أحكام السجين
في
الطهارة والعبادات
دراسة فقهية مقارنة
راوية بنت أحمد عبد الكريم الظهار
أستاذ الفقه المشارك بقسم الدراسات الإسلامية
كلية التربية والدراسات الإسلامية ـ جامعة طيبة بالمدينة المنورة
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد ,,,
فالسجين وإن كان في أغلب أحواله جانياً يستحق العقوبة إلا أن له حقوقاً يجب أن تراعى , وهذه الحقوق مستمدة من القواعد العامة للشريعة الإسلامية التي تحث على العدل والإحسان وإن كان الشخص جانياً .
فالله سبحانه وتعالى يقول : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ؤ!$tGƒخ)ur ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ حچx6YكJّ9$#ur وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ ڑcrمچھ.xs? } (1) .
وهذا الأمر عام يشمل السجين وغيره .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتل وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " (2) رواه مسلم .
فالعقوبة في الإسلام فرضت حفاظاً على المصالح والقواعد التي جاءت الشريعة لحمايتها , شرعها الله رحمة بعباده فهي صادرة عن رحمة بالناس وإحسان إليهم مراعية في ذلك إصلاح الفرد المنحرف والعمل على تقويمه وترشيده وتوجيهه إلى طريق العيش الكريم , فلا إسراف في العقاب ولا تعذيب (3) .
وللسجين حقوق عامة منها حقه في آداء الشعائر الدينية .
فلا يمنع السجين من أداء شعائره الدينية من صلاة وصوم وزكاة , ويهيأ له ما يعينه على أداء العبادة من مكان نظيف وماء للوضوء والغسل وتحديد القبلة وغيرها , وأن يفك قيده عند الصلاة حتى يتمكن من أدائها .
__________
(1) النحل 90 .
(2) صحيح مسلم , كتاب الصيد , باب الأمر بالإحسان الذبح وتحديد الشفرة 3/1548 .
(3) السجن وموجباته 2/955 .(1/1)
ويخبر بدخول وقت رمضان وخروجه , وبوقت الإمساك والفطر , حتى يتسنى له الصيام والفطر على الوجه
المشروع (1) .
وقد كتب عمر بن عبد العزيز لولاته : " لا تدعن في سجونكم أحداً من المسلمين في وثاق لا يستطيع أن يصلي قائماً " (2) .
وقال الماوردي في المصلوب : " ولا يمنع من الوضوء للصلاة " (3) .
وقال في الفروع : " و يتوجه لا يمنع من صلاة " (4) .
وفي بعض الأحيان يُهضم السجين حقوقه , وتهدر كرامته , ويجرد من إنسانيته إذا كان الحاكم ظالماً لا يطبق شرع الله , أو إذا أسر المسلم عند عدو لا يراعي حرمة للحقوق الدولية .
وهذا بحث في بعض أحكام السجين في الطهارة والعبادات بدأته بهذا التقديم ثم قسمته إلى أربعة فصول , كل فصل يحتوي على عدد من مباحث ثم أنهيته بخاتمة بينت فيها ما توصلت إليه من نتائج . والله المستعان وعليه التكلان .
الفصل الأول : أحكام السجين في الطهارة .
المبحث الأول
معنى السجين
معنى السجين :
يقال سجنه سجناً حبسه فهو مسجون وسجين , ورجل سجين ومسجون , وكذلك الأنثى بغير هاء , والجمع سجناء, وسَجْنَى , وقال اللحياني : إمرأة سجين وسجينة أي مسجونة من نسوة سجنى وسجائن (5) .
والحبس ضد التخلية , يقال حبست الرجل إذا سجنته (6) .
وتطلق كلمة سجين على كل من أدخل السجن لارتكابه فعلاً يتضمن ضرراً ويعاقب عليه الشرع بعقوبة مقدرة أو غير مقدرة , أو المدين الذي حبس لعدم وفائه للدين وما شابه ذلك .
__________
(1) حقوق الإنسان 318 .
(2) كتاب الخراج 162 .
(3) الأحكام السلطانية 293 .
(4) الفروع 6/108 , الإنصاف 10/248 .
(5) سجن - لسان العرب 13/203 , المعجم الوسيط 1/418 .
(6) حبس - لسان العرب 6/44 , المطلع على أبواب المق(1/2)
وتطلق كذلك على الأسير , وقال مجاهد في تفسيره لقوله تعالى : تفسيره لقوله تعالى : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا #¶ژچإ™r&ur } (1) الأسير : السجين المسلم (2) .
المبحث الثاني
إن حبس السجين ومنع عنه الماء
الطهارة شرط من شروط الصلاة وهو آكدها , فلا تصح الصلاة بدونها .
والطهارة من الحدث الأكبر تكون بالغسل , ومن الحدث الأصغر بالوضوء , ومن شرطها استعمال الماء الطهور .
فإن عدم الماء أو عجز عن استعماله جاز له التيمم لقوله تعالى : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } (3) .
1- فإن حبس الإنسان ومنع عنه الماء فهل يجوز له التيمم ؟
اختلف العلماء في ذلك إلى قولين :
القول الأول : لا يجوز له التيمم ولا يصلي .
وهو قول أبي حنيفة وزفر (4) , وقول للشافعية قال عنه النووي إنه ليس بشيء (5) . ورواية عن أحمد (6) .
القول الثاني : يجب عليه التيمم والصلاة .
وهو قول أبي يوسف ومحمد من الحنفية , وقيل رجع أبو حنيفة عن قوله الأول إلى هذه الراوية (7) وقول مالك (8) , والشافعية (9) , ورواية مشهورة عن أحمد (10) .
الأدلة :
استدل أصحاب القول الأول بالكتاب والعقل :
أ) الكتاب :
قوله تعالى : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ } (11) .
وجه الدلالة :
__________
(1) الإنسان 8 .
(2) النكت والعيون 6/166 .
(3) النساء 43 , المائدة 6 .
(4) المبسوط 1/123 , بدائع الصنائع 1/50 .
(5) المجموع 2/303 .
(6) المبدع 1/231 , شرح الزركشي 1/326 .
(7) المبسوط 1/123 , بدائع الصنائع 1/50 .
(8) المنتقى 1/112 .
(9) الحاوي 2/1062 , المجموع 2/303 .
(10) المبدع 1/231 , شرح الزركشي 1/326 .
(11) النساء 43 , المائدة 6 .(1/3)
إن الله تعالى جعل التيمم رخصة للمريض والمسافر كالفطر وقصر الصلاة , ولم يبح التيمم إلا بشرطين وهما المرض والسفر , وهذا ليس بمريض ولا مسافر (1) .
ب) العقل :
1- إن السجين ليس بعادم للماء حقيقة وحكماً , أما الحقيقة فظاهرة , وأما الحكم , فلأن الحبس إن كان بحق فهو قادر على إزالته بإيصال الحق إلى المستحق , وإن كان بغير حق فالظلم لا يدوم في دار الإسلام بل يرفع فلا يتحقق العجز فلا يكون التراب طهوراً في حقه (2) 0) .
2- إن عدم الماء في المصر غير معتبر شرعاً حتى إنه لا يسقط عنه الفرض بالتيمم ويلزمه الإعادة , فلم يكن التيمم طهوراً له , ولا صلاة إلا بطهور (3) 1) .
3- إنه تيمم لا يسقط به الفرض فوجب أن لا يلزمه كالتيمم بالتراب النجس (4) 2) .
4- إنها صلاة لا يؤدي بها الفرض فلم يلزم فعلها كصلاة الحائض (5) .
واستدل أصحاب القول الثاني بالكتاب والسنة
أ) الكتاب :
1- قوله تعالى : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } إلى قوله وَإِنْ { كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ } (6) .
وجه الدلالة :
أن المقيم إذا عدم الماء (7) , ويترتب عدمه للصحيح الحاضر بالغلاء الذي يعم جميع الأصناف أو بأن يسجن أو يربط (8) . كما أن المحبوس غير واجد للماء فله أن يتيمم . (9)
ب) السنة :
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر : " الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين , فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك فإن ذلك خير " (10) .
__________
(1) شرح الزركشي 1/326 , الحاوي 2/1064 , الجامع لأحكام القرآن 5/219 .
(2) بدائع الصنائع 1/50 .
(3) المبسوط 1/123 .
(4) الحاوي 2/1064 .
(5) الحاوي 2/1064 .
(6) النساء 43 , المائدة 6 .
(7) الجامع لأحكام القرآن 5/219 .
(8) الجامع لأحكام القرآن 5/228 .
(9) الحاوي 2 / 1064 .
(10) قال الحاكم هذا حديث صحيح ولم يخرجاه , وصححه الألباني .
انظر : صحيح سنن أبي داود , كتاب الطهارة , باب الجنب يتيمم 1/219 , صحيح ابن حبان , باب التيمم , ذكر البيان بأن الصعيد الطيب وضوء المعدم الماء 2/435 , المستدرك , كتاب الطهارة 1/176 - 177 , السنن الكبرى , كتاب الطهارة , باب غسل الجنب ووضوء المحدث إذا وجد الماء بعد التيمم 1/220 .(1/4)
وجه الدلالة :
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا ذر أن يتيمم بالربذة (1) إذا عدم الماء وكانت وطناً (2) , فكذلك المحبوس يجوز له التيمم إذا عدم الماء في السجن .
2- عن أبي الجهيم قال : أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل (3) , فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار , فمسح بوجهه ويديه ثم رد عليه السلام (4) 0) .
وجه الدلالة :
إن النبي صلى الله عليه وسلم لما تيمم في الحضر لرد السلام مع جوازه بدون الطهارة , فمن خشي فوت الصلاة في الحضر جاز له التيمم بطريق الأولى لعدم جواز الصلاة بغير طهارة مع القدرة (5) .
جـ) العقل :
1- إن مريد الصلاة - السجين - مكلف أدرك الوقت فوجب أن يلزمه التيمم عند عدم الماء كالمسافر (6) .
2- إن كل عجز لو حصل في شروط الصلاة فلم يسقط فعلها في السفر فإنه لا يسقط فعلها في الحضر كالعجز عن القيام والثوب (7) .
3- إنها صلاة عجز عن فعلها بالماء فجاز له فعلها بالتراب كصلاة الجنازة والعيدين (8) .
وقد أجاز الحنفية التيمم في الحضر لخوف فوت صلاة الجنازة أو صلاة العيدين (9) .
4- إن عدم الماء معنى يجوز له التيمم في السفر فوجب أن يجوز التيمم في الحضر كالمرض (10) .
__________
(1) الربذة من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكة .
معجم البلدان 3/24 .
(2) الحاوي 1/1064 .
(3) بئر جمل : مكان معروف بالمدينة وهو من العقيق .
فتح الباري 1/375 .
(4) صحيح البخاري , كتاب التيمم , باب التيمم في الحضر 1/88 .
(5) فتح الباري 1/375 .
(6) الحاوي 2/1065 .
(7) الحاوي 2/1065 .
(8) الحاوي 2/1065 .
(9) الجوهرة النيرة 1/24 .
(10) المنتقى 1/112 .(1/5)
5- إن عدم الماء في المصر إنما لا يعتبر لأنه لا يكون إلا نادراً , فأما في السجن فعدم الماء ليس بنادر فكان معتبراً فأمر بالصلاة بالتيمم لعجزه عن الماء (1) .
6- إن المحبوس يتم قياساً على المسافر والمريض لاشتراكهما في العجز . (2)
المناقشة والترجيح :
اعترض أصحاب القول الثاني على الآخرين بالآتي :
1- إن استدلالكم بقوله تعالى: وَإِنْ { كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ } (3) بأن الآية مقيدة بالسفر والمرض, مردود بأن التقييد بالسفر في الآية خرج مخرج الغالب , إذ السفر محل العدم غالباً وهذا كاختصاص الخلع بحال الخوف , وشهادة الرجل والمرأتين بحالة تَعذُر الرَجلين , ومثل ذلك لا يكون مفهومه حجة اتفاقاً (4) .
2- أما قياسكم على التراب النجس فيرد عليه أن المعنى في التراب النجس أنه لما لم يلزمه استعماله في السفر لم يلزمه استعماله في الحضر (5) .
3- وأما قياسكم على الواجد للماء فالمعنى فيه أنه لما لزمه أعلى الطهارتين سقط عنه أدناهما , وليس كذلك العادم (6) .
4- وأما قياسكم على الحائض فيرد عليه بأن الحائض لما لم يلزمها الفرض لم يلزمها النفل وليس كذلك العادم (7)
مما سبق يتبين رجحان قول أصحاب القول الثاني القائلين بجواز التيمم ؛ لأن المحبوس قد يقضي فترة طويلة في السجن يمنع عنه الماء , وإذا قلنا بالقول الأول فمعنى ذلك أننا أسقطنا عنه الصلاة لأننا لا ندري متى يخرج ليقضيها , وقد يقضى عليه وهو في السجن , أو يكون محكوماً عليه بالإعدام فلا يمكنه قضاؤها . والله أعلم .
فرع :
إذا قلنا بجواز التيمم ثم وجد الماء هل يعيد الصلاة . فيه قولان :
أحدهما : إنه يصلي ثم يعيد .
__________
(1) المبسوط 1/123 .
(2) المجموع 2/303 .
(3) النساء 43 , المائدة 6 .
(4) شرح الزركشي 1/327 .
(5) الحاوي 2/1065 .
(6) الحاوي 2/1065 .
(7) الحاوي 2/1065 .(1/6)
وهو قول أبي يوسف ومحمد من الحنفية (1) , وابن حبيب ومحمد بن الحكم من المالكية (2) , والصحيح المشهور المقطوع به في أكثر كتب الشافعي وطرق الشافعية (3) , ورواية عن أحمد (4) .
والثاني : أنه إذا صلى لا يعيد الصلاة .
وهو قول أبي يوسف من الحنفية (5) , والمشهور من مذهب المالكية (6) , وقول للشافعية (7) , والمشهور من مذهب أحمد (8) .
الأدلة :
استدل أصحاب القول الأول بالكتاب والعقل :
أ) الكتاب :
قوله تعالى : وَإِنْ { كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ } (9) .
وجه الدلالة :
أنه جعل للتيمم شرطين هما : السفر والمرض , فلم يسقط الفرض إلا بهما ليكون للشرط فائدة (10) .
ب)العقل :
إن العجز للحال قد تحقق إلا أنه يحتمل الارتفاع فإنه قادر على رفعه إذا كان بحق , وإن كان بغير حق فكذلك , لأن الظلم يدفع وله ولاية الدفع بالرفع إلى من له الولاية , فأمر بالصلاة احتياطاً لتوجه الأمر بالصلاة بالتيمم وأمر بالقضاء في الثاني , لأن احتمال عدم الجواز ثابت لاحتمال أن المعتبر حقيقة القدرة دون العجز الحالي, فيؤمر بالقضاء عملاً بالشبهين وأخذاً بالثقة والاحتياط , وصار كالمقيد أنه يصلي قاعداً ثم يعيد إذا أطلق , بخلاف المحبوس في السفر , لأن ثمة تحقق العجز من كل وجه , لأنه انضاف إلى المنع الحقيقي السفر , والغالب في السفر عدم الماء (11) .
واستدل أصحاب القول الثاني بالسنة والعقل :
أ) السنة :
__________
(1) المبسوط 1/123 , بدائع الصنائع 1/50 .
(2) المنتقى 1/113 .
(3) الأم 1/44 , المجموع 2/303 .
(4) شرح الزركشي 1/327 , المسائل الفقهية 1/91 .
(5) بدائع الصنائع 1/50 .
(6) المنتقى 1/113 .
(7) البحر ل 111 , المجموع 2/303 .
(8) المبدع 1/231 .
(9) النساء 43 , المائدة 6 .
(10) الحاوي 2/1063 .
(11) بدائع الصنائع 1/50 , المبسوط 1/123 .(1/7)
قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " عليك بالصعيد , فإنه يكفيك " (1) .
وجه الدلالة :
إنه عمّ الكفاية بأداء الفرض وبراءة الذمة (2) .
ب) العقل :
1- إنه أدى فرضه بالبدل فلم يكن عليه إعادة كالمسافر (3) . كما أنه مأمور بالصلاة وبالتيمم فوجب أن تكون صلاته مجزئة كالمسافر (4) .
2- إنها صلاة لزم أداؤها بالتيمم فوجب أن يسقط به الفرض كالوضوء (5) .
3- إنه عجز عن استعمال الماء حقيقة بسبب الحبس فأشبه العجز بسبب المرض ونحوه وصار مخاطباً بالصلاة بالتيمم , فالقدرة بعد ذلك لا تبطل الصلاة المؤداة كما في سائر المواضع وكما في المحبوس في السفر (6) .
المناقشة والترجيح :
اعترض أصحاب القول الأول على أصحاب القول الثاني بالآتي :
* إن قياسكم على المسافر مردود بأن المعنى في السفر أن عدم الماء فيه عذر عام (7) .
* وأما قياسكم على الوضوء فالمعنى فيه ارتفاع الضرورة عنه (8) .
ويرد عليهم بأن السجن أيضاً قد يكون فيه فقد الماء عذراً عاماً , لاسيما إذا كانت إدارة السجن سيئة وتفتقر إلى الإنسانية في معاملة السجناء .
مما سبق يتبين - والله أعلم - رجحان القول الثاني أنه إذا صلى لا يعيد, لأنه قد فعل ما أمر به فيخرج عن العهدة (9) , ولقوة حجتهم .
المبحث الثالث
إذا فقد السجين الطهورين ( التراب والماء )
كأن حبس السجين في مكان لا ماء فيه وأرضه نجسة , أو كان مربوطاً في خشبة ولا يستطيع استعمال الماء والتراب.
ففي وجوب الصلاة عليه أقوال :
أحدها : لا تجب الصلاة بل تستحب , ويجب عليه القضاء سواء صلى أم لم يصل .
__________
(1) صحيح البخاري , كتاب التيمم , باب الصعيد الطيب وضوء المسلم 1/90 .
(2) ا لإشراف 1/168 .
(3) المبدع 1/231 .
(4) المنتقى 1/113 .
(5) الإشراف 1/168 .
(6) بدائع الصنائع 1/50 .
(7) الحاوي 2/1063 .
(8) الحاوي 2/1063 .
(9) شرح الزركشي 1/327 .(1/8)
وهو قول للشافعية (1) , ورواية عن أحمد (2) .
والثاني : تحرم عليه الصلاة , وعليه القضاء .
وهو قول أبي حنيفة وزفر (3) , وقول للمالكية (4) , وقول للشافعية (5) , ورواية عن أحمد (6) , وقول الثوري , والأوزاعي (7) .
والثالث : يجب عليه الصلاة في الحال على حسب حاله (8) , ولا يترك الصلاة , وفي الإعادة قولان .
وهو قول أبى يوسف من الحنفية (9) , وقول للمالكية (10) , والصحيح الذي قطع به كثير من الشافعية والمنصوص في الكتب الجديدة عندهم (11) , والصحيح من مذهب الحنابلة (12) .
الأدلة :
أولاً : لم أر لمن قال بالاستحباب دليلاً .
__________
(1) المجموع 1/278 .
(2) الإنصاف 1/282 .
(3) الأصل 1/125 , المبسوط 1/123 , أحكام القرآن للجصاص 2/380 .
(4) البيان والتحصيل 1/207 , الإشراف 1/169 .
(5) فتح العزيز 2/354 , روضة الطالبين 1/121 .
(6) الإنصاف 1/282 .
(7) أحكام القرآن للجصاص 2/380 .
(8) قال أبو يوسف يصلي بالإيماء تشبهاً بالمصلين .
المبسوط 1/123 .
وقال الحنابلة لا يزيد على ما يجزيء في الصلاة من قراءة وغيرها , فلا يقرأ زائداً على الفاتحة ولا يسبح أكثر من مرة , ولا يزيد على ما يجزئ في طمأنينة ركوع أو سجود أو جلوس بين سجدتين , وإذا فرغ من قراءة الفاتحة ركع في الحال , وإذا فرغ مما يجزئ في التشهد الأول نهض في الحال , وإذا فرغ مما يجزئ في التشهد الأخير سلم في الحال , ولا يتنفل من عدم الماء والتراب ونحوه , لأنه إنما أبيح له الفرض لداعي الضرورة إليه ولا يؤم من يصلي على حسب حاله متطهراً بماء أو تراب لعدم صحة اقتداء المتطهر بالمحدث العالم بحدثه .
كشاف القناع 1/171 .
(9) المبسوط 1/123 .
(10) الإشراف 1/169 , البيان والتحصيل 1/207 .
(11) تتمة الإبانة ل 99 ب , فتح العزيز 2/354 , روضة الطالبين 1/121 , بجيرمي علي الخطيب 1/273 .
(12) الإنصاف 1/282 , مختصر الفتاوى المصرية 34 , المسائل الفقهية 1/92 .(1/9)
ثانياً : استدل من قال إن الصلاة تحرم عليه بالكتاب والسنة والعقل .
أ) الكتاب :
قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا (#qç/uچّ)s? الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ 3"uچ"s3ك™ 4س®Lxm تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا "حچخ/$tم سَبِيلٍ 4س®Lxm تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ إفح !$tَّ9$# أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } (1) .
وجه الدلالة :
أن الله منع من قربان الصلاة إلا بوضوء أو تيمم (2) .
ب) السنة :
1- قوله صلى الله عليه وسلم : " مفتاح الصلاة الطهور " (3) .
2- " لا تقبل صلاة بغير طهور " . (4)
وجه الدلالة :
دل الحديثان على أنه لا يجوز افتتاح الصلاة بغير طهارة , ومن صلى بغير وضوء ولا تيمم فقد صلى بغير طهارة , ولا تكون صلاته مقبولة بالنص .
جـ) العقل :
1- إن عدم الطهارة أصلاً وبدلاً يمنع من انعقاد الصلاة كالحائض (5) .
2- إن الصلاة بغير طهور معصية ولا يحصل التشبه بالمصلين فيما هو معصية (6) .
__________
(1) النساء 43 .
(2) الإشراف 1/170 .
(3) رواه أحمد , والدارمي , وأبو داود , وابن ماجة , والترمذي .
قال أبو عيسى هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن .
انظر : مسند أحمد 1/123 , 129 , سنن الدارمي , كتاب الصلاة والطهارة , باب مفتاح الصلاة الطهور 1/175 , سنن أبي داود , كتاب الطهارة , باب فرض الوضوء 1/16 , سنن ابن ماجة , كتاب الطهارة وسننها , باب مفتاح الصلاة الطهور 1/101 سنن الترمذي , أبواب الطهارة , باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور 1/605 .
(4) رواه مسلم , انظر صحيح مسلم , كتاب الطهارة , باب وجوب الطهارة للصلاة 1/204 .
(5) الحاوي 2/1067 , الإشراف 1/170 .
(6) المبسوط 1/123 .(1/10)
3- إن الطهارة شرط أهلية أداء الصلاة , فإن الله تعالى جعل أهل مناجاته الطاهر لا المحدث (1) .
4- إن كل صلاة لم يسقط عنه الفرض بفعلها لم يلزمه الإتيان بها كالمحدث مع وجود الماء (2) .
ثالثاً : استدل من قال بوجوب الصلاة بالكتاب والسنة والعقل .
أ) الكتاب :
1- قوله تعالى : { أَقِمِ الصَّلَاةَ د8qن9à$د! الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ } (3) .
وجه الدلالة :
إنه أمر بالقيام إلى الصلاة ولم يفرق بين الطاهر والمحدث .
2- وقوله تعالى : { أَقِيمُوا الصَّلَاةَ } (4) .
وجه الدلالة :
في الآية عمّ كل حال (5) .
ب) السنة :
1- حديث عائشة أنها استعارت قلادة من أسماء فهلكت فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فوجدها , فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا , فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله آية التيمم (6) .
وجه الدلالة :
إن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم صلوا على حسب حالهم حين عدموا المطهر معتقدين وجوب ذلك وأخبروا به النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليهم ولا قال إن الصلاة ليست واجبة في هذا الحال , ولو كانت غير واجبة لبين ذلك لهم (7) .
2- وقوله صلى الله عليه وسلم " ما نهيتكم عنه فاجتنبوه , وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم " (8) .
وجه الدلالة :
__________
(1) بدائع الصنائع 1/50 .
(2) الحاوي 2/1068 .
(3) الإسراء 78 .
(4) الأنعام 72 .
(5) الإشراف 1/170 .
(6) رواه البخاري ومسلم .
انظر : صحيح البخاري , كتاب التيمم , باب إذا لم يجد ماء ولا تراباً 1/88 , صحيح مسلم , كتاب الحيض , باب التيمم 1/279.
(7) المجموع 2/281 .
(8) رواه البخاري ومسلم .
انظر : صحيح البخاري , كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة , باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم 4/414 , كتاب الفضائل, باب توقيره صلى الله عليه وسلم 4/1830 .(1/11)
إن الإنسان مأمور بالصلاة بشروطها فإذا عجز عن بعضها أتى بالباقي (1) على قدر استطاعته .
جـ) العقل :
1- إن كل ما لو وجده لزمه أن يتطهر به , فإذا عدمه جاز أن يصلي مع عدمه أصله الماء (2) .
2- إنه تطهير لو قدر عليه لزمه فعله لأجل الصلاة , فإذا عجز عنه لزمه فعل الصلاة (3) .
المناقشة والترجيح :
اعترض من قال بوجوب الصلاة على من قال بأنها تحرم بالآتي :
1- إن استدلالكم بقوله تعالى : " ولا تقربوا الصلاة " مردود بأن المراد به لا تقربوا مواضع الصلاة , أو أنها محمولة على واجد المطهر (4) .
2- إن استدلالكم بقوله صلى الله عليه وسلم " لا يقبل الله صلاة إلا بطهور " مردود بأن لفظه وإن جرى مجرى الخبر , فمعناه معنى الأمر , والأوامر تتوجه إلى المطيق لها فصار ما اختلف فيه غير داخل في المراد به (5) . وهذا هو الجواب عن الحديث الثاني .
3- أما قياسكم على الحائض : فيرد عليه بأنه لما لم يلزمها فرضها لم يلزمها فعلها , وليس كذلك المحدث , والحائض أدركت وقت الفرض , لا فرض الوقت (6) .
4- وأما قياسكم على الواجد للماء فالمعنى فيه أنه قادر على أدائها بالطهارة فلم يجز أن يفعلها بغير طهارة , وليس كذلك العاجز عنها (7) .
مما سبق يتبين رجحان قول من قال بوجوب الصلاة لقوة أدلتهم , والله أعلم .
واستدل من قال بوجوب الإعادة بالسنة والعقل .
أ) السنة :
قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله صدقة من غُلول ولا صلاة بغير طهور " (8) .
ب) العقل :
__________
(1) المجموع 2/281 , كشاف القناع 1/171 , الكافي 1/170 , المبدع 1/218 .
(2) الإشراف 1/170 .
(3) الحاوي 2/1068 , الإشراف 1/170 .
(4) المجموع 2/282 .
(5) الحاوي 2/1068 .
(6) الإشراف 1/170 , الحاوي 2/1068 .
(7) الحاوي 2/1069 .
(8) صحيح سنن أبي داود , كتاب الطهارة , باب فرض الوضوء 1/27 .(1/12)
إنه عذر نادر غير متصل فلم تسقط الإعادة كمن صلى محدثاً ناسياً أو جاهلاً حدثه , وكمن صلى إلى القبلة فحول إنسان وجهه عنها مكرهاً أو منعه من إتمام الركوع فإنه يلزمه الإعادة (1) .
أدلة من قال بعدم الإعادة :
استدلوا بالسنة والعقل :
أ) السنة :
حديث عائشة رضي الله عنها السابق ذكره .
وجه الدلالة :
إن الصحابة صلوا بغير طهارة ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة (2) .
ب) العقل :
إن إيجاب الإعادة يؤدي إلى إيجاب ظهرين عن يوم , وقياساً على المستحاضة والعريان والمصلي بالإيماء لشدة الخوف أو للمرض (3) .
المناقشة والترجيح :
اعترض من قال بعدم الإعادة على من قال بوجوب الإعادة بالآتي :
1- ما استدللتم به من حديث عائشة مردود بأنه يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخر البيان إلى وقت الحاجة وهو جائز , والقضاء على التراخي .
2- ما استدللتم به من أن الإعادة تؤدي إلى إيجاب ظهرين , مردود بأن ذلك لا يمتنع إذا اقتضاه الدليل كما إذا اشتبه عليه وقت الصلاة أو الصوم فصلى وصام بالاجتهاد ثم تحقق أنه فعله قبل الوقت وأدرك الوقت فإنه يلزمه الإعادة فقد أوجبنا عليه ظهرين .
3- ما استدللتم به من القياس على المستحاضة مردود بأن عذرها إذا وقع دام , وعمن بعدها أن أعذارهم عامة فلو أوجبنا الإعادة شق وحصل الحرج بخلاف هذه المسألة (4) .
واعترض على من قال بعدم الإعادة :
1- إن الحديث الذي استدلوا به مردود عليه بالرد السابق , كما يرد عليهم بأن الوضوء شرط من شرائط الصلاة فيسقط عند العجز عنه كسائر شروطها وأركانها , ولأنه أدى فرضه على حسبه فلم يلزمه الإعادة كالعجز عن السترة إذا صلى عرياناً والعاجز عن الاستقبال إذا صلى إلى غيرها والعاجز عن القيام إذا صلى جالساً (5) .
__________
(1) المجموع 2/281 .
(2) المجموع 2/281 .
(3) المجموع 2/281 .
(4) المجموع 2/282 .
(5) المغني 1/252 .(1/13)
مما سبق يتبين رجحان قول من قال بعدم الإعادة , لأنه أتى بما أمر فخرج عن عهدته (1) , ولأن في إعادة الصلاة حرج ومشقة عليه لأن مدته قد تطول والله أعلم .
المبحث الرابع
صلاة السجين في الثوب النجس
من شروط الصلاة طهارة الثوب , لقوله تعالى { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } (2) . وعن أسماء قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع به ؟قال : " تحته , ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه (3) ", والحديث يدل على أنها ممنوعة من الصلاة فيه قبل غسله (4) .
فإذا لم يجد السجين غير ثوب نجس يصلي فيه ولم يقدر على تغييره أو غسله , أو كان مربوطاً لا يستطيع خلعه .
فقد اختلف العلماء في جواز صلاته بهذا الثوب إلى ثلاثة أقوال :
القول الأول :
يصلي عارياً ولا يعيد , وهو قول للشافعي (5) , وأبي ثور (6) .
القول الثاني :
إذا كان الطاهر من الثوب أقل من الربع فإنه يصلي فيه عند محمد , وعند أبي حنيفة وأبي يوسف يتخير بين أن يصلي عرياناً أو فيه والصلاة فيه أفضل ولا إعادة عليه (7) .
القول الثالث :
يصلي في الثوب النجس ولا يصلي عرياناً , وهو قول المالكية (8) , وقول للشافعية (9) , ورواية لأحمد (10) وعند الحنفية يصلي في الثوب إن كان الربع أو أكثر منه طاهراً (11) .
وفي إعادة الصلاة قولان :
__________
(1) المغني 1/252 .
(2) المدثر 4 .
(3) رواه مسلم .
انظر : صحيح مسلم , كتاب الطهارة , باب نجاسة الدم وكيفية غسله 1/240 .
(4) الكافي 1/107 .
(5) مجموع 3/142 , 143 .
(6) مجموع 3/142 , 143 .
(7) الهداية 1/44 , الجوهرة النيرة 1/55 .
(8) الإشراف 1/280 , أسهل المدارك 1/192 , الكافي لابن عبد البر 1/240 , القوانين الفقهية 69 , الدر الثمين 1/18 , الشرح الصغير 1/25 .
(9) المجموع 3/142 .
(10) الكافي 1/107 , الممتع في شرح المقنع 1/362 .
(11) الهداية 1/44 , الاختيار 1/46 .(1/14)
أحدهما : عليه الإعادة , وهو قول للشافعية (1) , والمنصوص من مذهب أحمد (2) , واستحب المالكية الإعادة في الوقت (3) .
والثاني : لا يعيد , وهو قول الحنفية (4) , والمزني (5) 0) , ورواية عن أحمد (6) 1) .
الأدلة :
استدل من قال يصلي عارياً : بأن الصلاة مع العري يسقط بها الفرض , ومع النجاسة لا يسقط لأنه تجب إعادتها, فلا يجوز أن تترك صلاة يسقط بها الفرض إلى صلاة لا يسقط بها الفرض (7) .
واستدل أصحاب القول الثاني : بأن الانكشاف والنجاسة القليل من كل واحد غير مانع , والكثير مانع , ولما كان كذلك ثبتت المساواة بينهما في المانعية من غير رجحان لأحدهما على الآخر فيختار أيهما شاء (8) .
واستدل من قال يصلي في الثوب النجس بالآتي :
1- إن الصلاة في الثوب النجس ترك لفرض واحد وهو الطهارة , وفي الصلاة عارياً ترك لفروض كستر العورة والقيام والركوع والسجود (9) .
2- إن ستر العورة آكد من إزالة النجاسة لوجوبها في الصلاة وغيرها , وتعلق حق الآدمي به في ستر عورته وصيانة نفسه (10) .
3- إن ستر العورة متفق على اشتراطها , والطهارة مختلف فيها , وتسقط مع العجز عن إزالتها ومع الجهل والنسيان بخلاف السترة (11) .
واستدل من قال بالإعادة , بأن الطهارة من النجاسة شرط وقد فاته فيجب الإعادة (12) .
واستدل من قال بعدم الإعادة بالآتي :
1- إن طهارة الثوب في الصلاة شرط عجز عنه فسقط كالسترة (13) .
__________
(1) المجموع 3/143,142 .
(2) الكافي 1/107 , الممتع 1/362 .
(3) الإشراف 1/280 , أسهل المدارك 1/192 .
(4) الهداية 1/44 , الاختيار 1/46 .
(5) المجموع 3/143 .
(6) المبدع 1/369 .
(7) المهذب 1/68 .
(8) شرح العناية 1/263 .
(9) الهداية 1/44 , شرح العناية 1/263 .
(10) الكافي 1/107 , الممتع 1/362 , المبدع 1/369 .
(11) الممتع 1/362 .
(12) الممتع 1/362 .
(13) الكافي 1/107 .(1/15)
2- إن من صلى في ثوب نجس لا يعيد بناء على من صلى في موضع نجس لا يمكنه الخروج منه , فإن طهارة المكان كانت شرطاً , وحكم بعدم الإعادة مع فقدها فاقتضى الدليل أن يخّرج في الصلاة في الثوب النجس لمن لا يقدر على غيره مثله (1) .
بعد النظر في الأدلة , يبدو لي - والله أعلم - أن مذهب من قال أنه يصلي بالثوب النجس ولا يعيد هو الراجح, لأن طهارة الثوب شرط عجز عنه فسقط كالسترة والاستقبال بل أولى , فإن السترة آكد بدليل تقديمها على هذا الشرط.
المبحث الخامس
صلاة السجين في موضع نجس
طهارة المكان الذي يصلي فيه المصلي شرط من شروط الصلاة بالاتفاق (2) , لقوله تعالى : { أَنْ #uچخdgsغ بَيْتِيَ tûüدےح !$©ـ=د9 وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ د } ٹqàf ،9$# (3) .
وإذا حبس السجين في مكان نجس ولا يمكنه الخروج منه , فإنه يصلي ويتجافى ملاقاة النجاسة وتجنبها في قعوده ويوميء في السجود إلى الحد الذي لو زاد عليه لاقى النجاسة .
لقوله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (4) .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " (5) .
وإذا صلى بهذه الكيفية فهل عليه إعادة الصلاة :
للحنفية قولان : أحدهما يعيد سواء كان ذلك في الحضر أو في السفر , والثاني لا يعيد في السفر ويعيد في الحضر وهو قول محمد (6) .
وقال المالكية يعيد في الوقت (7) , وللشافعية قولان القديم لا يعيد والجديد يعيد (8) , وللحنابلة روايتان أصوبهما عدم الإعادة .
__________
(1) الممتع 1/362 , الكافي 1/107 .
(2) حاشية الروض المربع 1/530 .
(3) البقرة 125 .
(4) التغابن 16 .
(5) صحيح البخاري , كتاب الاعتصام , باب الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم 4/414 .
(6) فتاوى قاضيخان 1/59 .
(7) الشرح الصغير 1/25 , الدر الثمين 1/18 .
(8) المهذب 1/69 , المجموع 3/154 .(1/16)
استدل من قال بالإعادة : بأنه ترك الفرض لعذر نادر غير متصل , فلم يسقط الفرض عنه كما لو ترك السجود ناسياً (1) .
واستدل من قال بعدم الإعادة : بأنه صلى على حسب حاله فهو كالمريض (2) .
ويبدو لي - والله أعلم - أن القول بعدم الإعادة هو الصحيح لأنه أتى بما هو فرض عليه بقدر استطاعته , لقوله تعالى : " فاتقوا الله ما استطعتم " والحديث السابق عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
الفصل الثاني : أحكام السجين في الصلاة
المبحث الأول
اشتباه السجين في وقت الصلاة
من شروط الصلاة دخول الوقت , لقوله تعالى : إِنَّ { الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا } مَوْقُوتًا (3)
يعني مؤقتة في أوقاتها ونجومها , كلما مضى نجم جاء نجم يعني كلما مضى وقت جاء وقت وهو قول زيد بن أسلم, وقال ابن مسعود: إن للصلاة وقت كوقت الحج , وكذا قال ابن عباس (4) .
وقد حددت السنة مواقيت الصلاة , فعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل فقال قم فصله , فصلى الظهر حين زالت الشمس , ثم جاءه العصر فقال قم فصله , فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله , أو قال صار ظله مثله , ثم جاءه المغرب فقال, قم فصله فصلى حين وجبت الشمس , ثم جاءه العشاء فقال قم فصله فصلى حين غاب الشفق , ثم جاءه الفجر فقال قم فصله فصلى حين برق الفجر أو قال حين سطع الفجر , ثم جاءه من الغد للظهر فقال, قم فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله , ثم جاءه للعصر فقال قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه , ثم جاءه للمغرب , المغرب وقتاً واحداً لم يزل عنه ثم جاء للعشاء، العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل فصلى العشاء , ثم جاءه للفجر حين أسفر جداً فقال قم فصله فصلى الفجر ثم قال " ما بين هذين وقت " (5) .
__________
(1) المهذب 1/69 .
(2) المهذب 1/69 .
(3) النساء 103 .
(4) النكت والعيون 1/526 , تفسير ابن كثير 1/556 .
(5) رواه أحمد , وصححه الألباني .
انظر : مسند أحمد 3/330 , إرواء الغليل 1/268 .(1/17)
وأجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة لابد أن تؤدى فيها , فلا تجوز الصلاة قبل دخول وقتها (1) .
ويمكن معرفة دخول وقت الصلاة بوسيلة من الوسائل الثلاثة الآتية (2) :
1- العلم اليقيني : بأن يعتمد على دليل محسوس , كرؤية الشمس وهي تغرب من البحر .
2- الاجتهاد : بأن يعتمد على أدلة ظنية ذات دلالة غير مباشرة كالظل والقياس بالأعمال وطولها .
3- التقليد : إذا لم يكن العلم اليقيني أو الاجتهاد , كجاهل بأوقات الصلاة ودلائلها , فيقلد إما العالم المعتمد على دليل محسوس أو المجتهد المعتمد على الأدلة الظنية .
والسجين إن كان في مكان مظلم لا يستطيع رؤية الليل من النهار , ولا يوجد معه ثقة يخبره عن علم , لزمه الاجتهاد وذلك بتقدير الوقت بصنعة , أو قاريء جرت عادته بقراءة جزء , أو صلاة أو مطالعة .
روي أن عبد الله بن حسن المطلبي وأهله حبسوا سنة 144هـ في سجن الهاشمية بالعراق ومكثوا ثلاث سنين لا يسمعون أذاناً ولا يعرفون فيه وقت صلاة إلا بالتلاوة (3) .
وذكرنا أن الاجتهاد يكون إذا لم يخبره ثقة عن مشاهدة , فإن أخبر عن مشاهدة بأن قال رأيت الفجر طالعاً أو الشفق غارباً لم يجز الاجتهاد , ووجب العمل بخبره , وإذا أخبره ثقة عن اجتهاد فإنه لا يقلده , لأن المجتهد لا يقلد مجتهداً , ويجتهد لنفسه حتى يغلب على ظنه , لأنه يقدر على الصلاة باجتهاد نفسه فلا يصلي باجتهاد غيره.
وإذا وجب الاجتهاد فصلى بغير اجتهاد لزمه إعادة الصلاة , وإن صادف الوقت لتقصيره وتركه الاجتهاد الو(3) .
فإن صلى بالاجتهاد فبان أنه وافق الوقت أو بعده أجزأه ؛ لأنه أدى ما فرض عليه وخوطب بآدائه , فإن وافق الوقت فهو آداء , وبعده قضاء .
__________
(1) المغني 1/378 .
(2) الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي 1/124 .
(3) البداية 10/80 .(1/18)
وإن بان أنه صلى قبل الوقت لم يجزه لأن المخاطبة بالصلاة وسبب الوجوب وجد بعد فعله فلم يسقط حكمه بما وجد قبله .
وإذا لم تكن للسجين دلالة أو كانت فلم يغلب على ظنه شيء , لزمه الصبر حتى يظن دخول الوقت , والاحتياط أن يؤخر إلى أن يتيقنه أو يظنه ويغلب على ظنه أنه لو أخر خرج الوقت (1) .
المبحث الثاني
صلاة السجين عرياناً
ستر العورة من شروط الصلاة (2) , لقوله تعالى : خُذُوا { زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ 7‰إfَ،tB } (3) , والمراد به ستر العورة في الصلاة , قاله مجاهد والزجاج (4) .
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة لحائض إلا بخمار " (5) .
فإذا جرّد السجين من ثيابه ولم يقدر على تحصيل ما يستر عورته , صلى عرياناً و أجزأته صلاته ولا إعادة عليه (6) .
واختلف العلماء في كيفية صلاته وهو عريان إلى ثلاثة أقوال :
أحدها : يصلي قاعداً يوميء بالركوع والسجود .
روي ذلك عن ابن عباس , وابن عمر , وعطاء , وعكرمة , وقتادة , والأوزاعي (7) .وهو الأفضل عند الحنفية (8) , والحنابلة (9) , وقول المزني من الشافعية (10) 0) .
__________
(1) انظر : الفواكه الدواني 1/191 , جواهر الإكليل 1/33 , حاشية ابن عابدين 1/370 , المجموع 3/72 , نهاية المحتاج1/362 , مغني المحتاج 1/127 المغني 1/396 .
(2) الهداية 1/43 , سراج السالك 1/106 .
(3) الأعراف 31 .
(4) النكت والعيون 2/218 .
(5) رواه الترمذي وصححه الألباني .
أنظر : سنن الترمذي , في أبواب الصلاة , باب ما جاء لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار 1/234 , إرواء الغليل 1/214 .
(6) الهداية 1/43 , مواهب الجليل 1/151 , المجموع 3/182 , كشاف القناع 1/272 .
(7) المجموع 3/182 , المغني 1/629 .
(8) شرح فتح القدير 1/264 .
(9) المغني 1/629 .
(10) المهذب 1/73 .(1/19)
والثاني : هو بالخيار إن شاء صلى قائماً وإن شاء صلى قاعداً , وهو قول للحنفية (1) , والحنابلة (2) .
والثالث : يصلي قائماً بركوع وسجود .
قاله مجاهد , وعمر بن عبد العزيز (3) , ومالك (4) , والصحيح من مذهب الشافعي (5) , وأجازه الحنفية (6) , والحنابلة (7) .
الأدلة :
استدل من قال بالصلاة قاعداً بالآتي :
1- روي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبوا في سفينة فانكسرت بهم السفينة فخرجوا من البحر عراة فصلوا قعوداً (8) .
وهذا قول روي عنهم ولم يرد عن أقرانهم خلاف ذلك فحل محل الإجماع (9) .
2- أن الستر آكد من القيام لأمور :
أ إن القعود فيه ستر بعض العورة , وستر بعض العورة آكد من القيام , لأن القيام يجوز تركه مع القدرة في النوافل والستر لا يجوز تركه .
ب أن القيام يختص بالصلاة , والستر يجب فيها وفي غيرها , فإذا لم يكن بد من ترك أحدهما فترك أخفهما أولى من ترك آكدهما, ولأنه إذا استتر أتى ببدل عن القيام والركوع والسجود , والستر لا بد له .
3- أن القيام سقط لحفظ العورة وهي في حال السجود أفحش فكان سقوطه أولى .
4- أن الستر وجب لحق الصلاة وحق الناس , وأنه لا خلف له , والإيماء خلف عن الأركان .
__________
(1) الهداية 1/43 .
(2) الإنصاف 1/464 .
(3) المجموع 1/182 .
(4) الإشراف 1/262 .
(5) الأم 1/91 , روضة الطالبين 1/122 .
(6) شرح العناية 1/264 .
(7) الإنصاف 1/464 .
(8) ذكره ابن الهمام في فتح القدير عن أنس , والزركشي عن سعيد بن منصور عن ابن عمر , وابن قدامة عن الخلال عن ابن عمر , وقال الزيلعي غريب .
انظر : شرح فتح القدير 1/264 , شرح الزركشي 1/616 , المغني 1/630 , نصب الراية 1/301 .
(9) شرح العناية 1/264 .(1/20)
5- أن النافلة تجوز على الدابة بالإيماء , ولا تجوز بدون الستر حال القدرة (1) 0) .
واستدل من قال بالتخيير :
بأن في القعود ستر العورة الغليظة , وفي القيام أداء الركوع والسجود , فيميل إلى أيها شاء (2) 1) .
واستدل من قال بالصلاة قائماً بالآتي :
1- قوله تعالى : وَقُومُوا { لِلَّهِ قَانِتِينَ } (3) .
2- قوله صلى الله عليه وسلم : " صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب " (4) .
3- أن القيام ركن من أركان الصلاة فلم يسقط عند عجزه عن الكسوة كالقراءة , ولأن الصلوات مبنية على أن العجز عن بعض أركانها لا يسقط ما يقدر عليه منها , ألا ترى أن من عجز عن القراءة لم يسقط عنه الركوع والسجود , ومن عجز عن الركوع لم يسقط عنه القيام وقد ثبت أن من عجز عن القيام لم يسقط عنه السترة , فكذلك يجب أن يكون من عجز عن السترة أن لا يسقط عنه القيام (5) .
4- أن كل ما لا يؤثر في الانتقال من القعود إلى الإيماء لا يؤثر في الانتقال من القيام إلى القعود كالقبلة طرداً والمرض عكساً (6) , أي إذا وجدت القبلة يتعين عليه استقبالها سواء أكان قائماً أو راكعاً أو ساجداً , وإذا انتفى المرض يتعين عليه القيام .
المناقشة والترجيح :
اُُعترض على من قال بالصلاة قاعداً بالآتي :
1- ما استدللتم به من الحديث مردود بأنه لا حجة فيه , لأن الحديث غريب كما ذكر الزيلعي .
__________
(1) انظر : المغني 1/630 , كشاف القناع 1/272 , الهداية 1/43 , الجوهرة النيرة 1/55 , شرح العناية 1/264 , المهذب 1/73 .
(2) الجوهرة النيرة 1/55 .
(3) البقرة 238 .
(4) رواه البخاري .
انظر : صحيح البخاري , كتاب تقصير الصلاة , باب إذا لم يطق قاعداً صلى على جنب 1/269 .
(5) الإشراف 1/263 .
(6) كتاب الصلاة من الحاوي 455 .(1/21)
2- أن القول بأن ستر بعض العورة آكد من القيام فهذا لا يصح , لأنه ترك القيام والركوع والسجود على التمام ليحصل ستر القليل من العورة , والمحافظة على الأركان أولى من المحافظة على بعض الفرض (1) .
مما سبق تبين - والله أعلم - قوة أدلة القائلين بالصلاة عرياناً وهو قائم , لأن القيام ركن من ذات العبادة والشروط خارجة عنها , ولأن المحافظة على ثلاثة أركان أولى من المحافظة على بعض شرط (2) .
المبحث الثالث
اشتباه القبلة على السجين
استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة في الجملة (3) , لقوله تعالى { قَدْ 3"uچtR تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ Z's#ِ7د% تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ uچôـx© د‰إfَ،yJّ9$# دQ#uچysّ9$# ك]ّٹxmur مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ } ¼çnuچôـx© (4) .
وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته " (5) .
وإذا سجن السجين في مكان ولم يعلم جهة القبلة , وكان معه مسلمون يؤدون الصلاة يأخذ بقول ثقة يخبر عن علم (6) كمن دخل بلداً وهو غريب عنها ؛ لزمه العمل بخبر ثقة مكلف عدل ظاهراً وباطناً , وليس له الاجتهاد كالحاكم يجد النص لا يجتهد , وكذا الاستدلال بمحاريب المسلمين (7) , فإن كان في السجن مصلى صلى إلى محرابه .
__________
(1) المهذب 1/73 , كتاب الصلاة من الحاوي 455 .
(2) شرح الزركشي 1/617 .
(3) بداية المجتهد 1/111 , منهاج الطالبين 1/132 , شرح الزركشي 1/525 .
(4) البقرة 144 .
(5) رواه البخاري .
انظر : صحيح البخاري , كتاب الصلاة , باب فضل استقبال القبلة 1/102 .
(6) منهاج الطالبين 1/136 .
(7) كشاف القناع 1/307 , التوضيح 1/295 .(1/22)
أما إذا كان السجين في سجن انفرادي ولم يجد من يخبره عن القبلة , ففي هذه الحالة عليه أن يجتهد في تحديد القبلة ويصلي إلى الجهة التي أداه إليها اجتهاده (1) .
وإذا لم يستطع الاجتهاد لسجنه في مكان مظلم أو تعادلت عنده الأمارات , تخير جهة من الجهات الأربع وصلى إليها واكتفى بذلك (2) , وفي قول للمالكية يصلي أربع صلوات لكل جهة صلاة (3) .
وإن صلى بالاجتهاد ثم تبين أنه أخطأ القبلة ففي الإعادة قولان :
الأول : عليه الإعادة , وهو الصحيح من قول الشافعية (4) , وقول سحنون من المالكية , والمشهور من قول المالكية الإعادة في الوقت (5) .
الثاني : لا إعادة عليه , وهو قول الحنفية (6) , وقول للمالكية (7) 0) , وقول للشافعية (8) 1) , وقول للحنابلة (9) 2).
الأدلة :
استدل من قال بالإعادة بالقرآن والعقل .
أ) القرآن :
قوله تعالى : { ك]ّٹxmur مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ } ¼çnuچôـx© (10) 3) .
وجه الدلالة :
أمر تعالى بالتوجه إليه فمن توجه إلى غيره فالأمر باق عليه (11) .
ب) العقل :
1- أن مالا يسقط بالنسيان من شروط الصلاة لا يسقط بالخطأ كالطهارة والوقت (12) .
__________
(1) المبسوط 1/215 , قوانين الأحكام الشرعية 71 , فتح العزيز 3/27 , المجموع 3/206 .
(2) كشاف القناع 1/307 , الخلاصة الفقهية 48 .
(3) قوانين الأحكام الشرعية 71 .
(4) المهذب 1/75 , المجموع 3/255 , منهاج الطالبين 1/36 .
(5) الإشراف 1/221 , قوانين الأحكام الشرعية 71 .
(6) المبسوط 1/215 , تحفة الفقهاء 1/120 , حاشية ابن عابدين 1/433 .
(7) الإشراف 1/221 .
(8) فتح العزيز 3/233 , المهذب 1/75 .
(9) الممتع 1/400 , كشاف القناع 1/307 .
(10) البقرة 144 .
(11) كتاب الصلاة من الحاوي 1/227 .
(12) كتاب الصلاة من الحاوي 1/227 .(1/23)
2- أنه تعين له يقين الخطأ فيما يأمن مثله في القضاء فلم يعتد بما مضى كالحاكم إذا حكم ثم وجد النص خلافه (1) .
واستدل من قال بعدم الإعادة بالقرآن , والسنة , والعقل .
أ) القرآن :
قوله تعالى : { وَلِلَّهِ ن-حچô±pRùQ$# ـ>حچَّpRùQ$#ur فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } (2) .
وجه الدلالة :
مفهوم الآية حصول الإجزاء على أي وجه وقع الاستقبال (3) .
قوله تعالى : { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (4) .
وجه الدلالة :
السجين قد اتقى الله قدر استطاعته وهو ما أداه إليه اجتهاده .
ب) السنة :
1- عن جابر قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير أو سرية فأصابنا غيم فتحرينا واختلفنا في القبلة فصلى كل رجل منا على حدة فجعل أحدنا يخط بين يديه لنعلم أمكنتنا فلما أصبحنا نظرناه فإذا نحن قد صلينا على غير القبلة فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال " قد أجزأت صلاتكم " (5) .
2- عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل منا على حيا له , فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت :" فأينما تولوا فثم وجه الله " (6) .
__________
(1) المهذب 1/75 .
(2) البقرة 115 .
(3) الإشراف 1/221 .
(4) التغابن 16 .
(5) رواه البيهقي والدار قطني والحاكم .
قال البيهقي والدار قطني تفرد به محمد بن سالم ومحمد بن عبيد الله العرزمي عن عطاء وهما ضعيفان , وقال الحاكم : هذا حديث محتج برواته كلهم غير محمد ابن سالم فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح .
انظر : السنن الكبرى , كتاب الصلاة , باب الاختلاف في القبلة عند التحري 1/10 , سنن الدار قطني , كتاب الصلاة , باب الاجتهاد في القبلة وجواز التحري في ذلك 1/271 , المستدرك 1/206 .
(6) رواه الترمذي , وابن ماجه .
قال أبو عيسى : هذا حديث ليس إسناده بذاك , لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان , وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمان يضعف في الحديث .
قال الألباني : للحديث شواهد فيرقى إلى درجة الحسن .
انظر : سنن الترمذي , أبواب الصلاة , باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم 1/216 , صحيح سنن ابن ماجه , كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها , باب من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم 1/168 , إرواء الغليل 1/324 .(1/24)
جـ) العقل :
1- أن القبلة جهة يسقط فرض الصلاة بالتوجه إليها مع العلم بها , فجاز أن يسقط فرض الصلاة بالتوجه إليها مع العلم بالاجتهاد (1) .
2- إن عدم العلم عذر في ترك الاستقبال بدليل أن أهل قباء لما أخبروا بتحول القبلة لم يبتدئوا الصلاة (2) .
3- إن من صلى إلى غير الكعبة لعذر لم تجب عليه الإعادة , كالخائف يصلي إلى غيرها (3) .
4- إن التوجه إلى القبلة شرط في الصلاة , والقيام والقراءة والركوع والسجود أركان الصلاة , وما سقط عن الإنسان من الأركان بعذر المرض لا يجب عليه إعادة الصلاة فكذلك ما سقط عنه من الشروط بعذر المرض لا يجب عليه إعادة الصلاة (4) .
المناقشة والترجيح :
اُعترض على من قال بعدم الإعادة بالآتي :
1- الأحاديث التي استدللتم بها ضعيفة ولا تصلح للاحتجاج , ويرد عليهم بأن حديث عبد الله بن عامر عن أبيه حديث حسن صالح للاحتجاج .
2- قولكم أن ما عجز عنه في الصلاة من قيام وقعود أنه يسقط فكذلك العجز عن التوجه إلى القبلة يسقط مردود من وجهين :
أحدهما : إن القيام معدوم مع العجز عنه فلذلك سقطت الإعادة فيه لعدمه والقبلة غير معدومة بالخطأ فيها فلذلك لم تسقط عنه الإعادة لخطئه (5) .
والثاني : أن الأعذار منها ما يكون نادر الوقوع وإذا وقع لم يدم كعدم الماء والتراب وهذا لا يسقط الإعادة , وكذا الخطأ في جهة القبلة نادر لا يدوم فلم يسقط الإعادة (6) .
ويرد على هذا أنه أدى ما هو مأمور به في وقته فلا تجب عليه الإعادة .
بعد هذا العرض يتبين لي - والله أعلم - رجحان مذهب من قال بعدم الإعادة , لقوة أدلتهم ولوجود النص الصحيح ولا يعتد بالقياس في مقابلة النص.
المبحث الرابع
صلاة السجين العاجز عن القيام والركوع والسجود
__________
(1) الإشراف 1/222 .
(2) الممتع 1/400 .
(3) المغني 1/485 .
(4) المبسوط 1/216 .
(5) كتاب الصلاة من الحاوي 1/229 , 230 .
(6) كتاب الصلاة من الحاوي 1/229 , 230 .(1/25)
القيام والركوع والسجود من أركان الصلاة (1) .
أما القيام فلقوله تعالى : وَقُومُوا { لِلَّهِ قَانِتِينَ } (2) .
وأما الركوع والسجود فلقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا } (3) .
قد يعجز السجين عن القيام أو الركوع والسجود لكونه مربوطاً قاعداً أو مستلقياً أو مصلوباً .
وأجمع العلماء على أن من لا يستطيع القيام أن يصلي جالساً (4) , لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين " صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً فإن لم تستطع فعلى جنب " (5) .
ولما روى أنس قال : سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس فخدش أو فجحش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلى قاعداً فصلينا قعوداً " (6) .
فإن عجز عن القعود صلى على جنب ويستقبل بوجهه القبلة .
وهذا قول المالكية (7) , والأصح من قولي الشافعية (8) , والحنابلة (9) 0) .
وقال الحنفية (10) 1) , وقول للشافعية (11) 2) , إن عجز عن القعود صلى مستلقياً على قفاه ووجهه نحو القبلة .
الأدلة :
استدل الجمهور بالسنة والعقل .
أ) السنة :
حديث عمران السابق .
ب) العقل :
إن المصلي يستقبل القبلة إذا كان على جنبه وإذا كان على ظهره إنما يستقبل السماء ولذلك يوضع الميت على جنبه ليكون مستقبلاً القبلة (12) .
__________
(1) الهداية 1/46 , الوسيط 591 , منار السبل 1/82 .
(2) البقرة 238 .
(3) الحج 77 .
(4) الإجماع 28 .
(5) انظر : صحيح البخاري , كتاب تقصير الصلاة , باب إذا لم يطق قاعداً صلى على جنب 1/269 .
(6) رواه البخاري ومسلم .
انظر : صحيح البخاري , كتاب تقصير الصلاة , باب صلاة القاعد 1/268 , صحيح مسلم , كتاب الصلاة , باب ائتمام المأموم بالإمام 1/308 .
(7) الشرح الكبير للدردير 1/237 .
(8) روضة الطالبين 1/236 .
(9) الشرح الكبير 2/86 .
(10) المبسوط 2/213 .
(11) روضة الطالبين 1/236 .
(12) الشرح الكبير 2/86 .(1/26)
واستدل الحنفية ومن معهم بالعقل فقالوا :
إنه إذا استلقى على قفاه كان أقرب إلى استقبال القبلة فالجانبان منه إلى القبلة ووجهه إلى ما هو القبلة (1) .
المناقشة والترجيح :
أجاب الحنفية عن حديث عمران بن حصين بأن مرضه كان باسوراً فلا يمكنه أن يستلقي على قفاه (2) .
ورد بأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم كان جواب فتيا استفتاها عمران , و إلا فليست علة البواسير بمانعة من القيام في الصلاة على ما فيها من الأذى , ولا مانع من أن يسأل عن حكم ما لم يعلمه لاحتمال أن يحتاج إليه فيما بعد (3) .
والذي يترجح عندي - والله أعلم - هو قول الجمهور لورود النص صريحاً في حديث عمران .
فرع :
من عجز عن الركوع والسجود أومأ بهما و ويجعل سجوده أخفض من ركوعه اعتباراً بالأصل .
فإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ بالسجود , فإن عجز فيوميء بالطرف , فإن عجز عن تحريك الأجفان أجرى أفعال الصلاة على قلبه , فإن اعتقل لسانه أجرى القرآن والأذكار على قلبه ما دام عاقلاً ولا تسقط عنه الصلاة (4) .
وعند الحنفية إن لم يستطع الإيماء برأسه أخرت عنه ولا يوميء بعينيه ولا بقلبه خلافاً لزفر فعنده يوميء بعينيه وحاجبيه وقلبه (5) .
وأرى - والله أعلم - بأن قول الجمهور هو الأصح لقوله صلى الله عليه وسلم " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " (6) .
والمصلي إذا عجز عن الأعلى واستطاع الأدنى وأتى به كان آتياً بما استطاع من الصلاة .
الفصل الثالث : أحكام السجين في الصوم
__________
(1) المبسوط 1/213 .
(2) المبسوط 1/213 .
(3) فتح الباري 2/484 .
(4) حاشية الدسوقي 1/241 , الشرح الصغير 1/123 , روضة الطالبين 1/237 , الوسيط 2/605 , المغني 2/87 .
(5) البناية 2/695 , تبيين الحقائق 1/201 .
(6) صحيح البخاري , كتاب الاعتصام , باب الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم 4/414 .(1/27)
الصوم ركن من أركان الإسلام لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ ِNà6د=ِ7s% } (1) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان " (2) .
وهو فرض على كل مسلم بالغ عاقل طاهر قادر مقيم (3) .
المبحث الأول
اشتباه الشهور على السجين
إذا اشتبه على السجين دخول شهر رمضان , أو لا يعلم الشهور من بعضها لكونه أسيراً في بلاد كفر , أو حبس في سجن انفرادي تحت الأرض أو ما إلى ذلك .
فقد اختلف الفقهاء في وجوب الصوم عليه إلى قولين :
القول الأول : إن لم يعرف السجين الشهر وأشكل عليه سقط عنه ولزمته أيام أخر إن كان في غير بلده " مسافراً " و إلا فلا . وهو قول الظاهرية (4) .
والقول الثاني : إن اشتبهت عليه الشهور وجب عليه الاجتهاد والصوم , فإن صام بغير اجتهاد ووافق رمضان لم يجزئه بلا خلاف , وهو قول الحنفية (5) , والمالكية (6) , والشافعية (7) , والحنابلة (8) .
الأدلة :
استدل الظاهرية بالقرآن .
1- قوله تعالى : فَمَنْ { y‰خky مِنْكُمُ uچ÷kO9$# فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ BQ$ƒr& uچyzé& } (9) .
وجه الدلالة :
__________
(1) البقرة 183 .
(2) متفق عليه .
انظر: صحيح البخاري , كتاب التفسير , باب وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة 3/153, صحيح مسلم ,كتاب الإيمان , باب أركان الإسلام ودعائمه العظام 1/ 45.
(3) المهذب 1/184 .
(4) المحلى 6/262 .
(5) بدائع الصنائع 2/86 , المبسوط 3/59 , البحر الرائق 2/282 .
(6) الشرح الكبير 1/475 .
(7) المهذب 1/187 , المجموع 6/284 , التهذيب 3/156 .
(8) المغني 3/96 , كشاف القناع 2/307 .
(9) البقرة 185 .(1/28)
أن الله تعالى لم يوجب صيام رمضان إلا على من شهده وبالضرورة ندري أن من جهل وقته لم يشهده (1) .
2- قال تعالى : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } (2) . وقال { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ 8luچxm } (3) .
وجه الدلالة :
أن من لم يكن في وسعه معرفة دخول رمضان لم يكلفه الله تعالى صيامه بنص القرآن , ومن سقط عنه صوم الشهر فلا قضاء عليه لأنه صوم غير ما أمر الله تعالى به (4) .
واستدل الجمهور بالآتي :
1- إن من اشتبهت عليه الشهور فإن الصوم لا يسقط عنه بل يجب لبقاء التكليف وتوجه الخطاب .
2- إن من اشتبه عليه دخول شهر رمضان يجري عليه حكم من اشتبهت عليه القبلة فصلى إلى جهة بغير اجتهاد ووافق القبلة , أو اشتبه عليه وقت الصلاة فصلى بلا اجتهاد ووافقه فإنه لا يجزئه بلا خلاف (5) .
المناقشة والترجيح :
رد الجمهور على الظاهرية بالآتي :
1- إن استدلالكم بقوله تعالى : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " مردود بأن معناه أن من شهد الشهر بالغاً عاقلاً مكلفاً فليصمه (6) , وهذا السجين شهده بهذه الصفات فيكون واجباً عليه , والسجين يعلم أن عليه صوم شهر في السنة لذا قلنا يجب عليه التحري فلا يعذر بالجهل والله أعلم .
2- إن استدلالكم بقوله تعالى : " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " بأن السجين لم يكن في وسعه معرفة دخول رمضان لم يكلفه الله تعالى صيامه مردود بأن السجين بعدم الاجتهاد والتحري لم يبذل ما في وسعه لمعرفة الوقت فلا يدخل في معنى الآية , وكذلك التحري والاجتهاد لا يعتبر فيه ضيق وحرج عليه .
ويبدو لي - والله أعلم - رجحان قول الجمهور لأن المخالف دليله ضعيف .
فرع :
__________
(1) المحلى 1/262 .
(2) البقرة 286 .
(3) الحج 78 .
(4) المحلى 1/262 .
(5) المجموع 6/284 .
(6) النكت والعيون 1/241 .(1/29)
إذا قلنا أن الصوم واجب على السجين أو الأسير , وأنه إن اشتبهت عليه الشهور فعليه أن يتحرى ويصوم , فإن صام فله أربعة أحوال (1) :
الحالة الأولى :
أن يستمر به الإشكال ولا يعلم هل صيامه صادف رمضان أو تقدم أو تأخر , فصومه صحيح , ويجزئه ولا إعادة عليه بلا خوف , لأنه أدى فرضه باجتهاده فأجزأه .
الحالة الثانية :
أن يوافق صومه رمضان أو ما بعده فإنه يجزئه في قول عامة الفقهاء إلا ما حكي عن الحسن بن صالح أنه لا يجزئه في هاتين الحالتين لأنه صامه على الشك فلم يجزئه كما لو صام يوم الشك فبان من رمضان .
وليس هذا القول بصحيح لأنه أدى فرضه بالاجتهاد في محله , فإذا أصاب أو لم يعلم الحال أجزأه كالقبلة إذا اشتبهت , أو الصلاة في يوم الغيم إذا اشتبه وقتها , وفارق يوم الشك فإنه ليس بمحل الاجتهاد , فإن الشرع أمر بالصوم عند إمارة عينها فما لما توجد يجز الصوم .
الحالة الثالثة :
إن وافق صومه قبل الشهر , فينظر إن أدرك رمضان بعد بيان الحال لزمه صومه بلا خلاف لتمكنه منه في وقته , وإن لم يبن الحال إلا بعد مضي رمضان فالقول الذي عليه عامة العلماء إنه لا يجزئه , لأن العبادة لا تسبق الوقت كما لو اجتهد في وقت الصلاة فوافق قبل الوقت لا تصح صلاته .
وفي مذهب الشافعي القديم يجزئه , لأنه بالاجتهاد كالحجيج إذا أخطأوا فوقفوا يوم الثامن يكون محسوباً .
وهذا القول غير مسلم إلا إذا أخطأ الناس كلهم لعظم المشقة عليهم , وإن وقع ذلك لنفر منهم لم يجزئهم , ولأن ذلك لا يؤمن مثله في القضاء بخلاف الصوم .
الحالة الرابعة :
أن يوافق صومه بعض رمضان دون بعض , فما وافق رمضان أو بعده أجزأه وما وافق قبله لم يجزئه .
فرع :
__________
(1) بدائع الصنائع 2/86 , المبسوط 3/59 , البحر الرائق 2/282 , الشرح الكبير للدردير 1/475 , المهذب 1/187 , المجموع 6/284 , التهذيب 3/156 المغني 3/96 , كشاف القناع 2/307 .(1/30)
إذا صام السجين أو الأسير بالاجتهاد , فصادف صومه الليل دون النهار , لزمه القضاء بلا خلاف, لأنه ليس وقتاً للصوم فوجب القضاء كيوم العيد (1) .
فرع :
إذا لم يعرف الأسير و السجين الليل ولا النهار بل استمرت عليه الظلمة دائماً .
قال النووي : هذه مسألة مهمة قل من ذكرها , وقد حكى الإمام أبو بكر المروزي فيه ثلاثة أوجه للأصحاب :
أحدها : يصوم ويقضي لأنه عذر نادر .
والثاني : لا يصوم لأن الجزم بالنية لا يتحقق مع جهالة الوقت .
والثالث : يتحرى ويصوم ولا يقضي كيوم الغيم في الصلاة .
قال النووي : الأصح أنه يلزمه التحري والصوم ولا قضاء عليه , هذا إذا لم يظهر له فيما بعد الخطأ , فإن تبين أنه صادف الليل لزمه القضاء بلا خلاف (2) .
الفصل الرابع : أحكام السجين في الحج
الحج من أركان الإسلام لقوله تعالى : وَلِلَّهِ { عَلَى النَّاسِ حِجُّ دMّٹt7ّ9$# مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } (3) .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم " بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان " (4) .
وقد أجمع المسلمون على فرضيته (5) .
والسجين الذي لم يؤد فرض الحج هل يسقط عنه , وهل يجوز له أن ينيب غيره في الحج عنه ؟
وللإجابة عن هذا نقول , لا يخلو حال السجين من أمرين :
أحدهما : أنه لا يرجى الإفراج عنه كمن حكم عليه بالسجن المؤبد أو عليه قصاص أو حد .
والثاني : أنه يرجى الإفراج عنه كمن حكم عليه بمدة معينة .
المبحث الأول
السجين الذي لا يرجى الإفراج عنه
اختلف العلماء فيه إلى قولين :
أحدهما : إنه لا يلزمه الحج بنفسه ولا بالنيابة عنه .
__________
(1) المجموع 6/286 .
(2) المجموع 6/288 .
(3) آل عمران 97 .
(4) سبق تخريجه ص 26 .
(5) الإجماع 41 .(1/31)
وهو ظاهر المذهب عن أبي حنيفة ورواية عن أبي يوسف ومحمد (1) , ومذهب الإمام مالك (2) .
الثاني : إن كان له مال ووجد أجيراً فيجب عليه أن ينيب غيره ولا يسقط عنه فرض الحج .
وبه قال من الصحابة علي بن أبي طالب, ومن التابعين الحسن البصري, ومن الفقهاء الثوري وإسحاق وابن المنذر (3) , وظاهر الرواية عن أبي يوسف ومحمد (4) , ومذهب الشافعية (5) , والحنابلة (6) .
الأدلة :
استدل من قال بعدم النيابة بالقرآن والعقل .
أ) القرآن :
1- قوله تعالى : { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } (7) .
وجه الدلالة :
الآية تدل على أن فعل الغير ليس من سعيه (8) .
2- قوله تعالى : وَلِلَّهِ { عَلَى النَّاسِ حِجُّ دMّٹt7ّ9$# مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } (9) .
وجه الدلالة :
إن السجين الذي لا يرجى الإفراج عنه لا يستطيع السبيل إلى الحج (10) 0) .
ب) العقل :
إن العبادات لا ينوب فيها أحد عن أحد ,فإنه لا يصلي أحد عن أحد باتفاق ولا يزكي أحد عن أحد (11) 1)
واستدل من قال بجواز النيابة بالسنة والعقل .
أ) السنة :
__________
(1) حاشية ابن عابدين 2/459 , تحفة الفقهاء 1/384 .
(2) الكافي لابن عبد البر 1/357 , بداية المجتهد 1/319 , جواهر الإكليل 1/166 .
(3) كتاب الحج من الحاوي 1/35 , المجموع 7/100 .
(4) المبسوط 4/153 , البحر الرائق 2/335 , حاشية ابن عابدين 2/459 , تحفة الفقهاء 1/384 .
(5) كتاب الحج من الحاوي 1/36 , المجموع 7/101 .
(6) المبدع 1/95 , شرح الزركشي 3/31 , المغني 3/177 .
(7) النجم 39 .
(8) الحاوي 1/36 .
(9) آل عمران 97 .
(10) المجموع 7/101 .
(11) بداية المجتهد 1/32 , كتاب الحج من الحاوي 1/36 , المجموع 7/101 .(1/32)
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع قالت : يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستوي على الراحلة فهل يقضي عنه أن أحج عنه ؟ قال " نعم " (1) .
وجه الدلالة :
يدل الحديث على وجوب الحج على العاجز وعلى جواز النيابة عنه (2) .
ب) العقل :
إن الحج عبادة تجب بإفسادها الكفارة , فجاز أن يقوم غير فعله فيها مقام فعله كالصوم إذا عجز عنه افتدى بخلاف الصلاة (3) .
المناقشة والترجيح :
اعترض من قال بجواز النيابة على الفريق الآخر بالآتي :
1- ما استدللتم به من الآية { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى } مردود , بأنه قد وجد من المحبوس السعي وهو بذل المال والاستئجار (4) .
2- ما استدللتم به من القياس على الصلاة مردود بأن الصلاة لا تدخلها النيابة بحال (5) .
بعد هذا العرض يبدو لي - والله أعلم - رجحان مذهب من قال بجواز النيابة لأن الحديث صريح في جوازها عند العجز .
فرع :
يترتب على المسألة السابقة أن المسجون إذا أناب من حج عنه ثم أفرج عنه فهل يلزمه حج ثان .
ذهب الحنفية (6) , والأصح من مذهب الشافعية (7) على أنه إذا أناب غيره ثم أفرج عنه وقدر على الحج فإن عليه الإعادة والحج بنفسه .
__________
(1) متفق عليه , واللفظ للبخاري .
انظر : صحيح البخاري , كتاب جزاء الصيد , باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة 1/457 , صحيح مسلم , كتاب الحج , باب عن العاجز لزمانه وهرم 2/973 .
(2) كتاب الحج من الحاوي 1/38 .
(3) المغني 3/178 .
(4) كتاب الحج من الحاوي 1/39 , المجموع 7/101 .
(5) كتاب الحج من الحاوي 1/39 , المجموع 7/101 .
(6) حاشية ابن عابدين 2/459 , تحفة الفقهاء 1/384 , المبسوط 4/153 , البحر الرائق 2/335 .
(7) كتاب الحج من الحاوي 1/59 , روضة الطالبين 3/13 , المجموع 7/115.(1/33)
قال النووي : نقل هذا القول القاضي عياض عن جمهور العلماء (1) .
وذهب أحمد (2) ,وإسحاق (3) وفي قول ضعيف للشافعية (4) ,بأنه لا يلزمه الإعادة ولا يجب عليه حج آخر.
الأدلة :
استدل من قال بعدم الإجزاء بالعقل فقالوا :
إن هذا بدل إياس , فإذا قدر تبينا أنه لم يكن ميئوساً منه فلزمه الأصل كالآيسة إذا اعتدت بالشهور ثم حاضت لا تجزئها تلك العدة (5) .
واستدل الفريق الآخر بالعقل فقالوا (6) :
1- أنه أتى بما أمر به فخرج عن العهدة كما لو لم يبرأ .
2- أنه أدى حجة الإسلام بأمر الشارع فلم يلزمه حج ثان كما لو حج بنفسه .
3- أن إعادة الحج تفضي إلى إيجاب حجتين عليه , ولم يوجب الله عليه إلا حجة واحدة .
المناقشة والترجيح :
اعترض على أصحاب المذهب الأول بالآتي (7) :
1- قولكم بأن الاستنابة بدل إياس فإذا بَرِئ لم يكن ميئوساً منه مردود , بأنه لو لم يكن ميئوساً لما أبيح له أن يستنيب, فإنه شرط لجواز الاستنابة .
2- أما قولكم بأنه كالآيسة , فيرد بأن الآيسة إذا اعتدت بالشهور فلا يتصور عود حيضها , فإن رأت دماً فليس بحيض ولا يبطل به اعتدادها ولكن من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه إذا اعتدت سنة ثم عاد حيضها لم يبطل اعتدادها .
بعد هذا العرض يبدو لي - والله اعلم - رجحان مذهب من قال أنه لا يلزمه الإعادة لقوة أدلتهم .
المبحث الثاني
السجين الذي يرجى الإفراج عنه
__________
(1) المجموع 7/102 .
(2) شرح الزركشي 3/33 , المغني 3/178 .
(3) المجموع 7/102 , المغني 3/178 .
(4) كتاب الحج من الحاوي 1/59 .
(5) المبسوط 4/153 , كتاب الحج من الحاوي 1/59 , المغني 3/178 .
(6) المغني 3/178 , شرح الزركشي 3/33 .
(7) المغني 3/179 .(1/34)
السجين الذي يرجى الإفراج عنه لا يجوز له أن يستنيب من يحج عنه , وهذا مذهب أحمد (1) والشافعي (2) وذهب الحنفية بأنه يجوز له أن يستنيب غيره (3) .
فإن أناب غيره .
فعند الحنفية أن أمره مراعى إن استمر في السجن حتى مات فإنه يبرأ من حج الفرض ويقع مجزياً لتحقق اليأس عن الأداء بالبدن , وإن خرج من السجن فإنه لا يبرأ ولا يقع مجزياً لعدم تحقق اليأس فكان عليه حجة الإسلام (4) .
وذهب الحنابلة إلى أنه إن أناب غيره لم يجزئه ولم يبرأ من حجة الإسلام (5) .
وفصل الشافعية في ذلك فقالوا (6) :
إن استأجر من يحج عنه نظر في حاله , فإن خرج من السجن لم يجزه عن فرضه وإن مات , فإن كان قبل أن يحج عنه فقد أجزأه لوقوع الحج بعد موته في زمان يصح فيه النيابة عنه .
وإن كان موته بعد أن حج عنه ففي إجزائه قولان :
أصحهما : لا يجزئ اعتباراً بالابتداء .
والثاني : يجزئ اعتباراً بالانتهاء .
الخاتمة :
إن أهم النتائج التي توصلت إليها في هذا البحث هي :
1- أن السجين إذا منع عنه الماء فإنه يجوز له أن يتيمم ويصلي ولا يعيد الصلاة .
2- إذا فقد السجين الطهورين فإنه تجب عليه الصلاة على حسب حاله ولا إعادة عليه .
3- إذا لم يجد السجين غير ثوب نجس يصلي فيه ولم يقدر على تغييره أو غسله فإنه يصلي بالثوب النجس ولا يعيد .
4- إذا حبس السجين في مكان نجس , فإنه يصلي ويتجافى ملاقاة النجاسة ويتجنبها في قعوده , ويومئ في السجود إلى الحد الذي لو زاد عليه لاقى النجاسة ولا يعيد الصلاة .
__________
(1) المغني 3/178 , شرح الزركشي 3/33 .
(2) كتاب الحج من الحاوي 1/58 , روضة الطالبين 3/13 .
(3) المبسوط 1/153 .
(4) المبسوط 1/153 , شرح فتح القدير 3/146 .
(5) المغني 3/178 .
(6) كتاب الحج من الحاوي 1/58 .(1/35)
5- إذا اشتبه على السجين وقت الصلاة فإنه يجتهد في معرفة الوقت إذا لم يخبره ثقة عن مشاهدة , فإذا أخبره عن مشاهدة لم يجز له الاجتهاد ووجب العمل بخبره , وإذا أخبره ثقة عن اجتهاد فإنه لا يقلده ويجتهد لنفسه حتى يغلب على ظنه , وإذا وجب الاجتهاد فصلى بغير اجتهاد لزمه إعادة الصلاة وإن صادف الوقت .
6- إذا جرد السجين من ثيابه ولم يقدر على تحصيل ما يستر عورته صلى عرياناً وأجزأته صلاته ولا إعادة عليه.
7- إذا اشتبهت على السجين القبلة , وكان معه في السجن مسلمين يؤدون الصلاة يأخذ بقول الثقة الذي يخبر عن علم , وإن كان في السجن مصلى صلى إلى محرابه , وإذا لم يجد من يخبره عن القبلة فعليه أن يجتهد في تحديد القبلة ويصلي إلى الجهة التي أداه إليها اجتهاده , وإذا لم يستطع الاجتهاد أو تعادلت عنده الإمارات تخير جهة من الجهات وصلى إليها واكتفى بذلك ولا إعادة عليه .
8- إن عجز السجين عن القيام في الصلاة صلى قاعداً , فإن لم يستطع فعلى جنب ويستقبل بوجهه القبلة .
9- إذا اشتبه على السجين دخول شهر رمضان أو لا يعلم الشهور من بعضها فعليه الاجتهاد , فإن صام بغير اجتهاد ووافق رمضان لم يجزئه .
10- إذا لم يؤد السجين فرض الحج وكان لا يرجى الإفراج عنه وله مال ووجد أجيراً وجب عليه أن ينيب غيره ولا يسقط عنه فرض الحج , أما إذا كان ممن يرجى الإفراج عنه فإنه لا يجوز له أن يستنيب من يحج عنه .
المصادر
- القرآن الكريم .
- الأحكام السلطانية , علي بن محمد بن حبيب الماوردي , (د.ط) دار الفكر , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- أحكام القرآن , أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص , طبعة مصورة عن الطبعة الأولى , دار الكتاب العربي , بيروت - لبنان (د.ت) .
- الاختيار لتعليل المختار , عبد الله بن محمود الموصلي , تعليق الشيخ محمود أبو دقيقة , ط3 , دار المعرفة للطباعة والنشر , بيروت - لبنان , 395هـ - 1975م .(1/36)
- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل , محمد ناصر الدين الألباني , ط1 , المكتب الإسلامي , بيروت, دمشق , 1399هـ - 1979م .
- أسهل المدارك شرح إرشاد السالك , أبو بكر حسن الكشناوي , ط2 , دار الفكر , بيروت - لبنان , (د.ت).
- الإشراف على نكت مسائل الخلاف , القاضي عبد الوهاب بن علي البغدادي , ط1, دار ابن حزم , بيروت - لبنان , 1420هـ , 1999م .
- الأصل , أبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني , صححه وعلق عليه : أبو الوفا الأفغاني , (د.ط) , إدارة القرآن والعلوم الإسلامية , كراتشي - باكستان , (د.ت) .
- الأم , محمد بن إدريس الشافعي , تصحيح : محمد زهري النجار , ط2 , دار المعرفة للطباعة والنشر , بيروت - لبنان , 1393هـ - 1973م .
- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف , أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي , تحقيق : حامد الفقي ,ط2 , دار إحياء التراث العربي , بيروت - لبنان , 1400هـ - 1980م .
- البحر الرائق شرح كنز الدقائق , زين الدين إبراهيم بن نجيم , ط2 , دار المعرفة للطباعة والنشر , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- بحر المذهب , عبد الواحد بن إسماعيل الروياني , مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم 369 فقه شافعي.
- بجيرمي على الخطيب , سليمان البجيرمي , (د.ط) , دار المعرفة للطباعة والنشر , بيروت - لبنان , 1398هـ - 1978م .
- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع , أبو بكر بن مسعود الكاساني , ط2 , دار الكتاب العربي , بيروت - لبنان, 1402هـ- 1982م .
- البداية والنهاية , الحافظ ابن كثير , ط3 , مكتبة المعارف , بيروت - لبنان , 1979م .
- بداية المجتهد ونهاية المقتصد , أبو الوليد محمد بن أحمد رشد , ط4 , دار المعرفة للطباعة والنشر , بيروت - لبنان , 1398هـ - 1978م .
- البناية في شرح الهداية , أبو محمد محمود بن أحمد العيني , تصحيح : محمد عمر الرامفوري , ط1 , دار الفكر للطباعة والنشر, بيروت - لبنان , 1400هـ - 1980م .(1/37)
- البيان والتحصيل , أبو الوليد محمد بن أحمد رشد ( الجد ) , تحقيق : د. محمد حجي , (د.ط) , دار الغرب الإسلامي ,بيروت-لبنان ، 1404هـ - 1984م .
- تبين الحقائق شرح كنز الدقائق , فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي , ط2 , دار المعرفة للطباعة والنشر , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- تتمة الإبانة , أبو سعيد عبد الرحمن المعروف بالمتولي , مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم 50 فقه شافعي.
- تحفة الفقهاء , علاء الدين السمرقندي , ط1 , دار الكتب العلمية , بيروت - لبنان , 1405هـ -
1984م .
- تفسير القرآن العظيم , أبو الفداء إسماعيل بن كثير , ط1 , دار إحياء التراث العربي , بيروت - لبنان , 1420هـ - 2000م .
- التهذيب في فقه الإمام الشافعي , أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي , تحقيق : عادل عبد الموجود , علي معوض , ط1 , دار الكتب العلمية , بيروت - لبنان , 1418هـ - 1997م .
- التوضيح في الجمع بين المقنع والتنقيح , أحمد بن محمد الشويكي , تحقيق : ناصر بن عبد الله الميمان , المكتبة المكية , مكة المكرمة , 1417هـ - 1997م .
- الجامع لأحكام القرآن , أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي , ط3 , دار القلم ,بيروت-لبنان، 1386هـ - 1966م
- جواهر الإكليل شرح العلامة خليل , صالح عبد السميع , (د.ط) , دار الفكر ,بيروت-لبنان، (د.ت) .
- الجوهرة النيرة على مختصر القدوري , أبو بكر بن علي بن محمد الحداد , (د.ط) , المكتبة الإمدادية , ملتان - باكستان , (د.ت) .
- حاشية رد المحتار على الدر المختار , محمد أمين الشهير بابن عابدين , ط2 , دار الفكر , بيروت - لبنان, 1386هـ - 1966م .
- الحاوي من أوله حتى نهاية غسل الجمعة والعيدين , علي بن محمد بن حبيب الماوردي , تحقيق : د. راوية بنت أحمد الظهار , ط1, دار المجتمع , جدة , 1414هـ - 1993م .
- حاشية الدسوقي على الشرح الكبير , محمد عرفة الدسوقي , (د.ط) , دار الفكر , بيروت - لبنان ,(د.ت).(1/38)
- حاشية الروض المربع , جمع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم , ط3 , (د.ن) , 1405هـ .
- حقوق الإنسان في الإسلام , د. راوية بنت أحمد الظهار , بحث غير منشور .
- الدر الثمين والمورد المعين , محمد بن أحمد ميارة , (د.ط) , دار الفكر , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- روضة الطالبين , أبو زكريا يحيي بن شرف النووي , (د.ط) , المكتب الإسلامي , بيروت , دمشق , (د.ت).
- السجن وموجباته في الشريعة الإسلامية , د. محمد بن عبد الله الجريوي , ط2 , (د.ن) , 1417هـ - 1997م .
- سراج السالك شرح أسهل المسالك , عثمان بن حسنين بري الجعلي , (د.ط) , دار المعرفة للطباعة والنشر ,بيروت-لبنان، 1402هـ - 1982م .
- سنن ابن ماجه , أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني , تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي , (د.ط) , دار إحياء التراث العربي , بيروت - لبنان , ( د.ت) .
- سنن أبي داود , أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني , تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد , (د.ط), دار إحياء السنة النبوية ,بيروت-لبنان (د.ت) .
- سنن الترمذي وهو الجامع الصحيح , أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي , تحقيق : عبد الوهاب عبد اللطيف ,ط3 دار الفكر ,بيروت-لبنان 1398هـ - 1978م .
- سنن الدار قطني , علي بن عمر الدار قطني , تحقيق : السيد عبد الله هاشم اليماني , (د.ط) , دار المحاسن للطباعة , القاهرة , 1386هـ - 1966م .
- السنن الكبرى , أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي , ط1 , مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بالهند , حيدر آباد الدكن , 1347هـ .
- شرح الزركشي على مختصر الخرقي , محمد بن عبد الله الزركشي , تحقيق : عبد الله الجبرين , (د.ط) , (د.ن) , (د.ت) .
- الشرح الصغير , أحمد بن محمد بن أحمد الدردير , مطبوع بهامش بلغة السالك , (د.ط) , دار الفكر , بيروت - لبنان , (د.ت) .(1/39)
- شرح العناية على الهداية , محمد بن محمود البابرتي , مطبوع مع شرح فتح القدير , ط2 , دار الفكر , بيروت - لبنان , 1397هـ - 1977م .
- شرح فتح القدير , كمال الدين محمد بن عبد الواحد السيواسي المعروف بابن الهمام الحنفي , ط2 , دار الفكر , بيروت - لبنان , 1397هـ - 1977م .
- الشرح الكبير , أحمد بن محمد بن أحمد الدردير , مطبوع بهامش حاشية الدسوقي , (د.ط) , دار الفكر , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- الشرح الكبير , عبد الرحمن بن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة , مطبوع مع المغني , (د.ط) , المكتبة السلفية , المدينة المنورة , (د.ت) .
- صحيح ابن حبان , ترتيب علاء الدين الفارسي , تحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان , (د.ط) , المكتبة السلفية , المدينة المنورة, 1390هـ - 1970م .
- صحيح البخاري , أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري , (د.ط) , دار الكتب العلمية , بيروت - لبنان , 1420هـ - 1999م .
- صحيح سنن أبي داود , محمد ناصر الدين الألباني , ط1, مكتبة المعارف , الرياض و1419هـ - 1998م
- صحيح سنن ابن ماجه , محمد ناصر الدين الألباني , ط3 , مكتب التربية العربي لدول الخليج , 1408هـ - 1988م .
- صحيح مسلم , أبو الحسين مسلم بن الحجاج , تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي , (د.ط) , دار إحياء التراث العربي , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- فتاوى قاضيخان , حسن بن منصور الأوزجندي , مطبوع بهامش الفتاوى الهندية , ط3, دار إحياء التراث العربي , بيروت - لبنان , 1400هـ - 1980م .
- فتح الباري شرح صحيح البخاري , أحمد بن علي بن حجر العسقلاني , ط2 , دار المعرفة ,بيروت-لبنان (د.ت) .
- فتح العزيز شرح الوجيز , أبو القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي . مطبوع مع المجموع , (د.ط) , دار الفكر , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- الفروع , أبو عبد الله محمد بن مفلح , ط3 , عالم الكتب , بيروت , 1402هـ .(1/40)
- الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي , د. مصطفى الحسن وآخرون , ط4 , دار القلم , بيروت , الدار الشامية , 1421هـ - 2000م .
- الفواكه الدواني , أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا النفراوي , (د.ط) , دار المعرفة للطباعة والنشر , بيروت - لبنان , (د.ت).
- قوانين الأحكام الشرعية , محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي , طبعة جديدة , دار العلم للملايين , بيروت - لبنان , 1979م .
- الكافي , موفق الدين عبد الله بن قدامة , تحقيق : زهير الشاويش , ط3 , المكتب الإسلامي , بيروت , دمشق , 1402هـ - 1982م .
- الكافي في فقه أهل المدينة , أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي , تحقيق وتقديم : د. محمد محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني , ط2 , مكتبة الرياض الحديثة ,الرياض , 1400هـ 1980م .
- كتاب الحج من الحاوي , علي بن محمد بن حبيب الماوردي , تحقيق : د. غازي خصيفان , رسالة لنيل درجة الدكتوراه مقدمة لكلية الشريعة بجامعة أم القرى , 1407هـ - 1987م .
- كتاب الخراج , القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم , ط5 , المطبعة السلفية , القاهرة , 1396هـ .
-كتاب الصلاة من الحاوي , علي بن محمد بن حبيب الماوردي , تحقيق : السيد عقيل حسين المنور , رسالة دكتوراه , مقدمة لكلية الشريعة .بجامعة أم القرى , 1407هـ - 1987م .
- كشاف القناع عن متن الإقناع , منصور بن يونس البهوتي , (د.ط) , عالم الكتب , بيروت , 1403هـ - 1983م .
- لسان العرب , أبو الفضل محمد بن مكرم بن منظور , (د.ط) , دار صادر , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- المبدع في شرح المقنع , إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن مفلح , (د.ط) , المكتب الإسلامي , بيروت , دمشق 1980م .
- المبسوط , محمد بن أبي سهل السرخسي , ط3 , دار المعرفة , بيروت - لبنان , 1398هـ - 1978م
- المجموع شرح المهذب , أبو زكريا يحيي بن شرف النووي , (د.ط) , دار المعرفة , بيروت - لبنان , (د.ت).(1/41)
- المحلى , أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم , (د.ط) , دار الآفاق الجديدة , بيروت , (د.ت) .
- مختصر المزني , أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيي المزني , مطبوع مع الأم , ط2 , دار المعرفة , بيروت - لبنان, 1393هـ - 1983م .
- مختصر الفتاوى المصرية , أبو عبد الله محمد بن علي الحنبلي , صححه : محمد حامد الفقي , ط2 , دار ابن القيم , السعودية, الدمام , 1406هـ - 1986م .
- المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين , محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء القاضي أبو يعلى , تحقيق : د. عبد الكريم اللاحم , ط1 , مكتبة المعارف , الرياض , 1405هـ - 1985م ز
- المستدرك على الصحيحين , أبو عبد الله الحاكم , ط1 , دار الكتاب العربي , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- مسند الإمام أحمد , أحمد بن حنبل , ط2 , المكتب الإسلامي , بيروت , 1398هـ 1978م .
- المطلع على أبواب المقنع , أبو عبد الله محمد بن أبي الفتح البعلي , (د.ط) , المكتب الإسلامي , بيروت , دمشق , 1401هـ - 1981م .
- معجم البلدان , ياقوت الحموي , (د.ط) , دار إحياء التراث العربي , بيروت - لبنان , 1399 هـ- 1979م .
- المغني , موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة , (د.ط) , المكتبة السلفية , المدينة المنورة , (د.ت) .
- مغني المحتاج , محمد الخطيب الشربيني , (د.ط) , دار الفكر , بيروت - لبنان , (د.ت) .
- الممتع في شرح المقنع , زين الدين المنجي التنوخي الحنبلي , تحقيق : د. عبد الملك بن دهيش , ط1 , دار خضر , بيروت - لبنان , 1418هـ - 1997م .
- منار السبيل , إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان , تحقيق : زهير الشاويش , ط4 , المكتب الإسلامي , بيروت , دمشق , 1399هـ - 1979م .
- المنتقى شرح موطأ الإمام مالك , أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي , ط1 , مطبعة السعادة , مصر , دار الكتاب العربي , بيروت - لبنان , 1331هـ .(1/42)
- منهاج الطالبين , أبو زكريا يحيي بن شرف النووي , (د.ط) , دار إحياء الكتب العربية , مصر , 1380هـ - 1960م .
- المهذب في فقه الإمام الشافعي , إبراهيم بن علي الشيرازي , ط2 , دار المعرفة , بيروت - لبنان , 1379هـ - 1959م .
- النكت والعيون , علي بن محمد بن حبيب الماوردي , تعليق : السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم , ط1, دار الكتب العلمية , بيروت - لبنان , 1412هـ - 1992م .
- نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج , أبو العباس أحمد بن حمزة الرملي , (د.ط) , المكتبة الإسلامية المدنية, (د.ت) .
- الهداية شرح بداية المبتدي , علي بن أبي بكر المرغيناني . الطبعة الأخيرة , المكتبة الإسلامية المدنية , (د.ت) .
- الوسيط في المذهب , محمد بن محمد الغزالي , تحقيق : د. علي القرة داغي , ط1 , اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر , بغداد , (د.ت) .(1/43)