32-كثرة المال
فاض المال زمن عثمان حين اقتسموا أموال الفرس والروم .
وكثر المال زمن عمر بن عبد العزيز .
وبدأ يكثر في مطلع القرن الخامس عشر .
ويزداد كثرة زمن المهدى وابن مريم .
1- عن أبى هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض ، حتى يُهَّم ربُّ المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه فيقول الذى يعرضه عليه لا أرب لى . رواه البخاري (1)
يهم : يحزن .... أرب : حاجة .
2- عن أبى موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ثم لا يجد أحداً يأخذها منه . رواه البخاري مسلم (2)
من الذهب : خصه بالذكر مبالغة في عدم من يقبل الصدقة .
3- عن حارثة بن وهب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : تصدقوا فإنه يأتى عليكم زمان يمشى الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها : يقول الرجل لو جئت بها بالأمس لقبلتها ، فأما اليوم فلا حاجة لى بها . رواه البخاري ومسلم (3)
هذا إنما يكون في الوقت الذى يستغنى الناس فيه عن المال لاشتغالهم بأنفسهم عند الفتنة
4- عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يأتى على الناس زمان لا يبالى المرء ما أَخذ منه ، أمن الحلال أم من الحرام . رواه البخاري (4)
قال ابن التين : أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا تحذيراً من فتنة المال وهو من بعض دلائل نبوته لإخباره بالأمور التي لم تكن في زمنه . ووجه الذم من وجهة التسوية بين الأمرين، وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو . اهـ .
وقد وقع هذا في زماننا من بعض المسلمين فأكلوا الربا وأكلوا أموال الناس بالباطل ولا حول ولا قوة إلا بالله .
__________
(1) فتح البارى 1412
(2) فتح البارى 1414 -مسلم 1012
(3) فتح البارى 1411 -مسلم 1011
(4) فتح البارى 2059(1/1)
5- عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اعدُدْ ستاً بين يدي الساعة: موتى ، ثم فتح بيت المقدس ، ثم مُوْتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ، ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل الرجل ساخطاً . رواه البخاري (1)
استفاضة المال : أي كثرته وظهرت في خلافة عثمان عند تلك الفتوح العظيمة .
6- عن عمر بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكنى أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم . رواه مسلم (2)
التنافس إلى الشيء : المسابقة إليه وكراهة أخذ غيرك إياه ، وهو أول درجات الحسد
ما أخشى عليكم الفقر لأنه أنفع لكم ولكن أخشى عليكم أن توسع عليكم الدنيا فتعملوا معاملة الأغنياء الأغبياء فتهلكوا بأنواع البلاء كما هلك من كان قبلكم بسبب عدم ترحمهم على الفقراء لأجل كمال الميل إلى المال ، فتختاروا الدنيا كما رغب فيه من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم .
قال الطيبى : ترغبون فيه فتشتغلون بجمعها وتحرصون على إمساكها فتطغون بها ، فتهلكون بها .
23-كثرة موت الفجأة
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قَبَلا فيقال : لليلتين ، وأن تُتَّخذ المساجد طرقاً ، وأن يظهر موت الفجأة .
رواه الطبرانى في الأوسط (3)
وهذا أمر مشاهد في هذا الزمن . حيث كثر في الناس موت الفجأة ، فترى الرجل صحيحاً معافى ، ثم يموت فجأة ، وهذا ما يسميه الناس في الوقت الحاضر بالسكتة القلبية . فعلى العاقل أن يتنبه لنفسه ، ويرجع ويتوب إلى الله تعالى قبل مفاجأة الموت . وكان الإمام البخاري يقول :
اغتنم في الفراغ فضلَ ركوع فعسى أن يكون موتُك بغتة
كم صحيح رأيتُ من غير سُقْم ذَهَبَتْ نفسُه الصحيحةُ فلتة
__________
(1) فتح البارى 3176
(2) مسلم 61
(3) الطبرانى فى الصغير ص 233 (حسن - صحيح الجامع 5899 )(1/2)
قال ابن حجر :وكان من العجائب أنه وقع له- أي البخاري - ذلك أو قريباً منه "هدى السارىص481 "
أن يرى الهلال قبلا : أن يرى ساعة ما يطلع لعظمه ووضوحه من غير أن يتطلب .
فيقال لليلتين : أي هو ابن ليلتين .
وأن تتخذ المساجد طرقا : للمارة يدخل الرجل من باب ويخرج من باب فلا يصلى فيه تحية ولا يعتكف فيه لحظة .
وأن يظهر موت الفجأة : فيسقط الإنسان ميتاً وهو قائم يكلم صاحبه أو يتعاطى مصالحه .
عن عبيد بن خالد السلمى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : موت الفجأة أخذة آسف . رواه أبو داود وزاد البيهقى في الشعب للكافر ، ورحمة للمؤمن . واه أبو داود (1)
موت الفجأة : أي الموت بغتة بلا سبق مرض وهو مذموم ، لأن من مات فجأة لا يمكنه الاستعداد للتوبة والعمل الصالح والوصية وغيرها ، ويحرم من ثواب المرض الذى يكفر الذنوب ، ومع هذا فهو راحة للمؤمن الصالح من عناء الدنيا لأنه مستعد للموت بالأعمال الصالحة ، أما الفاجر فموته فجأة من علامات غضب الله عليه ، لأنه لم يتركه حتى يتدارك ما فاته من التفريط ويستعد للموت بالتوبة ، ولم يمرض لتكفير ذنوبه .
آسف : غضب ، والمراد به أنه من علامات غضب الله على عبده قبضه بغتة .
34- زخرفة المساجد
زخرفة المساجد ، ونقشها ، والتفاخر بها من علامات الساعة .
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد " رواه أبو داود (2)
قال البخاري : " قال أنس : يتباهى بها ، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً فالتباهى بها : العناية بزخرفتها . قال ابن عباس : لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى " رواه البخاري (3)
__________
(1) أبو داود 3110 (صحيح الجامع 6631 )
(2) أبو داود 449 ( صحيح أبى داود 432)
(3) فتح البارى الصلاة 62 (صحيح المحلى 4/61 )(1/3)
قال الخطابى : اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرفوا وبدلوا وتركوا العمل بما في كتبهم ، فأنتم تصيرون إلى مثل حالهم إذا طلبتم الدنيا بالدين وتركتم الإخلاص في العمل وصار أمركم إلى المراءاة بالمساجد والمباهاة بتشييدها وتزيينها .
وقد نهى عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن زخرفة المساجد ، لأن ذلك يشغل الناس عن صلاتهم وقال عندما أمر بتجديد المسجد النبوى : " أُكِنُّ الناسَ من المطر ، وإياك أن تُحمِّر أو تُصفِّر فتفتنَ الناس " . رواه البخاري (1)
ورحم الله عمر ،فإن الناس لم يأخذوا بوصيته ، ولم يقتصروا على التحمير والتصفير ، بل تعدوا ذلك إلى نقش المساجد كما ينقش الثوب ، وتباهى الملوك والخلفاء في بناء المساجد وتزويقها حتى أتوا في ذلك بالعجب ، ولا زالت هذه المساجد قائمة حتى الآن ، كما في الشام ومصر وبلاد المغرب والأندلس وغيرها وحتى الآن لا يزال المسلمون يتباهون في زخرفة المساجد . ولا شك أن زخرفة المساجد علامة على الترف والتبذير ، وعمارتها إنما تكون بالطاعة والذكر فيها ، ويكفى الناس ما يكنهم من الحر والقر والمطر .
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما أمرت بتشييد المساجد .
رواه أبو داود (2)
التشييد : رفع البناء وتطويله
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم . رواه الحكيم الترمذى (3)
تفاخر الناس في عمارة المساجد ونقشها وتزويقها كفعل أهل الكتاب بكنائسهم وبيعهم
35-كثرة القتل
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرْج قالوا : وما الهرْج يا رسول الله ؟ قال : القتل ) رواه مسلم (4)
__________
(1) فتح البارى الصلاة 62
(2) أبو دواد 448 ( صحيح أبى داود 431 )
(3) النوادر ص78 -الزهد لابن المبارك 797 ( الصحيحة 1351 )
(4) مسلم 2888(1/4)
وفى رواية للبخارى عن عبد الله بن مسعود : بين يدي الساعة أيامُ الهَرْج ، يزول فيها العلم ، ويظهر فيها الجهل) قال أبو موسى : والهرج : القتل بلسان الحبشة .رواه البخاري (1)
عن أبى موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن بين يدي الساعة الهَرْج )قالوا : وما الهرج ؟ قال : القتل ، قالوا : أكثر مما نقتُل ، إنا لنقتُل في كل عام أكثر من سبعين ألفاً قال ( إنه ليس بقتلكم المشركين ، ولكن قتل بعضكم بعضاً )قالوا : ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال : إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس ، يحسب أكثرهم أنهم على شىء ، وليسوا على شىء) . رواه أحمد (2)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده ، لا تذهبُ الدنيا حتى يأتى على الناس يوم لا يدرى القاتل فيم قَتَل ، ولا المقتول فيم قُتِل ؟ فقيل: كيف يكون ذلك ؟ قال : "الهَرْج ، القاتل والمقتول في النار " رواه مسلم (3)
وما أخبر به صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث قد وقع بعض منه ، فحدث القتال بين المسلمين في عهد الصحابة رضى الله عنهم بعد مقتل عثمان رضى الله عنه ، ثم صارت الحروب ، تكثر في بعض الأماكن دون بعض ، وفى بعض الأزمان دون بعض ، ودون أن تعرف أسباب أكثر تلك الحروب ، وأن ما حصل في القرون الأخيرة من الحروب المدمرة بين الأمم والتى ذهب ضحيتها الألوف ، وانتشر ت الفتن بين الناس بسبب ذلك حتى صار الواحد يقتل الآخر ولا يعرف الباعث له على ذلك وكذلك ، فإن انتشار الأسلحة الفتاكة التي تدمر الشعوب والأمم له دور كبير في كثرة القتل ، حتى صار الإنسان لا قيمة له .
عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العبادة في الهرج كهجرة إلىّ. رواه مسلم (4)
__________
(1) فتح البارى 7066 -مسلم 2949
(2) المسند 4/391 ( الصحيحة -1682 )
(3) مسلم 2908
(4) مسلم 2948(1/5)
الهرج : الاختلاف والفتن ، واختلاط أمور الناس . وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ، ويشتغلون عنها ، ولا يتفرغ لها إلا الأفراد .
قال معظم الصحابة والتابعين وعامة علماء الإسلام : يجب نصر الحق في الفتن ومقاتلة الباغين لقوله تعالى : فقاتلوا التي تبغى .
وقالت طائفة : لا يقاتل وإن دخلوا عليه بيته ولا يجوز له المدافعة عن نفسه .
وقال آخرون : لا يقاتل ولكن يدافع عن نفسه .
عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصِب دماً حراماً . رواه البخاري (1)
فسحة من دينه : منشرح الصدر مطمئن النفس ، في سعة من رحمة الله عز وجل .
ما لم يصب دماً حراماً : طالما أنه لم يقتل نفساً بغير حق .
عن ابن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم : يقول : لا ترجعوا بعدى كفاراً ، يضرب بعضكم رقاب بعض . رواه البخاري (2)
عن أبى بكر قال إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار . رواه البخاري (3)
التقى المسلمان بسيفهما : بقصد العدوان . .... في النار : يستحقان دخول النار .
عن أبى الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً . أو مؤمن قتل مؤمناً متعمداً .
وعن محمود بن الربيع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قتل مؤمناً فاعْتَبَط بقتله لم يقبل الله منه صَرفاً ولا عدلاً .
وعن أبى الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال المؤمن مُعْنِقاً صالحاً ما لم يُصِب دماً حراماً ، فإذا أصاب دماً حراماً بَلَّح . روى الثلاثة أبو داود (4)
فاعتبط بقتله : أي قتله ظلماً لا عن قصاص وفى نسخة فاغتبط : أي سُرَ
صرفاً : هنا النافلة عدلاً : فريضة
__________
(1) فتح البارى 6862
(2) فتح البارى 7077
(3) فتح البارى 31
(4) ?بو داود 4270 (صحيح - الصحيحة 511)(1/6)
معنقاً : يريد خفيف الظهر يعنق مشية أي يسير سير العنق ، والعنق ضرب من السير وسيع : أي مسرعاً في طاعته منبسطاً في عمله .
بلّح : أعيا وانقطع .يريد وقوعه في الهلاك بإصابة الدم الحرام .
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا . رواه النسائى (1)
قال تعالى : ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً (النساء93)
جمهور السلف حملوا ما ورد من ذلك على التغليظ ، وصححوا توبة القاتل كغيره ، وقالوا معنى " قوله جزاؤه جهنم " أي إن شاء أن يجازيه تمسكاً بقوله تعالى " إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "
وقال البعض بظاهر النصوص أي لا يغفر للمؤمن الذي قتل مؤمناً متعمداً .
36-عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً
ومنها أن تعود أرض العرب مروجا وأنهاراً .
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً . رواه مسلم (2)
وفى هذا الحديث دلالة على أن أرض العرب كانت مروجاً وأنهاراً وأنها ستعود كما كانت مروجاً وأنهاراً .
تعود : تصير أو ترجع .
مروجاً : رياضا كما كانت بنيانها وأشجارها وأثمارها .
والمرج : الأرض الواسعة ذات نبات .
تمرج فيه الدواب أي تسرح مختلطة كيف شاءت
قال النووى : في معنى عود أرض العرب مروجاً وأنهاراً (معناه -والله أعلم -أنهم يتركونها ويعرضون عنها فتبقى مهملة لا تزرع ولا تسقى من مياهها وذلك لقلة الرجال وكثرة الحروب وتراكم الفتن وقرب الساعة وقلة الآمال وعدم الفراغ لذلك والاهتمام به .
__________
(1) النسائى 7/83 (صحيح النسائى 3724 )
(2) مسلم 60/157- الزكاة(1/7)
قال الألباني في الصحيحة 10/10 " وقد بدأت تباشير هذا الحديث تتحقق في بعض الجهات من جزيرة العرب بما أفاض الله عليها من خيرات وبركات وآلات ناضحات تشتفط الماء الغزير من بطن أرض الصحراء ، وهناك فكرة بجر نهر الفرات إلى الجزيرة .اهـ
قلت : وأيضا فقد بدأت مصر بجر نهر النيل إلى سيناء ، وبجره أيضا إلى الصحراء الغربية. وتحقق ما نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم .
وظاهر الحديث يدل على أن بلاد العرب ستكثر فيها المياه حتى تكون أنهاراً فتنبت بها النباتات فتكون مروجاً وحدائق وغابات .
والذى يؤيد هذا أنه ظهر في هذا العصر عيون كثيرة تفجرت كالأنهار وقامت عليها زراعات كثيرة وسيكون ما أخبر به الصادق صلى الله عليه وسلم عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في غزوة تبوك : (أنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك ....)
قال : ثم غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء منهمر ، أو قال غزير . حتى استقى الناس ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملىء جناناً .
رواه مسلم (1)
جنانا : بساتين وعمرانا ، وهو من معجزاته صلى الله عليه وسلم .
37- كثرة المطر وقلة النبات
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطراً لا تُكِنُّ منه بيوت المدر ، ولا تُكنُّ منه إلا بيوت الشعر . رواه أحمد (2)
فإذا كان المطر سبباً في إنبات الأرض فإن لله تعالى أن يوجد ما يمنع هذا السبب من ترتب المسبب عليه ، والله تعالى خالق الأسباب ومسبباتها لا يعجزه شىء .
__________
(1) مسلم الفضائل 10/706
(2) المسند 2/262 (صحيح المسند 7549 )(1/8)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليست السَّنَة بأن لا تمطروا ، ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً . رواه مسلم (1)
السنة : القحط الشديد والجدب .
قال القاضى : المعنى أن القحط الشديد ليس بأن لا يمطر بل بأن يمطر ولا ينبت .
وذلك لأن حصول الشدة بعد توقع الرخاء وظهور مخائله وأسبابه أفظع مما إذا كان اليأس حاصلاً من أول الأمر والنفس مترقبة لحدوثها . اهـ
38- ولادة الأمة ربتها
عن أبى هريرة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس ، فأتاه رجل فقال ما الإيمان ؟ قال أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله ، وتؤمن بالبعث ، قال : ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به ، وتقيم الصلاة ، وتؤدى الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان . قال : ما الإحسان ؟ قال أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فأنه يراك ، قال : متى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل . وسأخبرك عن أشراطها : إذا ولدت الأمة ربها ، وإذا تطاول رعاة الإبل البُهْم في البنيان ، في خمس لا يعلمهن إلا الله . ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم : إنه الله عنده علم الساعة ، الآية .
ثم أدبر فقال : ردُّوه . فلم يروا شيئا ، فقال هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم .
رواه البخاري ومسلم (2)
وعند مسلم : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله .
وعند مسلم : إذا ولدت الأمة ربها ،فذاك من أشراطها ، وإذا كانت العراة الحفاة رءوس الناس فذاك من أشراطها وإذا تطاول رعاة البَهْم البنيان فذاك من أشراطها .
وعند أحمد عن ابن عباس : قال يا رسول الله، ومن أصحاب الشاء والحفاة الجياع العالة؟ قال : العرب في هذا الحديث ثلاثة علامات للساعة هى : العلامة الأولى : ولادة الأمة ربها ... ربها : أي سيدها .
__________
(1) مسلم 2904
(2) فتح البارى 50 مسلم 9 المسند 1/319 (صحيح - الصحيحة 1345 )(1/9)
قال الخطابى : معناه اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك ، وسبى ذراريهم ، فإذا ملك الرجل الجارية ، واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها لأنه ولد سيدها .
وقيل : أن تبيع السادة أمهات أولادهم ، ويكثر ذلك فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها أولادها ولا يشعرون بذلك .
وقيل : أن تلد الأمة حرا من غير سيدها بوطء شبهة ، أو رقيقا بنكاح أو زنا ، ثم تباع الأمة الصورتين بيعا صحيحا ، وتدور الأيدى ، حتى يشتريها ابنها أو بنتها .
وقيل : أن يكثر العقوق في الأولاد ، فيعامل الولد أمه ، معاملة السيد أمته ، من الإهانة بالسب والضرب ، والاستخدام ، فأطلق عليها ربها مجازا .
قال ابن كثير في النهاية 1/177 إن الإماء تكون في آخر الزمان هن المشار إليهن بالحشمة ، فتكون الأمة تحت الرجل الكبير دون غيرها من الحرائر ، ولهذا قرن ذلك بقوله : وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان .
قال وكيع : أن تلد العجمُ العرب .
39- الحفاة العراة رءوس الناس
العلامة الثانية : الحفاة العراة رؤوس الناس :
وقد حدث هذا في وقتنا المعاصر ، ومازال في ازدياد ، فأهل البوادى فقراء حفاة عراة رعاء للغنم ، تعطيهم الدولة قروضا مالية ، وتمنحهم أراضى ليتطاولوا في البنيان ، ولكن هذا لم يغنهم بل زادهم فقرا على فقرهم ، وهم مازالوا حفاة عراة للغنم مع تطاولهم في البنيان .
40- تطاول الناس في البنيان
العلامة الثالثة : تطاول الناس في البنيان :
البهم السود : وهى شر الألوان عندهم .قال الحافظ في الفتح 13/88 : ومعنى التطاول في البنيان أن كلا ممن كان يبنى بيتاً يريد أن يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر، ويحتمل أن يكون المراد : المباهاة في الزينة والزخرفة ، أو أعم من ذلك ، وقد وجد الكثير من ذلك ، وهو في ازدياد .(1/10)
وقد ظهر هذا جلياً في هذا العصر فتطاول الناس في البنيان وتفاخروا في طولها وعرضها وزخرفتها ، بل وصل بهم الأمر إلى أن بنوا ما يشبه ناطحات السحاب المشهورة في أمريكا وغيرها من بلدان العالم . وهذه العلامة بدأ ظهورها من بعد عصر النبوة وذلك لأن الدنيا بسطت على المسلمين وكثرت الأعمال في أيديهم بعد الفتوحات ، وامتد بهم الزمان حتى ركن كثيراً منهم إلى الدنيا ، ودب إليهم داء الأمم قبلهم وهو التنافس في جمع المال وصرفه في غير ما ينبغى أن ينصرف فيه شرعاً ، حتى أن أهل البادية **وأشباههم** من أهل الحاجة والفقر بسطت لهم الدنيا كغيرهم من الناس ، وأخذوا في بناء الأبنية ذوات الطوابق المتعددة وتنافسوا في ذلك .
عن عبد الله بن عمرو قال : مربى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أطين حائطاً من خص ، فقال : ما هذا يا عبد الله ؟ قلت حائطاً أصلحه يا رسول الله، قال : الأمر أيسر من ذلك . رواه الترمذى (1) ..... خص : بيت قصب .
41- تمنى الموت من شدة البلاء
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتنى مكانه ) . رواه البخاري (2)
وتمنى الموت يكون عند كثرة الفتن وتغير الأحوال وتبديل رسوم الشريعة ، وهذا إن لم يكن وقع فهو واقع لا محالة .
قال ابن مسعود رضى الله عنه (سيأتى عليكم زمان لو وجد أحدكم الموت يباع لاشتراه ) .
وكما قيل :
وهذا العيش لا خير فيه ألا موت يباع فاشتريه .
قال الحافظ العراقى :
" ولا يلزم كونه في كل بلد ، ولا كل زمن ، ولا في جميع الناس ، بل يصدق اتفاقه للبعض في بعض الأقطار في بعض الأزمان ، وفى تعليق تمنيه بالمرور إشعار بشدة ما نزل بالناس من فساد الحال
__________
(1) الترمذى 2336 ( صحيح - جامع الأصول 466 )
(2) فتح البارى 7115 - مسلم 157(1/11)
حالتئذ ، إذ المرء قد يتمنى الموت من غير استحضار لهيئته ، فإذا شاهد الموتى ، ورأى القبور ، نشز بطبعه ، ونفر بسجيته من تمنيه ، فلقوَّة الشدة لم يصرفه عنه ما شاهده من وحشة القبور ، ولا يناقض هذا النهى عن تمنى الموت لأن مقتضى هذا الحديث الإخبار عما يكون وليس فيه تعرض لحكم شرعى .(فيض القدير 6/418 )
42- انتفاخ الأهلة
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة وأن يرى الهلال لليلة فيقال هو ابن ليلتين) رواه الطبرانى (1)
انتفاخها : عظمها .
تفسير انتفاخ الأهلة : عبارة عن كبر الهلال حين طلوعه عما هو معتاد في أول الشهر فيرى وهو ابن ليلة كأنه ابن ليلتين . والله أعلم .
43- أناس يأكلون بألسنتهم
عن سعد بن أبى وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقرة بألسنتها . رواه أحمد (2)
أي يجعلون ألسنتهم وسائل أكلهم كالبقرة تأخذ العلف بلسانها . أما سائر الدواب فتأخذ من نبات الأرض بأسنانها . فضرب المثل لمعنيين أحدهما : أنهم لا يهتدون من المآكل إلا إلى ذلك سبيلاً كما أن البقرة لا تتمكن من إلاحتشاش إلا بلسانها ، والآخر : أنهم في مغزاهم ذلك كالبقرة التي لا تستطيع أن تميز في رعيها بين الرطب والشوكة ، وبين الحلو والمر ، بل تلف الكل بلسانها لفاً ، فكذلك هؤلاء الذين يتخذون ألسنتهم ذريعة إلى مآكلهم لا يميزون بين الحق والباطل ، ولا بين الحلال والحرام ، ( سماعون للكذب أكالون للسحت ).
44- خروج القحطانى
في آخر الزمان يخرج رجل من قحطان ، تدين له الناس بالطاعة ، وتجتمع عليه ، وذلك عند تغير الزمان .
__________
(1) الطبرانى فى الصغير 1130 - مجمع 3/146 ( الصحيحة 2292 )
(2) المسند 1/184 (صحيح - الصحيحة 420 )(1/12)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس **بعصاه**) . رواه البخاري (1)
قال القرطبى : (قوله يسوق الناس **بعصاه** : كناية على استقامة الناس وانعقادهم إليه واتفاقهم عليه ، ولم يرد نفس العصاة ، وإنما ضرب بها مثلاً لطاعتهم له ، واستيلائه عليهم إلا أن في ذكرها دليلاً على خشونته عليهم ، وعنفه بهم)"التذكرةص653 "
وقيل : هذا القحطانى ليس هو الجهجاه ، فإن القحطانى من الأحرار ، لأن نسبه إلى قحطان الذى تنتهى أنساب أهل اليمن من **حِمْيَر وكِنْدَة وهَمْدَان** وغيرهم إليه ، وأما الجهجاه فهو من الموالى ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد .
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يذهب الليل والنهار حتى يملك رجل من الموالى ، يقال له : جهجاه ) . رواه مسلم (2)
قال مسلم : هم أربعة إخوة : شريك وعبيد الله وعمير وعبد الكبير بنو عبد المجيد .
جزم القرطبى بأن القحطانى هو الجهجاه .
الموالى : المماليك : أي حتى يصير حاكماً على الناس .وهو رجل خسيس الأصل .
قحطان : هو أبو اليمن .
يسوق الناس بعصاة : كناية عن تسخير الناس واسترعائهم كسوق الراعى الغنم بعصاة
وقيل يخرج القحطانى بعد المهدى ويسير على سيره .
أي أنه سيظهر في زمن عيسى عليه السلام .
ولكن إذا كان في زمن عيسى عليه السلام كيف يسوق الناس بعصاة وكيف يملك مع وجود عيسى عليه السلام . وقيل يعيش في الملك عشرين سنة .
45- قبيلة **مُضَر** وقريش
عن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن هذا الحى من مضر ، لا تدع لله في الأرض عبداَ صالحاً إلا أفنته وأهلكته حتى يدركها الله بجنود من عباده فيذلها حتى لا تمنع ذنب تلعه . رواه أحمد (3)
__________
(1) فتح البارى 3517
(2) مسلم 2911
(3) المسند 5/390 ( قال الهيثمى فى المجمع 7/313 وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح )(1/13)
قال الحاكم 4/470 : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
ذنب تلعه : التلاع مسايل الماء من علو إلى سفل ، وقيل ما انحدر من الأرض وأشرف منها . والمراد كثرته وأنه لا يخلو منه موضع ... فوصفهم بالذل والضعف وقلة المنعة .
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أسرع قبائل العرب فناء قريش، ويوشك أن تمر المرأة بالنعل فتقول إن هذا نعل قريشى . رواه أحمد (1)
وفى رواية : يا عائشة قومك أسرع أمتى بى لحاقاً . قالت : ومم ذاك ؟ قال : تَسْتَحْلِيهم المنايا ، وتنفس عليهم أمتهم . قالت : فكيف الناس بعد ذلك ؟ قال : دَبِىّ يأكل شداده ضعافه ، حتى تقوم عليهم الساعة . رواه أحمد (2)
دبى : هو الجراد قبل أن يطير .
46- حسر الفرات عن جبل من ذهب
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه ، فيقتل كل مائة تسعة وتسعون ويقول كل رجل منهم : لعلى أكون أنا الذى أنجو . رواه مسلم (3)
يحسر : ينكشف لذهاب مائه .
عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً . رواه البخاري مسلم (4)
قال ابن حجر في الفتح (13/81 )
والذى يظهر أن النهى عن أخذه لما ينشأ عن أخذه من الفتنة والقتال عليه ، ويحتمل أن تكون الحكمة في النهى عن الأخذ منه لكونه يقع آخر الزمان عند الحشر الواقع في الدنيا ، وعند عدم الظهور أو قلته فلا ينتفع بما أخذ منه .
السبب في النهى عن الأخذ منه ما يترتب على طلب الأخذ منه من الأقتتال فضلاً عن الأخذ، ولا مانع أن يكون ذلك عند خروج النار للمحشر .
__________
(1) المسند 2/336 (صحيح - الصحيحة 738 )
(2) المسند 6/81 (صحيح - الصحيحة 1953 )
(3) مسلم 2894
(4) فتح البارى 7119 - مسلم 2894(1/14)
أما حديث ابن ماجه : يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، فهذا إن كان المراد بالكنز فيه الكنز الذى في هذا الحديث دل على أنه يقع عند ظهور المهدى وهذا الحديث ضعيف .
**47-الرايَات السُّوْد**
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق ، فيقتلونكم
قتلا لم يقتله قوم . فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدى .
رواه أحمد و الحاكم وابن ماجه (1)
48- فتنة الأحلاس
عن ابن عمر قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قعوداً ، فذكر الفتن فأكثر في ذكرها، حتى ذكر فتنة الأحلاس ، فقال قائل يا رسول الله ، وما فتنة الأحلاس؟ قال : هى هَرَبٌ وحَرَبٌ ، ثم فتنة السراء ، دخنها من تحت قدمى رجل من أهل بيتى يزعم أنه منى وليس منى ، إنما **أوليائى** المتقون ، ثم يصطلح الناس على رجل **كَوَرِك** على ضِلع ، ثم فتنه **الدهيماء** ، لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة ، فإذا قيل انقضت تمادت ، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسى كافراً ، حتى يصير الناس إلى فسطاطين : فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه ، فإذا كان ذا كم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده.
رواه أبو داود و أحمد والحاكم (2)
فتنة الأحلاس : قال الخطابى : إنما أضيفت الفتنة إلى الأحلاس لدوامها وطول لبثها ، يقال للرجل إذا كان يلزم بيته لا يبرح هو حلس بيته لأن الحلس يفترش فيبقى على المكان مادام لا يرفع، وقد يحتمل أن تكون هذه الفتنة إنما شبهت بالأحلاس لسواد لونها وظلمتها.
هرب : أي يفر بعضهم من بعض لما بينهم من العداوة والمحاربة .
__________
(1) المسند 5/277 المستدرك 4/463 وقال : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبى وابن ماجه 4084 ضعفه الألبانى
(2) أبو داود 4242 - المستدرك 2/133 (صحيح - الصحيحة 974 )(1/15)
حرب : قال الخطابى : هو ذهاب المال والأهل . وقال القارى . أخذ مال وأهل بغير استحقاق . وكأنه قال : فتنة الأحلاس هو حرب وهرب .
قال في النهاية : الحرب نهب مال الإنسان وتركه لا شىء له .
فتنة السراء : قال القارى : السراء : النعماء التي تسر الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء وأضيفت إلى السراء لأن السبب في وقوعها ارتكاب المعاصى بسبب كثرة التنعم ، أو أنها تسر العدو .
قال التربشتى : يحتمل أن يكون سبب وقوع الناس في تلك الفتنة وابتلائهم بها أثر النعمة فأضيفت إلى السراء يعنى يكون التركيب من قبيل إضافة الشيء إلى سببه ، ويحتمل أن يكون صفة للفتنة فأضيفت إليها إضافة مسجد الجامع ، ويراد منها سعتها لكثرة الشرور والمفاسد ، يعنى يكون التقدير فتنة الحادثة السراء أي الواسعة ، التي تعم الكافة من الخاصة والعامة .
دخنها : قال الخطابى : الدخن هو الدخان ، يريد أنها تثور كالدخان من تحت قدميه .
قال في المرقاة : دخنها إثارتها وهيجانها ، وشبهها بالدخان الذى يرتفع ، كما شبه الحرب بالنار .
من تحت قدمى رجل من أهل بيتى : قال القارى : تنبيها على أنه هو الذى يسعى في إثارتها أو إلى أنه يملك أمرها .
يزعم أنه منى : قال القارى : أي في الفعل وإن كان منى في النسب ، والحاصل أن تلك الفتنة بسببه وأنه باعث على إقامتها .
وليس منى : قال القارى : أي من أخلائى أو من أهلى في الفعل ، لأنه لو كان من أهلى لم يهيج الفتنة ونظيره قوله تعالى : ( إنه ليس من أهلك : إنه عمل غير صالح ) أو ليس من أو ليائى في الحقيقة .
إنما **أوليائى** المتقون : قال القارى : هذا أبلغ من حديث : آل محمد كل تقى .
ثم يصطلح الناس على رجل : قال القارى : أي يجتمعون على بيعة رجل .(1/16)
كورك على ضلع : قال القارى : الضلع واحد الضلوع أو الأضلاع ، وهذا مثل ، والمراد أنه لا يكون على ثبات الورك لثقله لا يثبت على الضلع لدقته ، والمعنى : أنه يكون غير أهل الولاية لقلة علمه وخفة رأيه وحلمه .وفى النهاية أي يصطلحون على رجل لا نظام له ولا استقامة لأمره ، لأن الورك لا يستقيم على الضلع . ولا يتركب عليه لإختلاف ما بينهما وبعده ، وفى شرح السنة معناه : أن الأمر لا يثبت ولا يسقيم له ، وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ولا يحمله .
يريد أن هذا الرجل غير لائق **للمملكة** .
قال الخطابى : مَثَل ، ومعناه : الأمر الذى يثبت ولا **يستقيم** وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ولا يحمله . يريد أن هذا الرجل غير خليق بالملك ولا مستقبل به .
ثم فتنة الدهمياء : قال في المرقاة : الدهماء : السوداء والتصغير للذم أي الفتنة العظماء والطامة العمياء .
لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة : قال في المرقاة : أي لا تترك تلك الفتنة أحداً من هذه الأمة إلا أصابته بمحنة ، ومسته ببلية ، وأصل اللطم هو الضرب على الوجه ببطن الكف ، والمراد أن أثر تلك الفتنة يعم الناس ويصل لكل أحد من ضررها
فإذا قيل انقضت تمادت : قال في المرقاة : أي فمهما توهموا أن تلك الفتنة انتهت تمادت ، أي بلغت المدى والغاية من التمادى .
يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسى كافراً : قال في المرقاة : أي يصبح مؤمناً لتحريمه دم أخيه وعرضه وماله ، ويمسى كافراً لتحليله ما ذكر ، ويستمر ذلك .
حتى يصير الناس إلى فسطاطين : قال في المرقاة أي فرقتين ، وقيل مدينتين ، وأصل الفسطاط الخيمة فهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال . قال الطيبى : الفسطاط المدينة التي فيها يجتمع الناس، وكل مدينة فسطاط .
فسطاط إيمان لا نفاق فيه . قال في المرقاة : أي إيمان خالص لا نفاق فيه ولا في أصله ولا في فصله من اعتقاده وعمله .(1/17)
وفسطاط نفاق لا إيمان فيه : قال في المرقاة : أي أصلاً أو كمالاً لما فيه من أعمال المنافقين من الكذب والخيانة ونقض العهد وأمثال ذلك .
فإن كان ذلكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده : قال في المرقاة : أي ظهوره ، فإن المهدى يكون في بيت المقدس فيحاصره الدجال فينزل عيسى عليه السلام فيذوب الملعون كالملح يذوب في الماء فيطعنه بحربة له فيقتله ، فيحصل الفرج العام والفرج التام ، كما قال سيد الأنام : اشتدى أزمة تنفرجى .
وقد قال تعالى "فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً" ، ولن يغلب عسر يسرين .
قال بعض العلماء المعاصرين :
فتنة الأحلاس قد وقعت قبل ظهور الشريف حسين والملك عبد العزيز ، وأول ظهورها في جزيرة العرب ، والناس حتى الآن يسمون ذلك الوقت بزمن الجاهلية
وكانت بينهم حروب وسلب ونهب ومنهم من هرب إلى أنحاء الجزيرة والشام والعراق، وأضيفت الفتنة إلى الأحلاس لدوامها وطول لبثها .
فتنة السراء : دخنها وكدرتها وسوادها وغشها من تحت قدمى رجل من أهل بيتى وهو الشريف حسين الذى كان يحكم الحجاز قبل الملك عبد العزيز ، فإنه كان من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في النسب ، وكان في عصره يطاف بالقباب كما يطاف بالكعبة ، ونقل عنه أنه كان يتهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه فرق بين الناس ، وقد فاض المال في عهده ، وكان هذا الرجل غير خليق بالملك .
فتنة الدهمياء : ونحن الآن فيها ، وهى لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة كلما قيل انقضت تمادت ، وواقعنا يشهد بذلك ، فترى أن أهل الباطل يخرجون على أهل الحق كل يوم بفتنة جديدة، ومن الفتن التي كثرت : فتنة الأغانى الخليعة بالإذاعة، وفتنة التلفزيون وما يعرض على **شاشته** من خلاعة وباطل وكذب .
وأما انقسام الناس إلى فسطاطين فنحن الآن في مقدماته . فقد بدأ تكون الفرقتين فمؤمنون يغضبون لله ويحبون لله ويوالون لله ويعادون لله .(1/18)
ومنافقون يوالون أعداء الله ويحبونهم ويعادون المؤمنين ويستهزئون بالسنة والدعاة لها كاللحية والنقاب .
ومن علامات الساعة التي تسبق ظهور المهدى
قال صديق حسن خان في الإذاعة 117 : وذكر في الإشاعة أن منها :
كثرة الفحش والتفحش ، وتخوين الأمين ، وائتمان الخائن ، وانتفاخ الأهلة ، وكثرة القطر وقلة النبات ، وكثرة القراء ، وقلة الفقهاء ، وكثرة الأمراء ، وقلة الأمناء ، وكون الزهد رياء ، والورع تصنعاً، والولد غيظا ، والمطر قيظا ، **وإفاضة** الأشرار فيضا ، وتصديق الكاذب وتكذيب الصادق ، وتقريب الأباعد وتبعيد الأقارب ، وزخرفة المحاريب وخراب القلوب ، واكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء - وهذا كناية عن اللواط **والسحاق** - وتعمير خراب الدنيا وتخريب عمرانها - كما نقلت مصر إلى القاهرة- وظهور المعازف ، وشرب الحمور ، وكثرة الشرط ، وكثرة الهمزة اللمزة الغمازين ، وتسمية الخمر بالنبيذ ، والربا بالبيع ، والسحت بالهدية ، والتعلم لغير دين الله، وإمارة الصبيان ، وجور السلطان ، وتطفيف المكيال والميزان ، واتيان الشياطين في صورة الرجال ، وتحديثهم الناس بالأحاديث الكاذبة ، وتربية الرجل جروا ، وتركه ولدا ، وترك توقير الكبير ، والرحم على الصغير ، والفاحشة في الكبار ، والملك في الصغار ، والعلم في الأراذل ، والجهل في أولاد الأفاضل، والمداهنة في الخيار ، والتماس العلم عند الصغار ، وقتل الرجل أباه وأخاه ، ورفع الوضيع ، وخفض الرفيع ، وكثرة الخطباء ، وركون العلماء إلى الولاة ، والفتوى بما يشتهون ، وتعلم العلم لجمع الدراهم والدنانير واتخاذ القرآن تجارة ، وقراءته بالأجرة ، والتلاعن عند الملاقاة -وهذا كثير في الفلاحين والجمالين والسفلة والسوقة والباعة ، وأهل العساكر ، وأصحاب المواكب ، فيبدأ أحدهم بشتم صاحبه عند اللقاء مكان السلام ، ويمضى كل منهم ولا يعرف تحية الإسلام - وأخذ المال والعرض بغير حق ، وسفك الدماء ، ونقص(1/19)
الأعمار والأبناء والثمار ، وقصر الأيام والليالى ، وكثرة الهرج والمرج ، وبناء القصور العالية ، وظهور البغى والرشا ، والحمية الجاهلية ، والشح ، والعصبية ، واختلاف الأهواء ، وتباين الآراء ، وإحداث البدع والشرور ، وترك الصواب من الأمور ، واتباع الهوى ، والقضاء بالظن ، وأكل الناس بالألسنة ، كما تأكل البقر بألسنتها ، وتسافدهم في الطريق كالبهائم ، وتناكر القلوب ، واختلاف الأخوين من الأبوين في الدين، **والاستئجار** على الغزو ، وحيف الولاة ، وجور الأئمة ، والتصديق بالنجوم ، والتكذيب بالقدر ، والقول بخلق القرآن ، ونكاح الرجل **امرأته** وأمته في الدبر ، واستشارة الإماء ، وسلطان النساء ، وأمارة السفهاء ، والسلام على المعرفة ، وافتراق الكلمة ، وترك الغزو ، واتخاذ المساجد طرقا ، والغش في التجارة ، وتحول شرار الشام إلى العراق وخيارها إلى الشام ، واستخفاء المؤمن كالمنافق ، وعدم الاستحياء من الحليم ، وعدم اتباع من هو بالقرآن والسنة عليم ، وعدم عرفان المعروف ومعرفة المنكر ، والاستهزاء بالصالحين ، وتحميق المتقين ، وهلاك البيوت بالرواجف، وهلاك الدواب بالصواعق ، وكثرة الطواعين ، والهلاك بالجدرى ، وتحلية المصاحف ، وعدم التدبر فيها مع كثرة التلاوة ، وتقارب الأسواق بقلة الأرباح ، وفشو الغيبة والسعاية والنميمية ، ومكابرة العلماء ، ورد بعضهم بعضا في الفتوى ، والطعن في السلف ، والتشنيع على الخلف ، وكثرة البغايا وأولادهم ، وظهور المنكر معروفا وبالعكس ، وسوء الجوار ، وتعطيل السيوف عن الجهاد ، واختيار الدنيا عن الدين ، وإيثار الرأى على النص ، وقلة البركات في كل شىء ، وموت البدار ، وموت الفجأة ، وركوب المياثر ، وظهور النساء الكاسيات العاريات ، ظهور قوم معهم سياط كأذناب البقر ، وإضاعة الصلوات ، والميل مع الهوى ، وفعل السيئات ، وتعظيم رب المال ، وإهانة صاحب العلم ، وإكثار العلم وإضاعة العمل ، وائتلاف(1/20)
الألسن ، واختلاف القلوب ، واليقظة للدنيا، والذهول عن الآخرة ، وتباين المذاهب ، وتحالف الملل ، وكثرة البخل ، وابتلاء المسلمين بالشرك من حيث لا يشعرون ، وبدعة التصوف ، وبدعة التشبه بالأقوام المخالفة لما جاء به الإسلام .
وهذه الجملة من الأشراط للساعة ، موجودة تحت أديم السماء ، وهى في التزايد يوما فيوما ، وقد كادت تبلغ الغاية ، أو قد بلغت ولم يبق إلا الأشراط الكبرى التي أول ظهورها المهدى عليه السلام . اهـ
قال القرطبى : كل ما وقع في الأخبار من الأشراط ، فقد شاهدناه بتلك البلاد ، وعاينا معظمه إلا خروج المهدى .
قال : وقال العلماء : الحكمة في تقديم الأشراط ، ودلالة الناس عليها ، تنبيه الناس عن رقدتهم ، وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة .
وتلك الأشراط علامة لانتهاء الدنيا وانقضائها ، ولابد من ذكرها حتى يوقف عليها ، ويتحقق بذلك معجزة النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه في كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم اهـ .
ومن الفتن الواقعة قبل خروج المهدى
قال صديق خان في الإذاعة صـ 155 والسفارينى في اللوامع صـ 76 :
1- حسر الفرات عن جبل من ذهب .2- خروج ستين كذابا كلهم يقول أنا نبى
3- خوف شديد **في الناس** 4- زلزال
5- طاعون
6- اختلاف شديد في الناس وتشتت في دينهم حتى يتمنى الموت صباحا ومساء .
7- خروج السفيانى والأبقع والأصهب والأعرج الكندى والمنصور والحارث . وهى ... صفات وألقاب لا أسماء لهم .
8- قتال الخراسانى بالسفيانى . 9- خروج رجل من كلب يقال له كنانة .
10- الملحمة الكبرى بعد هلاك السفيانى .
11- طلوع الرايات السود من قبل خراسان .
12- قذف الأرض أفلاذ كبدها من الذهب والفضة .
13- خسف معدن في الحجاز .
14- خسف قرية بالغوطة غربى دمشق .
15- خسف قرية بالشام يقال لها حرستا .
16- رجفة بالشام يهلك فيها أكثر من 100.000 .
17-خسف بالبيداء .
18- انكساف الشمس والقمر في رمضان .
19- طلوع القرن ذى السنين .(1/21)
20- طلوع النجم ذى الذنب **يضيء كما يضيء** القمر .
21- خسوف القمر مرتين .
22- سماع صوت برمضان يوقظ النائم ويفزع اليقظان .
23- صوت في نصف رمضان يصعق سبعين ألفا ويعمى مثلهم ويخرس مثلهم ويصم ... مثلهم ويفتق الأبكار .
24- خروج نار من قبل المشرق .
25- أصحاب البراذين الشهب **والرايات** الصفر تقبل من المغرب وتحل بالشام ، وذلك ... عند الجوع الأكبر والموت الأحمر .
26- وقعة بالمدينة عظيمة .
27- خروج ابن آكلة الأكباد من الوادى اليابس **حتى** يستوى على منبر دمشق .
28- النداء من السماء أن الحق في آل محمد .
29- طلوع الكف من السماء .
30- كون لخمسين امرأة قيم واحد .
31- يظهر المهدى ومعه قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه ورايته .
32- يغرس قضيبا يابسا في أرض يابسة فيخضر ويورق .
33- يسقط طائر على يده .
34- ينادى منادى من السماء : أيها الناس إن الله قطع عنكم الجبارين والمنافقين ... ... وأشياعهم وولاكم خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالحقوه بمكة فإنه المهدى .
35- تخرج الأرض أفلاذ أكبادها مثل الاسطوانات من الذهب .
علامات الساعة الكبرى
1- المهدى
أولا : الأحاديث التي رواها أبو سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1- من خلفائكم خليفة يحثو المال حثياً لا يعده عدداً . رواه مسلم (1)
وهذا الحثو يكون لكثرة الأموال والغنائم والفتوحات مع سخاء نفسه .
2-يخرج في آخر أمتى المهدى ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويعطى المال صحاحاً وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعاً أو ثمانياً ، يعنى حججاً . رواه الحاكم (2)
__________
(1) مسلم 2914
(2) المستدرك 4/557 ( الصحيحة 711 )(1/22)
3-لتملأن الأرض جوراً وظلما ً، فإذا ملئت جوراً وظلماً ، بعث الله رجلاً مني ، اسمه اسمي فيملؤها قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً . **رواه** أحمد والحاكم وابن حبان (1)
4- إن في أمتى المهدى يخرج يعيش سبعاً ، فيجيء إليه الرجل فيقول : يا مهدى أعطنى أعطنى ، فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله . رواه الترمذى وابن ماجه (2)
5-المهدي مني ، أجلي الجبهة ، أقني الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً ، يملك سبع سنين . رواه أبو داود والحاكم (3)
منى : أي من نسلى وذريتى أو من عشيرتى وأهل بيتى .
يحثو المال : يحفن المال بيديه ، لكثرة الأموال والغنائم .
أجلي الجبهة : واسع الجبهة ، أو منحسر الشعر من مقدم رأسه . أو هو دون الصلع
6- أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي علي **اختلاف** من الناس ، وزلازل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً ، يرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، يقسم المال صحاحاً ، فقال له رجل ما صحاحاً : قال بالسوية بين الناس ، قال : ويملأ الله قلوب أمة محمد صلي الله عليه وسلم غني ويسعهم عدله ، حتي يأمر منادياً فينادي فيقول : من له في مال حاجة ، فما يقوم من الناس إلا رجل ، فيقول : **ائت** السدان يعني الخازن فقل له : إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له : أحث حتي إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفساً ، أو عجز عني ما وسعهم ، قال : فيرده فلا يقبل منه ، فيقال له : إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه ، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير في العيش بعده . رواه أحمد (4)
__________
(1) المسند 3 / 36 -المستدرك 4 / 465 - ابن حبان 1880 (الصحيحة 1529-صحيح الجامع 5073 )
(2) رواه ابن ماجه 4083 والترمذى 2232 ( حسن الترمذى 1820 )
(3) أبو داود 4285- المستدرك 4 / 557 (حسن الجامع 6736 ، 6612 -بغوي 15 / 86)
(4) المسند 3/37 ( صحيح المسند 11344 )(1/23)
7-ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه حتي تضيق عنهم الأرض الرحبة وحتي يملأ الأرض جوراً وظلماً ، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم ، فيبعث الله عز وجل رجلاً من عترتي فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، يرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلا أخرجته ، ولا السماء من قطرها شيئاً إلا صبه الله عليهم مدراراً يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع تتمنى الأحياءُ الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره .
رواه الحاكم (1)
ساكن السماء : أي الملائكة وأرواح الأنبياء
ساكن الأرض : أي من المؤمنين أو حتى الدواب في البر والحيتان في البحر
صبه : كبه مدراراً : كثيراً
8-يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده . راوه مسلم (2)
ثانياً الأحاديث التي رواها أبو هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم :
1-يبايع لرجل بين الركن والمقام ، ولن يستحل البيت إلا أهلهُ ، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ، ثم تأتي الحبشة فيخربِّونه خراباً لا يعمر بعده أبداً ، وهم الذين يستخرجون كنزه . رواه أحمد (3)
قد يكون هذا **الاستحلال** ما وقع عام 1400هـ ، أو 1407 هـ ، والله أعلم
قال ابن حجر : يستحل القتال فيه أهله أي المسلمون .
2-كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم . رواه البخاري ومسلم (4)
قال أبو الحسن الخسعي تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه ( فتح الباري 6 / 569 )
__________
(1) المستدرك 4/465 ( صحيح الصحيحة 1529)
(2) مسلم 2913
(3) المسند 5/196 (صحيح المسند 7897- الصحيحة 579)
(4) فتح البارى 3449 مسلم 155(1/24)
3-يكون في أمتي المهدي ، إن كثر فسبع وإلا فثمان وإلا فتسع ، تنعم أمتي فيها نعمةً لم ينعموا مثلها ، يرسل السماء عليهم مدراراً ولا تدخر الأرض شيئاً من النبات ، والمال كُدُوس ، يقوم الرجل يقول :يا مهدى اعطنى، فيقول خذ.رواه ابن ماجه والحاكم الطبرانى (1)
كدوس : مجموع كثير .
ثالثاً : الأحاديث التي روتها أم سلمة رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم
1- المهدى من عترتى من ولد فاطمة . رواه أبو داود و ابن ماجه والحاكم (2)
عترتى : العترة ولد الرجل لصلبه ، وعترة النبي صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب ، وقيل قريش .
2- يعوذ عائذ بالبيت ، فَيُبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسف بهم ، فقلت يا رسول الله ، فكيف بمن كان كارهاً ؟ قال : يخسف به معهم ، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته . رواه مسلم (3)
يتحصن رجل بالكعبة فيأتيه جيش لقتاله فيخسف بهم ببيداء المدينة وهو الشرف الذي قدام ذى الحليفة أي إلى جهة مكة
__________
(1) ابن ماجه 4083 - المستدرك 4/558 - مجمع الزوائد 7/317 (حسن ابن ماجه 3299 )
(2) أبو داود4284- ابن ماجه4086 - المستدرك 4/557 (صحيح الجامع6734،6610حسن شرح السنة15/86)
(3) مسلم 2882 ( الجامع 6609)(1/25)
3-يكون اختلاف عند موت خليفة ، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره ، فيبايعونه بين الركن والمقام ، ويُبعث إليهم بعث من الشام ، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة ، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ، ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب ، فيبعث إليهم بعثاً ، فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب ، والخيبة لمن يشهر غنيمة كلب ، فَيَقْسِم المال ، ويعمل في الناس بسنة نبيهم ، ويلقى الإسلام **بجرَّانه** في الأرض ، فيلبث سبع سنين ، ثم يُتوفَّى ويصلى عليه المسلمون . رواه أبو داود وأحمد وابن حبان (1)
اختلاف : أي فيما بين أهل الحل والعقد هارباً إلى مكة : لأنها مأمن كل من التجأ إليها .
المهدى يهرب إلى مكة : كراهة في الإمارة والخلافة ....
بعث : جيش ..... البيداء : أرض ملساء بين الحرمين .
أبدال : أولياء وعباد عصائب: خيار
كلب : رجل من قريش يستعين بأخواله من بنى كلب ..... يجيشون جيشاً لقتال المهدى فينتصر المهدى عليهم
بجرانه : يقر أمره ويستقر . والجران :باطن عنق الناقة إذا وضعته على الأرض لتستقر .
قال الألباني : ولقد كان الجهل بضعفه من أسباب ضلال جماعة (جهيمان) التي قامت بفتنة الحرم المكى ، وادعوا زوراً أن المهدى بين ظهرانيهم ، وطلبوا له البيعة ، فقضى الله على فتنتهم ومهديهم ، وكفى المؤمنين شرهم . اهـ
رابعا : الأحاديث التي رواها على رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) أبو داود 4286 المسند 6/316 موارد 1881 ( حسن شرح السنة 15/86 ) وضعفه الألبانى فى الضعيفة 1965 ) وقال : وقد جاء الحديث من طرق أخرى عن أم سلمة وغيرها مختصراً ليس فيه قصة البيعة والأبدال ولا بعث كلب الخ . وهو مخرج فى الصحيحة 1924(1/26)
1 -المهدى منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة . رواه ابن ماجه وأحمد (1)
قال في النهاية : أي يتوب عليه ويوفقه ويلهمه رشده بعد أن لم يكن كذلك .
قال الألباني : يصلحه الله لقيادة الأمة في ليلة .
2 –لو لم يبق من الدهر إلا يومٌ لبعث الله رجلا من أهل بيتى يملأها عدلاً كما ملئت جوْراً . رواه أبو داود وأحمد (2)
رجلاً : هو المهدى ....... يملأها : أي الأرض .
خامسا : الأحاديث التي رواها جابر رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه سلم
1-سيعوذ بهذا البيت قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة ، يبعث إليهم جيش ، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم . رواه مسلم (3)
منعة : ليس لهم من يحميهم ، وروته عائشة أيضا .
2-يكون في آخر أمتى خليفة يحثى المال حثيا لا يعده عددا . رواه مسلم (4)
الحثو : الحفن باليدين .. والخليفة : المهدى .
3- لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم ، تعال صل لنا ، فيقول : لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة . رواه مسلم (5) وزاد الحارث في مسنده بعد أميرهم : المهدى
سادسا : الأحاديث التي رواها عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 -لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتى يواطىء اسمه اسمى .
رواه الترمذى وأحمد والحاكم (6)
__________
(1) ابن ماجه 4085 - المسند 2/645/84 (صحيح الجامع 6735،6211- الصحيحة 2371 فيض القدير6/278)
(2) أبو داود 4283- المسند 1/99 (صحيح الجامع 5181 صحيح المسند 773 حسن البغوى4279)
(3) مسلم 2883
(4) مسلم 2913
(5) مسلم 156
(6) الترمذى 2230- الحاكم 4/557 - المسند 3/34(صحيح الجامع 7275،7152 حسن المسند 3571،4098)(1/27)
2 -لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا منى يواطىء اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبى ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما. رواه أبو داود والترمذى (1)
يواطىء : يوافق ويطابق . إنه محمد المهدى وبهدى النبي صلى الله عليه وسلم يهدى
3-لا تقوم الساعة حتى يلى رجل . من أهل بيتى يواطىء اسمه اسمى . رواه أحمد (2)
سابعا : عن عائشة رضى الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1-العجب أن ناسا من أمتى يؤمون هذا البيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم .رواه مسلم (3)
والمراد بها الشرف الذى قدام ذو الحليفة إلى جهة مكة وهى الأرض الملساء .
ثامنا : الأحاديث التي روتها حفصة رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم
ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه ، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض ، يُخسف بأوسطهم، وينادى أولهم آخرهم ثم يخسف بهم فلا يبقى إلا الشريد الذى يخبر عنهم رواه مسلم (4) .
ليؤمن : يقصدونه .
وفى أحاديث الخسف دلالة على وجوب التباعد من أهل الظلم ، والتحذير من مجالستهم ومجالسة البغاة ونحوهم من أهل الباطل ، لئلا يناله ما يعاقبون به .
وفيها : أن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا .
أقوال العلماء :
خرّج أحاديث المهدى : أحمد وأبو داود والترمذى ، والنسائى وابن ماجه ، وابن خزيمة ، والحاكم ، وابن حبان ، والبيهقى والدارقطنى والطبرى وأبو عوانه وابن أبى شيبة وأبو نعيم والبزار وأبو يعلى وعبد الرزاق ، بل وخرج أحاديث المهدى إشارة : البخاري ومسلم
__________
(1) ابو داود 4282- الترمذى 2231(صحيح الجامع 5304 )
(2) المسند 1/471( صحيح الجامع 5304 )
(3) مسلم 4/2210
(4) مسلم 2883(1/28)
ب - وصحح أحاديث المهدى : البيهقى والهيثمى وابن حبان وابن تيمية وابن الجوزى وابن القيم وابن كثير وابن حجر العسقلانى والعقيلى والسهيلى والآبرى والخطابى وابن الأثير والقسطلانى والمنذرى والذهبى والسخاوى والسيوطى والكشميرى، والقرطبى وابن العربى والمناوى والهيتمى والزرقانى والصبان ، والقارى والسفارينى والبوصيرى والشوكانى والصنعانى والسندى والعجلونى والمباركفورى وشمس الحق أبادى والقنوجى والكتانى والسهسوانى والأمين الشنقيطى وحييب الله الشنقيطى وعبد القادر الشنقيطى ، وأحمد شاكر والألبانى والتويجرى وابن باز وعثيمين وغيرهم كثيرون .
ج- فهل يقول قائل غير ما اتفق عليه هؤلاء العلماء ، فإن حدث وقال قولا يخالف هؤلاء فلينظر في نفسه وفى مادته العلمية فإن رجح قوله على قول هؤلاء فهو بلا عقل وبلا علم وبلا فهم ، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه .
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
قال الشافعى " ت 204 "
كل العلوم سوى القرآن مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا وما سوى ذاك وسواس الشياطين
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : يهدم **الإسلام** : زلة عالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وحكم الأئمة المضلون
قال الأوزاعى " ت 157 "
عليك بالآثار وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال ، وإن زخرفوه لك بالقول ، فيا عجبا لأولئك الذين قدموا أنفسهم على أئمة المسلمين ، فليتهم يمتثلون بما قاله أحد العلماء المخلصين حين أخطأ في مسألة علمية ، فلما أقام عليه مناظره الحجة قال: إذاً أرجع وأنا من الأصاغر ، ولأن أكون ذَنَباً في الحق أحب إلى من أن أكون رأسا في الباطل . اهـ(1/29)
فاتقوا الله يا أدعياء العلم ، ولا تخوضوا في دين الله بغير علم ، واجهروا بالرجوع إلى الحق على الملأ الذى سمعوا منكم غير الحق في الماضى ، وضعوا نصب أعينكم قول الله تعالى ( إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم)
1- قال محمد جعفر الكتانى ت 345 في كتابه ( نطم المتناثر من الحديث المتواتر) : والأحاديث الواردة في المهدى المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفى نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام .
2- قال ابن حبان ت 354 ( الإحسان8/293 ) :خروج المهدى إنما يكون بعد ظهور الظلم والجور في الدنيا وغلبهما على الحق .
3- قال الآبرى ت 363 في كتاب مناقب الشافعى ص3 :
وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدى ، وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلاً ، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال ، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلى عيسى خلفه (فتح البارى 6 / 493 )
4-قال البهيقى ت385 : والأحاديث في التنصيص على خروج المهدى أصح **ألبتة إسناداً**، وفيها بيان كونه من عترة النبي صلى الله عليه وسلم ( تهذيب الكمال6/597 )
5- قال الخطابى ت 388 (تحفة الأحوذى 6/625 ) في صدر كلامه على حديث ( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان) قال : ويكون ذلك في زمن المهدى أو عيسى عليهما الصلاة والسلام أو كليهما .
6-قال القاضى عياض (ت 544) يقتل الدجال عيسى عليه السلام ، ويثبت الله الذين آمنوا ، وهذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة . وذكر في الشفى 1/223 خروج المهدى .
7- قال السهيلى ( ت 581) "الروض الأنف 1/280 "الأحاديث **الواردة** في المهدى كثيرة .
8- قال ابن الأثير في النهاية 5 / 254 : المهدى الذى بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم يجىء في آخر الزمان .(1/30)
9-قال القرطبى ت 671 "التذكرة 2/723 " الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدى **ثابتة** .
10- قال شيخ الإسلام ابن تيمية ت 728 في منهاج السنة 4/ 211 : الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدى أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذى وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره ( المنتقى 534 ) .
11- قال الذهبى ت 748 : الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدى صحيحة منها حديث ابن مسعود ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم 000) وحديث أم سلمة ( المهدى من عترتى ..) وحديث أبى سعيد (يملك سبع سنين ) أما حديث لا مهدى إلا عيسى فهو ضعيف فلا يعارض هذه الأحاديث .
12 - قال ابن القيم ت751 : إنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن على يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملأها قسطاً وعدلا ( لأن الحسن ترك الخلافة ) "إغاثة اللهفان 2/332 "
13 - قال ابن كثير ت774 " في نهاية البداية 1/ 37 " : فصل في ذكر المهدى الذى يكون في آخر الزمان ، وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين ، وليس بالمنتظر الذى تزعم الروافض ، وترجى ظهوره من سرداب في سامرا فإن ذاك مالا حقيقة له ولا عين ولا أثر ، أما ما سنذكره فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يكون في آخر الدهر ، وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى بن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث ، وأحاديث نزول ابن مريم متواترة وأنه سينزل بدمشق عند المنارة البيضاء التي أعيد بناؤها عام 741 هـ بالجامع الأموى .
14-قال ابن حجر ت 852 : وأما حصول الأمن المفرط والعدل المبالغ بحيث يستغنى كل إنسان بما عنده عما في يد غيره وذلك زمن المهدى وعيسى بن مريم " فتح البارى13/ 82 "
وقال : تواترت الأخبار أن المهدى من هذه الأمة وأن عيسى عليه السلام سينزل ويصلى خلفه والصحيح أن عيسى رفع إلى السماء وهو حى .(1/31)
15- قال السخاوى ت902 : أحاديث المهدى وصلت إلى حد التواتر .
16-قال ابن حجر المكى " ت 974 هـ "(القول المختصر74) الذى يتعين اعتقاده ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة من وجود المهدى المنتظر الذى يخرج الدجال وعيسى في زمانه ، ويصلى عيسى خلفه .
17- قال القارى "ت 1014 هـ "في رسالة في حق المهدى ) وقد ثبتت أحاديث كثيرة ، وروايات شهيرة عنه عليه الصلاة والسلام مما هو صريح في علىَّ مقامه وجل مرامه. يعنى المهدى (مخطوطة بمكتبة بلدية الإسكندرية)
وقال في شرح الفقه الأكبر للإمام أبى حنيفة ص112 : فترتيب القضية أن المهدى عليه السلام يظهر أولا في أرض الحرمين ثم يأتى بيت المقدس ، فيأتى الدجال ، ويحصره في ذلك الحال ، فينزل عيسى عليه الصلاة والسلام على المنارة الشرقية في دمشق الشام ، ويجئ إلى قتال الدجال ، فيقتله بضربة في الحال .
18-قال البرزنجى في **الإشاعة** "ت 1103 "صـ87 ـ : واعلم أن الأحاديث الواردة في المهدى على اختلاف رواياتها لا تكاد تنحصر .
وقال ص 112 : قد علمت أن أحاديث وجود المهدى ، وخروجه آخر الزمان ، وأنه من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة بلغت حد التواتر المعنوى ، فلا معنى لإنكارها . اهـ
19- قال الصنعانى ت 1183 : الأحاديث القاضية بخروج المهدى وأنه من آل محمد صلى الله عليه وسلم وأنه يظهر آخر الزمان ( الإذاعة ص 114 ) وقال : لم يأت تعيين زمن خروج المهدى إلا أنه يخرج قبل الدجال .
20 - قال السفارينى ت 1188 في ( الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية )
ما أتى في النص من أشراط 00 فكله حق بلا شطاط
منها الإمام الخاتم الفصيح 00 محمد المهدى والمسيح(1/32)
وقال كثرت الأقوال في المهدى حتى قيل لا مهدى إلا عيسى ، والصواب الذى عليه أهل الحق : أن المهدى غير عيسى وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام ، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوى ، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة فيه عن طريق جماعة من الصحابة ، ثم قال : وقد روى عن كل من ذكر من الصحابة وغير ما ذكر منهم بروايات متعددة ، وعن التابعين من
بعدهم ، مما يفيد مجموعه العلم ، فالإيمان بخروج المهدى واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة ، وقد اجتمعت الأمة على نزول عيسى عليه السلام ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة ، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة ممن لا يعتد بخلافة ، وقد انعقد اجماع الأمة على أنه ينزل ويحكم بالشريعة المحمدية ، (التصريح ص64)
21- قال الإمام محمد بن عبد الوهاب ت 1206 ( الرد على الرافضة ص29 وقد ورد ما يدل على أن المهدى من ذرية الحسن رضى الله عنه كما رواه أبو داود وغيره
22-قال الشوكانى ت 1250 في الفتح الربانى : الذى أمكن الوقوف عليه من الأحاديث الواردة في المهدى المنتظر خمسون حديثا وثمانية وعشرون أثرا ، ثم سردها مع الكلام عليها ثم قال : وجميع ما سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطلاع
وقال في كتابه : التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح ، ص 31 والأحاديث الواردة في المهدى التي أمكن الوقوف عليها ، منها خمسون حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر ، وهى متواترة بلا شك ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول ، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدى فهى كثيرة أيضا لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك (الإذاعة ص 124)(1/33)
وقال أيضا : الأحاديث الواردة في المهدى المنتظر متواترة ، والأحاديث الوارادة في الدجال متواترة ، والأحاديث الواردة في نزول عيسى متواترة ، وهذا يكفى لمن كان عنده ذرة من إيمان وقليل من انصاف (ص64 التصريح)
23 - قال صديق حسن خان القنوجى ت1307 في كتابه الإذاعة ص32 ، القول الفصل ما نصه :
والأحاديث الواردة في المهدى على اختلاف رواياتها كثيرة جدا تبلغ حد التواتر وهى في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد ، وقال أيضا : وأحاديث المهدى بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف ، وأمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار .
وقال أيضا : لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوى يؤيد الدين ويظهر العدل ويسمى بالمهدى ، ويكون خرج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره ، وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال ويأتى بالمهدى ، وأحاديث المهدى والدجال وابن مريم بلغت حد التواتر .
24- قال الألوسى ت 1342 : لا يبقى أحد من أهل الكتاب الموجودين عند نزول عيسى عليه السلام إلا ليؤمنن به قبل أن يموت وتكون الأديان كلها ديناً واحداً ( روح المعانى )
25- قال الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطى ت 1393 هـ فأحاديث نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام متواترة بل تواترت أحاديث المهدى أيضا كما صرح به شيخنا عبد القادر الشقنطى في نظمه .
تواترت به الأحاديث الصحاح:. فيما روى أهل الفلاح والنجاح
26- قال **أبو العباس ابن إدريس القرافى** : أحاديث المهدى متواترة ، أو كادت ، وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد .
7 2- قال العلامة محمد بن جاسوس في شرح رسالة ابن أبى زيد ما نصه :
ورد خبر المهدى في أحاديث ذكر السخاوى أنها وصلت إلى حد التواتر .(1/34)
28- قال الشبلنجى ( نور الأبصار ص196 ) وإنما المهدى المنتظر هو محمد بن عبد الله المهدى القائم في آخر الزمان ، وقد يولد بالمدينة المنورة لأنه من أهلها ، كما أخبر به وبعلاماته النبي صلى الله عليه وسلم
29- قال الصبان ( نور الأبصار ص140 ) وقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بخروج المهدى، وأنه من أهل بيته .
30- قال الشيخ مرعى في كتابه فوائد الفكر : عن محمد بن الحسين أنه قال : قد تواترت الأحاديث واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بمجىء المهدى وأنه من أهل بيته صلى الله عليه وسلم .
31 - قال الشيخ حسنين مخلوف مفتى الديار المصرية سابقا : وننصح المسلمين بأن يتقبلوا الأحاديث الصحيحة بقلوب مطمئنة ويؤمنوا بظهور المهدى في آخر الزمان إيمانا صحيحا ويتركوا الأقوال التي تهدم هذه الأحاديث لصدروها ممن لا علم لهم بالأحاديث ، بل لا تقدير لها عقيدة عندهم بوجوها . أهـ .
( مقدمة كتاب : سيد البشر يتحدث عن المهدى المنتظر ص3 )
32 - قال الشيخ منصور على ناصف في التاج : (فائدة)(1/35)
اتضح مما سبق أن المهدى المنتظر من هذه الأمة ، وأن الدجال سيظهر في آخر الزمان ، وأن عيسى عليه السلام سينزل ويقتله وعلى هذا أهل السنة سلفاً وخلفاً وقال بعض المعتزلة والجهمية ومن وافقهم أن هذا كله مردود بقوله تعالى (وخاتم النبيين ) وبحديث : لا نبى بعدى ، ولإجماع المسلمين على أن شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مؤيد إلى يوم القيامة وهذا استدلال فاسد فإن عيسى عليه السلام لا ينزل بشرع ينسخ شرعنا بل سيحكم بشرعنا ويحيى ما هجره الناس منه ويصلى وراء المهدى الذى اسمه محمد بن عبد الله كما سبق ، قال الحافظ في فتح البارى : تواترت الأخبار بأن المهدى من هذه الأمة وأن عيسى عليه السلام سينزل ويصلى خلفه ، وقال الحافظ أيضا : الصحيح أن عيسى رفع إلى السماء وهو حى ، وقال الشوكانى في رسالته المسماة بالتوضيح في تواتر ما جاء في الأحاديث في المهدى والدجال والمسيح : وقد ورد في نزول عيسى عليه السلام تسعة وعشرون حديثا ثم سردها ، وقال بعد ذلك وجميع ما سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطلاع ، فتقرر بجميع ما سقناه أن الأحاديث الواردة في المهدى المنتظر متواترة ، والأحاديث الواردة في الدجال متواترة ، والأحاديث الواردة في نزول عيسى عليه السلام متواترة ، وهذا يكفى لمن كان عنده ذرة من إيمان وقليل من إنصاف والله أعلى وأعلم .
33-قال شمس الحق العظيم آبادى في عون المعبود 11/ 261(1/36)
اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ، ويظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ، ويستولى على المماليك الإسلامية ، ويسمى بالمهدى ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في **الصحيح** على أثره ، وأن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال ، أو ينزل معه فيساعده على قتله ، ويأتم بالمهدى في صلاته . وخرج أحاديث المهدى جماعة من الأئمة منهم أبو داود والترمذى وابن ماجه والبزار والحاكم والطبرانى وأبو يعلى الموصلى وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل على وابن عباس وابن عمر وطلحة وعبد الله ابن مسعود وأبى هريرة وأنس وأبى سعيد الخدرى وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة بن إياس وعلى الهلالى وعبد الله بن الحارث رضى الله عنهم ، وإسناد أحاديث هؤلاء بين الصحيح والحسن والضعيف وقد بالغ الإمام المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون المغربى في تاريخه في تضعيف أحاديث المهدى كلها فلم يصب بل أخطأ .(1/37)
34- قال الغمارى : ولا شك أن **العادة** قاطعة باستحالة أن يتواطأ هذا الجمع من الصحابة والتابعين وتابعيهم وحملة الحديث النبوى على الكذب والخطأ ، أو أن يقع ذلك منهم اتفاقا من غير تواطؤ ، بل العادة تحيل الكذب والخطأ على جمع أقل من هذا الجمع حتى إن جماعة من العلماء منهم ابن حزم قرروا أن الحديث إذا اجتمع على رواته خمسة من الصحابة كان متواتراً ، ونظره في ذلك قوى سديد لأن الصحابة رضى الله عنهم كانوا على أكمل حال من العدالة والضبط والإتقان لا يدانيهم في ذلك أحد ، هذا إلى ما ميزهم الله به من فصاحة اللسان ، وسيلان الأذهان ، وطهارة الجنان ، مع ما فطروا عليه من حب الصدق واستهجان الكذب ، والنفرة عن سفاسف الأمور ، وغير ذلك مما أهلهم لصحبة النبي صلى الله عليه وسلم ونصرة دينة وتبليغ **شريعته** إلى **أمته** ، وقد أخرج أحمد في المسند ، والبزار ، والطبرانى في الكبير، بإسناد حسن عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : أن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، وابتعثه برسالاته ، ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبية يقاتلون عن دينة ، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ )
ولما أراد أبو بكر رضى الله عنه أن يجمع القرآن حين استمر القتل بالقراء في وقعة اليمامة قال لعمر وزيد رضى الله عنهما: من جاءكما بشاهدين على شىء من كتاب الله فاكتباه ، قال زيد بن ثابث : فتتبعت القرآن أجمعه من العب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت أخر سورة التوبة مع أبى خزيمة الأنصارى لم أجدها مع أحد غيره ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) إلى آخر السورة . وقال : أحاديث المهدى متفق على تواترها بين حفاظ الحديث ونقاده
العب : الخوصة .
اللخاف : حجارة بيض عريضة رقاق .(1/38)
وقال أيضا الغمارى : قد تقرر في القواعد العلمية أن من أنكر ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد تحققه من تواتره يكون كافراً ، إن لم يكن في إنكاره متأولا ولا سائغا مقبولاً، فإن كان كذلك فلا ، وأحاديث المهدى ونزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها كل منها متواتر ، فمن أنكر شيئا منها عالما بتواتره غير متأول تأويلاً مقبولا فهو كافر ، وإلا فمبتدع ضال ، كحال المعتزلة فإنهم **أنكروا** أشياء تواترت في السنة جاهلين بتواترها أو متأولين ، فذلك لم يكفرهم أهل السنة ، والله أعلم . اهـ
35- قال المودودى في رسالته : **البينات** 61- :
إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيظهر في آخر الزمان زعيم عامل بالسنة يملأ الأرض عدلاً ، ويمحو عن وجهها الظلم ، والعدوان ، ويعلى فيها كلمة الإسلام ، ويعمم الرخاء في خلق الله.(1/39)