الدورة التاسعة عشرة
إمارة الشارقة
دولة الإمارات العربية المتحدة
التورق
حقيقته، أنواعه
( الفقهي المعروف والمصرفي المنظم )
إعداد
أ.د. وهبة مصطفى الزحيلي
جامعة دمشق- كلية الشريعة
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن بعض العقود والأنظمة الصغيرة قد يطرأ عليها التطور في الحكم الشرعي، بسبب تعامل الناس الذين يحرصون على تحقيق الانسجام بين نشاطهم الاقتصادي أو عملهم التجاري، وبين أحكام الشريعة الإسلامية التي يكون أساس الحلال والحرام في عقود المعاملات المدنية أو التجارية مهيمناً فيها على توصيف العقد أو تكييفه، فقد يكون الحكم في صورته البسيطة حلالاً بسبب الالتزام بظروف الضرورة أو الحاجة، ثم يصير حراماً بسبب استغلال المتعامل صورة بعض العقود الظاهرية، دون تأمل في الباعث السيء أو الحيلة المحظورة شرعاً التي تؤدي إلى التورط في القروض الربوية.
وهذا ينطبق على عقد التورق، وعقد العينة، أو عقد التورق العادي، وعقد التورق المصرفي أو المنظم والتورق العكسي، مما يقتضي بحث الحالين، لمعرفة الحكم الشرعي بدقة، كما يبدو في الخطة الآتية:
المحور الأول: تعريف التورق ومدى الحاجة إليه، وأطرافه، والفرق بينه وبين العينة والتوريق.
المحور الثاني: أنواع التورق قديماً وحديثاً وصورة كل نوع، والضوابط الشرعية له، والحكم الشرعي، وتفصيل القول في التورق المصرفي المنظم من حيث: صوره، وآليته، وضابطه، وآراء العلماء وأدلتهم فيه، أي التمويل بالتورق.
المحور الثالث: التورق العكسي صوره وحكمه.
المحور الرابع: خلاصة الحكم ومشروع قرار مجمعي.
المحور الأول
تعريف التورق ومدى الحاجة إليه وأطرافه،
والفرق بينه وبين العينة والتوريق(1/1)
التورق لغة: مصدر تورَّق، يقال: تورَّق الحيوان: أي أكل الوَرَق بفتح الراء، ويقال أيضاً: أورق الرجل: أي صار ذا وَرِق بكسر الراء، والورِق في الأصل اللغوي: الفضة مضروبة ( مسكوكة ) أو غير مضروبة، وهو الراجح، ثم شاع استعمال الورِق: في الدراهم المضروبة من الفضة، قال الله تعالى في قصة أصحاب الكهف: { فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا.. } الآية [ سورة الكهف: 19 ] وورد في السنة النبوية تحديد مقدار زكاة الفضة: { وفي الرِّقَة ربع العشر } (1) أي ( 2.50 % ).
وبالتورُّق يصبح الدائن غنياً ذا نقود سائلة إما بالنقود المعدنية من فضة أو غيرها مما يشتمل على خلائط برونزية ونحوها، وإما بالنقود الورقية المعاصرة.
والتورق اصطلاحاً: أن يشتري شخص سلعة نسيئة (لأجل) ثم يبيعها نقداً ( في الحال) - لغير البائع- بأقل مما اشتراها به، ليحصل بذبك على النقود.
وطرفاه: مورِّق ( دافع النقود أو الدائن ) ومستورق أو متورق ( وهو المشتري الأول طالب النقود أو الورِق ) ومحله: السلعة المشتراة والمبيعة.
وضغط الضرورة أو الحاجة هو الذي يدفع المستورق لطب الشراء من أجل تحقيق هدفه وهو الحصول على النقود لوفاء دين أو ممارسة تجارة أو شراء ما يحتاجه لنفسه أو لأهله، أو لزواج ونحو ذلك.
__________
(1) ... أخرجه البخاري في باب الزكاة.(1/2)
ولم يستعمل الفقهاء هذا المصطلح إلا الحنابلة، كما نجد لدى ابن تيمية في مجموع الفتاوى (1) وابن قيم الجوزية في أعلام الموقعين (2) ، وقال العلامة مرعي بن يوسف الحنبلي المقدسي صاحب غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى (3) بعد بيان معنى العينة: وكذا لو احتاج إلى نقد فاشترى ما يساوي مائة بأكثر، ليتوسع بثمنه، وهي مسألة التورّق، ويتجه: وعكسها مثلها، أي جاز.
أما غير الحنابلة فإنهم تعرضوا للتورق في مسائل بيع العينة.
والعينة: هي أن يشتري شخص سلعة بثمن مؤجل إلى مدة كألف دينار، ثم يبيع ما اشتراه من البائع نفسه، بثمن نقدي في الحال أقل من ذلك الثمن المؤجل، كأن يكون بتسعمائة دينار.
أي إن العينة بيع صوري متخذ وسيلة للربا ( أي الفائدة المصرفية ) فلا يقصد منه البيع حقيقة، وهو في الواقع قرض ربوي، مع البائع الأصلي ذاته، فيكون البائع كأنه أقرض المشتري تسعمائة دينار في المثال المذكور ويلتزم هذا المشتري برد ألف دينار عند انتهاء الأجل أو أداء جميع الأقساط، فيكون الفرق: وهو مائة دينار مقابل إقراض تسعمائة دينار، كما تفعل البنوك التقليدية (4) .
وبيع العينة يكون عادة مع البائع الأول للسلعة، وقد يكون مع شخص ثالث (5) .
__________
(1) ... 29 / 442، ط الرباط- المغرب، على حساب الملك خالد رحمه الله.
(2) ... 3 / 182.
(3) ... 2 / 20 – 21.
(4) ... الدر المختار ورد المحتار: 4 / 255، 291.
(5) ... لكن الإمام أبو حنيفة اعتبر عقد العينة فاسداً إن خلا من توسط شخص ثالث بين العاقدين، استثناء من قاعدته: (( أن الباعث السيء - أو النية الخبيثة- يفسد العقد )) فالبيع لشخص آخر لا يفسد العقد.(1/3)
أما التورق: فإن البيع الثاني يكون عادة مع شخص آخر غير البائع الأول، حيث يقوم مشتري السلعة مثل ثلاجة أو غسالة، اشتراها نسيئة ( لأجل ) من شخص، ثم يبيعها إلى شخص آخر غير بائعها الأول، بثمن أقل منه نقداً ( في الحال ) ليستفيد من السيولة النقدية التي يحصل عليها، في تغطية حاجته.
وأما التوريق: فهو ما تجريه البنوك التقليدية مع عملائها حيث تقدم لهم مباشرةً النقود بفائدة معينة كسبعة في المائة ( 7 % ) وقد يتوسط المعاملة بيع سلعة دولية، يسدد المقترض أصل المبلغ وفوائده المستحقة، بحسب المواعيد المتفق عليها، فإن تلكأ المقترض عن ذلك، صارت الفوائد مركبة، وتتضاعف كل سنة، فهو إذاً تعامل محض في النقود دون وساطة سلعة، كالقاعدة العربية في الجاهلية: (( إما أن تقضي وإما أن تربي )) فإن وفّاه وإلا زاد في الأجل، وزاد هذا في المال، فيتضاعف المال، والأصل واحد، وهذا الربا حرام بإجماع المسلمين (1) . والمراباة حرام بالكتاب في قوله تعالى: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } [ سورة البقرة: 275 ] وحرام بالسنة في قوله - صلى الله عليه وسلم - : { لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، ولعن المحلِّل، والمحلَّل له } (2) . فالاثنان ملعونان.
وأجمع المسلمون على تحريم الربا.
وهذا يعني أن التورق قرض ربوي بالنقود ( قرض نقد بنقد مباشرة )، ليس فيها وسيط وهو بيع سلعة بطريق العينة أو التورق.
__________
(1) ... مجموع الفتاوى لابن تيمية: 29 / 418.
(2) ... أخرجه الخمسة ( أحمد وأصحاب السنن الأربعة ) عن ابن مسعود، وصححه الترمذي قائلاً: حديث صحيح، غير أن لفظ النَّسائي (( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه إذا علموا ذلك، ملعونون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة )) ( منتقى الأخبار مع نيل الأوطار: 5 / 189 ) ط أولى، العثمانية المصرية.(1/4)
قال ابن تيمية: والواجب على ولاة الأمور بعد تعزير المتعاملين بالمعاملة الربوية، بأن يأمروا المدين أن يؤدي رأس المال، ويسقطوا الزيادة الربوية، فإن كان معسراً، وله مغلات يوفىَّ منها، وفِّي دينه منها بحسب الإمكان (1) .
والحاصل أن التورق أو تصكيك الديون أو إصدار السندات: معناه جعل الدين المؤجل في ذمة الغير- في الفترة ما بين ثبوته في الذمة وحلول أجله- صكوكاً قابلة للتداول في الأسواق الثانوية، وبذلك يمكن أن تجري عليه عمليات التبادل والتداول المختلفة، وينقلب إلى نقود ناضة ( التحول إلى سيولة نقدية ) بعد أن كان مجرد التزام في ذمة المدين.
وهو أسلوب اعتمدته شركة ماليزية تسمى (( جاكاماس )) على أساس ما يسمى بالمضاربة المشتركة، وبمقتضاها تتعهد هذه الشركة بضمان رؤوس الأموال ورد قيمة أسهم الاستثمار كاملة في حالة الخسارة.
ويتلخص هذا الأسلوب بالاعتماد على شراء الدين المؤجل بثمن نقدي أقل منه ( أي بطريقة خصم الكمبيالة ) وتوسيط عين بضاعة معينة حاضرة لتكون ثمن الشراء ( أي بيع العينة ) الذي هو مجرد جسر للربا بالاستفادة من الفرق بين ثمن البيع وثمن الشراء ).
وفي هذا مخالفة في الجملة لنظام عقد الصرف ( مبادلة النقود بالنقود ) من غير تقابض فعلي أو حكمي في المجلس بين العوضين، ومصادمة لقول أغلب الفقهاء الذين لا يجيزون بيع العينة، الذي هو بالفعل مجرد ذريعة إلى الربا، ولعدم جواز القول بما يعرف بخصم الكمبيالة ( بيع المؤجل بسعر أقل ).
__________
(1) ... مجموع الفتاوى لابن تيمية: 29 / 419.(1/5)
على أنه وإن جاز تصكيك الدين النقدي المؤجل على أساس قصر مبادلته على عروض تجارية ( سلع عينية ) حاضرة بأن يجعل ثمناً لها، فإن توريق الدين النقدي لا يجوز باتفاق الفقهاء، ويمتنع تداوله في سوق ثانوية، سواء تم بيعه بنقد معجل من جنسه، أو من غير جنسه، لاشتماله على ربا النّساء، ولسريان أحكام الصرف عليه شرعاً، ولأن الدين الذي تمثله الكمبيالة لا يمكن أن تجري عليه أحكام البضاعة، لأن حامل الكمبيالة ليس مالكاً للبضاعة، وكذلك فإن عملية تصكيك الدين هذه تعارض مضمون حديث ابن عمر (1) في صرف الدراهم بالدنانير أو على العكس، لأن الجواز مشروط بشرطين: أن يكون على سعر يوم الأداء، وأن يتم الأداء في المجلس، ولا يبقى في ذمة المشتري شيء.
وبه يتبين أن حرمة هذه العملية منشؤها يأتي من كونها متضمنة نظام الفوائد الربوية، فهي حرام ابتداءً، لأن ذلك مبادلة دين ناتج عن قرض بفائدة.
وقد أوضح ابن حجر أن بيع العينة وإن كان جائزاً في الظاهر لاستكمال أركانه وشروطه، فهو بسبب اشتماله على حيلة ومكر وخداع يأثم فاعله في الباطن (2) .
وأما السندات المشروعة ( صكوك المقارضة ) التي أقرها مجمع الفقه الإسلامي ( في قراره ( 5 ) د 4 / 80 / 88 ) فهي على أساس جعل العلاقة بين صاحب الصك والمُصْدِر هي علاقة المشاركة، وليست علاقة المداينة.
ولا يجوز في الفقه إجماعاً ضمان رأس مال الصكوك من قبل الجهة المصدِّرة، ولكنه يجوز من جهة أخرى ثالثة كالدولة مثلاً منح هذا الضمان للسندات التي أصدرتها المؤسسة.
المحور الثاني
أنواع التورُّق وحكم كل نوع شرعاً،
وتفصيل آراء العلماء وأدلتهم في التورق، والتورق المصرفي المنظم وضوابطه:
__________
(1) ... أخرجه أبو داود.
(2) فتح الباري: 12 / 337.(1/6)
التورق هو كالعينة بالمعنى الواسع، وهو يشمل كل ذرائع الحرام ومنها العينة بالمعنى الضيق، والربا الصريح، والسلف ( القرض )، وبيع الدين بالدين ( أو فسخ الدين بالدين ) أو قلب الدين لآخر أو جدولة الديون، وبيع النسيئة أو الشراء بنسيئة في دائرة الأموال الربوية، وشراء الشيء بأكثر من ثمنه إلى أجل، وبيع الشيء للبائع الأول أو لغيره بأقل مما اشتراه.
يفهم هذا التعميم مما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث ذكر أن أهل الحيل يقصدون ما تقصده أهل الجاهلية، لكنهم يخادعون الله، ولهم طرق (1) :
أحدها: أن يبيعه السلعة إلى أجل، ثم يبتاعها بأقل من ذلك نقداً، كما قالت أم ولد زيد بن أرقم لعائشة: (( إني بعت من زيد غلاماً إلى العطاء بثمانمائة، وابتعته بستمائة نقداً فقالت لها عائشة: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت! أخبري زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إلا أن يتوب، قالت: يا أم المؤمنين، أرأيت إن لم آخذ إلا رأس مالي، فقرأت عائشة: { فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ } [ سورة البقرة: 275 ] (2) .
وكذلك إذا اتفقا على المعاملة الربوية، ثم أتيا إلى صاحب حانوت يطلبان منه متاعاً بقدر المال، فاشتراه المعطي، ثم باعه الآخذ إلى أجل، ثم أعاده إلى صاحب الحانوت بأقل من ذلك، فيكون صاحب الحانوت واسطة بينهما بجُعل، فهذا أيضاً من الربا الذي لا ريب فيه.
__________
(1) ... المرجع السابق : 29 / 440 – 445.
(2) ... أخرجه الدار قطني، لكن في إسناده العالية بنت أيفع ( نيل الأوطار: 5 / 206 ).(1/7)
وكذلك إذا ضما إلى القرض محاباة في بيع أو إجارة أو غير ذلك، مثل أن يقرضه مائة، ويبيعه سلعة تساوي خمسمائة، أو يؤجره حانوناً يساوي كراه ( أجره ) مائة بخمسين، فهذا أيضاً من الربا، روى الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: { لا يحل سلف (1) وبيع ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يَضْمن، ولا بيع ما ليس عندك } (2) قال الترمذي: حديث حسن صحيح. فقد حرَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - السلف ( وهو القرض ) مع البيع.
أما التورُّق: فهو أن لا يكون مقصود المشتري الشراء فعلاً، بل مقصوده دراهم لحاجته إليها، وقد تعذَّر عليه أن يستسلف قرضاً، أو سَلَماً، فيشتري سلعة ليبيعها، ويأخذ ثمنها. قال ابن تيمية: وهو مكروه في أظهر قولي العلماء، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، كما قال عمر بن عبد العزيز: التورّق أخيِّة الربا (3) . وقال ابن عباس: إذا استقمت بنقد (4) ، ثم بعت بنقد، فلا بأس به، وإذا استقمت بنقد، ثم بعت بنسيئة، فتلك دراهم بدراهم.
وهذا معنى التورق: يقوِّم السلعة في الحال، ثم يشتريهما إلى أجل بأكثر من ذلك.
وقد يقول لصاحبه: أريد أن تعطيني ألف درهم، فكم تربح ؟ فيقول: مائتين، أو نحو ذلك، أو يقول: عندي هذا المال يساوي ألف درهم، أو يحضران من يقوِّمه بألف درهم، ثم يبيعه بأكثر منه إلى أجل، فهذا مما نهي عنه في الصحيح.
والخلاصة: أن ضوابط التورق هي ما يأتي:
__________
(1) ... قال البغوي المراد بالسلف هنا القرض.
(2) ... الحديث صححه أيضاً ابن خزيمة والحاكم، وأخرجه ابن حبان والحاكم أيضاً ( منتقى الأخبار مع نيل الأوطار: 5 / 179 )
(3) ... الأخية بوزن القضية. وهي عروة تربط إلى وتد.
(4) ... معنى كلامه: إذا قومت السلعة بنقد، وابتعتها إلى أجل، فإنما مقصودك دراهم بدراهم.(1/8)
1"- عدم الجدية أو الواقعية في بيع السلعة، وإنما يستخدم البيع حيلة لتغطية المقصود الحقيقي وهو الحصول على دراهم في الحال، ليسدِّد بدلاً عنها دراهم أكثر في المستقبل.
2"- التورق يشتمل على صفقتين: شراء المتورق السلعة من أي شخص، ثم بيعها لشخص آخر بمبلغ متفق عليه.
3"- أن يبيع السلعة مشتريها لغير بائعها الأول، أما العينة: فهي أن يعيد المضطر السلعة إلى بائعها، فهما سواء في النتيجة يعتمدهما المرابون، كما تقدم بيانه.
4"- هذه حيلة محظورة، فهي من الحيل الممنوعة شرعاً، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : { صيد البر لكم حلال (1) ما لم تصيدوه أو يُصد لكم } (2) ، ولقول يحيى بن أبي إسحاق: سألت أنس بن مالك: الرجلُ منا يُقرض أخاه المال، فيُهدي إليه، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : { إذا أقرض أحدكم قرضاً، فأهدي إليه، أو حمله على الدابة، فلا يركبها، ولا يقبله، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك } (3) .
5"- اشتمال الصفقة على الربا الحرام، قال ابن تيمية: المعنى الذي لأجله حُرِّم الرب موجود فيها بعينه، مع زيادة الكلفة بشراء السلعة وبيعها، والخسارة فيها، فالشريعة لا تحرّم الضرر الأدنى، وتبيح ما هو أعلى منها (4) . أي إن التورق: تمويل بفائدة أعلى بكثير من عقود الربا.
آراء العلماء في التورّق وأدلتهم:
العلماء في حكم التورق فريقان: فريق المجيزين، وفريق المانعين، والمجيزون: إما بالإطلاق وإما بالكراهة، والمانعون: هم الذين يحرِّمون ويمنعون التورق.
__________
(1) ... أي في أثناء الإحرام بحج أو عمرة، وغير الإحرام.
(2) ... أخرجه أهل السنن.
(3) ... أخرجه ابن ماجه في سننه.
(4) ... إعلام الموقعين: 3 / 182.(1/9)
أما المجيزون للتورّق فهم أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وأحمد، وروي عن أحمد القول بالكراهة، وكذلك الشافعية يقولون بالكراهة، وكذلك كرهه عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - ، ومحمد بن الحسن الشيباني، والحصكفي الحنفي، وقال الكمال بن الهمام: هو خلاف الأولى (1) . ويطلقون على التورّق اسم العينة، ويروون عن عائشة القول بالجواز.
وجاء في الموسوعة الفقهية: جمهور العلماء على إباحته، سواء من سماه تورقاً، وهم الحنابلة، أو من لم يسمه بهذا الاسم وهم من عدا الحنابلة.
واستدلوا بما يأتي:
1"- عموم الآية الكريمة: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } [ سورة البقرة: 257 ] فإن لفظ البيع يدل على العموم، وإباحة كل بيع، والتورُّق بيع، عملاً بالقاعدة الشرعية « الأصل في الأقوال والأفعال والعقود والشروط الإباحة ».
لكن الأخذ بظواهر النصوص مقبول ما لم يد دليل على المنع، وقد ورد في السنة ما يدل على منع بيع العينة ومنها التورق، فلا يلجأ إلى القول بإباحة كل بيع عند وجود النهي عن بعض البيوع، وبيع العينة ومنه التورق منهي عنه صراحة كما في الأحاديث الآتية الناهية عن العينة.
__________
(1) ... بدائع الصنائع للكاساني: 5 / 199، فتح القدير: 5 / 207 وما بعدها، الدر المختار ورد المحتار: 4 / 255 ، 291 ، روضة الطالبين للنووي: 3 / 416، المغني: 4 / 175 وما بعدها، الإنصاف للمرداوي: 4 / 337، كشاف القناع، البهوتي: 3 / 186.(1/10)
2"- السنة النبوية: استدلوا بحديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة: (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلاً على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب (1) ، فقال: أكُلُّ تمر خيبر هكذا ؟ قال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال: لا تفعل، بع الجَمْع (2) بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا } (3) وأخرجه مسلم في البيوع (4) بلفظ: { بعه بسلعة، ثم ابتع بسلعتك أي تمر شئت } وهو مشتمل على عقدين منفصلين، لا علاقة لواحد منهما بالآخر.
لكن هذا الحديث ظاهر في أن العقد الثاني ليس مع العاقد الأول، فيختلف عن أحاديث بيع العينة، ولا يقصد به المراباة وإن تم العقد الثاني مع غير العاقد الأول، خلافاً للتورُّق الذي يقصد به مجرد الحصول على الدراهم وأن التعاقد حيلة أو عملية صورية واضحة الدلالة والهدف. وليس من المعقول أن يقر النبي - صلى الله عليه وسلم - ?لحيل.
3"- القاعدة العقلية السابقة: « الأصل في المعاملات الإباحة » ولكنها قاعدة فيما لم يدل الدليل على التحريم، ويوضحها قاعدة أخرى وهي: « الأصل في الأشياء النافعة الإباحة، وفي الأشياء الضارة المنع » والتورُّق أو العينة جسران للربا المحرم شرعاً، لا يقصد بهما مجرد التعاقد، وذلك ضرر شرعي، فالأخذ بهذه القاعدة لا يفيد، لأن التورق داخل في مضمون حديث النهي عن بيع العينة.
__________
(1) ... الجنيب: هو الطيب أو الجيد أو الصلب.
(2) ... الجَمْع: هو التمر المختلط بغيره، أو صنف من التمر، أو الدقل، أي الرديء.
(3) ... أخرجه البخاري رقم ( 2089 ).
(4) ... رقم ( 1594 ).(1/11)
4"- الحكم على العقود المكتملة الأركان والشروط إنما يكون بحسب الظاهر في رأي الحنفية والشافعية، ولا يأخذ هؤلاء بمبدأ سد الذرائع إلا فيما ورد النص بمنعه، وهذا في الواقع منشأ الاختلاف بين الفريقين، وربما يقال: وردت أحاديث واضحة في تحريم العينة ويدخل فيها التورّق، ومنها حديث ابن عمر بالإضافة لحديث عائشة، ونص الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: { إذا ضنَّ الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، واتبعوا أذناب البقر (1) ، وتركوا الجهاد في سبيل الله، أنزل الله بهم بلاء، فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم )) (2) . ولفظ أبي داود: (( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلَّط الله عليكم ذلاً، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم )) ونص حديث عائشة هو: - كما تقدم- أخرج الدار قطني عن ابن إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة، فدخلتْ معها أم ولد زيد بن أرقم، فقالت: يا أم المؤمنين، إني بعت غلاماً من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم نسيئة، وإني ابتعته منه بستمائة نقداً، فقالت لها عائشة: (( بئس ما اشتريت، وبئس ما شريت، إن جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بطل إلا أن يموت )) (3) قال الشوكاني: وفيه دليل على أنه لا يجوز لمن باع شيئاً بثمن نسيئة أن يشتريه من المشتري بدون ذلك الثمن نقداً قبل قبض الثمن الأول.
__________
(1) ... أي اشتغلوا بالزراعة أو الحرث بدليل رواية أخرى: (( وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع )).
(2) ... أخرجه أحمد وأبو داود والطبراني وابن القطان وصححه، قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام ورجاله ثقات. وقال في التلخيص: وعندي أن إسناد الحديث الذي صححه ابن القطان معلول، لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحاً، لأن الأعمش مدلّس، ولم يذكر سماعه من عطاء ( منتقى الأخبار ونيل الأوطار: 5 / 206 ).
(3) ... الحديث في إسناده العالية بنت أيفع.(1/12)
أما إذا كان المقصود التحيل لأخذ النقد في الحال، وردّ أكثر منه بعد أيام فلا شك أن ذلك من الربا المحرم الذي لا ينفع في تحليله الحيل الباطلة.
5- التورق يقتضيه العقل مراعاة لحاجة الناس، وتحقيقاً لمصالحهم، والشريعة جاءت لتحقيق المصالح وتيسير أمور الناس وحاجاتهم.
ويناقش هذا الدليل بأن تحقيق المصلحة ورعاية الحاجة حيث لا يصطدم ذلك بأصول الشريعة والنصوص.
وأما المانعون: فهم المالكية وعمر بن عبد العزيز، ومتأخرو الحنابلة ( ابن تيمية وابن القيم ) ومحمد بن الحسن الشيباني، والحصكفي من الحنفية ) (1) الذين منعوا بيع العينة، والتورق مثله، قال محمد بن الحسن: (( هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال ذميم، اخترعه أكلة الربا )) وقال الحصفكي صاحب الدر المختار: وهو مكروه مذموم شرعاً لما فيه من الإعراض عن مبّرة الإقراض. وحكَم الحنفية على أن بيع العينة فاسد، والبيع الفاسد بحكم الغصب المحرم، ثم اختلفوا في كراهته أي كراهة التحريم، ولهم تعريف مختصر للعينة: وهو بيع العين بالربح نسيئة ليبعها المستقرض بأقل، ليقضي دينه. والتورق كالعينة:
قال ابن تيمية: وأما الذي لم يعد إلى البائع بحال، بل باع المشتري السلعة من مكان آخر لجاره، فهذا يسمى (( التورق )) وقد تنوزع في كراهته، فكرهه عمر بن عبد العزيز، والإمام أحمد - رضي الله عنه - في إحدى الروايتين عنه، وقال عمر بن عبد العزيز: التورّق أخيِّة الربا ( أي أصل الربا ) وهذا القول أقوى (2) .
وأدلتهم ما يأتي:
__________
(1) ... بداية المجتهد: 2 / 140 وما بعدها، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس: 2 / 453، الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي: 3 / 91 ، مواهب الجليل للحطاب: 4 / 404، مجموع الفتاوى: 29 / 439 – 445، أعلام الموقعين: 3 / 182، الدر المختار ورد المحتار: 4 / 255 ، 291.
(2) ... مجموع الفتاوى: 29 / 431 – 500 .(1/13)
1"- حديث ابن عمر مرفوعاً المتقدم: { إذا تبايعتم بالعينة .. } والعينة تشمل كل معاملة يقصد بها الحصول على العين، أي النقد مقابل سلعة بثمن أكثر في الذمة، وهذا يشمل العينة الثنائية ( البيع للبائع الأول ) والثلاثية ( البيع لشخص ثالث ) وهو التورق. ومثله حديث عائشة المتقدم، لكن روي عن الشافعي أنه لا يصح.
2"- التورق مثل بيع التلجئة أو بيع المضطر، وهما في المعنى سواء. والتلجئة: هي ما ألجىء إليه الإنسان بغير اختياره، وذلك أن يخاف الرجل صاحب سلطة، فيقول الآخر: إني أظهر أني بعت داري منك، وليس ببيع في الحقيقة، بل كالهزل، وإنما هو تلجئة، ويُشهد على ذلك (1) . وهذا هو معنى بيع المضطر، وهو حرام، وقال الحنفية بفساده.
وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع المضطر ، وعن بيع الغرر، وبيع الثمر قبل أن يطعم } (2) وله شاهد عن حذيفة: ((.. ألا إن بيع المضطر حرام، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخونه )) قال ابن القيم: وعامة العينة: إنما تقع من رجل مضطر إلى نفقة يضنُّ بها عليه الموسر بالقرض حتى يربح عليه في المائة ما أحب، وهذا المضطر إن أعاد السلعة إلى بائعها فهي العينة، وإن باعها لغيره، فهو التورّق، وإن رجعت إلى ثالث يدخل بينهما فهو مُحلِّل الربا، والأقسام الثلاثة يعتمدها المرابون وأخفها التورٌق، وقد كرهه عمر بن عبد العزيز، وقال: هو أخيِّة الربا.
__________
(1) ... الدر المختار ورد المحتار: 4 / 255.
(2) ... أخرجه الإمام أحمد.(1/14)
وعن أحمد فيه روايتان، وأشار في رواية الكراهة إلى أنه مضطر، وهذا من فهمه - رضي الله عنه - ، فإن هذا لا يدخل فيه إلا مضطر، قال ابن القيم: وكان شيخنا ( أي ابن تيمية ) يمنع من مسألة التورّق. وروجع فيها مراراً، فلم يرخِّص فيها، وقال: المعنى الذي لأجله حرم الربا موجود فيها بعينه، مع زيادة الكلفة وبيعها والخسارة فيها، فالشريعة لا تحرِّم الضرر الأدنى، وتبيح ما هو أعلى منه (1) .
ويناقش هذا الدليل بأن الحديثين السابقين ضعيفان، فلا حجة فيهما. قال الخطابي في حديث النهي عن بيع المضطر: في إسناده رجل مجهول، لا ندري من هو (2) . وقال ابن حزم في المحلى عن هذين الخبرين: هما مرسلان، ولا يجوز القول في الدين بالمرسل (3) . وصحح الشافعية والحنابلة في أصح الروايتين بيع المضطر، لكن أقل ما فيه الكراهة عند عامة الفقهاء (4) .
3"- التورق حيلة للربا:
التورق حيلة الربا، كما ذكر ابن القيم عن شيخه ابن تيمية كما تقدم، وقال ابن تيمية أيضاً: المفاسد التي لأجلها حرم الله الربا موجودة في هذه المعاملات ( أي العينة وإلتورق ونحوهما مما تقدم ) مع زيادة مقر وخداع، وتعب وعذاب,. وهذا البيع ليس مقصوداً لهم، وإنما المقصود دراهم بدراهم، فيطول عليهم الطريق التي يؤمرون بها، فيحصل لهم الربا، فهم من أهل الربا المعذَّبين في الدنيا قبل الآخرة .. الخ (5) .
يناقش هذا: بأن نية المستورق اجتناب الحرام، فالربا سهل يسير على الإنسان لدى المرابين والبنوك الربوية، ولكنه تركه وأخذ بالتورق لاجتناب الحرام.
4"- في التورق مخاطر ومفاسد:
__________
(1) ... إعلام الموقعين: 3 / 182 ، وانظر مجموع الفتاوى: 29 / 446 وما بعدها.
(2) ... معالم السنن للخطابي: 3 / 87 .
(3) ... المحلى لابن حزم: 9 / 22 .
(4) ... روضة الطالبين: 3 / 83، رد المحتار، المرجع السابق، المبدع: 4 / 7.
(5) ... مجموع الفتاوى: 29 / 445.(1/15)
فإن اللجوء إلى التورق يؤدي إلى زيادة الديون، وقد يشتري السلعة بمئة ويبيعها بخمسين، مما يترتب عليه إضاعة المال.
ويجاب عنه: بأن المتورق يعرف ظروف نفسه وتوقعاته، فلا يخسر.
الترجيح:
قد يترجح القول بمشروعية التورق في صورته البدائية أو العادية، من خلال التأمل في أدلة الفريقين، أخذاً بمبدأ التيسير على الناس وتحقيق مصالحهم، ودفعاً للحرج عنهم، وحيث لا تحيل على الربا، على أن يكون ذلك للضرورة أو الحاجة الملحِّة فقط، أي في حالات نادرة، ولأن الأصل في الأشياء الإباحة، قال الشاطبي: فالنظر يقتضي الرجوع إلى أصل الإباحة، وترك اعتبار الطوارئ، إذ الممنوعات قد أبيحت رفعاً للحرج (1) . وينقل عن علي وعائشة جواز الأخذ بالزَّرنقة، أي العينة، وبشرط أن لا تباع السلعة بأقل مما اشتراها به على بائعها الأول، عملاً بالقرار الأول لمجمع الرابطة في دورته الخامسة عشرة.
وذلك كما سأبين مخالف في الحكم على التورق المصرفي المنظم، فهو استرسال وتجرؤ على اقتحام الحرام، ولأنه شيء ترفي، لا ضرورة فيه ولا حاجة، وإنما هو حيلة للربا في الغالب.
التورق المصرفي المنظم أو التمويل بالتورّق:
هو الذي أقبل عليه المتعاملون مع المصارف الإسلامية بسبب ما ينقل عن العلماء المبيحين في صورته الأصلية، والذي كان المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قد أباحه في دورته الخامسة عشرة لعام 1419هـ/1998م بشروط محددة، ونص القرار هو:
أولاً- إن بيع التورُّق: هو شراء سلعة في حوزة البائع وملكه، بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقد لغير البائع، للحصول على النقد ( الورِق ).
__________
(1) الموافقات: 1 / 182.(1/16)
ثانياً- إن بيع التورق هذا جائز شرعاً، وبه قال جمهور العلماء، لأن الأصل في البيوع الإباحة، لقول الله تعالى: { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } ولم يظهر في هذا البيع رباً لا قصداً ولا صورة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك لقضاء دين أو زواج أو غيرهما.
ثالثاً- جواز هذا البيع مشروط بأن لا يبيع المشتري السلعة بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الأول، لا مباشرة ولا بالواسطة، فإن فعل فقد وقعا في بيع العينة المحرم شرعاً، ولا بالواسطة، فإن فعل فقد وقعا في بيع العينة المحرم شرعاً، لاشتماله على حيلة الربا، فصار عقداً محرماً.
ثم أصدر هذا المجمع في دورته السابعة عشرة لعام 1424 هـ/ 2003م القرار الثاني وهو:
أولاً- عدم جواز التورّق الذي تجريه بعض المصارف في الوقت الحاضر: وهو قيام المصرف بعمل نمطي يتم فيه ترتيب بيع سلعة ( ليست من الذهب أو الفضة ) من أسواق السلع العالمية أو غيرها، على المستورق بثمن آجل، على أن يلتزم المصرف- إما بشرط في العقد أو بحكم العرف والعادة- بأن ينوب عنه في بيعها على مشترٍ آخر بثمن حاضر، وتسليم ثمنها للمستورق.
وذلك للأسباب الآتية:
1) أن التزام البائع في عقد التورق بالوكالة في بيع السلعة لمشتر آخر أو ترتيب من يشتريها يجعلها شبيهة بالعينة الممنوعة شرعاً، سواء أكان الالتزام مشروطاً صراحة، أم بحكم العرف والعادة المتبعة.
2) أن هذه المعاملة تؤدي إلى كثير من الحالات إلى الإخلال بشروط القبض الشرعي اللازم لصحة المعاملة.
3) أن واقع هذه المعاملة يقوم على منح تمويل نقدي بزيادة لما سمي بالمستورق فيها من المصرف في معاملات البيع والشراء التي تجري منه والتي هي صورية في معظم أحوالها، هدف البنك من إجرائها أن تعود عليه بزيادة على ما قدم من تمويل.(1/17)
وهذه المعاملة غير التورق الحقيقي المعروف عند الفقهاء، لما بينهما من فروق عديدة، فالتورّق الحقيقي يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل، تدخل في ملك المشتري، ويقبضها قبضاً حقيقياً، وتقع في ضمانه، ثم يقوم ببيعها هو بثمن حالّ لحاجته إليه، قد يتمكن من الحصول عليه وقد لا يتمكن.
والفرق بين الثمين الآجل والحالّ لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على المعاملة لغرض تسويغ الحصول على زيادة لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظم أحوالها، وهذا لا يتوافر في المعاملة المبينة التي تجريها بعض المصارف.
يتبين من هذا القرار أن التورق المصرف المنظم يتم بين المتعامل والمصرف. ويتضمن توكيل المصرف في بيع السلعة لمشترٍ آخر.
وهذا فيه مخالفة شرعية حيث لا يقبض المتعامل السلعة المشتراة، ثم يوكل المصرف ببيعها بثمن آجل، بل ليس هناك سلعة في الواقع، وإنما مجرد توكيل المصرف بشراء السلعة، ثم يبيعها بثمن حاضر ويعطي ثمنها للمتعامل.
وتكون الحقيقة هي مجرد حيلة للإقراض بفائدة، حيث يعطي المصرف المتعامل مبلغاً من المال في الحال، ثم يسترد منه مبلغاً أكبر مقابل الزمن.
وهذا موافق من حيث المبدأ لقرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر في دورته السابعة عشرة، بمسقط عام 1425هـ، حيث دعا المؤسسات المالية الإسلامية أن تتجنب شبهات الربا أو الذرائع التي تؤدي إليه، مثل فسخ الدين بالدين.
صور أو نماذج من التورق المصرفي المنظم: أذكر ثلاثة نماذج شهيرة لهذا التورق.
النموذج الأول- التورق في مرابحات السلع الدولية مع مؤسسات مالية:
وهو أن تشتري المصارف الإسلامية نقداً، وتبيع بالأجل، مع زيادة البيع الآجل عن البيع الحال. والمشتري من المصرف الإسلامي: مؤسسة مالية تجارية، وهذا في الواقع بعيد عن التورق (1) .
__________
(1) ذكرها الدكتور موسى آدم عيسى في بحث للدكتور عبد الله السعيدي.(1/18)
النموذج الثاني- تيسير الأهلي: وهو استخدام التورق في التمويل الشخصي، وهو ما يقدّمه البنك الأهلي التجاري في السعودية من صيغة تستخدم في تمويل الأفراد الراغبين في الحصول على السيولة النقدية.
وأساس هذه الصيغة: أن يشتري البنك سلعة ويتملكها، ثم يبيعها للعملاء بالتقسيط، مع إمكان العميل توكيل البنك لإعادة بيع السلعة نيابة عنهم، وقيد ثمنها في حساباتهم.
وتتم الإجراءات على النحو التالي:
أولاً - يوقع البنك اتفاقية مع شركة معينة تسمى اتفاقية شراء سلع, وهذه الاتفاقية تمثل الإطار العام الذي ينظم العلاقة بين البنك باعتباره مشترياً، وبين شركة معينة باعتبارها بائعاً.
وبموجب هذه الاتفاقية: يشتري البك سلعة كالحديد أو النحاس أو الألمونيوم بمبلغ معين، ويبرم العقد بتبادل الإيجاب والقبول بالفاكسات.
وتحقيقاً لشرط القبض تُصدر الشركة البائعة شهادة تتضمن إقراراً من الشركة البائعة بأن ملكية المعدن المشترى هي للبنك منذ يوم الشراء، وتتعين السلعة ببيان رقم الصنف للمعدن الذي تم بيعه، وتحديد مكان وجود.
ثانياً- يتصرف البنك بعد امتلاكه السلعة عن طريق بيعها لعملائه بالتجزئة، وتسجل كمية السلعة المبيعة في الحاسب الآلي، عن طريق فروع البيع للعملاء. ويتم نقص أي كمية تباع من رصيد البك الذي يمتلكه من هذه السلعة.
ثالثاً- يتم رصد أسماء الأشخاص الذين اشتروا من البنك، وتحديد كميات ما اشتراه كل واحد منهم، ويتولى البنك بموجب وكالة من العملاء بيع تلك الكميات إلى طرف ثالث. ثم يتم تحويل الثمن إلى حساب البنك الذي يتولى قيده في حسابات العملاء بحسب مقدار الكمية والسعر الذي تم به البيع، نيابة عنهم، وبمقتضى الاتفاقية التي تنظم العلاقة بين الطرفين، وعن طريق تبادل الإيجاب والقبول عبر الفاكسات.
ويحيل البنك الشركة المشترية منه لقبض المعدن من الشركة البائعة.(1/19)
وهذا بحسب قرار الهيئة الشرعية للبنك الذي أجاز منتج (( تيسير الأهلي )). ويمكن القول بأن هذه صيغة تورّق تتضمن حيلة للتمويل.
النموذج الثالث: اللجوء إلى التورق لتسديد العملاء مديونياتهم لدى المصارف التقليدية. ومضمونه أن المصرف الذي يقدم التمويل للعميل يقوم بقلب الدين الذي على العميل من قرض ربوي إلى دين آخر ينشأ عن طريق التورق.
وهذه العملية هي التي يسميها الفقهاء: قلب الدين على الدين. وقد تقدمت الإشارة لهذه العملية في كلام ابن تيمية، وأنها ممنوعة شرعاً.
الرأي الفقهي في هذه النماذج:
هذه النماذج تفتقد أساس التورق في صورته القديمة وهو قبض السلعة حقيقة أو حكماً، ليقوم متملكها ببيعها، فلا يجوز حتى عند العلماء الذين أجازوا التورق كما تقدم، وهم: أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وأحمد.(1/20)
ويقوم البنك بالإجراءات كلها دون وجود سلعة يتسلمها المتورق بالقبض المقرر شرعاً,فلا يختلف عمل البنك عن الأصل الربوي و المنهج الربوي إلا في زيادة الأعباء والتكاليف مع المتورقين. وما يتم في البورصة العالمية هو مجرد مايعرف بإيصالات المخازن التي تكتب فيها بيانات تتعلق بالسلعة المبيعة من جنس ونوع وصفة ومقدار, دون أن يتسلم أي بنك تلك السلعة, ويقتصر الأمر على التسجيل على شاشة الحاسب الآلي, فتكون هذه النماذج وأمثالها مجرد قرص ربوي , من غير وجود سلعة أصلاً, فهي تورق باطل بالاتفاق، لأن العميل يوقع عقدين فقط هما: عقد شراء بثمن مؤجل، ووكالة للبنك ببيع ما اشتراه بثمن حال. ثم يوضع المبلغ في حساب العميل ليسحبه في مقابل الالتزام بوفاء الدين مع الفوائد التي تسنفيد منها البنوك المشتركة في الاتفاقيات الصورية، دون وجود الحريرة في تعبير ابن عباس. الذي قيل له: رجل باع حريرة إلى أجل، ثم ابتاعها بأقل من ذلك؟ فقال: دراهم بدراهم، دخلت بينهما حريرة. وسئل أنس بن مالك عن نحو ذلك، فقال: هذا ما حرمه الله ورسوله، وفي السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: { من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما، أو الربا (1) ، وهؤلاء قد باعوا بيعتين في بيعة (2) أي إن الطرفين إن تواطآ على البيع ثم الابتياع، فما له إلا الأوكس: وهو الثمن الأقل، أو الربا.
__________
(1) ... أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي من حديث أبي هريرة ( منتقى الأخبار: 5 / 151).
(2) ... مجموع الفتاوى: 29 / 441.(1/21)
قال ابن تيمية (1) : وأصل هذا الباب: أن الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فإن كان قد نوى ما أحله الله، فلا بأس، وإن نوى ما حرم الله، وتوصل إليه بحيلة، فإن له ما نوى، فلا بأس، وإن نوى ما حرم الله، وتوصل إليه بحيلة، فإن له ما نوى، والشرط بين الناس ما عدوه شرطاً، وما تواطأ الناس على شرط، وتعاقدوا، فهذا شرط عند أهل العرف.
والحاصل: أن التورق المزعوم في التورق المصرفي المنظم: هو تمويل بفائدة أعلى بكثير من الفائدة المصرفية في البنوك التقليدية.
والبنك: هو الذي يمارس جميع أدوار المسرحية: من عقد صوري هو البيع والشراء، والتسليم والتسلم الصوري، وأما العميل فيقتصر دوره على التوقيع على الورَق، وتوكيل البنك بممارسة الأعمال المطلوبة.
والواقع العملي أن البنك تسلم شيكات بالمبلغ وفوائده، وأودع مبلغ التورق في حساب المستورق، فهو إذاً مجرد قرض ربوي، وليس من بيع العينة ولا من بيع التورق بصورته القديمة، لعدم وجود سلعة مقبوضة حقيقة أو حكماً. وأدلة منع التورق المصرفي سبق إيرادها في التورق العادي، وهي أدلة المانعين.
المحور الثالث
التورق العكسي: صوره وحكمه:
التورق العكسي: هو أن يكون المستورق شركة أو مؤسسة مالية، أو بنك، وليس الأفراد، حيث يوكل البنك الشركة أو غيرها بشراء السلعة نيابة عنه، ثم يبيعها لنفسه.
وتكون مهمة البنك مقصورة على دفع المبلغ المطلوب، وأخذ شيكات آجلة بالمبلغ وفوائده، مع الاحتفاظ بأوراق تشتمل على إيصالات مخزنية بسلعة من السلع، لا تدخل في ملك البنك ولا المستورق، ولا وجود لها في مقر البيع أصلاً، فلا يوجد قبض فعلي للسلعة، ولا قبض حكمي.
__________
(1) ... المرجع السابق: 29 / 447 وما بعدها.(1/22)
وجاء بحث التورق العكسي في المعيار الشرعي رقم ( 30 ) من المعايير الشرعية، حيث نظم هذا المعيار، فعرَّف التورق وميزّه عن بيع العينة، وذكر عناصر التورق وهي المورِّق، والمتورق ( العميل ) ومحل التورق ( السلعة ) ونص على التورق الأصلي والعكسي وهو كون المتورق عميلاً، أو مؤسسة، حيث يبيعان السلعة إلى طرف ثالث لتحصيل السيولة وفق الضوابط في البندين 4 و 5.
وهما: عدم الربط بين عقد شراء السلعة لأجل وعقد بيعها بثمن حالّ،بطريقة تسلب العميل حقه في قبض السلعة، سواء كان الربط بالنص في المستندات أم بالعرف، أم بتصميم الإجراءات.
وعدم توكيل العميل للمؤسسة أو وكيلها في بيع السلعة التي اشتراها منها، وعدم توكل المؤسسة عن العميل في بيعها، على أنه إذا كان النظام لا يسمح للعميل ببيع السلعة بنفسه إلا بواسطة المؤسسة نفسها، فلا مانع من التوكيل للمؤسسة على أن يكون في هذه الحالة بعد قبض السلعة حقيقة أو حكماً.
وعلى المؤسسة ( في التورق العكسي ) عدم إجراء التورق للبنوك التقليدية إذا تبين للمؤسسة أن استخدام السيولة سيكون في الإقراض بفائدة، وليس للدخول في عمليات مقبولة شرعاً.
وذكر المعيار ضابطين للتورق العكسي وهما:
1"- التورق ليس صيغة من صيغ الاستثمار أو التمويل، وإنما أجيز للحاجة بشروطها المعتبرة شرعاً.
2"- تجنب المؤسسة المالية التوكيل عند بيع السلعة محل التورق، ولو كان التوكيل لغير من باع إليها السلعة.
المحور الرابع
خلاصة الحكم ومشروع قرار مجمعي
خلاصة الحكم:(1/23)
يختلف التورق عن العينة في الاصطلاح، فالعينة: هي شراء سلعة بثمن آجل، وبيعها إلى البائع الأصلي بثمن نقدي أقل. والتورق: شراء سلعة بثمن آجل مساومة أو مرابحة، ثم بيعها إلى غير من اشتريت منه للحصول على النقد بثمن معجل أو حالّ. وكلاهما في الواقع من ذرائع الربا، وذلك يشمل بيع العينة والربا الصريح، وفسخ الدين بالدين أو قلب الدين ونحو ذلك الذي هو تطبيق لقاعدة الجاهلية: (( إما أن تقضي وإما أن تربي )).
واختلاف الشخص الذي يباع له مرة ثانية دفع جماعة من الفقهاء إلى القول بمشروعية العينة والتورّق العادي لا المصرفي، ورجحت القول بجوازه في حال الضرورة القصوى أو النادرة حيث لا يقصد به التحيل على الربا.
والتوريق غير التورق، لأن الأول مجرد قرض نقد في الحال بنقد في المستقبل بمقابل أعلى، هو الفائدة الربوية، وقد يتوسط فيه بيع سلعة دولية بيعاً صورياً.
وقد أوردت أدلة كل من المجيزين للتورُّق والمانعين له، إذا كان التورق عادياً، أما التورق المصرفي المنظم وعكسه، سواء أكان من الأفراد وهو الأول، أم من المؤسسات والشركات فالراجح عدم مشروعيته، لأنه يتضمن الربا، ويكون عقد بيع السلعة وشراؤها تغطية أو حيلة للممنوع شرعاً، فينبغي اجتنابه، بل هو أخطر من الربا الصريح، فهو لا يعدو أن يكون تمويلاً بالتورّق، يجعل وظيفة البنك الذي يعمل به مشابهة لوظيفة البنك الربوي، ولا ينطبق عليه قول ابن عباس في العينة: (( دراهم بدراهم متفاضلة بينهما حريرة )) فحتى هذه الحريرة غير مقصودة، ويكون التعامل مقصوراً على تسجيل إيصالات المخازن دون قبض للسلعة، وهذا يتفق مع قرار مجمع مكة التابع لرابطة العالم الإسلامي الذي اعتبر التمويل بالتورّق من الربا المحرم، ودعا المصارف الإسلامية إلى عدم التعامل به.
وأوصى مجمع جدة التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي اجتناب كل أنواع الربا وذرائعه وشبهاته.(1/24)
وهو ما ينبغي التخلص منه، لوجود الحيلة الخادعة التي هي أسوأ من الربا الصريح أو المباشر، وهذا هو تقييم غير المسلمين الذين درسوا هذه البيوع المنفِّرة لدى ذوي الطبع السليم والفكر المجرد.
مشروع قرار مجمعي
التورق: هو شراء سلعة نسيئة (الأجل) مساومة أو مرابحة، ثم يبيعها نقداً ( في الحال ) لغير البائع بأقل مما اشتراها به، ليحصل بذلك على النقود. وطرفاه مورِّق ومستورق، والسلعة محل البيع، لممارسة صورية البيع، والتوصل إلى تحليل الاقتراض بفائدة، وهو عبث وحيلة وخديعة، فيمنع ديانة وشرعاً.
والواقع أن المتورق يأخذ مبلغاً في الحال، ويلتزم في ذمته مبلغاً أكبر بلا مقابل وهو الزمن، وهو ربا النسيئة في الحقيقة والمقصد.
وأما التورق العادي: فيقتصر القول بجوازه على حال الضرورة القصوى، أو النادرة، لتحقيق حاجة طارئة من وفاء دين أو إبرام زواج ونحو ذلك، لأن ما كان تحريمه تحريم الوسائل جاز للضرورة، وهذا يتفق مع ما أجازه جماعة من الفقهاء، وهذا التورق حيث لا تحيُّل على الربا.
والتورق المصرفي المنظم أو التمويل بالنقود الحاصل بين الفرد والبنك، وكذا عكسه وهو ممارسة المؤسسة أو الشركة بذاتها له بصفتها أنها هي المتورق، فيعد حراماً شرعاً، لأنه يفقد قبض السلعة حقيقة أو حكماً، ويكون مجرد عقد صوري يستر تعاملاً ربوياً أو قرضاً صريحاً بفائدة، فهو حيلة على الربا، والحيلة منكرة دينياً وخلقياً.
المحتوى
الموضوع ... الصفحة
تقديم وخطة البحث ومحاورها الأربعة ... 1
المحور الأول: تعريف التورق ومدى الحاجة إليه وأطرافه والفرق بينه وبين العينة والتورق ... 2
المحور الثاني: أنواع التورق وحكم كل نوع شرعاً، وتفصيل آراء العلماء وأدلتهم في التورق، والتورق المصرفي المنظم وضوابطه. ... 4
ضوابط التورق ... 5
آراء العلماء في التورق وأدلتهم ... 6
أدلة المجيزين ومناقشتها. ... 6
أداة المانعين ومناقشتها. ... 9
التورق المصرفي المنظم أو التمويل بالتورق ... 11(1/25)
صور أو نماذج من التورق المصرفي المنظم. ... 13
الرأي الفقهي في هذه النماذج. ... 15
المحور الثالث: التورق العكسي: صوره وحكمه. ... 16
المحور الرابع- خلاصة الحكم ومشروع قرار مجمعي. ... 17
أهم المصادر والمراجع
·?أعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية، مطبعة السعادة بمصر، تحقيق الشيخ محيي الدين عبد الحميد.
·?الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد، للعلامة علي بن سليمان المرداوي- دار إحياء التراث العربي- بيروت .
·?بدائع الصنائع، علاء الدين الكاساني، الطبعة الأولى، المطبعة الجمالية بمصر عام 1328هـ.
·?بداية المجتهد لابن رشد الحفيد، مطبعة الاستقامة بمصر.
·?الدر المختار شرح تنوير الأبصار للحصكفي ورد المختار لابن عابدين، مطبعة البابي الحلبي بمصر.
·?روضة الطالبين للنووي، المكتب الإسلامي، الناشر: الأستاذ محمد زهير الشاويش .
·?الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي، مطبعة البابي الحلبي بمصر.
·?عقد الجواهر الثمينة لابن شاس، دار الغرب الإسلامي- الطبعة الأولى.
·?غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى، الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي، الناشر: محمد زهير الشاويش.
·?فتح القدير شرح الهداية، كمال الدين ابن الهمام، مطبعة مصطفى محمد بالقاهرة.
·?كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن إدريس البهوتي، مطبعة الحكومة بمكة المكرمة.
·?مجموع الفتاوى لابن تيمية، ط الرباط- المغرب، طبعة الملك خالد.
·?المحلى لابن حزم الظاهري، مطبعة الإمام بمصر.
·?معالم السنن للخطابي، مطبعة السنة المحمدية بمصر.
·?المغني لابن قدامة الحنبلي، الطبعة الثالثة، دار المنار بمصر.
·?منتقى الأخبار لابن تيمية الجد وشرحه نيل الأوطار للشوكاني، المطبعة العثمانية المصرية.
·?الموافقات للشاطبي، مطبعة المكتبة الجارية بمصر.
·?مواهب الجليل للحطاب، الطبعة الأولى بمصر.
·?الموسوعة الفقهية بالكويت، الجزء 14.(1/26)