بحث في تحقيق معنى قوله تعالى :
((لا يَمَسُّه إلا المُطَهَّرون ))
وما يتفرع عنه من أحكام
إعداد: د. محمد بن عبد العزيز المسند
وهو مناقشة لرسالة بعنوان :
آية من كتاب الله وتأويلها: ((لا يمسه إلا المطهرون ))
للأستاذ : محمد إبراهيم شقرة
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)) (آل عمران:102) .
(( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1) .
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) (الأحزاب:70-71) .
أما بعد:(1/1)
فقد سبق أن اطلعت على رسالة صغيرة الحجم ، بعثها إليّ أحد الإخوة من بلاد الشام ، وكانت بعنوان ( آية من كتاب الله وتأويلها (( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)) (الواقعة:79) للأستاذ محمد إبراهيم شقرة ، فشدني العنوان إلى قراءتها ومعرفة ما جاء فيها ، لا سيما وأن موضوعها من صميم تخصصي ، وبعد قراءتها رأيت كاتبها قد أتى بمسائل وأحكام واستنباطات غريبة ، تخالف ما عليه جمهور العلماء ، والمحققون من أهل العلم ، وقد استدل على ذلك بأدلة ، واستشهد بنقول عن بعض علماء السلف من المتقدمين والمتأخرين قد فهموا منها – أو من أكثرها – غير ما فهمه هو ، مما حفزني إلى التفكير في دارسة هذه المسائل ، وتحقيقها تحقيقاً علمياً متجرداً ، ومما زادني حماساً لذلك ؛ أمور منها:
1- أن هذه الرسالة قد طبعت مراراً، وذكر كاتبها أنه قد أعاد طباعتها بعد نفاد طبعتها الثانية، واشتداد الطلب عليها !!
2- الأسلوب الذي نهجه الكاتب في رسالته من التجهيل والتسفيه ، واتهام المخالفين له باتباع الهوى والرأي والتعصب (!)، ومجاراة الدهماء (!) وأدعياء العلم الجاهلين السفهاء (!) .. إلى غير ذلك من العبارات الشائنة، مع اعترافه بأن القائلين بخلاف ما يقول، هم جمهور العلماء.
3- أهمية هذا الموضوع، وحاجة الناس إليه ، وصلته الوثيقة بحياتهم اليومية .
فوجدت الفرصة سانحة ومواتية لدراسة هذه الرسالة، وتحقيقها تحقيقاً علمياً موثقاً، والرد عليها.
هذا، وبعد دراسة الرسالة المذكورة، وتوثيق نصوصها، وتحقيق مسائلها، ومراجعة أدلتها؛ ظهر لي على سبيل الإجمال ما يلي:
1- خلوها – في كثير من المسائل – من التوثيق العلمي الدقيق ، والتحقيق الوثيق ، على الرغم من أنها طبعت مراراً .
2- اشتمالها على أحكام متناقضة وعبارات مضطربة لا محل لها من الإعراب والنظر.
3- الفهم القاصر أو الخاطئ للنصوص وأقوال الأئمة ، وتوجيهها على غير مرادهم .(1/2)
4- الجرأة والتسرع في إصدار الأحكام مع الجزم بصحتها ، دون تروٍ وتحقق . إلى غير ذلك مما لا يخفى على من له أدنى بصيرة بالعلم الشرعي .
هذا ولم أستوف كل ما في هذه الرسالة من ملاحظات ، لأسباب عدة ، منها أن موضوع البحث تتنازعه تخصصات عدة : قرآنية وحديثية وفقهية ، والحديث في كل منها يطول ، لذا حرصت على ألا يخرج ما كتبته في هذا البحث عن التخصص إلا فيما له علاقة وثيقة به .
وبعد؛ فهذا هو جهد المقل ، فما كان فيه من صواب ؛ فمن الله وحده لا شريك له ، وما كان فيه من تقصير أو خطأ أو نسيان ؛ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله منه بريئان .والحمد لله رب العالمين .
تمهيد
لقد رأيت – قبل الدخول في صلب الموضوع – أن أذكر نبذة مختصرة – حسب اجتهادي القاصر – عن المدرسة التي ينتمي إليها كاتب الرسالة – وفقه الله – حتى يكون القارئ على بينة من ذلك ، فأقول مستعيناً بالله :
الأستاذ محمد إبراهيم شقرة ينتمي إلى مدرسة الحديث السلفية بالشام والتي من أبرز علمائها فضيلة الشيخ العلّامة المُحدِّث محمد ناصر الدين الألباني ـ رحمه الله ـ، وتتميز هذه المدرسة بما يلي :
أولاً : تبني العقيدة السلفية الصحيحة ، والدعوة إليها ونشرها ، والدفاع عنها ، ومحاربة الشرك والبدع ،والأفكار الهدامة ، والفرق الضالة .
ثانياً : العناية بالسنة المطهرة – على صاحبها أفضل الصلاة والسلام - ،وتنقيتها من الشوائب ، والأحاديث المنكرة والموضوعة ، وإخراجها للناس مصفاة ،في ثوب قشيب ، وحلة بهية .
ثالثاً : محاربة الجمود الفكري ، والدعوة إلى التحرر من ربقة التقليد المذموم ، وإلى تقديم ما صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على قول غيره من الناس كائناً من كان(1).
ولكن يؤخذ على هذه المدرسة ما يلي :
__________
(1) - انظر : الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام للألباني . ط الدار السلفية ، الطبعة الثالثة . 1400هـ .(1/3)
1- الشدة على المخالف وقطع خط الرجعة عليه ، ولو كان من أهل السنة ، وأهل الدعوة السلفية . ولذا كثر المختلفون مع هذه المدرسة ، والمنتقدون لها .
2- قلة العناية بأصول الفقه وقواعده وضوابطه ، وعرض نصوص الشارع عليه ، فتبني الأحكام على أحاديث مفردة ، قد تكون صحيحة في ذاتها لكنها عامة مخصّصة بنصوص أخرى صحيحة . أو مطلقة قيدتها نصوص أخرى ، ولغياب هذا الأصل العظيم قد يلجأ بعضهم إلى تضعيف بعض الأحاديث أو ردها بحجة التعارض ، فيصدرون أحكاماً شاذة مخالفة لما دلت عليه النصوص مجتمعة .
3- أن بعض من ينتسبون إلى هذه المدرسة قد يذم تقليد الأئمة وعلماء السلف ، لكنه ربما وقع في شر من ذلك وهو تقلد شيخه الذي يعظمه ، ولا يخرج عن قوله قيد أنملة ، وإن ادعى خلاف ذلك .
4- أن بعض من ينتسبون إلى هذه المدرسة لم يدرسوا العلم الشرعي دراسة منهجية مؤصلة لظروف معينة ، مما له أثر واضح على ما يصدر عنهم من أحكام واجتهادات.
وهذه المآخذ ليست خاصة بهذه المدرسة وحدها ، فقد توجد في غيرها ، بل أكثر منها ،كما أنها لا تقلل من شأنها ، فجهودها معروفة مشكورة ، لا ينكرها إلا حاسد حاقد ، أو ضال مبتدع . والله تعالى أعلم .
والآن مع التفصيل:
أولاً : تحقيق معنى الآية :
1- ذكر الكاتب – وفقه الله – في أول رسالته : تفسير هذه الآية مع آيتين قبلها وآية بعدها ، فنقل كلام ابن كثير – رحمه الله – في تفسير هذه الآيات ، ثم نقل قول مالك – رحمه الله – في الموطأ : " أحسن ما سمعت في هذه الآية ..أنها بمنزلة الآية التي في ((عَبَسَ وَتَوَلَّى)) (عبس:1) : ( كلا إنها تذكرة . فما شاء ذكره . في صحف مكرمة . مرفوعة مطهرة . بأيدي سفرة ) [ الآيات / 11- 15 ] . ثم أتى بكلام من عنده لبيان ما فهمه من قولهما ... ولي على ما نقله وما فهمه ثلاثة مآخذ :(1/4)
المأخذ الأول : حول ما نقله عن ابن كثير – رحمه الله – فهو لم ينقل كلام ابن كثير كاملاً وإنما اجتزأ منه بعضه ، ولم يشر إلى ذلك عند الإحالة في الهامش ، ولا شك أن مثل هذا العمل ليس من الأمانة العلمية ، لا سيما وأنه قال قبل ذلك عن كلام ابن كثير بأنه " كلام موجز مبين "(1).
المأخذ الثاني : أنه زاد في كلام ابن كثير ما لم يقله ، ففي تفسير قوله تعالى : (( فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ)) (الواقعة:78) قال ناقلاً عن تفسير ابن كثير - : ( أي معظم في كتاب معظم محفوظ موقر " فكلمة (معظم ) الثانية ليست في تفسير ابن كثير ولعلها كتبت خطأ ، أو أن النسخة التي عنده مختلفة .
المأخذ الثالث : فسر الكاتب – وفقه الله – الكتاب المكنون – حسب ما فهمه من كلام ابن كثير ومالك رحمهما الله – بأنه اللوح المحفوظ ، وابن كثير لم يقل ذلك ، وإنما قال : ( في كتاب محفوظ موقر ) وقال( الكتاب الذي في السماء )(2). وكذا مالك رحمه الله ذكر أن هذه الآية بمنزلة الآية التي في ( عبس ) ، ولم يذكر اللوح المحفوظ ،والصواب من أقوال العلماء – وهو الذي تعضده الأدلة – أن الكتاب المكنون هو الكتاب أو الصحف التي بأيدي الملائكة ، وتفسيره باللوح المحفوظ لم يقل به أحد من الأئمة المعتبرين كابن جرير وابن كثير وابن عطية بدليل قوله تعالى (( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)) (الواقعة:79) فهو بأيديهم يمسونه(3).
__________
(1) - انظر : ص 3 من رسالة الكاتب .
(2) - انظر : تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/298 ط دار المعرفة ، بيروت – لبنان ، 1403هـ .
(3) - انظر : التبيان في أقسام القرآن للإمام ابن القيم ص 141 ، توزيع رئاسة إدارات البحوث العلمية .. بالرياض .(1/5)
قال الإمام ابن العربي – رحمه الله - : " أما من قال إن المراد بالكتاب : اللوح المحفوظ ، فهو باطل ، لأن الملائكة لا تناله في وقت ، ولا تصل إليه بحال . فلو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه محل . وأما من قال إنه الذي بأيدي الملائكة من الصحف ؛ فإنه قول محتمل ، وهو الذي اختاره مالك .. " وذكر قول مالك الذي نقله الكاتب من الموطأ(1). . وابن العربي رحمه الله – وهو من أوائل علماء المالكية وأبرزهم – أعلم بقول مالك واختياراته من الكاتب وغيره ، لا سيما وقد نُقل عن مالك التشديد في مس المصحف وحمله لغير المتوضىء حيث قال – رحمه الله - : " أحسن ما سمعت أنه لا يحمل المصحف بعلاقته ، ولا في غلافه إلا وهو طاهر ، وليس ذلك لأنه يدنسه ، ولكن تعظيماً للقرآن "(2).
2- ذكر الكاتب أن الضمير في قوله تعالى : (( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)) يعود إلى الكتاب المكنون بناء على القاعدة المعروفة أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور .. إلخ انظر : ص 4، 5 .
__________
(1) - انظر : أحكام القرآن لابن العربي 4/1737 ، 1738 . تحقيق : علي البجاوي . دار المعرفة ، بيروت .
(2) - انظر : الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 17/ 227، دار إحياء التراث ، والمغني لابن قدامة 1/139 . المكتبة السلفية(1/6)
والجواب : أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها بدليل قوله تعالى في الآيات نفسها : (( تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)) (الواقعة:80) ؛ فإننا لو أعدنا الضمير فيه إلى أقرب مذكور لكان عائداً على الكتاب المكنون الذي هو في رأي الكاتب اللوح المحفوظ ، ومعلوم – قطعاً – أن الله عز وجل لم ينزل اللوح المحفوظ . مما يحتم عود الضمير إلى القرآن الكريم ، وهذا على رأي الكاتب . ويزول الإشكال إذا فسرنا الكتاب المكنون بأنه الذي بأيدي الملائكة من الصحف ؛ فإن الله أنزل القرآن جملة من اللوح المحفوظ الذي في السماء السابعة إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، كما أنه لا يمنع – في الوقت نفسه – أن يكون الضمير عائداً إلى القرآن الكريم ، فيكون المقصود إنزاله من السماء الدنيا إلى الأرض، والآية محتملة للوجهين جميعاً كما سيأتي بيانه إن شاء الله .
3- ثم قال – غفر الله لنا وله - : " ثم إن كلمة (( الْمُطَهَّرُونَ)) ومعناها الملائكة ؛ كما ذكر ابن كثير ، تدل في أصل وضعها على أن صفة الطهر صفة كونية .. إلى أن قال : " وليس في القراءات – حتى الشاذ منها – هذه القراءة [ يعني المتطهرون ] ، ولا ما يؤيدها الخ .. انظر : ص 5، 6.(1/7)
والجواب : لا شك أن القراءة المشهورة الصحيحة هي المثبتة في المصحف ، وهي: ( المُطَهَّرون )، وأن معناها الملائكة ؛ إذ إن المتوضئ لا يوصف بكونه مطَهَّراً ، إلا أن الآية وإن كانت قد دلت على ذلك بصريح العبارة ؛ فإنها تدل بالتنبيه والإشارة على أن المصحف لا يمسه إلا طاهر ، لأن الصحف التي في السماء إذا كانت لا يمسها إلا المطهرون وهم الملائكة ، فكذلك الصحف التي بأيدينا ، فإنها فرع عنها فلا ينبغي أن يمسها إلا متطهر ، وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله(1)– وغيره من أهل العلم ، وقرره ابن القيم أحسن تقرير(2).
أما زعم الكاتب بأنه ليس في القراءات حتى الشاذ منها ما يؤيد ذلك ، فهو قول بلا علم ، وجرأة على كتاب الله تعالى ، فقد ذكر بعض أئمة التفسير والقراءات أربع قراءات في هذه الآية غير القراءة المشهورة ، وهي كما يلي :
القراءة الأولى : ( المتطهرون ) ، وهي صريحة في الحكم . وقد ذكرها أبو حيان في تفسيره(3)والزمخشري في الكشاف(4). ولم ينسباها لأحد .
__________
(1) - انظر : التبيان في أقسام القرآن ص 143 ، ومدارج السالكين 2/ 417 ، 418 ، تحقيق : محمد حامد الفقي . دار الكتاب العربي ، بيروت . الطبعة الثانية 1394هـ .
(2) - انظر : إعلام الموقعين عن رب العالمين 1/ 225 ،وسيأتي نقل كلامه رحمه الله ، انظر ص 15 من هذا البحث .
(3) - أنظر: معجم القراءات القرآنية للدكتورين . عبد العال مكرم وأحمد مختار عمر 7/ 74 . من مطبوعات جامعة الكويت . الطبعة الأولى 1405هـ
(4) - انظر : الكشاف 4/62 ،تخريج الإمام ابن حجر ، دار المعرفة ، بيروت .(1/8)
القراءة الثانية: ( المُطَّهِّرون ) بتشديد الطاء المفتوحة والهاء مكسورة، وأصلها : المتطهرون، وهي قراءة سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ والحسن وعبد الله بن عون(1). وذكرها الكرماني في شواذ القراءة لابن مسعود رضي الله عنه(2).
القراءة الثالثة : ( المُطَهِّرون ) بتخفيف الطاء وتشديد الهاء مكسورة ، أي المطهرون أنفسهم ، قرأ بها سلمان الفارسي ، وذكرها ابن عطية في تفسيره(3)وأبو حيان(4).
القراءة الرابعة : ( المُطْهَرون ) بسكون الطاء وتخفيف الهاء مفتوحة ،وهي قراءة نافع وأبي عمروٍ وعيسى الثقفي ، وذكرها أبو حيان في تفسيره(5)وابن خالويه في شواذ القرآن(6).
وهذه القراءات وإن كانت شاذة، فهي مفسرة للقراءة الصحيحة المشهورة ومبينة لها كما قرر ذلك أهل الشأن ، فقد نقل الزركشي عن أبي عبيد (7)
__________
(1) - انظر : مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالويه عني بنشره ، ج . برجشتراسر ص 151 .دار الهجرة . ومعجم القراءات القرآنية 7/74 .
(2) - انظر كتاب : ( قراءة عبد الله بن مسعود . مكانتها مصادرها إحصاؤها ) للدكتور محمد أحمد خاطر ص 162 . دار الاعتصام .
(3) - انظر : المحرر الوجيز 14/ 270 ، تحقيق السيد عبد العال ، من مطبوعات المحاكم الشرعية بقطر ط1 .
(4) - انظر: البحر المحيط: 8/ 214.
(5) - السابق.
(6) - انظر: مختصر في شواذ القرآن: ص151.
(7) - هو : القاسم بن سلام أبو عبيد الخراساني الأنصاري مولاهم البغدادي الإمام الكبير الحافظ ، أحد الأعلام المجتهدين وصاحب التصانيف في القراءات والحديث والفقه واللغة والشعر ومناقبه كثيرة ، توفي سنة 224 .
انظر ترجمته في : غاية النهاية ومعرفة القراء وتذكرة الحفاظ وتقريب التهذيب .. وغيرها .(1/9)
في كتابه فضائل القرآن قوله : ( إن القصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها ) وذكر أمثلة لذلك ، ثم قال : ( فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن ، وقد كان يُروى مثل هذا عن التابعين في التفسير فيُستحسن ذلك ، فكيف إذا رُوي عن كبار الصحابة ثم صار في نفس القراءة ؟ ، فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى ، فأدنى ما يُستنبط من هذه الحروف صحة التأويل ، على أنها من العلم الذي لا يعرف العامة فضله ، إنما يعرف ذلك العلماء ، ولذلك يُعتبر بها وجه القرآن .. "(1).
فإن قيل : إننا إذا اعتبرنا هذه القراءات الشاذة ؛ اختلف المعنى وصار هناك تعارض ..
والجواب : إن من القواعد المقررة في أصول التفسير أن الآية إذا كانت تتضمن معنيين لا يتنافيان فإنها تُحمل عليهما جميعاً(2)؛ ولا تنافي بين المعنيين في الآية ، بل الثاني فرع عن الأول ، فإن الكتاب المكنون إذا كان لا يمسه إلا المطهرون ؛ فكذلك الكتاب الذي بأيدينا ينبغي أن لا يمسه إلا طاهر كما سبق من قول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ. وهذه القراءات تؤيد ما ذكرت، إضافة إلى ما سيأتي– إن شاء الله ـ من أدلة السنة المطهرة .
وقول الكاتب: " ونحن نشاهد أن المصحف يمسه المتطهر وغير المتطهر .. إلخ " . وكذا قوله في ص 6 : " لو أن الله أراد بما أخبر أن يحفظ القرآن من مس غير المؤمن ، أو من المؤمن غير المتوضئ ، لجعله محرزاً من ذلك بأي سبب يحرز به ... "
__________
(1) - البرهان في علوم القرآن 1/336، تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار الجيل ،بيروت 1408 هـ .
(2) - انظر:شرح مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية لمحمد العثيمين ص56.دار الوطن ط 1(1/10)
الجواب: أن النفي في الآية، وكذلك في قوله ـ صلى الله عليه وسلم – (( لا يمس القرآن إلا طاهر )). يصلح أن يكون نظير قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن مكة : (( لا يُعضدُ شجرها ))(1)فإنه خبر عن الشارع ، أي لا يحل أن يعضد شجرها ، فإن وقع خلاف ذلك فهو غير الشرع(2). وكذلك قوله تعالى (( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)) معناه: حقه وقدره ألا يمسه إلا طاهر(3). فإن وقع خلاف ذلك فهو غير الشرع ، فيكون الله قد أراد ذلك شرعاً ولم يرده قدراً ، وهذا على المعنى الثاني الذي تؤيده القراءات ، ونصوص السنة عند جمهور أهل العلم ، أما على المعنى الأول فالأمر واضح . والآية محتملة للجميع ، وفي هذا دليل على عظمة القرآن ودقة ألفاظه ، وسعة معانيه ، فالآية الواحدة قد تحتمل معاني عدة ، ويخاطب بها الكافر والمؤمن في آن واحد ، بأوجز عبارة وأحسن إشارة .. فسبحان الحكيم العليم ، وما أحسن ما قاله الإمام ابن القيم – رحمه الله – في معرض حديثه عن الاستنباط والفهم ، قال : " والمقصود أن الواجب فيما علّق عليه الشارعُ الأحكامَ من الألفاظ والمعاني أن لا يتجاوز ألفاظها ومعانيها ، ولا يقصر بها ، ويعطي اللفظ حقه ، والمعنى حقه ، وقد مدح الله تعالى أهل الاستنباط في كتابه ، وأخبر أنهم أهل العلم ، ومعلوم أن الاستنباط إنما هو استنباط المعاني والعلل ، ونسبة بعضها إلى بعض ، فيعتبر ما يصح منها بصحة مثله ومشبهه ونظيره ، ويلغي ما لا يصح .
__________
(1) - أخرجه البخاري في الصحيح في أبواب الإحصار وجزاء الصيد ، باب لا ينفر صيد الحرم 2/651 ح 1736بعناية : مصطفى البغا ، جار القلم ، دمشق – بيروت . ط 1 1401هـ .
(2) - انظر: أحكام القرآن لابن العربي 4/1738، وإظهار الحقّ المبين بتأييد إجماع الأئمّة الأربعة على تحريم مسّ وحمل القرآن لغير المتطهرين لابن عابد المالكي، ت بسام اليوسف ط1: ص112.
(3) - انظر : المحرر الوجيز لابن عطية 14 / 271 .(1/11)
هذا الذي يعقله الناس من الاستنباط ".
إلى أن قال: " ومن هذا قول علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وقد سئل: هل خصكم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بشيء دون الناس ؟ ، فقال : لا ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إلا فهماً يؤتيه الله أحداً في كتابه .
ومعلوم أن هذا الفهم قدر زائد على معرفة موضوع اللفظ وعمومه أو خصوصه ؛ فإن هذا قدر مشترك بين سائر من يعرف لغة العرب ، وإنما هذا فهم لوازم الشيء، ونظائره ، ومراد المتكلم بكلامه ، ومعرفة حدود كلامه ، بحيث لا يدخل فيها غير المراد ، ولا يخرج منها شيء من المراد ، وأنت إذا تأملت قوله تعالى : (( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ . فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ . لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)) (الواقعة: 77 ، 78 ، 79 ) وجدت الآية من أظهر الأدلة على نبوة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وأن هذا القرآن جاء من عند الله ، وأن الذي جاء به روح مطهر ، فما للأرواح الخبيثة عليه سبيل ، ووجدت الآية أخت قوله : (( وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ . وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ )) (الشعراء: 210، 211) . ووجدتها دالة بأحسن الدلالة على أنه لا يمس القرآن إلا طاهر(1)، ووجدتها دالة أيضاً بألطف الدلالة على أنه لا يجد حلاوته وطعمه إلا من آمن به وعمل به ، كما فهمه البخاري من الآية ؛ فقال في صحيحه في باب : (( قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ))(آل عمران: 93).
__________
(1) - يريد الشيخ : الطهارة الحسية الشرعية ، لا المعنوية كما صرح بذلك في مواضع أخرى : انظر : التبيان في أقسام القرآن ص 143 . ومدارج السالكين 2/ 148 .(1/12)
لا يمسه: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن بالقرآن ، ولا يحمله بحقه إلا المؤمن ، لقوله تعالى : ((مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )) سورة الجمعة ، الآية :( 5) . وتجد تحته أيضاً أنه لا ينال معانيه ، ويفهمه كما ينبغي إلا القلوب الطاهرة ، وأن القلوب النجسة ممنوعة من فهمه ، مصروفة عنه . فتأمل هذا النسب القريب ، وعقد هذه الأخوة بين هذه المعاني وبين المعنى الظاهر من الآية ، واستنباط هذه المعاني كلها من الآية بأحسن وجه وأبينه ، فهذا من الفهم الذي أشار إليه علي ـ رضي الله عنه ـ"(1) .
فلله در ابن القيم – رحمه الله – ما أعظم فقهه وأدق فهمه ، فنسأل الله العظيم من فضله .
4- في ( ص 6 ) قال الكاتب ما نصه : " إذاً فيكون الإخبار ( يعني في الآية ) إخباراً عن شيء للقرآن لا يكون في الأرض قطعاً ، وإنما يكون في السماء قبل تنزله التنزل الثاني إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، ألا وهو الكتاب الذي حُفظ فيه القرآن عند التنزل الأول في اللوح المحفوظ ".
وعلق في الهامش قائلاً : " وهذا يبطل قول من توهم أن قوله تعالى في سياق الآيات نفسها (( تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ )) سورة الواقعة ، ( 80) إنما يراد تنزيل القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم أ هـ.
وأقول : بل يبطل قوله هو في تفسير الكتاب المكنون باللوح المحفوظ ؛ فإن الله لم ينزل اللوح المحفوظ – كما سبق - ، وإنما أنزل القرآن ، فالكاتب يرد على نفسه .
__________
(1) - إعلام الموقعين عن رب العالمين 1/ 225 ، تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد . ط دار الفكر ، بيروت – لبنان .(1/13)
ثم العجيب قوله : ( التنزل الثاني إلى بيت العزة ) والمعروف أن هذا هو التنزل الأول ، فإن القرآن أنزل جملة في ليلة القدر إلى بيت العزة في السماء الدنيا ، وهذا هو التنزل الأول ، ثم أُنزل منجماً بحسب الوقائع على قلب محمد صلى الله عليه وسلم (1) وهو التنزل الثاني ، فكلام الكاتب هنا في غاية الاضطراب والتناقض .
فإن قال: إن قوله تعالى (( تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ )) يعود إلى القرآن لا إلى الكتاب المكنون. فالجواب: إنك قد قررت قبل ذلك (2) أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور ، وإن أعادة الضمير في قوله تعالى (( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)) إلى القرآن قول فاسد وبعيد جداً بل خطأ جداً .. إلخ ، فمن باب أولى أن لا يعود الضمير في قوله (( تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ )) إلى القرآن ، فما جوابه على ذلك ؟ .
5- ثم ذكر حديث عمرو بن حزم في الكتاب الذي كتبه له النبي صلى الله عليه وسلم وفيه أن : (( لا يمس القرآن إلا طاهر )) ، وذكر أن المانعين يستدلون به على ما ذهبوا إليه .
والحديث حسن بطرقه وشواهده كما ذكر (3) . ، وقد تلقته الأمة بالقبول ، قال الإمام أحمد : أرجو أن يكون صحيحاً ، وقال : لا أشك أن الرسول كتبه . وقال يعقوب بن سفيان : لا أعلم كتاباً [ أي مكتوباً ] أصح من هذا الكتاب ؛ فإن أصحاب رسول الله والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم (4) .
وقد أجاب عنه الكاتب بجوابين :
__________
(1) - انظر : حاشية مقدمة التفسير لعبد الرحمن بن قاسم الحنبلي النجدي ص 35 . ط2 ، 1410هـ .
(2) - انظر ص 5 من رسالته .
(3) - انظر إحالته إلى إرواء الغليل ص 7 ، وقد ذكر رقم الصفحة ولم يذكر رقم الجزء ( !!! ) .
(4) - انظر : التبيان في أقسام القرآن ص 144 . ومجلة البحوث الإسلامية 13/ 36 .(1/14)
الأول : أن كلمة طاهر تعني : المؤمن بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن المؤمن لا ينجس ))، فيكون المعنى : لا يمس المصحف إلا مؤمن . قال : والمراد : عدم تمكين المشرك من مسه ، فهو كحديث : (( نهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو )) من غير ضرورة (!!! ) (1) .
وحجته في ذلك – كما ذكر في ص 25- أن كلمة طاهر مشترك لفظي يحتمل الطهارة المعنوية وهي الإيمان ، والحسية وهي الطهارة الشرعية المعروفة ، وترجيح أحدهما يحتاج إلى دليل ، وقد دل الدليل على أن المراد بالطهارة في الحديث : المعنوية لا الحسية ، وهو حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم : " كان يذكر الله على كل أحيانه " .
والجواب عن هذا الجواب : أن كلمة ( طاهر ) وإن كانت مشتركة بين الطهارة الحسية والمعنوية إلا أن المراد بها هنا في الحديث الطهارة الشرعية المعروفة لوجوه ، منها :
أولاً : أن المعهود من خطاب الشارع ألا يعبر بكلمة طاهر لمن كان طاهراً طهارة معنوية ، وهو المسلم (2) .
ثانياً : أن النبي صلى الله عليه وسلم – وهو أفصح العرب وأبلغهم – لو أراد الطهارة المعنوية في هذا الحديث لقال : لا يمس القرآن كافر ، أو مشرك ، فإن هذا اللفظ أخصر في العبارة ، وأوضح في الدلالة على المراد ، وهو مقتضى الفصاحة ، أو لقال : لا يمس القرآن إلا مسلم أو مؤمن ، ولم يأت بلفظ مشترك يوقع في اللبس ؛ فلما عدل عن ذلك كله دل على أن المراد الطهارة الشرعية المعروفة .
__________
(1) - علامة التعجب من عندي .
(2) - انظر : فتاوى إسلامية جمع وترتيب محمد المسند 4/23. دار الوطن ، الرياض . ط1، 1415هـ .(1/15)
ثالثاً : أن هذا الحديث قد جاء من طرق أخرى عن ابن عمر ، وحكيم بن حزام ، وعثمان بن أبي العاص ، وثوبان رضي الله عنهم . وبألفاظ متقاربة يفسر بعضها بعضاً ، وإن كانت أسانيدها لا تخلو من ضعف ، إلا أنها تشهد لبعضها ، منها : " لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر " (1) . وفي بعض الألفاظ : ( إلا على طهارة ) قال الأثرم : " واحتج أبو عبد الله – يعني أحمد – بحديث ابن عمر : (( لا تمس المصحف إلا على طهارة )) (2) . وهو لفظ صريح فاصل في المسألة .
والعجب من بعض طلاب الحديث والمشتغلين به ، فإنهم يجتهدون في تصحيح أو تحسين بعض الأحاديث التي توافق آراءهم وقناعتهم ومذاهبهم ، فإن كانت مخالفة لآرائهم ومعتقداتهم اجتهدوا في تضعيفها وردها ما اسطاعو إلى ذلك سبيلاً ، والأمثلة على ذلك كثيرة ليس هذا مكان بسطها والحديث عنها . فنسأل الله أن يعصمنا من الزلل .
وقد نقل الإمام البخاري رحمه الله عن وكيع قوله : (( من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب سنة ، ومن طلب الحديث ليقوي هواه فهو صاحب بدعة )) (3) . فليحذر طلاب العلم ، وطلاب الحديث – على وجه الخصوص – هذا المزلق الخطر .
__________
(1) - انظر : تلخيص الحبير لابن حجر 1/ 140. ت : د . شعبان محمد إسماعيل ، مكتبة ابن تيمية .
(2) - انظر : المنتقي من أخبار المصطفى للمجد ابن تيمية 1/342 . طبع ونشر رئاسة البحوث العلمية والإفتاء .
(3) - انظر : قرة العينين برفع اليدين في الصلاة للإمام البخاري ص 38 ، ت : أحمد شريف . دار الأرقم ، الكويت .(1/16)
أما قول النبي صلى الله عليه وسلم : " المؤمن لا ينجس " فمفهومه أن الكافر ينجس ، بل هو نجس بدلالة صريح القرآن ، قال تعالى : ((إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)) سورة التوبة : ( 28 ) . ومعلوم أن نجاسة الكافر ليست حسية ؛ بل معنوية ( حكمية ) ، فلو اغتسل بمياه الأرض كلها لما زال عنه هذا الوصف حتى يؤمن ، فدل ذلك – بالمقابلة – على أن المقصود بالنجاسة في الحديث : النجاسة الحكمية المعنوية التي لا تزول إلا بزوال وصف الإيمان ، لا الحسية الشرعية التي تزول بزوال سببها في كل وقت ، ولهذا – والله أعلم – جاء التعبير بالفعل المضارع (ينجس) الذي يدل على التجدد والاستمرار والدوام .
ويتفرع عن هذا أن الكافر لا يجوز تمكينه من مس المصحف لأنه فاقد للطهارتين الحسية والمعنوية ، بخلاف ما قرره الكاتب – غفر الله لنا وله – من أن ذلك جائز للضرورة . وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة إن شاء الله .
أما حديث عائشة رضي الله عنها : " كان يذكر الله على كل أحيانه " فليس فيه دليل صريح على جواز مس المصحف لغير المتطهر ولا قراءة الجنب للقرآن ، وليس هو معارضاً لأحاديث المنع ، فإن الجمع بينهما ممكن ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه ، فإن أصابته جنابة امتنع عن قراءة القرآن دون سائر الذكر حتى يتطهر ، وهذا لا يخرجه من كونه ذاكراً لله على كل أحيانه ، ولذا لم تقل عائشة : كان يقرأ القرآن على كل أحيانه ،وهذا من فقهها رضي الله عنها ، ثم إن وقت الجنابة لا يطول في العادة .
وإذا أمكن الجمع بين الأحاديث والنصوص ؛ فإنه لا يقال بالتعارض ، ولا يُلجأ إلى الترجيح ، وإعمال النصوص كلها أولى من إهمال بعضها ، أو تكلف تأويلها وردها .(1/17)
ثم إن الكاتب ناقض نفسه بنفسه ، فجعل الخبر في قوله صلى الله عليه وسلم (( لا يمس القرآن )) بمعنى الأمر ، على المعنى الذي فهمه ، فقال : " والمراد : عدم تمكين المشرك من مسه " ، وكان قد قرر قبل ذلك بما نقله عن ابن حزم أن الخبر لا يجوز صرفه عن ظاهره إلى معنى الأمر إلا بنص جلي ، أو إجماع متيقن ( انظر ص 6) ، فأين هنا النص الجلي أو الإجماع المتيقن ؟! .
فإن قال : بل هناك نص جلي ؛ وهو نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ..
فالجواب : إن هذا غير مسلّم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو خشية امتهانه كما جاء في بعض روايات الحديث (1) ، لا من أجل مجرد المس . وقد قرر ذلك الكاتب بنفسه كما في ص 13 ، فيبقى الخبر كما قررته سابقاً ، لا خبراً عن الواقع ، ولا بمعنى الأمر . وإنما خبر عن الشرع ، فيكون المعنى : حقه وقدره ألا يمسه إلا مسلم متطهر .
ثم ذكر الوجه الثاني ، المرجح – عنده – لكون كلمة ( طاهر ) في الحديث تعني المؤمن ، فقال : " الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب إلى الملوك الكفار ، ويضمن كتبه إليهم هذه آيات من القرآن ، ولا شك أنهم كانوا يمسون هذه الكتب ، أو يمسها من يقرأ لهم من بطانتهم ممن على مثل دينهم " ( ص8 ) .
والجواب عن ذلك : أن هذه الكتب التي يبعثها النبي إلى الكفار لا تسمى قرآناً – وإن تضمنت منه آية أو آيتين – ولا هي في حكم القرآن أو المصحف ، فهي كسائر كتب التفسير والحديث والأذكار ونحوها .. ، وهذه لا خلاف في جواز مسها
فإن قال – وقد قال ذلك - : إن الآية مكية ، والقرآن لم يجمع في مصحف واحد إلا في المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .. ( ص 26 ) .
فالجواب عن ذلك من وجهين :
__________
(1) - انظر مسند أحمد 6/261 ح 4576 ط أحمد شاكر .(1/18)
أحدهما : أن هذا إخبار عن المستقبل ، وأن القرآن سيجمع في كتاب واحد وهو المصحف ، وهذا نظير قوله تعالى في سورة المزمل : ((وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) سورة المزمل ، الآية : ( 20) ، ومعلوم أن هذه السورة مكية ، بل هي من أوائل ما نزل في مكة ، والقتال لم يشرع إلا في المدينة .(1/19)
الثاني : أن لفظ القرآن يطلق على القليل منه والكثير ، فيدخل في ذلك ما كُتب في الألواح والرقاع والعسب من القرآن لا يخالطه شيء . ولهذا – والله أعلم – جاء التعبير بلفظ ( القرآن ) دون المصحف ، ليشمل القليل والكثير ، ولهذا أيضاً – والله تعالى أعلم – صدر النهي عن كتابة شيء غير القرآن خشية أن يختلط بغيره ، بل صدر الأمر بمحو ما كُتب غير القرآن فقال صلى الله عليه وسلم : (( لا تكتبوا عني شيئاً إلا القرآن ، فمن كتب عني غير القرآن فليمحه .. )) (1) ، وهذا لا يعارض قوله لعبد الله بن عمرو : (( اكتب ،فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق )) (2) ؛ لأن النهي عن الكتابة إنما كان في أول الأمر لئلا يختلط القرآن بغيره ، فلما عُلم القرآن وتميز وأُفرد بالضبط والحفظ ، وأُمنت عليه مفسدة الاختلاط ، أُذن في الكتابة .. كما قرر ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله (3) . ومن ذلك يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لغير المسلم أن يمس القرآن ، لا للضرورة ولا لغيرها ، وهذا هو الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم كما جاء في قصة إسلام عمر ، وامتناع أخته تسليمه رقعة كتب فيها شيء من القرآن حتى يتطهر وهذه القصة وإن كان في سندها مقال ؛ لكن يُستأنس بها .
__________
(1) - أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق ، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم 8/ 229 ، وأحمد في المسند 3/71، إعداد : محمد سليم إبراهيم ، المكتب الإسلامي ، بيروت . الطبعة الأولى 1413هـ .
(2) - أخرجه الإمام أحمد في المسند 10/ برقم 6510 ، ت : أحمد شاكر . دار المعارف بمصر .
(3) - انظر حاشية المسند 10/ 6510 ، تحقيق : أحمد شاكر ، وانظر : تأويل مختِلف الحديث لابن قتيبة ص 193 . دار الكتاب العربي ، بيروت .(1/20)
وقد جاء الكاتب من عنده باستثناءات غريبة ، بناها على أساس غير متين ، فقال : " إذاً فقوله صلى الله عليه وسلم : لا يمس القرآن إلا طاهر ، معناه : لا يمسه لغير حاجة داعية ، أو ضرورة قائمة غير مسلم ، فيكون الاستثناء محتاجاً لاستثناء فقهي آخر يبينه ويقيده ، يُعرف من أدلة أخرى ، فيصير الكلام هكذا : لا يمس القرآن إلا طاهر ، مسلم ، إلا لحاجة وضرورة ، فيجوز حينئذ لغير الطاهر المسلم مسه .. " انتهى كلامه . ( انظر ص 10 ) ، ولا يخفى ما فيه من التناقض والاضطراب .(1/21)
6- ثم قال في الصفحة نفسها : ( ولا فرق بين أن يكون المسلم جنباً ، وبين أن يكون غير جنب ، وبين أن تكون المرأة حائضاً أو نفساء ، وبين أن تكون غير ذلك ، فلا يحظر عليهما مس المصحف في الحالين لأنهما طاهران غير نجسين ..إلخ ) واحتج بحديث عائشة حين طمثت في الحج ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : " اصنعي كل ما يصنعه الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت " ، وزاد الكاتب " ولا تصلي " (1) . ولم يذكر (!!) " حتى تطهري " . ثم قال : " فأباح لها الرسول صلى الله عليه وسلم كل أنواع القرب والعبادات ، ما عدا الصلاة والطواف بالبيت .. "
والجواب :
__________
(1) - الحديث في الصحيحين ، وقد تتبعت ألفاظ الحديث فيهما فلم أجد هذه الزيادة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما ذكرها البخاري من كلام الجابر ، ولهذا بوب البخاري لهذا الحديث بقوله : باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ، ولم يذكر الصلاة لأن ترك الحائض للصلاة أمر معروف في الحج وغيره . فلا أدري كيف تجرأ الكاتب وتقوَّل على النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل دون تثبت وعلم . ، وأعجب من ذلك قوله في الهامش : " وموه ( بعضهم ) هكذا بين قوسين ) بحذف لفظ الصلاة من الحديث ليلزم القائلين بجواز القراءة والمس أن يجوزوا الصلاة لها وأنى له ذلك " (!!! ) . وقد زاد في الحديث كلمة أخرى وهي ( كل ) مع أنها لم ترد في جميع روايات الصحيحين فلا أدري من أين جاء بها ؟! فعجباً من صنيع هذا الرجل .(1/22)
أولاً : قد ورد في التفريق بين الجنب وغير الجنب أحاديث منها حديث عليّ رضي الله عنه : " كان رسول الله لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة " رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وابن حبان . قال الحافظ ابن حجر : " وضعّف بعضهم بعض رواته ، والحق أنه من قبيل الحسن ، يصلح للحجة " (1) . لكن الكاتب قال : إن سلمنا بصحة هذا الحديث ، فإنه معارِض لحديث عائشة في صحيح مسلم : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه " ، ثم إن في الاستدلال به نظر ، لأنه حكاية فعل فلا يدل على تحريم ما عداه .. إلخ
والجواب : أما معارضته لحديث عائشة فإنه ليس بينهما تعارض ، وقد سبق الجواب عن ذلك (2) .
وأما قوله إنه حكاية فعل ، فقد ورد ما هو أصرح منه ، ففي المسند للإمام أحمد عن علي أنه أُتي بوَضوء فتوضأ وضوءه للصلاة ثم قال : " هكذا رأيت رسول الله توضأ ، ثم قرأ شيئاً من القرآن ، ثم قال : ( هذا لمن ليس بجنب ، فأما الجنب فلا ، ولا آية )(3) .
__________
(1) - انظر : فتح الباري 1/ 408 ، بتصحيح وتعليق الشيخ عبد العزيز بن باز . دار المعرفة ، بيروت ، لبنان . وانظر تلخيص الحبير 1/ 147 . وقد صحح الحديث الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وقال أحمد شاكر : إسناده صحيح .
(2) - انظر : ص 8 من هذا الحديث .
(3) - المسند للإمام أحمد 2/ 162 رقم 872 ، تحقيق : أحمد شاكر – رحمه الله – وقد حكم بصحة إسناده ، واحتج به شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله - ، وقال : إسناده جيد (انظر : مجموع فتاوى الشيخ ، جمع وإشراف الدكتور محمد بن سعد الشويعر 4/ 384) ، وكونه رُوي موقوفاً على علي رضي الله عنه لا يضر ، بل يقويه كما ذكر ذلك الحافظ ، في التلخيص (1/ 147 ) وقال : إنه يعضد الحديث المرفوع ، حديث عبد الله بن سلمة .
4 – أخرجه الطبراني في الأوسط: 3/ 164، برقم: 2333.(1/23)
وهذا نص صريح واضح في أن الجنب لا يقرأ شيئاً من القرآن ، ولا آية واحدة .وعند الطبراني: "نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القراءة وأنا جنب". وهو نص صريح.
وقول الكاتب : إن ما صح عن عائشة وابن عباس - رضي الله عنهما – وهما أكثر عدداً ، وعائشة أعلم بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم من علي (!) - يكفي في رد حديث علي رضي الله عنه ، فكيف وهو لم يصح .
الجواب عنه : أن حديث علي إن كان لم يصح عند الكاتب ؛ فقد صح عند غيره – كما سبق – ولو أراد تصحيحه أو تحسينه لم يعجزه ذلك . أما قوله إن عائشة وابن عباس أكثر عدداً .. فغير مسلّم ، فإن عائشة لم يرد عنها ما يدل صراحة على جواز قراءة الجنب للقرآن ، بل صح عنها قولها " إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن "(1) . قال ابن دقيق العيد : " في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرآ القرآن ، لأن قراءتها لو كانت جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها حتى احتيج إلى التنصيص عليها " (2) .
أما ابن عباس ، فلعله لم يبلغه هذا الحديث ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ، وعلى رضي الله عنه أكبر منه سناً ، وأعلم منه بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم ، لا سيما وقد وافقه عدد من الصحابة ، منهم : ابن عمر ، وحكيم بن حزام ، وعثمان بن أبي العاص ، وغيرهم .
__________
(1) - أخرجه البخاري في كتاب الحيض ، باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض . ومسلم في الحيض ، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها .
(2) - فتح الباري 1/ 402 .(1/24)
ثانياً : احتجاج الكاتب بحديث عائشة : ( افعلي ما يفعل الحاج ..إلخ ) على جواز مس الحائض والجنب للقرآن وقراءتهما له ؛ احتجاج غير صحيح ،فالحديث لا يدل على شيء من ذلك ؛ أما الجنب فهو غير داخل في هذا الحديث أصلاً ، لأن الخطاب إنما هو للحائض ، وقياس الجنب على الحائض غير صحيح كما سبق ، فيبقى الجنب ممنوعاً من مس المصحف بالآية ، وبحديث عمرو بن حزم ، ومن القراءة بحديث علي رضي الله عنه .
وأما الحائض – وفي حكمها النفساء – فقد أمرها الشارع بأن تفعل ما يفعل الحاج ، وفي حديث جابر رضي الله عنه : ( فأمرها النبي أن تنسك المناسك كلها ) ؛ وليس من مناسك الحج الواجبة –بالنسبة للحائض –قراءة القرآن ، ولا مسه ، فلو أنها حجت ولم تقرأ القرآن ، ولم تمسه فحجها صحيح كامل .
وأما قول الكاتب – غفر الله له - : " فأباح لها الرسول صلى الله عليه وسلم كل أنواع القُرَب والعبادات ،ما عدا الصلاة والطواف بالبيت ) ؛ فهو افتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجهل بمراده ومقصده ، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبح لها كل أنواع العبادات والقرب ، بل هي – وغيرها من الحجاج – ممنوعون من قُرَبٍ كثيرة ، كعقد النكاح ، والجماع قبل التحلل الأول ، وغير ذلك ، بنصوص أخرى . وكذلك مس المصحف ؛ مُنعت منه الحائض – وغيرها – بنص آخر كما سبق ، بل إن في قوله صلى الله عليه وسلم في آخر هذا الحديث : " حتى تطهري " دلالة واضحة على أن الحائض ليست بطاهر ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (( لا يمس القرآن إلا طاهر)) ولهذا السبب – والله أعلم – أغفل الكاتب ذكر هذا الجزء من الحديث ، وزاد في الحديث ما ليس منه كما سبق ، والله يحاسبه على ذلك .
أما قراءة القرآن بدون مس المصحف لغير الجنب ، أو مسه بحائل ، فلا بأس لعدم وجود ما يمنع صراحة .(1/25)
ثم قال الكاتب(ص 12) : ( وقد نقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/407) عن ابن رشيد – تبعاً لابن بطال – قوله في مناسبة التبويب : " إن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة رضي الله عنها ، واستحسنه الحافظ ) . أهـ .
قوله : " استحسنه الحافظ " فيه إبهام واضح ، فإن الحافظ – رحمه الله – لم يستحسن الحكم نفسه ، وإنما استحسن قول ابن رشيد – تبعاً لابن بطال – في بيان مراد البخاري فيما ذكره من الأحاديث والآثار في الباب كما يدل على ذلك أول كلام الحافظ في شرح أحاديث الباب .
ومن ذلك قول الكاتب (ص 18 ) : ( وما أحسن ما قاله ابن حجر رحمه الله في التلخيص الحبير (هكذا ) ( 1/139) عن حديث علي : " قال ابن خزيمة .. ) فالقول هنا لابن خزيمة، نقله عنه الحافظ مع كلام آخر كثير ، فلا يعد ذلك قولاً للحافظ رحمه الله كما يُفهم من عبارة الكاتب . ٍ
فالكاتب – والله أعلم بالنيات – كأنه يريد أن يوهم القارئ بأن الحافظ ابن حجر يرى رأيه في جوز قراءة الحائض والجنب ، والذي ظهر لي من كلام الحافظ أنه لم يرجح أحد القولين على الآخر ، وإنما اقتصر على ذكر أدلة الفريقين ، والله تعالى أعلم .
7- ثم في ( ص 22) قال الكاتب تحت عنوان : عَوْدٌ على بدء : " ولو أننا عدنا إلى النظر في حديث علي الذي يتخذه المانعون من مس الجنب القرآن أو تلاوته (1) ، لوجدنا فيه : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن .. ، فكيف يجتمع لهم قولان ضدان ، لدليلين في آن واحد معاً (2) .. إلخ "
__________
(1) - العبارة غير تامة !!!
(2) - حاولت أن أفهم هذه العبارة لكنني لم أستطع .(1/26)
والجواب : المانعون – وهم الجمهور – استدلوا على منع الجنب من القراءة بهذا الحديث ،وبحديث عليّ أيضاً في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ، ثم قرأ شيئاً من القرآن ، ثم قال : " هذا لمن ليس بجنب ، فأما الجنب فلا ، ولا آية " – وقد سبق الكلام عنه (1) . – كما استدلوا بمنع غير المتطهر من مس المصحف بالآية ، وبحديث : (( لا يمس القرآن إلا طاهر )) ، وليس بين هذه النصوص – ولله الحمد – أي تعارض .
وقول الكاتب : " ثم هل عُظِّمت صحائف المصحف إلا لما فيها من كلام الله ..فهل تجوز القراءة ويُمنع المس .. ومن يفرق بينهما يعوزه الدليل ولا دليل " ؛ أقول : قوله هذا مجرد رأي يخالف النصوص السابقة ، وقد قال هو في موضع آخر من رسالته : " لا يجدر بمؤمن عاقل أن يعرف الحق بدليله ، ثم يعدل عنه إلى ما سواه ، اتباعاً لرأي .. " (2) . فإن الأدلة قد دلت على التفريق كما سبق ، وجرى على ذلك جمهور العلماء ، إلا القليل ،بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك (3) وفيه نظر لوجود مخالف كابن عباس من الصحابة ،والطبري والبخاري وغيرهم ، والكثرة والقلة وإن لم تكن حجة في الأحكام ، إلا أنها – في الغالب –قرينة على قوة القول أو ضعفه ،لا سيما في المسائل العلمية . والله تعالى أعلم .
__________
(1) - انظر ص28 من هذا البحث . وقد أخرج هذا الحديث أبو يعلى الموصلي في مسنده 1/ 300ح 365 بلفظ مقارب ، ت حسين سليم ،وقال : إسناده قوي ، ط دار المأمون للتراث ، بيروت . وقال الهيثمي : رجاله موثوقون .
(2) - انظر : ص 29 .
(3) - انظر : حاشية الروض المربع لعبد الرحمن بن قاسم / 1/ 262. الطبعة الثانية 1403هـ . ونيل الأوطار للشوكاني 1/260. ط دار الفكر .الطبعة الأولى 1403هـ .(1/27)
8- ثم قال ( ص 20 ) تحت عنوان : (استدلال متناقض ) : " وإنه لمن الغريب حقاً أن يجوّز بعض العلماء – كما أشرت – مس المصحف للجنب إن كان معلماً أو متعلماً ،أو كان بعضاً منه كالآية والآيتين ، أو قراءة الجنب للآية أو الآيات إن قصد بقراءتها الدعاء ، كل هذا التفريق لا دليل لهم عليه، لا من كتاب ، ولا من سنة ، إنما هو الرأي وحده .. "
والجواب: قد تضمن قوله هذا ثلاث مسائل :
الأولى : مس الجنب للمصحف إن كان معلماً أو متعلماً ،ولم يذكر من قال بهذا القول ، وليس هذا قول الجمهور .
الثانية : مس الجنب للمصحف إن كان بعضاً منه كالآية والآيتين ، وهذا لا أدري كيف يكون ، وليس هو أيضاً قول الجمهور .
الثالثة: قراءة الجنب للآية أو الآيتين إن قصد بها الدعاء، وهذا قد قال به العلماء وأجازوه، وهو قول وجيه، والدليل على التفريق بين التلاوة والدعاء قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات ،وإنما لكل امرئ ما نوى " (1). ،وهذا الحديث أصل من أصول الشريعة ، وهو من القواعد الكلية الكبرى في الفقه ، فمن ركب دابته وقال : (( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ )) (الزخرف: 13، 14 ) .
ونوى بذلك دعاء الركوب، لم يُعَدَّ تالياً للقرآن ، وكذا من قال ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ولم ينو بذلك التلاوة ، وأمثلة هذا كثيرة ، فكيف يقال إنه لا دليل على التفريق ؟!
9- ثم قال الكاتب في الخاتمة ما نصه :
" فهلا عقل أولئك الظانون بأنفسهم أنهم علماء، أن وعي الدين ، ومعرفة الأحكام ، إنما يكون بفهم ما أنزل الله على نبيه الأمين، من وحيه المحفوظ: (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )) (الحجر،:9) .
__________
(1) - أخرجه البخاري في بدء الوحي ، باب : كيف كان بدء الوحي ،ومسلم في كتاب الإمارة ، باب قوله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنية .(1/28)
وليس من تقليد يُشفى بهم على الهلكة !! أفليس ما تقدم من براهين شرعية، واستدلالات استنباطية ، ودلالات لغوية بكاف على صحة ما ذهبنا ( كذا ) ، وسبقنا إليه عدد من الأئمة والعلماء متقدمين ومتأخرين – رحمهم الله أجمعين – ثم أليس هذا بمبطل ذلك الرهق المذهبي الذي جثم على عقول طوائف من جهلة المقلدة من أشباه العلماء – ولا علماء – وأدعياء العلم الجاهلين السفهاء ؟! .. " ( ص30 ) .
وأقول: إن هذا الذي قاله الكاتب في خاتمته – غفر الله له – هو من الجهل والسفه ، فإن القائلين بالمنع هم جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة – رحمهم الله - ؛ أفيكون متبع أولئك الأئمة الأعلام – مع قوة أدلتهم ووضوحها – مقلداً تقليداً يُشفى به على الهلكة ؟!! أو من جهلة المقلدة من أشباه العلماء – ولا علماء وأدعياء العلم الجاهلين السفهاء ؟!!، فضلاً أن يكون الأئمة أنفسهم كذلك ( لأن كلام الكاتب يتناولهم أيضاً ).
أظن أن هذه الأوصاف أولى بها قائلها، لا سيما وقد تبين ما في كلامه من التناقض والاضطراب والإبهام ، وضعف التحقيق العلمي وتوثيق النصوص، وعدم الفهم الصحيح لها، والقول على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم، والجرأة على التحريم والتحليل بناء على عمومات مطلقة، إلى غير ذلك . .
وليته اقتصر على هذا؛ بل راح يسفه من خالفه ويجهله ويضلله، ولئن كان الخلاف والرد سائغاً في المسائل الاجتهادية؛ فإن التجهيل والتسفيه غير سائغ.(1/29)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تقرير هذه المسألة : " ولهذه وجب بيان حال من يغلط في الحديث والرواية ، ومن يغلط في الرأي والفتيا، ومن يغلط في الزهد والعبادة ، وإن كان المخطئ المجتهد مغفوراً له خطؤه ، فبيان القول والعمل الذي دل عليه الكتاب والسنة واجب؛ وإن كان في ذلك مخالفة لقوله وعمله [ أي المخطئ ] . ومن عُلم منه الاجتهاد السائغ فلا يجوز أن يُذكر على وجه الذم والتأثيم له؛ فإن الله غفر له خطأه ، بل يجب – لما فيه من الإيمان والتقوى – موالاته ومحبته ، والقيام بما أوجب الله من حقوقه من ثناء ودعاء وغير ذلك .." (1) . هذا إن اجتهد فأخطأ ؛ فكيف إن اجتهد ولم يُجزم بخطئه ؟ ؛ فكيف إذا وافقه على اجتهاده جمهور العلماء ؟ ، فكان الأولى بالكاتب أن يقول : هذا ما ظهر لي ، وما فهمته من النصوص ؛ فإن كنت مصيباً فالحمد لله ، وإلا فإني أستغفر الله .. أو كلاماً نحو ذلك ، كما هو ديدن أهل العلم الناصحين الموفقين . ولهذا كانت الردود المتشنجة ، الممزوجة بالشتائم والسباب والتجهيل والتسفيه معياراً دقيقاً – كما نص على ذلك بعض أهل العلم – لعدم أهلية أصحابها ، أو سوء نيتهم وطويتهم (2) .
هذا ، وبناء على كل ما سبق ؛ فإني لا أزعم أن كل ما قلتُه في بحثي صواباً ، فإني أبرأ إلى الله من ذلك ،وإني على استعداد للرجوع إلى الحق متى ظهر بأدلته . والله ولي التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد .
خاتمة البحث
وتتضمن خلاصة ما تم التوصل إليه ، ويمكن تلخيصه في النقاط التالية :
__________
(1) - انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام 28/ 233. وانظر : كتاب الردود لبكر أبو زيد ، الرسالة الأولى : الرد على المخالف من أصول الإسلام ص 43 . ط دار العاصمة . الطبعة الأولى 1414هـ .
(2) - انظر: كتاب الردود ص 68.(1/30)
1-أن المراد بالكتاب المكنون في قوله (( فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ)): الصحف التي بأيدي الملائكة كما دلت على ذلك الآيات التي في سورة عبس، وليس اللوح المحفوظ.
2- أن القراءة الصحيحة المشهورة في الآية هي المثبتة في المصحف ( المطهَّرون ) ومعناه الملائكة ،إذ إن المتوضئ لا يوصف بكونه مطهَّراً ، إلا أن الآية وإن كانت قد دلت على ذلك بصريح العبارة ؛ فإنها تدل بالتنبيه والإشارة على أن المصحف لا يمسه إلا طاهر متوضئ ، لأن الصحف التي في السماء إذا كان لا يمسها إلا المطهرون –وهم الملائكة –فكذلك الصحف التي بأيدينا ، فإنها فرع عنها ،فلا ينبغي أن يمسها إلا متطهر ،ويؤيد ذلك القراءات الشاذة الواردة في الآية ، فإنها تفيد هذا المعنى ، وكذا ما ورد في السنة من أن المصحف لا يمسه إلا طاهر .
3- أن قوله : (( لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)) ، وكذا قوله : " لا يمس القرآن إلا طاهر " خبر عن الشرع ، وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم عن مكة : " لا يعضد شجرها " أي لا يحل أن يعضد شجرها ، فإن وقع خلاف ذلك فهو غير الشرع .
4- أن المراد بالطهارة في الآية – على القراءات الأخرى – وكذا في الحديث: الطهارة الحسية ، وعلى هذا لا يجوز للمحدث حدثاً أصغر ، ولا للحائض مس المصحف بدون حائل .
5- أن الجنب لا يجوز له مس المصحف ، ولا قراءة شيء من القرآن ، ولو آية واحدة ، وذلك بأدلة الكتاب والسنة ، وأن الجنب غير الحائض ، لأن الحائض تطول مدتها ، والأمر ليس بيدها، ولم يرد دليل صحيح صريح يمنعها من القراءة ، بخلاف الجنب ،فإن أمره بيده ، فمتى شاء اغتسل ، كيف وقد وردت أحاديث تمنعه من القراءة .
والله تعالى أعلى وأعلم . وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه .
قاله وكتبه/ د. محمّد بن عبد العزيز المسند
عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالرياض
قسم الدراسات القرآنية
الرياض: 11457 ص ب: 29459
فهرس الآيات
السورة الآية رقم الصفحة(1/31)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آل عمران ( قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا ) 93 16
التوبة ( إنما المشركون نجس) 28 21
الحجر ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ ) 9 43
الشعراء ( وما تنزلت به الشياطين ) 210 16
= ( وما ينبغي لهم وما يستطيعون ) 211 16
الزخرف ( سبحان الذي سخر لنا هذا ..) 13 34
= ( وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) 14 34
الواقعة ( إنه لقرآن كريم ) 77 16
= (في كتاب مكنون ) 78 8،16،37
= ( لا يمسه إلا المطهرون ) 79 2،8،9،14،16،18
37
= ( تنزيل من رب العالمين ) 80 9،17،18
الجمعة ( مثل الذين حملوا التوراة ) 5 16
المزمل ( وآخرون يقاتلون في سبيل الله ) 20 24
عبس ( عبس وتولى ) 1 7
= ( كلا إنها تذكرة ) 11 7
= ( فمن شاء ذكره ) 12 7
= ( في صحف مكرمة ) 13 7
= ( مرفوعة مطهرة ) 14 7
= ( بأيدي سفرة ) 15 7
فهرس الأحاديث
الحديث رقم الصفحة
" افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"
" اكتب ، فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق "
" إنما الأعمال بالنيات "
"كان رسول الله لا يحجبه عن القرآن شيء ليس القرآن "
" كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه "
" كان يتكئ في حجري وأنا حائض "
" لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر "
" لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن "
" لا يمس القرآن إلا طاهر "
" المؤمن لا ينجس "
" هذا لمن ليس بجنب ، أما الجنب "
" ولا يعضد شجرها "
فهرس الأعلام .
( أ )
أحمد بن حنبل
الأثرم
(ب )
البخاري: محمد بن إسماعيل
ابن بطال
(ت )
الترمذي : محمد بن عيسى الترمذي
ابن تيمية : أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني
( ث )
ثوبان مولى عثمان
( ج )
جابر بن عبد الله
ابن جرير: أبو جعفر محمد بن جرير الطبراني
( ح )
ابن حبان : أبو حاتم محمد
ابن حجر : الحافظ أحمد بن علي العسقلاني
ابن حزم : علي بن أحمد
الحسن البصري
حكيم بن حزام
أبو حيان : أثير الدين محمد بن يوسف
(خ)
ابن خالويه(1/32)
ابن خزيمة : محمد بن إسحاق النيسابوري
( د)
ابن دقيق العيد
( ر)
ابن رشد
( ز )
الزركشي: بدر الدين
الزمخشري : جار الله محمود
(س )
سلمان الفارسي
(ع )
عائشة أم المؤمنين
عبد الله بن عباس
عبد الله بن عمر
عبد الله بن عمرو بن العاص
عبد الله بن عون
عبد الله بن مسعود
أبو عبيد : القاسم بن سلام
عثمان بن أبي العاص
ابن العربي : أبو بكر محمد بن عبد الله
ابن عطية : أبو محمد عبد الحق
علي بن أبي طالب
عمر بن الخطاب
عمرو بن حزم
أبو عمرو البصري
عيسى الثقفي
(ق )
ابن قيم الجوزية
(ك )
ابن كثير : أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي
الكرماني
(م)
مالك بن أنس
مسلم بن الحجاج القشيري
(ن)
نافع مولى ابن عمر
(و )
وكيع بن الجراح
( ي )
يعقوب بن سفيان
فهرس المصادر والمراجع
الكتب :
القرآن الكريم
( أ )
1- أحكام القرآن، أبو بكر ابن العربي. تحقيق: علي البجاوي، دار المعرفة. بيروت – لبنان .
2- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، محمد بن ناصر الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت. ط1، 1399هـ.
3- إظهار الحقّ المبين بتأييد إجماع الأئمّة الأربعة على تحريم مسّ وحمل القرآن لغير المتطهّرين، محمد بن عليّ ابن عايد المالكي المكي، تحقيق ودراسة: بسّام بن سليمان اليوسف، ط1، 1425هـ.
4- إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. دار الفكر، بيروت – لبنان.
( ب)
5- البرهان في علوم القرآن، بدر الدين الزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم. دار الجيل، بيروت – لبنان؛ 1408هـ
(ت)
6- تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة. دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان.
7- التبيان في أقسام القرآن، ابن قيم الجوزيّة. توزيع رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالرياض.
8- تفسير القرآن العظيم، الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي، دار المعرفة، بيروت – لبنان: 1403هـ.(1/33)
8- تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، ابن حجر العسقلاني. تحقيق: شعبان محمد إسماعيل. مكتبة ابن تيمية.
(ج)
9- الجامع لأحكام القرآن، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، تصحيح: أحمد البردوني، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان.
( ح )
10- حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع، عبد الرحمن بن قاسم. ط2، 1403هـ.
11- حاشية مقدمة التفسير، عبد الرحمن بن قاسم. ط2، 1410هـ.
12- الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام، محمد ناصر الألباني. الدار السلفية، ط3، 1400هـ.
(ر)
13- الردود، بكر أبو زيد. دار العاصمة، الرياض. ط1، 1414هـ.
(س )
14- سبل السلام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام، أحمد بن علي الصنعاني، تصحيح وتعليق: محمد محرز حسن سلامة. توزيع جامعة الإمام محمد بن سعود، 1397هـ.
15- سير أعلام النبلاء، شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق جماعة بإشراف وتخريج: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط4، 1406هـ.
(ش)
16- شرح مقدمة التفسير، محمد بن عثيمين. دار الوطن، الرياض. ط1، 1401هـ.
(ص)
17- صحيح البخاري، بعناية مصطفى ديب البغا، دار القلم، بيروت – لبنان، ط1، 1401هـ.
18 – صحيح الجامع الصغير، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي بيروت، ط3، 1402هـ.
19- صحيح سنن ابن ماجه، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت. ط3، 1408هـ.
20- صحيح مسلم، توزيع دار الإفتاء بالرياض.
( ف)
21- فتاوى إسلامية، جمع وترتيب محمد المسند، دار الوطن. ط1، 1415هـ.
22- فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن حجر، بعناية محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة – بيروت – لبنان.
(ق)
23- قراءة عبد الله بن مسعود.. مكانتها مصادرها إحصاؤها، محمد أحمد خاطر. دار الاعتصام.
24- قرة العينين برفع اليدين في الصلاة، الإمام البخاري. تحقيق: أحمد شريف. دار الأرقم. الكويت.
(ك )(1/34)
24- الكشاف، جار الله الزمخشري، بتخريج الحافظ بن حجر. دار المعرفة، بيروت – لبنان.
(م)
26- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن قاسم.
27- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، عبد العزيز بن باز، جمع وترتيب وإشراف محمد الشويعر. دار أولي النهى، 1413هـ.
28- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، أبو محمد عبد الحق بن عطية. بتحقيق جماعة، توزيع رئاسة المحاكم الشرعية بقطر، ط1، 1398هـ.
29- مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع لابن خالويه، عني بنشره: ج. برجشتراسر. دار الهجرة.
30- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ابن قيم الجوزية. تحقيق: محمد حامد الفقي. دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان. ط2، 1394هـ.
31- المسند للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله. بتخريج: أحمد شاكر، دار المعارف بمصر. ط4، 1373هـ.
32- معجم القراءات القرآنية، عبد العال سالم مكرم، وأحمد مختار عمر. مطبوعات جامعة الكويت. ط1، 1405هـ.
33- المغني والشرح الكبير، ابن قدامة المقدسي. المكتبة السلفية.
34- المنتقى من أخبار المصطفى، المجد بن تيمية، طبع ونشر رئاسة البحوث العلمية والإفتاء بالرياض.
(ن)
35- نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، محمد بن علي الشوكاني، دار الفكر، بيروت – لبنان. ط1، 1402هـ .
الدوريات :
36- مجلة البحوث الإسلامية، العدد الثالث عشر.
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
ــــــــــــــــــــــــــ
- المقدمة ......................................
- تمهيد ......................................
- تحقيق معنى قوله تعالى : {لا يمسه إلا المطهرون }
- بيان خطأ الكاتب في نقله وفهمه لكلام ابن كثير ومالك .
- بيان تناقضه فيما يتعلق بإعادة الضمير في الآية .
- الرد عليه في إنكاره وجود قراءات أخرى في الآية .
- القراءة الشاذة تفسر الآية وتبينها كما نص على ذلك أهل الشأن .
- بيان معنى الخبر في الآية ، والرد على الكاتب .(1/35)
- كلام ابن القيم في بيان المعاني التي دلت عليها الآية .
- عدم تفريق الكاتب بين التنزل الأول والثاني للقرآن ، والرد عليه .
- حديث عمرو بن حزم، واستدلال الجمهور به ، وجواب الكاتب عليه .
- الرد على الكاتب فيما أجاب به على الحديث.
- قول وكيع عن بعض طلاب الحديث.
- استدلال الكاتب بحديث ( المؤمن لا ينجس ) ، والجواب عنه .
- استدلاله بحديث عائشة ( كان يذكر الله على كل أحيانه ) ، والجواب عنه .
- بيان شيء من تناقضات الكاتب عفا الله عنا وعنه .
- استدلاله بالكتب التي يبعثها النبي للكفار على جواز مس الكافر للمصحف والجواب عنه.
- قوله إن القرآن لم يجمع في كتاب إلا في المدينة والجواب عنه.
- بيان شيء من اضطراب الكاتب واستثناءاته المتكلفة ..
- إباحته للجنب قراءة القرآن ومس المصحف بحديث عائشة " افعلي ما يفعل الحاج " وبيان تصرفه بالحديث من زيادة ونقص ، وفهمه الخاطئ له ، والرد عليه .
- حديث صريح في منع الجنب من قراءة القرآن .
- إثبات عدم صحة قياس الجنب على الحائض .
- بيان شيء من إيهام الكاتب وإبهامه لكلام الأئمة .
- عبارة غير مفهومة من كلام الكاتب .
- تحذيره من القول بالرأي ثم هو يقول برأيه .
- إتيانه بأقوال شاذة لم يقل بها الجمهور .
- زعمه بأن لا دليل على التفريق بين التلاوة والدعاء عند القراءة والرد عليه .
- ما أورده الكاتب في خاتمته من الألفاظ الجارحة والعبارات الجافة لمن خالف رأيه ، والرد عليه في ذلك .
- ذكر ما قرره شيخ الإسلام رحمه الله في مسألة الرد على المخالف ، وهو كلام نفيس .
- الفهارس ......................................
- فهرس الآيات ......................................
- فهرس الأحاديث ......................................
- فهرس الأعلام ......................................
- فهرس المراجع ......................................
-(1/36)