{ تمام الكلام في تخصيص الدعاء والمواظبة عليه بعد السلام }
مقدمة
الحمد لله الكريم المنعام، والصلاة والسلام على مولانا محمد سيد الأنام،وعلى آله وصحبه الغُر الكرام .
أما بعد؛
فلقد رأيت ظاهرة تنتشر في المساجد بين الناس شيئا فشيئا، فإن لم يكن هناك إنكار وبيان للحق فيها سيظن الناس أنها سنة ،وهي المواظبة على تخصيص الدعاء ورفع اليدين دبر الصلوات المفروضات، وهذا مما حداني لتأليف هذه الرسالة المتواضعة.
والحقيقة أن الذين مارسوا تلك الطريقة ، كان اعتمادهم إما على أدلة عامة ومطلقة، وإما على أحاديث لم يثبت سندها ،حتى يتم العمل بها وتكون حجة شرعية .
ولقد اطلعت على بعض الرسائل التي يرى مؤلفوها جواز المواظبة على الدعاء دبر الصلوات المكتوبات ومنهم من يرى وجوب المواظبة على الدعاء.(1)
1-الرسائل التي في الدعاء دبر الصلوات المكتوبات وهي:
"إعلام السنن" لظفرالتهانوي.(3/164)
"معارف السنن" للبنوري .(3/123)
"التحفة المرغوبة في أفضلية الدعاء بعد المكتوبة" لمحمد هاشم التتوي السندي.
"سنية رفع اليدين في الدعاء بعد الصلوات المكتوبة" لمحمد عبدالرحمن الأهدل اليمني بتقديم عبدالله الغماري .
"المنح المطلوبة في استجابة رفع اليدين بعد المكتوبة" للبخاري .
"الدعاء بعد الصلاة المفروضة سنة أم بدعة"لمحمود أحمد الزين.
ولقد ذكر منها الشيخ بكر بوزيد وفقه الله في كتابه تصحيح الدعاء ص441-444.
وقبل أن أبدأ برسالتي أود أن أنصح كل مسلم يحب أن تقبل دعواه ولاترد.
أن يلتزم بما ورد في السنة النبوية الصحيحة ولا يتخطاها ،كم قال أحد السلف
" اقتصاد في سنة خيرمن اجتهاد في بدعة ".
وينبغي أن يتحرى الأوقات المستجابة الدعوى كما جاءت في السنة الصحيحة ،وعدم التهاون بها ،إن أراد قبول دعوته .
وإليك بعض الأحاديث التي وردت في السنة إما أن تكون ما بين الآذان والإقامة أو الدعاء في داخل الصلاة: (1)(1/1)
عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة. (2)
وفي لفظ: الدعوة بين الأذان والإقامة لاترد فادعوا.(3)
وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال رسول الله :? - صلى الله عليه وسلم - اثنتان لا تردان أو قلما تردان الدعاء عند النداء وعند البأس حين يلحم بعضهم بعضاً. إسناده حسن.(4)
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحث في الدعاء داخل الصلاة من بعد التشهد الثاني ماقبل التسليم.
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي: - صلى الله عليه وسلم - إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله الصلوات الطيبات.. ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه، فليدع به ربه عز وجل.(5)وسنده صحيح
1- فائدة:ذكر ابن حجر ستة مواطن للدعاء الذي في داخل الصلاة .[فتح الباري11 /159ماقبل باب الدعاء بعدالصلاة]
2-رواه أبوداود 1/199رقم521 للألباني ،
والترمذي1/415رقم212 للألباني.
3-أخرجه أحمد3/254رقم13693 و3/225 رقم13381و3/155رقم12606وابن خزيمة1/222رقم427.
4- صحيح أبي داود للألباني 2/25رقم2540.
5- رواه أحمد4/480 رقم 3945 السلسلة الصحيحة4/57 رقم 1483- 2/452رقم878
وعن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد إذا دخل رجل فصلى
فقال: اللهم اغفر لي وارحمني،فقال رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - عجلت أيها المصلي إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصلِّ عليِّ ثم ادعه.(1) وسنده صحيح(1/2)
وعن فضالة بن عبيد - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ثُمَّ عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يُصَلِّي فَمَجَّدَ اللَّهَ وَحَمِدَهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ِ - صلى الله عليه وسلم - ادْعُ تُجَبْ وَسَلْ تُعْطَ.(2) وسنده صحيح
وحتى تستجاب دعوتك بعد تشهدك يجب أن تصلي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الدعاء وإلا حجبت دعوتك كما قال:? - صلى الله عليه وسلم - كل دعاء محجوب حتى يصلِّ على النبي - صلى الله عليه وسلم - .(3)
فإن لم يتيسرلك فلا تفوت الدعاء أثناء سجودك لطالما كنت ساجدا أثناء صلاتك في فريضة أونافلة ،وذلك أن الدعاء فيه مستجاب.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء.(4)
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِفَقَمِنٌ(5) أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ.(6)
______________________________________________
1- أخرجه أحمد وأبوداود وابن خزيمة (1/83/2). مشكاة المصابيح 1/203.(1/3)
2- أخرجه النسائي 5/55 رقم 1267 .
3- رواه البيهقي في شعب الإيمان والديلمي في الفردوس بسند حسن(ج.ص4523)و[السلسلة الصحيحة2035]
وعن عمر - رضي الله عنه - مرفوعا أخرجه الترمذي2/رقم486ص356- وعارضة الأحوذي (2/273). وذهب الشافعي لوجوب الصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير.[صفة الصلاة 182]
4– صحيح مسلم1/350 رقم482.
5- فقمن :معناه حقيق وجدير.[انظرشرح مسلم للنووي 2/227رقم 738]
6- رواه مسلم 2/227 رقم 738
وبعد اطلاعي على الرسائل المصنفة في الدعاء دبر الصلوات المفروضات فقد عرفت مايحتجون به،فلذلك سلكت في رسالتي منهجا يتناول عدة أمور:
أولا : تعريف معنى كلمة "دبر" لغة.
ثانيا:الأدلة في إثبات أن الأصل في الأدعية أنها تكون ماقبل السلام وليس مابعده.
ثالثا:عرض الأحاديث الصحيحة الوارد فيها كلمة "دبر" ماقبل التسليم.
رابعا:عرض الأحاديث الصحيحة الوارد فيها كلمة "دبر"مابعد التسليم.
خامسا:عرض الأذكارالوارد فيها كلمة "دبر" بعد التسليم من الصلاة.
سادسا: تحقيق الأحاديث التي اعتمدوا عليها في الدعاء دبر الصلاة المكتوبة واتخذوها شرعا وهي ضعيفة السند غير صالحة للإحتجاج .
سابعا : بيان العمل بالسنة التركية والتي هي تبعا للسنة بأنواعها الثلاث.
ثامنا: ذكرفتاوى العلماء في حكم المواظبة على الدعاء دبرالصلوات المكتوبات.
تاسعا: تحقيق حديث فضل قراءة آية الكرسي دبر الصلوات المكتوبات.
أولا: تعريف معنى كلمة "دبر" في اللغة.
لقد جاء الخلاف في معنى كلمة "دبر" التي وردت في أحاديث كثيرة، فهل تحمل على آخر الصلاة مابعد التشهد ، أو مابعد التسليم والانتهاء من الصلاة ،ولذلك يجب الرجوع إلى المعنى اللغوي وفهم المراد من تلك الكلمة.
قال الزبيدي:والدبر- بالضم وبضمتين- نقيض القبل، ومن كل شيء عقبه ومؤخره .ومن المجاز: جئتك دبر الشهر أي آخره على المثل.(1)(1/4)
وقال ابن تيمية:ولفظ دبر يراد به آخر جزء من الصلاة كما يراد بدبر الشيء مؤخره، وقد يراد به ما بعد انقضائها، كما في قوله تعالى: وأدبار السجود.
وقد يراد به مجموع الأمرين،وبعض الأحاديث يفسربعضها بعضاً لمن تتبع ذلك وتدبره. (2)
1- تاج العروس 1/6806 ولسان العرب لابن منظور4/268 والقاموس المحيط.498لفيروز آبادي
2- مجموع الفتاوى 22/517.
ثانيا:إثبات أن الأصل في الأدعية أنها تكون ماقبل السلام وليس مابعد:
وذلك بسبب الاعتماد على نصوص صحيحة تفيد أن الدعاء يكون ماقبل السلام.
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال:قال النبي: - صلى الله عليه وسلم - إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله الصلوات الطيبات.. ثم ليتخيرأحدكم من الدعاء أعجبه إليه، فليدع به ربه عز وجل.(1)وسنده صحيح
وعن فضالة بن عبيد - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ثُمَّ عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّه ِ - صلى الله عليه وسلم - ?رَجُلًا يُصَلِّي فَمَجَّدَ اللَّهَ وَحَمِدَهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّه ِ - صلى الله عليه وسلم - ادْعُ تُجَبْ وَسَلْ تُعْطَ.(3) وسنده صحيح
قال ابن تيمية: وأما لفظ دبر الصلاة فقد يراد به آخر جزء منه وقد يراد به ما يلي آخر جزء منه كما في دبر الإنسان فإنه آخر جزء منه ومثله لفظ العقب قد يراد به الجزء المؤخر من الشيء كعقب الإنسان وقد يراد به ما يلي ذلك .(1/5)
فالدعاء المذكور في دبر الصلاة إما أن يراد به آخر جزء منها ليوافق بقية الأحاديث أو يراد به ما يلي آخرها ويكون ذلك ما بعد التشهد كما سمى ذلك قضاء الصلاة وفراغا منها حيث لم يبق إلا السلام المنافي للصلاة بحيث لو فعله عمدا في الصلاة بطلت صلاته ولا تبطل سائر الأذكار المشروعة في الصلاة أو يكون مطلقا أو مجملا،وبكل حال فلا يجوز أن يخص به ما بعد السلام لأن عامة الأدعية المأثورةكانت قبل ذلك ولا يجوز أن يشرع سنة بلفظ مجمل يخالف السنة المتواترة بالألفاظ الصريحة.[المجموع 22/499]
1- رواه أحمد4/480 رقم 3945 السلسلة الصحيحة4/57 رقم 1483- 2/452رقم878.
2- أخرجه النسائي 5/55 رقم 1267 .
وقال الشيخ ابن عثيمين يرحمه الله:...هذا الفهم للحديث غير متعيِّن، بل يجب أن يُحمل على أنه المراد بالأدبارآخرُ الصَّلوات؛ بدليل حديث ابن مسعود، حيث أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدُّعاء بعد التشهُّدِ ، والسُّنَّة يُفسِّر بعضُها بعضاً.
أماأدبار الصَّلوات فقد أرشد الله سبحانه وتعالى عبادَه إلى أن يذكروا الله بعدَها فقال:(فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّه) (النساء: من الآية103)،وليس فيه الأمر بالدُّعاء.
وعلى هذا فنقول: ما وَرَدَ مقيَّداً بدُبُر الصَّلاة، فإن كان ذِكْراً فهو بعد السَّلام، وإن كان دُعاء فهو قبل السَّلام.إهـ (3)
ثالثا:الأحاديث النبوية الصحيحة الوارد فيها كلمة( دبر ) في الدعاء ماقبل التسليم:
وقد ثبت أن أغلب الدعاء كان قبل السلام ومابعده فهو ذكر.
1- عن مسلم بن أبي بكرة قال:اللهم إني أعوذ بك من الكفر وعذاب القبر، يا أبتي سمعتك تدعو بهن في دبر الصلاة فأخذتن عنك قال: فالزمهن يا بني فإن نبي الله كان يدعوا بهن في دبر الصلاة(1).(1/6)
-2وعن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال. (2)
3-عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المأثم والمغرم؟ فقال: إن الرجل إذا غرم، حدث فكذب ووعد فأخلف.(3)
4-وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله :? - صلى الله عليه وسلم -
علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال:? - صلى الله عليه وسلم - قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم .(4)
5-عن عمرو بن ميمون - رضي الله عنه - قال: كان سعد يعلمه بنيه هؤلاء الكلمات كما يعلم المكتب الغلمان، ويقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ بهن دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من أرذل العمر، وأعوذ من فتنة الدنيا وعذاب القبر.(5)
1-أخرجه النسائي 3/111 بسند حسن .
2-رواه مسلم 3/95 .
3- أخرجه البخاري 1/286-2/844 ومسلم 1/412.
4- أخرجه البخاري 834 ومسلم 2705.
5-رواه البخاري 9/404ورواه الترمذي 3/181رقم 2825 والنسائي11/445-447-478-479 .
6-وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال :كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يكون من آخر مايقول بين التشهد والتسليم :"اللهم اغفر لي ما قدمت وماأخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني ،أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. (1)(1/7)
وفي لفظ عند أبي داود:(إذا سلم من الصلاة) بدلا من ( يكون من آخر مايقول بين التشهد والتسليم).(2)
وفي سنده عبيدالله بن معاذ قد قال فيه ابن معين :ابن سمينة وشباب وعبيدالله بن معاذ ليسوا أصحاب حديث ليسوا بشئ.(3)
وقال أيضا:المثنى بن معاذ مازال مذ هو حدث وهو خير من أخيه عبيدالله بن معاذ مئة مرة . (4)
وهي زيادة شاذة تخالف مافي صحيح مسلم من طريق المقدمي وهوأوثق من عبيدالله
قال ابن حجر:محمد بن أبي بكر بن علي بن مقدم المقدمي ثقة من العاشرة.(5)
وأيضا في صحيح مسلم لم يذكريعقوب بن أبي سلمة الماجشون أبي يوسف" بين التشهد والتسليم"وهو صدوق (6) ولكن ذكرها ابنه يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون وهو أوثق منه (7) وزيادة الثقة مقبولة .
7-وعن محجن بن الأدرع الثقفي - رضي الله عنه - قال :دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد ،فإذاهو برجلٍ قد قضى صلاته وهو يتشهد ،ويقول :اللهم إني أسألك باسمك الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد: أن تغفرلي ،أنك أنت الغفورالرحيم قال:فقال:"قد غفر له،قد غفرله، قدغفرله.(8)
8-وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، المنان ، بديع السموات والأرض ، ذو الجلال و الإكرام فقال:? - صلى الله عليه وسلم - لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطي(9)
----------------------------------------------------------------
1- رواه مسلم 771باب الدعاء في صلاة الليل وهو قطعة من حديث طويل.
2- رواه أبوداود4/9 رقم1509.
3- تهذيب التهذيب 7/44.
4- تهذيب الكمال 27/211.
5- التقريب 6463.
6-رواه مسلم رقم 202. وقال ابن حجر في يعقوب الماجشون :صدوق .(التقريب 8818)
7-رواه مسلم رقم 201. وقال ابن حجر في يوسف الماجشون: ثقة .(التقريب 8905)(1/8)
8- أخرجه ابن ماجه 1/152رقم753.
9- أخرجه أبو داود 1/185رقم869.
9-وقال ابن عباس رضي الله عنهماعن النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الله تعالى قال:يا محمد إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين. (1)
10-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: أَتَشَهَّدُ ثُمَّ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّارِ أَمَا وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ فَقَالَ حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ.(2)
11- عن عطاء بن السائب عن أبيه قال صلى بنا عمار بن ياسر صلاة فأوجز فيها فقال له بعض القوم: لقد خففت أو أوجزت الصلاة فقال: أما على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قام تبعه رجل من القوم هو أبي غير أنه كنى عن نفسه فسأله عن الدعاء ثم جاء فأخبر به القوم" اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما لا ينفد وأسألك قرة عين لا تنقطع وأسألك الرضاء بعد القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين"(3)
1-أخرجه أحمد 5/378 و 4/66 و 1/318 و5/243 ورواه الترمذي 7/233 وإرواء الغليل 3/147 وصحيح الترغيب 1/97-3/133 وظلال الجنة 1/180. ومجمع الزوائد 7/176-177.
2- رواه أحمد32/61 رقم15333وابن ماجه 1/52-8/347وأبي داود 2/292 -293وهو صحيح..
3- أخرجه النسائي 3/449 رقم1305-1306 والنسائي في الكبرى 1/388 وصحيح ابن حبان 8/430 .[السلسلة الصحيحة 9/ 8 رقم 3228 وصحيح الجامع 8/62رقم 3115](1/9)
وقد استعرض شيخ الاسلام الأحاديث التي ورد فيها كلمة "دبر" فمن أراد الرجوع إليها.[مجموع الفتاوى 504- 499/22]
رابعا:الأحاديث النبوية الصحيحة الوارد فيها كلمة "دبر"مابعد التسليم .
الحديث الأول:
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا معاذ والله إني لأحبك فقال: أوصيك يا معاذ لا تدعن أن تقول دبركل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .(1)
وهناك لفظ آخر مما يفسر المجمل من الحديث السابق حيث يكون معنى الدبر في آخر الصلاة.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تدع أن تقول في كل صلاة رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.(2)
وقد يكون حديث معاذ مناسبته ظاهرة حيث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر الله دبر الصلوات المكتوبات فاستعان به في هذا المقام أي عند انتهائه من الصلاة.
وقال الشيخ ابن عثيمين يرحمه الله:...هذا الفهم للحديث غير متعيِّن، بل يجب أن يُحمل على أنه المراد بالأدبار آخرُ الصَّلوات؛ بدليل حديث ابن مسعود، حيث أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدُّعاء بعد التشهُّدِ ، والسُّنَّة يُفسِّر بعضُها بعضاً.
أما أدبار الصَّلوات فقد أرشد الله سبحانه وتعالى عبادَه إلى أن يذكروا الله بعدَها فقال:(فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّه) (النساء: من الآية103)،
وليس فيه الأمر بالدُّعاء.وعلى هذا فنقول: ما وَرَدَ مقيَّداً بدُبُر الصَّلاة، فإن كان ذِكْراً فهو بعد السَّلام، وإن كان دُعاء فهو قبل السَّلام.إهـ (3)
1-. رواه أبو داود 1/284.وسنده صحيح.ولمزيد من التحقيق والتخريج يرجع لكتاب الأذكار للنووي 1/182-183 بتحقيق سليم الهلالي .
2- رواه النسائي 2/447 رقم 1303..
3-الشرح الممتع المجلد الثالث204 -201/.
الحديث الثاني:عن صهيب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء،فقلت: يارسول الله ماهذا الذي تقول؟(1/10)
قال:"اللهم بك أحاول، وبك أصاول،وبك أقاتل".(1) وسنده صحيح.
وفي لفظ :أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أيام خيبريحرك شفتيه بعد صلاة الفجر.(2)
فإذا نظرت إلى متن الحديث تجد ظاهره ومناسبته قيلت في غزوة من الغزوات ،وهو كما ثبت في لفظ آخر للحديث فيحمل الحديث العام على الخاص.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد خصص هذا الدعاء في غزوة حنين ولم يكن يذكره في غيرها كم صرح به صهيبب - رضي الله عنه - .
عن صهيب - رضي الله عنه - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :إذا صلى أيام حنين همس شيئا فقيل له:إنك تفعل شيئا لم تكن تفعله، الحديث.....(3) وسنده صحيح.
وفي رواية : عن أبي مجلز أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لقي العدو قال:" اللهم أنت عضدي ونصيري ،بك أحاول وبك أصول وبك أقاتل.( 4) وسنده صحيح
1- أخرجه أحمد 4/332-6/16 والدارمي 2/216
2- صحيح ابن حبان 5/374.
3-صحيح ابن حبان 11/72رقم 4758 باب التقليد والجرس للدواب.
4-رواه ابن أبي شيبة6/75 رقم29585 ومصنف عبدالرزاق 5/205.
ومعنى أصاول:أثب وأهاجم وأسطو وأقهر.
الحديث الثالث:
قال مسلم حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْبَرَاءِ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ:كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَال:َ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ أَوْ تَجْمَعُ عِبَادَكَ.
وحَدَّثَنَاه أَبُو كُرَيْبٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ. (1)(1/11)
فحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - لايمكن أن يكون موضعه بعد الصلاة ولكن يمكن تصوره ماقبل السلام لورودأكثر الأدعية في ذلك الموضع،والدعاء فيه مجاب كما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ،وأيضا لقد ورد مايقوي ذلك حيث دلت النصوص محل الاستعاذة من النار.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :لِرَجُلٍ مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: أَتَشَهَّدُ ثُمَّ أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِهِ مِنْ النَّارِ أَمَا وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ فَقَالَ حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ. (2)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم...(3)
ولقد نقل عن أحد الصحابة أنه كان يدعو بحديث البراء في أثناء سجوده.
قال عبد الرزاق عن بن عيينة عن مسعر عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال صليت إلى جنب ابن عمر فسمعته يقول وهو ساجد يقول: رب قني عذابك يوم تبعث عبادك.(4)
1- رواه مسلم 4/20 رقم1159 وابن خزيمة6/42 رقم 1481- 6/40 رقم1479 والبيهقي في سننه2/182 ومستخرج أبو عوانة 4/419 رقم 1658.
2-رواه أحمد32/61 رقم15333وابن ماجه 1/52-8/347وأبي داود 2/292 -293وهو صحيح.
3- رواه مسلم 3/95.
4-أخرجه عبدالرزاق في مصنفه 2/158 رقم 2891.فائدة :حديث البراء بن عازب قد ذكر في أذكار النوم.أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قَالَ :اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ.أخرجه ابن ماجه 11/342 وسنده صحيح.[تحفة الأشراف3/404-405 ومختصر الشمائل1/141 رقم216 والسلسلة الصحيحة 6/584-253والعلل للدارقطني 5/296](1/12)
خامسا:عرض الأذكار الواردة مابعد التسليم وورد فيها ذكرلفظ "دبر".
قال ابن تيمية يرحمه الله بشأن صفات الأذكار التي دبر الصلوات:
والمأثور خمسة أنواع:
أحدها: أنه يقول هذه الكلمات عشراً عشراً، فالمجموع ثلاثون.
والثاني: أن يقول كل واحدة إحدى عشر فالمجموع ثلاث وثلاثون.
والثالث: أن يقول كل واحدة ثلاثاً وثلاثون، فالمجموع تسع وتسعون.
والرابع: أن يختم ذلك بالتوحيد التام، فالمجموع مائة.
والخامس: أن يقول كل واحد من الكلمات الأربع خمسا وعشرون فالمجموع مائة.اهـ (1)
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير ومن يعمل بهما قليل، يسبح في دبر كل صلاة عشراً، ويحمد عشراً، ويكبر عشراً، فذلك خمسون ومائة باللسان وألف وخمسمائة في الميزان ويكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه ويحمد ثلاثا وثلاثين ويسبح ثلاثا وثلاثين فذلك مائة باللسان وألف في الميزان " فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعقدها بيده ،قالوا يارسول الله : كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل؟
قال:? - صلى الله عليه وسلم - يأتي أحدكم - يعني الشيطان- وفي منامه فينومه قبل أن يقوله ويأتيه في صلاته فيذكره حاجة قبل أن يقوله.(2)
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ذهب أهل الدثورمن الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها، ويعتمرون ويجاهدون، ويتصدقون، قال: ألا أحدثكم بأمرإن أخذتم به أدرتكم من سبقكم ولم يدرككم أحد من بعدكم بعدكم،وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه،إلا من عمل مثله: قال: تسبحون ،وتحمدون ، وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين.(3)
1-. مجموع الفتاوى 515-517/ 22وفي موضع آخر 493-494 .(1/13)
2- أخرجه أحمد2/161و205 وأبوداود 5065 والترمذي 3471 والنسائي 3/74-75 ورواه النووي في الأذكار 1/180 رقم185 تحقيق الهلالي
3. - أخرجه البخاري 842 ومسلم 1337.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمده ثلاثاً وثلاثين وكبر ثلاثاً وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. (2)
وعن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: معقبات لا يخيب قائلهن، أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة، ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، وأربعاً وثلاثين تكبيرة . (3)
وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال:?أمروا أن يسبحوا دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، ويحمدوا ثلاثاً وثلاثين، ويكبروا أربعاً وأربعين، فأتى رجل من الأنصار في منامه، فقيل له: أمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسبحوا دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدوا ثلاثاً وثلاثين، وتكبروا أربعاً وثلاثين؟ قال: نعم.قال: فاجعلوها خمساً وعشرين، واجعلوا فيها التهليل يعني خمساً وعشرين، فلما أصبح، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، قال: اجعلوها كذلك. (3)
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من قال دبر صلاة الغداة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، مائة مرة وهو ثاني رجليه، كان يومئذ أفضل أهل الأرض عملاً، إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ذلك (4). وسنده حسن
وهناك صفات متنوعة في الأذكار بعد انتهاء الصلاة المفروضة:(1/14)
عن ثوبان - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.(5)
وعن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ?كان يقول دبر كل صلاة إذا سلم:لاإله إلا الله وحده لاشريك له،له الملك وله الحمد،وهوعلى كل شيء قدير،اللهم لامانع لما أعطيت ،ولامعطي لما منعت،ولاينفع ذا الجد منك الجد.[ رواه البخاري 844 ومسلم1337]
1- أخرجه البخاري844 ومسلم 593.
2- أخرجه البخاري 843 ومسلم595.
3- رواه الترمذي 3413 وصححه الألباني.
4- أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة 143 وحسنه الألباني في صحيح الترغيب 1/263/471.
5- رواه مسلم 1333 .وحديث عائشة رواه مسلم 1334
سادسا: الأحاديث التي اعتمدوا عليهافي الدعاء بعد الصلوات وهي ضعيفة السند غير صالحة للإحتجاج :
1- قال الترمذي ثنا محمد بن يحيى الثقفي المروزي ثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عبدالرحمن بن سابط عن أبي أمامة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" أي الدعاء أسمع،قال: جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات ".(1)
وفي هذا الحديث علل ثلاثة وهي كالتالي:العلة الأولى: حفص بن غياث.
قال يعقوب بن شيبة: ثبت إذا حدث من كتابه ويتقى بعض حفظه.[الكاشف1/343]
وقال أبوزرعة:ساء حفظه بعدما استقضى،فمن كتب عنه من كتاب فهو صالح .(2)
وقال الحسين بن إدريس الأنصاري عن داود بن رشيد حفص بن غياث كثير الغلط.(3)
العلةالثانية:عنعنة ابن جريج وهو لم يصرح بالتحديث وهو مدلس.
والعلة الثالثة :الانقطاع بين ابن سابط وأبي أمامة .
قال ابن القطان: واعلم أن مايرويه عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة ليس بمتصل وإنما هو منقطع بين عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة لم يسمع منه.(4)(1/15)
وقد تعقب ابن حجرالترمذي فقال:وفيماقاله نظر لأن له عللا ؛أحداها: الانقطاع قال العباس الدوري في تاريخه عن يحيى بن معين: لم يسمع بن سابط من أبي أمامة (5)
ثانيتها :عنعنة ابن جريج .
ثالثتهما: الشذوذ، فقد جاء عن خمسة من أصحاب أبي أمامة أصل هذا الحديث من رواية أبي أمامة عن عمرو بن عنبسة، اقتصروا كلهم على الشق الأول.اهـ[نتائج الأفكار 2/170]
---------------------------------------------
1- رواه الترمذي 5/526رقم 3499 بتحقيق ابراهيم عطوان.
2- ميزان الاعتدال 1/657 والجرح والتعديل 1/185 .
3-تهذيب الكمال 7/56.
4- المراسيل للرازي212- وجامع العلوم والحكم 410 تحقيق عبد الرزاق الرعود.
5- تاريخ ابن معين برواية الدوري 366 والمراسيل للرازي212.وجامع التحصيل428.
وقد ضعف هذا الحديث غير الحافظ ابن حجر هو العلامة الألباني يرحمه الله في مشكاة المصابيح(968-1231) والكلم الطيب113 ثم رجع إلى تحسينه كما في الترمذي (2782).
وضعفه أيضا الشيخ عمرو عبد المنعم سليم فقال:شاذ وليس له شاهد من حديث عمرو بن عنبسة.[السنن والمبتدعات في العبادات296]
وقد وهم الزيلعي حيث إنه ذكر أن ابن جريج قد صرح بالتحديث في مصنف عبد الرزاق وهذا لايوجد. (1)
ووهم أيضا من جعل حديث عمرو بن عنبسة شاهد لحديث أبي أمامة فلا يشبهه كشاهد إلا بطرفه الأول .
عن عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ. (2)
وقد قال الترمذي بعد حديث أبي أمامة هذا حديث حسن .(3)
ولايتناسب تحسين الترمذي للحديث مع مااشترطه في التحسين.(1/16)
قال أبو عيسى: وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا كل حديث يروى لايكون في إسناده من يتهم بالكذب ولايكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذاك فهو عندنا حسن.(4)
قلت: إن الوجه الآخر للحديث الذي رواه عمرو بن عنبسة"أي الليل أجوب دعوة،قال :جوف الليل" وليس في الحديث "دبر الصلوات المكتوبات" حتى يتقوى به ويكون شاهدا وحسنا لغيره.
وأما تقويته بطرف الحديث ومعناه أن الدعاء مستجاب ومسموع في جوف الليل الآخر(5)
فهذا ممكن ،وأما بقية حديث أبي أمامة فلا يمكن لتفرده في المعني وبذا يكون شاذا.
ولعل هذا من أوهام حفص بن غياث لأنه لم يكن يحدث إلا عن طريق كتبه وإن حدث من حفظه وهم وغلط كما نص عليه النقاد من قبل كابن رشيد وأبي زرعة ويعقوب.
1- نصب الراية 2/160 طبعة دار الحديث مصر 1357هـ بتحقيق محمد يوسف البنوري.
2- رواه الترمذي 11/498 رقم 3503.
3-رواه الترمذي 11/404 رقم 3421.
4- العلل الصغير1/758.
5-ويستغنى عن هذا الحديث بالحديث المشهور الثابت وهو حديث نزول الرب - جل جلاله - في الثلث الأخير من الليل.
والأمر الآخر أن تحسين الترمذي لهذا الحديث فيه شيء من التساهل كما غمزه الذهبي وغيره.
قال الذهبي: وأما الترمذي؛فروى حديثه:"الصلح جائز بين المسلمين "وصححه ،فلهذا لايعتمد العلماء على تصحيح الترمذي. (1)
وقال أيضا: يترخص في قبول الأحاديث ولا يشدد،ونفسه في التضعيف رخو.(2)
وقال أيضا في ترجمة يحيى بن يمان : حسنه الترمذي مع ضعف ثلاثة فيه فلا يعتبر بتحسين الترمذي فعند المحقاقة غالبها ضعاف.(3)
وقال العلامة الألباني: أما تحسين الترمذي وتصحيحه ففيه تساهل كبير.(4)
ولايقتضي وصف الترمذي بأن الحديث حسن أن يكون مما يحتج به عنده.(1/17)
قال ابن حجر:ويدل على أن الحديث إذا وصفه الترمذي بالحسن لايلزمه عنده أن يحتج به :أنه أخرج حديثا من طريق :خثيمة البصري ،عن الحسن ،عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - وقال بعده- هذا حديث حسن،وليس إسناده بذاك.[النكت 1/402]
فقه حديث أبي أمامة:
حديث أبي أمامة مجمل وقد فسره النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر وبين محل الدعاء.
عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال:قال النبي: - صلى الله عليه وسلم - إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله الصلوات الطيبات.. ثم ليتخيرأحدكم من الدعاء أعجبه إليه، فليدع به ربه عز وجل.(1
بل صرح النبي - صلى الله عليه وسلم - محل إجابة الدعاء مما يفسر معنى( الدبر) في حديث أبي أمامة وهوماقبل السلام.فهناك قال - صلى الله عليه وسلم - : أي الدعاء أسمع .
وهنا في هذا الحديث المبين قال - صلى الله عليه وسلم - : (أدع تجب) .فصار مبينا لما أجمله.
وعن فضالة بن عبيد - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَجِلْتَ أَيُّهَاالْمُصَلِّي ثُمَّ عَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يُصَلِّي فَمَجَّدَ اللَّهَ وَحَمِدَهُ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ادْعُ تُجَبْ وَسَلْ تُعْطَ.(2)
1- ميزان الاعتدال 3/407.
2-سير أعلام النبلاء13/276.
3- ميزان الاعتدال 4/416.وانظر كذلك في ترجمة كثير المزني :3/407و3/14.
4- رياض الصالحين ص8 والسلسلة الضعيفة3/30-1/36رقم 1549.
5-أخرجه أبو داود 2/95 .(1/18)
2- وعن أبي مسلم البجلي عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال:كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في دبر صلاته: اللهم ربنا رب كل شيء أنا شهيد أنك أنت الرب وحدك لا شريك لك قال إبراهيم مرتين: ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن محمدا عبدك ورسولك ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن العباد كلهم أخوة، اللهم ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصا لك وأهلي في كل ساعة من الدنيا والآخرة ذا الجلال والإكرام اسمع واستجب الله الأكبر الأكبر الله نور السموات والأرض الله الأكبر الأكبر حسبي الله ونعم الوكيل الله الأكبر الأكبر. قال الألباني :ضعيف ،وأبو مسلم البجلي مجهول وداود لين الحديث. (5)
وفي سنده داود بن راشد الطفاوي قال عنه العقيلي :حديثه باطل لاأصل له.[الجرح والتعديل3/412]
3-وعن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: كلمات من ذكرهن مائة مرة دبركل صلاة:الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم كانت ذنوبه مثل زبد البحر لمحتهن (. (1 وفي إسناده ابن لهيعة المصري.وهو موقوف على أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - .قال عبدالله :أبي لم يرفعه.(1/19)
4-عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ كَعْبًا حَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ الَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَى إِنَّا لَنَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ دَاوُدَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي جَعَلْتَهُ لِي عِصْمَةً وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ نِقْمَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ. قَالَ وَحَدَّثَنِي كَعْبٌ أَنَّ صُهَيْبًا حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهُنَّ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ صَلَاتِهِ.(2)وفي إسناده أبي مروان والد عطاء مجهول .
قال الأعظمي:إسناده ضعيف أبومروان والد عطاء ليس بالمعروف كما قال النسائي.(3)
وقول هذا الرجل المجهول الغير مسمى ليس بحجة.
قال المعلمي :إنما كان كعب يخبر عن صحف أهل الكتاب ،وقد عرف المسلمون قاطبة أنها مغيرة مبدلة ، فكان مانسب إليه في الكتب فحكمه حكم تلك الصحف،فإن كان بعض الآخذين عنه ربما يحكي قوله ولايسميه فغايته أن يعد قولا للحاكي نفسه،وقوله غير حجة .(4)
1- أخرجه أحمد 44/1رقم20535 - ضعيف الجامع الصغير 4263.
2- أخرجه النسائي 3/73 في كتاب السهو وقال الألباني: ضعيف .
3-رواه ابن خزيمة 2/213 رقم722.وابن حبان(9/41رقم2061)فيه ابن أبي السري وهوكثير الأوهام.
4- الأنوار الكاشفة 126.
وفي سنده أيضا كعب الأحبار فروايته لاتصح عن صهيب كما قال العلامة المعلمي..(1/20)
قال المعلمي رحمه الله: فهذه كتب الحديث والآثار موجودة لاتكاد تجد فيها خبرا يروى عن كعب عن النبي ، فإن وجد فلن تجده إلا من رواية بعض صغار التابعين عن كعب، ولعله لايصح عنه ،وكذا روايته عن عمر ،وكذا روايته عن صهيب وعائشة مع أنهما مات قبلهما بزمان،وعامةماروى عنه حكايات عن أهل الكتاب ومن قوله.(1)
قلت:ثم إن متن الحديث مركب من ثلاثة أحاديث في حديث واحد فكأنه من صنع أحد الناس.
الأول: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي جَعَلْتَهُ لِي عِصْمَةً وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي.
وهو جزءمن طرف حديث عام من حديث أبي هريرة في صحيح مسلم مرفوعا قال: اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ.(2) .
الثاني: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ نِقْمَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ.
وهو جزءمن أدعية السجود، عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ :فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُول:ُاللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ..(3)
الثالث : لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ.(1/21)
وهوجزء من أذكار مابعد الصلاة ،عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - :أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول دبر كل صلاة إذا سلم:لاإله إلا الله وحده لاشريك له،له الملك وله الحمد،وهوعلى كل شيء قدير،اللهم لامانع لما أعطيت ،ولامعطي لما منعت،ولاينفع ذا الجد منك الجد.(4)
1-الأنوار الكاشفة 105.
2- رواه مسلم 13/249 رقم4897.
3- رواه مسلم 3/36 رقم751.
4- رواه البخاري 844 ومسلم1337.
وهناك حديث يشهد للحديث الماضي ولكنه مقيد في السفر ، إلا أن سنده ضعيف جدا.
عن إسحاق بن يحيى بن طلحة ، حدثني ابن أبي برزة الأسلمي ، عن أبيه ، رضي الله عنه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح - قال : ولا أعلمه إلا قال في سفر - رفع صوته حتى يسمع أصحابه :« اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته عصمة أمري ، اللهم أصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي - ثلاث مرات - اللهم أصلح لي آخرتي التي جعلت إليها مرجعي - ثلاث مرات - اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، اللهم إني أعوذ بك منك - ثلاث مرات - اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ،ولا ينفع ذا الجد منك الجد »(1) وسنده ضعيف جدا.
وهذا الحديث من طريق ابن أبي برزة وابن بريدة الأسلمي عن أبيه به وعلته إسحاق بن يحيى بن طلحة وهو متروك. قال ابن حنبل:متروك الحديث.وقال أبوزرعة:واهي الحديث ،وقال ابن حبان :كان ردئ الحفظ سيء الفهم يخطئ. (2)
5-عن شداد بن أوس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في صلاته :اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد،وأسألك شكر نعمتك ، وحسن عبادتك ، وأسألك قلبا سليما ،ولسانا صادقا ،وأسألك من خير ماتعلم وأعوذ بك شر ماتعلم واستغفرك لما تعلم. (3)
قال الألباني :ظاهر إسناده الصحة ،ولكن فيه علة قادحة ... فيه رجلا من بني حنظلة وهو مجهول وهو علة الحديث،فتبين،ثم إن الحديث مطلق وليس مقيدا بالتشهد ،فتأمل. (4)(1/22)
6-وقال ابن السني حدثني أحمد بن الحسن بن أديبويه ، ثنا أبو يعقوب إسحاق بن خالد بن يزيد البالسي ، ثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن البالسي ، عن خصيف ، عن أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :« ما من عبد بسط كفيه في دبر كل صلاة ، ثم يقول: اللهم إلهي وإله إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، وإله جبرائيل ، وميكائيل ، وإسرافيل عليهم السلام ،
1- رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة 1/242- 2/486 انظر فتح الباري لابن رجب 6/105وتمام المنة للألباني 229-230.
2- العلل 3173 - الجرح والتعديل 2/236- المجروحين 2/133.
3- ضعيف النسائي 3/448 رقم1448،وضعيف الترمذي 1/444و7/407 رقم3407- 3648،وضعيف الجامع (1190) .
4- تمام المنة للألباني بتصرف صفحة225 .
أسألك أن تستجيب دعوتي ، فإني مضطر ، وتعصمني في ديني فإني مبتلى ، وتنالني برحمتك فإني مذنب ، وتنفي عني الفقر فإني متمسكن ، إلا كان حقا على الله عز وجل أن لا يرد يديه خائبتين ».(1)
قال الإمام احمد في عبدالعزيز البالسي:اضرب على أحاديثه هي كذب أوقال موضوعة .(2)
وقال الذهبي في اسحاق البالسي :روى غير حديث منكر يدل على ضعفه قاله أبوأحمد بن عدي.(3)
7-عن أبي أمامة - رضي الله عنه - مرفوعاً قال: أنه قال ما دنوت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دبر مكتوبة، ولا تطوع إلا سمعته يقول:اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم انعشني , واجبرني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق فإنه لايهدي لصالحا إلا أنت ولايصرف سيئها ألا أنت. (4) إسناده حسن بالشواهد .
وهذا الحديث فيه ثلاثة طرق :
الأول: وقد أخرجه ابن السني ,والطبراني في الكبيرمن طريق علي بن يزيد الألهاني أبي عبد الملك.(4)
وقال عنه ابن حجر: ضعيف. (التقريب5404)
ومتن حديثه: ما دنوت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دبر مكتوبة، ولا تطوع إلا سمعته يقول.(1/23)
ومتن آخر:مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَأَنَا قَرِيبٌ مِنْهُ إِلا سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ.(5)
الطريق الثاني:أخرجه الطبراني في الكبيرمن طريق الزبير بن خريق ،وقال عنه ابن حجر:لين الحديث (التقريب 2146).ومتن حديثه: مَا كُنْتُ قَرِيبًا مِنَ النَّبِي ِّ - صلى الله عليه وسلم - ، إِلا سَمِعْتُهُ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء:"اللَّهُمَّ، اهْدِنِي لِصَالِحِ الأَعْمَالِ وَالأَخْلاقِ، فَإِنَّهُ لا يَهْدِي لِصَالِحِهَا إِلا أَنْتَ، وَلا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ".(6)
وابن خريق لم يذكر موضع سماع الدعاء كما ذكره الألهاني وهو في دبركل صلاة.
وثانيا:لم يذكرطرف الحديث:اللهم اغفر لي ذنوبي وخطاياي كلها، اللهم انعشني , واجبرني.
ولكنه اقتصر على آخره .
_____________________________
1-أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة رقم 138 وانظر إلى تحقيقه في تصحيح الدعاء لبكر بوزيد ص 440.
2- ميزان الاعتدال 5/388.
3-ميزان الاعتدال 1/190.
4- رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة ص105 -104 رقم 116 وص 53 رقم 114 وفي سنده علي بن يزيد
ورواه الطبراني في الكبير 7/222-258 قد صرح بكنية علي بن يزيد وهو أبو عبدالملك.
5- رواه الطبراني في الكبير 7/258.
6- رواه الطبراني في الكبير 7/288
أما الطريق الثالث: أخرجه الطبراني في الأوسط قال:حدثنا عبد الله بن زيدان البجلي قال : نا حمزة بن عون المسعودي قال: نا محمد بن الصلت قال:نا عمر بن مسكين ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن أبي أيوب قال : ما صليت وراء نبيكم صلى الله عليه وسلم إلا سمعته حين ينصرف يقول : « اللهم اغفر لي خطاياي وذنوبي كلها ، اللهم وانعشني واجبرني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق ، إنه لا يهدي لصالحها ولا يصرف عني سيئها إلا أنت » « لا يروى هذا الحديث عن أبي أيوب إلا بهذا الإسناد ، تفرد به : محمد بن الصلت »(1)(1/24)
قلت: وهذا الحديث رواه أبوأيوب - رضي الله عنه - بخلاف السابق رواه أبوأمامة - رضي الله عنه - .
ومتنه : ما صليت وراء نبيكم صلى الله عليه وسلم إلا سمعته حين ينصرف.
وعمر بن مسكين قد ذكر زيادة في متنه (حين ينصرف) وهي زيادة منكرة قد تفرد بها ، لم يذكرها
الزبيربن خريق ولا الألهاني الذي كان حديثه مبين:وَأَنَا قَرِيبٌ مِنْهُ إِلا سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ.
والدبر الأصل فيه ماقبل السلام لأنه دعاءكبقية أحاديث الدبر التي جلها ماقبل التسليم كما بيناه في موضعه.
والخلاصة : أن عمر بن مسكين لايتابع على حديثه .
قال ابن عدي:عمر بن مسكين المديني روى عنه عبد الرحمن المحاربي عن نافع عن بن عمر في الجنازة لا يتابع عليه سمعت بن حماد يذكره عن البخاري ويروي عمر بن مسكين عن نافع عن بن عمر في غسل الجمعة وغير ذلك من الأحاديث معروفة وقد حدث عنه جبارة بغير حديث .(2)
وتلك العباره تشابه عبارة (فلان لا يعتبر به ) أي :أنه ضعيف جدا لا يصلح للاعتبار.(3)
واختياري لهذا اللفظ لأن معنى (فلان يعتبر به )أي بالمتابعات والشواهد و(فلان يتابع عليه )كذلك في المتابعات والشواهد ونفي الاعتبار هو تضعيف شديد وكذلك نفي المتابعه .
وفي سند هذا الحديث أيضاحمزة بن عون المسعودي لم يعرف بجرح ولاتعديل وذكره ابن حبان في الثقات كعادته في توثيق المجاهيل. [الثقات 8/210] .____________________________________________________
1-رواه الطبراني في الأوسط 10/150 رقم 4596وفي الطبراني الصغير 2/215 رقم 611.
2- لسان الميزان 4/331 رقم 938 و الكامل 5/160 رقم 1236 .
3- ضوابط الجرح والتعديل 153.(1/25)
8-عن الحارث بن مسلم أنه أخبره عن أبيه عن مسلم بن الحارث التميمي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أسر إليه فقال: " إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل اللهم أجرني من النار سبع مرات فإنك إذا قلت ذلك ثم مت في ليلتك كتب لك جوار منها وإذا صليت الصبح فقل كذلك فإنك إن مت في يومك كتب لك جوار. (2)وفي سنده مجهول وهو الحارث بن مسلم.(3)
قال الحافظ ابن حجر: وقد جزم الدارقطني بأنه مجهول والحديث الذي رواه أصله تفرد به مارأيته إلامن روايته وتصحيح مثل هذا في غاية البعد .(4)
9-عن مولى لأم سلمة عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم :( اللهم إني أسألك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا).وإسناده ضعيف لجهالة مولى أم سلمة.(5)وتابعه الشعبي عند الطبراني في الصغير ولكن سنده منقطع لأن الشعبي لم يسمع من أم سلمة .وله شاهد من طريق أبي الدرداء أخرجه الطبراني في الدعاء وفي سنده مجهول الحال .(6)
وقال ابن حجرفي النتائج: رجاله رجال الصحيح إلا أنا أبا عمر لايعرف حاله ،ولااسمه، وقيل اسمه: نشيط. (7) وقال عنه أيضا: مقبول من السادسة وروايته عن أبي الدرداء مرسلة .(8)
فخلاصة الحديث: سنده ضعيف لاشتراكهما في الجهالة والطبقة،ومتابعة الشعبي لاتقويه ،لاحتمال أن يكون قد تلقاه من المولى المجهول .(9)
1- أخرجه الطبراني في الكبير (7982 )وفي سنده الزبير بن خريق.
2- ضعيف أبي داود للألباني 2/741 رقم5079 وانظر للأذكار للنووي 1/191 رقم196تحقيق الهلالي.
3- الكاشف 2/258 رقم5411 وسؤالات البرقاني 1/65 رقم 490 ولسان الميزان2/160رقم697.
4- تهذيب التهذيب 10/113.
5- أخرجه أحمد 6/294و305و318و322 وابن ماجه (925) والنسائي في عمل اليوم والليلة (102) والطبراني في الصغير 1/260
6-والطبراني في الدعاء (670).
7- نتائج الأفكار2/229
8- التقريب 2/454.(1/26)
9- انظر إلى الأذكار للنووي بتحقيق سليم الهلالي 8/192-193 وتمام المنة للألباني 233.
10-قال الطبراني حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بن مُجَاهِدٍ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُنْذِرُ بن الْوَلِيدِ الْجَارُودِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شَدَّادٌ أَبُو طَلْحَةَ الرَّاسِبِيُّ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ - رضي الله عنه - ُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :مارفع قوم أكفهم إلى الله عزوجل يسألونه شيئا إلا كان حقا على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا.(1)في سنده لم أجده وهو يعقوب البصري فهو غير يعقوب بن مجاهد المدني القاص.
11-عن عبد الله بن الزبير :أنه رأى رجلا رافعا يديه يدعو، قبل أن يفرغ من صلاته ،فلما فرغ منها قال له: إن رسول الله لم يكن يرفع يديه إلا إذا فرغ من صلاته .(2)
قال الشيخ بكر بوزيد: وفي سنده إنقطاع بين محمد بن أبي يحيى الأسلمي وبين عبدالله بن الزبير،مع مافي ابن أبي يحيى من مقال بل هو متروك كما حكى الإجماع على ذلك ابن عبدالبر ،والراوي عنه :الفضل بن سليمان النميري متكلم فيه.(3)
12- عن الفضل بن عباس ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : الصلاةُ مثنى مثنى ، وتَشَهُّدٌ في كلِّ ركعتين ، وتضرُّعٌ ، وتخشعٌ ، وتمسكنٌ ، وتُقنعُ يَديك - يقول : ترفعهما إلى ربِّك مستقبلاً بهما وجهَك - وتقول : يا ربِّ يا ربِّ ، فمن لم يفعل ذلك فهي خِداجٌ.(4)
وهو حديث ضعيف الإسناد مداره على عبد الله بن نافع بن العمياءوهو مجهول.(5)
________________________________________________
1- أخرجه الطبراني في الكبير6/67 برقم 6019- وقد ضعفه الألباني في ضعيف الجامع 5070.
2- أخرجه الطبراني في الكبير13/129 ومجمع الزوائد10/169.
3- تصحيح الدعاء لبكر بوزيد ص440.(1/27)
4- أخرجه : أحمد 1/211 و4/167 ، والترمذي ( 385 ) ، والنسائي في "الكبرى" ( 615 ) و( 1440 ) ، وأبو يعلى ( 6738 ) ، وابن خزيمة ( 1213 ) ، والطحاوي في " شرح المشكل " ( 1094 ) و( 1095 ) و( 1096 ) ، والطبراني في " الكبير " 18/( 757 ) ، وفي " الأوسط " ، له ( 4827 ) ، والبيهقي 2/487 ، والبغوي ( 740 ) ،وجامع العلوم والحكم من الحديث العاشر.
5- التقريب 4055.
سابعا:بيان العمل بالسنة التركية والتي هي تبعا للسنة بأنواعها الثلاثة.
ومن بعد التفصيل الآنف الذكر، يجب أن نعلم أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء بعد الصلوات المكتوبات هو ترك الدعاء ،والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد ترك الدعاء في دبر الصلوات لأنه لم يرد عنه إلا حديث معاذ وقد وجد لهذا الحديث المجمل حديث يفسره كما أسلفت .
وحديث البراء ووجد من الصحابة قد بين محل العمل به وهو ولاشك في الصلاة وابن عمر رضي الله عنهما هو من أشد الصحابة تمسكا بسنة النبي - عليه السلام - .
ويشمل ترك الدعاء أيضا ترك رفع اليدين في الدعاء دبر الصلوات المفروضات ضمنا.
لذلك لوأننا اتبعنا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - القولية والفعلية والإقرارية،لوجب عليناكذلك أن نتبعه في سنته التركية . (1)
ومن تمسك بالمشروع وحققه تحقيقا عمليا وهو الدعاء مابين الأذان والإقامة
سواءا كان برفع اليدين لثبوت نص الدعاء في هذا الموطن ،أو أثناء السجود في النافلة أوالفريضة ،وأيضا الدعاء في التشهد الأخيرفي كل الفرائض .
وكذلك الدعاء أثناء السجود حتى مابعد الفريضة للسنن البعدية.فإن ثبتنا على ماجاء في السنة لما احتيج لأحداث الدعاء في دبر الصلاة المكتوبة ومن ثم المواظبة عليها؛ففي السنة المشروعة غنية وكفاية والله تعالى أعلم.
1- ذكرها ابن تيمية في الاقتضاء والشاطبي في الاعتصام وعلي محفوظ في الابداع وغيرهم.
ثامنا:فتاوى العلماء في حكم المواظبة على الدعاء في دبرالصلوات المكتوبات(1/28)
وأفضل من فصل من العلماء في حكم الدعاء دبر الصلوات هوابن تيمية رحمه الله.
وسئل رحمه الله:عن الدعاء عقيب الصلاة هل هو سنة أم لا؟
وسئل رحمه الله: هل دعاء الإمام والمأموم عقيب صلاة الفرض جائز أم لا؟
فأجاب:الحمد لله أما دعاء الإمام والمأمومين جميعا عقيب الصلاة فهو بدعة لم يكن على عهد النبي بل إنما كان دعاؤه في صلب الصلاة فإن المصلى يناجى ربه فإذا دعا حال مناجاته له كان مناسبا وأما الدعاء بعد انصرافه من مناجاته وخطابه فغير مناسب وإنما المسنون عقب الصلاة هو الذكر المأثور عن النبى - صلى الله عليه وسلم - من التهليل والتحميد والتكبير كما كان النبي يقول عقب الصلاة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لما مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
وقد ثبت في الصحيح أنه قال: من سبح دبر الصلاة ثلاثا وثلاثين وحمد ثلاثا وثلاثين وكبر ثلاثا وثلاثين فذلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير حطت خطاياه أو كما قال فهذا ونحوه هو المسنون عقب الصلاة والله أعلم..[ 519-520/22]
وسئل:ومن أنكرعلى إمام لم يدع عقيب صلاة العصر هل هو مصيب أم مخطىء؟.
فأجاب: الحمد لله لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو هو والمأمومون عقيب الصلوات الخمس كما يفعله بعض الناس عقيب الفجر والعصر ولا نقل ذلك عن أحمد ولا استحب ذلك أحد من الأئمة ومن نقل عن الشافعي أنه استحب ذلك فقد غلط عليه ولفظه الموجود في كتابه ينافى ذلك وكذلك أحمد وغيره من الأئمة لم يستحبوا ذلك.
ولكن طائفة من أصحاب أحمد وأبى حنيفة وغيرهما استحبوا الدعاء بعد الفجر والعصر قالوا لأن هاتين الصلاتين لا صلاة بعدهما فتعوض بالدعاء عن الصلاة.(1/29)
واستحب طائفة أخرى من أصحاب الشافعي وغيره الدعاء عقيب الصلوات الخمس وكلهم متفقون على أن من ترك الدعاء لم ينكر عليه.
ومن أنكر عليه فهو مخطئ باتفاق العلماء فإن هذا ليس مأمورا به لا أمر إيجاب ولا أمر استحباب في هذا الموطن والمنكر على التارك أحق بالإنكار منه بل الفاعل أحق بالإنكار فإن المداومة على مالم يكن النبي يداوم عليه في الصلوات الخمس ليس مشروعا بل مكروه كما لو داوم على الدعاء قبل الدخول في الصلوات أو داوم على القنوت في الركعة الأولى أو في الصلوات الخمس أو داوم على الجهر بالاستفتاح في كل صلاة ونحو ذلك فإنه مكروه وإن كان القنوت فى الصلوات الخمس قد فعله النبي أحيانا وقد كان عمر يجهر بالاستفتاح أحيانا وجهر رجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك فاقره عليه فليس كل ما يشرع فعله أحيانا تشرع المداومة عليه
ولو دعا الإمام والمأموم أحيانا عقيب الصلاة لأمر عارض لم يعد هذا مخالفا للسنة كالذى يداوم على ذلك والأحاديث الصحيحة تدل على أن النبي كان يدعو دبر صلاة قبل السلام ويأمر بذلك كما قد بسطنا الكلام على ذلك وذكرنا ما في ذلك من الأحاديث وما يظن أن فيه حجة للمنازع في غير هذا الموضع وذلك لأن المصلى يناجى ربه فإذا سلم انصرف عن مناجاته ومعلوم أن سؤال السائل لربه حال مناجاته هو الذى يناسب دون سؤاله بعد إنصرافه كما أن من كان يخاطب ملكا أو غيره فإن سؤاله وهو مقبل على مخاطبته أولى من سؤاله له بعد إنصرافه.
وسئل عن هذا الذى يفعله الناس بعد كل صلاة من الدعاء هل هو مكروه؟
وهل ورد عن أحد من السلف فعل ذلك ويتركون أيضا الذكر الذى صح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقوله ويشتغلون بالدعاء فهل الأفضل الاشتغال بالذكر الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أو هذا الدعاء ؟
وهل صح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه ويمسح وجهه أم لا؟ا(1/30)
فأجاب: الحمد لله رب العالمين الذي نقل عن النبي من ذلك بعد الصلاة المكتوبة إنما هو الذكر المعروف كالأذكار التي في الصحاح وكتب السنن والمسانيد وغيرها مثل ما في الصحيح أنه كان قبل أن ينصرف من الصلاة يستغفر ثلاثا ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
وفى الصحيح أنه كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
وفى الصحيح أنه كان يهلل هؤلاء الكلمات في دبر المكتوبة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
وفى الصحيح أن رفع الصوت بالتكبير عقيب انصراف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله وأنهم كانوا يعرفون انقضاء صلاة رسول الله بذلك وفى الصحيح أنه قال :من سبح دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد ثلاثا وثلاثين وكبر ثلاثا وثلاثين فتلك تسع وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قديرغفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.
وفى الصحيح أيضا أنه يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين وفى السنن أنواع أخر.
والمأثور ستة أنواع:
أحدها: أنه يقول هذه الكلمات عشرا عشرا فالمجموع ثلاثون.
والثاني: أن يقول كل واحدة إحدى عشر فالمجموع ثلاث وثلاثون.
والثالث: أن يقول كل واحدة ثلاثا وثلاثين فالمجموع تسع وتسعون.
والرابع :أن يختم ذلك بالتوحيد التام فالمجموع مائة.
والخامس: أن يقول كل واحد من الكلمات الأربع خمسا وعشرين فالمجموع مائة.
وأما قراءة آية الكرسي فقد رويت بإسناد لا يمكن أن يثبت به سنة.(1/31)
وأما دعاء الإمام والمأمومين جميعا عقيب الصلاة فلم ينقل هذا أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن نقل عنه أنه أمر معاذا أن يقول دبر كل صلاة اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ونحو ذلك ولفظ دبرالصلاة قد يراد به آخر جزء من الصلاة كما يراد بدبرالشيء مؤخره وقد يراد ما بعد انقضائها كما في قوله تعالى: وأدبار السجود .
وقد يراد به مجموع الأمرين وبعض الأحاديث يفسر بعضها بعضا لمن تتبع ذلك وتدبره وبالجملة فهنا شيئان:
أحدهما دعاء المصلى المنفرد كدعاء المصلى صلاة الاستخارة وغيرها من الصلوات ودعاء المصلي وحده إماما كان أو مأموما والثاني دعاء الإمام والمأمومين جميعا فهذا الثاني لا ريب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله في أعقاب المكتوبات كما كان يفعل الأذكار المأثورة عنه إذ لو فعل ذلك لنقله عنه
أصحابه ثم التابعون ثم العلماء كما نقلوا ما هو دون ذلك ولهذا كان العلماء المتأخرون في هذا الدعاء على أقوال:
منهم من يستحب ذلك عقيب الفجر والعصر كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب أبى حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم .
لم يكن معهم في ذلك سنة يحتجون بها وإنما احتجوا بكون هاتين الصلاتين لا صلاة بعدهماومنهم من استحبه أدبار الصلوات كلها وقال لا يجهر به إلا إذا قصد التعليم كما ذكر ذلك طائفة من أصحاب الشافعي وغيرهم وليس معهم فى ذلك سنة إلا مجرد كون الدعاء مشروعا وهو عقب الصلوات يكون أقرب إلى الإجابة وهذا الذي ذكروه قد اعتبره الشارع في صلب الصلاة فالدعاء فى آخرها قبل الخروج مشروع مسنون بالسنة المتواترة وبإتفاق المسلمين بل قد ذهب طائفة من السلف والخلف إلى أن الدعاء في آخرها واجب وأوجبوا الدعاء الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم آخر الصلاة بقوله إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال رواه مسلم وغيره.(1/32)
وكان طاووس يأمر من لم يدع به أن يعيد الصلاة وهو قول بعض أصحاب أحمد وكذلك في حديث ابن مسعود ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه وفى حديث عائشة وغيرها أنه كان يدعو في هذا الموطن والأحاديث بذلك كثيرة .
والمناسبة الاعتبارية فيه ظاهرة فإن المصلى يناجي ربه فما دام في الصلاة لم ينصرف فإنه يناجى ربه فالدعاء حينئذ مناسب لحاله أما إذا انصرف إلى الناس من مناجاة الله لم يكن موطن مناجاة له ودعاء وإنما هو موطن ذكر له وثناء عليه فالمناجاة والدعاء حين الإقبال والتوجه إليه في الصلاة أما حال الانصراف من ذلك فالثناء والذكر أولى
وكما أن من العلماء من استحب عقب الصلاة من الدعاء مالم ترد به السنة فمنهم طائفة تقابل هذه لا يستحبون القعود المشروع بعد الصلاة ولا يستعملون الذكر المأثور بل قد يكرهون ذلك وينهون عنه فهؤلاء مفرطون بالنهى عن المشروع أولئك مجاوزالأمر بغير المشروع والدين إنما هو الأمر بالمشروع دون غير المشروع وأما رفع النبي يديه في الدعاء فقد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحه وأما مسحه وجهه بيديه فليس عنه فيه إلا حديث أو حديثان لا يقوم بهما حجة والله أعلم إهـ (1)د المجموع22/512-519.
_
قال ابن تيمية: ومنهم من يراه -أي مشروعية الدعاء والذكر - في صلاة الفجر والعصر كما ذكر ذلك من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهم، وليس مع هؤلاء بذلك سنة وإنما غايتهم التمسك بلفظ مجمل أو بقياس، كقول بعضهم ما بعد الفجر والعصر ليس بوقت صلاة فيستحب فيه الدعاء. ومن المعلوم أن ما تقدمت به سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة أو الصحيحة بل المتواترة لا يحتاج فيه إلى مجمل ولا إلى قياس .[مجموع الفتاوى500/22، 512 ، 517.]
وقال ابن تيمية:
ولو دعاء الإمام والمأموم أحياناً عقيب الصلاة لأمرعارض، لم يعد هذا مخالفاً للسنة، كالذي يداوم عن ذلك . [مجموع الفتاوى 22/513](1/33)
وقال أيضا:وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس بل هذا إبتداع دين لم يأذن الله به بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرما لم يجز الجزم بتحريمه لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت فهذا وأمثاله قريب وأما إتخاذ ورد غير شرعي واستنان ذكرغير شرعي فهذا مما ينهى عنه ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ونهاية المقاصد العلية ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد.[مجموع الفتاوى 22/511]
وقال ابن القيم :وَأَمّا الْمَوَاضِعُ الّتِي كَانَ يَدْعُو فِيهَا فِي الصّلَاةِ فَسَبْعَةُ مَوَاطِنَ أَحَدُهَا : بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي مَحَلّ الِاسْتِفْتَاحِ .
الثّانِي : قَبْلَ الرّكُوعِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْوِتْرِ وَالْقُنُوتِ الْعَارِضِ فِي الصّبْحِ قَبْلَ الرّكُوعِ إنْ صَحّ ذَلِكَ فَإِنّ فِيهِ نَظَرًا .
الثّالِثُ: بَعْدَ الِاعْتِدَالِ مِنْ الرّكُوعِ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى :كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرّكُوعِ قَالَ سَمِعَ اللّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللّهُمّ رَبّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ اللّهُمّ طَهّرْنِي بِالثّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ اللّهُمّ طَهّرْنِي مِنْ الذّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقّى الثّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْوَسَخِ.(1/34)
الرّابِعُ :فِي رُكُوعِهِ كَانَ يَقُولُ سُبْحَانَكَ اللّهُمّ رَبّنَا وَبِحَمْدِك اللّهُمّ اغْفِرْ لِي .
الْخَامِسُ :فِي سُجُودِهِ وَكَانَ فِيهِ غَالِبُ دُعَائِهِ . السّادِس:ُ بَيْنَ السّجْدَتَيْنِ .
السّابِعُ :بَعْدَ التّشَهّدِ وَقَبْلَ السّلَامِ وَبِذَلِكَ أَمَرَ فِي حَدِيثِ أ َبِي هُرَيْرَةَ َحَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَمَرَ أَيْضًا بِالدّعَاءِ فِي السّجُودِ .(1/35)
وَأَمّا الدّعَاءُ بَعْدَ السّلَامِ مِنْ الصّلَاةِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ أَوْ الْمَأْمُومِينَ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَصْلًا وَلَا رُوِيَ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا حَسَنٍ .وَأَمّا تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِصَلَاتَيْ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ وَلَا أَرْشَدَ إلَيْهِ أُمّتَهُ وَإِنّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ رَآهُ مَنْ رَآهُ عِوَضًا مِنْ السّنّةِ بَعْدَهُمَا وَاَللّهُ أَعْلَمُ .((1/36)
1) وَعَامّةُ الْأَدْعِيَةِ الْمُتَعَلّقَةِ بِالصّلَاةِ إنّمَا فَعَلَهَا فِيهَا وَأَمَرَ بِهَا اللّائِقُ بِحَالِ الْمُصَلّي فَإِنّهُ مُقْبِلٌ عَلَى رَبّهِ يُنَاجِيهِ مَا دَامَ فِي الصّلَاةِ فَإِذَا سَلّمَ مِنْهَا انْقَطَعَتْ تِلْكَ الْمُنَاجَاةُ وَزَالَ ذَلِكَ الْمَوْقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْقُرْبُ مِنْهُ فَكَيْفَ يَتْرُكُ سُؤَالَهُ فِي حَالِ مُنَاجَاتِهِ وَالْقُرْبِ مِنْهُ وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهِ ثُمّ يَسْأَلُهُ إذَا انْصَرَفَ عَنْهُ ؟ وَلَا رَيْبَ أَنّ عَكْسَ هَذَا الْحَالِ هُوَ الْأَوْلَى بِالْمُصَلّي إلّا أَنّ هَاهُنَا نُكْتَةً لَطِيفَةً وَهُوَ أَنّ الْمُصَلّيَ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَذَكَرَ اللّهَ وَهَلّلَهُ وَسَبّحَهُ وَحَمِدَهُ وَكَبّرَهُ بِالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ عَقِيبَ الصّلَاةِ اُسْتُحِبّ لَهُ أَنْ يُصَلّيَ عَلَى النّبِيّ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ وَيَكُونُ دُعَاؤُهُ عَقِيبَ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الثّانِيَةِ لَا لِكَوْنِهِ دُبُرَ الصّلَاةِ فَإِنّ كُلّ مَنْ ذَكَرَ اللّهَ وَحَمِدَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَصَلّى عَلَى رَسُولِ اللّهِ اُسْتُحِبّ لَهُ الدّعَاءُ عَقِيبَ ذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ إذَا صَلّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِحَمْدِ اللّهِ وَالثّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمّ لِيُصَلّ عَلَى النَبِيّ ثُمّ لِيَدْعُ بِمَا شَاءَ قَالَ التّرْمِذِيّ : حَدِيثٌ صَحِيحٌ .إهـ[زاد المعاد1/247-248]
---------------------------------------------------------
1-وعقب ابن حجر على الكلام الفائت فقال: وفهم كثير ممن لقيناه من الحنابلة أن مراد ابن القيم نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقا،وليس كذلك فإن حاصل كلامه أنه نفاه بقيد استمرار استقبال المصلي القبلة وإيراده بعد السلام. [الفتح1/160-161]
وقال الشاطبي:(1/37)
أما أنه لم يكن من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فظاهر:لأن حاله - عليه السلام - في أدبار الصلوات المكتوبات أو نوافل كانت بين أمرين:
أما أن يذكر الله تعالى ذكراً هو في العرف غير دعاء، فليس للجماعة منه حظ، إلا أن يقولوا مثل قوله أو نحواً من قوله، كما في غيرأدبار الصلوات... - ثم ذكرالأذكار والأدعية في دبر الصلوات- ...
فقال أحدهما: أن هذه الأدعية لم تكن منه عليه السلام على الدوام.
ثانياً: أنه لم يكن يجهر بها دائماً ولا يظهرها للناس في غير مواطن التعليم، إذ لو كانت على الدوام وعلى الإظهار لكانت سنة، ولم يسع العلماء أن يقولوا فيها بغيرالسنة، إذ خاصيته- حسبما ذكروه- الدوام والإظهار في مجامع الناس.
ولا يقال: لو كان دعاؤه عليه السلام سراً، لم يؤخذ عنه.
لأنا نقول: من كانت عادته الإسرار، فلابد أن يظهر منه الجهر ولو مرة إما بحكم العادة، وإما بقصد التنبيه على التشريع.(1)
قلت: هو يتكلم عن المداومة على الدعاء الجماعي في دبر الصلوات بأنه بدعة،ويشمل هذا الفقه أيضا المداومة على الدعاء في دبر الصلوات منفردا لأنه لو كانت سنة لفعله عليه الصلاة والسلام ولداوم عليها ولنقل إلينا مافعل.
لأن هذا مما تتوفرله الدواعي على نقله،خصوصا إن كان مواظبا على عبادة معينة، وستأتي فتوى لشيخ الإسلام وهي موافقة لفتوى الشاطبي.
(1الاعتصام 1/452-455).)
وسئل شيخ الإسلام:
في رجل أمام مسجد: هل يجوز له أن يكبر أحد خلفه من المؤتمين؟
أو يواظب على السجدة في فجر كل جمعة؟
أو يدعي هو والمؤتمين عقب كل صلاة؟أفتونا يرحمكم الله ويوفقكم للصواب؟(1/38)
الجواب: الحمد لله لا يشرع الجهر بالتكبير خلف الإمام الذي يسمع التبليغ لغير حاجة باتفاق الأئمة،... وأما دعاء الإمام والمأمومين بعد الصلاة جميعاً رافعين أصواتهم أوغير رافعين، فليس من سنةالصلاة الراتبة، ولم يكن يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد استحسنه طائفة من العلماء من أصحاب الشافعي وأحمد في وقت صلاة الفجر وصلاة العصر، لأنه لا صلاة بعدها، وبعض الناس يستحبه في أدبار الخمس .
لكن الصواب الذي عليه الأئمة الكبار أن ذلك ليس من سنة الصلاة ولا يستحب المداومة عليه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يفعله هو ولا خلفاؤه الراشدون، ولكن كان يذكر الله عقيب الصلاة ويرغب في ذلك، ويجهر بالذكر عقيب الصلاة، كما ثبت في ذلك الأحاديث الصحيحة، حديث المغيرة بن شعبة. وعبد الله بن الزبير وغير ذلك. إهـ (1)
______________________________________________________________________
1- جامع المسائل-المجموعة الرابعة 315- 316 بتصرف ، ط.دار عالم الفوائد.
وقال الشيخ ابن باز يرحمه الله:
بعد هذا السؤال ما رأي سماحتكم في رفع الأيدي للدعاء بعد الصلاة؟
وهنا هناك فرق بين صلاة الفريضة والنافلة؟
الجواب:رفع الأيدي في الدعاء سنة ومن أسباب الإجابة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :إن ربي حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا.
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم من حديث سلمان الفارسي... لكن لا يشرع رفعهما في المواضع التي وجدت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يرفع فيها كأدبار الصلوات الخمس وبين السجدتين وقبل التسليم من الصلاة وحين خطبة الجمعة والعيدين.
لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرفع في هذه المواضع.(1/39)
وهو عليه الصلاة والسلام الأسوة الحسنة، فيما يأتي ويذر، لكن إذا استسقى في خطبة الجمعة أو خطبة العيدين شرع له رفع اليدين كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أما الصلاة النافلة فلا أعلم مانعاً من رفع اليدين بعدها في الدعاء عملاً بعموم الأدلة لكن الأفضل عدم المواظبة على ذلك.
لأن ذلك لم يثبت فعله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو فعله بعد كل نافلة لنقل ذلك عنه؛لأن الصحابة - رضي الله عنهم - قد نقلوا أقواله وأفعاله في سفره وإقامته، وسائرأحواله - رضي الله عنهم - جميعاً.(1)
1- تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام 89-90.
وقال الشيخ ابن عثيمين: أما بعدَ الصَّلاة فهو الذِّكر، ولهذا لا يَرِدُ علينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «تُسَبِّحُون وتحمدُون وتُكبِّرون في دُبُر كُلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين مَرَّة» ومعلومٌ أن هذا بعد السَّلام بالاتفاق؛ لأن هذا مطابق للآية: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ)(النساء: من الآية103)
والأول الدُّعاء الذي في آخر الصلاة قبل السَّلام مطابق للحديث: «ثم ليتخيَّر من الدُّعاء ما شاء» .
وقوله: «يدعو بما ورد» يفيد أن الدُّعاء يكون بعد التشهُّدِ والتعوُّذ من الأربع.(1/40)
وهذا الذي دلَّ عليه حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه التشهُّدَ ثم قال: «ثم يَتَخَيَّرُ من الدُّعاء ما شاء» وبناءً على ذلك؛ إذا سألَنا سائل: هل أدعو بعد السَّلام أو قبل السَّلام؟ قلنا له: اُدعُ قبل السَّلام؛ لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنك ما دمت في صلاة فإنك تناجي رَبَّك، وإذا سَلَّمتَ اُنصرفتَ، وكونك تدعو في الحال التي تناجي فيها ربَّك خيرٌ من كونك تدعو بعد الانصراف، وهذا ترجيح نظريٌّ،وأما ما يفعلُه بعضُ النَّاسِ من كونهم كلَّما سَلَّموا دَعَوا في الفريضة، أو في النافلة؛ فهذا لا أصل له، ولم يَرِدْ عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم؛ إلا حين وضع كُفَّار قريش سَلا النَّاقة عليه وهو ساجد، فإنه لما سَلَّم رَفَعَ صوته يدعو عليهم وهذا قد يُقال: إنه فَعَلَ ذلك لمناسبة، وهي تخويفهم؛ لأنه لو دعا وهو يُصلِّي ما علموا بذلك.
وأما الاستدلال بقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سُئل: أيُّ الدُّعاء أسمعُ؟ - يعني: أقرب إجابة - قال صلى الله عليه وسلم: «جوف الليل، وأدبار الصلوات المكتوبة» قالوا: والأدبار تكون بعدُ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تُسبِّحون وتَحمدُون وتُكبِّرون دُبُرَ كُلِّ صلاة ثلاثاً وثلاثين مرَّة».ومعلومٌ أن هذا لا يُقال إلا بعد السَّلام فيكون قوله: «أدبار الصَّلوات المكتوبة»، أي: بعد السَّلام. فنقول:هذا الفهم للحديث غير متعيِّن، بل يجب أن يُحمل على أنه المراد بالأدبار آخرُ الصَّلوات؛ بدليل حديث ابن مسعود، حيث أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالدُّعاء بعد التشهُّدِ ، والسُّنَّة يُفسِّر بعضُها بعضاً، أما أدبار الصَّلوات فقد أرشد الله سبحانه وتعالى عبادَه إلى أن يذكروا الله بعدَها فقال:(فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ)(النساء: من الآية103)، وليس فيه الأمر بالدُّعاء.(1/41)
وعلى هذا فنقول: ما وَرَدَ مقيَّداً بدُبُر الصَّلاة، فإن كان ذِكْراً فهو بعد السَّلام، وإن كان دُعاء فهو قبل السَّلام.إهـ [الشرح الممتع المجلد الثالث204 -201/]
فتاوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
السؤال الأول من الفتوى رقم (3901)
س1: هل الدعاء بعد صلاة الفرض سنة وهل الدعاء مقرون برفع اليدين وهل ترفع مع الإمام أفضل أم لا؟
ج1: ليس الدعاء بعد الفرائض بسنة إذا كان ذلك برفع الأيدي سواء كان من الإمام وحده أو المأموم وحده أو منهما جميعا، بل ذلك بدعة؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، أما الدعاء بدون ذلك فلا بأس به لورود بعض الأحاديث في ذلك.وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
السؤال الرابع من الفتوى رقم (5565).
س4: رفع اليدين بالدعاء بعد الصلوات الخمس هل ثبت رفعها من النبي صلى الله عليه وسلم أم لا وإذا لم يثبت هل يجوز رفعهما بعد الصلوات الخمس أم لا؟
ج4: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم أنه رفع يديه بعد السلام من الفريضة في الدعاء، ورفعهما بعد السلام من صلاة الفريضة مخالف للسنة.
تحقيق حديث آية الكرسي :
قال ابن السني حدثنا محمد بن عبدالله بن الفضل الكلاعي الحمصي حدثنا اليمان بن يزيد وأحمد بن هارون جميعا بالمصيصة قالا:حدثنا محمد بن حمير عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :من قرأآية الكرسي في دبر كل صلاة لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت .(1)
وقال الدارقطني: غريب من حديث الألهاني عن أبي أمامة تفرد به محمد بن حمير عنه قال يعقوب بن سفيان:ليس بالقوي.(2)
وقد ذكره الذهبي في الميزان وجعل هذا الحديث من غرائبه.(3)
وقال أبوحاتم : يكتب حديثه ولايحتج به .(4)
ومعناه:أن حديثه ليس بذاته حجة ولكن يصلح للمتابعات والشواهد،(1/42)
ولذلك البخاري يذكر حديثه مقرونا بغيره. (5)
والحديث له شاهد ولكن متنه لايشبهه حتى يتقوى به.
عن أبي أمامة مرفوعا:من قرأ الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة كان بمنزلة من قاتل عن أنبياءالله.(6)وفي إسناده عبد الحميد بن إبراهيم أبو التقي.
قال عنه ابن أبي حاتم :سألت ابن عوف الحمصي عنه فقال:كان شيخا ضريرا لايحفظ...ثم قال:كان يحفظ الإسناد ويحفظ بعض المتن.(7)
---------------------------------------------
1- أخرجه ابن السني برقم 124.والنسائي في عمل اليوم والليلة 1/182والطبراني في الكبير 8/134برقم7532. [تحفة الأشراف 4/180برقم4927] وفي التهذيب في ترجمة الحسين بن بشر الطرسوسي (2/286).
2- الموضوعات لابن الجوزي1/244.
3- ميزان الاعتدال 3/532.
4-الجرح والتعديل 7/240.
5- مقدمة فتح الباري438.
6- أخرجه ابن السني برقم123 ط. الكتب الثقافية.
7-الجرح والتعديل6/8.
قلت:وهذا ملاحظ جدا قد حفظ طرف الحديث ولم يحفظ بقيته فعليك بالمقارنة بينهما.
قال أبو حاتم:ليس هذا عندي بشيء رجل لايحفظ وليس عنده كتب.(1)
وقال النسائي:ليس بشيء.(2)
وله أيضا طريق آخر لكنه من طريق المغيرة بن شعبة.
قال عنه أبو نعيم في الحلية:هذا حديث غريب من حديث المغيرة تفرد به هاشم بن هاشم عن عمر عنه .(3)
وعمر هذا هو عمر بن إبراهيم وهو مجهول.
قال المعلمي:عمر بن إبراهيم: وهم الدمياطي ومن تبعه ،إنما هذا عمر بن إبراهيم بن محمد بن الأسود له ترجمة في "الميزان واللسان"وهو مجهول ذكره ابن حبان في الثقات على عادته في ذكر المجاهيل،وذكره العقيلي في الضعفاء وذكر له خبرا آخر لهذا السند نفسه لم يتابع عليه،والمجهول إذا روى خبرين لم يتابع عليهما فهوتالف.اهـ(4)
وقال العقيلي:عمر بن إبراهيم عن محمد بن كعب:لايتابع على حديثه.(5)
1- ميزان الاعتدال2/537.
2- المصدر السابق.
3-حلية الأولياء3/221.
4-تحقيقه للفوائد ص299.
5-العقيلي في الضعفاء 3/145 ترجمة1129.(1/43)
وقال ابن الجوزي: باب في قراءة آية الكرسي بعد الصلاة فيه عن علي وجابر وأبى أمامة: فأما حديث على رضى الله عنه فأنبأنا زاهر بن طاهر قال أنبأنا أبو بكر البيهقي قال أنبأنا أبو عبد الله الحاكم قال حدثنا محمد بن صالح بن هاني قال حدثنا محمد بن إسحاق بن الصباح قال حدثنا أبى قال حدثنا محمد بن عمرو القرشى عن نهشل بن سعيد عن أبى إسحاق الهمداني عن عبدالعزى قال سمعت على بن أبى طالب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ".هذا حديث لا يصح.
عبدالعزى لا يعرف، ونهشل قد كذبه أبو داود الطيالسي وابن راهويه.
وما لا أصل له عن الاثبات لا تحل الرواية عنه بحال.
وقال الدارقطني: كذاب متروك.
وقال أبو الفتح الازدي ركن من أركان الكذب.
الطريق الثاني: أنبأنا عبدالله بن على المقرى قال أنبأنا عبد الواحد بن حلوان قال أنبأنا أبو نصر أحمد بن محمد النرسى قال أنبأنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم القطوانى قال: حدثنا عبدالحميد بن صالح قال حدثنا الحسن بن محمد عن أبى يزيد عن مولى الزبير عن جابر قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة أعطى قلوب الشاكرين وثواب النبيين وأعمال الصادقين، وبسط الله عليه يمينه ورحمه ولم يمنعه من دخول الجنة إلا قبض ملك الموت روحه ".
وهذا طريق فيه مجاهيل وأحدهم قد سرقه من الطريق الأول.
وأما حديث أبى أمامة فأنبأنا محمد بن عمر الارموى قال أنبأنا ابن المأمون قال أنبأنا الدارقطني قال حدثنا عبدالله بن سليمان بن الاشعث قال حدثنا هارون ابن زياد النجار وعلى بن صدقة الانصاري قالا حدثنا محمد بن حمير عن محمد بن زياد الالهانى عن أبى أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبه لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ".(1/44)
قال الدارقطني: غريب من حديث الالهانى عن أبى أمامة تفرد به محمد بن حمير عنه.
قال يعقوب بن سفيان: ليس بالقوى.
باب في قراءة الفاتحة وآية الكرسي عقيب الصلاة أنبأنا أبو محمد عبدالله بن على المقرى قال أنبأنا أبو منصور محمد بن أحمد الخياط قال أنبأنا أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاوى قال أنبأنا عبدالملك بن بشران قال حدثنا دعلج قال حدثنا محمد بن خضر بن خالد قال محمد بن زنبور المكى قال حدثنا الحارث بن عمير ح.
وأنبأنا محمد بن ناصر قال أنبأنا أحمد بن الحسين بن قريش قال أنبأنا محمد بن على بن الفتح قال حدثنا عمر بن أحمد قال حدثنا إبراهيم بن أحمد الدورقى قال أنبأنا أحمد بن الحسن المعدل قال حدثنا محمد بن جعفر المكى قال حدثنا الحارث بن عمير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن فاتحة الكتاب وآية الكرسي وآيتين من آل عمران شهد الله إلى آخر الآية، و [ قل اللهم مالك الملك إلى قوله ويرزق من يشاء بغير حساب ] معلقات بالعرش يقلن يا رب تهبطنا إلى أرضك إلى من يعصيك ؟
قال الله عزوجل: إنى حلفت لا يقرأكن أحد من عبادي دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه وإلا أسكنته حظيرة القدس وإلا نظرت إليه بعين المكنون في كل يوم تسعين نظرة، وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة، وإلا نصرته من كل عدو وإلا نصرته من كل عدو وأعذته منه ".هذا حديث موضوع تفرد به الحارث بن عمير.
قال أبو حاتم بن حبان: كان الحارث ممن يروى عن الأثبات الموضوعات روى هذا الحديث ولا أصل له، وقال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: الحارث كذاب ولا أصل لهذا الحديث.
قال المصنف: قلت كنت قد سمعت هذا الحديث في زمن الصبا فاستعملته نحوا من ثلاثين سنة لحسن ظنى بالرواة فلما علمت أنه موضوع تركته فقال لي قائل: أليس هو استعمال خير ؟
قلت: استعمال الخير ينبغى أن يكون مشروعا، فإذا علمنا أنه كذب خرج عن المشروعية.اهـ
[(1/45)
انتهى كلام ابن الجوزي1/243-245]
وقد ضعف شيخ الإسلام حديث قراءة آية الكرسي فقال:وأما قراءة آية الكرسي فقد رويت بإسناد لايمكن أن يثبت به سنة.(1)
وسئل :عن قراءة آية الكرسى دبر كل صلاة فى جماعة هل هي مستحبة أم لا وما كان فعل النبي فى الصلاة وقوله دبر كل صلاة.
فأجاب:
الحمد لله قد روى في قراءة آية الكرسي عقيب الصلاة حديث لكنه ضعيف ولهذا لم يروه أحد من أهل الكتب المعتمد عليها فلا يمكن أن يثبت به حكم شرعى ولم يكن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه وخلفاؤه يجهرون بعد الصلاة بقراءة آية الكرسي ولا غيرها من القرآن فجهر الإمام والمأموم بذلك والمداومة عليها بدعة مكروهة بلا ريب فإن ذلك
إحداث شعار بمنزلة أن يحدث آخر جهر الإمام والمأمومين بقراءة الفاتحة دائما أو خواتيم البقرة أو أول الحديد أو آخر الحشر أو بمنزلة اجتماع الإمام والمأموم دائما على صلاة ركعتين عقيب الفريضة ونحو ذلك مما لا ريب أنه من البدع. وأما إذا قرأ الإمام آية الكرسى فى نفسه أو قرأها أحد المأمومين فهذا لا بأس به إذ قراءتها عمل صالح وليس فى ذلك تغيير لشعائر الإسلام كما لو كان له ورد من القرآن والدعاء و الذكر عقيب الصلاة.(2)
________________________________________________
1-.مجموع الفتاوى22/515-493.
2- مجموع الفتاوى 22/508 .
قلت:كلامه الذي انتهى منه يخالف ماابتدأبه،حيث أنه يرى الحديث ضعيف وينكر الاجتماع والمداومة على الجهر بآية الكرسي ولكنه يجوز قراءتها سرا للإمام أوللمأموم إذ قراءتها عمل صالح.(1/46)
فكيف بعمل صالح وهو حديث ضعيف لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أليس العمل حتى يكون متقبلا يجب أن يكون يشرعه لنا ربنا ويبلغه لنا رسوله - صلى الله عليه وسلم - ،ثم إن ترك الكثيرمن آيات القران ،واختيارآية معينة -الكرسي- فهذا يعد تخصيص لقراءتها بعينها وترك غيرها وتخصيص قرائتها بعد الصلاة والانتهاء من الأذكار مباشرة.ولو كان هذا العمل صالحا لما تركه النبي ولاخلفاؤه الأربعة ،وتأمل إلى أقوال ابن تيميه في العمل بالحديث الضعيف.
قال ابن تيمية: لايجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولاحسنة.(1)
_______________________________________________
1-قاعدة جليلة ص162أو84.
وفي مسألة أخرى يرى ابن تيمية أن تخصيص القيام في جماعة في ليلة النصف من شعبان عملا صالحا حسنا علما بأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلاها في جماعة خاصة،وهي ليلة واحدة لاتحتمل المداومة عليها فسئل عن ذلك.
فأجاب: إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده أو في جماعة خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف فهو أحسن وأما الاجتماع في المساجد على صلاة مقدرة كالاجتماع على مائة ركعة بقراءة ألف قل هو الله أحد دائما فهذا بدعة لم يستحبها أحد من الأئمة والله أعلم.[مجموع الفتاوى 23/131]
وقال أيضا:وأما ليلة النصف فقد روى في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا وأما الصلاة فيها جماعة فهذا مبنى على قاعدة عامة في الاجتماع على الطاعات والعبادات.[23/132]
وقال أيضا :وكذلك لما أحدث الناس اجتماعا راتبا غير الشرعي مثل الاجتماع على صلاة معينة أول رجب أو أول ليلة جمعة فيه وليلة النصف من شعبان فأنكر ذلك علماء المسلمين ولو أحدث ناس صلاة سادسة يجتمعون عليها غير الصلوات الخمس لأنكر ذلك عليهم المسلمون وأخذوا على أيديهم.[مجموع 22/234](1/47)
وقال أيضا: فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديرا وتحديدا ،مثل صلاة في وقت معين بقراءة معينة أو على صفة معينة لم يجز ذلك ،لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي.( مجموع الفتاوى 18/67)
وقال ابن تيمية: فإن هذه الأبواب فيها أحاديث صحيحة وأحاديث حسنة وأحاديث ضعيفة وأحاديث كذب موضوعة ولا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة ولا حسنة لكن أحمد بن حنبل وغيره من العلماء جوزوا أن يروى في فضائل الأعمال ما لم يعلم أنه ثابت إذا لم يعلم أنه كذب وذلك أن العمل إذا علم أنه مشروع بدليل شرعي وروى في فضله حديث لا يعلم أنه كذب جاز أن يكون الثواب حقا ولم يقل أحد من الأئمة إنه يجوز أن يجعل الشىء واجبا أو مستحبا بحديث ضعيف ومن قال هذا فقد خالف الإجماع.[مجموع الفتاوى 1/250- وقاعدة جليلة 84 ]
وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل:(1/48)
قول أحمد بن حنبل إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد وكذلك ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يحتج به فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي ومن أخبر عن الله أنه يحب عملا من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يختلفون في غيره بل هو أصل الدين المشروع وإنما مرادهم بذلك أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يحبه الله أو مما يكرهه الله بنص أو إجماع كتلاوة القرآن والتسبيح والدعاء والصدقة والعتق والإحسان إلى الناس وكراهة الكذب والخيانة ونحو ذلك فإذا روى حديث في فضل بعض الأعمال المستحبة وثوابها وكراهة بعض الأعمال وعقابها فمقادير الثواب والعقاب وأنواعه إذا روى فيها حديث لا نعلم أنه موضوع جازت روايته والعمل به بمعنى أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف ذلك العقاب كرجل يعلم أن التجارة تربح لكن بلغه أنها تربح ربحا كثيرا فهذا إن صدق نفعه وإن كذب لم يضره ومثال ذلك الترغيب والترهيب بالإسرائيليات والمنامات وكلمات السلف والعلماء ووقائع العلماء ونحو ذلك مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعى لا استحباب ولا غيره ولكن يجوز أن يذكر في الترغيب والترهيب والترجية والتخويف فما علم حسنه أو قبحه بأدلة الشرع فإن ذلك ينفع ولايضر.
[مجموع الفتاوى 18/65-66](1/49)
وقال :وَقَالَ تَعَالَى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ } وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَقَدْ نُسِخَ بِشَرْعِهِ مَا نَسَخَهُ مِنْ شَرْعِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إلَى اللَّهِ إلَّا بِاتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ اسْتِحْبَابٍ فَهُوَ مَشْرُوعٌ و [ كَذَلِكَ ] مَا رَغَّبَ فِيهِ وَذَكَرَ ثَوَابَهُ وَفَضْلَهُ . وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ أَوْ مَشْرُوعٌ إلَّا بِدَلِيلِ شَرْعِيٍّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُثْبِتَ شَرِيعَةً بِحَدِيثِ ضَعِيفٍ لَكِنْ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْعَمَلَ مُسْتَحَبٌّ بِدَلِيلِ شَرْعِيٍّ وَرُوِيَ لَهُ فَضَائِلُ بِأَسَانِيدَ ضَعِيفَةٍ جَازَ أَنْ تُرْوَى إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا كَذِبٌ وَذَلِكَ أَنَّ مَقَادِيرَ الثَّوَابِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ فَإِذَا رُوِيَ فِي مِقْدَارِ الثَّوَابِ حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ كَذِبٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُكَذَّبَ بِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ يُرَخِّصُونَ فِيهِ وَفِي رِوَايَاتِ أَحَادِيثِ الْفَضَائِلِ .
وَأَمَّا أَنْ يُثْبِتُوا أَنَّ هَذَا عَمَلٌ مُسْتَحَبٌّ مَشْرُوعٌ بِحَدِيثِ ضَعِيفٍ فَحَاشَا لِلَّهِ.[مجموع الفتاوى2/385]
وقال: وما كان أحمد بن حنبل ولا أمثاله من الأئمة يعتمدون على مثل هذه الأحاديث في الشريعة، ومن نقل عن أحمد أنه كان يحتج بالحديث الضعيف الذي ليس بصحيح ولا حسن فقد غلظ.... (قاعدة جليلة ص84).
وأما من ضعف الحديث من المعاصرين :
الشيخ علي بن إبراهيم حشيش رئيس لجنة البحث العلمي وأستاذ علوم الحديث بمعاهد إعداد الدعاة بجماعة أنصار السنة المحمدية .(1)(1/50)
وقال الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف :وخلاصة القول :أن الأحاديث الثلاثة لا يصح منها شيء ,بل هي منكرة ساقطة, وكان المتوقع أن يسأل القارئ -حفظه الله – عن حديث أبى أمامة الذي يوافق حديث علي في القطعة الأولى منه ,وكنت قد حسنته في ((تبييض الصحيفة )) (جـ1)
لكنني رجعت عن ذلك لتفرد محمد بن حمير الحمصى –رحمه الله – به وهو موثق لكن أبا حاتم الرازي , ويعقوب بن سفيان الفسوي قد غمزاه بما يقتضي أنه لايحتمل منه مثل هذا الحديث ,وقد سبقنى إلي ذلك أخي الحبيب الشيخ علي إبراهيم حشيش في مجلة التوحيد أيام كان يتولى هذا الباب واتضح لي صحة تحقيقه بفضل ربي تعالى فاسأله العفو عما سلف )) إهـ (2)
ولقد ضعف هذا الحديث أيضا الشيخ مفلح الرشيدي وله رسالة خاصة في تحقيق هذا الحديث.(3)
وفي الختام أدعو الله أن يتقبل مني تلكم الرسالة،وأصلي على شفيعي محمد وعلى آله وأصحابه الطاهرين الطيبين .
-------------------------------------------------
1- يرجع إلى كتابه علم مصطلح الحديث التطبيقي.[ص290- 298.]وانظر إلى مجلة التوحيد العدد (12)
ذو الحجة 1409هـ (ص42) تحت عنوان " الإصابة:في الرد على تعقيب مجلة الاستجابة ".
2- مجلة الوحيد في عددي رجب وشعبان 1415هـ تحت باب " أسئلة القراء عن الأحاديث".
3- وهي تحت الطبع كما أخبرني هو بذلك حينما زار دولة الكويت .
الآثار الواردة عن الصحابة لم يثبت سندها فلا يستدل بها:
1- قال عبد الرزاق :عن ابن التيمي عن ليث أن أبا الدرداء - رضي الله عنه - كان يقول : إذا فرغ من صلاته بحمد ربي انصرفت ، وبذنوبي اعترفت ،أعوذ بربي من شر ما اقترفت ، يا مقلب القلوب ! قلب قلبي على ما تحب وترضى.(1) إسناده ضعيف لحال ليث بن أبي سليم.
قال ابن حجر: صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك. (2)(1/51)
2- قال عبد الرزاق: عن معمر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن رجل عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال : من قال بعد كل صلاة : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ، ثلاث مرات ، كفر الله عنه ذنوبه وإن كان فر من الزحف .(3)
وفي سنده أبي اسحاق لم يصرح بالتحديث وهو مدلس اسمه عمرو بن عبدالله السبيعي(4)
وفي اسناده أيضا رجلا لم يسم.
3-قال ابن أبي شيبة :حدثنا وكيع عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة قال : كان أبو موسى إذا فرغ من صلاته قال : اللهم اغفر لي ذنبي ويسر لي أمري وبارك لي في رزقي.
وقال ابن أبي شيبة :حدثنا وكيع عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبي موسى - رضي الله عنه - أنه كان يقول إذا فرغ من صلاته : اللهم اغفر لي ذنبي ويسر لي أمري وبارك لي في رزقي. (5)
وفي إسناده يونس ابن أبي اسحاق.قال أبو حاتم:كان صدوقا إلا أنه لايحتج بحديثه. (6)
1-رواه ابن أبي شيبة 2/238 رقم 3198.
2- تهذيب التهذيب 8/65 والتقريب 464.
3- رواه ابن أبي شيبة 2/236 رقم 3195.
4- تعريف أهل التقديس 146 .
5- رواه ابن أبي شيبة1/331 رقم (10)- 7/36 رقم(4).
6- الجرح والتعديل 9/243.
وقال ابن خراش :في حديثه لين.(1)
وقال عبد الله بن أحمد :سألت أبي عن يونس بن أبي اسحاق قال:كذا وكذا .(2)
وقال الذهبي: هذه العبارة يستعملها عبدالله بن أحمد كثيرا فيما يجيبه به والده، وهى بالاستقراءكناية عمن فيه لين.(3) وقال أحمد:حديثه مضطرب.(4)
ومن علامات اضطرابه مرة يرويه عن أبي بردة ومرة يرويه عن أبي بكر بن أبي موسى.
ثم إن هذا الأثر وغيره لم يذكروا في أي صلاة كان يدعو بعد فراغه منها ،أهي الفريضة ، أم تحتمل أيضا صلاة النافلة التي مابين الأذان والإقامة.(1/52)
4- قال ابن أبي شيبة:حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن أبي اليقظان حصين بن يزيد الثعلبي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقول : إذا فرغ من الصلاة : اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم ، اللهم إني أسألك الفوز بالجنة والجواز من النار اللهم لا تدع ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة إلا إلا قضيتها ". (5)وسنده ضعيف لحال أبي اليقظان حصين بن يزيد التغلبي.
قال فيه البخاري:في حديثه نظر.(6)
5- قال الطبراني :عن وكيع عن سفيان عن أبي اسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي - رضي الله عنه - أنه كان يقول:تم نورك فهديت،فلك الحمد........ –أثر طويل- ...ولا يحصي نعمائك قول قائل.
يعني:يقول بعد الصلاة . (7)
1- ميزان الاعتدال 4/483. ...
2- ميزان الاعتدال 4/483
3- ميزان الاعتدال 4/483.
4- العلل 1/13.
5-رواه ابن أبي شيبة 7/86 رقم (10)-1/337 رقم (4).
6- التاريخ الكبير 3/7 والجرح والتعديل 3/128 والميزان3/128 ولسان الميزان 2/320 وذكره العقيلي في الضعفاء الكبير1/315.
7- رواه الطبراني في الدعاء (734).
وفي سنده أبي اسحاق السبيعي لم يصرح بالتحديث.وفيه أيضا: عاصم بن ضمرة السلولي الكوفي.
قال ابن حبان :كان ردئ الحفظ فاحش الخطأ،على أنه أحسن حالا من الحارث.(1)
وقال ابن عدي:وعن علي بأحاديث باطلة،لايتابعه الثقات عليها والبلاء منه.(2)
6-قال ابن أبي شيبة:حدثنا أبو بكر قال حدثنا عبيدة بن حميد عن الركين بن الربيع عن أبيه قال : كان عمر إذا انصرف من صلاته قال : اللهم أستغفرك لذنبي ،وأستهديك لأرشد أمري،وأتوب إليك فتب علي، اللهم أنت ربي فاجعل رغبتي إليك،واجعل غنائي في صدري ، وبارك لي فيما رزقتني،وتقبل مني ، إنك أنت ربي. (3)
وفي سنده عبيدة بن حميد فقد أتى بزيادة منكرة وهي ( إذا انصرف من صلاته) لأنه خالف من هو أوثق منه.
فأما عبيدة قال عنه ابن حجر: صدوق نحوي ربما أخطأ.(4)(1/53)
والذي أثق منه محمد بن بشر الفرافصة.قال أبوداود:هو أحفظ من كان في الكوفة.وقال ابن معين :ثقة وقال ابن شاهين في الثقات قال عثمان بن أبي شيبة :محمد بن بشر ثقة ثبت إذا حدث من كتابه.(5)
ومسعر هو: ابن كدام بن ظهير بن عبدة أبو سلمة الكوفي.
قال ابن حجر: ثقة ثبت.(6)وإليك المتن الذي خالفه عبيدة من دون الزيادة المنكرة .
قال ابن أبي شيبة:حدثنا محمد بن بشر حدثنا مسعر عن الركين عن أبيه عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يقول :اللهم أستغفرك لذنبي وأستهديك لمرا شد أمري ، وأتوب إليك فتب علي إنك أنت ربي. (7)
1- المجروحين 2/125- التهذيب 5/41.
2- التهذيب 5/41.
3- رواه ابن أبي شيبة 7 /39رقم (17).
4- التقريب 1/ 694.
5- التهذيب 9/64.
6- التقريب 2/176.
7- رواه ابن أبي شيبة 7 /81 رقم (4).(1/54)