4 ـ مسألة: هل يحرم لبس الحرير والذهب على من لم يبلغ من الذكور أم لا؟
نقل صالح عنه، وقد سئل عن لبس الذهب والفضة للصغار الذكور، فقال: لا يلبسون، إنما هو للإناث، قال ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ: أجل لأناث أمتي وحرم على ذكورها، فظاهر هذا التحريم.
وقد نقل نحو ذلك محمد بن يحيى الكمال وحرب والأثرم والفضل .
ونقل يعقوب بن بختان أنه سئل عن بيع الحرير والديباج، فقال: إذا لبس النساء والصبيان فجائز، فإذا كان الرجال فلا. فظاهر هذا الجواز.
وجه الأولى: عموم قول ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ في الحرير والذهب هذان حرام على ذكور أمتي حلال لإناثها وهذا يشمل الصغير والكبير، ولأن ما كان محرماً بعد البلوغ كان محرماً قبله، دليله شرب الخمر والوطء المحرم وغير ذلك من المحرمات.
ووجه الثانية: أن الصبي غير مكلف، فيجب أن لا يحرم عليه ذلك، ويفارق هذا شرب الخمر والزنا ونحو ذلك، لأن يسير ذلك لا يباح ويسير هذا يباح في حق الرجل وفي الحرب، لأن جنس ذلك لا يباح بحال وجنس هذا يباح في حق النساء، فهو أسهل من ذلك، ولأنه ليس مباحاً للنساء فأبيح للصبيان كالخز والمصمت.
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 137
سترة العورة في الخلوة:
5 ـ مسألة: هل يجب عليه أن يستر عورته في حال الخلوة إذا لم يكن بحضرة أحد؟ على روايتين:
قال في رواية أبي داود: هل يغتسل في النهر بغير إزار؟ فقال: أستحب أن لا يدخل الماء إلا بمئزر، فإن لم يره أحد فأرجو فظاهر هذا أنه لا يجب.
ونقل جعفر بن محمد : لا يعجبني أن يغتسل في النهر إلا مستتراً، لأن للماء سكاناً. فظاهر هذا وجوبه.
وجه الأولى: أنه إنما وجب بحضرة غيره لئلا يهتك حرمته بكشفها، وهذا معدوم هاهنا، ولأنه لا معنى لتغطيتها في الخلوة، لأن الله تعالى وملائكته لا يخفى عليه شيء ولا تستر عنه الأشياء.
---
ووجه الثانية: قول ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ: الله أولى أن يستحى منه .(2/173)
وروى مجاهد قال: خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم في الظهيرة، فرأى رجلاً يغتسل في الصحراء، فقال: يا أيها الناس، اتقوا ربكم وأكرموا الكرام الكاتبين، إذا تجرد أحدكم فليستتر بحدم حائط أو ببعير .
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 138
ضرب الدف عند وليمة النكاح:
6 ـ مسألة: لا تختلف الرواية أنه يجوز ضرب الدف عند وليمة النكاح إذا لم يقترن به الغناء، واختلف هل يجوز ضربه لغير ذلك؟
فنقل يعقوب بن بختان عنه: لا بأس بضرب الدف في الزفاف ما لم يكن غناء ولم ير بكسره بأساً عند الميت، كذلك نقل مهنا أن أبا عبد الله ذكر له أن أبا بكر المروذي جاء ليغسل ميتاً فرأى دفاً فكسره فتبسم ولم ير بكسره بأساً في مثل الميت، فظاهر هذا أنه لا يجوز ضربه لذلك، ويجوز كسره في تلكالحال.
ونقل ابن منصور عنه وقد سئل عن الذي يلعب به الصبيان، فقال: لا يعجبني كسره في تلك الحال.
ونقل أيضاً جعفر بن محمد لا بأس بكسر الطنبور والطبل والعود، فأما الدف فلا يعرض له.
وجه الأولى: ما روي أن أصحاب عبد الله كانوا يرون الجواري في الطريق معهم الدفوف فيخرقونها، ولأنها آلة تلهي وتطرب فأشبه الطبل والطنبور.
ووجه الثانية: أن هذه الآلة لها وجه في الإباحة، بدليل قول ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ: فصل ما بين الحلال والحرام الدف، فلم يجز إتلافها، ولأن امرأة من الأنصار قالت للنبي ـ عليه السلام ـ نذرت أن أضرب على رأسك بالدف فقال: أوفي بنذرك.
وروى أنس بن مالك قال: مر ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ بجواري من بني النجار وهن يضربن بدف لهن، ويقلن: نحن جواري من بني النجار وحبذا محمد من جار فقال: الله يعلم أني أحبكن.
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 139
إنكار المنكر المغطى على من علم به:
---
7 ـ مسألة: إذا علم مع غيره منكراً مثل آلة لهو كالطنبور والطبل والمسكر ونحو ذلك، وكان مغطى عن أعين الناس وقدر على إنكاره فهل يلزمه إنكاره أم لا؟ على روايتين:(2/174)
نقل إسحاق وعبد الله والمروذي ويوسف بن موسى وأحمد بن الحسين ) لا يعرض له ولا يكسره إذا كان مغطى.
ونقل إسحاق و محمد بن أبي حرب : يكسره وينكره وإن كان مغطى.
وجه الأولى: أنه لا يمتنع أن يسقط بالستر، كما قلنا في أهل الذة إذا ستروا الخمر عنا مع العلم بها لم يتعرض لها ولو أظهروها لأنكرناها وأرقناها، كذلك هاهنا.
ووجه الثانية: أننا قد تحققنا المنكر، فيجب إزالته كما لو كان ظاهراً، وعلى هذا لو علم أن في داره منكراً أنه يهجم عليه فيزيله.
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 140
ضرب الدفوف عند عقد النكاح والزفاف:
8 ـ مسألة: يجوز عمل الدفوف واللعب بها في الوليمة للأملاك والزفاف بغير غناء فإن لعب به في غير ذلك لم يجز، لكنه يجوز إتلافها وتخريقها في إحدى الروايتين، نص عليه في رواية إسحاق بن إبراهيم وقد سأله عن الدف يلعب به الصبيان؛ لا يعجبني كسره، وكذلك قال في رواية جعفر بن محمد: لا بأس بكسر الطنبور والعود والطبل، وأما الدف فلا يعرض له، وقد كرهه أصحاب عبد الله، ولم يذهب إليه.
وفيه رواية أخرى: يجوز إتلافه فيما عدا ذلك، نص عليه في رواية ابن منصور: أكره بيع الدفوف وذهب إلى حديث إبراهيم كان من أصحاب عبد الله يستقبلون الجواري في الطرق معهن الدفوف يخرقونها، وكذلك ذكر له المروذي أنه جاء ليغسل ميتاً فرأى دفاً فكسره، فتبسم ولم ير بأساً بكسره في مثل الميت وكذلك نقل يعقوب بن بختان ، وقد سئل عن كسر الدف عن الميت، فلم ير بكسره بأساً.
---(2/175)
وجه الأولى: أن للدف وجهاً في الإباحة وهو للأملاك والزفاف، هكذا نص عليه أحمد ـ رضي الله عنه ـ في رواية المروذي، وقد سأله عن الدف في الإملاك أو بناء بلا غناء فلم يكره ذلك. وقد دل عليه قول ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ: أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف. وإذا كان له وجه في الإباحة لم يجز إتلافه كالأوتار تصلح للطنبور وتصلح للقس فلا يجوز إتلافها، وكذلك القضيب يصلح للضرب المكروه ويصلح لغيره، وكذلك السدادي ثم لا يجوز إتلاف ذلك. وقد روى أبو بكر الخلال بإسناده عن أنس قال: مر ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ بجواري من بني النجار وهم يضربون بالدف لهم، ويقلن: نحن جوار من بني النجار وحبذاً محمداً من جار، فقال: الله يعلم أني أحبكن. وروى ابن عباس قال: مر ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ بحسان وقد رش فناء أطنامه ومعه أصحابه سماطين يعني جانبين وجارية يقال لها شيرين ومعها مزهر، وهي تختلف من بين السماطين تغني، فلما مر بهم ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ لم يأمرهم ولم ينههم، فانتهى إليها وهي تقول في غنائها: هل عليَّ ويحكما إذا لهوت من حرج؟ فتبسم ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ فقال: لا حرج إن شاء الله وأخبار غيرها تركناها.
ووجه الثانية: ما احتج به أحمد ـ رضي الله عنه ـ في رواية الحسن بن حسان يروي عن الحسن قال: ليس الدفوف من أمر المسملين في شيء، وأصحاب عبد الله كانوا يشققونها، وحكاه في رواية إسحاق، قال إبراهيم : كنا نتبع الأزقة نخرق الدفوف. وفي رواية يعقوب: كان أصحاب عبد الله يأخذون الدفوف من الصبيان في الأزقة فيخرقونها.
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 141
نقط المصحف وتعشيره:
9 ـ مسألة: هل يكره نقط المصحف وتعشيره أم لا؟
فيه ثلاث روايات:
إحداها: الكراهة، رواه صالج وبكر بن محمد، وقد سئل عن قول ابن مسعود جردوا القرآن، قال: يقول لا يعشر ولا ينقط كرهوا أن يكون فيه شيء غيره، فظاهر هذا الكراهة.
---(2/176)
ونقل ابن منصور عنه: لا بأس أن يعشر المصحف وينقط.
ونقل حرب ويعقوب بن بختان : يكره العشور ونحو ذلك إلا النقط فإن فيه منفعة.
وجه الأولى: ما روى ابن مسعود أنه قال: جردوا القرآن، وقد فسره أحمد على أنه مجرد عن النقط والعشور، ولأن هذا لم يفعل في وقت الصحابة، ففعله محدث فلم يجز.
ووجه الثالثة: أن في ذلك عوناً في ضبط القرآن، ولأن الصحابة وإن لم تفعل ذلك فلم تنه عنه، وقد وجد ذلك بعدهم عصراً بعد عصر من غير نكير من أحد، فدل على جوازه.
ووجه الثانية: أن النقط مما تدعو الحاجة إليه لبيان الحروف، وليس كذلك العشور، لأنه يمكن معرفتها من غير المصحف من كتاب آخر، فلم يجز أن يخلط بالمصحف غيره مما ليس بقرآن.
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 142
بيع المصحف:
0 ـ مسألة: لا تختلف الرواية أنه يكره بيع مصحف بثمن أو بعرض واختلفت في بيعه بمصحف مثله.
قنقل الأثرم أن أحمد سئل عن المصحف يدرس فيعاوض به مصحف فقال المعاوضة أسهل. قالوا: لا نأخذ لكتاب الله ثمناً، وإنما أعطى مصحفاً وآخذ آخر.
ونقل الحسين بن محمد بن الحارث عن أحمد أنه سئل عن معاوضته بغير المصحف، فقال: العوض بيع. فظاهر هذا المنع.
وجه الأولى: أنه إنما منع من بيعه بعوض أو بثمن لما فيه من أخذ العوض على القرآن، وقد وردت الأخبار بالنهي عن ذلك بقوله ـ صلى الله عليه وسلم : لا تأكلوا به . وقوله: من أخذ على القرآن أجراً فقد تعجل أجره في الدنيا، وقوله لأبي بن كعب: إن أحببت أن يقوسك بقوس من نار فخذها، وهذا معدوم في معاوضته بمصحف مثله.
ووجه الثانية: أن المعاوضة بيع في الحقيقة، ولهذا لو حلف لا باع فعاوض حنث، وإذا كان بيعاً يجب أن يمنع منه كما منع بعوض.
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 143
حمل المحدث للمصحف وتصفحه وتقليبه:
---(2/177)
11 ـ مسألة: لا يختلف المذهب أنه يجوز حمل المصحف بالعلاقة والغلاف وكذلك لا تختلف الرواية أنه يجوز التصفيح بالعود، واختلفت في جواز تقليب الورق بكمه، فروى عنه أبو طالب أنه قال: (يقلب) الورقة بعود أو بشيء، قيل له: فبكمه؟ قال: لا، هو يمسه.
وكذلك نقل إبراهيم بن الحارث عنه وقد سئل هل يدخل يده في كمه ويتصفحه وبينه الثوب، فقال: أما أنا فيعجبني أن يتصفحه بشيء. فظاهر هذا المنع.
وروى إسحاق بن إبراهيم والحسن بن ثواب : لا بأس أن يقلب الورق ويتصفحه بعود أو بطرف كمه. فظاهر هذ الجواز وهو أصح لأن الكم لا يتبع المصحف في البيع فجاز أن يحول بينه وبين المصحف كالعود والعلاقة والغلاف ويفارق الجلد لأنه يتبع المصحف في البيع فهو منه، فلهذا لم يجز أن يحول بينه وبينه.
ووجه الرواية الأولى: مع ضعفها أنه تصفح الورقة بكمه فكأنه باشره بيده وإن لم تكن مباشرة، فوجب أن يكره لقرب مجاورة اليد له، كما يقول في مصافحة المرأة.
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 144
حمل المحدث لما فيه شيء من القرآن:
12 ـ مسألة: هل يجوز أن يحمل درهماً عليه: قل هو الله أحد، أو يحمل كتب الحديث والفقه وفيها آية من كتاب الله، وهو محدث أم لا؟
فنقل أبو طالب عنه أنه سئل عن الرجل يكتب الحديث والحاجة فيكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال بعضهم: قد كرهه، وكأنه يكرهه.
ونقل أيضاً المروذي ؛ لا يمس الدرهم إلا طاهر، لأن فيه: قل هو الله أحد، وكذلك نقل أبو الحارث في الجنب يأخذ الدراهم في يده: لا يعجبني، فإن كانت في صرة فلا بأس به. فظاهر هذا المنع.
---
ونقل بكر بن محمد عنه في كراريس العلماء وفي الكتاب آية أنه شديد ولكنه كأنه بعض القرآن. وروى أيضاً أبو طالب في موضع في الجنب: إن لم يمس الدرهم هو أجود، وإن مس فأرجو أن ليس عليه شيء. وكذلك روى ابن منصور عنه إذا مس الدرهم الأبيض على غير وضوء: أرجو أن لا يكون بمنزلة المصحف، فإن توقى فهو أحب إليَّ، فظاهر هذا الجواز.(2/178)
وجه الأولى: وهو أصح أنه محدث مباشر يحمل آية من القرآن فأكثر فمنع منه، دليله كراس من المصحف.
ووجه الثانية: أن في الامتناع من حمل ذلك عظم المشقة، لأن الحاجة تعم ذلك في حال الحدث، فيجب أن يعفى عنه كما عفى عن استقبال القبلة واستدبارها في الحديث في البنيان.
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 145
حمل المحدث لما فيه شيء من القرآن:
12 ـ مسألة: هل يجوز أن يحمل درهماً عليه: قل هو الله أحد، أو يحمل كتب الحديث والفقه وفيها آية من كتاب الله، وهو محدث أم لا؟
فنقل أبو طالب عنه أنه سئل عن الرجل يكتب الحديث والحاجة فيكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال بعضهم: قد كرهه، وكأنه يكرهه.
ونقل أيضاً المروذي ؛ لا يمس الدرهم إلا طاهر، لأن فيه: قل هو الله أحد، وكذلك نقل أبو الحارث في الجنب يأخذ الدراهم في يده: لا يعجبني، فإن كانت في صرة فلا بأس به. فظاهر هذا المنع.
ونقل بكر بن محمد عنه في كراريس العلماء وفي الكتاب آية أنه شديد ولكنه كأنه بعض القرآن. وروى أيضاً أبو طالب في موضع في الجنب: إن لم يمس الدرهم هو أجود، وإن مس فأرجو أن ليس عليه شيء. وكذلك روى ابن منصور عنه إذا مس الدرهم الأبيض على غير وضوء: أرجو أن لا يكون بمنزلة المصحف، فإن توقى فهو أحب إليَّ، فظاهر هذا الجواز.
وجه الأولى: وهو أصح أنه محدث مباشر يحمل آية من القرآن فأكثر فمنع منه، دليله كراس من المصحف.
---
ووجه الثانية: أن في الامتناع من حمل ذلك عظم المشقة، لأن الحاجة تعم ذلك في حال الحدث، فيجب أن يعفى عنه كما عفى عن استقبال القبلة واستدبارها في الحديث في البنيان.
رقم الجزء: 3 رقم الصفحة: 145
---(2/179)