الدورة التاسعة عشرة
إمارة الشارقة
دولة الإمارات العربية المتحدة
دور الهيئات الشرعية في ضبط أعمال
المؤسسات المالية الإسلامية
( عرض ومراجعة )
إعداد
د. أحمد الإسلامبولي
الباحث في الاقتصاد الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
... بناءً على دعوة كريمة من مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، للكتابة في محور: "دور الرقابة الشرعية في ضبط أعمال البنوك الإسلامية .. أهميتها، وشروطها، طريقة عملها". لتقديم بحث لدورة المجمع التاسعة عشرة التي ستبدأ فعالياتها بإذن الله يوم 26-4-2009م، في إمارة الشارقة بدورة الإمارات. يطيب لي أن أجيب الدعوة، وأن يكون عنوان الموضوع هو: "دور الهيئات الشرعية في ضبط أعمال المؤسسات المالية الإسلامية..عرض ومراجعة".
... ويبدو لي أن المجمع قد أبدى اهتماماً خاصاً بهذا المحور ليكون أحد محاور الدورة القادمة (التاسعة عشرة) نظراً لأهميته في مسيرة المصرفية والتمويل الإسلامي، وما أُثير حوله من ملاحظات وقضايا تنظيمية وعملية تمخضت عن التطبيق. ولعل هذا الأمر يجعل الهدف من الاستكتاب متجهاً صوب عرض أهم القضايا والمشكلات المثارة حول التطبيق المعاصر، ومراجعتها، على أمل أن تقدم المراجعة قيمة مضافة قد تُسهم في معالجة هذه القضايا.
... ولقد رأيت أن أستخدم في العنوان مصطلح "الهيئات الشرعية" خروجاً من الخلاف، فقد تبين لي من خلال الكثير من الكتابات المعاصرة التي تعرضت لهذا الموضوع أن هناك خلطاً غير مقصود بين دور الفتوى ودور الرقابة، فيستعمل الكاتب مصطلح (الرقابة الشرعية) ويتناول الفتوى مع الرقابة. لذا رأيت أن أستخدم مصطلح "الهيئات الشرعية" ليلبي حاجة من قصد الرقابة أو قصد معها الفتوى. كما رأيت أن أستبدل "البنوك الإسلامية" الواردة في عنوان المحور بالمؤسسات المالية الإسلامية، لأن هذه الأخيرة أشمل وأعم، ولا غنى لها هي الأخرى عن الهيئات الشرعية.(1/1)
... كما لاحظت أن الكتابات التي تعرضت لموضوع الهيئات الشرعية محدودة، وهذا أمر غير مستغرب إذا علمنا أن التطبيق المعاصر للاقتصاد والمصرفية والتمويل الإسلامي حديث عهد ولا يكاد يجاوز الأربعين عاماً. لذا فإن الباحث سيعتمد بدرجة أكبر على خبرته إلى جانب الأدبيات المتاحة، إذ قد أتيح له أن يعمل في هذه المؤسسات منذ عام 1979م حتى الآن. أضف إلى ذلك أن أغراض هذا الاستكتاب تحتاج إلى تناول القضايا والمشكلات المعاصرة ومعالجتها أكثر من حاجتها إلى الإحالات والتوثيق، خاصة وأن هذه القضايا ليست تاريخية، بل معاصرة، عاشها ويلمسها المهتمون.
... هذا وقد رأيت أن أتناول موضوع الدراسة من خلال استعراض حالات عملية لبعض المصارف الإسلامية للوقوف على آليات هيئاتها الشرعية ثم تحليل أساليب عملها توطئة لتقويمها. إذ إن متابعة هذه الممارسات تقود إلى الكثير من القضايا والمشكلات المثارة، وإلى أسبابها، ومن ثم كيفية معالجتها. مع ملاحظة أن هذه الدراسة لا تُعنى باستيعاب المصارف الإسلامية كحالات عملية، بل تكتفي بالبعض الذي يحقق الهدف من الدراسة.
... أما عن المصارف التي سيتم التعرض لها بالدراسة فهي:
1) بنك فيصل الإسلامي المصري.
2) بنك فيصل الإسلامي السوداني.
3) شركة الراجحي المصرفية للاستثمار.
4) بنك دبي الإسلامي.
... حيث سيتم عرض البيانات والمعلومات الخاصة بالهيئات الشرعية الخاصة بكل مصرف، من خلال قانون إنشاء المصرف ونظامه الأساسي وتقارير هيئته الشرعية وغير ذلك من المصادر، سواء كانت ورقية أو إلكترونية عن طريق الموقع الإلكتروني للبنك محل الدراسة، بحسب ما هو متاح. ثم يتم تحليل هذه البيانات والتعليق عليها من أجل تقويمها للوقوف على أهم القضايا والمشكلات، وتحديد أسبابها، ووضع الضوابط المناسبة لتلافيها، والتي يمكن أن تكون على شكل مشروع قرار يمكن أن يصدر عن المجمع، باعتباره أحد الموجهات العامة للبحوث المقدمة إلى دورات المجمع.(1/2)
أسأل الله جل شأنه أن يوفقني وإياكم لما يحب ويرضى،،،
د. أحمد الإسلامبولي
باحث بالمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب
البنك الإسلامي للتنمية – جدة.
مقدمة
... الاقتصاد الإسلامي كفكر ومفهوم ليس وليد التطبيق المعاصر كما قد يظن البعض، ولكنه قديم قدم الإسلام، والفقه الإسلامي منذ القدم مليء بنماذج وأمثلة تؤكد تطبيق الفقهاء له قبل نشوء علم الاقتصاد بتقسيماته المعاصرة، وجاء علم أصول الفقه ليحكم منهج استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، ومن ثم فهو يمثل ضمانة لقدرة الفقه الإسلامي على التطور والتعامل مع ما يستجد من أقضية ونوازل، ويكفي أن الفقهاء القدامى كانوا يضعون أجوبة شرعية لمسائل لم تقع بعد استشرافاً للمستقبل.
... هذا وقد بدأ التطبيق المعاصر للاقتصاد الإسلامي والمصرفية والتمويل الإسلامي منذ حوالي الأربعين سنة، وقد رافق التطبيق وجود هيئات شرعية تُعنى بضبط الممارسة حتى لا تخرج عن إطارها الشرعي الذي يُعَدُ السمة المميزة لها، حيث حرصت كل مؤسسة مالية إسلامية على الاستعانة بهيئة شرعية ترجع إليها قبل الشروع في أي نشاط قد يحتاج إلى حكم شرعي، وترجع إليها لمراقبة نشاطها أثناء وبعد الإنجاز للتأكد من سلامة أدائها، وضبط الخطأ والعمل على تصويبه ومنع تكراره إن وُجد. مع ملاحظة أن الرقابة الشرعية ليست وليدة الممارسات المعاصرة، بل يوجد لها تطبيقات تعود إلى صدر الإسلام من خلال نظام الحسبة في الرقابة على الأسواق للاطمئنان على انضباطها شرعاً.(1/3)
... ونظراً لأن المؤسسات المالية الإسلامية من شركات استثمار ومصارف بدأت كتجارب فردية ثم قُدِّرَ لها أن تنتشر فيما بعد في بلاد وأقاليم متباينة ومترامية الأطراف، كان لا بد من وجود تباين في تكوينها ونشاطها، الأمر الذي أدى إلى وجود اختلافات واضحة في هياكلها التنظيمية، وممارستها لأنشطتها العملية، فاختلفت أشكال أجهزتها الشرعية، بين من يستعين بمستشار شرعي، ومن يستعين بهيئة. كما اختلفت الجهة التي تُعنى بتعيين الجهاز الشرعي، كأن يكون مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية، وهو أمر له انعكاساته على حياد الجهاز الشرعي. كما أن تعدد الآراء الشرعية في المسألة الواحدة أدى إلى تعدد الفتاوى والتطبيق فيما بين المؤسسات المالية الإسلامية، وهي مسألة تحتاج إلى نظر لتضييق الخلاف، إضافة إلى قضية التزام المؤسسة بما يصدر عن جهازها الشرعي من فتاوى، وقضية تعدد العضوية للعضو الواحد في أكثر من مؤسسة مالية، وقضية امتلاك العضو أسهماً في المؤسسة التي يعمل في جهازها الشرعي، وغير ذلك من قضايا أفرزتها التطبيقات المعاصرة، وأصبحت تحتاج إلى حلول، وتتطلع الأنظار إلى مجمع الفقه الإسلامي الدولي لوضع الحلول المناسبة، لأن هذه القضايا تحتاج إلى قرارات مجمعية، حبذا لو كانت على مستوى وثقل مجمع الفقه الإسلامي الدولي.(1/4)
وحتى يمكن تغطية القضايا والمشكلات التي ظهرت من خلال التطبيق المعاصر للمؤسسات المالية الإسلامية، سواء كانت ذات طبيعة تنظيمية أو عملية، لعله من المناسب أن نستعرض عدداً من هذه المؤسسات من حيث تكوين وممارسة هيئاتها الشرعية، وذلك من خلال ما أُتيح للباحث من مصادر معلومات، سواء كانت ورقية أو إلكترونية عبر الشبكة العنكبوتية لمواقع هذه المؤسسات أو ما مر بالباحث من معلومات من واقع خبرته العملية ومعايشته للتجربة. وبعد عرض البيانات والمعلومات الخاصة بهذه المؤسسات سيقوم بالتعليق عليها حيث يسجل أهم ملاحظاته حولها، ثم يقدم مراجعة عامة يحقق من خلالها هدف هذه الدراسة، وهو العمل على ضبط أعمال المؤسسات المالية الإسلامية عن طريق الهيئات الشرعية. وبناء على ذلك سيتم تناول ما يتعلق بالهيئات الشرعية في:
الحالات العملية:
1) بنك فيصل الإسلامي المصري.
2) بنك فيصل الإسلامي السوداني.
3) شركة الراجحي المصرفية للاستثمار.
4) بنك دبي الإسلامي.
... ثم يقدم: مراجعة عامة لدور الهيئات الشرعية في ضبط أعمال المؤسسات المالية الإسلامية.
... ثم يختتم بأهم النتائج والتوصيات.
أولاً
بنك فيصل الإسلامي المصري
... ناقش القانون رقم (28) لسنة 1977 بإنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري ما يتعلق بتشكيل هيئة رقابة شرعية، وأحال كيفية تشكيلها وممارستها لعملها واختصاصاتها الأخرى إلى النظام الأساسي للبنك، لذا تبدو أهمية تناول مواد القانون المذكور ذات العلاقة، إضافة إلى ما يتعلق بهيئة الرقابة الشرعية من مواد في النظام الأساسي للبنك. كما يبدو أن التعرض لمعلومات عن هيئة الرقابة الشرعية وأعضائها إضافة لآخر تقرير متاح للهيئة يمكن أن يفيد في معرفة المزيد في هذا الخصوص. بعد ذلك يمكن إبداء الملاحظات التي تعن للباحث حول ما تم ذكره. وعلى ذلك سيتم تناول:
أ- المواد ذات العلاقة من قانون إنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري.(1/5)
ب- المواد ذات العلاقة من النظام الأساسي لبنك فيصل الإسلامي المصري.
ج- هيئة الرقابة الشرعية للبنك.
د- تقرير هيئة الرقابة الشرعية للبنك في 31 ديسمبر 2007م (22ذو الحجة 1428هـ).
ه- الملاحظات.
أ المواد ذات العلاقة من القانون رقم (28) لسنة 1977 بإنشاء بنك فيصل الإسلامي المصري (1) :
? مادة (1): يرخص في تأسيس شركة مساهمة مصرية طبقاً لأحكام هذا القانون تسمى "بنك فيصل الإسلامي المصري".
? مادة (2): غرض البنك القيام بجميع الأعمال المصرفية والمالية والتجارية وأعمال الاستثمار وإنشاء مشروعات التصنيع والتنمية الاقتصادية والعمران والمساهمة فيها في الداخل والخارج وفقاً لما هو موضح في النظام الأساسي للبنك.
? مادة (3): تخضع جميع معاملات البنك وأنشطته لما تفرضه الأحكام والقواعد الأساسية في الشريعة الإسلامية وخاصة فيما يتعلق بتحريم الربا وبأداء الزكاة المفروضة شرعاً وتعتبر الزكاة التي يؤديها البنك من قبيل التكاليف على الإنتاج، ويتولى شيخ الجامع الأزهر ووزير الأوقاف التحقق من التزام البنك بتحصيل الزكاة وإنفاقها في مصارفها الشرعية. وتشكل بالبنك هيئة الرقابة الشرعية تتولى مطابقة معاملاته وتصرفاته لأحكام وقواعد الشريعة الإسلامية. ويحدد النظام الأساسي للبنك كيفية تشكيلها وممارستها لعملها واختصاصاتها الأخرى.
ب المواد ذات العلاقة من النظام الأساسي لبنك فيصل الإسلامي المصري (هيئة الرقابة الشرعية) (2) :
__________
(1) ... (أ) البعلي، عبد الحميد محمود: الاستثمار والرقابة الشرعية، بنك فيصل الإسلامي، جمهورية قبرص التركية، الطبعة الأولى 1411هـ (1991م) ص241.
... (ب) المدخل لفقه البنوك الإسلامية، الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، طبعة 1404هـ (1983م) ص 183.
(2) ... (أ) البعلي، عبد الحميد علي: الاستثمار والرقابة الشرعية، مرجع سابق، ص 247- 248.
... (ب) ـ : المدخل لفقه البنوك الإسلامية، مرجع سابق، ص 191- 192.(1/6)
? مادة (40): تُشكّل هيئة الرقابة من خمسة أعضاء على الأكثر يُختارون من علماء الشرع وفقهاء القانون المقارن المؤمنين بفكرة البنك الإسلامي، تُعَيّنهم الجمعية العمومية كل ثلاث سنوات، وتُحدد مكافآتهم بناء على اقتراح مجلس الإدارة. وتكون مهمة هيئة الرقابة تقديم المشورة والمراجعة فيما يتعلق بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية. ويكون لها في هذا الصدد ما لمراقبي الحسابات من وسائل واختصاصات. ويجوز لمجلس الإدارة أن يدعو من يمثل هيئة الرقابة لحضور أي جلسة من الجلسات ولا يكون له صوت معدود. كما يجوز للهيئة طلب عقد جلسة خاصة لمجلس الإدارة لشرح وجهة نظرها في المسائل الشرعية إذا اقتضى الحال ذلك. واستثناء مما تقدم تكون مدة هيئة الرقابة الأولى أربع سنوات. كما يختار المؤسسون أعضاء هيئة الرقابة الأولى بمجرد صدور القانون والنظام الأساسي.
? مادة (41): تسلك هيئة الرقابة في عملها وفي علاقاتها مع إدارة البنك وهيئاته المختلفة ما يسلكه مراقبا الحسابات من وسائل واختصاصات وفقاً لنصوص هذا النظام.
? مادة (42): تحدد الجمعية العمومية العادية للبنك مكافآت وبدلات الحضور لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة وأعضاء هيئة الرقابة عند اعتماد الميزانية، على ألا تتجاوز في مجموعها عشرة في المائة ولا تقل عن خمسة في المائة من صافي الأرباح. ويحدد المؤسسون مكافآت وبدلات رئيس وأعضاء مجلس الإدارة وأعضاء هيئة الرقابة الشرعية على السنة الأولى للبنك على أن يتم حسابها من مصروفات التأسيس.
ج- هيئة الرقابة الشرعية للبنك (1) :
__________
(1) ... الموقع الإلكتروني لبنك فيصل الإسلامي المصري(http://www.faisalbank.com.eg)، تاريخ الاستفادة من الموقع 14/1/1430هـ (10/1/2009م).(1/7)
... في ضوء التزام بنك فيصل الإسلامي المصري بإجراء معاملاته وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وبالنظر إلى أن العقود المبرمة بينه وبين عملائه مصدرها هو الشريعة الغراء، فقد نص النظام الأساسي للبنك على إخضاع كافة المعاملات للرقابة الشرعية من خلال هيئة مشكلة لهذا الغرض. وتتشكل هيئة الرقابة الشرعية في بنك فيصل الإسلامي المصري من (5) أعضاء على الأكثر، تعينهم الجمعية العامة كل (3) سنوات، ويتحتم أن يكون هؤلاء الأعضاء من علماء الشرع وفقهاء القانون المقارن، الذي يثبت إخلاصهم لفكرة النظام المصرفي الإسلامي، والهيئة بذلك لا تخضع لإدارة البنك، وتتمثل أهم مهامها في الآتي:
- المشورة: أي إبداء الرأي الشرعي مسبقاً في الموضوعات والمسائل فيما يتعلق بأعمال البنك ومعاملاته ونشاطاته المختلفة، وبيان مدى توافقها لأحكام الشريعة.
- المراجعة: أي مراجعة أعمال البنك ومعاملاته وسائر أنشطته للتحقق من أمرين، الأول: ما قامت الإدارة بتنفيذه من أعمال سبق عرضها على الهيئة نُفّذ وفقاً لأحكام الشريعة. الثاني: أن ما قامت به الإدارة من أعمال لم يسبق عرضها على الهيئة يوافق أحكام الشريعة.
أعضاء هيئة الرقابة الشرعية:
??? فضيلة الدكتور/ نصر فريد واصل ... رئيساً
·?الدكتور/ محمد رأفت عثمان ... عضواً
? الأستاذ/ علي أحمد حمدي ... عضواً
·?الدكتور/ عبد الهادي محمد زارع ... عضواً
? المستشار/ عبد العاطي الشافعي ... عضواً
د- تقرير هيئة الرقابة الشرعية للبنك عن العام المالي المنتهي في 31ديسمبر 2007م (22ذو الحجة 1428هـ) (1) :
__________
(1) ... المصدر السابق مباشرة.(1/8)
الحمد لله على نعمة الإسلام وما أعظمها نعمة، والصلاة والسلام على رسل الله أرسلهم الله تبارك وتعالى دعاة خير وإصلاح، وكلفهم بتبليغ منهج العدل والاعتدال، وجعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والرسل فقال عز وجل مخاطباً إياه: "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً * وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً" (1) . وبعد...
فقد اجتمعت هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي المصري في يوم الأحد 26من المحرم 1429هـ الموافق 3فبراير 2008م، وذلك بمقرها الرسمي للنظر في الميزانية ونتائج أعمال البنك عن العام المالي المنتهي في 31ديسمبر2007م. وناقشت الهيئة ممثل البنك فيما ورد في الميزانية والقوائم المالية وقائمة الدخل تفصيلاً على النحو المبين بمحضر الجلسة، حيث تبين من المناقشات والاستفسارات حول حصاد العام 2007م أن بنك فيصل الإسلامي المصري بتوفيق من الله وعنايته يقوم بأعماله الاستثمارية والخدمات المصرفية للمتعاملين معه في إطار أحكام الشريعة الغراء.
وقد فوضت الهيئة فضيلة رئيسها في إعداد التقرير الذي يُرفع إلى السادة مساهمي بنك فيصل أعضاء الجمعية العامة.
هذا وقد ورد بمحضر اجتماع هيئة الرقابة الشرعية بهذا الشأن من مناقشة بنود الميزانية المختلفة والإجابة الكافية على أسئلة أعضاء الهيئة وطلبهم لبعض التوضيحات ما يؤكد الآتي:
1. أن البنك والعاملين فيه حريصون دائماً على أن تكون أعمال البنك ونشاطه المتطور واستثماراته وخدماته المصرفية تتم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء.
2. الالتزام بما صدر من الهيئة من فتاوى وأحكام شرعية بشأن الاستثمارات والخدمات المصرفية ومختلف أنواع النشاط الذي يؤديه البنك.
3. التزام البنك بمراعاة أحكام الشريعة الإسلامية الغراء بالنسبة للزكاة المكلف بها وصندوق الزكاة التابع له مورداً وصرفاً.
لذلك
__________
(1) ... سورة الأحزاب، الآيتان 45و46.(1/9)
نرى أن ما قام به بنك فيصل الإسلامي المصري من أعمال مالية واستثمارية وخدمات مصرفية طوال العام المالي المشار إليه في هذا التقرير هي في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وعلى ضوء ما أصدرته هيئة الرقابة الشرعية من فتاوى وأحكام.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رئيس هيئة الرقابة الشرعية
فضيلة الدكتور نصر فريد واصل
مفتي جمهورية مصر العربية الأسبق
وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر
وعضو المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة
تحريراً في: 27 محرم 1428هـ الموافق 4 فبراير 2008م.
هـ- الملاحظات:
ليس بالضرورة أن تمثل الملاحظة نقداً أو سلبية، بل من الممكن أن تكون إيجابية، يتم تناولها للإشادة، حتى يستفيد منها الآخرون. وقد بدت للباحث ملاحظات حول مواد القانون المذكورة، وحول ما ورد عن النظام الأساسي، وحول تقرير هيئة الرقابة الشرعية، وسوف يتم تناول هذه الملاحظات بنفس الترتيب.
1- أشارت المادة (3) من القانون إلى خضوع جميع معاملات البنك وأنشطته لأحكام الشريعة الإسلامية، وخصت بالذكر تحريم الربا، وأداء الزكاة، وأولت شيخ الأزهر ووزير الأوقاف بالتحقق من تحصيل البنك لها وإنفاقها في مصارفها الشرعية. بيد أن جباية الزكاة إلزاماً ليست محل اتفاق بين الفقهاء، فهناك من يتركها للمزكي، وهناك من يرى إلزامية جباية الدولة لها، وهناك من يقصر مسئولية الدولة في جباية الأموال الظاهرة دون الباطنة، ولكن أن يتدخل المشرع بالنص عليها تفصيلاً في قانون إنشاء البنك، دون إحالة تفاصيلها إلى النظام الأساسي، فهذا يعني التضييق فيما فيه سعة.(1/10)
2- أشارت المادة (40) من النظام الأساسي إلى أن هيئة الرقابة الشرعية تتشكل من خمسة أعضاء على الأكثر. يتم اختيارهم من علماء الشرع وفقهاء القانون المقارن المؤمنين بفكرة البنك الإسلامي. تعينهم الجمعية العمومية. وتحدد مكافآتهم بناء على اقتراح من مجلس الإدارة. وتكون مهمة الهيئة تقديم المشورة، والمراجعة فيما يتعلق بتطبيق أحكام الشريعة. والملاحظ أن وضع حد أقصى لعدد الأعضاء يحتاج إلى مرونة في الصياغة، حتى يحقق المصلحة. أما أن يكون من بين الأعضاء من هو من فقهاء القانون المقارن، فإن ذلك قد يؤثر سلباً على الحكم الشرعي حتى ولو كان ذلك العضو من المؤمنين بالفكرة، لأن القضية هنا هي قضية علم شرعي. وأما أن تعينهم الجمعية العمومية فهذه إيجابية تحقق للهيئة الحياد في عملها، ولكن أن تُحدد مكافآتهم بناء على اقتراح من مجلس الإدارة، فإن ذلك يحتاج إلى مراجعة للبعد عن الحساسية، ولأن الحيلة لم تنعدم لنقف فقط عند هذا الباب. وأما أن تكون مهمة الهيئة: تقديم المشورة، والمراجعة، فإن ذلك يفيد الفتوى مع الرقابة، رغم أن اسم الهيئة ينصرف فقط إلى الرقابة.(1/11)
3- أشارت المادة (42) من النظام الأساسي إلى تحديد مكافآت وبدلات حضور رئيس وأعضاء مجلس الإدارة وأعضاء هيئة الرقابة الشرعية عند اعتماد الميزانية بحد أدنى 5% وحد أقصى 10% من صافي الأرباح. ورغم اختلاف الفقهاء المعاصرين حول قضية أجرة المفتي بين من يرى أن يحتسب الأجر عند الله، ومن يرى جواز حصوله على أجرة، فإنني أتفق مع من يرى جواز الأجرة، دون الدخول في تفاصيل تناولها الآخرون ولا يتسع المجال لتناولها. إلا أن عضو الهيئة هنا ليس مضارباً لتكون أجرته حصة شائعة، بل يقدم عملاً يستحق أجراً معلوماً يمكن أن تحدده الجمعية العمومية عند تعيين الهيئة. وللتدليل على خطورة هذا التقدير، فقد ورد عند تناول هذه الدراسة لشركة الراجحي أن الشركة حققت ربحاً خلال تسعة أشهر بلغ 1602مليون ريال سعودي. إذا كان عدد أفراد مجلس الإدارة والهيئة الشرعية (20)، وحد المكافأة 10% (أي: 160مليون ريال)، فإن نصيب الواحد في المتوسط يبلغ ثمانية ملايين ريال في العام !!!.
4- ورد في تقرير هيئة الرقابة الشرعية عن العام 2007م، اعتماد الهيئة على مناقشة ممثل البنك فيما ورد بالميزانية والقوائم المالية وقائمة الدخل. في حين أن المادة (41) من النظام الأساسي تمنح الهيئة الشرعية صلاحيات مراقبا الحسابات من وسائل واختصاصات في علاقتها مع إدارات البنك وهيئاته المختلفة، وليس مجرد الاكتفاء بمناقشة ممثل البنك عند اجتماعها للنظر في الميزانية ونتائج أعمال البنك.
5- ورد في تقرير الهيئة المذكور أنها فوضت فضيلة رئيسها في إعداد التقرير الذي يرفع إلى مساهمي البنك أعضاء الجمعية العمومية. فهل قام البنك بتعيين هيئة ليجد في النهاية تقريراً أعده رئيسها منفرداً اعتماداً على ثقتهم فيه، أم أن المنتظر أن يرد تقرير بجهد وأعين الهيئة رئيساً وأعضاءً؟.(1/12)
6- ورد في هذا التقرير أن الهيئة ترى أن ما قام به البنك من أعمال طوال العام هي في إطار أحكام الشريعة الإسلامية، وعلى ضوء ما أصدرته الهيئة من فتاوى وأحكام. وهذه النتيجة هي التي تصدر – في حدود ما اطلع عيه الباحث من تقارير للهيئة – دون إشارة إلى مخالفات أو تحفظات. وهو أمر لفت انتباهي، لأن كل ابن آدم خطاء، إن أصاب أحياناً أخطأ في غيرها، ومن الصعب أن يصيب دوماً. وهنا أرجو أن يكون البنك دائماً على الحق.
ثانياً
بنك فيصل الإسلامي السوداني
... تم إنشاء بنك فيصل الإسلامي السوداني بموجب الأمر المؤقت رقم (9) لسنة 1977 بتاريخ 4/4/1977م، وفيه تم تناول: اسم القانون وبدء العمل به، تفسير، إنشاء، أغراض البنك، رأس المال، استثناءات، إعفاءات، عدم جواز التأميم والمصادرة (1) . كما تم تشكيل هيئة الرقابة الشرعية وتحديد مهامها، وخطتها ومنهجها من خلال النظام الأساسي للبنك. ورغم أن المعلومات المذكورة حول هيئة الرقابة الشرعية هامة وتفي بالمطلوب، إلا أن الرجوع إلى موقع البنك الإلكتروني يعد مفيداً للوقوف على آخر التطورات، حيث تبين أن قانون البنك قد تم تعديله بحيث سُحِبَتْ الميزات والإعفاءات الممنوحة للبنك بموجب الأمر المؤقت الخاص بقانون البنك عند تأسيسه (سنة 1977م)، وذلك بزعم ثبات ورسوخ التجربة وانتشارها ونموها (2) . وعلى ذلك سيتم تناول:
أ- نشأة البنك وتأسيسه ونشاطه.
ب- هيئة الرقابة الشرعية (تشكيلها ومهامها، ومنهجها في العمل).
ج- الملاحظات.
__________
(1) ... للتفاصيل: (أ) البعلي، عبد الحميد محمود: الاستثمار والرقابة الشرعية، مرجع سابق، ص 249 – 251.
(ب) ----: المدخل لفقه البنوك الإسلامية، مرجع سابق، ص 193 – 195.
(2) ... الموقع الإلكتروني لبنك فيصل الإسلامي السوداني: (http://www.fibsudan.com)، تاريخ الاستفادة من الموقع 14/1/1430هـ (10/1/2009م). الفقرة الأخيرة تحت عنوان: تأسيس بنك فيصل الإسلامي السوداني.(1/13)
أ نشأة البنك وتأسيسه ونشاطه (1) :
1- النشأة والتأسيس:
·?تم إنشاء بنك فيصل الإسلامي السوداني بموجب الأمر المؤقت رقم 9 لسنة 1977م بتاريخ 4/4/1977م.
·?في مايو 1977م اجتمع ستة وثمانون من المؤسسين السودانيين والسعوديين وبعض مواطني الدول الإسلامية الأخرى ووافقوا على فكرة التأسيس واكتتبوا في نصف رأس المال المصدق به آنذاك.
·?في 18 أغسطس 1977م تم تسجيل بنك فيصل الإسلامي السوداني كشركة مساهمة عامة محدودة وفق قانون الشركات لعام 1925م.
·?باشر البنك أعماله فعلياً اعتباراً من مايو 1978م.
·?رأس المال المصرح به 120 مليون جنيه سوداني.
·?رأس المال المدفوع 70 مليون جنيه سوداني.
2- النشاط :
·?القيام بجميع الأعمال المصرفية والمعاملات المالية والتجارية والاستثمارية والحرفية والمساهمة في المشروعات التنموية الاقتصادية والاجتماعية وتنشيط التعامل في مجال التجارة الخارجية، وذلك على هذي الشريعة الإسلامية.
ب هيئة الرقابة الشرعية ... تشكيلها ومهامها ومنهجها في العمل (2) :
فيما يلي يتم التعرض لتشكيل ومهام هيئة الرقابة الشرعية كما ورد بنظام البنك الأساسي. كما يتم تناول خطة الهيئة في الإجابة عن الاستفسارات الموجهة لها من مجلس الإدارة أو المدير العام. ثم يتم التعرض لتكوين هيئة الرقابة الشرعية، الأولى والحالية.
1- تشكيل ومهام الهيئة:
(1) تُشكل هيئة الرقابة الشرعية من ثلاثة أعضاء على الأقل سبعة على الأكثر من علماء الشرع، تعينهم الجمعية العمومية للمساهمين لثلاث سنوات وتُحدد أتعابهم في قرار التعيين. وتجوز تعيين من انتهت عضويته منهم، وفي حالة خلو منصب أحد الأعضاء قبل نهاية مدته، يعين مجلس الإدارة من يحل محله لنهاية المدة المذكورة.
__________
(1) ... المصدر السابق مباشرة.
(2) ... (أ) البعلي، عبد الحميد محمود: الاستثمار والرقابة الشرعية، مرجع سابق، ص 252 – 254.
... (ب) -----: المدخل لفقه البنوك الإسلامية، مرجع سابق، ص 197 – 200.(1/14)
(2) يُعهد لهيئة الرقابة بالمهام الآتية:
1. الاشتراك مع المسئولين بالبنك في وضع نماذج العقود والاتفاقات والعمليات العائدة لجميع معاملات البنك مع المساهمين والمستثمرين والغير، وفي تعديل وتطوير النماذج المذكورة عند الاقتضاء، وفي إعداد العقود التي يزمع البنك إبرامها مما ليس له نماذج موضوعة من قبل- وذلك كله بقصد التأكد من خلو العقود والاتفاقات والعمليات المذكورة من المحظورات الشرعية.
2. إبداء الرأي من الناحية الشرعية فيما يحيله إليها مجلس الإدارة أو المدير العام من معاملات البنك.
3. تقديم ما تراه مناسباً من المشورة الشرعية إلى مجلس الإدارة في أي أمر من الأمور العائدة لمعاملات البنك.
4. مراجعة عمليات البنك من الناحية الشرعية للتحقق من تنفيذ مقتضى ما جاء في البنود (أ، ب، ج) السابقة.
(3) تقدم هيئة الرقابة الشرعية دورياً وكلما اقتضى الأمر تقاريرها وملاحظاتها إلى كل من المدير العام ومجلس الإدارة.
(4) تقدم هيئة الرقابة الشرعية للجمعية العمومية للمساهمين تقريراً سنوياً مشتملاً على رأيها في مدى تمشي البنك في معاملاته مع أحكام الشرع وما قد يكون لديها من ملاحظات في هذا الخصوص.
(5) تباشر هيئة الرقابة عملها وفقاً للائحة تقترحها ويصدر بمقتضاها قرار من الجمعية العمومية، ولرئيس الهيئة أو نائبه حق حضور اجتماعات الجمعية العمومية للمساهمين، وللهيئة كذلك طلب إدراج أي موضوع في جدول اجتماع أي جمعية عمومية ومناقشته في الاجتماع والاشتراك بخصوصه في المداولات بدون أن يكون لها صوت عند إصدار القرارات.
2- خطة هيئة الرقابة الشرعية للبنك في الإجابة عن الاستفسارات الموجهة إليها من مجلس الإدارة أو المدير العام:
أ- ... تدرس الهيئة الموضوع المستفسر عنه دراسة وافية للوقوف على حقيقته مستعينة بمُقَدِّم الاستفسار وبمن ترى حاجة في الاستعانة به من المختصين.(1/15)
ب- تبحث الهيئة عن الحكم الشرعي للموضوع المستفسر عنه، مستعينة بما دَوَّنه العلماء من الأحكام الفقهية الفرعية، وبما دونوه في أصول التشريع من قواعد لاستنباط الأحكام.
ج- إذا كان الموضوع المستفسر عنه فيه حكم متفق عليه بين الفقهاء بالجواز أو المنع، أفتت الهيئة به، وإذا اختلف آراء الفقهاء في الموضوع، أفتت بما ترجحه منها أو ما تراه أكثر تحقيقاً للمصلحة، وإذا لم يكن في الموضوع حكم للمتقدمين من الفقهاء، أفتت الهيئة فيه باجتهادها مراعية في ذلك قاعدة: الأصل في المعاملات الجواز إذا كانت برضاء الطرفين إلا ما ورد فيه نص بالمنع.
د- ليس من خطة الهيئة تطويع أحكام الشريعة الإسلامية لتساير ما عليه العمل في المصارف القائمة. وإنما خطتها تطويع الأعمال المصرفية لتساير الشريعة الإسلامية، فشريعة الله حاكمة لا محكومة، فما يوافق الشريعة من أعمال المصارف تقره الهيئة، وما يخالفها تعدله إذا كان قابلاً للتعديل، وترفضه كلية إذا لم يقبل التعديل، وتبحث عن بديل إسلامي للعمل المرفوض إذا كان وسيلة إلى مصلحة حقيقية.
ه- يقوم كل عضو من أعضاء الهيئة منفرداً بالبحث عن الحكم الشرعي في الموضوع المعروض وفق الأسس المتقدمة ويدوِّن ما تيسر له، ثم تعرض الآراء في اجتماع الهيئة وتناقش للوصول إلى الحكم الذي تقره.
و- تطبع الإجابة في صورتها النهائية، ويوقع عليها جميع الأعضاء، ثم يسلمها السكرتير للجهات المعنية.
ز- إذا كان لأحد الأعضاء رأي مخالف، يدون في الهامش.
3- تكوين هيئة الرقابة الشرعية الأولى، والحالية للبنك:
أ- ... تكونت هيئة الرقابة الشرعية الأولى من:
(1) البروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير، استاذ الشريعة الإسلامية- كلية القانون- جامعة الخرطوم .. رئيساً.
(2) فضيلة الشيخ عوض الله صالح، مفتي جمهورية السودان الديموقراطية (سابقاً) .. عضواً.
(3) الدكتور حسن عبد االله الأمين، القاضي بمحكمة الاستئناف الشرعية .. عضواً.(1/16)
(4) الدكتور يوسف حامد العالم، عميد كلية الدراسات الاجتماعية بجامعة أم درمان الإسلامية .. عضواً.
(5) الدكتور خليفة بابكر الحسن، رئيس قسم الشريعة الإسلامية بكلية القانون- جامعة الخرطوم .. عضواً.
ثم خلا منصب الدكتور حسن والدكتور خليفة، وعُيِّن مكانهما:
(1) فضيلة الشيخ صديق أحمد عبد الحي، القاضي بالمحكمة العليا الشرعية .. عضواً.
(2) السيد حسن محمد إسماعيل البيلي، نائب رئيس مجلس الإدارة ببنك السودان .. عضواً.
ب- تتكون هيئة الرقابة الشرعية الحالية (1) من:
(1) البروفيسور الصديق محمد الأمين الضرير .. رئيس الهيئة.
(2) البروفيسور يوسف الخليفة أبو بكر .. عضواً.
(3) حسن محمد إسماعيل البيلي .. عضواً.
(4) عبد الرحمن الصديق دفع الله .. عضواً.
(5) إبراهيم محمد عثمان .. عضواً.
ج- الملاحظات:
أشار النظام الأساسي للبنك إلى تشكيل هيئة الرقابة الشرعية من حيث العدد، وجهة تعيينهم، ومدة عملهم، وأتعابهم، وما ينبغي عمله عند خلو منصب العضو قبل نهاية مدته. كما أشار النظام الأساسي أيضاً إلى مهام الهيئة. كما وضعت الهيئة لنفسها خطة في الإجابة عن الاستفسارات الموجهة لها. وقد بدت للباحث ملاحظات حول هذه القضايا، وسوف يتم تناولها على النحو التالي:
1- ... أشار النظام الأساسي إلى أن هيئة الرقابة الشرعية تتشكل من ثلاثة أعضاء على الأقل وسبعة على الأكثر، تعينهم الجمعية العمومية للمساهمين لثلاث سنوات، وتحدد أتعابهم في قرار التعيين. وفي حالة خلو منصب العضو قبل نهاية مدته، يعين مجلس الإدارة مَنْ يحل محله لنهاية المدة المذكورة. وقد لاحظ الباحث ما يلي:
__________
(1) ... الموقع الإلكتروني لبنك فيصل الإسلامي السوداني: (http://www.fibsudan.com)، تاريخ الاستفادة من الموقع 14/1/1430هـ (10/1/2009م). تحت عنوان: هيئة الرقابة الشرعية.(1/17)
أ- أن النظام الأساسي وضع حداً أدنى لأعضاء الهيئة بثلاثة، وهذا يتفق مع صحيح السنة (إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم عليكم)، وحداً أعلى بسبعة، وهذا فيه سعة ومرونة. حيث كان العدد على أرض الواقع في حدود الخمسة، يمكن عند الحاجة أن يكونوا ثلاثة أو سبعة.
ب- تعيين الأعضاء من قبل الجمعية العمومية يؤكد حياد العضو ونزاهته في أدائه لمهامه الشرعية، وعدم تعرضه لضغوط تؤثر على حياده وموضوعيته، إذا كان تعيينه من قبل مجلس الإدارة. وكذلك الحال عند اضطلاع الجمعية العمومية بتحديد أتعاب أعضاء الهيئة في قرار التعيين، حتى يكونوا بعيدين عن المساومة ممن له مصلحة في التأثير على أدائهم.
ج- أما في حالة خلو منصب أحد الأعضاء، وترك مجلس الإدارة يعين من يحل محله، فإنني أرى أننا لم نعدم الحيلة حتى يكون هذا هو خيارنا الوحيد. إذ يمكن للجمعية العمومية أن تسمي عدداً من الأعضاء الاحتياط بالترتيب الذي تراه، ويتم الإحلال منهم، لتفادي شبهة إسناد هذا العمل لجهة قد يكون لها فيه مصلحة.
2- ... مهام هيئة الرقابة الشرعية كما أشار إليها النظام الأساسي يمكن تلخيصها في ثلاث مجموعات:
أ- ... مشاركة المسئولين في وضع نماذج العقود، وتعديل وتطوير هذه النماذج، وإعداد العقود مما ليس له نماذج موضوعة من قبل.
ب- إبداء الرأي فيما يحيله مجلس الإدارة والمدير العام، وتقديم المشورة الشرعية لمجلس الإدارة.
ج- مراجعة عمليات البنك، وتقديم التقارير والملاحظات.
... ورغم تسمية الهيئة بهيئة الرقابة الشرعية، إلا أن من مهامها الفتوى، وهي من المهام الرئيسية للهيئة، والتي تبدو أهمية أن تظهر في الاسم.
3- خطة الهيئة في الإجابة عن الاستفسارات: يمكن أن تكون ميثاق عمل، تعتمده المؤسسات المالية الإسلامية، لأنها تؤكد على مكانة الشريعة الإسلامية وحاكميتها.
ثالثاً
شركة الراجحي المصرفية للاستثمار(1/18)
... مرت شركة الراجحي بمراحل مختلفة نظراً لقيامها منذ أكثر من خمسين عاماً، احتاجت خلالها أن تعيد تنظيم هيكلها بما يتواءم مع الدور الذي تضطلع به داخل المملكة وخارجها. ويود الباحث أن يبدأ ما يخص دراسته من تناول الهيئات الشرعية في بعض التطبيقات العملية، ومنها شركة الراجحي، بتناول نشأة وتأسيس الشركة ونشاطها وتطورها من باب التعريف بها، ثم يتناول جهازها الشرعي، حيث تعرض موقع الشركة الإلكتروني لهذه النقاط، ثم يقوم الباحث بعد ذلك بإبداء ملاحظاته. وعلى ذلك سيتم تناول:
أ- نشأة وتأسيس الشركة ونشاطها وتطورها.
ب- المجموعة الشرعية.
ج- الملاحظات.
أ- نشأة وتأسيس الشركة ونشاطها وتطورها (1) :
تأسس مصرف الراجحي، أحد أكبر المصارف الإسلامية في العالم، عام 1957م. وهو يدير أصولاً بقيمة 124مليار ريال سعودي (33مليار دولار أمريكي)، ويبلغ رأس ماله 4 مليارات ريال، ويعمل فيه أكثر من 8000 موظف. وخبرة أكثر من 50 عاماً في مجال الأعمال المصرفية والأنشطة التجارية. في عام 1978م تم دمج مختلف المؤسسات التي تحمل اسم الراجحي تحت مظلة واحدة هي: "شركة الراجحي المصرفية للتجارة"، وتم في نفس العام تحويل المصرف إلى شركة مساهمة سعودية قابضة. وبما أن المصرف يرتكز على مبادئ المصرفية الإسلامية بشكل أساسي، فهو يلعب دوراً رئيسياً وأساسياً في سد الفجوة بين متطلبات المصرفية الحديثة والقيم الجوهرية للشريعة الإسلامية مشكلاً معايير صناعية وتنموية يحتذى بها.
__________
(1) ... الموقع الإلكتروني لمصرف الراجحي: (http://WWW.ALRAJHIBANK.COM)، تاريخ الاستفادة من الموقع 29/12/1429هـ (27/12/2008م). وكذلك يوم 17/1/1430هـ (13/1/2009م). حيث وُجِدَ تباين بين الاثنين. ويُلاحظ أنه تم تعديل اسم الشركة إلى مصرف الراجحي، إلا أن استخدام اسم:( شركة الراجحي المصرفية للاستثمار) لا يزال العمل جارياً به حتى فيما يرد من تفاصيل داخل الموقع، رغم تحديث البيانات.(1/19)
يتمتع المصرف بشبكة واسعة تضم 500 فرعاً، وأكثر من 2200 جهاز صراف آلي ... تم افتتاح أول فرع لمصرف للرجال في الديرة عام 1957م، بينما افتتح أول فرع للسيدات عام 1979م في الشميسي.
بصفته أحد أكبر المصارف وأكثرها تقدماً في المملكة العربية السعودية، سجل مصرف الراجحي نمواً في الدخل الصافي بلغ 1602 مليون ريال سعودي (2 7.42 مليون دولار أمريكي) في الأشهر التسعة الأولى من العام 2008م. ويعمل المصرف في قطاعات ومجالات مختلفة وهو ما يزال في نمو مستمر من خلال تنويع مصادر الدخل وتطوير الاستثمارات.
وعلى صعيد التواجد الدولي، توسع المصرف خارج السوق السعودية، ودخل السوق الماليزية عام 2006م، بعد أن مُنِحَ الترخيص المصرفي الكامل للعمل كأول مصرف أجنبي في ماليزيا من قبل مصرف نيغارا ماليزيا. ولدى المصرف حالياً 19 فرعاً في ماليزيا، مع خطط لزيادة عدد الفروع في المستقبل.
ب- المجموعة الشرعية:
وقد تم عرض تفاصيلها في موقع الشركة الإلكتروني على النحو التالي:
1- مقدمة.
2- السياسات الشرعية.
3- أهداف المجموعة الشرعية.
4- الهيئة الشرعية.
1- المقدمة:
تمثل المجموعة الشرعية في مصرف الراجحي أهم الركائز التي يستند إليها في عمله. وتحتضن المجموعة الشرعية إدارات متكاملة تعمل بتناغم مع المجموعات والإدارات الأخرى لتحقيق استراتيجية المصرف المتمثلة في أن يكون رائد المصرفية الإسلامية، وذلك عبر تنفيذ الخطط والسياسات اللازمة التي تعكس التزام المصرف بتوفير معاملات مصرفية تتطابق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
2- السياسات الشرعية:(1/20)
تلتزم شركة الراجحي المصرفية للاستثمار منذ إنشائها بتطبيق أحكام الشرع ومراعاة مقاصد التشريع في جميع معاملاتها، ولتحقيق ذلك أنشأت هيئة شرعية يعتمد تكوينها وتقر لائحتها من قبل الجمعية العمومية، وهي مستقلة عن جميع إدارات الشركة، وتخضع جميع تعاملات الشركة لموافقتها ومراقبتها. هذا الالتزام يعتبر أهم معايير الجودة التي تحرص عليها الشركة في منتجاتها وخدماتها المقدمة لعملائها. يلتزم جميع القيادات والعاملين بالشركة بهذه السياسة وفق ما ورد في نظام الشركة وقراراتها.
تطبيق القواعد والتعليمات:
1. قرارات الهيئة الشرعية ملزمة لجميع أجهزة الشركة وإداراتها.
2. تطبيق قرارات الهيئة الشرعية مسؤولية الإدارات التنفيذية على مختلف مستوياتها.
3. لا يقدم أي منتج أو خدمة إلا بعد إقراره من الهيئة الشرعية.
4. لا يجوز الإقدام على إجراء مخالف لأي قرار من قرارات الهيئة الشرعية مطلقاً.
5. الإقدام على مخالفة أي قرار من قرارات الهيئة الشرعية بأي شكل، أو مخالفة إجراء شرعي قائم، أو تقديم منتج أو خدمة دون إجازته من الهيئة؛ حيث يعتبر كل ذلك مخالفة تستوجب الجزاء في حق مرتكبها.
6. تقوم الهيئة بمراقبة أعمال الشركة من الناحية الشرعية ومتابعة تنفيذ قراراتها، ويباشر ذلك جهاز إدارة الرقابة الشرعية المرتبط بالهيئة، ومن تراه الهيئة ممن يصلح لهذه المهمة.
7. تعمل الهيئة على تطوير الصيغ والعقود بما يتفق مع قواعد الشريعة ويحقق مقاصدها، وذلك في جميع معاملات الشركة المحلية والدولية.
8. نشر الوعي بالأعمال المصرفية والاستثمارية الإسلامية عبر الوسائل المناسبة.
9. العناية باختيار العاملين في الشركة لا سيما القيادات ممن يملكون الرغبة في توجه الشركة والاستعداد لتنفيذ سياساتها، والاهتمام بتدريب منسوبي الشركة في مجال المصرفية الإسلامية.(1/21)
تعمل الهيئة الشرعية جاهدة بما يضمن سلامة تطبيق القرارات الشرعية ويسهل الرقابة عليها من خلال إصدار الأدلة المناسبة، ومن أبرزها دليل الرقابة الشرعية، ودليل الضوابط الشرعية لأنشطة الشركة وإجراء العمل بها. (أ.هـ قرار 317).
3- أهداف المجموعة الشرعية:
تهدف المجموعة الشرعية إلى الإسهام في تحقيق استراتيجية المصرف الشرعية من خلال دعم الخطط والسياسات اللازمة لتحقيق التزام المصرف بتنفيذ معاملاته وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
ولتحقيق هذه الأهداف، تتولى المجموعة المهام الآتية:
O دراسة معاملات المصرف وأنشطته وتجهيزها للعرض على الهيئة الشرعية لإصدار ما يلزم بشأنها.
O مراقبة تطبيق قرارات الهيئة الشرعية في جميع أعمال المصرف الداخلية والخارجية.
O تطوير الصيغ والعقود والمنتجات في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية.
O بث الوعي بالاقتصاد الإسلامي داخل المصرف وخارجه.
O تطوير المعلومات والاتصالات اللازمة لتنفيذ مهام المجموعة الشرعية.
أقسام المجموعة الشرعية:
تتألف المجموعة الشرعية من الأقسام التالية:
·?1- أمانة المجموعة الشرعية.
·?2- الرقابة الشرعية.
·?3- التنسيق والمعلومات.
4- الهيئة الشرعية:
اتفق مؤسسو شركة الراجحي المصرفية للاستثمار في عقد تأسيسها على أن تتم جميع معاملات الشركة بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وبناء على ذلك صدر قرار مجلس الوزراء برقم 245 وتاريخ 1407/10/26هـ، والمرسوم الملكي رقم م/59 وتاريخ 3/11/1407هـ بالترخيص لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار، كما صدر القرار الوزاري رقم 3198 وتاريخ 5/4/1409هـ بإعلان شركة الراجحي المصرفية للاستثمار شركة مساهمة سعودية.
أ- أهداف الهيئة الشرعية:(1/22)
خلال اجتماع الجمعية العمومية الحادية عشرة المنعقد بتاريخ 27/11/1419هـ تم اعتماد لائحة الهيئة الشرعية التي جاء فيها النص على أن الهيئة الشرعية تهدف إلى التحقق من امتثال أحكام الشريعة الإسلامية في جميع معاملات الشركة، والنصح والتوجيه لها بما يحقق مقاصد الشرع الحنيف.
ب- نطاق عمل الهيئة الشرعية:
خلال اجتماع الجمعية العمومية الحادية عشرة المنعقد بتاريخ 27/11/1419هـ تم اعتماد لائحة الهيئة الشرعية التي جاء فيها النص على أن جميع معاملات الشركة تخضع لموافقة الهيئة الشرعية ومراقبتها، وأن قرارات الهيئة ملزمة للشركة.
ج- قرارات الهيئة الشرعية:
بلغ - بفضل الله- عدد قرارات الهيئة الشرعية منذ نشأتها حتى تاريخ 15/1/1429هـ أكثر من (800) قرار أجازت فيها الهيئة عدداً من العقود والاتفاقيات والنماذج والمنتجات، وعالجت جملة من الملحوظات، وأجابت عن عدد من الاستفسارات الموجهة من إدارات وعملاء المصرف.
وقد وافقت الجمعية العمومية للشركة على إنشاء الهيئة الشرعية وتسمية أعضائها، وإجازة منهج عملها، فأصبح لزاماً على الإدارة التنفيذية لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار – بجميع مستوياتها– أن تسعى لتحقيق الأغراض التي من أجلها أنشئت الشركة، متقيدة في الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في جميع تعاملاتها.
ترفع اللجنة التنفيذية تقاريرها للهيئة الشرعية. وهي تتكون من ثلاثة أعضاء: اثنان منهم أعضاء في الهيئة والثالث من السكرتير العام للهيئة. تعين الهيئة الشرعية أحد أعضاء اللجنة التنفيذية كرئيس للجنة وتمنحه الصلاحيات وتوليه مهام قيادة هذه اللجنة.
وقد أصدرت الهيئة الشرعية قواعد خاصة تحدد الصلاحيات والمهام المناطة باللجنة التنفيذية، وأهمها: الاطلاع بمهام حاكمية الشريعة، وتعيين المسؤولين عن هذه المهمة، ودراسة القضايا المقدمة للهيئة الشرعية ومراقبة المنتجات المستحدثة قبل عرضها على الهيئة الشرعية للموافقة عليها.(1/23)
وفيما يلي أسماء ومناصب أعضاء الهيئة الشرعية، حسب المتفق عليه في اجتماع الجمعية العمومية الثامنة عشرة بتاريخ 3/3/2007م:
(1) ... صاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل( رئيساً للهيئة ).
(2) ... صاحب الفضيلة معالي الشيخ د. أحمد بن علي سير المباركي(نائباً للرئيس).
(3) ... صاحب الفضيلة الشيخ د. أحمد بن عبدالله بن حميد ( عضواً ).
(4) ... صاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن خنين ( عضواً ).
(5) ... صاحب الفضيلة معالي الشيخ د. يوسف بن محمد الغفيص( عضواً).
(6) ... صاحب الفضيلة الشيخ د. صالح بن عبدالله اللحيدان(عضواً وأميناً للهيئة).
ج- الملاحظات:
ثمة ملاحظات على مستوى الشركة ككل، يود الباحث أن يبدأ بها، ثم ينتقل بعد ذلك إلى ملاحظاته حول الجهاز الشرعي للشركة من خلال ما سبق عرضه من معلومات، وذلك على النحو التالي:
أولاً: ملاحظات على مستوى الشركة ككل:
1- تشير المعلومات السابقة إلى أن الشركة تأسست عام 1957م. بيد أن الملاحظ خلال الخمسينيات من القرن الماضي عدم وجود بنوك إسلامية. ولكن من خلال ما ورد من معلومات عن الشركة ما يفيد أنها مرت بمراحل، تم خلالها التحول والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية.
2- من المراحل التي مرت بها الشركة – كما أشارت المعلومات السابقة إلى ذلك– دمج مختلف المؤسسات التي تحمل اسم الراجحي تحت مظلة واحدة، هي: "شركة الراجحي المصرفية للتجارة". وفي وقت لاحق أصبحت "شركة الراجحي المصرفية للاستثمار". وهي الآن "مصرف الراجحي" رغم أن آخر البيانات في الموقع الإلكتروني لا تزال تستخدم اسم الشركة فيما تتناول من بيانات.
3- اسم المصرف لا يتضمن أنه إسلامي، وهو بذلك يختلف عن غيره من المؤسسات المالية الإسلامية من حيث التسمية، وإن كان لا يقل عن غيره من المؤسسات المالية الإسلامية من حيث التوجه الشرعي.
ثانياً: ملاحظات حول الجهاز الشرعي للشركة:(1/24)
4- تعتمد الهيئة الشرعية في تكوينها وإقرار لائحتها على الجمعية العمومية، وليس على مجلس الإدارة. وهي بذلك تكون مستقلة عن جميع الإدارات، وتكون جميع تعاملات الشركة خاضعة لموافقتها ومراقبتها.
5- ورد في بند رقم (3) "أهداف المجموعة الشرعية" ما يشير إلى مهامها، وهي دراسة معاملات المصرف وأنشطته، ومراقبة تطبيق قرارات الهيئة، وتطوير الصيغ والعقود، وبث الوعي، وتطوير المعلومات والاتصالات. بيد أنه عند الحديث عن الفقرة (ج) "قرارات الهيئة الشرعية" من البند (4) "الهيئة الشرعية"، أشارت إلى أن الهيئة أجابت عن عدد من الاستفسارات الموجهة من إدارات وعملاء المصرف. الأمر الذي يشير إلى أنها هيئة فتوى مع دورها الرقابي. مع ملاحظة أن تسميتها بالمجموعة الشرعية، أو الهيئة الشرعية يتسع ليشمل الفتوى والرقابة الشرعية، بل وأي دور شرعي يمكن أن تضطلع به.
6- ورد في آخر البند (3) "أهداف المجموعة الشرعية" فقرة بعنوان "أقسام المجموعة الشرعية"، تناولت عناوين الأقسام الثلاثة، دون أن تتناول تفاصيل عنها لمعرفة أبعادها، وكيفية تكاملها فيما بينها لتحقيق أهدافها.
7- البند (3) تحت عنوان "أهداف المجموعة الشرعية"، والبند (4) الذي يتناول "الهيئة الشرعية" ورد في فقرته الأولى (أ) "أهداف الهيئة الشرعية"، والموقع لم يشر إلى الفرق بينهما. هل المجموعة على مستوى الشركة ككل، والهيئة على المستوى الداخلي، كتصنيف مراجع الحسابات الخارجي والمراجع الداخلي؟. لم يتضح ذلك.
8- في الفقرة (ج) "قرارات الهيئة الشرعية" من البند (4) "الهيئة الشرعية"، ورد الحديث عن ما يُسَمّى باللجنة التنفيذية، ولم يتم إعطاء تفاصيل عنها، أو بيان لآلية عملها، أو موقعها داخل هيكل اللجنة الشرعية.
رابعاً
بنك دبي الإسلامي(1/25)
... يتم التعرض لنشأة وتأسيس بنك دبي الإسلامي ونشاطه وتطوره باعتبار ذلك أساساً للتعرف على البنك، ثم يعمد الباحث إلى تناول هيئته الشرعية بالتفصيل المناسب باعتبار ذلك هدفاً أساساً من الدراسة، ثم يقوم بعد ذلك بإبداء ملاحظاته. وعلى ذلك سيتم تناول:
أ- نشأة وتأسيس البنك ونشاطه.
ب- هيئة الفتوى والرقابة الشرعية.
ج- الملاحظات.
أ- نشأة وتأسيس البنك ونشاطه:
صدر مرسوم بتأسيس بنك دبي الإسلامي من الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي بتاريخ 29 صفر 1395هـ (12 مارس 1975م)، يضم اثني عشر بنداً (1) ، يعنينا منها البنود التالية:
أولاً: ... تؤسس في دبي بموجب هذا المرسوم شركة مساهمة عامة محدودة تسمى "بنك دبي الإسلامي" ويشار إليها فيما يلي بـ "الشركة".
ثانياً: ... يحدد رأس مال الشركة المصرح به بمبلغ خمسون (2) مليون درهم يقسم إلى مائة ألف سهم قيمة كل منهم خمسمائة درهم. ويكتتب المؤسسون بعشرة آلاف منها بالنسب المبينة في العقد التأسيسي، وتُطرح الأسهم الباقية ومقدارها تسعون ألف سهم للمساهمة من قبل مواطني دولة الإمارات، على أنه تجوز في هذه الشركة لغير مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة بموافقة سمو الحاكم بناء على تنسيب من مجلس إدارة الشركة.
سادساً: ... تكتسب الشركة شخصية قانونية مستقلة ومتميزة عن شخصيات أعضائها ولها الحق كشخص قانوني وباسمها التجاري أن تقوم بجميع أعمال الاستثمار والتمويل والخدمات المصرفية وغير ذلك مما هو منصوص عليه في عقد تأسيسها.
... كما ورد في عقد التأسيس (3) ما يفيد خضوع كل أعمال البنك لأحكام الشريعة الإسلامية، حيث ورد فيه النص التالي:
O أحكام الشريعة الإسلامية:
__________
(1) ... لمزيد من التفاصيل، أنظر: البعلي، عبد الحميد محمود: الاستثمار والرقابة الشرعية، مرجع سابق، ص 260- 262.
(2) ... وردت هكذا، والصحيح: خمسين.
(3) ... المرجع السابق مباشرة، ص262.(1/26)
تلتزم الشركة بصفة أساسية، بأن تقوم بجميع أعمالها طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية أخذاً وعطاءً.
الأمر الذي يؤكد حرص البنك واعتماده- مع حداثة التجربة والممارسة- إلى هيئة شرعية، تمثل ضمانة لإخضاع جميع أنشطة البنك لأحكام الشريعة الإسلامية. لذا فقد عمد البنك إلى الاستعانة بهيئة للفتوى والرقابة الشرعية، وهي موضوع الفرع التالي.
ب- هيئة الفتوى والرقابة الشرعية:
تبدو حاجة هذه الدراسة إلى معلومات حديثة حول الجهاز الشرعي للبنك، نظراً لأن البنك قد تأسس عام 1975م، ومر إلى الآن بمراحل مختلفة تطور خلالها. وقد رأى الباحث أن يستفيد في هذا الخصوص بما هو متاح في موقع البنك الإلكتروني (1) الذي يتم تحديث بياناته بصفة مستمرة، والذي يضم التفاصيل المناسبة عن هيئة البنك الشرعية، وهي على النحو التالي:
هيئة الفتوى والرقابة الشرعية
تضم هيئة الفتوى والرقابة الشرعية علماء متخصصين في الشريعة الإسلامية ولهم إلمام بالنظم الاقتصادية والقانونية والمصرفية بصفة عامة. ويتم تعيين الهيئة من قبل الجمعية العمومية للبنك وهي تأتي في مركز أعلى من مجلس الإدارة. ومهمة الهيئة استحداث صيغ استثمارية وتمويلية شرعية، إضافة إلى صياغة ومراجعة عقود تلك الصيغ والإفتاء في كل ما تعرضه عليها الإدارة من قضايا العمل ومستجداته أو يرفعه إليها المراقب الشرعي من استفسارات أو ملاحظات تتعلق بالأداء التنفيذي لشرعية التعامل المصرفي. وتعمل الهيئة على التأكد من أن أعمال البنك تتم وفق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وطبقاً للفتاوى الصادرة عنها، ومن ثم إعلان ذلك على الجمعية العمومية للبنك في اجتماعها السنوي.
الخدمات المصرفية الإسلامية
__________
(1) ... الموقع الإلكتروني لبنك دبي الإسلامي: (http://www.alislami.ae)، تواريخ الاستفادة من الموقع 26/12/1429هـ، و14/1/1430هـ، و17/1/1430هـ.(1/27)
تعود جذور الخدمات المصرفية الإسلامية التي تتمحور حول قبول الودائع ورفض الربا إلى أيام الرسول (صلّى الله عليه وسلّم). ففي ذلك الوقت، كان الناس يودعون الأموال لدى النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أو لدى أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه، أول خليفة للمسلمين.
لكن الخدمات المصرفية الإسلامية بصورتها الحالية بدأت بالظهور في نهاية الستينات من القرن الماضي، عندما عملت عدة دول إسلامية على وضع الفكرة موضع التنفيذ.
حيث بدأت بعض أشكال الخدمات المصرفية الإسلامية بالظهور في سبعينات القرن الماضي، لكنها واجهت عدداً من المشكلات من ناحية الالتزام الكلي بأسس الشريعة الإسلامية. وخلال الفترة ذاتها، بدأ العمل على تطوير أسس المحاسبة الإسلامية، التي تعتبر أداة حيوية ورئيسية لنجاح المصارف الإسلامية، وتم في العام 1973 عقد أول اجتماع لمؤتمر المنظمة الإسلامية في جدة وتم التناقش والتباحث في إيقاف العمل بمعدلات الفائدة المحدّدة وابتكار أنظمة مالية جديدة ترتكز على تعاليم الدين الحنيف.
وفي العام 1975 تم تأسيس بنك دبي الإسلامي كأول مصرف إسلامي متكامل، ومنذ ذلك الوقت، ظهرت العديد من المؤسسات المالية الأخرى التي ترتكز على مبدأ مشاركة الربح والخسارة.
ولقد ارتكز النموذج النظري الأول للخدمات المصرفية الإسلامية على مبدأ المضاربة متعددة الأطراف، عبر اعتماد مبدأ مشاركة الربح بدلاً من مبدأ الفائدة على الودائع والقروض. ويمكن للمصارف الإسلامية أن تكون وسيطاً مالياً، مثل المصارف التجارية التقليدية، لكن عبر إلغاء مبدأ الفائدة من جميع التعاملات والاعتماد على الشراكة الحقيقة ومبدأ مشاركة الأرباح.(1/28)
... وخلال فترة الثمانينات من القرن الماضي، لاقت الخدمات والنشاطات المالية الإسلامية اهتماماً واسعاً شمل الأكاديميين والمتخصصين. وبدأت العديد من الجامعات والمعاهد بتدريس أسس الخدمات المصرفية الإسلامية وتشجيع إجراء الدراسات والبحوث منها من جامعات بارزة في أوروبا وأميركا.
وتم عقد الكثير من المؤتمرات والندوات في مختلف المدن العالمية مثل كوالالمبور وإسلام أباد ودكا والمنامة وجدة والقاهرة والخرطوم وسوكوتو (نيجيريا) وتونس وجنيف ولندن ونيويورك. وتخصّصت العديد من مراكز الأبحاث بالأسس الاقتصادية الإسلامية مركزة على الشؤون المالية والمصرفية. وقامت بعض هذه المراكز بنشر المجلات الأكاديمية المتخصّصة موفرة بذلك منصة لتبادل الأفكار ونشر المعلومات حول العالم.
وقد تم لاحقاً تطوير الأسس الأوليّة وتنقيتها وصقلها حيث شهد مجال الودائع وضع أسس محدّدة للتعامل مع الحسابات وعمليات التمويل ورؤوس الأموال والبيانات المالية، وذلك ارتكازاً على مبادئ الإجارة والمرابحة. كما تم خلال هذه الفترة تطوير التقنيات الخاصة لإطلاق المنتجات المالية وفقاً للشريعة الإسلامية، وشمل هذا الأمر اختيار شركات ومؤسسات يمكن التعامل بأسهمها كونها تتوافق مع مبادئ الشريعة.
واليوم، أصبحت المصارف الإسلامية، وعلى رأسها بنك دبي الإسلامي، تشكل منافسة قوية في جميع مجالات العمل المصرفي بعد أن أزالت الصورة التي لازمتها بأنها فقط للمتعاملين المسلمين وتهدف إلى تحقيق بعض الأهداف الدينية. حيث أصبحت الخدمات المصرفية الإسلامية تتمتع بمستوى عال من التقدير وتعتبر بديلاً أكثر عدلاً وإنصافاً من المصارف التجارية التقليدية، وهي تجذب المزيد من المتعاملين غير المسلمين، يحفزهم على ذلك تميّز النظام المصرفي الإسلامي.
مهام الهيئة(1/29)
تشرف هيئة الفتوى والرقابة الشرعية على جميع النواحي الشرعية في البنك، ولها حق التأكد من مطابقة معاملات البنك مع أحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها وحق الاعتراض على الأعمال غير المطابقة إن وجدت. ويلتزم مجلس الإدارة بتنفيذ توصياتها سواء كانت بالإجماع أم بالأغلبية المطلقة (مادة 78 من النظام الأساسي).
وتنعقد اجتماعات الهيئة بصفة دورية أو كلما دعت حاجة العمل لذلك. وتستمد الهيئة صلاحياتها من أحكام الباب السابع من النظام الأساسي للبنك (مواد 74 – 84)، وأهم واجباتها ما يأتي :
·?أن تكون المصدر الرئيسي للفتوى الشرعية في البنك. والمراقب الشرعي هو ممثل الهيئة الدائم في البنك ويهتم بمراقبة الأعمال من الناحية الشرعية، إضافة إلى توليه أمانة سر الهيئة
·?السعي لإيجاد المزيد من الأساليب والصيغ والأدوات المصرفية الشرعية التي تمكن البنك من مواكبة التطور في أساليب الائتمان والاستثمار والخدمات المصرفية، وإبداء الرأي في الصيغ والمعاملات المصرفية المستجدة
·?دراسة ما يستجد من أعمال البنك والتي لم يسبق صدور فتاوى بشأنها لبيان حكمها الشرعي قبل قيام البنك بتنفيذها
·?دراسة العقود والاتفاقيات المتعلقة بمعاملات البنك والتي تعرضها عليها إدارة البنك أو تطلبها الهيئة للتثبت من عدم مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية
·?الإطلاع على خلاصة تقارير التدقيق الشرعي والزيارات الميدانية وملاحظات المراقب الشرعي لإبداء الرأي بشأنها
·?الإطلاع على عقود البنك وقراراته الإدارية وكل ما من شأنه تجسيد وتصوير الواقع العملي أمام الهيئة
·?دراسة الموضوعات المحالة من رئيس مجلس الإدارة والمتعلقة بأعمال البنك لإبداء الرأي الشرعي فيها
·?دراسة المسائل المستجدة المحالة من الإدارات والفروع أو من جمهور المتعاملين مع البنك، وبيان الرأي الشرعي فيها
·?إقرار برامج التدريب الشرعية للعاملين بالبنك
·?إعداد التقرير السنوي عن الميزانية العمومية للبنك(1/30)
وتقدم الهيئة تقريراً سنوياً شاملاً لمجلس الإدارة يبين خلاصة ما تم عرضه من حالات وما جرى بيانه من آراء في معاملات البنك.
المراقب الشرعي
تنص المادة 76 من النظام الأساسي على تعيين مراقب شرعي من قبل مجلس الإدارة تكون مهمته مراقبة كافة أعمال الشركة والتأكد من مطابقتها للفتاوى الصادرة عن هيئة الفتوى والرقابة الشرعية، إضافة إلى توليه أعمال أمانة سر الهيئة، ويقدم تقاريره وملاحظاته للهيئة ولرئيس مجلس الإدارة .
وتتلخص مهام المراقب الشرعي في الرد على استفسارات إدارة البنك والعاملين والمساهمين والمودعين والمتعاملين، ومتابعة المدققين الشرعيين وتوجيههم، ورفع التقارير والملاحظات إلى هيئة الفتوى والرقابة الشرعية والإدارة، والمشاركة في برامج التدريب بالبنك إضافة إلى أعمال أمانة سر هيئة الفتوى على التفصيل الوارد بلائحة الهيئة .
التدقيق الشرعي
هو الجانب الرقابي الميداني الذي يجسد سمة البنك، ويعد وجوده جزءاً من أعمال الرقابة الشرعية ومن واجباته الأساسية التحقق من مطابقة أعمال البنك للفتاوى الصادرة عن الهيئة من خلال توجيهات المراقب الشرعي .
وتوكل إلى التدقيق الشرعي مهام مراجعة أعمال البنك على مدار السنة للتحقق من مدى التزام العاملين والإدارات المختلفة بالضوابط والتوصيات والفتاوى الشرعية الصادرة عن هيئة الفتوى وعن الندوات والمؤتمرات المصرفية، والتأكد من أن جميع العقود التي ينشأ بها حق للبنك أو التزام عليه قد أقرتها هيئة الفتوى والرقابة الشرعية . كما يقوم التدقيق الشرعي برفع تقارير دورية للمراقب الشرعي لعرضها على هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لإقرار ما تراه مناسباً حيالها .
رسالة الهيئة(1/31)
هذا ما يجب أن يكون عليه وضع ومكانة هيئة الفتوى والرقابة الشرعية والمراقب الشرعي والعملية الرقابية الشرعية بصفة عامة في مؤسسة مصرفية إسلامية، كجهاز رقابي يجسد سمة البنك الإسلامي وما قصده المشرّع في النظام الأساسي للبنك والقانون الاتحادي رقم 6/85، وجمهور المتعاملين القاصدين أساساً وجهة البنك الإسلامي بصفة خاصة. وفي الواقع العملي، إن عملية الرقابة الشرعية هي كوظيفة "المحتسب" يكتسب قوة دوره وفاعليته في المجتمع المسلم من مدى تجاوب وفاعلية ومساندة أولياء أمر المسلمين، ومن هم في مستواهم، وإلا أصبح مجرد ناصح أمين يوجه إلى المعروف وينهى عن المنكر، "فمن اهتدى فلنفسه، ومن ضل فعليها."
أعضاء الهيئة
تتكون هيئة الفتوى والرقابة الشرعية في بنك دبي الإسلامي من:
1- أ. د. حسين حامد حسان – رئيس الهيئة.
2- أ. د. علي محي الدين القره داغي – عضو.
3- أ.د. عجيل جاسم النشمي. ... عضو
4- الشيخ محمد عبد الرزاق الصديق – عضو.
5- أ.د محمد عبد الحكيم زعير – عضو، أمين الهيئة والمراقب الشرعي.
ج- الملاحظات:
من خلال العرض السابق بدت ملاحظات تتعلق باسم الهيئة، وبمواصفات أعضاء الهيئة، وبالجهة التي تتولى تعيين الهيئة، ومهمتها، وكذا ملاحظات عن المراقب الشرعي من حيث تعيينه، ومهمته. وسوف يتم التعرض لها على النحو التالي:
1- تسمية جهاز البنك الشرعي بـ "هيئة الفتوى والرقابة الشرعية" تسمية تتسم بالدقة، وتعكس مهام الهيئة.
2- اختيار الهيئة في عضويتها لعلماء متخصصين في الشريعة الإسلامية ممن لهم إلمام بالنظم الاقتصادية والقانونية والمصرفية بصفة عامة، اختيار موفق باعتبار أن هذه المجالات تناسب احتياج الاقتصاد الإسلامي والتمويل والمصرفية الإسلامية، حيث تكون الشريعة الإسلامية هي الأساس، والتخصصات الأخرى تابعة.(1/32)
3- ورد أن الجمعية العمومية للبنك هي التي تتولى تعيين هيئة الفتوى والرقابة الشرعية. وهذه ضمانة لحياد الهيئة وموضوعيتها وحسن أدائها لمهمتها، حيث لا تتأثر بأي ضغوط يمكن أن تمارس عليها من جهة قد تكون صاحبة مصلحة في إملاء رأي أو موقف لا يوافق الشرع، كمجلس الإدارة، إذا كان هو الذي يضطلع بتعيين أعضائها أو تحديد أتعابهم.
4- مهمة الهيئة من استحداث صيغ، وصياغة عقود ومراجعتها، وإفتاء، ومراقبة لأعمال البنك، وإعلان ما تمخضت عنه مراقبتها لأعمال البنك للجمعية العمومية في اجتماعها السنوي، كل هذه المهام تنسجم مع مسمى الهيئة.
5- ما ورد حول المراقب الشرعي يفيد أن مهمته مراقبة كافة أعمال البنك، ويستعين في تحقيق ذلك بالتدقيق الشرعي في مهام مراجعة أعمال البنك على مدار السنة، وأنه في نفس الوقت عضو في الهيئة، وأنه يتولى أعمال أمانة سر الهيئة، إلا أن تعيينه يكون من قبل مجلس الإدارة، وهذا الأمر يبدو غريباً لي، خاصة وأنه يتعارض مع ما ذُكِرَ فيما سبق عن هيئة الفتوى والرقابة الشرعية من أن تعيينها يكون من قبل الجمعية العمومية، والمراقب الشرعي أحد أعضائها ويعينه مجلس الإدارة!!، فضلاً عن تعارضه مع الحياد المطلوب. قد يكون لمجلس الإدارة الحق في تعيين مراقب شرعي داخلي أسوة بتعيين مراجع حسابات داخلي، ولكن هل يكون بهذا الوصف عضواً في هيئة الفتوى والرقابة الشرعية المنوطة بالجمعية العمومية؟.
مراجعة عامة لدور الهيئات الشرعية في ضبط أعمال
المؤسسات المالية الإسلامية(1/33)
... حينما دعت الحاجة إلى وجود مؤسسات اقتصادية تقليدية، استدعى الأمر وجود جهات رقابية لضبط سير العمل، وكشف أي انحرافات لتقويمها، فوُجِدَتْ الرقابة الإدارية والرقابة المالية داخل المؤسسة وخارجها، من أجل تحقيق هدف دنيوي لا يخرج عن المحافظة على النظام العام. ولكن لما ظهرت مؤسسات إسلامية لها بعد ديني تمتد فيه العلاقة لما بين العبد وربه، فقد اقتضى الأمر وجود هيئة تعمل على ضبط عمل ونشاط المؤسسة من الناحية الشرعية، لذا فقد تزامن مع قيام المؤسسات المالية الإسلامية المعاصرة وجود هيئات شرعية تضطلع بهذا الدور، وليس بمستغرب لأي بداية عملية أن يعتريها القصور، شأن أي جهد إنساني. والعبرة تكون بمراجعة التجربة لتطوير التطبيق نحو الأفضل قدر الإمكان.
... والحديث عن دور الهيئات الشرعية في ضبط أعمال المؤسسات المالية الإسلامية يمكن أن يُفهم على أحد معنيين:
1- الدور المفترض أن تضطلع به الهيئة.
2- الدور العملي الذي قامت به الهيئة فعلاً.
... الأول نظري أو مثالي يتناول ما يجب أن يكون، بينما الثاني يتناول التطبيق من حيث الأثر الذي ترتب في ضبط العمل نتيجة جهد الهيئة الشرعية. ويبدو أن المطلوب هنا هو تغطية المعنيين. ذلك أن الدور المثالي ينبغي أن يأخذ الواقع وفقه المصلحة ومقاصد الشريعة وفقه المآلات بعين الاعتبار، والتطبيق العملي يحتاج إلى أن يهتدي ويسترشد بما يجب أن يكون. لذا فقد عمد الباحث إلى دراسة عدد من الحالات العملية، لأن المقام لا يحتمل الاستيعاب، وبديهي أنها على الأرجح لا تغطي كل مشاكل التطبيق، ليُكْمِلَ النقص قدر الإمكان من خلال معايشته للتجربة طيلة الثلاثين سنة الأخيرة.(1/34)
... ولمراجعة دور الهيئات الشرعية، سيعتمد الباحث بعد الله على دراسته للحالات العملية التي تناولها (1) ، وما تمخض عنها من ملاحظات، وكيف يمكن معالجتها، من أجل الوقوف على الأثر والنتائج التي حققتها الهيئات الشرعية أثناء الممارسة والتطبيق. وإذا بدت تجاوزات أو ملاحظات، أمكن ضبطها من خلال مراجعتها على الدور المفترض أن تضطلع به الهيئة، إضافة إلى معايشته للتجربة وخبرته عنها، وذلك على النحو التالي:
أولاً: مراجعة دور الهيئات الشرعية على نطاق الحالات العملية محل الدراسة:
1- تناول أحد القوانين التي أوردتها الدراسة النص التالي: "تخضع جميع معاملات البنك وأنشطته لما تفرضه الأحكام والقواعد الأساسية في الشريعة الإسلامية وخاصة فيما يتعلق بتحريم الربا وبأداء الزكاة". والذي يراه الباحث عدم التخصيص. لأن حرمة الربا مما ينبغي علمه بالضرورة من أحكام الدين، ولا يعذر الجهل به. وبافتراض أن هناك علاقة تربط الربا بالأعمال المصرفية والإقراض ليكون لتخصيصه ما يبرره، فإن تناول القانون للزكاة بالإلزام جباية وتوزيعاً فيه إلزام بأمر محل خلاف بين الفقهاء، وقد يكون من الأولى هنا ألا يُحْمَل الناس على رأي واحد. وإن كان التخصيص لا بد منه، فإن محاذير شرعية أخرى تحتاج إلى التخصيص خاصة في التطبيق المعاصر كالقمار والغرر الفاحش الذي استشرى خطره في الجوائز، وفي المشتقات المالية التي يُنظر إليها على أنها أدوات تحوط معاصرة، وغير ذلك من المحاذير.
__________
(1) ... قدم الباحث أربع حالات عملية يمكن أن تغطي أغلب حاجات الدراسة، لأن المقام هنا لا يسمح بالاستيعاب. على أن يعتمد على معايشته للتجربة في تغطية ما قصرت الدراسة العملية عن بلوغه قدر الإمكان.(1/35)
2- تبين أن التوجه العام فيما يتعلق بتعيين الهيئة الشرعية وتحديد أتعاب أعضائها وتحديد مؤهلاتهم وخبراتهم منوطة بالجمعية العمومية. مع وجود ميل لدى البعض لإعطاء دور ما لمجلس الإدارة. بيد أن أي تدخل لهذا المجلس يؤثر سلباً على حياد الهيئة نظراً لما يحمله من تعارض للمصالح. لذا يجب أن تنفرد الجمعية العمومية بتعيين الهيئة الشرعية وتحديد أتعاب أعضائها وتحديد مؤهلاتهم وخبراتهم بناء على دراسة سابقة يُعدها مختصون، ولا توكل إلى مجلس الإدارة لما قد يؤدي ذلك إلى ممارسة ضغوط ممن له ولاية على الهيئة، تفادياً لتضارب المصالح.
3- حدد قانون أحد الحالات التي تعرّضت لها هذه الدراسة مكافآت وبدلات الحضور لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة وأعضاء هيئة الرقابة الشرعية على ألا تتجاوز 10 %، ولا تقل عن 5 % من صافي الأرباح. وما ورد في هذا القانون يحتاج إلى مراجعة: فتقدير أتعاب أعضاء الهيئة الشرعية ورئيسها لا تكون كنسبة من صافي الأرباح، باعتبار أن طبيعة عملهم تختلف عن طبيعة عمل مجلس الإدارة الذي يستحق أعضاؤه مكافآت كمنظمين عندما يحقق نشاطهم أرباحاً للشركة، أو عن طبيعة عمل المدير في صناديق الاستثمار، إذ يكون عمله في حكم عمل المضارب الذي يتوقف نصيبه على نتيجة الأعمال، يربح إذا ربحت الشركة، ويخسر جهده دون ربح إذا لم يتحقق ربح عند سلامة رأس المال أو عند الخسارة. أما عضو الهيئة الشرعية فإنه أجير يحصل على أجر معلوم في مقابل عمله المتفق عليه، سواء تحقق ربح أم لم يتحقق.(1/36)
4- وضع أحد القوانين التي تناولتها الدراسة حداً أقصى لأعضاء الهيئة الشرعية بخمسة أعضاء. ووضع غيره حداً أدنى بثلاثة أعضاء وحداً أعلى بسبعة. بينما لم تتعرض الحالات العملية الأخرى للعدد، بل يتم تسمية الرئيس والأعضاء. بيد أن الذي بدا للباحث أن الإسلام يضع حداً أدنى لأي جماعة يترأسها أحدها، ويترك تحديد الحد الأقصى لما تمليه المصلحة المعتبرة، وعلى ذلك: يكون الحد الأدنى للهيئة الشرعية ثلاثة، ويُترك تحديد الحد الأقصى لما تمليه المصلحة، أو يتم تحديد حد أقصى معقول يحقق المصلحة الراجحة، يمكن تعديله عند الاقتضاء.
5- ورد في تقرير أحد الهيئات الشرعية التي تناولتها الدراسة أن الهيئة ناقشت ممثل البنك حيث تبين أن البنك يقوم بأعماله في إطار أحكام الشريعة الغراء، كما أن الهيئة فوضت رئيسها في إعداد التقرير الذي يُرفع إلى الجمعية العمومية، رغم أن القانون حدد للهيئة مهاماً واسعة في الفتوى والمراجعة، وأعطاها من الصلاحيات ما لمراقبي الحسابات من وسائل واختصاصات. وبدا أن الهيئة اكتفت بالقليل. والذي يراه الباحث أنه: حينما تقوم الجمعية العمومية بتعيين هيئة شرعية، فالمفترض أن تضطلع الهيئة بكامل واجباتها في كافة مهامها من فتاوى وتدقيق ورقابة، دون الاكتفاء بمناقشة ممثل البنك، ودون تفويض أحد أعضائها أو رئيسها في إعداد التقارير إلا في أضيق نطاق، وعند الضرورة. حتى لا يتم تفويت القصد من كونها هيئة.(1/37)
6- ورد في أحد البيانات الصادرة عن أحد البنوك التي تناولتها الدراسة أن الجمعية العمومية هي التي تتولى تعيين الهيئة الشرعية. ثم نصت إحدى مواد النظام الأساسي على تعيين مراقب شرعي من قبل مجلس الإدارة، ويتولى أيضاً أمانة سر الهيئة. وأفادت البيانات أن هذا المراقب الشرعي أحد أعضاء الهيئة الشرعية. والذي يُفهم من هذا أن المراقب الشرعي يُعينه مجلس الإدارة، ويتولى الرقابة الشرعية الداخلية حيث يعمل تحت رئاسته جهاز للتدقيق الشرعي، وبحكم موقعه داخلياً وخارجياً يتولى أمانة سر الهيئة، ويتمتع بعضويتها. وهنا يبدو التعارض، فكيف تنفرد الجمعية العمومية بتعيين الهيئة، ويكون من بين أعضائها مَنْ يُعينه مجلس الإدارة؟. وحتى يمكن معالجة هذا الخلل مع تحقيق المصلحة يمكن القول إنه: على غرار قيام مجلس الإدارة بتعيين مراجع حسابات داخلي خلاف مراقب الحسابات الخارجي، يمكن لمجلس الإدارة أن يعين مراقباً شرعياً داخلياً يتولى أعمال الرقابة والتدقيق، ويتعاون مع الهيئة الشرعية ويتولى أمانة سرها، ولكن لا يكون عضواً كامل العضوية بها، إذ لا يكون له حق التصويت، وذلك حفاظاً على حياد الهيئة وتفادياً لما قد يحدث من تعارض المصالح.
ثانياً: مراجعة دور الهيئات الشرعية كما يراه الباحث:
من الناحية العملية، تعددت صور وأشكال الإشراف الشرعي على المؤسسات المالية الإسلامية بين تعيين مستشار شرعي، يعينه مجلس الإدارة، وما يصدر عنه يمثل توصيات غير ملزمة لمجلس الإدارة، ووصولاً إلى هيئة فتوى ورقابة شرعية، تعينها الجمعية العمومية، وتكون فتاواها وقراراتها ملزمة لمعاملات وأنشطة المؤسسة، وعلى مستوى إداراتها المختلفة. وبين هذا وذاك تفاوتت الصور والأشكال.(1/38)
وبعد مرور ما يزيد عن ثلاثة عقود، أصبح لزاماً أن يضطلع أولوا الأمر بدورهم في الاستفادة من حصاد التجربة المعاصرة في وضع أدلة وأنظمة وقواعد منضبطة، تصحح المسيرة وتتوجه بها نحو ما يجب أن يكون. وفيما يلي يستعرض الباحث أهم القضايا المعاصرة في هذا الخصوص مما لم يرد في دراسته المشار إليها آنفاً.
1- أثيرت قضية اختلاف الفتاوى الشرعية في المسألة الواحدة بين البنوك الإسلامية، وأحياناً داخل الدولة الواحدة، ورأى البعض إمكانية التغلب على ذلك عن طريق إنشاء هيئة عامة شرعية عليا على مستوى الدولة، يمكن الرجوع إليها. ولكن يثور سؤال آخر عن الخلاف مع بنوك إسلامية أخرى خارج الدولة. ليثير البعض إنشاء هيئة إسلامية عالمية عليا للرقابة الشرعية تكون الملجأ أو الملاذ الأخير على المستوى الدولي. ومع صعوبة عمل هذه الهيئة من الناحية العملية نظراً لاختلاف المذاهب وتباينها فيما بين الدول الإسلامية, إلا أن هذا الحل لم يكن غائباً عن فكر وتطبيق الرواد الأوائل للعمل المصرفي الإسلامي المعاصر (1) ، فقد قامت بالفعل هيئة عليا للفتوى والرقابة الشرعية بالاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، ويمكن الاستفادة بما ورد في لائحتها الملحقة.
__________
(1) ... تشكلت الهيئة العليا للفتوى والرقابة الشرعية للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الأعضاء بالاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية طبقاً لأحكام لائحة صادرة بناء على المادة (16) من اتفاقية إنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية عام 1397هـ (1977م). وتصدق على اللائحة في 8 شوال 1403هـ (18/7/1983م). وللإطلاع على اللائحة، انظر:
... - البعلي، عبد الحميد محمود: المدخل لفقه البنوك الإسلامية، مرجع سابق، ص 173 – 182.(1/39)
2- تستطيع المجامع الفقهية، خاصة مجمع الفقه الإسلامي الدولي أن يكون له إسهام فاعل في التصدي للفتاوى الشرعية المختلف فيها بين البنوك الإسلامية، المشار إليها في البند السابق، نظراً لتكوينه وطبيعة عمله، وما يتمتع به من آلية فاعلة.
3- يمكن لهيئة المراجعة والمحاسبة الإسلامية أن تضطلع بدور هام ورئيس في وضع معايير عالمية للرقابة الشرعية، تعتمد المذاهب الفقهية المقبولة لتحقيق المصلحة الراجحة، معتمدة في ذلك قدر الإمكان على مقاصد الشريعة وفقه المآلات.
4- نظراً لقضايا اختيار أعضاء الهيئات الشرعية، وإلى اختلاف الأساليب المتبعة في إجابات الهيئات عن الفتاوى، يمكن وضع ميثاق شرف لمهنة الفتاوى والرقابة الشرعية، يتضمن: الشروط التي يجب توفرها في عضو الهيئة الشرعية، حيث يتم تحديدها تحديداً دقيقاً يعالج المشاكل الحالية. وكذا خطة الهيئة الشرعية في الإجابة عن الاستفسارات، ويمكن الاستفادة بخطة بنك فيصل الإسلامي السوداني الموجودة في هذه الدراسة.(1/40)
5- ثمة قضية أفرزها التطبيق المعاصر للهيئات الشرعية تحتاج إلى مراجعة، هي كون العضو يملك أسهماً في المؤسسة التي تعين عضواً في هيئتها، فقد تتعارض المصلحة حينما تطلب المؤسسة فتوى في أداة تمويل تحقق عائداً مجزياً مشكوكاً في حله. كما أنه يطلع بحكم عمله على مخاطر تؤثر سلباً على الشركة فيستفيد من وراء موقعه بما حُجِبَ عن غيره ليبيع أسهمه قبل انخفاض قيمتها، أو العكس فيشتري بالرخيص ويبيع فيما بعد بالكثير. ورغم أنه في أغلب الأحوال يتمتع العضو بالورع الذي يحول دون سوء التصرف، إلا أن الأولى أن تدع ما يريبك إلى ما لا يريبك (1) .
__________
(1) ... "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ورد في العديد من كتب الحديث مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكره الحاكم النيسابوري في المستدرك: عن أبي الحوراء السعدي، قال: سألت الحسن بن علي ما يذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعته يقول: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الخير طمأنينة وإن الشر ريبة" هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (يقصد البخاري ومسلم). المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 5 ص 273 المكتبة الشاملة والكتاب مرقم آلياً غير موافق للمطبوع. ورواه الإمام أحمد في مسنده من مسانيد أنس بن مالك ج 5 ص 138 المكتبة الشاملة والترقيم غير موافق للمطبوع. ورواه الترمذي في سننه ج9 ص 203، والنسائي في السنن الكبرى ج 3 ص 239 المكتبة الشاملة، الأخير موافق للمطبوع. وروايات الحاكم والترمذي والنسائي عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي عن الحسن بن علي.(1/41)
6- ثمة قضية أخرى أفرزها التطبيق المعاصر للهيئات الشرعية تحتاج إلى مراجعة أيضاً، هي كون العالم الشرعي عضواً شرعياً في أكثر من مؤسسة مالية إسلامية. فيطلع في إحداها على أسرار منتج مالي تحت الدراسة لا ترغب تلك المؤسسة أن يطلع عليها غيرها من مؤسسات حتى لو كانت إسلامية. فيكون انتماؤه لأكثر من مؤسسة محل ريب، ومؤدياً إلى تضارب المصالح. وبافتراض أنه لن يسئ التصرف، فقد يقع منه ذلك لا عن عمد. وأرى أن هذه القضية تحتاج إلى دراسة أعمق، ولكنني أخذت هنا بالأحوط.
أهم النتائج والتوصيات
بعد أن قام الباحث بدراسة أربع حالات عملية، وتناول أهم الملاحظات حولها، وقام بمراجعة دور الهيئات الشرعية على هدي نتائجها، ومن خلال معايشته للتجربة، لعله من المفيد أن نختتم الورقة بتسجيل أهم ما تمخض عنها من نتائج وتوصيات، وهي كما يلي:
1- من الأهمية بمكان أن يتم وضع ميثاق شرف لمهنة الفتوى والرقابة الشرعية يتضمن:
أ- الشروط المرجعية الواجب توافرها في عضو الهيئة الشرعية.
ب- خطة الهيئة الشرعية في الإجابة عن الاستفسارات.
2- تكون الجمعية العمومية أو من يقوم مقامها هي الجهة المنوط بها تعيين الهيئة الشرعية، وما يتعلق بها من تحديدٍ للأتعاب وكذا ومؤهلات وخبرات أعضائها، وليس مجلس الإدارة وذلك لضمان حياد الهيئة، ولتفادي تضارب المصالح.
3- يجوز أن يصدر تشريع على مستوى المؤسسة المالية الإسلامية يتعرض لعدد أعضاء الهيئة الشرعية. وهنا يتناول التشريع الحد الأدنى لعدد الأعضاء بما لا يقل عن ثلاثة، ويُترك تحديد الحد الأقصى لما تمليه المصلحة المعتبرة، أو يتحدد بعدد معقول يحقق المرونة، ويكون قابلاً للتعديل عند الاقتضاء.
4- مهام الهيئة الشرعية التي يحددها النظام الأساسي أو ما يقوم مقامه تمثل أمانة، يجب على أعضاء الهيئة أن يُفْرِغوا الوسع في أدائها على الوجه الأكمل، يعرفون حقها ويؤدون الذي عليهم نحوها.(1/42)
5- يجوز لمجلس الإدارة أن يعين مراقباً شرعياً داخلياً، يتولى أعمال الرقابة والتدقيق، ويتعاون مع الهيئة الشرعية، ولكن لا يكون عضواً كامل العضوية بها، فلا يكون له حق التصويت حفاظاً على حياد الهيئة في ممارستها لمهامها، وتفادياً لتعارض المصالح.
6- قضية اختلاف الفتوى في المسألة الواحدة بين البنوك الإسلامية: يمكن تضييق الخلاف فيها عن طريق إحياء قيام هيئة عليا عالمية شرعية على مستوى المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، حيث يتم وضع آلية لاضطلاعها بهذا الأمر. كما يمكن إحالة مثل هذه القضايا بترتيب يتم الاتفاق عليه للمجامع الفقهية، خاصة مجمع الفقه الإسلامي الدولي باعتباره مؤهَلاً لهذا الدور.
7- جهات ضبط الفتوى والرقابة: تقوم بها الهيئات الشرعية داخل كل مؤسسة مالية إسلامية. وعند الاختلاف فيما بينها، يمكن اللجوء إلى الهيئة العليا العالمية الشرعية. وعلى خط موازٍ تضطلع هيئة المراجعة والمحاسبة الإسلامية بدورها في وضع معايير للرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية.
8- امتلاك عضو الهيئة الشرعية أسهماً في المؤسسة المالية الإسلامية التي يشغل عضوية هيئتها، يتعارض مع مبدأ الحياد في ممارسته مهام عمله، فلا يجوز أن يجمع بين المسألتين.
9- كون العالم الشرعي عضواً في أكثر من مؤسسة مالية إسلامية، أو أكثر من هيئة شرعية، لا يجوز لما يفضي إليه من تعارض للمصالح.
وهذه النقاط يمكن أن يتضمنها مشروع القرار الذي يقترحه الباحث ليصدر عن المجمع حسب طلب أمانته الموقرة، وذلك على النحو التالي:
مشروع القرار المقترح
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه .
قرار رقم: ( / 19)
بشأن
دور الرقابة الشرعية في ضبط أعمال البنوك الإسلامية(1/43)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورته التاسعة عشرة في إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة من 26 – 30 إبريل 2009م،
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع دور الرقابة الشرعية في ضبط أعمال البنوك الإسلامية، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يلي:
أولاً: ... من الأهمية بمكان أن يتم وضع ميثاق شرف لمهنة الفتوى والرقابة الشرعية يتضمن:
... 1- الشروط المرجعية الواجب توافرها في عضو الهيئة الشرعية.
... 2 - خطة الهيئة الشرعية في الإجابة عن الاستفسارات.
ثانياً: ... تكون الجمعية العمومية أو من يقوم مقامها هي الجهة المنوط بها تعيين الهيئة الشرعية، وما يتعلق بها من تحديدٍ للأتعاب وكذا ومؤهلات وخبرات أعضائها، وليس مجلس الإدارة وذلك لضمان حياد الهيئة، ولتفادي تضارب المصالح.
ثالثاً: ... يجوز أن يصدر تشريع على مستوى المؤسسة المالية الإسلامية يتعرض لعدد أعضاء الهيئة الشرعية. وهنا يتناول التشريع الحد الأدنى لعدد الأعضاء بما لا يقل عن ثلاثة، ويُترك تحديد الحد الأقصى لما تمليه المصلحة المعتبرة، أو يتحدد بعدد معقول يحقق المرونة، ويكون قابلاً للتعديل عند الاقتضاء.
رابعاً: ... مهام الهيئة الشرعية التي يحددها النظام الأساسي أو ما يقوم مقامه تمثل أمانة، يجب على أعضاء الهيئة أن يُفْرِغوا الوسع في أدائها على الوجه الأكمل، يعرفون حقها ويؤدون الذي عليهم نحوها.
خامساً: يجوز لمجلس الإدارة أن يعين مراقباً شرعياً داخلياً، يتولى أعمال الرقابة والتدقيق، ويتعاون مع الهيئة الشرعية، ولكن لا يكون عضواً كامل العضوية بها، فلا يكون له حق التصويت حفاظاً على حياد الهيئة في ممارستها لمهامها، وتفادياً لتعارض المصالح.(1/44)
سادساً: قضية اختلاف الفتوى في المسألة الواحدة بين البنوك الإسلامية: يمكن تضييق الخلاف فيها عن طريق إحياء قيام هيئة عليا عالمية شرعية على مستوى المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، حيث يتم وضع آلية لاضطلاعها بهذا الأمر. كما يمكن إحالة مثل هذه القضايا بترتيب يتم الاتفاق عليه للمجامع الفقهية، خاصة مجمع الفقه الإسلامي الدولي باعتباره مؤهَلاً لهذا الدور.
سابعاً: جهات ضبط الفتوى والرقابة: تقوم بها الهيئات الشرعية داخل كل مؤسسة مالية إسلامية. وعند الاختلاف فيما بينها، يمكن اللجوء إلى الهيئة العليا العالمية الشرعية. وعلى خط موازٍ تضطلع هيئة المراجعة والمحاسبة الإسلامية بدورها في وضع معايير للرقابة الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية.
ثامناً: امتلاك عضو الهيئة الشرعية أسهماً في المؤسسة المالية الإسلامية التي يشغل عضوية هيئتها، يتعارض مع مبدأ الحياد في ممارسته مهام عمله، فلا يجوز أن يجمع بين المسألتين.
تاسعاً: كون العالم الشرعي عضواً في أكثر من مؤسسة مالية إسلامية، أو أكثر من هيئة شرعية، لا يجوز لما يفضي إليه من تعارضٍ للمصالح.
...
قائمة المصادر والمراجع
أولاً: القرآن الكريم.
ثانياً: كتب الحديث:
1- سنن الترمذي: المكتبة الشاملة، مصدر الكتاب: موقع الإسلام (http://www.al-islam.com)، ] الكتاب مشكول ومرقم آلياً غير موافق للمطبوع، وهو متن غير مرتبط بشرحه . [
2- السنن الكبرى للنسائي: المكتبة الشاملة، الكتاب: السنن الكبرى، مصدر الكتاب: موقع يعسوب. ] ترقيم الكتاب موافق للمطبوع [.
3- المستدرك على الصحيحين في الحديث: المكتبة الشاملة، الكتاب: المستدرك على الصحيحين للحاكم. مصدر الكتاب: موقع جامع الحديث (http://www.alsunnah.com)، ]الكتاب مرقم آلياً غير موافق للمطبوع[.(1/45)
4- مسند الإمام أحمد: المكتبة الشاملة، مصدر الكتاب: موقع الإسلام (http://www.al-ISLAM.com)، ]الكتاب مشكول غير موافق للمطبوع[.
ثالثاً: كتب معاصرة:
1- الاستثمار والرقابة الشرعية: عبد الحميد محمود البعلي، الناشر: بنك فيصل الإسلامي، جمهورية قبرص التركية، الطبعة الأولى 1411هـ (1991م).
2- المدخل لفقه البنوك الإسلامية: عبد الحميد محمود البعلي، الناشر: الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية، طبعة 1404هـ (1983م).
رابعاً: المواقع الإلكترونية للحالات العملية:
1- الموقع الإلكتروني لبنك دبي الإسلامي: (http://www.alislami.ae).
2- الموقع الإلكتروني لبنك فيصل الإسلامي السوداني: (http://www.fibsudan.com).
3- الموقع الإلكتروني لبنك فيصل الإسلامي المصري: (http://www.faisalbank.com.eg).
4- الموقع الإلكتروني لمصرف الراجحي: (http://www.alrajhibank.com.sa).
ِ
قائمة المحتويات
الموضوع: ... ... ... ... ... ... ... ... ... الصفحة
تقديم ... 2
مقدمة ... 4
الحالات العملية ... 5
أولاً: بنك فيصل الإسلامي المصري ... 5
أ- المواد ذات العلاقة من القانون رقم (28) لسنة 1977 ... 6
ب- المواد ذات العلاقة من النظام الأساسي للبنك ... 6
ج- هيئة الرقابة الشرعية للبنك ... 7
د- تقرير هيئة الرقابة الشرعية للبنك ... 8
ه- الملاحظات ... 9
ثانباً: بنك فيصل الإسلامي السوداني ... 11
أ- نشأة البنك وتأسيسه ونشاطه ... 11
ب- هيئة الرقابة الشرعية ... 12
ج- الملاحظات ... 15
ثالثاً: شركة الراجحي المصرفية للاستثمار ... 16
أ- نشأة وتأسيس الشركة ونشاطها وتطورها ... 16
ب- المجموعة الشرعية ... 17
ج- الملاحظات ... 21
رابعاً: بنك دبي الإسلامي ... 22
أ-نشأة وتأسيس البنك ونشاطه ... 22
ب- هيئة الفتوى والرقابة الشرعية ... 23
ج- الملاحظات ... 28
مراجعة عامة لدور الهيئات الشرعية في ضبط أعمال المؤسسات المالية الإسلامية 28 ...
أهم النتائج والتوصيات ... 35
مشروع القرار المقترح ... 37
قائمة المصادر والمراجع ... 39
قائمة المحتويات ... 40 ...
...(1/46)