشر مكتبة ابن قتيبة . الكويت 1409/ 1989 ص 243 .(1/12)
1- وولي الله الدهلوي إذ يبحث فقه المصارف يسلك ذات المسلك ، وهو أن المرافق أنشطة، لا مجرد أعيان (1)
أما المرفق بمعنى العين محل النشاط الذي يراد للعامة فنجده في مثل كلام أبي يوسف القاضي " وإن أراد الإمام أن يقطع طريقا من طرق المسلمين الجادة رجلا يبني عليه، وللعامة طريق غير ذلك قريب أو بعيد منه، لم يسعه إقطاع ذلك ولم يحل له وهو آثم إن فعل ذلك " (2) . ويقول" فأما البثوق والمسنيات والبريدات التي تكون في دجلة والفرات وغيرهما من الأنهار العظام فإن النفقة على هذا كله من بيت المال لا يحمل على أهل الخراج من ذلك شيء لأن مصلحة هذا على الإمام خاصة لأنه أمر عام لجميع المسلمين ، فالنفقة عليه من بيت المال لأن عطب الأرضين من هذا وشبهه ، وإنما يدخل الضرر من ذلك على الخراج " (3) .
دوام سير المرفق العام :
وعلى كل حال فإن للمرفق العام بمفهوم القانون الإداري مميزات ثلاثة :
أولها : دوام سيره .والثاني : قبوله التغيير .
والثالث : المساواة بين المنتفعين به .
__________
(1) ) ... الدهلوي . شاه أحمد عبد الرحيم . حجة الله البالغة . بتحقيق الشيخ سيد سابق . ط دار الجيل 1426/ 2005 – 2/ 274 . يقول – رحمه الله – " والأصل في المصارف أن لأمهات المقاصد أمور:
1- ... ... إبقاء ناس لا يقدرون على شيء لزمانة ، أو لاحتياج مالهم ، أو بُعْدِه منهم .
2- ... ... حفظ المدينة عن شر الكفار ، بسد الثغور ، ونفقات المقاتلة ، والسلاح والكراع .
3- ... ... تدبير المدينة وسياستها ، من : الحراسة ، والقضاء ، وإقامة الحدود ، والحسبة .
4- ... ... حفظ الملة ، بنصب الخطباء والأئمة والوعاظ والسلاطين .
5- ... منافع مشتركة ، ككرى الأنهار ، وبناء القناطر ، ونحو ذلك .
(2) ) ... الخراج .السابق ص 107 .
(3) ) ... السابق ص 129 .(1/13)
وفي بحثنا هذا فإننا نقصد بالمرفق العام الأعيان المخصصة للنفع العام ، وفيما سقنا من أقوال أهل العلم ما يشهد لالتزام أن ما يجعل لمصالح العامة يراد للدوام ، فلا داعي للتكرار.
ثانيا : تنمية الأوقاف والمرافق العامة .
عمارة الأرض شرع أوجبه الله تعالى بقوله { هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} (1) وقوله تعالى { فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه } (2) وقوله { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } (3) .
وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم { ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة } (4) . وقال صلى الله عليه وسلم { من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر ، وما أكلت العوافي منه فهو له صدقة } (5) وقال عليه الصلاة والسلام (إن الله يكره لكم : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال} (6) .
وكتب عليٌ كرم الله وجهه إلى مالك الأشتر يقول " وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة ، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد ، وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلا قليلا " (7) ، وفي خراج أبي يوسف القاضي ، عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه " .... وانظر إلى الخراب وأصلحه حتى يعمر " (8) .
__________
(1) ) ... هود . من الآية 61 .
(2) ) ... الملك من الآية 15 .
(3) ) ... الجمعة من الآية 10.
(4) ) ... أخرجه الشيخان عن أنس رضي الله عنه . البخاري رقم 2320 ، مسلم رقم 1553 .
(5) ) ... أخرجه الترمذي في الأحكام وقال : حسن صحيح ، وهو عند الدارمي 2/267 .
(6) ) ... أخرجه الشيخان في مواضع ، وهو بلفظ المتن عند مسلم من رواية أبي هريرة رقم 1715 .
(7) ) ... الشريف الرضي . نهج البلاغة للشريف الرضي بشرح الشيخ محمد عبده . ط دار الحديث ص 380 .
(8) ) ... الخراج بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر – ضمن موسوعة الخراج – ط دار المعرفة .بيروت 1979 ص 86 .(1/14)
وكلها نصوص واضحة لا تحتاج منا إلى تعليق ، وقد كتب الأستاذ البهي الخولي تحت عنوان ( عمارة الأرض مشيئة إلهية ) يقول " ولو جاءت الأرض على ما هي عليه الآن ، من تنوع الكنوز ، وعجائب القوانين ، دون أن يكون للإنسان ما يتجاوب به معها من الملكات ، لبدا كأنه أمر خال من الحكمة ، أو كأن ما في الأرض خلق لسيد آخر غير هذا الإنسان ، سيد لم يأت أوانه بعد " (1) . على أن حديث الفقهاء في إحياء الموات ، والتحجير ، والإقطاع ، والمزارعة، والمساقاة ، والصيد ، بل في الاحتساب على المنافع العامة ، والحيوانات المملوكة ، ناهيك عن الوقف ، ناطق بما لا يتسع المقام للتنويه به ، فضلا عن شرحه وإبراز قصده .
وفي خصوص الأوقاف والمرافق العامة يكفينا أن ننبه إلى ما ذكرناه قبل قليل من قصد البقاء ودوام الإدرار فيهما ، وكلما كان ذلك مطلوبا فالوسيلة إليه مطلوبة ، ف " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " (2) .
__________
(1) ) ... الخولي . البهي .الثروة في الإسلام . ط ثالثة ص 69.
(2) ) ... في شرح القاعدة انظر لنا : دروس في أصول الفقه للمبتدئين . ط ثانية. دار النهضة العربية 1429/2008 ص90 وما بعدها .(1/15)
ولسنا بحاجة إلى زائد في الحديث عن وجوب تنمية الأوقاف ، فقد أثرى المحدثون من علمائنا وباحثينا المكتبة الإسلامية في الآونة الأخيرة في هذا الجانب (1) أما تنمية المرافق العامة فننبه إليها بإيجاز فيما يلي :
في سياساته الأمينة ينبه ولي الله الدهلوي إلى أن " المدينة – وقصد بها الجماعة المتقاربة تجري بينها المعاملات ، وإن تعدد طبقاتهم ونزلهم – شخص واحد ، مركب من أجزاء وهيئة ، وكل مركب يمكن أن يلحقه خلل في مادته أو صورته ، ويلحقه مرض – ويعني به : حالة غيرها أليق به باعتبار نوعه ، وصحة : أي حالة تُحَسِِّنُه وتُجَمِّله " (2) ومن الخلل في رأيه أن يهمل المرفق بالترك وقلة الارتفاق كأن " يبدو – من البداوة – أهل المدينة ويكتفوا بالارتفاق الأول ، أو يتمدنوا في غير هذه المدينة ."
__________
(1) ) ... ومن ذلك مثلا : بحث الأستاذ الدكتور القرداغي استثمار الوقف وطرقه القديمة والحديثة ، وبحثه عن صناديق الوقف وتكييفها الشرعي ، وبحثه عن تنمية موارد الأوقاف والحفاظ عليها ، مجموعة بحوث الدكتور منذر قحف وبخاصة : الأساليب الحديثة في إدارة الأوقاف ، وبحثه عن الإجارة المنتهية بالتمليك ، وبحثه عن مفهوم التمويل في الاقتصاد الإسلامي ، وبحوث الدكتور نزيه حماد في الفقه الاقتصادي المعاصر ، وبحثه عن : أساليب استثمار الأوقاف وأسس إدارتها ، وبحث الدكتور عبد السلام العبادي عن صور استثمار الأراضي الوقفية فقها وتطبيقا ، وبحث الأستاذ الدكتور عبد الله بن موسى العمار : استثمار أموال الوقف ، وبحث الشيخ محمد مختار السلامي تحت العنوان ذاته ، وبحث الدكتور حسين شحاتة . استثمار الوقف ، وغيرها كثير فضلا عن الندوات والفتاوى وقرارات المؤتمرات .
(2) ) ... حجة الله البالغة 1/ 92 .(1/16)
أو يُعْنَى بمرفق دون مرفق ف " يكون توزعهم – أي الجماعة- في الإقبال على الأكساب بحيث يضر بالمدينة ، مثل أن يقبل أكثرهم على التجارة ويدعوا الزراعة ، أو يتكسب أكثرهم بالغزو ونحوه ، وإنما ينبغي أن يكون الزراع بمنزلة الطُعَّام والصُنَّاع والتُجَّار والحفظة ، بمنزلة الملح المصلح له .
ولصحة المجتمع يلزم " حمل التجار على الميرة ، بتأنيسهم وتأليفهم ، وتوصية أهل البلد أن يحسنوا المعاملة مع الغرباء ، فإن ذلك يفتح باب كثرة ورودهم ، وحمل الزُّرَّاع على ألا يتركوا أرضا مهملة ، والصُّنَّاع على أن يحسنوا الصناعات ويتقنوها ، وأهل البلد على اكتساب الفضائل ، كالخط والحساب والتاريخ والطب والوجوه الصحيحة من تقدمة المعرفة " (1) .
وفي الإنفاق للتنمية يقول الماوردي " وأما المستحق في بيت المال فضربان ... الضرب الثاني : أن يكون بيت المال له مستحقا ، فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون مستحقا على وجه البدل ، كأرزاق الجند ، وأثمان الكراع والسلاح فاستحقاقه غير معتبر بالوجود ، وهو من الحقوق اللازمة مع الوجود والعدم ، فإن كان موجودا عجل بدفعه ، كالديون مع اليسار ، وإن كان معدوما وجب فيه الإنظار ، كالديون مع الإعسار .
الضرب الثاني : أن يكون مصرفه مستحقا على وجه المصلحة والإرفاق دون البدل ، فاستحقاقه معتبر بالوجود دون العدم ، فإن كان موجودا في بيت المال وجب فيه وسقط فرضه عن المسلمين ، وإن كان معدوما سقط وجوبه عن بيت المال ، وكان إن عم ضرره من فروض الكفاية على كافة المسلمين ، حتى يقوم به منهم من فيه كفاية كالجهاد . " (2) .
المبحث الثاني
تنمية الأوقاف والمرافق العامة بالمعاملات المستجدة
__________
(1) ) ... السابق 1/93 .
(2) ) ... الأحكام السلطانية ص 279 ، وراجع بحثنا : ضمان عثرات الطريق في الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية . نشر مكتبة النهضة المصرية 1422/2002 ص 85-93 وموضوعه تعبيد الطرق ، وقد ناقشنا فيه المسألة باستفاضة .(1/17)
أولا :المصلحة مناط التنمية :
في بحثه " استثمار أموال الوقف " يقول الدكتور عبد الله بن موسى العمار " لا بد أن تلامس مباحث استثمار الوقف واقعه وصيغ عقده ، ومصارفه ، وما عفا عليه الزمن من وسائل استثماره ، أو وجد لظروف معينة ، أو أصبح عديم الجدوى ، ينبغي أن يضرب عنه صفحا ، وأن يتجه إلى الوسائل النافعة ، ذات الجدوى الاقتصادية الغالبة ، فما الجدوى من استعراض عقد الإجارتين ، أو عقود التحكير مما أصبح عائقا من عوائق استثمار كثير من الأوقاف ، بل إنها أصبحت شبه معطلة بناء على هذه الوسائل " . (1)
__________
(1) ) ... د. العمار .عبد الله بن موسى . استثمار أموال الوقف ضمن أعمال منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول . الكويت 1424/2003 الجزء الأول ص 201 .(1/18)
وهذا حق أدركه – في مسيرة الوقف الطويلة – ثلة من الفقهاء ،فأغفلوا وسائل، واستحدثوا أخرى ، وأجازوا من التصرفات ما كان سلفهم يفتون بمنعه ، لما تبين لهم أن هذا أقرب إلى المصلحة ، وأبعد عن المفسدة ، بل في تاريخ الوقف أن من القائلين بعدم صحة تصرف ما من يحيل دعوى هذا التصرف إلى مجيزيه ليقضوا فيه ، فيمتنع نقضه بعد أن حكم به حاكم (1) وهي حيلة لا نستسيغها لكنها تدل على الحرص على تجاوز العائق بأي طريق ممكن ، على أن الإمام ابن عابدين قرر أن " يفتى بكل ما هو أنفع للوقف فيما اختلف العلماء فيه ، نظرا للوقف ، وصيانة لحق الله، وإبقاء للخيرات " (2) .
__________
(1) ) ... في بحثه للدكتوراة والمعنون : أحكام عقد الحكر في الفقه الإسلامي مقارنا بما عليه العمل في المملكة العربية السعودية ، والمقدم إلى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى 1427-1428 ذكر الدكتور الحويس . صالح بن سليمان أن مفتي الحنفية في الديار المصرية الشيخ عبد القادر الرافعي الفاروقي أورد أن إثبات ( المرصد ) لا يتم إلا بحكم قاض حنبلي يرى صحة إذن الناظر للمستأجر بالعمارة الضرورية ، إذ لولا الترافع إلى القاضي الحنبلي لم يحل للناظر دفع المرصد ، بناء على ما هو المعتمد في مذهب الحنفية ، وأنه في أواخر الحكم العثماني في بلاد الشام اصطلح على إثبات المرصد لدى القاضي الحنبلي الذي يرى صحة ذلك ، ثم ينفذ حكمه الحاكم الحنفي . انظر ص 61 ، والباحث يشير إلى شاكر الحنبلي في موجز أحكام الوقف ص 121 ، ويقول في الحاشية رقم (5) أن هذا ما تؤيده الوثائق التي اطلع عليها في المرصد.
(2) ) ... رد المحتار 4/386 .(1/19)
ومما يؤكد على صحة قول ابن عابدين – يرحمه الله- أن القرآن الكريم لم يذكر شيئا من أحكام الوقف بخصوصه ، وليس في السنة المشرفة تفصيلات لأحكامه، مع قلة تلك الأحاديث الثابتة في ذلك " ومن هنا كان منطقيا أن يقال : أكثر أحكام الوقف اجتهادية قياسية ، للرأي فيها مجال " (1) .
وما قيل في الوقف يقال في المرافق العامة ، فأكثر فقهها اجتهادي ، وللسياسة الشرعية فيه مجال فسيح ، ويوشك أن يكون إطارها قول الله تعالى { فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا} (2) 15 وقوله تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت } (3) وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " (4) وقد خطب عمر رضي الله عنه الناس فقال " .... ألا إني ما وجدت صلاح هذا المال إلا بثلاث : أن يؤخذ بحق ، وأن يعطى في حق ، وأن يمنع من باطل ، ألا وإني في مالكم كولي اليتيم ، إن استغنيت استعففت ، وإن افتقرت أكلت بالمعروف " (5) وأية نظرة فاحصة في فقه المرافق العامة – بمعنييها المتقدمين ، النشاط الإداري العام ، والأعيان المنوط بها مصالح العامة – يدل على ذلك في وضوح .
__________
(1) ) ... د. الميمان . ناصر عبد الله . ديون الوقف . ضمن بحوث منتدى قضايا الوقف الفقهية . المجلد الأول ص 75 .
(2) ) ... التغابن . من الآية 15 .
(3) ) ... سورة هود . من الآية 88 .
(4) ) ... الحديث : أخرجه الشيخان ، ولفظ المتن من رواية البخاري عن أبي هريرة رقم 7288 .
(5) ) ... الأحكام السلطانية للماوردي ص 235 ، وانظر في شرح قاعدة تصرفات الإمام منوطة بالمصلحة الأشبه والنظائر للسيوطي . عبد الرحمن بن أبي بكر . ط دار الفكر ص 134، وفي ذات المعنى ابن القيم . محمد بن أبي بكر . الطرق الحكمية في السياسة الشرعية بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي ط دار الكتب العلمية 1983 ص 239 .(1/20)
فإن أخذنا الطريق مثلا وجدنا العلماء يتأولون قول النبي صلى الله عليه وسلم { .... والطريق المئتاء سبعة أذرع } (1) على أن السبعة لا تقصد بعينها، وإنما مراده التنبيه على التوسعة ، لتسلكها الأحمال دخولا وخروجا ، وتسع ما لا بد من طرحه عند الأبواب ، لذا فإن الصحابة إذ مصروا البصرة جعلوا عرض شارعها الأعظم – وهو مربدها- ستين ذراعا ، وعرض ما سواه عشرين ، وجعلوا عرض كل زقاق سبعة أذرع " (2) .
وفي إدارة الطريق اتفق العلماء على أن ما يدخل الضرر على العامة قطعا فالحاكم ممنوع منه ، ونظره فيه نظر حافظ ، ليس إلا ، وما ليس كذلك فنظره فيه – على ثاني الوجهين – نظر مجتهد " كما يجتهد في أموال بيت المال ، وإقطاع الموات " . (3)
__________
(1) ) ... أخرجه البخاري في المظالم . باب إذا اختلفوا في الطريق المئتاء ، ومسلم في المزارعة والمساقاة .باب قدر الطريق إذا اختلفوا فيه ، وأبو داود في الأقضية . باب أبواب من القضاء ،والترمذي في الأحكام . باب ما جاء في الطريق إذا اختلفوا فيه كم يجعل ؟ وقال : حسن صحيح
(2) ) ... راجع بحثنا ضمان عثرات الطريق ص 73 ، 81 وأثر التمصير حكاه الماوردي في الأحكام السلطانية – ط دار الفكر- ص 155
(3) ) ... انظر في التفصيلات ضمان عثرات الطريق ص 110- 114 .(1/21)
وعلى أساس من هذا الاجتهاد الموسع أفتى المعاصرون بمشروعية استثمار أموال الصدقات والزكوات (1) وقرر مجمع الفقه الإسلامي أنه " يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق الزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسئولة عن جمع الزكاة وتوزيعها ، على أن يكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين ، وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسائر " (2) وذلك كله على خلاف القول السائد أن بيت المال مجرد حرز لمال الزكاة ، مراعاة لأن " الأصل في عمارة البلاد وتثميرها العدل والسياسة " (3)
__________
(1) ) ... فتوى مجلس البحوث الإسلامية بجلسة 26 إبريل 2007 نقلا عن الزميل الدكتور الهيتي . عبد الستار إبراهيم . المباديء الأساسية للاقتصاد الإسلامي . نشر مكتبة المتنبي . الدمام 1429/ 2008 ص 327 .
(2) ) ... في دورة المؤتمر الثالث المنعقد بعمان 1407/ 1986 . مجلة المجمع ص 335 وما بعدها .
(3) ) ... من أقوال القاضي الخضر بن أبي بكر أحمد في رسالته إلى السلطان المعز . نقلا عن د. فؤاد عبد المنعم أحمد الآتي.ص 78 .(1/22)
وفي الجملة فإننا نقول مع الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد " لا يصح في تصرف من التصرفات ، أو حكم من الأحكام التي تسن لتحقيق مصلحة عامة أن يقال : إنه مناقض للشريعة ، بناء على ما يُرَى فيه من مخالفة ظاهرية لدليل من الأدلة ، بل يجب تفهم هذه الأدلة ...، ... والتفرقة بين ما ورد على سبب خاص ، وما هو من التشريع العام الذي لا يختلف ولا يتبدل ، فإن مخالفة النوع الثاني هي الضارة المانعة من دخول أحكام السياسة في محيط شريعة الإسلام" (1) .
ثانيا : من الأصول الشرعية حرية التعاقد :
توجب أصول الشرع الحكيم، الوفاء بالعقود من غير تعيين عقود بأعيانها ، وقد فصل الله لنا ما حرم علينا، وحَظْرُ ما لم يحرمه الله افتراءٌ عليه ، قال تعالى "قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا أالله أذن لكم أذن لكم أم على الله تفترون" (2) .
__________
(1) ) ... د. أحمد . فؤاد عبد المنعم . السياسة الشرعية وعلاقتها بالتنمية الاقتصادية وتطبيقاتها المعاصرة . من منشورات البنك الإسلامي للتنمية . مجموعة محاضرات العلماء البارزين . رقم 24 ص12 وما بعدها من المقدمة ، وسيادته يشير إلى الشيخ عبد الرحمن تاج . السياسة الشرعية ص 21.
(2) ) ... يونس آية (59).(1/23)
ويترتب على هذا الأصل أن العقود التى عنى فقهاء الإسلام بمعالجتها لا تمثل دائرة مغلقة، لا يجوز الخروج عليها والزيادة إليها، لأنها على اعتبار الأصل صور للتعاقدات التى عرفت في أزمانهم، فمتى استجدت معاملة ليس لها في كلام الفقهاء ذكر صحت إضافتها إلى دائرة العقود بشرط ألا تكون مخالفة لأصل من أصول الشرع الحنيف ، فلا مكان في ظل مبدأ "حرية التعاقد" لما ينعت – في القانون - بالعقد غير المسمى. (1) .
وقد اطرد في عبارات الفقهاء أن " حاجة الناس أصل في شرع العقود على وجه ترتفع به الحاجة ، ويكون موافقا لأصول الشرع " (2) وأن " كل ما احتاج الناس إليه في معاشهم، ولم يكن سببه معصية هي ترك واجب ، أو فعل محرم ، لم يحرم عليهم ، لأنهم في معنى المضطر الذي ليس بباغ ولا عاد " (3) .
__________
(1) ) ... راجع : الشيخ الزرقا . مصطفى أحمد .المدخل الفقهي العام . ط تاسعة دار الفكر 1/ 464 وما بعدها .الشيخ الخفيف . على . أحكام المعاملات الشرعية ط خاصة على نفقة بنك البركة الإسلامي للاستثمار . البحرين ص 261 ، الشيخ شلبي . محمد مصطفى . المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي وقواعد الملكية والعقود فيه ط دار النهضة العربية ص 564 وما بعدها . وهذا قول الجمهور ، وخالف فيه الظاهرية ، وقولهم ضعيف .انظر لنا مقدمة الشريعة الإسلامية . دار النهضة العربية 2007 ص 379 وما بعدها .
(2) ) ... المبسوط 15/ 75 .وحكاه صاحب رسالة الحكر ص 91 عن أبي السعود الحنفي.
(3) ) ... الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/ 64 ، وهو معنى متكرر في بحوثه في المعاملات في درته القواعد النورانية .(1/24)
وعلى هذا الأساس ارتأى الأستاذ الدكتور نزيه حماد – وأميل إلى قوله- " أن كل اتفاقية مركبة من مجموعة عقود ، تهدف بصورتها المتكاملة إلى تحقيق وظيفة معينة ، يجب اعتبارها في النظر الفقهي الاجتهادي وحدة واحدة ، ولا يكفي للتعرف على حكمها الشرعي تفكيكها إلى أجزاء مفردة ، والنظر في مشروعية كل جزء منها على حدة ، لأنها عقد مركب ، مزيج من ذلك كله ، وفقا لشروط معينة تحكمها ، كمعاملة واحدة مترابطة لا تقبل التجزئة " (1) ,
المبحث الثالث
عقد B.O.T (2)
__________
(1) ) ... د. حماد . نزيه . قضايا فقهية معاصرة في المال والاقتصاد .نشر دار القلم بدمشق والدار الشامية ببيروت . ط أولى 1421/2001 ص 23 ، وفي التفصيلات ص 249- 252 .
(2) ) ... يراجع بوجه أخص : ، د. حامد . ماهر محمد . النظام القانوني لعقود الإنشاء والتشغيل وإعادة المشروع B.O.T . رسالة للدكتوراة . نشر دار النهضة العربية . مصر 2005 ، الفصل التمهيدي . د. محمد الروبي . عقود التشييد والاستغلال والتسليم B.O.T . سابق ص 17 والصحائف التي تليها د. بدر .أحمد سلامة . العقود الإدارية وعقد B.O.T . مكتبة دار النهضة العربية القاهرة 2003 . الباب الخامس ص 355 والصحائف التي بعدها ، د. جعفر. محمد أنس . العقود الإدارية ... مع دراسة لعقود ال B.O.T ط ثانية . دار النهضة العربية 2003 الوحدة الرابعة ص 73- 78، د. الشهاوي .ابراهيم . عقد امتياز المرفق العام . B.O.T بدون جهة نشر . 2003 خصوصا ص 44 وما بعدها د.عبد العظيم . حمدي . عقود البناء والتشغيل والتحويل بين النظرية والتطبيق . ط 2001 ص 111 وما يليها ، د. قايد .محمد بهجت . إقامة المشروعات الاستثمارية وفقا لنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية ، نظام ال . B.O.T دار النهضة العربية 2000 ص 10 وما بعدها .(1/25)
مصطلح ( B.O.T ) اختصار للمصطلح الانجليزي Build Operate Transfer ، حيث يشير الحرف B إلى كلمة Build ، بمعنى يبني ، أو يشيد أو يقيم المشروع ، والحرف O إلى كلمة Operate ،بمعنى يشغل أو يدير المشروع ، ويفضل لو يقال : يستغله، أي يجني غلته، والحرف T إلى كلمة Transfer بمعنى ينقل أو يعيد المشروع إلى الجهة الطرف في عقد البناء والاستغلال والإعادة .
والفكرة الأساسية التي انبثق منها هذا النظام تتمحور حول تعاقد جهة ، غالبا ما تكون الحكومة ، أو إحدى الهيئات ، في دولة ما ، مع شخص طبيعي أو اعتباري من القطاع الخاص على إقامة مشروع معين ، على نفقته الخاصة ، على أن يظل المشروع في حيازته ، مدة معينة ، يكون له خلالها حق استغلاله وتحصيل غلته ، كلها أو أكثرها ، على أن يقوم بتسليم المشروع إلى الإدارة في نهاية هذه المدة.
ولم يَحُل اتفاق غالبية الشراح على هذا المعنى دون تعدد أقوالهم في تعريف عقد B.O.T، لاسيما مع وجود أشكال تمويلية أخرى تقاربه في خصائصه أو غاياته، وعلى هذا قيل في حده تعريفات :(1/26)
1- فعرفته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي بأنه " شكل من أشكال تمويل المشاريع ، تمنح بمقتضاه حكومة ما مجموعة من المستثمرين ،يشار إليها بالاتحاد المالي للمشروع ، امتيازا لصوغ مشروع معين ، وتشغيله ، وإدارته ، واستغلاله تجاريا لعدد من السنين تكون كافية لاسترداد تكاليف البناء ، إلى جانب تحقيق أرباح مناسبة من العائدات المتأتية من تشغيل المشروع ، واستغلاله تجاريا ، أو من أي مزايا أخرى تمنح لهم ضمن عقد الامتياز ، وفي نهاية مدة الامتياز تنتقل ملكية المشروع إلى الحكومة دون أي تكلفة ، أو مقابل تكلفة مناسبة يكون قد تم الاتفاق عليها مسبقا أثناء التفاوض على منح امتياز المشروع " (1) .
2- وفي رأي منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو) أن الـ B.O.T هو " اصطلاح أو صياغة لاستخدام القطاع الخاص ليقوم بمشروعات التنمية الأساسية التي كانت من قبل حكرا على القطاع العام ، فتمويل المشروع هو زاوية الأساس لمفهوم (B.O.T ) (2) .
__________
(1) ) ... انظر : تقرير لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي ، الدورة التاسعة والعشرين ، نيويورك في 28 مايو ( أيار) – 14 يونيه ( حزيران ) 1996 ، بعنوان " الأعمال المقبلة المتعلقة بمشاريع البناء والتشغيل ونقل الملكية ص 3 ، نقلا عن د . ماهر حجازي . سابق ص 18
(2) ) ... ذكره الدكتور هاني صلاح سري الدين في بحثه المعنون : الإطار القانوني لمشروعات البنية الأساسية التي يتم تمويلها عن طريق القطاع الخاص بنظام التملك والتشغيل والتحويل في مصر " منشور بمجلة القانون والاقتصاد ، إصدار كلية الحقوق / جامعة القاهرة ع 69 ص 172 .(1/27)
ويؤخذ على كلا التعريفين عدم إبراز التعاقد كطريق إلى تفعيل الاتفاق على الاستثمار بهذا النظام ، على أن تعريف اليونيدو لم ير في B.O.Tمميزا إلا إسناد التمويل إلى القطاع الخاص ، فيما يؤخذ على تعريف لجنة القانون التجاري ، كما هو الرأي في كثير من تعريفات شراح آخرين لهذا العقد (1) ،
__________
(1) ) ... ومن ذلك مثلا تعريف الدكتور بدران . محمد محمد . النظام القانوني لمشروعات B.O.T. بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي عن مشروعات B.O.Tبرعاية مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي . القاهرة في 7- 9 أكتوبر 1997 . ونصه : مشروعات B.O.Tهي " تلك المشروعات التي يقوم القطاع الخاص بتمويلها على أن تظل ملكية الحكومة أو إحدى هيئاتها للمشروع قائمة ، ويقوم القطاع الخاص بتصميم وبناء وإدارة المشروع خلال فترة محددة يرتبط فيها راعي المشروع مع الحكومة بعقد امتياز يخوله الحصول على عائد المشروع طوال فترة الامتياز ، على أن يقوم برد ذلك المشروع عند انتهاء تلك المدة بحالة جيدة " . وتعريف المستشار محمود فهمي . بحث في عقود ال B.O.T وتكييفها القانوني . مقدم إلى المؤتمر الدولي عن مشروعات ال B.O.T إعداد مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي . القاهرة في 28-29 أكتوبر 2000 ص 1 ،وكذك ص 9 وفي التعريف يقول " أن تعهد الحكومة أو إحدى الجهات الإدارية إلى شركة ما ، لإنشاء مرفق عام لإشباع حاجة عامة للجمهور ، وذلك على حساب الشركة ، ثم تتولى هذه الشركة إدارته ، وتؤدي الخدمة لجمهور المنتفعين مدة معينة ، تحت إشراف الجهة الإدارية ورقابتها ، ... إلخ . وكما نوهنا فإن الدكتور إبراهيم الشهاوي قد عنون مؤلفه في هذا الخصوص بعنوان ( عقد امتياز المرفق العام B.O.T ) ولا يكاد تعريفه ص 3 يخرج عن تعريف الدكتور بدران ، المذكور أعلاه ، وأيضا د. حسبو .عمرو . التطور الحديث لعقود التزام المرافق العامة طبقا لنظام B.O.T. دراسة مقارنة ص 138 ، د . أحمد سلامة بدر ..العقود الإدارية وعقد ال B.O.T . سابق ص 356 وما بعدها ، الأستاذ . أبوهلبية أسامة محمد المطيري . خوصصة المرافق العمومية بنظام البناء والتشغيل والتحويل B.O.T . بحث لاستكمال متطلبات الماجستير في القانون العام من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، جامعة الملك محمد الخامس. المغرب . ط وزارة الإعلام الكويتية 2006 ص 6 . بل إن هذا الباحث يزعم أن الفقه والقضاء الحديث مستقران علي أن B.O.Tعقد التزام ، وليس كما قال . انظر أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 79- 84 .(1/28)
الخلط بين عقد B..O.T وعقد الامتياز ، وبينهما اتحاد وافتراق ، كما سنبين لاحقا .
ثم إن حصر التمويل بمقتضى نظام ال B.O.T في المشروعات الأساسية أو مشروعات البنية التحتية (1) لم يعد سمة مميزة لعقد B.O.T، فقد وقعت عدة تعاقدات على تمويل مشروعات ترفيهية وسياحية وفقا لنظامه (2) .
وأخيرا فإن حصر الجهة الطالبة للتمويل في الحكومة أو إحدى الجهات الإدارية – كما هو ظاهر غالبية التعريفات – لا يسلم من النقد ، لاسيما في ظل الاتجاه إلى الخصخصة ، فقد يكون الباحث عن ممول بنظام B.O.Tمشروعا اقتصاديا خاصا ، ينشد ممولا مقابل حق الانتفاع فترة من الزمن ، على أن يعاد إليه المشروع في نهاية المدة لتكون له عليه كافة سلطات المالك على ملكه .
__________
(1) ) ... ومن ذلك مثلا تعريف الدكتور عبد القادر . محمد عبد القادر . دراسات الجدوى التجارية والاقتصادية مع مشروعات ال B.O.T نشر الدار الجامعية . الأسكندرية 2001 / 2002 ص 632 ، وقد عرفه بأنه " ذلك النوع من الاستثمار الذي يتولى فيه القطاع الخاص إقامة وتشغيل مشروع بنية تحتية ، كان من المعتاد أن يقوم ببنائه وإدارته القطاع العام ، أو الحكومة ، على أن يتم تحويله مرة أخرى إلى الحكومة ، بعد فترة كافية يتم فيها استرداد رأس المال المستثمر ، وتحقيق عائد معقول " .
(2) ) ... انظر مثلا . د . ماهر محمد حامد . سابق ص 9 ، 21 وما بعدها .ص 58وما بعدها ، حيث يقول " وقد انتشرت مشروعات ال B.O.T في الكويت إلى حد أن عدد الشركات والمؤسسات التي تعاملت معها شركة المشروعات السياحية وفق نظام ال B.O.T أو أنظمة استثمارية مشابهة فاقت السبعين شركة " ويقول ص 66 وما بعدها : وفي مصر لم يقتصر التعاقد على تنفيذ المشروعات بنظام B.O.Tعلى المشروعات الحكومية إنما امتد أيضا إلى المشروعات الخاصة " .(1/29)
وتفاديا لهذا النقد ، وتوسعة لدائرة التعاقد بنظام B.O.T، وعلاجا لمشكلة نقص تمويل المشروعات الخاصة ، ذهب بعض الشراح إلى تعريف عقد ال B.O.Tبأنه " قيام جهة غير حكومية بالحصول على امتياز حكومي ، أو غير حكومي ، بغرض إنشاء مشروع من مشروعات البنية الأساسية ، أو مرفق من المرافق الهيكلية التحتية، على أن تقوم تلك الجهة ، غير الحكومية ، بتوفير التمويل اللازم لإقامة المشروع من مواردها الذاتية ، ثم استغلاله فترة من الزمن ، وإعادته في نهاية المدة للجهة التي تعاقدت معها " . (1) .
رأينا في تعريف عقد الـ B.O.T . ...
في ضوء ما سقنا من تعريفات الشراح ، وما ورد عليها من اعتراضات نستطيع أن نعرف عقد البناء والتشغيل والإعادة B.O.T بأنه :
اتفاق مالك أو من يمثله مع ممول على أن يقوم الأول بتمكين الثاني من إقامة منشأة بتمويل منه على ملك للأول ، على أن يكون للثاني الحق في إدارة هذه المنشأة، وقبض العائد منها – كاملا أو حسب الاتفاق – خلال فترة من الزمن متفق عليها ، يتصور أن يسترد خلالها رأس ماله المستثمر ، مع تحقيق عائد معقول ، على أن يكون للمالك على المنشأة ، صالحة للأداء المرجو منها ،كافة حقوق الملك متى انتهت هذه المدة .
حيث قصدنا بقولنا :
1- اتفاق : إبراز السمة التعاقدية ، كأبرز خصائص نظام ال B.O.T . (2)
2- اتفاق مالك ، أو من يمثله : وقصدنا بالمالك ، كل من له على العين حقوق الملك ، دون نظر إلى كونه من أشخاص القانون العام ، أو من أشخاص القانون الخاص ، فيستوي أن يكون الدولة ، أو إحدى هيئاتها الإدارية ، أو يكون شخصا من الناس ، أو كيانا خاصا يتمتع بالشخصية المعنوية .
__________
(1) ) ... د . محسن أحمد الخضيري . التمويل بدون نقود . نشر مجموعة النيل العربية ، بدون تاريخ ، ص 24 .
(2) ) ... فلم يحل الخلاف حول طبيعتها دون الاتفاق على كونها من العقود . راجع أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 79 .(1/30)
3- الممول : هو شخص أو أكثر– طبيعي أو اعتباري – يتمتع بملاءة تجعله قادرا على تمويل إقامة المشروع موضوع الاتفاق ، وعادة ما يطلق عليه ( شركة المشروع) .
4- أن موضوع هذا الاتفاق هو :
أ ... التزام المالك – أو من يمثله – بتمكين المستثمر من الوفاء بمسئولياته ، والتخلي له عن العين المستثمرة خلال الفترة المتفق عليها ، ليكون له حق عمارتها وإدارتها واستغلالها .
ب التزام الممول بإقامة المشروع المتفق عليه ، على ما يفيده مصطلح إقامة من معاني ، كالدراسة المسبقة ، أو ما يعرف بدراسة الجدوى ، وتصميم المشروع، وتشييده ، وتجهيزه على النحو الذي يجعله صالحا للوفاء بالمنفعة المتغياة منه ، أو تحقيق العائد المرتجى ، ربحا أو غيره، مع التزامه بأن يخلي في نهاية المدة المتفق عليها بين المالك والمشروع الصالح للاستمرار في الوفاء بالخدمة ، أو تحقيق العائد منه ، بدون مقابل ، أو بمقابل يتفق عليه ، ليظهر عليه المالك بسلطاته كاملة .
ج يكون للممول الحق في إدارة هذا المشروع ، وقبض العائد منه – كاملا أو حسب الاتفاق – خلال الفترة المتفق عليها ، والمتصور أن يسترد خلالها رأس ماله المستثمر ، مع تحقيق عائد معقول .
د- ... يلتزم الممول ، ويصطلح على تعريفه بشركة المشروع ، في نهاية المدة المتفق عليها بتسليم المنشأة بكامل تجهيزاتها ، وبحالة جيدة لاستمرار استغلالها من قبل المالك .(1/31)
5- ... وقد عمدنا إلى التعبير بمصطلح ( تمكين ) تنبيها على أن المالك لا يفقد ملكية العين خلال مدة الإقامة والاستغلال ، فكل ما للممول على العين هو حيازة تمكنه من التشييد والإدارة والاستغلال ، خلال المدة المتفق عليها (1) .وعلى ضوء ما جرى به العمل من تضمين عقود B.O.T نصوصا تتضمن تقييد حرية شركة المشروع في التنازل عن العقد للغير ، أو تمنعه من تحويل حقوقه والتزاماته إلى الغير إلا بموافقة جهة الإدارة ( المالك )التي يكون لها الحق في رفض ذلك أو تعليقه على شروط معينة تقتضيها المصلحة العامة ، وبمراعاة أن الإدارة تتخير للتعاقد معها ذا الكفاية المالية ، والكفاءة الفنية ، حسن السمعة ...إلخ ، أي أنها تحرص على الاعتبار الشخصي فيما يتعلق باختيار المتعاقد وتنفيذ العقد (2)
__________
(1) ) ... انظر في هذا المعني : الزميل محمد الروبي ص 30- 37 ، حيث يرد سيادته القول الغالب – في الفقه القانوني- بأن شركة المشروع تتمتع بحق ملكية ، مؤقتة غالبا ، ودائمة في بعض الأحيان، على أساس من خصائص حق الملكية ، لاسيما خاصة الديمومة ، وبمراعاة ما تشترطه الجهة المستفيدة من قيود تمنع شركة المشروع من التصرف في المشروع ، أو أي من أصوله أو مكوناته ، أو أن ترتب عليه حقا عينيا آخر ، أما تلك الصورة التي تتملك شركة المشروع فيها المشروع تأبيدا فهي خصخصة وليست من قبيل الاستثمار بنظام B.O.T.
(2) ) ... انظر : د. الطماوي . سلمان . الأسس العامة في العقود الإدارية . ط خامسة . نشر دار الفكر العربي 1991 ص438 ، د. الشهاوي . سابق . ص 50 ،117-130 ، ولا ينفي هذه الحقيقة فرض قواعد العلانية والمنافسة على الإدارة في تعاقداتها بنظام B.O..T حسب الاتجاهات الفقهية الحديثة ، إذ لم تزل هناك حرية كبيرة للإدارة في اختيار الملتزم ، بل إن " من شأن فرض قواعد العلانية والمنافسة أن تمتد رقابة قاضي الإلغاء إلى قرار اختيار الملتزم ، وذلك في حال الخطأ البين في التقدير ، وهو الأمر الذي كان مستبعدا في ظل القواعد التقليدية " لمزيد من التفصيلات راجع عبد اللطيف .سابق ص 119 ، وفي استعراض حرص الإدارة في مصر على تقيد حرية شركة المشروع في التصرف إلا بموافقة الإدارة انظر الزميل الروبي ص 110 وما بعدها ، ولعله من أبلغ الشواهد على أهمية الاعتبار الشخصي أن عقد B.O.T ينتهي عندما تنتهي شركة المشروع لأي سبب من أسبابها . د. ماهر محمد حامد ص 435-437.(1/32)
في ضوء ذلك كله نستطيع أن نقول إن B.O.T يمكن المستثمر من حق انتفاع شخصي وليس من ملك منفعة .
كما تعمدنا التعبير بمصطلح ( إقامة ) لأنه أعم من مصطلح بناء ، وأوفي من مصطلح إنشاء ، ففي القاموس : قام بالأمر تولاه ‘ وقام على أهله : تولى أمرهم ، وقام بنفقاتهم ، وأقام الشيء : أدامه ، وأنشأه موفي حقه ، وأقام داره : أزال عوجه (1) وفي كتاب الله " .. فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا " (2) قالوا : سواه، ورده كما كان ، وأعاده جديدا (3) وفي جواب الخضر على موسى، عليهما السلام ، ما يشعر بأن الإقامة تكون للزمن الطويل ، قال تعالى " فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا " (4) .
__________
(1) ) ... انظر : لسان العرب لابن منظور ، والمصباح المنير للفيومي ، والوسيط إصدار مجمع اللغة العربية بمصر . مادة قام .وقد فضل الزميل الدكتور الروبي مصطلح تشييد باعتباره أعم من مصطلح بناء ص 21 وما بعدها .
(2) ) ... الكهف من الآية 77 .
(3) ) ... انظر : تفسير القرطبي 13/ 339 ، وفتح القدير للشوكاني 3/303 ..
(4) ) ... الكهف من الآية 82 .(1/33)
6- ... وقد أغفلنا عمدا استعمال مصطلح إعادة لأن ملكية العين محل الاستثمار لم تخرج في الحقيقة عن ملك المالك ، وما ثبت للممول عليها إنما هي يد عارضة ، لا ترقى إلى يد التملك بالمعنى الدقيق (1) فهي لا تعدو أن تكون كيد المنتفع .
المبحث الرابع
تاريخ نظام B.O.T
ليس دقيقا الظن بحداثة تمويل المشروعات وفق عقود البناء والتشغيل والإعادة، وإن كانت النزعة الجارفة إلى الخصخصة بعد سيادة الفكر الاشتراكي في كثير من أرجاء العالم ، واضطلاع الدولة – في كافة النظم – بأعباء التنمية والتمويل، تشي بذلك ، لأن الالتجاء إلى إقامة مشروعات البنية الأساسية بتمويل من القطاع الخاص عرف من قديم (2) .
ومهما اختلف في تاريخ هذا النظام فإن أحدا لا يجادل في أن نظام B.O.Tقد نشأ مع الثورة الصناعية بالولايات المتحدة الأمريكية ، ومنها انتقل إلى أوربا ، خصوصا بريطانيا، حيث كان للمقاولين دور مهم في قيام كثير من مشروعات البنية التحتية ، التي دعمت الازدهار الاقتصادي في ذلك الوقت . (3) .
__________
(1) ) ... انظر . د. ماهر محمد حامد ص 20 .، وكما ذكر سيادته ص 36 وما بعدها فإن جهة الإدارة المصرية قد حرصت في صياغة عقد مطار مرسى علم المبرم في 8/2/1998 مع مجموعة الخرافي على تجنب استعمال كلمة ملكية ، وفضلت استخدام مصطلح " إنشاء ، وتشغيل ، واستغلال " ويقول الصديق الدكتور ماهر بحق " وهي عبارة دقيقة في الاتجاه الذي نذهب إليه " وقد نقلنا قبل قليل عن الدكتور الروبي ما يفيد ميله إلى هذا الاختيار ، ونوهنا إلى أصول رده على الرأي المخالف .وانظر عكس ذلك د . الشهاوي ص 48 .
(2) ) ... انظر : د. ماهر محمد حامد . سابق ص 47 وما بعدها .، وربما ردوا هذه المعاملة إلى الرومان بناء على عقد الأميفيتوز الذي سيأتي الكلام عنه .
(3) ) ... السابق ص 48 .(1/34)
كذلك لا جدال في أن عقود B.O.Tتعد تطورا في نظام الامتياز (1) وهو كما عرفته المادة 868 من القانون المدني المصري " التزام المرافق العامة : عقد الغرض منه إدارة مرفق عام ذي صفة اقتصادية ، ويكون هذا العقد بين جهة الإدارة المختصة بتنظيم هذا المرفق ، وبين فرد أو شركة يعهد إليها باستغلال هذا المرفق فترة معينة من الزمن " .
ولكن على أثر هيمنة النظام الاشتراكي ، وزيادة تدخل الدولة في إدارة واستغلال المرافق العامة استغلالا مباشرا ، حيث تم تأميم أكثر المشروعات التي كانت تدار بمعرفة القطاع الخاص ، اضمحل نظام الامتياز حتى انحصر – في مصر مثلا – في استغلال بعض موارد الثروة الطبيعية ، لاسيما المنتجات البترولية . (2) .
وفي منتصف السبعينات من القرن الماضي سادت تلك الدعوات الاقتصادية التي تنادي بتقليص دور الدولة في إنتاج السلع وأداء الخدمات ، وتركها للقطاع الخاص ، فهو الأقدر عليها ، وسرعان ما استجابت بعض النظم ، كبريطانيا التي استهلت في العام 1979 نظام الخصخصة ، ومنها انتشر إلى كثير من دول العالم ، الاشتراكية منها والرأسمالية ، والمتقدمة منها والنامية ، بل كانت الأخيرة أكثر استجابة له من غيرها . ، وعندئذ تعاظم دور الامتياز من جديد ، غير أن الامتياز وفقا لآليته الجديدة التي عرفت بنظام B.O.T كان أنجعها في إنشاء وإدارة واستغلال المرافق العامة ، لخصائصه ومزاياه التي سنأتي على ذكرها بعد (3)
__________
(1) ) ... انظر : د . إبراهيم الشهاوي . عقد امتياز المرفق العام . سابق ، ص 3 .د. عمرو حسبو .التطور الحديث لعقود التزام المرافق العامة طبقا لنظام B.O.T. دراسة مقارنة ص 138 .
(2) ) ... السابق ص 13 وما بعدها ، 36- 38 .
(3) ) ... راجع : د. ماهر محمد حامد ص 49 وما بعدها ، 55- 59 . وكما ذكر فإن مشروعات التمويل بهذا النظام فقاربت في حقبة التسعينات مبلغ الأربعمائة دينار .(1/35)
وأخيرا فإن غلبة التمويل بنظام B.O.Tعلى المرافق العامة ، لم يحل دون أن يكون للمشروعات الاقتصادية الخاصة نصيب ، فبعض النوادي الخاصة ، وكذا بعض شركات القطاع الخاص ( المصرية ) قد تعاقدت على إسناد بعض مشروعاتها إلى جهات خاصة أخرى لتنفذها وفق نظام B.O.T. (1) ويعد مركز عبد الله الأحمد الترفيهي ، وهو ضمن مكونات مشروع القرية التراثية بدولة الكويت مثالا نموذجيا في ذلك .
الاستثمار الوقفي بأسلوب ال B.O.T :
في خبر على الصفحة الإلكترونية لدار الإفتاء اللبنانية بتاريخ 2/6/2008 ، أنه في إطار مشاركته في مؤتمر دبي الدولي للاستثمارات الوقفية ألقى مفتي الجمهورية اللبنانية محاضرة في موضوع الاستثمار الوقفي في لبنان، أشار فيها إلى أن استثمار الأملاك الوقفية في لبنان يتم عن طريق عقود B.O.T (2) التي يقوم بها أصحاب المشاريع العمرانية .
__________
(1) ) ... د. ماهر محمد حامد ص 66 وما بعدها .
(2) ) ... وهو مقترح سابق للشيخ مروان عبد الرءوف قباني ضمن ورقته المعنونة ب ": تجربة الأوقاف الإسلامية في الجمهورية اللبنانية " مقدمة إلى ندوة التطبيقات الاقتصادية الإسلامية المعاصرة ، التي نظمها المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية ، الدار البيضاء في 9- 12محرم 1419 ، الموافق 5- 8 مايو 1998 . انظر : مهدي . محمود أحمد . نظام الوقف في التطبيق المعاصر . نماذج مختارة من تجارب الدول والمجتمعات الإسلامية ، إصدار البنك الإسلامي للتنمية والأمانة العامة للأوقاف بالكويت 1423 هـ ص 87 .(1/36)
وعلى صفحة مؤسسة تنمية أموال الأوقاف الأردنية ورد الخبر أن المؤسسة تستثمر الأوقاف وفقا لعدة أساليب، من بينها نظام B.O.T ، وأن من المشروعات التي وقعت اتفاقيات لتنفيذها من قبل القطاع الخاص بأسلوب الإجارة الطويلة (B.O.T) مشروع فلل الصويفية ، ومشروع الاستقلال مول. وتجري المؤسسة حاليا مفاوضات مع بعض المستثمرين من القطاع الخاص لتنفيذ مشروعات استثمارية على بعض قطع الأراضي الوقفية في عمان وعجلون والعقبة.
وفي خبر نشرته صحيفة الرياض السعودية بعددها رقم 14497 بتاريخ 25 صفر 1929 ، في لقاء مع وزير الأوقاف اليمني أشار فضيلته إلى تبني وزارته لصيغ جديدة لم تكن مستعملة أو معروفة من قبل ، وعلى رأس هذه الصيغ نظام ال (B.O.T) الوقفي .
وعلى ما نشرت جريدة الخليج الإماراتية فإن مؤسسة الأوقاف وشئون القصر بإمارة دبي تنفذ حاليا عددا من المشاريع العقارية تبلغ تكلفتها نحو مليار درهم إضافة إلى توقيع عقود لإقامة 15 مشروعاً جديداً بنظام الـ B.O.T على أراضي الأوقاف المملوكة للمؤسسة ، وذلك في إطار خطة المؤسسة الإستراتيجية لزيادة وتنمية أموال القصّر ،على ما ذكر مدير إدارة الاستثمار والتطوير العقاري .
المبحث الخامس
خصائص عقد B.O.T
عقد B.O.T يشتبه بجملة من أساليب الاستثمار ، المعاصرة منها ، والقديمة ، وإنه وإن كان تطورا لنظام الالتزام إلا أن بينهما بعض اختلافات ، وفيما يلي نعرض لخصائص عقد البناء والتشغيل والإعادة في ضوء ما أوضح الشراح ، على أن نتبع ذلك ببيان أوجه الفرق بينه وبين ما يشبهه :
أولا : نظام B.O.Tنظام تعاقدي :(1/37)
إذ ينشأ بتوافق إرادتين – أو أكثر – على إنشاء مشروع معين ، بتمويل من المستثمر ، على أن يكون له حق إدارته ، وجني عائده ، خلال فترة محددة ، ثم يعيده إلى المالك في حالة جيدة تسمح باستمرار استغلاله مستقبلا ، وهذا المعنى يفيد أن إرادتين اتجهتا إلى إحداث أثر معين ، فتوافقتا عليه ، بالصيغة المناسبة ، بعد أن تراضيا على جميع أركان الاتفاق المنشئ له ، وليس العقد إلا ذلك (1) .
__________
(1) ) ... راجع في تعريف العقد كتابنا مقدمة الشريعة الإسلامية . دراسة في الفقه الإسلامي وأبرز قواعده ونظرياته الكبرى . نشر دار النهضة العربية . القاهرة 2007 ص 373 وما بعدها .والمصادر المشار إليها فيه .
... ... ولا ينفي الصفة التعاقدية عن اتفاق الإدارة مع شركة المشروع أن يتخذ التعبير عن الإدارة – خصوصا من جانب الإدارة أشكالا غير معهودة في العقود الخاصة البسيطة ، وكما تقول محكمة القضاء الإداري المصرية في حكمها الصادر بتاريخ 23 ديسمبر 1956 فإن " التعبير عن إرادة جهة الإدارة غالبا ما يتم في شكل عملية مركبة متشابكة ، وقد يكون على مراحل متعددة ، في فترات متلاحقة ، على حسب الأحوال ، وعادة ما يسبق ذات التصرف الذي يتم بمقتضاه إبرام العقد الإداري طائفة من الإجراءات والتدابير التي تمهد وتهيئ لمولد ذلك التصرف ، الذي قد تعقبه طائفة أخرى من تدابير ، وإجراءات التصديق ، والاعتماد اللازم لإبرام العقد ، وتكون مكملة له ، مستهدفة إعمال أحكامه ، وتطبيق بنوده ...إلخ . نقلا عن د. الشهاوي ص 146 ، وهذا الحكم ينسجم تمام الانسجام مع قول شيخ الإسلام ابن تيمية في أن العقد ينعقد عند كل قوم بما يفهمونه بينهم من الصيغ ، وليس لذلك حد مستمر ، لا في شرع ، ولا في لغة ، ........ ولا يجب على الناس التزام نوع معين من الاصطلاحات في المعاملات ، ولا يحرم عليهم التعاقد بغير ما يتعاقد به غيرهم ، إذا كان ما تعاقدوا به دالا على مقصودهم ". الفتاوى . نشر دار الغد العربي . ط أولى 3/ 301 وما بعدها ،الشوكاني . محمد بن علي .السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار . ط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 2/ 265 .(1/38)
ولا يغير من هذه الحقيقة وجود اتفاقات فرعية عديدة ، كاتفاق الترخيص الذي تبرمه الإدارة مع المستثمر ، وما قد يعقد بين شركة المشروع وبعض جهات الإقراض أو التمويل التي يلجأ إليها لتدبير مبالغ التمويل اللازمة ، أو ما يعقد بين شركة المشروع ومقاول التشييد ، أو بينها وبين شركات الصيانة ، ونحو ذلك ، لأن المعول عليه في الحكم هو هذا الاتفاق الذي يتم بين المستثمر ( شركة المشروع ) والمالك – أو نائبه – وهذا الاتفاق تتوافر فيه سمات العقد . (1) .
ثانيا : عقد B.O.Tمن عقود التمويل والاستثمار:
التمول في اللغة معناه : اكتساب المال ، يقال : تمول الرجل : صار ذا مال (2) وفي اصطلاح الاقتصاديين يعني " التغطية المالية لأي مشروع أو عملية اقتصادية" (3) ولعل الأدق هنا أن يقال التمويل هو: تغطية نفقات أي مشروع أو عملية اقتصادية ، لأن المال أعم من أن يكون نقدا أو عينا .
أما الاستثمار فهو في اللغة : طلب الحصول على الثمرة ، ويطلق على التكثير ، يقال ثمر ماله ، وأثمر : أي كثر . (4) .وعرفه مجمع اللغة العربية بأنه " استخدام الأموال في الإنتاج ، إما مباشرة بشراء الآلات ، وإما بطريقة غير مباشرة كشراء الأسهم والسندات (5) .
__________
(1) ) ... انظر : أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 83 ، د. أحمد سلامة بدر . العقود الإدارية وعقد B.O.Tص 372-374 ، د . إبراهيم الشهاوي ص 131 ،وما بعدها ، د. ماهر محمد حامد ص 43 وما بعدها .
(2) ) ... انظر : لسان العرب لابن منظور ، المصباح المنير للفيومي ، مادة ( م و ل ) .
(3) ) ... فقه استثمار الوقف وتمويله . رسالة ص 113 .
(4) ) ... لسان العرب ، والمصباح المنير . مادة ثمر .
(5) ) ... المعجم الوسيط. مادة ثمر .(1/39)
وفي الاصطلاح : طلب الزيادة بكل سبيل سائغ شرعا (1) .
وفي نظام B.O.T يطلب المالك – أو من ينوب عنه- التمويل بغرض استثمار ثروة طبيعية ، أو عين مملوكة خربت أو وهنت ثمرة الانتفاع الحالي بها ، أي أنه يسعي في الأساس إلى تغطية نفقات استثمار جديد ، في حين يسعى المستثمر إلى تشغيل ما يملك من نقد – فضلا عما له من طاقة- لزيادته بالطريق السائغ شرعا ، أو قانونا ،ويجمع الشراح على أن التمويل هو العنصر الأهم في مشروعات B.O.T ، فما لجأت إليه الدول والهيئات إلا لعجزها عن تمويل المشروعات ، أو المرافق. (2)
__________
(1) ) ... د. نزيه حماد .الفقه الاقتصادي ص 467 .ويعرف القانونيون الاستثمار بأنه : تحركات رؤوس الأموال من البلد المستثمر نحو البلد المستفيد بغير تنظيم مباشر " د. حازم جمعة . المشروعات الدولية العامة وقواعد حمايتها في القانون الدولي . رسالة للدكتوراة مقدمة إلى كلية الحقوق بجامعة عين شمس 1980 ص 157 ، وهو تعريف مقصور على الاستثمارات الدولية .
(2) ) ... انظر : د . ماهر محمد حامد ص 44 وما بعدها . د. أحمد سلامة بدر ص 371 . د . الشهاوي ص 47 .(1/40)
ولاعتباره شكلا من أشكال الاستثمار أهمية في تمكين المستثمر من الاستفادة من قوانين الاستثمار ، التي عادة ما تقدم تسهيلات في الإجراءات ، ومزايا في الإنتاج والتسويق، وإعفاءات من بعض الرسوم والضرائب (1) .
ثالثا : عقد B.O.Tعقد ذو طبيعة خاصة :
__________
(1) ) ... د. ماهر محمد حامد ص 45 ، ولهذا ، ولغيبة التشريع الكامل الذي ينظم التعاقد وفق نظام B.O.T في مصر فإن القوانين الصادرة في ظل التوجه إلى إشراك القطاع الخاص في التنمية ( وأبرزها القانون 100 لسنة 1996 في شأن اختصاصات هيئة كهرباء مصر ، والقانون رقم 229 لسنة 1996 بشأن الطرق العامة ، والقانون رقم 3 لسنة 1997 في شأن منح التزام المرافق العامة لإنشاء وإدارة وتشغيل المطارات وأراضي النزول ، والقانون رقم 22 لسنة 1998 في شأن الموانيء المتخصصة ) كلها تضمنت النص على عدم التقيد بأحكام القانو رقم 129 لسنة 1947 بالتزام المرافق العامة . انظر الشهاوي ص 39 .(1/41)
? لا جدال في أن أكثر التمويل بأسلوب B.O.T كان – ولم يزل- وليد التجاء الدولة إلى طلب التمويل لإقامة مشروعات البنية التحتية ، والمرافق العامة ، ومن هذا المنظور صح أن يقال إن B.O.T عقد امتياز في صورة متطورة ، حيث تعهد الإدارة للملتزم، على نفقته ومسئوليته ، بمهمة إنشاء وإدارة واستغلال مرفق عام لمدة معينة، مقابل رسوم يتقاضاها من المنتفعين بخدمات مرفق الامتياز ، مع الخضوع للقواعد الأساسية الضابطة لسير المرافق العامة ، فضلا عن الأحكام الواردة في وثيقة الامتياز " (1) أي أن العقد يحتوي على شروط استثنائية لصالح الإدارة أو الدولة ، وهذه الشروط غير مألوفة في عقود القانون الخاص (2) وعلى أساس ذلك قيل إن عقود البناء والتشغيل والإعادة عقود إدارية (3) .
__________
(1) ) ... د. الشهاوي ص 3 .
(2) ) ... أبو هلبية . خوصصة المرافق العمومية . سابق ص 77 .
(3) ) ... راجع : أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 79 وما بعدها ، د أحمد سلامة بدر ص 383 ، أبو هلبية ص 78 حيث يشير في الحاشية إلى أحكام صادرة عن القضاء الإداري الكويتي ، والمحكمة الإدارية العليا المصرية .ويعد الزميل محمد الروبي من أشد القانونيين انتصارا للقول بأن عقد B.O.T من العقود الإدارية ، وذلك لما لاحظه من أن استثنائية الشروط في مجموعة عقود B.O.T التي عقدتها مصر خاصة ثابتة بما لا يدع مجالا لإنكارها ، أو التشكيك في إدارية العقود التي تتضمنها ، ويقول " المستقر عليه في الفقه الإداري أن الشروط الاستثنائية هي ( نصوص موضوعها منح المتعاقدين حقوقا أو تحميلهم بالتزامات غريبة بطبيعتها عن تلك التي يمكن الاتفاق عليها بحرية بين المتعاقدين في ظل القوانين المدنية والتجارية ) والمتعمن في عقود B.O.T يجدها تتضمن كافة أنواع الشروط الاستثنائية التي استقر عليها الفقه والقضاء " .(1/42)
? وعلى النقيض مما تقدم يرى بعض الشراح أن عقود البناء والتشغيل والإعادة من العقود المدنية ، أو ما يسمى بعقود القانون الخاص ، نظرا لغلبة مبدأ سلطان الإرادة على أحكامه ، بل قد استقر العمل على أن يوضح المتعاقدان في العقد أنه مدني ، ويقولون : إن من مصلحة الإدارة ألا تظهر في ثوب السلطة العامة حتى لا يحجم الممولون عن التعاقد معها (1) .
? ويجمع رأي ثالث بين الرأيين السابقين فيقول إن عقد B.O.T عقد إداري مركب لأنه ينشأ في ظل النصوص التعاقدية ( المدنية ) ولكنه في جانب منه ينفذ تحت سلطان النصوص التنظيمية ، التي ترسم الطريق لإدارة المرفق ( موضوع العقد ) وبمقتضى النصوص التنظيمية تملك جهة الإدارة تعديل العقد بما يتفق مع مصالحها العليا . (2) .
__________
(1) ) ... من أنصار هذا الرأي الصديق ماهر محمد حامد . ص 45 وما بينها ، ولأنه كذلك فقد حرص الدكتور ماهر على أن يستقصي صفات هذا العقد في ضوء النظرية العامة للعقد في القانون المدني ، وخلص إلى أن عقد B.O.T من العقود غير المسماة ، وهو من العقود الرضائية ، وملزم للجانبين ، ومن العقود الزمنية ، وأخيرا فإنه يتردد بين العقد المحدد والعقد الاحتمالي ، على حسب ما يتبين من الاتفاق . انظر ص 146-149 .
(2) ) ... انظر : د.أحمد سلامة بدر ص 384 وما بعدها ، وسيادته يشير إلى الدكتور محمد محمد بدران. محاضراته بعنوان : B.O.Tفي القانون المصري 2001 ص 11 .(1/43)
? وأخيرا فإن من الشراح من يرى أن عقود B.O.T ذات طبيعة خاصة ، فلا هي مدنية، ولا هي إدارية ، بالمطلق ، وإنما يكيف كل تعاقد بهذا الأسلوب في ضوء شروطه، وعناصره ، والظروف والملابسات المحيطة به ، وعلى أساس هذه النظرة الشاملة يصح أن يصنف عقد ما منها ضمن عقود القانون العام ، في حين يصنف تعاقد آخر ضمن عقود القانون الخاص (1) .
وعلى أساس هذا الرأي الأخير – وهو ما نميل إليه – تطرد الدعوات بوضع تنظيم قانوني خاص يناسب طبيعة هذا العقد ، ويعالج الاتفاقات الأخرى المتفرعة عنه ، ويضع القواعد لبعض المشكلات التي يثيرها في الواقع
ومن جانب آخر فإنه في سبيل الاحتياط للمالك المحلي ، ولمصلحة المرافق العامة ينصح بإعداد كوادر مؤهلة تأهيلا كافيا لرعاية مصالح المالك إداريا وتنظيميا واقتصاديا عند التعاقد ، ومعالجة المشكلات التي تواجه المشروع أثناء إنشائه ، أو تشغيله، والتأكد من جدية شركة المشروع ، والتزامها بالتنفيذ حسب المتفق عليه .
المبحث السادس
تمييز عقد B.O.Tعما يشتبه به من نظم التمويل الأخرى
عقد الـ B.O.T شكل من أشكال عدة تتبع في تمويل المشروعات الخدمية والاقتصادية التي لا تكفي موارد الجهة الطالبة في تهيئتها للوفاء بالغرض المنشود منها ، خدميا كان أم ربحيا ، فإلى جوار نظام الـ B.O.T وجدت أنظمة أخرى شبيهة:
أولها : نظام الـ B.O.O.T :
__________
(1) ) ... يقول بذلك أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 82-84 ، معزيا القول بذلك إلى د. خالد بن محمد العطية في رسالته للماجستير النظام القانوني لعقود التشييد والتشغيل ونقل الملكية . مقدمة إلى كلية الحقوق جامعة القاهرة ص 73 ، وبه يقول الدكتور أحمد سلامة بدر ص 385 وما بعدها.(1/44)
وهو اختصار للمصطلح الغربي Build Operate Ownership Transfer وتعني : بناء وتشغيل وتملك ونقل الملكية ، ولا يفهم من مصطلحي ( تملك ونقل الملكية ) أن شركة المشروع ( الممول ) تمتلك المشروع طوال فترة الاتفاق ، بل هو كنظام B.O.T تكون يد شركة المشروع عليه يدا عارضة كما بينا ، إلا أنه من الناحية العملية فإن عقود الـ B.O.O.T تعقد لمدة أطول من عقود B.O.T ، وغالبا ما يلجأ إليها في المشروعات التي يكون عائدها ضعيفا ، لذا احتيج فيها إلى المدة الطويلة ليتمكن الممول من استعادة ما تكبده من نفقات ، وتحقيق عائد معقول ، وفيما خلا ذلك فإن عقود B.O.O.T تتفق مع عقود B.O.T . (1) .
ويبدو لي أن ثمة شبها بين النظامين ( B.O.T، B.O.O.T ) ونظام الأمفيتيوز، وهو نظام عرف في أخريات العصر الروماني ، وأقره القانون الفرنسي الحديث ، وحقيقته كما يقول بعض الباحثين " لفظ يوناني معناه الغرس والتلقيح ، ويطلق على إقامة الرجل مكان غيره ، والتمتع بملك الغير مع إمكان الغرس ، ومفهومه الاصطلاحي : كراء العقار لمدة أقلها عشرون سنة ، وأكثرها تسع وتسعون، وبمقتضاه يلتزم المستأجر بتصليح العقار أو الأرض بجعلها صالحة للزراعة ، بأجرة زهيدة عادة ، وللمستأجر على المنشأة حق عيني ، فله أن يرهنه ، وأن يبيعه ، على أنه يلتزم عند نهاية المدة برد العين المستأجرة خالية من كل تصرف ، ولا يلزم المؤجر شيء مقابل ما استحدثه المستأجر من الإصلاحات (2) .
__________
(1) ) ... انظر : أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 74 وما بعدها ، د. حمدي عبد العظيم ص 111 وما بعدها .
(2) ) ... أحكام عقد الحكر في الفقه الإسلامي . ص 88 .(1/45)
وينزع بعض الشراح – ولا نوافقه - إلى اعتبار الأمفيتيوز أصلا تاريخيا لنظام الحكر (1) وكما قلنا فإن ما بينه وبين B.O.T مجرد شبه ، وإلا فإن عقد البناء والاستغلال والتسليم أعم من الأمفيتيوز الذي لا يرد إلا على تعمير الأرض بالزراعة والغرس، وكما قالوا فإن للمستأجر على المستحدثات حقا عينيا يخوله – طوال مدة العقد – سلطات المالك ، وليس كذلك الأمر في B.O.T كما بينا .
ثانيا : عقود الـ B.O.O. :
وهو اختصار للمصطلح Build Operate Ownership ، ومعناه البناء والتشغيل والتملك ، ويقصد بها: تلك العقود التي تبرم بين شخص من أشخاص القانون العام ومستثمر ، أو مجموعة مستثمرين ، بقصد إقامة المستثمر مشروعا ، وتأسيسه ، وتملكه، والإشراف على تشغيله طوال المدة المحددة ، على أن يكون للجهة العامة نصيبا من الإيرادات التي يحققها المشروع ، طوال مدة العقد ، فإن لم ينته المشروع بانتهاء عمره الافتراضي – بانتهاء مدة العقد - تعين على الجهة العامة إما تجديد امتياز المستثمر ، وإما تعويضه عن حصص الملكية ، وفقا لتقييم أصول وخصوم المشروع ، وحالئذ يحق للجهة الإدارية إدارة المشروع أو التعاقد مع آخرين على إدارته ، من خلال عطاءات مقدمة يتم اختيار أفضلها . (2)
ويصح أن يقال ، في حال انتهاء المشروع بانتهاء مدة العقد ، إن هذا شكل من أشكال الخصخصة ، ويخرج عن نظام B.O.T (3) .
__________
(1) ) ... ذكر ذلك عبد العزيز فهمي في التعليق على مدونة جوستنيان ص 230 ، والدكتور عبد الرزاق السنهوري . في الوسيط في شرح القانون المدني . 6/1435 . نقلا عن أحكام الحكر ص 89 .
(2) ) ... في هذا المعنى . د. أحمد سلامة بدر .العقود الإدارية وعقود B.O.T ص 358 وما بعدها ، أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 76 ،
(3) ) ... د. ماهر محمد حامد ص 37 وما بعدها .، د. محمد محمد عبد اللطيف . سابق ص 97 وما بعدها .(1/46)
وفي حال البقاء فإن لهذا النظام شبها بما عرف في الفقه الإسلامي بـ(المرصد) (1) أو ( حق القرار) (2) وقد كان عليه عمل أهل الديار الشامية في العصر المملوكي ، ويسند القول بجوازه إلى الحنابلة ، وخرجه متأخرو الأحناف من حكم الاستدانة على الوقف لمصلحته (3)
وصورة الرصد : معاملة على عقار موقوف ، محتاج إلى التعمير الضروري فيقع الاتفاق – أو الإذن – بالتعمير على نفقة المستأجر ، بمال معجل يسمى خدمة ، بنية الرجوع على الوقف عند حصول مال فيه ، أو اقتطاعه من الأجرة في كل سنة ، على أن تكون العمارة للوقف ، وللمعمر ( المستأجر) حق القرار . (4) .
وأبرز ما بين المرصد و B.O.O من فرق هو أن الواجب في المرصد أجرة متفق عليها ابتداء ، وفي الـ B.O.O يثبت للمالك جزء من عائد المشروع ما دامت مدة العقد باقية لم تنته ،فإن انتهت فالمستحق يخضع للاتفاق ، وللمالك الحق في إدارة المشروع ، أو إسناد إدارته إلى آخر .
ثالثا : عقود البلت B.L.T :
... اختصارا لمصطلح Build Lease Transfer وتعني : عقود البناء والتأجير والتحويل، وبمقتضاه يقوم المستثمر ببناء المشروع ، وتملكه مؤقتا ، ثم تأجيره للمالك أو للغير تأجيرا تمويليا ، ثم تحويل ملكيته إلى الدولة في نهاية مدة العقد ، وعادة ما يتخذ مع المشروعات والمرافق التي تحتاج إلى معدات وآلات رأسمالية لتشغيلها (5) .ويختلف عن نظام B.O.T في أن شركة المشروع لا تتولى التشغيل والإدارة ، وإنما تحصل على مقابل الإنشاء أجرة يدفعها المستأجر – وكثيرا ما يكون المستأجر هو مالك الأرض – طوال مدة العقد .
__________
(1) ) ... انظر أحكام عقد الحكر في الفقه الإسلامي ص 60
(2) ) ... انظر الزميل العزيز د. عبد الستار الهيتي . الوقف ودوره في التنمية . ص 71 .
(3) ) ... انظر أحكام عقد الحكر ص 60 وما بعدها .
(4) ) ... السابق ص 60 ، د. الهيتي ص 71
(5) ) ... د . أنس جعفر ص76 وما بعدها .(1/47)
... ولا يكاد هذا النظام يخالف صيغة الاستثمار بالاستصناع (1) وحقيقته ، كما هو معروف – أن يتفق مالك – أو نائبه- مع ممول على تنفيذ مشروع ما بتمويل منه على أرض الأول وفق المخططات والأوصاف التي وضعها ، ومتى تم التنفيذ تسلم الأول المشروع ، ليستغله ، ويسدد كلفته ، شاملة الربح ، على أقساط للجهة التي تولت التنفيذ والتمويل (2) ، ومعلوم أن مجمع الفقه الإسلامي قد أجاز الاستصناع بقراره رقم 7/3 ، وأجاز المقاولة والتعمير بقراره رقم 14/3 ،وهذا إن وقع التأجير للمالك . فإن كان التأجير لغير المالك أشبه B.L.T المرصد (3) في بعض أحكامه ، حيث يثبت للمعمر حق القرار، فيستوفيه بنفسه ، أو بالتأجير إلى غيره حتى يستوفي ما أنفقه ، وإن كان الممول في المرصد مستأجرا ابتداء .
__________
(1) ) ... راجع في أحكام الاستصناع : د. البدران . كاسب . عقد الاستصناع ، أو عقد المقاولة في الفقه الإسلامي . الطبعة الثانية ، وهي دراسة أعدت للحصول على الماجستير من معهد القضاء العالي بجامعة الإمام محمد بن سعود ، ويقول مقرظها الشيخ عثمان الصالح ( جمعت من كل ما لذ وطاب ) ، د. القرة داغي . علي محيي الدين . استثمار الوقف وطرقه القديمة والحديثة . نظرة تجديدية للوقف واستثماراته . ملف - غير مرقوم- متاح من خلال مكتبة مشكاة الإسلام ، نظام الوقف في التطبيق المعاصر .مجموعة مختارة من تجارب الدول والمجتمعات الإسلامية . سابق ص57 ، د. الهيتي . الوقف ودوره في التنمية ص 84-88 ، الكندي . ماجد بن محمد . المعاملات المالية والتطبيق المعاصر . نشر مكتبة الجيل الواعد . عمان ص 481-489 ، د. العمار .عبد الله بن موسى . استثمار أموال الوقف ضمن أعمال منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول. الكويت 1424/2003 الجزء الأول ص 228 وما بعدها .
(2) ) ... في هذا المعنى الدكتور الهيتي ص 87 ، وقارن كاسب البدران ص 59-61 ، د. العمار ص 228 وما بعدها .
(3) ) ... أحكام عقد الحكر ص 60-62 .(1/48)
رابعا : عقود البتو B.T.O :
... اختصارا لمصطلح Operate Build Transfer وتعني : البناء ونقل الملكية والتشغيل ، ويقصد بها : تعاقد الحكومة مع المستثمر الخاص على بناء المشروع ، أو المرفق العام لحساب الحكومة التي تبرم معه عقدا آخر ، لإدارة وتشغيل المشروع، خلال فترة الامتياز ، وذلك مقابل الحصول على إيرادات التشغيل ، وواضح أن المشروع لا يخرج عن يد الإدارة إلا بناء على العقد الثاني . (1) .
ولعله من قبيل عقد الإجارتين المعروف في فقهنا الحنيف ، حيث تقوم الجهة الراغبة في الإحياء بدفع الأرض البور ، أو الخربة ، لمن يتعهد بعمارتها ، على أن يدفع للجهة المالكة أجرتين :معجلة : وتكون مساوية لقيمة العين المؤجرة ، أو مقاربة لها ، وتنفذ في إقامة المشروع . ومؤجلة : وتدفع كل سنة يتجدد العقد عليها ، ولا تعدو أن تكون مبلغا رمزيا ، غرضه إثبات العلاقة الإيجارية ، وأن يد المستفيد يد عارضة (2) .
خامسا : عقود الدبفو D.B.F.O :
اختصارا لمصطلح Design Build Finance Operate ، ويعني التصميم والبناء والتمويل والتشغيل .
__________
(1) ) ... راجع : د. أحمد سلامة بدر ص 359 .
(2) ) ... انظر : د. الهيتي ص 68-71 ، عبد القادر بن عزوز . فقه استثمار الوقف وتمويله في الإسلام . دراسة تطبيقية عن الوقف الجزائري . رسالة لنيل درجة الدكتوراة في الفقه وأصوله مقدمة إلى قسم الشريعة بكلية العلوم الإسلامية ، جامعة الجزائر 1424/2004 ص 248 وما بعدها ، د. القرة داغي . الورقة السابقة ، وقد ذكر فضيلته أن هذه طريقة ابتكرها الفقهاء لتعمير الأوقاف التي احترقت في استانبول سنة 1020 هـ فعالجت مشكلة عدم جواز بيع العقار ، وحققت في الوقت ذاته الغرض المنشود من البيع من خلال الأجرة الكبيرة المعجلة ، وبالأجرة الإسمية حمي العقار الموقوف من أن يدعى ملكه من قبل المستأجر في الأمد الطويل .(1/49)
وكما هو واضح من اسمها فإن الحاجة إليها تظهر عندما يكون المشروع المبتغى مما يحتاج إلى دقة خاصة في التصميم ، كبعض الجسور ، والأنفاق ، والمطارات ، ونحوها ، فيبتدئ الاتفاق على التصميم ، ثم على البناء ،والتمويل المستمر والكاف لحسن إدارة المشروع ، على أن يكون للمستثمر حق تشغيله خلال مدة العقد ليسترد من العائد ما تكبده من نفقات مع تحقيق ربح معقول .
وكما يقول الشراح فإنه أقرب النظم إلى نظام B.O.T، غير أنه أكثر تفصيلا فيما يتعلق بالتصميم والتمويل (1) ويقترب من نظام B.O.O من ناحية حصول الإدارة على مقابل الأرض ، وعلى نسبة من الإيرادات ، نظير منح شركة المشروع الامتياز، وبانتهاء المدة يحق للحكومة تجديد امتياز التشغيل ، أو منحه لمستثمر آخر، مع دفع تعويض مناسب ،إن كان له مقتض ، للمستثمر مالك المشروع (2) .
وتشبه هذه أن تكون مشاركة متناقصة لصالح المالك ، حيث يعطي المستثمر الحق للمالك – الإدارة أو الوقف- في الحلول محله في ملكية المشروع على دفعات حسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها (3) " وهذه معاملة تجمع بين عناصر مشروعة ، وليس فيها ما يخالف نصا شرعيا ، ولا يناقض قاعدة كلية عامة " (4) .
سادسا : عقود الموت : M.O.O.T .
__________
(1) ) ... د. ماهر محمد حامد ص 38 .
(2) ) ... انظر : أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 78 .
(3) ) ... انظر : د. القرة داغي . تنمية أموال الوقف والحفاظ عليها . بحث منشور بمجلة أوقاف س 4 ع 7 ز الكويت 1425/2004 ص 50 وما بعدها .، د. الهيتي ص 79-82 ، ويعتبرها الأخ الدكتور الهيتي شركة ومضاربة ، ويقول إنها صيغة اعتمدها مجمع الفقه الإسلامي بالدورة الرابعة ، القرار 3/ 2165 كتعامل شرعي في استثمار الأموال الوقفية وتنميتها .
(4) ) ... د. شبير . محمد عثمان . المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي . نشر دار النفائس ، الرابعة 1421/2001 ص 341 وما بعدها .(1/50)
اختصارا للمصطلح Modernize Own Operate Transfer ويعني التحديث والتملك والتشغيل ونقل الملكية ، ولا يختلف عن B.O.Tإلا في وروده على تحديث مشروع قائم بالفعل ، في حين يرد B.O.Tعلى مشروع يراد استحداثه (1) .
سابعا : اختلاف عقد B.O.T عن بعض العقود المدنية والإدارية الشبيهة .
( أ) ذكرنا في التعليق على الفرق بين عقد B.O.T وعقد B.O.O أن الثاني قد ينتهي بانتهاء المشروع ذاته ، وقلنا إنه عندئذ يعد صورة من صور الخصخصة ، ويخرج عن نظام B.O.T، فالخصخصة عقد بيع تبرمه الإدارة مع شخص خاص لنقل ملكية مشروع – أو جزء منه- مملوك للدولة مقابل ثمن ، فإن عبرنا بلغة الفقه الإسلامي قلنا إن الإدارة تُقْطِع هذا الشخص إقطاع تمليك ، ومن أبرز آثاره أن سلطة الإدارة على المبيع تزول كلية ، وليس كذلك الحال في عقد B.O.T حيث لا يخرج المشروع عن ملك الدولة ، التي لها من خلال ما تضعه من شروط وقيود حق السيطرة في كل مراحل المشروع ، بدءا من التصميم حتى التخلية والتسليم ، مرورا بالإدارة والتسيير والاستغلال . (2) .
( ب) كما يختلف عقد B.O.T عن عقد الأشغال العامة ، حيث تنتهي مهمة المقاول في عقد الأشغال بإنشاء المشروع ، وتسليمه إلى الجهة الإدارية ، دون أن يكون ملزما بتقديم أية خدمات للجمهور ، وليس له أي حق في الإدارة ، وليس كذلك الأمر في عقد B.O.T الذي يتيح لشركة المشروع الإدارة والاستغلال حتى إعادة المشروع إلى الإدارة . (3) .
__________
(1) ) ... راجع : د . عمرو حسبو .سابق ص 105 وما بعدها .
(2) ) ... راجع : د . محمد محمد عبد اللطيف ص 97 وما بعدها ، د. الشهاوي ص 50 .
(3) ) ... د. الشهاوي ص 49 .(1/51)
( ج) ويختلف عقد B.O.T عن عقد التأجير التمويلي الذي يعتبر " وسيلة من وسائل التمويل العيني ، بمقتضاه يقوم المؤجر التمويلي بتأجير معدة أو آلة أو عقار يحتاجه المستأجر، في مشروع إنتاجي أو خدمي ، لمدة معينة ، مقابل أجرة محددة يؤديها طوال مدة الإيجار ، وفي نهاية المدة إما أن يختار المستأجر شراء المعدة أو العقار بالقيمة المحددة في عقد الإيجار، وإما أن يعيدها إلى المؤجر مرة أخرى" (1) ولا شك أنه يختلف عن عقد B.O.T اختلافا يقينيا .
( د) ويقول الشراح إن عقد B.O.T يختلف عن العقد المُجَمَّع ، على الرغم من أنه – أي B.O.T – بحكم طبيعة نشاطه يجمع عدة عناصر مستمدة من أكثر من عقد من العقود المسماة ، وذلك لأن مجموعة هذه العقود الداخلة في B.O.T مرتبطة بإنشاء المشروع وتنفيذه وصيانته ارتباطا وثيقا ، ولا يمكن فصل أي عنصر منها ، حتى لا ينتفي المقصود من عقد الامتياز B.O.T .
ويقولون : وليس كذلك عقد الفندقة مثلا بما يشمله من إقامة ، واستطعام ، واستعمال الهاتف ، وغسل الملابس ، حيث يختلف عن عقدنا من حيث اشتماله على عدة عقود { إجارة ، عمل ، بيع } يمكن الفصل بينها دون أن يتأثر عقد الإقامة المبرم بين النزيل والفندق . (2)
ثامنا : عقد B.O.T والإقطاع والقََبَالة:
__________
(1) ) ... د. الشهاوي ص 49 ، وانظر في مشروعية وأحكام التأجير التمويلي في الفقه الإسلامي :
(2) ) ... د. الشهاوي ص 50 .(1/52)
في جولة بحثية على الشبكة العنكبوتية استوقفتني خطة بحث لاستكمال متطلبات الدكتوراة في الدراسات الإسلامية ، تخصص الفقه وأصوله ، مقدمة إلى كلية التربية بجامعة الملك سعود ، تحت عنوان ( عقد امتياز البناء والتشغيل والإعادة في المرافق العامة B.O.T ، دراسة فقهية مقارنة ) من الطالب عبد العزيز منيف ، وقد ظهر لي من خطته – ولا أدري علام انتهي رأيه – أنه يميل إلى تقريب عقد B.O.T إلى الإقطاع بشرط العوض وكما يقول " فإنها مسألة اختلف فيها الفقهاء المتقدمون ، ولما كانت عامة عقود امتياز البناء والتشغيل والإعادة يشترط فيها العوض كان من اللازم تحرير هذه المسألة " . ثم يقول " ومن المسائل المهمة في التخريج الفقهي للامتياز : مسألة القبالة ، وهي أن يدفع السلطان ، أو نائبه ، صقعا ، أو بلدة ، أو قرية ، إلى رجل ، مقاطعة بمال معلوم يؤديه إليه عن خراج أرضها ، وجزية رؤوس أهلها إن كانوا أهل ذمة ، ويكتب بذلك كتابا " (1) .
والإقطاع في اللغة والفقه يطلق على ما يقطعه الإمام ، أي ما يعطيه من الأراضي، رقبة أو منفعة ، لمن ينتفع به ، والإقطاع جائز بشروطه ، وهو نوعان : إقطاع إرفاق ، وموضوعه تمليك المنفعة مؤقتا ، وأكثر ما يرد على المنافع العامة ، وموارد الثروة ، كالمعادن مثلا ، وإقطاع تمليك ، ويرد على الرقبة (2) .
والأخير لا شأن لنا به ، وعلى القول بجواز إقطاع العامر فإنه يجوز إقطاع الأرض إقطاع انتفاع في مقابل خدمة عامة يؤديها المقطع ، وبشرط العوض ، لبيت المال ،على أن يكون له حق إجارتها وإعارتها ، لأنه ملكها ملك منفعة (3) .
__________
(1) ) ... يشير الباحث عبد العزيز منيف هنا إلى الخراج لأبي يوسف ، وشرحه الرتاج 2/3 .
(2) ) ... انظر : الموسوعة الكويتية . مادة إقطاع 6/ 80- 84
(3) ) ... السابق ص 85 وما بعدها .(1/53)
... ويبدو لي ، من الصور المذكورة ، أن الإقطاع يستهدف أولا مصلحة المُقطَع ، بل إن من معاني الإقطاع العطية مع مراعاة المصلحة العامة ، كأنها مكافأة ، وليس كذلك العقد B.O.T فإن جوهره تمويل التنمية بغرض الارتقاء بالمشروعات والمرافق العامة .
... ومن جانب آخر فإن العوض في الإقطاع خراج أو إجارة ، على الوجه المعتاد ، بينما يقع على عاتق شركة المشروع في عقد B.O.T بناء ، وتشغيل ، وإعادة المشروع صالحا للعمل، فضلا عما يمكن أن يلزم به من دفع نسبة من عائد التشغيل .
ومن جانب ثالث فإن المدة في الإقطاع على ما يرى المقطِع ، بينما هي في عقد B.O.T مقدرة بما يسمح باسترداد شركة المشروع النفقات وتحقيق هامش ربح معقول.
... أما القبالة بالمعنى الذي قاله فممتنع شرعا ، قال ابن القيم في أحكام أهل الذمة " .... من القبالة الفاسدة : أن يستأجر الرجل الضيعة بكل ما فيها من زرع وشجر وعلوج ، وما فيها من إجارة بيوت أو حوانيت ، وغير ذلك ، فيتقبل الجميع ويدفع إلى ربها مالا معلوما ، فهذه إجارة فاسدة تتضمن أنواعا من المحذور، كما يفعله كثير من الناس ، ويسمونها الكراء ، ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما : ذلك الربا .
... وهذا بَيِّن- أي ظاهر- في حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، حيث قال له الرجل : أتقبل منك الأبلة ، فلم يطلب منه إجارة الشجر بل يتقبل البلد كله بما فيه ، ويدفع إليه مالا معلوما ، فهذا لا يجيزه أحد ، وقد صرح بهذا في حديث ابن عباس سعيد بن جبير فقال : " الرجل يأتي القرية فيتقبلها وفيها النخل والزرع والشجر والعلوج " ، فهذه هي القبالات (1) .
... وعلى ذلك لا يستقيم في نظري اعتبار عقد B.O.T من قبيل الاقطاعات ، ولا يستساغ تخريجه على القبالة ، وهي مذمومة علما وعملا .
تاسعا : عقد B.O.T والحكر :
__________
(1) ) ... أحكام أهل الذمة 1/264 ( نسخة المكتبة الإسلامية ضمن موقع الشبكة الإسلامية .إسلام ويب ) .(1/54)
من بين الأوراق التي عثرت عليها أيضا ورقة معنونة " ندوة حوار الأربعاء حول : هل نظام B.O.T نموذج معدل من صور الحكر " من ندوات مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي / كلية الاقتصاد والإدارة بالمملكة العربية السعودية ، معقودة بتاريخ 6/9 / 1422 الموافق 21/11/2001 ، ورد بالورقة أن المتحدث الأستاذ أحمد محمد خليل الإسلامبولي الباحث بالمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب لاحظ وجود تطور في صيغ استثمار الوقف بمرور الوقت، بما يناسب الحاجة وبما لا يخرج عن حدود الشرع .
ثم يقول : هذه الدول الغربية استخدمت نظاماً أطلقت عليه B.O.T ، وهو يعني المؤسسات التي يقوم مؤسسها بإنشائها وتشغيلها ثم نقل ملكيتها . هذا النظام أو الأسلوب كما يرى الباحث هو تطوير للأدوات غير التقليدية التي استحدثها المسلمون في تمويل العمليات الوقفية ، ومن الشواهد التي تدعم هذا الرأي:
? أن طبيعة نظام الـB.O.T تتفق مع صيغ الحكر ، والإجارتين ، والمرصد وخلافها ، خصوصا من ناحية :
(أ) ... الحاجة إلى مصدر تمويل خارجي .
(ب) ... الممول يقيم مشروعاً على أرض الجهة الطالبة للتمويل.
(ج) ... ناظر الوقف أو الدولة لا تتنازل عن الأرض .
(د) ... الممول يستفيد من المشروع (الأرض والبناء أو الغرس).
(هـ) ... ناظر الوقف - أو الدولة- يحقق الإعمار والنماء .
وخلاصة القول، أن الباحث يرى أن نظام الـB.O.T هو تطوير غربي لمنتج إسلامي.
وفي ضوء ما مر من أوجه تمييز بين صور التمويل والإدارة والتحويل فإننا نوافق الباحث الأستاذ الإسلامبولي على وجود أوجه شبه بين بعض الصور ، وبعض صور الاستثمار الوقفي المعهودة ، لاسيما المرصد ، والإجارتين ، ناهيك عن الاستصناع ، وقد نبهنا إلى شبه كل منها في محله الذي بدا لنا .(1/55)
كما نوافقه على ما يقول إن كان حديثنا محصورا في نطاق استثمار الوقف بحفظ أصله ، أو تغيير صورته ، أو استبداله ، بغرض تعظيم عائده المادي ، عندئذ يستساغ أن يُخَرَّج نظام B.O.T على بعض صور التحكير ، وعقدي : الإجارتين ، والاستصناع .
ولكن إن كنا نفكر في التنمية على النحو الذي يحقق مثل أغراض المرفق العام (كنشاط) ويحفظ خصائصه من : دوام السير ، و الخضوع لإشراف الدولة ورقابتها وتوجيهها - ومعلوم أن أكثر الأوقاف تدار الآن من قبل الإدارات - ومساواة الجمهور في الارتفاق به دون تمييز، فالأمر عندئذ يختلف ، ويصبح العقد B.O.T شيئا مختلفا ، وإن كانت فكرته ترجع إلى الحكر أو الأمفيتيوز .
الرأي في ماهية عقد B.O.T :
على أساس ما قدمت من حرية التعاقد في الإسلام ، وأن دائرة التعاقد مُفَتَّحة غير مغلقة ، ولا تعرف في الأصل ضائقة ما يسمي العقد غير المسمى ، وعلى أساس ما ظهر من أوجه افتراق ، حتى فيما بين الصور المختلفة من نظم التمويل على أساس التشييد والاستغلال والإعادة فإنني أرى أن عقد B.O.T من العقود المستحدثة ، ولا ضير أن يسمى ( البوت ) كأعجمي معرب ، على نحو ما معهود في الاصطلاح .
المبحث السابع
تقييم عقود ال B.O.T(1/56)
قل أن تكون هناك مصلحة عرية عن مفسدة (1) وإذا كان أسلوب ال B.O.T قد أسهم في حل كثير من مشكلات التنمية ، وانتظام المرافق العامة ، وإشباع الحاجات العامة ، فإنه لم يخل من سلبيات ، لاسيما إذا لم ينصح فريق المستشارين للإدارة، أو قصر فريق التفاوض في الاحتياط لها ، في آلية أقل ما يقال عنها إنها " معقدة ومتشعبة التفصيلات " (2) وعلى ذلك يوصم عقد B.O.T ببعض السلبيات على ما يحققه من إيجابيات ، وهذه وتلك تتلخص فيما يلي :
أولا : الإيجابيات :
1- ... تخفيف العبء عن موارد الدولة وميزانيتها (3) : فالتمويل يتم بمعزل عن ميزانية الدولة ، فلا ترهق في الموجود ، ولا يضطرها العدم إلى الاستدانة (4) ، وفي ذلك تَحاشٍٍ لفرض ضرائب جديدة ، أو رفع معدلات الضرائب القائمة ، ومن جانب آخر يتيح للإدارة صرف اهتمامها إلى العناية بالمرافق الأهم ، كالأمن ، والدفاع ، والعدالة ، والتعليم ، وغير ذلك من قطاعات ليس لها مردود اقتصادي مباشر.
2- ... سرعة تنفيذ المشروعات ، مع الاقتصاد في النفقات ، على ما هو معهود من إلف القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات . (5) .
__________
(1) ) ... انظر : الشاطبي .إبراهيم بن موسى اللخمي . الموافقات في أصول الأحكام . ط دار إحياء الكتب العربية 2/27 ، السلمي : عز الدين بن عبد السلام . قواعد الأحكام في مصالح الأنام . ط دار الجيل . الثانية 1400 هـ 1980 1/10 ، 59 ، 74 ،121 ، 127.
(2) ) ... د . الشهاوي ص 47 .
(3) ) ... السابق ص 48 ، د. أحمد سلامة بدر ص 395 .
(4) ) ... راجع في هذا المعنى . الأحكام السلطانية للماوردي – ط دار الفكر . الأولى – ص 184 . وفي قوله أن مشروعات البنية التحتية كتعبيد الطرق ، وكرى الأنهار ، ونحو ذلك يجب في بيت المال على سبيل الإرفاق دون البدل ، وما كان كذلك فاستحقاقه في بيت المال معتبر بالوجود دون العدم .
(5) ) ... د . أحمد سلامة بدر ص 396 .(1/57)
3- ... تحديث منظومة الإنشاء والتشغيل بالحصول على وسائل التقنيات الحديثة التي تمتلكها الشركات الكبرى ، ويعجز كثير من دولنا عن تدبيرها ، لأسباب مالية أو فنية (1) .
4- ... إيجاد نهضة عمرانية بتوسيع الرقعة السكنية ، وتكوين قواعد صناعية ، وإحياء الموات ، والارتقاء بقطاعات أخرى كالسياحة ونحوها (2) وفي كل ذلك عمار المجتمعات ، وتيسير فرص العمل ووجوه الكسب للناس . (3) .
5- ... نقل أخطار التمويل ، والتنفيذ ، من على عاتق الدولة ليكون على شركة المشروع ، وهي مزية تحتمل عدم المشروعية ، إذا اعتبرنا الاستثمار ب B.O.T من قبيل المشاركات ، فمن أسس المشاركة الإسلامية اعتماد مبدأ " الغنم بالغرم والغرم بالغنم :" (4) ولكن إن اعتمدناه معاملة لا شركة فيها فالأمر يختلف .
__________
(1) ) ... السابق ، أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 91 .
(2) ) ... د. أحمد بدر سلامة ص 396 .
(3) ) ... وفي مثل ذلك كتب الإمام على ، كرم الله وجهه ، إلى مالك الأشتر يقول " وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة ، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد ، وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلا قليلا " نهج البلاغة للشريف الرضي بشرح الشيخ محمد عبده . ط دار الحديث ص 380 ، وفي خراج أبي يوسف القاضي ، بتحقيق الشيخ أحمد شاكر . ص 86 عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز " .... وانظر إلى الخراب وأصلحه حتى يعمر " وفي ص 208 وأن يعمروا – العامة – خير من أن يخربوا ، وأن يفروا – من الوفرة – خير من أن يذهب مالهم ويعجزوا " .
(4) ) ... انظر : الزميل الدكتور عبد الستار الهيتي . المباديء الأساسية للاقتصاد الإسلامي . سابق ص 365 وما بعدها ، د. شبير . محمد عثمان . المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي . ط رابعة .نشر دار النفائس . الأردن 1422 / 2001 ص 342 .(1/58)
6- ... يؤدي التمويل بهذا الأسلوب إلى جلب العملات الأجنبية إلى البلاد ، وتوفير الميسور منها في ميزانية الدولة ومصارفها . (1) .
7- ... توفير الفوائد التي كانت ستدفع كفوائد ديون ، إن تم تمويل المشروعات بالاقتراض المباشر (2) .
وعلى أساس القول بحرمة الفائدة (3) فإن التمويل بأسلوب B.O.Tيوفر ما يدفع كنفقات إدارية للجهة المقرضة ، وما قد تغرمه الإدارة من غرامات تأخير إن حدث .
8- ... " غرس مفاهيم جديدة مفادها أن القطاع الخاص أصبح قادرا على المشاركة الإيجابية في عمليات التنمية " (4) .
__________
(1) ) ... د. الشهاوي ص 48 ، د. أحمد سلامة بدر ص 397 .
(2) ) ... السابقان ، د. أنس جعفر ص 91 .
(3) ) ... وهو ما ندين به .
(4) ) ... د. الشهاوي ص 48 .(1/59)
ولعل الأصوب أن يقال تصحيح المفاهيم ، وإشعار الناس أن لهم دورا في النماء الاجتماعي والاقتصادي ، وأن فروض الكفاية كفروض الأعيان في الأهمية والتطبيق ، فما صرف الناس عن التعمير إلا تغول الدولة الحديثة ، وسيطرتها ، في ظل هيمنة الفكر الاشتراكي . (1)
وعلى أساس من الوصايا الشرعية بأن يكون المسلم إيجابيا فاعلا ، وفي ضوء ما هو ثابت في فقهنا الحنيف في القيام بالمصالح العامة التي يعجز بيت مال المسلمين عن القيام بها، فإننا لا نتردد في التأكيد على هذه الميزة باعتبارها مقصدا من مقاصد التشريع .
ثانيا : السلبيات :
__________
(1) ) ... في بحثه المعنون ( الوقف في ظل التشريع الوضعي ) المقدم إلى المؤتمر الثالث بين الشريعة والقانون تحت عنوان : الأوقاف الإسلامية في لبنان بين الواقع والمرتجى . بجامعة طرابلس . لبنان 1423/2002 ذكر الأستاذ عمر مسقاوي وزير الأشغال اللبناني السابق عن المستشار طارق البشري في مقدمته لرسالة الدكتور إبراهيم البيومي غانم والمعنونة " الأوقاف السياسية في مصر " قوله " إن ما اصطلحنا على تسميته بالدولة الحديثة في التاريخ المعاصر لبلادنا هو ما يمكن وصفه بأنها الدولة الشمولية والمركزية ، وهي بمركزيتها الشديدة لم تسمح بوجود كيان تنظيمي ، اجتماعي أو سياسي ، مستقل عنها ، في اتخاذ قراراته وإدارة شئونه ، وهي بشموليتها الطاغية لم تسمح بأن يزاحمها أي تكوين آخر ، في أي مجالات النشاط الاجتماعي أو السياسي أو الشعبي ، لذا عملت على تصفية المؤسسات التقليدية ، ليس لإحلال المؤسسات الأهلية الشعبية الجديدة محلها ، ولكن لإحلال السيطرة المركزية للدولة الحديثة ".انظر أعمال المؤتمر ص 65 .(1/60)
1- التأثير السلبي على مصادر التمويل المحلي . فالواقع أن " المستثمر " لا يقدم كل المبالغ المطلوبة لتمويل المشروع من حسابه الخاص، وإنما يمول بنسبة 30% أو ما دونها ،من إجمالي التكلفة ، ويقترض من المصارف المحلية عامتها ،ويضرب الدكتور جابر جاد نصار المثال على ذلك بالشركة الأجنبية التي أوكل إليها إقامة محطتي كهرباء سيدي كرير في مصر ، فقد اقترضت من المصارف المصرية مبلغ 400 أربعمائة مليون دولار أمريكي (1) .
وليس في نظام B.O.T ما يحول دون أن تقوم شركة المشروع بتحويل ما تجنيه من أرباح إلى خارج البلاد ، ونتيجة ذلك أن جزءا من حصة المجتمع من النقد المحلي أو الأجنبي قد حول إلى الخارج ، فتعز الأثمان ، ولا يتحقق الرواج المنشود (2) .
وهذه السلبية يمكن – في رأينا – التغلب عليها بتحفيز القطاع الخاص المحلي على الاضطلاع بعبء التمويل ، ولاشك أن حرص المصارف الإسلامية على الاستثمار وفق بعض الأساليب والأدوات الشرعية ، كالاستصناع ، والمرصد ، والمشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك ، فضلا عن نظام ( البوت ) إن استقر الرأي على مشروعيته ،يسد هذه الثغرة. (3) .
__________
(1) ) ... د. نصار . جابر جاد .عقود B.O.Tوالتطور الحديث لعقد الالتزام . نشر دار النهضة العربية 2002 ص 57 وما بعدها
(2) ) ... لتفصيلات أكثر انظر محمد الروبي ص 319-321 .
(3) ) ... خلص الأستاذ الدكتور أحمد بن حسن بن أحمد الحسني . الأستاذ بقسم الاقتصاد الإسلامي . بكلية الشريعة / جامعة أم القري من بحثه المعنون ( دراسة شرعية اقتصادية لخصخصة مشاريع البنية التحتية بأسلوب البناء والتشغيل ثم الإعادة " B.O.T " طبعة تمهيدية . مقدم إلى المؤتمر الثالث للاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى . خلص إلى نحو ما نقترحه في المتن . انظر ص 24-27 .(1/61)
2- ترتيب أوضاع سياسية واقتصادية قد يشق التعامل معها مستقبلا : وذلك لأن عقود الـ B.O.T تعقد لمدد قد تطول حتى تبلغ تسعا وتسعين سنة ، ومع اطراد العمل بشرط الثبات التشريعي (1) أي تنفيذ الالتزامات وفق النصوص القائمة حال إبرام العقد ،وإن تغيرت ، فإن احتمال اعتبار المصالح الساقطة أو الباهتة ، وإغفال المصالح الواجب اعتبارها يبدو قدرا لا فكاك منه ، ويقيد – كما يقول بعض الشراح – " أجيالا من بعدها أجيال " (2) .
ومثل هذا الانتقاد ملحوظ بوضوح في فقه استثمار الوقف بالإجارة المديدة ، ففي قول الأحناف وأكثر المالكية يطالب المستأجر بإكمال أجر المثل وإن لم يكن غبن أو محاباة، عملا بما فيه مصلحة الوقف (3) وقال الشيخ السلامي : لا يكرى المدة الطويلة إلا للحاجة ، ويعرض الأمر على القاضي للإذن والاحتياط في الصلاح (4) .
ومشكلة الثبات التشريعي لا تزعجنا إن روعيت عند العقد الأحكام الفقهية الإسلامية ، لأن بناءها على نصوص الشرع ومقاصده يكسبها ثباتا تفتقده في العادة القوانين الوضعية ، ومع هذا فإننا نوافق القول بأن في الطول الفائق لمدة العقد احتمال المفسدة ، والإضرار بالعين المستثمرة ، فلا يصار إليه إلا لحاجة شديدة .
3- احتمال الإضرار بالاستقلال الوطني والسيادة ، متى كان الممول أجنبيا ، وهذا حق، وينبغي العمل على تحاشيه بكل السبل الممكنة ، دون أن يصل الأمر إلى حد التقوقع والانطواء على الذات .
__________
(1) ) ... أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 91 وما بعدها .
(2) ) ... د. أحمد سلامة بدر ص 398 .
(3) ) ... حاشية ابن عابدين 3/400 وما بعدها ، حاشية العدوي على شرح الخرشي 7/99 ( نقلا عن الشيخ السلامي الآتي )
(4) ) ... السلامي .. استثمار الوقف . سابق. ص 138 وما بعدها .(1/62)
فمنذ القدم والسلف يسوغون الأمان – وهو تأمين حربى ينزل لأمر ينصرف بانقضائه (1) .- بالحاجة تستدعى ذلك ،ويقولون إن كان المستأمن تاجرا فإن في عدم تأمينه قطع الميرة والجلب وسد باب التجارة (2) ، ومثل ذلك يقال هنا ، فلا سبيل للقول برفض الاستثمار الأجنبي بالكلية ، فالأجنبي " يمتلك المعلومة ، ويمتلك التقنية المتقدمة ، ويمتلك وسائل الإعلام والاتصال ، التي أصبحت أشبه بالحواس التي لا يمكن الاستغناء عنها " (3) و" الانكفاء والرفض وتجنب التعاطي مع المشكلات بات لا يعني النجاة بحال من الأحوال ، كما لا يعني تحقيق الحماية والمناعة الحضارية ، وإنما يعني العجز والتمهيد للاستسلام الحضاري " (4) .
__________
(1) ) ... ذكره الخرشى في حاشيته على مختصر خليل ط دار صادر . بيروت 3/125. منسوبا إلى ابن عرفة رحمه الله
(2) ... انظر شرح السير الكبير للسرخسي 2/515، الهداية بشرح فتح القدير6/22.
(3) ) ... الأستاذ عمر عبيد حسنة . تقدمة لكتاب ظاهرة العولمة رؤية نقدية للدكتور بركات محمد مراد . كتاب الأمة ع 86 ص 41 .وانظر شرحا لهذا المعنى المجمل في عبارة الدكتور مراد يعزوها إلى الدكتور عز الدين إسماعيل ص 73 .
(4) ) ... التقدمة لظاهرة العولمة ص 49 .(1/63)
ولهذا اطرد قول الفقهاء بأن " إسلام العاقد ليس بشرط " (1) وأن المضاربة بين المسلم والذمي والمستأمن جائزة (2) وقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أو زرع (3) غاية ما هنالك أنه يجب أن تقيد تصرفات الشريك الأجنبي بالأطر الشرعية (4) .
وبهذا تَُرَدُّ هذه السلبية إلى سلبية غياب التشريعات المنظمة للاستثمار بأسلوب B.O.T، وقدرة فريق التفاوض على تضمين العقد ما يلزم من شروط ترعى السيادة ، وقيم التشريع.
__________
(1) ... البدائع للكاسني 5/135، الفواكه الدوانى 2/110، الأم للشافعي 5/205، شرح منتهى الإرادات للقنوجي 2/5، المحلى لابن حزم 9/45،47.
(2) ... المبسوط للسرخسي 23/12.
(3) ) ... أخرجه الجماعة إلا النسائى عن عبد الله بن عمر ، فأخرجه البخاري فى الإجارات، وفى المزارعة باب المزارعة بالشطر، وباب المزارعة مع اليهود، وأخرجه فى مواضع أخرى، وأخرجه مسلم فى البيوع (فى المساقاة والمزارعة) ، وأبو داود فى البيوع والترمذى وابن ماجة فى الأحكام.
(4) ) ... راجع في التفصيلات بحثنا للماجستير بعنوان ( مدى خضوع الأجنبي لقانون القاضي الوطني . في القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية ، مقدم إلى كلية الشريعة والقانون 1991 – على الآلة الناسخة – ص447 وما بعدها .(1/64)
4- ويرتبط بهذه السلبية احتمال استغناء المستثمر بالعمالة الأجنبية عن العمالة الوطنية (1) . وهذه إن كانت لعدم وجود البديل الكفء من العمالة المحلية فلا تثريب على المستثمر إن استعمل الأجانب ، فإن وجدت العمالة المحلية المؤهلة فمسئولية تشغيلها تقع على عاتق فريق التفاوض ، الذي يجب أن يضمن العقد شروطا تلزم المستثمر بذلك ، وقد درجت عادة الدول الجاذبة للاستثمار على النص قانونا بتشغيل العمالة الوطنية بكثافة (2) وأن تثبت في قسيمة المشاركة الالتزام بالقوانين ذات الصلة في شأن دعم العمالة الوطنية وتشجيعها على أن تقدم شركة المشروع الشهادات المثبتة لوفائها بهذا الالتزام . (3) .
5- تتضمن أغلب – إن لم يكن كل – عقود B.O.Tنصا يستبعد الاختصاص القضائي – لدولة المقر – ويحتم الالتجاء إلى التحكيم ، وعادة ما تحدد لذلك جهات تحكيم أجنبية ، بما قد يؤدي إلى العديد من المشكلات ، والمساس بالسيادة الوطنية (4) .
__________
(1) ) ... أستاذنا الدكتور أنس جعفر ص 92 .
(2) ) ومن الأمثلة على ذلك المادتان 174 ، 175 من القانون 159 لسنة 1981 ، الخاص بالشركات التجارية في مصر .
(3) ) ... انظر الالتزامات 23 ، 102 من التزامات شركة المشروع في عقود B.O.Tبدولة الكويت . لدى أبو هلبية . خوصصة المرافق العمومية . ص 157 ، 168 وما بعدها .
(4) ) ... د . أنس جعفر ص 93 .(1/65)
وهذه السلبية تبدو من المنظور الفقهي الإسلامي أشنع مما هي عليه في تقدير الشراح ، لأن الترافع إلى القاضي غير المسلم لا يجوز (1) كما لا يجوز التحاكم إلى محكم غير مسلم ، في قول جمهور أهل العلم ، وقال بعض الحنابلة إن التحكيم من باب الوكالة ، فلا يشترط في المحكم ما يشترط في القاضي المولى (2) .
__________
(1) ) ... انظر في هذا : بدائع الصنائع 7/23 ، الخراج لأبي يوسف . ضمن موسوعة الخراج . نشر دار المعرفة .بيروت 1979 ص 203 ، ابن فرحون . ابراهيم بن علي . تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الحكام . ط الحلبي 1/17 ،الشربيني . محمد مغني المحتاج إلى ألفاظ المنهاج ط . عيسى الحلبي . 4/375 ، ابن قدامة ( شمس الدين ) الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف بتحقيق د. عبد الله التركي . ط أولى . هجر . مصر 1996 - 28 /298 ، د.الزحيلي . محمد . التنظيم القضائي في الفقه الإسلامي . ط ثانية 1423/2002 ص 88 .
(2) ) ... انظر في التفصيلات : الراجحي . ناصر بن حمد . التحكيم في المنازعات المالية في الفقه والنظام السعودي . رسالة لاستكمال متطلبات الحصول على الماجستير مقدمة إلى كلية الدراسات العليا بجامعة نايف للعلوم الأمنية ، متاحة من خلال موقع الجامعة على الإنترنت ص58 وما بعدها ،(1/66)
على أن في ذلك آفة أخرى ، هي الاحتكام إلى غير شرع الله في دار الإسلام (1) وهو غير جائز اتفاقا ، لاسيما إن كان في العدول عنه فسحة .
وفي رأيي أن هذه السلبية هي أخطر ما يعتري جذب الاستثمارات الأجنبية بوجه عام، ويصح أن يقال عنها إنها غدت من قبيل ما تعم به البلوى ، لاسيما مع بطء القضاء الوطني في الفصل في المنازعات ، وطول الإجراءات ، مع غياب القضاء المتخصص القادر على الفصل في تلك المشكلات المعقدة التي أفرزتها العلاقات الاقتصادية المعاصرة ، في حين نجحت مراكز التحكيم في الاستعانة بخبراء على مستوى فائق ، مع سرعة الفصل ، ويسر الإجراءات ، ناهيك عن حماية أسرار الخصوم ، وهي مسألة ذات قيمة خاصة بالنظر إلى السمعة التجارية .
__________
(1) ) ... انظر : د. المنيسي وليد بن إدريس . العمل القضائي خارج ديار الإسلام . ما يحل منه وما يحرم . ضمن البحوث المقدمة إلى المؤتمر السنوي الخامس لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا . البحرين 2007 . التمهيد ويقع في الصفحات 4- 12 . وكذلك المحور الرابع ص 31- 33 ‘وهل يجوز الاحتكام إلى غير المسلم خارج ديار الإسلام ؟ الأشبه الجواز للحاجة ، وقد قرر المجمع الفقهي الإسلامي الدولي في شأن الرواية التي كتبها المدعو سلمان رشدي . القرار الثالث : يعلن المجلس أنه يجب ملاحقة هذا الشخص بدعوى قضائية جزائية تقدم عليه ، وعلى دار النشر التي نشرت له هذه الرواية ، في المحاكم المختصة في بريطانيا ، وأن تتولى رفع هذه القضية عليه منظمة المؤتمر الإسلامي . نقلا عن المنيسي ص 37 .(1/67)
ويبدو في الأفق أن القائمين على المرافق القضائية العربية ينزعون إلى إنشاء محاكم مالية تختص بنظر المنازعات الناشئة عن العلاقات الاستثمارية ، وهو جهد مشكور لولا أن هذه المحاكم ستقضي – كأكثر هيئات القضاء في بلادنا – بقوانين تداخلها الأهواء والآراء الباطلة ، لا يبالي واضعها أوافقت شرعة الإسلام أم خالفته (1) خصوصا في مسائل الربا والفوائد ، وفي مثل ذلك كان قول أهل العلم في ( الياسق) الذي وضعه جنكيز خان ، وسار عليه أتباعه ، بل حكى ابن كثير الإجماع على كفر من تحاكم إلى ( الياسا ) وقدمه على شرع الله (2)
وقد يعين على الخروج من هذه الأزمة العناية بتأهيل كوادر اقتصادية متفقهة (3) وضمها إلى مراكز تحكيم تحظى بالدعاية والانتشار الواسع ، والسمعة الجيدة ، ويسعى فريق التعاقد النائب عن الإدارة أو الهيئة المسلمة إلى أن يتراضى مع شركة المشروع على أن يكون التحاكم إلى بعض هؤلاء الفقهاء المقتصدين للفصل فيما قد يقع مستقبلا من نزاع، وعلى فريق التعاقد أن يتحوط للأحكام الشرعية منذ المبتدأ .
تعقيب وخلاصة :
__________
(1) ) ... من كلام العلامة أحمد محمد شاكر في عمدة التفسير 3/214 ، نقلا عن المنيسي ص 7 .
(2) ) ... البداية والنهاية 13/119 ، نقلا عن المنيسي ص 9 .
(3) ) ... خلاصة قول شيخنا القرضاوي في بحثه بيع المرابحة للآمر بالشراء أنه لا يستقيم أمر المصارف الإسلامية كما نحب إلا إذا اقتصد الفقهاء ، وتفقه الاقتصاديون ، وهو ما نشد عليه هنا ، فغياب المعرفة الاقتصادية عن القاضي المولى للنظر في هذه العلاقات المالية المعقدة يجعله لا يدرك الحق إلا مصادفة .(1/68)
هذه هي أبرز الإيجابيات ، وأهم السلبيات التي ترد على نظام B.O.T ، وكما ظهر من عرض السلبيات ومناقشتها فإنها مما يحتمل التلافي ، بأكثر من وسيلة ، فإن سلم ما عقبنا به فإن هذا الأسلوب في المعاملة يبدو أقرب إلى المصلحة ، ومفسدته هينة ، يمكن التغلب عليها، بأكثر من حل وأسلوب ، وما كان هذا شأنه فلاشك في مشروعيته ، إن لم يداخله الحظر لسبب آخر .
? كدعوى أنه يتضمن صفقتين في صفقة ، وأحسبها مردودة لعدم التناقض بين الالتزامات في عقد ( البوت ). (1)
__________
(1) ) ... في بحثه الممتع حكم الصفتين في صفقة ، ضمن قضايا فقهية معاصرة ص 249- 269 استلخص الأستاذ الدكتور نزيه حماد ثلاثة ضوابط هي مرد الحظر في اجتماع أكثر من عقد في صفقة واحدة :
أولها : ... أن يكون الجمع بينهما محل نهي في نص شرعي ، وأبرز صوره - وإن شئت فقل صورته – بيع العينة .
والثاني : أن يترتب على الجمع بينهما توسل بما هو مشروع إلى ما هو محظور ، ومثاله الجمع بين بيع وقرض .
الثالث : أن يكون العقدان متضادين وضعا ، ومتناقضين حكما .
... وبعد أن استعرض فضيلته أقوال أهل العلم في تفسير هذه الضوابط أطال الوقفة مع الضابط الأخير ، واستحسن نظر المالكية فيه ، وانتهى إلى القول " إذا تقرر هذا فالمحظور إذا إنما هو الجمع بين عقدين مختلفين شروطا وحكما ، إذا ترتب على ذلك تناقض وتضاد وتنافر في الموجبات ، وهذا إنما يكون في حالة توارد العقدين على محل واحد ، كما في الجمع بين هبة عين وبيعها ، أو هبتها وإجارتها ، أو هبتها والسلم فيها ، أو شراء أمة ونكاحها ، أو صرف دراهم بدنانير ، وقرض الدنانير لبائعها ، أو الجمع بين المضاربة وإقراض المضارب لرأس المال ، ونحو ذلك ، أما إذا تعدد المحل ، وانتفى التنافر والتضاد في الأحكام ، فلا حرج شرعا في الجمع بينهما ، ولو كان هناك ثمة تباين في الشروط والأحكام ، أو اختلاف في الموجبات والآثار ، إذ لا دليل على الحظر ، والأصل في العقود والمعاملات في الدنيا الإباحة ما لم يقم دليل شرعي مانع ، والله أعلم " وهو معنى نشرف أن نقول به مع قائله .(1/69)
? أو دعوى أن فيه بيعا وشرطا ، وهي مردودة أيضا بجواز الاشتراط ، ما لم يكن المشروط يحل حراما أو يحرم حلالا .
? أو بدعوى الجهالة في الثمن والمثمن ، وهي عندي ضعيفة أيضا في ظل تقدم علم دراسات الجدوى ، وخطط الإنتاج ، واتجاهات الأسواق ، ومع إحكام مشارطات الاتفاق يهن أم لم يسد احتمال النزاع .
? وقد أمسكنا عن مناقشة هذه الدعاوى لضيق الوقت ، وإن كان تفضل جمهرة من أهل العلم بتحقيق القول فيها ، وقد أصبح شائعا متداولا ، قد أغرانا بالإمساك .
والله أعلم .
مشروع قرار
تطبيق عقد الإقامة والاستغلال والإعادة B.O.T
في تعمير الأوقاف والمرافق العامة
قرار رقم :
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة بإمارة الشارقة (دولة الإمارات العربية المتحدة ) من : 1430هـ الموافق 2009 م .
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص تطبيق عقد التشييد والاستغلال والإعادة B.O.T في تعمير الأوقاف والمرافق العامة ، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله، ومراعاة لأدلة الشرع وقواعده ومقاصده، ورعايةً للمصالح العامة في العقود والتصرفات،ونظرا لما لعقد التشييد والاستغلال والإعادة B.O.T من أهمية في تعمير الأوقاف والمرافق العامة ، فضلا عن دوره في التمويل بوجه عام ، قرر مجلس المجمع ما يلي:
1- يقصد بعقد البوت اتفاق مالك أو من يمثله مع ممول ، على أن يقوم الأول بتمكين الثاني من إقامة منشأة بتمويل منه على ملك للأول ، على أن يكون للثاني الحق في إدارة هذه المنشأة، وقبض العائد منها – كاملا أو حسب الاتفاق – خلال فترة من الزمن متفق عليها ، يتصور أن يسترد خلالها رأس ماله المستثمر ، مع تحقيق عائد معقول ، على أن يكون للمالك على المنشأة صالحة للأداء المرجو منها كافة حقوق الملك ، متى انتهت هذه المدة .(1/70)
2- أن عقد البوت وإن شابَهَ في بعض صوره بعضَ صور التعاقدات وأدوات استثمار الوقف المعهودة فإنه لا يتطابق مع أي منها تطابقا تاما ، ومن ثم فإنه يعد معاملة محدثة تستقل بنفسها.
3- يمتاز عقد البوت بعدد من الميزات النافعة اقتصاديا واجتماعيا ، وسلبيات الأخذ به في تعمير الأوقاف والمرافق العامة هينة يسهل التغلب عليها .
4- يوصي المجلس الباحثين بتكثيف البحث الفقهي حول عقود التشييد والاستغلال والإعادة بغرض ضبط أحكامها المختلفة ، وصياغتها في نصوص يسهل على فرق التفاوض ووكلاء الخصومة الرجوع إليها والبناء عليها . والله أعلم
مراجع البحث
مرتبة حسب أبجدية المؤلفين
? أبو زهرة . محمد . الملكية ونظرية العقد . ط دار الفكر
? أبو زيد . محمد عبد الحميد . دوام سير المرفق العام . دراسة مقارنة ط 1975
? أحمد . فؤاد عبد المنعم . السياسة الشرعية وعلاقتها بالتنمية الاقتصادية وتطبيقاتها المعاصرة . من منشورات البنك الإسلامي للتنمية . مجموعة محاضرات العلماء البارزين . رقم 24
? البجيرمي . سليمان . حاشية البجيرمي على الإقناع للخطيب الشربيني ط الحلبي 1951 .
? بخيت . أحمد محمد ( الباحث ) أحكام التركات والأوقاف في الفقه الإسلامي وما يجري عليه العمل في مصر ودول مجلس التعاون الخليجي . دار النهضة العربية 1429/ 2008 & دروس في أصول الفقه للمبتدئين . ط ثانية. دار النهضة العربية 1429/2008.& ضمان عثرات الطريق في الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية . نشر مكتبة النهضة المصرية 1422/2002 & مقدمة الشريعة الإسلامية . دراسة في الفقه الإسلامي وأبرز قواعده ونظرياته الكبرى . نشر دار النهضة العربية . القاهرة 2007 & مدى خضوع الأجنبي لقانون القاضي الوطني . في القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية ، بحث للماجستير مقدم إلى كلية الشريعة والقانون 1991 – على الآلة الناسخة .(1/71)
? بدر . أحمد سلامة . العقود الإدارية وعقد B.O.T . مكتبة دار النهضة العربية القاهرة 2003 .
? البدران . كاسب . عقد الاستصناع ، أو عقد المقاولة في الفقه الإسلامي . الطبعة الثانية ، وهي دراسة أعدت للحصول على الماجستير من معهد القضاء العالي بجامعة الإمام محمد بن سعود ،
? بدران . محمد محمد . النظام القانوني لمشروعات B.O.T. بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي عن مشروعات B.O.Tبرعاية مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي . القاهرة في 7- 9 أكتوبر 1997 .
? ابن تيمية ( تقي الدين ) أحمد بن عبد الحليم . الفتاوى . طبعات
? جعفر .محمد أنس . العقود الإدارية ... مع دراسة لعقود ال B.O.T ط ثانية . دار النهضة العربية 2003
? جمعة . حازم . المشروعات الدولية العامة وقواعد حمايتها في القانون الدولي . رسالة للدكتوراة مقدمة إلى كلية الحقوق بجامعة عين شمس 1980
? حامد . ماهر محمد . النظام القانوني لعقود الإنشاء والتشغيل وإعادة المشروع B.O.T . رسالة للدكتوراة . نشر دار النهضة العربية . مصر 2005 ،
? ابن حزم . على بن سعيد المحلى بالآثار . بتصحيح حسن زيدان طلبة . نشر مكتبة الجمهورية العربية 1969 .
? حسان . أحمد ، فتحي عبد الهادي . موسوعة الأوقاف . نشر منشأة المعارف بالإسكندرية 2002 .
? حسب الله . على . خلاصة أحكام الوقف للشيخ على حسب الله ط 1956 .
? حسبو .عمرو . التطور الحديث لعقود التزام المرافق العامة طبقا لنظام B.O.T. دراسة مقارنة
? حسنة .عمر عبيد . تقدمة لكتاب ظاهرة العولمة رؤية نقدية للدكتور بركات محمد مراد . كتاب الأمة ع 86
? الحسني .أحمد بن حسن بن أحمد. دراسة شرعية اقتصادية لخصخصة مشاريع البنية التحتية بأسلوب البناء والتشغيل ثم الإعادة " B.O.T " طبعة تمهيدية . بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث للاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى(1/72)
? حماد . نزيه . قضايا فقهية معاصرة في المال والاقتصاد .نشر دار القلم بدمشق والدار الشامية ببيروت . ط أولى 1421/2001
? الحويس . صالح بن سليمان . أحكام عقد الحكر في الفقه الإسلامي مقارنا بما عليه العمل في المملكة العربية السعودية ، رسالة مقدمة إلى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى 1427-1428
? الخضيري . محسن أحمد. التمويل بدون نقود . نشر مجموعة النيل العربية ، بدون تاريخ،
? الخفيف . على . أحكام المعاملات الشرعية ط خاصة على نفقة بنك البركة الإسلامي للاستثمار . البحرين .
? الدارمي . عبد الله بن عبد الرحمن .سنن الدارمى وتخريج الأستاذين فؤاد زمزلى ، وخالد العلى لأحاديثه . دار الريان للتراث 1987 .
? الدسوقي . محمد عرفة . حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير. ط الحلبي –
? الدهلوي . شاه أحمد عبد الرحيم . حجة الله البالغة . بتحقيق الشيخ سيد سابق . ط دار الجيل 1426/ 2005
? الراجحي . ناصر بن حمد . التحكيم في المنازعات المالية في الفقه والنظام السعودي . رسالة لاستكمال متطلبات الحصول على الماجستير مقدمة إلى كلية الدراسات العليا بجامعة نايف للعلوم الأمنية ، متاحة من خلال موقع الجامعة على الإنترنت
? الروبي . محمد. عقود التشييد والاستغلال والتسليم B.O.T دراسة في إطار القانون الدولي الخاص . دار النهضة العربية 2004
? الريسوني . أحمد . الوقف الإسلامي . مجالاته وأبعاده . من إصدارات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة . نسخة متاحة بنظام الوورد – عير موافقة للمطبوع – على موقع المنظمة على الشبكة الإلكترونية .
? الزحيلي . محمد . التنظيم القضائي في الفقه الإسلامي . ط ثانية 1423/2002
? الزرقا . مصطفى أحمد .المدخل الفقهي العام . ط تاسعة دار الفكر
? السرخسي . محمد بن أحمد بن سهل . المبسوط .ط السعادة .، وط المعرفة .(1/73)
? سري الدين . هاني صلاح . الإطار القانوني لمشروعات البنية الأساسية التي يتم تمويلها عن طريق القطاع الخاص بنظام التملك والتشغيل والتحويل في مصر " بحث منشور بمجلة القانون والاقتصاد ، إصدار كلية الحقوق / جامعة القاهرة ع 69
? السلامي . محمد مختار . استثمار الوقف . ضمن بحوث ندوة الوقف الأولى . الكويت .
? السلمي : عزالدين بن عبد السلام . قواعد الأحكام في مصالح الأنام . ط دار الجيل . الثانية 1400 هـ 1980
? السيوطي . عبد الرحمن بن أبي بكر. الأشباه والنظائر. ط دار الفكر .
? الشاطبي .إبراهيم بن موسى اللخمي . الموافقات في أصول الأحكام . ط دار إحياء الكتب العربية 2/27
? الشافعي . محمد بن إدريس . الأم للشافعي ط دار الشعب .
? شبير . محمد عثمان . المعاملات المالية المعاصرة في الفقه الإسلامي . نشر دار النفائس ، الرابعة 1421/2001
? الشربيني . محمد . مغني المحتاج في شرح المنهاج .ط مصطفى الحلبي 1958 .
? الشريف الرضي .نهج البلاغة للشريف بشرح الشيخ محمد عبده . ط دار الحديث .
? شلبي . محمد مصطفى . المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي وقواعد الملكية والعقود فيه ط دار النهضة العربية
? الشهاوي .ابراهيم . عقد امتياز المرفق العام . B.O.T بدون جهة نشر .
? الشوكاني . محمد بن علي . فتح القدير للشوكاني . نسخة المكتبة الإسلامية ضمن الموقع إسلام ويب .، السيل الجرار طبعة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر..
? الطماوي . سلمان . الأسس العامة في العقود الإدارية . ط خامسة . نشر دار الفكر العربي 1991
? ابن عابدين . محمد أمين . رد المحتار على الدر المختار والمشهور بحاشية ابن عابدين . ط مصطفى الحلبي الثانية 1958 ، طبعة الأميرية .
? عبد العظيم .حمدي . عقود البناء والتشغيل والتحويل بين النظرية والتطبيق . ط 2001(1/74)
? عبد اللطيف . محمد محمد . التطورات المعاصرة للمرافق العامة الاقتصادية . نشر لجنة التأليف والتعريب والنشر بجامعة الكويت 1999
? عزوز. عبد القادر. فقه استثمار الوقف وتمويله في الإسلام . دراسة تطبيقية عن الوقف الجزائري . رسالة لنيل درجة الدكتوراة في الفقه وأصوله مقدمة إلى قسم الشريعة بكلية العلوم الإسلامية ، جامعة الجزائر 1424/2004
? عطية .عبد القادر محمد عبد القادر . دراسات الجدوى التجارية والاقتصادية مع مشروعات ال B.O.T نشر الدار الجامعية . الأسكندرية 2001 / 2002
? العمار .عبد الله بن موسى . استثمار أموال الوقف ضمن أعمال منتدى قضايا الوقف الفقهية الأول . الكويت 1424/2003 الجزء الأول .
? ابن فرحون . إبراهيم بن علي . تبصرة الحكام لابن فرحون ط الحلبي .
? فهمي .محمود . بحث في عقود ال B.O.T وتكييفها القانوني . مقدم إلى المؤتمر الدولي عن مشروعات ال B.O.T إعداد مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي . القاهرة في 28-29 أكتوبر 2000
? الفيومي . أحمد بن على المصباح المنير . ط المكتبة العلمية .
? قايد. محمد بهجت . إقامة المشروعات الاستثمارية وفقا لنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية ، نظام ال . B.O.T دار النهضة العربية 2000
? قباني .مروان عبد الرءوف . تجربة الأوقاف الإسلامية في الجمهورية اللبنانية . ورقة مقدمة إلى ندوة التطبيقات الاقتصادية الإسلامية المعاصرة ، التي نظمها المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية ، الدار البيضاء في 9- 12محرم 1419 ، الموافق 5- 8 مايو 1998 . ضمن : نظام الوقف في التطبيق المعاصر . نماذج مختارة من تجارب الدول والمجتمعات الإسلامية ، إصدار البنك الإسلامي للتنمية والأمانة العامة للأوقاف بالكويت 1423 هـ
? ابن قدامة ( شمس الدين ) عبد الرحمن بن أبي عمر . الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف بتحقيق د. عبد الله التركي . ط أولى . هجر . مصر 1996 .(1/75)
? ابن قدامة ( موفق الدين ) عبد الله بن أحمد المغني . طبعات .
? القرافي . أحمد بن إدريس .الذخيرة بتحقيق الأستاذ محمد بو خبزة . ط دار الغرب . الأولى .
? القرة داغي . تنمية أموال الوقف والحفاظ عليها . بحث منشور بمجلة أوقاف س 4 ع 7 . الكويت 1425/2004 . استثمار الوقف وطرقه القديمة والحديثة . نظرة تجديدية للوقف واستثماراته . ملف - غير مرقوم- متاح من خلال مكتبة مشكاة الإسلام
? القرطبي . محمد بن أحمد . الجامع لأحكام القرآن الكريم بتحقيق وتخريج د . عبد الله التركي وآخرين . مؤسسة الرسالة . الأولى 2006 .
? ابن القيم . محمد بن أبي بكر . الطرق الحكمية في السياسة الشرعية بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي ط دار الكتب العلمية 1983 & أحكام أهل الذمة 1/264 ( نسخة المكتبة الإسلامية ضمن موقع الشبكة الإسلامية .إسلام ويب ) .
? الكاساني . أبو بكر بن مسود .بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع . ط دار الحديث –
? الكافي .محمد . إحكام الأحكام على تحفة الحكام على منظومة ابن عاصم . ط دار الفكر
? الكندي . ماجد بن محمد . المعاملات المالية والتطبيق المعاصر . نشر مكتبة الجيل الواعد . عمان ص 481-489
? ليلو . مازن راضي . القانون الإداري . من منشورات الأكاديمية العربية في الدنمارك 2008 . متاح على موقع الجامعة على الشبكة العالمية ( الإنترنت )
? الماوردي . على بن محمد الأحكام السلطانية للماوردي بتحقيق د. أحمد مبارك البغدادي . نشر مكتبة ابن قتيبة . الكويت 1409/ 1989 الحاوي الكبير . بتحقيق محمود مسطرجي وآخرين . ط دار الفكر 1994 .
? المرغيناني . علي بن أبي بكر . الهداية بشرح فتح القدير ط الحلبي-.
? مسقاوي . عمر . الوقف في ظل التشريع الوضعي . بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث بين الشريعة والقانون تحت عنوان : الأوقاف الإسلامية في لبنان بين الواقع والمرتجى . بجامعة طرابلس . لبنان 1423/2002(1/76)
? مغلي . محمد البشير . بحث بعنوان : التكوين الاقتصادي للوقف في بلدان المغرب العربي ، وتعليق الدكتور جمعة زريق عليه . ضمن نظام الوقف والمجتمع المدني في الوطن العربي . بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية والأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت . نشر المركز . ط أولى 2003
? منظور . محمد بن مكرم . لسان العرب . ط دار المعارف.
? المنيسي وليد بن إدريس . العمل القضائي خارج ديار الإسلام . ما يحل منه وما يحرم . ضمن البحوث المقدمة إلى المؤتمر السنوي الخامس لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا .
? مهدي . محمود أحمد . نظام الوقف في التطبيق المعاصر .مجموعة مختارة من تجارب الدول والمجتمعات الإسلامية . نشر البنك الإسلامي للتنمية 1423هـ
? الميمان . ناصر عبد الله . ديون الوقف . ضمن بحوث منتدى قضايا الوقف الفقهية . المجلد الأول
? نصار . جابر جاد .عقود B.O.Tوالتطور الحديث لعقد الالتزام . نشر دار النهضة العربية 2002
? النفراوي .أحمد بن غنيم . الفواكه الدوانى على رسالة ابن أبي زيد القيرواني . ط عيسى الحلبي .
? أبو هلبية . أسامة محمد . خوصصة المرافق العمومية بنظام البناء والتشغيل والتحويل B.O.T . بحث لاستكمال متطلبات الماجستير في القانون العام من كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، جامعة الملك محمد الخامس . المغرب . ط وزارة الإعلام الكويتية 2006
? الهيتي . عبد الستار إبراهيم . المباديء الأساسية للاقتصاد الإسلامي . نشر مكتبة المتنبي . الدمام 1429/ 2008 & الوقف ودوره في التنمية . من منشورات وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بقطر ط أولى 1419/1998.
? يوسف . يعقوب بن إبراهيم .الخراج – نسخة الموسوعة الشاملة – وطبعة أخرى بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر – ضمن موسوعة الخراج – ط دار المعرفة .بيروت 1979 .(1/77)
? وقد أفدنا في تخريج الأحاديث بالموسوعة الحديثية ضمن الموقع الإسلامي الدرر السنية، بإشراف الشيخ السقاف .
ثبت أهم الموضوعات
تمهيد : ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... 2
المبحث الأول :وجوب تنمية الأوقاف والمرافق العامة . ... ... 4
أولا : الشبه الجامع بين الوقف والمرفق العام . ... ... ... ... ... 4
ثانيا : تنمية الأوقاف والمرافق العامة ... ... ... ... ... ... 10
المبحث الثاني : تنمية الأوقاف والمرافق العامة بالمعاملات المستجدة . ... ... 12
أولا : المصلحة مناط التنمية ... ... ... ... ... ... ... ... 12
ثانيا : من الأصول الشرعية : حرية التعاقد ... ... ... ... ... ... 14
المبحث الثالث : عقد B.O.T ( تعريف ) ... ... ... ... ... ... 15
رأينا في تعريف عقد B.O ... ... ... ... ... ... ... ... 18
المبحث الرابع :تاريخ نظام B.O.T ... ... ... ... ... ... ... 20
الاستثمار الوقفي بأسلوب B.O.T ... ... ... ... ... ... ... 22
المبحث الخامس : خصائص عقد B.O.T ... ... ... ... ... ... 23
عقد B.O.T عقد ذو طبيعة خاصة ... ... ... ... ... ... 25 ...
المبحث السادس : تمييز عقد B.O.T عما يشتبه به من نظم التمويل الأخرى . ... 27
عقد B.O.T والإقطاع والقبالة ... ... ... ... ... ... ... 33
عقد B.O.T والحكر ... ... ... ... ... ... ... ... 35
الرأي في ماهية عقد ( البوت ) ... ... ... ... ... ... ... 36
المبحث السابع : تقييم عقود الـ B.O.T ... ... ... ... ... ... 36 ...
أولا : الإيجابيات ... ... ... ... ... ... ... ... ... 37
ثانيا : السلبيات ومناقشتها ... ... ... ... ... ... ... 39
تعقيب وخلاصة ... ... ... ... ... ... ... ... ... 43
مشروع القرار ... ... ... ... ... ... ... ... ... 44
مراجع البحث مرتبة حسب أبجدية المؤلفين ... ... ... ... ... ... 44
ثبت أهم الموضوعات ... ... ... ... ... ... ... ... ... 50(1/78)