رسالتان في البيوع
المؤلف:
يوسف بن عبدالعزيز الطريفي
تقديم
تمر البلدان والحواضر خلال تاريخها بتقلبات متعاقبة، بين نمو وازدهار، أو تراجع وخمود، لعوامل متعددة، وأسباب، أودعها الله خليقته أرادها سبحانه، وغالباً ما يسدل الزمن ستار النسيان على الكثير من معالم وتراث هذه الفترات التاريخية، لانشغال البشر في حاضرهم، وعدم توفر إمكانيات مناسبة لتخليد ملامح الصورة لما حدث، إلا في العواصم الكبرى، والأحداث ذات التأثير الأقوى في مجريات الأمور، والتي تحظى بحظ أوفر في البقاء على مر السنين.
إن إسهامات لا تحصى شاركت بشكل أو بآخر في بناء حياة مجموعات بشرية في مسيرتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، تعرضت هذه الإسهامات للضياع أو الإهمال، وكأنها لم تكن في يوم من الأيام تنبض بالحيوية والصخب، وتوقد مرجل النشاط الإنساني وإلهاماته وأحداثه.
ومنطقة حائل بحواضرها المحدودة شهدت تحولاتها الخاصة، التي قد تكون نسبية إلى حد ما، إلا أننا لم نظفر إلا بالنزر اليسير من الشواهد والمرويات التي ترصد تفاعل عناصر ومكونات المناخ الحضاري لهذه الحواضر، والمؤسف أن جزءاً من هذا القليل لم ير النور بعد، ناهيك بالمرويات الشفهية التي من طبيعتها النضوب شيئاً فشيئاً مع مرور الأيام وما تتعرض له من التحريف المقصود أو غير المقصود.
وتأتي محاولة الأستاذ الكريم / يوسف بن عبدالعزيز الطريفي، في سياق إحياء شيء من تراث هذه المنطقة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من دوّامة التلاشي، وفاءً للأجيال التي سطرته وللحركة العلمية خاصة، وبالرغم من مشاغل الأستاذ الفاضل الرسمية إلا انه نذر نفسه واقتطع بعضاً من وقته الثمين وجهده المبارك لإنجاز هذه المهمة، ومع اعتقادي بأن تحقيق هاتين الرسالتين لا يضيف من الناحية العلمية البحتة إلا اليسير في هذا العصر، إلا أنها ستلقي الضوء على بيئات مضى أهلها، ما اهتماماتهم؟ وما هي أولوياتهم وما قدراتهم؟... الخ.(1/1)
ومن المجحف بحقها أن ننظر إليها بمعايير مثالية، أو مقاييس عصرية، بل ينبغي أن نضعها في سياقها الخاص، وتكشف إيجابياتها الذاتية ضمن معطيات الوسط الذي ألفت فيه وعاشت في ضمائر وعقول أبنائه.
وإننا ونحن نشكر هذا الباحث المثابر، والمحقق المجتهد، ندعوه وغيره من الباحثين إلى مواصلة هذه الجهود المثمرة، للإسهام في تنويع الحركة الثقافية في هذه المنطقة، وإثراء إنتاجها بالدراسات، وتحقيق التراث إلى جانب ما تشهده من إبداعات المبدعين ونصوصهم شعراً ومقالة وقصة وغيرها من ألوان الأدب والثقافة والفكر.. وفق الله الجميع لمرضاته.
الدكتور/ رشيد بن فهد العمرو
مقدمة التحقيق :
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران: 102)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب70-71)
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.(1/2)
فإن العلماء كانوا وما زالوا يبذلون الغالي والنفيس، في نشر العلم وتعليمه بكل الوسائل المتوافرة في وقتهم، وقد ترك كثير من العلماء علوماً زاخرة ومؤلفات قيمة، نافعة، لو أخذ بها المتأخرون لوجدوا كنوزاً ثمينة، لا تعدلها كنوز الدنيا، وما ذاك إلا لأن كتب العلماء رياض زاهرة، ونجوم مضيئة لسالك الحق والدين، فواجب طلاب العلم تتبع هذه الكنوز ونشرها، وتعلمها، وتعليمها، وهذا ما كان يفعله علمائنا من تقرير كتب الأوائل وتدريسها، وخاصة علماء حائل بالذات، فإنهم كانوا يكتفون غالباً بكتب العلماء السابقين وشرحها وتحرير مسائلها، ولعل هذا أحد أسباب قلة التأليف في نجد عامة ومنطقة حائل خاصة، ويحكى في ذلك: + أن الشيخ سليمان بن علي بن محمد بن مشَرَّف رحمه الله ألف شرحاً للإقناع، فلما اطلع على شرح الشيخ منصور البهوتي رحمه الله أتلف شرحه، واكتفى بشرح البهوتي رحمه الله" وانظر القصة في +السحب الوابلة" ص103، وهناك أسباب أخرى غيرها يطول الكلام عنها، وقد كان لدعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله الأثر الكبير في نشر العقيدة الصحيحة والعلم النافع، وكذلك بعد توحيد المملكة العربية السعودية، حيث انتشرت العلوم والمعارف المتنوعة، بفضل من الله عز وجل ثم بولاة أمرنا حفظهم الله في بلاد الحرمين الشريفين ومنبع الرسالة ومهبط الوحي.(1/3)
وقد بحثت طويلاً في المكتبات العامة والخاصة عن مؤلفات لعلماء حائل فلم أظفر إلا بنوادر منها، إما لقلة تأليفهم كما سبق، أو لضياعها، أو تلفها كما في +سنة الغرقة" في 15/ربيع الأول/ 1362هـ حيث حدثت سيول أغرقت المدينة، أو إهمالها وعدم الاهتمام بهذه المخطوطات وقيمتها العلمية، وانتقال بعضها إلى خارج حائل كمكتبة الشيخ +سليمان بن عطية"، أو مكتبة +الشيخ عبدالكريم الثويني" إلى الرياض، ومكتبة الشيخ +عبدالله بن بليهد" إلى المدينة، وغيرها من المكتبات التي لا يعرف مكانها كمكتبة الشيخ +عيسى بن حمود المهوس"، وغيرها.
وقد وجدت أثناء فهرستي لمكتبة آل يعقوب الموجودة في مكتبة المعهد العلمي في حائل رسالة للشيخ +سليمان بن عطية" سيأتي الكلام عنها، ووجدت رسالة أخرى أثناء اطلاعي على مكتبة الشيخ +صالح السالم"، وهما في موضوع واحد، وهو المعاملات المالية، فأحببت نشرهما معاً، وقد بحثت عن مخطوطات أخرى في ذات الموضوع فلم أجد شيئاً رغم كثرة بحثي، فاكتفيت بهاتين الرسالتين، لعل الله عز وجل ييسر لي نشر المخطوطات الأخرى في بقية الموضوعات، ولعل هذه دعوة مني لطلبة العلم بنشر مؤلفات العلماء الذين أفنوا أعمارهم وبذلوا الغالي والنفيس في تعلم العلم وتعليمه، مقتفين أثر السلف الصالح عقيدة ومنهجاً وعملاً،.
هذا وأسأله سبحانه أن يجعل عملي خالصاً لوجهه عز وجل، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأن يفقهنا في دينه، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يكون حجة لنا لا علينا، إنه سميع مجيب، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الفقير إلى عفو ربه
يوسف بن عبدالعزيز الطريفي
المدرس في المعهد العلمي في حائل
ص.ب: 2260
منهج العمل في الرسالتين :
1- الترجمة للمؤلف.
2- الترجمة للناسخ.
3- نشر الرسالة كاملة بدون زيادة أو نقص، إلا ما اقتضاه الحال، مع التنبيه على الزيادة بوضعها بين قوسين.(1/4)
4- إصلاح ما وقع من أخطاء لغوية، أو إملائية، وضبط ما يحتاج للضبط بالشكل، وأشير إلى ذلك غالباً.
5- عزو الآيات إلى سورها، وضبطها بالشكل كما في المصحف.
6- تخريج الأحاديث، بدون إطالة أو إحالتها إلى مظانها.
7- إحالة المسائل المذكورة في الرسالة إلى مصادر المؤلف، أو مراجع أخرى أفاضت في ذكر تلك المسائل.
8- التعليق على بعض المسائل التي تحتاج إلى ذلك مني باختصار، دون التفصيل في ذلك.
9- الترجمة للأعلام المذكورين في طي الرسالة من غير المشهورين.
10- تقديس الله عز وجل، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والترضي عن الصحابة، والترحم على الآخرين، ونحو هذه العبارات، فأذكرها وإن لم يذكرها المؤلف بدون التنصيص على ذلك.
11- فهرس لأهم مصادر ومراجع التحقيق.
12- فهرس للموضوعات.
وغير ذلك مما لم أذكرهن فمن وجد نقصاً وقصوراً فليستغفر لي، ولينبهني إلى الصواب، إذ الدين النصيحة، سائلاً الله عز وجل أن يتقبل ويبارك، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، وما كان من صواب فمن الله، وما كان من زلل فمني، هذا وأسأله سبحانه المغفرة والتجاوز، والله المستعان والموفق والهادي إلى سواء السبيل.
الرسالة الأولى :
مسائل في بعض البيوع المحرمة
تأليف / صالح بن سالم آل بنيان
1275) هـ - 1330هـ(
وصف رسالة الشيخ صالح السالم
الرسالة كانت بلا عنوان فهي وإن كانت رسالة إلى أحد الأشخاص إلا أنها علمية ذات مسائل عديدة يجمعها البيع، فعنونت لها بـ +مسائل في بعض البيوع المحرمة"، والرسالة ذات خط جيد، وتقع في عشر صفحات، وكل صفحة فيها قرابة (23) سطراً، وقد تم تحريرها في 25/شوال/1329هـ، وسطورها متقاربة، وبعض كلماتها غير واضحة، أما لغتها فعربية فصيحة إلا في كلمات قليلة، وإملاؤها صحيح، لا أخطاء فيه، وأغلب الرسالة نقل بالنص أو المعنى من كتب فقه الحنابلة، والموطأ للإمام مالك رحمه الله، ويندر نقله من غيرها.(1/5)
ملحوظة: ذُكر في فهرس مكتبة الصالح البنيان أن لها نسختين برقم (34) و(35) ورقم شريحة الميكروفيش (255/1) و(255/2)، ولكن بعد بحثي أنا والأخ الفاضل/ عبدالرحمن الصالح حفظه الله، لم نجد إلا نسخة واحدة، وقد تفضل الأخ الفاضل/ عبدالرحمن، بالإذن لي بنشرها، فله جزيل الشكر على ما أبداه من الكرم، وطيب المعشر، وحسن الخلق معي، ومع جميع الباحثين، وبقائه الوقت الطويل معهم، رغم مشاغله الكثيرة، وهذا ليس بمستغرب عليه، فهو حفيد الشيخ العالم الجليل، فجزاه الله كل خير، وقد نقل الرسالة عن أصلها الشيخ علي بن صالح البنيان رحمه الله في 17/شوال/1364هـ.
ترجمة المؤلف
*نسبه: صالح بن سالم بن محسن بن سالم آل بنيان.
*مولده: ولد في حي +لبده" بمدينة +حائل" سنة 1275هـ، وهو الصحيح كما ذكر لي حفيده الأخ/ عبدالرحمن صالح السالم، وذكر علي الهندي في كتابه +زهر الخمائل" ص12 أنه ولد سنة 1256هـ.
* نشأته: نشأ في بيت علم وتقى، فقد توفي أبوه وهو في المهد، وأمه شقراء بنت الشيخ عبدالله بن خزام قاضي حائل في زمانه (1250هـ)، وقد أدخله أعمامه الكتاتيب، فتعلم القرآن تجويداً، وتعلم قواعد الخط والحساب ومبادئ العلوم فيه، ثم حفظ القرآن بعد ذلك عن ظهر قلب.
*مشايخه:
بدأ رحمه الله في طلب العلم: بهمة عالية، وذكاء وقاد، وحافظة عجيبة، فتتلمذ على أيدي العلماء من أهل حائل والوافدين إليها، ومن أهمهم: الشيخ +عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ" العالم أحد قضاة حائل، وقد وفد إليها مرتين آخرهما عام 1307هـ، والشيخ القاضي +عبدالعزيز بن صالح المرشدي"، والشيخ +عوض بن محمد الحجي"، الذي زوجه ابنته، وغيرهم من العلماء.
* رحلته لطلب العلم: رحل رحمه الله إلى +بريدة" فقرأ على علمائها، ومنهم +محمد ابن سليم" وغيره، ثم ارتحل إلى الرياض، فلازم فيها شيخه "عبدالله بن عبداللطيف"، وقرأ أيضاً على علماء الرياض، منهم +محمد بن محمود" و "عبدالعزيز بن مرشد" وغيرهما.(1/6)
* أعماله: لما رجع إلى حائل صار مدرساً في قصر الإمارة وإماماً لمسجدها، وكان يطوف على البادية في هجرهم للإرشاد وتعليمهم أمور دينهم، ثم تولى القضاء في "تيماء"، ثم لما رجع إلى حائل تولى القضاء فيها أربع سنوات إلى وفاته، وكان مثالاً في العدالة والنزاهة والعفة، وقد جلس أثناء ذلك للتدريس في مسجده بلبدة إلى وفاته رحمه الله.
* تلاميذه: تتلمذ على يديه كثير من طلاب العلم، ومنهم: ابنه +سالم"، و+حمود ابن حسين الشغدلي"، و+عبدالله بن مرعي المحمد" و+محمد بن عبدالعزيز الهندي" و+خلف بن عبدالله الخلف" و+علي عبدالعزيز الأحمد" وغيرهم.
* صفاته: كان رحمه الله حسن السمت، لا يخاف في الله لومة لائم، وقوراً ذا هيبة عند العامة والخاصة، سريع الدمع، شديد الخوف من الله عز وجل، معرضاً عن مجالس السوء، مقبلاً على مجالس الخير، مع التواضع والقناعة والسخاء، طلق الوجه بشوشاً، لا يفتر من ذكر الله تعالى، كثير الاطلاع ومذاكرة العلم.
* آثاره: له نظم وقصائد في مناسبات عامة وخاصة، وردود على مخالفيه، منها قصيدة (الشهاب المرمي في نحر من سُمي) مخطوطة، وليس له مؤلفات مستقلة، وإنما رسائل متفرقة لبعض الأشخاص، ذكر فيها بعض العلوم الشرعية أو اللغوية أو الأدبية ونحوها.
* وفاته: لما عاد من حجه سنة 1329هـ مرض مرضاً شديداً، وامتد به المرض، وأنهك جسمه حتى أصيب بذات الجنب، وفي يوم الأربعاء الموافق 18 من شهر صفر من عام 1330هـ. توفاه الله، وعمره خمس وخمسون سنة، فحزن عليه الناس وشيعه خلق كثير، ورثي بمراثٍ كثيرة، سواء من ابنه الشيخ/ علي الصالح، أو من غيره، +كالشيخ حمود الحسين الشغدلي" و +الشيخ عبدالرحمن بن سليمان الملق" وغيرهما.
مصادر الترجمة
1-"روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين"، لمحمد بن عثمان القاضي، ج1 ص171-178 ط الأولى 1400هـ.
2-"زهر الخمائل في تراجم علماء حائل"، لعلي بن محمد الهندي، ص12، لم يذكر سنة ومكان الطباعة.(1/7)
3-"علماء نجد خلال ثمانية قرون" لعبدالله بن عبدالرحمن البسام ج2 ص462-465، ط دار العاصمة بالرياض ط الثانية 1419هـ.
4-"مشاهير علماء نجد" لعبدالرحمن آل الشيخ.
5-"كتاب أعلام علماء حائل" (1): "الشيخ صالح السالم"، تأليف سعد بن خلف العفنان ط الأولى 1418هـ.
6-"قضاة مدينة حائل" لأحمد بن فهد العريفي، ص69، ط 1415هـ.
7-وغيرها من المراجع المنشورة أو المخطوطة، والمشافهات وخاصة من الأستاذ/ صالح بن علي بن صالح السالم، وابنه الأستاذ / عبدالرحمن، وكذلك الشيخ / عبدالله بن سليمان البنيان حفظه الله المدرس في المعهد العلمي في حائل، وغيرهم.
(ترجمة الناسخ)
هو الشيخ: علي بن صالح بن سالم بن محسن آل بنيان، ولد في +حائل" سنة 1314هـ، في بيت علم ودين، تعلم القرآن الكريم على يد عمر الخطيب المقرئ، ثم على عبدالله بن عبدالرحمن الملق، فحفظ القرآن، وشرع في طل العلم، فدرس على +حمد أبو عرف" و +حمود الشغدلي"، وأخيه سالم الصالح، وعلي ناصر السعد الهويدي، وعبدالله بن بليهد وغيرهم، كان ورعاً زاهداً، وقد خلف أباه على المكتبة والاعتناء بها، وكان +عمر اليعقوب" يستنيبه على إمامة جامع +برزان" والخطابة بعض الأحيان، وقد اشتغل بالتجارة، وطلب العلم أيضاً، وتولى عدداً من الوظائف الرسمية، منها إمام قصر الإمارة، ومديراً لمعهد المعلمين، ومعتمداً لوزارة المعارف، أحيل بعدها للتقاعد عام 1380هـ، ثم تفرغ للعبادة في مسجد أبيه +بلبدة" إلى أن توفي رحمه الله في الثاني من رمضان 1399هـ وكان رحمه الله كثير النسخ للكتب، ورسائل والده وغيرها، وله تاريخ مخطوط موجود في مكتبة الحرم المدني الشريف، ولم أطلع عليه.
مراجع الترجمة:
1- (روضة الناظرين) للقاضي ج1 ص121.
)2- زهر الخمائل) للهندي ص25.
3- (علماء نجد) للبسام ج5 ص209.
)4- سلسلة أعلام علماء حائل) (الشيخ صالح السالم) للعفنان ص81.
5- مشافهات من عائلته الكريمة.(1/8)
6- فتافيت لعبدالرحمن السويداء ج2 ص414، وقد ذكر فيه موقف الشيخ علي الصالح عند غرق مكتبته بالمياه، وهو موقف فريد عظيم في حرص علمائنا على العلم وكتبه، لا يماثله إلا بعض مواقف السلف السابقين رحمهم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
نص الرسالة :
من صالح بن سالم، إلى الإخوان في الله، والمحبين فيه، محمد بن عامر(1)، ومن لديه من إخوانه، وفقنا الله وإياهم لمعرفة الحق وأتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه، آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فالموجب للكتاب هو بلاغكم السلام، والسؤال عن صحة أحوالكم، واستقامة أقوالكم وأفعالكم، جعلها الله أحوالاً وأفعالاً مستقيمة، وعلى لزوم عهد الله وميثاقه مقيمة، والخط(2) يامحمد وصل، وصلنا الله وإياكم بالفقه والبصيرة، وأصلح لنا ولكم العلانية والسريرة، وما ذكرت كان معلوماً، خصوصاً ما ذكرت من أنكم إن شاء الله على المحبة الدينية، والأخوة الإيمانية، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يحقق لنا ولكم أعمال القلوب باستقامة الظاهر، بفعل الأوامر وترك الذنوب، إنه على كل شيء قدير.
وأما ما ذكرت من السؤال عن بيع المزابنة التي وقع النهي عنها، واستفاض ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة والتصريح بأنها ربا، كذلك سؤالكم عن الثنيا التي ورد النهي (عنها) في الحديث، إلا أن تعلم، وكذلك سؤالك عن حكم المساقاة، وما يجوز منها وما لا يجوز، وعن الشروط التي تفسدها وتمنع صحة عقدها.
فنقول وبالله التوفيق:(1/9)
فصل: أعلم أن حقيقة المزابنة(3) كما عرفها الفقهاء وشرّاح الأحاديث هي "بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر". وكذلك لا يجوز إذا كان الرطب في الأرض، قال الإمام مالك رحمه الله في الموطأ: "ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة، وتفسير المزابنة: أنها كل شيء من الجزاف الذي لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده، ابتيع بشيء مسمى من الكيل أو الوزن أو العدد"(4) انتهى. وسواء كان التمر معلوماً، أو مجهولاً، حاضراً، أو غائباً، والعلة في النهي عن بيع المزابنة أن التمر الذي على رؤوس النخل مجهول القدر، والجهل بأحد العوضين أو بهما كالعلم بالتفاضل، والبيع بالتفاضل في كل جنس بيع بجنسه ربا، كما ورد في الحديث الصحيح عن صلى الله عليه وسلم: "... التمر بالتمر.. مثلاً بمثل يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى"(5).
قال في شرح السنة: "والعمل على هذا عند عامة أهل العلم، والعلة في النهي أن المساواة بينهما شرط، وما على الشجر لا يحزر بكيل ولا وزن، وإنما يكون تقديره بالخرص، وهو حدس وظن لا يؤمن فيه من التفاوت، فأما إذا باع بجنس آخر من الثمار على الأرض أو على الشجر فإنه يجوز، لأن المماثلة بينهما غير شرط كما تقدم، والتقابض شرط في المجلس، وقبض ما على الأرض بالنقل، وقبض ما على الشجر بالتخلية، أقول: معنى هذا الكلام أن سبب التحريم هو شبه الربا، وعند مالك أن سبب التحريم معنى القمار، وكلا الأمرين صحيح"(6) انتهى.(1/10)
فقد تبين أن تحريم بيع المزابنة مما اتفق عليه عامة أهل العلم، ووقع الإجماع ممن يعتمد على تحريمه، وأدلة ذلك مذكورة في كتب الأحاديث، وأكثرها في الصحيحين والسنن، وذكر الفقهاء من أهل كل مذهب هذه المسألة ونصوا على تحريمها وأنها من الكبائر، ونصوا أيضاً على تحريم صور من البيع تتفرع عنها أو تشابهها، وسدوا أبواب الوسائل التي تفضي إلى مقاربتها أو الوقوع فيها، وشددوا في ذلك غاية التشديد، حتى أنهم نصوا على تحريم قليل الربا، ولو بين تمرتين إحداهما أكبر من الأخرى، وقد ذكر هذا صاحب الإقناع(7) والمنتهى(8)، وذلك أن الأحاديث أطلقت، ولم تفرق بين الكثير والقليل، بل قد ورد في بعض الأحاديث التي وقع فيها النهي عن بيع الجنس بمثله إلا مثلاً بمثل، "ولا تشفوا"(9)، والإشفاف هي الزيادة القليلة، وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: "فمن زاد أو استزاد فقد أربى"(10)، والزيادة تطلق على القليل والكثير، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "درهم يأكله الرجل من الربا أشد عند الله من ست وثلاثين زنية في الإسلام" رواه أحمد(11).(1/11)
إذا عرفت هذا، عرفت أن خرص النخل أو النخلات عن تمر في ذمة صاحب النخل أنه من المزابنة المنهي عنها، ومن الربا الصريح، وفعل أبناء الزمان، من أهل الجهل والهوى، الذين آثروا دنياهم على رضى مولاهم، وحكموا العادات على طاعة رب الأرض والسموات، لا يغتر إلا من مثلهم، نسأل الله السلامة والعافية، وقد نص العلماء على منع ذلك، ولم أعلم أحداً أجازه، وقد ذكر الإمام مالك رحمه الله تعالى في أبواب الربا هذه المسألة(12)، وقرر رحمه الله تعالى أنها ربا وحرام من وجهين، الأول أنه تصرف في التمر الذي في ذمة المدين ببيعه عليه أو على غيره قبل قبضه، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التصرف قبل قبضه، وفي رواية حتى يجري فيه الصاعان، وهذا تمر لم يقبضن ولم يحص، ولم يجر فيه صاع لأحدهما، فلهذا لا يجوز التعوض عنه بتمر مجهول، للجهل بالتساوي، ولا بتمر معلوم إذا كان أزيد أو أنقص على وجه المعارضة، وأما إذا كان على وجه الإبراء والحط(13) والمسامحة بأقل أو أكثر فلا بأس كما يأتي ذكرها، ولا يجوز أيضا التعوض عنه بذهب ولا فضة أو جنس آخر لمن هو عليه أو لغيره، لما ذكر من النهي عن التصرف بالطعام قبل قبضه(14)، فإن كان سلماً فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن صرف السلم إلى غيره(15)، والوجه الثاني: أن هذا من بيع المزابنة المنهي عنها، وهو بيع التمر بالتمر مجهولين أو أحدهما، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ربا، هذا معنى ما ذكره الإمام مالك رحمه الله تعالى.(1/12)
وقد تقرر أن هذا الفعل من أنواع الربا المحرم، وأن العلماء اتفقوا على تحريمه، وأن هذا أصل مطرد التحريم، لا يخص منه صورة دون صورة، ومن أباح شيئاً من ذلك بلا دليل من كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا قياس، ولا إجماع، فقد افترى على الله وعلى رسوله كذباً وظلم نفسه وتكلف مالا علم له به، وقد قرن الله سبحانه وتعالى بين القول عليه بلا علم وبين الشرك في كتابه، فقال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)(16)، قال بعض السلف "احذروا القول على الله بلا علم فإنه قرين الشرك في كتاب الله تعالى"، وقد ذكر البخاري رحمه الله في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "يا أيها الناس من كان معه علم فليقل به، ومن لم يكن معه علم فليقل الله ورسوله أعلم، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) اهـ(17).
وأما فعل عوام الناس من الجهال والطغام في هذه الأزمان التي قبض فيها العلم، وفشا الجهل، واتبع فيها الهوى، وأوثرت الدنيا، واستهين بطاعة رب الأرض والسماء، وأعجب كل ذي رأي برأيه، واتبع هذا الجنس ما يلقيه الشيطان في وسوسته ووحيه، فلا يغتر بهذا الضرب من الناس وأفعالهم رجلٌ آمن بالله ولقائه وامتلأ قلبه من خوفه ورجائه، فالله المستعان.(1/13)
والعجب أني سمعت بعض المنتسبين(18) (إلى الدين)، يبيح بعض هذه الصور مما تقدم ذكره، فسألته عن ذلك فأقر، وقال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم عرض على غرماء والد جابر لما قتل وأتاه جابر أن يقبلوا ثمر حائطه، وفي بعض روايات الحديث أنه قال: "ليس لكم إلا ما وجدتم"(19)، وهذا من جهله وجرأته وعدم فهمه، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يذهب، ولم يأمر أحداً من أصحابه أن يخرص لكل واحد نخلة أو نخلات عن دَيْنِه المعلوم، وإنما أمرهم أن يقبلوه، ويجذوه، ويقتسموه على قدر حصصهم، فإن بقي من دينهم شيء فهو على حاله أو يسقطوه، وهذا جائز(20)، وهو ظاهر الحديث فإن في بعض ألفاظ البخاري "أن يقبلوا ثمر حائطي ويحللوا أبي"، وحديث جابر حديث صحيح مشهور خرَّجه الجماعة، وترجموا له تراجم متعددة بحسب ما تضمن من الفقه، فقال البخاري رحمه الله في صحيحه "باب إذا قاضه أو جازفه في الدين تمراً بتمر أو غيره"(21) وذكره، وقال أيضاً "باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز"(22)، وكذلك أهل السنن، وسياقهم متقارب، وقال البخاري أيضاً "باب المقاصة والمجازفة: قال وهب بن كيسان أن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أخبره أن أباه توفي، وترك عليه ثلاثين وسْقاً لرجل من اليهود، فاستنظره جابر، فأبى أن ينظره فكلم جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع له (إليه)، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل فمشى فيه ثم قال لجابر: جُدَّ له فأوف له الذي له، فجدَّه بعد ما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوفاه ثلاثين وسقاً، وفضلت له سبعة عشر، فجاء جابر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي كان، فوجده يصلي العصر، فلما انصرف أخبره بالفضل(23)، فقال: أخبر بذلك ابن الخطاب، فجاء جابر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال عمر: لقد علمت حين مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليباركن فيها"(24) وقبل هذا قال البخاري رحمه الله: "باب إذا قضى دون حقه أو حله فهو(1/14)
جائز"، وساق الحديث مختصراً من طريق آخر، لكن فيه شاهداً للترجمة وهو قوله: "فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألهم أن يقبلوا تمر حائطي ويحللوا أبي"، قال (ابن حجر) في فتح الباري على هذه الترجمة: (قال ابن بطال(25): لأنه يجوز أن يقضي دون الحق بغير محاللةٍ، ولو حلله من جميع الدين جاز عند جميع العلماء فكذلك إذا حلله من بعضه، ووجهه ابن المنير(26) بأن المراد: إذا قضى دون حقه برضا صاحب الدين، أو حلله صاحب الدين من جميع حقه فهو جائز"، وقال صاحب الفتح أيضاً على ترجمة "باب قاضه أو جازفه في الدين تمراً بتمر أو غيره"الخ، فقال: "أي عند الأداء فهو جائز"، ثم ذكر كلاماً للمهلب(27) ولفظه: "لايجوز عن واحد من العلماء أن يأخذ من له دين تمر مجازفة في حقه أقل من دينه إذا علم الآخذ ذلك ورضي" انتهى. قال صاحب الفتح: "وكأنه أراد بذلك الاعتراض على ترجمة البخاري رحمه الله تعالى، ومراد البخاري ما أثبته المعترض لا ما نفاه، وغرضه بيان أنه يغتفر في القضاء من المعاوضة مالا يغتفر ابتداءً، لأن بيع الرطب بالتمر لايجوز في غير العرايا، ويجوز في المعاوضة عند الوفاء، وذلك بيّن في حديث الباب، فإنه صلى الله عليه وسلم سأل الغريم أن يأخذ تمر الحائط وهو مجهول القدر في الأوساق التي هي له، وهي معلومة، وكان تمر الحائط دون الذي له، كما وقع التصريح بذلك في كتاب الصلح من وجه آخر، وفيه: "فأبوا ولم يروا فيه وفاءً"، وقد أخذ الدمياطي(28) كلام المهلب فاعترض به، فقال: هذا لايصح، ثم اعتل بنحو ما ذكره المهلب، وتعقبه ابن المنير بنحو ما أجبت به، فقال: بيع المعلوم بالمجهول مزابنة، فإن كان تمراً ونحوه فمزابنة وربا، لكن اغتفر ذلك في الوفاء، لأن التفاوت متحقق في العرف، فيخرج عن كونه مزابنة"(29) انتهى كلام صاحب فتح الباري بحروفه رحمه الله تعالى.(1/15)
قلت: وقد نص فقهاء الحنابلة على جواز ذلك إذا كان على وجه المسامحة والإبراء والحط، فقال في الإقناع وشرحه في أول كتاب الصلح "على جنس الحق مثل أن يقر رشيد له بدين، فيضع عنه بعضه، ويأخذ الباقي، أو يقر رشيد لآخر بعين لفظ الصلح، لأن الأول - أي وضع بعض الدين- إبراء والثاني - أي هبة بعض الدين- هبة يعتبر له شروط الهبة..، ولا يمنع الإنسان من إسقاط بعض حقه أو هبته، كما لا يمنع من استيفائه، لأنه صلى الله عليه وسلم كلم غرماء جابر ليضعوا عنه، وقضية كعب مع ابن أبي حدود(30) شاهدة بذلك، فإن كان بلفظ الصلح لم يصح، لأنه صالح عن بعض ماله بماله، فهو هضم للحق، وقال أيضاً بمثل ذلك: "ويحرم الصلح عن بيع الدين بجنسه إذا كان مثلياً مكيلاً أو موزوناً بأكثر أو أقل على سبيل المعاوضة، لأنه ربا، لأنه ترك له بعض الدين وأخذ الباقي على سبيل الإبراء والحط كما لو أبرأه من الكل، وتقدم" انتهى كلام صاحب الإقناع وشرحه باختصار(31).
وقال في المنتهى وشرحه أيضاً في أول كتاب الصلح: "والصلح في المال قسمان: صلح على إقرار.. وهو نوعان، نوع يقع على جنس الحق مثل أن يقر له بدين أو بعين فيضع بعض الدين كنصفه أو ثلثه أو ربعه ويأخذ الباقي من الدين أو العين فيصح ذلك، لأن جائز التصرف لا يُمنع من إسقاط بعض حقه أو هبته، كما لا يمنع من استيفائه، وقد كلم صلى الله عليه وسلم غرماء جابر أن يضعوا عنه، ولايصح بلفظ الصلح، لأنه هضم للحق، أو يشترط أن يعطيه الباقي كعلى أن تعطيني كذا منه، (أو تعوضني منه كذا)، يقتضي المعاوضة، فكأنه عاوض عن بعض حقه ببعضه، أو يمنعه، أي يمنع من عليه الحق ربه حقه بدونه، أي الإعطاء منه، فلايصح لأنه أكل لمال غيره بالباطل"، وقال بعد ذلك: "ولايصح صلح عن حق بجنسه كعن بر ببر أقل منه أو أكثر على سبيل المعاوضة، لإفضائه إلى ربا الفضل، فإن كان بأقل على وجه الإبراء والهبة صح لا بلفظ الصلح لما تقدم"(32).(1/16)
وقال في الزاد وشرحه في كتاب الصلح أيضاً: "إذا أقر له بدين أو عين، فاسقط عنه من الدين بعضه، أو وهب من العين البعض وترك الباقي، أي لم يبرئ منه ولم يهبه صح، لأن الإنسان لايمنع من إسقاط بعض حقه، كما لايمنع من استيفائه، لأنه عليه السلام كلم غرماء جابر ليضعوا عنه، ومحل صحة ذلك إن لم يقع بلفظ الصلح، فإن وقع بلفظ الصلح لم يصح، لأنه صالح بعض ماله ببعض، فهذا أهضم للحق، ومحله أيضاً: إن لم يكن شرطاه، بأن يقول: بشرط أن تعطيني كذا أو (تعطيني) وتعوضني كذا، ويقبل على ذلك، فلايصح، لأنه يقتضي المعاوضة، فكأنه عاوض عن بعض حقه ببعض، ومحله أيضاً إن لم يمنعه حقه بدونه وإلا بطل، لأنه أكل لمال غيره بالباطل" انتهى باختصار(33)،.وقال أيضاً في عمدة الفقه وشرحها "باب الصلح: ومن أسقط بعض دينه أو وهب غريمه بعض العين الذي له في يده جاز، مالم يجعل وفاء الباقي شرطاً في الهبة والإبراء، أو يمنعه حقه إلا بذلك، وذلك لأن الإنسان لايمنع من إسقاط حقه ولا من استيفائه، قال أحمد: "ولو شفع فيه شافع لم يأثم، لان النبي صلى الله عليه وسلم كلم غرماء جابر ليضعوا عنه، وكلم كعب بن مالك فوضع عن غريمه الشطر"، ويجوز للقاضي فعل ذلك لفعل النبي صلى الله عليه وسلم(34)، ولو قال (للغريم) أبرأتك من بعضه بشرط أن توفيني بقيته، أو على أن توفيني باقيه لم يصح، لأنه جعل إبراءه عوضاً عما أعطاه، فيكون معاوضاً لبعض حقه ببعض، ولايصح بلفظ الصلح، لأن معنى صالحني عن المائة بخمسين، أي بعني، وذلك غير جائز، لما ذكرناه ولأنه ربا"، انتهى(35). وكلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى في المختصر نحو كلام صاحب العمدة، وسياقه قريب منه(36).(1/17)
وقد رأيت رسالة للشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن رحمهم الله تعالى جواباً لسؤال ورد عليه من الشيخ عبدالعزيز بن حسن قاضي "المحمل"(37)، وقد سأله عن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما لما توفي أبوه، وعليه ثلاثون وسقاً من تمر لرجل من اليهود، وفي الحديث "فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلم اليهودي، ليأخذ تمر نخله بالذي له فأبى"، قال السائل: وظاهر هذا إباحة المجهول بالمعلوم بالجنس وهو ممنوع شرعاً"، فأجابه الشيخ عبداللطيف رحمه الله، وذكر له ما تقدم من تراجم البخاري على حديث جابر، وأن في بعض سياقات حديث جابر –كما تقدم-: "فسألهم أن يقبلوا تمر حائطي ويحللوا أبي"، ثم قال الشيخ عبداللطيف رحمه الله: "فإذا عرفت هذا، بطل قول السائل، وظاهر هذا إباحة (بيع) المجهول بالمعلوم في الجنس، فلا جهالة والحالة هذه، لأن الحديث صريح في أن تمر الحديقة دون الثلاثين وسقاً، وإنما بورك فيه لما مشى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول السائل "فهو ممنوع شرعاً" عبارة لا ينبغي أن تورد على الأحاديث النبوية، وهل الشرع إلا ماجاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً فهي فاسدة في نفسها، فإن الاعتياض بالمجهول عن المعلوم في الجنس جائز في غير ربا الفضل إذا حصل له التراضي، لأن المدين إنما يزيد، "وخيركم أحسنكم قضاءً"، ولرب الدين أن يضع من دينه ما شاء، وفي حديث كعب: "ضع الشطر"، وإنما تمنع هذه المسألة لما فيها من ضرر أو غرر من البياعات والمعاملات، هذا ما ظهر لي، وهو المعروف من القواعد الشرعية"، انتهى كلام الشيخ عبداللطيف رحمه الله تعالى(38).(1/18)
قلت: فتبين لك من ألفاظ حديث جابر وتراجم البخاري عليه وكلام الشراح على ذلك وما نص عليه فقهاء الحنابلة في كتبهم إن أخذ صاحب الدين تمراً مجهولاً على رأس النخلة أو في الأرض ممن له عليه تمر معلوم إذا كان المأخوذ أقل من ذلك وأبرأه وحلله أو وهبه الباقي أن ذلك جائز، وأن الإنسان لايمنع من إسقاط حقه، والخرص أو بعضه، فإن كان على غير ذلك لم يجز، ويشمل ذلك صوراً، منها: أن يقع بلفظ البيع والخرص فهذا مزابنة لأنه ربا وقمار كما تقدم عن الإمام مالك رحمه الله، ومنها: أن يقع بلفظ الصلح، وقد عرفا أن النخلة أقل من الدين، لكن قد يكون لصاحب الدين غرض إما لطيب تمر النخلة خوفاً من أنه لا يحصل له عند الجذاذ إلا تمراً ردياً أو يزيد النخلة عرية يخترفها في أول الوقت وله رغبة فيها لأجل الرطب، فيقع الاتفاق بينهما على إن أردت ذلك قبل الجذاذ فخذ هذه دون حقك، وإلا فاصبر إلى وقت الجذاذ، لاسيما إذا كان المدين موسراً، ومنها: أن يقول المدين: لا أعطيك هذه النخلة وهي أقل مما لك علي أن تبرئني أو تحلني أو تضع عني، فهذا لايصح، لأنه أكل لمال غيره بالباطل، أو يقول الغريم أبرأتك من بعضه على أن توفيني هذه النخلة - وهي أقل-، أو هذه الصبرة، فهذا أيضاً لايصح، لأنه جعل إبراءه عوضاً عما أعطاه، وهذا لا يجوز.(1/19)
بقيت مسألة، وهي: إذا كان لصاحب الدين آصع معلومة، وأعطى المدين نخلةً فيها أكثر من ذلك، وأعطاه أو وهبه أو حلله عن الزيادة، فلم أقف على كلام لأحد فيها منصوصاً، إلا ما ذكر الشيخ عبداللطيف، فإنه قال: "فإن للمدين أن يزيد، وخيركم أحسنكم قضاءً، ولرب الدين أن يضع"، -وتقدم-، نعم أباح بعض العلماء صورة، وهي: إذا ساقى صاحب النخل أحداً بجزءٍ معلوم من التمر وبدا صلاح الثمرة، فيباح لكل واحد أن يخرص له نخلة أو نخلات يأكلها، والدليل في ذلك: قصة خيبر، وهو: أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبدالله بن رواحة فيخرص ثمارهم عليهم على النصف(39)، فقد أباحه بعضهم لهذه القصة، ولأن الحاجة ربما تدعو إليه، ومما يدل على جواز ذلك: أن الفقهاء نصوا في باب القسمة على جواز قسم الثمرة خرصاً تمراً، أو رطباً أو عنباً أو زبيباً على رؤوس الأصل ولو قبل بدوِّ صلاحه، ولو بشرط التبقية، واعلم أن الذي ورد الاستثناء لها، وصحت فيها الأحاديث من صور المزابنة، هي في العرايا خاصة(40)، وإنما تباح أيضاً بشروط ذكرها الشراح في الأحاديث، ونص عليها الفقهاء في كتبهم، منها: أن تخرص النخلة بما تؤول إليه خرصاً، ومنها: أن يكون الثمر بالمعلوم الذي وقع عليه العقد عوضاً عن النخلة مقبوضاً في المجلس،ومنها: الحاجة إلى ذلك، فإن لم يكن له حاجة إليها لم يصح، ومنها: أن لا يكون معه نقد يشتري به، ومنها: أن يأكلها رطباً ولا يتركها إلى الجذاذ، فقد أباح النبي(41) صلى الله عليه وسلم العرية، رفقاً بأمته وتيسيراً عليهم، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور،ومنعه بعض العلماء منهم أبو حنيفة رحمه الله، وجعلوه من أقسام المزابنة المنهي عنها، وأوَّلوا أحاديث العرايا بتأويلات بعيدة، والذي حملهم على ذلك أن أحاديث المزابنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها أصل عظيم في تحريم التفاضل بين التمر، وما في معناه من الربويات، وأن الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، وما خالف(1/20)
الأصل فهو مؤول، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، وأن مسألة جواز بيع العرايا مستقل بنفسه، ولا يكون خارجاً عن الأصل، ولهذه الصورة صور تشابهها، كالشفعة والقسامة(42) وغيرها، وخالفت أصولاً، وهي أصول بنفسها، لا يعارض أصل بأصل، بل كلها أصول صحيحة معمول بها يلزم العمل بها.
فصل: وأما الثنيا(43) فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الثنيا إلا أن تعلم، وقد نص الفقهاء على أن استثناء المجهول وصفاً، أو عيناً، أو عدداً، يفسد البيع، وصوروا للصحيحة والفاسدة صوراً، من الصور الفاسدة: بيع الصبرة إلا قفيزاً أو قفيزين، ومنها: بيع الشاة واستثناء شيء من لحمها تحت الجلد فلايجوز، إلا استثناء ما هو ظاهر، كالرأس والأكارع والجلد والآلية (فيجوز استثناؤها)، ومنها: بيع القطيع من الغنم إلا عدداً مجهولاً أو شاة مجهولة، ومثله: العبيد والنخل والشجر والثياب وما أشبه ذلك.
فصل: وأما مسألة المساقاة(44)، واشتراط نخلة أو نخلات لأحدهما، فهذه مساقاة باطلة، نص الفقهاء من الحنابلة وغيرهم على بطلانها، وقد قرر مالك رحمه الله تعالى في الموطأ تحريم ذلك وأنه يبطلها(45)، وسواء كان المستثنى ودياً أو طوالاً، لكن إذا وقعت المساقاة على ودي وحده بنفاهه(46) أو على عيدان بنفاهه، والثمرة للعامل كلها، فقد أجازه بعضهم، فيكون الحاصل عوضاً عن عمله، ومنعه بعضهم كمالك وأصحابه، وقرر أن هذا الفعل إجارة وليست مساقاة، ومن شروط الأجارة أن تكون الأجرة معلومة، فإن كانت مجهولة فسدت، والثمر في هذه الصورة معدوم مجهول، وأما إذا وقعت المساقاة على نخل بجزء معلوم من ثمره ومعه غريس أو عيدان بنفاهه، فقد أبطلوا ذلك أيضاً، ونصوا على أنها مساقاة باطلة، نعم ذكروا أنها تجوز المساقاة على نخل أو شجر بعضه على الثلث وبعضه على الربع والخمس أو أكثر من ذلك أو أقل.(1/21)
هذا ما ظهر لي واطلعت عليه من كلام أهل العلم، والله سبحانه المسؤول أن يجعلنا وإياكم ممن يعرف الحق بدليله، وأن يرزقنا وإياكم العمل به، وسلوك سبيله، والواجب علينا وعليكم القيام مثنى وفرادى، والتفكر فيما خلق الله الخلق لأجله، وأوجبه عليهم من فعل أوامره، وترك زواجره، والغيرة لله عند انتهاء شيء من ذلك، والمجاهرة بعداوة من جاهر بها وهجره ومقاطعته في ذات الله ومن أجله، وأكثر الناس يفعل هذه الأمور يتهاون بها جهلاً بذلك، وهو غير معذور بجهله لإعراضه عن السؤال عما يجب عليه ويحرم، قال الله تعالى: ( فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(47)، والله سبحانه وبحمده أرسل الرسل وأنزل الكتب حجة على خلقه، ومعذرة إليهم، لئلا يقولوا: (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى)(48)، ومن رحمته ورأفته سبحانه بخلقه أن أرسل رسول بلسان قومه، ليبين لهم ويتمكنوا من معرفة ما خوطبوا به من الأمر والنهي، فأبى أهل الجهل والضلال إلا الإعراض عما خلقوا له علماً وعملاً، وصارت الدنيا أكبر همهم ومبلغ علمهم ورضوا بها واطمأنوا إليها، وغفلوا عن آيات الله، قال الله تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ.(1/22)
وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)(49)، وبهذا تعرف أن إعراض أكثر الخلق عن تعلم ما خلقوا له، وصرفهم عن معرفته، والعمل به أنه عدلٌ من الله سبحانه وتعالى، لقوله: (وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ )، فإن الإنسان خلق ظلوماً جهولاً، فإذا أراد الله به خيراً فقهه في الدين، ونقله من الظلم إلى العدل، ومن الجهل إلى العلم فصار عالماً عادلاً، بعد أن كان جاهلاً ظلوماً، وإن أراد به غير ذلك تركه على ما جبل عليه فعاش كذلك، ومات على ما عاش عليه، وبعث على ما مات عليه، وحشر مع أشباهه وأبناء جنسه إلى داره التي خلق لها، وأما من ارتكب المنهيات، أو فرّط في شيء من الواجبات بعد العلم بذلك فهذا جرمه أعظم ومصيبته أكبر، نعوذ بالله من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع. وأكثر الناس بل (حتى بعض) المنتسبين إلى الدين طال عليهم الأمد، فقست قلوبهم، ووقع في قلوبهم وجوارحهم الملل، وظنوا أن التعبد لله سبحانه إنما هو في أول العمر دون آخره، أو سنة من السنن، أو شهر من الشهور، أو يوم من الأيام، والله تعالى يقول: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)(50)، والله سبحانه جامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومجاز كل عامل بما عمل (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(51)، فرحم الله عبداً أصلح ما بينه وبين ربه، وعامل الله ظاهراً وباطناً قبل أن تزل قدمٌ بعد ثبوتها، وقبل (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ)(52)، ونسأل الله سبحانه أن يهدينا وإياكم صراطه المستقيم، وأن يحشرنا جميعاً في زمرة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(1/23)
25شوال 1329هـ، ونقله كاتبه الفقير إلى الله سبحانه علي بن صالح، وحرر في 17شوال 1364هـ.
الهوامش:
1- محمد بن عامر، من أهل الروضة بحائل، عاش فيها فلاحاً طول حياته، وكان له كتّاب لتعليم القرآن، وكان يمتاز بجودة الخط، يكتب المبايعات والعقود بين الناس، وهو خطيب الجامع بالروضة، توفي سنة 1356هـ-1937م، انظر: كتاب "فتافيت" ج1 ص54، وج2 ص521، ومشافهات من آل عامر.
2- المراد بالخط: الرسالة.
3- المزابنة: لغة: الدفع، يقال: زَبَنَت الناقة حالبها: دفعته برجلها، وقيل للمشتري زبون لأنه يدفع غيره عن أخذ المبيع، وسمي بعض الملائكة (زبانية) لدفعهم أهل النار إليها، انظر الصحاح ج5 ص2130 والمصباح المنير ج1 ص383، وغيرها. واصطلاحاً: عرفها الجمهور بأنها: بيع الرطب على النخل بتمر محدود، مثل كيله خرصاً. وعرفها الدرديري من المالكية في كتابه الشرح الكبير ج3 ص60: "بيع مجهول بمعلوم، ربوي أو غيره، أو بيع مجهول بمجهول من جنسه"، وعرفها ابن جزي من المالكية في كتابه القوانين الفقهية ص168: "بيع شيء رطب بيابس من جنسه، سواء أكان ربوياً أم غير ربوي"، وذكر الزيلعي وغيره بأن مثله العنب بالزبيب، وأطلق المالكية بعدم جواز بيع كل رطب بيباس من جنسه لا متفاضلاً ولا مثلاً بمثل، انظر (رد المحتار) ج4 ص109، وحاشية القليوبي على شرح المحلى على المنهاج ج2 ص238، والهداية بشروحها ج6 ص238 وغيرها.
4- الموطأ ج2 ص129 وبحاشية تنوير الحوالك للسيوطي.
5- هذا الجزء من حديث الربا المشهور، رواه الجماعة وغيرهم بألفاظ متقاربة، فرواه البخاري (2/31)، ومسلم (5/42)، ومالك (2/632/40)، والنسائي (2/222)، وأحمد (3/4، 51، 61) ، وغيرهم، وانظر "إرواء الغليل" للألباني ج5 ص188.
6- شرح السنة للحسين بن مسعود البغوي ج8، ص82، بتحقيق زهير الشاويش وشعيب الأرناؤط، المكتب الإسلامي ببيروت ط الثانية 1403هـ.(1/24)
7- الإقناع لأبي النجا موسى بن أحمد المقدسي الحجاوي، انظر كشاف القناع عن متن الإقناع لمنصور البهوتي ج3 ص258.
8- انظر "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنقيح وزيادات" لابن النجار الفتوحي رحمه الله انظر ج1 ص375 وص377.
9- الحديث بتمامه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائباً بناجز" متفق عليه.
10- سبق تخريجه.
11-الحديث عن عبدالله بن حنظلة رضي الله عنه، غسيل الملائكة، وقد رواه أحمد، بإسناد صحيح كما ذكر الألباني في مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي برقم (2825)، ورواه أيضاً الدار قطني، بلفظ: "درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم، أشد من ستة وثلاثين زنية" ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" عن ابن عباس وزاد " من نبت لحمه من السحت فالنار أولى به"، وقد ضعفه الألباني بهذه الزيادة في "ضعيف الدامع" برقم (2970)، والحديث في متنه اختلاف فرواه البيهقي بلفظ "خمس وثلاثين" والطبراني "ثلاثة وثلاثين" وأحمد "ستة وثلاثين".
12-انظر تنوير الحوالك للسيوطي ج2 ص126.
13-في الأصل (الحطيطة).
14-من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" "من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه"، وفي رواية ابن عباس: "حتى يكتاله" متفق عليه، وعن ابن عباس قال: أما الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهو الطعام أن يباع حتى يقبض، قال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله" متفق عليه، وانظر لتفصيل أحكامه "معالم السنن" للخطابي ج2 ص135.
15-ونصه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره قبل أن يقبضه" رواه أبو داود وابن ماجه وغيرهما وضعفه الألباني في الإرواء برقم (1375) ورقم (1385).(1/25)
16- سورة الأعراف آية 33.
17- الآية 86 من سورة ص، وما ذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه ففي صحيح البخاري مع فتح الباري لابن حجر ج8 ص547 برقم 4809.
18 - علق عليه بذكر الشخص المشار إليه هو فلان بن فلان رحمه الله وتركت ذكره لأن المهم الموضوع لا الأشخاص.
19- أخرجه البخاري عن جابر (5/171.46) ورواه بنحوه أبو دواد (2/15) والنسائي (2/127) وأحمد ( 3/313، 365) وغيرهم مطولاً ومختصراً، انظر "إرواء الغليل" ج5 ص251، و"أحكام الجنائز وبدعها" أيضاً للألباني ص29.
20-انظر لأحكام الحديث "إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد ج3 ص144، و "سبل السلام" للصنعاني ج3 ص113، "نيل الأوطار" للشوكاني ج3 ص381.
21-انظر صحيح البخاري مع فتح الباري ج5 ص60 برقم (2396).
22-انظر صحيح البخاري مع فتح الباري ج5 ص59.
23-الفضل: الزيادة.
24-الحديث الوارد في متن الرسالة يختلف عن الأصل الموجود في صحيح البخاري وذلك في بعض ألفاظه، وكذلك عنوان الباب ليس "باب المقاصة والمجازفة" وإنما ما أثبتُّه سابقاً "باب إذا قاص أو جازفه في الدين تمراً بتمر أو غيره"، انظر فتح الباري ج5 ص60، وله رواية أتم في "كتاب الهبة باب إذا وهب ديناً على رجل" انظر فتح الباري ج5 ص224، وفي "كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام" انظر فتح الباري ج6 ص587 رقم 3579.
25-ابن بطال: أبو الحسن علي بن خلف بن بطال البكري القرطبي ثم البلنسي، ويعرف بابن اللجّام من كبار علماء المالكية، أخذ عن أبي عمرو الطلمنكي وابن عفيف وغيرهما، عُني بالحديث والآثار، له شرح على صحيح البخاري في عدة أسفار، توفي سنة تسع وأربعين وأربع مئة، انظر (تهذيب سير أعلام النبلاء) لأحمد فايز المحصي ج2 ص351 رقم 4128.(1/26)
26-ابن المنَيِّر: أبو الحسن زين الدين علي بن منصور بن أبي القاسم بن المختار بن أبي بكر بن علي الجذامي الأسكندري، محدث، ولد في الإسكندرية سنة 629هـ، وتوفي في يوم عيد الأضحى 695هـ، من آثاره شرح صحيح البخاري، والمتوارى عن تراجم البخاري، انظر: (معجم المؤلفين) لعمر رضا كحالة ج7 ص234، و (هداية العارفين للبغدادي ج1 ص714.
27-المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبدالله الأسدي الأندلسي، أحد الأئمة الثقات الفصحاء، ولي قضاء المريَّة، توفي في شوال سنة (435هـ)، انظر (تهذيب سير أعلام النبلاء) لأحمد فايز الحمصي ج2 ص328، برقم 4033.
28-أبو بكر محمد بن يحيى بن عمار الدمياطي، سمع من محمد بن زبان وأبي بكر بن المنذر وأبي عبيد بن حربويه وغيرهم، توفي سنة (384هـ)، انظر: (تهذيب سير أعلام النبلاء) لأحمد فايز ج2 ص224، برقم3604.
29- فتح الباري ج5 ص60.
30- هو: عبدالله بن أبي حدرد واسمه: سلامة، وقيل عبيد، بين عمير بن أبي سلامة بن سعد بن ثيبان بن الحارث ابن قيس الأسلمي، له ولأبيه صحبة، شهد الحديبية ثم خيبر، وله رواية، وقصته مع كعب بن مالك أنه تقاضى ديناً كان له عليه فارتفعت الأصوات في المسجد فسمعهما النبي صلى الله عليه وسلم، الحديث، وهو في البخاري، انظر للترجمة (الإصابة) لابن حجر ج2 ص286، وللحديث انظر (فتح الباري) لابن حجر ج5 ص73 باب كلام الخصوم بعضهم في بعض.
31-لم يذكر أي شروحه، لكن المشهور منها "كشاف القناع عن متن الإقناع" لمنصور البهوتي، وقد وجدت الكلام بمعناه ج3 ص391 وص394.
32-لعله يريد (المنتهى) للفتوحي، كما وجدته باختصار في (منتهى الإرادات) لابن النجار الفتوحي وشرحه لمنصور البهوتي ج2 ص262.
33-الروض المربع مع حاشية ابن قاسم ج5 ص130.
34-كما في صحيح البخاري مع فتح الباري ج5 ص56 رقم 2390 و2392 و2393.
35-العدة شرح العمدة لبهاء الدين المقدسي ص247، والعمدة للحافظ موفق الدين ابن قدامة رحمه الله.(1/27)
36-المراد بالمختصر (مختصر الإنصاف والشرح الكبير) للإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله ص348.
37-عبدالعزيز بن حسن بن عبدالله آل حسن الفضلي القحطاني، أخذ عن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ وابنه عبداللطيف وكان كثير المراسلة للشيخ عبداللطيف يستفتيه، ألزم بقضاء بلدان المحمل قرب بلدان الشعيب ثادق، توفي في ملهم سنة 1299هـ. انظر في ترجمته (علماء نجد خلال ثمانية قرون) لعبدالله البسام ج3 ص312.
38- نص الرسالة في "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" لابن قاسم ج6 ص200-202.
39-انظر تفصيل الحديث ومسائله في (فتح الباري) كتاب الحرث والمزارعة ج5 ص10.
40-العريا: جمع عرية، والعرية هي النخلة، وفي الأصل: عطية ثمر النخلة، سميت بذلك لأنها أعريت من أن تخرص في الصدقة، والعرايا: بيع الرطب على النخل خرصاً بمثل ما يؤول إليه الرطب إذا يبس وكان تمراً يابساً لا أقل ولا أكثر كيلاً، فيها دون خمسة أوسق لمحتاج لرطب ولا ثمن معه. انظر لأحكامها: الروض المربع بحاشية ابن قاسم ج4 ص509، وهداية الراغب شرح عمدة الطالب لعثمان النجدي ص331، وشرح الزركشي ج3 ص474 رقم 1872، و (الأم) للشافعي ج3 ص47، ومنح الجليل شرح على مختصر خليل لمحمد عليش ج5 ص281، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القرطبي ج2 ص381، والشرح الكبير لشمس الدين ابن قدامة المقدسي ج2 ص423، ونيل الأوطار للشوكاني ج3 ص309، وسبل السلام للصنعاني ج3 ص87، وغيرها.
41- في الأصل ".. أباح العرية الشارع وصلوات الله..." والعبارة صحيحة لأن السنة تشريع كالقرآن لكني عدلتها حتى لا يلتبس الأمر على القراء.
42- الكلمة غير واضحة، ولعلها "القسامة" وانظر للقسامة وأحكامها كتاب "القسامة في الفقه الإسلامي" لمحمد بن إسماعيل البسيط ط مؤسسة الرسالة ببيروت ط الأولى 1401هـ.(1/28)
43- الحديث رواه جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة والثنيا إلا أن تعلم" رواه النسائي في سننه 7/296 والترمذي وصححه في سننه 4/511 برقم 1308 وسنن الدارقطني 3/48، وابن حبان، ورواه أيضاً مسلم 10/195، وأحمد 3/313، وأبو داود 3404، وغيرهم. والمقصود بالثنيا: أي الاستثناء من المبيع عند بيعه، وللمزيد من أحكامه انظر: شرح الزركشي على الخرقي ج3 ص516، ونيل الأوطار للشوكاني ج3 ص248 وتنوير الحوالك للسويطي ج2 ص126، وسبل السلام للصنعاني ج3 ص36، والسلسبيل حاشية الزاد لصالح البليهي ج2 ص35 والمنتقى لمجد الدين أبي البركات بن تيمية تحقيق الفقي ج2 ص2802، والأفنان الندية لزيد المدخلي ج4 ص37، وبداية المجتهد لابن رشد القرطبي ج2 ص279، وغيرها.
44-المساقاة: لغة مأخوذة من السقي لأنه أهم أمرها، وشرعاً: دفع شجر له ثمر مأكول إلى آخر ليقوم بسقيه وما يحتاج إليه بجزء معلوم من ثمره. ولمزيد من أحكامه انظر: نيل الأوطار للشوكاني ج3 ص7 وسبل السلام للصنعاني ج3 ص165، وتنوير الحوالك للسيوطي ج2 ص185 وفتح الباري ج5 ص3، وروضة الطالبين للنووي ج4 ص227، وشرح الزركشي على الخرقي ج4 ص208، ومنح الجليل على مختصر خليل لمحمد عليش ج7 ص384، والمعونة للقاضي عبدالوهاب المالكي ج2 ص1131، والأم للشافعي ج4 ص11 وبداية المجتهد لابن رشد القرطبي ج2 ص431 والفروع لابن مفلح ج4 ص406، وغيرها.
45-الموطأ للإمام مالك رحمه الله تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي ج2 ص540.(1/29)
46-ومراده رحمه الله بالودي على فعيل: صغار الفسيل، الواحدة وديَّة، انظر الصحاح للجوهري ج6 ص2521 ط دار العلم للملايين بيروت ط الثانية 1399هـ وأما الطوال فالمراد كبار النخل فالطوال بالضم: الطويل، يقال طويلٌ وطُوال، فإذا أفرط في الطول قيل طُوَّالٌ بالتشديد، والطِوال بالكسر: جمع طويل، والطَوال بالفتح، من قولك: "لا أكلمه طوال الدهر وطول الدهر، بمعنى، انظر الصحاح للجوهري ج5 ص1754. والمراد (بنفاهه): النفاة: واحدة النفإ، وهي قطعٌ من النبت من عظم الكلأ، مثال: صبرة وصبر، انظر الصحاح للجوهري ج1 ص78.
47-النحل آية 43.
48-طه آية 134.
49-الأنفال آية 23.22.
50-الحجر آية 99.
51-الشعراء آية 227.
52-الزمر آية 56.
الرسالة الثانية :
رسالة في بعض البيوع المنهي عنها
تأليف
سليمان بن عطية المزيني رحمه الله
(1317) هـ-(1363هـ)
)وصف رسالة الشيخ سليمان بن عطيه(
من خلال فهرست مكتبة آل يعقوب الموجودة في مكتبة المعهد العلمي في حائل، والتي قمت بفهرستها وتنظيمها والعناية بها، من المخطوطات والمطبوعات، وذلك بجهد فردي رغم قلة الإمكانات وضعف الدعم المادي والمعنوي، أسأل الله عز وجل أن يجعله خالصاً لوجهه سبحانه ثم خدمة للعلم وأهله. فإني وجدت رسالة صغيرة بلا عنوان تشتمل على بعض منكرات الأسواق في البيوع للشيخ سليمان بن عطية رحمه الله، أحد علماء حائل المعروفين، فوجدتها مناسبة للرسالة السابقة، فاستحسنت نشرهما معاً، لعل الله عز وجل أن ينفع بهما، وأن أنال الأجر معهما، لأن الدال على الخير كفاعله، والرسالة مؤرخة سنة 1340هـ، وبلا عنوان، فقمت بتحقيقها، وعنونت لها بـ"رسالة في بعض البيوع المنهي عنها".(1/30)
وهي رسالة صغيرة جداً فعدد صفحاتها (12) صفحة في وريقات صغيرة مقاسها (18×12)، وحبرها شبه مطموس لوقوعها في الماء، فلذلك عمدت إلى نسخها كاملة ولم أصورها، مع صعوبة قراءتها حيث انمحى كثير من كلماتها، وقد نسخها صالح بن علي الطويرب رحمه الله، سنة 1340هـ، والرسالة موجزة في أحكامها بلا أدلة، فتحتاج مسائلها للتوسع في البحث سواء في كتب الفقه أو الحديث أو الحسبة أو غيرها،ولكن لأن المقام تحقيق للرسالة وليس شرحها، فلذلك اقتصرت على إحالة المسائل لمظانها، وخاصة كتب الفقه الحنبلي الذي عليه مذهب المؤلف، هنا أشكر أستاذي الفاضل الأديب/ عبدالله بن سليمان آل عطية حفظه الله، على عظيم فضله وتكرمه بالاطلاع على الرسالة وإذنه لي بنشرها، فجزاه الله كل خير، وبارك في ذريته، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على عبده ورسوله وسلم تسليماً كثيراً.
ترجمة المؤلف
*نسبه: هو العالم الجليل والفقيه المتبحر والشاعر الأديب المتفنن، كما وصفه محمد القاضي، الشيخ/ سليمان بن عطية بن سليمان المزيني.
*مولده: ولد في حائل سنة 1317هـ كما ذكر لي أستاذي ابنه الأديب الأستاذ/ عبدالله، وذكرت بعض المراجع أنه ولد سنة 1313هـ.
*نشأته: نشأ رحمه الله في بيت علم ودين، فأبوه الشيخ عطية بن سليمان (ت1330هـ)، فتربى أحسن تربية وقرأ القرآن على المقرئ شكر بن حسين، وجوده ثم حفظه عن ظهر قلب، وصار يدارسه القرآن وقرأ عليه مهمات المتون حفظاً وهو يشرحها له.
*طلبه للعلم: جد وشرع في طلب العلم فقرأ على علماء حائل والوافدين عليها، ومن أبرزهم: الشيخ عبدالله بن مسلم التميمي من أهل بلد "الحلوة" تولى القضاء في "حائل"، والشيخ عبدالله بن سليمان آل بليهد، من قضاة حائل، والشيخ عبدالله بن صالح الخليفي، وغيرهم.(1/31)
*صفاته: كان رحمه شديد التواضع، سريع البديهة، قوي الحافظة، حاد الذكاء، كثير المطالعة، لا يسأم منها، وخصوصاً في كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم، وكتب الأدب ودواوين الشعراء، فانتفع منها انتفاعاً كثيراً، مع حرصه على جمع الكتب، حتى صارت عنده مكتبة كبرى مما جمعه أو ورثه عن أبيه وتحوي فنوناً عديدة، ثم تفرقت بعد وفاته، وأخذ أكثرها "حمد الشبل"، في الرياض.
وكان الشيخ سليمان عفيف اللسان، كثير النفع في العلوم الشرعية واللغوية. جلس للتدريس، فجلس عنده خلق كثير، وكان زاهداً في الدنيا، فاضلاً نبيلاً ورعاً، رشح للقضاء فامتنع، وكان كثير التلاوة يقوم الليل، مع محبة الناس له.
*مؤلفاته: الشيخ سليمان من المكثرين من التأليف في حائل، وأغلب مؤلفاته نظم وقصائد، من أهمها: نظم زاد المستقنع للحجاوي نحو ثلاثة آلاف بيت سماه (روضة المرتاد في نظم متن الزاد)، وهو مطبوع بتحقيق الأستاذ/ عبدالرحمن الرويشد، وقد اثنى على هذا النظم جمع من علماء نجد وغيرهم، وله أيضاً نظم كتاب المعاملات من (دليل الطالب) لمرعي الكرمي سماه (الحائلية)، وله منسك نظمه بأبيات قيمة، وله نظم في القواعد الفقهية على مذهب الحنابلة، وله أرجوزة طويلة في اختيارات له في الفقه، وألغاز له في الفقه والفرائض مع جوابها نظماً، وله منظومة في البروج والنجوم، وكان رحمه الله له معرفة بعلم الفلك، كما أنه مرجع في التاريخ وحوادث نجد ووفيات أعيانها، وكان يقيد ما يمر عليه من الحوادث والفوائد، كما أن له معرفة بالأنساب وخاصة أنساب قبائل نجد، غير القصائد التي كان يقولها في المناسبات العامة.
*وفاته: مرض مرضاً شديداً، وطال به إلى أن توفي رحمه الله سنة 1363هـ في حائل، وخلف ثلاثة أولاد: عطية وعبدالله ومحمد، وقد شيعه خلق عظيم، وكان عمره عند وفاته (46) سنة.
مصادر الترجمة(1/32)
1-(روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين) لمحمد بن عثمان القاضي ج1 ص133 ط الأولى 1400هـ نشر مصطفى البابي الحلبي وشركاه بمصر.
2-(علماء نجد خلال ثمانية قرون) لعبدالله بن عبدالرحمن البسام ج2 ص364 ط الثانية، دار العاصمة بالرياض 1400هـ.
3-(زهر الخمائل في تراجم علماء حائل) لعلي الهندي ص13-20.
4-(الأعلام) للزركلي ج3 ص130.
5-(ذيل الدر المنضد) لجاسم الدوسري ص104، والدر المنضد أصله للشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله، ط الأولى 1410هـ، دار البشائر الإسلامية ببيروت- لبنان.
6-وغيرها من المراجع المكتوبة، ومشافهات وخاصة من أستاذي الفاضل/ عبدالله بن سليمان آل عطية، حفظه الله ورعاه.
(ترجمة الناسخ)
هو الشيخ/ صالح بن علي الطويرب، ولد بعنيزة عام 1333هـ، ثم انتقل مع والده إلى حائل، فتعلم بها وخاصة على/ عبدالله الصالح الخليفي، وسافر معه إلى الجوف حينما عين الشيخ الخليفي قاضياً بها، وقد نسخ الطويرب كتباً كثيرة، كان فقيهاً يحب البحث والمطالعة، وهو من الرعيل الأول من رجال التعليم النظامي في حائل، وتحمل في سبيل نشر العلم المشاق الكثيرة، حتى وصل إلى القرى والهجر، وقد عين مديراً للمدرسة السعودية بمدينة حائل، ثم صار وكيلاً لمعتمد المعارف أيام الشيخ ابن مانع، ثم مديراً لمدرسة العزيزية في مدينة حائل، حتى أحيل إلى التقاعد، وبقي في حائل إلى أن توفي رحمه الله في صفر سنة (1417هـ).
(مراجع الترجمة)
1-زهر الخمائل للهندي ص28.
2-فتافيت لعبدالرحمن السويداء ج2 ص580.
3-مشافهات من عائلته الكريمة وخاصة ابنه الفاضل الأستاذ/ عبدالقادر بن صالح الطويرب وفقه الله.
نص الرسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسّر ولا تعسر:
الحمد له رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:(1/33)
فالواجب علينا معاشر المسلمين امتثال أمر الله تعالى، واجتناب نواهيه، والتواصي بذلك، والحث عليه، كما قال تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )(1)، وأقسم (عليه) سبحانه في محكم كتابه (فقال تعالى): (إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)(2)، وتعبدنا بالتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، فقال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(3)، وقال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر)(4)، وقال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(5)، وقد لعن بنو إسرائيل على لسان أنبيائهم حين تركوا ذلك، وأهملوا أمره، كما قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ . كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)(6)، وقال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"(7)، والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة، والقصد الإشارة إلى ما نحن بصدده، فتبين بهذا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا رخصة لأحد في تركهما مع الاستطاعة والإمكان.(1/34)
وإن من أعظم المنكرات التي يجب على المسلمين اجتنابها، والإنكار على فاعلها: ما يجري في هذه الأسواق من إقرار البيوعات الباطلة المفضية للربا والمخادعات والغش، فالتحايلات فيما بين البائعين والمشترين مما ذاع وشاع وملأ الأسماع بغير نكير لذلك، ولا أمر بتركه، وقد أجمع العلماء على أنه لايجوز فعل شيء حتى يعلم ما حكم الله فيه، وقد بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه من يقيم في الأسواق من لم ينفقه في أحكام البيع والشراء(8)، والله المستعان، فإنه تجري معاملات باطلة محرمة في شريعتنا مشاهدةً جهاراً.
فمن أعظمها: ما يفعله(9) كثير من الدلالين وأهل السمسرة، الذين يتلقون الأعراب وغيرهم، ليشتروا لهم، أو يبيعوا لهم، فإذا أراد البدوي أن يشتري سلعة أتى ذلك الدلال إلى رب السلعة، وقال: اجعل لي منها شيئاً وأنا أشير على البدوي أن يشتريها بأزيد من قيمتها فيجعل ذلك له، فيشتريها له على هذا الأسلوب المحرم، فجمع بين تغرير أخيه المسلم،وغشه، وأكل ماله بغير حق، فهذا من أعظم المنكرات التي يجب اجتنابها، والإنكار على متعاطيها.
ومنها: ما يفعله كثير من المتبايعين بالإبل(10) من المخادعة للجالب والتغرير به، مثاله: إذا اشتروا منه بعيراً ورأوا أن فيه عليهم خسارة ادعوا فيه عيباً ليس فيه، فيشهد بعضهم لبعض مكراً وتحايلاً على البائع فيحلفون له بالأيمان الكاذبة، حتى يردوه عليه أو يضع عنهم من ثمنه، وهذا من جنس الذي قبله، يجب الإنكار على فاعله وتأديبه من ولاة الأمور، ولا تقبل شهادته حتى يتوب.
ومنها: ما يفعله كثير من التجار من بيعتين في بيعة(11)، مثاله: بعني كذا على أن أبيعك كذا، ويقول للبدوي أو غيره: أشتري منك السمن الصاع مثلاً بكذا على أن تشتري مني السلعة الفلانية، أو تشتري مني حوائجك، فهذا حرام، ولايصح معه عقد، بل هو باطل يجب إنكاره.(1/35)
ومنها: ما يفعله كثير منهم من البيع، والجمع بين بيع وصرف(12)، فيقول: بعتك كذا على أن تأخذ الليرة بكذا وأشتري منك كذا بكذا، على أن تأخذ مني بكذا، فهذا حرام، ولايصح معه عقد، فهو مما يجب الإنكار على فاعله.
ومنها:(13) ما يفعله كثير منهم من المصارفة في الذمة بالذمة، مثاله: أن يبيع عليه سلعة بمائة ريال، ثم يقول مائة ريال الليرة عشرة ريالات عثماني هي عليك عشر ليرات، فلاتصح تلك المصارفة ذمة بذمة، وإن أحضر الليرات مثلاً وصارفه بها عما ذمته وقبضها في المجلس بتمامها صح، وإن لم يقبضها بتمامها صح في المقبوض فيها لذلك.
ومنها: ما يفعله(14) كثير منهم من المداينات والسلم، من كونه يبيع عليه سلعة، أو يقدر ثمنها فيقول: هي مثلاً بمائة ريال وأن المائة عليك سلماً بكذا، وكذا عليك حباً وتمراً، ونحوه، فهذا باطل سلمه، ليس له إلا رأس ماله وهي من باب (بيع) الدين بالدين، كأن يكون عليه ديناً سابقاً سلماً لايصح.
ومنها: ما يفعلونه في الرهن(15) في قولهم: ورهنته جملة، أو جميع ما يملك فهذا باطل.
ومنها: ما يفعلونه(16): يبيع أحدهم سلعة على إنسان ديناً، ثم يشتريها منه أقل مما باعه قبل أن يقبض ثمنها، فهذا من بعض صور العينة المحرمة.
ومنها: أن(17) يشتري منه ما ليس يملك، مثاله: أن يشتري هذا البعير، الذي ليس هو في ملك واحد منهما، فيبيعه عليه قبل أن يدخل في ملكه، ثم يشتريه له بعد ذلك، فهذا العقد باطل، وإن وجدوا العقد بعد شرائه من ربه الأول صح.
وأما ما يفعلونه(18) من المرابحة بلفظ العشر أحد عشر أو اثني عشر، فمكروه عند أئمتنا، بل الأولى والأحسن أن يعرف رأس ماله، مثلاً مائة، الربح مثلاً عشرين، فيقول بمائة وعشرين، فهذا حسن وأولى.(1/36)
ومنها: ما يفعلونه(19) مع الجزارين في سلم اللحم يسلمه مثلاً- شهراً بكذا دراهم، على أن يدفع إليه كل يوم عضواً ولحماً بلا ضبط بوزن ونحوه، فهذا لايصح، ولايجوز تعاطيه، فإنه لايجوز إلا أن يكون مضبوطاً بوزن معين، ويعين موضع القطع كفخذ وجنب ونحوه، ويعيّن نوع الحيوان وسنه وسمينه وهزيله، وبشروط لايختلف به المسلم فيه، وبدون ذلك فلايجوز، والعقد باطل، ومتعاطيه آثم مخالف، مصر على عصيانه إذا علم التحريم فلم ينته كمن يسلم في مالا ينضبط، كالجلود ونحوها.
ومن أنواع المنكرات(20): ما يفعله كثير من الجزارين وغيرهم من بيع جلود الحيوان قبل ذبحه، يساومون عليها في الأسواق بلا نكير لذلك، وهذا محرم لايصح، ولاينعقد به بيع، كبيع وصرفه، والحالة هذه، وقد اغتر كثير في بلادنا في هذه المسألة فقاسوها على مسألة الاستثناء، ولاينبغي ذلك القياس، والتخرص بالآراء من دون تحقيق للمسائل، لأنه قول على الله بلا علم، أما الاستثناء فقد نص الفقهاء عليه رحمهم الله، إذا باع حيواناً واستثنى جلده ونحوه من الظاهر منه فلا بأس، وأما إفراد عضو من أعضائه ببيع وهو حي فقد منعوه، فليتجنب ذلك، وأن ينكر على فاعله.(1/37)
فهذه الأمور وأمثالها موجودة في الأسواق فعلى المسلمين اجتنابها، والإنكار على فاعلها، فإن المحسن شريك المسيء إذا لم ينهه، فاتقوا الله عباد الله، واشكروا مولاكم على ما أعطاكم من نعمه وأولاكم، وتناصحوا بينكم، وبينوا ولا تكتموا، وبروا، واصدقوا، ولا تكذبوا، تكثر لكم البركات، وتدفع النقمات، فقد قال نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار مالم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما"(21)، وقال صلى الله عليه وسلم: "اليمين مَنفَقة للسلعة ممحقة للبركة والكسب"(22)، وقال صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا"(23)، وحرم صلى الله عليه وسلم النجش(24)، وهو: أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها(25)، وبيع المسلم على بيع أخيه(26)، كأن يقول عندي لك أرخص مما اشتريت، أو آخذها منك أغلى مما بعت، فهذه الأنواع كلها محرمة بين المسلمين، وفقنا الله وإياكم للقول الحق والتواصي به، والتعاون عليه، إنه على مايشاء قدير(27)، وبالإجابة جدير،ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
1340هـ إملاء الفقير إلى مولاه سليمان بن عطية بن سليمان.
(إن تجد عيباً فسد الخللا * * * جل من لا عيب فيه وعلا).
بقلم الفقير الذليل إلى ربه الملك الجليل/ صالح العلي الطويرب.
في ملك الله تعالى ثم الفقير، الحقير، المقر في ذنب وتقصير، محمد بن عبدالقادر بن سيف، غفر الله له ولوالديه آمين سنة 1349/5 ذي الحجة.
إن تجد عيباً فسد الخللا * * * جل من لا عيب فيه وعلا
نعيب زماننا والعيب فينا * * * وما لزماننا عيب سوانا
سجنت بها وأنت لها محب * * * فكيف تحب ما فيه سجنتا
فلا تله بدارٍ أنت فيها * * * تفارق منها يوماً ما لهوتا(28)
وتطعمك الطعام وعن قريب * * * ستطعم منك ما منها طعمتا
الهوامش:
1- سورة المائدة آية (2).
2- سورة العصر آية (2).(1/38)
3- سورة آل عمران آية (104) وفي أصل الرسالة كتبت الآية خطأ (الخيرات) بدلاً من (الخير).
4- سورة آل عمران آية (110).
5- سورة التوبة آية (71).
6- سورة المائدة آيتا (78، 79).
7- الحديث رواه البخاري في كتاب العلم، ومسلم في كتاب الغيمان 2/22021، وأبو داود في باب الأمر والنهي رقم (4340)، ابن محاجه في كتاب الفتن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رقم 4013، والترمذي والنسائي وأحمد والدارمي وغيرهم.
8- يريد بذلك إقامة أهل الحسبة في الأسواق وغيرها، وهذا موجود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يقوم بذلك بنفسه، وكذلك قام به أبو بكر رضي الله عنه، وغيره من خلفاء المسلمين انظر على سبيل المثال: رسالة الحسبة لابن تيمية، والأحكام السلطانية للماوردي، ولأبي يعلى الفراء الحنبلي، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للخلال، وغيرها.
9- ما يسمى عند القهاء بتلقي الركبان، انظر: منتهى الإرادات لابن النجار مع حاشية ابن قائد النجدي ج2 ص305، والمغني لابن قدامة تحقيق التركي والحلو ج6 ص308، والإقناع لابن قدامة تحقيق التركي ج2 ص208، والعدة لبهاء الدين المقدسي ص216، والإفصاح لابن هبيرة ج1 ص353.
10- انظر: المقنع لابن قدامة ومعه الشرح الكبير لأبي الفرج ابن قدامة، والإنصاف للمرداوي تحقيق التركي ج11 ص366، والكافي لابن قدامة ج3 ص123 تحقيق التركي، والموسوعة الفقهية الكويتية ج9 ص100، والإفصاح لابن هبيرة ج1 ص360.
11- بيتين في بيعة، انظر: العدة للمقدسي ص216، والإقناع للحجاوي ج2 ص192، والغني لابن قدامة ج6ص333،ومنتهى الإرادات لابن النجار وبحاشية ابن قائد ج2 ص289، والإفصاح لابن هبيرة ج1 ص361، والكافي لابن قدامة ج3 ص59، والمقنع لابن قدامة ومعه الشرح الكبير لعبدالرحمن بن قدامة والإنصاف للمرداوي ج11 ص220، والموسوعة الكويتية ج9 ص264.(1/39)
12- الجمع بين بيع وصرف، انظر: المقنع لابن قدامة ومعه الشرح الكبير لأبي الفرج والإنصاف للمرداوي ج11 ص160، والكافي لابن قدامة ج3 ص41، ومنتهى الإرادات لابن النجار بحاشية ابن قائد ج2 ص358، والمغني لابن قدامة ج6 ص335، والإقناع للحجاوي ج2 ص258.
13- المصارفة في الذمة، انظر: العدة للمقدسي ص240، والإقناع للحجاوي ج2 ص240، والإقناع للحجاوي ج2 ص260، والمغني لابن قدامة ج6 ص100، ومنها الإرادات لابن النجار بحاشية ابن قائد ج2 ص362، والإفصاح لابن هبيرة ج1 ص337، والمقنع لابن قدامة ومعه الشرح الكبير لأبي الفرج والإنصاف للمرداوي ج12 ص119.
14- انظر المقنع لابن قدامة ومعه الشرح الكبير لأببي الفرج والإنصاف للمرداوي ج12 ص217، والكافي لابن قدامة ج3 ص153، والإفصاح لابن هبيرة ج1 ص363، ومنتهى الإرادات لابن النجار وبحاشية ابن قائد ج2 ص381، والمغني لابن قدامة ج6 ص385، والإقناع للحجاوي ج2 ص290، والعدة لبهاء الدين المقدسي ص234.
15- انظر المغني لابن قدامة ج6 ص445، ومنتهى الإرادات لابن النجار بحاشية ابن قائد ج2 ص403، والإفصاح لابن هبيرة ج1 ص369،والمقنع لابن قدامة ومعه الشرح الكبير والإنصاف ج12 ص360، والعدة للمقدسي 246، والإقناع للحجاوي ج2 ص310.
16- بيع العينة وصوره، انظر: المقنع لابن قدامة ومع الشرح الكبير والإنصاف ج12 ص191، والكافي لابن قدامة ج3 ص40، والإفصاح لابن هبيرة ج1 ص359، والموسوعة الفقهية الكويتية ج9 ص95.
17- انظر: الكافي لابن قدامة ج3 ص15، والمقنع لابن قدامة ومعه الرح الكبير لأبي الفرج والإنصاف ج11 ص60، ومنتهى الإرادات لابن النجار بحاشية ابن قائد ج2 ص258، والمغني لابن قدامة ج6 ص296.(1/40)
18- انظر: المغني لابن قدامة ج6 ص266، والإقناع للحجاوي ج2 ص225، والفروع لابن مفلح ومعه تصحيح الفروع للمرداوي ج4 ص117، والروض المربع للبهوتي بحاشية العنقري ج2 ص91، والعدة شرح العمدة للمقدسي ص231، والمقنع لابن قدامة ومعه الشرح الكبير والإنصاف ج11 ص439، ومنتهى الإرادات لابن النجار بحاشية ابن قائد ج2 ص322، والكافي لابن قدامة ج3 ص135.
19- انظر: الإفصاح لابن هبيرة ج1 ص364، والكافي لابن قدامة ج3 ص156، ومنتهى الإرادات لابن النجار بحاشية ابن قائد ج2 ص382، والمقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف ج12 ص220، والعدة للمقدسي ص235، والفروع لابن مفلح ومعه تصحيح الفروع للمرداوي ج4 ص173.
20- انظر: الإقناع للحجاوي ج2 ص173، والمغني لابن قدامة ج6 ص174، والفروع لابن مفلح ج4 ص28، والروض المربع للبهوتي بحاشية العنقري ج2 ص40، والمقنع لابن قدامة ومعه الشرح الكبير والإنصاف ج11 ص124.
21- رواه البخاري في البيوع 3/83-84، ومسلم في البيوع 3/1163-1164، وأبو دواد في الإجارة 2/245.244، والترمذي في البيوع، والنسائي في البيوع، وابن ماجة في التجارات 2/736، وموطأ مالك في البيوع 2/671، والمسند لأحمد 1/56-2/9-73.
22- رواه البخاري في صحيحه في كتاب البيوع برقم (2087)، ورواه مسلم في صحيحه في كتاب الصدقات (1606)، وغيرها.
23- رواه مسلم في الإيمان 1/99، وأبو داود في البيوع 2/224، والترمذي في البيوع، وابن ماجه في التجارات، والدارمي في البيوع 2/248، والمسند لأحمد 2/417.242.50، وغيرهم.
24- رواه البخاري في البيوع والحيل 3/91، 9/31، ومسلم في البيوع 3/1156، والنسائي في المجتبى في كتاب البيوع 7/227، وابن ماجه في التجارات 2/734، وموطأ مالك في البيوع 2/684، والمسند لأحمد 2/319.156.108.63.7.(1/41)
25- انظر: المقنع ومعه الشرح الكبير والإنصاف ج11 ص339، والإفصاح لابن هبيرة ج1 ص354، والروض المربع للبهوتي بحاشية العنقري ج2 ص79، والفروع لابن مفلح ج4 ص96.
26- البيع على بيع أو شراء أخيه المسلم: انظر: المغني لابن قدامة ج6 ص305ـ والإقناع للحجاوي ج2 ص182، والفروع لابن مفلح ج4 ص45، والموسوعة الفقهية الكويتية ج9 ص118، والمقنع لابن قدامة ومعه الشرح الكبير لأبي الفرج ابن قدامة والإنصاف للمرداوي ج11 ص117.
27- الصواب (إنه على كل شيء قدير) كما في القرآن والسنة، انظر (ألفاظ ومفاهيم) للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ص25، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي رحمه الله تحقيق التركي والأرنؤوط ج1 ص78-84.
28- البيت مكسور في اشكر الثاني، وقد ذكر الأستاذ / عبدالله البنيان، حفظه الله، المدرس في المعهد العلمي في حائل، بأن صوابه (تفارق من بها يوماً لهوتا).
المراجع الرئيسة
1- الأعلام لخير الدين الزركلي، ط الثانية، لم تذكر اسم المطابع وسنة الطبع.
2- الإقناع لأبي النجا الحجاوي تحقيق الدكتور عبدالله التركي، ط دار هجر بمصر - الأولى 1418هـ.
3- الإفصاح للوزير ابن هبيرة الحنبلي، نشر المؤسسة السعيدية بالرياض –الأولى 1398هـ.
4- الدر المنضد لعبدالله بن حميد ومعه تذييل جاسم الفهيد ط الأولى 1410هـ - دار البشائر الإسلامية ببيروت.
5- زهر الخمائل في تراجم علماء حائل لعلي الهندي.
6- روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين لمحمد بن عثمان القاضي ط الأولى 1400 مطبعة الحلبي بمصر.
7- الروض المربع لمنصور البهوتي بحاشيته لعبدالله العنقري ط مكتبة الرياض الحديثة 1390هـ.
8- علماء نجد لعبدالله البسام ط النهضة الحديثة بمكة ط الأولى 1398هـ.
9- العدة شرح العمدة لبهاء الدين عبدالرحمن بن إبراهيم المقدسي ط مكتبة الرياض الحديثة - الرياض.
10- سنن ابن ماجه، محمد بين يزيد القزويني، ط الحلبي بالقاهرة 1964م.(1/42)
11- سنن أبي داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، ط دار إحياء التراث العربي ببيروت.
12- سنن الدارمي، أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن، مطبعة الاعتدال بدمشق ط الأولى 1394هـ.
13- السنن الكبرى للبيهقي، ط الهند حيدر أباد 1352هـ.
14- سنن النسائي، لأحمد بن شعيب النسائي، ط الحلبي بالقاهرة ط الأولى 1964م.
15- شرح السنة، للحسين بن مسعود البغوي، المكتب الإسلامي بيروت.
16- شرح معاني الآثار، لأبي جعفر الطحاوي - مطبعة الأنوار المحمدية بالقاهرة.
17- صحيح مسلم، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج، دار إحياء التراث العربي ببيروت.
18- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني تحقيق ابن باز نشر رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالسعودية.
19- موطأ الإمام مالك ومعه تنوير الحوالك للسيوطي مطبعة الحلبي بالقاهرة.
20- المستدرك على الصحيحين لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم، ط حيدر آباد الهند.
21- مسند الإمام أحمد ط المكتب الإسلامي ببيروت.
22- المبسوط لشمس الدين السرخسي، طبع دار المعرفة ببيروت ط الثانية.
23- المدونة الكبرى المنسوبة للإمام مالك ط دار المعرفة ببيروت.
24- المجموع شرح المهذب للنووي، مطبعة الإمام بمصر.
25- المحلى لابن حزم الظاهري - مكتبة الجمهورية بمصر 1387هـ.
26- المقنع للموفق ابن قدامة، ومعه الشرح الكبير لشمس الدين ابن قدامة، ومعهما الإنصاف للمرداوي، تحقيق عبدالله التركي ط دار هجر بالقاهرة ط الأولى 1415هـ.
27- المغني لابن قدامة تحقيق عبدالله التركي وعبدالفتاح الحلوط دار هجر بالقاهرة ط الثانية 1412هـ.
28- منتهى الإرادات لابن النجار الفتوحي ومعه حاشية ابن قائد النجدي تحقيق عبدالله التركي ط الأولى 1419هـ ط مؤسسة الرسالة ببيروت.
29- الفروع لأبي عبدالله محمد بن مفلح وبآخره تصحيح الفروع للمرداوي ط الثانية 1381هـ دار مصر للطباعة.(1/43)
30- الموسوعة الكويتية الفقهية لمجموعة من الباحثين عن وزارة الشؤون الإسلامية الكويتية ط ذات السلاسل بالكويت 1407هـ.(1/44)