محب الاستخارة
سند بن علي بن أحمد البيضاني
muhebalestikharah@yahoo.co.uk
sanad_albedani @yahoo.co.uk
عضو مشارك في الرابطة الفقهية
موقع الفقه الإسلامي
http://www.islamfeqh.com
http://www.almeshkat.net/
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله )) ، والصلاة والسلام على نبيه القائل:(( إذا همّ _أراد_ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة...))، وعلى آله وصحبه أجمعين .أما بعد.
أصل هذه البحث حلقة نقاش أقامها موقع الفقه الإسلامي بعنوان (( تكليف الآخرين بكتابة الأبحاث والمواد العلمية...ضوابطه وأحكامه )) ولوجوب الأمانة العلمية ولطلب بركة العلم تركت اسم البحث ونصه كما جاء في حلقة النقاش عدا الترقيم وبعض التبويب ، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله ، ثم بعد المشاركة فيه استخرت بنشره لعل الله يعم الفائدة به بمنه وفضله ثم بجهد كل غيور قي الحرص على بركة العلم ونقائه.
ومن يدري لعل هذا الأمر من أحد الأسباب في قلة بركة النتائج المرجوة لمخرجات الدعوة إذا ما قورنت مدخلات الدعوة اليوم ومخرجاتها مع مدخلات الدعوة ومخرجاتها للسلف رضوان الله عليهم ، مع العلم أننا أمة موعودة بالتمكين (1).
المسألة الأولى : نص حلقة النقاش التي أعدها الموقع
__________
(1) لمزيد من الفائدة ينظر مقالة بعنوان (( أين الخلل..أفي العلماء أم طلبة العلم أم العامة )) وبالإمكان الرجوع عليه عبر محرك بحث جوجل أو رابط الفقه الإسلامي http://www.islamfeqh.com/News/NewsItem.aspx?NewsItemID=1509(1/1)
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد. فإن من المسائل التي يكثر السؤال عنها، والتي شاعت وانتشرت وعمَّ بها البلاء، حتى أصحبت تُعدُّ من النوازل(1)التي بحاجة إلى نظر وبحث وبيان أحكامها، مسألة تكليف الآخرين بكتابة أبحاث لهم بأجر متفق عليه، ثم ينسب ذلك البحث إلى المكلِّفين .
أولا : حالات الآثار المترتبة
وعند تدقيق النظر في هذه المسألة من حيث الوقوعُ نجدها لا تخلو من حيث الأثر المترتب عليها من حالين :
الأول: أن يترتب على هذا البحث الحصول على درجة علمية، أو ترقية وظيفية ونحوه .
الثاني: ألا يترتب على هذا التكليف الحصول على درجة علمية أو ترقية، إنما المقصود منه الدعوة إلى الله، أو المشاركة في المؤتمرات والندوات ونحوه، أو نشر العلم أو التصدي للباطل وإظهار الحق ، أو الرد على مفسد ونحوه.
ثانيا : الصور المندرجة تحت تلك الحالات
والصور المندرجة تحت هذين القسمين لا تكاد تخرج عن الصور الثلاثة الآتية:
1) أن يقوم الباحث-بالأجر- بجمع المادة فقط، ثم يقوم المكلِّف بدور أصيل فيها، بالترتيب والتقديم والتأخير والتنسيق والترجيح والنظر في الأدلة والمناقشات والأقوال.
2) ألا يكون للمكلِّف دور البتة، فيقوم الباحث-بالأجر- بالجمع والتحرير والكتابة والتنسيق وكل ما من شأنه أن يؤهِّل البحث للتقديم والقبول، ومن ثمَّ يقوم المكلِّف بتقديمه.
3) أن يكون العمل مشتركا بينهما، فيقوم الباحث-بالأجر- بجمع المادة وترتيبها، ويقوم المكلف بالتقديم والتأخير والإضافة والتعديل .
ثالثا : صور تتكرر في بعض الأحوال
وهذه الثلاثة هي غالب هذه الأعمال. وهناك صور تتكرر في بعض المواقع العلمية، وهي كالآتي:
__________
(1) وقد تم التطرق إلى ذلك من سابق في بحث (( هل الشكوى تتنافى مع الصير على البلاء )) ومقال (( باحثون ولكن!)) . وهما على الانترنت . محب الاستخارة .(1/2)
1) أن يكون المكلِّفُ صاحبَ الفكرة والنقاط، وهو الذي يبدي الإشكالات والصور التي بحاجة إلى ذكر، من واقع الفتاوى التي ترد عليه ونحوه ، ثم يقوم أحد الباحثين بجمع المطلوب وكتابته وصياغته، ومن ثَمَّ عرضه وتقديمه.
2) ما يفعله بعض الدعاة بتكوين فريق عمل ليقوم له بالبحث والجمع والتحرير والكتابة والتنسيق، ويقوم هو بإلقاء تلك المادة، ثم تنسب إليه كاملة، وفي كثير من الأحيان تحول هذه المادة المسموعة إلى مادة على صيغة كتاب، ثم تنسب إلى الملقي دون أن يكتب فيها حرفا واحدا .
3) في بعض المواقع التابعة لبعض الدعاة والمشايخ- والذين قد لا يعرف بعضهم بالفقه والفتوى- تقوم لجنة الإفتاء بالجواب عن الأسئلة الواردة على الموقع، ثم تُنسب إلى صاحب الموقع، وهذا له حالتان :
الأولى : أن يكون من أهل العلم وله رأي معلوم في المسألة.
الثانية : ألا يكون له رأي معلوم في المسألة، أو لا يكون من أهل العلم أصلا .
خامسا : نقاط رئيسة في الموضوع
1) الحق الأدبي .. حكم التنازل عنه والمعاوضة عليه .
2) هل يجب التفريق بين العالم الكبير المنشغل عن الكتابة والبحث والذي لا يعجز عن كتابة البحث ، لكن يدفعه لغيره لشدة انشغاله، وبين ناقص الأهلية الذي ليس مؤهلا أصلا، وليس عنده القدرة على كتابة مثل هذه الأبحاث ؟
3) المخرج الشرعي في بعض الصور المذكورة أن يكتب : قام بهذا العمل وحدة الدراسات أو وحدة الافتاء ، ونحوه ، بإشراف ........
4) هل يحسن التفريق بين الشريط والكتاب ، فالأمر في الشريط أيسر منه في الكتاب من حيث النسبة؟
نأمل من المتخصصين والمشتغلين بالفقه مناقشة هذا الموضوع والإجابة على الأسئلة أعلاه
المسألة الثانية : الإجابة على أسئلة المناقشة
مما ينبغي أن يعرف لبناء حكم دقيق ينبغي عدم عزل النية عن أي عمل وفي هذا الأمر ، النية تظهر بجلاء إذا تأملنا سهولة المخرج الشرعي و المصالح الشرعية التي تترتب عليه .(1/3)
أولا : الحق الشرعي الأدبي(1)
هناك جملة من الحقوق، قد ذُكرت من سابق ، ،منها ما ذكره العلامة بكر أو زيد (2) ،وهي :
1- أبوته على مصنفه باستمرار نسبته إليه ، فليس له حق التنازل عن صفته التأليفية فيه لأي فرد أو جهة حكومية أو غيرها ، كما أنه لا يسوغ للغير انتحاله والسطو عليه ، فله ولورثته حق دفع الاعتداء عليه .
2- حق تقرير نشره بمعنى : التحكم في نشر مصنفه .
3- حق السمعة أي : له سلطة الرقابة بعد النشر لسحبه من التداول عندما يتضح له مثلاً رجوعه عما قرره فيه من رأي أو أداء ، وعندئذ يلزم بتعويض ناشر ونحوه عما لحقه من خسائر لقاء ذلك السحب .
4- سلطة التصحيح لما فيه من تطبيعات عند إرادة الناشر إعادة نشره .
5- استمرار هذه الحقوق له مدة حياته فلا تسقط بالتقادم أو بالوفاة .
6- سلامة التصنيف وحصانته .
7- ومن جهة الدولة التي تملك الإذن بالطبع ، لها حق أدبي وهو معرفة ما إذا كان نشره سائغاً أو لا ؟ .
ثانيا : التنازل عنه أو المعاوضة عليه
لا يجوز التنازل عنه أو المعاوضة عليه لعدة أسباب شرعية أهمها :
__________
(1) في الحقيقة هو حق شرعي أدبي وليس حق أدبي فقط ، وإن كان لا مشاحة في الاصطلاح إذا عرف المعنى ، ولكن الألفاظ يتسرب بسببها التساهل أو العزيمة مما يؤدي إلى ضياع حقوق أو واجبات أو حفظها ونحو وذلك ،والذي يظهر بأن هذا المصطلح ظهر في الغرب ثم عند الترجمة لم يتم تنقيحه بما يناسب الشريعة ، فهم لا يتعاملون مع الأمور من منظور شرعي . ولمزيد من الفائدة ينظر فقه النوازل /1/264)) للعلامة بكر أبو زيد .رحمه الله .
(2) فقه النوازل /2/164)) وذكر مراجع أخرى (( الوسيط 8 / 408 - 421 ))، (( الحقوق على المصنفات: 70 - 71 ))، لأبي اليزيد ،(( مجلة عالم الكتب ص / 592 ))، ((المبادئ الأولية ص : 23 - 24 )).(1/4)
1) من حيث العموم حرمة التعاون على الإثم والعدوان ، لما في ذلك من حب الحمد بم لم(1)يفعل ، والتشبع (2) بما لم يعط (3) ، والغش والتدليس والكذب واستغلال المحتاج والمغمور وغير ذلك.
2) يشجع على استمراء الكسل العلمي وعدم ترك المسئوليات التي لا يستطاع تحمل أعبائها لغيره ، وغيرها من الأمور التي قد تتنافى بقليل أو كثير مع دلائل وبواعث وثمار رأس كل عمل وهو الإخلاص (4) .
3) سهولة المخرج الشرعي .
4) أنه يسن سنة سيئة ، وتزداد خطورتها عندما تمس ورثة الأنبياء الذين يجب أن يكونوا أبعد ما يكون عن حظوظ الذات ولزوم الورع والسماحة والشكر وغير ذلك .
5) وجوب تشجيع وإظهار الكفاءات وكل ما يؤدي إلى الكفاية عند القدرة والعلم بها بدلا من تحمل مسؤوليات ثم لا يستطاع الإيفاء بأعبائها .
6) إذا كان لا يجوز تقديم المستحب على الواجب ، فمن باب أولى عدم تقديم ما هو شبهة أو محرم ، والواجب هنا أن ينسب الحق لأهله .
__________
(1) قال سبحانه (( لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) آل عمران : 188
(2) ونصه (( المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور)) متفق عليه ، البخاري رقم ((4921)) ومسلم (( رقم 2130)) .
(3) قال الإمام النووي : ((قال العلماء معناه المتكثر بما ليس عنده بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور )) (( شرح صحيح مسلم م 14 \ ص 110)) .
(4) لمزيد من الفائدة ينظر كتاب (( النية والإخلاص )) الدكتور القرضاوي(1/5)
وللعلامة بكر أبو زيد(1) – رحمه الله – كلام في هذا الشأن لأهميته أنقله بالكامل ، حيث قال :
(( يعتبر الشخص مؤلفاً إذا نشر المصنف المبتكر منسوباً إليه سواء بذكر اسمه على المصنف أو بأي طريقة أخرى ما لم يقم دليل على نفيه (2) .
وهذه النسبة لا يسوغ لصاحبها التنازل عنها لينتحلها شخص آخر ،فكما لا يجوز التنازل عن الإنتاج الذري كذلك لا يجوز التنازل عن الإنتاج العلمي .ومن لطيف حفاوة العلماء بمؤلفاتهم أنهم جعلوها بمنزلة أعلى وأغلى من نسل أصلابهم فقال بعضهم :
ما نسل قلبي كنسل صلبي ... من قاس رد له قياسه
(أي رد له قياسه في المحبة) .
ولهذا فمن حقه الأدبي فيها أيضاً لا يصح التنازل عنه لأي جهة حكومية أو غيرها فرداً أو غير فرد ؛ بل تبقى له صفته الأدبية في التأليف ، ولو فرض وجود اتفاق على شرط التنازل عن ذلك لما صح ، نعم يصح الاتفاق على شرط إسقاط ما يتعلق بحقوقه المالية في المؤلف . هذا ملخص ما في الاتفاقيات الدولية وبعض القوانين العربية لحقوق المؤلفين .
وبتنزيله على أصول الشريعة وقواعدها لا يظهر معارضته لها بشيء .وكيف يصح التنازل عن نسبة التأليف إلى مؤلفه مثلاً في علوم الشريعة التي تعتمد أبحاثها جلب الأدلة ومناقشتها والترجيح والاختيار ، ولهذا يرى الناظر في آداب التأليف عند المسلمين التنويه بلزوم التصريح باسم المؤلف وللوثوق به ، وعند بعضهم أن المؤلف المجهول النسبة كالرواية عن مجهول الحال ، أو العين والحال فالكل لا يحتج به استقلالاً . والله أعلم)) .أهـ
ثانيا : هل يجب التفريق بين العالم الكبير المنشغل عن الكتابة ...
__________
(1) فقه النوازل /2/264)) وذكر مراجع أخرى (( الوسيط 8 / 408 - 421 ))، (( الحقوق على المصنفات: 70 - 71 ))، لأبي اليزيد ،(( مجلة عالم الكتب ص / 592 ))، ((المبادئ الأولية ص : 23 - 24 )).
(2) الوسيط 8 / 325 - 330 .(1/6)
يجب عدم التفريق من حيث العموم إلا في بعض الأمور البسيطة التي قد تتعلق بأسلوب الرد والمعالجة ونحو ذلك لعل العالم يكون متأولا ، مع مراعاة أن المعصية من العالم قد تكون أشد قبحا، لأنه يقتدى به ، وقد يضعف نفوس المدعوين والأتباع .
أما غير الأهل فتأويله مردود لوجوب سؤال أهل الذكر ، وكما قال شيخ الإسلام ((واجتهاد العامة هو طلبهم للعلم من العلماء بالسؤال والاستفتاء بحسب إمكانهم ))(1) .
ثالثا : المخرج الشرعي
من المسائل العجيبة التي قابلتها هذه المسألة فهي مع كونها دقيقة ومهمة وخطيرة ولها عدة صور إلا أن المخرج الشرعي في غاية السهولة لمن أخلص نيته لله ونبذ حظوظ النفس حيث يتمثل المخرج الشرعي في عدة كلمات قد تفضل منظموا المناقشة بذكرها .
وهناك تفصيل بالنسبة لإفتاء الأهل ، فالمفتي هنا له ثلاث حالات :
أ) أن يكون له رأي معلوم في المسألة ، فهنا غير ملزم ، لأن الباحث في الغالب سيكون ناقلا وإن أضاف بعض الأدلة أو الأقوال ، ولكن باب الإحسان واسع والله يحب المحسنين .ولن يضر المفتي إن كتب في نهاية الفتوى جمع أو إعداد ونحو ذلك . بل يزيده فضلا إلى فضله .
__________
(1) قاعدة في المحبة 1/132)) .(1/7)
ب) ألا يكون له رأي معلوم في المسألة : ينبغي ذكر الباحث -بأي صورة يراها مناسبة - لأنه ليس ناقل. ج) أن يكون له رأي معلوم في المسألة ثم يتغير بعد الاطلاع على بحث الباحثين ، فهنا ملزم يذكر جهد لجنة الإفتاء(1) وشكرهم ونحو ذلك ، وهذا يزيده فخرا وزيادة ثقة الناس به ، لأنه يعطي انطباعا بأنه يفتي عن بحث ، وهناك فرق بين الفتوى عن بحث والفتوى عن قراءة قد تكون قديمة أو غير متعمقة .
وقد يقول : يلزم من هذا القول أن كل من يغير فتواه أن يذكر المصدر .
الجواب :
هناك فرق بين من يبحث له(2) وبين من يبحث بنفسه ، ومع ذلك فهو معمول به ولكن يصوره قد تكون غير مباشرة كذكر المراجع أو بعض الأقوال ، ومع ذلك فلأورع أن يذكر المصدر - فباب الورع واسع أيضا - وفي ذلك من المصالح الشرعية الكثيرة ويكفي أنها تساعدا على قمع حظوظ النفس وكما هو معلوم أن العلماء أشد الناس ابتلاء في الإخلاص ، وكما قال ابن المنكدر (( كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت ))(3) .
رابعا : هل يحسن التفريق بين الشريط والكتاب
__________
(1) ومن الملفت أيضا في كثير من المواقع أنها لا تذكر أسماء أعضاء اللجان أو الباحثين ونحوهم ، ولو في رابط خاص أو خريطة الموقع عوضا عن ذلك . ،مع أن في ذلك مصالح وفوائد للجميع حتى القارئ ، ولأسف حقا أن نرى ذلك في الوسائل المسموعة والمرئية الجاهلية المعاصرة .
(2) وفي الحقيقة لم أقف من العلماء الأوائل بأن هناك من كان يبحث لهم رغم قلة إمكانات البحث وكثرة انشغالهم .ويبدو أن الإكثار من تحمل المسئوليات له علاقة .
(3) تذكرة الحفاظ 1/127)) .(1/8)
لا يحسن التفريق بينهم طالما العلة واحدة بنسبة الحق إلى أهله وما يترتب عن ذلك من أمور ومصالح ومفاسد شرعية تقدم ذكرها، فهل أصحاب الوسائل المرئية والمسموعة أورع من أهل العلم ، حيث نراهم أو نسمعهم عند تقديم برنامج ما ، يفرقون فيذكرون إعداد أو جمع فلان ، وتقديم فلان ؟ أم أن الحقوق قد عرفت عندهم فتم التوفيق بينها بما تقدم ذكره ؟ .
وهناك من الأشرطة تتحول إلى كتب مما يعني ضرورة الحيطة قبل الوقوع في مأزق ، والعرب تقول : (( العاقل من احتال للأمر قبل الوقوع فيه لا أن يحتال له بعد أن يقع فيه )) .
خامسا : نزع البركة آفة لكل عمل
البركة هي النماء والزيادة الكثرة والاتساع (1) ، وأحوج الناس إليها هم أهل العلم ، وما أحوجهم اليوم إليها لمعرفة الخلل الذي كثر الحديث عنه في قلة بركة وثمار المخرجات الدعوية(2) ، وينبغي أن يكونوا من أحرص الناس عليها لعلمهم بأهميتها وأن القلب إذا مال عن الله بشيء نزعت البركة من ذلك الشيء(3) ، ومن بركة العلم أن ينسب القول إلى قائله (4)، فكيف إذا صار فيه ما هو أكبر وأخطر من ذلك ؟!.
وللإمام أحمد موقف في أقل من ذلك يذكره الإمام الغزالي (5)، وبالتالي لا تعجب إن بارك الله بعلمهم ، يقول :
((وسئل أحمد بن حنبل عمن سقطت منه ورقة فيها أحاديث فهل لمن وجدها أن يكتب منها ثم يردها فقال لا بل يستأذن ثم يكتب .
وهذا أيضا قد يشك في أن صاحبها هل يرضى به أم لا فما هو في محل الشك والأصل تحريمه فهو حرام وتركه من الدرجة الأولى )). أهـ
،
__________
(1) مختار الصحاح (( 1/20)) ، تفسير القرطبي (( 7/223))
(2) ينظر المقدمة .
(3) نوادر الأصول في أحاديث الرسول (( 4/24)) .
(4) جامع بيان العلم وفضله /1/308)) للإمام ابن عبد البر القرطبي ،(( السلسلة الضعيفة : حديث 6556)) .
(5) إحياء علوم الدين 1/6))(1/9)
وأسأل المولى أن يصلح أعمالنا ويخلص نياتنا وهذا ما يسر الله به إذ استخرته والحمد الذي بنعته تتم الصالحات .
محب الاستخارة
سند بن علي بن أحمد البيضاني
اللهم فهذه غاية قدرتي فأرني قدرتك واجعل أفئدة المسلمين تهوي إليها وأرني ثوابها في الدنيا والآخرة..اللهم آمين ، اللهم آمين ، اللهم آمين .(1/10)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أكرم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين .
الأخ الفاضل : مسئول المكتبة أحبكم الله واستعملكم
السلام عليكم ورحمة الله ..
أما بعد
في البدء لزاما علي أن أشكر جهودكم الخيرة، وأسأل المولى أن يريكم ثوابها في الدنيا قبل الآخرة ، ومرفق مع هذه الرسالة بحث بعنوان ((تكليف الآخرين بكتابة الأبحاث والمواد العلمية...ضوابطه وأحكامه )) راجيا تكرمكم بنشرة في مكتبتكم الطيبة وجزاكم الله خيرا .
والسلام عليكم ورحمة الله ..
محبكم في الله : محب الاستخارة
سند بن علي بن أحمد البيضاني(2/1)