آداب الحجَّام:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أمَّا بعد :
فإنَّ من واجب الديانة على الحجام:جملةٌ من الخصائص والصفات،قسم منها:لأنه مسلم من عامة المسلمين، وقسم :لأنه حجام يندرج فعله تحت فرع من فروع علم الطب،وقد وكّلت إليه أرواح الناس ورعايتها،وسأذكر هذه الصفات والخصائص الواجبة على سبيل الإجمال.
وهناك جملة من الآداب: وجودها في الحجام على سبيل الندب والاستحباب.
فأقول :
1- الدافع :
يجب أن يكون دافع الحجام الأول هو: علاج المريض،والمحافظة على حياته،غاضاً النظر عن لونه وجنسيته،ووظيفته الاجتماعية،ومشاعره الشخصية،وأن لا تكون غايته هي جمع المال لا غير،وأن يفعل كل ذلك ابتغاء مرضاة الله جلَّ وعلا.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إنما الأعمال بالنيات)) متفق عليه.وقال-أيضاً - صلى الله عليه وسلم - :
(( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل )) أخرجه:مسلم .وفي الصحيح عن أنس –رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبُّ لنفسه )) .
2- الصدق:
لا تستقيم معاملة الحجام للمرضى إلاّ بعد مراعاة هذا الواجب والتزامه،فتكون أقواله وأفعاله وأخباره متفقة مع الحقيقة والواقع،ومن ثمّ تحمل الثقة والطمأنينة إلى المرضى،وترفع الشكوك والظنون السيئة عنهم .
1
قال الله جلَّ وعلا: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } سورة التوبة،آية:119.
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( عليكم بالصدق،فإنَّ الصدق يهدي إلى البر،وإن البر يهدي إلى الجنَّة،وما يزال الرجل يصدق ،ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً،وإياكم والكذب؛فإن الكذب يهدي إلى الفجور،وإنّ الفجور يهدي إلى النار،وما يزال الرجل يكذب ،ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )) .(1/1)
فيحرم على الحجام أن يخبر المريض بما يخالف الحقيقة والواقع،ويعتبر مسؤولاً عن كلِّ قول صادر عنه،متحملاً للأضرار المترتبة عليه إذا كذب فيما أخبر .
3- النصيحة للمرضى:
تعتبر النصيحة للمرضى من أهم الواجبات التي ينبغي على الحجام مراعاتها،والقيام بها على الوجه المطلوب.
فمن حقوق المسلم على أخيه المسلم أن ينصح له،فيرشده إلى أصلح الأمور ،وخير حاله في الدنيا والآخرة ،ففي صحيح مسلم من حديث تميم الداري-رضي الله عنه-أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( الدين النصيحة،قلنا: لمن؟قال:لله،ولكتابه،ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم )) .
وثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن جرير-رضي الله عنه- أنه قال:
((بايعت رسول - صلى الله عليه وسلم - على إقامة الصلاة،وإيتاء الزكاة ،والنصح لكل مسلم )) .
فالواجب على الحجام:القيام بواجب النصح للمرضى فيشير عليهم باختيار الأصلح،والأخف ضرراً،ولو كان على سبيل فوات المصلحة الدنيوية عليه،فما عند الله خيرٌ وأبقى .
2
فإذا علم الحجَّام: أن العلاج الأفضل لهذا المريض في بديل آخر غير الحجامة،أو دواء آخر ،وجب عليه إخبار المريض بذلك،ولا يمتنع عن نصحه خشية فوات مصلحة دنيوية .
4- الوفاء بالوعد:
الحجام قد يحدد مواعيد معيّنة لمرضاه،فيجب عليه شرعاً الوفاء بهذه المواعيد،ولا يجوز له تأخير ذلك،إلاَّ لوجود عذر شرعي يرخص له التخلف عن أداء هذه الالتزامات في المواعيد المحددة .
ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( آية المنافق ثلاثٌ،إذا حدث كذب،وإذا وعد أخلف،وإذا ائتمن خان )) .
5- حفظ عورة المريض:
دلت الأدلة الشرعية على وجوب حفظ العورات،وستر السوءات،وعدم النظر إليها بدون حاجة داعية إلى النظر .(1/2)
قال تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إنَّ الله خبير بما يصنعون - وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنَّ ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهنَّ ... الآية } سورة النور،الآيتان:30-31 .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
(( لا ينظر الرجلُ إلى عورة الرجل،ولا المرأة إلى عورة المرأة )) .
وقد أجمع علماء الإسلام –رحمهم الله- على وجوب ستر العورة عن أعين الناس(1) .
ومن ثمَّ فالحجام مطالبٌ شرعاً بالتزام هذا الأدب،ومراعاة حرمة العورة،فلا يجوز له أن يقوم بمطالبة المرضى رجالاً كانوا أو نساءً بالكشف عن موضع من العورة إلاّ بعد أن توجد الضرورة الداعية إلى ذلك الكشف .
__________
1-انظر: قوانين الأحكام الشرعية،لابن جزي: (ص69) .
3
وبالنسبة للمرأة المسلمة إن احتاجت للحجامة،فالأولى لها على الأصل أن تحجمها امرأة،فإن لم تجد وكانت محتاجة للحجامة جاز أن يحجمها رجل .
قال الإمام العز بن عبد السلام –رحمه الله-: ((ستر العورات والسوءات واجب،وهو أفضل المروءات وأجمل العادات،ولا سيما في النساء الأجنبيات،لكنّه يجوز للضرورات والحاجات.
أمّا الحاجات: فكنظر كل واحد من الزوجين إلى صاحبه،ونظر الأطباء لحاجة المداواة .
وأما الضرورات: فكقطع السلع المهلكات،ومداواة الجراحات المتلفات )) (1)
فبين- رحمه الله-:أن نظر الطبيب إلى عورة مريضه لمداواة جراحة وغيرها يعتبر من المستثنيات من حرمة النظر إلى العورة،وذلك لمكان الضرورة والحاجة .
فإذا جاز للحجام الرجل أن يحجم المرأة عند الضرورة إلى ذلك وجب أثناء الحجم أمور:
أولاً : عدم الخلوة بالمريضة .
قال - صلى الله عليه وسلم - : ((لا يخلونّ رجلٌ بامرأة إلاّ مع ذي محرم )) أخرجه البخاري .
ثانياً: غض البصر عن غير موضع الحجامة .(1/3)
قال تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إنَّ الله خبير بما يصنعون - وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنَّ ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهنَّ ... الآية } سورة النور،الآيتان:30-31 .
ثالثاً : نصحُ المريضة بالحجاب الشرعي .
رابعاً : كشف الجزء المطلوب والضروري من جسمها لا غير .
______________
1- انظر:قواعد الأحكام،للعز بن عبد السلام: (2/165) .
4
وذلك للقاعدة الشرعية التي تقول: ((ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها)) (1) .
قال الشيخ أحمد الزرقاء-رحمه الله- في شرحه لهذه القاعدة:((ما تدعو إليه الضرورة من المحظورات إنما يرخص منه القدر الذي تندفع به الضرورة فحسب،فإذا اضطر إنسان لمحظور فليس له أن يتوسع في المحظور،بل يقتصر منه على قدر ما تندفع به الضرورة فقط )) (2) .
فالحجام مضطر لمحظور وهو:الكشف والنظر إلى العورة،وهذا الاضطرار مقيد بموضع معين،فليس له مجاوزته في الكشف والنظر،ولا الزيادة على الوقت المحتاج إليه .
فإن خالف هذا الواجب: فقد عرض نفسه للإثم،وكان للقاضي المسلم أن يحكم بتعزيره بما يستحق من العقوبة .
6- كتمانُ سرِّ المريض:
حفظ أسرار الناس ،وستر عوراتهم واجب كلِّ مسلم،ويتأكد هذا الواجب على الحجام،وذلك:لأن المرضى قد يكشفون له شيئاً من أسرارهم ،فيجب على الحجام لزاماً أن يصون ما كُشف له من أحوال مريضه،محيطاً تلك الأسرار بسياجٍ كامل من الكتمان .
صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (( من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة )). رواه مسلم وأبو داود واللفظ له وغيرهما عن أبي هريرة-رضي الله عنه- .
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
((لا يستر عبدٌ عبداً في الدنيا،إلا ستره الله يومَ القيامة )) .(1/4)
وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( من ستر عورة أخيه؛ ستر الله عورته يوم القيامة،ومن كشف عورة أخيه المسلم؛كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته)) حديث حسنٌ،أخرجه ابن ماجة في السنن.
ــــــــــــــــ
1- الأشباه والنظائر،للسيوطي: (ص84) والأشباه والنظائر،لابن نجيم: (ص86) .
2- شرح القواعد الفقهية،للزرقاء: (ص133) .
إلاَّ أنه يجوز للحجام-وقد يجب- إظهار أسرار المريض في حالات خاصة،منها :
أ - إذا كان هناك ضرر على مصلحة المريض..كأن يكون المريض مصاباً بمرض نفسي قد يدفعه إلى إحداث ضرر بنفسه كالانتحار مثلا،فالواجب على الحجام عندئذ أن يخبر أهل المريض حتى يمنعوه عن إيقاع الضرر بنفسه.
ب - إذا كان هناك ضرر على مصلحة إنسان آخر ..كأن يكون المريض مصاباً بمرض تناسلي معدٍ،وهو على وشك الزواج،وطلب منه المعالج تأخير زواجه إلى حين شفائه فرفض المريض ،فحينئذ يجب على المعالج إخبار أهل الزوجة منعاً لوقوع الضرر بها إذا تم الزواج .
ج - إذا كان هناك ضرر على المصلحة العامة..كأن تكون مهنة المريض سائقَ حافلة عامة،أو قائد طائرة ،وهو مصاب بمرض عصبي يفقده السيطرة على قواه كالصرع مثلا،فيجب على المعالج أن يمنعه من أداء مهنته هذه لوقوع الضرر بالآخرين،فإن لم يمتنع جاز للمعالج إخبار الجهات المعنية لمنعه .
7- حُسْنُ الخلق :
يتعامل الحجام مع الناس بشكل مستمر،وغالب هؤلاء الناس هم مرضى يحتاجون إلى الرعاية واللطف ،فيجب على الحجام أن يكون معهم كريماً شفوقاً،حسن العشرة،طيب الكلام،مشاركاً لهم مصائبهم،ومواسياً لهم،ومعبراً لمرضاه عن تمنياته الصادقة بالشفاء العاجل،والمعافاة الكاملة .
في الصحيحين عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-قال: لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحشاً،ولا متفحشاً،وكان يقول: (( إنَّ من خياركم أحسنكم أخلاقاً )) .
6(1/5)
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟فقال: (( تقوى الله وحسنُ الخلق )).وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار؟فقال: (( الفمُ والفَرْجُ )) . حديث حسن . أخرجه أحمد، والبخاري في الأدب المفرد،والترمذي،وابن ماجة.
وعند الطبراني وابن حبان في صحيحه عن أسامة بن شريك -رضي الله عنه-قال:كنّا جلوساً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنَّما على رؤوسنا الطير،ما يتكلم منا متكلم،إذ جاء أُناسٌ فقالوا :من أحبُّ عباد الله إلى الله تعالى ؟قال: (( أحسنهم خُلقاً )) حديث صحيح.انظر: صحيح الترغيب: (3/10 ) .
8- التواضع :
لابدَّ للحجام أن يكون متواضعاً،يقبل الحق أينما وجده،فيقبل مشورة غيره من الحجامينَ،طالباً قدر استطاعته الاستفادة منهم في سبيل علاج مرضاه.قال الله عز وجل: { وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً } سورة الفرقان،آية:63.
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه – أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((ما نقص مالٌ من صدقة،وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزَّاً،وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله))رواه مسلم .
وثبت في مسند الإمام أحمد،والبخاري في الأدب المفرد ،والحاكم في المستدرك،عن ابن عمر –رضي الله عنهما-قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
(( من تعظَّم في نفسه أو اختال في مشيته،لقي الله عزَّ وجل وهو عليه غضبان )) .
9- التعليم :
يجب أن يكون الحجام مستعداً دائماً لتعليم إخوانه الجدد في صناعة الحجامة،والذين لا تزال معارفهم قاصرة،وتنقصهم الدُّرْبَةُ والخبرةُ في هذه الصناعة التي تصدوا لتعلمها،والعلاج بها .
أخرج البخاري ومسلم عن أنس –رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) .
7
وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله –رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
(((1/6)
من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل )) .
10- التأصيل الشرعي،أو التفقه في الدين :
يجب على الحجام المسلم أن يعرف الأمور الشرعية المتعلقة بصناعة الحجامة التي تصدى للعلاج بها،حتى لا يقع في محذور يخالف شريعة الإسلام،فإنَّ للحجامة بعضاً من الأحكام الشرعية الخاصة بها.
وقد عرفت – أيها الحجام – شيئاً منها قبلُ،وسأذكر بعضاً منها – بمشيئة الله- عند الحديث عن الأحكام الفقهية المتعلقة بالحجامة .
عن معاوية –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين )) متفق عليه .
11- تفريجُ كُرَبِ المريض،وتقديم المساعدة لكلِّ محتاج :
من واجب الأخوة الإسلامية:أن يدفع المسلم عن أخيه الضرر قدر استطاعته،وأن يقوم بمساعدته في أي وقت وحين،والحجام المسلم مندرجٌ في عموم هذا الواجب، فعليه مساعدة الناس قدر استطاعته،وعلاجهم في أي وقت كان .
في الصحيحين عن ابن عمر-رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
(( المسلم أخو المسلم،لا يظلمه،ولا يُسْلِمُهُ،من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربةً فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة )) .
12- التلطف بالمريض،والرفق به،والحِلم في استجوابه عند علاجه :
على الحجام أن يكون رفيقاً متلطفاً في تعامله مع مريضه،مراعياً مستوى المريض النفسي والثقافي،مخاطبا إيَّاه على قدر عقله.
وأن يستمع الحجام للمريض باهتمام إلى شكواه .
8
عن عائشة-رضي الله عنها- قالت:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((إنَّ الرفق لا يكون في شيءٍ إلاّ زَانَهُ،ولا يُنزَعُ من شيءٍ إلا شَانَهُ )) رواه مسلم .
وعن ابن عباس-رضي الله عنمها-قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأشجِّ: (( إنَّ فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحِلْمُ والأناةُ )) رواه مسلم .
ثم يدعو الحجام للمريض بالشفاء والعافية.(1/7)
أخرج البخاري في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها -أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتى مريضاً أو أُتيَ به،قال: ((أذهب الباس،اشف وأنت الشافي،لا يغادر سقماً)) .
وفي الصحيحين عنها-رضي الله عنها-:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول: (( اللهم رب الناس، أذهب الباس،اشف أنت الشافي لا شفاء إلاّ شفاؤك،شفاءً لا يغادر سقماً )) .
وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أعرابي يعودُه،وكان إذا دخل على من يعوده قال: (( لا بأس،طهورٌ إن شاء الله )) رواه البخاري .
وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه-قال:عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (( اللهم اشف سعداً،اللهم اشف سعداً،اللهم اشف سعداً )) .
ثم يُذَكِّرُ المريضَ بالأدعية المأثورة الصحيحة التي تقال عند المرض(1) موصياً له بالتوبة والاستغفار،لما في ذلك من توثيق صلة المريض بربه،وزيادة اعتماده عليه سبحانه جلَّ وعلا،فهو المفرج للكروب،والمعافي للأمراض،والرافع للبلاء،لا ربَّ سواه ولا إله غيره .
________________
1- فائدة : حديث : (( من قرأ آية الكرسي عند الحجامة كانت منفعتها منفعة حجامتين )) .
لا يصح،وعليه لا يستحب قراءة آية الكرسي عند الحجامة .
9
قال سبحانه: { أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشفُ السوء ويجعلُكم خُلفاءَ الأرض أءله مع الله قليلاً ما تذكرون } سورة النمل،آية:62.
13- مواكبة التطور العلمي :
على الحجام متابعة كلِّ ما هوجديد في مجال تخصصه،وذلك للاستفادة مما يجد من أبحاث حول الحجامة،والعلم الحديث كما نرى ونسمع يأتينا بين الحين والآخر بما هو جديد ونافع للحجامة وفوائدها،فينبغي للحجام الاهتمام بذلك من أجل فائدة نفسه ومرضاه،وتطبيق تلك الفوائد عند العلاج بالحجامة .
وختاماً لبعض الآداب المتعلقة بالحجام،وبكلمةٍ جامعةٍ، أقول:(1/8)
يجب على الحجام أن يستند في جميع أعماله ،وأقواله،وكلِّ تصرفاته إلى أحكام شريعة الإسلام،مبتعداً عن الأدران والشهوات والشبهات،مهتماً بحسن لباسه،وطيب رائحته،ونظافة بدنه،وأن يكون حسنَ الأخلاق،سليم القلب، عفيف النظر،صادق اللهجة، معتقداً أن الشفاء من عند الله جلَّ وعلا،وأنه مهما استخدم من علاج،فلابد من وجود تقدير الخالق سبحانه – مسبقاً- العافية لهذا المريض بهذا الدواء،ناقلاً الحجام هذا الاعتقاد الجازم إلى المريض ،فكم من مرض يسير كانت به نهاية صاحبه،وكم من علة شديدة،ومرض عضال حصل منه الشفاء والبرء بإذن الله (1) .
عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنه-قال :قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((لكلِّ داءٍ دواءٌ،فإذا أصيب دواء الداء برىء بإذن الله عزَّ وجل )) أخرجه مسلم .
ـــــــــــــ
1- انظر:الطب النبوي،للنسيمي : (3/386-390)والطب النبوي في ضوء العلم الحديث: (2/246-248)وأحكام الجراحة: (ص 459إلخ )والطبيب المسلم،الواجبات والمسؤوليات،للدكتور شبيب الحاضري.ونفح الطيب في آداب وأحكام الطبيب،لإبراهيم بن محمد .
10(1/9)