مجموع فتاوى العلامة الالباني
جمع وترتيب
ابو سند محمد(1/1)
((مقدمة))
مجموع فتاوى العلامة الالباني
الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على الرسول الكريم ، محمد بن عبد الله الصادق الامين
وبعد
هذا مجموع فتاوى الشيخ العلامة الالباني رحمه الله تعالى ، وقد تم جمع مادتها من كتب واشرطة الشيخ رحمه الله تعالى
{طريقة جمع مادة الكتاب}
لقد قمت بتقسيم هذا الكتاب الى عدة كتب فكان اول كتاب هو كتاب العقيدة ثم كتاب الطهارة ثم كتاب الصلاة ،ثم الزكاة ثم الصيام و الحج ، ثم كتاب المرأة والنكاح والطلاق وتربية الاولاد ، ثم كتاب المرض والطب و الجنائز والقبور ، ثم كتاب التاريخ والسيرة وفضائل الصحابة ، ثم كتاب المستقبل و أشراط الساعة ، ثم كتاب المعاملات والآداب والحقوق العامة ، واخيرا كان كتاب فضائل القرآن والأدعية والأذكار والرقى ، ثم بعد هذا التقسيم قمت بوضع كل مادة في الباب الذي يناسبه ، وقد وضعت لهذه المادة سؤالا من عندي ثم اجبت على هذا السؤال من كلام الشيخ اما من كتبه او من اشرطته فكان الكتاب مرتبا الترتيب السابق الذكر
(مثال على ذلك)
س)- هل الترتيب في الوضوء سنة ام فرض؟ليس هناك ما يدل على وجوب الترتيب , وقول ابن القيم في الزاد (وكان وضوؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتباً متوالياَ لم يخل به مرة واحدة البتة) , غير مسلم في الترتيب , لحديث الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ قَالَ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) , رواه أحمد , وعنه أبوداود بإسناد صحيح , وقال الشوكاني : (إسناد صالح , وقد أخرجه الضياء في المختارة) فهذا يدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلتزم الترتين في بعض المرات , فذلك دليل على أن الترتيب غير واجب , ومحافظته عليه في غالب أحواله دليل على سنيته , والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم261.
فكان عملي في هذه المادة التي قمت بأخذها من السلسلة الصحيحة ما يأتي
1- قمت بوضع سؤال من عندي بما يناسب هذه المادة.
2- وضعت هذه المادة في الباب المناسب لها.
3- ذكرت في نهاية المادة مصدرها.
4- لم اقم باي اضافة الى هذه المادة فيما عدا اضافة بعض الكلمات التي تربط الاجابة بالسؤال .
5- قمت بحذف الموضيع الحديثة فلم اكتب تخريجات الاحاديث ، كما قمت بحذف بعض الكلمات التى فيها رد على بعض المؤلفين كالرد على السيد سابق مثلا فى كتاب تمام المنة.
هذا هو الجزء الثاني من مجموع فتاوى محدث العصر مضافا الى الجزء الأول و لازال الجمع مستمر لفتاوى الشيخ رحمه الله تعالى لعلنا نصل الى ما نصبوا إليه من الانتفاع بما قدمه من جهد وافر لخدمة شرعنا المطهر و السنة الغراء .(1/2)
كتاب العقيدة
باب الاسماء والصفات
س1: هل يجوز وصف الرب سبحانه وتعالى بأن له عينين كما نُقل عن بعض السلف؟
النصوص واضحة في ذلك بعد القرآن الكريم(فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا)الطور48 وحكاية الرسول عليه السلام قصة الدجال وخروجه في آخر الزمان، وقوله عليه الصلاة والسلام: (ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال، وإني محذركموه؛ إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور) وأشار عليه السلام في بعض الروايات إلى عينه، وكون الرسول يصف الدجال بهذا العيب وهو العور يستلزم أن الله عز وجل الذي نزهه عن العور أن له عينين ، ومن هنا وأمثاله قال من قال من السلف : بأن له عينين، والآية التي ذكرناها آنفاً (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا)الطور48 ، هي بلا شك، وإن كان ليس المقصود في أعيننا كما يظن بعض المعطلة و المؤولة ، وإنما أنت تحت مرآنا وتحت بصرنا وتحت عنايتنا، وإن كان هذا المعنى هو المقصود، لكن ذلك يستلزم إثبات هذه الصفة لله عز وجل، فأنا أعتقد بما جاء به بعض السلف كما ذكرت. انتهى كلام الالباني من شريط الأجوبة الألبانية على الأسئلة الكويتية.(1/3)
س2: ما هو العرش ؟ وهل يصح القول بانه عبارة عن الملك وسعة السلطان؟
اعلم أن العرش خلق عظيم جدا كما دلت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ولذلك أضافه تعالى إلى نفسه في قوله (ذو العرش) وفيه آيات أخر.
ولغة سرير الملك ومن أوصافه في القرآن : (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية)الحاقة17 ، وأنه على الماء وفي السنة أن أحد حملة العرش ما بين شحمة إذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام وأن له قوائم وأنه سقف جنة الفردوس . جاء ذلك في أحاديث صحيحة ، وذلك كله مما يبطل تأويل العرش بأنه عبارة عن الملك وسعة السلطان. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/4)
س3: هل يصح ان يوصف ان الكرسي موضع القدمين ،و انه يحمله أربعة أملاك , لكل ملك أربعة وجوه؟
أعلم أنه لا يصح في صفة الكرسي غير حديث (ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة) الحديث ,اما بعض الرويات وفيها أنه موضع القدمين , وأن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد , وأنه يحمله أربعة أملاك , لكل ملك أربعة وجوه , وأقدامهم في الصخرة التي تحت الأرض السابعة .... إلخ , فهذا كله لا يصح مرفوعاً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وبعضه أشد ضعفاً من بعض , وقد خرجت بعضها فيما علقناه على كتاب (ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة القويمة البرهان) ملحقاً بآخره طبع المكتب الإسلامي. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم109.(1/5)
س4: ما حكم قول العامة وكثير من الخاصة الله موجود في كل مكان؟
قول العامة وكثير من الخاصة الله موجود في كل مكان، أو في كل الوجود، ويعنون بذاته، فهو ضلال بل هو مأخوذ من القول بوحدة الوجود، الذي يقول به غلاة الصوفية الذين لا يفرقون بين الخالق والمخلوق ويقول كبيرهم كل ما تراه بعينك فهو الله ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1046.(1/6)
س5: هل يجوز الحلف بصفات الله تعالى ؟
قوله صلى الله عليه وسلم (يؤتى بأشد الناس كان بلاء في الدنيا من أهل الجنة، فيقول اصبغوه صبغة في الجنة، فيصبغونه فيها صبغة، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط أو شيئا تكرهه؟ فيقول لا وعزتك ما رأيت شيئا أكرهه قط....الحديث) ، فيه جواز الحلف بصفة من صفات الله تعالى، ومن أبواب البيهقي في(السنن الكبرى) (باب ما جاء في حلف بصفات الله تعالى كالعزة، والقدرة، والجلال، والكبرياء، والعظمة، والكلام، والسمع، ونحو ذلك) ، ثم ساق تحته أحاديث، وأشار إلي هذا الحديث، واستشهد ببعض الآثار عن ابن مسعود وغيره، وقال:( فيه دليل على أن الحلف بالقرآن يكون يميناً...).ثم روى بإسناده الصحيح عن التابعي الثقة عمرو بن دينار قال: (أدركت الناس منذ سبعين سنة يقولون: الله الخالق، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله عز وجل). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1167.(1/7)
س6: هل من اسماء الله تعالى اسم القديم؟
ليس من أسماء الله تعالى (القديم) وإنما هو من استعمال المتكلمين فإن القديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن - هو المتقدم على غيره فيقال : هذا قديم للعتيق وهذا جديد للحديث ولم يستعملوا هذا الاسم إلا في المتقدم على غيره لا فيما لم يسبقه عدم كما قال تعالى : (حتى عاد كالعرجون القديم)يس 39 ، والعرجون القديم الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني فإذا وجد الجديد قيل للأول قديم وإن كان مسبوقا بغيره كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" ، قال شارح الطحاوية "لكن أفاد الشيخ ابن مانع فيما نقله عن ابن القيم في "البدائع" أنه يجوز وصفع سبحانه بالقدم بمعنى أنه يخبر عنه بذلك وباب الأخبار أوسع من باب الصفات التوقيفية".
قلت : ولعل هذا هو وجه استعمال شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الوصف في بعض. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/8)
س7: ما معنى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ المذكورة في الحديث (إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبْ الْوَجْهَ فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ)؟
يرجع الضمير في قوله (على صورته) إلي آدم عليه السلام؛ لأنه أقرب مذكور؛ ولأنه مصرح به في رواية آخر للبخاري عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ (خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً) ، أما حديث(....على صورة الرحمن)؛ فهو منكر. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 862.(1/9)
باب الملائكة
س1: هل صح لملك الموت اسم اخر غير هذا الاسم؟
هذا هو اسمه في القرآن ، وأما تسميته بـ(عزرائيل) كما هو شايع بين الناس فلا أصل له وانما هو من الاسرائيليات. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/10)
باب الفرق والمذاهب
س1: من هم القاديانية؟
هم الذين ادعوا نبوة ميراز غلام أحمد القادياني الهندي، الذي ادعى في عهد استعمار البريطانيين للهند أنه المهدي المنتظر، ثم أنه عيسى عليه السلام، ثم ادعى أخيراًً النبوة، واتبعه كثير ممن لا علم عنده بالكتاب والسنة، وقد التقيت مع بعض مبشريهم من الهنود والسوريين، وجرت بيني وبينهم مناظرات كثيرة كانت إحداها تحريرية، دعوتهم فيها إلى مناظرتهم في اعتقادهم أنه يأتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم أنبياء كثيرون ! منهم ميراز أحمد القادياني. فبدأوا بالمراوغة في أول جوابهم، يريدون بذلك صرف النظر عن المناظرة في اعتقادهم المذكور، فأبيت وأصررت على ذلك، فانهزموا شر هزيمة، وعلم الذين حضروها أنهم قوم مبطلون.
ولهم عقائد أخرى كثيرة باطلة، خالفوا فيها إجماع الأمة يقيناً، منها نفيهم البعث الجسماني، وأن النعيم والجحيم للروح دون الجسد، وأن العذاب بالنسبة للكفار منقطع. وينكرون وجود الجن، ويزعمون أن الجن المذكورين في القرآن هم طائفة من البشر ! ويتأولون نصوص القرآن المعارضة لعقائدهم تأويلاً منكراً على نمط تأويل الباطنية والقرامطة، ولذلك كان الإنكليز يؤيدونه ويساعدونه على المسلمين، وكان هو يقول: حرام على المسلمين أن يحاربوا الإنكليز ! إلى غير ذلك من إفكه وأضاليله. وقد ألفت كتب كثيرة في الرد عليه، وبيان خروجه عن جماعة المسلمين، فليراجعها من شاء الوقوف حقيقة أمرهم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1683.(1/11)
س2: ما الدليل على ان الصلاة تصح خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة؟
الدليل على ذلك جريان عمل الصحابة عليه ، وكفى بهم حجة ومعهم مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الأئمة "يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم" أخرجه البخاري وأحمد وأبو يعلى.
ولا دليل على عدم صحة الصلاة وراء الفاسق وحديث "اجعلوا أئمتكم خياركم" إسناده ضعيف جدا كما حققته في "الضعيفة" ولو صح فلا دليل فيه إلا على وجوب جعل الأئمة من الأخيار وهذا شيء وبطلان الصلاة وراء الفسق شيء آخر لا سيما إذا كان مفروضا من الحاكم . نعم لو صح حديث ". ولا يؤم فاجر مؤمنا . . ." لكان ظاهر الدلالة على بطلان إمامته ولكنه لا يصح أيضا من قبل إسناده كما بينته في "الإرواء". انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/12)
باب الشرك والكفر والمعاصي
س1: هل هناك فرق بين الشرك والكفر؟
لا فرق بينهما شرعا فكل كفر شرك وكل شرك كفر . كما يدل عليه محاورة المؤمن صاحب الجنتين المذكورة في سورة (الكهف) . فتنبه لهذا فإنه به يزول عنك كثير من إشكالات والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/13)
س2: هل طلب الاستغاثة المذكوره في حديث (إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن , فبيناهم كذلك استغاثوا بآدم فيقول : لست صاحب ذلك , ثم بموسى...الحديث) ، فيه دليل على الاستغاثة بالأموات؟قوله صلى الله عليه وسلم : "استغاثوا بآدم" , أي : طلبوا منه عليه السلام أن يدعو لهم , و يشفع لهم عند الله تبارك و تعالى . و الأحاديث بهذا المعنى كثيرة معروفة في "الصحيحين" , و غيرهما . و ليس فيه جواز الاستغاثة بالأموات , كما يتوهم كثير من المبتدعة الأموات ! بل هو من باب الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه , كما في قوله تعالى : (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه .. ) الآية. و من الواضح البين أنه لا يجوز - مثلا - أن يقول الحي القادر للمقيد العاجز : أعني ! فالميت الذي يستغاث به من دونه تعالى أعجز منه , فمن خالف , فهو إما أحمق مهبول , أو مشرك مخذول لأنه يعتقد في ميته أنه سميع بصير , و على كل شيء قدير , و هنا تكمن الخطورة لأن الشرك الأكبر , و هو الذي يخشاه أهل التوحيد على هؤلاء المستغيثين بالأموات من دون الله تبارك و تعالى , و هو القائل : (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين . ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها). و قال : (والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير . إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم و لو سمعوا ما استجابوا لكم و يوم القيامة يكفرون بشرككم و لا ينبئك مثل خبير). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2460.(1/14)
س3:كيف يتم نفي الشرك عن الله تبارك وتعالى؟
نفي الشريك عن الله تعالى لا يتم إلا بنفي ثلاثة أنواع من الشرك : الأول : الشرك في الربوبية وذلك بأن يعتقد أن مع الله خالقا آخر - سبحانه وتعالى - كما هو اعتقاد المجوس القائلين بأن للشر خالقا غير الله سبحانه . وهذا النوع في هذه الأمة قليل والحمد لله وإن كان قريبا منه قول المعتزلة : إن الشر إنما هو من خلق الإنسان وإلى ذلك الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم :" القدرية مجوس هذه الأمة . . . " الحديث وهو مخرج في مصادر عدة عندي أشرت إليها في " صحيح الجامع الصغير وزيادته ".
الثاني : الشرك في الألوهية أو العبودية وهو أن يعبد مع الله غيره من الأنبياء والصالحين كالاستغاثة بهم وندائهم عند الشدائد ونحو ذلك . وهذا مع الأسف في هذه الأمة كثير ويحمل وزره الأكبر أولئك المشايخ الذين يؤيدون هذا النوع من الشرك باسم التوسل " يسمونها بغير اسمها " .
الثالث : الشرك في الصفات وذلك بأن يصف بعض خلقه تعالى ببعض الصفات الخاصة به عز وجل كعلم الغيب مثلا وهذا النوع منتشر في كثير من الصوفية .
هذه الأنواع الثلاثة من الشرك من نفاها عن الله في توحيده إياه فوحده في ذاته وفي عبادته وفي صفاته فهو الموحد الذي تشمله كل الفضائل الخاصة بالموحدين ومن أخل بشيء منه فهو الذي يتوجه إليه مثل قوله تعالى (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)الزمر65 ، فاحفظ هذا فإنه أهم شيء في العقيدة. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/15)
س4: متى يكفر من وقع في ذنب دون الكفر او الشرك؟
اذا استحل استحلالا قلبيا اعتقاديا ، وإلا فكل مذنب مستحل لذنبه عمليا أي مرتكب له ولذلك فلا بد من التفريق بين المستحل اعتقادا فهو كافر إجماعا وبين المستحل عملا لا اعتقادا فهو مذنب يستحق العذاب اللائق به إلا أن يغفر الله له ثم ينجيه إيمانه خلافا للخوارج والمعتزلة الذين يحكمون عليه بالخلود في النار وإن اختلفوا في تسميته كافرا أو منافقا. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/16)
س5: ما حكم قول القائل لغيره (ما شاء الله وشئت) ، وقول (مالي غير الله وأنت) و(توكلنا على الله وعليك) ، و(باسم الله والوطن) , أو (باسم الله والشعب)؟
أن قول الرجل لغيره (ما شاء الله وشئت) : يعد شركاً في الشريعة , وهو من شرك الألفاظ , لأنه يوهم أن مشيئة العبد في درجة مشيئة الرب سبحانه وتعالى , وسببه القرن بين المشيئتين , ومثل ذلك قول بعض العامة وأشباههم ممن يدعي العلم (مالي غير الله وأنت) و(وتوكلنا على الله وعليك) , ومثله قول بعض المحاضرين : (باسم الله والوطن) , أو (باسم الله والشعب) , ونحو ذلك من الألفاظ الشركية التي يجب الانتهاء عنها والتوبة منها , أدباً مع الله تبارك وتعالى. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم139.(1/17)
س6: هل أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل بعثته عليه الصلاة والسلام معذبون بشركهم وكفرهم؟
إن أهل الجاهلية الذين ماتوا قبل بعثته عليه الصلاة والسلام معذبون بشركهم وكفرهم , وذلك يدل على أنهم ليسوا من أهل الفترة الذين لم تبلغهم دعوة نبي , خلافاً لما يظنه بعض المتأخرين إذ لو كانوا كذلك , لم يستحقوا العذاب لقوله سبحانه وتعالى : (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا)الإسراء 15.وقد قال النووي في شرح حديث مسلم : (إن رجلاً قال : يارسول الله , أين أبي ؟ قال في النار ...) الحديث , قال النووي: فيه أن من مات على الكفر فهو في النار , ولا تنفعه قرابة المقربين , وفيه أن من مات علي الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار , وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة , فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم159.(1/18)
س7: ما حكم المعالجة بالطب الروحاني؟
ان معالجة بعض المتظاهرين بالصلاح للناس بما يسمونه بـ(الطب الروحاني) سواء كان ذلك على الطريقة القديمة من اتصاله بقرينه من الجن كما كانوا عليه في الجاهلية , أو بطريقة ما يسمى اليوم باستحضار الأرواح , و نحوه عندي التنويم المغناطيسي , فإن ذلك كله من الوسائل التي لا تشرع لأن مرجعها إلى الاستعانة بالجن التي كانت من أسباب ضلال المشركين كما جاء في القرآن الكريم : (و أنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا) أي خوفا و إثما .
و ادعاء بعض المبتلين بالاستعانة بهم أنهم إنما يستعينون بالصالحين منهم , دعوى كاذبة لأنهم مما لا يمكن - عادة - مخالطتهم و معاشرتهم , التي تكشف عن صلاحهم أو طلاحهم , و نحن نعلم بالتجربة أن كثيرا ممن تصاحبهم أشد المصاحبة من الإنس , يتبين لك أنهم لا يصلحون , قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم و أولادكم عدوا لكم فاحذروهم)* هذا في الإنس الظاهر , فما بالك بالجن الذين قال الله تعالى فيهم : (إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا ترونهم). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2760.(1/19)
س8: ما حكم التمسح بالقبور؟
لقد أنكر المحققون من العلماء كالنووي وغيره التمسح بالقبور , وقالوا : إنه من عمل النصارى . وقد ذكرت بعض النقول في ذلك في (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) , وهي الرسالة الخامسة من رسائل كتابنا : ((تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة)) , وهي مطبوعة والحمد لله. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 373.(1/20)
س9: تناول الاستاذ "سيد قطب" - رحمه الله - مصطلحاً متداولاً بكثرة في إحدى المدارس الإسلامية التي يمثلها ، ألا وهو مصطلح "جاهلية القرن العشرين" فما مدى الدقة والصواب في هذه العبارة ؟وما مدى التقائها مع الجاهلية القديمة وفقاً لتصوركم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد : الذي أراه أن هذه الكلمة "جاهلية القرن العشرين" لا تخلو من مبالغة في وصف القرن الحالي - القرن العشرين - فوجود الدِّين الإسلامي في هذا القرن وإن كان قد دخل فيه ما ليس منه : يمنعنا من القول بأن هذا القرن يمثل جاهليةً كالجاهلية الأُولى ، فنحن نعلم أن الجاهلية الأولى إن كان المعني بها العرب فقط : فهم كانوا وثنيين ، وكانوا في ضلال مبين ، وإن كان المعني بها ما كان حول العرب من أديان كاليهودية والنصرانية : فهي أديان محرفة ، فلم يبق في ذلك الزمان دين خالص منزه عن التغيير والتبديل ، فلا شك في أن وصف الجاهلية على ذلك العهد وصف صحيح ، وليس الأمر كذلك في قرننا هذا ، ما دام أن الله تبارك وتعالى قد منَّ على العرب أولاً ، ثم على سائر الناس ثانياً ، بأن أرسل إليهم محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ، وأنزل عليه دين الإسلام ، وهو خاتم الأديان ، وتعهد الله عز وجل بحفظ شريعته هذه بقوله عز وجل : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ونبيه صلى الله عليه وسلم قد أخبر أن الأُمة الإسلامية وإن كان سيصيبها شيء من الانحراف الذي أصاب الأُمم من قبلهم في مثل قوله صلى الله عليه وسلم : (لتتبعن سَنَن من قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا : من هم يا رسول الله؟ اليهود والنصارى؟ فقال عليه الصلاة والسلام فمنِ الناس؟!) أقول : وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر بهذا الخبر المفيد أن المسلمين سينحرفون إلى حد كبير ويقلدون اليهود والنصارى في ذلك الانحراف ، لكن عليه الصلاة والسلام في الوقت نفسه قد بشَّر أتباعه بأنهم سيبقون على خطه الذي رسمه لهم ، فقال عليه الصلاة والسلام في حديث التفرقة : (وستفترق أُمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة) ، قال عليه الصلاة والسلام : (كلها في النار إلا واحدة )، قالوا : ما هي يا رسول الله ؟ قال : (هي الجماعة) وفي رواية قال : (هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي) ، وأكد ذلك عليه الصلاة والسلام في قوله في الحديث المتفق عليه بين الشيخين (لا تزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله) .
فإذن لا تزال في هذه الأُمة جماعة مباركة طيبة قائمة على هدي الكتاب والسنة ، فهي أبعد ما تكون عن الجاهلية القديمة أو الحديثة ؛ ولذلك فإن الذي أراه : أن إطلاق " الجاهلية " على القرن العشرين فيه تسامح ، قد يُوهم الناس بأن الإسلام كله قد انحرف عن التوحيد وعن الإخلاص في عبادة الله عز وجل انحرافاً كليّاً ، فصار هذا القرن - القرن العشرون - كقرن الجاهلية الذي بُعِثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إخراجه من الظلمات إلى النور ، حينئذ : هذا الاستعمال ، أو هذا الإطلاق يحسن تقييده في الكفَّار أولاً ، الذين كما قال تعالى في شأنهم : (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) .وصْف القرن العشرين بـ " الجاهلية " إنما ينطبق على غير المسلمين الذين لم يتبعوا الكتاب والسنَّة ، ففي هذا الإطلاق إيهام بأنه لم يبق في المسلمين خير ، وهذا خلاف ما سبق بيانه من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المبشرة ببقاء طائفة من الأُمة على الحق ، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبي للغرباء ...) قالوا : من هم يا رسول الله ؟ جاء الحديث على روايات عدة في بعضها يقول الرسول صلى الله عليه وسلم - واصفاً الغرباء - : (هم الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنَّتي من بعدي) ، وفي رواية أُخرى قال عليه الصلاة والسلام : (هم أُناس قليلون صالحون بين أُناس كثيرين من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم) فلذلك لا يجوز هذا الإطلاق في العصر الحاضر على القرن كله ؛ لأنَّ فيه - والحمد لله - بقية طيبة لا تزال على هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى سنته ، وستظل كذلك حتى تقوم الساعة ، ثم إن في كلام سيد قطب - رحمه الله - وفي بعض تصانيفه ما يشعر الباحث أنه كان قد أصابه شيء من التحمس الزائد للإسلام في سبيل توضيحه للناس ، ولعل عذره في ذلك أنه كان يكتب بلغة أدبية ؛ ففي بعض المسائل الفقهية كحديثه عن حق العمال في كتابه : "العدالة الاجتماعية" أخذ يكتب بالتوحيد ، وبعبارات كلها قوية تحيي في نفوس المؤمنين الثقة بدينهم وإيمانهم ، فهو من هذه الخلفية في الواقع قد جدّد دعوة الإسلام في قلوب الشباب ، وإن كنَّا نلمس أحياناً أن له بعض الكلمات تدل على أنه لم يساعده وقته على أن يحرر فكره من بعض المسائل التي كان يكتب حولها أو يتحدث فيها ، فخلاصة القول أن إطلاق هذه الكلمة في العصر الحاضر لا يخلو من شيء من المبالغة التي تدعو إلى هضم حق الطائفة المنصورة ، وهذا ما عنَّ في البال فذكرته.من كتاب حياة الألباني.(1/21)
س10: الكافر اذا اسلم هل ينفعه عمله الصالح الذى فعله حين كفره؟
إذا أسلم , فإن الله تبارك وتعالى يكتب له كل حسناته التي عمل بها في كفره , ويجازيه بها في الآخرة , وفي ذلك أحاديث كثيرة , كقوله صلى الله عليه وسلم (إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا) الحديث. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم53.(1/22)
س11: هل يجوز إطلاق لفظة(المشرك)على أهل الكتاب ؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم) ، وفيه دلالة على جواز إطلاق لفظة ((المشرك)) على أهل الكتاب، فإنهم هم المعنيون بهذا الحديث. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 1133.(1/23)
س12: ما حكم قول القائل في أهل الذمة : (لهم ما لنا , وعليهم ما علينا)؟
في حديث (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنْ يَسْتَقْبِلُوا قِبْلَتَنَا وَيَأْكُلُوا ذَبِيحَتَنَا وَأَنْ يُصَلُّوا صَلَاتَنَا فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ [فقد] حُرِّمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ) ، دليل على بطلان الحديث الشائع اليوم على ألسنة الخطباء والكتاب : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في أهل الذمة : (لهم ما لنا , وعليهم ما علينا) ، وهذا مما لا أصل له عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , بل هذا الحديث الصحيح يبطله , لأنه صريح في أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما قال فيمن أسلم من المشركين وأهل الكتاب , وعمدة أولئك الخطباء على بعض الفقهاء الذين لا علم عندهم بالحديث الشريف , كما بينته في الأحاديث الضعيفة والموضوعة , فراجعه , فإنه من المهمات. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم303.(1/24)
س13: ماذا يفعل من وسوس إليه الشيطان بقوله من خلق الله؟
لقد دلت الأحاديث الصحيحة على أنه يجب على من وسوس إليه الشيطان بقوله من خلق الله ؟ أن ينصرف عن مجادلته إلى إجابته بما جاء في الأحاديث , وخلاصتها أن يقول : (آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ , الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد، ثم يتفل عن يساره ثلاثا ، ويستعيذ بالله من الشيطان , ثم ينتهي عن الانسياق مع الوسوسة).
وأعتقد أن من فعل ذلك , طاعة لله ورسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , مخلصاً في ذلك , أنه لا بد أن تذهب الوسوسة عنه , ويندحر شيطانه , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (فَإِنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ عَنْهُ).
وهذا التعليم النبوي الكريم أنفع وأقطع للوسوسة من المجادلة العقلية في هذه القضية , فإن المجادلة قلما تنفع في مثلها , ومن المؤسف أن أكثر الناس في غفلة عن هذا التعليم النبوي الكريم , فتنبهوا أيها المسلمون , وتعرفوا إلى سنة نبيكم , واعملوا بها , فإن فيها شفاءكم وعزكم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم118.(1/25)
س14: هل تنفع النية الطيبة صاحبها اذا عمل العمل السيئ؟
أن النية الطيبة لا تجعل العمل السيئ صالحاً , وأن معنى الحديث المذكور إنما الأعمال الصالحة بالنيات الخالصة , لا أن الأعمال المخالفة للشريعة تنقلب إلى أعمال صالحة مشروعة بسبب اقتران النية الصالحة بها , ذلك ما لا يقوله إلا جاهل أو مغرض , ألا ترى أن رجلاً لو صلى تجاه القبر , لكان ذلك منكراً من العمل , لمخالفته للأحاديث والآثار الواردة في النهي عن استقبال القبر بالصلاة , فهل يقول عاقل : إن الذي يعود إلى الاستقبال - بعد علمه بنهي الشرع عنه - إن نيته طيبة وعمله مشروع ؟ كلا ثم كلا , فكذلك هؤلاء الذي يستغيثون بغير الله تعالى , وينسونه تعالى في حالة هم أحوج ما يكونون فيها إلى عونه ومدده , لا يعقل أن تكون نياتهم طيبة , فضلاً عن أن يكون عملهم صالحاً , وهم يصرون على هذا المنكر وهم يعلمون. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم139.(1/26)
س15: هل مسمى الإسلام غير الإيمان؟
لقد اختلف العلماء في ذلك اختلافاً كثيراً , والحق ما ذهب إليه جمهور السلف من التفريق بينهما , لدلالة الكتاب والسنة على ذلك فقال تعالى : (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)الحجرات14, وحديث جبريل في التفريق بين الإسلام والإيمان معروف مشهور.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان : (والرد إلى الله ورسوله في مسألة الإسلام والإيمان يوجب أن كلاً من الاسمين , وإن كان مسماه واجباً , ولا يستحق أحد الجنة إلا بأن يكون مؤمناً مسلماً , فالحق في ذلك ما بينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث جبريل , فجعل الدين وأهله ثلاث طبقات : أولها الإسلام , وأوسطها الإيمان , وأعلاها الإحسان , ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى التي تليها , فالمحسن مؤمن , والمؤمن مسلم , وأما المسلم , فلا يجب أن يكون مؤمناً).ومن شاء بسط الكلام على هذه المسألة مع التحقيق الدقيق , فليرجع إلى الكتاب المذكور , فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم155.(1/27)
س16: ما حكم النذر؟
حديث (لَا يَأْتِي النَّذْرُ عَلَى ابْنِ آدَمَ بِشَيْءٍ لَمْ أُقَدِّرْهُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ يُؤْتِينِي عَلَيْهِ مَا لَا يُؤْتِينِي عَلَى الْبُخْلِ) دل بمجموع ألفاظه أن النذر لا يشرع عقده , بل هو مكروه , وظاهر النهي في بعض طرقه أنه حرام , وقد قال به قوم , إلا أن قوله تعالى : (أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ) : يشعر أن الكراهة أو الحرمة خاص بنذر المجازاة أو المعاوضة , دون نذر الابتداء والتبرر , فهو قربة محضة , لأن للناذر فيه غرضاً صحيحاً , وهو أن يثاب عليه ثواب الواجب , وهو فوق ثواب التطوع , وهذا النذر هو المراد - والله أعلم - بقوله تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ)الإنسان7 , دون الأول.
قال الحافظ في الفتح : (وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى (يوفون بالنذر) قال كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة ومما افترض عليهم فسماهم الله أبرارا , وهذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة).وقال قبل ذلك : (وجزم القرطبي في " المفهم " بحمل ما ورد في الأحاديث من النهي على نذر المجازاة فقال : هذا النهي محله أن يقول مثلا إن شفى الله مريضي فعلي صدقة كذا , ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكور على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى لما صدر منه بل سلك فيها مسلك المعاوضة , ويوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه , وهذه حالة البخيل فإنه لا يخرج من ماله شيئا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبا . وهذا المعنى هو المشار إليه في الحديث بقوله " و إنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه " وقد ينضم إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض , أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر , وإليهما الإشارة بقوله في الحديث أيضا " فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا " والحالة الأولى تقارب الكفر والثانية خطأ صريح).
قال الحافظ : (قلت : بل تقرب من الكفر أيضا . ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة وقال : الذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد فيكون إقدامه على ذلك محرما والكراهة في حق من لم يعتقد ذلك ا هـ . وهو تفصيل حسن , ويؤيده قصة ابن عمر راوي الحديث في النهي عن النذر فإنها في نذر المجازاة).قلت : يريد بالقصة ما أخرجه الحاكم من طريق فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث أنه سمع عبدالله بن عمر وسأله رجل من بني كعب يقال له مسعود بن عمرو , يا أبى عبد الرحمن إن ابني كان بأرض فارس فيمن كان عند عمر بن عبيد الله , وإنه وقع بالبصرة طاعون شديد , فلما بلغني ذلك , نذرت : إن الله جاء بابني أن أمشي إلى الكعبة , فجاء مريضاً فمات , فما ترى ؟ فقال ابن عمر : أولم تنهوا عن النذر ؟ إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره , فإنما يستخرج به من البخيل) , أوف بنذرك.
وبلجملة ففي الحديث تحذير للمسلم أن يقدم على نذر المجازاة , فعلى الناس أن يعرفوا ذلك حتى لا يقعوا في النهي وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم478.(1/28)
س17: ما حكم الوفاء بالنذر؟
النذر إذا كان طاعة لله , وجب الوفاء به , وأن ذلك كفارته , وقد صح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ)متفق عليه.
وأن من نذر نذراً فيه عصيان للرحمن , وإطاعة للشيطان , فلا يجوز الوفاء به , وعليه الكفارة كفارة اليمين , وإذا كان النذر مكروهاً أو مباحاً , فعليه الكفارة من باب أولى , ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام : (كفارة النذر كفارة اليمين)أخرجه مسلم وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه , وهو مخرج في "الإرواء".
وما ذكرنا من الأمر الأول والثاني متفق عليه بين العلماء , إلا في وجوب الكفارة في المعصية ونحوها , فالقول به مذهب الإمام أحمد وإسحاق , كما قال الترمذي , وهو مذهب الحنفية أيضاً , وهو الصواب. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 479.(1/29)
س18: ما حكم من قتل مؤمنا متعمدا؟
قوله صلى الله عليه وسلم (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا) في ظاهره مخالف لقوله تعالى (إِنّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ) , لأن القتل دون الشرك قطعاً , فكيف لا يغفره الله ؟ وقد وفق المناوي تبعاً لغيره بحمل الحديث على ما إذا استحل , وإلا فهو تهويل وتغليظ , وخير منه قول السندي في حاشيته على النسائي : (وكأن المراد كل ذنب ترجى مغفرته ابتداء إلا قتل المؤمن فإنه لا يغفر بلا سبق عقوبة وإلا الكفر فإنه لا يغفر أصلا ولو حمل على القتل مستحلا لا يبقى المقابلة بينه وبين الكفر [يعني : لأن الاستحلال كفر , ولا فرق بين استحلال القتل أو غيره من الذنوب , إذ كل ذلك كفر] . ثم لابد من حمله على ما إذا لم يتب وإلا فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له كيف وقد يدخل القاتل والمقتول الجنة معا كما إذا قتله وهو كافر ثم آمن وقتل). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 511.(1/30)
باب الرسل عليهم السلام
س1: هل ثبت في السنة خصوصيات للنبي صلى الله عليه وسلم تخالف باقي البشر؟
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع ما لا يسمع الناس , وهذا من خصوصياته عليه الصلاة والسلام , كما أنه كان يرى جبريل ويكلمه والناس لا يرونه ولا يسمعون كلامه , فقد ثبت في البخاري وغيره أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوماً لعائشة رضي الله عنها : (هذا جبريل يقرئك السلام , فقالت : وعليه السلام يارسول الله ترى ما لا نرى).ولكن خصوصياته عليه السلام إنما تثبت بالنص الصحيح , فلا تثبت بالنص الضعيف ولا بالقياس والأهواء , والناس في هذه المسألة على طرفي نقيض , فمنهم من ينكر كثيراً من خصوصياته الثابتة بالإسانيد الصحيحة , إما لأنها غير متواترة بزعمه , وإما لأنها غير معقولة لديه , ومنهم من يثبت له عليه السلام ما لم يثبت , مثل قولهم : إنه أول المخلوقات , وإنه كان لا ظل له في الأرض , وإنه إذا سار في الرمل , لا تؤثر قدمه فيه , بينما إذا داس على الصخر علم عليه , وغير ذلك من الأباطيل.
والقول الوسط في ذلك أن يقال : إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشر بنص القرآن والسنة وإجماع الأمة , فلا يجوز أن يعطى له من الصفات والخصوصيات إلا ما صح به النص في الكتاب والسنة , فإذا ثبت ذلك , وجب التسليم له , ولم يجز رده بفلسفة خاصة علمية أو عقلية زعموا.
ومن المؤسف أنه قد انتشر في العصر الحاضر انتشاراً مخيفاً رد الأحاديث الصحيحة لأدنى شبهة ترد من بعض الناس , حتى ليكاد يقوم في النفس أنهم يعاملون أحاديثه عليه السلام معاملة أحاديث غيره من البشر الذين ليسوا معصومين , فهم يأخذون منها ما شاؤوا , ويدعون ما شاؤوا , ومن أولئك طائفة ينتمون إلى العلم وبعضهم يتولى مناصب شرعية كبيرة , فإنا لله وإنا إليه راجعون , ونسأله تعالى أن يحفظنا من شر الفريقين المبطلين والغالين. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم159.(1/31)
س2: هل محمد صلى الله عليه وسلم هو حبيب الله ام خليل الله؟
بل هو خليل رب العالمين فإن الخلة أعلى مرتبة من المحبة وأكمل ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا " ولذلك لم يثبت في حديث أنه صلى الله عليه وسلم حبيب الله فتنبه. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/32)
س3: ما حكم التوسل بجاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
مما لا شك فيه أن جاهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومقامه عند الله عظيم , فقد وصف الله تعالى موسى بقوله (وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً)الأحزاب69 , ومن المعلوم أن نبينا محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفضل من موسى , فهو بلا شك أوجه منه عند ربه سبحانه وتعالى , ولكن هذا شيء , والتوسل بجاهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء آخر , فلا يليق الخلط بينهما كما يفعل بعضهم , إذ إن التوسل بجاهه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقصد به من يفعله أنه أرجى لقبول دعائه , وهذا أمر لا يمكن معرفته بالعقل , إذ إنه من الأمور الغيبية التي لا مجال للعقل في إدراكها , فلا بد فيه من النقل الصحيح الذي تقوم به الحجة , وهذا مما لا سبيل إليه البتة , فإن الأحاديث الواردة في التوسل به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تنقسم إلى قسمين : صحيح , وضعيف .
أما الصحيح , فلا دليل فيه البتة على المدعى , مثل توسلهم به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الاستسقاء , وتوسل الأعمى به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َفإنه توسل بدعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لا بجاهه ولا بذاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ولما كان التوسل بدعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير ممكن , كان بالتالي التوسل به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وفاته غير ممكن , وغير جائز ومما يدلك على هذا أن الصحابة رضي الله عنهم لما استسقوا في زمن عمر , توسلوا بعمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العباس , ولم يتوسلوا به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وما ذلك إلا لأنهم يعلمون معنى التوسل المشروع , وهو ما ذكرناه من التوسل بدعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولذلك توسلوا بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدعاء عمه , لأنه ممكن ومشروع , وكذلك لم ينقل أن أحداً من العميان توسل بدعاء ذلك الأعمى , وذلك لأن السر ليس في قول الأعمى : ( اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة....) , وإنما السر الأكبر في دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له كما يقتضيه وعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه بالدعاء له , ويشعر به قوله في دعائه : (اللهم فشفعه في) , أي : أقبل شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أي : دعاءه في , (وشفعني فيه) , أي : اقبل شفاعتي , أي : دعائي في قبول دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في .
فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء , كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز , فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع , ولهذا أنكره الإمام أبوحنيفة , فقال : (أكره أن يسأل الله إلا بالله) كما في "الدر المختار" , وغيره من كتب الحنفية .
وأما قول الكوثري في " مقالاته " : (وتوسل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكورة في أوائل تاريخ الخطيب بسند صحيح) .
فمن مبالغاته , بل مغالطاته , فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال : نبأنا علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول : (إني لأتبرك بأني حنيفة , وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائراً - فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين , وجئت إلى قبره , وسألت الله تعالى الحاجة عنده , فما تبعد عني حتى تقتضى) , فهذه رواية ضعيفة , بل باطلة.وقد ذكر شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم" معنى هذه الرواية , ثم أثبت بطلانه فقال : (هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له أدنى معرفة بالنقل فإن الشافعي لما قدم ببغداد لم يكن ببغداد قبر ينتاب للدعاء عنده البتة بل ولم يكن هذا على عهد االشافعي معروفا وقد رأى الشافعي بالحجاز واليمن والشام والعراق ومصر من قبور الأنبياء والصحابة والتابعين من كان أصحابها عنده وعند المسلمين أفضل من أبي حنيفة وأمثاله من العلماء فما باله لم يتوخ الدعاء إلا عند قبر أبي حنيفة ثم أصحاب أبي حنيفة الذين أدركوه مثل أبي يوسف ومحمد وزفر والحسن ابن زياد وطبقتهم لم يكونوا يتحرون الدعاء لا عند قبر أبي حنيفة ولا غيره ثم قد تقدم عن الشافعي ما هو ثابت في كتابه من كراهة تعظيم قبور الصالحين خشية الفتنة بها وإنما يضع مثل هذه الحكايات من يقل علمه ودينه وإما أن يكون المنقول من هذه الحكايات عن مجهول لا يعر).
وأما القسم الثاني من أحاديث التوسل , فهي أحاديث ضعيفة و تدل بظاهرها على التوسل المبتدع , فيحسن بهذه المناسبة التحذير منها , والتنبيه عليها فمنها:(الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت,اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقنها حجتها ووسع عليها مدخلها,بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين)حديث ضعيف .ومن الأحاديث الضعيفة في التوسل , الحديث الآتي :(مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَأَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً وَخَرَجْتُ اتِّقَاءَ سُخْطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُعِيذَنِي مِنْ النَّارِ وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ سَبْعُونَ أَلْفِ مَلَكٍ)حديث ضعيف.
ومن الأحاديث الضعيفة , بل الموضوعة في التوسل : (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك)موضوع. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 22.(1/33)
س4: ما حكم قول القائل أن النور المحمدي هو أول ما خلق الله تبارك وتعالى؟
وان كان هذا القول غير صحيح فما هو أول مخلوق ؟ وهل يصح ان يقال ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بمخلوق قبله وان الحوادث لا أول لها؟
في الحديث (إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم ، وأمره أن يكتب كل شيء يكون) ، إشارة إلى رد ما يتناقله الناس , حتى صار ذلك عقيدة راسخة في قلوب كثير منهم , وهو أن النور المحمدي هو أول ما خلق الله تبارك وتعالى , وليس لذلك أساس من الصحة , وحديث عبدالرزاق غير معروف إسناده , ولعلنا نفرده بالكلام في الأحاديث الضعيفة إن شاء الله تعالى.وفيه رد على من يقول بأن العرش هو أول مخلوق , ولا نص في ذلك عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإنما يقول به من قال كابن تيمية وغيره استنباطاً واجتهاداً , فالأخذ بهذا الحديث - وفي معناه أحاديث أخرى - أولى , لأنه نص في المسألة , ولا اجتهاد في مورد النص كما هو معلوم.
وتأويله بأن القلم مخلوق بعد العرش باطل , لأنه يصح مثل هذا التأويل لو كان هناك نص قاطع على أن العرش أول المخلوقات كلها , ومنها القلم , أما ومثل هذا النص مفقود , فلا يجوز هذا التأويل.
وفيه رد أيضاً على من يقول بحوادث لا أول لها , وأنه ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بمخلوق قبله , وهكذا إلى ما لا بداية له , بحيث لا يمكن أن يقال : هذا أول مخلوق , فالحديث يبطل هذا القول , ويعين أن القلم أول مخلوق , فليس قبله قطعاً أي مخلوق.
ولقد أطال ابن تيمية رحمه الله في الكلام في رده على الفلاسفة محاولاً إثبات حوادث لا أول لها , وجاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول , ولا تقبله أكثر القلوب , حتى اتهمه خصومه بأنه يقول بأن المخلوقات قديمة لا أول لها , مع أنه يقول ويصرح بأن ما من مخلوق إلا وهو مسبوق بالعدم , ولكنه مع ذلك يقول بتسلسل الحوادث إلى ما لا بداية له , كما يقول هو وغيره بتسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية , فذلك القول منه غير مقبول , بل هو مرفوض بهذا الحديث , وكم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية رحمه الله هذا المولج , لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام الذي تعلمنا منه التحذير والتنفير منه , ولكن صدق الإمام مالك رحمه الله حين قال : (ما منا من أحد إلا رد عليه إلا صاحب هذا القبر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 133.(1/34)
س5: هل يُقتل المسلم بالكافر؟
حديث (أنا أولى من وفى بذمته قاله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتل مسلم كان قتل رجلا من أهل الذمة) منكر ويزيد الحديث ضعفا أنه معارض للحديث الصحيح , وهو قوله صلى الله عليه وسلم (لا يقتل مسلم بكافر)البخاري.
وبه أخذ جمهور الأئمة , وأما الحنفية , فأخذوا بالأول على ضعفه ومعارضته للحديث الصحيح , وقد أنصف بعضهم , فرجع إلى الحديث الصحيح , فروى البيهقي , والخطيب في الفقيه عن عبدالواحد بن زياد قال (لقيت زفر , فقلت له :صرتم حديثاُ في الناس وضحكة , قال : وما ذلك؟ قال: قلت : تقولون في الأشياء كلها : ادرؤوا الحدود بالشبهات . وجئتم إلى أعظم الحدود , فقلتم :تقام بالشبهات قال : وما ذلك؟ قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يقتل مسلم بكافر) فقلتم يقتل به قال : فإني أشهدك الساعة أني قد رجعت عنه). انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم460.(1/35)
س6: ما حكم من يقول ببقاء النبوة واستمرارها بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
ورد في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم (كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول : هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ؟ ويقول: ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة) نص في أنه لا نبوة ولا وحي بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا المبشرات : الرؤيا الصالحة , وهي جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.
ولقد ضلت طائفة زعمت بقاء النبوة واستمرارها بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وتأولوا - بل عطلوا - معنى هذا الحديث ونحوه مما في الباب , وكذلك حرفوا قول الله تعالى : (وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)الأحزاب40 , بمثل قولهم : أي زينة النبيين , وتارة يقولون : هو آخر الأنبياء المشرعين , ويقولون ببقاء النبوة غير التشريعية. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 473.(1/36)
س7: هل يعتري الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النسيان ؟
حديث (أما إني لا أنسى , ولكن أنسى لأشرع) حديث باطل لا أصل له وظاهره أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ينسى بباعث البشرية , وإنما ينسيه الله ليشرع , وعلى هذا فهو مخالف لما ثبت في "الصحيحين" وغيرهما من حديث ابن مسعود مرفوعاً : (إنما أنا بشر أنسى كما تنسون , فإذا نسيت فذكروني).
ولا ينافي هذا أن يترتب على نسيانه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكم وفوائد من البيان والتعليم , والقصد أنه لا يجوز نفى النسيان الذي هو طبيعة البشر عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهذا الحديث الباطل , لمعارضته لهذا الحديث الصحيح. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 101.(1/37)
باب السياسة والحكم
س1: ما يسمى في الوقت الحاضر بالانقلاب العسكري على الحاكم ، هل هو وارد في الدين ، أم هو بدعة ؟
هذه الأفعال لا أصل لها في الإسلام ، وهي خلاف المنهج الإسلامي في تأسيس الدعوة وإيجاد الأرض الصالحة لها ، وإنما هي بدعة كافرة تأثر بها بعض المسلمين ، وهذا ما ذكرته في التعليق والشرح على العقيدة الطحاوية .نقلا من موقع جماعة انصار السنة ، والمرجع مجلة التوحيدالعددالعاشر لسنة 1420.(1/38)
س2: هل المقصود في قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) طاعة وأولي الأمر سوى من المسلمين او من الكافرين؟
من الواضح أن ذلك خاص بالمسلمين ،وأما الكفار المستعمرون فلا طاعة لهم بل يجب الاستعداد التام مادة ومعنى لطردهم وتطهير البلاد من رجسهم . وأما تأويل قوله تعالى : (منكم) أي فيكم فبدعة قاديانية ودسيسة إنكليزية ليضلوا المسلمين ويحملوهم على الطاعة للكفار المستعمرين طهر الله بلاد المسلمين منهم أجمعين. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/39)
س3: ما هو الطريق للخلاص من ظلم الحكام؟
الطريق للخلاص من ظلم الحكام الذين هم "من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا" هو أن يتوب المسلمون إلى ربهم ويصححوا عقيدتهم ويربوا أنفسهم وأهليهم على الإسلام الصحيح تحقيقا لقوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)الرعد11 ، وإلى ذلك أشار أحد الدعاة المعاصرين بقوله : "أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم" . وليس طريق الخلاص ما يتوهم بعض الناس وهو الثورة بالسلاح على الحكام . بواسطة الانقلابات العسكرية فإنها مع كونها من بدع العصر الحاضر فهي مخالفة لنصوص الشريعة التي منها الأمر بتغيير ما بالأنفس وكذلك فلا بد من إصلاح القاعدة لتأسيس البناء عليها (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)الحج40. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/40)
باب الجهاد
س1: ما هي اقسام الجهاد؟
الجهاد على قسمين : الأول فرض عين وهو صد العدو المهاجم لبعض بلاد المسلمين كاليهود الآن الذين احتلوا فلسطين : فالمسلمون جميعا آثمون حتى يخرجوهم منها . والآخر فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين وهو الجهاد في سبيل نقل الدعوة الإسلامية إلى سائر البلاد حتى يحكمها الإسلام فمن استسلم من أهلها فبها ومن وقف في طريقها قوتل حتى تكون كلمة الله هي العليا فهذا الجهاد ماض إلى يوم القيامة فضلا عن الأول ومن المؤسف أن بعض الكتاب اليوم ينكره وليس هذا فقط بل إنه يجعل ذلك من مزايا الإسلام وما ذلك إلا أثر من آثار ضعفهم وعجزهم عن القيام بالجهاد العيني وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليهم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم" "الصحيحة" انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/41)
س)- كيف تكون دعوة الكفار إلى الإسلام؟
حديث (لا تقاتل قوما حتى تدعوهم) قاعدة هامة في دعوة الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم , فإن استجابوا فبها و نعمت , و إلا فرضت عليهم الجزية , فإن رفضوا قوتلوا , و على هذا جرى النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه , و لا يخالف ذلك ما في " الصحيحين " أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق , و هم غارون .. أي غافلون , أي أخذهم على غرة . فإنه ليس فيه أنه لم يكن قد بلغتهم دعوته صلى الله عليه وسلم , كيف و هي قد بلغت فارس و الروم بله العرب , فمن البلاهة بمكان إنكار بعض الكتاب المعاصرين لهذا الحديث بحجة أنه مخالف للقاعدة المذكورة , فإنه ليس من الضروري أن يدعى الكفار قبل قتالهم مباشرة ! و قد أشار إلى هذا الحسن البصري حين سئل عن العدو ? هل يدعون قبل القتال ? قال : "قد بلغهم الإسلام منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم" . أخرجه ابن أبي شيبة و سعيد بن منصور و انظر الرد على البعض المشار إليه مع تخريج حديث "الصحيحين" في "صحيح أبي داود". انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2641.(1/42)
باب الجن
س)- هل يلتبس الشيطان فى المؤمن الصالح؟
أن الشيطان قد يتلبس الإنسان و يدخل فيه و لو كان مؤمنا صالحا , و في ذلك أحاديث كثيرة , و قد كنت خرجت أحدها من حديث يعلى بن مرة قال : "سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت منه شيئا عجبا .. " و فيه : " و أتته امرأة فقالت : إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين , يأخذه كل يوم مرتين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أدنيه" , فأدنته منه , فتفل في فيه , و قال : اخرج عدو الله ! أنا رسول الله".". انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2912.(1/43)
كتاب الطهارة
باب النجاسات
س)- هل يتعين الماء لإزالة النجاسة ، أم يجوز إزالتها بغيره من الموائع؟
أن النجاسات إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات , لأن جميع النجاسات بمثابة دم الحيض , ولا فرق بينه وبينها اتفاقاً , وهو مذهب الجمهور , وذهب ابوحنيفة إلى أنه يجوز تطهير النجاسة بكل مائع طاهر قال الشوكاني : (والحق أن الماء أصل في التطهير لوصفه بذلك كتابًا وسنة وصفًا مطلقًا غير مقيد لكن القول بتعينه وعدم إجزاء غيره يرده حديث مسح النعل وفرك المني وإماطته بأذخرة وأمثال ذلك كثير فالإنصاف أن يقال أنه يطهر كل فرد من أفراد النجاسة المنصوص على تطهيرها بما اشتمل عليه النص لكنه إن كان ذلك الفرد المحال عليه هو الماء فلا يجوز العدول إلى غيره للمزية التي اختص بها وعدم مساواة غيره له فيها وإن كان ذلك الفرد غير الماء جاز العدول عنه إلى غير الماء لذلك وإن وجد فرد من أفراد النجاسة لم يقع من الشارع الإحالة في تطهيره على فرد من أفراد المطهرات بل مجرد الأمر بمطلق التطهير فالاقتصار على الماء هو اللازم لحصول الامتثال به بالقطع وغيره مشكوك فيه وهذه طريقة متوسطة بين القولين لا محيص عن سلوكها ).
قلت : وهذا هو التحقيق , فشد عليه بالنواجذ.
ومما يدل على أن غير الماء لا يجزئ في دم الحيض قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث (يَكْفِيكِ الْمَاءُ) , فإن مفهومه أن غير الماء لا يكفي , فتأمل. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 300.(1/44)
س)- ما مقدار النجاسة التي يجب اجتنابها؟
اعلم أن حديث (الدم مقدار الدرهم , يغسل , ويعاد منه الصلاة) هو حجة الحنفية في تقدير النجاسة المغلظة بالدرهم , وإذا علمت أن هذا الحديث موضوع , يظهر لك بطلان التقييد به , وأن الواجب اجتناب النجاسة ولو كانت أقل من الدرهم , لعموم الأحاديث الآمرة بالتطهير. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 149.(1/45)
س)- هل الخمرة نجسة ام غير نجسة؟
ليس في الأدلة الشرعية من الكتاب و السنة ما يؤيد أن الخمرة نجسة , و لذلك ذهب جماعة من الأئمة إلى أنها طاهرة , و أنه لا تلازم بين كون الشيء محرما و كونه نجسا . و من هؤلاء الليث بن سعد و ربيعة الرأي و غيرهم ممن سماهم العلامة القرطبي في "تفسيره" , فليراجعه من شاء , و هو اختيار الإمام الشوكاني في "السيل الجرار" و غيره. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1289.(1/46)
س)- هل جلد الميتة نجس ام طاهر؟
قد قام الدليل على نجاسة جلد الميتة في أحاديث كثير معروفة كقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا دبغ الإهاب فقد طهر" رواه مسلم وغيره ، وغير مخرجة في غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام ذكر في الباب حديث ابن عباس في قصة شاة مولاة ميمونة وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : "هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به؟" ، وهو صريح في أن الانتفاع به لا يكون إلا بعد الدبغ. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/47)
س)- جاء عن ابي هريرة انه (كان لا يرى بأسا بالقطرة والقطرتين في الصلاة) ، فهل هذا الاثر يدل على ان الدم لو كثر خروجه في الصلاة فانه يبطلها؟
هذا الاثر مع ضعفه مخالف لما صح عن أبي هريرة قال : "لا وضوء إلا من حدث" ، رواه البخاري معلقا ووصله إسماعيل القاضي بإسناد صحيح كما قال الحافظ وقد جاء مرفوعا بلفظ : "إلا من صوت أو ريح" وهو مخرج في "المشكاة" ، و"الإرواء" و"صحيح أبي داود" ورواه مسلم بنحوه ، ومخالف أيضا لحديث الأنصاري الذي قام يصلي في الليل فرماه المشرك بسهم فوضه فيه فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم ثم ركع وسجد ومضى في صلاته وهو يموج دما ، كما علقه البخاري ووصله أحمد وغيره وهو مخرج في "صحيح أبي داود" ، وهو في حكم المرفوع لأنه ، يستبعد عادة أن لا يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فلو كان الدم الكثير ناقضا لبينه صلى الله عليه وسلم لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما هو معلوم من علم الأصول .وعلى فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم خفي ذلك عليه فما هو بخاف على الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء فلو كان ناقضا أو نجسا لأوحى بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر لا يخفى على أحد.
وإلى هذا ذهب البخاري كما دل عليه تعليقه بعض الآثار المتقدمة واستظهره في "الفتح" وهو مذهب ابن حزم انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/48)
س)- هل قئ الآدمي متفق على نجاسته؟
قد خالف في ذلك ابن حزم حيث صرح بطهارة قئ المسلم راجع "المحلى" ، وهو مذهب الإمام الشوكاني في "الدرر البهية" وصديق خان في "شرحها" ، حيث لم يذكرا في (النجاسات) قئ الآدمي مطلقا وهو الحق ثم ذكرا أن في نجاسته خلافا ورجحا الطهارة بقولهما : "والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه" ، وذكر نحوه الشوكاني أيضا في "السيل الجرار". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/49)
باب الآنية
س)- هل يجوز استعمال أواني الكفار؟
يجوز استعمال أواني الكفار فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم الوضوء من مزادة مشركة (أخرجاه) وقال جابر : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها فلا يعيب ذلك عليهم) . لكن إذا كان يغلب عليهم أكل لحم الخنزير ويتظاهرون بذلك فلا يجوز استعمالها إلا أن لا يجد غيرها فحينئذ يجب غسلها قال أبو ثعلبة الخشني : قلت : يا نبي الله إن أرضنا أرض أهل كتاب وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف أصنع بآنيتهم وقدورهم ؟ قال : (إن لم تجدوا غيرها فارخصوها واطبخوا فيها واشربوا) انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/50)
باب سنن الفطرة
س)- ما الحد الأعلى للختان وهل هو واجب ام سنة؟
أما الحد الأعلى للختان ، فهو قبل البلوغ ، قال ابن القيم : "لا يجوز للولي أن يترك ختن الصبي حتى يجاوز البلوغ " ، انظر " تحفة المودود في أحكام المولود " له (ص60-61).وأما حكم الختان فالراجح عندنا وجوبه ، وهو مذهب الجمهور ، كمالك والشافعي وأحمد ، واختاره ابن القيم. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/51)
باب آداب الخلاء
س)- هل تشرع التسمية عند دخول الخلاء . وهل تكون سرا ام جهرا؟
قد جاء ما يدل على مشروعية التسميه عند دخول الخلاء ، وهو حديث علي رضي اللة عنه مرفوعا بلفظ : " ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدكم الخلاء أن يقول : بسم الله " . أخرجه الترمذي ، وله شاهد من حديث أنس عند الطبراني من طريقين عنه ، فالحديث حسن على أقل الدرجات ، ثم اعلم أنه ليس في شئ من هذه الأحاديث أو غيرها الجهر ، فاقتضى التنبيه. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/52)
س)- ما حكم استقبال القبله واستدبارها أثناء قضاء الحاجة؟
إذا كان البصق تجاه القبلة في البنيان منهيا عنه محرما ، أفلا يكون البول والغائط تجاهها محرما من باب أولى؟ ! فاعتبروا يا أولي الأبصار! انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/53)
س)- هل صح عنه صلى الله عليه وسلم الجمع بين الماء والحجارة في الاستنجاء؟
الجمع بين الماء والحجارة في الاستنجاء لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم ، فأخشى أن يكون القول بالجمع من الغلو في الدين ، لأن هديه صلى الله عليه وسلم الاكتفاء بأحدهما ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها .
وأما حديث جمع أهل قباء بين الماء والحجارة ، ونزول قوله تعالى فيهم (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) ، فضعيف الإسناد ، لا يحتج به. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/54)
س)- ما حكم البول قائماً؟
يجوز البول قاعداً وقائماً , والمهم أمن الرشاش , فبأيهما حصل وجب ، وأما النهي عن البول قائماً , فلم يصح فيه حديث. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 201.(1/55)
باب فرائض الوضوء
س)- هل التسمية من فرائض الوضوء؟
أقوى ما ورد فيها حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : "لا صلاة لمن لا وضؤ له ، ولا وضؤ لمن لم يذكر اسم الله عليه" . له ثلاثة طرق وشواهد كثيرة أشرت إليها في "صحيح سنن أبي داود" ، ولا دليل يقتضي الخروج عن ظاهره إلى القول بأن الأمر فيه للاستحباب فقط ، فثبت الوجوب ، وهو مذهب الظاهرية ، وإسحاق ، وإحدى الروايتين عن أحمد ، واختاره صديق خان ، والشوكاني ، وهو الحق إن شاء الله تعالى ، وراجع له "السيل الجرار". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/56)
س)- هل المضمضة والاستنشاق من سنن الوضوء ام من فرائضه؟
قال الشوكاني في "السيل الجرار" : "أقول : القول بالوجوب هو الحق ، لأن الله سبحانه قد أمر في كتابه العزيز بغسل الوجه ، ومحل المضمضة والاستنشاق من جملة الوجه . وقد ثبت مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك في كل وضوء ، ورواه جميع من روى وضوءه صلى الله عليه وسلم وبين صفته ، فأفاد ذلك أن غسل الوجه المأمور به في القرآن هو مع المضمضة والاستنشاق . وأيضا قد ورد الامر بالاستنشاق والاستنثار في أحاديث صحيحة . . ." . ثم ذكر حديث لقيط بن صبرة .انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/57)
س)- هل يجب تحريك الخاتم عند الوضوء؟
تحريك الخاتم لا بد منه إذا كان ضيقا. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/58)
س)- مسح الأذنين هل هو فرض أم سنة؟و هل يكفي في مسح الأذنين ماء الرأس أم لا بد لذلك من ماء جديد ؟
قوله صلى الله عليه وسلم (الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ) ، يدل على مسألتين من مسائل الفقه , اختلفت أنظار العلماء فيهما:
أما المسألة الأول , فهي أن مسح الأذنين هل هو فرض أم سنة؟
ذهب إلى الأول الحنابلة , وحجتهم هذا الحديث , فإنه صريح في إلحاقهما بالرأس , وما ذلك إلا لبيان أن حكمهما في المسح كحكم الرأس فيه.وذهب الجمهور إلى أن مسحهما سنة فقط , كما في (الفقه على المذاهب الأربعة), ولم نجد لهم حجة يجوز التمسك بها في مخالفة هذا الحديث إلا قول النووي في (المجموع): (إنه ضعيف من جميع طرقه).
وإذا علمت أن الأمر ليس كذلك , وأن بعض طرقه صحيح , لم يطلع عليه النووي , وبعضها الآخر صحيح لغيره , استطعت أن تعرف ضعف هذه الحجة , ووجوب التمسك بما دل عليه الحديث من وجوب مسح الأذنين , وأنهما في ذلك كالرأس , وحسبك قدوة في هذا المذهب إمام السنة أبو عبدالله أحمد بن حنبل , وسلفه في ذلك جماعة من الصحابة , وقد عزاه النووي إلى الأكثرين من السلف.
وأما المسألة الأخرى , فهي : هل يكفي في مسح الأذنين ماء الرأس أم لا بد لذلك من جديد؟ ذهب إلى الأول الأئمة الثلاثة , كما نص في (فيض القدير) للمناوي , فقال في شرح الحديث (الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ : لا من الوجه , ولا مستقلتان , يعني فلا حاجة إلى أخذ ماء جديد منفرد لهما غير ماء الرأس في الوضوء , بل يجزئ مسحهما ببلل ماء الرأس , وإلا لكان بياناً للخلقة فقط , والمصطفى صلى الله عليه وسلم لم يبعث لذلك , وبه قال الأئمة الثلاثة).
وخالف في ذلك الشافعية , فذهبوا إلى أنه يسن تجديد الماء للإذنين ومسحهما على الانفراد , ولا يجب , واحتج النووي لهم بحديث عبدلله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذ لرأسه.
قال النووي في (المجموع) (حديث حسن , رواه البيهقي , وقال : إسناده صحيح).
وقال في مكان آخر (وهو حديث صحيح كما سبق بيانه قريباً , فهذا صريح في أنهما ليستا من الرأس , إذ لو كانتا منه , لما أخذ لهما ماء جديداً كسائر أجزاء الجسد , وهو صريح في أخذ ماء جديد).قلت : ولا حجة فيه على ماقالوا , إذ غاية ما فيه مشروعية أخذ الماء لهما , وهذا لا ينافي جواز الاكتفاء بما الرأس , كما دل عليه هذا الحديث , فاتفقا ولم يتعارضا , ويؤيد ما ذكرت أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم : (أنه مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ) رواه ابوداود بسند حسن كما بينته في صحيح سننه , وهذا كله يقال على فرض التسليم بصحة حديث عبدالله بن زيد , ولكنه غير ثابت , بل هو شاذ كما ذكرت في (صحيح سنن أبي داود) , وبينته في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) (997).
وجملة القول : فإن أسعد الناس بهذا الحديث من بين الأئمة الأربعة أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين , فقد أخذ بما دل عليه الحديث في المسألتين , ولم يأخذ به في الواحدة دون الأخرى كما صنع غيره. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم36.(1/59)
باب سنن الوضوء
س)- عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ فَكَانَ يَمُدُّ يَدَهُ حَتَّى يَبْلُغَ إِبْطَهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا هَذَا الْوُضُوءُ فَقَالَ يَا بَنِي فَرُّوخَ أَنْتُمْ هَاهُنَا لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ هَاهُنَا مَا تَوَضَّأْتُ هَذَا الْوُضُوءَ سَمِعْتُ خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ) ، هل هذا الحديث يدل على استحباب إطالة الغرة والتحجيل؟
الذي نراه - إذا لم نعتد برأي أبي هريرة رضي الله عنه - أنه لا يدل على ذلك , لأن قوله : (مبلغ الوضوء) , من الواضح أنه أراد الوضوء الشرعي , فإذا لم يثبت في الشرع الإطالة , لم يجز الزيادة عليه , كما لا يخفى.على أنه إن دل الحديث على ذلك , فلن يدل على غسل العضد , لأنه ليس من الغرة ولا التحجيل , ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى في حادي الأرواح : (وقد احتج بهذا الحديث من يرى استحباب غسل العضد وإطالته , والصحيح أنه لا يستحب , وهو قول أهل المدينة , وعن أحمد روايتان , والحديث لا يدل على الإطالة , فإن الحلية إنما تكون زينة في الساعد والمعصم , لا العضد والكتف).
واعلم أن هناك حديثاً آخر يستدل به من يذهب إلى استحباب إطالة الغرة والتحجيل , وهو بلفظ : (إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ) , وهو متفق عليه بين الشيخين , لكن قوله (فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ ) , مدرج من قول أبي هريرة , ليس من حديثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كما شهد بذلك جماعة من الحفاظ , كالمنذري , وابن تيمية , وابن القيم , والعسقلاني , وغيرهم , وقد بينت ذلك بياناً شافياً في الأحاديث الضعيفة , فأغنى عن الإعادة , ولو صحت هذه الجملة , لكانت نصاً على استحباب إطالة الغرة والتحجيل لا على إطالة العضد , والله ولي التوفيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 252.(1/60)
س)- هل الترتيب في الوضوء سنة ام فرض؟
ليس هناك ما يدل على وجوب الترتيب , وقول ابن القيم في الزاد (وكان وضوؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتباً متوالياَ لم يخل به مرة واحدة البتة) , غير مسلم في الترتيب , لحديث الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ قَالَ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) , رواه أحمد , وعنه أبوداود بإسناد صحيح , وقال الشوكاني : (إسناد صالح , وقد أخرجه الضياء في المختارة) فهذا يدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلتزم الترتيب في بعض المرات , فذلك دليل على أن الترتيب غير واجب , ومحافظته عليه في غالب أحواله دليل على سنيته , والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم261.(1/61)
س)- هل ورده في حديث مشروعية مسح الرقبة في الوضوء؟
الأحاديث الواردة في صفة وضوئه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ليس في شيء منها ذكر لمسح الرقبه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 69.(1/62)
باب نواقض الوضوء
س)- متى يكون مس الذكر ناقض للوضوء متى لا يكون ناقض له؟
أن المس الذي لا يوجب الوضوء إنما هو الذي لا يقترن معه شهوة ، لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر من الجسم ، بخلاف ما إذا مسه بشهوة ، فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر ، لأنه لا يقترن عادة بشهوة.انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/63)
س)- هل النوم مطلقا ناقض للوضوء؟
الحق أن النوم ناقض مطلقا ، ولا دليل يصلح لتقييد حديث صفوان ، بل يؤيده حديث علي مرفوعا : "وكاء السه العينان ، فمن نام فليتوضأ" ، وإسناده حسن كما قال المنذري والنووي وابن الصلاح ، وقد بينته في "صحيح أبي داود" ، فقد أمر صلى الله عليه وآله كل نائم أن يتوضأ . ولا يعكر على عمومه -كما ظن البعض- أن الحديث أشار إلى أن النوم ليس ناقضا في نفسه ، بل هو مظنة خروج شئ من الإنسان في هذه الحالة ، فإنا نقول : لما كان الأمر كذلك ، أمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل نائم أن يتوضأ ، ولو كان متمكنا ، لأنه عليه السلام أخبر أن العينين وكاء السه ، فإذا نامت العينان ، انطلق الوكاء ، كما في حديث آخر ، والمتمكن نائم ، فقد ينطلق وكاؤه ، ولو في بعض الأحوال ، كأن يميل يمينأ أو يسارا ، فاقتضت الحكمة أن يؤمر بالوضوء كل نائم . والله أعلم . وما اخترناه هو مذهب ابن حزم ، وهو الذي مال إليه أبو عبيد القاسم بن سلام في قصة طريفة حكاها عنه ابن عبد البر في "شرح الموطأ" قال : " كنت أفتي أن من نام جالسا لا وضؤ عليه حتى قعد إلى جنبي رجل يوم الجمعة ، فنام ، فخرجت منه ريح! فقلت : قم فتوضأ . فقال : لم أنم . فقلت : بلى ، وقد خرجت منك ريح تنقض الوضوء ! فجعل يحلف بالله ما كان ذلك منه ، وقال لي : بل منك خرجت ! فزالت ما كنت أعتقد في نوم الجالس ، وراعيت غلبة النوم ومخالطته القلب". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/64)
س)- هل يصح ما يتداوله العامة وبعض الخاصة من ان سبب أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الوضوء من لحم الابل انما هو خروج ريح من احد الصحابة فاستحيا أن يقوم من بين الناس , و كان قد أكل لحم جزور , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سترا عليه من أكل لحم جزور فليتوضأ؟
ان ما يتداوله كثير من العامة , و بعض أشباههم من الخاصة , أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ذات يوم , فخرج من أحدهم ريح , فاستحيا أن يقوم من بين الناس , و كان قد أكل لحم جزور , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سترا عليه : " من أكل لحم جزور فليتوضأ " . فقام جماعة كانوا أكلوا من لحمه فتوضأوا ! و هذه القصة مع أنه لا أصل لها في شيء من كتب السنة و لا في غيرها من كتب الفقه و التفسير فيما علمت , فإن أثرها سيىء جدا في الذين يروونها , فإنها تصرفهم عن العمل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لكل من أكل من لحم الإبل أن يتوضأ , كما ثبت في " صحيح مسلم " و غيره : قالوا : يا رسول الله أنتوضأ من لحوم الغنم?
قال : لا , قالوا : أفنتوضأ من لحوم الإبل ? قال : توضأوا . فهم يدفعون هذا الأمر الصحيح الصريح بأنه إنما كان سترا على ذلك الرجل , لا تشريعا ! و ليت شعري كيف يعقل هؤلاء مثل هذه القصة و يؤمنون بها , مع بعدها عن العقل السليم , و الشرع القويم ? ! فإنهم لو تفكروا فيها قليلا , لتبين لهم ما قلناه بوضوح , فإنه مما لا يليق به صلى الله عليه وسلم أن يأمر بأمر لعلة زمنية . ثم لا يبين للناس تلك العلة , حتى يصير الأمر شريعة أبدية , كما وقع في هذا الأمر , فقد عمل به جماهير من أئمة الحديث و الفقه , فلو أنه صلى الله عليه وسلم كان أمر به لتلك العلة المزعومة لبينها أتم البيان , حتى لا يضل هؤلاء الجماهير باتباعهم للأمر المطلق ! و لكن قبح الله الوضاعين في كل عصر و كل مصر , فإنهم من أعظم الأسباب التي أبعدت كثيرا من المسلمين عن العمل بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم , و رضي الله عن الجماهير العاملين بهذا الأمر الكريم , و وفق الآخرين للاقتداء بهم في ذلك و في اتباع كل سنة صحيحة . والله ولي التوفيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1132.(1/65)
س)- هل يجب الوضوء من خروج الدم؟
لا يصح حديث في إيجاب الوضوء من خروج الدم . والأصل البراءة . روى ابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي بسند صحيح أن ابن عمر عصر بثرة في وجهه فخرج شيء من دم فحكه بين أصبعيه ثم صلى ولم يتوضأ ثم روى ابن أبي شيبة نحوه عن أبي هريرة وقد صح عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه بزق دما في صلاته ثم مضى فيها راجع صحيح البخاري مع فتح الباري وتعليقي على مختصر البخاري. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 470(1/66)
س)- ما حكم التنشيف بعد الوضوء؟
أصل القول الذي يذكر في بعض الكتب , و شاع عند المتأخرين أن الأفضل للمتوضئ أن لا ينشف وضوءه بالمنديل لأنه نور ! حديث (من توضأ فمسح بثوب نظيف فلا بأس به و من لم يفعل فهو أفضل , لأن الوضوء نور يوم القيامة مع سائر الأعمال) ، و اذا عرفت أنه أصل واه جدا فلا يعتمد عليه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1683.(1/67)
س)- ما المراد بالطاهر في حديث (لا يمس القرآن إلا طاهر)؟
أن المراد بالطاهر في حديث (لا يمس القرآن إلا طاهر) هو المؤمن ، سواء أكان محدثا حدثا أكبر أو أصغر أو حائضا أو على بدنه نجاسة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : "المؤمن لا ينجس" ، وهو متفق على صحته ، والمراد عدم تمكين المشرك من مسه ، فهو كحديث : "نهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو" ، متفق عليه أيضا ، وقد بسط القول في هذه المسالة الشوكاني قي كتابه " نيل الأوطار "، فراجعه إن شئت زيادة التحقيق ثم إن الحديث قد خرجته من طرق في "إرواء الغليل" ، فليراجعه من شاء. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/68)
س)- هل الأفضل ان يقرأ القرآن على طهارة؟
نعم , الأفضل أن يقرأ على طهارة , لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين رد السلام عقب التيمم : (إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة) , وهو مخرج في "صحيح أبي داود". انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 406.(1/69)
باب ما يستحب له الوضوء
س)- اذكر بعض المواضع التي يستحب لها الوضوء؟
1 - الوضوء عند كل حدث ، لحديث بريدة بن الحصيب قال : "أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ، فدعا بلالا ، فقال : يا بلال بما سبقتني إلى الجنة ؟ ! اني دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامى؟ فقال بلال : يا رسول الله ! ما أذنت قط الا صليت ركعتين ، ولا أصابني حدث قط إلا توضأت عنده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لهذا " . رواه الترمذي والحاكم وابن خزيمة في "صحيحه" ، وإسناده صحيح على شرط مسلم ، واقتصر المنذزي على عزوه لابن خزيمة وحده ، وهو قصور!
2 - الوضوء من القئ ، لحديث معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء : "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء ، فأفطر ، فتوضأ ، فلقيت ثولان في مسجد دمشق ، فذكرت ذلك له ، فقال : صدق ، أنا صببت له وضؤه" . أخرجه الترمذي وغيره باسناد صحيح ، والاضطراب الذي وقع في سنده لا يعله ، لأن حسينا المعلم قد جوده كما قال الترمذي وأحمد . راجع "نيل الأوطار" ، وتعليق الشيخ أحمد محمد شاكر على الترمذي وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموعة الرسائل الكبرى " على استحباب الوضوء من القئ ، لهذا الحديث.
3 - الوضوء من حمل الميت ، لقوله " صلى الله عليه وآله " : " من غسل ميتا فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ " . وهو حديث صحيح جاء من طرق بعضها صحيح وبعضها حسن كما ذكرته في "إرواء الغليل" ، وقواه ابن القيم وابن القطان وابن حزم والحافظ ، راجع "التلخيص الحبير". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/70)
باب المسح على الخفين
س)- هل ثبت المسح على الخفين؟
ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم بطريق التواتر وصح أنه مسح بعد نزول آية المائدة : (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة)المائدة6 ، وهي على قراءة الخفض مفسرة بالسنة فالمراد المسح على الخفين وإليه مال ابن تيمية في (الاختيارات) .ويجوز المسح عليهما ولو كانا مخروقين ما دام الاسم عليهما باقيا والمشي فيهما ممكن لإطلاق الشارع وقد فصله شيخ الإسلام في (الفتاوى) انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/71)
س)- هل ثبت المسح على الجوربين؟
ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين وهو حديث صحيح ومن أعله فلا حجة له . قال أبو داود بعد أن خرجه : وروي هذا أيضا عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين وليس بالمتصل ولا بالقوي . وقد أخرجه الطحاوي وقال أبو داود : ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وأبن مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس .
والجوربان بمنزلة الخفين في المسح كما قال سعيد بن المسيب وغيره كما في المحلى فلهما حكمهما . ولا يشترط فيهما التجليد في أسفلهما ولا أن يثبتا بأنفسهما ولذلك نص أحمد أنه يجوز المسح على الجوربين وإن لم يثبتا بأنفسهما بل إذا ثبتا بالنعلين جاز المسح عليهما كما نقله شيخ الإسلام في (الفتاوى) وعليه يجوز المسح على الجوارب الرقيقة إذا كانت مشدودة بسوار من المطاط كما هو المستعمل اليوم. انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/72)
س)- ما هي المدة التي يشترط فيها المسح على الخفين , ومتى يبدأ حسابها؟
كان صلى الله عليه وسلم يمسح في السفر والحضر ووقت للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن إذا تطهر فلبس خفيه كما في حديث أبي بكرة عند الدار قطني بسند حسن وتبدأ مدة المسح من الوقت الذي مسح إلى مثله من الغد وهو قول أحمد كما في (مسائل أبي داود).
ولا تتوقت مدة المسح في حق المسافر الذي يشق اشتغاله بالخلع واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين وعليه يحمل قصة عقبة بن عامر . كذا قاله شيخ الإسلام في (اختياراته) والقصة المشار إليها هي ما أخرجه الدارقطني من طريق علي بن رباح عن عقبة قال : خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة فدخلت المدينة يوم الجمعة ودخلت على عمر بن الخطاب - زاد في رواية : وعلي خفان من تلك الخفاف الغلاظ - فقال : متى أولجت خفيك في رجليك ؟ قلت : يوم الجمعة قال : فهل نزعتهما ؟ قلت : لا قال : أصبت السنة . قال الدارقطني : وهو صحيح الإسناد . وقال شيخ الإسلام في (الفتاوى): وهو حديث صحيح . وهو كما قالا . وانظر التفصيل في (الفتاوى) . انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/73)
باب الغسل
س) ما حكم غسل يوم الجمعة؟
دلت الأحاديث الصحيحة في الأمر بالغسل يوم الجمعة , كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (غسل الجمعة واجب على كل محتلم) رواه الشيخان وغيرهما.
وقد تساهل أكثر الناس بهذا الواجب يوم الجمعة , فقل من يغتسل منهم لهذا اليوم , ومن اغتسل فيه فإنما هو للنظافة , لا لأنه من حق الجمعة , فالله المستعان. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم158(1/74)
س)- هل يجزئ غسل واحد عن حيض وجنابة ، أو عن جنابة وجمعة ، إذا نوى الكل؟
الذي يتبين لي أنه لا يجزى ذلك ، بل لا بد من الغسل لكل ما يجب الغسل له غسلا على حدة ، فيغتسل للحيض غسلا ، وللجنابة غسلا آخر ، أو للجنابة غسلا ، وللجمعة غسلا آخر ، لأن هذه الأغسال قد قام الدليل على وجوب كل واحد منها على انفراده ، فلا يجوز توحيدها في عمل واحد ، ألا ترى أنه لو كان عليه قضاء شهر رمضان أنه لا يجوز له أن ينوي قضاءه مع صيامه لشهر رمضان أداء ، وهكذا يقال في الصلاة ونحوها ، والتفريق بين هذه العبادات وبين الغسل لا دليل عليه ، ومن ادعاه فليتفضل بالبيان. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/75)
س)- هل يحرم على الجنب أن يمكث في المسجد؟
القول عندنا في هذه المسألة من الناحية الفقهية كالقول في مس القرآن من الجنب ، للبراءة الأصلية ، وعدم وجود ما ينهض على التحريم ، وبه قال الإمام أحمد وغيره. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/76)
س)- هل يجزئ الغسل عن الوضوء؟
عن جابر بن عبد الله : أن أهل الطائف قالوا : يا رسول الله ! إن أرضنا أرض باردة ، فما يجزئنا من غسل الجنابة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا . رواه مسلم وغيره . وبه استدل البيهقي للمسألة ، فقال في "سننه" : "باب الدليل على دخول الوضوء في الغسل . . . " ، وهذا ظاهر من الحديث ، فإذا ضم إليه حديث عائشة كما بينته في " صحيح سنن أبي داود "برقم (244) - ينتج منهما أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالغسل الذي لم يتوضأ فيه ولا بعده . والله أعلم. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/77)
باب ما يستحب له الغسل
س)- اذكر بعض المواضع التى يستحب لها الغسل؟
1 - الاغتسال عند كل جماع ، لحديث أبي رافع أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف ذات يوم على نسائه ، يغتسل عند هذه وعند هذه ، قال : فقلت : يا رسول الله ! ألا تجعله واحدا ؟ قال : هذأ أزكى وأطيب وأطهر . رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن ، ولذلك أوردته في " صحيح أبي داود " ، وذكرت فيه أن الحافظ ابن حجر قواه ، واستدل به على ما ذكرنا .2 - اغتسال المستحاضة لكل صلاة ، أو للظهر والعصر جميعا غسلا ، وللمغرب والعشاء جميعا غسلا ، وللفجر غسلا ، لحديث عائشة قالت : إن أم حبيبة استحيضت في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرها بالغسل لكل صلاة . . . الحديث ، وفي رواية عنها : "استحيضت امرأة على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرت أن تعجل العصر وتؤخر الظهر وتغتسل لهما غسلا واحدا ، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلا ، وتنتسل لصلاة الصبح غسلا ، وإسناد هذه الرواية صحيح على شرط الشيخين ، والأولى صحيح فقط كما بينته في "صحيح السنن".
3 - الاغتسال بعد الإغماء ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : ثقل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : أصلى الناس ؟ فقلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله . فقال : ضعوا لي ماء في المخضب . قالت : ففعلت ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء ، فأغمي عليه ، ثم أفاق ، فقال : أصلى الناس ؟ فقلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله . فقال : ضعوا لي الماء في المخضب . قالت : ففعلنا ، فاغتسل ، ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ، ثم أفاق ، قال : أصلى الناس ؟ فقلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله . فذكرت إرساله إلى أبي بكر وتمام الحديث . متفق عليه كما في " المنتقى " ، أورده في " باب : غسل المغمى عليه إذا أفاق " . قال الشوكاني: "وقد ساقه المصنف ههنا للاستدلال به على استحباب الاغتسال للمغمى عليه وقد فعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث مرات ، وهو مثقل بالمرض ، فدل ذلك على تأكد استحبابه".4 - الاغتسال من دفن المشرك ، لحديث علي بن أبي طالب أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : إن أبا طالب مات ، فقال : اذهب فواره ، فلما واريته ، رجعت إليه ، فقال لي : اغتسل . أخرجه النسائي وغيره بسند صحيح ، وله إسناد آخر صحيح أيضا ، وفيه زيادات ، وقد أوردته في "المبحث" (79) ، فقرة "ب" ، من كتابي " أحكام الجنائز " ، وقد فرغت منه قريبا . ثم طبع والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/78)
باب التيمم
س)- هل يجوز التيمم بالجدار ؟
يتيمم بما على وجه الأرض ترابا كان أو غيره كما تيمم عليه السلام بالحائط . ولعموم قوله : (وجعلت لي الأرض كلها لي ولأمتي مسجدا وطهورا) . وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وغيرهما واختاره ابن حزم. انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/79)
س)- هل من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى؟
المتيمم يصلي بتيممه ما شاء من الصلوات الفروض والنوافل , ما لم ينتقض تيممه بحدث أو بوجود الماء ، وهذا هو الحق في هذه المسألة , كما قرره ابن حزم , وانظر ((الروضة الندية)). انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم423.(1/80)
س)- من خشي خروج الوقت بسبب الوضوء او الاغتسال فهل يتيمم ويصلي؟
الذي خشي خروج الوقت له حالتان لا ثالث لهما : إما أن يكون ضاق عليه الوقت بكسبه وتكاسله ، أو بسبب لا يملكه مثل النوم والنسيان ، ففي هذه الحالة الثانية فالوقت يبتدئ من حين الاستيقاظ أو التذكر بقدر ما يتمكن من أداء الصلاة فيه كما أمر ، بدليل قوله في : "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" أخرجه الشيخان وغيرهما واللفظ لمسلم ، فقد جعل الشارع الحكيم لهذا المعذور وقتا خاصا به ، فهو إذا صلى كما أمر ، يستعمل الماء لغسله أو وضوئه ، فليس يخشى عليه خروج الوقت ، فثبت أنه لا يجوز له أن يتيمم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "الاختيارات" ، وذكر في "المسائل الماردينية" أنه مذهب الجمهور . وأما في الحالة الأول ، فمن المسلم أنه في الأصل مأمور باستعمال الماء ، وأنه لا يتيمم ، فكذلك يجب عليه في هذه الحالة أن يستعمل الماء ، فإن أدرك الصلاة فبها ، وإن فاتته فلا يلومن إلا نفسه ، لأنه هو الذي سعى إلى هذه النتيجة.
هذا هو الذي اطمأنت إليه نفسي ، وانشرح له صدري ، وإن كان شيخ الإسلام وغيره قالوا : إنه يتيمم ويصلي ، والله أعلم . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/81)
باب المسح على الجبيرة
س)- ما حكم المسح على الجبيرة ؟
ذهب ابن حزم إلى أنه لا يشرع المسح على الجبيرة ، قال: "برهان ذلك قول الله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ، وقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" ، فسقط بالقرآن والسنة كل ما عجز عنه المرء ، وكان التعويض منه شرعا ، والشرع لا يلزم إلا بقرآن أو سنة ، ولم يأت قرآن ولا سنة بتعويض المسح على الجبائر والدواء من غسل ما لا يقدر على غسله ، فسقط القول بذلك" . ثم ذكر عن الشعبي ما يوافق قوله ، ومثله عن داود وأصحابه ، وهو الحق إن شاء الله. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/82)
باب الحيض والنفاس و الاستحاضة
س)- ما هو الحيض؟
هو الدم الأسود الخاثر الكريه الرائحة خاصة فمتى ظهر من المرأة صارت حائضا ، عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق).
هذا الحديث يفيد أن الصفرة ليست دم حيض لقوله : ( دم الحيض أسود يعرف ) . وهو مذهب ابن حزم وجمهور الظاهرية كما قال في (المحلى ) .
وأما الحمرة والصفرة بعد الطهر فلا يعد شيئا وهو قول أبي حنيفة وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وغيرهم. انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/83)
س)- ما حكم من أتى حائضاً؟
على من أتاها أن يتصدق بدينار أو بنصف دينار على التخيير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو بنصف دينار . انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/84)
س)- هل دم الحيض نجس ؟ وكيف يتم ازالته؟
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ فَكَيْفَ أَصْنَعُ َقَالَ إِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ فَقَالَتْ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الدَّمُ قَالَ يَكْفِيكِ الْمَاءُ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ.
والحديث دليل على نجاسة دم الحيض لأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغسله , وظاهره أنه يكفي فيه الغسل , ولا يجب فيه استعمال شئ من الحواد والمواد القاطعة لأثر الدم.ويؤيده الحديث الآتي (إِذَا أَصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنْ الْحَيْضَةِ , فَلْتَقْرُصْهُ , ثُمَّ لِتَنْضِحْهُ بِالْمَاءِ [وفي رواية : ثم اقرصيه بماء , ثم انضحي في سائره] , ثُمَّ لِتُصَلِّ فِيهِ) ، وظاهر الحديث يدل كالحديث الذي قبله على أن الماء يكفي في غسل دم الحيض , وأنه لا يجب فيه استعمال شئ من الحواد , كالسدر والصابون ونحوه , لكن قد جاء ما يدل على وجوب ذلك وهو حديث عَدِيِّ بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ قَيْسٍ بِنْتَ مِحْصَنٍ تقول : سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَمِ الْحَيْضَ يكون في الثَّوْبَ قَالَ : حُكِّيهِ بِضِلَعٍ وَاغْسِلِيهِ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ.
فيجب غسل دم الحيض , ولو قل , لعموم الأمر , وهل يجب استعمال شئ من المواد لقطع أثر النجاسة كالسدر والصابون ونحوهما ؟ فذهب الحنفية وغيرهم إلى عدم الوجوب , مستدلين بعدم ورود الحاد في الحديثين الأولين , وذهب الشافعي والعترة - كما في نيل الأوطار - إلى الوجوب , واستدلوا بأمر بالسدر في الحديث الثالث وهو من الحواد , وجنح إلى هذا الصنعاني , وقال في سبل السلام رد على الشارح المغربي - وهو صاحب بدر التمام - أصل السبل - في قوله : (والقول الأول أظهر) : (وقد يقال : قد ورد الأمر بالغسل لدم الحيض بماء والسدر , والسدر من الحواد , والحديث الوارد به في غاية الصحة كما عرفت , فيقيد به ما أطلق في غيره - كالحديثين السابقين - ويخص الحاد بدم الحيض , ولا يقاس عليه غيره من النجاسات , وذلك لعدم تحقق شروط القياس , ويحمل حديث (وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ) , وقول عائشة : (فلم يذهب) , أي : بعد الحاد).
قلت : وهذا هو الأقرب إلى ظاهر الحديث , ومن الغريب أن ابن حزم لم يتعرض له في المحلى بذكر , فكأنه لم يبلغه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 298.(1/85)
س)- ما حكم من أتى مستحاضة؟
قد اختلف العلماء في إتيانها والجمهور على جواز ذلك وهو الحق لأن الأصل في الأشياء الإباحة ولأن في المنع من ذلك ضرا على الزوج فيما إذا كانت الاستحاضة مستديمة كما جرى لأم حبيبة بنت جحش. انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/86)
س)- ما هي اقل مدة للنفاس؟
اختلف العلماء في أقل النفاس على أقوال أقربها إلى الصواب أنه لا حد لأقله لقوله فيما سبق : فإن رأت الطهر قبل ذلك . وهو قول الشافعي و أحمد وهو اختيار شيخ الإسلام وابن حزم. انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/87)
كتاب الصلاة
باب حكم تارك الصلاة
س)- ما حكم تارك الصلاة؟
قال صلى الله عليه وسلم (يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا).في الحديث فائدة فقهية هامة , وهي أن شهادة أن لا إله إلا الله تنجي قائلها من الخلود في النار يوم القيامة , ولو كان لا يقوم بشئ من أركان الإسلام الخمسة الأخرى , كالصلاة وغيرها , ومن المعلوم أن العلماء اختلفوا في حكم تارك الصلاة , خاصة مع إيمانه بمشروعيتها , فالجمهور على أنه لا يكفر بذلك , بل يفسق , وذهب أحمد - في رواية - إلى أنه يكفر , وأنه يقتل ردة لا حداً , وقد صح عن الصحابة أنهم كانوا لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة , رواه الترمذي والحاكم ، وأنا أرى أن الصواب رأي الجمهور , وأن ما ورد عن الصحابة ليس نصاً على أنهم كانوا يريدون بالكفر هنا الكفر الذي يخلد صاحبه في النار , ولا يحتمل أن يغفره الله له , كيف ذلك وهذا حذيفة بن اليمان - وهو من كبار أولئك الصحابة - يرد على صلة بن زفر - وهو يكاد يفهم الأمر على نحو فهم أحمد له - فيقول : (مَا تُغْنِي عَنْهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ ...) فيجيبه حذيفة بعد إعراضه عنه : (يَا صِلَةُ تُنْجِيهِمْ مِنْ النَّارِ ثَلَاثًا) ، فهذا نص من حذيفة رضي الله عنه على أن تارك الصلاة - ومثلها بقية الأركان - ليس بكافر , بل مسلم ناج من الخلود في النار يوم القيامة , فاحفظ هذا فإنه قد لا تجده في غير هذا المكان ، وفي الحديث المرفوع ما يشهد له , ولعلنا نذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.ثم وقفت على (الفتاوى الحديثية) للحافظ السخاوي , فرأيته يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة - وهي مشهورة معروفة -(ولكن , كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحداً لوجودها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين , لأنه يكون حينئذ كافر مرتداً بإجماع المسلمين . فإن رجع إلى الإسلام , قبل منه , وإلا قتل , وأما من تركها بلا عذر - بل تكاسلاً مع اعتقاد وجوبها - , فالصحيح المنصوص الذي قطع به الجمهور أنه لا يكفر , وأنه - على الصحيح أيضاً - بعد إخراج الصلاة الواحدة عن وقتها الضروري - كأن يترك الظهر مثلاً حتى تغرب الشمس , أو المغرب حتى يطلع الفجر - يستتاب كما يستتاب المرتد , ثم يقتل إن لم يتب , ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين , مع إجراء سائر أحكام المسلمين عليه , ويؤول إطلاق الكفر عليه لكونه شارك الكافر في بعض أحكامه , وهو وجوب العمل , جمعاً بين هذه النصوص وبين ما صح أيضاً عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال (خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ .... [فذكر الحديث , وفيه :] إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ) , وقال أيضاً : (مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ) . إلى غير ذلك , ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه , ولو كان كافراً , لم يغفر له , لم يرث ولم يورث).وقد ذكر نحو هذا الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله في (حاشيته على المقنع) , وختم البحث بقوله :(ولأن ذلك إجماع المسلمين , فإننا لا نعلم في عصر من الأعصار أحداً من تاركي الصلاة ترك تغسيله والصلاة عليه , ولا منع ميراث موروثه , مع كثرة تاركي الصلاة , ولو كفر , لثبتت هذه الأحكام , وأما الأحاديث المتقدمة , فهي على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار لا على الحقيقة , كقوله عليه الصلاة والسلام : (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) وقوله : (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْْ أَشْرَكَ) , وغير ذلك . قال الموافق : وهذا أصوب القولين).
أقول : نقلت هذا النص من (الحاشية) المذكورة , ليعلم بعض متعصبة الحنابلة أن الذي ذهبنا إليه ليس رأياً تفردنا به دون أهل العلم , بل هو مذهب جمهورهم , والمحقيقين من علماء الحنابلة أنفسهم , كالموافق هذا - وهو ابن قدامة المقدسي - وغيره , ففي ذلك حجة كافية على أولئك المتعصبة , تحملهم إن شاء الله تعالى على ترك غلوائهم , والاعتدال في حكمهم.
بيد أن هنا دقيقة قل من رأيته تنبه لها , أو نبه عليها , فوجب الكشف عنها وبيانها , فأقول: إن التارك للصلاة كسلاً إنما يصح الحكم بإسلامه , ما دام لا يوجد هناك ما يكشف عن مكنون قلبه , أو يدل عليه , ومات على ذلك قبل أن يستتاب , كما هو الواقع في هذا الزمان , أما لو خير بين القتل والتوبة بالرجوع إلى المحافظة على الصلاة , فاختار القتل عليها , فقتل , فهو في هذه الحالة يموت كافراً , ولا يدفن في مقابر المسلمين , ولا تجري عليه أحكامهم , خلافاً لما سبق عن السخاوي , لأنه لا يعقل - لو كان غير جاحد لها في قلبه - أن يختار القتل عليها , هذا أمر مستحيل معروف بالضرورة من طبيعة الإنسان , لا يحتاج إثباته إلى برهان .قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في (مجموعة الفتاوى) : (ومتي امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل، لم يكن في الباطن مقرًا بوجوبها، ولا ملتزمًا بفعلها، وهذا كافر باتفاق المسلمين، كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا، ودلت عليه النصوص الصحيحة .....فمن كان مصرًا على تركها حتى يموت لا يسجد لله سجدة قط، فهذا لا يكون قط مسلمًا مقرًا بوجوبها، فإن اعتقاد الوجوب، واعتقاد أن تاركها يستحق القتل، هذا داع تام إلى فعلها، والداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور، فإذا كان قادرًا ولم يفعل قط، علم أن الداعي في حقه لم يوجد ).
قلت : هذا منتهى التحقيق في هذه المسألة , والله ولي التوفيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم87.(1/88)
باب شروط الصلاة
س)- هل تؤدى الصلاة اذا خرج وقتها عمدا؟
حديث (يا علي مثل الذي لا يتم صلاته كمثل حبلى حملت , فلما دنا نفاسها أسقطت , فلا هي ذات ولد , و لا هي ذات حمل . و مثل المصلي كمثل التاجر لا يخلص له ربحه حتى يخلص له رأس ماله , كذلك المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة) ضعيف ، وقد شاع الاستدلال بالشطر الأخير منه " المصلي لا تقبل نافلته حتى يؤدي الفريضة " على ما يفتي به كثير من المشايخ من كان مبتلى بترك الصلاة و إخراجها عن وقتها عامدا بوجوب قضائها مكان السنن الراتبة فضلا عن غيرها , و يقولون : إن الله عز وجل لا يقبل النافلة حتى تصلى الفريضة ! و هذا الحديث مع ضعفه لا يدل على ما ذهبوا إليه لو صح , إذ إن المقصود به فريضة الوقت مع نافلته , ففي هذه الحالة لا تقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة , فلو أنه صلاهما معا كفريضة الظهر و نافلتها مثلا في الوقت مع إتيانه بسائر الشروط و الأركان , كانت النافلة مقبولة كالفريضة , و لو أنه كان قد ترك صلاة أو أكثر عمدا فيما مضى من الزمان . فمثل هذه الصلاة لا مجال لتداركها و قضائها , لأنها إذا صليت في غير وقتها فهو كمن صلاها قبل وقتها و لا فرق , و من العجائب أن العلماء جميعا متفقون على أن الوقت للصلاة شرط من شروط صحتها , و مع ذلك فقد وجد من قال في المقلدين يسوغ بذلك القول بوجوب القضاء : المسلم مأمور بشيئين : الأول الصلاة , و الآخر وقتها , فإذا فاته هذا بقي عليه الصلاة ! و هذا الكلام لو صح أو لو كان يدري قائله ما يعني لزم منه أن الوقت للصلاة ليس شرطا , و إنما هو فرض , و بمعنى آخر هو شرط كمال , و ليس شرط صحة , فهل يقول بهذا عالم?!و جملة القول : أن القول بوجوب قضاء الصلاة على من فوتها عن وقتها عمدا مما لا ينهض عليه دليل , و لذلك لم يقل به جماعة من المحققين مثل أبي محمد بن حزم و العز بن السلام الشافعي و ابن تيمية و ابن القيم و الشوكاني و غيرهم . و لابن القيم رحمه الله تعالى بحث هام ممتع في رسالة " الصلاة " فليراجعها من شاء , فإن فيها علما غزيرا , و تحقيقا بالغا لا تجده في موضع آخر .
و بديهي جدا أن النائم عن الصلاة أو الناسي لها لا يدخل في كلامنا السابق , بل هو خاص بالمتعمد للترك , و أما النائم و الناسي , فقد أوجد الشارع الحكيم لهما مخرجا , فأمرهما بالصلاة عند الاستيقاظ أو التذكر , فإن فعلا تقبل الله صلاتهما و جعلها كفارة لما فاتهما , و إن تعمدا الترك لأدائها حين الاستيقاظ و التذكر كانا آثمين كالمتعمد الذي سبق الكلام عليه , لقوله صلى الله عليه وسلم : " من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها حين يذكرها , لا كفارة لها إلا ذلك " ، أخرجه الشيخان من حديث أنس رضي الله عنه . فقوله : " لا كفارة لها إلا ذلك " أي إلا صلاتها حين التذكر . فهو نص على أنه إذا لم يصلها حينذاك فلا كفارة لها , فكيف يكون لمن تعمد إخراجها عن وقتها المعتاد الذي يمتد أكثر من ساعة في أضيق الصلوات وقتا , و هي صلاة المغرب , كيف يكون لهذا كفارة أن يصليها متى شاء و هو آثم مجرم , و لا يكون ذلك للناسي و النائم و كلاهما غير آثم ? !فإن قال قائل : لا نقول إن صلاته إياها قضاء هي كفارة له , قلنا : فلماذا إذا تأمرونه بالصلاة إن لم تكن كفارة له , و من أين لكم هذا الأمر ? فإن كان من الله و رسوله فهاتوا برهانكم إن كنتم صادقين , و إن قلتم : قياسا على النائم و الناسي . قلنا : هذا قياس باطل لأنه من باب قياس النقيض على نقيضه و هو من أفسد قياس على وجه الأرض . و حديث أنس أوضح دليل على بطلانه إذ قد شرحنا آنفا أنه دليل على أن الكفارة إنما هي صلاتها عند التذكر و أنه إذا لم يصلها حينئذ فليست كفارة , فمن باب أولى ذاك المتعمد الذي لم يصلها في وقتها المعتاد و هو ذاكر .
فتأمل هذا التحقيق فعسى أن لا تجده في غير هذا المكان على اختصاره , والله المستعان و هو ولي التوفيق .
و الذي ننصح به من كان قد ابتلى بالتهاون بالصلاة و إخراجها عن وقتها عامدا متعمدا , إنما هو التوبة من ذلك إلى الله تعالى توبة نصوحا , و أن يلتزم المحافظة على أداء الصلوات في أوقاتها و مع الجماعة في المسجد , فإنها من الواجب , و يكثر مع ذلك من النوافل و لا سيما الرواتب لجبر النقص الذي يصيب صلاة المرء كما و كيفا لقوله صلى الله عليه وسلم :" أول ما يحاسب به العبد صلاته , فإن كان أكملها , و إلا قال الله عز وجل : انظروا هل لعبدي من تطوع ? فإن وجد له تطوع , قال : أكملوا به الفريضة ".
أخرجه أبو داود و النسائي و الحاكم و صححه , و وافقه الذهبي , و هو مخرج في " صحيح أبي داود ". انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1257.(1/89)
س)- هل يمتد وقت صلاة العشاء إلى الفجر؟
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط . . " . رواه مسلم وغيره ، ويؤيده ما كتب به عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري : ". . . وأن صل العشاء ما بينك وبين ثلث الليل ، وإن أخرت فإلى شطر الليل ، ولا تكن من الغافلين" . أخرجه مالك والطحاوي وابن حزم ، و سنده صحيح . فهذا الحديث دليل واضح على أن وقت العشاء انما يمتد إلى نصف الليل فقط ، وهو الحق ، ولذلك اختاره الشوكاني في "الدرر البهية" ، فقال : " . . . وآخر وقت صلاة العشاء نصف الليل" ، وتبعه صديق حسن خان في "شرحه" ، وقد روي القول به عن مالك كما في "بداية المجتهد" ، وهو اختيار جماعة من الشافعية كأبي سعيد الإصطخري وغيره . انظر المجموع (3/40). انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/90)
س)- متى تكون مدركاً للصلاة؟
في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ أَوَّلَ سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَإِذَا أَدْرَكَ أَوَّلَ سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ) رد على من يقول إن الإدراك يحصل بمجرد إدراك أي جزء من الصلاة , ولو بتكبيرة الإحرام , وهذا خلاف ظاهر الحديث , وقد حكاه في (منار السبيل) قولاً للشافعي , وإنما هو وجه في مذهبه , كما في (المجموع) للنووي , وهو مذهب الحنابلة , مع أنهم نقلوا عن الأمام أحمد أنه قال : (لا تدرك الصلاة إلا بركعة) , فهو أسعد الناس بالحديث , والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم66.(1/91)
س)- هل من طلعت عليه الشمس وهو في الركعة الثانية من صلاة الفجر , بطلت صلاته , وكذلك قالوا فيمن غربت عليه الشمس وهو في آخر ركعة من صلاة العصر؟
قول بعض المذاهب أن من طلعت عليه الشمس وهو في الركعة الثانية من صلاة الفجر , بطلت صلاته , وكذلك قالوا فيمن غربت عليه الشمس وهو في آخر ركعة من صلاة العصر , وهذا مذهب ظاهر البطلان , لمعارضته لنص الحديث (إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ أَوَّلَ سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَإِذَا أَدْرَكَ [أَوَّلَ] سَجْدَةٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ) كما صرح بذلك الإمام النووي وغيره.
ولا يجوز معارضة الحديث بأحاديث النهى عن الصلاة في وقت الشروق والغروب , لأنها عامة , وهذا خاص والخاص يقضي على العام , كما هو مقرر في علم الأصول. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم66.(1/92)
س)- هل يقضي المجنون والمغمى عليه والنائم ما فاتهم من الصلوات؟
لا قضاء على المجنون سواء قل زمن الجنون أو كثر - وهو مذهب الشافعية وروي عن مالك وأحمد كما في (المجموع) وهو مذهب ابن حزم واختاره شيخ الإسلام ، وكذا المغمى عليه لا قضاء عليه وهو مذهب من ذكر ورواه ابن حزم عن ابن عمر وطاوس والهري والحسن البصري وابن سيرين وعاصم بن بهدلة ، وكذا الكافر إذا أسلم لا قضاء عليه : لقوله صلى الله عليه وسلم (الإسلام يجب ما قبله) ، وأما النائم فيقضي ما فاته من الصلوات في حالة نومه (إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول أقم الصلاة لذكري). انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/93)
س)- هل يجب ترتيب الصلوات الفوائت؟
لقد اختلف العلماء في وجوب الترتيب بين الفوائت فنفاه الشافعية وقالوا : إنه يستحب . وبه قال طاوس والحسن البصري ومحمد بن الحسن وأبو ثور وداود .(1/94)
س)- هل الفخذ من عورة التى يجب سترها؟
لا ينبغي التردد في كون الفخذ عورة ترجيحا للأدلة القولية ، فلا جرم أن ذهب إليه أكثر العلماء ، وجزم به الشوكافي في "نيل الأوطار" و "السيل الجرار".
نعم ، يمكن القول بأن عورة الفخذين أخف من عورة السوأتين ، وهو الذي مال إليه ابن القيم في "تهذيب السنن" كما كنت نقلته عنه في "الإرواء". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/95)
باب أركان الصلاة
س)- ما حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية؟
اختلف العلماء قديما و حديثا في القراءة وراء الإمام على أقوال ثلاثة :
1 - وجوب القراءة في الجهرية و السرية .
2 - وجوب السكوت فيهما .
3 - القراءة في السرية دون الجهرية .
و هذا الأخير أعدل الأقوال و أقربها إلى الصواب و به تجتمع جميع الأدلة بحيث لا يرد شيء منها و هو مذهب مالك و أحمد , و هو الذي رجحه بعض الحنفية , منهم أبو الحسنات اللكنوي في كتابه المذكور آنفا , فليرجع إليه من شاء التحقيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم569.(1/96)
س)- ما الكيفية التي يحصل بها الاطمئنان في الركوع؟
أن الاطمئنان الواجب لا يحصل الا بتحقيق ما يأتي :-
1 - وضع اليدين على الركبتين.
2 - تفريج أصابع الكفين.
3 - مد الظهر.
4 - التمكين للركوع والمكث فيه حتى يأخذ كل عضو مأخذه . وهذا كله ثابت في روايات عديدة لحديث المسئ صلاته ، وهو مخرج في "صفة الصلاة ". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/97)
س)- هل يجهر بالبسملة في الصلاة ام يسر بها؟
الحق أنه ليس في الجهر بالبسملة حديث صريح صحيح ، بل صح عنه صلى الله عليه وسلم الإسرار بها من حديث أنس ، وقد وقفت له على عشرة طرق ذكرتها في تخريج كتابي " صفة صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، أكثرها صحيحة الأسانيد ، وفي بعض ألفاظها التصريح بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن يجهر بها ، وسندها صحيح على شرط مسلم ، وهو مذهب جمهور الفقهاء ، وأكثر أصحاب الحديث ، وهو الحق الذي لا ريب فيه ، ومن شاء التوسع في هذا البحث فليراجع " فتاوى شيخ الإسلام " ، ففيها مقنع لكل عاقل منصف . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/98)
س)- هل يشرع للامام السكوت عقب الفاتحة؟
إن السكتة المذكورة بدعة في الدين إذ لم ترد مطلقا عن سيد المرسلين ، إنما ورد عنه سكتتان إحداهما بعد تكبيرة الاحرام من أجل دعاء الاستفتاح . والسكته الثانية رويت عن سمرة بن جندب واختلف الرواة في تعيينها فقال بعضهم : هي عقب الفاتحة . وقال الاكثرون : هي عقب الفراغ من القراءة كلها ، وهو الصواب كما بينته في " التعليقات الجياد " ، وغيره ، وراجع " رسالة الصلاة " لابن القيم.ثم إنه ليس فيه التصريح بأن السكتة كانت طويلة بذلك القدر ، فلا متمسك فيه البتة للشافعية ، فتأمل . وأما ما ذكره الشوكاني في "السيل الجرار" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد فراغه من قراءة الفاتحة يسكت سكتة طويلة ثم يقرأ السورة . فليس في شئ من روايات الحديث زيادة طويلة . وكأنه اختلط عليه نص الحديث بتفسير الخطابي إياه بقوله : " إنما كان يسكت . . . ليفرأ من خلفه " ، نقله عنه الشوكاني في النيل " ، ومن المحتمل أنه تفسير منه لرواية لاحمد : " وإذا قال : * (ولا الضالين) سكت أيضا هنية " . وقد عرفت أن محل السكتة الثانية بعد الفراغ من القراءة كلها ، على ضعف الاسناد . ثم فصلت القول في ذلك في "إرواء الغليل". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/99)
باب واجبات الصلاة
س)- هل تكبيرات الصلاة من سنن الصلاة ام من واجباتها؟
عد هذه التكبيرات من السنن ينافي أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسئ صلاته بها كما جاء في رواية لابي داود وغيره من حديث رفاعة بن رافع ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" ، فهي إذن واجبة ، ومؤيدة بعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " صلوا كما رأيتموني أصلي" .وقد قرر الامام الشوكاني في "نيل الاوطار" ثم في "السيل الجرار" أن الاصل في جميع الامور الواردة في حديث المسئ صلاته الوجوى ، وقد نص الشوكاني نفسه في "النيل" أن هذه التكبيرات مما جاء فيه في بعض الروايات ، ثم نسي ذلك في " السيل " فذكرها في جملة السنن ! فسبحان ربي لا يضل ولا ينسى ، وقد ذهب إلى الوجوب الامام أحمد رحمه الله كما حكاه النووي في "المجموع" عنه ، واحتج له بالعموم السابق ، وخفي عليه حديث المسئ ، فإنه قال محتجا عليه لمذهبه : "ودليلنا على أحمد حديث المسئ صلاته ، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمره بتكبيرات الانتقال وأمره بتكبيرة الاحرام" ! فلم يتنبه لرواية أبي داود وغيره . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/100)
س)- هل التسميع في الاعتدال واجب على كل مصل؟
عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول : سمع الله لمن حمده ، حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم : ربنا ولك الحمد . رواه أحمد والشيخان " . قلت : وهر مخرج في "الارواء" بزيادة كثيرة في المصادر ، ومن الواضح أن في هذا الحديث ذكرين اثنين : أحدهما : قوله : " سمع الله لمن حمده " في اعتداله من الركوع . والاخر : قوله : "ربنا ولك الحمد" إذا استوى قائما.فإذا لم يقل المقتدي ذكر الاعتدال ، فسيقول مكانه ذكر الاستواء ، وهذا أمر مشاهد من جماهير المصلين ، فإنهم ما يكادون يسمعون منه : "سمع الله لمن حمده" ، إلا وسبقوه بقولهم : ربنا ولك الحمد ، وفي هذا مخالفة صريحة للحديث ، فإن حاول أحدهم تجنبها وقع في مخالفة أخرى ، وهي إخلاء الاعتدال من الذكر المشروع فيه بغير حجة . قال النووي رحمه الله "ولان الصلاة مبنية على أن لا يفتر عن الذكر في شئ منها ، فإن لم يقل بالذكرين في الرفع والاعتدال بقي أحد الحالين خاليا عن الذكر " . بل إنني أقول : إن التسميع في الاعتدال واجب على كل مصل ، لثبوت ذلك في حديث المسئ صلاته ، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه : " إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله . . ثم يكبر . . ويركع حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ، ثم يقول : سمع الله لمن حمده ، ثم يستوي قائما حتى يقيم صلبه . . . " الحديث . أخرجه أبو داود والنسائي والسياق له ، وغيرهما بسند صحيح . وهو مخرج في " صحيح أبي داود".
فهل يجوز لاحد بعد هذا أن يقول بأن التسميع لا يجب على كل مصل؟! انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/101)
س)- هل وضع السترة امام المصلي من مستحبات الصلاة؟
القول بالاستحباب ينافي الأمر بالسترة في عدة أحاديث ، وفي بعضها النهي عن الصلاة إلى غير سترة ، وبهذا ترجم له ابن خزيمة في "صحيحه" ، فروى هو ومسلم عن ابن عمر مرفوعا : "لا تصل إلا إلى سترة".
وإن مما يؤكد وجوبها أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود ، كما صح ذلك في الحديث ، ولمنع المار من المرور بين يديه ، وغير ذلك من الأحكام المرتبطة بالسترة ، وقد ذهب إلى القول بوجوبها الشوكاني في "نيل الأوطار" ، و "السيل الجرار" ، وهو الظاهر من كلام ابن حزم في "المحلى" انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/102)
س)- هل يجوز الاقتصار على التسليمة الواحدة في الصلاة ؟
من أصح الأحاديث التي وردت في التسلمية الواحدة في الصلاة حديث (كان يُسَلمُ تسلمية واحدة) ، وقد ساق البيهقي قسماً منها ، ولا تخلو أسانيدها من ضعف ، ولكنها في الجملة تشهد لهذا ، وقال البيهقي عَقِبَها : (ورُوي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم سلموا تسليمة واحدة ، وهو من الاختلاف المباح ، والاقتصار على الجائز).
وذكر نحوه الترمذي عن الصحابة ، ثم قال : (قال الشافعي : إن شاء سلَّم تسليمة واحدة ، وإن شاء سلَّم تسليمتين).
قلتُ : التسليمة الواحدة فَرْض لا بدَّ منه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (. . . وتحليلها التسليم) ، والتسليمتان سنة ، ويجوز ترك الأخرى أحياناً لهذا الحديث.
ولقد كان هديه صلى الله عليه وسلم في الخروج من الصلاة على وجوه:
الأول : الاقتصار على التسليمة الواحدة ؛ كما سبق.
الثاني : أن يقول عن يمينه : "السلام عليكم ورحمة الله" ، وعن يساره : "السلام عليكم".
الثالث : مثل الذي قبله إلا أنه يزيد في الثانية أيضاً : "ورحمة الله".
الرابع : مثل الذي قبله إلا أنه يزيد في التسليمة الأولى : "وبركاته".
وكل ذلك ثبت في الأحاديث ، وقد ذكرتُ مُخرجيها في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" ، فمن شاء راجعه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 316.(1/103)
س)- هل يستحب لمن لم يجد ما يجعله سترتة له ان يخط خطا؟
قال النووي في "المجموع" : "المختار استحباب الخط ، لأنه وإن لم يثبت الحديث ، ففيه تحصيل حريم للمصلي ، وقد قدمنا اتفاق العلماء على العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ، دون الحلال والحرام ، وهذا من نحو فضائل الأعمال " ، يرد عليه بقول الشافعي المنقول عن "التهذيب" ، فإنه صريح بأنه رضي الله عنه لا يرى مشروعية الخط إلا أن يثبت الحديث ، وهذا يدل على أحد أمرين : إما أنه يرى أن الحديث ليس في فضائل الأعمال بل في الأحكام ، وهذا هو الظاهر من كلامه . وإما أنه لا يرى العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ، وهذا هو الحق الذي لا شك فيه. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/104)
باب سنن الصلاة
س)- هل تشرع الاستعاذة في الركعة الاول فقط ام في كل ركعة من الصلاة؟
نرجح مشروعية الاستعاذة في كل ركعة لعموم قوله تعالى : (فإذا قرأت القران فاستعذ بالله) ، وهو الاصح في مذهب الشافعية ، ورجحه ابن حزم في "المحلى" . والله أعلم. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/105)
س)- هل يستحب الرفع عند الركوع و الرفع منه؟
الرفع عند الركوع و الرفع منه , ورد فيه أحاديث كثيرة جدا عنه صلى الله عليه وسلم , بل هي متواترة عند العلماء بل ثبت الرفع عنه صلى الله عليه وسلم مع كل تكبيرة في أحاديث كثيرة و لم يصح الترك عنه صلى الله عليه وسلم إلا من طريق ابن مسعود رضي الله عنه , فلا ينبغي العمل به لأنه ناف , و قد تقرر عند الحنفية و غيرهم : أن المثبت مقدم على النافي , هذا إذا كان المثبت واحدا فكيف إذا كانوا جماعة كما في هذه المسألة ? فيلزمهم عملا بهذه القاعدة مع انتفاء المعارض أن يأخذوا بالرفع , و أن لا يتعصبوا للمذهب بعد قيام الحجة , و لكن المؤسف أنه لم يأخذ به منهم إلا أفراد من المتقدمين و المتأخرين حتى صار الترك شعارا لهم!. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم568.(1/106)
س)- هل ثبتت مشروعية الإشارة بالإصبع في جلسة التشهد وفي الجلسة التي بين السجدتين؟
لقد ثبتت مشروعية الإشارة بالإصبع في جلسة التشهد , أما الإشارة في الجلسة التي بين السجدتين التي يفعلها بعضهم اليوم , فلا أصل لها إلا في رواية لعبد الرزاق في حديث وائل بن حجر و هي شاذة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2248.(1/107)
س)- اين يكون موضع البصر في الصلاة؟
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صلى طأطأ رأسه , و رمى ببصره نحو الأرض , و في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها.انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1040.(1/108)
س)- ما حكم مد التكبير من القعود إلى القيام؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه (كان إذا أراد أن يسجد كبر ثم يسجد ، وإذا قام من القعدة كبر ثم قام) ، والحديث نص صريح في أن السنة التكبير ثم السجود , وأنه يكبر وهو قاعد ثم ينهض , ففيه إبطال لما يفعله بعض المقلدين من مد التكبير من القعود إلى القيام. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم604.(1/109)
س)- هل يشرع الدعاء في التشهد الأول؟
قال عليه الصلاة والسلام (إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثم َلْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ) ، وفي الحديث فائدة هامة؛ وهي مشروعية الدعاء في التشهد الأول، ولم أر من قال به من الأئمة غير ابن حزم، والصواب معه، وإن كان هو استدل بمطلقات يمكن للمخالفين ردها بنصوص أخرى مقيدة، أما هذا الحديث فهو في نفسه نص واضح مفسر لا يقبل التقليد، فرحم الله امرأً أنصف واتبع السنة.
والحديث دليل من عشرات الأدلة على أن الكتب المذهبية قد فاتها غير قليل من هدى خير البرية صلى الله عليه وسلم؛ فهل ما يجمل المتعصبة على الاهتمام بدراسة السنة، والاستنارة بنورها؟ لعل وعسى.
(تنبيه):وأما حديث:((كان لا يزيد في الركعتين على التشهد)) ، فهو منكر كما حققته في(الضعيفة). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم878.(1/110)
باب مبطلات الصلاة
س)- ما حكم رد السلام والمصافحة في الصلاة؟
صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير في الصلاة , رواه أنس و جابر و غيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدارقطني : رواه ابن عمر و عائشة أيضا " .
و أما مصافحة المصلي , فهي و إن لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمت, فلا دليل على بطلان الصلاة , لأنها عمل قليل , لا سيما و قد فعلها عبد الله ابن عباس رضي الله عنه , فقال عطاء بن أبي رباح : " أن رجلا سلم على ابن عباس , و هو في الصلاة , فأخذ بيده , و صافحه و غمز يده ".و ليس كل عمل في الصلاة يبطلها , فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت : "جئت و رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت , و الباب عليه مغلق , فمشى [عن يمينه أو يساره] حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه , و وصفت الباب في القبلة".
أخرجه أصحاب السنن و حسنه الترمذي و صححه ابن حبان و عبد الحق في "الأحكام" و إسناده حسن كما بينته في "صحيح أبي داود". انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1104.(1/111)
باب ما يكره فعله في الصلاة
س)- ما حكم الصلاة بين السواري؟
عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : (كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا) ، وهذا الحديث نص صريح في ترك الصف بين السواري ، وأن الواجب أن يتقدم أو يتأخر ، إلا عند الاضطرار.
وقد روى ابن القاسم في "المدونة" ، والبيهقي من طريق أبي إسحاق عن معدي كرب عن ابن مسعود أنه قال : (لا تصفوا بين السواري).
وقال البيهقي : (وهذا ـ والله أعلم ـ لأن الاسطوانة تحول بينهم وبين وصل الصف).
وقال مالك : (لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد).
وفي "المغني" لابن قدامة : (لا يكره للإمام أن يقف بين السواري ، ويكره للمأمومين ؛ لأنها تقطع صفوفهم ، وكرهه ابن مسعود والنخعي ، وروي عن حذيفة وابن عباس ، ورخص فيه ابن سيرين ومالك وأصحاب الرأي وابن المنذر ؛ لأنه لا دليل على المنع ، ولنا ما روي عن معاوية ابن قرة . . . ولأنها تقطع الصف ، فإن كان الصف صغيراً قدر ما بين الساريتين ؛ لم يكره ؛ لأنه لا ينقطع بها).
وفي "فتح الباري" : (قال المحب الطبري : كره قوم الصف بين السواري للنهي الوارد في ذلك ، ومحل الكراهة عند عدم الضيق ، والحكمة فيه إما لانقطاع الصف ، أو لأنه موضع النعال .انتهى . وقال القرطبي : روي في سبب كراهة ذلك أنه مصلى الجن المؤمنين).قلت: وفي حكم السارية المنبر الطويل ذو الدرجات الكثيرة ، فإنه يقطع الصف الأول ، وتارة الثاني أيضاً ؛ قال الغزالي في " الإحياء " : (إن المنبر يقطع بعض الصفوف ، وإنما الصف الأول الواحد المتصل الذي في فناء المنبر ، وما على طرفيه مقطوع ، وكان الثوري يقول : الصف الأول ، هو الخارج بين يدي المنبر ، وهو متجه ؛ لأنه متصل ، ولأن الجالس فيه يقابل الخطيب ويسمع منه).
قلت: وإنما يقطع المنبر الصف إذا كان مخالفاً لمنبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان له ثلاث درجات ، فلا ينقطع الصف بمثله ، لأن الإمام يقف بجانب الدرجة الدنيا منها ، فكان من شؤم مخالفة السنة في المنبر الوقوع في النهي الذي في هذا الحديث .
ومثل ذلك في قطع الصف المدافىء التي توضع في بعض المساجد وضعاً يترتب منه قطع الصف؛ دون أن ينتبه لهذا المحذور إمام المسجد أو أحد من المصلين فيه؛ لِبُعْد الناس أولاً عن التفقه في الدين ، وثانياً لعدم مبالاتهم بالابتعاد عما نهى عنه الشارع وكرهه.
وينبغي أن يُعلَم أن كل من سعى إلى وضع منبر طويل قاطع للصفوف، أو يضع المدفئة التي تقطع الصف ؛ فإنه يخشى أن يلحقه نصيب وافر من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (. . . ومن قطع صفاً قطعه الله) ، أخرجه أبو داود بسند صحيح ؛ كما بينته في صحيح أبي داود.انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم335.(1/112)
س)- ما حكم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج؟
عن عبد الله بن رباح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر , فقام رجل يصلي , فرآه عمر , فقال له : اجلس , فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحسن ابن الخطاب ، فهذا الحديث نص صريح في تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج , كما يفعله كثير من الأعاجم و بخاصة منهم الأتراك , فإننا نراهم في الحرمين الشريفين لا يكاد الإمام يسلم من الفريضة إلا بادر هؤلاء من هنا و هناك قياما إلى السنة! انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2549.(1/113)
س)- ما حكم قول بعض الأئمة للمصلين عند اصطفافهم للصلاة صلوا صلاة مودع؟
اعتاد بعض الأئمة أن يأمروا المصلين عند اصطفافهم للصلاة بقوله : "صلوا صلاة مودع" , فأرى أنه لا بأس في ذلك أحيانا , و أما اتخاذه عادة فمحدثة و بدعة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2839.(1/114)
باب ما يباح فعله في الصلاة
س)- ما حكم الركوع دون الصف ثم المشي إليه؟
قال صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع ؛ فليركع حين يدخل ، ثم يدب راكعا حتى يدخل في الصف ؛ فإن ذلك السنة) ، ومما يشهد لصحته عمل الصحابة به من بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , منهم أبوبكر الصديق , وزيد بن ثابت , وعبدالله بن مسعود , وعبدالله بن الزبير.
1- روى البيهقي عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام : أن أبابكر الصديق وزيد بن ثابت دخلا المسجد والإمام راكع , فركعا , ثم دبا وهما راكعان حتى لحقا بالصف.
2- عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه رأى زيد بن ثابت دخل المسجد والإمام راكع , فمشى حتى أمكنه أن يصل الصف وهو راكع , كبر فركع , ثم دب وهو راكع حتى وصل الصف.3- عن زيد بن وهب قال : خرجت مع عبدالله - يعني ابن مسعود - من داره إلى المسجد , فلما توسطنا المسجد , ركع الإمام , فكبر عبدالله وركع وركعت معه , ثم مشينا راكعين حتى انتهينا إلى الصف حين رفع القوم رؤوسهم , فلما قضى الإمام الصلاة , قمت وأنا أرى أني لم أدرك , فأخذ عبدالله بيدي وأجلسني , ثم قال : أنك قد أدركت.
4- عن عثمان بن الأسود قال : دخلت أنا وعبدالله بن تميم المسجد , فركع الإمام , فركعت أنا وهو ومشينا راكعين حتى دخلنا الصف , فلما قضينا الصلاة , قال لي عمرو : الذي صنعت آنفاَ ممن سمعته ؟ قلت من مجاهد , قال : قد رأيت ابن الزبير فعله.
والآثار في ذلك كثيرة , فمن شاء الزيادة , فليراجع المصنفين.
فإن قيل : هناك حديث آخر صحيح يخالف بظاهره هذا الحديث وهو: (زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ).
والقصد من ذكره هنا أن ظاهره يدل على أنه لا يجوز الركوع دون الصف ثم المشي إليه , على خلاف ما دل عليه الحديث السابق , فكيف التوفيق بينهما؟
فأقول : إن هذا الحديث لا يدل على ما ذكر إلا بطريق الاستنباط لا النص , فإن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تعد) , يحتمل أنه نهاه عن كل ما ثبت أنه فعله في هذه الحادثة , وقد تبين لنا بعد التتبع أنها تتضمن ثلاثة أمور:
الأول : اعتداده بالركعة التي إنما أدرك منها ركوعها فقط.الثاني : إسراعه في المشي , كما في رواية لآحمد من طريق أخرى عن أَبِي بَكْرَةَ أنه : جَاءَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاكِعٌ فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ نَعْلِ أَبِي بَكْرَةَ وَهُوَ يَحْضُرُ [أي يعدو] يُرِيدُ أَنْ يُدْرِكَ الرَّكْعَةَ فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ السَّاعِي قَالَ أَبُو بَكْرَةَ أَنَا قَالَ : (فذكره) , وأسناده حسن في المتابعات , وقد رواه أبن السكن في صحيحه نحوه , وفيه قوله : (ان انطلقت أسعى ...) , وأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (من الساعي ...) ، ويشهد لهذه الرواية رواية الطحاوي من الطريق الأول بلفظ (جئت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكع , وقد حفزني النفس , فركعت دون الصف ...) الحديث وأسناده صحيح , فإن قوله : (حفزني النفس) , معناه : اشتد ، من الحفز وهو الحث والإعجال , وذلك كناية عن العدو.
الثالث : ركوعه دون الصف , ثم مشيه إليه.
وإذا تبين لنا ما سبق , فهل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تعد) نهي عن الأمور الثلاثة جميعها أم عن بعضها ؟ ذلك ما أريد البحث فيه وتحقيق الكلام عليه فأقول:
أما الأمر الأول , فالظاهر أنه لا يدخل في النهي , لانه لو كان نهاه عنه , لأمره بإعادة الصلاة , لكونها خداجاً ناقصة الركعة , فإذا لم يأمره بذلك , دل على صحتها , وعلى عدم شمول النهي الاعتداد بالركعة بإدرك ركوعها.وقول الصنعاني في سبل السلام : (لعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمره لأنه كان جاهلاً للحكم والجهل عذر) فبعيد جداً إذ قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسيء صلاته بإعادتها ثلاث مرات , مع أنه كان جاهلاً أيضاً فكيف يأمره بالإعادة وهو لم يفوت ركعة من صلاته , وإنما الاطمئنان فيها , لا يأمر أبا بكرة بإعادة الصلاة , وقد فوت على نفسه ركعة , لو كانت لا تدرك بالركوع ؟ ثم كيف يعقل أن يكون ذلك منهياً , وقد فعله كبار الصحابة , كما تقدم في الحديث الذي قبله ؟ فلذلك , فإننا نقطع أن هذا الأمر الأول لا يدخل في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تعد).
وأما الأمر الثاني , فلا نشك في دخوله في النهي , لما سبق ذكره من الرويات , ولأنه لا معارض له , بل هناك ما يشهد له وهو حديث أبي هريرة مرفوعاً : (إِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَلَا تَأْتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ والوقار) , متفق عليه.
وأما الأمر الثالث , فهو موضع نظر وتأمل , وذلك لأن ظاهر رواية أبي داود هذه (أَيُّكُمْ الَّذِي رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إِلَى الصَّفِّ) , مع قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له (لا تعد) , يدل بإطلاقه على أنه قد يشمل هذا الأمر , وإن كان ليس نصاً في ذلك , لاحتمال أنه يعني شيئاً آخر غير هذا مما فعل , وليس يعني نهيه عن كل ما فعل , بدليل أنه لم يعن الأمر الأول كما سبق تقريره , فكذلك يحتمل أنه لم يعن هذا الأمر الثالث أيضاً.
وهذا وإن كان خلاف الظاهر , فإن العلماء كثيراً ما يضطرون لترك ما دل عليه ظاهر النص لمخالفته لنص آخر هو في دلالته نص قاطع , مثل ترك مفهوم النص لمنطوق نص آخر , وترك العام للخاص , ونحو ذلك.وأنا أرى أن ما نحن فيه الآن من هذا القبيل , فإن ظاهر هذا الحديث من حيث شموله للركوع دون الصف مخالف لخصوص ما دل عليه حديث عبدالله بن الزبير دلالة صريحة قاطعة , وإذا كان الأمر كذلك , فلا بد حينئذ من ترجيح أحد الدليلين على الآخر , ولا يشك عالم أن النص الصريح أرجح عند التعارض من دلالة ظاهر نص ما , لأن هذا دلالته على وجه الاحتمال , بخلاف الذي قبله , وقد ذكروا في وجوه الترجيح بين الأحاديث أن يكون الحكم الذي تضمنه أحد الحديثين منطوقاً به , وما تضمنه الحديث الآخر يكون محتملاً , ومما لا شك فيه أيضاً أن دلالة هذا الحديث في هذه المسألة ليست قاطعة , بل محتملة , بخلاف دلالة حديث ابن الزبير المتقدم , فإن دلالته عليها قاطعة , فكان ذلك من أسباب ترجيحه على هذا الحديث.
وثمة أسباب أخرى تؤكد الترجيح المذكور:
أولاً : خطبة ابن الزبير بحديثه على المنبر في أكبر جمع يخطب عليهم في المسجد الحرام , وإعلانه عليه أن ذلك من السنة دون أن يعارضه أحد.
ثانياً : عمل كبار الصحابة به , كأبي بكر وابن مسعود وزيد بن ثابت - كما تقدم - وغيرهم , فذلك من المرجحات المعروفة في علم الأصول , بخلاف هذا الحديث , فإننا لا نعلم أن أحداً من الصحابة قال بما دل عليه ظاهره في هذه المسألة , فكان ذلك كله دليلاً قوياً على أن دلالته فيها مرجوحة , وأن حديث ابن الزبير هو الراجح في الدلالة عليها , والله أعلم.
وقد قال الصنعاني بعد قول ابن جريج في عقب هذا الحديث : (وقد رأيت عطاء يصنع ذلك).قال الصنعاني : (قلت : وكأنه مبني على أن لفظ : [ولاتعد] بضم المثناة الفوقية من الإعادة , أي : زادك الله حرصاً على طلب الخير , ولا تعد صلاتك , فإنها صحيحة , وروي بسكون العين المهملة من العدو , وتؤيده رواية ابن السكن من حديث أبي بكرة [ثم ساقها , وقد سبق نحوها من رواية أحمد , مع الإشارة إلى رواية ابن السكن هذه , ثم قال] والأقرب أن رواية : [ولاتعد] , من العود , أي : لا تعد ساعياً إلى الدخول قبل وصولك الصف , فإنه ليس في الكلام ما يشير بفساد صلاته حتى يفتيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن لا يعيدها , بل قوله: [زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا] , يشعر بإجزائها , أو : [لاتعد] , من [العدو]).
قلت : لو صح هذا اللفظ لكانت دلالة الحديث حينئذ خاصة في النهي عن الإسراع , ولما دخل فيه الركوع خارج الصف , ولم يوجد بالتالي أي تعارض بينه وبين حديث ابن الزبير , ولكن الظاهر أن هذا اللفظ لم يثبت فقد وقع في صحيح البخاري وغيره باللفظ المشهور : [لا تعد].
قال الحافظ في الفتح : (ضبطناه في جميع الرويات بفتح أوله وضم العين من العود).
ثم ذكر هذا اللفظ , ولكنه رجح ما في البخاري , فراجعه إن شئت.
ويتلخص مما تقدم أن هذا النهي لا يشمل الاعتداد بالركعة ولا الركوع دون الصف , وإنما هو خاص بالإسراع , لمنافاته للسكينة والوقار , كما تقدم التصريح بذلك من حديث أبي هريرة , وبهذا فسره الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : (قوله : [لاتعد] يشبه قوله : [لا تأتوا الصلاة تسعون]).
فإن قيل قد ورد ما يؤيد شمول الحديث للأسراع , ويخالف حديث ابن الزبير صراحة وهو حديث أبي هريرة مرفوعا : (إذا أتى أحدكم الصلاة , فلا يركع دون الصف , حتى يأخذ مكانه من الصف).
قلنا لكنه حديث معلول بعلة خفية , وليس هذا مكان بيانها فراجع سلسلة الأحاديث الضعيفة.ثم أن الحديث ترجم له أبن خزيمة بقوله :(باب الرخصة في ركوع المأموم قبل اتصاله بالصف ودبيبه راكعاً حتي يتصل بالصف في ركوعه).
ثم وجدت ما يؤيد هذه الترجمة من قول راوي الحديث نفسه , أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه , كما يؤكد أن النهي فيه : [لاتعد] , لا يعني الركوع دون الصف , والمشي إليه , ولا يشمل الاعتداد بالركعة , فقد روى علي بن حجر في حديثه , حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني : حدثنا حميد , عن القاسم بن ربيعة , عن أبي بكرة - رجل كانت له صحبة - أنه (كان يخرج من بيته فيجد الناس قد ركعوا , فيركع معهم , ثم يدرج راكعاً حتى يدخل في الصف و ثم يعتد بها) , قلت وهذا إسناد صحيح , وفيه حجة قوية أن المقصود بالنهي إنما هو الإسراع في المشي , لأن راوي الحديث أدرى بمرويه من غيره , ولا سيما إذا كان هو المخاطب بالنهي , فخذها , فإنها عزيزة قد لا تجدها في المطولات من كتب الحديث والتخريج وبالله التوفيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم229.(1/115)
س)- ما حكم التسبيح والتصفيق في الصلاة للحاجة؟
قال عليه الصلاة والسلام (إذا استؤذن على الرجل وهو يصلي , فإذنه التسبيح , وإذا استؤذن على المرأة وهي تصلي , فإذنها التصفيق) ، وفي الحديث إشارة إلى ضعف الحديث الذي يورده الحنفية بلفظ : (من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه , فليعد صلاته) , فإن هذا الحديث الصحيح صريح في جواز الإشارة بالإذن بلفظ التسبيح من الرجل , وبالتصفيق من المرأة , فكيف لا يجوز ذلك بالإشارة باليد أو الرأس ؟ ولا سيما وقد جاءت أحاديث كثيرة بجواز ذلك , وقد خرجت بعضها في "صحيح أبي داود" وبينت علة الحديث المذكور في الإشارة المفهمة في الأحاديث الضعيفة , ثم في ضعيف أبي داود. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم497.(1/116)
س)- ما حكم الصلاة في اللحاف الذي يتغطى به النائم؟يجوز الصلاة في اللحاف الذي يتغطى به النائم . و يشهد له الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي و عليه مرط , و على بعض أزواجه منه و هي حائض , و بعضها مخرج في "صحيح أبي داود" , و لا يخالفها حديث عائشة: "كان لا يصلي في ملاحفنا" لأنه محمول على الورع أو الاحتياط , خشية أن يكون فيها أذى لحديث معاوية رضي الله عنه أنه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه ? فقالت : " نعم , إذا لم ير فيه أذى " . أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي ,و إسناده صحيح , وهو مخرج في "صحيح أبي داود"(390 ) . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2791.(1/117)
س)- ما حكم إلقاء السلام على المصلي؟
أن رد السلام من المصلي لفظا كان مشروعا في أول الإسلام في مكة , ثم نسخ إلى رده بالإشارة في المدينة . و إذا كان ذلك كذلك , ففيه استحباب إلقاء السلام على المصلي , لإقراره صلى الله عليه وسلم ابن مسعود على " إلقائه " , كما أقر على ذلك غيره ممن كانوا يسلمون عليه و هو يصلي , و في ذلك أحاديث كثيرة معروفة من طرق مختلفة , و هي مخرجة في غير ما موضع .
و على ذلك فعلى أنصار السنة التمسك بها , و التلطف في تبليغها و تطبيقها , فإن الناس أعداء لما جهلوا , و لاسيما أهل الأهواء و البدع منهم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2917.(1/118)
باب سجود السهو
س)- إذا شك المصلي في عدد الركعات هل يبنى على الأقل المتيقن له ثم يسجد للسهو؟
من لم يغلب على رأيه شئ ، فهذا هو الذي يبني على الأقل ، وأما من ظهر له الصواب ، ولو كان الأكثر ، فإنه يأخذ به ويبني عليه ، وذلك قوله صلى الله عليه وآله : " إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب (في رواية : فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب . وفي أخرى : فلينظر الذي يرى أنه الصواب . وفي أخرى : فليتحر أقرب ذلك من الصراب) ، فليتم عليه ، ثم ليسلم ، ثم يسجد سجدتين" . أخرجه الشيخان وأبو عوانة في "صحاحهم" ، والرواية الثانية والثالثة لهم إلا البخاري ، والرابعة للنسائي ، وهو عندهم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه . وقد سلم النووي رحمه الله بأن الحديث ظاهر الدلالة على الأخذ بغالب الظن ، وعدم الاقتصار على الأقل كما هو مذهب أبي حنيفة . ولكن النووي رحمه الله تأول الحديث وأخرجه عن ظاهره حتى يتفق مع مذهبه ، فحمل قوله فيه : "فليتحر " على الأخذ باليقين الذي هو الأقل ! ولا يخفى على المنصف بعد هذا التأويل ، بل بطلانه إذا أمعن النظر في الروايات التي ذكرتها للحديث مثل قوله : " فلينظر الذي يرى أنه الصواب" ، فإنه كالصريح في الأخذ بما يغلب على رأيه ، ويؤيده قوله في حديث أبي سعيد : " فلم يدر كم صلى" ، فإن مفهومه أن من تحرى الصواب بعد الشك حتى درى كم صلى - أنه ليس له أن يبني على الأقل ، بل حكم هذه المسألة مسكوت عنه في هذا الحديث ، وقد تولى بيانه حديث ابن مسعود ، حيث أمر صلى الله عليه وسلم فيه بالأخذ بما يظن أنه أقرب إلى الصواب ، سواء كان الأقل أو الأكثر ، ثم يسجد بعد التسليم سجدتين . وأما في حالة الحيرة وعدم الدراية ، فإنه يبني على الأقل ، ويسجد قبل التسليم ، وفي هذا إشارة إلى اختلاف ما في الحديثين من الفقه ، فتأمل . وبعد ، فإن هذه المسالة تحتاج إلى كثير من البسط والشرح والتحقيق ، والمجال لا يتسع لذلك ، ولعل ما ذكرته ههنا يكفي في بيان ما أردته من إثبات وجوب الأخذ بالظن الغالب إذا وجد ، وهو خلاصة رسالة كنت ألفتها في هذه المسألة رددت فيها على النووي بتفصيل ، وبينت فيها معنى الشك المذكور في حديث أبي سعيد ، ومعنى التحري الوارد في حديث ابن مسعود ، وقد أوردت فيها من الفوائد ما لا يكاد يرجد في كتاب ، منها أن راوي حديث البناء على الأقل ، أبو سعيد رضى الله عنه كان يفتى بالأخذ بالتحرى ، ويرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجعلت ذلك من الأدلة الكثيرة على صواب ما ذهب إليه لحنفية ، ولكنه لم يفتني أن أنبه على أن ما ذهبوا إليه من إبطال صلاة من عرض له الشك لأول مرة باطل ، وأن الصواب دخوله في عموم الحكم ، وغيرها من الفوائد التي وفقني الله تعالى إليها ، وله الحمد والمنة . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/119)
س)- هل يشرع السجود في السنن؟
قد استدل صديق خان في "الروضة" بحديث : "لكل سهو سجدتان" ، وهو حديث حسن عندي ، رواه أبو داود وأحمد وغيرهما . ثم ذهب إلى أنه لا فرق في المشروعية بين المسنون والمندوب ، وسبقه إلى ذلك الشوكاني في "السيل الجرار" . لكنه صرح بالتفريق بين السجود لترك واجب فيجب ، وترك سنة فيسن ، فراجعه فإنه مهم . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/120)
باب الأوقات المنهي الصلاة فيها
س)- ما حكم تحية المسجد والإمام يخطب؟
قد اشتهر حديث (إذا صعد الخطيب المنبر , فلا صلاة , ولا كلام) بهذا اللفظ على الألسنة , وعلق على المنابر , ولا أصل له وإنما رواه الطبراني في "الكبير" عن ابن عمرو مرفوعاً بلفظ : (إذا دخل أحدكم المسجد والإمام على المنبر , فلا صلاة , ولا كلام , حتى يفرغ الإمام) وهو باطل.
وإنما حكمت على الحديث بالبطلان , لأنه - مع ضعيف سنده - يخالف حديثين صحيحين :الأول : قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام , فيصل ركعتين) , أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحهما" من حديث جابر , وفي رواية أخرى عنه قال : (جاء سليك الغطفاني ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب , فقال له : يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما , ثم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة , والإمام يخطب , فليركع ركعتين , وليتجوز فيهما) , أخرجه مسلم وغيره , وهو مخرج في "صحيح أبي داود".
والآخر : قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إذا قلت لصاحبك : أنصت يوم الجمعة , والإمام يخطب , فقد لغوت), متفق عليه , وهو مخرج في "الإرواء".
فالحديث الأول صريح بتأكد أداء الركعتين بعد خروج الإمام , بينما حديث الباب ينهى عنهما , فمن الجهل البالغ أن ينهى بعض الخطباء عنهما من أرد أن يصليهما وقد دخل والإمام يخطب , خلافاً لأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإني لأخشى على مثله أن يدخل في وعيد قوله تعالى : (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى)العلق10,9 , وقوله : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)النور63 , ولهذا قال النووي رحمه الله : ( هذا نص لا يتطرق إليه التأويل , ولا أظن عالماً يبلغه ويعتقده صحيحاً فيخالفه).
والحديث الآخر يدل بمفهوم قوله : (والإمام يخطب) , أن الكلام والإمام لا يخطب لا مانع منه , ويؤيده جريان العمل عليه في عهد عمر رضي الله عنه , كما قال ثعلبة بن أبي مالك :(إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر, حتى يسكت المؤذن , فإذا قام عمر على المنبر , لم يتكلم أحد حتى يقضي خطبتيه كلتيهما).أخرجه مالك , والطحاوي , والسياق له وابن أبي حاتم , وإسناد الأولين صحيح.فثبت بهذا أن كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام , لا مجرد صعوده على المنبر , وأن خروجه عليه لا يمنع من تحية المسجد , فظهر بطلان حديث الباب , والله تعالى هو الهادي للصواب. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 87.(1/121)
س)- الصلاة قبل الجلوس في المسجد هل تشمل المسجد الحرام أيضا؟
إن عموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضا , و القول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه , فلا يقبل إلا بعد ثبوته و هيهات , لا سيما و قد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم , فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة , (و ما جعل عليكم في الدين من حرج) ، و إن مما ينبغي التنبه له أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المحرم , و إلا فالسنة في حقه أن يبدأ بالطواف ثم بالركعتين بعده , انظر بدع الحج و العمرة في رسالتي "مناسك الحج و العمرة". انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1012.(1/122)
س)- ما حكم الصلاة بعد العصر؟
قال صلى الله عليه وسلم (لا تصلوا عند طلوع الشمس ، ولا عند غروبها ؛ فإنها تطلع وتغرب على قرن شيطان ، وصلوا بين ذلك ما شئتم).
وللحديث شاهد من حديث علي مرفوعاً بلفظ : (لا تصلوا بعد العصر , إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة) , وإسناده صحيح.
وفي هذين الحديثين دليل على أن ما اشتهر في كتب الفقه من المنع عن الصلاة بعد العصر مطلقاً - ولو كانت الشمس مرتفعة نقية - مخالف لصريح هذين الحديثين , وحجتهم في ذلك الأحاديث المعروفة في النهي عن الصلاة بعد العصر مطلقاً , غير أن الحديثين المذكورين يقيدان تلك الأحاديث , فاعلمه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 314.(1/123)
باب المواضع المنهي الصلاة فيها
س)- هل تصح الصلاة في المزبلة والمجزرة وقارعة الطريق وأعطان الإبل والحمام وفوق الكعبة؟
قال صلى الله عليه وسلم "الأرض كلها مسجد ، إلا المقبرة والحمام" . أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي وغيرهم ، وإسناده عند بعضهم صحيح على شرط الشيخين ، وقوله صلى الله عليه وآله"إذا حضرت الصلاة فلم تجدوا إلا مرابض الغنم وأعطان الإبل فصلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الإبل" أخرجه أحمد رالدارمي وابن ماجه وغيرهم بسند صحيح على شرط الشيخين من حديث أبي هريرة ، وفي معناه أحاديث أخرى خرجتها في "الثمر المستطاب".
ولا أعلم حديثا صحيحا في النهي عن الصلاة في المواطن الأخرى ، ولا يجوز القول ببطلانها فيها الا بنص عنه صلى الله عليه وآله فليعلم . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/124)
س)- هل إذا كانت المقبرة تحتوى على ثلاثة قبور فأكثر ، تبطل الصلاة فيها أما ما فيها قبر أو قبران فالصلاة فيها صحيحة مع الكراهة ، إن استقبل القبر؟
هذا قول بعض الحنابلة ولم يرتضه شيخ الإسلام ابن تيمية ، بل رده ، وذكر عن عامة أصحاب أحمد أنه لا فرق بين المقبرة فيها قبر أو أكثر ، قال في "الاختيارات العلمية" : " ولا تصح الصلاة في المقبرة ولا إليها ، والنهى عن ذلك إنما هو سد لذريعة الشرك ، وذكر طائفة من أصحابنا أن القبر والقبرين لا يمنع من الصلاة لأنه لا أصحابة هذا الفرق ، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور ، وهو الصواب . والمقبرة مما حول القبور لا يصلى فيه ، فهذا يعين أن لا تجوز الصلاة فيه ، أي المسجد الذى قبلة إلى القبر حتى يكون بين الحائط وبين المقبرة حائل آخر ، وذكر بعضهم : هذا منصوص أحمد " . قلت : وقد ذكر شيخ الإسلام في " الفتاوى " وغيرها اتفاق العلماء على كراهة الصلاة في المساجد المبنية على القبور وحكى بطلانها فيها في مذهب أحمد ، وذلك مستفاد من أحاديث النهى عن اتخاذ القبور مساجد وبنائها عليها ، وهى مسألة هامة قد أغفلها عامة الفقهاء ، ولذلك أحببت أن أنبه عليها ، وأن لا أخلى هذه التعليقات منها ، وقد فصلت القول فيها في " التعليقات الجياد " و " أحكام الجنائز " و " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/125)
باب صلاة التطوع
س)- هل تشرع صلاة النفل في جماعة؟
اعتياد الاجتماع في النفل بدعة مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم الغالب ، كما حققه شيخ الإسلام في "الفتاوى". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/126)
س)- هل يشرع للمسافر صلاة ركعتين عند الخروج؟استدل النووي رحمه الله بحديث(ما خلف عبد على أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا) حديث ضعيف ، على أنه يستحب للمسافر عند الخروج أن يصلي ركعتين , وفيه نظر بين , لأن الاستحباب حكم شرعي لا يجوز الاستدلال عليه بحديث ضعيف , لأنه لا يفيد إلا الظن المرجوح , ولا يثبت به شيء من الأحكام الشرعية , كما لا يخفى , ولم ترد هذه الصلاة عنه صلى الله غليه وسلم , فلا تشرع , بخلاف الصلاة عند الرجوع , فإنها سنة.وأغرب من هذا جزمه -أعني النووي رحمه الله- بأنه : (يستحب أن يقرأ سورة ((لإيلاف قريش)) , فقد قال السيد الجليل أبو الحسن القزويني الفقيه الشافعي صاحب الكرامات الظاهرة والأحوال الباهرة والمعارف المتظاهرة : إنه أمان من كل سوء).
قلت : وهذا تشريع في هذا الدين دون أي دليل إلا مجرد الدعوى , فمن أين له أن ذلك أمان من كل سوء؟ لقد كان مثل هذه الآراء التي لم ترد في الكتاب ولا في السنة من أسباب تبديل الشريعة وتغييرها من حيث لا يشعرون , لولا أن الله تعهد بحفظها , ورضي الله عن حذيفة بن اليمان إذ قال :(كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها) . وقال ابن مسعود رضي الله عنه (اتبعوا ولا تبتدعوا ةفقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق).
ثم وقفت على حديث يمكن أن يستحب به صلاة ركعتين عند النصر , وهو مخرج في الصحيحة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 372.(1/127)
س)- هل ثبت في السنة الحض على ركعات معينة بين المغرب والعشاء؟
اعلم أن كل ما جاء من الأحاديث في الحض على ركعات معينة بين المغرب والعشاء لا يصح , وبعضه أشد ضعفاُ من بعض , وإنما صحت الصلاة في هذا الوقت من فعله صلى الله عليه وسلم دون تعيين عدد , وأما قوله صلى الله عليه وسلم , فكل ما روي عنه واه لا يجوز العمل به. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم467.(1/128)
س)- هل صح في سنة البعدية للجمعة إن من صلى في المسجد صلى أربعا ، ومن صلى في بيته صلى ركعتين؟
هذا التفصيل لا أعرف له أصلا في السنة. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/129)
س)- ما حكم صلاة الوتر؟
قال عليه الصلاة السلام (إِنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ فَصَلُّوهَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ) ، يدل ظاهر الأمر في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَصَلُّوهَا) على وجوب صلاة الوتر , وبذلك قال الحنفية , خلافاً للجماهير , ولولا أنه ثبت بالأدلة القاطعة - كقول الله تعالى في حديث المعراج : (هن خمس في العمل خمسون في الأجر , لا يبدل القول لدي) متفق عليه , وكقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأعرابي حين قال : لا أزيد عليهن ولا أنقص : (أفلح الرجل إن صدق) متفق عليه - حصر الصلوات المفروضات في كل يوم وليلة بخمس صلوات , لكان قول الحنفية أقرب إلى الصواب , ولذلك فلا بد من القول بأن الأمر هنا ليس للوجوب , بل لتأكيد الاستحباب , وكم من أوامر كريمة صرفت من الوجوب بأدني من تلك الأدلة القاطعة , وقد انفك الأحناف عنها بقولهم : إنهم لا يقولون بأن الوتر واجب كوجوب الصلوات الخمس , بل هو واسطة بينها وبين السنن , أضعف من هذه ثبوتاً , وأقوى من تلك تأكيداً.فليعلم أن قول الحنفية هذا قائم على اصطلاح لهم خاص حادث ' لا تعرفه الصحابة ولا السلف الصالح , وهو تفريقهم بين الفرض والواجب ثبوتاً وجزاء , كما هو مفصل في كتبهم.وإن قولهم بهذا معناه التسليم بأن تارك الوتر معذب يوم القيامة عذاباً دون عذاب تارك الفرض , كما هو مذهبهم في اجتهادهم , وحينئذ يقال لهم : وكيف يصح ذلك مع قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن عزم على أن لا يصلي غير الصلوات الخمس : ( أفلح الرجل ) ؟ وكيف يلتقي الفلاح مع العذاب ؟ فلا شك أن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا وحده كاف لبيان أن صلاة الوتر ليست بواجبة , ولهذا اتفق جماهير العلماء على سنيته وعدم وجوبه , وهو الحق.
نقول هذا مع التذكير والنصح بالاهتمام بالوتر , وعدم التهاون عنه , لهذا الحديث وغيره , والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 108.(1/130)
س)- هل يصلى الوتر في الصباح لمن نام ولم يصليه؟
قوله عليه السلام (إنما الوتر بالليل ) ، هذا التوقيت للوتر، كالتوقيت للصلوات الخمس، إنما هو لغير النائم وكذا الناسي، فإنه يصلي الوتر إذا لم يستيقظ له في الوقت، يصليه متى استيقظ، ولو بعد الفجر، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم للرجل في هذا الحديث: (فأوتر) . بعد أن قال له: (إنما الوتر بالليل) . وفي ذلك حديث صريح فانظره في (المشكاة) و (الإرواء). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 1712.(1/131)
س)- هل يجوز الصلاة بعد الوتر؟
قال عليه الصلاة والسلام ( إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين، فإن استيقظ وإلا كانتا له) ، والحديث استدل به الإمام ابن خزيمة على(أن الصلاة بعد الوتر مباح لجميع من يريد الصلاة بعده، وأن الركعتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالركعتين بعد الوتر أمر ندب وفضيلة، لا أمر إيجاب وفريضة).وهذه فائدة هامة، استفدناها من هذا الحديث، وقد كنا من قبل مترددين في التوفيق بين صلاته صلى الله عليه وسلم الركعتين وبين قوله: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)، وقلنا في التعليق على(صفة الصلاة) (ص123-السادسة):(والأحوط تركهما اتباعاً للأمر. والله أعلم).
وقد تبين لنا الآن من هذا الحديث أن الركعتين بعد الوتر ليستا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، لأمره صلى الله عليه وسلم بهما أمته أمراً عاماً، فكأن المقصود بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وتراً، أن لا يهمل الإيتار بركعة، فلا ينافيه صلاة ركعتين بعدهما، كما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم وأمره. والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 1993.(1/132)
باب الأذان و الإقامة
س)- هل الأذان سنة ام فرض؟
إن القول بأن الأذان مندوب لا نشك مطلقا في بطلانه ، كيف وهو من أكبر الشعائر الإسلامية التي كان عليه الصلاة والسلام إذا لم يسمعه في أرض قوم أتاهم ليغزوهم وأغار عليهم ، فإن سمعه فيهم كف عنهم كما ثبت في " الصحيحين " وغيرهما ، وقد ثبت الأمر به في غير ما حديث صحيح ، والوجوب يثبت بأقل من هذا ، فالحق أن الأذان فرض على الكفاية ، وهو الذي صححه شيخ الإسلام ابن تيمية في "إلفتاوى" ، بل وعلى المنفرد ، والحاصل أنه ما ينبغي في مثل هذه العبادة العظيمة أن يتردد متردد في وجوبها ، فإنها أشهر من نار على علم ، وأدلتها هي الشمس المنيرة ، ثم هذا الشعار لا يختص بصلاة الجماعة ، بل لكل مصل عليه أن يؤذن ويقيم ، لكن من كان في جماعة كفاه أذان المؤذن لها وإقامته . ثم الظاهر أن النساء كالرجال ، لأنهن شقائق الرجال ، والأمر لهم أمر لهن ، ولم يرد ما ينتهض للحجة في عدم الوجوب عليهن ، فإن الوارد في ذلك في أسانيده متر وكان لا يحل الاحتجاج بهم ، فإن ورد دليل يصلح لإخراجهن فذاك ، وإلا فهن كالرجال " . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/133)
س)- هل كل من أذن للصلاة يقيم؟
حديث (من أذن , فليقم) حديث لا أصل له بهذا اللفظ ومن آثار هذا الحديث السيئة أنه سبب لإثارة النزاع بين المصلين , كما وقع ذلك غيرما مرة , وذلك حين يتأخر المؤذن عن دخول المسجد لعذر , ويريد بعض الحاضرين أن يقيم الصلاة , فما يكون من أحدهم إلا أن يعترض عليه محتجاً بهذا الحديث , ولم يدر المسكين أنه حديث ضعيف لا يجوز نسبته إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فضلاً عن أن يمنع به الناس من المبادرة إلى طاعة الله تعالى , ألا وهي إقامة الصلاة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 35.(1/134)
س)- هل من جمع جمع تقديم أو تأخير ان يقيم لكل صلاة؟
قد ذهب إلى هذا الحكم - أنه يقيم لكل صلاة في الجمع جمع تقديم أو تأخير - ابن حزم وهو قول الشافعي في القديم ورواية عن أحمد وبه قال ابن الماجشون المالكي والطحاوي الحنفي خلافا لأبي حنيفة وصاحبيه وذلك أنهم كانوا يذهبون في الجمع بين الصلاتين إلى أن علوا ذلك بأذان وإقامة واحدة ويحتجون في ذلك بالرواية الثانية عن ابن عمر صرح بذلك كله الطحاوي في شرحه وقوى ما اختاره بالقياس على الجمع بين الظهر والعصر بعرفة ثم قال :( والذي رويناه عن جابر من هذا أحب إلينا لما شهد له من النظر) .
قال النووي في (شرح مسلم) : ( وهذا هو الصحيح من مذهبنا : أنه يستحب الأذان للأولى منهما ويقيم لكل واحدة إقامة فيصليهما بأذان وإقامتين ويتأول حديث ( إقامة واحدة ) أن كل صلاة لها إقامة ولا بد من هذا الجمع بينه وبين الرواية الأولى ( يعني : من حديث ابن عمر ) وبينه أيضا وبين رواية جابر ) .
قلت : ومن الغريب أن علماءنا أخذوا بحديث جابر في الجمع في عرفة بأذان واحد وإقامتين وتركوه في الجمع في مزدلفة بأذان وإقامتين وهذا من عجائب الفقه فلا جرم أن خالفهم الإمام الطحاوي وتبعه الشيخ ابن الهمام ثم أبو الحسنات اللكنوي في ( التعليق الممجد ) فأصابوا . انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/135)
س)- هل تؤذن كل تكبيرة على حدة (الله أكبر) , (الله أكبر)؟
أن حديث (التكبير جزم) , مع كونه لا أصل له مرفوعاً , وإنما هو من قول إبراهيم , فإنما يريد به التكبير في الصلاة , كما يستفاد من السيوطي في الرسالة المشار إليها فلا علاقة له بالأذن كما توهم بعضهم , فإن هناك طائفة من المنتمين للسنة في مصر وغيرها تؤذن كل تكبيرة على حدة :(الله أكبر) , (الله أكبر) , عملاً بهذا الحديث زعموا , والتأذين على هذه الصفة مما لا أعلم له أصلاً في السنة , بل ظاهر الحديث الصحيح خلافه , فقد روى مسلم في "صحيحه" من حديث عمر بن الخطاب مرفوعاً ( إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر , فقال أحدكم : الله أكبر الله أكبر , ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله , قال : أشهد أن لا إله إلا الله.....الحديث).
ففيه إشارة ظاهرة إلى أن المؤذن يجمع بين كل تكبيرتين , وأن السامع يجيبه كذلك , وفي "شرح صحيح مسلم" للنووي ما يؤيد هذا فليراجعه من شاء .ومما يؤيد ذلك ما ورد في بعض الأحاديث أن الأذان كان شفعاً شفعاً. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم71.(1/136)
س)- هل يشرع التثويب في الأذان الأول للصبح ام في الأذان الثاني؟
انما يشرع التثويب في الأذان الأول للصبح ، الذي يكون قبل دخول الوقت بنحو ربع ساعة تقريبا ، لحديث ابن عمر رضي الله عنه قال : "كان في الأذان الأول بعد الفلاح : الصلاة خير من النوم مرتين" . رواه البيهقي ، وكذا الطحاوي في "شرح المعاني" ، وإسناده حسن كما قال الحافظ . وحديث أبي مخذورة مطلق ، وهو يشمل الأذانين ، لكن الأذان الثاني غير مراد ، لأنه جاء مقيدا في رواية أخرى بلفظ : " وإذا أذنت بالأول من الصبح فقل : الصلاة خير من النوم . الصلاة خير من النوم " . أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي وغيرهم ، وهو مخرج في " صحيح أبي داود " ، فاتفق حديثه مع حديث ابن عمر ، ولهذا قال الصنعاني في " سبل السلام " عقب لفظ النسائي : " وفي هذا تقييد لما أطلقته الروايات . قال ابن رسلان : وصحح هذه الرواية ابن خزيمة . قال : فشرعية التثويب إنما هي في الأذان الأول للفجر ، لأنه لإيقاظ النائم ، وأما الأذان الثاني فإنه إعلام بدخول الوقت ، ودعاء إلى الصلاة . اهمن " تخريج الزركشي لأحاديث الرافعي " . ومثل ذلك في " سنن البيهقي الكبرى " عن أبي محذورة : أنه كان يثوب في الأذان الأول من الصبح بأمره صلى الله عليه وسلم.
قلت : وعلى هذا ليس " الصلاة خير من النوم " من ألفاظ الأذان المشروع للدعاء إلى الصلاة والإخبار بدخول وقتها ، بل هو من الألفاظ التي شرعت لإيقاظ النائم ، فهو كألفاظ التسبيح الأخير الذي اعتاده الناس في هذه الأعصار المتأخرة عوضا عن الأذان الأول " .
قلت : وإنما أطلت الكلام في هذه المسالة لجريان العمل من أكثر المؤذنين في البلاد الإسلامية على خلاف السنة فيها أولا ، ولقلة من صرح بها من المؤلفين ثانيا ، فان جمهورهم - ومن ورائهم السيد سابق - يقتصرون على إجمال القول فيها ، ولا يبينون أنه في الأذان الأول من الفجر كما جاء ذلك صراحة في الأحاديث الصحيحة ، خلافا للبيان المتقدم من ابن رسلان والصنعافي جزاهما الله خيرا.ومما سبق يتبين أن جعل التمولب في الأذان الثاني بدعة مخالفة للسنة ، وتزداد المخالفة حين يعرضون عن الأذان الأول بالكلية ، ويصرون على التثويب في الثاني ، فما أحراهم بقوله تعالى : (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) ، (لو كانوا يعلمون) .انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/137)
س)- هل من الممكن التمييز بين الاول والثاني؟
ذلك ممكن بيسر إذا التزمت السنة التي ميزت الأذان الأول بزيادة جملة : "الصلاة خير من النوم (مرتين) كما تقدم . على أن هناك سنة أخرى تزيد الأمر يسرا ، وير أن يكون مؤذن الأذان الأول غير مؤذن الأذان الثاني كما في حديث ابن عمر أخرجه الشيخان ، وله شواهد كثيرة ، خرجتها في "الإرواء" (219) ، وهى سنة متروكة أيضا ، فهنيئا لمن وفقه الله تبارك وتعالى لإحيائها. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/138)
س)- هل يستحب لمن يصلي وحده الأذان؟
في قوله صلى الله عليه وسلم (يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ بْجَبَلِ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ يَخَافُ مِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ) استحباب الأذان لمن يصلي وحده , وبذلك ترجم له النسائي , وقد جاء الأمر به وبالإقامة في بعض طرق حديث المسئ صلاته , فلا ينبغي التساهل بهما. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 41.(1/139)
س)- هل إجابة المؤذن واجبة؟
اختلفوا في حكم إجابة المؤذن فذهب قوم من السلف وغيرهم إلى وجوب ذلك على السامع عملا بظاهر الأمر الذي يقتضي الوجوب وبه قال الحنفية وأهل الظاهر وابن رجب كما في (الفتح) . وخالفهم آخرون فقالوا : ذلك على الاستحباب لا على الوجوب حكى ذلك كله الطحاوي في (شرح المعاني) . وفي (شرح مسلم) : (الصحيح الذي عليه الجمهور أنهمندوب) . وبهذا قال الشافعية وبعض علمائنا الحنفية .قال الحافظ (واستدل للجمهور بحديث أخرجه مسلم وغيره أنه صلى الله عليه وسلم سمع مؤذنا فلما كبر قال : (على الفطرة) فلما تشهد قال : (خرج من النار) . قال : فلما قال عليه الصلاة والسلام غير ما قال المؤذن علمنا أن الأمر بذلك للاستحباب وتعقب بأنه ليس في الحديث أنه لم يقل مثل ما قال فيجوز أن يكون قاله ولم ينقله الراوي اكتفاء بالعادة ونقل القول الزائد ويحتمل أن يكون ذلك وقع قبل صدور الأمر ويحتمل أن يكون الرجل لما أمر لم يرد أن يكون نفسه في عموم من خوطب بذلك ) .
قلت : ولعل من حجة الجمهور ما في (الموطأ) أن الصحابة كانوا إذا أخذ المؤذن بالأذان يوم الجمعة أخذوا هم في الكلام فإنه يبعد جدا أن تكون الإجابة واجبة فينصرف الصحابة مع ذلك منها إلى الكلام فراجع (الموطأ) .
ومثله ما رواه ابن سعد عن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال : رأيت عثمان بن عفان والمؤذن يؤذن وهو يتحدث إلى الناس يسألهم ويستخبرهم عن الأسعار والأخبار ، وسنده صحيح على شرط الشيخين . انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/140)
باب صلاة الجماعة
س)- هل صلاة الجماعة سنة مؤكدة ؟
ان معنى كونها سنة مؤكدة عند الفقهاء أنه يثاب فاعلها ، ولا يعاقب تاركها ، فكيف يصح هذا في حق المتخلفين عن صلاة الجماعة ، وقد هم صلى الله عليه وسلم بحرق بيوتهم عليهم كما في الحديث . وقد قال ابن القيم : "ولم يكن ليحرق مرتكب صغيرة ، فترك الصلاة في الجماعة هو من الكبائر" . بل كيف يصح هذا مع قوله في صلى الله عليه وسلم للأعمى : "أجب" ، مع أنه فوق كونه أعمى ، ليس له قائد يقوده إلى المسجد كما في الحديث ، بل وفي طريقه الأشجار والأحجار كما في بعض الروايات الصحيحة في الحديث ، فهل هناك حكم اجتمع فيه مثل هذه القرائن المؤكدة للوجوب ، ومع ذلك يقال : هو ليس بواجب ؟ ! وكذلك قوله في الحديث : " . . " . إلا قد استحوذ عليهم الشيطان . . . " ، فهو من الأدلة على وجوبها ، إذ إن من ترك سنة ، بل السنن كلها ، مع المحافظة على الواجبات ، لا يقال فيه : "استحوذ عليه الشيطان" ، كما يشير إلى ذلك حديث الأعرابي : "دخل الجنة إن صدق" ، وهذا بين لا يخفى . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/141)
س)- ما حكم تعدد الجمعات في المسجد الواحد؟
أحسن ما وقفت عليه من كلام الأئمة في هذه المسألة هو كلام الإمام الشافعي رضي الله عنه ، ولا بأس من نقله مع شئ من الاختصار ، ولو طال به التعليق ، نظرا لأهميته ، وغفلة أكثر الناس عنه ، قال رضي الله عنه في " الأم ": " وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ، ففاتته الصلاة ، فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي ، لأن لم يأته وصلى في مسجده منفردا ، فحسن ، وإذا كان للمسجد إمام راتب ، ففاتت رجلا أو رجالا فيه الصلاة ، صلوا فرادى ، ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة ، فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه ، وإنما كرهت ذلك لهم لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا ، بل قد عابه بعضهم ، وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرقة الكلمة ، وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام الجماعة ، فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة ، فإذا قضيت دخلوا فجمعوا ، فيكون بهذا اختلاف وتفرق الكلمة ، وفيهما المكروه ، وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن ، فأما مسجد بني على ظهر الطريق أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ، ولا يكون له إمام راتب ، ويصلي فيه المارة ، ويستظلون ، فلا أكره ذلك ، لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة ، وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيره ، قال : وإنما منعني أن أقول : صلاة الرجل لا تجوز وحده وهو يقدر على جماعة بحال تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة على صلاة المنفرد ، ولم يقل : لا تجزي المنفرد صلاته ، وأنا قد حفظنا أن قد فاتت رجالا معه الصلاة ، فصلوا بعلمه منفردين ، وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا ، وأن قد فاتت الصلاة في الجماعة قوما فجاؤوا المسجد فصلى كل واحد منهم منفردا ، وقد كانوا قادرين على أن يجمعوا في المسجد ، فصلى كل واحد منهم منفردا ، وإنما كرهوا لئلا يجمعوا في مسجد مرتين " .وما علقه الشافعي عن الصحابة قد جاء موصولا عن الحسن البصري قال : " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا دخلوا المسجد وقد صلي فيه صلوا فرادى " . رواه ابن أبي شيبة. وقال أبو حنيفة : "لا يجوز إعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب" . ونحوه في "المدونة" عن الإمام مالك .
وبالجملة ، فالجمهور على كراهة إعادة الجماعة في المسجد بالشرط السابق ، وهو الحق ، ولا يعارض هذا الحديث المشهور : " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه " ، فإن غاية ما فيه حض الرسول صلى الله عليه وسلم أحد الذين كانوا صلوا معه صلى الله عليه وسلم في الجماعة الأولى أن يصلي وراءه تطوعا ، فهي صلاة متنفل وراء مفترض ، وبحثنا إنما هو في صلاة مفترض وراء المفترض ، فاتتهم الجماعة الأولى ، ولا يجوز قياس هذه على تلك لأنه قياس مع الفارق من وجوه : الأول : أن الصورة الأولى المختلف فيها لم تنقل عنه صلى الله عليه وسلم لا إذنا ولا تقريرا مع وجود المقتضى في عهده صلى الله عليه وسلم، كما أفادته رواية الحسن البصري .
الثاني : أن هذه الصورة تؤدي إلى تفريق الجماعة الأولى المشروعة ، لأن الناس إذا علموا أنهم تفوتهم الجماعة يستعجلون فتكثر الجماعة ، وإذا علموا أنها لا تفوتهم ، يتأخرون ، فتقل الجماعة ، وتقليل الجماعة مكروه ، وليس شئ من هذا المحذور في الصورة التي أقرها . رسول الله صلى الله عليه وسلم، فثبت الفرق ، فلا يجوز الاستدلال بالحديث على خلاف المتقرر من هديه "صلى الله عليه وآله". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/142)
س)- هل يجوز الصلاة خارج المسجد؟
ليس بخاف على الفقيه أن إطلاق القول بالجواز ينافي الأحاديث الآمرة بوصل الصفوف وسد الفرج ، فلا بد من التزامها والعمل بها إلا لعذر ، ولهذا قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى": "ولا يصف في الطرقات والحوانيط مع خلو المسجد ، ومن فعل ذلك استحق التأديب ، ولمن جاء بعده تخطيه ، ويدخل لتكميل الصفوف المتقدمة ، فإن هذا لا حرمة له . قال : فإن امتلا المسجد بالصفوف صفوا خارج المسجد ، فإذا اتصلت الصفوف حينئذ في الطرقات والأسواق صحت صلاتهم . وأما إذا صفوا وبينهم وبين الصف الآخر طريق يمشي الناس فيه لم تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء . وكذلك إذا كان بينهم وبين الصفوف حائط بحيث لا يرون الصفوف ، ولكن يسمعون التكبير من غير حاجة ، فإنه لا تصح صلاتهم في الأظهر ، وكذلك من صلى في حانوته والطريق خال لم تصح صلاته ، وليس له أن يقعد في الحانوت وينتظر اتصال الصفوف به ، بل عليه أن يذهب إلى المسجد ، فيسد الأول فالأول فالأول". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/143)
س)- هل يجوز الإسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى؟
قد اختلف أهل العلم في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى حتى ذكر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة . ومنهم من كره الإسراع واختار أن يمشي على تؤدة ووقار وبه يقول أحمد وإسحاق وقالا : العمل على حديث أبي هريرة . وقال إسحاق : إن خاف فوت التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشي قلت : الصواب كراهة الإسراع خاف فوت التكبيرة أو لا لعموم الحديث وهو مذهب الشافعية وحكاه ابن المنذر عن زيد بن ثابت وأنس وأحمد وأبي ثور واختاره ابن المنذر وحكاه العبدري عن أكثر العلماء كما في (المجموع). انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/144)
س)- من فاته من الصلاة هل هي أول صلاته أو آخرها ؟
الحق الأول. انتهى كلام الالباني من الثمر المستطاب.(1/145)
س)- ما موقف الصبيان والنساء في صلاة الجماعة؟
في صف النساء لوحدهم وراء الرجال أحاديث صحيحة ، وأما جعل الصبيان وراءهم فلم أجد فيه سوى حديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل الرجال قدام الغلمان ، والغلمان خلفهم ، والنساء خلف الغلمان ، ولا تقوم به حجة ، فلا أرى بأسا من وقوف الصبيان مع الرجال إذا كان في الصف متسع ، وصلاة اليتيم مع أنس وراءه صلى الله عليه وسلم حجة في ذلك. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/146)
س)- ما هو مكان المقتدي في الصلاة اذا كان المقتدي واحد مع الإمام؟
أن السنة أن يقتدي المصلي مع الإمام عن يمينه و حذاءه , غير متقدم عليه , و لا متأخر عنه , خلافا لما في بعض المذاهب أنه ينبغي أن يتأخر عن الإمام قليلا بحيث يجعل أصابع رجله حذاء عقبي الإمام , أو نحوه.انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2590.(1/147)
س)- اذا كان يتحتم على من أكل الثوم ونحوه البعد عن المسجد حتى تذهب رائحتها ،فهل يلحق بها الروائح الكريهة ، كالدخان والبخر؟
هذا الإلحاق فيه نظر ، لأن البخر ونحوه علة سماوية لا إرادة ولا كسب للمرء فيها ، ولا هو يملك إزالتها ، فكيف يلحق بالروائح الكريهة التي هي بإرادته وكسبه ، وبإمكانه الامتناع من تعاطي أسبابها أو القضاء عليها ؟ ! والشارع الحكيم إنما منع آكل الثوم وغيره من حضور المساجد والحصول على فضيلة الجماعة عقوبة له على عدبم مبالاته بإيذاء المؤمنين والملائكة المقربين ، فلا يجوز أن يحرم من هذه الفضيلة الأبخر ونحوه لما ذكرناه من الفارق . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/148)
س)- هل يشرع رفع الإمام صوته بالتأمين؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه (كان إذا فرغ من قراءة أم القرآن , رفع صوته وقال : آمين) ، ففي الحديث مشروعية رفع الإمام صوته بالتأمين , وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم من الأئمة , خلافاً للإمام أبي حنيفة وأتباعه , ولا حجة عندهم سوى التمسك بالعمومات القاضية بأن الأصل في الذكر خفض الصوت فيه , وهذا مما لا يفيد في مقابله مثل هذا الحديث الخاص في بابه , كما لا يخفي على أهل العلم الذين أنقذهم الله تبارك وتعالى من الجمود العقلي والتعصب المذهبي.
وأما جهر المتقدين بالتأمين وراء الإمام , فلا نعلم فيه حديثاً مرفوعاً صحيحاً يجب المصير إليه ولذلك بقينا فيه على الأصل الذي سبقت الإشارة إليه , وهذا هو مذهب الإمام الشافعي في "الأم" : أن الإمام يجهر بالتأمين دون المأمومين , وهو أوسط المذاهب في المسألة وأعدلها.
وإني لألاحظ أن الصحابة رضي الله عنهم , لو كانوا يجهرون بالتأمين خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لنقله وائل بن حجر وغيره ممن نقل جهره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به , فدل ذلك على أن الإسرار به من المؤتمين هو السنة , فتأمل.
ثم وقفت على ما حملني على ترجيح جهر المؤتمين أيضاً في بحث أودعته في "الضعيفة" , وبه قال الإمام أحمد في رواية ابنه صالح في مسائله , وكفى به قدوة , وهو مذهب الشافعية كما في "مجموع النووي" والله ولي التوفيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم464.(1/149)
باب صلاة الجمعة
س)- ما هو العدد الذي يشترط لصحة صلاة الجمعة؟
لقد اختلفت أقوال العلماء كثيرا في العدد الذي يشترط لصحة صلاة الجمعة حتى بلغت إلى خمسة عشر قولا , قال الإمام الشوكاني في " السيل الجرار " :"و ليس على شيء منها دليل يستدل به قط , إلا قول من قال : إنها تنعقد جماعة الجمعة بما تنعقد به سائر الجماعات" . قلت : و هذا هو الصواب إن شاء الله تعالى . انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1204.(1/150)
س)- ما هو الأذان المحرم للعمل يوم الجمعة؟
قد اختلفوا في الأذان المحرم للعمل : أهو الأول أم الآخر ? و الصواب أنه الذي يكون و الإمام على المنبر , لأنه لم يكن غيره في زمن النبي صلى الله عليه وسلم, فكيف يصح حمل الآية على الأذان الذي لم يكن و لم يوجد إلا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم , و قد بسطت القول في ذلك في رسالتي : " الأجوبة النافعة " , فراجعها. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 2206.(1/151)
باب صلاة المسافر
س)- ماهي المسافة التي تقصر الصلاة عندها؟
حديث (يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان) موضوع ومما يدل على وضع الحديث , وخطأ نسبته إليه صلى الله عليه وسلم , ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته في أحكام السفر: هذا الحديث إنما هو من قول ابن عباس . ورواية ابن خزيمة . وغيره له مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم باطل بلا شك عند أئمة أهل الحديث . وكيف يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة بالتحديد وإنما أقام بعد الهجرة زمنًا يسيرًا، وهو بالمدينة لا يحد لأهلها حدًا كما حده لأهل مكة، وما بال التحديد يكون لأهل مكة دون غيرهم من المسلمين .وأيضًا، فالتحديد بالأميال والفراسخ يحتاج إلى معرفة مقدار مساحة الأرض، وهذا أمر لا يعلمه إلا خاصة الناس . ومن ذكره فإنما يخبر به عن غيره تقليدًا وليس هو مما يقطع به، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقدر الأرض بمساحة أصلاً، فكيف يقدر الشارع لأمته حدًا لم يجر له ذكر في كلامه وهو مبعوث إلى جميع الناس، فلابد أن يكون مقدار السفر معلومًا علمًا عامًا، ومن ذلك أيضاٌ أنه ثبت بالنقل الصحيح المتفق عليه بين علماء الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كان يقصر الصلاة بعرفة , ومزدلفة , في أيام منى , وكذلك أبوبكر وعمر من بعده , وكان يصلي خلفهم أهل مكة , ولم يأمرهم بإتمام الصلاة , فدل هذا على أن ذلك سفر , وبين مكة وعرفة بريد , وهو نصف يوم بسير الإبل والأقدام .
والحق أن السفر ليس له حد في اللغة ولا في الشرع , فالمرجع فيه إلى العرف , فما كان سفراُ في عرف الناس , فهو السفر الذي علق به الشارع الحكم.
وتحقيق هذا البحث الهام تجده في رسالة ابن تيمية المشار إليها آنفاُ فراجعها , فإن فيها فوائد هامة لا تجدها عند غيره. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 439.(1/152)
س)- هل القصر مبدؤه من بعد الخروج من البلدة؟
القصر مبدؤه من بعد الخروج من البلدة , وهو مذهب الجمهور من العلماء كما في نيل الأوطار قال : (وذهب بعض الكوفيين إلى أنه إذا أراد السفر يصلي ركعتين ولو كان في منزله ومنهم من قال إذا ركب قصر إن شاء . ورجح ابن المنذر الأول بأنهم اتفقوا على أنه يقصر إذا فارق البيوت واختلفوا فيما قبل ذلك فعليه الإتمام على أصل ما كان عليه حتى يثبت أن له القصر) , قال : (ولا أعلم أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قصر في سفر من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة) .قلت : والأحاديث في هذا المعنى كثيرة , وقد خرجت طائفة منها في الإرواء من حديث أنس وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 163.(1/153)
س)- المسافر إذا جدَّ به السير جمع وقصر، هل المطار ودخول ساحة الطائرة هل يعتبر هذا جدَّ به السير وبالتالي يجوز له أن يجمع ويقصر في المطار داخل البلد؟
لا، هو السفر كما تعلمون من الناحية العربية هو الخروج من البلدة ومن البنيان، فيختلف الآن مثلاً هنا في عمَّان، عندنا مطار دارنا تُطل عليه كان في وسط البلد، هذا لا يجوز له أن يشرع في أحكام السفر إلا إذا انطلقت الطائرة وجاوزت حدود عمَّان، بينما مطار عمَّان الآن والذي يسمونه مطار عمَّان الدولي فهو خارج البلد، فإذا ركب سيَّارته أو استأجر سيارةً ما، ليذهب إلى الطائرة ويركبها وخرج عن بنيان عمَّان تبدأ حينذاك أحكام السفر لأن المطار خارج البلد، فيختلف الأمر بين مطار وآخر، إذا كان المطار داخل البلد؛ فلا يبدأ القصر والجمع، وإذا كان خارج البلد فيجوز. انتهى كلام الالباني من لشريط 835 من سلسلة الهدى والنور.(1/154)
س)- هل صلاة السفر أصل بنفسها ام أنها مقصورة من الرباعية؟
أن صلاة السفر أصل بنفسها , و أنها ليست مقصورة من الرباعية كما يقول بعضهم , فهي في ذلك كصلاة العيدين و نحوها , كما قال عمر رضي الله عنه : "صلاة السفر و صلاة الفطر و صلاة الأضحى و صلاة الجمعة , ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم". انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2814.(1/155)
س)- ما حكم الجمع بين الصلاتين في السفر؟
الجمع بين الصلاتين في السفر , ولو في غير عرفة ومزدلفة , وهو مذهب جمهور العلماء , خلافاً للحنفية , وقد تأولوه بالجمع الصوري , أي : بتأخير الظهر إلى قرب وقت العصر , وكذا المغرب مع العشاء , وقد رد عليهم الجمهور من وجوه:
أولاً : أنه خلاف الظاهر من الجمع.ثانياً : أن الغرض من مشروعيته التيسير ورفع الحرج كما صرحت بذلك رواية مسلم , ومراعاة الجمع الصوري فيه من الحرج ما لا يخفي .
ثالثاً: أن في بعض أحاديث الجمع ما يبطل دعواهم , كحديث أنس بن مالك بلفظ (أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا) رواه مسلم وغيره.
رابعاً : ويبطله أيضاً جمع التقديم الذي صرح به حديث معاذ هذا : (وَإِذَا ارْتَحَلَ بَعْدَ زَيْغِ الشَّمْسِ عَجَّلَ الْعَصْرَ إِلَى الظُّهْرِ) , والأحاديث بهذا المعنى كثيرة كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
2- وأن الجمع كما يجوز تأخيراً يجوز تقديماً , وبه قال الإمام الشافعي في الأم , وكذا أحمد وإسحاق , كما قال الترمذي.
3- وأنه يجوز الجمع في حال نزوله كما يجوز إذا جد به السير , قال الإمام الشافعي في الأم بعد أن روى الحديث من طريق مالك : (وهذا وهو نازل غير سائر لأن قوله : [دخل .... ثم خرج] , لا يكون إلا وهو نازل , فللمسافر أن يجمع نازلاً وسائراً.
قلت : فلا يلتفت بعد هذا النص إلى قول ابن القيم رحمه الله في الزاد : (ولم يكن من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمع راكباً في سفره كما يفعله كثير من الناس , ولا الجمع حال نزوله أيضاً).
وقد اغتر بكلامه هذا بعض إخواننا السلفيين في بعض الأقطار , فلذلك وجب التنبيه عليه.
ومن الغريب أن يخفى مثل هذا النص على ابن القيم رحمه الله مع وروده في الموطأ , وصحيح مسلم , وغيرهما من الأصول التي ذكرنا , ولكن لعل الغرابة تزول إذا تذكرنا أنه الف الكتاب الزاد في حال بعده عن الكتب وهو مسافر , وهذا هو السبب في وجود كثير من الأخطاء الأخرى فيه , وقد بينت ما ظهر لي منها في التعليقات الجياد على زاد المعاد).ومما يحمل على الاستغراب أيضاً أن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله صرح في بعض كتبه بخلاف ما قال ابن القيم رحمه الله , فكيف خفي عليه ذلك وهو أعرف الناس به وبأقواله؟.
قال شيخ الإسلام في مجموعة الرسائل والمسائل بعد أن ساق الحديث : (الجمع على ثلاث درجات : أما إذا كان سائراً في وقت الأولى : فإنما ينزل في وقت الثانية . فهذا هو الجمع الذي ثبت في الصحيحين من حديث أنس وابن عمر، وهو نظير جمع مزدلفة . وأما إذا كان وقت الثانية سائراً أو راكباً، فجمع في وقت الأولى، فهذا نظير الجمع بعرفة، وقد روى ذلك في السنن [يعني حديث معاذ هذا] , وأما إذا كان نازلا في وقتهما جميعاً نزولا مستمرا، فهذا ما علمت روى ما يستدل به عليه إلا حديث معاذ هذا . فإن ظاهره أنه كان نازلاً في خيمة في السفر، وأنه أخر الظهر ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل إلى بيته، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً . فإن الدخول والخروج إنما يكون في المنزل . وأما السائر فلا يقال : دخل وخرج، بل نزل وركب . وتبوك هي آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسافر بعدها إلا حجة الوداع . وما نقل أنه جمع فيها إلا بعرفة ومزدلفة، وأما بمنى فلم ينقل أحد أنه جمع هناك؛ بل نقلوا أنه كان يقصر الصلاة هناك، وهذا دليل على أنه كان يجمع أحياناً في السفر وأحياناً لا يجمع ـ وهو الأغلب على أسفاره ـ : أنه لم يكن يجمع بينهما .وهذا يبين أن الجمع ليس من سنة السفر، كالقصر بل يفعل للحاجة، سواء كان في السفر أو الحضر، فإنه قد جمع ـ أيضاً ـ في الحضر لئلا يحرج أمته . فالمسافر إذا احتاج إلى الجمع جمع، سواء كان ذلك لسيره وقت الثانية، أو وقت الأولى وشق النزول عليه، أو كان مع نزوله لحاجة أخري، مثل أن يحتاج إلى النوم والاستراحة وقت الظهر، ووقت العشاء، فينزل وقت الظهر وهو تعبان، سهران، جائع، محتاج إلى راحة وأكل ونوم، فيؤخر الظهر إلى وقت العصر ثم يحتاج أن يقدم العشاء مع المغرب وينام بعد ذلك ليستيقظ نصف الليل لسفره، فهذا ونحوه يباح له الجمع .
وأما النازل أياماً في قرية أو مصر ـ وهو في ذلك المصر ـ فهذا ـ وإن كان يقصر لأنه مسافر ـ فلا يجمع، كما أنه لا يصلي على الراحلة ولا يصلي بالتيمم، ولا يأكل الميتة . فهذه الأمور أبيحت للحاجة، ولا حاجة به إلى ذلك، بخلاف القصر فإنه سنة صلاة السفر . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 164.(1/156)
س)- هل قصر الصلاة في السفر سنة ام فرض؟
الذي أقطع به أن الصواب قول من قال بوجوب القصر ، لأدلة كثيرة لا معارض لها ، ذكرها الشوكاني في "السيل الجرار" ، منها حديث عائشة "فرضت الصلاة ركعتين ركعتين" الحديث . أخرجه الشيخان .
قال الشوكاني : " فمن زاد فيها فهو كمن زاد على أربع في صلاة الحضر ، ولا يصح التعلق بما روي عنها أنها كانت تتم ، فإن ذلك لا تقوم به الحجة ، بل الحجة في روايتها لا في رأيها " .
وقال الحافظ في "التلخيص": "وذكر عروة أنها تأولت كما تأول عثمان كما في "الصحيح" ، فلو كان عندها عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية لم يقل عروة عنها أنها تأولت ، وقد ثبت في "الصحيحين" خلاف ذلك.قلت : يشير الى ضعف حديث الدارقطي عنها بلفظ : " قصر رسول الله صلى الله عليه وآله في السفر وأتم " فإنه مع ضعف اسناده مخالف للأحاديث الصحيحة الصريحة في قصره صلى الله عليه وسلم للصلاة في السفر ، وقد ذكرت بعضها في "الإرواء" ، وبينت علة الحديث المذكور ، فليرجع إليه من شاء. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/157)
س)- كيف يصلي المسافر إذا اقتدى بمقيم هل يتم مع امامه المقيم ام يقصر لانه مسافر؟
أن السنة في المسافر إذا اقتدى بمقيم أنه يتم و لا يقصر , و هو مذهب الأئمة الأربعة و غيرهم , بل حكى الإمام الشافعي في "الأم" إجماع عامة العلماء على ذلك , و نقله الحافظ ابن حجر عنه في "الفتح" و أقره , و على ذلك جرى عمل السلف. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2676.(1/158)
س)- هل تصلى السنن الرواتب في السفر؟
لسنا نعلم حديثا صحيحا في محافظته صلى الله عليه وسلم على شيء من السنن الرواتب في السفر سوى سنة الفجر و الوتر . والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1209.(1/159)
باب صلاة التراويح
س)- هل تشرع صلاة التراويح في جماعة . وما هي عدد ركعاتها؟
دل حديث عائشة و حديث جابر على مشروعية صلاة التراويح مع الجماعة , و على أنها إحدى عشرة ركعة مع الوتر . و للأستاذ نسيب الرفاعي رسالة نافعة في تأييد ذلك اسمها " أوضح البيان فيما ثبت في السنة في قيام رمضان " فننصح بالاطلاع عليها من شاء الوقوف على الحقيقة .
ثم إن أحد المنتصرين لصلاة العشرين ركعة أصلحه الله - قام بالرد على الرسالة المذكورة في وريقات سماها " الإصابة في الانتصار للخلفاء الراشدين و الصحابة " حشاها بالافتراءات , و الأحاديث الضعيفة بل الموضوعة , و الأقوال الواهية , الأمر الذي حملنا على تأليف رد عليه أسميته " تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين و الصحابة " و قد قسمته إلى ستة رسائل طبع منها :الأولى : في بيان الافتراءات المشار إليها .
الثانية : في " صلاة التراويح " . و هي رسالة جامعة لكل ما يتعلق بهذه العبادة , و قد بينت فيها ضعف ما يروى عن عمر رضي الله عنه أنه أمر بصلاة التراويح عشرين ركعة , و أن الصحيح عنه أنه أمر بصلاتها إحدى عشرة ركعة وفقا للسنة الصحيحة , و أن أحدا من الصحابة لم يثبت عنه خلافها فلتراجع فإنها مهمة جدا و إنما علينا التذكير و النصيحة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم560.(1/160)
باب صلاة الجنازة
س)- ما حكم صلاة الجنازة؟
الصلاة على الميت المسلم فرض كفاية لأمره صلى الله عليه وسلم بها في أحاديث ، ويستثنى من ذلك شخصان فلا تجب الصلاة عليهما :
الأول : الطفل الذي لم يبلغ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على ابنه إبراهيم عليه السلام.
لثاني : الشهيد لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء أحد وغيرهم كما سبق .
ولكن ذلك لا ينفي مشروعية الصلاة عليهما بدون وجوب.
فتشرع الصلاة على من يأتي ذكرهم :
الأول : الطفل : ولو كان سقطا.
الثاني : الشهيد.
الثالث : من قتل في حد من حدود الله.
الرابع : الفاجر المنبعث في المعاصي والمحارم مثل تارك الصلاة والزكاة مع اعترافه بوجوبهما والزاني ومدمن الخمر ونحوهم من الفساق فإنه يصلى عليهم إلا أنه ينبغي لأهل العلم والدين أن يدعوا الصلاة عليهم عقوبة وتأديبا لأمثالهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . وفي ذلك أحاديث.
الخامس : المدين الذي لم يترك من المال ما يقضي به دينه فإنه يصلى عليه وإنما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه في أول الأمر.
السادس : من دفن قبل أن يصلى عليه أو صلى عليه بعضهم دون بعض فيصلون عليه وهو في قبره على أن يكون الإمام في الصورة الثانية ممن لم يكن صلى عليه .السابع : من مات في بلد ليس فيها من يصلي عليه صلاة الحاضر فهذا يصلي عليه طائفة من المسلمين صلاة الغائب لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي.
غير انه لا تشرع صلاة الغائب على كل من مات ومما يؤيد عدم مشروعية الصلاة على كل غائب أنه لما مات الخلفاء الراشدون وغيرهم لم يصل أحد من المسلمين عليهم صلاة الغائب ولو فعلوا لتواتر النقل بذلك عنهم .
فقابل هذا بما عليه كثير من المسلمين اليوم من الصلاة على كل غائب لا سيما إذا كان له ذكر أو صيت ولو من الناحية السياسية فقط ولا يعرف بصلاح أو خدمة للإسلام ولو كان مات في الحرم المكي وصلى عليه الآلاف المؤلفة في موسم الحج صلاة الحاضر قابل ما ذكرنا بمثل هذه الصلاة تعلم يقينا أن ذلك من البدع التي لا يمتري فيها عالم بسنته صلى الله عليه وسلم ومذهب السلف رضي الله عنهم.انتهى كلام الالباني من كتاب مختصر الجنائز.(1/161)
س)- ما هي عدد تكبيرات صلاة الجنازة؟
يكبر عليها أربعا أو خمسا إلى تسع تكبيرات كل ذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فأيها فعل أجزأه والأولى التنويع فيفعل هذا تارة وهذا تارة كما هو الشأن في أمثاله كأدعية الاستفتاح وصيغ التشهد والصلوات الإبراهيمية ونحوهما وإن كان لا بد من التزام نوع واحد منها فهو الأربع لأن الأحاديث فيها أقوى وأكثر والمقتدي يكبر ما كبر الإمام. انتهى كلام الالباني من كتاب مختصر الجنائز.(1/162)
س)- ما حكم رفع الايدي في تكبيرة الجنازة؟
قال ابن حزم رحمه الله تعالى : و أما رفع الأيدي , فإنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع في شيء من تكبير الجنازة إلا في أول تكبيرة فقط , فلا يجوز فعل ذلك , لأنه عمل في الصلاة لم يأت به نص , و إنما جاء عنه عليه السلام أنه كبر و رفع يديه في كل خفض و رفع , و ليس فيها رفع و لا خفض , و العجب من قول أبي حنيفة برفع الأيدي في كل تكبيرة في صلاة الجنازة , و لم يأت قط عن النبي صلى الله عليه وسلم , و منعه رفع الأيدي في كل خفض و رفع في سائر الصلوات , و قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم , و قد نقل تعجب ابن حزم هذا من أبي حنيفة بعض مقلديه في تعليقه على " نصب الراية " و اعترض عليه بقوله : قلت : هذه النسبة منه أعجب.
و أقول : لا عجب , فإن قول أبي حنيفة هذا ثابت عنه , منقول في كثير من كتب أتباعه , مثل حاشية ابن عابدين و غيره , و عليه عمل أئمة بلخ من الحنفيين , و إن كان عمل الأحناف اليوم على خلافه , و عليه جرت كتب المتون , و هذا هو الذي غر المشار إليه على الاعتراض على ابن حزم و الرد عليه , و هو به أولى. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1045.(1/163)
س)- إذا اجتمعت جنائز عديدة من الرجال والنساء كيف توضع؟
إذا اجتمعت جنائز عديدة من الرجال والنساء صلي عليها صلاة واحدة وجعلت الذكور - ولو كانوا صغارا - مما يلي الإمام وجنائز الإناث مما يلي القبلة فإنه السنة. انتهى كلام الالباني من كتاب مختصر الجنائز.(1/164)
س)- اين يقف الإمام عند الصلاة على الجنازة؟
يقف الإمام وراء رأس الرجل ووسط المرأة. انتهى كلام الالباني من كتاب مختصر الجنائز.(1/165)
س)- ما حكم صلاة الجنازة في أوقات النهي؟
لا تجوز الصلاة على الجنازة في الأوقات الثلاثة التي تحرم الصلاة فيها إلا لضرورة لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب) صحيح ، وهو بعمومه يشمل الصلاة على الجنازة وهو الذي فهمه الصحابة . انتهى كلام الالباني من كتاب مختصر الجنائز.(1/166)
س)- هل الأفضل صلاة الجنازة داخل المسجد ام خارجه؟
تجوز الصلاة على الجنازة في المسجد لكن الأفضل الصلاة عليها خارج المسجد في مكان معد للصلاة على الجنائز كما كان الأمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو الغالب على هديه فيها وفي ذلك أحاديث.
ولا تجوز الصلاة عليها بين القبور لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه:(أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور) حسن انتهى كلام الالباني من كتاب مختصر الجنائز.(1/167)
باب صلاة العيدين
س)- هل صلاة العيدين سنة ام فرض؟
الحق وجويها لا سنيتها فحسب ، ومن الأدلة على ذلك أنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد ، وما ليس بواجب لا يسقط واجبا كما قال صديق خان في "الروضة الندية" ، وراجع تمام هذا البحث فيه وفي "السيل الجرار" انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/168)
س)- هل يسن رفع اليدين مع كل تكبيرة العيد؟
الصواب أن يقال : لا يسن ذلك ، لأنه لم يثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم ، وكونه روي عن عمر وابنه لا يجعله سنة. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/169)
س)- ما حكم التكبير جهراً من الطريق إلى المصلى في العيد ، وهل يشرع هذا التكبير بصوت واحد؟
في الحديث (كان صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى ، وحتى يقضي الصلاة ، فإذا قضى الصلاة ؛ قطع التكبير) ، دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهراً في الطريق إلى المصلى , وإن كان كثير منهم بدؤوا يتساهلون بهذه السنة , حتى كادت أن تصبح في خبر كان , وذلك لضعف الوازع الديني منهم , وخجلهم من الصدع بالسنة والجهر بها , ومن المؤسف أن فيهم من يتولى إرشاد الناس وتعليمهم , فكأن الإرشاد عندهم محصور بتعليم الناس ما يعلمون , وأما ما هم بأمس الحاجة إلى معرفته , فذلك مما لا يلتفتون إليه , بل يعتبرون البحث فيه والتذكر به قولاً وعملاً من الأمور التافهة التي لا يحسن العناية بها عملاً وتعليماً , فإن لله وإنا إليه راجعون .
ومما يحسن التذكير به بهذه المناسبة : أن الجهر بالتكبير هنا لا يشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض , وكذلك كل ذكر يشرع فيه رفع الصوت أو لا يشرع ' فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور , ومثله الأذان من الجماعة المعروف في دمشق (بأذان الجوق) , وكثيراً ما يكون هذا الاجتماع سبباً لقطع الكلمة أو الجملة في مكان لا يجوز الوقف عنده , مثل : (لا إله) في تهليل فرض الصبح والمغرب كما سمعنا ذلك مراراً.
فلنكن في حذر من ذلك , ولنذكر دائماً قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وخير الهدي هدي محمد). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 171.(1/170)
باب صلاة الكسوف
س)- ما حكم صلاة الكسوف؟
قال أبو عوانة في "صحيحه": "بيان وجوب صلاة الكسوف" . ثم ساق بعض الأحاديث الصحيحة في الأمر بها كقوله صلى الله عليه وسلم " فإذا رأيتموها فصلوا " . وهو ظاهر صنيع ابن خزيمة في "صحيحه" ، فإنه قال فيه: "باب الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر . . . " . وذكر أيضا بعض الأحاديث في الأمر بها ، ومن المعلوم من أسلوب ابن خزيمة في "صحيحه" أنه حين يكون الأمر عنده لغير الوجوب ، يبين ذلك في أبواب كتابه ، فالمسألة فيها خلاف ، ولذلك قال الحافظ في "الفتح": "فالجمهور على أنها سنة مؤكدة ، وصرح أبو عوانة في " صحيحه " بوجوبها ، ولم أره لغيره ، إلا ما حكي عن ما أنه أجراها مجرى الجمعة ، ونقل الزين بن المنير عن أبي حنيفة أنه أوجبها ، وكذا نقل بعض مصنفي الحنفية أنها واجبة ، . قلت . وهو الأرجح .
والآخر : أن القول السنية فقط فيه إهدار للأوامر الكثيرة التي جاءت عنه صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة دون أي صارف لها عن دلالتها الأصلية ، ألا وهو الوجوب . ومال إلى هذا الشوكاني في "السيل الجرار" ، وأقره صديق خان في "الروضة الندية" ، وهو الحق إن شاء الله تعالى . والعجب من ابن حزم أنه لم يتعرض في كتابه "المحلى" لبيان حكم هذه الصلاة العظيمة ، وإنما تكلم فقط عن كيفبة صلاتها بتفصيل بالغ ، ولعله جاء فيه بما لم يسبق إليه ، فشغله ذلك عن بيان مذهب في حكمها. ". انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/171)
س)- هل صلاة الكسوف سرا ام جهرا؟
المتقرر أن صلاة الكسوف إنما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة ، وقد صح أنه جهر بها كما في البخاري ، ولم يثبت ما يعارضه ، ولو ثبت لكان مرجوحا. انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/172)
باب صلاة الاستسقاء
س)- هل من السنة ان يجهر في الأولى بالفاتحة وسبح اسم ربك الأعلى ، وفي الثانية بالغاشية بعد الفاتحة في صلاة الاستسقاء؟
أما الجهر فيها فصحيح ثابت عنه صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زيد ، وهو مخرج في "الإرواء".
وأما تعيين السورتين المذكورتين فلا يصح عنه صلى الله عليه وسلم ، لأن في سنده محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري ، وهو ضعيف جدا . انظر " تلخيص المستدرك " للذهبي ، و " نصب الراية " للزيلعي ، و " إرواء الغليل " ، و " الضعيفة ". فالصواب أن يقرأ ما تيسر لا يلتزم سورة معينة . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/173)
باب سجود التلاوة
س)- هل اذا مرالمصلي بالسجدة كبر وسجد؟
قد روى جمع من الصحابة سجوده صلى الله عليه وسلم للتلاوة في كثير من الآيات في مناسبات مختلفة ، فلم يذكر أحد منهم تكبيره عليه السلام للسجود ، ولذلك نميل إلى عدم مشروعية هذا التكبير . وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله . انتهى كلام الالباني من تمام المنة.(1/174)
كتاب الزكاة
س)- لو بلغ النصاب في أثناء الحول ، أو أبدل بغير جنسه ،فهل ينقطع حول الزكاة وياستأنف حولا آخر؟
ينبغي أن يقيد هذا بما إذا وقع ذلك اتفاقا ، لا لقصد الخلاص من الزكاة ، كما يروى عن بعض الحنفية أنه كان إذا قارب انتهاء حول النصاب وهب المال لزوجته ، حتى إذا انتهى الحول استرذه منها ! لأن العود بالهدية جائز عندهم على تفصيل فيه ! فمن احتال هذه الحيلة التي يسميها بعضهم حيلة شرعية ! فإني أرى أن يؤخذ منه الزكاة ، وشطر ماله ، على حديث بهز بن حكيم ، فإن المحتال أولى بهذا الجزاء من الممتنع دون حيلة ، فتأمل. انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/175)
س)- هل تجب الزكاة على عروض التجارة؟
الحق أن القول بوجوب الزكاة على عروض التجارة مما لا دليل عليه في الكتاب والسنة الصحيحة ، مع منافاته لقاعدة " البراءة الأصلية " التي يؤيدها هنا قوله صلى الله عليه وآله في خطبة حجة الوداع : "فإن دماءكم ، وأموالكم ، وأعراضكم ، وأبشاركم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا هل بلغت ؟ ! اللهم فاشهد . . ." الحديث . رواه الشيخان وغيرهما ،. ومثل هذه القاعدة ليس من السهل نقضها ، أو على الأقل تخصيصها ببعض الآثار ولو صحت ، كقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : "ليس في العروض زكاة ، إلا ما كان للتجارة" . أخرجه الإمام الشافعي في الأم بسند صحيح . ومع كونه موقوفا غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه ليس فيه بيان نصاب زكاتها ، ولا ما يجب إخراجه منها ، فيمكن حمله على زكاة مطلقة ، غير مقيدة بزمن أو كمية ، وإنما بما تطيب به نفس صاحبها ، فيدخل حينئذ في عموم النصوص الآمرة بالإنفاق ، كقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم) ، وقوله جل وعلا : (وآتوا حقه يوم حصاده) ، وكقول النبي صلى الله عليه وآله : "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان ، أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم اعط ممسكا تلفا" رواه الشيخان وغيرهما . وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الصحيحة".
قد يدعي بعضهم أن القول بعدم وجوب زكاة عروض التجارة فيه إضاعة لحق الفقراء والمساكين في أموال الأغنياء والمثرين . والجواب من وجهين :الأول : أن الأمر كله بيد الله تعالى ، فليس لأحد أن يشرع شيئا من عنده بغير إذن من الله عزوجل (وربك يخلق ما يثاء ويختار ، ما كان لهم الخيرة سبحانه وتعالى عما يشركون) ، ألا ترى أنهم أجمعوا على أنه لا زكاة على الخضروات ، على اختلاف كثير بينهم ، واتفقوا على أنه لا زكاة على القصب والحشيش والحطب مهما بلغت قيمتها ، فما كان جوابهم عن هذا كان الجواب عن تلك الدعوى !.
والآخر : أن تلك الدعوى قائمة على قصر النظر في حكمة فرض الزكاة أنها لفائدة إلفقراء فقط ، والأمر على خلافه كما في قوله تعالى : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم . . .) الآية . فإذا كان الأمر كذلك ، ووسعنا النظر في الحكمة قليلا ، وجدنا أن الدعوى المذكورة باطلة ، لأن طرح الأغنياء أموالهم ومتاجرتهم بها أنفع للمجتمع - وفيه الفقراء - من كنزها ولو أخرجوا زكاته ، ولعل هذا يدركه المتخصصون في علم الاقتصاد أكثر من غيرهم ، والله ولي التوفيق. انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/176)
س)- لا زكاة إلا في الحنطة والشعير والذرة والتمر والزبيب ، لأن ما عداه لا نص فيه .هل هذا صحيح؟
هذا هو الذي يجب الوقوف عنده لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى ومعاذ حين أرسلهما إلى اليمن "لا تأخذا في الصدقة إلا من هذه الأصناف الأربعة : الشعير ، والحنطة ، والزبيب ، والتمر" . أخرجه البيهقي والحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا ، على ما بينته في "ارواء الغليل" ، وهو اختيار أبي عبيد في كتابه "الأموال" ، فراجع كلامه فيه ، وبه يرتاح المسلم من الأقوال المختلفة المتضاربة. انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/177)
س)- هل يجوز إخراج قيمة الزكاة بدل العين؟
يجوز إخراج القيمة مراعاة لمصلحة الفقراء ، والتيسير على الأغنياء ، وهو اختيار ابن تيمية ، قال في "الاختيارات" : "ويجوز إخراج القيمة في الزكاة لعدم العدول عن الحاجة والمصلحة ، مثل أن يبيع ثمرة بستانه أو زرعه ، فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه ، ولا يكلف أن يشتري تمرا أو حنطة ، فإنه قد ساوى الفقير بنفسه ، وقد نص أحمد على جواز ذلك ، ومثل أن تجب عليه شاة في الإبل ، وليس عنده شاة ، فإخراج القيمة كاف ، ولا يكلف السفر لشراء شاة ، أو أن يكون المستحقون طلبوا القيمة لكونها أنفع لهم ، فهذا جائز".. انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/178)
س)- هل الحج ليس من سبيل الله التي تصرف فيها الزكاة؟
بلى ، هو من سبيل الله بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد قال ابن عباس رضي الله عنه : أراد رسول الله الحج ، فقالت امرأة لزوجها : أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما عندي ما أحجك عليه ، قالت : أحجني على جملك فلان ، قال : ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله ، لأنها سألتني الحج معك ، قالت : أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : . . . فقالت : أحجني على جملك فلان ، فقلت : ذاك حبيس في سبيل الله ، فقال " صلى الله عليه وآله " : " أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله " الحديث . أخرجه أبو داود بسند حسن والطبراني في " الكبير " ، والحاكم وصححه ، وابن خزيمة في " صحيحه " ، وله شاهد من حديث أبي طلق ، أخرجه الدولابي في " الكنى " بسند صحيح ، وقواه المنذري والحافظ . ولذلك قال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية المشار إليها : "وعند الإمام أحمد والحسن وإسحاق ، الحج من سبيل الله ، للحديث " . يريد هذا ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، فقال في "الاختيارات العلمية" : " ومن لم يحج حجة الإسلام وهو فقير ، أعطي ما يحج به ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد " . وقد رواه أبو عبيد في "الأموال" عن ابن عمر أنه سئل عن امرأة أوصت بثلاثين درهما في سبيل الله ، فقيل له : أتجعل في الحج ؟ فقال : أما إنه في سبيل الله . وإسناده صحيح كما قال الحافظ في " الفتح ". وروى أبو عبيد بسند صحيح عن ابن عباس : "أنه كان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل من زكاة ماله في الحج وأن يعتق الرقبة ". انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/179)
س)- هل مصرف زكاة الفطر هي مصرف الزكاة ، أي أنها توزع على الأصناف الثمانية؟
ليس في السنة العملية ما يشهد لهذا التوفيع ، بل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس : "وطعمة للمساكين" ، يفيد حصرها بالمساكين ، والآية إنما هي في صدقات الأموال ، لا صدقة الفطر ، بدليل ما قبلها ، وهو قوله تعالى : (ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا) ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وله في ذلك فتوى مفيدة من " الفتارى " ، وبه قال الشوكاني في السيل الجرار ، ولذلك قال ابن القيم في الزاد : "وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصدقة" . انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/180)
س)- هل يجوز إعطاء زكاة الفطر للذمي لقول الله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الذين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحث المقسطين )؟
لا يظهر في الآية دليل على الجواز ، لأن الظاهر منها الإحسان إليهم على وجه الصلة من الصدقات غير الواجبة ، فقد روى أبو عبيد بسند صحيح عن ابن عباس قال : " كان ناس لهم أنسباء وقرابة من قريظة والنضير ، وكانوا يثقون أن يتصدقوا عليهم ، ويريدونهم على الإسلام ، فنزلت : ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ) " . فهذه الآية مثل التي قبلها . ثم روى بسند صحيح إلى سعيد بن المسيب : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق بصرقة على أهل بيت من اليهود فهي تجري عليهم " . وروى عن الحسن - وهو البصري - قال : " ليس لأهل الذمة في شئ من الواجب حق ، ولكن إن شاء الرجل تصدق عليهم من غير ذلك " . فهذا هو الذي ثبت في الشرع ، وجرى عليه العمل من السلف ، وأما إعطاؤهم زكاة الفطر ، فما علمنا أحدا من الصحابة فعل ذلك ، وفهم ذلك من الآية فيه بعد ، بل هو تحميل للآية ما لا تتحمل . وما رواه أبو إسحاق عن أبي ميسرة قال : "كانوا يجمعون إليه صدقة الفطر فيعطيها أو يعطي منها الرهبان" . رواه أبو عبيد ، وابن زنجويه . فهو مع كونه مقطوعا موقوفا على أبي ميسرة ، واسمه عمرو بن شرحبيل ، فلا يصح عنه ، لأن أبا إسحاق هو السبيعي مختلط مدلس ، وقد عنعنه . ويؤيد اختصاص زكاة الفطر بالمسلمين الحديث المتقدم : "وطعمة للمساكين" ، فإن الظاهر منه أنه أراد مساكين المسلمين ، لا مساكين الأمم كلها . فتأمل . انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/181)
كتاب الصيام
س)- هل من أبصر هلال الصوم وحده عليه أن يصوم؟
ليس على إطلاقه ، بل فيه تفصيل ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في فتوى له ، فقال: "إذا رأى هلال الصوم وحده ، أو هلال الفطر وحده ، فهل عليه أن يصوم برؤية نفسه ، أو يفطر برؤية نفسه ؟ أم لا يصوم ولا يفطر إلا مع الناس ؟ على ثلاثة أقوال ، هي ثلاث روايات عن أحمد" .
ثم ذكرها ، والذي يهمنا ذكره منها قوله : "والثالث يصوم مع الناس ، ويفطر مع الناس ، وهذا أظهر الأقوال ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "صومكم يوم تصومون ، وفطركم يوم تفطرون ، وأضحاكم يوم تضحون" . رواه الترمذي وقال : حسن غريب . قال : وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال : إنما معنى هذا الصرم والفطر مع الجماعة وعظم الناس " . وهذا الحديث مخرج في "الصحيحة" ، و "الإرواء" من طرق عن أبي هريرة ، فمن شاء رجع إليها . ثم قال ابن تيمية: " لكن من كان في مكان ليس فيه غيره ، إذا رآه صام ، فإنه ليس هناك غيره" . انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/182)
س)- قضاء رمضان لا يجب على الفور ، بل يجب وجوبا موسعا في أي وقت هل يصح هذا القول بدليل حديث عائشة رضى الله عنها أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان؟
هذا يتنافى مع قوله تعالى (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) آل عمران133 ، فالحق وجوب المبادرة إلى القضاء حين الاستطاعة ، وهو مذهب ابن حزم ، وليس يصح في السنة ما يعارض ذلك .وأما الاستدلال على عدم الوجوب بقول : " فقد صح عن عائشة أنها كانت تقضي ما عليها من رمضان في شعبان . رواه أحمد ومسلم ، ولم تكن تقضيه عند قدرتها على القضاء" . فليس بصواب ، لأنه ليس في حديث عائشة أنها كانت تقدر أن تقضيه فورا ، بل فيه عكس ذلك ، فإن لفظ الحديث عند مسلم "كان يكون على الصوم من رمضان ، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان ، الشغل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو برسول الله صلى الله عليه وسلم" . وهكذا أخرجه البخاري أيضا في صحيحه ، وفي رواية لمسلم عنها قالت : "إن كانت إحدانا لتفطر في زمان رسول اللة صلى الله عليه وسلم ، فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأتي شعبان" . فالحديث بروايتيه صريح في أنها كانت لا تسنطيع ، ولا تقدر على القضاء قبل شعبان ، وفيه إشعار بأنها لو استطاعت لما أخرته ، فهو حجة على من قال بعدم المبادرة ، ولذلك قال الزين بن المنير رحمه الله : "وظاهر صنيع عائشة يقتضي ايثار المبادرة إلى القضاء ، لولا ما منعها من الشغل ، فيشعر بأن من كان بغير عذر ، لا ينبغي له التأخير". انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/183)
س)- هل يستحب تعجيل الفطور؟
لقد "كان صلى الله عليه وسلم إذا كان صائما أمر رجلا فأوفى على نشز , فإذا قال : قد غابت الشمس أفطر" ففي هذا الحديث اهتمامه صلى الله عليه وسلم بالتعجيل بالإفطار بعد أن يتأكد صلى الله عليه وسلم من غروب الشمس , فيأمر من يعلو مكانا مرتفعا , فيخبره بغروب الشمس ليفطر صلى الله عليه وسلم , و ما ذلك منه إلا تحقيقا منه لقوله صلى الله عليه وسلم : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر"متفق عليه , و هو مخرج في "الإرواء".
و إن من المؤسف حقا أننا نرى الناس اليوم , قد خالفوا السنة , فإن الكثيرين منهم يرون غروب الشمس بأعينهم , و مع ذلك لا يفطرون حتى يسمعوا أذان البلد , جاهلين :أولا : أنه لا يؤذن فيه على رؤية الغروب , و إنما على التوقيت الفلكي.
و ثانيا : أن البلد الواحد قد يختلف الغروب فيه من موضع إلى آخر بسبب الجبال و الوديان , فرأينا ناسا لا يفطرون و قد رأوا الغروب ! و آخرين يفطرون و الشمس بادية لم تغرب لأنهم سمعوا الأذان ! و الله المستعان! انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2081.(1/184)
س)- ما حكم تثبيت النية من النهار في رمضان لمن بلغه الخبر بأن هلال رمضان رؤي البارحة؟
أن من وجب عليه الصوم نهارا , كالمجنون يفيق , و الصبي يحتلم , و الكافر يسلم , و كمن بلغه الخبر بأن هلال رمضان رؤي البارحة , فهؤلاء يجزيهم النية من النهار حين الوجوب , و لو بعد أن أكلوا أو شربوا , فتكون هذه الحالة مستثناة من عموم قوله صلى الله عليه وسلم : "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" , و هو حديث صحيح كما حققته في "صحيح أبي داود". و إلى هذا ذهب ابن حزم و ابن تيمية و الشوكاني و غيرهم من المحققين. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2624.(1/185)
س)- لقد اختلف العلماء في قضاء رمضاء فمنهم من قال بوجوب سرد القضاء ومنهم من قال من شاء فرق ، ومن شاء تابع .اي القولين هو الصحيح؟
لا يصح في هذا الباب شئ لا سلبا ولا إيجابا ، والأمر القرآني بالمسارعة يقتضي وجوب المتابعة إلا لعذر ، وهو مذهب ابن حزم. انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/186)
باب مبطلات الصوم
س)- هل الاستمناء سواء أكان سببه تقبيل الرجل لزوجته أو ضمها إليه ، أو كان باليد ، يبطل الصوم ويوجب القضاء؟
لا دليل على الإبطال بذلك ، وإلحاقه بالجماع غير ظاهر ، ولذلك قال الصنعاني : "الأظهر أنه لا قضاء ولا كفارة إلا على من جامع ، وإلحاق غير المجامع به بعيد" . وإليه مال الشوكاني ، وهو مذهب ابن حزم ، فانظر المحلى.ومما يرشدك إلى أن قياس الاستمناء على الجماع قياس مع الفارق ، أن بعض الذين قالوا به في الإفطار لم يقولوا به في الكفارة ، قالوا : "لأن الجماع أغلظ ، والأصل عدم الكفارة" . انظر المهذب مع شرحه للنووي. فكذلك نقول نحن : الأصل عدم الأفطار ، والجماع أغلظ من الاستمناء ، فلا يقاس عليه . فتأمل . وقال الرافعي: " المني إن خرج بالاستمناء أفطر ، لأن الإيلاج من غير إنزال مبطل ، فالإنزال بنوع شهوة أولى أن يكون مفطرا" .
قلت : لو كان هذا صحيحا ، لكان إيجاب الكفارة في الاستمناء أولى من إيجابها على الايلاج بدون إنزال ، وهم لا يقولون أيضا بذلك . فتأمل تناقض القياسيين ! أضف إلى ذلك مخالفتهم لبعض الآثار الثابتة عن السلف في أن المباشرة بغير جماع لا تفطر ولو أنزل ، وقد ذكرت بعضها في سلسلة الأحاديث الصحيحة ، ومنها قول عائشة رضي الله عنها لمن سالها : ما يحل للرجل من امرأته صائما ؟ قالت : "كل شئ إلا الجماع" . أخرجه عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح ، كما قال الحافظ في الفتح ، واحتج به ابن حزم . وترجم ابن خزيمة رحمه الله لبعض الأحاديث المشار إليها بقوله في صحيحه : "باب الرخصة في المباشرة التي هي دون الجماع للصائم ، والدليل على أن اسم الواحد قد يقع عل فعلين : أحدهما مباح ، والآخر محظور ، إذ اسم المباشرة قد أوقعه الله في نص كتابه على الجماع ، ودل الكتاب على أن الجماع في الصوم محظور ، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : "إن الجماع يفطر الصائم" ، والنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم قد دل بفعله على أن المباشرة التي هي دون الجماع مباحة في الصوم غير" . انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/187)
س)- من أفطر عامدا متعمدا في نهار رمضان بأكل أو شرب ، هل يشرع له قضاؤه أم لا؟
الظاهر الثاني ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، فقد قال في "الاختيارات": "لا يقضي متعمد بلا عذر صوما ولا صلاة ، ولا تصح منه ، وما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المجامع في رمضان بالقضاء ضعيف ، لعدول البخاري ومسلم عنه".
وهو مذهب ابن حزم ، و - رواه عن أبى بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، وأبي هريرة ، فراجع "المحلى".
لكن تعليل ابن تيمية ضعف حديث أمر المجامع في رمضان بالقضاء بعدول البخاري ومسلم عنه ليس بشئ عندي ، فكم من حديث عدل الشيخان عنه وهو صحيح ، والحق أنه ثابت صحيح بمجموع طرقه كما قال الحافظ ابن حجر ، وأحدها صحيح مرسل كما كنت بينته في تعليقي على رسالة ابن تيمية في "الصيام" ، ثم في "إرواء الغليل" ، فقضاء المجامع من تمام كفارته ، فلا يلحق به غيره من المفطرين عمدا ، ويبقى كلام الشيخ في غيره سليما.
قال ابن حزم : "برهان ذلك أن وجوب القضاء في تعمد القئ قد صح عن رسول الله ( ص ) كما ذكرنا قبل ، ولم يأت في فساد الصوم بالتعمد للأكل أو الشرب أو الوطء نص بإيجاب القضاه ، لإنما افترض تعالى رمضان لا غيره على الصحيح المقيم العاقل البالغ ، فإيجاب صيام غيره بدلا منه ، إيجاب شرع لم يأذن الله تعالى به ، فهو باطل ، ولا فرق بين أن يوجب الله تعالى صوم شهر مسمى ، فيقول قائل : إن صوم غيره ينوب عنه بغير نص وارد في ذلك ، وبين من قال : إن الحج إلى غير مكة ينوب عن الحج إلى مكة ، والصلاة إلى غير الكعبة ، تنوب عن الصلاة إلى الكعبة ، وهكذا في كل شئ ، قال الله تعالى : (تلك حدود الله فلا تعتدوها) ، وقال تعالى : (ومن يتغد حدود الله فقد ظلم نفسه) " .
ثم شرع يرد على المخالفين قياسهم كل مفطر بعمد على المفطر بالقئ وعلى المجامع في رمضان . ثم روى مثل قوله عن الخلفاء الراشدين حاشا عثمان ، وعن ابن مسعود وأبي هريرة . فراجعه.قلت : لكن المجامع في رمضان قد صح أنه أمره صلى الله عليه وسلم بالقضاء أيضا . انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/188)
باب ما يباح للصائم فعله
س)- هل يجوز تقبيل الصائم لزوجته في رمضان؟
قول عائشة رضى الله عنها (كَانَ يُقَبِّلُنِي وَهُوَ صَائِمٌ وَأَنَا صَائِمَةٌ) ، يدل على جواز تقبيل الصائم لزوجته في رمضان , وقد اختلف العلماء في ذلك على أكثر من أربعة أقوال ' أرجحها الجواز , على أن يراعى حال المقبل , بحيث إنه إذا كان شاباً يخشى على نفسه أن يقع في الجماع الذي يفسد عليه صومه , امتنع من ذلك , وإلى هذا أشارت السيدة عائشة رضي الله عنها في الرواية الآتية عنها (.. وأيكم يملك إربه) , بل قد روي ذلك عنها صريحاً , فقد أخرج الطحاوي عنها قالت (ربما قبلني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وباشرني وهو صائم , أما أنتم , فلا بأس به للشيخ الكبير الضعيف) , ويؤيده قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (دع ما يريبك إلى مالا يريبك).
ولكن ينبغي أن يعلم أن ذكر الشيخ ليس على سبيل التحديد , بل المراد التمثيل بما هو الغالب على الشيوخ من ضعف الشهوة وإلا , فالضابط في ذلك قوة الشهوة وضعفها , أو ضعف الإرادة وقوتها.
وعلى هذا التفصيل تحمل الروايات المختلفة عن عائشة رضي الله عنها , فإن بعضها صريح عنها في الجواز مطلقاً , كحديثها هذا , لا سيما وقد خرج جواباً على سؤال عمرو بن ميمون لها في بعض الروايات , وقالت (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)الأحزاب 21 , وبعضها يدل على الجواز حتى للشاب , لقولها : (وأنا صائمة) , فقد توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمرها 18 سنة.ومثله ما حدثت به عائشة بنت طلحة أنها كانت عند عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدخل عليها زوجها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق , وهو صائم , فقالت له عائشة : ما منعك أن تدنو من أهلك فتقبلها وتلاعبها ؟ فقال : أقبلها وأنا صائم ؟ قالت : نعم ، أخرجه مالك وعنه الطحاوي , بسند صحيح.
قال ابن حزم (عائشة بنت طلحة كانت أجمل نساء أهل زمانها , وكانت أيام عائشة هي وزوجها فتيين في عنفوان الحداثة).
وهذا ومثله محمول على أنها كانت تأمن عليهما , ولهذا قال الحافظ في الفتح بعد أن ذكر هذا الحديث من طريق النسائي : [فقال : وأنا صائم ؟ فقبلني] : (وهذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتاثر بالمباشرة والتقبيل , لا للتفرقة بين الشاب والشيخ , لأن عائشة كانت شابة نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة , فرق من فرق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم219.(1/189)
س)- ما حكم مباشرة الصائم زوجته؟
ورد عن عائشة انها قالت (كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكِانَّ أَمْلَكُكُمْ لِإِرْبِهِ) ، ومرادها رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان غالباً لهواه , والإرب : هو بفتح الهمزة أو كسرها , قال ابن الأثير : (وله تأويلان : أحدهما : أنه الحاجة , والثاني : أنه أرد به العضو , وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة , وهو كناية عن المجامعة).
قال في المرقاة : (وأما ذكر الذكر , فغير ملائم للأنثى , لا سيما في حضور الرجال) , وراجع تمام البحث فيه.
وفي الحديث جواز المباشرة من الصائم, وقد اختلفوا في المراد منها هنا فقال القاري : (قيل : هي مس الزوج المرأة فيما دون الفرج , وقيل : هي القبلة واللمس باليد).قلت : ولا شك أن القبلة ليست مرادة بالمباشرة هنا ,لأن الواو تفيد المغايرة , فلم يبق إلا أن يكون المراد بها إما القول الأول أو اللمس باليد , والأول هو الأرجح لأمرين:
الأول : حديث عائشة الآخر قالت : (كَانَتْ إحدانا إذا كانت حَائِضًا فَأَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَاشِرَهَا أَمَرَهَا أَنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا ثُمَّ يُبَاشِرُهَا قَالَتْ وَأَيُّكُمْ يَمْلِكُ إِرْبَهُ؟) .رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
فإن المباشرة هنا هي المباشرة في حديث الصيام , فإن اللفظ واحد , والدلالة واحدة , والرواية واحدة أيضاً.
بل إن هناك ما يؤيد المعنى المذكور , وهو الأمر الآخر , وهو أن السيدة عائشة رضي الله عنها قد فسرت المباشرة بما يدل على هذا المعنى , وهو قولها في رواية عنها (كَانَ يُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَوْبًا يَعْنِي الْفَرْجَ).
وفي هذا الحديث فائدة هامة , وهو تفسير المباشرة , بأنه مس المرأة فيما دون الفرج , فهو يؤيد التفسير الذي سبق نقله عن القاري , وإن كان حكاه بصيغة التمريض [قيل] , فهذا الحديث يدل على أنه قول معتمد , وليس في أدلة الشريعة ما ينافيه , بل قد وجدنا في أقوال السلف ما يزيده قوة , فمنهم راوية الحديث عائشة نفسها رضي الله عنها , فروى الطحاوي بسند عن حكيم بن عقال أنه قال (سألت عائشة ما يحرم علي من امرأتي وأنا صائم ؟ قالت فرجها). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 220 ، 221.(1/190)
س)- هل يجوز السواك للصائم؟
للصائم السواك في أي وقت شاء أول النهار أو آخره لعموم قوله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة . متفق عليه وهو مخرج في الارواء . وروى الطبراني بإسناد يحتمل التحسين عن عبد الرحمن بن غنم قال سألت معاذ بن جبل أأتسوك وأنا صائم قال نعم قلت أي النهار أتسوك قال أي النهار شئت غدوة أو عشية قلت إن الناس يكرهونه عشية ويقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخلوف الصائم أطيب عند الله من ريح المسك فقال سبحان الله لقد أمرهم بالسواك وهو يعلم أنه لابد أن يكون بفي الصائم خلوف وإن استاك وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا ما في ذلك من الخير شيء بل فيه شر إلا من ابتلى ببلاء لا يجد منه بدا قلت والغبار في سبيل الله أيضا كذلك إنما يؤجر من اضطر إليه ولايجد عنه محيصا قال نعم فأما من ألقى نفسه في البلاء عمدا فما له من أجر . وقال الحافظ في التلخيص إسناده جيد .
ثم قال الزيلعي (ويدخل فيه أيضاُ من تكليف الدوران , وكثرة المشي إلى المساجد , بالنسبة إلى قوله صلى الله عليه وسلم (وكثرة الخطا إلى المساجد) , ومن يصنع في طلوع الشيب في شعره بالنسبة إلى قوله صلى الله عليه وسلم (من شاب شيبة في الإسلام) , إنما يؤجر عليهما من بلي بهما). انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 401.(1/191)
س)- ما حكم الكحل و الحقن للصائم؟
حديث (ليتقه الصائم , يعني الكحل) حديث منكر و منه يتبين أن الصواب أن الكحل لا يفطر الصائم , فهو بالنسبة إليه كالسواك يجوز أن يتعاطاه في أي وقت شاء , خلافا لما دل عليه هذا الحديث الضعيف الذي كان سببا مباشرا لصرف كثير من الناس عن الأخذ بالصواب الذي دل عليه التحقيق العلمي , و لذلك عنيت ببيان حال إسناده , و مخالفته للفقه الصحيح , والله الموفق .و مما سبق يمكننا أن نأخذ حكم ما كثر السؤال عنه في هذا العصر , و طال النزاع فيه . ألا و هو حكم الحقنة (الإبرة) في العضل أو العرق , فالذي نرجحه أنه لا يفطر شيء من ذلك , إلا ما كان المقصود منه تغذية المريض , فهذه وحدها هي التي تفطر والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1014.(1/192)
س)- هل من طلع الفجر وفي فمه طعام وجب عليه أن يلفظه ؟
هذا تقليد لبعض الكتب الفقهية ، وهو مما لا دليل عليه في السنة المحمدية ، بل هو مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : "إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده ، فلا يضه حتى يقضي حاجته منه" أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم ، وصححه هو والذهبي ، وأخرجه ابن حزم ، وزاد : "قال عمار (يعني : ابن أبي عمار راويه عن أبي هريرة) : وكانوا يؤذنون إذا بزغ الفجر" . قال حماد (يعني : ابن سلمة) عن هشام بن عروة : كان أبي يفتي بهذا . وإسناده صحيح على شرط مسلم . وله شواهد ذكرتها في "التعليقات الجياد" ، ثم في "الصحيحة" ، وفيه دليل على أن من طلع عليه الفجر وإناء الطعام أو الشراب على يده ، أنه يجوز له أن لا يضعه حتى يأخذ حاجته منه ، فهذه الصورة مستثناة من الآية : (وكلوا واشرلوا حتى يتبيق لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) ، فلا تعارض بينها وما في معناها من الأحاديث ، وبين هذا الحديث ، ولا إجماع يعارضه ، بل ذهب جماعة من الصحابة وغيرهم إلى أكثر مما أفاده الحديث ، وهو جواز السحور إلى أن يتضح الفجر ، وينتشر البياض في الطرق ، راجع الفتح. لأن من فوائد هذا الحديث إبطال بدعة الإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة ؟ لأنهم إنما يفعلون ذلك خشية أن يدركهم أذان الفجر وهم يتسحرون ، ولو علموا هذه الرخصة لما وقعوا في تلك البدعة . فتأمل . انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/193)
س)- هل يجوز الصوم في السفر؟
لا يجوز الصوم في السفر إذا كان يضر بالصائم , و عليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم : "ليس من البر الصيام في السفر" و قوله : "أولئك هم العصاة" , و فيما سوى ذلك فهو مخير إن شاء صام و إن شاء أفطر , و هذا خلاصة ما تدل عليه أحاديث الباب , فلا تعارض بينها و الحمد لله. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2595.(1/194)
باب الصيام المندوب
س)- هل ثبت وصول ثواب القرب إلى جميع الموتى؟
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَمَّا أَبُوكَ فَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ فَصُمْتَ وَتَصَدَّقْتَ عَنْهُ نَفَعَهُ ذَلِكَ) دليل واضح على أن الصدقة والصوم تلحق الوالد ومثله الوالدة بعد موتهما إذا كانا مسلمين , ويصل إليهما ثوابها بدون وصية منهما , ولما كان الولد من سعي الوالدين , فهو داخل في عموم قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى)النجم39 , فلا داعي إلى تخصيص هذا العموم بالحديث وما ورد في معناه في الباب , مما أورده المجد ابن تيمية في "المنتقى" كما فعل البعض.
واعلم أن الأحاديث التي ساقها في الباب هي خاصة بالأب أو الأم من الولد فالاستدلال بها على وصول ثواب القرب إلى جميع الموتى كما ترجم لها المجد ابن تيمية بقوله " باب وصول ثواب القرب المهداة إلى الموتى " غير صحيح لأن الدعوى أعم من الدليل , ولم يأت دليل يدل دلالة عامة على انتفاع عموم الموتى من عموم أعمال الخير التي تهدى إليهم من الأحياء , اللهم إلا في أمور خاصة ذكرها الشوكاني في نيل الأوطار , ثم الكاتب في كتابه "أحكام الجنائز وبدعها" , وقد يسر الله - والحمد لله - طبعه , من ذلك الدعاء للموتى , فإنه ينفعهم إذا استجابه الله تبارك وتعالى , فاحفظ هذا تنج من الإفراط والتفريط في هذه المسألة.وخلاصة ذلك أن للولد أن يتصدق ويصوم ويحج ويعتمر ويقرأ القرآن عن والديه , لأنه من سعيهما , وليس له ذلك عن غيرهما , إلا ما خصه الدليل مما سبقت الإشارة إليه , والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم84.(1/195)
باب الأيام المنهي عن الصيام فيها
س)- هل يحرم صيام يوم عرفة على الحاج؟
حديث (نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة) حديث ضعيف فلا يغتر به جاهل , فيحرم به صيام يوم عرفة على الحاج , تمسكاُ بظاهر النهي , وإلا فالأحب إلينا أن يفطر الحاج هذا اليوم , لأنه أقوى له على أداء النسك , ولأنه هو الثابت عنه صلى الله عليه وسلم من فعله في حجة الوداع.
انظر رسالتنا (حجة النبي صلى الله عليه وسلم) وإليه يشير كلام أحمد رحمه الله , فقد قال ابنه عبد الله بن أحمد في مسائله سألت أبي عن الرجل يصوم تطوعا في السفر فهل يأثم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من البر الصوم في السفر فقال إن صام في سفر صوم فريضة أجزأه ولا يعجبني أن يصوم تطوعا ولا فريضة في سفر. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 404.(1/196)
س)- ما حكم صيام الدهر؟
قد ثبت النهي عن صيام الدهر في غيرما حديث عنه صلى الله عليه وسلم , حتى قال صلى الله عليه وسلم في رجل يصوم الدهر :(وددت أنه لم يطعم الدهر)رواه النسائي بسند صحيح. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم459.(1/197)
س)- هل من أفطر يومي العيد وأيام التشريق وصام بقية الأيام ، انتفت الكراهة صيام الدهر؟
هذا التأويل خلاف ظاهر الحديث : "لا صام من صام الأبد" ، وقوله : "لا صام ولا أفطر" ، وقد بين ذلك العلامة ابن القيم في زاد المعاد بما يزيل كل شبهة ، فقال رحمه الله : "وليس مراده بهذا من صام الأيام المحرمة . . ." . وذكر نحوه الحافظ في "الفتح". انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/198)
س)- ما حكم صيام يوم السبت؟
قال عليه الصلاة والسلام (صِيَامَ يَوْمِ السَّبْتِ لَا لَكِ وَلَا عَلَيْكِ) ، والحديث ظاهره النهي عن صوم السبت مطلقاً إلا في الفرض , وقد ذهب إليه قوم من أهل العلم كما حكاه الطحاوي , وهو صريح في النهي عن صومه مفرداً , ولا أرى فرقاً بين صومه - ولو صادف يوم عرفة أو غيره من الأيام المفضلة - وبين صوم يوم من أيام العيد إذا صادف يوم الاثنين أو الخميس , لعموم النهي , وهذا قول الجمهور فيما يتعلق بالعيد , كما في المحلى , وبسط القول في هذه المسألة لا مجال له الآن , فإلى مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم225.(1/199)
باب زكاة الفطر
س)- هل قبول صوم رمضان متوقف على إخراج الفطر , فمن لم يخرجها لم يقبل صومه؟
أن حديث (شهر رمضان معلق بين السماء والأرض , ولا يرفع إلى الله , إلا بزكاة الفطر) لو صح لكان ظاهر الدلالة على أن قبول صوم رمضان متوقف على إخراج الفطر , فمن لم يخرجها لم يقبل صومه , ولا أعلم أحداً من أهل العلم يقول به , والتأويل الذي نقلته آنفاً عن المقدسي بعيد حداً عن ظاهر الحديث على التأويل فرع التصحيح , والحديث ليس بصحيح.
أقول هذا , وأنا أعلم أن بعض المفتين ينشر هذا الحديث على الناس كلما أتى شهر رمضان , وذلك من التساهل الذي كنا نطمع في أن يحذروا الناس منه , فضلاً عن أن يقعوا فيه هو أنفسهم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم43.(1/200)
كتاب الحج
س)- بما تنصح من أراد الحج؟
ننصح كل من أراد الحج أن يدرس مناسك الحج على ضوء الكتاب والسنة قبل أن يباشر أعمال الحج ليكون تاما مقبولا عند الله تبارك وتعالى.
وإنما قلت : على الكتاب والسنة لأن المناسك قد وقع فيها من الخلاف - مع الأسف - ما وقع في سائر العبادات. انتهى كلام الالباني من كتاب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.(1/201)
س)- هل من تمام الحج أن تحرم من دار أهلك؟
حديث (من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك) منكر ، وما أحسن ما ذكره الشاطبي رحمه الله في "الاعتصام" ومن قبله الهروي في "ذم الكلام" عن الزبير بن بكار قال : حدثني سفيان بن عيينة قال : (سمعت مالك بن أنس , وأتاه رجل , فقال : يا ابا عبد الله , من أين أحرم ؟ قال : من ذي الحليفة , من حيث أحرم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فقال : إني أريد أن أحرم من المسجد عند القبر , قال : لا تفعل , فإني أخشى عليك الفتنة , فقال : وأي فتنة في هذه ؟ إنما هي أميال أزيدها , قال : وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ إني سمعت الله يقول : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)النور63 .
فانظر مبلغ أثر الأحاديث الضعيفة في مخالفة الأحاديث الصحيحة والشريعة المستقرة , ولقد رأيت بعض مشايخ الأفغان هنا في دمشق في إحرامه , وفهمت منه أنه أحرم من بلده , فلما أنكرت ذلك عليه احتج علي بهذا الحديث , ولم يدر المسكين أنه ضعيف لا يحتج به لمخالفته سنة المواقيت المعروفة , وهذا مما صرح به الشوكاني في "السيل الجرار".
ونحو هذا الحديث الآتي :(من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر , أو وجبت له الجنة) حديث ضعيف ، قال السندي , وتبعه الشوكاني : (يدل على جواز تقديم الإحرام على الميقات).قلت : كلا , بل دلالته أخص من ذلك , أعني أنه إنما يدل على أن الإحرام من بيت المقدس خاصة أفضل من الإحرام من المواقيت , وأما غيره من البلاد , فالأصل الإحرام من المواقيت المعروفة , وهو الأفضل , كما قرره الصنعاني في "سبل السلام" , وهذا على فرض صحة الحديث , أما وهو لم يصح , فبيت المقدس كغيره في هذا الحكم , لما سبق بيانه قبل حديث , ولا سيما أنه قد روي ما يدل عليه بعمومه , وهو : (ليستمتع أحدكم بحله ما استطاع , فإنه لا يدري ما يعرض في إحرامه)حديث ضعيف. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 210 ، 211.(1/202)
س)- ايهما افضل الحج ماشيا ام راكبا؟
لقد صح أنه عليه الصلاة والسلام حج راكبا فلو كان الحج ماشيا أفضل لاختاره الله لنبيه صلى الله عليه وسلم . ولذلك ذهب جمهور العلماء إلى أن الحج راكبا أفضل . انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم495.(1/203)
س)- هل العمرة بعد الحج؟
العمرة بعد الحج إنما هي للحائض التي تتمكن من الإتيان بعمرة الحج بين يدي الحج، لأنها حاضت، كما علمت من قصة عائشة هذه، فمثلها من النساء إذا أهلت بعمرة الحج كما فعلت هي رضي الله عنها، ثم حال بينها وبين إتمامها الحيض، فهذه يشرع لها العمرة بعد الحج، فما يفعله اليوم جماهير الحجاج من تهافتهم على العمرة بعد الحج، مما لا نراه مشروعاً، لأن أحداً من الصحابة الذين حجوا معه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها. بل إنني أرى أن هذا من تشبه الرجال بالنساء، بل بالحيض منهن ! ولذلك جريت على تسمية هذه العمرة بـ(عمرة الحائض) بياناً للحقيقة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1984.(1/204)
س)- هل المسلم إذا حج ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام , يحبط حجه , و يجب عليه إعادته؟
أن المسلم إذا حج ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام , لم يحبط حجه , ولم يجب عليه إعادته , وهو مذهب الإمام الشافعي , وأحد قولي الليث بن سعد , واختاره ابن حزم وانتصر له بكلام جيد متين. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم248.(1/205)
س)- هل زيارة قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم واجبة للحاج؟
حديث (من حج البيت , ولم يزرني , فقد جفاني) موضوع ، ومما يدل على وضعه أن جفاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكبائر , إن لم يكن كفراً , وعليه فمن ترك زيارته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكون مرتكباً لذنب كبير , وذلك يستلزم أن الزيارة واجبة كالحج , وهذا مما لا يقوله مسلم , ذلك لأن زيارته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن كانت من القربات , فإنها لا تتجاوز عند العلماء حدود المستحبات , فكيف يكون تاركها مجافياً للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعرضاً عنه؟
واعلم أنه قد جاءت أحاديث أخرى في زيارة قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وقد ساقها كلها السبكي في "الشفاء" , وكلها واهية , وبعضها أوهى من بعض , وهذا أجودها كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الآتي ذكره , وقد تولى بيان ذلك الحافظ ابن عبد الهادي في الكتاب المشار إليه آنفاً بتفصيل وتحقيق لا تراه عند غيره , فليرجع إليه من شاء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة" : (أحاديث زيارة قبره كلها ضعيفة لا يعتمد على شىء منها في الدين . ولهذا لم يرو أهل الصحاح والسنن شيئاً منها، وإنما يرويها من يروى الضعاف كالدارقطنى والبزار وغيرهما).ثم ذكر هذا الحديث , ثم قال : (فإن هذا كذبه ظاهر مخالف لدين المسلمين، فإن من زاره في حياته وكان مؤمناً به كان من أصحابه، لا سيما إن كان من المهاجرين إليه المجاهدين معه، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا تسبوا أصحابي، فوالذى نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ م أحدهم ولا نَصِيفه ) أخرجاه في الصحيحين والواحد من بعد الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور بها واجبة كالحج والجهاد والصلوات الخمس والصلاة عليه، فكيف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين "يعني زيارة قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" بل ولا شرع السفر إليه، بل هو منهي عنه وأما السفر إلى مسجده للصلاة فيه فهو مستحب).
تنبيه: يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحى نحوه من السلفيين يمنع من زيارة قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا كذب وافتراء , وليست هذه أول فرية على ابن تيمية رحمه الله تعالى وعليهم , وكل من اطلاع على كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستحبابها إذا لم يقرن بها شيء من المخالفات والبدع , مثل شد الرحل , والسفر إليها , لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد).
والمستثنى منه في هذا الحديث ليس هو المساجد فقط - كما يظن كثيرون - بل هو كل مكان يقصد للتقرب إلى الله فيه , سواء كان مسجداً , أو قبراً , أو غير ذلك , بدليل ما رواه أبوهريرة قال "في حديث له": فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري , فقال من أين أقبلت ؟ فقلت : من الطور. فقال : لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت , سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد.....)الحديث , أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح , وهو مخرج في "أحكام الجنائز".فهذا دليل صريح على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه , ويؤيده أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما , فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة , فمن طعن فيه , فإنما يطعن في السلف الصالح رضي الله عنهم , ورحم الله من قال : وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف .انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 45 ، 47.(1/206)
س)- هل يحل للحاج بعد رميه لجمرة العقبة كل محظورات الإحرام؟
قال عليه الصلاة والسلام (إذا رميتم الجمرة , فقد حل لكم كل شئ إلا النساء) ، وفي الحديث دلالة ظاهرة على أن الحاج يحلُّ له بالرمي لجمرة العقبة كل محظور من محظورات الإحرام إلا الوطء للنساء ؛ فإنه لا يحل له بالإجماع.
وما دل عليه الحديث عزاه الشوكاني للحنفية والشافعية والعترة ، والمعروف عن الحنفية أن ذلك لا يحلُّ إلا بعد الرمي والحلق ، واحتج لهم الطحاوي بحديث عمرة عن عائشة المتقدم وهو مثل حديث ابن عباس هذا ، لكن بزيادة (وذبحتم وحلقتم) ، وهو ضعيف ؛ لا حجة فيه ، لا سيما مع مخالفته لحديثها الصحيح (حلّ كل شيء إلا النساء) ، الذي احتجت به على قول عمر (إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات ، وذبحتم وحلقتم فقد حلّ لكم كل شيء إلا النساء والطيب) ، الموافق لمذهبهم.
نعم ؛ ذكر ابن عابدين في "حاشيته" على "البحر الرائق" عن أبي يوسف ما يوافق ما حكاه الشوكاني عن الحنفية ؛ فالظاهر أن في مذهبهم خلافاً ، وقول أبي يوسف هو الصواب ؛ لموافقته للحديث.
ومن الغرائب قول الصنعاني في شرح حديث عائشة الضعيف :(والظاهر أنه مُجْمَعٌ على حلّ الطيب وغيره ـ إلا الوطء ـ بعد الرمي ، وإن لم يحلق) . فإن هذا وإن كان هو الصواب ؛ فقد خالف فيه عمر وغيره من السلف ، وحكى الخلاف فيه غير واحد من أهل العلم ؛ منهم ابن رشد في "البداية" ، فأين الإجماع؟!لكن الصحيح ما أفاده الحديث ، وهو مذهب ابن حزم في "المحلى" ، وقال : (وهو قول عائشة وابن الزبير وطاوس وعلقمة وخارجة بن زيد بن ثاب). انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 239.(1/207)
س)- من أين يلتقط الحصى؟
ترجم النسائي لحديث (عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة) بقوله : "من أين يلتقط الحصى؟" , فأشار بذلك إلى أن الالتقاط يكون من منى , و الحديث صريح في ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمرهم به حين هبط محسرا , و هو من منى كما في رواية مسلم و البيهقي و عليه يدل ظاهر حديث ابن عباس قال : قال لي رسول الله غداة العقبة و هو على راحلته : هات القط لي , فلقطت له حصيات هن حصى الخذف , فلما وضعتهن في يده قال : بأمثال هؤلاء , و إياكم و الغلو في الدين , فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين . أخرجه النسائي و البيهقي و أحمد بسند صحيح و وجه دلالته إنما هو قوله : "غداة العقبة" , فإنه يعني غداة رمي جمرة العقبة الكبرى , و ظاهره أن الأمر بالالتقاط كان في منى قريبا من الجمرة , فما يفعله الناس اليوم من التقاط الحصيات في المزدلفة مما لا نعرف له أصلا في السنة , بل هو مخالف لهذين الحديثين على ما فيه من التكلف و التحمل بدون فائدة! انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2144.(1/208)
كتاب المرأة والنكاح والطلاق تربية الاولاد
س)- هل يحرم الطلاق؟
لقد طلق جماعة من السلف , بل صح أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طلق زوجته حفصة بنت عمر رضي الله عنهما؟. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 147.(1/209)
س)- هل يحرم على الرجل ان ينظر الى عورة امرأته؟
إن تحريم النظر بالنسبة للجماع , من باب تحريم الوسائل , فإذا أباح الله تعالى للزوج أن يجامع زوجه , فهل يعقل أن يمنعه من النظر إلى فرجها ؟ اللهم لا , ويؤيد هذا من النقل حديث عائشة قالت (كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء بيني وبينه واحد , فيبادرني , حتى أقول : دع لي , دع لي) أخرجه الشيخان وغيرهما.
فإن الظاهر من الحديث جواز النظر , ويؤيده رواية ابن حبان من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ؟ فقال : سألت عطاء فقال : سألت عائشة , فذكرت هذا الحديث بمعناه.
قال الحافظ : (وهو نص في جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته , وعكسه) ، وإذا تبين هذا , فلا فرق حينئذ بين النظر عند الاغتسال أو الجماع. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم195.(1/210)
س)- هل يستحب الإذان الإقامة في أذن المولود؟
حديث (من ولد له مولود , فأذن في أذنه اليمنى , وأقام في أذنه اليسرى , لم تضره أم الصبيان) موضوع ، وقد خفي وضع هذا الحديث على جماعة ممن صنفوا في الأذكار والأوراد , كالإمام النووي رحمه الله , فإنه أورده في كتابه برواية ابن السني , دون أن يشير ولو إلى ضعفه فقط , وسكت عليه شارحه ابن علان , فلم يتكلم على سنده بشيء , ثم جاء ابن تيمية من بعد النووي , فأورده في "الكلم الطيب" ثم تبعه تلميذه ابن القيم في "الوابل الصيب" , إلا أنهما قد أشارا إلى تضعيفه بتصديرهما إياه بقولهما : "ويذكر" , وهذا وإن كان يرفع عنهما مسؤولية السكوت عن تضعيفه , فلا يرفع مسؤولية إيراده أصلاً , فإن فيه إشعار أنه ضعيف فقط , وليس بموضوع , وإلا لما أورداه إطلاقاً , وهذا ما يفهمه كل من وقف عليه في كتابيهما.ولا يخفى ما فيه , فقد يأتي من بعدهما من يغتر بصنيعهما هذا -وهما الإمامان الجليلان- فيقول : لا بأس , فالحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال , أو يعتبر شاهداً لحديث آخر ضعيف يقويه به , ذاهلاً عن أنه يشترط في هذا أو ذاك أن لا يشتد ضعفه.
وقد رأيت من وقع في شيء مما ذكرت , فقد روى الترمذي بسند ضعيف عن أبي رافع قال : (رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة) , وقال الترمذي : (حديث صحيح , والعمل عليه) , فقال شارحه المباركفوري بعد أن بين ضعف إسناده مستدلاً بكلمات الأئمة في رواية عاصم بن عبيدالله : (فإن قلت : كيف العمل عليه وهو ضعيف ؟ قلت : نعم , وهو ضعيف , لكنه يعتضد بحديث الحسين بن علي رضي الله عنهما , الذي رواه أبو يعلى الموصلي وابن السني).
فتأمل كيف قوى الضعيف بالموضوع , وما ذلك إلا لعدم علمه بوضعه , واغتراره بإيراده من ذكرنا من العلماء , وكدت أن أقع أنا أيضاً في مثله , فانتظر.
نعم , يمكن تقوية حديث أبي رافع بحديث ابن عباس : (أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد , وأقام في أذنه اليسرى) , أخرجه البيهقي في "الشعب" مع حديث الحسن بن علي , وقال : (وفي إسنادهما ضعف) , ذكره ابن القيم في "التحفة".
قلت : فلعل إسناد هذا خير من إسناد حديث الحسن , بحيث إنه يصلح شاهداً لحديث رافع , والله أعلم.
فإذا كان كذلك , فهو شاهد للتأذين , فإنه الذي ورد في حديث أبي رافع , وأما الإقامة فهي غريبة, والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 321.(1/211)
س)- هل يجوز للمراة ان تقود السيارة؟
إن كان يجوز لها ان تقود الحمارة فيجوز لها ان تقود السيارة. انتهى كلام الالباني من سلسلة الهدي والنور الشريط رقم "621".(1/212)
س)- هل يجوز للرجل ان يتزوج المرأة الزانية وكذلك المرأة؟
لا يحل للمرأة أن تتزوج من ظهر منه الزنى و كذلك لا يحل للرجل أن يتزوج بمن ظهر منها الزنى و يدل على ذلك قوله تعالى : (و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2444.(1/213)
س)- ما حكم نكاح الرجل ابنته من الزنى؟
المسألة اختلف فيها السلف , وليس فيها نص مع أحد الفريقين , وإن كان النظر والاعتبار يقتضي تحريم ذلك عليه , وهو مذهب أحمد وغيره , ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية فانظر ((الاختيارات)) له , وتعليقنا على الصفحة 36-39 من كتابنا ((تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد)). انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 387 ، 388.(1/214)
س)- هل ثبت في السنة التفريق بين عورة الحرة وعورة الأمة؟
لم يثبت في السنة التفريق بين عورة الحرة وعورة الأمة , وقد ذكرت ذلك مع شيء من التفصيل في كتابي (حجاب المرأة المسلمة) , فليراجع إليه من شاء , وهو الآن تحت الطبع مع زيادات وفوائد جديدة ومقدمة ضافية في الرد على متعصبة المقلدين بإذنه تعالى. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 424.(1/215)
س)- ما حكم (الباروكة)؟
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (أيما امرأة أدخلت في شعرها من شعر غيرها فإنما تدخله زوراً) ، هذا حكم المرأة التي تدخل في شعرها من شعر غيرها، فما حكم المرأة التي تضع على رأسها قلنسوة من شعر مستعار، وهي التي تعرف اليوم بـ(الباروكة) ، وبالتالي ما حكم من يفتي بإباحة ذلك لها مطلقاً أو مقيداً تقليداً لبعض المذاهب، وغير مبال بمخالفة الأحاديث الصحيحة، وقد هداه الله إلي القول بوجوب الأخذ بها، ولو كانت مخالفة لمذهبه بله المذاهب الأخرى. أسأل الله تعالى أن يزيدنا هدى على هد، ويرزقنا العلم والتقوى. . انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1008.(1/216)
س)- ما حكم الشرع في رقصُ المرأةِ أمام زوجِها ، وكذلكَ مع النساءِ ، وهو التمايلُ ، وكذا دبكةُ الرّجالِ نعلمُ أنّه حرامٌ ، لكن ما هو الدليلُ ؟ أفيدونا جزاكم اللَّه خيرًا ؟
هذا السؤال يتضمنُ ثلاثةُ أمورٍ :
أولاً : رقصُ المرأةِ أمام زوجِها .
ثانيًا : رقصُها مع بناتِ جنسِها .
ثالثًا: ودبكةُ الرِّجال . أما الأمرُ الأول ؛ وهو رقصُ المرأةِ أمامَ زوجِها ؛ إن كانَ رقصًا فِطريًّا ليس مهنيًّا - أي : أنها لم تتعلم الرَّقصَ ، كما هو موضةُ العصر - ولو حرَّكَ شهوةَ الرجل ، فهذا لا يُوجد نصٌّ بتحريمهِ ، شريطةَ أن يكونَ ذلكَ بينها وبينهَ فقط . أمَّا إذا كانت امتهنت هذا الرَّقصَ وتتعاطى أُصولَ الرَّقصِ العصري ، فهذا لا يجوزُ ؛ لأنني أعتقد أنها حينما تفعلُ ذلك أمامَ زوجها فإِنها ستفعلُه - أيضًا - أمام غير زوجها . أمَّا رقصُها أمامَ النساءِ فأيضًا أقول : إن كان المقصود بالرقص هو هذا الرَّقص العصري فواضحٌ جدَّا أنه لا يجوزُ . فإن قيل : ما هو الدليل على ما قلت ؟ فأقول : إنَّ الاعتدالَ في الأُمور نادرٌ جدًّا ، إما إفراطٌ وإما تفريطٌ ، وبخاصةٍ إذا عاشَ الناسُ زمنًا طويلاً في انحرافٍ من نوع مُعين ، فإذا ما تبينَّوا أن هذا الأمر فيه انحرافٌ والشرعُ يأباهُ : أعرضوا عنه فيحدثُ عن ذلكَ ردّةُ فعلٍ شديدةٌ . وهذا ما قد أصابنا في العصر الحاضر فيما يتعلَّقُ بموضوع المُطالبة بالدليل في موضوع الخلاص من التقليد ، فقد عاشَ المسلمونَ - خاصةً وعامةً - قرونًا طويلةٌ وهم لا يعرفونَ إلاَّ المذهبَ الفُلانيَّ والمذهبَ الفُلانيَّ ، أربعة مذاهبَ ، مذاهب أهل السنة والجماعةِ ، فضلاً عن المذاهبِ الأُخرى المُنحرفةِ عن السنةِ والجماعةِ ، أمّا الاعتمادُ على ما قالَ اللَّهُ ورسولُه ، فهذا كانَ موجودًا في القرونِ المشهود لها بالخيرية ، ثم انتهى الأمرُ - حينًا من الدَّهرِ - حتى جاءَ زمنُ ابنِ تيمية ، رحمه اللَّهُ ، وتلامذِته المُخلصينَ له ، فنبّهوا المُسلمين إلى وُجوبِ العودةِ إلى ما كانَ عليه السلفُ الأوّلُ من الاعتمادِ على الكتاب والسنةِ . ولا شكَّ ولا ريبَ أنَّ دعوةَ ابن تيمية وتلامذتِهِ كانَ لها أثرٌ طيبٌ ، ولكنْ كانت دائرتُه ضعيفةً جدًّا في عصرِهِ ، وغلبَ الجُمودُ الفكريُّ على خاصة الناسِ ، فضلاً عن عامتِهم . ثمَّ تلته قُرونٌ ماتَ هذا الإيقاظُ الذي أيقظه شيخ الإسلامُ ابن تيمية ، وعاد المسلمونَ إلى جُمودهم الفقهي ، إلاَّ في هذا العصر - وقبلَه بقليل - فقد قامَ كثيرٌ من العُلماءِ النابهينَ بتجديدِ الدعوةِ لضرورةِ الرُّجوعِ إلى الكتابِ والسنةِ ، وقد كانَ سبقَهم إلى شيء من ذلكَ الشيخُ محمد بن عبد الوهاب ؛ لأنه في الواقع دعا إلى اتباعِ الكتاب والسنة ، ولكن نظرًا للمناطقِ التي كان يعيشُ فيها العربُ النجديون في بلد الشيخ محمد والوثنية التي كانت حلّت في ديارهم - حينذاك - كان جهده الجهيدُ هو الاهتمامَ بالتوحيد . وكأمر طبيعي جدًّا - فيما أرى - حيثُ إنَّ طاقةَ الإنسان محدودةٌ - فهو لا يستطيعُ أن يُحاربَ في كل جبهةٍ كما يقولونَ ، ولذلك كانت جهوده كلها مُنصبةً على نشر دعوة التوحيدِ ومُحاربةِ الشركياتِ والوثنياتِ ، وكان مُوَفَّقًا في ذلك كلَّ التوفيق ، ووصلت دعوتُه الطيّبةُ إلى العالِم الإسلامي فيما بعدُ ، ولو أنَّه جرى بينَه وبين خُصومِهِ حُروبٌ مع الأسفِ الشديد ، هذه سنةُ اللَّهِ في خلقِهِ ، ولن تجدَ لسنة اللَّه تبديلاً . لكن في العصرِ الحاضر قام بعضُ العُلماءِ بتجديدِ دعوة الكتاب والسنةِ ، واستيقظ كثيرٌ من الخاصة والعامة في البلاد العربية ، أما البلادُ الأعجميةُ فلا يزالون في سُباتهم مع الأسفِ الشديد . إلاَّ أن هذه البلاد العربية أُصيبت بنكسةٍ - وهي ما أشرتُ إليه آنفًا - حيث إن بعضهم ما وقفَ عند الوسطِ ، بل عرفوا شيئًا وجهلوا شيئًا ، فترى الرَّجلَ العامي الذي لا يفهم شيئًا إذا سألَ العالم عن مسألةٍما ، ما حُكمُها ؟ سواءٌ أكانَ الجوابُ نفيًا ومنعًا بادرَ بمطالبته : ما الدليل ؟ وليس بإمكان ذاك العالم - أحيانًا - إقامة الدليل ، خاصةً إذا كان الدليلُ مستنبطًا ومُقتبسًا اقتباسًا ، وليس منصوصًا عليه في الكتاب والسنة حتى تُوردَ الدليل ، ففي مثل هذه المسألة لا ينبغي على السائل أن يتعمَّق ويقول : ما الدليل ؟ يجبُ أن يَعرفَ نفسه : هل هو من أهل الدليل أم لا ؟ هل عنده مُشاركةٌ في معرفة العامِّ والخاصِّ ، المُطلقِ والمُقيَّدِ والناسخ والمنسوخ ، وهو لا يفقه شيئًا مِن هذا ، فهل يفيدُه قولُه : ما هو الدليلُ ؟! وعلى ماذا ؟! أقولُ : على (حُكْم) رقص المرأةِ أمامَ زوجها أو رقصِ المرأةِ أمام أُختِها المُسلمةِ جوازًا أو منعًا ! ودبكة الرِّجال ! يريد الدليل على ذلك ! وفي الحقيقة أنه لا يُوجدُ لنا دليلٌ نَصِّيٌّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلكَ ، إنما هو النظر والاستنباط والتفقه . ولذلك نحنُ نقول في بعض الأحيان : ليسَ كل مسألة يُفصّلُ عليها الدليل تفصيلاً يفهمه كل مسلم ، سواءٌ أكانَ عاميًّا أُميًّا ، أو كانَ طالبَ علم ، وليس هذا في كل المسائلِ ؛ لذلك قال تعالى : (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)الأنبياء7 . ومن التطرُّفِ الذي أشرتُ إليه آنفًا - وصارَ أجهلُ الناس بسببه يرفضُ الدليلَ - أنَّ كثيرًا من المنتمينَ إلى دعوةِ الكتابِ والسنة يتوَّهمونَ أنَّ العالمَ إذا سئلَ عن مسألة يجبُ عليه أن يقرنَ جوابَه بقالَ اللَّه وقالَ رسولُه . أقولُ : هذا ليسَ بالواجبِ ، وهذا من فوائدِ الانتماءِ إلى منهج السلفِ الصالحِ ، وسِيَرهُم - رضي اللَّه عنهم - وفتاواهم دليلٌ علميٌّ ما قتلتُه . وعليه ؛ فإنَّ ذِكرَ الدليل واجبٌ حينما يَقتضيه واقعُ الأمرِ ، لكن ليسَ الواجبُ عليه كلما سُئل سُؤلاً أن يقولَ : قال اللَّهُ تعالى كذا ، أو قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كذا ، وبخاصةٍ إذا كانتالمسألةُ من دقائق المسائل الفقهية المُختلف فيها . وقوله تعالى : (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) ، هو أولاً على الإطلاق ، فما عليك إلا أن تسألَ من تظنُّ أنَّه من أهلِ العلمِ ، فإذا سمعتَ الجوابَ فعليكَ بالاتباع ، إلاَّ إذا كانت عندك شبهةٌ سمعتها من عالمٍ آخر ، لا بأسَ من أن توردها ، فحينئذ من الواجب على العالم أن يسعى بما عنده من العلم لإزالة الشبهةِ التي عرضت لهذا السائل . خلاصةُ القولِ : رقصُ المرأةِ أمامَ الزوجِ بالقيد المذكور آنفًا جائزٌ ، أما رقصُ المرأة أمام بناتِ جنسها فله صُورتان أيضًا - كما ذكرت بالنسبة لرقصِ المرأة أمام زوجها : إن كان رقصًا غير مقرونٍ بمهنة وإنما هو عبارة عن ترويح وتلويح باليدين وليسَ فيه هزٌّ للأرداف ونحو ذلك مما يحركُ النفوس ، أو يثير الشبهات ، فأيضًا لا بأسَ بهذا الرقص إن صح تسميتُه رقصًا ! أمَّا إذا وُجدَ شيءٌ من ذلكَ فالمنعُ منه هو الأصلُ . أما دبكةُ الرجال فإن كانت تُشبه الدَّبْكَ الذي نراه عادةً مقرونًا بالغناء فضلاً عما يكونُ فيه من ألفاظ غير مشروعة فهذا لهو ليس مرغوبًا فيه ، بل هو مرغوبٌ عنه ، كما قال عليه الصلاةُ والسلام (كلُّ لهو يلهو به ابنُ آدمَ باطلٌ إلا مداعبته لامرأته ومُلاعبتَه لفرسِهِ ورميه بقوسِهِ والسباحةُ) . فنحنُ نرى من هذا الحديث القول بأنَّه باطلٌ . وإذا كان هذا شأن اللهو البريء - أنه مرغوب عنه ، وليس من الحق - إذا كان لا يقترنُ معه مما يخالفُ في جانب من جوانبه ، فحينئذٍ نقولُ : إنه جائزٌ لكنه جوازٌ مرجوحٌ بهذا الحديث الذي ذكرتُه آنفًا . ففي ظني - واللَّه أعلمُ - لأني ما أشهدُ مثلَ هذه الدبكة ، أنَّها لا يمكن أن تخلو من مُخالفة ، وذلك مثلاً أننا نسمعُ أحيانًا الدبكةَ وليس هي فقط ، بل الموسيقى والمؤذنُ يؤذنُ والإمامُ يجهرُ بقراءةِ القرآنِ وهم لا يلوون على شيء ، بل هم في لهوِهم ساهونَ ، فإذن ؛الدبكةُ هذه قد تكونُ من اللهو المرجوح ولا نقول : حرام إلا إذا اقترنَ بها ما يُخالفُ الشرع من ناحية من النواحي فينقلبُ دُونما شكٍّ إلى حرامٍ . نقلا من موقع جماعة انصار السنة ، والمرجع مجلة التوحيدالعددالعاشر لسنة 1420.(1/217)
س)- هل تشرع مشاورة النساء؟
حديث (شاوروهن يعني النساء وخالفوهن) لا أصل له ولعل أصل هذه الجملة ما رواه العسكري في الأمثال عن عمر قال (خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة) ، وسنده ضعيف ، ثم إن معنى الحديث ليس صحيحاٌ على إطلاقه , لثبوت عدم مخالفته صلى الله عليه وسلم لزوجته أم سلمة حين أشارة عليه بأن ينحر أمام أصحابه في صلح الحديبية حتى يتابعوه في ذلك. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 430.(1/218)
س)- هل يستحب تسمية الولد باسم محمد؟
حديث (من ولد له ثلاثة فلم يسم أحدهم محمدا فقد جهل) موضوع ، هذا وإننا نعلم أن كثيراٌ من الصحابة كان لهم ثلاثة أولاد وأكثر , ولم يسم أحداٌ منهم محمداٌ , مثل عمر بن الخطاب وغيره , وأيضاٌ فقد ثبت أن أفضل الأسماء عبدالله , وعبدالرحمن , وهكذا عبدالرحيم , وعبداللطيف , وكل اسم تعبد لله عز وجل , فلو أن مسلماُ سمى أولاده كلهم عبيد لله تعالى , ولم يسم أحدهم محمداُ , لأصاب , فكيف يقال فيه (فقد جهل)؟ ولا سيما أن في السلف من ذهب الى كراهة التسمي بأسماء الأنبياء , وأن كنا لا نرصى ذلك لنا مذهباُ. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم437.(1/219)
س)- هل يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه شيئا من المال؟
حديث (أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح , فهو لها , و ما كان بعد عصمة النكاح , فهو لمن أعطيه , و أحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته) حديث ضعيف وقد استدل بعضهم بهذا الحديث على أنه يجوز لولي المرأة أن يشترط لنفسه شيئا من المال ! و هو لو صح كان دليلا ظاهرا على أنه لو اشترط ذلك لم يكن المال له بل للمرأة , قال الخطابي:هذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر , و قد اعتاد كثير من الآباء مثل هذا الشرط , و أنا و إن كنت لا أستحضر الآن ما يدل على تحريمه , و لكني أرى - و العلم عند الله تعالى - أنه لا يخلو من شيء , فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق , و لا أظن مسلما سليم الفطرة , لا يرى أن مثل هذا الشرط ينافي مكارم الأخلاق , كيف لا , و كثيرا ما يكون سببا للمتاجرة بالمرأة إلى أن يحظى الأب أو الولي بالشرط الأوفر , و الحظ الأكبر , و إلا أعضلها ! و هذا لا يجوز لنهي القرآن عنه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1007.(1/220)
س)- هل اذا طلق الرجل امرأته ثلاثا تكون واحدة يشمل المدخول بها و غير المدخول بها؟
حديث (كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , و أبي بكر , و صدرا من إمارة عمر , فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها , قال (يعني عمر) : أجيزهن عليهم) منكر بهذا السياق ، فإذا عرفت ذلك فلا يجوز تقييد لفظ الحديث الصحيح بها , كما فعل البيهقي , بل ينبغي تركه على إطلاقه فهو يشمل المدخول بها و غير المدخول بها , و إليك لفظ الحديث في " صحيح مسلم " : "كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , و أبي بكر , و سنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة , فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة , فلو أمضيناه عليهم , فأمضاه عليهم".قلت : و هو نص لا يقبل الجدل على أن هذا الطلاق حكم محكم ثابت غير منسوخ لجريان العمل عليه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم في خلافة أبي بكر , و أول خلافة عمر , و لأن عمر رضي الله لم يخالفه بنص آخر عنده بل باجتهاد منه و لذلك تردد قليلا أول الأمر في مخالفته كما يشعر بذلك قوله : " إن الناس قد استعجلوا .. فلو أمضيناه عليهم .. " , فهل يجوز للحاكم مثل هذا التساؤل و التردد لو كان عنده نص بذلك?!
و أيضا , فإن قوله : " قد استعجلوا " يدل على أن الاستعجال حدث بعد أن لم يكن , فرأى الخليفة الراشد , أن يمضيه عليهم ثلاثا من باب التعزيز لهم و التأديب , فهل يجوز مع هذا كله أن يترك الحكم المحكم الذي أجمع عليه المسلمون في خلافة أبي بكر و أول خلافة عمر , من أجل رأي بدا لعمر و اجتهد فيه , فيؤخذ باجتهاده , و يترك حكمه الذي حكم هو به أول خلافته تبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر ? ! اللهم إن هذا لمن عجائب ما وقع في الفقه الإسلامي , فرجوعا إلى السنة المحكمة أيها العلماء , لا سيما و قد كثرت حوادث الطلاق في هذا الزمن كثرة مدهشة تنذر بشر مستطير تصاب به مئات العائلات .و أنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض البلاد الإسلامية كمصر و سوريا قد أدخلت هذا الحكم في محاكمها الشرعية , و لكن من المؤسف أن أقول : إن الذين أدخلوا ذلك من الفقهاء القانونيين لم يكن ذلك منهم بدافع إحياء السنة , و إنما تقليدا منهم لرأي ابن تيمية الموافق لهذا الحديث , أي إنهم أخذوا برأيه لا لأنه مدعم بالحديث , بل لأن المصلحة اقتضت الأخذ به زعموا , و لذلك فإن جل هؤلاء الفقهاء لا يدعمون أقوالهم و اختياراتهم التي يختارونها اليوم بالسنة , لأنهم لا علم لهم بها , بل قد استغنوا عن ذلك بالاعتماد على آرائهم , التي بها يحكمون , و إليها يرجعون في تقدير المصلحة التي بها يستجيزون لأنفسهم أن يغيروا الحكم الذي كانوا بالأمس القريب به يدينون الله , كمسألة الطلاق هذه , فالذي أوده أنهم إن غيروا حكما أو تركوا مذهبا إلى مذهب آخر , أن يكون ذلك اتباعا منهم للسنة , و أن لا يكون ذلك قاصرا على الأحكام القانونية و الأحوال الشخصية , بل يجب أن يتعدوا ذلك إلى عباداتهم و معاملاتهم الخاصة بهم , فلعلهم يفعلون! انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1134.(1/221)
س)- ما حكم تعليم النساء الكتابة؟
حديث (لا تسكنوهن الغرف , و لا تعلموهن الكتابة , و علموهن المغزل و سورة النور) موضوع ، قال الإمام الشوكاني في " النيل " عند شرح حديث الشفاء بنت عبد الله قالت : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم و أنا عند حفصة , فقال : " ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ? " و هو حديث صحيح الإسناد كما سبق بيانه في الصحيحة ، فقال الشوكاني :"فيه دليل على جواز تعليم النساء الكتابة , و أما حديث : " و لا تعلموهن الكتابة .." , فالنهي عن تعليم الكتابة في هذا الحديث محمول على من يخشى من تعليمها الفساد".
أقول : هذه الخشية لا تختص بالنساء , فكم من رجل كانت الكتابة عليه ضررا في دينه و خلقه , أفينهى عن الكتابة الرجال أيضا للخشية ذاتها?!ثم إن التأويل فرع التصحيح , فكأن الشوكاني توهم أن الحديث صحيح , و ليس كذلك كما علمت , فلا حاجة للتأويل إذن.
و أعجب من ذلك أن ينقل كلام الشيخين المذكورين من طبع تحت اسم كتابه : " حافظ العصر و محدثه .. مسند الزمان و نسابته ... " ثم يقرهما على ذلك , و لا يتعقبهما بشيء مطلقا مما يشير إلى حال الحديث و ضعفه , بل وضعه , و إنما يسود صفحات في تأويل الحديث و التوفيق بينه و بين حديث الشفاء , بل و يزيد على ذلك بأن أورد آثارا - الله أعلم بثبوتها - عن عمر و علي في نهي النساء عن الكتابة , و يختم ذلك بقوله , و ذلك في كتابه " التراتيب الإدارية "و لله در السباعي حيث يقول : ما للنساء و للكتابة و العمالة و الخطابة..... هذا لنا و لهن منا أن يبتن على جنابة!انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم2017.(1/222)
س)- هل يشرع النظر إلى المرأة قبل خطبتها؟
يجوز النظر إليها , ولو لم تعلم أو تشعر به لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ).
وقد عمل بهذا الحديث بعض الصحابة , وهو محمد بن مسلمة الأنصاري , فقال سهل بن أبي حثمة : (رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك - فوق إجار لها - ببصره طرداً شديداً , فقلت : أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول (إِذَا أَلْقَي فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا).
وما ترجمنا به للحديث قال به أكثر العلماء , ففي فتح الباري : (وقال الجمهور :يجوز أن ينظر اليها إذا أراد ذلك بغير إذنها , وعن مالك رواية : يشترط إذنها , ونقل الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال , لأنها حينئذ أجنبية , ورد عليهم بالأحاديث المذكورة.
روى عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن طاوس قال : أردت أن أتزوج امرأة ، فقال لي أبي اذهب فانظر إليها فذهبت فغسلت رأسي وترجلت ولبست من صالح ثيابي , فلما رآني في تلك الهيئة , قال لا تذهب.
قلت : ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه والكفين , لإطلاق الأحاديث المتقدمة ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ).
والحديث ظاهر الدلالة لما ترجمنا له , وأيده عمل راويه به , وهو الصحابي الجليل جابر بن عبدالله رضي الله عنه , وقد صنع مثله محمد بن مسلمة , كما ذكرناه في الحديث الذي قبله , وكفى بهما حجة.
ولا يضرنا بعد ذلك مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط , لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد , وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة , لا سيما وقد تأيد بفعل الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقال الحافظ في التلخيص : (فائدة روى عبد الرزاق, وسعيد بن منصور في سننه وابن ابي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحنفية : أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم , فذكر له صغرها , [فقيل له : إن ردك فعاوده] , فقال [له علي] : أبعث بها إليك , فإن رضيت فهي امرأتك , فأرسل بها إليه , فكشف عن ساقيها , فقالت لولا أنك أمير المؤمنين لصككت عينك , وهذا يشكل على من قال : إنه لا ينظر غير الوجه والكفين).
قلت : ثم وقفت على إسناده عند عبدالرزاق فتبين أن في القصة انقطاعاً , وأن محمد بن على ليس هو ابن الحنفية , وإنما هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب , أبوجعفر , في بحث أودعته في الضعيفة فراجعه فإنه مهم.
وهذا القول الذي أشار الحافظ إلى استشكاله هو مذهب الحنفية والشافعية , قال ابن القيم في تهذيب السنن : (وقال داود : ينظر إلى سائر جسدها , وعن أحمد ثلاث روايات:
إحداهن : ينظر إلى وجهها ويديها.
والثانية : ينظر ما يظهر غالباً كالرقبة والساقين ونحوهما .
والثالثة : ينظر إليها كلها عورة وغيرها , فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر إليها متجردة).
قلت : والرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث , وتطبيق الصحابة له , والله أعلم .
وقال ابن قدامة في (المغني) : ( ووجه جواز النظر [إلى] ما يظهر غالباً أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أذن في النظر إليها من غير علمها , علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر عادة , إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره له في الظهور , ولأنه يظهر غالباً , فأبيح النظر إليه كالوجه , ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بأمر الشارع , فأبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم)
ثم وقفت على كتاب (ردود على أباطيل) لفضيلة الشيخ محمد الحامد , فإذا به يقول ( فالقول بجواز النظر إلى غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل لا يقبل).
وهذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه , إذ إن المسألة خلافية كما سبق بيانه , ولا يجوز الجزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته ودليله كهذه الأحاديث , وهو لم يصنع شيئاً من ذلك , بل إنه لم يشر إلى الأحاديث أدنى إشارة , فأوهم القراء أن لا دليل لهذا القول أصلاً , والواقع خلافه كما ترى , فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته , كيف لا وهو مخالف لخصوص قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث: (مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا)؟ فإن كل ذي فقه يعلم أنه ليس المراد منه الوجه والكفان فقط , ومثله في الدلالة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث: (وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ) وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم , وهم أعلم بسنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومنهم محمد بن مسلمة وجابر بن عبدالله , فإن كلاً منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها , أفيظن بهما عاقل أنهما تخبأ للنظر إلى الوجه والكفين فقط ؟ ومثل عمر بن الخطاب الذي كشف عن ساقي أم كلثوم بنت علي - إن صح عنه - فهؤلاء ثلاثة من كبار الصحابة - أحدهم الخليفة الراشد - أجازوا النظر إلى أكثر من الوجه والكفين , ولا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم , فلا أدري كيف استجاز مخالفتهم مع هذه الأحاديث الصحيحة ؟ وعهدي بأمثال الشيخ أن يقيموا القيامة على من خالف أحداً من الصحابة اتباعاً للسنة الصحيحة , ولو كانت الرواية عنه لا تثبت , كما فعلوا في عدد ركعات التراويح , ومن عجيب أمر الشيخ - عفا الله عنا وعنه - أنه قال في آخر البحث : قال الله تعالى : (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)النساء 59 , فندعو أنفسنا وإياه إلى تحقيق هذه الآية , ورد المسألة إلى السنة بعدما تبينت , والله المستعان , ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة , وقول جماهير العلماء بها - على الخلاف السابق - , فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها , فإنهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم - ولو في حدود القول الضيق - تورعاً منهم - زعموا - ومن عجائب الورع البارد أن بعضهم يأذن لا بنته بالخروج إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي , ثم يأبى أن يراها الخاطب في دارها وبين أهلها بثياب الشارع.
وفي مقابل هؤلاء بعض الآباء المستهترين الذين لا يغارون على بناتهم - تقليداً منهم لأسيادهم الأوربيين - فيسمحون للمصور أن يصورهن وهن سافرات سفوراً غير مشروع , والمصور رجل أجنبي عنهم , وقد يكون كافراً , ثم يقدمن صورهن إلى بعض الشبان بزعم أنهم يريدون خطبتهن , ثم ينتهي الأمر على غير خطبة , وتظل صور بناتهم معهم ليتغزلوا بها , وليطفئوا حرارة الشباب بالنظر إليها , ألا فتعساً للآباء الذين لا يغارون , وإنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم97، 98، 99.(1/223)
س)- ما حكم التسمية باسم معبد لغير الله؟
نقل ابن حزم الاتفاق على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى , وعبد الكعبة .......وأقره العلامة ابن القيم في ((تحفة المودود)) ,وعليه فلا تحل التسمية بـ عبد علي , وعبد الحسين , كما هو مشهور عند الشيعة , ولا بـ عبد النبي أو عبد الرسول , كما يفعله بعض الجهلة من أهل السنة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم411.(1/224)
س)- هل وجه المرأة عورة؟
عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية أن عائشة قالت (لقد رأيتنا نصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الفجر في مروطنا , وننصرف وما يعرف بعضنا وجوه بعض) ، وهو دليل ظاهر على أن وجه المرأة ليس بعورة , والأدلة على ذلك متكاثرة.ومعنى كونه ليس بعورة : أنه يجوز كشفه , وإلا , فالأفضل والأورع ستره , لا سيما إذا كان جميلاَ , وأما إذا كان مزيناً , فيجب ستره قولاً واحداً , ومن شاء تفصيل هذا الإجمال , فعليه بكتابنا حجاب المرأة المسلمة , فإنه جمع فأوعى , وقد نشر والحمد لله باسم جلباب المرأة المسلمة , مع مقدمة مفيدة وتحقيقات جديدة. . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم332.(1/225)
س)- هل قدمي المرأة عورة؟
عن صفية بنت أبي عبيد عن أم سلمة : أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قال في جر الذيل ما قال , قالت : يارسول الله فكيف بنا ؟ فقال : جريه شبرا . فقالت [أم سلمة] : إذا تنكشف القدمان ! قال: فجريه ذراعا.
في الحديث دليل على أن قدمي المرأة عورة , وأن ذلك كان أمراً معروفاً عند النساء في عهد النبوة , فإنه لما قال : (جريه شبراً) , قالت أم سلمة : (إذن تنكشف القدمان) , مما يشعر بأنها كانت تعلم أن القدمين عورة , لا يجوز كشفهما , وأقرها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك , ولذلك أمرها أن تجره دراعاً.
وفي القرآن الكريم إشارة إلى هذه الحقيقة , وذلك في قوله تعالى : (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ)النور31.
وراجع لهذا كتابنا "جلباب المرأة المسلمة" , بعنوانه الجديد. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم460.(1/226)
س)- هل من حق الأب ان يأخذ من مال ابنه ما يشاء بدليل الحديث "أنت و مالك لأبيك"؟
أن الحديث المشهور : "أنت و مالك لأبيك" (الإرواء) ليس على إطلاقه , بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء , كلا , و إنما يأخذ ما هو بحاجة إليه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2564.(1/227)
س)- هل يجوز التكني بأبي القاسم لمن كان اسمه محمد؟
أن الصواب إنما هو المنع مطلقا , و سواء كان اسمه محمدا أم لا , لسلامة الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي , و هو الثابت عن الإمام الشافعي رحمه الله , فقد روى البيهقي بالسند الصحيح عنه أنه قال : " لا يحل لأحد أن يكتني بأبي القاسم كان اسمه محمدا أو غيره " . قال البيهقي : " و روينا معنى هذا عن طاووس اليماني رحمه الله".
و يؤكد ذلك حديث علي رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله ! أرأيت إن ولد لي بعدك , أسميه محمدا و أكنيه بكنيتك ? قال : "نعم" . قال : فكانت رخصة لي . أخرجه الترمذي و قال : "حديث صحيح" . و قواه الحافظ في "الفتح" و هو مخرج في "المشكاة". انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2946.(1/228)
س)- هل يحق للطالب المسلم الذي خرج طلبا للعلم في بلاد الكفر أن يتزوج من نصرانية وفي نفسه بيات ، تبييت وتأكييد على أن يتركها ويطلقها بعد فترة معينة محددة دون الإتفاق معها مسبقا على ذلك ولكن الأمربينه وبين نفسه لما خشي على نفسه من الفتنة؟
أولا ، لا ننصح شابا أن يتزوج كتابية اليوم . والسبب في ذلك هو أن كثير من الشباب المسلم حينما يتزوجون بمسلمات فتكتئب حياتهم وتسوء بسبب سوء أخلاق البنت المسلمة وقد ينضم إلى ذلك سوء أخلاق أهلها من أمها وأبيها وأخيها وأخواتها وو إلخ .
فماذا يقول المسلم إذا تزوج بنصرانية أخلاقها وعاداتها وغيرتها ونحو ذلك ونخوتها تختلف إن كان للغيرة وللنخوة لها ذكرعندهم فتختلف تماما عما عندنا نحن معشر المسلمين . لذلك لا ننصح بمثل هذا الزواج وإن كان القرآن صريح في إباحة ذلك ، ولكن إنما أباح الله للمسلم أن يتزوج الكتابية في حالة كون المسلمين أعزاء ، أقوياء في دينهم ، في أخلاقهم ، في دنياهم تخشى رهبتهم الدول ولذلك المسألة تختلف من زمن إلى زمن .
في الزمن الأول كان المسلمون يجاهدون الكفار ويستأسرون المئات منهم ، ويسترقونهم ويستعبدونهم فيكون استعبادهم إياهم سبب سعادتهم في دنياهم وأخراهم ، سبب سعادة المستأسرين والمسترقين والمستعبدين يصبحون سعداء في الدنيا والآخرة . وذلك لأن أسيادهم المسلمين كانوا يعاملونهم معاملة لا يجدونها في بلادهم بعضهم مع بعض وهم أحرار، بسبب التعليمات التي كان الرسول عليه السلام يوجهها إلى أصحابه من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون إلخ مما هنالك من الأحاديث الكثيرة لا أستحضر الآن سوى هذا ، وقد أشار الرسول عليه الصلاة والسلام إلى هذه الحقيقة التي وقعت فيما بعد لقوله في الحديث الصحيح :" إن ربك ليعجب من أقوام يُجرون إلى الجنة في السلاسل " " إن ربك ليعجب من أقوام أي : من النصارى ، من الكفار يجرون إلى الإسلام الذي يؤدي بهم إلى الجنة في السلاسل ، اليوم القضية معكوسة تماما القوة والعزة للمسلمين ذهبت حيث استذلوا من أذل الناس كماهوواقع مع الأسف الشديد.
فإذا فرضنا أن شابا تزوج بنصرانية وجاء بها إلى هنا ، فستبقى هذه النصرانية في الغالب على دينها وعلى تبرجها ، وسوف لا يجرفها التيار الإسلامي كما كان يجرف الأسرى فيطبعهم بطابع الإسلام ، لأن هذا المجتمع هو من حيث الإسم إسلامي ، لكن من حيث واقعه ليس كذلك . فالتعامل الموجود مثلا في البيوت الإسلامية اليوم إلا ما شاء الله منها كالتعامل الموجود في أوربا وربما يكون أفسد من ذلك ، فإذن هذه الزوجة النصرانية حينما يأتي بها سوف لا تجد الجو الذي يجرها ويسحبها إلى الإسلام سحبا هذا أولا .
ثانيا : إن تزوج من هؤلاء الشباب زوجة فليس هو بحاجة إلى أن ينوي تلك النية وهي أنه سوف يبقى في الدراسة هناك مثلا أربع سنوات فهو ليحصن نفسه وليمنعها من أن تقع في الزنا يتزوج نصرانية هناك ، وينوي في نفسه أن يطلقها إذا ما عزم على الرجوع إلى بلده .نقول له هذه النية أولا لا تشرع لأن نكاح المتعة وإن كان صورته باشتراط اللفظ بين المتناكحين الرجل والمرأة وهذا طبعا نسخ إلى يوم القيامة حرّم إلى يوم القيامة . فالقاعدة الإسلامية التي يتضمنها الحديث المشهور : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل ما نوى تحول بين المسلم وبين أن يتزوج امرأة وهو ينوي أن يطلقها بعد أربع سنوات ، هذا لو كان بهذه الناحية فائدة له أو فيه ضرورة يضطر إليها لكن حقيقة لا ضرورة لهذا الشاب إذا ما رأى نفسه بحاجة يتزوج بنصرانية أن ينوي هذه النية السيئة لأنه هو لماذا ينوي هذه النية ؟ وهو قد أعطاه الشرع سلفا جواز التطليق حينما يشاء الرجل هذا من ناحية . من ناحية أخرى هذه النية إذا نواها وكان لها تأثيرا شرعا معنى ذلك انه ملزم بعد أربع سنوات أن يطلقها وإلا لماذا نوى هو هذه النية ، إما أن يكون لها تأثير وإما أن لا يكون لها تأثير ، نحن نعتقد أن لا تأثير لها ، فإن كان هو معنا في ذلك فلماذا ينوي هذه النية ما دام ليس لها تأثير، وإن كان لها تأثيركما في مثل هذا السؤال فحينئذ لماذا يقيد نفسه بالأولاد ،أليس له حرية التطليق إذا ما بدا له ، بعد سنة مش بعد أربع سنوات ، يعني قد يتزوج الرجل هذه الفتاة النصرانية ويجدها فتاة لا ترد يد لامس بالمعنى الحقيقي وليس بالمعنى المجازي فحينئذ إن كان عنده غيرة إسلامية سيضطر إلى تطليقها قبل مضي المدة التي فرضها على نفسه ، إذن لا فائدة لا شرعا ولا وضعا أن ينوي الشاب هذا، هذه النية ، وإنما يتزوج بأي فتاة وهو عارف أنه الشرع يبيح له أن يطلقها إذا وجدت المصلحة الشرعية أو الإجتماعية يطلقها ، وقد يتمتع بها أربع سنوات ، هذا يقع ، وقع مرارا وإن كان هذا نادرا فيجدها أحسن بكثير من الزوجات المسلمات فحينئذ لماذا ربط نفسه سلفا أنه بعد أربع سنوات يطلقها ، لا ، يفك نفسه من هذا القيد ، أولا يقيد نفسه بهذا القيد ، فإذا انتهت دراسته نوى في علاقته مع هذه المرأة طبيعية وصادقة أن تعود معه إلى بلاد الإسلام فحينئذ يعود بها لأنه ذلك خير.لا ، والله هذه ما تصلح هناك بسبب أو أكثر من سبب يطلقها على أنه ليست زواج كالزواج الموجود عند النصارى لا ،((الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)) . فإن الأمر كذلك فأي شاب ننصحه ألا يتزوج من كتابية فإن أبى إلا أن يتزوج تأتي النصيحة الثانية : لا يقيد نفسه بأنه يطلقها بعدما تنتهي السنوات الدراسية لأن له أن يطلقها متى شاء ، فقد يعجّل التطليق ، وقد يبّطل التطليق ، وقد لا يطلق مطلقا . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . من سلسلة الهدى والنور شريط رقم002.(1/229)
س)- إذا افترق الأبوانِ، وبينهما ولد فمن احق به؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (المرأة أحق بولدها ما لم تزوج) ، قال ابن القيم : (ودلّ الحديث على أنه إذا افترق الأبوانِ، وبينهما ولد، فالأمّ أحقُّ به من الأب ما لم يقم بالأمِّ ما يمنعُ تقديمَها، أو بالولد وصفٌ يقتضي تخييرَه، وهذا ما لا يُعرف فيه نزاعٌ، وقد قضى به خليفةُ رسولِ اللّه صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب ....).
وقد أشار بقوله : " ما يمنع تقديمها " : إلى أنه يشترط في الحاضنة أن تكون مسلمة دينه لأن الحاضن عادة حريص على تربية الطفل على دينه , وأن يربى عليه , فيصعب بعد كبره وعقله انتقاله عنه , وقد تغيره عن فطرة الله التي فطر عليها عباده , فلا يراجعها أبداً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (كل مولود يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) , فلا يؤمن تهويد الحاضن وتنصيره للطفل المسلم.
وأشار بقوله : (أو بالولد وصف يقتضي تخييره) , إلى أن الصبي إذا كان مميزاً , فيخير , ولا يشمله هذا الحديث , لحديث أبي هريرة رضي الله عنه : (أن النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاماً بين أبيه وأمه) , وهو حديث صحيح كما بينته في الإرواء.
ومن شاء الاطلاع على الأحكام المستنبطة من هذا الحديث مع البسط والتحقيق , فليرجع إلى كتاب العلامة ابن القيم "زاد المعاد". انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 368.(1/230)
س)- هل يجوز للمرأة أن تتصرف بمالها الخاص بها؟
قال عليه الصلاة والسلام (ليس للمرأة أن تنتهك شيئا من مالها إلا بإذن زوجها) ، وهذا الحديث يدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تتصرف بمالها الخاص بها إلا بإذن زوجها، وذلك من تمام القوامة التي جعلها ربنا تبارك وتعالى له عليها،ولكن لا ينبغي للزوج-إذا كان مسلماً صادقاً- أن يستغل هذا الحكم-فيتجبر على زوجته ويمنعها من التصرف في مالها فيما لا ضير عليهما منه، وما أشبه هذا الحق بحق ولي البنت التي لا يجوز لها أن تزوج نفسها بدون إذن وليها، فإذا أعضلها رفعت الأمر إلي القاضي الشرعي لينصفها، وكذلك الحكم في مال المرأة إذا جار عليها زوجها فمنعها من التصرف المشروع في مالها، فالقاضي ينصفها أيضاً. فلا إشكال على الحكم نفسه، وإنما الإشكال في سوء التصرف به. فتأمل. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 775.(1/231)
كتاب المرض والطب و الجنائز والقبور
س)- ما حكم قراءة القرآن عند القبور؟
حديث (من زار قبر والديه كل جمعة , فقرأ عندهما أو عنده [يس] , غفر له كل آية أو حرف) حديث موضوع , وليس في السنة الصحيحة ما يشهد لذلك , بل هي تدل على أن المشروع عند زيارة القبور إنما هو السلام عليهم , وتذكر الآخرة فقط , وعلى ذلك جرى عمل السلف الصالح رضي الله عنهم , فقراءة القرآن عندها بدعة مكروهة , كما صرح جماعة من العلماء المتقدمين , منهم أبوحنيفة , ومالك , وأحمد في رواية كما في "شرح الإحياء" للزبيدي قال : (لأنه لم ترد به سنة , وقال محمد بن الحسن وأحمد في رواية : لا تكره , لما روي عن ابن عمد أنه أوصى أن يقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة البقرة وخواتمها).
قلت : هذا الأثر عن ابن عمر لا يصح سنده إليه , ولو صح , فلا يدل إلا على القراءة عند الدفن لا مطلقاً , كما هو ظاهر.
فعليك أيها المسلم بالسنة , وإياك والبدعة , وإن رآها الناس حسنة , فإن (كل بدعة ضلالة) , كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 50.(1/232)
س)- هل من السنة ترك المعالجة بالأدوية المادية , والأعتماد على تلاوة القرآن؟
حديث (استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه , وبما مدح الله به نفسه : (الْحَمْدُ للّه) , و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) , فمن لم يشفيه القرآن , فلا شفاه الله) ضعيف جداً وهذا الحديث يوحي بترك المعالجة بالأدوية المادية , والأعتماد فيها على تلاوة القرآن , وهذا شيء لا يتفق في قليل ولا كثير مع سنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القولية والفعلية , فقد تعالج صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأدوية المادية مراراً , وأمر بذلك فقال : (يا عباد الله تداووا , فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له دواء) أخرجه الحاكم بسند صحيح , وهو مخرج في "غاية المرام" عن جمع من الصحابة نحوه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم152.(1/233)
س)- هل الموتى يسمعون؟
لا يوجد دليل في الكتاب و السنة على أن الموتى يسمعون , بل ظواهر النصوص تدل على أنهم لا يسمعون . كقوله تعالى : (و ما أنت بمسمع من في القبور) و قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه و هم في المسجد : " أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة , فإن صلاتكم تبلغني ... " فلم يقل : أسمعها . و إنما تبلغه الملائكة كما في الحديث الآخر : " إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام " . رواه النسائي و أحمد بسند صحيح .
و أما قوله صلى الله عليه وسلم : " العبد إذا وضع في قبره , و تولى و ذهب أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه , فيقولان له .. " الحديث رواه البخاري فليس فيه إلا السماع في حالة إعادة الروح إليه ليجيب على سؤال الملكين كما هو واضح من سياق الحديث.
و نحوه قوله صلى الله عليه وسلم لعمر حينما سأله عن مناداته لأهل قليب بدر : "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " هو خاص أيضا بأهل القليب , و إلا فالأصل أن الموتى لا يسمعون , و هذا الأصل هو الذي اعتمده عمر رضي الله عنه حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنك لتنادي أجسادا قد جيفوا , فلم ينكره الرسول صلى الله عليه وسلم بل أقره , و إنما أعلمه بأن هذه قضية خاصة , و لولا ذلك لصحح له ذلك الأصل الذي اعتمد عليه , و بين له أن الموتى يسمعون خلافا لما يظن عمر , فلما لم يبين له هذا , بل أقره عليه كما ذكرنا , دل ذلك على أن من المقرر شرعا أن الموتى لا يسمعون . و أن هذه قضية خاصة .
و بهذا البيان ينسد طريق من طرق الضلال المبين على المشركين و أمثالهم من الضالين , الذين يستغيثون بالأولياء و الصالحين و يدعونهم من دون الله , زاعمين أنهم يسمعونهم , والله عز وجل يقول : ( إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم , و لو سمعوا ما استجابوا لكم , و يوم القيامة يكفرون بشرككم و لا ينبئك مثل خبير).
و راجع لتمام هذا البحث الهام مقدمتي لكتاب " الآيات البينات في عدم سماع الأموات عند الحنفية السادات " للآلوسي . انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1147.(1/234)
س)-هل يجوز نبش قبور المسلمين ونبش قبور الكافرين ؟
هناك فرق طبعًا بين نبش قبور المسلمين ونبش قبور الكافرين ، فنبش قبور المسلمين لا يجوز إلاَّ بعد أن تفنى وتصبح رميمًا ، ذلك لأن نبش القبور يعرض جثة المقبور وعظامها للكسر ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : (كسر عظم المؤمن الميت ككسره حيًّا) . فالمؤمن له حرمة بعد موته كما كانت له حرمة في حياته ، طبعًا هذه الحرمة في حدود الشريعة . أما نبش قبور الكفار فليست لهم هذه الحرمة فيجوز نبشها بناءً على ما ثبت في (صحيح البخاري ومسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة إلى المدينة كان أول شيء باشره هو بناء المسجد النبوي الموجود اليوم ، فكان هناك بستان لأيتام من الأنصار ، وفيه قبور المشركين ، فقال عليه الصلاة والسلام لهؤلاء الأيتام : (ثامنوني حطائكم) . يعني : بيعوني حائطكم بثمنه ، قالوا : هو للَّه ولرسوله لا نريد ثمنه ، فكان فيه الخرب وفيه قبور المشركين ، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فسويت بالأرض ، وأمر بالخرب فمهدت ، ثم أقام المسجد النبوي على أرض ذلك البستان . فإذن نبش القبور على وجهين ؛ قبور المسلمين لا يجوز ، أما قبور الكفار فيجوز ، وقد أشرت في الجواب إلى أنه لا يجوز نبش قبور المسلمين حتى تصبح رميمًا ، وتصبح ترابًا ، ومتى هذا ؟ إنه يختلف باختلاف الأراضي ، فهناك أراضٍ صحراوية ناشفة تبقي فيها الجثث ما شاء اللَّه من السنين ، وهناك أراضٍ رطبة يسرع الفناء فيها إلى الأجساد ، فلا يمكن وضع ضابط لتحديد سنين معينة لفساد الأجساد كما يقال : (أهل مكة أدرى بشعابها) ، فالذين يدفِنُون في تلك الأرض يعلمون المدة التي تفنى فيها جثث الموتى بصورة تقريبية . استعمال الدفوف مع الأناشيد جائز بين النساء دون الرجال!! نقلا من موقع جماعة انصار السنة ، والمرجع مجلة التوحيدالعددالثامن لسنة 1420.(1/235)
س)- ماذا يقال عند المرور بقبر الكافر؟
قال عليه الصلاة السلام (حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كافر فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ) ، وفي هذا الحديث فائدة هامة أغفلتها عامة كتب الفقه , ألا وهي مشروعية تبشير الكافر بالنار إذا مر بقبره , ولا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظ المؤمن , وتذكيره بخطورة جرم هذا الكافر , حيث ارتكب ذنباً عظيماً تهون ذنوب الدنيا كلها تجاهه ولو اجتمعت , وهو الكفر بالله عز وجل والإشراك به , الذي أبان الله تعالى عن شدة مقته إياه حين استثناه من المغفرة فقال : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)النساء48 , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم (أكبر الكبائر أن تجعل لله نداً وقد خلقك)متفق عليه.
وإن الجهل بهذه الفائدة مما أدي ببعض المسلمين إلى الوقوع في خلاف ما أراد الشارع الحكيم منها , فإننا نعلم أن كثيراً من المسلمين يأتون بلاد الكفر لقضاء بعض المصالح الخاصة أو العامة , فلا يكتفون بذلك , حتى يقصدون زيارة بعض قبور من يسمونهم بعظماء الرجال من الكفار ويضعون على قبورهم الأزهار والأكاليل , ويقفون أمامها خاشعين محزونين , مما يشعر برضاهم عنهم , وعدم مقتهم إياهم , مع أن الأسوة الحسنة بالأنبياء عليهم السلام تقضي خلاف ذلك , كما في هذا الحديث الصحيح , واسمع قول الله عز وجل : (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا)الممتحنة4 ، هذا موقفهم منهم وهم أحياء , فكيف وهم أموات؟ انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 18.(1/236)
س)- من هم أشد الناس بلاءً ؟
قال عليه الصلاة اللسلام (أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ [وفي رواية : قدر] دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) ، وفي هذه الأحاديث دلالة صريحة على أن المؤمن كلما كان أقوى إيماناً , ازداد ابتلاءً وامتحاناً , والعكس بالعكس , ففيها رد على ضعفاء العقول والأحلام الذين يظنون أن المؤمن إذا أصيب ببلاء , كالحبس أو الطرد أو الإقالة من الوظيفة ونحوها , أن ذلك دليل على أن المومن غير مرضي عند الله تعالى , وهو ظن باطل , فهذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو أفضل البشر , كان أشد الناس - حتى الأنبياء - بلاء , فالبلاء غالباً دليل خير وليس نذير شر كما يدل على ذلك أيضاً الحديث ( إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ).
وهذا الحديث يدل على أمر زائد على ما سبق , وهو أن البلاء إنما يكون خيراً , وأن صاحبه يكون محبوباً عند الله تعالى إذا صبر على بلاء الله تعالى , ورضي بقضاء الله عز وجل .
ويشهد لذلك الحديث ( عَجِبْتُ لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ إِنْ أَصَابَهُ مَا يُحِبُّ حَمِدَ اللَّهَ وَكَانَ لَهُ خَيْرٌ وَإِنْ أَصَابَهُ مَا يَكْرَهُ فَصَبَرَ كَانَ لَهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ أَمْرُهُ كُلُّهُ خَيْرٌ إِلَّا الْمُؤْمِنُ ) . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 143 ، 146 ، 147.(1/237)
س)- هل يشرع للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك؟
يشرع للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك , وأن ذلك لا ينافي بغضه إياه لشركه , ألا ترى أن علياً رضي الله عنه امتنع أول الأمر من مواراة أبيه , معللاً ذلك بقوله ( إنه مات مشركا ) , ظناً منه أن دفنه مع هذه الحالة قد يدخله في التولي الممنوع في مثل قوله تعالى : (لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) الممتحنة 13 ، فلما أعاد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه الأمر بمواراته , بادرا لأمتثاله , وترك ما بدا له أول الأمر , , وكذلك تكون الطاعة : أن يترك المرء رأيه لأمر نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ويبدو لي أن دفن الولد لأبيه المشرك أو أمه هو آخر ما يملكه الولد من حسن صحبة الوالد المشرك في الدنيا , وأما بعد الدفن , فليس له أن يدعو له أو يستغفر له , لصريح قوله تعالى : ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى ) التوبة 113 , وإذا كان الأمر كذلك , فما هو حال من يدعو بالرحمة والمغفرة على صفحات الجرائد والمجلات لبعض الكفار في إعلانات الوفيات من أجل دريهمات معدودات فليتق الله من كان يهمه أمر آخرته . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 161.(1/238)
س)- هل يشرع للمسلم أن يغسل الكافر؟
لا يشرع له غسل الكافر ولا تكفينه ولا الصلاة عليه ولو كان قريبه , لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لم يأمر بذلك علياً , ولو كان جائزاً لبينه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز , وهذا مذهب الحنابلة وغيرهم.
ولا يشرع لأقارب المشرك أن يتبعوا جنازته , لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفعل ذلك مع عمه , وقد كان أبر الناس به وأشفقهم عليه , حتى أنه دعا الله له حتى جعل عذابه أخف عذاب في النار, وفي ذلك كله عبرة لمن يغترون بأنسابهم , ولا يعملون لآخرتهم عند ربهم , وصدق الله العضيم إذ يقول : ( فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ )المؤمنون101 . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 161.(1/239)
س)- هل يدفن المسلم مع الكافر والكافر مع المؤمن؟
لا يدفن مسلم مع كافر ولا كافر مع مسلم بل يدفن المسلم في مقابر المسلمين والكافر مقابر المشركين . كذلك كان الأمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم واستمر إلى عصرنا هذا. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/240)
س)- من يتولى إنزال الميت في القبر؟
يتولى إنزال الميت - ولو كان أنثى - الرجال دون النساء لأمور :
الأول : أنه المعهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وجرى عليه عمل المسلمين حتى اليوم.
الثاني : أن الرجال أقوى على ذلك.
الثالث : لو تولته النساء أفضى ذلك إلى انكشاف شيء من أبدانهن أمام الأجانب وهو غير جائز.
وأولياء الميت أحق بإنزاله لعموم قوله تعالى :(وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله). انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/241)
س)- هل يجوز للزوج أن يتولى دفن زوجته؟
يجوز للزوج أن يتولى بنفسه دفن زوجته لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم التالي الذي بدئ فيه فقلت : وارأساه فقال : وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك . قالت : فقلت : غيرى : كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك قال : وأنا وارأساه ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا فإني أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن : أنا أولى ويأبى الله عز وجل والمؤمنون إلا أبا بكر) صحيح ،لكن ذلك مشروط بما إذا كان لم يطأ تلك الليلة وإلا م يشرع له دفنها وكان غيره هو الأولى بدفنها ولو أجنبيا. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/242)
س)- ما الذي يستحب لمن عند القبر فعله بعد الفراغ من سد اللحد؟
يستحب لمن عند القبر أن يحثو من التراب ثلاث حثوات بيديه جميعا بعد الفراغ من سد اللحد لحديث أبي هريرة :( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتي بالميت فحثا عليه من قبل رأسه ثلاثا ) صحيح . انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/243)
س)- هل يستحب للرجل أن يحفر قبره قبل أن يموت؟
لا يستحب للرجل أن يحفر قبره قبل أن يموت فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك وهو ولا أصحابه والعبد لا يدري أين يموت وإذا كان مقصود الرجل الاستعداد للموت فهذا يكون من العمل الصالح ، كذا في (الاختيارات العلمية) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/244)
س)- كيف يكون تلقين المحتضر شهادة التوحيد؟
قال عليه الصلاة السلام ( أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها , ولقنوها موتاكم ) ، في الحديث مشروعية تلقين المحتضر شهادة التوحيد , رجاء أن يقولها فيفلح , والمراد بـ( موتاكم ) : من حضره الموت , لأنه لا يزال في دار التكليف , ومن الممكن أن يستفيد من تلقينه , فيتذكر الشهادة ويقولها , فيكون من أهل الجنة , وأما تلقينه بعد الموت , فمع أنه بدعة لم ترد في السنة , فلا فائدة منه , لأنه خرج من دار التكليف إلى دار الجزاء , ولأنه غير قابل للتذكر , (لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا)يس70.
وصورة التلقين أن يؤمر بالشهادة , وما يذكر في بعض الكتب أنها تذكر عنده ولا يؤمر بها خلاف سنة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كما حققته في "كتاب الجنائز" فراجعه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 467.(1/245)
س)- كيف تكون تعزية أهل الميت؟
يعزيهم بما يظن أنه يسليهم ويكف من حزنهم ويحملهم على الرضا والصبر مما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم إن كان يعلمه ويستحضره وإلا فبما تيسر له من الكلام الحسن الذي يحقق الغرض ولا يخاف الشرع كقولهم أعطاك عمره. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/246)
س)- هل التعزية لا تجوز بعد ثلاثة أيام؟
لا تحد التعزية بثلاثة أيام لا يتجاوزها بل متى رأى الفائدة في التعزية أتى بها فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه عزى بعد الثلاثة. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/247)
س)- ما الذي ينبغي اجتنابه اهل الميت في الايام الاولى من الوفات؟
ينبغي اجتناب أمرين وإن تتابع الناس عليهما :
أ - الاجتماع للتعزية في مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد .
ب - اتخاذ أهل الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء .قال النووي في (المجموع) : (وأما الجلوس للتعزية فنص الشافعي والمصنف وسائر الأصحاب على كراهته قالوا : يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من اراد التعزية قالوا : بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها) .
وكذا نص ابن الهمام في شرح الهداية على كراهة اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت وقال : (وهي بدعة قبيحة) وهو مذهب الحنابلة كما في (الإنصاف).
وإنما السنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاما يشبعهم ، قال الإمام الشافعي في (الأم):(وأحب لجيران الميت أو ذي القرابة أن يعملوا لأهل الميت في يوم يموت وليلته طعاما يشبعهم فإن ذلك سنة وذكر كريم وهو من فعل أهل الخير قبلنا وبعدنا). انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/248)
س)- متى تشرع زيارة القبور؟
تشرع زيارة القبور للاتعاظ بها وتذكرة الآخرة شريطة أن لا يقول عندها ما يغضب الرب سبحانه وتعالى كدعاء المقبور والاستغاثة به من دون الله تعالى أو تزكيته والقطع له بالجنة ونحو ذلك وفيه أحاديث معروفة. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/249)
س)- هل تشرع زيارة القبور للنساء؟
والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور لكن لا يجوز لهن الإكثار من زيارة القبور والتردد عليها لأن ذلك قد يفضي بهن إلى مخالفة الشريعة من مثل الصياح والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة وتضييع الوقت في الكلام الفارغ كما هو مشاهد اليوم في بعض البلاد الإسلامية وهذا هو المراد -إن شاء الله- بالحديث المشهور : (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم [وفي لفظ : لعن الله] زوارات القبور) حسن. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/250)
س)- هل تشرع قراءة القرآن عند زيارة المقابر؟
قراءة القرآن عند زيارتها مما لا أصل له في السنة بل الأحاديث تشعر بعدم مشروعيتها إذ لو كانت مشروعة لفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمها أصحابه لا سيما وقد سألته عائشة رضي الله عنها - وهي من أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم - عما تقول إذا زارت القبور ؟ فعلمها السلام والدعاء ولم يعلمها أن تقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن فلو أن القراءة كانت مشروعة لما كتم ذلك عنها كيف وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما تقرر في علم الأصول فكيف بالكتمان ؟ ولو أنه صلى الله عليه وسلم علمهم شيئا من ذلك لنقل إلينا فإذا لم ينقل بالسند الثابت دل على أنه لم يقع . انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/251)
س)- هل يشرع وضع الأس ونحوها من الرياحين على القبور؟
ولا يشرع وضع الأس ونحوها من الرياحين والورود على القبور لأنه لم يكن من فعل السلف ولو كان خيرا لسبقونا إليه وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة ) صحيح موقوفا انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/252)
س)- ما هي حقيقة حياة الأنبياء في قبورهم؟
اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث (الأنبياء - صلوات الله عليهم - أحياء في قبورهم يصلون) ، للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما هي حياة برزخية , ليست من حياة الدنيا في شيء , ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها , ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا .
هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد : الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء , كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قبره حقيقية , قال : يأكل ويشرب ويجامع نساءه , وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم621.(1/253)
س)- ما حكم تمني الموت؟
قال عليه الصلاة السلام ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ مَا بِهِ حُبُّ لِقَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) ، ومعنى الحديث أنه لا يتمنى الموت تديناً وتقرناً إلى الله وحباً في لقائه , وإنما لما نزل به من البلاء والمحن في أمور دنياه , ففيه إشارة إلى جواز تمني الموت تديناً , ولا ينافيه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ..) , لأنه خاص بما إذا كان التمني لأمر دنيوي كما هو ظاهر .
قال الحافظ : ( ويؤيده ثبوت تمني الموت عند فساد أمر الدين عن جماعة من السلف , قال النووي : لا كراهة في ذلك , بل فعله خلائق من السلف , منهم عمر بن الخطاب و..... ) . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم578.(1/254)
س)- هل يجوز التكني لمن ليس عنده ولد؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (اكْتَنِي [بابنك عبدالله - يعني : ابن الزبير ] أَنْتِ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ) ، مشروعية التكني ولو لم يكن له ولد , وهذا أدب إسلامي ليس له نظير عند الأمم الأخرى فيما أعلم , فعلى المسلمين أن يتمسكوا به رجالاً ونساء , ويدعوا ما تسرب إليهم من عادات الأعاجم مثل كـ(البيك) و (الأفندي) و (الباشا) , ونحو ذلك كـ(المسيو) , أو (السيد) , و(السيدة) , و (الآنسة) , إذ كل ذلك دخيل في الإسلام , وقد نص فقهاء الحنفية على كراهية (الأفندي) , لما فيه من التزكية , كما في (حاشية ابن عابدين) , والسيد إنما يطلق على من كان له نوع ولاية ورياسة , وفي ذلك جاء حديث (قوموا إلى سيدكم) , ولا يطلق على كل أحد لأنه من باب التزكية أيضاً.فائدة : وأما ما روي عن عائشة رضي الله عنها , أنها أسقطت من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سقطاً فسماه عبدالله , وكناها به , فهو باطل سنداً ومتناً , وبيانه في المجلد التاسع من الضعيفة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 132.(1/255)
س)- ما الذي يجب على المريض مرض الموت؟
على المريض أن يرضى بقضاء الله ويصبر على قدره ويحسن الظن بربه ذلك خير له لقوله صلى الله عليه وسلم (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) صحيح ، وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى) صحيح ، وينبغي عليه أن يكون بين الخوف والرجاء يخاف عقاب الله على ذنوبه ويرجو رحمة ربه لحديث أنس المعروف عند الترمذي وغيره :أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو بالموت فقال : (كيف تجدك ؟) قال : والله يا رسول الله إني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنه مما يخاف) حسن ، ومهما اشتد به المرض فلا يجوز له أن يتمنى الموت ،(فإن كان لا بد فاعلا فليقل : اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) صحيح ، وإذا كان عليه حقوق فليؤدها إلى أصحابها إن تيسر له ذلك وإلا أوصى لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/256)
س)- هل تشرع قراءة سورة (يس) عند المحتضر ، وهل يستحب توجيهه نحو القبلة؟
أما قراءة سورة (يس) عنده وتوجيهه نحو القبلة لم يصح حديث بل كره سعيد بن المسيب توجيهه إليها وقال : (أليس الميت امرأ مسلما ؟) ، صحيح ، وعن زرعة بن عبد الرحمن أنه شهد سعيد بن المسيب في مرضه وعنده أبو سلمة بن عبد الحمن فغشي على سعيد فأمر أبو سلمة أن يحول فراشه إلى الكعبة فأفاق فقال : حولتم فراشي ؟ فقالوا : نعم فنظر إلى أبي سلمة فقال : أراه بعلمك ؟ فقال : أنا أمرتهم فأمر سعيد أن يعاد فراش. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/257)
س)- ماذا يجب على اهل الميت فعله بعد موت المحتضر؟
إذا قضى وأسلم الروح فعليهم عدة أشياء ، أن يغمضوا عينيه ويدعوا له أيضا لحديث أم سلمة قالت : (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال : (إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون) . ثم قال (اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وأفسح له في قبره ونور له فيه) ، ثم يغطوه بثوب يستر جميع بدنه لحديث عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببردة حبرة) ، هذا في غير من مات محرما فإن المحرم لا يغطى رأسه ووجه ، أن يدفنوه في البلد الذي مات فيه ولا ينقلوه إلى غيره لأنه ينافي الإسراع المأمور به ، وإذا أوصى بأن ينقل إلى بلد آخر لا تنفذ وصيته فإن النقل حرام على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون وصرح به المحققون ) ، وأن يبادر بعضهم لقضاء دينه من ماله ولو أتى عليه كله فإن لم يكن له مال فعلى الدولة أن تؤدي عنه إن كان جهد في قضائه فإن لم تفعل وتطوع بذلك بعضهم جاز وفي ذلك أحاديث. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/258)
س)- هل يجوز كشف وجه الميت وتقبيله؟
يجوز كشف وجه الميت وتقبيله بين عينيه لتقبيل أبي بكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/259)
س)- ما حكم نعي الاموات؟
لا يجوز الإعلان عن موته على رؤوس المنائر ونحوها لأنه من النعي وقد ثبت عن حذيفة بن اليمان أنه (كان إذا مات له الميت قال : لا تؤذنوا به أحدا إني أخاف أن يكون نعيا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي) حسن، ويجوز إعلان الوفاة إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/260)
س)- ما حكم قول القائل الفاتحة على روح فلان؟
قول الناس في بعض البلاد : (الفاتحة على روح فلان) مخالف للسنة فهو بدعة بلا شك لا سيما وأن القراءة لا تصل إلى الموتى على القول الصحيح. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/261)
س)- هل هناك علامات لحسن الخاتمة؟
إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة كتبها الله تعالى لنا بفضله ومنه فأيما امرئ مات بإحداها كانت بشارة له ويا لها من بشارة ، وهي : نطقه بالشهادة عند الموت وفيه أحاديث ، الموت برشح الجبين ، الموت ليلة الجمعة أو نهارها ، الاستشهاد في ساحة القتال ، الموت بالطاعون وفيه أحاديث ، الموت بداء البطن ، الموت بالغرق والهدم ، موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها، الموت باالحرق وذات الجنب ، الموت بداء السل ، الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه ، الموت في سبيل الدفاع عن الدين والنفس ، الموت مرابطا في سبيل الله ، الموت على عمل صالح ، قتله الإمام الجائر لأنه قام إليه فنصحه لقوله صلى الله عليه وسلم (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله). انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/262)
س)- اذا اتفق وفاة أحد مع انكساف الشمس أو القمر فهل يدل ذلك على شيء؟
إذا اتفق وفاة أحد مع انكساف الشمس أو القمر فلا يدل ذلك على شيء واعتقاد أنه يدل على عظمة المتوفى إنما هو من خرافات الجاهلية التي أبطلها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات ابنه إبراهيم عليه السلام وانكسفت الشمس فخطب الناس وحمد الله وأثنى عليه ثم قال (أما بعد أيها الناس إن أهل الجاهلية كانوا يقولون : إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم وإنهما آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله به عباده فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره وإلى الصدقة والعتاقة والصلاة في المساجد حتى تنكشف). انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/263)
س)- ما حكم حمل الجنازة على عربة أو سيارة مخصصة للجنائز وتشييع المشيعين لها وهم في السيارات؟
حمل الجنازة على عربة أو سيارة مخصصة للجنائز وتشييع المشيعين لها وهم في السيارات فهذه الصورة لا تشرع البتة وذلك لأمور :
الأول : أنها من عادات الكفار وقد تقرر في الشريعة أنه لا يجوز تقليدهم فيها.
الثاني : أنها بدعة في عبادة مع معارضتها للسنة العملية في حمل الجنازة وكل ما كان كذلك من المحدثات فهو ضلالة اتفاقا .
الثالث : أنها تفوت الغاية من حملها وتشييعها وهي تذكر الآخرة.
أقول : إن تشييعها على تلك الصورة مما يفوت على الناس هذه الغاية الشريفة تفويتا كاملا أو دون ذلك فإنه مما لا يخفى على البصير أن حمل الميت على الأعناق ورؤية المشيعين لها وهي على رؤوسهم أبلغ في تحقيق التذكر والاتعاظ من تشييعها على الصورة المذكورة ولا أكون مبالغا إذا قلت : إن الذي حمل الأوربيين عليها إنما هو خوفهم من الموت وكل ما يذكر به بسبب تغلب المادة عليهم وكفرهم بالآخرة.
الرابع : أنها سبب قوي لتقليل المشيعين لها والراغبين في الحصول على الأجر.الخامس : أن هذه الصورة لا تتفق من قريب ولا من بعيد مع ما عرف الشريعة المطهرة السمحة من البعد عن الشكليات والرسميات لا سيما في مثل هذا الأمر الخطير : الموت والحق أقول : إنه لو لم يكن في هذه البدعة إلا هذه المخالفة لكفى ذلك في ردها فكيف إذا انضم إليها ما سبق بيانه من المخالفات والمفاسد وغير ذلك مما لا أذكره. انتهى كلام الالباني من مختصر أحكام الجنائز.(1/264)
كتاب التاريخ والسيرة وفضائل الصحابة
س)- هل لوعاش إبراهيم لكان نبياً؟
عن عبدالله بن أبي أوفى , قيل له : رأيت إبراهيم ابن رسول الله ؟ قال : (مات وهو صغير , ولو قضي أن يكون بعد محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي , لعاش ابنه , ولكن لا نبي بعده) رواه البخاري في "صحيحه" , وابن ماجه , وأحمد ولفظه : (ولو كان بعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي ما مات ابنه إبراهيم).
وعن أنس قال : (رحمة الله على إبراهيم , لو عاش , كان صديقاً نبياً) أخرجه أحمد , بسند صحيح على شرط مسلم , ورواه ابن منده وزاد : (ولكن لم يكن ليبقى , لأن نبيكم آخر الأنبياء) كما في "الفتح" للحافظ ابن حجر وصححه.وهذه الرويات , وإن كانت موقوفة , فلها حكم الرفع إذ هي من الأمور الغيبية التي لا مجال للرأي فيها , فإذا عرفت هذا يتبين لك ضلال القاديانية في احتجاجهم بهذه الجملة : (لو عاش إبراهيم لكان نبياً) , على دعواهم الباطلة في استمرار النبوة بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأنها لا تصح هكذا عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وإن ذهبوا إلى تقويتها بالآثار التي ذكرنا كما صنعنا نحن فهي تلقمهم حجراً , وتعكس دليلهم عليهم , إذ إنها تصرح أن وفاة إبراهيم عليه السلام صغيراً كان بسبب أنه لا نبي بعده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ولربما جادلوا في هذا - كما هو دأبهم - وحاولوا أن يوهنوا من الاستدلال بهذا الآثار , وأن يرفعوا عنها حكم الرفع , ولكنهم لم ولن يستطيعوا الانفكاك مما ألزمناهم به من ضعف دليلهم هذا , ولو من الوجه الأول , وهو أنه لم يصح عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعاً صراحة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 220.(1/265)
س)- ما صحة قصة افتتان داود عليه السلام المذكورة في كتب قصص الأنبياء , وبعض كتب التفسير؟
قصة افتتان داود عليه السلام بنظره إلى امرأة الجندي (أوريا) مشهورة مبثوثة في كتب قصص الأنبياء , وبعض كتب التفسير , ولا يشك مسلم عاقل في بطلانها , لما فيها من نسبة ما لا يليق بمقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , مثل محاولته تعرض زوجها للقتل , ليتزوجها من بعده.وقد رويت هذا القصة مختصرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فوجب ذكرها , والتحذير منها , وبيان بطلانها , وهي :(إن داود النبي عليه السلام حين نظر إلى المرأة فهم بها قطع على بني إسرائيل بعثا وأوحى إلى صاحب البعث فقال إذا حضر العدو فقرب فلانا وسماه قال فقربه بين يدي التابوت قال وكان ذلك التابوت في ذلك الزمان يستنصر به فمن قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم عنه الجيش الذي يقاتله فقتل زوج المرأة ونزل الملكان على داود فقصا عليه القصة).
والظاهر أنه من الإسرائيليات التي نقلها أهل الكتاب الذين لا يعتقدون العصمة في الأنبياء , أخطأ يزيد الرقاسي , فرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وقد نقل القرطبي عن ابن العربي المالكي أنه قال : (وأما قولهم : إنها أعجبته , أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله , فهذا باطل قطعاً , فإن داود صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه) انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 313 ، 314.(1/266)
س)- من هو الذبيح؟
لقد ذهب المحققون من العلماء , كشيخ الإسلام ابن تيمية , وابن القيم , وابن كثير , وغيرهم إلى أن الصواب في الذبيح أنه إسماعيل عليه السلام , قال ابن القيم في الزاد ((وأمّا القول بأنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجهاً، وسمعت شيخ الإِسلام ابن تيمية قدّس اللّه روحه يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكِتاب، مع أنه باطل بنص كتابهم، فإن فيه: إن اللّه أمر إبراهيم أن يذبح ابنَه بكره، وفي لفظ: وحيده، ولا يشكُّ أهلُ الكِتاب مع المسلمين أن إسماعيل هو بكر أولاده، والذي غرَّ أصحاب هذا القول أن في التوراة التي بأيديهم: اذبح ابنك إسحاق، قال: وهذه الزيادة من تحريفهم وكذبهم، لأنها تناقض قوله: اذبح بكرك ووحيدك،ولكن اليهود حسدت بني إسماعيل على هذا الشرف، وأحبوا أن يكون لهم، وأن يسوقوه إليهم، ويختاروه لأنفسهم دون العرب، ويأبى اللَّهُ إلا أن يجعل فضله لأهله. وكيف يسوغ أن يُقال: إن الذبيح إسحاق، واللّه تعالى قد بشر أم إسحاق به وبابنه يعقوب، فقال تعالى عن الملائكة: إنهم قالوا لإِبراهيم لما أتوه بالبشرى: (لاَ تَخَفْ إِنّا أُرْسِلْنَا إِلَىَ قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ)هود70-71 ، فمحال أن يبشرها بأنه يكون لها ولد، ثم يأمر بذبحه...)).
ثم ذكر وجوهاً أخرى في إبطال أنه إسحاق , وتصويب أنه إسماعيل , فليراجعا من شاء. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم332.(1/267)
س)- هل كان آدم يعرف النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
حديث (نزل آدم بالهند واستوحش فنزل جبريل فنادى بالأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين قال آدم من محمد قال آخر ولدك من الأنبياء صلى الله عليه وسلم) ضعيف ، وهذا الحديث مع ضعفه أقوى من حديث (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى إسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك) وهو صريح في أن آدم عليه السلام كان يعرف النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الجنة قبل هبوطه إلى الأرض , وهذا صريح في أن آدم عليه السلام لم يعرف محمد صلى الله عليه وسلم حتى بعد نزوله إلى الأرض , ولذلك سأل جبريل : ومن محمد , فهذا من أدلة بطلان ذلك الحديث , كما سبق بيانه عند تحقيق الكلام على وضعه , فتذكر أو راجع إن شئت.
وأنا لا أجير لنفسي الاحتجاج بمثل هذا الحديث , كما هو ظاهر , ولكن التحقيق العلمي يسمح برد الحديث الواهي بالحديث الضعيف ما دام ضعفه أقل منه كما لا يخفى على من مارس هذا العلم الشريف. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم403.(1/268)
س)- ما صحة قصة عنكبوت الغار والحمامتين المذكورة في السيرة؟
اعلم أنه لا يصح حديث في عنكبوت الغار و الحمامتين على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب و المحاضرات التى تلقى بمناسبة هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة , فكن من ذلك على علم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1189.(1/269)
س)- ما السبب تسمية أبي بكر رضي الله عنه بالصديق؟
قد جزم الإمام أبو جعفر الطحاوي بأن سبب تسمية أبي بكر رضي الله عنه بالصديق , إنما هو سبقه الناس إلى تصديقه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على إتيانه بيت المقدس من مكة , ورجوعه منه إلى منزله بمكة في تلك الليلة , وإن كان المؤمنون يشهدون لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل ذلك إذا وقفوا عليه . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم306.(1/270)
س)- هل كثرة الأتباع معيارً لصدق الداعية؟
أن كثرة الأتباع وقلتهم ليست معيارً لمعرفة كون الداعية على حق أو باطل , فهؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , مع كون دعوتهم واحدة , ودينهم واحداً , فقد اختلفوا من حيث عدد أتباعهم قلة وكثرة , حتى كان فيهم من لم يصدقه إلا رجل واحد , بل ومن ليس معه أحد .
ففي ذلك عبرة بالغة للداعية والمدعوين في هذا العصر , فالداعية عليه أن يتذكر هذه الحقيقة , ويمضي قدماً في سبيل الدعوة إلى الله تعالى , ولا يبالي بقلة المستجيبين له , لأنه ليس عليه إلا البلاغ المبين , وله أسوة حسنة بالأنبياء السابقين الذين لم يكن مع أحدهم إلا الرجل والرجلان .
والمدعوا عليه أن لا يستوحش من قلة المستجيبين للداعية , ويتخذ ذلك سبباً للشك في الدعوة الحق وترك الإيمان بها , فضلاً عن أن يتخذ ذلك دليلاً على بطلان دعوته بحجة أنه لم يتبعه أحد , أو إنما اتبعه الأقلون , ولو كانت دعوته صادقة , لاتبعه جماهير الناس , والله عز وجل يقول : (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) يوسف 103 . . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم397.(1/271)
س)- هل يصح ان يقال ان أبوا الرسول صلى الله عليه وسلم كانا مشركين؟
اعلم أيها الأخ المسلم أن بعض الناس اليوم و قبل اليوم لا استعداد عندهم لقبول الأحاديث الصحيحة , و تبني ما فيها من الحكم بالكفر على والدي الرسول صلى الله عليه وسلم , بل إن فيهم من يظن أنه من الدعاة إلى الإسلام ليستنكر أشد الاستنكار التعرض لذكر هذه الأحاديث ودلالتها الصريحة ! و في اعتقادي أن هذا الاستنكار إنما ينصب منهم على النبي صلى الله عليه وسلم الذي قالها إن صدقوا بها . و هذا - كما هو ظاهر - كفر بواح , أوعلى الأقل : على الأئمة الذين رووها و صححوها , و هذا فسق أو كفر صراح , لأنه يلزم منه تشكيك المسلمين بدينهم , لأنه لا طريق لهم إلى معرفته و الإيمان به , إلا من طريق نبيهم صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى على كل مسلم بصير بدينه , فإذا لم يصدقوا بها لعدم موافقتها لعواطفهم و أذواقهم و أهوائهم - و الناس في ذلك مختلفون أشد الاختلاف - كان في ذلك فتح باب عظيم جدا لرد الأحاديث الصحيحة , و هذا أمر مشاهد اليوم من كثير من الكتاب الذين ابتلي المسلمون بكتاباتهم كالغزالي و الهويدي و بليق و ابن عبد المنان و أمثالهم ممن لا ميزان عندهم لتصحيح الأحاديث و تضعيفها إلا أهواؤهم!.
و اعلم أيها المسلم - المشفق على دينه أن يهدم بأقلام بعض المنتسبين إليه - أن هذه الأحاديث و نحوها مما فيه الإخبار بكفر أشخاص أو إيمانهم , إنما هو من الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها و تلقيها بالقبول , لقوله تعالى : ( ألم . ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين .الذين يؤمنون بالغيب)البقرة 1-3 ، و قوله (و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)الأحزاب 36 , فالإعراض عنها و عدم الإيمان بها يلزم منه أحد أمرين لا ثالث لهما - وأحلاهما مر - : إما تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم , و إما تكذيب رواتها الثقات كما تقدم.و أنا حين أكتب هذا أعلم أن بعض الذين ينكرون هذه الأحاديث أو يتأولونها تأويلا باطلا كما فعل السيوطي - عفا الله عنا و عنه - في بعض رسائله , إنما يحملهم على ذلك غلوهم في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم , وحبهم إياه , فينكرون أن يكون أبواه صلى الله عليه وسلم كما أخبر هو نفسه عنهما, فكأنهم أشفق عليهما منه صلى الله عليه وسلم !! و قد لا يتورع بعضهم أن يركن في ذلك إلى الحديث المشهور على ألسنة بعض الناس الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أحيا الله له أمه , و في رواية : أبويه , و هو حديث موضوع باطل عند أهل العلم كالدارقطني و الجورقاني , و ابن عساكر و الذهبي و العسقلاني , وغيرهم كما هو مبين في موضعه , و راجع له إن شئت كتاب " الأباطيل و المناكير " للجورقاني بتعليق الدكتور عبد الرحمن الفريوائي و قال ابن الجوزي في "الموضوعات":"هذا حديث موضوع بلا شك , و الذي وضعه قليل الفهم , عديم العلم , إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة , لا بل لو آمن عند المعاينة , و يكفي في رد هذا الحديث قوله تعالى : (فيمت و هو كافر) , و قوله صلى الله عليه وسلم في (الصحيح) : "استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي" . و لقد أحسن القول في هؤلاء بعبارة ناصعة وجيزة الشيخ عبد الرحمن اليماني رحمه الله في تعليقه على "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" للإمام الشوكاني , فقال: "كثيرا ما تجمح المحبة ببعض الناس , فيتخطى الحجة و يحاربها , و من وفق علم أن ذلك مناف للمحبة الشرعية . و الله المستعان".قلت : و ممن جمحت به المحبة السيوطي عفا الله عنه , فإنه مال إلى تصحيح حديث الإحياء الباطل عند كبار العلماء كما تقدم , و حاول في كتابه "اللآلىء" التوفيق بينه و بين حديث الاستئذان و ما في معناه , بأنه منسوخ , و هو يعلم من علم الأصول أن النسخ لا يقع في الأخبار و إنما في الأحكام ! و ذلك أنه لا يعقل أن يخبر الصادق المصدوق عن شخص أنه في النار ثم ينسخ ذلك بقوله : إنه في الجنة ! كما هو ظاهر معروف لدى العلماء .
و من جموحه في ذلك أنه أعرض عن ذكر حديث مسلم عن أنس المطابق لحديث (إن أبي و أباك في النار) إعراضا مطلقا , و لم يشر إليه أدنى إشارة , بل إنه قد اشتط به القلم وغلا , فحكم عليه بالضعف متعلقا بكلام بعضهم في رواية حماد بن سلمة ! و هو يعلم أنه من أئمة المسلمين و ثقاتهم , و أن روايته عن ثابت صحيحة , بل قال ابن المديني و أحمد و غيرهما : أثبت أصحاب ثابت حماد , ثم سليمان , ثم حماد بن زيد , و هي صحاح .
وتضعيفه المذكور كنت قرأته قديما جدا في رسالة له في حديث الإحياء - طبع الهند - و لا تطولها يدي الآن لأنقل كلامه , و أتتبع عواره , فليراجعها من شاء التثبت .
ولقد كان من آثار تضعيفه إياه أنني لاحظت أنه أعرض عن ذكره أيضا في شيء من كتبه الجامعة لكل ما هب و دب , مثل "الجامع الصغير" و "زيادته" و "الجامع الكبير" ! و لذلك خلا منه "كنز العمال" و الله المستعان , و لا حول و لا قوة إلا بالله .
و تأمل الفرق بينه و بين الحافظ البيهقي الذي قدم الإيمان و التصديق على العاطفة و الهوى , فإنه لما ذكر حديث : "خرجت من نكاح غير سفاح" , قال عقبه : "و أبواه كانا مشركين , بدليل ما أخبرنا .." , ثم ساق حديث أنس و حديث أبي هريرة في زيارة قبر أمه صلى الله عليه وسلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2592.(1/272)
كتاب المستقبل و أشراط الساعة والقيامة والجنة والنار
س)- هل يدعى الناس يوم القيام بأسمائهم وأسماء أمهاتهم؟
حديث (يدعى الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا من الله عز وجل عليهم) موضوع ، وقد ثبت ما يخالف هذا الحديث , ففي سنن أبي داود بإسناد جيد , كما قال النووي في الأذكار من حديث أبي الدرداء مرفوعاٌ (إنكم تدعون يوم القيام بأسمائكم وأسماء آبائكم) ، وفي الصحيح من حديث عمر مرفوعاُ (إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة , يرفع لكل غادر لواء , فيقال هذا غدرة فلان بن فلان). والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 433.(1/273)
س)- هل عذاب القبر متواصل أم منقطع؟
ربنا قال في القرآن الكريم في حق فرعون وجماعته (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا) (غُدُوًّا وَعَشِيًّا) ، هذا بالنسبة لاهل أكفر الناس فرعون وجماعته ، اللي اتخذوه إلهاً من دون الله ، أما الآخرين لا شك يعني من الفساق من المسلمين بيكون عذابهم دون ذلك، أما تفصيل بين كم وكم فهذا ليس له ذكر في السنة. انتهى كلام الالباني من الفتوى الحادية عشر المستخرجة من الشريط التاسع من سلسلة الهدى و النور.(1/274)
س)- هل ثبت في السنة عذب القبر؟
الأحاديث في ذلك متواترة , فلا مجال للشك فيه بزعم أنها آحاد , ولو سلمنا أنها آحاد , فيجب الأخذ بها لأن القرآن يشهد لها , قال تعالى (وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)غافر45-46 , ولو سلمنا أنه لا يوجد في القرآن ما يشهد لها , فهي وحدها كافية لإثبات هذه العقيدة , والزعم بأن العقيدة لا تثبت بما صح من أحاديث الآحاد زعم باطل دخيل في الإسلام , لم يقل به أحد من الأئمة الأعلام - كالأربعة وغيرهم- بل هو مما جاء به بعض علماء الكلام بدون برهان من الله ولا سلطان , وقد كتبنا فصلاً خاصاً في هذا الموضوع الخطير في كتاب لنا , أرجو أن أوفق لتبييضه ونشره على الناس. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم159.(1/275)
س)- هل سؤال الملكين في القبر ثابت؟
إن سؤال الملكين في القبر حق ثابت , فيجب اعتقاده , والأحاديث فيه متواترة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم159.(1/276)
س)- هل ثبتت فتنة الدجال؟
إن فتنة الدجال فتنة عظيمة , ولذلك أمر بالاستعاذة من شرها في هذا الحديث وفي أحاديث أخرى , حتى أمر بذلك في الصلاة قبل السلام , كما ثبت في البخاري وغيره , وأحاديث الدجال كثيرة جداً , بل هي متواترة عند أهل العلم بالسنة.
ولذلك جاء في كتب العقائد وجوب الإيمان بخروجه في آخر الزمان , كما جاء فيها وجوب الإيمان بعذاب القبر وسؤال الملكين. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم159.(1/277)
س)- هل ثبتت رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة؟
اعلم أن الأحاديث الواردة في إثبات رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة كثيرة جدا حتى بلغت حد التواتر كما جزم به جمع من الأئمة.قد روى أحاديث الرؤية نحو ثلاثين صحابيا ، ومن أحاط بها معرفة يقطع بأن الرسول قالها.انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/278)
س)- هل يمكن للمؤمن ان يرى ربه في الدنيا ؟ وهل راءه الرسول صلى الله عليه وسلم؟
أما رؤيته تعالى في الدنيا فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن أحدا منا لا يراه حتى يموت . رواه مسلم . وأما هو نفسه عليه الصلاة والسلام فلم يرد في إثباتها له ما تقوم به الحجة بل قد صح عنه الإشارة إلى نفيها حين سئل عنها بقوله : " نور أنى أراه " ومع ذلك جزمت السيدة عائشة بنفيها كما في الصحيحين وهذا هو الأصل فينبغي التمسك به. انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/279)
س)- هل ثبت ذكر حوض النبي صلى الله عليه وسلم؟
الأحاديث التي جاء ذكر الحوض فيها كثيرة جدا بلغت مبلغ التواتر كما صرح بذلك جمع من الأئمة ورواها من الصحابة بضع وثلاثون صحابيا وقد استقصى طرقها الحافظ ابن كثير في " النهاية " في آخر تاريخه وعقد لها الحافظ ابن أبي عاصم في " كتاب السنة " سبعة أبواب (رقم 155-161) ورقم الأحاديث (734-776- بتحقيقي) أشار في آخرها إلى تواترها بقوله "والأخبار التي ذكرناها في حوض النبي صلى الله عليه وسلم توجب العلم". انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/280)
س)- هل هناك دليل صريح صحيح يدل على فناء نار الكافرين؟
النار في الآخرة ناران نار تفنى ونار تبقى أبدا لا تفنى فالأولى هي نار العصاة المذنبين من المسلمين والأخرى نار الكفار والمشركين هذا خلاصة ما حرره ابن القيم في " الوابل الصيب " وهو الحق الذي لا ريب فيه وبه تجتمع الأدلة فلا تغتر بما ذكره شارح الطحاوية وابن القيم في "شفاء العليل" و"حادي الأرواح" مما قد ينافي هذا الذي لخصته فإنهما لم يتبنيا ذلك وليس فيه أي دليل صريح صحيح يدل على فناء الكافرين والله تعالى كما قال في أهل الجنة : (لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين )الحجر48 ، قال مثله في الكافرين : (وما هم بخارجين من النار)البقرة 167 ، وما روي عن عمر وغيره لا يصح إسناده كما بينته في تعليقي على "شرح الطحاوية"فتنبه ثم في "الأحاديث الضعيفة". انتهى كلام الالباني من شرح العقيدة الطحاوية.(1/281)
س)- هل يشترط في الخليفة أن يكون عربياً قرشياً؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم) ، وله شاهد، ولفظه:(الناس تبع لقريش في هذا الأمر، خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والله لولا أن تتبطر قريش لأخبرتها ما لخيارها عند الله عز وجل) ، وفي هذه الأحاديث الصحيحة رد صريح على بعض الفرق الضالة قديماً، وبعض المؤلفين والأحزاب الإسلامية حديثاً الذين لا يشترطون في الخليفة أن يكون عربياً قرشياً. وأعجب من ذلك، أن يؤلف أحد المشايخ المدعين للسلفية رسالة في((الدولة الإسلامية)) ذكر في أولها الشروط التي يجب أن تتوفر في الخليفة إلا هذا الشرط، متجاهلاً كل هذه الأحاديث وغيرها مما في معناها، ولما ذكرته بذلك تبسم صارفاً النظر عن هذا الموضوع، ولا أدري أكان ذلك لأنه لا يرى هذا الشرط كالذين أشرنا إليهم آنفاً، أم أنه كان غير مستعد للبحث من الناحية العلمية، وسواء كان هذا أو ذاك، فالواجب على كل مؤلف أن يتجرد للحق في كل ما يكتب، وأن لا يتأثر فيه باتجاه حزبي، أو تيار سياسي ولا يلتزم في ذلك موافقة الجمهور، أو مخالفتهم. والله ولي التوفيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1007.(1/282)
س)- هل الدجال من البشر؟
قال عليه الصلاة والسلام (الدجال أعور، هجان أزهر (( وفي رواية: أقمر )) كأن رأسه أصلة، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن، فإما هلك الهلك، فإن ربكم تعال ليس بأعور) ، والحديث صريح في أن الدجال الأكبر من البشر، له صفات البشر، لا سيما وقد شبه به عبد العزى بن قطن، وكان من الصحابة. فالحديث من الأدلة الكثيرة على بطلان تأويل بعضهم الدجال بأنه ليس بشخص، وإنما هو رمز للحضارة الأوروبية وزخارفها وفتنتها! فالدجال من البشر، وفتنة أكبر من ذلك، كما تضافرت على ذلك الأحاديث الصحيحة، نعوذ بالله منه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1193.(1/283)
س)- هل للميزان التى توزن به الاعمال يوم القيامة كفتان؟
في حديث البطاقة دليل على أن ميزان الأعمال له كفتان مشاهدتان , وأن الأعمال وإن كانت أعراضاً فإنها توزن , والله على كل شئ قدير , وذلك من عقائد أهل السنة , والأحاديث في ذلك متضافرة إن لم تكن متواترة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم135.(1/284)
س)- ما حكم من انكر خروج المهدي , و نزول عيسى عليه السلام؟
حديث (من أنكر خروج المهدي فقد كفر بما أنزل على محمد , و من أنكر نزول عيسى بن مريم فقد كفر , و من أنكر خروج الدجال فقد كفر , و من لم يؤمن بالقدر خيره و شره فقد كفر , فإن جبريل عليه السلام أخبرني بأن الله تعالى يقول : من لم يؤمن بالقدر خيره و شره فليتخذ ربا غيري) حديث باطل قال ، واعلم أن الإيمان بكل ما ذكر في هذا الحديث من خروج المهدي , و نزول عيسى , و بالقدر خيره و شره , كل ذلك واجب الإيمان به , لثبوته في الكتاب و السنة , و لكن ليس هناك نص في أن "من أنكر ذلك فقد كفر" , و من أجل هذا أوردت الحديث و بينت وضعه , و هو ظاهر الوضع , و كأنه من وضع بعض المحدثين أو غيره من الجهلة , وضعه ليقيم به الحجة على منكري ذلك من ذوي الأهواء و المعتزلة , و لن تقوم الحجة على أحد بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم و الافتراء على الله تعالى , فقاتل الله الوضاعين ما أجرأهم على الله عز وجل .
و التكفير ليس بالأمر السهل , نعم من أنكر ما ثبت من الدين بالضرورة بعدما قامت الحجة عليه , فهو الكافر الذي يتحقق فيه حقيقة معنى كفر , و أما من أنكر شيئا لعدم ثبوته عنده , أو لشبهة من حيث المعنى , فهو ضال , و ليس بكافر مرتد عن الدين شأنه في ذلك شأن من ينكر أي حديث صحيح عند أهل العلم , والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1082.(1/285)
س)- هل إبليس لعنه الله يأتي الميت قبل موته؟
ما نقله الغزالي في " الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة " من فتنة الموت , و أن إبليس لعنه الله و كل أعوانه يأتون الميت على صفة أبويه على صفة اليهودية , فيقولان له : مت يهوديا , فإن انصرف عنهم جاء أقوام آخرون على صفة النصارى حتى يعرض عليه عقائد كل ملة , فمن أراد الله هدايته أرسل إليه جبريل فيطرد الشيطان و جنده , فيبتسم الميت ... إلخ , فقال السيوطي : "لم أقف عليه في الحديث". انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1448.(1/286)
س)- ما حكم قول القائل فلان خليفة الله؟
لا يجوز في الشرع أن يقال : فلان خليفة الله , لما فيه إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص والعجز , وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى , فقال في "الفتاوى" : (وقد ظن بعض القائلين الغالطين ـ كابن عربي ـ أن الخليفة هو الخليفة عن الله، مثل نائب الله، والله لا يجوز له خليفة؛ ولهذا لما قالوا لأبي بكر : يا خليفة الله ! قال : لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسبي ذلك . بل هو ـ سبحانه ـ يكون خليفة لغيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم أنت الصاحب في السفر، الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا ) ؛ وذلك لأن الله حي، شهيد، مهيمن، قيوم، رقيب، حفيظ، غني عن العالمين، ليس له شريك، ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه . والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف إلي الاست. وسمي [ خليفة ] لأنه خلف عن الغزو،وهو قائم خلفه، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالي، وهو منزه عنها؛فإنه حي قيوم شهيد،لا يموت ولا يغيب، وهو غني يرزق ولا يرزق، يرزق عباده، وينصرهم، ويهديهم، ويعافيهم، بما خلقه من الأسباب التي هي من خلقه،والتي هي مفتإليه كافتقار المسببات إلي أسبابها . فالله هو الغني الحميد، له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما (يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) الرحمن 29 ، (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ ِ إِلَهٌ ) الزخرف 84 ، ولا يجوز أن يكون أحد خلفًا منه،ولا يقوم مقامه؛ لأنه لا سمي له، ولا كفء له . فمن جعل له خليفة فهو مشرك به) . انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 85.(1/287)
س)- ما حكم القول بفناء النار؟
قال صلى الله عليه وسلم (أما أهل النار الذين هم أهلها (وفي رواية: الذين لا يريد الله عز وجل إخراجهم) فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم (يريد الله عز وجل إخراجهم) فأماتهم إماتة، حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة، ثم قيل يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل) ، وفي الحديث دليل صريح على خلود الكفار في النار، وعدم فنائها بمن فيها، خلافاً لقول بعضهم،لأنه لو فنيت بمن فيها لماتوا واستراحوا، وهذا خلاف الحديث، ولم ينتبه لهذا ولا غيره من نصوص الكتاب والسنة المؤيدة له؛ من ذهب من أفاضل علمائنا إلى القول بفنائها، وقد رده الإمام الصنعاني رداً علمياً متيناً في كتابه(رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار)، وقد حققته، وخرجت أحاديثه، وقدمت له بمقدمة ضافية نافعة، وهو تحت الطبع، وسيكون في أيدي القراء قريباً إن شاء الله تعالى. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 1551.(1/288)
كتاب المعاملات والآداب والحقوق العامة
س)- هل يجوز التمتع في الدنيا وطيباتها؟
حديث (الدنيا حرام على أهل الآخرة والآخرة حرام على أهل الدنيا والدنيا والآخرة حرام على أهل الله) موضوع وحري بمن روى هذا الخبر أن يكون غير ثقة , بل هو كذاب أشر , فإنه خبر باطل لا يشك في ذلك مؤمن عاقل , إذ كيف يحرم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المؤمنين أهل الآخرة ما أباحه الله لهم من التمتع بالدنيا وطيباتها , كما في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعا)البقرة29 , وقوله : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)الأعراف32.ثم كيف يجوز أن يقال : أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرم الدنيا والآخرة معاً على أهل الله تعالى , وما أهل الله إلا أهل القرآن , القائمين به , والعاملين بأحكامه , وما الآخرة إلا جنة أو نار , فتحريم النار على أهل الله مما أخبر به الله تعالى , كما أنه تعالى أوجب الجنة للمؤمنين به , فكيف يقول هذا الكذاب : إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرم عليهم الآخرة وفيها الجنة التي وعد المتقون , وفيها أعز شيء عليهم , وهي رؤية الله , كما قال سبحانه : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)القيامة23,22 , وهل ذلك إلا في الآخرة ؟ وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ[ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ]يونس26)مسلم وغيره والذي أراه أن واضع هذا الحديث هو رجل صوفي جاهل , أراد أن يبث في المسلمين بعض عقائد المتصوفة الباطلة , التي منها تحريم ما أحل الله بدعوى تهذيب النفس , كأنما جاء به الشارع الحكيم غير كاف في ذلك حتى جاء هؤلاء يستدركون على خالقهم سبحانه وتعالى , ومن شاء أن يطلع على ما أشرنا إليه من التحريم فليراجع كتاب "تلبيس إبليس" للحافظ أبي الفرج ابن الجوزي , ير العجب العجاب. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 32.(1/289)
س)- هل يشترط النصيحة قبل التحذير؟
يتفرَّع عن هذا قول بعضهم أو اشتراط بعضهم بمعنى أصّح أنه في حالة الردود لابد قبل أن يُطبع الرّد إيصال نسخة إلى المردود عليه حتى ينظر فيها ، ويقول إن هذا من منهج السلف ؟
هذا ليس شرطاً ، لكن إن تيسّر وكان يُرجى من هذا الأسلوب التقارب بدون تشهير القضية بين الناس فهذا لا شك أنه أمر جيّد ، أما أولاً أن نجعله شرطاً ، وثانياً أن نجعله شرطاً عاماً فهذا ليس من الحكمة في شيء إطلاقاً ، والناس كما تعلمون جميعاً معادن كمعادن الذهب والفضَّة ، فمن عرفت منه أنه معنا على الخط وعلى المنهج وأنه يتقبّل النصيحة فكتبت إليه دون أن تُشهّر بخطئه على الأقل في وجهة نظرك أنت فهذا جيّد ، لكن هذا ليس شرطاً ، وحتى ولو كان شرطاً ليس أمراً مستطاعاً ، من أين تحصل على عنوانه ؟! ، وعلى مراسلته ؟! ، ثم هل يأتيك الجواب منه أو لا يأتيك ؟! ، هذه أمور ظنية تماماً ... هذا الشرط تحقيقه صعب جداً ولذلك المسألة لا تُأخذ شرطاًشريط . انتهى كلام الالباني من شريط الموازنة في النقد من سلسلة الهدى والنور رقم 638.(1/290)
س)- هل يجوز للمكتبة أن تبيع الجرائد والمجلات التي فيها صور خليعة ، أو أخبار كاذبة ، ومدح للمنافقين والفاسقين ؟ وهل يجوز أن تبيع كتبًا تشتمل على عقائد وأفكار وفقه لا يتَّفق مع ما كان عليه السلف الصالح ، لكي تروّج هي كتبها السلفية ؟
المجلات التي فيها صور خليعة لا يجوز التردد في عدم بيعها ، فبيعها حرام ، أما كتب الفقه الأخرى ، فلا بد لمن أراد أن يقف عند حدود الشرع فإنه يجب عليه أن يكون على علم بما في هذه الكتب من آراء وأحكام وأفكار ، وحينئذ فالحكم للغالب مما فيه ، فإن كان الغالب هو الصواب فيجوز بيعها ، وإلا ؛ فلا يجوز إطلاق القول ببيعها ، ولن يجد المسلم كتابًا عدا كتاب اللَّه خاليًا من خطأ ، فإذا قيل بعدم جواز بيع أي كتاب فيه خطأ فحينئذ لا يجوز بيع أي كتاب ، وينظر للقضية بمنظار الغالب . نقلا من موقع جماعة انصار السنة ، والمرجع مجلة التوحيدالعددالثامن لسنة 1420.(1/291)
س)- الاستمناء وهو إخراج المني باليد قد اختلف في حكمه فمنهم من حرمه ، ومنهم من جوزه وبخاصة عند الخوف من الوقوع في الزنة . فمع من الحق ؟
أن الحق مع الذين حرموه ، مستدلين بقوله تعالى : (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون). ولا نقول بجوازه لمن خاف الوقوع في الزنا ، إلا إذا استعمل الطب النبوي ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم للشباب في الحديث المعروف الآمر لهم بالزواج : "فمن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء" . ولذنك فإننا ننكر أشد الانكار على الذين يفتون الشباب بجوازه خشية الزنا ، دون أن يأمروهم بهذا الطب النبوي الكريم. انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/292)
س)- هل هناك فرق بين عدم التشبه بالكفار وبين مخالفة الكفار؟
أن المخالفة المأمور بها هي أعم من التشبه المنهي عنه , ذلك أن التشبه أن يفعل المسلم فعل الكافر , و لو لم يقصد التشبه , و بإمكانه أن لا يفعله . فهو مأمور بأن يتركه . و حكمه يختلف باختلاف ظاهرة التشبه قوة و ضعفا .و أما المخالفة فهي على العكس من ذلك تماما فإنها تعني أن يفعل المسلم فعلا لا يفعله الكافر , إذا لم يكن في فعله مخالفة للشرع , كمثل الصلاة في النعال , فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها مخالفة لليهود , و قد تكون المخالفة لهم فيما هو من خلق الله في كل البشر لا فرق في ذلك بين مسلم و كافر , و رجل و امرأة , كالشيب مثلا , و مع ذلك أمر بصبغه مخالفة لهم , و هذا أبلغ ما يكون من الأمر بالمخالفة , فعلى المسلم الحريص على دينه أن يراعي ذلك في كل شؤون حياته , فإنه بذلك ينجو من أن يقع في مخالفة الأمر بالمخالفة , فضلا عن نجاته من التشبه بالكفار , الذي هو الداء العضال في عصرنا هذا . و الله المستعان . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2834.(1/293)
س)- ما صحة مقولة حب الوطن من الإيمان؟
معناه غير مستقيم , إذ إن حب الوطن كحب النفس والمال ونحوه , كل ذلك غريزي في الإنسان , لا يمدح بحبه , ولا هو من لوازم الإيمان , ألا ترى أن الناس كلهم مشتركون في هذا الحب , لا فرق في ذلك بين مؤمنهم وكافرهم؟ انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 36.(1/294)
س)- هل يجوز النوم بعد العصر؟
حديث (من نام بعد العصر , فاختلس عقله , فلا يلومن إلا نفسه) حديث ضعيف ، قال مروان : قلت لليث بن سعد - ورأيته نام بعد العصر في شهر رمضان - يا أبا الحارث , مالك تنام بعد العصر وقد حدثنا ابن لهيعة....؟ فذكره , قال الليث : لا أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل.قلت : ولقد أعجبني جواب الليث هذا , فإنه يدل على فقه وعلم , ولا عجب , فهو من أئمة المسلمين , والفقهاء المعروفين , وإني لأعلم أن كثيراً من المشايخ اليوم يمتنعون من النوم بعد العصر , ولو كانوا بحاجة إليه , فإذا قيل له : الحديث فيه ضعف , أجابك على الفور : "يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال" , فتأمل الفرق بين فقه السلف , وعلم الخلف. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 39.(1/295)
س)- ما هي الكتب التي تنصح بها شابًّا ناشئًا في حياته العلمية؟
ننصح له أن يقرأ - إذا كان مبتدئًا - من كتبه الفقه (فقه السنة) للسيد سابق ، مع الاستعانة عليه ببعض المراجع ، مثل (سُبل السلام) ، وإن نظر في (تمام المنَّة) فيكون هذا أقوى له ، وأنصح له بـ (الروضة الندية) ، أما التفسير ؛ فعليه أن يعتاد القراءة من كتاب (تفسير القرآن العظيم) لابن كثير ، وإن كان مطولاً بعض الشيء ، فإنه أصح كتب التفسير اليوم . ثمَّ من حيث المواعظ والرقائق فعليه بكتاب (رياض الصالحين) للإمام النووي . ثم أنصح فيما يتعلق بكتب العقيدة بكتاب (شرح العقيدة الطحاوية) لابن أبي العزّ الحنفي ، ويستعين عليها - أيضًا - بتعليقي وشرحي عليها . ثم يجعل بصورة عامة ديدنه دراسة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية ، رحمهما اللَّه ، الذي أعتقد أنهما من نوادر علماء المسلمين الذين سلكوا منهج السلف الصالح في فقههم مع التقوى والصلاح - ولا نزكي على اللَّه أحدًا . نقلا من موقع جماعة انصار السنة ، والمرجع مجلة التوحيدالعددالعاشر لسنة 1420.(1/296)
س)- هل العبرة في العبادة بكثرتها؟
العبرة ليست بكثرة العبادة و إنما بكونها على السنة , بعيدة عن البدعة , و قد أشار إلى هذا ابن مسعود رضي الله عنه بقوله أيضا : "اقتصاد في سنة , خير من اجتهاد في بدعة" .و منها : أن البدعة الصغيرة بريد إلى البدعة الكبيرة , ألا ترى أن أصحاب تلك الحلقات صاروا بعد من الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب؟ فهل من معتبر؟! انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2005.(1/297)
س)- ما حكم تقبيل يد العالم؟
نرى جواز تقبيل يد العالم إذا توفرت الشروط الآتية :
1- أن لا يتخذ عادة بحيث يتطبع العالم على مد يده إلى تلامذته , ويتطبع هؤلاء على التبرك بذلك , فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن قبلت يده , فإنما كان ذلك على الندرة , وما كان كذلك , فلا يجوز أن يجعل سنة مستمرة , كما هو معلوم من القواعد الفقهية.
2- أن لا يدعو ذلك إلى تكبر العالم على غيره ورؤيته لنفسه ,كما هو الواقع مع بعض المشائخ اليوم.
3- أن لا يؤدي ذلك إلى تعطيل سنة معلومة , كسنة المصافحة , فإنها مشروعة بفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقوله , وهي سبب شرعي لتساقط ذنوب المتصافحين ,كما روي في غيرما حديث واحد , فلا يجوز إلغاؤها من أجل أمر أحسن أحواله أنه جائز. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم160.(1/298)
س)- ما حكم إطالة الإزار؟
يجب على المسلم أن لا يطيل إزاره إلى ما دون الكعبين، بل يرفعه إلى ما فوقهما، ولو كان لا يقصد الخيلاء، ففيه رد واضح على بعض المشايخ الذين يطيلون ذيول جُبَبهم حتى تكاد أن تمس الأرض، ويزعمون أنهم لا يفعلون ذلك خُيلاء! فَهَلا تركوه اتباعاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمر، أم هم أصفى قلباً من ابن عمر ؟! انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1568.(1/299)
س)- ما حكم لبس لباس الكفار؟
لا يجوز للمسلم أن يلبس لباس الكفار وأن يتزيا بزيهم، والأحاديث في ذلك كثيرة، كنت قد جمعت منها قسماً طيباً مما ورد في مختلف ابواب الشريعة، وأودعتها في كتابي((حجاب المرأة المسلمة))، فراجعها فإنها مهمة، خاصة وأنه قد شاع في كثير من البلاد الإسلامية التشبه بالكفار في البستهم وعاداتهم، حتى فرض شيء من ذلك على الجنود في كل أوجل البلاد الإسلامية، فألبسوهم القبعة، حتى لم يعد أكثر الناس يشعر بأن في ذلك أدنى مخالفة للشريعة الإسلامية، فإنا لله وإنا إليه راجعون. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1704.(1/300)
س)- هل من الشذوذ أن يختار المسلم قولا من أقوال الخلاف لدليل كان الجمهور على خلافه؟
ليس من الشذوذ في شيء أن يختار المسلم قولا من أقوال الخلاف لدليل بدا له ولو كان الجمهور على خلافه خلافا لمن وهم فإنه ليس في الكتاب ولا في السنة دليل على أن كل ما عليه الجمهور أصح مما عليه مخالفوهم عند فقدان الدليل نعم إذا اتفق المسلمون على شيء دون خلاف يعرف بينهم فمن الواجب اتباعه لقوله تعالى (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)النساء115 ، وأما عند الاختلاف فالواجب الرجوع إلى الكتاب والسنة فمن تبين له الحق اتبعه.(1/301)
س)- هل بدء الساقي يكون بكبير القوم؟
في الحديث أن بدء الساقي بالنبي صلى الله عليه وسلم إنما كان لأنه صلى الله عليه وسلم كان طلب السقيا، فلا يصح الاستدلال به على أن السنة البدء بكبير القوم مطلقاً كما هو الشائع اليوم، كيف وهو صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، بل أعطى الأعرابي الذي كان عن يمينه دون أبي بكر الذي كان عن يساره، ثم بين ذلك بقوله: ((الأيمن فالأيمن)). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1771.(1/302)
س)- ما حكم شرب قليل الخمر؟
يحرم كل مسكر، سواء كان متخذاً من العنب أو التمر أو الذرة أو غيرها، وسواء في ذلك قليله أو كثيره، وأن التفريق بين خمر وخمر، والقليل منه والكثير باطل، خلافاً لما ذهب إليه بعض عليه بعض من تقدم. واغتر به بعض المعاصرين في مجلة (العربي) الكويتية منذ سنين ثم رد عليه بعض مشايخ الشام، فما أحسن الرد، منعه منه تعصبه للمذهب، عفا الله عنا وعنه بمنه وكرمه. والعصمة لله وحده. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1814.(1/303)
س)-ما مدى صحة القول : (لا حياء في الدين) ؟
نجد دليل مثل هذا القول في - إن فُهم صوابًا - كلمة مأثورة في (صحيح مسلم) ، وهو قول السيدة عائشة ، رضي اللَّه عنها : (رحم اللَّه نساء الأنصار ، لم يمنعهن حياؤهن أن يتفقهن في الدين) ، ولكن هذا القول يحتاج إلى التقييد ؛ لأنَّ الأقوال المأثورة يفسر بعضها بعضًا ، فنقول : إذا قيلت هذه الكلمة بمناسبة بحثٍ علميٍّ ، سؤال ، أو في سياق التفقه في الدين ، أو وضعت في مكان مناسب فهي صحيحة ، أما أن يقال : (لا حياء في الدين) من غير تقييد ، فلا ؛ لأن (الحياء من الإيمان) ، كما يقولُ الرسول صلى الله عليه وسلم. نقلا من موقع جماعة انصار السنة ، والمرجع مجلة التوحيدالعددالعاشر لسنة 1420.(1/304)
س)- ما هو حكم الأناشيد المتداولة بين كثير من الشباب، ويسمونها (أناشيد إسلامية)؟
إذا كانت هذه الأناشيد ذات معان إسلامية ، وليس معها شئ من المعازف وآلات الطرب كالدفوف والطبول ونحوها ، فهذا أمر لا بأس به. ولكن؛ لابد من بيان شرط مهم لجوازها، وهو: أن تكون خالية من المخالفات الشرعية ، كالغلو ونحوه . ثم شرط آخر ، وهو عدم اتخاذها ديدناً ، إذ ذلك يصرف سامعيها عن قراءة القرآن الذي ورد الحض عليه في السنة النبوية المطهرة ، وكذلك يصرفهم عن طلب العلم النافع، والدعوة إلى الله سبحانه ، أما استعمال الدفوف مع الأناشيد، فجائز للنساء فيما بينهن دون الرجال ، وفي العيد والنكاح فقط .انتهى كلام الالباني من فتاوى مهمة لنساء الأمة.(1/305)
س)- هل يجوز الزيادة على بسم الله على الطعام؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (يا غلام إذا أكلت , فقل : بسم الله , وكل بيمينك , وكل مما يليك) ، وفي الحديث دليل على أن السنة في التسمية على الطعام إنما هي : " بسم الله " فقط , ومثله حديث عائشة مرفوعاً : (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ).
قال الحافظ : (وأما قول النووي في آداب الأكل من " الأذكار " : " صفة التسمية من أهم ما ينبغي معرفته , والأفضل أن يقول : بسم الله الرحمن الرحيم , فإن قال : بسم الله , كفاه وحصلت السنة " , فلم أر لما ادعاه من الأفضلية دليلاً خاصاً).
وأقول : لا أفضل من سنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , "وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" , فإذا لم يثبت في التسمية على الطعام إلا "بسم الله " , فلا يجوز الزيادة عليها , فضلاً عن أن تكون الزيادة أفضل منها , لأن القول بذلك خلاف ما أشرنا إليه من الحديث "وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم344.(1/306)
س)- هل يجوز السفر يوم الجمعة؟
ليس في السنة ما يمنع من السفر يوم الجمعة مطلقاً , بل روي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سافر يوم الجمعة من أول النهار , ولكنه ضعيف لإرساله.
وقد روى البيهقي عن الأسود بن قيس عن أبيه قال : (أبصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً عليه هيئة السفر , فسمعه يقول : لولا أن اليوم يوم جمعة لخرجت , قال عمر رضي الله عنه : اخرج , فإن الجمعة لا تحبس عن سفر) رواه ابن أبي شيبة مختصراً.
وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات , وقيس والد الأسود , وثقه النسائي وابن حبان.
فهذا الأثر مما يضعف هذا الحديث , وكذا المذكور قبله , إذ الأصل أنه لا يخفى على أمير المؤمنين عمر لو كان صحيحاً. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم219.(1/307)
س)- ما هو حد الجوار؟
قد اختلف العلماء في حد الجوار على أقوال , ذكرها في "الفتح" , وكل ما جاء تحديده عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأربعين , ضعيف لا يصح , فالظاهر أن الصواب تحديده بالعرف , والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم277.(1/308)
س)- ما حكم الإقامة في بلاد الكفر؟
الحقيقة التي لا شك فيها ولا ريب أنه لا يجوز للمسلم اليوم أن يعيش في بلاد الكفر فإذا أخرج من بلده ، من مسقط رأسه فيسعه أن ينتقل إلى بلاد آخر من بلاد الإسلام ، هذا ما يحضرني ذكره أو رأيت من الضروري ذكره. انتهى كلام الالباني من سلسلة الهدى والنور من شريط رقم 617.(1/309)
س)- ما صحة معنى كما تكونوا يولى عليكم؟
حديث (كما تكونوا يولى عليكم) حديث ضعيف ثم إن الحديث معناه غير صحيح على إطلاقه عندي , فقد حدثنا التاريخ يولي رجل صالح عقب أمير غير صالح , والشعب هو هو. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 320.(1/310)
س)- ما حكم ما مات في البحر مما كان يحيا فيه , كان طافياً على الماء؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (هو الطهور ماؤه , الحل ميتته) ، في الحديث فائدة هامة , وهي حل ما مات في البحر مما كان يحيا فيه , ولو كان طافياً على الماء.
وما أحسن ما روى عن ابن عمر أنه سئل : آكل ما طفا على الماء ؟ قال : إن طافيه ميتته , وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إن ماءه طهور , وميته حل) , رواه الدارقطني.
وحديث النهي عن أكل ما طفا منه على الماء لا يصح , كما هو مبين في موضع آخر. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 480.(1/311)
س)- الجهاز المرئي التلفزيون هل هو حرام في ذاته أو في المواضيع التي تبث إن كانت محرمة؟
لا أستطيع أن أقول نعم أو لا، وإنما يجب أن نعلم حكم الصور و التصوير في الإسلام، هل الأصل فيها الإباحة؟ أم الأصل فيها التحريم، فبناءً على هذا الأصل يأتي الجواب عن بعض ما يتفرع عنه.
الأصل في التصوير-كما أظن أن الجميع يعلمون ذلك- أنّه لا يجوز، لا يجوز تصوير شيء من مخلوقات الله- عزّ وجل- مما لها روح، ويدخل في ذلك الحيوانات سواء ما كان منها ناطقاً أو صامتاً، إلا ما اقتضته الحاجة الملحة أو الضرورة؛ فهنا حينما نقول: الصور الفوتوغرافية، هل هي جائزة أو محرمة؟ نقول إنها محرمة، إلا ما لابد منها، كذلك التلفاز، والتلفاز-الحقيقة- من المخترعات التي هي من حيث تعلقها بالصور والتصوير هي من جهة أخطر وأشد تحريماً من الصور الجامدة غير المتحركة، لكنّه في الوقت نفسه، هي إذا كانت مستثناةً من التحريم، هي أنفع من هذه الصور الجامدة.
فإذاً، حكم التلفاز كحكم التصوير الفوتوغرافي وغيره ، الأصل فيه حرام.
فما كان يجوز لضرورةٍ، جاز، سواء في التصوير الفوتوغرافي أو ما يتعلق بالتلفاز هذا التصوير المتحرك.الحقيقة أنَّ الواقع الآن والمُشاهدُ في كل بلاد الدنيا، أن أكثر ما يعرض في التلفاز مُضِرٌ، مُضِرُ خلقياً ودينياً واجتماعياً و إلي آخره، نادر جداً جداً ما يمكن أن يعرض ويكون داخل في القاعدة التي أشرنا إليها، و التي تستثني بعض الصور من التحريم، وأنا أضرب على هذا مثالاً مهماً جداً لبيان أن التلفاز أنفع كثيراً من التصوير فيما يجوز القول بإباحته:
نحن نرى- مثلاً- في كل سنة، كثيراً من المسلمين يؤمون البيت الحرام حجَّاجاً أو معتمرين، ولكن مع الأسف، حينما يعودون، وتتصل بأحدهم وتسأل: كيف طاف؟ كيف سعى؟ كيف بات؟ كيف وقف في عرفات؟ إلي آخره؛ تجدهم في منتهى الجهل بمناسك الحج.
فأنا أقول: لو استعمل التلفاز في دولة إسلامية تعنى باستعمال الوسائل التي خلقها الله عز وجل في العصر الحاضر، واستعملت في غاية ما حرم الله، أن تستعمل فيما شرع الله؛ فأضرب على ذلك مثلاً: لو أنّ التلفاز السعودي- الذي يحكم البلد المقدسة مكة والمدينة ونحوها- لو عرض في التلفاز بيت الله الكعبة، ورجل عالم فاضل يعلم الناس في كل بلاد الدنيا، من أين يبدأ الطواف؟ وأين ينتهي؟ ومتى يذهب إلي زمزم هناك؟ ثم يعود ليستقبل الحجر الأسود، ثم يذهب ليقف على الصفا، وإلي آخره؛ لا شك بأنّ هذه، أقول: بأنّها من الصور الجائزة بل الواجبة، قياساً على لعب السيدة عائشة- رضي الله عنها- التي أباحها رسول الله- عليه السلام- لها أن تتعاطاها؛ لما في ذلك من تدريب لهذه الفتاة بما يتعلق بما يسمى اليوم: بتدبير المنزل، و تعلم الحج إلي بيت الله الحرام- بلا شك- أهم من هذا بكثير، لكن مع ذلك لا نجد في التلفاز شيئاً- يعني نقول- بأنه يجب إظهاره على جماهير المسلمين، ليستفيدوا منه علماً أو عبراً أو ما شابه ذلك.
خلاصة القول: التلفاز كالصور، الأصل في كل منهما حرام، لكن يجوز منهما ما تقتضيه الحاجة المُلِحَّة أو الضَرُورَة.انتهى كلام الالباني من شريط آداب المجالس.(1/312)
س)- ما حكم قيام الرجل للرجل؟
حديث (يقوم الرجل للرجل , إلا بني هاشم لا يقومون لأحدٍ) موضوع ومما يدل على وضع هذا الحديث أنه يقرر عادة تخالف ما كان الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم - وهو سيد بني هاشم- فإنهم كانوا لا يقومون له صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من كراهيته لذلك , وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
على أنه قد جاء ما يخالف هذا الحديث نصاُ , ولكن إسناده ضعيف عندنا , فلا يحتج به , وهو الحديث الآتي :(لا تقوموا كما تقوم الأعاجم , يعظم بعضها بعضاُ) ضعيف.
نعم , معنى هذا الحديث صحيح من حيث دلالته على كراهة القيام للرجل إذا دخل , وقد جاء في ذلك حديث صحيح صريح فقال أنس بن مالك رضي الله عنه (ما كان شخص في الدنيا أحب إليهم رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك)الصحيحة 358.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره هذا القيام لنفسه , وهي المعصومة من نزعات الشيطان , فبالأحرى أن يكرهه لغيره ممن يخشى عليه الفتنة , فما بال كثير من المشائخ وغيرهم قد استساغوا هذا القيام , وألفوه , كأنه أمر مشروع , كلا , بل إن بعضهم ليستحبه مستدلاُ بقوله صلى الله عليه وسلم (قوموا إلى سيدكم), ذاهلين عن الفرق بين القيام للرجل احتراماُ , وهو المكروه , وبين القيام إليه لحاجة , مثل الاستقبال , والإعانة على النزول , وهو المراد بهذا الحديث الصحيح , ويدل عليه رواية أحمد له بلفظ (قوموا إلى سيدكم , فأنزلوه) الصحيحة رقم 67. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 345 ، 346.(1/313)
س)- ما حكم الجلوس على الحرير للرجال؟
حديث (جلس صلى الله عليه وسلم على مرفقة حرير) لا أصل له و قد احتج به صاحب "الهداية"لمذهب الحنفية الذي يجيز للرجال الجلوس على الحرير ! .قال الزيلعي : "يشكل على المذهب حديث حذيفة قال : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب و الفضة , و أن نأكل فيها , و عن لبس الحرير و الديباج , و أن نجلس عليه . أخرجه البخاري".
قلت : و هذا هو الحق أنه يحرم الجلوس على الحرير كما يحرم لبسه لحديث البخاري هذا , و الأحاديث العامة في تحريم لبسه على الرجال كقوله عليه السلام : " لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " متفق عليه , فإنها تتناول بعمومها الجلوس عليه , لأن الجلوس لبس لغة و شرعا , كما قال أنس رضي الله عنه : "قمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس".
فانظر كيف تصرف الأحاديث الموضوعة الناس عن الأحاديث الصحيحة . (فاعتبروا يا أولي الأبصار). انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم552.(1/314)
س)- ما الفرق بين إحياء الأرض والتحجير؟
حديث (عادي الأرض لله و للرسول , ثم لكم من بعد , فمن أحيا أرضا ميتة فهي له , و ليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين) منكر بهذا التمام ، واعلم أن الإحياء غير التحجير , و قد بين الفرق بينهما يحيى بن آدم أحسن بيان فقال: "و إحياء الأرض أن يستخرج فيها عينا أو قليبا أو يسوق إليها الماء , و هي أرض لم تزرع , و لم تكن في يد أحد قبله يزرعها أو يستخرجها حتى تصلح للزرع , فهذه لصاحبها أبدا , لا تخرج من ملكه , و إن عطلها بعد ذلك , لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أحيا أرضا فهي له" , فهذا إذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها للناس , فإن مات فهي لورثته و له أن يبيعها إن شاء"
قال : "و التحجير , فهو غير الإحياء , قال ابن المبارك : التحجير أن يضرب على الأرض من الأعلام و المنار فهذا الذي قيل فيه إن عطلها ثلاث سنين فهي لمن أحياها بعده" .
و يظهر أن هذا الفرق الواضح لم ينتبه له رئيس حزب التحرير الإسلامي فإنه احتج بهذا الحديث المنكر في كتابه " النظام الاقتصادي في الإسلام "على أنه يشترط في إحياء الأرض الموات أن يستثمرها مدة ثلاث سنوات من وضع يده عليها , و أن يستمر هذا الإحياء باستغلالها فإن لم يفعل سقط حق ملكيته لها".
و الحديث مع أنه منكر ليس فيه الشرط المذكور , و لا هو في الإحياء كما هو ظاهر بأدنى تأمل , و كم له أو لحزبه مثل هذا الاستدلال الباطل , و الاحتجاج بالأحاديث المنكرة و الأخبار الواهية. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم553.(1/315)
س)- هل من السنة الأكل بالكف .وما حكم الأكل بالمعلقة؟
حديث (كان يأكل بكفه كلها) موضوع وهو أصل تلك العادة المتبعة في بعض البلاد العربية , و هي أكلهم الأرز و نحوه بأكفهم من "المناسف" , فهم بذلك يخالفون السنة الصحيحة , و هي الأكل بثلاث أصابع , و يعملون بالحديث الموضوع المخالف لها!
و من الغريب أن بعضهم يستوحش من الأكل بالمعلقة , ظنا منه أنه خلاف السنة ! مع أنه من الأمور العادية , لا التعبدية , كركوب السيارة و الطيارة و نحوها من الوسائل الحديثة , و ينسى أو يتناسى أنه حين يأكل بكفه أنه يخالف هديه صلى الله عليه وسلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1202.(1/316)
س)- هل اقر الرسول صلى الله عليه وسلم خلاف الصحابة؟
حديث (من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة) منكر بهذا السياق و المحفوظ منه الشطر الثاني فقط من حديث ابن عمر قال : قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الأحزاب : "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" . أخرجه الشيخان و السياق للبخاري و في آخره : "فأدرك بعضهم العصر في الطريق , فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيهم . و قال بعضهم : بل نصلي لم يرد منا ذلك . فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فلم يعنف واحدا منهم".يحتج بعض الناس اليوم بهذا الحديث على الدعاة من السلفيين و غيرهم الذي يدعون إلى الرجوع فيما اختلف فيه المسلمون إلى الكتاب و السنة , يحتج أولئك على هؤلاء بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر خلاف الصحابة في هذه القصة , و هي حجة داحضة واهية , لأنه ليس في الحديث إلا أنه لم يعنف واحدا منهم , و هذا يتفق تماما مع حديث الاجتهاد المعروف , و فيه أن من اجتهد فأخطأ فله أجر واحد , فكيف يعقل أن يعنف من قد أجر ?! و أما حمل الحديث على الإقرار للخلاف فهو باطل لمخالفته للنصوص القاطعة الآمرة بالرجوع إلى الكتاب و السنة عند التنازع و الاختلاف , كقوله تعالى : *( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خيرا و أحسن تأويلا )
و قوله ( و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) الآية .
و إن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يزعمون أنهم يدعون إلى الإسلام , فإذا دعوا إلى التحاكم إليه قالوا : قال عليه الصلاة و السلام : " اختلاف أمتي رحمة " ! و هو حديث ضعيف لا أصل له كما تقدم تحقيقه في أول هذه السلسلة , و هم يقرؤون قول الله تعالى في المسلمين حقا : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله و رسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا و أولئك هم المفلحون ). و قد بسط القول في هذه المسألة بعض الشيء , و في قول أحد الدعاة : نتعاون على ما اتفقنا عليه , و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه , في تعليق لي كتبته على رسالة " كلمة سواء " لأحد المعاصرين لم يسم نفسه ! لعله يتاح لي إعادة النظر فيه و ينشر. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم1981.(1/317)
س)- كيف يكون اعفاء اللحية؟
السنة التي جرى عليها السلف من الصحابة و غيرهم إعفاؤها إلا ما زاد على القبضة ; فتقص الزيادة . و قد فصلت هذا في غير ما موضع تفصيلا , و استدللت له استدلالا قويا. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم2107.(1/318)
س)- ما صحة قول القائل في اهل الذمة لهم ما لنا , و عليهم ما علينا؟
حديث (لهم ما لنا , و عليهم ما علينا . يعني أهل الذمة) باطل لا أصل له في شيء من كتب السنة , و إنما يذكره بعض الفقهاء المتأخرين ممن لا دراية لهم في الحديث ، و قد جاء ما يشهد ببطلان الحديث , فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لهم ما لنا و عليهم ما علينا " ليس في أهل الذمة , و إنما في الذين أسلموا من أهل الكتاب و المشركين , كما جاء في حديث سلمان و غيره , رواه مسلم و غيره.
و إن مما يؤكد بطلانه مخالفته لنصوص أخرى قطعية كقوله تعالى : (أفنجعل المسلمين كالمجرمين . ما لكم كيف تحكمون), و قوله صلى الله عليه وسلم :" لا يقتل مسلم بكافر " , و قوله :" للمسلم على المسلم خمس: إذا لقيته فسلم عليه ... " الحديث , و قوله : " لا تبدؤا اليهود و النصارى بالسلام .. " ، و كل هذه الأحاديث مما اتفق العلماء على صحتها. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم2176.(1/319)
س)- هل الحسنة سبب في زيادة الرزق و إطالة العمر؟
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (من أحب أن يبسط له في رزقه , وأن ينسأ له في أثره , فليصل رحمه) رواه الشيخان وغيرهما وهو مخرج في "صحيح أبي داود".
فهذا يدل على أن الحسنة سبب في زيادة الرزق , كما أنها سبب في إطالة العمر , ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى : (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ)النحل61 , ولبسط هذا موضع آخر. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم181.(1/320)
س)- ما حكم الضرب بالدف في غير النكاح والعيد؟
قد يشكل حديث عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ((أن أمَةً سوداء أتت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ورَجَعَ من بعض مغازيه، فقالت: إني كنتُ نذرتُ: إن ردك الله صالحاً أن أضرب عندك بالدف! قال (( إن كنتِ فعلتِ فافعلي، وإن كنتِ لم تفعلي فلا تفعلي)). فَضَرَبَتْ، فدخل أبو بكر وهي تَضْرِبُ، ودخل غيره وهي تَضْرِبُ، ثم دخل عمر، قال: فجعلتْ دُفها خلفها وهي مُقنعة، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الشيطان ليفرق منك يا عمر ). على بعض الناس، لأن الضرب بالدف معصية في غير النكاح والعيد، والمعصية لا يجوز نذرها ولا الوفاء بها . والذي يبدو لي في ذلك أن نذرها لما كان فرحاً منها بقدومه صلى الله عليه وسلم صالحا سالما منتصرا، اغتفر لها السبب الذي نذرته لإظهار فرحها، خصوصية له صلى الله عليه وسلم دون الناس جميعا، فلا يؤخذ منه جواز الدف في الأفراح كلها، لأنه ليس هناك من يفرح به كالفرح به صلى الله عليه وسلم، ولمنافاة ذلك لعموم الأدلة المحرمة للمعازف والدفوف وغيرها، إلا ما استثني كما ذكرنا آنفا. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1609.(1/321)
س)- هل يجوز للنساء استعمال الذهب والفضة؟
الذهب بالنسبة للنساء حلال، إلا أواني الذهب والفضة، فهن يشتركن مع الرجال في التحريم اتفاقاً، وكذلك الذهب المحلق على الراجح عندنا، عملاً بالأدلة الخاصة المحرمة، ودعوى أنها منسوخة مما لا ينهض عليه دليل، كما هو مبين في كتابي((آداب الزفاف في السنة المطهرة))، ومن نقل عني خلاف هذا فقد افترى.
وكذلك الذهب و الحرير محرم على الرجال، إلا لحاجة؛ لحديث عرفجة بن سعد الذي اتخذ أنفاً من ذهب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث عبد الرحمن بن عوف الذي اتخذ قميصاً من حرير، بترخيص النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم1865.(1/322)
س)- هل يجوز كتمان الحق خوفاً من الناس؟
في قوله صلى الله عليه وسلم (لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ [أَوْ شَهِدَهُ أَوْ سَمِعَهُ]) ، النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفاً من الناس , أو طمعاً في المعاش , فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء , كالضرب والشتم وقطع الرزق , أو مخافة عدم احترامهم إياه , ونحو ذلك , فهو داخل في النهي ومخالف للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإذا كان هذا حال من يكتم الحق وهو يعلمه , فكيف يكون حال من لا يكتفي بذلك , بل يشهد بالباطل على المسلمين الأبرياء , ويتهمهم في دينهم وعقيدتهم , مسايرة منه للرعاع , أو مخافة أن يتهموه هو أيضاً بالباطل إذا لم يسايرهم على ضلالهم واتهامهم ؟ فاللهم ثبتنا على الحق , وإذا أردت بعبادك فتنة , فاقبضنا إليك غير مفتونين . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 168.(1/323)
س)- ما حكم الشرب قائما؟
ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا) ، وقد ورد الحديث بلفظ آخر , وهو (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ لَاسْتَقَاءَهُ) ، وفي الحديث تلميح لطيف إلى النهي عن الشرب قائماً , وقد جاء التصريح بذلك من حديث أنس رضي الله عنه , وهو (نَهَى [وفي لفظ زَجَرَ] عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا) ، وظاهر النهي في هذه الأحاديث يفيد تحريم الشراب قائماً بلا عذر , وقد جاءت أحاديث كثيره أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب قائماً , فاختلف العلماء في التوفيق بينهما , والجمهور على أن النهي للتنزيه , والأمر بالاستقاء للاستحباب , وخالفهم ابن حزم , فذهب إلى التحريم , ولعل هذا هو الأقرب للصواب , فإن القول بالتنزيه لا يساعد عليه لفظ (زجر) , ولا الأمر بالاستقاء , لأنه - أعني : الاستقاء - فيه مشقة شديدة على الإنسان , وما أعلم أن في الشريعة مثل هذا التكليف كجزاء لمن تساهل بأمر مستحب , وكذلك قوله (قد شرب معك الشيطان) فيه تنفير شديد عن الشرب قائماً , وما إخال ذلك يقال في ترك مستحب .
وأحاديث الشرب قائماً يمكن أن تحمل على العذر , كضيق المكان , أو كون القربة معلقة , وفي بعض الأحاديث الإشارة إلى ذلك , والله أعلم ، ثم رأيت كلاماً جيداً لابن تيمية يشبه هذا , فراجعه في المجموع . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 175.(1/324)
س)- ما حكم التسمية بـ[ عز الدين ] و [ محيي الدين ] و [ ناصر الدين ]؟
لا يجوز التسمية بـ[عز الدين] و [محيي الدين] و [ناصر الدين] .... ونحو ذلك , ومن أقبح الأسماء التي راجت في العصر , ويجب المبادرة إلى تغييرها لقبح معانيها , هذه الأسماء التي أخذ الآباء يطلقونها على بناتهم , مثل [وصال] و [سهام] و [نهاد : وهي المرأة إذا كعب ثديها و وارتفع عن الصدر , صارله حجم] و [غادة : وهي المرأة الناعمة اللينة البينة الغيد] و [فتنة] .. ونحو ذلك , والله المستعان انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم207.(1/325)
س)- ما حكم البصق إلى القبلة؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (مَنْ تَفَلَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وتَفْلتُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ) ، وللحديث شاهد بلفظ (يجيء صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه) ، وفي الحديث دلالة على تحريم البصاق إلى القبلة مطلقاً , سواء ذلك في المسجد أو غيره , وعلى المصلي وغيره , كما قال الصنعاني في سبل السلام قال : (وقد جزم النووي بالمنع في كل حالة داخل الصلاة وخارجها , وفي المسجد أو غيره) .
قلت : وهو الصواب ، والأحاديث الواردة في النهي عن البصق في الصلاة تجاه القبلة كثيرة مشهورة في الصحيحين وغيرهما , وإنما آثرت هذا دون غيره , لعزته , وقلة من أحاط علمه به , ولأن فيه أداباً رفيعاً مع الكعبة المشرفة , طالما غفل عنه كثير من الخاصة فضلاً عن العامة , فكم رأيت في أئمة المساجد من يبصق إلى القبلة من نافذة المسجد .وفي الحديث أيضاً فائدة هامة , وهي الإشارة إلى إن النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط إنما هو مطلق , يشمل الصحراء والبنيان , لأنه إذا أفاد الحديث أن البصق تجاه القبلة لا يجوز مطلقاً فالبول والغائط مستقبلاً لها لا يجوز بالأولى , فمن العجائب إطلاق النووي النهي في البصق , وتخصيصه في البول والغائط (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )ق37 انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم222.(1/326)
س)- ما حكم مصافحة النساء؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) ، وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له , ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء , لأن ذلك مما يشمله المس دون شك , وقد بلي بها كثير من المسلمين في هذا العصر , وفيهم بعض أهل العلم , ولو أنهم استنكروا ذلك بقلوبهم , لهان الخطب بعض الشيء , ولكنهم يستحلون ذلك بشتى الطرق و التأويلات , وقد بلغنا أن شخصية كبيرة جداً في الأزهر قد رآه بعضهم يصافح النساء , فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام.
بل إن بعض الأحزاب الإسلامية قد ذهبت إلى القول بجواز المصافحة المذكورة , وفرضت على كل حزبي تبنيه , واحتجت لذلك بما لا يصلح , معرضة عن الاعتبار بهذا الحديث والأحاديث الأخرى الصريحة في عدم مشروعية المصافحة . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم226.(1/327)
س)- هل من الآداب الإسلامية أن يقوم الرجل عن مجلسه ليجلس فيه غيره؟
صح عنه عليه الصلاة والسلام انه قال (لَا يَقُومُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ مِنْ مَجْلِسِهِ وَلَكِنْ أَفْسِحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ) ، وللحديث شاهدان ذكرهما الحافظ في الفتح , وفاته هذا الحديث المشهود له , فقال تعليقاً على قول البخاري : (وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه) , قال : أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" بلفظ : (وكان ابن عمر إذا قام له رجل من مجلسه , لم يجلس فيه) وكذا أخرجه مسلم .وعن ابن عمر قال : (لايقم الرجل الرجل من مجلسه ثم يقعد فيه) .والحديث ظاهر الدلالة على أنه ليس من الآداب الإسلامية أن يقوم الرجل عن مجلسه ليجلس فيه غيره , يفعل ذلك احتراماًَ له , بل عليه أن يفسح له في المجلس وأن يتزحزح له إذا كان الجلوس على الأرض , بخلاف ما إذا كان على الكرسي , فذلك غير ممكن , فالقيام والحالة هذه مخالف لهذا التوجيه النبوي الكريم , ولذلك كان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه , ثم يجلس هو فيه كما تقدم عن البخاري , والكراهة هو أقل ما يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : (لَا يَقُومُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ ...) , فإنه نفي بمعني النهي , والأصل فيه التحريم لا الكراهة , والله اعلم .ثم إنه لا منافاة بين هذا الحديث وبين حديث ابن عمر المتقدم- (لايقم الرجل الرجل من مجلسه ثم يقعد فيه) - في الصحيح , لأن فيه زيادة حكم عليه , والأصل أنه يؤخذ بالزائدة فالزائدة من الأحكام , وحديث ابن عمر إنما فيه النهي عن الإقامة , وليس فيه نهي الرجل عن القيام , بخلاف هذا الحديث , ففيه هذا النهي , وليس فيه النهي الأول إلا ضمناً , فإنه إذا كان قد نهي عن القيام , فلأن ينهى عن الإقامة من باب أولى , وهذا بين لا يخفى إن شاء الله تعالى , وعليه يدل حديث ابن عمر , فإنه مع إنه روى النهي عن الإقامة , كان يكره الجلوس في مجلس من قام عنه له , وإن كان هو لم يقمه , ولعل ذلك سداً للذريعة وخشية أن يوحى إلى الجالس بالقيام , ولو لم يقمه مباشرة , والله أعلم . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم228.(1/328)
س)- هل يشمل تحريم الصورة ، الصورة التي ليست مجسمة ولا ظل لها؟
التحريم يشمل الصورة التي ليست مجسمة ولا ظل لها , لعموم قول جبريل عليه السلام : (فإنا لا ندخل بيتاً فيه تماثيل) , وهي الصور , ويؤيده أن التماثيل التي كانت على القرام لا ظل لها , ولا فرق في ذلك بين ما كان منه تطريزاً على الثوب أو كتابة على الورق أو رسماً بالآلة الفوتوغرافية , إذ كل ذلك صورة وتصوير , والتفريق بين التصوير اليدوي والتصوير الفوتوغرافي - فيحرم الأول دون الثاني - ظاهرية عصرية , وجمود لا يحمد , كما حققته في "آداب الزفاف".
الثالث : أن التحريم يشمل الصورة التي توطأ أيضاً إذا تركت على حالها ولم تغير بالقطع , وهو الذي مال إليه الحافظ في " الفتح " . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم356.(1/329)
س)- ما حكم أكل لحوم الخيل؟
لقد (نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ) ،وفي هذا الحديث جواز أكل لحوم الخيل , وهو مذهب الأئمة الأربعة , سوى أبي حنيفة , فذهب إلى التحريم , خلافاً لصاحبيه , فإنهما وافقا الجمهور , وهو الحق , لهذا الحديث الصحيح , ولذلك اختاره أبو جعفر الطحاوي , وذكر أن حجة أبي حنيفة حديث خالد بن الوليد مرفوعاً : (لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير) , ولكنه حديث منكر ضعيف الإسناد , لا يحتج به إذا لم يخالف ما هو أصح منه , فكيف وقد خالف حديثين صحيحين كما ترى ؟ وقد بينت ضعفه وعلله في "السلسلة الضعيفة " . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم359.(1/330)
س)- هل ثبت الشؤم في شيء؟
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (إِنْ يَكُ مِنْ الشُّؤْمِ شَيْءٌ حَقٌّ فَفِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّار) ، والحديث يعطي بمفهومه أن لا شؤم في شيء , لأن معناه : لو كان الشؤم ثابتاً في شيء ما , لكان في هذه الثلاثة , لكنه ليس ثابتاً في شيء أصلاً , وعليه , فما في بعض الرويات بلفظ : ( الشؤم في ثلاثة ) , أو : (إنما الشؤم في ثلاثة ) , فهو اختصار وتصرف من بعض الرواة , والله أعلم . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 442.(1/331)
س)- ما حكم أكل الحمار الأهلي؟
الحمار الأهلي وكل ذي ناب من الوحوش حرام أكله , وليس مكروهاً فقط , كما زعم بعض المفسرين في هذا العصر.انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم476.(1/332)
س)- متى يجوز الكذب؟
للقد ورد عن النبي صلىالله عليه وسلم انه (رَخَّصَ مِنْ الْكَذِبِ فِي ثَلَاثٍ فِي الْحَرْبِ وَفِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ) . وفي رواية : حديث الرجل امرأته , وحديث المرأة زوجها) قال النووي : (قال القاضي : لا خلاف في جواز الكذب في هذه الصور , واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها ما هو ؟ فقالت طائفة : هو على إطلاقه , وأجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع للمصلحة , وقالوا : الكذب المذموم ما فيه مضرة , واحتجوا بقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم : (بل فعله كبيرهم) (وإني سقيم) وقوله : إنها أختي وقول منادي يوسف صلى الله عليه وسلم : (أيتها العير إنكم لسارقون) قالوا : ولا خلاف أنه لو قصد ظالم قتل رجل هو عنده مختف وجب عليه الكذب في أنه لا يعلم أين هو , وقال آخرون منهم الطبري : لا يجوز الكذب في شيء أصلا . قالوا : وما جاء من الإباحة في هذا المراد به التورية , واستعمال المعاريض , لا صريح الكذب , مثل أن يعد زوجته أن يحسن إليها ويكسوها كذا , وينوي إن قدر الله ذلك . وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة , يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه . وإذا سعى في الإصلاح نقل عن هؤلاء إلى هؤلاء كلاما جميلا , ومن هؤلاء إلى هؤلاء كذلك وورى وكذا في الحرب بأن يقول لعدوه : مات إمامكم الأعظم , وينوي إمامهم في الأزمان الماضية : أو غدا يأتينا مدد أي طعام ونحوه . هذا من المعاريض المباحة , فكل هذا جائز . وتأولوا قصة إبراهيم ويوسف وما جاء من هذا على المعاريض . والله أعلم) .
قلت : لا يخفي على البصير أن قول الطائفة الأولى هو الأرجح والأليق بظواهر هذه الأحاديث , وتأويلها بما تأولته الطائفة الأخرى من حملها على المعاريض مما لا يخفى بعده , لا سيما في الكذب في الحرب , فإنه أوضح من أن يحتاج إلى التدليل على جوازه , ولذلك قال الحافظ في الفتح :
(قال النووي : الظاهر إباحة حقيقة الكذب في الأمور الثلاثة , لكن التعريض أولى . وقال ابن العربي : الكذب في الحرب من المستثنى الجائز بالنص وفقا بالمسلمين لحاجتهم إليه وليس للعقل فيه مجال , ولو كان تحريم الكذب بالعقل ما انقلب حلالا انتهى . ويقويه ما أخرجه أحمد وابن حبان من حديث أنس في قصة الحجاج ابن علاط الذي أخرجه النسائي وصححه الحاكم في استئذانه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول عنه ما شاء لمصلحته في استخلاص ماله من أهل مكة وأذن له النبي صلى الله عليه وسلم , وإخباره لأهل مكة أن أهل خبير هزموا المسلمين وغير ذلك مما هو مشهور فيه) . انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم545.(1/333)
س)- ما حكم صرف أثمان الضحايا والهدايا في منى إلي الفقراء؟
لقد شاع بين الناس الذين يعودون من الحج التذمر البالغ مما يرونه من ذهاب الهدايا والضحايا في منى طعماً للطيور والسباع الوحوش، أو لقماً للخنادق الضخمة التي تحفرها الجرفات الآلية ثم تقبرها فيها، حتى لقد حمل ذلك بعض المفتين الرسميين على إفتاء بعض الناس بجواز-بل وجوب- صرف أثمان الضحايا والهدايا في منى إلي الفقراء، او يشتري بها بديلها في بلاد المكلفين بها، ولست الآن بصدد بيان ما في هذه الفتوى من الجور، ومخالفة النصوص الموجبة لما استيسر من الهدي دون القيمة، وإنما غرضي أن أنبه أن التذمر المذكور يجب أن يعلم أن المسؤول عنه إنما هم المسلمون أنفسهم، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن، وإنما أذكر هنا سبباً واحداً منها، وهو عدم اقتدائهم بالسلف الصالح رضي الله عنهم في الانتفاع من الهدايا:بذبحهاو سلخها وتقطيعها، وتقديمها قطعاً إلي الفقراء، والأكل منها، ثم إصلاحها بطريقة فطرية؛ كتشريقه وتقديمه تحت أشعة الشمس بعد تمليحه، أو طبخه مع التمليح الزائد ليصلح للادخار، أو بطريقة أخرى عملية فنية إن تيسرت، لو أن المسلمين صنعوا في الهدايا هذا وغيره مما يمكن استعماله من الأسباب والوسائل؛ لزالت الشكوى بإذن الله، ولكن إلى الله المشتكى من غالب المسلمين الذين يحجون إلى تلك البلاد المقدسة وهم في غاية الجهل بأحكام المناسك الواجبة، فضلاً عن غيرها من الآداب والثقافة الإسلامية العامة. والله المستعان. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم805.(1/334)
كتاب فضائل القرآن والأدعية والأذكار والرقى
س)- ما حكم الذكر على الصورة التي يفعلها بعض أهل الطرق من التحلق والصياح في الذكر؟
حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِمَجْلِسَيْنِ فِي مَسْجِدِهِ فَقَالَ كِلَاهُمَا عَلَى خَيْرٍ وَأَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَدْعُونَ اللَّهَ وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَتَعَلَّمُونَ الْفِقْهَ أَوْ الْعِلْمَ وَيُعَلِّمُونَ الْجَاهِلَ فَهُمْ أَفْضَلُ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا) ، قد اشتهر الاحتجاج بهذا الحديث على مشروعية الذكر على الصورة التي يفعلها بعض أهل الطرق من التحلق والصياح في الذكر , والتمايل يمنة ويسرة , وأماماً وخلفاً مما هو غير مشروع باتفاق الفقهاء المتقدمين , ومع أن الحديث لا يصح , فليس فيه هذا الذي زعموه , بل غاية ما فيه جواز الاجتماع على ذكر الله تعالى , وهذا فيه أحاديث صحيحة في مسلم وغيره تغني عن هذا الحديث , وهي لا تفيد أيضاً إلا مطلق الاجتماع , أما ما يضاف إليه من التحلق , وما قرن معه من الرقص , فكله بدع وضلالات تتنزه الشرع عنها. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم11.(1/335)
س)- ما كيفية عد الذكر؟
حديث (كان يسبح بالحصى) حديث موضوع يخالف ما ثبت عن عبد الله بن عمرو , قال : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه" , و ثبت عند أبي داود أيضا و غيره , أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يعقدن بالأنامل و قال : " فإنهن مسؤولات مستنطقات " , و صححه الحاكم و الذهبي.فهذا هو السنة في عد الذكر المشروع عده, إنما هو باليد , و باليمنى فقط , فالعد باليسرى أو باليدين معا , أو بالحصى كل ذلك خلاف السنة , و لم يصح في العد بالحصى فضلا عن السبحة شيء , خلافا لما يفهم من " نيل الأوطار " و " السنن و المبتدعات " و غيرهما , و قد بسطت القول في ذلك في رسالتنا " الرد على التعقيب الحثيث " , فليرجع إليها من شاء التوسع في ذلك , و استرواح بعض المعاصرين إلى الاستدلال بعموم حديث " الأنامل " و غيره غفلة منه , لأنه عموم لم يجر العمل به , و تجاهل منه لحديث العقدة باليمين , لا يليق بمن كان من أهل العلم , فتنبه و لا تكن من الغافلين. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 1002.(1/336)
س)- هل يدوم النزول الإلهي إلى انقضاء صلاة الصبح أو إلى طلوع الفجر؟
قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ينزل الله كل ليلة إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الاخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ؟" . وهو حديث صحيح متواتر ، جاء عن جمع من الصحابة ، خرجت قسما طيبا منها في "الارواء" ، و "صحيح أبي داود" ، زاد بعضهم : "حتى ينفجر (وفي رواية : يطلع) الفجر" . وقد كنت قلت في "التعليقات الجياد على زاد المعاد" : "لكن معظم الرواة اتفقوا على أنه يدوم إلى طلوع الفجر كما قال الحافظ في "الفتح" ، وأما دوامه إلى صلاة الفجر ، فلم أجد رواية صريحة تؤيد ذلك. انتهى كلام الالباني من كتاب تمام المنة.(1/337)
س)- هل الافضل للمسلم ان يدعو الله عند نزول المصيبة ام يقول حسبي من سؤالي علمه بحالي؟
حديث (حسبي من سؤالي علمه بحالي) لا أصل له ،وقد أورده بعضهم من قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام , وهو من الإسرائيليات , ولا أصل له في المرفوع , وقد ذكره البغوي في تفسير سورة الأنبياء مشيراً لضعفه , فقال : (روي عن كعب الأحبار أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ....لما رموا به في المنجنيق إلى النار استقبله جبريل , فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ قال : أما إليك فلا . قال جبريل : فسل ربك . فقال إبراهيم : حسبي من سؤالي علمه بحالي) .
وقد أخذ هذا المعنى من صنف في الحكمة على طريقة الصوفية , فقال : (سؤالك منه - يعني الله تعالى - اتهام له) .
وهذه ضلالة كبري , فهل الأنبياء صلوات الله عليهم متهمين لربهم حين سألوه مختلف الأسئلة ؟ فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يقول : (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) إبراهيم 37-41 , إلى آخر الآيات , وكلها أدعية , وأدعية الأنبياء في الكتاب والسنة لا تكاد تحصى , والقائل المشار إليه قد غفل عن كون الدعاء الذي هو تضرع والتجاء إلى الله تعالى عبادة عظيمة , وبغض النظر عن ماهية الحاجة المسؤةلة , ولهذا قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :(الدعاء هو العبادة)صحيح .
ثم تلا قوله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين)غافر60.ذلك لأن الدعاء يطهر عبودية العبد لربه , وحاجته إليه , ومسكنته بين يديه , فمن رغب عن دعائه , فكأنه رغب عن عبادته سبحانه وتعالى , فلا جرم جاءت الأحاديث متضافرة في الأمر به , والحض عليه , حتى قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من لا يدع الله , يغضب عليه)حديث حسن .
قالت عائشة رضي الله عنها :(سلوا الله كل شيء , حتى الشسع , فإن الله عز وجل , إن لم ييسره لم يتيسر)حسن .
وبالجملة , فهذا الكلام المعزو لإبراهيم عليه الصلاة والسلام لا يصدر من مسلم يعرف منزلة الدعاء في الإسلام , فكيف يصدر ممن سمانا المسلمين؟ انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم21.(1/338)
س)- هل يسمع الرسول صلى الله عليه وسلم كل من صلى عليه يوم الجمعة؟
قال الشيخ ابن تيمية: (فإن هذا لم يقله أحد من أهل العلم , ولا يعرف في شيء من الحديث , وإنما يقوله بعض المتأخرين الجهال , يقولون : [انه ليلة الجمعة ويوم الجمعة , يسمع بأذنيه صلاة من يصلي عليه] فالقول إنه يسمع ذلك من نفس المصلين عليه باطل , وإنما في الأحاديث المعروفة أنه يبلغ ذلك , ويعرض عليه , وكذلك السلام تبلغه إياه الملائكة).
قلت : ويؤيد بطلان قول أولئك الجهال قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة , فإن صلاتكم تبلغني......)الحديث , وهو صحيح , فإنه صريح في أن هذه الصلاة يوم الجمعة تبلغه ولا يسمعها من المصلي عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم203.(1/339)
س)- ما حكم رقية المسلم لأخيه المسلم؟
عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ لِي خَالٌ يَرْقِي مِنْ الْعَقْرَبِ فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرُّقَى قَالَ فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ قد نَهَيْتَ عَنْ الرُّقَى وَأَنَا أَرْقِي مِنْ الْعَقْرَبِ فَقَالَ (مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ) ، وفي الحديث استحباب رقية المسلم لأخيه المسلم بما لا بأس به من الرقى , وذلك ما كان معناه مفهوماً مشروعاً , وأما الرقى بما لا يعقل معناه من الألفاظ , فغير جائز , قال المناوي : "وقد تمسك ناس بهذا العموم , فأجازوا كل رقية جربت منفعتها , وإن لم يعقل معناها , لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع , وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه , فيمنع احتياطاً".
قلت : ويؤيد ذلك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يسمح لآل عمرو بن حزم بأن يرقي إلا بعد أن اطلع على صفة الرقية , ورآها مما لا باس به , بل إن الحديث بروايته الثانية من طريق أبي سفيان نص في المنع مما لا يعرف من الرقى , لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى نهياً عاماً أول الأمر ثم رخص فيما تبين أنه لا باس به من الرقى , وما لا يعقل معناه منها لا سبيل إلى الحكم عليها بأنه لا بأس بها , فتبقى في عموم المنع , فتأمل.
وأما الاسترقاء - وهو طلب الرقية من الغير - فهو وإن كان جائزاً , فهو مكروه , كما يدل عليه حديث : (هم الذين لا يسترقون .... ولا يكتوون ولا يتطيرون , وعلى ربهم يتوكلون) متفق عليه.
وأما ما وقع من الزيادة في رواية لمسلم : (هم الذين [لا يرقون و] يسترقون ...) , فهي زيادة شاذة , ولا مجال لتفصيل القول في ذلك الآن من الناحية الحديثية , وحسبك أنها تنافي ما دل عليه هذا الحديث من استحباب الترقية , وبالله التوفيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 472.(1/340)
س)- ما حكم الاكتواء والاسترقاء؟
في حديث (مَنِ اكْتَوَى أَوِ اسْتَرْقَى فَقَدْ بَرِئَ مِنَ التَّوَكُّلِ) ، كراهة الاكتواء والاسترقاء : أما الأول , فلما فيه من التعذيب بالنار , وأما الآخر , فلما فيه من الاحتياج إلى الغير فيما الفائدة فيه مظنونة غير راجحة , ولذلك كان من صفات الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون , كما في حديث ابن عباس عند الشيخين , وزاد مسلم في روايته فقال : لا يرقون ولا يسترقون , وهي زيادة شاذة كما بينته فيما علقته على كتابي مختصر صحيح مسلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم244.(1/341)
س)- ما هي الرقى والتمائم وهل تعليق النعل على الفرس او على باب الدار من الرقى؟
الرقى : هي كل ما فيه الاستعاذة بالجن أو لا يفهم معناها مثل كتابة بعض المشايخ من العجم على كتابهم لفظة (يا كبيكج) لحفظ الكتب من الأرضة زعموا.
والتمائم : جمع تميمة , وأصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين , ثم توسعوا فيها , فسموا بها كل عوذة.
ومن ذلك تعليق بعضهم نعل الفرس على باب الدار , أو في صدر المكان , وتعليق بعض السائقين نعلاً في مقدمة السيارة أو مؤخرتها , أو الخرز الأزرق على مرآة السيارة التي تكون أمام السائق من الداخل , كل ذلك من أجل العين زعموا.
وهل يدخل في - التمائم - الحجب التي يعلقها بعض الناس على أولادهم أو على أنفسهم إذا كانت من القرآن أو الأدعية الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ للسلف في ذلك قولان , أرجحهما عندي المنع , كما بينته فيما علقته على الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية.
والتولة : بكسر التاء وفتح الواو , ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره , قال ابن الأثير : (جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى). انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم331.(1/342)
س)- ما حكم سؤال شئ من أمور الدنيا بوجه الله تعالى؟
في حديث (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلًا قُلْنَا بَلَى قَالَ رَجُلٌ ممسك بِرَأْسِ فَرَسِه-أو قال فرس- ِ فِي سَبِيلِ اللَّه حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ . قال - وَأُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : امرؤ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ , يُقِيمُ الصَّلَاةَ , وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ , وَيَعْتَزِلُ النَّاسِ , قال : فَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاس منزلة ؟ قُلْنَا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي يُسْأَلُ بِاللَّهِ العظيم وَلَا يُعْطِي بِهِ) تحريم سؤال شئ من أمور الدنيا بوجه الله تعالى , وتحريم عدم إعطاء من سأل به تعالى.
قال السندي في حاشية على النسائي : (الذي يسأل بالله على بناء الفاعل أي الذي يجمع بين القبيحتن أحدهما السؤال بالله والثاني عدم الإعطاء لمن يسأل به تعالى فما يراعي حرمة اسمه تعالى في الوقتين جميعا وأما جعله مبنيا للمفعول فبعيد إذ لا صنع للعبد في أن يسأله السائل بالله فلا وجه للجمع بينه وبين ترك الإعطاء في هذا المحل).قلت : ومما يدل على تحريم عدم الإعطاء لمن يسأل به تعالى حديث ابن عمر (من استعاذكم بالله ؛ فأعيذوه ، ومن سألكم بالله ؛ فأعطوه ، ومن دعاكم ؛ فأجيبوه ، [ومن استجار بالله ؛ فأجيروه] ، ومن أتى إليكم معروفا ؛ فكافئوه ، فإن لم تجدوا ؛ فادعوا الله له حتى تعلموا أن قد كافأتموه) , وحديث ابن عباس مرفوعاً (من استعاذ بالله فأعيذوه , ومن سألكم بوجه الله فأعطوه) , ويدل على تحريم السؤال به تعالى حديث : (لا يسأل بوجه الله إلا الجنة) , ولكنه ضعيف الإسناد , كما بينه المنذري وغيره , ولكن النظر الصحيح يشهد له , فإنه إذا ثبت وجوب الإعطاء لمن سأل به تعالى كما تقدم , فسؤال السائل به قد يعرض المسؤول للوقوع في المخالفة , وهي عدم إعطائه إياه ما سأل , وهو حرام , وما أدى إلى محرم فهو حرام , فتأمل.
ولقد كره عطاء أن يسأل بوجه الله أو بالقرآن شئ من أمور الدنيا.
ووجوب الإعطاء إنما هو إذا كان المسؤول قادراً على الإعطاء , ولا يلحقه ضرر به أو بأهليه , وإلا , فلا يجب عليه , والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم255.(1/343)
س)- هل ثبت ان القران سوف يرفع في اخر الزمن؟
ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال (يَدْرُسُ الْإِسْلَامُ كَمَا يَدْرُسُ وَشْيُ الثَّوْبِ حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صِيَامٌ وَلَا صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَيُسْرَى عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي لَيْلَةٍ فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنْ النَّاسِ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ يَقُولُونَ أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَنَحْنُ نَقُولُهَا)في هذا الحديث نبأ خطير , وهو أنه سوف يأتي يوم على الإسلام يمحى أثره , وعلى القرآن فيرفع , فلا يبقى منه ولا آية واحدة , وذلك لا يكون إلا بعد أن يسيطر الإسلام على الكرة الأرضية جميعها , وتكون كلمته فيها هي العليا , كما هو نص قول الله تبارك وتعالى (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)التوبة33 . وكما شرح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك في أحاديث كثيرة سبق ذكر بعضها.
وما رفع القرآن الكريم في آخر الزمان , إلا تمهيداً لإقامة الساعة على شرار الخلق , الذين لا يعريفون شيئاً من الإسلام البتة , حتى ولا توحيده. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم87.(1/344)