بحوث العبدلي
المبحث الأول
القول العريق
في حكم التصفير والتصفيق
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي
المعهد العلمي في القريات
الحقوق لكل مسلم بشروط :
? الإشارة للبحث عند الاستفادة منه
? الدعاء لوالدي بالمغفرة والرحمة
? الدعاء لأسرتي بالصلاح
بحوث العبدلي
المسائل المهمة مما اختلف فيه الأئمة
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } آل عمران : 10 ، وقال تعالى { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } النساء :1 ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } الأحزاب : 70 – 71 أما بعد(1/1)
من خلال عملي كمدرس للعلوم الشرعية في المعهد العلمي في محافظة القريات لأكثر من عشرين سنة وقبلها أربع سنوات قضيتها في ربوع كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، واختلاطي بالكثير من العلماء والدعاة وطلبة العلم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ، ومتابعتي للأكثر منهم من خلال كتبهم ومقالاتهم وأشرطتهم ومواقعهم عبر الشبكة العالمية الإنترنت ، وبرامجهم عبر القنوات الفضائية ، لاحظت أن بعض هؤلاء وليس كلهم ، بل القليل القليل منهم من لا يعير للمسائل الخلافية بالا ، بل هداهم الله للحق وإيانا ، أنه يلزمون الطرف الآخر برأي واحد لا بديل له عندهم بحجة أن هذا هو الراجح ، علما بأن المسألة قد قال فيها كبار العلماء مثل مسألة التصفيق والدف والتصوير وغيرها ، فقد عشنا ردحاً من الزمن لا نعرف من حكمها إلا أنها حرام مطلق قولا واحدا ، ولكن مع البحث العلمي وظهور بعض المشايخ الجريئين أظهروا وأبرزوا مثل هذه المسائل على أنها خلافية وخلافها معتبر شرعا ولله الحمد ، وهذا هو المنهج الحق والسليم بأن يبين للناس الخلاف في المسألة ثم رجح ماراه أنت حقا ولكن لا تلزم الآخرين برأيك مادام أن للخلاف محل 0(1/2)
يقول أبو يوسف التواب : ينبغي أن يُعلَم أولاً أن الخلاف سنة كونية ، فكما يتباين الناس في ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم وأخلاقهم تبايناً عظيماً ، يتباينون في أفهامهم وعقولهم ومداركهم ، والخلاف هنا على نوعين : خلاف سائغ ، وخلاف مذموم ، فالسائغ هو الخلاف الناجم عن اجتهاد الفقيه بقصد الوصول للحق في المسائل التي يسوغ فيها الاختلاف ، وقد أَذِن الشرع المطهَّر بذلك ؛ ففي الصحيحين من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ) ، وما زال العلماء يختلفون في مسائل الفروع الفقهية دون إنكار لأصل الاختلافhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34 - _ftn1 ، ويظهر ذلك جلياً حتى في عصر الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - ، ومن ذلك: اختلافهم في مكان دفن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، واختلافهم في الخليفة من بعده ، واختلافهم في قتال مانعي الزكاة في خلافة الصِّدِّيق ، واختلف عمر وابن مسعود رضي الله عنهما في مسائل عديدة ؛ فكان ابن مسعود يطبِّق يديه في الصلاة ، وكان عمر يضعهما على الركبتين وينهى عن التطبيق ، وكان ابن مسعود يقول في رجل قال لامرأته أنتِ عليّ حرام : أنها يمين ، ويرى عمر أنها طلقة واحدة ، بل حصل الخلاف في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب: ( لا يُصَلِّيَنّ أحدٌ العصر إلا في بني قريظة ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلي ، لم يُرِدْ منا ذلك ، فذُكِر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنِّف واحداً منهم 000الخ 0(1/3)
فأين هذا من الخلاف المذموم بصوره الكثيرة ، كالاختلاف الذي مس العقائد وأصول الدين ، والاختلاف الذي مبناه إتباع الهوى والتعصب للرجال على حساب أدلة الكتاب والسنة والإجماع ، واختلاف القلوب وتنافرها بناء على آراء يسوغ فيها الاجتهاد 0
أسباب الاختلاف بين الفقهاء
من أهمها :
1- أن الدليل لم يبلغ الفقيه 0
2- أن يكون الدليل غير ثابت عنده ، كأن يبلغه من طريق ضعيفة 0
3- تعارض الأدلة في ظاهرها0
4- الاختلاف في فهم النص 0
5- عدم وجود نص في المسألة 0(1/4)
فإذا عرفنا ذلك ، فإن الاجتهاد حق لأهله المستكملين لشروطه ، وليس حِكراً على مجتهد دون آخر ، وينبغي أن يُعذَر المخالِف في مسائل الفروع الاجتهادية ، وأن لا يعنَّف أو يبدَّع لذلك ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وإن رجح بعض الناس بعضها [يعني : بعض الاجتهادات] ولو كان أحدهما أفضل ؛ لم يجز أن يظلم من يختار المفضول ولا يذم ولا يعاب بإجماع المسلمين ، بل المجتهد المخطئ لا يجوز ذمه بإجماع المسلمين ، ولا يجوز التفرق بذلك بين الأمة ) ، بل لا يجوز أن ينكر عليه ، كما قال الإمام الموفق ابن قدامة : ( لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه ؛ فإنه لا إنكار على المجتهدات ) ، أما إذا ثبت الإجماع أو لاح الدليل ، ولم يكن فيه مجال للاجتهاد أو التأويل ، فالنقول عن السلف دالة على الإنكار على المخالف عندئذ ، كالمبيح لنكاح المتعة مثلاً ، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية : ( وذكر الشيخ محيي الدين النووي أن المختلَف فيه لا إنكار فيه ، قال: لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف، فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق (1) ، ويقول الشيخ عبد الكريم الخضير الخِلافْ بَيْنَ أَهْلِ العِلْم لاشَكَّ أنَّهُ مَوْجُود ولاسِيَّمَا فِي الفُرُوعْ مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَة رِضْوَان الله عَلَيْهِم فَالخِلافْ مَوْجُودْ ، ولَنْ يَنْتَهِي ، وسَبَبُهُ اخْتِلافْ الفُهُومْ ، فَهَذا العَالِمْ يَفْهَمْ مِنْ هَذَا النَّصْ كَذَا ، والعَالِم الثَّانِي يَفْهَمْ مِنْهُ غَير ذَلِك ، والاحْتِمَالاتْ قَائِمَة ، وكُل مِنْهُم مَأْجُور إذا كانَ أَهْل للاجْتِهَادْ ، فَالمُصِيبْ مِنْهُم لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع ملتقى أهل الحديث ( بتصرف )
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=95421(1/5)
أَجْرَانْ والمُخْطِئ مِنْهُم لَهُ أَجْر وَاحِد ، وطَالِبُ العِلْم الذِّي لَيْسَتْ لَدَيْهِ أَهْلِيَّة النَّظَر، وكَذَلِك العَامِّي عَلَيهِ أنْ يُقَلِّدْ أوثَقُهُمَا عِنْدَهُ الذِّي يَرَاهُ أَرْجَح فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَوَرَعِهِ يُقَلِّدُهُ لأنَّ فَرْضُهُ سُؤَالْ أَهْلِ العِلْم ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) سورة النحل 43 ولَيْسَ فِي فَتْوَاهُ مُفْتٍ مُتَّبَعْ مَا لَمْ يُضِفْ لِلْعِلْمِ والدِّينِ الوَرَعْ ، فَإِذا عَرَفْتَ أنَّ هَذَا الشَّخْصَ أَعْلَم مِنْ هَذا ، وعِنْدَهُ مِن الدِّين والوَرَعْ مَا يَحْجِبُهُ مِنْ أنْ يقُول على الله بِجَهِلْ بِغَيْرِ عِلْم ، أو يَتَقَوَّل عَلَى الله ، أو مَا أَشْبَهَ ذلك ، أو يُفْتِي بِهَوَى فَمِثْلِ هذا يُتَّبَع ويُقَلَّدْ ، وأمَّا التَّعَصُّب للمشايخ فإنَّهُ أَمْرٌ لاسِيَّمَا إِذا تَرَتَّبَ عَلَيهِ هَضْمْ لِحَقِّ المَفْضُولِ عِنْدَهُ فإنَّهُ لا يَجُوز حِينَئِذٍ (1) ، ويقول شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : فإنه قد يثير هذا الموضوع التساؤل لدى الكثيرين، وقد يسأل البعض : لماذا هذا الموضوع وهذا العنوان الذي قد يكون غيره من مسائل الدين أهم منه ؟ ولكن هذا العنوان وخاصة في وقتنا الحاضر يشغل بالَ كثيرٍ من الناس ، لا أقول من العامة بل حتى من طلبة العلم ، وذلك أنها كثرت في وسائل الإعلام نشر الأحكام وبثّها بين الأنام، وأصبح الخلاف بين قول فلان وفلان مصدر تشويش ، بل تشكيك عند كثير من الناس ، لاسيما من العامة الذين لا يعرفون مصادر الخلاف ، لهذا رأيت ـ وبالله أستعين ـ أن أتحدث في هذا الأمر الذي له في نظري شأن كبير عند المسلمين ، إن من نعمة الله تبارك وتعالى على هذه الأُمَّة أن الخلاف بينها لم يكن في أصول دينها ومصادره الأصيلة، وإنما كان الخلاف في أشياء لا تمس وحدة المسلمين الحقيقية وهو أمر لابد أن يكون..(1/6)
وقد أجملت العناصر التي أريد أن أتحدث عنها بما يأتي :
أولاً: من المعلوم عند جميع المسلمين مما فهموه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم أن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق ، وهذا يتضمن أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد بيَّن هذا الدين بياناً شافياً كافيا ، لا يحتاج بعده إلى بيان ، لأن الهدى بمعناه ينافي الضلالة بكل معانيها ، ودين الحق بمعناه ينافي كل دين باطل لا يرتضيه الله عز وجل، ورسول الله بُعِثَ بالهدى ودين الحق، وكان الناس في عهده صلوات الله وسلامه عليه يرجعون عند التنازع إليه فيحكم بينهم ويبيِّن لهم الحق سواء فيما يختلفون فيه من كلام الله ، أو فيما يختلفون فيه من أحكام الله التي لم ينزل حكمها ، ثم بعد ذلك ينزل القرآن مبيِّناً لها ، ولكن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلّم اختلفت الأُمَّة في أحكام الشريعة التي لا تقضي على أصول الشريعة وأصول مصادرها ، ونحن جميعاً نعلم علم اليقين أنه لا يوجد أحد من ذوي العلم الموثوق بعلمهم وأمانتهم ودينهم يخالف ما دلَّ عليه كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلّم عن عمد وقصد ؛ لأن من اتَّصفوا بالعلم والديانة فلابد أن يكون رائدهم الحق، ومَن كان رائده الحق فإن الله سييسِّره له ، ولكن مثل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ http://www.khudheir.com/ref/138(1/7)
هؤلاء الأئمة يمكن أن يحدث منهم الخطأ في أحكام الله تبارك وتعالى، لا في الأصول التي أشرنا إليها من قبل، وهذا الخطأ أمر لابدَّ أن يكون؛ لأن الإنسان كما وصفه الله تعالى بقوله: ( وَخُلِقَ الإِنسَنُ ضَعِيفاً ) ، الإنسان ضعيف في علمه وإدراكه، وهو ضعيف في إحاطته وشموله، ولذلك لابدَّ أن يقع الخطأ منه في بعض الأمور، ونحن نجمل ما أردنا أن نتكلم عليه من أسباب الخطأ من أهل العلم في الأسباب الآتية السبعة، مع أنها في الحقيقة أسباب كثيرة، وبحر لا ساحل له، والإنسان البصير بأقوال أهل العلم يعرف أسباب الخلاف المنتشرة، نجملها بما يأتي :
السبب الأول: أن يكون الدليل لم يبلغ هذا المخالف الذي أخطأ في حكمه.
السبب الثاني: أن يكون الحديث قد بلغ الرجل ولكنه لم يثق بناقله، ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه، فأخذ بما يراه أقوى منه 0
السبب الثالث: أن يكون الحديث قد بلغه ولكنه نسيه ، وجلَّ من لا ينسى 0
السبب الرابع: أن يكون بلغه وفهم منه خلاف المراد
السبب الخامس: أن يكون قد بلغه الحديث لكنه منسوخ ولم يعلم بالناسخ، فيكون الحديث صحيحاً والمراد منه مفهوماً ولكنه منسوخ ، والعالم لا يعلم بنسخه ، فحينئذٍ له العذر لأن الأصل عدم النسخ حتى يعلم بالناسخ 0
السبب السادس: أن يعتقد أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع ، بمعنى أنه يصل الدليل إلى المستدل ، ولكنه يرى أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع ، وهذا كثير في خلاف الأئمة وما أكثر ما نسمع من ينقل الإجماع ، ولكنه عند التأمل لا يكون إجماعاً 0
السبب السابع: أن يأخذ العالم بحديث ضعيف أو يستدل استدلالاً ضعيفاً ، وهذا كثير جداً0(1/8)
هذه الأسباب التي أحببت أن أنبه عليها مع أنها كثيرة ، وبحر لا ساحل له ولكن بعد هذا كله ما موقفنا ؟ ، وما قلته في أول الموضوع : أن الناس بسبب وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية واختلاف العلماء أو اختلاف المتكلمين في هذه الوسائل صاروا يتشككون ويقولون مَن نتبع ، فالواجب على مَن علِم بالدليل أن يتبع الدليل ولو خالف مَن خالف من الأئمة ، إذا لم يخالف إجماع الأمة، ومن اعتقد أن أحداً غير رسول الله صلى الله عليه وسلّم يجب أن يؤخذ بقوله فعلاً وتركاً بكل حال وزمان ، فقد شهد لغير الرسول بخصائص الرسالة، لأنه لا يمكن أحد أن يكون هذا حكم قوله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ولا أحد إلا يؤخذ من قوله ويُترَك سوى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ولكن يبقى الأمر فيه نظر، لأننا لا نزال في دوامة مَن الذي يستطيع أن يستنبط الأحكام من الأدلة ؟ هذه مشكلة، لأن كل واحد صار يقول: أنا صاحبها. وهذا في الحقيقة ليس بجيد ، نعم من حيث الهدف والأصل هو جيد ؛ أن يكون رائد الإنسان كتاب الله وسُنَّة رسوله ، لكن كوننا نفتح الباب لكل مَن عرف أن ينطق بالدليل ، وإن لم يعرف معناه وفحواه ، فنقول : أنت مجتهد تقول ما شئت، هذا يحصل فيه فساد الشريعة وفساد الخلق والمجتمع. والناس ينقسمون في هذا الباب إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ عالِم رزقه الله عِلماً وفهماً فله الحق أن يجتهد وأن يقول 0
2 ـ طالب علم عنده من العلم ، لكن لم يبلغ درجة ذلك المتبحِّر فلا حرج عليه إذا أخذ بالعموميات والإطلاقات وبما بلغه ، ولكن يجب عليه أن يكون محترزاً في ذلك ، وألا يقصِّر عن سؤال مَن هو أعلى منه من أهل العلم ؛ لأنه قد يخطئ ، وقد لا يصل علمه إلى شيء خصَّص ما كان عامًّا ، أو قيَّد ما كان مطلقاً، أو نَسَخَ ما يراه محكماً. وهو لا يدري بذلك 0
3 ـ عامي لا يدري شيئاً ، وهو مَن ليس عنده علم ، فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم (1)(1/9)
من خلال ما سبق طرحه رأيت ، بل وعزمت العقد أن أبحث في المسائل الخلافية لكي أصل فيها لطرح علمي سليم ، ولأجل أن لا نكون أمام عامة الناس أحادين الفكر والرأي ، بل نعرض المسألة بخلافها وأقوالها ونناقش أدلة الخلاف لجميع الأقوال كي نصل لما هو الحق بإذن الله ، فبدأت أبحث في عدة مسائل وجعلتها بحوث متتابعة وأسميته :
بحوث العبدلي
المسائل المهمة مما اختلف فيه الأئمة
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات
ثم بعد هذه المقدمة يأتي البحث الرئيس وقد أسميت كل بحث باسم ملفت للانتباه ، سائل المولى أن يوفقني للصواب وأن يبعد عني الشيطان وأعوانه ، كما أتمنى ممن يخالفني الرأي أن يكون خلافنا علميا ، لا عاطفيا والله الموفق والحمد لله رب العالمين 0
وإلى
المبحث الأول القول العريق في حكم التصفير والتصفيق
كتبه
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ – كتاب الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه ( بتصرف )
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/cat_index_309.shtml
المبحث الأول
القول العريق
في حكم التصفير والتصفيق
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي
المعهد العلمي في القريات
المقدمة(1/10)
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أ ن محمداً عبدُه و رسولُه قال تعالى ( يَا أَيها الذين آ مَنُوا اتقُوا اللهَ حَق تُقَاته ولا تموتن إلا وأنتم مُسلمُون )(1) ، وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )(2) ، وقال تعالى ( يَا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قَولاً سَديداً يُصلح لَكُم أَعما لكم وَيَغفر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطع الله وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظيماً )(3) أما بعد (4)(1/11)
من محاسن ديننا الإسلامي أنه يهتم بشؤون البشر الخاصة والعامة ، مما حدا به كدين سماوي خاتم للأديان كلها أنه يتدخل في دقائق الأمور وعظامها ، بهدف تهذيب شخصية المسلم في أموره الشخصية وأموره العامة وأفراحه وأحزانه وسوكه ومن ذلك التصفيق والتصفير الذي انتشر في الحفلات والزواجات والمؤتمرات انتشار النار في الهشيم ، وقد اختلف العلماء والدعاة قديما وحديثا في حكمها بين مجيز لها ومحرم وكاره ، وخلافهم لا يعدوا كونه فيما خارج الصلاة والأمور العبادية ، لأن علماء السلف قديمهم وحديثهم متفقون على جوازه للمرأة في الصلاة وما عدا ذلك فلا يجوز اتخاذه عبادة مهما كان السبب ، ونظرا لانتشاره بين الناس رأيت أن أبحث المسألة بحثا شرعيا أصوليا فكان هذا البحث اللطيف الخفيف ، سائلا المولى أن أكون موفقا فيه والحمد لله رب العالمين ، ورجائي ممن يقرأ هذا البحث أن يستحضر مبدأ الخلاف المعتبر وأن يتقي الله قبل أن يصدرا حكما فالأمر بيننا مرده الدليل الشرعي والعالم الرباني ، وليعلم القارئ إنني وهو وجميع البشر ذو خطأ وجل سبحانه الذي لا يخطئ0
كتبه
محمد فنخور العبدلي
المعهد العلمي في القريات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- سورة آل عمران 122
2- سورة النساء 1
3- سورة الأحزاب 71 - 70
4- خطبة الحاجة للألباني
التعريف
قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله : التصفيق وهو ضرب اليدين إحداهما بالأخرى حتى يظهر لذلك صدى يسمع من بعيد (1) ، وقال الشيخ القرضاوي : التصفيق : ضرب اليد باليد بحيث تحدث صوتا مسموعا، وإذا تكرر أحدث صوتا منتظما، وفي الأمثال: اليد وحدها لا تصفق (2)
معنى التصدية(1/12)
والصَّدَى: الصَّوْت. والصَّدَى: ما يُجِيبُكَ من صَوْتِ الجَبَلِ ونحوهِ بمِثْلِ صَوْتِكَ ، قال الله تعالى : وما كان صَلاتُهُم عندَ البَيْتِ إلا مُكاءً وتَصْدِيَةً ؛ قال ابن عرفة : التَّصْدِيَة من الصَّدَى ، وهو الصَّوْتُ الذي يَرُدُّهُ عليكَ الجَبَلُ ، والتَّصْدِيَة ضَرْبُكَ يَداً على يَدٍ لتُسْمِعَ ذلك إنساناً ، وهو من قوله مُكاءً وتَصْدِيَة ، صَدَّى: قيلَ أَصْلُه صَدَّدَ لأَنَّه يقابِلُ في التَّصْفِيقِ صَدُّ هذا صَدَّ الآخَرِ أَي وجْهاهُما وجْهُ الكَفِّ يقابِلُ وَجْهَ الكَفِّ الأُخْرَى ، والتَّصْدِيةُ التَّصْفِيقُ ، وصَدَّى الرجل : صَفَّقَ بيديه ، وهو من مُحَوَّل التَّضْعِيف ، وقال في موضع آخر : فالمُكاءُ الصَّفِير والتَّصْدية التصفيق، وقيل للتَّصّفِيق تَصْديَةٌ لأَن اليدين تتصافقان فيقابل صَفْقُ هذه صَفْقَ الأُخرى، وصدُّ هذه صَدَّ الأُخرى وهما وَجْهاها ، وقال ابن سيده: التصدية التَّصفيقُ والصَّوتُ على تحويل التضعيف ، وقال الأَزهري : يقال صَدَّى يُصَدِّي تَصْدُيَةً إِذا صَفَّق، وأَصله صَدَّدِ يُصَدِّد فكثرت الدالات فقلبت إِحداهن ياء قال ذلك أَبو عبيد وابن السكيت وغيرهما (1) ، وفي لسان العرب : الصَّفْق: الضرب الذي يسمع له صوت، وكذلك التَّصْفِيقُ ، ويقال صَفَّقَ بيديه وصفَّح سواء ، والاسم منها الصَّفْقُ والصِّفِقَّى ؛ حكاه سيبويه اسْماً ؛ قال السيرافي : يجوز أَن يكون من صَفْقِ الكفِّ على الأُخرى ، وهو التَّصْفاقُ يذهب به إِلى التكثير؛ والتَّصْفِيقُ باليد: التصويت بها ، وصَفَق الطائرُ بجناحيه يَصْفِقُ وصَفَّق: ضرب بهما (1) ، وفي القاموس المحيط : والتَّصْديدُ: التَّصْفيقُ ، وتُبْدَلُ الدالُ ياءً فيقالُ : التَّصَدِّي والتَّصْدِيَةُ ، والصُّدَّادُ، كرُمَّانٍ ، وجمعه : صَدائِدُ 0(2) ، وفي الصّحّاح في اللغة : الصَفْقُ: الضربُ الذي يُسْمَعُ له صوت ، وكذلك التَصْفيقُ ، والتَصْفيقُ(1/13)
باليد: التَصويتُ بها (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=6&book=2&toc=137&page=131
2- موقع القرضاوي
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=4636&version=1&template_id=258&parent_id=1
3-- لسان العرب – مادة صدى ، ومادة صفق
4-- القاموس المحيط مادة صَدَّ
5-- الصحاح في اللغة – مادة صفق
وفي المحيط : التَّصْفِيقُ : ضَرْب بَاطنِ الكفِّ بباطن الأخرى حتى يُسمع لها صوت (1) ، وفي معجم الغني للدكتور عبد الغني أبو العزم تَصْفِيقٌ اِهْتَزَّتِ القَاعَةُ بِالتَّصْفِيقِ : ضَرْبُ الأَكُفِّ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ (2)
معنى الصفير(1/14)
جاء في لسان العرب : المُكاء ، مُخفف : الصَّفِير ، مَكا الإِنسان يَمْكُو مَكْواً ومُكاء : صَفَرَ بفِيه ، قال بعضهم: هو أَن يَجمع بين أَصابع يديه ثم يُدخِلها في فيه ثم يَصْفِر فيها ، قال ابن السكيت : المُكاءُ الصَّفير، قال : والأَصوات مضمومة إِلا النِّداء والغِناء (3) ، وفي الصّحّاح : والمُكاءُ مخفّف: الصفير ، وقد مَكا يَمْكو مَكْواً ومُكاءً: صَفَر(4) ، وفي مقاييس اللغة : الميم والكاف والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على معان ثلاثة: أحدها شيءٌ من الأصوات، والآخَر خشونة في الشيء، والآخِر ضربٌ من العَسَل ، فالأوَّل مكا يمكو: صَفَر في يَدِهِ وقد جَمَعها، مُكَاءً (5 ) ، وفي معجم الغني الدكتور عبد الغني أبو العزم : ضَجَّتِ القَاعَةُ بِالتَّصْفِيرِ مَجْمُوعَةٌ مِنَ الأَصْوَاتِ الْمَهْمُوسَةِ تَتَحَوَّلُ إِلىَ ضَجِيجٍ (6) ، التصفير: من صفر، التصويت بدفع الهواء من الفم عبر الشفتين المجموعتين ، معجم لغة الفقهاء (1 / 132) ، لسان العرب (4 / 460) ، النهاية في غريب الأثر (3 / 69) ، ويكون الصوت خاليا من الحروف ، التعاريف (1 / 459) ،المصباح المنير( 1/ 342)(7) 0
استعمالات التصفيق
للتصفيق استعمالات متعددة ذكرها الشيخ القرضاوي وهي :
الأول : التنبيه ، كما إذا دخل أحد دار أحد ، وأراد أن ينبه صاحب الدار أو أهل الدار، صفق بيديه ، ليلعمهم أنه موجود 0
الثاني : الإطراب ، كأن يستخدم مساعدا للدف ونحوه من الآلات بصورة منتظمة كأنها موزونة0
الثالث : الاستحسان ، كما نشاهد في تصفيق الجمهور حين يلقي الشاعر قصيدة ، أو يلقي الخطيب خطبة تهز المشاعر، فما أن يفرغ الشاعر أو الخطيب من إلقاء قصيدته أو خطبته أو جزء مهم منها ، حتى تضج القاعة بالتصفيق 0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-- المحيط(1/15)
2-- معجم الغني للدكتور عبد الغني أبو العزم مادة صفق
3-- لسان العرب – مادة مكا
4-- الصّحّاح في اللغة – مادة مكا
5-- مقاييس اللغة – مادة مكا
6-- معجم الغني للدكتور عبد الغني أبو العزم – مادة صفر
7- شبكة مشكاة الإسلامية
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=75082
الرابع : التعبد ، وهو ما كان يفعله أهل الجاهلية العربية من مشركي قريش وأمثالهم من الصفير والتصفيق عند المسجد الحرام ، وهو ما أنكره عليهم القرآن الكريم حين قال ( وما كان صلاتهم عند المسجد إلا مكاء وتصدية ) الأنفال 35 ، قال القرطبي : قال ابن عباس : كانت قريش تطوف بالبيت عراة ، يصفقون ويصفرون ، فكان ذلك عبادة في ظنهم (1) ، فالتصفيق هو نتاج انفعال وجداني واندماج النفس مع الجسد كحركة سيكولوجية فالإنسان يمكن أن يتحدث من خلال الألفاظ والإيماءات وكذلك الإشارات من بينها التصفيق الذي يعبر عن الامتنان والاستحسان حيث نستخدمه للتعبير عن الرضا كما نشاهد أو نسمع في الحفلات أو عندما نصفق للخطيب الذي يحسن خطبته ، وكما نلجأ إليه مع التلويح للتشجيع في مباريات كرة القدم ، أيضا قد يعتبر التصفيق وسيلة يلجأ إليها البعض لتخفيض حدة التوتر والانفعالات ، وتقول الأبحاث أن التصفيق شعور كامن يعبر في بعض اللحظات عن سعادة الإنسان أو عند تحقيق انتصار ما ، وهو يجمع بين الشعور واللاشعور، فالجزء الشعوري يظهر عند لحظة الإعجاب ، فالتصفيق لا يعبر دوما عن الإعجاب أو تقديم التحية أو الثناء ، فقد يكون مجاملة وربما يعبر عن تأثر بالفن أو الجمال أو الموهبة أو عبقرية وبلاغة الخطاب ، وقد يكون التصفيق بأطراف الأصابع ، كما تفعل النساء المترفات ، والمستمر المتواصل تعبيراً عن الإعجاب الشديد ، وهناك أيضا التصفيق المنظم ، وتوضح الدراسات الاجتماعية أن للتصفيق على اختلاف أنواعه وأشكاله دلالات بشرية مشتركة كالتعبير عن الإعجاب بحدث أو موقف ، كما في العروض المسرحية(1/16)
فتصفيق الجمهور يدل على استحسانه لما يقدم ، وخارج الفن دلالات أخرى كثيرة ، فنحن نضرب عفويا كفا بكف حينما نتفاجأ بموقف معين لا نجد له مبرراً فنلجأ للتصفيق كرد فعل تلقائي ، وقد يعبر عن التنبيه كلغة مشتركة متفقاً عليها بين رب المنزل وأفراد الأسرة حين يطلب شيئا محددا من أبنائه وخاصة لدى كبار السن ، وفي المطاعم والمقاهي الشعبية يكثر التصفيق لاستدعاء النادل (2)
استعمالات التصفير
التصفير هو إصدار للصوت عن طريق الفم إما بوضع الأصابع داخل الفم بصورة معينة أو التصفير بالفم فقط ، وقد ظهرت الآن أدوات تصدر صفيرا كصوت الصفير بالفم ، قال بعضهم : هو أَن يَجمع بين أَصابع يديه ثم يُدخِلها في فيه ثم يَصْفِر فيها (3) ، ومن خلال استقرائي للتصفير فإني وجدته يستعمل لعدة أغراض منها :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع القرضاوي
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=4636&version=1&template_id=258&parent_id=1
2- http://forum.brg8.com/t81845.html
3- لسان العرب – مادة مكا
1- التنبيه
2- المناداة وخصوصا للبعيد
3- الطرب في الأفراح ونحوها
4- التشجيع في المباريات والحفلات ونحوها
5- الإعجاب بشي معين
6- صفارة حكام المباريات ككرة القدم وغيرها من المباريات
7- صفارة رجل الأمن
8- تصفير الأم لطفلها الرضيع لإسكاته وتسليته
سبب نزول آية التصفيق والتصفير(1/17)
قال الواحدي في كتابة أسباب النزول : روى البخاري عن أحمد في قوله تعالى ( وَما كانَ صَلاتُهُم عِندَ البَيتِ ) أخبرنا أبو إسماعيل بن أبي عمرو النيسابوري قال : أخبرنا حمزة بن شبيب المعمري قال : أخبرنا عبيد الله بن إبراهيم بن بالويه قال : حدثنا أبو المنبيء معاذ بن المنبيء قال : حدثنا عمرو قال : وحدثنا أبي قال : حدثنا قرة عن عطية عن ابن عمرو قال : كانوا يطوفون بالبيت ويصفقون ووصف الصفق بيده ويصفقون ووصف صفيرهم ويضعون خدودهم بالأرض فنزلت هذه الآية 0(1)
أقسام التصفيق
قال الشيخ عبد العزيز بن فوزان الفوزان : لو تأملنا النصوص الشرعية لوجدنا أن التصفيق الوارد في الكتاب والسنة من حيث حكمه ينقسم إلى ثلاثة أقسام :(1/18)
النوع الأول : التصفيق المحرم ، فهو الذي يراد به التشجيع على الشر ونشره وإشاعته , أو التشويش على الخير وأعمال الخير، كما كان يفعل المشركون حينما يقوم المسلمون للصلاة , فيبدأ المشركون في الصفير والتصفيق , ولا شك أن في هذا إعانة على المنكر, ومنعاً للخير، وهو حرام ، بل لو قام شخص يا إخواني إلى الناس وهم يصلون وبدأ يقرأ القرآن بصوت عال يشوش عليهم ، فقراءته القرآن حرام ، وتشبه حال المشركين الذين كانوا يصفقون ويصفرون , وهو المقصود من قوله تعالى ( وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً ) أي لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي هو وأصحابه يبدأ المشركون بالتصفير والتصفيق حتى يشوشوا عليهم و يصرفوا الناس عنهم , ونحن نقول كل من يشوش على الناس ويؤذيهم ويشغلهم عن الصلاة ويقطع خشوعهم فهو آثم ، حتى ولو كان يقرأ القرآن , يقرأ القرآن وترك الصلاة مع الجماعة ، كما فعل المشركون ، فلم يصلوا ولم يتركوا المسلمين يصلون بخشوع وطمأنينة ، يجب أن تفهم هذه الآية بهذا السياق ، وهذا المعنى في معنى قول الله عز و جل عن المشركين أنهم كانوا يقولون ( لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- أسباب النزول للإمام أبو الحسن علي الواحدي النيسابوري سورة الأنفال(1/19)
النوع الثاني : تصفيق مشروع ، فهو إما واجب أو مستحب ، وهو تصفيق المرأة في الصلاة إن أخطأ الإمام ، زاد ركوعاً أو سجوداً أو نقص ، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول ( إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال و لتصفق النساء ) ، و لو لم يكن أحد من الرجال قد علم بسهو الإمام فواجب على من علم أن يصوبوه , تأمل شرع التصفيق حتى في الصلاة لأجل تنبيه الإمام على ما حصل من السهو في الصلاة 0
النوع الثالث : وهو موضوعنا التصفيق المباح ، الذي منع بإطلاق حتى في حال التشجيع المحمود ، مثل حالنا اليوم نشجع سعادة الأستاذ الدكتور على القصيدة ، ونشجع الأستاذ بدر الحسين على قصيدته الرائعة ، أو ما رأيتم في هذا الإنجاز الرائع لإخواننا في موقع سند ، وهذا لا بأس به , صحيح أن السنة والأفضل أن نشجع الناس بالتسبيح والتكبير، أو قول ما شاء الله ، هذا الذي جاءت به السنة , النبي عليه الصلاة السلام إذا أعجبه شيء يسبح أو يكبر، لكن أن نقول التصفيق حرام هذا يحتاج إلى دليل يا إخواني ،والأصل هو الحل والإباحة ، وأظن هذا سيكون مفيداً لإخواننا القائمين على هذه المدارس(1)
التصفيق أثناء الصلاة(1/20)
التصفيق أثناء الصلاة ورد فيه نصا صريحا لكنه خاص بالنساء وهو ما ورد في الصحيح سهل بن سعد الساعدي ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم ، فحانت الصلاة ، فجاء المؤذن إلى أبي بكر ، فقال : أتصلي للناس فأقيم ؟ قال : نعم ، فصلى أبو بكر ، فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم و الناس في الصلاة ، فتخلص حتى وقف في الصف ، فصفَّق الناس ، و كان أبو بكر لا يلتفت في صلاته ، فلما أكثر الناس التصفيق الْتَفَتَ ، فرأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أمكث مكانك . فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه ، فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف ، و تقدم رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى ، فلما انصرف قال : ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ ؟ ) . فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ التَّصْفِيقَ ؟ مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ ، و إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ )(2) ، قال الدكتور أحمد بن عبد الكريم نجيب : اتخاذ التصفيق عبادة في ذاته ، أو التصفيق أثناء عبادة مشروعة الأصل ، حرامٌ مطلقاً ، لما فيه من التشبه بالكفار في عبادتهم من جهة ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ1- موقع رسالة الإسلام
http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=132&aid=8311
متفق عليه رواه البخاري برقم ( 652 ) ومسلم برقم (421)(1/21)
و لأنه بدعة محدثة من جهة أخرى ، و كثيراً ما يقع التصفيق في مجالس الذكر البدعية على نحو ما يفعله غلاة الصوفية ، و قد ذمَّ العلماء هذا النوع من التصفيق ،وشنعوا على فاعله ، و بالغوا في إنكاره ، سواء كان بباطن الأكف ، أو بظاهرها ، أو بباطنٍ على ظاهرٍ ، أو العكس ، قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله : ( و من هاب الإله و أدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص و لا تصفيق ، و لا يصدر التصفيق و الرقص إلا من غبي جاهل ، و لا يصدران من عاقل فاضل ، و يدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب و لا سنة ، و لم يفعل ذلك أحد الأنبياء و لا معتبر من أتباع الأنبياء ، و إنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء ، و قد قال تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } و قد مضى السلف و أفاضل الخلف و لم يلابسوا شيئا من ذلك ، و من فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه و ليس بقربة إلى ربه ، فإن كان ممن يقتدى به و يعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة فبئس ما صنع لإيهامه أن هذا من الطاعات ، و إنما هو من أقبح الرعونات ) [ قواعد الأحكام : 2/220 و ما بعدها ] (1) ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : قال السلف : كان المشركون يجتمعون في المسجد الحرام يصفقون ويصوتون يتخذون ذلك عبادة وصلاة ، فذمهم الله على ذلك ، وجعل ذلك من الباطل الذي نهى عنه ، فمن اتخذ نظير هذا السماع عبادة وقربة يتقرب بها إلى الله فقد ضاهى هؤلاء في بعض أمورهم ، وكذلك لم تفعله القرون الثلاثة التي أثنى عليها النبي – صلى الله عليه وسلم - ولا فعله أكابر المشايخ (2) ، وقال أيضاً : السماعات المشتملة على الغناء والصفارات والدفوف المصلصلات فقد أتفق أئمة الدين أنها ليست من جنس القرب والطاعات ، بل ولو لم يكن على ذلك كالغناء والتصفيق باليد والضرب بالقضيب والرقص ونحو ذلك ،(1/22)
فهذا وان كان فيه ما هو مباح ، وفيه ما هو مكروه ، وفيه ما هو محظور ، أو مباح للنساء دون الرجال ، فلا نزاع بين أئمة الدين أنه ليس من جنس القرب والطاعات والعبادات ، ولم يكن أحد من الصحابة والتابعين وأئمة الدين وغيرهم من مشايخ الدين يحضرون مثل هذا السماع لا بالحجاز ولا مصر ولا الشام ولا العراق ولا خراسان ولا فى زمن الصحابة والتابعين ولا تابعيهم (3) ، وقال أيضاً : ( وأما المسلمون من المهاجرين والأنصار ، والذين اتبعوهم بإحسان فصلاتهم وعبادتهم القرآن واستماعه والركوع والسجود وذكر الله ودعاؤه ونحو ذلك مما يحبه الله ورسوله فمن اتخذ الغناء والتصفيق عبادة وقربة فقد ضاهى المشركين فى ذلك وشابههم فيما ليس من فعل المؤمنين المهاجرين والأنصار فان كان يفعله فى بيوت الله فقد زاد فى مشابهته أكبر وأكبر واشتغل به عن الصلاة وذكر الله ودعائه فقد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع صيد الفوائد http://www.saaid.net/Doat/Najeeb/f127.htm
2- مجموع الفتاوى 3/427
3- مجموع الفتاوى 11/531(1/23)
عظمت مشابهته لهم وصار له كفل عظيم من الذم (1) ، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى : والله سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في الصلاة إذا نابهم أمر بل أمروا بالعدول عنه إلى التسبيح لئلا يتشبهوا بالنساء (2) ، وقال النووي رحمه الله تعالى : ويسنّ لمن نابه شيء في صلاته كتنبيه إمامه لنحو سهوٍ ، وإذنه لداخل استأذن في الدخول عليه ، وإنذاره أعمى مخافة أن يقع في محذورٍ ، أو نحو ذلك ؛ كغافلٍ وغير ممميز ، ومن قصده ظالمٌ أو نحو سبع ؛ أن يسبح وتصفق المرأة ، ومثلها الخنثى ، بضرب بطن اليمين على ظهر اليسار ، أو عكسه ، أو بضرب ظهر اليمين على بطن اليسار ، أو عكسه ، وأما الضرب ببطن إحداهما على بطن الأخرى ؛ فقال الرافعي : لا ينبغي فإنه لعبٌ ، و لو فَعَلَتْه على وجه اللعب عالمة بالتحريم بطلت صلاتها وإن كان قليلاً ، فإن اللعب ينافي الصلاة (3) ، وقال الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله تعالى : ويشرع التصفيق للنساء خاصة إذا نابهن شيء في الصلاة أو كن مع الرجال فسهى الإمام في الصلاة ، فإنه يشرع لهن التنبيه بالتصفيق ،(1/24)
أما الرجال فينبهونه بالتسبيح كما صحت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم (4) ، وفي موقع الإسلام سؤال وجواب : لم يرد الشرع بالتصفيق في شيء من العبادات إلا للمرأة في الصلاة ، إذا حدث ما يقتضي التنبيه عليه ، لما رواه البخاري (684) ومسلم (421) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ)(5) وقال الشيخ بكر أبو زيد : لا يُشرع التصفيق في شيء من أمور الدين إلا في موضع واحد للحاجة : وهو للمرأة داخل الصلاة إذا عرض عارض كسهو الإمام في صلاته ، فإنه يستحب لمن اقتدى به تنبيهه : فالرجل ينبه الإمام بالتسبيح ، والمرأة تنبه الإمام بالتصفيق ؛ وهذا لثبوت السنة به عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء )(6)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مجموع الفتاوى 11/596
2- إغاثة اللهفان 1/244
3- المجموع 1/196
4- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 4/151
5- موقع الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/105450
6- تصحيح الدعاء ص 86 - 89 ، نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/105450
التصفير أثناء الصلاة(1/25)
مسألة : يكره تنبيه الإمام في الصلاة بالصفير عند الحنابلة لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، الفروع لابن مفلح (2 / 224) ، شرح منتهى الإرادات (1/460 ) (1) ، ويقول أبو بكر الجصاص رحمه الله : سمي المكاء و التصدية صلاة ، لأنهم كانوا يقيمون الصفير والتصفيق مقام الدعاء والتسبيح ، وقيل : إنهم كانوا يفعلون ذلك في صلاتهم ( أحكام القرآن 76 / 3 ) ، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وأما قوله تعالى ( ومَاَ كاَن صلَاتهُمُ عنِدْ البْيَتْ إلَِّا مكُاَءً وتَصَدْيِةَ ) ، والمكاء : التصفير ، والتصدية : التصفيق ، فهؤلاء كانوا عند المسجد الحرام يتعبدون الله بذلك ، بدل أن يركع ويسجد يصفق ويصفر ، لقاءات الباب المفتوح (2) 0
التصفيق والذكر عند الصوفية(1/26)
وقال الشيخ بكر أبو زيد : لا يُشرع التصفيق في شيء من أمور الدين إلا في موضع واحد للحاجة : وهو للمرأة داخل الصلاة إذا عرض عارض كسهو الإمام في صلاته ، فإنه يستحب لمن اقتدى به تنبيهه : فالرجل ينبه الإمام بالتسبيح ، والمرأة تنبه الإمام بالتصفيق ؛ وهذا لثبوت السنة به عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ) ، ثم حدث في الأمة التعبد بالتصفيق لدى بعض المبتدعة عند قراءة الأذكار ، والأوراد ، والأحزاب ، وفي الموالد ، والمدائح في البيوت ، والمساجد ، وغيرها ، ويظهر أنه منذ القرن الرابع ، فإن الحافظ عبيد الله بن بطة المتوفي سنة 387 أنكر عليهم ذلك ، وقد تتابع إنكار العلماء عليهم ، وتهجينهم ، وتبديعهم ، فمن الذين لهم مقام صدق في ذلك الحافظ ابن الجوزي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وغيرهم ، قديماً ، وحديثاً ، مقررين بالإجماع : أن التعبد بالتصفيق : بدعة ضلالة ، وخروج على الشرع المطهر ، فيجب اجتناب التعبد به ويجب منعه (3) ، وسئلت اللجنة الدائمة عن حكم الذكر بالطبول والرقص :
س: يوجد لدينا في كل ليلة من يوم الخميس ويوم الاثنين يذكر الله أهل الطرق الصوفية بالطبول إلى ساعات متأخرة من الليل ، هل الذكر بالطبل جائز ، وهل الطرق الصوفية هذه جائزة أم لا ، جزاكم الله خيرا ؟
الجواب : هذه الطرق الصوفية بدعة منكرة ، فإن كان الذكر على الطبول أو الدفوف ، أو العود أو الموسيقى ، أو التصفيق بالأيدي ، أو الضرب بالأرجل ، أو الرقص
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- شبكة مشكاة الإسلامية
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=75082
2- موقع الإسلام سؤال وجواب http://islamqa.com/ar/ref/115403(1/27)
3- تصحيح الدعاء ص 86 - 89 ، نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/105450
والتقرب بهذا الأمر ، هذا من البدع سواء في ليلة الخميس أو ليلة الاثنين أو غيرهما في أي وقت ، والواجب على أهل الإسلام التقرب بالقرب التي شرعها الله كالتسبيح والتهليل ، والتحميد والذكر والاستغفار وغيرها بغير الطبول ، وبغير ضرب الأرجل ، وبغير الصياح والصفير ، وبغير الموسيقى والعود ، وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله هذا البحث في كتابه ( إغاثة اللهفان ) بسطا جيدا حيث بسط فيه الكلام على طرق الصوفية والتحذير منها ، وهذا منها ، والسنة للمؤمن أن يفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الصلاة أن يذكر الله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ويستغفر الله ثلاثا ، ثم يقول ( اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام )(1) ، ثم ينصرف للناس إن كان إماما ، ويقول ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ،(1/28)
لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة ، وله الفضل ، وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد )(2) ، كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ، كما روى هذا ابن الزبير في صحيح مسلم وروى بعضه ثوبان كما جاء في الصحيحين بعد كل صلاة يستغفر ثلاثا مع قول (اللهم أنت السلام )(3) ، وروى بعضه مسلم عن عائشة فيه ( اللهم أنت السلام ، ثم انصرف إلى الناس هذه سنة ، ثم بعد ذلك يقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين ، ويختم المائة بقوله : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير )(4) ، فهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ( من فعل هذا غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ) (5) ، هذا فضل عظيم ، فيستحب للمؤمن بعد الصلوات الخمس أن يأتي بهذا بعد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مسلم المساجد ومواضع الصلاة (591) ، الترمذي الصلاة (300) ، أبو داود الصلاة (1512) ، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (928) ، أحمد (5/280) ، الدارمي الصلاة (1348)
2- مسلم المساجد ومواضع الصلاة (594) ، النسائي السهو (1340) ، أبو داود الصلاة (1506) ، أحمد (4/4)
3- مسلم المساجد ومواضع الصلاة (591) ، الترمذي الصلاة (300) ، أبو داود الصلاة (1512) ، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (928) ، أحمد (5/280) ، الدارمي الصلاة (1348)
4- مسلم المساجد ومواضع الصلاة (591) ، الترمذي الصلاة (300) ، أبو داود الصلاة (1512) ، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (928) ، أحمد (5/280) ، الدارمي الصلاة (1348)(1/29)
5- مسلم المساجد ومواضع الصلاة (597) ، أبو داود الصلاة (1504) ، أحمد (2/371) ، مالك النداء للصلاة (488)
الأذكار السابقة : سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين ، ثم يأتي بتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، وإن شاء زاد ، وقال : يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، كله جاء ، ثم يقرأ آية الكرسي ( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) إلى آخرها ، إلى قوله ( وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) (1) ، هذه الآية أعظم آية يستحب أن تقرأ بعد كل صلاة فريضة ثم يقرأ : قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل فريضة بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر أفضل لكن يكررها ثلاثا عليه الصلاة والسلام يقرأها ثلاث مرات بعد المغرب وبعد الفجر وعند النوم جاءت السنة بهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم (2) ، وجاء في ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للقاضي عياض رحمه الله : قال التنيسي : كنا عند مالك وأصحابه حوله فقال رجل من أهل نصيبين يا أبا عبد الله عندنا قوم يقال لهم الصوفية يأكلون كثيراً ثم يأخذون في القصائد ثم يقومون فيرقصون0
فقال مالك : أصبيان هم ?
قال لا ؟
قال أمجانين ?
قال لا ، قوم مشايخ وغير ذلك عقلاًء 0
قال مالك ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا 0
قال الرجل بل يأكلون ثم يقومون فيرقصون نوائب ويلطم بعضهم رأسه وبعضهم وجهه 0
فضحك مالك ثم قام فدخل منزله 0
فقال أصحاب مالك للرجل لقد كنت يا هذا مشئوما على صاحبنا ، لقد جالسناه نيفاً وثلاثين سنة فما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم 0(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- سورة البقرة الآية 255
2- اللجنة الدائمة الجزء 3/ 227 - 228)(1/30)
http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?lang=ar&view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=332&searchScope=5&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=exact&bookID=&LeftVal=0&RightVal=0&simple=&SearchCriteria=allwords&PagePath=&siteSection=1&searchkeyword=التصفيق#firstKeyWordFound
3- ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك ص 88 كتاب الكتروني ، وراجع أيضا موقع الصوفية
http://www.alsoufia.org/vb/t1700/
التصفيق فرح وإعجاب
اختلف العلماء في هذا الباب شأنه شأن التصفيق بوجه عام ولهم فيه آراء هي :
الأول : الجواز
سئل فضيلة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله : ما قول فضيلة الشيخ في اعتراض بعض المدرسين على التصفيق داخل الفصول من قبل الطلبة لتشجيع زملائهم، بحجة أن هذا ليس من فعل المسلمين ولا يجوز ؟(1/31)
فأجاب : إن من يرى أن هذا الأمر لا يجوز فعليه بالدليل قبل كل شيء حتى نعرف الحكم الشرعي، وإذا كان لديه دليل مقتنع به فإنه لا يجوز أن يمكن الطلاب منه، وأما من يرى أن ذلك لا بأس به وأن هناك مصلحة في تشجيع الطلاب وتنبيههم فعليه ألا ينكر عليهم، والذي يفعله الكفار هو أنهم يجعلون المكاء والتصدية بدلاً من الصلاة والدعاء، ولا يفعلونها عند العجب من الشيء أواستحسانه حتى يقال: إن الإنسان المسلم لو صفق عند التعجب من شيء أو استحسانه لكان بذلك مشابهاً للكفار، إنما يقول الله عز وجل ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية )(1) ، فالمكاء التصفير والتصدية هي التصفيق فهم يجعلون هذا عبادة (2) ، وسئل أيضا :ما تقولون فيما يحدث عند الإعجاب بالشيء فيُصفق له؟ الجواب : أننا لا نري في ذلك بأساً ؛ لأن هذا اصطلاح حادث جرى عليه الناس كلهم المسلمون وغير المسلمين ، وهو عنوان على إعجاب الشيء بما سمع أو بما رأى ، ولا ينافي الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم : ( التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ) رواه البخاري ، كتاب العمل في الصلاة ، باب التصفيق للنساء ، رقم 1203 ، ومسلم كتاب الصلاة ، باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة ، رقم 422 ؛ لأن هذا في الصلاة ، وعليه فأرى أن الشيء الذي ليس في الشرع دليل على إنكاره لا تنكره على أحد ، وأنت لا حرج عليك في عدم فعله ، ولهذا في حديث البراء بن عازب – رضي الله عنه لمَّّا قال له أحد الرواة حين قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قام فينا فقال : ( أربعٌ لا تجوز في الأضاحي ) وذكر العيوب فقال له : إني أكره أن يكون في السن نقصٌ ، فقال : ما كرهته فدعْه ، ولا تحرم على غيرك ، رواه أحمد في مسند رقم 18039 ، وأبو داود في سننه ، كتاب الضحايا ، باب ما يكره من الضحايا ، رقم 2802، والنسائي في سننه ، كتاب الضحايا ، باب ما نهى عنه من الأضاحي ، رقم4369 ، وهذه قاعدة مفيدة ، فالشيء الذي ليس فيه نص لا تنع(1/32)
الناس منه ، فإن قال قائل : التصفيق شيء حادث ، ثم إن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة من التكبير أو التسبيح إذا رأوا ما يعجبهم ؟ الجواب: لا نرى فيه مخالفة ، ولكن ما كرهته فدعْه ، ولا تحرمه على غيرك ؛ فأنت لك الرخصة ألاَّ تفعل ، فإن قال قائل : أليس الله يقول في المشركين (وما كان صلاتهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- سورة الأنفال 35
2- سلسلة كتاب الدعوة، الفتاوى لفضيلة الشيخ : محمد بن عثيمين –رحمه الله- 3/164(1/33)
عند البيت إلا مكاء وتصدية ) ، والمكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ؟ قلنا : بلى قال الله هذا، لكن هؤلاء المشركين جعلوا هذا عبادة ، يتعبدون لله بذلك ، وهذا الذي أعجب بالشيء لم يجعل ذلك عبادة ؛ كما أن المرأة تنبه بالتصفيق وهو مما يفعله المشركون عند المسجد الحرام تعبداً لله عز وجل (1) ، وسئل أيضا : ما حكم التصفيق والتصفير, وأي نوع من التصفير محرم , وما دليل التحريم ؟ الجواب : الآن لو أنك قمت تصفق وتصفر ماذا سنقول: هذا مجنون أم عاقل ؟ فما هو سبب التصفيق والتصفير؟ السائل : ما يحدث في المباريات ونحوها ؟ الشيخ : قل مثلا التصفيق للإنسان الذي تميز عن غيره في النجاح ، أو أجاب جواباً صواباً ، أو ما أشبه ذلك ، فأنا لا أرى فيه بأساً ، أما التصفير فأكرهه كراهة ذاتية ، ولا أستطيع أن أقول : إنه مكروه كراهة شرعاً , لأنه ما عندي دليل ، السائل : التصفيق ؟ ، الشيخ: ما فيه شيء ، وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام ( إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال وتصفق النساء ) ، فهذا في الصلاة ؛ وأما قوله تعالى ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، والمكاء : التصفير ، والتصدية : التصفيق , فهذا كانوا قريش عند المسجد الحرام يتعبدون الله بذلك , بدل أن يركع ويسجد يصفق ويصفر، أما إنسان رأى شخصاً تقدم و تفوق على غيره وأراد أن يشجعه وصفق فلا أرى في هذا بأساً 0 السائل : والآية فيها دليل ؟ ، ما فيها دليل ، سمعت : يتخذونها عبادة ، (2) ، وقال الشيخ الدكتور عبد العزيز الفوزان : النوع الثالث : وهو موضوعنا التصفيق المباح ، الذي منع بإطلاق حتى في حال التشجيع المحمود ، مثل حالنا اليوم نشجع سعادة الأستاذ الدكتور على القصيدة ، ونشجع الأستاذ بدر الحسين على قصيدته الرائعة ، أو ما رأيتم في هذا الإنجاز الرائع لإخواننا في موقع سند ، وهذا لا بأس به , صحيح أن السنة والأفضل أن نشجع الناس(1/34)
بالتسبيح والتكبير، أو قول ما شاء الله ، هذا الذي جاءت به السنة , النبي عليه الصلاة السلام إذا أعجبه شيء يسبح أو يكبر، لكن أن نقول التصفيق حرام هذا يحتاج إلى دليل يا إخواني ، والأصل هو الحل والإباحة ، وأظن هذا سيكون مفيداً لإخواننا القائمين على هذه المدارس (3) ، وقال الشيخ القرضاوي : بقي الأمران : الثاني والثالث فيما ذكرناه من مقاصد التصفيق ، وهو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لقاء الباب المفتوح شريط 119
2- المصدر: كتاب فتح ذي الجلال و الإكرام بشرح بلوغ المرام 2/ 384 – 385 - نشر دار مدار الوطن، الرياض ، الطبعة الأولى ، عام 1426هـ
3- موقع رسالة الإسلام
http://www.islammessage.com/articles.aspx?cid=1&acid=132&aid=8311(1/35)
التصفيق للهو والطرب أو التصفيق لإبداء الإعجاب والاستحسان ، ما الحكم الشرعي فيهما ؟ وماذا يقول الفقه المعاصر عنهما ، الحق أني لا أجد في نصوص الشرع المحكمات من القرآن والسنة ، ما يدل على تحريم أحدهما أو المنع منه ، ربما استدل بعضهم بآية سورة الأنفال ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) ولكن هذا الاستدلال في غير محله ، لأن هذا فيمن يتعبد بالتصفيق ، ولا يوجد هنا مظنة تعبد ، وربما استدل آخرون بقوله صلى الله عليه وسلم ( إنما التصفيق للنساء ) وقد منع الرجال من التشبه بهن ، ولعن الرسول صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء ، ومن المعلوم : أن الحديث إنما جاء في شأن التصفيق في الصلاة ، فلا دلالة فيه على منع الرجال منه خارج الصلاة ، وهذا ما ذكره العلامة ابن حجر الهيتمي ، وذكر أيضا أن التشبه بهن إنما يحرم فيما يختص به النساء ، وهذا ليس كذلك ، قال : وجريت في شرح الإرشاد على كراهة هذا 0000 والأصح فيه: الحلُّ ، بقي أن يقال: إن الاستحسان بالتصفيق عادة غير إسلامية ، إنما هي تقليد غربي نقله من نقله عنهم ، ونحن منهيون أن نتشبه بغير المسلمين ، والجواب: إننا منهيون أن نتشبه بهم فيما هو من خصائص دينهم وما يتعبدون به ، أما ما كان من شؤون الدنيا ، فلا مانع أن نقتبسه منهم ، إذا لم يشتمل على محظور شرعي ، أو مفسدة شرعية (1) ، وقال الدكتور خالد المصلح : التصفيق جائز عند التشجيع وشبهه ، والأحسن تركه ، فقد كرهه جماعة من أهل العلم ، وقال آخرون بتحريمه(2) 0
الثاني : الكراهة
سئل فضيلة الشيخ الدكتور ناصر العمر : ما حكم التصفيق والتصفير في المهرجانات الصيفية ونحوهما ؟(1/36)
الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: الذي يترجح من أقوال العلماء في ذلك هو القول بالكراهة للرجال ، فيكره للرجل أن يقوم بالتصفيق والتصفير، سواء كان في مناسبات عامة أو خاصة ، وهناك من العلماء من قال بتحريم هذا الفعل ؛ لقوله تعالى ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، أي صفيراً وتصفيقاً ، فهو من أعمال الجاهلية ، وقال آخرون بتحريم هذا الفعل لما فيه من التشبه بالكفار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ( ومن تشبه بقوم فهو منهم ) ، أخرجه أبو داود بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، والله أعلم (3) 0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ القرضاوي
http://www.qaradawi.net/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=4636&version=1&template_id=258&parent_id=1
2- http://forum.brg8.com/t81845.html
2- موقع الشيخ http://www.almosleh.com/almosleh/article_1255.shtml
3- موقع المسلم http://almoslim.net/node/53687
الثالث : المنع(1/37)
يقول الشيخ بكر أبو زيد : لا يُشرع التصفيق في شيء من أمور الدين إلا في موضع واحد للحاجة : وهو للمرأة داخل الصلاة إذا عرض عارض كسهو الإمام في صلاته ، فإنه يستحب لمن اقتدى به تنبيهه : فالرجل ينبه الإمام بالتسبيح ، والمرأة تنبه الإمام بالتصفيق ؛ وهذا لثبوت السنة به عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ) ، ثم في أثناء القرن الرابع عشر تسلل إلى المسلمين في اجتماعاتهم واحتفالاتهم ، التصفيق عند التعجب ؛ تشبهاً بما لدى المشركين من التصفيق للتشجيع ، والتعجب ، وإذا كان التصفيق في حالة التعبد : بدعة ضلالة ، كما تقدم ، فإن اتخاذه عادة في المحافل ، الاجتماعات ؛ للتشجيع ، والتعجب ، تشبه منكر ، ومعصية يجب أن تُنكر ، وذلك لما يلي : معلوم أن هدى النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب ، هو الثناء على الله تعالى وذكره بالتكبير ، والتسبيح ، والتهليل ، ونحوها ، والأحاديث في هذا كثيرة شهيرة في كتاب السنة ، ترجم لبعضها الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه فقال : "باب التكبير والتسبيح عند التعجب " ، وأدخلها العلماء في كتب الأذكار منهم النووي رحمه الله تعالى في : "كتاب الأذكار" فقال : "باب جواز التعجب بلفظ التسبيح والتهليل ونحوها" ، وعلى هذا الهدي المبارك درج سَلَفُ هذه الأمة من الصحابة رضي الله عنهم فمن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا والحمد لله ، وفي هذا استمرار حال المسلم بتعظيم الله ، وتمرين لسانه على ذكر الله تعالى ، إذا عُلِمَ ذلك ، فإنه لا نعلم من المرويات عن المقتدى بهم من أئمة الهدى ، التَّصْفِيْقَ في مثل هذه الحال ، فضلاً عن ورود شيء من ذلك في السنة ، وعليه ، فإن التصفيق في احتفالات المدارس ، وغيرها : إن وقع على وجه التعبد ، فهو بدعة محرمة شرعاً ، لأن التصفيق لم يتعبدنا الله به ، وهو نظير ما ابتدعه بعض(1/38)
المتصوفة من التصفيق حال الذكر والدعاء ، كما تقدم ، وإن وقع التصفيق المذكور على وجه العادة ، فهو منكر محرم ؛ لأنه تشبه بالكفار ، ولا نعرف دخول هذه العادة في تاريخ المسلمين إلا في أثناء القرن الرابع عشر ، حين تَفَشَّى في المسلمين كثير من عادات الكافرين والتشبه بهم ، قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى : "والتصفيق منكر ، يطرب ، ويُخرج عن الاعتدال ، وتنزه عن مثله العقلاء ، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت من : "التصدية" وهي التي ذمهم الله عز وجل بها فقال (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، فالمكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ، ثم قال : وفيه أيضاً تشبه بالنساء ، والعاقل يأنف من أن يخرج من الوقار ، إلى أفعال الكفار والنسوة (1) ، وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله : يقام في المدرسة حفل مسرحي يتضمن فقرات ما بين مشاهد وتمثيليات وأناشيد وغير ذلك، فنرى بعض الطلاب يلجأ إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تصحيح الدعاء ص 86 - 89 ، نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/105450(1/39)
التصفيق والتصفير إذا أعجبه ذلك، فهل التصفيق والتصفير من عادات الجاهلية ؟ وما حكمها في الإسلام؟ فأجاب: قد عاب الله أهل الجاهلية بقوله تعالى ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) فالمكاء الصفير، والتصدية التصفيق، وهو ضرب اليدين إحداهما بالأخرى حتى يظهر لذلك صدى يسمع من بعيد؛ فعلى هذا نرى عدم جواز التصفيق ونحوه، سواء للإعجاب من مشهد أو لإصابة الممثل أو لغير ذلك، ويمكن استبدال التصفيق بالتكبير والتسبيح الذي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعله عند التعجب أو الإنكار ؛ وذلك لأنه دال على تعظيم الرب -تعالى- واستحضار هيبته وكبريائه وأنه أكبر من كل شيء، بخلاف التصفيق فإنه يستعمل للنساء في الصلاة لنهي المرأة عن رفع صوتها عند الرجال، فإن كان الحفل المسرحي خاصًّا بالطالبات جاز لهن التصفيق مع اختيار التكبير إن لم يكن هناك رجال يسمعونهن (1) ، وسئل الشيخ عايض القرني : ما حكم التصفيق في بعض المدارس للرجال وللنساء ؟ فأجاب : ليس بوارد وليس بجائز، وليس من السنة ، والتصفيق لم يأتِ إلا في مورد الذم ، قال سبحانه ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، قيل : صفيق وصفير، والتصفيق أتى من الغزو الاستعماري والغزو الفكري على بلاد الإسلام ، ولم يأتِ من بلاد الإسلام أبداً ، فليُعْلَم ذلك ، والمسلمون إذا أعجبوا بشيء يكبرون : الله أكبر، فهذا هدينا ، فإن أجاب الطالب أو أجابت الطالبة فنقول : الله أكبر، قال ابن مسعود ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أما ترضون أن تكونوا نصف أهل الجنة ؟ فقلنا : الله أكبر ) ، وقتل علي عمرو بن وُد في الأحزاب فقال الصحابة وقد انجلى الغبار: الله أكبر، هذا تكبيرنا ، أما التصفيق فليس من الإسلام وهو أقرب إلى آراء أهل الجاهلية ومذاهبهم الجاهلية فليُعْلَم ذلك 0 (2) ، وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم(1/40)
التصفيق للرجال في المناسبات والاحتفالات ؟ فأجاب : التصفيق في الحفلات من أعمال الجاهلية وأقل ما يقال فيه الكراهة ، والأظهر في الدليل تحريمه لأن المسلمين منهيون عن التشبه بالكفرة وقد قال الله سبحانه في وصف الكفار من أهل مكة ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، قال العلماء المكاء الصفير والتصدية التصفيق والسنة للمؤمن إذا رأى أو سمع ما يعجبه أو ما ينكره أن يقول : سبحان الله أو يقول : الله أكبر كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة 0 راجع مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الرابع (3) ، وسئلت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ
http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=6&book=2&toc=137&page=131
2- موقع ملتقى أهل الحديث
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=117289
3- موقع الشيخ http://www.binbaz.org.sa/mat/54
اللجنة الدائمة عن التصفيق من الرجال لمداعبة الأطفال أو تصفيق الأطفال لتشجيع زميلهم فأجابت : لا ينبغي هذا التصفيق ، وأقل أحواله الكراهة الشديدة لكونه من خصال الجاهليّة ، ولأنه أيضاً من خصائص النساء للتنبيه في الصلاة عند السهو وبالله التوفيق (1)
التصفير للتنبيه
اختلفت آراء الفقهاء في ذلك وبيانها كالتالي :
الأول : المنع(1/41)
أصحاب هذا الرأي يرون أن التصفير لأجل التنبيه مذموم ولا يليق بالمسلم ، كما لا يليق بأهل المروءة ، وأنه ينافي الأخلاق الفاضلة ، والمفترض أن ينادى الإنسان بأحب الأسماء إليه لا أن ينبه بالتصفير ، ففي موقع الإسلام ويب الفتوى التالية : الصفير للتنبيه مكروه وخلق ذميم ، والسؤال :أريد معرفة حكم الصفير من أجل المناداة على شخص ؟ والجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإنه يتعين على المسلم أن يخالق إخوانه بالأخلاق والآداب الفاضلة ، وأن ينادي زميله بأحب أسمائه إليه ، وأما الصفير للتنبيه لمن ليس بينك وبينه صلة ومودة فقد كرهه بعض أهل العلم ، وأما من لم يكن كذلك فإنه يتعين عليك خطابه بأحسن الخطاب ، لئلا يظن أنك تحتقره ، فإن الشيطان حريص على إيقاع العداوة بين الناس كما قال تعالى ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ) ( المائدة من الآية91) ، فعلينا أن نبتعد عما يوقعنا في ذلك والله أعلم 0(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- فتاوى إسلامية 4 / 332-333 ، ومجلة البحوث الإسلامية العدد الحادي والعشرون الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1408هـ - فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?lang=ar&view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=2972&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=exact&bookID=&LeftVal=0&RightVal=0&simple=&SearchCriteria=allwords&PagePath=&siteSection=1&searchkeyword=التصفيق#firstKeyWordFound
2- موقع إسلام ويب
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=43713&Option=FatwaId(1/42)
موقع إجابة http://www.ejabh.com/arabic_article_52059.html
الثاني : الجواز أو الكراهة
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أما التصفير فأكرهه كراهة ذاتية ، ولا أستطيع أن أقول : إنه مكروه كراهة شرعاً ؛ لأنه ليس عندي دليل (1) ، ومثله الشيخ الدكتور ناصر العمر حيث قال : الذي يترجح من أقوال العلماء في ذلك هو القول بالكراهة للرجال ، فيكره للرجل أن يقوم بالتصفيق والتصفير، سواء كان في مناسبات عامة أو خاصة (2) 0 ويندرج هذا على التنبيه والإعجاب وجميع استعمالات التصفير خارج الصلاة والله أعلم 0
الحكم الشرعي في التصفيق والتصفير
أولا : الحكم الشرعي في التصفيق
اختلف العلماء في المسألة على ثلاثة أقوال هي: ( الجواز – التحريم – الكراهة )
القول الأول : الجواز :
1- د : أحمد بن عبد الكريم نجيب
السؤال : ما حكم التصفيق للرجال ؟ و هل هو من قبيل التشبه بالكفار ؟(1/43)
الجواب : أقول مستعيناً بالله تعالى : إن كلَّ مَن حَكم على التصفيق بالكراهة أو التحريم ، عدَّه مِن التشبه بالنساء اللائي أُمرنَ بالتصفيق إن نابهنَّ شيءٌ في الصلاة ، أو مِن التشبه بالمشركين في صلاتهم عند البيت الحرام .فمن عدَّه تشبهاً بالنساء أثبت كونه من فعل النساء بالسنة ، و استدل على النهي عنه كراهةً أو تحريماً بما جاء في السنة أيضاً من تحريم التشبه بالنساء و لعن فاعليه .أما كونه من فعل النساء فدليله ما ثبت في الصحيح و غيره عن سهل بن سعد الساعدي ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم ، فحانت الصلاة ، فجاء المؤذن إلى أبي بكر ، فقال : أتصلي للناس فأقيم ؟ قال : نعم ، فصلى أبو بكر ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و الناس في الصلاة ، فتخلص حتى وقف في الصف ، فصفَّق الناس ، و كان أبو بكر لا يلتفت في صلاته ، فلما أكثر الناس التصفيق الْتَفَتَ ، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أمكث مكانك ، فرفع أبو بكر - رضي الله عنه - يديه ، فحمد الله على ما أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك ، ثم استأ خر أبو بكر حتى استوى في الصف ، و تقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ، فلما انصرف قال : ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ ؟ ) ، فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ التَّصْفِيقَ ؟ مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ ، و إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ ) ، و ظاهر هذا الحديث قَصرُ التصفيق على النساء ، لاستهلاله بأداة(1/44)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الباب المفتوح الشريط 119 ، راجع موقع الإسلام سؤال وجواب
http://islamqa.com/ar/ref/ 115403
2-- موقع المسلم http://almoslim.net/node/53687
الحصر ( إنَّما ) فيكون معناه : لا تصفيق إلا للنساء .(1/45)
قال الشوكاني [ في نيل الأوطار ] : ( قوله : إنما التصفيق للنساء : يدل على منع الرجال منه مطلقاً ) ، غير أنَّ ظاهر الحديث لا دليل فيه على أن نهي الرجال عن التصفيق يسوي في الحكم بين كونه داخل الصلاة أو خارجها ، و إن كان ذلك محتملاً ، و القاعدة تقول : إذا وقع الاحتمال بطل الاستدلال ، بل الظاهر أن الترخيص في التصفيق للنساء مقتصر على كونهن في الصلاة إذا نابهن فيها شيء ، أما خارج الصلاة فهن و الرجال في الحكم سواء ، و النهي عن التصفيق خارجها يحتاج إلى دليل خاص ، و الله أعلم ، أما مَن عدَّ التصفيق تشبهاً بالمشركين في صلاتهم عند البيت العتيق فقد استند في حكمه إلى قوله تعالى { وَ مَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً و َتَصْدِيَةً} [ الأنفال : 35 ] ، و المشهور عند أهل التفسير أن المراد بالمكاء هو التصفير ، و المراد بالتصدية هو التصفيق ، و أصله في اللغة كما قال الإمام الطبري في تفسيره من مَكَا يَمْكُو مَكْوًا وَمُكَاء , وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ الْمَكْو : أَنْ يَجْمَع الرَّجُل يَدَيْهِ ثُمَّ يُدْخِلهُمَا فِي فِيهِ ثُمَّ يَصِيح ، و هذا هو الصفير ، وَأَمَّا التَّصْدِيَة فَإِنَّهَا التَّصْفِيق ، يُقَال مِنْهُ : صَدَّى يُصَدِّي تَصْدِيَة ، وَصَفَّقَ وَصَفَّحَ بِمَعْنىً وَاحِد ، غير أن في النفس شيءٌ من اعتبار مطلق التصفيق تشبهاً بما يفعله المشركون أو كانوا يفعلونه في صلاتهم عند البيت ، لأن التشبه لا بد فيه من النية ، و في الواقع صور من التصفيق تقع من أناسٍ لا عِلمَ لهم أصلاً بأن أهل الجاهلية كانوا يصفقون عند البيت ، فكيف ننسبهم إلى التشبه بالمشركين مع أن ذلك لم يدُر في خَلَدهم قط ، و عليه فلا بد في هذا المقام من تقرير أن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره ، و حيث إنَّ صُوَرُ التصفيق تختلف باختلاف نية المصفقين و حالهم ، فإن حكمه يختلف من حال إلى حال ، بحسب التفصيل التالي :(1/46)
أولاً : اتخاذ التصفيق عبادة في ذاته ، أو التصفيق أثناء عبادة مشروعة الأصل ، حرامٌ مطلقاً ، لما فيه من التشبه بالكفار في عبادتهم من جهة ، و لأنه بدعة محدثة من جهة أخرى . و كثيراً ما يقع التصفيق في مجالس الذكر البدعية على نحو ما يفعله غلاة الصوفية ، و قد ذمَّ العلماء هذا النوع من التصفيق ، و شنعوا على فاعله ، و بالغوا في إنكاره ، سواء كان بباطن الأكف ، أو بظاهرها ، أو بباطنٍ على ظاهرٍ ، أو العكس ، قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام رحمه الله : ( و من هاب الإله و أدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص و لا تصفيق ، و لا يصدر التصفيق و الرقص إلا من غبي جاهل ، و لا يصدران من عاقل فاضل ، و يدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب و لا سنة ، و لم يفعل ذلك أحد الأنبياء و لا معتبر من أتباع الأنبياء ، و إنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء ، و قد قال تعالى : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل : 89] } و قد مضى السلف و أفاضل الخلف و لم يلابسوا شيئا من ذلك ، و من فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه و ليس بقربة إلى ربه ، فإن كان ممن يقتدى به و يعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة فبئس ما صنع لإيهامه أن هذا من الطاعات ، و إنما هو من أقبح الرعونات ) 0[ قواعد الأحكام : 2/220 و ما بعدها ] 0
ثانياً : تصفيق المرء ابتهاجاً بأمر مباح أو مستحسنٍ ـ عقلاً أو نقلاً ـ بَلَغَهُ ، أو رآه ، أو سمعه ، أو تشجيعاً لمن صدر منه ، فهذا أمر لم يقم الدليل على تحريمه ، و لكن الواجب أن يزم بزمام الشريعة ، فلا يسوغ إلا إذا انتظمت فيه ثلاثة شروط :(1/47)
أولها : أن لا يعتقد فاعله أنه مما يستحب شرعاً ، لأن الاستحباب الشرعي توقيفي لا يقال به إلا بدليل 0
ثانيها : أن لا يضاهي بفعله سنةً كالتكبير أو التسبيح عند استحسان الأمور ، أو نحو ذلك ، لأن مضاهاة المشروع من أمارات البدع المنكرة 0
ثالثها : أن لا يراد بفعله مجاراة الكافرين أو التشبه بهم على سبيل استحسان ما هم عليه أو تفضيله على ما هو معروف عند أهل الإسلام في مثل محله 0
فائدة : تكلم بعض أهل العلم في صِيَغ التصفيق ، ففرَّق بين ما كان عبارةً عن ضَرب باطن الكفين ببعضهما ، و بين ما كان عبارةً عن ضرب باطن كفٍّ بظهر الأُخرى ، قال الإمام النووي في المجموع [1 / 196]( ويسنّ لمن نابه شيءٌ في صلاته كتنبيه إمامه لنحو سهوٍ ، و إذنه لداخل استأذن في الدخول عليه ، و إنذاره أعمى مخافة أن يقع في محذورٍ ، أو نحو ذلك ؛ كغافلٍ و غير مُمَيِّز ، و مَن قَصَدَه ظالمٌ أو نحوُ سَبُعٍ ؛ أن يسبح و تصفق المرأة ، و مِثْلها الخنثىِ ، بضرب بطن اليمين على ظهر اليسار ، أو عكسهِ ، أو بضرب ظهر اليمين على بطن اليسارِ ، أو عكسهِ ، و أما الضرب ببطن إحداهما على بطن الأخرى ؛ فقال الرافعي : لا ينبغي فإنه لعبٌ ، و لو فَعَلَتْه على وجه اللعب عالمةً بالتحريم بطلت صلاتها و إن كان قليلاً ؛ فإن اللعب ينافي الصلاة)(1/48)
قلتُ : و لا أعرف دليلاً على هذا التفريق في صفة التصفيق إلا أن يكون خروجاً مِنْ ذَمِّهِ عند من عدَّه لعباً ، و ذلك بالردِّ إلى لغة العرب ، حيث ذهب بعضهم ( القول الأول ) إلى أنَّ ضربَ باطِنِ الكفٍّ بظهر الأخرى يسمَّى تصفيحاً لا تصفيقاً ، فلا يُذمُّ فاعِلُه ، و قد رأيت من المتصوفة في حلب من يفعله و يعدُّه تصفيحاً لا تصفيقاً في مجالس الذكر ، أو حينما يَطرَبُ لنشيدٍ و قصيدٍ و نحوه ، و لهم رواية ( إنما التصفيح للنساء ) في الصحيحين و غيرهما ، بدَل رواية ( التصفيق للنساء ) المتقدمة ، و عند أبي داود ( بإسناد قال عنه الشيخ الألباني : صحيح مقطوع ) : عن عيسى بن أيوب قال : قوله : التصفيح للنساء تضربُ بإصبعين من يمينها على كفها اليسرى ، قال الإمام النووي [ في شرح صحيح مسلم : 4 / 146 ] : ( السنة لمن نابه شيءٌ في صلاته ؛ كإعلام من يستأذن عليه ، و تنبيه الإمام و غير ذلك أن يسبح إن كان رجلاً ؛ فيقول : سبحان الله ، و أن تُصفِّق و هو التصْفيح إن كانتْ امرأةً ؛ فتضرب بطن كفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر ، و لا تضرب بطن كفٍّ على بطن كفٍّ على وجه اللعب و اللهو ، فإن فعلت هكذا على جهة اللعب بطلت صلاتها لمنافاته الصلاة ) ، و قال الإمام الشوكاني رحمه الله [ في نيل الأوطار ] ( قوله فإنما التصفيق للنساء : هو بالقاف ، و في رواية لأبي داود ( فإنما التصفيح ) ، قال زين الدين العراقي : و المشهور أن معناهما واحد ، قال عقبة : والتصفيح التصفيق ، و كذا قال أبو علي البغدادي ، والخطابي ، والجوهري ، قال ابن حزم : لا خلاف في أن التصفيح و التصفيق بمعنى واحد و هو الضرب بإحدى صفحتي اليدين على الأخرى ، قال العراقي : وما ادعاه من نفى الخلاف ليس بجيد بل فيه قولان آخران : إنهما مختلفا المعنى ؛ أحدهما : أن التصفيح الضرب بظاهر إحداهما على الأخرى ، و التصفيق الضرب بباطن إحداهما على الأخرى ، حكاه صاحب الإكمال ، و صاحب(1/49)
المُفهِم 0
القول الثاني :أن التصفيح الضرب بإصبَعَين للإنذار والتنبيه ، وبالقاف بالجميع للهو واللعب) هذا ، و الله أعلم و أحكم ، و ما توفيقي إلا بالله ،عليه توكلت و إليه أنيب (1) ، و قال الشيخ وليد كمال شكر : الفريق الأول المانعون :
1- قال ابن حجر: يكره التصفيق خارج الصلاة مطلقا، ولو بضرب بطن على بطن ، وبقصد اللعب ، ومع بعد إحدى اليدين عن الأخرى وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله عليه السلام : ( إنما التصفيق للنساء ) ( ولعن عليه السلام المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء ) ، ومن هاب الإله وأدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق ، ولا يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل، ولا يصدران من عاقل فاضل ، ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة ، ولم يفعل ذلك أحد الأنبياء ولا معتبر من أتباع الأنبياء ، وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء ، وقد قال تعالى ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ ) وقد مضى السلف وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك ، ومن فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه وليس بقربة إلى ربه ، فإن كان ممن يقتدى به ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة فبئس ما صنع لإيهامه أن هذا من الطاعات ، وإنما هو من أقبح الرعونات ( قواعد الأحكام ) ، قال الشافعي والأوزاعي وعبيد الله بن الحسن والحسن بن حي وجماعة من نابه من الرجال شيء في صلاته سبح ومن نابها من النساء شيء في صلاتها صفقت إن شاءت لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرق بين حكم النساء والرجال في ذلك فقال التصفيق للنساء ومن نابه شيء في صلاته يعني منكم أيها الرجال فليسبح واحتج بحديث أبي هريرة التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ففرق بين حكم الرجال والنساء وكذلك رواه جماعة في حديث سهل بن سعد هذا ، قال الأوزاعي : إذا نادته أمه وهو(1/50)
في الصلاة سبح فإن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء سنة ، قال بعضهم أنه لا يجوز للرجل التصفيق باليدين مطلقا لا في الصلاة ولا في غيرها لكونه جعل التصفيق للنساء لكنه محمول على حالة الصلاة بدليل تقييده بذلك في رواية المصنف ومسلم وغيرهما ، ومقتضى قاعدة من يأخذ بالمطلق وهم الحنابلة والظاهرية عدم جوازه مطلقا ومتى كان في تصفيق الرجل تشبه بالنساء فيدخل في الأحاديث الواردة في ذم المتشبهين من الرجال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع صيد الفوائد – صفحة الدكتور أحمد عبد الكريم نجيب
http://www.saaid.net/Doat/Najeeb/f127.htm
بالنساء ولكن ذلك إنما يأتي في ضرب بطن إحدى اليدين على بطن الأخرى ولا يأتي في مطلق التصفيق ، قال بن القيم رحمه الله : قوله في الحديث : وليصفق النساء دليل على أن قوله في حديث سهل بن سعد المتفق عليه التصفيق للنساء أنه إذن وإباحة لهن في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب لا أنه عيب وذم ، قال الشافعي حكم النساء التصفيق وكذا قاله أحمد ، وقال في إغاثة اللهفان ( والمقصود أن المصفقين و الصفارين في يراع أو مزمار ونحوه فيهم شبه من هؤلاء ولو أنه مجرد الشبه الظاهر فلهم قسط من الذم بحسب تشبههم بهم ، وإن لم يتشبهوا بهم في جميع مكائهم و تصديتهم ، والله سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في الصلاة إذا نابهم أمر بل أمروا بالعدول عنه إلى التسبيح لئلا يتشبهوا بالنساء فكيف إذا فعلوه لا لحاجة وقرنوا به أنواعا من المعاصي قولا وفعلا ) 0
2- سئل العلامة بن باز رحمه الله : ما حكم التصفيق للرجال في المناسبات والاحتفالات ؟(1/51)
فأجاب: التصفيق في الحفلات من أعمال الجاهلية وأقل ما يقال فيه الكراهة ، والأظهر في الدليل تحريمه لأن المسلمين منهيون عن التشبه بالكفرة وقد قال الله سبحانه في وصف الكفار من أهل مكة ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) قال العلماء المكاء الصفير والتصدية التصفيق والسنة للمؤمن إذا رأى أو سمع ما يعجبه أو ما ينكره أن يقول : سبحان الله أو يقول : الله أكبر كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ، ويشرع التصفيق للنساء خاصة إذا نابهن شيء في الصلاة أو كن مع الرجال فسهى الإمام في الصلاة فإنه يشرع لهن التنبيه بالتصفيق أما الرجال فينبهونه بالتسبيح كما صحت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا يعلم أن التصفيق من الرجال فيه تشبه بالكفرة وبالنساء وكلا ذلك منهي عنه (1)0
القول الثاني : الكراهة :
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :ما حكم التصفيق في الحفلات أرجو من فضيلة الشيخ إجابة ؟ فأجاب: التصفيق في الحفلات ليس من عادة السلف الصالح وإنما كانوا إذا أعجبهم شيء سبحوا أحيانا أو كبروا أحيانا لكنهم لا يكبرون تكبيرا جماعيا ولا يسبحون تسبيحا جماعيا بل كل واحد يكبر لنفسه أو يسبح لنفسه بدون أن يكون هناك رفع صوت بحيث يسمعه من بقربه فالأولى الكف عن هذا أي التصفيق ولكننا لا نقول بأنه حرام لأنه قد شاع بين المسلمين اليوم والناس لا يتخذونه عبادة ولهذا لا يصح الاستدلال علي تحريمه بقوله تعالي عن المشركين ( وما كانت صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) فإن المشركين يتخذون التصفيق عند البيت عبادة وهؤلاء الذين يصفقون عند سماع ما يعجبهم أو رؤية ما يعجبهم لا يريدون بذلك العبادة وخلاصة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1/52)
1- درء الأتراح فى بعض مسائل الأفراح منشور بالانترنت
القول أن ترك هذا التصفيق أولى وأحسن ولكنه ليس بحرام 0(1) ، وسئل الشيخ الدكتور ناصر بن سليمان العمر : ما حكم التصفيق والتصفير في المهرجانات الصيفية ونحوهما ؟
فأجاب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: الذي يترجح من أقوال العلماء في ذلك هو القول بالكراهة للرجال ، فيكره للرجل أن يقوم بالتصفيق والتصفير، سواء كان في مناسبات عامة أو خاصة ، وهناك من العلماء من قال بتحريم هذا الفعل ؛ لقوله تعالى ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، أي صفيراً وتصفيقاً ، فهو من أعمال الجاهلية ، وقال آخرون بتحريم هذا الفعل لما فيه من التشبه بالكفار؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - ( ومن تشبه بقوم فهو منهم ) ، أخرجه أبو داود بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - 0(2) ، وفي حاشية البجيرمي : ( والتصفيق مكروه كراهة تنزيه ) حاشية البجيرمي 4/434 ، وسئل عن قول الزركشي إن التصفيق باليد للرجال للهو حرام لما فيه من التشبه بالنساء هل هو مسلم أم لا، وهل الحرمة مقيدة بما إذا قصد التشبه أو يقال ما اختص به النساء يحرم على الرجال فعله ، وإن لم يقصد به التشبه بالنساء ، فأجاب : هو مسلم حيث كان للهو، وإن لم يقصد به التشبه بالنساء ، وسئل عن التصفيق خارج الصلاة لغير حاجة هل هو حرام أم لا؟ ، فأجاب إن قصد الرجل بذلك التشبه بالنساء حرم ، وإلا كره ( نهاية المحتاج 2/47) ، وقال ابن حجر: يكره التصفيق خارج الصلاة مطلقا ، ولو بضرب بطن على بطن ، وبقصد اللعب ، ومع بعد إحدى اليدين عن الأخرى ، وقال شيخنا الرملي : إنه حرام بقصد اللعب ، وكتصفيق فيما ذكر ضرب الصبي على بعضه ، أو بنحو قضيب أو ضرب خشب على مثله، حيث حصل به الطرب) حاشية قليوبي 1/216( ، وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله - صلى الله عليه وسلم - ( إنما التصفيق للنساء )(1/53)
(ولعن عليه السلام المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء ) ، ومن هاب الإله وأدرك شيئا من تعظيمه
لم يتصور منه رقص ولا تصفيق ، ولا يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل، ولا يصدران من عاقل فاضل، ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة ، ولم يفعل ذلك أحد الأنبياء ولا معتبر من أتباع الأنبياء ، وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء ، وقد قال تعالى { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } وقد مضىالسلف وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك ، ومن فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه وليس بقربة إلى ربه ، فإن كان ممن يقتدى به ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة فبئس ما صنع لإيهامه أن هذا من الطاعات ، وإنما هو من أقبح الرعونات ( قواعد الأحكام 2/220-221) قال في التمهيد : وفيه أن التصفيق لا يجوز في الصلاة لمن نابه شيء فيها ولكن يسبح وهذا ما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- فتاوى نور على الدرب ( الشيخ ابن عثيمين ) ( موقع الشيخ )
2- موقع المسلم http://almoslim.net/node/53687(1/54)
لا خلاف فيه للرجال وأما النساء فإن العلماء اختلفوا في ذلك فذهب مالك وأصحابه إلى أن التسبيح للرجال والنساء جميعا لقوله - صلى الله عليه وسلم - من نابه شيء في صلاته فليسبح ) ولم يخص رجالا من نساء وتأولوا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إنما التصفيق للنساء ) أي إنما التصفيق من فعل النساء قال ذلك على جهة الذم ثم قال من نابه شيء في صلاته فليسبح وهذا على العموم للرجال والنساء هذه حجة من ذهب هذا المذهب ، وقال آخرون منهم الشافعي والأوزاعي وعبيد الله بن الحسن والحسن بن حي وجماعة من نابه من الرجال شيء في صلاته سبح ومن نابها من النساء شيء في صلاتها صفقت إن شاءت لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فرق بين حكم النساء والرجال في ذلك فقال التصفيق للنساء ومن نابه شيء في صلاته يعني منكم أيها الرجال فليسبح واحتج بحديث أبي هريرة التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ففرق بين حكم الرجال والنساء وكذلك رواه جماعة في حديث سهل بن سعد هذا قال الأوزاعي: إذا نادته أمه وهو في الصلاة سبح فإن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء سنة) التمهيد لابن عبد البر ( 21/106 قال في طرح التثريب ( الحادية عشرة ) أخذ منه بعضهم أنه لا يجوز للرجل التصفيق باليدين مطلقا لا في الصلاة ولا في غيرها لكونه جعل التصفيق للنساء لكنه محمول على حالة الصلاة بدليل تقييده بذلك في رواية المصنف ومسلم وغيرهما كما تقدم ، ومقتضى قاعدة من يأخذ بالمطلق وهم الحنابلة والظاهرية عدم جوازه مطلقا ومتى كان في تصفيق الرجل تشبه بالنساء فيدخل في الأحاديث الواردة في ذم المتشبهين من الرجال بالنساء ولكن ذلك إنما يأتي في ضرب بطن إحدى اليدين على بطن الأخرى ولا يأتي في مطلق التصفيق) (طرح التثريب 2/250 (قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله قوله في الحديث: وليصفق النساء دليل على أن قوله في حديث سهل بن سعد المتفق عليه التصفيق للنساء أنه إذن وإباحة لهن في التصفيق(1/55)
في الصلاة عند نائبة تنوب لا أنه عيب وذم ، قال الشافعي حكم النساء التصفيق وكذا قاله أحمد ، وذهب مالك إلى أن المرأة لا تصفق وأنها تسبح واحتج له الباجي وغيره بقوله - صلى الله عليه وسلم - من نابه شيء في صلاته فليسبح ، قالوا وهذا عام في الرجال ، قالوا: وقوله التصفيق للنساء هو على طريق الذم والعيب لهن كما يقال كفران العشير من فعل النساء وهذا باطل من ثلاثة أوجه:
أحدها : أن في نفس الحديث تقسيم التنبيه بين الرجال والنساء وإنما ساقه في معرض التقسيم وبيان اختصاص كل نوع بما يصلح له فالمرأة لما كان صوتها عورة منعت من التسبيح وجعل لها التصفيق والرجل لما خالفها في ذلك شرع له التسبيح0
الثاني : أن في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التسبيح للرجال والتصفيق للنساء فهذا التقسيم والتنويع صريح في أن حكم كل نوع ما خصه به وخرجه مسلم بهذا اللفظ وقال في آخره في الصلاة 0(1/56)
الثالث : أنه أمر به في قوله وليصفق النساء ولو كان قوله التصفيق للنساء على جهة الذم والعيب لم يأذن فيه ، والله أعلم ( تهذيب السنن6/155 ) ، ( قال في إغاثة اللهفان (والمقصود أن المصفقين و الصفارين في يراع أو مزمار ونحوه فيهم شبه من هؤلاء ولو أنه مجرد الشبه الظاهر فلهم قسط من الذم بحسب تشبههم بهم ، وإن لم يتشبهوا بهم في جميع مكائهم و تصديتهم ، والله سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في الصلاة إذا نابهم أمر بل أمروا بالعدول عنه إلى التسبيح لئلا يتشبهوا بالنساء فكيف إذا فعلوه لا لحاجة وقرنوا به أنواعا من المعاصي قولا وفعلا 0 ( إغاثة اللهفان 1/245 ) (1) ، وفي الإسلام ويب بإشراف الدكتور عبد الله الفقيه : ما حكم التصفير والتنغم به ؟ ، فأجاب : الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد نقل بعض أهل العلم كراهة التصفير منهم ابن مفلح -رحمه الله- في كتابه (الآداب الشرعية( وقد ذم الله عز وجل المشركين بقوله( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ( الأنفال:35 )قال القاضي ابن العربي رحمه الله: قيل المكاء: الصفير. والتصدية: التصفيق. فإنهم أقاموا الصفير والتصفيق مقام الدعاء والتسبيح ، فينبغي للمسلم اجتناب مثل هذا العمل. والله أعلم0(2) ، وسئل : هل التصفيق حرام إذا كان مصاحب الإنشاد بالدف في الفرح للنساء؟ ، فأجاب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد : فالتصفيق عموماً له حالتان :
الأولى : أن يكون داخل الصلاة لمن نابه شيء، وهذا منهي عنه للرجال مستحب للنساء، فقد روى البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ( من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء 0
الثانية : أن يكون خارج الصلاة.. والتصفيق خارج الصلاة على قسمين :(1/57)
الأول: أن يكون لحاجة، كالاستئذان والتنبيه وملاعبة النساء لأطفالهن أو تحسين النشيد ونحو ذلك فهذا جائز، قال في حاشية الجمل 1/432: وأفتى شيخنا الرملي بأنه لا يحرم حيث لم يقصد به اللعب0000 وإن احتيج إليه لتحسين صناعة من إنشاد ونحوه، ومنه ما تفعله النساء عند ملاعبة أولادهن0
والثاني: أن يكون لغير حاجة، وهذا منهي عنه فمن العلماء من حرمه ومنهم من كرهه، ودليل النهي قوله تعالى عن المشركين( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) ( الأنفال:35) قال المفسرون التصدية : التصفيق، وعليه، فلا بأس في ما ذكر في السؤال إذا خلا من محاذير شرعية أخرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ خالد المصلح
http://www.almosleh.com/almosleh/article_108.shtml
2- موقع الإسلام ويب إشراف د.عبد الله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=15111&Option=FatwaId(1/58)
والله أعلم0(1) ، وسئل : السلام عليكم هل صحيح أن التصفير (إصدار هواء من الفم ) باستخدام الأصابع أو بغيرها منهي عنه؟ وهل هو من أعمال قوم لوط ؟ ، فأجاب لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد : فإن التصفير مكروه نص على ذلك أهل العلم، وهو من العبث الذي لا ينبغي للمسلم أن يفعله، وهو من أعمال المشركين، فقد كانوا يطوفون بالبيت الحرام يصفرون ويصفقون، قال الله تعالى في ذمهم ( وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ) ، وقد ورد أيضاً أنه من أعمال قوم لوط والله أعلم (2) ، وسئل : هل الصفير حرام ؟ وهل الصفير ليلا ,والكلام في الحمام من أفعال الشياطين ؟ فأجاب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ، أما بعد: فالصفير والكلام أثناء قضاء الحاجة في الحمام لغير حاجة كلاهما مكروه ، وتشتد الكراهة إذا اجتمع الأمران ، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية : قال الشيخ عبد القادر رحمه الله: يكره التصفير والتصفيق.وقد ذم الله عز وجل المشركين بقوله ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً] ، قال القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله: قيل المكاء التصفير، والتصدية: التصفيق، روي عن ابن عباس وابن عمر والحسن ومجاهد وعطية وقتادة والسدي 000 وقال صاحب معالم القربة ويكره الكلام في الحمام.وقال النووي رحمه الله: كراهة الكلام على قضاء الحاجة متفق عليه... ويستوي في الكراهة جميع أنواع الكلام، ويستثنى مواضع الضرورة...(1/59)
وقد روى أبو داود وأحمد وحسنه النووي عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله تبارك وتعالى يمقت على ذلك ) (3) ، وسئل مفتي إرتريا إبراهيم المختار أحمد : ما حكم تصفيق الرجال في الحفلات العامة ؟ ، فأجاب: لا أعلم نصا صريحا في منعه، ورأيت في نهاية ابن الأثير في غريب الحديث أنه نهى عن التصفيق والتصفير كأنه أراد معنى قوله تعالى ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) كانوا يصفقون ويصفرون ليشغلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين في القراءة والصلاة ويجوز أنه أراد الصفق على وجه اللهو واللعب أهـ ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الإسلام ويب إشراف د.عبد الله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=22647&Option=FatwaId
2- موقع الإسلام ويب إشراف د.عبد الله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=54803&Option=FatwaId
3- موقع الإسلام ويب إشراف د.عبد الله الفقيه
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=47560&Option=FatwaId
هذا ما ذكره المذكور غير أني ما عثرت على الحديث باللفظ المشار إليه فإن وجد يكون نصا بالمنع في الموضوع ، وعندي تركه للرجال أولى ، وعلى الأخص علماء الدين ابتعادا عن الشبهات لما يأتي :
1- جاء في الحديث الصحيح التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، أخرجه الأئمة الستة في كتبهم كما ذكره المناوي في فيض القدير، فهذا الحديث وإن كان واردا في الصلاة فهو بعمومه يدل على أن التصفيق خاص بالنساء، وقد قال العلماء العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب 0(1/60)
2- النساء من عادتهن التصفيق في كل أمر مفرح، فكاد أن يكون ذلك من مختصاتهن وتشبه الرجال بالنساء ممنوع لحديث الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم ( لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء) 0 (1)
القول الثالث : التحريم :
سئل الشيخ ابن باز: سمعت أن التصفيق لا يجوز في الإسلام مثلا , التصفيق للأطفال إذا قاموا بتأدية أي عمل حلال ، هل يمكن أن توضح إذا كان هذا صحيح وهل هناك أي حديث يتعلق بذلك ؟ فأجاب : الحمد لله التصفيق في الحفلات من أعمال الجاهلية ، وأقل ما يُقال فيه الكراهة ، والأظهر في الدليل تحريمه ، لأن المسلمين منهيون عن التشبّه بالكفرة ، وقد قال الله سبحانه في وصف الكفار من أهل مكّة : ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) ، قال العلماء : المكاء الصفير ، والتصدية : التصفيق .والسنة للمؤمن إذا رأى أو سمع ما يعجبه أو ما ينكره أن يقول : سبحان الله أو يقول الله أكبر ، كما صح ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة .(1/61)
ويشرع التصفيق للنساء خاصة ، إذا نابهنّ شيء في الصلاة أو كنّ مع الرجال فسها الإمام في الصلاة فإنه يُشرع لهنّ التنبيه بالتصفيق ، أما الرجال فينبّهونه بالتسبيح كما صحّت بذلك السنّة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبهذا يُعلم أن التصفيق من الرجال فيه تشبّه بالكفرة والنساء وكل ذلك منهيّ عنه ، والله ولي التوفيق(2) ، وسئل الشيخ عبد العزيز الراجحي : ما حكم التصفيق للتشجيع كما يفعل في المدارس ؟ فأجاب : غير مشروع هذا، التصفيق فيه مشابهة للمشركين، قال الله تعالى ( وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ ) ، المشروع التكبير الله أكبر، إذا أعجبه شيء يقول : الله أكبر الله أكبر، والتسبيح ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( الله أكبر إنها السنن) رواه الترمذي : الفتن (2180) , وأحمد (5/218) وهكذا الصحابة لما قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة قال : فكبرنا قال : إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ
http://mukhtar.ca/contentN.php?type=viewarticle&id=100&category=fatawa_mukhtar
2- موقع الشيخ ابن باز http://www.binbaz.org.sa/mat/54(1/62)
فكبرنا ، قال: والذي نفسي بيده لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ، كبروا) رواه الترمذي : تفسير القرآن (3168) , وأحمد (4/432) ، المشروع إذا رأى الإنسان شيئًا يعجبه أن يكبر أو يسبح (1) ، وسئلت اللجنة الدائمة عن التصفيق من الرجال لمداعبة الأطفال أو تصفيق الأطفال لتشجيع زميلهم فأجابت:لا ينبغي هذا التصفيق ، وأقل أحواله الكراهة الشديدة لكونه من خصال الجاهليّة ، ولأنه أيضاً من خصائص النساء للتنبيه في الصلاة عند السهو(2) ، وفي موقع الإسلام سؤال وجواب:يمكن تشجيع الأطفال بتكبير إذا فعلوا ما يعجب الرائي والسامع أو بنداء مناسب أو برفع اليد ، أو رفع الصوت بكلمة ثناء مثل جيّد أو ممتاز وما شابه ذلك (3) وقال الشيخ بكر أبو زيد : لا يُشرع التصفيق في شيء من أمور الدين إلا في موضع واحد للحاجة : وهو للمرأة داخل الصلاة إذا عرض عارض كسهو الإمام في صلاته ، فإنه يستحب لمن اقتدى به تنبيهه : فالرجل ينبه الإمام بالتسبيح ، والمرأة تنبه الإمام بالتصفيق ؛ وهذا لثبوت السنة به عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ) ، ثم حدث في الأمة التعبد بالتصفيق لدى بعض المبتدعة عند قراءة الأذكار ، والأوراد ، والأحزاب ، وفي الموالد ، والمدائح في البيوت ، والمساجد ، وغيرها ، ويظهر أنه منذ القرن الرابع ، فإن الحافظ عبيد الله بن بطة المتوفي سنة 387 أنكر عليهم ذلك ، وقد تتابع إنكار العلماء عليهم ، وتهجينهم ، وتبديعهم ، فمن الذين لهم مقام صدق في ذلك الحافظ ابن الجوزي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وغيرهم ، قديماً ، وحديثاً ، مقررين بالإجماع : أن التعبد بالتصفيق : بدعة ضلالة ، وخروج على الشرع المطهر ، فيجب اجتناب التعبد به ويجب منعه ، ثم في أثناء القرن الرابع عشر تسلل إلى المسلمين في اجتماعاتهم واحتفالاتهم ، التصفيق عند(1/63)
التعجب ؛ تشبهاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع طريق الإسلام
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=14704
2- فتاوى إسلامية 4 / 332-333 ، ومجلة البحوث الإسلامية العدد الحادي والعشرون الإصدار : من ربيع الأول إلى جمادى الثانية لسنة 1408هـ - فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
http://www.alifta.com/Search/ResultDetails.aspx?lang=ar&view=result&fatwaNum=&FatwaNumID=&ID=2972&searchScope=2&SearchScopeLevels1=&SearchScopeLevels2=&highLight=1&SearchType=exact&bookID=&LeftVal=0&RightVal=0&simple=&SearchCriteria=allwords&PagePath=&siteSection=1&searchkeyword=التصفيق#firstKeyWordFound
3- الإسلام سؤال وجواب الشيخ محمد صالح المنجد(1/64)
بما لدى المشركين من التصفيق للتشجيع ، والتعجب ، وإذا كان التصفيق في حالة التعبد : بدعة ضلالة ، كما تقدم ، فإن اتخاذه عادة في المحافل ، الاجتماعات ؛ للتشجيع ، والتعجب ، تشبه منكر ، ومعصية يجب أن تُنكر ، وذلك لما يلي : معلوم أن هدى النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب ، هو الثناء على الله تعالى وذكره بالتكبير ، والتسبيح ، والتهليل ، ونحوها ، والأحاديث في هذا كثيرة شهيرة في كتاب السنة ، ترجم لبعضها الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه فقال : باب التكبير والتسبيح عند التعجب ، وأدخلها العلماء في كتب الأذكار منهم النووي رحمه الله تعالى في : كتاب الأذكار فقال : باب جواز التعجب بلفظ التسبيح والتهليل ونحوها ، وعلى هذا الهدي المبارك درج سَلَفُ هذه الأمة من الصحابة رضي الله عنهم فمن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا والحمد لله ، وفي هذا استمرار حال المسلم بتعظيم الله ، وتمرين لسانه على ذكر الله تعالى ، إذا عُلِمَ ذلك ، فإنه لا نعلم من المرويات عن المقتدى بهم من أئمة الهدى ، التَّصْفِيْقَ في مثل هذه الحال ، فضلاً عن ورود شيء من ذلك في السنة ، وعليه ، فإن التصفيق في احتفالات المدارس ، وغيرها : إن وقع على وجه التعبد ، فهو بدعة محرمة شرعاً ، لأن التصفيق لم يتعبدنا الله به ، وهو نظير ما ابتدعه بعض المتصوفة من التصفيق حال الذكر والدعاء ، كما تقدم ، وإن وقع التصفيق المذكور على وجه العادة ، فهو منكر محرم ؛ لأنه تشبه (بالكفار) ، ولا نعرف دخول هذه العادة في تاريخ المسلمين إلا في أثناء القرن الرابع عشر ، حين تَفَشَّى في المسلمين كثير من عادات الكافرين والتشبه بهم ، قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى : والتصفيق منكر ، يطرب ، ويُخرج عن الاعتدال ، وتنزه عن مثله العقلاء ، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت من : التصدية وهي التي ذمهم الله عز وجل بها فقال ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ(1/65)
الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) الأنفال 35 ، فالمكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ، ثم قال : وفيه أيضاً تشبه بالنساء ، والعاقل يأنف من أن يخرج من الوقار ، إلى أفعال الكفار والنسوة 0 انتهى ، فعلى العبد المسلم أن يتقي الله فيما يأتي ويذر ، وأن يتثبت فيما ينسبه إلى الشرع المطهر 0انتهى (1)
ثانيا : الحكم الشرعي في التصفير
اختلف أهل العلم في حكم التصفير أو الصفير على ثلاثة أقوال هي :
القول الأول : المنع والتحريم
واستدلوا عليه بأن التصفير هو من خصال الجاهلية ، وقد ذم الله في القرآن الكريم كفار قريش على هذا الفعل ، فقال سبحانه : ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ) الأنفال/35 ، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (26/390) : الصفير لا يجوز ، ويسمى في اللغة : ( المكاء ) ، وهو من خصال الجاهلية ، ومن مساوئ الأخلاق ، ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصحيح الدعاء ص 86 - 89 ، نقلا عن موقع الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/105450(1/66)
انتهى ، وقال الشيخ ناصر الفهد : أنه قد ذكر أن التصفيق والصفير من فعل قوم لوط :فقد روى ابن عساكر بسنده في ( تاريخه50/321) عن أبي أمامة الباهلي قال : كان في قوم لوط عشر خصال يعرفون بها –وذكر منها والمكاء ، وروى بسنده أيضا (50/321) عن علي قال : ست من أخلاق قوم لوط في هذه الأمة- وذكر منها الصفير ، وروى بسنده (50/322) عن قتادة عن الحسن مرفوعا : عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا وتزيدها أمتي بخلة وذكر منها والصفير والتصفيق ، وهذه النصوص تدل على المنع من هذه العادة سواء صحت أو لا : فإنها إن كانت صحيحة فأمرها ظاهر في أنه لا يجوز التشبه بهم فيها خصوصا وقد ذكرت من صفاتهم المذمومة التي بها أهلكوا ، وإن كانت ضعيفة فإنها تدل على أن السلف كانوا ينكرون مثل هذه الصفات ويتحدثون بإنكارها بينهم وهم مقرون بذمها لا ينازعون فيه ، والعجيب أن التصفيق مقترن بالصفير دائما ، فإن الذين نقلوا أنها عادة قوم لوط ذكروا مع التصفيق الصفير كما سبق في قوم لوط هنا ، وفي الآية السابقة ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) يعني تصفيقا وتصفيرا ، وهي عادة الكفار الآن فإنهم يخلطون تصفيقهم بالصفير، وانتقلت إلى المسلمين منهم على هذه الهيئة فغالبا لا تسمع تصفيقا إلا معه الصفير، والله المستعان (1)
القول الثاني : الكراهة(1/67)
ووجهه أن الدليل السابق لا يقوى على القول بالتحريم ، لكن مشابهة الكفار في عمل من أعمالهم من غير حاجة مذموم في الشريعة ، فكان القول بالكراهة ، يقول ابن مفلح رحمه الله : قال الشيخ عبد القادر رحمه الله : يكره الصفير والتصفيق " انتهى ، الآداب الشرعية (3/375) ، وقال الشيخ ابن عثيمين : السائل : التصفير يا شيخ أي نوع من التصفير؟ مثل صفارة الحكم في المباريات ؟ ، أما التصفير فأنا أكرهه كراهة ذاتية , وليس عندي دليل , ولو أن شخصاً طالبني بالدليل ، فلا أستطيع أن أقول : عندي دليل (2) ، وسئل الشيخ خالد المشيقح : ما حكم الصفير بالفم ؟ وهل يدخل في
قوله ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) ؟ ، فأجاب : فالصفير موضع خلاف بين العلماء – رحمهم الله تعالى- فمن العلماء من كره الصفير واستدل كما ذكر السائل بالآية بقول الله عز وجل ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) ، فقالوا: بأن هذه الآية دليل على النهي عن التصفير والتصفيق ، وذهب بعض العلماء إلى أن هذا جائز بناء على أنه من قبيل العادات ، وإذا كان كذلك فإنه جائز ، وخرّجوا الآية على أنها في حال العبادة فقط ، والأقرب أن الإنسان لا يصفر، فإنه ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) ، قال : كانت قريش تطوف في البيت عراة تصفر وتصفق ، والمكاء :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لقاء الباب المفتوح شريط 119
2- التحقيق في مسألة التصفيق – كتاب الكتروني(1/68)
التصفير، والتصدية : التصفيق ، وكذلك أيضاً ورد ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما ومجاهد ومحمد بن كعب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، والضحاك وقتادة في جمع من السلف ، فابن عمر رضي الله عنهما كما ذكر ابن جرير قال : المكاء الصفير، والتصدية : التصفيق ، وذكر ابن عمر رضي الله عنهما أنهم كانوا يضعون خدودهم على الأرض ويصفقون ويصفرون ، وكذلك كما أسلفت ورد عن مجاهد ومحمد بن كعب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن 00إلخ ، فالأقرب لذلك أن الإنسان لا يصفر (1)
القول الثالث : الجواز(1/69)
واستدل أصحاب هذا القول بعدم ورود نص يدل على التحريم أو الكراهة ، قالوا : والأصل في العادات الإباحة ، أما الآية السابقة فهي تنعى على كفار قريش تعبدهم لله تعالى بهذه الأعمال الهوجاء : التصفيق والتصفير ، فقد كانوا يتخذون ذلك عبادة وشعيرة يتقربون إلى الله بها ، وهذا أمر زائد على التصفير المجرد من نية العبادة ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : كان المشركون يجتمعون في المسجد الحرام يصفقون ويصوتون ، يتخذون ذلك عبادة وصلاة ، فذمهم الله على ذلك ، وجعل ذلك من الباطل الذي نهى عنه 0 انتهى مجموع الفتاوى (3/427) ، يقول أبو بكر الجصاص رحمه الله : سمي ( المكاء ) و ( التصدية ) صلاة ؛ لأنهم كانوا يقيمون الصفير والتصفيق مقام الدعاء والتسبيح . وقيل : إنهم كانوا يفعلون ذلك في صلاتهم 0 انتهى أحكام القرآن (3/76) ، فإذا لم يفعل ذلك على وجه العبادة لم يبق وجه للمنع أو التحريم ، خاصة إذا قامت الحاجة لإصدار صوت الصفير ، وهي حاجات كثيرة اليوم ، فقد أصبحت الصافرة تستعمل اليوم لدى شرطة المرور ، كما أصبحت أصوات كثير من الأدوات الكهربائية تتضمن هذا الصوت ، والأم قد تصدر هذا الصوت لإسكات طفلها والغناء له ، كما قد يضطر إليه بعض الناس لمناداة البعيد ، ونحو ذلك ، ولكن إذا اتخذ التصفير لإيذاء الناس وإزعاجهم ، أو للتحرش بالفتيات ، أو قصد به التشبه بالكفار والفساق وعادتهم : فيحرم حينئذ باتفاق ، سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي : ما حكم التصفيق والتصفير ، وأي نوع من التصفير محرم ، وما دليل التحريم ؟ فأجاب رحمه الله :الآن لو أنك قمت تصفق وتصفر ماذا سنقول : هذا مجنون(1/70)
أم عاقل ؟فما هو سبب التصفيق والتصفير ؟ أما إذا كان التصفيق للإنسان الذي تميز عن غيره في النجاح ، أو أجاب جواباً صواباً ، أو ما أشبه ذلك ، فأنا لا أرى فيه بأساً ، أما التصفير فأكرهه كراهة ذاتية ، ولا أستطيع أن أقول : إنه مكروه كراهة شرعاً ؛ لأنه ليس عندي دليل ، وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ، وتصفق النساء ) فهذا في الصلاة ، وأما قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، والمكاء : التصفير، والتصدية: التصفيق، فهؤلاء كانوا عند المسجد الحرام يتعبدون الله بذلك ، بدل أن يركع ويسجد يصفق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع مداد http://www.midad.me/fatwa/view/1004745(1/71)
ويصفر ، أما إنسان رأى شخصاً تفوق عن غيره وأراد أن يشجعه وصفق ، فلا أرى في هذا بأساً ، أما التصفير فأنا أكرهه كراهة ذاتية ، وليس عندي دليل ، ولو أن شخصاً طلب مني دليلاً ، فلا أستطيع أن أقول : عندي دليل 0 انتهى لقاءات الباب المفتوح" (رقم/119، سؤال رقم/4) ، ولعل أقرب الأقوال في هذه المسألة أن الصفير مكروه ، خاصة إذا لم يكن هناك حاجة تدعو إليه ؛ فالإشارة إليه في الآية بوصف الذم ، وكونه من شأن أهل الجاهلية ، يدعو إلى التنزه والابتعاد عنه ، وقد ذُكر عن ابن عباس ومجاهد ، إن صح ذلك عنهما ، أن الصفير كان منكرات قوم لوط التي ذمهم الله بها ، انظر : تفسير الآية (29) من سورة العنكبوت : تفسير ابن كثير (6/276) ، الزواجر عن اقتراف الكبائر ، لابن حجر الهيتمي (2/231) ، ثم إن آية سورة الأنفال السابقة : ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، وإن كان الظاهر منها أنهم جعلوا نفس الصفير والتصفيق ( المكاء والتصدية ) صلاة وعبادة ، كما قاله بعض أهل العلم ، فقد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى أن الاستثناء في الآية منقطع ، وأن المعنى : أنهم وضعوا الصفير والتصفيق موضع الصلاة ، لا أنهم تقربوا إلى الله بنفس المكاء والتصدية ، قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله : قوله تعالى ( وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البيت إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً ) المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ، قال بعض العلماء : والمقصود عندهم بالصفير والتصفيق التخليط حتى لا يسمع الناس القرآن من النَّبي صلى الله عليه وسلم ، ويدل لهذا قوله تعالى ( وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُون ) فصلت : 26 - أضواء البيان (2/162) ، وقال الشيخ ابن عاشور رحمه الله : ولا تُعرف للمشركين صلاة ؛ فتسمية مكائهم وتصديتهم صلاةً : مشاكلةٌ تقديرية ؛ لأنهم لما صدوا المسلمين عن الصلاة(1/72)
وقراءة القرآن في المسجد الحرام عند البيت ، كان من جملة طرائق صدهم إياهم : تشغيبُهم عليهم ، وسخريتهم بهم يحاكون قراءة المسلمين وصلاتهم بالمكاء والتصدية ، قال مجاهد : فعل ذلك نفر من بني عبد الدار ، يخلطون على محمد صلاته ، وبنو عبد الدار هم سدنة الكعبة وأهل عمارة المسجد الحرام ، فلما فعلوا ذلك للاستسخار من الصلاة : سمي فعلهم ذلك صلاة ، على طريقة المشاكلة ... ؛ فلم تكن للمشركين صلاة بالمكاء والتصدية ، وهذا الذي نحاه حذاق المفسرين : مجاهد وابن جبير وقتادة ، ويؤيد هذا قوله ( فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) ؛ لأن شأن التفريع أن يكون جزاء على العمل المحكي قبله ، والمكاء والتصدية لا يُعدَّان كفرا إلا إذا كانا صادرين للسخرية بالنبي صلى الله عليه و سلم وبالدين ، وأما لو أريد مجرد لهو عملوه في المسجد الحرام فليس بمقتض كونه كفرا ، إلا على تأويله بأثر من آثار الكفر 0 انتهى التحرير والتنوير" (9/339) ، وإلى ذلك المعنى الذي شرحه ابن عاشور رحمه الله ، وقرره الشنقيطي ، و الزمخشري في تفسيره (2/218) ، وأبو حيان (4/485) ، وغيرها والله أعلم (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الإسلام سؤال وجواب http://islamqa.com/ar/ref/115403
الخاتمة
بعد حمد الله والثناء عليه وبعد أن وصلنا إلى نهاية بحثنا فقد خلصنا إلى النتيجة التالية :
1- التصفيق داخل العبادة وأثناء تأديتها لا يجوز إلا للنساء فقط ، في حالة نسيان الإمام وسهوه أو إذا نابه شيئا في صلاته للحديث الوارد في ذلك .
2- التصفير داخل العبادة لا يجوز مهما كان السبب .
3- التصفيق والتصفير الوارد في قوله تعالى ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) هو أن المشركين كانوا يفعلونه إثناء تعبدهم وطوافهم بالبيت الحرام .(1/73)
4- التصفير والتصفيق خارج الصلاة مختلف فيه بين العلماء قديما وحديثا ، والذي توصلنا له من خلال البحث إلى جوازهما خارج العبادة والله أعلم لعدم وجود الدليل الصريح الصحيح الدال على المنع وتحريم .
5- التسبيح والتكبير لا شك أنه أفضل من التصفيق .
6- المسائل الخلافية نوعان ،
أ النوع الأول : الخلاف المردود العاري عن الأدلة ، أو يتبناه ممن لا يعرض أو لايوثق بورعه ودينه ، أو ممن تساهل أكثر من اللازم .
ب النوع الثاني : الخلاف المعتبر المبني على الأدلة ، ويتبناه علماء موثوق في دينهم وورعهم وأمانتهم
7- المسائل الخلافية المعتبرة لا ينكر فيها على المخالف ، لأنه اعتمد على قول معتبر عند القائلين به من العلماء الربانيين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الفهرس
المقدمة
التعريف
معنى التصدية
معنى الصفير
استعمالات التصفيق
سبب نزول آية التصفيق والتصفير
أقسام التصفيق
النوع الأول : التصفيق المحرم
النوع الثاني : تصفيق مشروع
النوع الثالث : وهو موضوعنا التصفيق المباح
التصفيق أثناء الصلاة
التصفيق والذكر عند الصوفية
التصفيق فرح وإعجاب :
الأول : الجواز
الثاني : الكراهة
الثالث : المنع
الحكم الشرعي في التصفيق والتصفير
أولا : الحكم الشرعي في التصفيق
القول الأول : الجواز :
القول الثاني : الكراهة :
القول الثالث : التحريم :
ثانيا : الحكم الشرعي في التصفير
القول الأول : المنع والتحريم
القول الثاني : الكراهة
القول الثالث : الجواز
الخاتمة(1/74)