بحوث العبدلي
المبحث الرابع
الأناشيد الإسلامية وحكمها الشرعي
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي
المعهد العلمي في محافظة القريات
الحقوق لكل مسلم بشروط :
? الإشارة للبحث عند الاستفادة منه
? الدعاء لوالدي بالمغفرة والرحمة
? الدعاء لأسرتي بالصلاح
بحوث العبدلي
المسائل المهمة مما اختلف فيه الأئمة
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } آل عمران : 10 ، وقال تعالى { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } النساء :1 ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } الأحزاب : 70 – 71 أما بعد(1/1)
من خلال عملي كمدرس للعلوم الشرعية في المعهد العلمي في محافظة القريات لأكثر من عشرين سنة وقبلها أربع سنوات قضيتها في ربوع كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، واختلاطي بالكثير من العلماء والدعاة وطلبة العلم على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ، ومتابعتي للأكثر منهم من خلال كتبهم ومقالاتهم وأشرطتهم ومواقعهم عبر الشبكة العالمية الإنترنت ، وبرامجهم عبر القنوات الفضائية ، لاحظت أن بعض هؤلاء وليس كلهم ، بل القليل القليل منهم من لا يعير للمسائل الخلافية بالا ، بل هداهم الله للحق وإيانا ، أنهم يلزمون الطرف الآخر برأي واحد لا بديل له عندهم بحجة أن هذا هو الراجح ، علما بأن المسألة قد قال فيها كبار العلماء مثل مسألة التصفيق والدف والتصوير وغيرها ، فقد عشنا ردحاً من الزمن لا نعرف من حكمها إلا أنها حرام مطلق قولا واحدا ، ولكن مع البحث العلمي وظهور بعض المشايخ الجريئين أظهروا وأبرزوا مثل هذه المسائل على أنها خلافية وخلافها معتبر شرعا ولله الحمد ، وهذا هو المنهج الحق والسليم بأن يبين للناس الخلاف في المسألة ثم رجح ما تراه أنت حقا ولكن لا تلزم الآخرين برأيك مادام أن للخلاف محل 0(1/2)
يقول أبو يوسف التواب : ينبغي أن يُعلَم أولاً أن الخلاف سنة كونية ، فكما يتباين الناس في ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم وأخلاقهم تبايناً عظيماً ، يتباينون في أفهامهم وعقولهم ومداركهم ، والخلاف هنا على نوعين : خلاف سائغ ، وخلاف مذموم ، فالسائغ هو الخلاف الناجم عن اجتهاد الفقيه بقصد الوصول للحق في المسائل التي يسوغ فيها الاختلاف ، وقد أَذِن الشرع المطهَّر بذلك ؛ ففي الصحيحين من حديث عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ( إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ) ، وما زال العلماء يختلفون في مسائل الفروع الفقهية دون إنكار لأصل الاختلافhttp://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=34 - _ftn1 ، ويظهر ذلك جلياً حتى في عصر الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - ، ومن ذلك: اختلافهم في مكان دفن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، واختلافهم في الخليفة من بعده ، واختلافهم في قتال مانعي الزكاة في خلافة الصِّدِّيق ، واختلف عمر وابن مسعود رضي الله عنهما في مسائل عديدة ؛ فكان ابن مسعود يطبِّق يديه في الصلاة ، وكان عمر يضعهما على الركبتين وينهى عن التطبيق ، وكان ابن مسعود يقول في رجل قال لامرأته أنتِ عليّ حرام : أنها يمين ، ويرى عمر أنها طلقة واحدة ، بل حصل الخلاف في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب: ( لا يُصَلِّيَنّ أحدٌ العصر إلا في بني قريظة ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلي ، لم يُرِدْ منا ذلك ، فذُكِر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنِّف واحداً منهم 000الخ 0(1/3)
فأين هذا من الخلاف المذموم بصوره الكثيرة ، كالاختلاف الذي مس العقائد وأصول الدين ، والاختلاف الذي مبناه إتباع الهوى والتعصب للرجال على حساب أدلة الكتاب والسنة والإجماع ، واختلاف القلوب وتنافرها بناء على آراء يسوغ فيها الاجتهاد 0
أسباب الاختلاف بين الفقهاء
من أهمها :
1- أن الدليل لم يبلغ الفقيه 0
2- أن يكون الدليل غير ثابت عنده ، كأن يبلغه من طريق ضعيفة 0
3- تعارض الأدلة في ظاهرها0
4- الاختلاف في فهم النص 0
5- عدم وجود نص في المسألة 0(1/4)
فإذا عرفنا ذلك ، فإن الاجتهاد حق لأهله المستكملين لشروطه ، وليس حِكراً على مجتهد دون آخر ، وينبغي أن يُعذَر المخالِف في مسائل الفروع الاجتهادية ، وأن لا يعنَّف أو يبدَّع لذلك ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وإن رجح بعض الناس بعضها [يعني : بعض الاجتهادات] ولو كان أحدهما أفضل ؛ لم يجز أن يظلم من يختار المفضول ولا يذم ولا يعاب بإجماع المسلمين ، بل المجتهد المخطئ لا يجوز ذمه بإجماع المسلمين ، ولا يجوز التفرق بذلك بين الأمة ) ، بل لا يجوز أن ينكر عليه ، كما قال الإمام الموفق ابن قدامة : ( لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه ؛ فإنه لا إنكار على المجتهدات ) ، أما إذا ثبت الإجماع أو لاح الدليل ، ولم يكن فيه مجال للاجتهاد أو التأويل ، فالنقول عن السلف دالة على الإنكار على المخالف عندئذ ، كالمبيح لنكاح المتعة مثلاً ، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية : ( وذكر الشيخ محيي الدين النووي أن المختلَف فيه لا إنكار فيه ، قال: لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف، فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق (1) ، ويقول الشيخ عبد الكريم الخضير الخِلافْ بَيْنَ أَهْلِ العِلْم لاشَكَّ أنَّهُ مَوْجُود ولاسِيَّمَا فِي الفُرُوعْ مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَة رِضْوَان الله عَلَيْهِم فَالخِلافْ مَوْجُودْ ، ولَنْ يَنْتَهِي ، وسَبَبُهُ اخْتِلافْ الفُهُومْ ، فَهَذا العَالِمْ يَفْهَمْ مِنْ هَذَا النَّصْ كَذَا ، والعَالِم الثَّانِي يَفْهَمْ مِنْهُ غَير ذَلِك ، والاحْتِمَالاتْ قَائِمَة ، وكُل مِنْهُم مَأْجُور إذا كانَ أَهْل للاجْتِهَادْ ، فَالمُصِيبْ مِنْهُم لَهُ أَجْرَانْ والمُخْطِئ مِنْهُم لَهُ أَجْر وَاحِد ، وطَالِبُ العِلْم الذِّي لَيْسَتْ لَدَيْهِ أَهْلِيَّة النَّظَر، وكَذَلِك العَامِّي عَلَيهِ أنْ يُقَلِّدْ أوثَقُهُمَا عِنْدَهُ الذِّي يَرَاهُ أَرْجَح فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَوَرَعِهِ يُقَلِّدُهُ(1/5)
لأنَّ فَرْضُهُ سُؤَالْ أَهْلِ العِلْم ( فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ) سورة النحل 43 ولَيْسَ فِي فَتْوَاهُ مُفْتٍ مُتَّبَعْ مَا لَمْ يُضِفْ لِلْعِلْمِ والدِّينِ الوَرَعْ ، فَإِذا عَرَفْتَ أنَّ هَذَا الشَّخْصَ أَعْلَم مِنْ هَذا ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع ملتقى أهل الحديث ( بتصرف )
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=95421(1/6)
وعِنْدَهُ مِن الدِّين والوَرَعْ مَا يَحْجِبُهُ مِنْ أنْ يقُول على الله بِجَهِلْ بِغَيْرِ عِلْم ، أو يَتَقَوَّل عَلَى الله ، أو مَا أَشْبَهَ ذلك ، أو يُفْتِي بِهَوَى فَمِثْلِ هذا يُتَّبَع ويُقَلَّدْ ، وأمَّا التَّعَصُّب للمشايخ فإنَّهُ أَمْرٌ لاسِيَّمَا إِذا تَرَتَّبَ عَلَيهِ هَضْمْ لِحَقِّ المَفْضُولِ عِنْدَهُ فإنَّهُ لا يَجُوز حِينَئِذٍ (1) ، ويقول شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : فإنه قد يثير هذا الموضوع التساؤل لدى الكثيرين، وقد يسأل البعض : لماذا هذا الموضوع وهذا العنوان الذي قد يكون غيره من مسائل الدين أهم منه ؟ ولكن هذا العنوان وخاصة في وقتنا الحاضر يشغل بالَ كثيرٍ من الناس ، لا أقول من العامة بل حتى من طلبة العلم ، وذلك أنها كثرت في وسائل الإعلام نشر الأحكام وبثّها بين الأنام، وأصبح الخلاف بين قول فلان وفلان مصدر تشويش ، بل تشكيك عند كثير من الناس ، لاسيما من العامة الذين لا يعرفون مصادر الخلاف ، لهذا رأيت ـ وبالله أستعين ـ أن أتحدث في هذا الأمر الذي له في نظري شأن كبير عند المسلمين ، إن من نعمة الله تبارك وتعالى على هذه الأُمَّة أن الخلاف بينها لم يكن في أصول دينها ومصادره الأصيلة، وإنما كان الخلاف في أشياء لا تمس وحدة المسلمين الحقيقية وهو أمر لابد أن يكون.. وقد أجملت العناصر التي أريد أن أتحدث عنها بما يأتي :(1/7)
أولاً: من المعلوم عند جميع المسلمين مما فهموه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم أن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق ، وهذا يتضمن أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد بيَّن هذا الدين بياناً شافياً كافيا ، لا يحتاج بعده إلى بيان ، لأن الهدى بمعناه ينافي الضلالة بكل معانيها ، ودين الحق بمعناه ينافي كل دين باطل لا يرتضيه الله عز وجل، ورسول الله بُعِثَ بالهدى ودين الحق، وكان الناس في عهده صلوات الله وسلامه عليه يرجعون عند التنازع إليه فيحكم بينهم ويبيِّن لهم الحق سواء فيما يختلفون فيه من كلام الله ، أو فيما يختلفون فيه من أحكام الله التي لم ينزل حكمها ، ثم بعد ذلك ينزل القرآن مبيِّناً لها ، ولكن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلّم اختلفت الأُمَّة في أحكام الشريعة التي لا تقضي على أصول الشريعة وأصول مصادرها ، ونحن جميعاً نعلم علم اليقين أنه لا يوجد أحد من ذوي العلم الموثوق بعلمهم وأمانتهم ودينهم يخالف ما دلَّ عليه كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلّم عن عمد وقصد ؛ لأن من اتَّصفوا بالعلم والديانة فلابد أن يكون رائدهم الحق، ومَن كان رائده الحق فإن الله سييسِّره له ، ولكن مثل هؤلاء الأئمة يمكن أن يحدث منهم الخطأ في أحكام الله تبارك وتعالى، لا في الأصول التي أشرنا إليها من قبل، وهذا الخطأ أمر لابدَّ أن يكون؛ لأن الإنسان كما وصفه الله تعالى بقوله: ( وَخُلِقَ الإِنسَنُ ضَعِيفاً ) ، الإنسان ضعيف في علمه وإدراكه، وهو ضعيف في إحاطته وشموله، ولذلك لابدَّ أن يقع الخطأ منه في بعض الأمور، ونحن نجمل ما أردنا أن نتكلم عليه من أسباب الخطأ من أهل العلم في الأسباب الآتية السبعة، مع أنها في الحقيقة أسباب كثيرة، وبحر لا ساحل له، والإنسان البصير بأقوال أهل العلم يعرف أسباب الخلاف المنتشرة، نجملها بما يأتي :(1/8)
السبب الأول: أن يكون الدليل لم يبلغ هذا المخالف الذي أخطأ في حكمه 0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ http://www.khudheir.com/ref/138
السبب الثاني: أن يكون الحديث قد بلغ الرجل ولكنه لم يثق بناقله، ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه، فأخذ بما يراه أقوى منه 0
السبب الثالث: أن يكون الحديث قد بلغه ولكنه نسيه ، وجلَّ من لا ينسى 0
السبب الرابع: أن يكون بلغه وفهم منه خلاف المراد
السبب الخامس: أن يكون قد بلغه الحديث لكنه منسوخ ولم يعلم بالناسخ، فيكون الحديث صحيحاً والمراد منه مفهوماً ولكنه منسوخ ، والعالم لا يعلم بنسخه ، فحينئذٍ له العذر لأن الأصل عدم النسخ حتى يعلم بالناسخ 0
السبب السادس: أن يعتقد أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع ، بمعنى أنه يصل الدليل إلى المستدل ، ولكنه يرى أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع ، وهذا كثير في خلاف الأئمة وما أكثر ما نسمع من ينقل الإجماع ، ولكنه عند التأمل لا يكون إجماعاً 0
السبب السابع: أن يأخذ العالم بحديث ضعيف أو يستدل استدلالاً ضعيفاً ، وهذا كثير جداً0(1/9)
هذه الأسباب التي أحببت أن أنبه عليها مع أنها كثيرة ، وبحر لا ساحل له ولكن بعد هذا كله ما موقفنا ؟ ، وما قلته في أول الموضوع : أن الناس بسبب وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية واختلاف العلماء أو اختلاف المتكلمين في هذه الوسائل صاروا يتشككون ويقولون مَن نتبع ، فالواجب على مَن علِم بالدليل أن يتبع الدليل ولو خالف مَن خالف من الأئمة ، إذا لم يخالف إجماع الأمة، ومن اعتقد أن أحداً غير رسول الله صلى الله عليه وسلّم يجب أن يؤخذ بقوله فعلاً وتركاً بكل حال وزمان ، فقد شهد لغير الرسول بخصائص الرسالة، لأنه لا يمكن أحد أن يكون هذا حكم قوله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ولا أحد إلا يؤخذ من قوله ويُترَك سوى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، ولكن يبقى الأمر فيه نظر، لأننا لا نزال في دوامة مَن الذي يستطيع أن يستنبط الأحكام من الأدلة ؟ هذه مشكلة، لأن كل واحد صار يقول: أنا صاحبها. وهذا في الحقيقة ليس بجيد ، نعم من حيث الهدف والأصل هو جيد ؛ أن يكون رائد الإنسان كتاب الله وسُنَّة رسوله ، لكن كوننا نفتح الباب لكل مَن عرف أن ينطق بالدليل ، وإن لم يعرف معناه وفحواه ، فنقول : أنت مجتهد تقول ما شئت، هذا يحصل فيه فساد الشريعة وفساد الخلق والمجتمع. والناس ينقسمون في هذا الباب إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ عالِم رزقه الله عِلماً وفهماً فله الحق أن يجتهد وأن يقول 0
2 ـ طالب علم عنده من العلم ، لكن لم يبلغ درجة ذلك المتبحِّر فلا حرج عليه إذا أخذ بالعموميات والإطلاقات وبما بلغه ، ولكن يجب عليه أن يكون محترزاً في ذلك ، وألا يقصِّر عن سؤال مَن هو أعلى منه من أهل العلم ؛ لأنه قد يخطئ ، وقد لا يصل علمه إلى شيء خصَّص ما كان عامًّا ، أو قيَّد ما كان مطلقاً، أو نَسَخَ ما يراه محكماً. وهو لا يدري بذلك 0
3 ـ عامي لا يدري شيئاً ، وهو مَن ليس عنده علم ، فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم (1)(1/10)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ – كتاب الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه ( بتصرف )
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/cat_index_309.shtml
من خلال ما سبق طرحه رأيت ، بل وعزمت العقد أن أبحث في المسائل الخلافية لكي أصل فيها لطرح علمي سليم ، ولأجل أن لا نكون أمام عامة الناس أحادين الفكر والرأي ، بل نعرض المسألة بخلافها وأقوالها ونناقش أدلة الخلاف لجميع الأقوال كي نصل لما هو الحق بإذن الله ، فبدأت أبحث في عدة مسائل وجعلتها بحوث متتابعة وأسميته :
بحوث العبدلي
المسائل المهمة مما اختلف فيه الأئمة
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات
ثم بعد هذه المقدمة يأتي البحث الرئيس وقد أسميت كل بحث باسم ملفت للانتباه ، سائل المولى أن يوفقني للصواب وأن يبعد عني الشيطان وأعوانه ، كما أتمنى ممن يخالفني الرأي أن يكون خلافنا علميا ، لا عاطفيا والله الموفق والحمد لله رب العالمين 0
وإلى
المبحث الرابع
الأناشيد الإسلامية وحكمها الشرعي
كتبه
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات
بحوث العبدلي
المبحث الرابع
الأناشيد الإسلامية وحكمها الشرعي
إعداد
محمد بن فنخور العبدلي
المعهد العلمي في محافظة القريات
المقدمة(1/11)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } آل عمران : 10 ، وقال تعالى { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } النساء :1 ، وقال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } الأحزاب : 70 – 71 أما بعد
الدين الإسلامي دين وسط بين التشدد والتساهل المفرط ، فهناك من تشدد فنفر الناس من الدين ، وفي المقابل هناك من تساهل فأساء للدين حتى جعله في عيون الآخرين من غير المسلمين دين خرافات وخزعبلات كما فعلت الصوفية فأساءت للدين الإسلامي من خلال نقلها للفسحة في الدين إلى طرب وهز وهش كما يقال ، فيتصور الآخرون أن ديننا دين سهر وليال حمر 0
لا ليس ديننا هكذا ، ديننا بحمد دين الوسط بين الجد في العبادة والعمل والإنتاج ، وبين الفرح المنضبط بضوابط الشرع ، كفرح الأعياد والزواجات وغيرها مما سيتضح للقارئ الكريم من خلال هذا البحث اللطيف 0(1/12)
آمل ممن يقرأ هذا البحث أن يقرأه بعين العقل لا بعين العاطفة المقيتة ، آمل ممن يقرأ هذا البحث أن يقرأه بعين الناقد البصير لا الناقد المتصيد للخطأ أو المتصنع للخطأ ، آمل ممن يقرأ هذا البحث أن يقرأه بعين طلب العلم والفائدة لا بعين طمس العلم وحجر الفكر ، آمل ممن يقرأ هذا البحث أن يقرأه وهو يعلم أن بعض المسائل فيها خلاف معتبر قابل للنقاش والأخذ والرأي ، آمل ممن يقرأ هذا البحث أن يتمثل قول الإمام الشافعي قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب 0
أخي الكريم وجه لي نصحك كأخ كريم يحب الخير لي والحمد لله رب العالمين 0
كتبه
محمد بن فنخور العبدلي
المعهد العلمي في محافظة القريات
تعريف النشيد(1/13)
ففي لسان العرب : وهو من النَّشِيدِ رفْع الصَّوْتِ ، قال أَبو منصور: وإِنما قيل للطالب ناشد لرفع صوته بالطلب ، والنَّشِيدُ رَفْعُ الصَّوْت ، ومن هذا إِنشاد الشعر إِنما هو رفع الصوت ، ومنه نَشَدَ الشِّعْر وأَنشده ، فنَشده : أَشاد بذكره ، وأَنشده إِذا رفعه ، والنَّشِيدُ فَعِيلٌ بمعنى مُفْعَل ، والنشيدُ الشعر المتناشد بين القوم ينشد بعضهم بعضاً ، والنَّشِيدُ من الأَشعار: ما يُتناشَدُ (1) ، وفي القاموس المحيط : وأنشد الشِّعْرَ: قرأهُ ، وتناشَدوا: أنْشَدَ بعضُهم بعضاً ، والنِّشْدَةُ ، بالكسر: الصَّوْتُ ، والنَّشيدُ: رَفْعُ الصَّوْتِ ، والشِّعْرُ المُتَناشَدُ ، كالأُنْشُودَةِ ، جمعه : أناشيدُ ، واسْتَنْشَدَ الشِّعْرَ: طَلَبَ إنشادَهُ (2) ، وفي الصّحّاح في اللغة : واسْتَنْشَدْتُ فلاناً شِعره فأنْشَدَنيهِ ، والنَشيدُ الشِعْرُ المُتَناشَدُ بين القوم (3) ، وفي المعجم المحيط : النَّشِيدُ والنَّشِيدَةُ : الصوت : رَفْعُ الصَّوْت مع تلحينه ؛ يلذ لي سماعُ نَشِيدِكَ ، الُأنْشودَةُ : وهي قطعة من الشِّعر أو الزجل في موضوع حماسيّ أو وطنيٌ تنشِده جماعة ؛ النَّشيدُ الوَطنيُّ ، جمعه أَنَاشِيدُ (4) ، وفي معجم الغني : نَشِيدٌ ، جمعه أَنَاشِيدُ [ن ش د] ، النَّشِيدُ الْمَدْرَسِيُّ : قِطْعَةٌ شِعْرِيَّةٌ يُغَنِّيهَا أَطْفَالُ الْمَدَارِسِ جَمَاعِيّاً ، وَفِي نِهَايَةِ السَّنَةِ تُقَامُ حَفْلَةُ أَنَاشِيدَ وَخُطَبٍ وَتَمْثِيلِيَّاتٍ (محمد برادة) (5) ، وقيل أن النشيد هو رفع الصوت بالشعر مع تحسين وترقيق ، سواء كان بأصوات فردية أو جماعية (6) ، ويقول محمد غنو : الأناشيد مجموعة من الألحان والإيقاعات والكلمات المناسبة ، تختلف مواضيعها باختلاف الزمان والمكان ، وهي وسيلة للتعبير يلجأ الإنسان ليعبر بها عما يخالج نفسه ووجدانه سواء كانت مفرحة أو محزنة (7) ، ويقول الدكتور صالح بن أحمد الغزالي : النشيد : رفع الصوت ،(1/14)
ومعناه في اصطلاح أهل العصر : رفع الصوت بشعرٍ ، أو رجز ، أو نثر، بنوع فيه ترجيع وترقيق وتنغيم ؛ لأجل إثارة الحماس والعواطف والغيرة الدينية ، في أوقات وأماكن متنوعة (8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لسان العرب مادة نشد
2- القاموس المحيط مادة نشد
3- الصّحّاح في اللغة مادة نشد
4- المحيط لمجموعة مؤلفين
5- معجم للدكتور عبد الغني أبو العزم
6- موقع واحة المسلم http://www.al-wa7a.com/page/6.html
7- موقع الخيمة http://www.khayma.com/tilmid/nachid.ppt
8- كتاب حقيقة النشيد وحكمه - تقريظ وتعليق فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين
تعريف المنشد
المنشد هو ذلك الشخص الذي يردد كلمات موزونة ومقفاة ، ذات موضوع معين وهادف ، بصوت منغم ، ففي معجم الغني مُنْشِدٌ ، مُنْشِدٌةٌ – جمعه : مُنْشِدٌون ، مُنْشِدٌات ، [ن ش د] ، مُنْشِدٌ لِأُغْنِيَّةٍ دِينِيَّةٍ : أَيْ مُؤَدِّيهَا حَسَبَ لَحْنٍ وَإِيقَاعٍ ، اِجْتَمَعَ الْمُنْشِدُونَ يُنْشِدُونَ (1)
الهدف من النشيد(1/15)
بث روح الحماس و الجأش في صفوف المجاهدين في سبيل الله ، للحث على الأخلاق الكريمة و تذكير الناس بها (2) ، ثم انتقل الهدف منها إلى طلب التسلية ، وقتل أوقات الفراغ ، وجعلها بديل للأغاني الماجنة والأغاني التي تشتمل على الموسيقى والمعازف ، يقول المهندس عمران البني : والنشيد الإسلامي أحد الوسائل الإعلامية الهادفة التي تخدم القضايا الإسلامية الهامة الموجودة على الساحة ، من خلال طرح تلك المواضيع بأسلوب إنشادي يصيغه الشاعر ليعبر عنه المنشد بصوته ، و قد كان النشيد و ما يزال الأسلوب المتقدم و المتميز في تقديم أشعار كثيرة لم تكن معروفة إلا في الكتب المتخصصة ، و لكنها انتشرت و عرفت بين العامة بواسطة النشيد كأشعار التفكر في خلق الله ، و مدح الأنبياء والرسل ، و الحث على الفضيلة ، و يلعب النشيد في هذه الحالة دور سد الثغرة القائمة بين الكتاب و بين شريحة الأفراد التي لا تحب القراءة أو لا تجد و قتا لها ، و يعتمد هدف النشيد بالدرجة الأولى على الكلمة أو الشعر المقدم في النشيد ، فهناك النشيد الحماسي و الوعظي و هناك أناشيد المواضيع المتفرقة و غيرها ، و يساند الشعر في هذه الحالة أداؤه من قبل المنشد بحيث تفاعل المنشد مع الكلمة له الأثر الكبير في إيصال معنى الكلمة للمستمع ، ويقول الدكتور صالح الغزالي : المطلب الثالث : مقاصد النشيد : تنقسم مقاصد النشيد بحسب متعلقها إلى قسمين :
القسم الأول : المقاصد المرتبطة بكلمات النشيد ومعانيها ، وأهمها :
1- الثناء على الله بما هو أهله 0
2- مدح النبي - صلى الله عليه وآله وسلم 0
3- التعريف بمحاسن دين الإسلام على غيره من الأديان ، ومبادئه العظيمة ، كالعدل ، وتحرير الإنسان من عبودية غير الله 0
4- التذكير بأمجاد المسلمين وبطولاتهم السالفة 0
5- التعريف بمشكلات المسلمين وآلامهم المعاصرة 0
6- إثارة الحماس والغيرة على الدين والحث على الجهاد في سبيل الله 0(1/16)
7- الدعوة إلى مكارم الأخلاق كبِرِّ الوالدين والإنفاق في سبيل الله 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- معجم للدكتور عبد الغني أبو العزم
2- موقع واحة المسلم http://www.al-wa7a.com/page/6.html
8- لفت الأنظار إلى عظمة الخالق - عز وجل - بالنظر في مخلوقاته والتأمل فيها 0
9- تعليم الناس بعض أحكام الدين كأركان الإيمان ، وأركان الإسلام 0
10- محاربة الأفكار المنحرفة ، كالدعوة إلى التبرج والسفور ، وتقليد الكفار وموالاتهم ، وعزل الدين عن الحياة 0
القسم الثاني : المقاصد المرتبطة بحال مستمع الأناشيد وقصده :
1- الاستعاضة عن الأغاني الخليعة المحرمة ، لاسيما لمن أعتاد سماعها 0
2- الترويح عن النفس ، ودفع السآمة ، والملل حين الضعف والخور 0
3- إثارة المعاني الإيمانية وتحريكها كالخشية والإنابة وترقيق القلب وتذكر الآخرة بسماع الأناشيد الوعظية الزهدية 0
4- الاستعانة بالأناشيد على أداء العمل وقطع المفاوز البعيدة دون ملل 0
5- اتخاذها وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله يتوب بها العصاة 0
6- الإطراب واللذة بسماع ألحان النشيد ، وما يصحبه من آله دف إن وجد 0
7- إحياء المناسبات المختلقة ، كالأعراس والحفلات 0(1)
الفرق بين النشيد والأغنية
بينهما فرق كبير ومن الفروق :
1- كلمات النشيد الإسلامي هادفة ومحافظة ، وكلمات الأغاني لا تخلوا من الكلمات السيئة ، أو الهابطة ، أو الوصف للنساء ونحو ذلك ، فالشعر في لغة العرب ما هو إلا كلامٌ عربيٌ موزونٌ مُقفّى فحسنه حسنٌ ، و قبيحه قبيحٌ 0
2- النشيد لا يصحبه آلات موسيقية ، أما الأغاني فإنها تعتمد اعتمادا كليا على المعازف المحرمة 0
3- الأناشيد في الغالب تكون حماسية ولها أهداف سامية ألا وهو خدمة الأمة الإسلامية ، أما الأغاني فالغالب إنها لهو مطلق أو مجون إلا ما شاء الله 0(1/17)
متى ظهر النشيد
يقول الدكتور صالح بن أحمد الغزالي : لم يُعرف النشيد بصورته الحالية قبل العقد الأخير من القرن الرابع عشر الهجري ، إلاّ أن له أصولاً قديمة أرجعها المتكلمون على أصله بحسب رأيهم فيه إلى أمرين :
الأول : أنه امتداد للحُداء والنَصْب اللذين كانا ينشدان في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ومن بعده رضي الله عنهم ، مع تطور يسير، بما يتناسب مع تطورات العصر الحديث 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- كتاب حقيقة النشيد وحكمه - تقريظ وتعليق فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين
الثاني : أنه موروث عن الطرقيين من الصوفية ، مع تعديل لا بأس به في كلماته كالبعد عن الشركيات ، أو غياب كثير من آلات اللهو في كثير منه ، ويتابع قائلا : ابتداء النشيد في مصر والشام ، ثم انتقاله إلى بقية البلدان العربية وغيرها ، إلا أن فكرة الأناشيد لم تكتمل كما أعلم بصورتهما الحاضرة قبل العقد الأخير من القرن الرابع عشر الهجري ، يقول مروان كجك في مقدمة أناشيد إسلامية : وكانت هذه الأناشيد تسير رويدا رويدا بمعاني القرآن ، وعقائد الإسلام ، حتى كان العقد الأخير من القرن الرابع عشر الهجري ، ويؤكد ذلك الدكتور علي العمري فيقول : تعود بدايات هذا النشيد إلى الستينات الميلادية ، والتي كانت مركّزة بشكل كبير على المديح النبوي بشكليه المعتدل والمغالي أحياناً ، وكانت المدرستان المصرية والشامية في الصدارة ، كما أن النشيد بقيمه الدعوية والتربوية والبطولية كان في نفس الفترة ومن كلا المدرستين ، إلا أن المدرسة الشامية على وجه الخصوص تميز رموزها بفكرهم الدعوي ، وانتخابهم للقصائد المعبرة عن هذا المنحى (1)
أسباب انتشار النشيد
يقول الدكتور صالح بن أحمد الغزالي : الداعي إلى ظهوره وانتشاره أسباباً منوعة وأهمها :(1/18)
الأول : انتشار الأغاني الخليعة مما دعا أهل النشيد إلى منافستها والحد من انتشارها بواسطة بدائل النشيد 0
الثاني : انتشار الصحوة الإسلامية ، لاسيما التجمعات الدعوية ، والجماعات الإسلامية ، الذين رأوا النشيد من ضرورة أساليب الدعوة 0
الثالث : تسلط الكفار على المسلمين ، واغتصاب أراضيهم ، لاسيما أرض فلسطين ردها الله من كيد الغاصبين ، وظهور الحركات الجهادية في مقاومة الكافرين ، ولاسيما الجهاد الأفغاني 0
الرابع : ظهور وسائل السماع وانتشارها وتكاثرها بين أيدي الناس في بيوتهم ومركوباتهم ، لاسيما أشرطة ( الكاست ) ، ووجود مؤسسات تجارية متخصصة في نشره تُسمى ( التسجيلات الإسلامية ) ، وبانتشار النشيد حصلت العناية به وتطويره من نواح عدة(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الدكتور علي العمري
http://www.alomarey.net/Default.asp?zSystem=Press&Press=Room&Lang=&sc=Omarey^167
2- كتاب حقيقة النشيد وحكمه - تقريظ وتعليق فضيلة الشيخ / عبد الله الجبرين
النشيد أصل أم بديل(1/19)
يقول الشيخ الدكتور علي بن حمزة العمري يتناقل البعض هذا السؤال ويبنون على الإجابة عليه أصولاً شرعية مختلفة ، وفي رأيي أن كلا الأمرين صحيح ، فالنشيد من ناحيةٍ هو أصل ؛ لأن الشريعة دعت إليه ، ورغبت فيه في عدّة مواطن ، وتذكير الناس أنه أصل وهو من الشرع أمر في غاية الأهمية ، وفي هذا نفع للمنشدين وتحفيز لدورهم ، وتطمين لعامة الناس كي يتجهوا نحو ما يقرّبهم إلى ربهم ، ويحفزهم إلى الإنجاز، ويُسَلّيهم في الوقت نفسه ، كما أن النشيد بديل كذلك أمام الموجات الشديدة التي غزت بيوت ومناسبات عامة المسلمين وللأسف ، فهو جاء كبديل لقوم لم يتذوقوا طعم الأنشودة الإسلامية فترة طويلة من الزمن ، ولم يتعوّدوا على امتزاج الكلمة الهادفة مع الألحان الجيدة الراقية ، ولعل رسالة الأنشودة في هذا الزمن أصبحت واضحة ومدوية ، حيث أثرت في فكر ووجدان المسلمين على وجه العموم ، لمشاركتها حياة الناس وألوان معيشتهم ، مع اختلاف همومهم وقضاياهم ، وخاصة مع الصعود المحمود للقنوات الفضائية النافعة ، والاحتراف المهني المطلوب لبعض المنشدين مما فرضت وجودها في كل القنوات الهادفة وغير الهادفة والحمد لله (1)
أركان النشيد
له عدة أركان هي :
1- الكلمة أو القصيدة
2- المنشد
3- اللحن
4- فن التسجيل والإخراج 0
يقول الدكتور صالح بن أحمد بن محمد الغزالي : الركن هو ما قام عليه الشيء ، والنشيد يقوم على ثلاثة أمور : الألحان ، والكلمات ، والمقاصد ، وبتوضيحها تتضح حقيقة النشيد ، وهى كالتالي :
المطلب الأول : ألحان النشيد : النشيد يؤدى بترقيق وترجيع وتنعيم ، أي بالألحان ، لكن هذه الألحان متنوعة بتنوع الأناشيد ، ومتفاوتة في الترقيق والتنعيم ؛ لتنوع المنشدين ، واختلاف أداءهم ، ومعرفتهم بالألحان وعنايتهم بها 0(1/20)
المطلب الثاني : كلمات النشيد : غالب منظوم النشيد من قبيل الرجز ، وغالب معانيها من قبيل شعر الدعوة الإسلامية ، أما موضوعاتها فكثيرة ويمكن تقسيمها إلى الموضوعات التالية : ( الدعاء والمدائح النبوية - الأناشيد الحماسية - الأناشيد الترحيبية – الأناشيد التربوية – الأناشيد الزهدية - الأناشيد التعليمية ) 0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الدكتور علي العمري
http://www.alomarey.net/Default.asp?zSystem=Press&Press=Room&Lang=&sc=Omarey^167
المطلب الثالث : مقاصد النشيد : تنقسم مقاصد النشيد بحسب متعلقها إلى قسمين :
القسم الأول : المقاصد المرتبطة بكلمات النشيد ومعانيها ، وأهمها :
1- الثناء على الله بما هو أهله 0
2- مدح النبي - صلى الله عليه وآله وسلم 0
3- التعريف بمحاسن دين الإسلام على غيره من الأديان ، ومبادئه العظيمة ، كالعدل ، وتحرير الإنسان من عبودية غير الله 0
4- التذكير بأمجاد المسلمين وبطولاتهم السالفة 0
5- التعريف بمشكلات المسلمين وآلامهم المعاصرة 0
6- إثارة الحماس والغيرة على الدين والحث على الجهاد في سبيل الله 0
7- الدعوة إلى مكارم الأخلاق كبِرِّ الوالدين والإنفاق في سبيل الله 0
8- لفت الأنظار إلى عظمة الخالق - عز وجل - بالنظر في مخلوقاته والتأمل فيها 0
9- تعليم الناس بعض أحكام الدين كأركان الإيمان ، وأركان الإسلام 0
10- محاربة الأفكار المنحرفة ، كالدعوة إلى التبرج والسفور ، وتقليد الكفار وموالاتهم ، وعزل الدين عن الحياة 0
القسم الثاني : المقاصد المرتبطة بحال مستمع الأناشيد وقصده :
8- الاستعاضة عن الأغاني الخليعة المحرمة ، لاسيما لمن أعتاد سماعها 0
9- الترويح عن النفس ، ودفع السآمة ، والملل حين الضعف والخور 0(1/21)
10- إثارة المعاني الإيمانية وتحريكها كالخشية والإنابة وترقيق القلب وتذكر الآخرة بسماع الأناشيد الوعظية الزهدية 0
11- الاستعانة بالأناشيد على أداء العمل وقطع المفاوز البعيدة دون ملل 0
12- اتخاذها وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله يتوب بها العصاة 0
13- الإطراب واللذة بسماع ألحان النشيد ، وما يصحبه من آله دف إن وجد 0
14- إحياء المناسبات المختلقة ، كالأعراس والحفلات 0(1)
ضوابط النشيد الإسلامي
ضوابط وشروط النشيد الجائز :
وبتأمل كلام العلماء والمشايخ الثقات يمكننا جمع الضوابط والشروط الشرعية التي يجب تحققها حتى يكون النشيد جائزاً ، ومن ذلك :
1- أن تخلو كلمات النشيد من الكلام المحرم والتافه 0
2- أن لا يصاحب النشيد معازف أو آلات موسيقية ، ولم يُبح من المعازف إلا الدف للنساء في أحوال معينة 0
3- أن تخلو من المؤثرات الصوتية التي تشبه صوت الآلات الموسيقية ؛ لأن العبرة بالظاهر والأثر ، وتقليد الآلات المحرمة لا يجوز ، وخاصة أن أثرها السيئ هو نفسه الذي تحدثه الآلات الحقيقية 0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- كتاب حقيقة النشيد وحكمه - تقريظ وتعليق فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين
4- أن لا تكون الأناشيد ديدناً للمستمع ، وتستهلك وقته ، وتؤثر على الواجبات والمستحبات ، كتأثيرها على قراءة القرآن ، والدعوة إلى الله 0
5- أن لا يكون المنشد امرأة أمام الرجال ، أو رجلاً فاتنا في هيئته أو صوته ، أمام النساء 0
6- أن يتجنب سماع أصحاب الأصوات الرقيقة ، والمتكسرين في أدائهم ، والمتمايلين بأجسادهم ، ففي ذلك كله فتنة ، وتشبه بالفساق 0
7- تجنب الصور التي توضع على أغلفة أشرطتهم ، وأولى من ذلك : تجنّب ظهورهم بالفيديو كليب المصاحب لأناشيدهم ، وخاصة ما يكون من بعضهم من حركات مثيرة ، وتشبه بالمغنين الفاسقين 0(1/22)
8- أن يكون القصد من النشيد الكلمات لا الألحان والطرب 0(1)
رأي الدكتور عبد الله البدراني بالأناشيد وردي على فضيلته
أولا : مقال الدكتور عبد الله البدراني
قناة المجد والأناشيد
د. عبد الله بن عبد العزيز البدراني
طالعتنا قناة المجد الفضائية وللأسف الشديد بإعلانات متتالية عن قناة جديدة متخصصة بالأناشيد ( الإسلامية زعموا ) ، سوف تنطلق في بداية الشهر المقبل تحت مسمى ( قناة شذى) ، وقد ناصحهم كثير من العلماء وطلبة العلم بالكف عنها ، ولكن دون استجابة ، والفتنة بالأناشيد الموسومة بالإسلامية مما ابتلي به المسلمون من قديم ، ولكن مع اختلاف التسمية ، فقد كانت تسمى في عصر الإمام الشافعي رحمه الله ( التغبير) ، وسميت ب( القصائد ) الصوفية أو الزهديات ، وغير ذلك، وظهرت الفتنة في هذا العصر بهذا المسمى الجديد الجذاب ( الأناشيد الإسلامية ) إخفاء لحقيقتها وترويجا لها على الجهال وبين السذج من الفتيات والفتيان ، يقول الإمام الشافعي : ( خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة، يسمونه التغبير، يصدون به الناس عن القرآن) ، قال شيخ الإسلام معلقا: ( وهذا من كمال معرفة الشافعي وعلمه بالدين ، فإن القلب إذا تعود سماع القصائد والأبيات والتلذذ بها حصل له نفور من سماع القرآن والآيات ، فستغني بسماع الشيطان عن سماع الرحمن) أهـ - الفتاوى (11 - 532) ، وقال أيضا في المجموع (11 - 570) : ( وما ذكره الشافعي من أنه من إحداث الزنادقة فهو كلام إمام خبير بأصول الإسلام ، فإن هذا السماع لم يرغب فيه ويدعو إليه في الأصل إلا من هو متهم بالزندقة كابن الراوندي والفارابي وابن سينا وأمثالهم كما ذكر أبو عبد الرحمن السلمي في مسألة السماع : وقد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعبادهم وزهادهم أن يجتمعوا لاستماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف، كما لم يبح لأحد أن يخرج عن متابعته(1/23)
وإتباع ما جاء من الكتاب والحكمة ، لا في باطن الأمر ولا في ظاهره ولا لعامي ولا لخاصّي ) ، وسئل الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن الإنشاد الإسلامي فقال : ( الإنشاد الإسلامي إنشاد مبتدع مما ابتدعه الصوفية ، ولهذا ينبغي العدول عنه إلى مواعظ القرآن والسنة ) ، ولما تكلم أحد المنشدين بأن الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين استمع إلى شريطه الإنشادي ( أشجان ) وأجازه أنكر ذلك الشيخ رحمه الله وقال: إن رأيي في هذا الشريط أنه ملحن تلحين الأغاني الهابطة ، وأنصح بعدم سماعه والاتجاه إلى سماع ما سجل من النونية والميمية لابن القيم ومنظومة الآداب لابن عبد القوي وغير ذلك من الأشياء النافعة إذا كان لا بد من استماع القصائد وإلا ففي القرآن والسنة أعظم موعظة ، وسئل فضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان عن سماع الأناشيد الإسلامية فقال : ( هذه التسمية غير صحيحة ، وهي تسمية محدثة ؛ فليس هناك ما يسمى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/91142/ضوابط%20النشيد%20الإسلامي(1/24)
بالأناشيد الإسلامية في كتب السلف ومن يعتد بقولهم من أهل العلم ، والمعروف أن الصوفية هم الذين يتخذون الأناشيد دينا لهم ، وهو ما يسمونه بالسماع ، وفي وقتنا لما كثرت الأحزاب والجماعات صار لكل حزب أو جماعة أناشيد حماسية قد يسمونها أناشيد إسلامية ، هذه التسمية لا صحة لها وعليه فلا يجوز اتخاذ هذه الأناشيد وترويجها بين الناس ) ، وقال أيضا في كتابه الخطب المنبرية ما نصه : ( ومما ينبغي التنبيه عليه : ما كثر تداوله بين الشباب المتدينين من أشرطة مسجلة عليها أناشيد بأصوات جماعية يسمونها الأناشيد الإسلامية ، وهي نوع من الأغاني ، وربما تكون بأصوات فاتنة ، وتباع في معارض التسجيلات مع أشرطة تسجيل القرآن الكريم والمحاضرات الدينية ، وتسمية هذه الأناشيد بأنها أناشيد إسلامية تسمية خاطئة ؛ لأن الإسلام لم يشرع لنا الأناشيد ، وإنما شرع لنا ذكر الله وتلاوة القرآن وتعلم العلم النافع ، أما الأناشيد فهي من دين الصوفية المبتدعة الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا ، واتخاذ الأناشيد من الدين فيه تشبه بالنصارى الذين جعلوا دينهم ترانيم جماعية والنغمات المطربة ، فالواجب الحذر من هذه الأناشيد ومنع بيعها وتداولها ، علاوة على ما قد تشتمل عليه هذه الأناشيد من تهييج الفتنة بالحماس المتهور والتحريش بين المسلمين) أهـ ، وقوله حفظه الله إنها تشتمل على تهييج الفتنة بالحماس المتهور أمر واقع ، بل إن الإرهابيين المفسدين كانوا ولا زالوا يعتمدون على الأناشيد الحماسية في سفك الدماء وقتل الأبرياء تحت مسمى الجهاد 0(1/25)
وختاما فإني أرجو من القائمين على قناة المجد أن يتقوا الله تعالى، وألا يخدعوا الناس بكلام سلمان العودة - هداه الله - الذي يظهرونه بين الفينة والأخرى في الترويج لهذه القناة بأدلة شرعية وردت في القرآن الكريم ، وإنما عليهم أن يستجيبوا لكلام العلماء الناصحين ونداء سماحة مفتي عام المملكة الذي ناصحهم وطالبهم بمنعها والكف عنها من خلال قناتهم.
والله الهادي إلى سواء السبيل(1) 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- جريدة الجزيرة الأربعاء 21 ذو الحجة 1427 العدد 12522
http://search.al-jazirah.com.sa/2007jaz/jan/10/rj11.htm
ثانيا : ردي المتواضع على فضيلته
رفقا بالمخالفين يا دكتور عبد الله فالأناشيد فيها خلاف
الحمد لله والصلاة والسلام على أفضل خلق الله وبعد(1/26)
أخي رئيس تحرير جريدة الجزيرة السعودية ، لقد أطلعت مثل غيري على مقال الأخ الدكتور عبد الله البدراني وفقني الله وإياه لكل خير والمعنون ب ( قناة المجد والأناشيد) في العدد ( 12522) ، فوجدته مقالا جيدا ولكن أخي الكريم ذكر قولا واحدا يراه هو الصحيح فكان لزاما علي أن أتناقش مع أخي الكريم رغبة بالحق ليس إلا ، وليعذرني أخي المشرف على طول المقال لأهمية الموضوع كما آمل نشره وعدم إهماله أو اختصاره فالهدف الحق والله المستعان ، كما إن الخلاف لا يفسد للود قضية إذا كان الهدف هو طلب الحق ، كما ينبغي علينا كمسلمين نعتز بأننا حملة أفضل وآخر شرع ابتغاه الله لنا ففضلنا على غيرنا به ، ويشهد الله أنني بمناقشتي لأخي الدكتور عبد الله البدراني لا أطلب إلا الحق الذي هو أيضا يبحث عنه ، ولا أهدف إلى الإلزام برأيي لأني بشر أخطئ وأصيب ، ومثلي قول الشافعي رحمه الله ( قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب ) ، وقد تعرض أخي الكريم في مقاله لقناة شدى للأناشيد والتي تُسَوقْ عبر باقة قناة المجد باركها الله ونفع بها ، ناقدا لها ومحذرا من الأناشيد جملة وتفصيلا وأستدل بأدلة قوية مباركة لفضلاء مباركين رحم الله من قضى وبارك بعمر من بقى ، والمسألة كما لا تخفى على الكثير من عامة الناس دون طلبة العلم منهم أنها مسألة خلافية الخلاف فيها قوي وقد كتب وألف كل فريق منهم ما يسر الله له أن يكتب حول الأناشيد الإسلامية ما بين مؤيد ومنكر 0
فأقول مستعينا بربي مناقشا لأخي من خلال النقاط التالية :
النقطة الأولى : المسألة خلافية بين العلماء والخلاف فيها قوي ومعتبر كما سيتضح بعد قليل فكان الأجدر بأخي الكريم أن يبين الخلاف في المسألة ثم يرجح ما يراه صحيحا مبينا ومدللا 0(1/27)
النقطة الثانية : وصف أخي الكريم أن المتابعين للأناشيد بالجهال والسذج وكنت أربئ بأخي الكريم أن يصف أخوانه المسلمين بمثل هذه الصفات والتي ينتج عنها النفرة من كلامه وعدم الاستماع له بل ومعاداته ، ومن أراد النصح للآخرين لزمه حسن الملاطفة معهم حتى يسمعوا كلامه ، قال تعالى ( لَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) 0
النقطة الثالثة : قال الدكتور عبد الله ما نصه ( وألاّ يخدعوا الناس بكلام سلمان العودة هداه الله ) ، فيظهر للقارئ من هذا الأسلوب أن بين أخي الدكتور عبد الله وفضيلة الدكتور سلمان العودة خلاف شخصي ، علما بأن الخلاف لا يفسد للود قضية والنبي ) - صلى الله عليه وسلم - أنزلوا الناس منازلهم ) رواه الترمذي ، وشيخنا الشيخ ابن باز أسكنه الله فسيح جناته كان إذا رد على المخالف قال ( أخونا ) ومثلها من الألفاظ اللطيفة ، ولطافة النبي صلى الله عليه وسلم مع المخالفين خير دليل على أهمية إنزال الناس منازلهم0
النقطة الرابعة : أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا بدليل يحرمها ، وهذه الأناشيد على هذا الأصل أي الحل إلا بدليل ينقلها إلى التحريم ، وليس هناك دليل شرعي قاطع يحرمها 0
النقطة الخامسة : كل ما هو مباح يجوز اتخاذه وسيلة من وسائل الدعوة ، لأن وسائل الدعوة ليست توقيفية على الصحيح والله أعلم 0(1/28)
النقطة السادسة : وهو لب الموضوع : قال الدكتور أحمد عبد الكريم نجيب في صفحته في موقع صيد الفوائد ما نصه جوابا لمن سأله عن الأناشيد الإسلاميّة ؟ فقال : النشيد عبارةٌ عن شعرٍ مُلحّن ، و الشعرُ كلامٌ حَسَنُه حسنٌ ، و سيّئه سيّئ ، فإذا كان الكلام حسناً ، و اللحنُ خالٍ من الخُضوع و الخنوع ، و غير مصحوبٍ بمحرّم كالاختلاط و أصوات المعازف على تنوّعها و نحو ذلك ؛ فلا بأس في أدائه و لا في سماعه إن شاء الله ، أمّا ما ذهب إليه بعض المعاصرين من اعتبار النشيد من شعارات أهل التصوّف ، و حمل نهي الأئمّة عن ( السماع ) عليه ، فغيرُ مسلّمٍ به ، لأنّ النشيد معروفٌ مشهورٌ عند الصوفيّة و غيرهم ، و ليس حكراً على أحد ، و إن أكثر عند أهل البِِِدَع فلا يعدّ من شعاراتهم لمجرّد ذلك ، و قد عُرف الحِداء عن السلف ، و عُرِفَ عنهم الرجَز في الجهاد ، و ما هذا و ذاك إلا من الشعر الملحّن ( الإنشاد ) ، و لم يُنكره أحدٌ لذاته ، و لكن أنكره من أنكره لما قد يرافقه من منكرات لا تكاد تخلو منها مجالس السماع عند المتصوّفة و من وافقهم ، و الترخيص في الإنشاد و سماع الأناشيد هو المختار لدى معظم أهل التحقيق من المعاصرين ، و تعميماً للفائدة أذكر أقوال طائفة منهم ، فقد قال محدّث الديار الشاميّة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ( إذا كانت هذه الأناشيد ذات معانٍ إسلامية ، و ليس معها شيء من المعازف و آلات الطرب كالدفوف و الطبول و نحوِها ، فهذا أمرٌ لا بأس به ، و لكن لابد من بيان شرطٍ مهم لجوازها ، و هو أن تكون خالية من المخالفات الشرعية ؛ كالغلوّ ، و نَحوِه ، ثم شرط آخر ، و هو عدم اتخاذها دَيدَناً ، إذ ذلك يصرِفُ سامعيها عن قراءة القرآن الذي وَرَدَ الحضُّ عليه في السُنَّة النبوية المطهرة ، و كذلك يصرِفُهُم عن طلب العلم النافع ، و الدعوة إلى الله سبحانه ) [العدد الثاني من مجلة الأصالة ، الصادر بتاريخ 15 جمادى الآخرة(1/29)
1413هـ ، ص : 73 ] ، و قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله : ( الأناشيد الإسلامية مثل الأشعار؛ إن كانت سليمة فهي سليمة ، و إن كانت فيها منكر فهي منكر ، و الحاصل أن البَتَّ فيها مطلقاً ليس بسديد ، بل يُنظر فيها ؛ فالأناشيد السليمة لا بأس بها ، والأناشيد التي فيها منكر أو دعوة إلى منكرٍ منكرةٌ ) [ راجع هذه الفتوى في شريط أسئلة و أجوبة الجامع الكبير ، رقم : 90 / أ ] ، و قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله : ( الأناشيد الإسلامية كثُرَ الكلام حولها، و أنا لم أستمع إليها منذ مدة طويلةٍ ، و هي أول ما ظهرت كانت لا بأس بها ، ليس فيها دفوف ، و تُؤدَّى تأديةً ليس فيها فتنة ، و ليست على نغمات الأغاني المحرمة ، لكن تطورت و صارَ يُسمع منها قرع يُمكن أن يكون دُفاً ، و يمكن أن يكون غيرَ دُفٍّ.(1/30)
كما تطورت باختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة ، ثم تطورت أيضاً حتى أصبحت تؤدى على صفة الأغاني المحرمة ، لذلك: أصبح في النفس منها شيء و قلق ، و لا يمكن للإنسان أن يفتي بأنها جائزة على كل حال و لا بأنها ممنوعة على كل حال ، لكن إن خلت من الأمور التي أشرت إليها فهي جائزة ، أما إذا كانت مصحوبة بدُفٍ ، أو كانت مختاراً لها ذوو الأصوات الجميلة التي تَفتِن ، أو أُدِّيَت على نغمات الأغاني الهابطة ، فإنّه لا يجوز الاستماع إليها ) [ انظر : الصحوة الإسلامية ، ص : 185 ] ، و اعتَبَرَت اللجنةُ الدائمةُ للإفتاءُ الأناشيدَ بديلاً شرعيّاً عن الغناء المحرّم ، إذ جاء في فتاواها ( يجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية ، فيها من الحِكَم و المواعظ و العِبَر ما يثير الحماس و الغيرة على الدين ، و يهُزُّ العواطف الإسلامية ، و ينفر من الشر و دواعيه ، لتَبعَثَ نفسَ من يُنشِدُها ومن يسمعُها إلى طاعة الله ، و تُنَفِّر من معصيته تعالى ، و تَعَدِّي حدوده ، إلى الاحتماءِ بحِمَى شَرعِهِ ، و الجهادِ في سبيله ، لكن لا يتخذ من ذلك وِرْداً لنفسه يلتزمُه ، و عادةً يستمر عليها ، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة ، عند و جود مناسباتٍ و دواعيَ تدعو إليه ، كالأعراس و الأسفار للجهاد و نحوه ، و عند فتور الهمم ، لإثارة النفس و النهوض بها إلى فعل الخير ، و عند نزوع النفس إلى الشر و جموحها ، لردعها عنه وتنفيرها منه ، و خيرٌ من ذلك أن يتخذ لنفسه حزباً من القرآن يتلوه ، و وِرداً من الأذكار النبوية الثابتة ، فإن ذلك أزكَى للنفس ، و أطهر ، و أقوى في شرح الصدر، و طُمأنينة القلب ، قال تعالى : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ(1/31)
يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) [ الزمر : 23 ] ، و قال سبحانه : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) [ الرعد : 28 ، 29 ] ، و قد كان دَيدَن الصحابة و شأنهم رضي الله عنهم العناية بالكتاب و السنة حفظاً و دِراسةً و عملاً ، و مع ذلك كانت لهم أناشيد و حداء يترنمون به في مثل حفرِ الخندق ، و بناء المساجد ، و في سيرهم إلى الجهاد ، و نحو ذلك من المناسبات ، دون أن يجعلوه شعارهم ، و يعيروه جلّ همهم و عنايتهم ، لكنه مما يروحون به عن أنفسهم ، و يهيجون به مشاعرهم ) [ انظر النص الكامل لهذه الفتوى في كتاب : فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء ، جمع وترتيب محمد بن عبد العزيز المسند : 4 / 533 ] ، و في فتوى اللجنة إشارةٌ إلى ما رواه مسلم و ابن ماجة و أحمد عن أَنَسَ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ : « اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الآخِرَةِ » . قَالَ شُعْبَةُ : أَوْ قَالَ : « اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلاَ عَيْشُ الآخِرَهْ فَأَكْرِمِ الأَنْصَارَ وَ الْمُهَاجِرَهْ » ، و ما رواه الشيخان عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ ، وَكَانَ رَجُلاً كَثِيرَ الشَّعَرِ ، وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ :
اللَّهُمَّ لَوْ لا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلا تَصَدَّقْنَا وَلا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتْ ا لإقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا
إِنَّ الإْعدَاءَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا(1/32)
يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ ، و نحو ه ما رواه البخاريّ أيضاً عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع : ألا تُسمعنا من هنيهاتك ؟ قال : و كان عامر رجلاً شاعراً ، فنزل يحدو بالقوم يقول :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فداء لك ما اقتفينا وثبت الأقدام إن لاقينا
و ألقين سكينة علينا إنا إذا صيح بنا أتينا
و بالصياح عوِّلوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من هذا السائق ؟ ) ، قالوا : عامر بن الأكوع ، فقال عليه الصلاة و السلام : ( يرحمه الله ) ، و في سُُُنَن النسائي رحمه الله أنّ سلمةَ بن الأكوع ارتجز بأبيات أخيه هذه بين يدي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم ، فثدّقه رسول الله عندما قال :
اللهم لولا أنت ما اهتدينا و لا تصدقنا ولا صلينا
و روى مُسلِم حديث إياس بن سلمة ابن الأكوع ، و فيه رَجزه :
وَأَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
و رَجز عمِّه عامر بن الأكوع المتقدّم و قولَه أيضاً في مبارزة مَرحَب ملك يهود :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ
حتّى إذا رَجَعَ سيفُ عامر رضي الله عنه عليه فقتله ، برزَ عليٌّ لِمَرحب فضَرَبَ رأسه ، فقتله و هو يقول :
أ َنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ الْمَنْظَرَهْ
أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ(1/33)
و لم يُنكر رسول الله صلى الله عليه و سلّم شيئاً من ذلك ، فكان بمثابة إقراره ، بل يؤخذ منه اسْتِحْبَاب الرَّجَز فِي الْحَرْب ، كما قرّره النووي في شرح صحيح مسلم ، و قال الحافظ في ( الفتح ) بعد أن ذكر أقوال العلماء في الغناء عند شرح حديث البراء المتقدّم : ( نَقَل ابنُ طاهر في " كتاب السماع " الجوازَ عن كثيرٍ من الصحابة , لكن لم يثبت من ذلك شيء إلا في النصب ( و هو الحداء ) المشار إليه أولاً ، قال ابن عبد البر : الغناء الممنوع ما فيه تمطيط و إفساد لوزن الشِعر طلباً للطرب وخروجاً من مذاهب العرب ، و إنما وَرَدت الرخصة في الضرب الأول دون ألحان العجم ، و قال الماوردي : هو الذي لم يزل أهل الحجاز يُرَخِّصُون فيه من غير نكير إلا في حالتين : أن يُكثِرَ منه جداً ، و أن يصحبه ما يمنعه منه ، و احتج من أباحه بأن فيه ترويحاً للنفس , فإن فعله ليقوى على الطاعة فهو مطيع ، أو على المعصية فهو عاص , و إلا فهو مثل التنزه في البستان و التفرج على المارة ، و أطنب الغزالي في الاستدلال , و مُحصَّله أن الحِداء بالرَجَز و الشعر لم يزل يُفعل في الحضرة النبوية , و ربَّما التمس ذلك , و ليس هو إلا أشعار توزن بأصوات طيبة و ألحان موزونة , و كذلك الغناء أشعار موزونة تؤدى بأصوات مستلذة و ألحان موزونة)0
و الخلاصة أنّ الأناشيد منها ما هو مشروع و منها ما هو محظور ، فما خالطه المنكر حُرّم لأجله ، و ما سَلِم من المنكر بكافّة صُوَره ، و صَفَت نيّة صاحبه ، فلا بأس فيه ، و الله تعالى أعلم 0(1)
النقطة السابعة : قال العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله : ( الأناشيد الإسلامية تختلف فإذا كانت سليمة ليس فيها إلا الدعوة إلى الخير والتذكير بالخير وطاعة الله ورسوله والدعوة إلى حماية الأوطان من كيد الأعداء والاستعداد للأعداء ونحو ذلك فليس فيها شيء ، أما إذا كانت فيها غير ذلك من دعوة إلى المعاصي واختلاط النساء بالرجال أو تكشف(1/34)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع صيد الفوائد – صفحة الشيخ
http://www.saaid.net/Doat/Najeeb/f54.htm
عندهم أو أي فساد فلا يجوز استماعها ) (1) ، وقال ابن باز رحمه الله : الأناشيد الإسلامية مثل الأشعار؛ إن كانت سليمة فهي سليمة ، و إن كانت فيها منكر فهي منكر ، و الحاصل أن البَتَّ فيها مطلقاً ليس بسديد ، بل يُنظر فيها ؛ فالأناشيد السليمة لا بأس بها ، والأناشيد التي فيها منكر أو دعوة إلى منكرٍ منكرةٌ (2) ، وقال الشيخ عبد الله الجبرين رحمه الله النشيد هو قراءة القصائد إما بصوت واحد أو بترديد جماعتين ، وقد كرهه بعض المشايخ ، وقالوا: إنه من طرق الصوفية ، وأن الترنم به يشبه الأغاني التي تثير الغرائز، ويحصل بها نشوة ومحبة لتلك النغمات ، ولكن المختار عندي : جواز ذلك - إذا سلمت من المحذور- وكانت القصائد لا محذور في معانيها ، كالحماسية والأشعار التي تحتوي على تشجيع المسلمين على الأعمال ، وتحذيرهم من المعاصي ، وبعث الهمم إلى الجهاد ، والمسابقة في فعل الخيرات ، فإن مصلحتها ظاهرة، وهي بعيدة عن الأغاني ، وسالمة من الترنم ومن دوافع الفساد (3) ، وقال الدكتور سفر الحوالي : كثير من العلماء قد تكلموا فيه ، وما أظن(1/35)
الفتاوى في هذا إلا معلومة لديكم ، وما عندي فيها جديد ، لكن أحب أن أنصح بشيء بهذه المناسبة : إذا لم يطعك أحد الأشخاص في مركز صيفي أو في مدرسة في ترك سماع الأناشيد لا تتهمهم في عقائدهم ، فإذا رأيت أحداً يعمل مثل هذا العمل من إخوانك من أهل السنة من مريدي الحق ، لا تقول: أنت أصبحت صوفياً أو أنت من الصوفية ، فتلحقه بطائفة مبتدعة لأنه خالف بهذا فربما كان له اجتهاد، فهو يرى أنه جائز وأنت ترى أنه محرم ، 000000 والاختلاف الذي يصحبه الهوى ، الاختلاف في الأناشيد والتمثيليات في كثير من الأحيان أنا أرى أنه يصحبه نوع من الهوى ، أما مجرد معرفة حكم الله فيها فهذا سهل يمكن أن نتفق عليه، ويمكن أن نفترق فيه على قولين، والغالب أن الحق مع من يُفَصِل ، وليس مع من يُحَرِم مطلقاً، ولا من يثبت مطلقاً، بل لابد من فصل الحرام من الحلال في هذه الأمور وستجد الخير - إن شاء الله- أما أن يحرم شيئاً من أساسه وغيره يخالفه من أساسه فلا بد أن ذلك الغير له نظر، فما دام هو داخل في دائرة الاجتهاد فليقدرها قدرها (4) ، وقال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله : الأناشيد الإسلامية كثُرَ الكلام حولها ، و أنا لم أستمع إليها منذ مدة طويلةٍ ، و هي أول ما ظهرت كانت لا بأس بها ، ليس فيها دفوف ، و تُؤدَّى تأديةً ليس فيها فتنة ، و ليست على نغمات الأغاني المحرمة ، لكن تطورت و صارَ يُسمع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 3/437
2- شريط أسئلة و أجوبة الجامع الكبير ، رقم : 90 / أ
3- موقع الشيخ
http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=6&book=67&toc=4274&page=3859&subid=11430
4- موقع الشيخ
http://www.alhawali.com/index.cfm?method=home.SubContent&contentid=1165(1/36)
منها قرع يُمكن أن يكون دُفاً ، و يمكن أن يكون غيرَ دُفٍّ ، كما تطورت باختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة ، ثم تطورت أيضاً حتى أصبحت تؤدى على صفة الأغاني المحرمة ، لذلك : أصبح في النفس منها شيء و قلق ، و لا يمكن للإنسان أن يفتي بأنها جائزة على كل حال و لا بأنها ممنوعة على كل حال ، لكن إن خلت من الأمور التي أشرت إليها فهي جائزة ، أما إذا كانت مصحوبة بدُفٍ ، أو كانت مختاراً لها ذوو الأصوات الجميلة التي تَفتِن ، أو أُدِّيَت على نغمات الأغاني الهابطة ، فإنّه لا يجوز الاستماع إليها (1) ، واعتَبَرَت اللجنةُ الدائمةُ للإفتاءُ الأناشيدَ بديلاً شرعيّاً عن الغناء المحرّم ، إذ جاء في فتاواها : يجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية ، فيها من الحِكَم و المواعظ و العِبَر ما يثير الحماس و الغيرة على الدين ، و يهُزُّ العواطف الإسلامية ، و ينفر من الشر و دواعيه ، لتَبعَثَ نفسَ من يُنشِدُها ومن يسمعُها إلى طاعة الله ، و تُنَفِّر من معصيته تعالى ، و تَعَدِّي حدوده ، إلى الاحتماءِ بحِمَى شَرعِهِ ، و الجهادِ في سبيله . لكن لا يتخذ من ذلك وِرْداً لنفسه يلتزمُه ، و عادةً يستمر عليها ، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة ، عند و جود مناسباتٍ و دواعيَ تدعو إليه ، كالأعراس و الأسفار للجهاد و نحوه ، و عند فتور الهمم ، لإثارة النفس و النهوض بها إلى فعل الخير ، و عند نزوع النفس إلى الشر و جموحها ، لردعها عنه وتنفيرها منه .(1/37)
و خيرٌ من ذلك أن يتخذ لنفسه حزباً من القرآن يتلوه ، و وِرداً من الأذكار النبوية الثابتة ، فإن ذلك أزكَى للنفس ، و أطهر ، و أقوى في شرح الصدر ، وطُمأنينة القلب ، قال تعالى ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) [ الزمر : 23 ] ، و قال سبحانه : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) [ الرعد : 28 ، 29 ] ، و قد كان دَيدَن الصحابة و شأنهم رضي الله عنهم العناية بالكتاب و السنة حفظاً و دِراسةً و عملاً ، و مع ذلك كانت لهم أناشيد و حداء يترنمون به في مثل حفرِ الخندق ، و بناء المساجد ، و في سيرهم إلى الجهاد ، و نحو ذلك من المناسبات ، دون أن يجعلوه شعارهم ، و يعيروه جلّ همهم و عنايتهم ، لكنه مما يروحون به عن أنفسهم ، و يهيجون به مشاعرهم (2) ، وقال محدّث الديار الشاميّة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله : إذا كانت هذه الأناشيد ذات معانٍ إسلامية ، و ليس معها شيء من المعازف و آلات الطرب كالدفوف و الطبول و نحوِها ، فهذا أمرٌ لا بأس به ، و لكن لابد من بيان شرطٍ مهم لجوازها ، وهو أن تكون خالية من المخالفات الشرعية ؛ كالغلوّ ، و نَحوِه ، ثم شرط آخر ، و هو عدم اتخاذها دَيدَناً ، إذ ذلك يصرِفُ سامعيها عن قراءة القرآن الذي وَرَدَ الحضُّ عليه في السُنَّة النبوية المطهرة ، و كذلك يصرِفُهُم عن طلب العلم النافع ، و الدعوة إلى الله سبحانه (3) 0(1/38)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الصحوة الإسلامية ، ص : 185
2- فتاوى إسلامية ، جمع وترتيب محمد بن عبد العزيز المسند : 4 / 533 بتصرف
3- العدد الثاني من مجلة الأصالة ، الصادر بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1413هـ
النقطة الثامنة : الخلاصة التي خلصت إليها :
1- جواز الأناشيد الإسلامية بضوابطها الشرعية والضوابط هي ( الكلمة الهادفة – اللحن المتزن – عدم التميع أو التغنج – خلوها من المعازف – خلوها من تهييج الغرائز - 00000000 الخ ) 0
2- الاتزان في الاستماع إلى الأناشيد وعدم الإكثار منها 0
3- أن لا يطغى الاستماع إليها على قراءة أو الاستماع لكتاب الله 0
4- أن لا تشغله الأناشيد عن طاعة الله 0
5- أن لا تشغله الأناشيد عن طلب العلم الضروري 0
إن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت وهذا طبعي وطبع البشر فمن نفسي ومن الشيطان قبحه الله فأستغفر الله والحمد الله رب العالمين 0
الحكم الشرعي للأناشيد الإسلامية
قال الدكتور صالح الغزالي : اختلف أهل العلم – من أهل العصر – في النظر إلى حكم النشيد واستماعه على قولين :
القول الأول : إباحته بشروط .
وهو قول جمهور المنتسبين إلى العلم والدعوة من فقهاء العصر ، على خلاف بينهم في تفصيل هذه الشروط ، ومنها ما هو متفق عليه بينهم ، ككونها لا تُلهي صاحبها عن ذكر الله ، ولا يصطحب معها آلات العزف ، ومنها ما هو مختلف فيه كاصطحاب الدف معها ، وممَن أفتى بجواز النشيد بشروط : أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، وفضيلة الشيخ عبد الرازق عفيفي رحمه الله ، فضيلة الشيخ عبد الله بن غديان ، وفضيلة الشيخ عبد الله بن قعود ، وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 0(1/39)
القول الثاني : الحظر ، إلحاقاً له بالسماع الصوفي المحدث ، أو الغناء المُحرم وهو قول بعض الفقهاء والمحدثين في هذا العصر ، ممَن قال به : الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ، والشيخ الدكتور صالح الفوزان حفظه الله 0(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- كتاب حقيقة النشيد وحكمه - تقريظ وتعليق فضيلة الشيخ عبد الله الجبرين
الفتاوى الشرعية في بيان حكم الأناشيد الإسلامية
أولا : فتاوى اللجنة الدائمة
السؤال الأول : إننا نعلم حرمة الأغاني المعروفة بشكلها الحالي ونحن شباب الإسلام الذين أنار الله قلوبهم بالحق لابد لنا من بديل وقد اخترنا الأناشيد الإسلامية التي فيها الحماس والعاطفة وغير ذلك من تلك الألوان . والأناشيد عبارة عن أبيات شعرية قالها دعاة الإسلام (قواهم الله) وصيغت بشكل لحن كمثل قصيدة (أخي) لسيد قطب - رحمه الله تعالى - فما الحكم في أناشيد إسلامية بحتة فيها الكلام الحماسي والعاطفي الذي قاله دعاة الإسلام في العصر الحاضر وغير الحاضر وفيها الكلمات الصادقة التي تعبر عن الإسلام وتدعو إليه. ولما كان ضمن هذه الأناشيد صوت الطبل (الدف) فهل يجوز الاستماع إليها . وكما أعلم وعلمي محدود بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أباح الطبل ليلة الزفاف والطبل هو أهون الآلات الموسيقية مثله مثل الضرب على أي شئ سواه - أفيدونا وفقكم الله لما يحبه ويرضاه ؟(1/40)
الجواب الأول : أجابت اللجنة بما يلي: (صدقت في حكمك بالتحريم على الأغاني بشكلها الحالي من أجل اشتمالها على كلام بذئ ساقط واشتمالها على ما لا خير فيه بل على ما فيه لهو وإثارة للهوى والغريزة الجنسية وعلى مجون وتكسر يغري سامعه بالشر - وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه - ويجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية فيها من الحكم والمواعظ والعبر ما يثير الحماس والغيرة على الدين ويهز العواطف الإسلامية وينفر من الشر ودواعيه لتبعث نفس من ينشدها ومن يسمعها إلى طاعة الله وتنفر من معصيته تعالى وتعدي حدوده إلى الاحتماء بحمى شرعه والجهاد في سبيله ، لكن لا يتخذ من ذلك ورداً لنفسه يلتزمه ، وعادة يستمر عليها ، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة عند وجود مناسبات ودواعي تدعو إليه كالأعراس والأسفار للجهاد ونحوه ، وعند فتور الهمم لإثارة النفس والنهوض بها إلى فعل الخير وعند نزوع النفس إلى الشر وجموحها لردعها عنه وتنفيرها منه ، وخير من ذلك أن يتخذ لنفسه حزباً من القرآن يتلوه ، ووردا من الأذكار النبوية الثابتة فإن ذلك أزكى للنفس وأطهر وأقوى في شرح الصدر وطمأنينة القلب ، قال الله تعالى : (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله.(1/41)
ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد) وقال سبحانه: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ، الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) وقد كان ديدن الصحابة وشأنهم رضي الله عنهم العناية بالكتاب والسنة حفظاً ودراسة وعملاً ومع ذلك كانت لهم أناشيد وحداء يترنمون به في مثل حفر الخندق وبناء المساجد وفي سيرهم إلى الجهاد ونحو ذلك من المناسبات دون أن يجعلوه شعارهم ويعيروه جل همهم وعنايتهم لكنه مما يروحون به عن أنفسهم ويهيجون به مشاعرهم، أما الطبل ونحوه من آلات الطرب فلا يجوز استعماله مع هذه الأناشيد لأن النبي وأصحابه رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك والله الهادي إلى سواء السبيل . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- فتاوى إسلامية - محمد بن عبد العزيز المسند : 4 / 532 - 533
السؤال الأول : ما حكم استماع أشرطة الأناشيد الإسلامية؟
الجواب الثاني : الأناشيد تختلف فإذا كانت سليمة ليس فيها إلا الدعوة إلى الخير والتذكير بالخير وطاعة الله ورسوله والدعوة إلى حماية الأوطان من كيد الأعداء والاستعداد للأعداء ، ونحو ذلك ، فليس فيها شيء . أما إذا كان فيها غير ذلك من دعوة إلى المعاصي واختلاط النساء بالرجال أو تكشفهن عندهم أو أي فساد كان فلا يجوز استماعها (1)
ثانيا : فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
السؤال الأول : ما حكم استماع أشرطة الأناشيد الإسلامية ؟(1/42)
الجواب : الأناشيد تختلف فإذا كانت سليمة ليس فيها إلا الدعوة إلى الخير والتذكير بالخير وطاعة الله ورسوله، والدعوة إلى حماية الأوطان من كيد الأعداء والاستعداد للأعداء، ونحو ذلك، فليس فيها شيء. أما إذا كان فيها غير ذلك من دعوة إلى المعاصي واختلاط النساء بالرجال أو تكشفهن عندهم، أو أي فساد كان فلا يجوز استماعها ، نشرت في المجلة العربية - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثالث (2)
السؤال الثاني : عندنا جماعة دينية لا داعي لذكر اسمها تبيح الأناشيد الدينية في المسجد وبصوت مرتفع، ما هو توجيهكم ؟
الجواب : الأشعار العربية, والأناشيد العربية الإسلامية التي فيها فائدة في مقام العلم والتعليم لا بأس بها, إذا كان في المسجد حلقة علم , أو واعظ يعظ الناس ويذكر الناس ويقرأ عليهم بعض الأشعار المفيدة , والأناشيد الشرعية الطيبة المفيدة لا حرج في ذلك, فقد كان حسان رضي الله عنه ينشد الشعر في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام , ويهجوا الكفرة في مسجده صلى الله عليه وسلم , ويقول له النبي صلى الله عليه وسلم ( اهجهم والذي نفسي بيده إنه لأشد عليهم من وقع النبل ) , ويقول : ( اللهم أيده بروح القدس ) , فإن كان الأشعار في المساجد , والأشعار الإسلامية المفيدة النافعة, والأناشيد الطيبة في حلقات العلم أو في المواعظ كل هذا لا بأس به , أما الأغاني المنكرة , أو الأشعار المنكرة , أو الأناشيد المنكرة فلا تجوز لا في المساجد ولا في غيرها (3)
السؤال الثالث : هل الاستماع إلى الأناشيد الإسلامية فيه شيء؟
الجواب : لا ما فيه شيء ، إذا كانت هذه الأناشيد سليمة ، موافقة للشرع ، ليس فيها منكر فلا بأس (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- راجع موقع اللجنة - الجزء رقم : 3 الصفحة رقم 437 - نشرت في المجلة العربية(1/43)
2- موقع الشيخ http://www.binbaz.org.sa/mat/1702
3- موقع الشيخ http://www.binbaz.org.sa/mat/17781
4- موقع الشيخ http://www.binbaz.org.sa/mat/17946
السؤال الرابع : ما حكم الإسلام في سماع الأناشيد الدينية الخالية من الآلات الموسيقية ؟
الجواب : لا بأس ، إذا كانت سليمة ليس فيها إلا كلام طيب وليس فيها آلات الملاهي فليس فيها حرج (1)
ثالثا : فتاوى الشيخ محمد العثيمين رحمه الله
السؤال الأول : بارك الله فيكم هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج المستمع أبو حمزة من المدينة المنورة يقول فضيلة الشيخ ما حكم الشرع في نظركم في الأناشيد الإسلامية أرجو التوضيح بهذا مأجورين ؟
الجواب : الأناشيد الإسلامية لا يمكن الحكم عليها حتى تسمع وينظر ما موضوع الأنشودة وهل أنشدت على وجه التلحين الغنائي الهابط أو أنشدت على وجه الحداء البعيد عن نغمات الغناء الماجن وتلحينه وهل أنشدت بأصوات جميلة جذابة تثير الفتنة وتحرك الساكن أم أنشدت بأصوات عادية لا يحصل بها الفتنة فإذا كان موضوع الأنشودة جيداً لا محذور فيه ولم تلحن تلحين الأغاني السافلة الهابطة ولم يكن فيها أصوات مؤدية إلى الفتنة فإنه لا بأس بها ولكن بشرط ألا تكون ديدن الإنسان بحيث يكب عليها كثيراً وألا يتخذها الواعظ الوحيد لقلبه دون أن يرجع إلى وعظ الكتاب والسنة فهذه ثلاثة شروط الشرط الأول أن يكون موضوع الأناشيد موضعاً جيداً غير محظور ويلتحق بهذا الشرط أن لا تلحن تلحين الأغاني الماجنة السافلة وألا تكون بأصوات فاتنة الشرط الثاني ألا يكب عليها كثيراً الشرط الثالث أن لا يجعلها هي الواعظ الوحيد لقلبه بحيث يعرض عن موعظة القرآن والسنة فإذا تمت هذه الشروط الثلاثة وإن شئت فاجعلها خمسة فأرى أنه لا بأس بها أما إذا اختل شرط واحد منها فليُعدل عنها ، مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (2)(1/44)
السؤال الثاني : على بركة الله نبدأ هذه الحلقة برسالة وصلت من المستمع أبو عبد الله يقول سمعت بعض الأناشيد الإسلامية وفيها لحون تثبت لحون الغناء نعم تشبه لحون الغناء ولكنها بدون موسيقى وهي بأصوات جميلة فما حكم ذلك علما بأن البعض من الإخوان يتحرج منها ويقول بأنها من أعمال الصوفية أرجو من فضيلة الشيخ إجابة ؟
الجواب : الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين هذه الأناشيد التي سأل عنها السائل وتسمى بالأناشيد الإسلامية دخل فيها بعض ما نحذر منها أنها تغنى كغناء المطربين الذين يغنون بالأغاني الهابطة ومنها أنها تكون بأصوات جميلة جذابة ومنها أنها أحيانا تكون مصحوبة بالتصفيق أو بالدق على طشت أو شببه والذي جاء في السؤال خال عن التصفيق وخال من الضرب على الطشت وشبهه لكن يقول السائل إنه بألحان كألحان الغناء الهابط وأنه بأصوات جميلة جذابة وحينئذ نرى أن لا يستمع لمثل هذا لما فيه من الفتنة والتشبه بألحان الغناء الماجن وخير من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ
http://www.binbaz.org.sa/mat/18019
2- موقع الشيخ
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8220.shtml(1/45)
ذلك أن يستمع الإنسان إلى مواعظ نافعة مأخوذة من كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة والأئمة من أهل العلم والدين فإن في ذلك غنى وكفاية عما سواه والإنسان إذا اعتاد أن لا يتعظ إلا بشيء معين كألحان الغناء فإنه ربما لا ينتفع بالمواعظ الأخرى لأن نفسه ألفت ألا يتعظ إلا بهذا الشكل من المواعظ وهذا خطير يؤدي إلى الزهد من موعظة القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال أهل العلم والأئمة فالذي أنصح به أن يتجه الإنسان إلى استماع ما ذكرته من المواعظ التي تشتمل على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأقوال الصحابة وأئمة المسلمين من بعدهم نعم ، مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (1)
السؤال الثالث : السؤال: أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ هذا السائل محمد بالقاسم يقول في هذا السؤال أسأل عن الاستماع إلى الأناشيد الإسلامية ما حكمه ؟
الجواب : أولاً ينبغي للإنسان أن لا يستمع إلا إلى شيء يجد فيه منفعة بدون مضرة كالقرآن والأحاديث والأحكام الفقهية وغيرها مما ينتفع به السامع أما الأناشيد فالأناشيد الإسلامية كما يقولون ينظر فيها ما موضوع القصيدة وكيفية أدائها وهل يحصل بها فتنة وهل تصد عن الاتعاظ بالقرآن والسنة فإذا كان موضوع هذه الأناشيد موضوعاً باطلاً كأناشيد الصوفية مثلاً أو نحوها فلا يستمع لها وإذا كان أداؤها على نحو أداء المغنين أصحاب الفن أو على نحو أداء الصوفيين فلا يستمع لها ومن ذلك إذا كان فيها طبل أو ضرب على الأرض وما أشبه ذلك وإذا كانت بأصوات مغرية كأصوات المردان التي قد تثير الشهوة فلا يستمع لها وإذا خشي أن لا يتعظ ، فتاوى نور على الدرب (2)
السؤال الرابع : أسأل عن حكم الاستماع إلى ما يسمى بالأناشيد الإسلامية بالنسبة للشاب المسلم ؟(1/46)
الجواب : نعم الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين إني أجيب على هذا السؤال بجوابٍ عام فالأناشيد الخالية من آلات اللهو أي من الموسيقى والمزمار وما أشبه ذلك إذا كان موضوعها موضوعاً مفيداً وأنشدت على الوجه المعروف عند العرب ولم يكن فيها أصواتٌ فاتنة تثير الشهوة لا بأس بها فقد كان حسان بن ثابت رضي الله عنه ينشد الشعر في مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمر به عمر ابن الخطاب ذات يوم وهو ينشد الشعر فلحظه كأنه يستغرب ما فعل فقال له حسان قد كنت أنشد هذا وفيه من هو خيرٌ منك يعني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أما إذا كانت الأناشيد مصحوبة بآلة اللهو كالمزامير والموسيقى والطبول أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8350.shtml
2- موقع الشيخ
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_9130.shtml
كان موضوعها موضوع غرام وفتنة أو كانت الأصوات فيها مغرية مثيرة للفتنة أو للاستمتاع بالصوت أو أنشدت على تلحين الأغاني الماجنة فإنها لا تجوز ، فتاوى نور على الدرب (1)
رابعا : فتاوى الشيخ عبد الله الجبرين رحمه الله
السؤال الأول : ما رأي سماحتكم في الأناشيد التي نسمعها في عصرنا هذا ؟(1/47)
الجواب الأول : الشعر مثل الكلام ، فحسنه حسن وقبيحه قبيح ، ولا شك أن حكم هذه الأناشيد حكم نظم الشعر ثم إلقائه ، فإن كان محتواها مفيدا كالترغيب في الخير ، والتحذير من المعاصي ، وكالمواعظ والزهديات ، والحث على مكارم الأخلاق ، والنهي عن سفاسفها ، وذكر العبادات والنوافل ونحوها ، فإن ذلك مباح ، لكن يكون إنشادها عاديا ، بدون ترنم وتمايل ، ونغمات مثيرة للأشجان ، أما إن احتوت على التشبيب، والدفع إلى الغرام ، ووصف الخدود والقدود ، وإثارة الغرائز، والدعاية إلى الجرائم ، وذكر المحرمات ، والنداء إلى اقتراف الفواحش ، وما إلى ذلك فهو محرم بأي صوت أو بأي لغة ، فالعبرة بالمحتوى ، ومعنى ذلك الشعر، وكذا بحال الإلقاء من الترنم والتغنج ونحوه ، اللؤلؤ المكين من فتاوى الشيخ ابن جبرين (2)
السؤال الثاني : لدي في سيارتي أشرطة غناء ، وأخرى أشرطة قرآن ، وأخرى أناشيد إسلامية ، وأنوع في سماعها ، فتارة أسمع الغناء ، وتارة أسمع أشرطة القرآن ، وتارة أسمع الأناشيد الإسلامية ، فما حكم هذا العمل ؟
الجواب الثاني : سماع الأغاني حرام إذا كانت مُلحنة أو مُطربة أو معها موسيقى ؛ وذلك لما فيها من أسباب الانحراف والدعوة إلى اقتراف الحرام ، وإلى الوقوع في الفواحش أو مقاربتها ؛ ولأن ذلك من لهو الحديث الذي ذم الله أهله ومقتهم ؛ فننصحك بإبعاد أشرطة الأغاني ، والاقتصار على أشرطة القرآن والأناشيد الإسلامية التي تحوي فوائد ونصائح إذا لم تكن ملحنة ؛ ففيها ما يكون مفيدًا وشاغلًا عن استماع المحرم. والله أعلم (3)
السؤال الثالث : أحسن الله إليكم، سائل يقول: ما حكم الإكثار من سماع الأناشيد الإسلامية ؟
الجواب الثالث : ننصح بسماعها إذا كانت فيها شيء من الحماس؛ ولكن الإكثار من ذلك والإنكباب عليه من الشواغل والقواطع عن الخير، وعن الاستكثار من العلم (4)(1/48)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-- موقع الشيخ
http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_8816.shtml
2-- موقع الشيخ
http://www.ibn-jebreen.com/book.php?cat=6&book=67&page=3920
3-- موقع الشيخ
http://www.ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=12791&parent=4160
4-- موقع الشيخ
http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=9&book=221&toc=8658&page=7550&subid=18467
خامسا : فتاوى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله
السؤال الأول : كثر الحديث عن الأناشيد الإسلامية ، و هناك من أفتى بجوازها و هناك من قال إنها بديل للأشرطة الغنائية ، فما رأي فضيلتكم ؟
الجواب : هذه التسمية غير صحيحة وهي تسمية حادثة فليس هناك ما يسمى بالأناشيد الإسلامية في كتب السلف و من يعتقد بقولهم من أهل العلم ، و المعروف أن الصوفية هم الذين يتخذون الأناشيد ديناً لهم ، و هو ما يسمونه السماع ، و في وقتنا لما كثرت الأحزاب و الجماعات صار لكل حزب أو جماعة أناشيد حماسية ، قد يسمونا بالأناشيد الإسلامية ، وهذه التسمية لا صحة لها ، و عليه فلا يجوز اتخاذ هذه الأناشيد و لا ترويجها بين الناس ، و بالله التوفيق (1)
السؤال الثاني: فى هذا العصر كثرت وسائل الدعوة إلى الله وفى بعضها شبهة عندي مثل التمثيل والأناشيد فهل هي جائزة أم لا مع أن بعضهم قيد نجاحها خاصة مع النشء ومن يحب الخير؟(1/49)
الجواب الثاني : هذا الوسائل مُورست فى الدعوة التي هي التمثيل والأناشيد ونحو ذلك ، والأناشيد تختلف عن التمثيل ، الأناشيد فيما أعلم من كلام علمائنا الذين يُصار إلى كلامهم بالفتوى أنهم على عدم جوازها ؛ لأن الأناشيد أتت عن طريق - يعنى فى الخارج -أتت عن طريق الإخوان المسلمين ، والإخوان المسلمون كان من أنواع التربية عندهم بالأناشيد ، والأناشيد كانت ممارسة فى الطرق الصوفية كنوع من التأثير على المريدين ، فدخلت كوسيلة من الوسائل ، وبحكم التجارب أو بحكم نقل الوسائل دخلت هاهنا فى هذه البلاد ، ومورست فى عدد من الأنشطة ، أفتى أهل العلم لما ظهرت هذه الظاهرة بأنها لا تجوز ، وقد قال الإمام أحمد فى التغبير الذي أحدثه الصوفية ، وهو شبيه بالأناشيد الموجودة حالياً ، قال إنه محدث وبدعة وإنما يراد منه - هذا كلام الإمام أحمد - الصد عن القرآن وكانوا يسمونه بالسماع المحمود وهو ليس بسماع محمود بل مذموم(2)
وقال أيضا : أما ما تسمونه بالأناشيد الإسلامية : فقد أُعطي أكثر مما يستحق من الوقت ، والجهد ، والتنظيم ، حتى أصبح فنّاً من الفنون ، يحتل مكاناً من المناهج الدراسية ، والنشاط المدرسي ، ويقوم أصحاب التسجيل بتسجيل كميات هائلة منه للبيع والتوزيع ، حتى ملأ غالب البيوت ، وأقبل على استماعه كثير من الشباب والشابات ، حتى شغل كثيراً من وقتهم ، وأصبح استماعه يزاحم تسجيلات القرآن الكريم ، والسنَّة النبوية ، والمحاضرات ، والدروس العلميَّة المفيدة (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مجلة الدعوة عدد 1632 - ص58
2- محاضرة له بعنوان كيف تدعو إلى الله
3- البيان لأخطاء بعض الكتاب ص 342
سادسا : فتاوى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله(1/50)
السؤال : ما حكم التصفيق للنساء في الأعراس عندما يصاحبها إنشاد الأناشيد الإسلامية ؟
الجواب : أولاً ما يسمى بالأناشيد الإسلامية و استعماله في حفلات الزواج هذا غير مشروع ، فإن الإسلام دين جد و عمل ، و ما يسمى بالأناشيد الإسلامية هذا استعمال للأذكار في غير محلها ، و لا ينبغي للناس أن يستعملوا ما يسمى بالأناشيد لأن فيها أشياء من ذكر الله في هذا الحفل أو ما يصاحبها من تصفيق و نحو ذلك ، فإن هذه الأناشيد و التصفيق و ما يصاحبها من أخلاق الصوفية ، و الله جل وعلا قد قال عن المشركين ( و ما كان صلاتهم عند المسجد الحرام إلا مكاء وتصدية ) فالتصفيق مع هذه الأناشيد الإسلامية غير مشروعة لأنها عبارة عن غناء لكن منسوبة إلى الإسلام ، و لا يصح هذا ( (1)
سابعا : فتاوى الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله
السؤال : كثرت الأسئلة حول الأناشيد الإسلامية التي أصبح الشباب يستمعون أليها بكثرة ، فما رأيكم في ذلك ؟(1/51)
الجواب : أرى أن الأناشيد الإسلامية لا تجوز ، لا سيما الموجودة في الساحة الآن ، فإنها أناشيد مطربة فيها تأوهات تشبه تأوهات الأغاني ، فأنت لا تفرق بين الأناشيد و بين الغناء إذا سمعتها ، حتى و لو كان ينشد واحد ، تجده ينشد و لكن يتأوه مثل تأوهات المغني لا فرق ، و قيل لي أن بعضهم جعل معها مزمار و بعضهم أيضا أناشيد في المولد ، هذا أعظم و أعظم ، و العياذ بالله ، و صارت فتنة ، و الأناشيد الجماعية ، لو سلمت من التأوهات و المزمار وكذا ، فإنها فيها مشابهة للصوفية ، الصوفية هم الذين يتعبدون بالأناشيد ثم أيضا الأناشيد الآن فيها طرب ، لان الذي يستمع الأناشيد حتى ولو كانت مفيدة ، معناه لا يتأمل المعنى ولا يتدبر ، إنما يتلذذ بالصوت ، متى يرفعون الصوت ومتى ينزلون الصوت فقط ، لا يتأمل المعنى ، لكن إذا كانت القصيدة مفيدة طيبة ينشدها واحد بصوت عادي و الباقي يستمعون ، كما أن القارئ يقرأ القرآن واحد و الباقي يستمعون ، و يقرأ الحديث واحد و الباقي يستمعون ، ينشد القصيدة المفيدة إذا ما كان فيها غزل و لا هجاء ولا لبس الحق بالباطل و ليس فيها محذور ، فانه ينشد واحد بصوت عادي عير ملحن و ليس فيه تأوهات و لا مزمار ولا كذا ، والباقي يستمعون ، أما أن يكون جماعة يرفعون الصوت و ينزلونه ، هذا ولو كان معناها مفيد وجيد ، لا ينتبه للمعنى ، إنما ينتبه للصوت ، ويتلذذ بالصوت متى يرفعونه و متى ينزلونه ، وفيه مشابهة للصوفية ، فأنا أنصح الشباب بترك هذه الأناشيد ، و إذا كانت القصيدة مفيدة يقرأها واحد بصوت عادي لا تأوهات ولا تلحين و الباقي يستمعون حتى يستفيدون (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مجلة الدعوة - عدد 1706
2- من شريط أقوال العلماء في حكم التمثيل والأناشيد، وراجع موقع الشيخ بالإنترنت(1/52)
ثامنا : فتاوى الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
السؤال : ما حكم غناء واستماع الأغاني التي تشيد بالرسول وأهل بيته وصحابته ومكارم الأخلاق، فهي تطرب الروح وتسمو بها ولا تثير الغرائز ؟
الجواب لقد دلَّ الكتاب والسنة على تحريم الغناء، والغناء الذي ورد النهي عنه هو إنشاد الشعر بالألحان ولا سيما مع آلات العزف ، وقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم تفسير الزور في قوله ( والذين لا يشهدون الزور ) ]الفرقان:72] وتفسير لهو الحديث في قوله تعالى ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) ] لقمان:6] وتفسير صوت الشيطان في قوله تعالى ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك" [الإسراء:64] وتفسير اللغو في قوله تعالى ( وإذا مروا باللغو ) [الفرقان:72] جاء عن السلف تفسير هذا كله بالغناء ، وجاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال ( الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ) ( رواه أبو داود 4927 ) مرفوعاً بسند ضعيف ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (10/223) موقوفا ً، وانظر تلخيص الحبير (2113) وجاء عن السلف قولهم ( الغناء رقية الزنى ) ولا ريب أن الشعر المُلحن مع الآلات يُطرب ، ومصدر الطرب هو الأصوات والأنغام ، بقطع النظر عن المعاني ، ولكن لا ريب أن الغناء أنواع فبعضه شر من بعض ، فالغناء الذي يثير غرائز الجنس ويهيّج على فعل الحرام من الزنى أو الظلم والعدوان ، أو يُحبب ما يبغضه الله ورسوله من الأقوال والأفعال أنه أقبح من الغناء الذي يسميه أهله غناءً دينياً ، ويضمنونه معاني صحيحة ، وقد يضمنونه مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل البيت ، وهذا المدح تارة يكون مشوباً بالغلو، وحينئذ فإنه مع ما يورثه من الطرب واللهو فإنه يغرس في القلب الغلو في الدين ومنه الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم ، والغلو في أهل بيته ، وأهل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم أغنياء بما أكرمهم الله به من الفضائل عن الغلو في إطرائهم ، فالواجب اجتناب الغناء كله ،(1/53)
والإقبال على سماع القرآن والحديث ، ولا بأس بقراءة الشعر غير ملحن وغير مقرون بالآلات ، وهو الشعر النظيف المشتمل على الترغيب بالفضائل ومكارم الأخلاق ، أو مدح من يستحق المدح بحق وباعتدال دون إفراط وتجاوز للحدود ، ودون توسع في ذلك ، فإن التوسع في المباح لا بد أن يكون على حساب الأعمال الصالحة الجليلة ، والعاقل الحازم هو من يؤثر الأعلى على الأدنى ، ويقدم الأفضل على الفاضل ، فأوصي السائل وكل من يقرأ هذا الجواب ألا يغتر بهذه الأشعار التي هي مما يعتني به المتصوفة الذين يتدينون ويعبدون الله بسماع القصائد ، ويستغنون بها عن سماع القرآن ، ويظنون أنهم بذلك محسنون ، فهم مبتدعون ومسيؤون من حيث يشعرون أولا يشعرون ، وقد تكون هذه الأشعار الدينية الصوفية أقبح من الأشعار التي تثير الغرائز، من جهة ما يخشى منها من غرس البدع الاعتقادية ، ومن التدين بما لم يشرعه الله ، فأصحاب هذا السماع يقبلون عليه ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً ، بينما المفتونون بالأغاني الخليعة يعترفون بأنهم عاصون في ذلك ، ويهمون بالتوبة ، ويجاهدون أنفسهم في ذلك ، بينما لا يفكر بذلك أصحاب السماع المبتدع ؛ لأنهم يظنونه ديناً وهو من دين الشيطان ( أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ) [فاطر:8] فينبغي للسائل وغيره أن يقرأ ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في هذا الشأن سيما كتابه في تحريم السماع وهو مطبوع مشهور (1)
تاسعا : الشيخ العلامة حمود التويجري رحمه الله(1/54)
قال رحمه الله : إن بعض الأناشيد التي يفعلها كثير من الطلاب في الحفلات و المراكز الصيفية و يسمونها الأناشيد الإسلامية ، ليست من أمور الإسلام لأنها مزجت بالتغني و التلحين و التطريب الذي يستفز المنشدين و السامعين و يدعوهم للطرب و يصدهم عن ذكر الله و تلاوة القرآن و تدبر آياته و التذكر بما جاء فيه من الوعد و الوعيد و أخبار الأنبياء و أممهم ، و غير ذلك من الأمور النافعة لمن تدبرها حق التدبر و عمل بما جاء فيها من الأمور، و اجتنب ما فيها من المنهيات ، و أراد بعلمه و أعماله وجه الله عز و جل ، وقال رحمه الله: من قاس الأناشيد الملحنة بألحان الغناء على رجز الصحابة رضي الله عنهم حين كانوا يبنون المسجد النبوي ، و حين كانوا يحفرون الخندق ، أو قاسها على الحداء الذي كان الصحابة رضي الله عنهم يحثون به على الإبل في السفر فقياسه فاسد ، لأن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا يتغنون بالأشعار و يستعملون فيها الألحان المطربة التي تستفز المنشدين و السامعين كما يفعل ذلك الطلاب في الحفلات و المراكز الصيفية ، و إنما كان الصحابة رضي الله عنهم يقتصرون على مجرد الإنشاد للشعر مع رفع الصوت بذلك ، و لم يذكر عنهم أنهم يجتمعون على الإنشاد بصوت واحد كما يفعله الطلاب في زماننا ، و الخير كل الخير في إتباع ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحاب رضي الله عنهم ، و الشر كل الشر في مخالفتهم ، و الأخذ بالمحدثات التي ليست من هديهم و لم تكن معروفة في زمانهم ، و إنما هي البدع الصوفية الذين اتخذوا دينهم لهواً و لعبا ، فقد ذكر عنهم أنهم كانوا يجتمعون على إنشاد الشعر الملحن بألحان الغناء في الغلو و الإطراء للنبي صلى الله عليه و سلم ، و يجتمعون على مثل ذلك فيما يسمونه بالأذكار، و هو في الحقيقة استهزاء بالله و ذكره ، و من كانت الصوفية الضالة سلفاً لهم و قدوة فبئس ما اختاروا لأنفسهم ، و قال رحمه الله: إن تسمية(1/55)
الأناشيد الملحنة بألحان الغناء باسم الأناشيد الإسلامية يلزم عنه لوازم سيئة جداً و خطيرة ، منها :
1- جعل هذه البدعة من أمور الإسلام ومكملاته ، وهذا يتضمن الاستدراك على الشريعة الإسلامية ، و يتضمن القول بأنها لم تكن كاملة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم 0
2- معارضة قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم ) ففي هذه الآية الكريمة النص على كمال الدين لهذه الأمة ، و القول بأن الأناشيد الملحنة أناشيد إسلامية يتضمن معارضة هذا النص بإضافة الأناشيد التي ليست من دين الإسلام إلى دين الإسلام و جعلها جزءاً منه 0
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- موقع الشيخ
http://albarrak.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&id=25204
3-
نسبة الرسول صلى الله عليه و سلم إلى التقصير في التبليغ و البيان لأمته حيث لم يأمرهم بالأناشيد الجماعية الملحنة و يخبرهم أنها أناشيد إسلامية 0
4- نسبة الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه رضوان الله عليهم إلى إهمال أمر من أمور الإسلام و ترك العمل به 0
5- استحسان بدعة الأناشيد الملحنة بألحان الغناء ، و إدخالها في أمور الإسلام ، و قد ذكر الشاطبي في كتاب الاعتصام ما رواه ابن حبيب عن ابن الماجشون قال: سمعت مالكاً يقول ( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة ، لأن الله يقول ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً ) 0(1)
عاشرا : الشيخ أحمد النجمي رحمه الله(1/56)
قال رحمه الله : الملاحظة التاسعة عشر( على الإخوان المسلمين ) : الإكثار من الأناشيد ليل نهار، و تنغيمهم لها ، أي تلحينهم لها ، و أنا لا أحرم سماع الشعر، فقد سمعه النبي صلى الله عليه و سلم ، و لكن هؤلاء ينهجون في هذه الأناشيد مذهب الصوفية في غنائهم الذي يثير الوجد ما يزعمون ، و قد ذكر ابن الجوزي في كتابه ( نقد العلم و العلماء) عن الشافعي أنه قال : خلفت بالعراق شيئاً أحدثته الزنادقة ، يشغلون الناس به عن القرآن ، يسمونه التغبير ، قال المصنف رحمه الله ابن الجوزي : و ذكر أبو منصور الأزهري ( المغبرة ) قوم يغبرون بذكر الله بدعاء و تضرع و قد سموا ما يطربون فيه من الشعر في ذكر الله تغبيراً، كأنهم إذا شاهدوهم بالألحان طربوا و رقصوا فسموا مغبرة بهذا المعنى ، وقال الزجاج : سموا مغبرين لتزهيدهم الناس في الفاني من الدنيا و ترغيبهم في الآخرة ، قلت ( الخطاب للشيخ النجمي ) : عجيب أمر الصوفية يزعمون أنهم يزهدون الناس في الدنيا بالغناء ، و يرغبونهم في الآخرة بالغناء ، فهل الغناء يكون سبباً في الزهد في الدنيا و الرغبة في الآخرة ، أم العكس هو الحقيقة ، أنا لا أشك و لا يشك أحد عقل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الغناء لا يكون إلا مرغباً في الدنيا مزهداً في الآخرة و مفسداً للأخلاق ، مع العلم أنهم إذا قصدوا به الترغيب في الآخرة فهو عبادة ، و العبادة إن لم يشرعها رسول الله صلى الله عليه و سلم فهي بدعة محدثة ، و لهذا نقول : إن الأناشيد بدعة.0(2)
حادي عشر : معالي الشيخ صالح آل الشيخ
السؤال : في هذا العصر كثرت وسائل الدعوة إلى الله و في بعضها شبهة عندي مثل التمثيل و الأناشيد، فهل هي جائزة أم لا ؟
الأناشيد فيما أعلم من كلام علمائنا الذين يصار إلى كلامهم في الفتوى ، أنهم على عدم جوازها ، لأن الأناشيد أتت عن الإخوان المسلمين ، و الإخوان المسلمين كان من أنواع(1/57)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إقامة الدليل على المنع من الأناشيد الملحنة والتمثيل ص 6 وما بعدها
2- المورد العذب الزلال ص 196
التربية عندهم الأناشيد ، والأناشيد كانت ممارسة بالطرق الصوفية كنوع من التأثير على المريدين ، فدخلت كوسيلة من الوسائل ، و بحكم التجارب أو بحكم نقل الوسائل ، دخلت هاهنا في البلاد و مورست في عدد من الأنشطة ، أفتى أهل العلم لما ظهرت هذه الظاهرة بأنها لا تجوز، و قال الإمام أحمد في التغبير الذي أحدثته الصوفية ، و هو شبيه بالأناشيد الموجودة حاليا ً، قالوا: إنه محدث و بدعة ، و إنما يراد منه الصد عن القرآن ، وهذا كلام الإمام أحمد ، و كانوا يسمونه بالسماع المحمود وهو ليس بسماع محمود بل مذموم هذا بالنسبة للأناشيد 00(1)
ثاني عشر : الشيخ العلامة عبد المحسن العباد
قال حفظه الله في جوابه عن سؤال عن حكم الأناشيد الإسلامية : الإنسان عليه أن يشغل وقته فيما يعود عليه بالخير و النفع في الدنيا و الآخرة ، فيشتغل بذكر الله و قراءة القرآن و قراءة الكتب النافعة ، و كذلك يطلع على الشعر الطيب الذي يدل على مكارم الأخلاق و على الآداب الطيبة ، و أما هذه الأناشيد التي ظهرت في الآونة الأخيرة و التي يجتمع مجموعة و ينشدون بصوت واحد و بترنم، و يسجل ذلك ثم ينشر، و يشتغل به كثير من الناس، فإن هذا لا ينبغي الاشتغال به و لا ينبغي الاهتمام به ، لأن المهم هو المعاني الطيبة، و سماع الأمور الطيبة ، أما عشق الأصوات ، و الحرص على الاستمتاع بالأصوات فإن هذا لا يليق و لا ينبغي (2)
ثالث عشر : محدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله(1/58)
قال رحمه الله : إذا كانت هذه الأناشيد ذات معانٍ إسلامية ، و ليس معها شيء من المعازف وآلات الطرب كالدفوف و الطبول و نحوِها ، فهذا أمرٌ لا بأس به ، و لكن لابد من بيان شرطٍ مهم لجوازها ، وهو أن تكون خالية من المخالفات الشرعية ؛ كالغلوّ ، و نَحوِه ، ثم شرط آخر ، و هو عدم اتخاذها دَيدَناً ، إذ ذلك يصرِفُ سامعيها عن قراءة القرآن الذي وَرَدَ الحضُّ عليه في السُنَّة النبوية المطهرة ، و كذلك يصرِفُهُم عن طلب العلم النافع ، و الدعوة إلى الله سبحانه 0(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- شريط بعنوان ) فتاوى العلماء في ما يسمى بالأناشيد الإسلامية )
2- القول المفيد في حكم الأناشيد تأليف عصام المري
3- العدد الثاني من مجلة الأصالة ، الصادر بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1413هـ وفتاوى مهمة لنساء الأمة 289 - 290
الخلاصة
الحمد لله وبعد :
بعد بحثي لهذا الموضوع الشيق مما ابتليت به الأمة وانتشر بينهم بين مفرط في سماعه ومعتدل ، وبين محرم ومبيح ومتوسط فيه ، ألا وهي الأناشيد الإسلامية فخلصت لما يلي :
1- الأناشيد الخالية من المعازف المحرمة ، والكلام السيئ والغزل والتغزل والهجاء والمدح الزائد عن حده ، والتغنج من المنشد ، وخلوها كذلك من الألحان السيئة الممجوجة والمرفوضة ، وخلوها من الاختلاط فإنها حلال بإذن الله .
2- أن لا يطغى سماع الأناشيد على سماع القرآن الكريم ، بل يكون سماعه لها معقول ومقبول ، والنفوس تحتاج للترويح فكما جاء في الأثر ساعة وساعة .
3- عدم لجوء المنشدين إلى المؤثرات الموهمة بأنها معازف وآلات موسيقية لكي لا يتهم بدينه وتساهله ، بل يحذر من الانزلاق إلى الألحان والمؤثرات شبه الموسيقية .
كتبه
محمد بن فنخور العبدلي العنزي
المعهد العلمي في محافظة القريات
المقدمة
تعريف النشيد(1/59)
الهدف من النشيد
الفرق بين النشيد والأغنية
متى ظهر النشيد
أسباب انتشار النشيد
النشيد أصل أم بديل
أركان النشيد
ضوابط النشيد الإسلامي
رأي الدكتور عبد الله البدراني بالأناشيد وردي على فضيلته
أولا : مقال الدكتور عبد الله البدراني
قناة المجد والأناشيد
ثانيا : ردي المتواضع على فضيلته
النقطة الأولى
النقطة الثانية
النقطة الثالثة
النقطة الرابعة
النقطة السادسة
النقطة السابعة
النقطة الثامنة
الحكم الشرعي للأناشيد الإسلامية
القول الأول : إباحته بشروط .
القول الثاني : الحظر
الحكم الشرعي للأناشيد
في المسألة عدة أقوال هي :
أولا : التحريم
ثانيا : الكراهة
ثالثا : الجواز
الفتاوى الشرعية في بيان حكم الأناشيد الإسلامية
أولا : فتاوى اللجنة الدائمة
ثانيا : فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
ثالثا : فتاوى الشيخ محمد العثيمين رحمه الله
رابعا : فتاوى الشيخ عبد الله الجبرين رحمه الله
خامسا : فتاوى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله
سادسا : فتاوى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله
سابعا : فتاوى الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله
ثامنا : فتاوى الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
تاسعا : الشيخ العلامة حمود التويجري رحمه الله
عاشرا : الشيخ أحمد النجمي رحمه الله
حادي عشر : معالي الشيخ صالح آل الشيخ
ثاني عشر : الشيخ العلامة عبد المحسن العباد
ثالث عشر : محدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله
الخلاصة(1/60)