مسؤولية العلماء والمثقفين ورجال الفكر والمال
مسؤولية العلماء والمثقفين ورجال الفكر والمال في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام، على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن حبنا لنبينا صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، وذبنا عنه صلوات الله وسلامه عليه، قائد الغر المحجلين، ودفاعنا عنه، خليل رب العالمين، ونصرتنا له، نبي الرحمة، المبتعث بالهدى والحكمة، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وحزننا لما يتعرض له من سب، وإيذاء، وسخرية، وافتراء، وطعن فيه وفي دينه، ونحو ذلك، من الذين قال فيهم رب العزة جل وعلا: ( لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب ) [التوبة: 29]؛ إنما هو نابع من عقيدتنا في أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم، المتضمنة الإيمان بهم أجمعين، وبأن رسالتهم حق من الله تعالى فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع، قال العلامة الشنقيطي:" إن من كذب رسولاً واحداً فقد كذب جميع المرسلين، ومن كذب نذيراً واحداً فقد كذب جميع النذر؛ لأن أصل دعوة جميع الرسل واحدة، وهي مضمون لا إله إلا الله كما أوضحه تعالى بقوله: ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [النحل:36]، وقوله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [الأنبياء:25]،وقوله تعالى: ( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) [الزخرف:45].(1/1)
وأوضح تعالى أن من كذب بعضهم فقد كذب جميعهم في قوله تعالى: ( ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً * أولئك هم الكافرون حقاً) [النساء: 150-151]الآية، وأشار إلى ذلك في قوله: ( لا نفرق بين أحد من رسله ) [البقرة:285]،وقوله: ( لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون )[البقرة: 136]وقوله تعالى: ( والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم) الآية[النساء: 151].
وقد أوضح تعالى في سورة الشعراء أن تكذيب رسول واحد تكذيب لجميع الرسل وذلك في قوله: ( كذبت قوم نوح المرسلين ) [الشعراء: 105]، ثم بين أن تكذيبهم للمرسلين إنما وقع بتكذيبهم نوحاً وحده حيث فرد ذلك بقوله : ( إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون ) [الشعراء: 106] إلى قوله : ( قال رب إن قومي كذبون ) [الشعراء: 117]، وقوله تعالى : ( كذبت عاد المرسلين ) [الشعراء: 123]، ثم بين أن ذلك بتكذيب هود وحده حيث فرده بقوله: ( إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون ) [الشعراء:124]، ونحو ذلك في قوله تعالى في قصة صالح وقومه ولوط وقومه وشعيب وأصحاب الأيكة كما هو معلوم وهو واضح لا خفاء فيه ويزيده إيضاحاً قوله صلى الله عليه وسلم:" إنا معاشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد"(1) يعني أنهم كلهم متفقون في الأصول وإن اختلفت شرائعهم في بعض الفروع"(2).(1/2)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ولهذا كان من صدق محمداً صلى الله عليه وسلم فقد صدق كل نبي، ومن أطاعه فقد أطاع كل نبي، ومن كذبه فقد كذب كل نبي، ومن عصاه فقد عصى كل نبي، قال تعالى: ( إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً * أولئك هم الكافرون حقاً ) [النساء: 150-151]،وقال تعالى: ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون ) [البقرة:85]، ومن كذب هؤلاء تكذيبا بجنس الرسالة فقد صرح بأنه يكذب الجميع ولهذا يقول تعالى : ( كذبت قوم نوح المرسلين ) [الشعراء: 105]، ولم يرسل إليهم قبل نوح أحداً وقال تعالى : ( وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم ) [الفرقان: 37]"(3).
وقال أيضاً:"فكل من كذب محمداً، أو المسيح، أو داود، أو سليمان، أو غيرهم من الأنبياء الذين بعثوا بعد موسى، فهو كافر قال تعالى : ( ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون ) [البقرة: 87]، وقال تعالى : ( وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ) [البقرة:91]"(1).
وقال العلامة ابن عثيمين:"وعلى هذا فالنصارى الذين كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه، هم مكذَّبون للمسيح ابن مريم غير متبعين له أيضاً، لا سيما وأنه قد بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولا معنى بشارتهم به إلا أنه رسول إليهم ينقذهم الله به من الضلالة ويهديهم إلى صراط مستقيم".(1/3)
وقال العلامة السعدي:"ووجه كونهم كافرين حتى بمن زعموا الإيمان به أن كل دليل دلهم على الإيمان بمن آمنوا به موجود هو أو مثله أو ما هو فوقه في النبي الذي كفروا به وكل شبهة يزعمون أنهم يقدحون بها في النبي الذي كفروا به موجود مثلها أو أعظم منها فيمن آمنوا به فلم يبق بعد ذلك إلا التشهي والهوى ومجرد الدعوى التي يمكن كل أحد أن يقابلها بمثلها"(2).
وقال الحافظ ابن كثير:"فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد صمد لا إله غيره ولا رب سواه ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء لا يفرقون بين أحد منهم فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض بل الجميع عندهم صادقون بارون راشدون مهديون هادون إلى سبيل الخير وإن كان بعضهم ينسخ شريعة بعض بإذن الله حتى نسخ الجميع بشرع محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين الذي تقوم الساعة على شريعته ولا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين"(3).
وعليه فإن عقيدتنا هي : الإيمان برسل الله عز وجل جميعاً لا نفرق بين أحد منهم، فنؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأرسله إلى جميع الناس لقوله تعالى: ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو فآمنوا بالله ورسوله الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) [الأعراف:158].
ونؤمن بأن شريعته صلى الله عليه وسلم هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه لقوله تعالى: ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) [المائدة:3]، وقوله: ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) [آل عمران:85].(1/4)
ونؤمن بتعظيم الله تعالى له وثنائه عليه في القرآن في غير ما آية نذكر منها قوله تعالى: ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) [التوبة:128].
وقال تعالى: ( وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين ) [الأنبياء: 107].
وقال تعالى: ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً * وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ) [الأحزاب: 45-46].
وقال تعالى: ( ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك ) [الشرح: 1-4].
قال قتادة:"رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاةٍ إلا ينادي بها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله"(1).
وقال تعالى: ( وأطيعوا الله والرسول )[آل عمران: 132]،( آمنوا بالله ورسوله ) [النساء:136]، قال القاضي عياض:"قرن طاعته بطاعته واسمه باسمه، فجمع بينهما بواو العطف المشتركة، ولا يجوز جمع هذا الكلام في غير حقه صلى الله عليه وسلم"(2).
وقال تعالى: ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ) [الأحزاب: 56].
وقال تعالى: ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) [النساء:80].
وقال تعالى: ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) [آل عمران: 31].
وقال تعالى: ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شهداً ومبشراً ونذيراً ) [الأحزاب: 45]، فلم يخاطبه باسمه في شيءٍ من القرآن، بل قال : ( يا أيها النبي ) ( يا أيها الرسول )، وخاطب غيره باسمه: ( يا آدم ) ( يا موسى ) ( يا عيسى ) (1). ولذلك قال السيوطي:"قال العلماء: ومن خصائصه أن الله تعالى لم يناده في القرآن باسمه"(2).(1/5)
وقال تعالى: ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) [الحجر: 72]، قال القاضي عياض:"اتفق أهل التفسير في هذا أنه قسم من الله جل جلاله بِمُدَّةِ حياة محمد صلى الله عليه وسلم، ومعناه: وبقائك يا محمد، وقيل وعيشك، وقيل: وحياتك؛ وهذه نهاية التعظيم، وغاية البر والتشريف"(3). وقال العز بن عبد السلام:"والإقسام بحياة المُقْسَم بحياته يدل على شرف حياته وعزتها عند المُقْسِم بها، وأن حياته صلى الله عليه وسلم لجديرة أن يقسم بها لما فيها من البركة العامة والخاصة، ولم يثبت هذا لغيره صلى الله عليه وسلم"(4). وقال الحافظ ابن كثير: "أقسم تعالى بحياة نبيه صلوات الله وسلامه عليه وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع وجاه عريض، قال عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس أنه قال:"ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره". قال الله تعالى: ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) يقول:وحياتك،وعمرك، وبقائك في الدنيا ( إنهم لفي سكرتهم يعمهون) رواه ابن جرير"(5).
وقال تعالى: ( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ) [الفتح:1] قال القاضي تقي الدين السبكي:"السورة كلها، وكذلك السورة التي تليها سورة الحجرات، فليتأمل اللبيب ما فيها من التعظيم لهذا النبي الكريم- مما لو بُسِطَ لكان مجلدات- ولزوم الأدب معه والتوقير والإجلال"(6).
وقال تعالى: ( سبحان الذي أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ) [الإسراء: 1]وما تضمنته هذه القصة: من العجائب(1).
وقال تعالى: ( والله يعصمك من الناس ) [المائدة: 67].
وقال تعالى: ( إلا تنصروه فقد نصره الله ) [التوبة:40].
وقال تعالى: ( فأنزل الله سكينته عليه ) [التوبة:40].
وقال تعالى: ( إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر * إنا شانئك هو الأبتر ) [الكوثر :1-3].(1/6)
وقال تعالى: ( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم ) [الحجر: 87].
وقال تعالى: ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) [الأحزاب: 6].
قال القاضي تقي الدين السبكي:"وكم في القرآن من آية لا نستطيع حصرها مما فيه تصريح وإشارة إلى علو قدره صلى الله عليه وسلم أكثر مما ذكرنا بكثير، فسبحان من شرفه وكرمه وعظمه على سائر الخلق، وصلى الله على هذا النبي الكريم، وحشرنا في زمرته ومن نحب بمنه وكرمه"(2).
قال ابن حزم:"من أراد خير الآخرة، وحكمة الدنيا، وعدل السيرة، والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها، واستحقاق الفضائل بأسرها فليقتد بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليستعمل أخلاقه وسيره ما أمكنه، أعاننا الله على الائتساء به بمنه وكرمه"(3).
فنؤمن بأنه صلى الله عليه وسلم جمع المحاسن كلها خَلْقاً وخُلُقاً، وكمّلَهُ الله تعالى صورة ومعنى، وما من خصلة من خصال الخير يتفاضل الخلائق بها ويفتخرون بشيءٍ منها إلا قد جمعها الله له في: كما خِلْقَتِه، وجمال صورته، ووفرة عقله، وصحة فهمه، وفصاحة لسانه، وقوة جنانه، وحواسه وأعضائه، واعتدال حركاته، وشرف نسبه، وعزة قومه، وكرم أرضه، وأحوال بدنه في غذائه ونومه وملبسه ومنكحه ومسكنه وماله وجاهه، وأخلاقه العلية، وآدابه الشرعية في دينه، وعلمه، وحلمه، وصبره، وشكره، وعدله، وزهده، وتواضعه، وعفوه، وأنه لم يغضب لنفسه، وعفته، وجوده، وشجاعته، وحيائه، ومروءته، وصمته، وتؤدته، ووفائه، وصدق لهجته، ورحمته، وحسن أدبه ومعاشرته، وغير ذلك مما لا يحصى من صفات الكمال التي إذا وجدت واحدةٌ منها في واحدٍ في عصرٍ من الأعصار ضرب به المثل، وصار يُعَظَّمُ بها على مَمَرِّ الدهور والأعصار، فكيف بمن اجتمعت فيه كُلُّها على أقصى درجات الكمال؟!(1/7)
هذا مع الخصال التي لا مطمع لبشر في شيء منها، من فضيلة النبوة، والرسالة، والمحبة، والخلة، والاصطفاء، والإسراء، والوحي، والشفاعة، والوسيلة، والفضيلة، والدرجة الرفيعة، والمقام المحمود، والبراق، والمعراج، والبعث إلى الأحمر والأسود، والصلاة بالأنبياء، والشهادة بين الأنبياء والأمم، وسيادة وَلَدِ آدم، ولواء الحمد والسيادة، والنذارة، والمكانة عند ذي العرش، والإمامة، والهداية، ورحمة للعالمين، والكوثر، وإتمام النعمة، والمغفرة لما تقدم وما تأخر، وشرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، وعزة النصر، ونزول السكينة والتأييد بالملائكة، وإيتاء الكتاب والحكمة والسبع المثاني والقرآن العظيم، وتزكية الأمة، والدعاء إلى الله، وصلاة الله وملائكته، والحكم بين الناس بما أراه الله، ووضع الإصر والأغلال عنهم، وإجابة دعوته، وتسليم الحجر عليه، وحنين الجذع إليه، وتكليم الجمادات والبهائم، ونبع الماء من بين أصابعه، وتكثير القليل، وانشقاق القمر، والنصر بالرعب،وتسبيح الحصا، والعصمة من الناس، وأنه لا ينام قلبه، وحل الغنائم لأمته وجعل الأرض كلها لهم مسجداً وطهوراً(1).
قال السبكي:"إلى غير ذلك من صفات الكمال التي لا يحيط بها إلا الله تعالى الذي آتاه إياها وفضله بها، لا إله غيره، مع ما أَعَدَّ له في الدار الآخرة من منازل الكرامة، ومراتب السعادة والحسنى والزيادة، التي تقف دونها العقول، ويحار دون أدائها الوَهْم"(2). وقال العز بن عبد السلام :"وهذه لمع وإشارات يكتفي العاقل الفطن بمثلها بل ببعضها"(3).(1/8)
فلا نملك إلا أن نقول كما قال العلامة الألباني:"فالحمد لله الذي جعلنا من أمة إجابته (صلى الله عليه وسلم)، ونسأله تعالى أن يرزقنا الإخلاص له في اتباعه (صلى الله عليه وسلم)، وأن يحشرنا معه في زمرة إخوانه الذين تمنى (صلى الله عليه وسلم) أن يراهم، كما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وددت أنا قد رأينا إخواننا. قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال:"أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد"(1).
وهم الذين وصفهم في حديث آخر له:
"من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله"(2)"(3).
فمن كانت هذه عقيدته في أنبياء الله - صلوات الله وسلامه عليهم؛ فإنه لا يقبل طعن في أحد منهم أو سب أحد منهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وبالجملة، فينبغي أن يعلم أن قيام دين الله في الأرض إنما هو بواسطة المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلولا الرسل لما عبد الله وحده لا شريك له، ولما علم الناس أكثر ما يستحقه سبحانه من الأسماء الحسنى والصفات العلى، ولا كانت له شريعة في الأرض. وليست أمة مستمسكة بالتوحيد إلا أتباع الرسل، قال الله سبحانه: ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه ) [الشورى:13]، فأخبر أن دينه الذي يدعو إليه المرسلون كبر على المشركين، فما الناس إلا تابع لهم أو مشرك، وهذا حق لا ريب فيه؛ فعلم أن سبَّ الرسل والطعن فيهم، ينبوع جميع أنواع الكفر، وجماع جميع الضلالات، وكل كفر ففرع منه، كما أن تصديق الرسل أصل جميع شعب الإيمان، وجماع مجموع أسباب الهدى"(4).(1/9)
كيف لا يكون ذلك والله عز وجل يقول: ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهما عذاباً مهيناً ) [الأحزاب:57]، وقوله تعالى: ( والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم ) [التوبة: 61].
ومن هنا كانت عقوبة ساب الرسول صلى الله عليه وسلم هي القتل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :"إن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله(1). هذا مذهب عليه عامة أهل العلم، قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن حدَّ من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل"(2).
وقال أيضاً:"إن سب الرسول صلى الله عليه وسلم جناية لها موقع يزيد على سائر الجنايات، بحيث يستحق صاحبها من العقوبة ما لا يستحقه غيره وإن كان كافراً حربياً مبالغاً في محاربة المسلمين، وأن وجوب الانتصار ممن كان هذه حاله كان مؤكداً في الدين، والسعي في إهدار دمه من أفضل الأعمال وأوجبها وأحقها بالمسارعة إليه وابتغاء رضوان الله تعالى فيه، وأبلغ الجهاد الذي كتبه الله على عباده وفرضه عليهم"(3).
وقال القاضي تقي الدين السبكي :"سب سائر الأنبياء والملائكة كسب النبي صلى الله عليه وسلم بلا خلاف"(4).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"كتب أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن حَدَّ الأنبياء ليس
يشبه الحدود، فمن تعاطى-يعني سب الأنبياء- من مسلم فهو مرتد، أو معاهد فهو محارب غادر، بل هو من أبلغ أنواع الحرب"(5).
ومما لاشك فيه أن سب النبي صلى الله عليه وسلم سبٌّ لجميع أمته وطعن في دينهم، وهو سب تلحقهم به غضاضة وعار. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ومعلوم أن السب من الأمور المضرة بالمسلمين، وأنه من أبلغ الفساد في الأرض؛ لما فيه من ذل الإيمان وعز الكفر"(6). وقال أيضاً:"أما انتهاك عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه منافٍ لدين الله بالكلية؛ فإن العرض متى انتهك سقط الاحترام والتعظيم، فسقط ما جاء به من الرسالة، فبطل الدين"(1).(1/10)
وحيال ما حدث من بعض الصحف الدانمركية والأوروبية من نشر صور مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ما تلفظ به (بابا الفاتيكان) من الانتقاص من النبي صلى الله عليه وسلم، ودينه، فالواجب علينا جميعاً هو نصرة النبي صلى الله عليه وسلم وتوفيره والثناء عليه وإظهار مدحه وتعظيمه، بكل ما نملك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"فقام المدحة والثناء عليه والتعظيم والتوقير له قيام الدين كله"(2).
فإن الواجب على كل مسلم القيام بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم بكل ما يستطيعه بلسانه، وماله، ونفسه، حسب القدرة والاستطاعة، قال تعالى: ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) [البقرة: 286]، وقال تعالى: ( فاتقوا الله ما استطعتم ) [التغابن:16]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"(3).
ولا بد أن تكون أعمالنا موافقة للكتاب والسنة، توزن بميزان الشرع، فعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد"(4). وفي رواية:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"(5). فلا ينصر النبي صلى الله عليه وسلم بالغلو الذي يوصله إلى مرتبة الإلوهية، أو نحو ذلك، عن طريق قصائد المديح التي على شاكلة "نهج البردة"، ولا عن طريق الاحتفالات المبتدعة كالاحتفال بمولده أو بالإسراء والمعراج، أو المظاهرات، والمسيرات في الشوارع، والهتافات، فهذه وسيلة غير شرعية، لا يجوز فعلها في بلاد المسلمين لما فيها من نوع خروج على ولي الأمر ؛ ولا يأتي من ورائها إلا الفوضى، ولا يتحقق بها المراد، أما في بلاد غير المسلمين فقد تتعين المظاهرات ـ إن لم تجب ـ إذا كانت هي الوسيلة المشروعة الوحيدة التي يمكن للمسلمين من خلالها التعبير عن آرائهم واستنكارهم لما تعرض له نبيهم صلى الله عليه وسلم .(1/11)
كما يجب علينا مراعاة المصالح والمفاسد المترتبة على أعمالنا، وكذلك مراعاة حالنا من القوة والضعف، وهذا كلام أهل العلم في اعتبار هذه القاعدة العظيمة ووجوب مراعاتها, قال ابن تيمية:"إذا لم يزُل المنكر إلاَّ بما هو أنكر منه, صارَ إزالتُه على هذا الوجه منكرًا, وإذا لم يحصل المعروف إلاَّ بمنكرٍ مفسدتُه أعظم من مصلحة ذلك المعروف, كان تحصيلُ ذلك المعروف على هذا الوجه منكرًا "(1). وقال أيضًا: "فإنَّ الأمرَ والنّهيَ وإنْ كان متضمِّنًا: لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة, فينظر في المعارض له؛ فإنْ كان الذي يفوتُ من المصالح أو يحصلُ من المفاسد أكثرُ: لَمْ يكنْ مأمورًا به, بل يكون محرَّمًا إذا كانت مفسدتُه أكثرَ من مصلحته, لكن اعتبار المصالح والمفاسد هو بميزان الشرع "(2). وقال أيضًا:"أهل السنّة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الإمكان, ويعلمون أنَّ اللهَ تعالى بعثَ محمّدًا صلى الله عليه وسلم بصلاح العباد في المعاش والمعاد, وأنّه أمرَ بالصلاح ونهى عن الفساد. فإذا كان الفعلُ فيه صلاحٌ وفسادٌ: رجَّحوا الراجحَ منهما. فإذا كان صلاحُه أكثرَ من فساده: رجّحوا فعلَه. وإِنْ كان فسادُه أكثرَ من صلاحه: رجّحوا تركه. فإنَّ اللهَ تعالى بعثَ رسولَه صلى الله عليه وسلم بتحصيل المصالح وتكميلها, وتعطيل المفاسد وتقليلها"(3). وقال ابنُ القيم رحمه الله تعالى:"فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله؛ فإنّه لا يسوغُ إنكارُه - وإن كان اللهُ يبغضُه ويمقتُ أهلَه"(4). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقتٍ هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يَطْعَنُونَ في الدين، وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون"(5).(1/12)
وقال العلامة ابن سعدي -رحمه الله-:"فليعلم هؤلاء ومن يستجيب لهم أن الله لم يكلِّف الناس إلا وسعهم وطاقتهم, وأن للمؤمنين برسول الله أسوة حسنة, فقد كان له صلى الله عليه وسلم حالان في الدعوة والجهاد : أُمر في كل حال بما يليق بها ويناسبها؛ أمر في حال ضعف المسلمين وتسلّط الأعداء بالمدافعة والاقتصار على الدعوة إلى الدِّين, وأن يكفّ عن قتال اليد, لما في ذلك من الضرر المربي على المصلحة, وأمر في الحالة الأخرى أن يستدفع شرور الأعداء بكلّ أنواع القوّة, وأن يسالم من تقتضي المصلحة مسالمته, ويقاوم المعتدين الذين تقتضي المصلحة بل الضرورة محاربتهم, فعلى المسلمين الاقتداء بنبيّهم في ذلك, وهو عين الصلاح والفلاح"(1).
وعلى ضوء ذلك، لا نفعل أفعال تجلب مفسدة أشد، ولا تتناسب مع ما نحن فيه من ضعف، كما يفعل بعض من لا علم عنده بالقيام بأعمال قد تؤدي إلى تذرع الكفار بها فيقومون بمزيد من الاعتداء على المسلمين، ونحو ذلك، مثل الاعتداء على السفارات، أو التفكير في اغتيال بعض من تلبس بالسب، أو نحو ذلك من الأعمال، فنحن في غنى عن هذه الأعمال التي تجلب المفسدة، ولا يرتدع بها المفسد المعتدي. فنحن نملك وسائل أخرى متاحة نستطيع بها نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب على المسلمين اليوم : إنكارُ هذا المنكر العظيم ، كل بما آتاه الله وأولاه . ويتحتم هذا الواجب ويتأكد في حق النخبة الفاعلة والشريحة المؤثرة وأخص منهم بالحديث : العلماء والمثقفين ورجال الفكر والإعلام والمال. وهذا هو ما أريد أن ألقي الضوء عليه، من خلال هذا البحث.(1/13)
ولكن قبل الشروع في ذلك، أقول: إن غيرة الله لنبيه صلى الله عليه وسلم شديدة، وحمايته بالغة؛ ولعل تسليتنا عند عجزنا عن الانتقام من هؤلاء السابة، -عليهم غضب الله وسخطه-، أن من سنة الله عز وجل الانتقام ممن سب الرسول صلى الله عليه وسلم، فالله عز وجل ينتقم ممن سب النبي صلى الله عليه وسلم، عند عجز المسلمين عن الانتقام منه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"ومن سنة الله أن من لم يمكن المؤمنون أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله؛ فإن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه. وكما قال سبحانه: ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين * إنا كفيناك المستهزئين ) [الحجر: 94-95]. ومن الكلام السائر:"لحوم العلماء مسمومة" فكيف بلحوم الأنبياء عليهم السلام؟ ولعلك لا تجد أحداً آذى نبينا من الأنبياء ثم لم يتب إلا ولا بد أن تصيبه قارعة."(2).
وقال أيضاً:"ونظير هذا ما حدثناه أعداد من المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر في زماننا، قالوا: كنا نحن نحصر الحصن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد نيأس إذ تعرض أهله لسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والوقيعة في عرضه، فعجلنا فتحه وتيسر ولم يكد يتأخر إلا يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يفتح المكان عنوة، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه مع امتلاء القلوب غيظاً عليهم بما قالوه فيه"(1).(1/14)
وقال القاضي تقي الدين السبكي:"ولهذا جرت العادة في الحصون والقلاع أنهم متى تعرضوا لذلك هلكوا، وكثير ممن رأيناه وسمعنا به تعرض لشيء من ذلك - وإن نجا من القتل في الدنيا- بلغنا عنهم خاتمة رديةٌ نسأل الله السلامة، وليس ذلك ببدع من غيرة الله لنبيه، وما من أحد وقع في شيء من ذلك في هذه الأزمنة مما شاهدناه أو سمعناه إلا لم يزل منكوساً في أموره كلها في حياة ومماته"(2).
وأدلف الآن إلى دور النخب الفاعلة والمؤثرة في الأمة من علماء ومثقفين ورجال فكر وإعلام ومال فأقول :
أولاً: دور العلماء: العلماء هم في طليعة المعنيين بالدفاع عن نبي الأمة صلى الله عليه وسلم ، لما لهم من دور كبير ومؤثر ولما عليهم من مسؤولية عظيمة، ويتلخص دورهم فيما يبدو لي في النقاط التالية:
1- كتابة الرسائل والكتب التي تعرف بدين الإسلام وقيمه الحضارية وترجمتها إلى مختلف اللغات .
2- الاستفاضة في تعريف الأمة والعالم بشخصية النبي صلى الله عليه وسلم وإبراز جوانب العظمة الإنسانية والحضارية والاجتماعية في سيرته .
3- إبراز الإعجاز العلمي في السنة النبوية.
4- تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى العالم الغربي والرد على الشبهات المثارة حول رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم .
5- وضع تأصيل علمي ومنهجي لفقه الدعوة والتعامل بين المسلمين وغير المسلمين في الدول والمجتمعات غير الإسلامية.
6- دعوة الدول الإسلامية لتبني رسالتها الدعوية في التعريف بالإسلام .
7- حث وزارات الدعوة والشؤون الإسلامية على أداء دورها ، وذلك بوضع الخطط والبرامج والأنشطة لنشر الفهم الصحيح للإسلام في المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية.
8- تصحيح سلوك بعض المسلمين المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
******
ثانياً : دور رجال الفكر والثقافة ورجال الإعلام(1/15)
لما كان لهؤلاء دور في التأثير على قطاع كبير من الناس في عصرنا هذا، فخطابنا لهم عنوانه ألا تنقطع صلتهم بأهل العلم، بل ينبغي أن يكونوا على صلة بهم، يستشيرونهم فما يتعلق بأمور الدين حتى تكون تلك الأطروحات منتظمة بما شرعه الله عز وجل بدلاً مما نشاهده من كتابات بعضهم التي تنم عن جهل بهذا الدين، وشر كبير، وهل هناك أعجب من رجل لا يعرف بديهيات الإسلام، ثم يرى نفسه موضعاً للاستدراك على أهل العلم والفتوى، ويرى نفسه أهلاً للرد عليهم والإفتاء بغير فتواهم المؤيدة بالدليل من الكتاب السنة!!
قال الحافظ ابن حجر:"وإذا تكلم المرء في غير فنه أتى بهذه العجائب"(1). وقال أيضاً العلامة المباركفوري:"والأصل أن الرجل إذا تكلم في غير فنه يأتي بمثل هذه العجائب"(2).
ومن مجالات مشاركتهم:
1- إنشاء مراكز الدراسات لتصحيح صورة الإسلام وبيان حقيقته.
2- رصد ودراسة أحوال المسلمين في البلاد غير الإسلامية واتجاهات الرأي في الغرب حول الإسلام ورسالته والنبي صلى الله عليه وسلم.
3- وضع خطط طويلة المدى للدعوة للإسلام والتعريف برسوله صلى الله عليه وسلم في الغرب، وعدم الاقتصار على ردود الأفعال والجهود الارتجالية والعمل على التنسيق والتكامل بين تلك الجهود.
4- متابعة ما يطرح عن الإسلام في وسائل الإعلام الغربية والعربية وتأييد الايجابي منه والرد على السلبي بالطرق المتاحة والمناسبة .
5- الإكثار من المواقع الإلكترونية الإسلامية لتقوم بدورها في التعريف بالإسلام ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
6- ترجمة المواقع الإسلامية إلى اللغات الحية ليستفيد منها غير العرب من المسلمين وغيرهم.
7- العمل توفير قاعدة معلومات علمية واسعة لإمداد الباحثين والمختصين في الشرق والغرب بالمعلومات الصحيحة الموثقة حول السيرة والسنة النبوية.(1/16)
8- تنظيم منتديات ومؤتمرات فكرية في دول العالم بالتنسيق مع الفعاليات الفكرية والثقافية في تلك الدول وغيرها حول الإسلام وقضاياه.
9- فتح قنوات التواصل مع النخب المثقفة والمؤثرة في العالم لتعريفها بالإسلام وقيمه الحضارية من خلال المحاضرات الأكاديمية والمؤتمرات العلمية وغيرها.
10- وضع سياسات إعلامية تنمي انتماء الفرد المسلم لدينه وأمته ووطنه.
11- على المؤسسات الإعلامية والقنوات الفضائية في الدول الإسلامية أن تتحمل مسؤولياتها والقيام بدورها في الدعوة للإسلام والتعريف به وبنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم والامتناع عن كل ما يخالف شريعة الإسلام.
12- تقديم الدعم الإعلامي للتعريف بأوضاع المسلمين في العالم وإبراز جهود المراكز والمنظمات والهيئات والاتحادات الطلابية الإسلامية في العالم.
13- تقديم مواد إعلامية تعرف بالإسلام وتخدم قضاياه في البرامج الشهيرة في القنوات العالمية الكبرى.
14- تقديم مواد وخدمات وإعلانات في التعريف بالإسلام ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم في المواقع العالمية الكبرى على الشبكة العنكبوتية.
15- تقديم البرامج الإسلامية بقوالب مشوقة ومتقنة لتوعية المسلمين بأمور دينهم ونشر الفكر الصحيح.
******
ثالثاً: دور رجال المال والأعمال:
ومن المعلوم أن جهاد الكفار يكون بالنفس والمال، كما قال الله تعالى: ( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) [التوبة :41]، قال العلامة السعدي:"أي ابذلوا جهدكم في ذلك واستفرغوا وسعكم في المال والنفس وفي هذا دليل على أنه كما يجب الجهاد في النفس يجب في المال حيث اقتضت الحاجة ودعت لذلك"(1).
بما أن معظم اقتصادياتنا قائمة على استيراد السلع من الخارج ، فإن أول واجب يتحتم على هذه الفئة هو مقاطعة السلع الدانمركية إلا ما لا يمكن الاستغناء عنها ولا يوجد لها بديل في السوق كدواء الأنسولين لمرضى السكر وغيره.(1/17)
قال تعالى: ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) [المائدة: 2] ، قال ابن خويز منداد في تفسير هذه الآية : "والتعاون على البر والتقوى يكون بوجوه؛ فواجب على العالم أن يعين الناس بعلمه فيعلمهم، ويعينهم الغني بماله، والشجاع بشجاعته في سبيل الله، وأن يكون المسلمون كاليد الواحدة.. .. ويجب الإعراض عن المعتدي، وترك النصر له، ورده عما هو عليه"(2).
والمقاطعة الاقتصادية داخلة في هذا المعنى فهي من جهة تعاون على منع العدوان، وهو مأمور به في الجملة ومؤكد عليه إذا كان عدواناً من غير المسلمين على المسلمين، ومن جهة أخرى فإن المقاطعة تعتبر تعاوناً على البر بما تستلزمه أو تحث عليه من التعامل والتكامل الاقتصادي بين المسلمين، وذلك تقوية لقدراتهم، وتعظيماً لمصالحهم، ومن جهة ثالثة فإن معارضة ذلك فيه إعانة للمعتدين الظالمين بتعظيم أرباحهم وتقوية اقتصادهم من خلال المتاجرة معهم والشراء منهم.
وقال تعالى: ( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين * ولا ينفقون نفقةً صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون ) [التوبة: 120-121].
ومعنى قوله: ( ولا يطأون موطأً يغيظ الكفار ) وهو الشاهد هنا: أن كل عمل تحصل به إغاظة الكفار يكون للمسلم به أجر من الله، ولا يكون الأجر إلا على العمل المشروع الذي فيه خير الدنيا وثواب الآخرة، ولا شك أن المقاطعة الاقتصادية تضر العدو وتغيظه وتغمه.(1/18)
وفي قصة ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة عندما أسلم وقال لأهل مكة :"والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم"(1). ثم خرج إلى اليمامة، فمنع قومه أن يحملوا إلى مكة شيئاً حتى جهدت قريش، حيث أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الأمر (المقاطعة الاقتصادية )، وإن كان صلى الله عليه وسلم استجاب بعد ذلك لطلب قريش بفك الحظر الاقتصادي عنهم(2).
فقيام الصحابي بهذا العمل واستخدامه وسيلةً لإضعاف المشركين اقتصادياً، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابيّ على هذا العمل دليل ساطع على مشروعية المقاطعة في الإسلام.
وهذا ما يحدث الآن نجد الحكام في بلاد المسلمين وأن لم يعلنوا صراحة المقاطعة، إلا أنهم لا يعارضونها، ولا يمنعونها، فالمقاطعة ليست مخالفة للولاة الأمور، في الجملة. والله أعلم.
إن سلاح المقاطعة ليس بدعة وإنما هو سلاح ناجح، جربته الهند بقيادة غاندي ونجحت في هز اقتصاد إنجلترا، وجربته مصر مع الإنجليز، وجربته كوبا مع أمريكا فلا يعرف شعبها ما يسمى بالمنتج الأمريكي أبداً، وجربته اليابان مع أمريكا ، مما جعل العم سام يقوم بجولات مكوكية أكثر من مرة يستجدي فتح السوق الياباني وتشجيع شراء المنتج الأمريكي .
وليس للمقاطعة غاية تنتهي إليها ، إلا محاسبة من قام بهذه الرسوم ومعاقبتهم عقوبة حاسمة رادعة .
أَمَّا ما ينادي به البعض ، من أن تكون غاية المقاطعة اعتذارَ الحكومة الدانمركية أو الصحيفة: فنقول إن هذه الجناية (سب الرسول صلى الله عليه وسلم) حَقٌّ عظيم لله عزَّ وجلَّ ، ليس لأحد أَنْ يتنازل عنه ، أو يُعلن المسامحة فيه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أَنْ يعفو عَمَّن شتمه وسَبَّهُ في حياته ، وليس للأمة أَنْ تعفوا عن ذلك"(1) .(1/19)
وقال أيضاً:"ومما يوضح ذلك : أنَّ سَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم تعلَّق به عدة حقوق : حَقّ الله سبحانه من حيث كَفَرَ برسوله صلى الله عليه وسلم ، وعادى أفضل أوليائه ، وبارزه بالمحاربة ، ومن حيث طعن في كتابه ودينه ، فإن صحتهما موقوفة على صحة الرسالة . ومن حيث طعن في ألوهيته ، فإنَّ الطعن في الرسول طَعْنٌ في الُمرْسِل ، وتكذيبَه تكذيبٌ لله تبارك وتعالى ، وإنكارٌ لكلامه وأمرِه وخبرِه وكثيرٍ من صفاته .
وتعلَّق به حَقُّ جميع المؤمنين من هذه الأمة ومن غيرها من الأُمم ، فإنَّ جميع المؤمنين مؤمنون به ، خصوصا أمته ، فإن قيام أمر دنياهم ودينهم وآخرتهم به ، بل عامة الخير الذي يصيبهم في الدنيا والآخرة بوساطته وسفارته ، فالسَّبُّ له أعظم عندهم من سَبِّ أنفسهم وآبائهم وأبنائهم وسَبِّ جميعهم ، كما أنه أحبُّ إليهم من أنفسهم وأولادهم وآبائهم والناس أجمعين . وتعلَّق به حَقُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث خصوص نفسه"(2).
فلا يجوز لأحدٍ أَن يتنازل عن حق ليس له ، ومن تنازل عن شيء من ذلك ، فإنما تنازل عن حَقِّ غيره ، ولا يَصِحُّ ذلك ولا يجوز .
وفي هذه المقاطعة أربعة أمور عظيمة:
أولها : الإعذار إلى الله عزَّ وجلَّ ، وبَذْلُ ما بالوسع والطاقة في نُصرة شرعه ودينه ، فَإِنَّ هذا واجبٌ لازمٌ ، وليس في أيدينا إلا هذا .
الثّاني : احتساب المُقاطِعِ الأجرَ من الله جَلَّ وعلا في ذلك ، وتعبُّده بهجر مُحادِّيه وأعدائه، والمجاهرين بذلك والمعلنين .
الثّالث : التنكيل بمن نالوا من نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وإذاقتهم بَعْضَ وبالِ أمرهم، بحيث يكون لهم عقوبة مؤلمة ، ويكون لغيرهم رادعاً ، وحامياً لحياض المسلمين ودينهم وعرض نبيهم صلى الله عليه وسلم .
الرّابع : إظهار عِزَّةَ المؤمنين وقوَّتهم ، ونَيْلَهُمْ من أعدائهم ومُتنقّصي رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم ، وإِنْ ضعفتْ حيلتهم عن مقاتلته .(1/20)
فهذه أربع مصالح عظيمة متحققة بإذن الله تعالى . لكن ثمة مصالح غيرها مهمة منها :
أولاً : التخلص من التبعية والهيمنة الغربية على حياتنا ، فقوائم المقاطعة للمنتجات الغربية كشفت تغلغلها في كل شيء في حياتنا اليومية .
ثانياً: ترشيد عادة الاستهلاك المفرط لدى شعوبنا، إذ أصبحت الدول العربية والإسلامية أكبر كتلة مستهلكة على وجه الأرض.
ثالثاًً: تشجيع الصناعات المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
ولا حجة ولا برهان لمن زَعَمَ أَنَّ المقاطعة غير نافعة ، أو أَنَّ نفعَها قليل ، وجوابه ما تقدم.
ولا يخفف من جدوى المقاطعة تعاقب صحف عديدة في الاتحاد الأوروبي على نشر تلك الصور في محاولة منهم لفَك المقاطعة ، وإضعاف عزم المسلمين وتشتيت أمرهم ، بإلزامهم بمقاطعة الدول الأوروبية مجتمعة أو تركها كلها .
ولا يخفى على العاقل اللبيب أن هذا المكر ما هو إلا حيلة شيطانية أملاها إبليس على قريش ليلة الهجرة فأقنعهم باشتراك رجل من كل قبيلة في قتل النبي صلى الله عليه وسلم ، ليضيعَ دَمُهُ في القبائل كُلِّهَا فتعجز بنو هاشم على المطالبة بدمه .
وعليه فإنه من العقل والحكمة معاملة هؤلاء بخلاف مقصودهم فتستمرّ مقاطعة الدانماركيين وهذا واجب لا محالة ، فإنهم هم الذي بدأوا هذا الأمر .
ومما ينبغي على رجال المال والأعمال القيام به أيضاً نصرة لنبيهم صلى الله عليه وسلم :
أولاً : تخصيص نسبة من أرباحهم لدعم جهود نشر الإسلام والتعريف بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ورسالته الحضارية الشاملة ، ودعم الجهود التي تبذل في هذا الصدد ومن ذلك :
1- المسابقات والكتب والرسائل التي تتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وتبرز شمائله ورحمته وعدله وإحسانه وسجاياه الحميدة كلها .
2- دعم وتمويل تنظيم منتديات ومؤتمرات فكرية في دول العالم حول الإسلام وقضاياه ونبيه صلى الله عليه وسلم .(1/21)
3- تقديم منح دراسية في الجامعات الإسلامية لأبناء المسلمين في الدول غير الإسلامية وكذلك الراغبين في التعرف على الإسلام من المفكرين من مختلف دول العالم.
4- دعم الدورات التأهيلية في أسس ومحاسن الإسلام والقضايا والشبهات الكبرى .
ثانياً : ينبغي عليهم التخطيط والعمل الجاد للوصول إلى الاستقلال الاقتصادي والاكتفاء الذاتي في جميع المجالات، ودعم الصناعات والمنتجات الوطنية والاستثمار الصحيح للموارد البشرية والطبيعية.
ثالثاً : يجب عليهم تبني الاقتصاد الإسلامي في الأعمال والمؤسسات المصرفية والبنكية.
******
الخاتمة
وفي خاتمة هذا البحث يحسن التنبيه على بعض الأمور :
أولها :أن الله منتقم لنبيه صلى الله عليه وسلم لا محالة .
الثّانية : أَنَّ مع ما في طعن هؤلاء من شَرٍّ وإغاظة للمؤمنين ، إلا أَنَّ فيه خيرا عظيما ، فقد أظهر هذا أمورًا خافيةً على كثير من الناس :
1- فعرفوا حقيقة دعاوى كثير من الأدعياء لمحبَّة الله ورسولِه صلى الله عليه وسلم ، الواقفين مواقف الرّيبة من هذه الجريمة ، إمّا بالسّكوت ، أو التّبرير ، أو التّهوين .
2- وعرفوا حجم العداء للإسلام وأهله ورسوله صلى الله عليه وسلم، بعد أَنْ غفل كثير من الناس عن ذلك ، بسبب تزيين أهل الأهواء والنفاق لأولئك وأن الغرب متسامح يريد التسامح . وإلا فإنَّ الله قد أخبر في كتابه مُحذِّرًا عبادَه المؤمنين منهم فقال: ( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) [البقرة: 105].
وقال: ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق )[البقرة: 109].
وقال: ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) [البقرة: 120].(1/22)
الثّالثة : أَنَّ الأمَّة مجتمعةً فيها قُوّةٌ وخيرٌ ، وأنَّها إذا اجتمعتْ على الحقِّ عجز عدوُّها عن أَنْ ينال منها أو يخيفَها ، فإظهار هؤلاء الكفار في صحفهم الأوروبية الطعنَ والاستهزاءَ بالنبي صلى الله عليه وسلم عَلَنًا ، جَعَلَ المسلمين مُتّحدين في موقفهم ، مُستشعرين خطرَهم وكيدَهم ، وجعل أعداءَهم مُتذبذبين خائفين مِنْ عواقب ذلك وتبعاتِه عليهم .
الرابعة : أَنَّ الدانماركيين لم يجدوا عُذْرًا يعتذرون به على قبيح فَعْلَتِهم وعظيم جُرْمِهم ، إلا سماح قوانينهم بحرّيّة التعبير وحرّيّة الصحافة ، بالرغم من أن هذه حُجّةٌ مدحوضةٌ ، فليس كُلُّ مَنْ أراد شيئا في الغَرْبِ قاله كما أنهم لا يسمحون لغيرهم بقول ما يريد إذا كان مخالفا لهم ، فعلى سبيل المثال : الكلام في محرقة اليهود ( الهولوكوست ) ممنوع ومن ينكرها يسجن ولو كانت حجته في إنكارها حرية الرأي .
فيجب علينا الحذر من دعوى حُرّيّة التعبير المُطلقة التي يروج لها بعض الكتاب والصحفيين والتي يُراد منها تمرير المخالفات الشرعية والطعن بالدعوة والعلماء والدعاة ومحاضن الخير .
الخامسة : يجب إخلاص النية لله تعالى وابتغاء مرضاته، والحذر من المباهاة في النصرة، والمزايدة المصحوبة بالعجب أو الغرور.
السادسة : يجب البدء بالنفس، والربط بين العلم والعمل، والتلازم بين القول والفعل، فلا ينبغي أن ندعو الناس لنصرة رسولنا صلى الله عليه وسلم ونحن لا نتمسك بهدْيه، ولا نتَّبع سنته، ولا نُعظم قدره.
السابعة : العمل بمبدأ التعاون والتكامل، والبعد عن التفرد والتعارض؛ حتى لا تتكرر الجهود مع إمكانية جمعها وإخراجها بصورة عظيمة تزيد نفعها وانتشارها؛ ولكي لا تُستنفد الإمكانيات مع وجود صورة أمثل وأفضل لاستثمارها.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
فهرس المصادر والمراجع
1- الاستقامة, تأليف ابن تيمية, مؤسسة قرطبة مصر .(1/23)
2- أضواء البيان, تأليف محمد الأمين الشنقيطي, دار الفكر بيروت.
3- أعلام الموقعين عن ربّ العالمين, تأليف ابن قيم الجوزية, مكتبة دار البيان سورية .
4- بداية السول في تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ، تأليف العز ابن عبد السلام ، المكتب الإسلامي.
5- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، تأليف المباركفوري، دار الكتب العلمية.
6- تفسير القرآن العظيم, تأليف ابن كثير, مكتبة الفيحاء دمشق ومكتبة دار السلام السعودية .
7- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان, تأليف السعدي, مؤسسة الرسالة بيروت .
8- الجامع لأحكام القرآن, تأليف القرطبي, دار إحياء التراث العربي بيروت.
9- السيف المسلول على من سب الرسول صلى الله عليه وسلم، تأليف تقي الدين السبكي، دار الفتح عمان الأردن.
10- الصارم المسلول على شاتم الرسول, تأليف ابن تيمية, دار الكتب العلمية لبنان.
11- فتح الباري الباري شرح صحيح البخاري تأليف ابن حجر العسقلاني، دار الريان للتراث.
12- مجموع فتاوى ابن تيمية, جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي بمساعدة ابنه محمد, دار عالم الكتب السعودية .
13- منهاج السنة النبوية, تأليف ابن تيمية, مكتبة ابن تيمية القاهرة .
14- مقررات وتوجهات مؤتمر نصرة النبي صلى الله عليه وسلم بالبحرين.(1/24)