أكاديمية القاسمي- كلية أكاديمية للتربية
قسم الدين الإسلامي واللغة العربية
مقدم من: ميس شريف مصاروة
الموضوع: تأجير الأرحام في مرآة الدين الإسلامي
بحث تخرج
ضمن مساق: حلقة دراسية – دين إسلامي
إشراف: د. أحمد قعدان
باقة الغربية
شعبان- 1428
أيلول- 2007/2008
الإهداء
إلى الذي أرشدني وشجعني على دراسة ديننا الحنيف لأستقي من علومه الطاهرة ما استطيع لأنه اكبر بكثير من أن يحاط به
وإلى من قاسمني خطواتي خطوة بخطوة على مدار هذه السنين، ولم يبخل علي بوقته ونصائحه وإرشاده.
الى والدي الكريم بكل فخر وامتنان
إليك أهدي أرقى ما خطته يداي حتى يومي هذا
ابنتك
ميس
شكر وامتنان
أتقدم بجزيل الشكر والعرفان الى:
ذلك الشاب الطيب "حمزة حماد" الذي ساعدني حين رفض الكثيرون ذلك، ووقف لجانبي لساعات وساعدني في استخراج المواد الملائمة لهذا البحث في مكتبة الجامعة الأردنية بعمان.
صديقاتي وقريباتي اللاتي ساعدنني في جمع المواد اللازمة وطباعتها:
أثار، عرين، ألاء وبلسم
واخص بشكري أمي الغالية التي اهتمت دائما بتوفير الظروف المريحة والمناسبة ليخرج هذا البحث الى النور على أفضل حال.
أقدم عظيم الشكر لقلوبكم الكبيرة التي منحتني الكثير
ميس
فهرس الموضوعات
الموضوع ... الصفحة
المقدمة ... 1
سؤال البحث والفرضيات ... 9
أهمية الموضوع وسبب اختياره ... 10
منهج الكتابة ... 12
الفصل الأول: تعريف المصطلحات الأساسية. ... 13
الفصل الثاني: الإسلام والتطور التكنولوجي ... 17
الإسلام والعلم ... 17
الإسلام وتكنولوجيا الإخصاب الصناعي ... 19
الفصل الثالث: الأخلاق الطبية ... 21
الأخلاق الطبية عبر الحضارات ... 21
الأخلاق الطبية عبر الديانات ... 22
الطبيب المسلم وقضية استئجار الأرحام ... 25
الفصل الرابع: الرحم ... 27
الرحم في الإسلام ... 27
الفصل الخامس: الأم ... 33
معنى الأمومة ... 33
الأم في القران ... 35
الأم في السنة النبوية الشريفة ... 36
الأم في الإسلام ... 38
الفصل السادس: العقم ... 41
ما هو العقم ... 41(1/1)
هل يجوز معالجة العقم في الشريعة الإسلامية ... 43
الفصل السابع: استئجار الأرحام ... 45
تاريخ نشوء عملية استئجار الأرحام ... 45
صور استئجار الأرحام وأساليب التلقيح ... 46
الفصل الثامن: قياس المسألة على مسائل أخرى ... 49
قياس المسألة على الرضاع ... 49
قياس المسألة على الزنا ... 53
الفصل التاسع: فتاوى العلماء في المسألة ... 56
فتاوى المؤيدين وأدلتهم ... 56
فتاوى المعارضين وأدلتهم ... 62
الفصل العاشر: حكم الأمر في الإسلام ونسب المولود ... 72
النسب ... 72
نسب المولود ... 75
الفصل الحادي عشر: عرض قضايا غريبة في استئجار الأرحام ... 78
قضايا الاستئجار فيها بتطوع ... 78
الفصل الثاني عشر: أثار سلبية لعملية استئجار الأرحام ... 81
أثار اجتماعية أخلاقية نفسية ... 81
مشاكل قضائية ... 84
مخاطر تجميد الأجنة ... 86
أثار سلبية على المولود ... 87
الفصل الثالث عشر: الرأي الراجح ... 88
الرأي الراجح ... 88
الأدلة التي اعتمدت عليها ... 88
التعليل ... 89
الخاتمة ... 91
التوصيات ... 92
المصادر ... 93
الملاحق ... 98
مقدمة
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه الذي اصطفى وبعد :
لقد كرم الله تعالى الإنسان من لحظة خلقه وتكوينه ووهبه العقل البشري الذي بسبه ارتقى الإنسان عن باقي المخلوقات فقال تعالى "ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم "( التين:4)، كذالك كرم سبحانه وتعالى الزواج في الإسلام ووضعه في ميزان راقي بأن جعل العلاقة الزوجية سبيلا للمودة والرحمة والسكن والتناسل (1) ، وجعل من ثمرة هذا الزواج زينة ثمينة وغالية على قلوب البشر فقال عز من قائل "المال والبنون زينة الحياة الدنيا " (الكهف:46)، فعملية الإنجاب والولادة هي عملية مهمة جدا وضرورية لإستمرار الحياة البشرية ولذلك كان حفظ النسل من الضرورات الخمسة في ديننا الحنيف .
__________
(1) يوسف عبد الرحمن، الفرت, قضايا فقهيه معاصره , القاهرة:دار الفكر العربي ,2004 ,ص9.(1/2)
إن عملية الإنجاب واضحة في الشريعة الإسلامية، حيث تكون بعد زواج صحيح وجماع بين الزوج وزوجه وبعد أن تحمل الأم أو الزوجة جنينها ومن ثم تضعه , يقول عز وجل :-
"هو الذي خلقكم من نفس واحده وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لين أتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين"(الأعراف:189)
ويقول تعالى:
"ووصينا الإنسان بولديه إحسنا حملته أمه كرها ووضعته كرها وفصاله ثلاثون شهرا"(الأحقاف:15).
هذا هو الطريق السليم والمشروع الذي أقره الإسلام للتناسل، ولكن جد في عصرنا هذا ظواهر أو طرق جديدة للتناسل والتكاثر، إن هذا العقل البشري الذي منَّ الله به على الإنسان استطاع وبمساعدة التكنولوجيا المتطورة وتقدم العلم أن يوفر للناس طرق جديدة وغريبة للتناسل والتكاثر ومنها ما يعرف باستئجار الأرحام أو "زرع بويضة امرأة في رحم امرأة أخرى" وله تسميات كثيرة وعديدة .
هذا الأسلوب يعتبر احد أساليب التلقيح الصناعي وكما ذكرت فقد اشتهر باسم "تأجير الأرحام"، لانه يتم فيه إخصاب بويضة زوج بنطفه من مني زوجها، ثم تزرع اللقيحة في رحم سوي لامرأة أخرى مدة الحمل، ثم تسلمه لأبويه بعد ولادته، نظير أجر متفق عليه غالبا، ,ويكون الأمر تطوعا أحيانا.
وقد أطلقت تسميات عده على هذا النوع من التلقيح منها "الرحم الظئر" و"شتل الجنين" و"الأم الحاضنة"و"الأم البديلة" و"الرحم المستعار" و"البطن المؤجر" وتعبير "تأجير الأرحام" هو الذي اشتهر في أوروبا وأخيرا في مصر . (1)
__________
(1) المصدر السابق، ص7.(1/3)
لقد قمت في هذا البحث، بدراسة وقراءة الكتب التي تعالج القضايا الطبية الحديثة في الشريعة الإسلامية( رغم قلة المصادر التي تناولت نازلة استئجار الأرحام)، كما وتطرقت الى العديد من الجزئيات والمواضيع الفرعية المنبثقة عن هذه المسألة، وقمت بعرض هذه المواد المدروسة بواسطة تقسيمها الى فصول ومباحث ومطالب الأمر الذي يجعلها أكثر وضوحا للقارئ، حيث شمل هذا البحث على ثلاثة عشر فصلا تتضمن مباحث ومطالب، وشمل أيضا مقدمة وخاتمة وتوصيات، أما
تقسيم الفصول فكان كالأتي :
الفصل الأول:- "تعريفات المصطلحات الأساسية" ويحتوي على المبحث التالي:
المبحث الأول:- تعريف المصطلحات الأساسية: ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الاول: الأمشاج
المطلب الثاني:- الإستدخال
المطلب الثالث:-الأم المستعارة
المطلب الرابع:-البييضة
المطلب الخامس:- الحاضنة
المطلب السادس:- الجوين
المطلب السابع:-الرحم
المطلب الثامن:- الرحم الظئر
المطلب التاسع:- شتل الجنين
المطلب العاشر:-قناة فالوب
المطلب الحادي عشر :- اللقيحة
المطلب الثاني عشر:- المضيفة
الفصل الثاني:- "الإسلام والتطور التكنولوجي" ويحتوي على المباحث التالية:
المبحث الأول:- الإسلام والعلم.
المبحث الثاني:- الإسلام وتكنولوجيا الإخصاب الصناعي .
الفصل الثالث:- " الأخلاق الطيبة " ويحتوي على المباحث التالية:
المبحث الأول:- الأخلاق الطبية عبر الحضارات.
المبحث الثاني:- الأخلاق الطبية في الإسلام، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: الأخلاق الطبية في الديانة اليهودية.
المطلب الثاني: الأخلاق الطبية في الديانة المسيحية.
المطلب الثالث: الأخلاق الطبية في الدين الإسلامي.
المبحث الثالث:- الطبيب المسلم وقضية استئجار الأرحام .
الفصل الرابع:-" الرحم " ويحتوي على المبحث التالي:
المبحث الأول:- الرحم في الإسلام، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف الرحم اصطلاحا.(1/4)
المطلب الثاني: الرحم في القران الكريم.
المطلب الثالث:- الرحم في السنة النبوية الشريفة .
المطلب الرابع:-أهمية وقدسية الرحم في الإسلام .
الفصل الخامس:- "الأم " ويحتوي على المباحث التالية:
المبحث الأول:- معنى الأمومة، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: معنى الأمومة لغةً.
المطلب الثاني: معنى الأمومة اصطلاحاً.
المبحث الثاني: الأم في القران الكريم.
المبحث الثالث:- الأم في السنة النبوية .
المبحث الرابع:-"الأم في الإسلام" ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: الأم الحقيقية.
المطلب الثاني: الأم بالرضاع.
المطلب الثالث: أمهات المؤمنين .
الفصل السادس:- "العقم" ويحتوي على المباحث التالية:
المبحث الأول:- ما هو العقم، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف العقم لغة.
المطلب الثاني: تعريف العقم طبياً.
المبحث الثاني:- هل يجوز معالجته في الشريعة.
الفصل السابع:- "استئجار الأرحام " ويحتوي على المباحث التالية:
المبحث الأول:- تاريخ نشوء "عملية استئجار الأرحام" .
المبحث الثاني :- صور استئجار الأرحام وأساليب التلقيح .
الفصل الثامن :- "قياس مسألة استئجار الأرحام على مسائل أخرى " ويحتوي على المباحث التالية:
المبحث الأول:- قياس مسألة استئجار الأرحام على الرضاع، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف القياس.
المطلب الثاني: تعريف الرضاع.
المطلب الثالث: هل يجوز قياس مسألة استئجار الأرحام على الرضاع؟
المبحث الثاني:- "قياس مسألة استئجار الأرحام على الزنا"، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف الزنا.
المطلب الثاني: هل يمكن قياس مسألة استئجار الأرحام على الزنا؟
الفصل التاسع :- "فتاوى العلماء في المسألة " ويحتوي على المباحث التالية:
المبحث الأول:- فتاوى المؤيدين لاستئجار الأرحام والأدلة التي اعتمدوا عليها.(1/5)
المبحث الثاني:- فتاوى العارضين لاستئجار الأرحام والأدلة التي اعتمدوا عليها.
الفصل العاشر:- "حكم الأمر في الإسلام إذا وقع ونسب المولود " ويحتوي على المباحث التالية:
المبحث الأول:- النسب، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: تعريف النسب.
المطلب الثاني: أهمية النسب في الإسلام.
المبحث الثاني:- نسب المولود، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول:- من الأم الحقيقية؟
المطلب الثاني:- من الأب الحقيقي؟
الفصل الحادي عشر :- "عرض قضايا غريبة في استئجار الأرحام" ويحتوي على المبحث التالي:
المبحث الأول:- قضايا الاستئجار فيها بتطوع، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: الجدة التي تحمل عن ابنتها.
المطلب الثاني: البنت التي تحمل عن امها.
الفصل الثاني عشر :- "آثار سلبية لعملية استئجار الأرحام " ويحتوي على المبحث التالي:
المبحث الأول:- أثار سلبية لعملية استئجار الأرحام، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول:آثار اجتماعية نفسية.
المطلب الثاني:- مشاكل قضائية.
المطلب الثالث:-مخاطر تجميد الأجنة.
المطلب الرابع: أثار سلبية على المولود.
الفصل الثالث عشر :- "الرأي الراجح" ويحتوي على المبحث التالي:
المبحث الأول:- الرأي الراجح، ويحتوي على المطالب التالية:
المطلب الأول: الرأي الراجح.
المطلب الثاني: الأدلة التي اعتمدت عليها.
المطلب الثالث: التعليل.
وفي نهاية البحث قمت بعرض الاراء الفقهية لأساتذة الشريعة الإسلامية في أكاديمية القاسمي حول نازلة استئجار الأرحام، حيث طرحت هذه الاراء في ملحق خاص بها.
والله ولي التوفيق
سؤال البحث المركزي:
ما حكم تأجير الأرحام في الشريعة الإسلامية؟
فرضيات البحث:
1. يجوز تأجير الأرحام بإطلاق في الشريعة الإسلامية.
2. يجوز تأجير الأرحام في الشريعة الإسلامية في حالات معينة.
3. لا يجوز تأجير الأرحام في الشريعة الإسلامية في جميع الأحوال.(1/6)
أهمية الموضوع وسبب اختياره :-
نحن نعيش اليوم في زمن السرعة، وزمن تتجدد فيه الأمور، وتتسارع في الظهور وتنشر آثارها ويتناقل الناس أخبارها، وذلك بصورة لم يسبق لها نظير في الأزمان الماضية، نتيجة ما أحدثه التطور العلمي والتقني المذهل في كل مناحي الحياة، وخاصة في مجالات العلوم الطبية والبيولوجية، التي تؤثر في حياة الناس تأثيرا مباشرا إذ تقدم إليهم حلولا لمشكلات كانت في الزمن الغابر مستعصية الحل، ومن هذه الأمور التلقيح الصناعي والذي من إحدى صوره ما يعرف باستئجار الأرحام وهو الحل المغري الذي جاء لحل مشكلات الحمل والولادة لدى من لم تواتهم فرصة الإنجاب الطبيعي (1) .
وإن من سمات الشريعة الإسلامية الشمولية وصلاحيتها لكل زمان ومكان، فالشريعة الإسلامية لم تترك شاردة ولا واردة إلا وتطرقت إليها في كل مجالات الحياة حتى لو كان ذلك بطريقة غير مباشرة أو بدون نص قطعي ثابت لأن المستجدات في الحياة كثيرة والتغيرات مستمرة، وهنا يجيء دور الاجتهاد الذي جاء ليمحو اللبس والشبهات وليبين حقيقة أمور كثيرة ربما توقع المسلمين في الحرام.
__________
(1) المصدر السابق,ص7(1/7)
ومن هذا المستجدات هو "استئجار الأرحام" والذي ظهر في أوروبا في سنوات الثمانينات وبدأ ينتشر في العالم ويدخل العالم العربي والإسلامي، لذلك من المهم جدا أن يعرف المسلمون موقف الإسلام والدين من "تأجير الأرحام" وكيف تنعكس مثل هذه الصوره في مرآة الإسلام وما هي الآثار المترتبة عليها، فإن مثل هذه المعرفة ضرورية وهامة للمسلمين عامة ولطلبة علم الشريعة خاصة، فإن معرفتهم بالموضوع وبحثهم فيه يساعدهم على تبني المواقف السليمة التي يجب أن تواجه مثل هذه المستجدات، وبحث مثل هذه المستجدات ومعالجتها ضرورة جدا للمسلمين بشكل عام، وللمسلمين الذين يعيشون في الغرب بشكل خاص لأن مثل هذه القضايا ربما تواجههم أكثر أو تدخل في حياتهم بشكل أوسع، بحكم أن بلاد الغرب تشهد تطورات علمية وتكنولوجية اكبر وأوسع من تلك التي في الدول العربية.
لذالك على علماء المسلمين أن يواكبوا مستجدات العصر وأن يبحثوا القضايا الطبية المعاصرة ليرشدوا بفتواهم الأمة الإسلامية إلى طريق النور وطريق الإسلام والأمان بخصوص هذه القضايا .
والشريعة الإسلامية كلها مصالح وجاءت لتحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل، فالواجب علينا بحث هذه القضايا لإرشاد المسلمين إلى ما هو اطهر وأفضل .
سبب إختيار الموضوع :-
هناك عدة أسباب لاختيار هذا الموضوع بالذات- "تأجير الأرحام "- وهي:-
1- التصدي لحملة العولمة في ديار المسلمين .
2- حاجة الناس لمعرفة موقف الدين من مثل هذه القضايا الطبية المعاصرة .
3- اخترت هذا الموضوع لإحاطتي القليلة ومعرفتي السطحية به , فمن باب طلب العلم وحب المعرفة اخترت البحث فيه والكتابة عنه .
4- عدم بحث الموضوع بشكل جيد وكما يجب من قبل طلاب الأكاديمية من قبل .
5- السعي وراء تكوين مرجع متواضع شامل يبحث ويعالج القضية المطروحة بجميع جزئياتها.
6- حاجة طلاب الشريعة بالذات للاطلاع على مثل هذه القضايا الطبية المعاصرة
منهج الكتابة :-(1/8)
سأقوم بالكتابة وفق المنهج التالي :-
1- عزو الآيات إلى سورها وان تكررت .
2- تخريج الأحاديث النبوية الشريفة .
3- ترجمة للعلماء المذكورين والتحدث عنهم.
4- توثيق المسائل المنقولة بعزوها إلى قائلها والكتاب المعزوة منه مع رقم الصفحة .
5- الاعتماد على الكتب المعتمدة في المذاهب.
6- الحرص على الاستشهاد الواسع بالكتاب والسنة .
7- جعل فهارس علمية للآيات والأحاديث والمصادر وفهرس عام للموضوعات .
8- تقسيم البحث الى فصول ومباحث ومطالب.
الفصل الأول
? المبحث الأول: تعريف المصطلحات الأساسية
المطلب الأول: الأمشاج:-
1- الأمشاج في اللغة هي الخلايا الذكرية كالحيوان المنوي ، والخلايا الأنثوية كالبييضة قبل أن تندمجا لتكوين اللاقحة. (1) والأمشاج هي الأخلاط قال تعالى:"إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه".(الإنسان :76)،فيتكون من المائين نطفة أمشاج هذه "الزيجوت" المتكونة من التحام نواة البويضة من الأنثى بنواة الحيوان المنوي من الرجل فيتحدان وعندئذ يحصل التلاقي والتلاقح، وبعد التلاقح تنقسم البيضة الملقحة انقساماتها المعروفة المتتالية فتنقسم الزيجوت وتصبح الخلية خليتان... والخليتان أربع (2) إما بالنسبة لهذه الخلية التي تنقسم فهي كما ذكرت سابقا تكونت خلال لقاء خلية بويضة بحيوان منوي ، هذه الخلية نصفها يحمل خواص ألام والنصف الأخر يحمل خواص الأب، وهذه الخواص تسمى بالكروزومات التي تحمل جميع التعليمات المنظمة لحياة الفرد. (3)
المطلب الثاني:الاستدخال:
2- الاستدخال: مصطلح فقهي قديم يعني حقن ماء الرجل في قبل المرأة (4) .
__________
(1) مجمع اللغة العربية،المعجم الوسيط،الجزء الثاني ،بيروت:دار الفكر،(د.ت)، ص 270.
(2) أبو زيد ،بكر بن عبد الله،فقه النوازل ،المجلد الأول،الرياض:مكتبة الرشد، ص 253، 1407 ه).
(3) عبد الغني، اسامة . موسوعة الطفل من الحمل حتى البلوغ، مصر:المصرية (د.ت) ص 93)
(4) فقه النوازل،ص 204)(1/9)
المطلب الثالث: الام المستعارة:
3- الأم المستعارة: هي المرأة التي نقل إلى رحمها البيضة الملقحة ، وتسمى أيضا "مؤجرة البطن أو الرحم (1) .
المطلب الرابع: البييضة:
4- البييضة: وتسمى بيولوجيا بويضة، والبييضة تصغير بيضة وهي مني الزوجة أو خلية الأنثى (2) .
المطلب الخامس: الحاضنة:
5- الحاضنة: هي ذاتها الأم المستعارة، ومنهم من يعارض هذه التسمية لان الحاضنة هي التي ترعى الطفل بعد ولادته،أما التي تحمل البويضة الملقحة فتسمى الحامل. (3)
المطلب السادس: الجوين:
6- الجوين : هو ماء الرجل أي الحيوان المنوي (4) .
المطلب السابع: الرحم:
7- الرحم: هو في اللغة موضع تكوين الجنين ووعاؤه في البطن (5) ، وهو أيضا القرار المكين المذكور في قوله تعالى:"وجعلناه في قرار مكين"(المرسلات:21).الجمع أرحام ،وذهب بعضهم إلى أن الرحم تذكر وتؤنث والصحيح إنها مؤنثة. (6)
المطلب الثامن: الرحم الظئر:
8- الرحم الظئر: الظِئر بكسر الظاء :- المرضعة لغير ولدها. (7) وجمعه اظوار واظار .ومن هنا قيل للبويضة الأنثوية بعد تعرضها لمني الزوج وإيداعها في رحم امرأة أخرى "الرحم الظئر" (8) .
المطلب التاسع: شتل الجنين:
9- شتل الجنين: الشتل القطح وشتل الجنين احد تسميات الرحم الظئر وحقيقته أن يجامع رجل امرأته التي لا تحمل،ثم ينقل الماء منها إلى رحم امرأة أخرى بطريقة طبية محكمة إلى نهاية وضعه وطريقة النقل هذه هي "الشتل" (9) .
المطلب العاشر:قناة فالوب:
__________
(1) فقه النوازل ، ص254.
(2) فقه النوازل ، ص 255.
(3) فقه النوازل ، ص 255.
(4) فقه النوازل،ص 256.
(5) (1 المعجم الوسيط،ج ا ، ص 335.
(6) الخالدي، محسن. "الرحم والرحمن بين الاشتقاق والتفسير"، مجلة جامعة النجاح للأبحاث: نابلس. عدد1،2004،ص 205.
(7) المعجم الوسيط،ج2،ص 575.
(8) فقه النوازل، ص256.
(9) 5) فقه النوازل ص 256.(1/10)
10- قناة فالوب: هي الطريق التي تصل بين الرحم والمبيض،وسميت بذلك نسبة إلى عالم التشريح الايطالي الذي اكتشفها.وإذا طرأ على هذه القناة انسداد صار سببا لعدم قابلية الحمل.ومنهم من يسميها "قناة الرحم" (1) .
المطلب الحادي عشر: اللقيحة:
11- اللقيحة: هي البيضة الملقحة بالحيوانات المنوية. (2)
المطلب الثاني عشر:المضيفة:
12- المضيفة : هي نفسها المرأة التي تتبرع بحمل البويضة الملقحة وهي نفسها إلام المستعارة. (3)
الفصل الثاني : الإسلام والتطور التكنولوجي
? المبحث الأول:الإسلام والعلم:-
لقد اهتم الدين الإسلامي بالعلم،ومنحه مكانة سامية وطاهرة ،فالدين الإسلامي يقف من العلم موقف التقدير ويدعو له ويطلبه ،فالله سبحانه وتعالى بعث رسله بالحق ليعلموا الناس وليرشدوهم إلى طريق الصواب ولينقلوهم من الظلمات إلى النور،والله جل جلاله أرسل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليعلم الناس ويزكيهم فقال تعالى: " يتلوا عليهم آيتك ويعلمهم الكتب والحكمة ويزكيهم" (البقرة :129) (4) ، والله تعالى هو الذي علم الإنسان ما لم يعلم .
__________
(1) فقه النوازل (ص 257).
(2) فقه النوازل، ص257.
(3) فقه النوازل، ص 257.
(4) عبد الحليم،محمود.موقف الاسلام من الغن والعلم والفلسفة.جزء 2،مصر:دار الجمهورية،1424ه، ص169.(1/11)
وقال تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام :"اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق ،اقرأ وربك الأكرم،الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم" (العلق 1-5)، كذلك اقسم الله تعالى بأدوات العلم بالحرف والفلم والسطر فقال عز من قائل"ن القلم وما يسطرون" (القلم:ا -2). والنظر والتفكير في ملكوت السموات والأرض أمر مطلوب دينيا بصيغة الأمر من الله عز وجل. (1) ودعوة الإسلام قامت على مخاطبة العقل والفكر في جميع النواحي والمجالات ، الأمر الذي يشير إلى تركيز الدين الإسلامي واهتماماته بإعمال العقل والفكر الذي يخلق ويولد العلم للتحرر من الجهل والهوان ولينشئ مجتمعا متقدما ومبدعا . (2) .
إن الآيات الكريمة التي ذكرتها هي جزء من آيات كثيرة حث الله تعالى بها عباده على طلب العلم والسعي في سبيله،وأيضا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حث على طلب العلم ووضعه في ميزان راق فقال صلى الله عليه وسلم :"من سلك طريق يطلب فيه علما ، سهل الله له به طريقا من طرق الجنة ،وان الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم،وان العالم يستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء ،وان فضل العالم على العابد ،كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ،وان العلماء ورثة الأنبياء ،وان الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه اخذ بحظ وافر" (3) .
__________
(1) الجندي ،حمد نصر،النسب في الاسلام والارحام البديلة،مصر:دار الكتب القانونية ،ص2003،236.
(2) الدواليبي،محمد معروف،موقف الاسلام من العلم واثر الرسالة الاسلامية في الحضارة الانسانية ،بيروت:دار الكتاب،1979، ص31.
(3) رواه احمد والترمذي وأبو داوود وابن ماجه والدرامي،وسماه الترمذي قيس بن كثير.رواه ابو داوود في باب الحث على طلب العلم،ج10، ص،49، ح 3157.(1/12)
وعن انس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر،فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة" (1) .
هذه الآيات الكريمة وهذه الأحاديث الشريفة لخير برهان على أهمية العلم في الإسلام وتؤكد على التحام واتحاد العلم والدين الإسلامي وانه لا تعارض بينهما. (2)
? المبحث الثاني: الإسلام وتكنولوجيا الإخصاب الصناعي:-
إن الإسلام هو دين التفكر والتدبر والعلم،فالذين الإسلامي يمجد العلم والتقدم وفقهاء المسلمين وعلمائهم مطالبون بدراسة الابتكارات والمستجدات العلمية الحديثة التي باتت كثيرة جدا في مثل هذا العصر المتقدم جدا، والدراسة ضرورية لإرشاد المسلمين لما هو أفضل وتوضيح موقف الإسلام من مثل هذه النظريات والاكتشافات، ولعكسها في منظور الشريعة الإسلامية بشكل جلي وواضح.
__________
(1) رواه مسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حيان في صحيحة والحاكم وقال صحيح على شرطهما.
(2) موقف الإسلام من العلم والفن والفلسفة، ص 126+127.(1/13)
إن المطلوب من فقهاء المسلمين عرض هذه المستجدات في باب الحلال والحرام فيقرون الحلال وينكرون على الحرام تواجده ،حتى يكون المسلمون على بصيرة مما يحاك بهم ويضمر لهم دينهم. (1) وقد وضع هؤلاء الفقهاء العظام الأصول والضوابط للحكم على كل ما يأتي به العلم من اكتشافات مهتدين بقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الحلال بيّن وان الحرام بيّن وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه إلا أن لكل ملك حمى إلا أن حمى الله محارمه ألا أن في الجسد مضغه إذا صلحت صلاح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله إلا وهي القلب" (2) . وطلب هؤلاء الفقهاء من المسلمين البعد عن الشبهات حتى لا يقع المسلم فيما هو محظور عليه والمسألة التي بين يدينا تنتسب إلى اكتشافات العلم الحديث وتتعلق في إنجاب الأطفال بعدة طرق خارج رحم المرأة المتزوجة، وهذا الأمر يخالف ما جاء في القران الكريم وفي السنة النبوية الشريفة حول طريق الحمل والولادة وإثبات النسب. إن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول:"تخيروا لنطفكم ولا تضعوها إلا في الأكفاء" (3) ، وفي رواية أخرى"اختاروا لنطفكم الواضع الصالحة" هذا الحديث النبوي الشريف يقف بوجد العبث بالأرحام ويقف أمام النساء اللواتي يعبثن بأرحامهن تحت راية تأجير الأرحام أو التبرع ،فمثل هذا الرحم لا يكون طاهرا وصالحا ليحوي بداخله نطفة خاصة إذا كانت هذه النطفة غريبة عن هذا الرحم. (4)
__________
(1) النسب في الاسلام والارحام البديلة ، ص 236.
(2) حديث صحيح رواه الشيخان.
(3) سنن ابن ماجه، باب النكاح، حديث رقم 1958.
(4) النسب في الإسلام والأرحام البديلة ، ص 237.(1/14)
لذا على المرأة المسلمة أن تحافظ على نفسها من هذه المستجدات فالله سبحانه وتعالى احلّ فرجها بكلمة منه ،بما ينبئ عن أن الأصل فيه الحرمة ولذلك يجب أن تكون واعية لما يدور حولها وان تتمسك وتتشبث بما اختاره لروحها ،وان ترفض ما عداه.
الفصل الثالث :الأخلاق الطبية
? المبحث الأول: الأخلاق الطبية عبر الحضارات:
أن الأخلاق الطيبة أمر هام وضروري لكل مجتمع يسعى لنيل حياة شريفة وآمنة ، ولا بد للتطرق إلى هذا الموضوع في مثل هذا الباب ومن خلال الحديث عن التطورات الطبية والبيولوجية الحديثة والتي أبدعت مؤخرا وسائل وطرقا غريبة كحل لمشاكل مستعصية وصعبة طبياً.هذه الحلول المقترحة أو الجديدة جعلت الأطباء حائرين إزاء الموقف الذي يتوجب عليهم تبنية للتعامل مع مثل هذه المستجدات ،فعلى العاملين في مجال الطب أو البيولوجيا بلورة الموقف الصحيح المستند على الأخلاق الطبية الملائمة لمثل هذه الحالات،خاصة أن الأخلاق الطبية معتبرة منذ القدم في أكثر من حضارة. فلقد حاول الإنسان منذ القدم أن يضع ويحدد قوانين لسلوكه ومعاملاته تهدف لحماية المجتمع من التدهور ،فمثلا شريعة وحضارة"حامورابي" (ملك بابل العظيم-1200 ق. م) شملت جميع الجوانب الحياتية والطبية ،فوضعت قوانين تحدد أجور الأطباء وتحمى المرضى،وقد راعت قوانين هذه الحضارة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ،وكان الطبيب مسؤولا عن أي ضرر يلحق بالمريض أثناء علاجه، وكانت تراعى حالة المريض الاقتصادية لدى دفع ثمن العلاج، فالفقير يدفع اقل مما يدفعه الغني. (1)
__________
(1) البقصمي، ناهده. الهندسة الوراثية والأخلاق. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والاداب،1990.ص 37.(1/15)
والحضارة "الزرادشتيه" في فارس سنت القوانين واهتمت بحياة البشر والحيوانات كذلك ،فكانت هناك قوانين لحماية الأنثى أثناء الحمل، وقوانين نصت على الاهتمام بحياة الإنسان،حتى أن الأطباء كانوا يبدأون حياتهم الطبية بعد العمل سنة كاملة كطبيب مجرب يعالج خلال هذه السنة الكفرة أو الأجانب وكأنهم فئران تجارب فإذا مات على يده ثلاثة أشخاص لم يسمح له بمزاولة مهنة الطب وفي هذا تفرقة اجتماعية رغم انه يشير إلى اهتمام هذه الحضارة بحياة البشر.ولا بد لنا هنا من ذكر العصر اليوناني والذي ظهر فيه العديد من القواعد الطبية التي لا تزال لامعة حتى يومنا هذا ،ففي العصر اليوناني وضع قسم "أبقراط" الطبي الشهير وهذا القسم يحدد سلوك الطبيب وأخلاقه ،وتنص بنوده على انه يجب على الطبيب المحافظة على حياة المريض في جميع الحالات .كما وينص على علاقة المريض بزملائه وبمرضاه. (1)
? المبحث الثاني: الأخلاق الطبية عبر الديانات:-
المطلب الأول: الأخلاق الطبية في الديانة اليهودية:
لقد تفاعلت الديانة اليهودية مع الأخلاق الطبية التي ظهرت في العصر اليوناني ،فأنتجت أخلاق طبية يهودية ممزوجة مع الأخلاق الطبية اليونانية،حيث عمدت الديانة اليهودية إلى هذه القوانين اليونانية، فأخذت منها ما يتفق والديانة ذاتها ،وبلورة قوانين طبية أخلاقية معتمدة بالأساس على الوصايا العشر المنصوص عليها في التوراة ،وخصصت بالاهتمام الوصايا التي تناولت موضوع الحياة وقدسيتها وحفظ الإنسان وكرامته كما واهتم الأطباء اليهود بوضع قوانين طبية مختلفة عن تلك اليونانية تدعو الى محاربة السحر والشعوذة المستخدمة في علاج المرضى ،وحددوا حقوق الميت وقدسيته. (2)
المطلب الثاني: الديانة المسيحية:
__________
(1) الهندسة الوراثية والأخلاق، ص 38.
(2) الهندسة الوراثية والأخلاق، ص 39.(1/16)
الديانة المسيحية أيضا تأثرت بالأخلاق الابقراطية الطبية وأخذت عنها الكثير ، فلقد أعطت المسيحي الطبيب السلطة الأبوية في علاقته بمرضاه وهذا يوافق ما جاء في القسم الابقراطي ،وذلك لعلمه بمصلحة المرضى،ومما زاد من اهتمام هذه الديانة بالذات في شؤون المرضى وفي الأخلاق الطبية هو اهتمام المسيحيين إلى الطب والمرضى خاصة أن سيدنا عيسى عليه السلام عرف بقدرته على إشفاء الأعمى والأبرص ،كما وأكدت الديانة المسيحية أن أجسادنا هي ملك لله لذلك علينا المحافظة عليها، وليس من حقنا التصرف بها كما يحلو لنا ،وأكدت قدسية الأموات والأحياء، فحاربت التشريح. (1)
المطلب الثالث: الأخلاق الطبية في الإسلام:
إن الدولة الإسلامية منذ نشأتها كانت منفتحة على العالم الأخر، وكانت تحاول دائما الاستفادة من تقدم وتطور الشعوب الأخرى،فاهتم المسلمون بالطب كثيرا ومنذ وقت مبكر، واهتموا أيضا بترجمة كتب الطب المشهورة عند الأمم، وظهر العديد من الأطباء المسلمين وبرزوا في عالم الطب، وأيضا عكف المسلمون على دراسة علم الطب،خاصة أن الإسلام يحثهم على دراسة هذا العلم، فقد قال رسول الله صلى الله علية وسلم:"لم ينزل الله داء،إلا وانزل له الدواء الشافي" (2) . وكذلك تأثر الأطباء المسلمين بالتراث الابقراطي، فدرسوا هذا التراث وحللوه ونقدوه وأضافوا إليه ، ودمجوا بين المبادئ الإسلامية الطبية وبين الأخلاق الطبية المأخوذة عن اليونانيين والمسيحيين وغيرهم. (3)
__________
(1) الهندسة الوراثية والأخلاق، ص40.
(2) حديث صحيح رواه الشيخان.
(3) الهندسة الوراثية والأخلاق، ص 41-43.(1/17)
فقد كتب إسحاق بن علي الراوي (1) كتابه المشهور "آداب الطبيب" وهو يعتبر من الأعمال الفريدة واللامعة التي اهتمت بالأخلاق العلمية في مجال الطب. وركز الدين الإسلامي على مراعاة حرمة المريض ومصلحته ،وعلى حفظ الطبيب لأسرار المريض،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في اجله فإن ذلك لا يرد شيء ويطيب نفسه". (2)
ودعت الشرائع الإسلامية الطبيب المسلم إلى الإيمان بداية بشرف مهنته وأهميتها في حياة البشر، فالطبيب يؤتمن على صحة الإنسان وهي أثمن ما لدى البشر ،فقال صلى الله عليه وسلم:"سلوا الله المعافاة فإنه لم يؤت احد بعد اليقين خيرا من العافية " (3) . وقال صلى الله عليه وسلم:"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة والفراغ" (4) .
__________
(1) هو أبو علي عيسى بن إسحاق بن زرعة بن مرقس بن زرعة بن يوحنا أحد المتقدمين في علم المنطق وعلوم الفلسفة والنقلة المجودين ومولده ببغداد في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وثلثمائة ونشأ بها وكان كثير الصحبة والملازمة ليحيى بن عدي . اشتهر بتدبير أكثر الأمراض التي كانت تعالج قديماً بالأدوية الحارة إلى التدبير المبرد كالفالج واللقوة والاسترخاء وغيرها.
(2) سنن الترمذي، باب التداوي بالرماد، ح 2013، ج4،ص 428..
(3) مسند احمد، باب مسند ابي بكر الصديق رضي الله عنه، ج1، ص8، ح 5.
(4) صحيح البخاري، باب لا عيش الا عيش الاخرة، ج20، ص33، ح5933.(1/18)
فالطبيب مهنته في غاية الأهمية وهذا الأمر لا ينكره احد عليه. ويشجع الدين الإسلامي الطبيب المسلم على التعليم الذاتي، فعلى الطبيب أن لا يتوقف عن التعلم وذلك لان العلوم الطبية تتجدد في اغلبها كل سبع سنوات، ويمكن للطبيب المسلم تحديث معلوماته وعلمه بواسطة الاطلاع المستمر وحضور الندوات والمؤتمرات، وعلى الطبيب أيضا أن يعتبر نفسه دائما طالبا للعلم وجاهلا في جوانب معينة، كما وعليه إتباع وتبني منهجا فكريا يشجعه على التروية والتصبر ويعتمد بالأساس على التساؤل لقوله تعالى :"قل انظروا ماذا في السموات والأرض" (يونس :10).
وهذا الأمر مهم لتقدم وتطور الأطباء المسلمين ،فهذا ابن النفيس (1) تلقى معارف جالينوس في الطب فلم يقف عندها فقط بل اكتشف الدورة الدموية الصغرى ولم يقف لدى ما سبقه من الاكتشافات بل طورها .
كذلك ابن الهيثم (2)
__________
(1) ابن النفيس هو الشيخ الطبيب علاء الدين علي بن أبي الحزم المعروف بابن النفيس.
لإشراق العلم والمعرفة والفنون آنذاك عاصمتان، هما القاهرة ودمشق، وبينهما عاش ابن النفيس.
ولد في دمشق ودرس الطب على يد مشاهير العلماء، خاصة مهذب الدين الدخوار رئيس أطباء مستشفى النوري، إلى أن استدعاه السلطان كامل إلى القاهرة لشهرته وذيوع صيته، فعمل مديراً لمدرسة الطب ورئيساً للمستشفى الناصري الملحق بها، ثم ترأس المستشفى المنصوري الذي أنشأه السلطان قلاوون، وعمل أيضا طبيباً للسلطان بيبرس.
(2) ولد ابن الهيثم في مدينة البصرة في العراق سنة 354ه- 965ميلادية، في عصر كان يشهد ازدهارا في مختلف العلوم من رياضيات وفلك وطب وغيرها، هناك انكب على دراسة الهندسة والبصريات وقراءة كتب من سبقوه من علماء اليونان والعالم الاندلسي والزهراوي وغيرهم في هذا المجال، كتب عدة رسائل وكتب في تلك العلوم وساهم على وضع القواعد الرئيسية لها، واكمل ما كان قد بدأه العالم الكبير الزهراوي.(1/19)
طور نظرية الأبصار ووضع نظريات حديثة في علم البصريات، لذلك يجب أن يكون الطبيب ناقدا ومطورا للمعلومات أو النظريات بغية التقدم والتطور،وهناك الكثير من المميزات والصفات التي يتوجب على الطبيب المسلم التحلي بها كالصدق والصبر والأمانة والحلم والإحسان، ولا يمكننا طبعا الوقوف على جميع هذه المزايا، ولكن يمكن التصريح أن الصفات الايجابية والمزايا الحسنة بأكملها لا بد وان تتوفر في الطبيب المسلم ليقوم بعمله الضروري على الوجه الصحيح. (1)
? المبحث الثالث: الطبيب المسلم وقضية استئجار الأرحام:
إن قضية ومسألة استئجار الأرحام بدأت تنتشر في العالم الإسلامي ،فأصبح الطبيب المسلم مسؤولا أمام هذه المستجدات والقضايا سوءا في العالم الإسلامي أو الطبيب المسلم العامل في بلاد الغرب، فالمسلم يجب أن يحافظ على قيمه ومبادئه أيا كان ومع جميع الأشخاص الذين يتعامل معهم.
__________
(1) السباعي ،زهير.والبار،محمد علي. الطبيب أدبه وفقه،دمشق:دار القلم ،1997،ص 37+50.(1/20)
أنا أفكر أن على الطبيب المسلم بداية دراسة هذه القضية بشكل جاد ،فعلى كل طبيب أن يقوم باجتهاد شخصي يبحث القضية من ناحية طبية ومن ناحية شرعية فيدرس آراء الفقهاء ويقف على الآثار المختلفة (الاجتماعية،أخلاقية،نفسية) المترتبة على هذه المستجدة، وبعد دراسة القضية بشكل شامل، على كل طبيب أن يبلور ويبني الموقف المناسب تجاه هذه القضية شرط أن لا يناقض الشريعة الإسلامية وان يعمل وفق ما وجده مناسبا معتمدا بذلك على الأدلة الشرعية، فإذا وجد الطبيب المسلم أن قضية استئجار الأرحام مثلا تتناقض مع أخلاقيات الطبيب المسلم التي وقفنا سابقا عليها، وتتعارض وتعوق عملية بناء مجتمع سليم صحيا ونفسيا وخلقيا، فيتوجب عليه عندها أن لا يشجع انتشار مثل هذه المستجدات وان يتوقف عن تطبيقها عمليا في المستشفى أو من خلال عمله كطبيب، كما وعليه أن يستغل طبيعة عمله وتعامله مع الناس لتوعيتهم وتحذيرهم بشأن هذه المستجدات والقضايا، أما إذا رأى الطبيب المسلم أن مثل هذه القضايا أو أن قضية تأجير الأرحام يمكن أن تحصل في المجتمع والأسرة المسلمة بظروف معينة حيث لا يترتب على حدوثها عواقب وخيمه أو أثار سلبية معتمدا بذلك على أدلة شرعية، فلا بأس في أن يشارك في تطبيق مثل هذه القضايا، ولكن كما ذكرت سابقا هذا كله يجب أن يكون بعد دراسة شاملة وناقدة وبعد تفكر وتأمل جدي وكبير في هذه القضايا، لان مثل هذه القضايا بإمكانها أن تؤثر بشكل كبير جدا على المجتمع المسلم وعلى أفراده الذين هم نواة هذا المجتمع، والطبيب المسلم بوظيفته ومكانته التي يمنحها له أبناء المجتمع المسلم يلعب دورا كبيرا في مثل هذه القضايا.
الفصل الرابع: الرحم (1)
? المبحث الأول: الرحم في الإسلام:
المطلب الأول:
__________
(1) 1 سبق تعريف الرحم لغة في الفصل الأول.(1/21)
تعريف الرحم اصطلاحا: "يطلق الرحم على كل من يجمع بينه وبين الآخر نسب، سواء كان يرثه أم لا وسواء كان ذا محرم أم لا" (1) .
المطلب الثاني: الرحم في القرآن:
لقد اهتم الإسلام واعتنى بالرحم ودعا الى تقديسه من خلال آيات القرآن الكريم، خاصة بعد أن كان الرحم في الجاهلية موضع الاستهانة والاحتقار بسبب عادات وممارسات قذرة برحم المرأة كالنكاح الجماعي وفيه يدخل على المرأة جمع من الرجال، والمرأة لا تمنع من يدخل عليها فإذا حملت ووضعت، دعوا ألقافه والحقوا الولد بمن يرونه مناسبا، أو "كنكاح الرهط" حيث يدخل رهط من الرجال على المرأة فيجامعوها، فإذا حملت ووضعت أرسلت إليهم واختارت احدهم لتلحق ولدها به دون اعتراض الآخرين، ونكاح غريب آخر فيه يسمح الرجل لزوجته أن تجامع رجل آخر ويعتزلها زوجها بعد ذلك حتى يظهر حملها من هذا الغريب، وهذا كله لصفة في الرجل الغريب يرغب الزوج أن تنتقل لابنه وهذا هو نكاح الاستبضاع (2) .
هذا هو حال الرحم في الجاهلية فجاء القرآن الكريم وتحدث بآيات كريمة عن الرحم وبين أهميته فقال تعالى:
1. "ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلنه في قرار مكين الى قدر معلوم فقدرنا فنعم القادرون" (المرسلات:20-23).
والقرار هنا الرحم، وسمي القرار لانه مستقر ومتين، حيث أن الرحم متمكنة ومستقرة في جسد المرأة ودليل ذلك عدم انفصالها بسبب ثقل الحمل، وهي طبعاً الوعاء الذي يتكون فيه الإنسان أو الجنين.
2. "إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وهو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا اله إلا هو العزيز الحكيم" (آل عمران: 6).
أي أن الله تعالى هو الذي يخلق الإنسان في رحم أمه كما يشاء من ذكر أو أنثى أو حسن وقبيح (3) .
__________
(1) 2 الرحم والرحمن بين الاشتقاق والتفسير ، ص204.
(2) 3 النسب في الإسلام والأرحام البديلة، ص201.
(3) 1 الصابوني، محمد علي. صفوة التفاسير، ج1، لبنان: دار الفكر، 1998، ص166.(1/22)
3. "والله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزاد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال" (الرعد:8).
أي أن الله وحده الذي يعلم ما تحمله كل أنثى في بطنها هل هو ذكر أم أنثى؟ تام أو ناقص؟ حسن أو قبيح؟ وهو وحده يعلم ما تغيض الأرحام أي ما تنقصه الأرحام بإلقاء الجنين فبل تمامه أو ما تزداد على الأشهر التسعة، فتغيض الأرحام بالوضع لأقل من تسعة أشهر، وتزداد بالوضع لأكثر من تسعة أشهر، والمراد هنا بالغيض- السقط الناقص وبالازدياد: الولد التام (1) .
4. "يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمّى" (الحج:5).
أي أن الله تعالى يثبت من الحمل في أرحام الأمهات من يشاء أن يقره فيها حتى يتكامل خلقة حتى يأتي وقت الوضع (2) .
5. " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله أن الله بكل شيء عليم" (الأنفال:75).
أي أن أصحاب القرابات بعضهم أحق بإرث بعض من الأجانب في حكم الله وشرعه (3) .
6. "واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان الله كان عليكم رقيباً" (النساء:1).
أي اتقوا وخافوا الله الذي يناشد بعضكم بعضا به حيث يقول: أسألك بالله، وأنشدك بالله، واتقوا الأرحام أن تقطعوها (4) .
نرى من الآيات الكريمة أعلاه أن كلمة رحم في القرآن الكريم تأتي بمعنيين وهما:
1. الرحم الذي ينمو فيه الجنين حتى يأتي وقت الوضع.
2. الصلة والقرابة التي تربط بين الأقرباء خاصة وبين نبي آدم عامة (5) .
__________
(1) 2 صفوة التفاسير، ج2، ص70.
(2) 3 صفوة التفاسير، ج2، ص258.
(3) 1 صفوة التفاسير، ج1، ص479.
(4) 2 صفوة التفاسير، ج1، ص236.
(5) 3 الابرش، مها. الأمومة ومكانتها في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة.ج1، مكة المكرمة: جامعة ام القرى، 1996، ص45.(1/23)
وهذه الآيات الكريمة إنما تشير إلى أهمية الرحم وتذكر بالرحم، وترفع من قدرها، وهي آيات يتعبد بها جميع المسلمين، الأمر الذي يضفي على الرحم القداسة ويضعها محل التقدير والحرص ويبعدها عن العبث واللهو بها (1) .
المطلب الثالث: الرحم في السنة النبوية الشريفة:
وردت عدة أحاديث عن الرحم في السنة النبوية الشريفة تعكس كلها أهمية الرحم سواءاً الجسدي أو أهمية الرحم في القرابة ومن هذه الأحاديث الشريفة:
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله خلق الخلق حتى فرغ منهم، قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال (الله تعالى) نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت الرحم: بلى قال الله فذاك لك، ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم اقرءوا إن شئتم "فهل عسيتم إن تويلتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" (2) .
نرى في هذا الحديث الشريف أن الرحم تستغيث برب الخلق، والله تعالى سيصل من وصلها ويقطع من قطعها دلالة على أهميتها وقيمتها.
2. قال صلى الله عليه وسلم: "من سره أن يبسط له في رزقه أو ينشأ في أثره فليصل رحمه" (3) .
3. قال صلى الله عليه وسلم :" لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة الى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان الا كنت من خيرها" (4) .
__________
(1) 4 النسب في الاسلام والارحام البديلة، ص203.
(2) 1 صحيح مسلم،ج4، كتاب البر والصلة: باب صلة الرحم، ج5، ص1981.
(3) 2 البخاري، الصحيح، م2، ج3، كتاب البيوع: باب من أحب البسط في الرزق، ص10، ح2067.
(4) اخرجه ابو نعيم في دلائل النبوة عن طرق ابن عباس.(1/24)
وهنا يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الأصلاب، ويذكر الأرحام الطيبة التي جاءت به مصفى مهذبا، وفي هذا دلالة كبيرة على أهمية الرحم وأهمية حفظ الرحم من العبث، كما وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتز بأمهاته وكان يقول أنه ابن امرأة من قريش تأكل القدير ببطحاء مكة.
من هنا نرى كيف اعتنى الإسلام بالأرحام كعضو جسدي أو كصلة للرحم وذلك من خلال حث النبي صلى الله عليه وسلم على الاعتناء والمحافظة على الأرحام (1) .
المطلب الرابع: أهمية وقدسية الرحم في الإسلام:
لقد اعتنى الدين الإسلامي بالرحم عناية شديدة وجدية، فأقر لها احترامها الخاص وأوجب الحفاظ عليها وتقديرها، وخير دليل على ذلك ما أوردته في المباحث السابقة حول عناية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بالرحم. كذلك اهتم الصحابة والخلفاء بالرحم، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لأمنعن النساء فروجهن إلا من الأكفاء" وفي هذا منع من العبث في الأرحام أو الفساد بها من باب أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح (2) .
والدليل على أهمية الرحم في الإسلام أن الله تعالى اشتق اسما لها من اسمه، فعن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله: أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها اسماً من اسمي من وصلها وصلته ومن قطعها تنيته" (3) ، والقصد هنا أن الرحمن والرحم اسمان مشتقان من الرحمة، وهذا يدل على أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن وهذا لا يعني أنها من ذات الله (تعالى الله عن ذلك)، أما قوله تبته: أي قطعته وحرمته من رحمتي الخاصة والمراد القطع الكلي.
__________
(1) النسب في الإسلام والأرحام البديلة، ص204.
(2) النسب في الاسلام والارحام البديلة، ص205.
(3) أخرجه الامام أحمد بن حنبل في المسند، 1/191).(1/25)
وأخرج البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته" (1) وفي هذا تخصيص وتمييز لها عن باقي أعضاء الجسم رغم أن بعضها غاية في الأهمية كالقلب والدماغ والكبد.
وهذا التمييز للرحم جاء لأنها عضو أساسي ومهم جداً، ففيها ينبت وينمو الإنسان في أطواره البدائية المختلفة لذلك فهي تعتبر منبت للبذرة الإنسانية، هذه البذرة التي تتغذى بدم الرحم، وتحفظها الرحم من أي سوء حتى موعد الوضع، فهذه العضلة الصغيرة والتي تسمى الرحم ترحم الجنين بالمحافظة عليه وبتوفير الظروف الملائمة له، فهي القرار المكين كما وصفها جل وعلا أي مكان وموضع الاستقرار وهو المسكن القوي الراسخ المتين الذي يتحمل ما أعد له من الحمل والولادة.
والرحم فيها حماية اجتماعية إنسانية أيضاً وذلك بواسطة القرابة، أي قرابة الرحم التي يحتمي بها الإنسان بعد خروجه الى الدنيا والتي يتمتع بها ويفتخر بها (2) .
الفصل الخامس :- الأم
? المبحث الأول: معنى الأمومة:
المطلب الأول: معنى الأمومة لغة:
الأمومة غريزة بشرية مهمة تسمى لتحقيقها جميع الإناث ،لان تحقيق هذه الغريزة يملأ حياة الزوجة فرحا وسرورا واكتفاءاَ ذاتياً.
__________
(1) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب من وصل وصله الله، 10/430/5988
(2) الأمومة ومكانتها في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، ص 46-47.(1/26)
معنى الأمومة في اللغة: الأمومة مشتقة من كلمة أم، وكلمة أم وردت في القران الكريم في الكثير من المواقع منها "أم الكتاب" أي سورة الفاتحة وذلك لأنها أول السور في القران الكريم (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتب )، (الرعد:39)، ويقال أم كل شيء :أي معظمة ،وكل شيء اجتمع في اليد شيء أخر فضمه فهو أم له وهنا قوله تعالى :"فأمه هاوية"(القارعة:9). ويقال للنهر الكبير الذي تحمل السواقي منه :الأم وتسمى سواقيه الرواضع. ويقال للقوم المتفقين على أمر ما بنو أم وللمختلفين بنو عله.
وأم كل شيء أصله وعماده ،وأمت أمومة وصارت أما، وتأممنها واستأمنها أي اتخذها أما. وتطلق ألام على الوالدة وعلى الجدة، فيقال حواء أم البشر، وتطلق على الشيء يتبعه ما يليه، ويقال هو من أمهات الخير أي من أصوله ومعانيه.ويقال في الذم والسب لا أم لك وقد تكون للمدح والتعجب. (1)
المطلب الثاني: معنى الأمومة اصطلاحا:
الأمومة اصطلاحا : "الأم بإزاء الأب وهي الوالدة القريبة التي ولدته والبعيدة التي ولدت من ولدته،ولهذا قيل لحواء هي أمنا وان كان بيننا وبينها وسائط.ويقال لكل ما كان أصلا لوجود شيء أو ترتيبه أو إصلاحه أو مبدئه أم ، وقيل لمكة أم القرى ،وذلك لما روي (أن الدنيا دحيت من تحتها) (2) .
والأم اسم لكل أنثى لها عليك ولادة، فيدخل في ذلك الأم دنيه وأمهاتها وجداتها، وأم الأب وجداته وان علون. وأمومة الولادة بدرجاتها تثبت لها أحكام النسب والإرث والولاية والمحرمية، والحرمة والإحسان. (3)
__________
(1) الأمومة ومكانتها في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، ص 39.
(2) رواه قتادة وأخرجه عنه عبد الرازق وعبد بن حميد وابن المنذر –الدر المنثور، أخرجه عبد الرازق في المصنف 5/28،وابن جرير 1/548 من كلام ابن عباس.
(3) الامومة ومكانتها في ضوء الكتاب والسنة، ص 42.(1/27)
الأمومة نظام يعلي من شأن ومكانة الأم على مكانة الأب، ولقد تكرر لفظ أم في أكثر من موقع في القران الكريم كقوله تعالى:"وأوحينا إلى أم موسى إن ارضعيه"(القصص:7) . وهناك أمومة صلبيه وهي محور حديثنا هنا وهي ذاتها أمومة الحمل والولادة، وهناك أمومة صناعية وأمومة حضانة وإشراف.
والأمر الذي تتحقق فيه الأمومة هو الولادة فقال تعالى:"إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم"(سورة المجادلة:2).
والأمومة أمر مفرد انفردت به الزوجة دون الزوج، وذلك بتأهيل روحي خاص جعلها المصدر الوحيد الذي ينفخ في نفوس الأولاد فتثمر ما شاء الله من أدب الحفد ،قال تعالى:"وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة"(النحل:72). وتتضح معالم هذا المعنى أي انفراد الزوجة بتلك السنة في قوله تعالى:"ووصينا الإنسان بولديه حملته أمه وهنا على وهن وفصله في عامين إن اشكر لي ولولديك إلي المصير"(لقمان:14) فالوصية بالوالدين إحسانا واضحة في قوله تعالى:"أن اشكر لي ولوالديك" ولكن ربط تلك الوصية بوظيفتين خاصتين بالزوجة هما الحمل والفصل أي الإرضاع إشارة للتأهيل الذي افرد الزوجة بقانون الأمومة وتحقيق الحفد. (1)
? المبحث الثاني:- الأم في القران الكريم:
لقد اعتنى الدين الإسلامي بالأم وكرمها ووضعها في ميزان راق ،فنصت الكثير من الآيات الكريمة على أهمية ومكانة الأم، ودعت إلى احترامها وتقديرها والإحسان إليها، ويمكننا القول إن في هذه الآيات إشارة باينه ودعوة من الله تعالى لتقدير واحترام الأمهات وذلك لقيمتهن وفضلهن الكبير فقال تعالى في محكم التنزيل:
1. " ووصينا الإنسان بولديه، حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصله في ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى ولدي وان اعمل صلحا وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك واني من المسلمين"(الأحقاف:15).
__________
(1) الامومة ومكانتها في ضوء الكتاب والسنة، ص41-42.(1/28)
2. "وأصبح فؤاد أم موسى فرغاً إن كادت لتبدى به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين" (القصص:10).
3. " ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير" (لقمان:4). (1)
تعكس الآيات أعلاه وهي آيات معدودة من الآيات الكريمات التي تناولت موضوع الأمومة،
أهمية الأم والتضحية والجهد الكبير الذي تبذله الأم لأجل أبنائها، ففي الآية من سورة الأحقاف يقول الله تعالى أن الأم تقاسي وتتعب كثيراً في الحمل وذلك بسبب الوحم والتقيؤ والثقل، أيضاً وضع المولود فيه تعب ومشقة على الأم وذلك بسبب الطلق وشدته، وأيضا ذكر تعالى قصة أم موسى عليه السلام، وأظهرت الآيات القرآنية جهودها، كذلك هارون عليه السلام ينادي أخاه موسى بـ "يا ابن أم".
كما وأسقط الإسلام بعض الفرائض عن الأم في وقت الحيض والنفاس كالصلاة والصوم ولم يكلفها بصلاة الجماعة في المسجد وذلك مراعاة لدورها واهتماما بأمومتها.
وأيضاً ماء ونبع زمزم الذي ارتوى منه الكثير من الحجيج وسيسقي الحجيج حتى يوم القيامة إنما فجر من نبع الأمومة، فهو دعاء أمنا هاجر وخوفها على ابنها سيدنا إسماعيل عليه السلام. (2)
? المبحث الثالث: الأم في السنة النبوية الشريفة:
لقد اعتنت السنة النبوية الشريفة ببيان وحفظ مكانة الأم، فوردت ورويت عن الرسول صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث تفسر وتبين قيمة الأمومة منها:
1. قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بأمهاتكم، ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب" (3) .
فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم يعلمنا أهمية الأم وقيمة الاعتناء بها وذلك من خلال وصاية الله جل وعلا على الأمهات.
__________
(1) (1 عبد الفتاح، سيد، موسوعة الأم في الدين والأدب والتاريخ، القاهرة:الدار المصرية اللبنانية، 1994، ص11-15.
(2) الأمومة ومكانتها في ضوء الكتاب والسنة، ص 49-50.
(3) رواه البخاري بالأدب المفرد.(1/29)
2. كما ونهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن عقوق الوالدين بشكل عام وعن عقوق الأمهات بشكل خاص فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ومنع وهات ووأد البنات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال" (1) .
وأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم والذي لا ينطق عن الهوى أن نصل أمهاتنا حتى لو كن مشركات وفي هذا دلالة على شأن الأم، فقال صلى الله عليه وسلم: عن أسماء قالت :" قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن أمي قدمت وهي راغبة. أفنصلها، قال: نعم صِلي أمك" (2) .
كما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور قبر أمه وفي هذا دلالة على محبته لها ووجوب محبة الأم.
ويبين صلى الله عليه وسلم أسمى نماذج البشر رحمة وحباً وعطاء وهي الأم، حيث قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي فإذا امرأة من السبي أخذت صبياً فألصقته ببطنها فأرضعته فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أترون هذه طارحة ولدها في النار، قلنا: لا وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال صلى الله عليه وسلم: الله أرحم بعباده من هذه بولدها" (3)
ولو كان له مثل يضرب في هذا أقوى دلالة من حب الأم لولدها، لكان منه صلى الله عليه وسلم وهو الذي أوتي وخصص بجوامع الكلم بين الأنبياء كافة صلوات الله عليهم. (4)
__________
(1) صحيح البخاري، باب ما ينهى عن اضاعة المال،ج8، ص251، ح2231.
(2) (3 صحيح البخاري، باب صلة المرأة امها ولها زوج، ج18/ص 376.
(3) (4 صحيح البخاري، م4، ج7: كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، ص99، ح 5999.
(4) (1 الأمومة ومكانتها في ضوء الكتاب والسنة، ص 51.(1/30)
والرسول محمد صلى الله عليه وسلم يقدر الأم كثيرا ويقدر محبتها لأبنائها، فيقول صلى الله عليه وسلم :"إني لأدخل في الصلاة فأريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه" (1) .
هذه بعض الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي تشير كلها الى وجوب احترام وطاعة الأم والسعي لنيل رضاها لما لها من مكانة شريفة ورتبة عالية في حياة كل مسلم.
? المبحث الرابع - الأم في الإسلام:
المطلب الأول: الأم الحقيقية:
اقر الإسلام بأن الأم الحقيقية هي التي تلد وتضع الولد بعد الحمل، وهذه الأم هي الأم زوجاً أي الأم الحقيقية التي ولدت من مباشرة زوجها لها، ودليل ذلك الآيات التالية:
1. "إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم" (المجادلة: 2)، وهذا النص دليل قاطع على أن المرأة التي تتمتع بالأم الحقيقية هي المرأة التي ولدت.
2. "يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث" (الزمر:6) وجاء في تفسير القرطبي: خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث أس خلقاً في بطون أمهاتكم بعد خلقكم في ظهر آدم عليه السلام، وقيل في ظهر الأب، ثم خلقا في بطن الأم، ثم خلقاً بعد الوضع.
3. "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون" (النحل:72) من هنا نرى أن الأم التي يعتبرها الإسلام هي الأم الزوجة والتي وضعت طفلها بعد مباشرة زوجها لها (2) .
المطلب الثاني: الأم بالرضاع:
__________
(1) (2 صحيح البخاري، م1، ج1، كتاب الآذان، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي، ص195.
(2) النسب في الإسلام والأرحام البديلة، ص207.(1/31)
الأم بالرضاع هي ليست الأم الحقيقية بل تعتبر أماً مجازية، فتستحق كل امرأة هذا اللقب بعد إرضاعها لطفل معين ليس ابنا لها، وسميت بهذا الإسم بنص من القرآن الكريم فقال تعالى في محكم التنزيل: "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم"( النساء:23)، تشير الآية أن هذه الأم مقيدة بوصف معين وهو الرضاع فهي الأم بسبب الرضاعة.
ويقول تعالى في آية أخرى " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف وكان الله غفورا رحيما"( النساء:18). (1)
المطلب الثالث: أمهات المؤمنين:
سمى الله تعالى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فقال تعالى "وأزواجه أمهاتكم" (الاحزاب:6)
وسميت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأمهات المؤمنين تكريماً منه تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الأمومة مجازية وليست حقيقة خص الله بها زوجات الرسول وفيها معاملة خاصة به، حيث يحرم على المؤمنين الزواج من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد تطليقهن أو بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. (2)
__________
(1) النسب في الإسلام والأرحام البديلة، ص 208.
(2) النسب في الإسلام والأرحام البديلة، ص 208.(1/32)
ولا بد هنا من توضيح بعض الأمور التي تتعلق بتقسيم الأم في الإسلام، فالأم الحقيقية لا تساوي الأم المجازية بالنسبة للأبناء، فالأم الحقيقية هي التي تلد وحدها وهي الوارثة لولدها، وهو وارثها وهي صاحبة فرض وهذه الأمور لا تنطبق على الأم المجازية، وطبعاً الأم الحقيقية هي وحدها التي تستفرش للأب أي الزوج وذلك وفق قوله تعالى: " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون " (الاعراف:189).
الفصل السادس: العقم
? المبحث الأول: ما هو العقم؟
المطلب الأول : تعريف العقم لغةً:
يقال عقمت المرأة والرجل أي كان بهما ما يحول دون النسل من داء او شيخوخة. (1)
والعقم بالفتح والضم، هزمه تقع في الرحم فلا يقبل الولد ،والعقم الذي لا يولد له، ويطلق على الذكر والأنثى. والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل،ويقال :عقمت المرأة والرحم.
والعقم يعتبر مرضا ،لان المرض هو كل ما خرج به الإنسان من حد الصحة من عله أو نفاق أو تقصير في أمر فالمرض هو كل ضعف، والعقم ضعف، فالضعف يكون في عدم تقبل المرأة العقيم من مني الرجل، والمرض يعتبر أيضا نقصان، وعقم المرأة نقص في طبيعتها، فهي ناقصة عضويا، فجهازها التناسلي غير مهيأ وغير مكتمل لإتمام عملية التوالد، لذلك هي ناقصة عن السليمات من النساء. (2)
المطلب الثاني : تعريف العقم طبياً:
أما من ناحية طبية فالعقم هو العجز عن إنتاج النسل والإنجاب، ويكون ذلك رغم استكمال المتعة الجنسية بين الزوجين ورغم إرادة الزوجين بالإنجاب.
__________
(1) المعجم الوسيط،ج2، ص617.
(2) النتشة، محمد. المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية، مجلد1، بريطانيا: دار الحكمة.2001، ص 83.(1/33)
ومرض العقم قد يصيب الرجال كما يصيب النساء ،وهو لا يعني الضعف الجنسي، فقد يكون الإنسان عقيما ولكنه يتمتع بقوى جنسية لا بأس بها والعكس صحيح فقد يكون منجبا رغم ضعفه جنسيا، وذلك يعود لأسباب نفسية وعاطفية خاصة بكل إنسان (1)
يقول الله تعالى في محكم التنزيل:"لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما انه عليم قدير"(الشورى:49-50).
فالعقم مشكلة قديمة جدا ،عانى منها الكثير من الأزواج ذكورا وإناثا، وشغلت بال المختصين والأطباء حتى جدوا في معالجة هذا المرض فأقاموا المؤتمرات العالمية للعقم وأقاموا العيادات الخاصة وكدوا في إيجاد العلاج المناسب.
ويمكننا القول إن العقم بمفهومه الطبي يعني استمرار الاتصال الجنسي بعد الزواج بسنتين ومع ذلك لا يحدث حمل أو إنجاب بالرغم من عدم استعمال موانع للحمل، لذلك ليس من الغريب أن تنجب بعض النساء في السنة الأولى من الزواج، وأخريات ينجبن في السنة الثانية من الزواج وهناك من لا تواتيهن فرصة الإنجاب. تشير الإحصائيات الميدانية العالمية إلى أن نسبة وجود العقم في المجتمع تتراوح بين 10-20% ،وتزيد هذه النسبة في المناطق البدائية والريفية، وقد ينشأ العقم من بداية الزواج فيسمى بالعقم الأولي وقد تنجب المرأة ثم تتأخر عدة سنوات أخرى فيسمى بالعقم الثانوي. (2)
? المبحث الثاني: هل يجوز معالجة العقم في الشريعة الإسلامية؟
__________
(1) المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية،ص 84.
(2) عبد الواحد ، نجم عبد الله،العقم وعلاجه،بيروت:المؤسسة العربية للدراسات والنشر،1998،ص 14).(1/34)
هل يجوز معالجة العقم في الشريعة الإسلامية، أم يعد هذا العلاج تدخلاً في خلق الله وذلك لقوله تعالى: "ويجعل من يشأ عقيما" (الشورى:50)، ونقول هنا أن العقم يعتبر مرضاً والشريعة الإسلامية أباحت علاج الأمراض، بل حثت المسلمين على العلاج والتداوي من الأمراض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تداووا عباد الله" (1) .
كما وحث الإسلام على الإكثار من النسل وذلك فقط بواسطة الزواج الشرعي الصحيح، فقال تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام" (النساء:1).
وقال صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم" (2) .
وجعل تعالى من أسمى أهداف وغايات الزواج التناسل وبقاء الذرية، وجعل هذا الأمر راكزاً منوطاً بغريزة إنسانية تجب اليد الولد ذكراً كان أم أنثى، فقال تعالى: "والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة" (النحل 72).
لذلك لا مانع عند المسلمين أن يداووا هذا المرض لينعموا بنعمة البنين التي حث عليها الإسلام والتي يطلبها الجميع ويرغب بها، فهذا سيدنا زكريا عليه السلام يطلب من الله تعالى الذرية الصالحة، فيقول تعالى: "قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا واني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك سلطاناً وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضا" (مريم: 4-6) (3) .
__________
(1) 1 سنن أبي داوود، 4/3، سنن الترمذي: 4/383، سنن ابن ماجة: 2/1137، صحيح البخاري بهامش فتح الباري: 10/113، صحيح مسلم بهامش شرح النووي: 14/191.
(2) 2 رواه أبو داوود، كتاب النكاح: رقم 2049، النسائي، ج4، ص65، ابن ماجه، ج1، ص595.
(3) 3 غانم، عمر. أحكام الجنين في الفقه الإسلامي، دار الهدى: كفر قرع، 2003، ص217-219.(1/35)
لذا فالتداوي من العقم في الشريعة الإسلامية جائز ومن العلماء من حكم التداوي من العقم كواجب إذا تحقق من ترك العلاج شقاء الزوجين وفشل زواجهما وحياتهما الزوجية (1)
الفصل السابع: استئجار الأرحام
? المبحث الأول: تاريخ نشوء عملية استئجار الأرحام
منذ أن ظهر أول مولود أنبوبي انتشرت طرق التلقيح والإنجاب المتطورة، فكان ذلك في 10 نوفمبر 1977م، حيث وضعت "ليزلي براون" أول مولود أنبوبي "لويزا براون"، وذلك في بريطانيا على يد الطبيبيين- "استبتوا وادوارد"، حيث قاما يتلقيح بويضتها بمني زوجها، واشتهرت "لويزا" وتحدثت عنها جميع وسائل الإعلام وراقبتها أبصار العالم ناعتة إياها "بطفلة الأنبوب"، ومن بعدها انتشرت مواليد أطفال الأنابيب في العالم، في أعقاب هذه القضية تولدت قضايا جديدة وأساليب تلقيح جديدة، ومن هذه القضايا:
بنك المني، تجميد الأجنة، زرع الخصية، زرع الرحم، تأجير الأرحام، زرع المبيض، مواليد الكتالوج، الحمل بعد الوفاة للزوج (2) .
ولقد انتشرت قضية استئجار الأرحام بعد أن رفضت "ماري وايتهد" وهي "أم مستعارة" تسليم الطفلة المولودة التي حملتها بالنيابة، الى الزوجين (المتبرع بالمني والمتبرعة بالبويضة) "اليزابيث ووليام شيرن" اللذين كانا قد تعاقدا معها (3) .
__________
(1) سلامة، زياد. أطفال الأنابيب بين العلم والشريعة، بيروت: دار البيارق، 1996، ص42.
(2) 1 فقه النوازل، ص259-260.
(3) 2 المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية ، ص310.(1/36)
بعد رفض السيدة "ماري وايتهد" تسليم الطفلة توجه الوالدان إلى محكمة الأسرة في نيوجرسي (هارفي سوروكو) وهناك حكم القاضي برفض طلب "ماري وايتهد" في استعادة الوصاية المؤقتة على الطفلة، والتي كانت تبلغ من العمر آنذاك خمسة شهور، أما "وليام" والد الطفلة فكان سعيدا إزاء هذا الحكم، ووعد بأن يسمح للسيدة "وايتهد" بزيارة الطفلة مرتين في الأسبوع (1) .
في هذه القضية حكم القاضي بصحة التعاقد، الذي أجراه الزوجان لدى المحامي "نويل كوين" صاحب الوكالة التي أشرفت على توقيع العقد، وقد أعلن كوين أن "ماري وايتهد" لم تكن أول أم بالوكالة في الولايات المتحدة، فقد رفضت قبلها أربع أمهات بالوكالة تسليم أطفالهن، إلا أن "ماري" كانت الأولى التي تصل قضيتها إلى المحكمة، وأضاف أن 65 طفلا أمريكا ولدوا ذاك العام وفق عقود تأجير الأرحام، وأن في أمريكا اثني عشر مركزاً لخدمة هذا النوع من الإنجاب (2) .
? المبحث الثاني: صور استئجار الأرحام وأساليب التلقيح:
إن نازلة استئجار الأرحام تتكون من صور وأساليب تلقيح مختلفة، هذه الأساليب المختلفة تجمعها حقيقة واحدة وهي كون الرحم مستأجرة، فالتي تحمل لا تكون الأم الحقيقية، ومن هذه الأساليب:
1. تؤخذ النطفة (الحيوان المنوي) من الزوج وتأخذ البويضة من الزوجة، وتتم عملية الإلقاح أو التلقيح في المختبر ثم تزرع اللقيحة في رحم امرأة غريبة أجنبية عن الزوج والزوجة (3) .
وفي هذه الصورة لا تعاد اللقيحة إلى الزوجة لأنها تكون غير قادرة على الحمل أو تكون غير راغبة في الحمل ترفها.
__________
(1) عكور، ايمان.هل الرحم قابل للتأجير قضية عاطفية في المحكمة تتعلق بإمكانية الولادة بالنباية، جريدة الرأي الأردنية،23،1987، عن مجلة التايم،جامعة اليرموك: عمان،ص 12.
(2) المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية، ص310.
(3) نضال، عيسى. الطب الوقائي بين العلم والدين، سوريا: دار المكتبي، 1997، ص253.(1/37)
وهذه الصورة هي الأكثر شهرة والتي تعرف بها عملية استئجار الأرحام بشكل عام.
2. أخذ مني الزوج وبويضة زوجته وتلقيحها في طبق وبعد نمو اللقيحة تعاد إلى رحم زوجة أخرى للزوج متبرعة بذلك، (هذه الطريقة تتم فقط عند المسلمين، لأن الزواج من أكثر من واحدة لا يتم إلا لدى المسلمين) (1) .
3. تكون البويضة من متبرعة، والحيوان المنوي من الزوج، ويتم الحمل والولادة من قبل امرأة متبرعة، وفي هذه الحالة تكون الزوجة عاقرا، حيث تكون غير قادرة على إنتاج البويضات وغير قادرة على الحمل، ويكون رحمها غير صالح للحمل، قد تكون المؤجرة لرحمها هي ذاتها من تبرعت بالبويضات أو غيرها. وهنا الزوجة لا تستطيع إفراز البويضات أو الإنجاب بسبب مرض شديد في مبايضها ورحمها حيث لا تفرز بويضات، ولا يستقبل رحمها اللقيحة لتنمو فيه.
4. تتبرع امرأة أجنبية ببويضة، ويتبرع رجل أجنبي بحيواناته المنوية، وتقوم امرأة أجنبية أخرى بالتبرع برحمها، ويلجأ إلى هذه الصورة حيث تكون الزوجة عقيما ولا أمل لها بالشفاء أو الإنجاب، وكذلك الزوج حيث يكون عقيما ولا أمل له بالإنجاب، عندها يتوجه الزوجان إلى أحد بنوك المني لشراء جنين مجمّد وبالاتفاق مع مصرف المني أو مع شركات أخرى مختصة بتأجير الأرحام، يقومان باستئجار رحم امرأة أجنبية لديها القدرة على الحمل، وبعد الوضع يستلم الزوجان المولود على أنه ابنهما (2)
__________
(1) البار، محمد علي. مجلة مجمع الفقه الإسلامي. الدورة الثانية، العدد الثاني، الجزء الأول، جدة: منظمة المؤتمر الإسلامي، 1407ه، ص 282.
(2) أطفال الأنابيب بين العلم والشريعة، ص99-100.(1/38)
وهذه الحالة تستخدم في حال سلامة مبيض الزوجة، إلا أن رحمها يكون قد أزيل أو به عيوب خلقية، أو أن الحمل يسبب لها أمراضاً شديدة كتسمم الحمل، أو من النساء من يستخدمنها من باب الترفيه والمحافظة على القوام والتناسق الجسدي أو تخلصاً من متاعب وآلام الحمل والولادة، وعندما تلد الأم الطفل تسلمه للوالدين مقابل أجر متفق عليه مسبقاً لدى عقد العقد (1)
5. تؤخذ البويضة من الزوجة ويؤخذ الحيوان المنوي من الزوج، ويتم تلقيحها خارجياً في طبق في المعمل، وبعد تلقيحها تُنقل اللقيحة إلى جسم متبرعة بالرحم، شرط أن يكون هذا الأمر بعد وفاة الزوجين.
6. تلقح بويضة الزوجة بماء رجل غريب ليس زوجها، ثم تُزرع اللقيحة أو الجنين المجمّد في رحم امرأة أجنبية، وتستعمل هذه الصورة في حال كون الزوج عقيما، والزوجة عندها خلل في رحمها ولكن مبيضها سليم (2)
7. تؤخذ بويضة من الزوجة وحيوان منوي من الزوج، ويتم تلقيح البويضة خارجياً، ثم توضع اللقيحة في رحم أنثى حيوان يصلح لاحتضان البويضة الملقحة، فيحل رحمه محل رحم المرأة لفترة من الزمن ثم يعاد الجنين بعدها إلى رحم الزوجة (3) .
ستكون الصورة الأولى والثانية هي محور حديثنا وحثنا، أما باقي الصور فهي بحاجة لبحث أعمق وخاص كل منها، لذلك من الصعب التطرق لجميعها في ذات البحث.
الفصل الثامن: قياس مسألة استئجار الأرحام على مسائل أخرى
? المبحث الأول: قياس مسألة استئجار الأرحام على الرضاع:
المطلب الأول: تعريف القياس:
لغةً:
__________
(1) عارف، علي. دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، الأردن: دار النفائس، 2001، ص813.
(2) المصدر السابق، ص 816-817.
(3) عقلة، محمد. نظام الأسرة في الإسلام، ج1، عمان: مكتبة الرسالة الحديثة، 1989، ص156.
هذه الصورة وجدت فقط في هذا المصدر، ولم أجد خلال دراستي للموضوع حالات تلائم هذه الصورة.(1/39)
يطلق على تقدير شيء بشيء آخر، فيقال: قست الأرض بالمتر أي قدرتها به، ويطلق أيضاً على مقارنة شيء بغيره، لمعرفة مقدار كل منهما بالنسبة لغيره، ويستعمل القياس عموماً في التسوية بين الشيئين، حسية كانت التسوية أو معنوية، فمن الأولى قول القائل: قست هذه الورقة بهذه الورقة أي سويتها بها، ومن الثانية قول القائل علم فلان لا يقاس بعلم فلان، بمعنى لا يساويه. (1)
اصطلاحاً:
إلحاق ما لم يرد فيه نص على حكمه بما ورد فيه نص على حكمه في الحكم، لاشتراكهما في علة ذلك الحكم، أي تسوية واقعة لم يرد نص بحكمها، بأخرى ورد نص بحكمها لتساوي الواقعتين في علة الحكم.
فالله سبحانه وتعالى قد ينص على حكم معين في واقعة معينة، ويعرف المجتهد علة هذا الحكم، ثم تظهر واقعة جديدة لم يرد نص بحكمها، ولكنها تساوي الواقعة الأولى في علة الحكم، فيلحق المجتهد هذه الواقعة الجديدة بالواقعة الأولى ويسوي بينهما بالحكم، ويسمى هذا الإلحاق قياسا.
وقد يطلق عليه الأصوليين أسماء أخرى مثل: تسوية الواقعتين في الحكم، تعدية الحكم من واقعة إلى واقعة أخرى، فجميع هذه العبارات من تسوية، تعدية، إلحاق تدل على تعدية الحكم المنصوص عليه في واقعة ما إلى الوقائع المساوية لها في العلة، وهنا نستنتج أن القياس لا يثبت حكماً معين، وإنما يظهر الحكم، ويكون عمل المجتهد منحصراً في معرفة علة الحكم وبيان اشتراك المقيس والمقيس عليه فيهما، فيُظهر أن الحكم فيهما واحد (2) .
المطلب الثاني: تعريف الرضاع:
لغةً: رضع رضاعة :لأم فهو راضع ورضّاع وأمه رضعا ورضاعا ورضاعة، أي امتص ثديها أو ضرعها ويقال رضع الثدي أو الضرّع. (3)
اصطلاحاً: لقد عرف الفقهاء الرضاع على انه:
__________
(1) زيدان، عبد الكريم. الوجيز في أصول الفقه. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1996.ص 194.
(2) 1 الوجيز في أصول الفقه، ص195.
(3) المعجم الوسيط،ج.ا (ص 350).(1/40)
1- الشافعية: الرضاع اسم لحصول لبن امرأة ،أو ما حصل منه في معدة طفل أو دماغه، وإنما يثبت بلبن امرأة حيّة بلغت تسع سنين. (1)
وإرضاع الولد من غير أمه التي ولدته جائز شرعا ولقد كان معروفا ومنتشرا قبل الإسلام ، فجاء الإسلام واقره ولم يحرمه، لما فيه أحيانا من المصلحة كأن تموت أم الطفل أو يكون بها علّة تمنعها الإرضاع، ودليل ذلك قوله تعالى :"وان تعاسرتم فسترضع له أخرى".(الطلاق:6). (2)
2- المالكية: هو مص من له حولان فأقل لبن ثاب من حمل من ثدي امرأة أو شربه ونحوه كأكله بعد تجبينه والسعوط والوجور به.ودليل ذلك قوله تعالى :"وأمهاتكم اللائي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة"(النساء:23). (3)
3- الحنابلة :إذا ثاب للمرأة لبن على ولد فأرضعت به طفلا دون الحولين،خمس رضعات متفرقات، صارت أمه وهو ولدها في تحريم النكاح وإباحة النظر والخلوة وثبوت ألمحرميه، وصارت أمهاتها جداته وأباؤها أجداده وأولادها إخوته،وأخواتها أخواله وأخواتها خالاته، وذلك لقوله تعالى:"وأمهاتكم اللائي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة"(النساء:23) (4)
4- الحنفية: هو مص الرضيع من ثدي الآدمية في وقت مخصوص وهو مدة الرضاع ،والدليل قوله تعالى:"وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة"(النساء:23). (5)
__________
(1) الشربيني، شمس الدين، مغني المحتاج الى معرفة معاني الفاظ المنهاج، ج3،الرياض: دار المؤيد، 1997، ص543.
(2) الخن، مصطفى واخرون. الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي ،مجلد 2، دمشق:دار القلم ،2003، ص 1011).
(3) الفتوحي، تقي الدين. معونة أولي النهى شرح المنتهى. مجلد8، بيروت: دار خضر، 1996.ص5.
(4) المقدسي، موفق الدين.الكافي في فقه الإمام احمد،مجلد 3،لبنان:دار الكتب العلمية،1994،ص 218.
(5) الزيلعي، فخر الدين. تبين الحقائق شرح كنز الدقائق،مجلد 2،بييروت: دار الكتب العلمية،2000،ص 630.(1/41)
المطلب الثالث: هل يجوز قياس مسألة استئجار الأرحام على الرضاع:
من العلماء من قاس مسألة استئجار الأرحام على مسألة الرضاع، وذلك لان في الرضاع يتم استئجار عضو بشري للانتفاع به ،كذلك في استئجار الأرحام يتم استئجار الرحم للانتفاع به،كما وإن كلتا العمليتين فيهما خدمة للآخرين ومساعدة للآخرين وتحوي بداخلهما عمل إنساني، فإذا جاز استئجار الثدي للرضاعة فلماذا لا يجوز استئجار الرحم للحمل؟ فهذا الثدي يغذي اللبن لطفل غريب، وهذا الرحم يغذي الدم والأمشاج لجنين غريب، فالتغذية موجودة في الثدي والرحم، الأولى باللبن والثانية بالدم وكلاهما يتجددان، بل إن غذاء الدم أفضل واهم من غذاء اللبن. (1)
أيضا العلاقة والارتباط النفسي والعاطفة التي تكون بين الأم المتبرعة بالرحم وبين الطفل ستكون أقوى بكثير من تلك التي بين المرضعة والطفل الرضيع، والمتاعب و المشاق التي تتحملها الأم المستعارة أكثر من تلك التي تواجهها المرضعة، فهل فعلا يمكن قياس مسألة استئجار الأرحام على الرضاع؟
ونقول هنا إن القياس بين القضيتين هو قياس مع الفارق ،لاختلاف الأمرين في عدة أمور منها:
__________
(1) دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، ص 815.(1/42)
1- إن الرضاعة عقد إجارة شرعي، نص الله تعالى عليه في القران الكريم،فقال تعالى:"فإن ارضعن لكم فأتوهن أجورهن"(الطلاق:6) . أما قضية استئجار الأرحام فهو عقد أجارة غير شرعي، حيث لم يرد نص بهذا الأمر من المشرع، والإجارة على المحرم محرم، والمرأة لا تملك تأجير رحمها لان الرحم يدخل في موضوع الفروج، والأصل في الفروج الحرمة، وذلك لقوله تعالى:"والذين هم لفروجهم حافظون الأعلى أزواجهم أو ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"(المؤمنون:5-7). وتنص القاعدة الشرعية أيضا على أن الأصل في الابضاع التحريم. والعقد على إجارة الرحم، يبدو وكأنه أجاره لمنفعة الرحم ولكنه حقيقة بيع لطفل مولود، وبيع الحر حرام. (1)
2- إن اللبن في الثدي معد للخروج فمن الطبيعي انه سيخرج من الثدي وهو يعتبر من إفرازات الجسم، فيعتبر فضله طاهرة وطيبة، جعلت في الجسم لتخرج منه فينتفع بها الآخرون وحتى إذا لم ينتفع بها الآخرون فهي ستخرج من الجسم بكل الأحوال. أما الرحم فهو عضو أساسي وثابت وله أهميته (2) ، حيث يقوم بوظيفة الحمل والتي تعتبر وظيفة مهمة في حياة كل امرأة، هذه الوظيفة التي تترك آثارا كثيرة على حياة الأم ونفسيتها، فالحمل يؤدي إلى تغييرات فسيولوجية ونفسية وجسدية، وهذه الآثار لا تنعكس بهذا الكم الهائل على الأم بالرضاع، فالأم بعد أن تلد تتعلق كثيرا بمولودها ولا تستطيع التخلي عنه وذلك يعود للروابط العاطفية والنفسية الناجمة عن عملية الولادة، أما في الرضاع فلا توجد علاقات قوية مثل هذه. أيضا ممكن أن تموت الأم أثناء الولادة وتهلك وتصبح شهيدة في ميزان الإسلام، أما الرضاع فلا يؤدي إلى الهلاك.
__________
(1) المصدر السابق، ص 815.
(2) تم تبين أهمية وقدسية الرحم في الفصل الرابع.(1/43)
3- استئجار المرضعة ليس بحاجة إلى عقد زواج بين الزوج والد الطفل والمرضعة، أما في استئجار الأرحام لا بد فيه من عقد زواج بين الزوج وصاحبة الرحم المستأجر (هذا وفق ما أفتى به غالبية علماء المسلمين لجواز استئجار الأرحام). (1)
? المبحث الثاني: قياس مسألة استئجار الأرحام على الزنا
المطلب الأول: تعريف الزنا:
لغةً: زنى زنًى وزناءً أي أتى المرأة من غير عقد شرعي. (2)
اصطلاحا:عرف الأئمة الزنا على انه:
1- المالكية: "وطء مكلف مسلم فرج ادمي لا ملك فيه باتفاق وان لواطاً". (3)
2- الحنفية: "وطء الرجل المرأة في القبل في غير الملك وشبهته". (4)
3- الشافعية:"إيلاج الذكر بفرج محرم لعينه خال من المشبهة مشتهى يوجب الحد". (5)
4- الحنابلة: هو الوطء في الفرج لا يملكه. (6)
المطلب الثاني: هل يمكن قياس مسألة استئجار الأرحام على عملية الزنا؟
__________
(1) المصدر السابق، ص 816.
(2) المعجم الوسيط، ج1، ص 403.
(3) الزيلعي، عمر. تبين الحقائق شرح كنز الدقائق.دار المعرفة، ج3،ص 175.
(4) الدمشقي، محمد عابدين. رد المحتار على الدر المختار، بيروت:دار احياء التراث العربي، 1998،ج6، ص7.
(5) مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، ج4،ص 186.
(6) مقدسي، موفق الدين. الكافي في فقه الامام احمد، ،بيروت:دار الكتب العلمية،مجلد4 ،1994،ص 84.(1/44)
هل تعتبر عملية استئجار الأرحام جريمة زنا تستحق العقوبة وإقامة الحد عليها، فالزنا يلتقي وعملية استئجار الأرحام في حقيقة دخول ماء رجل غريب إلى رحم امرأة غريبة عنه، ليس بينهما عقد زواج شرعي. إلا أن هناك فروقات واختلاف كبير بين جريمة الزنا وقضية استئجار الأرحام. فالأمر الأساسي في جريمة الزنا هو الإيلاج المحرم-كما بينا في التعريفات أعلاه- الخالي من الشبهه وهذا الأمر لا يتوفر في قضية استئجار الأرحام، لذلك مستأجر الرحم لا يعد زانياً ولا يستحق إقامة الحد عليه، ففي عملية الزنا تكون الحيوانات المنوية مستعدة للالتحام بأي بويضة تلاقيها، أما في استئجار الأرحام فلا مجال لذلك لأن اللقيحة تكون بويضة ملقحة فلا مجال لاختلاط ماء الرجل بماء المتبرعة برحمها. لذلك لا يحدث هنا اختلاط انساب (1) خلافا لعملية الزنا، وصاحبة الرحم هنا إنما تغذي الجنين فقط كالمرضعة، ولا تؤثر فيه وراثيا.
أيضا ليس الهدف من عملية الزنا استيلاد المرأة بل القصد فيه قضاء الشهوة، والحصول على اللذة الجنسية والمتعة، وقد تحصل عملية زنا دون حمل في حالة تناول الزانية حبوب لمنع الحمل أو وضع حائل، أما في عملية استئجار الأرحام فالهدف الأساسي هو الاستيلاد وحصول الزوجين على طفل، فالحمل هنا مقصود وهو الغاية (2) .
لذلك يمكننا القول إن قياس مسألة استئجار الأرحام على جريمة الزنا هو قياس مع الفارق لاختلاف الأمرين في عدة أمور.
الفصل التاسع: فتاوى العلماء في المسألة
? المبحث الأول: فتاوى المؤيدين لاستئجار الأرحام والأدلة التي اعتمدوا عليها:
1- قرار مجمع الفقه الإسلامي:
__________
(1) جمعية العلوم الطبية،قضايا طبية معاصرة في الشريعة الإسلامية،مجلد 1،الأردن:دار النشر المنبثقة عن نقابة الأطباء الأردنية،1995 ،ص 22.
(2) دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة،ص 103.(1/45)
لقد تناول مجمع الفقه الإسلامي مسألة استئجار الأرحام بجدية وببحث عميق وذلك في دورة مؤتمرة الثالث في عمان من 8-12 صفر عام 1407 ه. وقرر أن مسألة تأجير الأرحام في جميع صورها محرمة شرعا إلا إذا استخدمت الصورة التي يتم فيها تلقيح خارجي بين نطفة الزوج وبويضة زوجته ثم تعاد اللقيحة إلى رحم زوجة أخرى لذات الزوج. وقد حرم مجمع الفقه الإسلامي باقي الصور لما يترتب عليها من اختلاط الأنساب وضياع الأمومة وأجاز الصورة أعلاه شرط الاحتياط والحذر، ومن ثم عاد مجمع الفقه الإسلامي المنعقد بمكة 1989 إلى تحريم جميع صور استئجار الأرحام وذلك لما في الأمر من ملابسات، ومخافة اختلاط النطف في المختبرات. ومن هنا نرى إن المجمع الفقه الإسلامي أجاز صورة واحدة من صور استئجار الأرحام ومن ثم حرمها جميعا، معتمداً في ذلك على مبدأ سد الذريعة. (1)
2- رأي الدكتور عبد المعطي البيومي (2) :
أجاز الدكتور عبد المعطي البيومي عملية استئجار الأرحام في صورتيها التاليتين:
أ- أن يتم تلقيح خارجي بين نطفة الزوج وبويضة الزوجة وتوضع اللقيحة في رحم امرأة أخرى.
ب-الصورة التي أجازها مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثالثة في عمان.
أما الأدلة والتعليلات التي أوردها الدكتور عبد المعطي البيومي فهي:-
1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" (3) .
__________
(1) الفرت، يوسف. قضايا طبية معاصرة، القاهرة: دار الفكر العربي. 2004.ص 23.
(2) الدكتور عبد المعطي البيومي هو عميد كلية اصول الدين في الازهر الشريف في مصر.
(3) الحديث صحيح رواه أبو داوود،والحاكم في المستدرك والبيهقي في المعرفة ،الجامع الصغير2/1434 رقم 61870 سنن أبي داوود 4/480 رقم 4291 ،باب ما يذكر في قرن المائة.(1/46)
ووجه الاستدلال بهذا الحديث انه ورد إلى العالم العربي من الغرب قضايا واكتشافات علمية طبية، تعالج حالات ضعف الرحم، وعدم قدرته على الاحتفاظ بالجنين فترة الحمل فينزل الحمل لأسباب مرضية متعددة كمرض الذئبية الحمراء التي تؤدي إلى وفاة الجنين أو كمرض المرأة الذي يجبرها على استئصال الرحم، وفي مثل هذه الحالات يكون العلاج إما بنقل رحم جديد للمرأة المريضة أو استئجار رحم امرأة أخرى لتحمل وتلد عنها. وهي بهذا إنما تحقق أمومتها التي ترجوها كل امرأة وزوجة.
2- تصريح علماء الطب انه عندما تتحد البويضة مع الحيوان المنوي الذكر يتم التزواج بين 23 كروم وزوم منفردا من البيضة و23 كروم وزوم منفردا من الحيوان المنوي ،ليتًكون لدينا 23 كروموزوم ثنائي، وتصطف الجينات الوراثية لكل نوع من الخواص على الكروموزومات الثنائية متقابلة مع بعضها البعض في ترتيب تتابعي متكامل، حيث يوجد جين واحد من الأم في مقالبه جين واحد من الأب، وكل جينيين معا يحملان معا انتقال خاصية وراثية إلى الكائن الجديد، وبناءاً على هذا فإن التشكيل الوراثي للجنين يكون للزوج صاحب الحيوان المنوي وزوجته صاحبة البويضة،والبويضة الملقحة من الزوج لا يمكن تلقيحها مرة أخرى بأي حيوان منوي أخر غير الذي لقحت به بداية. ومن هنا نؤكد أن الرحم لا ينقل أي صفة وراثية ولا يسهم بأي تكوين جيني، إنما هو يمد الطفل بالغذاء والأوكسجين والأمشاج الرحمية، ولا يمكن أن يكون اختلاط بالأنساب لعدم إمكانية تلقيح البويضة الملقحة مرة أخرى. (1)
3- إن عملية إنجاب طفل بواسطة استئجار رحم تحظى باحتمالات نجاح اكبر بكثير من عملية إنجاب طفل بواسطة الحمل في رحم منقول من امرأة أخرى إلى الزوجة(وهي إمكانية العلاج الثانية).
__________
(1) قضايا طبية معاصرة، ص 24.(1/47)
4- إن صورة استئجار الأرحام فيها معنى الزوجية ،لان فيها عقد قائم على إيجاب وقبول، شهود، أجرة، ومنفعة وهي حمل الجنين تسعة أشهر، ويتم الإعلان عن هذه العملية، فهي ليس فيها وطء محرم ولا تعتبر زنا وليس فيها حتى شبهه زنا، لان الزنا يقوم على الوطء المحرم وهذه العملية تخلو من الوطء، فإذا كانت هذه العملية تخلو من الزنا فهي تخلو من شبهة الزنا أيضا، لان شبهة الزنا إما أن تكون شبهة في الفعل كظن الرجل أن امرأة تحل له فوطئها فإذا بها محرمة عليه، او مطلقة ولم تبرأ من عدتها، وإما شبهة في الملك كعقد الرجل على المرأة عقداً فاسدا ظاناً أن العقد صحيح وفي كلا الشبهتين المحرم هو الوطء، وليس في تأجير الأرحام أي وطء على الإطلاق. واستدل الدكتور على هذا الأمر بما روي أن امرأة استسقت راعيا لبنا، فأبى أن يسقيها حتى تمكنه من نفسها، ففعلت ،ثم رفع الأمر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فدرأ الحد عنهما، وقال :ذلك مهرها. والتعليل أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يعاقب الراعي والمرأة بل عزرهما بما دون الحد، وذلك لأنهما لم يجعلا لهما شهودا، حتى يكون ما فعلاه نكاحا صحيحا، وهذا يشبه عملية استئجار الأرحام، لان عمر بن الخطاب رضي الله عنه اعتبر الأجرة شبهه أسقطت الحد، واعتبر ما فعله الراعي والمرأة اقرب إلى الزواج، وهنا يقول الدكتور عبد المعطي البيومي إن الأم الحاضنة يجب أن تكون غير متزوجة وأن تكون ممن يحرم جمعها مع الزوجة الأصلية (كأمها وأختها). (1)
3- العقد القائم في عملية تأجير الأرحام ليس على منفعة البضع، وإنما على منفعة الرحم، لذلك لا يحق للرجل نكاح الأم الحاضنة، حتى لا يحدث خلاف على المولود.
__________
(1) قضايا طبية معاصرة،ص25.(1/48)
4- إن القران الكريم سمى المال الذي تأخذه المرضعة مقابل إرضاعها أجرة، سواء أكانت الأم أم او لا، فلا بأس أن يسمى المال الذي تأخذه الأم الحاضنة إذا لم تكن متطوعة أجرة، قياسا على الرضاع، فكما يجوز تمليك منفعة الثدي يجوز تمليك منفعة الرحم، ويحرم من عملية استئجار الأرحام ما يحرم من الرضاع، فصاحبة الرحم المستأجر هي أم للجنين بشكل من الأشكال.
5- إن إجازة تأجير الأرحام يعتبر تيسرا للأمة الإسلامية،هذا التيسير التي تميزت به الشريعة الإسلامية دائما، فالمشقة تجلب التيسير، وهذه العملية أفضل من التبني، ولا داعي للخوف من هذه العملية لأنها تستند أصلا على عقد كفيل بالقضاء على كل المشكلات المستقبلية. (1)
3. فتوى الشيخ د. موسى شاهين لاشين: (2)
أجاز الدكتور موسى استئجار الأرحام والأدلة هي كالتالي:
1- اعتمد على أن الدين الإسلامي هو دين يسر، وأن الرحم المستعار تدعو إليه حاجة إنسانية، فهو يلبي حاجة المرأة المحرومة من الأمومة التي نصت عليها واعتبرتها الشريعة الإسلامية، وأكد الدكتور موسى إن الرحم المستعار لا يشبهه الزنا في شيء وهو امن من اختلاط الأنساب.
2- قاس الدكتور موسى استئجار الأرحام على الرضاع، وأكد عدم التخوف من نزاع الزوجة وألام المستعارة على الطفل، وقال أن من تجيش منهما عواطفها وأحاسيسها فهي جديرة بالأمومة واصلا من مصلحة الطفل أن تعتني به إثنتان بدلا من واحدة. (3)
__________
(1) المصدر السابق، ص 26-29.
(2) نائب رئيس جامعة الأزهر سابقا،ورئيس مركز السنة بوزارة الأوقاف وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر.
(3) المصدر السابق، ص 30.(1/49)
4. الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين: (1)
نظر الدكتور عبد الصبور إلى قضية استئجار الأرحام من ثلاث زوايا مختلفة:الزاوية والجانب الديني، القانوني والأخلاقي، أما بالنسبة للجانب القانوني ، فهناك عقد صحيح في العملية يغطي الجانب القانوني، أما الجانب الأخلاقي فربما هذه العملية تواجد معارضة من المجتمع من باب الحفاظ على العادات والتقاليد إلا إن هذا لا يعني أن هذه المسألة محرمة، أما الشريعة الإسلامية وتأجير الأرحام، فان تأجير الأرحام ليس فيه زنى ولا شبهة زنى وهو امن من اختلاط الأنساب. (2)
5.الدكتور عبد الحميد الأنصاري: (3)
يقول الدكتور عبد الحميد الأنصاري بتأجير الأرحام، وأجاز أن يستأجر رحم امرأة أجنبية عن الزوج لتحمل عن زوجه وقال انه يشارك الدكتور عبد المعطي البيومي في رأيه الذي أوضحناه سابقا. وأضاف أن الرأي الذي انتهى إليه مجمع البحوث الإسلامية بمكة هو رأي جماعي وليس إجماعي للأمة الإسلامية. (4)
? المبحث الثاني: فتاوى المعارضين وأدلتهم:
1- قرار مجمع الفقه الإسلامي:
__________
(1) مفكر إسلامي معروف. أستاذ متفرغ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة. من أشهر الدعاة بمصر والعالم الإسلامي. خطيب مسجد عمرو بن العاص أكبر وأقدم مساجد مصر سابقا. صدر له أكثر من 65 كتاباً، ما بين مؤلف ومترجم، أكبرها مفصل لآيات القرآن في عشرة مجلدات، وأحدثها مجموعة نساء وراء الأحداث 10 كتب.
(2) قضايا طبية معاصرة، ص 31.
(3) الباحث الأكاديمي القطري المفكر الحر عبد الحميد الأنصاري، حائز الدكتوراه في السياسة الشرعية من كلية الشريعة والقانون من جامعة الأزهر عام 1980. يعمل أستاذا للسياسة الشرعية في كلية القانون بجامعة قطر، وكان قبلها عميدا لكلية الشريعة والقانون في نفس الجامعة.
(4) قضايا طبية معاصرة، ص 31.(1/50)
قرر مجمع الفقه الإسلامي المنعقد بمكة عام 1984، تحريم جميع صور استئجار الأرحام وقد اجمع الفقهاء المحدثون على حرمة هذا النوع من التلقيح لما قد يحدثه من اضطراب وفوضى في الأنساب، والشك فيمن تكون الأم، صاحبة البويضة أم التي حملت وولدت. أما الدليل الذي اعتمد عليه علماء المجمع هو:سد الذرائع،وذلك مخافة اختلاط النطف في المختبرات. (1)
2- قرار مجمع البحوث الإسلامية بمصر:
أفتى مجمع البحوث الإسلامية بمصر بحرمة استخدام رحم امرأة أجنبية لوضع ماء زوجين في رحمها، وهذا القرار أصدره مجمع البحوث الإسلامية بمصر بعد انعقاده في يوم الخميس 4 من محرم 1422 الموافق 2003-1-29، وبعد مناقشة علماء المجمع الموضوع قرروا أن ذلك حراما، وقد جاء هذه القرار بإجماع علماء المجلس وعددهم خمسون فيما بقي الدكتور عبد المعطي مصرا على رأيه بجواز عملية تأجير الأرحام. (2)
3- د. يوسف عبد الرحمن الفرت: (3)
أتى الدكتور يوسف بتحريم تأجير الأرحام ،مستندا على الأدلة التالية:
? يجب أن لا يكون هناك طرف ثالث يتدخل ويتوسط علاقة الزوج بزوجه مهما كانت الأسباب،سواء عن طريق رحم مؤجر أو نقل حيوانات منوية أو نقل بويضات.
? إن عدم تأثير الجنين وراثيا من رحم الأم المستعارة ليس مؤكدا من الناحية الطبية، وذلك لأن الجنين يتغذى ويتأثر بالرحم، ونمو الجنين لا يعتمد فقط على كروموزومات الأم والأب، بل يتأثر بالبيئة المحيطة، وقد يؤدي سلوك تصرفات معينة إلى التأثير على الجنين وتشويهه كشرب الخمر.
__________
(1) البار، محمد علي .التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب. مجلة مجمع الفقه الإسلامي،الدورة الثانية:العدد الثاني:الجزء الأول، 1407ه ،منظمة المؤتمر الإسلامي جدة،ص 282.
(2) قضايا طبية معاصرة، ص 34.
(3) رئيس قسم الشريعة في كلية دار العلوم-جامعة القاهرة-فرع: الفيوم.(1/51)
? إن الأم المستعارة قد تؤثر سلبا على الجنين بالأمراض الفيروسية المنتقلة عن طريق المشيمة، او ربما يصاب بالحصبة الألماني أثناء الحمل.
? إن هذه المسألة تثير العديد من المشاكل مثل من هي الأم الحقيقة؟ ولمن ينسب الطفل؟ وتحدث مشاكل إذا تم التلاعب بالأجنة، وهذا الأمر وارد. (1)
? في مثل هذه العملية لا نستطيع ضمان ردة فعل الأم المستعارة بعد الولادة، وقد حدث ان طالبت الأم المستعارة بالمولود مقابل دفع مبلغ طائل للوالدين.
? من الممكن أن يحدث حمل للام المستعارة من زوجها الحقيقي، وهنا ستحدث مشاكل بينها وبين الأبوين الحقيقيين، وفي مثل هذه الحالة لا يستطيع الطبيب أن يجزم إذا كان الحمل عند الأم المستعارة نتيجة نقل البويضات الملقحة أم نتيجة حمل الأم المستعارة من زوجها، فوارد احتمال وقوع حمل للام المستعارة قبل نقل الأجنة بأيام قليلة أو بعد أيام قليلة من نقلها.وتكمن هنا مشكلة أخرى، وذلك إذا حدث حمل توأم احدهما ملك الأبوين الأصليين والأخر ملك الأم الحاضنة،وهذا الوضع غير مرغوب فيه. (2)
? قد اثبت علميا أن الرحم ليس مجرد وعاء لاحتواء الجنين بل هو يؤثر في الجنين، فمثلا الجهاز الشمعي يكتمل نموه عند الجنين في الأسبوع الحادي عشر، وهو يرتبط بدقات قلب أمه فالحمل عبارة عن تفاعل حيوي بين أنسجة الأم والجنين، فمثلا إذا زاد هرمون الغدة الدرقية في دم الأم الحامل أثناء الحمل يؤدي إلى اختلاط نشاط الغدة الدرقية للجنين، كلك إذا أصيبت الحامل بمرض السكر فيتأثر الجنين بذلك، وطبعا إذا حملت جين احد الأمراض الوراثية فسيؤثر ذلك على الجنين وحتى سيدوم التأثير بعد الولادة، نوألام المستعارة ستؤثر في تكوين الصفات الوراثية للجنين عن طريق (الرنا R.N.A ) و (السيتوبلازم) والجهاز المناعي . (3)
__________
(1) قضايا طبية معاصرة، ص 35.
(2) المصدر السابق، ص 36.
(3) المصدر السابق، ص 37-38.(1/52)
? إن عملية استئجار الأرحام مكلفة جدا وفي الوقت ذاته غير مضمونة، فنسبة نجاح هذه العملية قليلة، 27% في أحسن الأحوال، وتحتاج إلى إعادة المحاولة أكثر من مرة، ويتم صرف آلاف الجنيهات لإجراء الأبحاث والتحاليل اللازمة، ناهيك عن اجور الأطباء والمستشفى وألام المستعارة. (1)
4- الدكتور يوسف القرضاوي: (2)
أفتى الدكتور يوسف القرضاوي بعدم جواز استئجار الأرحام بجميع صوره، وقال إن التلقيح يجب أن يكون بين الزوج وزوجه فقط وإلا فهو حرام (لم يتطرق بفتواه إلى صورة زرع اللقيحة في زوجة أخرى للرجل).
__________
(1) المصدر السابق، ص 39-40.
(2) ولد يوسف مصطفى القرضاوي بقرية صفت تراب مركز المحلة الكبرى، محافظة الغربية، بتاريخ 9 سبتمبر/أيلول 1926. حيث نشأ وحفظ القرآن الكريم، وأتقن أحكام تجويده، وهو دون العاشرة من عمره.التحق القرضاوي بالأزهر حيث أتم دراسته الابتدائية والثانوية. التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، ومنها حصل على العالية سنة 1953. حصل على العالمية مع إجازة التدريس من كلية اللغة العربية سنة 1954.وفي سنة 1958 حصل على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية في اللغة والأدب. في سنة 1960 حصل على الدراسة التمهيدية العليا المعادلة للماجستير في شعبة علوم القرآن والسنة من كلية أصول الدين. في سنة 1973م حصل على الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى من نفس الكلية.(1/53)
أما التعليل الذي أورده في كتابه فتاوى معاصرة فهو أن المسلمين يعرفون الأم في الرضاع وأحكام الأخوة في الرضاع، ويعرفون أن للمرء بأمه صلتين صلة تكوين ووراثة أصلها المبيض وصلة حمل وحضانة أصلها الرحم ويطلقون اسم صلة الرحم مجازا على جميع هذه الصلات، ولكنهم لا يعرفون تشعب هذه الصلات كأن يكون التكوين من امرأة والحضانة في رحم أخرى، وليس واضحا ما حقوق هذه الحاضن والأحكام المترتبة على ذلك. (1)
5- فتوى الشيخ الجليل جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر رحمه الله: (2)
أفتى بعدم جواز استئجار الأرحام في الإسلام. والتعليل:
__________
(1) القرضاوي، يوسف. فتاوى معاصرة للمرأة والأسرة. عمان: دار الضياء، 1988، ص 148.
(2) عمل مفتياً للديار المصرية في 26 رمضان سنة 1398 هـ الموافق 26 أغسطس سنة 1978 م ، وقد كرس كل وقته وجهده في تنظيم العمل بدار الإفتاء وتدوين كل ما يصدر عن الدار من فتاوي في تنظيم دقيق حتى يسهل الاطلاع على أي فتوى في أقصر وقت .
تقلد منصب وزير الأوقاف، ثم تم تعيين فضيلته وزير الدولة للأوقاف بالقرار رقم 4 لسنة 1982 م بتاريخ 4 يناير 1982 م ، وفور تقلده لهذا المنصب عقد العديد من المؤتمرات مع العاملين بحقل الدعوة واستمع إلى المشاكل التي تعترضهم ، وعمل جاهداً على حلها وتخطي تلك العقبات حتى يقوم الدعاة إلى الله بواجباتهم . تولى مشيخة الأزهر في 17 مارس سنة 1982 م ، بالقرار الجمهوري رقم 129 لسنة 1982 م .(1/54)
يمتنع استئجار الأرحام لمنع الوقوع في الحرمة، ومنع ما يترتب عليه من أثار تضر المجتمع وبنظمه والتي تفصح أن حديث الرجل إلى المرأة الأجنبية حرام حتى لا تخضع بالقول فيطمع الذي قلبه مرض. أيضا لان الإسلام حرص على حفظ الفروج ومنع اختلاس النظر وخروج المرأة متعطرة لان ذلك يؤدي إلى الزنا، وكذلك خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية محرمة، فكم بالحري باستئجار الأرحام، حتى إن دخول ماء الزوج إلى جسم الزوجة وقد خرج من جسد الزوج بطريق غير مشروع إثم كبير، فكم بالحري بالمرأة التي تدخل ماء رجل غريب إلى رحمها. فالأصل بالفروج أن تصان، وقال صلى الله عليه وسلم:"من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدين وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام" (1) . والقاعدة الإسلامية تنص على تقديم المحرم على المبيح عند التساوي، وطبعا إذا تقابل في المرأة حل وحرمه تقدم الحرمة. (2)
6- احمد الجندي: (3)
إن عملية تأجير الأرحام في الإسلام محرمة وغير جائزة.
__________
(1) حديث صحيح، رواه مسلم.
(2) النسب في الإسلام والأرحام البديلة، ص 209.
(3) وهو الأمين العام المساعد للمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية.(1/55)
التعليل: إن عملية استئجار الأرحام تدعو إلى إشاعة الفاحشة بين المسلمين والله تعالى يقول:"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة" ( النور:19) . ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع :"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمه يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " (1) ، فالأعراض لها حرمة مكة،وحرمة الأشهر الحرم وفي هذا دلال على أهميتها واعتبارها في الشريعة الإسلامية،وقال صلى الله عليه وسلم:" استحللتم فروجن بكلمة الله عندما أوصى بالنساء خيرا، وعرف أن الفرج لا تحل إلا بكلمه الله، والحل لا يكون إلا للأزواج الذين يجري على ألسنتهم وقلوبهم كلمة الله" (2) . كذلك لا ننسى القاعدة الشرعية : إن الأصل في الأشياء الإباحة، والأصل في الفروج والدماء والأموال التحريم. فالأصل المحافظة على الفروج وصيانتها من الحرام والشبهات، وعملية استئجار الأرحام عملية معقدة وليست بسيطة، وتجلب الكثير من المشقة والنزاع بين الأم وألام المستعارة، وذلك لان الأم المستعارة ليست مجرد رحم أو وعاء للجنين، فالجنين في الرحم يتأثر عاطفيا ونفسيا بالأم الحامل. (3)
7- الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد (4) :
__________
(1) صحيح مسلم، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، ج6، ص 245.
(2) حديث صحيح رواه مسلم.
(3) النسب في الإسلام والأرحام البديلة، ص 110-112.
(4) ولد عام 1365 هـ. درس في الكتاب حتى السنة الثانية الابتدائي, ثم انتقل إلى الرياض عام 1375 هـ, وفيه واصل دراسته الابتدائية, ثم المعهد العلمي, ثم كلية الشريعة, حتى تخرج عام 87 هـ/ 88 هـ من كلية الشريعة بالرياض منتسبا, وكان ترتيبه الأول. وفي عام 1384 هـ انتقل إلى المدينة المنورة فعمل أمينا للمكتبة العامة بالجامعة الإسلامية. وكان بجانب دراسته النظامية يلازم حلق عدد من المشايخ في الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة.
ففي الرياض أخذ علم الميقات من الشيخ القاضي صالح بن مطلق, وقرأ عليه خمسا وعشرين مقامة من مقامات الحريري, وكان- رحمه الله- يحفظها, وفي الفقه: زاد المستقنع للحجاوي, كتاب البيوع فقط. وفي مكة قرأ على سماحة شيخه, الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز كتاب الحج, من (المنتقى) للمجد ابن تيمية, في حج عام 1385 هـ بالمسجد الحرام. واستجاز المدرس بالمسجد الحرام الشيخ: سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان, فأجازه إجازة مكتوبة بخطه لجميع كتب السنة, وإجازة في المد النبوي. في المدينة قرأ على سماحة شيخه الشيخ ابن باز في (فتح الباري) و (بلوغ المرام) وعددا من الرسائل في الفقه والتوحيد والحديث في بيته, إذ لازمه نحو سنتين وأجازه.(1/56)
أفتى الشيخ وفق صور معينة لاستئجار الأرحام وهي:
? إذا حملت المرأة من مائيين أجنبين أو من بيضتها وماء أجنبي فهو حمل سفاح محرم لذاته في الشرع تحريم غاية(لا مجال لإباحته)، والإنجاب منه يعتبر شر الثلاثة فهو ولد زنا. (1)
? تلقيح ماء الزوجة بماء زوجها ولكن بعد وفاته وهذا حرام في الشريعة الإسلامية، وذلك لعدم قيام الزوجية.
? تلقيح بويضة الزوجة بالحيوانات المنوية التي للزوج وزرعها في رحم امرأة أجنبية، هذا حرام في الشريعة الإسلامية لان فيه اختلال لرحم الزوجية .ناهيك عن المنازعات القضائية على المواليد من هذه الطرق بين ذات الرحم وذات الماء. (2)
8- الشيخ محمود شلتوت (3) :
__________
(1) فقه النوازل، ص 267.
(2) فقه النوازل، ص 268.
(3) 3) محمود شلتوت رجل دين إسلامي مصري وشيخ الجامع الأزهر 1958 - 1963، نال العالمية سنة 1918 عين مدرساً بالمعاهد ثمّ بالقسم العالي ثمّ مدرساً بأقسام التخصص، ثمّ وكيلاً لكلية الشريعة، ثمّ عضواً في جماعة كبار العلماء، ثمّ شيخاً للأزهر سنة 1958 وكان عضواً بمجمع اللغة العربية سنة 1946 وكان أول حامل للقب الإمام الأكبر. ولد الشيخ محمود شلتوت بمحافظة البحيرة سنة 1893.(1/57)
إن التلقيح بماء الأجنبي (الصورة السادسة من صور استئجار الأرحام) في الشريعة الإسلامية جريمة منكرة وإثم عظيم يلتقي مع الزنا في إطار واحد، جوهرهما واحد ونتيجتهما واحدة وهي وضع ماء لرجل أجنبي قصدا في حرث ليس بينه وبين ذلك الرجل عقدا أو ارتباطا بزوجة شرعية، ولولا قصور في صورة الجريمة لكان حكم التلقيح في تلك الحال هو حكم الزنا الذي حددته الشرائع الإلهية وحرمته (1) . ويضيف الإمام ويقول : إذا كان التلقيح البشري بغير ماء على هذا الوضع وبتلك المنزلة كان دون شك أفظع جرما وأنكر من التبني لان الولد المتبنى المعروف للغير ليس ناشئا عن ماء أجنبي عن عقد الزوجية، إنما هو ولد ناشئ عن ماء أبيه ألحقه به رجل أخر بأسرته وهو يعرف انه ليس حلقة من سلسلتها، غير انه أخفى ذلك عن الولد ولم يشاء أن يشعره انه أجنبي فجعله في عداد أسرته، وجعله احد أبنائه زورا من القول، واثبت له ما للأبناء من أحكام. أما ولد التلقيح فهو يجمع بين نتيجة التبني وهي إدخال عنصر غريب في النسب وبين خسة أخرى وهي التقاؤه مع ألزني في إطار واحد تنبو عنه الشرائع والقوانين ،وينبو عنه المستوى الإنساني الفاضل وينزلق به إلى المستوى الحيواني الذي لا شعور فيه للأفراد برباط المجتمعات الكريمة،وحسب من يدعون إلى ها التلقيح ويشيرون به على أرباب العقم تلك النتيجة المزدوجة التي تجمع بين الخستين،دخل في النسب او عار مستمر إلى الأبد. (2)
الأدلة التي اعتمد عليها:
? قوله تعالى:"والذين هم لفروجهم حافظون الأعلى أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فأنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون"(المؤمنون:7).
__________
(1) غويبة، سمير. المتاجرة بالامومة والاعضاء البشرية. القاهرة: ستاربرس للطباعة والنشر، 1999،ص 87.
(2) السعدي، عبد الملك. العلاقات الجنسية غير الشرعية وعقوبتها في الشريعة الإسلامية. القسم الأول، جدة: دار البيان العربي، 1985،ص 110.(1/58)
فالله تعالى يوصي الإنسان بالحفاظ على أعضائه وعلى أشدها خطورة وهي الفروج، فشددت الشريعة الإسلامية في رعايتها والاهتمام بشأنها ما لم تهتم بغيرها، ولم تفرط باستباحتها إلا بتفويض منها، فجعلت الإنسان يموت دون عرضه، ورخصت إراقة دماء بعض النفوس المشركة لها، ولكن جعلت لهذا الحفاظ حدا تقف عنده ولا تتجاوزه ألا وهي الزوجية وما أحله الله من السرايا والإماء. وبينت مدى طموح النفس لهذا الأمر وجعلت النفس التي تطلب أمرا تستمتع به بعد ذلك معتدية ومتجاوزة لحدود الله فليس شيء أدل على تحريم التمكين من الفروج لغير الأزواج من وصف ذلك بالاعتداء والاعتداء محرم يكرهه الله، والمرأة التي لم تحفظ فرجها من مني الأجنبي ولم تقتصر على مني زوجها متعدية الحد . (1)
? قال صلى الله عليه وسلم:" لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الأخر أن يسقى ماؤه زرع غيره" (2) .
9- د. غويبة سمير (3) :
إذا لقحت بويضة الزوجة بماء زوجها ووضعت في رحم أنثى غير الإنسان، من الحيوانات مثلا لفترة معينة يعاد الجنين بعدها إلى رحم ذات الزوجة ،فإن التلقيح على هذه الصورة بين بويضة ونطفة زوجها يجمع بينهما في رحم أنثى غير الإنسان،فإذا مرت هذه البويضة الملقحة بمراحل النمو التي تحدث عنها القران الكريم: "ثم جعلناه نطفة في قرار مكين،ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشأ ناه خلقا أخر فتبارك الله أحسن الخالقين"(المؤمنين:13+14).
__________
(1) المصدر السابق، ص 111-112.
(2) أخرجه أبو داوود 1/497،والترمذي 3/437،وصححه ابن حيان وحسنه البزار.
(3) لم أجد أي معلومات عنه، ووجدت فتواه في كتابه عن الموضوع، انظر كتابه في المراجع.(1/59)
سيكتسب هذا المخلوق صفات الأنثى التي اغتدى بدمها في رحمها وائتلف معها حتى صار جزءا منها، فإذا تم خلقه حين خروجه كان مخلوقا أخر، أفلا نرى حين يتم التلقيح بين حمار وفرس هل تكون ثمرتهما لواحد منهما؟ أم يكون خلقا آخر وصورة طبيعية. (1)
هذا إن بقيت البويضة بأنثى غير الإنسان إلى حين فصالها، أما إذا انتزعت بعد التخلق وبعث الحياة فيها، وأعيدت إلى رحم الزوجة، فهي بذلك تكون قد اكتسبت الكثير من صفات الحيوان التي احتواها رحمها، حيث كان غذاؤها وماؤها، ولا شك في أن هذا المخلوق يخرج على غير طباع الإنسان، بل يرث طباع التي احتضنه رحمها ، لان الصفات والطباع أمر ثابت بين السلالات، حيوانية ونباتية، تنتقل مع الوليد إلى الحفيد وذلك أمر قطع به العلم ومن قبله الإسلام: (ألا يعلم من خلق)(الملك:14)، ويدلنا على هذا نصائح الرسول صلى الله عليه وسلم وتوجيهاته في اختيار الزوجة ،فقد قال :"تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء" (2) .
وقال صلى الله عليه وسلم:"إياكم وخضراء الدمن، وهي المرأة الحسناء في المنبت السوء" (3) ، وهذه التوجيهات النبوية الشريفة تشير إلى علم الوراثة وعلى هذا فالتلقيح بهذه الصورة يكون مفسدة ويحرم فعله، ومن يفعل هذا يكون قد افسد خليقة الله في أرضه (4) .
الفصل العاشر: حكم الأمر في الإسلام ونسب المولود
? المبحث الأول: النسب
المطلب الأول: تعريف النسب:
__________
(1) المتاجرة بالأمومة والأعضاء البشرية، ص90.
(2) سنن ابن ماجه، باب الأكفاء، ج6، ص 106،ح 1958..
(3) مسند الشهاب القضاعي، باب اياكم وخضراء الدمن، ج3، ص 468.
(4) المتاجرة بالأمومة والأعضاء البشرية، ص 90.(1/60)
النسب هو القرابة:يقال نسبه في بني فلان فهو منهم، والجمع انساب، وكلمة نسب إذا أطلقت تشمل "صلب"، أي نسب بين الآباء والأبناء خاصة، سواء علوا أو دنوا، كما وتشمل العصبة بين الرجل وبنيه، وكذا قرابة أبيه فقط كالأعمام وبنيهم. وتشمل كلمة نسب الرحم أي قرابة الرجل من ناحية أمه وعمته وجدته، سواء لأبيه أو لأمه ولذلك يقال بينهما رحم أي قرابة رحم. والنسب صلة الشخص بغيره على أساس القرابة القائمة على صلة الدم، والغالب في استعمال كلمة نسب هو نسب الشخص لأبيه، يقول تعالى:"ادعوهم لأبائهم"(الأحزاب:5) - أي انسبوا الأبناء لآبائهم الحقيقي". (1)
المطلب الثاني: أهمية النسب في الإسلام:
النسب أساس كل أسرة، فهو يعتبر رابطة تحافظ على أطرافها وتجمعها بوحدة الدم، والولد جزء أبيه وكل منهما عصب الأخر، فالنسب نسيج كل أسرة وهو لحمتها، لذلك يجب الاهتمام والمحافظة على نسب الأسرة وعدم إدخال من لا يليق نسبه بها، فالنسب نعمة من الله ومظهرا من مظاهر قدرته، قال تعالى:"وهو الذي خلق من الماء بشرا، فجعلنه نسبا وصهرا وكان ربك قديرا "( الفرقان:54) . (2)
والنسب بين الناس لا يكون إلا في الحياة الدنيا لقوله تعالى:"فإذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون"( المؤمنون:101).
تعكس الآيات أهمية النسب في الإسلام، وقد بينت السنة النبوية الشريفة أهمية النسب فقال صلى الله عليه سلم :"أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب" (3) وقال:"إن الله اختار من ولد ادم إسماعيل واختار من ولد إسماعيل عدنان،واختار من ولد عدنان قريشا واختار من قريش بني هاشم واختارني من بني هاشم فأنا خيار من خيار " (4) ، وفي هذا دلالة على الحرص على النسب.
__________
(1) النسب في الإسلام والأرحام البديلة، ص 7.
(2) المصدر السابق، ص 8.
(3) حديث صحيح رواه النووي في شرحه على صحيح مسلم،12/120.
(4) حديث صحيح رواه مسلم.(1/61)
كما واهتم الفقهاء في علم انساب الرجال وعلى هذا العلم قام علم الحديث. ومن رعاية الشريعة الإسلامية للنسب قوله تعالى:"ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله"( الاحزاب:5).
فحرم بذلك انتساب الابن لغير أبيه، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم :"تزوجوا الودود الولود" (1) ، وذلك من باب المحافظة على الأنساب بالتخير للنطفة لان العرق دساس، وحتى يكون النسب قويا مستندا على صفات حسنة طيبة (2) . والإسلام جعل نعمة النسب جلية وواضحة يفتخر بها الناس وذلك لقيمتها، فقال تعالى :" ومريم ابنة عمران"( التحريم:12)، ومن مظاهر إعتناء الشريعة بالنسب أن حرم تعالى جميع صور النكاح الفاحشة والتي كانت في الجاهلية والتي تؤدي إلى اختلاط الأنساب والى فسادها كنكاح الرهط ونكاح الإستبضاع (3) ، لذلك جعل الإسلام طريق واحد شريف للحفاظ على النسب وهو الاتصال الجنسي بعد الزواج، وجعله السبب المباشر لإثبات النسب، ووضع له ضوابط وجعل سبيله الزواج الشرعي الصحيح، وفي هذا تكريما لبني ادم وحفظا لعرضهم ونسبهم، فيقول صلى الله عليه وسلم:"الولد للفراش وللعاهر الحجر" (4) .
__________
(1) اخرجه ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري، كتاب النكاح.
(2) النسب في الاسلام والارحام البديلة، ص9-11.
(3) تم تبين وشرح هذه الصور من النكاح سابقا خلال الحديث عن الرحم.
(4) صحيح البخاري، باب تفسير المشبهات،ج 7، ص205، ح1224.(1/62)
وصرح فقهاء الشريعة الإسلامية أن النسب حق لله، ولإقامة هذا الحق والمحافظة عليه لا بد وان ينسب كل ولد لآبيه، لقوله تعالى:"ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله"( الاحزاب:5)، ويجب أن لا ينكر أي أب ولده، فيقول صلى الله عليه وسلم:" أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الخلائق" (1) . كما ويجب على المرأة في الإسلام أن لا تنسب لزوجها من تعلم انه ليس منه ،قال صلى الله عليه وسلم:"أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولم يدخلها الله جنته" (2) ، ونهى الإسلام الأبناء أن ينسبوا إلى غير أبائهم (3) ، فقال صلى الله عليه وسلم:"من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم انه غير أبيه فالجنة عليه حرام" (4) .
وتنعكس أهمية النسب في الأحكام المترتبة عليه، سواءا للأبناء أو الآباء أو لكليهما، مثل بر الوالدين والإذن في الخروج للجهاد، وسقوط القصاص عند قتل الوالد، والولاية على النكاح والميراث وتحريم الزواج، وسقوط حدا القذف...الخ من الأحكام الشرعية. (5)
? المبحث الثاني: نسب المولود :
المطلب الأول: من هي الأم الحقيقة؟
اختلف العلماء المسلمون بشأن الأم الحقيقة:
1- قسم من العلماء رأوا أن الأم الحقيقة هي صاحبة البويضة، أما الأم المستعارة فهي كالأم بالرضاع أي أم حكمية أي يحكم لها باعتبار الحضانة والتغذية، ولا يثبت لها النسب،وذلك يعود للأسباب التالية:
? لان الجنين انعقد أساسا من بويضة الزوجة والحيوان المنوي للزوج، فاللقيحة كانت نتاج التحام ماء الرجل وزوجه، والزوجين بينهما عقد شرعي صحيح لذلك فالجنين ينسب لهما.
__________
(1) رواه ابو داوود.
(2) سنن ابي داود، باب التغليظ في الانتفاء، ج6، ص182، ح 1928.
(3) النسب في الإسلام والأرحام البديلة، ص 12-13.
(5) دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، ص 824.(1/63)
? لان صاحبة الرحم قامت فقط بتغذية الجنين بدمها بعد بداية تكوينه لذلك تأخذ حكم الأم بالرضاع من باب أولى.
? الصفات الوراثية والخصائص الإنسانية تتقرر في البويضة والحيوان المنوي فقط. (1)
2- القسم الأخر ذهب إلى أن الأم الحقيقية التي ترث هي الأم صاحبة الرحم التي حملت وولدت، أما صاحبة البويضة فهي أم حكمية كالأم بالرضاع، فيثبتون النسب للمرأة التي تلده، وهنا ينسب الولد إلى زوج الأم المستعارة إذا كانت متزوجة عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:"الولد للفراش" (2) وقد استدل هذا الفريق بجميع الآيات القرآنية التي تصرح بأن الأم هي التي تلد وهي (3) :
? "إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم"(المجادلة:2)
? "حملته أمه كرها ووضعته كرها"(الاحقاف:15)
? "لا تضار والدة بولدها"(البقرة:233)
? "يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق ظلمات ثلاث"(الزمر:6)
? "وإذ انتم أجنة في بطون أمهاتكم"(النجم:32)
? "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"(النحل:78)
? "ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن"(لقمان:14)
__________
(1) دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، ص 833.
(2) صحيح البخاري، باب تفسير المشتبهات، ج6، ص 205، ح 1224.
(3) دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، ص833.(1/64)
والذي أرجحه والله اعلم أن الأم الحقيقة هي التي تبرعت بالبويضة لان الجنين أصلا هو التحام خلية الزوج وخلية المرأة وهي الزوجة، وإنما الرحم كالوعاء فيه التغذية والنماء والأمان لهذا الجنين. وأيضا لان الأدلة التي أوردها علماء الفريق الثاني وهي الآيات الكريمة تتحدث عن الأم الحقيقة التي حملت والتي ولدت أيضا، فهي تتناول تلك الأم التي أعطت البويضة والتي أعطت الرحم، أما الأم المستعارة فهي لم تعط البويضة والتي هي الأساس فقط أعطت الرحم، لذلك لا يمكن أن تشير الآيات أعلاه إلى هذا النوع من الأمهات، فمعاني هذه الآيات لا تفسر هذه المسألة الطبية العصرية فالنصوص أعلاه لا تتحملها. لذلك يثبت للأم صاحبة البويضة جميع أحكام الميراث والنفقة والحضانة وغيرها (1) .
_والله تعالى اجل اعلم_
المطلب الثاني:نسب المولود من ناحية الأب:
هناك قولان:
1- قال صلى الله عليه وسلم:"الولد للفراش وللعاهر الحجر" (2) . فهذا الحديث يعتبر قاعدة عامة من قواعد الشرع يحفظ به حرمة النكاح، فإذا حملت الأم البديلة وكان لها زوج، فالحمل ينسب لزوجها ولا علاقة لصاحبة اللقيحة وزوجها في نسب المولود، عملا بالحديث أعلاه.
2- الولد ينسب لأبيه زوج صاحب البويضة، لان بويضتها لقحت بمائه، وبعد التلقيح يتم نقل اللقيحة إلى رحم المرأة المتبرعة، إذا فالجنين انعقد من بويضة زوجة وماء زوج بينهما عقد نكاح شرعي، لذلك ينسب الجنين إلى الزوج صاحب الحيوانات المنوية.
__________
(1) هذا ما رجحه أيضا الدكتور عارف علي عارف في كتابه دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، ص 833.
(2) صحيح البخاري، باب تفسير المشتبهات، ج6، ص 205، ح 1224.(1/65)
أما الرأي الراجح فهو الرأي الثاني، لان زوج الحاضنة المتبرعة لا يمت بأي صلة إلى الجنين، فسبب ثبوت النسب من الزوج هو كون الجنين مخلوق من مائه، وهذا الأمر لا يتوافق مع زوج المتبرعة برحمها وإذا نسبه له واستلحقه بنفسه، فهو يجني على نفسه بالحرام، فالتلقيح تم خارج رحم زوجته من بويضة غير بويضتها ومن حيوان منوي غير حيوانه المنوي. وبالنسبة للحديث الذي استدل به أصحاب الرأي الأول فهو يُعمل في حالة ما إذا شك في الجنين وفي مصدره، أما مصدر الجنين في حالتنا المبحوثة فهو جلي وواضح. (1)
الفصل الحادي عشر:عرض قضايا غريبة في استئجار الأرحام
? المبحث الأول: قضايا الاستئجار فيها بتطوع
إن قضايا استئجار الأرحام كثيرة ولا يمكن حصرها وعدها ،فباتت هذه القضية منتشرة في العالم خاصة الأوروبي منه، ولكني أريد الوقوف على القضايا التي يتم فيها تأجير الرحم بتطوع وذلك لغرابة هذه القضايا ولخطورتها وبسبب الآثار السلبية الكثيرة الناجمة عن مثل هذه القضايا بالذات، والتي تحصل حين يرغب الوالدان باستئجار رحم ولكن حالتهم المادية والاقتصادية لا تسمح لهم بدفع تلك المبالغ الطائلة، سوءا للمتبرعة أو للشركة أو للأطباء، لذلك يلجئون إلى البحث عن متطوعة تتطوع بحمل اللقيحة تسعة أشهر في رحمها، دون مقابل وفي مثل هذه الظروف يزداد إيمان الزوجين بالقول"الأقربون أولى بالمعروف" فيبحثون عن متطوعة من الأقرباء لتتطوع برحمها لهم لمدة تسعة أشهر.
المطلب الأول:الجدة التي تحمل عن ابنتها (2) :
__________
(1) دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، ص 839.
(2) النتشة ، محمد. المسائل المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية. بريطانيا: مجلة الحكمة، 2001، ص 312.(1/66)
هذه القضية تعتبر من اغرب القضايا، الحادثة التالية حصلت في مدينة "جوها نسبر نج" بجنوب أفريقيا، حيث قامت أم "كارين" بالحمل نيابة عن ابنتها، التي تزوجت من "اكلينو فبريرا"، حدثت عملية التطوع بالرحم بعد استئصال رحم كارين بسبب أصابتها بمرض السرطان، وبسبب رغبتها الكبيرة بالإنجاب نصحها الأطباء باللجوء إلى الأم البديلة، إلا أن ضعف الإمكانيات المادية حال دون الأمر، فقررت والدتها أن تعرض على ابنتها رحمها وهي في الثامنة والأربعين من عمرها. (1)
وتم زرع اللقيحة في رحم الجدة وأنجبت ثلاثة توائم في أول أكتوبر 1987، وأرضعتهم من لبنها، وعلى مدار ثلاثة سنوات حاولت كل من الجدة والأم التعايش مع الوضع الجديد المعقد، وحاولت تعويد الأطفال على الابنة الأم بدلا من الجدة الأم التي اعتادوا عليها، وتصرح الجدة"بات اسوني" بأنها متعلقة جدا بأحفادها الثلاثة بشكل غير طبيعي، وتكن لهم مشاعر مختلفة عن مشاعر الجدة، وأنها سعيدة بسعادة ابنتها كذلك، وتعترف بتمسكها بهؤلاء الأبناء، وهي تنازلت عنهم لابنتها فقط لأنها تعيش معهم، وهي غير مستعدة للقيام بهذا الأمر مع الأغراب، وهي متأكدة أنها لو فعلت ذلك لزوجين غريبين لما تنازلت لهم عن المولود.
أما الابنة كارين فتصرح انه رغم سعادتها بأطفالها الثلاثة، إلا أنها لا تكنّ لهم ذات المشاعر التي تكنها لابنها الأكبر والذي حملت به وولدته ولادة طبيعية قبل استئصال رحمها، وتعترف بأن عدم إنجابها لهم وحملها بهم، سلبت منها أشياء كثيرة جعلتها تشعر بنقص معين تجاه الأطفال الثلاثة، وهي تحاول التعويض عن هذا النقص بالتقرب منهم وإغرائهم بالهدايا والحلوى. (2)
المطلب الثاني: البنت التي تحمل عن أمها:
__________
(1) المصدر السابق، ص 312.
(2) المتاجرة بالأمومة والأعضاء البشرية، ص 46.(1/67)
هذه الحادثة وقعت في ايطاليا،حيث قامت "جوفانا كابريللي" والتي تبلغ من العمر العشرين عاما، بالحمل نيابةً عن أمها"مانيولا كابريللي" والتي تبلغ من العمر ثمانية وأربعين عاما، وكانت والدتها قد تزوجت بعد وفاة زوجها ( والد جوفانا) من رجل يدعى"ماركو برزن توم" والذي يبلغ من العمر ستة وثلاثون عاما، أما الأم مانيولا فقد أنجبت من زوجها الأول ولدين وبنتاً، لكنها حاولت تحقيق رغبة زوجها الثاني بالحصول على أطفال، إلا أنها لم تنجح في ذلك لسنها، فنصحها الأطباء باستئجار رحم امرأة أخرى، إلا أن نفقات عملية استئجار رحم امرأة أخرى وقفت عائقاً بوجه الزوجين، فقررت الابنة جوفانا بأن تحمل عن أمها، فتم تخصيب بويضة من الأم بماء زوجها وزرع اللقيحة في رحم جوفانا، فحملت وأنجبت وسلمت المولود لأمها (1) .
الفصل الثاني عشر:أثار سلبية لعملية استئجار الأرحام
? المبحث الأول: أثار سلبية لعملية استئجار الأرحام:
المطلب الأول: أثار اجتماعية أخلاقية نفسية:
__________
(1) المسائل المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية، ص 313.(1/68)
1- اصطباغ الأمومة والأرحام بالصبغ التجارية: إن للأمومة منزلة رفيعة في جميع الأديان والأعراف، إلا أن عملية استئجار الأرحام جعلتها كالسلعة تباع وتشترى فهي بهذا حددتها وقيدت قيمتها، ففتحت عدة شركات ووكالات خاصة لتأجير الأرحام في الغرب، وأصبح للأرحام سوق تجارية مادية، زد على ذلك إن هذه الشركات تستغل الأم المستعارة والزوجين استغلالا سلبيا. وعملية استئجار الأرحام تجعل معنى الأمومة مبهما غير واضح ، بعد أن كانت الأم دائما هي صاحبة البويضة وهي صاحبة الرحم، أما الآن فانقسمت الأم وأصبح هناك نوعان. والرحم له مكانة راقية في الإسلام (تم الحديث عن أهمية الرحم في الفصول السابقة)، وان عملية استئجار الأرحام فيها امتهان وابتذال للرحم فهو يستأجر ، رغم أهميته فهو عضو أساسي، له علاقة شديدة بالمشاعر والعواطف أثناء الحمل، وهو ليس كاليد أو الرجل يمكن استئجار صاحبها للعمل أو الرياضية. الأمر الذي أدى إلى تداخل أشياء كثيرة في بعضها البعض، وجعل الناس يختلفون في معنى الأم، ومن هي الأم ؟ وباتوا يشككون فيها بعد أن كانت تدل على أرقى وأسمى المعاني. (1)
__________
(1) دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، ص 808-811.(1/69)
2- إن عملية استئجار الأرحام تربي على قيم سلبية فهي تشجع النساء الفقيرات على أداء عمل كهذا من باب الحاجة الاقتصادية فيصبح الرحم والطفل سلعة تباع وتشترى باسم الإنسانية، وتحت شعار تحقيق أمنية الأم المحرومة. كما وتشجع النساء الغنيات والأسر الغنية ذات المال والجاه على عدم تحمل متاعب الولادة والحمل والآم ، فيكون باستطاعة الأزواج الأثرياء الحصول على عدة أولاد في عام واحد ما عليهم سوى أن يقدموا البويضات والحيوانات المنوية، وغيرهم من المحتاجات يحملن ويتحملن الآم والمخاض، وإذا بهم يحصلون على عدة أبناء في ذات العام، فأين هم من هؤلاء الأبناء؟ وما هو شعورهم تجاههم؟وكيف سيتحملون مسؤولية تربيتهم؟ (1)
3- ستؤثر هذه القضية سلبا على قيمة مساعدة الآخرين المرتبطة بمفهوم "الغيرية"، فالكثير من الأمهات البديلات يرفضن مساعدة الآخرين دون مقابل، فهذه "كيك كوتن" وهي أول أم بديلة في انكلترا، حين سئلت هل شعرت بأي تأنيب ضمير حين وافقت على اخذ النقود من اجل تأجير رحمها، أجابت بالنفي وصرحت إنها ما كانت لتفعل ذلك دون مقابل، وأضاف زوجها انه لن يكون سعيداً إذا قامت زوجته بتأجير رحمها دون مقابل. هذا الأمر يربي على الاستغلال وعلى الحياة المادية البحتة، فكلا الزوجين يرفض مساعدة الآخرين من حيث المبدأ، ويستمسك كل من الزوجين بالماديات في حين أن الحديث يدور عن غريزة وعاطفة الأمومة وعن عملية إنجاب كائن جديد، إنسان بحد ذاته (2)
__________
(1) المصدر السابق، ص 811.
(2) الهندسة الوراثية والأخلاق، ص 159.(1/70)
4- عملية استئجار الأرحام مكلفة جدا جدا، فالتلقيح الخارجي بين بويضة المرأة وماء زوجها يكلف ما بين أربعة إلى ستة ألاف دولار للمحاولة الواحدة، ونسبة نجاح هذا التلقيح لا تزيد عن 30% في أحسن المراكز العالمية، ناهيك عن أجرة الرحم والمبلغ الذي يدفع للأم البديلة وعن أجرة الشركة والمحامي، فهذه العلمية مكلفة جدا رغم أن نسبة النجاح قليلة. (1) .
__________
(1) جمعية العلوم الطبية الإسلامية المنبثقة عن نقابة الأطباء الأردنية،قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية،المجلد 1،دار البشير،1995،ص 30.(1/71)
5- من الوارد حدوث اختلاط بالأنساب، فمن السهل تبديل النطف في المعمل سوءا سهوا أو قصدا، وأيضا من يضمن للزوجين أن الأم البديلة لن تجامع زوجها في بداية فترة الحمل وحينئذ من الممكن أن تحمل بتوأمين، فلا يعرف تماما بعد الولادة أي ولد من المعاشرة الزوجية وأي ولد من شتل الجنين، ومن الممكن أن يموت احد التوأمين ولا يمكن معرفة أي منهم الذي مات، وهذا سيؤدي إلى نزاع حول الطفل الذي بقي على قيد الحياة. (1) . وهذا الأمر ينطبق أيضا على حمل الضرة، فمن الممكن أن تحمل الضرة من زوجها بعد زرع اللقيحة في جسمها، فتحمل حمل أخر قبل انسداد رحمها على حمل اللقيحة فتحمل توأمين لا يعرف من ولد اللقيحة ومن ولد الضرة، كما وقد تموت علقة احد الحملين ولا تسقط إلا مع ولادة الأخر، فبهذا يتواجد لدنيا اختلاط انساب من جهة الأم الحقيقة لكل من الحملين وما يترتب عليه من أحكام (2) .وطبعا يحصل اختلاط بالأنساب إذا تم استخدام صور تأجير الرحم والتي فيها تؤخذ البويضة من أجنبية ويتم تلقيحها بمني الزوج أو اخذ ماء رجل غريب وتلقيحه ببويضة الزوجة، أو اخذ بويضة أجنبية وتلقيحها بماء رجل أجنبي ورد الطفل بعد الولادة للزوجين، إلا أن هذه الصور ليست محور بحثنا لذلك لم أخض بالتفصيل عنها.
__________
(1) القيسي، عامر. مشكلات المسؤولية الطبية المترتبة على التلقيح الصناعي، عمان:دار العلمية،2001،ص 53.
(2) باحمد، ارفيس. مراحل الحمل والتصرفات الطبية الحديثة في الجنين بين الشريعة الإسلامية والطب المعاصر،د.ت،ص 509.(1/72)
6- إن عملية استئجار الأرحام تخلف أثارا نفسية بليغة على العديد من الأطراف، فهذه الأم المستعارة إذا قامت بتسليم الوليد إلى الزوجين فسينتابها شعور بالألم والحزن وربما تتأثر نفسيا، وذلك لأن الأمومة علاقة عاطفية تتولد وتنمو أثناء الحمل وبعد الولادة، فيصعب على الأم أن تتخلى عن ابنها الذي تعبت في حمله وتحملت لأجله الآم المخاض والولادة، فكل أم بديلة تتوقع في البداية إن الأمر سيكون سهلا ولكن بعد تجربة الأمومة يصعب عليها التحكم والسيطرة على هذه الغريزة القوية الجياشة. لذلك نجد أن اغلب الأمهات بالوكالة رفضن تسليم المولود بعد الوضع للزوجين رغم العقد الذي عقدنه مع الزوجين في البداية. وأيضا إذا رفضت الأم المستعارة تسليم الطفل للزوجين،فسيتأثر كلا الزوجين نفسيا وعاطفيا فهذا المولود بمثابة حلم كبير طال انتظاره، حلم قدموا لأجله الغالي والرخيص،من أموال وتحاليل وأعصاب وقلق، لذلك لن يقبلوا بأن يأخذه غيرهم. ولا ننسى أيضا الطفل والذي هو محور هذه العملية، فحين يصبح هذا الطفل مميزا أو حين يبلغ هناك احتمال كبير جدا بأن يدخل في عالم من المتاهات والعقد النفسية، لأن وضعه البيولوجي غير طبيعي، ولا بد أن يتساءل كثيرا من أمه الحقيقة؟ من أبوه الحقيقي؟ والعديد من التساؤلات التي ربما ستؤثر عليه بشكل سلبي جدا، وشيئا فشيئا ستختفي الرابطة الإنسانية التي تربط الطفل بأمه.
المطلب الثاني:مشاكل قضائية:
تحدث بين الأم البديلة والأم صاحبة البويضة عادة مشاكل كثيرة تصل إلى القضاء، فالأولى في الغالب ترفض تسليم المولود بعد الولادة على غرار العقد والاتفاق الذي ابرم، وذلك لأن مشاعرها وأحاسيسها تتغير ويصبح من الصعب عليها أن تتنازل عن ذلك المولود، لأنها تشعر وتؤمن بأنه ابنها، ولا حق لأحد فيه غيرها، فيتوجه الزوجين إلى القضاء لرد المولود لهما كما في الاتفاق والعقد. (1)
__________
(1) دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، ص 810.(1/73)
وقد نشرت مجلة الرأي الأردنية في عام 1987 مقالا مترجما عن مجلة التايم (1) ، وعرضت في هذا المقال إحدى القضايا التي وصلت إلى المحكمة بخصوص استئجار الأرحام حيث قامت السيدة "وايتهد" وهي ربة بيت من نيوجرسي والبالغة من العمر ثلاثين عاما بتقديم خدماتها لمركز نيويورك للعقم، لأنها أرادت مساعدة الأزواج المحرومين من الأطفال، وبعد نجاحها في الاختبارات النفسية، وبعد الاستشارات القانونية اللازمة وافقت على أن تحمل لقيحة السيد "وليام ستيرن" البالغ من العمر 40 عاما وزوجته "إليزابيث" وهي طبيبة وتبلغ من العمر الأربعين عاما، وذلك لأن الزوجة "إليزابيث" عاجزة عن الحمل، ووعد الزوجان السيدة "وايتهد" بأن يدفعا لها مبلغ 10000 دولار وطبعا سيدفعان نفس المبلغ لمركز نيويورك للعقم، و 5000 دولار لتغطية نفقات أخرى.حملت السيدة "وايتهد" وبعد ولادة الطفلة، راودت الأم المستعارة شكوك حول تسليمها للزوجين، فقد رفضت استلام المبلغ المتفق عليه بداية، لذلك وافق الزوجان بالسماح للسيدة "وايتهد" بالاحتفاظ للطفلة لفترة قصيرة، إلا أن الصراع حول الطفلة اشتد حين رفضت الأم البديلة "وايتهد" تسليم الطفلة في النهاية، وتملصا من رجال الشرطة الذين أرادوا استرجاع الطفلة هربت السيدة وايتهد الطفلة من نافذة خلفية إلى زوجها "ريتشارد" الذي هرب بالطفلة إلى فلوريدا، وبعد تحقيق وبحث دام ثلاثة أشهر من قبل رجال الشرطة ومن قبل مكتب التحقيق الفدرالي ومحققون خصوصيون تم العثور على الطفلة وعلى الزوجين "وايتهد وريتشارد".
__________
(1) عكور، ايمان. هل الرحم قابل للتأجير- قضية عاطفية في المحكمة تتعلق بإمكانية الولادة بالنيابة، جريدة الرأي الأردنية، كانون اول: 1987، ص12.(1/74)
وتوجه السيد "ستيرن" وزوجته "إليزابيث" إلى المحكمة حيث تم تقديم شكوى ضد السيدة "وايتهد" وقام القاضي"سوركو" وهو قاضي محكمة الأسرة في نيوجرسي بالحكم لصالح الزوجان "ستيرن وإليزابيث" ورفض طلب السيدة "وايتهد" في استعادة الوصايا المؤقتة على الطفلة، ووعد السيد ستيرن السيدة وايتهد بالسماح لها بزيارة الطفلة مرتين في الأسبوع، أما السيدة "وايتهد" فقالت بعد سماع الحكم:" لدي ثلاثة أطفال واثنان منهما لا يستطيعان رؤية أختهما، هذا ليس عدلاً". أما السيد "ستيرن" فصرح بأنه سعيد جدا بقرار المحكمة، وانه اكتشف أن الأبوة تجربة رائعة. (1)
المطلب الثالث:مخاطر تجميد الأجنة:
إن عملية تجميد الأجنة أساسية وضرورية للتخصيب الخارجي، وهي أساسية للإحتفاظ بالبويضة حية أطول مدة ممكنة حتى يحين الوقت الذي يراه الطبيب مناسباً لزرع اللقيحة في الرحم، وتجميد الأجنة يساعد الأم ويجنبها المرور بعملية استخراج البويضات من الرحم أكثر من مرة، إذ يخرج الأطباء ستة أو تسعة بويضات ومن ثم يتم تلقيحها، وتستخدم بعدها للمحاولة مرة أخرى إذا فشلت العملية. وهنا نقف بحيرة كبيرة أمام البويضات الملقحة الفائضة عن الحاجة، فماذا يمكن أن نفعل بها، وماذا يسمح لنا شرعا وعرفا أن نفعل بها؟
__________
(1) هل الرحم قابل للتأجير- قضية عاطفية في المحكمة تتعلق بإمكانية الولادة بالنيابة، جريدة الرأي الأردنية، ص 12.(1/75)
للإجابة عن هذه الأسئلة يجب تحديد بداية الحياة، وقد توصل رجال الدين والأطباء إلى أن الحياة تبدأ منذ لحظة التقاء الحيوان المنوي بالبويضة أي منذ لحظة التلقيح،من هنا نرى أن الجنين أو اللقيحة لها حرمة وقدسية مثلها مثل الإنسان البالغ، لذلك لا يمكن إجراء تجارب علمية على هذه الأجنة ولا يمكن التخلص منها. من هنا نرى أن الحياة الإنسانية أصبحت لعبة رخيصة بيد العلم. (1) من العلماء المسلمين من قال إن الحياة تبدأ من العلق ومنهم من قال عند نفخ الروح، القائلون بهذا طبعا سيجيزون استخدام الأجنة المجمدة في التجارب العلمية وإذا توفرت يمكنهم التخلص منها. لذلك من المفضل أن يستخرج الطبيب بويضات بقدر حاجته لإتمام الحمل والا يزيد على ذلك، فعليه استخراج فقط ثلاث بويضات، وهو العدد المسموح به للحمل في كل مرة وذلك لتجنب توفير بويضات ملقحة (2)
المطلب الرابع: أثار سلبية على المولود:
إن عملية استئجار الأرحام تملئها السرية والتكتم، فالمتطوعة مجهولة في غالب الأحيان، والطفل لن يعرف كيف نشأ والعديد من الأمور السرية، الأمر الذي سيربي أفراد الأسرة على نوع من عدم الثقة بينهم، فإذا اختفت الثقة والصدق من الأسرة، فذلك سيشكل خطرا كبيرا على كل أسرة وبالتالي على المجتمع بشكل عام سواءا في معاملاته اليومية أو المستقبلية منها. (3)
الفصل الثالث عشر:الرأي الراجح
? المبحث الأول: الرأي الراجح.
المطلب الأول: الرأي الراجح:
أما الرأي الذي أراه راجحاً في مسألة استئجار الأرحام فهو قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته المنعقدة بمكة عام 1984، والقرار ينص على أن :
استئجار الأرحام بجميع صوره محرما في الشريعة الإسلامية.
المطلب الثاني: الأدلة التي اعتمدت عليها:
__________
(1) الهندسة الوراثية والأخلاق، ص155.
(2) المصدر السابق، ص 156+157.
(3) المصدر السابق، ص 192.(1/76)
أ. الآية الكريمة من سورة المؤمنون: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)(المؤمنون:7)
ب . قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الحلال بيّن وان الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه إلا أن لكل ملك حمى إلا أن حمى الله محارمه إلا أن في السجد مضغطة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"(رواه الشيخان).
ت . القاعدة الفقهية:-"درء المفاسد أولى من جلب المصالح".
المطلب الثالث: التعليل:
إن الله تعالى يقول في سورة المؤمنون واصفاً المؤمنين ويقول أنهم يصونون فروجهم من الحرام وحافظون لفروجهم في جميع الأحوال، فهذه من صفات المؤمنين، إلا أن المسلمون الذين يستأجرون الأرحام أو المسلمات اللواتي يؤجرن أرحامهن لا يحفظن فروجهن، حيث تترتب على عملية استئجار الأرحام اختلاط بالأنساب وهو ما يترتب على عملية الزنا وفي كلتا العمليتين لا يوجد حفظ للفروج، ففي استئجار الأرحام تدخل لقيحه غريبة من ماء زوجين غريبين إلى رحم امرأة أجنبية، فأين حفظ الفروج من هذه العملية؟
وإذا قلنا أن الأم البديلة ستكون ضرة للزوجة أو زوجة ثانية للزوج، وهكذا فسنحل مشكلة حماية الفروج والأرحام، ولن يدخل ماء الرجل جسم امرأة غريبة، ولكن لنتعامل مع الأمور بكل واقعية، أي ضرة هذه التي سترضى أن تحمل عن ضرتها تسعة أشهر وتتحمل الآم المخاض والولادة لتسعد ضرتها بمولود جديد لتقدمه لها بعد هذا العناء ،فكل ضرة بالكاد تطيق ضرتها وبصعوبة تتعايش معها أو مع حقيقة وجود زوجة أخرى لزوجها، فهل يا ترى ستوافق أن تحمل عنها وبعد أن تضع ستسلمها المولود؟(1/77)
وأيضا قد تم توضيح خطورة حمل الضرة في مثل هذه الحالة، فربما تحمل الضرة على اللقيحة وتضع توأمين لا يعرف كل منهما ابن من، أو ربما يموت احد التوأمين، فيزداد النزاع والصراع بين الزوجتين حول التوأم الذي على قيد الحياة.
إن عملية استئجار الأرحام تولد مفاسد كثيرة وأنا اعتقد أن أثارها السلبية أكثر بكثير من الايجابية منها، وقد تم تبين الآثار السلبية المترتبة على هذه العملية في فصول سابقة، وليس من المعقول أن يحل المسلم مشاكله بأساليب تولد مشاكل اكبر وأعمق من المشكلة الأساسية التي ابتغى حلها، فهو بهذا لم يفعل شيئا ولم يستفد شيئا، وهذا ما يحدث لدى استئجار الأرحام، نحل مشكلة العقم أو نتجاوز مشكلة الزوجة التي لا تستطيع الحمل، ونستأجر رحما ونسعد بالمولود، ونتعس بمشاكل كثيرة تتعلق بجميع الأطراف المشتركة في هذه العملية، مشاكل معقدة كثيرا وحساسة جدا تتلاعب بعواطفنا وغرائزنا الأساسية.
لذلك عملا بقوله صلى الله عليه وسلم، أرى أن درء مفاسد هذه النازلة أولى من جلب مصالحها. أيضا عملية استئجار الأرحام فيها شبهات كثيرة ومشاكل كثيرة والأولى اتقاء الشبهات والإبتعاد عنها عملا بقوله صلى الله عليه وسلم:" من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". لذلك أرى وبسبب المشاكل العديدة والآثار السلبية التي تخلفها هذه النازلة تحريمها في جميع صورها.
--والله تعالى اجل واعلم--
الخاتمة
الحمد لله وكفى والصلاة والسم على نبيه الذي اصطفى وبعد:
بعد إنهاء الكتابة في هذا البحث المتواضع، والذي تناول نازلة استئجار الأرحام التي ظهرت في الثمانينات في أوروبا ومن ثم بدأت تنتشر في العالم العربي، حتى أن المحاكم الشرعية الإسلامية في إسرائيل شهدت مثل هذه القضايا مؤخرا.(1/78)
يتم في هذه العملية استئجار رحم امرأة أجنبية عن الزوجين، لتزرع فيها لقيحة الزوجين بعد تلقيح بويضة الزوجة بماء زوجها، ويلجأ الى هذه العملية في حال عدم قدرة الزوجة على الحمل، لكون رحمها غير سوي وغير قابل للحمل.
بعد دراسة هذه النازلة بشكل جدي، وبعد الإطلاع قدر الإمكان على جميع الجزئيات المنبثقة عنها، توصلت وبفضل الله تعالى الى الحكم بتحريم عملية تأجير الأرحام بجميع صورها، في جميع الظروف والحالات.
إن القول بالتحريم من أصعب الأمور على الباحث، لان الأصل في الأشياء الإباحة، ولكن لدى النظر والبحث في مثل هذه النازلة والتي تولد أضراراً جمّة، وتخلف مشاكل معقدة جدا تضر جميع الأطراف المشتركة في العملية، أرى أن الحكم بالتحريم أولى، وذلك من باب درء المفاسد، ولأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
والله تعالى اجل واعلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
توصيات
بعد دارسة هذا الموضوع أوصي:
1. الأزواج المسلمين الذين لم تواتيهم فرصة الإنجاب، ولم يحظوا بنعمة البنين، أن يتمهلوا قبل الشروع في العلاج ضمن التلقيح الصناعي الخارجي وأخص منه تأجير الأرحام، فأوصي باجتناب هذه العملية في جميع صورها لما يترتب عليها من مشاكل وتعقيدات مستقبلية.
2. الأطباء المسلمين في العالم العربي والغربي، بالتروي والتفكير وبحث هذه النازلة قبل الاشتراك في معالجة ومساعدة الآخرين بواسطة تأجير الأرحام، وحتى تجنب تقديم مثل هذه الحلول للأزواج الذين لم ينعموا بالأبناء.
3. الدول الإسلامية بسن قوانين واضحة تلائم هذه النازلة، وتراعى فيها مصلحة المسلمين أولا وأخرا، ويجب أن يعمل وفق هذه القوانين في المحاكم الشرعية في الدول الإسلامية.
العقد الذي يتم الاتفاق عليه:
يحتوي العقد الذي يتم التعاقد عليه بين الزوجين وبين الأم البديلة على خمس مواد، ويتم التوقيع على العقد لدى محامي، أما المواد فهي تنص على:(1/79)
1. المادة الأولى: أن تجري الأم البديلة الفحوصات الطبية اللازمة، وان يتم كتابة إقرار توقع عليه مجموعة من الأطباء بأنهم اجروا عليها البحوث الكافية، وأنها خالية من أية أمراض يمكن أن تنقل للجنين.
2. المادة الثانية: أن توضع الأم البديلة تحت ملاحظة مستمرة وكاملة طوال فترة الحمل، وان تبقى تحت تصرف الطبيب المعالج طوال الوقت.
3. المادة الثالثة: أن تكون الأم البديلة غير متزوجة، وفي سن مناسب للإنجاب، وان تقر بالا تتزوج أثناء فترة الحمل، حتى تنتهي من الحمل، وتضع المولود. (1)
4. المادة الرابعة: أن تحتضن الأم البديلة البييضة طوال فترة الحمل، وان تراعي عدم القيام بأي مجهود يعرض سلامة هذا الحمل المستكن للخطر.
5. المادة الخامسة: تقر الأم البديلة بأن من ستضعه سيكون إبنا لكل من"...." و"....". وانه ليس لها حق في المطالبة بأي شيء خاص به، حيث تنقطع صلتها بالمولود منذ ولادته، ولا ترتبط به بأية حقوق مادية او معنوية، وانه ليس لها سوى " الجعل المادي" او المبلغ الذي ستحصل علية نتيجة تطوعها للقيام بالعملية.
فتاوى أساتذة الفقه والشريعة الإسلامية في أكاديمية القاسمي في مسألة استئجار الأرحام (2) :
1. الدكتور خالد محمود:
__________
(1) لقد قام بإعداد هذا العقد المحامي الدكتور عبد الله البلتاجي، لذلك نجد مثل هذا الشرط في العقد، بينما في أماكن مختلفة وبالذات في أوروبا نجدا أن الأم البديلة من الممكن أن تكون متزوجة، وهذا ما أفتى به وأجازه بعض العلماء الذين أجازوا تأجير الأرحام مثل عبد المعطي البيومي.
انظر:قضايا فقهية معاصرة، ص32+33.
(2) تم الحصول على أراء الأساتذة بواسطة استطلاع رأي شفهي، قمت به خلال الفصل الثاني، فجزيل الشكر للأساتذة الكرام على تعاونهم.(1/80)
استئجار الأرحام غير جائز إذا كانت الأم البديلة أجنبية عن الزوج، أما إذا كانت الأم البديلة زوجة ثانية (ضرة) فأرجح عدم الجواز، لان ذلك فيه إشكال حول الأم، فمن هي الأم الحقيقية؟
وقد يكون في هذه العملية معنى الزنا لان النتيجة أن هذا الطفل سيكون بين غير زوجين لوجود طرف ثالث. ثم انه ليس من المعقول أن نمنع زوج المرأة المستأجر رحمها من جماع زوجه خلال فترة الحمل الأولى، لان هذا فيه تحريم ما احل الله تعالى، وما يؤدي الى الحرام فهو حرام، وأيضا هناك احتمال في اختلاط اللقائح في المعمل.
والله تعالى اجل واعلم
2. الدكتور جمال الكيلاني:
أرى عدم جواز استئجار الأرحام، لانه سيولد مشاكل في موضوع إثبات النسب، ولان الشريعة الإسلامية اهتمت بموضوع أثبات النسب، فهذه العملية تؤدي الى اختلاف في نسب المولود، هل هو
للأم البديلة أم للزوجة، لذلك أرى أن هذا الموضوع يؤدي الى مشاكل نحن بغنى عنها.
والله اعلم
3. الأستاذ عوني مصاروة:
إن استئجار الأرحام هو مسمى أخر للزنا المعروف، ولا اعتبار للظروف في هذا الباب، لما ينتج عنه من مفاسد أكثر من المصالح، والقاعدة الشرعية تقول " درء المفاسد أولى من جلب المصالح"، وما أسس على الحرام فهو حرام.
والله اعلم
4. الدكتور عروة صبري:
أرى عدم جواز استئجار الأرحام في الشريعة الإسلامية، للإشكالية في الأم، فمن تكون الأم الحقيقية؟ لذلك أرى منع هذه الصورة، حتى لو كانت الأم البديلة الضرة، بل لو كانت الأم البديلة الضرة فهذا سيولد إشكالية اكبر ويولد مشاكل في المستقبل، لذلك نميل الى منع استئجار الأرحام.
والله اعلم
5. الأستاذ توفيق السيدي:
لا أرى الجواز، لأن باستئجار الأرحام امتهان للمرأة، كما وانه لا يصح هذا الاستئجار لانه لا يوجد بين الطرفين علاقة زوجية، وفي حالة وجود علاقة زوجية تظهر إشكالية من هي الأم الحقيقية؟
والله اعلم
6. الدكتور احمد قعدان:(1/81)
إن استئجار الأرحام محرم شرعا وذلك لما فيه من اعتداء على كرامة وحرمة النساء وامتهانهن، فالله تعالى أمرهن أن يحفظن فروجهن فقال عز من قائل في كتابه العزيز: ( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم او ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) المؤمنون:5-6.
وكذلك لما في قضية استئجار الأرحام من تطاول على الإنسانية عامة بأن طغت المادية على الأحاسيس والمشاعر الوجدانية بالنسبة لجميع الأطراف المتعلقة بهم القضية، ولما فيه من ضياع للنسب وعدم حفظ للولد.
ويؤكد مثل هذا الكلام فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حيث قال:" إن هذا شيء مبتدع ومنكر ولم يتكلم فيه العلماء سابقا ولم يذكر عن احد من علماء الأمة وأئمتها انه جاز ذلك او خطر بباله او عرض عنه شيء يدل عليه مع وجود الأسباب والدوافع التي يمكن أن تدعو على مثله، وهذا حدث في زمن قريب أي منذ سنوات قليلة، حيث زين لبعض هؤلاء تأجير الأرحام وقالوا انه لا مانع منه وان فيه..... ولا شك أن هذا محرم.
أولا: لان الله تعالى أمر بحفظ الفروج في قوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم او ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين) المؤمنون/ 5-6.
فمنع الحق جل وعلا استباحة الفروج إلا الزوجات والمملوكات – وطئهن بملك اليمين-.(1/82)
ثانيا: اخبر الله تعالى بأن الإنسان مأمور بان يحفظ نسبه ويحفظ أولاده، ولا شك أن هذا التأجير يحصل به اختلاط الأنساب والتداخل فيها ويكون في ذلك شبهة وفي ذلك تداخل في النسب بحيث يتنازع على الولد الزوجة الأصلية والمؤجرة ولا يدري لأيتهما يلحق ولو الحق بإحداهما فان ذلك ليس بيقين، لذلك ننصح الأم أن تبتعد عن مثل هذا. ولا شك أيضا انه يستدعي الاطلاع على العورات ويستدعي النظر الى الفروج المحرمة ويستدعي "الاستدرار" وإخراج البويضات وإدخالها في أرحام أخرى وكل هذا لا يبيحه الشرع، بل يدخل في قوله تعالى: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) النور/30. والمراد حفظها بالستر حتى لا ينظر احد الى عورة احد وهذا هو الذي ندين به ولا عبرة بهؤلاء الذين شذوا وخالفوا في ذلك وأباحوا هذه الاستعارة او التأجير الذي تكون وبلا شك عاقبته وخيمة.
كما ويؤكد فضيلة الدكتور عبد العظيم المظعني – احد كبار أساتذة الأزهر- على نفس الكلام بقوله:
" وتأجير الارحام بدعة من بدع الحضارة الغربية وهو حضارة مادية صرفة لا تقيم للمبادئ والقيم الأخلاقية وزناً والواقع أن عملية تأثر الصفات الوراثية او اختلاط الأنساب، الحكم الشرعي غير محتاج إليه فسواء ترتب عليه تأثر وراثي او لم يترتب، وسواء ترتب عليه اختلاط الأنساب او لا ، لان الحكم الشرعي في تحريم هذه البدعة له سند أخر هو أن الرحم تابع لبضع المرأة، والبضع لا يحل إلا بعقد شرعي كامل الشروط والأركان، فالرحم إذن وقف على الزوج العاقد على المرأة عقدا صحيحا ولا يحل لغيره أن يشغله بحمل دخيل.
أما إذا كانت المؤجرة لرحمها غير ذات الزوج فإنها تكون قد أباحت بضعها ورحمها لرجل أجنبي لم تحل له ولم يحل لها، وهذا وان لم يكن زنى فهو حرام قطعا لتمكين الرجل الأجنبي منها في وضع مائه التناسلي فيه"(1/83)
ونرد على كل من يدعي بان تأجير الأرحام شبيه بظاهرة الأمهات المرضعات بأنه: لا أساس له من الصحة لان المرضع ترضع طفلا معروف النسب ومن الممكن أن تتوقف عن إرضاعه بناء على طلبها او طلب الأم الأصلية عند شعورها بأي خطر، بالإضافة لذلك فان علاقة الزوج بالزوجة لا تسمح بدخول طرف ثالث بينهما مهما كان، لا رحم مؤجر ولا نقل حيوانات منوية ولا نقل بويضات.
والله اعلم
فهرس الآيات الكريمة
الآية الكريمة ... رقمها ... السورة ... رقم الصفحة
ادعوهم لآبائهم ... 5 ... الأحزاب ... 71،72،73،75
اقرأ باسم ربك ... 1-5 ... العلق ... 17
ألا يعلم من خلق ... 14 ... الملك ... 69
الم نخلقكم من ماء ... 20-23 ... المرسلات ... 28
إنا خلقنا ... 76 ... الإنسان ... 13
إن الله لا يخفى عليه ... 6 ... ال عمران ... 28
إن أمهاتكم ... 2 ... المجادلة ... 33،37
ثم جعلناه في قرار مكين ... 13+14 ... المؤمنون ... 69
حرمت عليكم أمهاتكم ... 18 ... النساء ... 38
فإذا نفخ في الصور ... 101 ... المؤمنون ... 72
فان ارضعن لكم ... 6 ... الطلاق ... 51
فأمه هاوية ... 9 ... القارعة ... 32
فلما تغشاها ... 4 ... التين ... 1
قال ربي إني وهن ... 4-6 ... مريم ... 42
قل انظروا ماذا في السموات ... 10 ... يونس ... 24
لله ملك السموات والأرض ... 49+50 ... الشورى ... 41،42
ن والقلم وما يسطرون ... 1-2 ... القلم ... 17
هو الذي خلقكم ... 189 ... الأعراف ... 39
واتقوا الله ... 1 ... النساء ... 29
وإذ انتم أجنة ... 32 ... النجم ... 75
وأزواجه أمهاتكم ... 6 ... الأحزاب ... 39
وأصبح فؤاد أم موسى ... 10 ... القصص ... 34
والذين هم لفروجهم ... 5-7 ... المؤمنون ... 51،68،87
والله أخرجكم من بطون ... 78 ... النحل ... 75
والله جعل لكم من أنفسكم ... 72 ... النحل ... 42،38
والله يعلم ما تحمل ... 8 ... الرعد ... 28
وأوحينا الى أم ... 7 ... القصص ... 33
وأولوا الأرحام ... 75 ... الأنفال ... 28
وأمهاتكم اللائي أرضعنكم ... 23 ... النساء ... 38+50
وان تعاسرتم ... 6 ... الطلاق ... 49
وجعل لكم من أزواجكم ... 72 ... النحل ... 33
وجعلناه في قرار مكين ... 2 ... المرسلات ... 15
ومريم ابنة عمران ... 12 ... التحريم ... 72
وهو الذي خلق ... 54 ... الفرقان ... 72
ووصينا الإنسان بوالديه ... 14 ... لقمان ... 75،34
ووصينا الإنسان بوالديه ... 15 ... الاحقاف ... 1 ،34
يا أيها الناس اتقوا ... 1 ... النساء ... 42(1/84)
يا أيها الناس ... 5 ... الحج ... 28
يتلوا عليهم آياتك ... 129 ... البقرة ... 17
يخلقكم في بطون أمهاتكم ... 6 ... الزمر ... 75
يمحو الله ما يشاء ... 39 ... الرعد ... 32
فهرس الأحاديث
رقم الحديث ... الحديث ... رقم الصفحة
1 ... أترون هذه طارحة ولدها في النار ... 36
2 ... إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في اجل ... 24
3 ... استحللتم فروجهن بكلمة ... 66
4 ... الولد للفراش وللعاهر الحجر ... 73
5 ... إن الله اختار ... 70
6 ... إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ... 36
7 ... إن الله خلق الخلق ... 29
8 ... إن الرحم شجنه ... 31
9 ... أنا الرحمن وهي ... 31
10 ... إن دماءكم وأموالكم ... 65
11 ... إن الحلال بين ... 19
12 ... إن الله يوصيكم ... 35
13 ... إن مثل العلماء في الأرض ... 18
14 ... إني لأدخل في الصلاة ... 37
15 ... إياكم وخضراء الدمن ... 70
16 ... أيما امرأة ... 73
17 ... أيما رجل جحد ... 73
18 ... تخيروا لنطفكم ... 20
19 ... تزوجوا الودود الولود ... 42
20 ... سلوا الله المعافاة ... 24
21 ... قدمت أمي ... 36
22 ... لا يحل لامرئ ... 68
23 ... لم يزل الله ... 30
24 ... لم ينزل الله داء ... 23
25 ... من ادعى ... 73
26 ... من سره أن يبسط ... 30
27 ... من سلك طريق ... 18
28 ... نعمتان مغبون ... 24
فهرس الأعلام
الرقم ... الإسم ... الصفحة
1 ... احمد الجندي ... 66
2 ... الشيخ بكر بن عبد الله ... 67
3 ... الشيخ جاد الحق علي ... 66
4 ... د. سمير غويبة ... 70
5 ... د. عبد الحميد الأنصاري ... 61
6 ... د. عبد الصبور شاهين ... 60
7 ... د. عبد المعطي البيومي ... 56
8 ... الشيخ محمود شلتوت ... 68
9 ... د.موسى شاهين لاشين ... 59
10 ... د. يوسف القرضاوي ... 65
11 ... د. يوسف عبد الرحمن الفرت ... 62
قائمة المصادر
1- القران الكريم.
2- الأبرش, مها عبدالله عمر . الأمومة ومكانتها في ضوء الكتاب والسنة, مكة المكرمة : جامعة أم القرى , 1997.
3- أبو رخيه , ماجد. الوجيز في أحكام الحدود والقصاص , عمان :مكتبة الأقصى , 2001.
4- أبو زيد, بكر عبد الله.فقه النوازل , الرياض: مكتبة الرشد , 1407 ه.
5- باحمد، ارفيس. مراحل الحمل والتصرفات الطبية الحديثة في الجنين بين الشريعة الإسلامية والطب المعاصر،د.ت.
6- البار , محمد علي . دورة الأرحام ,الدمام:دار السعودية،1984.(1/85)
7- البار , محمد علي . مجلة مجمع الفقه الإسلامي, الجزء الأول- الدورة الثانية,جدة:منظمة المؤتمر الإسلامي , 1407 ه .
8- البقصمي ,ناهده . الهندسة الوراثية والأخلاق , الكويت: المجلس الوطني للثقافة والأدب , 1993.
9- جمعية العلوم الطبية المنبثقة عن نقابة الأطباء الأردنية. قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية، الأردن: دار البشير،1995.
10- الجندي , احمد نصر. النسب في الإسلام والأرحام البديلة , مصر : دار الكتب القانونية , 2003 .
11- الخالدي، محسن. "الرحم والرحمن بين الاشتقاق والتفسير"، مجلة جامعة النجاح للأبحاث: نابلس. عدد1،2004،ص 205.
12- الخن، مصطفى وآخرون. الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي ،مجلد 2، دمشق:دار القلم ،2003.
13- الدمشقي، محمد عابدين. رد المحتار على الدر المختار،بيروت: دار احياء التراث العربي،1998.
14- الدواليبي،محمد معروف، موقف الإسلام من العلم واثر الرسالة الإسلامية في الحضارة الانسانية ،بيروت:دار الكتاب،1979.
15- زيدان، عبد الكريم. الوجيز في أصول الفقه. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1996.
16- الزيلعي، عمر. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق، دار المعرفة، د.ت.
17- الزيلعي، فخر الدين. تبين الحقائق شرح كنز الدقائق،مجلد 2،بيروت: دار الكتب العلمية،2000.
18- السباعي، احمد ؛ البار , محمد علي . الطبيب أدبه وفقهه , دمشق: دار القلم,1997.
19- السعدي، عبد الملك عبد الرحمن . العلاقات الجنسية غير الشرعية وعقوبتها في الشريعة والقانون، جدة : دار البيان العربي، 1985.
20- سلامة، زياد احمد. أطفال الأنابيب بين العلم والشريعة، بيروت: البيارق، 1996.
21- الشربني، شمس الدين. مغني المحتاج الى معرفة معاني ألفاظ المنهاج. الرياض: دار المؤيد.1997.
22- الصابوني، محمد علي. صفوة التفاسير، ج1، لبنان: دار الفكر، 1998.(1/86)
23- عارف، علي. الأم البديلة او الرحم المستأجرة- دراسات فقهية في قضايا طبية معاصرة، الأردن:دار النفائس،2001.
24- عبد الحليم،محمود. موقف الإسلام من الفن والعلم والفلسفة.جزء 2،مصر:دار الجمهورية،1424ه.
25- عبد الغني، أسامة . موسوعة الطفل من الحمل حتى البلوغ، مصر:المصرية (د.ت).
26- عبد الفتاح، سيد، موسوعة الأم في الدين والأدب والتاريخ، القاهرة:الدار المصرية اللبنانية، 1994.
27- عبد الواحد ، نجم عبد الله،العقم وعلاجه،بيروت:المؤسسة العربية للدراسات والنشر،1998.
28- عقلة،محمد. نظام الأسرة في الإسلام،عمان: مكتبة الرسالة الحديثة،1989.
29- عكور، إيمان. هل الرحم قابل للتأجير- قضية عاطفية في المحكمة تتعلق بإمكانية الولادة بالنيابة، جريدة الرأي الأردنية، كانون أول: 1987، ص12.
30- غانم، عمر. أحكام الجنين في الفقه الإسلامي، رسالة جامعية، نابلس،1999.
31- غويبة،سمير. المتاجرة بالأمومة والأعضاء البشرية، القاهرة:مدبول الصغير،1999
32- الفتوحي، تقي الدين. معونة أولي النهى شرح المنتهى. مجلد8، بيروت: دار خضر، 1996.
33- الفرت، يوسف عبد الرحمن. قضايا فقهية معاصرة ,قاهرة : دار الفكر العربي 2004.
34- القرضاوي، يوسف. فتاوى معاصرة للمرأة والأسرة. عمان: دار الضياء، 1988.
35- القيسي، عامر احمد . مشكلات المسؤولية الطبية المترتبة على التلقيح الصناعي –دراسة مقارنة بين القانون الوضعي والفقه الإسلامي , عمان: دار العلمية،2001.
36- مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط،الجزء الثاني ،بيروت:دار الفكر،(د.ت).
37- المقدسي، موفق الدين. الكافي في فقه الإمام احمد،مجلد 3،لبنان:دار الكتب العلمية،1994.
38- النتشه، محمد عبد الجواد. المسائل المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية , بريطانيا :مجلة الحكمة , 2001.
39- نضال، عيسى. الطب الوقائي بين العلم والدين،سوريا: دار المكتبة،1997.
مصادر من الانترنت:(1/87)
http://www.aleman.com/islamlib/viewchp.asp?BID=218&CID=13
http://www.bab.com/articles/full_article.cfm?id=6652
http://www.islamonline.net/livefatwa/arabic/Guestcv.asp?hGuestID=075HvC
http://www.bentalrafedain.org/contact/200708/n6640.htm
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/254D323C-3E0C-465C-B550-B68AE388323E.htm
http://quran.maktoob.com/vb/showthread.php?t=9961
http://www.islamgold.com/view.php?gid=4&rid=86
بسم الله الرحمن الرحيم
بحث بعنوان:
حضانة المرأة العاملة
إعداد:
د. عروة صبري
بحث مقدم لليوم الدراسي بعنوان:
قضايا الأسرة المعاصرة
قسم الفقه والتشريع ، أكاديمية القاسمي
2005م-1426هـ
...
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين
وبعد:
فإن المتأمل في أحكام الشريعة الإسلامية ليلحظ وبشكل واضح مراعاتها لمصالح العباد مراعاة شاملة لا تقتصر فقط على المصالح المادية المحسوسة بل تتعداها لمراعاة المصالح التربوية والاجتماعية وهذا الأمر يلاحظ بشكل واضح من خلال الأحكام المتعلقة بفقه الأسرة، حيث بينت هذه الأحكام الواجبات التي لا بد للوالدين من القيام بها اتجاه الأبناء، ومن ضمن هذه الواجبات، واجب الحضانة والذي يقوم على أساس رعاية الصغير والعناية به وتربيته حتى يصبح قادرًا على الاعتماد على نفسه.
ولأهمية هذا الواجب بينت هذه الأحكام الكثير من التفصيلات المتعلقة به، ومنها بيان الشروط التي لا بد من توافرها في حاضنة الصغير حتى تكون أهلاً لهذه المهمة متفرغة للقيام بها.(1/88)
وهذا البيان يدل على ندى الاهتمام بقيام الحاضنة بواجبها حتى تتحقق مصلحة الصغار وتحسن تربيتهم لأهمية هذا الموضوع رأيت ضرورة دراسة ظاهرة تتعلق بالحاضنة وهي ظاهرة حضانة المرأة العاملة وهي التي تجمع بين عملها خارج المنزل وبين حضانتها للصغار، وذلك ببيان آراء الفقهاء فيها قديمًا وحديثًا إضافة إلى موقف قانون الأحوال الشخصية المعمول به في البلاد وموقف محكمة الاستئناف الشرعية وذلك من خلال قراراتها المتعددة في هذا الموضوع.
وحتى يتضح التصور عن هذا الموضوع فإنني سأُعرِّف بدايةً الحضانة وصاحب الحق فيها ومدة الحضانة وأخيرًا سأناقش مسألة حضانة المرأة العاملة.
سائلاً الله سبحانه وتعالى التوفيق في كتابة هذه البحث وأن يحقق به النفع للمسلمين وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتي يوم القيامة إنه سميع مجيب.
تعريف الحضانة لغة:
الحضانة لغة بفتح الحاء وكسرها، مأخوذة من الحضن بالكسر، وهو ما دون الإبط إلى الكشح، أو هو الصدر والعضوان وما بينهما.
ويقال حضن الصبي حضنًا وحضانة أي جعله في حضنه ورباه.
وللحضانة ثلاثة معانٍ لغوية:
1- الضم: يقال حضن الطائر بيضه أي ضمه إلى نفسه تحت جناحه.
2- المنع: يقال حضنت الرجل عن هذا الأمر إذاً نحيته عنه وصرفته ومنعته.
3- التربية: يقال حضن الصبي حضنًا وحضانة أي كفله ورباه وحفظه.(1)
تعريف الحضانة اصطلاحًا:
تعددت تعريفات الحضانة الاصطلاحية عند أصحاب المذاهب المختلفة، لكن هذا التعدد لم يؤثر على اتفاق هذه المذاهب على المعنى العام للحضانة.
فقد عرَّف الحنفية الحضانة بأنها تربية الولد لمن له حق الحضانة.(2)
وعرَّفها المالكية بأنها حفظ الولد والقيام بمصالحه.(3)
وفي تعريف آخر عندهم هي حفظ الولد والقيام بمؤونته ومصالحه إلى أن يستغني عنها بالبلوغ أو يدخل بزوجته.(4)
... أما الشافعية فقد عرَّفوا الحضانة بأنها القيام بحفظ من لا يميز ولا يستقل بأمره وتربيته بما يصلحه ووقايته عمّا يؤذيه.(5)(1/89)
وفي تعريف مفسر آخر قالوا بأنها القيام بحفظ من لا يستقل بأمور نفسه عمّا يؤذيه لعدم تمييزه كطفل وكبير ومجنون وتربيته.(6)
أما الحنابلة فقد عرّفوا الحضانة بأنها حفظ الصغير ونحوه عمّا يضره، وتربيته بعمل مصالحه(7)
ويلاحظ من خلال التعريفات السابقة أن معنى الحضانة يدور حول حفظ الصغير ورعايته حتى يصل إلى مرحلة اعتماده على نفسه.
إلا أنه يُلاحظ أيضًا أن الشافعية والحنابلة قد توسعوا في تعريفهم للحضانة لتشمل بالإضافة إلى الصغار الكبار العاجزين عن القيام بشؤونهم كالمجانين ونحوهم.
صاحب الحق في الحضانة:
اتفق الفقهاء على أن الذي يستحق الحضانة أولاً هو الأم.(8)
واستدلوا على ذلك بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده( أن امرأة أتت النبي – صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي وله سقاء وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أنتِ أحق به ما لم تنكحي).(9)
وقد نصت المادة (380) من قانون الأحوال الشخصية للمسلمين المعمول به في البلاد على أن الأم النسبية أحق بحضانة الولد وتربيته حال قيام الزوجية وبعد الفرقة إذا اجتمعت فيها شرائط أهلية الحضانة.(10)
فالمادة السابقة تبين أن الأم أحق بالحضانة من غيرها، ولكن هذه الأحقية مرتبطة بوجود عدة شروط تؤهلها للحضانة، وهذا يعني أن فقدان هذه الشروط أو بعضها يعني فقدان الأم لحق الحضانة، وهذا ما سنناقشه في هذا البحث فيما بعد.
مدة الحضانة:
كلامنا هنا عن مدة الحضانة مرتبط بواجب المرأة الحاضنة، فمدة الحضانة هي المدة التي يتعين
على الحاضنة التفرغ فيها من أجل رعاية وتربية المحضون والقيام بمسؤولياته.
وقد اختلف الفقهاء في مدة الحضانة إلى عدة آراء :(1/90)
1- يرى الحنفية أن حضانة الولد تنتهي ببلوغه سن التمييز ، وهو سبع سنين على الأشهر وقدرة بعضهم بتسع سنين، أما البنت فتستمر حضانتها حتى بلوغها. هذا إذا كانت الحاضنة الأم أو الجدة.
أما إذا كانت الحاضنة غيرهما، فإن حضانة البنت تستمر حتى تبلغ حد الشهوة، أو قيل حتى تستغني عن حضانة غيرها.(11)
2- يرى المالكية أن حضانة الولد تستمر إلى سن البلوغ، أما البنت فإن حضانتها تستمر حتى زواجها ودخول الزوج بها.(12)
3- يرى الشافعية(13)والحنابلة في رواية عندهم(14)أن حضانة الصغير تنتهي عند بلوغه سن التمييز وهو سبع سنين وبعد ذلك يخير الصغير بين أمه وأبيه فإن اختار أحدهما بقي عنده حتى بلوغه وبذلك تنتهي حضانته له.
وقد أطلق بعض الشافعية على الفترة التي تلي التمييز حتى البلوغ فترت الكفالة، وأطلق البعض الآخر عليها فترة الحضانة.
4- يرى الحنابلة في المعتمد عندهم أن حضانة الصغير تنتهي ببلوغه سن التمييز وهو سبع سنين وبعد ذلك يخير الولد بين أمه وأبيه ويبقى عند أحدهما حتى البلوغ، أما البنت فإنها تنتقل بعد سن بلوغها سن التمييز إلى والدها وتستمر حضانتها عنده حتى زواجها.(15)
أدلة القول الأول:
1- استدل الحنفية على التفريق بين الولد والبنت في تحديد نهاية مدة الحضانة بأن البنت وإن استغنت عن أمها ببلوغها سن التمييز إلا أنها تكون بحاجة إلى تعلم ما تحتاجه النساء من
2- طبخ وغسل ونحوه. والأم على ذلك أقدر، ثم إن البنت إذا دفعت إلى الأب اختلطت بالرجال فيقل حياؤها، ولكنها إذا بلغت احتاجت التزويج، وولاية التزويج للأب، وهي ببلوغها تصبح عرضة للفتنة ومطمعة للرجال، لذلك فهي بحاجة إلى حفظ الأب وهو أقدر من الأم على ذلك.(16)(1/91)
3- أما دليلهم على التفريق بين حضانة الأم والجدة وبين باقي النساء فهو أن غرض ترك البنت عند النساء أن تتعلم آدابهن وذلك بأن تكلف ببعض الأعمال لتعتاد عليها، وغير الأم لا تملك استخدامها ولا تكليفها وبذلك لا يتحقق تعليمها.(17)
دليل القول الثاني:
لم أقف على دليل لأصحاب هذا الرأي، ويبدو-والله أعلم- أنهم نظروا إلى استمرارية حضانة البنت حتى زواجها تحقيقًا لمصلحتها وحفاظًا عليها.
أدلة القول الثالث:
1- حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أن النبي –صلى الله عليه وسلم- خير غلامًا بين أبيه وأمه.(18)
2- حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أن امرأة جاءت إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-وأنا قاعد عنده، فقالت:يا رسول الله: إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- استهما عليه، فقال زوجها: من يحلقني في ولدي؟فقال النبي-صلى الله عليه وسلم- "هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت، فأخذ بيد أمه فانطلقت به"(19).
3- ما ورد عن علي وعمر وأبي هريرة-رضي الله عنهم- من قولهم بالتخيير، ولم ينكر عليهم قولهم فكان إجماعًا(20).
4- إن قصد الحضانة حفظ الصغير والمخير أعرف بمصلحته فيرجع إليه ليختار أيهما أرفق به وأشفق عليه(21).
5- أما تحديد سن التمييز بسبع سنين فدليله أن الشرع أمر بمخاطبة من بلغ سبعًا بالصلاة ولأنه ببلوغه سبع سنين يصبح مميزًا.(22).
6- أما دليل انتهاء الحضانة بالبلوغ فهو استغناء الصغير عن غيره ببلوغه(23).
أما أدلة القول الرابع:
1- استدلوا على مشروعية تخيير المحضون بالأحاديث التي استدل بها أصحاب القول الثالث.
2- أما أدلتهم على التفريق بين الولد والبنت فهي:
أ إن غرض الحضانة الحفظ، والبنت بعد سبع سنين تحتاج إلى حفظ والدها وهو أقدر على ذلك من الأم، لأنها بحاجة إلى من يحفظها ويصونها(24).(1/92)
ب إن البنت إذا وصلت سن التمييز تكون قد قاربت الصلاحية للتزويج وهي تخطب من أبيها فهو وليها في النكاح، وهو أعلم بالكفاءة وأقدر على البحث، فينبغي أن يقدم على غيره.(25)
ت إن البنت تختلف عن الغلام لأنه لا يحتاج إلى الحفظ والتزويج كحاجتها إليه.؟(26)
المناقشة والترجيح:
بعد النظر والتأمل في الآراء المسبقة فإن المرجح القول بانتهاء حضانة كل من الولد والبنت بوصولهما إلى سن البلوغ، أما الغلام فيختلف عن البنت إذا ما بلغ سن التمييز فإنه يخير بين أمه وأبيه ليعيش في كنف أحدهما حتى بلوغه، وهذا ما دل عليه حديثا أبي هريرة السابقان.
أما البنت فإن حضانتها تستمر عند أمها حتى بلوغها وذلك لحاجتها لأمها لأنها بوصولها إلى سن التمييز تكون قد قاربت سن البلوغ وهي في هذه الفترة بحاجة إلى الإسرار إلى أمها خاصة فيما يتعلق بالتغييرات الجسمية التي ترافق البلوغ، وهذا أمر لا يمكن للبنت أن تتحدث به لوالدها.أما ما قاله الحنفية من التفريق بين الأم والجدة وغيرهما من النساء فلا مبرر له، خاصة وأن البنت عندما تقارب سن البلوغ تكون بحاجة إلى النساء أكثر من الرجال، أما ما قالوه بشأن إمكانية استخدامها،فيرد عليه بأن البنت تستجيب لحاضنتها وهي تملك أن تطلب من البنت القيام بالشؤون المنزلية خاصة وأن الحاضنة تكون عادة من القريبات للمحضونة وهذا يستوجب احترامها وتقديرها.
أما ما قاله الشافعية من تخيير البنت ببلوغها سن التمييز، فإن الحديث الذي استدلوا به يتعلق بتخيير الغلام، ولا نقول بتعديه حكم الغلام إلى البنت، لاختلاف حال كل منهما فحاجة البنت لأمها تختلف عن حاجة الغلام.(1/93)
أما ما قاله الحنابلة من إعطاء الحضانة للأب بعد بلوغ البنت سن التمييز فأقول بأن حاجة البنت إلى أمها ببلوغها سن التمييز أشد من حاجتها لأبيها، أما بالنسبة لحفظها فإن الأم حريصة على حفظ ابنتها، فإذا ما حصلت ظروف يصبح مقام البنت عند أمها لا يحقق المصلحة لها أو يعرضها للأذى فنقول هنا بنقل الحضانة للأب.
أما بالنسبة لتزويج الأب لها فإن مقام البنت عند أمها لا يسلب الأب حقه في تزويج ابنته لأنه وليها في النكاح.
أما بالنسبة لمحاكمنا الشرعية فإنها تحمل بما ورد في الأحكام الشرعية في الأحوال ألشخصيه لمحمد قدري باشا حيث نصت المادة (391)على ما يلي "تنتهي مدة الحضانة باستغناء الغلام عن خدمة النساء وذلك إذا بلغ سبع سنين وتنتهي مدة حضانة الصبية ببلوغها تسع سنين ،وللأب حينئذ أخذهما من الحاضنة ، فإن لم يطلبهما يجبر على أخذهما، وإذا انتهت مدة الحضانة ولم يكن للولد أب ولا جد يدفع للأقرب من العصبة أو للوصي لو كان غلامًا، ولا تسلم الصبية لغير محرم فإن لم يكن عصبة ولا وصي بالنسبة للغلام يترك المحضون عند الحاضنة إلى أن يرى القاضي غيرها أولى منها"(27)
إلا أن محكمة الاستئناف الشرعية في القدس الشريف قد أعطت الحق للأم باستمرار حضانتها للصغير بعد سن الحضانة إذا ثبت أن مصلحة الصغير تكمن قس بقائه عندها، حيث إن هدف الحضانة تحقيق مصلحة الصغير(28).
وترى المحكمة أيضًا أن تحديد سن الحضانة أمر اجتهادي حيث لم يرد على تحديده نص شرعي في القرآن الكريم أو السنة النبوية، لذلك فإن مصلحة الصغير إن لم تتحقق بضم الأب لابنه بعد حضانة الأم فإنها تستمر عندها(29).
وقد اعتمدت المحكمة في تقريرها لمصلحة الصغير على تقرير الشؤون الاجتماعية لما تتمتع به من قدرة على تقدير المصلحة للمحضون، وذلك لوجود المتخصصين الاجتماعيين ذوي الخبرة القادرين على دراسة حالة المحضون دراسة علمية(30).
حضانة المرأة العاملة:(1/94)
بعد أن ذكرنا معنى الحضانة والأحق بها ومدة الحضانة التي لا بد للحاضنة أن تهتم بالمحضون بها فإن هذا يقودنا للكلام عن المرأة الحاضنة والشروط التي لا بد من توافرها في الحاضنة حتى تقوم بهذه المهمة.
فقد اشترط الفقهاء عدة شروط في الحاضنة من أهمها:
العقل والإسلام والعدالة والقدرة على القيام بأعباء المحضون وعدم الإصابة بالأمراض المعدية الخطيرة، والرشد، وعدم الزواج بغير ذات رحم محرم للمحضون، وعدم مغادرة الحاضنة بلد الصغير المحضون وعدم سكن الحاضنة في بيت مبغضي الصغير، وعدم التقصير في القيام بواجبات المحضون.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الفقهاء اختلفوا في تفصيلات أغلب الشروط السابقة(31)
والذي يهمنا هنا هو الكلام عن الشروط المتعلقة بعمل المرأة الحاضنة.
فمن هذه الشروط:
1-عدم التقصير في القيام بواجبات المحضون:
حيث يرع الحنفية(32) والحنابلة(33) أنه يجب على الحاضنة القيام بواجبات المحضون فإن لم تقم بذلك بأن قصرت في رعاية المحضون سواء من حيث الصحة والنظافة والتعليم والتأديب بحيث يلحق تقصيرها الضرر به في جسمه وسلوكه أو تسببت في إضاعة مصالحة، فإن هذا يؤدي إلى سقوط حقها في الحضانة.
ومما يلحق بتقصير الحاضنة كثرة خروجها من البيت على وجه يؤدي إلى إضاعة المحضون وهذا يقودنا للحديث عن حق المرأة العاملة في حضانة الصغار.
فقد اتفق الفقهاء قديمًا وحديثًا على أن المرأة التي تعمل خارج بيتها ويؤدي وخروجها المتكرر إلى الإضرار بالمحضون فإن هذا يفقدها حقها في حضانة الصغير.
واختلفوا في صور العمل التي لا تؤدي إلى فقد حق الحضانة:
أ) فقد نص الحنفية على أن عمل المرأة إذا لم يؤثر على المحضون بأن كانت مدة خروجها قصيرة فإن هذا لا يفقدها حقها في الحضانة، بخلاف ما لو كانت مدة خروجها طويلة كما لو كانت قابلة أو غاسلة(34).(1/95)
ب) ذهبت مجموعة من الفقهاء المعاصرين إلى عمل في ضوء قدرتها على تربية المحضون ورعايته، فإذا تمكنت من التوفيق بين الأمرين بإنابة غيرها عنها في الحضانة، فيبقى حقها في الحضانة قائمًا.
وممن قال بالرأي السابق الأستاذ محمد شلبي، والأستاذ احمد الغندور والأستاذ بدران أبو العينين. وقال بذلك الدكتور عبد الرحمن الصابوني إلا أنه دعا إلى منح القاضي صلاحيات واسعة في تقدير قدرة الحاضنة على حضانتها للصغير ومدى تأثير العمل عليها(35).
ج) يرى الشيخ محمد أبو زهرة-رحمه الله- إلى رأي قريب من رأي الحنفية السابق فقال إن المرأة التي تخرج من بيتها معظم النهار لا تستطيع القيام بتربية محضونها وعليه تفقد حقها في الحضانة، إلا أنه ذهب إلى أن تقدير الاستطاعة يرجع فيه إلى القاضي(36).
د) يرى أستاذنا الدكتور محمد عقلة-حفظه الله- بسقوط حق المرأة العاملة في حضانة الصغير، وذلك لأنه يرى بأن الواقع العملي يثبت الأثر السلبي لعمل المرأة وما يسببه من تفكك الأسر وضياع الناشئة(37).
والذي أراه في هذه المسألة القول بعدم سقوط حق الحضانة بمجرد عمل المرأة، إنما يمكن النظر طبيعة هذا العمل، فإن كان يستغرق منها وقتًا طويلاً يؤدي إلى تفريط في حق المحضون فأرى سقوط حقها في الحضانة.
وهنا لا بد من الإشارة إلى دور القاضي في تحديد ما إذا كان عمل المرأة يضر بالمحضون أم لا.
وأرى أيضًا ضرورة مراعاة الجوانب النفسية والعاطفية عند دراسة أثر العمل وعدم الاقتصار على الجوانب المادية فقط، فإن العلماء عندما تحدثوا عن الحضانة تطرقوا لتأديب المحضون ورعايته وتعليمه والقيام بمصالحه، ولا شك أن من أعظم المصالح مراعاة الجوانب النفسية والعاطفية والتربوية للمحضون.
ولا بد من التنبيه في هذا المقام إلى ضرورة مراعاة قوانين العمل المعمول بها في المؤسسات والدوائر لظروف المرأة الحاضنة وتقليص ساعات عملها بما لا يتعارض مع واجبها الأسري بحضانة صغارها.(1/96)
فإن مشاركة المرأة في الحياة العامة يجب ألا يؤثر سلبيًا على واجباتها الأسرية، لأن تربية الجيل الجديد وتشكيل شخصيته يعد من أهم وظائف الأم، فإذا ما غابت هذه الوظيفة فإن المتوقع هو وجود جيل يعاني أبناؤه من خلل عاطفي ونفسي ووجود جيل متفكك الأسر متقطع الروابط.
أما قانون الأحوال الشخصية المعمول به في البلاد فإنه لم يتطرق لمسألة عمل المرأة الحاضنة إلا أنه ورد في الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية في المادة(382) أن من شروط الحاضنة أن تكون أمينة لا يضيع الصغير عندها بانشغالها عنه(38).
أما محكمة الاستئناف الشرعية في القدس الشريف فقد أشارت إلى إمكانية فقد الحاضنة لحضانتها وذلك بسبب انشغالها كما لو كانت منشغلة تارة بالليل وتارة بالنهار بسبب العمل.
كما أشارت المحكمة إلى فقد المرأة للحضانة في حال عملها خارج البيت وترك الأولاد دون رعايته أو عناية وخروجهم إلى الشوارع أثناء غيابها عن البيت(39).
2) عدم الانتقال بالمحضون من بلد لآخر:
مما يتعلق بعمل المرأة الحاضنة عملها خارج البلد التي يقيم فيها زوجها، فإن الفقهاء متفقون على منع الحاضنة من الانتقال بالمحضون إلى بلد آخر بحيث لا يتمكن الأب من رؤية المحضون كما لو كانت الأم مطلقة وأرادت مغادرة بلد الزوجية، إلا أنهم فصلوا في هذه المسألة على النحو الآتي:
أ) يرى الحنفية أن الأم لا يمكنها الانتقال بالمحضون إلى بلد بعيد بحيث لا يستطيع الأب أن يراه بأن يذهب ويعود إلى ذلك البلد في يوم واحد، إلا إذا كان انتقالها إلى البلد الذي تزوجت فيه لأن ذلك يعني التزام الزوج بالمقام فيه عرفًا وشرعًا.
أما إذا كان الانتقال إل بلد قريب بحيث يتمكن والده من رؤيته في نفس النهار والعودة فهنا لا تمنع من الانتقال لأنه لا يلحق بالوالد ضرر هنا.(1/97)
ويرى الحنفية أن الأب إذا أراد الانتقال من البلد والطفل في حضانة أمه، فإنه لا يلزمها بإخراج الطفل من بلدها بغير رضاها، سواء كان البلد الذي يريد الانتقال إليه بعيدًا أو قريبًا لأن حق الحضانة لها ولا يملك أحد انتزاعه منها(40).
ب) يرى المالكية(41) والشافعية(42)والحنابلة(43) التفريق بين سفر النقلة بقصد الإقامة وبين سفر الحاجة للتجارة أو الحج أو النزهة، فإن كان السفر للحاجة فإن المحضون يبقى عند الحاضن المقيم طالت المدة أو قصرت أما إذا كان السفر سفر نقلة وأراد الولي الانتقال بالمحضون سقط حقها في الحضانة بشروط:
* أن يكون السفر بعيدًا وقد حدده المالكية والحنابلة بمسافة القصر فأكثر.
* أن يكون البلد المنتقل إليه والطريق مأمونًا.
* ألا تسافر الحاضنة مع الولي.
* ألا يكون في البلد ولي آخر يضم المحضون.
* أن لا يقصد بسفره إلحاق الضرر بالحاضنة.
والذي أرجحه – والله أعلم- عدم جواز سفر المرأة بالمحضون بسبب العمل خاصة بعد فراق زوجها لأن للزوج الحق في مشاهدته، سواء كان السفر قريبًا أو بعيدًا.
وعليه فإن المرأة إن سافرت بدون ابنها للعمل خارج البلد الذي يقيم فيه المحضون، فإنها بسفرها تفقد حق الحضانة لأنها لن تقوم بواجبها بسبب بعدها عنه.
الخاتمة:
والذي يمكن أن اختم به بحثي في هذا اليوم الدراسي، التوصية بضرورة إعادة دور الأم في المجتمع المسلم وذلك بقيامها بواجب الحضانة والاهتمام بتربية الجيل الجديد وألا يشكل عملها عائقًا يحول دون قيامها بهذا الواجب.
وإنني أدعو أصحاب القرار في المؤسسات العامة والخاصة إلى ضرورة مراعاة حضانة المرأة العاملة وذلك بسن القوانين التي تمكنها من القيام بأمومتها وبواجب حضانتها لأبنائها.
والله الموفق.
الهوامش:
(1)- ابن منظور:لسان العرب،ج13ص123،الفيروز أبادي:القاموس المحيط،ج4ص217
(2)- ابن عابدين:حاشية رد المختار،ج3ص555.
(3)- الدردير: الشرح الكبير ،ج2ص526(1/98)
(4)- الكشناوي: أسهل المدارك،ج2ص205
(5)- النووي: روضة الطالبين،ج9ص98
(6)- الشربيني: مغني المحتاج، ج3ص452
(7)- البهوتي: الروض المربع،ص409
(8)- الكاساني:بدائع الصنائع، ج4ص41،ابن قدامة:المغني،ج7ص613،النووي:روضة الطالبين،ج9ص108،الدردير:الشرح الكبير،ج2ص526.
(9)- أبو داوود: سنن أب داود،كتاب الطلاق باب(من أحق بالولد)ج2ص283برقم(2276)،ابن حنبل:مسند أحمد،ج2ص182،الدارقطني:سنن الدارقطني،كتاب النكاح باب (المهر)،ج3ص305،الحاكم:مستدرك الحاكم،كتاب الطلاق ج2ص225،البيهقي:السنن الكبرى،كتاب النفقات باب(الأم تتزوج فيسقط حقها في حضانة الولد...)ج8ص504،واللفظ لأبي داود،الحديث حسن،انظر:الألباني:إرواء الغليل،ج7ص244.
(10)- الناطور:المرعي في القانون الشرعيص328،329.
(11)السرخسي:المبسوط،ج5ص207،208،المرغيناني:الهداية،ج4ص335،334،الموصلي:الاختيار لتعليل المختار،ج4ص15،العيني:البناية شرح الهداية،ج4ص844،843.
(12)- مالك: المدونة،ج2ص258،الدردير:الشرح الصغير،ج2ص755،الأزهري:الثمر الداني،ص323،الكشناوي:أسهل المدارك،ج2ص209.
(13)- البغوي:التهذيب،ج6ص394،النووي:روضة الطالبين،ج9ص103،الشربيني:مغني المحتاج،ج3ص456،الشرقاوي:حاشية الشرقاوي،ج2ص351.
(14)- ابن قدامة:المغني ج7ص617،614،ابن مفلح:الفروع،ج5ص620.
(15)- ابن قدامة: المغنيج7ص617،614،ابن مفلح:الفرع،ج5ص620،البهوتي:كشاف القناع،ج5ص501،ابن يوسف:غاية المنتهى،ج3ص252،251.
(16)السرخسي:المبسوطج5ص208،207،العيني:البناية،ج4ص844،البابرتي:العناية،ج4ص334
(17)- ابن الهمام:فتح القدير،ج4ص334،العيني:ج4ص845.(1/99)
(18)- الترمذي:سنن الترمذي، كتاب الأحكام باب(ما جاء في تخيير الغلام بين أبويه إذا افترقا)ج3ص638برقم(1357)،قال أبو عيسى:حديث حسن صحيح واللفظ للترمذي،النسائي:سنن النسائي،كتاب الطلاق باب(إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد)ج6ص185،ابن ماجة:سنن ابن ماجة،كتاب الأحكام باب (تخيير الصبي بين أبويه) ج1 ص787برقم(2351)،ابن حنبل:مسند احمد،ج2ص246،البيهقي:السنن الكبرى،كتاب النفقات باب (الأبوين إذا افترقا وهما في قرية واحدة...)ج8ص3،الحديث صحيح،انظر الألباني:إرواء الغليل،ج7ص250،249.
(19)أبو داود:سنن أبي داود، كتاب الطلاق باب (من أحق بالولد)ج2ص284،283،برقم(2277)،البيهقي:السنن الكبرى،كتاب النفقات باب (الأبوين إذا افترقا وهما في قرية واحدة فالأم أحق بولدها ما لم تتزوج)ج8ص3،الحديث صحيح،انظر:الزيلعي:نصب الراية،ج3ص552،551.
أما المقصود بقوله "وقد سقاني من بئر أبي عنبة" أن ابنها كبر وكان يسقي أمه من هذا البئر، ويؤيد ذلك قوله"وقد نفعني"أي أن الصغير قد نفعها بالخدمة،أما بئر أبي عِنَبة بكسر العين وفتح النون،فهي بئر بالمدينة المنورة.انظر:السهارنفوري:بذل المجهود،ج11ص17،16.
(20) ابن قدامة: المغني،ج7ص615.
(21) المصدر السابق نفس الموضع، الشربيني: مغني المحتاج،ج3ص456.
(22) ابن قدامة: المغني، ج7ص615,
(23) الشربيني: مغني المحتاج،ج3ص456
(24) ابن قدامة: المغني،ج7ص617
(25)المصدر السابق نفس الموضع، البهوتي:كشاف القناع،ج5ص502.
(26) ابن قدامة:المغني،ج7ص617
(27) الناطور:المرعي في القانون الشرعي،ص332،331.
(28) أبو غوش: أحكام مختارة من قرارات محكمة الاستئناف الشرعية،ص138،137.
(29) أبو غوش : أحكام مختارة من قرارات محكمة الاستئناف الشرعية،ص145، الكشاف عن قرارات الاستئناف الصادرة عن محكمة الاستئناف الشرعية العليا في القدس الشريف،قرارات سنة1992،1993م، ص80،وقرارات سنة 1994م،ص109-112.(1/100)
(30) أبو غوش: أحكام مختارة من قرارات محكمة الاستئناف الشرعية،ص138،الكشاف عن قرارات الاستئناف الصادرة عن محكمة الاستئناف الشرعية العليا في القدس الشريف،قرارات سة1994م،ص111،وقرارات سنة 1996م،ص212.
(31) لمعرفة مذاهب الفقهاء في تفصيلات شروط الحاضنة، يمكن مراجعة الآتي:الكاساني: بدائع الصنائع،ج3ص42وما بعدها،ابن قدامة:المغني،ج7ص612وما بعدها، الشربيني:مغني المحتاج،ج3ص454وما بعدها،الدردير:الشرح الكبير،ج2ص528وما بعدها.
(32) الفتاوى الهندية،ج1ص542،ابن عابدين:حاشية رد المحتار،ج3ص557،قاضي خان:الفتاوى الخانية،ج1ص423.
(33) البهوتي: الروض المربع،ص410،411،الرحيباني: مطالب أولي النهى،ج6ص672.
(34) ابن عابدين: حاشية رد المحتار،ج3 ص 557.
(35) شلبي: أحكام الأسرة في الإسلام،ص744،أبو العينين: الفقه المقارن للأحوال الشخصية،ج1ص551،الغندور:الأحوال الشخصية في التشريع الإسلامي ص543،الصابوني:شرح قانون الأحوال الشخصية السوري ج2ص232 وما بعدها.
(36) أبو زهرة: الأحوال الشخصية،ص476،475.
(37)عقلة: نظام الأسرة في الإسلام،ج3ص370.
(38) الناطور : المرعي في القانون الشرعي،ص329.
(39) الكشاف عن قرارات الاستئناف الصادرة عن محكمة الاستئناف الشرعية العليا في القدس الشريف، قرارات سنة 1994م ص112-109،وقرارات سنة 1997م،ج1ص103-101، ص255-252.
(40) الكاساني: بدائع الصنائع،ج4ص44،ابن الهمام:فتح القديرج4ص338،337، العيني:البناية،ج4ص853-850،ابن عابدين:حاشية رد المحتار،ج3ص570-569،الفتاوى الهنديةج1ص543.
(41) مالك: المدونة، ج2ص259،ابن عبد البر:الكافي،ص297،الدسوقي:حاشية الدسوقيج2ص532-531،الدردير:الشرح الصغير،ج2ص762.
(42) البغوي:التهذيب، ج6ص400،النووي: روضة الطالبين،ج9ص106،الشربيني:مغني المحتاج،ج3ص459-458،الملي: نهاية المحتاج،ج7ص234.(1/101)
(43) ابن قدامة: المغني،ج7ص618،ابن مفلح:المبدع،ج7 ص187-186،البهوتي: كشاف القناع، ج5ص500،ابن يوسف:غاية المنتهي:ج3ص250.
قائمة المصادر والمراجع:
"أ"
- ابن حنبل، أحمد،ت(241هـ):مسند أحمد،بيروت،المكتب الإسلامي ودار الفكر،ط(2)،1398هـ-1978م.
- ابن عابدين، محمد أمين، ت(1252هـ): حاشية رد المحتار على الدر المختار،القاهرة كطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط(2)، 1386هـ-1966م.
- ابن عبد البر،أبو عمر يوسف، ت(463هـ): الكافي في فقه أهل المدينة المالكي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط(2)، 1413هـ-1992م.
- ابن قدامة، موفق الدين عبد الله بن أحمد، ت(620هـ): المغني على مختصر الخرقي، الرياض، مكتبة الرياض الحديثة، د.ط، 1400هـ-1980م.
- ابن ماجة، أبو عبد الله محمد بن يزيد، ت(275هـ):سنن ابن ماجة،تحقيق:محمد فؤاد عبد الباقي، القاهرة، دار إحياء التراث العربي، د.ط، 1395هـ-1975م.
- ابن مفلح، برهان الدين إبراهيم بن محمد، ت(884هـ): البدع شرح المقنع، تحقيق:محمد حسن الشافعي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط(1)، 1418هـ-1997م.
- ابن منظور، محمد بن مكرم، ت(711هـ): لسان العرب، بيروت، دار صادر، د.ط، د.ت.
- ابن الهمام، كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي، ت(861هـ): فتح القدير، خرج أحاديثه: عبد الرزاق المهدي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط(1)، 1415هـ-1995م.
- ابن يوسف الحنبلي، مرعي، ت(1033هـ): غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى، بيروت، الكتب الإسلامي، ط(1)، د.ت.
- أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، ت(275هـ): سنن أبي داود، ضبط أحاديثه: محمد محيي الدين عبد المجيد، القاهرة، دار إحياء السنة النبوية، د.ط، د.ت.
- أبو زهرة، محمد:الأحوال الشخصية، القاهرة، دار الفكر العربي ومطبعة السعادة، ط(3)، 1377هـ-1957م.
- أبو العينين، بدران: الفقه المقارن للأحوال الشخصية، بيروت، دار النهضة العربية، د.ط، د.ت.(1/102)
- أبو غوش، صبحي: أحكام مختارة من قرارات محكمة الاستئناف الشرعية بالقدس، القدس، إدارة المحاكم الشرعية في وزارة الشؤون الدينية،د.ط، 1412هـ-1992م.
- الأزهري، صالح عبد السميع الأبي: الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، بيروت، دار الفكر، د.ط، 1416هـ-1996م.
- الأصبحي، مالك بن أنس، ت(179هـ): الدونة الكبرى، رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم، ضبطه وصححه: أحمد عبد السلام، بيروت، دار الكتب العلمية، ط(1)، 1415هـ-1994م.
- الألباني، محمد ناصر الدين: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، بيروت، المكتب الإسلامي، ط(1)، 1399هـ-1979م.
(ب)
- البابرتي، محمد بن محمود بن كمال الدين، ت(786هـ): العناية شرح الهداية، بيروت، دار الكتب العلمية، ط(1)، 1415هـ-1995م.
- البغوي، الحسين بن مسعود بن محمد الفراء، ت(516هـ): التهذيب في فقه الإمام الشافعي، تحقيق: علي معوض وعادل عبد الموجود، بيروت، دار الكتب العلمية، ط(1)، 1418هـ-1997م.
- البهوتي: منصور بن يونس بن إدريس، ت(1051هـ): الروض المربع شرح زاد المستنقع في اختصار المقنع، تحقيق: سعيد اللحام، مكة المكرمة، المكتبة التجارية، د.ط، د.ت.
- البهوتي، منصور بن يونس بن إدريس، ت(1051هـ): كشاف القناع عن متن الإقناع، مراجعة وتعليق: هلال مصيلحي هلال، بيروت، دار الفكر، د.ط، 1402هـ-1982م.
- البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي، ت(458هـ): السنن الكبرى، بيروت، دار المعرفة، د.ط، 1413هـ-1992م.
(ت)
- الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة، ت(279هـ): سنن الترمذي، تحقيق: مجموعة من المحققين، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ط، د.ت.
(د)
- الدار قطني، علي بن عمر، ت(385هـ): سنن الدار قطني، بيروت، عالم الكتب، القاهرة، مكتبة المتنبي، د.ط، د.ت.(1/103)
- الدردير، أبو البركات أحمد بن محمد، ت(1201هـ): الشرح الصغير على أقرب المسالك، خرج أحاديثه: مصطفى كمال وصفي، القاهرة، دار المعارف، د.ط، 1392هـ-1972م.
- الدردير، أبو البركات أحمد بن محمد، ت(1201هـ): الشرح الكبير لمختصر خليل، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، د.ط، د.ت.
- الدسوقي، شمس الدين محمد بن احمد بن عرفة، ت(1230هـ): حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية، د.ط، د.ت.
(ر)
- الرحيباني، مصطفى بن عبده السيوطي، ت(1243هـ):مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى، دمشق، المكتب الإسلامي، ط(1)، 1380هـ-1961م.
- الرملي، شمس محمد بن أبي العباس، ت(1004هـ): نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، بيروت، دار إحياء التراث العربي، المكتبة الإسلامية، د.ط.، د.ت.
(ز)
-الزيلعي، جمال الدين، ت(762هـ): نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية، علق عليه:
أيمن شعبان، القاهرة، دار الحديث، ط(1)، 1415هـ-1995م.
(س)
-السرخسي،أبو بكر محمد بن أبي سهل، ت(490هـ): المبسوط، بيروت، دار الكتب العلمية، ط(1)، 1414هـ-1993م.
- السهارنفوري، خليل بن أحمد، ت(1346هـ): بذل المجهود في حل أبي داود، بيروت، دار الكتب العلمية، د.ط، د.ت.
(ش)
- الشربيني، شمس الدين محمدين محمد الخطيب، ت(1977هـ): مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ط، د.ت.
- الشرقاوي، عبد الله بن حجازي بن إبراهيم، ت(1226هـ): حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب بشرح تنقيح اللباب، بيروت، دار المعرفة، د.ط، د.ت.
- شلبي، محمد مصطفى: أحكام الأسرة في الإسلام، بيروت، دار النهضة العربية، د.ط، د.ت.
(ص)
- الصابوني، عبد الرحمن: شرح قانون الأحوال الشخصية السوي، حلب، منشورات جامعة حلب، د.ط، د.ت.
(ع)
- عقلة، محمد: نظام الأسرة في الإسلام، عمان، مكتبة الرسالة الحديثة، ط(2)، 1411هـ- 1990م.(1/104)
- العيني، بدر الدين محمود بن أحمد، ت(855هـ): البناية في شرح الهداية، بيروت، دار الفكر، ط(1)، 1400هـ-1980م.
(غ)
- غندور، أحمد: الأحوال الشخصية في التشريع الإسلامي، الكويت، مطبعة جامعة الكويت، د.ط، د.ت.
(ف)
- الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، ألفه جماعة من علماء حيث انتهوا من تأليف الكتاب عام (1070هـ)، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط(3)، 1406هـ-1986م.
- الفيروز آبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب، ت(817هـ): القاموس المحيط، بيروت، دار الجيل، د.ط، 1371هـ-1952م.
(ق)
- قاضي خان، فخر الدين محمود الأوزجندي، ت(592هـ): الفتاوى الخانية، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط(4)، 1406هـ- 1986م.
(ك)
- الكاساني، علاء الدين أبو بكر بن مسعود، ت(587هـ): بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، بيروت، دار الكتاب العربي، ط(2)، 1402هـ- 1982م.
- الكشناوي، أبو بكر بن حسن: أسهل المدارك شرح إرشاد السالك في فقه إمام الأئمة مالك، القاهرة، مطبعة عيسى البابي الحلبي، بيروت، المكتبة التجارية والمكتبة العصرية، ط(2)، د.ت.
(م)
- محكمة الاستئناف الشرعية العليا: الكشاف عن قرارات الاستئناف الصادرة عن محكمة الاستئناف الشرعية العليا في القدس الشريف، هرتسليا، المركز المتعدد المجالات لتعليم الحقوق والأعمال والتكنولوجيا، ط(1)، 1419هـ- 1999م.
- المرغيناني، برهان الدين علي بن أبي بكر، ت(593هـ): الهداية شرح بداية المبتدي، بيروت، دار الكتب العلمية، ط(1)، 1415هـ- 1995م.
- الموصلي، عبد الله بن محمود بن مودود، ت(683هـ): الاختيار لتعليل المختار، بيروت، دار المعرفة، د.ط، د.ت.
(ن)
- الناطور، مثقال: المرعي في القانون الشرعي، القدس، د.ن، ط(2)، 1417هـ- 1997م.
- النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي، ت(303هـ): سنن النسائي، بيروت، دار الكتاب العربي، د.ط، د.ت.(1/105)
- النووي، زكريا محيي الدين يحيى بن شرف، ت(676هـ): روضة الطالبين وعمدة المفتين، بيروت، المكتب الإسلامي، ط(3)، 1412هـ-1991م.
- النيسابوري، أبو عبد الله محمد بن عبد الله، ت(405هـ): مستدرك الحاكم، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، د.ط، د.ت.(1/106)