أحكام طواف الإفاضة
إعداد:
سعود بن مقبل العصيمي.
إشراف:
الدكتور/ زيد بن سعد الغنام.
صنعاء 2006م
بسم الله الرحمن الرحيم
إقرار المشرف
قرار اللجنة
خلاصة البحث
... الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد:
... في بداية هذا البحث قمت بدراسة عامة للطواف من حيث تعريفه وفضله وشروطه وسننه والمكروهات فيه.
... ثم قمت بدراسة خاصة لطواف الإفاضة من حيث حكمه وأنه ركن من أركان الحج، ووقته؛ وأن لوقته بداية ونهاية ووقت استحباب، وخلصت إلى أن المستحب في وقت طواف الإفاضة أن يكون ضحى يوم النحر، ثم ذكرت الآثار المترتبة على طواف الإفاضة كالتحلل الأول والتحلل الثاني وترتيب أعمال يوم النحر، ثم تكلمت عن جمع طواف الإفاضة مع غيره من الأطوفة، ثم تكلمت عن الشروط الخاصة بطواف الإفاضة؛ وهي: الوقت وسبقه بعرفة والنية.
... وختمت البحث بأحكام عامة تتعلق بطواف الإفاضة؛ وهي: توسيع المطاف والطواف على سطح المسجد والزحام في المطاف، وذكرت بعض الاقتراحات لحل مشكلة الزحام.
... وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.(1/1)
فهرس الموضوعات
الموضوع ... الصفحة
المقدمة ... 6
تعريف الطواف ... 25
فضل الطواف ... 31
الحكمة من الطواف ... 34
الفصل الأول: حكم طواف الإفاضة و وقته. ... 36
المبحث الأول، المطلب الأول: حكم طواف الإفاضة ... 37
المطلب الثاني: الآثار المترتبة على ترك طواف الإفاضة ... 39
المبحث الثاني: وقت طواف الإفاضة ... 40
المطلب الأول: بداية وقته. ... 40
المطلب الثاني: نهاية وقته. ... 48
المطلب الثالث: وقت الاستحباب. ... ... 51
الفصل الثاني: الآثار المترتبة على طواف الإفاضة ... 53
المبحث الأول: التحلل الأول. ... 54
المبحث الثاني: التحلل الثاني. ... 58
المبحث الثالث: ترتيب أعمال يوم النحر ... 60
المطلب الأول: ترتيب أعمال يوم النحر ... 60
المطلب الثاني: حكم تقديم طواف الإفاضة على سائر أعمال يوم النحر. ... 61
الفصل الثالث: جمع طواف الإفاضة مع غيره من الأطوفة ... 66
المبحث الأول: جمع طواف الإفاضة مع طواف القدوم. ... 67
المبحث الثاني: جمع طواف الإفاضة مع طواف العمرة ... 70
المبحث الثالث: جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع. ... 74
الفصل الرابع: الشروط الخاصة بطواف الإفاضة ... 76
المبحث الأول: الوقت. ... 77
المبحث الثاني: سبقه بعرفة. ... 77
المبحث الثالث: النية. ... ... 79
الفصل الخامس: الأحكام التي يتفق فيها طواف الإفاضة مع غيره من الأطوفة ... 81
الفرق بين الشرط والواجب ... 83
المطلب الأول: شروط متفق عليها بين الفقهاء ... 84
المسألة الأول: الإسلام. ... 84
المسألة الثانية: النية. ... 86
المطلب الثاني: شروط مختلف فيها بين الفقهاء ... 88
الفرع الأول: الطهارة من الحدث الأكبر. ... 90
الفرع الثاني: الطهارة من الحدث الأصغر. ... 93
الفرع الثالث: طواف الحائض و النفساء. ... 99
الفرع الرابع: إزالة النجاسة. ... 106
الفرع الخامس: الشك في الطهارة ... 109
المسألة الثانية: ستر العورة. ... 110
المسألة الثالثة: العقل. ... ... ... ... 114
المسألة الرابعة: أن يكون الطواف حول البيت داخل المسجد. ... 116
المسألة الخامسة: أن يكون الطواف حول البيت كله. ... 117
الفرع الأول: الطواف داخل الحجر. ... ... ... ... ... 119(1/1)
الفرع الثاني: الطواف على الشاذروان ... 123
المسألة السادسة، الفرع الأول: إكمال سبعة أشواط. ... 125
الفرع الثاني: الشك في عدد الأشواط ... 128
المسألة السابعة: الابتداء من الحجر الأسود. ... 129
المسألة الثامنة: الترتيب. ... 131
المسألة التاسعة: الموالاة. ... 133
المسألة العاشرة: المشي على القادر، والأحكام المتعلقة بالحامل والمحمول ... 136
الفرع الأول: حكم المشي على القادر. ... ... ... ... 137
الفرع الثاني: هل الطواف يقع عن الحامل أو المحمول. ... ... ... 143
المبحث الثاني: في السنن ... 146
المطلب الأول: الاضطباع ... 147
المسألة الأولى: حكمه. ... 147
المسألة الثانية: وقته. ... 150
المطلب الثاني: الرمل . ... 151
المسألة الأولى: حكمه ... 151
المسألة الثانية: صفته ... 153
المسألة الثالثة: وقته. ... ... ... ... ... 154
الفرع الأول:في أي الأطوفه يسن الرمل . ... 154
الفرع الثاني : في أي الأشواط يسن الرمل ... 156
المسألة الرابعة:الرمل من النساء. ... 159
المطلب الثالث: الاستلام. ... ... ... ... 160
المسألة الأولى: استلام الحجر الأسود والمسائل المتعلقة به. ... 161
الفرع الأول : حكمه ... ... ... ... ... 161
الفرع الثاني :صفته. ... 162
الفرع الثالث: التكبير عند بداية الطواف وعند المرور بالحجر الأسود في بقية الأشواط. ... 164
الفرع الرابع :الاستلام عند الفراغ من الطواف ... 166
المسألة الثانية: استلام الركن اليماني وتقبيله. ... 167
المطلب الرابع: الدنو من الكعبة. ... 170
المطلب الخامس: الذكر و الدعاء. ... 172
المطلب السادس: ركعتا الطواف ... 175
المسألة الأولى: حكمها ... 176
المسألة الثانية: مكانها. ... 179
المبحث الثالث: في المكروهات ... 181
المطلب الأول: الكلام في الطواف ... 182
المطلب الثاني :الأكل والشرب. ... 184
المطلب الثالث: المكروهات المتعلقة بالأركان ... 185
المسألة الأولى: السجود على الحجر ... 185
المسألة الثانية: استلام الركنين اللذين يليان الحجر. ... 187
المطلب الرابع: المزاحمة ومضايقة الناس. ... ... 191
الفصل السادس: أحكام عامة في طواف الإفاضة ... 193
المبحث الأول: توسيع المطاف ... 194(1/2)
المبحث الثاني: الطواف في سطح المسجد. ... 196
المبحث الثالث: الزحام في المطاف، مشكلة وحلول ... 198
الخاتمة وفيه خلاصة البحث وأهم النتائج. ... 201
قائمة المراجع. ... 207
الملاحق ... 219
فهرس الآيات. ... 220
فهرس الأحاديث والآثار. ... 221
فهرس الأعلام المترجم لهم ... 225
فهرس المصطلحات والكلمات الغريبة ... 227
المقدمة
... الحمد لله القائل: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } [البقرة125]، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وقائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
... فإن حج بيت الله الحرام عبادة عظيمة أوجبها الله على عباده -وهو الركن الخامس من أركان الإسلام-، وقد أمر الله خليله بدعاء الناس إليه قائلاً: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحج27]، وللحج أركان وشروط وواجبات ومن أركانه الطواف بالبيت –طواف الإفاضة-.(1/3)
... وقد أمر الله عباده بالطواف بالبيت قائلاً: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج29]؛ وبهذا استحقت هذه العبادة العناية والدراسة والتحقيق والبحث؛ ففيها مسائل عديدة يكثر السؤال عنها والخلاف فيها؛ ولأهمية ذلك سعيت للبحث في الموضوع في مراكز البحوث والمكتبات فلم أجد رسالة علمية أفردت الطواف بالبحث، ووجدت بحوثاً ومؤلفات سأشير إليها عند الحديث عن الدراسات السابقة؛ فرأيت أن يكون بحثي في الطواف فجمعت ما ألف وكتب فيه ثم جمعت المسائل؛ فوجدتها أكبر من أن تكون رسالة تكميلية !!؛ لذلك رأيت البحث في جانب مهم من الموضوع يحتاج إلى مزيد دراسة وبسط وهو: طواف الإفاضة؛ فاستخرت الله وأقدمت على اختيار هذا الموضوع، سائلاً المولى في علاه أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم.
أهمية الموضوع:
... لبحث موضوع طواف الإفاضة أهمية كبيرة تتمثل فيما يلي:
... أولاً: أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يصح إلا به.
... ثانياً: تعدد المسائل المتعلقة بهذه الشعيرة العظيمة، التي يحتاج إليها كل مسلم.
... ثالثاً: كثرة المسائل المختلف فيها في هذا الطواف مثل: بداية وقت الطواف، التحلل بالرمي مشروط بطواف الإفاضة....الخ.
... رابعاًَ: وقوع بعض الناس في أخطاء في هذه العبادة العظيمة يلزم التنبيه عليها، وتبين الحق فيها، كالطواف خارج البيت.
... خامساً: وجود مسائل ونوازل مستجدة تحتاج إلى البحث والتحقيق، مما يمس طواف الإفاضة؛ كالطواف بسطح المسجد، وتوسيع المطاف.
...
أسباب اختيار البحث:
... كان لاختيار البحث أسباب منها ما يلي:
1. أهميته التي سبق بيانها.
2. أنه لم يفرد ببحث مستقل – فيما أعلم-.
الدراسات السابقة:
... أولاً: الرسائل الجامعية.(1/4)
... لم أجد خلال بحثي في مراكز البحوث (مثل مركز الملك فيصل، ومكتبة الملك فهد الوطنية)، وقواعد بيانات البحوث في الجامعات (جامعة الإمام محمد بن سعود، وجامعة الملك سعود، وجامعة أم القرى، والجامعة الإسلامية، وجامعة الإسكندرية)، من أفرد الطواف(1) في رسالة علمية.
... ثانياً: البحوث والدراسات.
... أما البحوث والدراسات فلم أجد من أفرد طواف الإفاضة ببحث مستقل، وإنما وجدت من تطرق للطواف بعامة وهي كما يلي:
? أنواع الطواف: عبد الله بن إبراهيم الزاحم، مجلة البحوث الإسلامية، ع50.
... ويقع البحث في (129) صفحة، وقد تكلم الباحث عن طواف الإفاضة ب (24)صفحة.
? حكم اشتراط الطهارة في الطواف: إبراهيم الحمود، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، ع53.
... ويقع في (49)صفحة، وقد ركز الباحث على مسألة الطهارة.
? شروط الطواف: عبد الله بن إبراهيم الزاحم، مجلة البحوث الإسلامية، ع53.
... ويقع البحث في (87) صفحة، وقد ركز الباحث على الشروط في بحثه.
? الطواف وأهم أحكامه: شريف علي الشريف، مجلة البحوث الإسلامية، ع44.
... ويقع البحث في (79) صفحة.
? الطواف المشعر والشعيرة: عبد الوهاب أبو سليمان و معراج نواب، مجلة البحوث الفقهية، ع53.
... يقع البحث في (111) صفحة، وخص طواف الإفاضة ب(5) صفحات، وركز بحثه على التكوين الجغرافي للمسجد الحرام والمطاف، مثل: المقام وبئر زمزم.
? من أحكام الطواف السنن، شريف علي الشريف، مجلة البحوث الفقهية المعاصرة، ع21.
... ويقع البحث في (34) صفحة، وقد اقتصر الباحث على سنن الطواف.
? نهاية المطاف في تحقيق أحكام الطواف: سليمان العيسى، (د،ن).
... ويقع الكتاب في أكثر من (330) وهو من أشمل ما ذكرنا, وقد أكثر الباحث وفقه الله من النقول، وتكلم عن طواف الإفاضة في (18) صفحة.
... ثالثاً المخطوط:
__________
(1) - لم يفرد الطواف، فما بالك بطواف الإفاضة!!!!.(1/5)
... أما المخطوط فلم يتيسر لي الاطلاع عليه لعدم وجوده في بلدي، فأسأل الله أن ييسر الحصول عليها، وجميعها لم تفرد طواف الإفاضة وإنما تكلمت عن الطواف بعامة.
? الإتحاف في وضع اليد في الطواف: علي بن سلطان الهروي، جامعة اسطنبول، رقم (1525).
? فواصل النزاع بين القولين في جواز نية الطواف بين الركنين اليمانيين: إسماعيل حافظ، محمود شكري، مكتبة الحرم المكي، رقم (3855).
... من خلال ما سبق يتضح عدم وجود دراسة مستقلة وشاملة، حول طواف الإفاضة، مما يؤكد أهمية البحث في هذا الموضوع.
منهج الباحث:
1. الاعتماد على المصادر الأصلية، مع الاستفادة من أبحاث المعاصرين، ودراساتهم.
2. جمعت أقوال المذاهب الأربعة ومحققي الفقهاء في المسألة، وترتيبها من الناحية الزمنية، فأبدأ بالحنفي ثم المالكي..وهكذا.
3. ذكرت الأدلة التي استندوا إليها في أقوالهم.
4. ذكرت مصدر القول في الحاشية.
5. لخصت أقول المذاهب في بداية البحث، ثم الشروع في ذكر أدلتها ومناقشتها.
6. بعد ذكر أدلة القول أذكر الرد عليها –إن وجد- بقول: ونُوقش، وإن كان الرد من قبل الباحث فأكتب: ويُناقش.
7. بعد مناقشة الأقوال أذكر الراجح منها حسب ما تبين لي قوة دليله دون الالتزام بمذهب معين.
8. أما تخريج الأحاديث والآثار فعلى حالين:
i. أحاديث الصحيحين أكتفي بالإحالة عليهما.
ii. غير الصحيحين أُخَرِّجُ الحديث بطريقة موجزة ثم أحكم على الحديث مع الاستفادة من أقوال العلماء، وإذا حكمت على الحديث بالضعف فإني أذكر علة الضعف.
9. التزمت بمنهج وقواعد البحث العامة من:
? تقسيم البحث إلى فصول، والفصول إلى مباحث..الخ.
? وضحت الكلمات الغامضة في حاشية الكتاب.
? عزو الآيات في صلب البحث، أما المسائل والأحاديث فيكون العزو في حاشية البحث.
? ترتيب المراجع في الحاشية يكون كالتالي:
... أولاً: المصدر الذي نقل منه إذا كان فيه نقل.
... ثانياً: المراجع الأخرى: أذكرها مبتدءاً بالأقدم وفاة ... ... لمؤلفه.(1/6)
? طريقة العزو كالتالي: الكتاب: (الجزء/الصفحة)، وإذا كان جزءاً واحد فأذكر ( الصفحة) فقط، وأما بقية تفاصيل الكتاب فأكتفي بذكرها ضمن المراجع في آخر البحث.
10. كتابة الخاتمة، وملخص البحث في آخر البحث.
11. تقسيم المراجع في نهاية البحث بالترتيب الأبجدي لاسم الكتاب.
12. عرض كل مرجع كالتالي: اسم الكتاب: المؤلف، الطبعة، دار النشر، تأريخ النشر. التحقيق إن وجد.
13. أما المنهج في الفهارس فكان كالتالي:
- أولاً، فهرس الآيات: على ترتيب آي المصحف.
- ثانياً، فهرس الأحاديث والآثار: على الترتيب الأبجدي.
- ثالثاً، فهرس الأعلام: على الترتيب الأبجدي.
- رابعاً، فهرس المصطلحات والكلمات الغريبة: على الترتيب الأبجدي.
...
خطة البحث:
المقدمة وتشتمل على:
- أهمية البحث وأسباب اختياره.
- منهج الباحث
- الدراسات السابقة
- خطة البحث.
التمهيد وفيه مبحثان:
... المبحث الأول: تعريف الطواف وفضله، وفيه مطلبان:
... ... المطلب الأول: تعريف طواف الإفاضة، لغة واصطلاحاً، ... ... ... ومعانيه.
... ... المطلب الثاني: فضل الطواف.
... المبحث الثاني: الحكمة من الطواف.
الفصل الأول: حكم طواف الإفاضة و وقته، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: حكم طواف الإفاضة والآثار المترتبة على تركه؛ وفيه مطلبان.
... المطلب الأول: حكم طواف الإفاضة.
... المطلب الثاني: الآثار المترتبة على ترك طواف الإفاضة.
المبحث الثاني: وقت طواف الإفاضة، وفيه ثلاثة مطالب:
... المطلب الأول: بداية وقته.
... المطلب الثاني: نهاية وقته.
... المطلب الثالث: وقت الاستحباب. ...
الفصل الثاني: الآثار المترتبة على طواف الإفاضة، وفيه ثلاثة مباحث:
... المبحث الأول: التحلل الأول.
... المبحث الثاني: التحلل الثاني.
... المبحث الثالث: ترتيب أعمال يوم النحر؛ وفيه مطلبان.
... ... المطلب الأول: ترتيب أعمال يوم النحر.
... ... المطلب الثاني: حكم تقديم طواف الإفاضة على سائر أعمال ... ... يوم النحر.(1/7)
الفصل الثالث: جمع طواف الإفاضة مع غيره من الأطوفة، وفيه ثلاثة مباحث:
... المبحث الأول: جمع طواف الإفاضة مع طواف القدوم.
... المبحث الثاني: جمع طواف الإفاضة مع طواف العمرة.
... المبحث الثالث: جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع.
الفصل الرابع: الشروط الخاصة بطواف الإفاضة وفيه ثلاثة مباحث:
... المبحث الأول: الوقت.
... المبحث الثاني: سبقه بعرفة.
... المبحث الثالث: النية. ...
الفصل الخامس: الأحكام التي يتفق فيها طواف الإفاضة مع غيره من الأطوفة وفيه ثلاثة مباحث:
... المبحث الأول: في الشروط، وفيه تمهيد ومطلبان:
... ... التمهيد وفيه الفرق بين الشرط والواجب. ...
... المطلب الأول: شروط متفق عليها بين الفقهاء، وفيه مسألتان.
... ... المسألة الأول: الإسلام.
... ... المسألة الثانية: النية.
... المطلب الثاني: شروط مختلف فيها بين الفقهاء، وفيه ... عشر مسائل.
... ... المسألة الأولى الطهارة، وفيها أربعة فروع:
... ... ... الفرع الأول: الطهارة من الحدث الأكبر.
... ... ... الفرع الثاني: الطهارة من الحدث الأصغر.
... ... ... الفرع الثالث: طواف الحائض و النفساء.
... ... ... الفرع الرابع: إزالة النجاسة.
... ... ... الفرع الخامس: الشك في الطهارة. ... ...
... ... المسألة الثانية: ستر العورة.
... ... المسألة الثالثة: العقل.
... ... ... المسألة الرابعة: كون الطواف حول البيت داخل ... ... ... المسجد.
... ... ... المسألة الخامسة: كون الطواف حول البيت كله، ... ... ... وفيه تمهيد وفرعان.
... ... ... ... التمهيد
... ... ... ... الفرع الأول: الطواف داخل الحجر.
... ... ... ... الفرع الثاني: الطواف على الشاذروان.
... ... ... المسألة السادسة: إكمال سبعة أشواط وفيه فرعان:
... ... ... ... الفرع الأول: إكمال سبعة أشواط.
... ... ... ... الفرع الثاني: الشك في عدد الأشواط.
... ... المسألة السابعة: الابتداء من الحجر الأسود.
... ... المسألة الثامنة: الترتيب.
... ... المسألة التاسعة: الموالاة.
... ... ... المسألة العاشرة: المشي على القادر، والأحكام المتعلقة ... ... ... بالحامل والمحمول، وفيها فرعان.
... ... ... ... الفرع الأول: حكم المشي على القادر.(1/8)
... ... ... ... الفرع الثاني: هل الطواف يقع عن الحامل أو ... ... ... ... ... المحمول. ... ...
... المبحث الثاني: في السنن، وفيه تمهيد وستة مطالب:
... ... التمهيد
... ... المطلب الأول: الاضطباع وفيه مسألتان:
... ... ... المسألة الأولى: حكمه.
... ... ... المسألة الثانية: وقته.
... ... المطلب الثاني: الرمل وفيه أربع مسائل:
... ... ... المسألة الأولى: حكمه.
... ... ... المسألة الثانية: صفته
... ... ... المسألة الثالثة: وقته وفيه فرعان.
... ... ... ... الفرع الأول:في أي الأطوفه يسن الرمل .
... ... ... ... الفرع الثاني : في أي الأشواط يسن الرمل .
... ... ... المسألة الرابعة:الرمل من النساء.
... ... المطلب الثالث: الاستلام وفيه مسألتان:
... ... ... المسألة الأولى: استلام الحجر الأسود والمسائل المتعلقة ... ... ... به.وفيه أربعة فروع:
... ... ... ... الفرع الأول : حكمه
... ... ... ... الفرع الثاني :صفته.
... ... ... ... الفرع الثالث: التكبير عند بداية الطواف وعند ... ... ... ... المرور بالحجر الأسود في بقية الأشواط.
... ... ... ... الفرع الرابع :الاستلام عند الفراغ من الطواف . ... ... ... المسألة الثانية: استلام الركن اليماني وتقبيله.
... ... المطلب الرابع: الدنو من الكعبة.
... ... المطلب الخامس: الذكر و الدعاء.
... ... المطلب السادس: ركعتا الطواف وفيه مسألتان:
... ... ... المسألة الأولى: حكمها
... ... المسألة الثانية: مكانها.
... المبحث الثالث: في المكروهات وفيه أربعة مطالب.
... ... المطلب الأول: الكلام في الطواف.
... ... المطلب الثاني :الأكل والشرب.
... ... المطلب الثالث: المكروهات المتعلقة بالأركان وفيه مسألتان:
... ... ... المسألة الأولى: السجود على الحجر.
... ... ... المسألة الثانية: استلام الركنين اللذين يليان الحجر.
... ... المطلب الرابع: المزاحمة ومضايقة الناس. ...
الفصل السادس: أحكام عامة في طواف الإفاضة، وفيه ثلاثة مباحث:
... المبحث الأول: توسيع المطاف. ...
... المبحث الثاني: الطواف بسطح المسجد.
... المبحث الثالث: الزحام في المطاف، مشكلة وحلول.
الخاتمة وفيه خلاصة البحث وأهم النتائج.
الملاحق:
1. الآيات.
2. الأحاديث و الآثار.
3. الأعلام.
4. المصطلحات والكلمات الغريبة.
5. المراجع.(1/9)
التمهيد
المبحث الأول: تعريف الطواف وفضله:
... المطلب الأول: تعريف الطواف وطواف الإفاضة.
... ... المسألة الأولى: تعريف الطواف.
... ... المسألة الثانية: تعريف الإفاضة، وطواف الإفاضة كمعنى ... ... ... ... ... مركب.
... ... المسألة الثالثة: أسماء طواف الإفاضة.
... ... المسألة الرابعة: حكم تسمية الطواف شوطاً.
... المطلب الثاني: فضل الطواف.
المبحث الثاني: الحكمة من الطواف.
المسألة الأولى: تعريف الطواف.
... أولاً، الطواف في اللغة له معانٍ، وهي كما يلي:
... الأول: طَافَ بمعنى حامَ، قال في اللسان: (طافَ به: حامَ حَوْله... و طافَ حَوْلَ الشيء يَطوف طَوْفاً و طَوفَاناً و تَطَوَّفَ و اسْتَطَاف كلُّه بمعنى)(1).
... الثاني: بمعنى الدوران؛ أي دار حوله، ومنه قوله تعالى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ }[البقرة158]، وأصله: يتطوف، فأدغم(2)، قال في اللسان: (طاف بالبيت و أَطافَ عليه: دارَ حَوْله... ويقال: طافَ بالبيت طَوافاً و اطَّوَّفَ اطِّوَّافاً، والأَصل تَطَوَّفَ تَطَوُّفاً و طافَ طَوْفاً وطَوَفَاناً)(3).
... الثالث: طاف بمعنى ألمَّ، قال في المطلع: (طاف به، أي: ألمَّ )(4).
... الرابع: أطاف به وعليه: طرقه ليلاً، قال تعالى:{فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ }[القلم19] (5).
...
... ثانياً، تعريف الطواف شرعاً:
... لم أجد –حسب اطلاعي- من عرف الطواف من الفقهاء(6)،
__________
(1) - لسان العرب: (9/160)، مادة: (طوف).
(2) - تفسير غريب القرآن: (336).
(3) - لسان العرب: (9/160)، مادة: (طوف)، المعجم الوسيط: (570)، مادة (طاف).
(4) - المطلع: (188).
(5) - لسان العرب: (9/160)، مادة: (طوف).
(6) - وقد رجعت إلى كثير من المراجع المختصة؛ فلم أجد من عرف الطواف منهم، ومن المراجع: أنيس الفقهاء: لقاسم القرنوي، وكتاب التعريفات: للجرجاني، وطلبة الطلبة: للنسفي.
ومنهم من أشار إلى ذلك إشارة؛ كدليل المصطلحات الفقهية: (ص84)، والقاموس الجامع: (ص343).(1/10)
وإنما أجد من يشير إلى ذلك إشارة ومن التعاريف: (هو الدّوران حول البيت الحرام)(1)، وهذا التعريف -والله أعلم- ليس فيه حدٌ للطواف فربما دار حول الكعبة من لا يريد الطواف كالحراس وعمال النظافة، وقيل هو: (الطواف سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة بنية الطواف في صفة مخصوصة)(2)، لعل هذا التعريف أخص من السابق ولكن يبقى قاصراً غير شامل.
... ولعل الأقرب أن نقول، الطواف هو: (الدوران حول بيت الله الحرام بصفة مخصوصة مبتدءاً من الحَجَر الأسود، ومنتهياً به، سبع مرات قربة لله تعالى).
المسألة الثانية: تعريف طواف الإفاضة.
... أولاً، الإفاضة في اللغة لها معان وهي كما يلي:
... الأول: الانصراف والرجوع من حيث بدأ، قال في المعجم الوسيط: (أفاض الحجاج من عرفات إلى منى انصرفوا إليها بعد انقضاء الموقف)(3).
... الثاني: الزحف، قال في اللسان: (وفي حديث الحج فأفاض من عرفة الإفاضة الزحف) (4).
... الثالث: الدفع بسرعة أو بكثرة؛ أفضتم: اندفعتم، ومنه فيض الدمع(5).
... الرابع: الصَّب، قال في اللسان: (وأصل الإفاضة: الصب فاستعيرت للدفع) (6)، ومنه قوله تعالى: { تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ}[المائدة83] (7).
... الخامس: سرعة الركض قال في اللسان: (الإفاضة سرعة الركض، و أفاض الراكب إذا دفع بعيره سيرا بين الجهد ودون ذلك) (8).
__________
(1) - الموسوعة الفقهية الكويتية: (29/96).
(2) - نهاية المطاف: (4)، المسجد الحرام المشعر والشعيرة (ص141).
(3) - المعجم الوسيط: (708)، مادة (فاض)، وراجع: جامع البيان: (2/297) .
(4) - لسان العرب: (11/251)، مادة (فيض).
(5) - تفسير غريب القرآن: (281)، ولسان العرب: (11/251)، مادة (فيض).، وراجع الجامع لأحكام القرآن: (2/414)، إكمال المعلم: (4/293).
(6) - لسان العرب: (11/251)، مادة (فيض)، وراجع: البدر التمام: (3/36).
(7) - مفردا ت ألفاظ القرآن: (648).
(8) - لسان العرب: (11/251).(1/11)
... السادس: التوسعة؛ يقال أفاض عليه نعمه، ومنه قول الله تبارك وتعالى حكاية عن أهل النار: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء}[الأعراف50](1).
... السابع: الإفاضة في الشيء؛ الخوض فيه، ومنه قوله تعالى: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }[الأحقاف8] (2).
... والإفاضة لا تكون إلا عن تفرق وكثرة (3)، قال في اللسان: (كل ما كان في اللغة من باب الإفاضة فليس يكون إلا عن تفرق أو كثرة)(4).
... ثانياً، تعريف طواف الإفاضة -كمعنى مركب- عرف بأنه: (هو الطواف الواجب الذي لا يسقط بقول من الوجوه و يكون بعد عرفة)(5) وسمي الإفاضة نسبة لإفاضة الحجاج من عرفات، أو لأنه يأتي بعد الإفاضة من منى إلى مكة(6).
المسألة الثالثة: أسماء طواف الإفاضة(7):
... سمي طواف الإفاضة بعدة أسماء أخرى منها ما يلي:
1. طواف الزيارة: لأن الحاج يأتي من منى فيزور البيت، وكره مالك –رحمه الله- تسميته بطواف الزيارة؛ لأنه لفظ يقتضي التخيير وهو ركن(8).
__________
(1) - والجامع لأحكام القرآن: (7/215)
(2) - تفسير غريب القرآن: (281)، مفردات ألفاظ القرآن: (648)، والجامع لأحكام القرآن: (12/203).
(3) - تفسير البغوي: (1/228) ، المفهم: (3/344) .
(4) - لسان العرب: (11/251).
(5) - الجامع لحكام القرآن: (12/48)، دليل المصطلحات الفقهية (ص84).
(6) - المغني: (5/311)، والمسالك في المناسك: (1/591).
(7) - المغني: (5/311)، والمطلع: (200)، والمجموع شرح المهذب (8/15،200)، رد المحتار: (3/537)، مغني المحتاج: (1/732)، مفيد الأنام: (ص355).
(8) - حاشية الدسوقي: (2/281).(1/12)
... ولعل الصواب جواز التسمية بطواف الزيارة لما ورد في تسمية الزيارة، عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قالا: (أَخَّرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الزِّيَارَةَ إِلَى اللَّيْلِ) (1).
2. طواف الصَّدَر: لأنه يفعل عند الصَّدَر؛ أي الرجوع، والذي يظهر أن الأشهر أن طواف الصدر اسم للوداع(2).
3. والطواف الواجب وطواف الفرض، وطواف الركن: باعتبار حكمه.
المسألة الرابعة: حكم تسمية الطواف شوطاً.
... كره بعض الفقهاء تسمية الطواف شوطا، ولعل أشهر من قال بذلك الإمام الشافعي –رحمه الله- ؛ واحتج بأن الله سماه طوافاً قال تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }[الحج29]، قال النووي –رحمه الله-: (قال الشافعي في الأم(3) والأصحاب: يكره أن يسمى الطواف شوطاً) (4).
... والراجح عدم الكراهة لما ورد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما – قَالَ: (أَمرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ) أخرجه البخاري(5).
... وجه الدلالة:
... تسمية ابن عباس - رضي الله عنهم - للطواف شوطاً مقدم على غيره، قال النووي -رحمه الله-: (إن الكراهة إنما ثبتت بنهي الشرع ولم يثبت في تسميته شوطا نهي فالمختار أنه لا يكره)(6).
المطلب الثاني: فضل الطواف.
__________
(1) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: الزيارة يوم النحر.
(2) - حواشي الشرواني: (5/214).
(3) - الأم: (366).
(4) - المجموع شرح المهذب: (8/61)، وراجع: الإيضاح: (210).
(5) - رواه البخاري في صحيحة: كتاب الحج، باب: كيف كان بدء الرمل (ح1602)، ومسلم: كتاب الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف (ح1266).
(6) - المجوع: (8/61)، وراجع: العدة حاشية العمدة: (3/352).(1/13)
... للطواف فضل عظيم عند الله - عز وجل - ورد بفضله الآيات والأحاديث الكثيرة، وقد أفرد بعض الفقهاء فضل الطواف بالتأليف(1)، وأذكر مما ورد في فضله ما يلي:
1. ما روي عن عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْر(2) أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رضي الله عنه - كَانَ يُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنَيْنِ زِحَامًا مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ. فَقُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّكَ تُزَاحِمُ عَلَى الرُّكْنَيْنِ زِحَامًا مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - يُزَاحِمُ عَلَيْهِ . فَقَالَ إِنْ أَفْعَلْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « إِنَّ مَسْحَهُمَا كَفَّارَةٌ لِلْخَطَايَا ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ ». وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ « لاَ يَضَعُ قَدَمًا وَلاَ يَرْفَعُ أُخْرَى إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً»رواه الترمذي(3).
__________
(1) - منهم ابن علان –رحمه الله- في رسالة له بعنوان: (الإتحاف في فضل الطواف)،طبع في دار الوطن بتحقيق: عمر المقبل.
(2) - عبيد بن عمير بن قتادة الليثي، أبو عاصم المكي، مجمع على ثقته، ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومات قبل ابن عمر - رضي الله عنه - (التقريب ص377).
(3) - رواه الترمذي في الجامع: أبواب الحج، باب: ماجاء في استلام الركنين (ح959) وقال: حديث حسن، ورواه أحمد: (2/3،88،95) بزيادة: (وصلى ركعتين).
... قال الألباني –رحمه الله-: إسناده صحيح (مشكاة المصابيح ح2580)(1/14)
2. عن ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ » رواه الترمذي(1). ...
3. عن أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَلاَ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ بِسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَقُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ مُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سِيِّئَاتٍ وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَرُفِعَ لَهُ بِهَا عَشْرُ دَرَجَاتٍ وَمَنْ طَافَ فَتَكَلَّمَ وَهُوَ فِى تِلْكَ الْحَالِ خَاضَ فِى الرَّحْمَةِ بِرِجْلَيْهِ كَخَائِضِ الْمَاءِ بِرِجْلَيْهِ » رواه ابن ماجة(2).
4. عن ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:(إن الله تعالى ينزل على أهل هذا المسجد مسجد مكة في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة ستين للطائفين وأربعين للمصلين وعشرين للناظرين) رواه الطبراني(3).
__________
(1) - رواه الترمذي في الجامع: أبواب الحج، باب: ماجاء في فضل الطواف (ح866) وقال: حديث غريب.
... قال الألباني –رحمه الله-: إسناده ضعيف (الجامع الضعيف ح5682).
(2) - رواه ابن ماجة: كتاب المناسك، باب: فضل الطواف (ح2957)، وفي إسناده إسماعيل بن عياش وهشام بن عمار وهما ضعيفان. راجع: الروضة الندية (1/626) ...
... قال الألباني –رحمه الله-: إسناده ضعيف (الجامع الضعيف ح5683).
(3) - قال الهيثمي –رحمه الله-: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه يوسف السَّفْر وهو متروك (مجمع الزوائد 3/632)، ورواه الفاكهي في تاريخ مكة: (1/198)، ورواه ابن علان: الإتحاف في فضل الطوف وضعفه (ص8).
... قال الألباني –رحمه الله-: ضعيف (السلسلة الضعيفة 1/339).(1/15)
5. عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (استمتعوا من هذا البيت فإنه قد هدم مرتين ويرفع الثالثة) أخرجه الحاكم(1).
6. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « نَزَلَ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِى آدَمَ » رواه الترمذي(2).
... ومما ذكر في فضل الطواف ما يلي(3):
1. فرض الله على عباده حجها وألزم الناس استقبالها.
2. أن الله شبهه بالصلاة، والصلاة أفضل من الحج؛ فالمشتمل على الأفضل أفضل(4).
المبحث الثاني: الحكمة من الطواف:
... الطواف عبادة عظيمة شرعها الله لحكمة عظيمة قد ندركها وقد لاندركها، والأصل طاعة الله فيما أمر.
... ومما يظهر من حكمة الطواف ما يلي:
__________
(1) - أخرجه الحاكم في المستدرك: أول كتاب المناسك (ح1610)، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن خزيمة:كتاب المناسك، باب: الأمر بتعجيل الحج (ح2506)، وابن حبان: كتاب التاريخ، باب: ذكر الأخبار عن وصف العدو الذي تخرب الكعبة به(ح6753) وقال المحقق الأرنؤوط –رحمه الله-: صحيح.
... قال الألباني –رحمه الله-: إسناده صحيح (السلسلة الصحيحة ح1451).
(2) - رواه الترمذي في الجامع: كتاب أبواب الحج، باب: باب: ماجاء في فضل الحجر الأسود (ح877) وقال: حديث حسن غريب، وابن خزيمة: كتاب المناسك، باب: ذكر العلة التي من أجلها اسود الحجر (ح273)، والفاكهي: (1/84).
... قال الألباني –رحمه الله-: صحيح (السلسة الصحيحة ح2618).
(3) - شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/263)، حواشي الشرواني: (5/112).
(4) - هداية السالك لابن جماعة: (1/184).(1/16)
1. إقامة لذكر الله، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنهم - قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْىُ الْجِمَارِ لإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ » رواه أبو داود والترمذي والدارمي(1).
... وعلى هذا فل يَجِّد المسلم في ذكر الله في هذا الموضع العظيم المبارك وليحذر الغفلة؛ لأن الطواف حول بيت الله له أثر لائح في العبادة؛ فالطائف يطوف بجسده وأما قلبه وروحه فإلى الله اتجاههما، وبه تعلقهما(2).
... وأما تقبيل الحجر فإنه عبادة حيث يُقَبل الإنسان حجراً لا علاقة له به سوى التعبد لله - تعالى- بتعظيمه وإتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك كما ثبت أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال حين قبل الحجر : (إِنِّى أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ ، وَلَوْلاَ أَنِّى رَأَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ )(3) ؛ وأما ما يظنه بعض الجهال من أن المقصود بذلك التبرك به فإنه لا أصل له فيكون باطلاً(4) .
__________
(1) - رواه أبو داود: كتاب المناسك، باب: باب في الرمل (ح1888)، والترمذي في الجامع: كتاب أبواب الحج، باب: ماجاء كيف ترمى الجمار (ح902)، من غير لفظ: (الطواف بالبيت)، والدارمي: كتاب المناسك، باب: في فسخ الحج (ح1984).
... قال النووي: فيه عبدالله بن أبي زياد ضعفه أكثرهم -ثم قال- ولعله حسن، المجموع شرح المهذب(8/79)، وقال الألباني ضعيف: الجامع الصغير (ح2056)، وراجع فيض القدير (4/2209) .
(2) - هداية السالك لابن جماعة: (1/309)، عون المعبود: (5/239)، وتحفة الأحوذي: (3/552).
(3) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: ما ذكر في الحجر الأسود (ح1597).
(4) - مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين: (2/318).(1/17)
2. طاعة وقربة لله، قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً(1) لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ }[البقرة125].
... وجه الدلالة(2) :
- أمر الله - عز وجل - نبيه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بالتطهير؛ إنما كان لعظم هذه العبادة وفضلها، ولأنها من أعظم العبادات لله - عز وجل - فينبغي للطائف أن يكون متطهراً، متوجهاً بقلبه لله تعالى.
- تذكير من الله لعباده بهذه النعمة العظيمة بجعل البيت الحرام مرجعاً للناس يقصدونه.
- تقديم الطائفين على غيرهم إشارة إلى أحقيتهم بالبيت.
... وحينئذ يكون الطواف بالبيت عبادة من أجلِّ العبادات؛ ولهذا يجد الطائف بالبيت إذا كان المطاف هادئاً من لذة العبادة وشعور قلبه بالقرب من ربه ما يتبين به علو شأنه، وفضله - والله المستعان - .
الفصل الأول: حكم طواف الإفاضة و وقته.
... المبحث الأول: حكم طواف الإفاضة والآثار المترتبة على تركه.
... ... المطلب الأول: حكم طواف الإفاضة.
... ... المطلب الثاني: الآثار المترتبة على ترك طواف الإفاضة.
... المبحث الثاني: وقت طواف الإفاضة:
... ... المطلب الأول: بداية وقته.
... ... المطلب الثاني: نهاية وقته.
... ... المطلب الثالث: وقت الاستحباب. ...
المطلب الأول: حكم طواف الإفاضة:
__________
(1) - مثابة: مرجعاً يثبون إليه (ص22).
(2) - بدائع الفوائد: (1/114)، محاسن التأويل: (1/391)، صفوة الآثار والمفاهيم: (3/376).(1/18)
... طواف الإفاضة ركن لا يصح الحج إلا به باتفاق الفقهاء(1) قال الإمام النووي(2) –رحمه الله-: (واعلم أن طواف الإفاضة ركن لا يصح الحج إلا به بإجماع الأمة)(3) والأدلة على ذلك:
... أولاً، من الكتاب : يقول الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج29].
... وجه الاستدلال من الآية ما يلي:
... الأصل أن الأمر للوجوب، يقول الكاساني(4) –رحمه الله-: (ولأنه أمر الكل بالطواف فيقتضي الوجوب على الكل)(5).
... ثانياً، من السنة: عن عائشة –رضي الله عنها- قالت: (حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفية فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله إنها حائض.قال: "أحابستنا هي" قالوا: يا رسول الله إنها قد أفاضت يوم النحر. قال: "اخرجوا") متفق عليه(6).
... وجه الاستدلال من الحديث مايلي:
__________
(1) - مراتب الإجماع: (ص76)، إكمال المعلم: (4/392)، المفهم: (3/342)، أحكام القرآن: (3/212).
(2) - هو الإمام الفقيه محيى الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحزامي الشافعي، صنف التصانيف النافعة في الحديث والفقه وغيرها كشرح مسلم والروضة وشرح المهذب والمنهاج والتحقيق والأذكار ورياض الصالحين وغير ذلك، وكان إماما بارعا حافظا متقنا أتقن علوما شتى وبارك الله في علمه وتصانيفه لحسن قصده وكان شديد الورع والزهد، ولم يتزوج وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية، توفي سنة ست وسبعين وستمائة. (طبقات الحفاظ ج1/ص513).
(3) - المجموع شرح المهذب: (8/15،197).
(4) - أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني علاء الدين الحنفي مصنف البدائع الكتاب الجليل، توفي عام 587هـ. (طبقات الحنفية ج1/ص244 ).
(5) - بدائع الصنائع: (2/307).
(6) -رواه البخاري: كتاب الحج، باب: الزيارة يوم النحر (ح1733)، ومسلم: كتاب الحج، باب: بوجوب طواف الوداع (ح1211).(1/19)
... أن من لم يطف لا يجوز له النفر، وأنه حابس من لم يأتي به، قال ابن دقيق العيد(1) –رحمه الله-: (فإن سياقه يدل على أن عدم طواف الإفاضة موجب للحبس)(2).
... ثالثاً، الإجماع: نقل الإجماع على وجوب طواف الإفاضة وأنه ركن الحج الذي لا يصح إلا به كثيرٌ من الفقهاء؛ منهم النووي وابن رشد(3) كما ذكرنا آنفاً، ومنهم الكاساني –رحمه الله- قال عند حديثه عن طواف الإفاضة: (وكذا الأمة أجمعت على كونه ركناً، وأنه يجب على أهل الحرم وغيرهم)(4)، وقال البهوتي(5) –رحمه الله-: (طواف الإفاضة فيعينه بالنية وهو ركن لا يتم حج إلا به) (6) .
المطلب الثاني: الآثار المترتبة على ترك طواف الإفاضة؟
__________
(1) - محمد بن علي المنفلوطي الشافعي المعروف بابن دقيق العيد، من تصانيفه: الإلمام في أحاديث الأحكام، وصنف الاقتراح في علوم الحديث ومن مصنفاته شرح العمدة المشهور، (ت: 702هـ). البدر الطالع (2/229).
(2) - العدة حاشية العمدة: (3/408)، وراجع: تحفة اللبيب: (194)، وراجع الفقه الإسلامي وأدلته: (3/146).
(3) - العلامة فيلسوف الوقت أبو الوليد محمد بن أبي القاسم أحمد بن شيخ المالكية أبي الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد –الحفيد- القرطبي، وله من التصانيف بداية المجتهد في الفقه و الكليات في الطب و مختصر المستصفى في الأصول ومؤلف في العربية، وولي قضاء قرطبة فحمدت سيرته، توفي: (595هـ) . سير أعلام النبلاء (21/307).
(4) - بدائع الصنائع: (2/307).
(5) - منصور بن يونس البهوتي الحنبلي، من متأخري الحنابلة، له من المؤلفات شرح منتهى الإرادات والروض المربع، توفي عام 1052هـ. ( علماء الحنابلة ص384).
(6) - الروض المربع بحاشية الطيار: (5/295).(1/20)
... كما أسلفنا أن طواف الإفاضة ركن الحج الذي لا يصح إلا به، بإجماع الفقهاء، وأن من ترك هذا الطواف لا يحل من إحرامه حتى يفعله؛ فإن رجع إلى بلده قبله لم ينفك إحرامه، ورجع متى أمكنه محرما لا يجزئه غير ذلك(1).
... قال ابن القيم –رحمه الله-: (وأما طواف الزيارة فلا بد منه، ولو أُنْسِيَهُ الرجل حتى يرجع إلى مدينته عليه أن يأتى به)(2).
المبحث الثاني: وقت طواف الإفاضة، وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: بداية وقته.
... اختلف الفقهاء في بداية وقت طواف الإفاضة، وهذا الخلاف مبنيٌ على الخلاف في بداية الرمي؛ وقد يرد سؤال: ما علاقة الطواف برمي جمرة العقبة؟
... فالجواب على ذلك بما يلي(3):
- أن رمي جمرة العقبة والذبح والحلق كلها أعمال يوم النحر.
- وثبت عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخل بهذا الترتيب، فأخذوا يسألونه - صلى الله عليه وسلم - عما قدموه وأخروه من أفعال هذا اليوم، فكان يجيبهم - صلى الله عليه وسلم - : (افعل ولا حرج) (4).
- أن هذه الأعمال كلها سبب في التحلل.
... فهذا دليل على أن أعمال يوم النحر مترابطة.
الأقوال في بداية طواف الإفاضة:
__________
(1) - الإجماع لابن عبد البر: (ص172)، مسائل الإمام أحمد بقول داود: (ص187)، بدائع الصنائع: (2/307)، المجموع شرح المهذب: (8/15،197)، المفهم: (3/410)، المغني: (5/345)، الحاوي الكبير: (5/260)، تسهيل المسالك: (2/780).
(2) - بدائع الفوائد: (4/1390).
(3) - حواشي الشرواني: (5/214)، المغني: ( 5/313)، وأنواع الطواف: (251).
(4) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: الفتيا على الدابة إذا رمى الجمرة (ح1736)، ومسلم: كتاب الحج، باب: من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي (ح1306).(1/21)
... القول الأول: أنه من طلوع فجر يوم النحر، وهذا مذهب الحنفية(1) والمالكية(2) وقول في مذهب الحنابلة (3).
... القول الثاني: أنه من بعد منتصف ليلة النحر، وهذا مذهب الشافعية(4) والمشهور في مذهب الحنابلة(5).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1. فعله - صلى الله عليه وسلم - مع قوله: (لتأخذوا مناسككم) (6)؛ فقد طاف طواف الإفاضة يوم النحر(7).
... ونوقش:
... بأن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على الفضيلة، وإذنه للضعفة دليل على الجواز(8).
__________
(1) - رد المحتار: (3/538)، الهداية شرح بداية المبتدي: (3/94)، وبدائع الصنائع: (2/314)، والفقه الإسلامي وأدلته: (3/154)، والمسالك في المناسك: (1/427)، مفيد الأنام: (ص326،356)، البدر التمام: (3/34)، سبل السلام: (2/542).
(2) - حاشية الدسوقي: (2/278)، بداية المجتهد: (277)، مواهب الجليل: (4/195،179)، مفيد الأنام: (ص356).
(3) - المغني: (5/295)، الإنصاف: (9/227)، المبدع شرح المقنع: (3/248)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/358).
(4) - المجموع شرح المهذب: (8/198،168) ، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/358)، مفيد الأنام: (ص326،356)، البدر التمام: (3/34)، سبل السلام: (2/542).
(5) - المغني: (5/295)، ومنهج السالك: (264)، مفيد الأنام: (ص326)، نيل المآرب: (2/533)، سبل السلام: (2/542).
(6) - رواه مسلم: كتاب الحج، باب: استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً (ح1297).
(7) - شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/362)، حاشية السنن: (5/291) ، المبدع شرح المقنع: (3/248).
(8) - الروض المربع بحاشية الطيار: (5/280).(1/22)
2. حديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَدَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ أُغَيْلِمَةَ(1) بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ(2) فَجَعَلَ يَلْطَحُ(3) أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ «أُبَيْنِىَّ لاَ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» (4).
... وجه الدلالة من الحديث:
- نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرموا الجمرة قبل طلوع الفجر(5).
- إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى من رخص له بالدفع أن يرموا، فكيف الحال فيمن لم يرخص له(6).
- إذنه عليه السلام للضعفة إنما هو بالنفرة وليس بالرمي؛ لذلك نهى ابن عباس أن يرموا الجمرة قبل طلوع الشمس(7).
... ونوقش بما يأتي:
__________
(1) - يريد بالأغيلمة –وهي تصغير غلام- الصبيان؛ ولذلك صغرهم. لسان العرب مادة: (غلم)، (12/440).
(2) - حمرات جمع الجمع، كجزرات وطرقات والأنثى حمارة. لسان العرب مادة: (حمر)، (4/212).
(3) - قال أبو داود: اللَّطْحُ؛ الضَّرْبُ اللَّيِّنُ، عون المعبود: (5/290).
(4) - أحمد: (5/142)، وأبو داود: (ح1940)، والترمذي: كتاب أبواب الحج، باب: ما جاء في تقديم الضعفة من جمع بليل (ح893)، والنسائي: (5/270)، وابن ماجة: (ح3025).
... قال الإمام أحمد –رحمه الله-: لم يروه عن ابن عباس إلا الحسن العُرَني، ولم يسمع منه، راجع: تنقيح التحقيق: (2/477)، عون المعبود: (5/290)، وقال ابن حجر: فيه انقطاع: (حاشية ابن باز على بلوغ المرام: ص462).
... وقال ابن المديني: لم يسمع الحكم عن مقسم إلا خمسة أحاديث، ولم يذكر هذا الحديث منها. راجع:الترمذي: كتاب أبواب الحج، باب: ما جاء في الخروج إلى منى (ح880)
(5) - تحفة الأحوذي: (3/544)، والمسالك في المناسك: (1/567).
(6) - نيل الأوطار: (6/256)، عون الباري: (2/614).
(7) - شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/362).(1/23)
- أن حديث ابن عباس ضعيف كما بينا فلا دليل لمن احتج به(1).
- أنه معارضٌ للحديث الصحيح المروي عن أسماء رضي الله عنها(2).
- يمكن الجمع بين النصين بأن الأمر إنما هو للندب(3).
- أن هذا على –على فرض صحته- قد يكون خاصاً بالغلمان أو من يدفع مع أهل الرخصة، أن يصح لهم الدفع للحاجة ولا يصح لهم الرمي؛ لعدم الحاجة.
... قال ابن كثير –رحمه الله- : (فإن كانت أسماء بنت الصديق(4) –رضي الله عنها- رمت الجمرة قبل طلوع الشمس كما ذكر ها هنا، عن توقيف؛ فروايتها مقدمة على قول ابن عباس؛ لأن إسناد حديثها أصح من إسناد حديثه؛ إلا أن يقال أن الغلمان أخف حالاً من النساء وأنشط؛ فلهذا أمر الغلمان بأن لا يرموا قبل طلوع الشمس؛ لأنهم أثقل حالاً وأبلغ في التستر)(5).
3. أن ما قبل طلوع الفجر وقت لركن آخر، وهو الوقوف بعرفة، فلا يكون وقتاً للطواف؛ لأن الوقت الواحد لا يكون وقتا لركنين(6).
... ونوقش(7):
- أن النصف الأول من توابع اليوم الماضي، والنصف الثاني من توابع يوم المستقبل؛ فلذلك أجزأه.
- أن الوقت الذي يسقط به ركن الوقوف بعرفة هو وقوف جزء من النهار مع الليل بعد زوال الشمس؛ فلا اعتبار لما استدل به.
... استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
__________
(1) - تنقيح التحقيق: (2/477).
(2) - حجة الوداع: (262).
(3) - شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/625)، عون المعبود: (5/290)، تحفة الأحوذي: (3/544)، المجموع شرح المهذب: (8/177).
(4) - يأتي حديث أسماء (ص45 )
(5) - حجة الوداع: (262).
(6) - بدائع الصنائع: (2/314)، والمسالك في المناسك: (1/427).
(7) - الحاوي الكبير: (5/250).(1/24)
1. ما روي عن عائشة –رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: (أَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الْيَوْمَ الَّذِى يَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعْنِى – عِنْدَهَا).أخرجه أبو داود والحاكم(1).
__________
(1) - رواه أبو داود: كتاب المناسك، باب: التعجيل من جمع (ح9142)، والحاكم: أول كتاب المناسك(1723)،وصححه، وصححه النووي (المجموع شرح المهذب:8/157)، وقال ابن حجر-رحمه الله-: على شرط مسلم (سبل السلام: 2/542)، وقال الألباني: ضعيف؛ لأن فيه الضحاك، فيه ضعف من قبل حفظه؛ ولذلك قال الحافظ في ( التقريب ) : ( صدوق يهم ) وقد خولف في إسناده ومتنه . (الإرواء ح1077).(1/25)
2. ما روى عَنْ أَسْمَاءَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ ، فَقَامَتْ تُصَلِّى ، فَصَلَّتْ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَىَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ قُلْتُ لاَ . فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ قُلْتُ نَعَمْ . قَالَتْ فَارْتَحِلُوا . فَارْتَحَلْنَا ، وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتِ الصُّبْحَ فِى مَنْزِلِهَا . فَقُلْتُ لَهَا يَا هَنْتَاهْ مَا أُرَانَا إِلاَّ قَدْ غَلَّسْنَا(1). قَالَتْ: ( يَا بُنَىَّ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لِلظُّعُنِ(2)) متفق عليه(3)، وفي رواية، أنه قال: (إِنَّا رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ بِلَيْلٍ. قَالَتْ إِنَّا كُنَّا نَصْنَعُ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) رواه أبو داود(4).
... وجه الدلالة من الحديثين(5):
__________
(1) - غلسنا: أي تقدمن عن الوقت المشروع (عون الباري 2/614).
(2) - الظعائن هي الهوادج كن فيها نساء أو لم يكن الواحدة ظعينة وظعن. غريب الحديث لابن الجوزي: مادة: (ظعن)، (2/54).
(3) - البخاري: كتاب الحج، باب: من قدم ضعفة أهله بليل (ح1679)، ومسلم: كتاب الحج، باب: استحباب تقديم دفع الضعفة (ح1291).
(4) - رواه أبو داود: كتاب المناسك، باب: التعجيل من جمع (ح9143) وصححه الألباني. صحيح أبي داود: (1/366).
(5) - إكمال المعلم: (4/370)، المجموع شرح المهذب: (8/177،157)، وتنقيح التحقيق: (2/477) شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/358) المفهم: (3/396)، البدر التمام: (3/34).(1/26)
- ظاهر النص جواز الدفع قبل منتصف الليل والرمي؛ لأن أم سلمة وأسماء رمين الجمرة قبل الصبح؛ فهذا دليل على جواز الرمي قبل الفجر، قال الإمام الشافعي: (فدل على أن خروجها بعد نصف الليل وقبل الفجر لأن رميها كان قبل الفجر لأنها لا تصلى الصبح بمكة إلا وقد رمت قبل الفجر بساعة) (1).
- إذا جاز رمي الجمرة قبل الفجر؛ جاز فعل بقية أعمال يوم التشريق؛ لأنها كما ذكرنا مترابطة. ...
ونوقش بأن هذه رخصة خاصة(2).
... ويمكن أن يجاب:
... أنه لا دليل على التخصيص، والأصل العموم، وعدم التخصيص.
3. أن منتصف الليل وقتٌ للدفع؛ فيكون وقتاً للرمي؛ كبعد طلوع الشمس(3).
4. لو لم يرخص لهم بالرمي لما كان لهم فائدة من الدفع بليل(4).
... الرأي المختار:
... الراجح – والله أعلم- أن وقت طواف الإفاضة يبدأ من طلوع فجر يوم النحر، ولكن من جاز له الدفع من منتصف الليل جاز له الطواف من منتصف الليل، أخذاً برخصة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوسيعاً على عباد الله.
...
المطلب الثاني: نهاية وقته.
... المشروع في طواف الإفاضة أنه يكون يوم النحر، ولا خلاف بين الفقهاء على أنه لا آخر لوقته، ولكن اختلفوا في لزوم دم بالتأخير(5)؛ فالمسألة على أقوال:
... القول الأول: أن آخر وقت للطواف هو آخر أيام النحر وجوباً، وتأخيره عن ذلك موجب للدم؛ وهو مذهب الحنفية(6).
... القول الثاني: أن آخر وقته بنهاية شهر ذي الحجة، وتأخيره عن ذلك موجب للدم؛ وهو مذهب المالكية(7).
__________
(1) - عون المعبود: (5/291).
(2) - معالم السنن: (2/177)، البدر التمام: (3/34).
(3) - المغني: (5/295).
(4) - شرح حديث جابر: (ص129).
(5) - أضواء البيان: (5/230).
(6) - رد المحتار: (3/538)، وبدائع الصنائع: (2/314) والمسالك في المناسك: (1/427)، الهداية شرح بداية المبتدي: (3/95).
(7) - مواهب الجليل: (4/22)، وراجع أحكام القرآن: (1/132)، مفيد الأنام: (ص356)، إكمال المعلم: (4/492).(1/27)
... القول الثالث: أن آخر وقت الطواف غير محدد، ولا يلزم دمٌ بالتأخير؛ وهو مذهب الشافعية(1) والحنابلة(2).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1. أن الطواف نسك يفعل في الحج فكان آخره محدد؛ كالوقوف والرمي(3).
2. قول ابن عباس - رضي الله عنهم - : (من قدم من نسكه شيئاً أو أخره فليهرق دماً)(4).
... ونوقش(5):
... بأنه معارض لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :«مَنْ قَدَّمَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ أَخَّرَهُ فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ» رواه البيهقي(6).
3. أنه أدخل نقصاناً بالتأخر عن وقته فيجبر بدم كتأخير أركان الصلاة(7).
... واستدل أصحاب القول الثاني بالتعليل التالي:
__________
(1) - المجموع شرح المهذب: (8/198)، إكمال المعلم: (4/392)، حواشي الشرواني: (5/215).
(2) - المغني: (5/313)، والإنصاف: (9/229)، نيل المآرب: (2/533)، الشرح الممتع: (7/372).
(3) - المغني: (5/313).
(4) - الأثر روي بألفاظ مختلفة منها ما ذكرت، رواه البيهقي: كتاب الحج، باب: من ترك شيئاً من الرمي (ح9688).
... قال ابن الملقن –رحمه الله-: هذا الحديث لا أعلم من رواه مرفوعاً بعد البحث عنه، ووقفه عليه هو الذي نعرفه عن ابن عباس (البدر المنير 6/91)، وقال الصنعاني –رحمه الله-: فيه إبراهيم المهاجر فيه مقال (العدة حاشية العمدة:3/399)، وقال ابن عبر البر: القول ليست بالقوية (الاستذكار: 13/325)، وقال الألباني –رحمه الله-: ضعيف مرفوع وثبت موقوف (الإرواء ح1100).
(5) - المسالك في المناسك: (1/428).
(6) - رواه البيهقي: كتاب الحج، باب: التقديم والتأخير في عمل يوم النحر (ح9633)، وضعفه الألباني: السلسلة الضعيفة (ح4630).
(7) - بدائع الصنائع: (2/315).(1/28)
... أن تأخير الطواف إلى محرم، فعل للركن في غير أشهر الحج، والله تعالى قال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ}[البقرة197]، فالحج مؤقت بأشهر محددة لا يجوز تأخيره عنها(1). ...
... واستدل أصحاب القول الثالث بالتعليل التالي:
... أن الله أمر بالطواف مطلقاً، ولم يرد دليل بتأقيت طواف الإفاضة كغيره من الأعمال، والأصل في ذلك براءة الذمة، وعدم التحديد(2).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر أن الراجح -والله أعلم- القول الثالث، ولكن على الحاج أن يحذر مما يلي:
1. أن الأصل في الطواف أن يفعل في أيام التشريق وقد كره بعض الفقهاء تأخيره عن ذلك (3).
2. لا يقرب النساء؛ لأنه كما ذكرت لم يتحلل التحلل الثاني.
3. ليحذر من تأخير الطواف عن شهر ذي الحجة إلا بعذر، إبراءً للذمة وخروجاً من الخلاف(4).
المطلب الثالث: وقت الاستحباب. ...
... يستحب فعل الطواف ضحى يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق بالإجماع(5).
... قال ابن قدامة –رحمه الله- (ولهذا الطواف وقتان وقت فضيلة ووقت إجزاء فأما وقت الفضيلة فيوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق )(6).
... وقال النووي –رحمه الله-: (والأفضل طوافه يوم النحر وأن يكون قبل الزوال في الضحى بعد فراغه من الأعمال الثلاثة، وهي: الرمي والذبح والحلق –ثم قال- وهذا هو الصحيح الذي تظاهرت به النصوص)(7).
الأدلة
... ... استدل الفقهاء على أن وقت الاستحباب ضحى يوم النحر بما يأتي:
__________
(1) - أحكام القرآن: (1/178)، المسالك في المناسك: (1/428).
(2) - المغني: (5/313)، المبدع شرح المقنع: (3/248)، حواشي الشرواني: (5/216)، أضواء البيان: (5/230).
(3) - الإيضاح: (ص349)، حواشي الشرواني: (5/216).
(4) - الشرح الممتع: (7/372)، وقد رجح الشيخ –رحمه الله-: عدم جواز تأخير الطواف عن شهر ذي الحجة إلا للحاجة.
(5) - بداية المجتهد: (278)، نيل الأوطار: (6/256)، المفهم: (3/342)، الشرح الممتع: (7/372).
(6) - المغني: ( 5/313).
(7) - المجموع شرح المهذب: (8/197).(1/29)
1. قول جابر في صفة حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (فأفاض يوم النحر إلى البيت فصلى بمكة الظهر) رواه مسلم(1).
2. وفي حديث عائشة الذي ذكرت فيه حيض صفية قالت: (فأفضنا يوم النحر) رواه البخاري ومسلم(2).
3. وقال ابن عمر: (أفاض النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر) رواه مسلم(3).
... وجه الدلالة من الأحاديث:
... قال ابن كثير –رحمه الله- بعد سياق الأحاديث: (ففي هذا السياق ما يدل على أنه عليه السلام ركب إلى مكة قبل الزوال فطاف بالبيت ثم لما فرغ صلى الظهر)(4).
... أما ماورد عن َعَائِشَةَ –رضي الله عنها- أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ. رواه الترمذي(5).
... قال المغربي(6) –رحمه الله-: (وهو محمول على أنه عاد للزيارة مع نسائه لا لأجل الإفاضة) (7).
الفصل الثاني: الآثار المترتبة على طواف الإفاضة.
... المبحث الأول: التحلل الأول.
__________
(1) - صحيح مسلم: كتاب الحج، باب: حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (ح1218).
(2) - سبق تخريجه: (ص38).
(3) - صحيح مسلم: كتاب الحج، باب: استحباب طواف الإفاضة يوم النحر (ح 1308).
(4) - حجة الوداع لابن كثير: (295).
(5) - رواه الترمذي: كتاب الحج، باب: ماجاء في طواف الزيارة بالليل (ح920).
... قال ابن حزم: الحديث معلول بقول ابن الزبير؛ وهو مدلس (حجة الوداع لابن حزم: ص295).
... وقال الألباني: الحديث ضعيف (الإرواء ح 1070).
(6) - الحسين بن محمد بن سعيد بن عيسى اللاعى المعروف بالمغربى، قاضي صنعاء وعالمها ومحدثها صنف البدر التمام شرح بلوغ المرام وهو شرح حافل وقد اختصره السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير وسمى المختصر سبل السلام وله رسالة في حديث أخرجوا اليهود من جزيرة العرب توفى صاحب الترجمة سنة 1119 وقيل سنة 1115 خمس عشر ومائة وألف. البدر الطالع: (1/230).
(7) - البدر التمام: (3/18)، وراجع: حواشي الشرواني: (5/214).(1/30)
... المبحث الثاني: التحلل الثاني.
... المبحث الثالث: ترتيب أعمال يوم النحر وفيه مطلبان.
... ... المطلب الأول: ترتيب أعمال يوم النحر.
... ... المطلب الثاني: حكم تقديم طواف الإفاضة على سائر ... ... أعمال يوم النحر.
المبحث الأول: التحلل الأول(1).
... اختلف الفقهاءهل يحصل التحلل الأول بمجرد طواف الإفاضة(2)؟
... القول الأول: لا يحصل التحلل الأول بمجرد طواف الإفاضة؛(3)وهو مذهب الحنفية(4) والمالكية(5)، وقول في مذهب الحنابلة(6).
... القول الثاني: يحصل التحلل الأول بطواف الإفاضة؛ وهو مذهب الشافعية(7)وقول في مذهب الحنابلة(8).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1. أن تقديم الطواف على الرمي هو تقديم لما حقه التأخير؛ وعلى هذا لا يصح التحلل بالطواف وحده(9).
2. أن من طاف ولم يرم لا يباح له الطيب واللباس؛ فالتحق الطواف بالعدم، وصار كأنه لم يطف.
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. القياس على من رمى ولم يفض(10).
__________
(1) - المراد بالتحلل الخروج من الإحرام، وحل ما كان محظوراً عليه وهو محرم؛ وهو قسمان: التحلل الأول والتحلل الثاني –ويسمى التحلل الأصغر والأكبر- راجع لسان العرب: مادة: (حلل) (11/166)، والمعجم الوسيط، مادة: (حل) (ص193).
(2) - شرح العمدة: (3/535).
(3) - وبحث هذه المسألة في: (المبحث الثالث: ترتيب أعمال يوم النحر)، والذي أريده هنا بحث التحلل بالطواف.
(4) - بدائع الصنائع: (2/359).
(5) - مواهب الجليل: (4/187)، فتح الباري: (4/695)، مفيد الأنام: (ص349)، حاشية الدسوقي:(2/269،272)، والفقه الإسلامي وأدلته: (3/99)، بداية المجتهد: (ص279).
(6) - المغني: (5/323)، العدة حاشية العمدة: (3/399).
(7) - الإيضاح: (352).
(8) - معونة أولي النهى: (4/240)، الفقه الإسلامي وأدلته: (3/229).
(9) - راجع: المبحث الثالث، المطلب الثاني: حكم تقديم الإفاضة على أعمال يوم النحر ( في هذا البحث).
(10) - المغني: (5/323،376).(1/31)
2. أن الحج تمت أركانه(1).
3. أنه لما كان الطواف مؤثراً بالتحلل الثاني؛ فمن باب أولى أن يكون مؤثراً في التحلل الأول(2).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن التحلل الأول مرتبط بالرمي لما روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :« إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَىْءٍ إِلاَّ النِّسَاءَ »(3)؛ فعلى هذا لا يصح التحلل الأول بالطواف وحده، ويحصل التحلل الثاني بفعل الاثنين.
... ثانياً: من رمى الجمرة ولم يفض في يوم النحر فهل يحل من إحرامه أو يبقى محرماً ؟
__________
(1) - المبدع شرح المقنع: (3/165).
(2) - الشرح الممتع: (7/365).
(3) - رواه الإمام أحمد: (1/234) وقال الألباني: صحيح (السلسلة الصحيحة ح239).(1/32)
... يرى بعض الفقهاء أن من رمى الجمرة ثم حل ولم يطف للإفاضة من يومه فإنه يعود محرماً(1)، واستدلوا بحديثِ أُمِّ سَلَمَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ: (كَانَتْ لَيْلَتِى الَّتِى يَصِيرُ إِلَىَّ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَسَاءَ يَوْمِ النَّحْرِ فَصَارَ إِلَىَّ وَدَخَلَ عَلَىَّ وَهْبُ بْنُ زَمْعَةَ(2) وَمَعَهُ رَجُلٌ مِنْ آلِ أَبِى أُمَيَّةَ مُتَقَمِّصَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِوَهْبٍ « هَلْ أَفَضْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ - صلى الله عليه وسلم - :«انْزِعْ عَنْكَ الْقَمِيصَ ». قَالَ فَنَزَعَهُ مِنْ رَأْسِهِ وَنَزَعَ صَاحِبُهُ قَمِيصَهُ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ وَلِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا». يَعْنِى مِنْ كُلِّ مَا حَرُمْتُمْ مِنْهُ إِلاَّ النِّسَاءَ « فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا الْبَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ»).أخرجه أحمد وأبو داود(3).
__________
(1) - ممن قال به من المعاصرين، العلامة: محمد بن ناصر الدين الألباني –رحمه الله-في رسالته: مناسك الحج والعمرة: (ص32)، وقد رد على الشيخ –رحمه الله- بعض الباحثين منهم: سعيد باشنفر في كتابه، نظرات في كتاب حجة النبي (ص95)، والدكتور إبراهيم الصبيحي، في المسائل المشكلة في الحج والعمرة (ص31)، ومحمد بن سعيد الكثيري؛ وقد استقصى طرق الحديث وبين ضعفه في رسالته: دراسة حديثية لحديث أم سلمة.
(2) - وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأسدي من مسلمة الفتح وكان من أجواد قريش. الإصابة: (6/623).
(3) - رواه أحمد: (6/295)، وقال المحقق، شعيب الأرنؤوط: الحديث ضعيف..ورواه أبو داود: كتاب المناسك، باب: الإفاضة في الحج (ح1999).
... قال ابن كثير –رحمه الله-: هذا حديث غريب جداً لا أعلم أحداً من العلماء قال به (حجة الوداع ص294).(1/33)
... ونوقش (1):
... أن هذا الحديث ضعيف؛ فلا يصلح للاحتجاج به.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن من رمى الجمرة ولم يطف يوم النحر فلا يعود محرما لضعف الحديث الوارد في ذلك. ...
المبحث الثاني: التحلل الثاني.
... الأصل أن المحرم إذا فعل أعمال يوم التشريق كاملة حل له كل شيء حُرِّم عليه بالإجماع، ويسمى التحلل الأكبر ولا يحصل إلا بعد طواف الإفاضة(2).
... عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: (مَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ ثُمَّ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَنَحَرَ هَدْيًا - إِنْ كَانَ مَعَهُ - فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ إِلاَّ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ) (3).
... قال ابن عبدالبر –رحمه الله-: (وأجمعوا أنه إذا طاف بالبيت طواف الافاضة يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة أنه قد حل له الطيب والنساء والصيد وكل شيء وتم حله وقضى حجه) (4).
__________
(1) - المغني: (5/346)، حجة الوداع لابن كثير: (294)، الشرح الممتع: (7/373). .
(2) - الجامع لأحكام القرآن: (2/430)، بدائع الصنائع: (3/315،359)، والهداية شرح بداية المبتدي: (3/94)، والإجماع لابن عبد البر: (172)، ومراتب الإجماع لابن حزم:(79)، حاشية الدسوقي: (2/269)، نيل المآرب: (2/533)، إكمال المعلم: (4/388)، مواهب الجليل: (4/185).
(3) - رواه مالك في الموطأ: كتاب المناسك، باب: الإفاضة (ح1433)، والبيهقي: كتاب الحج، باب: من قال بحل الصيد بالتحلل الأول (ح9998)، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد (3/576).
(4) - التمهيد: (8/51).(1/34)
... وقال الدردير(1) –رحمه الله-: (وحل به أي بطواف الإفاضة ما بقي من نساء وصيد وطيب وهو التحلل الأكبر)(2).
... وقال ابن قدامة: (ولا نعلم خلافا في حصول الحل بطواف الزيارة على الترتيب الذي ذكر الخرقي(3))(4).
المبحث الثالث: ترتيب أعمال يوم النحر وفيه مطلبان.
المطلب الأول: ترتيب أعمال يوم النحر:
... السنة في ترتيب أعمال يوم النحر أن تكون كالتالي:
الرمي ثم النحر ثم الحلق ثم الطواف(5).
... قال النووي –رحمه الله-: (الأفعال المشروعة يوم النحر بعد وصوله منى أربعة وهي: جمرة العقبة ثم الذبح ثم الحلق ثم طواف الإفاضة والسنة ترتيبها هكذا)(6).
... الدليل:
... حديث جابر في وصف حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقد ذكر فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه الأعمال مرتبة(7).
... وجه الاستدلال:
... فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على فضيلة الترتيب(8).
__________
(1) - الشيخ أحمد بن محمد بن احمد بن أبي حامد العدوي المالكي الأزهري الخلوتي الشهير بالدردير، ولد ببني عدي كما اخبر عن نفسه سنة 1127 وحفظ القرآن وجوده وحبب إليه طلب العلم فورد الجامع الأزهر وحضر دروس العلماء، وله مؤلفات منها: شرح مختصر خليل أورد فيه خلاصة ما ذكره الأجهوري والزرقاني واقتصر فيه على الراجح من الأقوال ومتن في فقه المذهب سماه أقرب المسالك لمذهب مالك ورسالة في متشابهات القرآن، توفي عام: (1201هـ)، راجع: عجائب الآثار: (2/33).
(2) - حاشية الدسوقي: (2/269).
(3) - هو الحسين بن عبد الله الخرقي، صاحب المختصر –مختصر الخرقي الذي شرحه ابن قدامة في كتابه الشهير المغني-توفي: 299هـ، راجع طبقات الحنابلة (3/80).
(4) - المغني: (5/314).
(5) - المغني: (5/320)، إكمال المعلم: (4/389)، البدر التمام: (3/47)، حواشي الشرواني: (5/214)، بدائع الصنائع: (2/356).
(6) - المجموع شرح المهذب: (8/190).
(7) - سبق تخريجه: (ص51).
(8) - الحاوي الكبير: (5/295).(1/35)
المطلب الثاني: حكم تقديم طواف الإفاضة على سائر أعمال يوم النحر.
... اختلف الفقهاء في حكم تقديم الطواف على سائر أعمال يوم النحر على ثلاثة أقوال:
... القول الأول: يجوز تقديم الطواف على بقية الأعمال، وهو مذهب الأحناف(1) والشافعية(2) والمشهور من مذهب الحنابلة(3).
... القول الثاني: أنه يجب تقديم الرمي على الطواف؛ ومن قدم الطواف؛ فعليه دم؛ وهو قول في مذهب المالكية(4) والحنابلة(5).
... القول الثالث: أن الطواف لا يجزئ، ومن قدم الطواف؛ فطوافه غير صحيح؛ فليرم ثم لينحر ثم ليفض؛ وهو قول في مذهب المالكية(6).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضي الله عنهم - قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ رَجُلٌ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ وَاقِفٌ عِنْدَ الْجَمْرَةِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنِّى أَفَضْتُ إِلَى الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ « ارْمِ وَلاَ حَرَجَ ». قَالَ فَمَا رَأَيْتُهُ سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ قَالَ « افْعَلُوا وَلاَ حَرَجَ »(7). ...
__________
(1) - رد المحتار: (3/588،473)، بدائع الصنائع: (2/359).
(2) - المجموع شرح المهذب: (8/168)، إكمال المعلم: (4/389)، العدة حاشية العمدة: (3/398)، سبل السلام: (2/551).
(3) - المغني: (5/323)، الإعلام بفوائد الأحكام: (6/346)، نيل المآرب: (2/531)، مفيد المستفيد: (ص349).
(4) - حاشية الدسوقي: (2/269،272)، والفقه الإسلامي وأدلته: (3/99).
(5) - المغني: (5/323)، العدة حاشية العمدة: (3/399).
(6) - مواهب الجليل: (4/187)، الاستذكار: (13/322)، فتح الباري: (4/695)، مفيد الأنام: (ص349).
(7) - سبق تخريجه: (ص40).(1/36)
2. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ . قَالَ « لاَ حَرَجَ»(1).
... وجه الاستدلال(2): ...
- في هذين الحديثين دليل على جواز تقديم أعمال يوم التشريق بعضها على بعض من قوله - صلى الله عليه وسلم - : (افعل ولا حرج) و (لا حرج)؛ أي: لا إثم ولا فدية.
- لو كان الترتيب واجباً لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ ولأمر من سأله بالإعادة لاسيما أن الوقت باق.
ويستنتج من هذا أن ترتيب الأعمال إنما هو للاستحباب؛ فمن خالف هذا الترتيب جاز له ذلك.
... ونوقش بما يلي(3):
... أنه قال : (لا حرج)؛ أي لا إثم؛ فالحرج هو الإثم، ولم يقل لا فدية.
... ... وأجيب بما يأتي:
- أن الاسم الضيق يشمل: الفدية، والإثم(4).
- لو لم يجزئ لأمرهم بالإعادة، فلا يؤخر البيان عن وقته(5).
3. أنه أتى بالرمي في وقته فيجزئه كمن رتبه(6).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. عن بن عباس - رضي الله عنهم - قال: (من قدم شيئا من حجه أو أخره فليهرق لذلك دما)(7).
... وجه الاستدلال(8):
... أن من قدم الإفاضة على الرمي فقد قدم نسكا يجب تأخيره؛ فعليه دم.
... ونوقش(9):
- أن هذا الأثر ضعيف فلا تقوم به حجة.
- أن هذا الأثر لو سُلم بثبوته فهو معارض للحديث الصحيح (افعل ولا حرج).
__________
(1) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: الذبح قبل الحلق (ح 1722).
(2) - فتح الباري: كتاب المناسك باب الذبح قبل الرمي(4/674)، البدر التمام: (3/48)، سبل السلام: (2/551).
(3) - إكمال المعلم: (4/389)، العدة حاشية العمدة: (3/400).
(4) - العدة حاشية العمدة: (3/400)، سبل السلام: (2/552).
(5) - نيل المآرب: (2/531)، العدة حاشية العمدة: (3/401).
(6) - المغني: (5/323).
(7) -سبق تخريجه: (ص49).
(8) - العدة حاشية العمدة: (3/399).
(9) - المرجع السابق.(1/37)
2. قالوا: إن قوله - صلى الله عليه وسلم - : (افعل ولاحرج)، خاص بالجاهل والناسي(1).
... ونوقش(2):
... بأنه لو كان العفو خاصاً بالجاهل والناسي لبينه - صلى الله عليه وسلم - .
... واستدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
... عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهم - : (أَنَّهُ لَقِىَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِهِ يُقَالُ لَهُ الْمُجَبَّرُ قَدْ أَفَاضَ وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ جَهِلَ ذَلِكَ؛ فَأَمَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ أَنْ يَرْجِعَ فَيَحْلِقَ أَوْ يُقَصِّرَ ثُمَّ يَرْجِعَ إِلَى الْبَيْتِ فَيُفِيضَ)(3).
... وجه الاستدلال:
... أن أمر ابن عمر - رضي الله عنهم - لمن أفاض قبل أن يحلق، أن يحلق ثم يفيض دليل على عدم صحة تقديم الطواف على أعمال ذلك اليوم(4).
... ونوقش:
... بأن الأصل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يعارض بقول غيره(5).
... ... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الترتيب في أعمال يوم التشريق سنة؛ وعلى هذا يجوز تقديم الطواف على بقية الأعمال(6) لأمور:
1. قوة أدلة القائلين بجواز تقديم الطواف على الرمي.
2. ضعف الأدلة التي استدل بها المخالفون.
3. من يرى واقع المسلمين في هذه الأزمان يرى أنه من الحرج الشديد –الذي لم يُنْزِل الله به سلطان- إيجاب الترتيب بين أعمال يوم التشريق؛ فرمي الناس وحلقهم وطوافهم في وقت واحد أمرٌ عسير، والتنوع في تفويج الناس يساعد على تخفيف اكتظاظهم.
الفصل الثالث: جمع طواف الإفاضة مع غيره من الأطوفة، وفيه ثلاثة مباحث:
... المبحث الأول: جمع طواف الإفاضة مع طواف القدوم.
... المبحث الثاني: جمع طواف الإفاضة مع طواف العمرة.
__________
(1) - الاستذكار: (13/325).
(2) - المرجع السابق.
(3) - موطأ مالك: كتاب المناسك، باب: التقصير (ح1399).
(4) - التمهيد: (3/273).
(5) - العدة حاشية العمدة: (3/399).
(6) - وقال بهذا القول كثير من أهل التحقيق، منهم: ابن حزم: المحلى (7/199)، والشوكاني: الروضة الندية (1/633).(1/38)
... المبحث الثالث: جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع.
المبحث الأول: جمع طواف الإفاضة مع طواف القدوم.
... الأصل هو طواف الإفاضة؛ لأنه ركن الحج؛ فلا يصح القول بأن طواف القدوم يجزئ عن طواف الإفاضة، وخلاف العلماء في سقوط طواف القدوم بأداء طواف الإفاضة؛ مبنيٌ على الخلاف في طواف القدوم؛ هل هو مقصودٌ لذاته أو أنه يجزئ أداء الفرض عنه كتحية المسجد؛ فالمسألة على أقوال بينهم:
... القول الأول: أن طواف القدوم ليس نسكاً؛ فمن طاف الفرض أجزأه عن طواف القدوم؛ وهو مذهب الحنفية(1) والشافعية(2) والمشهور من مذهب الحنابلة(3).
... القول الثاني: أن طواف القدوم مقصودٌ لذاته ويجب الإتيان به؛ وهو مذهب المالكية(4) وقول في مذهب الحنابلة(5).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يلي(6):
1. أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه طاف يوم النحر طوافين.
2. عندما جاء عروة بن المضرس(7) - رضي الله عنه - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة لم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بطوافين.
__________
(1) - رد المحتار: (3/547)، بدائع الصنائع: (2/340)، المسالك في المناسك: (1/420).
(2) - المجموع شرح المهذب: (8/16)، الحاوي الكبير: (5/174)، حواشي الشرواني: (5/120)، نيل الأوطار: (6/197).
(3) -المغني: (5/315)، معونة أولي النهى: (4/243)، نيل المآرب: (2/533)، مفيد الأنام: (ص352).
(4) - التمهيد: (9/227)، المسالك في المناسك: (1/421)، أضواء البيان: (5/228)، بدائع الصنائع: (2/340).
(5) - معونة أولي النهى: (4/243)، نيل المآرب: (2/533)، مفيد الأنام: (ص352).
(6) -الحاوي الكبير: (5/174)، حواشي الشرواني: (5/120)، المسالك في المناسك: (1/422)، زاد المعاد: (2/215)، الشرح الممتع: (7/371)، مفيد الأنام: (ص352).
(7) - عروة بن مضرس الطائي –الصحابي- كان من بيت الرئاسة في قومه. الإصابة: (4/408).(1/39)
3. القياس على من دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة؛ فاكتفى بالفرض عن عن تحية المسجد.
4. أن طواف القدوم سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - تحية، والتحية تنفي الوجوب، ومما يدل على أنه تحية عدم إيجابه على أهل مكة(1).
5. لو كان طواف القدوم مقصوداً شرعاً؛ فلماذا يكتفي المعتمر بطواف واحد.
6. أنه دخل وقت الفرض؛ فلم يصح التطوع.
7. إذا كان طواف القارن يكفيه طوافه عن حجه وعمرته؛ فمن باب أولى أن يكفيه عن طواف القدوم(2).
8. أن عائشة رضي الله عنها لم تطف للقدوم واكتفت بطواف واحد، ولم يذكر أنها طافت طوافين(3).
... واستدل أصحاب القول الثاني:
... بقوله - صلى الله عليه وسلم - : (من أتى البيت فليحيِّه بالطواف) (4).
... وجه الدلالة(5):
... في الحديث أمر والأمر حقيقة في الوجوب.
... ونوقش بما يأتي(6):
... الحديث لا أصل له ولا يصلح للاحتجاج به. ...
...
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح القول الأول؛ لقوة الأدلة التي استدلوا بها.
المبحث الثاني: جمع طواف الإفاضة مع طواف العمرة.
... ونقصد في مسألتنا هذه أن القارن هل يصح له أن يطوف طوافاً واحداً لعمرته وحجه؟
... المسألة على أقوال:
... القول الأول: يلزمه أن يطوف طوافاً مستقلاً لعمرته ثم يطوف طوافاً آخر لحجه؛ وهو مذهب الحنفية (7).
__________
(1) - بدائع الصنائع: (2/340)
(2) - فتاوى ابن تيمية: (26/77).
(3) - الكافي في فقه الإمام أحمد: (2/446).
(4) - لم أجده، راجع: نصب الراية: (3/57)، كشف الخفاء: (1/354)، تعليق الدكتور: سعود الشريم على المسالك في المناسك: (1/421).
(5) - المسالك في المناسك: (1/421).
(6) - كما بينا في تخريج الحديث.
(7) - بدائع الصنائع: (2/345)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/318)، بداية المجتهد: (ص273)، سبل السلام: (2/558)، البدر التمام: (3/56)، عون المعبود: (5/139).(1/40)
... القول الثاني: يكفيه طواف واحد لحجه وعمرته، وهو مذهب المالكية(1) والشافعية(2)والحنابلة (3).
... قال الإمام الترمذي –رحمه الله-: (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا-أي الطواف الواحد- عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ قَالُوا الْقَارِنُ يَطُوفُ طَوَافًا وَاحِدًا. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِىِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ . وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِىِّ وَأَهْلِ الْكُوفَة)(4).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1. قول الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ }[البقرة196].
... ... وجه الاستدلال(5):
- أن الحج والعمرة نُسُكَان فوجب أن يكون لهما طوافان كما لو افردهما.
- الأمر بإتمام الحج والعمرة يوجب الإتيان بأفعالهما.
... ... ونوقش من وجهين:
... ... أ- أن الإتمام حاصل؛ وإن لم يطف إلا طوافاً واحداً(6).
__________
(1) - التمهيد: (9/225)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/318)، البدر التمام: (3/56)، أضواء البيان: (5/184).
(2) - المجموع شرح المهذب: (8/241)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/318)، سبل السلام: (2/558)، البدر التمام: (3/56)، عون المعبود: (5/139).
(3) - مسائل الإمام أحمد بقول ابن هانئ: (1/170،171)، مفيد الأنام: (ص357)، معونة أولي النهى: (4/203).
(4) - ذكره الترمذي –رحمه الله-: كتاب أبواب الحج، باب: ماجاء أن القارن يطوف طوافاً واحداً.
(5) - الحاوي الكبير: (5/219)، عون المعبود: (5/139)، بداية المجتهد: (ص273).
(6) - البدر التمام: (3/56)، عون المعبود: (5/139)، سبل السلام: (2/245).(1/41)
... ... ب- أن هذا الرأي ينتقض بالحِلَاق؛ لأن المتمتع لما كان عليه طوافان؛ كان عليه حلاقان، ولما كان القارن يكفيه حلاق واحد كفاه طواف واحد(1).
2. ما روي عن علي وعبدالله بن مسعود –رضي الله عنهما- قالا: (القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين)(2).
... ... وجه الاستدلال من الأثر(3):
... ... ظاهر النص الأمر بطوافين.
... ... ونوقش بما يأتي:
- أن هذا الأثر ضعيف(4).
- وعلى فرض صحته فهو معارض للأحاديث الصحيحة(5).
3. ثبت من فعله - صلى الله عليه وسلم - أنه طاف طوافين؛ وهو قارن - عليه السلام - (6).
... ونوقش:
... بأن طوافه - صلى الله عليه وسلم - الأول كان للقدوم (7). ... ...
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -أن النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قال لها «يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ ». رواه مسلم(8).
2. عن ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما – قَالَ: ({لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب21]، أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِى حَجًّا)؛ ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا .رواه البخاري ومسلم(9).
__________
(1) - شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/318).
(2) - رواه البيهقي : كتاب الحج، باب: القارن والمفرد يكفيهما طواف واحد (ح9425) (5/107)، وقال الذهبي –رحمه الله-: من قول: زياد بن مالك، ليس بحجة، ولا يعرف له سماع، (ميزان الاعتدال: 2/93)، راجع: شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/319).
(3) - سبل السلام: (2/559).
(4) - شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/319)، سبل السلام: (2/559).
(5) - البدر التمام: (3/57).
(6) - عون المعبود: (5/246).
(7) - المرجع السابق.
(8) - رواه مسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: وجوه الإحرام (ح1211).
(9) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: طواف القارن (ح1639)، ومسلم: كتاب الحج، باب: بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران (ح1230).(1/42)
3. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْىٌ وَاحِدٌ عَنْهُمَا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا ». رواه الترمذي(1).
4. عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها – قَالَتْ: (وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا) .رواه البخاري(2).
وجه الاستدلال من الأحاديث السابقة (3):
... الأحاديث السابقة ظاهرة في أن القارن يكتفي بطواف واحد، ومن أظهرها صريح قول عائشة -رضي الله عنها- أن الذين جمعوا بين الحج والعمرة اكتفوا بطواف واحد.
5. أن المفرد يكتفي بطواف واحد بإجماع الصحابة (4).
6. أنه نسك يكتفى به بحلاق واحد فوجب أن يكتفي بطواف واحد(5).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح القول الثاني؛ بأن القارن يكتفي بطواف واحد لحجه وعمرته لما ذكرته من أدلة.
المبحث الثالث: جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع.
... إذا أخر الحاج طواف الإفاضة إلى الوداع فهل يطوف طوافاً واحداً أم يلزمه طوافان؟
... اختلف الفقهاء في جمع طواف الإفاضة مع الوداع، وخلافهم مبنيٌ على هل طواف الوداع مقصود لذاته؛ فيجب الإتيان به أو ليس مقصوداً لذاته فيكفيه أن يؤخر الإفاضة إلى وداعه(6)؛ فالمسألة على أقوال:
__________
(1) - رواه الترمذي: كتاب أبواب الحج، باب: ما جاء في أن القارن يطوف طوافاً واحداً (ح948).
... قال الألباني: صحيح (صحيح الجامع ح5971).
(2) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: طواف القارن (ح1638).
(3) - التمهيد: (9/225)، إكمال المعلم: (4/237)، سبل السلام: (2/558)أضواء البيان: (5/185).
(4) - الحاوي الكبير: (5/218).
(5) - المرجع السابق.
(6) - كما ذكرت في مبحث جمع طواف الإفاضة مع طواف القدوم.(1/43)
... القول الأول: تأخير طواف الإفاضة لا يجزئ عن طواف الوداع بل يلزمه طوافان؛ وهو مذهب الحنفية(1) والشافعية(2) وقول في مذهب الحنابلة(3).
... القول الثاني: أن تأخير طواف الإفاضة إلى الوداع يجزئ عن الوداع؛ فيكتفي بطواف واحد؛ وهو مذهب المالكية(4)، والمشهور من مذهب الحنابلة(5).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بالتعليل التالي(6):
... أن طواف الإفاضة والوداع عبادتان واجبتان فلم تجز إحداهما عن الأخرى كالصلاتين الواجبتين.
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. أن الشارع أمر أن يكون آخر عهده بالبيت الطواف وقد فعل؛ لأن طواف الوداع غير مقصود لذاته؛ فيقاس عليه هذه المسألة(7).
2. أن ما شرع لتحية المسجد أجزأ عنه الواجب من جنسه كتحية المسجد بركعتين تجزى ء عنهما المكتوبة(8).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن طواف الوداع ليس مقصوداً لذاته؛ فعلى هذا يجزئ عنه طواف الإفاضة إذا كان هو آخر العهد بالبيت، واشتُرط: تعين نية طواف الإفاضة لأنه الأصل(9).
الفصل الرابع: الشروط الخاصة بطواف الإفاضة.
... المبحث الأول: الوقت.
... المبحث الثاني: أن يكون مسبوقاً بعرفة.
... المبحث الثالث: النية. ...
المبحث الأول: الوقت.
__________
(1) - رد المحتار: (3/545)، لباب المناسك: (ص169)، هداية السالك لابن جماعة: (3/1370).
(2) - مغني المحتاج: (5/741)، المجموع شرح المهذب: (8/197)، الإيضاح: (ص405)،هداية السالك لابن جماعة: (3/1370).
(3) - المغني: (5/338)، الشرح الكبير: (9/261)، المبدع شرح المقنع: (3/256).
(4) - حاشية الدسوقي: (2/279)، هداية السالك لابن جماعة: (3/1370)، تسهيل المسالك: (3/924).
(5) - المغني: (5/338)، نيل المآرب: (2/538) الشرح الكبير: (9/261).
(6) - المغني: (5/338)، المبدع شرح المقنع: (3/256).
(7) - المغني: (5/338)، المبدع شرح المقنع: (3/256)، الشرح الممتع: (7/400).
(8) - تسهيل المسالك: (3/924).
(9) - المغني: (5/346).(1/44)
... هذا الطواف يختلف عن غيره من الأطوفة؛ من حيث أن له وقتاً محدداً، فلا يصحّ طواف الإفاضة قبل الوقت المحدّد له شرعا(1)-على خلاف بين الفقهاء في بداية وقته-.
المبحث الثاني: سبقه بعرفة.
... اتفق الفقهاء على أنه يشترط لصحة طواف الإفاضة سبقه بالوقوف بعرفة(2).
... واستدلوا بما يأتي:
1. قال الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ(3) وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج29].
... وجه الاستدلال:
... أنه لا يمكن قضاء التفث والوفاء بالنذر إلا بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة(4) قال الإمام الشافعي رحمه الله: (ومن قدم طوافه للحج قبل عرفة بالبيت وبين الصفا والمروة فلا يحل حتى يطوف بالبيت سبعا)(5).
2. فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه؛ فقد طافوا للإفاضة بعد التعريف(6).
3. الإجماع؛ فقد نقل جمع من الفقهاء الإجماع على اشتراط تقديم عرفة على طواف الإفاضة(7).
المبحث الثالث: النية.
... ليس المقصود من الحديث هنا النية للطواف مطلقاً، بل المراد تعيين نية طواف الإفاضة خاصة؛ فلو طاف من لم يعين نية الفرض فهل يصح طوافه فرضاً؟
... فالمسألة على قولين:
__________
(1) - رد المحتار: (3/537)، حاشية اللبدي: (ص154)، وموسوعة الفقه الكويتية: (17/30)، وراجع هذا البحث: الفصل الأول، المبحث الثاني، فقد تكلمت عن وقت هذا الطواف مما يغني عن إعادته هنا.
(2) - سأذكر من نقل الإجماع من العلماء عند ذكر الأدلة ومنها الإجماع.
(3) - يزيلوا أوساخهم وشعثهم كطول الظفر. تفسير الجلالين: (ص338).
(4) - الشرح الممتع: (7/371).
(5) - الأم (402).
(6) - مفيد الأنام: (ص355).
(7) - فتاوى ابن تيمية: (26/302)، رد المحتار: (3/537)، الروض المربع بحاشية الطيار: (5/297)، موسوعة الفقه الكويتية: (17/30)، وراجع: المجموع شرح المهذب: (8/244)، المختصر المفيد: (ص77).(1/45)
... القول الأول: أن النية ليست شرطاً، ويجزئه إن نوى غيره، وهو مذهب الحنفية(1) وقول في مذهب المالكية(2) والشافعية(3).
... القول الثاني: النية شرط لصحة الطواف؛ فلو لم يعين لم يجزئه، وهو قول في مذهب المالكية (4) والشافعية(5) وهو مذهب الحنابلة(6).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يلي(7):
1. القياس على من صام رمضان ونوى تطوعاً؛ فإنه يقع فرضاً.
2. والقياس على من وقف بعرفة، ولم ينو الوقوف؛ أجزأه.
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي(8):
1. عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ »(9).
2. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمى الطواف صلاة؛ والصلاة لا تصح إلا بنية اتفاقا؛ فكذلك الطواف.
... ونوقش(10):
... أننا لم نخالف باشتراط أصل النية، ولكن نقول أن نية الحج كافية.
... الرأي المختار:
__________
(1) - بدائع الصنائع: (2/308)، هداية السالك لابن جماعة: (3/927)، لباب المناسك: (ص111).
(2) - بداية المجتهد: (ص272)، هداية السالك لابن جماعة: (3/928).
(3) - المجموع شرح المهذب: (8/16،185)، والمسالك في المناسك: (1/430،347).
(4) - مواهب الجليل: (4/119)، هداية السالك لابن جماعة: (3/928).
(5) - المسالك في المناسك: (1/437)، هداية السالك لابن جماعة: (3/927).
(6) - المحرر: (1/243)، الشرح الكبير: ( 9/225).
(7) - المسالك في المناسك: (1/430،347).
(8) - المغني: (5/313)، مفيد الأنام: (ص355).
(9) - رواه البخاري في صحيحه: كتاب بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي (ح1).
(10) - الشرح الممتع: (7/288).(1/46)
... الذي يظهر –والله أعلم- أن نية الحج تنسحب على جميع العبادة؛ وعلى هذا يكتفي بنية الحج عن بقية المناسك(1).
الفصل الخامس: الأحكام التي يتفق فيها طواف الإفاضة مع غيره من الأطوفة وفيه ثلاثة مباحث:
... المبحث الأول: في الشروط؛ وفيه تمهيد ومطلبان.
... ... المطلب الأول: شروط متفق عليها بين الفقهاء.
... ... المطلب الثاني: شروط مختلف فيها بين الفقهاء.
... المبحث الثاني: في السنن، وفيه ستة مطالب.
المبحث الأول: في الشروط، وفيه تمهيد ومطلبان:
... ... تمهيد في تعريف الشرط والواجب والفرق بينهما.
... ... المطلب الأول: شروط متفق عليها بين الفقهاء.
... ... ... المسألة الأولى: الإسلام,
... ... ... المسألة الثاني:النية.
... المطلب الثاني: شروط مختلف فيها بين الفقهاء؛ وفيه إحدى ... ... عشرة مسألة.
... المسألة الأولى: الطهارة. ... ...
... المسألة الثانية: ستر العورة.
... المسألة الثالثة: العقل.
... ... المسألة الرابعة: أن يكون الطواف داخل المسجد.
... ... المسألة الخامسة: أن يكون الطواف حول البيت كله.
... ... المسألة السادسة: إكمال سبعة أشواط.
... المسألة السابعة: الابتداء من الحجر الأسود.
... المسألة الثامنة: الترتيب.
... المسألة التاسعة: الموالاة.
... ... المسألة العاشرة: المشي على القادر، والأحكام المتعلقة ... ... ... ... بالحامل والمحمول.
تمهيد في تعريف الشرط والواجب والفرق بينهما:
... أولاً، تعريف الشرط لغة: العلامة(2).
... الشرط اصطلاحاً: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته(3).
... وقد ذكر الفقهاء أن الشروط نوعان: شرط صحة، وشرط وجوب، والمراد هنا شرط الصحة، وعُرِّفَ: بأنه ما جعل وجوده سبباً في حصول الاعتداد بالفعل.
... ثانياً، تعريف الواجب لغة: اللازم(4).
__________
(1) - الشرح الممتع: (7/287).
(2) - المعجم الوسيط، مادة: (شرط)، (ص61).
(3) - شرح الكوكب المنير: (1/452).
(4) - المعجم الوسيط، مادة: (وجب)، (ص1012).(1/47)
... الواجب اصطلاحاً: هو المأمور به جزماً؛ وهو ما ذم الشارع تاركه(1).
... ثالثاً، الفرق بين الشرط والواجب(2):
... فيما يظهر-من خلال ما سبق- أن الفرق بين الشرط والواجب –في الطواف-يتلخص فيما يلي:
... الشرط: لا يصح الطواف إلا به؛ فالإخلال به إخلال بصحة الطواف.
... الواجب: يأثم تاركه قصداً من غير عذر، ويمكن أن يجبر الإخلال بجابر.
المطلب الأول: شروط متفق عليها بين الفقهاء.
... هنالك بعض الشروط يذكرها الفقهاء، وهي شروط عامة لكل عبادة فليست خاصة بالطواف وهي:
... المسألة الأولى الإسلام:
... الإسلام شرط أساس لكل عمل، فلا يصح العمل بلا إسلام(3).
... واستدلوا بما يأتي:
1. قال تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً}[الفرقان23].
... ... ... وجه الدلالة من الآية:
... فالطواف عبادة تحتاج إلى التقرب لله - عز وجل - والمشرك لا نية له في التقرب؛ لعدم أهليته لأداء العبادة(4).
2. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :«أَيُّمَا أَعْرَابِىٍّ حَجَّ ، ثُمَّ هَاجَرَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى »رواه البيهقي(5).
... وجه الدلالة:
__________
(1) - شرح الكوكب المنير: (1/345).
(2) - راجع: شرح الكوكب المنير: (1/359)، المدخل لابن بدران: (ص157،161)، الوجيز في أصول الفقه: (ص59)، المهذب في أصول الفقه: (1/147،433،436)، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي: (ص61).
(3) - و إن كان بعض الفقهاء فرق بين شرط الصحة، وشرط الوجوب، والمراد هنا شرط الصحة كما بينت، هل يصح الطواف من غير المسلم؟.
(4) - بدائع الصنائع: (2/293)، رد المحتار: (3/456)، مواهب الجليل: (3/424)، المجموع: (7/22)، المغني: (5/7).
(5) - كتاب الحج: باب حج الصبي (ح9849)، والحديث روي بألفاظ مختلفة واختلف في رفعه ووقفه.
... قال الألباني: صحيح (الإرواء ح986).(1/48)
... أنه لو صح من الكافر؛ فلماذا يؤمر بالإعادة بعد الإسلام(1).
3. الحج عبادة والكافر ليس من أهل العبادة(2).
...
المسألة الثانية، النية:
... النية شرطٌ أساسي في كل عبادة؛ فلا يصح الطواف بلا نية فلو طاف من لا ينوي الطواف أصلاً؛ بأن طاف لطلب غريم، أو يكون هارباً من سبع أو غيره؛ ولم يقصد القربة؛ لم يعتد بذلك(3).
... وإنما اختلف الفقهاء فيمن نوى الحج وطاف بلا نية؛ فالمسألة على قولين:
... القول الأول: يشترط للطواف نية خاصة، وهو قول في مذهب الحنفية(4)وهو مذهب المالكية(5) والحنابلة(6).
... القول الثاني: أن نية الحج كافية، ولا يشترط للطواف نية خاصة؛ وهو المشهور من مذهب الحنفية(7)وهو مذهب الشافعية(8).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يلي(9):
1. عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ »(10).
2. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمى الطواف صلاة؛ والصلاة لا تصح إلا بنية اتفاقا؛ فكذلك الطواف.
... ونوقش(11):
... أننا لم نخالف باشتراط النية، ولكن نقول أن نية الحج كافية.
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
__________
(1) - بدائع الصنائع: (2/293).
(2) - المسالك في المناسك: (1/256)، بدائع الصنائع: (2/293).
(3) - المسالك في المناسك: (1/436)، شرح العمدة: (3/582).
(4) - بدائع الصنائع: (2/308).
(5) - التهذيب في اختصار المدونة: (1/529).
(6) - معونة أولي النهى: (4/199).
(7) - بدائع الصنائع: (2/308).
(8) - مغني المحتاج: (1/708).
(9) - المغني: (5/313)، مفيد الأنام: (ص355).
(10) - سبق تخريجه: (ص80).
(11) - الشرح الممتع: (7/288).(1/49)
... أن الطواف شمله نسك الحج فلا يحتاج إلى نية كأركان الصلاة تكفيها نية الإحرام ولا يحتاج الركوع والسجود إلى نية خاصة؛ فمثله الحج لا يحتاج أركانه وواجباته إلى نية خاصة(1).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن نية الحج كافية؛ لأن نية الحج تنسحب على بقية أعماله كما ذكرت.
المطلب الثاني: شروط مختلف فيها بين الفقهاء، وفيه مسائل:
... المسألة الأولى: الطهارة، وفيه تمهيد وأربعة فروع:
... ... الفرع الأول: الطهارة من الحدث الأكبر.
... ... الفرع الثاني: الطهارة من الحدث الأصغر.
... ... الفرع الثالث: طواف الحائض و النفساء.
... ... الفرع الرابع: إزالة النجاسة.
... ... الفرع الخامس: الشك في الطهارة. ... ...
التمهيد
... أتفق الفقهاء على أن الطهارة مشروعة في الطواف(2)، والجمهور كما سأذكر متفقون على أن الطهارة من الحدث الأصغر؛ شرطٌ لصحة الطواف؛ فإذا كانت الطهارة من الحدث الأصغر شرطاً لصحة الطواف فمن باب أولى أن تكون الطهارة من الحدث الأكبر شرطاً؛ لذلك لم يطيلوا البحث في الحدث الأكبر.
... وعلى هذا لن أطيل البحث والمناقشة في أدلة اشترط الطهارة من الحدث الأكبر، وسأرجئها لمبحث الحدث الأصغر؛ وإنما سأناقش أدلة من قال بعدم اشتراط الطهارة من الحدث الأكبر.
الفرع الأول: الطهارة من الحدث الأكبر.
... اتفق الفقهاء على مشروعية الطهارة من الحدث الأكبر في الطواف، واختلفوا في اشتراطها على قولين:
... القول الأول: أن الطهارة من الحدث الأكبر ليست شرطاً، وإنما هي واجب؛ وعلى هذا القول أن من طاف وهو محدث حدثاً أكبر جاهلاً أو ناسياً فعلى حالات:
1. أن يكون علم وهو في مكة فعليه الرجوع وإعادة الطواف.
2. إذا علم بعد العودة فلا رجوع عليه وعليه بدنة.وهو مذهب الحنفية(3).
__________
(1) - مغني المحتاج: (1/708)، الشرح الممتع: (7/288).
(2) - بداية المجتهد: (272).
(3) - بدائع الصنائع: (2/316)، والمسالك في المناسك: (1/440)، لباب المناسك(ص211)، الهداية شرح بداية المبتدي: (3/152).(1/50)
... القول الثاني: أن الطهارة من الحدث الأكبر شرطٌ لصحة الطواف، وهو مذهب المالكية(1)، والشافعية(2) والحنابلة(3).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول:
... بنفس الأدلة التي سأذكرها في مبحث الحدث الأصغر، وفرقوا بين الحدث الأكبر والأصغر بأن الجنابة أغلظ من الحدث فيجب جبر نقصانها بالبدنة إظهاراً للتفاوت(4).
... واستدل أصحاب القول الثاني:
... بنفس الأدلة التي سأذكرها في مبحث الحدث الأصغر، ومن أهمها ما ورد عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها – قَالَتْ: حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ « أَنَفِسْتِ ». يَعْنِى الْحَيْضَةَ. - قَالَتْ - قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «إِنَّ هَذَا شَىْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِى ». متفق عليه(5).
... وجه الدلالة من الحديث:
... أن المحدث حدثاً أكبر لا يصح طوافه(6).
... الرأي المختار:
... أن الطهارة من الحدث الأكبر شرط لصحة الطواف، وأما من قال بجواز الطواف للضرورة كما هو الحال بالنسبة للحائض(7)؛ فيقال لا يتصور اضطرار الجنب للطواف لما يلي(8):
1. أن الجنب يمكنه التطهر متى شاء.
2. أن الحائض يشرع لها الإحرام والوقوف بعرفة وتوابعه بخلاف الطواف بالبيت.
3. الحائض يشرع لها أن تشهد العيد مع المسلمين، بخلاف الجنب.
الفرع الثاني: الطهارة من الحدث الأصغر.
__________
(1) - مواهب الجليل: (4/94)، هداية السالك لابن جماعة: (3/916)، تسهيل المسالك: (2/870).
(2) - حواشي الشرواني: (5/126)، هداية السالك لابن جماعة: (3/916).
(3) - هداية السالك لابن جماعة: (3/916)
(4) - الهداية شرح بداية المبتدي: (3/152).
(5) - رواه البخاري: كتاب الحيض، باب: الأمر بالنفساء إذا نفسن (ح294 ).
(6) - أعلام الموقعين: (3/25).
(7) - مجموع فتاوى ابن تيمية: (26/183،202).
(8) - أعلام الموقعين: (3/25).(1/51)
... أتفق الفقهاء على أن الطهارة من الحدث الأصغر مشروعة في الطواف واختلفوا في اشتراطها على ثلاثة أقوال:
... القول الأول: أن الطهارة من الحدث الأصغر سنة؛ وهو قول في مذهب الحنفية(1).
... القول الثاني: أن الطهارة من الحدث الأصغر واجب، وعلى من طاف محدثاً حدثاً أصغر شاة؛ وهو المشهور من مذهب الحنفية(2)وقول في مذهب الحنابلة(3).
... القول الثالث: أن الطهارة شرط لصحة الطواف؛ وهو مذهب المالكية(4) والشافعية(5) والمشهور من مذهب الحنابلة(6).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول والثاني بما يأتي:
... بداية أقول: إن أدلة القول الأول هي نفس الأدلة التي استدل بها أصحاب القول الثاني؛ وإنما خلافهم في لزوم الفدية على ما يأتي.
1. قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج29].
... وجه الاستدلال:
... أن اسم الطواف يتناوله، وإن كان محدثاً(7).
2. أنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على وجوب الطهارة، فالأصل براءة الذمة(8).
3. أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على الاستحباب، ولو كان واجباً لبينه لنا عليه السلام(9).
4. أجمع الفقهاء على جواز السعي على غير طُهر، رغم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سعى طاهراً؛ فعلى هذا لا دليل لمن قال بوجوب الطهارة للطواف بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - (10).
__________
(1) - رد المحتار: (3/471).
(2) - المسالك في المناسك: (1/437)، والتمهيد: (9/232).
(3) - التحقيق: (6/191).
(4) - التمهيد: (9/232)، مواهب الجليل: (4/94)، هداية السالك لابن جماعة: (3/916)، تسهيل المسالك: (3/870).
(5) - المجموع شرح المهذب: (8/24)، الحاوي الكبير: (5/191) هداية السالك لابن جماعة: (3/916).
(6) - المغني: (05/222)، الشرح الكبير: (9/115)، هداية السالك لابن جماعة: (3/916).
(7) - الحاوي الكبير: (5/190).
(8) - فتاوى ابن تيمية: (26/176).
(9) - الروضة الندية: (1/625).
(10) - بداية المجتهد: (272).(1/52)
... واستدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
1. عَنْ ابن عباس - رضي الله عنهم - أن النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلاَمِ»(1).
... وجه الاستدلال:
- تسمية الطواف صلاة، وهو لا يضع الأسماء اللغوية، وإنما يكسبها أحكاماً شرعية(2).
- فيه تشبيه الطواف بالبيت بالصلاة؛ والصلاة من شروطها الطهارة؛ فعلى هذا من طاف محدثاً لم يصح طوافه، ولا يجبر بدم(3).
... ونوقش بما يأتي:
? أن الحديث ضعيف، تفرد به عطاء بن السائب(4) وهو ضعيف؛ وعلى هذا فلا يصح للاستدلال به(5).
? أن هنالك فروقاً بين الصلاة والطواف منها ما يلي(6):
أ . أن الطواف يباح فيه الكلام والأكل والشرب والعمل ... ... الكثير.
ب . ليس في الطواف تحريم ولا تحليل.
ت . وليس في الطواف ركوع ولا سجود ولا قراءة ولا تشهد.
ث . ولا تجب للطواف جماعة.
... وعلى هذا فإن الطواف لا يأخذ شروط الصلاة كما لا يأخذ واجباتها وأركانها.
__________
(1) - أخرجه الترمذي في الحج: باب: ماجاء في الكلام في الطواف (ح960)، وقال: لانعرفه إلا من قول عطاء بن السائب، قال الإمام أحمد: اختلط آخر عمره (التحقيق: 6/192)، ورواه النسائي: كتاب: مناسك الحج، باب: إباحة الكلام في الطواف (ح2925).
... والصواب أنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنه موقوف على ابن عباس. راجع: المجموع شرح المهذب: (8/62)، فتاوى ابن تيمية: (26/127)، البدر المنير: (2/487).
... وقال الألباني –رحمه الله-: صحيح مرفوعاً ( الإرواء ح121).
(2) - الحاوي الكبير: (5/190).
(3) - المفهم: (3/306)، الحاوي الكبير: (5/190) .
(4) - عطاء بن السائب الثقفي الكوفي، صدوق اختلط، توفي عام: 136هـ. تقريب التهذيب: (ص391).
(5) - كما ذكرنا في تخريج الحديث، وراجع فتاوى ابن تيمية: (26/176).
(6) - إعلام الموقعين: (3/28) وما بعده مختصراً، الشرح الممتع: (7/298).(1/53)
2. عن عَائِشَةَ - رضى الله عنها – (أَنَّ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ تَوَضَّأَ ، ثُمَّ طَافَ) رواه البخاري ومسلم(1). ...
... وجه الاستدلال:
... فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أمرنا بأخذ نسكنا من فعله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال في بياناً عام: (لتأخذوا مناسككم) (2)، وعلى هذا فإن وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على الوجوب(3).
... ونوقش بما يأتي:
? قد يكون فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - للوضوء إنما كان لدخول المسجد؛ كما كان يفعل في غير الحج(4).
? أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فطاف وسعى، ومع هذا فالعلماء مجمعون على جواز السعي من غير وضوء(5).
3. عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها – قَالَتْ: حِضْتُ فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا أَبْكِى فَقَالَ « أَنَفِسْتِ ». يَعْنِى الْحَيْضَةَ. - قَالَتْ - قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ « إِنَّ هَذَا شَىْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِى ». متفق عليه(6).
... وجه الاستدلال من الحديث:
? منع النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة من الطواف دليل على اشتراط الطهارة للطواف(7).
? اشتراط الاغتسال دليل على وجوب الطهارة؛ فلو كان المانع مجرد وجود الدم لقال حتى ينقطع عنك الدم، ولكن قال: حتى تغتسلي(8).
... ويناقش بما يأتي:
__________
(1) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: من طاف بالبيت إذا قدم مكة (ح1614)، ومسلم: كتاب الحج، باب: ما يلزم من طاف بالبيت وسعى (ح1235).
(2) - سبق تخريجه: (ص42).
(3) - شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/320)، الحاوي الكبير: (5/190).
(4) - الروضة الندية: (1/625).
(5) - بداية المجتهد: (272).
(6) - سبق تخريجه: (ص91).
(7) - المفهم: (3/306).
(8) - المجموع شرح المهذب: (8/24).(1/54)
... أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة، إنما هو من الحدث الأكبر والأمر هنا للحدث الأصغر.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أنه لم يثبت نص صحيح صريح على وجوب الطهارة للطواف ؛ لكن الأحوط الطهارة خروجاً من الخلاف، وإن وجد مشقة في استدامتها أو تجديدها؛ فيجوز له إتمام الطواف على حاله.
الفرع الثالث: طواف الحائض و النفساء.
... اتفق الفقهاء على أن الحائض لا تطوف بالبيت(1)والأصل في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضي الله عنها: ( فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِى). متفق عليه(2)، ولكن اختلفوا في الحائض إذا اضطرت للطواف فهل يصح منها؛ فالمسألة على أقوال كما يلي:
... القول الأول: يجوز لها أن تطوف على حالها، بعد أن تحترز مما يلوث المسجد، وقالوا بأن الطهارة للحائض والنفاس ليست شرطاً وإنما هي واجبة؛ واختلفوا في لزوم الفدية، وهو مذهب الأحناف(3)، وقول في مذهب الحنابلة(4).
... القول الثاني: أنها تبقى على إحرامها حتى تطوف بعد الطهارة؛ لأن الطهارة شرط لصحة الطواف؛ وهو مذهب المالكية(5) والشافعية(6)والمشهور من مذهب الحنابلة(7).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
__________
(1) - التمهيد: (9/234)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/330).
(2) - سبق تخريجه: (ص91).
(3) - لباب المناسك: (ص215)، مفيد الأنام: (ص259)، الفقه الإسلامي وأدلته: (2/164).
(4) - شرح العمدة: (3/582)، مفيد الأنام: (ص259)، وزاد ابن تيمية –رحمه الله-: بعدم لزوم الفدية؛ لعدم الدليل.
(5) - حاشية الدسوقي: (2/280).
(6) - المجموع شرح المهذب: (8/272).
(7) - المغني: (05/222)، الشرح الكبير: (9/115)، هداية السالك لابن جماعة: (3/916).(1/55)
1. أن منع الحائض من الطواف إنما هو لحرمة المسجد؛ والدليل على ذلك منع النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء من دخول المسجد فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ(1) قَالَتْ: (أَمَرَنَا - تَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُخْرِجَ فِى الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ(2) وَذَوَاتِ الْخُدُورِ(3) وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ)(4).
... وجه الاستدلال:
... أن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة من الطواف بالبيت إنما هو لحرمة المسجد لا للطواف؛ وعلى هذا يجوز دخول المسجد للضرورة(5).
2. أن الحائض لا تخلو من حالات(6):
أ . أن تقيم بمكة وإن رحل الركب حتى تطهر وتطوف.
... ... * وهذا فاسد؛ لما فيه من الخطورة والضرر على المرأة.
ب . أن يقال يسقط عنها طواف الإفاضة للعجز عن شرطه.
... ... * وفي هذا إسقاط ركن بلا دليل.
ت . يقال إذا علمت أو خشيت مجيء الحيض جاز لها تقديم طواف ... الإفاضة.
... * وفي هذا تقديم ركن عن وقته بلا دليل.
ث . أن يقال إذا كانت حيضتها تأتي في أيام الحج؛ فإذا حجت ... أصابها الحيض؛ سقط عنها فرض الحج.
__________
(1) -نُسيبة بنت كعب ويقال بنت الحارث، صحابية مشهورة مدنية ثم سكنت البصرة. تقريب التهذيب: (ص754).
(2) - العوتق: جمع عاتق وهي البكر التي لم يبن بها الزوج أو الشابة أو البالغة أو التي أشرفت على البلوغ. راجع: النهاية: (3/162)، هدي الساري: (1/374).
(3) - الخدر: ناحية البيت يترك عليه ستراً فتكون فيه الجارية البكر. راجع: النهاية: (2/14)، هدي الساري: (1/273).
(4) - رواه البخاري: كتاب الحيض، باب: شهود الحائض العيد ودعوة المسلمين (ح324)، ومسلم: كتاب صلاة العيدين، باب: ذكر خروج النساء في العيدين (ح890)، واللفظ لمسلم.
(5) - شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/330)، فتاوى ابن تيمية: (26/182) وما بعده، وإعلام الموقعين: (3/22).
(6) - إعلام الموقعين: (3/17) وما بعده مختصراً.(1/56)
... * فيقال هذا ممتنع من وجوه:
... القول الأول: سقوط الحج عن كثير من النساء.
... القول الثاني: أن يقال فما الحكم فيمن تكلفت، وحجت.
... ... ومع هذا فلا يُعلم قائل بهذا القول.
ج . أن يقال إذا حاضت، ولم يمكنها الطواف؛ رجعت وهي على ... إحرامها، وتمتنع من النكاح حتى تعود وتطوف.
... * وهذا ترده أصول الشريعة المبنية على التيسير ورفع الحرج؛ ... ففي إعادة امرأة من دولة إلى أخرى لقضاء الطواف أمرٌ عسير.
ح . أن يقال إذا عجزت تتحلل كما يتحلل المحصر مع بقاء الحج في ... ذمتها.
... * وهذا التقدير ضعيف؛ لأن المحصر يمنع من البيت، وهذه ... متمكنة من الوصول للبيت.
خ . أن يقال تفعل ما تقدر عليه من المناسك، ومنها طوافها ... بالبيت.
... ... * و هذا القول موافق أصول الشريعة المبنية على التيسير ورفع ... ... الحرج.
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة من الطواف بقوله: (فَاقْضِى مَا يَقْضِى الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِى بِالْبَيْتِ حَتَّى تَغْتَسِلِى) (1).
... وجه الاستدلال من الحديث:
... فيه تصريح باشتراط الطهارة لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهاها عن الطواف حتى تغتسل والنهي يقتضي الفساد في العبادات (2).
... ونوقش:
... بأن هذا حكم عام، ولم يفرق بين القدرة والعجز ولا بين زمن إمكان الاحتباس لها حتى تطهر وتطوف، وبين الزمن الذي لا يمكن فيه ذلك (3).
__________
(1) - سبق تخريجه: (ص91).
(2) - المجموع شرح المهذب: (8/237)، فتح الباري: (4/588).
(3) - إعلام الموقعين: (3/17).(1/57)
2. عن عَائِشَةَ - رضى الله عنها – قَالَتْ: حَجَجْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ ، فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ(1)، فَأَرَادَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ . فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا حَائِضٌ . قَالَ: « حَابِسَتُنَا هِىَ » متفق عليه(2).
... وجه الاستدلال:
... من قوله عليه السلام: (حابستنا)؛ أن من لم تطف للإفاضة فهي تنتظر حتى تطهر وتطوف(3).
... ونوقش بما يأتي:
... قد كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين تحتبس أمراء الحج للحيض حتى يطهرن ويطفن؛ ولهذا قال الني - صلى الله عليه وسلم - في شأن صفية وقد حاضت أحابستنا هي.
... واختُلف في هذه الأزمان التي يتعذر إقامة الركب لأجل الحيض(4).
3. عَنْ ابن عباس - رضي الله عنهم - أن النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلاَمِ»(5).
... وجه الاستدلال:
... أن الطواف كالصلاة في اشتراط الطهارة، وعدم جواز الصلاة للحائض.
... ونوقش بما يأتي:
? أن الحديث ضعيف، تفرد به عطاء بن السائب وهو ضعيف؛ وعلى هذا فلا يصح للاستدلال به(6).
? أن هنالك فروقاً بين الصلاة والطواف منها ما يلي(7):
أ . أن الطواف يباح فيه الكلام والأكل والشرب والعمل ... ... الكثير.
ب . ليس في الطواف تحريم ولا تحليل.
ت . وليس في الطواف ركوع ولا سجود ولا قراءة ولا تشهد.
ث . ولا تجب للطواف جماعة.
__________
(1) - صفية بنت حيي بن أخطب، أم المؤمنين، تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد خيبر، وماتت في خلافة معاوية. تقريب التهذيب (ص749).
(2) - سبق تخريجه: (ص38).
(3) - المجموع شرح المهذب: (8/237).
(4) - إعلام الموقعين: (3/18).
(5) - سبق تخريجه: (ص95)، ولا مانع من إعادة قول الاستدلال والرد عليه لتمام الفائدة.
(6) - الروضة الندية: (1/625).
(7) - إعلام الموقعين: (3/28).(1/58)
وعلى هذا فإن الطواف لا يأخذ شروط الصلاة كما لا يأخذ واجباتها وأركانها.
... الرأي المختار(1): ...
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح هو القول الأول؛ لقوة أدلته ولموافقته لأصول الشريعة وعلى هذا فنقول أن مسألة طواف الحائض على حالات:
? إذا وجد دواء يقطع الحيض فلا مانع من استخدامه إذا أُمن الضرر.
? إن كان طهرها قريباً وكانت تستطيع الانتظار دون مشقة؛ فإنها تنتظر حتى تطهر وتطوف.
? إن كان طهرها بعيداً ولا تستطيع الانتظار، ويمكنها العودة دون مشقة؛ فتذهب ثم تعود للطواف.
? التي لا تستطيع الانتظار، ولا يمكنها العودة؛ فإنها تتحفظ وتطوف على حالها.
... ولا يلزم عليها فدية لما يلي:
1. لم يرد دليل في لزوم الفدية؛ فالأصل في ذلك براءة الذمة.
2. أن القول بلزوم الفدية مخالف ليسر الشريعة قال - عز وجل - :{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}[البقرة286]؛ فالتكليف بالفدية تكليف بما لم يشرع الله.
الفرع الرابع: إزالة النجاسة.
... اختلف الفقهاء في اشتراط إزالة النجاسة في الطواف على ثلاثة أقوال:
... القول الأول: أن إزالة النجاسة واجب؛ وهو قول في مذهب الحنفية(2)، وهو مذهب المالكية(3) وقول في مذهب الحنابلة(4).
... القول الثاني: أن إزالة النجاسة سنة؛ وهو المشهور من مذهب الحنفية (5).
__________
(1) - مسائل الإمام أحمد بقول أبي داود: (ص163)، لباب المناسك: (ص215)، وقد بحث هذه المسألة جمع من الباحثين؛ منهم الباحث الشيخ: دبيان الدبيان، فبحث المسألة بحثاً مستفيضاَ استقصى الأدلة، وناقشها، وخلص إلى صحة طواف الحائض للضرورة (الحيض والنفاس 2/778)
(2) - رد المحتار: (3/471)، لباب المناسك: (ص113)، المغني: (5/223).
(3) - مواهب الجليل: (4/94)، أضواء البيان: (5/226).
(4) - المغني: (5/223)، المبدع شرح المقنع: (3/221).
(5) - بدائع الصنائع: (2/311)، والمسالك في المناسك: (1/442)، رد المحتار: (3/471)، المغني: (5/223).(1/59)
... القول الثالث: أن إزالة النجاسة شرط لصحة الطواف؛ وهو مذهب الشافعية(1)والمشهور عند الحنابلة(2).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بالقياس التالي:
... أن الطواف ركن الحج فلم يشترط له الطهارة؛ قياساً على الوقوف بعرفة(3).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. أنها عبادة لايشترط فيها الاستقبال؛ فلم يشترط فيها الطهارة؛ كالسعي(4).
2. أن المنع من الطواف بالنجاسة؛ إنما هو لمعنى يختص بالمسجد؛ وهو التلويث، لا بالطواف(5).
... واستدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
1. عَنْ ابن عباس أن النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلاَمِ»(6).
... وجه الاستدلال من الحديث(7):
... أنها عبادة تتعلق بالبيت فكانت الطهارة شرطاً لها كالصلاة.
2. قال تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}[الحج26].
... وجه الدلالة من الآية(8):
... الآية تدل بجملتها على وجوب تطهير البيت الحرام من النجاسة.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- القول الثالث؛ لقوة أدلته.
... ...
الفرع الخامس: الشك في الطهارة.
... المقصود في مبحثنا هذا الشك في الطهارة لمن يرى وجوب الطهارة من الفقهاء(9)، فهذا الشك له حالات باتفاق الفقهاء(10):
__________
(1) - المجموع شرح المهذب: (8/20)، حواشي الشرواني: (5/126).
(2) - المغني: (5/223)، معونة أولي النهى: (4/199)، المبدع شرح المقنع: (3/221)، منار السبيل: (ص231).
(3) - المغني: (5/223).
(4) - المبدع شرح المقنع: (3/221).
(5) - أضواء البيان: (5/226).
(6) - سبق تخريجه: (ص95).
(7) - المبدع شرح المقنع: (3/221)، أضواء البيان: (5/226).
(8) - خالص الجمان: (ص182)، أضواء البيان: (5/226)، الشرح الممتع: (7/296).
(9) - راجع: شروط الطواف، في هذا البحث.
(10) - المغني: (5/224)، الإيضاح: (ص223)، بدائع الفوائد: (3/1279).(1/60)
... أولاً: إذا شك وهو في الطواف لم يصح طوافه؛ لأنه شك في شرط العبادة قبل الفراغ منها فأشبه ما لو شك في الطهارة في الصلاة وهو فيها.
... ثانياً: إن شك بعد الفراغ منه لم يلزمه شيء؛ لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها.
المسألة الثانية:ستر العورة(1).
اختلف الفقهاء في حكم ستر العورة في الطواف على قولين:
... القول الأول: أن ستر العورة في الطواف واجب؛ وهو مذهب الحنفية(2)وقول عند الحنابلة(3)؛ وعلى هذا من طاف عرياناً صح طوافه وعليه دم.
... القول الثاني: أن ستر العورة شرط لصحة الطواف؛ وهو مذهب المالكية(4) والشافعية(5) والمشهور من مذهب الحنابلة(6)؛ وعليه فلا يصح طواف العريان.
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بالتعليل التالي:
... أن النهي عن الطواف بالبيت عرياناً لمكان الطواف؛ تمكن فيه النقص؛ فيجب جبره بالدم(7).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. قوله تعالى{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }[الأعراف31].
... وجه الدلالة من الآية:
... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِىَ عُرْيَانَةٌ فَتَقُولُ مَنْ يُعِيرُنِى تِطْوَافًا؟ تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا، وَتَقُولُ:
__________
(1) - على خلاف بين الفقهاء في حد العورة.
(2) - بدائع الصنائع: (2/310)، والمسالك في المناسك: (1/442)، فتح الباري: (4/555)، تحفة الأحوذي: (3/518).
(3) - شرح العمدة: (3/591)، عون الباري: (2/588).
(4) - حاشية الدسوقي: (2/244)، هداية السالك لابن جماعة: (3/925)، تسهيل المسالك: (3/871).
(5) - المجموع شرح المهذب: (8/21)، الإيضاح: (212)، الحاوي الكبير: (5/193).
(6) - معونة أولي النهى: (4/199)، الروض المربع بحاشية الطيار: (5/221)، منار السبيل: (ص231).
(7) - بدائع الصنائع: (2/310).(1/61)
... الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ ** فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلاَ أُحِلُّهُ
... فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةَ {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ }[الأعراف31]). رواه مسلم(1).
... فإذا أمر المسلم بأخذ الزينة، والمراد ستر العورة عند الصلاة فكذلك الطواف.
... وهذا تفسير من ابن عباس - رضي الله عنهم - للآية، وإذا كان قول الصحابي له تعلق بسبب النزول؛ فله حكم الرفع عند الجمهور(2).
2. عن أبي هريرة أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رضي الله عنهم - بَعَثَهُ فِى الْحَجَّةِ الَّتِى أَمَّرَهُ عَلَيْهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِى رَهْطٍ(3) يُؤَذِّنُ فِى النَّاسِ «أَلاَ لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ». رواه البخاري(4).
... وجه الدلالة من الحديث:
... في هذا الحديث حجة واضحة لاشتراط ستر العورة في الطواف(5).
__________
(1) - رواه مسلم: كتاب التفسير، باب: قوله تعالى:{خذوا زينتكم عند كل مسجد}، (ح3028).
(2) - أضواء البيان: (5/224).
(3) - الرهط من الرجال ما دون العشرة، وقيل إلى الأربعين. راجع: النهاية في غريب الحديث والأثر: (2/257)، وهدي الساري: (1/310).
(4) - رواه البخاري: كتاب الصلاة، باب: ما يستر من العورة (ح269)، ورواه مسلم: كتاب الحج، باب: لا يحج البيت مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان (ح1347) واللفظ لمسلم.
(5) - فتح الباري: (4/554).(1/62)
3. عَنْ زَيْدِ بْنِ أُثَيْعٍ(1) قَالَ سَأَلْتُ عَلِيًّا بِأَىِّ شَىْءٍ بُعِثْتَ قَالَ: (بِأَرْبَعٍ؛ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَلاَ يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا) رواه الترمذي(2).
... وجه الدلالة من الحديث(3):
- الحديث ظاهر في النهي عن الطواف عرياناً.
- أن الله جعله كالصلاة، وأمر بستر العورة فيها.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح اشتراط ستر العورة حال الطواف للأدلة التي ذكرتها. ...
المسألة الثالثة: العقل.
... ... اتفق الفقهاء على صحة أفعال الحج من المجنون وغير المميز(4) وقالوا ينوي عنه وليه(5)، وأما ما ذكر من القول بعدم صحة الطواف من غير المميز والمجنون؛ فذلك يرجع للأسباب التالية:
1. عدم التفريق بين شرط الوجوب، وشرط الصحة كما ذكرت في مقدمة هذا المبحث، والعقل هنا شرط صحة، وليس المراد شرط الوجوب.
2. عدم التفريق بين أهلية الوجوب، وأهلية الأداء(6).
__________
(1) - زيد بن يُثَيْع الهمداني ثقة مخرم، من الطبقة الثانية. تقريب التهذيب: (ص225).
(2) - في أبواب الحج، باب: ما جاء في كراهية الطواف عرياناً (ح871)، وصححه الألباني في إرواء الغليل: (4/301).
(3) - فتح الباري: (4/554)، الحاوي الكبير: (5/194).
(4) - قال مالك –رحمه الله-: المجنون في جميع أمره كالصبي (التهذيب في اختصار المدونة 1/519).
(5) - بدائع الصنائع: (2/293)، ورد المحتار: (3/457)، التهذيب في اختصار المدونة (1/518)، مواهب الجليل: (3/426)، أضواء البيان: (5/57)، الاستذكار: (13/329)، المجموع شرح المهذب: (7/24)، المغني: (5/7).
(6) - أهلية الوجوب: صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق عليه وله، وأهلية الأداء: صلاحية الإنسان لأن تعتبر أفعاله (تيسير الوصول ص352).(1/63)
... قال ابن عبد البر رحمه الله: (أجازه جماعة العلماء بالحجاز والعراق والشام ومصر، وخالفهم في ذلك أهل البدع فلم يروا الحج بهم، وقولهم مهجور عند العلماء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج بأغيلمة بني عبد المطلب وقال في الصبي له حج وللذي يحج به أجر)(1).
...
... استدل الفقهاء على صحة الطواف من غير المميز بما يأتي:
1. عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ(2) قَالَ: (حُجَّ بِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ) رواه البخاري(3).
2. عَنْ كُرَيْبٍ(4) أَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ: «نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ » رواه مسلم(5).
... وجه الدلالة من هذين الحديثين(6):
... صحة أعمال الحج ومنها الطواف من غير المميز.
3. ومما استدل به: حال السلف فإنهم كانوا يحجون بالصبيان والأطفال يعرضونهم لرحمة الله - عز وجل - (7).
...
المسألة الرابعة: أن يكون الطواف حول البيت داخل المسجد.
... اتفق الفقهاء على أنه لا يصح الطواف خارج المسجد(8)، قال النووي –رحمه الله-: (واتفقوا على أنه لو طاف خارج المسجد لم يصح طوافه بحال)(9).
... واستدلوا بما يأتي:
__________
(1) - الاستذكار: (13/329).
(2) - السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة الكندي، ولاه عمر المدينة، توفي عام: (91هـ) وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. تقريب التهذيب: (ص228).
(3) - كتاب جزاء الصيد، باب: حج الصبيان (ح1858).
(4) - كُريب بن أبي مسلم الهاشمي، مولى ابن عباس، توفي عام: (98هـ). تقريب التهذيب: (ص461).
(5) - كتاب الحج،باب: صحة حج الصبي (ح1336).
(6) - المجموع شرح المهذب: (7/24)، توضيح الأحكام: (3/556)، هداية السالك لابن جماعة: (1/357) وما بعده.
(7) - الاستذكار: (13/329).
(8) - معونة أولي النهى: (4/197)، حواشي الشرواني: (5/142)، الحاوي الكبير: (5/196)، تسهيل المسالك:(3/873).
(9) - الإيضاح: (223).(1/64)
1. أن الحيطان تحول بينه وبين البيت؛ فيكون طائفاً بالمسجد دون البيت، ولو جاز الطواف مع حيلولة الحيطان جاز حول المسجد وفي أي مكان في الحرم(1).
2. أن المطلوب هو الطواف بالبيت لا المسجد في قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ }[الحج29] (2).
... * ويستثنى من ذلك الضرورة؛ فلو اشتد الزحام حتى لم يستطع الطواف إلا خارج المسجد جاز ذلك.
... ... ...
المسألة الخامسة: أن يكون الطواف حول البيت كله، وفيه تمهيد وفرعان.
... ... التمهيد
... الفرع الأول: الطواف داخل الحجر.
... الفرع الثاني: الطواف على الشاذروان.
التمهيد
... اشترط الفقهاء أن يكون طوافه خارجاً بجميع بدنه عن جميع البيت(3)؛ واختلفوا فيمن طاف داخل الحجر، أو على الشاذروان، على خلاف بين الفقهاء وسأذكر أقوالهم في هذه المسألة وما استدلوا به.
الفرع الأول: الطواف داخل الحجر.
... أولاً، تعريف الحِجْر: هو ما حواه الحطيم المدار بالبيت جانب الشمال(4).
... ثانياً، شكل الحجر: حائط على شكل نصف دائرة من جعة ميزاب الكعبة، له فتحتان: إحداهما من الجهة الشرقية والأخرى من الغربية(5).
... ثالثاً، حكم الطواف داخل الحجر.
... اختلف الفقهاء في الطواف داخل الحجر على قولين:
... القول الأول: أن من طاف داخل الحِجر قضى إن كان بمكة –ويجزئه الإعادة على الحجر خاصة-، وإن عاد إلى بلده فعليه دم، وهو مذهب الحنفية(6).
__________
(1) - المسالك في المناسك: (1/448) وبدائع الصنائع: (2/313)..
(2) - بدائع الصنائع: (2/313)، الحاوي الكبير: (5/196).
(3) - الاستذكار: (12/118)، الإجماع لابن عبد البر: (164).
(4) - تحفة الأحوذي: (3/524).
(5) - تحفة الأحوذي: (3/523)، مجلة البحوث الفقهية: ع(53) ص(121).
(6) - المسالك في المناسك: (1/314)، بدائع الصنائع: (2/313 )، التمهيد: (8/315)، الاستذكار: (12/118).(1/65)
... القول الثاني: أن من طاف داخل الحجر لم يعتد بطوافه، وهو مذهب المالكية(1) والشافعية(2) والحنابلة(3).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1. قوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج29].
... وجه الاستدلال:
... أن الله أمر بالطواف بالبيت أمر مطلق، ولم يشترط دخول الحجر(4).
... ويناقش:
... أن الله أمر بالطواف بالبيت والحجر جزء من البيت ومن أخرج الحجر من البيت لم يكن طاف بجميع البيت(5).
2. أن إكمال سبعة أشواط ليس شرطاً؛ وعلى هذا فإن من طاف داخل الحجر يكون ترك من طوافه ربعه؛ لقيامه بأغلب الركن(6).
3. أن الدليل على أن الحجر من البيت مروي بخبر الآحاد؛ وعلى هذا يكون الطواف به واجب يجبر بالدم(7).
... وتناقش:
... هذه الأقوال ليس لها حظٌ من الاستدلال لمخالفتها النصوص الصريحة.
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي:
__________
(1) - التمهيد: (8/314)، بداية المجتهد: (271)، مواهب الجليل: (4/102،98)، شرح الزرقاني: (2/402).
(2) - المجموع شرح المهذب: (8/82،35)، الإيضاح: (225)، الاستذكار: (12/118).
(3) - المغني: (5/229)، منهج السالك: (ص182)، الروض المربع بحاشية الطيار: (6/211).
(4) - بداية المجتهد: (271).
(5) - سأذكر من قال بهذا عند ذكر أدلة القول الثاني.
(6) - بدائع الصنائع: (2/314).
(7) - بدائع الصنائع: (2/314)، حاشية ابن عابدين: (3/508).(1/66)
1. عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها – قَالَتْ: سَأَلْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْجَدْرِ(1) أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ « نَعَمْ » . قُلْتُ فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِى الْبَيْتِ قَالَ « إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ » . قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا قَالَ « فَعَلَ ذَلِكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا ، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِى الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ » . متفق عليه(2).
2. عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَدْخُلَ الْبَيْتَ فَأُصَلِّىَ فِيهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِى فَأَدْخَلَنِى فِى الْحِجْرِ فَقَالَ «صَلِّى فِى الْحِجْرِ إِذَا أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ فَإِنَّ قَوْمَكِ اقْتَصَرُوا حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْبَيْتِ » (3).
... وجه الدلالة من الحديثين(4):
? أصل الحجر إنما كان من البيت.
__________
(1) - الجدر هو: الحِجر (المطلع ص191)
(2) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: فضل مكة وبنيانها (ح1584)، ومسلم: كتاب الحج، باب: نقض الكعبة وبنائها (ح1333).
(3) - رواه أحمد: (6/92)، وأبو داود: كتاب المناسك، باب: الصلاة في الحجر (ح2028)، والترمذي: أبواب الحج، باب: ما جاء في الصلاة في الحجر (ح876)، وقال: حديث حسن صحيح، ورواه النسائي: منسك الحج، باب: الصلاة في الحجر (ح2915).
... قال الألباني –رحمه الله-: صحيح (الإرواء ح1106).
(4) - تحفة الأحوذي: (3/524)، الحاوي الكبير: (5/197)، الاستذكار: (12/118).(1/67)
? أن الصلاة داخل الحجر؛ كالصلاة داخل البيت؛ لسقوط النذر عن عائشة بصلاتها داخل الحجر رغم أنها نذرت الصلاة داخل البيت؛ فيدل على أن الحجر إنما هو جزء من البيت.
? وعلى هذا يكون من طاف داخل الحجر قد طاف داخل البيت، وقد أمر الله عز وجل أن يكون الطواف بالبيت وليس في البيت(1).
? وعلى هذا؛ فمن ترك الطواف بالحجر لم يطف بجميع البيت؛ ولم يصح طوافه؛ كما لو ترك الطواف ببعض البناء(2).
3. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قَالَ: الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طَافَ بِالْبَيْتِ مِنْ وَرَائِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ). رواه البيهقي(3).
... وجه الاستدلال(4):
... فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد طاف خارج الحجر، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : « ِلتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ» رواه مسلم(5).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر من خلال الأدلة السابقة عدم صحة الطواف داخل الحجر؛ لتضافر الأدلة على أن الحجر من البيت.
الفرع الثاني، الطواف على الجدار أو الشاذروان:
... أولاً، تعريف الشاذروان: بالفتح من جدار البيت الحرام الذي ترك من عرض الأساس خارجا ويسمى تأزيرا لأنه كالإزار للبيت(6). ...
... ثانياً، حكم الطواف على شاذروان الكعبة.
... فيه قولان للفقهاء:
__________
(1) - الإيضاح: (225)، الحاوي الكبير: (5/198).
(2) - المغني: (5/230).
(3) - رواه ابن خزيمة: كتاب المناسك، باب: الطواف من وراء الحجر (ح2740)، وقال المحقق الأعظمي: إسناده صحيح. ورواه البيهقي: كتاب الحج، باب: موضع الطواف (ح9319) (5/90).
(4) - المجموع شرح المهذب: (8/31)، التمهيد: (8/314)، شرح العمدة: (3/595).
(5) - سبق تخريجه: (ص42).
(6) - حواشي الشرواني: (5/137).(1/68)
... القول الأول: أنه يصح الطواف على شاذروان البيت؛ وهو مذهب الحنفية(1)وقول في مذهب المالكية(2).
... القول الثاني: أنه لا يصح الطواف على شاذروان البيت؛ وهو المشهور من مذهب المالكية(3)وهو مذهب الشافعية(4) والحنابلة(5).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بالتعليل التالي:
... أن الشاذروان ليس من البيت وإنما هو عماد للبيت(6).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. أن الشاذروان من البيت؛ فمن لم يطف به لم يطف بالبيت جميعه، وإنما طاف ببعضه(7).
2. فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد طاف من وراء الشاذروان(8).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر من خلال ما سبق، ومن واقع الكعبة؛ أن الشاذروان خارج الكعبة فيصح الطواف عليه، خاصة عند شدة الزحام في هذه الأزمان.
... ولعل الأحوط للطائف أن يطوف خارج الشاذرون خروجاً من الخلاف.
المسألة السادسة: إكمال سبعة أشواط.
الفرع الأول: إكمال سبعة أشواط.
... تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ومن تبعهم على أن الطواف سبعة أشواط، ولكن حدث خلاف بين الفقهاء هل إكمال الأشواط السبعة شرط أم واجب، فالمسألة على قولين:
... القول الأول: أن إكمال سبعة أشواطٍ واجب وليس بشرط؛ وهو مذهب الحنفية؛ وعلى هذا القول فإن من لم يكمل سبعة أشواط على حالتين:
... الحالة الأول: أن يكون بمكة ولم يخرج منها؛ فيلزمه الإتمام.
__________
(1) - رد المحتار: (3/508)، المسالك في المناسك: (1/398).
(2) - مواهب الجليل: (4/98)، حاشية الدسوقي: (2/245)، المسالك في المناسك: (1/398).
(3) - مواهب الجليل: (4/98)، حاشية الدسوقي: (2/245).
(4) - المجموع شرح المهذب: (8/32)، حواشي الشرواني: (5/137).
(5) - المغني: (5/231)، الروض المربع بحاشية الطيار: (5/219).
(6) - رد المحتار: (3/508)، فتاوى ابن تيمية: (26/121).
(7) - المغني: (5/231)، الروض المربع بحاشية الطيار: (5/219)، الحاوي الكبير: (5/196).
(8) - المغني: (5/231).(1/69)
... الحالة الثانية: أن يكون قد خرج من مكة فهذه على حالين:
- أنه لم يطف إلا ثلاثة أشواط فيلزمه العودة.
- طاف أربعة أشواط فأكثر أجزأه طوافه ولا يلزمه العودة، وعليه دم(1).
... القول الثاني: أن إكمال سبعة أشواط شرط لصحة الطواف؛ وهو مذهب المالكية(2)، والشافعية(3)، والحنابلة(4)؛ فيفسد الطواف ولو بترك شوطٍ واحدٍ، ويعود له من بلده.
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي(5):
1. لم يثبت في اشتراط التسبيع نص.
... ونوقش بما يأتي:
... أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج بياناً لمطلق الأمر.
2. أن الأكثر يقوم مقام الكل؛ كما لو أدرك الإمام راكعاً؛ كان كما لو أدركه قائماً.
... ونوقش بما يأتي:
... أن هذا القول غير صحيح؛ لأنه ينقض بسائر العبادات من أعداد الركعات وغيرها؛ على أنه إذا أدرك الإمام قائماً فقد يحمل عنه ما فاته؛ فلذلك ما اعتد به وليس كذلك الطواف(6).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. تواتر الفعل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ومن تبعهم أن الطواف سبعة أشواط(7).
2. في حديث جابر في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (فرَمَلَ ثَلاَثًا وَمَشَى أَرْبَعًا)(8).
... وجه الاستدلال من هذا الحديث:
__________
(1) - رد المحتار: (3/469)، بدائع الصنائع: (2/315)، الهداية شرح بداية المبتدي: (3/143).
(2) - مواهب الجليل: (4/90)، حاشية الدسوقي: (2/244)، تسهيل المسالك: (3/870).
(3) - المجموع شرح المهذب: (8/29)، حواشي الشرواني: (5/140).
(4) - المغني: (5/346)، معونة أولي النهى: (4/199).
(5) - الهداية شرح بداية المبتدي: (3/153)، الحاوي الكبير: (5/199).
(6) - الحاوي الكبير: (5/200).
(7) - حواشي الشرواني: (5/140).
(8) - سبق تخريجه: (ص51).(1/70)
... أن طواف النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعاً إما بياناً لقوله تعالى:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج29]، أو استئناف نسك؛ وأيهما كان فهو واجب(1).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح مذهب الجمهور وهو اشتراط إكمال سبعة أشواط؛ لقوة أدلتهم وضعف أدلة مخالفيهم.
الفرع الثاني: الشك في عدد أشواط الطواف.
... إذا شك الطائف في عدد الأشواط التي طاف فعلى حالات متفق عليها بين الفقهاء(2):
... الأولى: أن يكون في الطواف فيبني على اليقين، وهذا بإجماع الفقهاء.
... الثانية: إن لم يمكنه اليقين؛ يبني على الأقل.
... الثالثة: أن يكون شكه بعد الفراغ من الطواف فهذا لا يؤثر؛ لأن الشك في شرط العبادة بعد فراغها لا يؤثر فيها.
المسألة السابعة: الابتداء من الحجر الأسود.
... اختلف الفقهاء في الابتداء من الحجر الأسود هل هو شرط لصحة الطواف؛ وعلى هذا لا يعتد بالشوط الذي طافه من ابتدأ بعد الحجر، أو أن ما طافه صحيح، وأن الابتداء من الحجر ليس شرطاً؛ فالمسألة على أقوال(3):
... القول الأول: أن الابتداء من الحَجَر سنة، وهو المشهور من مذهب الحنفية(4).
__________
(1) - الحاوي الكبير: (5/200).
(2) - المجموع شرح المهذب: (8/29)، المغني: (5/224)، مواهب الجليل: (4/111)، حاشية الدسوقي: (2/244)، الروضة الندية: (1/616)، بدائع الفوائد: (3/1279).
(3) - وقد ألف في ذلك فضيلة الشيخ: بكر أبو زيد –حفظه الله- رسالة بعنوان: العلامة الشرعية لبداية الطواف.
(4) - بدائع الصنائع: (2/312)، المسالك في المناسك: (1/447)، هداية السالك لابن جماعة: (3/931).(1/71)
... القول الثاني: أن الابتداء من الحجر واجب؛ وعلى من ابتداء من غير الحجر الإعادة أو دم؛ وهو قول في مذهب الحنفية(1) وهو مذهب المالكية (2).
... القول الثالث: أن الابتداء من الحجر شرطٌ لصحة الطواف؛ وعلى هذا يجب عليه الإعادة ولا يعتد بما طاف؛ وهو مذهب الشافعية(3) والحنابلة(4). ...
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول:
... بقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج29].
... وجه الدلالة من الآية:
... أن الأمر مطلق الطواف –وهوالدوران- وقد أتى به، ولم يشترط الابتداء من الحجر (5).
... واستدل أصحاب القول الثاني:
... بأن مواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير ترك مرة؛ دليل على الوجوب، لكن لا تصل للاشتراط(6).
... واستدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
... فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ومواظبته فقد بدأ طوافه، من الحجر الأسود(7).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر -والله أعلم- أن الابتداء من الحجر شرطٌ لصحة الطواف؛ لقوة أدلته.
المسألة الثامنة: الترتيب(8).
__________
(1) - رد المحتار: (3/506،470)، بدائع الصنائع: (2/312)، المسالك في المناسك: (1/447) الهداية شرح بداية المبتدي: (3/43).
(2) - حاشية الدسوقي: (2/244)، مواهب الجليل: (4/90)، تسهيل المسالك: (2/870)، الفقه الإسلامي وأدلته: (3/156)، التمهيد: (9/7).
(3) - الأم: (ص361)، المجموع شرح المهذب: (8/44)، حواشي الشرواني: (5/137).
(4) - معونة أولي النهى: (4/188)، المبدع شرح المقنع: (3/214)، هداية السالك لابن جماعة: (3/930).
(5) - بدائع الصنائع: (2/312)، المسالك في المناسك: (1/447).
(6) - رد المحتار: (3/471).
(7) - المجموع شرح المهذب: (8/44)، معونة أولي النهى: (4/188).
(8) - غيرت عنوان المسألة من: جعل البيت عن يساره، إلى: الترتيب وجمعت إليه المسألة الحادية عشر: المشي للأمام؛ لما رأيته من حال الفقهاء بجمع المسألتين بعنوان: الترتيب.(1/72)
... والمراد بالترتيب هنا: أن يجعل البيت عن يساره ثم يطوف تلقاء وجهه عن يمين نفسه إلى الركن العراقي؛ ومن خالف هذا يسمى طواف بالمُنَكَّس فهل يصح طواف؛ المسألة على قولين:
... القول الأول: أن الترتيب في الطواف واجب، وعلى من طاف منكساً أن يعيد طوافه مادام بمكة، فإن رجع إلى بلده جبر ذلك بدم، وهو مذهب الحنفية(1).
... القول الثاني: أن الترتيب شرط لصحة الطواف؛ فلا يعتد بطواف من طاف منكساً وعليه الإعادة، وهو مذهب المالكية(2) والشافعية(3) والحنابلة(4).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
... أن من نكَّسَ الطواف إنما ترك هيئة فلم يمنع من الإجزاء؛ كما لو ترك الرمل.
... ونوقش بما يأتي:
... أن ما قاسوا عليه مخالف لما ذكرنا؛ كما اختلف حكم هيئة الصلاة وترتيبها(5).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي(6):
1. فعله - صلى الله عليه وسلم - مع قوله: (لتأخذوا مناسككم) (7)؛ فقد جعل البيت في الطواف على يساره.
2. أن الطواف المنكس أمرٌ محدث، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ »(8).
__________
(1) - رد المحتار: (3/506)، بدائع الصنائع: (2/312)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/286).
(2) - حاشية الدسوقي: (2/245)، مواهب الجليل: (4/97)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/286)،
التمهيد: (9/8).
(3) - الإيضاح: (ص224)، المجموع شرح المهذب: (8/45)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/286).
(4) - المغني: (5/231)، معونة أولي النهى: (4/198)، هداية السالك لابن جماعة: (3/932).
(5) - المغني: (5/231).
(6) - التمهيد: (9/8)، معونة أولي النهى: (4/198)، هداية السالك لابن جماعة: (3/932).
(7) - سبق تخريجه: (ص42).
(8) - رواه البخاري: كتاب الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور (ح2697)، ورواه مسلم: كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة (ح1718).(1/73)
3. ولأنها عبادة متعلقة بالبيت فكان الترتيب فيها شرطاً كالترتيب في الصلاة.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح قول الجمهور؛ وهو اشتراط الترتيب في الطواف؛ لقوة أدلته وضعف أدلة المخالفين.
المسألة التاسعة: الموالاة.
... اتفق الفقهاء على أن الفاصل اليسير كأداء الصلاة؛ لا يؤثر في الطواف(1)، وإنما اختلفوا إذا طال الفاصل؛ فهل يعتد بما طاف أو يستأنف؛ فالمسألة على قولين:
... القول الأول: أن الموالاة سنة؛ وهو مذهب الحنفية(2) وهو المشهور من مذهب الشافعية(3)والحنابلة(4).
... القول الثاني:أن الموالاة شرط لصحة الطواف؛ وهو مذهب المالكية(5) وقول في مذهب الشافعية(6) وهو المشهور من مذهب الحنابلة(7). ... ...
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
__________
(1) - رد المحتار: (3/509)، المسالك في المناسك: (1/440)، الإيضاح: (ص242)، مواهب الجليل: (4/105)، المبدع شرح المقنع: (3/222).
(2) - رد المحتار: (3/509)، المسالك في المناسك: (1/440)، الفقه الإسلامي وأدلته: (3/155).
(3) - الإيضاح: (ص242)، حواشي الشرواني: (5/131،159).
(4) - مسائل الإمام أحمد بقول ابن هانئ: (1/168)، شرح العمدة: (3/593)، المبدع شرح المقنع: (3/222).
(5) - مواهب الجليل: (4/105)، حاشية الدسوقي: (2/245).
(6) - الإيضاح: (ص242)، حواشي الشرواني: (5/131،162). .
(7) - معونة أولي النهى: (4/200)، المبدع شرح المقنع: (3/222)، منار السبيل: (ص232).(1/74)
1. عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: عَطِشَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَاسْتَسْقَى فَأُتِىَ بِنَبِيذٍ مِنَ السِّقَايَةِ فَشَمَّهُ فَقَطَّبَ فَقَالَ: « عَلَىَّ بِذَنُوبٍ(1) مِنْ زَمْزَمَ ». فَصَبَّ عَلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقَالَ رَجُلٌ أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « لاَ » أخرجه النسائي(2).
... وجه الدلالة:
... أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب في طوافه؛ وعلى هذا فإن الطواف عبادة تصح مع التفريق اليسير؛ فوجب أن تصح مع التفريق الكثير؛ كسائر أفعال الحج(3).
2. أنها عبادة يجوز أن يتخللها ما ليس منها، فلا يشترط لها موالاة(4).
3. أن الإحرام بالحج لا يحرم الأفعال التي ليست من أفعال الحج؛ فلا يمنع البناء، بخلاف الصلاة فإنها حرمت كل فعل ليس من أفعال الصلاة(5).
...
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي(6):
1. أن الطواف صلاة، فاشترط لها الموالاة كالصلاة.
... ونوقش بما يأتي:
__________
(1) - الذنوب: الدلو العظيم. راجع: النهاية في غريب الحديث والأثر: (2/157)، هدي الساري: (1/295).
(2) - في المجتبى: كتاب الأشربة، باب: ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شرب المسكر (ح5706)، وقال بعد ذكر الحديث: وَهَذَا خَبَرٌ ضَعِيفٌ لأَنَّ يَحْيَى بْنَ يَمَانٍ انْفَرَدَ بِهِ دُونَ أَصْحَابِ سُفْيَانَ وَيَحْيَى بْنُ يَمَانٍ لاَ يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ لِسُوءِ حِفْظِهِ وَكَثْرَةِ خَطَئِهِ، قال ابن حجر في التقريب (ص598) : يحيى بن يمان الكوفي صدوق عابد يخطئ كثيراً وقد تغير. وقال الألباني -رحمه الله-: حديث ضعيف. (8/325).
(3) - الحاوي الكبير: (5/195).
(4) - حواشي الشرواني: (5/131).
(5) - المسالك في المناسك: (1/448).
(6) - الحاوي الكبير: (5/194)، معونة أولي النهى: (4/200)، المبدع شرح المقنع: (3/222) .(1/75)
... هذه المسألة سبق وأن ناقشناها في مسألة الطهارة، وذكرنا أن هذا لا يكفي دليلاً بمفرده؛ للاختلاف الشديد بين الصلاة والطواف، ولضعف الحديث المذكور.
2. فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد طاف موالياً.
... ونوقش بما يأتي:
... فعله - صلى الله عليه وسلم - لا يكفي دليلاً للاشتراط، ولو كان ذلك لكانت جميع السنن واجبة؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - (1).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن مقدار الموالاة في الطواف عرفاً، فإذا لم يطل الفاصل عرفاً بنى على ما قبله.
المسألة العاشرة: المشي على القادر، والأحكام المتعلقة بالحامل والمحمول؛ وفيه فرعان.
... الفرع الأول: حكم المشي على القادر.
... الفرع الثاني: هل الطواف يقع عن الحامل أو المحمول.
...
الفرع الأول: حكم المشي على القادر.
... لاخلاف بين الفقهاء في صحة طواف الراكب وسقوط المشي عنه إذا كان ذلك بعذرٍ(2)، قال الماوردي(3)
__________
(1) - حواشي الشرواني: (5/162).
(2) - المغني: (5/249)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/312)، إكمال المعلم: (4/348)، المفهم: (3/379).
(3) - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري المعروف بالماوردي الفقيه الشافعي كان من وجوه الفقهاء الشافعية ومن كبارهم، له من التصانيف: كتاب الحاوي الذي لم يطالعه أحد إلا وشهد له بالتبحر والمعرفة التامة بالمذهب وفوض إليه القضاء ببلدان كثيرة واستوطن بغداد، وله من التصانيف غير الحاوي تفسير القرآن الكريم والنكت والعيون وأدب الدين والدنيا والأحكام السلطانية وقانون الوزارة وفيات الأعيان، توفي يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الأول سنة خمسين وأربعمائة ودفن من الغد في مقبرة باب حرب ببغداد وعمره ست وثمانون سنة رحمه الله تعالى
والماوردي نسبة إلى بيع الماء ورد هكذا قاله الحافظ ابن السمعاني. وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان (3/282).(1/76)
–رحمه الله-: (لا خلاف بين أهل العلم في أن طواف الماشي أولى من طواف الراكب)(1)، ولكن الخلاف في صحة طواف المحمول بغير عذر؛ فالعلماء في هذه المسألة على أقوال:
... القول الأول: أن المشي على القادر واجب؛ وهو مذهب الحنفية (2)والمشهور من مذهب المالكية(3)والحنابلة(4)؛ وقالوا: يعيد إذا كان بمكة، وأما إذا رجع بلده فيجزئه طوافه ويجبره بدم.
... القول الثاني: أن المشي في الطواف سنة؛ وهو قول في مذهب المالكية(5) والحنابلة(6) وهو مذهب الشافعية(7).
... القول الثالث: أن المشي للقادر شرط لصحة الطواف، وهو المشهور من مذهب الحنابلة (8).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي(9):
1. أن الراكب ترك صفة واجبة في ركن الحج فأشبه ما لو وقف بعرفة نهارا ودفع قبل غروب الشمس؛ فعليه دم.
... ونوقش:
... بأنه لا دليل لمن قال بوجوب الدم، والأصل براءة الذمة(10).
2. أن الطواف عبادة بدنية فينبغي أن يباشرها المرء بنفسه.
3. إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة بالطواف راكبة لشكوى؛ دل على حضر الطواف راكباً من غير شكوى؛ ومن فعل محظوراً فعليه الجزاء.
__________
(1) - الحاوي الكبير: (5/200).
(2) - بدائع الصنائع: (2/307،311)، المسالك في المناسك: (1/456)، المفهم: (3/381).
(3) - حاشية الدسوقي: (2/259)، مواهب الجليل: (4/150)، تسهيل المسالك: (3/880)، المفهم: (3/381).
(4) - منار السبيل: (ص232)، مفيد الأنام: (ص255).
(5) - مواهب الجليل: (4/150)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/293)، إكمال المعلم: (4/348).
(6) - منار السبيل: (ص232)، مفيد الأنام: (ص255).
(7) - الأم: (365)، المجموع شرح المهذب: (8/37)، إكمال المعلم: (4/348)، المفهم: (3/381).
(8) - مسائل الإمام أحمد بقول ابنه عبدالله: (ص227)، الروض المربع بحاشية الطيار: (5/226)، معونة أولي النهى: (4/195)، مفيد الأنام: (ص254).
(9) - الحاوي: (5/200).
(10) - المجموع شرح المهذب: (8/38).(1/77)
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما – قَالَ: (طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ ، يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ(1)) (2).
... وجه الدلالة من الحديث:
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف راكباً ولو لم يجز لم يفعل ذلك عليه السلام(3).
- أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لبيان الجواز(4).
... ونوقش بما يلي (5):
... أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما طاف راكباً لعذر؛ واستدل بما ورد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ يَشْتَكِى(6) فَطَافَ عَلَى رَاحِلَتِهِ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَنَاخَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) (7).
... وأجيب بما يلي:
__________
(1) - المحجن: عصا معوجة. هدي الساري: (1/254).
(2) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: من أشار إلى الركن إذا أتى عليه (ح1612)، ومسلم: كتاب الحج، باب: جواز الطواف على بعير وغيره (ح1272).
(3) - شرح السنة: (7/118)، إكمال المعلم: (4/348).
(4) - المجموع شرح المهذب: (8/38).
(5) - فتح الباري: (4/565)، نيل الأوطار: (6/220)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/294).
(6) - أي مريض. عون المعبود: (5/235).
(7) - رواه أحمد في المسند: (1/214)، وأبو داود: كتاب المناسك، باب: الطواف الواجب (ح1881).
... وضعفه النووي، والألباني –رحمهم الله- راجع: (المجموع شرح المهذب8/38)،(ضعيف سنن أبي داود 2/177).(1/78)
- أنه لم يثب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشتكى في تلك الحجة، قال الشافعي -رحمه الله-: (لا أعلمه اشتكى في تلك الحجة) (1)، وفي قول لجابر - رضي الله عنهم - قال: (طَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ لأَنْ يَرَاهُ النَّاسُ وَلِيُشْرِفَ وَلِيَسْأَلُوهُ فَإِنَّ النَّاسَ غَشُوهُ(2)) رواه مسلم(3).
- أن حديث ابن عباس ضعيف(4). ...
2. أن الله تعالى أمر بالطواف مطلقا فكيفما أتى به أجزأه ولا يجوز تقييد المطلق بغير دليل.
__________
(1) - نيل الأوطار: (6/220)، الحاوي: (5/201).
(2) - أي ازدحموا عليه. النهاية في غريب الحدث والأثر: (3/331).
(3) - كتاب الحج، باب: جواز الطواف على بعير ونحوه (ح1273).
(4) - المجموع شرح المهذب: (8/38).(1/79)
3. عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « أُرَانِى اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً آدَمَ(1) كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ ، لَهُ لِمَّةٌ(2) كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قَدْ رَجَّلَهَا(3)، فَهْىَ تَقْطُرُ مَاءً مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ ، أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ . وَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ جَعْدٍ(4)، قَطَطٍ ، أَعْوَرِ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ(5)، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا فَقِيلَ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ »(6).
... وجه الاستدلال من الحديث:
... قال العراقي –رحمه الله-: قد يحتج من يرى جواز طواف المحمول من غير عذر بفعل عيسى عليه السلام؛ فقد طاف - صلى الله عليه وسلم - متكئاً على رجلين(7).
4. لو كان المشي شرطا لبينه لنا - صلى الله عليه وسلم - .
... واستدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
1. عَنْ ابن عباس أن النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلاَمِ»(8).
... وجه الدلالة:
__________
(1) - آدم: جمعه أُدم؛ وهو اللون بين البياض والسواد. هدي الساري: (1/181).
(2) - لمة: بكسر اللام شعر الرأس. هدي الساري: (1/446).
(3) - رجلها: سرحها. هدي الساري: (1/300).
(4) - جعد: الشعر المجعد شديد التجعد؛ كالسودان. هدي الساري: (1/243).
(5) - عنبة طافية: هي الحبة التي خرجت عن حد نبتة أخواتها فظهرت من بينها وارتفعت. النهاية في غريب الأثر: (3/119)، هدي الساري: (1/367).
(6) - رواه البخاري في صحيحه:كتاب التعبير، باب: رؤيا الليل (ح6999)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب: ذكر المسيح ابن مريم (ح169).
(7) - طرح التثريب: (5/99).
(8) - سبق تخريجه: (ص95).(1/80)
... أن الطواف لا يصح راكباً قياساً، على الصلاة؛ فهي لا تصح من راكب(1).
... ونوقش بما يأتي:
... أن هذا قياس فاسد؛ لأن الصلاة لا تصح راكباً إذا كانت فريضة، وقد سلموا صحة الطواف(2).
2. أنها عبادة تتعلق بالبيت فلم يجز فعلها راكبا لغير عذر كالصلاة(3).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح القول الأول وهو: جواز الطواف راكباً -ولو لغير عذر- وذلك لأسباب:
1. وجاهة الأدلة التي استدلوا بها.
2. ضعف أدلة المخالفين لهم.
3. أن بعض الفقهاء إنما نهى عن الطواف راكباً؛ تنزهاً للبيت من دخول البهائم(4)، وحيث أن الركوب في هذا الوقت اختلف حاله فلا مجال للمنع.
الفرع الثاني: هل الطواف يقع عن الحامل أو المحمول.
... إذا طيف بمحمول ونوى الجميع الطواف؛ فهل يقع لهما أو للحامل أو للمحمول؛ فالمسألة على أقوال بين الفقهاء(5):
... القول الأول: أن الطواف يجزئ عنهما، وهو مذهب الحنفية(6) وقولٌ في مذهب المالكية(7) والشافعية(8) والحنابلة(9).
... القول الثاني: أن الطواف يجزئ عن المحمول دون الحامل، وهو قول في مذهب الشافعية(10)و المشهور من مذهب الحنابلة(11).
__________
(1) - المجموع شرح المهذب: (8/38)، مفيد الأنام: (ص254).
(2) - المجموع شرح المهذب: (8/38).
(3) - معونة أولي النهى: (4/195).
(4) - قال ابن حجر –رحمه الله-: ( والركوب مكروه تزيهاً –ثم قال- وإذا حوط المسجد أمتنع داخله إذ لا يؤمن التلويث) فتح الباري: (4/566).
(5) - قال النووي –رحمه الله-: (هذا كله إذا نوى الحامل والمحمول الطواف)، المجموع شرح المهذب: (8/39).
(6) - بدائع الصنائع: (3/307) وما بعده، الحاوي: (4/202)، الشرح الكبير: (9/109).
(7) - حاشية الدسوقي: (2/281).
(8) - الإيضاح: (230).
(9) - الإنصاف: (9/110).
(10) - المجموع شرح المهذب: (8/39)، الإيضاح: (ص230).
(11) - معونة أولي النهى: (4/196)، المبدع شرح المقنع: (3/219)، مفيد الأنام: (ص255)، الشرح الكبير: (9/109).(1/81)
... القول الثالث: : أن الطواف يجزئ عن الحامل دون المحمول، وهو المشهور من مذهب الشافعية(1)الحنابلة(2).
... القول الرابع: لا يجزئ عنهما؛ وهو المشهور من مذهب المالكية(3).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي(4):
1. أن الأصل في الوجوب الدوران بالبيت وقد حصل من الحامل والمحمول.
2. القياس على: لو حمله في عرفة أجزأه.
3. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المرأة التي سألته عن حج الصبي(5) أن تطوف له وحده.
4. أن كلاً منهما طاف بنية صحيحة.
5. أن مشي الواحد قد يقع من اثنين؛ كالبعير الواحد إذا ركبه اثنين.
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي(6):
1. أن الحامل إنما هو كالراحلة.
2. أن كلاً منهما خلص بالنية للمحمول.
3. أن الطواف عبادة أدى بها الحامل عن المحمول الأجرة تدل على أنه قصده؛ لأنه لا يصح أخذه عن شيء يفعله لنفسه.
4. أن المقصود الفعل وهو واحد ولا يقع عن شخصين ووقوعه عن المحمول أولى؛ لأنه لم ينو بطوافه إلا لنفسه، والحامل لم يخلص قصده بالطواف لنفسه.
... واستدل أصحاب القول الثالث بما يأتي(7):
__________
(1) - المجموع شرح المهذب: (8/39)، الإيضاح: (ص230)، الحاوي: (5/201).
(2) - المغني: (5/55)، الشرح الكبير: (9/109).
(3) - حاشية الدسوقي: (2/281).
(4) - بدائع الصنائع: (2/307)، المغني: (5/55)، الحاوي: (5/202).
(5) - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- لَقِىَ رَكْبًا بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ « مَنِ الْقَوْمُ ». قَالُوا الْمُسْلِمُونَ. فَقَالُوا مَنْ أَنْتَ قَالَ « رَسُولُ اللَّهِ ». فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قَالَ « نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ »رواه مسلم –سبق تخريجه: (ص115)-.
(6) - المجموع شرح المهذب: (8/39)، الحاوي: (5/201)، مفيد الأنام: (ص256)، معونة أولي النهى: (4/196).
(7) - المجموع شرح المهذب: (8/39)، الحاوي الكبير: (5/201)، المغني: (5/55).(1/82)
1. أن المحمول لم يوجد منه فعل.
2. أن الحامل لم يصرف الطواف عن نفسه.
3. أن الحامل هو الفاعل.
4. طواف الحامل لا يحتاج إلى نية.
5. الحامل هو الأصل والمحمول هو التابع.
... وأما أصحاب القول الرابع فلم أجد لهم أدلة يمكن ذكرها.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح صحة الطواف من الحامل والمحمول لما يأتي:
1. وجاهة أدلة القائلين بهذا القول.
2. أنه من الشاق والمخالف لأصول الشرع أمر الولي بالطواف لنفسه ثم الطواف لطفله أو غيره.
3. أن هذا القول موافق لمقاصد الشريعة، ولما تتميز به من اليسر ورفع الحرج.
... المبحث الثاني: في السنن، وفيه تمهيد و ستة مطالب:
... ... التمهيد
... ... المطلب الأول: الاضطباع وفيه مسألتان.
... ... المطلب الثاني: الرمل وفيه ثلاثة مسائل.
... ... المطلب الثالث: الاستلام وفيه ثلاثة مسائل.
... ... المطلب الرابع: الدنو من الكعبة.
... ... المطلب الخامس: الذكر و الدعاء.
... ... المطلب السادس: ركعتا الطواف وفيه أربعة مسائل.
... ... ...
التمهيد
... والمراد في هذا المبحث السنن التي ذكرها الفقهاء في الطواف عامة، وتدخل في طواف الإفاضة، وتجنبت ما كان خاصاً بطواف القدوم أو غيره.
المطلب الأول: الاضطباع(1) وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: حكمه.
... اختلف الفقهاء في استحباب الاضطباع على قولين:
القول الأول: أن الاضطباع سنة؛ وهو مذهب الحنفية(2)، والشافعية(3)، والحنابلة(4).
__________
(1) - الاضطباع هو: : أن يجعل وسط ردائه تحت عاتقه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر. راجع: طلبة الطلبة: (ص111)، سبل السلام: (2/538)، البدر التمام: (3/30)، نيل المآرب: (2/515).
(2) - الهداية شرح بداية المبتدي: (3/48)، رد المحتار: (3/537).
(3) - تحفة الأحوذي: (3/506)، أضواء البيان: (5/215).
(4) - منهج السالك: (ص174)، أضواء البيان: (5/215).(1/83)
القول الثاني: أن الاضطباع ليس سنة ، وهو مذهب المالكية(1).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنَ الْجِعْرَانَةِ(2) فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ(3) تَحْتَ آبَاطِهِمْ قَدْ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِمُ الْيُسْرَى.رواه أحمد وأبو داود(4).
2. عَنْ يَعْلَى بن أمية(5) قَالَ: (طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ(6) أَخْضَرَ) (7).
... وجه الدلالة من الحديثين:
... استحباب الاضطباع؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده(8).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
__________
(1) - تحفة الأحوذي: (3/506)، الحاوي: (5/183) ، أضواء البيان: (5/215)، خالص الجمان: (ص174).
(2) - الجِعِرّانة: موضع بين مكة والطائف. هدي الساري: (1/243).
(3) - الرداء: هو الثوب أو البرد الذي يضعه الإنسان على عاتقه وبين كتفيه. النهاية في غريب الأثر: (2/198).
(4) - رواه أحمد في المسند: (1/306)، أبودود في السنن: كتاب المناسك، باب الاضطباع في الطواف، (ح1884)، وصححه ابن المندر، والألباني –رحمهم الله-(نصب الراية 3/48)، (الإرواء ح1094).
(5) - يعلى بن أمية بن أبي عبيدة بن همام التميمي، صحابي مشهور، توفي سنة بضع وأربعون. تقريب التهذيب: (ص609).
(6) - البرد: كساء مخطط يلتحف به. المعجم الوسيط: مادة (برد) (ص48).
(7) - رواه أحمد في المسند: (4/224)، وأبو داود في السنن: كتاب المناسك، باب: الاضطباع في الطواف، (ح1883)، والترمذي في الجامع: أبواب الحج، باب: ماجاء أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعاً، (ح859)، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجة: (ح2954).
(8) - توضيح الأحكام: (3/347).(1/84)
... أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه بالاضطباع لما قال المشركون إن أصحاب محمد وعكتهم حمى يثرب، وقد زال الحكم(1).
... ونوقش بما يأتي:
... أن هذه السنة فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بعد زوال سببها، قَالَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - : (فِيمَ الرَّمَلاَنُ(2) الْيَوْمَ وَالْكَشْفُ عَنِ الْمَنَاكِبِ وَقَدْ أَطَّأَ(3) اللَّهُ الإِسْلاَمَ وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ مَعَ ذَلِكَ لاَ نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) رواه أحمد وأبو داود(4).
... فنرى عمر - رضي الله عنه - أخبر عن زوال السبب، ثم فعلها(5).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح قول الجمهور؛ وهو استحباب الاضطباع في الطواف؛ لقوة أدلته.
المسألة الثانية: وقته.
... الاضطباع خاص بالطواف فقط وليس في جميع المناسك كما يتوهم بعض الحجاج(6)، والمسألة هنا في أي الأطوفة يشرع الاضطباع؟
... الذي يظهر بعد البحث أن الاضطباع ملازم للرمل فكل طواف يشرع فيه الرمل يشرع فيه اضطباع؛ وذلك للأسباب التالية:
1. أن سبب الاضطباع هو سبب الرمل؛ وهو إظهار القوة.
2. أنهما يشرعان في الطواف.
... ويختلفان في شيء واحد وهو: أن الرمل يكون في الأشواط الثلاثة الأولى، والاضطباع يكون في الأشواط السبعة(7).
وعلى هذا نرجئ المسألة لمبحث الرمل.
...
المطلب الثاني: الرمل وفيه ثلاثة مسائل:
__________
(1) - الحاوي: (5/183).
(2) - الرملان: تثنية الرمل. النهاية في غريب الأثر: (2/241).
(3) - أطَّأَ: ثبته وأرساه. النهاية في غريب الأثر: (1/56).
(4) - رواه أبو داود في السنن: كتاب المناسك، باب: في الرمل (ح1887)
... قال الألباني: حسن صحيح، صحيح أبي داود (2/178).
(5) - الحاوي: (5/183).
(6) - مفيد الأنام: (ص238)، المبدع شرح المقنع: (3/213).
(7) - عون المعبود: (5/236)، حواشي الشرواني: (5/157)، رد المحتار: (3/510).(1/85)
المسألة الأولى، حكمه: ... ...
... اتفق الفقهاء على أن الرمل سنة(1).
... وقد خالفهم بعض الحنفية؛ فقالوا: إن الرمل ليس بسنة في هذا الزمان، واحتجوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في عمرة القضاء لأجل الكفار، وقد زالت تلك العلة فلا تبقى سنة(2).
... ونوقش:
... بأنه سنة باقية إلى يوم القيامة، والأدلة هي:
1. عَنْ أَسلم(3) قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - يَقُولُ: (فِيمَ الرَّمَلاَنُ الْيَوْمَ وَالْكَشْفُ عَنِ الْمَنَاكِبِ وَقَدْ أَطَّأَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ مَعَ ذَلِكَ لاَ نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ) رواه أبو داود(4).
... وأصل الحديث في صحيح مسلم(5) من غير لفظ: الْكَشْفُ عَنِ الْمَنَاكِبِ.
... وجه الدلالة:
... أن الحكمة زالت، والحكم باقٍ إلى يوم القيامة(6).
2. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمل في حجة الوداع رغم زوال العلة -وهي إظهار القوة أمام المشركين-(7).
... الرأي المختار:
__________
(1) - رد المحتار: (3/537)، بدائع الصنائع: (2/312)، الهداية شرح بداية المبتدي: (3/94)، المجموع شرح المهذب: (8/57)، التمهيد: (9/8)، الإيضاح: (ص233).
(2) - المسالك في المناسك: (1/395)، العدة حاشية العمدة: (3/349).
(3) - أسلم العدوي مولى عمر ثقة مخضرم توفي عام (80هـ). تقريب التهذيب: (ص104).
(4) - سبق تخريجه: (ص149).
(5) - رواه مسلم في الصحيح: كتاب: الحج، باب: في الرمل في الحج والعمرة (ح1605).
(6) - الإعلام بفوائد الأحكام: (6/206).
(7) - المسالك في المناسك: (1/395)، المفهم: (3/324).(1/86)
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الرمل سنة باقية لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وفي بقاء الحكم تذكير للناس نعمة الله عليهم بالفتح قال الله تعالى: {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ(1) فَآوَاكُمْ(2) وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }[الأنفال26].
المسألة الثانية: صفته:
... اختلف الفقهاء في صفة الرمل على قولين(3):
... القول الأول: إسراع المشي مع مقاربة الخطى من غير وثب.
... القول الثاني: أن الرمل مثل الهرولة.
... سببه: إظهار القوة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ، وَقَدْ وَهَنَهُمْ(4) حُمَّى يَثْرِبَ. فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ(5). رواه البخاري(6).
المسألة الثالثة: وقته وفيه فرعان.
الفرع الأول: في أي الأطوفة يسن الرمل:
__________
(1) - تخافون أن يأخذكم الناس بسرعة. تفسير الجلالين: (ص183).
(2) - فآواكم: أي إلى المدين. تفسير الجلالين: (ص183).
(3) - المغني: (5/217)، والتمهيد: (9/7)، شرح الزرقاني: (2/403).
(4) - وهنتهم: أضعفتهم. النهاية في غريب الأثر: (5/203).
(5) - رحمة وشفقة بهم. النهاية في غريب الأثر: (1/146).
(6) - رواه البخاري في صحيحه: كتاب الحج، باب: كيف كان بدء الرمل (ح1602)، ومسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف (ح1266).(1/87)
... اتفق الفقهاء على أن طواف الوداع لا يشرع له رمل(1)، واتفقوا على أن المكي –وهو من أحرم من مكة- ليس عليه رمل(2)، واختلفوا في غيرها من الأطوفة في أيها يسن الرمل؛ فالمسألة على قولين:
... القول الأول: أن الرمل يسن في كل طواف يعقبه سعي، وهو مذهب الحنفية(3)والمالكية(4) وقول في مذهب الشافعية(5).
... القول الثاني: أن الرمل مختص بطواف القدوم وطواف العمرة؛ وهو المشهور من مذهب الشافعية(6)، وهو مذهب الحنابلة(7).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول:
... بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، حيث إنه رمل في طواف يعقبه سعي(8).
... ونوقش:
... بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في الطواف الذي أفاض فيه كما سيأتي في دليل القول الثاني.
... واستدل أصحاب القول الثاني(9):
__________
(1) - المجموع شرح المهذب: (8/42).
(2) - بداية المجتهد: (ص270).
(3) - الهداية شرح بداية المبتدي: (3/94)، المسالك في المناسك: (1/592)، رد المحتار: (3/537)، بدائع الصنائع: (2/313).
(4) - حاشية الدسوقي: (2/263)، وراجع: حواشي الشرواني: (5/155)، إكمال المعلم: (4/287).
(5) - مغني المحتاج: (1/713)، المجموع شرح المهذب: (8/58)، فتح الباري: (4/536).
(6) - المجموع شرح المهذب: (8/26)، الإيضاح: (ص235)، المسالك في المناسك: (1/395)، حواشي الشرواني: (5/155).
(7) - الشرح الكبير: (9/91)، منهج السالك: (ص174)، معونة أولي النهى: (4/242).
(8) - الحاوي: (5/183).
(9) - البدر التمام: (3/58)، سبل السلام: (2/559).(1/88)
... بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمل في طوافه للقدوم، ولم يرمل في الطواف الذي أفاض فيه؛ قال ابْن عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - : (أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَرْمُلْ فِى السَّبْعِ الَّذِى أَفَاضَ فِيهِ) (1).
... وفي هذا دليل على أن الرمل خاص بطواف القدم، وأنه لا يشرع في طواف الإفاضة.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الرمل مختص بطواف القدوم لقوة أدلته.
الفرع الثاني:في أي الأشواط يسن الرمل:
... اتفق الفقهاء على أن الرمل يكون في الأشواط الثلاثة الأولى(2) واختلفوا هل يرمل في الأشواط الثلاثة كاملة؛ فالمسألة على قولين:
... القول الأول: يرمل في الأشواط الثلاثة كاملة؛ وهو المشهور من مذهب الحنفية(3)وهو مذهب المالكية(4)والشافعية(5) والحنابلة(6).
... القول الثاني: يرمل في الأشواط الثلاثة ويمشي بين الركنين؛ وهو قول في مذهب الحنفية (7).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
... عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهم - قَالَ: (رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلاَثًا وَمَشَى أَرْبَعًا) رواه مسلم(8).
... وجه الدلالة من الحديث:
__________
(1) - رواه أبو داود: كتاب المناسك، باب: الإفاضة في الحج (ح2001)، وابن ماجة: كتاب المناسك (3060)، والحاكم: أول كتاب المناسك (ح1746)، وصححه ووافقه الذهبي.
... وقال الألباني: صحيح (صحيح أبي داود 1746).
(2) - التمهيد: (9/8).
(3) - الهداية شرح بداية المبتدي: (3/50)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/286)، الحاوي: (5/184).
(4) - شرح الزرقاني: (2/403).
(5) - المجموع شرح المهذب: (8/80)، الإيضاح: (3/537).
(6) - المغني: (5/218)، المبدع شرح المقنع: (3/216).
(7) - المسالك في المناسك: (1/396).
(8) - رواه مسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: استحباب الرمل في الطواف (ح1261).(1/89)
... ظاهر النص في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمل من الحجر إلى الحجر ولم يمشِ بين الركنين(1).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قَالَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ ، وَقَدْ وَهَنَهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ . فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ . متفق عليه(2).
...
... وجه الدلالة:
... الحديث نص صريح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه أن يمشوا بين الركنين(3).
... ونوقش(4):
... أن ترك الرمل بين الركنين كان للإبقاء عليهم في عمرة القضاء، أما الرمل من الحجر إلى الحجر فكان متأخراً –في حجة الوداع-؛ فوجب الأخذ به.
2. أن ترك الرمل بين الركنين يكون أيسر للاستلام(5).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الأمر للتخير؛ فمن وجد في نفسه قوة أن يرمل شوطه كاملاً فله ذلك، ومن لم يستطع فيرمل ويمشي بين الركنين، وفي هذا القول جمعٌ للنصوص الواردة(6).
المسألة الرابعة: الرمل من النساء.
__________
(1) - العدة حاشية العمدة: (3/348).
(2) - سبق تخريجه: (ص153).
(3) - وقالوا لعل العلة في استثناء الركنين أن المشركين كانوا في تلك الجهة؛ وإنما كان الرمل لإظهار القوة أمامهم. راجع: فتح الباري (4/536)، المسالك في المناسك: (1/396)، شرح الزرقاني: (2/403).
(4) - حواشي الشرواني: (5/154)، البدر التمام: (3/24)، شرح الزرقاني: (2/404).
(5) - فتح الباري: (4/536).
(6) - وممن قال بهذا القول العلامة: محمد الشنقيطي –رحمه الله- في أضواء البيان (5/212).(1/90)
... الرمل خاص بالرجال دون النساء، بإجماع الفقهاء، قال ابن المنذر: (أجمع العلماء على أن المرأة لا ترمل، ولا تسعى(1)؛ بل تمشي) (2).
... وقال ابن عبد البر –رحمه الله-: (وأجمعوا أن ليس على النساء رمل في طوافهن بالبيت)(3).
... واستدلوا بما يلي:
1. عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهم - قَالَ : (لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ سَعْىٌ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَعْنِى الرَّمَلَ بِالْبَيْتِ والسَّعْىَ فِى بَطْنِ الْمَسِيلِ)(4).
2. عَنْ عَائِشَةَ -رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : (يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ لَيْسَ عَلَيْكُنَّ رَمَلٌ بِالْبَيْتِ لَكُنَّ فِينَا أُسْوَةٌ) (5).
...
المطلب الثالث: الاستلام وفيه مسألتان:
... المسألة الأولى: استلام الحجر الأسود والمسائل المتعلقة به ... وفيه أربعة فروع.
... ... الفرع الأول: حكمه.
... ... الفرع الثاني: صفته.
... ... الفرع الثالث: التكبير عند بداية الطواف، وعند المرور ... ... بالحجر الأسود في بقية الأشواط.
... ... الفرع الرابع: الاستلام عند الفراغ من الطواف.
... المسألة الثانية: استلام الركن اليماني وتقبيله.
...
المسألة الأولى: استلام الحجر الأسود.
الفرع الأول: حكمه:
__________
(1) - السعي العدو؛ والمقصود أن النساء ليس عليهن عدو في المسعى، وإنما هو خاص بالرجال. النهاية في غريب الأثر: (2/333).
(2) - المجموع شرح المهذب: (8/82).
(3) - الإجماع لابن عبدالبر: (166)، وراجع: شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/288).
(4) - رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الحج، باب: لا رمل على النساء (ح9286) (5/84).
(5) - رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الحج، باب: لا رمل على النساء (ح9287) (5/84).(1/91)
... اتفق الفقهاء على استحباب استلام الحجر الأسود (1)؛ والأصل في ذلك ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه استلم الحجر الأسود حال طوافه وقبله؛ فعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِىٍّ(2) قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ - رضي الله عنهم - عَنِ اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ . فَقَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ) رواه البخاري ومسلم(3).
الفرع الثاني: صفته.
... ورد للاستلام صفات متعددة تختلف بحسب حال الإنسان وظروف الزمان، وهذا من توسيع الله على عباده فتختلف في حالة الزِحام الشديد عن غيره من الأوقات، وصفا ت الاستلام كما ورد في السنة كما يلي(4):
... أولاً: الاستلام باليد مع التقبيل(5)، فعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِىٍّ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ اسْتِلاَمِ الْحَجَرِ . فَقَالَ: ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ) رواه البخاري ومسلم(6). ...
__________
(1) - شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/292)، مراتب الإجماع: (ص78)، بدائع الصنائع: (2/339)، التمهيد: (9/26)، المجموع شرح المهذب: (8/79)، المغني: (5/212).
(2) - الزبير بن عربي النمري، ليس به بأس. تقريب التهذيب: (ص214).
(3) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: تقبيل الحجر (ح1211)، ومسلم: كتاب الحج، باب: استحباب تقبيل الحجر(ح1268).
(4) - راجع: التمهيد: (9/26)، المجموع شرح المهذب: (8/79،45)، حاشية الدسوقي: (2/260)، المغني: (5/228)، فتح الباري: (4/537)، العدة حاشية العمدة: (3/353) وما بعده، المبدع شرح المقنع: (3/214).
(5) - وهو الأفضل بإجماع علماء المسلمين. راجع: شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/292).
(6) - سبق تخريجه: (ص161).(1/92)
... ثانياً: الاستلام باليد مع تقبيل اليد؛ عَنْ نَافِعٍ(1) قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ، وَقَالَ: (مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ) رواه مسلم(2).
... ثالثاً: الاستلام باليد بلا تقبيل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا) (3).
... رابعاً: الاستلام بمحجن وتقبيل المحجن(4)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قَالَ: (طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ ، يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ) متفق عليه(5).
... وعن أبي الطُّفَيْلِ(6) يَقُولُ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ مَعَهُ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ) أخرجه مسلم(7).
... خامساً: الإشارة باليد وقد ردت الإشارة بصفتين(8):
__________
(1) - نافع أبو عبد الله المدني مولى ابن عمر ثقة ثبت، فقيه مشهور، توفي عام (117هـ). تقريب التهذيب: (ص559).
(2) - رواه مسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: استحباب استلام الركنين اليمانيين (ح1268).
(3) - سبق تخريجه: (ص151).
(4) - المحجن هو: عصا منحنية الرأس، راجع: سبل السلام (2/537). ويجزئ عن المحجن أي عصا أو خشبة أو نحوه، راجع: حواشي الشرواني: (5/145).
(5) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: استلام الركن بمحجن (ح1607)، ومسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: جواز الطواف على بعير (ح1272)، وراجع: فتح الباري (4/537).
(6) - عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثي، توفي: (110)، وهو آخر من مات من الصحابة. تقريب التهذيب: (ص288).
(7) - رواه مسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: جواز الطواف على بعير (ح1275).
(8) - المغني: (5/228).(1/93)
- الأولى: الإشارة باليد مع تقبيل اليد(1).
- الثانية: الإشارة بلا تقبيل؛ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قَالَ: (طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ) رواه البخاري(2).
الفرع الثالث: التكبير عند بداية الطواف، وعند المرور بالحجر الأسود في بقية الأشواط.
... أولاً: التكبير عند بداية الطواف(3):
... استدل بفضل التكبير عند بداية الطواف بما يأتي:
1. عَنْ نَافِعٍ قَالَ : (كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْخُلُ مَكَّةَ ضُحًى فَيَأْتِى الْبَيْتَ فَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: باسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ) (4).
2. عن عبد الله بن السائب(5) - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في ابتداء الطواف: (بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - )(6).
... ثانياً: التكبير عند المرور بالحجر.
__________
(1) - سبل السلام: (2/538)، المبدع شرح المقنع: (3/214).
(2) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: من أشار إلى الركن (ح1612)، ومسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: جواز الطواف على بعير (ح1272)، وراجع: فتح الباري (4/537).
(3) - المدونة الكبرى: (1/396،419)، الأم: (ص362)، المبدع شرح المقنع: (3/215)، الشرح الممتع: (7/273)
(4) - رواه البيهقي كتاب الحج، باب: ما يقال عند استلام الركن (ح9250) (5/79).
(5) - عبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي المكي، له ولأبيه صحبة، وكان قارئ أهل مكة، توفي في سنة بضع وستين. تقريب التهذيب: (ص304).
(6) - قال ابن الملقن –رحمه الله-: هذا حديث غريب من هذا القول لا يحضرني من خرجه مرفوعاً بعد البحث عنه (البدر المنير 6/195) وأنكره الألباني -رحمه الله-(مناسك الحج والعمرة ص48).(1/94)
... يستحب للطائف أن يستلم الحجر الأسود كلما مرَّ عليه إن استطاع من غير أن يؤذي مسلماً، وإن لم يستطع يستقبله بقوله وبطون كفيه رافعاً بهما ويكبر(1).
... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما – قَالَ: (طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ ، كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَىْءٍ كَانَ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ) رواه البخاري(2) .
الفرع الرابع: الاستلام عند الفراغ من الطواف.
... يستحب عند الفراغ من الطواف استلام الحجر الأسود بإجماع الفقهاء(3)، قال ابن قدامة–رحمه الله-: (وإذا فرغ من الركوع وأراد الخروج إلى الصفا استحب أن يعود فيستلم الحجر –ثم قال- ولا نعلم فيه خلافا)(4).
... واستدلوا :
... بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ قال جابر - رضي الله عنه - في صفة حج النبي : - صلى الله عليه وسلم - (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ). رواه مسلم(5).
... والذي يظهر أن الاستلام خاص بمن أراد السعي وهو التوديع(6).
المسألة الثانية: استلام الركن اليماني وتقبيله.
__________
(1) - المدونة الكبرى: (1/396،419)، المسالك في المناسك: (1/403)، الحاوي: (5/186).
(2) - الحديث سبق تخريجه: (ص163)، وراجع: فتح الباري: (4/534).
(3) - المجموع شرح المهذب: (8/91)، الهداية شرح بداية المبتدي: (3/53)، التمهيد: (9/17)، مغني المحتاج: (1/717).
(4) - المغني: (5/234).
(5) - سبق تخريجه: (ص51).
(6) - الشرح الممتع: (7/304).(1/95)
... اتفق الفقهاء على استحباب استلام الركن اليماني(1)-قال ابن عبد البر: (جائز عند أهل العلم أن يستلم الركن اليماني والركن الأسود لا يختلفون في شيء من ذلك وإنما الذي فرقوا به بينهما التقبيل فرأوا تقبيل الأسود ولم يروا تقبيل اليماني وأما استلامهما فأمر مجمع عليه)(2)- واختلفوا في تقبيله على أقوال:
... القول الأول: أن الركن اليماني لا يقبل؛ وهو مذهب الحنفية(3)والمشهور من مذهب المالكية(4) والشافعية(5)والحنابلة(6).
... القول الثاني: أن الركن اليماني يقبل؛ وهو قولٌ في مذهب الحنابلة(7).
... القول الثالث: يستلم بيده ويقبل يده؛ وهو قولٌ في مذهب المالكية(8) والشافعية(9) والحنابلة(10).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1. عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - قَالَ: (مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ) (11).
2. عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قالُ: (لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ).رواه مسلم(12).
__________
(1) - بدائع الصنائع: (2/342)، المجموع شرح المهذب: (8/80)، المغني: (5/226)، فتاوى ابن تيمية: (26/121)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/291).
(2) - التمهيد: (9/21)، المغني: (5/226).
(3) - بدائع الصنائع: (2/342).
(4) - تهذيب المدونة: (1/519)، إكمال المعلم: (4/344).
(5) - المجموع شرح المهذب: (8/47)، حواشي الشرواني: (5/149).
(6) - فتاوى ابن تيمية: (26/97)، المبدع شرح المقنع: (3/216).
(7) - الإنصاف: (9/89)، المسالك في المناسك: (1/402)، أضواء البيان: (5/232).
(8) - التمهيد: (9/22)، شرح الزرقاني: (2/409).
(9) - الحاوي: (5/179).
(10) - المبدع شرح المقنع: (3/216).
(11) - سبق تخريجه: (ص162).
(12) - رواه مسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: استحباب استلام الركنين اليمانيين (ح1269).(1/96)
3. عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهم - قَالَ: (كَانَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَسْتَلِمُ إِلاَّ الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِىَ.) رواه البخاري ومسلم(1).
... وجه الدلالة من الأحاديث:
... كل ما ورد إنما خص الحجر الأسود بالتقبيل، ولم ينقل تقبيل الركن اليماني(2).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - قَالَ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِىَ قَبَّلَهُ وَوَضَعَ خَدَّهُ الأَيْمَنَ عَلَيْهِ) رواه البيهقي(3).
... ونوقش(4):
- أن هذا الأثر ضعيف.
- أن الوراد عن ابن عباس هو تقبيل الحجر الأسود؛ فلعله المقصود هنا(5).
- أن الحجر الأسود يسمى الركن اليماني من باب التغليب؛ كقولهم القمران للشمس والقمر، والأبوان للأم والأب(6).
... واستدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
... عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه - رضي الله عنهم - : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَلَمَ الْحَجَرَ فَقَبَّلَهُ وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِىَ فَقَبَّلَ يَدَهُ. رواه البيهقي(7).
... ويناقش:
... بأن هذا حديث ضعيف قلا يحتج به.
__________
(1) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين، ومسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب: استحباب استلام الركنين اليمانيين (ح1267).
(2) - حواشي الشرواني: (4/149).
(3) - رواه البيهقي: كتاب الحج، باب: استلام الركن اليماني بيده (ح9233) وضعفه فقال: تفرد به عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف، وقال النووي: حديث لا يثبت (المجموع شرح المهذب 8/48)، وراجع حاشية السنن: (5/232).
(4) - الروضة الندية: (1/620).
(5) - السنن الكبرى للبيهقي: (5/123)، حواشي الشرواني: (4/149).
(6) - مفيد الأنام: (ص246).
(7) - رواه البيهقي: كتاب الحج، باب: استلام الركن اليماني بيده (ح9235) وضعفه فقال: فيه عمر بن قيس المكي.(1/97)
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح القول الأول؛ لقوة أدلته وضعف أدلة المخالفين.
المطلب الرابع: الدنو من الكعبة.
... استحب الفقهاء الدنو من الكعبة؛ لأنه هو المقصود، واختلفوا هل الأفضل الدنو من الكعبة أو الرمل؟ على قولين:
... القول الأول: أن الرمل أفضل؛ وهو مذهب الحنفية(1)والحنابلة(2) والمشهور من مذهب الشافعية(3)
... القول الثاني: أن الدنو أفضل؛ وهو قولٌ في مذهب الشافعية(4).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي(5):
1. أن الرمل ثابت في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأما الدنو إنما هو استحسان من بعض الفقهاء.
2. أن ما تعلق بذات العبادة أولى مما تعلق بمحلها كالجماعة خارج المسجد الحرام، أولى من الانفراد به؛ وعلى هذا فالرمل أولى من الدنو.
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي(6):
1. أن البيت أشرف البقاع؛ فالدنو منه أفضل.
2. أن الدنو أيسر في استلام الركن وتقبيل الحجر.
3. أن القرب من البيت في الصلاة أفضل من البعد؛ فكذا الطواف.
4. أن الدنو فضيلته تتعلق بموضع العبادة، فهي أولى من الرمل الذي فضيلته تتعلق بذات العبادة.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- قول الجمهور؛ وهو أن الرمل أولى؛ لقوة أدلته.
المطلب الخامس: الذكر و الدعاء.
__________
(1) - لباب المناسك: (ص105).
(2) - المبدع شرح المقنع: (3/216).
(3) - حواشي الشرواني: (5/159).
(4) - الإيضاح: (ص234)، المجموع شرح المهذب: (8/52).
(5) - حواشي الشرواني: (5/159).
(6) - الإيضاح: (ص234)، المجموع شرح المهذب: (8/52).(1/98)
... يستحب الإكثار من ذكر الله في الطواف؛ لشرف المكان؛ ولأنه الأصل(1) قال ابن قدامة –رحمه الله-: (ويستحب الدعاء في الطواف والإكثار من ذكر الله تعالى لأن ذلك مستحب في جميع الأحوال ففي حال تلبسه بهذه العبادة أولى)(2)؛ واختلف الفقهاء في قراءة القرآن في الطواف على قولين:
... القول الأول: تكره قراءة القرآن حال الطواف؛ وهو مذهب الحنفية(3) والمالكية(4) وقولٌ في مذهب الحنابلة (5).
... القول الثاني: قراءة القرآن مستحبة حال الطواف؛ وهو مذهب الشافعية(6) والمشهور من مذهب الحنابلة(7).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول:
... بأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأ القرآن حال طوافه، وهديه أولى من غيره(8).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
__________
(1) - فتاوى ابن تيمية: (26/122)، المسالك في المناسك: (1/404،392)، مواهب الجليل: (3/276)، حواشي الشرواني: (5/152)، الروض المربع بحاشية الطيار: (5/218).
(2) - المغني: (5/224).
(3) - لباب المناسك: (ص105)، رد المحتار: (3/510).
(4) - المدونة الكبرى: (1/426)، الحاوي: (5/187)، المسالك في المناسك: (1/405،454).
(5) - المغني: (5/223)، المسالك في المناسك: (1/405،454).
(6) - المجموع شرح المهذب: (8/60)، الإيضاح: (ص241)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/300)، فتح الباري: (4/553).
(7) - المغني: (5/223)، نيل المآرب: (2/518).
(8) - ولم يروا القراءة غير قوله تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، راجع: المسالك في المناسك: (1/405)، رد المحتار: (3/510)، من أحكام الطواف السنن: (ص57).(1/99)
1. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ - رضي الله عنهم - قَالَ: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة201] ) (1).
... وجه الدلالة(2):
- فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فقد قرأ القرآن في الطواف.
- الطواف موضع ذكر، والقرآن من أعظم الذكر.
2. النبي - صلى الله عليه وسلم - قال –كما سبق- الطواف بالبيت صلاة؛ فالقراءة واجبة في الصلاة؛ فوجب أن تكون مستحبة حال الطواف(3).
الرأي المختار:
الذي يظهر –والله أعلم- أن قراءة القرآن مستحبة لما يلي:
1. قوة الأدلة التي استدل بها القائلون باستحباب القراءة حال الطواف.
2. أن الذكر حال الطواف مستحب عموماً، والقرآن يشتمل على دعاء في آيات كثيرة.
3. لم يثب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، دعاءاً معيناً حال طوافه؛ إلا ما ثبت في قوله بين الركنين {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[البقرة201]، فالطواف ليس له دعاء مخصوص وإنما يدعو الطائف بما شاء(4).
... المطلب السادس: ركعتا الطواف وفيه ثلاثة مسائل:
... ... المسألة الأول: حكمها.
... ... المسألة الثانية: مكانها.
... ...
المسألة الأولى: حكمها:
... اتفق الفقهاء على مشروعية ركعتي الطواف واختلفوا في حكمها على أقوال(5):
__________
(1) - رواه الشافعي في الأم: (ص364)، وأحمد: (3/411)، أبو داود: كتاب المناسك، باب الدعاء في الطواف (ح1892)، والبيهقي: كتاب الحج، باب القول في الطواف (ح9290)، والفاكهي: (1/145)، وصححه الألباني مناسك الحج والعمرة: (ص22).
(2) - نيل المآرب: (2/518).
(3) - الإيضاح: (ص241).
(4) - مواهب الجليل: (3/276)، نيل المآرب: (2/518)، المسالك في المناسك: (1/404).
(5) - المجموع شرح المهذب: (8/71)، إكمال المعلم: (4/271).(1/100)
... القول الأول: أنها واجبة، وهو مذهب الحنفية(1) وقولٌ في مذهبي المالكية(2) والشافعية(3).
... القول الثاني: أنها سنة مؤكدة، وهو مذهب الحنابلة(4) وقول في مذهبي المالكية(5) والمشهور من مذهب الشافعية(6).
... القول الثالث: أنها تابعة لوجوب الطواف؛ فالطواف الواجب ركعتاه واجبتان والطواف غير الواجب ركعتاه سنة؛ وهو المشهور من مذهب المالكية(7) وقولٌ في مذهب الشافعية(8).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاها؛ وفعله إما أن يكون بياناً، أو ابتداء شرع؛ وكلاهما دالٌ على الوجوب(9).
2. أنهما تابعتان للطواف فكانتا واجبتين كالسعي(10).
3. قوله تعالى: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ}[البقرة125].
... وجه الدلالة من الآية(11):
... أن هذا أمر؛ والأصل في الأمر الوجوب.
... ونوقش بما يأتي:
... أن الأمر في الآية إنما هو باتخاذ مصلى لا الصلاة(12).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
__________
(1) - الهداية شرح بداية المبتدي: (3/53)، بدائع الصنائع: (2/343).
(2) - مواهب الجليل: (4/156)، حاشية الدسوقي: (2/261).
(3) - الإيضاح: (ص244)، المجموع شرح المهذب: (8/71)، البدر التمام: (3/9).
(4) - المغني: (5/232)، الشرح الكبير: (9/121).
(5) - حاشية الدسوقي: (2/261).
(6) - فتح الباري: (4/558)، الإيضاح: (ص244)، المجموع شرح المهذب: (8/71)، البدر التمام: (3/9).
(7) - حاشية الدسوقي: (2/261).
(8) - المجموع شرح المهذب: (8/72)، البدر التمام: (3/9).
(9) - الحاوي: (5/203).
(10) - المغني: (5/232).
(11) - أحكام القرآن: (1/66)، بدائع الصنائع: (2/343).
(12) - فتح الباري: (4/558).(1/101)
1. عن طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّه - رضي الله عنهم - قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ، ثَائِرُ الرَّأْسِ ، يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ ، وَلاَ يُفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ » . فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ « لاَ ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ » . –إلى أن قال- فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ » رواه البخاري ومسلم(1).
... وجه الدلالة من الحديث:
... في الحديث لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - السائل بغير الفروض الخمس من الصلاة، إلا من باب التطوع، وعلى هذا أنه لا واجب من في باب الصلاة إلا الفروض الخمس(2).
2. أنها صلاة لم تشرع لها جماعة فلم تكن واجبة كسائر النوافل(3).
3. قال - صلى الله عليه وسلم - : « مَنْ طَافَ أُسْبُوعاً يُحْصِيهِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ»(4).
... وجه الدلالة:
... الحديث دليل على عدم وجوب ركعتي الطواف؛ لأن الواجب غير محدود الثواب(5). ...
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم رجحان القول بأنها سنة لقوة أدلة هذا القول، في مقابل ضعف أدلة من قال بالوجوب.
المسألة الثانية: مكانها.
__________
(1) - رواه البخاري: كتاب الشهادات، باب: كيف يستحلف (ح2678)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب: بيان الصلوات التي هي كسائر أركان الإسلام (ح11).
(2) - الحاوي: (5/203).
(3) - المغني: (5/232).
(4) - سبق تخريجه: (ص31).
(5) - الحاوي: (5/203).(1/102)
... أولاً، السنة في مكانها: اتفق الفقهاء على فضل ركعتي الطواف عند المقام واستدلوا بما يلي(1):
1. قوله تعالى: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة125].
2. فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد صلاها عند المقام، قال جابر - رضي الله عنه - في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - : (ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة125] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ) رواه مسلم(2).
... ثانياً، الإجزاء في مكانها: اتفقوا على جواز فعلها حيث شاء من المسجد الحرام قال ابن حجر –رحمه الله-: (أجمع أهل العلم على أن الطائف تجزئه ركعتا الطواف حيث شاء) (3)؛ واستدلوا بما يأتي:
1. طافت أم سلمة رضي الله عنها؛ فلم تصلِّ حتى خرجت(4).
...
... وجه الدلالة:
... لو كان فعلها عند المقام شرطاً؛ لما أقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - (5).
2. أن عمر - رضي الله عنه - ركعهما بذي طوى(6).
__________
(1) - زاد المعاد: (2/210)، فتح الباري: (4/561)، وراجع: الإيضاح: (ص245)، المجموع شرح المهذب: (8/74)، المغني: (5/232)، إكمال المعلم (4/271)، التمهيد: (9/19).
(2) - سبق تخريجه: (ص51).
(3) - فتح الباري: (4/561)، وراجع: الإيضاح: (ص245)، مواهب الجليل: (4/157)، المجموع شرح المهذب: (8/74)، المغني: (5/232)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/307)، إكمال المعلم (4/271)، التمهيد: (9/19)..
(4) - رواه البخاري: كتاب الحج، باب: من صلى ركعتي الطواف خارجاً من المسجد (ح1626).
(5) - فتح الباري: (4/560)..
(6) - أورده البخاري –رحمه الله-: معلقاً بصيغة الجزم، كتاب الحج، باب: الطواف بعد الصبح والعصر.
... راجع: شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/311)، المغني: (5/232).
... ذي طوى: يجوز في الطاء الضم والفتح والكسر، والضم أشهر، وهو موضع عند باب مكة، ولا تزال بئر طوى موجودة في جرول أمام مستشفى الولادة (توضيح الأحكام 3/340).(1/103)
...
...
المبحث الثالث: في المكروهات؛ وفيه أربعة مطالب.
... ... المطلب الأول: الكلام في الطواف.
... ... المطلب الثاني: الأكل والشرب.
... ... المطلب الثالث: المكروهات المتعلقة بالأركان؛ وفيه ... ... ... مسألتان.
... ... المطلب الرابع: المزاحمة ومضايقة الناس.
المطلب الأول: الكلام في الطواف.
... الأصل في المسلم أن يكون في طوافه خاضعاً متخشعاً حاضر القلب ملازم الأدب بظاهره وباطنه، ويجوز الكلام في الطواف؛ ويكره الإكثار منه بغير ذكر الله، فالطواف فرصة للمؤمن أن يتفرغ لذكر الله - عز وجل - (1)، قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: (إني لأحب الإقلال من الكلام في الصحراء والمنازل وفي غير موضع منسك، إلا بذكر الله - عز وجل - لتعود منفعة الذكر على الذاكر أو يكون الكلام في شيء من صلاح أمره فإذا كان هذا هكذا في الصحراء والبيوت فكيف قرب بيت الله مع عظيم رجاء الثواب فيه من الله) (2).
... والأدلة كما يأتي:
... أولاً، الأدلة على جواز الكلام في الطواف:
1. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ بِإِنْسَانٍ رَبَطَ يَدَهُ إِلَى إِنْسَانٍ بِسَيْرٍ ، أَوْ بِخَيْطٍ ، أَوْ بِشَىْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَقَطَعَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ ، ثُمَّ قَالَ « قُدْهُ بِيَدِهِ » رواه البخاري (3).
... وجه الدلالة:
__________
(1) - بدائع الصنائع: (2/312)، المسالك في المناسك: (1/454)، المجموع شرح المهذب: (8/62)، الإيضاح: (ص243)، شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/300)، الحاوي: (5/188)، المدونة الكبرى: (1/426) الشرح الكبير: (9/100).
(2) - الحاوي: (5/188).
(3) - رواه البخاري في صحيحه: كتاب الحج، باب الكلام في الطواف (ح1620).(1/104)
... قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : قده بيده، فلو كان الكلام محرماً لما تكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد بوب الإمام البخاري لهذا الحديث فقال: (باب الكلام في الطواف) (1).
2. عَنْ ابن عباس أن النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلاَمِ»(2).
... وجه الدلالة:
... النص ظاهر في الدلالة على الأمر بالإقلال من الكلام حال الطواف.
... ثانياً، الأدلة على كراهة الإكثار من الكلام حال الطواف:
1. عَنْ ابن عباس أن النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلاَمِ»(3).
2. عَنْ عَطَاءٍ(4) قَالَ : (طُفْتُ خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - فَما سَمِعْتُ وَاحِدًا مِنْهُمَا مُتَكَلِّمًا حَتَّى فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ) رواه البيهقي(5).
المطلب الثاني: الأكل والشرب.
... الأفضل للطائف التفرغ للطاعة وذكر الله وأن لا يشتغل بما يصده عن ذلك –كما ذكرته آنفاً-، واتفق الفقهاء على جواز الأكل والشرب في الطواف(6)؛ للأدلة الآتية:
1. براءة الذمة الأصلية لعدم ورود دليل يمنع من ذلك، قال ابن المنذر: (لا أعلم أحدا منع منه)(7).
2. ورد في بعض الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب في طوافه(8).
__________
(1) - انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال: (4/300)، فتح الباري: (4/552).
(2) - سبق تخريجه: (ص95).
(3) - سبق تخريجه: (ص95).
(4) - عطاء بن أبي رَبَاح القرشي، مولاهم، ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال، توفي عالم: (114هـ). تقريب التهذيب: (ص391)
(5) - رواه البيهقي: كتاب الحج، باب: إقلال الكلام بغير ذكر الله (ح9295)، قال الألباني: حسن. إرواء الغليل: (ص158)
(6) - الإيضاح: (ص243)، رد المحتار على الدر المختار: (3/510)، المجموع شرح المهذب: (8/62)، المغني: (5/224).
(7) - المغني: (5/224).
(8) - سبق تخريجه: (ص134).(1/105)
... قال ابن جاسر(1)-رحمه الله-: (أما الأكل والشرب كثيراً، ففي النفس منه شيء، وهو ينافي المروءة فلا ينبغي القول به) (2).
المطلب الثالث: المكروهات المتعلقة بالأركان وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: السجود على الحجر.
... والمقصود هنا السجود على الحجر الأسود وليس السجود للحجر، وقد اختلف الفقهاء في السجود على الحجر على قولين:
... القول الأول: أن السجود على الحجر مكروه؛ وهو مذهب المالكية(3) وقولٌ في مذهب الحنفية(4).
... القول الثاني: أن السجود على الحجر سنه؛ وهو مذهب الشافعية(5) والحنابلة(6)والمشهور من مذهب الحنفية(7)
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
... أن الأثر الوارد في ذلك لم يثبت رفعه، والعبادات توقيفية؛ فالأصل المنع(8).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي(9):
__________
(1) - هو عبدالله بن عبد الرحمن بن جاسر التميمي، كان رئيساً لمحكمة التمييز في وقته، له كتاب مفيد الأنام، توفي عام: (1401هـ). المبتدأ والخبر لعلماء القرن الرابع عشر: (4/108).
(2) - مفيد الأنام: (ص254).
(3) - المدونة: (1/419)، الحاوي: (5/177)، توضيح الأحكام: (3/341).
(4) - رد المحتار: (3/505).
(5) - المجموع شرح المهذب: (8/45)، الحاوي: (5/177)، هداية السالك لابن جماعة: (3/967)، المسالك في المناسك: (1/385).
(6) - معونة أولي النهى: (4/189)، الروض المربع بحاشية الطيار: (5/207).
(7) - رد المحتار: (3/505)، لباب المناسك: (ص104).
(8) - رد المحتار: (3/504)، توضيح الأحكام: (3/341).
(9) - الحاوي: (5/177)، البدر التمام: (3/26)، مناسك الحج والعمرة: (ص20).(1/106)
1. َقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَبَّلَهُ وَسَجَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ هَكَذَا فَفَعَلْتُ). رواه الحاكم والبيهقي(1).
2. أن فيه تقبيلاً وزيادة سجود.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح عدم استحباب السجود على الحجر؛ لأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع كثرة من حج معه أنه سجد على الحجر سوى بحديث واحد اختلف في رفعه ووقفه، واختلف في صحته وضعفه.
... ومع هذا فلا أرى أن يعاب على من فعل ذلك؛ لقوة الخلاف في المسألة.
المسألة الثانية: استلام الركنين اللذين يليان الحجر.
... اتفق الفقهاء على استلام الركنين اليمانيين، واختلفوا في استلام بقية الأركان؛ على قولين:
... القول الأول: أن الركنين الشاميين لا تستلم، وإنما الاستلام خاص بالركنين اليمانيين؛ وهو قول عامة الفقهاء(2).
... القول الثاني: أن الأركان كلها تستلم؛ وهو قول معاوية وعبدالله بن الزبير - رضي الله عنهم - (3).
الأدلة
... استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
__________
(1) - الحاكم في المستدرك: (1/473)، البيهقي: كتاب الحج، باب: السجود عليه (ح9223).
... قال ابن حجر –رحمه الله-: موقوفاً (حاشية ابن باز على بلوغ المرام ص456)، وصحح الأحاديث الواردة في الموضوع، الألباني (مناسك الحج والعمرة ص20)، والنووي (المجموع شرح المهذب 8/46).
(2) - المسالك في المناسك: (1/402)، فتاوى ابن تيمية: (26/97)، المجموع شرح المهذب: (8/80)، التمهيد: (8/301،315)، فتح الباري: (4/540)، المدونة الكبرى: (1/427)، هداية السالك لابن جماعة: (3/980).
(3) - هداية السالك لابن جماعة: (3/981)، فتح الباري: (4/540).(1/107)
1. عن ابن عباس - رضي الله عنهم - قالُ: (لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ).رواه مسلم(1).
... وجه الدلالة(2):
... فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فلم يستلم غير الركنين.
2. عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ سَأَلْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْجَدْرِ أَمِنَ الْبَيْتِ هُوَ قَالَ « نَعَمْ » . قُلْتُ فَمَا لَهُمْ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِى الْبَيْتِ قَالَ « إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ » . قُلْتُ فَمَا شَأْنُ بَابِهِ مُرْتَفِعًا قَالَ « فَعَلَ ذَلِكِ قَوْمُكِ لِيُدْخِلُوا مَنْ شَاءُوا وَيَمْنَعُوا مَنْ شَاءُوا ، وَلَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِالْجَاهِلِيَّةِ فَأَخَافُ أَنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهُمْ أَنْ أُدْخِلَ الْجَدْرَ فِى الْبَيْتِ وَأَنْ أُلْصِقَ بَابَهُ بِالأَرْضِ » رواه البخاري(3).
... وجه الدلالة من الحديث(4):
... أن هذه الأركان ليست على قواعد إبراهيم - عليه السلام - (5).
3. أنها ليست ركنين على الحقيقة؛ فهي كسائر البيت لا تستلم.
4. قال ابن حجر –رحمه الله-: (في البيت أربعة أركان: الأول له فضيلتان كون الحجر الأسود فيه وكونه على قواعد إبراهيم، وللثاني الثانية فقط، وليس للآخرين شيء منهما؛ فلذلك يقبل الأول، ويستلم الثاني فقط، ولا يقبل الآخران ولا يستلمان) (6).
... واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
__________
(1) - سبق تخريجه: (ص168).
(2) - فتح الباري: (4/538).
(3) - سبق تخريجه: (ص121).
(4) - التمهيد: (8/301)، فتح الباري: (4/540)، إكمال المعلم: (4/429)، العدة حاشية العمدة: (3/355).
(5) - حواشي الشرواني: (5/150).
(6) - فتح الباري: (4/540).(1/108)
... عن معاوية - رضي الله عنه - أنه كان يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - : إِنَّهُ لاَ يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ . فَقَالَ: لَيْسَ شَىْءٌ مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُورًا.
... وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - رضي الله عنه - يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ . رواه البخاي(1).
... وجه الدلالة(2):
- قولهم ليس شيء من البيت مهجور، ظاهر الدلالة في استلام أركان البيت عامة.
- فعل معاوية وابن الزبير - رضي الله عنهم - في استلام الأركان كلها.
... ونوقش بما يلي(3):
1. أن قولهم وفعلهم مخالف للقول الصحيح.
2. أن ابن عباس - رضي الله عنهم - أنكر على معاوية - رضي الله عنه - وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب21].
3. لو كان تركها هجراناً؛ لكان ترك بقية أجزاء البيت هجراناً(4).
4. وقيل إن استلام ابن الزبير للأركان الأربع؛ لأنه كان على قواعد إبراهيم، وقت خلافته(5).
5. العبادات توقيفية فلا يعبد الله إلا بما شرع، ولم نترك استلام الركنين إلا إتباعا(6).
... الرأي المختار:
... الذي يظهر –والله أعلم- أنه لا دليل لمن قال باستحباب استلام بقية الأركان؛ وأن الحكم خاص باستلام الركنين اليمانيين؛ للأدلة التي ذكرتها.
المطلب الرابع: المزاحمة ومضايقة الناس.
__________
(1) - رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب: من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين (ح1608).
(2) - هداية السالك لابن جماعة: (3/981).
(3) - التمهيد: (8/316)، فتح الباري: (4/540)، توضيح الأحكام: (3/344).
(4) - هداية السالك لابن جماعة: (3/981).
(5) - إكمال المعلم: (4/343)، العدة حاشية العمدة: (3/355).
(6) - البدر التمام: (3/26)، توضيح الأحكام: (3/344).(1/109)
... يجب على المسلم أن يتقي الله - عز وجل - ولا يؤذي غيره من المسلمين(1)، وقد تكلم سلف الأمة في التحذير من مزاحمة الناس ومضايقتهم في مواضع كثيرة منها:
1. عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ «يَا عُمَرُ إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِىٌّ لاَ تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِىَ الضَّعِيفَ إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ وَإِلاَّ فَاسْتَقْبِلْهُ فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ ». رواه أحمد(2).
... فهذا نبينا عليه السلام يحذر عمر - رضي الله عنه - من مضايقة الناس، وإيذا الضعيف؛ لأن الاستلام سنة و إيذاء المسلم حرام و ترك الحرام أولى من الإتيان بالسنة(3)؛ فكيف لو رأى حالنا في هذا الزمان.
2. عَنْ أم مَنْبُوذ(4): أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا مَوْلاَةٌ لَهَا فَقَالَتْ لَهَا : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ طُفْتُ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَاسْتَلَمْتُ الرُّكْنَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا : (لاَ آجَرَكِ اللَّهُ لاَ آجَرَكِ اللَّهُ تُدَافِعِينَ الرِّجَالَ أَلاَ كَبَّرْتِ وَمَرَرْتِ) رواه البيهقي(5).
... وهذه عائشة رضي الله عنها تحذر النساء من المزاحمة.
3. تخفيف النبي - صلى الله عليه وسلم - لركعتي الطواف.
__________
(1) - مغني المحتاج: (1/710).
(2) - في المسند: (1/28).
... قال الألباني: صحيح (مناسك الحج والعمرة ص21).
(3) - بدائع الصنائع: (2/339).
(4) - أم منبوذ بن أبي سليمان المكي، مقبولة من الثالثة. تقريب التهذيب: (ص759).
(5) - كتاب الحج، باب: الاستلام في الزحام (ح9268)، ورواه الفاكهي في أخبار مكة: (1/122)، وقال المحقق –ابن دهيش- إسناده حسن.(1/110)
... الذي يظهر –والله أعلم- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خفف ركعتي الطواف ليفسح المجال لمن هو أحق؛ وهو الطائف بالبيت(1).
... وليعلم القارئ أن الطواف عبادة يؤديها المؤمن طاعة لربه؛ فليحذر من أذية غيره من المسلمين؛ فمن يرى حال الناس وتقاتلهم حول المطاف علم شدة الجهل، والبعد عن شرع الله، وعلم لزوم تضافر جهود العلماء والمصلحين لتوعية الناس بدينهم(2).
... ... الفصل السادس: أحكام عامة في طواف الإفاضة، وفيه ... ... ثلاثة مباحث:
... ... ... المبحث الأول: توسيع المطاف.
... ... ... المبحث الثاني: الطواف في سطح المسجد.
... ... ... المبحث الثالث: الزحام في المطاف مشكلة وحلول.
... ... ... ...
المبحث الأول: توسيع المطاف.
... لما تكاثر أعداد الحجاج حتى بدأ يزيد عددهم عن المليون حاج أصبح لزاماً البحث عن أساليب لتوسيع المشاعر المقدسة حتى تلائم الكم الغفير من الحجاج، ومن ذلك المطاف ؛ لذلك طلبت الحكومة السعودية من هيئة كبار العلماء عام 1377هـ بحث مسألة توسيع المطاف، ومن ذلك نقل المقام من مكانه واختصار هيكل المقام ونقل زمزم(3)، وفي هذا المبحث لن أستقصي في البحث حول أحكام توسيع المطاف؛ لأنه لا يمس طواف الإفاضة بصورة مباشرة؛ فلذلك سأقتصر على ذكر الأدلة التي استدل بها العلماء مختصرة؛ وهي كما يأتي:
1. أن المطاف وسع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ومن بعدهم؛ فعلى هذا يجوز توسيعه اقتداءً بهم وتوسيعاً على عباد الله(4).
__________
(1) - شرح حديث جابر: (ص64).
(2) - وسأذكر في ختام البحث أهم أسباب الزحام والحلول.
(3) - المسجد الحرام المشعر والشعيرة: (ص102).
(4) - المرجع السابق.(1/111)
... قال الإمام النووي –رحمه الله-: (واتفق أصحابنا على أنه لو وسع المسجد؛ اتسع المطاف، وصح الطواف في جميعه، وهو اليوم أوسع مما كان في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - بزيادات كثيرة زيدت فيه؛ فأول من زاده عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اشترى دورا فزادها فيه) (1).
2. أن المقام نقل من مكانه بعد عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ فالمقام كان ملاصقاً للكعبة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي نقله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ؛ وعلى هذا يجوز نقله(2).
3. أنه من الحرج الشديد –المنافي لمقاصد الشريعة- بقاء المطاف على حاله؛ مما يؤدي إلى الإضرار بالخلق(3).
...
المبحث الثاني: الطواف في سطح المسجد.
... الطواف على سطح المسجد في هذه الأزمان أصبح ضرورة ملحة؛ حيث أن المطاف لا يتسع للأعداد الهائلة من الطائفين؛ ولذلك أفتت هيئة كبار العلماء من السعودية(4) بجواز الطواف في سطح المسجد، وسبقهم في هذه الفتوى جمع من كبار الفقهاء منهم الشافعية(5) والحنابلة(6) وغيرهم من المحققين.
... واشترط بعض الفقهاء لصحة الطواف أن لا يرتفع سطح المسجد عن الكعبة(7).
... ونوقش بما يلي(8):
__________
(1) - المجموع شرح المهذب: (8/54).
(2) - مفيد الأنام: (ص253)، فتاوى ابن إبراهيم: (5/13)، الشرح الممتع: (7/301)، فقه النوازل للجيزاني: (2/338).
(3) - المراجع السابقة.
(4) - مجموع فتاوى وبحوث ابن منيع: (3/81).
(5) - المجموع شرح المهذب: (8/54)، الإيضاح: (223)، مغني المحتاج: (1/708).
(6) - الفروع لابن مفلح: (3/270)، الإنصاف: (9/111)، شرح منتهى الإرادات: (2/517).
(7) - المجموع شرح المهذب: (8/54)، هداية السالك لابن جماعة: (3/935).
(8) - المرجع السابق.(1/112)
1. بأن ما على الكعبة تابع لها؛ لذلك الصلاة تصح على جبل أبي قبيس(1) مع ارتفاعه عن الكعبة.
2. وعلى هذا القول أن الكعبة إذا هدمت؛ لا يصح الطواف؛ وهذا مردود.
... وخالف بعض فقهاء المالكية فمنع من الطواف على سطح المسجد؛ واستدل على ذلك بأنه كخارج المسجد(2).
... ويناقش بما يلي:
1. بأن خارج المسجد يختلف عن داخل المسجد؛ فخارج المسجد لا تصح الصلاة فيه –إلا في حال اتصال الصفوف -، وداخل المسجد تصح الصلاة فيه دون اشتراط اتصال الصفوف.
2. أن من طاف في المسجد يكون طاف بالكعبة، أما من طاف خارج المسجد يقال له طاف على المسجد.
... الرأي المختار:
... الذي يظهر – والله أعلم- جواز الطواف على سطح البيت؛ لضرورته وموافقته ليسر الشريعة.
...
المبحث الثالث: الزحام في المطاف، مشكلة وحلول.
... الزحام في المطاف مشكلة تؤرق المصلحين؛ ولحل هذه المشكلة يجب تضافر الجهود لتخفيفها، وسأذكر بعض الأسباب المؤدية للزحام، وأراء مقترحة لحل هذه المشكلة:
... أولاً، أسباب الزحام:
... الزحام له أسباب كثيرة أذكر منها ما يلي(3):
1. الجهل بأحكام الشريعة.
... فأذكر أمثلة على سبيل الإجمال لا الحصر: ...
... تجد بعض الحجاج –هداهم الله- قد أعطي قوة بدنية يزاحم الضعفة ويقاتل بالمطاف؛ ظناً منه أن هذا قربة لله - عز وجل - ولو علم نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر - رضي الله عنه - حين قَالَ لَهُ «يَا عُمَرُ إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِىٌّ لاَ تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِىَ الضَّعِيفَ إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ وَإِلاَّ فَاسْتَقْبِلْهُ فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ »(4)؛ لعلم أنه خالف شرع ربه.
__________
(1) - هو الجبل المشرف على الصفا؛ وهو ما بين أجياد الصغير إلى السويداء إلى الخندمة، وكان يسمى في الجاهلية الأمين. أخبار مكة للفاكهي: (4/45).
(2) - مواهب الجليل: (4/105).
(3) - فقه النوازل للجيزاني: (2/364)، الطواف وأهم أحكامه: (ص254).
(4) - سبق تخريجه: (ص191).(1/113)
... ومما يلاحظ؛ أن بعض الطائفين –هداهم الله- يصلي ركعتي الطواف خلف المقام رغم شدة الزحام، بل تجد البعض يعملون سياجاً لرفاقهم حتى يمنع الطواف حول مكان المصلي، ولو علم هذا أن الذي يطوف أحق منه بالمكان وأن الأمر واسع بالنسبة لركعتي الطواف لما آذى عباد الله.
2. تجمع الحجاج بوقت واحد.
... تجد بعض مؤسسات الحجاج –هداهم الله- يتدفقون بالحجاج في وقت واحد نحو البيت دون النظر إلى يسر شرع الله أو التنظيمات الإدارية التي توضع لتفويج الحجيج بأوقات متفاوتة؛ وكل هذا يسبب الزحام بالبيت والاختناق بين الحجيج.
3. مجيء الحجيج من بلدان عديدة و اختلاف طبائعهم ولغاتهم مما يصعب التعامل معهم، وتوجيههم.
... ثانياً، حلول مقترحة لمشكلة الزحام:
1. دعوة الحكومات بِإلزام مؤسسات الحج تعليم الحجاج مناسك الحج، ويعلموا أن سنن الطواف يجوز تركها عند الزحام؛ بل الأفضل تركها إذا كان في ذلك إيذاء لمسلم.
2. على وسائل الإعلام والدعاة عبء عظيم بتعليم الناس شرع الله.
3. توعية الناس و تثقيفهم بآداب الحج ومقاصده، وأن من جاء يتقرب إلى الله بعبادته، لا يعصه بأذية عباده، وترسيخ مبدأ الأخوة التي هي من أهم الأمور الواجب حصولها عند حج بيت الله.
4. التنويع في تفويج الحجاج بأوقات متفاوته.
5. منع أداء ركعتي الطواف داخل المطاف وقت الزحام.
6. منع الطواف الجماعي في أوقات الزحام.
... هذا بعض ما جادت به النفس مشاركة للمصلحين –أسأل الله أن يجعلني منهم- لحل مشكلة الزحام في المطاف والله أعلم.
الخاتمة وأهم النتائج
... وفي ختام هذا البحث -الذي أسأل الله - عز وجل - أن يجعله خاصاً لوجهه الكريم-؛ أسجل أبرز النتائج والفوائد التي توصلت إليها كما يلي:
1. أن طواف الإفاضة ركنٌ لا يصح الحج إلا به.
2. على من ترك طواف الإفاضة العودة من بلده حتى يأتي بهذا الطواف.
3. أن بداية وقت طواف الإفاضة هو من منتصف ليلة النحر.(1/114)
4. أن الوقت المستحب لطواف الإفاضة هو ضحى يوم النحر.
5. أنه لا حد لآخر طواف الإفاضة، وإنما يستحب التعجل بالطواف خروجاً من الخلاف.
6. أنه لا يصح التحلل الأول بالطواف وحده.
7. أن من رمى وحلق وتحلل التحلل الأول، ولم يطف يوم النحر لا يعود محرماً، وأن القول الذي ذكر بعود المتحلل حراماً إذا لم يطف شاذ؛ فلا يعول عليه.
8. أن من أدى أعمال يوم النحر –ومنها الطواف- فقد حل له كل ما حرم عليه بالإحرام.
9. أن الترتيب المستحب لأعمال يوم النحر كما يلي: الرمي ثم النحر ثم الحلق أو التقصير ثم الطواف.
10. أنه يجوز مخالفة ترتيب أعمال يوم النحر؛ لأن الترتيب إنما هو للاستحباب.
11. أنه يجوز جمع طواف القدوم مع طواف الإفاضة.
12. أن القارن يكتفي بطواف واحد لحجه وعمرته.
13. أن طواف الوداع ليس مقصوداً لذاته؛ فمن أخر الإفاضة للوداع سقط عنه الوداع.
14. أن لطواف الإفاضة شروطاً خاصة تختلف عن غيره من الأطوفة وهي كما يلي:
- الوقت؛ فلا يصح طواف الإفاضة قبل وقته المحدد شرعاً؛ وهو كما رجحت يبدأ من منصف ليلة النحر.
- سبقه بعرفة؛ فلا يصح الطواف قبل التعريف.
- النية؛ اشرط بعض الفقهاء أن طواف الإفاضة يشترط له نية خاصة، وترجح لدي أن نية الحج كافية.
15. أن الشروط في الطواف تنقسم إلى قسمين:
... القسم الأول: شروط متفق عليها بين الفقهاء وهي:
- الإسلام.
- النية؛ وترجح لدي أن أصل النية شرطٌ لصحة الطواف، وأن الطواف لا يشترط له نية خاصة.
... القسم الثاني: شروط مختلف فيه بين الفقهاء؛ وهي كما يأتي:
أ . الطهارة، ورجحت أن الطهارة من الحدث الأكبر شرط لصحة الطواف.
ب . الطهارة من الحدث الأصغر؛ وترجح لدي عدم الاشتراط.
ت . طواف الحائض و النفساء؛ وترجح لدي أنه لا يجوز طواف الحائض و النفساء إلا للضرورة.
ث . إزالة النجاسة؛ وترجح لدي اشتراط إزالة النجاسة.
ج . ستر العورة؛ وترجح لدي اشتراط ستر العورة حال الطواف.(1/115)
ح . العقل؛ وترجح لدي صحة الطواف من المجنون وغير المميز.
خ . ومن شروط صحة الطواف: أن يكون الطواف داخل المسجد؛ فلا يصح خارج المسجد بالإجماع.
د . ومنها أن يكون حول البيت؛ وقد ترجح لدي عدم صحة الطواف داخل الحجر، وصحة الطواف على الشاذروان.
ذ . ومن الشروط المتفق عليها بين الجمهور إكمال سبعة أشواط؛ فلا يصح الطواف، ولو أنقص شوطاً واحداً.
ر . ومنها الابتداء من الحجر؛ فلا يصح الطواف ممن ابتدأ من غير الحجر وعليه أن يعيد شوطه.
ز . ومنها الترتيب؛ فلا يصح الطواف المنكس.
س . ومنها الموالاة؛ وترجح لدي أن الموالاة سنة.
ش . ومنها المشي، وترجح لدي صحة طواف الراكب ولو كان لغير عذر، وأن الطواف يقع عن الحامل والمحمول.
16. سنن الطواف؛ وبحثت ست سنن وهي كما يأتي:
أ . الاضطباع والرمل؛ وترجح لدي أنها خاصة بطواف القدوم، وأن الرمل كالاضطباع في الأحكام، وتختلف في أن الرمل يكون في ثلاثة أشواط فقط وأن الاضطباع يكون في الطواف كاملاً.
ب . وترجح لدي أن الرمل يكون في الشوط كاملاً، وإن مشى بين الركنين جاز؛ لأن المسألة واسعة.
ت . وأن النساء ليس عليهن رمل.
ث . ويسن استلام الحجر وتقبيله، ولهذا صور متعددة.
ج . ويسن التكبير عن استلام الحجر الأسود، وعند المرور عليه.
ح . ويسن استلام الركن اليماني، وترجح لدي عدم صحة تقبيله.
خ . ويستحب الدنو من الكعبة، وإن تعارض الدنو والرمل؛ فالرمل أولى.
د . ويسن الإكثار من ذكر الله في الطواف، وليس للطواف ذكر محدد.
ذ . يستحب قراءة القرآن حال الطواف، ولا دليل لمن أنكرها.
ر . وترجح لدي أن ركعتي الطواف سنة مؤكدة، ولا دليل لمن قال بوجوبها.
ز . وأن ركعتي الطواف ليس لها مكان محدد، والأفضل أن تصلى خلف المقام.
17. في المكروهات، وبحثت أربعة مسائل وهي كما يأتي:
أ . يكره الإكثار من الكلام حال الطواف.
ب . يكره الأكل والشرب حال الطواف.
ت . يكره السجود على الحجر الأسود.(1/116)
ث . يكره استلام الركنين اللذين يليان الحجر.
ج . تكره المزاحمة ومضايقة الناس.
18. ثم تكلمت عن أحكام عامة وهي كما يأتي:
أ . أن ما حصل من توسيع للمطاف إنما هو امتداد لما كان من توسعة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده ومن تبعهم.
ب . أن الشك في الطواف قسمان؛ شك في الطهارة وشك في عدد الأشواط، وذكرت حالته، وأن الأصل أن يبني على اليقين، فإن لم يتيسر، بنى على الأقل.
ت . ثم ذكرت بعض الأسباب المؤدية للزحام من وجهة نظر الباحث وبعض الحلول المقترحة.
... والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قائمة المراجع
(1). الإتحاف في فضل الطواف: محمد البكري الصديقي ويعرف بابن علان (ت:1057هـ)، ط1، دار الوطن. ت: عمر المقبل.
(2). الإجماع لابن عبد البر: جمع: فؤاد الشلهوب وصاحبه (معاصرون)، ط1، دار القاسم.
(3). أحكام القرآن: لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي (ت: 543هـ)، ط1، دار الكتاب العربي. ت: عبد الرزاق المهدي.
(4). أخبار مكة: محمد بن إسحاق الفاكهي (ت: 272هـ)، ط1، مكتبة النهضة. ت: عبد الملك بن دهيش.
(5). إرواء الغليل: محمد بن ناصر الدين الألباني (ت: 1420هـ)، ط2، مؤسسة الرسالة.
(6). الاستذكار: يوسف بن عبد الله ابن عبدالبر (ت463هـ)، ط1، مؤسسة الرسالة. ت: عبدالمعطي قلعجي.
(7). الإصابة في تمييز الصحابة: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ)، ط1، دار الجيل. ت: علي البجاوي.
(8). أضواء البيان: محمد الأمين بن محمد الشنقيطي (ت:1393هـ)، ط1، دار عالم الفوائد. ت: علي العمران.
(9). أعلام الموقعين: محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)، ط1، دار الكتاب العربي. ت: محمد البغدادي.
(10). الإعلام بفوائد الأحكام: عمر بن علي الشافعي المعروف بابن الملقن (ت:804هـ)، ط1، دار العاصمة. ت: عبد العزيز المشيقح.
((1/117)
11). إكمال المعلم: القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت: 544هـ)، ط1، دار الوفاء. ت: يحيى إسماعيل.
(12). الأم: الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت: 204هـ)، ط1-مضغوطة-، بيت الأفكار.
(13). الإنصاف: علي بن سليمان المرداوي (ت: 889هـ)، ط1، دار عالم الكتب. ت: د. عبد الله التركي.
(14). أنواع الطواف: عبد الله بن إبراهيم الزاحم (معاصر)، مجلة البحوث الإسلامية، ع50.
(15). الإيضاح: يحيى بن شرف النووي الشافعي (ت: 676هـ)، ط5، دار البشائر. تحقيق وشرح: عبد الفتاح المكي.
(16). بدائع الصنائع: علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي (ت:587هـ)، ط2، دار الكتاب العربي.
(17). بدائع الفوائد: شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية (ت:751هـ)، ط1، دار عالم الفوائد.
(18). بداية المجتهد: محمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي (ت: 595هـ)، ط2، دار الهدى.
(19). البدر التمام: حسين بن محمد المغربي (ت: 1119هـ)، ط1، دار الوفاء. ت: محمد خرفان.
(20). البدر الطالع: محمد بن علي الشوكاني (ت: 1250هـ)، ط1، دار المعرفة بيروت.
(21). البدر المنير: عمر بن علي الشافعي المعروف بابن الملقن (ت:804هـ)، ط1، دار الهجرة. ت: مصطفى أبو الغيط وآخرون.
(22). تحفة الأحوذي: محمد بن عبد الرحمن المباركفوي (ت: 1353هـ)، الكتب العلمية.
(23). تحفة اللبيب: محمد بن علي المنفلوطي الشافعي المعروف بابن دقيق العيد (ت: 702هـ)، ط1، دار أطلس. ت: صبري شاهين.
(24). تسهيل المسالك: مبارك بن علي التميمي المالكي (ت: 1230هـ)، ط2، دار ابن حزم. ت: عبد الحميد المبارك.
(25). تفسير الجلالين: جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (ت: 864هـ) وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت: 911هـ)، ط مؤسسة النور بحاشية المصحف.
(26). تفسير غريب القرآن: محمد بن أبي بكر الرازي (ت:666هـ)، ط1، 1997م. ت: حسين ألمالي.
((1/118)
27). تقريب التهذيب: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852هـ)، ط4، دار الرشيد. ت: محمد عوامة.
(28). التمهيد لما في الموطأ من أسانيد: يوسف بن عبد الله ابن عبدالبر (ت463هـ)، ط1، دار الأنبار. ت: ياسر إبراهيم.
(29). تنقيح تحقيق أحاديث التعليق: محمد بن أحمد بن عبد الهادي (ت: 744هـ)، ط1، دار الباز. ت: أيمن شعبان.
(30). تهذيب الكمال في أسماء الرجال: جمال الدين يوسف المزي، ط1، 1418هـ، مؤسسة الرسالة. ت: د. بشار عواد معروف.
(31). التهذيب في اختصار المدونة: أبي سعيد البراذعي (معاصر)، ط1، دار البحوث للدراسات الإسلامية. ت: محمد الأمين.
(32). توضيح الأحكام: عبد الله بن عبد الرحمن البسام (ت: 1423هـ)، ط3، مكتبة النهضة.
(33). تيسير الوصول إلى علم الأصول: عبد الرحيم يعقوب (معاصر) ، ط1، العبيكان.
(34). جامع البيان في تأويل آي القرآن: الإمام محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ)، ط2، دار الكتب العلمية.
(35). الجامع الكبير: الإمام محمد بن عيسى الترمذي (ت: 279هـ)، ط2، دار الغرب الإسلامي. ت: بشار عواد.
(36). الجامع لأحكام القران: محمد بن أحمد القرطبي (ت: 671هـ)، دار إحياء التراث. ت: هشام بخاري.
(37). حاشية ابن باز على بلوغ المرام: عبد العزيز بن عبد الله بن باز (ت: 1420هـ)، عناية: عبد العزيز القاسم، ط2، دار الأمتياز.
(38). حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: محمد بن أحمد الدسوقي المالكي (ت: 1230هـ)، ط2، دار الكتب العلمية. ت: محمد شاهين.
(39). حاشية السنن (بحاشية عون المعبود): شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية (ت:751هـ)، ط1، دار الكتب العلمية.
(40). حاشية اللّبدي على نيل المآرب: عبد الغني بن يس اللّبدي (ت:1319هـ)، ط1، دار البشائر. ت: محمد الأشقر.
(41). الحاوي الكبير: علي بن محمد الماوردي الشافعي (ت: 450هـ)، ط1414هـ، دار الفكر، ت: محمود مطرجي.
((1/119)
42). حجة الوداع: أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت: 774هـ)، ط1، دار الوطن. ت: خالد أبو صالح.
(43). حجة الوداع: أبي محمد علي بن أحمد بن حزم (ت: 456هـ)، ط1، بيت الأفكار. ت: أبو صهيب الكرمي.
(44). حواشي الشرواني وابن قاسم العبادي: عبد الحميد الشرواني الداغستاني (ت: 1301هـ) وأحمد بن قاسم العبادي (ت:994هـ)، ضبط: محمد الخالدي، ط1، دار الكتب العلمية.
(45). الحيض والنفاس: دبيان الدبيان (معاصر)، ط1، دار طيبة.
(46). خالص الجمان: سعود بن إبراهيم الشريم (معاصر)، ط دار الوطن.
دراسة حديثية لحديث أم سلمة: محمد الكثيري (معاصر)، ط1، دار المحدث.
(47). دليل المصطلحات الفقهية:محمد القدوري (معاصر)،ط1421هـ، منشورات المنظمة الإسلامية للتربيةوالعلوم.
(48). رد المحتار: محمد بن أمين المعروف بابن عابدين الحنفي (ت:1252هـ)، ط1، دار الكتب العلمية. ت: عادل عبد الموجود وصاحبه.
(49). الروض المربع: منصور بن يونس البهوتي الحنبلي (ت: 1052هـ)، تحقيق وتعليق: د. عبد الله الطيار –وآخرون-، ط1، دار الوطن.
(50). الروضة الندية: صديق بن حسن خان القنوجي (ت: 1307هـ)، ط4، مكتبة الكوثر. ت: محمد حلاق.
(51). زاد المسير: عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت: 597هـ)، ط4، المكتب الإسلامي.
(52). زاد المعاد في هدي خير العباد: شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية (ت:751هـ)، ط2، مؤسسة الرسالة. ت: شعيب الأرناؤوط.
(53). سبل السلام: الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني (ت:1182هـ)، ط1، دار العاصمة. ت: طارق عوض الله.
(54). السلسلة الصحيحة: محمد بن ناصر الدين الألباني (ت: 1420هـ)، مكتبة المعارف.
(55). السلسلة الضعيفة: محمد بن ناصر الدين الألباني (ت: 1420هـ)، مكتبة المعارف.
(56). سنن ابن ماجة: الإمام محمد بن يزيد بن ماجة (ت: 273هـ)، ط1، دار الجيل. ت: د.بشار عواد.
((1/120)
57). سنن أبي داود: الإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت: 275هـ)، ط1، دار السلام.
(58). سنن الدارقطني: الإمام علي بن عمر الدار قطني (ت: 385هـ)، ط1، دار الكتب العلمية. ت: مجدي الشورى.
(59). السنن الكبرى: الإمام أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458هـ)، ط1، دار الكتب العلمية. ت: محمد عطا.
(60). سنن النسائي: الإمامأحمد بن شعيب النسائي (ت: 303هـ)، ط1، دار السلام.
(61). السيل الجرار: محمد بن علي الشوكاني (ت: 1250هـ)، ط1، دار الكتب العلمية.
(62). شرح البخاري: الإمام علي بن خلف بن بطال (ت: 449هـ)، ط1، دار الرشد. ت: ياسر إبراهيم.
(63). شرح الزرقاني: محمد بن عبد الباقي الزرقاني المالكي (ت: 1122هـ)، دار الكتب العلمية.
(64). شرح العمدة: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (ت: 728هـ)، ط1، مكتبة العبيكان. ت: سعود العطيشان.
(65). الشرح الكبير: عبد الرحمن بن محمد بن قدامة (ت: 682هـ)، ط 1، عالم الكتب. ت: د. عبد الله التركي.
(66). شرح الكوكب المنير: ابن النجار الفتوحي الحنبلي (ت:695هـ)، ط1418هـ، مكتبة العبيكان. ت: محمد الزحيلي ونزيه أحمد.
(67). الشرح الممتع: محمد بن صالح بن عثيمين (ت:1421هـ)، ط1، مؤسسة آسام. ت: المشيقح وأبا الخيل.
(68). شرح حديث جابر - رضي الله عنهم - : محمد بن صالح بن عثيمين (ت:1421هـ)، ط1، دار المحدث.
(69). شرح منتهى الإرادات: منصور بن يونس البهوتي الحنبلي (ت: 1052هـ)، ط1، مكتبة نزار الباز.
(70). صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان: علي بن بلبان الفارسي (ت: 739هـ)، ط3، مؤسسة الرسالة.
(71). صحيح ابن خزيمة: الإمام ابي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة (ت: 311هـ)، ط2. ت: محمد الأعظمي.
(72). صحيح البخاري: الإمام محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256هـ)، ط1، بيت الأفكار.
(73). صحيح مسلم: الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت: 261هـ)، ط1، بيت الأفكار. ت: أبو صهيب الكرمي.
((1/121)
74). صفوة الآثار والمفاهيم: عبد الرحمن بن محمد الدوسري (ت: 1399هـ)، ط1، دار المغني.
(75). ضعيف الجامع الصغير: محمد بن ناصر الدين الألباني (ت: 1420هـ)، ط3، المكتب الإسلامي.
(76). طبقات الحفاظ: عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت:911هـ)، ط1، دار الكتب العلمية.
(77). طبقات الحنابلة: محمد بن أبي يعلى البغدادي الحنبلي (ت:526هـ)، ط 1419هـ. ت: عبدالرحمن العثيمين.
(78). طبقات الحنفية: عبد القادر بن أبي الوفاء محمد بن أبي الوفاء القرشي (ت: 775هـ)، ط مير محمد كتب خانة، كراتشي.
(79). طرح التثريب: الإمام أحمد بن عبد الرحيم العراقي (ت: 826هـ)، مكتبة ابن تيمية.
(80). طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية: عمر بن محمد النسفي (ت:537)، ط1، دار النفائس. ت: خالد العك.
(81). عجائب الآثار: عبد الرحمن بن حسن الجبرتي (ت:1240هـ)، ط1، دار الجيل.
(82). العدة حاشية العمدة: الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني (ت:1182هـ)، ط1، دار الكتب العلمية. ت: عادل عبد الموجود وعلي معوض.
(83). العلامة الشرعية لبداية الطواف: بكر بن عبد الله أبو زيد (معاصر)، ط1، دار العاصمة.
(84). علماء الحنابلة: بكر بن عبد الله أبو زيد (معاصر)، ط1، دار ابن الجوزي.
(85). عون المعبود: محمد شمس الحق العظيم أبادي (ت:1329هـ)، ط1، دار الكتب العليمة.
(86). غريب الحديث: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت:597هـ)، ط1، دار الكت العلمية. ـ: عبد المعطي قلعجي.
(87). فتاوى ابن إبراهيم: محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ت: 1389هـ)، جمع: محمد بن قاسم، ط1، مطابع الحكومة.
(88). فتح الباري: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ)، ط1، دار طيبة. ت: نظر الفريابي.
(89). الفقه الإسلامي وأدلته: وهبة الزحيلي (معاصر)، ط3، دار الفكر.
(90). فقه النوازل: محمد بن حسين الجيزاني (معاصر)، ط1، دار ابن الجوزي.
((1/122)
91). فيض القدير: شمس الدين محمد المعروف بعبد الرؤوف المناوي (ت: 1021هـ)، ط1، مكتبة نزار الباز. ت: حمدي الدمرداش.
(92). القاموس الجامع للمصطلحات الفقهية، عبدالله الغديري (معاصر)، ط1، دار المحجة.
(93). القوانين الفقهية: أبوالقاسم محمد بن أحمد بن جزي المالكي (ت:741هـ)، دار الفكر.
(94). الكافي في فقه الإمام أحمد: أبي محمد عبد الله بن قدامة الحنبلي (ت:620هـ)، ط2، مؤسسة الرسالة. ت: د.عبد الله التركي.
(95). لباب المناسك: رحمة الله بن عبد الله السندي الحنفي (ت: 993هـ)، ط2، درا قرطبة. ت: عبد الرحيم أبو بكر.
(96). لسان العرب: جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور (ت:711هـ)، ط1، دار صادر.
(97). المبتدأ والخبر لعلماء في القرن الرابع عشر: إبراهيم السيف (معاصر)، ط1، دار العاصمة.
(98). المبدع شرح المقنع: إبراهيم بن محمد بن مفلح الحنبلي (ت:884هـ)، المكتب الإسلامي.
(99). مجمع الزوائد: الإمام علي بن أبي بكر الهيثمي (ت: 807هـ)،ط1414هـ، دار الفكر. ت: عبد الله درويش.
(100). مجموع الفتاوى: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (ت: 728هـ)، دار القاسم. ت: عبد الرحمن بن قاسم.
(101). المجموع شرح المهذب: يحيى بن شرف الدين النووي الشافعي (ت: 676هـ)، ط1، إحياء التراث. ت: محمد المطيعي.
(102). مجموع فتاوى وبحوث: عبد الله بن سليمان بن منيع (معاصر)، ط1، دار العاصمة.
(103). مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين: محمد بن صالح بن عثيمين (ت:1421هـ)، جمع فهد السليمان، دار الثريا.
(104). محاسن التأويل: محمد بن جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ)، ط1، دار الكتب العلمية. ت: محمد باسل.
(105). المحرر في الفقه: مجد الدين أبي البركات بن تيمية (ت:652 هـ)، ط2، مكتبة المعارف.
(106). المحلى: أبي محمد علي بن أحمد بن حزم (ت: 456هـ)، دار إحياء التراث.
(107). المختصر المفيد في أحكام الحج والعمرة: د.عبدالعزيز عمر الخطيب، ط1، دار عمار.
((1/123)
108). المدخل إلى فقه الإمام أحمد: عبد القادر بن بدران الدمشقي الحنبلي (ت:1346هـ)، جامعة الإمام محمد بن سعود. ت: التركي.
(109). المدونة الكبرى: الإمام مالك(ت: 179هـ)، دار الكتب العلمية.
(110). مذكرة أصول الفقه: محمد الأمين بن محمد الشنقيطي (ت:1393هـ)، ط1، دار عالم الفوائد.
(111). مراتب الإجماع: أبي محمد علي بن أحمد بن حزم (ت: 456هـ)، ط1، دار ابن حزم. ت: حسن إسبر.
(112). مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ: ط1، المكتب الإسلامي. ت: زهير الشاويش.
(113). مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله: ط3، المكتب الإسلامي. ت: زهير الشاويش.
(114). مسائل الإمام أحمد برواية داود: ط1، مكتبة ابن تيمية. ت: طارق عوض الله.
(115). المسائل المشكلة من مناسك الحج والعمرة: د. إبراهيم الصبيحي (معاصر)، ط1.
(116). المسالك في المناسك: أبي منصور محمد بن مكرم الكرماني (ت:975هـ)، ط1، دار البشائر. ت: سعود الشريم.
(117). المستدرك: الإمام محمد بن عبد الله الحاكم (ت: 405هـ)، ط1، دار الكتب العلمية. ت: مصطفى عطا.
(118). المسند: أحمد بن حنبل (ت:241هـ)، ط1، مؤسسة الرسالة. ت: شعيب الأرنؤوط ورفاقه.
(119). مشكاة المصابيح: الإمام محمد بن عبد الله التبريزي (ت: 737هـ)، ط3، المكتب الإسلامي. ت: الإمام الألباني.
(120). المطلع على أبواب المقنع: شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي الحنبلي (ت: 709هـ)، ط1401هـ، المكتب الإسلامي. ت: محمد بن بشير.
(121). معالم التنزيل: الإمام الحسين بن مسعود البغوي (ت:516هـ)، ط4، دار طيبة، ت: محمد النمر وآخرون.
(122). معالم السنن: حمد بن محمد الخطابي (ت:388هـ)، ط1406هـ، الكتب العلمية. ت: عبد السلام عبد الشافي.
(123). المعجم الوسيط: إبراهيم مصطفى وآخرون (معاصرون)، ط2، المكتبة الإسلامية.
(124). معونة أولي النهى: ابن النجار الفتوحي الحنبلي (ت:695هـ)، ط3، دار النهضة. ت: عبد الملك بن دهيش.
((1/124)
125). مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: محمد بن الخطيب الشربيني (ت:977هـ)، ط1، دار المعرفة.
(126). المغني: أبي محمد عبد الله بن قدامة الحنبلي (ت:620هـ)، ط1، عالم الكتب. ت: د.عبد الله التركي.
(127). مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني (ت:425هـ)، ط2،دار القلم. ت: صفوان داوودي.
(128). المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم: أحمد بن عمر القرطبي (ت:656هـ)، ط1، دار الكلم الطيب. ت: محيي الدين ديب مستو وآخرون.
(129). مفيد الأنام ونور الظلام في تحبير الأحكام: عبد الرحمن بن جاسر التميمي الحنبلي (ت:1401هـ)، ط3.
(130). منار السبيل: إبراهيم بن محمد بن ضويان الحنبلي (ت:1353هـ)، ط1، 1421هـ، المكتب الإسلامي. ت: زهير الشاويش.
(131). منسك الإمام الشنقيطي: جمع د. عبد الله الطيار و د. عبد العزيز الحجيلان،ط1، دار الوطن.
(132). منسك الحج والعمرة: محمد بن ناصر الدين الألباني (ت: 1420هـ)، ط1،1420هـ، مكتبة المعارف.
(133). منهج السالك إلى بيت الله المبجل في أعمال المناسك على مذهب الإمام أحمد: محمد البيومي المشهور بأبي عياشة الدمنهوري (ت:1308هـ)، ط1، دار بلنسية. ت: صالح السدلان.
(134). المهذب في أصول الفقه: عبد الكريم النملة (معاصر)، ط1، دار العاصمة.
(135). مواهب الجليل لشح مختصر خليل: محمد بن عبد الرحمن المغربي المعروف بالحطاب (ت:954هـ)، ط1، دار الكتب العلمية. ت: زكريا عميرات.
(136). الموسوعة الفقهية الكويتية: عمل وزارة الشئون الإسلامية في دولة الكويت.
(137). الموطأ: الإمام مالك(ت: 179هـ)، ط3، مؤسسة الرسالة. ت: بشار عواد ومحمود خليل.
(138). ميزان الاعتدال في نقد الرجال: الإمام محمد بن أحمد الذهبي (ت:748هـ)، دار المعرفة. ت: علي محمد البجاوي.
(139). نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية: عبد الله بن يوسف الزيلعي (ت: 762هـ)، ط1، دار الكتب العلمية. ت: أحمد شمس الدين.
((1/125)
140). نظرات في كتاب حجة النبي: سعيد باشنفر (معاصر)، ط1، 1424هـ.
(141). النهاية في غريب الحديث والأثر: المبارك بن محمد بن الأثير (ت:606هـ)، ط1، دار الكتب العلمية. ت: صلاح عويضة.
(142). نيل الأوطار: محمد بن علي الشوكاني (ت: 1250هـ)، ط1، دار ابن القيم. ت: طارق عوض الله.
(143). نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب: عبد الله بن عبد الرحمن البسام (ت: 1423هـ)، ط2، مكتبة النهضة.
(144). هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك: عبد العزيز بن محمد بن جماعة الشافعي (ت:767هـ)، ط1، دار ابن الجوزي. ت: صالح الخزيم –رحمه الله-.
(145). الهداية شرح بداية المبتدئ (بحاشية نصب الراية): علي بن أبي بكر المرغياني (ت: 593هـ)، ط1، دار الكتب العلمية.
(146). هدي الساري مقدمة فتح الباري: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ)، ط1، دار طيبة. ت: نظر الفريابي.
(147). الوجيز في أصول الفقه: عبد الكريم زيدان (معاصر)، ط6، مؤسسة الرسالة.
(148). وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: أحمد بن محمد بن خلكان (ت: 681هـ)، ط1، دار المعرفة. ت: إحسان عباس.
الملاحق
فهرس الآيات
الآية ... السورة ... الصفحة
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ ... [البقرة125] ... 6،35،177
179
فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ... [البقرة158] ... 25
وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ... [البقرة196] ... 71
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ... [البقرة197] ... 49
وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ... [البقرة201] ... 173،174
لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا ... [البقرة286] ... 105
تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ... [المائدة83] ... 27(1/126)
يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ ... [الأعراف31] ... 111
وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء ... [الأعراف50] ... 28
وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ... [الأنفال26] ... 152
وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ... [الفرقان23] ... 84
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ... [الأحزاب21] ... 72،190
وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ ... [الحج26] ... 108
وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ... [الحج27] ... 6
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ... [الحج29] ... 6،30،37،
77،94،
116،120
127،130
هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ... [الأحقاف8] ... 28
فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ... [القلم19] ... 25
فهرس الأحاديث والآثار
متن الأحاديث والآثار ... الصفحة
أُبَيْنِىَّ لاَ تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ... 42
أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - الزيارة إلى الليل. ... 29
إِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ كُلُّ شَىْءٍ إِلاَّ النِّسَاءَ ... 55
أُرَانِى اللَّيْلَةَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً آدَمَ ... 140
أَرْسَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ ... 44
استمتعوا من هذا البيت ... 32
أُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِى حَجًّا ... 72
أفاض النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر ... 40
افعل وَلاَ حَرَجَ ... 40
أَلاَ لاَ يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ... 112(1/127)
أَمَرَنَا – تَعْنِى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نُخْرِجَ فِى الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ... 100
أَمرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ ... 30
إن الله تعالى ينزل على أهل هذا المسجد ... 32
أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ إِلَى اللَّيْلِ ... 52
أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَرْمُلْ فِى السَّبْعِ الَّذِى أَفَاضَ فِيهِ ... 155
أَنَّ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ تَوَضَّأَ ، ثُمَّ طَافَ ... 96
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استلم الحجر فقبله ... 169
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ مَكَّةَ وَهُوَ يَشْتَكِى فَطَافَ ... 139
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ... 162
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنَ الْجِعْرَانَةِ ... 148
إِنَّ قَوْمَكِ قَصَّرَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ ... 121
إِنَّ مَسْحَهُمَا كَفَّارَةٌ لِلْخَطَايَا ... 28
إِنَّ هَذَا شَىْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ ... 91
إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّو ... 56
إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ... 80
إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا ... 34
أَنَّهُ لَقِىَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِهِ يُقَالُ لَهُ الْمُجَبَّرُ ... 64
إِنِّى أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ ... 34
أَيُّمَا أَعْرَابِىٍّ حَجَّ ، ثُمَّ هَاجَرَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى ... 84
بِأَرْبَعٍ؛ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ... 112
بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ... 170(1/128)
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ... 172
ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}. ... 187
حابستنا هي ... 38
حُجَّ بِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ ... 115
الحجر من البيت ... 122
خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ... 177
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ ... 163
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ هَكَذَا فَفَعَلْتُ ... 186
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ ... 161
رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلاَثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ... 157
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ... 173
صَلِّى فِى الْحِجْرِ إِذَا أَرَدْتِ دُخُولَ الْبَيْتِ فَإِنَّمَا هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْبَيْتِ ... 121
طَافَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَبِعًا بِبُرْدٍ أَخْضَرَ ... 148
طَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْبَيْتِ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى رَاحِلَتِهِ ... 139
طُفْتُ خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَما سَمِعْتُ وَاحِدًا مِنْهُمَا مُتَكَلِّمًا ... 183
الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ فَأَقِلُّوا مِنَ الْكَلاَمِ ... 95
عَلَىَّ بِذَنُوبٍ مِنْ زَمْزَمَ ... 134
فأفاض يوم النحر إلى البيت فصلى بمكة الظهر ... 51
فأفضنا يوم النحر ... 51
فِيمَ الرَّمَلاَنُ الْيَوْمَ وَالْكَشْفُ عَنِ الْمَنَاكِبِ وَقَدْ أَطَّأَ اللَّهُ الإِسْلاَمَ ... 149
القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين ... 71
قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ ... 153
قُدْهُ بِيَدِهِ ... 182(1/129)
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الْيَمَانِىَ قَبَّلَهُ ... 168
كَانَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَسْتَلِمُ إِلاَّ الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِىَ. ... 168
كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِىَ عُرْيَانَةٌ ... 111
لاَ آجَرَكِ اللَّهُ لاَ آجَرَكِ اللَّهُ تُدَافِعِينَ الرِّجَالَ أَلاَ كَبَّرْتِ وَمَرَرْتِ ... 192
لتأخذوا مناسككم ... 42
لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ ... 168
لَيْسَ شَىْءٌ مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُورًا ... 189
لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ سَعْىٌ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ... 159
مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ ... 162
من أتى البيت فليحيِّه بالطواف ... 69
مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ... 132
مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ ... 72
مَنْ رَمَى الْجَمْرَةَ ثُمَّ حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَنَحَرَ هَدْيًا ... 58
مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ خَمْسِينَ مَرَّةً ... 31
مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَلاَ يَتَكَلَّمُ ... 32
مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أُسْبُوعًا ... 31
مَنْ قَدَّمَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ أَخَّرَهُ فَلاَ شَىْءَ عَلَيْهِ ... 49
من قدم من نسكه شيئاً أو أخره فليهرق دماً ... 49
نَزَلَ الْحَجَرُ الأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ ... 33
نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ ... 115
هَلْ أَفَضْتَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ... 56
وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا ... 73
يَا بُنَىَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ ... 45
يَا عُمَرُ إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِىٌّ لاَ تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِىَ الضَّعِيفَ ... 191
يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ لَيْسَ عَلَيْكُنَّ رَمَلٌ بِالْبَيْتِ لَكُنَّ فِينَا أُسْوَةٌ ... 159(1/130)
يَسَعُكِ طَوَافُكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ ... 72
فهرس الأعلام
اسم المترجم له ... الصفحة
ابن جاسر ... 184
ابن دقيق العيد ... 38
ابن رشد القرطبي ... 38
أبي الطفيل ... 163
أسلم العدوي ... 151
أم عطية ... 100
أم منبوذ بن أبي سليمان ... 191
الحسين المغربي ... 52
الخرقي ... 59
الدردير ... 58
الزبير بن عربي ... 161
زياد بن مالك ... 71
زيد بن أثيع ... 112
السائب بن يزيد ... 115
صفية بنت حيي ... 103
عبد الله بن السائب ... 164
عبيد بن عمير ... 31
عروة بن المضرس ... 68
عطاء بن أبي رباح ... 183
عطاء بن السائب ... 95
الكاساني ... 37
كريب ... 115
الماوردي ... 137
منصور البهوتي ... 38
نافع ... 162
وهب بن زمعة ... 56
يحيى بن شرف النووي ... 37
يحيى بن يمان ... 134
يعلى بن أمية ... 148
فهرس المصطلحات والكلمات الغريبة
الكلمة أو المصطلح ... الصفحة
التحلل ... 54
ذوات الخدور ... 100
عواتق ... 100
الشاذروان ... 123
الذنوب ... 134
المحجن ... 163
يشتكي ... 139
غشوه ... 140
لمة ... 140
آدم ... 140
رَجَلها ... 140
جعد قطط ... 141
عنبة طافية ... 141
الاضطباع ... 147
البرد ... 148
الجعرانة ... 148
حمرات ... 42
يلطح ... 42
أغيلمة ... 42
ظعن ... 45
أطأ ... 149
الرملان ... 149
يتخطفكم ... 152
آواكم ... 152
وهنتهم ... 153
الإبقاء ... 153
السعي ... 159
ذي طوى ... 180
جبل أبي قبيس ... 196(1/131)